الكتاب: بحار الأنوار
المؤلف: العلامة المجلسي
الجزء: ٧٦
الوفاة: ١١١١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي ، محمد الباقر البهبودي
الطبعة: الثانية المصححة
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: دار إحياء التراث العربي

بحار الأنوار
الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار
تأليف
العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى
الشيخ محمد باقر المجلسي
(قدس الله سره)
الجزء السادس والسبعون
مؤسسة الوفاء
بيروت - لبنان
تعريف الكتاب 1

الطبعة الثانية المصححة
1403 ه‍. 1983 م
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين:
وبعد يقول الفقير إلى الله الغني عباس بن محمد رضا (1)
القمي أيده الله: هذه مما ظفرت بها من الأجزاء الناقصة من البحار
السادس عشر، أعني كتاب الزي والتجمل منه، ظفرت بنسخة سقيمة
في بغداد في سوق العطارين، قرب مقبرة الشيخ الأجل مولانا
أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي أحد النواب الأربعة - قدس
الله أرواحهم - فاستنسختها كما وجدتها وهي هذه:]

(1) أدرجنا هذه الخطبة والتقدمة قضاء لحقه - قدس سره - حيث
أظفرنا على هذا الجزء من الكتاب، وأما المؤلف العلامة فلم يكن لينشئ هنا
خطبة وتقدمة، فان هذه الأبواب تتمة للمجلد السادس عشر وإنما يبتدء من
الباب 68.
1

(أبواب) * " (المعاصي والكبائر وحدودها) " *
* {68 باب} *
* (معنى الكبيرة والصغيرة وعدد الكبائر) *
الآيات: آل عمران: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا
الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا و
هم يعلمون (1).

(1) آل عمران: 135، والمقابلة بين قوله تعالى " فاحشة " وقوله تعالى " أو ظلموا
أنفسهم " يفيد أن الفاحشة وهي الزنا من الكبائر وما ظلموا أنفسهم به من الصغاير وقوله
" ذكروا الله " هو ذكره لله، وأنه قد نهى وحرم عن فعل ذلك العمل، كما روى أن ذكر الله
ليس سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولكن ذكر الله عندما أحل له، وذكر
الله عندما حرم عليه فيحول ذكره تعالى بينه وبين تلك المعصية (راجع ج 93 باب ذكر
الله تعالى).
وقوله " فاستغفروا لذنوبهم " الفاء للتعقيب أي بعد ما ذكروا الله ونهيه وتوجهوا
إلى جنابه استحيوا واستغفروا لذلك الذنب.
وقوله " ومن يغفر الذنوب الا الله " معترضة.
وقوله " ولم يصروا " الخ عطف على قوله " ذكروا الله " وصفا على حدة للمتقين، فكأنه
جعل الناس بعد اتيان الفاحشة وظلم النفس على ضربين: ضرب يذكرون الله بعد فعل
المنكر فيستغفرون الله لذنبهم، وضرب يصرون على ما فعلوا من الكبيرة أو الصغيرة وهم
يعلمون أن ذلك منكر منهى عنه.
وبالمقابلة بين الاصرار والاستغفار يعلم أن الاصرار ليس هو تكرار الذنب قط، بل
هو أن يكون غير متحاش عن فعل ذلك لا يبالي به أن لو فعل ذلك مرارا، كما روى عن
ابن عباس أنه قال: الاصرار هو السكون على الذنب بترك التوبة والاستغفار.
وقد روى الكليني (ج 2 ص 288) عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله
عز وجل " ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " قال: الاصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر
الله ولا يحدث نفسه بتوبة، فذلك الاصرار.
2

النساء: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم
مدخلا كريما " (1).
حمعسق: وللذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش (2).
النجم: " الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم إن ربك
واسع المغفرة " (3).
الواقعة: " وكانوا يصرون على الحنث العظيم " (4).
1 - أمالي الصدوق: في خبر مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا تحقروا شيئا " من الشر

(1) النساء: 31، قال المؤلف قدس سره في ج 6 ص 42 من هذه الطبعة: الأظهر
أن التوبة إنما تجب لما لم يكفر من الذنوب، كالكبائر، والصغائر التي أصرت عليها فإنها ملحقة
بالكبائر، والصغائر التي لم يجتنب معها الكبائر، فأما مع اجتناب الكبائر فهي مكفرة
إذا لم يصر عليها، ولا يحتاج إلى التوبة عنها لقوله تعالى: " ان تجتنبوا كبائر ما تنهون
عنه نكفر عنكم سيئاتكم " وسيأتي تحقيق القول في ذلك في باب الكبائر إن شاء الله تعالى.
أقول: لكنه قدس سره لم يوفق لذلك وبقى هذا الباب بلا تحقيق منه.
(2) الشورى: 37.
(3) النجم: 32.
(4) الواقعة: 46.
3

وإن صغر في أعينكم، ولا تستكثروا الخير وإن كثر في أعينكم، فإنه لا كبيرة مع
الاستغفار، ولا صغيرة مع الاستصغار (1).
2 - تفسير علي بن إبراهيم: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " قال هي سبعة: الكفر، و
قتل النفس، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم، وأكل الربوا، والفرار من
الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وكل ما وعد الله في القرآن عليه النار من
الكبائر (2).
3 - قرب الإسناد: عن هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال:
الحيف في الوصية من الكبائر يعني الظلم فيها (3).
علل الشرائع: عن أبيه، عن الحميري، عن هارون مثله (4).
4 - علل الشرائع (5) الخصال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن أيوب بن نوح
وابن هاشم معا، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن الكبائر خمس: الشرك بالله عز وجل، وعقوق
الوالدين، وأكل الربوا بعد البينة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد
الهجرة (6).
5 - ثواب الأعمال (7) علل الشرائع (8) الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن

(1) أمالي الصدوق ص 260 فيه مع الاصرار، وما في المتن هو الظاهر.
(2) تفسير القمي ص 124 و 125.
(3) قرب الإسناد ص 34 وفى ط 30.
(4) علل الشرائع ج 2 ص 254.
(5) علل الشرائع ج 2 ص 160.
(6) الخصال ج 1 ص 131.
(7) ثواب الأعمال ص 209.
(8) علل الشرائع ج 2 ص 161.
4

محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: أخبرني عن الكبائر، فقال: هن خمس وما أوجب الله عليهن النار
قال الله عز وجل: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " إنما يأكلون في بطونهم
نارا " وسيصلون سعيرا " " (1) وقال: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا
زحفا " فلا تولوهم الأدبار " إلى آخر الآية (2) وقوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله وذروا ما بقي من الربوا " إلى آخر الآية (3) ورمي المحصنات الغافلات، وقتل
المؤمن متعمدا " على دينه (4).
6 - علل الشرائع (5) الخصال: عن القطان، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب، عن محمد
ابن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن الكبائر سبع، فينا نزلت، ومنا استحلت، فأولها الشرك بالله العظيم
وقتل النفس التي حرم الله، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنة
والفرار من الزحف، وإنكار حقنا.
فأما الشرك بالله فقد أنزل الله فينا ما أنزل، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله فينا
ما قال، فكذبوا الله وكذبوا رسوله وأشركوا بالله عز وجل وأما قتل النفس
التي حرم الله فقد قتلوا الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه.
وأما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا الذي جعله الله لنا، فأعطوه غيرنا
وأما عقوق الوالدين فقد أنزل الله عز وجل في كتابه " النبي أولى بالمؤمنين من
أنفسهم وأزواجه أمهاتهم " (6) فعقوا رسول الله صلى الله عليه وآله في ذريته، وعقوا أمهم خديجة

(1) النساء: 10.
(2) الأنفال: 15.
(3) البقرة: 258.
(4) الخصال ج 1 ص 131.
(5) علل الشرائع ج 2 ص 79 وص 160 بالاسناد عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن حسان.
(6) الأحزاب: 6.
5

في ذريتها.
وأما قذف المحصنة فقد قذفوا فاطمة على منابرهم، وأما الفرار من الزحف
فقد أعطوا أمير المؤمنين بيعتهم طائعين غير مكرهين، ففروا عنه وخذلوه، وأما
إنكار حقنا فهذا ما لا يتنازعون فيه (1).
7 - عيون أخبار الرضا (ع) (2) علل الشرائع: عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي،
عن عبد العظيم الحسني، عن أبي جعفر الثاني، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال:
دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد الله عليه السلام، فلما سلم وجلس عنده تلا هذه
الآية قوله عز وجل: " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش " (2) ثم أمسك عنه.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف الكبائر من
كتاب الله، فقال: نعم، يا عمرو أكبر الكبائر الشرك بالله، يقول الله تبارك و
تعالى: " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار " (4) وبعده
اليأس من روح الله لأن الله عز وجل يقول: " ولا تيأسوا من روح الله إنه لا
ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " (5) والأمن من مكر الله لأن الله يقول:
" ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون " (6).
ومنها: عقوق الوالدين لأن الله عز وجل جعل العاق جبارا " شقيا " (7).
وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، لان الله عز وجل يقول:

(1) الخصال ج 2 ص 14 في الهامش.
(2) عيون الأخبار: ج 1 ص 285.
(3) الشورى: 37.
(4) المائدة: 72.
(5) يوسف: 87.
(6) الأعراف 99.
(7) زاد في العيون بعده: في قوله تعالى حكاية قال عيسى عليه السلام " وبرا "
بوالدتي ولم يجعلني جبارا " شقيا " ". والآية في سورة مريم: 32.
6

" فجزاؤه جهنم خالدا " فيها " إلى آخر الآية (1) وقذف المحصنات، لأن الله تبارك
وتعالى يقول: " لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم " (2) وأكل مال
اليتيم ظلما " لقوله عز وجل: " إنما يأكلون في بطونهم نارا " وسيصلون سعيرا " " (3).
والفرار من الزحف لأن الله عز وجل يقول " ومن يولهم يومئذ دبره
إلا متحرفا " لقتال أو متحيزا " إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس
المصير " (4).
وأكل الربوا لأن الله عز وجل يقول: " الذين يأكلون الربوا لا يقومون
إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " (5) والسحر، لأن الله عز وجل
يقول: " ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق " (6).
والزنا لأن الله عز وجل يقول: " ومن يفعل ذلك يلق أثاما " * يضاعف
له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا " * إلا من تاب " (7).
واليمين الغموس (8) لأن الله عز وجل يقول: " إن الذين يشترون بعهد
الله وأيمانهم ثمنا " قليلا " أولئك لا خلاق لهم في الآخرة " (9) والغلول: يقول الله
عز وجل: " ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة " (10).

(1) النساء: 94.
(2) النور: 23، وفى المصدرين ذكر تمام الآية بصدرها.
(3) النساء: 10.
(4) الأنفال: 16.
(5) البقرة: 275.
(6) البقرة: 102.
(7) الفرقان 68 - 70.
(8) اليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الاثم.
(9) آل عمران: 77.
(10) آل عمران: 161.
7

ومنع الزكاة المفروضة، لأن الله عز وجل يقول: " فتكوى بها جباههم
وجنوبهم " (1) وشهادة الزور وكتمان الشهادة (2) لأن الله عز وجل يقول:
" ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " (3).
وشرب الخمر لأن الله عز وجل عدل بها عبادة الأوثان (4) وترك الصلاة
متعمدا لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " من ترك الصلاة متعمدا " (5) فقد بري من ذمة الله
وذمه رسوله " ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله عز وجل يقول: " أولئك لهم اللعنة
ولهم سوء الدار " (6).
فخرج عمرو وله صراخ من بكائه، وهو يقول: هلك من قال برأيه، و
نازعكم في الفضل والعلم (7).
7 - علل الشرائع: بالاسناد المتقدم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قتل النفس من
الكبائر لأن الله عز وجل يقول: " ومن يقتل مؤمنا " متعمدا " فجزاؤه جهنم خالدا "
فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا " أليما " " (8).

(1) براءة: 35.
(2) زاد في العيون: لان الله عز وجل يقول: " والذين لا يشهدون الزور ". والآية
في الفرقان: 73.
(3) البقرة: 283.
(4) يعنى قرن بها عبادة الأوثان كما قال الله تعالى في سورة المائدة: 90 يا أيها
الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ".
(5) زاد في بعض النسخ: أو شئ مما فرض الله.
(6) الرعد: 25.
(7) علل الشرائع ج 2 ص 78 واللفظ له، ورواه الصدوق في الفقيه ج 3 ص 368
وقد ذكرنا في مقدمة بعض المجلدات أن المؤلف رحمه الله إذا أخرج الحديث من مصادر
متعددة، جعل لفظ الحديث من المصدر الذي يذكره أخيرا، فلا تغفل.
(8) علل الشرائع ج 2 ص 164، والآية في النساء: 94.
8

9 - علل الشرائع: بالاسناد المتقدم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قذف المحصنات
من الكبائر، لأن الله عز وجل يقول: " لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب
عظيم " (1).
أقول: الظاهر أن هذين الخبرين جزءان من خبر عمرو بن عبيد فرقه
على الأبواب (2).
10 - علل الشرائع: في علل محمد بن سنان أن الرضا عليه السلام كتب إليه فيما كتب
عن جواب مسائله: حرم الله عز وجل الفرار من الزحف، لما فيه
من الوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة، وترك نصرتهم على
الأعداء، والعقوبة لهم على إنكار ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية، وإظهار
العدل، وترك الجور، وإماتة الفساد، ولما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين
وما يكون في ذلك من السبي والقتل، وإبطال دين الله عز وجل وغيره
من الفساد.
وحرم التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين، وترك الموازرة للأنبياء
والحجج عليهم السلام، وما في ذلك من الفساد، وإبطال حق كل ذي حق، لا لعلة
سكنى البدو، ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملا " لم يجز له مساكنة أهل الجهل
للخوف عليه، لأنه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم، والدخول مع أهل الجهل
والتمادي في ذلك (3).
11 - الخصال: في خبر الأعمش عن الصادق عليه السلام: الكبائر محرمة وهي الشرك
بالله عز وجل، وقتل النفس التي حرم الله، وعقوق الوالدين، والفرار من

(1) علل الشرائع ج 2 ص 165 - 166 والآية في النور: 23.
(2) وهكذا ذكر بالاسناد المتقدم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عقوق الوالدين
من الكبائر، لان الله عز وجل جعل العاق عصيا " شقيا "، راجع علل الشرائع ج 2 ص 165.
(3) علل الشرائع ج 2 ص 166 - 167، وفى علل محمد بن سنان المذكور تمامها
في العيون ج 2 ص 92 و 93، ذكر شطر آخر من الكبائر.
9

الزحف، وأكل مال اليتيم ظلما، وأكل الربوا بعد البينة، وقذف المحصنات
وبعد ذلك الزنا، واللواط، والسرقة، وأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير،
وما أهل لغير الله به - من غير ضرورة، وأكل السحت، والبخس في المكيال و
الميزان، والميسر، وشهادة الزور، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله
والقنوط من رحمة الله، وترك معاونة المظلومين، والركوع إلى الظالمين، و
اليمن الغموس، وحبس الحقوق من غير عسر، واستعمال الكبر والتجبر، و
الكذب، والاسراف والتبذير، والخيانية، والاستخفاف بالحج، والمحاربة
لأولياء الله عز وجل.
والملاهي التي تصد عن ذكر الله تبارك وتعالى مكروهة، كالغناء وضرب
الأوتار، والاصرار على صغائر الذنوب، ثم قال عليه السلام " إن في هذا لبلاغا " لقوم
عابدين " (1).
قال الصدوق - رحمه الله -: الكبائر هي سبع، وبعدها فكل ذنب كبير
بالإضافة إلى ما هو أصغر منه، وصغير بالإضافة إلى ما هو أكبر منه (2) وهذا

(1) الخصال ج 2 ص 155.
(2) قال الله تبارك وتعالى: " ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم
وندخلكم مدخلا كريما ".
قال الطبرسي: اختلف في معنى الكبيرة: فقيل: كل ما أوعد الله تعالى عليه في الآخرة
عقابا " وأوجب عليه في الدنيا حدا فهو كبيرة، وقيل: كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة عن ابن
عباس، والى هذا ذهب أصحابنا فإنهم قالوا: المعاصي كلها كبيرة من حيث كانت قبائح لكن
بعضها أكبر من بعض، وليس في الذنوب صغيرة، وإنما يكون صغيرا " بالإضافة إلى ما هو
أكبر منه، ويستحق العقاب عليه أكثر، والقولان متقاربان.
وقالت المعتزلة: لا يعرف شئ من الصغائر ولا معصية الا ويجوز أن يكون كبيرة فان
في تعريف الصغائر اغراءا بالمعصية لأنه إذا علم المكلف أنه لا ضرر عليه في فعلها ودعته
الشهوة إليها فعلها، وقالوا: عند اجتناب الكبائر يجب غفران الصغائر، ولا يحسن معه
المؤاخذة بها.
قال: وليس في ظاهر الآية ما يدل عليه، فان معناه على ما رواه الكلبي عن ابن عباس
" ان تجتنبوا الذنوب التي أوجب الله فيها الحد وسمى فيها النار نكفر عنكم ما سوى ذلك
من الصلاة إلى الصلاة، ومن الجمعة إلى الجمعة، ومن شهر رمضان إلى شهر رمضان.
وقيل معنى ذلك: ان تجتنبوا كبائر ما نهيتم عنه في هذه السورة من المناكح وأكل
الأموال بالباطل وغيره من المحرمات من أول السورة إلى هذا الموضع وتركتموه في المستقبل
كفرنا عنكم ما كان منكم من ارتكابها فيما سلف. ولذا قال ابن مسعود: كل ما نهى الله عنه
في أول السورة إلى رأس الثلاثين فهو كبيرة.
أقول: قوله تعالى " كبائر ما تنهون عنه " بما أضيفت " الكبائر " إلى " ما تنهون عنه "
يفيد أن ما نهى الله عنه قسمان: كبائر وغير كبائر هي بعبارة أخرى صغاير، وأن من اجتنب
الكبائر منها لا يؤاخذ بالصغائر، أبدا "، بل ولا يعاتب لقوله تعالى " وندخلكم مدخلا كريما " ".
والمراد الدخول إلى الجنة قطعا " من دون ارتياب، وهذا وعد لطيف من الله تعالى بتكفير
الصغائر لأن الانسان الخاطئ الظلوم الجهول لا يتأتى له أن يجتنب الصغائر، وكل ما غلب
الله على العبد فالله أولى له بالعذر.
يبقى الكلام في معرفة الصغائر من الكبائر، فالآية بمقابلتها بين السيئات والكبائر،
وأن اجتناب الكبائر يوجب تكفير السيئات تؤذن بأن السيئات هي الصغائر، وأنها إنما تكفر
عند اجتناب الكبائر، وأما إذا كان الرجل مقارفا للكبائر، يؤاخذ بكلها صغائرها وكبائرها
قضية للشرط.
ولما جعل ثواب اجتناب الكبائر الدخول إلى الجنة، فبالمقابلة يعرف أن كل ما أوعد
الله عليه جهنم وعذابها ونارها، فهي كبيرة، وما نهى عنه في القرآن الكريم ولم يوعد
عليه نار جهنم، بل ندب إلى تركه من دون ايعاد بذلك فهي سيئة صغيرة.
هذا ما يعطيه القرآن الكريم وقد جاء بتأييده أحاديث الفريقين، وأما المتكلمون
فشأنهم وما تكلموا فيه، أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم. واما حديث الأعمش
وما يأتي من مكتوب الرضا عليه السلام للمأمون وأمثاله كلها ضعيف لا يحتج به خلافا لكتاب
الله عز وجل والسنة المقطوع بها.
10

معنى ما ذكره الصادق عليه السلام في هذا الحديث من ذكر الكبائر الزائدة على السبع
ولا قوة إلا بالله.
11

12 - عيون أخبار الرضا (ع): فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون من شرائع الدين: واجتناب
الكبائر: وهي قتل النفس التي حرم الله عز وجل، والزنا، والسرقة، وشرب
الخمر، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم ظلما "، وأكل
الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به من غير ضرورة، وأكل
الربوا بعد البينة، والسحت والميسر، وهو القمار، والبخس في المكيال و
الميزان، وقذف المحصنات، واللواط، وشهادة الزور، واليأس من روح الله، و
الأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، ومعونة الظالمين، والركون إليهم
واليمين الغموس، وحبس الحقوق من غير عسر، والكذب، والكبر، والاسراف
والتبذير، والخيانة، والاستخفاف بالحج، والمحاربة لأولياء الله تعالى، و
الاشتغال بالملاهي، والاصرار على الذنوب (1).
13 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن
محمد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى " إن تجتنبوا كبائر
ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " قال: من اجتنب ما أوعد الله عليه النار إذا كان
مؤمنا " كفر عنه سيئاته (2).
14 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن موسى البغدادي، عن الوشاء، عن أحمد
ابن عمير الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " إن
تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " قال: من اجتنب ما أوعد الله
عليه النار إذا كان مؤمنا " كفر عنه سيئاته.
والكبائر السبع الموجبات النار: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 127.
(2) ثواب الأعمال ص 117، وفى ط 71.
12

وأكل الربوا، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، و
الفرار من الزحف (1).
15 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن علي بن إسماعيل
عن أحمد بن النضر، عن عباد بن كثير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الكبائر
فقال: كل شئ أوعد الله عليه النار (2):
أقول: سيأتي في باب شرب الخمر أنه أكبر الكبائر.
16 - ثواب الأعمال: عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن عبد الرحمن بن
محمد، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكذب على الله عز وجل وعلى
رسوله وعلى الأوصياء عليهم السلام من الكبائر (3).
17 - تفسير العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله الله: " ومن يغفر
الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " (4) قال: الاصرار أن يذنب
العبد ولا يستغفر، ولا يحدث نفسه بالتوبة، فذلك الاصرار (5).
18 - تفسير العياشي: عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت أنا وعلقمة الحضرمي
وأبو حسان العجلي وعبد الله بن عجلان ننتظر أبا جعفر عليه السلام فخرج علينا فقال:
مرحبا " وأهلا "، والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم، وإنكم لعلى دين الله.
فقال علقمة: فمن كان على دين الله تشهد أنه من أهل الجنة؟ قال: فمكث
هنيهة [ثم] قال: نوروا أنفسكم، فإن لم تكونوا قرفتم الكبائر، فأنا أشهد.
قلنا: وما الكبائر؟ قال: هي في كتاب الله على سبع، قلنا: فعدها علينا
جعلنا فداك! قال:

(1) ثواب الأعمال ص 117 وفى ط 71.
(2) ثواب الأعمال ص 209.
(3) ثواب الأعمال ص 239.
(4) آل عمران: 135.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 198.
13

الشرك بالله العظيم، وأكل مال اليتيم، وأكل الربوا بعد البينة، وعقوق
الوالدين، والفرار من الزحف، وقتل المؤمن، وقذف المحصنة، قلنا: ما منا
أحد أصاب من هذه شيئا "، قال: فأنتم إذا (1).
19 - تفسير العياشي: عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا معاذ! الكبائر
سبع، فينا أنزلت، ومنا استحقت، وأكبر الكبائر: الشرك بالله، وقتل النفس
التي حرم الله، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنات، وأكل مال اليتيم، والفرار
من الزحف، وإنكار حقنا أهل البيت.
فأما الشرك بالله فان الله قال فينا ما قال، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما قال
فكذبوا الله وكذبوا رسوله، وأما قتل النفس التي حرم الله، فقد قتلوا الحسين
ابن علي وأصحابه، وأما عقوق الوالدين فان الله قال في كتابه: " النبي أولى
بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم " (2) وهو أب لكريمتهم (3) فقد عقوا رسول
الله صلى الله عليه وآله في دينه وأهل بيته.
وأما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة على منابرهم، وأما أكل مال اليتيم
فقد ذهبوا بفيئنا في كتاب الله عز وجل، وأما الفرار من الزحف فقد أعطوا
أمير المؤمنين بيعتهم غير كارهين، ثم فروا عنه وخذلوه، وأما إنكار حقنا، فهذا
مما لا يتعاجمون فيه.
وفي خبر آخر والتعرب من الهجرة (4).
[شي]: عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكذب على الله وعلى رسوله
وعلى الأوصياء عليهم السلام من الكبائر (5).
20 - تفسير العياشي: عن العباس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه ذكر [في]

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 237.
(2) الأحزاب: 6.
(3) في المصدر: هو أب لهم.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 237 والتعاجم التناكر والتظاهر بالعجمة.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
14

قول الله تعالى: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " عبادة الأوثان، وشرب
الخمر، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنات، والفرار من الزحف
وأكل مال اليتيم (1).
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: أكل مال اليتيم ظلما "، وكل ما أوجب الله
عليه النار (2).
[شي]: عن أبي عبد الله عليه السلام في رواية أخرى عنه: وإنكار ما أنزل الله، أنكروا
حقنا، وجحدونا، وهذا لا يتعاجم فيه أحدا " (3).
21 - تفسير العياشي: عن سليمان الجعفري قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:
ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال: يا سليمان الدخول في أعمالهم والعون لهم
والسعي في حوائجهم عديل الكفر، والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي
يستحق بها النار (4).
22 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال:
السكر من الكبائر، والحيف في الوصية من الكبائر (5).
23 - تفسير العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله: " إن
تجتنبوا كبائر ما تهنون عنه نكفر عنكم سيئاتكم " قال: من اجتنب ما أوعد الله
عليه النار - إذا كان مؤمنا " - كفر عنه سيئاته (6).
وقال أبو عبد الله في آخر ما فسر: فاتقوا الله ولا تجترؤا (7).
24 - تفسير العياشي: عن كثير النوا قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الكبائر، قال:
كل شئ أوعد الله عليه النار (8).
25 - تفسير العياشي: عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن
الكبائر فقال: منها أكل مال اليتيم ظلما ". وليس في هذا بين أصحابنا اختلاف
والحمد لله (9).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 239.
(8) تفسير العياشي ج 1 ص 239.
(9) تفسير العياشي ج 1 ص 225.
15

26 - مجالس المفيد: عن ابن قولويه عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد
ابن سنان، عن عبد الكريم بن عمرو، وإبراهيم بن ناحة البصري جميعا " قالا: حدثنا
ميسر قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام ما تقول: فيمن لا يعصي الله
في أمره ونهيه، إلا أنه يبرء منك ومن أصحابك على هذا الأمر؟ قال: قلت:
وما عسيت أن أقول، وأنا بحضرتك؟ قال: قل! فاني أنا الذي آمرك أن تقول
قال: قلت: هو في النار، قال: يا ميسر! ما تقول فيمن يدين الله بما تدينه
به، وفيه من الذنوب ما في الناس، إلا أنه مجتنب الكبائر؟ قال: قلت: وما عسيت
أن أقول وأنا بحضرتك؟ قال: قل! فاني أنا الذي آمرك أن تقول، قال: قلت:
في الجنة.
قال: فلعلك تنحرج أن تقول هو [في الجنة؟ قال: قلت: لا، قال:
لا تحرج فإنه في الجنة، إن الله يقول: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر
عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا " كريما " " (1).

(1) مجالس المفيد ص 98 - 99، وما بين العلامتين كان ساقطا " ومحله بياضا ".
16

{69 باب الزنا}
الآيات: الانعام: " ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن (1).
اسرى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا " (2).
النور: " ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا " لتبتغوا عرض
الحياة الدنيا ومن يكرههن فان الله من بعد إكراههن غفور رحيم (3).

(1) الانعام: 151.
(2) أسرى: 32.
(3) النور: 33 وعنوان الآية في الباب بناء على ما اشتهر بين المفسرين أن البغاء
المذكور في الآية هو الزنى.
قال الطبرسي: " ولا تكرهوا فتياتكم " أي اماءكم وولايدكم " على البغاء " أي على
الزنا " ان أردن تحصنا " أي تعففا " وتزويجا "، عن ابن عباس، وإنما شرط إرادة التحصن
لان الاكراه لا يتصور الا عند إرادة التحصن، فإن لم ترد التحصن بغت بالطبع، فهذه
فائدة الشرط.
قال: قيل إن عبد الله بن أبي كان له ست جوار يكرههن على الكسب بالزنا، فلما نزل
تحريم الزنا أتين رسول الله صلى الله عليه وآله فشكون إليه فنزلت الآية.
وقال في " ومن يكرههن " أي ومن يجبرهن على الزنا من سادتهن " فان الله من بعد
اكراههن غفور " للمكرهات لا للمكره، لان الوزر عليه " رحيم " بهن.
ويرد عليه أن مهر البغي أي الزانية حرام بالكتاب والسنة فكيف يصح التعبير عن
ابتغائه بقوله تعالى " لتبتغوا عرض الحياة الدنيا " من دون أي نكير عليه فالصحيح - كما هو
الظاهر بقرينة الآية المتقدمة عليها وصدر هذه الآية نفسها - أن المراد بالبغاء: مطلق الكسب
الحلال، ولازمه عدم التحصن: بمعنى الخروج من البيت.
فالقرآن العزيز - بعد ما ندب في الآية المتقدمة إلى نكاح العباد والإماء بقوله
" وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم " الآية، فصل بين العباد والإماء
في هذه الآية، فقال في خصوص العباد: " والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم
فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " فندب السادات إلى مكاتبة
العباد وان كانت مستلزمة لضرب العباد في الأرض والتشاغل بالحرف والصنايع المتعبة، لان
شأن الرجل هو ذلك، فبالمكاتبة يصل السيد إلى ما أنفقه أو أمله من قيمة العبد، والعبد يصل
إلى مطلوبه وهو الحرية.
ثم قال في خصوص الإماء: ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء وتحصيل المال بالضرب
في الأرض والبراز إلى الأسواق ان أردن التحصن في البيوت، لان شأن المرأة التحصن
في البيوت وخدمة المنزل فلا ينبغي اكراههن على خلاف ذلك ابتغاء لحطام الدنيا الدنية،
ومن يكرههن بعد هذا التنبيه " فان الله من بعد اكراههن غفور رحيم " لا يؤاخذهم على ترك
ما ينبغي من تحصينهن، وارتكاب مالا ينبغي من ابرازهن إلى الأسواق واجبارهن على
تحصيل المال.
17

الفرقان: ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما " * يضاعف له العذاب يوم
القيامة ويخلد فيه مهانا " * إلا من تاب وآمن وعمل صالحا " فأولئك يبدل الله
سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا " رحيما " (1).
1 - أمالي الصدوق: عن ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن أبي الخطاب، عن المغيرة بن
محمد، عن بكر بن خنيس، عن أبي عبد الله الشبامي، عن نوف البكالي، عن
أمير المؤمنين عليه السلام قال: كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يحب الزنا
وكذب من زعم أنه يعرف الله عز وجل وهو مجترئ على معاصي الله كل
يوم وليلة (2).
2 - أمالي الصدوق (3): عن الفامي، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد
الجبار، عن ابن رباط، عن الحضرمي، عن الصادق عليه السلام قال: بروا آباءكم

(1) الفرقان: 68 - 70.
(2) أمالي الصدوق ص 126 في حديث.
(3) أمالي الصدوق ص 137.
18

يبركم أبناؤكم: وعفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم (1).
3 - أمالي الصدوق: عن ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن الأزدي، عن
إبراهيم الكرخي، عن الصادق عليه السلام قال: علامات ولد الزنا ثلاث: سوء المحضر
والحنين إلى الزنا، وبغضنا أهل البيت (2).
4 - أمالي الصدوق: عن ابن المغيرة، عن جده [عن جده] عن السكوني، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع لا تدخل بيتا " واحده منهن إلا.
خرب ولم يعمر بالبركة: الخيانة، والسرقة، وشرب الخمر، والزنا (3).
أقول: قد مضى في الأبواب المتقدمة بأسانيد أخرى (4).
5 - تفسير علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى:
" ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة " يقول: معصية: " ومقتا " " فان الله يمقته
ويبغضه، قال: " وساء سبيلا " " هو أشد الناس عذابا "، والزنا من أكبر
الكبائر (5).
6 - تفسير علي بن إبراهيم: عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام
عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لما أسري بي مررت بنسوان معلقات بثديهن فقلت:
من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد
غيرهم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم
من ليس منهم، فاطلع على عوراتهم، وأكل خزائنهم (6).

(1) ورواه في الخصال ج 1 ص 29.
(2) أمالي الصدوق ص 204.
(3) أمالي الصدوق ص 239.
(4) بل سيأتي في باب حرمة شرب الخمر تحت الرقم 2.
(5) تفسير القمي ص 381.
(6) تفسير القمي ص 371 في حديث المعراج.
19

7 - الخصال: عن أبيه، عن الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن
فضالة، عن سليمان بن درستويه، عن عجلان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
ثلاثة يدخلهم الله النار بغير حساب: إمام جائر، وتاجر كذوب، وشيخ زان.
الخبر (1).
8 - الخصال: عن ابن الوليد، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن أبي عبد الله
الرازي، عن اللؤلؤي، عن الحسين بن يوسف، عن الحسن بن زياد العطار قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاثة في حرز الله عز وجل إلى أن يفرغ الله من الحساب:
رجل لم يهم بزنا قط، ورجل لم يشب ماله بربا قط، ورجل لم يسع
فيهما قسط (1).
9 - الخصال: عن ابن الوليد، عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن غير
واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لن يعمل ابن آدم عملا أعظم
عند الله تبارك وتعالى من رجل قتل نبيا " أو إماما " أو هدم الكعبة التي جعلها الله
عز وجل قبلة لعباده، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما " (3).
10 - تفسير علي بن إبراهيم: " والذين لا يدعون مع الله إلها " آخر ولا يقتلون النفس التي
حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما " " (4) وأثاما " واد من أودية
جهنم من صفر مذاب، قدامها خدة في جهنم، يكون فيه من عبد غير الله، ومن
قتل النفس التي حرم الله، ويكون فيه الزناة يضاعف لهم فيه العذاب " إلا من
تاب وآمن " إلى قوله: " فإنه يتوب إلى الله متابا " " يقول لا يعود إلى شئ من ذلك
باخلاص ونية صادقة (5).

(1) الخصال ج 1 ص 40.
(2) الخصال ج 1 ص 50.
(3) الخصال ج 1 ص 59.
(4) الفرقان: 68 - 71.
(5) تفسير القمي ص 468.
20

11 - الخصال: عن ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن ابن هاشم
عن الفارسي، عن سليمان بن حفص البصري، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: ما عجت الأرض إلى الله عز وجل كعجيجها من ثلاثة: من دم
حرام يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس (1).
12 - معاني الأخبار (2) الخصال: عن ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن الأزدي
عن ابن عميرة، عن الصادق عليه السلام قال: من شغف بمحبة الحرام وشهوة الزنا فهو
شرك شيطان.
ثم قال: إن لولد الزنا علامات: أحدها بغضنا أهل البيت، وثانيها أنه
يحن إلى الحرام الذي خلق منه، الخبر (3).
أقول: مضى في باب جوامع المساوي (4).
13 - الخصال: عن جعفر بن علي، عن جده علي بن عبد الله بن المغيرة، عن
علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا
فشت أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل، وإذا أمسكت الزكاة
هلكت الماشية، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت
الذمة نصر المشركون على المسلمين (5).
14 - الخصال: عن الفضل بن الفضل الكندي، عن أحمد بن سعيد الدمشقي
عن هشام بن عمار، عن مسلمة بن علي، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معشر المسلمين إياكم والزنا فان فيه ست خصال:

(1) الخصال ج 1 ص 69.
(2) معاني الأخبار ص 400.
(3) الخصال ج 1 ص 102.
(4) لا يوجد في باب جوامع المساوئ.
(5) الخصال ج 1 ص 115.
21

ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة: فأما في الدنيا: فإنه يذهب بالبهاء، ويورث
الفقر، وينقص العمر، وأما التي في الآخرة: فإنه يوجب سخط الرب، وسوء
الحساب، والخلود في النار.
ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: " سولت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب
هم خالدون " (1).
15 - الخصال: فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله عليا ": يا علي في الزنا ست خصال:
ثلاث منها في الدنيا، وثلاث في الآخرة: فأما التي في الدنيا فيذهب بالبهاء، و
يعجل الفناء، ويقطع الرزق، وأما التي في الآخرة: فسوء الحساب، وسخط الرحمن
والخلود في النار (2).
16 - علل الشرائع: عن علي بن حاتم، عن أبي محمد النوفلي، عن أحمد بن هلال
عن ابن أسباط، عن أبي إسحاق الخراساني، عن أبيه أن عليا " عليه السلام قال: إياكم
والزنا، فان فيه ست خصال، وذكر مثله، وفيه " اللواتي " في الموضعين
" يقطع الرزق الحلال، ويعجل الفناء إلى النار " (3).
17 - ثواب الأعمال (4) الخصال: عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن ابن فضال،
عن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: للزاني ست خصال ثلاث في
الدنيا وثلاث في الآخرة: فأما التي في الدنيا فإنه يذهب بنور الوجه، ويورث
الفقر، ويعجل الفناء، وأما التي في الآخرة فسخط الرب جل جلاله، وسوء الحساب
والخلود في النار (5).
المحاسن: محمد بن علي، عن ابن فضال مثله (6).

(1) الخصال ج 1 ص 155.
(2) الخصال ج 1 ص 155.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 165.
(4) ثواب الأعمال: 234.
(5) الخصال ج 1 ص 155.
(6) المحاسن ص 106.
22

أقول: قد مضى في باب [ذم] السؤال (1) عن الصادق عليه السلام أن الله
أعاذ شيعتنا من أن يلدوا من الزنا، أو يولد لهم من الزنا (2).
وفي باب أصول الكفر (3) في وصيته لعلي عليه السلام: يا علي كفر بالله العظيم من
هذه الأمة عشرة: وذكر منها ناكح المرأة حراما " في دبرها، ومن نكح ذات
محرم منه (4).
18 - الخصال: عن سعيد بن علاقة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: الزنا
يورث الفقر (5).
أقول: قد مضى في باب جوامع المساوي وما يوجب غضب الله من الذنوب عن
أبي جعفر عليه السلام أنه قال: وجدت في كتاب علي عليه السلام إذا ظهر الزنا من بعدي ظهرت
موتة الفجأة (6).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: الذنوب التي تحبس الرزق الزنا (7).

(1) في النسخة باب السؤال ولم نجد في البحار بابا " بهذا العنوان، نعم يأتي
في ج 96 كتاب الزكاة الباب 16 باب ذم السؤال خصوصا " بالكف ومن المخالفين وما
يجوز فيه السؤال.
(2) راجع الخصال ج 1 ص 163، ومثله في ص 107 و 109.
(3) راجع ج 72 ص 121.
(4) راجع الخصال ج 2 ص 61
(5) الخصال ج 2 ص 94.
(6) لا يوجد في باب جوامع المساوي بل في باب علل المصائب والمحن والأمراض
ج 73 ص 369 أخرجه من الكافي ج 2 ص 374 و ج 5 ص 541 وأمالي الطوسي ج 1
ص 214. علل الشرايع ج 2 ص 271، ثواب الأعمال ص 225. أمالي الصدوق
ص 185.
(7) راجع ج 73 ص 374 أخرجه من العلل ج 2 ص 271، معاني الأخبار: 962
الاختصاص 238.
23

19 - علل الشرائع: في علل محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام: حرم الزنا لما فيه من
الفساد من قتل الأنفس، وذهاب الأنساب، وترك التربية للأطفال، وفساد المواريث
وما أشبه ذلك من وجوه الفساد (1).
أقول: قد مضى في باب حب الدنيا عن أبي جعفر عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله
قال: أخبرني جبرئيل أن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ما يجدها عاق، و
لا قاطع الرحم، ولا شيخ زان (2).
20 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن عدة من أصحابنا، عن
الميثمي، عن بشير الدهان، عمن ذكره، عن ميثم رفعه قال: قال الله عز وجل:
لا أنيل رحمتي من تعرض للأيمان الكاذبة، ولا أدني مني يوم القيامة من
كان زانيا " (3).
21 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن عبد الحميد، عن
ابن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة
لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم:
شيخ زان، وملك جبار، ومقل مختال (4).
تفسير العياشي: عن الثمالي مثله (5).
22 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن عميرة، عن
عن ابن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: مدمن الزنا والسرق والشرب
كعابد وثن (6).

(1) علل الشرايع ج 2 ص 165.
(2) راجع ج 73 ص 203، أخرجه عن معاني الأخبار ص 200.
(3) ثواب الأعمال 199.
(4) ثواب الأعمال 200.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 179.
(6) ثواب الأعمال ص 218.
24

23 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن ابن متيل، عن البرقي، عن يحيى بن
المغيرة، عن حفص قال: قال زيد بن علي: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه
وآله: إذا كان يوم القيامة أهب الله ريحا " منتنة يتأذى بها أهل الجمع، حتى إذا
همت أن تمسك بأنفاس الناس، ناداهم مناد: هل تدرون ما هذه الريح التي قد
آذتكم؟ فيقولون: لا، فقد آذننا، وبلغت منا كل مبلغ.
قال: فيقال: هذه ريح فروج الزناة، الذين لقوا الله بالزنا، ثم لم
يتوبوا، فالعنوهم لعنهم الله، فلا يبقى في الموقف أحد إلا قال: اللهم العن
الزناة (1).
24 - ثواب الأعمال: عن ابن المتوكل، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن
عثمان بن عيسى، عن ابن ميكال، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: منهم المرأة التي توطئ
فراش زوجها (2).
المحاسن: عن عثمان بن عيسى مثله (3).
25 - ثواب الأعمال: عن أبيه - رحمه الله - عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،
عن معاوية بن عمار، عن صباح بن سيابة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقيل
له: يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن؟ قال: لا، إذا كان على بطنها سلب
الايمان منه، فإذا أقام رد عليه، قال: فإنه إن أراد أن يعود؟ قال: ما أكثر
من يهم أن يعود ثم لا يعود (4).
المحاسن: عن ابن أبي عميرة مثله (5).

(1) ثواب الأعمال ص 234.
(2) ثواب الأعمال ص 235.
(3) المحاسن ص 108.
(4) ثواب الأعمال ص 234.
(5) المحاسن ص 107.
25

26 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن محمد العطار، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال،
عن عبيد بن زرارة، عن عبد الملك بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إذا
زنا الرجل أدخل الشيطان ذكره فعملا جميعا "، وكانت النطفة واحدة، وخلق منها
الولد ويكون شرك شيطان (1).
27 - ثواب الأعمال: عن ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق
ابن هلال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا أخبركم
بأكبر الزنا؟ قال: هي امرأة توطئ فراش زوجها فتأتي بولد من غيره فتلزمه
زوجها، فتلك التي لا يكلمها الله، ولا ينظر إليها يوم القيامة ولا يزكيها ولها
عذاب أليم (2).
المحاسن: عن ابن أبي عمير مثله (3).
تفسير العياشي: عن إسحاق مثله (4).
28 - ثواب الأعمال: عن ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه محمد البرقي، عن
عثمان بن عيسى، عن علي بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أشد الناس
عذابا " يوم القيامة رجل أقر نطفته في رحم تحرم عليه (5).
المحاسن: عن أبيه، عن عثمان بن عيسى مثله (6).
29 - ثواب الأعمال: بهذا الاسناد، عن أحمد بن البرقي، عن ابن فضال، عن ابن
بكير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: في قول رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا زنا الرجل

(1) ثواب الأعمال ص 235.
(2) المصدر ص 235.
(3) المحاسن ص 108.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 178 وفيه إسحاق بن أبي هلال.
(5) ثواب الأعمال ص 235.
(6) المحاسن ص 106.
26

فارقه روح الايمان، قال: قوله عز وجل: " وأيدهم بروح منه " (1) ذلك الذي
يفارقه (2).
المحاسن: عن ابن فضال مثله (3).
30 - المحاسن: عن محمد بن علي بن ابن فضال، عن القداح، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال يعقوب لابنه: يا بني لا تزن! فلو أن الطير زنا
لتناثر ريشه (4).
31 - المحاسن: في رواية أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب
علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كثر الزنا كثر موت الفجأة (5).
32 - المحاسن: عن علي بن عبد الله، عن التفليسي، عن السمندي، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: لما أقام العالم الجدار أوحى الله إلى موسى أني مجاز الأبناء بسعي
الاباء إن خير فخير، وإن شر فشر، لا تزنوا فتزني نساؤكم ومن وطئ فرش
امرئ مسلم وطئ فراشه، كما تدين تدان (6).
33 - المحاسن: في رواية أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوحى الله إلى
موسى بن عمران عليه السلام: لا تزن فيحجب عنك نور وجهي، وتغلق أبواب السماوات
دون دعائك (7).
34 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن عبد
الملك بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه يقول: إذا زنا الرجل أدخل الشيطان
ذكره فعملا جميعا، فكانت النطفة واحدة، فخلق منهما فيكون شرك شيطان (8).
35 - المحاسن: عن يحيى بن المغيرة، عن حفص قال: قال زيد بن علي:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا كان يوم القيامة أهب الله ريحا " منتنة يتأذى بها

(1) المجادلة: 22.
(2) ثواب الأعمال ص 235.
(3) المحاسن ص 106.
(4) المحاسن ص 107.
(5) المحاسن ص 107.
(6) المحاسن ص 107.
(7) المحاسن ص 107.
(8) المحاسن ص 107.
27

أهل الجمع حتى إذا همت أن تمسك بأنفاس الناس، ناداهم مناد: هل تدرون ما
هذه الريح التي قد آذتكم؟ فيقولون: لا. وقد آذتنا وبلغت منا كل المبلغ.
قال: فيقال: هذه ريح فروج الزناة الذين لقوا الله بالزنا، ثم لم يتوبوا
فالعنوهم لعنهم الله، قال: فلا يبقى في الموقف أحد إلا قال: اللهم العن
الزناة (1).
36 - فقه الرضا (ع): اعلم أن الله عز وجل حرم الزنا لما فيه من بطلان الأنساب
التي هي أصول هذا العالم وتعطيل الماء إثم (2).
وروي أن الدفق في الرحم إثم والعزل أهون له (3).
وروي أن يعقوب النبي عليه السلام قال لابنه يوسف: يا بنى لا تزن فان الطير
لو زنا لتناثر ريشه.
وروي أن الزنا يسود الوجه، ويورث الفقر، ويبتر العمر، ويقطع
الرزق، ويذهب بالبهاء، ويقرب السخط، وصاحبه مخذول مشؤوم.
وروي: لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن، فسئل عن معنى ذلك، فقال:
يفارقه روح الايمان في تلك الحال فلا يرجع إليه حتى يتوب.
37 - تفسير العياشي: عن سلمان - رحمه الله - قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة:
الأشمط (4) الزان ورجل مفلس مرح مختال، ورجل اتخذ يمينه بضاعة فلا يشتري
إلا بيمين ولا يبيع إلا بيمين (5).
38 - تفسير العياشي: عن عبد الملك بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
إذا زنا الرجل أدخل الشيطان ذكره ثم عملا " جميعا "، ثم يختلط النطفتان، فيخلق

(1) المحاسن ص 107.
(2) كذا في نسخة المستدرك ج 2 ص 566 واستظهر في هامش الأصل " تعطيل المواريث ".
(3) راجع المستدرك ج 2 ص 567 فقه الرضا: 37.
(4) الأشمط: الذي خالط بياض رأسه سواد.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 179.
28

الله منهما، فيكون شرك شيطان (1).
39 - روضة الواعظين: قال أمير المؤمنين عليه السلام: كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو
يحب الزنا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من زنا بامرأة مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو
مجوسية حرة أو أمة ثم لم يتب ومات مصرا " عليه، فتح الله له في قبره ثلاث مائة
باب يخرج منه حيات وعقارب وثعبان النار يحترق إلى يوم القيامة، فإذا بعث
من قبره تأذى الناس من نتن ريحه، فيعرف بذلك، وبما كان يعمل في دار الدنيا
حتى يؤمر به إلى النار.
40 - الخصال: عن أبيه، عن محمد العطار، عن سهل، عن السياري، عن محمد بن
يحيى الخزار عمن أخبره [عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل أعفى
شيعتنا من ست: من الجنون، والجذام، والبرص، والابنة، وأن يولد له من زنى
وأن يسأل الناس بكفه (2).
41 - الخصال: أبي عن سعد، عن البرقي، عن عدة من أصحابه، عن ابن أسباط
عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما ابتلى الله به شيعتنا فلن يبتليهم
بأربع: بأن يكونوا لغير رشدة، أو أن يسألوا بأكفهم، أو أن يؤتوا في أدبارهم، أو
أن يكون فيهم أخضر أزرق (3).
42 - الخصال: (4) ابن الوليد، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن أبي عبد الله
الرازي، عن ابن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
أربع خصال لا تكون في مؤمن: لا يكون مجنونا "، ولا يسأل على أبواب الناس، ولا

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 299.
(2) الخصال ج 1 ص 163.
(3) الخصال ج 1 ص 107.
(4) الخصال ج 1 ص 109.
29

يولد من الزنى، ولا ينكح في دبره (1)].
{70 باب}
* (حد الزنا وكيفية ثبوته وأحكامه) *
الآيات النساء: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن
أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله
لهن سبيلا " * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن
الله كان توابا " رحيما " (2).

(1) ما بين العلامتين كان محله بياضا " أوردنا ذيل الحديث 40 والحديثين بعده
من باب ذم السؤال ج 96 الباب 16 من كتاب الزكاة والصدقة.
(2) النساء: 15 - 16.
قال الطبرسي. " واللاتي يأتين الفاحشة " أي يفعلن الزنا " فاستشهدوا عليهن
أربعة منكم " أي من المسلمين يخاطب الحكام والأئمة ويأمرهم بطلب أربعة من الشهود
في ذلك عند عدم الاقرار، وقيل: هو خطاب للأزواج في نسائهم، أي فأشهدوا عليهن
أربعة منكم.
وقال أبو مسلم: المراد بالفاحشة في الآية هنا الزنا: أن تخلو المرأة بالمرأة
في الفاحشة المذكورة عنهن، وهذا القول مخالف للاجماع، ولما عليه المفسرون فإنهم
أجمعوا على أن المراد بالفاحشة هنا الزنا.
قال: وكان في مبدء الاسلام إذا فجرت المرأة وقام عليها أربعة شهود حبست
في البيت أبدا " حتى تموت، ثم نسخ ذلك بالرجم في المحصنين والجلد في البكرين.
قالوا: ولما نزل قوله " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدة منهما مائة جلدة، قال
النبي صلى الله عليه وآله: خذوا عنى! خذوا عنى! قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة
وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.
قال: وقال بعضهم: انه غير منسوخ لان الحبس لم يكن مؤبدا "، بل كان مستندا " إلى
غاية، فلا يكون بيان الغاية نسخا " له.
قال: " واللذان يأتيانها منكم " أي يأتيان الفاحشة وفيه ثلاثة أقوال: أحدها
أنهما الرجل والمرأة، وثانيها أنهما البكران من الرجال والنساء، وثالثها أنهما
الرجلان الزانيان، وهذا لا يصح لأنه لو كان كذلك لما كان للتثنية معنى لان الوعد و
الوعيد إنما يأتي بلفظ الجمع فيكون لكل واحد منهم، أو بلفظ الواحد لدلالته على الجنس
فأما التثنية فلا فائدة فيها.
وقال أبو مسلم: هما الرجلان يخلوان بالفاحشة بينهما، والفاحشة في الآية الأولى
عنده السحق وفى الآية الثانية اللواط، فحكم الآيتين عنده ثابت غير منسوخ، والى هذا
التأويل ذهب أهل العراق، فلاحد عندهم في اللواط والسحق، وهذا بعيد لان الذي
عليه جمهور المفسرين أن الفاحشة في الآية الزنا.
أقول: ظاهر الآية بقرينة قوله " اللذان يأتيانها منكم " هو قول أبى مسلم فان
لفظ التثنية والآتيان بضمير الفاحشة وارجاعها إلى الآية الأولى لا يستقيم الا على قوله
فان الفاحشة ان كانت هي الزنا فقد ذكر حكم النساء في الآية الأولى، وبقى حكم الرجال
وكان حق الكلام أن يقال: " والذين يأتونها منكم " فلا يصح التأويل بأنهما الرجل
والمرأة تغليبا كما في القول الأول، ولا التأويل بأنهما البكران من الرجال والنساء
لذلك، ولا القول الثالث لما ذكره الطبرسي نفسه فلم يبق الا القول الرابع وهو قول
أبى مسلم.
هذا هو الظاهر المنصوص من الآيتين - حيث سمى مباشرة الرجل مع الرجل، و
المرة مع المرأة فاحشة، واما مباشرة الرجل مع المرأة وهي التي تسمى بالزنا فهي
جامع بين الفاحشتين والحكم فيه ثابت بطريق أولى، ولان الزنا فاحشة قطعا " لقوله تعالى:
" ولا تقربوا الزنى أنه كان فاحشة وساء سبيلا ".
30

النور: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم
بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة
31

من المؤمنين (1).
ص: وخذ بيدك ضغثا " فاضرب به ولا تحنث (2).
1 - قرب الإسناد: عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن
أبيه عليهما السلام أن عليا " عليه السلام قال: من أقر عند تجريد أو حبس أو تخويف أو تهدد فلا

(1) النور: 2.
(2) ص: 44، وقال الطبرسي على ما حكاه المؤلف العلامة في ج 12 ص 340
من باب قصص أيوب عليه السلام: " وخذ بيدك ضغثا " " وهو ملء الكف من الشماريخ
وما أشبه ذلك، أي وقلنا له ذلك، وذلك أنه حلف على امرأته لأمر أنكره من قولها: ان عوفي
ليضربنها مائة جلدة، فقيل له: خذ ضغثا " بعدد ما حلفت " فاضرب به " أي واضربها به
دفعة واحدة، فإنك إذا فعلت ذلك برت يمينك " ولا تحنث " في يمينك.
وروى عن ابن عباس أنه قال: كان السبب في ذلك أن إبليس لقيها في صورة طبيب
فدعته إلى مداواة أيوب، فقال: أداويه على أنه إذا برء قال: أنت شفيتني لا أريد جزاء
سواه، قالت: نعم، فأشارت إلى أيوب بذلك فحلف ليضربنها.
وقيل: إنها كانت ذهبت في حاجة فأبطأت في الرجوع فضاق صدر المريض فحلف.
وروى العياشي باسناده أن عباد المكي قال: قال لي سفيان الثوري انى أرى
لك من أبى عبد الله منزلة فاسأله عن رجل زنى وهو مريض فان أقيم عليه الحد خافوا ان
يموت، ما يقول فيه؟ فسألته فقال لي: هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك بها
انسان؟ فقلت: ان سفيان الثوري أمرني أن أسألك منها، فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله
اتى برجل أحبن: قد استسقى بطنه، وبدت عروق فخذيه، وقد زنى بامرأة مريضة
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه به ضربة وضربها به ضربة وخلى
سبيلهما، وذلك قوله " وخذ بيدك ضغثا " فاضرب به ولا تحنث ".
قال المؤلف قدس سره: أقول: روى الصدوق في الفقيه بسنده الصحيح عن الحسن
ابن محبوب عن حنان بن سدير عن عباد المكي مثله. والحبن - محركة - داء في البطن
يعظم منه ويرم.
أقول: وهكذا ترى الحديث في الكافي ج 7 ص 243، وأما ما قيل إن امرأة
أيوب كانت ذهبت في حاجة فأبطأت فحلف أيوب أن يضربها، فهو ساقط، فان ابطاءها
- وان كانت أمته - لا يوجب ضربها جلدات، فكيف بالحلف على ضربها وهو أيوب
النبي الصابر على البأساء والضراء كما قال الله عقيب ذلك " انا وجدناه صابرا " نعم العبد
انه أواب ".
وأما قول ابن عباس وقصة الطبيب المعالج فأشبه بالخرافات الإسرائيليات، وما
طلبه الطبيب المعالج لا يوجب ضربه جلدات فكيف بامرأة أيوب مع حنينها على زوجها،
والظاهر من الآية الشريفة حيث كان أبرار قسمه عليه السلام معلقا " على عافيته، أنها شنعت
على أيوب عليه السلام بأنه ابتلى بداء لا دواء له - وهو الجذام على ما قيل - وأن الله ليس
بشافيه أبدا "، فحلف لئن شفاني الله لأضربنك خمسين جلدة أو مائة جلدة مثلا.
32

حد عليه (1).
2 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد، عن علي عليه السلام أنه كان يقول: يجلد الزاني على
الذي يوجد إن كانت عليه ثيابه فبثيابه وإن كان عريانا " فعريان (2).
وقال عليه السلام: حد الزاني أشد من حد القاذف، وحد الشارب أشد من
حد القاذف (3).
3 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: يجلد الزاني أشد الجلد وجلد

(1) قرب الإسناد ص 37.
(2) قرب الإسناد ص 88، وفى ط 67.
(3) قرب الإسناد ص 89.
33

المفتري بين الجلدين (1).
4 - تفسير علي بن إبراهيم: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " هي
ناسخة لقوله: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم " إلى آخر الآية " ولا تأخذكم
بهما رأفة في دين الله " يعني لا تأخذكم الرأفة على الزاني والزانية في الله " إن
كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " في إقامة الحد عليهما.
وكانت آية الرجم نزلت " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنهما
قضيا الشهوة نكالا " من الله والله عليم حكيم ".
وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " وليشهد عذابهما "
يقول ضربهما " طائفة من المؤمنين " يجمع لهما الناس إذا جلدوا (2).
5 - تفسير علي بن إبراهيم: والزنا على وجوه والحد فيها على وجوه، فمن ذلك أنه
أحضر عمر بن الخطاب خمسة نفر اخذوا في الزنا فأمر أن يقام على كل واحد
منهم الحد.
وكان أمير المؤمنين عليه السلام جالسا عند عمر، فقال: يا عمر ليس هذا حكمهم
قال: فأقم أنت عليهم الحكم، فقدم واحدا " منهم فضرب عنقه، وقدم الثاني
فرجمه، وقدم الثالث فضربه الحد، وقدم الرابع فضربه نصف الحد، وقدم الخامس
فعزره، وأطلق السادس.
فتعجب عمر وتحير الناس، فقال عمر: يا أبا الحسن خمسة نفر في قضية
واحدة أقمت عليهم خمس عقوبات، ليس منها حكم يشبه الآخر؟
فقال: نعم أما الأول فكان ذميا زنى بمسلمة فخرج عن ذمته فالحكم فيه
السيف، وأما الثاني فرجل محصن زنى رجمناه، وأما الثالث فغير محصن فحددناه
وأما الرابع فعبد زنى ضربناه نصف الحد، وأما الخامس فمجنون مغلوب في
عقله عزرناه (3).

(1) قرب الإسناد ص 149.
(2) تفسير القمي ص 450.
(3) تفسير القمي: 451.
34

أقول: في تفسير الصغير ستة مكان خمسة في الموضعين، وبعد قوله:
" وقدم الخامس فعزره " قوله: " وأطلق السادس " ومكان قوله " خمس عقوبات "
قوله: " خمسة أحكام وإطلاق واحد " وآخر الخبر هكذا " وأما الخامس فكان
منه ذلك الفعل بالشبهة فأدبناه، وأما السادس فمجنون مغلوب على عقله سقط
منه التكليف.
6 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
القاذف يجلد ثمانين جلدة، ولا تقبل له شهادة أبدا " إلا بعد التوبة، أو يكذب
نفسه، وإن شهد ثلاثة وأبى واحد يجلد الثلاثة، ولا تقبل شهادتهم حتى يقول
أربعة: رأينا مثل الميل في المكحلة، ومن شهد على نفسه أنه زنى لم تقبل شهادته
حتى يعيدها أربع مرات (1).
7 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد
عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال
له: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني! فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أبك جنة؟
فقال: لا، فقال: فتقرء من القرآن شيئا؟ قال: نعم فقال له: ممن أنت؟ فقال
أنا من مزينة أو جهينة، قال: اذهب حتى أسأل عنك، فسأل عنه فقالوا: يا أمير المؤمنين
هذا رجل صحيح مسلم.
ثم رجع إليه فقال: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني! فقال عليه السلام:
ويحك ألك زوجة؟ قال: نعم، فقال: كنت حاضرها أو غائبا عنها؟ قال: بل كنت
حاضرها، قال: اذهب حتى ننظر في أمرك، فجاء الثالثة فذكر له ذلك فأعاد
عليه أمير المؤمنين عليه السلام فذهب، ثم رجع في الرابعة وقال: إني زنيت فطهرني
فأمر أمير المؤمنين عليه السلام: أن يحبس.
ثم نادى أمير المؤمنين: أيها الناس إن هذا الرجل يحتاج إلى أن نقيم عليه

(1) تفسير القمي ص 451.
35

حد الله، فاخرجوا متنكرين، لا يعرف بعضكم بعضا، ومعكم أحجاركم، فلما
كان من الغد أخرجه أمير المؤمنين عليه السلام بالغلس، وصلى ركعتين، وحفر حفيرة
ووضعه فيها، ثم نادى أيها الناس إن هذه حقوق الله لا يطلبها من كان عنده الله
حق مثله، فمن كان عنده لله حق مثله فلينصرف، فإنه لا يقيم الحد من لله
عليه الحد.
فانصرف الناس، فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام حجرا فكبر أربع تكبيرات فرماه
ثم أخذ الحسن عليه السلام مثله، ثم فعل الحسين عليه السلام مثله، فلما مات أخرجه
أمير المؤمنين عليه السلام وصلى عليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين ألا تغسله؟ قال: قد اغتسل
بماء هو منها طاهر إلى يوم القيامة.
ثم قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: يا أيها الناس من أتى هذه القاذورة فليتب
إلى الله فيما بينه وبين الله، فوالله لتوبته إلى الله في السر أفضل من أن يفضح نفسه
ويهتك ستره (1).
8 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال
سئل النبي صلى الله عليه وآله عن امرأة قيل: إنها زنيت، فذكرت المرأة أنها بكر فأمرني
النبي صلى الله عليه وآله أن آمر النساء أن ينظرن إليها، فنظرن إليها فوجدنها بكرا "، فقال
عليه السلام: ما كنت لأضرب من عليه خاتم من الله، وكان يجيز شهادة النساء
في مثل هذا (2).
صحيفة الرضا (ع): عنه عليه السلام مثله (3).
9 - عيون أخبار الرضا (ع): بهذا الاسناد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إذا سئلت المرأة من
فجر بك؟ فقالت: فلان، ضربت حدين حدا " لفريتها وحدا " لما أقرت على

(1) تفسير القمي ص 451.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 39 وكان رمز الأصل ل للخصال.
(3) صحيفة الرضا (ع) ص 13 و 14.
36

نفسها (1).
صحيفة الرضا (ع): عنه عليه السلام مثله (2).
10 - علل الشرائع: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن الجاموراني
عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي عبد الله المؤمن، عن إسحاق بن عمار قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: الزنا أشر أم شرب الخمر؟ وكيف صار في الخمر ثمانين وفي الزنا
مائة؟ قال: يا إسحاق الحد واحد أبدا، وزيد هذا التضييعه النطفة ولوضعه إياها
في غير موضعها الذي أمر الله به (3).
11 - علل الشرائع (4) عيون أخبار الرضا (ع): في علل محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام: علة ضرب الزاني
على جسده بأشد الضرب لمباشرة الزنا، واستلذاذ الجسد كله به، فجعل الضرب عقوبة
له، وعبرة لغيره، وهو أعظم الجنايات (5).
12 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام: الشيخ والشيخة
إذا زنيا فارجموهما البتة، لأنهما قد قضيا الشهوة، وعلى المحصن والمحصنة
الرجم (6).
13 - علل الشرائع: [عن ابن الوليد، عن ابن أبان] عن سليمان بن خالد قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: في القرآن رجم؟ قال: نعم، قلت: كيف؟ قال: الشيخ
والشيخة فارجموهما البتة فإنهما قد قضيا الشهوة (7).
14 - علل الشرائع: عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يرجم رجل ولا
امرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهود على الايلاج والاخراج، قال: وقال: لا أحب

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 39.
(2) صحيفة الرضا (ع) ص 14.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 230.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 97.
(5) علل الشرايع ج 2 ص 230.
(6) علل الشرايع ج 2 ص 226.
(7) علل الشرايع ج 2 ص 226.
37

أن أكون أول الشهود الأربعة على الزنا، أخشى أن ينكل بعضهم فاجلد (1).
15 - علل الشرائع: عن أبيه [عن الحميري] عن ابن عيسى، عن علي بن أشيم
عمن رواه من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قيل له: لم جعل في الزنا أربعة
من الشهود؟ وفي القتل شاهدان؟ فقال: إن الله عز وجل أحل لكم المتعة، وعلم
أنها ستنكر عليكم، فجعل الأربعة الشهود احتياطا " لكم، ولولا ذلك لأتي عليكم
وقل ما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد (2).
16 - [عيون أخبار الرضا (ع)] (3) علل الشرائع: في علل ابن سنان، عن الرضا عليه السلام: جعلت الشهادة
أربعة في الزنا، واثنان في سائر الحقوق، لشدة حصب المحصن، لأن فيه القتل
فجعلت الشهادة فيه مضاعفة مغلظة، لما فيه من قتل نفسه، وذهاب نسب ولده، و
لفساد الميراث (4).
17 - علل الشرائع: عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى علي عليه السلام في رجل تزوج امرأة
رجل: أنه ترجم المرأة ويضرب الرجل الحد: وقال: لو علمت أنك علمت به لفضحت
رأسك بالحجارة (5).
18 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن الصفار، عن ابن معروف، عن علي بن مهزيار
عن علي بن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن إسماعيل بن حماد (6) عن أبي حنيفة

(1) علل الشرايع ج 2 ص 227، والرواية ههنا مرسلة، ولكنه ذكرها في
الفقيه ج 4 ص 15 وأسنده عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عنه عليه السلام.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 196.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 96، وفيه " حد المحصن " بدل " حصب المحصن ".
(4) علل الشرايع ج 2 ص 196، والحصب رميه بالحصباء والجنادل، و
فيه القتل.
(5) علل الشرايع ج 2 ص 227.
(6) في المصدر المطبوع: عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة عن أبيه حماد، عن
أبيه أبي حنيفة.
38

قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيهما أشد، الزنا أو القتل؟ قال: فقال: القتل
قال: فقلت: فما بال القتل جاز فيه شاهدان ولا يجوز في الزنا إلا أربعة؟ فقال
لي: ما عندكم فيه يا أبا حنيفة؟ قال: قلت: ما عندنا فيه إلا حديث عمر أن الله
أخرج في الشهادة كلمتين على العباد، قال: قال: ليس كذلك يا أبا حنيفة، ولكن
الزنا فيه حدان، ولا يجوز إلا أن يشهد كل اثنين على واحد، لأن الرجل
والمرأة جميعا عليهما الحد، والقتل إنما يقام الحد على القاتل ويدفع
عن المقتول (1).
19 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه قال: سألته عن رجل تزوج بامرأة ولم
يدخل بها، ثم زنى، ما عليه؟ قال: يجلد الحد، ويحلق رأسه، وينفى سنة (2).
وسألته عن رجل طلق أو بانت امرأته ثم زنى، ما عليه؟ قال: الرجم (3).
وسألته عن امرأة طلقت فزنت بعدما طلقت بسنة هل عليها الرجم؟ قال:
نعم (4).
20 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن
الحسن بن سعيد، عن صفوان، عن إسحاق قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل
إذا هو زنى وعنده السرية (5) والأمة يطأهما، تحصنه الأمة تكون عنده؟

(1) علل الشرايع ج 2 ص 196.
(2) قرب الإسناد ص 144.
(3) قرب الإسناد ص 147.
(4) قرب الإسناد ص 147.
(5) السرية بضم السين وتشديد الراء المكسورة - الأمة التي بوأتها منزلا، وهو
فعليه منسوبة إلى السر - وهو الجماع أو الاخفاء - لان الانسان كثيرا ما يسرها ويسترها
عن حرته، وإنما ضمت سينه لان الأبنية قد تغير في النسبة خاصة كما قالوا في النسبة
إلى الدهر دهري والى الأرض السهلة سهلي، والجمع سرارى، وقيل إنها مشتقة من
السرور، لأنه يسر بها، يقال: تسررت جارية وتسريت أيضا " كما قالوا تظننت وتظنيت
قاله الجوهري.
39

فقال: نعم، إنما ذاك لأن عنده ما يغنيه عن الزنا، قلت: فان كانت عنده امرأة
متعة تحصنه؟ فقال: لا، إنما هو على الشئ الدائم عنده (1).
قال الصدوق: جاء هذا الحديث هكذا، فأوردته كما جاء في هذا الموضع
لما فيه من ذكر العلة، والذي أفتي به وأعتمد عليه في هذا المعنى ما حدثني به
ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير
عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يحصن الحر المملوكة،
ولا المملوك الحرة (2).
وما رواه أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر
عن ابن حميد، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يزني ولم
يدخل بأهله، أمحصن؟ قال: لا، ولا بالأمة (3).
وما حدثني به ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن
محبوب، عن العلا وابن بكير، عن محمد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل
يأتي وليدة امرأة بغير إذنها، فقال عليه السلام: عليه ما على الزاني يجلد مائة جلدة،

(1) علل الشرائع ج 2 ص 197. ورواه الكليني في الكافي ج 7 ص 178 والشيخ
في التهذيب ج 10 ص 10 وزادا بين السؤالين " قلت: فان كانت عنده أمة زعم أنه لا يطأها؟
فقال: لا يصدق ".
(2) رواه الشيخ في التهذيب ج 10 ص 12، وفى الاستبصار ج 4 ص 205 وحمله
على أن المراد به أن الملوك والمملوكة لا يحصنان بالحر والحرة، بحيث يجب على
المملوك الرجم، لان ذلك لا يجب عليه على حال، بل عليه الجلد فهو نفى لاحصان
خاص.
(3) ذكره في الفقيه ج 4 ص 29 ورواه الشيخ في التهذيب ج 10 ص 16. ورواه
الصدوق في العلل ج 2 ص 188 بسند آخر، قال: حدثني محمد بن الحسن - ره -
عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي
عمير وفضالة بن أيوب عن رفاعة قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يزنى قبل
أن يدخل بأهله أيرجم؟ قال: لا قلت: يفرق بينهما إذا زنى قبل أن يدخل بها؟ قال
لا وزاد فيه ابن أبي عمير: ولا يحصن بالأمة.
40

قال: ولا يرجم إن زنى بيهودية أو نصرانية أو أمة (1) ولا تحصنه (2) الأمة
واليهودية والنصرانية إن زنى بالحرة، وكذلك لا يكون عليه حد المحصن إذا
زنى بيهودية أو نصرانية أو أمة وتحته حرة (3).
21 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن
ابن أبي عمير، عن هشام وحفص بن البختري عمن ذكراه، عن أبي عبد الله عليه السلام
في الرجل يتزوج المتعة أتحصنه؟ قال: لا إنما ذلك على الشئ الدائم (4).
22 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن النهدي، عن ابن محبوب، عن أيوب
عن سليمان بن خالد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في غلام صغير لم يدرك ابن
عشر سنين زنى بامرأة، قال: يجلد الغلام دون الحد، وتجلد المرأة الحد كاملا "
قيل: فان كانت محصنة، قال: لا ترجم لأن الذي نكحها ليس بمدرك، ولو كان
مدركا " لرجمت (5).
23 - علل الشرائع: عن ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن الحسين

(1) زاد الشيخ في التهذيبين: فان فجر بامرأة حرة وله امرأة حرة فان
عليه الرجم.
(2) في التهذيبين: وقال: وكما لا تحصنه... كذلك لا يكون عليه حد المحصن.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 198 ورواه الشيخ في التهذيب ج 10 ص 13 الاستبصار
ج 4 ص 205، وحمله على ما إذا كن عنده بعقد المتعة.
أقول: المسلم عندي من مذهب أهل البيت عليهم السلام ان المسلم لا يجوز له أن
ينكح الأمة ولا اليهودية والنصرانية، الا بالمتعة - أعني النكاح غير الدائم - فعلى ذلك
لا يثبت الاحصان الا أن يكون عنده حرة أو مملوكة ملك يمين يغدو عليها ويروح، وأما
نكاح المتعة سواء كان بالحرة أو الأمة أو الكتابية، فلا يحصل به الاحصان ولعل الله أن
يوفق ويتيح لنا موضعا نبحث عن ذلك مستوفى.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 199.
(5) علل الشرايع ج 2 ص 221.
41

عن محمد بن أسلم الجبلي، عن ابن حميد، عن ابن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال
سألته عن امرأة ذات بعل زنت فحبلت، فلما ولدت قتلت ولدها سرا "، قال: تجلد
مائة لقتلها ولدها، وترجم لأنها محصنة (1).
24 - علل الشرائع: عن الحسن بن كثير (2) عن أبيه قال: لما خرج أمير المؤمنين
عليه السلام بشراحة الهمدانية (3) فكان الناس يقتل بعضهم بعضا " من الزحام. فلما
رأى ذلك أمر بردها حتى إذا خفت الزحمة أخرجت وأغلق الباب، قال: فرموها
حتى ماتت، قال: ثم أمر بالباب ففتح، قال: فجعل من دخل يلعنها.
قال: فلما رأى ذلك نادى منادية: أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عنها، فإنها
لا يقام حد إلا كان كفارة ذلك الذنب كما يجزى الدين بالدين، قال: فوالله
ما تحرك شفة لها (4).
25 - ثواب الأعمال: عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن موسى بن سعدان
عن عبد الله بن القاسم، عن مالك بن عطية، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: دمان في الاسلام لا يقضي فيهما أحد بحكم الله عز وجل حتى يقوم
قائمنا: الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه (5).

