الكتاب: بحار الأنوار
المؤلف: العلامة المجلسي
الجزء: ٨٩
الوفاة: ١١١١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي ، محمد الباقر البهبودي
الطبعة: الثانية المصححة
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: دار إحياء التراث العربي

بحار الأنوار
الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار
تأليف
العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى
الشيخ محمد باقر المجلسي
" قدس الله سره "
الجزء التاسع والثمانون
مؤسسة الوفاء
بيروت - لبنان
تعريف الكتاب 1

كافة الحقوق محفوظة ومسجلة
الطبعة الثانية المصححة 1403 ه‍. 1983 م
مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان - ص ب: 1457 - هاتف: 386868
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أكمل على عباده الامتنان بتنزيل القرآن، وحثهم على
التضرع والدعاء والحمد والثناء ليحضرهم على موائد الاحسان، والصلاة على
سيد المرسلين محمد وأهل بيته الذين هم حملة علم القرآن، وبهم أخرج الله عباده
من ظلمات الكفر إلى نور الايمان.
أما بعد: فهذا هو المجلد التاسع عشر من كتاب بحار الأنوار في فضائل القرآن
وآدابه وما يتعلق به والحث على الذكر والدعاء وأنواعهما وآدابهما من
مؤلفات أحقر العباد محمد باقر بن محمد تقي عفى الله عن جرائمهما وحشرهما
مع مواليهما (1).
* ((كتاب القرآن) *
* (باب 1) *
* (فضل القرآن واعجازه وأنه لا يتبدل بتغير الأزمان)) *
* ((ولا يتكرر بكثرة القراءة، والفرق بين القرآن والفرقان)) *
الآيات: البقرة: ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين.
وقال تعالى: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله
وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا الآية (2).
وقال تعالى: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما

(1) كتب المؤلف العلامة الآيات بخط يده وفى أعلى الصفحة " ينبغي تفريقها على
الأبواب " يعنى الآيات المذكورة، لكنه لم يفرق بعد.
(2) البقرة: 23 - 24.
1

الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله
بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين (1).
وقال تعالى: ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون (2).
وقال تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به
ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون (3).
وقال سبحانه: ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وأن الذين اختلفوا في
الكتاب لفي شقاق بعيد (4).
وقال تعالى: شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات
من الهدى والفرقان (5).
وقال تعالى: واذكروا نعمة الله عليكم وما انزل عليكم من الكتاب والحكمة
يعظكم به (6).
آل عمران: نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التورية
والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم
عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام (7).
وقال تعالى: ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم (8).
وقال تعالى: إن هذا لهو القصص الحق (9).
وقال سبحانه: تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما
للعالمين (10).
وقال تعالى: هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين (11).

(1) البقرة: 26.
(2) البقرة: 99.
(3) البقرة: 121.
(4) البقرة: 176.
(5) البقرة: 185.
(6) البقرة 231.
(7) آل عمران: 3.
(8) آل عمران: 85.
(9) آل عمران: 62.
(10) آل عمران: 108.
(11) آل عمران: 138.
2

النساء: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا
كثيرا (1).
وقال: يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا
مبينا (2).
المائدة: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه
سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور باذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم (3).
الانعام: وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ (4).
وقال تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شئ (5).
وقال تعالى: وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه (6).
وقال تعالى: وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون (7).
الأعراف: المص * كتاب انزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر
به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما انزل إليكم من ربكم.
وقال تعالى: ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون (8).
وقال سبحانه: والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع
أجر المحسنين (9).
وقال تعالى: خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون (10).
وقال تعالى: وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون (11).

(1) النساء: 82.
(2) النساء: 174.
(3) المائدة: 15 - 16.
(4) الانعام: 19.
(5) الانعام: 38.
(6) الانعام: 92.
(7) الانعام: 155.
(8) الأعراف: 52.
(9) الأعراف: 170.
(10) الأعراف: 171.
(11) الأعراف: 174.
3

وقال تعالى: هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (1).
يونس: الر * تلك آيات الكتاب الحكيم.
وقال تعالى: ما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق
الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه
قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (2).
وقال تعالى: يا أيها الناس قد جائكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور
وهدى وحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما
يجمعون (3).
هود: الر * كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.
وقال سبحانه: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا
من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لكن فاعلموا أنما
انزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون (4).
يوسف: الر * تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم
تعقلون * نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت
من قبله لمن الغافلين.
وقال تعالى: ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (5).
الرعد: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به
الموتى بل لله الامر جميعا (6).
وقال تعالى: وكذلك أنزلناه حكما عربيا (7).

(1) الأعراف: 203.
(2) يونس: 37.
(3) يونس 57 - 58.
(4) هود: 13 - 14.
(5) يوسف: 111.
(6) الرعد: 31.
(7) الرعد: 37.
4

إبراهيم: الر * كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور
باذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.
وقال تعالى: هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد
وليذكر أولوا الألباب (1).
الحجر: الر * تلك آيات الكتاب وقرآن مبين.
وقال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (2).
وقال تعالى: ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم (3).
النحل: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم
يتفكرون (4).
وقال تعالى: وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه
وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (5).
وقال تعالى: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى
للمسلمين (6).
وقال تعالى: قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا
وهدى وبشرى للمسلمين * ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي
يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين (7).
أسرى: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (8).
وقال تعالى: ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة (9).
وقال تعالى: ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا

(1) إبراهيم: 52.
(2) الحجر: 9.
(3) الحجر: 87.
(4) النحل: 44.
(5) النحل: 64.
(6) النحل: 89.
(7) النحل: 102 - 103.
(8) أسرى: 9.
(9) أسرى: 39.
5

نفورا (1).
وقال تعالى: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن
لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا * ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن
من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا (2).
وقال تعالى: وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا
ونذيرا * وقرأنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا (3).
الكهف: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما
لينذر بأسا شديدا من لدنه.
وقال تعالى: ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان
أكثر شي جدلا (4).
مريم: فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا (5).
طه: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى * تنزيلا
ممن خلق الأرض والسماوات العلى.
وقال تعالى: كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا
ذكرا * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيمة وزرا (6).
وقال تعالى: وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم
يتقون أو يحدث لهم ذكرا (7).
الأنبياء: لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون (8).
وقال تعالى: وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون (9).

(1) أسرى: 41.
(2) أسرى: 88 و 89.
(3) اسرى: 105 و 106.
(4) الكهف: 54.
(5) مريم: 97.
(6) طه: 99.
(7) طه: 113.
(8) الأنبياء: 10.
(9) الأنبياء: 50.
6

وقال تعالى: إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين (1).
الحج: وكذلك أنزلناه آيات بينات وإن الله يهدي من يريد (2).
النور: سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون
وقال تعالى: ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من
قبلكم وموعظة للمتقين (3).
وقال تعالى: لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (4).
الفرقان: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا إلى
قوله تعالى: وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون
فقد جاؤوا ظلما وزورا * وقالوا أساطير الأولين اكتببها فهي تملى عليه بكرة
وأصيلا * قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما (5).
وقال تعالى: وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن
مهجورا (6).
وقال تعالى: وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة
كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا * ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق
وأحسن تفسيرا (7).
الشعراء: طسم * تلك آيات الكتاب المبين.
وقال تعالى: وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على
قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين * وإنه لفي زبر الأولين * أو لم
يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل * ولو نزلناه على بعض الأعجمين *
فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين (8).

(1) الأنبياء: 106.
(2) الحج: 16.
(3) النور: 34.
(4) النور: 46.
(5) الفرقان: 1 - 6.
(6) الفرقان: 30.
(7) الفرقان: 32.
(8) الشعراء: 192 - 199.
7

النمل: طس * تلك آيات القرآن وكتاب مبين * هدى وبشرى للمؤمنين
إلى قوله تعالى: وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم.
وقال تعالى: إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه
يختلفون * وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين (1).
القصص: طسم * تلك آيات الكتاب المبين.
العنكبوت: أتل ما أوحي إليك من الكتاب (2).
وقال تعالى: وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون
به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون * وما كنت تتلوا من قبله
من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون * بل هو آيات بينات في صدور
الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون إلى قوله تعالى: أو لم يكفهم
أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون (3).
الروم: ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل (4).
لقمان: ألم * تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين.
التنزيل: ألم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون
افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون.
سبأ: يرى الذين أوتوا العلم الذي انزل إليك من ربك هو الحق ويهدي
إلى صراط العزيز الحميد (5).
فاطر: إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة (إلى قوله تعالى: والذي
أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه وإن الله بعباده لخبير بصير *
ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم
سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير (6).

(1) النمل: 1 - 6.
(2) العنكبوت: 45.
(3) العنكبوت: 47 - 51.
(4) الروم: 58.
(5) سبأ: 6.
(6) فاطر: 31 - 32.
8

يس: إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة
وأجر كريم (1).
الصافات: فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا (2).
ص: والقرآن ذي الذكر.
وقال تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ولتذكر أولوا الألباب (3).
وقال: إن هو إلا ذكر للعالمين (4).
الزمر: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق.
وقال تعالى: الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود
الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به
من يشاء ومن يضلل الله فماله من هاد (5).
وقال تعالى: ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون *
قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون (6).
وقال تعالى: إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق (7).
المؤمن: حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم
فصلت: حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآنا
عربيا لقوم يعلمون * بشيرا ونذيرا.
وقال تعالى: إن الذين كفروا بالذكر لما جائهم وإنه لكتاب عزيز لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد إلى قوله تعالى:
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو

(1) يس: 1.
(2) الصافات: 2 و 3.
(3) ص: 29.
(4) ص 87.
(5) الزمر: 23.
(6) الزمر: 27 - 28.
(7) الزمر: 41.
9

للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك
ينادون من مكان بعيد (1).
حمعسق: وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا (2).
وقال تعالى: الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان (3).
الزخرف: حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون *
وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم.
وقال تعالى: فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم * وإنه
لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون (4).
الدخان: حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا
منذرين.
وقال تعالى: فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون (5).
الجاثية: حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم.
وقال تعالى: تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته
يؤمنون (6).
وقال تعالى: هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون (7).
الأحقاف: حم * تنزيل ا لكتاب من الله العزيز الحكيم.
وقال تعالى: وهذا الكتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى
للمحسنين (8).
محمد: أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (9).

(1) السجدة: 41 - 44.
(2) الشورى: 7.
(3) الشورى: 17.
(4) الزخرف: 43 - 44.
(5) الدخان: 58.
(6) الجاثية: 6.
(7) الجاثية: 20.
(8) الأحقاف: 12.
(9) القتال: 24.
10

ق: [ق *] والقرآن المجيد.
الطور: أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديث مثله إن كانوا
صادقين (1).
القمر: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (2).
الرحمن [الرحمن *] علم القرآن.
الواقعة: فلا اقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه
لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين *
أفبهذا الحديث أنتم مدهنون * وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون (3).
الحشر: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية
الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون (4).
الجمعة: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل
أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين (5).
التغابن: فآمنوا بالله ورسله والنور الذي أنزلنا (6).
الحاقة: فلا اقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون *
تنزيل من رب العالمين - إلى قوله تعالى: وإنه لحق اليقين (7).
المزمل: فاقرؤا ما تيسر من القرآن - إلى قوله تعالى: فاقرؤا ما تيسر منه (8).
المدثر: كلا إنه تذكرة * فمن شاء ذكره * وما يذكرن إلا أن يشاء الله (9).

(1) الطور: 23 - 24.
(2) الآيات: 17 و 22 و 32 و 40.
(3) الواقعة: 75 - 82.
(4) الحشر: 21.
(4) الجمعة: 5.
(6) التغابن: 8.
(7) الحاقة: 38 - 51.
(8) المزمل: 20.
(9) المدثر: 54 - 56.
11

القيمة: لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا
قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه (1).
المرسلات: فبأي حديث بعده يؤمنون (2).
عبس: كلا إنها تذكرة * فمن شاء ذكره * في صحف مكرمة * مرفوعة
مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة (3).
التكوير: إنه لقول رسول كريم - إلى قوله تعالى: وما هو بقول شيطان
رجيم * فأين تذهبون * إن هو إلا ذكر للعاملين * لمن شاء منكم أن يستقيم (4).
البروج: بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ (5).
الطارق: إنه لقول فصل * وما هو بالهزل (6).
القدر: إن أنزلناه في ليلة القدر.
البينة: رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة * فيها كتب قيمة (7).
أقول: قد أوردت كثير من تلك الآيات والروايات في باب إعجاز القرآن
من كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله (8) ويأتي بعض ما يتعلق بهذا الباب في باب وجوه
إعجاز القرآن أيضا (9).
1 - - الخصال:
أبى، عن سعد، عن محمد بن عبد الحميد، عن ابن أبي نجران، عن
ابن حميد، عن الثمالي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن الله عز وجل حرمات
ثلاثا ليس مثلهن شي: كتابه وهو نوره وحكمته، وبيته الذي جعله للناس

(1) القيامة: 16 - 19.
(2) المرسلات: 50.
(3) عبس: 11 - 16.
(4) التكوير: 19 - 28.
(5) البروج: 21 - 22.
(6) الطارق: 13 - 14.
(7) البينة: 2 و 3.
(8) راجع ج 17 ص 225 - 159 من هذه الطبعة الحديثة.
(9) هو الباب الخامس عشر من هذا المجلد.
12

قبلة، لا يقبل الله من أحد وجها إلى غيره، وعترة نبيكم محمد صلى الله عليه وآله (1).
معاني الأخبار (2) أمالي الصدوق: أي، عن الحميري، عن اليقطيني، عن يونس، عن ابن
سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (3).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: كأني قد دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما
أكبر من الآخر كتاب الله تبارك وتعالى حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي
أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما (4).
أقول: قد أوردها أخبار الثقلين في كتاب الا أمة فلا نعيدها (5).
3 - معاني الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أعطاه الله القرآن فرأى أن أحدا أعطي
شيئا أفضل مما أعطي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا (6).
4 - تفسير علي بن إبراهيم: " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " قال: لا يأتيه الباطل
من قبل التوراة، ولا من قبل الإنجيل والزبور، أما من خلفه لا يأتيه من بعده
كتاب يبطله (7).
5 - علل الشرائع: في خطبة فاطمة عليهما السلام في أمر فدك: لله فيكم عهد قدمه إليكم
وبقية استخلفها عليكم: كتاب الله بينة بصائرها، وآي منكشفة سرائرها، وبرهان
متجلية ظواهره، مديم للبرية استماعه، وقائدا إلى الرضوان اتباعه، ومؤديا
إلى النجاة أشياعه، فيه تبيان حجج الله المنيرة، ومحارمه المحرمة، وفضائله

(1) الخصال ج 1 ص 71.
(2) معاني الأخبار: 118.
(3) أمالي الصدوق: 175.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 31.
(5) راجع ج 23 ص 166 - 104 من هذه الطبعة الحديثة.
(6) معاني الأخبار: 279 في حديث.
(7) تفسير القمي: 495 في حديث أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام.
13

المدونة، وجملة الكافية، ورخصه الموهوبة، وشرائطه (1) المكتوبة، وبيناته
الجالية (2).
6 - عيون أخبار الرضا (ع): البيهقي، عن الصولي، عن محمد بن موسى الرازي، عن أبيه قال:
ذكر الرضا عليه السلام يوما القرآن فعظم الحجة فيه والآية المعجزة في نظمه، فقال:
هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدي إلى الجنة، والمنجى
من النار، لا يخلق من الأزمنة، ولا يغث على الألسنة، لأنه لم يجعل لزمان دون
زمان، بل جعل دليل البرهان، وحجة على كل إنسان، لا يأتيه الباطل من بين
يديه، ولمن خلفه تنزيل من حكيم حميد (3).
7 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن محمد بن سليمان، عن عبد السلام بن
عبد الحميد، عن موسى بن أعين قال أبو المفضل: وحدثني نصر بن الجهم، عن محمد بن
مسلم بن وارة، عن محمد بن موسى بن أعين (4) عن أبيه، عن عطاء بن السائب، عن
الباقر، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أعطيت خمسا لم يعطهن نبي كان
قبلي: أرسلت إلى الأبيض والأسود والأحمر، وجعلت لي الأرض مسجدا

(1) وشرائه خ ل.
(2) علل الشرائع ج 1 ص 236.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 130، وفى الطبع الحجري ص 271 قال الجوهري
غث اللحم إذا كان مهزولا، وكذلك حديث القوم وأغث: أي ردء وفسد. وفي الأساس
سمعت صبيا من هذيل يقول " غثت علينا مكة فلابد من الخروج "، وفي المثل: حديثكم غث
وسلامكم رث " والمعنى أن القرآن لا يبلى ولا يرغب عنه ولا يمل منه بتكرر القراءة والاستماع
بل كلما أكثر الأسنان من تلاوته كان عنده غضا طريئا.
(4) في بعض نسخ المصدر " محمد بن مسلم بن زوارة، وفى بعضها " زرارة " والصحيح
ما في المتن كما في الأصل، وهو محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله الرازي المعروف بابن زوارة
يروى عن محمد بن موسى بن أعين كما في تهذيب التهذيب ج 9 ص 479؟ 451 فما
في نسخة المصدر والكمباني ونسخة الأصل محمد بن مسلم بن أعين تارة وموسى بن جعفر
تارة أخرى تصحيف.
14

ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنايم، ولم تحل لاحد أو قال لنبي قبلي، وأعطيت
جوامع الكلم، قال عطا: فسألت أبا جعفر عليه السلام قلت: ما جوامع الكلم؟ قال:
القرآن، قال أبو المفضل: هذا حديث حران ولم يحدث به في هذا الطريق إلا
موسى بن أعين الحراني (1).
8 - عيون أخبار الرضا (ع): البيهقي، عن الصولي، عن أبي ذكوان، عن إبراهيم بن العباس
عن الرضا، عن أبيه عليهما لاسلام أن رجلا سأل أبا عبد الله عليه السلام ما بال القرآن لا يزداد
على النشر والدرس إلا غضاضة؟ فقال: لان الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان
دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض
إلى يوم القيامة (2).
9 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن رجاء بن يحيى، عن يعقوب بن
السكيت النحوي قال: سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام ما بال القرآن وذكر
نحوه (3).
10 - معاني الأخبار: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن إبراهيم بن
هاشم، عن ابن سنان وغيره، عمن ذكره قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القران
والفرقان أهما شيئان أم شئ واحد؟ قال: فقال: القرآن جملة الكتاب، والفرقان
المحكم الواجب العمل به (4).
11 - تفسير العياشي: عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القرآن والفرقان
قال: القرآن جملة الكتاب وأخبا ما يكون، والفرقان المحكم الذي يعمل به
وكل محم فهو فرقان (5).

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 98، وفى الطبع الحجري ص 309.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 87.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 193.
(4) معاني الأخبار: 189.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 9.
15

12 - علل الشرائع: في مسائل ابن سلام أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله لم سمي الفرقان فرقانا
قال لأنه متفرق الآيات والسور أنزلت في غير الألواح، وغيره من الصحف والتوراة
والإنجيل والزبور أنزلت كلها جملة في الألواح والورق (1).
13 - تفسير علي بن إبراهيم: أبى، عن النضر، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن قول الله تبارك وتعالى " ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم إلى قوله وأنزل
الفرقان " قال: الفرقان هو كل أمر محكم، والكتاب هو جملة القرآن الذي
يصدقه من كان قبله من الأنبياء (2).
تفسير العياشي: عن ابن سنان مثله (3).
14 - المحاسن: أبى، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد بن
عواض قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقرآن حدودا كحدود الدار (4).
15 - الخرائج: روي أن ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدهرية اتفقوا على
أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن. وكانوا بمكة عاهدوا على أن يجيئوا
بمعارضته في العام القابل، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم عليه السام أيضا
قال أحدهم: إني لما رأيت قوله: " وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي
وغيض الماء " (5) كففت عن المعارضة، وقال الآخر: وكذا أنا لما وجدت قوله
" فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا " (6) أيست من المعارضة وكانوا يسرون بذلك
إذ مر عليهم الصادق عليه السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم " قل لئن اجتمعت الإنس والجن
على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله " (7) فبهتوا (8).

(1) علل الشرائع ج 2 ص 155.
(2) تفسير القمي 87 في سورة آل عمران.
(3) تفسير العياشي ج 1 / 162.
(4) المحاسن: 273.
(5) هود: 44.
(6) يوسف: 80.
(7) اسرى: 88.
(8) مختار الخرائج: 242، وتراه في الاحتجاج: 205 مبسوطا.
16

16 - تفسير العياشي: بأسانيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيها الناس إنكم في زمان هدنة، وأنتم على ظهر السفر
والسير بكم سريع، فقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد
ويقربان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود، فأعدوا الجهاز لبعد المفاز.
فقام المقداد فقال: يا رسول الله ما دار الهدنة؟ قال: دار بلاء وانقطاع، فإذا
البست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع
وما حل مصدق (1) من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى
النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب تفصيل، وبيان تحصيل
وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكمة، وباطنه علم، ظاهره
أنيق، وباطنه عميق، له نجوم، وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا
تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى، ومنازل الحكمة (2) ودليل على المعروف لمن
عرفه (3).
17 نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام
عن النبي صلى الله عليه وآله مثله إلى قوله ودليل على المعرفة لمن عرف النصفة فليرع رجل بصره
وليبلغ النصفة نظره، ينجو من عطب ويخلص من نشب، فان التفكر حياة قلب
البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، يحسن التخلص، ويقل
التربص (4).
18 جامع الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا سلمان عليك بقراءة القرآن فان قراءته كفارة للذنوب، وستر في النار، وأمان من العذاب، ويكتب لمن يقرأه بكل
آية ثواب مائة شهيد، ويعطى بكل سورة ثواب نبي، وينزل على صاحبه الرحمة

(1) الماحل: الذي يخبر سلطان عن رعيته سعاية، فالقرآن ما حل مصدق: إذا
سعى عن رجل إلى الله عز وجل صدقه، لأنه صادق، وسيجئ بيانه أبسط من ذلك.
(2) منار الحكمة خ ل.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 2.
(4) نوادر الراوندي: 22. وفيه تخوم بدل نجوم.
17

ويستغفر له الملائكة، واشتاقت إليه الجنة، ورضي عنه المولى.
وإن المؤمن إذا قرء القرآن نظر الله إليه بالرحمة، وأعطاه بكل آية ألف
حور، وأعطاه بكل حرف نورا على الصراط فإذا ختم القرآن أعطاه الله ثواب
ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيا بلغوا رسالات ربهم، وكأنما قرأ كل كتاب أنزل الله
على أنبيائه، وحرم الله جسده على النار، ولا يقوم من مقامه حتى يغفر الله له
ولأبويه، وأعطاه الله بكل سورة في القرآن مدينة في الجنة الفردوس كل
مدينة من درة خضراء في جوف كل مدينة ألف دار، في كل دار مائة ألف حجرة
في كل حجرة مائة ألف بيت من نور، على كل بيت مائة ألف باب من الرحمة
على كل باب مائة ألف بواب، بيد كل بواب هدية من لون آخر، وعلى رأس كل
بواب منديل من إستبرق خير من الدنيا وما فيها، وفي كل بيت مائة دكان من العنبر
سعة كل دكان ما بين المشرق والمغرب، وفوق كل دكان مائة ألف سرير، وعلى
كل سرير مائة ألف فراش، من الفراش إلى الفراش ألف ذراع، وفوق كل
فراش حوراء، عيناء، استدارة عجيزتها ألف ذراع، وعليها مائة ألف حلة يرى مخ
ساقيها من وراء تلك الحلل، وعلى رأسها تاج من العنبر، مكلل بالدر والياقوت
وعلى رأسها ستون ألف ذؤابة من المسك والغالية، وفي اذنيها قرطان وشقان وفي
عنقها ألف قلادة من الجوهر، بين كل قلادة ألف ذراع، وبين يدي كل حوراء
ألف خادم بيد كل خادم كأس من ذهب، في كل كأس مائة ألف لون من الشراب
لا يشبه بعضه بعضا في كل بيت ألف مائدة وعلى كل مائدة ألف قصعة، وفي كل
قصعة مائة ألف لون من الطعام لا يشبه بعضه بعضا، يجد ولي الله من كل لون
مائة لذة.
يا سلمان المؤمن إذا قرء القرآن فتح الله عليه أبواب الرحمة، وخلق الله
بكل حرف يخرج من فمه ملكا بسبح له إلى يوم القيامة، وإنه ليس شئ بعد
تعلم العلم أحب إلى الله من قراءة القرآن، وإن أكرم العباد إلى الله بعد الأنبياء
العلماء ثم حملة القرآن يخرجون من الدنيا كما يخرج الأنبياء ويحشرون من
18

قبورهم مع الأنبياء، ويمرون على الصراط مع الأنبياء، ويأخذون ثواب الأنبياء
فطوبى لطالب العلم، وحامل القرآن، مما لهم عند الله من الكرامة والشرف.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه
وقال صلى الله عليه وآله: القرآن غنى لا غنى دونه، ولا فقر بعده، وقال صلى الله عليه وآله: القرآن مأدبة
الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء
النافع، فاقرؤه فان الله عز وجل يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات
أما إني لا أقول ألم حرف واحد، ولكن ألف ولام وميم ثلاثون حسنة، وقال عليه السلام:
القرآن أفضل كل شئ دون الله، فمن وقر القرآن فقد وقر الله، ومن لم يوقر
القرآن فقد استخف بحرمة الله وحرمة القرآن على الله كحرمة الوالد على ولده.
وقال عليه السلام: حملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله، الملبوسون نور الله
عز وجل، يا حملة القرآن تحببوا إلى الله بتوقير كتابه يزدكم حبا، ويحببكم
إلى خلقه، يدفع عن مستمع القرآن شر الدنيا، ويدفع عن تالي القرآن بلوى
الآخرة، والمستمع آية من كتاب الله خير من ثبير ذهبا ولتالي آية من كتاب الله
خير من تحت العرش إلى تخوم السفلى.
وقال عليه السلام: إن أردتم عيش السعداء، وموت الشهداء، والنجاة يوم الحسرة
والظلل يوم الحرور، والهدى يوم الضلالة، فادرسوا القرآن فإنه كلام الرحمن
وحرز من الشيطان، ورجحان في الميزان.
روي عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قراءة القرآن في الصلاة
أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من
ذكر الله تعالى، وذكر الله تعالى أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصيام
والصيام جنة من النار.
وقال عليه السلام: اقرؤا القرآن واستظهروه: فان الله تعالى لا يعذب قلبا
وعا القرآن.
وقال عليه السلام: من استظهر القرآن وحفظه وأحل حلاله، وحرم حرامه
19

أدخله الله به الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته، كلهم قد وجب له النار.
وقال عليه السلام: من استمع آية من القرآن خير له من ثبير ذهبا والثبير اسم
جبل عظيم باليمن.
قال عليه السلام: ليكن كل كلامكم ذكر الله، وقراءة القرآن، فان رسول الله
صلى الله عليه وآله سئل: أي الاعمال أفضل عند الله؟ قال: قراءة القرآن، وأنت
تموت، ولسانك رطب من ذكر الله.
وقال عليه السلام: القراءة في المصحف أفضل من القراءة ظاهرا، وقال: من
قرأ كل يوم مائة آية في المصحف بترتيل، وخشوع، وسكون، كتب الله له من
الثواب بمقدار ما يعمله جميع أهل الأرض. ومن قرأ مائتي آية كتب الله له من
الثواب بمقدار ما يعمله أهل السماء وأهل الأرض.
قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما: كتاب الله عز وجل على أربعة أشياء
على العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق، فالعبارة للعوام، والإشارة للخواص
واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء.
وقال عليه السلام: القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق (1).
19 - المجازات النبوية: قال صلى الله عليه وآله وسلم: " إن القرآن شافع مشفع وماحل
مصدق " وهذا القول مجاز، والمراد أن القرآن سبب لثواب العامل به وعقاب
العادل عنه، فكأنه يشفع للأول فيشفع، ويشكو من الآخر فيصدق، والماحل
ههنا الشاكي وقد يكون أيضا بمعنى الماكر، يقال: محل فلان بفلان إذا مكر به
قال الشاعر:
ألا ترى أن هذا الناس قد نصحوا * لنا على طول ما غشوا وما محلوا (2)
20 - نهج البلاغة: فالقرآن آمر زاجر، وصامت ناطق، حجة الله على خلقه، أخذ
عليهم ميثاقه، وارتهن عليهم أنفسهم، أتم نوره، وأكرم به دينه، وقبض نبيه

(1) جامع الأخبار ص 46 - 48.
(2) المجازات النبوية ص 197.
20

صلى الله عليه وآله، وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به، فعظموا منه سبحانه
ما عظم من نفسه، فإنه لم يخف عنكم شيئا من دينه، ولم يترك شيئا رضيه أو كرهه
إلا وجعل له علما باديا، وآية محكمة تزجر عنه، أو تدعو إليه، فرضاه فيما
بقي واحد، وسخطه فيما بقي واحد (1).
21 - ومن خطبة طويلة له عليه السلام: ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه
وسراجا لا يخبو توقده، وبحرا لا يدرك قعره، ومنهاجا لا يضل نهجه، وشعاعا
لا يظلم ضوؤه، وفرقانا لا يخمد برهانه، وتبيانا لا تهدم أركانه، وشفاء لا تخشى
أسقامه، وعزا لا تهزم أنصاره، وحقا لا تخذل أعوانه، فهو معدن الايمان وبحبوحته
وينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه (2) وأثافي الاسلام وبنيانه
وأودية الحق وغيطانه (3) وبحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها
الماتحون (4) ومناهل لا يغيضها الواردون، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون
وأعلام لا يعمى عنها السائرون، وآكام لا يجوز عنها القاصدون، جعله الله ريا
لعطش العلماء، وربيعا لقلوب الفقهاء، ومحاج لطرق الصلحاء، ودواء ليس بعده

(1) نهج البلاغة الرقم 181 من الخطب.
(2) الغدران جمع غدير، وهو القطعة من الماء يغادرها السيل، والأثافي جمع
الأثفية، وهي الأحجار الثلاثة التي يوضع عليه القدر ليطبخ.
(3) الغيطان: جمع الغوط بالفتح وهو المطمئن الواسع من الأرض يجتمع ويسيل
إليه الماء من كل جانب كالغدير.
(4) الماتح: الذي ينزع الماء من الحوض، وفى بعض النسخ المائحون والمائح:
الذي يدخل البئر لنزع الماء لعدم الرشاء أو لقلة الماء فيملأ الدلو بالاغتراف باليد، والذي
ينزع الدلو من فوق البئر يسمى ماتح، وسئل الأصمعي عن المتح والميح فقال: الفوق للفوق
والتحت للتحت، يعنى أن المتح أن يستقى وهو على رأس البئر، والميح أن يملأ الدلو وهو
في قعرها ومن أمثالهم: هو أعرف به من المائح باست الماتح.
ويقال: نضب البئر، أي غار ماؤها في الأرض، ومثله غاض.
21

داء، ونورا ليس معه ظلمة، وحبلا وثيقا عروته، ومعقلا منيعا ذروته، وعزا
لمن تولاه، وسلما لمن دخله، وهدى لمن أئتم به، وعذرا لمن انتحله، وبرهانا
لمن تكلم به، وشاهدا لمن خاصم به، وفلجا لمن حاج به، وحاملا لمن حمله
ومطية لمن أعمله، وآية لمن توسم، وجنة لمن استلام (1)، وعلما لمن وعى
وحديثا لمن روى، وحكما لمن قضى (2).
22 - كتاب الإمامة والتبصرة: عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الأشعث
عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: عدد درج الجنة عدد آي القرآن، فإذا دخل صاحب القرآن الجنة قيل
له: ارقأ واقرأ لكل آية درجة فلا تكون فوق حافظ القرآن درجة.
23 - نهج البلاغة: من خطبة له عليه السلام: واعلموا أنه ليس من شئ إلا ويكاد صاحبه
يشبع منه ويمله إلا الحياة فإنه لا يجد في الموت راحة، وإنما ذلك بمنزلة الحكمة
التي هي حياة للقلب الميت، وبصر للعين العمياء، وسمع للاذن الصماء، وري
للظمآن، وفيها الغنا كله والسلامة.
كتاب الله تبصرون به وتسمعون به (3) وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على
بعض، ولا يختلف في الله، ولا يخالف بصاحبه عن الله، قد اصطلحتم على الغل فيما
بينكم، ونبت المرعى على دمنكم (4) وتصافيتم على حب الآمال، وتعاديتم في

(1) الجنة بالضم الدرقة أو كل ما به يتقى من الضرر، واستلام: لبس اللامة وهي
الدرع أوكل ما يحذر به من سلاح العدو، ويتقى من بأسه، فالقرآن جنة ودرع لمن أراد
أن يظهر على الشبهات والضلالات.
(2) نهج البلاغة الرقم 196 من الخطب.
(3) يعنى أن كتاب الله هو الحكمة التي بها حياة القلب الميت تبصرون به كما تنتفعون
بالحياة من أبصاركم وتسمعون به كما تنتفعون بالحياة من أسماعكم الخ.
(4) يعنى كأنكم قد اتفقتم وأزمعتم على أن تغشوا فيما بينكم ويأخذ كل أحد متاع غيره
في خفية خيانة ونفاقا، ومع ذلك الغش والنفاق والخيانة والغلول التي هي حاكمة على
شؤونكم وترى في أرجاء مجاميعكم وأفنية دوركم كالدمن والأرواث في المزبلة تظاهرون
بالنصح والاخلاص والاصلاح فيما بينكم فكأن المرعى الخضر نبت على مزابلكم هذه فسترها
عن أعين الناس، ولكن الرائحة الكريهة باقية بعد.
22

كسب الأموال، لقد استهام بكم الخبيث، وتاه بكم الغرور (1) والله المستعان على
نفسي وأنفسكم (2).
24 - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: عليكم بكتاب الله فإنه الحبل
المتين، والنور المبين، والشفاء النافع، والري الناقع، والعصمة للمتمسك والنجاة
للمتعلق، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تخلقه كثرة الرد، وولوج السمع
من قال به صدق، ومن عمل به سبق (3).
وقال عليه السلام: أرسله على حين فترة من الرسل، طول هجعة من الأمم، وانتقاض
من المبرم (4) فجاءهم بتصديق الذي بين يديه، والنور المقتدى به، ذلك القرآن
فاستنطقوه، ولن ينطق ولكن أخبركم عنه، ألا إن فيه علم ما يأتي، والحديث عن
الماضي، ودواء دائكم، ونظر ما بينكم (5).

(1) استهام بكم أي ذهب بفؤادكم وعقولكم، من هام يهيم هيما وهيمانا: تحير من
العشق والحب الذي يذهب العقول فهو مستهام كالمجنون، والخبيث هو الشيطان
وهو المراد بالغرور - بفتح الغين - الذي تاه بالناس وحيرهم في الضلالات والشبهات
والشهوات.
(2) نهج البلاغة الرقم 131 من الخطب.
(3) نهج البلاغة الرقم 154 من الخطب.
(4) الهجعة: النوم بعد ما أرخى الليل أسدال ظلماته، وههنا كناية عن غفلتهم في
ظلمات الجهالة والعمياء، والمبرم هو حبل الله الذي ابرم واحكم في الكتب السماوية
والأديان الإلهية والنظامات الدينية، لكنهم نقضوا هذا الحبل طاقة طاقة وحلوه بأهوائهم.
وآرائهم.
(5) نهج البلاغة الرقم 156 من الخطب.
23

وقال عليه السلام: واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي
الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه
بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى.
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لاحد قبل القرآن من
غنى، فاستشفوه من أدوائكم واستعينوا به على لاوائكم، فان فيه شفاء من أكبر
الداء، وهو الكفر والنفاق والغي والضلال، فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه
ولا تسألوا به خلقه، إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله.
واعلموا أنه شافع مشفع، وقائل (1) مصدق، وإنه من شفع له القرآن
يوم القامة شفع فيه، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه، فإنه ينادي
مناد يوم القيامة: ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله، غير حرثة
القرآن، فكونوا من حرثته وأتباعه، واستدلوه على ربكم، واستنصحوه على
أنفسكم، واتهموا عليه آراء كم، واستعشوا فيه أهواءكم وساق الخطبة إلى قوله:
وإن الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن فإنه حبل الله المتين، وسببه
الأمين، وفيه ربيع القلب، وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره، مع أنه قد
ذهب المتذكرون، وبقي الناسون والمتناسون، إلى آخر الخطبة (2).
25 - تفسير العياشي: عن يوسف بن عبد الرحمن رفعه إلى الحارث الأعور قال: دخلت
على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين إنا إذا كنا عندك
سمعنا الذي نسد به ديننا، وإذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء مختلفة مغموسة، لا ندري
ما هي؟ قال: أو قد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أتاني جبرئيل
فقال: يا محمد سيكون في أمتك فتنة، قلت: فما المخرج منها؟ فقال كتاب الله فيه بيان
ما قبلكم من خير (3) وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من

(1) الصحيح " ما حل مصدق " كما في سائر الخطب، ويثبته ما يجئ بعده من قوله عليه السلام
" ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه ".
(2) نهج البلاغة الرقم 174 من الخطب.
(3) خبر، ظ.
24

وليه من جبار فعمل بغيره قصمه الله، ومن التمس الهدى في غيره أضله الله، وهو
حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، لا تزيفه الأهواء
ولا تلبسه الألسنة، ولا يخلق عن الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء
هو الذي لم تكنه الجن إذ سمعه، أن قالوا: " إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى
الرشد " من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن اعتصم به هدي إلى صراط
مستقيم، هو الكتاب العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل
من حكيم حميد (1).
26 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام
قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام خطبة فقال فيها: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بكتاب فصله، وأحكمه وأعزه، وحفظه
بعلمه، وأحكمه بنوره، وأيده بسلطانه، وكلاه من لم يتنزه هوى أو يميل به
شهوة، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، ولا يخلقه
طول الرد، ولا يفنى عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل أجر، ومن خاصم به
فلج، ومن قاتل به نصر، ومن قام به هدي إلى صراط مستقيم.
فيه نبأ من كان قبلكم، والحكم فيما بينكم، وخبر معاد كم، أنزله بعلمه
وأشهد الملائكة بتصديقه قال الله جل وجهه " لكن الله يشهد بما انزل إليك أنزله
بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا " (2) فجعله الله نورا يهدى للتي هو أقوم
وقال: " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " (3) وقال " اتبعوا ما انزل إليكم من ربكم
ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون " (4) وقال: " فاستقم كما أمرت ومن
تاب معك ولا تطفوا إنه بما تعملون بصير " (5).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 3.
(2) النساء: 166.
(3) القيامة: 18.
(4) الأعراف: 3. هود: 112.
25

ففي اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم، وفي تركه الخطأ المبين، قال
" إما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى " (1) فجعل في اتباعه كل
خير يرجى في الدنيا والآخرة، فالقرآن آمر وزاجر، حد فيه الحدود، وسن
فيه السنن، وضرب فيه الأمثال، وشرع فيه الدين، إعذرا أمر نفسه وحجة
على خلقه، أخذ على ذلك ميثاقهم، وارتهن عليه أنفسهم، ليبين لهم ما يأتون وما
يتقون، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله سميع عليم (2).
27 - تفسير العياشي: عن أبي عبد الله مولى بني هاشم، عن أبي سخيلة قال: حججت أنا و
سلمان الفارسي من الكوفة فمررت بأبي ذر فقال: انظروا إذا كانت بعدي فتنة وهي
كائنة فعليكم بخصلتين: كتاب الله وبعلي بن أبي طالب فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول لعلي عليه السلام: هذا أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق
الأكبر، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال
يعسوب المنافقين (3).
28 - تفسير العياشي: عن الحسن بن موسى الخشاب رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
لا يرفع الامر (4) والخلافة إلى آل أبي بكر أبدا، ولا إلى آل عمر، ولا إلى
آل بني أمية، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا، وذلك أنهم بتروا القرآن
وأبطلوا السنن، وعطلوا الاحكام.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: القرآن هدى من الضلالة، وتبيان من العمى
واستقالة من العثرة، ونور من الظلمة، وضياء من الأحزان، وعصمة من
الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة
وفيه كمال دينكم، فهذه صفة رسول الله صلى الله عليه وآله للقرآن، وما عدل أحد عن القرآن

(1) طه: 123.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 7.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 4.
(4) أي لا يبلغهم وفى بعض النسخ لا يرجع.
26

إلا إلى النار (1).
29 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله جعل
ولا يتنا أهل البيت قطب القرآن، وقطب جميع الكتب، عليها يستدير محكم القرآن
وبها يوهب الكتب، ويستبين الايمان، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقتدى بالقرآن
وآل محمد، وذلك حيث قال في آخر خطبة خطبها: إني تارك فيكم الثقلين: الثقل
الأكبر والثقل الأصغر فأما الأكبر فكتاب ربي وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي
فاحفظوني فيهما، فلن تضلوا ما تمسكتم بهما (2).
30 - تفسير العياشي: عن الحسن بن علي قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: إن أمتك
سيفتتن، فسئل ما المخرج من ذلك؟ فقال: كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، من ابتغى العلم في غيره أضله
الله، ومن ولي هذا الامر من جبار فعمل بغيره قصمه الله، وهو الذكر الحكيم
والنور المبين، والصراط المستقيم، فيه خبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم
ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، وهو الذي سمعته الجن فلم تناها أن قالوا:
" إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به " لا يخلق على طول الرد
ولا ينقضي عبره، ولا تفنى عجائبه (3).
31 - تفسير العياشي: عن سعد الإسكاف قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: أعطيت الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وأعطيت
المثاني مكان الزبور، وفضلت بالمفصل: سبع وستين سورة (4).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 5.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 5.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 6.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 25، وقال الطبرسي رحمه الله في المجمع: قد شاع في
الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، ومكان
الإنجيل المثاني، ومكان الزبور المئين، وفضلت بالمفصل، وفى رواية واثلة بن الأسقع:
أعطيت مكان الإنجيل المئين، ومكان الزبور المثاني، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة
من تحت العرش لم يعطها نبي قبلي، وأعطاني ربى المفصل ناقلة.
فالسبع الطوال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والانعام والأعراف، والأنفال
مع التوبة لأنهما يدعيان القرينتين ولذلك لم يفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم وقيل إن
السابعة سورة يونس، وإنما سميت هذه السور الطوال لأنها أطول سور القرآن، وأما المثاني
فهي السور التالية للسبع الطوال، وأولها يونس وآخرها النحل، وإنما سميت مثاني لأنها
ثنت الطول أي تلتها، فكان الطول هي المبادي، والمثاني لها ثواني. وأما المئون فهي
كل سورة تكون نحوا من مائة آية، وهي سبع أولها سورة بني إسرائيل وآخرها المؤمنون
وقيل: إن المئين ما ولى السبع الطول ثم المثاني بعدها وهي التي تفصر عن المئين وتزيد
على المفصل، وأما المفصل فما بعد الحواميم من قصار السور إلى آخر القرآن سميت مفصلا
لكثرة الفصول بين سورها ببسم الله الرحمن الرحيم.
27

32 - تفسير العياشي: عن ابن سنان، عمن ذكره قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
القرآن والفرقان، أهما شيئان أو شئ واحد فقال: القرآن جملة الكتاب والفرقان
المحكم الواجب العمل به (1).
33 - تفسير الإمام العسكري (ع) (2): قوله عز وجل: " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا
بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا
ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين * وبشر
الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا
منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل واتوا به متشابها ولهم فيها أزواج
مطهرة وهم فيها خالدون " (3).
قال العالم موسى بن جعفر عليهما السلام: فلما ضرب الله الأمثال للكافرين المجاهرين
الدافعين لنبوة محمد صلى الله عليه وآله والناصبين المنافقين لرسول الله صلى الله عليه وآله والدافعين ما قاله
محمد صلى الله عليه وآله في أخيه علي، والدافعين أن يكون ما قاله عن الله عز وجل، وهي آيات

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 9 وقد مر.
(2) في هامش الأصل بخط يده قده: أوردناه في باب اعجاز القرآن من كتاب
الرسول الله صلى الله عليه وآله.
(3) البقرة: 21 - 25.
28

محمد ومعجزاته مضافة إلى آياته التي بينها لعلي بمكة والمدينة، ولم يزداد وا إلا
عتوا وطغيانا قال الله تعالى لمردة أهل مكة وعتاة أهل المدينة: " إن كنتم في
ريب مما نزلنا على عبدنا " حتى تجحدوا أن يكون محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأن
يكون هذا المنزل عليه كلامي، مع إظهاري عليه بمكة الباهرات من الآيات
كالغمامة التي كانت تظله بها في أسفاره، والجمادات التي كانت تسلم عليه من الجبال
والصخور والأحجار والأشجار وكدفاعه قاصديه بالقتل عنه، وقتله إياهم
وكالشجرتين المتباعدتين اللتين تلاصقتا فقعد خلفهما لحاجته، ثم تراجعتا إلى
أمكنتهما كما كانتا، وكدعائه الشجرة فجاءته مجيبة خاضعة ذليلة، ثم أمره لها
بالرجوع فرجعت سامعة مطيعة، " فأتوا " يا قريش واليهود ويا معشر النواصب
المنتحلين الاسلام الذين هم منه براء ويا معشر العرب الفصحاء البلغاء ذوي الألسن
" بسورة من مثله " من مثل محمد من مثل رجل منكم لا يقرأ ولا يكتب ولم يدرس
كتابا ولا اختلف إلى عالم ولا تعلم من أحد وأنتم تعرفونه في أسفاره وحضره، بقي
كذلك أربعين سنة ثم أوتي جوامع العلم حتى علم علم الأولين والآخرين فان
كنتم في ريب من هذه الآيات فأتوا بسورة من مثل هذا الرجل مثل هذا الكلام
ليتبين أنه كاذب كما تزعمون، لان كل ما كان من عند غير الله، فسيوجد له نظير
في سائر خلق الله، وإن كنتم معاشر قراء الكتب من اليهود والنصارى في شك مما
جاءكم به محمد من شرائعه ومن نصبه أخاه سيد الوصيين وصيا بعد أن أظهر لكم
معجزاته، منها أن كلمته الذراع المسمومة وناطقه ذئب وحن إليه العود، وهو
على المنبر، ودفع الله عنه السم الذي دسته اليهود في طعامهم، وقلب عليهم البلاء
وأهلكهم به، وكثر القليل من الطعام، فأتوا بسورة من مثله من مثل هذا القرآن
من التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم والكتب المائة والأربعة عشر فإنكم
لا تجدون في سائر كتب الله سورة كسورة من هذا القرآن، وكيف يكون كلام
محمد المنقول أفضل من ساير كلام الله وكتبه، يا معشر اليهود والنصارى.
ثم قال لجماعتهم: " وادعوا شهدائكم من دون الله " ادعوا أصنامكم التي
29

تعبدونها أيها المشركون، وادعوا شياطينكم يا أيها اليهود والنصارى، وادعوا
قرناء كم الملحدين يا منافقي المسلمين من النصاب لآل محمد الطيبين، وسائر أعوانكم
على إرادتكم " إن كنتم صادقين " بأن محمدا يقول هذا من تلقاء نفسه، لم ينزله الله عليه
وأن ما ذكره من فضل علي عليه السلام على جميع أمته وقلده سياسته ليس بأمر أحكم
الحاكمين.
ثم قال عز وجل: " فإن لم تفعلوا " أي لم تأتوا أيها المقرعون بحجة
رب العالمين " ولن تفعلوا " أي ولا يكون هذا منكم أبدا " فاتقوا النار التي
وقودها " حطبها " الناس والحجارة " توقد فتكون عذابا على أهلها " أعدت للكافرين "
المكذبين بكلامه ونبيه، الناصبين العداوة لوليه ووصيه قال: فاعلموا بعجزكم
عن ذلك أنه من قبل الله تعالى ولو كان من قبل المخلوقين لقدرتم على معارضتي
فلما عجزوا بعد التقريع والتحدي قال الله عز وجل: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن
على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض
ظهيرا " (1).
قال علي بن الحسين عليهما السلام: قوله عز وجل: " وإن كنتم " أيها المشركون
واليهود وسائر النواصب من المكذبين لمحمد في القرآن في تفضيله عليا أخاه المبرز
على الفاضلين، الفاضل على المجاهدين، الذي لا نظير له في نصرة المتقين، وقمع
الفاسقين، وإهلاك الكافرين، وبث دين الله في العالمين " إن كنتم في ريب مما نزلنا
على عبدنا " في إبطال عبادة الأوثان من دون الله، وفي النهي عن موالاة أعداء الله
ومعاداة أولياء الله وفي الحث على الانقياد لأخي رسول الله صلى الله عليه وآله واتخاذه إماما
واعتقاده فاضلا راجحا لا يقبل الله عز وجل إيمانا ولا طاعة إلا بموالاته، وتظنون
أن محمدا تقوله من عنده، ونسبه إلى ربه " فأتوا بسورة من مثله " مثل محمد أمي
لم يختلف قط إلى أصحاب كتب وعلم، ولا تتلمذ لاحد ولا تعلم منه، وهو من قد
عرفتموه في حضره وسفره لم يفارقكم قط إلى بلد ليس معه منكم جماعة يراعون

(1) تفسير الامام ص 73 - 74 في ط وص 58 - 59 في ط.
30

أحواله، ويعرفون أخباره، ثم جاءكم بعد بهذا الكتاب المشتمل على هذه العجائب.
فإن كان متقولا كما تزعمونه فأنتم الفصحاء والبلغاء والشعراء والأدباء الذين
لا نظير لكم في ساير الأديان، ومن ساير الأمم، فإن كان كاذبا فاللغة لغتكم، وجنسه
جنسكم وطبعه طبعكم وسيتفق لجماعتكم أو بعضكم معارضة كلامه هذا بأفضل منه
أو مثله لان ما كان من قبل البشر لا عن الله فلا يجوز إلا أن يكون في البشر من
يتمكن من مثله، فأتوا بذلك لتعرفوه وساير النظار إليكم في أحوالكم أنه مبطل
مكذب على الله " وادعوا شهدائكم من دون الله " الذين يشهدون بزعمكم أنكم
محقون وأن ما تجيؤون به نظير لما جاء به محمد، وشهداءكم الذين يزعمون أنهم
شهداؤكم عند رب العالمين لعبادتكم لها، وتشفع لكم إليه " إن كنتم صادقين "
في قولكم أن محمدا تقوله.
ثم قال الله عز وجل: " فإن لم تفعلوا " هذا الذي تحديتكم به " ولن
تفعلوا " أي ولا يكون ذلك منكم ولا تقدرون عليه، فاعلموا أنكم مبطلون
وأن محمدا الصادق الأمين، المخصوص برسالة رب العالمين المؤيد بالروح
الأمين، وأخيه أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، فصد قوه فيما يخبر به عن الله من
أوامره ونواهيه، وفيما يذكره من فضل علي وصيه وأخيه " واتقوا " بذلك
عذاب " النار التي وقودها " وحطبها " الناس والحجارة " حجارة الكبريت أشد
الأشياء حرا " أعدت " تلك النار " للكافرين " بمحمد والشاكين في نبوته
والدافعين لحق أخيه علي والجاحدين لإمامته (1).
34 - تفسير الإمام العسكري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن هذا القرآن هو النور المبين، والحبل
المتين، والعروة الوثقى، والدرجة العليا، والشفاء الاشفى، والفضيلة الكبرى
والسعادة العظمى، من استضاء به نوره الله، ومن عقد به أموره عصمه الله، ومن
تمسك به أنقذه الله، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله، ومن استشفى به شفاه الله، ومن
آثره على ما سواه هداه الله، ومن طلب الهدى في غيره أضله الله، ومن جعله

(1) تفسير الامام ص 97 - 98.
31

شعاره ودثاره أسعده الله، ومن جعله إمامه الذي يقتدى به ومعوله الذي ينتهي
إليه، آواه الله إلى جنات النعيم، والعيش السليم، فلذلك قال: " وهدى " يعني
هذا القرآن هدى " وبشرى للمؤمنين " (1) يعني بشارة لهم في الآخرة، وذلك
أن القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاحب يقول لربه عز وجل: يا رب هذا
أظمأت نهاره، وأسهرت ليله، وقويت في رحمتك طمعه، وفسحت في مغفرتك
أمله، فكن عند ظني فيك وظنه، يقول الله تعالى: أعطوه الملك بيمينه، والخلد
بشماله، واقرنوه بأزواجه من الحور العين، واكسوا والديه حلة لا يقوم لها الدنيا
بما فيها.
فينظر إليهما الخلائق، فيعظمونهما وينظر إلى أنفسهما فيعجبان منها
فيقولان: يا ربنا أنى لنا هذه ولم تبلغها أعمالنا؟ فيقول الله عز وجل: ومع
هذا تاج الكرامة، لم ير مثله الراؤون، ولم يسمع بمثله السامعون، ولا يتفكر
في مثله المتفكرون، فيقال: هذا بتعليمكما ولدكما القرآن، وبتصيير كما إياه
بدين الاسلام، وبرياضتكما إياه على حب محمد رسول الله وعلي ولي الله صلوات
الله عليهما وتفقيهكما إياه بفقههما، لأنهما اللذان لا يقبل الله لاحد عملا إلا
بولايتهما، ومعاداة أعدائهما، وإن كان ما بين الثرى إلى العرش ذهبا، يتصدق
به في سبيل الله.
فتلك البشارات التي يبشرون بها، وذلك قوله عز وجل: " وبشرى
للمؤمنين " شيعة محمد وعلي ومن تبعهما من أخلافهم وذراريهم (2).
35 - العدد: قال الحسن بن علي عليهما السلام: إن هذا القرآن فيه مصابيح النور
وشفاء الصدور، فليجل جال بصره، وليلحم الصفة (3) فكره، فان التفكر حياة
قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
36 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: في القرآن نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم

(1) البقرة: 97.
(2) تفسير الامام ص 203 - 204.
(3) كذا في نسخة الأصل بخط يده قدس سره مكتوبا عليها " كذا " وفى نسخة الكافي
ج 2 ص 600 " ويفتح للضياء نظره " وقد مر عن النوادر ص 17 " وليبلغ النصفة نظره ".
32

ما بينكم (1).
وقال عليه السلام في خطبة طويلة يذكر فيها بعثة الأنبياء عليهم السلام قال عليه السلام:
إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وآله لا نجاز عدته، وتمام نبوته، مأخوذا على النبيين
ميثاقه، مشهورة سماته (2) كريما ميلاده، وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة
وأهواء منتشرة، وطرائق متشتتة، بين مشبه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو
مشير إلى غيره، فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة.
ثم اختار سبحانه لمحمد صلى الله عليه وآله لقاءه ورضي له ما عنده، فأكرمه عن دار
الدنيا، ورغب به عن مقام البلوى، فقبضه إليه كريما، وخلف فيكم ما خلفت
الأنبياء في أممها، إذ لم يتركوهم هملا، بغير طريق واضح، ولا علم قائم
كتاب ربكم مبينا حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه
ورخصه وعزائمه، وخاصه وعامه، وعبره وأمثاله، ومرسله ومحدوده، ومحكمه
ومتشابهه، مفسرا جملته، ومبينا غوامضه.
بين مأخوذ ميثاق علمه، وموسع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكتاب
فرضه، معلوم في السنة نسخه، وواجب في السنة أخذه، مرخص في الكتاب تركه
وبين واجب بوقته، وزائل في مستقبله.
ومباين بين محارمه، من كبير أو عد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه
وبين مقبول في أدناه، وموسع في أقصاه (3).
وقال عليه السلام: وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه، وبين لا تهدم
أركانه، وعز لا تهزم أعوانه (4).