(1) علل الشرايع ج 2 ص 268.
(2) في المصدر: وبهذا الاسناد، عن الحسن بن كثير، والاسناد قبله هكذا:
محمد بن الحسن، عن الحسن بن الحسين بن أبان ورواه الشيخ في التهذيب ج 10 ص
47، ورواه الصدوق في الفقيه ج 4 ص 17 مرسلا.
(3) في الأصل سراجة، وفى التهذيب سراقة، وكلاهما سهو، والصحيح كما عن
الصدوق شراحة، قال في القاموس: في مادة شرح: وكسراقة همدانية أقرت بالزنا عند
على - عليه السلام - وهكذا ذكره ابن قايماز في المشتبه: 393.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 226، ومثله في دعائم الاسلام ج 2 ص 443.
(5) ثواب الأعمال: 221، وروى مثله في الخصال هكذا: ابن موسى، عن حمزة
ابن القاسم، عن محمد بن عبد الله بن عمران، عن محمد بن علي الهمداني، عن علي
ابن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام قالا: لو قد قام
القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله: يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، و
يورث الأخ أخاه في الأظلة راجع ج 1 ص 80 و 81.
42

26 - المحاسن: عن اليقطيني، عن محمد بن سنان، عن العلا بن الفضيل، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: الرجم حد الله الأكبر، والجلد حد الله الأصغر (1).
27 - المحاسن: عن علي القاساني عمن حدثه، عن عبد الله بن القاسم الجعفري
عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال سعد بن عبادة: أرأيت يا رسول الله إن أنا
رأيت مع أهلي رجلا " فأقتله؟ قال: يا سعد فأين الشهود الأربعة (2).
28 - المحاسن: عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن داود بن فرقد قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قالوا لسعد بن عبادة، يا سعد
أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا " ما كنت تصنع به؟ فقال: كنت
أضربه بالسيف.
قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ماذا يا سعد؟ فقال سعد: قالوا لي: لو وجدت
على بطن امرأتك رجلا " ما كنت تفعل به؟ فقلت: كنت أضربه بالسيف، فقال: يا
سعد فكيف بالشهود الأربعة؟ فقال: يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله أنه قد
فعل؟ فقال: نعم، لأن الله قد جعل لكل شئ حدا "، وجعل على من تعدى
الحد حدا " (3).
29 - المحاسن: عن عمرو بن عثمان، عن علي بن الحسن بن رباط، عن أبي
مخلد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال قوم من الصحابة لسعد بن عبادة ما كنت صانعا "
برجل لو وجدته على بطن امرأتك؟ قال: كنت والله ضاربا " رقبته بالسيف قال:
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: من هذا الذي كنت ضاربه بالسيف يا سعد؟ فأخبر
النبي صلى الله عليه وآله بخبرهم، وما قال سعد.

(1) المحاسن: 273.
(2) المحاسن ص 274.
(3) المحاسن ص 274.
43

فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا سعد! فأين الأربعة الشهداء الذين قال الله تعالى؟ فقال:
يا رسول الله مع رأي عيني وعلم الله فيه أنه قد فعل؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: والله يا
سعد بعد رأي عينك وعلم الله، إن الله قد جعل لكل شئ حدا "، وجعل على من
تعدى حدا " من حدود الله حدا "، وجعل ما دون الأربعة الشهداء مستورا " على
المسلمين (1).
30 - المحاسن: عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد قال:
قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: أخبرني عن المحصن إذا هرب من الحفرة، هل
يرد حتى يقام عليه الحد؟ فقال: يرد، ولا يرد، قلت: فكيف ذلك؟ قال:
إن كان هو أقر على نفسه ثم هرب من الحفرة بعد ما أصيب بشئ من الحجارة لم
يرد، وإن كان إنما قامت عليه البينة وهو يجحد ثم، هرب رد وهو صاغر
حتى يقام عليه الحد.
وذلك أن مالك بن ماعز بن مالك (2) أقر عند رسول الله صلى الله عليه وآله فأمر به
أن يرجم، فهرب من الحفرة، فرماه الزبير بن العوام بساق بعير فعقله به فسقط
فلحقه الناس فقتلوه، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال: هلا تركتموه يذهب إذا
هرب، فإنما هو الذي أقر على نفسه، وقال: أما لو أني حاضركم لما طلبتم،
قال: ووداه رسول الله صلى الله عليه وآله من مال المسلمين (3).
3 - المحاسن: عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حماد، عمن حدثه، عن عمر

(1) المحاسن ص 275.
(2) كذا في المصدر المطبوع أيضا "، والصحيح ماعز بن مالك كما في الكافي ج 7
ص 185، وهكذا في مشكاة المصابيح ص 310 و 311 ط كراچي، وقد عنونه في أسد الغابة
ج 4 ص 270 وقال: ماعز بن مالك الأسلمي هو الذي أتى النبي صلى الله عليه وآله فاعترف
بالزنا فرجمه، روى حديث رجمه ابن عباس وبريدة وأبو هريرة.
(3) المحاسن: 306.
44

ابن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أخبرني عن الغائب عن أهله يزني، هل
يرجم إذا كانت له زوجة وهو غائب عنها؟ قال: لا يرجم الغائب عن أهله، ولا
المملك الذي لم يبن بأهله، ولا صاحب المتعة، قلت: ففي أي حد سفره ولا يكون
قال: إذا قصر وأفطر فليس بمحصن (1).
32 - المحاسن: عن أبيه، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن عمران
ابن ميثم، عن أبيه - أو عن صالح بن ميثم، عن أبيه - قال: أتت امرأة مجح (2) أمير المؤمنين
عليه السلام فقالت: يا أمير المؤمنين طهرني! إني زنيت فطهرني طهرك الله، فان
عذاب الدنيا أيسر علي من عذاب الآخرة، الذي لا ينقطع.
فقال لها: مما أطهرك؟ فقالت: إني زنيت فقال لها: أذات بعل أنت أم
غير ذلك؟ فقالت: ذات بعل، قال لها: أفحاضرا كان بعلك إذ فعلت ما فعلت، أم
غائب؟ قالت: بل حاضر، فقال لها: انطلقي فضعي ما في بطنك، فلما ولت عنه المرأة
فصارت حيث لا تسمع كلامه، فقال: اللهم إنها شهادة.
فلم تلبث أن عادت إليه المرأة فقالت: يا أمير المؤمنين! إني قد وضعت
فطهرني، قال: فتجاهل عليها وقال: يا أمة الله أطهرك مماذا؟ قالت: إني

(1) المحاسن ص 307.
(2) هذا هو الصحيح كما في الكافي ج 7 ص 186، ونقله في البحار ج 40 ص 290
وهكذا في التهذيب ج 10 ص 9، وأخرجه في الوسائل ج 18 ص 377 الطبعة
الحديثة.
والمجح: هو الحامل المقرب التي دنا ولادها كما في النهاية، وقال في اللسان:
أجحت المرأة: حملت فأقربت وعظم بطنها فهي مجح، وأصله في السباع ثم عمم، وفى
الحديث " أنه مر بامرأة مجح " وقال في الصحاح: أجحت المرأة حملت، وأصل
الاجحاح للسباع قال أبو زيد: قيس كلها تقول لكل سبعة إذا حملت فأقربت وعظم بطنها:
قد أجحت، فهي مجح.
فما في المصدر المطبوع وذيله وسائر النسخ التي أشار إليها تصحيف.
45

زنيت فطهرني! قال: أو ذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت؟ قالت نعم، قال: فكان
زوجك حاضرا إذ فعلت [ما فعلت]؟ أو كان غائبا؟ قالت: بل حاضرا، قال: انطلقي
حتى ترضعيه حولين كاملين، كما أمر الله.
فانصرفت المرأة، فلما صارت حيث لا تسمع كلامه، قال عليه السلام: اللهم
شهادتان.
قال: فلما مضى حولان أتت المرأة فقالت: قد أرضعته حولين فطهرني!
قال: فتجاهل عليها وقال: أطهرك مماذا؟ قالت: إني زنيت فطهرني! قال: أو
ذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم، قال: وكان بعلك غائبا " عنك إذ فعلت ما فعلت
أم حاضرا "؟ قالت: بل حاضرا "، قال: انطلقي فاكفليه حتى يعقل أن يأكل
ويشرب، ولا يتردى من السطح، ولا يتهور في بئر، فانصرفت وهي تبكي، فلما ولت
وصارت حيث لا تسمع كلامه، قال: اللهم ثلاث شهادت.
قال: فاستقبلها عمرو بن حريث المخزومي فقال: ما يبكيك يا أمة الله؟ فقد رأيتك تختلفين إلى أمير المؤمنين تسئلينه أن يطهرك؟ فقالت: أتيته فقلت له
ما قد علمتموه، فقال: اكفيله حتى يعقل أن يأكل ويشرب، ولا يتردى من
سطح، ولا يتهور في بئر، ولقد خفت أن يأتي علي الموت، ولم يطهرني، فقال
لها عمرو: ارجعي فأنا أكفله.
فرجعت فأخبرت أمير المؤمنين عليه السلام بقول عمر، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام
وهو يتجاهل عليها: ولم يكفل عمرو ولدك؟ قالت: يا أمير المؤمنين إني زنيت
فطهرني! قال: ذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم، قال: فغائب عنك
بعلك إذ فعلت ما فعلت أم حاضر قالت: بل حاضر.
قال: فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم إنه قد ثبت لك عليها أربع شهادات
فإنك قد قلت لنبيك فيما أخبرته به من دينك: يا محمد من عطل حدا " من حدودي
فقد عاندني، وطلب مضادتي، اللهم فاني غير معطل حدودك، ولا
طالب مضادتك ولا معاندتك، ولا مضيع لأحكامك، بل مطيع لك، ومتبع
46

سنة نبيك.
قال: فنظر إليه عمرو بن حريث فكأنما تفقأ في وجهه الرمان فلما رأى ذلك
عمرو، قال: يا أمير المؤمنين إني إنما أردت أن أكفله إذا ظننت أنك تحب ذلك
فأما إذ كرهته فاني لست أفعل، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: بعد أربع شهادات
لتكفلنه وأنت صاغر ذليل (1).
ثم قام أمير المؤمنين عليه السلام فصعد المنبر، فقال: يا قنبر! ناد في الناس
" الصلاة جامعة " فنادى قنبر في الناس، فاجتمعوا حتى غص المسجد بأهله
فقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خطيبا " فحمد الله وأثنى عليه، وقال: يا أيها
الناس إن إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحد إنشاء الله

(1) يشبه تلك القصة ما ورد في الحديث عن بريدة بعد حديث ماعز بن مالك قال:
ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله طهرني فقال: ويحك ارجعي فاستغفري
الله وتوبي إليه، فقالت: تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك؟ انها حبلى من الزنا
فقال: أنت! قالت: نعم، قال لها: حتى تضعي ما في بطنك.
قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت فأتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: قد وضعت الغامدية
فقال: إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا " ليس له من يرضعه، فقام رجل من الأنصار فقال:
إلى رضاعه يا نبي الله قال: فرجمها.
وفى رواية أنه قال لها: اذهبي حتى تلدي، فلما ولدت قال: اذهبي فارضعيه حتى
تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل
الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم امر بها فحفر لها إلى صدرها، وامر
الناس فرجموها.
فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها، فقال
النبي صلى الله عليه وآله مهلا خالد! فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ثم
أمر بها فصلى عليها ودفنت، رواه مسلم كما في مشكاة المصابيح ص 310 وعنونها - الغامدية
في أسد الغابة ج 5 ص 642 وذكر الحديث ثم قال: أخرجه أبو موسى.
47

فعزم عليكم أمير المؤمنين إلا خرجتم متنكرين، ومعكم أحجاركم لا يتعرف أحد
منكم إلى أحد، حتى تنصرفوا إلى منازلكم إنشاء الله.
فلما أصبح بكرة خرج بالمرأة وخرج الناس متنكرين، متلثمين بعمائمهم
وأرديتهم والحجارة في أرديتهم وفي أكمامهم، حتى انتهى بها والناس معه إلى ظهر الكوفة
فأمر فحفر لها بئر ثم دفنها إلى حقويها، ثم ركب بغلته فأثبت رجليه في غرز
الركاب، ثم وضع أصبعيه السبابتين في اذنيه، ثم نادى بأعلى صوته فقال:
يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى عهد إلى نبيه صلى الله عليه وآله عهد أعهده
محمد صلى الله عليه وآله إلى بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد، فمن كان لله تبارك و
تعالى عليه مثل ماله عليها فلا يقيمن عليها الحد، قال: فانصرف الناس ما خلا
أمير المؤمنين عليه السلام (1).
33 - فقه الرضا (ع): لا تقبل شهادة النساء في الحدود إلا إذا شهدت امرأتان وثلاثة
رجال، ولا تقبل شهادتهن إذا كن أربع نسوة ورجلين.
ولا تقبل شهادة الشهود في الزنا إلا شهادة العدول، فان شهد أربعة بالزنا
ولم يعدلوا ضربوا بالسوط حد المفتري، وإن شهد ثلاثة عدول وقالوا: الآن
يأتيكم الرابع كان عليهم حد المفتري، إلا أن تشهد أربعة عدول في موقف واحد (2).
ومن زنا بذات محرم ضرب ضربة بالسيف محصنا كان أم غيره، فان كانت
تابعته ضربت ضربة بالسيف، وإن استكرهها فلا شئ عليها.
ومن زنى بمحصنة وهو محصن فعلى كل واحد منهما الرجم، ومن زنى
[وهو ظ] محصن فعليه الرجم. وعليها الجلد وتغريب سنة.
وحد التغريب خمسون فرسخا وحد الرجم أن يحفر بئرا " بقامة الرجل
إلى صدره والمرأة إلى فوق ثدييها ويرجم، فان فر المرجوم وهو المقر ترك، وإن
فر وقد قامت عليه البينة رد إلى البئر ورجم حتى يموت.
وروي أن لا يتعمد بالرجم رأسه، وروي لا يقتله إلا حجر الامام، وحد

(1) المحاسن ص 309 - 310.
(2) فقه الرضا: 35.
48

المحصن أن يكون له فرج يغدو عليه ويروح.
وأروي عن العالم أنه قال: لا يرجم الزاني حتى يقرأ أربع مرات بالزنا
إذا لم يكن شهود، فإذا رجع وأنكر ترك ولم يرجم.
ولا يقطع السارق حتى يقر مرتين إذا لم يكن شهود ولا يحد اللوطي حتى
يقر أربع مرات على تلك الصفة.
وروي أن جلد الزاني أشد الضرب وأنه يضرب من قرنه إلى قدمه لما يقضي
من اللذة بجميع جوارحه.
وروي أنه إن وجد وهو عريان جلد عريانا "، وإن وجد وعليه ثوب جلد فيه.
34 - فقه الرضا (ع): اتق الزنا واللواط - وهو أشد من الزنا والزنا أشد منه - وهما
يورثان صاحبهما اثنين وسبعين داء في الدنيا والآخرة ويجلد على الجسد كلها إلا
الفرج والوجه، فان عادا قتلا، وإن زنيا أول مرة وهما محصنان، أو أحدهما محصن
والآخر غير محصن، ضرب الذي هو غير محصن مائة جلدة، وضرب المحصن مائة،
ثم رجم بعد ذلك (1).
قال: وأول ما يبدء برجمهما الشهود الذين شهدوا عليهما، أو الامام، وإذا
زنى الذمي بمسلمة قتلا جميعا ".
35 - الإرشاد: روي أنه اتي عمر بحامل قد زنت فأمر برجمها فقال له أمير -
المؤمنين عليه السلام: هب أن لك سبيلا " عليها، أي سبيل لك على ما في بطنها؟ والله
تعالى يقول " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (2) فقال: عمر: لا عشت لمعضلة لا يكون
لها أبو الحسن، ثم قال: فما أصنع بها؟ قال: اصطبر (3) عليها حتى تلد، فإذا
ولد ووجدت لولدها من يكفله فأقم عليها الحد، فسري ذلك عن عمر، وعول

(1) فقه الرضا ص 37.
(2) الانعام: 164 اسرى: 15، فاطر: 18، النجم: 38.
(3) في الارشاد وهكذا نسخة الوسائل ج 18 ص 381 " احتط عليها " ومعناه الاحتفاظ
يقال: احتاط على الشئ: حافظ والاسم منه الحوطة والحيطة.
49

في الحكم به على أمير المؤمنين (1).
36 - الإرشاد: روي أن امرأة شهدت عليها الشهود أنهم وجدوها في بعض مياه
العرب مع رجل يطأها ليس ببعل لها، فأمر عمر برجمها، وكانت ذات بعل، فقالت:
اللهم إنك تعلم أني بريئة، فغضب عمر وقال: وتجرح الشهود أيضا "؟ فقال أمير المؤمنين
عليه السلام: ردوها واسئلوها. فلعل لها عذرا "، فردت وسئلت عن حالها.
فقالت: كانت لأهلي إبل فخرجت في إبل أهلي، وحملت معي ماء، ولم
يكن في إبل أهلي لبن، وخرج معي خليطنا (2) وكان في إبله لبن، فنفد مائي
فاستسقيته فأبى أن يسقيني حتى أمكنه من نفسي فأبيت، فلما كادت نفسي تخرج
أمكنته من نفسي كرها "، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله أكبر " فمن اضطر غير
باغ ولا عاد فلا إثم عليه " (3) فلما سمع ذلك عمر خلى سبيلها (4).
مناقب ابن شهرآشوب: أربعين الخطيب مثله (5).
37 - الإرشاد: روي أن مكاتبة زنت على عهد عثمان وقد عتق منها ثلاثة
أرباع، فسأل عثمان أمير المؤمنين عليه السلام فقال: تجلد منها بحساب الحرية وتجلد
منها بحساب الرق، وسئل زيد بن ثابت فقال: تجلد بحساب الرق، فقال له
أمير المؤمنين عليه السلام: كيف تجلد بحساب الرق وقد عتق منها ثلاثة أرباعها؟ و
هلا جلدتها بحساب الحرية فإنها فيها أكثر؟ فقال زيد: لو كان ذلك كذلك لوجب
توريثها بحساب الحرية، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أجل ذلك واجب، فافحم
زيد وخالف عثمان أمير المؤمنين عليه السلام وصار إلى قول زيد، ولم يصغ إلى ما قال

(1) الارشاد: 97.
(2) الخليط: الشريك في الماء والكلأ.
(3) البقرة ص 173.
(4) الارشاد: 99.
(5) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 469.
50

بعد ظهور الحجة عليه (1).
38 - تفسير العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " واللاتي
يأتين الفاحشة من نسائكم - إلى - سبيلا " (2) قال: منسوخة والسبيل هو
الحدود (3).
39 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن هذه
الآية " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم - إلى - سبيلا " [قال:] هذه منسوخة
قال: قلت: كيف كانت؟ قال: كانت المرأة إذا فجرت فقام عليها أربعة شهود
أدخلت بيتا " ولم تحدث، ولم تكلم، ولم تجالس، وأوتيت فيه بطعامها وشرابها
حتى تموت.
قلت: فقوله " أو يجعل الله لهن سبيلا "؟ قال: جعل السبيل الجلد والرجم،
والامساك في البيوت قال: قلت: قوله " واللذان يأتيانها منكم " قال: يعني
البكر إذا أتت الفاحشة التي أتتها هذه الثيب " فآذوهما " قال: يحبس " فان تابا
وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا " رحيما " " (4).
40 - تفسير العياشي: عن بعض أصحابنا قال: أتت امرأة إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين
إني فجرت فأجر في حد الله، فأمر برجمها وكان علي أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا "
فقال له: سلها كيف فجرت؟ قالت: كنت في فلاة من الأرض أصابني عطش شديد
فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا " أعرابيا "، فسألته الماء فأبى علي أن
يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي، فوليت منه هاربة فاشتد بي العطش حتى غارت
عيناي، وذهب لساني، فلما بلغ ذلك مني أتيته فسقاني ووقع علي، فقال له

(1) ارشاد المفيد ص 101 و 102 وأخرجه في المناقب ج 2 ص 371 إلى قوله
فافحم زيد.
(2) النساء: 15.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 227.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 227 و 228.
51

علي عليه السلام: هذه التي قال الله " فمن اضطر [غير باغ ولا عاد " (1) وهذه]
غير باغية ولا عادية إليه، فخل سبيلها، فقال عمر: لولا علي لهلك عمر (2).
41 - تفسير العياشي: في رواية سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا زنى الرجل يجلد
وينبغي للامام أن ينفيه من الأرض التي جلد بها إلى غيرها سنة، وكذلك ينبغي
للرجل إذا سرق وقطعت يده (3).
42 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى: " تلك حدود
الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون " (4) فقال: إن
الله غضب على الزاني فجعل له جلد مائة فمن غضب عليه فزاد فأنا إلى الله منه برئ
فذلك قوله " تلك حدود الله فلا تعتدوها " (5).
43 - مناقب ابن شهرآشوب: أتت امرأة إلى علي عليه السلام تستعدي على زوجها أنه أحبل
جاريتي، فقال: إنها وهبتها لي، فقال علي عليه السلام للرجل: ائتني بالبينة وإلا
رجمتك، فلما رأت المرأة أنه الرجم ليس دونه شئ أقرت أنها وهبتها له، فجلدها
علي عليه السلام وأجاز له ذلك (6).
الرضا عليه السلام: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة محصنة فجر بها غلام صغير،
فأمر عمر أن ترجم، فقال عليه السلام: لا يجب الرجم، إنما يجب الحد، لأن الذي
فجر بها ليس بمدرك (7).

(1) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر والآية في البقرة ص 137.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 74.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 316.
(4) البقرة: 229.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 117.
(6) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 148.
(7) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 360.
52

وأمر عمر برجل يمني محصن فجر بالمدينة أن يرجم، فقال أمير المؤمنين
عليه السلام: لا يجب عليه الرجم لأنه غائب عن أهله، وأهله في بلد آخر، إنما
يجب عليه الحد، فقال عمر: لا أبقاني الله لمعضلة لم يكن لها أبو الحسن (1).
الأصبغ بن نباتة: إن عمر حكم على خمسة نفر في زنا بالرجم، فخطأه
أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك، وقدم واحدا فضرب عنقه، وقدم الثاني فرجمه،
وقدم الثالث فضربه الحد، وقدم الرابع فضربه نصف الحد خمسين جلدة، و
قدم الخامس فعزره.
فقال عمر: كيف ذلك؟ فقال عليه السلام: أما الأول فكان ذميا " زنى بمسلمة
فخرج عن ذمته، وأما الثاني فرجل محصن زنى فرجمناه، وأما الثالث فغير محصن
فضربناه الحد، وأما الرابع فعبد زنى فضربناه نصف الحد، وأما الخامس فمغلوب
على عقله مجنون فعزرناه.
فقال عمر: لا عشت في أمة لست فيها يا أبا الحسن (2).
وروي أنه اتي بحامل قد زنت فأمر برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام
هب لك سبيل عليها فهل لك سبيل على ما في بطنها؟ والله تعالى يقول: " ولا تزر
وازرة وزر أخرى "؟ قال: فما أصنع بها؟ قال: احتط (3) عليها حتى تلد، فإذا
ولدت ووجد لولدها من يكفله فأقم الحد عليها، فلما ولدت ماتت، فقال عمر:
لولا علي لهلك عمر (4).
ابن المسيب: أنه كتب معاوية إلى أبي موسى الأشعري يسأله أن يسأل
عليا " عن رجل يجد مع امرأته رجلا " يفجر بها فقتله، ما الذي يجب عليه؟ قال:
إن كان الزاني محصنا فلا شئ على قاتله، لأنه قتل من يجب عليه القتل.

(1) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 361.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 361.
(3) احفظ عليها خ، اصطبر عليها خ.
(4) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 362.
53

وفي رواية صاحب الموطأ فقال: أنا أبو الحسن، فإن لم يقم أربعة شهداء
فليعط برمته (1).
وروي أن امرأة تشبهت لرجل بجاريته، واضطجعت على فراشه ليلا "
فوطئها، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام بإقامة الحد على الرجل سرا "، وعلى
المرأة جهرا " (2).
44 - مناقب ابن شهرآشوب: جعفر بن رزق الله قال: قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر
بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم.
فقال يحيى بن أكثم: الايمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة
حدود، فكتب المتوكل إلى علي بن محمد النقي عليه السلام يسأله، فلما قرء الكتاب
كتب " يضرب حتى يموت " فأنكر الفقهاء ذلك فكتب إليه يسأله عن العلة، فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم " فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به
مشركين " (3) السورة قال: فأمر المتوكل فضرب حتى مات (4).
45 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن سماعة، عن أبي بصير، عن الصادق عليه السلام، قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام: إذا زنى الشيخ والشيخة جلد كل واحد منهما مائة جلدة
وعليهما الرجم، وعلى البكر جلد مائة ونفي سنة في غير مصره (5).
46 - الحسين بن سعيد أو النوادر، عن سماعة وأبي بصير قالا: قال الصادق عليه السلام: لا يحد الزاني
حتى يشهد عليه أربعة شهود على الجماع والايلاج والاخراج، كالميل في المكحلة

(1) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 380.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 381.
(3) غافر: 84 و 85.
(4) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 405.
(5) أخرج العلامة النوري الحديث وما يأتي بعده تحت رمز " ين "، عن كتاب نوادر
أحمد بن محمد بن عيسى، وقابلناها على نسخة المستدرك ج 3 ص 222.
54

ولا يكون لعان حتى يزعم أنه عاين.
47 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: المحصن يرجم، والذي
لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى، والذي قد أملك يجلد مائة وينفى، ويقع اللعان
بين الحر والمملوكة، واليهودية والنصرانية، وإن رجم يتوارثان (1).
48 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أبي إسحاق، عن أبي إبراهيم عليه السلام، سألته عن الزاني و
عنده سرية أو أمه يطأها، قال: إنما هو الاستغناء، أن يكون عنده ما يغنيه عن
الزنا، قلت: فان زعم أنه لا يطأ الأمة؟ قال: لا يصدق، قلت: فان كانت عنده
متعة، قال: إنما هو الدائم عنده.
وأي جارية زنت فعلى مولاها حدها، وإن ولدت باع ولدها وصرفه فيما
أراد من حج وغيره.
49 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أبي بصير عنه عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة اعترفت
على نفسها أن رجلا " استكرهها قال: هي مثل السبية لا يملك نفسها، لو شاء لقتلها
ليس عليها حد ولا نفي.
وقضى في المرأة لها بعل لحقت بقوم فأخبرتهم أنها أيم فنكحها أحدهم
ثم جاء زوجها: أن لها الصداق، وأمر بها إذا وضعت ولدها أن ترجم.
50 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أبي بصير عنه عليه السلام قال: المغيب والمغيبة (2) ليس عليهما رجم إلا.
أن يكون رجلا مقيما مع امرأته، وامرأته مقيمة معه، وإذا كابر رجل امرأة على
نفسها ضرب ضربة بالسيف مات منها أو عاش، ومن زنى بذات محرم ضرب ضربة
بالسيف مات منها أو عاش، ولا يكون الرجل محصنا " حتى يكون عنده امرأة يغلق
عليها بابه.
وسألته عن قوله تعالى: " أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من

(1) أخرج ذيل الحديث في المستدرك ج 3 ص 36، وليس فيه " وان رجم
يتوارثان ".
(2) المغيب - بضم الميم - الذي غاب زوجه.
55

خلاف أو ينفوا من الأرض " (1) قال: ذلك إلى الامام أيها شاء فعل.
وسألته عن النفي قال: ينفى من أرض الاسلام كلها، فان وجد في شئ من
أرض الاسلام قتل، ولا أمان له حتى يلحق بأرض الشرك.
عن عبد الرحمن وسئلته عليه السلام عن الرجل إذا زنى قال: ينبغي للامام إذا
جلد أن ينفيه من الأرض التي جلده فيها إلى غيرها سنة، وعلى الامام أن يخرجه
من المصر، وكذلك إذا سرق قطعت يده ورجله، والرجل إذا قذف المحصنة
جلد ثمانين، حرا " كان أو مملوكا "، وإذا زنى المملوك والمملوكة جلد كل
واحد منهما خمسين (2).
50 - فقه الرضا (ع): عن أبيه قال: رجم رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يجلد، وذكر له أن
عليا " عليه السلام رجم وجلد بالكوفة، فقال: لا أعرف وعن الصبي يقع على المرأة قال:
لا يجلدان وعن الرجل يقع على الصبية قال: لا يجلد الرجل.
52 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تدفن المرأة إلى
وسطها إذا أراد الامام رجمها، ويرمي الامام ثم الناس بحجارة صغار، والزاني إذا
جلد ثلاثا " يقتل في الرابعة (3).
وقال: إن رجلا " أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إني زنيت فصرف وجهه،
ثم جاءه الثانية فصرف وجهه، ثم جاءه الثالثة فقال: يا رسول الله إني زنيت
وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبصاحبكم مس
فقال: لا: فأقر الرابعة فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله أن يرجم، وحفر له
حفرة فرجموه.
فلما وجد مس الحجارة خرج يشتد، فلقيه الزبير فرماه بساق بعير فتعقل

(1) المائدة: 33.
(2) النوادر المطبوع بذيل فقه الرضا: 76.
(3) النوادر المطبوع بذيل فقه الرضا: 77.
56

به وأدركه الناس فقتلوه، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك، فقال: ألا تركتموه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لو استتر ومات لكان خيرا " له.
53 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
حد الرجم في الزنا أن يشهد أربع أنهم رأوه يدخل ويخرج، وحد الجلد أن
يوجد في لحاف واحد، ويحد الرجلان متى وجدا في لحاف واحد.
54 - رجال الكشي: عن حمدان، عن معاوية، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة تزوجت ولها زوج، فظهر عليها، قال:
ترجم المرأة ويضرب الرجل مائة سوط، لأنه لا يسأل.
قال شعيب: فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقلت له: امرأة تزوجت ولها زوج
قال. ترجم المرأة ولا شئ على الرجل، فلقيت أبا بصير فقلت له: إني سألت أبا
الحسن عليه السلام عن المرأة التي تزوجت ولها زوج قال: ترجم المرأة ولا شئ
على الرجل فمسح صدره وقال: ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد (1).
55 - رجال الكشي: عن علي بن محمد، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسن، عن
صفوان، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل
تزوج امرأة ولها زوج ولم يعلم، قال: ترجم المرأة وليس على الرجل شئ
إذا لم يعلم، فذكرت ذلك لأبي بصير المرادي قال: قال لي - والله - جعفر عليه السلام:
ترجم المرأة ويجلد الرجل الحد، قال: فضرب بيده على صدره يحكها، أظن
صاحبنا ما تكامل علمه (2).

(1) رجال الشكى: 153.
(2) رجال الشكى ص 154، أقول: وروى الشيخ في التهذيب ج 10 ص 25،
والاستبصار ج 4 ص 209، عن شعيب قال: سألت أبا الحسن (ع) عن رجل تزوج امرأة
لها زوج، قال: يفرق بينهما، قلت: فعليه ضرب؟ قال: لا، ماله يضرب - إلى أن
قال: فأخبرت أبا بصير فقال: سمعت جعفرا " عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام قضى
في رجل تزوج امرأة لها زوج فرجم المرأة وضرب الرجل الحد، ثم قال: لو علمت أنك
علمت لفضخت رأسك بالحجارة.
أقول: أصول الحكم في حد الزنا معلوم من الكتاب والسنة مقطوع بها بين
الفريقين، وهو الرجم على المحصن والمحصنة، والجلد على غيرهما، والفقه أن يعرف
المفتى في كل مورد حكمه الخاص به.
فمن ذلك ما مضى أن أمير المؤمنين عليه السلام قضى في المرأة لها بعل لحقت بقوم
فأخبرتهم أنها بلا زوج فنكحها أحدهم ثم جاء زوجها: أن لها الصداق، وأمر بها إذا وضعت
ولدها أن ترجم.
فهذه المرأة إنما لحقت بقوم آخر فرارا من زوجها، ولم يكن زوجها غاب عنها
اختيارا "، فكان عليها الرجم.
ومن ذلك ما رواه في التهذيب ج 10 ص 25، والكافي ج 7 ص 193 عن أبي بصير
عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل عن امرأة كان لها زوج غائبا عنها فتزوجت زوجا آخر
قال: ان رفعت إلى الامام ثم شهد عليها شهود أن لها زوجا " غائبا " وأن مادته وخبره يأتيها
منه، وأنها تزوجت زوجا آخر، كان على الامام أن يحدها ويفرق بينها وبين الذي تزوجها.
فالظاهر أن الرجل ما علم أن لها زوجا " غائبا "، فليس عليه شئ كما قال أبو الحسن
عليه السلام في الحديث الثاني من خبري الكشي. وإنما كان عليها الحد لان زوجها
كان غائبا عنها.
ومن ذلك ما رواه في التهذيب والكافي عنه عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: سألته عن
امرأة تزوجها رجل فوجد لها زوجا " قال: عليه الجلد، وعليها الرجم، لأنه تقدم بعلم
وتقدمت هي بعلم، ومثله صدر الحديث الأول الذي نقل في المتن عن الكشي.
وهذه المسألة تفرض إذا ظهر الزوج على امرأته فوجدها مع رجل آخر كما عبر في
حديث كش وقال: " فظهر عليها " فادعى الرجل - فرارا " من الحد - فقال: انى تزوجتها
وقد قالت لي: انها أيم. فعلى المرأة الرجم لأنها زنت مع حضور زوجها، وعلى الرجل الحد
- مائة سوط - لأنه يدعى خلاف ظاهر الحال، فإنه إن كان الرجل يعرفها فقد تقدم بعلم
وان لم يكن يعرفها فكيف لم يسأل عن وليها وعشيرتها أن يزوجوها منه وصدقها في قولها
بلا بينة.
واما القرينة على أن أبا عبد الله عليه السلام فرض المسألة هكذا قوله عليه السلام " لأنه
تقدم بعلم وتقدمت هي بعلم "، فالذي حدث به أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في ذيل
الحديث الثاني من خبري الكشي محمول على ذلك مع أنه أبو بصير المرادي الخبيث الذي
يقول: ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد.
وأما حديثه الذي قال فيه: ان أمير المؤمنين عليه السلام ضرب الرجل الحد، ثم
قال: لو علمت أنك علمت لفضخت رأسك بالحجارة، ففيه الوهم والخبط، لان الفضخ
- وهو كناية عن الرجم - يدور مع الاحصان وعدمه، لا العلم، ولو صح قوله " لو علمت "
وهو لا يعلم، فكيف ضربه الحد.
فالخبر ساقط من الأصل متنا " وسندا "، ولا وجه للتكلف في حمل الحد على التعزير
لتقصيره في التفتيش كما عن الشيخ رحمه الله.
57

56 - تفسير النعماني: بالاسناد المتقدم في كتاب القرآن (1) عن أمير -
المؤمنين عليه السلام قال: كانت شريعتهم في الجاهلية أن المرأة إذا زنت حبست في بيت
وأقيم بأودها حتى يأتي الموت، وإذا زنى الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه
وآذوه وعيروه، ولم يكونوا يعرفون غير هذا (2).

(1) أورد رحمه الله رسالة النعماني في تفسير القرآن الباب 128 من كتاب القرآن
(ج 92 ص 1 - 97 من هذه الطبعة) وترى سندها في الصفحة الثالثة.
(2) المشهور المسلم من تاريخ العرب خصوصا " عند ظهور الاسلام أن الزنا كان رائجا "
عندهم خفية وعلانية، وكانت بمكة وطائف وغير ذلك بغايا يرفعن الرايات بذلك ويختلف
الناس عندهن من دون أي نكير، وكانوا يلحقون ولد الزنا بأبيه، بحكم القرعة أو القافة
أو رأى الزانية، واختيارها، وحسبك من ذلك استلحاق معاوية زيادا بحكم الجاهلية بعد
الاسلام بخمسين عاما ".
على أن العرب حين جاء الاسلام كانوا مغرمين بشرب الخمر والزنا يفتخرون بذلك
ويسمونها الأطيبين وكانت قريش يرغبون ويرغبون الناس عن الاسلام بتحريمه شرب الخمر
والزنا، وإنما كان النبي صلى الله عليه وآله عندما يأخذ البيعة من النساء يشرط عليهم أن لا يزنين كما
في الآية 12 من سورة الممتحنة، لرواج الزنا بينهن.
59

قال الله تعالى في أول الاسلام " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا
عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل
الله لهن سبيلا " * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما
إن الله كان توابا رحيما " " (1).
فلما كثر المسلمون وقوي الاسلام، واستوحشوا أمور الجاهلية أنزل الله
تعالى " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهم مائة جلدة " إلى آخر الآية (2).

(1) الآيتان في سورة النساء 15 - 16، وسورة النساء مدينة والسور المدينة على
ترتيب النزول: البقرة، الأنفال، آل عمران، الأحزاب، الممتحنة، ثم النساء، والأحزاب
نزلت في سنة خمس، والممتحنة نزلت في سنة ست في المهاجرات بعد الهدنة، فتكون سورة
النساء نزولها في سنة ست أو سبع من الهجرة بعد ظهور الاسلام بعشرين سنة من مبدء
الوحي.
(2) الآية في سورة النور: 4، وقد نزلت بالمدينة بعد سورة النساء بعشر سور من
المفصل، وفى صدرها آية اللعان، وهي نازلة بعد غزوة تبوك كما في تفسير القمي ص 452
وتفسير النعماني ص 72 (المطبوع في البحار ج 93).
وقد صرح ابن الأثير بذلك في أسد الغابة ج 1 ص 23، قال " وفى سنة تسع لاعن
رسول الله صلى الله عليه وآله بين عويمر العجلاني وبين امرأته في مسجده بعد العصر في
شعبان وكان عويمر قدم من تبوك فوجدها حبلى " وهكذا ذكره الطبري في تاريخه شعبان
سنة تسع ورواه أصحاب التراجم في ترجمة عويمر بن أبيض العجلاني وهكذا أصحاب الحديث
كما في الموطأ وسنن ابن داود ومشكاة المصابيح وغيره وسوف نتكلم عليها وعلى آيات الإفك
الواقعة في سورة النور 11 - 26.
60

فنسخت هذه الآية آية الحبس والأذى (1).
57 - نوادر الراوندي: [باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن
علي عليهم السلام قال في المكره، لاحد عليها، وعليه مهر مثلها] (2).

(1) ترى نص الخبر في ص 6 من تفسير النعماني المطبوع في ج 93 من البحار،
ورواه علي بن إبراهيم القمي مرسلا في تفسيره ص 121 وأخرجه الشيخ الحر العاملي (في
ج 18 ص 351 من الوسائل الطبعة الحديثة) عن رسالة المحكم والمتشابه (ص 8) المنسوبة
إلى علي بن الحسين المرتضى نقلا من تفسير النعماني.
وقد ذكر المؤلف العلامة في مواضع من البحار، منها في ج 93 ص 97 بعدما انتهى
رسالة النعماني، أنه وجد رسالة أخرى مسماة بكتاب ناسخ القرآن ومنسوخه لسعد بن عبد الله
الأشعري وأن مضمونهما متوافقان.
(2) نوادر الراوندي: 47، وما بين العلامتين كان محله بياضا ".
61

{71 باب} * (تحريم اللواط وحده وبدو ظهوره) *
الآيات: الأعراف: ولوطا " إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها
من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة " من دون النساء بل أنتم قوم
مسرفون - إلى قوله تعالى -: وأمطرنا عليهم مطرا " فانظر كيف كان عاقبة
المجرمين (1).
هود: ولما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل
منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد (2).
الحجر: فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل (3).
الأنبياء: ولوطا " آتيناه حكما " وعلما " ونجيناه من القرية التي كانت تعمل
الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين (4).
الشعراء: أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم
من أزواجكم بل أنتم قوم عادون - إلى قوله تعالى -: قال إني لعملكم من القالين *
رب نجني وأهلي مما يعملون - إلى قوله تعالى - وأمطرنا عليهم مطرا " فساء
مطر المنذرين (5).
النمل: ولوطا " إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون * أئنكم لتأتون

(1) الأعراف: 79 - 83.
(2) هود: 82.
(3) الحجر: 75.
(4) الأنبياء: 74 - 75.
(5) الشعراء: 165 - 174.
62

الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون (1).
العنكبوت: ولوطا " إذا قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من
أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم
المنكر - إلى قوله تعالى - إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا " من السماء بما كانوا
يفسقون * ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون (2).
1 - الخصال: عن ابن الوليد، عن سعد، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن
ابن أسباط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما كان في شيعتنا فلا
يكون فيهم ثلاثة أشياء: لا يكون فيهم من يسأل بكفه، ولا يكون فيهم بخيل، ولا
يكون فيهم من يؤتى في دبره (3).
أقول: قد مضى بأسانيد في باب الصفات التي لا يكون في المؤمن (4) و
في باب جوامع المساوي (5).
2 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن الطيالسي، عن عبد الرحمن بن عوف،
عن أبي نجران التميمي، عن ابن حميد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم
ولهم عذاب اليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره (6).

(1) النمل: 54 - 55.
(2) العنكبوت: 28 - 35.
(3) الخصال ج 1 ص 65.
(4) راجع ص 209 - 212 من ج 72 من هذه الطبعة وقد مر الايعاز إلى بعضها
في أواخر الباب السابق.
(5) راجع ج 72 ص 189 - 201.
(6) الخصال ج 1 ص 52.
63

3 - علل الشرائع (1) عيون أخبار الرضا (ع): في خبر الشامي أنه سأل أمير المؤمنين عن أول من عمل عمل
قوم لوط، فقال: إبليس فإنه أمكن من نفسه (2).
4 - قرب الإسناد: عن ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام
أن عليا " عليه السلام كان يقول في اللوطي: إن كان محصنا " رجم، وإن لم يكن محصنا "
جلد الحد (3).
5 - قرب الإسناد: عن البزاز، عن أبي البختري، عن الصادق عليه السلام، عن
آبائه عليهم السلام أن عليا " عليه السلام كان يقول: حد اللوطي مثل حد الزاني، إن كان
محصنا " برجم، وإن كان عزبا " جلد مائة ويجلد الحد من يرم به بريئا " (4).
6 - علل الشرائع: في علل ابن سنان، عن الرضا عليه السلام علة تحريم الذكران
للذكران، والإناث للإناث لما ركب في الإناث وما طبع عليه الذكران، ولما
في إتيان الذكران الذكران والإناث الإناث من انقطاع النسل، وفساد التدبير
وخراب الدنيا (5).
أقول: قد مر كثير من أخبار الباب في قصة لوط عليه السلام فلا
نعيدها (6).
7 - علل الشرائع: عن أبيه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن البرقي، عن أبي
الجوزاء، عن ابن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه،
عن علي عليهم السلام أنه رأى رجلا " به تأنيث في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: اخرج
من مسجد رسول الله يا من لعنه رسول الله، ثم قال علي عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) علل الشرائع ج 2 ص 283.
(2) عيون الأخبار ج 1 ص 246.
(3) قرب الإسناد ص 68، وفى ط آخر 50.
(4) قرب الإسناد ص 84 وفى ط آخر ص 64.
(5) علل الشرائع ج 2 ص 234.
(6) راجع ج 12 ص 140 - 171.
64

صلى الله عليه وآله يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات
من النساء بالرجال.
وفي حديث آخر: أخرجوهم من بيوتكم فإنهم أقذر شئ (1).
7 - علل الشرائع: بهذا الاسناد، عن علي عليه السلام قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
جالسا " في المسجد حتى أتاه رجل به تأنيث فسلم عليه فرد عليه، ثم أكب رسول
الله صلى الله عليه وآله في الأرض يسترجع، ثم قال: مثل هؤلاء في أمتي أنه لا يكون مثل
هؤلاء في أمة إلا عذبت قبل الساعة (2)

(1) علل الشرائع ج 2 ص 289 وفى دعائم الاسلام ج 2 ص 453 وعن رسول الله
صلى الله عليه وآله أنه لعن المخنثين من الرجال، وقال: أخرجوهم من بيوتكم، ولعن
المذكرات من النساء والمؤنثين من الرجال.
وعنه عليه السلام أنه قال: إذا كان الرجل كلامه كلام النساء، ومشيه مشى النساء
ويمكن من نفسه فينكح كما تنكح المرأة فارجموه ولا تستحيوه.
(2) علل الشرائع ج 2 ص 289 - 290، أقول: كان بالمدينة ثلاثة من المخنثين:
هيت وهرم وماتع وكان هيت يدخل على أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله متى أراد
فدخل يوما " دار أم سلمة ورسول الله صلى الله عليه وآله عندها فأقبل على أخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية
يقول:
ان فتح الله عليكم الطائف فسل أن تنفل بادية بنت غيلان بن سلمة الثقفية فإنها مبتلة
هيفاء، شموع نجلاء، تناصف وجهها في القسامة، وتجزأ معتدلا في الوسامة، ان قامت تثنت
وان قعدت تبنت، وان تكلمت تغنت، أعلاها قضيب وأسفلها كثيب إذا أقبلت أقبلت بأربع،
وان أدبرت أدبرت بثمان، مع ثغر كالأقحوان وشئ بين فخذيها كالقعب المكفأ الخ.
فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: مالك؟ سباك الله! ما كنت أحسبك
الا من غير أولى الإربة من الرجال، فلذا كنت لا أحجبك عن نسائي، ثم أمره بأن يسير
إلى خاخ، وفى رواية: " لقد غلغلت النظر يا عدو الله " وفى رواية: " لا أرى هذا يعرف
ما ههنا لا يدخلن عليكم " فحجبوه، راجع الدر المنثور ج 5 ص 43، مجمع الأمثال ج 1
ص 249 - 251، وفيه تفسير غريب كلام المخنث نقلا من أبى عبيد القاسم بن سلام، الأغاني
ج 3 ص 30.
65

9 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن
إسماعيل الرازي، عن محمد بن سعيد أن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد، عن
مسائل، وفيها: أخبرنا عن قول الله عز وجل " أو يزوجهم ذكرانا " وإناثا " " (1)
فهل يزوج الله عباده الذكران وقد عاقب قوما " فعلوا ذلك؟
فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري عليه السلام (3) وكان من جواب أبي الحسن
أما قولهم " أو يزوجهم ذكرانا " وإناثا " " فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران
المطيعين إناثا " من الحور العين، وإناث المطيعات من الانس ذكران المطيعين (3)

(1) الشورى: 50، قال الطبرسي: معناه أو يجمع لهم بين البنين والبنات وقيل:
هو أن تلد المرأة غلاما " ثم جارية، ثم غلاما " ثم جارية، وقيل: هو أن تلد توأما ذكرا " وأنثى،
أو ذكرا " وذكرا " أو أنثى وأنثى، وقال القمي في تفسيره قبيل ذلك الحديث نحو هذا.
(2) هو أبو أحمد موسى المبرقع أخو أبى الحسن الهادي عليه السلام، يلقب بالمبرقع
لأنه كان أرخى على وجهه برقعا "، وهو أول من جاء إلى قم من السادات الرضوية، خرج
من الكوفة سنة 256 إلى قم واستقر بها ولم ينتقل منها حتى مات بها ليلة الأربعاء آخر
ربيع الأول اليوم الثاني والعشرين سنة 256، ودفن بدار شنبولة، وقد كان يلبس السواد
واختص بخدمة المتوكل ومنادمته، فلعل تلك الأسئلة كانت حينذاك، راجع في ذلك ج 50
ص 3 و 4، وص 158 - 160.
(3) نقل هذه الأسئلة مع أجوبتها مرسلا في كتاب التحف ص 476 ط مكتبة الصدوق
وص 503 ط الاسلامية، وأخرجه المؤلف في البحار ج 10 ص 386 من هذه الطبعة، و
لفظه كما سيأتي يطابق ظاهر القرآن الكريم كما نقلناه عن الطبرسي قال: " وأما قوله: " أو
يزوجهم ذكرانا وإناثا " أي يولد له ذكور ويولد له إناث، يقال لكل اثنين مقرونين
زوجان كل واحد منهما زوج، ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل الخ.
نعم أخرجه في الاختصاص عن محمد بن عيسى بن عبيد البغدادي عن محمد بن
موسى ص 91 وذكره في المناقب ج 4 ص 403 ولفظهما يطابقان تفسير القمي مع أدنى
سقط فيهما.
66

ومعاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلب الرخصة لارتكاب
المأثم، فمن يفعل ذلك يلق أثاما " يضاعف له العذاب يوم القيمة، ويخلد فيه مهانا ".
إن لم يتب (1).
10 - معاني الأخبار: عن النبي صلى الله عليه وآله لا يجد ريح الجنة زنوق وهو المخنث (2).
11 - المحاسن (3) ثواب الأعمال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ألح في وطي الرجال لم يمت
حتى يدعو الرجال إلى نفسه (4).
12 - المحاسن (5) ثواب الأعمال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لو كان ينبغي لأحد أن يرجم
مرتين لرجم اللوطي مرتين.
وقال عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام: اللواط ما دون الدبر فهو لواط
والدبر هو الكفر (6).
13 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن جعفر بن محمد، عن القداح، عن
الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: جاء رجل إلى أبي فقال له: يا ابن رسول الله إني
ابتليت ببلاء فادع الله عز وجل قال: فقيل له: إنه يؤتى في دبره، فقال عليه السلام:
ما أبلى الله أحدا " بهذا البلاء وله فيه حاجة، ثم قال أبي: قال الله عز وجل: و
عزتي وجلالي لا يقعد على استبرقها وحريرها من يؤتى في دبره (7).

(1) تفسير القمي: 605.
(2) معاني الأخبار ص 330 في حديث.
(3) المحاسن ص 112 في ذيل حديث طويل.
(4) ثواب الأعمال ص 238.
(5) المحاسن ص 112.
(6) ثواب الأعمال ص 238.
(7) ثواب الأعمال ص 238.
67

المحاسن: عن جعفر بن محمد عليهما السلام مثله (1).
14 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى
الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين
صلوات الله عليه: إن لله عباد لا يعبأ بهم شيئا "، لهم أرحام كأرحام النساء فقيل: يا
أمير المؤمنين أفلا يحبلون؟ قال: إنها منكوسة (2).
المحاسن: في رواية غياث بن إبراهيم مثله (3).
15 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أسباط
عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل لم يبتل شيعتنا بأربع:
أن يسألوا الناس في أكفهم، وأن يؤتوا في أنفسهم. وأن يبتليهم بولاية سوء، و
لا يولد لهم أزرق أخضر (4).
المحاسن: عن ابن أسباط مثله (5).
12 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن علي بن عبد الله، عن
عبد الرحمن بن محمد، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لعن رسول
الله صلى الله عليه وآله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، وهم
المخنثون، واللاتي ينكح بعضهم بعضا "، وإنما أهلك الله قوم لوط حين عمل
النساء مثل عمل الرجال: يأتي بعضهن بعضا " (6).
المحاسن: عن علي بن عبد الله مثله (7).

(1) المحاسن ص 112.
(2) ثواب الأعمال ص 238.
(3) المحاسن ص 113.
(4) ثواب الأعمال ص 238.
(5) المحاسن ص 113.
(6) ثواب الأعمال ص 238.
(7) المحاسن ص 113.
68

17 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث
ابن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما أمكن
أحد من نفسه طائعا " يلعب به إلا ألقى الله عليه شهوة النساء (1).
18 - مناقب ابن شهرآشوب (2) تحف العقول: سأل يحيى بن أكثم، عن قول الله تعالى " أو يزوجهم
ذكرانا " وإناثا " " وقال: أيزوج الله عباده الذكران، وقد عاقب قوما " فعلوا ذلك؟
فقال أبو الحسن الثالث عليه السلام: أي يولد له ذكور، ويولد له إناث، يقال: لكل
اثنين مقترنين زوجان كل واحد منهما زوج، ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل
ما لبست به على نفسك تطلب الرخص لارتكاب المأثم، ومن يفعل ذلك يلق أثاما "
يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا " إن لم يتب (3).
وسئل عن رجل أقر باللواط على نفسه أيحد أم يدرئ عنه الحد؟ فقال:
إنه لم تقم عليه بينة، وإنما تطوع بالاقرار من نفسه، وإذا كان للامام الذي
من الله أن يعاقب عن الله، كان له أن يمن عن الله، أما سمعت قول الله تعالى:
" هذا عطاؤنا " (4) الآية (5).
19 - المحاسن: عن جعفر بن محمد، عن القداح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
كتب خالد إلى أبي بكر: " سلام عليك أما بعد فاني اتيت برجل قامت عليه البينة
أنه يؤتى في دبره كما تؤتى المرأة " فاستشار فيه أبو بكر فقالوا: اقتلوه، فاستشار
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: أحرقه بالنار، فان العرب لا ترى

(1) ثواب الأعمال ص 238 و 239.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 404 وذيله في ص 405، وقد عرفت أن لفظ الحديث
في المناقب والتحف يختلفان، واللفظ هنا للتحف.
(3) تحف العقول ص 479.
(4) ص: 38، وذيلها: " فامنن أو أمسك بغير حساب ".
(5) تحف العقول: 481.
69

القتل شيئا "، قال لعثمان: ما تقول؟ قال: أقول ما قال علي: يحرقه بالنار
قال أبو بكر: وأنا مع قولكما، وكتب إلى خالد بن الوليد أن أحرقه بالنار
فأحرقه (1).
20 - المحاسن: عن محمد بن علي، عن غير واحد من أصحابه يرفعه إلى أبي
جعفر عليه السلام قال: قيل: أيكون المؤمن مبتلى؟ قال: نعم، ولكن يعلو و
لا يعلى (2).
21 - فقه الرضا (ع): وأما أصل اللواط من قوم لوط، وقراهم من قرى الأضياف
عن مدركة الطريق، وانفرادهم عن النساء، واستغناء الرجال بالرجال،
والنساء بالنساء، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أي داء أدوى من البخل، وذكر
هذا الحديث.
وحرم لما فيه من الفساد، وبطلان ما حض الله عليه وأمر به من
النساء.
أروي عن العالم أنه قال: لو كان ينبغي لاحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي،
وعليه مثل حد الزاني من الرجم والحد محصنا وغير محصن، فإذا وجد رجلان
عراة في ثوب واحد وهما متهمان فعل كل واحد منهما مائة جلدة، وكذلك
امرأتان في ثوب واحد، ورجل وامرأة في ثوب.
وفي اللواطة الكبرى ضربة بالسيف أو هدمة أو طرح الجدار، وهي الايقاب،
وفي الصغرى مائة جلدة.
وروي أن اللواطة هو التفخيذ، وأن على فاعله القتل، والايقاب الكفر
بالله، وليس العمل على هذا، وإنما العمل على الأول في اللواطة، واتق الزنا
واللواط، وهو أشد من الزنا، والزنا أشد منه، وهما يورثان صاحبهما اثنين

(1) المحاسن ص 112 و 113.
(2) المحاسن ص 113.
70

وسبعين داء في الدنيا والآخرة، ولا يحد اللوطي حتى يقر أربع مرات (1).
22 - فقه الرضا (ع): من لاط بغلام فعقوبته أن يحرق بالنار، أو يهدم عليه حائط
أو يضرب ضربة بالسيف، ولا تحل له أخته في التزويج أبد ولا ابنته، ويصلب يوم
القيامة على شفير جهنم حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، ثم يلقيه في النار،
فيعذبه بطبق من طبقة منها حتى يؤده إلى أسفلها فلا يخرج منها أبدا.
واعلم أن حرمة الدبر أعظم من حرمة الفرج، لأن الله أهلك أمة بحرمة
الدبر، ولم يهلك أحدا " بحرمة الفرج (2).
23 - مناقب ابن شهرآشوب: وروي أنه خير لرجل فسق بغلام: إما ضربة بالسيف، أو هدم
حائط عليه، أو الحرق بالنار، فاختار النار لشدة عقوبتها، وسأل النظرة لركعتين
فلما صلى رفع رأسه إلى السماء وقال: يا رب إني أتيت بفاحشة وأتيت إلى
وليك تائبا "، واخترت الاحراق لأتخلص من نار يوم القيامة، فبكى علي عليه السلام
وبكى من حوله، فقال علي: اذهب فقد غفر الله لك.
فقال رجل: يا أمير المؤمنين تعطل حدا من حدود الله؟ فقال له: ويلك
إن الامام إذا كان من قبل الله، ثم تاب العبد من ذنب بينه وبين الله فله
أن يغفر له (3).
24 - مناقب ابن شهرآشوب: أبو القاسم الكوفي والقاضي النعماني في كتابيهما قالا: رفع
إلى عمر أن عبدا قتل مولاه، فأمر بقتله، فدعاه علي عليه السلام فقال له: أقتلت مولاك؟
قال: نعم، قال: فلم قتلته؟ قال: غلبني على نفسي، وأتاني في ذاتي، فقال عليه السلام
لأولياء المقتول: أدفنتم وليكم؟ قالوا: نعم، قال: ومتى دفنتموه؟ قالوا:
الساعة، قال لعمر: احبس هذا الغلام، فلا تحدث فيه حدثا " حتى تمر ثلاثة أيام
ثم قل لأولياء المقتول: إذا مضت ثلاثة أيام فاحضرونا.

(1) فقه الرضا ص 37.
(2) فقه الرضا ص 38.
(3) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 148.
71

فلما مضت ثلاثة أيام حضروا فأخذ علي عليه السلام بيد عمر وخرجوا، ثم
وقف على قبر الرجل المقتول، فقال لأوليائه: هذا قبر صاحبكم؟ قالوا: نعم،
قال عليه السلام: أحضروا! فحضروا حتى انتهوا إلى اللحد، فقال: أخرجوا ميتكم،
فنظروا إلى أكفانه في اللحد ولم يجدوه، فأخبروه بذلك.
فقال علي عليه السلام: الله أكبر، الله أكبر، والله ما كذبت ولا كذبت، سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من يعمل من أمتي عمل قوم لوط ثم يموت على ذلك فهو
مؤجل إلى أن يوضع في لحده، فإذا وضع فيه لم يمكث أكثر من ثلاث حتى تقذفه
الأرض إلى جملة قوم لوط المهلكين فيحشر معهم (1).
25 - تفسير العياشي: عن ميمون اللبان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقرئ
عنده آيات من هود، فلما بلغ " وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل مسومة عند
ربك وما هي من الظالمين ببعيد " فقال عليه السلام: من مات مصرا " على اللواط فلم يتب
يرميه الله بحجر من تلك الحجارة يكون فيه منيته ولا يراه أحد (2).
26 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال النبي
صلى الله عليه وآله: لما عمل قوم لوط ما عملوا، بكت الأرض إلى ربها حتى
بلغ دموعها إلى السماء، وبكت السماء حتى بلغ دموعها العرش، فأوحى الله إلى
السماء: أن أحصبيهم! وأوحى إلى الأرض: أن اخسفي بهم (3).
27 - مكارم الأخلاق: عن الصادق عليه السلام قال: حرم الله على كل دبر مستنكح الجلوس
على إستبرق الجنة.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من قبل غلاما " من شهوة ألجمه الله يوم القيامة بلجام
من نار.

(1) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 364.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 158.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 159.
72

وعن علي عليه السلام: من أمكن من نفسه طائعا " يلعب به ألقى الله عليه شهوة
النساء.
عن الصادق عليه السلام قال: إن الله تعالى جعل شهوة المؤمن في صلبه، وجعل
شهوة الكافر في دبره (1).
28 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن اللوطي،
قال: يضرب مائة جلدة (2).
29 - ارشاد القلوب: روي أن رجلا " أتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا
أمير المؤمنين! خذ حد الله في جنبي، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ماذا صنعت؟
فقال: لطت بغلام، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لم توقب؟ قال: بل أوقبت يا
أمير المؤمنين، فقال له: اختر من إحدى ثلاث: ضربا " بالسيف أخذ منك ما أخذ،
أم هدم جدار عليك، أو حرقا " بالنار.
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وأيها أشد تمحيصا " لذنوبي؟ فقال علي عليه السلام:
الحرق بالنار، فقال: إني قد اخترته.
فقال: يا قنبر أضرم نارا "، فأضرم له النار، فقال: يا أمير المؤمنين أتأذن لي
أن أصلي ركعتين وأحسن؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صل، قال: فتوضأ الرجل
وأسبغ ثم صلى ركعتين وأحسن، فلما فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر، وجعل
يبكي في سجوده ويدعو ويقول:
" اللهم إني عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، مذنب خاطئ، ارتكبت في ذنبي
كيت وكيت، وقد أتيت حجتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، وكشفت له
عن ذنبي، فعرفني أن تمحيص ذلك في إحدى ثلاث خصال: ضربا " بالسيف، أو
هدم جدار، أو حرقا " بالنار، اللهم وقد سألته عن أشدها تمحيصا " لذنبي فعرفني
أنه الحرق بالنار، اللهم إني قد اخترته، فصل على محمد وآله محمد، فاجعله تمحيصا "

(1) مكارم الأخلاق ص 273 و 274.
(2) النوادر المطبوع بذيل فقه الرضا: 76.
73

لي في النار.
قال: فبكى أمير المؤمنين ثم التفت إلى أصحابه فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، ثم قال له: قم! يا هذا الرجل، فقد
غفر الله لك ذنبك، ودرأ عنك الحد فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين فحد الله
من جنبه لا تقيمه؟ قال: الحد الذي عليه هو للامام، فان شاء أقامه، وإن
شاء وهبه.
أقول: قال ابن أبي الحديد:
74

{72 باب}
* (السحق وحده) *
1 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: دخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبد الله عليه السلام فقالت: ما تقول في
اللواتي مع اللواتي؟ قال: هن في النار، إذا كان يوم القيامة اتي بهن فألبسن
جلبابا " من نار، وخفين من نار، وقناعا " من نار، وادخل في أجوافهن وفروجهن
أعمدة من النار، وقذف بهن في النار.
فقالت: ليس هذا في كتاب الله، قال: بلى، قالت: أين؟ قال: قوله تعالى:
" وعادا " وثمود وأصحاب الرس " (1).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب اللواط.
2 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن
سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه نسوة فسألته امرأة عن السحق،
فقال عليه السلام: حدها حد الزاني، فقال: ما ذكر الله عز وجل ذلك في القرآن،
قال: بلى، قالت: وأين هو؟ قال: هو أصحاب الرس (2).
المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله (3).
3 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن
إسحاق بن جرير قال: سألتني امرأة أن أستأذن لها على أبي عبد الله عليه السلام فأذن
لها، فقالت: أخبرني عن اللواتي مع اللواتي؟ ما حد ما هو فيه؟ قال:
حد الزانية، إذا كان يوم القيامة يؤتى بهن قد البسن مقطعات من النار، وقنعن

(1) تفسير القمي: 465، في آية الفرقان: 38.
(2) ثواب الأعمال ص 239.
(3) المحاسن ص 114.
75

بمقانع من نار، وسربلن من نار، وادخل في أجوافهن إلى رؤوسهن أعمدة من
نار، وقذف بهن في النار، أيتها المرأة! أول من عمل هذا العمل قوم لوط،
فاستغنى الرجال بالرجال، وبقي النساء بغير رجال، ففعلن كما فعلن رجالهن (1).
المحاسن: عن أحمد بن محمد مثله (2).
4 - فقه الرضا (ع): اعلم أن السحق مثل اللواط، إذا قامت على المرأتين البينة
بالسحق، فعلى كل واحد منهما ضربة بالسيف، أو دهدهة، أو طرح جدار، وهن
الراسات التي ذكرن في القرآن، وذلك إذا قامت البينة في اللواط الأكبر،
وهو الايقاب، واللواط الأصغر فيه الحد مائة جلدة، وحد الزاني والزانية أغلظ ما
يكون من الحد، وأشد ما يكون من الضرب (3).
وقال أبي في رجل جامع جاريته، فنقلت ماءه إلى جارية بكر، فحملت الجارية
قال: الولد للفحل، وعلى المرأة الرجم، وعلى الجارية الحد.
5 - الدر المنثور: عن جعفر بن محمد [بن علي أن امرأتين سألتاه هل
تجد غشيان المرأة المرأة محرما " في كتاب الله؟ قال: نعم، هن اللواتي كن
على عهد تبع، وهن صواحب الرس - وكل نهر وبئر رس.
قال: يقطع لهن جلبات من نار، ودرع من نار، ونطاق من نار، وتاج من نار
وخفاف من نار، ومن فوق ذلك ثوب غليظ جاف جلف منتن من نار، قال جعفر:
علموا هذا نساءكم] (4).

(1) ثواب الأعمال 239.
(2) المحاسن ص 110 وتراه في السرائر: 477 نقلا من كتاب محمد بن علي
ابن محبوب.
(3) كتاب التكليف ص 38.
(4) الدر المنثور ج 5 ص 71 في آية الفرقان: 38 أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم
الملاهي والبيهقي وابن عساكر، وما جعلناه بين العلامتين محله بياض في الأصل.
وقوله عليه السلام " علموا هذا نساءكم " فمثله ما رواه الكافي باسناده عن بشير النبال
قال: رأيت عند أبي عبد الله عليه السلام رجلا فقال له: ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟
فقال: لا أخبرك حتى تحلف لتحدثن بما أحدثك النساء، قال: فحلف له، فقال: هما
في النار عليهما سبعون حلة من نار فوق تلك الحلل جلد جاف غليظ من نار، عليهما
نطاقان من نار، وتاجان من نار فوق تلك الحلل، وخفان من نار وهما في النار.
76

{73 باب}
* (من أتى بهيمة) *
1 - قرب الإسناد: عن ابن طريف، عن ابن علوان، عن الصادق، عن أبيه
عليهما السلام: قال: سئل علي عليه السلام عن راكب البهيمة، فقال: لا رجم عليه و
لاحد، ولكن يعاقب عقوبة موجعة (1).
2 - الخصال: عن أبيه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن عيسى، عن
محمد بن إبراهيم النوفلي، عن الحسين بن المختار باسناده يرفعه قال: قال رسول -
الله صلى الله عليه وآله: ملعون ملعون من كمه أعمى، ملعون ملعون من عبد الدينار والدرهم،
ملعون ملعون من نكح بهيمة (2).
معاني الأخبار: ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعري، عن ابن يزيد، عن محمد بن
إبراهيم النوفلي مثله (3).

(1) قرب الإسناد ص 68.
(2) الخصال ج 1 ص 64.
(3) معاني الأخبار: 403، وقال بعده: قال مصنف هذا الكتاب: معنى قوله عليه السلام:
" ملعون ملعون من أكمه أعمى " يعنى من أرشد متحيرا في دينه إلى الكفر، وقرره في نفسه
حتى اعتقده، ومعنى قوله (ع): " ملعون ملعون من عبد الدينار والدرهم " فإنه يعنى به
من يمنع زكاة ماله، ويبخل بمواساة إخوانه، فيكون قد آثر عبادة الدينار والدرهم على
عبادة خالقه، وأما النكاح البهيمة فمعروف.
77

3 - الخصال: فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام: يا علي كفر بالله العظيم
من هذه الأمة عشرة: القتات، والساحر، والديوث، وناكح المرأة حراما "
في دبرها، وناكح البهيمة، ومن نكح ذات محرم منه، والساعي في الفتنة
وبائع السلام من أهل الحرب، ومانع الزكاة، ومن وجد سعة فمات و
لم يحج (1).
4 - علل الشرائع: عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن
محبوب، عن إسحاق بن جرير، عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل يأتي
البهيمة، قال: يجلد دون الحد، ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها، لأنه أفسدها
عليه، وتذبح وتحرق وتدفن، إن كانت مما يؤكل لحمه، وإن كانت مما يركب
ظهره أغرم قيمتها، وجلد دون الحد وأخرجها من البلد الذي فعل ذلك بها حيث
لا تعرف، فيبيعها فيها كي لا يعير بها (2).
5 - فقه الرضا (ع): من أتى بهيمة عزر، والتعزير ما بين بضعة عشر سوطا " إلى تسعة
وثلاثين، والتأديب ما بين ثلاثة إلى عشرة (3)

(1) الخصال ج 2 ص 61 و 62، وفيه القتال بدل القتات وهو سهو، والقتات:
النمام.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 225.
(3) كتاب التكليف: 42.
وقد مر في ج 10 ص 389 نقلا عن كتاب التحف، 480، والاختصاص: 96 أن
يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد بن علي الرضا عن مسائل فعرضها على أبى الحسن
الهادي عليه السلام فأجابها، وفيها:
أخبرني عن رجل أتى قطيع غنمه فرأى الراعي ينزو على شاة منها: فلما بصر
بصاحبها خلى سبيلها، فانسابت بين الغنم، لا يعرف الراعي أيها كانت؟ ولا يعرف صاحبها
أيها يذبح.
فقال عليه السلام: أما الرجل الذي قد نظر إلى الراعي قد نزا على شاة، فان عرفها
ذبحها وأحرقها، وان لم يعرفها قسمها بنصفين وساهم بينهما، فان وقع السهم على أحد
القسمين فقد نجا الاخر، ثم يفرق الذي وقع فيه السهم بنصفين ويقرع بينهما بسهم، فان
وقع على أحد النصفين نجا النصف الآخر، فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنان، فيقرع بينهما
فأيهما وقع السهم لها تذبح وتحرق، وقد نجت سائرها.
78

{74 باب}
* (حد النباش) *
1 - الاختصاص: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: حضر عبد الله بن موسى
مجلس أبي جعفر الثاني عليه السلام فسأل رجل عبد الله بن موسى: ما تقول في رجل أتى
بهيمة؟ فقال: تقطع يمينه، ويضرب الحد، فغضب أبو جعفر عليه السلام ثم نظر إليه
فقال: يا عم اتق الله! فقال له عمه: يا سيدي أليس هذا قال أبوك صلوات الله
عليه؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها فقال
أبي: تقطع يمينه للنبش، ويضرب حد الزنا فان حرمة الميتة كحرمة الحية
فقال: صدقت يا سيدي (1).
أقول: تمامه في باب مكارم أخلاق أبي جعفر (2) صلوات الله وسلامه عليه

(1) الاختصاص: 102.
(2) أقول تمام الحديث في ج 50 ص 85 من كتاب البحار طبعتنا هذه وفيه قال:
لما مات أبو الحسن الرضا عليه السلام حججنا فدخلنا على أبى جعفر عليه السلام وقد حضر خلق
من الشيعة من كل بلد لينظروا إلى أبى جعفر عليه السلام فدخل عمه عبد الله بن موسى وكان
شيخا كبيرا " نبيلا، عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجادة فجلس وخرج أبو جعفر عليه السلام من
الحجرة، وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل جدد بيضاء، فقام عبد الله واستقبله وقبل
بين عينيه وقامت الشيعة وقعد أبو جعفر عليه السلام على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض
تحيرا لصغر سنه.
فانتدب رجل من القوم فقال لعمه: أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة؟ فقال
تقطع يمينه ويضرب الحد، فغضب أبو جعفر عليه السلام ثم نظر إليه فقال: يا عم اتق الله!
اتق الله! انه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عز وجل فيقول لك: لم أفتيت بما لا تعلم؟
فقال له عمه: يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبو جعفر عليه السلام
- إلى أن قال -: صدقت يا سيدي: " وأنا استغفر الله، فتعجب الناس فقالوا: يا سيدنا
أتأذن لنا أن نسألك؟ فقال: نعم، فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة، فأجابهم
فيها وله تسع سنين.
79

مع أخبار أخر تؤيده (1).