(1) نهج البلاغة الرقم 313 من الحكم.
(2) السمات جمع سمة: العلامة، وهي التي ذكرت في الكتاب السالفة المبشرة به.
(3) نهج البلاغة في أواخر الخطبة الأولى.
(4) نهج البلاغة الرقم 131 من الخطب.
33

* 2 (باب) *
* " (فضل كتابة المصحف وانشائه وآدابه) " *
* " (والنهى عن محوه بالبزاق) " *
1 - - الخصال:
أبي، عن سعد، عن اليقطيني، عن محمد بن شعيب، عن الهيثم بن
أبي كهمش، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ست خصال ينتفع بها المؤمن من بعد موته:
ولد صالح يستغفر له، ومصحف يقرأ منه، وقليب يحفره، وغرس يغرسه، وصدقة
ماء يجريه، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده (1).
2 - قرب الإسناد: علي: عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل [هل يصلح له أن] يكتب
المصحف بالأحمر قال: لا بأس (2).
3 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يمحى شئ من كتاب الله عز وجل
بالبزاق أو يكتب منه (3).
4 - منية المريد: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لبعض كتابه: ألق الدواة
وحرف القلم، وانصب الباء، وفرق السين، ولا تعور الميم، وحسن الله، ومد
الرحمن، وجود الرحيم، وضع قلمك على اذنك اليسرى، فإنه أذكر لك.
وعن زيد بن ثابت أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كتبت
بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين فيه.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تمد الباء إلى الميم حتى
ترفع السين.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن

(1) الخصال ج 1 ص 156.
(2) قرب الإسناد ص 164.
(3) أمالي الصدوق ص 254.
34

الرحيم فليمد الرحمن.
وعنه عليه السلام أيضا: من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فجوده تعظيما لله غفر
الله له.
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: تنوق رجل في بسم الله الرحمن
الرحيم فغفر له.
5 - عدة الداعي: عن الصادق عليه السلام قال: وقع مصحف في البحر فوجدوه
قد ذهب ما فيه الا هذه الآية: ألا إلى الله تصير الأمور.
(باب 3)
* " (كتاب الوحي وما يتعلق بأحوالهم) " *
الآيات: الانعام: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي
ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله (1).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم
يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله " فإنها نزلت في عبد الله بن سعد
بن أبي سرح وكان أخا عثمان من الرضاعة.
حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخو عثمان من الرضاعة أسلم
وقدم المدينة، وكان له خط حسن، وكان إذا نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله
دعاه فكتب ما يمليه عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان إذا قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " سميع
بصير " يكتب " سميع عليم " وإذا قال: " والله بما تعملون خبير " يكتب " بصير "
ويفرق بين التاء والياء وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: هو واحد، فارتد كافرا ورجع
إلى مكة وقال لقريش: والله ما يدري محمد ما يقول، أنا أقول مثل ما يقول، فلا
ينكر على ذلك، فأنا انزل مثل ما ينزل، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله في ذلك ومن

(1) الانعام: 93 والآية ساقطة عن نسخة الكمباني.
35

أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال
سأنزل مثل ما أنزل الله ".
فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة أمر بقتله فجاء به عثمان قد أخذ بيده ورسول
الله في المسجد، فقال: يا رسول الله اعف عنه، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أعاد فسكت
ثم أعاد فقال: هو لك، فلما مر قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: ألم أقل من رآه
فليقتله؟ فقال رجل: عيني إليك يا رسول الله صلى الله عليه وآله أن تشير إلي فأقتله، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الأنبياء لا يقتلون بالإشارة، فكان من الطلقاء (1).
2 - معاني الأخبار: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ومعاوية يكتب بين يديه وأهوى
بيده إلى خاصرته بالسيف: من أدرك هذا يوما أميرا فليبقرن خاصرته بالسيف، فرآه
رجل ممن سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وهو يخطب بالشام على الناس فاخترط
سيفه ثم مشى إليه فحال الناس بينه وبينه، فقالوا: يا عبد الله ما لك؟ فقال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أدرك هذا يوما أميرا فليبقر خاصرته بالسيف، قال: فقالوا:
أتدري من استعمله؟ قال: لا، قالوا: أمير المؤمنين عمر، فقال الرجل: سمعا
وطاعة لأمير المؤمنين.
قال الصدوق رضوان الله عليه: إن الناس شبه عليهم أمر معاوية بأن يقولوا:
كان كاتب الوحي، وليس ذاك بموجب له فضيلة، وذلك أنه قرن في ذلك إلى عبد الله
ابن سعد بن أبي سرح فكانا يكتبان له الوحي، وهو الذي قال: " سأنزل مثل ما
أنزل الله " فكان النبي صلى الله عليه وآله يملي عليه " والله غفور رحيم " فيكتب " والله عزيز
حكيم " ويملي عليه " والله عزيز حكيم " فيكتب " والله عليم حكيم " فيقول له
النبي صلى الله عليه وآله: هو واحد، فقال عبد الله بن سعد: إن محمدا لا يدري ما يقول
إنه يقول، وأنا أقول غير ما يقول، فيقول لي: هو واحد هو واحد، إن جاز
هذا فاني سأنزل مثل ما أنزل الله، فأنزل الله فيه " ومن قال سأنزل مثل ما أنزل
الله ".

(1) تفسير القمي ص 198.
36

فهرب وهجا النبي صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله: من وجد عبد الله بن سعد بن
أبي سرح ولو كان متعلقا بأستار الكعبة فليقتله، وإنما كان النبي صلى الله عليه وآله يقول له
فيما يغيره هو واحد هو واحد لأنه لا ينكتب ما يريده عبد الله إنما كان ينكتب ما
كان يمليه عليه السلام فقال: هو واحد غيرت أم لم تغير لم ينكتب ما تكتبه بل ينكتب
ما أمليه عن الوحي وجبرئيل عليه السلام يصلحه.
وفي ذلك دلالة للنبي صلى الله عليه وآله ووجه الحكمة في استكتاب النبي صلى الله عليه وآله الوحي
معاوية وعبد الله بن سعد وهما عدوان هو أن المشركين قالوا: إن محمدا يقول
هذا القرآن من تلقاء نفسه، ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها أنزلت عليه
وسبيل من يضع الكلام في حوادث يحدث في الأوقات أن يغير الألفاظ إذا استعيد
ذلك الكلام، ولا يأتي به في ثاني الامر وبعد مرور الأوقات عليه إلا مغيرا عن
حاله الأولى لفظا ومعنى، أو لفظا دون معنى، فاستعان في كتب ما ينزل عليه في
الحوادث الواقعة بعدوين له في دينه عدلين عند أعدائه ليعلم الكفار والمشركون
أن كلامه في ثاني الامر كلامه في الأول غير مغير، ولا مزال عن جهته، فيكون
أبلغ للحجة عليهم، ولو استعان في ذلك بوليين مثل سلمان وأبي ذر وأشباههما
لكان الامر عند أعدائه غير واقع هذا الموقع، وكانت يتخيل فيه التواطي والتطابق
فهذا وجه الحكمة في استكتابهما واضح مبين والحمد لله (1).
3 - تفسير العياشي: عن الحسين بن سعيد، عن أحدهما قال: سألته عن قول الله: " أو
قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ " قال نزلت في ابن سرح: الذي كان عثمان
ابن عفان استعمله على مصر، وهو ممن كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة هدر
دمه، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله فإذا أنزل الله عليه " فان الله عزيز حكيم "
كتب " فان الله عليم حكيم " [فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: دعها فان الله عليم حكيم] (2)
وقد كان ابن أبي سرح يقول للمنافقين: إني لأقول الشئ مثل ما يجئ به هو

(1) معاني الأخبار ص 346.
(2) الزيادة من نسخة الكافي.
37

فما يغير على فأنزل الله فيه الذي أنزل (1).
4 - الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى
عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام مثله (2).
أقول: في خبر المفضل بن عمر الذي مضى بطوله في كتاب الغيبة أنه قال
الصادق عليه السلام: يا مفضل إن القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة، والله يقول:
" شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن " (3) وقال: " إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا
كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم * أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين " (4)
وقال: " لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك " (5).
قال المفضل: يا مولاي فهذا تنزيله الذي ذكره الله في كتابه، وكيف ظهر
الوحي في ثلاث وعشرين سنة؟ قال: نعم يا مفضل أعطاه الله القرآن في شهر رمضان
وكان لا يبلغه إلا في وقت استحقاق الخطاب، ولا يؤديه إلا في وقت أمر ونهي
فهبط جبرئيل عليه السلام بالوحي فبلغ ما يؤمر به وقوله: " لا تحرك به لسانك
لتعجل به " (6) فقال المفضل: أشهد أنكم من علم الله علمتم، وبقدرته قدرتم
وبحكمه نطقتم، وبأمره تعملون (7).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 369.
(2) الكافي ج 8 ص 200.
(3) البقرة: 185.
(4) الدخان: 3 - 5.
(5) الفرقان: 32.
(6) القيامة: 18.
(7) راجع ج 53 ص 1 من هذه الطبعة الحديثة.
38

* (باب 4) *
* " (ضرب القرآن بعضه ببعض ومعناه) " *
1 - ثواب الأعمال (1) معاني الأخبار: ابن الوليد، عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر
عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض
إلا كفر (2).
المحاسن: أبي عن النضر مثله (3).
تفسير العياشي: عن القاسم مثله (4).
قال الصدوق رحمه الله: سألت ابن الوليد عن معنى هذا الحديث فقال: هو أن
تجيب الرجل في تفسير آية بتفسير آية أخرى (5).
5 (باب)
" (أول سورة نزلت من القرآن وآخر سورة نزلت منه) "
1 - عيون أخبار الرضا (ع): أحمد بن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن ابن معبد، عن
ابن خالد، عن الرضا، عن أبيه عليهما السلام قال: أول سورة نزلت " بسم الله الرحمن الرحيم
إقرأ باسم ربك " وآخر سورة نزلت " إذا جاء نصر الله والفتح " (6).

(1) ثواب الأعمال ص 249.
(2) معاني الأخبار ص 190.
(3) المحاسن ص 212.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 18.
(5) قاله في كتاب معاني الأخبار.
(6) عيون الأخبار ج 2 ص 6.
39

6 (باب)
* " (عزائم القرآن) " *
1 - - الخصال:
أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن داود بن سرحان، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العزائم أربع اقرأ باسم ربك الذي خلق، والنجم، وتنزيل
السجدة، وحم السجدة (1).
* 7 (باب) *
* " (ما جاء في كيفية جمع القرآن وما يدل على تغييره) " *
* (وفيه رسالة سعد بن عبد الله الأشعري القمي في أنواع آيات القرآن أيضا) *
1 - أقول: قد مضى في كتاب الفتن في باب غصب الخلافة من كتاب سليم بن قيس
راويا عن سلمان رضي الله عنه أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما رأى غدر الصحابة
وقلة وفائهم، لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلفه ويجمعه فلم يخرج من بيته حتى
جمعه وكان في الصحف والشظاظ والأسيار والرقاع (2) فلما جمعه كله وكتبه بيده تنزيله
وتأويله، والناسخ منه والمنسوخ، بعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع فبعث إليه أني مشغول
فقد آليت على نفسي يمينا ألا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه
فسكتوا عنه أياما فجمعه في ثوب واحد وختمه، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون
مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فنادى علي عليه السلام بأعلى صوته:
أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله مشغولا بغسله، ثم بالقرآن
حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد، فلم ينزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله آية من القرآن إلا وقد
جمعتها، وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمني تأويلها، ثم قال

(1) الخصال ج 1 ص 120.
(2) الشظاظ: خشبة عقفاء تدخل في
عروتي الجوالق، والأسيار جمع سير: قدة من الجلد مستطيلة، والرقاع جمع الرقعة: القطعة
من الورق.
40

علي عليه السلام لا تقولوا غدا إنا كنا عن هذا غافلين، ثم قال لهم علي عليه السلام: لا تقولوا
يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي ولم أذكركم حقي، ولم أدعكم إلى
كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته، فقال له عمر: ما أغنانا بما معنا من القرآن عما
تدعونا إليه. ثم دخل علي عليه السلام بيته (1).
أقول: وقد مضى أيضا في باب احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على القوم في زمن
عثمان برواية سليم أنه قال طلحة لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن شئ أريد أن أسئلك
عنه رأيتك خرجت بثوب مختوم، فقلت: أيها الناس إني لم أزل مشتغلا برسول
الله صلى الله عليه وآله بغسله وكفنه ودفنه ثم اشتغلت بكتاب الله حتى جمعته فهذا كتاب الله عندي
مجموعا لم يسقط عني حرف واحد، ولم أرد لك الذي كتبت وألفت، وقد رأيت عمر بعث
إليك أن ابعث به إلي فأبيت أن تفعل، فدعا عمر الناس فإذا شهد رجلان على
آية كتبها، وإذا لم يشهد عليها غير رجل واحد أرجأها، فلم يكتب، فقال عمر
وأنا أسمع: إنه قد قتل يوم اليمامة قوم كانوا يقرؤون قرآنا لا يقرأه غيرهم، فقد ذهب
وقد جاءت شاة إلى صحيفة وكتاب يكتبون فأكلتها وذهب ما فيها، والكاتب يومئذ
عثمان، وسمعت عمر وأصحابه الذين ألفوا ما كتبوا على عهد عمر وعلى عهد
عثمان يقولون: إن الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة، وإن النور نيف ومائة
آية، والحجر تسعون ومائة آية، فما هذا؟ وما يمنعك يرحمك الله أن تخرج كتاب
الله إلى الناس؟ وقد عهدت عثمان حين أخذ ما ألف عمر، فجمع له الكتاب
وحمل الناس على قراءة واحده فمزق مصحف أبي بن كعب وابن مسعود
وأحرقهما بالنار.
فقال له علي عليه السلام: يا طلحة إن كل آية أنزلها الله جل وعلا على محمد
صلى علله عليه وآله عندي باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط يدي وتأويل كل آية أنزلها
الله على محمد صلى الله عليه وآله وكل حلال وحرام، أو حد أو حكم، أو شئ تحتاج إليه الأمة
إلى يوم القيامة مكتوب باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط يدي حتى أرش الخدش، فقال

(1) كتاب سليم بن قيس: 72، الاحتجاج ص 52.
41

طلحة: كل شئ من صغير أو كبير أو خاص أو عام كان أو يكون إلى يوم القيامة فهو
عندك مكتوب؟ قال: نعم وسوى ذلك إن رسول الله صلى الله عليه وآله أسر إلي في مرضه مفتاح
ألف باب من العلم، يفتح كل باب ألف باب، ولو أن الأمة منذ قبض رسول
الله صلى الله عليه وآله اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، وساق الحديث
إلى أن قال:
ثم قال طلحة: لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك عنه من أمر القرآن
ألا تظهره للناس، قال: يا طلحة عمدا كففت عن جوابك فأخبرني عن ما كتب عمر
وعثمان أقرآن كله أم في ما ليس بقرآن؟ قال طلحة: بل قرآن كله، قال:
إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار، ودخلتم الجنة، فان فيه حجتنا، وببان
حقنا، وفرض طاعتنا، قال طلحة: حسبي أما إذا كان قرآنا فحسبي.
ثم قال طلحة: فأخبرني عما في يديك من القرآن وتأويله وعلم الحلال والحرام
إلى من تدفعه ومن صاحبه بعدك؟ قال: إلى الذي أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أدفعه إليه
وصيي وأولى الناس بعدي بالناس ابني الحسن، ثم يدفعه ابني الحسن إلى ابني الحسين
ثم يصير إلى واحد بعد واحد من ولد الحسين حتى يرد آخرهم على رسول الله صلى الله عليه وآله
حوضه، هم مع القرآن لا يفارقونه، والقرآن معهم لا يفارقهم (1).
2 - الإحتجاج: في رواية أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله
جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم كما قد
أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله. فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح
القوم، فوثب عمر وقال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه علي عليه السلام وانصرف
ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قاريا للقرآن، فقال له عمر: إن عليا جاءنا
بالقرآن، وفيه فضائح المهاجرين والأنصار: وقد رأينا أن نؤلف القرآن ونسقط
منه ما كان فيه فضيحة وهتك للمهاجرين والأنصار، فأجابه زيد إلى ذلك ثم قال:
فان أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد

(1) كتاب سليم بن قيس ص 108 و 110، الاحتجاج ص 81.
42

بطل ما قد عملتم؟ قال عمر: فما الحيلة؟ قال زيد أنتم أعلم بالحيلة، فقال عمر: ما حيلة
دون أن نقتله ونستريح منه، فدبر في قتله على يد خالد بن الوليد، فلم يقدر على
ذلك وقد مضى شرح ذلك فلما استخلف عمر سأل عليا عليه السلام أن يدفع إليهم القرآن
فيحرفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي كنت جئت به
إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه، فقال علي عليه السلام: هيهات ليس إلى ذلك سبيل إنما
جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين
أو تقولوا ما جئتنا به، إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء
من ولدي، فقال عمر: فهل وقت لا ظهاره معلوم؟ قال علي عليه السلام: نعم إذا أقام القائم
من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة عليه (1).
3 - الإحتجاج: في خبر من ادعى التناقض في القرآن: قال أمير المؤمنين عليه السلام: وأما
هفوات الأنبياء، وما بينه الله في كتابه ووقوع الكناية عن أسماء من اجترم أعظم
مما اجترمته الأنبياء ممن شهد الكتاب بظلمهم، فان ذلك من أدل الدلايل على
حكمة الله عز وجل الباهرة، وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة، لأنه علم أن
براهين الأنبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم، وأن منهم يتخذ بعضهم إلها كالذي
كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي تفرد
به عز وجل، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى، حيث قال فيه وفي أمه: " كانا
يأكلان الطعام " (2) يعني أن من أكل الطعام كان له ثفل، ومن كان له
ثفل فهو بعيد مما ادعته النصارى لا بن مريم، ولم يكن عن أسماء الأنبياء
تجبرا وتعززا بل تعريفا لأهل الاستبصار، إن الكناية عن أسماء ذوي الجرائر
العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى وإنها من فعل المغيرين
والمبدلين، الذين جعلوا القرآن عضين، واعتاضوا الدنيا من الدين.
وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله: " فويل للذين يكتبون الكتاب

(1) الاحتجاج ص 82.
(2) المائدة: 75.
43

بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا " (1) وبقوله: " وإن
منهم لفريقا يلون ألسنتهم بالكتاب " (2) وبقوله: " إذ يبيتون ما لا يرضى من
القول " (3) بعد فقد الرسول مما يقيمون به أود باطلهم، حسب ما فعلته اليهود
والنصارى، بعد فقد موسى وعيسى من تغيير التوراة والإنجيل، وتحريف الكلم
عن مواضعه، وبقوله: " يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم
نوره " (4).
يعني أنهم أثبتوا في الكتب ما لم يقله الله، ليلبسوا على الخليفة، فأعمى الله
قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوه فيه، وحرفوا منه، وبين عن
إفكهم وتلبيسهم، وكتمان ما علموه منه، ولذلك قال لهم: " لم تلبسون الحق
بالباطل " (5) وضرب مثلهم بقوله: " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس
فيمكث في الأرض " (6).
فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن فهو يضمحل
ويبطل، ويتلاشى عند التحصيل، والذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والقلوب تقبله، والأرض في هذا الموضع
هي محل العلم وقراره وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين
ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية
حجج أهل التعطيل والكفر والملل المنحرفة عن قبلتنا، وإبطال هذا العلم الظاهر
الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الايتمار لهم، والرضا
بهم، ولان أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق، ولان
الصبر على ولاة الامر مفروض لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " فاصبر

(1) البقرة: 79.
(2) آل عمران: 78.
(3) النساء: 108.
(4) الصف: 8.
(5) آل عمران: 71.
(6) الرعد: 17.
44

كما صبر أولوا العزم من الرسل " (1) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل
طاعته، بقوله: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " (2) فحسبك من الجواب
في هذا الموضع ما سمعت، فان شريعة التقية تحظر التصريح بأكثر منه.
ثم قال عليه السلام بعد ذكر بعض الآيات الواردة في شأنهم عليهم السلام وتأويلها:
وإنما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعملها غيره، وغير
أنبيائه وحججه في أرضه، لعلمه بما يحدث في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء
حججه منه، وتلبيسهم ذلك على الأمة، ليعينوهم على باطلهم، فأثبت فيه الرموز
وأعمى قلوبهم وأبصارهم لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على
ما أحدثوه فيه، وجعل أهل الكتاب القائمين به، العالمين بظاهره وباطنه، من
شجرة " أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها " (3) أي يظهر
مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة
الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك
تأويلها لأسقطوها مع ما أسقطوا منه، ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بايجاب
الحجة على خلقه، كما قال الله: " فلله الحجة البالغة " أغشى أبصارهم وجعل
على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك، فتركوه بحاله، وحجبوا عن تأكيد الملتبس
بابطاله، فالسعداء ينتبهون عليه، والأشقياء يعمهون عنه، ومن لم يجعل الله له نورا
فماله من نور.
ثم إن الله جل ذكره بسعة رحمته، ورأفته بخلقه، وعلمه بما يحدثه
المبدلون من تغيير كلامه، قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم
والجاهل، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه، ولطف حسه، وصح تمييزه، ممن
شرح الله صدره للاسلام، وقسما لا يعرفه إلا الله وامناؤه والراسخون في العلم

(1) الأحقاف: 35.
(2) الأحزاب: 21.
(3) إبراهيم: 24.
45

وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله
من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى الايتمار بمن ولاه
أمرهم، فاستكبروا عن طاعته، تعززا وافتراء على الله عز وجل، واغترارا بكثرة
من ظاهرهم وعاونهم، وعاند الله جل اسمه ورسوله صلى الله عليه وآله.
فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله من كتاب الله فهو قول الله
سبحانه: " من يطع الرسول فقد أطاع الله " (1) وقوله: " إن الله وملائكته يصلون
على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (2) ولهذه الآية ظاهر
وباطن، فالظاهر قوله: " صلوا عليه " والباطن قوله: " وسلموا تسليما " أي سلموا
لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله، وما عهد به إليه تسليما، وهذا مما أخبرتك
أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه، وصفا ذهنه، وصح تمييزه.
وكذلك قوله: " سلام على آل ياسين " (3) لان الله سمى النبي صلى الله عليه وآله
بهذا الاسم حيث قال: " يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين " لعلمه
أنهم يسقطون قول: " سلام على آل محمد " كما أسقطوا غيره، وما زال رسول الله
صلى الله عليه وآله يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله، حتى أذن الله
عز وجل له في إبعادهم بقوله: " واهجرهم هجرا جميلا " (4) وبقوله: " فما
للذين كفروا قبلك مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين * أيطمع كل امرئ
منهم أن يدخل جنة نعيم * كلا إنا خلقناهم مما يعلمون " (5) وكذلك قال الله
عز وجل: " يوم ندعوا كل أناس بامامهم " (6) ولم يسم بأسمائهم وأسماء آبائهم
وأمهاتهم.
وأما قوله: " كل شئ هالك إلا وجهه " (7) فالمراد كل شئ هالك إلا
دينه لان من المحال أن يهلك منه كل شئ، ويبقى الوجه، هو أجل وأعظم

(1) النساء: 80.
(2) الأحزاب: 56.
(3) الصافات: 130.
(4) المزمل: 10.
(5) المعارج: 36 - 39.
(6) القصص: 88.
46

وأكرم من ذلك، وإنما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنه قال: " كل من عليها
فان * ويبقى وجه ربك " (1) ففصل بين خلقه ووجهه.
وأما ظهورك على تناكر قوله: " فان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا
ما طاب لكم من النساء " (2) وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء، ولا كل
النساء أيتاما، فهو لما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن، وبين القول
في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن، وهذا
وما أشبهه ظهرت حوادث المنافقين فيه، لأهل النظر والتأمل، ووجد المعطلون
وأهل الملل المخالفة للاسلام مساغا إلى القدح في القرآن، ولو شرحت لك كل
ما اسقط وحرف وبدل مما يجري هذا المجرى لطال، وظهر ما تحظر التقية
إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء (3).
4 - أقول: قد مضى في احتجاج الحسن بن علي عليهما السلام وأصحابه على معاوية
أنه عليه السلام قال: نحن نقول أهل البيت: إن الأئمة منا، وإن الخلافة لا تصلح إلا
فينا، وإن الله جعلنا أهلها في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وإن العلم فينا، ونحن
أهله، وهو عندنا مجموع كله بحذافيره، وإنه لا يحدث شئ إلى يوم القيامة
حتى أرش الخدش إلا وهو عندنا مكتوب باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي
عليه السلام بيده.
وزعم قوم أنهم أولى بذلك منا حتى أنت يا ابن هند، تدعي ذلك وتزعم أن
عمر أرسل إلى أبي أني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث إلي بما كتبت
من القرآن، فأتاه فقال: تضرب والله عنقي قبل أن يصل إليك، قال: ولم؟ قال:
لان الله تعالى إياي عنى ولم يعنك، ولا أصحابك، فغضب عمر ثم قال: ابن
أبي طالب يحسب أن أحدا ليس عنده علم غيره، من كان يقرأ من القرآن شيئا

(1) الرحمن: 37.
(2) النساء: 3.
(3) الاحتجاج: 131 - 133.
47

فليأتني، فإذا جاء رجل فقرأ شيئا معه وفيه آخر، كتبه وإلا لم يكتبه، ثم قالوا:
قد ضاع منه قرآن كثير، بل كذبوا والله بل هو مجموع محفوظ عند أهله (1).
أقول: قد وردت أخبار كثيرة في كثير من الآيات أنها نزلت على خلاف القراءات
المشهورة، كآية الكرسي، وقوله: " وكذلك جعلناهم أئمة وسطا " وغيرهما.
5 - تفسير علي بن إبراهيم: جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي
القرشي، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أحد من
هذه الأمة جمع القرآن إلا وصي محمد صلى الله عليه وآله (2).
6 - قرب الإسناد: اليقطيني، عن ابن عبد الحميد قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام
فأخرج إلى مصحفا قال: فتصفحته فوقع بصري على موضع منه فإذا فيه مكتوب
" هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان * فاصليا فيها لا تموتان فيها ولا تحييان "
يعني الأولين (3).
7 - تفسير علي بن إبراهيم: علي بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم
عن سيف، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال لعلي: يا علي القرآن خلف فراشي في المصحف والحرير والقراطيس فخذوه
واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة، فانطلق علي فجمعه في ثوب
أصفر، ثم ختم عليه في بيته وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، وإن كان الرجل
ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء حتى جمعه، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن
الناس قرؤا القرآن كما انزل ما اختلف اثنان (4).
8 - تفسير علي بن إبراهيم: محمد بن همام، عن جعفر بن محمد الفزاري، عن الحسن بن علي
اللؤلؤي، عن الحسن بن أيوب، عن سليمان بن صالح، عن رجل، عن أبي بصير

(1) الاحتجاج: 156.
(2) تفسير القمي ص 744.
(3) قرب الإسناد ص 12.
(4) تفسير القمي ص 745.
48

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: " هكذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " (1) قال:
إن الكتاب لم ينطق ولا ينطق، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله هو الناطق بالكتاب، قال الله:
" هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " فقلت: إنا لا نقرأها هكذا فقال: هكذا والله
نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله ولكنه فيما حرف من كتاب الله (2).
9 - - الخصال:
محمد بن عمر الحافظ، عن عبد الله بن بشر، عن الحسن بن الزبر قان
عن أبي بكر بن عياش، عن الأجلح، عن أبي الزبير، عن جابر قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يجئ يوم القيامة ثلاثة يشكون: المصحف، والمسجد
والعترة، يقول المصحف: يا رب حرفوني ومزقوني، ويقول المسجد: يا رب
عطلوني وضيعوني، وتقول العترة: يا رب قتلونا وطردونا وشردونا، فأجثوا
للركبتين للخصومة، فيقول الله جل جلاله لي: أنا أولى بذلك (3).
10 - - الخصال:
ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن محمد بن يحيى
الصيرفي، عن حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الأحاديث
تختلف عنكم، قال: فقال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للامام أن
يفتي على سبعة وجوه، ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " (4).
11 - - الخصال:
ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن أحمد بن هلال
عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
آتاني آت من الله فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت:
يا رب وسع على، فقال: إن الله يأمرك أن تقرء القرآن على حرف واحد
فقلت: يا رب وسع على أمتي، فقال: إن الله يأمرك أن تقرء القرآن على حرف
واحد، فقلت: يا رب وسع على أمتي، فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن

(1) الجاثية: 29.
(2) تفسير القمي ص 620.
(3) الخصال ج 1 ص 83.
(4) الخصال ج 2 ص 10.
49

على سبعة أحرف (1).
12 - تفسير علي بن إبراهيم: علي بن الحسين، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وتجعلون رزقكم أنكم
تكذبون " قال: بلى، هي وتجعلون شكركم أنكم تكذبون (2).
13 - تفسير علي بن إبراهيم: أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن
أبي أيوب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال نزلت: " وإذا رأوا تجارة
أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة - للذين
اتقوا - والله خير الرازقين (3).
14 - عيون أخبار الرضا (ع): في خبر رجاء بن الضحاك أن الرضا عليه السلام كان يقرء في سورة الجمعة
" قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة - للذين اتقوا - والله خيرا الرازقين " (4).
15 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن حسان
عن ابن مهران، عن ابن البطايني، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد صلى الله عليه وآله وأزواجه
ثم قال: سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم، يا ابن
سنان إن سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من سورة
البقرة، ولكن نقصوها وحرفوها (5).
16 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمد، عن البزنطي قال: استقبلت الرضا عليه السلام إلى
القادسية فسلمت عليه فقال لي: اكتر لي حجرة لها بابان، باب إلى خان، وباب
إلى خارج، فإنه أستر عليك، قال: وبعث إلى بزنفيلجة (6) [فيها دنانير] صالحة ومصحف

(1) الخصال ج 2 ص 11.
(2) تفسير القمي ص 663، والآية في سورة الواقعة: 56.
(3) تفسير القمي: 679 في آية الجمعة: 11.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 183.
(5) ثواب الأعمال ص 100.
(6) الزنفيلجة معرب زنبليچه.
50

وكان يأتيني رسوله في حوائجه فأشتري له، وكنت يوما وحدي ففتحت المصحف
لاقرء فيه، فلما نشرته نظرت فيه في " لم يكن " فإذا فيها أكثر مما في أيدينا أضعافه
فقدمت على قراءتها فلم أعرف شيئا فأخذت الدوات والقرطاس فأردت أن أكتبها
لكي أسأل عنها، فأتاني مسافر قبل أن أكتب منها شيئا، معه منديل وخيط وخاتمه
فقال: مولاي يأمرك أن تضع المصحف في المنديل وتختمه وتبعث إليه بالخاتم
قال: ففعلت (1).
17 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمد، عن محمد بن خلف، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: فتلا رجل عنده هذه الآية " علمنا منطق الطير وأوتينا من كل
شئ " (2) فقال أبو عبد الله عليه السلام: ليس فيها " من " إنما هي " وأوتينا كل شئ " (3).
18 - مناقب ابن شهرآشوب: ومن عجب أمره في هذا الباب أنه لا شئ من العلوم إلا وأهله
يجعلون عليا قدوة، فصار قوله قبلة في الشريعة، فمنه سمع القرآن ذكر
الشيرازي في نزول القرآن وأبو يوسف يعقوب في تفسيره عن ابن عباس في قوله:
" لا تحرك به لسانك " (4) كان النبي يحرك شفتيه عند الوحي ليحفظه، فقيل
له: لا تحرك به لسانك، يعني بالقرآن لتعجل به من قبل أن يفرغ به من قراءته
عليك " إن علينا جمعه وقرآنه " (5) قال: ضمن الله محمدا أن يجمع القرآن بعد رسول
الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام قال ابن عباس: فجمع الله القرآن في قلب علي
وجمعه علي بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله بستة أشهر (6).
وفي أخبار أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وآله قال في مرضه الذي توفي فيه لعلي:

(1) بصائر الدرجات ص 246.
(2) النمل: 16.
(3) بصائر الدرجات ص 342.
(4) القيامة: 16 وما بعدها: 17.
(5) وقد يقرأ " ان عليا جمعه وقرأ به ".
(6) مناقب ابن شهرآشوب ج 2 ص 40.
51

يا علي هذا كتاب الله خذه إليك فجمعه علي في ثوب فمضى إلى منزله فلما قبض
النبي صلى الله عليه وآله جلس علي فألفه كما أنزله الله، وكان به عالما.
وحدثني أبو العلا العطار والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالاسناد
عن علي بن رباح أن النبي صلى الله عليه وآله أمر عليا عليه السلام بتأليف القرآن فألفه وكتبه.
جبلة بن سحيم، (1) عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لو ثني لي الوسادة
وعرف لي حقي لأخرجت لهم مصحفا كتبته وأملاه على رسول الله صلى الله عليه وآله.
ورويتم أيضا أنه إنما أبطأ علي عليه السلام عن بيعة أبي بكر لتأليف القرآن
أبو نعيم في الحلية والخطيب في الأربعين بالاسناد، عن السدي، عن عبد
خير، عن علي عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله أقسمت أو حلفت أن لا أضع
رداي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت رداي حتى جمعت القرآن.
وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام أنه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة
حتى يؤلف القرآن ويجمعه فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه ثم خرج إليهم به
في إزار يحمله، وهم مجتمعون في المسجد، فأنكر وا مصيره بعد انقطاع مع
التيه (2) فقالوا: لأمر ما جاء أبو الحسن، فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم
ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا
كتاب الله وعترتي أهل بيتي وهذا الكتاب وأنا العترة، فقام إليه الثاني فقال
له: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحمل عليه السلام الكتاب
وعاد به بعد أن ألزمهم الحجة.
وفي خبر طويل عن الصادق عليه السلام أنه حمله وولى راجعا نحو حجرته، وهو
يقول: " فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون " (3) ولهذا

(1) عنونه في التقريب وضبطه سحيم بمهملتين - مصغرا - وقال: كوفي ثقة من
الثالثة، مات سنة خمس وعشرين بعد المائة.
(2) هكذا في الأصل وفى بعض النسخ: الالبة وهي بالكسر يعنى الجماعة.
(3) آل عمران: 187.
52

قرء ابن مسعود " إن عليا جمعه وقرأ به وإذا قرء فاتبعوا قراءته " (1).
فأما ما روي أنه جمعه أبو بكر وعمر وعثمان فان أبا بكر أقر لما التمسوا
منه جمع القرآن فقال: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أمرني به
ذكره البخاري في صحيحه، وادعى علي أن النبي صلى الله عليه وآله أمره بالتأليف ثم إنهم
أمروا زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله
ابن الزبير بجمعه، فالقرآن يكون جمع هؤلاء جميعهم.
ومنهم العلماء بالقراءات أحمد بن حنبل وابن بطه وأبو يعلى في مصنفاتهم
عن الأعمش، عن أبي بكر بن أبي عياش في خبر طويل أنه قرأ رجلان ثلاثين آية
من الأحقاف، فاختلفا في قراء تهما فقال ابن مسعود: هذا الخلاف ما أقرأه فذهبت
بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله فغضب وعلي عنده فقال علي: رسول الله صلى الله عليه وآله يأمركم
أن تقرؤا كما علمتم، وهذا دليل على علم علي بوجوه القراءات المختلفة.
وروي أن ريدا لما قرأ التابوة قال علي: اكتبه التابوت فكتبه كذلك.
والقراء السبعة إلى قراءته يرجعون فأما حمزة والكسائي فيعولان على
قراءة علي وابن مسعود وليس مصحفهما مصحف ابن مسعود، فهما إنما يرجعان
إلى علي، ويوافقان ابن مسعود فيما يجري مجرى الاعراب، وقد قال ابن مسعود:
ما رأيت أحدا أقرء من علي بن أبي طالب عليه السلام للقرآن.
وأما نافع وابن كثير وأبو عمرو فمعظم قراء اتهم يرجع إلى ابن عباس
وابن عباس قرأ على أبي بن كعب وعلي، والذي قرأه هؤلاء القراء يخالف قراءة
أبى فهو إذا مأخوذ عن علي عليه السلام.
وأما عاصم فقرأه على أبي عبد الرحمن السلمي وقال أبو عبد الرحمن:
قرأت القرآن كله على علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا: أفصح القراءات قراءة
عاصم لأنه أتى بالأصل، وذلك أنه يظهر ما أدغمه غيره، ويحقق من الهمز
ما لينه غيره، ويفتح من الألفات ما أماله غيره، والعدد الكوفي في القرآن منسوب

(1) راجع سورة القيامة الآية 17 - 18 المصدر ص 41.
53

إلى علي عليه السلام، وليس في الصحابة من ينسب إليه العدد غيره، وإنما كتب عدد
ذلك كل مصر عن بعض التابعين (1).
19 - تفسير العياشي: عن بريد العجلي قال: سمعني أبو عبد الله عليه السلام وأنا أقرء " له
معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله " (2) فقال: مه، وكيف
يكون المعقبات من بين يديه إنما يكون المعقبات من خلفه إنما أنزلها الله " له
رقيب من بين يديه ومعقبات من خلفه يحفظونه بأمر الله " (3).
20 - مناقب ابن شهرآشوب: حمران بن أعين قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: وقد قرأت " له
معقبات من بين يديه ومن خلفه " قال: وأنتم قوم عرب أيكون المعقبات من بين يديه؟
قلت: كيف نقرؤها؟ قال: " له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه
بأمر الله " (4).
21 - رجال الكشي: خلف بن حامد، عن الحسن بن طلحة، عن ابن فضال، عن
يونس بن يعقوب، عن بريد العجلي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنزل الله في
القرآن سبعة بأسمائهم، فمحت قريش ستة وتركوا أبا لهب (5).
22 - رجال الكشي: محمد بن الحسن، عن محمد بن يزداد، عن يحيى بن محمد الرازي
عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: لما اتي بأبي الحسن
عليه السلام اخذ به على القادسية، ولم يدخل الكوفة، أخذ به على براني
البصرة، قال: فبعث إلى مصحفا وأنا بالقادسية ففتحته فوقعت بين يدي سورة
" لم يكن " فإذا هي أطول وأكثر مما يقرأها الناس، قال: فحفظت منه أشياء قال:
فأتى مسافر ومعه منديل وطين وخاتم فقال: هات، فدفعته إليه فجعله في المنديل، ووضع

(1) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 42 و 43.
(2) سورة الرعد: 11.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 205.
(4) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 197.
(5) رجال الكشي ص 247.
54

عليه الطين وختمه، فذهب عني ما كنت حفظت منه، فجهدت أن أذكر منه حرفا
واحدا فلم أذكره (1).
23 - تفسير العياشي: عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن في القرآن
ما مضى، وما يحدث، وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، وإنما
الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى، يعرف ذلك الوصاة (2).
24 - تفسير العياشي: عن داود بن فرقد، عمن أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لو قد قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين، وقال سعيد بن الحسين
الكندي، عن أبي جعفر عليه السلام بعد مسمين: " كما سمي من قبلنا " (3).
25 - تفسير العياشي: عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لولا أنه زيد في كتاب الله
ونقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن (4).
26 - تفسير العياشي: عن محمد بن سالم، عن أبي بصير قال: قال جعفر بن محمد: خرج
عبد الله بن عمرو بن العاص من عند عثمان فلقي أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال له:
يا علي بتنا الليلة في أمر نرجو أن يثبت الله هذه الأمة، فقال أمير المؤمنين عليه السلام
لن يخفى علي ما بيتم فيه: حرفتم وغيرتم وبدلتم تسعمائة حرف: ثلاث مائة حرفتم
وثلاثمائة غيرتم وثلاثمائة بدلتم " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون
هذا من عند الله " إلى آخر الآية " ومما يكسبون " (5).
27 - كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: قوله تعالى: " قل أرأيتم إن أهلكني الله " (6) الآية تأويله روى
علي بن أسباط، عن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه
الآية، قال: هذه الآية مما غير وا وحرفوا، ما كان الله ليهلك محمدا صلى الله عليه وآله، ولا

(1) رجال الكشي ص 492.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 12.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 47، والآية في صورة البقرة: 79.
(6) الملك: 28.
55

من كان معه من المؤمنين، وهو خير ولد آدم، ولكن قال الله تعالى: " قل أرأيتم
إن أهلككم الله جميعا " الآية.
28 - كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: روي عن محمد البرقي يرفعه عن عبد الرحمن بن سلام الأشهل
قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: " قل أرأيتم إن أهلكني الله " قال: ما أنزلها الله هكذا
وما كان الله ليهلك نبيه صلى الله عليه وآله ومن معه، ولكن أنزلها " قل أرأيتم إن أهلككم الله "
الآية، ثم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله أن يقول لهم: " قل هو الرحمن آمنا به
وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين ".
29 - تفسير فرات بن إبراهيم: جعفر الفزاري معنعنا، عن حمران قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقرء هذه الآية " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين "
قلت: ليس يقرأ كذا، فقال: ادخل حرف مكان حرف (1).
30 - الكافي: العدة، عن سهل، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه، عن
أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: قول الله عز وجل: " هذا كتابنا
ينطق عليكم بالحق " قال: فقال: إن الكتاب لم ينطق ولن ينطق، ولكن رسول
الله صلى الله عليه وآله هو الناطق بالكتاب، قال الله عز وجل: " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق "
قال: قلت: جعلت فداك إنا لا نقرأها هكذا، فقال: هكذا والله نزل به جبرئيل
عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله ولكنه فيما حرف من كتاب الله (2).
31 - تفسير فرات بن إبراهيم: إسماعيل بن إبراهيم معنعنا، عن ميسرة، عن الرضا عليه السلام قال:
لا يرى في النار منكم اثنان أبدا والله، ولا واحد، قال: قلت: أصلحك الله أين
هذا في كتاب الله؟ قال في سورة الرحمن: وهو قوله تعالى: " لا يسئل عن ذنبه
منكم إنس ولا جان) قال: قلت: ليس فيها " منكم " قال: بلى، والله إنه لمثبت
فيها وإن أول من غير ذلك لابن أروى، ولو لم يقرء فيها " منكم " لسقط عقاب
الله عن الخلق (3).

(1) تفسير فرات ابن إبراهيم ص 18.
(2) الكافي ج 8 ص 50.
(3) تفسير فرات ص 177 وابن أروى عثمان نسب إلى أمه.
56

32 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن
أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: " وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم
منها بمحمد) (1) هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله (2).
33 - الكافي: علي، عن أبيه، عن عمر بن عبد العزيز، عن ابن ظبيان، عن
أبي عبد الله عليه السلام " لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون " (3) هكذا فاقرأها (4).
34 - الكافي: العدة، عن سهل، عن ابن محبوب، عن محمد بن سليمان الأزدي
عن أبي الجارود، عن أبي إسحاق، عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام " وإذا
تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل - بظلمه وسوء سيرته - والله
لا يحب الفساد " (5).
35 - الكافي: العدة، عن سهل، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن حمران بن
أعين، عن أبي جعفر عليه السلام " والذين كفروا أولياؤهم الطواغيت " (6).
36 - الكافي: علي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن
أبي جرير القمي وهو محمد بن عبيد الله - وفي نسخة عبد الله - عن أبي الحسن عليه السلام
" له ما في السماوات وما في الأرض - وما بينهما وما تحت الثرى عالم الغيب
والشهادة الرحمن الرحيم - من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه " (7).
37 - الكافي: محمد بن خالد، عن حمزة بن عبيد، عن إسماعيل بن عباد، عن
أبي عبد الله عليه السلام " ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء " وآخرها " وهو العلي

(1) آل عمران: 103.
(2) الكافي ج 8 ص 183.
(3) آل عمران: 92.
(4) الكافي ج 8 ص 183.
(5) الكافي ج 8 ص 289، والآية في سورة البقرة: 205.
(6) المصدر نفسه والآية في سورة البقرة: 257.
(7) المصدر ص 290، والآية في سورة البقرة: 255.
57

العظيم، والحمد لله رب العالمين " وآيتين بعدها (1).
38 - الكافي: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سيف، عن أخيه
عن أبيه، عن أبي بكر بن محمد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقرأ: " وزلزلوا ثم
زلزلوا حتى يقول الرسول " (2).
39 - الكافي: علي، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام " واتبعوا ما تتلوا الشياطين - بولاية الشياطين -
على ملك سليمان ".
ويقرأ أيضا " سل بني إسرائيل كم آتينا هم من آية بينة - فمنهم من آمن ومنهم
من جحد ومنهم من أقر ومنهم من بدل - ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته
فان الله شديد العقاب " (3).
40 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن فيض
ابن المختار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كيف تقرأ " وعلى الثلاثة الذين خلفوا "
قال: لو كانوا خلفوا لكانوا في حال طاعة، ولكنهم خالفوا، عثمان وصاحباه أما
والله ما سمعوا صوت حافر ولا قعقعة حجر إلا قالوا: اتينا، فسلط الله عليهم الخوف
حتى أصبحوا (4).

(1) الكافي ج 8 ص 290 وقوله وذكر آيتين بعدها أي ذكرهما وعدهما من آية الكرسي
فيكون اطلاق " آية الكرسي " عليها على إرادة الجنس وهي ثلاث آيات.
(2) المصدر ص 290، والآية في سورة البقرة: 214، وقوله " عن أبي بكر بن
محمد " الظاهر أنه كان " عن بكر بن محمد " فزيد فيه " أبى " من قبل النساخ، منه رحمه الله.
(3) الكافي ج 8 ص 290. والآية في سورة البقرة: 211.
(4) الكافي ج 8 ص 377، والقعقعة حكاية صوت الحجر إذا تدكدكت وتدهدهت
وصوت السلاح إذا تحركت وقرع بعضها ببعض.
قال الطبرسي رحمه الله: القراءة المشهورة " الذين خلفوا " بتشديد اللام، وقرأ على
ابن الحسين وأبو جعفر الباقر وجعفر الصادق عليهم السلام وأبو عبد الرحمن السلمي " خالقوا "
وقرء عكرمة وزر بن حبيش وعمر وبن عبيد " خلفوا " بفتح الخاء وتخفيف اللام.
58

41 - الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد. عن علي بن الحكم، عن علي بن
أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: تلوت: " التائبون
العابدون " (1) فقال: لا، اقرأ: " التائبين العابدين " إلى آخرها، فسئل من العلة
في ذلك، فقال: اشترى من المؤمنين التائبين العابدين (2).
42 - الكافي: العدة، عن سهل، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن
إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال هكذا أنزل الله عز وجل: " لقد
جاءنا رسول من أنفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم " (3).
43 - الكافي: محمد، عن أحمد، عن ابن فضال. عن الرضا عليه السلام " فأنزل الله
سكينته على رسوله وأيده بجنود لم تروها " قلت: هكذا؟ قال: هكذا نقرؤها
وهكذا تنزيلها (4).
44 - الغيبة للنعماني: ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن الحسن ومحمد ابني علي بن
يوسف، عن سعدان بن مسلم، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن
حبة العرني قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: كأني أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة وقد
ضربوا الفساطيط يعلمون الناس القرآن كما انزل (5).
45 - الغيبة للنعماني: علي بن الحسين، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الرازي
عن محمد بن همام، عن الحجال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
كأني بشيعة علي في أيديهم المثاني يعلمون القرآن (6).
46 - الغيبة للنعماني: أحمد بن هوذة، عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن صباح

(1) براءة: 112.
(2) المصدر ج 8 ص 378، ونقل الطبرسي أن قراءة أبى وابن مسعود والأعمش
" التائبين العابدين " بالياء إلى آخرها، قال وروى ذلك عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
(3) المصدر نفسه، والآية في سورة براءة: 128.
(4) المصدر نفسه، والآية في سورة براءة: 40.
(5) غيبة النعماني ص 194، وقد خرج في ج 52 ص 364 من هذه الطبعة فراجع.
(6) غيبة النعماني ص 194، وقد خرج في ج 52 ص 364 من هذه الطبعة فراجع.
59

المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن ابن نباتة قال: سمعت عليا عليه السلام يقول:
كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة، يعلمون الناس القرآن كما أنزل قلت:
يا أمير المؤمنين أوليس هو كما أنزل؟ فقال: لا، محي منه سبعون من قريش، بأسمائهم
وأسماء آبائهم، وما ترك أبو لهب إلا للازراء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه عمه (1).
أقول: سيأتي في تفسير النعماني ما يدل على التغيير والتحريف.
ووجدت في رسالة قديمة سنده هكذا:
47 - جعفر بن محمد بن قولويه، عن سعد الأشعري القمي أبي القاسم رحمه الله
وهو مصنفه روى مشايخنا عن أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: وساق الحديث إلى أن قال:
باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله عز وجل مما رواه
مشايخنا رحمة الله عليهم عن العلماء من آل محمد صلوات الله عليه وعليهم.
قوله عز وجل: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف
وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " (2) فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية:
ويحك خير أمة يقتلون ابن رسول الله صلوات الله عليه وآله فقال: جعلت فداك
فكيف هي؟ فقال: أنزل الله " كنتم خير أئمة " أما ترى إلى مدح الله لهم في قوله:
" تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " فمدحه لهم دليل على أنه
لم يعن الأمة بأسرها، ألا تعلم أن في الأمة الزناة واللاطة والسراق وقطاع
الطريق والظالمين والفاسقين، أفترى أن الله مدح هؤلاء وسماهم الآمرين بالمعروف
والناهين عن المنكر؟ كلا ما مدح الله هؤلاء ولا سماهم أخيارا بل هو الأشرار.
في سورة النحل وهي قراءة من قرأ " أن تكون أمة هي أربى من أمة " (3)
فقال أبو عبد الله عليه السلام لمن قرأ هذه عنده: ويحك ما أربى؟ فقال: جعلت فداك فما
هو؟ فقال: إنما أنزل الله عز وجل " أن تكون أئمة هم أزكى من أئمتكم

(1) غيبة النعماني ص 194.
(2) آل عمران: 110.
(3) النحل: 92.
60

إنما يبلوكم الله به ".
وروي أن رجلا قرأ على أمير المؤمنين عليه السلام " ثم يأتي من بعد ذلك عام
فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " (1) قال: ويحك أي شئ يعصرون يعصرون الخمر؟
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين فكيف؟ فقال: إنما أنزل الله عز وجل " ثم يأتي
من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " أي فيه يمطرون وهو قوله:
" وأنزلنا فيه من المعصرات ماء ثجاجا " (2).
وقرء رجل على أبي عبد الله عليه السلام " فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون
الغيب ما لبثوا في العذاب المهين " (3) فقال أبو عبد الله عليه السلام: الجن كانوا يعلمون
أنهم لا يعلمون الغيب، فقال الرجل: فكيف هي؟ فقال: إنما أنزل الله " فلما
خر تبينت الانس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ".
ومنه في سورة هود " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله
كتاب موسى إماما ورحمة " (4) قال أبو عبد الله عليه السلام: لا والله ما هكذا أنزلها
إنما هو " فمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه إماما ورحمة ومن قبله
كتاب موسى ".
ومثله في آل عمران " ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم
فإنهم ظالمون " (5) فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما أنزل الله " ليس لك من الامر شئ
أن يتوب عليهم أو تعذبهم فإنهم ظالمون ".
وقوله: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " (6)
وهو " أئمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ".
وقوله في سورة عم يتسائلون: " ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " إنما هو

(1) يوسف: 49.
(2) النبأ: 14.
(3) سبأ: 14.
(4) هود: 17.
(5) آل عمران: 128.
(6) البقرة: 143.
61

يا ليتني كنت ترابيا " أي علويا، وذلك أن رسول الله كنى أمير المؤمنين صلوات الله
عليهما بأبي تراب.
ومثله في إذا الشمس كورت قوله: " وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت "
ومثله " الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا
للمتقين إماما " (1) قال أبو عبد الله عليه السلام: لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم أئمة
للمتقين إنما أنزل الله عز وجل " الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا
وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما ".
ومثله في سورة النساء قوله: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم ثم جاؤوك فاستغفروا
الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " (2) قال أبو عبد الله عليه السلام: من
عنى بقوله: " جاؤوك "؟ فقال الرجل: لا ندري، قال: إنما عنى تباك وتعالى
في قوله: " جاؤوك - يا علي - فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول " الآية.
وقوله: " " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم
لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " (3) وذلك أنه لما أن
كان في حجة الوداع دخل أربعة نفر في الكعبة فتحالفوا فيما بينهم وكتبوا كتابا
لئن أمات الله محمدا لا يردوا هذا الامر في بني هاشم، فأطلع الله رسوله على ذلك
فأنزل عليه " أم أبرموا أمرا فانا مبرمون * أم يحسبون الآية " (4).
وقرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام سورة الحمد على ما في المصحف فرد عليه
وقال اقرأ: " صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين ".
وقرأ آخر " ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة " (5).
فقال أبو عبد الله عليه السلام: " ليس عليهن جناح أن يضعن من ثيابهن غير
متبرجات بزينة ".