(1) راجع ج 50 ص 89، فقد روى عن كتاب مناقب آل أبي طالب (ج 4 ص 382 -
384) عن كتاب الجلاء والشفاء في خبر أنه لما مضى الرضا عليه السلام جاء محمد بن
جمهور العمى والحسن بن راشد وعلي بن مدرك وعلي بن مهزيار وخلق كثير من سائر
البلدان إلى المدينة، وسألوا عن الخلف بعد الرضا عليه السلام فقالوا: بصريا، وهي قرية
أسسها موسى بن جعفر عليه السلام على ثلاثة أميال من المدينة.
فجئنا ودخلنا القصر، فإذا الناس فيه متكابسون، فجلسنا معهم إذ خرج علينا
عبد الله بن موسى شيخ فقال الناس: هذا صاحبنا؟ فقال الفقهاء: قد روينا عن أبي جعفر
وأبى عبد الله عليهما السلام أنه لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام
فليس هذا صاحبنا، فجاء حتى جلس في صدر المجلس.
فقال رجل: ما تقول أعزك الله في رجل أتى حمارة؟ فقال: تقطع يده ويضرب
الحد، وينفى من الأرض سنة، ثم قام إليه آخر فقال: ما تقول أصلحك الله في رجل طلق
امرأته عدد نجوم السماء؟ فقال: بانت منه بصدر الجوزاء والنسر الطائر والنسر والواقع
فتحيرنا في جرءته على الخطأ إذ خرج علينا أبو جعفر عليه السلام وهو ابن ثمان سنين، فقمنا
إليه فسلم على الناس، وقام عبد الله بن موسى من مجلسه فجلس بين يديه، وجلس أبو جعفر
عليه السلام في صدر المجلس، ثم قال: سلوا رحمكم الله!
فقام إليه الرجل الأول وقال: ما تقول أصلحك الله في رجل أتى حمارة؟ قال: تضرب
دون الحد، ويغرم ثمنها، ويحرم ظهرها ونتاجها، وتخرج إلى البرية حتى تأتى عليها
منيتها، سبع أكلها، ذئب أكلها. ثم قال بعد كلام: يا هذا ذاك الرجل ينبش عن ميتة
يسرق كفنها ويفجر بها، ويوجب عليه القطع بالسرق والحد بالزنا، والنفي إذا كان عزبا " فلو كان
محصنا " لوجب عليه القتل والرجم الخبر.
ثم قال ابن شهرآشوب: وقد روى عنه المصنفون نحو أبى بكر أحمد بن ثابت في
تاريخه، وأبي إسحاق الثعلبي في تفسيره، ومحمد بن منده بن مهربذ في كتابه، وروى
إبراهيم بن هاشم قال: استأذنت أبا جعفر عليه السلام لقوم من الشيعة فسألوه في مجلس
واحد عن ثلاثين ألف مسألة، فأجاب فيها وهو ابن عشر سنين.
أقول: الظاهر أن هؤلاء رووا هذه المسألة في كتبهم ورواية إبراهيم بن هاشم هي
التي مرت عن كتاب الاختصاص، وروى ذيل هذا الخبر الكليني في ج 1 ص 496 في أحوال
أبى جعفر عليه السلام، وفى ص 99 من ج 50 الباب 28 باب فضائل أبى جعفر عليه السلام
ومكارم أخلاقه تحت الرقم 12 نقلا من كتاب عيون المعجزات إشارة إلى هذا المجلس من
دون تصريح إلى الأسئلة وجواباتها وفى كتاب اثبات الوصية المنسوب إلى المسعودي تفصيل
ذلك راجعه.
80

{75 باب}
* (حد المماليك وأنه يجوز للمولى) *
* (إقامة الحد على مملوكه) *
1 - تفسير علي بن إبراهيم: " فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات
من العذاب " (1) يعني به العبيد والإماء إذا زنيا: ضربا نصف الحد، وإن عادا
فمثل ذلك، فان عادا فمثل ذلك حتى يفعلوا ذلك ثماني مرات ففي الثامنة

(1) النساء: 25.
81

يقتلون.
قال الصادق عليه السلام: وإنما صار يقتل في الثامنة، لأن الله رحمه أن يجمع
عليه ربق الرق وحد الحر (1).
2 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن محمد بن سليمان
المصري، عن مروان بن مسلم، عن عبيد بن زرارة أو عن بريد العجلي - الشك
من محمد بن سليمان - قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: عبد زنى؟ قال: يضرب نصف
الحد: قال: قلت: فان عاد؟ قال: لا يزاد على نصف الحد قال: قلت: فهل
يجري عليه الرجم في شئ من فعله؟ قال: نعم يقتل في الثامنة إن فعل ذلك
ثمان مرات.
قلت: فما الفرق بينه وبين الحر؟ وإنما فعلهما واحد؟ قال: لأن الله
تبارك وتعالى رحمه أن يجعل عليه ربق الرق وحد الحر، قال: ثم قال: و
على إمام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سهم الرقاب (2).
3 - علل الشرائع: عن عنبسة بن مصعب (3) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كانت

(1) تفسير القمي: 124.
(2) علل الشرائع ج 2 ص 232.
(3) في المصدر المطبوع: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر
الحميري، عن عنبسة بن مصعب، ورواه في الفقيه ج 4 ص 32 قال: روى ابن محبوب عن
عبد الله بن بكير، عن عنبسة بن مصعب، وهو يروى عن ابن محبوب بواسطة محمد بن موسى
ابن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن
محبوب، كما في حديث الكافي ج 7 ص 235، ولفظه: قال: قلت لأبى عبد الله عليه السلام:
ان زنت جارية لي أحدها؟ قال: نعم، وليكن ذلك في ستر، فانى أخاف عليك السلطان،
ولفظ الكافي كلفظ العلل.
وإنما قال عليه السلام " وليكن ذلك في ستر لحال السلطان " لان الجمهور على خلاف
ذلك، قال الشيخ - قدس سره - في الخلاف: للسيد أن يقيم الحد على ما ملكت يمينه بغير
اذن الامام سواء كان عبدا أو أمة مزوجة كانت الأمة أو غير مزوجة، وبه قال ابن مسعود وابن عمر وأبو بردة وفاطمة عليها السلام وعائشة وحفصة، وفى التابعين الحسن البصري وعلقمة
والأسود وفى الفقهاء الأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس له ذلك والإقامة إلى الأئمة فقط، وقال مالك: إن كان
عبدا أقام عليه السيد الحد، وان كانت أمة ليس لها زوج فمثل ذلك، وإن كان لها
زوج لم يقم عليها الحد، لأنه لا يد له عليها. ثم قال: دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم أيضا
روى عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم، و
روى سعيد بن أبي سعيد المقرى عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا زنت
أمة أحدكم فليجلدها، فان زنت فليجلدها فان زنت فليبعها ولو بطفير.
وروى عن ابن مسعود أن رجلا سأله عن عبد له زنا فقال: اجلده وروى عن ابن
عمر أن أمة له زنت فجلدها ونفاها إلى فدك.
وروى أن عبدا " لابن عمر سرق فأبق فسأل الوالي أن يقطعه فلم يفعل فقطعه هو،
وأبو هريرة جلد وليدة له زنت، وفاطمة عليها السلام جلدت أمة لها، وعن عائشة أن
أمة لها سرقت فقطعتها، وعن حفصة أنها قتلت مهيرة لها سحرتها، وهو قول هؤلاء الستة
ولا مخالف لهم في الصحابة.
أقول: والمذهب على أن الحدود إلى ولى المؤمنين، ولما كان السيد وليا " و
مولى على مملوكه وهو أولى به من نفسه، كان بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله وأولياء أمره
بالنسبة إلى أحرار المؤمنين كما قال الله عز وجل: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " وقال هو
عليه السلام: " من كنت مولاه فعلى مولاه ".
82

لي جارية فزنت، أحدها؟ قال: نعم، ولكن في ستر لحال السلطان (1).
4 - المحاسن: عن عثمان، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يجلد المكاتب

(1) علل الشرايع ج 2 ص 226.
83

إذا زنى قدر ما عتق منه (1) 5 - فقه الرضا (ع): إذا زنا العبد أو الجارية، جلد كل واحد منهما خمسين جلدة
محصنا " كانا أو غير محصنين، وإن عادا جلدا خمسين كل واحد منهما إلى أن يزنيا
ثمان مرات، ثم يقتلان في الثامنة (2).
6 - فقه الرضا (ع): إذا زنى المملوك جلد نصف الحد، وإن قذف الحر جلد
ثمانين، فإذا سرق فعلى مولاه إما أن يسلمه للحد، وإما أن يغرم عما قام
عليه الحد.
فان أقر العبد على نفسه بالسرق لم يقطع، ولم يغرم مولاه، لأنه أقر
في مال غيره، فإذا شرب الخمر جلد ثمانين، وإن لاط حكم فيه بحكم الحد (3).
7 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى في
الإماء " إذا أحصن " قال: إحصانهن أن يدخل بهن، قلت: فإن لم يدخل بهن
فأحدثن حدثا هل عليهن حد؟ قال: نعم نصف الحر، فان زنت وهي محصنة
فالرجم (4).
8 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن
المحصنات من الإماء قال: هن المسلمات (5).
9 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن قول الله في
الإماء " إذا أحصن " ما إحصانهن؟ قال: يدخل بهن، قلت: فإن لم يدخل بهن
ما عليهن حد؟ قال: بلى (6).
10 - تفسير العياشي: عن حريز قال: سألته عليه السلام عن المحصن فقال: الذي عنده
ما يغنيه (7).

(1) المحاسن ص 275.
(2) كتاب التكليف: 37 و 42.
(3) كتاب التكليف: 37 و 42.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 235. في آية النساء: 25.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 235. في آية النساء: 25.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 235. في آية النساء: 25.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 235. في آية النساء: 25.
84

11 - تفسير العياشي: عن القاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول
الله: " فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب "
قال: يعني نكاحهن، إذا أتين بفاحشة (1).
12 - مناقب ابن شهرآشوب: في نهج البلاغة (2) أن أمير المؤمنين عليه السلام دفع إليه رجلان
سرقا في مال الله تعالى أحدهما عبد من مال الله، والآخر من عرض الناس، فقال
عليه السلام: أما هذا فهو من مال الله، ولا حد عليه، مال الله أكل بعضه بعضا "،
وأما الآخر فعليه الحد الشديد فقطع يده (3).
13 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام
في المكاتب قال: يجلد بقدر ما أدى من مكاتبته حد الحر، وما بقي حد
المملوك (4).
14 - رجال الكشي: عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن
أحمد بن شيبة، عن يحيى بن المثنى، عن علي بن الحسن بن رباط، عن حريز
قال: (5) سألني أبو حنيفة، عن مكاتب كانت مكاتبة ألف درهم، فأدى تسعمائة و

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 235.
(2) تحت الرقم 271 من قسم الحكم.
(3) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 382.
(4) النوادر ص 77.
(5) في المصدر: قال: دخلت على أبي حنيفة وعنده كتب كادت تحول فيما بيننا
وبينه، فقال لي: هذه الكتب كلها في الطلاق، وأنتم ما عندكم؟ وأقبل يقلب بيده،
قال: قلت: نحن نجمع هذا كله في حرف واحد، قال: ما هو؟ قال: قلت: قوله تعالى:
" يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " فقال لي: فأنت لا تعلم
شيئا " الا برواية؟ قلت: أجل، قال لي: ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم
الحديث.
85

تسعة وتسعين درهما "، ثم أحدث يعني الزنا، فكيف تحده؟ فقلت: عندي بعينها
حديث حدثني محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أن عليا " عليه السلام كان يضرب بالسوط
وبثلثه وبنصفه وببعضه بقدر أدائه (1).
{76 باب}
* (حد الوطي في الحيض) *
1 - تفسير علي بن إبراهيم: قال الصادق عليه السلام: من أتى امرأة في الفرج في أول حيضها
فعليه أن يتصدق بدينار، وعليه ربع حد الزنا خمسة وعشرون جلدة، وإن
أتاها في آخر أيام حيضها فعليه أن يتصدق بنصف دينار، ويضرب اثني عشر جلدة
ونصفا " (2).

(1) رجال الكشي: 328 وفى ط آخر ص 244. وروى مثله في الاختصاص عن
جعفر بن الحسين المؤمن عن حيدر بن محمد بن نعيم، قال: وحدثنا جعفر بن محمد
ابن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود جميعا عن محمد بن مسعود العياشي قال: حدثني
جعفر بن أحمد بن أيوب.
(2) تفسير القمي: 63، في الآية 222 من سورة البقرة.
86

{77 باب}
* (حكم الصبي والمجنون والمريض في الزنا) *
1 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن رجل وقع على صبية
ما عليه؟ قال: الحد (1).
وسألته عن صبي وقع على امرأة، قال: تجلد المرأة وليس على الصبي
شئ (2).
وقال عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله اتي بامرأة مريضة، ورجل أجرب
مريض قد بدت عروق فخذيه، وقد فجر بامرأة فقالت المرأة لرسول الله صلى الله عليه وآله:
أتيته فقلت له: أطعمني واسقني فقد جهدت، فقال: لا، حتى أفعل بك، ففعل
فجلده رسول الله صلى الله عليه وآله بغير بينة مائة شمروخ ضربة واحدة، وخلى سبيله ولم
يضرب المرأة (3).
2 - الخصال: عن الحسن بن محمد السكوني، عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن
إبراهيم بن أبي معاوية، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي ظبيان قال: اتي عمر
بامرأة مجنونة قد فجرت فأمر عمر برجمها، فمروا بها على علي عليه السلام فقال: ما
هذه؟ فقالوا: مجنونة قد فجرت، فأمر بها عمر أن ترجم. فقال: لا تعجلوا!
فأتى عمر فقال: أما علمت أن القلم رفع عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن
المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ؟ (4).
قال الصدوق - رحمه الله -: جاء هذا الحديث هكذا، والأصل في قول أهل
البيت عليهم السلام أن المجنون إذا زنى حد والمجنونة إذا زنت لم تحد، لأن المجنون

(1) قرب الإسناد ص 148 وفى ط 111.
(2) قرب الإسناد ص 148 وفى ط 111.
(3) قرب الإسناد ص 148 وفى ط 111.
(4) الخصال ج 1 ص 46 و 83.
87

يأتي والمجنونة تؤتى (1).
3 - المحاسن: عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في كتاب علي عليه السلام كان يضرب بالسوط وبنصف السوط
وببعضه في الحدود، وكان إذا اتي بغلام أو جارية لم يدركا، كان يأخذ السوط
بيده من وسطه أو من ثلثه فيضرب به على قدر أسنانهم، ولا يبطل حدا " من
حدود الله (2).
4 - المحاسن: عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: في نصف الجلدة وثلث الجلدة، قال: يأخذ بنصف السوط، وبثلثي السوط،
ثم يضرب به (3).
5 - فقه الرضا (ع): لاحد على المجنون حتى يفيق، ولا على صبي حتى يدرك، ولا
على النائم حتى يستيقظ (4)
6 - الإرشاد: روي أن مجنونة على عهد عمر فجر بها رجل، فقامت البينة
عليها بذلك، فأمر عمر بجلدها الحد، فمر بها على أمير المؤمنين عليه السلام لتجلد،
فقال: ما بال مجنونة آل فلان تعتل (5)؟ فقيل: إن رجلا " فجر بها وهرب، و

(1) الخصال ج 1 ص 83، ولعله يريد بالأصل الذي أشار إليه ما رواه علي بن
إبراهيم عن أبيه، عن عمرو بن عثمان: عن إبراهيم بن الفضل، عن أبان بن تغلب
قال: قال أبو عبد الله (ع): إذا زنى المجنون أو المعتوه جلد الحد، وإن كان محصنا رجم،
قلت: وما الفرق بين المجنون والمجنونة؟ والمعتوه والمعتوهة؟ فقال: المرأة إنما
تؤتى، والرجل يأتي وإنما يزنى إذا عقل كيف يأتي اللذة، وان المرأة إنما تستكره
ويفعل بها وهي لا تعقل ما يفعل بها، راجع الكافي ج 7 ص 192، التهذيب ج 10 ص 19،
وقد حمل على بقاء تمييز وشعور له بقدر أقل مناط التكليف.
(2) المحاسن: 273.
(3) المحاسن: 273.
(4) فقه الرضا: 37.
(5) في بعض النسخ " تقتل " وهو تصحيف، والصحيح ما في الصلب طبقا لما في
المصدر، وقد أخرجه المؤلف - قده - في ج 40 ص 250 هكذا، وقال في بيانه:
عتلت الرجل أعتله وأعتله: إذا جذبته جذبا " عنيفا ". ذكره الجوهري.
88

قامت البينة عليها، فأمر عمر بجلدها، فقال لهم: ردوها إليه، وقولوا له: أما
علمت بأن هذه مجنونة آل فلان، وأن النبي صلى الله عليه وآله قد رفع القلم عن المجنون
حتى يفيق؟ إنها مغلوبة على عقلها ونفسها، فردت إلى عمر، وقيل له ما قال
أمير المؤمنين عليه السلام. فقال: فرج الله عنه، لقد كدت أن أهلك في جلدها، و
درأ عنها الحد (1).
7 - الاختصاص: عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير قال: قال مؤمن الطاق
لأبي حنيفة في كلام طويل جرى بينهما: إن عمر كان لا يعرف أحكام الدين، فإنه
اتي بامرأة حبلى شهدوا عليها بالفاحشة، فأمر برجمها، فقال له علي عليه السلام:
إن كان لك السبيل عليها، فما سبيلك على ما في بطنها؟ فقال: لولا علي
لهلك عمر.
واتي بمجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال له عليه السلام: أما علمت أن القلم
قد رفع عنها حتى تصح؟ فقال: لولا علي لهلك عمر (2).

(1) الارشاد: 97، وترى مثله في المناقب ج 2 ص 366، قال: الحسن و
عطا وقتادة وشعبة وأحمد: ان مجنونة فجر بها رجل وقامت البينة عليها بذلك، فأمر
عمر بجلدها فعلم بذلك أمير المؤمنين (ع) فقال: ردوها قولوا له: أما علمت أن هذه
مجنونة آل فلان، وأن النبي صلى الله عليه وآله قال: رفع القلم عن المجنون حتى يفيق؟ انها مغلوبة
على عقلها ونفسها، فقال عمر: فرج الله عنك، لقد كدت أهلك في جلدها، وأشار البخاري
إلى ذلك في صحيحه.
(2) الاختصاص: 111، وقد ذكر المؤلف العلامة تمام الحديث في ج 10 ص 230
من هذه الطبعة باب احتجاجات أصحاب الصادق عليه السلام على المخالفين.
89

{78 باب}
* (الزنا اليهودية والنصرانية والمجوسية) *
* (والأمة ووطي الجارية المشتركة) *
1 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ألا ومن زنى بامرأة مسلمة أو
يهودية أو مجوسية، حرة أو أمة، ثم لم يتب ومات مصرا عليه، فتح الله له في
قبره ثلاث مائة باب تخرج منه حيات وعقارب وثعبان النار، فهو يحترق إلى يوم
القيامة، فإذا بعث من قبره تأذى الناس من نتن ريحه، فيعرف بذلك، وبما كان
يعمل في دار الدنيا، حتى يؤمر به إلى النار.
وإن الله حرم الحرام، وحد الحدود، وما أحد أغير من الله، ومن
غيرته حرم الفواحش (1).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب الحد.
2 - علل الشرائع: عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن صالح بن سعيد، عن يونس
عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أقوام اشتركوا في جارية و
ائتمنوا بعضهم، وجعلوا الجارية عنده فوطئها، قال: يجلد الحد بقدر ماله فيها،
وتقوم الجارية ويغرم ثمنها للشركاء، فان كانت القيمة في اليوم الذي وطئ أقل
مما اشتريت فإنه يلزم أكثر الثمنين، لأنه قد أفسد على شركائه، وإن كان
القيمة في اليوم الذي وطئ أكثر مما اشتريت به، الزم الأكثر لاستفسادها (2).
3 - قرب الإسناد: عن البزار، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن
عليا " عليه السلام اتي برجل وقع على جارية امرأته فحملت، فقال الرجل: وهبتها لي

(1) أمالي الصدوق ص 256
(2) علل الشرايع ج 2 ص 267.
90

فأنكرت المرأة، فقال عليه السلام: لتأتيني بالشهود، أو لأرجمنك بالحجارة، فلما
رأت المرأة ذلك اعترفت، فجلدها علي الحد (1).

(1) قرب الإسناد ص 37، وقد كان رمز المصدر ساقطا عن الأصل، والمراد
بجلدها الحد، حد القذف وفى ذلك نصوص كما في الكافي ج 7 ص 206، ولفظه في
دعائم الاسلام ج 2 ص 451، أن امرأة رفعت إليه - يعنى عليا عليه السلام - زوجها وقالت:
زنى بجاريتي، فأقر الرجل بوطئ الجارية وقال: وهبتها لي، فسأله عن البينة فلم يجد
بينة فأمر به ليرجم، فلما رأت ذلك قالت: صدق، قد كنت وهبتها له، فامر علي (ع)
أن يخلى سبيل الرجل، وأمر بالمرأة فضربت حد القذف.
وقد مر في الباب 70 تحت الرقم 42 مثل ذلك بلفظ آخر، راجعه ان شئت.
وروى الصدوق في الفقيه ج 4 ص 25 باسناده عن وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عن
آبائه عليهم السلام أن علي بن أبي طالب (ع) اتى برجل وقع على جارية امرأته الحديث
ثم قال: جاء هذا الحديث هكذا في رواية وهب بن وهب وهو ضعيف والذي أفتى به وأعتمده
في هذا المعنى ما رواه الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر
عليه السلام في الذي يأتي وليدة امرأته بغير اذنها: عليه ما على الزاني: يجلد مائة جلدة
وهو الحديث الذي مر في الباب 70 ذيل الرقم 20، وقد تكلمنا عليه هناك.
ومثل رواية وهب في ايجاب الرجم ما رواه في الدعائم ج 2 ص 451 كما مر،
وهكذا ما رواه عن علي عليه السلام أنه قال فيمن جامع وليدة امرأته: عليه ما على الزاني
ولا أؤتى برجل زنى بوليدة امرأته الا رجمته بالحجارة.
ومن الغريب ما رواه الصدوق في الفقيه ج 3 ص 18 قال: قضى علي عليه السلام
في امرأة أتته فقالت: ان زوجي وقع على جاريتي بغير اذني، فقال للرجل: ما تقول؟
فقال: ما وقعت عليها الا باذنها، فقال علي (ع) ان كنت صادقة رجمناه، وان كنت
كاذبة ضربناك حدا " - وأقيمت الصلاة - فقام علي (ع) يصلى، ففكرت المرأة في نفسها
فلم تر لها في رجم زوجها فرجا "، ولا في ضربها الحد، فخرجت ولم تعد، ولم يسأل
عنها أمير المؤمنين (ع).
91

4 - كتاب الغارات: [عن الحارث، عن أبيه قال في حديث: بعث علي
عليه السلام محمد بن أبي بكر أميرا على مصر، فكتب إلى علي عليه السلام يسأله عن رجل
مسلم فجر بامرأة نصرانية.
فكتب إليه علي: أن أقم الحد فيهم على المسلم الذي فجر بالنصرانية،
وادفع النصرانية إلى النصارى يقضون فيها ما شاؤوا] (1).

(1) كتاب الغارات مخطوط، وما بين العلامتين كان محله بياضا في الأصل ألحقناه
من كتاب الوسائل ج 18 ص 415.
92

{79 باب}
* (من وجد مع امرأة في بيت أو في لحاف) *
1 - علل الشرائع: [عن أبيه، عن سعد، عن موسى البجلي] عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
أمير المؤمنين صلوات الله عليه ضرب رجلا " وجد مع امرأة في بيت واحد مائة إلا
سوطا " أو سوطين قلت: بلا بينة؟ قال: ألا ترى أنه قال: " ادرأوا " لو كانت البينة
لأتمه (1).
2 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن
أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس لامرأتين أن
يبيتا في فراش واحد إلا أن يكون بينهما حاجز، فان فعلتا نهيتا عن ذلك، وإن
وجدتا بعد النهي جلدتا كل واحد منهما حدا " حدا "، فان وجدتا أيضا في لحاف
جلدتا، فان وجدتا الثالثة قتلتا (2).
المحاسن: عن علي بن عبد الله، عن ابن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن بعض
الصادقين عليهم السلام مثله (3).
3 - فقه الرضا (ع): إذا وجد رجلان عريانان في ثوب واحد وهما متهمان، فعلى كل
واحد منهما مائة جلدة، وكذلك امرأتان في ثوب واحد، ورجل وامرأة في
ثوب (4).

(1) علل الشرايع ج 2 ص 227، وما بين العلامتين أضفناه من المصدر.
(2) ثواب الأعمال ص 239.
(3) المحاسن ص 114.
(4) فقه الرضا عليه السلام ص 37.
93

4 - فقه الرضا (ع): عن أبيه، قال قضى علي عليه السلام في رجلين وجدا في لحاف يحدان
حدا غير سوط، وكذلك المرأتان، وإذا وجدت المرأة مع الرجل ليلا " فإنه لا
رجم بينهما (5).

(1) كتاب التكليف لابن أبي العزاقر الشلمغاني المعروف بفقه الرضا (ع): 76.
ومما يناسب نقله هنا ما رواه المؤلف العلامة في ج 104 من هذه الطبعة باب التفريق
بين الرجال والنساء، قال قدس سره:
الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام لا ينام الرجل مع الرجل في ثوب واحد
فمن فعل ذلك وجب عليه الأدب وهو التعزير.
الحسين بن سعيد أو النوادر: علي بن عبد الله عن ابن أبي هاشم عن أبي خديجة عن بعض الصادقين عليهم السلام
قال: ليس لامرأتين أن تبيتا في لحاف واحد الا أن يكون بينهما حاجز فان فعلتا نهيتا عن
ذلك، فان وجدتا مع النهى جلدت كل واحد منهما حدا "، فان وجدتا أيضا " في لحاف
جلدتا، فان وجدتا الثالثة قتلتا.
نوادر الراوندي باسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عن علي عليه السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يباشر رجل رجلا الا وبينهما ثوب، ولا تباشر المرأة المرأة
الا وبينهما ثوب.
94

{80 باب}
* (الاستمناء ببعض الجسد) *
1 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن الطيالسي، عن عبد الرحمن بن عوف، عن
ابن أبي نجران التميمي، عن ابن حميد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب
أليم: الناتف شبيه، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره (1).

(1) الخصال ج 1 ص 52، وقد روى أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن
أبيه قال: سئل الصادق عليه السلام عن الخضخضة فقال عليه السلام: اثم عظيم قد نهى الله
عنه في كتابه، وفاعله كناكح نفسه، ولو علمت بما يفعله ما أكلت معه.
فقال السائل: فبين لي يا ابن رسول الله من كتاب الله فيه، فقال (ع) قول الله عز وجل:
" فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " وهو مما وراء ذلك، فقال الرجل: أيما
أكبر؟ الزنا أو هي؟ فقال: هو ذنب عظيم، قد قال القائل: بعض الذنب أهون من بعض، والذنوب كلها
عظيم عند الله لأنها معاصي، وان الله لا يحب من العباد العصيان، وقد نهى الله عن ذلك لأنها
من عمل الشيطان وقد قال: " لا تعبدوا الشيطان ان الشيطان كان لكم عدو فاتخذوه عدوا " إنما
يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ".
95

{81 باب}
* (زمان ضرب الحد ومكانه، وحكم من أسلم) *
* (بعد لزوم الحد، وحكم أهل الذمة في) *
* (ذلك، وأنه لا شفاعة في الحدود، وفيه) *
* (نوادر أحكام الحدود) *
1 - الإحتجاج: عن جعفر بن رزق الله قال: قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر
بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحد فاسلم، فقال يحيى بن أكثم: قد هدم
إيمانه شركه وفعله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، وقال بعضهم: يفعل به
كذا وكذا، فأمر المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن العسكري وسؤاله عن ذلك،
فلما قرأ الكتاب كتب: " يضرب حتى يموت ".
فأنكر يحيى وأنكر فقهاء العسكر ذلك فقالوا: يا أمير المؤمنين! سل عن هذا
فان هذا شئ لم ينطق به كتاب، ولم تجئ به سنة، فكتب إليه: إن فقهاء المسلمين
قد أنكروا ذلك، وقالوا: لم تجئ به سنة ولم ينطق به كتاب، فبين لنا لم أوجبت
عليه الضرب حتى يموت؟.
فكتب عليه الصلاة والسلام: " بسم الله الرحمن الرحيم " فلما رأوا بأسنا
قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما
رأوا بأسنا " (1) الآية.

(1) المؤمن: 84.
96

قال: فأمر به المتوكل فضرب حتى مات (1).
أقول: قد مضى خبر صفوان بن أمية في باب السرقة في أنه لا شفاعة في الحدود
بعد رفعه إلى الإمام عليه السلام (2).
2 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخية عليه السلام قال: سألته عن يهودي أو نصراني أو
مجوسي اخذ زانيا " أو شارب خمر ما عليه؟ قال: يقام عليه حدود المسلمين إذا
فعلوا ذلك في مصر من أمصار المسلمين، أو في أمصار المسلمين إذا رفعوا إلى
حكام المسلمين (3)
3 - قرب الإسناد: عن اليقطيني وأحمد بن إسحاق معا، عن سعدان بن مسلم قال:
قال بعض أصحابنا: خرج أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام في بعض حوائجه فمر
على رجل وهو يحد في الشتاء، فقال: سبحان الله ما ينبغي هذا، ينبغي لمن حد أن
يستقبل به دفاء النهار، فإن كان في الصيف أن يستقبل به برد النهار (4)
المحاسن: عن أبيه، عن سعدان مثله (5).
4 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخزاز
عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام أنه قال: لا أقيم
على رجل حدا بأرض العدو حتى يخرج منها، لئلا تلحقه الحمية فيلحق
بالعدو (6).
5 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن حمران بن
أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من الحدود ثلث جلد، ومن تعدى ذلك كان

(1) الاحتجاج: 252، ورواه في المناقب ج 4 ص 405.
(2) بل سيجئ في الباب 91 تحت الرقم 1 عن الخصال.
(3) قرب الإسناد: 150.
(4) قرب الإسناد: 177.
(5) المحاسن: 274.
(6) علل الشرايع ج 2 ص 231.
97

عليه حد (1).
6 - فقه الرضا (ع): روي أن الحدود في الشتا لا تقام بالغدوات، ولا تقام بعد الظهر
ليلحقه دفاء الفراش، ولا تقام في الصيف في الهاجرة وتقام إذا برد النهار، ولا يقيم حدا "
من في جنبه حد (2).
7 - فقه الرضا (ع): أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: حبس الامام بعد
الحد ظلم.
وأروي أنه قال: كل شئ وضع الله فيه حدا " فليس من الكبائر التي
لا تغفر.
وقال عليه السلام: لا يعفى عن الحدود التي لله عز وجل دون الامام، فإنه مخير
إن شاء عفى، وإن شاء عاقب، فأما من كان من حق بين الناس فلا بأس أن
يعفى عنه دون الامام قبل أن يبلغ الامام، وما كان من الحدود لله عز وجل دون
الناس مثل الزنا، واللواط، وشرب الخمر، فالامام مخير فيه إن شاء عفى،
وإن شاء عاقبه، وما عفى الامام فقد عفى الله عنه، وما كان بين الناس فالقصاص
أولى.
وكان أمير المؤمنين عليه السلام يولي الشهود في إقامة الحدود، وإذا أقر الانسان
بالجرم الذي فيه الرجم، كان أول من يرجمه الامام، ثم الناس، وإذا قامت
البينة كان أول من يرجمه البينة ثم الامام، ثم الناس (3).
8 - مناقب ابن شهرآشوب: وأخذ عليه السلام رجلا من بني أسد في حد، فاجتمع قومه ليكلموا
فيه، وطلبوا إلى الحسن عليه السلام أن يصحبهم، فقال: ائتوه وهو أعلى بكم عينا " (4)

(1) المحاسن: 275.
(2) فقه الرضا: 37.
(3) فقه الرضا: 42.
(4) في النهاية: في الحديث: " هو أعلى بهم عينا " أي أبصر بهم وأعلم بحالهم
وضمير " ائتوه " لعلي عليه السلام، أي فقال الحسن (ع) ارجعوا إلى علي فهو أميركم
وأعلم بحالكم، أولى برعايتكم واشفاقكم.
98

فدخلوا عليه وسألوه، فقال: لا تسألوني شيئا أملكه إلا أعطيتكم، فخرجوا يرون
أنهم قد أنجحوا، فسألهم الحسن عليه السلام، فقالوا: أتينا خير مأتي وحكوا له قوله
فقال: ما كنتم فاعلين إذا جلد صاحبكم فأصغوه (1). فأخرجه علي عليه السلام فحده
ثم قال: هذا والله لست أملكه (2).
9 - مناقب ابن شهرآشوب: مطر الوراق وابن شهاب الزهري في خبر أنه لما شهد أبو
زينب الأسدي وأبو مزرع وسعيد بن مالك الأشعري وعبد الله بن خنيس الأزدي
وعلقمة بن زيد البكري على الوليد بن عقبة أنه شرب الخمر، أمر عثمان بإقامة
الحد عليه جهرا "، ونهى سرا "، فرأى أمير المؤمنين عليه السلام أنه يدرأ عنه الحد (3)
قام والحسن معه ليضربه، فقال: نشدتك الله والقرابة، قال: اسكت أبا وهب
فإنما هلكت بنوا إسرائيل بتعطيلهم الحدود، فضربه، فقال: لتدعوني قريش بعد
هذا جلادها.
الرشيد الوطواط: المصطفى قال في رهط وفي عدد * لكن واجده الأكفى أبو الحسن
هذا هو المجد من تبغونه عوجا " * إن العلى خشن ينقاد للخشن (4)
10 - تفسير العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من
أخذ سارقا " فعفى عنه فإذا رفع إلى الامام قطعه وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى الامام

(1) يقال: أصغى فلانا " حقه، أي تنقصه، وفى الأصل وهكذا المصدر " فاصنعوه "
وهو تصحيف.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 147.
(3) وذلك لان وليدا " كان ابن أمه أروى بنت كريز بن ربيعة، أخا عثمان لامه،
واحتشم المسلمون أن يحدوه حتى حدها علي (ع).
(4) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 148.
99

وكذلك قوله الله: " والحافظون لحدود الله " (1) فإذا انتهى الحد إلى الامام فليس لأحد
أن يتركه (2).
11 - الحسين بن سعيد أو النوادر: ابن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يجلد الزاني أشد
الحدين، قلت: فوق ثيابه؟ قال: لا، ولكن يخلع ثيابه، قلت: فالمفتري؟
قال: ضرب بين الضربين فوق الثياب يضرب جسده كله (3).
12 - الحسين بن سعيد أو النوادر (*): قضى أمير المؤمنين عليه السلام أن من جلد حدا " فمات في الحد
فإنه لا دية له (4).
13 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن علاء، عن محمد قال: سألته عن الرجل يوجد وعليه الحدود
أحدها القتل؟ قال: كان علي عليه السلام يقيم عليه الحدود قبل القتل ثم يقتل، ولا
تخالف عليا (5).
14 - نوادر الراوندي: [باسناده إلى موسى بن جعفر، عن آبائه، عن
علي عليهم السلام أنه وجد رجل مع امرأة أصابها، فرفع إلى علي بن أبي طالب عليه السلام
فقال: هي امرأتي تزوجتها، فسئلت المرأة فسكنت فأومأ إليها بعض القوم أن
قولي: نعم، وأومأ إليها بعض القوم أن قولي: لا، فقالت: نعم، فدرأ علي عليه السلام
الحد عنهما، وعزل عنه المرأة حتى يجئ بالبينة أنها امرأته (6).
وقال: تزوج رجل امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فجهل فواقعها و

(1) براءة: 112.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 114.
(3) كتاب النوادر: 76.
(4) في الأصل رمز فقه الرضا (ع) وهو سهو.
(5) كتاب النوادر: 76.
(6) نوادر الراوندي ص 38.
100

ظن أن عليها الرجعة، فرفع إلى علي عليه السلام فدرء عنه الحد بالشبهة الخبر (1).
وقال علي عليه السلام في المكره: لاحد عليها، وعليه مهر مثلها (2).
وقال جعفر الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: لا يصلح
الحكم ولا الحد ولا الجمعة إلا بامام (3)].

(1) نوادر الراوندي ص 38.
(2) نوادر الراوندي ص 47.
(3) نوادر الراوندي ص 55 وما بين العلا متين أخرجناه من المصدر.
101

{82 باب}
* (التعزير وحده والتأديب وحده) *
1 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن علي بن
مهزيار، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
التعزير؟ فقال: دون الحد، قال: قلت: دون ثمانين؟ قال: فقال: لا، ولكنه
دون الأربعين فإنها حد المملوك، قال: قلت: وكم ذاك؟ قال: على قدر ما يراه
الوالي من ذنب الرجل وقوة بدنه (1).
2 - المحاسن: عن بعض أصحابنا، عن علي بن أسباط رفعه قال: نهى رسول
الله صلى الله عليه وآله عن الأدب عند الغضب (2).
3 - المحاسن: عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من بلغ حدا " في غير حد فهو من المعتدين (3).
4 - فقه الرضا (ع): التعزير ما بين بضعة عشر سوطا إلى تسعة وثلاثين، والتأديب
ما بين ثلاثة إلى عشرة (4).
5 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن التعزير
قلت كم هو؟ قال: ما بين العشرة إلى العشرين (5).
6 - الهداية: [وآكل الميتة والدم ولحم الخنزير يؤدب، فان عاد

(1) علل الشرايع ج 2 ص 225.
(2) المحاسن: 274.
(3) المحاسن ص 275.
(4) فقه الرضا ص 42.
(5) كتاب النوادر: 76.
102

يؤدب، وليس عليه القتل، وآكل الربا بعد البينة يؤدب، فان عاد أدب، فان
عاد قتل] (1).
{83 باب}
* (القذف والبذاء والفحش) *
الآيات: النور: " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم - إلى قوله تعالى -
أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم (2).

(1) الهداية: 150 وما بين العلامتين زيادة من المصدر.
(2) النور ص 11 - 26.
أقول: عنون المؤلف العلامة قدس سره هذه الآيات بتمامها في ج 20 ص 309
- 316 باب قصة الإفك ثم فسر الآيات اقتباسا من كلام الطبرسي في مجمع البيان (ج 7
ص 130) والبيضاوي في أنوار التنزيل (ج 2 ص 133 - 137) بأنها نزلت في افك
المنافقين بعائشة وصفوان بن معطل السهمي.
ثم نقل عن تفسير القمي: 453 أن العامة روت أنها نزلت في عائشة وما رميت به
في غزوة بنى المصطلق من خزاعة وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية
وما رمتها به عائشة.
أقول: وزاد بعده وقال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عيسى
عن، الحسن بن علي بن فضال قال: حدثني عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا
جعفر عليه السلام يقول: لما هلك إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله
حزنا " شديدا " فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو الا ابن جريج.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا (ع) وأمره بقتله، فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف
وكان جريج القبطي في حائط فضرب علي (ع) باب البستان فأقبل إليه جريج ليفتح له
الباب، فلما رأى عليا عرف في وجهه الشر فأدبر راجعا ولم يفتح الباب.
فوثب علي (ع) على الحائط ونزل إلى البستان وأتبعه وولى جريح مدبرا "، فلما
خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي عليه السلام في اثره، فلما دنا منه رمى جريج
بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته، فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء.
فانصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إذا بعثتني في الامر أكون فيه
كالمسمار المحمى أم أثبت؟ قال: لابل أثبت، قال: والذي بعثك بالحق ماله ما للرجال
وماله ما للنساء، فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت. وهكذا ذكر القصة
في ص 639 عند قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " الآية
في سورة الحجرات: 49.
أما قوله: ان الخاصة روت أنها نزلت في افك عائشة بمارية القبطية، فقد روى
الصدوق في الخصال ج 2 ص 120 - 126 مناشدة علي عليه السلام برواية عامر بن واثلة
وفى آخرها: قال: نشدتكم بالله هل علمتم أن عائشة قالت لرسول الله: ان إبراهيم
ليس منك وأنه ابن فلان القبطي، قال: يا علي! اذهب فاقتله فقلت: يا رسول الله إذا بعثتني
أكون كالمسمار المحمى في الوبر أو أتثبت؟ قال: لا بل تثبت، فذهب فلما نظر إلى
استند إلى حائط فطرح نفسه فيه، فطرحت نفسي على أثره، فصعد على نخل وصعدت
خلفه، فلما رآني قد صعدت رمى بإزاره فإذا ليس له شئ مما يكون للرجال فجئت
فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت؟ فقالوا:
اللهم لا.
وهكذا ذكر القصة السيد المرتضى علم الهدى في الغرر والدرر ج 1 ص 77
وقال: روى محمد بن الحنفية عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال: كان قد كثر على
مارية القبطية أم إبراهيم في ابن عم لها قبطي كان يزورها ويختلف إليها فقال لي النبي
صلى الله عليه وآله " خذ هذا السيف وانطلق، فان وجدته عندها فاقتله " قلت: يا رسول
الله أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة أمضى لما أمرتني؟ أم الشاهد يرى
مالا يرى الغائب؟ فقال لي النبي صلى الله عليه وآله: " بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب " وذكر
مثل ما مر.
وروى الصدوق في علل الشرايع باب نوادر العلل تحت الرقم 10 عن ماجيلويه
عن عمه عن البرقي، عن محمد بن سليمان، عن داود بن النعمان، عن عبد الرحيم
القصير قال: قال لي أبو جعفر (ع): أما لو قد قام قائمنا (ع) لقد ردت إليه الحميراء حتى
يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمة عليها السلام منها، قلت: جعلت فداك و
لم يجلدها الحد؟ قال: لفريتها على أم إبراهيم عليهما السلام. قلت: فكيف أخره الله
للقائم؟ فقال: لان الله تبارك تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة وبعث القائم (ع) نقمة.
وأما أصل هذا الإفك - الإفك بمارية القبطية وابن عم لها يقال له مأبور - فهو
مسلم عند العامة مشهور عندهم، وممن صرح بذلك ابن حجر في الإصابة ترجمة مأبور
الخصي وأبو عمر في الاستيعاب ترجمة مارية القبطية وابن الأثير في أسد الغابة ترجمة مارية
ومأبور معا.
ذكر ابن الأثير، عن محمد بن إسحاق أن المقوقس أهدى إلى رسول الله جواري
أربعا منهن مارية أم إبراهيم وأختها سيرين التي وهبها النبي صلى الله عليه وآله لحسان بن ثابت
فولدت له عبد الرحمن، وأما مأبور فهو الخصي الذي أهداه المقوقس مع مارية، وهو
الذي اتهم بمارية فأمر النبي صلى الله عليه وآله عليا أن يقتله، فقال على: يا رسول الله أكون كالسكة
المحماة أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب الحديث.
وذكر ابن حجر عن ابن سعد أن مارية كانت بيضاء جميلة فأنزلها رسول الله صلى الله عليه وآله
في العالية: مشربة أم إبراهيم وكان يختلف إليها هناك وكان يطؤها بملك اليمين وضرب
عليها مع ذلك الحجاب فحملت منه ووضعت هناك في ذي الحجة سنة ثمان، ومن طريق عمرة
عن عائشة قالت: ما عزت على امرأة الا دون ما عزت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة
جعدة، فأعجب بها رسول الله صلى الله عليه وآله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت الحارثة بن النعمان
فكانت جارتنا، فكان عامة الليل والنهار عندها حتى تعنى أو عناها، فجزعت فحولها إلى
العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا، الخبر.
فالظاهر أن الرجل كان اسمه كان اسمه جريجا والمأبور وصف له غلب عليه ومعناه الخصي
الذي أصلح ابرته وهي كناية عن عضو الانسان عن التاج، أو هو بمعنى المتهم، يقال
" فلان ليس بمأبور في دينه " أي بمتهم، قال الفيروزآبادي. وقول علي عليه السلام:
" ولست بمأبور في ديني " أي بمتهم في ديني فيتألفني النبي صلى الله عليه وآله بتزويجي فاطمة.
فالمسلم من روايات الفريقين أن الرجل كان متهما بذلك لاختلافه عند مارية وكونه نديما
لها نسيبا " منها، وكان اتهامه شايعا " عند المنافقين والفساق: يتلقونه بألسنتهم من لدن
أن حبلت مارية بإبراهيم زعما منهم أن رسول الله قد عقم لعلة ولذلك لا يلدن نساؤه حتى
صرح بذلك عائشة في وجه النبي صلى الله عليه وآله تسلية له بوفاة إبراهيم ابنه! فغضب رسول الله وأمر
عليا " بما انتهى إلى براءة مارية ومأبور.
فآيات الإفك المعنونة في صدر الباب تنطبق بلا ريب على افك مارية ومأبور أكمل
انطباق، مضافا إلى أن السورة نزلت في سنة تسع بشهادة آيات اللعان الواقعة في صدرها
قبل آيات الإفك، كما عرفت سابقا "، وقد كان وفات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله
في سنة تسع أيضا ".
وأما قوله " ان العامة روت أنها نزلت في عائشة وما رميت به في غزوة بنى المصطلق
من خزاعة " فقد رووا في ذلك عن عائشة - وهي قهرمانة القصة - روايات متعددة تعلو عليها
آثار الاختلاق والأسطورة ملخصها:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها
معه، فلما كانت غزوة بنى المصطلق أقرع بينهن فخرج سهمي فخرج بي، فلما فرغ رسول الله من
سفره وجه قافلا حتى إذا كان قريبا " من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ثم أذن
بالرحيل فارتحل الناس وخرجت لبعض حاجتي وفى عنقي عقد لي فيه جزع ظفار، فلما فرغت
انسل من عنقي ولا ادرى، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده وقد
أخذ الناس في الرحيل، فرجعت إلى مكاني فالتمسته حتى وجدته، ثم جئت إلى الرحل
103



وقد أقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هو دجى وهم يحسبون أنى فيه، وشدوه
على البعير وانطلقوا.
فتلففت بجلبابي واضطجعت ونمت في مكاني إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي
وقد كان تخلف عن العسكر، فلما رآني قرب البعير فقال: اركبي واستأخر عنى وانطلق
سريعا " يطلب الناس حتى أتينا الجيش وقد نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فلما رأوني
يقود بي صفوان قال أهل الإفك ما قالوا، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول
في رجال من الخزرج.
فلما علمت بذلك استأذنت رسول الله أن آتي أبوي، فأذن لي فجئت وقلت لأمي:
يا أمتاه ما يتحدث الناس؟ قالت يا بنية هوني عليك قلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها
ولها ضرائر، الا أكثرن عليها، فقلت: سبحان الله.
ولما تحدث الناس بهذا دعا رسول الله علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما
فأما أسامة فأثنى على خيرا وأما على فإنه قال: ان النساء لكثير وانك لقادر على أن
تستخلف، سل الجارية فإنها ستصدقك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بريرة ليسألها، فقام إليها
علي بن أبي طالب فضربها ضربا " شديدا "، يقول: اصدقي رسول الله، فقالت: والله ما
أعلم الا خيرا الا أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله.
فاستعذر رسول الله يومئذ في خطبة قصيرة خطبها فقال: من يعذرني من رجل بلغني
أذاه في أهل بيتي فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أعذرك إن كان من الأوس ضربت عنقه،
وإن كان من الخزرج أمرت ففعلنا أمرك، فقام سعد بن عبادة سيد الخزرج وكان قبل
ذلك رجلا صالحا " ولكن احتملته الحمية فقال لسعد: كذبت لعمر والله ما تقتله ولا تقدر على
قتله، فتثاور الحيان: الأوس والخزرج، فسكتهم رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم دخل رسول الله على وعندي أبواي، فجلس وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
يا عائشة! قد كان ما بلغك من قول الناس، فاتقى الله وان كنت قد قارفت سوءا " فتوبي
إلى الله، فقلت: والله لا أتوب والله يعلم انى لبريئة، فما برح رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزل
عليه الوحي ببراءتي.
ثم إن حسانا هجا صفوان بن المعطل، فاعترضه صفوان وضربه بذباب السيف
فلما جاء به إلى رسول الله استوهبه من حسان فوهبه له وأعطاه عوضا منها بئر حاء وسيرين
أمة قبطية فولدت له عبد الرحمن بن حسان، ولقد سئل عن ابن المعطل فوجدوه رجلا
حصورا " ما يأتي النساء، وفى لفظ أنه لما بلغه خبر الإفك قال: سبحان الله والله ما كشفت
كنف أنثى قط، فقتل بعد ذلك شهيدا " في سبيل الله.
هذا ملخص القصة، وقد كان الغالب عليها طنطنة القصاصين، فأعرضنا عن ذكرها
بتفصيلها، لان العارف بسبك الآثار المختلقة قليل، وإنما ذكرنا منها ما يمكننا النقد عليها
ويصح تمسك العموم بها، فنقول:
1 - راوية هذا الإفك نفس عائشة، وقد تفرد بنقله، ولم يرد في سرد غزوة المريسيع
ذكر من ذلك، وكل من ذكر القصة أفرد لها فصلا على حدة بعد ذكره غزوة المريسيع
برواية عائشة.
2 - ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن ليخرج معه نساءه في الغزوات، ولم يرد ذكر من
ذلك في غزوة من غزواته حتى في غزوة بنى المصطلق الا من عائشة في حديثه هذا.
3 - غزا رسول الله بنى المصطلق مغيرا " يسرع السير إليهم فهجم عليهم، لما بلغه أنهم
يجمعون له، فلم يكن يناسب له مع هذا أن يخرج معه عائشة ولا غيرها.
4 - كان رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بالجيش فبات به بعض الليل ثم ارتحل بالليل، ولم
تكن عائشة تحتاج بالليل أن تبعد عن الجيش لقضاء حاجتها، فكيف لم تسمع همهمة الركبان
وقعقعة السلاح وصهيل الأفراس حين قفلوا وأبعدوا، وكيف لم تعد حتى تدرك القافلة،
وكيف غلبتها عينها فنامت والحال هذه.
5 - هل كانت عائشة في هذه الغزوة وحدها، لم تكن معه امرأة أخرى من خادم و
غيره؟ كيف يكون ذلك؟ ولو كان معها غيرها كيف لم يخبر الرحالين أن عائشة راحت
لتفقد عقدها، والهودج خالية عنها.
6 - أشار على على رسول الله أن يسئل الجارية - وهي بريرة مولاة عائشة - فان كانت
هي عندها في سفرتها هذه فكيف لم تخبر الناس أن الهودج خالية، وإذا لم نكن عندها
فكيف أشار على ليسألها رسول الله، ثم ضربها ضربا " شديدا " ليصدق ولم سألها رسول الله عن
ذلك وهي لم تكن في السفرة.
7 - تكلمت عائشة مع أمها أم رومان، وقد رووا أنها توفيت سنة أربع وقيل سنة
خمس، لكنهم قالوا بوفاتها آخر سنة ست تحكما ليتوافق مع خبر الإفك، وهو كما ترى.
8 - سعد بن معاذ استشهد بعد غزوة بني قريظة سنة خمس فكيف تثاور مع سعد بن
عبادة بعد غزوة بنى المصطلق في سنة ست؟ حكموا بأن الغزوة كانت قبل الخندق ليتوافق
مع خبر الإفك وهو تحكم.
9 - سيرين أخت مارية القبطية أهديت إلى النبي صلى الله عليه وآله في سنة سبع وقيل سنة ثمان،
فوهبها النبي صلى الله عليه وآله لحسان - ترى نص ذلك في كتب التراجم: ترجمة صفوان، وسيرين
ومارية وعبد الرحمن بن حسان فكيف تقول عائشة: وهبها رسول الله لحسان في هذه القصة وهي
حينئذ بالإسكندرية عند مالكها المقوقس.
10 - زعمت أن صفوان كان حصورا " - والحصور إن كان بمعنى حبس النفس عن
الشهوات، فهو وصف اختياري، لا ينفع تبرءة لها، مع أنه لا يصح التعبير بأنهم وجدوه
كذلك، وإن كان وصفا لخلقته، فقد روى في حديث صححه ابن حجر عند ترجمة صفوان
أنه جاءت امرأة صفوان بن المعطل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله ان زوجي صفوان
يضربني الحديث، قال ابن حجر، وقد أورد هذا الاشكال قديما " البخاري ومال إلى
تضعيف الحديث. فترى أنهم يضعفون الحديث الصحيح ليصح لهم حديث الإفك، ان هذا
لشئ عجاب.
11 - لقد صح ان رسول الله صلى الله عليه وآله بعدما قال عبد الله بن أبي ما قال، رحل من المريسيع
ولم ينزل بهم الا في اليوم الثاني حين آذتهم الشمس، فوقعوا نياما "، وإنما فعل ذلك ليشغل
الناس عن الحديث الذي كان بالأمس، ثم راح بعد يقظتهم حتى سلك الحجاز ونزل بقعاء
ثم رحل مسرعا حتى قدم المدينة، فلم ينزل ليلا أو بعض ليل حتى يصح قولها في رواحها
لقضاء الحاجة.
12 - كيف تصدى القرآن العزيز ردا " على ابن أبي في قوله: " ليخرجن الأعز منها
الأذل، فأنزل سورة المنافقون وذكر فيها مقاله وخبث نيته ولم يذكر قصة الإفك وظرفها
سورة المنافقون، ثم ذكرها في سورة النور، وقد نزل في سنة تسع بعد ثلاث سنين.
13 - تقول آية الإفك " والذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات " فوصفها
أولا بالغفلة عن هذا الإفك، وهو يناسب مارية القبطية حيث كانت خارجة عن المدينة
نازلة في مشربتها لا يختلف عندها الا رسول الله صلى الله عليه وآله ونسيبها المأبور، واما عائشة فقد
كانت قهرمانة الإفك وحيث بقيت مع صفوان وحدها، ولم يدركا الجيش الا في نحر الظهيرة
فلتذهب نفسها كل مذهب، وكيف كانت غافلة عن ذلك وهي تقول: " فارتعج العسكر،
لما رأوا أن طلع الرجل يقود بي ".
14 - وصفها آية الإفك بالايمان، والحال أن القرآن العزيز يعرض بعدم ايمان عائشة
في قوله " عسى ربه ان طلقكن أن يبدله أزواجا " خيرا " منكن مسلمات مؤمنات " الآية وهكذا
يؤذن بتظاهرها على النبي صلى الله عليه وآله في قوله " ان تتوبا إلى الله فقد صفت قلوبكما وان تظاهرا
عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " ثم يعرض
بخيانتها في قوله: " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا
تحت عبدين من عبادنا فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع
الداخلين ".
103

1 - الخصال: عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إياكم والفحش فان الله
عز وجل لا يحب الفاحش المتفحش (1).
2 - الخصال: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري قال: روي عن ابن
أبي عثمان، عن موسى المروزي، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: أربع يفسدن القلب وينبتن النفاق في القلب، كما ينبت الماء الشجر:
استماع اللهو، والبذاء، وإتيان باب السلطان، وطلب الصيد (2).

(1) الخصال ج 1 ص 83 في حديث.
(2) الخصال ج 1 ص 108.
110

3 - الخصال: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله يبغض الفاحش
البذي السائل الملحف (1).
4 - أمالي الطوسي: فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلام عند وفاته: كن لله يا بني عاملا
وعن الخناء زجورا " (2).
5 - أمالي الطوسي: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يحب الحيي
المتعفف، ويبغض البذي السائل الملحف (3).
6 - أمالي الطوسي: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كان الفحش في
شئ قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شئ قط إلا زانه (4).
7 - علل الشرائع: في خطبة فاطمة صلوات الله عليها: فرض الله اجتناب قذف المحصنات
[حجبا " عن اللعنة (5).
8 - علل الشرائع (6) عيون أخبار الرضا (ع): في علل محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام: حرم الله قذف
المحصنات] (7) لما فيه من إفساد الأنساب ونفي الولد، وإبطال المواريث، وترك
التربية وذهاب المعارف، وما فيه من المساوي والعلل التي تؤدي إلى فساد

(1) الخصال ج 1 ص 128 والاسناد هكذا: الخليل، عن ابن صاعد، عن حمزة
ابن العباس، عن يحيى بن نصر، عن ورقاء بن عمر، عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي
هريرة.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 7.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 73.
(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 193، وترى مثله في مجالس المفيد: 107.
(5) علل الشرايع ج 1 ص 236.
(6) علل الشرايع ج 2 ص 165، وقد مر في الباب 68 تحت الرقم 8 أن قذف
المحصنات من الكبائر، لان الله عز وجل يقول: " لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب
عظيم ".
(7) ما بين العلامتين كان ساقطا " من الأصل أضفناه من المصدرين بالقرينة.
111

الخلق (1) 9 - تفسير العياشي: عن محمد الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاثة لا ينظر الله
إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: الديوث من الرجال، والفاحش
المتفحش، والذي يسأل الناس وفي يده ظهر غنى (2).
10 - تفسير العياشي: عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذئ قليل الحياء لا يبالي
ما قال، ولا ما قيل له، فإنك إن فتشته لم تجده إلا لغية (3) أو شرك شيطان.
قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وفي الناس شرك الشيطان؟ قال: أو ما تقرأ قول
الله تعالى " وشاركهم في الأموال والأولاد " (4).
11 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن عثمان بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن سليم مثله، و
زاد في آخره: قيل أيكون من لا يبالي ما قال وما قيل له؟ فقال: نعم، من
تعرض للناس فقال فيهم، وهو يعلم أنهم لا يتركونه، فذلك الذي لا يبالي ما قال
وما قيل له (5).
12 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحذاء، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: الحياء من الايمان، والايمان في الجنة والبذاء من الجفا و
الجفا في النار (6).
13 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن علي بن النعمان. عن ابن شمر، عن جابر، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يحب الحيي الحليم الغني المتعفف

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 92.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 178، في آية آل عمران ص 77.
(3) أي زنية، يقال: ولد فلان لغية: نقيض لرشدة، وأصله غوى.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 299.
(5) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي مخطوط.
(6) للحديث شرح مستوفى للمؤلف راجع 71 ص 329.
112

ألا وإن الله يبغض الفاحش البذئ السائل الملحف.
14 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الصقيل، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن الحياء والعفاف والعي - عي اللسان لاعي القلب - من الايمان
والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق (1).
15 - الهداية: [قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله
إلى أن قال: - وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات] (2).

(1) صدر الخبر هكذا: عن الصقيل قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) جالسا فبعث
غلاما " له أعجميا في حاجة إلى رجل فانطلق ثم رجع فجعل أبو عبد الله (ع) يستفهمه الجواب
وجعل الغلام لا يفهمه مرارا ".
قال: فلما رأيته لا يتعبر لسانه ولا يفهمه، ظننت أن أبا عبد الله (ع) سيغضب عليه،
قال: وأحد أبو عبد الله (ع) النظر إليه ثم قال: أما والله لئن كنت عيى اللسان فما أنت
بعيى القلب، ثم قال: ان الحياء الحديث، راجع كتاب الزهد أول باب من الكتاب
" باب الصمت الا بخير وترك الرجل ما لا يعنيه " والحديث في آخر الباب، وأخرجه
المؤلف في ج 71 ص 330 عند بيان الحديث.
(2) كتاب الهداية ص 77.
113

{84 باب}
* (الدياثة والقيادة) *
1 - الخصال: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن محمد بن السندي
عن علي بن الحكم، عن محمد بن فضيل، عن شريس الوابشي، عن جابر، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الجنة ليوجد ريحها من مسيرة
خمسمائة عام، ولا يجدها عاق ولا ديوث قيل: يا رسول الله! وما الديوث؟ قال:
الذي تزني امرأته وهو يعلم (1)
2 - الخصال: عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته لعلي عليه السلام: يا علي كفر بالله العظيم من
هذه الأمة عشرة: القتات، والساحر، والديوث الخبر (2).
3 - عيون أخبار الرضا (ع): عن الوراق، عن الأسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني،
عن أبي جعفر الثاني، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسري
بي رأيت امرأة يحرق وجهها ويداها، وهي تأكل أمعاءها، وإنها كانت
قوادة الخبر (3).
4 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن عدة من أصحابنا
عن ابن أسباط، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: حرمت الجنة
على ثلاثة: النمام، ومدمن الخمر، والديوث وهو الفاجر (4).

(1) الخصال ج 1 ص 20.
(2) الخصال ج 2 ص 61.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 11 في حديث طويل.
(4) ثواب الأعمال ص 241.
وقد تقدم في ج 76 ص 365 عن كتاب ثواب الأعمال أن من قاود بين رجل وامرأة
حراما " حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم وساءت مصيرا "، ولم يزل في سخط الله حتى
يموت، وفى ج 76 الباب 67 باب جوامع مناهي النبي صلى الله عليه وآله ومتفرقاتها شطر كثير يتعلق
بهذه الأبواب فلا تغفل.
114

5 - المحاسن: عن علي بن عبد الله وأظن محمد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن
أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن سعد، عن أبي جعفر عليه السلام قيل له: بلغنا أن
رسول الله صلى الله عليه وآله لعن الواصلة والموصولة، قال: إنما لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الواصلة
التي تزني في شبابها فلما أن كبرت كانت تقود النساء إلى الرجال، فتلك الواصلة
والموصولة (1).
6 - المحاسن: عن محمد بن علي وغيره عن ابن فضال، عن محمد بن يحيى عن
غياث، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي صلوات الله عليه: إن الله
يغار للمؤمن فليغر، من لا يغار فإنه منكوس القلب (2).
7 - المحاسن: في رواية غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال علي عليه السلام:
يا أهل العراق نبئت أن نساءكم يوافين الرجال في الطريق، أما تستحيون؟ وقال:
لعن الله من لا يغار (3).
8 - المحاسن: عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كان إبراهيم عليه السلام غيورا "، وجدع الله أنف من لا يغار (4).
9 - المحاسن: عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: منهم الديوث الذي يفجر بامرأته (5).
10 - المحاسن: في رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول:
عرض إبليس لنوح عليه السلام وهو قائم يصلي، فحسده على حسن صلاته فقال:

(1) المحاسن ص 114.
(2) المحاسن: 115.
(3) المحاسن ص 115.
(4) المحاسن ص 115.
(5) المحاسن ص 115.
115

يا نوح إن الله عز وجل خلق جنة عدن، وغرس أشجارها، واتخذ قصورها،
وشق أنهارها، ثم اطلع عليها فقال: " قد أفلح المؤمنون " ألا وعزتي لا يسكنها
ديوث (1).
11 - فقه الرضا (ع): لعن النبي صلى الله عليه وآله المتغافل عن زوجته، وهو الديوث، وقال صلى الله عليه وآله:
اقتلوا الديوث.
12 - فقه الرضا (ع): إن قامت البينة على قواد جلد خمسة وسبعين، ونفي عن المصر
الذي هو فيه.
وروي النفي هو الحبس سنة أو يتوب (2).
13 - تفسير العياشي: عن محمد الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاثة لا ينظر الله إليهم
يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: الديوث من الرجال، والفاحش المتفحش
والذي يسأل الناس وفي يده ظهر غنى (3).
14 - نوادر الراوندي [: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما خلق الله عز وجل جنة عدن خلق لبنها من ذهب
يتلألأ ومسك مدوف، ثم أمرها فاهتزت ونطقت فقالت: أنت الله لا إله إلا أنت
الحي القيوم، فطوبى لمن قدر له دخولي.
قال الله تعالى: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يدخلك مدمن خمر،
ولا مصر على ربا، ولا قتات، وهو النمام، ولا ديوث وهو الذي لا يغار ويجتمع في
بيته على الفجور الحديث] (4).

(1) المحاسن ص 115.
(2) فقه الرضا (ع): 42.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 178 وقد مر تحت الرقم 9 في الباب السابق.
(4) نوادر الراوندي ص 17، وما بين العلامتين كان محله بياضا أخرجناه من
المصدر.
116

{85 باب}
* (حد القذف والتأديب في الشتم وأحكامهما) *
الآيات: النور: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء -
إلى قوله تعالى - هم الكاذبون (1).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القاذف
يجلد ثمانين جلدة، ولا تقبل لهم شهادة أبدا "، إلا بعد التوبة، أو يكذب نفسه، وإن
شهد ثلاثة وأبى واحد يجلد الثلاثة، ولا يقبل شهادتهم حتى يقول أربعة: رأينا مثل
الميل في المكحلة، ومن شهد على نفسه أنه زنى لم تقبل شهادته حتى يعيدها
أربع مرات (2).
2 - قرب الإسناد: عن البزاز عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام
اتي برجل وقع على جارية امرأته فحملت، فقال الرجل: وهبتها لي فأنكرت المرأة
فقال عليه السلام: لتأتيني بالشهود أو لأرجمنك بالحجارة، فلما رأت المرأة ذلك اعترفت
فجلدها على الحد (3).
3 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد قال: كان علي لم يكن يحد بالتعريض حتى يأتي
بالفرية المصرحة: " يا زان " أو " يا ابن الزانية " أو " لست لأبيك " (4).
4 - قرب الإسناد: عن البزاز عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام

(1) النور 5 - 13.
(2) تفسير القمي ص 451.
(3) قرب الإسناد ص 37، وقد مر الحديث في الباب 78 تحت الرقم 3 وفى الذيل
ما يتعلق بالمقام.
(4) قرب الإسناد ص 37 و 95.
117

قال: حد الزاني أشد من حد القاذف، وحد الشارب أشد من حد القاذف (1).
5 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد عن علي عليه السلام قال: ليس في كلام قصاص (2).
6 - قرب الإسناد: عن علي عن أخيه عليه السلام قال: يجلد الزاني أشد الجلد، وجلد
المفتري بين الجلدين (3).
7 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: إذا سئلت المرأة من فجر بك؟ فقالت: فلان، ضربت حدين، حدا لفريتها
على الرجل، وحدا " لما أقرت على نفسها (4).
صحيفة الرضا (ع): عنه عليه السلام مثله (5).
8 - علل الشرائع: عن أبيه عن الحميري، عن ابن هاشم، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل قال لامرأته: ما أتيتني وأنت عذراء، قال: ليس
عليه شئ قد تذهب العذرة من غير جماع (6).
9 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه
رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن رجل وقع على جارية لامه فأولدها، فقذف
رجل ابنها فقال: يضرب القاذف الحد لأنها مستكرهة (7).
10 - علل الشرائع: روي عن أبي جعفر عليه السلام في قذف محصنة حرة قال: يجلد ثمانين
لأنه إنما يجلد بحقها (8).
11 - علل الشرائع: عن أبيه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي الحسن الحذاء

(1) قرب الإسناد ص 89.
(2) قرب الإسناد ص 89.
(3) قرب الإسناد ص 149.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 39.
(5) صحيفة الرضا (ع) ص 14.
(6) علل الشرايع ج 2 ص 187.
(7) علل الشرايع ج 2 ص 221.
(8) علل الشرايع ج 2 ص 226.
118

قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسألني رجل فقال: يا أبا الحسن! ما فعل غريمك؟
قلت: ذاك ابن الفاعلة، فنظر إلى أبو عبد الله عليه السلام نظرا " شديدا "، فقلت: جعلت فداك
إنه مجوسي ينكح أمه وأخته، قال: أو ليس ذلك في دينهم نكاحا (1).
12 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن علي بن مهزيار
عن الحسن بن سعيد، عن النضر عن القاسم بن سليمان عن أبي مريم الأنصاري قال:
سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلام لم يحتلم، يقذف الرجل هل يجلد؟ قال: لا، وذلك
لو أن رجلا " قذف الغلام لم يجلد (2).
13 - علل الشرائع: بهذا الاسناد، عن النضر، عن ابن حميد، عن أبي بصير قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة، فقال: لا يجلد إلا أن يكون قد
أدركت أو قاربت (3).
14 - قرب الإسناد: عن البزاز، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام في رجل قال
لرجل: يا شارب الخمر! يا آكل الخنزير! قال: لا حد عليه، ولكن يضرب أسواطا " (4).
15 - علل الشرائع: عن أبيه عن سعد عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه على عن الحسن بن
سعيد، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير قال: سمعته يقول: من افترى
على مملوك عزر لحرمة الاسلام (5).
16 - علل الشرائع: بهذا الاسناد عن علي بن مهزيار عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: إن رجلا " لقي رجلا " على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فقال له:
إني احتلمت بأمك، فرفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: إن هذا افترى علي.
فقال: وما قال لك؟ قال: زعم أنه احتلم بأمي، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: في
العدل إن شئت أقمته لك في الشمس وجلدت ظله، فان الحلم مثل الظل، ولكنا

(1) علل الشرايع ج 2 ص 226.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 221.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 221.
(4) قرب الإسناد ص 93.
(5) علل الشرايع ج 2 ص 235.
119

سنضربه إذ ذاك حتى لا يعود يؤذي المسلمين (1).
17 - المحاسن: عن محمد بن علي عن محمد بن أسلم عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي
عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام أو أبا الحسن عليه السلام عن امرأة زنت فأتت بولد
وأقرت عند إمام المسلمين بأنها زانية، وأن ولدها ذلك من الزنا، وأن ذلك
الولد نشأ حتى صار رجلا "، فافترى عليه رجل، فكم يجلد من افترى عليه؟ قال:
يجلد، ولا يجلد، قلت: كيف يجلد ولا يجلد؟ قال: من قال له: " يا ولد الزنا "
لا يجلد إنما يعزر، وهو دون الحد، ومن قال " يا ابن الزانية " جلد الحد تاما ".
قلت: وكيف صار هكذا؟ قال: لأنه إذا قال " يا ولد الزنا " فقد صدق فيه
وإذا قال " يا ابن الزانية " جلد الحد تاما لفريته عليها بعد إظهار التوبة وإقامة
الامام عليها الحد (2).
18 - فقه الرضا (ع): اعلم يرحمك الله إذا قذف مسلم مسلما فعلى القاذف ثمانون جلدة
فإذا قذف ذمي مسلما جلد حدين: حدا للقذف، والحد الآخر بحرمة الاسلام
وإذا زنى الذمي بمسلمة قتلا جميعا ".
وروي إذا قذف رجل رجلا في دار الكفر وهو لا يعرفه، فلا شئ عليه، لأنه
لا يحل أن يحسن الظن فيها بأحد إلا من عرفت إيمانه، وإذا قذف رجلا " في دار الايمان وهو لايمان وهو لا يعرفه فعليه الحد لأنه لا ينبغي أن يظن بأحد فيها إلا خيرا ".
وروي أن من ذكر السيد محمدا " صلى الله عليه وآله أو واحدا من أهل بيته الطاهرين عليهم السلام
بالسوء، وبما لا يليق بهم، والطعن فيهم صلوات الله عليهم، وجب عليه القتل (3).
فإذا قذف حر عبدا " وكانت أمه مسلمة فأتت إلى دار الهجرة، وطالبت بحقها
جلد، وإن لم تطالب فلا شئ عليه.