(1) الفرقان: 74.
(2) النساء: 64.
(3) النساء: 65.
(4) الزخرف: 79.
(5) النور: 60.
62

وكان يقرأ " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين
في صلاة المغرب " (1) وكان يقرء " فان تنازعتم من شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول
وإلى اولي الامر منكم " (2) وقرء هذه الآية في دعاء إبراهيم " رب اغفر لي
ولولدي " (3) يعني إسماعيل وإسحاق، وكان يقرء " وكان أبواه مؤمنين وطبع
كافرا " (4) وكان يقرء " إن الساعة آتية أكاد أخفيها من نفسي " (5) وقرء
" وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث " (6) يعني الأئمة عليهم السلام وقرأ
" الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنهما قد قضيا الشهوة ".
وقرأ " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم " (7)
وقرأ " وجائت سكرة الحق بالموت " (8) وقرأ " وتجعلون شكركم أنكم
تكذبون " (9) وقرأ " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انصرفوا إليها وتركوك قائما قل ما
عند الله خير من اللهو ومن التجارة للذين اتقوا والله خير الرازقين " (10) وقرأ
" إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله " (11) وقرأ " فستبصرون
ويبصرون، بأيكم الفتون " (12) وقرأ " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة
لهم ليعموا فيها " (13).
وقرأ " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم ضعفاء (14) قال أبو عبد الله عليه السلام:
ما كانوا أذلة ورسول الله صلوات الله عليه وآله فيهم، وقرأ " وكان ورائهم ملك
يأخذ كل سفينة صالحة غصبا " (15) وقرأ " أفلم يتبين الذين آمنوا أن لو يشاء الله

(1) البقرة: 238.
(2) النساء: 59.
(3) إبراهيم: 41.
(4) الكهف: 80.
(5) طه: 15.
(6) الأنبياء: 25.
(7) الأحزاب: 6.
(8) ق: 19.
(9) الواقعة: 82.
(10) الجمعة: 11 و 9.
(11) الجمعة: 11 و 9.
(12) القلم: 5.
(13) أسرى: 60.
(14) آل عمران: 123.
(15) الكهف: 79.
63

لهدى الناس جميعا " (1).
وقرأ " هذه جهنم التي كنتم بها تكذبان * اصلياها فلا تموتان فيها ولا
تحييان " (2).
وقرأ: " فان الله بيتهم من القواعد " (3) قال أبو عبد الله عليه السلام " بيت مكرهم
هكذا نزلت وقرأ: " يحكم به ذو عدل منكم) (4) يعني الامام وقرأ: " وما نقموا
منهم إلا أن آمنوا بالله " (5) وقرأ " ويسئلونك الأنفال " (6).
ورووا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا
" وقال الظالمون آل محمد حقهم إن تتبعون إلا رجلا مسحورا " (7) وقرأ
أبو جعفر عليه السلام " لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون
وكفى بالله شهيدا " (8) وقرأ أبو جعفر عليه السلام هذه الآية وقال: هكذا نزل به
جبرئيل عليه السلام على محمد صلوات الله عليه وآله " إن الذين كفروا وظلموا آل
محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا * إلا طريق جهنم خالدين فيها
وكان ذلك على الله يسيرا " (9).
وقال أبو جعفر عليه السلام: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا " وقال الظالمون آل محمد
حقهم غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد رجزا من السماء بما
كانوا يفسقون " (10) وقال أبو جعفر عليه السلام: نزل جبرئيل بهذا الآية هكذا " فان
للظالمين آل محمد حقهم عذابا دون ذلك، ولكن أكثر الناس لا يعلمون " (11) يعني
عذابا في الرجعة. وقال أبو جعفر عليه السلام: نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله " فأبى أكثر

(1) الرعد: 31.
(2) الرحمن: 43.
(3) النحل: 26، فأتى الله بينانهم من القواعد.
(4) الأعراف: 87.
(5) البروج: 8.
(6) الأنفال: 1.
(7) الفرقان: 8.
(8) النساء: 166.
(9) النساء: 168 - 169.
(10) البقرة: 59.
(11) الطور: 47.
64

الناس بولاية على إلا كفورا " (1)
وقرأ رجل على أبي جعفر عليه السلام " كل نفس ذائقة الموت " (2) فقال:
أبو جعفر عليه السلام " ومنشورة " هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد صلوات الله عليهما
إنه ليس من أحد من هذه الأمة إلا سينشر فأما المؤمنون فينشرون إلى قرة أعينهم
وأما الفجار فيحشرون إلى خزي الله وأليم عذابه، وقال: نزلت هذه الآية هكذا
" وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين آل محمد
حقهم " (3) وقال: ونزل جبرئيل بهذه الآية هكذا " وقل الحق من ربكم فمن
شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين آل محمد حقهم نارا أحاط بهم
سرادقها " (4).
وروي عن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه قرأ " أفلا يتدبرون القرآن فيقضوا
ما عليهم من الحق أم على قلوب أقفالها) (5) وسمعته يقرء " وإن تظاهرا عليه فان
الله هو موليه وجبريل وصالح المؤمنين عليا " (6) وقرأ أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام
" فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن " (7) وقرأ " إن تتوبا
إلى الله فقد زاغت قلوبكما " (8) وقرء أبو عبد الله عليه السلام " إني أرى سبع بقرات سمان
وسبع سنابل خضر واخر يابسات " (9) وقرأ: " يأكلن ما قربتم لهن " (10).
وقرأ: " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من
قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " (11) وقرأ في سورة مريم " إني نذرت للرحمن

(1) أسرى: 89.
(2) آل عمران: 185، الأنبياء: 35، العنكبوت: 57.
(3) أسرى: 82.
(4) الكهف: 29.
(5) القتال: 24.
(6) التحريم: 4.
(7) النساء: 24.
(8) التحريم. 4.
(9) يوسف: 43 و 48.
(10) يوسف: 43 و 48.
(11) الانعام: 158.
65

صمتا " (1) وقرأ رجل على أمير المؤمنين صلوات الله عليه " فإنهم لا يكذبونك " (2) فقال أمير المؤمنين عليه السلام: بلى والله لقد كذبوه أشد التكذيب، ولكن نزلت
بالتخفيف يكذبونك " ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " أي لا يأتون بحق
يبطلون به حقك.
وصلى أبو عبد الله عليه السلام بقوم من أصحابه فقرأ " قتل أصحاب الأخدود " (3) وقال:
ما الأخدود؟ وقرأ رجل عليه " وطلح منضود " (4) فقال: لا " وطلع منضود " وقرأ
" والعصر إن الانسان لفي خسر وإنه فيه إلى آخر الدهر " وقرأ " إذا جاء نصر الله
والفتح " وقرأ " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " وقرأ " إني جعلت كيدهم
في تضليل) وسأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " والفجر " فقال:
ليس فيها واو وإنما هو الفجر.
وقرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام " جاهد الكفار والمنافقين " (5) فقال:
هل رأيتم وسمعتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قاتل منافقا؟ إنما كان يتألفهم، وإنما قال
الله جل وعز: " جاهد الكفار بالمنافقين ".
وروي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال لرجل: كيف تقرأ " لقد تاب الله
على النبي والمهاجرين والأنصار " (6) قال: فقال: هكذا نقرأها قال: ليس هكذا
قال الله، إنما قال: " لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار " (7).
باب تأليف القرآن وأنه على غير ما أنزل الله عز وجل
فمن الدلالة عليه في باب الناسخ والمنسوخ منه الآية في عدة النساء في
المتوفى عنها زوجها، وقد ذكرنا ذلك في باب الناسخ والمنسوخ، واحتجنا إلى

(1) مريم: 26.
(2) الانعام: 33.
(3) البروج: 4.
(4) الواقعة: 29.
(5) براءة: 73.
(6) براءة: 117.
(7) قد كان في هذه القطعة من رسالة الأشعري تصحيفات وأغلاط صححناها بالمقابلة والعرض على سائر المصادر كتفسير القمي وتفسير فرات وتفسير العياشي ونسخة الكافي وغير ذلك.
66

إعادة ذكره في هذا الباب ليستدل على أن التأليف على خلاف ما أنزل الله جل
وعز، لأن العدة في الجاهلية كانت سنة فأنزل الله في ذلك قرآنا في العلة التي
ذكرناها في باب الناسخ والمنسوخ وأقرهم عليها ثم نسخ بعد ذلك فأنزل آية أربعة
أشهر وعشرا والآيتان جميعا في سورة البقرة في التأليف الذي في أيدي الناس
فيما يقرؤونه أولا الناسخة وهي الآية التي ذكرها الله قوله: " والذين يتوفون
منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ثم بعد هذا بنحو من
عشر آيات تجئ الآية المنسوخة قوله: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا
وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " (1) فعلمنا أن هذا التأليف على
خلاف ما أنزل الله جل وعز وإنما كان يجب أن يكون المتقدم في القراءة أولا
الآية المنسوخة التي ذكر فيها أن العدة متاعا إلى الحول غير إخراج، ثم يقرأ
بعد هذه الآية الناسخة التي ذكر فيها أنه قد جعل العدة أربعة أشهر وعشرا
فقدموا في التأليف الناسخ على المنسوخ.
ومثله في سورة الممتحنة في الآية التي أنزلها الله في غزوة الحديبية وكان
بين فتح مكة والحديبية ثلاث سنين، وذلك أن الحديبية كانت في سنة ست من
الهجرة، وفتح مكة في سنة ثمان من الهجرة، فالذي نزل في سنة ست قد جعل
في آخر السورة والتي نزلت في سنة ثماني في أول السورة، وذلك أن رسول الله
صلى الله عليه وآله لما كان في غزوة الحديبية شرط لقريش في الصلح الذي وقع
بينه وبينهم أن يرد إليهم كل من جاء من الرجال على أن يكون الاسلام ظاهرا
بمكة لا يؤذى أحد من المسلمين، ولم يقع في النساء شرط وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
على هذا يرد إليهم كل من جاء من الرجال إلى أن جاءه رجل يكنى أبا بصير.
فبعثت قريش رجلين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وكتبوا إليه يسألونه بأرحامهم أن
يرد إليهم أبا بصير، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ارجع إلى القوم فقال: يا رسول الله
تردني إلى المشركين يعينوني ويعذبوني وقد آمنت بالله وصدقت برسول الله؟

(1) النساء: 234 و 240.
67

فقال: يا أبا بصير، إنا قد شرطنا لهم شرطا ونحن وافون لهم بشرطهم، والله سيجعل
لك مخرجا، فدفعه إلى الرجلين.
فخرج معهما فلما بلغوا ذا الحليفة أخرج أبا بصير جرابا كان معه فيه كسر
وتمرات، فقال لهما: ادنوا فأصيبا من هذا الطعام فامتنعا، فقال: أما لو دعوتماني
إلى طعامكما لأجبتكما، فدنيا فأكلا ومع أحدهما سيف قد علقه في الجدار، فقال
له أبو بصير: أصارم سيفك هذا؟ قال: نعم، قال: ناولنيه فدفع إليه قائمة السيف
فسله فعلاه به فقتله وفر الآخر ورجع إلى المدينة فدخل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: يا محمد إن صاحبكم قتل صاحبي وما كدت أن أفلت منه إلا بشغله بسلبه.
فوافى أبو بصير ومعه راحلته وسلاحه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا بصير
اخرج من المدينة فان قريشا تنسب ذلك إلي فخرج إلى الساحل وجمع جمعا
من الاعراب، فكان يقطع على عير قريش ويقتل من قدر عليه، حتى اجتمع إليه
سبعون رجلا، وكتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسألوه أن يأذن لأبي بصير وأصحابه
في دخول المدينة، وقد أحلوه من ذلك، فوافاه الكتاب وأبو بصير قد مرض وهو
في آخر رمق، فمات وقبره هناك ودخل أصحابه المدينة.
وكانت هذه سبيل من جاءه، وكانت امرأة يقال لها: كلثم بنت عقبة بمكة
وهي بنت عقبة بن أبي معيط مؤمنة تكتم إيمانها، وكان أخواها كافرين أهلها يعذبونها
ويأمرونها بالرجوع عن الاسلام، فهربت إلى المدينة، وحملها رجل من خزاعة
حتى وافى بها إلى المدينة، فدخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله فقالت:
يا أم سلمة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد شرط لقريش أن يرد إليهم الرجال ولم
يشرط لهم في النساء شيئا، والنساء إلى ضعف، وإن ردني رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم
فتنوني وعذبوني وأخاف على نفسي فاسألي رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا يرد ني إليهم.
فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله على أم سلمة وهي عندها فأخبرته أم سلمة خبرها
فقالت: يا رسول الله هذه كلثم بنت عقبة، وقد فرت بدينها، فلم يجبها رسول الله
صلى الله عليه وآله بشئ، ونزل عليه الوحي: " يا أيها الذين آمنوا إذا جائكم
68

المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن " (1) إلى قوله جل وعز: " واتقوا الله الذي أنتم
به مؤمنون " فحكم الله في هذا أن النساء لا يرددن إلى الكفار، وإذا امتحنوا
بمحنة الاسلام أن تحلف المرأة " بالله الذي لا إله إلا هو، ما حملها على اللحاق
بالمسلمين بغضا لزوجها الكافر أو حبا لاحد من المسلمين، وإنما حملها على ذلك
الاسلام " فإذا حلفت وعرف ذلك منها، لم ترد إلى الكفار، ولم تحل للكافر
وليس للمؤمن أن يتزوجها ولا تحل له، حتى يرد على زوجها الكافر صداقها
فإذا رد عليه صداقها حلت له وحل له مناكحتها.
وهو قوله جل وعز: " وآتوهم ما أنفقوا " يعني آتوا الكفار ما أنفقوا
عليهن.
ثم قال: " ولا جناح عليهم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا
تمسكوا بعصم الكوافر " ثم قال: " واسئلوا ما أنفقتم على نسائكم " الذي يلحقن
بالكفار " ذلكم حكم الله يحكم بينكم " ثم قال: " وإن فاتكم شئ من
أزواجكم إلى الكفار " فاطلبوا من الكفار ما أنفقتم عليهن فان امتنع به عليكم
" فعاقبتم " أي أصبتم غنيمة فليؤخذ من أول الغنيمة قبل القسمة ما يرد على
المؤمن الذي ذهبت امرأته إلى الكفار، فرضي بذلك المؤمنون ورضي به الكافرون.
فهذه هي القصة في هذه السورة، فنزلت هذه الآية في هذا المعنى في سنة ست
من الجهرة، وأما في أول السورة فهي قصة حاطب بن أبي بلتعة أراد رسول الله صلى الله عليه وآله
أن يصير إلى مكة، فقال: اللهم أخف العيون والاخبار على قريش، حتى نبغتها
في دارها، وكان عيال حاطب بمكة فبلغ قريشا ذلك فخافوا خوفا شديدا فقالوا
لعيال حاطب اكتبوا إلى حاطب ليعلمنا خبر محمد صلى الله عليه وآله فان أرادنا لنحذره، فكتب
حاطب إليهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله يريدكم، ودفع الكتاب إلى امرأة فوضعته في قرونها.
فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وأعلمه الله ذلك، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله
أمير المؤمنين والزبير بن العوام، فلحقاها بعسفان ففتشاها فلم يجدا معها شيئا

(1) راجع سورة الممتحنة: 10 - 13.
69

فقال الزبير: ما نجد معها شيئا فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: والله ما كذبني
رسول الله صلى الله عليه وآله ولا كذب جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله لتظهرن الكتاب فرده إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله لحاطب: ما هذا؟ فقال: يا رسول الله، والله ما غيرت
ولا بدلت، ولأنا فقت، ولكن عيالي كتبوا إلى فأحببت أن إداري قريشا ليحسنوا
معاش عيالي ويرفقوا بهم.
وحاطب رجل من لخم وهو حليف لأسد بن عبد العزى، فقام عمر بن
الخطاب فقال: يا رسول الله أؤمرني بضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسكت
فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء
تلقون إليهم بالمودة " إلى قوله: " والله بما تعملون بصير " (1) ثم أطلق لهم فقال:
" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم "
إلى قوله: " ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون " (2) فإلى هذا المكان من هذه
السورة نزل في سنة ثماني من الهجرة، حيث فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة، والذي
ذكرنا في قصة المرأة المهاجرة نزل في سنة ست من الهجرة، فهذا دليل على أن
التأليف ليس على ما أنزل الله.
ومثله في سورة النساء في قوله عز وجل: " وإن خفتم ألا تعدلوا
فواحدة " (3) وليس هذه من الكلام الذي قبله في شئ، وإنما كانت العرب إذا
ربت يتيمة يمتنعون من أن يتزوجوا بها، فيحرمونها على أنفسهم، لتربيتهم لها
فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وعن ذلك بعد الهجرة فأنزل الله عليه في هذه السورة
" ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى
النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من
الولدان " (4) " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " فهذه الآية

(1) الآية الأولى من سورة الممتحنة.
(2) الممتحنة: 8 و 9.
(3) النساء: 3.
(4) النساء: 127 وما بعدها الآية: 3.
70

هي مع تلك التي في أول السورة، فغلطوا في التأليف فأخروها، وجعلوها في
غير موضعها.
ومثله في سورة العنكبوت في قوله عز وجل: " وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا
الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * إنما تعبدون من دون الله أوثانا
وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله
الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون " (1) فأما التأليف الذي في المصحف بعد
هذا " وإن يكذبوك فقد كذب أمم من قبلهم وما على الرسول إلا البلاغ المبين *
أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير * قل سيروا في
الأرض فانظر وا كيف بدء الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شئ
قدير * يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون * وما أنتم بمعجزين في
الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير " إلى قوله جل
وعز: " أولئك لهم عذاب أليم * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو
حرقوه فأنجيه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ".
فهذه الآية مع قصة إبراهيم صلى الله عليه متصلة بها فقد أخرت، وهذا
دليل على أن التأليف على غير ما أنزل الله جل وعزفي كل وقت للأمور التي
كانت تحدث، فينزل الله فيها القرآن وقد قدموا وأخروا لقلة معرفتهم بالتأليف
وقلة علمهم بالتنزيل على ما أنزله الله، وإنما ألفوه بآرائهم، وربما كتبوا
الحرف والآية في غير موضعها الذي يجب، قلة معرفة به، ولو أخذوه من معدنه الذي
انزل فيه، ومن أهله الذي نزل عليهم، لما اختلف التأليف، ولوقف الناس على
عامة ما احتاجوا إليه من الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والخاص والعام.
ومثله في سورة النساء في قصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد حيث أمرهم
الله جل وعز بعد ما أصابهم من الهزيمة والقتل والجراح أن يطلبوا قريشا " ولا
تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون

(1) العنكبوت: 16 و 17.
71

من الله ما لا يرجون " (1) فلما أمرهم الله بطلب قريش قالوا: كيف نطلب ونحن
بهذه الحال من الجراحة والألم الشديد، فأنزل الله هذه الآية " ولا تهنوا في
ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا
يرجون " وفي سورة آل عمران تمام هذه الآية عند قوله: " إن يمسسكم قرح
فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا
ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين " (2) الآية إلى آخرها والآيتان
متصلتان في معنى واحد، ونزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله متصلة بعضها ببعض، فقد
كتب نصفها في سورة النساء، ونصفها في سورة آل عمران.
وقد حكى جماعة من العلماء عن الأئمة عليهم السلام أنهم قالوا: إن أقواما
ضربوا القرآن بعضه ببعض، واحتجوا بالناسخ وهم يرونه محكما، واحتجوا
بالخاص وهم يرونه عاما، واحتجوا بأول الآية وتركوا السبب، ولم ينظروا
إلى ما يفتحه الكلام، وما يختمه، وما مصدره ومورده، فضلوا وأضلوا عن سواء
السبيل، وسأصف من علم القرآن أشياء ليعلم أن من لم يعلمها لم يكن بالقرآن
عالما، من لم يعلم الناسخ والمنسوخ والمبهم والخاص والعام، والمكي والمدني والمحكم
والمتشابه وأسباب التنزيل والمبهم من القرآن وألفاظه المؤتلفة في المعاني، وما
فيه من علم القدر، والتقديم منه والتأخير، والعمق والجواب والسبب والقطع
والوصل، والاتفاق، والمستثنى منه، والمجاز، والصفة، في قبل وما بعد، والمفصل
الذي هلك فيه الملحدون، والوصل من الألفاظ والمحمول منه على ما قبله وما
بعده، والتوكيد منه، وقد فسرنا في كتابنا هذا بعض ذلك، وإن لم نأت على آخره.
ومن الدليل أيضا في باب تأليف القرآن أنه على خلاف ما أنزله الله تبارك
وتعالى في سورة الأحزاب في قوله: " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا
ونذيرا " (3) إلى قوله: " وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا " وهذه الآية

(1) النساء: 104.
(2) آل عمران: 140.
(3) الأحزاب: 45.
72

نزلت بمكة، وقبل هذه الآية ما نزل بالمدينة وهو قوله عز وجل في سورة
الأحزاب: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا
عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا " (1) إلى قوله: " ولما
رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا
وتسليما * من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه " (2).
وفي هذه الآية وهذه القصة وقعت المحنة على المؤمنين والمنافقين، فأما
المؤمنون فما مدحهم الله به من قوله عز وجل: ما زادهم ما كانوا فيه من الشدة إلا إيمانا
وتسليما من المؤمنين، وأما المنافقون فما قص الله من خبرهم وحكى عن بعضهم
قوله تبارك وتعالى: " قد يعلم الله المعوقين منكم " إلى قوله: " وكان ذلك على الله
يسيرا " (3).
وقد أجمعوا أن أول سورة نزلت من القرآن " اقرأ باسم ربك " وليس تقرء في
ما ألفوا من المصحف إلا قريبا من آخره [وأن من أواخر ما نزلت] من القرآن سورة
البقرة وقد كتبوها في أول المصحف.
وروى بعض العلماء أنه لما حفر عمرو بن عبد ود الخندق، قال رجل
من المنافقين من قريش لبعض إخوانه: إن قريشا لا يريدون إلا محمدا فهلموا نأخذه.
فندفعه في أيديهم، ونسلم نحن بأنفسنا، فأخبر جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله فتبسم
وأنزل الله عليه هذه الآيات " قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لا خوانهم هلم
إلينا " الآية.
46 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن القاسم بن زكريا، عن عباد بن
يعقوب، عن مطر بن أرقم، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن صفوان بن قبيصة
عن الحارث بن سويد، عن عبد الله بن مسعود قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وآله سبعين
سورة من القرآن أخذتها من فيه، وزيد ذو ذؤابتين يلعب مع الغلمان، وقرأت

(1) الأحزاب: 9.
(2) الأحزاب: 22 و 23.
(3) الأحزاب: 18.
73

سائر - أو قال: بقية - القرآن على خير هذه الأمة وأقضاهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله
علي بن أبي طالب صلوات الله عليه (1).
أقول: سئل الشيخ المفيد رحمه الله في المسائل السروية: ما قوله أدام
الله تعالى حراسته في القرآن؟ أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس أم هل
ضاع مما أنزل الله تعالى على نبيه منه شئ أم لا؟ وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين
عليه السلام أم ما جمعه عثمان على ما يذكره المخالفون ".
الجواب: إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله
وليس فيه شئ من كلام البشر، وهو جمهور المنزل، والباقي مما أنزله الله
تعالى قرآنا، عند المستحفظ للشريعة، المستودع للأحكام، لم يضع منه شئ
وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع لأسباب
دعته إلى ذلك، منها قصورة عن معرفة بعضه، ومنه ما شك فيه، ومنه ما عمد بنفسه
ومنه ما تعمد إخراجه منه.
وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره، وألفه
بحسب ما وجب من تأليفه، فقدم المكي على المدني، والمنسوخ على الناسخ
ووضع كل شئ منه في حقه، فلذلك قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: أما والله
لو قرئ القرآن كما انزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا، وقال
عليه السلام: نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع قصص
وأمثال، وربع قضايا وأحكام، ولنا أهل البيت فضائل القرآن.
فصل: غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم أمروا بقراءة ما بين
الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة فيه ولا نقصان منه، حتى يقوم القائم عليه السلام فيقرئ
الناس القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام وإنما نهونا عليهم السلام
عن قراءة ما وردت به الاخبار من أحرف يزيد على الثابت في المصحف، لأنها
لم يأت على التواتر وإنما جاء بالآحاد، وقد يغلط الواحد فيما ينقله، ولأنه

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 219.
74

متى قرأ الانسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه مع أهل الخلاف، وأغرى به
الجبارين، وعرض نفسه الهلاك، فمنعونا عليهم السلام من قراءة القرآن بخلاف ما
يثبت بين الدفتين لما ذكرناه.
فصل: فان قال قائل: كيف تصح القول بأن الذي بين الدفتين هو كلام
الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان، وأنتم تروون عن الأئمة عليهم السلام
أنهم قرؤا " كنتم خير أئمة أخرجت للناس " " وكذلك جعلناكم أئمة وسطا "
وقرؤا " يسئلونك الأنفال " وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس.
قيل له: قد مضى الجواب عن هذا، وهو أن الاخبار التي جاءت بذلك
أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها، فلذلك وقفنا فيها، ولم نعدل عما في
المصحف الظاهر على ما أمرنا به حسب ما بيناه، مع أنه لا ينكر أن تأتي القراءة
على وجهين منزلتين أحدهما ما تضمنه المصحف والثاني ما جاء به الخبر كما يعترف
مخالفونا به من نزول القرآن على وجوه شتى، فمن ذلك قوله تعالى: " وما هو
على الغيب بظنين " (1) يريد بمتهم، وبالقراءة الأخرى " وما هو على الغيب
بضنين " يريد به ببخيل ومثل قوله: " جنات عدن تجري من تحتها الأنهار " على
قراءة، وعلى قراءة أخرى " تجري تحتها الأنهار " ونحو قوله تعالى: " إن
هذان لساحران " (2) وفي قراءة أخرى " إن هذين لساحران " وما أشبه ذلك
مما يكثر تعداده، ويطول الجواب باثباته، وفيما ذكرناه كفاية إنشاء الله تعالى.
أقول: روى البخاري والترمذي في صحيحيهما وذكره في جامع الأصول
في حرف التاء في باب ترتيب القرآن وتأليفه وجمعه، عن زيد بن ثابت قال: أرسل
إلى أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة فإذا عمر جالس عنده، فقال أبو بكر: إن عمر
جاءني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن
يستحر القتل بالقراء في كل المواطن، فيذهب من القرآن كثير وإني أرى أن

(1) التكوير: 24.
(2) طه: 63.
75

تذهب بجمع القرآن، قال: قلت لعمر: وكيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي
شرح له صدر عمر، ورأيت في ذلك الذي رأي عمر، قال زيد: فقال لي أبو بكر:
إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وآله فتتبع
القرآن فأجمعه، قال زيد: فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل
على مما أمرني به من جمع القرآن.
قال: قلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله؟ فقال أبو بكر: هو والله
خير، قال: فلم يزل أبو بكر يراجعني - وفي رواية أخرى فلم يزل عمر يراجعني -
حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر قال: فتتبعت القرآن: أجمعه من
الرقاع والعسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة أو
أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره " لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه "
خاتمة براءة. قال: فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه
الله، ثم حفصة بنت عمر، قال بعض الرواة: فيه اللخاف يعني الخزف، قال في
جامع الأصول: أخرجه البخاري والترمذي. وقد روى هذه الرواية في الاستيعاب عن
ابن شهاب، عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت، وروى البخاري والترمذي
وصاحب جامع الأصول في الموضع المذكور عن الزهري عن أنس بن مالك أن
حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان
مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القرآن فقال حذيفة لعثمان: يا أمير -
المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل
عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف، ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك
فأرسلت بها إليه فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن
ابن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين: إذا
اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل
76

بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، رد عثمان الصحف إلى
حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سوى ذلك من القرآن
في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال ابن شهاب: وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت يقول: فقدت آية من
سورة الأحزاب حين نسخت الصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقرء بها
فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري " من المؤمنين رجال صدقوا ما
عاهدوا الله عليه " فألحقناها في سورتها من المصحف، قال: وفي رواية أبي اليمان خزيمة
ابن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وآله شهادته شهادة رجلين قال: وزاد في رواية أخرى
قال ابن شهاب: اختلفوا يومئذ في التابوت، فقال زيد: التابوة وقال ابن الزبير وسعيد بن
العاص: التابوت فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال: اكتبوه التابوت فإنه بلسان قريش.
قال في جامع الأصول: أخرجه البخاري والترمذي وزاد الترمذي قال
الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله أن عبد الله بن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ
المصاحف، وقال: يا معشر المسلمين اعزل عن نسخ المصاحف ويتولاها رجل
والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر، يريد زيد بن ثابت، ولذلك قال عبد الله
ابن مسعود: يا أهل العراق! اكتموا المصاحف التي عندكم، وغلوها، فان الله تعالى
يقول: " ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " فالقوا الله بالمصاحف.
قال الترمذي: فبلغني أنه كره ذلك من مقالة ابن مسعود رجال من أفاضل
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وروى البخاري ومسلم بن حجاج والترمذي في صحاحهم
وذكره في جامع الأصول عن أنس قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد يعني ابن ثابت
قلت لانس: من أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي، وروى البخاري برواية أخرى عن أنس قال:
مات النبي صلى الله عليه وآله ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت
وأبو زيد، وروى البخاري عن ابن عباس قال: جمعت المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
قلت له: وما المحكم [قال: المفصل.].
77

* 8 (باب) *
* " (أن للقرآن ظهرا وبطنا، وأن علم كل شئ في القرآن) " *
* " (وأن علم ذلك كله عند الأئمة عليهم السلام، ولا يعلمه) " *
* " (غيرهم الا بتعليمهم) " *
أقول: قد مضى كثير من تلك الأخبار في أبواب كتاب الإمامة. ونورد هنا
مختصرا من بعضها وقد مضى مفصل ذلك في باب احتجاج أمير المؤمنين صلوات الله
عليه على الزنديق المدعي للتناقض في القرآن (1) وكذا في الاخبار التي ذكرت
بأسانيد في باب " سلوني قبل أن تفقدوني " (2) فإنه قد قال أمير المؤمنين عليه السلام.
أما والله لو ثنيت لي الوسادة، فجلست عليها، لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم
حتى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، و
أفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول: صدق علي ما كذب لقد
أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول
صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأنتم تتلون القرآن ليلا ونهارا
فهل فيكم أحد يعلم ما نزل فيه، ولولا آية في كتاب الله عز وجل لأخبرتكم بما
كان، وبما هو كاين إلى يوم القيامة، وهي هذه الآية " يمحوا الله ما يشاء ويثبت
وعنده أم الكتاب " (3).
1 - الإحتجاج: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي صلوات الله عليهم
قال: سلوني عن كتاب الله، فوالله ما نزلت آية من كتاب الله في ليل ولا نهار، ولا

(1) راجع احتجاج الطبرسي ص 125.
(2) راجع ج 10 ص 117 - 128 من هذه الطبعة، وتراه في الاحتجاج: 137
أمالي الصدوق ص 205 - 208.
(3) الرعد: 39.
78

مسير ولا مقام، إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمني تأويلها، فقام ابن الكوا
فقال: يا أمير المؤمنين فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه؟ قال: كان [يحفظ
علي] رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا غائب حتى أقدم عليه
فيقرئنيه ويقول: يا علي أنزل الله بعدك كذا وكذا، وتأويله كذا وكذا
فعلمني تأويله وتنزيله (1).
أمالي الطوسي: باسناد المجاشعي، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن علي عليهم السلام
مثله (2).
2 - أمالي الصدوق: الطالقاني، عن الجلودي، عن المغيرة بن محمد، عن إبراهيم بن
محمد بن عبد الرحمن، عن قيس بن الربيع ومنصور بن أبي الأسود، عن الأعمش
عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله قال: قال علي عليه السلام: ما نزلت في القرآن
آية إلا وقد علمت أين نزلت، وفيمن نزلت، وفي أي شئ نزلت، وفي سهل
نزلت أم في جبل نزلت، قيل: فما نزل فيك؟ فقال: لولا أنكم سئلتموني ما
أخبرتكم نزلت في الآية " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " فرسول الله صلى الله عليه وآله
المنذر، وأنا الهادي إلى ما جاء به (3).
3 - عيون أخبار الرضا (ع): باسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال الحسين
عليه السلام: خطبنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: سلوني عن القرآن أخبركم
عن آياته فيمن نزلت، وأين نزلت (4).
4 - أمالي الطوسي: المفيد، عن الجعاني، عن ابن عقدة، عن محمد بن الحسن، عن
علي بن إبراهيم بن يعلى، عن علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن الثمالي، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما نزلت آية إلا وأنا عالم متى

(1) الاحتجاج: 139.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 136.
(3) أمالي الصدوق ص 166.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 67.
79

نزلت، وفيمن نزلت، ولو سئلتموني عما بين اللوحين لحدثتكم (1).
5 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن
عيسى القيسي، عن إسحاق بن يزيد الطائي، عن هاشم بن البريد، عن أبي سعيد
التيمي، عن أبي ثابت مولى أبي ذر، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي قبض فيه يقول وقد امتلأت الحجرة من أصحابه:
أيها الناس يوشك أن اقبض قبضا سريعا، فينطلق بي وقد قدمت إليكم القول
معذرة إليكم، ألا إني مخلف فيكم كتاب ربي عز وجل، وعترتي أهل بيتي ثم
أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها فقال: هذا علي مع القرآن مع علي خليفتان
بصيران، لا يفترقان حتى يردا على الحوض فأسألهما ما ذا خلفت فيهما (2).
6 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن جرير الطبري، عن محمد بن
عمارة الأسدي، عن عمرو بن حماد بن طلحة، عن علي بن هاشم بن البريد، عن
أبيه، عن أبي سعيد التيمي، عن أبي ثابت مولى أبي ذر، عن أم سلمة قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: إن عليا مع القرآن، والقرآن مع علي
لا يفترقان حتى يردا على الحوض (3).
أقول: تمامه في أبواب غزوة الجمل.
7 - تفسير علي بن إبراهيم: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء
إلى الأرض وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين عندي، وعند عترة
خاتم النبيين فأين يتاه بكم بل أين تذهبون (4).
8 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: إن رسول الله أفضل الراسخين في العلم، فقد علم جميع ما أنزل

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 172.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 92.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 120.
(4) تفسير القمي ص 5.
80

الله عليه من التأويل والتنزيل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه التأويل
وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله (1).
9 - تفسير علي بن إبراهيم: محمد بن جعفر، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن
حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله أنزل في القرآن تبيان كل شئ
حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج العباد إليه إلا بينه للناس حتى لا يستطيع عبد يقول:
لو كان هذا نزل في القرآن، إلا وقد أنزل الله فيه (2).
المحاسن: علي بن حديد مثله (3).
10 - تفسير علي بن إبراهيم: محمد بن أحمد بن ثابت، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن
حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن القرآن زاجر
وآمر، يأمر بالجنة، ويزجر عن النار، وفيه محكم ومتشابه، فأما المحكم
فيؤمن به ويعمل به ويدين به، وأما المتشابه فيؤمن به ولا يعمل به، وهو قول
الله: " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله
وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " (4)
والراسخون في العلم آل محمد عليهم السلام (5).
11 - تفسير علي بن إبراهيم: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله عز وجل بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وآله
بالهدى، وأنزل عليه الكتاب بالحق، وأنتم أميون عن الكتاب ومن أنزله، وعن
الرسول ومن أرسله، أرسله على حين فترة من الرسل، طول هجعة من الأمم
وانبساط من الجهل، واعتراض من الفتنة، وانتقاض من المبرم، وعمى عن الحق
واعتساف من الجور، وامتحاق من الدين، وتلظ من الحروب، وعلى حين

(1) تفسير القمي ص 87.
(2) تفسير القمي ص 745 والآية في سورة النحل: 88.
(3) المحاسن ص 267.
(4) آل عمران: 7 و 8.
(5) تفسير القمي: 745.
81

اصفرار من رياض جنات الدنيا، ويبس من أغصانها، وانتشار من ورقها، ويأس
من ثمرتها، واغورار من مائها.
قد درست أعلام الهدى، وظهرت أعلام الردى، والدنيا متجهمة في وجوه
أهلها، مكفهرة، مدبرة غير مقبله، ثمرتها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها
الخوف، ودثارها السيف، قد مزقهم كل ممزق، فقد أعمت عيون أهلها، وأظلمت
عليهم أيامها، قد قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ودفنوا في التراب الموؤودة
بينهم من أولادهم، يختار دونهم طيب العيش، ورفاهية خفوض الدنيا، لا يرجون
من الله ثوابا، ولا يخافون والله منه عقابا، حيهم أعمى نجس، وميتهم في النار
مبلس.
فجاءهم نبيه صلى الله عليه وآله بنسخة ما في الصحف الأولى، وتصديق الذي بين يديه
وتفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه، ولن ينطق لكم
أخبركم، فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم
وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لأخبرتكم عنه، لأني
أعلمكم (1).
أقول: قد سبقت أخبار الثقلين في كتاب الإمامة.
12 - الإحتجاج: عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إذا حدثتكم بشئ
فسألوني من كتاب الله، ثم قال في بعض حديثه: إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن القيل
والقال، وفساد المال، وكثرة السؤال، فقيل له: يا ابن رسول الله أين هذا من
كتاب الله عز وجل؟ قال: قوله: " لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة
أو معروف أو إصلاح بين الناس " (2) وقال: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي
جعل الله لكم قياما " (3) وقال: (لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " (4).

(1) تفسير القمي: 4.
(2) النساء: 114.
(3) النساء: 5.
(4) الاحتجاج: 193، والآية في سورة المائدة: 101.
82

13 - - الخصال:
ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن محمد بن يحيى
الصير في، عن حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الأحاديث
تختلف عنكم، قال: فقال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للامام
أن يفتي على سبعة وجوه، ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير
حساب " (1).
تفسير العياشي: حماد مثله (2).
14 - معاني الأخبار: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن خالد الأشعري، عن
إبراهيم بن محمد الأشعري، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي خالد القماط، عن
حمران بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن ظهر القرآن وبطنه، فقال: ظهره
الذين نزل فيهم القرآن، وبطنه الذين عملوا بأعمالهم، يجري فيهم ما نزل في
أولئك (3).
15 - معاني الأخبار: أبي، عن محمد العطار، عن سهل، عن علي بن سليمان، عن
القندي، عن عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
إن الله قد أمرني في كتابه بأمر فأحب أن أعلمه، قال: وما ذاك؟ قلت: قول
الله عز وجل: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم " (4) قال: " ليقضوا تفثهم "
لقى الامام " وليوفوا نذورهم " تلك المناسك، قال عبد الله بن سنان: فأتيت
أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلني الله فداك قول الله عز وجل: " ثم ليقضوا تفثهم
وليوفوا نذورهم " قال: أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك، قال: قلت
جعلت فداك فان ذريحا المحاربي حدثني عنك أنك قلت له: " ثم ليقضوا تفثهم "
لقى الامام " وليوفوا نذورهم " تلك المناسك؟ فقال: صدق ذريح، وصدقت، إن

(1) الخصال ج 2 ص 10.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
(3) معاني الأخبار ص 259.
(4) الحج: 29.
83

للقرآن ظاهرا وباطنا، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح (1).
16 - بصائر الدرجات: عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن المنذر
عن عمرو بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله لم يدع شيئا تحتاج إليه
الأمة إلى يوم القيامة إلا أنزله في كتابه، وبينه لرسوله، وجعل لكل شئ
حدا، وجعل عليه دليلا يدل عليه (2).
بصائر الدرجات: ابن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن الحسين بن المنذر
مثله (3).
17 - بصائر الدرجات: محمد بن حماد، عن أخيه أحمد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن
أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله ورث
من النبيين كلهم (4) قال لي: نعم، من لدن آدم إلى أن انتهت إلى نفسه، قال: ما
بعث الله نبيا إلا وكان محمد أعلم منه، قال: قلت: عيسى بن مريم كان يحيي الموتى
بإذن الله، قال: صدقت، قلت: وسليمان بن داود عليه السلام كان يفهم منطق الطير
هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقدر على هذه المنازل؟ قال: فقال: إن سليمان بن داود
قال للهدهد، حين فقده وشك في أمره فقال: " مالي لا أرى الهدهد أم كان من
الغائبين " (5) وغضب عليه فقال: " لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني
بسلطان مبين " (6) وإنما غضب عليه لأنه كان يدله على الماء، فهذا وهو طير قد
أعطي ما لم يعط سليمان، وقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين المردة
له طائعين، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، فكان الطير يعرفه إن الله تبارك
وتعالى يقول في كتابه: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض
أو كلم به الموتى، بل لله الامر جميعا " (7).

(1) معاني الأخبار ص 340.
(2) بصائر الدرجات ص 6.
(3) بصائر الدرجات ص 6.
(4) علم النبيين كلهم خ.
(5) النمل: 21.
(6) النمل: 22.
(7) الرعد: 31.
84

فقد ورثنا نحن هذا القران، ففيه ما يقطع به الجبال، ويقطع به البلدان
ويحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهوى، وإن في كتاب الله لآيات
ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به، معما قد يأذن الله، فما كتبه للماضين جعله الله
في أم الكتاب إن الله يقول في كتابه: " ما من غائبة في السماء والأرض إلا في
كتاب مبين " (1) ثم قال: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " (2)
فنحن الذين اصطفانا الله، فورثنا هذا الذي فيه كل شئ (3).
18 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن عبد الله بن جبلة، عن داود الرقي، عن
الثمالي، عن أبي الحجاز قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله ختم
مائة ألف نبي، وأربعة وعشرين ألف نبي، وختمت أنا مائة ألف وصي وأربعة وعشرين
ألف وصي، وكلفت ما تكلفت الأوصياء قبلي، والله المستعان، فان رسول الله
صلى الله عليه وآله قال في مرضه: لست أخاف عليك أن تضل بعد الهدى، ولكن
أخاف عليك فساق قريش وعاديتهم، حسبنا الله ونعم الوكيل.
على أن ثلثي القرآن فينا، وفي شيعتنا، فما كان من خير فلنا، ولشيعتنا
والثلث الباقي أشركنا فيه الناس، فما كان من شر فلعدونا، ثم قال: " هل يستوي
الذين يعلمون والذين لا يعلمون " (4) إلى آخر الآية، فنحن أهل البيت، وشيعتنا
أولوا الألباب، والذين لا يعلمون عدونا، وشيعتنا هم المهتدون (5).
19 - بصائر الدرجات: علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن يونس، عن
عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لاعلم ما في السماء
وأعلم ما في الأرض، وأعلم ما في الجنة، وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان

(1) النمل: 75.
(2) فاطر: 32.
(3) بصائر الدرجات ص 114 و 115 وفيه اختلاف يسير.
(4) الزمر: 9.
(5) بصائر الدرجات 121، وفى المطبوعة رمز الاحتجاج وهو سهو.
85

وأعلم ما يكون، علمت ذلك من كتاب الله إن الله تعالى يقول: " فيه تبيان كل
شئ " (1).
20 - بصائر الدرجات: محمد بن عبد الجبار، عن منصور بن يونس، عن حماد اللحام قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: نحن والله نعلم ما في السماوات وما في الأرض، وما في
الجنة وما في النار، وما بين ذلك، فبهت أنظر إليه، قال: فقال: يا حماد
إن ذلك من كتاب الله إن ذلك من كتاب الله إن ذلك من كتاب الله ثم تلا هذه
الآية " ويوم نبعث من كل أمة شهيدا من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى وبشرى للمسلمين " إنه من كتاب
الله، فيه تبيان كل شئ، فيه تبيان كل شئ (2).
21 - بصائر الدرجات: عبد الله بن عامر، عن محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن
الحارث بن المغيرة وعبيدة وعبد الله بن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إني لاعلم ما في السماوات، وما في الأرضين، وأعلم ما في الجنة، وأعلم ما
في النار، وأعلم ما كان وما يكون، ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من
سمعه، فقال: علمت ذلك من كتاب الله، إن الله يقول: فيه تبيان كل شئ (3).
22 - بصائر الدرجات: عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن سهل، عن
إبراهيم بن عبد الحميد، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " هذا ذكر من
معي وذكر من قبلي " (4) فقال: ذكر من معي ما هو كائن، وذكر من قبلي ما
قد كان (5).

(1) بصائر الدرجات ص 128، وقد كثر في الروايات نقل الآية هكذا، وفى المصحف
الشريف: " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ " النحل: 89، والظاهر أنه نقل بالمعنى
كما يفهم من الحديث الآتي.
(2) بصائر الدرجات ص 128.
(3) بصائر الدرجات ص 128.
(4) الأنبياء: 24.
(5) بصائر الدرجات ص 129.
86

أقول: قد مضى كثير من الاخبار في كتاب الإمامة في باب أنهم يعلمون
علم ما كان وما يكون وباب أن عندهم علم الكتب، وفي باب علم علي عليه السلام.
22 - بصائر الدرجات: محمد بن عبد الحميد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سمعت
منهال ابن عمرو يقول: أخبرني زاذان قال: سمعت عليا أمير المؤمنين عليه السلام وهو
يقول: ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا وقد نزلت فيه آية أو آيتان تقوده
إلى الجنة أو تسوقه إلى النار، وما من آية نزلت في بر أو بحر أو سهل أو جبل
إلا وقد عرفته، حيث نزلت، وفي من أنزلت، ولو ثنيت لي وسادة لحكمت بين
أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم
وبين أهل الفرقان بفرقانهم حتى تزهر إلى الله (1).
23 - بصائر الدرجات: محمد بن عيسى، عن أبي محمد الأنصاري، عن صباح المزني، عن
الحارث بن حصيرة المزني، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال: لما قدم علي عليه السلام
الكوفة صلى بهم أربعين صباحا فقرأ بهم سبح اسم ربك الاعلى فقال المنافقون:
والله ما يحسن أن يقرأ ابن أبي طالب القرآن، ولو أحسن أن يقرأ لقرأ بنا غير
هذه السورة، قال: فبلغه ذلك فقال: ويلهم إني لأعرف ناسخه ومنسوخه، ومحكمه
ومتشابهه، وفصله من وصله، وحروفه من معانيه، والله ما حرف نزل على محمد
رسول الله صلى الله عليه وآله إلا وأنا أعرف فيمن انزل، وفي أي يوم نزل، وفي أي موضع
نزل، ويلهم أما يقرؤن " إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى "
وإنها عندي ورثتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وورثها رسول الله صلى الله عليه وآله من إبراهيم وموسى
ويلهم والله إني أنا الذي أنزل الله في " وتعيها اذن واعية " (2) فإنا كنا عند
رسول الله صلى الله عليه وآله فيخبرنا بالوحي فأعيه ويفوتهم (3) فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال
آنفا (4).

(1) بصائر الدرجات ص 133.
(2) الحاقة: 12.
(3) وما يعونه خ ل.
(4) بصائر الدرجات ص 135.
87

تفسير العياشي: عن الأصبغ مثله (1).
25 - بصائر الدرجات: محمد بن عيسى، عن صفوان وعبد الرحمن، عن عاصم بن حميد
عن أبي بصير، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان قال: سمعت عليا عليه السلام يقول:
ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلا وقد نزلت فيه آية أو آيتان تقوده
إلى الجنة أو تسوقه إلى النار، وما من آية نزلت في بر أو بحر أو سهل أو جبل
إلا وقد عرفت كيف نزلت، وفيما أنزلت (2).
26 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن
المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أنه
جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء (3).
27 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن
جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ما من أحد من الناس يقول: إنه جمع
القرآن كله كما أنزل الله إلا كذب، وما جمعه وما حفظه كما أنزل الله إلا علي
ابن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام (4).
28 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن هاشم، عن سالم بن
أبي سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس
على ما يقرأها الناس، فقال أبو عبد الله عليه السلام: مه مه! كف عن هذه القراءة اقرأ
كما يقرأ الناس، حتى يقوم القائم، فإذا قام أقرأ كتاب الله على حده، وأخرج
المصحف الذي كتبه علي، وقال: أخرجه علي عليه السلام إلى الناس حيث فرغ منه وكتبه
فقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله، وقد جمعته بين اللوحين، فقالوا
هوذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه، قال: أما والله لا ترونه

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 14.
(2) بصائر الدرجات ص 139.
(3) بصائر الدرجات ص 193.
(4) بصائر الدرجات ص 193.
88

بعد يومكم هذا، ابدا إنما كان على أن أخبركم به حين جمعته لتقرؤه (1).
29 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار قال: سأل
رجل أبا جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر: ما يستطيع أحد يقول جمع القرآن كله غير
الأوصياء (2).
30 - بصائر الدرجات: عبد الله بن عامر، عن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن عثمان
عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ما أجد
من هذه الأمة من جمع القرآن إلا الأوصياء (3).
31 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مرازم وموسى بن بكير قالا:
سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنا أهل البيت لم يزل الله يبعث فينا من يعلم كتابه
من أوله إلى آخره (4).
32 - بصائر الدرجات: محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن عبد الاعلى قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والله إني لاعلم كتاب الله من أوله إلى آخره، كأنه
في كفي، فيه خبر السماء، وخبر الأرض، وخبر ما يكون، وخبر ما هو كائن، قال
الله: فيه تبيان كل شئ (5).
33 - المحاسن: ابن أبي نجران، عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
أتاني الفضل بن عبد الملك النوفلي ومعه مولى له يقال له شبيب معتزلي المذهب
ونحن بمنى، فخرجت إلى باب الفسطاط في ليلة مقمرة، فأنشأ المعتزلي يتكلم فقلت:
ما أدري ما كلامك هذا الموصل الذي قد وصلته، إن الله خلق الخلق فرقتين، فجعل
خيرته في إحدى الفرقتين، ثم جعلهم أثلاثا فجعل خيرته في إحدى الا ثلاث ثم
لم يزل يختار حتى اختار عبد مناف ثم اختار من عبد مناف هاشما ثم اختار من
هاشم عبد المطلب، ثم اختار من عبد المطلب عبد الله، ثم اختار من عبد الله محمدا
رسول الله صلى الله عليه وآله فكان أطيب الناس ولادة، فبعثه الله تعالى بالحق وأنزل عليه الكتاب

(1) بصائر الدرجات ص 193.
(2) بصائر الدرجات ص 193.
(3) بصائر الدرجات ص 194.
(4) بصائر الدرجات ص 194.
(5) بصائر الدرجات ص 194.
89

فليس من شئ إلا في كتاب الله تبيانه (1).
34 - المحاسن: محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن خثيمة بن
عبد الرحمان، عن أبي لبيد البحراني قال: جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام بمكة فسأله
عن مسائل فأجابه فيها، ثم قال له الرجل: أنت الذي تزعم أنه ليس شئ من
كتاب الله إلا معروف؟ قال: ليس هكذا قلت، ولكن ليس شئ من كتاب الله إلا
عليه دليل ناطق عن الله في كتابه، مما لا يعلمه الناس، قال: فأنت الذي تزعم
أنه ليس من كتاب الله إلا والناس يحتاجون إليه؟ قال: نعم، ولا حرف واحد
فقال له: فما " المص " قال أبو لبيد: فأجابه بجواب نسيته.
فخرج الرجل فقال لي أبو جعفر عليه السلام: هذا تفسيرها في ظهر القرآن
أفلا أخبرك بتفسيرها في بطن القرآن؟ قلت: وللقرآن بطن وظهر؟ فقال: نعم
إن لكتاب الله ظاهرا وباطنا، ومعاني وناسخا ومنسوخا، ومحكما ومتشابها
وسننا وأمثالا، وفصلا ووصلا، وأحرفا وتصريفا، فمن زعم أن كتاب الله
مبهم فقد هلك وأهلك، ثم قال: أمسك الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم
أربعون والصاد تسعون، فقلت: فهذه مائة وإحدى وستون، فقال: يا لبيد إذا دخلت
سنة إحدى وستين ومائة سلب الله قوما سلطانهم (2).
35 - المحاسن: عثمان، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله أنزل
عليكم كتابه الصادق البار، فيه خبركم، وخبر ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وخبر
السماء، وخبر الأرض. فلو أتاكم من يخبركم عن ذلك لعجبتم (3).
تفسير العياشي: عن سماعة مثله (4).
36 - المحاسن: أحمد بن محمد، عن أبيه، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن

(1) المحاسن ص 267. وفى المطبوعة رمز البصائر، وهو سهو.
(2) المحاسن ص 270.
(3) المحاسن ص 267.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 8.
90

أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إذا حدثتكم بشئ فاسألوني عنه من كتاب
الله، ثم قال في بعض حديثه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن القيل والقال، وفساد
المال، وفساد الأرض، وكثرة السؤال، قالوا: يا ابن رسول الله وأين هذا من كتاب الله
قال: إن الله يقول في كتابه: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف
أو إصلاح بين الناس " (1) وقال: " لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم
قياما " (2) " ولا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم " (3).
37 - المحاسن: أبي، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن بشر
الوابشي، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من التفسير
فأجابني ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت فداك كنت أجبتني
في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم، فقال: يا جابر إن للقرآن بطنا
وللبطن بطن، وله ظهر، وللظهر ظهر، يا جابر ليس شئ أبعد من عقول الرجال
من تفسير القرآن إن الآية يكون أولها في شئ وآخرها في شئ وهو كلام متصل
متصرف على وجوه (4).
38 - كشف اليقين: محمد بن علي الكاتب الاصفهاني، عن محمد بن المنذر الهروي، عن
الحسن بن الحكم بن مسلم، عن الحسن بن الحسن العرني، عن أبي يعقوب
الجعفي، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن أنس بن مالك قال: كنت خادم رسول
الله صلى الله عليه وآله فبينا أنا أوضيه، فقال: يدخل داخل هو أمير المؤمنين، وسيد المسلمين
وخير الوصيين، وأولى الناس بالنبيين، وأمير الغر المحجلين، فقلت: اللهم
اجعله رجلا من الأنصار، قال: فإذا علي قد دخل، فعرق وجه رسول الله صلى الله عليه وآله
عرقا شديدا فجعل يمسح عرق وجهه بوجه على فقال: يا رسول الله مالي؟ أنزل في

(1) النساء: 114.
(2) النساء: 5.
(3) المحاسن ص 269، والآية في سورة المائدة: 101.
(4) المحاسن ص 300.
91

شئ؟ قال: أنت مني تؤدي عني وتبرئ ذمتي، وتبلغ عني رسالتي، قال: يا
رسول الله أولم تبلغ الرسالة؟ قال: بلى ولكن تعلم الناس من بعدي من تأويل
القرآن ما لم يعلموا وتخبرهم (1).
كشف اليقين: من كتاب إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إبراهيم بن منصور وعثمان
ابن سعيد، عن عبد الكريم بن يعقوب، عن أبي الطفيل، عن أنس مثله (2).
كشف اليقين: إبراهيم، عن ابن محبوب، عن الثمالي، عن أبي إسحاق، عن أنس مثله (3).
كشف اليقين: محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان، عن محمد بن حماد بن بشير، عن محمد بن
الحسين بن محمد بن جمهور، عن أبيه، عن الحسين بن عبد الكريم، عن إبراهيم بن ميمون
وعثمان بن سعيد، عن عبد الكريم، عن يعقوب، عن جابر الجعفي، عن أنس مثله (4).
39 - تفسير العياشي: عن بريد بن معاوية قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله:
" وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " قال: يعني تأويل القرآن كله إلا
الله والراسخون في العلم فرسول الله أفضل الراسخين، قد علمه الله جميع ما أنزل
عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله منزلا عليه شيئا لم يعلمه تأويله وأوصياؤه
من بعده يعلمونه كله، فقال الذين لا يعلمون: ما نقول إذا لم نعلم تأويله؟ فأجابهم
الله " يقولون آمنا به كل من عند ربنا " والقرآن له خاص وعام، وناسخ
ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، فالراسخون في العلم يعلمونه (5).
40 - تفسير العياشي: عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " وما يعلم
تأويله إلا الله والراسخون في العلم " نحن نعلمه (6).
41 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نحن الراسخون في
العلم فنحن نعلم تأويله (7).
42 - مناقب ابن شهرآشوب: من الجماعة الذين ينتسبون إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه

(1) راجع اليقين في امرة أمير المؤمنين ص 10 و 31 و 40 و 58، وفيها روايات كثيرة من ذلك.
(2) راجع اليقين في امرة أمير المؤمنين ص 10 و 31 و 40 و 58، وفيها روايات كثيرة من ذلك.
(3) راجع اليقين في امرة أمير المؤمنين ص 10 و 31 و 40 و 58، وفيها روايات كثيرة من ذلك.
(4) راجع اليقين في امرة أمير المؤمنين ص 10 و 31 و 40 و 58، وفيها روايات كثيرة من ذلك.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 164.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 164.
92

المفسرون كعبد الله بن العباس وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت
وهم معترفون له بالتقدم.
تفسير النقاش: قال ابن عباس؟ جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب
وابن مسعود، إن القرآن انزل على سبعة أحرف ما منها إلا وله ظهر وبطن، وإن
علي بن أبي طالب عليه السلام علم الظاهر والباطن.
فضائل العكبري قال الشعبي: ما أحد أعلم بكتاب الله بعد نبي الله من علي
ابن أبي طالب عليه السلام.
تاريخ البلاذري وحلية الأولياء: وقال علي عليه السلام: والله ما نزلت آية إلا
وقد علمت فيما نزلت، وأين نزلت، أبليل نزلت أم بنهار نزلت، في سهل أو جبل
إن ربي وهب لي قلبا عقولا، ولسانا سؤولا.
قوت القلوب: قال علي عليه السلام: قال: لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا في تفسير
فاتحة الكتاب. ولما وجد المفسرون قوله، لا يأخذون إلا به.
سأل ابن الكوا وهو على المنبر ما " الذاريات ذروا " فقال: الرياح، فقال:
وما " الحاملات وقرا " قال: السحاب، قال: " فالجاريات يسرا " قال: الفلك، قال:
فالمقسمات أمرا " قال: الملائكة، فالمفسرون كلهم على قوله: وجهلوا تفسير
قوله: " إن أول بيت وضع للناس " (1) فقال له رجل: هو أول بيت؟ قال:
لا، قد كان قبله بيوت، ولكنه أول بيت وضع للناس مباركا فيه الهدى والرحمة
والبركة، وأول من بناه إبراهيم عليه السلام ثم بناه قوم من العرب من جرهم، ثم هدم
فبنته العمالقة، ثم هدم فبنته قريش.
وإنما استحسن قول ابن عباس فيه، لأنه قد أخذ منه.
أحمد في المسند لما توفي النبي صلى الله عليه وآله كان ابن عباس ابن عشر سنين، وكان
قرأ المحكم يعني المفصل (2).