(1) علل الشرايع ج 2 ص 231.
(2) المحاسن ص 306.
(3) فقه الرضا ص 38.
120

فإذا قذف العبد الحر جلد ثمانين جلدة، وإذا تقاذف رجلان لم يجلد أحد
منهما لأن لكل واحد منهما مثل ما عليه.
وإذا قذف الرجل المسلم الذمي لم يجلد، وإذا قذف المرأة الرجل جلدت
ثمانين جلدة (1).
19 - مناقب ابن شهرآشوب: اتي إلى عمر برجل وامرأة فقال الرجل لها: يا زانية! فقالت:
أنت أزنى مني، فأمر بأن يجلدا، فقال علي عليه السلام: لا تعجلوا، على المرأة حدان
وليس على الرجل شئ منها: حد لفريتها، وحد لاقرارها على نفسها، لأنها قذفته
إلا أنها تضرب ولا تضرب بها الغاية (2).
20 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن ابن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا " من الأنصار
أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن امرأتي قذفت جاريتي، فقال: مرها تصبر نفسها لها
وإلا اقتدت منها، قال: فحدث الرجل امرأته بقول رسول الله فأعطت خادمها
السوط وجلست لها، فعفت عنها الوليدة، فأعتقها وأتى الرجل رسول الله فخبره، فقال:
لعله يكفر عنها، ومن قذف جارية صغيرة لم يجلد.
21 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا قذف العبد الحر جلد
ثمانين أحد الحد.
22 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال [قضى] أمير المؤمنين عليه السلام
أن الفرية ثلاث: إذا رمى الرجل بالزنا. وإذا قال: إنه أمه زانية، وإذا ادعى
لغير أبيه، وحده ثمانون.
23 - الحسين بن سعيد أو النوادر: قال أبي: رجل قذف قوما وهو جلوس في مجلس واحد يجلد
حدا واحدا، وليس لمن عفى المفتري عليه الرجوع في الحد، والمفتري على
الجماعة إن أتوا به مجتمعين جلد حدا " واحدا "، وإن ادعوا عليه متفرقين، جلد
كل مدع حدا "، واليهودي والنصراني والمجوسي متى قذفوا المسلم كان عليهم

(1) فقه الرضا 39.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 359 و 360.
121

الحد، واليهودية والنصرانية متى كانت تحت المسلم فقذف ابنها يحد القاذف، لأن
المسلم قد حصنها، ومن قذف امرأة قبل أن يدخل بها ضرب الحد وهي امرأته.
قال أبي: رجل عرض بالقذف ولم يصرح به عزر، والمملوك إذا قذف
الحر حد ثمانين.
وقال: أي رجلين افترى كل واحد منهما على الآخر فقد سقط عنهما
الحد ويعزران.
أبي قال أبو عبد الله عليه السلام: قال: ادعى رجل على رجل بحضرة أمير المؤمنين
عليه السلام أنه افترى عليه، ولم يكن له بينة، [فقال: يا أمير المؤمنين حلفه] فقال
أمير المؤمنين عليه السلام: لا يمين في حد، ولا في قصاص في عظم.
24 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يقول لامرأته لم أجدك
عذراء، قال: يضرب، قلت: فإنه عاد، قال: يضرب، قلت: فإنه عاد، قال:
يضرب، فإنه أوشك أن ينتهي، ومن قذف امرأته من غير لعان فليس عليه رجم.
25 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
نهى أن يقذف من ليس على الاسلام إلا أن يطلع على ذلك منهم، وقال: أيسر ما فيه
أن يكون كاذبا ".
26 - الحسين بن سعيد أو النوادر: قال أبي: رجل قذف عبده أو أمته قيد منه يوم القيامة، وإذا قذف
الرجل فأكذب نفسه جلد حدا "، وكانت المرأة امرأته فإن لم يكذب نفسه تلاعنه
وفرق بينهما (1).
27 - الدرة الباهرة (2):

(1) النوادر المطبوع بذيل فقه الرضا ص 76 و 77.
(2) كذا في الأصل.
122

{86 باب}
* (حرمة شرب الخمر وعلتها والنهى عن التداوي) *
(بها، والجلوس على مائدة يشرب عليها وأحكامها)
الآيات: البقرة: يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع
للناس وإثمهما أكبر من نفعهما (1).
المائدة: إنما الخمر والميسر والأنصاب - إلى قوله تعالى -: منتهون (2).
النحل: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا " ورزقا " حسنا " (3).

(1) البقرة 219.
(2) المائدة 90.
(3) النحل: 67، قال الطبرسي في المجمع ج 6 ص 370: السكر على أربعة
أوجه: الأول: ما أسكر من الشراب، والثاني ما طعم من الطعام، والثالث السكون ومنه
ليلة ساكرة أي ساكنة، والرابع المصدر من قولك سكر سكرا، ومنه التسكير: التحيير
في قوله تعالى " سكرت أبصارنا ".
وقال في ص 371: " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا " قيل
معناه من ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه سكرا "، وقيل أن تقديره: ومن ثمرات
النخيل والأعناب شئ تتخذون منه سكرا وهو كل ما يسكر من الشراب والخمر، و
الرزق الحسن ما أحل منهما كالخل والزبيب والرب والرطب والتمر، وروى الحاكم في
صحيحة بالاسناد عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية، فقال: السكر ما حرم من ثمنها
والرزق الحسن ما أحل من ثمرها.
قال قتادة: نزلت الآية قبل تحريم الخمر ونزل تحريمها بعد ذلك في سورة المائدة
قال أبو مسلم: ولا حاجة إلى ذلك سواء كان الخمر حراما " أم لم يكن، لأنه تعالى خاطب
المشركين وعدد انعامه عليهم بهذه الثمرات، والخمر من أشربتهم، فكانت نعمة عليهم، و
قيل: إن المراد بالسكر ما يشرب من أنواع الأشربة مما يحل الرزق الحسن ما يؤكل
والحسن: اللذيذ.
وقد أخطأ من تعلق بهذه الآية في تحليل النبيذ، لأنه سبحانه إنما أخبر عن فعل
كانوا يتعاطونه، فأي رخصة في هذا اللفظ، والوجه فيه أنه سبحانه أخبر أنه خلق هذه
الثمار لينتفعوا بها، فاتخذوا منها ما هو محرم عليهم، ولا فرق بين قوله هذا وبين قوله
" تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ".
أقول: فرق بينهما لان قوله تعالى " تتخذون منه سكرا " في مقام الامتنان وقوله
" تتخذون أيمانكم " في مقام الانكار وقبله " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة
أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة " نعم مثله في مقام الامتنان
قوله: " تتخذون من سهولها قصورا " وتنحتون الجبال بيوتا " فاذكروا آلاء الله ".
وأما قول ابن عباس ومن تبعه بأن الرزق الحسن ما أحل منها، وفى مقابلة السكر
ما حرم منها يأباه المقام فإنه في مقام الامتنان بالطيبات، يشهد بذلك آيات قبله بانزال
الماء من السماء واسقاء اللبن من بين فرث ودم، وآيات بعده باخراج العسل: شراب
مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.
والظاهر أن السكر معرب " شكر " بالفارسية: فكما أن الشكر هو ماء قصب يؤخذ
ويغلى بالنار حتى يقول كالعسل فيؤتدم به هكذا صقر التمر وسقر العنب: يؤخذ ويغلى
بالنار حتى يقول، ليؤتدم به، وهو الدبس وكلها رزق حسن اتخذها البشر بالهام الله
عزو جل فعملها كذلك، لئلا يطرؤها فساد الحموضة، وتبقى للائتدام بها والارتزاق
سنين كثيرة.
وكثيرا ما يغلى دبس السكر " شيرهء شكر " زائدا " حتى يعلوه رغوة وزبد يتحجر
كاللوح فتؤخذ على حدة وتسمى بالفارسية " شكرك " وهو الذي سموه بالعربية " سكرة "
كقبرة أو هي لغة حبشية على ما يظن، ويسمى دبس التمر والعنب صقرا " وسقرا " - بفتحتين
بالسين والصاد - أيضا ويشبهان لفظ " شكر " لفظا " ومعنا "، ولعلهما تعريبان لكلمة " شكر "
بصورة أخرى، وقد سمى جهنم " سقر " تشبيها " لموادها المذابة الدائمة الغليان بالشيرج
المغلية و " صقر " لغة في " سقر " فعلى هذا الرزق الحسن هو الخل في مقابل السكر.
123

1 - أمالي الصدوق: عن المكتب عن محمد بن القاسم عن أحمد بن سعيد عن الزبير بن
بكار عن محمد بن الضحاك عن نوفل بن عمارة قال: أوصى قصي بن كلاب بنيه فقال:
يا بنى إياكم وشرب الخمر فإنها إن أصلحت الأبدان أفسدت الأذهان (1).
2 - أمالي الصدوق: عن ابن المغيرة عن جده عن جده عن السكوني عن الصادق عليه السلام
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع لا تدخل بيتا " واحدة منهن إلا
خرب، ولم يعمر بالبركة: الخيانة، والسرقة، وشرب الخمر، والزنا (2).
ما - عن ابن الغضائري عن الصدوق مثله (3).
ثواب الأعمال - عن أبيه عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني مثله (4).
ل - عن ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعري، عن أحمد بن الحسين بن
سعيد عن الحسين بن الحصين عن موسى بن القاسم البجلي رفعه عن أمير المؤمنين
عليه السلام مثله (5).
3 - الخصال: عن ابن إدريس عن أبيه عن ابن يزيد عن ابن أبي عميرة عن معاوية بن
وهب عن أبي سعيد هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة لا يدخلون الجنة:
الكاهن، والمنافق، ومدمن الخمر، والقتات: وهو النمام (6).
4 - أمالي الصدوق: عن أبيه، عن سعد، عن النهدي، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن

(1) أمالي الصدوق: 3 و 4.
(2) أمالي الصدوق ص 239.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 54.
(4) ثواب الأعمال ص 217.
(5) الخصال ج 1 ص 110.
(6) أمالي الصدوق ص 243، وفى الأصل رمز الخصال، ولم نجده فيه، وقد
أخرجه المؤلف ره في ج 75 عن الأمالي ولم يذكر الخصال.
125

محمد بن مسلم قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الخمر، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن أول ما نهاني عنه ربي عز وجل عن عبادة الأوثان، وشرب الخمر، وملاحاة
الرجال، إن الله تعالى بعثني رحمة للعالمين، ولأمحق المعازف والمزامير وأمور
الجاهلية وأوثانها وأزلامها وأحلافها (1) أقسم ربي جل جلاله فقال: لا يشرب عبد لي خمرا
في الدنيا إلا سقيته يوم القيمة مثل ما شرب منها من الحميم، معذبا بعد أو مغفورا له.
وقال عليه السلام: لا تجالسوا شارب الخمر ولا تزوجوه ولا تتزوجوا إليه وإن
مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشيعوا جنازته، إن شارب الخمر يجئ يوم القيمة
مسودا " وجهه، مزرقة عيناه، مائلا " شدقه، سائلا " لعابه، دالعا " لسانه من قفاه (2).
5 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن بيع الخمر، وأن تشترى الخمر،
وأن تسقى الخمر.
وقال صلى الله عليه وآله: لعن الله الخمر وعاصرها وغارسها وشاربها وساقيها وبائعها
ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه.
وقال صلى الله عليه وآله: من شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما وإن مات وفي بطنه شئ من
ذلك كان حقا " على الله أن يسقيه من طينة خبال، وهو صديد أهل النار، وما يخرج
من فروج الزناة، فيجتمع ذلك في قدور جهنم، فيشربها أهل النار، فيصهر به
ما في بطونهم والجلود (3).
6 - تفسير علي بن إبراهيم: " كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون " (4)
قالوا: كانوا يأكلون لحم الخنزير، ويشربون الخمور، ويأتون النساء أيام
حيضهن (5).

(1) في المصدر: أحداثها، والأظهر ما في المتن.
(2) أمالي الصدوق ص 250.
(3) أمالي الصدوق ص 255.
(4) المائدة: 79.
(5) تفسير القمي ص 163.
126

7 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: شارب الخمر لا تصدقوه إذا حدث، ولا تزوجوه إذا خطب، ولا
تعودوه إذا مرض، ولا تحضروه إذا مات، ولا تأتمنوه على أمانة، فمن ائتمنه على
أمانة فاستهلكها فليس له على الله أن يخلف عليه، ولا أن يأجره عليها، لأن الله
يقول " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " (1) وأي سفيه أسفه من شارب الخمر (2).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب الغناء وفي باب الملاهي (3).
8 - قرب الإسناد: عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق عليه السلام قال: لا يدخل الجنة
العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بالفعال للخير إذا عمله (4).
9 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن شارب الخمر ما حاله
إذا سكر منه؟ قال: من سكر من الخمر ثم مات بعده بأربعين يوما "، لقي الله عز
وجل كعابد وثن (5).
10 - قرب الإسناد: عن هارون، عن ابن زياد قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول
لأبيه، يا أبه! إن فلانا يريد اليمن أفلا أزوده ببضاعة ليشترى لي بها عصب
اليمن؟ فقال له: يا بني لا تفعل، قال: فلم؟ قال: لأنها إذا ذهبت لم توجر
عليها، ولم تخلف عليك، لأن الله تعالى يقول " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي
جعل الله لكم قياما " فأي سفيه أسفه بعد النساء من شارب الخمر؟
يا بني إن أبي حدثني عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من ائتمن غير
أمين فليس له على الله ضمان، لأنه قد نهاه أن يأتمنه (6).

(1) النساء: 5.
(2) تفسير القمي ص 119.
(3) سيأتي باب الغناء والملاهي تحت الرقم 90 و 91.
(4) قرب الإسناد ص 55.
(5) قرب الإسناد ص 155.
(6) قرب الإسناد ص 177 وفى ط 131.
127

11 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تشربوا على مائدة تشرب
عليها الخمر، فان العبد لا يدري متى يؤخذ (2).
وقال عليه السلام: من شرب الخمر وهو يعلم أنها حرام، سقاه الله من طينة
خبال وإن كان مغفورا " له (2).
وقال عليه السلام: مدمن الخمر يلقى الله عز وجل حين يلقاه كعابد وثن، فقال
حجر بن عدي: يا أمير المؤمنين ما المدمن؟ قال: الذي إذا وجدها شربها (3).
وقال عليه السلام: من شرب المسكر لم تقبل صلواته أربعين يوما " وليلة (4).
وقال عليه السلام: من سقى صبيا " مسكرا " وهو لا يعقل حبسه الله تعالى في طينة الخبال
حتى يأتي مما صنع بمخرج (5).
وقال عليه السلام: السكر أربع سكرات: سكر الشراب، وسكر المال، وسكر النوم
وسكر الملك (6).
12 - الخصال: عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن
محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن ابن طريف عن ابن نباتة قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: الفتن ثلاث: حب النساء: وهو سيف الشيطان، وشرب الخمر: وهو
فخ الشيطان، وحب الدينار والدرهم: وهو سهم الشيطان، فمن أحب النساء لم
ينتفع بعيشه، ومن أحب الأشربة حرمت عليه الجنة، ومن أحب الدينار والدرهم

(1) الخصال ج 2 ص 160 س 15.
(2) الخصال ج 2 ص 161 س 11.
(3) المصدر ج 2 ص 167 س 11.
(4) المصدر ج 2 ص 167 س 13.
(5) المصدر ج 2 ص 169 س 5.
(6) المصدر ج 2 ص 170 س 3.
128

فهو عبد الدنيا (1).
13 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان
عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة: السفاك للدم
وشارب الخمر، ومشاء بنميمة (2).
14 - الخصال: عن ابن بندار، عن جعفر بن محمد بن نوح، عن محمد بن عمرو،
عن يزيد بن زريع، عن بشر بن نمير، عن القاسم بن عبد الرحمان، عن أبي أمامة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: عاق، ومنان، و
مكذب بالقدر، ومدمن خمر (3).
15 - معاني الأخبار (4) الخصال: عن الطالقاني، عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن إبراهيم بن
جميل، عن المعتمر بن سليمان، عن فضيل بن ميسرة، عن أبي جرير، عن أبي بردة
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن
الخمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم، ومن مات مدمن خمر سقاه الله عز وجل من
نهر الغوطة، قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات يؤذي
أهل النار ريحهن (5).
16 - الخصال: عن الخليل، عن محمد بن معاذ، عن علي بن خشرم، عن عيسى
ابن يونس، عن أبي معمر، عن سعيد الغنوي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب
عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، و

(1) الخصال ج 1 ص 56.
(2) الخصال ج 1 ص 85.
(3) الخصال ج 1 ص 94.
(4) معاني الأخبار ص 329 - 330.
(5) الخصال ج 1 ص 85.
129

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع حليلته تخرج إلى الحمام (1).
17 - الخصال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن بنان بن محمد، عن أبيه، عن ابن
المغيرة، عن السكوني، عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: ستة لا يسلم عليهم:
اليهودي والمجوسي والنصراني والرجل على غائطه، وعلى موائد الخمر، وعلى
الشاعر الذي يقذف المحصنات، وعلى المتفكهين بسبب الأمهات (2).
18 - الخصال: عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن الفارس، عن الجعفري، عن
عبد الله بن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عز وجل لما خلق الجنة خلقها من لبنتين: لبنة
من ذهب، ولبنة من فضة، وجعل حيطانها الياقوت، وسقفها الزبرجد، وحصاها
اللؤلؤ، وترابها الزعفران، والمسك الأذفر، فقال لها: تكلمي! فقالت: لا إله
إلا الله، أنت الحي القيوم، قد سعد من يدخلني.
فقال عز وجل: بعزتي وعظمتي وجلالي وارتفاعي، لا يدخلها مدمن خمر، ولا سكير
ولا قتات وهو النمام ولا ديوث وهو القلطبان، ولا فلاع وهو الشرطي، ولا زنوق
وهو الخنثى، ولا جياف وهو النباش، ولا عشار، ولا قاطع الرحم، ولا قدري (3).
أقول: قد مضى باسناد آخر في باب جوامع المساوي (4).
19 - الخصال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر
عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله في الخمر
عشرة: غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها
ومشتريها وآكل ثمنها (5).

(1) الخصال ج 1 ص 78.
(2) الخصال ج 1 ص 158.
(3) الخصال ج 2 ص 54 ورواه في المعاني ص 330 وفيه المخنث بدل الخنثى.
(3) راجع ج 72 ص 191 و 192.
(4) الخصال ج 2 ص 58.
130

ثواب الأعمال: عن ابن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، عن علي بن إسماعيل، عن
أحمد بن النضر مثله (1).
20 - تفسير علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام " يا أيها الذين
آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام " (2) أما الخمر فكل مسكر من
الشراب إذا خمر فهو خمر، وما أسكر كثيره فقليله حرام، وذلك أن أبا بكر شرب
قبل أن يحرم الخمر، فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من
أهل البدر، فسمع النبي صلى الله عليه وآله فقال: اللهم أمسك على لسانه، فأمسك على لسانه
فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر: فأنزل الله تحريمها بعد ذلك، وإنما كانت الخمر
يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر والتمر.
فلما نزل تحريمها خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقعد في المسجد، ثم دعا بآنيتهم
التي كانوا ينبذون فيها فكفأها كلها، وقال: هذه كلها خمر، وقد حرمها الله
فكان أكثر شئ أكفئ في ذلك يومئذ من الأشربة الفضيخ، ولا أعلم أكفئ يومئذ
من خمر العنب شئ إلا إناء واحدا "، كان فيه زبيب وتمر جميعا "، فأما عصير العنب
فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شئ.
حرم الله الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشراءها والانتفاع بها، وقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر فاجلدوه، فان عاد فاجلدوه، فان عاد فاجلدوه، فان
عاد في الرابعة فاقتلوه.
وقال: حق على الله أن يسقي من شرب الخمر مما يخرج من فروج المومسات، و
المومسات الزواني، يخرج من فروجهن صديد، والصديد قيح ودم غليظ مختلط
يؤذي أهل النار حره ونتنه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر لم يقبل منه صلاة أربعين ليلة، فان
عاد فأربعين ليلة من يوم شربها، فان مات في تلك الأربعين من غير توبة سقاه الله

(1) ثواب الأعمال ص 218.
(2) المائدة: 90.
131

يوم القيامة من طينة خبال.
وسمي المسجد الذي قعد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أكفئت الأشربة مسجد
الفضيخ من يومئذ لأنه كان أكثر شئ أكفي من الأشربة الفضيخ.
فأما الميسر، فالنرد والشطرنج، وكل قمار ميسر، وأما الأنصاب فالأوثان
التي كان يعبدها المشركون، وأما الأزلام فالقداح التي كانت تستقسم بها
مشركوا العرب في الجاهلية، كل هذا بيعه وشراؤه والانتفاع بشئ من هذا
حرام من الله محرم وهو رجس من عمل الشيطان، وقرن الله الخمر والميسر
مع الأوثان.
وأما قوله: " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا " (1) يقول: لا
تعصوا ولا تركبوا الشهوات من الخمر والميسر " فان توليتم " يقول: عصيتم
" فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين " إذا قد بلغ وبين فانتهوا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه سيكون قوم يبيتون وهم على اللهو وشرب
الخمر والغناء، فبينا هم كذلك إذ مسخوا من ليلتهم وأصبحوا قردة وخنازير،
وهو قوله: " واحذروا " أي لا تعتدوا كما اعتدى أصحاب يوم السبت، فقد كان
أملى لهم حتى آثروا وقالوا: إن السبت لنا حلال، وإنما كان حرم على أولانا
وكانوا يعاقبون على استحلالهم السبت، فأما نحن فليس علينا حرام، وما زلنا
بخير منذ استحللناه، وقد كثرت أموالنا، وصحت أجسامنا، ثم أخذهم الله
ليلا " وهم غافلون، فهو قوله: واحذروا أن يحل بكم مثل ما حل بمن
تعدى وعصى.
فلما نزلت تحريم الخمر والميسر، والتشديد في أمرهما، قال الناس من
المهاجرين والأنصار: يا رسول الله! قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر، وقد
سماه رجسا " وجعلها من عمل الشيطان، وقد قلت ما قلت، أفيضر أصحابنا ذلك

(1) المائدة: 92.
132

شيئا " بعد ما ماتوا؟ فأنزل الله " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما
طعموا " (1) الآية.
فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر، والجناح هو الاثم على من شربها
بعد التحريم (2).
21 - علل الشرائع: عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن عبد الرحمن بن سالم
عن المفضل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لم حرم الله الخمر؟ قال: حرم الله
الخمر لفعلها وفسادها، لأن مدمن الخمر تورثه الارتعاش، وتذهب بنوره، و
تهدم مروته، وتحمله على أن يجترئ على ارتكاب المحارم، وسفك الدماء، و
ركوب الزنا، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه، وهو لا يعقل ذلك، ولا يزيد
شاربها إلا كل شر (3).
22 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن إبراهيم، عن
أبي يوسف، عن أبي بكر الحضرمي، عن أحدهما عليه السلام قال: الغنا عش النفاق
والشرب مفتاح كل شر، ومدمن الخمر كعابد وثن، مكذب بكتاب الله، لو
صدق كتاب الله لحرم حرام الله (4).
23 - علل الشرائع: عن أبيه، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن
بشار قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن شرب الخمر أشر أم ترك الصلاة؟ فقال:
شرب الخمر أشر من ترك الصلاة، وتدري لم ذلك؟ قال: لا: قال: يصير في حال
لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف من خالقه (5).

(1) المائدة: 93.
(2) تفسير القمي ص 167 - 169.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 161.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 162.
(5) المصدر نفسه.
133

24 - ثواب الأعمال (1) الخصال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن معاوية بن حكيم،
عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
من شرب الخمر لم تقبل صلاته أربعين يوما "، فان ترك الصلاة في هذه الأيام ضوعف
عليه العذاب لترك الصلاة (2).
25 - الخصال: وفي خبر آخر: إن شارب الخمر توقف صلاته بين السماء و
الأرض، فإذا تاب ردت عليه (3).
26 - عيون أخبار الرضا (ع): عن الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن الريان، عن الرضا عليه السلام
قال: ما بعث الله نبيا " إلا بتحريم الخمر، وأن يقر له بأن الله يفعل ما يشاء و
أن يكون في تراثه الكندر (4).
27 - عيون أخبار الرضا (ع): فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون: وتحريم الخمر قليلها وكثيرها
وتحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره، وما أسكر كثيره فقليله حرام، و
المضطر لا يشرب الخمر لأنها تقتله (5).

(1) ثواب الأعمال ص 218.
(2) الخصال ج 2 ص 109.
(3) المصدر نفسه.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 14.
(5) عيون الأخبار ج 2 ص 126.
وفى علل محمد بن سنان، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: حرم الله الخمر
لما فيها من الفساد ومن تغيير عقول شاربيها وحملها إياهم على انكار الله عز وجل والفرية
عليه وعلى رسله وساير ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف والزنا وقلة الاحتجاز
من شئ من المحارم، فبذلك قضينا على كل مسكر من الأشربة أنه حرام محرم، لأنه
يأتي من عاقبتها ما يأتي من عاقبة الخمر، فليجتنب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتولانا
وينتحل مودتنا كل شراب مسكر، فإنه لا عصمة بيننا وبين شاربها، راجع علل الشرايع
ج 2 ص 161، عيون الأخبار ج 2 ص 98.
134

28 - التوحيد: عن حمزة العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن الريان قال:
سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما بعث الله نبيا " إلا بتحريم الخمر، وأن يقر
له بالبداء (1).
29 - معاني الأخبار: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من
شرب الخمر أو مسكرا لم تقبل صلاته أربعين صباحا، فان عاد سقاه الله من طينة
خبال، قلت: وما طينة خبال؟ قال: صديد يخرج من فروج الزناة (2).
30 - علل الشرائع: عن ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن ابن خالد قال:
قلت للرضا عليه السلام: إنا روينا عن النبي صلى الله عليه وآله أن من شرب الخمر لم تحسب
صلاته أربعين صباحا "، فقال: صدقوا، فقلت: فكيف لا تحسب صلاته أربعين صباحا "
لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قال: لأن الله تبارك وتعالى قدر خلق الانسان
فصير النطفة أربعين يوما "، ثم نقلها فصيرها علقة أربعين يوما "، ثم نقلها فصيرها
مضغة أربعين يوما، وهذا إذا شرب الخمر بقيت في مشاشة على قدر ما خلق منه
وكذلك جميع غذائه وأكله وشربه تبقى في مشاشة أربعين يوما " (3).

(1) التوحيد: 333.
(2) معاني الأخبار ص 164.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 34، ولعل المراد أن بناء بدن الانسان على وجه يكون
التغيير الكامل فيه بعد أربعين يوما " كالتغيير من النطفة إلى سائر المراتب، فالتغيير عن الحالة
التي حصلت في البدن من شرب الخمر إلى حالة أخرى بحيث لا يبقى فيه أثر منها لا يكون الا
بعد مضى تلك المدة.
وقال شيخنا البهائي - قدس الله روحه -: لعل المراد بعدم القبول هنا عدم ترتب
الثواب عليها في تلك المدة، لا عدم اجزائها، فإنها مجزية اتفاقا، من رحمه الله في
مجلد الصلاة.
أقول: وقد مر أن من ترك الصلاة في هذه الأيام ضوعف عليه العذاب لترك
الصلاة، ولا يكون ذلك للامر بالصلاة، والامر يدل على الاجزاء بعد الايتمار
والامتثال.
135

31 - المحاسن: عن البزنطي عن الحسين بن خالد مثله (1)
32 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن علي بن حديد وابن
أبي نجران معا "، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
لا تحقرن بالبول، ولا تتهاون به، ولا بصلاتك، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال عند
موته: ليس مني من استخف بصلاته، لا يرد على الحوض لا والله، ليس مني من
شرب مسكرا "، لا يرد على الحوض لا والله (2).
33 - علل الشرائع (3) أمالي الصدوق: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب،
عن ابن بزيع، عن ابن عذافر، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: إن الله حرم الخمر لفعلها وفسادها.
ثم قال عليه السلام: إن مدمن الخمر كعابد وثن، وتورثه الارتعاش، وتهدم
مروته، وتحمله على التجسر على المحارم من سفك الدماء، وركوب الزنا،
حتى لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه، وهو لا يعقل ذلك، والخمرة لا
تزيد شاربها إلا كل شر (4).
أقول: قد مضى الخبر بتمامه في أبواب الأطعمة والأشربة (5) وقد مضى في

(1) المحاسن ص 329.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 45.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 169.
(4) أمالي الصدوق ص 395 وكان الرمز ل وهو سهو.
(5) قد مضى في كتاب السماء والعالم ص 771 ط كمباني.
136

باب ما يوجب غضب الله أن من الذنوب التي تهتك الستور شرب الخمر (1).
34 - علل الشرائع: عن علي بن حاتم، عن محمد بن عمر، عن محمد بن زياد، عن أحمد
ابن الفضل، عن يونس، عن البطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
المضطر لا يشرب الخمر لأنها لا تزيده إلا شرا " ولأنه إن شربها قتلته فلا يشرب
منها قطرة.
وروي لا تزيده إلا عطشا ".
قال الصدوق: جاء هذا الحديث هكذا كما أوردته، وشرب الخمر في حال
الاضطرار مباح مطلق مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، وإنما أوردته لما فيه من
العلة ولا قوة إلا بالله (2).
35 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه قال: سألته عن الكحل يصلح أن يعجن
بالنبيذ؟ قال: لا (3).
36 - ثواب الأعمال: عن ابن المتوكل، عن محمد بن جعفر، عن النخعي، عن
النوفلي، عن البطائني، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: مدمن الخمر
كعابد الوثن، والناصب لآل محمد شر منه.
قلت: جعلت فداك ومن شر من عابد الوثن؟ فقال: إن شارب الخمر
تدركه الشفاعة يوما ما، وإن الناصب لو شفع فيه أهل السماوات والأرض لم
يشفعوا (4).
37 - ثواب الأعمال: عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن عثمان بن عفان

(1) أخرجه المؤلف في ج 73 ص 374 من طبعتنا هذه عن كتاب العلل ج 2 ص
271 معاني الأخبار: 269 الاختصاص: 238.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 164.
(3) قرب الإسناد ص 164.
(4) ثواب الأعمال ص 187.
137

عن علي بن غالب، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يدخل الجنة سفاك
الدم، ولا مدمن الخمر، ولا مشاء بنميم (1).
38 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن البرقي، عن عثمان بن
عيسى، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: تحرم الجنة على ثلاثة: المنان، والقتات، ومدمن الخمر (2).
39 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن عدة من
أصحابنا، عن ابن أسباط، عن علي بن جعفر عليه السلام عن أخيه موسى عليه السلام قال:
حرمت الجنة على ثلاثة: النمام، ومدمن الخمر، والديوث وهو الفاجر (3)
40 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن الحميري، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن
هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مدمن الخمر
يلقى الله عز وجل كعابد وثن، ومن شرب منه شربة لم يقبل الله عز وجل له صلاة
أربعين يوما " (4).
المحاسن: عن أبيه، عن النضر، عن هشام بن سالم مثله (5).
41 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن ابن أبان، عن الأهوازي، عن ابن أبي
عمير، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله رجل فقال: أصلحك
الله شرب الخمر شر أم ترك الصلاة؟ فقال: شرب الخمر، ثم قال: وتدري لم
ذاك؟ قال: لا، قال: لأنه يصير في حال لا يعرف ربه (6).
المحاسن: عن أحمد بن محمد، عن الأهوازي مثله (7).

(1) ثواب الأعمال ص 241.
(2) ثواب الأعمال ص 241.
(3) ثواب الأعمال ص 241.
(4) ثواب الأعمال ص 217.
(5) المحاسن: 125.
(6) ثواب الأعمال ص 217.
(7) المحاسن ص 125.
138

42 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن محمد بن بن أبي القاسم، عن هارون بن مسلم،
عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله
قال: يجئ مدمن الخمر المسكر يوم القيامة مزرقة عيناه، مسودا " وجهه،
مائلا " شفته (1) يسيل لعابه. مشدودة ناصيته إلى إبهام قدميه، خارجة يده من صلبه
فيفزع منه أهل الجمع إذا رأوه مقبلا " إلى الحساب (2).
43 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن ابن يزيد، عن مروك،
عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من اكتحل بميل من مسكر كحله الله عز
وجل بميل من نار، وقال: إن أهل الري في الدنيا من المسكر يموتون عطاشى
ويحشرون عطاشى، ويدخلون النار عطاشى (3).
44 - ثواب الأعمال: عن جعفر، عن أبيه الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة، عن
العباس بن عامر، عن أبي الصحاري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن شارب
الخمر، فقال: لم تقبل منه صلاة ما دام في عروقه منها شئ (4).
45 - ثواب الأعمال: بهذا الاسناد، عن الحسن، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان
عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل جعل للشر أقفالا
وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، وأشر من الشراب الكذب (5).
46 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن اليقطيني، عن النضر، عن
يعقوب بن شعيب، عن أحدهما عليهما السلام قال: إن الله عز وجل للمعصية

(1) شقة خ ل.
(2) ثواب الأعمال ص 217.
(3) ثواب الأعمال ص 218، وعطاشى - بفتح العين - وعطاشا - بالكسر كما
في المصدر - جمع العطشان.
(4) ثواب الأعمال ص 218.
(5) ثواب الأعمال ص 218.
139

بيتا ثم جعل للبيت بابا "، ثم جعل للباب غلقا "، ثم جعل للغلق مفتاحا "، ومفتاح
المعصية الخمر (1).
47 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن عميرة
عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مدمن الزنا والسرق والشرب
كعابد وثن (2).
48 - ثواب الأعمال: عن ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعري، عن محمد بن جعفر
القمي رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: الغناعش النفاق، وشرب الخمر مفتاح كل
شر، وشارب الخمر مكذب بكتاب الله عز وجل، ولو صدق (3) كتاب الله
حرم حرامه (4).
49 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو
ابن سعيد، عن مصدق، عن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الرجل
إذا شرب المسكر ما حاله؟ قال: لا يقبل الله صلاته أربعين يوما " وليس له توبة في
الأربعين، وإن مات فيها دخل النار (5).
50 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن
أحمد بن إسماعيل الكاتب، عن أبيه قال: أقبل محمد بن علي عليهما السلام في المسجد الحرام
فنظر إليه قوم من قريش فقالوا: هذا إله (6) أهل العراق، فقال بعضهم: ولو
بعثتم إليه بعضكم فسأله، فأتاه شاب منهم فقال له: يا عم ما أكبر الكبائر؟ فقال:
شرب الخمر، فأتاهم فأخبرهم، فقالوا له: عد إليه فلم يزالوا به حتى عاد إليه
فسأله فقال له: ألم أقل لك يا ابن أخ: شرب الخمر يدخل صاحبه في الزنا

(1) ثواب الأعمال ص 218.
(2) ثواب الأعمال ص 218.
(3) في المصدر: ولو صدق الله عز وجل لاجتنب محارمه.
(4) ثواب الأعمال: 219.
(5) ثواب الأعمال: 219.
(6) في الكافي: امام أهل العراق.
140

والسرقة وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وفي الشرك بالله، أفاعيل الخمر
تعلو على كل ذنب كما تعلو شجرتها على كل شجرة (1).
51 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن العمركي
قال: قلت للرضا عليه السلام: إن ابن داود (2) يذكر أنك قلت له: شارب الخمر
كافر؟ قال: صدق، قد قلت له (3).
52 - فقه الرضا (ع): الخمر تورث قساوة القلب، ويسود الأسنان، ويبخر الفم
ويبعد من الله، ويقرب من سخطه، وهو من شراب إبليس.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: شارب الخمر ملعون، شارب الخمر كعبدة الأوثان،
يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان (4).
53 - المحاسن: عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن سليمان، عن بعض
الصالحين قال: قال رسول الله صلى الله على وآله: ملعون ملعون من جلس طائعا " على مائدة
يشرب عليها الخمر (5).
54 - المحاسن: عن هارون بن الجهم قال: كنا مع أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة
حين قدم على أبي جعفر، فختن بعض القواد ابنا له وصنع طعاما " ودعى الناس،
فكان أبو عبد الله عليه السلام فيمن دعي، فبينا ما هو على المائدة يأكل ومعه عدة على المائدة
فاستسقى رجل منهم فأوتي بقدح له فيه الشراب، فلما صار القدح في يد الرجل قام
أبو عبد الله عليه السلام عن المائدة فخرج.
فسئل عن قيامه، فقال عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ملعون ملعون من

(1) ثواب الأعمال ص 219 ورواه في الكافي ج 6 ص 429.
(2) في المصدر: داود بن آدم وفى الأصل ابن يزدان خ ل.
(3) المصدر ص 219.
(4) فقه الرضا: 34.
(5) المحاسن ص 584.
141

جلس على مائدة يشرب عليها الخمر (1).
55 - فقه الرضا (ع): اعلم يرحمك الله أن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينه، و
حرم رسول الله صلى الله عليه وآله كل شراب مسكر، ولعن رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر وغارسها
وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه، وبايعها، ومتبايعها وشاربها وآكل ثمنها و
ساقيها والمتحول فيها، فهي ملعونة، شراب لعين، وشاربها لعينان.
واعلم أن شارب الخمر كعبدة الأوثان، وكناكح أمه في حرم الله، وهو
يحشر يوم القيامة مع اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، أولئك
حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون.
واعلم أن من شرب من الخمر قدحا " واحدا " لا يقبل الله صلاته أربعين يوما "
ومن كان مؤمنا " فليس له في الايمان حظ، ولا في الاسلام نصيب، لا يقبل منه الصرف
ولا العدل، وهو أقرب إلى الشرك من الايمان، خصماء الله وأعداؤه في أرضه
شراب الخمر والزناة، فان مات في أربعين يوما " لا ينظر الله إليه يوم القيامة، و
لا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم، ولا تقبل توبته في أربعين، وهو في النار
لا شك فيه.
وإياك أن تزوج شارب الخمر، فان زوجته فكأنما قدت إلى الزنا،
ولا تصدقه إذا حدثك، ولا تقبل شهادته، ولا تأمنه على شئ من مالك، فان
ائتمنته فليس لك على الله ضمان، ولا تؤاكله ولا تصاحبه ولا تضحك في وجهه ولا
تصافحه، ولا تعانقه، وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشيع جنازته.
ولا تأكل في مائدة يشرب عليها بعدك خمر، ولا تجالس شارب الخمر،
ولا تسلم إذا مررت به، فان سلم عليك فلا ترد عليه السلام بالمساء والصباح، ولا

(1) المحاسن ص 585.
وقد أخرج مثله عن الكافي ج 6 ص 268 في ج 47 ص 39 من هذه الطبعة الحديثة
من بحار الأنوار فراجع.
142

تجتمع معه في مجلس، فان اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس وإن الله تبارك
وتعالى حرم الخمر لما فيها من الفساد، وبطلان العقول في الحقائق، وذهاب
الحياء من الوجه، وإن الرجل إذا سكر فربما وقع على أمه، أو قتل النفس
التي حرم الله، ويفسد أمواله، ويذهب بالدين، ويسئ المعاشرة، ويوقع
العربدة، وهو يورث مع ذلك الداء الدفين، فمن شرب الخمر في دار الدنيا أسقاه
الله من طينة خبال وهي صديد أهل النار.
وروي أن من سقى صبيا " جرعة من مسكر سقاه الله من طينة خبال، حتى
يأتي بعذر مما أتى وإن لا يأتي أبدا " يفعل به ذلك مغفورا " له أو معذبا "، وعلى شارب
كل مسكر مثل ما على شارب الخمر من الحد (1).
56 - الخرائج: روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أول ما ملكته لديناران
على عهد أبي، وكان رجل يشتري الأردية فأردت أن أبضعه فقال أبي: لا تبضعه،
قال: فدفعت إليه سرا " من أبي فخرج، ولما رجع بعثت إليه رسولا " فقال له: ما
دفع إلى شيئا "، قال: فظننت أنه إنما ستر ذلك من أبي، فذهبت إليه بنفسي و
قلت: الديناران؟ قال: ما دفعت إلى شيئا، فأتيت أبي فلما رآني رفع إلى رأسه
ثم قال: متبسما: يا بني ألم أقل لك أن لا تدفع إليه؟ إنه من ائتمن شارب
الخمر فليس له على الله ضمان، إن الله يقول: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي
جعل الله لكم " فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟ فليس إن أشهدكم لم تقبل شهادته؟
وإن شفع لم يشفع؟ وإن خطب لم يزوج؟ (2).
52 - طب الأئمة: عن عبد الله بن جعفر، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان
عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دواء يعجن بالخمر لا يجوز أن يعجن
بغيره، إنما هو اضطرار، فقال: لا والله لا يحل لمسلم أن ينظر إليه، فكيف

(1) فقه الرضا: 38.
(2) لم نجده في مختار الخرائج.
143

يتداوى به، وإنما هو بمنزلة شحم الخنزير الذي يقع في كذا وكذا، لا يكمل
إلا به، فلا شفى الله أحدا " شفاه خمر وشحم خنزير (1).
أقول: أوردنا بعض الأخبار في باب التداوي بالحرام في كتاب الأطعمة (2).
58 - تفسير العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
بينما حمزة بن عبد المطلب وأصحاب له على شراب لهم يقال له: السكركة (3)
قال: فتذاكروا السريف (4) فقال لهم حمزة: كيف لنا به؟ فقالوا: هذه
ناقة بن أخيك علي، فخرج إليها فنحرها ثم أخذ كبدها وسنامها فأدخل عليهم،
قال: وأقبل علي عليه السلام فأبصر ناقته، فدخله من ذلك، فقالوا له: عمك حمزة
صنع هذا.
قال: فذهب عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكى ذلك إليه، قال: فأقبل معه
رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل لحمزة: هذا رسول الله بالباب قال: فخرج حمزة وهو مغضب
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله الغضب في وجهه انصرف، قال: فقال له حمزة: لو أراد

(1) طب الأئمة ص 62، وقوله: " في كذا وكذا " أي من الأدوية.
(2) إنما عقد المؤلف رحمه الله في كتاب السماء والعالم الباب 53 في التداوي
بالحرام، استوعب فيه البحث، راجع ج 62 ص 79 - 93، من هذه الطبعة الحديثة.
(3) السكركة ويقال لها السقرقع: شراب يتخذ من الذرة أو شراب لأهل الحجاز
من الشعير والحبوب حبشية، وقد لهجوا بها، ويسميها العرب الغبيراء مصغرا ".
(4) السريف - كسكين - أو هو السرف - محركة - ما يؤكل مع الشراب كالشواء
ونحو ذلك لأجل الضراوة بها ليتمكنوا من اكثارها. ويقال لها بالفارسية " مزه " وأما
في المصدر المطبوع " فتذاكروا الشريف " وفى أمالي الطوسي ج 2 ص 271 في ط و
ص 57 و 58 في ط " السديف " كما أخرجه المؤلف العلامة قدس سره هكذا في ج 20
ص 114 باب غزوة أحد، وقال في بيانه ص 116 " السديف " كأمير شحم السنام قاله
الفيروزآبادي.
144

ابن أبي طالب أن يقودك بذمام فعل، فدخل حمزة منزله وانصرف النبي صلى الله عليه وآله.
قال: وكان قبل أحد، فأنزل الله تحريم الخمر فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله
بآنيتهم فأكفئت (1).
59 - تفسير العياشي: عن علي بن يقطين قال: سأل المهدي أبا الحسن عليه السلام عن الخمر
هل هي محرمة في كتاب الله؟ فان الناس يعرفون النهي ولا يعرفون التحريم،
فقال له أبو الحسن: بل هي محرمة، قال: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله
يا أبا الحسن؟ قال: قول الله تعالى " إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما
بطن والاثم والبغي بغير الحق " (2).
فأما قوله: " ما ظهر منها " فيعني الزنا المعلن، ونصب الرايات التي كانت
ترفعها الفواجر في الجاهلية، وأما قوله: " وما بطن " يعني ما نكح من الآباء
فان الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وآله إذا كان للرجل زوجة ومات عنها
تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمه، فحرم ذلك وأما الاثم فإنها الخمر بعينها
وقد قال الله في موضع آخر " يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير و
منافع للناس وإثمهما أكبر " إلى آخر الآية (3).
فأما الاثم في كتاب الله فهي الخمر، والميسر فهي النرد، وإثمهما كبير كما
قال الله وأما قوله: البغي فهي الزنا سرا ".
قال: فقال المهدي: هذه والله فتوى هاشمية (4).
60 - تفسير العياشي: عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله أمر نوحا
أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين، فحمل النخل والعجوة، فكانا زوجا "

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 340 والحديث طويل.
(2) الأعراف: 33.
(3) البقرة: 219.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 17.
145

فلما أنضب الله الماء أمر الله نوحا " أن يغرس الحبلة - وهي الكرم - فأتاه إبليس فمنعه من
غرسها وأبى نوح إلا أن يغرسها، وأبى إبليس أن يدعه يغرسها، فقال: ليست لك ولا لأصحابك
إنما هي لي ولأصحابي، فتنازعا ما شاء الله، ثم إنهما اصطلحا على أن جعل نوح
لإبليس ثلثيها ولنوح ثلثه، وقد أنزل الله لنبيه في كتابه ما قد قرأتموه " ومن ثمرات
النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا " ورزقا " حسنا " (1) فكان المسلمون بذلك، ثم
أنزل الله آية التحريم هذه الآية " إنما الخمر والميسر والأنصاب - إلى -
منتهون (2) يا سعيد فهذه التحريم وهي نسخت الآية الأخرى (3).
61 - تفسير العياشي: عن سيف بن عميرة عن شيخ من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كنا عنده فسأله شيخ فقال: بي وجع وأنا أشرب له النبيذ (4) ووصفه له الشيخ
فقال له: ما يمنعك من الماء الذي جعل الله منه كل شئ حي؟ قال: لا يوافقني
قال: فما يمنعك من العسل؟ قال الله: فيه شفاء للناس؟ لا أجد، قال: فما يمنعك
من اللبن الذي نبت منه لحمك، واشتد عظمك؟ قال: لا يوافقني.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: تريد أن آمرك بشرب الخمر؟ لا والله لا آمرك (5).
62 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: الحد في الخمر إن شرب منه قليلا " أو كثيرا ".
قال: واتي عمر بن الخطاب بقدامة من مظعون قد شرب الخمر، وقامت عليه
البينة، فسأل عليا أن يجلده بأمره ثمانين، فقال قدامة: ليس على جلد أنا من
أهل هذه الآية التي ذكر الله في كتابه " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات

(1) النحل: 76.
(2) المائدة: 90.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 262 - 263.
(4) ان بي وجعا " وإنما أشرب خ.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 264.
146

جناح فيما طعموا " (1).
فقال له على: كذبت لست من أهلها، ما طعم أهلها فهو لهم حلال، وليسوا
يأكلون ولا يشربون إلا ما أحل الله (2).
63 - جامع الأخبار: (3) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق، من شرب شربة من
مسكر لم تقبل صلاته أربعين يوما " وليلة، فان تاب تاب الله عليه، ومن شرب [شربتين
لم يقبل الله صلاته ثمانين يوما " وليلة، ومن شرب منها ثلاث شربات] (4) لم يقبل
الله صلاته مائة وعشرين يوما " وليلة، وكان حقا " على الله أن يسقيه من ردغة الخبال
قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: صديد أهل النار وقيحهم.
وقال صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق إن شارب الخمر يجئ يوم القيامة مسودا "
وجهه، أزرق عيناه، قالصا شفتاه، يسيل لعابه على قدميه يقذر من رآه.
وقال صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق إن شارب الخمر يموت عطشان. وهو في
القبر عطشان، ويبعث يوم القيامة وهو عطشان، وينادي: وا عطشاه ألف سنة، فيؤتى
بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب، فينضج وجهه، ويتناثر أسنانه وعيناه في
ذلك الإناء، فليس له بد من أن يشرب فيصهر (5) ما في بطنه.
وقال عليه السلام لأهل الشام: والله الذي بعثني بالحق من كان في قلبة آية من
القرآن، ثم صب عليه الخمر يأتي كل حرف يوم القيامة فيخاصمه بين يدي الله

(1) المائدة: 93.
(2) النوادر: 77 ورواه في العياشي ج 1 ص 341.
(3) جامع الأخبار رمز جامع الأخبار. وفى الأصل جمع وهو تصحيف قد اختلط بمتن
الأحاديث.
(4) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر.
(5) الصهر: الإذابة والاحماء، إشارة إلى قوله تعالى: " يصهر به ما في
بطونهم والجلود ".
147

عز وجل، ومن كان له القرآن خصما " كان هو في النار (1).
عن علي بن عندليب بن موسى عن إسماعيل بن سلمان عن أنس بن مالك
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن في جهنم لواديا " يستغيث منه أهل النار كل يوم
سبعين ألف مرة، في ذلك الوادي بيت من نار، في ذلك البيت جب من نار، في ذلك
الجب تابوت من نار، في ذلك التابوت حية لها ألف رأس، في كل رأس ألف فم، في
كل فم عشرة آلاف ناب، وكل ناب ألف ذراع وقال أنس: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله
لمن يكون هذا العذاب؟ قال: صلى الله عليه وآله لشربة الخمر من حملة القرآن.
[وقال صلى الله عليه وآله: شارب الخمر كعابد الوثن].
وقال صلى الله عليه وآله: من بات سكرانا " بات عروسا " للشيطان.
وقال صلى الله عليه وآله: من كان في قلبه آية من القرآن أو حرف فصب عليها الخمر
يوم القيامة يخاصمه القرآن.
وقال صلى الله عليه وآله: الخمر أم الخبائث.
وقال صلى الله عليه وآله: جمع الشر كله في بيت، وجعل مفتاحه شرب الخمر.
وقال صلى الله عليه وآله: من بات سكران عاين ملك الموت سكران، ودخل القبر سكران، و
يوقف بين يدي الله سكران فيقول الله له: مالك؟ فيقول: أنا سكران [فيقول الله عز وجل:
بهذا أمرتك؟ اذهبوا به إلى سكران] (2) فيذهب إلى جبل في وسط جهنم، فيه عين
تجرى مدة ودما "، لا يكون طعامه وشرابه إلا منه.
وقال عليه السلام: حلف ربى بعزته: لا يشرب عبد من عبادي جرعة من خمر إلا
سقيته مثلها من الصديد، مغفورا " كان أو معذبا " ولا يتركها عبد من مخافتي إلا سقيته
مثلها من حياض القدس.
وقال عليه السلام: لا تجالسوا مع شارب الخمر، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشيعوا

(1) جامع الأخبار ص 174.
(2) ما بين العلامتين من المصدر.
148

جنائزهم، ولا تصلوا على أمواتهم، فإنهم كلاب [أهل] النار كما قال الله " اخسؤوا
فيها ولا تكلمون " (1).
وعنه عليه السلام: ألا من أطعم شارب الخمر بلقمة من الطعام، أو شربة من الماء لسلط الله
تعالى في قبره حيات وعقارب طول أسنانها مائة وعشر ذراع، وأطعمه الله تعالى من
صديد جهنم يوم القيامة، ومن قضى حاجته فكأنما قتل ألف مؤمن، أو هدم الكعبة
ألف مرة [ومن سلم عليه فعليه لعنة سبعون ألف ملك]، لعن الله شارب الخمر
وعاصرها، وساقيها، وحاملها [والمحمول إليه] (2).
وعنه عليه السلام أنه قال: العبد إذا شرب شربة من الخمر [ابتلاه الله بخمسة
أشياء]: في الأول قسا قلبه، وفي الثاني تبرء منه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل
وجميع الملائكة، وفي الثالثة تبرء منه جميع الأنبياء والأئمة، وفي الرابعة تبرء
منه الجبار جل جلاله [والخامس قوله عز وجل " وأما الذين فسقوا فمأواهم
النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار التي
كنتم بها تكذبون] (3).
وعنه عليه السلام إذا كان يوم القيامة يخرج من جهنم جنس من عقرب، رأسه في
السماء السابعة، وذنبه إلى تحت الثرى، وفمه من المشرق إلى المغرب، فقال:
أين من حارب الله ورسوله؟.
ثم هبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا عقرب من تريد؟ قال: أريد خمسة نفر:
تارك الصلاة، ومانع الزكاة، وآكل الربوا، وشارب الخمر، وقوما " يحدثون في
المسجد حديث الدنيا.
وعنه صلى الله عليه وآله: الخمر جماع الإثم، وأم الخبائث، ومفتاح الشر.

(1) المؤمنون: 108.
(2) جامع الأخبار ص 175.
(3) ما بين العلامتين ساقط من الأصل. والآية في سورة السجدة: 20.
149

وعنه عليه السلام: يا علي من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم
فقال علي عليه السلام لغير الله؟ قال: نعم، والله صيانة لنفسه، يشكره الله على ذلك.
وقال صلى الله عليه وآله: يا علي شارب الخمر لا يقبل الله عز وجل صلاته أربعين يوما "، وإن
مات في الأربعين مات كافرا " (1).
وقال عليه السلام يا علي يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه عز وجل (2).
روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: شارب الخمر إذا مرض فلا تعودوه، وإذا
مات فلا تشهدوه، وإذا شهد فلا تزكوه، وإذا خطب إليكم فلا تزوجوه، فإنه من
زوج ابنته شارب الخمر فكأنما قادها إلى الزنا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر في الدنيا سقاه الله من سم الأساود
[ومن سم العقارب] شربة يتساقط منها لحم وجهه في الاناء قبل أن يشربها
فإذا شربها تفسخ لحمه وجلده كالجيفة، يتأذى به أهل الجمع، ويؤمر به
إلى النار.
ألا وشاربها وعاصرها ومعصرها وبايعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه
وآكل ثمنها سواء في إثمها، ولا يقبل الله تعالى لهم صلاة ولا صوما " ولا حجا " ولا عمرة
حتى يتوب، ولو مات قبل أن يتوب كان حقا " على الله أن يسقيه بكل جرعة في الدنيا
شربة من صديد جهنم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا وإن الله عز وجل حرم الخمر بعينها، والمسكر من
كل شراب، ألا وإن كل مسكر حرام.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مثل شارب الخمر كمثل الكبريت فاحذروه لا ينتنكم
كما ينتن الكبريت، وإن شارب الخمر يصبح ويمسي في سخط الله، وما من أحد
يبيت سكران إلا كان للشيطان عروسا " إلى الصباح فإذا أصبح وجب عليه أن يغتسل

(1) زاد بعده في المصدر: قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: يعنى إذا كان مستحلا لها.
(2) جامع الأخبار: 176.
150

كما يغتسل من الجنابة، فإن لم يغتسل لم يقبل منه صرف ولا عدل، ولا يمشي على
ظهر الأرض أبغض إلى الله من شارب الخمر (1).
روى سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من شرب الخمر مساء أصبح مشركا "،
ومن أشرب صباحا " أمسى مشركا "، وما أسكر الكثير منه فقليله حرام.
وقال صلى الله عليه وآله: من سلم على الشارب الخمر أو عانقه أو صافحه أحبط الله عليه
عمل أربعين سنة.
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من أطعم شارب الخمر لقمة سلط الله على
جسده حية وعقربا "، ومن قضى حاجته فقد أعان على هدم الاسلام، ومن أقرضه
فقد أعان على قتل مؤمن، من جالسه حشره الله يوم القيامة أعمى لا حجة له، و
من شرب الخمر فلا تزوجوه، وإن مرض فلا تعودوه، فوالذي بعثني بالحق
نبيا إنه ما شرب الخمر إلا ملعون في التوراة والإنجيل والفرقان.
وقال النبي صلى الله صلى الله عليه وآله: يا ابن مسعود الذي بعثني بالحق ليأتي على الناس
زمان يستحلون الخمر، ويسمونه النبيذ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
أنا منهم برئ، وهم مني براء.
يا ابن مسعود الزاني بأمه أهون عند الله من أن يدخل في الربا مثقال حبة من
خردل، وشرب المسكر قليلا " أو كثيرا " هو أشد عند الله من أكل الربا، لأنه
مفتاح كل شر، أولئك يظلمون الأبرار، ويصادقون الفجار والفسقة،
الحق عندهم باطل، والباطل عندهم حق، هذا كله للدنيا، وهم يعلمون أنهم
على غير الحق، ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون
رضوا بالحياة الدنيا، واطمأنوا بها، وهم عن آياتنا غافلون، أولئك مأواهم
النار بما كانوا يكسبون.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: سلموا على اليهود والنصارى ولا تسلموا على شارب الخمر

(1) جامع الأخبار ص 177.
151

وإن سلم عليكم فلا تردوا جوابه (1).
وقال عليه السلام مجاورة اليهود والنصارى خير من مجاورة شارب الخمر، و
لا تصادقوا شارب الخمر فان مصادقته ندامة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تجمع الخمر والايمان في جوف أو قلب
رجل أبدا ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: شارب الخمر مكذب لكتاب الله، إذا لو صدق كتاب
الله لحرم حرامه.
وأيضا عليه السلام: شارب الخمر يعذبه الله بستين وثلاث مائة نوع من
العذاب (2).
64 - تفسير النعماني: بالاسناد المتقدم في كتاب القرآن (3) عن أمير -
المؤمنين عليه السلام قال: نسخ قوله تعالى: " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون
منه سكرا " ورزقا " حسنا " " (4) آية التحريم، وهو قوله جل ثناؤه " قل إنما حرم
ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق " (5) والإثم ههنا
هو الخمر (6).

(1) جامع الأخبار ص 178.
(2) جامع الأخبار ص 179.
(3) راجع ج 93 من هذه الطبعة ص 3.
(4) النحل: 67
(5) الأعراف: 33.
(6) راجع ج 93 ص 11، وأخرجه في الوسائل تحت الرقم 31955 عن
الرسالة - وقد سماها المحكم والمتشابه ونسبها إلى السيد المرتضى (ص 15 - س 6)
وقال بعده: لعل النسخ محمول على التقية أو بمعنى تخصيص العام وعدم إرادة الخمر
منه كما مر.
152

65 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن ابن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه
عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تحرم الجنة على ثلاثة: على المنان، و
على المغتاب، وعلى مدمن الخمر.
66 - التمحيص: عن فرات بن أحنف قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ
دخل عليه رجل من هؤلاء الملاعين فقال: والله لأسوأنه في شيعته، فقال: يا أبا
عبد الله أقبل إلى، فلم يقبل إليه، فأعاد فلم يقبل إليه ثم أعاد الثالثة، فقال: ها
أنا ذا مقبل، فقل ولن تقول خيرا ".
فقال: إن شيعتك يشربون النبيذ، فقال: وما بأس بالنبيذ، أخبرني أبي
عن جابر بن عبد الله أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا يشربون النبيذ، فقال:
ليس أعنيك النبيذ، أعنيك المسكر، فقال: شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري
للشيطان في أمعائهم رسيس (1)، وإن فعل ذلك المخذول منهم فيجد ربا " رؤوفا "، و
نبيا " بالاستغفار له عطوفا " ووليا " عند الحوض ولوفا " (2) [ورؤوفا] وتكون وأصحابك
ببرهوت (3) ملهوفا " (4).
قال: فأفحم الرجل وسكت، ثم قال: ليس أعنيك المسكر إنما أعنيك
الخمر، فقال أبو عبد الله عليه السلام: سلبك الله لسانك، مالك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم
أخبرني أبي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله

(1) الرسيس أول مس الحمى، أو هو بالمعجمتين من الرش.
(2) الولوف كالالوف وزنا ومعنى وهو الكثير الألفة والمحبة.
(3) اسم واد باليمن، قيل هو بقرب حضر موت جاء أن فيه أرواح الكفار، وقيل
بئر بحضرموت وقيل هو اسم البلد الذي فيه البئر رائحتها منتنة فظيعة جدا "، قاله
في المراصد.
(4) الملهوف: اللهفان المتحسر، وفى بعض النسخ ملوفا "، وهو تصحيف مكوف
كما هو في نسخة المشارق، أي مجموعا "، وهو الأصح.
153

صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليهم السلام عن الله عز وجل قال: يا محمد إنني حظرت
الفردوس على جميع النبيين حتى تدخلها أنت وعلي وشيعتكما، إلا من اقترف
منهم كبيرة فاني أبلوه في ماله أو بخوف من سلطانه، حتى تلقاه الملائكة بالروح
والريحان، وأنا عليه غير غضبان، فيكون ذلك، حلا " لما كان منه، فهل عند
أصحابك هؤلاء شئ من هذا؟ فلم أودع (1).
أقول: روى في مشارق الأنوار، عن أبي الحسن الثاني عليه السلام مثله (2).
67 - مجالس الشيخ: [عن الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان
عن محمد بن أحمد بن زكريا، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن زريق، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من ترك الخمر للناس لا لله، صيانة لنفسه، أدخله الله
الجنة] (3).

(1) كتاب التمحيص مخطوط وقوله " فلم " " لم " فعل أمر من لام يلوم.
(2) مشارق الأنوار: 221 مع تفاوت.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 306، وما بين العلامتين كان محله بياضا ".
154

{87 باب}
* (حد شرب الخمر) *
1 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: إن شرب الخمر فاجلدوه، فان
عاد فاجلدوه، فان عاد فشربها الثالثة فاقتلوه (1).
2 - الخصال: عن رافع بن عبد الله بن عبد الملك، عن يوسف بن موسى، عن يحيى
ابن عثمان، عن أبيه، عن أبي لهيعة، عن خالد بن يزيد الجمحي، عن سعيد بن
أبي هلال، عن منبه بن أبي وهب، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه علي عليه السلام أن
رسول الله صلى الله عليه وآله ضرب في الخمر ثمانين (2).
3 - أمالي الطوسي: عن ابن مخلد، عن جعفر بن محمد بن نصير، عن محمد بن إبراهيم
ابن زياد، عن سهل بن زنجلة، عن الصباح بن محارب، عن داود الأودي، عن
سماك، عن خالد بن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا شرب الخمر فاجلدوه
وإن عاد فاقتلوه (3).
4 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن علي بن مهزيار
عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن الشارب
فقال: أيما رجل كانت منه زلة فاني معذره، وأما الذي يدمن فاني كنت منهكه
عقوبة، لأنه يستحيل الحرمات كلها، ولو ترك الناس في ذلك لفسدوا (4).

(1) قرب الإسناد ص 149.
(2) الخصال ج 2 ص 144.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 8.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 225 وأنهكه: بالغ في عقوبته.
155

5 - علل الشرائع: عن إسحاق بن عمار (1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
شرب حسوة خمر، قال: يجلد ثمانين جلدة قليلها وكثيرها حرام (2).
6 - علل الشرائع: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون
قد شرب الخمر فقامت عليه البينة، فسأل عليا " عليه السلام فأمره أن يجلده ثمانين جلدة
فقال قدامة: يا أمير المؤمنين ليس علي جلد، أنا من أهل هذه الآية " ليس على
الذي آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " (3) فقرأ الآية حتى أتمها فقال
له علي عليه السلام: فأنت لست من أهلها فيما طعم أهلها وهو لهم حلال (4).
قال: وقال علي عليه السلام: إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يصنع
فاجلدوه ثمانين جلدة (5).
7 - علل الشرائع: عن زرارة (6) قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام وسمعتهم يقولون: إن
عليا عليه السلام قال: إذا شرب الرجل الخمر فسكر هذى، فإذا هذى افترى، فإذا فعل
ذلك فاجلدوه حتى المفتري ثمانين.
قال أبو جعفر عليه الصلاة والسلام: إذا سكر من النبيذ المسكر والخمر
جلد ثمانين (7).

(1) في المصدر قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل عن إسحاق بن عمار.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 225، والحسوة: كالجرعة وزنا ومعنا ويبلغ مقداره
ملء الفم.
(3) المائدة: 93.
(4) وقد مر أنه عليه السلام قال: كذبت لست من أهلها، ما طعم أهلها فهو لهم
حلال، وليسوا يأكلون ولا يشربون الا ما أحل الله.
(5) علل الشرايع ج 2 ص 225.
(6) في المصدر حدثنا محمد بن الحسن عن زرارة.
(7) علل الشرايع ج 2 ص 226.
156

8 - علل الشرائع: عن عنبسة (1) بن مصعب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كانت
لي جارية فشربت، فرأيت أحدها؟ قال عليه السلام: نعم، ولكن في ستر لحال
السلطان (2).
9 - علل الشرائع: عن زرارة (3) عن أحدهما عليهما السلام قال: كان علي عليه السلام يضرب
في الخمر والنبيذ ثمانين [جلدة] الحر والعبد واليهودي والنصراني، قلت:
ما شأن اليهودي والنصراني؟ فقال: ليس لهم أن يظهروا شربه يكون ذلك في بيوتهم.
قال: سمعته يقول: من شرب الخمر فاجلدوه، فان عاد فاجلدوه، فان عاد
فاقتلوه في الثالثة (4).
أقول: سيأتي بعض الأخبار في باب حد الزنا (5).
10 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في شارب الخمر: إذا شربها ضرب، فان عاد ضرب
فان عاد قتل في الثالثة.
قال جميل [بن دراج]: وقد روى بعض أصحابنا أنه يقتل في الرابعة [قال ابن
أبي عمير: كأن المعنى أن يقتل في الثالثة] ومن كان إنما يؤتى به [في الرابعة ظ]
يقتل في الرابعة (6).

(1) في المصدر حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري
عن عنبسة بن مصعب، وقد مر.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 226.
(3) الاسناد هكذا حدثنا محمد بن الحسن عن زرارة.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 226
(5) قد مر باب حد الزنا تحت الرقم 70، والظاهر اختلاط الأبواب بالتقديم و
التأخير كما عرفت سابقا أنه يقول قد مر في باب فلان ولم يمر.
(6) علل الشرايع ج 2 ص 233 وما بين العلامتين زيادة من الكافي ج 7 ص 218.
157

11 - الاختصاص (1) الحسين بن سعيد أو النوادر: عن ابن يزيد ومحمد بن عيسى، عن زياد القندي،
عن محمد بن عمارة، عن فضيل بن يسار قال: سألته كيف كان يصنع أمير المؤمنين
عليه السلام بشارب الخمر؟ قال: كان يحده، قلت: فان عاد؟ قال: كان يحده
قلت: فان عاد؟ قال: كان يحده ثلاث مرات فان عاد كان يقتله.
قلت: كيف كان يصنع بشارب المسكر؟ قال: مثل ذلك، قلت: فمن شرب شربة
مسكر كمن شرب شربة خمر؟ قال: سواء، فاستعظمت ذلك فقال لي: يا فضيل لا
تستعظم ذلك، فان الله إنما بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعاملين، والله أدب نبيه فأحسن
تأديبه، فلما ائتدب فوض إليه فحرم الله الخمر وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله كل
مسكر، فأجاز الله ذلك له، وحرم الله مكة وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة،
فأجاز الله كله له، وفرض الله الفرائض من الصلب فأطعم رسول الله صلى الله عليه وآله الجد
فأجاز الله ذلك [كله] له، ثم قال له: يا فضيل حرف وما حرف؟ " من يطع الرسول
فقد أطاع الله " (2).
أقول: في " الاختصاص " هكذا: كيف كان يصنع بشارب الخمر؟ قال: كان يحده
قلت: فان عاد؟ قال: كان يحده، قلت: فان عاد قال: كان يقتله (3).
الحسين بن سعيد أو النوادر: عن ابن يزيد، عن زياد القندي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي -
عبد الله عليه السلام مثله.
12 - فقه الرضا (ع): على شارب كل مسكر مثل ما على شارب الخمر من الحد (4).
وأصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة،
وشارب الخمر في الرابعة، وإن شرب الخمر في شهر رمضان جلد مائة: ثمانون لحد
الخمر، وعشرون لحرمة شهر رمضان (5).

(1) الاختصاص: 310 - 309.
(2) النساء: 80، وكتاب الزهد مخطوط.
(3) ومثله في البصائر ص 380 - 381.
(4) فقه الرضا ص 38.
(5) فقه الرضا ص 42.
158

13 - الإرشاد: روت العامة والخاصة أن رجلا " رفع إلى أبي بكر وقد شرب
الخمر فأراد أن يقيم عليه الحد فقال: إني شربتها ولا علم لي بتحريمها، لأني
نشأت بين قوم يستحلونها، ولم أعلم بتحريمها حتى الآن، فارتج على أبي بكر
الحكم عليه (1) ولم يعلم وجه القضا فيه، فأشار عليه بعض من حضر أن يستخبر
أمير المؤمنين عليه السلام عن الحكم في ذلك، فأرسل إليه من سأله عنه.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: مر ثقتين من رجال المسلمين يطوفان به على مجالس
المهاجرين والأنصار، ويناشد انهم هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم؟ أو أخبره
بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فان شهد بذلك رجلا " منهم فأقم الحد عليه، وإن لم يشهد
أحد بذلك فاستتبه وخل سبيله.
ففعل ذلك أبو بكر: فلم يشهد أحد من المهاجرين والأنصار أنه تلا عليه
آية التحريم، ولا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فاستتابه أبو بكر وخلى سبيله
وسلم لعلي في القضاء به (2).
14 - الإرشاد: جاء من طريق العامة والخاصة أن قدامة بن مظعون شرب
الخمر، فأراد عمر أن يحده، فقال له قدامة: لا يجب على الحد، لأن الله
تعالى يقول: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا
ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات " (3) فدرأ عمر عنه الحد.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فمشى إلى عمر فقال له: لم تركت إقامة الحد على
قدامة في شرب الخمر؟ فقال: إنه تلا علي الآية: وتلاها عمر، فقال له أمير -
المؤمنين عليه السلام: ليس قدامة من أهل هذه الآية، ولا من سلك سبيله في ارتكاب ما

(1) ارتج وارتتج واسترتج - كلها بصيغة المجهول: استغلق عليه كأنه أطبق عليه
ولم يدر ما يحكم.
(2) ارشاد المفيد ص 95.
(3) المائدة: 93.
159

حرم الله، إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون حراما "، فاردد قدامة (1)

(1) كان استعمله عمر بن الخطاب على البحرين، فقدم الجارود العبدي من البحرين
على عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين ان قدامة شرب فسكر، وانى رأيت حدا "
من حدود الله حقا " على أن أرفعه إليك، قال عمر: من شهد معك؟ قال: أبو هريرة، فدعا
أبا هريرة فقال: بم تشهد؟ فقال: لم أره يشرب، ولكني رأيته سكران يقئ، فقال
عمر: لقد تنطعت في الشهادة.
ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين، فقدم، فقال الجارود لعمر: أقم
على هذا كتاب الله فقال عمر: أخصم أنت أم شهيد؟ فقال: شهيد ن قال: قد أديت شهادتك،
فسكت الجارود ثم غدا على عمر فقال: أقم على هذا حد الله عز وجل، فقال عمر: لتمسكن
لسانك أو لأسوءنك، فقال: يا عمر، والله أقم ما ذلك بالحق يشرب ابن عمك الخمر وتسوءني؟
فقال أبو هريرة: ان كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد امرأة قدامة، فسلها،
فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها، فأقامت الشهادة على زوجها.
فقال عمر لقدامة: انى حادك قال: لو شربت كما يقولون، ما كان لكم أن تحدوني،
فقال عمر: لم؟ قال قدامة: قال الله عز وجل: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات
جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات " فقال عمر: أخطأت التأويل
لو اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله.
ثم أقبل عمر على الناس فقال: ماذا ترون في حد قدامة؟ فقال القوم: لا نرى ان
تجلده ما كان مريضا " فسكت على ذلك أياما "، ثم أصبح يوما " وقد عزم على جلده، فقال
لأصحابه ما ترون في جلد قدامة؟ فقالوا: لا نرى أن تجلده ما كان مريضا "، فقال عمر: لان
يلقى الله تحت السياط أحب إلى من ألقاه وهو في عنقي، ائتوني بسوط تام، فأمر عمر
بقدامة فجلد، فغاضب قدامة عمر وهجره. الخبر، وفى آخره أن عمر واصله واعتذر منه ثم
استغفر له لأجل رؤيا رآها.
كذا نقلوه في ترجمة قدامة (راجع الإصابة والاستيعاب وأسد الغابة " لكنهم أرادوا
أن يستروا على جهل امامهم فتهافتوا ونقضوا حديثهم بما شوه به وجه عمر:
160

واستتبه مما قال، فان تاب فأقم عليه الحد، وإن لم يتب فاقتله فقد خرج
عن الملة.
فاستيقظ عمر لذلك، وعرف قدامة الخبر، فأظهر التوبة والاقلاع، فأدرأ
عمر عنه القتل، ولم يدر كيف يحده، فقال لأمير المؤمنين عليه السلام: أشر علي في حده
فقال: حده ثمانون، إن شارب الخمر إذا شربها سكر، وإذا سكر هذي، وإذا
هذي افترى، فجلده عمر ثمانين وصار إلى قوله عليه السلام في ذلك (1).
15 - تفسير العياشي: عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن النبيذ
والخمر بمنزلة واحدة هما؟ قال: لا إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم

(1) فقالوا أولا أنه كان يتلكأ في حده شهادة جارود سيد عبد القيس وأبي هريرة، ثم
عزم على حده بشهادة زوجته هند عليه، مع أنه بعد تكامل الحد برجلين عدلين لا وجه
لتأخيره الحد على قدامة وتهديد الجارود بأنه ليسوءنه.
وقالوا ثانيا " أنه استشار الصحابة فقالوا بتأخير الحد عليه لأجل مرضه، فلم يعبأ
بقولهم وجلده مع كونه مريضا "، قائلا لان يلقى الله تحت السياط أحب إليه من أن يلقاه
وهو في عنقي.
مع أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن إقامة الحدود على المرضى، فالصحيح ما رواه
الخاصة وبعض العامة أن عمر انقطع وارتج عليه بعد ما احتج به قدامة في درء الحد عن
نفسه فأشار عليه علي بن أبي طالب أولا بأنه ليس من أهل هذه الآية من ارتكب ما حرم
الله، وثانيا " بأنه يجلده ثمانين لان شرب الخمر بمثابة القذف راجع في ذلك (مشكاة
المصابيح: 314) حديث ثور بن يزيد الدئلي برواية مالك، وحديث ابن عباس في الدر
المنثور ج 2 ص 316 قال: أخرجه أبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه، ومثله
ما أخرج عن ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق عطاء بن السائب عن محارب بن دثار
وان لم يسموا قدامة باسمه.
(1) ارشاد المفيد: 97، ومثله في المناقب ج 2 ص 366.
161

الخمر قليلها وكثيرها، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرم النبي
من الأشربة المسكر (1) وما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله فقد حرمه الله.
قلت: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله كيف كان يضرب في الخمر؟ فقال: كان يضرب
بالنعال، ويزيد كلما أتى بالشارب، ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف على
ثمانين أشار بذلك علي عليه السلام على عمر (2).
16 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اتي عمر بن
الخطاب بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر، وقامت عليه البينة فسأل عليا " عليه السلام
فأمره أن يجلده ثمانين، فقال قدامة: يا أمير المؤمنين ليس على جلد، أنا من
أهل هذه الآية " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " (3)
فقرأ الآية حتى استتمها، فقال له علي عليه السلام: كذبت لست من أهل هذه الآية
ما طعم أهلها فهو لهم حلال، وليس يأكلون ولا يشربون إلا ما يحل لهم (4).
17 - تفسير العياشي: عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله، وزاد فيه: وليس يأكلون
ولا يشربون إلا ما أحل لهم، ثم قال: إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل
ولا ما يشرب، فاجلدوه ثمانين [جلدة] (5).

(1) يعنى قليله وكثيره، روى عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما أسكر منه الفرق
فملء الكف منه حرام وقد ورد بذلك من طرق الفريقين أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله لكن
قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري ونقلوه عن عمر وابن مسعود أن الخمر قليله وكثيره
حرام، وأما النبيذ فما أسكر منه فهو حرام وما لم يسكر فلا، ولا حد عليه. راجع في ذلك
كتاب الخلاف المسألة الثالثة من كتاب الأشربة.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 340.
(3) المائدة: 93.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 341.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 342.
162

18 - تفسير العياشي: عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله عليه السلام في الخمر والنبيذ، قال:
إن النبيذ ليست بمنزلة الخمر (1) إن الله حرم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها
حرام، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله الشراب
من كل مسكر، فما حرمه رسول الله صلى الله عليه وآله فقد حرمه الله.
قلت: فكيف كان يضرب رسول الله صلى الله عليه وآله في الخمر؟ فقال: كان يضرب بالنعل
ويزيد وينقص، وكان الناس بعد ذلك يزيدون وينقصون، ليس بحد محدود،
حتى وقف علي بن أبي طالب عليه السلام في شارب الخمر على ثمانين جلدة، حيث ضرب
قدامة بن مظعون.
قال: فقال قدامة: ليس على جلد، أنا من أهل هذه الآية: " ليس على
الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا " فقال عليه السلام
له: كذبت ما أنت منهم إن أولئك كانوا لا يشربون حراما.
ثم قال علي عليه السلام: إن الشارب إذا شرب فسكر لم يدر ما يقول وما يصنع؟
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتي بشارب الخمر ضربه، فإذا اتي به ثانية ضربه،
فإذا اتي به ثالثة ضرب عنقه.
قلت: فان اخذ شارب نبيذ مسكر قد انتشى منه قال: يضرب ثمانين جلدة،
فان اخذ ثالثة قتل كما يقتل شارب الخمر.
قلت: إن اخذ شارب الخمر نبيذ مسكر سكر منه، أيجلد ثمانين؟ قال: لا
دون ذلك كا ما أسكر كثيره فقليله حرام (2).
19 - التهذيب: زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الوليد بن عقبة

(1) يعنى أن الخمر لا يجوز صنعتها واتخاذها وقد حرم بيعها وشراؤها وأجرة
الحمالين لها وهكذا، وأما النبيذ فليس كذلك يجوز اتخاذها وبيعها وشراؤها وحملها،
لكنه لا يشرب الا بعد ذهاب الثلثين.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 342.
163

حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعلي عليه السلام: اقض بيني وبين هؤلاء
الذين يزعمون أنه شرب الخمر، فأمر علي أن يضرب بسوط له شعبتان أربعين
جلدة (1)
20 - التهذيب: زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أقيم عبيد الله بن
عمر وقد شرب الخمر فأمر به عمر أن يضرب فلم يتقدم إليه أحد يضربه حتى
قام علي عليه السلام بنسعة مثنية فضرب بها أربعين (2).
21 - مناقب ابن شهرآشوب: (3) روت الخاصة والعامة أن أبا بكر أراد أن يقيم الحد على
رجل شرب الخمر، فقال الرجل: إني شربتها ولا علم لي بتحريمها، فارتج عليه
فأرسل إلى علي عليه السلام يسأله عن ذلك، فقال: مر نقيبين من رجال المسلمين
يطوفان به على مجالس المهاجرين والأنصار وينشدانهم: هل فيهم أحد تلا عليه
آية التحريم أو أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فان شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد
عليه، وإن لم يشهد بذلك فاستتبه وخل سبيله، فكان الرجل صادقا " في مقاله
فخلى سبيله (4).
22 - فقه الرضا (ع): عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر فاجلدوه
فان عاد فاجلدوه، فان عاد الثالثة فاقتلوه (5).
23 - رجال الكشي: روي عن زرارة قال جئت إلى حلقة بالمدينة فيها عبد الله بن محمد
وربيعة الرأب، فقال عبد الله: يا زرارة سل ربيعة عن شئ مما اختلفتم فيه!

(1) التهذيب ج 10 ص 90. ومثله في الكافي ج 7 ص 215 و 214.
(2) التهذيب ج 10 ص 90. ومثله في الكافي ج 7 ص 215 و 214.
(3) في الأصل رمز التهذيب، لكنه سهو ونص الحديث ولفظه في المناقب، نعم
الحديث مذكور في التهذيب ج 10 ص 94 مسندا عن أبي عبد الله (ع) بغير هذه الألفاظ
وهو أطول من هذا.
(4) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 356.
(5) فقه الرضا: 37.
164

فقلت: إن الكلام يورث الضغائن، فقال لي ربيعة الرأي: سل يا زرارة، قال:
قلت: بما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضرب في الخمر؟ قال: بالجريد تحت النعل،
فقلت: لو أن رجل اخذ اليوم شارب خمر وقدم إلى الحاكم ما كان عليه؟ قال
يضربه بالسوط، لان عمر ضرب بالسوط، قال: فقال عبد الله بن محمد: يا سبحان الله
يضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بالجريد ويضرب عمر بالسوط؟ فيترك ما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله
ويؤخذ ما فعل عمر (1)؟
24 - نوادر الراوندي: [بالاسناد، عن الصادق، عن أبيه، عن علي
ابن أبي طالب عليهم السلام أنه اتي برجل شرب خمرا في شهر رمضان فضربه الحد فضربه
تسعة وثلاثين سوطا " لمجئ شهر رمضان] (2).

(1) رجال الكشي: 137.
(2) نوادر الراوندي ص 37، وما بين العلامتين أخرجناه من المصدر، ولعل الرجل
كان النجاشي الشاعر - واسمه قيس بن عمرو بن مالك بن معاوية الحارثي - أتى به وقد
شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين جلدة، ثم حبسه ليلة ثم دعا به من الغد فضربه
عشرين سوطا فقال له: يا أمير المؤمنين ضربتني ثمانين جلدة في شرب الخمر، وهذه العشرون
ما هي؟ قال: هذا لتجريك على شرب الخمر في شهر رمضان. راجع مناقب ابن
شهرآشوب ج 2 ص 147، التهذيب ج 10 ص 94، الكافي ج 7 ص 216، الفقيه ج 4 ص
40، وقد ذكر هذا أصحاب التراجم في ترجمة الرجل.
165

{88 باب}
* (الأنبذة والمسكرات) *
أقول: أوردنا بعضها في باب حرمة الخمر، وبعضها في باب حد شرب الخمر.
1 - الإحتجاج: سئل علي بن الحسين عليه السلام عن النبيذ، فقال: قد شربه قوم و
حرمه قوم صالحون، فكان شهادة الذين رفضوا بشهاداتهم شهواتهم أولى أن تقبل
من الذين جروا بشهاداتهم لشهواتهم (1).
2 - الإحتجاج (2) الغيبة للشيخ الطوسي: الكليني، عن إسحاق بن يعقوب أنه خرج إليه من
الناحية المقدسة على يدي محمد بن عثمان العمري: وأما الفقاع فشربه حرام و
لا بأس بالشلماب (3).

(1) الاحتجاج ص 172.
(2) الاحتجاج ص 163 في حديث طويل.
(3) غيبة الشيخ الطوسي: 188 وقال المؤلف العلامة في باب الأنبذة والمسكرات
من كتاب السماء والعالم (ص 911) الشلماب كأنه ماء الشلجم، وفى الاكمال " بالسلمان "
ولم أعرف له معنى.
أقول: وفى الاكمال ج 2 ص 160 ط اسلامية: " سلمك " معرب " شلمك " و
هو نبت أو دواء ما في " برهان قاطع " وفيه أيضا أن شلماب وشلمابه هو ماء الشلجم
يغلى ويتخذ منه الشراب، وفى " فرهنك ناصري " مثله وزاد فيه أنه شراب الفقراء
كما قال الشاعر، " ما هي وخيار وخايه وشلمابه " وقال سراج الدين القمري.
" سفيدى وترشى جو شلماب كهنه * ولى چون فقع كوزه سرد وگرانى "
وفى هامش كتاب الغيبة المطبوع " شلماب وشلمابه شربة تتخذ من مطبوخ الشلجم "
كذا قاله بعض الأطباء.
وقال الشعراني مد ظله في هامش الوسائل ط الاسلامية ج 17 ص 291: الصحيح
أن الشلماب كان شرابا يتخذ من الشليم (أقول: وهو الذي يسمى شلمك أيضا كما عرفت
عن " برهان قاطع " وكان في نسخة اكمال الدين عليه فيكون شلماب مخفف شليم آب
لا شلجم آب).
قال: وهو حب شبيه بالشعير وفيه تخدير نظير البنج وان اتفق وقوعه في الحنطة
وعمل منه الخبز، أورث السدر والدوار والنوم، ويكثر نباته في مزرع الحنطة، ويتوهم
حرمته لمكان التخدير واشتباه التخدير بالاسكار عند العوام، والمحرم هو الكحول وما
فيه الكحول، وليس هذا في المخدرات كالأفيون والشاهدانج والبنج والشيلم شئ
من الكحول، ولا يحرم منه الا ما أزال العقل بالفعل لا ما أوجب تخديرا " في الجملة
كالمسكرات.
166

3 - الإحتجاج: كتب الحميري إلى القائم عليه السلام: يتخذ عندنا رب الجوز (1)
لوجع الحلق والبحبحة، يؤخذ الجوز الرطب من قبل أن ينعقد، ويدق دقا "
ناعما "، ويعصر ماؤه، ويصفى ويطبخ على النصف، ويترك يوما " وليلة ثم ينصب
على النار، ويلقى على كل ستة أرطال منه رطل عسل، ويغلى وينزع رغوته
ويسحق من النوشادر والشب اليماني (2) كل نصف مثقال، ويداف بذلك الماء
ويلقى فيه درهم زعفران مسحوق ويغلى، ويؤخذ رغوته، ويطبخ حتى يصير
ثخينا "، ثم ينزل عن النار ويبرد ويشرب منه، فهل يجوز شربه أم لا؟ فأجاب عليه السلام
إذا كان كثيره يسكر أو يغير فقليله وكثيره حرام، وإن كان لا يسكر مثل
العسل فهو حلال (3).

(1) الرب: هو المطبوخ من الفواكه.
(2) الشب - بالفتح وشد الباء - حجارة الزاج يقطر من الجبل وينجمد ويتحجر
وأحسنها ما يجلب من اليمن.
(3) الاحتجاج ص 276.
167

4 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن المسلم العارف يدخل
بيت أخيه فيسقيه النبيذ والشراب لا يعرفه، هل يصلح له شربه من غير أن يسأله
عنه؟ قال: إذا كان مسلما " عارفا " فاشرب ما أتاك به إلا أن تنكره (1).
5 - الخصال: عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن
الشطرنج والنرد، قال: لا تقربهما، قلت: فالغناء؟ قال: لا خير فيه لا تفعلوا
قلت: فالنبيذ؟ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كل مسكر، وكل مسكر حرام.
قلت: فالظروف التي تصنع فيها؟ قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الدباء و
المزفت والحنتم والنقير، قلت: وما ذاك؟ قال: الدباء القرع: والمزفت الدنان
والحنتم جرار الأردن، والنقير خشبة كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها
أجواف ينبذون فيها، وقيل: إن الحنتم الجرار الخضر (2).
معاني الأخبار: عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن محبوب مثله (3).

(1) قرب الإسناد ص 117 ط حجر وتراه في كتاب المسائل المطبوع في البحار
ج 10 ص 274.
(2) الخصال ج 1 ص 120.
(3) معاني الأخبار ص 224 وفيه قوله: ويقال انها الجرار الخضر " بعد قوله:
والحنتم جرار الأردن.
قال الجوهري: الدباء بضم الدال المهملة ثم الباء المشددة: القرع، والواحد
دباءة، وفى النهاية أنه نهى عن المزفت من الأوعية، هو الاناء الذي يطلى بالزفت، و
هو نوع من القار، ثم انتبذ فيه، انتهى.
وإنما فسره عليه السلام بالدنان لان في الدن مأخوذ كون داخله مطليا " بالقار لأنهم
فسروا الدن بالراقود، والراقود بدن طويل الأسفل كهيئة الاردبة يطلى داخله بالقار،
وقال في القاموس: الحنتم، الجرة الخضراء، والأردن بضمتين وشد الدال كورة
بالشام.
وفى النهاية: انه نهى عن النقير والمزفت، النقير أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ
فيه التمر، ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا، والنهى واقع على ما يعمل فيه لا على
اتخاذ النقير فيكون على حد المضاف، تقديره، عن نبيذ النقير، وهو فعيل بمعنى
مفعول، انتهى.
أقول: أخطأ في التأويل، بل الظاهر أنه نهى عن استعمال الظرف بعد ما عمل فيه
النبيذ، منه قدس سره.
168

6 - الخصال: في خبر الأعمش، عن الصادق عليه السلام: الشراب كلما أسكر كثيره
فقليله وكثيره حرام (1).
7 - علل الشرائع (2) عيون أخبار الرضا (ع): عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن
أبيه، عن محمد بن سنان، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: حرم الله الخمر لما فيها
من الفساد، ومن تغييرها عقول شاربيها، وحملها إياهم على إنكار الله عز وجل
والفرية عليه، وعلى رسله، وساير ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف و
الزنا، وقلة الاحتجاز من شئ من الحرام، فبذلك قضينا على كل مسكر من
الأشربة أنه حرام محرم، لأنه يأتي من عاقبتها ما يأتي من عاقبة الخمر.
فليجتنب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتولانا وينتحل مودتنا كل شراب
مسكر، فإنه لا عصمة بيننا وبين شاربيها (3).
8 - عيون أخبار الرضا (ع): فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون: من دين أهل البيت عليهم السلام
تحريم الخمر قليلها وكثيرها، وتحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره، وما
أسكر كثيره فقليله حرام، والمضطر لا يشرب الخمر لأنها تقتله (4).
9 - أمالي الطوسي: عن الحفار، عن إسماعيل بن علي الخزاعي، عن إسحاق بن

(1) الخصال ج 2 ص 155.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 161.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 98.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 126.
169

إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة وأبي سلمة معا "
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى اله عليه وآله: ما أسكر كثيره فالجرعة
منه خمر (1).
10 - أمالي الطوسي: عن ابن الحمامي، عن أحمد بن محمد القطان، عن إسماعيل بن
محمد القاضي، عن علي بن إبراهيم، عن السري بن عامر، عن النعمان بن بشير
عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا أيها الناس إن من العنب خمرا "، وإن من الزبيب
خمرا "، وإن من التمر خمرا "، وإن من الشعير خمرا "، ألا أيها الناس أنهاكم عن
كل مسكر (2).
أقول: قد مر ما يدل على المطلوب من هذا الباب في باب الخمر.
11 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الكحل يصلح أن يعجن
بالنبيذ؟ قال: لا (3).
12 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن الحميري، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أدخل عرقا " من عروقه شيئا " مما
يسكر كثيره، عذب الله عز وجل ذلك العرق بستين وثلاث مائة نوع من
العذاب (4).
13 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن أبي محمد الأنصاري، عن
ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الخبثي فقال: الخبثي حرام وشاربه
كشارب الخمر (5).

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 388
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 390.
(3) قرب الإسناد ص 164 ط نجف.
(4) ثواب الأعمال ص 219.
(5) المصدر نفسه ص 219، وقال المؤلف في بيانه: الخبثى في بعض النسخ كذلك، ولم
أجد له معنى، وفى بعضها الحثى بالحاء المهملة والثاء المثلثة وفى بعضها بالتاء المثناة
وفى القاموس الحثى كثرى قشور التمر، وقال: الحتى كغنى سويق المقل ومتاع الزبيل
أو عرقه وثفل التمر وقشوره انتهى، ولعل المراد به النبيذ المتخذ من قشور التمر
وشبهها.
أقول: ومما ذكره الفيروزآبادي في معاني الحتى بالتاء المثناة، قشر الشهد، و
قال: الحاتى كثير الشرب، فلعله النبيذ المتخذ من قشر الشهد، والشهد: الصقر أعني
شيرج التمر، والظاهر عندي أنه الخنثى بالخاء والنون والثاء المثلثة يعنى الخمر المسكر
بالماء الملين به كما نقل عن الخليفة الثاني أنه كان يشربه.
170

14 - بصائر الدرجات: (1) عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن إسحاق بن
عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله أدب نبيه حتى إذا أقامه على ما
أراد، قال له: " وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين " (2) فلما فعل ذلك
رسول الله صلى الله عليه وآله زكاه الله فقال: " إنك لعلى خلق عظيم " (3) فلما زكاه فوض
إليه دينه، فقال: " ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا " (4) فحرم
الله الخمر، وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر، فأجاز الله ذلك كله، وإن الله أنزل
الصلاة وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وقت أوقاتها فأجاز الله ذلك له (5).
بصائر الدرجات: عن الحجال، عن اللؤلؤي، عن ابن سنان، عن إسحاق مثله (6).
بصائر الدرجات: عن محمد بن عيسى، عن النضر، عن عبد الله بن سليمان - أو عن

(1) في الأصل رمز ين وهو سهو.
(2) الأعراف ص 199.
(3) القلم: 4.
(4) الحشر: 7.
(5) بصائر الدرجات ص 378.
(6) بصائر الدرجات ص 378.
171

رجل، عن عبد الله - عن أبي جعفر عليه السلام مثله (1).
بصائر الدرجات: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن عذافر، عن عبد الله بن
سنان، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر عليه السلام مثله (2).
بصائر الدرجات: عن ابن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن رجل من
إخواننا، عن أبي جعفر عليه السلام مثله (3).
بصائر الدرجات: عن ابن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن إبراهيم بن
عبد الحميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (4).
أقول: تمام تلك الأخبار في باب التفويض (5).
15 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عميرة، عن هشام وعن أبي عمر العجمي
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا عمر تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين
لمن لا تقية له، والتقية في كل شئ إلا في شرب النبيذ، والمسح على
الخفين (6).
16 - فقه الرضا (ع): اعلم أن كل صنف من صنوف الأشربة التي لا تغير العقل
شرب الكثير منها لا بأس به، سوى الفقاع فإنه منصوص عليه لغير هذه العلة، و
كل شراب يتغير العقل منه كثيره وقليله حرام، أعاذنا الله وإياكم منها (7).
17 - فقه الرضا (ع): قال النبي صلى الله عليه وآله: الخمر حرام بعينه، والمسكر من كل شراب
فما أسكر كثيره فقليله حرام، ولها خمسة أسامي: فالعصير من الكرم، وهي

(1) بصائر الدرجات ص 380.
(2) المصدر ص 382.
(3) المصدر ص 382.
(4) بصائر الدرجات ص 383.
(5) راجع كتاب الإمامة ج 25 ص 328 - 350.
(6) المحاسن: 259.
(7) كتاب التكليف المعروف بفقه الرضا: 34.
172

الخمرة الملعونة، والنقيع من الزبيب، والبتع من العسل، والمزر من الشعير
وغيره، والنبيذ من التمر (1).
18 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: السكر
من الكبائر (2).
19 - رجال الكشي: وجدت في كتاب محمد بن نعيم الشاذاني بخطه حدثني جعفر
ابن محمد المدائني، عن موسى بن القاسم البجلي، عن حنان بن سدير، عن أبي
نجران قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن لي قرابة يحبكم إلا أنه يشرب هذا
النبيذ، قال حنان: وأبو نجران هو الذي كان يشرب النبيذ، غير أنه كنى
عن نفسه.
قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: فهل كان يسكر؟ فقال: قلت: إي والله جعلت
فداك، إنه ليسكر، فقال: فيترك الصلاة؟ قال: ربما قال للجارية: صليت
البارحة؟ فربما قالت: نعم قد صليت ثلاث مرات، وربما قال للجارية: صليت
البارحة العتمة؟ فتقول: لا والله ما صليت، ولقد أيقظناك وجهدنا بك.
فأمسك أبو عبد الله عليه السلام يده على جبهته طويلا " ثم نحى يده ثم قال: قل
له: يتركه، فان زلت به قدم فان له قدما ثابتا " بمودتنا أهل البيت (3).
20 - كتاب الدلائل للطبري: [عن القاضي أبي الفرج المعافا، عن إسحاق
ابن محمد بن علي، عن أحمد بن الحسن المقري، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم
ابن موسى، عن عمي أبيه، الحسين وعلي ابني موسى، عن أبيهما، عن أبيه جعفر
ابن محمد، عن آبائه، عن فاطمة عليهم السلام قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حبيبة أبيها
كل مسكر حرام وكل مسكر خمر (4)].

(1) فقه الرضا ص 38.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 238.
(3) رجال الكشي ص 272.
(4) دلائل الطبري ص 3 وما بين العلامتين ساقط من الأصل أضفناه من مجلد الرابع
عشر من بحار الأنوار ص 912.
173

{89 باب}
* (العصير من العنب والزبيب) *
1 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الزبيب هل يصلح أن
يطبخ حتى يخرج طعمه، ثم يؤخذ ذلك الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث
ثم يرفع فيشرب منه السنة؟ قال: لا بأس (1).
قال: وسألته عن رجل يصلي للقبلة لا يوثق به، أتى بشراب فزعم أنه
على الثلث أيحل شربه؟ قال: لا يصدق إلا أن يكون مسلما " عارفا " (2).
2 - علل الشرائع: عن أبيه، عن محمد العطار، عن سهل، عن ابن محبوب، عن خالد
ابن جرير، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (3) إن آدم لما
هبط من الجنة اشتهى من ثمارها، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه قضيبين من عنب
فغرسهما.
فلما أورقا وأثمرا وبلغا جاء إبليس فحاط عليهما حائطا فقال له آدم:
مالك يا ملعون؟ فقال له إبليس: إنهما لي، فقال: كذبت، فرضيا بينهما بروح
القدس، فلما انتهيا إليه فقص آدم قصته، فأخذ روح القدس شيئا " من نار فرمى بها
عليهما فالتهبت في أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منهما شئ إلا احترق، و
ظن إبليس مثل ذلك.
قال: فدخلت النار حيث دخلت، وقد ذهب منهما ثلثاهما، وبقي الثلث

(1) قرب الإسناد: 154 ط نجف و 116 ط حجر.
(2) قرب الإسناد ص 116 ط حجر.
(3) رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 393 وزاد هنا: سألت أبا عبد الله (ع) عن
أصل الخمر كيف كان بدء حلالها وحرامها؟ ومتى اتخذ الخمر؟ فقال الخ.
174

فقال الروح: أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه الله، وما بقي فلك يا آدم (1).
3 - علل الشرائع: بالاسناد إلى وهب قال: لما خرج نوح عليه السلام من السفينة، غرس
قضبانا " كانت معه في السفينة من النخيل والأعناب، وسائر الثمار، فأطعمت من
ساعتها، وكانت معه حبلة العنب، وكانت آخر شئ اخرج حبلة العنب، فلم يجدها
نوح، وكان إبليس قد أخذها فخبأها، فنهض نوح عليه السلام ليدخل السفينة ليلتمسها
فقال له الملك الذي معه: اجلس يا نبي الله ستؤتى بها فجلس نوح عليه السلام.
فقال له الملك: إن لك فيها شريكا " في عصيرها فأحسن مشاركته، قال:
نعم له السبع، ولي ستة أسباع، قال له الملك: أحسن! فأنت محسن، قال نوح
عليه السلام: له السدس ولي خمس أسداس، قال له الملك: أحسن فأنت محسن!
قال نوح عليه السلام: له الخمس ولي الأربعة الأخماس، قال له الملك: أحسن فأنت
محسن! قال نوح عليه السلام: له الربع ولي ثلاثة أرباع، قال له الملك: أحسن
فأنت محسن! قال: فله النصف ولي النصف، قال له الملك: أحسن فأنت محسن،
قال عليه السلام: لي الثلث وله الثلثان، فرضي، فما كان فوق الثلث من طبخها فلابليس و
هو لحظه (2) وما كان من الثلث فما دون فهو لنوح عليه السلام وهو لحظه، وذلك
الحلال الطيب ليشرب منه (3).
4 - علل الشرائع: عن الهمداني عن علي، عن أبيه، عن ابن مرار، عن يونس
عن العلا، عن محمد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي يقول: إن نوحا حين أمر
بالغرس كان إبليس إلى جانبه، فلما أراد أن يغرس العنب، قال: هذه الشجرة لي
فقال له نوح عليه السلام: كذبت، فقال إبليس فمالي منها؟ قال نوح: لك الثلثان

(1) علل الشرايع ج 2 ص 162.
(2) وهو حظه خ، وكون الثلثين حظ إبليس لان عصير العنب بعد الغليان يحرم
ما لم يذهب ثلثاه، فالثلثاه حظه وأيضا قبل ذهاب الثلثين ان بقي يصير خمرا " مسكرا ".
(3) علل الشرايع ج 2 ص 163.
175

فمن هناك الطلاء (1) على الثلث (2).
5 - فقه الرضا (ع): اعلم أن أصل الخمر من الكرم، إذا أصابته النار أو غلى من غير
أن تصيبه النار فهو خمر، ولا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه على النار، وبقي ثلثه
فان نش من غير أن تصيبه النار فدعه حتى يصير خلا من ذاته من غير أن يلقى
فيه شئ، فان تغير بعد ذلك وصار خمرا " فلا بأس أن تطرح فيه [ملحا] أو غيره
حتى يتحول خلا (3).
6 - السرائر: من كتاب المسائل من مسائل محمد بن علي بن عيسى: حدثنا
محمد بن أحمد بن محمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي قال: كتبت إلى أبي الحسن
عليه السلام: جعلت فداك عندنا طبيخ يجعل فيه الحصرم، وربما جعل فيه العصير
من العنب، وإنما هو لحم يطبخ به، وقد روي عنهم في العصير أنه إذا جعل على
النار لم يشرب حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، وأن الذي يجعل في القدر من العصير
بتلك المنزلة، وقد اجتنبوا أكله إلى أن يستأذن مولانا في ذلك.

(1) الطلا - بالكسر - ما طبخ من عصير العنب ويقال له " ميبختج " يعنى " مى پخته "
بالفارسية، ولا يجوز شربها الا بأن يذهب ثلثاه لا أقل، حتى لو زاد الطلا على الثلث أوقية
فهو حرام. وقال في النهاية في حديث علي عليه السلام أنه كان يرزقهم الطلا، الطلا بالكسر
والمد الشراب المطبوخ من عصير العنب وهو الرب، وأصله القطران الخاثر الذي تطلى به
الإبل، ومنه الحديث " ان أول ما يكفي الاسلام كما يكفي الاناء، في الشراب يقال له الطلاء "
وهذا نحو الحديث الاخر: " سيشرب أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها " يريد انهم
يشربون النبيذ المسكر المطبوخ ويسمونها طلاء تحرجا " من أن يسموه خمرا "، فأما الذي
في حديث علي عليه السلام فليس من الخمر في شئ، إنما هو الرب الحلال.
أقول: يأتي تحت الرقم 7 ما يدل على أنه كان يطعمهم الطلاء بعد ذهاب الثلثين.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 163.
(3) فقه الرضا ص 38.
176

فكتب بخطه: لا بأس بذلك (1).
7 - كتاب صفين: لنصر بن مزاحم [قال: كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى
الأسود بن قطنة: واطبخ للمسلمين قبلك من الطلاء ما يذهب ثلثاه، ويبقى
ثلثه.] (2).
8 - كتاب زيد النرسي: [قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الزبيب يدق
ويلقى في القدر، ثم يصب عليه الماء، ويوقد تحته؟ فقال: لا تأكله حتى يذهب
الثلثان ويبقى الثلث، فان النار قد أصابته. قلت: فالزبيب كما هو يلقى في
القدر ويصب عليه ثم يطبخ ويصفى عنه الماء؟ فقال: كذلك هو سواء، إذا أدت
الحلاوة إلى الماء وصار حلوا " بمنزلة العصير ثم نش من غير أن تصيبه النار فقد
حرم، وكذلك إذا أصابه النار فأغلاه فقد فسد] (3).

(1) السرائر ص 475 ط الأول، قال قدس سره: تدل الرواية على أنه إذا صب
العصير في الماء وغلا الجميع لا يحرم، ولا يشترط في حله ذهاب الثلثين، ولم أر قائلا به
من الأصحاب انتهى.
أقول: قد وجه بأن يكون الماء ضعفي العصير ثم يغلى حتى يبقى الثلث من الجميع.
وقد وجه أيضا " بأن المراد أن الغليان بالنار دفعة لا يكون سببا " للتخمير الذي يحرم
العصير، فان التخمير إنما يكون الغليان بالطبع شيئا " فشيئا " أو بالنار القليل الحرارة كالشمس
فيغلى بحاله ويتخمر ويصير حراما ". فحينئذ يجوز أن يصب الحصرم أو العصير في قدر
اللحم ويغلى شديدا " كما يطبخ اللحم ثم يؤكل بعد الطبخ بلا مهلة حتى لا يغلى بعد ذلك
بنفسه ويتخمر.
(2) ما بين العلامتين أضفناه من البحار ج 14 ص 917 ط الكمباني.
(3) ما بين العلامتين زيادة من ج 14 ص 917 ط الكمباني وفى الأصل هكذا [كتاب -
زيد الزراد وزيد النرسي] ولعله كان [زيد الزراد أو زيد النرسي] والترديد من الكاتب
حيث كان يريد نقل الأحاديث من ج 14 وكان فيه لفظ [كتاب] فقط، فاحتمل النقل من
أحدهما فردد حتى يراجع بعد ذلك ويكتب. نعم في محكى الجواهر وطهارة الشيخ نسبة الحديث
إلى الكتابين.
قال العلامة النوري ره في المستدرك ج 3 ص 135 بعد نقل الحديث: هكذا
متن الخبر في نسختين من الأصل وكذا نقله المجلسي فيما عندنا من نسخ البحار ونقله في
المستند عنه، ولكن في كتاب الطهارة للشيخ الأعظم تبعا للجواهر ساقا متنه هكذا.. إلى
أن قال: ولا يخفى ما في المتن الذي ساقاه من التحريف والتصحيف والزيادة وكذا نسبته إلى
الزراد - يعنى في الجواهر - فلاحظ.
177

{90 باب}
* (أحكام الخمر وانقلابها) *
1 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الخمر يكون أوله خمرا
ثم يصير خلا، يؤكل؟ قال: إذا ذهب سكره فلا بأس به (1).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير -
المؤمنين عليه السلام: كلوا خل الخمر، فإنه يقتل الديدان في البطن، وقال: كلوا خل
الخمر ما انفسد ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم (2).
3 - فقه الرضا (ع): إن صب في الخمر خل لم يحل أكله حتى يذهب عليه أيام
وتصير خلا "، ثم أكل بعد ذلك (3).

(1) قرب الإسناد ص 116 ط حجر وص 155 ط نجف.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 40.
(3) فقه الرضا: 38.
178

4 - السرائر: من جامع البزنطي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه
سئل عن الخمر يعالج بالملح وغيره ليحول خلا "؟ فقال: لا بأس بمعالجتها،
قلت: فاني عالجتها فطينت رأسها ثم كشفت عنها فنظرت إليها قبل الوقت أو بعده
فوجدتها خمرا "، أيحل لي إمساكها؟ فقال: لا بأس بذلك، إنما إرادتك أن يتحول
الخمر خلا " فليس إرادتك الفساد (1).

(1) السرائر ص 7 وقد مر في الباب السابق تحت الرقم: 5، أن العصير ان نش
من غير أن تصيبه النار فدعه حتى يصير خلا في ذاته من غير أن يلقى فيه شئ فان تغير
بعد ذلك وصار خمرا " فلا بأس أن تطرح فيه ملحا " أو غيره حتى يتحول خلا.
179

{91 باب}
* (السرقة والغلول وحدهما) *
الآيات: آل عمران: " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل
يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (1).

(1) آل عمران: 161 أقول: قرأ ابن كثير وأبو عمرو مع عاصم " أن يغل " - بفتح الياء وضم
الغين - والمعنى ما كان له أن يخون في الغنيمة والباقون بضم الياء وفتح الغين والمعنى
ما كان له أن ينسب إلى الخيانة، لان باب الافعال قد يجئ للنسبة فمعنى أغله: نسبه
إلى الخيانة.
روى عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنها نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من
المغنم فقال بعضهم: لعل النبي صلى الله عليه وآله أخذها، فأنزل الله وما كان لنبي أن يغل،
أي وما كان الله ليجعل نبيا غالا، وعن ابن عباس أن معناه ما كان لنبي أن يقسم لطائفة من
المسلمين ويترك طائفة ويجور في القسمة، ولكن يقسم بالعدل ويأخذ فيه بأمر الله ويحكم
بما أنزل الله عز وجل.
وقد كان ابن عباس ينكر على من يقرء قراءة ابن مسعود أن يغل - بضم الياء وفتح
الغين - ويقول: كيف لا يكون له أن يغل وقد كان له أن يقتل، قال الله " ويقتلون الأنبياء
بغير حق " ولكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله عليه وآله في شئ من الغنيمة فأنزل الله " وما كان لنبي
أن يغل ".
ونقل عن مقاتل أنها نزلت في غنائم أحد حين ترك الرماة المركز طلبا " للغنيمة
وقالوا نخشى أن يقول رسول الله صلى الله عليه وآله " من أخذ شيئا " فهو له " ولا يقسم كما لم يقسم يوم بدر
ووقعوا في الغنائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أظنتم أنا نغل ولا نقسم لكم؟
فأنزل الآية.
واختار ابن هشام وابن إسحاق في السيرة ج 2 ص 117 أن معنى الغلول الاكتتام
وقال: أي ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة و
من يفعل ذلك يأت يوم القيامة به ثم يجزى بكسبه.
والظاهر بقرينة عموم قوله " ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " وأنه لا يناسب اكتتام
الوحي أن المراد بالغلول هو الخيانة والاختلاس بأن يأخذ الرجل شيئا " من المغنم ويدسه
تحت ثيابه كما نص عليه الراغب.
وقوله " ما كان لنبي أن يغل " ليس يوهم أنه صلى الله عليه وآله كان بصدد ذلك فنهاه الله عز وجل
حتى يؤول في معنى الكلمة تارة وفى قراءتها تارة أخرى، بل المراد نفى الشأنية كما ترى
ذلك في سائر الآيات المصدرة بلفظ " ما كان ".
قال عز وجل: " وما كان الله ليضيع ايمانكم " البقرة: 143 " ما كان لبشر أن يؤتيه
الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله " آل عمران: 76
" وما كان لنفس أن تموت الا بإذن الله " آل عمران: " 145 " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا " "
النساء: 92 " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين " براءة 113 " ما كان
لرسول أن يأتي بآية الا بإذن الله " الرعد: 38 " ما كان لله أن يتخذ من ولد " الكهف: 35
إلى غير ذلك من الآيات المشابهة فكلها خطاب للمسلمين، يعلمهم أن ليس الشأن كما توهموا
وقد أخطأوا حيث ظنوا أن ذلك جائز.
فمعنى الآية: ما كان من شأن نبي من الأنبياء فيما سبق - كيف بنبيكم محمد وهو
خاتم الأنبياء - أن يغل من الغنائم، فلا تظنوا به ذلك، واعلموا أن من يغلل يأت بما غل
يوم القيامة ثم يوفى هو مع كل نفس ما كسب وهم لا يظلمون، فلا تغلوا أنتم في الغنيمة وتقولوا
أن ذلك جائز لكل أحد حتى للنبي صلى الله عليه وآله.
روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأمر فينادى في الناس " ردوا الخيط والمخيط فان الغلول
عار وشنار يوم القيامة " فجاء رجل بكبة من مغزل شعر فقال: انى أخذتها لأخيط بردعة
بعيري. فقال النبي صلى الله عليه وآله أما نصيبي منها فهو لك، فقال الرجل أما إذا بلغ الامر هذا المبلغ
فلا حاجة لي فيها.
180

المائدة: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا " من
181

الله والله عزيز حكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله يتوب عليه إن الله
غفور رحيم (1).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب الزنا وشرب الخمر وباب
الخيانة.
1 - الخصال: قال أبو عبد الله عليه السلام: جرت في صفوان بن أمية الجمحي ثلاث
من السنن: استعار منه رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين درعا " حطمية (2) فقال: أغصبا " يا محمد؟
قال: بل عارية مؤداة، فقال: يا رسول الله اقبل هجرتي؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا هجرة
بعد الفتح.
وكان راقدا " في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وتحت رأسه رداؤه فخرج يبول
فجاء وقد سرق رداؤه، فقال: من ذهب بردائي؟ وخرج في طلبه فوجده في يد رجل
فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: اقطعوا يده، فقال: أتقطع يده من أجل ردائي
يا رسول الله؟ فأنا أهبه له، فقال صلى الله عليه وآله: ألا كان هذا قبل أن تأتيني به؟ فقطعت
يده (3).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن اليقطيني
رفعه إلى الرضا عليه السلام قال: لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوى دية يده، أظهره
الله عليه (4).
3 - علل الشرائع: عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض

(1) المائدة: 38.
(2) تنسب إلى حطمة بن محارب كان يعمل الدروع، أو هي التي تكسر السيوف، أو
الثقيلة العريضة.
(3) الخصال ج 1 ص 90.
(4) عيون الأخبار ج 1 ص 289.
182

أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يقطع الأجير والضيف إذا سرقا لأنهما
مؤتمنان (1).
4 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن سماعة قال:
سألته عن رجل استأجر أجيرا " فأخذ الأجير متاعه فسرقه، فقال: هو مؤتمن، ثم قال:
الأجير والضيف أمينان، ليس يقع عليهما حد السرقة (2).
5 - علل الشرائع: عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن
محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الضيف إذا
سرق لم يقطع، وإن أضاف الضيف ضيفا " فسرق قطع ضيف الضيف (3).
6 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن
ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال في رجل
استأجر أجيرا " فأقعده على متاعه فسرقه، قال: هو مؤتمن.
وقال في رجل أتى رجلا " فقال: أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا و
كذا، فأعطاه وصدقه، قال: فلقي صاحبه فقال له: إن رسولك أتاني فبعثت معه
بكذا وكذا، فقال: ما أرسلته إليك، وما أتاني بشئ، وزعم الرسول أنه قد
أرسله وقد دفعه إليه، قال: إن وجد عليه بينة أنه لم يرسله قطعت يده (ومعنى
ذلك أن يكون الرسول قد أقر مرة أنه لم يرسله) وإن لم يجد بينة فيمينه بالله
ما أرسلت ويستوفي الآخر من الرسول المال، قال: أرأيت إن زعم أنه إنما حمله على
ذلك الحاجة، قال: يقطع لأنه سرق مال الرجل (4).

(1) علل الشرايع ج 2 ص 222.
(2) المصدر نفسه ص 222.
(3) المصدر نفسه ص 222.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 223، وقال المؤلف ره في شرح الكافي ج 7 ص 227: لعله
من كلام الكليني - ره - أدخله بين الخبر لتصحيح شهادة النفي وهو غير منحصر فيما ذكره إذ
يمكن أن يكون ادعى رسالة في وقت محصور يمكن للشاهد الاطلاع على عدمه ولعله ذكره
على سبيل التمثيل، أقول: بل هو من كلام أحد الرواة بقرينة هذا الحديث، مع أن الفقيه
والتهذيبين خال عنه، على أن الصحيح من لفظ الحديث أن يؤخر قول الراوي هذا عن كلام
الامام " وان يجد بينة " الخ ويكون مراد الراوي أن يمينه على عدم الارسال إنما يفيد إذا كان
أقر مرة فيكون القطع بشاهد - وهو اقرار نفسه مرة - ويمين.
183

7 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار
عن الحسن بن سعيد، عن النضر ومحمد بن خالد، عن ابن أبي عمير جميعا "، عن
هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سرق
سرقة فكافر عنها (1) فضرب فجاء بها يعينها هل يجب عليه القطع؟ قال: نعم، ولكن
لو اعترف ولم يجئ بالسرقة لم تقطع يده، لأنه اعترف على العذاب (2).
8 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن حد ما يقطع فيه السارق
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: بيضة حديد بدرهمين أو ثلاثة (3).
9 - قرب الإسناد: عن البزاز، عن أبي البختري، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال:
لاقطع في شئ من طعام غير مفروغ منه (4).
10 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن
فضالة، عن موسى بن بكر، عن علي بن سعيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجل اكترى حمارا " ثم أقبل به إلى صاحب الثياب فابتاع منهم ثوبا " أو ثوبين
وترك الحمار، قال يرد الحمار إلى صاحبه، ويتبع الذي ذهب بالثوبين، وليس
عليه قطع إنما هي خيانة (5).
11 - علل الشرائع: عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أشل اليد اليمنى، أو أشل الشمال سرق
قال: تقطع يده اليمنى على كل حال (6).
12 - علل الشرائع: بهذا الاسناد، عن ابن محبوب، عن العلا، عن محمد وابن رئاب

(1) في نسخة الكافي ج 7 ص 223 " فكابر عنها ".
(2) علل الشرايع ج 2 ص 222.
(3) قرب الإسناد ص 112 ط حجر ص 149 ط نجف.
(4) قرب الإسناد ص 93 ط نجف.
(5) علل الشرائع ج 2 ص 224.
(6) المصدر ج 2 ص 224.
184

عن زرارة جميعا "، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أشل اليمنى سرق، قال: تقطع يمينه
شلاء كانت أو صحيحة، فان عاد فسرق قطعت رجله اليسرى، فان عاد خلد في السجن
واجري عليه طعامه من بيت مال المسلمين، يكف عن الناس شره (1).
13 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن
ابن حميد، عن ابن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في السارق إذا
سرق قطعت يمينه وإذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى، ثم إذا سرق مرة
أخرى سجنه وتركت رجله اليمنى يمشي عليها إلى الغائط، ويده اليسرى يأكل
بها، ويستنجي بها.
وقال: إني أستحي من الله عز وجل أن أتركه لا ينتفع بشئ ولكن أسجنه
حتى يموت في السجن.
وقال عليه السلام: ما قطع محمد صلى الله عليه وآله من سارق بعد يده ورجله (2).
14 - علل الشرائع: بهذا الاسناد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان بن
عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يزيد على قطع
اليد والرجل، ويقول: إني لأستحي من ربي أن أدعه ليس له ما يستنجي به أو
يتطهر به.
قال: وسألته إن هو سرق بعد قطع اليد والرجل؟ قال: أستودعه السجن
واغني عن الناس شره (3).
15 - علل الشرائع: بهذا الاسناد، عن الحسين، عن النضر، عن القاسم بن سليمان
عن عبد الله بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل كان علي يحبس أحدا " من
أهل الحدود؟ فقال: لا، إلا السارق فإنه كان يحبسه في الثالثة بعد ما ينقطع

(1) علل الشرايع ج 2 ص 224.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 223.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 223.
185

يده ورجله (1).
16 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن علي بن
مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن
السارق وقد قطع يده فقال: تقطع رجله بعد يده فان عاد حبس في السجن وأنفق
عليه من بيت مال المسلمين (2).
17 - علل الشرائع: بهذا الاسناد، عن الحسين، عن صفوان، عن إسحاق، عن أبي
إبراهيم عليه السلام قال: تقطع يد السارق ويترك إبهامه وصدر راحته، وتقطع رجله
ويترك له عقبة يمشي عليها (3).
18 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن علي بن
مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: قال أبو
عبد الله عليه السلام: اتى أمير المؤمنين عليه السلام برجال قد سرقوا فقطع أيديهم، فقال: إن
الذي بان من أجسادكم قد يصل إلى النار، فان تتوبوا تجروها، وإلا تتوبوا
تجركم (4).
19 - علل الشرائع: عن أبيه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن أبان بن محمد،
عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن الصادق، عن أبيه، عن علي عليهم السلام
قال: ليس على الطرار والمختلس قطع، لأنها دغارة معلنة، ولكن يقطع من
يأخذ ويخفى (5).
20 - علل الشرائع: عن ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن ابن محبوب، عن
عبد الرحمن بن الحجاج، عن بكير بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل سرق
* ((هامش) * (1 2) علل الشرائع ج 2 ص 223.
(3) المصدر نفسه ج 2 ص 224.
(4) المصدر نفسه ج 2 ص 224.
(5) علل الشرائع ج 2 ص 230. والدغارة والدغرة: أخذ الشئ اختلاسا، وفى
الحديث " لا دفع في الدغرة " قاله الجوهري.
186

فلم يقدر عليه ثم سرق مرة أخرى فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى و
السرقة الأخيرة، قال: تقطع يده بالسرقة الأولى؟ ولا تقطع رجله بالسرقة
الأخيرة.
فقيل له: كيف تقطع يده بالسرقة الأولى ولا تقطع رجله بالسرقة
الأخيرة؟ فقال: لأن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى والأخيرة جميعا " في
مقام واحد، ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى ثم أمسكوا حتى تقطع
يده، ثم شهدوا عليه بعد بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى (1).
21 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني،
عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع لا تدخل بيتا "
واحدة منهن إلا خرب ولم يعمر بالبركة: الخيانة، والسرقة، وشرب
الخمر، والزنا (2).
22 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن عميرة،
عن ابن حازم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مدمن الزنا والسرق
والشرب كعابد وثن (3).
23 - فقه الرضا (ع): لا يقطع السارق حتى يقر مرتين إذا لم يكن شهود، واتي
أمير المؤمنين عليه السلام بصبي قد سرق فأمر بحك أصابعه على الحجر، حتى خرج الدم
ثم اتى به ثانية وقد سرق فأمر بأصابعه فشرطت، ثم اتي به ثالثة وقد سرق
فقطع أنامله.
فإذا سرق العبد فعلى مولاه: إما يسلمه للحد، وإما يغرم عما قام
عليه الحد فان أقر العبد على نفسه بالسرق لم يقطع ولم يغرم مولاه، لأنه أقر في

(1) علل الشرائع ج 2 ص 269 و 270.
(2) ثواب الأعمال ص 217.
(3) ثواب الأعمال ص 218.
187

ما غيره (1).
24 - الخرائج: روي أن أسودا ادخل على علي عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين
إني سرقت فطهرني، فقال: لعلك سرقت من غير حرز، ونحى رأسه عنه، فقال:
يا أمير المؤمنين سرقت من حرز فطهرني، فقال عليه السلام: لعلك سرقت غير نصاب
ونحى رأسه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين سرقت نصابا ".
فلما أقر ثلاث مرات قطعه أمير المؤمنين عليه السلام فذهب وجعل يقول في الطريق
قطعني أمير المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب الدين
وسيد الوصيين، وجعل يمدحه، فسمع ذلك منه الحسن والحسين وقد استقبلاه
فدخلا على أمير المؤمنين وقالا رأينا أسودا " يمدحك في الطريق، فبعث أمير المؤمنين عليه السلام
من أعاده إلى عنده، فقال له: قطعتك وأنت تمدحني؟ فقال: يا أمير المؤمنين عليه السلام
إنك طهرتني وإن حبك من قبلي قد خالط لحمي وعظمي، فلو قطعتني إربا "
إربا " لما ذهب حبك من قلبي، فدعا له أمير المؤمنين عليه السلام ووضع المقطوع إلى
موضعه فصح وصلح كما كان (2).
25 - الإرشاد: روى زيد بن الحسن بن عيسى، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن
عبد الله بن سمعان، عن عبد الله بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين
عليه السلام أنه كان يقطع يد السارق اليمنى في أول سرقته، فان سرق ثانية قطع رجله
اليسرى فان سرق ثالثة خلده في السجن (3).
26 - تفسير العياشي: في رواية سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا زنى الرجل
يجلد، وينبغي للامام أن ينفيه من الأرض التي جلد بها إلى غيرها سنة، وكذلك ينبغي

(1) فقه الرضا: 42.
(2) كتاب مختار الخرائج ص 226، ونقله في المستدرك ج 3 ص 240 بوجه أبسط
من الخرائج نفسه.
(3) ارشاد المفيد: 251 باب ذكر اخوة أبى جعفر الباقر عليه السلام.
188

للرجل إذا سرق وقطعت يده (1).
27 - تفسير العياشي: عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام
أنه سئل عن التيمم، فتلا هذه الآية " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " (2)
وقال: " اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " (3) قال: فامسح على كفيك من
حيث موضع القطع، قال: " وما كان ربك نسيا " " (4).
قال: وكتب إلينا أبو محمد يذكر عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد
عن عامة أصحابه يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان إذا قطع السارق ترك
الابهام والراحة، فقيل له: يا أمير المؤمنين عليه السلام تركت عامة يده؟ قال: فقال لهم:
فان تاب فبأي شئ يتوضأ، لأن الله يقول: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما
جزاء بما كسبا نكالا " من الله فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله غفور
رحيم " (5).
28 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، عن رجل سرق فقطعت يده
اليمنى ثم سرق فقطعت رجله اليسرى، ثم سرق الثالثة، قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام
يخلده في السجن، ويقول: إني لأستحي من ربي أن أدعه بلا يد يستنظف بها، ولا رجل
يمشي بها إلى حاجته.
قال: وكان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل، وإذا قطع الرجل قطعها
دون الكعبين، قال: وكان لا يرى أن يعقل عن شئ من الحدود (6).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 316.
(2) المائدة: 38.
(3) المائدة: 6.
(4) مريم: 64.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 318.
(6) المصدر نفسه ج 1 ص 318 وفيه " أن يغفل " والصحيح ما في المتن، يقال: -
عقل عن فلان إذا لزمته دية فأديتها عنه، فالمراد بالعقل عن الحد التزام الرجل عن غيره أن
يحد عوضا عنه، لكنه في الفقيه ج 4 ص 46 من طبعته الحديثة " أن يعفى "، وهكذا نقله
في الوسائل.
189

29 - تفسير العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا اخذ السارق
قطع من وسط الكف، فان عاد قطعت رجله من وسط القدم، فان عاد استودع السجن
فان سرق في السجن قتل (1).
30 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه، عن علي عليه السلام
أنه اتي بسارق فقطع يده، ثم أوتي به مرة أخرى فقطع رجله اليسرى، ثم
أوتي به ثالثة فقال: إني لأستحي من ربي أن لا أدع له يدا " يأكل بها، ويشرب
بها، ويستنجي بها، ورجلا " يمشي عليها، فجلده واستودعه السجن، وأنفق عليه
من بيت المال (2).
31 - تفسير العياشي: عن جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما أنه عليه السلام قال:
لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، فان رجع ضمن السرقة ولم يقطع،
إذا لم يكن له شهود (3).
32 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: لا يقطع إلا
من نقب بيتا " أو كسر قفلا " (4).
33 - تفسير العياشي: عن زرقان صاحب ابن أبي داود (5) وصديقه بشدة، قال:

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 318.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 319.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 319.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 319.
(5) في المصدر " ابن أبي داود " وهو سهو والصحيح ما أثبتناه في الصلب، وداود كغراب
والرجل أحمد بن أبي داود كان قاضيا ببغداد في عهد المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل
وكان بينه وبين محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم والواثق عداوة ففلج في سنة 233
وسخط عليه المتوكل وعلى ولده أبى الوليد محمد بن أحمد، وكان على القضاء، فأخذ
من أبي الوليد محمد بن أحمد مائة وعشرين ألف دينار وجوهرا بأربعين ألف دينار مصادرة
وسيره إلى بغداد من سامراء، وكانت وفاته في 240 الهجرية.
وأما زرقان صاحب ابن أبي داود فلعله أبو جعفر الزيات المحدث.
190

رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم. فقلت له في ذلك فقال:
وددت اليوم أني قدمت منذ عشرين سنة، قال: قلت له: ولم ذاك؟ قال: لما كان
من هذه الأسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين، قال:
قلت له: وكيف كان ذلك؟ قال: إن سارقا " أقر على نفسه بالسرقة، وسأل
الخليفة تطهيره بإقامة الحد عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر
محمد بن علي فسئلنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟.
قال: فقلت: من الكرسوع (1) قال: وما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لأن
اليد هي الأصابع والكف إلى الكرسوع، لقول الله في التيمم " فامسحوا بوجوهكم
وأيديكم " (2) واتفق معي على ذلك قوم، وقال آخرون: بل يجب القطع
من المرفق.
قال: وما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأن الله لما قال: " وأيديكم
إلى المرافق " في الغسل دل ذلك على أن حد اليد هو المرفق.
قال: فالتفت إلى محمد بن علي فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟
فقال: قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين، قال: دعني مما تكلموا به، أي شئ
عندك؟ قال: اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين، قال: أقسمت عليك بالله لما أخبرت
بما عندك فيه، فقال عليه السلام: أما إذا أقسمت على بالله، إني أقول: إنهم أخطأوا

(1) الكرسوع: كعصفور: طرف الزند الذي يلي الخنصر الناتئ عند الرسع، أو
عظيم في طرف الوظيف مما يلي الرسغ من وظيف الشاء ونحوها من غير الآدميين. قاله
الفيروزآبادي.
(2) المائدة: 6.
191

فيه السنة، فان القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك
الكف.
قال: وما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول الله صلى الله عليه وآله " السجود على سبعة
أعضاء: الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع
أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال الله تبارك وتعالى: " وأن المساجد
لله " (1) يعني هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها " فلا تدعوا مع الله أحدا " " وما
كان لله لم يقطع، قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع
دون الكف.
قال ابن أبي داود: قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حيا " (2).
34 - مناقب ابن شهرآشوب: أبو علي بن راشد وغيره قالوا: كتب جماعة الشيعة إلى
أبي الحسن موسى عليه السلام: ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت وقطع رأس الميت
وأخذ الكفن؟
الجواب بخطه: يقطع السارق لأخذ الكفن من وراء الحرز، ويلزم مائة
دينار لقطع رأس الميت (3).
35 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أحمد بن محمد، عن المسعودي، عن معاوية بن عمار قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: يقطع من السارق أربعة أصابع ويترك الابهام، ويقطع الرجل
من المفصل ويترك العقب يطأ عليه (4).
36 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا

(1) الجن: 18.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 319 و 320.
(3) مناقب ابن شهرآشوب ج 4 س 292 في حديث طويل، وبعده " لأنا جعلناه
بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح، فجعلنا في النطفة عشرين دينارا ".
(4) راجع النوادر ذيل كتاب فقه الرضا ص 77.
192

عبد الله عليه السلام يقول: يقطع السارق في كل شئ يبلغ ثمنه مجنا " وهو ربع دينار
إن كان سرق من بيت أو سوق أو غير ذلك، والأشل اليمين والشمال متى سرقت
قطعت له اليمنى على كل الأحوال.
قال: ويقطع من السارق الرجل بعد اليد، فان عاد فلا قطع عليه، ولكنه
يخلد في السجن وينفق عليه من بيت المال (1).
37 - فقه الرضا (ع): قال أبي: والصبي متى سرق عفي عنه مرة أو مرتين، فان
عاد قطع أسفل من ذلك.
38 - نهج البلاغة: [في كلام له عليه السلام: وقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله رجم
الزاني المحصن ثم صلى عليه ثم ورثه أهله، وقتل القاتل وورث ميراثه أهله
وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن ثم قسم عليهما من الفئ ونكحا المسلمات
فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وآله بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم، ولم يمنعهم سهمهم من
الاسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله] (2).

(1) راجع ذيل كتاب فقه الرضا ص 77.
(2) نهج البلاغة تحت الرقم 125 من قسم الخطب، والمتن الذي جعلناه بين
العلامتين ساقط من الأصل.
193

{92 باب}
* (حد المحارب واللص وجواز دفعهما) *
الآيات: المائدة:... أنه من قتل نفسا " بغير نفس أو فساد في الأرض.
الآية (1).
وقال تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض
فسادا " أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض
ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (2).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض
فسادا " " فإنه حدثني أبي عن علي بن حسان، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من حارب

(1) الآية في سورة المائدة: 32 هكذا: " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه
من قتل نفسا " بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا "، ومن أحياها فكأنما أحيا
الناس جميعا " قال علي بن إبراهيم: لفظ الآية خاص في بني إسرائيل ومعناه جار في الناس
كلهم، وقوله " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " قال: من أنقذها من حرق أو غرق
أو هدم أو سبع أو كفله حتى يستغنى أو أخرجه من فقر إلى غنى، وأفضل من ذلك أن أخرجه
من ضلال إلى هدى.
أقول: ولعل الوجه في قوله " من أجل ذلك " والآية بعد قصة نبأ ابني آدم، أنه
قتل أحد ابنيه في أول الخلقة، ولو لم يقتل لجرى من صلبه خلق كثير مثل ما جرى من ولده الاخر
فالذي قتل أخاه كأنه قتل هذا الجم الغفير من الناس.
(2) المائدة: 33، وبعده " الا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله
غفور رحيم " الآية: 34.
194

الله وأخذ المال وقتل كان عليه أن يقتل أو يصلب، ومن حارب فقتل ولم يأخذ
المال كان عليه أن يقتل ولا يصلب، ومن حارب فأخذ المال ولم يقتل كان عليه
أن يقطع يده ورجله من خلاف، ومن حارب ولم يأخذ المال ولم يقتل كان عليه
أن ينفى.
ثم استثنى عز وجل فقال: " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " يعني
يتوب من قبل أن يأخذه الامام (1)
2 - قرب الإسناد: عن اليقطيني، عن حماد بن عيسى، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام
قال: قال علي عليه السلام: التقنع في الليل ريبة (2).
3 - قرب الإسناد: عن ابن ظريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عليهما السلام
قال: قال علي عليه السلام: من دخل عليه لص فليبدره بالضربة فما تبعه من إثم فأنا
شريكه فيه (3).
4 - قرب الإسناد: عن البزاز، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال:
إذا دخل عليك رجل يريد أهلك وما تملك، فابدره بالضربة إن استطعت،
فان اللص محارب لله ولرسوله، فاقتله فما تبعك فيه من شئ فهو علي (4).
5 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن رجل شهر إلى صاحبه
بالرمح والسكين، فقال: إن كان يلعب فلا بأس (5).
6 - الخصال: في خبر الأعمش عن الصادق عليه السلام قال: من قتل دون ماله
فهو شهيد، ولا يحل قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية، إلا قاتل

(1) تفسير القمي ص 155.
(2) قرب الإسناد ص 10 وفى ط ص 14.
(3) قرب الإسناد ص 46 ط حجر وص 62 ط نجف.
(4) قرب الإسناد ص 74 ط حجر وص 97 ط نجف.
(5) قرب الإسناد ص 112 ط حجر.
195

أو ساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك ولا على أصحابك (1).
عيون أخبار الرضا (ع): فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون مثله (2).
7 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: المقتول دون ماله
شهيد (3).
8 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عز وجل يبغض الرجل الذي يدخل عليه في بيته
فلا يقاتل (4).
صحيفة الرضا (ع): عن الرضا عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام مثله (5).
9 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن رجل، عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اللص المحارب فاقتله،
فما أصابك فدمه في عنقي (6).
10 - فقه الرضا (ع): من تخطى حريم قوم حل قتله، ومن اطلع في دار قوم
رجم، فان تنحى فلا شئ عليه، فان وقف فعليه أن يرجم، فان أعماه أو شجه
فلا دية له (7).
11 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من شهر السلاح
في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه ونفي من تلك البلدة، ومن شهر السلاح في

(1) الخصال ج 2 ص 153.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 124.
(3) الخصال ج 2 ص 155 في حديث طويل.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 28.
(5) صحيفة الرضا ص 4.
(6) المحاسن ص 360.
(7) فقه الرضا عليه السلام ص 42.
196

غير الأمصار فضرب وعقر وأخذ المال ولم يقتل فهو محارب، جزاؤه جزاء
المحارب، وأمره إلى الامام، إن شاء قتله وصلبه، وإن شاء قطع يده
ورجله.
قال: وإن حارب وقتل وأخذ المال فعل الامام أن يقطع يده اليمين
بالسرقة، ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه.
فقال له أبو عبيدة: أصلحك الله أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول؟ فقال
أبو جعفر: إن عفوا عنه فعلى الامام أن يقتله، لأنه قد حارب وقتل وسرق، فقال
له أبو عبيدة: فان أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية ويدعونه ألهم ذلك؟ قال:
لا، عليه القتل (1).
12 - تفسير العياشي: عن أبي صالح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قدم على رسول -
الله صلى الله عليه وآله قوم من بني ضبة [مرضى] فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: أقيموا عندي، فإذا
برئتم بعثتكم في سرية فقالوا: أخرجنا من المدينة، فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون
من أبوالها ويأكلون من ألبانها، فلما برؤا واشتدوا قتلوا ثلاثة نفر كانوا في الإبل
وساقوا الإبل.
فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله فبعث إليهم عليا " عليه السلام وهم في واد تحيروا ليس يقدرون
أن يخرجوا عنه قريب من أرض اليمن، فأخذهم فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و
نزلت عليه " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " (2) إلى قوله: " أو ينفوا
من الأرض " فاختار رسول الله صلى الله عليه وآله قطع أيديهم وأرجلهم من خلف (3)
13 - تفسير العياشي: عن أحمد بن الفضل الخاقاني من آل رزين قال: قطع الطريق

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 314.
(2) المائدة: 33.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 241 ورواه في الدعائم ج 2 ص 474 راجعه.
197

بجلولا علي السابلة من الحجاج (1) وغيرهم، وأفلت القطاع، فبلغ الخبر
المعتصم فكتب إلى عامل له كان بها: تأمن الطريق كذلك؟ (2) يقطع على طرف
اذن أمير المؤمنين، ثم ينقلب القطاع؟ فان أنت طلبت هؤلاء وظفرت بهم، وإلا
أمرت بأن تضرب ألف سوط، ثم تصلب بحيث قطع الطريق.
قال: فطلبهم العامل حتى ظفر بهم، واستوثق منهم، ثم كتب بذلك إلى
المعتصم فجمع الفقهاء قال: وقال: برأي ابن أبي داود (3) ثم سأل الآخرين
عن الحكم فيهم، وأبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام حاضر.
فقالوا قد سبق حكم الله فيهم في قوله " إنما جزاء الذين يحاربون الله
ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم
من خلاف أو ينفوا من الأرض " ولأمير المؤمنين عليه السلام أن يحكم بأي ذلك،
شاء فيهم.
قال: فالتفت إلى أبي جعفر عليه السلام فقال: ما تقول فيما أجابوا فيه؟ فقال:
قد تكلم هؤلاء الفقهاء، والقاضي بما سمع أمير المؤمنين، قال: أخبرني بما عندك
قال: إنهم قد أضلوا فيما أفتوا به، والذي يجب في ذلك، أن ينظر أمير المؤمنين
في هؤلاء الذين قطعوا الطريق، فان كانوا أخافوا السبيل فقط، ولم يقتلوا أحدا
ولم يأخذوا مالا "، أمر بايداعهم الحبس، فان ذلك معنى نفيهم من الأرض بإخافتهم
السبيل، وإن كانوا أخافوا السبيل، وقتلوا النفس، أمر بقتلهم، وإن كانوا
أخافوا السبيل وقتلوا النفس وأخذوا المال، أمر بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف
وصلبهم بعد ذلك.

(1) جلولا ناحية قرب خانقين في طريق بغداد إلى خراسان، سمى باسم نهر عظيم
هناك يمتد إلى بعقوبا ويشق بين منازلها، والسابلة: المارون في السبيل.
(2) في المصدر والأصل: " تأمر الطريق بذلك " وهو تصحيف.
(3) مر ذكره في ص 190 من هذا المجلد.
198

قال: فكتب إلى العامل بأن يمثل ذلك بهم (1)
14 - تفسير العياشي: عن ابن معاوية العجلي قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن
قول الله تعالى: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " إلى قوله: " فسادا "
قال: ذلك إلى الامام يعمل فيه بما شاء، قلت: ذلك مفوض إلى الامام؟ قال:
لا، بحق الجناية (2).
15 - تفسير العياشي: عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول
الله: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " قال: الامام في الحكم فيهم
بالخيار، إن شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى من
الأرض (3).
16 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام في قوله: " إنما جزاء الذين يحاربون
الله ورسوله " إلى قوله: " أو يصلبوا " الآية قال: لا يبايع، ولا يؤتى بطعام، و
لا يتصدق عليه (4).
17 - تفسير العياشي: عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
عز وجل " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " الآية إلى آخرها: أي شئ
عليهم من هذا الحد الذي سمى؟ قال: ذلك إلى الامام إن شاء قطع، وإن شاء
صلب، وإن شاء قتل، وإن شاء نفى.

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 314 و 315.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 315، ورواه الكليني في الكافي ج 7 ص 246 وهكذا
الشيخ في التهذيب ج 10 ص 133 من طبعته الحديثة، وفيه " قال: لا، ولكن نحو
الجناية " وقال العلامة المؤلف في شرحه: لا ينافي هذا الخبر القول بالتخيير، إذا مفاده أن الامام
يختار ما يعلمه صلاحا " بحسب جنايته لا بما تشتهيه، وبه يمكن الجمع بين الاخبار المختلفة.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 315 و 316.
(4) المصدر ج 1 ص 316.
199

قلت: النفي إلى أين؟ قال: من مصر إلى مصر آخر، وقال: إن عليا " عليه السلام
قد نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة (1).
18 - تفسير العياشي: عن سورة بن كليب عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: الرجل
يخرج من منزله إلى المسجد يريد الصلاة ليلا "، فيستقبله رجل فيضربه بعصا ويأخذ
ثوبه، قال: فما يقول: فيه من قبلكم؟ قال: يقولون إن هذا ليس بمحارب،
وإنما المحارب في القرى المشركية، وإنما هي دغارة (2).
قال: فأيهما أعظم حرمة؟ دار الاسلام أو دار الشرك؟ قال: قلت: بل دار
الاسلام، فقال: هؤلاء من الذين قال الله تعالى " إنما جزاء الذين يحاربون الله
ورسوله " إلى آخر الآية (3).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 316.
(2) الدغرة والدغارة: الاختلاس، ومنه الحديث " لا قطع في الدغرة " وليس الذي
ذكره سورة في الحديث اختلاسا ودغارة بل هو غارة وفساد في الأرض بعد اصلاحها، فالذي
يطوف بالليل ويضرب من لقيه بالعصا أو يعلوه بالسيف ليأخذ منه ثوبه أو غير ذلك، قد قام
بمضادة السلام بين المؤمنين ومحاربة الله ورسوله في تحريم مال المسلم وأن حرمة ماله
كحرمة دمه، فهو ممن قال الله عز وجل " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون
في الأرض فسادا " أن يقتلوا أو يصلبوا " الآية.
وبالجملة المفهوم من الآيات الكثيرة التي يذكر فيها السعي في الفساد في الأرض:
أنه الاخلال بالمصالح الاجتماعية وبالأمن والسلام الحاكم بينهم، ويشمل اللص المحارب
وصاحب الإغارة الذي يقوم بهلاك الحرث والنسل لو قاموا بمقابلته.
ومن الآيات التي تنص على ذلك قوله تعالى: " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد
فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " (البقرة: 205) وقوله تعالى " يذبح أبناءهم
ويستحيى نساءهم انه كان من المفسدين " (القصص: 4).
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 316.
200

19 - تفسير العياشي: عن [أبي] إسحاق المدائني قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام
إذ دخل عليه رجل فقال له: جعلت فداك إن الله يقول: " إنما جزاء الذين
يحاربون الله ورسوله " إلى " أو ينفوا " فقال: هكذا قال الله تعالى، فقال له:
جعلت فداك فأي شئ الذي إذا فعله استحق واحدة من هذه الأربع؟ قال: فقال له
أبو الحسن عليه السلام: أربع، فخذ أربعا بأربع:
إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا " فقتل قتل، وإن قتل وأخذ
المال قتل وصلب (1) وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن
حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا " ولم يقتل ولم يأخذ المال نفي من
الأرض.
فقال له الرجل: جعلت فداك وما حد نفيه؟ قال: ينفى من المصر الذي فعل
فيه ما فعل إلى غيره، ثم يكتب إلى أهل ذلك المصر أن ينادى عليه بأنه منفي فلا
تؤاكلوه ولا تشاربوه ولا تناكحوه، فإذا خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب
إليهم بمثل ذلك. فيفعل به ذلك سنة، فإنه سيتوب من السنة وهو صاغر.
فقال له الرجل: جعلت فداك فان أتى أرض الشرك فدخلها، قال: يضرب
عنقه إذا أراد الدخول في أرض الشرك (2).
20 - تفسير العياشي: في رواية أبي إسحاق المدائني، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
قلت: فان توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قال: قوتل أهلها (3).
21 - الاختصاص: عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال
من فتك بمؤمن يريد ماله ونفسه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال (4).

(1) وفى الدعائم ج 2 ص 475 عن علي عليه السلام أن أتى بمحارب فأمر بصلبه
حيا وجعل خشبة قائمة مما يلي القبلة وجعل قفاه وظهره مما يلي الخشبة ووجهه مما يلي
الناس مستقبل القبلة، فلما مات تركه ثلاثة أيام، ثم أمر به فأنزل: فصلى عليه ودفن.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 317.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 317.
(4) الاختصاص: 259.
201

22 - نوادر الراوندي: [باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه
عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أشار على أخيه المسلم بسلاحه لعنته
الملائكة حتى ينحيه.
وقال: قال عليه السلام أيضا: من شهر فدمه هدر] (1).
{93 باب}
* (من اجتمعت عليه الحدود بأيها يبدء) *
1 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن رجل اخذ وعليه ثلاثة حدود:
الخمر والزنا والسرقة، بأيها يبدء من الحدود؟ قال: بحد الخمر، ثم السرقة
ثم الزنا (2).

(1) نوادر الراوندي ص 33 وما بين العلامتين ساقط من الأصل.
(2) قرب الإسناد ص 112 ط حجر.
وفى دعائم الاسلام ج 2 ص 464، عن علي عليه السلام أن رجلا رفع إليه قد أصاب
حدا ووجب عليه القتل فأقام عليه الحد فقتله قال أبو جعفر عليه السلام: وكذلك لو اجتمعت
عليه حدود كثيرة فيها القتل لكان يبدء بالحدود التي دون القتل، ثم يقتل.
202

{94 باب}
* (النهى عن التعذيب بغير ما وضع الله) *
* (من الحدود) *
1 - علل الشرائع: عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أول ما استحل الامراء العذاب
لكذبه كذبها أنس بن مالك على رسول الله صلى الله عليه وآله " أنه سمر يد رجل إلى الحائط " ومن
ثم استحل الامراء العذاب (1).