(1) آل عمران: 96.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 43.
93

43 - تفسير العياشي: عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم
بالقرآن فما وجدتم آية نجابها من كان قبلكم فاعملوا به، وما وجدتموه مما هلك
من كان قبلكم فاجتنبوه (1).
44 - تفسير العياشي: عن محمد بن حمدان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله لما خلق
الخلق فجعله فرقتين جعل خيرته في إحدى الفرقتين، ثم جعلهم أثلاثا فجعل خيرته
في أحد الا ثلاث، ثم لم يزل يختار حتى اختار عبد مناف، ثم اختار من عبد مناف
هاشما، ثم اختار من هاشم عبد المطلب ثم اختار من عبد المطلب عبد الله، واختار
من عبد الله محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان أطيب الناس ولادة، وأطهرها، فبعثه الله
بالحق بشيرا ونذيرا، وأنزل عليه الكتاب، فليس من شئ إلا في الكتاب تبيانه (2).
45 - تفسير العياشي: عن جابر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا جابر إن للقرآن بطنا
وللبطن ظهرا، ثم قال: يا جابر وليس شئ أبعد من عقول الرجال منه إن
الآية لتنزل أولها في شئ، وأوسطها في شئ، وأخرها في شئ، وهو كلام متصل
متصرف على وجوه (3).
46 - تفسير العياشي: عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ظهر القرآن
الذين نزل فيهم، وبطنه الذين عملوا بمثل أعمالهم (4).
47 - تفسير العياشي: عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية
" ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، وما فيه حرف إلا وله حد، ولكل
حد مطلع " ما يعني بقوله: لها ظهر وبطن؟ قال: ظهره وبطنه تأويله، منه ما
مضى، ومنه ما لم يكن بعد يجري كما تجري الشمس والقمر، كلما جاء منه شئ
وقع، قال الله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " نحن
نعلمه (5).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 5.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 6.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
94

48 - تفسير العياشي: عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ في تفسير القرآن
فأجابني ثم سألته ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت فداك كنت أجبت في
هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟ فقال لي: يا جابر إن للقرآن بطنا، وللبطن بطن
وله ظهر وللظهر ظهر، يا جابر وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن إن الآية
لتكون أولها في شئ وآخرها في شئ، وهو كلام متصل يتصرف على وجوه (1).
49 - تفسير العياشي: عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا عليه السلام مر على قاض فقال:
هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا، فقال: هلكت وأهلكت، تأويل كل
حرف من القرآن على وجوه (2).
50 - تفسير العياشي: عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن في القرآن ما
مضى وما يحدث، وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، وإنما الاسم
الواحد منه في وجوه لا يحصى، يعرف ذلك الوصاة (3).
51 - تفسير العياشي: عن سلمة بن كهيل، عمن حدثه، عن علي عليه السلام قال: لو
استقامت لي الامر وكسرت - أو ثنيت - لي الوسادة، لحكمت لأهل التوراة بما أنزل
الله في التوراة، حتى تذهب إلى الله أني قد حكمت بما أنزل الله فيها، ولحكمت
لأهل الإنجيل بما أنزل الله في الإنجيل حتى يذهب إلى الله أني قد حكمت بما
أنزل الله فيه، ولحكمت في أهل القرآن بما أنزل الله في القرآن حتى يذهب إلى الله
أني قد حكمت بما أنزل الله فيه (4).
52 - تفسير العياشي: عن أيوب بن الحر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الأئمة
بعضهم أعلم من بعض؟ قال: نعم، وعلمهم بالحلال والحرام وتفسير القرآن
واحد (5).
53 - تفسير العياشي: عن حفص بن قرط الجهني، عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
قال: سمعته يقول: كان علي عليه السلام صاحب حلال وحرام، وعلم بالقرآن، ونحن

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 12.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 12.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 12.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 15.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 15.
95

عالي منهاجه (1).
54 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن أبيه قال:
قال رسول الله صلوات الله عليه وآله: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما
قاتلت على تنزيله، وهو علي بن أبي طالب عليه السلام (2).
55 - تفسير العياشي: عن بشير الدهان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله
فرض طاعتنا في كتابه، فلا يسع الناس جهلا، لنا صفو المال، ولنا الأنفال، ولنا
كرائم القرآن - ولا أقول لكم إنا أصحاب الغيب - ونعلم كتاب الله، وكتاب الله
يحتمل كل شئ، إن الله أعلمنا علما لا يعلمه أحد غيره، وعلما قد أعلمه ملائكته
ورسله، فما علمته ملائكته ورسله فنحن نعلمه (3).
56 - تفسير العياشي: عن مرازم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنا أهل بيت لم
يزل الله يبعث فينا من يعلم كتابه من أوله إلى آخره، وإن عندنا من حلال الله
وحرامه ما يسعنا من كتمانه، ما نستطيع أن نحدث به أحدا (4).
57 - تفسير العياشي: عن الحكم بن عيينة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لرجل من
أهل الكوفة وسأله عن شي: لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرئيل في دورنا
ونزوله على جدي بالوحي والقرآن والعلم، أفيستقي الناس العلم من عندنا فيهدونهم
وضللنا نحن؟ هذا محال (5).
58 - تفسير العياشي: عن يوسف بن السخت البصري قال: رأيت التوقيع بخط محمد
ابن محمد بن علي (6) فكان فيه: الذي يجب عليكم ولكم أن تقولوا أنا قدوة وأئمة
وخلفاء الله في أرضه، وامناؤه على خلقه، وحججه في بلاده، نعرف الحلال

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 15.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 15.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 16.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 16.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 16.
(6) كذا في الأصل. وفى تفسير العياشي ذيل هذا الحديث: كذا في نسختي الأصل والبحار
وفى نسخة البرهان ج 1 ص 17 " محمد بن محمد بن الحسن بن علي " والظاهر " محمد بن
الحسن بن علي " وهو الحجة المنتظر المهدى صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.
96

والحرام، ونعرف تأويل الكتاب، وفصل الخطاب (1).
59 - تفسير العياشي: عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه قال: قال علي عليه السلام: ما بين
اللوحين شئ إلا وأنا أعلمه (2).
60 - تفسير العياشي: عن سليمان الأعمش، عن أبيه قال: قال علي عليه السلام: ما نزلت
آية إلا وأنا علمت فيمن أنزلت، وأين نزلت، وعلى من نزلت، إن ربي وهب
لي قلبا عقولا، ولسانا طلقا (3).
61 - تفسير العياشي: عن أبي الصباح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله علم نبيه
صلى الله عليه وآله التنزيل والتأويل، فعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله عليا صلوات الله
عليهما (4).
62 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمد، عن البرقي، عن المرزبان بن عمران، عن إسحاق
ابن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقرآن تأويلا، فمنه ما قد
جاء، ومنه ما لم يجئ، فإذا وقع التأويل في زمان إمام من الأئمة، عرفه إمام
ذلك الزمان (5).
63 - بصائر الدرجات: أحمد بن محمد، عن محمد، عن الاهواري، عن حماد بن عيسى، عن
إبراهيم بن عمر عنه عليه السلام قال: إن في القرآن ما مضى، وما يحدث، وما هو كائن
وكانت فيه أسماء الرجال فألقيت وإنما الاسم الواحد في وجوه لا تحصى، تعرف
ذلك الوصاة (6).
64 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن
ابن أذينة، عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية " ما من
القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن " فقال: ظهره تنزيله، وبطنه تأويله، منه ما قد
مضى، ومنه ما لم يكن، يجري كما يجري الشمس والقمر، كلما جاء تأويل شئ

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 16.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 17.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 17.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 17.
(5) بصائر الدرجات ص 195.
(6) بصائر الدرجات ص 195.
97

منه يكون على الأموات كما يكون على الاحياء، قال الله: " وما يعلم تأويله إلا
الله والراسخون في العلم " نحن نعلمه (1).
65 - بصائر الدرجات: الفضل، عن موسى بن القاسم، عن ابن أبي عمير أو غيره، عن
جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: تفسير القرآن على سبعة
أحرف، منه ما كان، ومنه ما لم يكن بعد، ذلك تعرفه الأئمة (2).
66 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن عاصم قال: حدثني
مولى سلمان، عن عبيدة السلماني قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: يا أيها الناس
اتقوا الله ولا تفتوا الناس، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال قولا وضع أمته إلى غيره
وقال قولا وضع على غير موضعه، كذب عليه، فقام عبيدة وعلقمة والأسود
وأناس معهم قالوا: يا أمير المؤمنين فما نصنع بما قد أخبرنا في المصحف؟ قال:
اسألوا عن ذلك علماء آل محمد (3).
67 - بصائر الدرجات: محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه
قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعد كم، وفصل ما بينكم، ونحن
نعلمه (4).
68 - بصائر الدرجات: محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان، عن
عبد الاعلى ابن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله
وأنا أعلم كتاب الله، وفيه بدء الخلق، وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر
السماء وخبر الأرض، وخبر الجنة وخبر النار، وخبر ما كان وخبر ما هو
كائن، أعلم ذلك كأنما أنظر إلى كفي إن الله يقول: فيه تبيان كل شئ (5).
69 - إكمال الدين: المظفر العلوي، عن ابن مسرور، عن أبيه، عن محمد بن نصر، عن
الخشاب، عن الحسن بن بهلول، عن إسماعيل بن همام، عن عمران بن قرة
عن أبي محمد المدايني، عن ابن أذينة، عن أبان بن عياش، عن سليم بن قيس

(1) بصائر الدرجات ص 196.
(2) بصائر الدرجات ص 196.
(3) بصائر الدرجات ص 196.
(4) بصائر الدرجات ص 196.
(5) بصائر الدرجات ص 197.
98

الهلالي قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله آية من القرآن
إلا أقرأنيها وأملاها على فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها
ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله عز وجل أن يعلمني فهمها وحفظها
فما نسيت آية من كتاب الله عز وجل، ولا علما أملاه علي فكتبته، وما ترك شيئا
علمه الله عز وجل من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي، وما كان أو يكون من
طاعة أو معصية، إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس منه حرفا واحدا، ثم وضع يده
على صدري، ودعا الله تبارك وتعالى بأن يملا قلبي علما وفهما وحكمة ونورا
ولم أنس من ذلك شيئا، ولم يفتني من ذلك شئ لم أكتبه.
فقلت: يا رسول الله أتتخوف على النسيان فيما بعد؟ فقال عليه السلام: لست
أتخوف عليك نسيانا ولا جهلا، وقد أخبرني ربي عز وجل أنه قد استجاب
لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك، فقلت: يا رسول الله ومن شركائي
من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله عز وجل بنفسه وبي، فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولي الأمر منكم " (1) الآية فقلت: يا رسول الله ومن هم؟ فقال:
الأوصياء مني إلى أن يردوا على الحوض، كلهم هاد مهتد، لا يضرهم من خذلهم
هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه، فبهم تنصر أمتي، وبهم
يمطرون، وبهم يدفع عنهم البلاء، وبهم يستجاب دعاؤهم.
فقلت: يا رسول الله سمهم لي فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن
ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابن له يقال له علي: سيولد في
حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكملة اثنى عشر إماما، فقلت: بأبي أنت وأمي
فسمهم لي فسماهم رجلا رجلا.
فقال عليه السلام: فيهم والله يا أخا بني هلال مهدي أمة محمد الذي يملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن

(1) النساء: 59.
99

والمقام، وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم (1).
تفسير العياشي: عن سليم مثله (2).
70 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: نحن ورثة كتاب الله، ونحن صفوته (3).
71 - المحاسن: ابن فضال، عن ثعلبه، عمن حدثه، عن المعلى بن خنيس
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب
الله، لكن لا تبلغه عقول الرجال (4).
72 - المحاسن: أبي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام في رسالة: وأما ما سألت
من القرآن، فذلك أيضا من خطراتك المتفاوتة المختلفة، لان القرآن ليس على
ما ذكرت، وكل ما سمعت فمعناه غير ما ذهبت إليه، وإنما القرآن أمثال
لقوم يعلمون دون غيرهم، ولقوم يتلونه حق تلاوته، وهم الذين يؤمنون به
ويعرفونه، فأما غيرهم فما أشد إشكاله عليهم، وأبعده من مذاهب قلوبهم، ولذلك
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه ليس شئ بأبعد من قلوب الرجال من تفسير القرآن
وفي ذلك تحير الخلائق أجمعون إلا ما شاء الله.
وإنما أراد الله بتعميته في ذلك أن ينتهوا إلى بابه وصراطه، وأن يعبدوه
وينتهوا في قوله إلى طاعه القوام بكتابه، والناطقين عن أمره، وأن يستنبطوا ما
احتاجوا إليه من ذلك عنهم، لا عن أنفسهم، ثم قال: " ولو ردوه إلى الرسول
وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (5) فأما غيرهم فليس يعلم
ذلك أبدا، ولا يوجد، وقد علمت أنه لا يستقيم أن يكون الخلق كلهم ولاة الامر
إذا لا يجدون من يأتمرون عليه، ولا من يبلغونه أمر الله ونهيه، فجعل الله الولاة

(1) كمال الدين ج 1 ص 401.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 14.
(3) بصائر الدرجات ص 514.
(4) المحاسن ص 267.
(5) النساء: 83.
100

خواص ليقتدي بهم من لم يخصصهم بذلك، فافهم ذلك إنشاء الله.
وإياك وتلاوة القرآن (1) برأيك فان الناس غير مشتركين في علمه كاشتراكهم
فيما سواه من الأمور، ولا قادرين عليه ولا على تأويله إلا من حده وبابه الذي
جعله الله له فافهم إنشاء الله، واطلب الامر من مكانه تجده إنشاء الله (2).
73 - تفسير العياشي: عن زرارة وحمران، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله:
" وأوحي إلى هذا القرآن لا نذركم به ومن بلغ " يعني الأئمة من بعده، وهم
ينذرون به الناس (3).
74 - تفسير العياشي: عن أبي خالد الكابلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام " وأوحي
إلى هذا القرآن لا نذركم به ومن بلغ " حقيقة أي شئ عنى بقوله " ومن بلغ "
قال: فقال من بلغ أن يكون إماما من ذرية الأوصياء فهو ينذر بالقرآن كما أنذر
به رسول الله صلى الله عليه وآله (4).
75 - تفسير العياشي: عن ابن بكير، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله " لا نذركم به
ومن بلغ " قال: علي عليه السلام ممن بلغ (5).
76 - تفسير العياشي: عن يونس، عن عدة من أصحابنا قالوا: قال أبو عبد الله عليه السلام:
إني لاعلم خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان وما هو كائن، كأنه في كفي
ثم قال: من كتاب الله أعلمه، إن الله يقول: فيه تبيان كل شئ (6).
77 - تفسير العياشي: عن منصور، عن حماد اللحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: نحن
والله نعلم ما في السماوات وما في الأرض، وما في الجنة وما في النار، وما بين ذلك
قال: فبهت أنظر إليه، فقال: يا حماد إن ذلك في كتاب الله ثلاث مرات، قال:
ثم تلا هذه الآية " يوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على

(1) تأويل القرآن ظ.
(2) المحاسن ص 268.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 356، والآية في الانعام: 19.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 356، والآية في الانعام: 19.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 356، والآية في الانعام: 19.
(6) تفسير العياشي ج 2 ص 266.
101

هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " (1)
إنه من كتاب الله، فيه تبيان كل شئ (2).
78 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن الوليد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال الله الموسى:
" وكتبنا له في الألواح من كل شئ " (3) فعلمنا أنه لم يكتبه لموسى الشئ كله
وقال الله لعيسى " ليبين لهم الذي يختلفون فيه " (4) وقال الله لمحمد صلى الله عليه وآله " وجئنا
بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ (5).
79 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنما الشفاء في
علم القرآن لقوله: " ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " (6) لأهله، لا شك فيه
ولا مرية، وأهله أئمة الهدى الذين قال الله " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا
من عبادنا " (7).
80 - الغيبة للنعماني: قال النبي صلى الله عليه وآله في خطبته المشهورة التي خطبها في مسجد الخيف
في حجة الوداع: إني وإنكم واردون على الحوض، حوضا عرضه ما بين بصرى إلى
صنعاء فيه فدحان عدد نجوم السماء وإني مخلف فيكم الثقلين الثقل الأكبر القرآن
والثقل الأصغر عترتي وأهل بيتي، هما حبل الله ممدود بينكم وبين الله عز وجل
ما إن تمسكتم به لم تضلوا، سبب منه بيد الله وسبب بأيديكم - وفي رواية أخرى

(1) النحل: 84.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 266.
(3) الأعراف: 145.
(4) الآية المذكورة في المتن في صورة النحل: 39، وليس يتعلق ببعثة عيسى
على نبينا وآله وعليه السلام، والمستشهد بها لذلك كما في سائر الأخبار هو قوله تعالى في
سورة الزخرف: 63 " ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولا بين لكم بعض
الذي تختلفون فيه، فاتقوا الله وأطيعون ".
(5) المصدر نفسه ج 2 ص 266.
(6) أسرى: 82.
(7) فاطر: 32، راجع تفسير العياشي ج 2 ص 315.
102

طرف بيد الله وطرف بأيديكم - إن اللطيف الخبير قد نبأني أنهما لن يفترقا حتى
يردا علي الحوض، كإصبعي هاتين - وجمع بين سبابتيه - ولا أقول: كهاتين - وجمع
بين سبابتيه والوسطى - فتفضل هذه على هذه.
أخبرنا بذلك عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي قال: أخبرنا محمد بن
علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد
ابن عيسى، عن حريز، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام
قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر الخطبة بطولها وفيها هذا الكلام.
وبه حدثنا عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسن
ابن محبوب والحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله
عليه السلام.
حدثنا عبد الواحد، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب
عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام
بمثله (1).
81 - الدرة الباهرة: قال الصادق عليه السلام: كتاب الله عز وجل على أربعة أشياء
على العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق، فالعبارة للعوام، والإشارة
للخواص، واللطائف للأولياء، والحقائق للأنبياء.
82 - اسرار الصلاة: قال علي عليه السلام: لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا
من تفسير فاتحة الكتاب.
83 - قال السيد بن طاوس رحمه الله في كتاب سعد السعود: روى يوسف
ابن عبد الله بن محمد بن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن معمر، وهب بن عبد الله
عن أبي الطفيل قال: شهدت عليا عليه السلام يخطب وهو يقول: سلوني فوالله لا تسئلوني
عن شئ إلا أخبرتكم، واسألوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم

(1) غيبة النعماني ص 17، ورواه القمي في تفسيره ص 4 و 5.
103

بليل نزلت، أم بنهار، أم في سهل أم في جبل (1).
أقول: وقال أبو حامد الغزالي في كتاب بيان العلم اللدني في وصف
مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام ما هذا لفظه: وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله دخل لسانه في فمي، فانفتح في قلبي ألف باب من العلم، مع كل
باب ألف باب، وقال صلوات الله عليه: لو ثنيت لي وسادة وجلست عليها لحكمت
لأهل التوراة بتوراتهم، ولأهل الإنجيل بإنجيلهم، ولأهل القرآن بقرآنهم، وهذه
المرتبة لا تنال بمجرد العلم، بل يتمكن المرء في هذه الرتبة بقوة العلم
اللدني.
وقال علي عليه السلام: لما حكى عهد موسى عليه السلام أن شرح كتابه كان
أربعين جملا: لو أذن الله ورسوله لي لا تسرع بي شرح معاني ألف الفاتحة حتى يبلغ
مثل ذلك يعني أربعين وقرا أو جملا، وهذه الكثرة في السعة والافتتاح في العلم
لا يكون إلا لدنيا سماويا إليها، هذا آخر لفظ محمد بن محمد الغزالي.
أقول: وذكر أبو عمر الزاهد واسمه محمد بن عبد الواحد في كتابه باسناده أن
علي بن أبي طالب عليه السلام قال: يا با عباس إذا صليت العشاء الآخرة فالحقني إلى
الجبان، قال: فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة، قال: فقال لي: ما تفسير الألف
من الحمد؟ قال: فما علمت حرفا أجيبه قال: فتكلم في تفسيرها ساعة تامة، قال:
ثم قال لي: فما تفسر اللام من الحمد؟ قال: فقلت: لا أعلم، فتكلم في تفسيرها
ساعة تامة، قال ثم قال: فما تفسير الميم من الحمد؟ فقلت: لا أعلم، قال: فتكلم
فيها ساعة تامة، قال: ثم قال: ما تفسير الدال من الحمد؟ قال: قلت: لا أدري قال:
فتكلم فيها إلى أن برق عمود الفجر، قال: فقال لي: قم أبا عباس إلى منزلك
وتأهب لفرضك.
قال أبو العباس عبد الله بن العباس: فقمت وقد وعيت كل ما قال، ثم
تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المثعنجر.

(1) الاستيعاب بذيل الإصابة ج 3 ص 43.
104

وقال أبو عمر الزاهد: قال لنا عبد الله بن مسعود ذات يوم: لو علمت أن
أحدا هو أعلم مني بكتاب الله عز وجل لضربت إليه آباط الإبل، قال علقمة:
فقال رجل من الحلقة: ألقيت عليا عليه السلام؟ قال: نعم، قد لقيته وأخذت عنه
واستفدت منه، وقرأت عليه، وكان خير الناس وأعلمهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولقد
رأيته ثبج بحر يسيل سيلا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: وذكر محمد بن الحسن بن زياد المعروف
بالنقاش في المجلد الأول من تفسير القرآن الذي سماه شفاء الصدور ما هذا لفظه:
وقال ابن عباس: جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقال النقاش أيضا في تعظيم ابن عباس لمولانا علي عليه السلام ما هذا لفظه:
أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا أحمد بن غالب الفقيه بطالقان، قال: حدثنا محمد بن علي
قال: حدثنا سويد قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن
الكلبي قال ابن عياش: ومما وجدت في أصله: وذهب بصر ابن عباس من كثرة بكائه
على علي بن أبي طالب عليه السلام.
وذكر النقاش ما هذا لفظه: وقال ابن عباس: علي عليه السلام علم علما علمه رسول
الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى الله عليه وآله علمه الله، فعلم النبي صلى الله عليه وآله من علم الله، وعلم علي من علم
النبي صلى الله عليه وآله وعلمي من علم علي عليه السلام وما علمي وعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله في علم علي
إلا كقطرة في سبعة أبحر.
فصل: وروى النقاش أيضا حديث تفسير لفظة الحمد فقال بعد إسناده عن
ابن عباس: قال: قال لي علي عليه السلام: يا أبا عباس إذا صليت العشاء الآخرة فالحقني
إلى الجبان، قال: فصليت ولحقته، وكانت ليلة مقمرة، قال: فقال لي: ما تفسير
الألف من الحمد، والحمد جميعا، قال: فما علمت حرفا منها أجيبه، قال: فتكلم
في تفسيرها ساعة تامة، ثم قال لي: فما تفسير اللام من الحمد؟ قال: فقلت:
لا أعلم، قال: فتكلم في تفسيرها ساعة تامة، ثم قال: فما تفسير الحاء من الحمد؟
105

قال: فقلت: لا أعلم، قال: فتكلم في تفسيرها ساعة تامة، ثم قال لي: فما تفسير
الميم من الحمد؟ قال: فقلت: لا أعلم، قال: فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ثم قال
فما تفسير الدال من الحمد؟ قال: قلت: لا أدري فتكلم فيها إلى أن برق عمود
الثعنجر، قال: فقال لي: قم يا أبا عباس إلى منزلك، فتأهب لفرضك، فقمت وقد
وعيت كل ما قال، قال: ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي عليه السلام كالقرارة
في المثعنجر قال: القرارة الغدير، المثعنجر البحر.
84 - العلل: لمحمد بن علي بن إبراهيم: العلة في قوله صلى الله عليه وآله " لن يفترقا
حتى يردا علي الحوض " أن القرآن معهم في قلوبهم في الدنيا، فإذا صاروا
إلى عند الله عز وجل، كان معهم، ويوم القيامة يردون الحوض وهو معهم.
9 * (باب) *
* " (فضل التدبر في القرآن) " *
1 - منية المريد: روي عن ابن عباس مرفوعا في قوله تعالى " يؤتي الحكمة من
يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " (1) قال: الحكمة القرآن.
وعنه في تفسير الآية قال: الحكمة المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه
ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله، وقال النبي صلى الله عليه وآله:
اعربوا القرآن والتمسوا غرائبه.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا من كان يقرئنا من الصحابة
أنهم كانوا يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وآله عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الآخر
حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل.
وعن ابن عباس قال: الذي يقرأ القرآن ولا يحسن تفسيره كالاعرابي
بهذا الشعر هذا.

(1) البقرة: 269.
106

2 - أسرار الصلاة: روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله ليعلمه القرآن
فانتهى إلى قوله تعالى: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة
شرا يره " فقال: يكفيني هذا، وانصرف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انصرف الرجل
وهو فقيه.
وقال الصادق عليه السلام: لقد تجلى الله لخلقه في كلامه، ولكنهم لا يبصرون.
10 * (باب) *
* " (تفسير القرآن بالرأي وتغييره) " *
1 - عيون أخبار الرضا (ع) (1) أمالي الصدوق: المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن الريان، عن
الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله جل
جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما
على ديني من استعمل القياس في ديني (2).
الإحتجاج: مرسلا مثله.
2 - التوحيد: في خبر الزنديق المدعي للتناقض في القرآن: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: إياك أن تفسر القرآن برأيك، حتى تفقهه عن العلماء، فإنه
رب تنزيل يشبه بكلام البشر، وهو كلام الله، وتأويله لا يشبه كلام البشر، كما
ليس شئ من خلقه يشبهه، كذلك لا يشبه فعله تعالى شيئا من أفعال البشر ولا يشبه
شئ من كلامه بكلام البشر، فكلام الله تبارك وتعالى صفته وكلام البشر أفعالهم
فلا تشبه كلام الله بكلام البشر، فتهلك وتضل (3).
3 - التوحيد، عيون أخبار الرضا (ع) (4) أمالي الصدوق: الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد

(1) عيون الأخبار ج 1 ص 116 وتراه في التوحيد أيضا الباب 1 ص 37.
(2) أمالي الصدوق ص 5.
(3) التوحيد: الباب 36.
(4) عيون الأخبار ج 1 ص 192.
107

البرمكي، عن الهروي قال: قال الرضا عليه السلام لعلي بن محمد بن الجهم: لا تتأول
كتاب الله عز وجل برأيك فان الله عز وجل يقول: " وما يعلم تأويله إلا الله
والراسخون في العلم " (1).
4 - - الخصال:
العسكري، عن أحمد بن محمد بن أسيد، عن أحمد بن يحيى الصوفي
عن أبي غسان، عن مسعود بن سعد، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن
عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أشد ما يتخوف على أمتي ثلاث: زلة عالم، أو
جدال منافق بالقرآن، أو دنيا تقطع رقابكم، فاتهموها على أنفسكم (2).
5 - - الخصال:
علي بن عبد الله الأسواري، عن أحمد بن محمد بن قيس، عن أبي
يعقوب، عن علي بن خشرم، عن عيسى، عن ابن عبيدة، عن محمد بن كعب قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما أتخوف على أمتي من بعدي ثلاث خلال: أن يتأولوا
القرآن على غير تأويله، ويتبعوا زلة العالم، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا
ويبطروا، وسأنبئكم المخرج من ذلك، أما القرآن فاعلموا بمحكمه، وآمنوا
بمتشابهه، وأما العالم فانتظروا فئته، ولا تتبعوا زلته، وأما المال فان المخرج
منه شكر النعمة وأداء حقه (3).
6 - - الخصال:
حمزة العلوي، عن أحمد الهمداني، عن يحيى بن الحسن بن
جعفر، عن محمد بن ميمون الخزاز، عن عبد الله بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن
أبيه، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ستة لعنهم الله (4) وكل

(1) أمالي الصدوق ص 56.
(2) الخصال ج 1 ص 78.
(3) المصدر ج 1 ص 78.
(4) في نسخة الكافي ج 2 ص 293، " خمسة لعنتهم - وكل نبي مجاب - الزائد
في كتاب الله " الخ، وهو الصحيح والمعنى ان هؤلاء الطوائف لعنتهم أنا، وكل نبي مجاب
الدعوة يتحقق دعاؤه على الناس بإذن الله، فكيف بدعائي وأنا أفضل النبيين على الله وأوجههم
عنده، واما على نسخة الخصال فالمعنى أن هؤلاء ملعونون على لسان الله ولسان أنبيائه
لكنه لا يناسب الأوصاف المذكورة فيها، فإنها من خصائص شرعه صلى الله عليه وآله خصوصا
قوله " التارك لسنتي " وقوله: " المستأثر بفئ المسلمين " والمغانم إنما أحل في هذه الشريعة.
108

نبي مجاب -: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والتارك لسنتي، والمستحل
من عترتي ما حرم الله، والمتسلط بالجبروت ليذل من أعزه الله، ويعز من
أذله الله، والمستأثر بفئ المسلمين المستحل له (1).
7 - - الخصال:
ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن أحمد بن محمد
عن أبي القاسم الكوفي، عن عبد المؤمن الأنصاري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لعنت سبعة لعنهم الله وكل نبي مجاب قبلي، فقيل: ومن هم
يا رسول الله؟ فقال: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمخالف لسنتي
والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمتسلط بالجبرية ليعز من أذل الله ويذل
من أعز الله، والمستأثر على المسلمين بفيئهم مستحلا له، والمحرم ما أحل الله
عز وجل (2).
أقول: قد مضى باسناد آخر في باب شرار الناس، وفيه المغير لكتاب الله (3).
8 - التوحيد (4): الدقاق، عن الأسدي، عن البرمكي، عن علي بن العباس، عن
إسماعيل بن مهران، عن إسماعيل بن إسحاق، عن فرج بن فروة، عن مسعدة بن
صدقة، عن الصادق عليه السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهما في خطبة طويلة قال
في آخره: فما دلك القرآن عليه من صفته فاتبعه ليوصل بينك وبين معرفته، وائتم
به، واستضئ بنور هدايته، فإنها نعمة وحكمة أوتيتها، فخذ ما أوتيت وكن من
الشاكرين، وما دلك الشيطان عليه مما ليس في القرآن عليك فرضه، ولا في
سنة الرسول وأئمة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله عز وجل، فان ذلك منتهى
حق الله عليك.

(1) الخصال ج 1 ص 164.
(2) الخصال ج 2 ص 6.
(3) راجع ج 72 ص 202 - 208.
(4) التوحيد الباب الأول.
109

واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد
المضروبة دون الغيوب، فلزموا الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب
فقالوا: آمنا به كل من عند ربنا، فمدح الله عز وجل اعترافهم بالعجز عن تناول
ما لم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمق في حاله، ما لم يكلفهم البحث عنه
منهم رسوخا، فاقتصر على ذلك، ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك، فتكون من
الهالكين (1).
9 - تفسير العياشي: عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا عليه السلام مر على قاض، فقال:
هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا، فقال: هلكت وأهلكت تأويل كل
حرف من القرآن على وجوه (2).
10 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس شئ أبعد من عقول
الرجال من تفسير القرآن إن الآية تنزل أولها في شئ، وأوسطها في شئ، وآخرها
في شئ، ثم قال: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا " من ميلاد الجاهلية (3).
11 - تفسير العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من فسر القرآن
برأيه فأصاب لم يوجر، وإن أخطأ كان إثمه عليه (4).
12 - تفسير العياشي: عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ما علمتم فقولوا
وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، فان الرجل ينزع بالآية فيخر بها أبعد ما بين
السماء والأرض (5).
13 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من فسر القرآن
برأيه إن أصاب لم يوجر، وإن أخطأ فهو أبعد من السماء (6).

(1) روى هذه الخطبة في النهج تحت الرقم 89 من الخطب مع اختلاف.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 12.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 17، والآية في سورة الأحزاب:. 33
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 17.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 17.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 17.
110

14 - تفسير العياشي: عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
ليس أبعد من عقول الرجال من القرآن (1).
15 - تفسير العياشي: عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألت عن الحكومة
قال: من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر، ومن فسر آية من كتاب الله فقد
كفر (2).
16 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إياكم والخصومة فإنها
تحبط العمل، وتمحق الدين، وإن أحدكم لينزع بالآية يقع فيها أبعد من
السماء (3).
17 - تفسير العياشي: عن يعقوب بن يزيد، عن ياسر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
يقول: المراء في كتاب الله كفر (4).
18 - تفسير العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تقولوا لكل
آية هذه رجل وهذه رجل، إن من القرآن حلالا، ومنه حراما، وفيه نبأ من
قبلكم وخبر من بعدكم، وحكم ما بينكم، فهكذا هو، كان رسول الله صلى الله عليه وآله
مفوض فيه إن شاء فعل الشئ وإن شاء تذكر، حتى إذا فرضت فرائضه، وخمست
أخماسه، حق على الناس أن يأخذوا به، لان الله قال: " ما آتيكم الرسول فخذوه
وما نهيكم عنه فانتهوا " (5).
19 - تفسير العياشي: عن ربعي، عمن ذكره، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله الله:
" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا " قال: الكلام في الله، والجدال في القرآن
" فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره " قال: منهم القصاص (6).
20 - منية المريد: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قال في القرآن بغير علم
فليتبوء مقعده من النار. وقال صلى الله عليه وآله: من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 17.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 18، والآية الأخيرة في سورة الحشر: 7.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 18، والآية الأخيرة في سورة الحشر: 7.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 18، والآية الأخيرة في سورة الحشر: 7.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 18، والآية الأخيرة في سورة الحشر: 7.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 362، والآية في سورة الأنعام: 68.
111

وقال صلى الله عليه وآله: من قال في القرآن بغير ما علم جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار.
وقال صلى الله عليه وآله: أكثر ما أخاف على أمتي من بعدي رجل يناول القرآن يضعه
على غير مواضعه.
11 (باب)
* " (كيفية التوسل بالقرآن) " *
أقول: وأما الاستخارة والتفأل بالقرآن فقد أوردناهما في كتاب الصلاة
وأما أدعية التوسل بالقرآن في ليالي القدر، فقد أوردناها في كتاب الصيام وفي
أبواب عمل السنة كما ستقف إنشاء الله تعالى.
1 - أمالي الطوسي: الفحام، عن المنصوري، عن سهل بن يعقوب بن إسحاق، عن
الحسن بن عبد الله بن مطهر، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه قال: جاء رجل
إلى سيدنا الصادق عليه السلام فقال له: يا سيدي أشكو إليك دينا ركبني، وسلطانا
غشمني، وأريد أن تعلمني دعاء أغنم بها غنيمة أقضي بها ديني، واكفى بها ظلم
سلطاني، فقال: إذا جنك الليل فصل ركعتين واقرأ في الركعة الأولى منهما الحمد
وآية الكرسي، وفي الركعة الثانية الحمد وآخر الحشر: " لو أنزلنا هذا القرآن
على جبل " إلى خاتمة السورة، ثم خذ المصحف فدعه على رأسك وقل: [اللهم]
بهذا القرآن وبحق من أرسلته، وبحق كل مؤمن مدحته فيه، وبحقك عليهم
فلا أحد أعرف بحقك منك، بك يا الله عشر مرات، ثم تقول: يا محمد عشر مرات
يا علي عشر مرات، يا فاطمة عشر مرات، يا حسن عشر مرات، يا حسين عشر
مرات، يا علي بن الحسين عشر مرات، يا محمد بن علي عشر مرات، يا جعفر بن
محمد عشر مرات، يا موسى بن جعفر عشر مرات، يا علي بن موسى عشر مرات
يا محمد بن علي عشرا، يا علي بن محمد عشرا، يا حسن بن علي عشرا، يا أيها الحجة
112

عشرا ثم تسأل الله تعالى حاجتك.
قال: فمضى الرجل وعاد إليه بعد مدة قد قضى دينه، وصلح له سلطانه
وعظم يساره.
2 - ووجدت بخط بعض الأفاضل نقلا من خط السيد علي بن طاووس
قدس الله روحهما: اللهم إني أسألك بكتابك المنزل، على نبيك المرسل، وفيه
اسمك الأعظم وأسماؤك الحسنى، وما يخاف ويرجى، أن تصلي على محمد وآل
محمد، وتجعل عبدك فلان بن فلان ممن أغنيته بعلمك عن المقال، وبكرمك عن
السؤال، تكرما منك وتفضلا، يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين عشر مرات.
3 - دعوات الراوندي: روي عن الأئمة عليهم السلام إذا حزنك أمر فصل ركعتين
تقرأ في الركعة الأولى الحمد وآية الكرسي، وفي الثانية الحمد وإنا أنزلناه
ثم خذ المصحف وارفعه فوق رأسك وقل: اللهم إني أسألك بحق ما أرسلته إلى
خلقك، وبحق كل آية هي لك في القرآن، وبحق كل مؤمن ومؤمنة مدحتهما
في القرآن، وبحقك عليك، ولا أحد أعرف بحقك منك، وتقول: يا سيدي
يا الله عشرا بحق محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله عشرا بحق علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه
عشرا، ثم تقول: اللهم إني أسألك بحق نبيك المصطفى، وبحق وليك ووصي
رسولك المرتضى، وبحق الزهراء مريم الكبرى، سيدة نساء العالمين، وبحق
الحسن والحسين سبطي نبي الهدى، ورضيعي ثدي التقى، وبحق زين العابدين
وقرة عين الناظرين، وبحق باقر علم النبيين، والخلف من آل يس، وبحق
الراضي من المرضيين، وبحق الخير من الخيرين، وبحق الصابر من الصابرين
وبحق التقي والسجاد الأصغر، وببكائه ليلة المقام بالسهر، وبحق النفس
الزكية والروح الطيبة، سمي نبيك، والمظهر لدينك، اللهم إني أسألك بحقهم
وحرمتهم عليك، إلا قضيت بهم حوائجي، وتذكر ما شئت.
وعن زرارة قال: قال الصادق عليه السلام: تأخذ المصحف في ثلاث ليال من شهر

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 298.
113

رمضان، فتنشره وتضعه بين يديك، وتقول: اللهم إني أسألك بكتابك المنزل
وما فيه وفيه اسمك الأكبر، وأسماؤك الحسنى، وما يخاف ويرجى، أن تجعلني
من عتقائك من النار، وتدعو بما بدا لك من حاجة.
4 - عدة الداعي: روي عن أبي جعفر عليه السلام في الثلث الباقي (1) من شهر -
رمضان تأخذ المصحف وتنشره وتقول: وذكر نحوه.
12 - باب
* " (أنواع آيات القرآن، وناسخها ومنسوخها) " *
* " (وما نزل في الأئمة عليهم السلام منها) *
الآيات: البقرة: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم
أن الله على كل شئ قدير (2).
النحل: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر
بل أكثرهم لا يعلمون * قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا
وهدى وبشرى للمسلمين (3).
أقول: قد مضى ويأتي في الأبواب السابقة واللاحقة ما يتعلق بهذا الباب
فلا تغفل.
1 - تفسير العياشي: عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نزل القرآن
على أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع في فرائض وأحكام، وربع
سنن وأمثال، ولنا كرائم القرآن (4).
2 - تفسير العياشي: عن ابن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نزل القرآن
أثلاثا ثلث فينا وفي عدونا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام (5).

(1) الليالي ظ.
(2) البقرة: 106.
(3) النحل: 101 - 103.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 9.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 9.
114

3 - تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن القرآن
زاجر وآمر، يأمر بالجنة، ويزجر عن النار (1).
4 - تفسير العياشي: عن محمد بن خالد بن الحجاج الكرخي، عن بعض أصحابه رفعه
إلى خيثمة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا خيثمة القرآن نزل أثلاثا: ثلث فينا وفي
أحبائنا، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا، وثلث سنة ومثل، ولو أن الآية
إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك القوم ماتت الآية، لما بقي من القرآن شئ
ولكن القرآن يجري أوله على آخره ما دامت السماوات والأرض، ولكل قوم
آية يتلونها هم منها من خير أو شر (2).
5 - تفسير العياشي: عن ابن مسكان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من لم يعرف أمرنا من
القرآن لم يتنكب الفتن (3).
6 - تفسير العياشي: عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا -
الفضل لنا حق في كتاب الله المحكم من الله، لو محوه فقالوا: ليس من عند الله، أو
لم يعلموا، لكان سواء (4).
7 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا محمد إذا سمعت الله
ذكر أحدا من هذه الأمة بخير فنحن هم، وإذا سمعت الله ذكر قوما بسوء ممن
مضى فهم عدونا (5).
8 - تفسير العياشي: عن داود بن فرقد، عمن أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو
قد قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين، وقال سعيد بن الحسين الكندي
عن أبي جعفر عليه السلام بعد مسمين: " كما سمي من قبلنا " (6).
9 - تفسير العياشي: عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لولا أنه زيد في كتاب الله
ونقص منه، ما خفي حقنا على ذي حجى، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن (7).
10 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده قال:

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 10.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 10.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
115

قال أمير المؤمنين عليهم السلام: سموهم بأحسن أمثال القرآن، يعني عترة النبي صلى الله عليه وآله
" هذا عذب فرات " فاشربوا " وهذا ملح أجاج " فاجتنبوا (1).
11 - تفسير العياشي: عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبد الله عليه السلام عن قول الله: " قل
كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " (2) فلما رآني أتتبع هذا
وأشباهه من الكتاب، قال: حسبك كل شئ في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل
هذا فهو في الأئمة عنى به (3).
13 * (باب) *
* " (ما عاتب الله تعالى به اليهود) " *
البقرة: قال الله تعالى: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم
يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون * وإذا لقوا الذين
آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم
ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون * أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما
يعلنون * ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون *
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا
قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون * وقالوا لن تمسنا
[النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون
على الله ما لا تعلمون] (4).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(2) الرعد: 43.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 13.
(4) البقرة: 75 - 80، وما بين العلامتين أضفناه من المصحف الشريف لتكون
الآيات المربوطة، المتعلقة بعنوان الباب كاملة. ونسخة الأصل كنسخة الكمباني ينتهى إلى
قوله تعالى " لن تمسنا " وبعده بياض. وكيف كان الظاهر من سيرة المؤلف العلامة رضوان
الله عليه أن يكتب بعد ذلك ما يتعلق بتفسير الآيات الكريمة من التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري
عليه السلام، ولما كان الآيات مع تفسيرها منقولة مستخرجة في ج 70 ص 166
170، لم ننقلها هنا، من أرادها فليراجع هناك.
116

14 * (باب) *
* " (أن القرآن مخلوق) " *
1 - التوحيد (1) أمالي الصدوق: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن ابن معبد، عن ابن خالد
قال: قلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله أخبرني عن القرآن أخالق أو مخلوق؟
فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله عز وجل (2).
2 - التوحيد (3) عيون أخبار الرضا (ع) (4) أمالي الصدوق: ابن مسرور، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن ابن
هاشم، عن الريان قال: قلت للرضا عليه السلام: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام
الله لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا (5).
3 - التوحيد (6) أمالي الصدوق: المكتب، عن الأسدي، عن البرمكي، عن عبد الله بن
أحمد بن داهر، عن الفضل بن إسماعيل، عن علي بن سالم، عن أبيه قال: سألت
الصادق عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام
الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله، وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي

(1) التوحيد: الباب الثلاثون ص 156.
(2) أمالي الصدوق ص 326.
(3) التوحيد: 157.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 56.
(5) أمالي الصدوق ص 326.
(6) التوحيد: 157 وفيه عن البرمكي، عن علي بن سالم.
117

لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (1).
4 - التوحيد (2) أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن اليقطيني قال: كتب أبو الحسن الثالث
عليه السلام إلى بعض شيعته ببغداد " بسم الله الرحمن الرحيم، عصمنا الله وإياك
من الفتنة، فان يفعل فأعظم بها نعمة، وإلا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن
الجدال في القرآن بدعة، اشترك فيها السائل والمجيب، فتعاطى السائل ما ليس له
وتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله، وما سواه مخلوق، والقرآن
كلام الله، لا تجعل له اسما من عندك، فتكون من الضالين، جعلنا الله وإياك
من الذين يخشون ربهم بالغيب، وهم من الساعة مشفقون " (3).
5 - التوحيد (4) أمالي الصدوق: المكتب، عن الأسدي، عن البرمكي، عن عبد الله بن
أحمد، عن الجعفري قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: يا ابن رسول الله ما
تقول في القرآن: فقد اختلف فيه من قبلنا فقال قوم: إنه مخلوق، وقال قوم:
إنه غير مخلوق، فقال عليه السلام: أما إني لا أقول في ذلك ما يقولون، ولكني أقول:
إنه كلام الله عز وجل (5).
6 - التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن أبي نجران
عن حماد بن عثمان، عن عبد الرحيم قال: كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى
أبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك اختلف الناس في القرآن فزعم قوم أن القرآن كلام
الله غير مخلوق، وقال آخرون: كلام الله مخلوق، فكتب عليه السلام: القرآن كلام
الله محدث غير مخلوق، وغير أزلي مع الله تعالى ذكره، وتعالى عن ذلك علوا
كبيرا، كان الله عز وجل ولا شئ غير الله، معروف ولا مجهول، كان عز وجل

(1) أمالي الصدوق 326.
(2) التوحيد: 157.
(3) أمالي الصدوق ص 326.
(4) التوحيد: 157.
(5) أمالي الصدوق ص 330.
118

ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل، جل وعز ربنا.
فجميع هذه الصفات محدثه غير حدوث الفعل منه، عز وجل ربنا، والقرآن
كلام الله غير مخلوق، فيه خبر من كان قبلكم، وخبر ما يكون بعدكم، انزل
من عند الله على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله (1).
قال الصادق رحمه الله: كأن المراد من هذا الحديث ما كان فيه من ذكر
القرآن، ومعنى ما فيه أنه غير مخلوق أي غير مكذوب، ولا يعني به أنه غير
محدث، لأنه قد قال: محدث غير مخلوق، وغير أزلي مع الله تعالى ذكره
وقال أيضا: قد جاء في الكتاب أن القرآن كلام الله، ووحي الله، وقول الله
وكتاب الله، ولم يجئ فيه أنه مخلوق، وإنما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه
لان المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبا، ويقال: كلام مخلوق أي مكذوب
قال الله تبارك وتعالى: " إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا " (2)
أي كذبا، وقال عز وجل حكاية عن منكري التوحيد: " ما سمعنا بهذا في الملة
الآخرة إن هذا إلا اختلاق " (3) أي افتعال وكذب، فمن زعم أن القرآن مخلوق
بمعنى أنه مكذوب فقد كذب، ومن قال: إنه غير مخلوق بمعنى أنه غير مكذوب
فقد صدق وقال الحق والصواب، ومن زعم أنه غير مخلوق بمعنى أنه غير محدث
وغير منزل وغير محفوظ، فقد أخطأ وقال غير الحق والصواب.
وقد أجمع أهل الاسلام على أن القرآن كلام الله عز وجل على الحقيقة
دون المجاز، وأن من قال غير ذلك فقد قال منكرا وزورا، ووجدنا القرآن
مفصلا وموصلا، وبعضه غير بعض، وبعضه قبل بعض، كالناسخ التي يتأخر عن
المنسوخ، فلو لم يكن ما هذه صفته حادثا بطلت الدلالة على حدوث المحدثات، وتعذر
إثبات محدثها، بتناهيها وتفرقها واجتماعها.
وشئ آخر: وهو أن العقول قد شهدت، والأمة قد أجمعت: أن الله

(1) التوحيد: 158.
(2) العنكبوت: 17.
(3) سورة ص 1.
119

عز وجل صادق في أخباره، وقد علم أن الكذب هو أن يخبر بكون ما لم يكن
وقد أخبر الله عز وجل عن فرعون وقوله: " أنا ربكم الاعلى " (1) وعن نوح
أنه " نادى ابنه وهو في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين " (2)
فإن كان هذا القول وهذا الخبر قديما فهو قبل فرعون وقبل قوله ما أخبر عنه
وهذا هو الكذب، وإن لم يوجد إلا بعد أن قال فرعون ذلك، فهو حادث لأنه
كان بعد أن لم يكن.
وآمر آخر وهو أن الله عز وجل قال: " ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا
إليك " (3) وقوله: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " (4) وما
له مثل أو جاز أن يعدم بعد وجوده، فحادث لا محالة (5).
7 - تفسير العياشي: عن فضيل بن يسار قال: سألت الرضا عليه السلام عن القرآن فقال لي:
هو كلام الله (6).
8 - تفسير العياشي: عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن القرآن فقال لي: لا
خالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الخالق (7).
9 - تفسير العياشي: عن زرارة قال: سألته عن القرآن أخالق هو؟ قال: لا، قلت:
مخلوق؟ قال: [لا] ولكنه كلام الخالق (8).
10 - تفسير العياشي: عن ياسر الخادم، عن الرضا عليه السلام أنه سئل عن القرآن فقال:
لعن الله المرجئة ولعن الله أبا حنيفة، إنه كلام الله غير مخلوق، حيث ما تكلمت به
وحيث ما قرأت ونطقت، فهو كلام وخبر وقصص (9).

(1) النازعات: 24.
(2) هود: 42.
(3) أسرى: 86.
(4) البقرة: 106.
(5) التوحيد: 158 - 159.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 6.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 6.
(8) تفسير العياشي ج 1 ص 7.
(9) تفسير العياشي ج 1 ص 8.
120

11 - رجال الكشي: حمدويه وإبراهيم معا، عن محمد بن عيسى، عن هشام المشرقي
أنه دخل على أبي الحسن الخراساني عليه السلام فقال: إن أهل البصرة سألوا عن الكلام
فقالوا: إن يونس يقول: إن الكلام ليس بمخلوق، فقلت لهم: صدق يونس إن
الكلام ليس بمخلوق، أما بلغكم قول أبي جعفر عليه السلام حين سئل عن القرآن:
أخالق هو أم مخلوق؟ فقال لهم: ليس بخالق ولا مخلوق، إنما هو كلام الخالق
فقويت أمر يونس، فقالوا: إن يونس يقول: إن من السنة أن يصلي الانسان
ركعتين وهو جالس بعد العتمة، فقلت: صدق يونس (1).
15 * (باب)) *
* " (وجوه اعجاز القرآن) " *
أقول: قد سبق ما يناسب هذا الباب في الباب الأول من هذا الكتاب، وقد
أوردنا أكثر ما يناسب هذا الباب في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله فتذكر (2).
ولنذكر هنا ما أورده القطب الراوندي رحمه الله بطوله في كتاب الخرائج والجرائح
في هذا المعنى، فإنه كاف في هذا الباب، ومقنع في دفع الشبه الموردة على ذلك في
كل باب.
قال رضوان الله عليه: اعلم أن كتاب الله المجيد ليس مصدقا لنبي الرحمة خاتم
النبيين فقط بل هو مصدق لسائر الأنبياء والأوصياء قبله، وسائر الأوصياء بعده
جملة وتفصيلا، وليس جملة الكتاب معجزة واحدة، بل هي معجزات لا تحصى
وفيه إعلام عدد الرمل والحصى، لان أقصر سورة فيه إنما هو الكوثر، وفيه
إعجاز من وجهين:
أحدهما أنه قد تضمن خبرا عن الغيب قطعا قبل وقوعه، فوقع كما أخبر
عنه من غير خلف فيه، وهو قوله: " إن شانئك هو الأبتر " لما قال قائلهم:

(1) رجال الكشي: 414.
(2) راجع ج 17 ص 159 - 225 من هذه الطبعة الحديثة.
121

إن محمدا رجل صنبور (1) فإذا مات انقطع ذكره، ولا خلف له يبقى به ذكره
فعكس ذلك على قائله، وكان كذلك.
والثاني من طريق نظمه لأنه على قلة عدد حروفه، وقصر آية، يجمع نظما
بديعا، وأمرا عجيبا، وبشارة للرسول، وتعبدا للعبادات بأقرب لفظ وأوجز
بيان، وقد نبهنا على ذلك في كتاب مفرد لذلك.
ثم إن السور الطوال متضمنة للاعجاز من وجوه كثيرة نظما وجزالة
وخبرا عن الغيوب، فلذلك لا يجوز أن يقال: إن القرآن معجز واحد ولا ألف
معجز، ولا أضعافه، فلذلك خطأنا قول من قال: إن للمصطفى صلى الله عليه وآله ألف معجز
أو ألفي معجز، بل يزيد ذلك عند الاحصاء على الألوف.
ثم الاستدلال في أن القرآن معجز لا يتم إلا بعد بيان خمسة أشياء: أحدها
ظهور محمد صلى الله عليه وآله بمكة، وادعاؤه أنه مبعوث إلى الخلق ورسول إليهم، وثانيها
تحديه العرب بهذا القرآن الذي ظهر على يديه، وادعاؤه أن الله أنزله عليه وخصه
به، وثالثها أن العرب مع طول المدة لم يعارضوه، ورابعها أنه لم يعارضوه
للتعذر والعجز، وخامسها أن هذا التعذر خارق للعادة، فإذا ثبت ذلك فإما أن
يكون القرآن نفسه معجزا خارقا للعادة بفصاحته، ولذلك لم يعارضوه، أو لان
الله صرفهم عن معارضتهم ولولا الصرف لعارضوه، وأي الامرين ثبت صحت نبوته
عليه السلام لأنه تعالى لا يصدق كاذبا، ولا يخرق العادة لمبطل.
وأما ظهوره عليه السلام بمكة، ودعاؤه إلى نفسه فلا شبهة فيه، بل هو معلوم
ضرورة لا ينكره عاقل، وظهر هذا القرآن على يده أيضا معلوم ضرورة، والشك
في أحدهما كالشك في الآخر.
وأما الذي يدل على أنه صلى الله عليه وآله تحدى بالقرآن فهو أن معنى قولنا إنه
تحدى: أنه كان يدعي أن الله تعالى خصه بهذا القرآن وإنبائه به، وأن

(1) الصنبور - كعصفور - النخلة المنفردة من النخيل، والتي دقت من أسفلها
وانجرد كربها وقل حملها، ثم كنى به عن الرجل الضعيف الذليل بلا أهل ولا عقب ولا ناصر.
122

جبرئيل عليه السلام أتاه به، وذلك معلوم ضرورة لا يمكن لاحد دفعه، وهذا غاية
التحدي في المعنى.
وأما الكلام في أنه لم يعارض، فلانه لو عورض لوجب أن ينقل
ولو نقل لعلم، كما علم نفس القرآن، فلما لم يعلم، دل على أنه لم يكن، وبهذا
يعلم أنه ليس بين بغداد والبصرة بلد أكبر منهما لأنه لو كان لنقل وعلم، وإنما
قلنا إن المعارضة لو كانت لوجب نقلها لان الدواعي متوفرة على نقلها، ولأنها
تكون الحجة، والقرآن شبهة، لو كانت، ونقل الحجة أولى من نقل الشبهة
وأما الذي نعلم به أن جهة انتفاء المعارضة التعذر لا غير، فهو أن كل فعل ارتفع
عن فاعله مع توفر دواعيه إليه، علم أنه ارتفع للتعذر، ولهذا قلنا إن هذه
الجواهر والأكوان ليست في مقدورنا، وخاصة إذا علمنا أن الموانع المعقولة
مرتفعة كلها، فيجب لنا أن نقطع على أن ذلك من جهة التعذر لا غيره وإذا علمنا
أن العرب تحدوا بالقرآن فلم يعارضوه مع شدة حاجتهم إلى المعارضة، علمنا
أنهم لم يعارضوه للتعذر لا غير، وإذا ثبت كون القرآن معجزا وأن معارضته
تعذرت لكونه خارقا للعادة، ثبت بذلك نبوته المطلوبة.
ثم اعلم أن الطريق إلى معرفة صدق النبي صلى الله عليه وآله أو الوصي عليه السلام ليس إلا
ظهور المعجز عليه، أو خبر نبي ثابت نبوته بالمعجز، والمعجز في اللغة ما يجعل
غيره عاجزا، ثم تعورف في الفعل الذي يعجز القادر عن مثله، وفي الشرع هو كل
حادث من فعل الله أو بأمره أو تمكينه ناقض لعادة الناس في زمان تكليف مطابق لدعوته
أو ما يجري مجراه.
واعلم أن شروط المعجزات أمور:
منها أن يعجز عن مثله أو عما يقاربه المبعوث إليه وجنسه، لأنه لو قدر
عليه أو واحد من جنسه في الحال لما دل على صدقه، ووصي النبي حكمه حكمه.
ومنها أن يكون من فعل الله أو بأمره وتمكينه لان المصدق للنبي بالمعجز
هو الله، فلا بد أن يكون من جهته تعالى.
123

ومنها أن يكون ناقضا للعادة لأنه لو فعل معتادا لم يدل على صدقه، كطلوع
الشمس من المشرق.
ومنها أن يحدث عقيب دعوى المدعي أو جاريا مجرى ذلك. والذي يجري
مجراه أن يدعي النبوة ويظهر عليه معجزا، ثم يشيع دعواه في الناس ثم يظهر
معجز من غير تجديد دعوى لذلك، لأنه إذا لم يظهر كذلك لم يعلم تعلقه بالدعوى
فلا يعلم أنه تصديق له في دعواه.
ومنها أن يظهر ذلك في زمان التكليف لان أشراط الساعة ينتقض بها عادته
تعالى، ولا يدل على صدق مدع.
ثم إن القرآن معجز، لأنه صلى الله عليه وآله تحدى العرب بمثله وهم النهاية في
البلاغة، وتوفرت دواعيهم إلى الاتيان بما تحداهم به، ولم يكن لهم صارف عنه
ولا مانع منه، ولم يأتوا به، فعلمنا أنهم عجزوا عن الاتيان بمثله.
وإنما قلنا إنه عليه السلام صلى الله عليه وآله تحداهم به لان القرآن نفسه يتضمن التحدي كقوله
تعالى: " فأتوا بسورة من مثله " ومعلوم أن العرب في زمانه وبعده كانوا يتبارون
بالبلاغة، ويفخرون بالفصاحة، وكانت لهم مجامع يعرضون فيها شعرهم، وحضر
زمانه من يعد في الطبقة الأولى كالأعشى ولبيد وطرفة، وزمانه أوسط الأزمنة
في استعمال المستأنس من كلام العرب دون الغريب الوحشي الثقيل على اللسان
فصح أنهم كانوا الغاية في الفصاحة، وإنما قلنا اشتدت دواعيهم إلى الاتيان بمثله
فإنه تحداهم ثم قرعهم بالعجز عنه، بقوله تعالى: " قل لئن اجتمعت الإنس والجن
على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " وقوله
تعالى: " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ".
فان قيل: لعل صارفهم هو قلة احتفالهم به أو بالقرآن لانحطاطه في البلاغة
قلنا لا شبهة أنه صلى الله عليه وآله كان من أوسطهم في النسب [وفي الخصال المحمودة] حتى سموه
الأمين، الصدوق، وكيف لا يحتفلون به وهم كانوا يستعظمون القرآن حتى شهروه
بالسحر، ومنعوا الناس من استماعه، لئلا يأخذ بمجامع قلوب السامعين، فكيف
124

يرغبون عن معارضته (1).
فان قيل: ألستم تقولون إن ما يأتي به محمد من القرآن هو كلام الله وفعله
وقلتم إن مقدورات العباد لا تنتقض بها العادة، وقلتم إن القرآن هو أول كلام
تكلم به تعالى، وليس بحادث في وقت نزوله، والناقض للعادة لابد وأن يكون
هو متجدد الحدوث، لان الكلام مقدور للعباد، فما يكون من جنسه لا يكون
ناقضا للعادة، فلا يكون معجزا للعباد.
الجواب أن الناقض للعادة هو ظهور القرآن في مثل بلاغته المعجزة، وذلك
يتجدد، وليس يظهر مثله في العادة سواء جوز أن يكون من قبله أو من قبل ملك
يظهر عليه بأمره تعالى أو أوحى الله به إليه، فإذا علم صدقه في دعواه بظهور مثل
هذا الكلام البليغ الذي يعجز عنه المبعوث إليه وجنسه عن مثله، وعما يقاربه
وكان ناقضا للعادة، فكان معجزا دالا على صدقه، ولم يضرنا في ذلك أن يكون
تعالى تكلم به قبل، إذ لم يجر تعالى عادته في إظهاره على أحد غيره.
وقوله " إنه مركب من جنس مقدور العباد " لا يقدح في كونه ناقضا للعادة ولا
في كونه معجزا، لان الاعجاز فيه هو من جملة البلاغة، وفيها يقع التفاوت بين
البلغاء، ألا ترى أن الشعراء والخطباء يتفاضلون في بلاغتهم في شعرهم وخطبهم؟
فصح أن يكون في الكلام ما بلغ حدا في البلاغة ينقض به العادة في بلاغة البلغاء
من العباد.
ويبين ذلك أن البلاغة في الكلام البليغ لا يحصل بقدرة القادر على إحداث
الحروف المركبة، وإنما يظهر بعلوم المتكلم بالكلام البليغ، وتلك
العلوم لا تحصل للعبد باكتسابه، وإنما يحصل له من قبل الله ابتداء، وعند
اجتهاد العبد في استعمال ما يحصل عنده، وتلك العلوم من فعله تعالى، وقد أجرى الله
عادته فيها بمنح العبد من العلوم للبلاغة، فلا يمنح من ذلك إلا مقدارا يتفاوت فيه