(1) علل الشرايع ج 2 ص 227.
أقول: عن أنس قال: قدم على النبي صلى الله عليه وآله نفر من عكل فأسلموا فاجتووا المدينة
فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا فصحوا فارتدوا وقتلوا
رعاتها واستاقوا الإبل فبعث في آثارهم فاتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم لم
يحسمهم حتى ماتوا.
وفى رواية فسمر أعينهم وفى رواية: أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها وطرحهم
بالحرة يستسقون فما يسقون حتى ماتوا، رواه في مشكاة المصابيح 307 وقال: متفق عليه.
203

{95 باب}
* (أنه يقتل أصحاب الكبائر في الثالثة) *
* (الرابعة) *
1 - عيون أخبار الرضا (ع) (1) علل الشرائع: في علل محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام قال: علة القتل في
إقامة الحد في الثالثة (2) لاستخفافهما، وقلة مبالاتهما بالضرب حتى كأنهما مطلق
لهما الشئ، وعلة أخرى أن المستخف بالله وبالحد كافر، فوجب عليه القتل
لدخوله في الكفر (3).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب شرب الخمر.
2 - فقه الرضا (ع): أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة
وشارب الخمر في الرابعة (4).

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 97.
(2) زاد في العيون ههنا [على الزاني والزانية].
(3) علل الشرايع ج 2 ص 233.
(4) فقه الرضا ص 42.
204

{96 باب}
* (السحر والكهانة) *
الآيات: البقرة: واتعبوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان - وما كفر
سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر - وما انزل على الملكين
ببابل هاروت وماروت - وما يعلمان من أحد حتى يقولا: إنما نحن فتنة فلا تكفر! - فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه - وما هم بضارين به من أحد إلا
بإذن الله - ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة
من خلاق، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (1) الآيات.

(1) البقرة: 102 - وبعده: - ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو
كانوا يعلمون ".
أقول: ضمير الجمع في قوله تعالى " واتبعوا " راجع إلى فريق من بني إسرائيل
عرفهم الله في سابق الآيات بأنهم تفانوا في حب الدنيا وزخارفها الفانية وحرصوا على الحياة
فنبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وكذبوا أنبياء الله وقتلوهم أحيانا "، ونقضوا عهد الله وميثاقه.
ثم بعد ذلك اتبعوا شياطين الانس - وهم السحرة - في الافتراء على ملك سليمان و
حشمته بأنها كانت بالسحر وأن الكتاب الذي أعطاه الله عز وجل وأنزله من السماء عليه
تشييدا " لملكه الموهوب له - الذي لا ينبغي لاحد من بعده - وتأييدا " وتثبيتا " لأركان عزته
التي لا ترام، إنما هي هذه الصحائف التي ورثناها بعده، فلذلك نعمل العجائب كما كان
يعمل، الا أنه كان يعرف جميع أسرار السحر، ونحن لا نعلم ولا نعرف منها الا هذا النذر
اليسير.
فبسبب اتباعهم - أعني السحرة الشياطين - في هذا الافتراء رخصوا لأنفسهم أن يتعاطوه، و
قاموا في الطلب، وخاضوا في السحر واشتروا صحائفه وتعلموه وعملوا به، مع علمهم بأن
ذلك حرام محرم في مذهبهم، وأن متعاطي ذلك ومشتريه ماله في الآخرة من خلاق.
والظاهر عندي - بعد تتبع ما ورد من لفظ التلاوة وتصاريفها في القرآن المجيد - أن
التلاوة هي القراءة بالترتيل والطمأنينة مع طنطنة خاصة تنشأ من تعظيم نفس المتكلم وخشوعه
بالنسبة إلى عظمه ما يتلوه، كأن خطيبا " يخطب في مهم اجتماعي ويلقى كلمته على السامعين
ليعوه ويحفظوه، فتارة يخفض صوته وتارة يعلو بها حسبما اقتضى المقام، ليقع المعنى في
قلب السامع موقعه، ويأخذ بسمعه مآخذه، وربما كرر جملة من كلامه مع ترتيل وتتابع
بين كلماته بحيث يسع المخاطب أن يعرف مغزى الكلام.
وهذا النحو من القراءة، وهي التلاوة، خاص عند الناس بالقاء الفرامين المولوية
والمواعظ الحكمية، والخطابات التي يلقونها في أندية العلماء، تحقيقا " لأمر اجتماعي
أو أدبى أو غير ذلك، مما يراد بها التأثير في السامعين والاخذ بأسماعهم وأبصارهم
وقلوبهم.
ومن أجل ذلك نفسه كثر استعمال التلاوة في قراءة القرآن وسائر الكتب المنزلة
من عند الله عز وجل، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وآله في مواضع من القرآن العزيز أن يتلوه
على الناس من دون أن يأمره بالقراءة عليهم، حتى في آية واحدة اللهم الا في قوله تعالى
" لتقرأه على الناس على مكث " وفيه مفهوم التلاوة.
والمراد بالشياطين شياطين الانس، سموا شيطانا " لكفرهم بالله، وآياته وافترائهم
على ملك سليمان بأنه كان بالسحر، ثم ادعاؤهم افتراء على الله أن السحر نازل من السماء
إلى سليمان، فهو جائز تعليمه وتعلمه، ثم قراءتهم صحف السحر والأباطيل بصورة
التلاوة كما يتلى كتب الله المنزلة تمويها " على العوام، مع ما كانوا يؤذون الناس بسحرهم و
يفرقون به بين المرء وزوجه.
وفى قوله تعالى: " وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر "
نزل السحر منزلة الكفر، وبين وجه كفر الشياطين بأنهم " يعلمون الناس السحر "
فقوله هذا بمنزلة أن يقال: " وما سحر سليمان مدى ملكه وحشمته ولكن الشياطين
سحروا " وقيل في تعالى: " وما أنزل على الملكين " الخ أن " ما " نافية، والظاهر
أنها موصولة، يشير إلى أن الله عز وجل أنزل ملكين ببابل - وكان عاصمة السحرة يومئذ -
فتصورا وتمثلا بصورة رجلين وتسميا باسم هاروت وماروت، وأظهرا علم السحر وأسراره
لعامة الناس حتى يعرفوا أن شياطين السحرة كاذبون في دعواهم بأن السحر علم سماوي نزل
على سليمان لتشييد ملكه وسلطانه، ويتبين لهم أن السحر ليس الا مخرقة وتمويه أباطيل
لا حقيقة لها بصورة خارقة للعادة.
وهذان الملكان - هاروت وماروت - حيثما علما " أحدا " من الناس السحر وأظهروه على
حقيقته كانا يقولان " إنما نحن فتنة " أي بوتقة خلاص وامتحان إنما نعلمك السحر ليخلص
الحق من مزاج الباطل، ويعرف السحر من معجزة الحق، ويظهر الساحر الكاذب الكافر
من النبي الصادق المؤمن للحق، " فلا تكفر " أنت بعد تعلم أسرار السحر أي لا تسحر
ولا تعمل السحر.
فكان الناس يتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه لما كانت الشياطين
تفعل ذلك كثيرا بأهالي بابل، ويأخذون على ذلك الاجر تارة من هذا للتفريق بين زوجين
معينين وتارة منهما أو من أحدهما لحل ذلك والتأليف بينهما، فبعد ما ظهرت العامة
بأسرار السحر - خصوصا " ما كان شايعا فيهم من التفريق بين المرء وزوجه - سقط الساحرون
من شوكتهم وقدرتهم، وبلغ أمر الله وكان امر الله قدرا " مقدورا ".
وقوله " وما انزل " عطف على قوله " ما تتلوا الشياطين " والمعنى أن بني إسرائيل
لخبثهم وحرصهم على المال والجاه اغتنموا الفرصة واتبعوا ما أنزل على الملكين من
السحر كما اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان فضموا سحر الشياطين مع سحر
الملكين وسحروا على الناس، وأخذوا بذلك أموالهم وفعلوا وفعلوا وليس ما فعلوا الا
الكفر بآيات الله وكتبه، ولقد علموا من دينهم ومذهبهم أنه لمن اشترى وطلب السحر،
ماله في الآخرة من خلاق، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون
فيعرف من جملة ذلك أن عرفان السحر وتعلمه وتعليمه لعامة الناس احقاقا " للحق
وابطالا لما يدعونه السحرة من الاعجاز والقدرة السماوي والسيطرة الإلهي، لا بأس به، بل هو
مما أنزل الله لتحقيقه ملكين، فمن فعل ذلك، فقد شرك الملكين في نيتهما وعملهما وله
مثوبة ذلك، وأما تعاطى السحر لغير ذلك من الاغراض فهو الكفر بالله العظيم،
والشراء والاشتراء هو ما نسميه الان في عرفنا " بالعرض والتقاضى " فالشراء أن
يعرض صاحب المتاع متاعه للبيع، والاشتراء أن يطلب المتاع ويتقاضاه من له الحاجة
إلى ذلك المتاع، فإذا باعه ذاك الشاري وابتاعه هذا المشترى فقدتم.
ولذلك يقول: " لمن اشتراه " أي من طلب السحر متاعا ليصرفه في حاجة نفسه
فيفرق مثلا بين عدوه وزوجته، أو ليصرفه لحاجة غيره فيبيعه منه بثمن " ماله في الآخرة
من خلاق " أي من نصيب.
ولذلك نفسه يقول: " ولبئس ما شروا به أنفسهم " أي أنهم بفعلهم السحر قد عرضوا
أنفسهم للبيع بثمن قليل وقد كانت غاليا " ثمنها الجنة، لكنهم لا يعلمون " ولو أنهم آمنوا "
أي لم يكفروا أي لم يسحروا بل لم يشتروا السحر، " واتقوا " من الله وعذابه " لمثوبة
من عند الله " تنالهم في حلهم السحر وتكذيب السحرة اقتداءا بما فعل الملكان النازلان
" خير " لهم " لو كانوا يعلمون ".
وقوله: " وما هم بضارين به من أحد الا بإذن الله " إشارة إلى أن فعل السحر إنما
هو تأثير سبب خفى على عامة الناس ظاهر سببيته على الخاصة، فمن توصل بالسبب الخفي
على مسببه، ليس قد ظهر على سر الخلقة بذاته ولا هو ممن أظهره الله على ذلك كما أظهر
على ذلك سليمان، بل الله عز وجل كما أذن اذنا " تكوينيا في تأثير الأسباب الظاهرة أذن
في تأثير الأسباب الخفية، ومن توصل بأحد من الأسباب - الظاهرة أو الخفية - فقد أخذ
بإذن الله عز وجل.
وفعل السحر - أعني التوصل بالأسباب الخفية على مسبباتها - وان كانت مبغوضا "
لله عز وجل تشريعا " إذا كانت بداعي السيطرة والجاه وأخذ الأموال والافساد في الأرض
لكنه مأذون بالاذن التكويني ابتلاء واختبارا " للناس، هو الذي خلق الموت والحياة
ليبلوكم أيكم أحسن عملا.
وقوله: " ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم " عطف على قوله " فيتعلمون منهما ما
يفرقون به بين المرء وزوجه " والمعنى ما كانوا يتعلمونه من السحر كانت على قسمين
قسم منها ما كان يضر بالغير فيفرقون به بين المرء وزوجه، وقسم منها ما يضر بأنفسهم
ولا ينفعهم.
205

الأعراف: فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر
عظيم (1).
يونس: ولا يفلح الساحرون (2).
وقال تعالى: قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح
عمل المفسدين (3).
طه: قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها
تسعى - إلى قوله تعالى: إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى (4).
الشعراء: هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك
أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون (5).
الفلق: ومن شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد (6).

(1) الأعراف: 116.
(2) يونس: 77.
(3) يونس: 81.
(4) طه: 66 - 69.
(5) الشعراء: 221.
(6) الفلق: 3 و 4.
209

1 - أمالي الصدوق: عن ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن
معاوية بن أبي وهب، عن أبي سعيد هاشم، عن: أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة
لا يدخلون الجنة: الكاهن، والمنافق، ومدمن الخمر، والقتات:
وهو النمام (1).
2 - قرب الإسناد: عن البزاز، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن
عليا " عليه السلام قال: من تعلم شيئا " من السحر قليلا " أو كثيرا " فقد كفر، وكان آخر
عهده بربه، وحده أن يقتل إلا أن يتوب (2).
3 - قرب الإسناد: عن النهدي، عن أبيه، عن عيسى بن سقفي وكان ساحرا " يأتيه الناس
فيأخذ على ذلك الأجر، قال: فحججت فلقيت أبا عبد الله عليه السلام بمنى، فقلت له:
جعلت فداك! أنا رجل كانت صناعتي السحر، وكنت آخذ عليه الأجر، وكان
معاشي، وقد حججت، وقد من الله على بلقائك، وقد تبت إلى الله تعالى، فهل
لي في شئ منه مخرج؟ قال: فقال: أبو عبد الله عليه السلام: نم حل ولا تعقد (3).
4 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن
البطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من تكهن أو تكهن له، فقد
برئ من دين محمد صلى الله عليه وآله، قلت: فالقيافة قال: ما أحب أن تأتيهم، وقل ما
يقولون شيئا " إلا كان قريبا " مما يقولون، وقال: القيافة فضله من النبوة ذهبت

(1) أمالي الصدوق ص 243 راجع ص 125 فيما سبق.
(2) قرب الإسناد ص 71 ط حجر.
(3) قرب الإسناد ص 25، قيل: خصه بعض علمائنا بالحل بغير السحر كالقرآن
والذكر والتعويذ ونحوها، وهو حسن إذ لا تصريح بجواز الحل بالسحر، وفيه أن
حل السحر إنما هو بسحر ضده، فلا ريب في جوازه، مع ما قد عرفت في تفسير الآية من
أن المراد باشتراء السحر الاكتساب به.
210

في الناس (1).
5 - الخصال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن النوفلي، عن
السكوني، عن الصادق، عن أبيه، عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا رقى (2) إلا في
ثلاثة: في حمة، (3) أو عين، أو دم لا يرقأ (4).
6 - الخصال: عن أحمد بن محمد بن الهيثم، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب
عن ابن بهلول، عن أبيه، عن الحسين بن مصعب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
يكره النفخ في الرقي والطعام وموضع السجود (5).
أقول: قد مضى في باب شرب الخمر (6) عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم.
7 - الخصال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن الحسن بن علي الكوفي، عن
إسحاق بن إبراهيم، عن نصر بن قابوس قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

(1) الخصال ج 1 ص 13 وزاد بعده في الوسائل: " حين بعث النبي صلى الله عليه وآله ".
(2) يقال: رقاه يرقيه رقيا ورقية: عوذه ونفث في عوذته، وقد يعدى بعلى فيقال
رقى عليه تضمينا له لمعنى قرأ ونفث والنفث: القاء البزاق عند الرقية، أو هو كالنفخ،
وسيأتي في الحديث أن النفخ مكروه، والاسم من الرقي: الرقية كاللقمة، والجمع
رقى كهدى.
(3) الحمة - كثبة - السم، وقيل: الإبرة يضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك
أو يلدغ بها وتاؤها عوض عن اللام المحذوفة، لان أصلها (حمو) أو " حمى " والجمع
حمات وحمى، وفى مطبوعة الوسائل ج 6 ص 109 ط الحديثة " لا رقا الا في ثلاثة: " في
حمى - بشد الميم - أو عين أو دم لا يرقى " وفيه تصحيف.
(4) الخصال ج 1 ص 76.
(5) المصدر نفسه ج 1 ص 76.
(6) راجع ص 129 مما سبق والحديث منقول عن الخصال ج 1 ص 85.
211

المنجم ملعون، والكاهن ملعون، والساحر ملعون، والمغنية ملعون، ومن آواها
وأكل كسبها ملعون.
وقال عليه السلام: المنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كافر، والكافر
في النار (1).
قال الصدوق - رضي الله عنه -: المنجم الملعون هو الذي يقول: بقدم الفلك
ولا يقول بمفلكه وخالقه عز وجه (2).
8 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا ينفخ الرجل في موضع
سجوده، ولا ينفخ في طعامه، ولا في شرابه، ولا في تعويذه (3).
9 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن النوفلي، عن
السكوني، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ساحر المسلمين
يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ولم لا يقتل ساحر
الكفار؟ قال: لأن الشرك أعظم من السحر، ولأن السحر والشرك
مقرونان.
وروي أن توبة الساحر أن يحل ولا يعقد (4).
10 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن إتيان العراف، وقال:
من أتاه فصدقه فقد برئ مما انزل على محمد صلى الله عليه وآله (5).
11 - السرائر: عن ابن محبوب في المشيخة عن الهيثم بن واقد قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: إن عندنا بالجزيرة رجلا " ربما أخبر من يأتيه يسأله عن
الشئ يسرق أو شبه ذلك، فنسأله؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مشى

(1) الخصال ج 1 ص 143.
(2) الخصال ج 1 ص 143.
(3) الخصال ج 2 ص 156.
(4) علل الشرايع ج 1 ص 233.
(5) أمالي الصدوق ص 239.
212

إلى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل الله من
كتاب (1).
12 - تفسير العياشي: عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله
تعالى: " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " (2) قال: كانوا يقولون:
نمطر بنوء كذا ونوء كذا، ومنها أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم بما
يقولون (3).

(1) السرائر: 473.
(2) يوسف: 106.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 199.
والمراد بالشرك في الآية: الشرك الخفي، كاعتقادهم بالانواء، ومثل ذلك ما روى
عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: قول الرجل لولا فلان لهلكت، ولولا فلان لضاع عيالي
جعل لله شريكا " في ملكه يرزقه ويدفع عنه، فقيل له: لو قال: لولا أن من الله على بفلان
لهلكت؟ قال: لا بأس بهذا.
قال الجزري في النهاية ج 4 ص 178: قد تكرر ذكر الأنواء والنوء في الحديث
والأنواء هي ثمان وعشرون منزلة ينزل القمر في كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله
تعالى: " والقمر قدرناه منازل " يسقط في المغرب كل ثلاث عشر ليلة منزلة مع طلوع
الفجر، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في المشرق، فتنقضي جميعها مع انقضاء
السنة.
وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبونه
إليها فيقولون: مطرنا بنوء كذا. وإنما سمى نوءا "، لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب
ناء الطالع بالمشرق، يقال، ناء ينوء نوءا ": أي نهض وطلع.
وقال الجوهري في الصحاح: 79، النوء سقوط نجم من المنازل في المغرب مع
الفجر وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يوما، وهكذا
كل نجم منها إلى انقضاء السنة ما خلا الجبهة، فان لها أربعة عشر يوما ".
قال أبو عبيدة: ولم نسمع في النوء أنه السقوط الا في هذا الموضع، وكانت العرب
تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها وقال الأصمعي: إلى الطالع منها
في سلطانه، فتقول مطرنا بنوء كذا، وجمع النوء أنواء ونوآن مثل بطن وبطنان.
213

13 - نوادر الراوندي: [باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه،
عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار
لا يقتل، فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله! ولم ذاك؟ قال: لأن الشرك والسحر
مقرونان (1).
وبهذا الاسناد قال علي عليه السلام: أقبلت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا
رسول الله! إن لي زوجا " وله علي غلظة، وإني صنعت به شيئا " لأعطفه علي؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: أف لك! كدرت دينك! لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك
الملائكة الأخيار، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة
الأرض.
فصامت نهارها وقامت ليلها ولبست المسوح، ثم حلقت رأسها، فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: إن حلق الرأس لا يقبل منها حتى ترضى الزوج] (2).

(1) نوادر الراوندي ص 4.
(2) المصدر نفسه ص 25 وما بين العلامتين محله بياض في الأصل.
214

{97 باب}
* (حد المرتد وأحكامه، وفيه أحكام قتل) *
* (الخوارج والمخالفين) *
الآيات: البقرة: [ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر
فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها
خالدون (1).
آل عمران: كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول

(1) البقرة: 217، قال الطبرسي: هذا تحذير عن الارتداد ببيان استحقاق
العذاب عليه، وقوله " فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة " معناه انها صارت
بمنزلة ما لم يكن لايقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به، لان احباط العمل وابطاله
عبارة عن وقوعه على خلاف الوجه الذي يستحق عليه الثواب وليس المراد أنهم استحقوا
على أعمالهم الثواب ثم انحبط، لأنه قد دل الدليل على أن الاحباط على هذا الوجه
لا يجوز.
أقول: المراد بقرينة ساير الآيات الواردة في مورد الحبط وهكذا نفس الآيات
المبحوث عنها أن المراد من الحبط هو ايقاف العمل وتوقيفه بمعنى أنه لا يترتب عليه
أثر العمل من حيث الإثابة حكما " موقتا "، أي ما دام العمل محبوطا "، ولازم معنى الحبط
هذا أنه إذا تاب المتخلف ورجع عن فعله المحبط خرج العمل عن الحبط وترتب عليه
آثاره كملا، الا إذا مات المرتد على كفره كما فرض في هذه الآية " ومن يرتدد منكم
عن دينه فيمت وهو كافر " الخ أو فعل فعلا لا يقبل الله معه توبته كما فرض في آية آل
عمران: 22 " ان الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين
يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا و
الآخرة " فلا توبة حتى يخرج العمل عن الحبط، فيكون الحبط تاما " دائما " في الدنيا و
الآخرة كما حكم به في الآية.
والحبط بهذا المعنى أعني الايقاف والتوقيف شايع في الحكومات، مؤيد بالعقل
فانكار المنكرين من المتكلمين إنما هو لأجل أنهم لم يتحققوا معنى الحبط الذي ورد في القرآن
العزيز.
وهذا المعنى مصرح به في الروايات منها ما عن الدعائم ج 2 ص 481 عن أبي جعفر
محمد بن علي عليهما السلام أنه قال من كان مؤمنا " يعمل خيرا "، ثم أصابته فتنة فكفر ثم
تاب بعد كفره كتب له كل شئ عمل في ايمانه، فلا يبطله كفره إذا تاب بعد كفره.
مثال ذلك عند الحكومات: أن الرجل يحل عليه الدين فلا يؤديه، فيحتكم الدائن
عند الحكومة، فيحكم له بتوقيف دار المديون حتى يخرج عن دينه فلا يمكن من
التصرف فيها حتى إذا خرج المديون عن دينه وأدى ما عليه حكم الحاكم بالغاء التوقيف
فصار يتمكن من التصرف في داره كما كان قبل ذلك.
ومثل ذلك أن الرجل يثور على الحكومة بالطغيان، فلا ينجح ثورته، فيفر إلى
خارج الثغر حصنا " لدمه، فيحكم الحكومة بمصادرة أمواله، أو توقيفها حتى يستسلم، وقد
يكون بعد استسلامه وتوبته يحكم الحاكم بلغو المصادرة والتوقيف، ولا بدع في ذلك،
فإنه نحو من العقوبة.
فالحبط هو الغاء الأثر من حيث الانتفاع بالعمل، وهو جار في المؤمنين، وأما البطلان
من رأس كما توهمه المتكلمون فهو يختص بالكفار كما قال الله عز وجل " أولئك الذين ليس
لهم في الآخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " هود: 16، و
قال حاكيا عن موسى (ع) حين قال قومه " اجعل لنا إلها " كما لهم آلهة ": " ان هؤلاء
متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون " الأعراف: 139، كما عبر عنهم كثيرا "
بالمبطلين.
وقولهم في توجيه ما ورد من ذلك في الآيات " أنها صارت بمنزلة ما لم يكن
لايقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به، وأن الثواب في علمه تعالى على ذلك العمل
مشروط بعدم وقوع الفسق الفلاني أو الكفر بعد الايمان بعده " غير مقبول بعد ما كان
العمل في ظرفه صحيحا " واجدا " لشرائطه، ففي قوله تعالى " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت
النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون "
الحجرات: 2، حكم يحبط أعمالهم الصحيحة المقبولة التي استحقوا على فعلها الثواب
عند الجهر بندائه صلى الله عليه وآله من دون أن يشعروا أنفسهم بأنهم فعلوا ما يحبط الأعمال.
على أن الآيات التي وردت في الحبط كلها تتضمن أن الأعمال المحبوطة كانت
صحيحة مقبولة ذات ثواب وجزاء حسن، والا لم يكن في حبطها ضرر عليهم حيث لم يكونوا
لينتفعوا بها قبل الحبط أيضا ".
فإذا تحقق معنى الحبط كانت الآية حاكمة بأن من ارتد عن دينه ومات كافرا "،
حبطت أعماله وتجب البراءة عنه، وأما إذا رجع عن ارتداده فهل يقبل توبته أم لا،
فسنتعرض له في الآيات الآتية بعدها.
215

حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين * أولئك جزاؤهم أن عليهم
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولاهم
216

ينظرون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فان الله غفور رحيم * إن
الذين كفروا بعد ايمانهم ثم ازدادوا كفرا " لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون *
إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا " ولو افتدى
به أولئك لهم عذاب أليم ومالهم من ناصرين (1).

(1) آل عمران: 86 - 91 والآيات نزلت في أهل الكتاب متعرضة لليهود و
جحودهم وكفرهم بالنبي صلى الله عليه وآله بعد بعثته بعد ما كانوا يؤمنون به قبل بعثته، قال عز وجل:
" كيف يهدى الله قوما " كفروا " بالنبي وبما جاء به من البينات " بعد ايمانهم " به قبلا " و " هم الذين " شهدوا أن الرسول حق وجاءهم " في التبشير ببعثته " البينات، والله لا يهدى
القوم الظالمين " فكفرهم هذا كفر بعد ايمان حيث كان ايمانهم - والنبي لم يبعث بعد -
ايمان حق.
وأما جزاء كفرهم هذا فلعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين في جهنم لا يخفف
عنهم العذاب ولا هم ينظرون.
" الا الذين تابوا من بعد ذلك " أي بعد كفرهم وهي ارتداد واقعا " لأول مرة فآمنوا
ثانيا " وأصلحوا " ما أفسدوه بانكارهم وعدوانهم من إماتة الحق وصد الناس عن سبيل
الله باغوائهم فاعترفوا بان كفرهم وجحودهم ذلك كان عن ظلم وهوى متبع " فان الله
غفور رحيم " يقبل توبتهم.
ويتصور مثل ذلك من الكفر بالنبي بعد الايمان بالنسبة إلى الذين لم يؤمنوا به صلى الله عليه وآله
في ظرف يهوديتهم ونصرانيتهم - كما في عصرنا هذا - إذا دخلوا في الاسلام ثم ارتدوا،
فيكون ارتدادهم هذا كفرا " بعد ايمان ان لم يتوبوا قتلوا، وان تابوا وأصلحوا فان الله
غفور رحيم يقبل توبتهم ويتفرع على ذلك لزوم استتابته.
فتلخص من الآية أن توبة المرتد عن دين الله إذا كان من أهل الكتاب إنما تقبل
للمرة الأولى، بأنهم يستتابون فان تابوا فان الله غفور رحيم، وان لم يتوبوا بل
أصروا على كفرهم وجحودهم، وازدادوا كفرا " لن تقبل توبتهم بعد ذلك، وأولئك
هم الضالون.
فقوله: " ان الذين كفروا بعد ايمانهم " تجديد عنوان لقوله: " قوما " كفروا بعد
ايمانهم " وقوله " ثم ازدادوا كفرا " تماديهم في الكفر والجحود والاصرار على غيهم
وعدوانهم لدين الله، بعد التوبة بعد الاستتابة أو الفرار عن حوزة الاسلام إلى دار
الكفر مثلا والمكر بالمسلمين والفساد في الأرض فلن تقبل توبتهم، ولا يمهلون بعد ذلك
ولا يستتابون، بل يقتلون حيث ظفر بهم.
217

النساء: إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا "
لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا " (1)].

(1) النساء: 137. والآية تشهد بسياقها وسياق ما قبلها أنها خاصة بالذين آمنوا
وتابوا عن شرك فطري قال: " يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل
على رسوله والكتاب الذي انزل من قبل " من التوراة والإنجيل، وهذا يشهد بأنهم ما
كانوا مؤمنين بالكتاب الذي أنزل من قبل " ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
" وهذا أيضا يشهد بأنهم كانوا مشركين لا يقرون بالمعاد " فقد ضل ضلالا
بعيدا " ".
ثم قال: " ان الذين آمنوا " أي بعد الشرك الفطري " ثم كفروا " وارتدوا " ثم
آمنوا " أي رجعوا عن الارتداد وتابوا إلى الحق " ثم كفروا " وارتدوا ثانيا " ثم ازدادوا
كفرا " بعدم التوبة أو الفرار إلى دار الشرك أو الفساد في الأرض " لم يكن الله ليغفر لهم
ولا ليهديهم سبيلا ".
فعلى هذا تقبل توبة المرتد إذا كان على فطرة الشرك مرتين: مرة بابتداء الدعوة
واسترجاعه عن الشرك إلى الايمان لأول مرة، فان تاب وقبل الاسلام فهو، والا قتل
حيث ظفر به، فايمانه هذا كايمان أهل الكتاب في دينهم من الانقلاع عن الشرك إلى
التوحيد.
ومرة ثانية إذا ارتد عن الاسلام إلى الشرك، بمعنى أنه كفر بعد الايمان ودخل
تحت قوله تعالى: " كيف يهدى الله قوما كفروا بعد ايمانهم وشهدوا بأن الرسول حق "
الخ، وقد كان جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها، الا
الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا.
فيجب على الامام أن يستتيبه كما فعل في أهل الكتاب لأول مرة حرفا " بحرف.
تحقيقا " لمعنى قوله تعالى " ثم آمنوا " حيث صدق ايمانهم بعد الكفر بعد الايمان، وقد ورد
في الاستتابة أن ينظر ثلاثة أيام في الحبس ليرجع، فإن لم يرجع قتل كما كان يقتل في
شركه الفطري مثل ما كان يفعل بأهل الكتاب إذا أصروا على كفرهم وجحودهم.
فأما إذا آمن ثانيا ثم كفر بعد ذلك، فلم تتعرض الآية لحاله بأنه هل يقبل ايمانه
بعد ذلك أيضا " أولا يقبل، بل إنما تعرض لحال من كفر بعد ذلك وازداد كفرا، حيث
قال، " لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا " فإذا ارتدوا وزادوا في طغيانهم فلا ريب
أنهم لا يستتابون ولا يمهلون بل يقتلون حيث ظفر بهم وتجب البراءة منهم، وأما إذا
لم يزيدوا في طغيانهم، بل كفروا بالكفر الساذج فقد دخلوا في الشرك كما كانوا فيه أول
مرة فان تاب من نفسه بمعنى أنه بادر إلى التوبة، يقبل توبته ظاهرا " ويوكل أمره إلى
الله ومشيئة لعل الله يقبل توبته ولا نعلم، وان لم يتب ولم يبادر إلى التوبة فأمره مراعى
ان شاء الامام استتابه وان لم يشأ لم يستتبه، فان تاب بعد الاستتابة فهو، وان لم يتب
أولم يشأ أن يستتيبه قتله فإنه مشرك.
فقد فرق الله عز وجل بين المشرك عن فطرة وبين أهل الكتاب بأنه أهمل أمر
المشرك في المرة الثانية من ارتداده وحكم في أهل الكتاب بعد قبول توبتهم في
المرة الثانية.
219

1 - قرب الإسناد: عن البزاز، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال:
قال علي عليه السلام: ميراث المرتد لولده (1).
2 - الخصال: عن القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة
عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا ارتدت المرأة عن
الاسلام استتيبت، فان تابت وإلا خلدت في السجن، ولا تقتل كما يقتل الرجل
إذا ارتد، ولكنها تستخدم خدمة شديدة، وتمنع من الطعام والشراب إلا ما
تمسك به نفسها، ولا تطعم إلا جشب الطعام، ولا تكسى إلا غليظ الثياب وخشنها

(1) قرب الإسناد ص 63 ط حجر.
220

وتضرب على الصلاة والصيام، الخبر (1).
3 - عيون أخبار الرضا (ع) (2) علل الشرائع: عن الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن
ابن فضال، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام قال: شريعة محمد صلى الله عليه وآله لا تنسخ إلى يوم
القيامة، ولا نبي بعده إلى يوم القيامة، فمن ادعى بعده نبوة أو أتى بعد القرآن
بكتاب فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه (3).
أقول: قد مضى بتمامه في باب معنى اولي العزم (4).
4 - عيون أخبار الرضا (ع): عن البيهقي، عن الصولي، عن عون بن محمد، عن سهل بن قاسم
قال: سمع الرضا عليه السلام بعض أصحابه يقول: لعن الله من حارب أمير المؤمنين عليه السلام
فقال له: قل: إلا من تاب وأصلح، ثم قال: ذنب من تخلف عنه ولم يتب أعظم
من ذنب من قاتله ثم تاب (5).
5 - أمالي الطوسي: باسناد أخي دعبل، عن الرضا عليه السلام: عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من سب نبيا " من الأنبياء فاقتلوه، ومن سب وصيا " فقد
سب نبيا " (6).
6 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن
هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما ترى في رجل سبابة لعلي عليه السلام؟
قال: هو والله حلال الدم، لولا أن يعم به بريئا "، قلت: أي شئ يعم به بريئا "؟

(1) الخصال ج 2 ص 142 في حديث طويل.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 80 في حديث.
(3) علل الشرايع ج 1 ص 117.
(4) راجع ج 11 ص 35 - 34 من هذه الطبعة.
(5) عيون الأخبار ج 2 ص 88.
(6) أمالي الطوسي ج 1 ص 375.
221

قال: يقتل مؤمن بكافر (1).
7 - صحيفة الرضا (ع): عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سب
نبيا " قتل، ومن سب أصحابي جلد (2).
8 - فقه الرضا (ع): روي أنه من ذكر السيد محمدا " صلى الله عليه وآله أو واحدا " من أهل بيته
الطاهرين عليهم السلام بالسوء، وبما لا يليق بهم، أو الطعن فيهم صلوات الله عليهم وجب
عليه القتل (3).
9 - مجالس المفيد: عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي
عن محمد بن مروان، عن زيد بن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيها الناس لا نبي بعدي، ولا سنة بعد سنتي، فمن
ادعى ذلك فدعواه وبدعته في النار، ومن ادعى ذلك فاقتلوه، ومن اتبعه فإنهم
في النار (4).
أقول: تمامه في باب وصية النبي صلى الله عليه وآله (5).
10 - مناقب ابن شهرآشوب: شتم رجل النبي صلى الله عليه وآله فسأل الوالي عبد الله بن الحسن والحسن
ابن زيد وغيرهما، فقالوا: يقطع لسانه، وقال ربيعة الرأي وأصحابه، يؤدب
فقال الصادق عليه السلام: أرأيتم لو ذكر رجلا " من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ما كان الحكم
فيه؟ قالوا: مثل هذا، قال: فليس بين النبي وبين رجل من أصحابه فرق؟
فقالوا الوالي: كيف الحكم؟ قال: أخبرني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الناس في
أسوة سواء من سمع أحدا " أن يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من [شتمني ولا

(1) ثواب الأعمال ص 190.
(2) صحيفة الرضا ص 4، وفيه: " ومن سب صاحب نبي جلد ".
(3) فقه الرضا ص 38.
(4) مجالس المفيد ص 32 في ط وص 40 ط نجف.
(5) راجع ج 22 ص 475 من هذه الطبعة.
222

يرفع إلى السلطان، فالواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من] (1) نال مني؟، فقال الوالي: أخرجوا الرجل فاقتلوه بحكم أبي عبد الله عليه السلام (2).
11 - رجال الكشي: عن محمد بن الحسن، عن الحسن بن خرزاد، عن موسى بن القاسم
عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عمار السجستاني قال: زاملت أبا بجير عبد الله بن
النجاشي من سجستان إلى مكة، وكان يرى رأي الزيدية، فلما صرنا
إلى المدينة مضيت أنا إلى أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام، ومضى هو إلى عبد الله
ابن الحسن.
فلما انصرف رأيته منكسرا " يتقلب على فراشه ويتأوه، قلت: مالك أبا
بجير؟ فقال: استأذن لي على صاحبك إذا أصبحت إنشاء الله، فلما أصبحنا دخلت على
أبي عبد الله عليه السلام قلت: هذا عبد الله النجاشي سألني أن أستأذن له عليك، وهو يرى
رأي الزيدية، فقال: ائذن له.
فلما دخل عليه قربه أبو عبد الله عليه السلام فقال له أبو بجير: جعلت فداك
إني لم أزل مقرا " بفضلكم، أرى الحق فيكم لا في غيركم، وإني قتلت ثلاثة
عشر رجلا " من الخوارج كلهم سمعتهم يتبرء من علي بن أبي طالب عليه السلام.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: سألت عن هذه المسألة أحدا " غيري؟ قال: نعم،
سألت عنها عبد الله بن الحسن فلم يكن عنده فيها جواب، وعظم عليه، وقال لي:
أنت مأخوذ في الدنيا والآخرة، فقلت: أصلحك الله على ماذا عادينا الناس في
علي عليه السلام؟
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فيكف قتلتهم يا أبا بجير؟ فقال: منهم من كنت
أصعد سطحه بسلم حتى أقتله، ومنهم من دعوته بالليل على بابه وإذا خرج علي
قتلته، ومنهم من كنت أصحبه في الطريق فإذا خلالي قتلته، وقد استتر ذلك

(1) ما بين العلامتين زيادة من المصدر.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 262.
223

كله على.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا بجير! لو كنت قتلتهم بأمر الإمام لم يكن
عليك في قتلهم شئ، ولكنك سبقت الامام، فعليك ثلاث عشرة شاة تذبحها بمنى،
وتتصدق بلحمها، لسبقك الامام، وليس عليك غير ذلك.
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا بجير! أخبرني حين أصابك الميزاب وعليك
الصدرة (1) من فراء فدخلت النهر، فخرجت وتبعك الصبيان يعيطون (2) أي شئ
صبرك على هذا؟ قال عمار: فالتفت إلى أبو بجير وقال لي: أي شئ كان هذا
من الحديث حتى تحدثه أبا عبد الله؟ فقلت: لا والله ما ذكرت له ولا لغيره، و
هذا هو يسمع كلامي، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: لم يخبرني [هو] بشئ يا
أبا بجير.
فلما خرجنا من عنده قال لي أبو بجير: يا عمار أشهد أن هذا عالم
آل محمد، وأن الذي كنت عليه باطل، وأن هذا صاحب الأمر (3).
12 - رجال الكشي: عن محمد بن قولويه، عن سعد بن عبد الله القمي، عن محمد بن
عبد الله المسمعي، عن علي بن حديد المدائني قال: سمعت من يسأل أبا الحسن
الأول عليه السلام فقال: إني سمعت محمد بن بشير يقول: إنك لست موسى بن جعفر
الذي أنت إمامنا وحجتنا فيما بيننا وبين الله تعالى، قال، فقال عليه السلام: لعنه
الله - ثلاثا " - أذاقه الله حر الحديد، قتله الله أخبث ما يكون من قتلة.
فقلت له: جعلت فداك إذا أنا سمعت منه أو ليس حلال لي دمه مباح كما
أبيح دم السباب لرسول الله صلى الله عليه وآله والامام؟ فقال: نعم، حل والله، حل والله
دمه، وأباحه لك، ولمن سمع ذلك منه، قلت: أو ليس ذلك بساب لك؟ فقال:

(1) الصدرة - بالضم - ثوب يلبس فيغشى الصدر.
(2) أي يصيحون ويجلبون.
(3) رجال الكشي: 291 تحت الرقم 182.
224

هذا سباب الله، وسباب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسباب لآبائي، وأي سب ليس يقصر
عن هذا ولا يفوقه هذا القول؟
قلت: أرأيت إذا أنا لم أخف أن أغمز بذلك بريئا، ثم لم أفعل ولم أقتله ما
علي من الوزر؟ فقال: يكون عليك وزره أضعافا مضاعفة، من غير أن ينقص من
وزره شئ، أما علمت أن أفضل الشهداء درجة يوم القيامة من نصر الله ورسوله بظهر
الغيب، ورد عن الله ورسوله صلى الله عليه وآله (1).
13 - الاختصاص: عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
عورة المؤمن على المؤمن حرام، وقال: من اطلع على مؤمن في منزله فعيناه
مباحتان للمؤمن، في تلك الحال، ومن جحد نبيا " مرسلا " نبوته فكذبه
فدمه مباح.
قال: قلت: أرأيت من جحد الامام منكم ما حاله؟ قال: فقال: من جحد
إماما " من الله برئ منه ومن دينه فهو كافر مرتد عن الاسلام، لأن الامام من
الله. ودينه دين الله، ومن برئ من دين الله فهو كافر، دمه مباح في تلك الحال
إلا أن يرجع ويتوب إلى الله مما قال.
قال: ومن فتك بمؤمن يريد ماله ونفسه، فدمه مباح للمؤمن في تلك
الحال (2).
14 - أمالي الطوسي: عن الحسين بن عبيد الله الغضايري [عن أحمد بن محمد العطار
عن أبيه، عن أحمد بن محمد البرقي، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن
مسلم، عن فضيل بن يسار قال: قال الصادق عليه السلام احذروا على شبابكم الغلاة
لا يفسدوهم، فان الغلاة شر خلق الله: يصغرون عظمة الله ويدعون الربوبية
لعباد الله.

(1) رجال الكشي ص 408.
(2) الاختصاص: 259.
225

والله إن الغلاة أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا،
الخبر (1).
15 - أمالي الطوسي: الحسين بن عبيد الله، عن علي بن محمد العلوي، عن أحمد بن
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده إبراهيم بن هاشم، عن أبي أحمد الأزدي،
عن عبد الصمد بن بشير، عن ابن طريف، عن ابن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام
اللهم إني برئ من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى، اللهم اخذلهم
أبدا " ولا تنصر منهم أحدا " (2).
16 - أمالي الطوسي (3): الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 264.
(2) المصدر نفسه، وما بين العلامتين أضفناه من البحار باب نفى الغلو ج 25
ص 265 و 266 من هذه الطبعة الحديثة، بقرينة صدر السند.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 275 وقد رواه الشيخ في التهذيب ج 10 ص 138
ط نجف باسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم، وهكذا
الكليني باسناده عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير (الكافي ج 7 ص 257)
وباسناده عن علي بن إبراهيم (ج 7 ص 258) وباسناده عن محمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل عن كردين عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام
(ج 7 ص 259).
وهذه القصة مشهورة، وقد رواه الكشي أيضا " في رجال بألفاظ وأسانيد وأشار إليه
الشيخ في المبسوط في كتاب المرتد، وقال: روى أن قوما " قالوا لعلى عليه السلام أنت
اله فأجج نارا ثم حرقهم فيها، فقال ابن عباس: لو كنت أنا لقتلتهم بالسيف وسمعت النبي
صلى الله عليه وآله يقول: لا يعذب بعذاب الله، من بدل دينه فاقتلوه.
ولفظه في المناقب هكذا:
روى أن سبعين رجلا من الزط أتوه يعنى أمير المؤمنين عليه السلام بعد قتال أهل
البصرة يدعونه إلها بلسانهم وسجدوا له، فقال لهم: ويلكم لا تفعلوا، إنما أنا مخلوق
مثلكم، فأبوا عليه، فقال: لئن لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله لأقتلنكم، قال:
فأبوا فخد لهم أخاديد وأوقد نارا فكان قنبر يحمل الرجل بعد الرجل على منكبه فيقذفه
في النار ثم قال:
انى إذا أبصرت أمرا " منكرا " * أوقدت نارا " ودعوت قنبرا "
ثم احتفرت حفرا وحفرا * وقنبر يحطم حطما " منكرا "
226

إبراهيم، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن أبي جعفر البرقي، عن ابن أبي
عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى قوم أمير المؤمنين عليه السلام
فقالوا: السلام عليك يا ربنا، فاستتابهم فلم يتوبوا فحفر لهم حفيرة وأوقد فيها نارا "
وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها وأفضى ما بينهما، فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة
وأوقد في الحفيرة الأخرى حتى ماتوا].
227

{98 باب القمار}
الآيات: البقرة: [يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير ومنافع
للناس وإثمهما أكبر من نفعهما (1).
المائدة: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير - إلى قوله تعالى -
وأن تستقسموا بالأزلام (2).
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب و
الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان
أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة
فهم أنتم منتهون (3)].
1 - تفسير علي بن إبراهيم: فأما الميسر فالنرد والشطرنج، وكل قمار ميسر، وأما

(1) البقرة: 219.
(2) المائدة: 4.
(3) المائدة: 93 وقال الطبرسي في المجمع: وروى علي بن إبراهيم في تفسيره
(راجع ص 150) عن الصادقين عليهما السلام أن الأزلام عشرة: سبعة لها أنصباء وثلاثة
لا أنصباء لها، فالتي لها أنصباء: الفذ، والتوأم، والمسبل، والنافس، والحلس، والرقيب
والمعلى. فالفذله سهم، والتوأم له سهمان، والمسبل له ثلاثة أسهم، والنافس له أربعة
أسهم، والحلس له خمسة أسهم، والرقيب له ستة أسهم، والمعلى له سبعة أسهم.
والتي لا أنصباء لها: السفيح والمنيح والوغد، وكانوا يعمدون إلى الجزور فيجزؤنه
أجزاء ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام ويدفعونها إلى رجل وثمن الجزور على من
تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار فحرمه الله تعالى.
أقول، وقد روى في ترتيب الاسهام غير ذلك، فعن التهذيب والفقيه; الفذ والتوأم
والنافس والحلس والمسبل والمعلى والرقيب، وعن تفاسير أهل السنة: الفذ والتوأم
والرقيب والحلس والنافس والمسبل والمعلى، وقد جمع في شعر ابن الحاجب هكذا:
هي فذ وتوأم ورقيب * ثم حلس ونافس ثم مسبل
والمعلى والوغد ثم سفيح * ومنيح وذي الثلاثة تهمل
ولكل مما عداها نصيب * مثله أن تعد أول أول
وكيف كان يشبه هذا الاستقسام بالأزلام، المقارعة التي تداولت في عصرنا هذا بشراء
أوراق لها قيمة متساوية اعتبارا " ثم يعطون إلى جمع من أولئك الذين اشتروا الأوراق بحكم
القرعة شطرا " كثيرا " من المال المتخذة من جميعهم، وقد يعطى واحد منهم مائة ألف
باشترائه ورقة واحدة تعتبر عندهم باثنين أو خمسة، ومع ذلك يبقى لجاعل الأوراق مآت
ألوف.
هذا هو الاستقسام بالأزلام، وأما الميسر والقمار، فلا يكون الا باللعب أي لعب كان،
فان القمار مصدر باب المفاعلة ولا يتحقق الا بين اثنين يلعبان بالنرد أو الشطرنج أو الكعاب
وغير ذلك حتى الخاتم والجوز، ومثل ذلك لفظ الميسر، قال في المجمع: الميسر القمار، اشتق
من اليسر وهو وجوب الشئ لصاحبه من قولك يسر لي هذا الشئ ييسر يسرا وميسرا:
إذا وجب لك، والياسر، الواجب بقداح وجب لك أو غيره انتهى.
ومن الآيات التي فسر بالنهي عن الشطرنج قوله تعالى في سورة الحج: 30:
" فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " قال الطبرسي: " فاجتنبوا الرجس
من الأوثان " من هنا للتبين، والتقدير فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان، وروى أصحابنا
أن اللعب بالشطرنج والنرد وسائر أنواع القمار من ذلك، وقيل إنهم كانوا يلطخون الأوثان
بدماء قرا بينهم فسمى ذلك رجسا ".
أقول: لفظ " من " إنما يأتي للتبين مطردا " إذا تلا " ما " أو " مهما " وليس يحمل لفظ القرآن
الذي جاء بلسان عربي مبين على ما هو غير مطرد بل غير معلوم، بل " من " هنا للتبعيض
والمعنى أن الأوثان: منها ما هو رجس وهو إذا تقومر بها، ومنها ما هو غير ذلك، والذي
هو رجس قد ذكره الله عز وجل في قوله " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل
الشيطان فاجتنبوه ".
فكل ما تقومر به فهو رجس لهذه الآية وبعض ما تقومر به الشطرنج الذي صنعت آلاته
مصورا " كالأوثان وهي الشاه والوزير والصورة والفيل والجندي وغير ذلك، فيجب الاجتناب
من الشطرنج وإن كان من دون رهان فافهم ذلك، وسيأتي في الباب الآتي روايات كثيرة
تؤيد ذلك، وتذكر أن المراد بالرجس من الأوثان: الشطرنج، وليس فيها أن النرد و
سائر أنواع القمار منها كما ذكره الطبرسي.
228

الأنصاب فالأوثان التي كان يعبدها المشركون، وأما الأزلام فالقداح التي كانت
229

يستقسم بها مشركوا العرب في الأمور، في الجاهلية، كل هذا بيعه وشراؤه و
الانتفاع بشئ من هذا حرام من الله محرم، وهو " رجس من عمل الشيطان " فقرن
الله الخمر والميسر مع الأوثان (1).
2 - قرب الإسناد: عن محمد بن الوليد الخزاز، عن بكير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
اللعب بالشطرنج، فقال: إن المؤمن لفي شغل عن اللعب (2).
3 - أمالي الطوسي: عن ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن علي بن محمد بن علي
الحسيني، عن جعفر بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن علي، عن الرضا عليه السلام
عن آبائه، عن علي عليهم الصلاة والسلام قال: كلما ألهى عن ذكر الله فهو من
الميسر (3).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب الغناء وبعضها في باب المعازف (4).
4 - الخصال: عن العطار، عن أبيه، عن سهل، عن محمد بن جعفر بن عقبة،

(1) تفسير القمي ص 168.
(2) قرب الإسناد ص 81 ط حجر.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 345 وفى ط حجر 214.
(4) باب الغناء والمعازف سيأتي تحت الرقم 99 و 100.
230

عن الحسن بن محمد ابن أخت أبي مالك، عن عبد الله بن سنان، عن عبد الواحد بن
المختار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اللعب بالشطرنج، فقال: إن المؤمن
لمشغول عن اللعب (1).
5 - الخصال: عن ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري رفعه إلى
أمير المؤمنين عليه السلام قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يسلم على أربعة: على السكران في
سكره، وعلى من يعمل التماثيل، وعلى من يلعب بالنرد، وعلى من يلعب
بالأربعة عشر (2) وأنا أزيدكم الخامسة: أنهاكم أن تسلموا على أصحاب
الشطرنج (3).
6 - الخصال: عن الهمداني والمكتب والوراق وحمزة العلوي جميعا، عن علي،
عن أبيه، عن الأزدي والبزنطي معا "، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن
أبي جعفر عليه السلام أنه قال في قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم
الخنزير وما أهل لغير الله به " (4) يعني ما ذبح للأصنام، وأما " المنخنقة " فان المجوس

(1) الخصال ج 1 ص 15.
(2) الأربعة عشر لعبة للمقامرين يخطون على صفحة كصحفة الأرض مربعات كل
مربعة منها داخل الأخرى كالجدول ويصفون على متقاطع الخطوط حصيات (راجع صورتها
في القاموس ج 3 ص 279) فقد يكون الخطوط فيه ثمان والحصيات ستا " لكل واحد من
طرفي القمار ثلاث حصيات، ويقال له " سه در " و " سه پر " بالفارسية ومعربها السدر - بضم
السين وشد الدال المفتوحة - وقد يكون الخطوط فيه ست عشرة والحصيات أربعة عشر
لكل واحد منهما سبع يقال له الأربعة عشر كذا ذكرناه في ج 76 ص 8 ولكن نقل العلامة
المؤلف في المرآة (شرح الكافي ج 6 ص 435) عن المسالك أنهم فسروه بأنها قطعة
خشب فيها حفر في ثلاثة أسطر ويجعل في الحفر حصا " صغارا " يلعب بها، فتحرر!
(3) الخصال ج 1 ص 112.
(4) المائدة: 3.
231

كانوا لا يأكلون الذبائح ويأكلون الميتة، وكانوا يخنقون البقر والغنم، فإذا اختنقت
وماتت أكلوها " والمتردية " كانوا يشدون أعينها ويلقونها من السطح، فإذا ماتت
أكلوها " والنطيحة " كانوا يناطحون بالكباش فإذا ماتت إحداهما أكلوها " وما
أكل السبع إلا ما ذكيتم " فكانوا يأكلون ما يقتله الذئب والأسد، فحرم الله
ذلك " وما ذبح على النصب " كانوا يذبحون لبيوت النيران، وقريش كانوا يعبدون
الشجر والصخر فيذبحون لهما.
" وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق " قال: كانوا يعمدون إلى الجزور
فيجزؤنه عشرة أجزاء ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام فيدفعونها إلى رجل
والسهام عشرة: سبعة لها أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها، فالتي لها أنصباء: الفذ.
والتوأم، والمسبل، والنافس، والحلس، والرقيب، والمعلى.
فالفذ له سهم، والتوأم له سهمان، والمسبل له ثلاثة أسهم، والنافس له
أربعة أسهم، والحلس له خمسه أسهم، والرقيب له ستة أسهم، والمعلى له سبعة
أسهم، والتي لا أنصباء لها: السفيح والمنيح والوغد، وثمن الجزور على من لم
يخرج له من الأنصباء شئ وهو القمار، فحرمه الله عز وجل (1).
تفسير علي بن إبراهيم: بلا إسناد مثله (2).
7 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن النرد والشطرنج (3) ونهى
عن بيع النرد والشطرنج، وقال: من فعل ذلك فهو كآكل لحم الخنزير (4).
8 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الأهوازي، عن ابن
أبي عمير، عن محمد بن الحكم أخي هشام، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) الخصال ج 2 ص 26.
(2) تفسير القمي: 150.
(3) أمالي الصدوق ص 254 س 19.
(4) المصدر ص 255 ص 3.
232

قال: إن لله في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار إلا من أفطر على مسكر،
أو مشاحنا " أو صاحب شاهين (1).
قال: قلت: وأي شئ صاحب الشاهين؟ قال: الشطرنج (2).
9 - فقه الرضا (ع): اعلم يرحمك الله أن الله تبارك وتعالى قد نهى عن جميع القمار وأمر
العباد بالاجتناب منها وسماها رجسا " فقال: " رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " (3)
مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيرهما من القمار، والنرد أشر من الشطرنج فأما
الشطرنج فان اتخاذها كفر بالله العظيم، واللعب بها شرك، وتقلابها كبيرة موبقة
والسلام على اللاهي بها كفر، ومقلبها كالناظر إلى فرج أمه.
واللاعب بالنرد كمثل الذي يأكل لحم الخنزير، ومثل الذي يلعب بها
من غير قمار مثل الذي يصبغ يده في الدم ولحم الخنزير، ومثل الذي يلعب في
شئ من هذه الأشياء كمثل مصر على الفرج الحرام.
واتق اللعب بالخواتيم والأربعة عشر، وكل قمار، حتى لعب الصبيان
بالجوز واللوز والكعاب.
وإياك والضربة بالصولجان (4) فان الشيطان يركض معك، والملائكة

(1) إنما سمى " شاهين " لان في كل طرف من طرفي الشطرنج شاه ووزير،
والشطرنج معرب " سترنگ " مع اتحاد الوزن والأصل فيه نبت يوجد في الصين يشبه جسد
الانسان وكل قضيب منه مركب من جسدين ذكر وأنثى متعانقين قد تداخلت رجلاهما، ولما
صور الشاه والوزير من الخشب وأشبها صورة السترنگ سمى سترنك أي الشاهين وهو الشطرنج.
(2) ثواب الأعمال ص 61. وتراه في أمالي الطوسي ج 2 ص 302 وقد أخرجه
المؤلف رحمه الله في كتاب الصوم ج 96 ص 340 من طبعتنا هذه.
(3) المائدة: 93.
(4) معرب چوگان الفارسية والمراد العصا المعوجة الرأس يضرب بها الكرة
على الدواب.
233

تنفر عنك، ومن عثر دابته فمات دخل النار (1).
10 - تفسير العياشي: عن أسباط بن سالم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " (2) قال:
[هو القمار (3).
11 - تفسير العياشي: عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " يا أيها
الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " قال:] (4) نهى عن القمار، و
كانت قريش تقامر الرجل بأهله وماله، فنهاهم الله عن ذلك (5).
12 - تفسير العياشي: عن زياد بن عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله:
" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " (6) قال: كانت قريش تقامر الرجل في أهله
وماله فنهاهم الله (7).
13 - السرائر (8): من جامع البزنطي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

(1) فقه الرضا: 38. وزاد الكاتب هنا في هامش الأصل: روى عن ارشاد القلوب عن
النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يدخل الملائكة بيتا " فيه خمر أودف أو طنبور أو نرد، ولا يستجاب دعاؤهم
ويرفع الله عنهم البركة.
(2) النساء: 29.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 235 تحت الرقم 100.
(4) ما بين العلامتين ساقط من الأصل، ألحقناه بقرينة ذكر السند من الأولى والمتن
من الثاني.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 235 تحت الرقم 103.
(6) البقرة: 188.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 84.
(8) في الأصل رمز شئ لتفسير العياشي وهو تصحيف.
234

بيع الشطرنج حرام، وأكل ثمنه سحت، واتخاذها كفر، واللعب بها شرك،
والسلام على اللاهي بها معصية وكبيرة موبقة، والخائض يده فيها كالخائض يده
في لحم الخنزير، لا صلاة له حتى يغسل يده كما يغسلها من مس لحم الخنزير،
والناظر إليها كالناظر في فرج أمه، واللاهي بها والناظر إليها في حال ما يلهى بها
والسلام على اللاهي بها في حالته تلك في الاثم سواء.
ومن جلس على اللعب بها فقد تبوء مقعده في النار، وكان عيشه ذلك حسرة
عليه في القيامة، وإياك ومجالسة اللاهي المغرور بلعبها، فإنه من المجالس التي
باء أهلها بسخط من الله، يتوقعونه في كل ساعة فيعمك معهم (1).
14 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام أنه كان ينهي
عن الجوز الذي يحويه الصبيان من القمار أن يؤكل، وقال: هو السحت (2).
15 - تفسير العياشي: عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: يقول عليه السلام: الميسر هو
القمار (3).
16 - تفسير العياشي: عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول عليه السلام: إن الشطرنج
والنرد وأربع عشرة وكل ما قومر عليه منها فهو ميسر (4).
17 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن جندب عمن أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الشطرنج ميسر والنرد ميسر (5).
18 - تفسير العياشي: عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الشطرنج
والنرد ميسر (6).

(1) السرائر: 470.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 322.
(3) المصدر ج 1 ص 339، والظاهر " كان يقول، بدل " قال: يقول ".
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 339.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 341.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 341.
235

19 - تفسير العياشي: عن ياسر الخادم، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الميسر قال:
الثقل من كل شئ.
قال الحسين: والثقل (1) ما يخرج بين المتراهنين من الدراهم وغيره (2).
20 - تفسير العياشي: عن هشام، عن الثقة رفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قيل له:
روي عنكم أن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجال؟ فقال: ما كان الله
ليخاطب خلقه بما لا يعقلون (3).
21 - تفسير العياشي: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن بعض أصحابنا قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اللعب بالشطرنج، فقال: الشطرنج من الباطل (4).
22 - رجال الكشي: عن محمد بن غالب، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن ابن بكير
عن عبد الواحد بن المختار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الشطرنج فقال: إن
عبد الواحد لفي شغل عن اللعب. قال ابن بكير: عبد الواحد ما كان عندي يذكر اللعب
حتى يسأل عنه أبا عبد الله عليه السلام (5).
23 - جامع الأخبار: روى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله مر بقوم يلعبون بالشطرنج
قال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من لعب بالنرد فقد عصى.

(1) في المصدر المطبوع: " قال: الخبز والثقل " وما في المتن هو الظاهر، فان
الخبز لا معنى له هنا، ولعل الحسين أحد مشايخ العياشي أو من رواة الحديث، ولا نعرفه
لأجل تلخيص الاسناد، وقد عد في مشايخه: الحسين بن أشكيب أبو عبد الله، وفي الوسائل
ج 6 ص 121 " الخبز والتفل "! والظاهر أن الثفل أو الثقل مصحف " شتل " وهو ما تقومر
عليه ثم أعطى شطر منه خراجا " لرئيسهم ومفتيهم.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 341.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 341.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 315.
(5) رجال الكشي ص 289 تحت الرقم 179.
236

وقال عليه السلام: من لعب بالاسترنق (1) يعني الشطرنج والناظر إليه كآكل
لحم الخنزير.
وفي خبر آخر: الناظر إليه كالناظر إلى فرج أمه.
وقال صلى الله عليه وآله: وإياكم وهاتين الكعبتين الموسومتين، فإنهما من ميسر
العجم (2).
وروى لنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن
الفضل بن شاذان قال: سمعنا الرضا عليه السلام يقول: لما حمل رأس الحسين بن
علي عليه السلام إلى الشام أمر يزيد بن معاوية لعنه الله فوضع ونصب عليه مائدة فأقبل
هو وأصحابه يأكلون ويشربون الفقاع، فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طست
تحت سريره، وبسط عليه رقعة الشطرنج، وجلس يزيد لعنه الله يلعب بالشطرنج
فيذكر الحسين وأباه وجده صلوات الله وسلامه عليهم، ويستهزئ بذكرهم، فمتى
قمر (3) صاحبه تناول الفقاع فشربه ثلاث مرات، ثم صب فضله على ما يلي الطست
من الأرض.
فمن كان من شيعتنا فليتورع عن شرب الفقاع، واللعب بالشطرنج،
فليذكر الحسين عليه السلام وليلعن يزيد وآل زياد: يمحو الله عز وجل بذلك ذنوبه،

(1) الاسترنق معرب استرنك وهو بمعنى سترنك وقد مر معناه، وفى الأصل كما
في المصدر المطبوع الاستريق، وهو تصحيف.
(2) جامع الأخبار ص 179 وقال في برهان قاطع: ان النرد من مخترعات
بوذرجمهر قبال الشطرنج وقيل إنه لعب قديم ذو كعبتين، وقد زاد فيه بوذرجمهر كعبتين
أخراوين.
(3) قمره: أي غلبه في القمار.
237

ولو كانت كعدد النجوم (1).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من لعب بالنرد شير (2) فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير
ودمه (3).
دعوات الراوندي (4).

(1) راجع الحديث في العيون ج 4 ص 22.
(2) قال المسعودي عند ذكر الباهبود من ملوك الهند: وفى أيامه عمل النرد واحدث
اللعب بها، وجعل ذلك مثالا للمكاسب، وأنها لا تنال بالكيس ولا بالحيل ولا يتأتى
بالحذق، وقد ذكر أن أردشير بن بابك أول من صنع النرد ولعب بها وجعل بيوتها اثنى
عشر بيتا " بعدد الشهور وجعل كلابها ثلاثين كلبا " بعدد أيام الشهر، وجعل الفصين مثلا للقدر
وتقلبه بأهل الدنيا راجع ج 1 ص 94.
(3) جامع الأخبار ص 180.
(4) كذا في الأصل.
238

{99 باب الغناء}
الآيات: الحج: [فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول
الزور (1).

(1) الحج: 30 وسيأتي في الاخبار المندرجة في هذا الباب أن الزور هو الغناء،
والمفسرون إنما فسروه بشهادة الزور كما فسروا الرجس من الأوثان بما كانوا يلطخون
الأوثان بدماء قرابينهم.
قال الطبرسي: " واجتنبوا قول الزور " يعنى الكذب، وقيل: هو تلبية المشركين
" لبيك لا شريك لك الا شريكا " هو لك تملكه تملكه وما ملك ".
قال: وروى أصحابنا أنه يدخل فيه الغناء وسائر الأقوال الملهية، وروى أيمن بن
خريم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قام خطيبا " فقال: أيها الناس عدلت شهادة الزور
بالشرك بالله، ثم قرأ " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " يريد أنه قد جمع
في النهى بين عبادة الوثن وشهادة الزور.
أقول: سترى في طي الباب أحاديث متعددة تذكر أن المراد بقول الزور الغناء
وقد ذكر اللغويون من معاني الزور مجلس الغناء، ذكره الفيروزآبادي، ولا منافاة بينها
وبين ما ورد أن المراد بقول الزور شهادة الزور، فان اللفظ مشترك بين المعنيين، ولا
قرينة صارفة يصرفه إلى واحد منهما، فيحمل على كلا المعنيين، وهذا نوع اطلاق لعل الله
يوفقنا للتكلم عليه فيما بعد.
ومن الروايات غير المستخرجة في هذا الباب ما رواه زيد النرسي عن أبي عبد الله
عليه السلام في حديث قال: أما الشطرنج فهي الذي قال الله عز وجل: " اجتنبوا الرجس
من الأوثان واجتنبوا قول الزور " فقول الزور الغناء، ان المؤمن عن جميع ذلك لفي
شغل، ماله والملاهي فان الملاهي تورث قساوة القلب، وتورث النفاق، وأما ضربك
بالصوالج، فان الشيطان معك يركض، والملائكة تنفر عنك، وان أصابك شئ لم تؤجر
ومن عثر به دابته فمات دخل النار.
239

لقمان: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم
ويتخذها هزوا " أولئك لهم عذاب مهين (1)].
1 - تفسير علي بن إبراهيم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه سيكون قوم يبيتون وهم على اللهو
وشرب الخمر والغناء، فبينا هم كذلك إذا مسخوا من ليلتهم، وأصبحوا قردة
وخنازير (2).
2 - تفسير علي بن إبراهيم: " والذين هم عن اللغو معرضون " (3) يعني عن الغناء و
الملاهي (4).
3 - تفسير علي بن إبراهيم: " والذين لا يشهدون الزور " (5) قال: الغناء ومجالس اللغو (6).
4 - تفسير علي بن إبراهيم: " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه " (7) قال: اللغو الكذب و
اللهو والغناء (8).

(1) لقمان: 6.
وقال الطبرسي - رحمه الله -: قيل نزل في رجل اشترى جارية تغنيه ليلا ونهارا "
عن ابن عباس، ويؤيده ما رواه أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يحل تعليم المغنيات
ولا بيعهن وأثمانهن حرام، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله تعالى: " ومن الناس من
يشترى " الآية، والذي نفسي بيده ما رفع رجل عقيرته يتغنى الا ارتدفه شيطانان يضربان
أرجلهما على صدره وظهره، حتى يسكت.
(2) تفسير القمي: 168.
(3) المؤمنون: 3.
(4) تفسير القمي: 444.
(5) الفرقان: 72.
(6) تفسير القمي: 468.
(7) القصص: 55.
(8) تفسير القمي: 490.
240

5 - تفسير علي بن إبراهيم: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " (1).
قال: الغنا وشرب الخمر وجميع الملاهي (2).
6 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن شئ أستحي منه، قال: سل!
قلت: في الجنة غناء! قال: إن في الجنة شجرا " يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك
الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها حسنا "، ثم قال: هذا عوض لمن ترك السماع
في الدنيا من مخافة الله، الخبر (3).
7 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن
مهران بن محمد، عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الغناء يورث
النفاق ويعتقب الفقر (4).
8 - الخصال: عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل
عن الشطرنج والنرد، قال: لا تقربهما، قلت: فالغناء؟ قال: لا خير فيه لا
تفعلوا! الخبر (5).

(1) لقمان: 6.
(2) تفسير القمي: 505.
(3) تفسير القمي: 512 وتمامه في ج 8 ص 127 من هذه الطبعة الحديثة راجعه.
وفيه أيضا ص 440 في تفسير قوله تعالى: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا
قول الزور ": حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الرجس من الأوثان الشطرنج وقول الزور الغناء.
(4) الخصال ج 1 ص 14.
(5) الخصال ج 1 ص 120 وقد مر تمامه في ص 168.
241

معاني الأخبار: عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن محبوب مثله (1).
9 - الخصال: ابن الوليد، عن الصفار، عن الحسن بن علي الكوفي، عن
إسحاق بن إبراهيم، عن نصر بن قابوس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المنجم ملعون
والكاهن ملعون، والساحر ملعون: والمغنية ملعونة، ومن آواها وأكل
كسبها [فهو ظ] ملعون الخبر (2).
10 - قرب الإسناد: عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لأبي
الحسن الأول عليه السلام: جعلت فداك إن رجلا من مواليك عنده جوار مغنيات
قيمتهن أربعة عشر ألف دينار وقد جعل لك ثلثها، فقال: لا حاجة لي فيها، إن
ثمن الكلب والمغنية سحت (3).
11 - قرب الإسناد: عن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا عليه السلام: إن العباسي
أخبرني أنك رخصت في السماع؟ فقال: كذب الزنديق، ما هكذا كان، وإنما
سألني عن سماع الغناء فأعلمته أن رجلا " أتى أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين
عليهما السلام فسأله عن سماع الغناء فقال له: أخبرني إذا جمع الله تبارك وتعالى

(1) معاني الأخبار ص 224.
(2) الخصال ج 1 ص 143 وبعده قال عليه السلام: المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر
والساحر كالكافر والكافر في النار.
(3) قرب الإسناد ص 125 ط حجر، ورواه في الكافي عن إبراهيم بن أبي البلاد
قال: أوصى إسحاق بن عمر بجوار له مغنيات أن يبعن ويحمل ثمنهن إلى أبى الحسن
عليه السلام قال إبراهيم: فبعت الجواري بثلاث مائة ألف درهم وحملت الثمن إليه فقلت
له: ان مولى لك يقال له إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنيات وحمل
الثمن إليك، وقد بعتهن وهذا الثمن: ثلاث ألف درهم، فقال: لا حاجة لي فيه، ان
هذا سحت وتعليمهن كفر والاستماع منهن نفاق وثمنهن سحت، راجع الكافي ج 5
ص 120.
242

بين الحق والباطل مع أيهما يكون الغناء؟ فقال الرج: مع الباطل، فقال له
أبو جعفر عليه السلام: حسبك، فقد حكمت على نفسك، فهكذا كان قولي له (1).
12 - الخصال: عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن محمد بن زياد البصري
عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الثمالي، عن ثور بن سعيد، عن أبيه، عن أمير -
المؤمنين عليه السلام قال: كثرة الاستماع إلى الغناء تورث الفقر (2).
13 - الخصال: الأربعمائة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الغناء نوح إبليس على
الجنة (3).
14 - عيون أخبار الرضا (ع): عن الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن الريان بن الصلت
قال: سألت الرضا عليه السلام يوما بخراسان فقلت: يا سيدي إن هشام بن إبراهيم
العباسي حكى عنك أنك رخصت له في استماع الغناء؟ فقال: كذب الزنديق
إنما سألني عن ذلك فقلت له: إن رجلا " سأل أبا جعفر عليه السلام عن ذلك فقال
أبو جعفر عليه السلام: إذا ميز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء؟ فقال: مع
الباطل، فقال له أبو جعفر عليه السلام قد قضيت (4).
رجال الكشي: عن محمد بن الحسن، عن علي بن إبراهيم مثله (5).
15 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إني أخاف عليكم استخفافا " بالدين وبيع الحكم (6) وقطيعة
الرحم، وأن تتخذوا القرآن مزامير، وتقدمون أحدكم وليس بأفضلكم

(1) قرب الإسناد ص 148 ط حجر.
(2) الخصال ج 2 ص 93 في حديث طويل.
(3) الخصال ج 2 ص 155 في حديث طويل.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 14، وفى ط حجر ص 187.
(5) رجال الكشي: 422 تحت الرقم 356.
(6) منع الحكم خ ل.
243

في الدين (1).
16 - عيون أخبار الرضا (ع): عن البيهقي، عن الصولي، عن عون بن محمد الكندي، عن محمد بن
أبي عمار وكان مشتهرا " بالسماع وبشرب النبيذ قال: سألت الرضا عليه السلام عن السماع
فقال: لأهل الحجاز رأي فيه، وهو في حيز الباطل واللهو، أما سمعت الله عز وجل
يقول: " وإذا مروا باللغو مروا كراما " " (2).
17 - أمالي الطوسي: عن الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن الثالث
عن آبائه، عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان و
اجتنبوا قول الزور " قال: الرجس الشطرنج، وقول الزور الغناء (3).
18 - أمالي الطوسي: عن ابن بسران، عن إسماعيل بن محمد الصفار، عن محمد بن
إبراهيم بن عبد الحميد، عن علي بن بحر، عن قتادة بن الفضل، عن هشام بن
الغار، عن أبيه، عن جده ربيعة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يكون في
أمتي الخسف والمسخ والقذف، قال: قلنا، يا رسول الله بم؟ قال: باتخاذهم القينات
وشربهم الخمور (4).
19 - علل الشرائع: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن إبراهيم، عن
أبي يوسف، عن أبي بكر الحضرمي، عن أحدهما عليهما السلام قال: الغناء عش
النفاق، والشراب مفتاح كل شر، ومدمن الخمر كعابد وثن، مكذب بكتاب
الله، لو صدق كتاب الله لحرم حرام الله (5).
ثواب الأعمال: عن ابن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن جعفر القمي

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 42.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 128.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 300.
(4) أمالي الطوسي ج 2 ص 11.
(5) علل الشرايع ج 2 ص 162.
244

رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام مثله (1).
20 - معاني الأخبار: عن المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن الحسين بن
إشكيب، عن محمد بن السري، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن
البطائني، عن عبد الاعلى قال: سألت جعفر بن محمد عليه السلام عن قول الله عز وجل
" فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " (2) قال: الرجس من الأوثان
الشطرنج، وقول الزور الغناء.
قلت: قوله عز وجل: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " (3) قال:
منه الغناء (4).
21 - معاني الأخبار: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز
عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الزور، قال:
منه قول الرجل للذي يغني: أحسنت (5).
22 - المحاسن: عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي (6)، عن أبيه،

(1) ثواب الأعمال ص 219.
(2) الحج: 30.
(3) لقمان: 6.
(4) معاني الأخبار ص 349 وفى ط حجر ص 99.
(5) معاني الأخبار ص 349 وفى ط حجر ص 99.
(6) الظاهر هنا سقوط كلمة العطف، فان عبد الله الفضل الهاشمي إنما هو من أصحاب
الصادق، وقد روى البرقي عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام غير مرة على ما تتبعت من كتاب
المحاسن ونص على ذلك الأردبيلي في رجاله، ويؤيد ذلك أنه روى في كتاب المرافق من
المحاسن تحت الرقم 118 ولفظه هكذا: عنه عن بعض أصحابنا بلغ به أبا عبد الله (ع)
قال: أما يستحى أحدكم أن يغنى على دابته وهي تسبح الحديث، وهكذا تحت الرقم 97 عنه
عن بعض أصحابنا رفعه قال أبو عبد الله (ع) لا تضربوها على العثار واضربوها على النفار، و
قال: لا تغنوا على ظهرها أما يستحى أحدكم أن يغنى على ظهرها أما يستحى أحدكم أن يغنى على ظهر دابته وهي تسبح.
245

عن بعض مشيخته، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أما يستحي أحدكم أن يغني على
دابته وهي تسبح (1).
23 - فقه الرضا (ع): كسب المغنية حرام (2).
واعلم أن الغناء مما قد وعد الله عليه النار في قوله: " ومن الناس من
يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا " أولئك لهم
عذاب مهين " (3).
وقد يروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأل بعض أصحابه فقال: جعلت فداك إن
لي جيرانا " ولهم جوار مغنيات يتغنين، ويضربن بالعود، فربما دخلت الخلاء
فأطيل الجلوس استماعا مني لهن.
قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تفعل! فقال الرجل: والله ما هو شئ
آتيه برجلي، إنما هو أسمع باذني، فقال أبو عبد الله عليه السلام: بالله أنت ما سمعت
قول الله تبارك وتعالى: " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه
مسؤولا " "؟ (4).
وأروي في تفسير هذه الآية أنه يسأل السمع عما سمع، والبصر عما
نظر، والقلب عما عقد عليه، فقال الرجل كأني لم أسمع بهذه الآية في كتاب
الله عز وجل من عجمي وعربي، لاجرم أني قد تركتها، وإني أستغفر الله،
فقال أبو عبد الله عليه السلام: اذهب فاغتسل وصل ما بدا لك، فلقد كنت مقيما " على
أمر عظيم، ما كان أسوء حالك لو كنت مت على هذا؟ استغفر الله واسأل الله
التوبة من كل ما يكره، فإنه لا يكره إلا القبيح، والقبيح دعه لأهله، فان

(1) المحاسن ص 375.
(2) فقه الرضا: 33 باب التجارات والبيوع.
(3) لقمان 6.
(4) أسرى: 36.
246

لكل قبيح أهلا " (1).
24 - تفسير العياشي: عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال
له رجل: بأبي أنت وأمي إني أدخل كنيفا " لي ولي جيران، وعندهم جوار يتغنين
ويضربن بالعود إلى آخر الخبر (2).
25 - تفسير العياشي: عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: كان إبليس أول من ناح
وأول من تغنى [وأول] من حدا: قال: لما أكل من الشجرة تغنى، ولما اهبط
حدا به، فلما استقر على الأرض ناح فادكر ما في الجنة (3).
26 - جامع الأخبار: قال النبي صلى الله عليه وآله: الغناء رقية الزنا.
وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما رفع أحد صوته بالغناء إلا بعث
الله شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره، حتى يمسك (4).
27 - نوادر الراوندي (5)

(1) فقه الرضا ص 38.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 292.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 276 وتمامه في كتاب النبوة باب كيفية نزول آدم تحت
الرقم 20، راجع ج 11 ص 212 الطبعة الحديثة.
(4) جامع الأخبار ص 180.
(5) كذا في الأصل.
247

{100 باب}
* (المعازف والملاهي) *
الآيات: الجمعة: وإذا رأوا تجارة أو لهوا " انفضوا إليها وتركوك
قائما " قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين (1).

(1) الجمعة: 11، ونقل الطبرسي في سبب النزول عن جابر بن عبد الله قال: أقبلت
عير ونحن نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله الجمعة، فانفض الناس إليها، فما بقي غير اثنى عشر
رجلا أنا فيهم فنزلت الآية " وإذا رأوا تجارة أو لهوا " الخ.
وفى الدر المنثور: أخرج ابن جرير وابن المنذر عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله
كان يخطب الناس يوم الجمعة فإذا كان نكاح لعب أهله وعزفوا ومروا باللهو على المسجد
وإذا نزل بالبطحاء جلب - قال: وكانت البطحاء مجلسا " بفناء المسجد الذي يلي بقيع الغرقد و
كانت الاعراب إذا جلبوا الخيل والإبل والغنم وبضائع الاعراب نزلوا البطحاء - فإذا سمع
ذلك من يقعد للخطبة قاموا للهو والتجارة وتركوه قائما " فعاتب الله المؤمنين لنبيه صلى الله عليه وآله
فقال: " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " ".
وقال الطبرسي: وقال المقاتلان: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب يوم الجمعة إذ قدم
دحية بن خليفة بن فروة الكلبي ثم أحد بنى الخزرج ثم أحد بنى زيد بن مناة من الشام
بتجارة وكان إذا قدم لم يبق بالمدينة عاتق الا أتته.
وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق أو برأ وغيره فينزل عند أحجار الزيت
- وهو مكان في سوق المدينة - ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس
ليبتاعوا معه.
فقدم ذات جمعة - وكان ذلك قبل أن يسلم - ورسول الله صلى الله عليه وآله قائم على المنبر
يخطب، فخرج الناس فلم يبق في المسجد الا اثنا عشر رجلا وامرأة.
فقال صلى الله عليه وآله: لولا هؤلاء لسومت عليهم الحجارة من السماء وأنزل الله
هذه الآية.
أقول: والظاهر من الآية الشريفة - حيث أخذ ذلك وصفا " لهم - أن تلك الفعلة
القبيحة تكررت منهم ثم نزلت الآية تعييرا " لهم، ويؤيد ذلك ما نقله في الدر المنثور عن
البيهقي في شعب الايمان عن مقاتل بن حيان أنه قال: فبلغني - والله أعلم - أنهم فعلوا ذلك
ثلاث مرات، وهكذا نقل الطبرسي في المجمع عن قتادة ومقاتل أنهم فعلوا ذلك ثلاث
مرات في كل يوم مرة لعير تقدم من الشام وكل ذلك يوافق يوم الجمعة.
والظاهر من قوله تعالى " تجارة أو لهوا " " حيث عطف اللهو على التجارة بأو، أن
اللهو معدود باستقلاله كالتجارة وأن الانفضاض إلى اللهو حين خطبة الصلاة مذموم كما أن
الانصراف إلى التجارة حينذاك مذموم، ولذلك قال بعده " وما عند الله خير من اللهو ومن
التجارة " فعد اللهو في قبال التجارة.
وأما ما قيل: " ان اللهو شئ غير مقصود لذاته والمقصود لذاته التجارة وإنما خصت
التجارة بعود الضمير إليها في قوله " انفضوا إليها " لأنها كانت أهم إليهم وهم بها
أسر من الطبل، لان الطبل إنما دل على التجارة وقدوم العير " فليس على محله، فان ضرب
الطبل وحدة قصدا " لاخبار الناس لا بأس به، وليس هو من اللهو، وإن كان مع ضرب
الطبل معازف أخرى يستلذ بها الناس فهو لهو قطعا " لكنه موجب لانصراف الناس عن التجارة
أيضا "، وما كان التجار ليفعلوا ذلك، كما لم ينقل.
فالمعول على حديث جابر حيث قال: " فإذا كان نكاح، لعب أهله وعزفوا ومروا
باللهو على المسجد " وقد نقل عنه الطبرسي أن المراد باللهو المزامير.
فالمزامير وأمثالها من المعازف التي يكون الغرض منها ومن سماعها الاستلذاذ
والتلهي مذموم بنفسها كما أن التجارة حين يخطب النبي صلى الله عليه وآله مذموم بنفسها، دعوا إليها
بالطبل أولا، رأوها الناس بأعينهم من داخل المسجد وحيطانه أقصر من القامة، أو سمعوا
جلبة الناس وغوغاءهم فعلموا بقدوم العير والتجارة، أي ذلك كان فهو مذموم.
هذا حكم التجارة حين يخطب النبي صلى الله عليه وآله وأما حين أذان الصلاة فهو منهى عنه لقوله
تعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان
كنتم تعلمون ".
248

1 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن الكوبة والعرطبة يعني الطبل
249

والطنبور والعود (1).
2 - أمالي الصدوق: (2) عن أبيه، عن سعد، عن الهندي، عن ابن محبوب، عن أبي
أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن
الله بعثني رحمة للعالمين، ولأمحق المعازف والمزامير، وأمور الجاهلية وأوثانها
وأزلامها (3).
أقول: سيأتي الخبر في باب شرب الخمر (4) وقد مضى بعضها في باب
الغناء.
3 - تفسير علي بن إبراهيم: " وأكلهم السحت " (5) قال: السحت هو بين الحلال والحرام
وهو أن يواجر الرجل نفسه على حمل المسكر، ولحم الخنزير، واتخاذ
الملاهي، فاجارته نفسه حلال، ومن جهة ما يحمل ويعمل هو سحت (6).

(1) أمالي الصدوق ص 254 في حديث.
(2) في الأصل رمز الخصال وهو سهو.
(3) أمالي الصدوق ص 250.
(4) باب شرب الخمر قد مر تحت الرقم 86 وقد ذكر هذا الحديث تحت الرقم 4
راجعه ان شئت.
(5) المائدة ص 62 و 63.
(6) تفسير القمي ص 158.
250

4 - قرب الإسناد: عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه قال: اتي علي عليه السلام
برجل كسر طنبور رجل، فقال: تعدى (1).
5 - الخصال: عن ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن السياري
رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن السفلة فقال: من يشرب الخمر ويضرب
بالطنبور (2).

(1) قال بعض المعلقين على نسخة الأصل ص 36: " كذا في الأصل ولا ريب أن فيه
سقطا من الناسخ وتصحيفا " ولم نجد الرواية في كتاب قرب الإسناد الذي بأيدينا، ولكن
في كتاب الجعفريات ما هذا لفظه:
عن علي (ع) أنه رفع إليه رجل كسر بربطا " فأبطله، ومثله في كتاب دعائم الاسلام
الا أن فيه زيادة " ولم يوجب على الرجل شيئا " "
أقول: الحديث مذكور في قرب الإسناد ط نجف ص 87، وفيه: " فقال: بعدا " "
وفى دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام
أنه قال: من تعدى على شئ مما لا يحل كسبه فأتلفه فلا شئ عليه فيه، ورفع إليه رجل
كسر بربطأ فأبطله. وليس فيه ما نقله من الزيادة.
وهكذا رواه الشيخ في التهذيب ج 10 ص 309 والكليني في الكافي ج 7 ص 368
من دون زيادة.
وفيه أيضا " عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من كسر بربطأ أو لعبة من
اللعب أو بعض الملاهي أو خرق زق مسكر أو خمر فقد أحسن ولا غرم عليه.
وأما الحديث فظاهره ينافي القول بعدم الضمان سواء كان اللفظ " تعدى " أو " تفدى "
فان الأول حكم بتعدي الكاسر فعليه الغرم. والثاني ايجاب الفداء وفى التعريفات:
الفدية والفداء: البدل الذي يتخلص به المكلف عن مكروه توجه إليه.
(2) الخصال ج 1 ص 32.
251

6 - الخصال: في وصية النبي صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام: ثلاث يقسين القلب: استماع
اللهو، وطلب الصيد، وإتيان باب السلطان (1).
7 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن معروف، عن أبي
جميلة، عن ابن طريف، عن ابن نباتة، قال: قال علي عليه السلام: ستة لا ينبغي أن يسلم
عليهم: اليهود، والنصارى، وأصحاب النرد والشطرنج، وأصحاب الخمر و
البربط والطنبور، والمتفكهون بسب الأمهات، والشعراء الخبر (2).
8 - عيون أخبار الرضا (ع) (3) علل الشرائع: سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى هدير الحمام
الراعبية، فقال: تدعو على أهل المعازف والقيان والمزامير والعيدان (4).
9 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن ربيع بن محمد
المسلي، عن عبد الاعلى، عن نوف، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: يا نوف! إياك
أن تكون عشارا "، أو شاعرا "، أو شرطيا "، أو عريفا "، أو صاحب عرطبة - وهي
الطنبور - أو صاحب كوبة - وهي الطبل - فان نبي الله صلى الله عليه وآله خرج ذات ليلة
فنظر إلى السماء فقال: أما إنها الساعة التي لا يرد فيها دعوة إلا دعوة عريف
أو دعوة شاعر أو دعوة عاشر أو شرطي أو صاحب كوبة (5).
10 - الخصال: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن ابن أبي
عثمان، عن موسى المروزي، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أربع يفسدن القلب وينبتن النفاق في القلب كما ينبت

(1) الخصال ج 1 ص 62.
(2) الخصال ج 1 ص 160، ومثله في السرائر من كتاب ابن قولويه عن ابن
نباتة ص 490.
(3) عيون الأخبار ج 1 ص 246، وفى ط حجر 136
(4) علل الشرايع ج 2 ص 283 و 284.
(5) الخصال ج 1 ص 164.
252

الماء الشجر: استماع اللهو، والبذاء، وإتيان باب السلطان، وطلب الصيد (1)
11 - فقه الرضا (ع): نروي أنه من أبقى في بيته طنبورا " أو عودا " أو شيئا " من الملاهي من
المعزفة والشطرنج وأشباهه أربعين يوما " فقد باء بغضب من الله، فان مات في أربعين
مات فاجرا " فاسقا " ومأواه النار وبئس المصير (2).
12 - جامع الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحشر صاحب الطنبور يوم القيامة وهو
أسود الوجه وبيده طنبور من النار، وفوق رأسه سبعون ألف ملك، بيد كل
ملك مقمعة يضربون رأسه ووجهه، ويحشر صاحب الغناء من قبره أعمى وأخرس
وأبكم، ويحشر الزاني مثل ذلك، وصاحب المزمار مثل ذلك، وصاحب الدف
مثل ذلك (3).
13 - نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فرق بين النكاح والسفاح ضرب الدف (4).

(1) الخصال ج 1 ص 108.
(2) فقه الرضا ص 38.
(3) جامع الأخبار ص 180.
(4) نوادر الراوندي ص 40، وبعده قال علي عليه السلام: قالت الأنصار: يا
رسول الله ماذا نقول إذا زففنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قولوا:
أتيناكم أتيناكم * فحيونا نحيكم
لولا الذهبة الحمراء * ما حلت فتاتنا بواديكم
253

{101 باب}
* (ما جوز من الغناء وما يوهم ذلك) *
1 - الإحتجاج: روي أن موسى بن جعفر عليه السلام كان حسن الصوت، حسن القراءة.
وقال يوما " من الأيام: إن علي بن الحسين كان يقرء القرآن، فربما
مر به المار فصعق من حسن صوته، وإن الامام لو أظهر في ذلك شيئا " لما احتمله
الناس، قيل له: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحمل من خلفه ما يطيقون (1).
أقول: قد مضى في باب ثواب البكاء على الحسين عليه السلام تجويز الانشاد فيه
والأمر به (2).
2 - قرب الإسناد: عنهما عن حنان قال: كانت امرأة معنا في الحي، وكانت لها
جارية نائحة، فجاءت إلى أبي فقالت: جعلت فداك يا عماه إنك تعلم أنما
معيشتي من الله عز وجل، ثم من هذه الجارية، وقد أحب أن تسأل أبا عبد الله
عليه السلام، فان يك ذلك حلالا وإلا لم تنح، وبعتها وأكلت ثمنها حتى يأتي
الله بفرج.
قال: فقال أبي: والله إني لأعظم أبا عبد الله عليه السلام أن أسأله عن هذه
المسألة، قال: فقلت له: أنا أسأله لك عن هذه، فلما قدمنا دخلت عليه فقلت:
إن امرأة جارة لنا ولها جارية نائحة، إنما معيشتها منها بعد الله، قالت لي: اسأل

(1) الاحتجاج ص 215 ومثله في السرائر ص 476 وقد أخرجه المؤلف في كتاب
القرآن ج 92 ص 194
(2) راجع ج 44 ص 282 و 286 و 287، وإذا تعرف أن المراد بالانشاد هو
قراءة الاشعار بالتغني أي الصوت مع الغنة.
254

أبا عبد الله عن كسبها، إن يك حلالا " وإلا بعتها، قال أبو عبد الله عليه السلام: تشارط؟
قلت: والله ما أدري تشارط أم لا، فقال لي: قل لها: لا تشارط وتقبل ما
أعطيت (1).
3 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه قال: سألت عن الغناء هل يصلح في الفطر
والأضحى والفرح؟ قال: لا بأس به، ما لم يعص به. وسألته عليه السلام عن النوح
فكرهه (2).
أقول: في رواية علي بن جعفر: ما لم يزمر مكان ما لم يعص به (3).
4 - عيون أخبار الرضا (ع): بالاسناد إلى دارم، عن الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: حسنوا القرآن بأصواتكم، فان الصوت الحسن يزيد القرآن
حسنا "، وقرأ عليه السلام " يزيد في الخلق ما يشاء " (4).
5 - معاني الأخبار: عن محمد بن هارون الزنجاني، عن علي بن عبد العزيز، عن
أبي عبد الله القاسم بن سلام رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس منا من لم يتغن
بالقرآن (5).

(1) قرب الإسناد ص 77 وفى ط حجر: 58.
(2) قرب الإسناد ص 163 وفى ط حجر ص 121.
(3) راجع كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 271 الطبعة الحديثة
والمزمار القصبة التي يزمر فيها أي ينفخ وفى الأصل المطبوع في رواية علي بن الحسين،
وهو تصحيف.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 69، والآية في فاطر: 1.
(5) معنى الحديث أن من كان ذا غناء وترجيع صاحب صوت حسن قادرا " على أن
يتغن بالقرآن ولم يتغن تحرجا " من الاثم زعما " منه أن ذلك لا يليق بالقرآن الكريم فليس
منا، كما أن قوله عليه الصلاة والسلام في الحية " من تركها خوفا " من تبعتها فليس منا "
يعنى حية الوادي، وأن من تركها ولم يقتلها زعما منه أنها مخلوقة لله تعالى لها حياة و
روح شاعرة، وقتلها إبادة لخلقه وأذية وألم لها من دون سبب موجب فليس منا، لا أن
من رأى الحية ولم يجسر أن يقتلها خوفا " على نفسه أو كان رآه من بعيد فلم يعن بها
فقد أثم.
وقد مر الحديث في كتاب القرآن الباب 21 باب قراءة القرآن بالصوت الحسن
تحت الرقم 5 (ج 92 ص 192 من الطبعة الحديثة) وقد أشبعنا الكلام في معنى الحديث
في خمسين بيتا من أراده فليراجع.
255

معناه: ليس منا من لم يستغن به، ولا يذهب به إلى الصوت، وقد روي أن
من قرء القرآن فهو غني لا فقر بعده.
وروي أن من أعطي القرآن فظن أن أحدا " أعطي أكثر مما أعطي فقد
عظم صغيرا "، وصغر كبيرا "، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يرى أن أحدا " من أهل
الأرض أغنى منه، ولو ملك الدنيا برحبها.
ولو كان كما يقول: إن الترجيع بالقراءة وحسن الصوت، لكانت
العقوبة قد عظمت في ترك ذلك أن يكون من لم يرجع صوته بالقراءة فليس من
النبي عليه السلام حين قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن (1).

(1) معاني الأخبار ص 279.
ومن المناسب هنا أن نبحث عن أنه كيف ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله الرخصة في
التغني والغناء وضرب الدف والطبل وسماع الحداء. وأنكر أئمتنا عليهم الصلاة والسلام
من زمان مولانا أبى جعفر محمد الباقر إلى آخرهم شديدا " عن سماع الغناء والملاهي و
ضرب الدف والعرطبة وأمثال ذلك فأقول:
السر في ذلك تطور الغناء واستعمال آلات اللهو من الدف والطبل والمزمار من
البساطة والسذاجة إلى صناعة الغناء والموسيقى، وتبديل الفطرة في الغناء الطبيعي و
أغراضها المعقولة إلى البطالة واللهو والتعشق التي آلت أمرها إلى نبذ الكتاب وراء
ظهورهم ونسيان ما ذكروا به من آيات الله وأحكامه.
قال العلامة ابن خلدون في مقدمة تاريخه في الفصل الذي عقده للبحث عن صناعة
الغناء: ان الأصوات لها كيفيات من الهمس والجهر والرخاوة والشدة والقلقلة والضغط
وغير ذلك، والتناسب فيها هو الذي يوجب لها الحسن، فأولا ألا يخرج من الصوت إلى
ضده دفعة بل بتدريج ثم يرجع كذلك وهكذا إلى المثل بل لابد من توسط المغاير بين
الصوتين... فإذا كانت الأصوات على تناسب في الكيفيات كما ذكره أهل تلك الصناعة كانت
ملائمة ملذوذة.
ومن هذا التناسب ما يكون بسيطا "، ويكون الكثير من الناس مطبوعين عليه لا يحتاجون
فيه إلى تعليم ولا صناعة، كما نجد المطبوعين على الموازين الشعرية وتسمى هذه القابلية
المضمار، وكثير من القراء بهذه المثابة: يقرؤن القرآن فيجيدون في تلاحين أصواتهم
كأنها المزامير، فيطربون بحسن مساقهم وتناسب نغماتهم.
ومن هذا التناسب ما يحدث بالتركيب، وليس كل الناس يستوى في معرفته، ولاكل
الطباع توافق صاحبها في العمل به إذا علم، وهذا هو التلحين الذي يتكفل به علم الموسيقى
وهي تلحين الاشعار الموزونة بتقطيع الأصوات على نسب منتظمة معروفة يوقع على كل صوت
منها توقيعا عند قطعه فتكون نغمة، ثم تؤلف تلك النغم بعضها إلى بعض على نسب متعارفة
فيلذ سماعها لأجل ذلك التناسب وما يحدث عنه من الكيفية في تلك الأصوات.
وقد يساوق ذلك التلحين في النغمات الغنائية بتقطيع أصوات أخرى من الجمادات
اما بالقرع أو بالنفخ في الآلات تتخذ لذلك فيزيدها لذة السماع كالشبابة والمزمار والزلامى
- أو الزنامى - والبوق والبربط والرباب والقانون و غير ذلك.
ولا يستدعى هذه الصناعة الا من فرغ عن جميع حاجاته الضرورية والمهمة ولا يطلبها الا
الفارغون عن سائر أحوالهم تفننا في مذاهب الملذوذات، وقد كان في سلطان العجم قبل
الملة منها بحر زاخر في أمصارهم ومدنهم، وكان ملوكهم يتخذون ذلك ويولعون به.
وأما العرب:
فكان لهم أولا فن الشعر يؤلفون فيه الكلام أجزاء متساوية على تناسب بينها في عدة
حروفها المتحركة والساكنة، ويسمونها البيت، فلهجوا به، فامتاز من بين كلامهم بحظ
من الشرف ليس لغيره لأجل اختصاصه بهذا التناسب، وهذا التناسب قطرة من بحر من تناسب
الأصوات، الا انهم لم يشعروا بما سواه لأنهم حينئذ لم ينتحلوا علما " ولا عرفوا صناعة، بل كانوا
مطبوعين عليه، وكانت البداوة أغلب نحلهم.
ثم تغنى الحداة منهم في حداء إبلهم، والفتيان في فضاء خلواتهم، فرجعوا الأصوات
وترنموا، وكانوا يسمون الترنم إذا كان بالشعر غناء وإذا كان بالتهليل أو نوع
القراءة تغبيرا "، لأنها تذكر بالغابر، (وهو الماضي من أحوال الأمم الماضين والباقي من
أحوال الآخرة) وربما ناسبوا في غنائهم بين النغمات مناسبة بسيطة، وكانوا يسمونه
السناد.
وكان أكثر ما يكون منهم في الخفيف الذي يرقص عليه، ويمشى بالدف والمزمار
فيطرب ويستخف الحلوم، ولم يزل هذا شأن العرب في بداوتهم وجاهليتهم وهكذا في صدر
الاسلام حيث كانوا مع غضارة الدين وشدته في ترك أحوال الفراغ وما ليس بنافع في دين
ولا معاش، حتى إذا استولوا على ممالك الدنيا وحازوا سلطان العجم وغلبوهم عليه، وجاءهم
الترف، وغلب عليهم الرفه بما حصل لهم من غناء الأمم، هجروا ذلك وصاروا إلى نضارة
العيش ورقة الحاشية، وافترق المغنون من الفرس والروم فوقعوا إلى الحجاز وصاروا
موالي للعرب، وغنوا جميعا " بالعيدان والطنابير والمعازف و المزامير بلسانهم، وسمع
العرب تلحينهم ذلك، فلحنوا عليها أشعارهم، وما زالت صناعة الغناء تتدرج إلى أن
كملت أيام بنى العباس عند إبراهيم بن المهدى وإبراهيم الموصلي وابنه إسحاق وابنه حماد
وكان من ذلك في دولتهم ببغداد ما تبعه الحديث به وبمجالسه لهذا العهد، فأمنعوا في
اللهو واللعب، واتخذت آلات الرقص من الكرج وغيرها للولائم والأعراس وأيام الأعياد
ومجالس الفراغ واللهو. انتهى بتلخيص وتقديم وتأخير.
وقال أبو الفرج في ترجمة سائب خاثر:
وقال ابن خرداذبه: كان عبد الله بن عامر اشترى إماء صناجات وأتى بهن المدينة
فكان لهن يوم في الجمعة يلعبن فيه، وسمع الناس منهن فأخذ عنهن، ثم قدم رجل فارسي يسمى
بنشيط، فغنى فأعجب عبد الله بن جعفر به، فقال له سائب خاثر: - وكان انقطع إليه و
عرف به - أنا أصنع لك مثل غناء هذا الفارسي بالعربية، ثم غدا على عبد الله بن جعفر،
وقد صنع:
لمن الديار رسومها قفر * لعبت بها الأرواح والقطر
وقال ابن الكلبي: هو أول صوت غنى به في الاسلام من الغناء العربي المتقن الصنعة.
أقول: فتراهم في صدر الاسلام والنبي صلى الله عليه وآله بين أظهرهم إنما يتغنون بالغناء الساذج
الفطري الذي طبعوا عليه بفطرة من الله وعرفوه بالهامه عز وجل فتارة يضربون معه بالدف
الساذج في زفافهم وأعراسهم ويغنون بالترنم كما علمهم النبي صلى الله عليه وآله:
أتيناكم أتيناكم * فحيونا نحييكم
فلولا الذهبة الحمراء * ما حلت فتاتنا بواديكم
أو يضربن جوار من بنى النجار بالدفوف ويقلن:
نحن جوار من بنى النجار * يا حبذا محمد من جار
وهذا حين قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة ونزلت على أبى أيوب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم
من دون نكير فقال: أتحبونني؟ فقالوا: بلى والله يا رسول الله، قال: أنا والله أحبكم
ثلاث مرات.
وتارة يتغنون ويترنمون بالرجز الخفيف ويحدون إبلهم على السير السريع، وقد
كان له صلى الله عليه وآله في حجة الوداع حاديان: البراء بن مالك يحدو بالرجال،
وانجشه الأسود الغلام الحبشي يحدو بالنساء، وفى ذلك قال له صلى الله عليه وآله " رويدا "
يا أنجشة رفقا بالقوارير " يعنى النساء.
وقد عرفت في تفسير قوله تعالى: " وإذا رأوا تجارة أو لهوا " " أنهم كانوا يزفون
عرائسهم بالنهار ويضربون بالدف وقد يمرون بها من باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله
فلا ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وتارة يضربون بالطبل لايذان الناس بمجيئ التجارة والميرة
فيسمع ذلك رسول الله ولا ينكر عليهم، لان في ذلك غرضا " عقلائيا "، ليس ذلك للهو واللعب
والترقص.
وأما القرآن المجيد فإنما أنكر في هذه الآية على المصلين الذين ينصرفون إلى
استماعه ويتركون رسول الله صلى الله عليه وآله قائما يخطب، ولم يذكر المغنين للعرس والضاربين بالطبل
للتجارة لا بمدح ولا قدح، وإنما قال عز وجل " قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله
خير الرازقين ".
فهذا حال الغناء والضرب بالدف والطبل، ومثلها المزمار الذي يتخذه الرعاة
لجمع مواشيهم وأغنامهم، ليس بها بأس، وقد فعلوا ذلك بمرئى ومسمع من رسول الله
صلى الله عليه وآله.
وأما بعد ذلك فكما عرفت من المؤرخ الكبير ابن خلدون وأشار إليه
أبو الفرج صاحب الغناء والأغاني، قد خرج والضرب بالدف والطبول إلى البطالة
واللهو والترقص والتعشق، وصار مقصودا " لذاته يستلذون به بعد ما كان حين حياة النبي
صلى الله عليه وآله وبعده بيسير مقصودا لغيره، فلذلك أفتى أبو جعفر الباقر وابنه جعفر
الصادق وهكذا سائر الأئمة عليهم السلام واحدا بعد واحد في عصرهم بعدم جواز التغني و
هكذا ضرب المعازف وغيرها، وأنكروا على المسلمين شديدا " حين شاع الغناء الصناعي في
أندية المسلمين على أيدي خلفاء بنى العباس، وجعلوها من الباطل مقابل الحق الذي ليس
وراءه الا الضلال، وكل ضلالة سبيلها إلى النار.
256

6 - أمالي الطوسي: عن جماعة، عن أبي المفضل، عن الفضل بن محمد بن المسيب، عن هارون
ابن عمرو المجاشعي، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن عيسى بن يزيد، عن صيفي بن
260

عبد الرحمن بن محمد بن علي بن هبار قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده علي بن
هبار (1) قال: اجتاز النبي صلى الله عليه وآله بدار علي بن هبار فسمع صوت دف فقال: ما
هذا؟ قالوا: علي بن هبار عرس بأهله، فقال: حسن هذا النكاح لا السفاح،
ثم قال صلى الله عليه وآله: أسندوا النكاح (2) وأعلنوه بينكم واضربوا عليه الدف فجرت السنة
في النكاح بذلك (3).
7 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام

(1) هو علي بن هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي
الأسدي، وهبار أبوه هو الذي نخس زينب ابنة رسول الله لما أرسلها زوجها أبو العاص بن
الربيع إلى المدينة فأسقطت، والقصة بذلك مشهورة في السير ولذلك أمر رسول الله بتحريقه
ان ظفروا به، فلم تصبه السرية التي أمرت بذلك، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله تائبا مستسلما "
فصفح عنه.
وأخرج الطبراني من طريق أبى معشر عن يحيى بن عبد الملك بن هبار بن الأسود
عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله مر بدار هبار بن الأسود فسمع صوت غناء فقال: ما هذا؟
فقيل: تزويج فجعل يقول صلى الله عليه وآله: هذا النكاح لا السفاح، وقال أبو نعيم اسم
أبى عبد الله بن هبار عبد الرحمن، وفى بعض الروايات أن هبارا " زوج ابنته فضرب في عرسها
بالدف، وفى لفظ بالغربال، وهو الدف أيضا، راجع في ذلك الإصابة ترجمة علي بن
هبار وأبيه هبار، ومن هنا يظهر أن كلمة " صيفي " مصحف عن يحيى.
(2) قد عرفت فيما مر عليك من نبأ الغناء عن ابن خلدون أن الاعراب ربما ناسبوا في
غنائهم بين النغمات مناسبة بسيطة (قال: كما ذكره ابن رشيق في آخر كتابه العمدة وغيره)
وكانوا يسمونه السناد الخ، أقول: ولعل تسميته سنادا " وهو بمعنى الاعلان لأجل أنهم كانوا
يتغنون به للنكاح والزفاف والعرس، ولذلك قال صلى الله عليه وآله: أسندوا في النكاح.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 132.
261

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: زاد المسافر الحدا (1) والشعر ما كان منه
ليس فيه جفاء (2).
8 - تفسير الإمام العسكري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تعاطى بابا " من الشر والمعاصي في أول
يوم من شعبان، فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم، فهو مؤدية إلى النار
فمن وقع في عرض أخيه المؤمن وحمل الناس على ذلك فقد تعلق بغصن منه،
ومن تغنى بغناء حرام يبعث فيه على المعاصي فقد تعلق بغصن منه (3).
9 - رجال الكشي: عن محمد بن مسعود، عن حمدان بن أحمد، عن سليمان المسترق

(1) قال المسعودي فيما نقله عن ابن خرداذبه أنه قال: كان الحداء في العرب قبل
الغناء وقد كان مضر بن نزار بن معد سقط عن بعير في بعض أسفاره فانكسرت يده فجعل
يقول " يا يداه يا يداه " وكان من أحسن الناس صوتا " فاستوسقت الإبل وطاب لها السير
فاتخذه العرب حداء برجز الشعر، وجعلوا كلامه أول الحداء فمن قول الحادي:
يا هاديا يا هاديا * ويا يداه يا يداه
فكان الحداء أول السماع والترجيع في العرب، ثم اشتق الغناء من الحداء ونحن
نساء العرب على موتاها. راجع ج 4 ص 133 طبع دار الأندلس.
(2) المحاسن: 358، والجفاء: القسوة وسوء العشرة بمعنى أن يحدو الحادي
فيسرع السير بحيث يتعب الراكب والمركوب، وقال أبو زيد: أجفيت الماشية فهي مجفاة:
إذا أتعبتها ولم تدعها تأكل. ورواه في الفقيه ج 2 ص 183 وفيه " خنا " و " جفاء " خ ل، و
الخناء الفحش من الكلام، ولو صح هذه اللفظ كان نهيا عن انشاد الهجائيات.
وقال السيد الرضى - قدس سره - في المجازات النبوية: ومن ذلك قوله عليه السلام:
زاد المسافر الحدا والشعر ما لم يكن فيه خناء، وهذا القول مجاز والمراد أن التعلل بأغاريد
الحداء وأناشيد القريض يقوم للمسافرين مقام الزاد المبلغ في امساك الارماق والاستعانة
على قطع المسافات.
(3) تفسير الامام، 295، وفيه سقط.
262

عن سفيان بن مصعب العبدي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قل شعرا " تنوح
به النساء (1).
10 - رجال الكشي: عن محمد بن مسعود، عن حمدان بن أحمد النهدي، عن أبي طالب
القمي (2) قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام: تأذن لي أن أرثي أبا الحسن؟ أعني أباه عليه السلام
قال: فكتب إلى: اندبني واندب أبي (3).

(1) رجال الكشي ص 343 تحت الرقم 260.
(2) اسمه عبد الله بن الصلت، كان مولى بنى تيم الله بن ثعلبة، ثقة مسكون إلى روايته
ويعرف له كتاب التفسير، قال النجاشي أخبرني به عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن
يحيى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن الصلت عن أبيه، أقول راجع
في ذلك الكافي ج 8 ص 267 و 334.
(3) رجال الكشي ص 475 تحت الرقم 458. وبعده في حديث آخر قال:
كتبت إلى أبى جعفر عليه السلام بأبيات شعر وذكرت فيها أباه وسألته أن يأذن لي أن أقول فيه
فقطع الشعر وحبسه وكتب في صدر ما بقي من القرطاس: قد أحسنت فجزاك الله خيرا ".
263

* {102 باب} *
* (الصفق والصفير) *
1 - معاني الأخبار: عن ابن الوليد، عن ابن ابان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد
ابن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام في
قول الله عز وجل: " وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية " (1) قال: التصفير
والتصفيق (2).
تفسير العياشي: عن إبراهيم مثله (3).
2 - علل الشرائع: عن أبيه، عن سعد، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن
سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل له: كيف كان يعلم قوم لوط أنه قد جاء
لوطا رجال؟ قال: كانت امرأته تخرج فتصفر، فإذا سمعوا الصفير جاؤوا، فلذلك
كره التصفير (4).

(1) الأنفال: 35.
(2) معاني الأخبار ص 297 أقول: المكاء بالضم - وأصله واو يقال مكا يمكو
مكوا " ومكاء: إذا صفر بفيه أو شبك بأصابعه ونفخ فيها، ومنه المكاه كزنار لطائر أبيض أكبر
من الحمرة يكون بالحجاز ومنه المثل " بنيك حمرى ومككينى " أي أعطى بنيك مثل ما يعطى
الحمرة وأعطيني مثل المكاء، والتصدية: ضرب اليد بالأخرى حتى يخرج منه صوت
كالصدى لطائر يصر بالليل ولعل المراد بالتصدية أيضا التصرير بمعنى ما يخرج منه صوت
كصرير الصدى.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 55 ذيل حديث.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 250.
264

3 - قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن أبي محمود الخراساني، عن
عثمان بن عيسى قال: رأيت أبا الحسن الماضي عليه السلام في حوض من حياض ما بين
مكة والمدينة، عليه إزار وهو في الماء، فجعل يأخذ الماء في فيه ثم يمجه، وهو
يصفر، فقلت: هذا خير من خلق الله في زمانه ويفعل هذا!.
ثم دخلت عليه بالمدينة فقال صلوات الله وسلامه عليه: أين نزلت؟ فقلت
له: نزلت أنا ورفيق لي في دار فلان، فقال: بادروا وحولوا ثيابكم وأخرجوا
منها الساعة، قال: فبادرنا وأخذنا ثيابنا وخرجنا فلما صرنا خارجا " من الدار،
انهارت الدار (1).

(1) قرب الإسناد ص 194.
265

* {103 باب} *
* (أكل مال اليتيم) *
الآيات: [النساء: وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب
ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا " كبيرا " (1).
وقال تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا "
فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا " وبدارا " أن يكبروا ومن كان غنيا "
فليستعفف ومن كان فقيرا " فليأكل بالمعروف (2).
وقال تعالى: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا " خافوا عليهم
فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا " * إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " إنما
يأكلون في بطونهم نارا " وسيصلون سعيرا " (3).
الانعام: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ
أشده (4).
اسرى: مثله (5)].

(1) النساء: 2.
(2) النساء: 6.
(3) النساء: 9 و 10.
(4) الانعام: 152.
(5) أسرى: 34، والآيات منقولة من كتاب العشرة ج 75 ص 1 و 2 من البحار
الطبعة الحديثة " باب العشرة مع اليتامى، وأكل أموالهم، وثواب ايوائهم والرحم عليهم
وعقاب ايذائهم ".
266

1 - أمالي الصدوق: عن علي، عن أبيه، عن صفوان، عن الكناني، عن الصادق
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: شر المآكل أكل مال اليتيم ظلما " (1).
2 - تفسير علي بن إبراهيم: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا " خافوا عليهم
فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا " * إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " إنما
يأكلون في بطونهم نارا " وسيصلون سعيرا " " فان الله تعالى يقول: لا تظلموا اليتامى
فيصيب أولادكم مثل ما فعلتم باليتامى، وإن الله تبارك وتعالى إذا ظلم الرجل
اليتيم، وكان مستحلا " لم يحفظ ولده، ووكلهم إلى أبيهم، وإن كان صالحا " حفظ
ولده في صلاح أبيهم.
والدليل على ذلك قوله تبارك وتعالى " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين
في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا " " إلى قوله: " رحمة من
ربك " (2) لأن الله لا يظلم اليتامى لفساد أبيهم ولكن يكل الولد إلى أبيه، وإن
كان صالحا " حفظ ولده بصلاحه.
وأما قوله " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " الآية فإنه حدثني أبي
عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما " تقذف في أجوافهم النار، وتخرج من
أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون أموال
اليتامى ظلما " (3).
3 - تفسير علي بن إبراهيم: " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن " يعني بالمعروف
ولا يسرف (4).

(1) أمالي الصدوق ص 292 في حديث.
(2) الكهف: 82.
(3) تفسير القمي ص 120.
(4) تفسير القمي ص 381.
267

4 - الخصال: عن العطار، عن أبيه، عن الأشعري، عن علي بن السندي،
عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اتقوا الله في الضعيفين
يعني بذلك اليتيم والنساء (1).
5 - قرب الإسناد: عن ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والمرأة فان خياركم
خياركم لأهله (2).
6 - أمالي الطوسي: باسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه، عن الباقر عليهم السلام
أنه قال: في قوله تعالى: " أنفقوا مما رزقناكم " (3) قال: مما رزقكم الله على ما
فرض الله عليكم فيما ملكت أيمانكم، واتقوا الله في الضعيفين يعني النساء واليتيم
فإنما هم عورة (4).
7 - علل الشرائع: في خطبة فاطمة عليها السلام: فرض الله مجانبة أكل أموال اليتامى إجارة
من الظلم (5).
8 - عيون أخبار الرضا (ع) (6) علل الشرائع: في علل ابن سنان، عن الرضا عليه السلام: حرم الله أكل مال
اليتيم ظلما "، لعلل كثيرة من وجود الفساد:
أول ذلك إذا أكل مال اليتيم ظلما "، فقد أعان على قتله،
إذا اليتيم غير
مستغن ولا محتمل لنفسه، ولا قائم بشأنه، ولا له من يقوم عليه ويكفيه، كقيام
والديه، فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله وصيره إلى الفقر والفاقة، مع ما خوف

(1) الخصال ج 1 ص 20.
(2) قرب الإسناد ص 44 ط حجر.
(3) المنافقون: 10، البقرة: 254.
(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 380.
(5) علل الشرائع ج 1 ص 236 في حديث.
(6) عيون الأخبار ج 2 ص 92.
268

الله وجعل من العقوبة في قوله عز وجل " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم
ذرية ضعافا " خافوا عليهم فليتقوا الله " (1) ولقول أبي جعفر عليه السلام: إن الله عز
وجل وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة
ففي تحريم مال اليتيم استبقاء مال اليتيم، واستقلاله بنفسه، والسلامة للعقب أن
يصيبه ما أصابهم، لما وعد الله فيه من العقوبة، مع ما في ذلك من طلب اليتيم
بثأره إذا أدرك، ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا (2).
9 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن
ابن رئاب، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في كتاب علي عليه السلام أن
أكل مال اليتامى ظلما " سيدركه وبال ذلك في عقبة من بعده، ويلحقه وبال ذلك
في الآخرة.
أما في الدنيا فان الله عز وجل يقول: " وليخش الذين لو تركوا من
خلفهم ذرية ضعافا " خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا " وأما في الآخرة
فان الله عز وجل يقول: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " إنما يأكلون
في بطونهم نارا " وسيصلون سعيرا " (3).
10 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الأهوازي، عن أخيه
عن زرعة، عن سماعة قال: سمعته عليه السلام يقول: إن الله عز وجل وعد في أكل مال
اليتيم عقوبتين: أما إحداهما فعقوبة الآخرة النار؟ وأما عقوبة الدنيا فهو قوله
عز وجل: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا " خافوا عليهم فليتقوا
الله وليقولوا قولا " سديدا " يعني بذلك ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع هو
بهؤلاء اليتامى (4).

(1) النساء: 9.
(2) علل الشرائع ج 2 ص 166.
(3) ثواب الأعمال ص 209.
(4) ثواب الأعمال ص 210.
269

11 - ثواب الأعمال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن أبي نجران
عن عامر بن حكيم، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلنا
عليه فابتدء فقال: من أكل مال اليتيم سلط الله عليه من يظلمه أو على عقبه،
فان الله عز وجل يقول في كتابه: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية
ضعافا " خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا " (1).
12 - تفسير العياشي: عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام أو أبي الحسن عليه السلام
" إنه كان حوبا " كبيرا " (2) قال عليه السلام: هو مما يخرج من الأرض من
أثقالها (3).
13 - تفسير العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل أكل
مال اليتيم، هل له توبة؟ فقال: يؤدي إلى أهله، لأن الله يقول: " إن الذين
يأكلون أموال اليتامى ظلما " إنما يأكلون في بطونهم نارا " وسيصلون سعيرا " " وقال:
" إنه كان حوبا " كبيرا " (4).
أقول: أوردنا كثيرا " من الأخبار في باب المعاشرة مع اليتامى في كتاب
العشرة (5).
14 - كتاب الإمامة والتبصرة: عن هارون بن موسى، عن محمد بن علي
عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن ابن فضال، عن الصادق، عن أبيه
عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: شر المآكل أكل مال اليتيم

(1) المصدر نفسه ص 210 وص 20 ط حجر.
(2) النساء: 2، وفى الأصل ههنا تصحيف.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 217.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 218.
(5) راجع ج 75 ص 1 - 15
270

ظلما " الخبر (1).
15 - الكافي: عن العدة، عن أحمد، عن عثمان، عن سماعة قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: أوعد الله عز وجل في مال اليتيم بعقوبتين: إحداهما عقوبة الآخر
النار، وأما عقوبة الدنيا فقوله عز وجل " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم
ذرية ضعافا " خافوا عليهم " يعني ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء
اليتامى (2).
16 - الكافي: عن الثلاثة (3) عن هشام بن سالم، عن عجلان أبي صالح قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أكل مال اليتيم، فقال: هو كما قال الله عز وجل:
" إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " وسيصلون
سعيرا " " ثم قال عليه السلام من غير أن أسئله: من عال يتيما حتى ينقطع يتمه أو
يستغني بنفسه أوجب الله عز وجل له الجنة كما أوجب النار لمن أكل مال
اليتيم (4).
17 - الكافي: عن العدة [عن سهل بن زياد] (5) عن البزنطي قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يكون في يده مال الأيتام فيحتاج إليه، فيمد يده و
يأخذه وينوي أن يرده، فقال: لا ينبغي له أن يأكل إلا القصد ولا يسرف وإن
كان من نيته أن لا يرد عليهم، فهو بالمنزل الذي قال الله عز وجل: " إن الذين
يأكلون أموال اليتامى ظلما " " (6).

(1) كتاب الإمامة والتبصرة مخطوط، والخبر منقول بتمامه في ج 77 ص 114 من
أمالي الصدوق.
(2) الكافي ج 5 ص 128.
(3) يعنى علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير.
(4) الكافي ج 5 ص 128.
(5) ما بين العلامتين ساقط من الأصل.
(6) الكافي ج 5 ص 128.
271

18 - الكافي: عن محمد التهذيب: (1) عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن الكاهلي
قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: إنا ندخل على أخل لنا في بيت أيتام ومعهم خادم لهم
فنقعد على بساطهم، ونشرب من مائهم، ويخدمنا خادمهم، وربما أطعمنا فيه الطعام من
عند صاحبنا، وفيه من طعامهم، فما ترى في ذلك؟ فقال: إن كان في دخولكم
عليهم منفعة لهم فلا بأس، وإن كان فيه ضررا " فلا، وقال الله عز وجل: " وإن
تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح " (2).
19 - الكافي: عن محمد، عن محمد بن الحسين، عن ذبيان، عن علي بن المغيرة
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن لي ابنة أخ يتيمة فربما أهدي لها شئ،
فآكل منه ثم أطعمها بعد ذلك شيئا من مالي، فأقول: يا رب هذا بهذا، فقال:
لا بأس (3).
20 - من لا يحضره الفقيه: قال الصادق عليه السلام: إن آكل مال اليتيم سيخلفه وبال ذلك في
الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فان الله تعالى يقول: " وليخش الذين لو تركوا
من خلفهم ذرية ضعافا " خافوا عليهم فليتقوا الله " وأما في الآخرة فان الله
تعالى يقول: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " إنما يأكلون في بطونهم نارا
وسيصلون سعيرا " " (4).
21 - التهذيب: عن محمد بن أحمد [عن أبي عبد الله، عن الحسن بن ظريف

(1) يعنى أن الكليني روى عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد والشيخ
في التهذيب روى باسناده عن أحمد بن محمد. راجع ج 6 ص 339 من التهذيب
ط نجف.
(2) الكافي ج 5 ص 129، والآية في سورة البقرة: 219.
(3) الكافي ج 5 ص 129.
(4) الفقيه ج 3 ص 106 ط نجف.
272

عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج] (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن الرجل يكون للرجل عنده المال إما بيع وإما قرض فيموت، ولم يقضه إياه
فيترك أيتاما " صغارا " فيبقى لهم عليه لا يقضيهم، أيكون ممن يأكل أموال اليتامى
ظلما "؟ قال: لا: إذا كان نوى أن يؤدى إليهم (2).

(1) ما بين العلامتين ساقط من الأصل.
(2) التهذيب ج 6 ص 384 وفى الفقه الرضوي: أروى عن العالم عليه السلام أنه
قال: من أكل من مال اليتيم درهما واحدا ظلما من غير حق يخلده الله في النار.
وروى أن أكل مال اليتيم من الكبائر التي أوعد الله عليها النار، فان الله عز وجل
من قائل يقول: " ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " إنما يأكلون في بطونهم نارا "
وسيصلون سعيرا " ".
وروى: إياكم وأموال اليتامى لا تعرضوا لها ولا تلبسوا بها فمن تعرض لمال اليتيم
فأكل منه شيئا فكأنما أكل جذوة من النار.
273

{104 باب}
* (من أحدث حدثا أو آوى محدثا " ومعناه) *
1 - قرب الإسناد: عن ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: وجد
في غمد سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة مختومة (1) ففتحوها فوجدوا فيها: أن أعتى

(1) هذه الصحيفة رواها في مشكاة المصابيح ص 238، وقال: متفق عليه، و
لفظه عن علي عليه السلام قال: ما كتبنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله الا القرآن وما في هذه
الصحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المدينة حرام ما بين عير إلى ثور فمن أحدث حدثا " فيها أو
آوى محدثا " فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، ذمة
المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما " فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
لا يقبل منه صرف ولا عدل، ومن والى قوما " بغير اذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة و
الناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل.
قال: وفى رواية لهما: من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله و
الملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل.
وهكذا وقع في أحاديثنا تقييد ذلك بالمدينة كما في الكافي ج 4 ص 565 ج 7
ص 275، دعائم الاسلام ج 1 ص 295، معاني الأخبار: 264، التهذيب ج 10 ص 216
وننقل هنا لفظ المعاني لعدم اخراجه في هذا الباب قال:
حدثنا أبي - رحمه الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن مهزيار، عن
أخيه عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سمعته يقول: لعن رسول الله صلى الله عليه وآله من أحدث في المدينة حدثا أو آوى
محدثا " قلت: وما ذلك الحدث؟ قال: القتل.
وروى في المعاني ص 379 عن ابن الوليد عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد
عن فضالة عن أبان عن إسحاق بن إبراهيم الصيقل قال: قال أبو عبد الله (ع): وجد في
ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة فإذا فيها مكتوب:
بسم الله الرحمن الرحيم ان أعتى الناس على الله يوم القيامة من قتل غير قاتله،
ومن ضرب غير ضاربه، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله تعالى على محمد
صلى الله عليه وآله، ومن أحدث حدثا " أو آوى محدثا " لم يقبل الله تعالى منه يوم القيامة
صرفا " ولا عدلا، قال: ثم قال تدرى ما يعنى بقوله " من تولى غير مواليه "؟ قلت: ما
يعنى به؟ قال: يعنى أهل الدين.
274

الناس: القاتل غير قاتله، والضارب غير ضاربه، ومن أحدث حدثا " أو آوى محدثا "
فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا " ولا عدلا "، ومن
تولى إلى غير مواليه فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وآله (1).
2 - قرب الإسناد: عن ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن زيد بن أسلم
أن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عمن أحدث حدثا " أو آوى محدثا " ما هو؟ فقال: من
ابتدع بدعة في الاسلام، أو مثل بغير حد، أو من انتهب نهبة يرفع المسلمون
إليها أبصارهم، أو يدفع عن صاحب الحدث أو ينصره أو يعينه (2).
3 - قرب الإسناد: عن علي، عن أخيه عليه السلام قال: ابتدر الناس إلى قراب سيف رسول
الله صلى الله عليه وآله بعد موته، فإذا صحيفة صغيرة وجدوا فيها: من آوى محدثا " فهو كافر
ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة الله، ومن أعتى الناس على الله عز وجل من قتل

(1) قرب الإسناد ص 67 ط نجف.
(2) قرب الإسناد ص 50 ط حجر وص 67 ط نجف.
275

غير قاتله، أو ضرب غير ضاربه (1).
أقول: قد أوردناه بأسانيد أخرى في أبواب المواعظ (2) وفي كتاب
الإمامة.
4 - معاني الأخبار: عن ابن الوليد، عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن الوشا
عن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لعن الله من أحدث حدثا " أو آوى محدثا "
قلت: وما الحدث؟ قال: من قتل (3).

(1) قرب الإسناد ص 149.
(2) راجع ج 77 ص 119 - 120.
(3) معاني الأخبار ص 380، ورواه بهذا الاسناد في ثواب الأعمال ص 248 و 249
ولفظه كالمتن، وفى العيون ج 1 ص 313 وفيه " قلت: وما الحدث؟ قال:
القتل ".
وفى المعاني ص 265 عن أبي نصر محمد بن أحمد بن تميم، عن أبي لبيد محمد
ابن إدريس الشامي عن إسحاق بن إسرائيل عن سيف بن هارون البرجمي عن عمرو بن
قيس الملائي عن أمية بن زيد القرشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحدث حدثا "
أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه عدل ولا صرف
يوم القيامة
فقيل: يا رسول الله ما الحدث؟ قال صلى الله عليه وآله: من قتل نفسا " بغير نفس أو مثل مثله
بغير قود أو ابتدع بدعة بغير سنة أو انتهب نهبة ذات شرف.
قال: فقيل: ما العدل يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله الفدية، قال: فقيل: ما الصرف
يا رسول الله؟ قال التوبة.
276

* {105 باب} *
* (التطلع في الدور) *
1 - أمالي الصدوق: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن الحسين بن
موسى، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال، وكرهتهن للأوصياء من
ولدي وأتباعهم من بعدي، العبث في الصلاة، والرفث في الصوم، والمن بعد الصدقة
وإتيان المساجد جنبا "، والتطلع في الدور، والضحك بين القبور (1).
الخصال: عن العطار، عن سعد، عن الخشاب، عن غياث بن إبراهيم، عن إسحاق
ابن عمار عنه عليه السلام مثله (2).
المحاسن: أبي، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن الصادق عليه السلام مثله (3).
2 - أمالي الصدوق: عن ابن المتوكل، عن سعد، عن ابن هاشم، عن الحسين بن
الحسن القرشي، عن سليمان بن جعفر البصري، عن عبد الله بن الحسين بن زيد
عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى
كره لكم أيتها الأمة أربعا " وعشرين خصلة، ونهاكم عنها: كره لكم العبث
في الصلاة، وكره المن في الصدقة، وكره الضحك بين القبور، وكره التطلع في

(1) أمالي الصدوق ص 38
(3) الخصال ج 1 ص 159.
(3) المحاسن ص 10، وفى الأصل رمز الخصال وهو سهو.
277

الدور، الخبر (1).
الخصال: عن أبيه، عن سعد مثله (2).
3 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يطلع الرجل في
بيت جاره (3).
4 - قرب الإسناد: عن اليقطيني، عن حماد بن عيسى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: قال أبي عليه السلام: قال علي عليه السلام: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض حجر نسائه، وبيده
مدراة (4) فاطلع رجل من شق الباب (5) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لو كنت قريبا " منك
لفقأت بها عينك (6).

(1) أمالي الصدوق ص 181، والخبر بتمامه في ج 76 ص 337 - 338.
(2) الخصال ج 2 ص 102.
(3) أمالي الصدوق ص 256 في حديث.
(4) المدراة: شئ كالقرن يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان
المشط أطول منه يسرح به الشعر الملبد، وقد يستعمله من لا مشط له، ذكره الجزري
في النهاية. أقول: وبمعناه المدرى والمدرية.
(5) الرجل هو الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي
الأموي، أبو مروان بن الحكم، عم عثمان بن عفان، وهو الذي نفاه وطرده رسول الله صلى الله عليه وآله
من المدينة إلى الطائف فرده عثمان في خلافته وآواه.
وكان السبب في ذلك تطلعه حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله قال في الإصابة روى الفاكهي
من طريق حماد بن سلمة حدثنا أو سنان عن الزهري وعطاء الخراساني أن أصحاب
النبي صلى الله عليه وآله دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص فقالوا: يا رسول الله ماله؟ قال:
" دخل على شق الجدار وأنا مع زوجتي فلانة فكلح في وجهي " فقالوا: أفلا نلعنه نحن؟
قال: لا، كأني أنظر إلى بنيه يصعدون منبري وينزلونه " الحديث.
وقال ابن الأثير: روى في نفيه ولعنه أحاديث كثيرة لا حاجة إلى ذكرها الا أن الامر
المقطوع به أن النبي صلى الله عليه وآله مع حلمه واغضائه على ما يكره ما فعل به ذلك الا لأمر عظيم.
(6) قرب الإسناد ص 15 ط نجف وص 10 ط حجر.
278

5 - أمالي الطوسي: عن ابن بشران، عن الرزاز، عن سعد بن نصر، عن سفيان بن
عيينة، عن الزهري سمع سهل بن سعد الساعدي يقول: اطلع رجل من حجر في
حجرة النبي صلى الله عليه وآله ومعه مدرى يحك بها رأسه، فقال: لو أني أعلم أن تنتظر
لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستيذان من أجل النظر (1).
6 - فقه الرضا (ع): من اطلع في دار قوم رجم، فان تنحى فلا شئ عليه، فان
وقف فعليه أن يرجم، فان أعماه أو أصمه فلا دية له (2).
(7) الاختصاص: عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
من اطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحتان للمؤمن في تلك الحال (3).
8 - نوادر الراوندي (4)

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 12.
(2) فقه الرضا ص 42.
(3) الاختصاص: 259.
(4) كذا في الأصل.
279

* {106 باب} *
* (التعرب بعد الهجرة) *
1 - معاني الأخبار: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن محمد بن
الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال:
التعرب بعد الهجرة التارك لهذا الأمر بعد معرفته (2).
2 - أمالي الطوسي: عن الغضائري، عن الصدوق، عن ابن الوليد، عن ابن أبان،
عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل معا عن منصور بن يونس
عن ابن حازم وعلي بن إسماعيل عن ابن حازم، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تعرب بعد الهجرة، ولا هجرة بعد الفتح
الخبر (3).

(1) في المصدر: قال سمعت أبا عبد الله (ع).
(2) معاني الأخبار ص 265.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 37 في حديث.
280

* {107 باب} *
* (عمل الصور وابقائها واللعب بها) *
الآيات: السبأ: يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل (1).

(1) السبأ: 12، قال الطبرسي: يعنى بالتماثيل صورا من نحاس وشبه وزجاج
ورخام، كانت الجن تعملها، ثم اختلفوا فقال بعضهم: كانت صورا للحيوانات، وقال
آخرون: كانوا يعملون صور السباع والبهائم على كرسيه ليكون أهيب له.
فذكروا أنهم صوروا أسدين أسفل كرسيه ونسرين فوق عمودي كرسيه، فكان إذا
أراد أن يصعد الكرسي، بسط الأسدان ذراعيهما، وإذا علا على الكرسي نشر النسران
أجنحتهما، فضللاه من الشمس.
قال الحسن: ولم تكن يومئذ التصاوير محرمة وهي محظورة في شريعة نبينا صلى الله عليه وآله
فان قال: لعن الله المصورين، ويجوز أن يكره ذلك في زمن دون زمن، وقد بين
الله سبحانه أن المسيح كان يصور بأمر الله من الطين كهيئة الطير.
وقال ابن عباس: كانوا يعملون صور الأنبياء والعباد في المساجد ليقتدى بهم، و
روى عن الصادق (ع) أنه قال: والله ما هي تماثيل النساء والرجال، ولكنه تماثيل الشجر
وما أشبهه.
أقول: ظاهر لفظ التماثيل: هو تصوير الصور من الانسان والحيوان ذات أبعاد
ثلاثة - وتسميه العامة اليوم مجسمة - ولم يذكر في القرآن الكريم الا مرتين: ثانيهما
قوله تعالى حكاية عن إبراهيم (ع) " إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها
عاكفون - إلى أن قال: وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا " "
(الأنبياء - 52 - 58).
ولا ريب أن التماثيل التي كانوا يعبدونها - وعبر عنها ثانيا " بالأصنام وجعلها
جذاذا " - ليس الا المجسمة، ولا معنى لان يكون التماثيل في آية بمعنى تصوير المجسمة،
وفى الأخرى بمعنى نقش الصور أو مجسمة الأشجار.
مع أن الأول وهو أن يكون المراد بالتماثيل نقش الصور، لا يناسب قوله: " يعملون
له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات " فان التماثيل عد من
معمولاتهم في مقابل المحاريب والجفان والقدور، فإذا كانت التماثيل هي النقوش في تلك
المعمولات لم يحسن عدها على حدة.
وأما المعنى الثاني وهو أن يكون المراد بالتماثيل مجسمة الأشجار، كما روى
في أخبار ضعاف، فهو غير معهود ولا مطلوب، فان تصوير الأشجار مجسمة بيد الجن و
الشيطان، ونصبها في الجنان والبساتين، عمل لغو بعد ما يقدر كل أحد على عمل الجنان
الحقيقي بإذن الله تعالى وإنما كان المطلوب لسليمان وقد سمى حشمة الله بناء مالا يقدر عليه
أحد غيره، لكون الجن والشياطين أعوانه وعملته.
قال الله عز وجل " وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس فهم يوزعون * حتى
إذا أتوا على واد النمل إلى أن قال - فتبسم ضاحكا " من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر
نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا " ترضاه " لما رأى حشمته و
شوكته التي أعطاها الله ولم يعطها أحدا " غيره، خلد في باله أن يبنى بيتا لله ذا حشمة
وشوكة لا يقدر على ايجاده غيره، شكرا " لما وهبه من الملك الذي لا ينبغي لاحد
من بعده.
ولذلك سأل الله عز وجل أن يوزعه في الدنيا ويكف عنه الموت والمرض وكل ما
يشغله عن بناء البيت حتى يفرغ وينجز ما جعله على نفسه، فشرع في بناء البيت
المقدس:
فجمع الشياطين وأرسل فرقة في تحصيل الرخام والمها الأبيض الصافي من معادته
وفرقة يستخرجون الذهب واليواقيت من معادنها، وفرقة يقلعون الجواهر والأحجار من
أماكنها، وفرقة يأتون بالدرر من البحار، ثم أمرهم بنحت الأحجار أساطين وألواحا من
معالجة تلك الجواهر واللآلئ بأقدار هندسية كالمثمن والمسدس وغير ذل، وبنى المسجد
الأعظم بألوان الرخام وعمده بأساطين المها وسقفه بألواح الجواهر، وفضض سقوفه و
حيطانه باللآلئ واليواقيت والدرر.
ومما عملت الشياطين في تلك الأبنية المحاريب وهي جمع المحراب بمعنى الغرفة
العالية كالقصر، ولا يسمى الغرفة محرابا الا إذا كان في الطبقة العالية: الثانية أو الثالثة
وأكثر، إذا قدروا عليه، فالمراد بالمحاريب الغرف فوق الغرف، ومنه يظهر أن البيت
المقدس وهو نفس المسجد، كان ذا طبقات عالية بعضها فوق بعض ولم تكن العامة تقدر على
ذلك، ولا شاهدوه.
ومما علمت الشياطين في تلك الأبنية تحت الرخام وسائر الأحجار الكريمة بصورة
الحيوانات ذوات الأرواح وتمثيلها بصورة مهيبة، واستعمالها في قواعد البيت، كأن ترى
أسطوانة على صورة انسان عجيب الخلقة، واضعا " قدميه على ظهر أسد معمولة من الرخام
كأنه قاعدة البيت، ورافعا على رأسه قاعدة من قواعد الغرف العالية، وهكذا.
ومما عملت الشياطين في حوائج ذلك البيت المقدس نحت الجفان وهي من عظمتها
كالجواب وقدور كبيرة لا يقدر على حملها أحد، راسيات.
فقال عز وجل حينذاك " اعملوا آل داود " في بناء البيت وتمامه وأنجزوا ما جعلتم على
أنفسكم " شكرا " " لما وهبتكم من الملك الذي لا ينبغي لاحد من بعدكم، فقد أوزعتكم
وأمهلتكم لبناء هذا البيت كما سألتموني، " وقليل من عبادي الشكور ".
" فلما قضينا عليه الموت " ولم يتم بعد تزيين البيت، قبضناه متكئا " على منسأته قائما كأنه
حي ينظر إلى عملة الشياطين والجن، ولما تم البناء والتزيين، وحق القول في ايزاعه
وامهالها " ما دلهم على موته الا دابة الأرض تأكل منسأته، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا
يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ".
فالآيات الشريفة بنفسها تنص على أن الجن كانوا يعملون التماثيل في بناء البيت
المقدس، ولا معنى لاستعمالها في البيت الا كما ذكرناه، وهو المعهود من بناء السلاطين
بعده، والروايات الواردة في ذلك، تؤيد هذا المعنى أيضا ".
وأما أنه كيف جاز عمل الصور؟
فالمسلم من الآيات الشريفة التي تبحث عن ذلك، أن التماثيل إذا نصبت للعبادة
وعكف الناس على عبادتها وخلقوا لذلك افكا، فهي صنم ووثن، كما عرفت في قوله تعالى
" ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " وقوله بعده " تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن
تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا " " فان كانت التماثيل منصوبة للعبادة، يجب كسرها متابعة
لإبراهيم خليل الله وان كانت أعيانها مملوكة للغير، منصوبة في بيت لهم، وإنما يذكره الله
عز وجل ويطرى على فعله ذلك لأنه مرضى الله عز وجل مطلوب له من العباد، فإذا وجب
كسرها - وان كانت أعيانها مملوكة للغير - فالمنع من نحتها وعملها أيضا واجب
ضروري.
وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله كان يأمر سراياه بأن يكسروا التماثيل ويمحو نقوشها من
المعابد، وجهه أن التماثيل الموجودة عند العرب لم تكن منصوبة الا للعبادة، فكان الواجب
كسرها لمن ظفر عليها.
وأما نحتها وتصويرها لا للعبادة، كما فعل ذلك سليمان بن داود عليه السلام فجعلها
في خدمة بيت الله المقدس، ومعرض الهوان والذل والعبودية لله عز وجل بعدما كانت تعمل
عند الوثنيين للعبادة ويألهون إليها في حوائجهم، فقد كان أمرا مستحسنا مرضيا لله عز وجل
والألم يقبله الله عز وجل شكرا لما أنعم عليه من الملك، ولم يأمر به في قوله: " اعملوا
آل داود شكرا " ولم يمدحه بقوله: " وقليل من عبادي الشكور ".
فمن فعل كما فعل إبراهيم الخليل بالتماثيل المنصوبة للعبادة، ففعله ممدوح:
ومن فعل فعل سليمان حشمة الله فعمل مثل آلهة الوثنيين، وجعلها ذليلا مهانا " داخل
الحيطان وعلى رؤوسهم ثقل قباب بيت الله، فهو مستحسن.
ولكن في دين النبي محمد صلى الله عليه وآله لا مساغ لبناء بيت كذلك، لما نهى عن تذهيب
المساجد وتزويقها، بل نهى عن السقوف المعمولة بالطين، بل ورفع حيطانها أزيد من
القامة كما بنى صلى الله عليه وآله مسجده بالمدينة وقال: عرش كعريش موسى، فلا وجه في دين
النبي صلى الله عليه وآله وسنته لعمل الصور، وكان عملها مكروها، وتزويق حيطان البيوت بها
خلودا " إلى الأرض وزخرفها وزبرجها، وأما نصبها في الأسواق وداخل البيوت، فهو يزيد
في الكراهة، لأنه تشبه بعبدة الأصنام ولا حول ولا قوة الا بالله.
281

1 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن ابن نباتة
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من جدد قبرا "، أو مثل مثالا "، فقد خرج
من الاسلام (1).

(1) المحاسن: 612، وسيأتي في ج 82 باب الدفن وآدابه وأحكامه بيان
للحديث يبين معنى قوله عليه السلام: " من جدد قبرا " " والاختلاف في تصحيح الكلمة
" حدد " من التحديد، و " جدث " من الجدث، " وخدد " من الخد والتخديد، وأما
معنى قوله عليه السلام: " من مثل مثالا " فهو تمثيل المثال لآلهة المشركين، وهو الضم
كما عرفت.
وروى الصدوق في المعاني: 181، عن ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن النهيكي
رفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام أنه قال: من مثل مثالا أو اقتنى كلبا " فقد خرج من
الاسلام، فقيل له: هلك إذا " كثير من الناس، فقال: ليس حيث ذهبتم، إنما عنيت بقولي
" من مثل مثالا " من نصب دينا غير دين الله، ودعا الناس إليها، وبقولي: " من
اقتنى كلبا " ": مبغضا " لنا أهل البيت، اقتناه فأطعمه وسقاه، من فعل ذلك فقد خرج من
الاسلام.
أقول: المثال هو الشئ المنتصب ليعمل شبهة. فقد يكون جسدا " فهو مثال والعمل
تمثيل والمعتمل عليه تمثال، وقد يكون أمرا " ودستورا " كأوامر السلاطين والحكام
يكتبونه في لوح أو ورق أو غير ذلك وينصبونه ليعمل المأمورين على نحوه فالامرية مثال
والعمل على طبقة امتثال.
والمعنى الثاني هو الذي سبق إلى ذهن الرجل حيث قال عليه السلام " من مثل مثالا "
ولم يقل " من مثل تمثالا " كما سيأتي تحت الرقم 5، ولذلك قال: هلك إذا كثير من
الناس " فان كثيرا " من الناس ليسوا يقتنون كلبا "، وإنما ينطبق عليهم قوله: " من مثل
مثالا " بمعنى امتثال دساتير الامراء والحكام، فقال (ع) إنما عنى من المثال نصب قانون
ودستور غير قانون الاسلام ودستوره، وأما دساتير الامراء والحكام وفرامينهم بالنسبة
إلى أمر النظام الاجتماعي فلا بأس به، كما في أمر هداية السائقين ونصب العلامات في
الطرق وغير ذلك.
وهذا مثل ما عرفت في التمثال أنه إذا كان صنما يعبد من دون الله، فهو حرام
وإن كان لغير ذلك من المصالح كتزويق البيوت فهو مكروه لأنه زينة وتفاخر وتكاثر في
الأموال ينشأ من حب الدنيا والعلو، تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون في الأرض
علوا ولا فسادا " والعاقبة للمتقين.
285

2 - المحاسن: عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه
عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة فقال: لا تدع
صورة إلا محوتها، ولا قبرا " إلا سويته، ولا كلبا " إلا قتلته (1).
3 - المحاسن: عن جعفر بن محمد، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام
عن آبائه عليهم السلام أن عليا عليه السلام قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله في هدم القبور و
كسر الصور (2).
4 - المحاسن: عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن البطائني، عن أبي بصير، عن

(1) المحاسن ص 613، والمراد بالمدينة: اليمن.
(2) المحاسن ص 614.
286

أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل فقال: يا محمد! إن
ربك ينهى عن التماثيل (1).
5 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من مثل تماثيل، يكلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح (2).
6 - المحاسن: عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، عن سعد بن ظريف، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: " إن الذين يؤذون الله ورسوله " (3) هم المصورون يكلفون
يوم القيامة أن ينفخوا فيها الروح (4).
7 - المحاسن: عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن الحسين بن المنذر
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاث معذبون يوم القيمة: رجل كذب في رؤياه،
يكلف أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما، ورجل صور تماثيل يكلف أن
ينفخ فيها وليس بنافخ، والمستمع بين قوم وهم له كارهون: يصب في اذنيه الآنك و
هو الا سرب (5).
8 - المحاسن: عن أبيه، عمن ذكره، عن مثنى رفعه قال: التماثيل لا يصلح
أن يلعب بها (6).
9 - المحاسن: عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى
عليه السلام أنه سأل أباه عليه السلام عن التماثيل فقال: لا يصلح أن يلعب بها (7).
10 - المحاسن: عن علي بن الحكم، عن أبان، عن أبي العباس، عن أبي -

(1) المحاسن ص 614.
(2) المحاسن ص 615.
(3) الأحزاب: 57.
(4) المحاسن ص 616.
(5) المحاسن ص 616.
(6) المحاسن ص 618.
(7) المحاسن ص 618.
287

عبد الله عليه السلام في قوله " يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل " (1) فقال: والله
ما هي تماثيل الرجال والنساء، ولكن الشجر وشبهه (2).
11 - المحاسن: عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن
محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر، فقال:
لا بأس ما لم يكن شيئا " من الحيوان (3).
12 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس بتماثيل الشجر (4).
13 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن رفعه قال: لا بأس بالصلاة
والتصاوير تنظر إليه إذا كانت بعين واحدة (5).
14 - المحاسن: عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى
قال: سألته عن البيت فيه صورة سمكة أو طير أو شبهها يعبث به أهل البيت هل تصلح
الصلاة فيه؟ فقال: لا، حتى يقطع رأسه منه، ويفسد، وإن كان قد صلى فليست
عليه إعادة (6).
15 - مكارم الأخلاق: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس أن تكون
التماثيل في البيوت إذا غيرت الصورة (7).
عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنما يبسط عندنا الوسائد
فيها التماثيل ونفرشها، قال: لا بأس بما يبسط منها ويفترش ويوطأ، إنما يكره
منها ما نصب على الحائط والسرير (8).