(1) مختار الخرائج ص 267 - 268، وما بعده لم يطبع إلى قوله وأما وجه اعجاز
القرآن وقد صححه المؤلف العلامة بخط يده في نسخة الأصل وضرب على بعض جملاتها.
125

بلاغة بعضهم عن بعض، ويتفاوتون في ذلك بقدر تفاوت بلاغتهم، فإذا تجاوز بلاغة
القرآن ذلك المقدار الذي جرت به العادة في بلاغة العبد، وبلغت حدا لا تبلغه
بلاغ أبلغهم، ظهر كونه ناقضا للعادة، وإنما يبين كونه كذلك، إذا بينا أنه
تحداهم بمثل القرآن، فعجزوا عنه، وعما يقاربه.
فإذا قيل: فبماذا علمتم أن القرآن ظهر معجزة له دون غيره، وما أنكرتم
أن الله بعث نبيا غير محمد، وآمن محمد بن، فتلقته منه محمد، ثم قتل ذلك النبي
وادعاه معجزة لنفسه.
الجواب أنا نعلم باضطرار أنه مختص به كما نعلم في كثير من الاشعار والتصانيف
أنها مختصة بمن تضاف إليه كشعر امرء القيس وكتاب العين للخليل، ثم إن القرآن
ظهر منه وسمع، ولم يجر، في الناس ذكر أنه ظهر لغيره، ولا جوزوه، وكيف
يجوز في حكمه الحكيم أن يمكن أحدا من ذلك وقد علم حال محمد في عزف نفسه عن
ملاذ الدنيا من أول أمره إلى أواخره، كيف يتهم بما قالوه.
فان قيل: لعل من تقدم محمدا كامرء القيس وأضرابه لو عاصره لأمكنه
معارضته، قلنا: إن التحدي لم يقع بالشعر فيصح ما قلته، وكان في زمانه صلى الله عليه وآله
وقريبا منه من قدم في البلاغة من تقدم، ولأنه ما كلفهم أن يأتوا بالمعارضة من عند
أنفسهم، وإنما تحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن من كلامهم أو كلام غيرهم
ممن تقدمهم، فلو علموا أن في كلامهم ما يوازي بلاغة القرآن لاتوا به، ولقالوا إن
هذا كلام من ليس بمنبئ وهو مساو للقرآن في بلاغته ومعلوم أن محمدا صلى الله عليه وآله ما قرأ
الكتب ولا تتلمذ لاحد من أهل الكتاب، وكان ذلك معلوما لأعدائه، ثم قص
عليهم قصص نوح، وموسى، ويوسف، وهود، وصالح، وشعيب ولوط، وعيسى
وقصة مريم على طولها، فما رد عليه أحد من أهل الكتاب شيئا منها، ولا خطأوه
في شئ من ذلك، ومثل هذه الأخبار لا يتمكن منها إلا بالتبخيت والاتفاق (1) وقد
نبه الله عليه بقوله " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا

(1) أي الا بأن نقول بالبخت والاتفاق.
126

أمرهم " (1) ونحو ذلك من قصص الأنبياء والأمم الماضين.
وأما وجه إعجاز القرآن فاعلم أن المسلمين اتفقوا على ثبوت دلالة القرآن
على النبوة وصدق الدعوة، واختلف المتكلمون في جهة إعجاز القرآن على سبعة
أوجه، فقد ذهب قوم إلى أنه معجز من حيث كان قديما أو لأنه حكاية للكلام
القديم، وعبارة عنه، فقولهم أظهر فسادا من أن يختلط بالمذاهب المذكورة في
إعجاز القرآن.
فأول ما ذكر من تلك الوجوه: ما اختاره المرتضى وهو أن وجه الاعجاز
في القرآن أن الله صرف العرب عن معارضته، وسلبهم العلم بكيفية نظمه وفصاحته
وقد كانوا لولا هذا الصرف قادرين على المعارضة متمكنين منها.
والثاني: ما ذهب إليه الشيخ المفيد وهو أنه إنما كان معجزا من حيث اختص
برتبة في الفصاحة خارقة للعادة، قال: لان مراتب الفصاحة إنما تتفاوت بحسب
العلوم التي يفعلها الله في العباد، فلا يمتنع أن يجري الله العادة بقدر من المعلوم فيقع
التمكين بها من مراتب في الفصاحة محصورة متناهية، ويكون ما زاد على ذلك زيادة
غير معتادة معجزا خارقا للعادة.
والثالث: وهو ما قال قوم وهو أن إعجازه من حيث كانت معانيه صحيحة
مستمرة على النظر، وموافقة للعقل.
والرابع: أن جماعة جعلوه معجزا من حيث زال عنه الاختلال والتناقض على
وجه لم تجر العادة بمثله.
والخامس: ما ذهب إليه أقوام وهو أن جهة إعجازه أنه يتضمن الاخبار عن
الغيوب.
والسادس: ما قاله آخرون، وهو: أن القرآن إنما كان معجزا لاختصاصه
بنظم مخصوص مخالف للمعهود.
والسابع: ما ذكره أكثر المعتزلة، وهو أن تأليف القرآن ونظمه معجزان

(1) يوسف: 102.
127

لا لان الله أعجز عنهما بمنع خلقه في العباد، وقد كان يجوز أن يرتفع فيقدر عليه
لكن محال وقوعه منهم كاستحالة إحداث الأجسام والألوان، وإبراء الأكمه
والأبرص من غير دواء، ولو قلنا إن هذه الوجوه السبعة كلها وجوه إعجاز القرآن
على وجه دون وجه لكان حسنا.
ثم إن المرتضى رحمه الله استدل على أنه تعالى صرفهم عن المعارضة
وأن العدول عنها كان لهذا، لا لان فصاحة القرآن خرقت عادتهم بأن الفضل بين
الشيئين إذا كثر لم تقف المعرفة بحالهما على ذوي القرائح الذكية بل يغني ظهور
أمريهما عن الرؤية بينهما، وهذا كما لا يحتاج إلى الفرق بين الخز والصوف إلى
أحذق البزازين، وإنما يحتاج إلى التأمل، الشديد التقارب الذي يشكل مثله.
ونحن نعلم أنا علم مبلغ علمنا بالفصاحة، نفرق بين شعر امرء القيس وشعر
غيره من المحدثين، ولا نحتاج في هذا الفرق إلى الرجوع إلى من هو الغاية في
علم الفصاحة، بل نستغني معه عن الفكرة، وليس بين الفاضل والمفضول من أشعار
هؤلاء وكلام هؤلاء قدر ما بين الممكن والمعجز، والمعتاد والخارج عن العادة، وإذا
استقر هذا، وكان الفرق بين سور المفصل وبين أفصح قصائد العرب غير ظاهر لنا
الظهور الذي ذكرناه - ولعله إن كان ثم فرق فهو مما يقف عليه غيرنا، ولا يبلغه
علمنا - فقد دل على أن القوم صرفوا عن المعارضة واخذوا عن طريقها.
والأشبه بالحق، والأقرب إلى الحجة، بعد ذلك القول قول من جعل وجه
إعجاز القرآن خروجه عن العادة في الفصاحة، فيكون ما زاد على المعتاد معجزا كما
أنه لما أجرى الله العادة في القدرة التي يمكن بها من ضروب أفعال الجوارح كالطفو
بالبحر وحمل الجبل فإنها إذا زادت على ما تأتي العادة، كانت لا حقة بالمعجزات
كذلك القول ههنا.
ثم إن هؤلاء الذين قالوا: إن جهة إعجاز القرآن الفصاحة المفرطة التي
خرقت العادة، صاروا صنفين:
منهم من اقتصر على ذلك، ولم يعتبر النظم، ومنهم من اعتبر مع الفصاحة النظم
128

المخصوص، وقال الفريقان: إذا ثبت أنه خارق للعادة بفصاحته، دل على نبوته
لأنه لو كان من قبل الله فهو دال على نبوته ومعجز، وإن كان من فعل النبي
صلى الله عليه وآله ولم نتمكن من ذلك مع خرقه العادة لفصاحته لان الله خلق
فيه علوما خرق بها العادة، فإذا علمنا بقوله: إن القرآن من فعل الله دون فعله
قطعنا على ذلك دون غيره.
وأما القول الثالث والرابع فكلاهما مأخوذ من قوله تعالى: " ولو كان من
عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " (1) فحمل الأولون ذلك على المعنى
والآخرون على اللفظ، والآية مشتملة عليهما عامة فيهما، ويجوز أن يكون كلا
القولين معجزا على بعض الوجوه، لارتفاع التناقض فيه، والاختلاف فيه، على وجه
مخالف للعادة.
وأما من جعل جهة إعجازه ما تضمنه من الاخبار عن الغيوب فذلك لا شك
أنه معجز، لكن ليس هو الذي قصد به التحدي لان كثيرا من القرآن خال من
الاخبار بالغيب، والتحدي وقع بسورة غير معينة.
وأما الذين قالوا إنما كان معجزا لاختصاصه بأسلوب مخصوص، ليس بمعهود
فان النظم دون الفصاحة، لا يجوز أن يكون جهة إعجاز القرآن على الاطلاق
لان ذلك لا يقع فيه التفاضل، وفي ذلك كفاية، لان السابق إلى ذلك لابد أن
يقع فيه مشاركة لمجرى العادة كما تبين.
وأما من قال: إن القرآن نظمه وتأليفه مستحيلان من العباد، كخلق الجواهر
والألوان، فقولهم به على الاطلاق باطل، لان الحروف كلها من مقدورنا، والكلام
كله يتركب من الحروف التي يقدر عليها كل متكلم وأما التأليف فاطلاقه مجاز في القرآن حقيقته في الأجسام وإنما يراد من القران حدوث بعضه في أثر
بعض، فان أريد ذلك فهو إنما يتعذر لفقد العلم بالفصاحة وكيفية إيقاع الحروف
لا أن ذلك مستحيل كما أن الشعر يتعذر على العجم لعدم علمه بذلك، لا أنه

(1) النساء: 82.
129

مستحيل منه من حيث القدرة ومتى أريد استحالة ذلك يما يرجع إلى فقد العلم فذلك
خطأ في العبارة دون المعنى.
أقول: ثم أعاد رحمه الله الكلام على كل من الوجوه المذكورة على
الترتيب المذكور، فقال في الصرفة:
واعترض فقالوا: إذا كان الصرف هو المعجز فلم لم يجعل القرآن من أرك
الكلام وأقله فصاحة، ليكون أبهر في باب الاعجاز.
الجواب: لو فعل ذلك لجاز لكن المصلحة معتبرة في ذلك، فلا يمتنع أنها
اقتضت أن يكون القرآن على ما هو عليه من الفصاحة فلأجل ذلك لم ينقص منه
ولا يلزم في باب المعجزات أن يفعل ما هو أبهر وأظهر، وإنما يفعل ما تقتضيه
المصلحة بعد أن تكون دلالة الاعجاز قائمة فيه، ثم يقال: فهلا جعل الله القرآن
أفصح مما هو عليه، فما قالوا فهو جوابنا عنه، وليس لاحد أن يقول: ليس
وراء هذه الفصاحة زيادة، لان الغايات التي ينتهي إليها الكلام الفصيح غير متناهية.
ومن اعتراضاتهم قولهم: لو كان الصرف لم خفي ذلك على فصحاء العرب
لأنهم إذا كانوا يتأتى منهم قبل التحدي ما تعذر بعده، وعند روم المعارضة، فالحال
في أنهم صرفوا عنها ظاهرة، فكيف لم ينقادوا.
والجواب لابد أن يعلموا تعذر ما كان متأتيا منهم، لكنهم يجوز أن ينسبوه
إلى الاتفاقات أو إلى السحر أو العناد ويجوز أن يدخل عليهم الشبهة على أنه
يلزمهم مثل ما ألزمونا بأن يقال: إن العرب إذا علموا أن القرآن خرق العادة
بفصاحته، فلم لم ينقادوا فجوابهم جوابنا.
واعترضوا فقالوا: إذا لم يخرق القرآن العادة بفصاحته فلم شهد له
بالفصاحة متقدموا العرب كالوليد بن المغيرة وكعب بن زهير، والأعشى الكبير
لأنه ورد ليسلم فمنعه أبو جهل!!؟ وخدعه، وقال: إنه يحرم عليك الأطيبين
فلو لا أنه بهرهم بفصاحته وإلا لم ينقادوا.
والجواب جميع ما شهد به الفصحاء من بلاغة القرآن فواقعة موقعه، لان
130

من قال بالصرفة لا ينكر مزية القرآن على غيره بفصاحته، وإنما يقول: تلك
المزية ليست مما تخرق العادة، وتبلغ حد الاعجاز، فليس في قبول الفصحاء
وشهادتهم بفصاحة القرآن ما يوجب القول ببطلان الصرفة، وأما دخولهم في الاسلام
فلامر بهرهم وأعجزهم، وأي شئ أبلغ من الصرفة في ذلك.
وأما القائلون بأن إعجازه الفصاحة قالوا: إن الله جعل معجزة كل نبي
من جنس ما يتعاطا قومه، ألا ترى أن في زمان موسى عليه السلام لما كان الغالب على قومه
السحر، جعل الله معجزته من ذلك القبيل، فأظهر على يده قلب العصا حية واليد
البيضا، فعلم أولئك الأقوام بأن ذلك مما لا يتعلق بالسحر، فآمنوا، وكذلك
زمان عيسى عليه السلام لما كان الغالب على قومه الطب جعل الله معجزته من ذلك القبيل
فأظهر على يده إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، فعلم أولئك الأقوام أن
ذلك مما لا يوصل إليه بالطب، فآمنوا به.
وكذلك لما كان زمن محمد صلى الله عليه وآله الغالب على قومه الفصاحة والبلاغة، حتى
كانوا لا يتفاخرون بشئ كتفاخرهم بها، جعل الله معجزته من ذلك القبيل فأظهر
على يده هذا القرآن، وعلم الفصحاء منهم أن ذلك ليس من كلام البشر، فآمنوا
به، ولهذا جاء المخصوصون فآمنوا برسول الله كالأعشى (1) مدح رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس
ابن ثعلبة بن الحصن بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل يكنى أبا بصير خرج إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله يريد الاسلام فقال يمدح رسول الله صلى الله عليه:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وعادك ما عاد السليم المسهدا
وما ذاك من عشق النساء وإنما * تناسيت قبل اليوم خلة مهددا
ومهد معشوقته، وفيها يقول لناقته:
فآليت لا أرثى لها من كلالة * ولا من حفا حتى تزور محمدا
فبلغ خبره قريشا فرصدوه على طريقه وقالوا: هذا صناجة العرب - يعنى صاحب
الصنج، لقب به لما كان في شعره من الجودة إذا أنشد أخذ بالأسماع كالصنج - ما مدح أحدا
قط الا رفع في قدره، فلما ورد عليهم قالوا له: أين أردت يا أبا بصير؟ قال: أردت صاحبكم
هذا لأسلم، قالوا: انه ينهاك عن خلال ويحرمها عليك، وكلها بك رافق ولك موافق، قال:
وما هن؟ فقال أبو سفيان بن حرب: الزنا، قال: لقد تركني الزنا وما تركته، ثم ماذا؟
قال: القمار، قال: لعلى ان لقيته أن أصيب منه عوضا من القمار، ثم ماذا؟ قال: الربا
قال ما دنت ولا أدنت، ثم ماذا؟ قال: الخمر، قال: أوه! أرجع إلى صبابة قد بقيت لي
في المهراس فأشربها (والمهراس حجر عظيم منقور يسع كثيرا من الماء) فقال له أبو سفيان:
هل لك في خير مما هممت به؟ قال: وما هو؟ قال: نحن وهو الان في هدنة، فتأخذ مائة
من الإبل، وترجع إلى بلدتك سنتك هذه وتنظر ما يصير إليه أمرنا، فان ظهرنا عليه كنت
قد أخذت خلفا، وان ظهر علينا أتيته، فقال: ما أكره هذا، فقال أبو سفيان: يا معشر
قريش! هذا الأعشى والله لئن أتى محمدا واتبعه ليضرمن عليكم نيران العرب بشعره، فاجمعوا
له مائة من الإبل، ففعلوا، فأخذها وانطلق إلى بلده، فلما كان بقاع منفوحة - قرية
مشهورة من نواحي اليمامة - رمى به بعيره فقتله. راجع سيرة ابن هشام ج 1 ص 386
الأغاني ج 9 ص 125.
131

بقصيدة وأراد أن يؤمن، فدافعه قريش وجعلوا يحدثونه بأسوء ما يقدرون عليه
وقالوا: إنه يحرم عليك الخمر والزنا، فقال: لقد كبرت ومالي في الزنا من
حاجة، فقالوا: أنشدنا ما مدحته به، فأنشدهم.
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبت كما بات السليم مسهدا
نبي يرى ما لا ترون وذكره * أغار لعمري في البلاد وأنجدا
قالوا: إن أنشدته هذا لم يقبله منك، فلم يزالوا بالسعي حتى صدوه فقال:
أخرج إلى اليمامة، ألزمه عامي هذا، فمكث زمانا يسيرا ومات باليمامة.
وجاء لبيد (1) وآمن برسول الله صلى الله عليه وآله وترك قيل الشعر تعظيما لأمر القرآن

(1) هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن
صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، أحد شعراء المخضرمين وهو من أشراف الشعراء المجيدين
الفرسان القراء المعمرين، يقال إنه عاش 145 سنة، 90 سنة في الجاهلية وبقيتها في
الاسلام قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله في وفد بنى كلاب بعد وفاة أخيه أربد وعامر بن
الطفيل فأسلم وهاجر وحسن اسلامه، ونزل الكوفة أيام عمر بن الخطاب فأقام بها ومات
في آخر خلافة معاوية.
كتب عمر بن الخطاب إلى المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة: أن استنشد من قبلك
من شعراء مصرك ما قالوا في الاسلام، فأرسل إلى الأغلب الراجز العجلي فقال له:
أنشدني، فقال:
أرجزا تريد أم قصيدا * لقد طلبت هينا موجودا
ثم أرسل إلى لبيد فقال: أنشدني، فقال: ان شئت ما عفى عنه - يعنى الجاهلية -
فقال: لا، أنشدني ما قلت في الاسلام، فانطلق فكتب سورة البقرة [وآل عمران] في صحيفة
ثم أتى بها وقال: لقد أبدلني الله هذه في الاسلام مكان الشعر. فكتب بذلك المغيرة إلى
عمر، فنقص من عطاء الأغلب خمسمائة وجعلها في عطاء لبيد فكان عطاؤه ألفين وخمسمائة
فكتب الأغلب: يا أمير المؤمنين أتنقص من عطائي أن أطعتك؟ فرد عليه خمسمائته وأقر عطاء
لبيد على ألفين وخمسمائة.
وأراد معاوية أن ينقصه من عطائه لما ولى الخلافة، وقال: هذان الفودان - يعنى
الألفين - فما بال العلاوة؟ يعنى الخمسمائة، فقال له لبيد: إنما أنا هامة اليوم أو غد فأعرني
اسمها، فعلى لا أقبضها أبدا، فتبقى لك العلاوة والفودان، فرق له وترك عطاءه على حاله
فمات ولم يقبضه.
132

فقيل له: ما فعلت قصيدتاك؟ قال: أبدلني الله بهما سورتي البقرة وآل عمران.
قالوا: ومن خالفنا في هذا الباب يقول: إن الطريق إلى النبوة ليس إلا
المعجز، وزعموا أن المعجز يلتبس بالحيلة، والشعوذة، وخفه اليد، فلا يكون
طريقا إلى النبوة، فقوله باطل، لان هذا إنما كان لو لم يكن طريق إلى الفصل
بين المعجز والحيلة، وههنا وجوه من الفصل بينه وبينها: منها أن المعجز لا يدخل
جنسه تحت مقدور العباد كقلب العصا حية وإحياء الموتى وغير ذلك، ومنها أن
المعجز يكون ناقضا للعادة بخلاف الحيلة، فإنه يحتاج فيها إلى التعليم، ومنها أن
133

المعجز لا يحتاج إلى الآلات بخلاف الحيلة فإنها تحتاج إلى الآلات، ومنها أن
المعجز إنما يظهر عند من يكون من أهل ذلك الباب ويروج عليهم، والحيلة
إنما يظهر عند العوام والذين لا يكونون من أهل ذلك الباب، ويروج على الجهال
ومن قال من مخالفينا: إن محمدا لم يكن نبيا لأنه لم يكن معه معجز، فالكلام
عليه أن نقول إنا نعلم ضرورة أنه ادعي النبوة كما نعلم أنه ظهر بمكة، وهاجر
إلى المدينة، وتحدى العرب بالقرآن، وادعى مزية القرآن على كلامهم
وهذا يكون تحديا من جهة المعنى، وعلموا أن شأنه يبطل بمعارضته، فلم يأتوا
بها لضعفهم، وعجزهم كان لانتقاض العادة بالقرآن فأوجب انتقاض العادة كونه
معجزا دالا على نبوته.
فان قيل: إنما لم يعارضوه لكونهم غبايا جهالا، لا لعجزهم.
قلنا: المعارضات كانت مسلوكة فيما بينهم، فامرؤ القيس عارض علقمة بن
عبدة بن الطبيب وناقضه، وطريقة المعارضة لا تخفى على دهاة العرب مع ذكائها.
فان قيل: أخطأوا طريق المعارضة، كما أخطأوا في عبادة الأصنام، أو لان
القرآن يشتمل على الأقاقيص وهم لم يكونوا من أهله.
قلنا في الأول فرق بينهما، لان عبادة الأصنام طريقها الدلالة، وما كان
طريقه الدلالة يجوز فيه الخطأ، بخلاف مسألتنا لان طريقة التحدي هي الضرورة
لا يجوز فيها الخطأ، وأما الثاني ففي القرآن ما ليس من الأقاصيص، فوجب
أن يأتوا بمثله فيعارضوه، على أنهم طلبوا أخبار رستم واسفنديار، وحاولوا أن
يجعلوه معارضة للقرآن، واليهود والنصارى كانوا أهل الأقاصيص، وكان من
الواجب أن يتعرفوها منهم، ويجعلوها معارضة.
فان قيل: لا يجوز أن يكون القرآن معجزا دالا على نبوته من حيث
إنه ناقض العادة، فلا يمتنع أن يكون العرب أفصح الناس، ومنهم جماعة أفصح
العرب، وفي الجماعة واحد هو أفصح منهم، وإذا أتى بكلام لا يمكنهم أن يأتوا بمثله
ولا بما يقاربه، فإذا أتى بكلام مختص بالفصاحة لا يمكنهم أن يأتوا بمثله ولا
134

بما يقاربه، يوجب كونه معجزا.
قلنا لهم: لا يصح ولو اتفق لكان دليلا على صدقه.
فان قيل: لو كان القرآن معجزا لكان نبيا مبعوثا إلى العرب والعجم، وكان
يجب أن يعلم سائر الناس إعجاز القرآن من حيث الفصاحة، والعجم لا يمكنهم ذلك.
قلنا: هذا لا يصح لان الفصاحة ليست بمقصورة على بعض اللغات، يمكنهم
أن يعرفوا ذلك على سبيل الجملة، إذ أمكن أن يعلموا بالاخبار المتواترة أن
محمدا كان ظهر عليه القرآن، وتحدى العرب، وعجزوا أن يأتوا بمثله، فيجب
أن يكون القرآن معجزا دالا على نبوته، والعرب يعرفون ذلك على التفصيل
لان القرآن نزل بلغتهم، والعلم به على سبيل الجملة في هذا الباب كاف.
وإنما قلنا إنه معجز من حيث إنه ناقض العادة لان العادة لم يجر أن
يتعلم واحد الفصاحة ثم يبرز عليهم بحيث لم يمكنهم أن يأتوا بما يقاربه، فإذا أتى
به كذلك كان معجزا.
وأما القائلون بأن إعجازه بالفصاحة والنظم معا، قالوا: إن الذي يدل
على أن التحدي كان بالفصاحة والنظم معا أنا رأينا النبي عليه السلام أسل التحدي
إرسالا، وأطلقه إطلاقا، من غير تخصيص يحصره، فقال مخبرا عن ربه: " قل
لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان
بعضهم لبعض ظهيرا " (1) وقال: " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا
بسورة من مثله " (2).
فترك القوم استفهامه عن مراده بالتحدي: هل أراد مثله في الفصاحة دون
النظم، أو فيهما جميعا، أو في غيرهما؟ فعل من سبق الفهم إلى قلبه، وزال الريب
عنه، لأنهم لو ارتابوا لسألوه [ولو شكوا لاستفهموه] ولم يجز ذلك على هذا إلا
والتحدي واقع بحسب عهدهم وعادتهم، وقد علمنا أن عادتهم جارية في التحدي

(1) أسرى: 88.
(2) البقرة: 23.
135

باعتبار طريقة النظم مع الفصاحة، ولهذا لا يتحدى الشاعر الخطيب الذي لا يتمكن
من الشعر، ولا الخطيب الشاعر، وإنما يتحدى كل بنظيره، ولا يقنع المعارض
حتى يأتي بمثل عروض صاحبه كمناقضة جرير للفرزدق، وجرير للأخطل، وإذا
كانت هذه عادتهم، فإنما اختلفوا في التحدي عليها.
فان قيل: عادة العرب وإن جرت في التحدي بما ذكر تموه، فلا يمنع صحه
التحدي بالفصاحة دون طريقة النظم، لا سيما والفصاحة هي التي بصح فيها التفاضل
وإذا لم يمتنع ذلك فبما أنكرتم أن يكون تحداهم بالفصاحة دون الظلم، فأفهمهم
قصده، فلهذا لم يستفهموه.
قلنا: ليس نمنع أن يقع التحدي بالفصاحة دون النظم، فمن أين عرفته وإنما
سمعناه في التحدي بالقرآن من حيث أطلق التحدي به، وعري عما يخصه بوجه
دون وجه، فحملناه على ما عهده القوم، وألفوه في التحدي، فلو كان أفهمهم تخصيص
التحدي بقول مسموع، لوجب أن ينقل إلينا لفظه، ولا نجد له نقلا، ولو كان
أفهمهم بمخارج الكلام أو بإشارة وغيرها لوجب اتصاله بنا أيضا فان ما يدعو إلى
النقل للألفاظ، يدعو إلى نقل ما يتصل بها من مقاصد ومخارج، سيما فيما تمس
الحاجة إليه.
ألا ترى أنه لما نفى النبوة بعد نبوته بقوله: (لا نبي بعدي) أفهم مراده
السامعين من هذا القول أنه عنى لا نبي بقي من البشر كلهم، وأراد بالبعد عموم
سائر الأوقات، اتصل ذلك بنا على حد اتصال اللفظ، وفي ارتفاع كل ذلك من
النقل دليل على صحة قولنا.
على أن التحدي لو كان مقصورا على الفصاحة دون النظم، لوقعت المعارضة
من القوم ببعض فصيح شعرهم، أو بليغ كلامهم، لأنا نعلم خفاء الفرق بين قصار
السور وفصيح كلام العرب.
فكان يجب أن يعارضوه، فإذا لم يفعلوا، فأنهم فهموا من التحدي الفصاحة
وطريقة النظم، ولم يجتمعا لهم، واختصاص القرآن بنظم مخالف لسائر ضروب
136

الكلام، أوضح من أن يتكلف الدلالة عليه.
وقد قال السيد: وعندي أن التحدي وقع بالاتيان بمثله في فصاحته وطريقته
في النظم، ولم يكن بأحد الامرين، ولو وقعت المعارضة بشعر منظوم أو برجز
موزون أو بمنثور من الكلام، ليس له طريقة القرآن في النظم، لم تكن واقعة موقعها
والصرفة على هذا إنما كانت بأن يسلب الله كل من رام المعارضة للعلوم التي يتأتى
معها مثل فصاحة القرآن وطريقته في النظم، ولهذا لا يصاب في كلام العرب ما
يقارب القرآن في فصاحته ونظمه.
وأما القائلون بأن إعجاز القرآن في النظم المخصوص، قالوا: لما وجدنا
الكلام منظوما موزونا ومنثورا غير موزون، والمنظوم هو الشعر وأكثر الناس لا
يقدرون عليه، فجعل الله تعالى معجز نبيه النمط المذي يقدر عليه كل أحد، ولا
يتعذر نوعه في كلهم، وهو الذي ليس بموزون، فيلزم حجته الجميع.
والذي يجب أن يعلم في العلم باعجاز النظم، هو أن يعلم مباني الكلام وأسباب
الفصاحة في ألفاظها، وكيفية ترتيبها، وتباين ألفاظها، وكيفية الفرق بين
الفصيح والأفصح، والبليغ والأبلغ، وتعرف مقادير النظم والأوزان، وما به
يبين المنظوم من المنثور، وفواصل الكلام، ومقاطعه، ومباديه، وأنواع مؤلفه
ومنظومه، ثم ينظر فيما أتى به حتى يعلم أنه من أي نوع هو؟ وكيف فضل
على ما فضل عليه من أنواع الكلام، حتى يعلم أنه من نظم مباين لساير المنظوم
ونمط خارج من جملة ما كانوا اعتادوه فيما بينهم: من أنواع الخطيب والرسائل
والشعر، والمنظوم، والمنثور، والرجز، والمخمس، والمزدوج، والعريض
والقصير، فإذا تأملت ذلك، وتدبرت مقاطعه ومفاتحه، وسهولة ألفاظه، واستجماع
معانيه، وأن كل واحد منها لو غيرت لم يمكن أن يؤتى بدلها بلفظة هي أوفق
من تلك اللفظة، وأدل على المعنى منها، وأجمع للفوائد والزوائد منها، وإذا
كان كذلك فعند تأمل جميع ذلك يتحقق ما فيه من النظم اللائق، والمعاني الصحيحة
التي لا يكاد يوجد مثلها على نظم تلك العبارة، وإن اجتهد البليغ والخطيب.
137

وفي خواص نظم القرآن وجوه أولها خروج نظمه عن صورة جميع أسباب
المنظومات ولولا نزول القرآن لم يقع في خلد فصيح سواها، وكذلك قال عتبة بن
ربيعة لما اختاره قريش للمصير إلى النبي صلى الله عليه وآله قرء عليه حم السجدة فلما انصرف قال:
سمعت أنواع الكلام من العرب، فما شبهته بشئ منها، إنه ورد على ما راعني
ونحوه ما حكى الله عن الجن " قل أوحي إلي " إلى قوله: " آمنا به " فلما
عدم وجود شبيه القرآن من أنواع المنظوم، انقطعت أطماعهم عن معارضته.
والخاصة الثانية في الروعة التي له في قلوب السامعين، فمن كان مؤمنا يجد
شوقا إليه وانجذابا نحوه، وحكي أن نصرانيا مر برجل يقرء القرآن فبكى
فقيل له: ما أبكاك؟ قال: النظم.
والثالثة أنه لم يزل غضا طريا لا يخلق ولا يمل تاليه، والكتب المتقدمة
عارية عن رتبة النظم، وأهل الكتاب لا يدعون ذلك لها.
والرابعة أنه في صورة كلام هو خطاب لرسوله تارة ولخلقه أخرى.
والخامسة ما يوجد من جمعه [بين الأضداد] فان له صفتي الجزالة والعذوبة
وهما كالمتضادتين.
والسادسة ما وقع في أجزائه من امتزاج بعض أنواع الكلام ببعض، وعادة
ناطقي البشر تقسيم معاني الكلام.
والسابعة أن كل فضيلة من تأسيس اللغة في اللسان العربي هي موجودة
في القرآن.
والثامنة عدم وجود التفاضل بين بعض أجزائه من السور كما في التوراة كلمات
عشر تشتمل على الوصايا يستحلفون بها لجلالة قدرها، وكذا في الإنجيل أربع
صحف، وكذا في الإنجيل محاميد ومسابيح يقرؤنها في صلواتهم.
والتاسعة وجود ما يحتاج العباد إلى علمه من أصول دينهم وفروعه، من
التنبيه على طرق العقليات، وإقامة الحجج على الملاحدة والبراهمة والثنوية، والمنكرة
للبعث القائلين بالطبايع، بأوجز كلام وأبلغه، ففيه من أنواع الاعراب والعربية
138

حتى الطب في قوله: " كلوا واشربوا ولا تسرفوا " فهذا أصل الطب، والمحكم
والمتشابه، والحقيقة والمجاز، والناسخ والمنسوخ، وهو مهيمن على جميع الكتب
المتقدمة.
والعاشرة وجود قوام النظم في أجزائه كلها حتى لا يظهر في شئ من ذلك
تناقض ولا اختلاف، وله خواص سواها كثيرة.
فان قيل: فهلا كانت ألفاظ القرآن كليتها مؤلفة من قبل الألفاظ الموجزة
التي إذا وقعت في الكلام زادته حسنا، ليكون كلام الله عليه النظم الأحسن الأفضل
إذ كان لا يعجزه شئ عن بلوغ الغاية كما يعجز الخلق عن ذلك.
الجواب: أن هذا يعود إلى أن كيف لم يرتفع أسباب التفاضل بين الأشياء
حتى يكون كلها كشئ واحد متشابه الاجزاء والابعاض وكيف فضل بعض الملائكة
على بعض، ومتى كان كذلك لم يوجد اختلاف الأشياء يعرف به الشئ وضده، على
أنه لو كان كلام الله كما ذكر يخرج في صورة المعمى الذي لا يوجد له لذة البسط
والشرح، ولو كان مبسوطا لم تبين فضيلة الراسخين في العلم على من سواهم، وأنه
تعالى حكيم عليم بأن إلطاف المبعوث إليهم إنما هو في النمط الذي أنزله، فلو
كان على تركيب آخر، لم يكن لطفا لهم.
ثم لنذكر وجها آخر للصرفة، وهو أن الامر لو كان بخلافه، وكان تعذر
المعارضة والعدول عنه لعلمهم بفضله على سائر كلامهم في الفصاحة، وتجاوزه له في
الجزالة، لوجب أن يقع منهم معارضة على كل حال، لان العرب الذين خوطبوا
بالتحدي والتقريع، ووجهوا بالتعنيف والتبكيت، كانوا إدا أضافوا فصاحة القرآن
إلى فصاحتهم، وقاسوا بكلامهم كلامه، علموا أن المزية بينهما إنما تظهر لهم
دون غيرهم ممن نقص عن طبقتهم، ونزل عن درجتهم، دون الناس جميعا، ممن
لا يعرف الفصاحة، ولا يأنس بالعربية، وكان ما عليه دون المعرفة لفصيح الكلام
من أهل زماننا ممن خفي الفرق عليهم بين مواضع من القرآن وبين فقرات العرب
البديعة، وكلمهم الغريبة، فأي شئ أقعد بهم عن أن يعتمدوا إلى بعض أشعارهم
139

الفصيحة، وألفاظهم المنثورة، فيقابلوه، ويدعوا أنه مما ثل لفصاحته أو أزيد
عليها، لا سيما وأكثر من يذهب إلى هذه الطريقة يدعي أن التحدي وقع بالفصاحة
دون النظم وغيره من المعاني المدعاة في هذا الموضع.
فسواء حصلت المعارضة بمنظوم الكلام أو بمنثوره فمن هذا الذي كان يكون
الحكم في هذه الدعوى وجماعة الفصحاء أو جمهورهم كانوا حرب رسول الله صلى الله عليه وآله
ومن أهل الخلاف عليه والرد لدعوته، والصدود عن محجته، لا سيما في بدو الامر
وأوله، وقبل أوان استقرار الحجة، وظهور الدعوة، وكثرة عدد الموافقين
وتظافر الأنصار والمهاجرين.
ولا نعمد إلا على أن هذه الدعوى لو حصلت لردها بالتكذيب من كان في
حرب النبي صلى الله عليه وآله من الفصحاء، لكن كان اللبس يحصل والشبهة تقع لكل من ليس
من أهل المعرفة من المستجيبين الدعوة والمنحرفين عنها من العرب.
ثم لطوايف الناس جميعا كالفرس والروم والترك ومن ماثلهم ممن لاحظ
له في العربية عند تقابل الدعوى في وقع المعارضة موقعها، وتعارض الأقوال من
الإجابة بها مكانها، ما يتأكد الشبهة، وتعظم المحنة، ويرتفع الطريق إلى إصابة
الحق، لان الناظر إذا رأى جل أصحاب الفصاحة وأكثرهم يدعي وقوع المعارضة
والمكافأة والمماثلة، وقوما منهم كلهم ينكر ذلك ويدفعه، كان أحسن حاله أن
يشك في القولين، ويجوز في كل واحد منهما الصدق والكذب، فأي شئ يبقى
من المعجز بعد هذا؟ والاعجاز لا يتم إلا بالقطع على تعذر المعارضة على القوم
وقصورهم عن المعارضة والمقاربة، والتعذر لا يحصل إلا بعد حصول العلم بأن
المعارضة لم تقع، مع توفر الدواعي وقوة الأسباب، وكانت حينئذ لا تقع
الاستجابة من عاقل، ولا المؤازرة من صديق.
وليس يحجز العرب عما ذكرناه ورع ولا حياء، لأنا وجدناهم لم يرعووا
عن السب والهجاء، ولم يستحيوا من القذف والافتراء، وليس في ذلك ما يكون
حجة ولا شبهة، بل هو كاشف عن شدة عداوتهم وأن الحيرة قد بلغت بهم إلى استحسان
140

القبيح الذي يكون نفوسهم تأباه، وأخرجهم ضيق الخناق إلى أن أحضر أحدهم
أخبار رستم واسفنديار، وجعل يقص بها ويوهم الناس أنه قد عارض، وأن
المطلوب بالتحدي هو القصص والاخبار وليس يبلغ الامر بهم إلى هذا، وهم
متمكنون مما ترفع الشبهة، فعدلوا عنه مختارين.
وليس يمكن لاحد أن يدعي أن ذلك مما لم يهتد إليه العرب وأنه لو اتفق
خطوره ببالهم لفعلوه غير أنه لم يتفق، لأنهم كانوا من الفطنة والكياسة على مالا
يخفى عليهم معه أنفذ الامرين مع صدق الحاجة وفوتها، والحاجة تفتق الجبل.
وهب لم يفطنوا ذلك بالبديهة، كيف لم يقعوا عليه مع التفكر، وكيف لم يتفق
لهم ذلك مع فرط الذكاء وجودة الذهن، وهذا من قبيح الغفلة التي تنزه القوم عنها
ووصفهم الله بخلافها.
وليس يورد هذا الاعتراض من يوافق في إعجاز القرآن، وإنما يصير إليه
من خالفنا في الملة وأبهرته الحجة، فيرمي العرب بالبله والغفلة، فيقول: لعلهم لم
يعرفوا أن المعارضة أنجع وأنفع، وبطريق الحجة أصوب وأقرب، لأنهم لم
يكونوا أصحاب نظر وذكر، وإنما كانت الفصاحة صنعتهم، فعدلوا إلى الحرب.
وهذا الاعتراض إذا ورد علينا كانت كلمة جماعتنا واحدة في رده، وقلنا في
جوابه: إن العرب إن لم يكونوا نظارين، فلم يكونوا في غفلة مخامرة في العقول
أن مسألة التحدي في فعله ومعارضته بمثله أبلغ في الاحتجاج عليه من كل فعل
ولا يجوز أن يذهب العرب جلهم عما لا يذهب عنه العامة، والاعتناء بالحرب غير
مانعة عن المعارضة، وقد كانوا يستعملون في حروبهم من الارتجاز ما لو جعلوا مكانه
معارضة القرآن كان أنفع لهم.
في مطاعن المخالفين في القرآن: قالوا إن في القرآن تفاوتا قوله " يا أيها
الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى
أن يكن خيرا منهن " (1) ففي الكلام تكرار بغير فائدة، لان قوله " قوم من

(1) الحجرات: 11.
141

قوم " يغني من قوله " نساء من نساء " فالنساء يدخلن في قوم، يقال: هؤلاء قوم فلان
الرجال والنساء من عترته.
الجواب: أن قوله " قوم " لا يقع في حقيقة اللغة إلا على الرجال، ولا يقال
للنساء ليس فيهن رجل: هؤلاء قوم فلان، وإنما تسمى الرجال، لأنهم هم
القائمون بالأمور عند الشدائد كتاجر وتجر، ومسافر وسفر، ونائم ونوم
وزائر وزور، يدل عليه قول زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري * أقوم آل حصن أم نساء
وقالوا في قوله تعالى " الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري " (1) تفاوت
كيف يكون الأعين في غطاء عن ذكر، وإنما تكون الاسماع في غطاء عنه.
الجواب: أن الله أراد بذلك عميان القلوب، يدل على ذلك قول الناس
عمي قلب فلان، وفلان أعمى القلب، إذا لم يفهم، وقال تعالى: " ولكن تعمى
القلوب التي في الصدور " (2) وقصد القلوب لان عماها هو المؤثر في باب الدين
المانع من الاقتداء فجاز أن يقال للقلب أعمى وإن كان العمى في العين، ومثله
قوله " وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه " (3) والأكنة الأغطية.
وسألوا عن قوله " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن
ودا " (4) قالوا: لا يقال فلان يجعل لفلان حبا، إذا أحبه.
الجواب: إنما أراد سيجعل لهم الرحمن ودا في قلوب المؤمنين والمعنى
إلى: يحببهم إلى القلوب.
وقالوا في قوله " أم عندهم الغيب فهم يكتبون " (5) وكانت قريش أميين
فكيف جعلهم يكتبون.
الجواب: أن معنى الكتابة هنا الحكم يريد أعندهم علم الغيب فهم يحكمون
فيقولون سنقهرك ونطردك، وتكون العاقبة لنا لا لك، ومثله قول الجعدي:

(1) الكهف: 101.
(2) الحج: 46.
(3) الانعام: 25.
(4) مريم: 96.
(5) الطور: 41، القلم: 47.
142

ومال الولاء بالبلاء فملتم * وما ذاك حكم الله إذ هو يكتب (1)
أي يحكم بيده، ومثله (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) (2) ومثل
قوله للمتحالفين إليه: والذي نفسي بيده لأقضين فيكما بكتاب الله أي بحكم الله
لأنه أراد الرجم والتعذيب، وليس ذلك في ظاهر كتاب الله.
وقالوا في قوله: (وقل إني أنا النذير المبين * كما أنزلنا على المقتسمين *
الذين جعلوا القرآن عضين) (3) ولفظه كما يأتي تشبيه شئ بشئ تقدم ذكره
ولم يتقدم في أول الكلام ما يشبه به ما تأخر عنه.
قالوا: وكذلك قوله: (لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم * كما
أخرجك ربك من بيتك بالحق) (4) ما الذي يشبه بالكلام الأول من إخراج الله
إياه.
قالوا: وكذلك قوله: (ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون * كما
أرسلنا) (5).
الجواب: أن القرآن على لسان العرب، وفيه حذف وإيماء ووحي وإشارة
فقوله: (أنا النذير المبين) فيه حذف كأنه قال: أنا النذير المبين عذابا كما أنزلنا
على المقتسمين، فحذف العذاب إذ كان الانذار يدل عليه لقوله في موضع آخر:
(أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) (6) ومثله من المحذوف في أشعار العرب
وكلامهم كثير.
وأما قوله: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) فان المسلمين يوم بدر

(1) ومثله قوله الاخر على ما استشهد به الجوهري في الصحاح ص 208:
يا ابنة عمى كتاب الله أخرجني * عنكم وهل أمنعن الله ما فعلا
(2) المائدة: 45.
(3) الحجر: 89 91.
(4) الأنفال: 4 و 5.
(5) البقرة: 150 و 151.
(6) فصلت: 13.
143

اختلفوا في الأنفال، وجادل كثير منهم رسول الله صلى الله عليه وآله فيما فعله في الأنفال
فأنزل الله سبحانه " يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول " يجعلها لمن
يشاء " فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " أي فرقوه بينكم على السواء " وأطيعوا الله
ورسوله " فيما بعد " إن كنتم مؤمنين ووصف المؤمنين، ثم قال: " كما أخرجك ربك
من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون " يريد أن كراهتهم في الغنائم
ككراهتهم في الخروج معك.
وأما قوله: " ولعلكم تهتدون * كما أرسلنا " فإنه أراد ولاتم نعمتي
كإرسالي فيكم رسولا أنعمت به عليكم يبين لكم.
سألوا عن قوله: " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح
ابن الله " (1) ولا يقول أحدهما ذلك.
الجواب أنه لما حرق نبخت نصر بيت المقدس، بغى على بني إسرائيل
وسبي ذراريهم وحرق التوراة حتى لم يبق لهم رسم وكان في سباياه دانيال فعبر
رؤياه فنزل منه أحسن المنازل، فأقام عزير لهم التوراة بعينها، حين عاد إلى الشام
بعد موته. فقالت طائفة من اليهود: هو ابن الله ولم يقل ذلك كل اليهود، وهذا
خصوص خرج مخرج العموم.
وسألوا عن قوله: " فنبذناه بالعراء وهو سقيم " (2) قالوا: كيف جمع الله
بينه وبين قوله: " لولا أن تداركه رحمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم " (3)
وهذا خلاف الأول، لأنه قال أولا: نبذناه مطلقا ثم قال: لولا أن تداركه
لنبذ، فجعله شرطا.
الجواب معنى ذلك لولا أنا رحمناه بإجابة دعائه، لنبذناه حين نبذناه بالعراء
مذموما، وقد كان نبذه في حالته الأولى سقيما يدل عليه قوله: " فاجتبيه ربه

(1) براءة: 30.
(2) الصافات: 145.
(3) القلم: 49.
144

فجعله من الصالحين " (1) لكن تداركه الله بنعمة من عنده فطرح بالفضاء وهو غير
مذموم، واختاره الله وبعثه نبيا، ولا تناقض بين الآيتين، وإن كان في موضع
نبذناه مطلقا وهو سقيم: ولم يكن في هذه الحالة بمليم، وفي موضع آخر نبذ
مشروطا ومعناه لولا أن رحمنا يونس عليه السلام لنبذناه ملوما، وكان لوم عتاب لا لوم
عقاب لأنه بترك الأولى.
وسألوا عن قوله: " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر " (2) واسمه في التوراة
تارخ فيقال: لا ينكر أن يكون له اسمان، وكنيتان، هذا إدريس في التوراة
أخنوخ ويعقوب إسرائيل، وعيسى يدعى المسيح، وقد قال نبينا: لي خمسة
أسماء أنا محمد، أنا أحمد، والعاقب، والماحي، والحاشر، وقد يكون للرجل
كنيتان كما كان له اسمان، فان حمزة يكنى أبا يعلى وأبا عتبة (3) وصخر بن حرب
أبا معاوية، وأبا سفيان، وأبا حنظلة.
وقيل معنى آزر: يا ضعيف ويا جاهل، ويقال: يا معاوني ويا مصاحبي
ويا شيخي، فعلى هذا يكون ذلك وصفا له، وقال الأكثرون: إن آزر كان عم
إبراهيم، والعرب تجعل العم أبا، والصحيح أن آزر كان أبا لام إبراهيم.
وسألوا عن قوله: " ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازداد وا تسعا " (4) ثم
قال: " قل الله أعلم بما لبثوا " وهذا كلام متفاوت، لأنه أخبرنا بمدة كهفهم، ثم
قال: الله أعلم بما لبثوا، وقد علمنا ذلك بما أعلمنا.
الجواب: أنهم اختلفوا في مدة لبثهم كما اختلفوا في عدتهم فأعلمنا الله أنهم
لبثوا ثلاثمائة فقالوا: سنين وشهورا وأياما؟ فأنزل الله سنين ثم قال: " ازدادوا
تسعا " وأنا أعلم بما لبثوا من المختلفين.
وسألوا عن قوله: " يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء " (5) ولم تكن
لمريم أخ يقال له هارون.

(1) القلم: 50.
(2) الانعام: 74.
(3) بل أبا عمارة.
(4) الكهف: 25.
(5) مريم: 28.
145

الجواب أنه لم يرد بهذا اخوة النسب، بل أراد ما يشبه هارون في الصلاح
وكان في بني إسرائيل رجل صالح يقال له: هارون، وقد يقول الرجل لغيره:
يا أخي، ولا يريد به اخوة النسب، ويقال: هذا الشئ أخو هذا الشئ، إذا
كان مشاكلا له، وقال تعالى: " وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها " (1).
وقالوا: كيف يكون هذا النظم بالوصف الذي ذكرتم في البلاغة النهاية، وقد
وجد التكرار من ألفاظه كقوله: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ونحوه من تكرير
القصص.
الجواب أن التكرير على وجوه: منها ما يوجد في اللفظ دون المعنى، كقولهم
أطعني ولا تعصني، ومنها ما يوجد فيهما معا كقولهم عجل عجل أي سرا وعلانية
وتالله والله أي في الماضي والمستقبل، وقد يقع كل ذلك لتأكيد المعنى والمبالغة
فيه، ويقع مرة لتزيين النظم وحسنه، والحاجة إلى استعمال كليهما، والمستعمل
للايجاز والحذف ربما عمي على السامع، وإنما ذم أهل البلاغة التكرير الواقع
في الألفاظ إذا وجدوه فضلا من القول من غير فائدة في التأكيد لمعنى، أو لتزيين
لفظ ونظم، وإذا وجد كذلك كان هذرا ولغوا، فأما إذا أفاد فائدة في كل
من النوعين، كان من أفضل اللواحق للكلام المنظوم، ولم يسم تكريرا على الذم
وتكرير اللفظ لتزيين النظم أمر لا يدفعه عارف بالبلاغة، وهو موجود في أشعارهم.
ولنذكر الفرق بين الحيل والمعجزات، وهو يتوقف على ذكر الحيل و أسبابها
وآلاتها، وكيفية التوصل إلى استعمالها، وذكر وجه إعجاز المعجزات.
اعلم أن الحيل هي أن صاحب الحيلة يري الامر في الظاهر على وجه لا
يكون عليه، ويخفي وجه الحيلة فيه نحو عجل السامري الذي جعل فيه خروقا
تدخل فيها الريح، فيسمع منه صوت، ومنها مخرقة الشعبذة نحو أن يري الناظر
ذبح الحيوان بخفة حركاته ولا يذبحه في الحقيقة، ثم يري من بعد أنه أحياه

(1) الزخرف: 48.
146

بعد الذبح.
وهذا الجنس من الحيل هو السحر، وليست معجزات الأنبياء والأوصياء
عليهم السلام من هذا القبيل، بل ما يأتون بها من المعجزات فإنها تكون
على ما يأتون به، والعقلاء يعلمون أكثرها باضطرار أنها كذلك، لا يشكون فيه
وأنه ليس فيه وجه حيلة نحو قلب العصا حية وإحياء الميت، وكلام الجماد
والحيوانات من السباع والبهائم والطيور على الاستمرار في أشياء مختلفة، والاخبار
عن الغيب، والاتيان بخرق العادة، ونحو القرآن في بلاغته والصرفة فإنه يعلم
كونه معجزا أكثر الناس باستدلال، ولهذا قال تعالى في قوم فرعون وما رأوه
من معجزات موسى عليه السلام: " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما " (1).
فان قيل: بما أنكرتم أن يكون في الأدوية ما إذا مس به ميت حيي وعاش
وإذا جعل في عصا ونحوها صارت حية، وإذا سقي حيوانا تكلم، وإذا شربه
الانسان صار بليغا، بحيث يتمكن من مثل بلاغة القرآن.
قلنا: ليس يخلو إما أن يكون للناس طريق إلى معرفة ذلك الدواء أو لا يكون
لهم طريق إلى معرفته، فإن كان لهم إليه طريق لزم أن يكون الظفر به ممكنا، وكانوا
يعارضون به ولا يكون معجزا، وإن لم يمكن الظفر به، لزم أن يكون الظفر به
معجزا لأنه يعلم أنه ما ظفر به إلا بأن الله أطلعه عليه، فعلم بذلك صدقه، ثم
يعلم من بعد بخبره أن ذلك ليس من قبله، نحو القرآن، بل هو منه تعالى أنزله
عليه.
وكذلك هذا في الدواء الذي جوزه السايل في إحياء الموتى، لا يخلو
إما أن لا يمكن الظفر به أو يمكن، فعلى الأول يلزم أن يكون الظفر به معجزا
للنبي أو الوصي، لأنه يعلم أنه ما ظفر به إلا بأن أطلعه الله عليه، فيعلم بذلك
صدقه، وإن أمكن الظفر به، وهو الوجه الثاني، فالواجب أن يسهل الاحياء
لكل أحد، والمعلوم خلافه.