(1) السبأ: 12.
(2) المحاسن ص 618.
(3) المحاسن ص 619.
(4) المحاسن ص 619.
(5) المحاسن ص 620.
(6) المحاسن ص 620.
(7) مكارم الأخلاق ص 153.
(8) مكارم الأخلاق ص 153.
288

* {108 باب} *
* (الشعر وساير التنزهات واللذات) *
الآيات: الشعراء: والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل
واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وذكروا الله كثيرا " وانتصروا من بعد ما ظلموا (1).
يس: وما علمناه الشعر وما ينبغي له (2).
1 - الخصال: عن العطار، عن أبيه، عن الأشعري، عن حمدان بن سليمان
عن علي بن الحسن بن فضال ومحمد بن أحمد الآدمي، عن أحمد بن محمد بن مسلمة، عن
زياد بن بندار، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أربع يضئن الوجه:
النظر إلى الوجه الحسن، والنظر إلى الماء الجاري، والنظر إلى الخضرة، والكحل
عند النوم (3).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه قال: قال علي عليه السلام:
الطيب نشرة، والعسل نشرة، والركوب نشرة، والنظر إلى الخضرة نشرة (4).

(1) الشعراء: 224 - 227.
(2) يس: 69.
(3) الخصال ج 1 ص 113.
(4) العيون ج 2 ص 40، والنشرة ما يوجب انبساط الأعصاب بعدما أصابها علة
وقد يطلق على العوذات والرقى يعالج بها المجنون والمريض، ولعل المراد هنا ما يوجب
انتشار الذكر وانعاظه يقال: انشر الرجل: أخرج المذي، وهو ما يخرج قبل النطفة
كما عن اللسان، وانتشر الرجل: أنعظ، وذكره قام. كما عن اللسان والأساس.
289

3 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن محمد
المسلي، عن عبد الأعلى، عن نوف قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا نوف! إياك
أن تكون عشارا "، أو شاعرا "، أو شرطيا "، أو عريفا "، أو صاحب عرطبة وهي الطنبور
أو صاحب كوبة وهو الطبل، فان نبي الله خرج ذات ليلة فنظر إلى السماء فقال: إنها
الساعة التي لا يرد فيها دعوة إلا دعوة عريف، أو دعوة شاعر، أو شرطي، أو صاحب
عرطبة ن أو صاحب كوبة (1).
4 - عيون أخبار الرضا (ع) (2) الخصال: سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام عن أول من قال
الشعر، فقال: آدم عليه السلام، فقال: وما كان شعره؟ قال: لما انزل على
الأرض من السماء، فرأى تربتها وسعتها وهواها، وقتل قابيل هابيل، فقال
آدم عليه السلام:
تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم * وقل بشاشة الوجه المليح
فأجابه إبليس:
تنح عن البلاد وساكنيها * فبي بالخلد ضاق بك الفسيح (3)
وكنت بها وزوجك في قرار * وقلبك من أذى الدنيا مريح
فلم تنفك من كيدي ومكري * إلى أن فاتك الثمن الربيح
فلولا رحمة الجبار أضحت * بكفك من جنان الخلد ريح
5 - أمالي الصدوق: عن الحسن بن عبد الله بن سعيد، عن محمد بن عبد الله بن محمد بن
الحجاج، عن أحمد بن محمد النحوي، عن شعيب بن واقد، عن صالح بن الصلت
عن عبد الله بن زهير، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن من الشعر لحكما، وإن من البيان

(1) الخصال ج 1 ص 164.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 242 - 243.
(3) في العلل: ففي الفردوس ضاق بك الفسيح.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 281.
290

لسحرا "، الخبر (1).
6 - المحاسن: عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: زاد المسافر الحدا والشعر، ما كان منه ليس فيه جفاء (2).
7 - المحاسن: عن صفوان، عن عمرو بن حريث قال: دخلت على أبي عبد الله
عليه السلام وهو في منزل أخيه عبد الله بن محمد، فقلت: جعلت فداك، ما حولك
إلى هذا المنزل؟ فقال: طلب النزهة (3).
8 - المحاسن: عن اليقطيني، عن الدهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبد
الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: ثلاثة يجلون البصر: النظر إلى الخضرة، والنظر
إلى الماء الجاري، والنظر إلى الوجه الحسن (4).
9 - عيون أخبار الرضا (ع): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن أبيه، عن ابن أبي عمير
عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قال: فينا بيت شعر
بنى الله له بيتا في الجنة (5).
10 - عيون أخبار الرضا (ع): عن الوراق، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي
ابن سالم، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما قال فينا قائل بيت شعر حتى
يؤيد بروح القدس (6).
11 - عيون أخبار الرضا (ع): عن تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري،
عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما قال فينا مؤمن شعرا " يمدحنا
به إلا بنى الله له مدينة في الجنة أو سع من الدنيا سبع مرات، يزوره فيها كل
ملك مقرب، وكل نبي مرسل (7).

(1) أمالي الصدوق ص 368.
(2) المحاسن ص 358 وقد مر في باب ما جوز من الغناء ص 262 مع شرح.
(3) المحاسن 622.
(4) المحاسن 622.
(5) عيون الأخبار ج 1 ص 7.
(6) عيون الأخبار ج 1 ص 7.
(7) عيون الأخبار ج 1 ص 7.
291

12 - السرائر (1): عن عبد الله بن بكير، عن محمد بن مروان قال: كنت عند أبي
عبد الله عليه السلام وعنده ابن خربوذ فأنشدني شيئا "، فقال أبو عبد الله عليه السلام: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: لئن يمتلئ جوف الرجل قيحا " خير من أن يمتلئ شعرا، فقال
ابن خربوذ: إنما يعني بذلك من يقول الشعر، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويلك أو
ويحك، قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله (2).
رجال الكشي: عن جعفر بن معروف، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن
ابن بكير مثله (3).
12 - الخصال: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن بنان بن محمد، عن أبيه، عن
ابن المغيرة، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: ستة لا يسلم
عليهم: اليهود، والمجوس، والنصراني، والرجل على غائطه، وعلى

(1) سقط من الأصل رمز الكتاب أضفناه بقرينة السند.
(2) السرائر: 483.
(3) رجال الكشي ص 184.
ورواه السيد الرضى في المجازات النبوية ص 69 ولفظه: ومن ذلك قوله (ع):
لان يمتلئ جوف أحدكم قيحا " حتى يرويه خير له من أن يمتلي شعرا ":
وفى هذا القول مجاز، لان المراد به النهى عن أن يكون حفظ الشعر غلب على
قلب الانسان فيشغله عن حفظ القرآن وعلوم الدين حتى يكون أحضر حواضره وأكثر
خواطره، فشبهه (ع) بالاناء الذي يمتلئ بنوع من أنواع المايعات، فلا يكون لغيره فيه
مشرب، ولا معه مذهب.
وقال بعضهم: إنما هذا في الشعر الذي هجى به النبي صلى الله عليه وآله خصوصا "، والصحيح
أنه في كل شعر استولى على القلب استيلاء عموما " لان النهى يتعلق بحفظ القليل مما هجى
به النبي صلى الله عليه وآله وكثيره يراعى فيه أن يكون غالبا " على القلب وطافحا على اللب.
وقوله (ع): " حتى يرويه " معناه حتى يفسده ويهيضه، يقولون ورأه الداء:
إذا فعل ذلك به انتهى، أقول: ولعله بشد الواو من التروية، والمعنى يمتلئ بطن
الرجل شعرا " بحيث يشبعه ويرويه كما يروى العطشان فلا يقدر فلا يقدر أن يشرب بعد ذلك.
292

موائد الخمر، وعلى الشاعر الذي يقذف المحصنات، وعلى المتفكهين بسب
الأمهات (1).
14 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن معروف، عن أبي
جميلة، عن ابن طريف، عن ابن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ستة
لا ينبغي أن يسلم عليهم: اليهود، والنصارى، وأصحاب النرد والشطرنج،
وأصحاب الخمر والبربط والطنبور، والمتفكهون بسب الأمهات، و
الشعراء (2).
15 - رجال الكشي: عن محمد بن مسعود، عن حمدان بن أحمد، عن سليمان
المسترق، عن سفيان بن مصعب العبدي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قل شعرا " تنوح
به النساء (3).
16 - رجال الكشي: عن نصر بن صباح، عن إسحاق بن محمد البصري، عن محمد بن
جمهور، عن أبي داود المسترق، عن علي بن النعمان، عن سماعة قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: يا معشر الشيعة! علموا أولادكم شعر العبدي، فإنه على
دين الله (4).
17 - الكفاية: عن أبي المفضل الشيباني، عن جعفر بن محمد بن القاسم العلوي
عن عبيد الله بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عطية، عن عمر بن يزيد

(1) الخصال ج 1 ص 158.
(2) الخصال ج 1 ص 160، ومثله في السرائر ص 490.
(3) رجال الكشي ص 343.
(4) المصدر نفسه ص 343، وبعده: قال أبو عمرو: في أشعار ما يدل على أنه
كان من الطيارة.
293

عن الورد بن كميت، عن أبيه قال: دخلت على سيدي أبي جعفر الباقر عليه السلام
فقلت: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم أبياتا " أفتأذن لي في إنشادها؟ فقال:
إنها أيام البيض، قلت: فهو فيكم خاصة، قال: هات! فأنشأت أقول:
أضحكني الدهر وأبكاني * والدهر ذو صرف وألوان (1)
أقول تمامه في أبواب النصوص على الأئمة عليهم السلام (2).

(1) كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر: 33.
(2) راجع ج 36 ص 390 من هذه الطبعة الحديثة.
294

{أبواب}
* (الزي والتجمل) *
* {109 باب} *
* (التجمل، واظهار النعمة، ولبس الثياب الفاخرة) *
* (والنظيفة، وتنظيف الخدم، وبيان مالا يحاسب الله) *
* (عليه المؤمن والدعة والسعة في الحال، وما جاء) *
* (في الثوب الخشن والرقيق) *
الآيات: الأعراف: يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا " يواري سوآتكم و
ريشا " ولباس التقوى ذلك خير (1).

(1) الأعراف: 26.
والآية لها تعلق بما قبله، وهو قوله تعالى عز وجل: في الآية 23 " فلما ذاقا
الشجر ة بدت لهما سوأتها وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة " إلى أن قال:
" اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال: فيها تحيون
وفيها تموتون ومنها تخرجون * يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا " يوارى سوآتكم و
ريشا ولباس التقوى ذلك خير، من آيات الله لعلهم يذكرون * يا بني آدم لا يفتننكم
الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليواري سوأتها انه يراكم هو
وقبيله من حيث لا ترونهم انا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون * وإذا فلوا فاحشة
قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل ان الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله
ما لا تعلمون.
فالآيات تشير إلى أن كشف العورة بادية للناس من الفاحشة، وقد كانت قريش بعد
ما صاروا تحت ولاية الشياطين يطوفون بالبيت عريانا " ويقولون ان الله أمرنا بها حيث
دعانا إلى الحج، ونهانا عن الطواف في ثياب أنفسنا وقد عصيناه فيها، فلابد من رضايته
بالطواف عريانا ".
يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان بكشف سوآتكم في الملا بوسوسته بأنه لا بدع فيه
ولا حرج، فإنه يوجب سخط الرحمن كما أوجب سخط على أبويكم حيث افتتنا بوسوسته
ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما. فعدو الله دلاهما بغرور ليذوقا من الشجرة وهو يعرف
أن ذوق الشجرة يوجب نزع لباسهما وكشف عورتهما.
فلما ذاقا من الشجرة انكمش الصفاق الذي كان على سوآتهما وانقطع كانقطاع
المشيمة وبدت لهما سوآتهما، لكنهما عرفا بالهام من الله أن ذلك فاحشة فطفقا يخصفان عليهما
من ورق الجنة فحينذاك حاكمهما ربهما وناداهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما
ان الشيطان لكما عدو مبين؟ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
لكن الله عز وجل أهبطهما من الجنة إلى الأرض، لان العذر بعد المحاكمة غير
مقبول، والحكم ثابت بالوضع والطبع، لأنهما بعد كشف سوآتهما لا يصلحان للحياة
في الجنة.
وهكذا أنتم يا معشر بني آدم لا يفتننكم الشيطان بالغرور حتى تفعلوا سائر الفواحش
فيحكم عليكم بدخول النار والحرمان من الجنة، كما حكم على أبويكم بالخروج منها
وكما لم ينفعه التوبة والندم بعد حلول العذاب، لا ينفعكم التوبة والندم حين ترون بأس
الله عند الموت، ولا يوم القيامة حين تعرضون على النار.
295

وقال تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من
الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة (1).
1 - قرب الإسناد: عن هارون، عن ابن صدقة، عن الصادقة، عن أبيه عليهما السلام قال:
من اتخذ نعلا فليستجدها، ومن اتخذ ثوبا فليستنظفه، ومن اتخذ دابة
فليستفرهها، ومن اتخذ امرأة فليكرمها، فإنما امرأة أحدكم لعبة، فمن اتخذها
فلا يضيعها، ومن اتخذ شعرا فليحسن إليه، ومن اتخذ شعرا فلم يفرق فرقه الله

(1) يا بني آدم كما طفق أبواكم يخصفان عليهما من ورق الجنة ليسترا سوأتها، يجب
عليكم أن تستروا سوآتكم، لان كشفها فاحشة وقد عددنا وهيأنا لستر عوراتكم فأنزلنا
عليكم لباسا يوارى سوآتكم (وهو الإزار، فان اللباس هو ما يشتمل به ويلبس وأما المخيط
منها فهو قميص وسربال وغير ذلك) وريشا " (وهو الرداء تشبيها بريش الطير يلتف على
جناحه كما يلتف الرداء على اليدين، والرداء أيضا ثوب غير مخيط).
فهذان الثوبان هما اللذان رضيتهما لكم وألبستهما الأنبياء وقبلت منكم زيارة بيتي فيهما
ودعوتكم إلى الوفادة عندي بعد لبسهما، وجعلتهما آخر لبسكم من لباس الدنيا حين تكفنون
بهما، فهذان الثوبان جعلتهما لكم لا حفظكم من بعض الفاحشة التي هي كشف سوآتكم في
الملاء، وأما لباس التقوى، ذلك اللباس خير من هذا اللباس فإنه يحفظكم عن كل فاحشة
تأمر بها الشيطان ويستر عليكم وعنكم الفواحش كلها ما ظهر وما بطن، فالبسوا جلباب
التقوى كما تلبسون الإزار والرداء ولا حول ولا قوة الا بالله.
(1) الأعراف: 32، وهذه الآية تتعلق بقوله تعالى فيما سبق " وإذا فعلوا فاحشة
قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها " الآية، والمعنى يا بني آدم انا لا نأمركم
بالفحشاء ومنها كشف العورة للملاء، خصوصا عند طواف البيت تعبدا لله عز وجل، بل
الشيطان هو الذي يأمركم بذلك، كما فعل ذلك بأبويكم في الجنة ينزع عنهما لباسهما
بل آمركم أنا أن تأخذوا زينتكم عند كل مسجد، وإن كان غير بيت الله الذي بناه إبراهيم الخليل عليه السلام.
فعبر عن الإزار والرداء اللذين ذكرهما بالزينة لكونهما موجبا " لتزيين الأعضاء
أسافلها وأعاليها، والمراد بالأخذ ليس استصحابهما من دون لبسهما والاشتمال بهما، فان
الاخذ لما اعتبر بالنسبة إلى الزينة، وليس الزينة مما يؤخذ باليد ويستصحب، كان بمعناه
الكنائي بقرينة لفظ الزينة فكما قال عز وجل " خذوا حذركم " بمعنى خذوا أهبتكم للحرب
والبسوا الدرع والبيضة، هكذا قوله: " خذوا زينتكم " بمعنى خذوا ما تتزينون به وهو
الإزار والرداء، لان أحدهما يستر عورتكم ولولاه لقبح منظركم ومرآكم، والاخر كالريش
يزين جناحكم كما يزين جناحي الطير.
297

يوم القيامة بمنشار من نار (1).
2 - قرب الإسناد: عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن الرضا عليه السلام قال: قال لي:
ما تقول في اللباس الخشن؟ فقلت: بلغني أن الحسن عليه السلام كان يلبس، وأن جعفر
ابن محمد عليهما السلام كان يأخذ الثوب الجديد، فيأمر به فيغمس في الماء، فقال لي:
البس وتجمل، فان علي بن الحسين عليه السلام كان يلبس الجبة الخز بخمسمائة
درهم، والمطرف الخز بخمسين دينارا، فيشتو فيه، فإذا خرج الشتاء باعه
وتصدق بثمنه، وتلا هذه الآية " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات
من الرزق " (2).
3 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: ليتزين أحدكم لأخيه المسلم
إذا أتاه كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة (3).

(1) قرب الإسناد ص 34 ط حجر.
(2) قرب الإسناد ص 157 ط حجر.
(3) الخصال ج 2 ص 156.
298

وقال عليه السلام: إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على
عبده (1).
وقال عليه السلام: عليكم بالصفيق من الثياب، فإنه من رق ثوبه رق دينه (2).
4 - الخصال: عن حمزة بن محمد العلوي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي
عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الدهن
يظهر الغنى، والثياب تظهر التجمل، وحسن الملكة يكبت الأعداء (3).
أقول: قد مضى في باب الطيب عن الصادق عليه السلام أنه قال: ثلاثة يسمن:
إدمان الحمام (4)، وشم الرائحة الطيبة، ولبس الثياب اللينة (5) وفي باب
جوامع المساوي أنه قال للصادق عليه السلام: أترى هذا الخلق كله من الناس؟ قال: ألق
منهم التارك للسواك إلى أن قال: والمتشعث من غير مصيبة (6).
5 - الخصال: عن ابن الوليد، عن سعد، عن ابن يزيد، عن الحسن بن علي
ابن زياد، عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاثة أشياء لا يحاسب الله
الله عليها المؤمن: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه وتحصن
فرجه (7).
6 - الخصال: عن أبيه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن أبي عبد الله
الرازي، عن سجادة، عن درست، عن أبي خالد السجستاني، عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) الخصال ج 2 ص 157.
(2) الخصال ج 2 ص 162.
(3) الخصال ج 1 ص 45 و 46.
(4) في الأصل: ادمان اللحم، وهو تصحيف.
(5) راجع ج 72 ص 141، أخرجه عن الخصال ج 1 ص 74.
(6) راجع ج 72 ص 190 نقلا من الخصال ج 2 ص 39.
(7) الخصال ج 1 ص 40.
299

قال: خمس خصال من فقد منهن واحدة لم يزل ناقص العيش، زائل العقل،
مشغول القلب: فأولها صحة البدن، والثانية الأمن، والثالثة السعة في الرزق
والرابعة الأنيس الموافق - قلت: وما الأنيس الموافق؟ قال: الزوجة الصالحة -
والولد الصالح، والخليط الصالح، والخامسة وهي تجمع هذه الخصال الدعة (1).
7 - عيون أخبار الرضا (ع): عن البيهقي، عن الصولي، عن عون بن محمد، عن أبي عباد قال:
كان جلوس الرضا عليه السلام في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح، ولبسه الغليظ
من الثياب، حتى إذا برز للناس تزين لهم (2).
8 - أمالي الطوسي: عن الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن الثالث
عن آبائه عليهم السلام قال: قال الصادق عليه السلام: إن الله يحب الجمال والتجمل، و
يكره البؤس والتباؤس، فان الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى
عليه أثرها، قيل: وكيف ذلك؟ قال عليه السلام: ينظف ثوبه، ويطيب ريحه، و
يحسن دراه، ويكنس أفنيته، حتى أن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر،
ويزيد في الرزق (3).
9 - أمالي الطوسي: بالاسناد إلى أبي قتادة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ
تذاكروا عنده الفتوة، فقال: وما الفتوة؟ لعلكم تظنون أنها بالفسوق والفجور
كلا إنما الفتوة طعام موضوع، ونائل مبذول، وبشر مقبول، وعفاف معروف،
وأذى مكفوف، وأما تلك فشطارة فسق.
ثم قال: ما المروة؟ فقلنا: لا نعلم؟ فقال عليه السلام: المروة والله أن يضع
الرجل خوانه بجنب فناه، فان المروة مروتان: مروة في السفر، ومروة
في الحضر:

(1) الخصال ج 1 ص 137.
(2) العيون ج 2 ص 178.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 281.
300

فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن، ولزوم المساجد، والمشي مع الاخوان
في الا حوائج، والنعمة ترى على الخادم، فإنها مما يسر الصديق ويكتب العدو
وأما التي في السفر فكثرة الزاد، وطيبة، وبذله لمن يكون معك، وكتمانك على
القوم بعد مفارقتك إياهم.
والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عز وجل يرزق العبد على قدر
المروة، وإن المعونة على قدر المؤنة، وإن الصبر لينزل على قدر شدة البلاء
على المؤمن (1).
أمالي الصدوق: عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن
أبي قتادة القمي، عن عبد الله بن يحيى، عن أبان الأحمر، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن الناس تذاكروا عنده الفتوة إلى آخر ما مر (2).
10 - معاني الأخبار (3) أمالي الصدوق: عن الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن الحسن
ابن القاسم، عن علي بن إبراهيم المعلى، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بكر،
عن موسى بن جعفر عليه السلام [عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن
أبيه عليهم السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع أصحابه يعبئهم
للحرب إذ أتاه] (4) شيخ من الشام فسأله عن مسائل ثم قال عليه السلام له: يا شيخ
إن الله عز وجل خلق خلقا " ضيق الدنيا عليهم نظرا " لهم، فزهدهم فيها وفي
حطامها، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم إليه، وصبروا على ضيق المعيشة،
وصبروا على المكروه، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة، وبذلوا أنفسهم

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 307 ورواه في معاني الأخبار ص 258 إلى قوله:
بفناء داره.
(2) أمالي الصدوق ص 329.
(3) معاني الأخبار ص 199، وفى الأصل رمز الخصال وهو سهو.
(4) ما بين العلامتين أضفناه من المصدر وكتاب المواعظ من البحار.
301

ابتغاء رضوان الله، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة، فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا
أن الموت سبيل من مضى ومن بقي، وتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة،
ولبسوا الخشن، وصبروا على القوت، وقدموا الفضل، وأحبوا في الله، و
أبغضوا في الله عز وجل، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة والسلام (1).
أمالي الطوسي: عن الغضايري، عن الصدوق مثله (1).
أقول: تمامه في كتاب المواعظ (3).
11 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي نجران رفعه إلى
أبي عبد الله عليه السلام قال: من رقع جيبه، وخصف نعله، وحمل سلعته، فقد أمن
من الكبر (4).
12 - غيبة الشيخ الطوسي: عن الفزاري، عن محمد بن جعفر بن عبد الله، عن محمد بن أحمد
الأنصاري قال: وجه قوم [من المفوضة كامل بن إبراهيم المدني إلى أبي
محمد عليه السلام قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله: " لا يدخل الجنة إلا من عرف
معرفتي، وقال بمقالتي " قال: فلما دخلت على سيدي أبي محمد عليه السلام نظرت إلى
ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب
ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان! وينهانا عن لبس مثله! فقال متبسما ": يا كامل
وحسر عن ذراعيه فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله، وهذا لكم
الخبر (5).]
13 - المحاسن: عن أبيه، عن عبد الله بن مغيرة، ومحمد بن سنان، عن طلحة

(1) أمالي الصدوق ص 238.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 49 ومثله في كتاب الغايات.
(3) راجع ج 77 ص 376 - 379.
(4) الخصال ج 1 ص 54.
(5) غيبة الشيخ الطوسي ص 159، وما بين العلامتين أضفناه بقرينة صدر الخبر.
302

ابن زيد، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام أن عليا " عليه السلام كان لا ينخل له الدقيق
وكان علي يقول لا تزال هذه الأمة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم، ويطعموا أطعمة
العجم، فإذا فعلوا ذلك ضربهم الله بالذل (1).
14 - المحاسن: عن نوح بن شعيب، عن سليمان بن رشيد، عن أبيه، عن بشير
قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: العيش في السعة في المنزل، والفضل في الخادم.
وبشير هذا هو ابن جذام رجل صدق ذكر (2).
15 - الخرائج: روي عن محمد بن الوليد الكرماني قال: أتيت أبا جعفر ابن
الرضا عليه السلام فقلت: جعلني الله فداك، ما تقول في المسك؟ فقال: إن أبي أمر أن
يعمل له مسك في بان، فكتب إليه الفضل يخبره أن الناس يعيبون ذلك عليه، فكتب
يا فضل أما علمت أن يوسف كان يلبس ديباجا مزرورا " بالذهب، ويجلس على
كراسي الذهب، فلم ينقص من حكمته شيئا، وكذلك سليمان، ثم أمر أن يعمل
له غالية بأربعة آلاف درهم (3).
16 - فقه الرضا (ع): نروي أن كبر الدار من السعادة، وكثرة المحبين من السعادة،
وموافقة الزوجة كمال السرور.
ونروي تعاهد الرجل ضيعته من المروة، وسمن الدابة من المروة، والاحسان
إلى الخادم من المروة يكبت العدو.
وأروي أن الله تبارك وتعالى يحب الجمال والتجمل، ويبغض البؤس و
التباؤس، وأن الله عز وجل يبغض من الرجال القاذورة، وأنه إذا أنعم على عبده
نعمة أحب أن يرى أثر ذلك النعمة.
وروي جصص الدار، واكسح الأفنية، ونظفها، وأسرج السراج قبل مغيب

(1) المحاسن ص 440.
(2) المحاسن ص 611.
(3) لم نجده في مختار الخرائج والجرائح، ومثله في الكافي ج 6 ص 516.
303

الشمس، كل ذلك ينفي الفقر، ويزيد في الرزق (1).
17 - تفسير العياشي: عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أترى الله
أعطى من أعطى من كرامته عليه، ومنع من منع من هوان به عليه؟ لا، ولكن
المال مال الله يضعه عند الرجل ودايع، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا "، ويلبسوا
قصدا "، وينكحوا قصدا "، ويركبوا قصدا "، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين
ويلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا "، ويشرب حلالا، ويركب
وينكح حلالا "، ومن عدا ذلك كان عليه حراما ".
ثم قال: " لا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " (2) أترى الله ائتمن رجلا "
على مال، له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم، ويجزيه فرس بعشرين درهما؟
ويشتري جارية بألف دينار ويجزيه بعشرين دينارا "؟ وقال: " لا تسرفوا إنه لا
يحب المسرفين " (3).
18 - تفسير العياشي: عن يوسف بن إبراهيم قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام و
علي جبة خز وطيلسان خز، فنظر إلى، فقلت: جعلت فداك على جبة خز
وطيلسان خز، ما تقول فيه؟ فقال: وما بأس بالخز، قلت: وسداه إبريسم؟
[قال: لا بأس به] (4) وقد أصيب الحسين بن علي عليه السلام وعليه جبة خز.
ثم قال: إن عبد الله بن عباس لما بعثه أمير المؤمنين عليه السلام إلى الخوارج
لبس أفضل ثيابه، وتطيب بأطيب طيبه، وركب أفضل مراكبه، فخرج إليه
فواقفهم، فقالوا: يا ابن عباس! بينا أنت خير الناس إذ أتيتنا في لباس من لباس
الجبابرة ومراكبهم؟ فتلا عليهم هذه الآية " قل من حرم زينة الله التي أخرج

(1) فقه الرضا ص 48.
(2) الأعراف: 31، الانعام: 141.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 13.
(4) ما بين العلامتين ساقط من الأصل.
304

لعباده والطيبات من الرزق " (1).
البس وتجمل فان الله جميل يحب الجمال، وليكن من حلال (2).
19 - تفسير العياشي: عن العباس بن هلال الشامي (3) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
قال: قلت: جعلت فداك ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب، ويلبس الخشن
ويتخشع؟ قال: أما علمت أن يوسف بن يعقوب نبي ابن نبي، كان يلبس أقبية
الديباج مزرورة بالذهب، ويجلس في مجالس آل فرعون، يحكم، فلم يحتج
الناس إلى لباسه، وإنما احتاجوا إلى قسطه، وإنما يحتاج من الامام إلى أن
" إذا قال صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا حكم عدل " إن الله لم يحرم طعاما
ولا شرابا من حلال، وإنما حرم الحرام قل أو كثر، وقد قال: " قل من حرم
زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (4).
20 - تفسير العياشي: عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: كان علي بن
الحسين عليه السلام يلبس الثوب بخمسمائة دينار، والمطرف بخمسين دينارا، يشتو فيه فإذا
ذهب الشتاء باعه وتصدق بثمنه.
وفي خبر عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام أنه كان يشتري
الكساء الخز بخمسين دينارا "، فإذا صار الصيف تصدق به، لا يرى بذلك بأسا،
ويقول: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (5).
21 - تفسير العياشي: عن الحكم بن عيينة قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام وعليه إزار
أحمر، فأحددت النظر إليه فقال: يا أبا محمد إن هذا ليس به بأس، ثم تلا " قل من

(1) الأعراف: 32.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 15.
(3) قال: قال أبو الحسن (ع) خ ل.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 15.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 16.
305

حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " (1).
22 - تفسير العياشي: عن الوشا، عن الرضا عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يلبس
الجبة والمطرف من الخز والقلنسوة، ويبيع المطرف ويتصدق بثمنه ويقول:
" قل من حرم زينة الله " الآية (2).
23 - مكارم الأخلاق: مختارة من كتاب اللباس: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن ابن
عباس لما بعثه أمير المؤمنين عليه السلام إلى الخوارج لبس أفضل ثيابه، وتطيب بأطيب
طيبه، وركب أفضل مراكبه، وخرج إليهم فواقفهم فقالوا: يا ابن عباس بينا
أنت خير الناس إذا أتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم؟ فتلا عليهم هذه الآية " قل
من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " فالبس وتجمل، فان
الله جميل يحب الجمال، وليكن من حلال (3).
عن إسحاق بن عمار قال سألته عليه السلام عن الرجل الموسر المتجمل يتخذ
الثياب الكثيرة: الجباب والطيالسة والقمص (4) ولها عدة يصون بعضها ببعض
ويتجمل بها أيكون مسرفا "؟ فقال عليه السلام: إن الله يقول: " لينفق ذو سعة من سعته " (5). عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: الدهن يظهر الغنى

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 14.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 14.
(3) مكارم الأخلاق ص 110.
(4) الجبات جمع جبة ثوب مقطوع الكم طويل يلبس فوق الثياب، والطيالسة
جمع الطيلسان كساء مدور أخضر لا أسفل له، وسداه - وقيل لحمته - من صوف كان
يلبسه الخواص من العلماء والمشايخ، وهو من لباس العجم، يجعلونه على أكتافهم،
والقمص جميع قميص.
(5) الطلاق: 7.
306

والثياب تظهر الجمال، وحسن الملكة يكبت الأعدا (1).
عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: وقف رجل على باب النبي صلى الله عليه وآله يستأذن
عليه، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وآله فوجد في حجرته ركوة فيها ماء، فوقف يسوي
لحيته وينظر إليها.
فلما رجع داخلا قالت له عائشة: يا رسول الله! أنت سيد ولد آدم!
ورسول رب العالمين، وقفت على الركوة تسوي لحيتك ورأسك؟ قال: يا
عائشة إن الله يحب - إذا خرج عبده المؤمن إلى أخيه - أن يتهيأ له وأن
يتجمل (2).
عن أبي الحسن عليه السلام قال: تهيئة الرجل للمرأة مما يزيد في
عفتها (3).
عن سفيان الثوري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أنت تروي أن علي بن أبي
طالب كان يلبس الخشن، وأنت تلبس القوهي والمروي، قال: ويحك إن
علي بن أبي طالب عليه السلام كان في زمان ضيق، فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان
أولى به (4).
عن الحسن بن علي يعني الرضا عليه السلام قال: كان يوسف عليه السلام يلبس الديباج
ويتزرر بالذهب، ويجلس على السرير، وإنما يذم إن كان يحتاج إلى قسطه.
وكان علي بن الحسين عليه السلام يلبس ثوبين في الصيف يشتريان له
بخمسمائة، ويلبس في الشتاء المطرف الخز (5) ويباع في الصيف بخمسين دينارا "

(1) مكارم الأخلاق ص 110.
(2) مكارم الأخلاق ص 110.
(3) مكارم الأخلاق ص 111.
(4) مكارم الأخلاق ص 111.
(5) المطرف كمنبر والمطرف كمكرم: رداء من خز مربع ذو أعلام، قال الفراء
وأصله الضم لأنه في المعنى مأخوذ من أطرف أي جعل في طرفيه العلمان ولكنهم استثقلوا
الضمة فكسروه.
307

ويتصدق بثمنه (1).
عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينا أنا في الطواف
إذا رجل يجذب ثوبي، فالتفت فإذا عباد البصري، فقال: يا جعفر بن محمد!
تلبس مثل هذا الثوب وأنت في الموضع الذي أنت فيه من على؟ قال: فقلت له:
ويلك هذا الثوب قوهي (2) اشتريته بدينار وكسر، وكان علي عليه السلام في زمان
يستقيم له ما لبس فيه، ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا هذا، لقال الناس:
هذا مراء مثل عباد (3).
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ليتزين أحدكم لأخيه إذا أتاه كما يتزين
للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة (4).
عن أبي خداش المهري (5) قال: مر بنا بالبصرة مولى للرضا عليه السلام يقال له عبيد
فقال دخل قوم من أهل خراسان على أبي الحسن عليه السلام فقال له: إن الناس قد أنكروا
عليك هذا اللباس الذي تلبسه، قال: فقال لهم: إن يوسف بن يعقوب كان نبيا " ابن نبي
ابن نبي، وكان يلبس الديباج، ويتزرر بالذهب، ويجلس مجالس آل فرعون، فلم
يضعه ذلك، وإنما يذم لو احتيج منه إلى قسطه، وإنما على الامام أنه إذا حكم عدل
وإذا وعد وفى، وإذا حدث صدق، وإنما حرم الله الحرام بعينه ما قل منه وما
كثر، وأحل الله الحلال بعينه ما قل منه وما كثر (6).

(1) مكارم الأخلاق ص 111.
(2) كان ثيابا " بيضا يجلب من قوهستان كورة بناحية كرمان.
(3) مكارم الأخلاق ص 111.
(4) مكارم الأخلاق ص 112.
(5) منسوب إلى مهرة بن حيدان بطن من قضاعة كانوا يقيمون باليمن، وقال الشيخ
في رجاله: مهرة محلة بالبصرة.
(6) مكارم الأخلاق ص 112.
308

عن محمد بن عيسى قال: أخبرني من أخبر عنه عليه السلام أنه قال: إن أهل الضعف
من موالي يحبون أن أجلس على اللبود، وألبس الخشن، وليس يحتمل
الزمان ذلك (1).
24 - مكارم الأخلاق: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن علي بن الحسين خرج في ثياب
حسان، فرجع مسرعا يقول: يا جارية! ردي علي ثيابي فقد مشيت في ثيابي
هذه، فكأني لست علي بن الحسين، وكان إذا مشى كأن الطير على رأسه، لا
يسبق يمينه شماله.
وعنه عليه السلام قال: إن الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى (2).
عن الحسن الصيقل قال: أخرج إلينا أبو عبد الله عليه السلام قميص أمير المؤمنين
عليه السلام الذي أصيب فيه فشبرت أسفله اثني عشر شبرا، وبدنه ثلاثة أشبار،
ويديه ثلاثة أشبار (3).
عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن صاحبكم ليشتري القميصين السنبلانيين،
ثم يخير غلامه فيأخذ أيهما شاء، ثم يلبس هو الآخر، فإذا جاوز أصابعه قطعه،
وإذا جاوز كفيه حذفه (4).
عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عليا " أمير المؤمنين عليه السلام
اشترى بالعراق قميصا " سنبلانيا " غليظا " بأربعة دراهم فقطع كميه إلى حيث يبلغ
أصابعه مشمرا " إلى نصف ساقه، فلما لبسه حمد الله وأثنى عليه.
وقال: ألا أريكم؟ قلت: بلى، فدعا به، فإذا كمه ثلاثة أشبار، وبدنه ثلاثة
أشبار، وطوله ستة أشبار (5).
من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه السلام عن الأصبغ بن نباتة قال: خرجنا مع

(1) مكارم الأخلاق ص 112.
(2) مكارم الأخلاق ص 127.
(3) مكارم الأخلاق ص 127.
(4) مكارم الأخلاق ص 128.
(5) مكارم الأخلاق ص 128.
309

علي عليه السلام حتى أتينا التمارين فقال: لا تنصبوا قوصوة على قوصوة (1) ثم مضى
حتى أتينا إلى اللحامين فقال: لا تنفخوا في اللحم، ثم مضى حتى أتى إلى سوق السمك
فقال: لا تبيعوا الجري ولا المارماهي ولا الطافي، ثم مضى حتى أتى البزازين
فساوم رجلا بثوبين ومعه قنبر، فقال: بعني ثوبين، فقال الرجل: ما عندي
يا أمير المؤمنين.
فانصرف حتى أتى غلاما " فقال: بعني ثوبين فما كسه الغلام، حتى اتفقا
على سبعة دراهم، ثوب بأربعة دراهم، وثوب بثلاثة دراهم، فقال لغلامه قنبر:
اختر أحد الثوبين، فاختار الذي بأربعة ولبس هو الذي بثلاثة دراهم، وقال:
الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في خلقه، ثم أتى المسجد
الأكبر فكوم كومة من حصباء، فاستلقى عليها، فجاء أبو الغلام فقال: إن
ابني لم يعرفك، وهذا درهمان ربحهما عليك، فخذهما، فقال علي عليه السلام: ما كنت
لأفعل: ما كسته وما كسني، واتفقنا على رضى (2).
عن أبي مسعدة قال: رأيت عليا " عليه السلام خرج من القصر، فدنوت منه فسلمت
عليه فوقع يده على يدي، ثم مشى حتى أتى دار فرات، فاشترى منه قميصا "
سنبلانيا " بثلاثة دراهم أو أربعة دراهم، فلبسه وكان كمه كفاف يده (3).
عن وشيكة، قال: رأيت عليا " عليه السلام يتزر فوق سرته، ويرفع إزاره إلى
أنصاف ساقيه، وبيده درة يدور في السوق، يقول: اتقوا الله وأوفوا الكيل كأنه
معلم صبيان (4).
عن مجمع قال: إن عليا أخرج سيفه فقال: من يرتهن سيفي هذا، أما
لو كان لي قميص ما رهنته، فرهنه بثلاثة دراهم، فاشترى قميصا " سنبلانيا " (5) كمه

(1) القوصرة: وعاء من قصب يرفع فيه التمر، من البوارى.
(2) مكارم الأخلاق ص 129.
(3) مكارم الأخلاق ص 129.
(4) مكارم الأخلاق ص 129.
(5) السنبلاني وصف لمقدار القميص، يقال قميس سنبلاني أي سابغ الطول، ولعله
منسوب إلى سنبلان من بلاد الروم كان المعهود فيه طول القمص.
310

إلى نصف ذراعيه وطوله إلى نصف ساقيه (1).
عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: رأيت على علي عليه السلام قميصا " زابيا " (2) إذا
مد طرف كمه بلغ ظفره، وإذا أرسله كان إلى ساعده (3).
عن أبي الأشعث العبري، عن أبيه قال: رأيت عليا عليه السلام اغتسل في الفرات يوم
الجمعة، ثم ابتاع قميص كرابيس بثلاثة دراهم، فصلى بالناس فيه الجمعة، وما
خيط جربانه (4).
عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن عليا كان عندكم فأتى
بني ديوار (5) فاشترى ثلاثة أثواب بدينار: القميص إلى فوق الكعب، والإزار
إلى نصف الساق، والرداء من قدامه إلى ثدييه، ومن خلفه إلى أليتيه، فلبسها
ثم رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتى دخل منزله.
ثم قال: هذا اللباس الذي ينبغي أن تلبسوه، ولكن لا نقدر أن نلبس هذا اليوم

(1) مكارم الأخلاق ص 129.
(2) الزاب: كورة بالموصل وبلد بالأندلس والزابي منسوب إليه، والزاب
اسم مواضع اخر كثيرة.
(3) المصدر ص 129.
(4) مكارم الأخلاق ص 130 والجربان معرب گريبان.
(5) كذا في الأصل، وهكذا المصدر، وفيه " فأتى به دينار " خ ل ورواه الكليني
في الكافي ج 6 ص 456، وهكذا نقله في الوسائل تحت الرقم 5845 في أحكام الملابس
وفيه " بنى ديوان " ونقل عن الوافي " فاتى ببرد نوار " وقال في بيانه: النوار النيلج
الذي يصبغ به، وكلها تصحيف، وقول الوافي. " برد نوار " لا معنى له، فإنه أن أتى
عليه السلام بالبرد، فكيف اشترى القميص والبرد ثوب غير مخيط، والقميص مخيط، و
المجال لا يسعني أن أتحرره.
311

لو فعلنا، لقالوا مجنون، أو لقالوا مراء، فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس (1).
عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إذا هبطتم
وادي مكة فالبسوا خلقان ثيابكم أو سمل ثيابكم أو خشن ثيابكم، فإنه لن يهبط
وادي مكة أحد ليس في قلبه شئ من الكبر إلا غفر الله له، فقال عبد الله بن أبي
يعفور: ما حد الكبر؟ قال: الرجل ينظر إلى نفسه إذا لبس الثوب الحسن يشتهي
أن يرى عليه، ثم قال: " بل الانسان على نفسه بصيرة (2).
عن ابن سنان، عن أبي عبد الله قال: كان لأبي ثوبان خشنان يصلي
فيهما صلاته، فإذا أراد أن يسأل الله حاجة لبسهما وسأل حاجته (3).
في ترقيع الثياب:
عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب علي الناس وعليه
إزار كرباس غليظ، مرقوع بصوف، فقيل له في ذلك، فقال: يخشع القلب، و
يقتدي به المؤمن (4).
عن عبد الله بن عباس: لما رجع من البصرة، وحمل المال ودخل الكوفة
وجد أمير المؤمنين عليه السلام قائما " في السوق وهو ينادي بنفسه: معاشر الناس من أصبناه
بعد يومنا يبيع الجري والطافي والمارماهي علوناه بدرتنا هذه، وكان يقال لدرته
السبتية.
قال ابن عباس: فسلمت عليه فرد على السلام، ثم قال: يا ابن عباس!
ما فعل المال؟ فقلت: ها هو يا أمير المؤمنين، وحملته إليه، فقر بني ورحب بي
ثم أتاه مناد ومعه سيفه ينادي عليه بسبعة دراهم، فقال: لو كان لي في بيت مال
المسلمين ثمن سواك أراك ما بعته، فباعه واشترى قميصا " بأربعة دراهم له، وتصدق

(1) مكارم الأخلاق ص 130.
(2) القيامة: 14.
(3) مكارم الأخلاق ص 131.
(4) مكارم الأخلاق ص 131.
312

بدرهمين، وأضافني بدرهم ثلاثة أيام (1).
عن زيد بن شريك قال: أخرج علي عليه ذات يوم سيفه فقال: من يبتاع مني
سيفي هذا؟ فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته (2).
عن الفضل بن كثير قال: رأيت على أبي عبد الله عليه السلام ثوبا " خلقا " مرقوعا "
فنظرت إليه فقال لي: مالك؟ انظر في ذلك الكتاب - وثم كتاب - فنظرت فيه فإذا
فيه: لا جديد لمن لا خلق له (3).
وفي رواية: رئي على علي عليه السلام إزار خلق مرقوع، فقيل له في ذلك، فقال:
يخشع له القلب، وتذل به النفس، ويقتدي به المؤمنون (4).
في الاقتصاد في اللباس:
عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون قد غني
دهره، وله مال وهيئة في لباسه ونخوة، ثم يذهب ماله ويتغير حاله، فيكره
أن يشمت به عدوه، فيتكلف ما يتهيأ به، قال: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر
عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله (5) " على قدر حاله (6).
في لباس الشهرة (7).
25 - مكارم الأخلاق: عن أبي عبد الله عليه قال: كفى بالرجل خزيا أن يلبس ثوبا "
مشهرا " ويركب دابة مشهرة (8).

(1) مكارم الأخلاق ص 131.
(2) مكارم الأخلاق ص 131.
(3) مكارم الأخلاق ص 131.
(4) مكارم الأخلاق ص 132.
(5) الطلاق: 7.
(6) مكارم الأخلاق ص 132.
(7) العنوان من كتاب المكارم للطبرسي كسوابقه.
(8) مكارم الأخلاق ص 133.
313

عنه عليه السلام قال: إن الله يبغض شهرة اللباس (1)
دخل عباد بن كثير البصري على أبي عبد الله عليه السلام وعليه ثياب الشهرة:
فقال: يا عباد ما هذه الثياب؟ قال: يا أبا عبد الله تعيب على هذا؟ قال: نعم،
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لبس ثياب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثياب الذل يوم القيامة
قال عباد: من حدثك بهذا؟ قال: يا عباد تتهمني؟ حدثني والله آبائي عن
رسول الله صلى الله عليه وآله (2).
عن أبي الحسن الأول عليه السلام: قال: لم يكن شئ أبغض إليه من لبس
الثوب المشهور، وكان يأمر بالثوب الجديد فيغمس في الماء فيلبسه (3).
عن محمد بن الحسين بن كثير قال: رأيت على أبي عبد الله عليه السلام جبة صوف
بين قميصين غليظين، فقلت له في ذلك، فقال: رأيت أبي يلبسها، وإنا إذا أردنا
أن نصلي لبسنا أخشن ثيابنا (4).
عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: والله لأن
صرت إلى هذا الأمر لآكلن الجشب بعد الطيب، ولألبسن الخشن بعد اللين،
ولأتعبن بعد الدعة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله في وصيته لأبي ذر: يا أبا ذر إني ألبس
الغليظ، وأجلس على الأرض، وألعق أصابعي، وأركب الحمار بغير سرج، و
أردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني!
يا أبا ذر! البس الخشن من اللباس، والصفيق من الثياب، لئلا يجد الفخر
فيك مسلكا " (5).
من كتاب زهد أمير المؤمنين عليه السلام عن عقبة بن علقمة قال: دخلت على أمير -
المؤمنين عليه السلام فإذا بين يديه لبن حامض قد آذاني حموضته، وكسر يابسة، قلت:
يا أمير المؤمنين أتأكل مثل هذا؟ فقال لي. يا أبا الجنود، إني أدركت رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) مكارم الأخلاق ص 133.
(2) مكارم الأخلاق ص 134.
(3) مكارم الأخلاق ص 134.
(4) مكارم الأخلاق ص 132.
(5) مكارم الأخلاق ص 132.
314

يأكل أيبس من هذا، ويلبس أخشن من هذا، فإن لم آخذ بما أخذ به رسول الله صلى الله عليه وآله
خفت أن لا ألحق به (1).
26 - رجال الكشي: عن حمدويه بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط
قال: قال سفيان بن عيينة لأبي عبد الله عليه السلام إنه يروى أن علي بن أبي طالب
عليه السلام كان يلبس الخشن من الثياب، وأنت تلبس القوهي المروي (2)؟
قال: ويحك! إن عليا " عليه السلام كان في زمان ضيق، فإذا اتسع الزمان فأبرار الزمان
أولى به (3).
27 - رجال الكشي: عن محمد بن مسعود، عن الحسين بن إشكيب، عن الحسن بن
الحسين المروزي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أحمد بن عمر قال: سمعت بعض
أصحاب أبي عبد الله عليه السلام يحدث أن سفيان الثوري دخل على أبي عبد الله عليه السلام وعليه
ثياب جياد، فقال: يا أبا عبد الله إن آباءك لم يكونوا يلبسون مثل هذا الثياب!
قال له: إن آبائي كانوا يلبسون ذاك في زمان مقفر، وهذا زمان قد أرخت الدنيا
عزاليها (4) فأحق أهلها بها أبرارها (5).
28 - رجال الكشي: عن محمد بن مسعود، عن عبد الله بن محمد الوشاء، عن ابن سنان
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: بينا أنا في الطواف. إذا رجل يجذب ثوبي

(1) مكارم الأخلاق ص 182.
(2) المروى ثياب منسوبة إلى مرو بلد بخراسان وقد تفتح الراء على زنة العربي
وقيل بل الثياب منسوبة إلى بلد بالعراق على شط الفرات.
(3) رجال الكشي ص 336 تحت الرقم ص 257.
(4) عزالى وعزالى بكسر اللام وفتحها جمع عزلاء: مصب الماء من الرواية و
نحوها لأنها في أحد خصمي المزادة لا في وسطها، وارخاؤها يوجب سيلان الماء منها بشدة
وسرعة، يقال: أرخت السماء عزاليها، إذا كثرت الأرزاق والنعم.
(5) رجال الكشي ص 336
315

فالتفت فإذا عباد البصري، قال: يا جعفر بن محمد! تلبس مثل هذا الثوب وأنت
في الموضع الذي أنت فيه من علي؟ قال: قلت: ويلك! هذا ثوب قوهي اشتريته
بدينار وكسر، وكان علي عليه السلام في زمان يستقيم له ما لبس، ولو لبست مثل
ذلك اللباس في زماننا هذا، لقال الناس: هذا مراء، مثل عباد، قال نصر:
عباد بتري (1).
29 - رجال الكشي: عن محمد بن مسعود، عن الحسن بن الحسين، عن علي بن يونس
عن حسين بن المختار قال: دخل عباد بن بكر البصري، على أبي عبد الله عليه السلام
وعليه ثياب شهرة غلاظ، فقال: يا عباد ما هذه الثياب؟ فقال: يا أبا عبد الله تعيب
علي هذا؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لبس ثياب شهرة في الدنيا ألبسه
الله ثياب الذل يوم القيامة.
قال عباد: من حدثك بهذا الحديث؟ قال: يا عباد تتهمني؟ حدثني آبائي
عن رسول الله صلى الله عليه وآله (2).
نقل من خط الشهيد قدس سره، عن أبي عبد الله عليه السلام (3).

(1) رجال الكشي ص 335.
(2) رجال الكشي ص 335.
(3) كذا في الأصل.
316

* {110 باب} *
* (كثرة الثياب) *
1 - مكارم الأخلاق: [عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يكون
للمؤمن عشرة أقمصة؟ قال: نعم، قلت: وعشرين؟ قال: نعم، وليس ذلك من
السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك (1).
عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله، قال: قلت: ويكون للمؤمن
مائة ثوب؟ قال: نعم.
عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم الكاظم عليه السلام: الرجل يكون
له عشرة أقمصة، أيكون ذلك من السرف؟ فقال: لا، ولكن ذلك أبقى لثيابه و
لكن السرف أن تلبس ثوب صونك في المكان القذر] (2).
* {111 باب نادر} *
1 - خص (3).

(1) ثياب الصون هي التي تصون العرض عن الابتذال بالتجمل، وثياب البذلة
التي تبتذلها في أوقات الخدمة والمهنة.
(2) مكارم الأخلاق ص 113.
(3) كذا في الأصل.
317

* {112 باب} *
* (النهى عن التعري بالليل والنهار) *
1 - أمالي الصدوق: [في حديث المناهي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن التعري بالليل
والنهار (1).

(1) أمالي الصدوق ص 255 س 19.
318

* {117 باب} *
* (آداب لبس الثياب ونزعها وما يقال عندهما) *
* (وما يكره من الثياب ومدح التواضع) *
* (والنهى عن التبختر فيها (1) *
1 - أمالي الطوسي: باسناده (2) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه وقف على خياط
بالكوفة فاشترى منه قميصا " بثلاثة دراهم فلبسه، فقال: الحمد لله الذي ستر عورتي،
وكساني الرياش، ثم قال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا
لبس قميصا " (3).

(1) عنوان الباب أضفناه من فهرست الكتاب
(2) قال: أخبرنا ابن مخلد قال: أخبرنا ابن السماك قال: حدثنا أبو قلابة الرقاشي
قال: حدثنا غارم بن الفضل أبو النعمان قال: حدثنا مرجى أبو يحيى صاحب السفط قال:
وقد ذكرته لحماد بن زيد فعرفه عن معمر بن زياد أن أبا مطر حدثه قال: كنت بالكوفة
فمر على رجل فقالوا هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: فتبعته فوقف على
خياط، الحديث.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 398.
319

2 - أمالي الطوسي: باسناده (1) عن أبي عبد الله الحسين عليه السلام قال: أتى أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام أصحاب القميص، فساوم شيخا " منهم فقال: يا شيخ بعني
قميصا " بثلاثة دراهم، فقال الشيخ: حبا وكرامة، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم،
فلبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، وأتى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم قال:
" الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأؤدي فيه فريضتي
وأستر به عورتي ".
فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا أو شئ سمعته من رسول
الله صلى الله عليه وآله؟ قال: بل شئ سمعته من رسول صلى الله عليه وآله سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك
عند الكسون (2).

(1) أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم
إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن رزين عثمان بن
عبد الرحمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، أخو دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثنا سيدي
أبو الحسن علي بن موسى الرضا عن الحسين بن علي عليه السلام الحديث.
(2) أمالي الصدوق ج 1 ص 375.
320

{127 باب}
* (آداب الفرش والتواضع فيها) *
الآيات: النحل: ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا " ومتاعا "
إلى حين (1).
1 - عيون أخبار الرضا (ع): عن البيهقي، عن الصولي، عن عون بن محمد، عن أبي عباد
قال: كان جلوس الرضا عليه السلام في الصيف على حصير، وفي الشتاء على مسح (2)
ولبسه الغليظ من الثياب. حتى إذا برز للناس تزين لهم (3).
2 - الخصال: عن أبيه، عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن حماد
ابن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه نظر إلى فرش في دار رجل فقال: فراش للرجل
وفراش لأهله، وفراش لضيفه، والفراش الرابع للشيطان (4).
2 - الخصال: عن الخليل، عن عمر بن حفص، عن سليمان بن الأشعث، عن
يزيد بن خالد، عن ابن وهب. عن ابن هاني، عن عبد الرحمن الجبلي، عن جابر
ابن عبد الله قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله الفراش فقال: فراش الرجل، وفراش
للمرأة وفراش للضيف، والرابع للشيطان (5).

(1) النحل: 80.
(2) المسح - بالكسر - بساط من شعر يقعد عليه يقال له بالفارسية پلاس.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 178.
(4) الخصال ج 1 ص 59.
(5) الخصال ج 1 ص 60.
321

4 - مكارم الأخلاق: عن عبد الله بن عطا قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فرأيت في
منزله نضدا ووسائد، وأنماطا و، مرافق، (1) فقلت له: ما هذا؟ فقال: متاع
المرأة.
عن جابر بن عبد الله، عن الباقر عليه السلام قال: دخل قوم على الحسين بن
علي عليه السلام فقالوا: يا ابن رسول الله نرى في منزلك أشياء مكروهة، وقد رأوا في منزله
بساطا " ونمارق (2) فقال: إنما نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن، فيشترين بها
ما شئن، ليس لنا منه شئ.
عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما تزوج علي عليه السلام فاطمة عليها السلام بسط
البيت كثيبا "، وكان فراشهما إهاب كبش ومرفقتهما محشوة ليفا "، ونصبوا عودا " يوضع
عليه السقاء فستره بكساء.
عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: أدخل رسول
الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام على علي عليه السلام وسترها عباء، وفرشها إهاب كبش، ووسادتها
أدم (3) محشوة بمسد (4).
وعنه عليه السلام قال: إن فراش علي وفاطمة عليهما السلام كان سلخ كبش يقلبه فينام
على صوفه.
وفي كتاب مواليد الصادقين قال محمد بن إبراهيم الطالقاني: روي أنه صلى الله عليه وآله

(1) النضد - محركة - ما نضد من متاع البيت، وقيل: خياره، وهو فعل
بمعنى مفعول، وقد يطلق على السرير لان النضد غالبا " يجعل عليه، والوسادة: المخدة
يتوسد به، والأنماط جمع نمط كأنه معرب نمد، ضرب من البسط، والمرافق جمع المرفقة
التي تجعل تحت المرفق عند الجلوس.
(2) النمارق جمع النمرقة: الوسادة الصغيرة.
(3) الادم: الجلد المدبوغ، والمسد: الليف.
(4) مكارم الأخلاق ص 153.
322

اعتزل نساءه في مشربة له شهرين - والمشربة العلية (1) - فدخل عمر وفي البيت
أهب عطنة وقرظ (2) والنبي صلى الله عليه وآله نائم على حصير قد أثر في جنبه، ووجد عمر
ريح الأهب، فقال: يا رسول الله! ما هذه الأهب؟ قال: يا عمر هذا متاع الحي
فلما جلس النبي وكان قد أثر الحصير في جنبه، قال عمر: أما أنا فأشهد أنك
رسول الله، ولأنت أكرم على الله من قيصر وكسرى، وهما فيما هما فيه من الدنيا
وأنت على الحصير، وقد أثر في جنبك.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا
الآخرة (3).
5 - مكارم الأخلاق: عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ربما قمت أصلي و
بين يدي وسادة فيها تماثيل طائر، فجعلت عليها ثوبا، وقد أهديت إلى طنفسة (4)
من الشام فيها تماثيل طير فأمرت به فغير رأسه، فجعل كهيئة الشجر، وقال:
إن الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده (5).
عن أبي الحسن عليه السلام قال: دخل قوم على أبي جعفر عليه السلام وهو على بساط
فيه تماثيل، فسألوه فقال: أردت أن أهبه (6).

(1) هي مشربة أم إبراهيم كانت غرفة أنزلها رسول الله فيها بالعالية
(2) الأهب بضم الهمزة والهاء وبفتحهما جمع اهاب وهو الجلد، وقيل: إنما
يقال للجلد اهاب قبل الدبغ وأما بعده فلا، والعطنة: المنتنة التي هي في دباغها: ترك
فأفسد وأنتن، وقيل: نضح عليه الماء فدفنه فاسترخى شعره لينتف فهي عطنة، والقرظ - محركة -
ورق السلم يدبغ به ومنه أديم قرظى.
(3) مكارم الأخلاق ص 152.
(4) الطنفسة: بساط له خمل كالقالى.
(5) مكارم الأخلاق ص 152.
(6) مكارم الأخلاق ص 153
323

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس أن يكون التماثيل في
البيوت إذا غيرت الصورة (1).
عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تماثيل الشجر والشمس و
القمر، قال: لا بأس ما لم يكن فيه شئ من الحيوان (2).
عن أبي العباس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل
" يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل " (3) ما التماثيل التي كانوا يعملون؟
قال: أما والله ما هي التماثيل التي تشبه الناس، ولكن تماثيل الشجر
ونحوه (4).
عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إنا نبسط عندنا الوسائد فيها
التماثيل، ونفرشها، قال: لا بأس بما يبسط منها ويفرش ويوطأ، إنما يكره منها
ما نصب على الحائط والسرير (5).

(1) مكارم الأخلاق ص 153.
(2) مكارم الأخلاق ص 153.
(3) السبأ: 12.
(4) مكارم الأخلاق ص 153.
(5) مكارم الأخلاق ص 153.
324

بسمه تعالى
الأبواب المندرجة في هذا الجزء هي التي كانت
ساقطة عن نسخة الكمباني، ثم طبعت في أوراق على حدة
باهتمام العلامة المحدث المرزا محمد العسكري نزيل سامراء
- قدس سره - وقد كنا وعدنا في آخر الجزء 73 أن نطبعها
فنشكر الله على توفيقه لانجاز وعدنا وله الحمد.
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته وعرضه على
المصادر فخرج بحمد الله ومنه نقيا " من الأغلاط إلا نزرا "
زهيدا زاغ عنه البصر أو كل عنه النظر، ومن الله العصمة
والتوفيق.
السيد إبراهيم الميانجي محمد الباقر البهبودي
325

* * (في الأصل، كلمة المصحح في أول الكتاب) * * بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة المصحح:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد رسوله وآله الطاهرين.
وبعد: نشكر الله كثيرا " ونحمده على أن وفقنا لخدمة الدين وأهله،
وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى - الباحثة عن المعارف الاسلامية الدائرة
بين المسلمين، وهي بحق بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأبرار، عليهم الصلاة والسلام.
وهذا الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام، آخر أجزاء المجلد
السادس عشر أبواب المعاصي والكبائر وحدودها، وبعض أبواب الزي والتجمل
وهي الأبواب الساقطة عن طبعة الكمباني (1) التي تصدى لطبعها العلامة العسكري
قدس سره، ومن الواجب علينا قضاء لحقه - رضوان الله عليه - أن نسطر هنا
ما كتبه تقدمة لهذا الجزء وهو هذا:
" الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
وبعد فيقول العبد المذنب الجاني محمد بن رجب علي العسكري الطهراني
نزيل سامراء - أوتيا كتابهما بيمينهما -: أن العبد الصالح الحاج محمد
حسن الكمباني لما طبع كتاب البحار لجدنا العلامة المجلسي - قدس

(1) سيأتي أن بهذا الجزء أيضا " لا يتم الكتاب بل هو ناقص بعد.
326

(د) - سره - لم يعثر على المجلد السادس عشر الثاني إلا على نسخة سقيمة
ناقصة منها ثلاثة وستون بابا "، فطبعها على نقصها وسقمها مع المجلد
السادس عشر الأول الذي أفرده من المجلد الخامس عشر حيث صار
ضخيما ".
وإني لما شرعت في تأليف كتابنا الكبير مستدرك البحار، و
هو على عدد مجلدات الأصل ستة وعشرون مجلدا "، وفقنا الله تعالى
لاتمامه، كنت محتاجا " إلى نسخة تامة من هذا المجلد، لأستدرك عليه
إلى أن من الله تعالى علي فعثرت على نسخة مشتملة على الأبواب
الساقطة في بغداد، فاستنسخها على سقمها المحدث المعاصر الشيخ عباس
القمي صاحب مفاتيح الجنان - طاب ثراه - وتصدينا لطبعها
ونشرها. ولما كان الأبواب المطبوعة منه سقيمة جدا " بحيث ما كاد ينتفع
منها، رأيت من الواجب تصحيحها، ولما لم يكن نسخة صحيحة
نعارضها عليها، تصديت لتصحيحها في مدة أشهر بمراجعة مصادر البحار
وأكثرها بمنه تعالى موجود عندي، وما لم يكن منها عندنا، عارضنا
المنقول عنها على الكتب التي نقلت تلك الأخبار عنها، فجاء بحمد الله
صحيحة إلا ما زاغ عنه البصر أو كانت المصادر مغلوطة.
وكان قد سقط من المجلد الثامن عشر منه، وهو كتاب الطهارة و
الصلاة من أعمال ليلة الجمعة من النسخة المطبوعة كثير من أعمالها، فطبع
في إحدى عشر صحيفة ليلحق بها، وهذا العبد الصالح المذكور الذي سخت
نفسه ببذل آلاف من التوامين في طبع ألف وثمانين دورة من البحار وغيرها
كالأمالي والاكمال للصدوق - قدس سره - له حق عظيم على الفرقة المحقة
في احياء البحار، ولولاه لا ندرس كما اندرس غيره، وهو مدفون في إيوان
الحضرة الغروية على الثاوي بها آلاف الثناء والتحية في الحجرة التي على
327

(ه‍) - يسار المنارة التي على يمينها مرقد المقدس الأردبيلي قدس سره فينبغي لمن
يمر عليه أن يترحم عليه بقراءة فاتحة كما أنى ملتزم بذلك ذهابا " وإيابا ".
وأرجوا ممن يطالع هذا المجلد الذي أتعبت نفسي في تصحيحها
أن لا ينساني من الدعاء حيا وميتا والحمد لله تعالى ". * * *
وأقول: وهذا الجزء الذي طبع باهتمامه - قدس سره - جعلناه أصلا "
لطبعتنا، فكما اعترف به قدس سره لم يكن خاليا " عن السقط والتصحيف
والبياض، فسددنا بعض هذه الخلال في طبعتنا هذه فنقول:
أما ما كان فيه من تصحيف في السند أو المتن فقد أصلحناه طبقا " للمصادر،
من دون إيعاز إلا في بعض الموارد.
وأما ما كان ساقطا " كالجملة والجملتين أو الكلمة والكلمتين فقد جعلناها
في المتن وميزناها بالعلامتين المعقوفتين [...] وفي بعض الموارد أشرنا في
الذيل أنها كانت ساقطة ليعرف الناظر فيها، فان كل مطالع وناظر لا يوجب على
نفسه أن يراجع تقدمة المصحح.
وأما الأحاديث التي كان صدرها مسطورا " ومحل ذيلها بياضا "، فقد أتممناها
وأضفنا تمامها من نفس المصدر المنقول، وهكذا كان سيرتنا في الآيات التي كان
المؤلف العلامة يشرف الباب بتصديرها، فقد نقلنا الآيات من السورة التي ذكر
اسمها في المتن، أو أراد أن يكتبها بعد فأشار إلى وجودها في صدر الباب بقوله:
الآيات. فقلنا الآيات من كتاب البحار من باب آخر يشبه الباب المعنون، أو
نقلناها من القرآن الكريم، طبقا " للأحاديث التي تبحث عن تفسيرها في
ذيل الباب.
وإنما أخذنا بهذه السيرة في تصحيح الكتاب - خصوصا " هذا الجزء - تكميلا
للغرض من طبع الكتاب وتتميما للهدف من انتشاره وتكثير نسخه، وإلا فلا
328

(و) - جدوى في طبع نسخة ناقصة لا تسمن ولا تغني من جوع.
وأما أن هذا النهج من تتميم النواقص وسد الخلل والفرج سائغ جائز
مثاب على فعله، فقد ذكرنا وجهه في تقدمة الجزء 98 - حيث ابتلينا بمثل ما ابتلينا به
في هذا الجزء من تتميم البياضات.
مع أنك قد عرفت في تقدمة الجزء 74 أن تسعا " من المجلدات (التي يبتدء
من ج 15 - إلى ج 25 سوى ج 18 و 22) لم تخرج إلى البياض في حياة المؤلف
قدس سره، بل هي مما أخرجه المرزا عبد الله أفندي تلميذ المؤلف إلى البياض.
فهو الذي رتب الكراسات، وجعلها في مجلد مجلد، وكتب لبعضها خطبة
بانشائه، ثم كتب فهرس الأبواب مرقما " بالأعداد الهندسية في صدر المجلد
قبل الخطبة بخطه قدس سره ليكون تحديدا " للأبواب، دليلا على انتهاء الأجزاء
هناك، بعد ما كان المؤلف - ره - يكتب عوضا " عن ذلك خاتمة للكتاب وتاريخ
فراغه.
فمن هذا الترقيم ووجود الفهرس في صدر المجلد السادس عشر عرفنا أن
هذا الجزء - الذي بين يدي القراء الكرام - ناقص بعد وقد ذكرنا الفهرس
بتمامه في ذيل الكتاب - هذا الجزء - لتعرف النواقص، فلولا ذكر العلامة
المرزا عبد الله أفندي لهذه الفهارس في أول هذه الأجزاء، لم نكن نعرف الناقص
من التمام، كما هو ظاهر.
وقد نشأ من غفلته قدس سره حين ترتيب الكراسات وتبويب الأبواب
خلل في الإحالة على ما تقدم ويأتي، كما ترى في هذا الجزء ص 127، يقول:
" قد مضى بعض الأخبار في باب الغناء وفي باب الملاهي " والبابان المذكوران
إنما يجيئان بعد ذلك، وفي ص 157 يقول: " سيأتي بعض الأخبار في باب حد
الزنا " وباب الزنا قد مر سابقا "، وهذا يؤذن بأن ترتيبه خالف ترتيب المؤلف
سهوا ومثله كثير في سائر المجلدات.
بل. ومن راجع نسخة الأصل من تلك المجلدات كما راجعنا شطرا منها
329

(ز) - يظهر له عيانا " أن المرزا عبد الله ره قد أضرب كثيرا " على عناوين الأبواب التي
كان كتبها المؤلف العلامة قدس سره، وذلك أنه لما راجع الكراسات التي
سطرت فيها الأحاديث، وجدها غير منطبقة على عنوان الباب انطباقا " كاملا "،
فضرب عليها وكتب من عند نفسه عنوانا آخر يوافق الأحاديث المنقولة في ذيله
كما أنه كان يضرب على خطبة المؤلف إذا لم يجدها مناسبة وينشئ من إنشائه
خطبة أخرى يذكر فيها أن هذا المجلد هو المجلد.. من كتاب بحار الأنوار،
كما ترى في تقدمة ج 96 من الصورة الفتوغرافية التي نقلناها هناك.
وهكذا قد مر عليك في تضاعيف الأجزاء 70 - 73 و 92 - 97 وغير
ذلك من الأجزاء التي أظفرنا الله على نسخة الأصل، أن كتاب المؤلف الذين
عاونوه في استخراج الأحاديث واستنساخها من المصادر، عندما كانوا يدرجون
حديثا " واحدا " في أبواب شتى لمناسبته تلك الأبواب، قد يغفلون عن ذكر المصادر
أو يبقي الحديث ناقصا " فيكتبون في هامش الصفحة: لابد أن يسئل عن ذلك ملا "
ذو الفقار أو ملا " محمد رضا أو غير ذلك.
منها " لابد أن يكتب الحمرة (يعني محل البياض) ويشخص من ملا ذو الفقار
وملا محمد رضا إنشاء الله " كما في ج 103 ص 307 " لابد أن يذكر أخبار هذا
الباب إنشاء الله " كما في ج 71 ص 237 " لابد أن يكتب صدر هذا الخبر من
الكتاب الذي نقل هذا الخبر عنه، وليسئل ملا ذو الفقار " راجع تقدمة ج 70،
وغير ذلك كثير.
فهذه هي سيرتهم في تبييض هذه المجلدات التي بقيت بعد حياة المؤلف و
انتقاله إلى جوار رحمة الله - مسودة في كراسات، وسلكنا نحن مسلكهم وحذونا
حذوهم في سد الخلل وتصحيح المتن والاسناد وتكميل النواقص، ولا حول ولا
قوة إلا بالله وله المن، ومنه التوفيق، وعليه التكلان.
محمد الباقر البهبودي
330