(1) النمل: 14.
147

ثم اعلم أن الحيل والسحر وخفة اليد كلها وجوه متى فتش عنها الانسان
يقف على تلك الوجوه، ولهذا يصح فيها التتلمذ والتعلم، ولا يختص به واحد
دون آخر، مثاله أنهم يأخذون البيض، ويضعونه في الخل، ويتركونه فيه يومين
وثلاثة حتى يصير قشره الفوقاني لينا بحيث يمكن أن يطول فإذا صار طويلا
بمده كذلك، يطرح في قارورة ضيقة الرأس، فإذا صار فيها يصب فيها الماء البارد
حتى يصير البيض مدورا كما كان، ويذهب ذلك اللين من قشره الفوقاني بذلك
بعد ساعات، ويشتد بحيث ينكسر انكساره أو لا فيظن الغفلة أن المعجز مثله
وهو حيلة.
ونحو ذلك ما ألقى سحرة فرعون من حبالهم وعصيهم تخيل الناظر أنها
تسعى، احتالوا في تحريك العصا والحبال بما جعلوا فيها من الزيبق، فلما طلعت
الشمس عليها، تحركات بحرارة الشمس، وغير ذلك من أنواع الحيل، وأنواع
التمويه والتلبيس وخيل إلى الناس أنها تتحرك كما تتحرك الحية، وإنما سحروا
أعين الناس لأنهم أروهم شيئا لم يعرفوا حقيقته، وخفي ذلك عليهم لبعده منهم، فإنهم
لم يخلوا الناس يدخلون فيما بينهم.
وفي هذه دلالة على أن السحر لا حقيقة له، لأنها لو صارت حيات حقيقة
لم يقل الله تعالى " سحروا أعين الناس " (1) بل كان يقول: فلما ألقوها صارت حيات
ثم قال تعالى: " وأو حينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون " (2)
أي ألقاها فصارت ثعبانا فإذا هي تبتلع ما يأفكون فيه من الحبال والعصى، وإنما
ظهر ذلك للسحرة على الفور، لأنهم لما رأوا تلك الآيات والمعجزات في العصا علموا
أنه أمر سماوي لا يقدر عليه غير الله، فمنها قلب العصا حية ومنها أكلها حبالهم وعصيهم
مع كثرتها، ومنها فناء حبالهم وعصيهم في بطنها إما بالتفرق أو الخسف، وإما بالفناء
عند من جوزه، ومنها عودها عصا كما كانت من غير زيادة ولا نقصان، وكل عاقل
يعلم أن مثل هذه الأمور لا تدخل تحت مقدور البشر، فاعترفوا كلهم، واعترف

(1) الأعراف: 115 - 117.
(2) الأعراف: 115 - 117.
148

كثير من الناس معهم بالتوحيد، وبالنبوة، وصار إسلامهم حجة على فرعون
وقومه.
وأما معجزات الأنبياء والأوصياء عليهم السلام فان أعداء الدين كانوا يعتنون بالتفتيش
عنها، فلم يعثروا على وجه حيلة فيها، ولذلك كل من سعى في تفتيش عوارهم
وتكذيبهم يفتش عن دلالتهم أهي شبهات أم لا؟ فلم يوقف منها على مكر وخديعة
منهم عليهم السلام، ولا في شئ من ذلك، ألا ترى أن سحرة فرعون كانت همهم
أشد في تفتيش معجزة موسى، فصاروا هم أعلم الناس بأن ما جاء به موسى عليه السلام ليس
بسحر، وهم كانوا أحذق أهل الأرض بالسحر، وآمنوا وقالوا لفرعون: " وما تنقم
منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين " (1)
فقتلهم فرعون، وهم يقولون " لا ضير إنا إلى ربنا لمنقلبون " (2) وقيل: إن فرعون
لم يصل إليهم وعصمهم الله تعالى منه.
وأما القمر الذي أطلعه المعروف بالمقنع (3) فإنه ليس بأمر خارق للعادة
وإنما هو إجراء عين من العيون التي تنبع في الجبال في ذلك الموضع، متى كانت
الشمس في برج الثور، والجوزاء سامتت تلك العين، انعكس فيها الشعاع
إلى الجو، وهناك تكثر الأبخرة في الحر، وتتراكم وتتكاثف، فيركد الشعاع الذي
انعكس من العين فيها، فيرى إلى الناس صورة القمر، وعلى هذا لما طمت تلك
العين فسد ما فعله المقنع، وقد عثر على ذلك واطلع، وكل من اطلع على ذلك
الوقت وأنفق المال وأتعب الفكر فيه أمكنه أن يطلع مثل ما أطلعه المقنع إلا أن

(1) الأعراف: 126.
(2) الشعراء: 50.
(3) قيل اسمه حكيم، وقيل حكيم بن عطا، كان في بدو أمره قصارا من أهل مرو
وكان يعرف شيئا من السحر والنيرنجات، ولقب بالمقنع لأنه قد عمل وجها من ذهب وركبه
على وجهه لئلا يرى وجهه الدميم وعينه العوراء، وهذا القمر الذي عمله كان بنخشب ولذا
يعرف بقمر نخشب و " ماه نخشب " ونخشب قرية بتركستان.
149

الناس يرغبون عن إنفاق المال وإتيان الفكر فيما يجري هذا المجرى، سيما وإن
تم لهم نسبوه إلى الشعوذة.
وأما الطلسمات فان في الناس من يسمي الحيل الباقية بها، وذلك مجاز واستعارة
وإلا فالطلسمات هي التي ظاهرها وباطنها سواء، ولا يظهر فيها وجه حيلة، كما كان
على المنارة الإسكندرية (1) وكما روي أن الله تعالى بفضله أمر نبيا من الأنبياء
المتقدمين أن يأخذ طيرا من نحاس أو شبه (2) ويجعله على رأس منارة كانت في
تلك الولاية، ولم يكن فيها شجر الزيتون، وكان أهلها محتاجين إلى دهن الزيت
للمأدوم وغيره، فإذا كان عند إدراك الزيتون بالشامات خلق الله صوتا في ذلك
الطير (3) فيذهب ذلك الصوت في الهواء فيجتمع إلى ذلك ألوف ألوف من أجناسه

(1) كان إسكندر المقدوني بنى منارة رفيعة على ساحل البحر مما يلي الإفرنج فتعبأ
باهتمام أرسطو طاليس على أرسها مرآة عظيمة مجلوة محدبة ينعكس فيها ما يقابلها حتى أميال
فإذا أراد بعض الأعداء أن يهجم على بلدانهم من هذا الباب، عاينهم المراقبون فأخبروا
أميرهم، فاستعدوا، قيل: كان يجلس الجالس تحتها فيبصر من بالقسطنطينية، وبينهما
عرض البحر.
فغفل المراقبون ليلة عن مراقبتها، واستولى عليها الإفرنج فغرقوها في الماء.
(2) شبه: محركة ويقال شبق حجر شديد السواد والبريق، وهو في اللين والخفة
كالكهرباء. إذا جعل في النار احترق كالحطب ويستشم منه رائحة النفط وقد يصنع منه
فص الخاتم وأمثاله.
(3) مرار جعيانوس الموسيقار بفلاة فاجتاز على فرخ برصلة - ولعلها السودانية أو
السودانة، ويقال لها عند الفرس: " دارنمك " وعند الجيل " داركوب " يصفر صفيرا حزينا
بخلاف صفير سائر البراصل، فكانت البراصل تجيئه بلطائف الزيتون فتطرحها عنده فيأكل
بعضها ويفضل بعضها، فتأمل حاله وعلم أن في صفيره ضربا من التوجع والاستعطاف والاستغاثة
فتلطف وعمل آلة تشبه الصفارة، إذا هبت الريح أدت ذلك الصفير، فرأى أن البراصل جاءته
بالزيتون كما كانت تجئ الفرخ
فأخذ صورة من زجاج مجوف - وقيل من نحاس اصفر على هيئة البرصلة، وعمد
إلى هيكل أورشليم ونصبها إلى فوق الهيكل. وجعل فوق تلك الصورة قبة تحفظها، وأمرهم
بفتحها في أول آب - وآب من الشهور التي كان يدرك فيها الزيتون وأول ليلة منها ليلة
دفن اسطرخس الناسك القيم بعمارة ذلك الهيكل - فكلما فتحوا القبة، وهبت الريح صفرت
تلك البرصلة المصنوعة، والبراصل - السودانية - تجئ كل واحد منها بزيتونة أو ثلاث
زيتونات زيتونتين برجليها وزيتونة بمنقارها فتطرحها عند الصورة، زعما منها أنها برصلة
مستغيثة مستعطفة حتى تمتلئ القبة كل يوم من الزيتون والناس اعتقدوا أنه من كرامات
ذاك المدفون، راجع تفسير الرازي ج 1 ص 645 في قصة هاروت وماروت، الدر المنثور
ج 3 ص 97.
150

في منقار كل واحد زيتونة، فيطرحها على ذلك الطير، فيمتلئ حوالي المنارة من
الزيتون إلى رأسها، وكان ذلك الطير غير مجوف، فلا يدعى أنها من الحيل التي
يأخذها الناس لصندوق الساعة ونحوها (1) ولا يسمع لذلك الطير صوت إلا عند إدراك
الزيتون في السنة وكان أهلوها ينتفعون به طول السنة بذلك، فهي عندنا من معجزات
باقية للأنبياء الماضين، والأوصياء المتقدمين، ولهذا لم يظهر طلسم بعد محمد صلى الله عليه وآله
وحان قصور أيدي الأئمة عليهم السلام.
وأما الزراقون (2) الذين يتفق لهم من الإصابة على غير أصل كالشغراني

(1) صندوق الساعة، على أنواع، منها أن يدق الصندوق عند كل ربع وعند كل
ساعة بدقات معينة، أو يخرج عند كل ساعة فارس في يده بوق يضرب به من غير أن يمسه
أحد، وقد عاد في زماننا هذا من بديهيات الصنايع.
(2) الزراق: الذي يخبر عن المغيبات رجما بالغيب من دون اعمال فكر وتعلم علم
والشغراني رجل كان يعيش في عهد السيد المرتضى علم الهدى وقد شاهد عنه بعض اصاباته
وله ذكر في أجوبته للمسائل السلارية قال فيها عندما يذكر اصاباته: أنه قال لأحدهم: وأنت
من بين الجماعة قد وعدك واعد بشئ يوصله إليك وفى كمك شئ مما يدل على هذا، وقد
انقضت حاجتك وانتجزت، وجذب يده إلى كمه فاستخرج ما فيه فعجبنا مما اتفق من اصابته
مع بعده من صناعة النجوم الخ، راجع الكنى والألقاب ج 2 ص 334.
151

فإنه كان ذكيا حاضر الجواب، فطنا بالزرق، معروفا به كثير الإصابة فيما يخرصه
من الإصابة، حتى قال المنجمون: إن مولده وما يتولاه كواكبه اقتضى له ذلك
وذلك باطل، لأنه لو كانت الإصابة بالمواليد، لكان النظر في علم النجوم عبثا لا يحتاج
إليه لان المولد إذا اقتضى الإصابة أو الخطاء، فالتعلم لا ينفع، وتركه لا يضر
وهذه علة تسري إلى كل صنعة، حتى يلزم أن يكون كل شاعر مفلق وصانع
حاذق وناسج للديباج موفق لا علم له بذلك، وإنما اتفقت له الصنعة بغير علم
لما يقتضيه كواكب مولده، وما يلزم من الجهالة على هذا لا يحصى.
ثم اعلم أن النبي صلى الله عليه وآله كان يذكر أخبار الأولين والآخرين، من ابتداء
خلق الدنيا إلى انتهائها، وأمر الجنة والنار، وذكر ما فيهما على الوجه الذي صدقه
عليه أهل الكتاب، وكان لم يتعلم، ولم يقعد عند حبر، ولم يقرء الكتب، فإذا كان
كذلك، فقد بان اختصاصه بمعجزة، لان ما أتى به من هذه الأخبار لا على الوجه
المعتاد في معرفتها، من تلقيها من ألسنة الناطقين، لا يكون إلا بدلالة تكون علما
على صدقه.
وما أخبر به عن الغيوب التي تكون على التفصيل لا على الاجمال كقوله " لتدخلن
المسجد الحرام إنشاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون " (1) وكان كما
أخبر به ولم يكن عليه وآله السلام صاحب تقويم وحساب واصطرلاب، ومعرفة بطالع
نجم وزيج، وكان ينكر على المنجمين، فيقول: من أتى عرافا أو كاهنا فآمن
بما قال فقد كفر بما انزل على محمد، وقد علمنا أن الاخبار عن الغيوب على التفصيل
من حيث لا يقع فيه خلاف بقليل ولا بكثير، من غير استعانة على ذلك بآلة أو حساب
أو تقويم كوكب طالع، أو على التنجيم الذي يخطئ مرة ويصيب مرة
لا يمكن إلا من ذي معجزة مخصوصة، قد خصه الله تعالى بالهام من عنده أو أمر
يكون ناقضا للعادة الجارية في معرفة مثلها، إظهارا لصدق من يظهرها عليه
وعلامة له.

(1) الفتح: 27.
152

واعلم أنه قد تضمن القرآن والأحاديث الصحيحة الاخبار عن الغيوب الماضية
والمستقبلة، فأما الماضية فكان لاخبار عن أقاصيص الأولين والآخرين من غير تعلم
من الكتب المتقدمة، على ما ذكرنا.
وأما المستقبلة فكالاخبار عما يكون من الكاينات، وكان كما أخبر عنها على
الوجه الذي أخبر عنها على التفصيل، من غير تعلق بما يستعان به على ذلك، من
تلقين ملقن وإرشاد مرشد، أو حكم بتقويم أو رجوع إلى حساب كالكسوف والخسوف
ومن غير اعتماد على إصطرلاب وطالع وذلك قوله تعالى: " ليظهره على الدين كله
ولو كره المشركون " (1) وكقوله " من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " (2)
وكقوله " سيهزم الجمع ويولون الدبر " (3) وكقوله " لا يأتون بمثله ولو كان
بعضهم لبعض ظهيرا " (4) وكقوله " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا " (5) وكقوله " وعدكم
الله مغانم كثيرة تأخذونها " إلى قوله " قد أحاط الله بها " (6) ونحو ذلك من الآيات
وكان كلها كما قال.
والأحاديث المعجزة أيضا كثيرة لا يتفق أمثالها - على كثرتها مع ما فيها
من تفصيل الأحكام المفصلة - عن المنجمين، فتقع كلها صدقا، فيعلم أن ذلك
بالهام ملهم الغيوب، يعرف له حقائق الأمور.
ووجه آخر وهو ما في القرآن والأحاديث من الاخبار عن الضماير
كقوله " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " (7) من غير أن ظهر منهم قول أو فعل
بخلاف ذلك وكقوله " وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم " (8)
من غير أن يسمعه منهم ولا ينكرونه، وكقوله " وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين

(1) براءة: 33.
(2) الروم: 1.
(3) القمر: 45.
(4) أسرى: 88.
(5) البقرة: 23.
(6) الفتح: 19 - 21.
(7) آل عمران: 122.
(8) المجادلة: 8.
153

أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم " (1) يخبرهم بما يريدون في
أنفسهم وما يهمون به، وكعرضه تمني الموت على اليهود في قوله " فتمنوا
الموت إن كنتم صادقين " وقوله " ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم " (2)
فعرفوا صدقه فلم يجسر أحدهم أن يتمنى الموت لأنه قال لهم " إن تمنيتم الموت متم "
فدل جميع ذلك على صدقه باخباره عن الضمائر، وكذا ما ذكرناه من معجزات
الأوصياء، فدل على صدقهم وكونهم حججا لله.
فان قيل: فما الدليل على أن أسباب الحيل مفقودة في أخباركم حتى حكمتم
بصحة كونها معجزة؟
قلنا: كثير من تلك المعجزات لا يمكن فيها الحيل مثل انشقاق القمر، وحديث
الاستسقاء، وإطعام الخلق الكثير من الطعام اليسير، وخروج الماء من بين الأصابع
والاخبار بالغائبات قبل كونها، ومجيئ الشجرة ثم رجوعها إلى مكانها، لا تتم
الحيلة فيها، وإنما تتم الحيلة في الأجسام الطفيفة التي يحدث بالتطفل والقسر
وغير ذلك، ولا يتم مثله في الشجرة والجبل، لأنه لو كان لوجب أن يشاهد.
فان قيل: يجوز أن يكون هيهنا جسم يجذب الشجرة كما أن هيهنا حجرا
يجذب الحديد يسمى المقناطيس.
قلنا: لو كان الامر كذلك لعثر عليه، ولظفر به مع تطاول الزمان، كما
عثر على حجر المقناطيس، حتى علمه كل واحد، فلو جاز ما قالوه للزم أن يقال:
ها هنا حجر يجذب الكواكب ويقلع الجبال من أماكنها، وإذا قربت من ميت
عاش فيؤدى ذلك إلى أن لا نتيقن بشئ أصلا، ويؤدي ذلك إلى الجهالات وكان
ينبغي أن يطعن بذلك أعداء الدين ومخالفو الاسلام لأنهم إلى ذلك أشغف وكذلك
القول في خروج الماء من بين أصابعه إن ادعى طبيعة فيه أو حيلة لزم تجويز ذلك
في قلع الجبال، وجذب الكواكب، وإحياء الموتى، وكل ذلك فاسد، وحنين
الجذع لا يمكن أن يدعى أنه كان لتجويف فيه، لأنه لو كان كذلك لعثر عليه مع

(1) الأنفال: 7.
(2) الجمعة: 6 - 7.
154

المشاهدة، ولكان لا يسكن مع الالزام، وتسبيح الحصا وتكليم الذراع لا يمكن
فيه حيلة البتة، وفي سماع الكلام من الذراع وجهان أحدهما أن الله بنى الذراع
بنية حي صغير، وجعل له آلة النطق والتميز يتكلم بما يسمع، والاخر أن الله
خلق فيه كلاما سمع من جهتها وأضافه إلى الذراع مجازا.
وقول من قال: لو انشق القمر لرآه كل الناس، لا يلزم، لأنه لا يمتنع
أن يكون الناس في تلك الحال مشاغيل، فإنه كان بالليل، فلم يتفق لهم مراعاة
ذلك، فإنه بقي ساعة ثم التأم، وأيضا فإنه لا يمتنع أن يكون الغيم حال بينه
وبين من لم يشاهده، فلأجل ذلك لم يره الكل، وأكثر معجزات الأئمة عليهم السلام
تجري مجرى ذلك، فالكلام فيها كالكلام في ذلك.
ثم نقول في الفصل بين المعجزة والشعوذة ونحوها: فرق قوم من المسلمين
بين المعجزات والمخاريق، بأن قالوا المعجزة يظهرها الله لرسول أو وصي رسول
عند الأفاضل من أهل عصره والأماثل منهم، فيتعذر عليهم فعلها عند التأمل لها
والنظر فيها على كل حال، والشعوذة يظهرها صاحبها عند الضعفة من العوام
والعجايز، فإذا بحث عن أسبابها المبرزون وجدوها مخرقة، والمعجزة على مر
الأيام لا تزداد إلا عن ظهور صحه لها ولا تنكشف إلا عن حقيقة فيها.
وإن الشعوذة ربما تعلم من يظهر عليه مخرجها وطريقها (1) وكيف يتأتى
ويظهر مما يهتدي صاحبها إلى أسبابها، ويعل أن من شاركه فيها أتى بمثل ما يأتي
هو به، وإن المعجزة يجري أمرها مجرى ما ظهر في عصا موسى عليه السلام من انقلابها
حية تسعى حتى انقادت إليه السحرة، وخاف موسى أن تلتبس بالشعوذة على كثير
من الحاضرين.
وإن المعجزة تظهر عند دعاء الرسول أو الوصي ابتداء من غير تكلف آلة
وأداة منه والشعوذة مخرقة وخفة يد تظهر على أيدي بعض المحتالين بأسباب

(1) كانت نسخة المصنف سقيمة فأصلحها بخط يده هكذا، والصحيح كما في المصدر
المطبوع ص 273: وان المعجزة ربما لم يعلم من تظهر عليه مخرجها وطريقها وكيف
تتأتى وتظهر الشعبدة فيما يهتدى صاحبها إلى أسبابها الخ.
155

مقدرة لها وحيل متعلمة أو موضوعة فيمكن المساواة فيها ولا يتهيأ ذلك إلا لمن
عرف مباديها، ولابد من آلات يستعين بها في إتمام ذلك ويتوصل بها إليه.
واعلم أن المعجزة أمر يتعذر على كل من في العصر مثله عند التكليف
والاجتهاد على المشعبذين فضلا عن غيرهم كعصا موسى الذي أعجز السحرة أمرها
مع حذقهم في السحر وصنعتهم، والشعبذة مخرقة وخفة تظهر على أيدي بعض
المحتالين بأسباب مقدرة يخفى على قوم دون قوم، والمعجزة تظهر على أيدي من يعرف
بالصدق والصيانة والصلاح والسداد، والشعوذة تظهر على أيدي المجانين والخبثاء
والأزدال، والمعجزة يظهرها صاحبها متحديا ودلائل العقل يوافقها على سبيل
الجملة، ويباهي بها جميع الخلائق، ولا يزيده الأيام إلا وضوحا، ولا يكشف
الأوقات إلا عن صحته، وللمعجزات شرائط ذكرناها.
ولان أكثر الشعوذة والمخرقة تتعلق بزمان مخصوص ومكان معلوم، ويستعان
في فعلها بالأدوات والمعاناة والمعالجة، والمعجزة لا تتعلق بزمان مخصوص، ولا
ببقعة مخصوصة، ولا يستعين فيها صاحبها بآلة ولا أداة، وإنما يظهرها الله على
يده عند دعائه ودعواه، وهو لم يتكلف في ذلك شيئا، ولا استعان فيها بمعاونة
ولا معالجة. ولا أداة وآلة، وأنها على الوجه الناقض للعادات، والباهر للعقول
القاهر للنفوس، حتى تذعن لها الرقاب والأعناق، وتخضع لها النفوس، وتسموا
إليها القلوب ممن أراد أن يعلم صدق من أظهرها عليه.
وأما مطاعن المعجزات وجواباتها:
فذكر ابن زكريا المتطبب في مقابلة المعجزات أمورا يسيرة، فذكر ما
نقل عن زردشت من صب الصفر المذاب على صدره، ومن بعض سدنة بيت الأوثان
أنه كان منحنيا على سيف وقد خرج من ظهره لا يسيل منه دم، بل ماء أصفر، وكان
يخبرهم بأمور، قال: ورأيت رجلا كان يتكلم من إبطه، وآخر لم يأكل خمسة
وعشرين يوما، وهو مع ذلك حصيف البدن، وأين ما ذكروه من فلق البحر حتى
صار كل فرق منه كالطود العظيم، ومن إحياء ميت متقادم العهد، ويبقى حيا
156

حتى يولد، وانفجار الماء الكثير من حجر صغير، أو من بين الأصابع حتى يشرب
الخلق الكثير.
والذي ذكره ابن زكريا عن زردشت إنما يمكن منه بطلاء الطلق، وهو
دواء يمنع من الاحتراق وفي زماننا نسمع أن أناسا يدخلون التنور المسجور بالغضا.
وأما إراءة السيف نافذا في البطن شعبذة معروفة فإنهم يصنعونه بحيث يدخل
بعضه في البعض، فيري المشعبذ أنه يدخل جوفه.
وأما الامساك عن أكل الطعام، فهو عادة يعتادها كثير من الناس، والمتصوفة
يعودون أنفسهم التجويع أربعين يوما وقيل: إن بعض الصحابة كان يصوم الوصال
خمسة عشر يوما.
وأما المتكلم من الإبط فيجوز أن يكون ذلك أصواتا مقطعة قريبة من الحروف
وأن يكون حروفا متميزة كأصوات كثير من الطيور، وقد يسمع من صرير
الباب ما يقرب من الحروف، وهو مبهم في هذه الحكاية، فيجوز أن يخبر أن ذلك
كان كلاما خالصا، ويجوز أن يتعمل الانسان له، ويصل إلى ذلك بالتجربة
والاستعمال، وقد رأينا في زماننا من كان يحكي عن الحلاج أغرب وأعجب، وقد
وقع العلماء على وجوه الحيل فيها، وما من حيلة إلا ويحصل عقيب سبب، وليس
فيها ما تنقض به العادة.
وطعن ابن زكريا في المعجزات من وجه آخر فقال: وقد يوجد في طبائع
الأشياء أعاجيب، وذكر حجر المقناطيس وجذبه للحديد، وباغض الخل وهو
حجر إذا جعل في إناء خل فإنه يهرب منه، ولا ينزل إلى الخل، والزمرد
يسيل عين الأفعى، والسمكة الرعادة يرتعد صاحبها ما دامت في شبكته وكان آخذا
بخيط الشبكة قال: ولا نقطع أيضا فيما يأتي به الدعاة أنها ليست منهم، بل
تنقض الطبائع، إلا أن يدعي مدع أنه أحاط علما بجميع طبائع جواهر العالم
أو بامتناع ذلك بدليل بين.
157

وذكر أبو إسحاق ابن عباس أنه أخذ هذا على ابن الراوندي (1) فإنه قال
في كتاب له سماه: الرد على من يحتج بصحة النبوة بالمعجزات، فقال: ومن
أين لكم أن الخلق يعجزون عنه، هل شاهدتم الخلق؟ أو أحطتم علما بمنتهى قواهم
وحيلهم؟ فان قالوا: نعم، فقد كذبوا، لأنهم لم يجوبوا المشرق والمغرب، ولا
امتحنوا الناس جميعا، ثم ذكر أفعال الأحجار كحجر المقناطيس وغيره.
قال أبو إسحاق: فأجابه أبو علي في نقضه عليه أنه يجوز أن يكون في الطبائع
ما يجذب به النجوم، وتسير به الجبال في الهواء، ويحيى به الموتى، بعد ما
صاروا رميما، فإذا لا يمكن أن يفصل بين الممكن المعتاد، وما ليس بمعتاد، ولا
بين ما ينفذ فيه حيلة وبين ما لا ينفذ فيه حيلة، إلا أن يجوب البلاد شقا وغربا
ويعرف جميع قوى الخلق، فأما إذا سلم أن يعلم ما الممكن المعتاد وغيره
وما لا يبعد فيه حيلة، ليريه النظير في المعجزات قبل أن يجوب البلاد، فليس
يحتاج من يعرف كون الجاذب معجزا إلى ما ذكره من معرفة قوى الخلق وطبائع
الجواهر، ولهذا لو ادعى واحد النبوة وجذب بالتراب الجبل علمنا أنه
ليس فيه وجه حيلة، وإنا نعلم بذلك صدقه، قبل أن نجوب البلاد ونعرف
جميع الطبائع.
وقال أبو إسحاق: إن جميع ما ذكره في خصائص الاعجاز أكثره كذب
وذكر أن واحد أمر أن يجيئ بالأفاعي في سبد وجعل الزمرد في رأس قصبة
ووجه به عين الأفاعي، فلم تسل، ثم إن جميع ما ذكره يسقط بما شرطناه في
المعجزات، ويفتش عنه أهل النظر، ومن يقوى دواعيه إلى كشف عواره الزمان
الطويل، فلا يوقف منه على وجه حيلة، ففيما ذكره ما هو معتاد ظاهر لأكثر
الناس، كحجر المقناطيس، أو وقف منه على وجهه.

(1) هو أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي البغدادي، العالم المقدم
المشهور، له مقالة في علم الكلام، وله مجالس ومناظرات مع جماعة من المتكلمين وله من
الكتب المصنفة نحو من مائة وأربعة عشر كتابا، وكان يرمى بالزندقة والالحاد.
158

فصل: وإنما يقول المنكرون لمعجزات النبي والأئمة عليهم أفضل
الصلوات والتحية: إن الاخبار التي يذكرون والأحاديث التي يعولون عليها في
معجزاتهم ويصولون بها، إنما رواها الواحد والاثنان، ومثل ذلك لا يمكن القطع
بعينه، والحكم بصحته، وأمر المعجزات والخارج عن العادات يجب أن يكون
معلوما متعينا غير مظنون يتوهم.
والجواب عن ذلك أن أخبارنا في معجزات النبي والأئمة صلوات الله عليهم
جاءت من طرق مختلفة، ومواضع مفترقة، ومظان متباعدة، وفرق مخالفة
وموافقه، في زمان بعد زمان، وقرن بعد قرن، وكذلك رويت المعجزات من
جنس واحد من كل واحد منهم عليهم السلام ولا يمكن أن يتواطأ الناس على مثل هذا
فلا يكون مخبر هم على ما أخبروا به جميعا، لان ذلك ينقض عادتهم، كما نقض
العادة الاجتماع على الكذب في الجماعات الكثيرة.
ومما يدل على ذلك إباؤها من تواطئ الكذب، كما إذا أخبر جمهور من
الناس، فقال بعضهم: إن رجلا له مال من ذهب وورق، وآخرون يخبرون عنه
أنهم رأوا له أثاثا وجهازا وأواني وآلات وأسبابا، وقوم آخرون أن له غلات
وارتفاعات وضياعا وعقارا، وآخرون يخبرون عنه أنهم رأوا له خيلا وبغالا
وحميرا، إن الخبر إذا ورد عن الانسان بما ذكرنا أحيط إلى العلم بأن المخبر
عنه غني موسر، لا يقدر أحد على دفع علم ذلك عن نفسه، إذا نظر بعين الانصاف
في تلك الأخبار وإن كان يجوز على كل واحد من المخبرين اللغط والكذب في
خبره لو انفرد من عصابة غيره ثم إن إجماع الفرقة المحقة منعقد على صحة أخبار
معجزات الرسول والأئمة من أهل بيته عليهم السلام وإجماعهم حجة لان فيهم معصوما.
فصل: ومن أخبار المعجزات أخبار تفاوت أخبار الجماعات الكثيرة نحو
خبر الحصاة وإشباع الخلق الكثير بالطعام اليسير، وذلك أن المخبرين بهذه الاخبار
إنما أخبروا عن حضرة جماعة ادعوا حضورهم كذلك، فقد كانوا خلائق كثيرين
مجتمعين، شاهدي الحال، وكانوا فيمن شرب من الماء، وأكل من الطعام، فلم
159

ينكروا عليهم، ولو كان الخبر كذبا لمنعت الجماعة التي ادعى المخبرون حضورهم
بذلك، وأنكروا عليهم، ولقالوا لم يكن هذا، ولا شاهدناه، فلما سكتوا عن
ذلك دل على تصديقهم، وأن ذلك يجري مجرى المتواتر نقلا في الصحة والقطع.
ومما يدل على ذلك أن رجلا لو عمد إلى الجامع، والناس مجتمعون
وقال: إنكم كنتم في موضع كذا، في دار كذا، لاملاك فلان، فأطعمكم كذا من
الطعام، وكذا من الشراب، لم يمتنعوا أن ينكروا عليه، ولا سكتوا عن تكذيبه
في الامر الذي لا يمتنع في العادة. فكيف في الامر الذي خرج عن العادات
والنفوس إلى إنكار المنكر أسرع.
ومن هذه الأخبار أخبار انتشرت في الأمة، ولم يوجد له منكر ولا مكذب
بل تلقوه بالقبول، فيجب المصير إليه، لاجتماع عليه من الامناء والطايفة المحقة
وهم لا يجتمعون على خطأ، وفيهم معصوم في كل زمان.
وما رووا أن زوجين من الطير جادلا إلى أحدهم عليهما السلام وصالح بينهما، أو شكا
طير من حية في موضع يأكل فراخه فأمر بقتل الحية، فلا خفاء في كونه معجزا
فأما ما سئل الحسين عليه السلام وهو صبي عن أصوات الطيور والحيوانات، فاعجازه من
وجه آخر، ونحوه قول عيسى في المهد: " إني عبد الله " وكلاهما نقض العادة
إذ ليس في مقدور الأطفال التكلم بما يتكلم به، وقيل: إن نفس الدعوى في
بعض المواضع معجز.
فصل: والاخبار المواترة توجب العلم على الاطلاق، وكذلك إذا كانت
غير متواترة، وقد اقترن بها قرينة من أحد خمسة أشياء من أدلة العقل والكتاب
والسنة المقطوع بها، أو إجماع المسلمين، أو إجماع الطائفة، فهذه القرائن تدخل
الاخبار وإن كانت آحادا في باب المعلوم، فيكون ملحقة بالمتواتر، والعلوم
التي تحصل عند الأخبار المتواترة لكل عاقل ملتبسة عند الشيخ المفيد.
وذهب المرتضى إلى تقسيم ذلك، فقال: العلوم بأخبار البلدان والوقايع
ونحوها يجوز أن تكون ضرورية ويجوز أن تكون ملتبسة، وما عداها كالعلم
160

بمعجزات النبي والأئمة عليهم السلام وكثير من أحكام الشريعة، فيقطع على أنه مستدل
عليه، وهذا أصح. والأدلة في أن الأول فعل الله أو فعل العباد قائمة كافية، وإذا
كان كذلك وجب التوقف، وتجويز كل واحد منهما.
والخبر إذا لم يكن ما يجب وقوع العلم عنده، واشتراك العقلاء فيه، وجاز
وقوع الشبهة عليه، فهو أيضا صحيح على وجه، وهو أن يرويه جماعة قد بلغت
من الكثرة إلى حد لا يصح معه أن يتفق فيها، وأن يعلم مضافا إلى ذلك أنه لم
يجمعهم على الكذب جامع كالتواطئ أو ما يقوم مقامه، ويعلم أيضا أن اللبس
والشبهة زائلان عما خبروا عنه.
هذا إذا كانت الجماعة تخبر بلا واسطة عن المخبر، فإن كان بينهما واسطة
وجب اعتبار هذه الشروط في جميع من خبرت عنه من الجماعات حتى يقع الانتهاء
إلى نفس المخبر، وإذا صحت هذه الجملة في صحة الخبر الذي لابد أن يكون
المخبر صادقا من طريق الاستدلال بنينا عليها صحة المعجزات وغيرها من أحكام
الشرع.
فصل: وقد ذكرنا من قبل أنهم كثيرا ما يوردون السؤال علينا، ويقولون:
قد جاء في العالم حجر يجذب الحديد إلى نفسه، فلم يجب اتباع من يجذب الشجر
إلى نفسه، كذلك، إذ لا نأمن أن يكون معه شئ مما يفعل به ذلك، ويؤكدون
قولهم بأن المقرين لمعجزات الرسل لم يمتحنوا قوى الخلق، ولم يعرفوا نهايته
ولم يقعوا على طبائع العالم، وكيف يستعان بها على الافعال، ولم يحيطوا علما
بأكثرهم، ولم يأتهم في مظانهم، ولا امتحنوا قواهم، ومبالغ حيلهم، ومخرقة
أصحاب الخفة، وأشكالهم.
الجواب عنه أن يقال: قد لزم النفس العلم لزوما لا يقدر على دفعه، بأن
ما ذكروا ليس في العالم، كما لزمها العلم بأن ليس في العالم حجر إدا أمسكه
الانسان عاش أبدا، وإذا وضعه على الموات عاد حيوانا، وإذا وضعه على العين
العميا عادت صحيحة، ولا فيه ما يرد الرجل المقطوعة، ولا ما به يزال الزمانة
161

الحالة، ولا فيه شئ يجتذب به الشمس والقمر من أماكنهما.
فلما لزم النفس على ما ذكرنا كذلك لزوم العلم للنفس بأن ليس في العالم
حجر يجذب الشجر من أماكنها، ويشق به البحور، ويحيى به الأموات.
وأيضا فان حجر المقناطيس لما كان موجودا في العالم، طلب دون الحاجة إليه
حتى بدروا عليه، لما فيه من الأعجوبة وخاصة لا رادة التلبث به، واستخراج
نصل السهم من البدن بذلك، فلو كان فيه حجر أو شئ يجذب الشجر، فإنه كان
أعز من حجر المقناطيس، وكان سبيله سبيل الجواهر وغيرها، لا يخفى على من
في العالم خبرها.
كالجوهر الذي يقال له: الكبريت الأحمر، ولعزته ضرب به المثل فقيل:
أعز من الكبريت الأحمر، وكانت الملوك أقدر على هذا الحجر، كما هم أقدر
على ما عز من الأدوية وغيرها من الأشياء العزيزة، فلما لم يكن من هذا أثر
عندهم ولا خبر لكونه، بطل أن يكون له كون أو وجود، ولو كان، كيف كان
الرسل وأوصياؤهم عليه، مع فقرهم وعجزهم في الدنيا وما فيها، ويكون معروف
المنشأ ولم يغب عنهم طويلا.
فصل: ثم إن النبي صلى الله عليه وآله لما دعا الشجرة، وكذا وصي من أوصيائه، ردها
إلى مكانها، فان جذبها شئ وردها لا شئ، كان ردها آية عظيمة، وإن كان شئ
كان معه فذلك محال، من قبل أن ذلك الشئ يضاد ما جذبها، فإذا كان الجذب
به فامساكها وردها لم يجب أن يكون به، أو معه فلا يرده، لأنه يوجب أن
تكون مقبلة مدبرة، وذلك محال.
ولان الحجر لو كان فيه ما ذكروا، لكان فيه آية له، لأنه ليس في العالم
مثله، فهو خارج عن العرف كخروج مجئ الشجرة بدعائه، وقد أنبع الله لموسى
من الحجر الماء فانبجست من الحجر اثنتا عشرة عينا، لكل سبط عين، والحجارة
يتفجر منها الأنهار، فلما كان حجر موسى خارجا عن عادات الناس، كان دليلا
على نبوته، وليس في الحجر ما يمكن به نقل الجبال والمدن.
162

وأما قولهم إن المقرين بمعجزات الرسل لم يمتحنوا قوى الخلق إلى آخر
الكلام، إنه يقال لهم: ولم يمتحن أحد من الجاحدين للرسل طبايع العالم ولا
عرفوا ما فيه فيعلموا أن جميع حيوانه يموت لعل حيوانا لا يموت، يبقى على
الدهر أبدا لا يتغير، ولعل في العالم نارا لا تحرق إذا لو كان لم يمتحن قوى
العالم ولا أحاط علمنا بخواصه وسرائره، لزمه قلب أكثر الحقائق وبطلانها.
باب في مقالات المنكرين للنبوات والإمامة عن قبل الله وجواباتها
وبطلانها:
اعلم أن المنكرين للنبوات فرقتان: ملحدة ودهرية، وموحدة البراهمة
والفلاسفة عندنا من جملة الدهرية والملحدة أيضا، وقد اجتمعوا على إبطال
النبوات، وإنكار المعجزات، وإحالتها تصريحا وتلويحا، وزعمت أن تصحيح
أمرها يؤدي إلى نقض وجوب الطبايع، وقد استقر أمرها على وجه لا يصح
انتقاضها، وكلهم يطعنون في معجزات الأنبياء وأوصيائهم، حتى قالوا: في
القرآن تناقض وأخبار زعموا مخبراتها على اختلافها.
منها قوله: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " (1) ثم وجدنا كم
تقولون أن يحيى بن زكريا قتله ملك من الملوك، ونشر رأس والده زكريا
بالمنشار، معما لا يحصى من الخلق من المؤمنين الذين قتلهم الكفار.
وفي القرآن أيضا " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " (2) وقد ينكح
كثير فيبقى فقيرا أو يزداد فقره، وقد قال لنبيه: " والله يعصمك من الناس " (3)
ثم وجدنا كسرت رباعيته وشج رأسه.
وفيه أيضا " ادعوني أستجب لكم " (4) وإن الخلق يدعونه دائما فلا يجيبهم
وفي القرآن " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (5) وهذا دليل على

(1) النساء: 141.
(2) النور: 32.
(3) المائدة: 67.
(4) غافر: 60.
(5) النحل: 43، الأنبياء: 7.
163

أن محمدا لم يكن واثقا بما عنده، لأنه ردهم إلى قوم شهد عليهم بكتمان الحق
وقول الباطل، وهم عنده غير ثقات في الدعوى والخبر.
فصل: الجواب عما ذكروه أولا أن تأويل ما حكيتم على خلاف ما توهمتم
لان الذي نفاه من كون سبيل الكفار على المؤمنين إنما هو من طريق قيام
الحجة منهم على المسلمين في دينهم، في إقامة دليل على فساد دينهم، لم يرد بذلك
المؤالبة والمغالبة، وهو معنى قوله: " ليظهره على الدين كله ولو كره
المشركون " (1) أي بالدلالة والحجة، لا بالمغالبة والعزة، ويحيى بن زكريا
لما قتل كانت حجته ثابتة على من قتله، وكان هو الظاهر عليه بحقه وإن كان في
ظاهر أمر الدنيا مغلوبا، فإذا قهر بحق لم يدل ذلك على بطلان أمره، وفساد
طريقه.
وأما قوله: " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " ففيه جوابان: أحدهما
أنه أراد إن كانوا فقراء إلى الجماع استغنوا بالنكاح، والثاني أنه خرج على الأغلب
من أحوالهم، وقد قال تعالى بعد ما تزوج محمد عليه السلام خديجة: " ووجدك
عائلا فأغنى " (2) أي أغناك بمالها.
وأما قوله: " والله يعصمك من الناس " فالمعنى أنه يعصمك من قتلهم إياك.
وقوله: " ادعوني أستجب لكم " فيه أجوبة أحدها أن فيه إضمارا أي إن
رأيت لكم مصلحة في الدين، وقد صرح به في قوله: " فيكشف ما تدعون إليه
إن شاء " (3).
والثاني أن الدعاء هو العبادة أي اعبدوني بالتوحيد آجركم عليه، يدل
على ذلك قوله: " إن الذين يستكبرون عن عبادتي ".
والثالث أن يكون اللفظ عموما والمراد به الخصوص، وهذا في العرف كثير.
وأما قوله: " فاسئلوا أهل الذكر " فان الله لما احتج لنبيه بالبراهين

(1) براءة: 33.
(2) الضحى: 7.
(3) الانعام: 41.
164

المعجزة، ورأي فريقا ممن حسده على نعمة الله عنده من عشيرته يميلون إلى أهل
الكتاب، ويعدلونهم عليه وعلى أنفسهم، ويعتمدون في الاحتجاج لباطلهم على
جحدهم إياه، أراد أن يدلهم على صدقه باقرار عدوه، ومن أعظم استدلالا من
الذي استشهد عدوه، ويحتج باقراره له، وانقياده إياه، ثم إن في التوراة
والإنجيل صفات محمد صلى الله عليه وآله وكل من أنصف منهم شهد له بذلك.
فصل: وقالوا: كيف يدعون أن كل أخبار محمد عن الغيب وقع صدقا
وعدلا، وقد وجدنا بعضها بخلافه، لان محمدا قال: " إذا هلك قيصر فلا قيصر
بعده " وقد وجدنا بعده قياصر كثيرة، وأملاكهم ثابته، وقال: " شهرا عيد
لا ينقصان " وقد وجدنا الامر بخلاف ذلك كثيرا، وقد قال: " ما ينقص مال من
صدقة " وقد وجدنا نقص حسابها.
وقال: إن يوسف أعطي نصف حسن آدم، ثم قال الله في قصة إخوته لما
دخلوا عليه: " فعرفهم وهم له منكرون " (1) ومن كان في حسنه ثابتا بهذه البينونة
العظمى، كيف يخفى أمره، وفي كتابكم أن عيسى ما قتل وما صلب، وقد اجتمعت
اليهود والنصارى على أنه قتل وصلب.
وفي كتابكم " وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم " (2) وقال
نبيكم: إن في نسائكم أربع نبيات، وفي كتابكم " قال فرعون يا هامان ابن لي
صرحا " (3) وكان فرعون قتل هامان بزمان طويل، وفي كتابكم " وما علمناه
الشعر " (4) والشعر كلام موزون، ونحن نجد في القرآن كلاما موزونا، وهو
الشعر في غير موضع، فمنه " وجفان كالجواب * وقدور راسيات " (5) ووزنه
عند العروضيين:
فاعلاتن فاعلاتن * فاعلاتن فاعلاتن

(1) يوسف: 58.
(2) الأنبياء: 7، النحل: 43.
(3) غافر: 36.
(4) يس: 69.
(5) سبأ: 13.
165

ومنه قوله: " ويخزهم وينصركم عليهم * ويشف صدور قوم مؤمنين " (1) ووزنه
قول الشاعر:
ألا حييت عنا ياردينا * نحييها وإن كرمت علينا
ومنه قوله: " مسلمات مؤمنات قانتات * تائبات عابدات سائحات " (2) وزنه:
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن * فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
قالوا: ومنه موجود في كلام نبيكم معما روي أنه قال: ما أبالي مما أتيت
إن أنا سويت ترياقا أو علفت بهيمة. وقال: الشعر من قبل نفسي، ثم قال يوم
حنين: " أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب " وقال يوم الخندق لما قال الأنصاري:
نحن الذين بايعوا محمدا: " على الجهاد ما بغينا أبدا "
وقال أيضا:
غير الا له قط ما ندينا * ولو عبدنا غيره شقينا
[فقال صلى الله عليه وآله] " فحبذا دينا وحب دينا "
وقال لما دميت أصبعه: هل أنت إلا أصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت.
فصل: الجواب عما قالوه أولا فهو من أدل الاعلام على صدقه، فيما
أخبر به عن الغيوب، وذلك أنه لما أرسل إلى كسرى وهو ممزق كتابه عليه السلام
قال صلى الله عليه وآله: " مزق الله مملكته كما مزق كتابي " فوقع ذلك كما دعا وأخبر به
ولما كتب إلى قيصر لم يمزق كتابه قال: ثبت الله مملكته، وكان يغلب على الشام وكان
النبي خبرا بفتحها له فمعنى قله: " ولا قيصر بعده " يعني في كل أرض الشام.
وأما قوله: " شهرا عيد لا ينقصان " ففيه أجوبة أحدها أن خرج على سنة
بعينها أشار إليها، وكان كذلك، وهذا كما قال: " يوم صومكم يوم نحركم " لسنة
بعينها، وكما قال: " الجالس في وسط القوم ملعون " أشار إلى واحد كان يستمع
الاخبار من وسط الحلقة، والثاني أنهما لا ينقصان على الاجماع غالبا بل يكون أحدهما
ناقصا والآخر تاما، والثالث أن يكون معناه لا ينقص أجر من صامهما، وإن كان
في العدد نقصان، لان الشهر الهلالي ربما كمل وربما نقص، وعلى أي هذه

(1) براءة: 14.
(2) التحريم: 5.
166

الوجوه حملته لم يكن في خبره خلف ولا كذب.
وأما خبر الزكاة فهو كقوله في خبر آخر: " أمتعوا أموال اليتامى لا يأكلها
الزكاة " فلان من تصرف فيه بالتجارة استفاد من ثوابه أكثر مما تصدق به
وكأنه لم ينقص من المال شيئا، ثم إن المال الذي يزكى منه يكون له بركة.
فأما تأويل خبر يوسف بعد قيل: أن الله أعطى يوسف نصف حسن آدم، فلم
يقع فيه التفاوت الشديد، وقد كانوا فارقوه طفلا ورأوه كهلا ودفعوه أسيرا ذليلا
وروأه ملكا عزيزا، وبأقل هذه المدة، واختلاف هذه الأحوال، تتغير فيها
الخلق، وتختلف المناظر، فما فيه تناقض.
على أن الله ربما يرى لمصالح تعمية شئ على إنسان فيعرفه جملة ولا
يعلمه تفصيلا ويحتمل أن يكون بمعنى قوله: " وهم له منكرون " أي مظهرون
لانكاره عارفون به.
وأما ما قالوا من قتل عيسى وصلبه، قال نبينا صلى الله عليه وآله حين أخبر: أنه شبه
عليهم، ورأي القوم أنه قتل وصلب، فقد جمعنا بين جزئين لان إسقاط أحدهما
لا يصح، واستعمالهما ممكن، وهو أن نقلهم عن مشاهدة صلب مصلوب يشبه
عيسى صحيح لأخلف فيه، ولكن لما كان الصادق أخبرنا أن الذي رأوه كان جسما
القي عليه شبه عيسى، فقلنا نجمع بين تواترهم وخبر نبينا، قد قامت دلالة
صحتها فنقول: إن ما فعلوا عن مشاهدة الجسم الذي كان في صورة المسيح مصلوبا
صحيح، فأما أنهم ظنوا أنه المسيح، وقد كان رجلا القي عليه شبه المسيح
فلا، لأجل خبر الصادق به، على أن خبر النصارى يرجع إلى أربع نفر لا عصمة لهم.
وأما قوله: " إن في نسائكم أربع نبيات " وأنه تناقض قوله: " وما أرسلنا
قبلك إلا رجالا نوحي إليهم " فان معنى النبي غير الرسول، فيجوز أن يكون
نبيات غير مرسلات، وقيل: المراد به سارة وأخت موسى ومريم وآسية، بعثهن
الله لولادة البتول فاطمة إلى خديجة ليلين أمرها.
وأما هامان فلا ينكر أن يكون من اسمه هامان قبل فرعون، وفي وقته
167

من يسمى بذلك.
والجواب عما ذكره، خبر أن النبي صلى الله عليه وآله كان يعاف قول الشعر قد أمره
الله تعالى بذلك لئلا يتوهم الكفار أن القرآن من قبله، وليخلص قلبه ولسانه
للقرآن، ويصون الوحي عن صنعة الشعر، لان المشركين كانوا يقولون في القرآن
أنه شعر، وهم يعلمون أنه ليس بشعر، ولو كان معروفا بصنعة الشعر لنقموا عليه
بذلك، وعابوه، وقد سئل أبو عبيدة عن ذلك فقال: هو كلام وافق وزنه وزن
الشعر إلا أنه لم يقصد به الشعر، ولا قار به بأمثاله، والقليل من الكلام مما يتزن
بوزن الشعر، وروي " أنا النبي لا كذب " " وهل أنت إلا أصبع دميت) فقد اخرج
عن وزن الشعر.
فصل: وربما قالوا: إذا كان أخبار المنجمين والكهنة قد تتفق مخبراتها
كما أخبروا، كذلك أخبار الأنبياء والأوصياء، فبماذا يعرف الفرق بينهما؟
الجواب أن أخبار الأنبياء والأوصياء وأوصياؤهم إنما كانت متعلقة مخبراتها
على التفصيل دون الجملة، من غير أن يكون قد اطلع عليها بتكلف معالجة واستعانة
عليه بآلة وأداة، ولا حدس ولا تخمين، فيتفق في جميع ذلك أن يكون مخبراتها
على حسب ما تعلق به الخبر، من غير أن يقع به خلف أو كذب في شئ منها، فأما
أخبار المنجمين فإنه يقع بحساب، وبالنظر في كل طالع بحدس وتخمين، ثم
قد يتفق في بعضها الإصابة دون بعض، كما يتفق إصابة أصحاب الفأل والزوج
والفرد، من غير أن يكون ذلك على أصل معتمد، وأمر موثق به، فإذا وقعت
الاخبار منهم على هذا، لم يوجب العلم، ولم يكن معتمدا، ولا علما معجزا، ولا دالة
على صدقهم، ومتى كان على هذا الوجه الذي أصاب في الكل، كان علما معجزا
ودلالة قاطعة، لان العادات لم تجر بأن يجري المخبر عن الغايبات فيتفق ويكون
جميعها على ما أخبر به على التفصيل، من غير أن تقع في شئ منها خلف أو كذب
فمتى وقعت المخبرات كذلك كان دليل الصدق، ناقضا للعادات، فدلنا ذلك على أنه
من عند الله خصه بعلمه، ليجعله علما على نبوته، وكذلك ما يظهر على يد وصي
168

النبي صلى الله عليه وآله يكون شاهدا لصدقه، فعلى هذا يكون أخبار النبي والأئمة عن الغايبات
أعلاما لصدقهم.
فصل: ومعنى الغيب ما غاب عن الحس، أو ما غاب علمه عن النفس، ولا
يمكن الوصول إليه إلا بخبر الصادق الذي يعلم الغيوب، وليس كل ما غاب عن الحس
لا يمكن الوصول إلى علمه إلا بجبرئيل، لان منه ما يعلم بالاستدلال عليه بما شوهد
وما هو مبني على ما شوهد، والنوع الذي كان الخبر عنه حجة مما لا دليل عليه
من الشاهد، وكذلك، كان معجزا.
فان قيل: ما أنكرتم أن لا يدل خبره عن الغايبات على صدقه لان قوله:
" تبت يدا أبي لهب " حكم عليه بالخسران، ولو آمن كان له أن يقول: إنما
أردت أن يكون ذلك حكمه إن لم يؤمن كقوله: " ومن يشرك بالله فقد حرم الله
عليه الجنة " فان المراد منه إذا مات عليه، ولم يقل إن أبا لهب يموت على كفره
وكان ذلك. وعيدا له كما لسائر الكفار.
الجواب أن قوله: " تبت يدا أبي لهب " يفارق لما ذكرتم، لأنه خبر
عن وقوع العذاب به لا محالة، وليس هذا من الوعيد الذي يفرق بالشريطة، يدل
عليه " سيصلى نارا ذات لهب " من حيث قطع على دخوله النار لا محالة، فلما مات
على كفره، كان ذلك دليلا على نبوته.
فان قيل: إخباره عن خسران أبي لهب كان على حسب ما رأى من خسران الشرك
جرت به العادة في أمثاله قلنا: كون خسرانه منه لا تدل على أن يغفل عنه إلى غيره.
ثم إن المنجم يخبر بما خبر، حتى يقع واحد على ما قال صدقا، وقد
أخبر النبي صلى الله عليه وآله نيفا وعشرين سنة، وكان جميع ما أخبر به صدقا، وأخبر عن
ضماير قوم، وكان كما قال صلى الله عليه وآله.
باب آخر في مقالهم والكلام عليها في مقالات من يقول بصحة النبوة منهم
على الظاهر ومن لا يقول، والكلام عليها، ومن الفلاسفة من يقال لمحاصلة أهل الاسلام
أن الطريق إلى معرفة صدق المدعي للنبوة هو أن يعلم أن ما أتى به مطابق لما
169

يصلحون به في دنياهم، ولأغراضهم التي بسببها يحتاجون إلى النبي صلى الله عليه وآله ولم
يشترطوا ظهور معجزة عليه، وذكر بعضهم أن ظهور المعجز عليه لا يوصل إلى العلم اليقيني
أنه صادق لأنه يظن في المعجز أنه سحر، وأنه حيلة نحو انشقاق القمر فأما إذا
علم مطابقة ما أتى به لمصالحهم الدنياوية فهو طريق العوام والمتكلمين.
وأما العلم بمطابقة شرعه للمصالح الدنياوية فهو طريقة المحققين، وقد حكي
عنهم أنهم قالوا إن صدق المدعي لصنعة من الصنايع إنما تظهر إذا أتى بتلك الصنعة التي
ادعى العلم بها، ومثله على الناقل بمن ادعى حفظ القرآن ثم قرء، وادعى
آخر حفظ القرآن فإذا قيل له: ما دليلك على أنك تحفظ القرآن قال دليلي أني اقلب
العصا حية وأشق القمر نصفين ثم فعلهما، ومن ادعى حفظ القرآن فإذا قيل له ما دليلك
على حفظك له قرأ كله فان علمنا بحفظ هذا القرآن يكون أقوى من علمنا بحفظ
الثاني للقرآن، لأنه يشتبه الحال في معجزاته، فيظن أنه من باب السحر أو أنه
طلسم، ولا تدخل الشبهة في حفظ القاري للقرآن.
فصل: فيقال لهؤلاء: وبماذا علمتم مطابقة ما أتى به النبي صلى الله عليه وآله من
الشرايع للمصالح، ونعرض الكلام في شريعة نبينا عليه السلام لأنكم ونحن نصدقه في
النبوة وصحة شرعه، بطريقة عقلية علمتم المطابقة أم بطريقه سمعية؟
فان قالوا: بطريقة عقلية قيل لهم إن من جملة ما أتى به من الشرائع وجوب
الصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، ووجوب أفعال الحج فما تلك الطريقة
التي علمتم بها بمطابقتها للمصلحة أظفرتم بجهة وجوب لها في العقل وحكمتم لذلك
بوجوبها أم ظفرتم بحكم في العقل يدل على وجوبها نحو أن تقول علمنا من جهة
العقل أن من لم يصل هذه الصلوات بشروطها في أوقاتها فإنه يستحق الذم من
العقلاء، كما يستحق الذم من لم يرد الوديعة على صاحبها، بعد ما طولب بردها
ولا عذر له في الامتناع عن ذلك.
والقول به باطل لأنا لا نجد في عقول العقلاء العلم بجهة وجوب شهر رمضان دون
العيدين وأيام التشريق على وجه لا يجوز ولا لصلاة الظهر على شروطها بعد الزوال جهة
170

يقتضي وجوبها في ذلك الوقت دون ما قبله، وقد قالوا إن في أفعال الحج مثل أفعال
المجانين، وقالوا في وجوب غسل الجنابة أنه مشقة وشبهوه بمن نجس طرف من
أطراف ثوبه فوجب غسل كله فإنه يعد سفها.
وقالوا في المحرمات الشرعية كشرب الخمر أو الزناء أنه ظلم، إلى غير ذلك
مما يقوله القائلون بالإباحة وغيرها، كيف يمكن أن يدعى أن يمكن الوصول
إلى معرفة وجوبها أو قبحها بطريقة عقلية، فلا يمكن أن يعرف تلك المصالح بقول
النبي إلا بعد العلم بصدقه من جهة المعجز، فصح أنه لا طريق إلى العلم بذلك
إلا من جهة المعجز.
فصل: وأما تشبيههم ذلك بمن ادعى حفظ القرآن أو صنعة من الصنايع
الدنيوية إذا أتى بها على الوجه الذي حفظ غيره أو علم تلك الصناعة، فليس بنظير
مسئلتنا لان ذلك من جملة المعرفة بالمشاهدات، لان بالمشاهدة تعلم الصنعة
بعد وقوعها على ترتيب وإحكام، ومطابقته لما سبق من العلم بذلك الصنعة، والحفظ
لذلك المقروى، وليس كذلك ما أتى به النبي لأنه لا طريق إلى المعرفة بكونه
مصلحة في أوقاتها، دون ما قبلها وما بعدها، وفي مكان دون مكان، وعلى شرائطها
دون تلك الشرايط لا بمشاهدة ولا طريقة عقلية، ألا ترى أن المخالفين من القائلين
بالمعقولات المنكرين للنبوات والشرائع، لما لم ينظروا في الطريقة التي سلكها
المسلمون، في تصديق الرسل، من النظر في المعجزات، دفعوا النبوة والقول
بالشرائع، لما لم يجدوا طريقة عقلية إلى معرفة شرائعهم، ومطابقتها للمصالح
الدنياوية.
فصل: وقولهم: المعرفة بصدقهم من جهة المعجزات معرفة غير يقينية
لأنه يجوز أن يكون فيها من باب السحر، فيقال لهم: جوزتم في المعجزات أن
يكون من باب السحر، ولا يحصل لكم العلم اليقيني بصدق النبي، فجوزوا فيمن
قرأ القرآن أنه ساحر، وفي كل صنعة من الصنائع أن صانعها ساحر لا يحكمها.
لكنه يرى السحرة أنه أحكمها، وفي ذلك سد الطريق عليكم إلى معرفة صدق
171

النبي، وهذا لا يستقيم على أصولكم، لأنكم تقولون بصحة السحر و أن الساحر
بفضل علومه يتمكن من إحداث ما لا يقدر عليه بشر مثله، وقلتم إن هذا السحر
هو علم قد كان ثم انقطع باحراق المسلمين كتب الأكاسرة التي صنفها الفلاسفة في
علم السحر، فمن يقول منكم بصحة النبوة هو أولى بأن يقول: إن الساحر نبي
من الأنبياء.
على أن قوله: من بلغ في علومه إلى أن يتمكن مما لا يتمكن عنه بشر مثله
فإنه يتمكن بفضل علومه أن يضع شرائع وسننا مطابقة لمصالح الناس يصلح بها
دنياهم إذا قبلوا منهم، فعلى هذا إذا أتى النبي بمعجز وجب القول بصدقه، وحصول
اليقين بنبوته.
فصل: قالوا علمنا بهذه الشرعيات، واستعلمنا هذه العبادات، فوجدناها
راجعة إلى رياضة النفس، والتنزه عن رذايل الأخلاق، وداعية إلى محاسنها.
وإلى هذا أشار بعضهم فقال: إذا فهمت معنى النبوة فأكثر النظر في القرآن
والاخبار يحصل لك العلم الضروري بكون محمد على أعلى درجات النبوة واعضد
ذلك بتجربة ما قاله في العبادات، وتأثيرها في تصفية القلوب، وكيف صدق فيما
قال: من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم، وفي قوله: من أعان ظالما سلطه
الله عليه، وفي قوله: ن أصبح وهمه هم واحد (1) كفاه الله هموم الدنيا والآخرة
قالوا: إذا جربت هذا في ألف وآلاف حصل لك علم ضروري لا يتمارى فيه، فمن هذا
الطريق يطلب اليقين بالنبوة، لا من قلب العصا حية، وشق القمر، هذا هو الايمان
القوى العلمي والذي كالمشاهدة والاخذ تأكيد ولا يوجد إلا في طريق التصوف.
فصل: فيقال لهم إن من اعتقد في طريقة أنها حق ودين وزهد في
الدنيا، ورغبة في الآخرة، وراض نفسه وسلك الطريق واستعمل نفسه بما يعتقده
عبادات في ذلك التدين، فإنه يجد لنفسه تميزا ممن ليس في حاله من الاجتهاد

(1) يعنى هم الدين.
172

في ذلك التدين وعباداته واعتقاده في حقيقة ذلك التدين حقا كان ذلك أو باطلا
فرهبان النصارى وأحبار اليهود يجتهدون في كفرهم الذي يعتقدونه حقا فيجدون
لأنفسهم تمييزا على عوامهم ومتبعيهم، ويدعون لأنفسهم صفاء القلوب والنسك
والزهد في الدنيا، وكذا عباد الأوثان إذا اجتهدوا في عباداتها، فإنهم يجدون
أنفسهم خائفة مستحية من أوثانهم إذا تقدموا على ما يعتقدونه معصية لها.
ولهذا حكي عن الصابئين المعتقدين عبادة النجوم لاعتقادهم أنها المدبرة للعالم
أنهم نحتوا على صورها أصناما ليعبدونها بالنهار، إذا خفيت تلك النجوم، ويستقبحون
أن يقدموا على رذايل الافعال، ولم يزل ما يجدونه في أنفسهم على ما ذهبوا إليه
في تدينهم أنه حق، وكذا ما ذكر هؤلاء من العمل بشرايع نبينا لاعتقادهم في
صدقه من دون نظر في معجزاته.
فصل: قالوا: حقيقة المعجز هو أن يؤثر نفس الشئ في هيولي العالم
فيغير صورة بعض إخوانه إلى صورة أخرى، بخلاف تأثيرات سائر النفوس، وإذا
كان هذا هو المعجز عندهم، لزم أن يكون العلم به يقينيا وأن يعلم أن صاحب
تلك النفس هو نبي، فبطل قولهم إن العلم بالمعجز غير يقيني، وأما على قول
المسلمين فهذا ساقط لان للمعجز شروطا عندهم، متى عرفت كانت معجزة صحيحة دالة
على صدق المدعي، منها أنها ليست من جنس السحر، لان السحر عندهم تمويه
وتلبيس يري الساحر ويخفي وجه الحيلة فيه، فهو يري أنه يذبح الحيوان ثم يحييه
بعد الذبح، وهو لا يذبحه بل لخفة حركات اليدين به ولا يفعله، ومن لم يعلم أن
المعجزة ليست من ذلك الجنس لم يعلمها معجزة.
فصل: ثم اعلم أن بين المعجزة والمخرقة والشعوذة والحيل التي تبقى
فروقا، ما يوصل إلى العلم بها بالنظر والاستدلال في ذلك إلا أن يوقف أولا على
ما يصح مقدورا للبشر ومالا يصح، وأن يعلم أن العادة كيف جرت في مقدورات
البشر، وعلى أي وجه يقع أفعالهم، وأن ما يصح أن يقدروا عليه من أي نوع
173

يجب أن يكون، وكيف يكون حالهم إذا خرجوا من القدرة عليه، وهل يصح
أن يعجز البشر عما يصح أن يقدروا عليه، وينظر فيما يمكن أن يتوصل إليه
بالحيلة، وخفة اليد، ويعلم ما السبب المؤدي إليه وما لا يمكن ذلك فيه.
فمن ذا أحاط علمه بهذه المقدورات عرف حينئذ ما يظهر من المعجزة عليهم
فيفصل بين حالها وبين ما يجي مجرى الشعوذة والمخرقة، كالعجل الذي صاغه
السامري من ذهب لبس به على الناس، فكانت له صوت وخوار، إذ احتال
بادخال الريح فيه من مداخله ومجاريه، كما نقل هذه للالات التي تصوت بالحيل
أو صندوق الساعات، أو طاس الفصد الذي بعلم به مقدار الدم، وإنما أضاف مقال
الصوت إليه لأنه كان محله دخول الريح في جوفه.
فصل: واعلم أن الفلاسفة أخذوا أصول الاسلام ثم أخرجوها على آرائهم
فقالوا في الشرع والنبي: إنما أريدا كلاهما لا صلاح الدنيا، فالأنبياء يدبرون
للعوام في مصالح دنياهم، والشرعيات تهذب أخلاقهم، لا أن الشارع والدين كما
يقول المسلمون، من أن النبي يراد لتعريف مصالح الدين تفصيلا، وإن الشرعيات
ألطاف في التكليف العقلي، فهم يوافقون المسلمين في الظاهر، وإلا فكل ما
يذهبون إليه هدم للاسلام، وإطفاء لنور شرعه، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو
كره الكافرون (1).

(1) راجع مختار الخرائج ص 267 - 274، ولنا في هذا الباب كلام في المقدمة
راجعه.
174

16 * (باب) *
* ((المسافة بالقرآن إلى أرض العدو)) *
1 - أمالي الطوسي: ابن مخلد، عن عمر بن الحسن الشيباني، عن محمد بن شداد المسمعي
عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الله بن عمر [و] عن نافع، عن ابن عمر أن
النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو (1).
17 (باب)
* ((الحلف بالقرآن، وفيه النهى عن الحلف بغير الله تعالى)) *
1 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يحلف الرجل بغير الله، وقال:
من حلف بغير الله فليس من الله في شئ، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من
كتاب الله، وقال: من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها يمين، فمن
شاء بر، ومن شاء فجر (2).
18 * (باب) *
* ((فوايد آيات القرآن والتوسل بها)) *
الآيات: الرعد: ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو
كلم به الموتى بل لله الامر جميعا (3).

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 392.
(2) أمالي الصدوق ص 253.
(3) الرعد: 31.
175

اسرى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد
الظالمين إلا خسارا (1).
أقول: سيجئ ما يتعلق بهذا الباب في أبواب فضائل السور وآياتها.
1 - مكارم الأخلاق: قال النبي صلى الله عليه وآله: من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله.
وقال الصادق عليه السلام: من قرأ مائة آية من أي آية من القرآن شاء ثم قال سبع
مرات: يا الله، فلودعا على الصخور فلقها.
عن أبي الحسن عليه السلام قال: إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث
شئت، ثم قل: اللهم اكشف عني البلاء ثلاث مرات (2).
عدة الداعي ودعوات الراوندي: مثله.
2 - مكارم الأخلاق: عن أبي إبراهيم عليه السلام أنه قال: من استكفى بآية من القرآن من
المشرق إلى المغرب كفي، إذا كان بيقين (3).
عدة الداعي: روى الحسين بن أحمد المنقري عنه عليه السلام مثله.
3 - مكارم الأخلاق: وقال العالم عليه السلام: في القرآن شفاء من كل داء (4).
4 دعوات الراوندي: قال النبي صلى الله عليه وآله: القرآن هو الدواء.
5 - عدة الداعي: قال الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام رفعه إلى
النبي صلى الله عليه وآله أنه شكى إليه رجل وجعا في صدره فقال عليه السلام: استشف بالقرآن فان
الله عز وجل يقول: (وشفاء لما في الصدور) (5).
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: شفاء أمتي في ثلاث: آية من كتاب الله أو لعقة من عسل
أو شرطة حجام.

(1) أسرى: 82.
(2) مكارم الأخلاق ص 418.
(3) مكارم الأخلاق ص 418.
(4) مكارم الأخلاق ص 418.
(5) يونس: 57.
176

19 * (باب) *
* ((فضل حامل القرآن وحافظه وحامله) *
((والعامل به، ولزوم اكرامهم، وارزقهم))
* (وبيان أصناف القراء) *
1 (1) أمالي الصدوق: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن
جميل بن صالح، عن الفضيل، عن الصادق عليه السلام قال: الحافظ للقرآن، العامل به، مع
السفرة الكرام البررة (2).
2 - معاني الأخبار (3)، الخصال (4)، أمالي الصدوق: محمد بن أحمد البردعي، عن عمرو بن أبي غيلان
الثقفي وعيسى بن سليمان القرشي معا عن أبي إبراهيم الترجماني، عن سعد بن سعيد
الجرجاني، عن نهشل بن سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أشراف أمتي حملة القرآن، وأصحاب الليل (5).
3 - معاني الأخبار (6)، - الخصال:
الأسدي، عن أبيه وعلي بن العباس والحسن بن علي
ابن نصير جميعا، عن محمد بن عبد الرحمان، عن أبي شنان العائذي، عن صفوان بن سليم
عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حملة القرآن
عرفاء أهل الجنة (7).

(1) ثواب الأعمال ص 92.
(2) أمالي الصدوق ص 36.
(3) معاني الأخبار ص 177.
(4) الخصال ج 1 ص 7.
(5) أمالي الصدوق ص 141.
(6) معاني الأخبار ص 323.
(7) الخصال ج 1 ص 16.
177

نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام عن
رسول الله صلى الله عليه وآله مثله (1).
4 - أمالي الصدوق: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن إسماعيل بن مهران، عن
عبيس بن هشام، عن غير واحد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قراء القرآن ثلاثة: رجل
قرأ القرآن فاتخذه بضاعة، واستدر به الملوك، واستطال به على الناس، ورجل
قرأ القرآن فحفظ حروفه، وضيع حدوده، ورجل قرأ القرآن ووضع دواء القرآن
على دائه، وأسهر به ليله، وأظمأ به نهاره، وأقام به في مساجده، وتجافى به عن فراشه
فبأولئك يدفع الله عز وجل البلاء، وبأولئك يديل الله من الأعداء، وبأولئك ينزل
الله الغيث من السماء، فوالله لهؤلاء في قراء القرآن أعز من الكبريت الأحمر (2).
5 - الخصال:
ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن إسماعيل بن مهران
مثله وفيه استدر به الملوك ويدفع الله العزيز الجبار البلاء (3).
6 - أمالي الطوسي: التمار، عن محمد بن القاسم الأنباري، عن محمد بن علي بن عمر
عن داود بن رشيد، عن الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن لهيعة، عن المرج بن هامان
عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يعذب الله قلبا وعى القرآن (4).
7 - أمالي الصدوق: ابن المغيرة، عن جده، عن السكوني، عن الصادق عليه السلام عن
آبائه عليهم الاسلام قال: صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي:
الامراء والقراء (5).
نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام مثله (6).

(1) نوادر الراوندي ص 20.
(2) أمالي الصدوق ص 122.
(3) الخصال ج 1 ص 69.
(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 5.
(5) أمالي الصدوق ص 220.
(6) نوادر الراوندي ص 27.
178

8 - الخصال:
أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن معروف، عن ابن همام
عن ابن غزوان، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: تكلم النار يوم القيامة ثلاثة: أميرا وقاريا وذا ثروة من المال
فتقول للأمير: يا من وهب الله له سلطانا فلم يعدل، فتزدرده كما يزدرد الطير حب
السمسم، وتقول للقاري: يا من تزين للناس، وبارز الله بالمعاصي، فتزدرده، و
تقول للغني: يا من وهب الله له دنيا كثيرة واسعه، فيضا، وسأله الحقير اليسير
قرضا، فأبى إلا بخلا فتزدرده (1).
9 - الخصال:
أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن
ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين
عليه السلام يقول: احذروا على دينكم ثلاثة: رجلا قرأ القرآن حتى إذا رأيت
عليه بهجته اخترط سيفه على جاره، ورماه بالشرك، قلت: يا أمير المؤمنين أيهما
أولى بالشرك؟ قال: الرامي، ورجلا استخفته الأحاديث كلما حدثت أحدوثة كذب
مدها بأطول منها، ورجلا آتاه الله عز وجل سلطانا فزعم أن طاعته طاعة الله، و
معصيته معصية الله، وكذب لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لا ينبغي للمخلوق
أن يكون حبة لمعصية الله، فلا طاعة في معصيته، ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة
لله ولرسوله ولولاة الامر، وإنما أمر الله عز وجل بطاعة الرسول لأنه معصوم
مطهر لا يأمر بمعصية الله، وإنما أمر بطاعة اولي الامر لأنهم معصومون مطهرون
لا يأمرون بمعصيته (2).
10 - الخصال:
الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: القراء ثلاثة: قارئ قرء ليستدر به الملوك، ويستطيل به على
الناس، فذاك من أهل النار، وقارئ قرأ القرآن فحفظ حروفه، وضيع حدوده
فذاك من أهل النار، وقارئ قرء فاستتر به تحت برنسه، فهو يعمل بمحكمه

(1) الخصال ج 1 ص 55.
(2) الخصال ج 1 ص 68.
179

ويؤمن بمتشابهه، ويقيم فرايضه، ويحل حلاله، ويحرم حرامه، فهذا ممن ينقذه
الله من مضلات الفتن، وهو من أهل الجنة ويشفع فيمن شاء (1).
11 - الخصال:
أحمد بن محمد بن الحسين البزاز، عن أحمد بن محمد بن حمويه
عن أحمد بن سعيد قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من دخل في الاسلام طائعا وقرأ
القرآن ظاهرا فله في كل سنة مائتا دينار في بيت مال المسلمين، إن منع في الدنيا
أخذها يوم القيامة وافية، أحوج ما يكون إليها (2).
12 - الخصال:
أبي، عن الحميري، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق، عن
آبائه عليهم السلام أن عليا عليه السلام قال: إن في جهنم رحى تطحن أفلا تسألوني ما طحنها؟
فقيل له: فما طحنها يا أمير المؤمنين؟ قال: العلماء الفجرة، والقراء الفسقة
والجبابرة الظلمة، والوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة، الخبر (3).
ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن عمه، عن هارون مثله (4).
13 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من قرأ القرآن ثم شرب عليه
حراما أو آثر عليه حبا للدنيا وزينتها، استوجب عليه سخط الله إلا أن يتوب
ألا وإنه إن مات على غير توبة حاجه القرآن يوم القيامة، فلا يزايله إلا
مدحوضا (5).
14 - ثواب الأعمال: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن إبراهيم بن هاشم
عن الحسن بن أبي الحسين، عن سليمان الجعفري، عن السكوني، عن الصادق
عن أبيه عليهما السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن أهل القرآن في أعلا درجة من الآدميين
ما خلا النبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فان لهم من الله

(1) الخصال ج 1 ص 70.
(2) الخصال ج 2 ص 150.
(3) الخصال ج 1 ص 142.
(4) ثواب الأعمال ص 227.
(5) أمالي الصدوق ص 256.
180

لمكانا (1).
15 ثواب الأعمال: حمزة العلوي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني
عن الصادق، عن آبائه، عن علي صلوات الله عليهم قال: من قرأ القرآن يأكل به
الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم لا لحم فيه (2).
16 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: المقرئ بلا علم كالمعجب بلا مال ولا ملك
يبغض الناس لفقره، ويبغضونه لعجبه، فهو أبدا مخاصم للخلق في غير واجب، ومن
خاصم الخلق فيما لم يؤمر به، فقد نازع الخالقية والربوبية، قال الله عز وجل:
(ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثاني عطفه) (3)
وليس أحد أشد عقابا ممن لبس قميص النسك بالدعوى بلا حقيقة، ولا معنى.
قال زيد بن ثابت لا بنه: يا بني لا يرى الله اسمك في ديوان القراء.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: سيأتي على أمتي زمن تسمع فيه باسم الرجل خير من
أن تلقاه، وأن تلقاه خير من أن تجرب.
قال النبي صلى الله عليه وآله: أكثر منافقي أمتي قراؤها.
فكن حيث ندبت إليه وأمرت به، وأخف شرك من الخلق ما استطعت
واجعل طاعتك لله بمنزلة روحك من جسدك، ولتكن معتبرا حالك ما تحققه بينك
وبين باريك، واستعن بالله في جميع أمورك متضرعا إليه آناء ليلك ونهارك، قال
الله عز وجل: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) (4) والاعتداء
من صفة قراء زماننا هذا، وعلامتهم، فكن من الله في جميع أحوالك على وجل
لئلا تقع في ميدان المنى فتهلك (5).

(1) ثواب الأعمال ص 90.
(2) ثواب الأعمال ص 44.
(3) الحج: 9.
(4) الأعراف: 56.
(5) مصباح الشريعة ص 44.
181

17 - تفسير العياشي: عن عمرو بن جميع، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من قرأ القرآن
من هذه الأمة ثم دخل النار فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا (1).
18 - تفسير الإمام العسكري (ع): أبو محمد العسكري، عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله
عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حملة القرآن المخصوصون برحمة الله، الملبسون
نور الله، المعلمون كلام الله، المقربون من الله، من والاهم فقد والى الله، ومن
عاداهم فقد عادى الله، يدفع الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا، وعن قاريه بلوى
الآخرة.
والذي نفس محمد بيده، لسامع آية من كتاب الله، وهو معتقد أن المورد له
عن الله محمد الصادق عليه السلام في كل أقواله، الحكيم في كل فعاله، المودع ما أودع الله
عز وجل من علومه أمير المؤمنين عليا عليه السلام للانقياد له فيما يأمر ويرسم، أعظم
أجرا من ثبير ذهبا يتصدق به من لا يعتقد هذه الأمور، بل صدقته وبال عليه
ولقاري آية من كتاب الله معتقدا لهذه الأمور أفضل مما دون العرش إلى أسفل التخوم
يكون لمن لا يعتقد هذا الاعتقاد، فيتصدق به، بل ذلك كله وبال على هذا
المتصدق به.
ثم قال: أتدرون متى يوفر على هذا المستمع وهذا القارئ هذه المثوبات
العظيمات؟ إذا لم يغل في القرآن، ولم يجف عليه، ولم يستأكل به، ولم يراء به.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: عليكم بالقرآن فإنه الشفاء النافع، والدواء المبارك
وعصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب
ولا ينقضي عجايبه، ولا يخلق على كثرة الرد، واتلوه فان الله يأجر كم على تلاوته
بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول: (ألم) حرف ولكن الألف عشر، واللام
عشر، والميم عشر.
ثم قال: أتدرون نم المتمسك به الذي بتمسكه ينال هذا الشرف العظيم؟
هو الذي أخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت، أو عن وسائطنا السفراء عنا إلى شيعتنا

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 120.
182

لا عن آراء المجادلين وقياس القائسين، فأما من قال في القرآن برأيه، فان اتفق له
مصادفة صواب فقد جهل في أخذه عن غير أهله، وكان كمن سلك طريقا مسبعا من
غير حفاظ يحفظونه، فان اتفقت له السلامة، فهو لا يعدم من العقلاء الذم والتوبيخ
وإن اتفق له افتراس السبع فقد جمع إلى هلاكه سقوطه عند الخيرين الفاضلين
وعند العوام الجاهلين، وإن أخطأ القائل في القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار
وكان مثله مثل من ركب بحرا هائجا بلا ملاح ولا سفينة صحيحة، لا يسمع
لهلاكه أحد إلا قال: هو أهل لما لحقه، ومستحق لما أصابه.
وقال صلى الله عليه وآله: ما أنعم الله عز وجل على عبد بعد الايمان بالله أفضل من العلم
بكتاب الله، والمعرفة بتأويله، ومن جعل الله له من ذلك حظا ثم ظن أن أحدا
لم يفعل به ما فعل به، وقد فضل عليه، فقد حقر نعم الله عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى: (يا أيها الناس قد جائكم موعظة
من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته
فبذلك فليفرحوا هو خيرا مما يجمعون) (1) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فضل الله عز
وجل القرآن والعلم بتأويله ورحمته توفيقه لموالاة محمد وآله الطاهرين، ومعاداة
أعدائهم، ثم قال صلى الله عليه وآله: وكيف لا يكون ذلك خيرا مما يجمعون، وهو ثمن الجنة
ونعيمها فإنه يكتسب بها رضوان الله الذي هو أفضل من الجنة، ويستحق الكون
بحضرة محمد وآله الطيبين الذي هو أفضل من الجنة، إن محمدا وآل محمد الطيبين
أشرف زينة الجنان.
ثم قال صلى الله عليه وآله: يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله وبموالاتنا أهل البيت
والتبري من أعدائنا أقواما، فيجعلهم قادة وأئمة في الخير، تقتص آثارهم، وترمق
أعمالهم، ويقتدا بفعالهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وتمسحها بأجنحتهم، وفي
صلواتها تبارك عليهم وتستغفر لهم، حتى كل رطب ويابس: تستغفر لهم حيتان البحر

(1) يونس: 57 58.
183

وهو أمه وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها (1).
19 جامع الأخبار: قال النبي صلى الله عليه وآله في وصيته: يا علي إن في جهنم رحى من حديد
تطحن بها رؤوس القراء، والعلماء المجرمين.
وقال صلى الله عليه وآله: رب تال القرآن والقرآن يلعنه.
وعن مكحول قال: جاء أبو ذر إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إني
أخاف أن أتعلم القرآن ولا أعمل به، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يعذب الله قلبا
أسكنه القرآن.
وعن عقبة بن عامر الجهني: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لو كان القرآن في إهاب
ما مسته النار (2).
20 الاختصاص: أحمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمد بن سنان
عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام أن أباه كان يقول: من دخل على إمام
جائر فقرأ عليه القرآن يريد بذلك عرضا من عرض الدنيا، لعن القارئ بكل
حرف عشر لعنات، ولعن المستمع بكل حرف لعنة (3).
21 نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى جواد يحب الجود، ومعالي الأمور، ويكره
سفسافها، وإن من عظم جلال الله تعالى إكرام ثلاثة: ذي الشيبة في الاسلام، والإمام العادل
، وحامل القرآن غير الغالي ولا الجافي عنه (4).
22 - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من قرأ القرآن فمات فدخل النار
فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا (5).

(1) تفسير الامام ص 4 و 5.
(2) جامع الأخبار ص 56.
(3) الاختصاص: 262.
(4) نوادر الراوندي ص 7، والسفساف: الردئ من كل شئ.
(5) نهج البلاغة الرقم 228 من الحكم.
184

23 - كنز الكراجكي: جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما آمن
بالقرآن من استحل محارمه.
24 - أسرار الصلاة: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: كم من قارئ القرآن والقرآن
يلعنه.
25 كتاب الغايات: للشيخ جعفر بن أحمد القمي قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن أحق الناس بالتخشع في السر والعلانية لحامل القرآن، وإن أحق الناس
بالصلاة والصيام في السر والعلانية لحامل القرآن.
20 * (باب) *
* ((ثواب تعلم القرآن، وتعليمه، ومن يتعلمه بمشقة)) *
* ((وعقاب من حفظه ثم نسيه)) *
الآيات: طه: من أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة
أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا
فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (1).
1 - علل الشرائع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن علي بن
الحكم، عن ابن عميرة، عن ابن طريف، عن ابن نباتة قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: إن الله عز وجل ليهم بعذاب أهل الأرض جميعا حتى لا يريد
أن يحاشي منهم أحدا إذا عملوا بالمعاصي، واجترحوا السيئات، فإذا نظر إلى
الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، والولدان يتعلمون القرآن، رحمهم وأخر
عنهم ذلك (2).
ثواب الأعمال: أبي، عن محمد بن هشام، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم

(1) طه: 124 - 126.
(2) علل الشرائع ج 2 ص 209.
185

مثله (1).
ثواب الأعمال: أبي، عن محمد بن إدريس، عن الأشعري، عن محمد بن السندي، عن علي
ابن الحكم مثله (2).
2 - أمالي الطوسي: الحفار، عن ابن السماك، عن عبد الملك بن محمد الرقاشي، عن أبيه
ومعلى بن راشد معا، عن عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن
النعمان بن سعد، عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: خياركم من تعلم القرآن
وعلمه (3).
3 - أمالي الطوسي: بالاسناد إلى الرقاشي، عن أبيه، عن محمد بن مروان، عن المعارك
ابن عباد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله
قال: تعلموا القرآن، وتعلموا غرائبه، وغرائبه فرائضه وحدوده، فان القرآن
نزل على خمسة وجوه: حلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا
بالحلال، ودعوا الحرام، واعملوا بالمحكم، ودعوا المتشابه، واعتبروا
بالأمثال (4).
4 - أمالي الطوسي: بالاسناد عن الرقاشي، عن وهب بن حريز، عن موسى بن علي
ابن رباح، عن أبيه، عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أيكم يحب أن
يغدو إلى العقيق أو إلى بطحاء مكة فيؤتي بناقتين كوماوين (5) حسنتين، فيدعا بهما
إلى أهله من غير مأثم ولا قطيعة رحم؟ قالوا: كلنا نحب ذاك يا رسول الله، قال:
لان يأتي أحدكم المسجد فيتعلم آية خير له من ناقة، واثنتين خير له من ناقتين

(1) ثواب الأعمال ص 26 و 36.
(2) ثواب الأعمال ص 26 و 36.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 367.
(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 368.
(5) الكوماء: الناقة ضخم سنامها وارتفع وعظم، والكوم محركة: العظم في كل
شئ، وقد غلب على السنام، وقوله (فيدعا بهما إلى أهله) يشبه أن يكون مصحفا والصحيح:
(فيدخل بهما) أو (فيدغل).
186

وثلاث خير له من ثلاث (1).
5 - أمالي الصدوق: في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه
متعمدا لقي الله يوم القيامة مغلولا يسلط الله عليه بكل آية نسيها حية تكون قرينته
إلى النار، إلا أن يغفر له (2).
6 - ثواب الأعمال: العطار، عن سعد، عن أحمد بن الحسين، عن الحسين بن سعيد، عن
ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن الصباح بن سيابة قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: من شدد عليه القرآن كان له أجران، ومن يسر عليه كان
مع الأبرار (3).
7 - ثواب الأعمال: علي بن الحسين المكتب، عن محمد بن الحميري، عن أبيه، عن
أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الذي يعالج القرآن ليحفظه بمشقة منه، وقلة حفظ
له أجران (4).
8 ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرق، عن اليقطيني، عن
سليمان بن راشد، عن أبيه، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من
قرأ القرآن فهو غني ولا فقر بعده. وإلا ما به غنى (5).
9 ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن مالك، عن منهال القصاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء القرآن وهو شاب
مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه، جعله الله مع السفرة الكرام البررة، وكان
القرآن حجيجا عنه يوم القيامة ويقول: يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 367.
(2) أمالي الصدوق ص 256.
(3) ثواب الأعمال ص 91.
(4) ثواب الأعمال ص 92.
(5) ثواب الأعمال ص 93.
187

غير عاملي، فبلغ به كريم عطاياك، فيكسوه الله عز وجل حلتين من حلل الجنة
ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثم يقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن:
يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا.
قال: فيعطي الامن بيمينه، والخلد بيساره. ثم يدخل الجنة فيقال له:
اقرأ آية واصعد درجة، ثم يقال له: بلغنا به وأرضيناك فيه؟ فيقول: اللهم نعم.
قال: ومن قرء كثيرا وتعاهد من شدة حفظه أعطاه الله أجر هذا مرتين (1).
10 ثواب الأعمال: أبي عن محمد العطار، عن الأشعري، عن ابن أبي عثمان، عن
رجل، عن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لرجل: أتحب البقاء
في الدنيا؟ قال: نعم. قال: ولم؟ قال: لقراءة قل هو الله أحد، فسكت عنه، ثم
قال لي بعد ساعة: يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا، ولم يحسن القرآن علم
في قبره ليرفع الله فيه درجته، فان درجات الجنة على قدر عدد آيات القرآن
فيقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق (2).
11 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي المغرا
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من نسي سورة من القرآن
مثلت له في صورة حسنة، ودرجة رفيعة، فإذا رآها قال: من أنت ما أحسنك؟
ليتك لي، فتقول: أما تعرفني؟ أنا سورة كذا وكذا، لو لم تنسني لرفعتك إلى
هذا المكان (3).
المحاسن: محمد بن علي، عن ابن فضال مثله (4).
12 - جامع الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من علم ولده القرآن فكأنما حج البيت

(1) ثواب الأعمال ص 91.
(2) ثواب الأعمال ص 116.
(3) ثواب الأعمال ص 213.
(4) المحاسن ص 96.
188

عشرة ألف حجة، واعتمر عشرة ألف عمرة، وأعتق عشرة ألف رقبة من ولد إسماعيل
عليه السلام، وغزا عشرة ألف غزوة، وأطعم عشرة ألف مسكين مسلم جائع
وكأنما كسا عشرة ألف عار مسلم، ويكتب له بكل حرف عشرة حسنات، ويمحى
عنه عشر سيئات ويكون معه في قبره حتى يبعث، ويثقل ميزانه، ويتجاوز
به على الصراط، كالبرق الخاطف، ولم يفارقه القرآن حتى ينزل به من الكرامة
أفضل ما يتمنى (1).
13 - عدة الداعي: قال الصادق عليه السلام: ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى
يتعلم القرآن، أو يكون في تعلمه.
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: من أعطاه الله القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل
مما أعطي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا.
وروى عبد الله بن مسكان، عن يعقوب الأحمر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
جعلت فداك إنه قد أصابني هموم وأشياء لم يبق شئ من الخير إلا وقد تفلت مني منه
طائفة حتى القرآن، لقد تفلت مني طائفة منه، قال: ففزع عند ذلك حين ذكرت
القرآن، ثم قال: إن الرجل لينسى السورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة
حتى تشرف عليه من درجة من بعض الدرجات، فيقول: السلام عليك، فيقول:
وعليك السلام من أنت؟ فيقول: أنا سورة كذا وكذا، ضيعتني وتركتني أما
لو تمسكت بي بلغت بك هذه الدرجة، ثم أشار بأصبعه، ثم قال: عليكم بالقرآن
فتعلموه، فان من الناس من يتعلم ليقال: فلان قارئ، ومنهم من يتعلمه ويطلب
به الصوت، ليقال: فلان حسن الصوت، وليس في ذلك خير، ومنهم من يتعلمه
فيقوم به في ليله ونهاره، ولا يبالي من علم ذلك ومن لم يعلمه.
وروى الهيثم بن عبيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قرأ القرآن ثم
نسيه، فرددت عليه ثلاثا: أعليه حرج؟ قال: لا (2).
14 - كتاب الإمامة والتبصرة: عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الأشعث

(1) جامع الأخبار ص 57.
(2) ورواه في الكافي ج 2 ص 608.
189

عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: عرضت على الذنوب، فلم أصب أعظم من رجل حمل القرآن
ثم تركه.
21 * (باب) *
* " (قراءة القرآن بالصوت الحسن) " *
أقول: قد أوردنا كثيرا من أخبار الباب في كتاب الآداب والسنن وغيره
فلا حظ.
1 - جامع الأخبار: عن براء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وآله سمع قراءة أبي موسى، فقال:
كان هذا من أصواب آل داود.
وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اقرؤا القرآن بلحون
العرب وأصواتهم، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجئ قوم
من بعدي يرجعون بالقرآن يرجعون بالقرآن ترجيع الغنا والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم
مفتونة قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم (1).
دعوات الراوندي: عنه عليه السلام مثله.
2 - جامع الأخبار: روي عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: زينوا
القرآن بأصواتكم.
عن علقمة بن قيس قال: كنت حسن الصوت بالقرآن فكان عبد الله بن مسعود
يرسل إلى فأقرأ عليه، فإذا فرغت من قراءتي قال: زدنا من هذا، فداك أبي
وأمي فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن حسن الصوت زينة للقرآن.
أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وآله: إن لكل شئ حلية وحلية القرآن الصوت
الحسن.

(1) جامع الأخبار ص 57.
190

عبد الرحمن بن سائب قال: قد مر علينا سعد بن أبي وقاص فأتيته مسلما
عليه، فقال: مرحبا با ابن أخي، بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن، قلت: نعم
والحمد لله قال: فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن القرآن نزل بالحزن
فإذا قرأتموه بكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به فمن لم يتغن بالقرآن
فليس منا (1).
3 - دعوات الراوندي: قال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أوحى
إلى موسى: إذا وقفت بين يدي فقف وقف الذليل الفقير، وإذا قرأت التوراة
فأسمعنيها بصوت حزين، وكان موسى عليه السلام إذا قرأ كانت قراءته حزنا، وكأنما
يخاطب إنسانا.
4 - مجمع البيان: في قوله تعالى: " ورتل القرآن ترتيلا " (2) روى
أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في هذا قال: هو أن تتمكث فيه، وتحسن به
صوتك (3).
5 - معاني الأخبار (4): محمد بن هارون الزنجاني، عن علي بن عبد العزيز، عن القاسم
ابن سلام رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس منا من لم يتغن بالقرآن (5)

(1) جامع الأخبار ص 57، واستدل بعضهم بهذا الحديث على أن المراد بالتغني
تحسين الصوت، قال: فقوله: " فابكوا أو تباكوا " دليل على أن التغني التحنين والترجيع.
(2) المزمل: 4.
(3) مجمع البيان ج 10 ص 378.
(4) معاني الأخبار ص 279.
(5) ذكر السيد المرتضى علم الهدى رضوان الله عليه في أماليه ج 1 ص 34، وجها
آخر للحديث قال: وهو وجه خطر لنا، وهو أن يكون قوله عليه السلام " من لم يتغن " من
غنى الرجل بالمكان إذا طال مقامه به، ومنه قيل: المغنى والمغانى، قال الله تعالى: " كان
لم يغنوا فيها " (الأعراف: 92) أي لم يقيموا بها قال: وقول الأعشى:
وكنت امرءا زمنا بالعراق * عفيف المناخ طويل التغن
بطول المقام أشبه منه بالاستغناء لان المقام يوصف بالطول ولا يوصف الاستغناء بذلك
فيكون معنى الخبر على هذا الوجه: من لم يقم على القرآن فليس منا، أي فلا يتجاوزه
إلى غيره، ولا يتعداه إلى سواه، ويتخذه مغنى ومنزلا ومقاما.
أقول وقد أنشد بيت الأعشى " طويل الثواء طويل التغن " كما في شرح شواهد الكشاف
ص 146، واستدل به على أن التغني قد يجئ بمعنى الإقامة، ولكن استشهد به في التاج
على أنه بمعنى الاستغناء كما في أقرب الموارد.
191

معناه ليس منا من لم يستغن به، ولا يذهب به إلى الصوت.
وقد روي: أن من قرأ القرآن فهو غني لا فقر بعده، وروي: أن من
أعطي القرآن فظن أن أحدا أعطي أكثر مما أعطي، فقد عظم صغيرا وصغر
كبيرا، فلا ينبغي لحامل القرآن أن يرى أحدا من أهل الأرض أغنى منه ولو ملك
الدنيا برحبها. ولو كان كما يقوله قوم: إنه الترجيع بالقراءة، وحسن الصوت
لكانت العقوبة قد عظمت في ترك ذلك أن يكون من لم يرجع صوته بالقراءة فليس
من النبي صلى الله عليه وآله حين قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن (6).

(6) في كلام أبى عبيد هذا نظر، فان قوله صلى الله عليه وآله " من لم يتغن بالقرآن
فليس منا " على أن يكون أراد به الغناء، ليس أنه كل من لم يرجع صوته بغناء القرآن
فليس منه، بل من كان حسن الصوت قادرا على الغناء، ومع ذلك لم يرجع صوته بغناء القرآن
زعما منه أن ذلك خطأ وبدعة أو لهو لا يليق بالقرآن الكريم. فكلامه صلى الله عليه وآله
هذا كقوله " من ترك الحية خوفا من تبعتها فليس منى " يعنى حية الوادي، فمن تركها
ولم يقتلها زعما منه أنها مخلوقة لله تعالى لها حياة وروح شاعرة، وقتلها إبادة لخلقة وأذية
وألم لها فليس منه، لا أن من رأى الحية ولم يجسر أن يقتلها خوفا على نفسه، أو لغير ذلك
من الاعذار، فليس منه، ومثل هذا في الاخبار كثير والذي عندي أن العرب في قوله " تغنى "
يذهب إلى معنى الصوت وطنينه ولا يلتفت إلى معناه الأصلي وهو ضد الفقر، فكأنه مأخوذ
من الكلمة الجامدة وهي الغنة: طنين صوت الذباب والنحل، وهي من الانسان صوته من
قبل خيشومه فإذا قيل: تغنى أو غنى بالشعر يعنى أنه رفع صوته بالشعر ونحوه حتى طن
صوته في الاسماع، أو في البيت، أو في الوادي، ولا يقال غنى الا إذا رفع صوته بحيث يرجع
طنينه ولذلك يقول اللغويون في تعريف الكلمة أنها صوت مع ترجيع.
ونظيرها " تمنى " فان العرب لا ترجع فيها إلى معناه الأصلي وهو التقدير والتيسير للمطلوب
وكأنه ما خوذ من كلمة جامدة هي حكاية صوت " من من " إذا قرأ شيئا لنفسه من دون
رفع الصوت كقوله:
تمنى كتاب الله أول ليلة * وآخره لاقى حمام المقادر
وقول الاخر:
تمنى كتاب الله بالليل خاليا * تمنى داود الزبور على رسل
فالتمني القراءة من دون رفع الصوت وترجيعه، والتغني القراءة مع رفع الصوت
وترجيعه بالطنين.
والمراد بالحديث أن من لم يرفع صوته بالقرآن بحيث يرجع طنين صوته - زعما
منه أن ذلك لا يليق بالقرآن أو هو تشبه بأهل الكتابين أو لغير ذلك من المعاذير فليس منا، فيرجع
هذا الغناء إلى ما هو بالطبع والفطرة، والاتساق والاتزان المناسب لا لفاظ القرآن ومعانيه، لا يكون
ذلك الا بقطع ووصل، ومد وجزر، ووزانة، وطمأنينة. وغير ذلك مما يعرف في الغناء
الفطري الطبيعي.
وأما الغناء المصطلح في علم الموسيقى فلم يكن معروفا عند العرب الجاهلي ولا في
دوران النبوة، وإنما تعرف العرب الحدي وهو صوت بترنم كانت الحداة تساق به إبلهم
وليس الا غناء فطريا طبيعيا قرره نبي الاسلام، وأجازه وسمعه، وكان له في حجة الوداع
حاديان: البراء بن مالك يحدو بالرجال، وانجشة الأسود الغلام الحبشي يحدو بالنساء
وفى ذلك قوله صلى الله عليه وآله " رويدا يا انجشة! رفقا بالقوارير " وإنما عرفت العرب
الغناء المصطلح في دوران الأمويين حيث رغب البطالون من الامراء والخلفاء وذوي الثروة
في ذلك، فدخل الغناء المعروف في ألحان العرب وأشعارهم من قبل الفرس والروم.
قدم الحجاز رجل يسمى بنشيط فغنى فأعجب به مولاه، فقال سائب خاثر: أنا أصنع
لك مثل غناء هذا الفارسي بالعربية، ثم غدا عليه وقد صنع.
لمن الديار رسومها قفر * لعبت بها الأرواح والقطر
قال ابن الكلبي: وهو أول صوت غنى به في الاسلام من الغناء العربي المتقن الصنعة
وما زالت الغناء تتدرج إلى أن كملت أيام بنى العباس عند إبراهيم بن المهدى وإبراهيم الموصلي
وابنه إسحاق وابنه حماد، وللغناء العربي تاريخ مفصل من شاء فليراجع مقدمة ابن خلدون
الأغاني ترجمة سائب خاثر وطويس ونشيط.
192

6 - عيون أخبار الرضا (ع): بالاسناد إلى دارم، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
193

رسول الله صلى الله عليه وآله: حسنوا القرآن بأصواتكم، فان الصوت الحسن يزيد القرآن
حسنا وقرأ: " يزيد في الخلق ما يشاء " (1).
7 - الإحتجاج: روي أن موسى بن جعفر عليهما السلام كان حسن الصوت حسن القراءة
وقال يوما من الأيام: إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يقرأ القرآن فربما مر
به المار فصعق من حسن صوته، وإن الامام لو أظهر في ذلك شيئا لم احتمله الناس
قيل له: ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟ فقال:
إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحمل من خلفه ما يطيقون (2).
8 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: إني أخاف عليكم استخفافا بالدين، وبيع الحكم، وقطيعة
الرحم، وأن تتخذوا القرآن مزامير، تقدمون أحدكم وليس بأفضلكم في
الدين (3).
أقول: قد سبق الاخبار في باب الغناء.
9 - السرائر: محمد بن علي بن محبوب، عن العباس، عن حماد بن عيسى، عن
معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل لا يرى أنه صنع شيئا في
الدعاء والقراءة، حتى يرفع صوته، فقال: لا بأس إن علي بن الحسين عليهما السلام

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 69.
(2) الاحتجاج ص 215.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 42.
194

كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، وكان يرفع صوته حتى يسمعه أهل الدار، وإن
أبا جعفر عليه السلام كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، وكان إذا قام من الليل، وقرأ
رفع صوته فيمر به مار الطريق من السقائين وغيرهم، فيقومون فيستمعون إلى
قراءته (1).
10 - تنبيه الخاطر: عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل: أي الناس أحسن صوتا بالقرآن؟
قال: من إذا سمعت قراءته رأيت أنه يخشى الله.
22 * (باب) *
* " (كون القرآن في البيت وذم تعطيله) " *
1 - - الخصال:
ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن أحمد بن موسى بن عمر، عن
ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل:
مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه
غبار لا يقرأ فيه (2).
2 - قرب الإسناد: ابن طريف، عن ابن علوان، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام أنه كان
يستحب أن يعلق المصحف في البيت يتقى به من الشياطين، قال: ويستحب أن لا
يترك من القراءة فيه (3).
3 - ثواب الأعمال: أبي، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن علي بن الحسين الصوفي
عن حماد بن عيسى، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: إني ليعجبني أن يكون في
البيت مصحف يطرد الله به الشياطين (4).

(1) السرائر: 476.
(2) الخصال ج 1 ص 62.
(3) قرب الإسناد ص 42.
(4) ثواب الأعمال ص 93.
195

4 - عدة الداعي: عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
جعلت فداك إني أحفظ القرآن عن ظهر قلب، فاقرؤه عن ظهر قلبي أفضل أو أنظر
في المصحف؟ قال: فقال لي: لا بل اقرأه وانظر في المصحف، فهو أفضل أما علمت
أن النظر في المصحف عبادة.
وعنه عليه السلام قال: من قرأ في المصحف متع ببصره، وخفف عن والديه، ولو
كانا كافرين.
وعنه عليه السلام يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس شئ أشد على الشيطان من
القراءة في المصحف نظرا والمصحف في البيت يطرد الشيطان.
23 * (باب) *
* " (فضل قراءة القرآن عن ظهر القلب، وفى المصحف) " *
* " (وثواب النظر إليه وآثار القراءة وفوائدها) " *
1 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: ستة من المروة ثلاثة منها في الحضر، وثلاثة منها في السفر، فأما التي
في الحضر فتلاوة كتاب الله تعالى، وعمارة مساجد الله، واتخاذ الاخوان في الله
عز وجل، وأما التي في السفر فبذل الزاد، وحسن الخلق، والمزاح في غير
المعاصي (1).
أقول: قد مضى مثله بأسانيد كثيرة في باب المروة (2) وأبواب السفر وغيرها.
2 - أمالي الصدوق: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن
النضر، عن يحيى الحلبي، عن محمد بن مروان، عن سعد بن طريف، عن الباقر، عن
أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ عشر آيات في ليلة لم

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 27.
(2) راجع ج 76 ص 311 - 313 من هذه الطبعة الحديثة.
196

يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة آية
كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة آية
كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، ومن قرأ ألف
آية كتب له قنطار، والقنطار خمسون ألف مثقال ذهب، والمثقال أربعة عشرون
قيراطا أصغرها مثل جبل أحد، وأكبرها ما بين السماء والأرض (1).
ثواب الأعمال (2) معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد
مثله (3).
3 - أمالي الصدوق: فيما ناجى به موسى ربه: إلهي ما جزاء من تلا حكمتك سرا
وجهرا؟ قال: يا موسى يمر على الصراط كالبرق (4).
4 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان
عن المفضل، عن الصادق عليه السلام أنه قال: عليكم بمكارم الأخلاق، فان الله عز وجل
يحبها، وإياكم ومذام الافعال، فان الله عز وجل يبغضها، وعليكم بتلاوة
القرآن فان درجات الجنة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقاري
القرآن: اقرأ وارق فكلما قرأ آية رقا درجة، وعليكم بحسن الخلق فإنه يبلغ
بصاحبه درجة الصائم القائم، وعليكم بحسن الجوار فان الله عز وجل أمر بذلك
وعليكم بالسواك، فإنها مطهرة، وسنة حسنة، وعليكم بفرائض الله فأدوها
وعليكم بمحارم الله فاجتنبوها (5).
5 - أمالي الصدوق: عن ابن المغيرة، عن جده، عن جده، عن السكوني، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان القرآن حديثه، والمسجد بيته

(1) أمالي الصدوق ص 36.
(2) ثواب الأعمال ص 93.
(3) معاني الأخبار ص 147.
(4) أمالي الصدوق ص 125.
(5) أمالي الصدوق ص 216.
197

بنى الله له بيتا في الجنة (1).
6 - - الخصال:
الخليل، عن محمد بن إبراهيم الدبيلي، عن أبي عبيد الله، عن سفيان
عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاحسد إلا في
اثنتين: رجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه القرآن
فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار (2).
7 - - الخصال:
في بعض ما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله أبا ذر: عليك بتلاوة القرآن، و
ذكر الله كثيرا فإنه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض (3).
8 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن الأصبهاني، عن المنقري رفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام
قال: عليك بالقرآن فان الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة، جعل
ملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصباءها اللؤلؤ، وجعل درجاتها على قدر
آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة لم
يكن في الجنة أعلى درجة منه، ما خلا النبيون والصديقون (4).
9 - أمالي الطوسي: حمويه، عن أبي الحسين، عن أبي خليفة، عن أبي هلال، عن بكر بن
عبد الله أن عمر بن الخطاب دخل على النبي صلى الله عليه وآله وهو موقوذ - أو قال محموم -
فقال له عمر: يا رسول الله ما أشد وعكك أو حماك؟ فقال: ما منعني ذلك أن
قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطول، فقال عمر: يا رسول الله غفر الله لك
ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأنت تجتهد هذا الاجتهاد؟ فقال: يا عمر أفلا
أكون عبدا شكورا (5).
10 - - الخصال:
عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله أسرع إليك الشيب

(1) أمالي الصدوق ص 300.
(2) الخصال ج 1 ص 38.
(3) الخصال ج 2 ص 105.
(4) تفسير القمي: 587، في حديث.
(5) أمالي الطوسي ج 2 ص 18 والموقوذ: الشديد المرض المشرف.
198

قال: شيبتي هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتسائلون (1).
11 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام: ثلاثة يزدن في الحفظ، ويذهبن بالبلغم: قراءة القرآن، والعسل
واللبان (2).
12 - ثواب الأعمال (3) معاني الأخبار: ماجيلويه، عن عمه، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن
علي، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ مائة آية يصلي
بها في ليلة كتب الله له بها قنوت ليلة، ومن قرأ مائتي آية في ليلة في غير صلاة الليل
كتب الله له في اللوح قنطارا من حسنات، والقنطار ألف وماتا أوقية، والأوقية
أعظم من جبل أحد (4).
13 - معاني الأخبار: علي بن عبد الله بن أحمد المذكر، عن علي بن أحمد الطبري
عن خراش مولى أنس، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ مائة آية لم
يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائتي آية كتب من القانتين، ومن قرأ ثلاثمائة
آية لم يحاجه القرآن.
يعني من حفظ قدر ذلك من القرآن، يقال قد قرأ الغلام القرآن إذا حفظه (5)
14 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن معاذ، عن أحمد بن المنذر
عن أبي بكر الصنعاني، عن عبد الوهاب بن همام، عن أبيه، عن همام بن منبه، عن
حجر المذري، عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: النظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام
عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر في المصحف يعني صحيفة
القرآن عبادة، والنظر إلى الكعبة عبادة (6).

(1) الخصال ج 1 ص 93 راجعه.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 38.
(3) ثواب الأعمال ص 92.
(4) معاني الأخبار ص 147.
(5) معاني الأخبار ص 410.
(6) أمالي الطوسي ج 2 ص 70.
199

15 - بصائر الدرجات: ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي
عثمان العبدي، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة (1).
16 - ثواب الأعمال: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن محبوب، عن عبد الله
ابن سنان، عن معاذ بن مسلم، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
من قرأ القرآن قائما في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرء في
صلاته جالسا كتب الله له بكل حرف خمسين حسنة، ومن قرء في غير صلاته كتب
الله له بكل حرف عشر حسنات (2).
17 - عدة الداعي: روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: قال الله تبارك وتعالى:
من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين.
وعن ليث بن سليم رفعه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن
ولا تتخذوها قبورا كما فعلت اليهود والنصارى - صلوا في البيع والكنايس، وعطلوا
بيوتهم - فان البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، وامتع أهله، وأضاء
لأهل السماء كما تضئ نجوم السماء لأهل الدنيا.
وعن الصادق عليه السلام قال: إن البيت إذا كان فيه المسلم يتلو القرآن يتراءاه
أهل السماء كما يتراءى أهل الدنيا الكوكب الدري في السماء.
وعن الرضا عليه السلام يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: اجعلوا لبيوتكم نصيبا من
القرآن، فان البيت إذا قرء فيه يسر على أهله، وكثر خيره، وكان سكانه في
زيادة، وإذا لم يقرأ فيه القرآن ضيق على أهله، وقل خيره، وكان سكانه في
نقصان.
وروى الحسن بن أبي الحسن الديلمي قال: وقال عليه السلام: قراءة القرآن
أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصيام، والصوم

(1) بصائر الدرجات ص؟ وأخرجه في المستدرك ج 1 ص 292.
(2) ثواب الأعمال ص 91.
200

جنة من النار.
وقال عليه السلام: لقارئ القرآن بكل حرف يقرؤه في الصلاة قائما مائة حسنة
وقاعدا خمسون حسنة، متطهرا في غير الصلاة خمس وعشرون حسنة، وغير
متطهر عشر حسنات، أما إني لا أقول: ألم حرف، بل له بالألف عشر، وباللام عشر
وبالميم عشر.
وروى بشر بن غالب الأسدي عن الحسين بن علي عليهما السلام: من قرء آية من
كتاب الله في صلاته قائما يكتب له بكل حرف مائة حسنة، فان قرأها في غير صلاة
كتب الله له بكل حرف عشرا، فان استمع القرآن كان له بكل حرف حسنة
وإن ختم القرآن ليلا صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن ختمه نهارا صلت عليه
الحفظة حتى يمسي، وكانت له دعوة مستجابة، وكان خيرا له مما بين السماء
والأرض، قلت: هذا لمن قرأ القرآن فمن لم يقرأه قال: يا أخا بني أسد إن الله
جواد ماجد كريم، إذا قرء ما معه أعطاه الله ذلك.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: من استمع حرفا من كتاب الله من غير قراءة كتب
له حسنة، ومحي عنه سيئة، ورفع له درجة (1).
18 - أعلام الدين: عن أبي عبد الله عليه السلام يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس
شئ على الشيطان أشد من القراءة في المصحف نظرا، والمصحف في البيت يطرد الشيطان.
19 - كتاب المسلسلات: للشيخ جعفر القمي: حدثنا علي بن محمد بن حمشاذ (2)
قال: حدثني أحمد بن حبيب بن الحسين البغدادي قال: حدثني أبي قال:
حدثني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الصفدي رجل من أهل اليمن ورد بغداد، قال: حدثنا
أبو هاشم بن أخي الوادي عن علي بن خلف قال: شكا رجل إلى محمد بن حميد
الرازي الرمد فقال له: أدم النظر في المصحف، فإنه كان بي رمد فشكوت ذلك
إلى حريز بن عبد الحميد، فقال لي: أدم النظر في المصحف، فإنه كان بي رمد
فشكوت ذلك إلى الأعمش فقال لي: أدم النظر في المصحف، فإنه كان بي رمد

(1) عدة الداعي ص 211.
(2) في المستدرك: حمشار.
201

فشكوت ذلك إلى عبد الله بن مسعود فقال لي: أدم النظر في المصحف، فإنه كان بي
رمد فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي: أدم النظر في المصحف، فإنه كان
بي رمد فشكوت ذلك إلى جبرئيل فقال لي: أدم النظر في المصحف.
20 - كتاب الغايات: قال عليه السلام: أفضل العبادة القراءة في المصحف.
21 - ثواب الأعمال: علي بن الحسين المكتب، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن
ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن الفضيل قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الذي يعالج القرآن ليحفظه بمشقة منه، وقلة حفظه
له أجران، وقال: ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله
أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن، فيكتب له مكان كل آية يقرأها عشر حسنات
ويمحى عنه عشر سيئات (1).
22 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن ابن يزيد، عن رجل
من العوام رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ في المصحف نظرا متع ببصره
وخفف بوالديه، وإن كانا كافرين (2).
23 - ثواب الأعمال: بهذا الاسناد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس شئ أشد على
الشيطان من القراءة في المصحف نظرا (3).
24 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن ابن أسباط رفعه إلى أمير -
المؤمنين عليه السلام قال: من قرأ مائة آية من القرآن، من أي آي القرآن شاء ثم قال:
يا الله سبع مرات، فلو دعا على الصخرة لقلعها إنشاء الله (4).
25 - المحاسن: أبو القاسم وأبو يوسف، عن القندي، عن ابن سنان وأبي البختري
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: السواك وقراءة القرآن مقطعة للبلغم (5).
26 - فقه الرضا (ع): روي عن العالم عليه السلام في القرآن شفاء من كل داء، وقال: داووا

(1) ثواب الأعمال ص 93 و 92.
(2) ثواب الأعمال ص 93 و 92.
(3) ثواب الأعمال ص 93 و 92.
(4) ثواب الأعمال ص 94.
(5) المحاسن ص 563.
202

مرضا كم بالصدقة، واستشفوا بالقرآن، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاء له.
27 - طب الأئمة: محمد بن زيد بن مهلب الكوفي، عن النضر، عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رقية العقرب والحية والنشرة، ورقية المجنون
والمسحور الذي يعذب قال: يا ابن سنان لا بأس بالرقية والعوذة والنشر، إذا كانت
من القرآن، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، وهل شئ أبلغ في هذه الأشياء
من القرآن، أليس الله تعالى يقول: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين " (1)
أليس الله يقول تعالى ذكره وجل ثناؤه: " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته
خاشعا متصدعا من خشية الله " (2) سلونا نعلمكم ونوقفكم على قوارع القرآن
لكل داء (3).
28 - طب الأئمة: إسحاق بن يوسف، عن فضالة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة
ابن أعين قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام عن المريض هل يعلق عليه تعويذ أو شئ
من القرآن؟ فقال: نعم لا بأس به، إن قوارع القرآن تنفع فاستعملوها (4).
29 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: شكى رجل
إلى النبي صلى الله عليه وآله وجعا في صدره فقال: استشف بالقرآن لان الله يقول: " وشفاء لما
في الصدور " (5).
30 - رجال الكشي: جعفر بن محمد، عن علي بن الحسن، عن ابن أبي نجران قال:
حدثني أبو هارون قال: كنت ساكنا دار الحسن بن الحسين فلما علم انقطاعي إلى
أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أخرجني من داره، قال: فمر بي أبو عبد الله عليه السلام
فقال لي: يا با هارون بلغني أن هذا أخرجك من داره؟ قال: قلت: نعم، جعلت

(1) أسرى: 82.
(2) الحشر: 21.
(3) طب الأئمة ص 48.
(4) طب الأئمة ص 49.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 124، والآية في سورة يونس: 57.
203

فداك قال: بلغني أنك كنت تكثر فيها تلاوة كتاب الله تعالى، إذا تلي فيها كتاب الله
تعالى كان لها نور ساطع في السماء يعرف من بين الدور (1).
31 - الدعوات الراوندي: قال: قال الحسن بن علي عليهما السلام: من قرأ
القرآن كانت له دعوة مجابة، إما معجلة وإما مؤجلة.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: من قرأ في المصحف نظرا متع ببصره وخفف على
والديه، وليس شئ أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظرا.
الغايات: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وذكر مثل الخبر الأخير.
24 * (باب) *
* " (في كم يقرء القرآن ويختم، ومعنى الحال المرتحل) " *
* " (وفضل ختم القرآن) " *
1 - عيون أخبار الرضا (ع) (2) أمالي الصدوق: البيهقي، عن الصولي، عن أبي ذكوان، عن إبراهيم بن
العباس قال: كان الرضا عليه السلام يختم القرآن في كل ثلاث، ويقول: لو أردت أن
أختمه في أقل من ثلاث لختمته ولكن ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي
شئ أنزلت، وفي أي وقت، فلذلك صرت أختم ثلاثة أيام (3).
2 - معاني الأخبار: أبي، عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن ابن عيينة
عن الزهري قال: قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام: أي الاعمال أفضل؟ قال:
الحال المرتحل، قلت: وما الحال المرتحل؟ قال: فتح القرآن وختمه، كلما
حل في أوله ارتحل في آخره.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أعطاه الله القرآن فرأى أن أحدا أعطي شيئا

(1) رجال الكشي ص 193.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 180.
(3) أمالي الصدوق ص 392.
204

أفضل مما أعطي فقد صغر عظيما وعظم صغيرا (1).
3 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن النضر بن
شعيب، عن خالد القلانسي، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من ختم
القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر وختمه في يوم الجمعة
كتب الله له من الاجر والحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة
تكون فيها، وإن ختمه في سائر الأيام فكذلك (2).
4 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن النوفلي، عن السكوني، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل: يا رسول الله أي الرجال خير؟ قال: الحال المرتحل
قيل: يا رسول الله وما الحال المرتحل؟ قال: الفاتح الخاتم الذي يفتح القرآن
ويختمه، فله عند الله دعوة مستجابة (3).
5 - المحاسن: عمرو بن عثمان، عن علي بن عبد الله، عن علي بن خالد، عمن
حدثه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول
الله صلى الله عليه وآله ويرى منزله من الجنة (4).
6 - دعوات الراوندي: روى الرمادي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي
الاعمال أفضل؟ قال: الحال المرتحل، قلت: وما هو قال: فتح القرآن وختمه
كلما حل بأوله ارتحل في آخره.
7 - كتاب الغايات: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله أي الناس خير؟ قال: الحال
المرتحل، أي الفاتح الخاتم الذي يفتح القرآن ويختمه، فله عند الله دعوة مستجابة.

(1) معاني الأخبار ص 190.
(2) ثواب الأعمال ص 90.
(3) ثواب الأعمال ص 92.
(4) المحاسن ص 69.
205

25 (باب)
* " (أدعية التلاوة) " *
أقول: سيجئ ما يتعلق بهذا الباب في أبواب الدعاء من هذا الكتاب إنشاء
الله تعالى.
1 - مكارم الأخلاق: عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله: أمرني
أن أدعو بهن (1) عند ختم القرآن، اللهم إني أسئلك إخبات المخبتين، وإخلاص
الموقنين، ومرافقة الأبرار، واستحقاق حقائق الايمان، والغنيمة من كل بر
والسلامة من كل إثم، ووجوب رحمتك، وعزايم مغفرتك، والفوز بالجنة
والنجاة من النار (2).
2 - مصباح الأنوار: عن الحسين بن أحمد، عن الحسين بن محمد بن عبد الوهاب
عن الحسن بن أحمد المقري، عن علي بن أحمد المقري الحمامي، عن زيد بن
علي بن أبي هلال، عن محمد بن محمد بن عقبة، عن جعفر بن محمد العنبري، عن
زكريا بن أبي صمصامة، عن حسين الجعفي، عن زائدة، عن عاصم، عن زر بن
حبيش قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره في المسجد الجامع بالكوفة على
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فلما بلغت الحواميم قال لي أمير المؤمنين عليه السلام:
قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت رأس العشرين من حم عسق " والذين آمنوا
وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك هو الفضل
الكبير " بكى أمير المؤمنين حتى ارتفع نحيبه، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال:
يأزر! أمن على دعائي، ثم قال: اللهم إني أسئلك إخبات المخبتين إلى
آخر الدعاء.
ثم قال: يا زر! إذا ختمت فادع بهذه، فان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن

(1) يعنى كلمات تقال عند ختم القرآن.
(2) مكارم الأخلاق ص 393.
206

أدعو بهن عند ختم القرآن.
الدعاء عند أخذ المصحف: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا قرء القرآن قال قبل
أن يقرأ حين يأخذ المصحف: اللهم إني أشهد أن هدا كتابك المنزل، من عندك
على رسولك محمد بن عبد الله، وكلامك الناطق على لسان نبيك، جعلته هاديا منك
إلى خلقك، وحبلا متصلا فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك
وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، وقراءتي فيه فكرا، وفكري فيه اعتبارا
واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه، واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قراءتي
علي سمعي، ولا تجعل على بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها
بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه، آخذا بشرايع دينك، ولا تجعل نظري فيه غفلة
ولا قراءتي هذرا إنك أنت الرؤف الرحيم.
في الدعاء عند الفراغ من قراءة القرآن: اللهم إني قد قرأت ما قضيت من
كتابك الذي أنزلت فيه على نبيك الصادق صلى الله عليه وآله، فلك الحمد ربنا اللهم اجعلني
ممن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، واجعله لي
انسا في قبري، وانسا في حشري، واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأها درجة
في أعلا عليين آمين رب العالمين.
الاختصاص: عن أبي عبد الله عليه السلام مثل الدعائين (1).
3 - مكارم الأخلاق: وإذا سمعت شيئا من عزائم القرآن، يجب عليك السجود وتسجد
بغير تكبير وتقول: لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله
إلا الله عبودية ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا بل أنا عبد ذليل ضعيف خائف مستجير، ثم
ترفع رأسك وتكبر (2).
4 - إقبال الأعمال: باسنادنا إلي يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن ميمون الصائغ
أبي الأكراد، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان من دعائه إذا أخذ مصحف القرآن

(1) الاختصاص: 141.
(2) مكارم الأخلاق: 394.
207

والجامع قبل أن يقرأ القرآن وقبل أن ينشره يقول حين يأخذه بيمينه: بسم الله
اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله
وكتابك الناطق على لسان رسولك، وفيه حكمك وشرائع دينك، أنزلته على
نبيك، وجعلته عهد أمتك إلى خلقك، وحبلا متصلا فيما بينك وبين عبادك
اللهم نشرت عهدك وكتابك اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، وقراءتي فيه تفكرا
وفكري فيه اعتبارا واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه، واجتنب معاصيك
ولا تطبع عند قراءتي كتابك على قلبي، ولا على سمعي، ولا تجعل على بصري
غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها، بل اجعلني، أتدبر آياته وأحكامه
آخذا بشرايع دينك، ولا تجعل نظري فيه غفلة، ولا قراءتي هذرا، إنك أنت
الرؤوف الرحيم.
فيقول: عند الفراغ من قراءة بعض القرآن العظيم: اللهم إني قرأت ما
قضيت لي من كتابك، الذي أنزلته على نبيك محمد صلواتك عليه ورحمتك فلك
الحمد ربنا، ولك الشكر والمنة على ما قدرت ووفقت، اللهم اجعلني ممن
يحل حلالك، ويحرم حرامك، ويجتنب معاصيك، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه
وناسخه ومنسوخه، واجعله لي شفاء ورحمة، وحرزا وذخرا، اللهم اجعله لي
انسا في قبري، وانسا في حشري، وانسا في نشري، واجعله لي بركة بكل آية
قرأتها، وارفع لي بكل حرف درجة في أعلا عليين، آمين يا رب العالمين اللهم
صل على محمد نبيك وصفيك ونجيك ودليلك، والداعي إلى سبيلك، وعلى
أمير المؤمنين وليك وخليفتك من بعد رسولك، وعلى أوصيائهما المستحفظين دينك
المستودعين حقك، وعليهم أجمعين السلام ورحمة الله وبركاته (1).
5 - عدة الداعي: حماد بن عيسى رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: أعلمك دعاء لا تنسى القرآن، قل: اللهم ارحمني بترك معاصيك
أبدا ما أبقيتني، وارحمني من تكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك

(1) الاقبال:
208

والزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك
عني اللهم، نور بكتابك بصري، واشرح به صدري، وأطلق به لساني، واستعمل
به بدني، وقوني به على ذلك، وأعني عليه، إنه لا يعين عليه إلا أنت، لا إله إلا
أنت.
قال: ورواه بعض أصحابنا، عن الوليد بن صبيح، عن حفص الأعور، عن
أبي عبد الله عليه السلام.
6 - المتهجد: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا ختم القرآن قال: اللهم اشرح
بالقرآن صدري، واستعمل بالقرآن بدني، ونور بالقرآن بصري، وأطلق
بالقرآن لساني، وأعني عليه ما أبقيتني، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك.
26 * (باب) *
* " (آداب القراءة وأوقاتها وذم من يظهر الغشية عندها) " *
الآيات: النحل: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (1).
الحديد: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من
الحق ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد وكثير منهم
فاسقون (2).
المزمل: ورتل القرآن ترتيلا (3).
أقول: قد سبق أيضا في كتاب الايمان والكفر ما يدل على ذم الغشية
عندها (4).

(1) النحل: 98.
(2) الحديد: 16.
(3) المزمل: 4.
(4) راجع ج 70 ص 112.
209

1 - تفسير علي بن إبراهيم: " ورتل القرآن ترتيلا " قال: بينه تبيانا، ولا تنثره نثر الرمل
ولا تهذه هذ الشعر، ولكن أقرع به القلوب القاسية (1).
2 - قرب الإسناد: محمد بن الفضيل قال: سألته فقلت: أقرء المصحف ثم يأخذني البول
فأقوم فأبول وأستنجي واغسل يدي ثم أعود إلى المصحف فأقرأ فيه؟ قال: لا
حتى تتوضأ للصلاة (2).
أقول: قد مضى عن العيون وغيره فيما رواه هانئ بن محمد بن محمود، عن
أبيه رفعه في احتجاج موسى بن جعفر عليهما السلام على الرشيد: أنه لما أراد أن يستشهد
بآية قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرء
الآية (3).
الاختصاص: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن
إسماعيل العلوي، عن محمد بن الزبر قان عنه عليه السلام مثله (4).
3 - عيون أخبار الرضا (ع): تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن رجاء
ابن الضحاك قال: كان الرضا عليه السلام في طريق خراسان يكثر بالليل في فراشه من
تلاوة القرآن، فإذا مر بآية فيها ذكر جنة أو نار بكا وسأل الله الجنة، وتعوذ به
من النار، الخبر (5).
4 - معاني الأخبار: أبي، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد
البرقي، عن بعض رجاله، عن الرقي، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حقا؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين
قال: من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص
لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس

(1) تفسير القمي: 701.
(2) قرب الإسناد: 233 عن الرضا عليه السلام.
(3) راجع ج 48 ص 125 من هذه الطبعة نقلا عن العيون ج 1 ص 18
الاحتجاج: 211.
(4) الاختصاص: 54.
(5) عيون الأخبار ج 2 ص 183.
210

فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها
تفقه (1).
5 - فهرست النجاشي: أبو الحسين التميمي، عن ابن عقدة، عن محمد بن يوسف الرازي
عن الفضل بن عبد الله بن العباس، عن محمد بن موسى بن أبي مريم قال: سمعت أبان
ابن تغلب وما رأيت أحدا أقرأ منه قط يقول: إنما الهمز رياضة (2).
6 - معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن عمرو بن
جميع، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تعلموا القرآن
بعربيته وإياكم والنبر فيه، يعني الهمز. وقال الصادق عليه السلام: الهمزة زيادة في

(1) معاني الأخبار: 226.
(2) رجال النجاشي ص 8، وقوله: " إنما الهمز رياضة " أي تحقيقها واعطاؤها
صفة النبرة حقها نوع رياضة يلزم المتكلم بها أن يسخر فمه ويذلل حلقه حتى يحقق
الهمزة وينطق بها ولا ينطق بها صحيحة وافية أو صافها حتى يمرن على ذلك ويروضها.
أقول: ولذلك يتكلم بها قريش بالتسهيل تارة والاعلال أخرى، فيقولون " المروة "
لا " المروءة " أو يسهلونها وينطقون بها بين الهمز والألف كما هو مفصل في مواضعه من
علم التجويد، ونقل عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: نزل القرآن بلسان قريش وليسوا
بأهل نبر - أي همز - ولولا أن جبرئيل نزل بالهمز على النبي صلى الله عليه وآله ما
همزنا " أقول وعليه رسم خط المصاحف تبعا لمصحف الامام الذي استكتبه عثمان في خلافته
رفعا لاختلاف القراءات، فمع أنه أمر زيد بن ثابت أن يكتب القرآن بلغة قريش وقريش
وأكثر أهل الحجاز ليسوا بأهل نبر، وكانوا يخففونها بالتسهيل كتب الامام بالهمز طبقا
لتنزيلها وقراءتها المسلمة المتفقة وقرء عاصم من القراء السبعة عن أبي عبد الرحمن السلمي
عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في كل المواضع بالهمز، وباقي القراء على اختلاف
يسهلونها ويعلونها وتارة ينطقون بها على الأصل بالنبرة، فعلى هذا الأفصح والأصح ان
يقرء الهمزة بالنبرة طبقا لنزوله وتبعا لرسم خط المصاحف.
211

القرآن إلا الهمزة الأصلي (1) مثل قوله عز وجل: " [ألا يسجدوا لله الذي يخرج]
الخبء في السماوات والأرض " (2) ومثل قوله عز وجل: " لكم فيها دفء " (3)
ومثل قوله عز وجل: " وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها " (4).
7 - أمالي الصدوق: ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعري، عن ابن عبد الجبار، عن
أبي عمران الأرمني، عن عبد الله بن الحكم، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر
عليه السلام قال: قلت له: إن قوما إذا ذكروا بشئ من القرآن أو حدثوا به
صعق أحدهم حتى يرى أنه لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك، فقال: سبحان
الله ذاك من الشيطان، ما بهذا أمروا، إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل (5).
8 - - الخصال:
حمزة العلوي، عن علي، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن
السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي صلوات الله عليه: سبعة لا
يقرؤن القرآن: الراكع، والساجد، وفي الكنيف، وفي الحمام، والجنب

(1) كل همزة في القرآن اصلى لأنه تنزيل جبرئيل وقراءة رسول الله صلى الله عليه وآله
ولولا أنه صلى الله عليه وآله قرء بالهمز، ما كانت قريش تهمز. لا نهم ما كانوا يهمزون في
لغتهم، وهكذا رسول الله صلى الله عليه وآله الذي نزل بلسانه القرآن المجيد، ما كان
ليهمز في كلام نفسه، وإنما كان يسهلها، وفى الحديث أنه عليه السلام أتى بأسير يوعك
فقال لقوم منهم " اذهبوا به فأدفوه) يريد " فأدفئوه " من الدفء وهو اعطاء الدفاء وهو ما
يتسخن به من البرد، فأعللها ثم أسقطها طبقا للغة قريش، لكن القوم ذهبوا به فقتلوه
فواداه رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك لان الذين جاءوا بالأسير لم يكونوا من قريش
كانوا من قيس أو تميم. وهم يقولون " فادفئوه " حين أرادوا اعطاء اللباس، و " أدفوه "
حين يريدون الاجهاز عليه، فاشتبه عليهم مراد الرسول الله صلى الله عليه وآله.
(2) النمل: 25.
(3) النحل: 5.
(4) معاني الأخبار: 344، والآية في البقرة: 72.
(5) أمالي الصدوق ص 154.
212

والنفساء، والحائض.
قال الصدوق رضوان الله عليه: هذا على الكراهة لا على النهي، وذلك أن
الجنب والحائض مطلق لهما قراءة القرآن إلا العزائم الأربع وهي سجدة لقمان (1)
وحم السجدة، والنجم إذا هوى، وسورة اقرأ باسم ربك، وقد جاء الاطلاق
للرجل في قراءة القرآن في الحمام ما لم يرد به الصوت، إذا كان عليه مئزر، وأما
الركوع والسجود فلا يقرأ فيهما لان الموظف فيهما التسبيح إلا ما ورد في صلاة
الحاجة، وأما الكنيف فيجب أن يصان القرآن عن أن يقرأ فيه، وأما النفساء
فتجري مجرى الحائض الحائض في ذلك (2).
9 - ثواب الأعمال: أبي، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن محمد بن سالم، عن أحمد
ابن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لكل شئ
ربيع وربيع القرآن شهر رمضان (3).
10 - المحاسن: أبي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي عثمان العبدي، عن
جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قراءة
القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وذكر الله كثيرا أفضل
من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنة من النار (4).
11 - المحاسن: أبو سمينة، عن إسماعيل بن أبان الحناط، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نظفوا طريق القرآن! قيل: يا رسول الله وما طريق
القرآن؟ قال: أفواهكم، قل: بماذا؟ قال: بالسواك (5).

(1) يعنى سورة ألم تنزيل التي سطرت في المصحف الشريف بعد سورة لقمان.
وهذا اصطلاح.
(2) الخصال ج 2 ص 10.
(3) ثواب الأعمال: 93.
(4) المحاسن: 222.
(5) المحاسن: 558.
213

12 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " يتلونه حق
تلاوته " (1) فقال: الوقوف عند ذكر الجنة والنار (2).
13 - تفسير الإمام العسكري: قال أبو محمد العسكري عليه السلام: أما قوله الذي ندبك الله إليه
وأمرك به عند قراءة القرآن " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم "
فان أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن قوله: " أعوذ بالله " أي أمتنع بالله " السميع "
لمقال الأخيار والأشرار، ولكل المسموعات من الاعلان والاسرار " العليم "
بأفعال الفجار والأبرار، وبكل شئ مما كان وما يكون ومالا يكون أن لو
كان كيف يكون " من الشيطان " هو البعيد من كل خير " الرجيم " المرجوم
باللعن، المطرود من بقاع الخير، والاستعاذة هي ما قد أمر الله به عباده عند قراءتهم
القرآن، فقال جل ذكره: " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم *
إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على
الذين يتولونه والذين هم به مشركون " (3) من تأدب بآداب الله عز وجل أداه
إلى الفلاح الدائم، ومن استوصى بوصية الله كان له خير الدارين (4).
14 - تفسير العياشي: عن أبان بن عثمان، عن محمد قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اقرأ
قلت: من أي شئ أقرء؟ قال: اقرأ من السورة السابعة، قال: فجعلت التمسها
فقال: اقرأ سورة يونس، فقرأت حتى انتهيت إلى " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة " (5) ثم قال: حسبك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (6).

(1) البقرة: 121.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 57.
(3) النحل: 98 - 100.
(4) تفسير الامام: 6.
(5) يونس: 26.
(6) تفسير العياشي ج 2 ص 119.
214

15 - تفسير العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " وإذا قرأت
القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم " قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: أستعيذ
بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقال: إن الرجيم أخبث الشياطين (1).
16 - تفسير العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن التعوذ من
الشيطان، عند كل سورة نفتحها؟ فقال: نعم، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وذكر أن الرجيم أخبث الشياطين، فقلت: لم سمي الرجيم؟ قال: لأنه يرجم
فقلنا: هل ينقلب شيئا إذا رجم، قال: لا ولكن يكون في العلم أنه رجيم (2).
17 - نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن قوله تعالى: " ورتل القرآن ترتيلا " (3) قال: بينه
تبيانا، ولا تنثره نثر الرمل، ولا تهذه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا
به القلوب، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة (4).
18 - الإحتجاج (5) تفسير الإمام العسكري (ع) (6) معاني الأخبار: محمد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمد بن زياد
وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال
الصادق عليه السلام: لما بعث الله موسى بن عمران ثم من بعده من الأنبياء إلى بني إسرائيل
لم يكن فيهم أحد إلا أخذوا عليه العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الأمي
المبعوث بمكة، الذي يهاجر إلى المدينة، يأتي بكتاب بالحروف المقطعة، افتتاح
بعض سوره، يحفظه أمته فيقرؤنه، قياما وقعودا ومشاة، وعلى كل الأحوال
يسهل الله حفظه عليهم: إلى آخر الخبر (7).

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 270 في حديث.
(2) المصدر نفسه.
(3) المزمل: 4.
(4) نوادر الراوندي: 30.
(5) الاحتجاج:
(6) تفسير الامام: 30.
(7) معاني الأخبار: 25.
215

19 - نقل من خط الشهيد رحمه الله تعالى: نهى علي عليه السلام عن قراءة القرآن عريانا.
20 - مجمع البيان: في قوله تعالى: " ورتل القرآن ترتيلا " روي عن
أمير المؤمنين عليه السلام في معناه أنه قال: بينه تبيانا، ولا تهذه هذ الشعر، ولا
تنثره نثر الرمل، ولكن أقرع به القلوب القاسية، ولا يكونن هم أحدكم آخر
السورة.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فاسأل الله
الجنة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعوذ بالله من النار (1).
21 - مجالس الشيخ: عن المفيد، عن إبراهيم بن الحسن الجمهور، عن
أبي بكر المفيد الجرجرائي، عن أبي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحجزه عن قراءة القرآن إلا الجنابة (2).
22 - عدة الداعي: عن حفص بن غياث، عن الزهري قال: سمعت علي
ابن الحسين عليهما السلام يقول: آيات القرآن خزائن العلم فكلما فتحت خزانة فينبغي
لك أن تنظر فيها.
23 - أسرار الصلاة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لابن مسعود: اقرأ علي، قال:
ففتحت سورة النساء، فلما بلغت " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك
على هؤلاء شهيدا " رأيت عيناه تذرفان من الدمع، فقال لي: حسبك الآن.
وقال صلى الله عليه وآله: اقرؤا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، ولانت
عليه جلودكم فإذا اختلفتم فلستم تقرؤنه.
24 - دعوات الراوندي: قال الصادق عليه السلام: اغلقوا أبواب المعصية
بالاستعاذة، وافتحوا أبواب الطاعة بالتسمية.

(1) مجمع البيان ج 10 ص 378.
(2) لا تجده في المطبوع من المصدر.
216

27 * (باب) *
* " (ما ينبغي أن يقال عند قراءة بعض الآيات والسور) " *
1 - - الخصال:
الأربعمائة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا قرأتم من المسبحات
الأخيرة، فقولوا: " سبحان الله الاعلى " وإذا قرأتم " إن الله وملائكته يصلون
على النبي " (1) فصلوا عليه في الصلاة كنتم أو في غيرها، وإذا قرأتم والتين فقولوا
في آخرها: ونحن على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأتم " قولوا آمنا بالله " (2)
فقولوا: آمنا بالله حتى تبلغوا إلى قوله: " مسلمين " (3).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): تميم القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن رجاء

(1) الأحزاب: 56.
(2) البقرة: 136.
(3) الخصال ج 2 ص 165، وقوله عليه السلام " حتى تبلغوا إلى قوله مسلمين "
يعنى آخر هذه الآية، وإنما يقال في هذه الموارد ما يقال امتثالا لأمر القرآن الكريم
حيث يقول " قولوا آمنا بالله " الخ فحيث أمرهم بأن يقولوا ذلك فالأحسن ان يقولوا هكذا
" قولوا آمنا بالله (آمنا بالله - سرا) وما انزل الينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق الآية، فيكون ذيل الآية من قوله " وما انزل " إلى أن يبلغ " مسلمين " كالمتنازع
فيه تتمة لقول الله تعالى كما في ظاهر الآية، وتتمة لقولنا " آمنا بالله " وهذه الكيفية أسلم من
التكرار في امتثال أمر الله تعالى، والا وجب علينا بعد اتمام الآية أن نبدء ونقول: آمنا بالله
وما انزل الينا إلى آخر الآية، واما في سورة التوحيد، كان النبي صلى الله عليه وآله
يقول سرا بعد قراءة نصف السورة: قل هو الله أحد * الله الصمد: الله أحد الله الصمد، امتثالا
لظاهر الامر، ثم يقول بعد تمام السورة سرا: كذلك الله ربى مرتين: مرة إشارة لقوله
تعالى " لم يلد ولم يولد " ومرة إشارة إلى قوله تعالى " ولم يكن له كفوا أحد " وإنما
قال بهذه الكيفية، لان جبرئيل عليه السلام لما نزل بهذه السورة سكت عند نصف السورة
فوجد النبي صلى الله عليه وآله فراغا لامتثال الامر، فقال (الله أحد الله الصمد) ولما
أوحى جبرئيل تمام السورة، امتثل ذلك إشارة بقوله (كذلك الله ربى كذلك الله ربى) لئلا
يتكرر ألفاظ السورة، وإذا تدبرت هذين المثالين تعرف في كل آية وسورة مشابهة لهما كيف
تمتثل أمر الله في قراءة القرآن.
217

ابن الضحاك قال: كان الرضا عليه السلام في طريق خراسان يكثر بالليل في فراشه من
تلاوة القرآن فإذا مر بآية فيها ذكر جنة أو نار بكى، وسأل الله الجنة، وتعوذ
به من النار، وكان عليه السلام يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلاته بالليل
والنهار، وكان إذا قرأ " قل هو الله أحد " قال سرا: الله أحد. فإذا فرغ منها
قال: " كذلك الله ربنا " ثلاثا وكان إذا قرء سورة الجحد قال في نفسه سراء: " يا أيها
الكافرون " فإذا فرغ منها قال: " ربي الله وديني الاسلام " ثلاثا، وكان إذا قرأ
" والتين والزيتون " قال عند الفراغ منها: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وكان
إذا قرأ " لا اقسم بيوم القيمة " قال عند الفراغ منها: سبحانك اللهم وبلى، وكان
يقرأ في سورة الجمعة (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة للذين اتقوا
والله خير الرازقين) وكان إذا فرغ من الفاتحة قال: الحمد لله رب العالمين (1)

(1) إنما كان أهل البيت عليهم السلام وهكذا شيعتهم يقولون ذلك عند الفراغ من قراءة
الفاتحة، لأنهم إذا فرغوا من قراءه آياتها السبع وتفكروا فيها، وجدوا أنفسهم متلبسة
بمعانيها، متحققة لمضامينها. عارفين بالله، ورحمانيته، مقرين بيوم الجزاء ومالكيته
عابدين لله خالصا، مستعينين منه غير مشركين، آخذين بالنمط الأوسط: لا من الضلال ولا
من المغضوب عليهم، وكل من تفكر في ذلك ووجد نفسه كذلك يجب عليه أن يحمد الله
رب العالمين على ذلك، كما حمدواهم وكذلك تحمده شيعتهم، فإنهم في زمرتهم، وباتباعهم
متحققين لتلك الصفات.
ومن الناس من إذا تفكر في سورة الفاتحة وآياتها، وجد نفسه بمعزل عن لك أو
شاكا في تحقق آياتها في نفسه وروحه، فبادر عند اتمامها بقوله (آمين) يطلب من الله
تعالى أن يهديه إلى سواء الطريق.
218

وإذا قرء (سبح اسم ربك الاعلى) قال سرا: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ
يا أيها الذين آمنوا، قال: لبيك اللهم لبيك سرا (1).
3 الدر المنثور: عن صالح بن أبي الخليل قال: كان النبي صلى الله عليه وآله إذا
قرء هذه الآية (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) (2) قال: سبحانك اللهم
وبلى.
وعن البراء بن عازب قال: لما نزلت هذه الآية (أليس ذلك بقادر على أن
يحيي الموتى) قال: سبحان ربي وبلى.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا قرأ (أليس ذلك بقادر على
أن يحيي الموتى) قال: سبحانك فبلى.
وعن أبي أمامة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله بعد حجته فكان يكثر قراءة
لا اقسم بيوم القيامة، فإذا قال: (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) سمعته
يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.
وعن موسى بن أبي عائشة قال: كان رجل يصلي فوق بيته وكان إذا قرأ
(أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) قال: سبحانك فبلى، فسألوه عن ذلك، فقال:
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ منكم والتين والزيتون
فانتهى إلى آخرها (أليس الله بأحكم الحاكمين) فليقل بلى، ومن قرء والمرسلات
فبلغ (فبأي حديث بعده يؤمنون) فليقل آمنا بالله.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا قرأت لا اقسم بيوم
القيامة، فبلغت (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) فقل: بلى.
وعن ابن عباس أنه مر بهذه الآية (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى)

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 183.
(2) القيامة: 40.
219

قال: سبحانك اللهم وبلى (1).
وعن ابن عباس قال: إذا قرأت (سبح اسم ربك الاعلى) فقل: سبحان ربي الأعلى.
وعن علي عليه السلام أنه قرأ (سبح اسم ربك الاعلى) فقال: سبحان ربي الأعلى
، وهو في الصلاة، فقيل له: أتزيد في القرآن؟ قال: لا إنما أمرنا بشئ
فقلته (2).
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا تلا هذه الآية (ونفس وما
سويها * فألهمها فجورها وتقويها) وقف ثم قال: اللهم آت نفسي تقويها وزكها
أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، قال: وهو في الصلاة (3).
28 (باب)
* ((فضل استماع القرآن ولزومه وآدابه)) *
الآيات: الأعراف: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
ترحمون (4).
أسرى: قل آمنوا به أولا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى
عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا *
ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا (5).

(1) الدر المنثور ج 6 ص 296.
(2) الدر المنثور ج 6 ص 338.
(3) الدر المنثور ج 6 ص 356.
(4) الأعراف: 203.
(5) أسرى: 107 - 109.
220

مريم: إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا (1).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) يعني
في الصلاة، إذا قرأت قراءة الإمام الذي تأتم به، فأنصت (2).
2 - مناقب ابن شهرآشوب (3) تفسير علي بن إبراهيم: كان علي بن أبي طالب عليه السلام يصلي وابن الكوا خلفه
وأمير المؤمنين عليه السلام يقرأ، فقال ابن الكوا: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين
من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) (4) فسكت
أمير المؤمنين عليه السلام حتى سكت ابن الكوا، ثم عاد في قراءته حتى فعله ابن الكوا
ثلاث مرات، فلما كان في الثالثة قال أمير المؤمنين عليه السلام: (فاصبر إن وعد الله حق
ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) (5).
3 - السرائر: عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله يقول
للمؤمنين: (وإذا قرئ القرآن) يعني في الفريضة خلف الامام (فاستمعوا)
الآية (6).
4 - تفسير العياشي: عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: (وإذا قرئ القرآن) في
الفريضة خلف الامام (فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) (7).
5 - تفسير العياشي: عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يجب الانصات
للقرآن في الصلاة وفي غيرها، وإذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الانصات
والاستماع (8).

(1) مريم: 58.
(2) تفسير القمي: 234.
(3) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 113.
(4) الزمر: 65.
(5) تفسير القمي: 504، والآية الأخيرة في سورة الروم: 60.
(6) السرائر: 471.
(7) تفسير العياشي ج 2 ص 44.
(8) تفسير العياشي ج 2 ص 44.
221

6 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قرأ ابن الكوا خلف
أمير المؤمنين عليه السلام (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) فأنصت
له أمير المؤمنين عليه السلام (1).
7 - السرائر: جامع البزنطي نقلا من خط بعض الأفاضل عن جميل، عن زرارة
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقرأ القرآن يجب على من يسمعه الانصات
له والاستماع له؟ قال: نعم، إذا قرئ القرآن عندك فقد وجب عليك الاستماع
والانصات (2).

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 44.
(2) السرائر: 469.
222

أبواب
* (فضائل سور القرآن وآياته) *
* (وما يناسب ذلك من المطالب) *
أقول: قد مر كثير مما يتعلق بهذه الأبواب في كتاب الصلاة وغيره أيضا.
* 29 ((باب)) *
* ((فضل سورة الفاتحة وتفسيرها وفضل البسملة)) *
* ((وتفسيرها وكونها جزءا من الفاتحة)) *
* ((ومن كل سورة، وفيه فضل المعوذتين أيضا)) *
أقول: وسيجئ في مطاوي بعض الأبواب الآتية ما يناسب هذا الباب.
1 - مناقب ابن شهرآشوب: أبين إحدى يدي هشام بن عدي الهمداني في حرب صفين فأخذ
علي يده وقرأ شيئا وألصقها فقال: يا أمير المؤمنين ما قرأت؟ قال: فاتحة الكتاب
كأنه استقلها، فانفصلت يده نصفين، فتركه علي ومضى (1).

(1) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 236.
223

2 - عيون أخبار الرضا (ع) (1) علل الشرائع: المفسر باسناده إلى أبي محمد العسكري، عن آبائه عليهم السلام
قال: جاء رجل إلى الرضا عليه السلام فقال: يا ابن رسول الله أخبرني عن قول الله
عز وجل: (الحمد لله رب العالمين) ما تفسيره؟ فقال: لقد حدثني أبي، عن
جدي، عن الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه عليهم السلام أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين
عليه السلام فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل: (الحمد لله رب العالمين) ما
تفسيره؟ فقال:
(الحمد لله) هو أن عرف عباده بعض نعمه جملا، إذ لا يقدرون على معرفة
جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: (الحمد
لله) على ما أنعم به علينا (رب العالمين) وهم الجماعات من كل مخلوق، من
الجمادات والحيوانات، فأما الحيوانات، فهو يقلبها في قدرته، ويغذوها من رزقه
ويحفظها بكنفه، ويدبر كلا منها بمصلحته، وأما الجمادات فهو يمسكها بقدرته
يمسك المتصل منها أن يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق، ويمسك
السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه، ويمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره
إنه بعباده لرؤف رحيم.
قال عليه السلام: (رب العالمين) مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم، من
حيث هم يعلمون، ومن حيث لا يعلمون، والرزق مقسوم، وهو يأتي ابن آدم
على أي سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه
وبيننا وبينه ستر، وهو طالبه، ولو أن أحدكم يفر من رزقه لطلبه رزقه، كما
يطلبه الموت، فقال جل جلاله: قولوا: (الحمد لله) على ما أنعم به علينا وذكرنا
به من خير في كتب الأولين قبل أن نكون.
ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران عليه السلام

(1) عيون الأخبار ج 1 ص 282.
224

واصطفاه نجيا، وفلق له البحر، ونجى بني إسرائيل، وأعطاه التوراة والألواح
رأى مكانه من ربه فقال: يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي
فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع ملائكتي
وجميع خلقي؟.
قال موسى: يا رب إن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل
الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد
على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟.
فقال موسى: يا رب فإن كان آل محمد كذلك فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك
من أمتي: ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى، وفلقت لهم البحر؟
فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم
كفضلي على جميع خلقي؟ فقال موسى: يا رب ليتني كنت أراهم، فأوحى الله
عز وجل إليه يا موسى إنك لن تراهم، وليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف
تراهم في الجنان: جنة عدن، والفردوس، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، وفي
خيراتها يتبجحون، أفتحب أن أسمعك كلامهم؟ قال: نعم يا إلهي، قال الله
جل جلاله: قم بين يدي، واشدد مئزرك قيام العبد الذليل، بين يدي الملك الجليل.
ففعل ذلك موسى عليه السلام فنادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد! فأجابوه كلهم في
أصلاب آبائهم، وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد
والنعمة لك، والملك لا شريك لك [لبيك]. قال: فجعل الله عز وجل تلك الإجابة
شعار الحج.
ثم نادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد إن قضائي عليكم أن رحمتي سبقت غضبي
وعفوي قبل عقابي، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني، وأعطيتكم من قبل أن
تسألوني، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا
عبده ورسوله، صادق في أقواله، محق في أفعاله، وأن علي بن أبي طالب عليه السلام
أخوه ووصيه من بعده ووليه، يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، فان أولياءه
225

المصطفين المطهرين المبانين بعجائب آيات الله، ودلائل حجج الله من بعده أولياؤه
ادخله جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.
قال: فلما بعث الله عز وجل نبينا محمدا صلى الله عليه وآله قال: يا محمد! وما كنت
بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة، ثم قال عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله: قل:
الحمد لله رب العالمين على ما اختصصتني به من هذه الفضيلة، وقال لامته: قولوا
أنتم: الحمد لله رب العالمين على ما اختصصتنا به من هذه الفضايل (1).
3 - تفسير الإمام العسكري (ع) (2) أمالي الصدوق (3) عيون أخبار الرضا (ع): بهذا الاسناد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: قال الله عز وجل: قسمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي فنصفها لي
ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، إذا قال العبد: (بسم الله الرحمن الرحيم)
قال الله عز وجل: بدأ عبدي باسمي، وحق على أن أتمم له أموره، وأبارك
له في أحواله، فإذا قال: (الحمد لله رب العالمين) قال الله جل جلاله: حمدني
عبدي، وعلم أن النعم التي له من عندي، وأن البلايا التي دفعت عنه فبتطولي
أشهدكم أني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما
دفعت عنه بلايا الدنيا، فإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله عز وجل: شهد
لي بأني الرحمن الرحيم أشهدكم لأوفرن من رحمتي حظه، ولأجزلن من
عطائي نصيبه، فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله جل جلاله: أشهدكم كما
اعترف عبدي أني مالك يوم الدين، لأسهلن يوم الحساب حسابه ولأتقبلن
حسناته، ولأتجاوزن عن سيئاته.
فإذا قال: (إياك نعبد) قال الله عز وجل: صدق عبدي إياي يعبد أشهدكم
لأثيبنه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي، فإذا قال: (وإياك

(1) علل الشرائع ج 2 ص 101 103.
(2) تفسير الامام ص 27.
(3) أمالي الصدوق ص 105.
226

نستعين) قال الله عز وجل: بي استعان وإلى التجأ أشهدكم لأعيننه على أمره
ولأغيثنه في شدائده، ولآخذن بيده يوم نوائبه.
فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم) إلى آخر السورة، قال الله عز وجل:
هذا لعبدي ولعبدي ما سأل، فقد استجبت لعبدي، وأعطيته ما أمل، وأمنته عما
منه وجل.
قال: وقيل لأمير المؤمنين عليه السلام: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن بسم الله
الرحمن الرحيم أهي من فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرؤها
ويعدها آية منها، ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني (1).
4 - تفسير الإمام العسكري (ع): فضلت ببسم الله الرحمن الرحيم وهي الآية السابعة منها (2).
5 - أمالي الصدوق (3) عيون أخبار الرضا (ع): بهذا الاسناد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن بسم الله الرحمن
الرحيم آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها ببسم الله الرحمن الرحيم، سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله عز وجل قال لي: يا محمد (ولقد آتيناك سبعا من
المثاني والقرآن العظيم (4) فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء
القرآن العظيم، وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وإن الله عز وجل
خص محمدا وشرفه بها، ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان عليه السلام
فإنه أعطاه منها بسم الله الرحمن الرحيم ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت:
(إني القي إلى كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) (5)
ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله الطيبين، منقادا لأمرهما، مؤمنا
بظاهرهما وباطنهما، أعطاه الله بكل حرف منها حسنة، كل واحدة منها أفضل له

(1) عيون الأخبار ج 1 ص 300.
(2) تفسير الامام ص 28.
(3) أمالي الصدوق ص 106.
(4) الحجر: 87.
(5) النمل: 29 و 30.
227

من الدنيا بما فيها، من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرؤها
كان له قدر ثلث من للقاري، فليستكثر أحد كم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه
غنيمة، لا يذهبن أو انه فتبقى في قلوبكم الحسرة (1).
6 - عيون أخبار الرضا (ع): بهذا الاسناد، عن الصادق عليه السلام في قوله عز وجل: (اهدنا الصراط
المستقيم) قال: يقول: أرشدنا إلى الطريق المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدي
إلى محبتك، والمبلغ دينك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنتعطب أو نأخذ بآرائنا
فنهلك (2).
7 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن علي بن الحسين البرقي
عن ابن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسين بن عبد الله، عن أبيه، عن جده
الحسن بن علي قال: جاء نفر من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وآله فكان فيما سألوه: أخبرنا
عن سبع خصال أعطاك الله من بين النبيين، وأعطى أمتك من بين الأمم، فقال
النبي صلى الله عليه وآله: أعطاني الله عز وجل فاتحة الكتاب، والاذان، والجماعة في المسجد
ويوم الجمعة، والاجهار في ثلاث صلوات، والرخص لامتي عند الأمراض، والسفر
والصلاة على الجنايز، والشفاعة لأصحاب الكبائر من أمتي.
قال اليهودي: صدقت يا محمد فما جزاء من قرأ فاتحة الكتاب؟ قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كل آية أنزلت من السماء فيجزي
بها ثوابها (3)
8 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله
عليه السلام. وأبي عن حماد، عن ابن أبي نجران وابن فضال، عن علي بن
عقبة. وأبي، عن النضر والبزنطي معا، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي
جعفر عليه السلام. وأبي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي وهشام بن سالم

(1) عيون الأخبار ج 1 ص 301.
(2) عيون الأخبار ج 1 ص 305.
(3) أمالي الصدوق ص 117 في حديث.
228

وعن كلثوم بن الهدم، عن عبد الله بن سنان وعبد الله بن مسكان، وعن صفوان وابن
عميرة والثمالي وعن عبد الله بن جندب والحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام. وأبي، عن حنان والقداح وأبان بن عثمان، عن عبد الله بن شريك
وعن المفضل وأبي؟؟، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام. وأبي، عن عمرو
ابن إبراهيم الراشدي وصالح بن سعيد ويحيى بن أبي عمران وإسماعيل بن مرار
وأبو طالب عبد الله بن الصلت، عن علي بن يحيى، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سألته عن تفسير بسم الله الرحمن الرحيم فقال: الباء بهاء الله
والسين سناء الله، والميم ملك الله، والله إله كل شئ، والرحمن بجميع خلقه
والرحيم بالمؤمنين خاصة.
وعن ابن أذينة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم
أحق ما اجهر به، وهي الآية التي قال الله عز وجل: (وإذا ذكرت ربك في
القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا) (1).
5 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن أبي عمير، عن النضر، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام في قوله: (الحمد لله) قال: الشكر لله، وفي قوله: (رب العالمين)
قال: خلق المخلوقين (الرحمن) بجميع خلقه (الرحيم) بالمؤمنين خاصة
(مالك يوم الدين) قال: يوم الحساب، والدليل على ذلك قوله: (وقالوا يا ويلنا
هذا يوم الدين) (2) يعني يوم الحساب (إياك نعبد) مخاطبة الله عز وجل (وإياك
نستعين) مثله (اهدنا الصراط المستقيم) قال: هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه
ومعرفته والدليل على أنه أمير المؤمنين قوله: (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي
حكيم) (3) وهو أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أم الكتاب في قوله (الصراط
المستقيم) (4).

(1) تفسير القمي ص 25، والآية في سورة الإسراء 46.
(2) الصافات: 20.
(3) الزخرف: 4.
(4) تفسير القمي ص 26.
229

6 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قرء:
(اهدنا الصراط المستقيم * صراط من أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم * وغير
الضالين) قال: المغضوب عليهم النصاب، والضالين اليهود والنصارى (1).
7 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام
في قوله: (غير المغضوب عليهم وغير الضالين) قال المغضوب عليهم: النصاب، والضالين
الشكاك الذين لا يعرفون الامام (2).
8 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن إبليس رن رنينا لما بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله على حين فترة من الرسل، وحين
أنزلت أم القرآن (3).
9 - التوحيد (4) معاني الأخبار (5) عيون أخبار الرضا (ع): الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن علي بن حسن
ابن فضال، عن أبيه قال: سألت الرضا عليه السلام عن بسم الله، قال: معنى قول القائل
بسم الله أي أسم نفسي بسمة من سمات عز وجل، وهو العبودية، قال: فقلت
له: ما السمة؟ قال: العلامة (6).
10 - معاني الأخبار (7) علل الشرائع: محمد بن علي بن الشاه، عن محمد بن جعفر البغدادي، عن أبيه
عن أحمد بن السخت، عن محمد بن أسود الوراق، عن أيوب بن سليمان، عن
حفص بن البختري، عن محمد بن حميد، عن محمد بن المكندر، عن جابر بن عبد الله
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من على ربي وقال لي: يا محمد أرسلتك إلى كل
أحمر وأسود، ونصرتك بالرعب، وأحللت لك الغنيمة، وأعطيتك لك ولامتك
كنزا من كنوز عرشي فاتحة الكتاب، وخاتمة سورة البقرة الخبر (8).

(1) تفسير القمي ص 26.
(2) تفسير القمي ص 26.
(3) تفسير القمي ص 26.
(4) التوحيد: 162.
(5) معاني الأخبار ص 3.
(6) عيون الأخبار ج ص.
(7) معاني الأخبار ص 50.
(8) علل الشرائع ج 1 ص 121 في حديث.
230

وقد مضى في باب أسماء النبي صلى الله عليه وآله (1).
11 - التوحيد (2) معاني الأخبار: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن القاسم، عن جده
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن بسم الله الرحمن الرحيم
فقال: الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم مجد الله، وروى بعضهم ملك الله، والله
إله كل شئ، الرحمن بجميع العالم، والرحيم بالمؤمنين خاصة (3).
المحاسن: القاسم، عن جده مثله (4).
تفسير العياشي: عن ابن سنان مثله (5).
12 - التوحيد (6) معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن صفوان
ابن يحيى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن بسم الله الرحمن الرحيم
فقال: الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم ملك الله، قال: قلت: الله، فقال:
الألف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا، واللام الزام الله خلقه ولا يتنا، قلت:
فالهاء فقال: هو ان لمن خالف محمدا وآل محمد الصلوات الله عليهم، قلت: الرحمن
قال: بجميع العالم، قلت: الرحيم قال: بالمؤمنين خاصة (7).
13 - أمالي الطوسي: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن العسكري
عن آبائه، عن الصادق عليهم السلام قال: من نالته علة فليقرء في حبيبه الحمد
سبع مرات، فان ذهبت العلة، وإلا فليقرأها سبعين مرة، وأنا الضامن له

(1) راجع ج 16 ص 92 من هذه الطبعة الحديثة، وأضاف هناك رمز الخصال ج 2
ص 47.
(2) التوحيد: 162.
(3) معاني الأخبار ص 3.
(4) المحاسن ص 238.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 22.
(6) التوحيد: 162.
(7) معاني الأخبار ص 3.
231

العافية (1).
دعوات الراوندي: عن الصادق عليه السلام مثله.
14 - التوحيد: المفسر باسناده إلى أبي محمد العسكري عليه السلام في قول الله عز وجل:
بسم الله الرحمن الرحيم فقال: الله هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد
كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من كل من دونه، وتقطع الأسباب من جميع
من سواه، يقول: (بسم الله) أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة
إلا له، المغيث إذا استغيث، والمجيب إذا دعي.
وهو ما قال رجل للصادق عليه السلام: يا ابن رسول الله دلني على الله ما هو؟
فقد أكثر علي المجادلون وحيروني، فقال له: يا عبد الله هل ركبت سفينة قط
قال: نعم، قال: فهل كسر بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا سباحة تغنيك؟ قال:
نعم، قال: فهل تعلق قلبك هنالك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من
ورطتك؟ قال: نعم، قال الصادق عليه السلام: فذلك الشئ هو الله القادر على الانجاء
حيث لا منجي، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.
ثم قال الصادق عليه السلام: وربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره بسم الله
الرحمن الرحيم، فيمتحنه الله عز وجل بمكروه لينبهه على شكر الله تبارك وتعالى
والثناء عليه، ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه قول: بسم الله الرحمن الرحيم.
... قال: وقام رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال: أخبرني ما معنى بسم الله
الرحمن الرحيم؟ فقال علي بن الحسين عليهما السلام: حدثني أبي، عن أخيه الحسن
عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام أن رجلا قام إليه فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن
بسم الله الرحمن الرحيم ما معناه؟ فقال: إن قولك: (الله) أعظم اسم من أسماء
الله عز وجل، وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يسمى به غير الله، ولن يسم به
مخلوق، فقال الرجل: فما تفسير قول: (الله) قال: هو الذي يتأله إليه عند الحوائج
والشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من جميع من دونه. وتقطع الأسباب

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 290.
232

من كل من سواه، وذلك أن كل مترئس في هذه الدنيا، ومتعظم فيها، وإن
عظم غناؤه وطغيانه، وكثرت حوائج من دونه إليه، فإنهم سيحتاجون حوائج لا
يقدر عليها هذا المتعاظم، وكذلك هذا المتعاظم يحتاج إلى حوائج لا يقدر عليها
فينقطع إلى الله عند ضرورته وفاقته، حتى إذا كفى همه عاد إلى شركه.
أما تسمع الله عز وجل يقول: (قل أرأيتكم إن أتيكم عذاب الله أو أتتكم
الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين * بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه
إن شاء وتنسون ما تشركون) (1) فقال الله جل جلاله لعباده: أيها الفقراء إلى
رحمتي إني قد ألزمتكم الحاجة إلى في كل حال. وذلة العبودية في كل وقت
فإلى فافزعوا في كل أمر تأخذون فيه، وترجون تمامه وبلوغ غايته، فاني
إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم وإن أردت أن أمنعكم لم يقدر غيري
على إعطائكم، فأنا أحق من سئل، وأولى من تضرع إليه، فقولوا عند افتتاح
كل أمر صغير أو عظيم: بسم الله الرحمن الرحيم أي أستعين على هذا الامر بالله
الذي لا تحق العبادة لغيره، المغيث إذا استغيث، والمجيب إذا دعي، الرحمن الذي
يرحم ببسط الرزق علينا، الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا، خفف علينا
الدين، وجعله سهلا خفيفا، وهو يرحمنا بتميزنا عن أعاديه.
ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من حزنه أمر تعاطاه فقال: (بسم الله
الرحمن الرحيم) وهو مخلص لله، ويقبل بقلبه، لم ينفك من إحدى اثنتين
إما بلوغ حاجته في الدنيا، وإما يعدله عند ربه ويدخر لديه، وما عند الله خير
وأبقى للمؤمنين (2).
15 - عيون أخبار الرضا (ع): ابن الوليد، عن محمد العطار، عن ابن عيسى، عن محمد بن سنان
عن الرضا عليه السلام قال: إن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم
من سواد العين إلى بياضها (3).

(1) الانعام: 40 و 41.
(2) التوحيد: 163 - 164.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 5.
233

تحف العقول: عن أبي محمد عليه السلام مثله (1).
تفسير العياشي: عن إسماعيل بن مهران، عن الرضا عليه السلام مثله (2).
16 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن حسان، عن
إسماعيل بن مهران، عن ابن البطائني، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اسم
الله الأعظم مقطع في أم الكتاب (3).
تفسير العياشي: عن ابن البطائني مثله (4).
17 - المحاسن: بعض أصحابنا، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن هارون بن
الخطاب، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما نزل كتاب من
السماء إلا وأوله بسم الله الرحمن الرحيم (5).
17 - مكارم الأخلاق، فقه الرضا (ع): أروي عن العالم عليه السلام: من نالته علة فليقر أفي حبيبه أم الكتاب
سبع مرات، فان سكنت وإلا فليقرأ سبعين مرة، فإنها تسكن (6).
18 - طب الأئمة: أحمد بن زياد، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق
عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كسل أو أصابته عين أو صداع بسط يديه
فقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين ثم يمسح بها وجهه، فيذهب عنه ما كان يجد (7).
19 - طب الأئمة: محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن
سنان، عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من لم يبرئه سورة
الحمد وقل هو الله أحد لم يبرئه شئ، وكل علة تبرئها هاتين السورتين (8).

(1) تحف العقول ص 517.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 21.
(3) ثواب الأعمال ص 94.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 19.
(5) المحاسن ص 40.
(6) مكارم الأخلاق ص 418.
(7) طب الأئمة ص 39.
(8) طب الأئمة ص 39.
234

20 - طب الأئمة: محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن سنان، عن
يونس بن ظبيان، عن المفضل بن عمر، عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه دخل
عليه رجل من مواليه وقد وعك وقال له: مالي أراك متغير اللون؟ فقلت: جعلت
فداك وعكت وعكا شديدا منذ شهر، ثم لم تنقلع الحمى عني، وقد عالجت نفسي
بكل ما وصفه إلي المترفعون، فلم أنتفع بشئ من ذلك، فقال له الصادق عليه السلام:
حل أزرار قميصك، وأدخل رأسك في قميصك، وأذن وأقم، وأقرء سورة الحمد
سبع مرات، قال: ففعلت ذلك فكأنما نشطت من عقال (1).
21 - طب الأئمة: الخضر بن محمد، عن الخزازيني، عن محمد بن العباس، عن
عبد الله بن الفضل النوفلي، عن أحدهم عليهم السلام قال: ما قرأت الحمد سبعين مرة
إلا سكن، وإن شئتم فجربوا ولا تشكوا (2).
22 - تفسير العياشي: عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه
عليهما السلام قال: قال لأبي حنيفة: ما سورة أولها تحميد، وأوسطها إخلاص
وآخرها دعاء؟ فبقي متحيرا ثم قال: لا أدري، فقال أبو عبد الله عليه السلام: السورة
التي أولها تحميد وأوسطها إخلاص وآخرها دعاء سورة الحمد (3).
23 - تفسير العياشي: عن يونس، عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام " ولقد
آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " (4) قال: هي سورة الحمد، وهي سبع
آيات منها بسم الله الرحمن الرحيم، وإنما سميت لأنها يثنى في الركعتين (5).
24 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليه السلام قال: سألته عن قوله تعالى:

(1) طب الأئمة ص 53.
(2) طب الأئمة ص 54.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 19.
(4) الحجر: 87.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 19.
235

" آتيناك سبعا من المثاني " قال: فاتحة الكتاب يثنى فيها القول (1).
25 - تفسير العياشي: عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كانت لك
حاجة فاقرأ المثاني وسورة أخرى، وصل ركعتين، وادع الله، قلت: أصلحك
الله وما المثاني؟ قال: فاتحة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب
العالمين (2).
26 - تفسير العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن، عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الله عز وجل: " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " قال:
إن ظاهرها الحمد، وباطنها ولد الولد، والسابع منها القائم عليه السلام (3).
27 - تفسير العياشي: عن السدي، عمن سمع عليا عليه السلام يقول: " سبعا من المثاني "
فاتحة الكتاب (4).
28 - تفسير العياشي: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سرقوا أكرم آية في
كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم (5).
29 - تفسير العياشي: عن صفوان الجمال قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ما أنزل الله من
السماء كتابا إلا وفاتحته بسم الله الرحمن الرحيم، وإنما كان يعرف انقضاء السورة
بنزول بسم الله الرحمن الرحيم ابتداء للأخرى (6).
30 - تفسير العياشي: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها، فإذا سمعها المشركون ولوا
مدبرين، فأنزل الله: " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم
نفورا " (7).
31 - تفسير العياشي: قال الحسن بن خرزاد وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أم

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 249.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 249.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 250.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 250.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 19.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 19.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 20، والآية في سورة الإسراء: 46.
236

الرجل القوم جاء شيطان إلى الشيطان الذي هو قرين الامام فيقول: هل ذكر الله؟
يعني هل قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فإن قال: نعم، هرب منه، وإن قال:
لا، ركب عنق الامام، ودلى رجليه في صدره، فلم يزل الشيطان إمام القوم حتى
يفرغوا من صلاتهم (1).
32 - تفسير العياشي: عن عبد الملك بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن إبليس
رن أربع رنات أو لهن يوم لعن، وحين هبط إلى الأرض، وحين بعث محمد صلى الله عليه وآله
على فترة من الرسل، وحين أنزلت أم الكتاب الحمد لله رب العالمين، ونخر
نخرتين: حين أكل آدم عليه السلام من الشجرة، وحين اهبط آدم إلى الأرض، قال:
ولعن من فعل ذلك (2).
33 - تفسير العياشي: عن إسماعيل بن أبان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لجابر بن عبد الله: يا جابر ألا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟
قال: فقال جابر: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله علمنيها، قال: فعلمه الحمد لله أم الكتاب
قال: ثم قال له: يا جابر ألا أخبرك عنها؟ قال: بلى بأبي أنت وأمي فأخبرني
قال: هي شفاء من كل داء، إلا السام يعني الموت (3).
34 - تفسير العياشي: عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من لم
تبرأه الحمد لم تبرأه شئ (4).
35 - تفسير العياشي: عن أبي بكر الحضرمي قال قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كانت لك
حاجة فاقرأ المثاني وسورة أخرى، وصل ركعتين، وادع الله. قلت: أصلحك الله
وما المثاني؟ قال: فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين (5).
36 - تفسير العياشي: عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال:
بلغه أن أناسا ينزعون بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: هي آية من كتاب الله أنساهم

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 20.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 20.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 20.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 20.
(5) قد مر الحديث بلفظه وسنده تحت الرقم: 25، راجع تفسير العياشي ج 1
ص 21، ج 2 ص 249.
237

إياها الشيطان (1).
37 - تفسير العياشي: عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: إذا
أتى أحدكم أهله فليكن قبل ذلك ملاطفة، فإنه أبر لقلبها، وأسل لسخيمتها، فإذا
أفضى إلى حاجته قال: بسم الله ثلاثا، فان قدر أن يقرأ أي آية حضرته من القرآن
فعل، وإلا قد كفته التسمية، فقال له رجل في المجلس: فان قرأ بسم الله الرحمن
الرحيم أوجر به؟ فقال: وأي آية أعظم في كتاب الله؟ فقال: بسم الله الرحمن
الرحيم (2).
37 - تفسير العياشي: عن الحسن بن خرزاد قال: كتبت إلى الصادق عليه السلام أسئل عن
معنى الله، فقال: استولى على ما دق وجل (3).
39 - تفسير العياشي: عن خالد بن المختار قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول:
مالهم قاتلهم الله، وعمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها وهي
بسم الله الرحمن الرحيم (4).
40 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله " ولقد
آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " (5) فقال: فاتحة الكتاب [يثنى فيها
القول، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله من علي بفاتحة الكتاب] (6) من
كنز الجنة، فيها بسم الله الرحمن الرحيم الآية التي يقول فيها " وإذا ذكرت ربك
في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا) (7) والحمد لله رب العالمين دعوى أهل الجنة
حين شكروا الله حسن الثواب و " مالك يوم الدين " قال جبرئيل: ما قالها مسلم
قط إلا صدقه الله وأهل سماواته: " إياك نعبد " إخلاص العبادة " وإياك نستعين "

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 21.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 21.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 21.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 21.
(5) الحجر: 87.
(6) ما بين العلامتين ساقط عن بعض نسخ العياشي، وتراه في مجمع البيان ج 1
ص 31 تاما.
(7) أسرى: 46.
238

أفضل ما طلب به العباد حوائجهم " اهدنا الصراط المستقيم " صراط الأنبياء، وهم
الذين أنعم الله عليهم " غير المغضوب عليهم " اليهود " وغير الضالين " النصارى (1).
41 - تفسير العياشي: عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان يقرأ
" مالك يوم الدين " (2).
42 - تفسير العياشي: عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام: يقرأ مالا أحصي:
" ملك يوم الدين " (3).
43 - تفسير العياشي: عن الزهري قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: لو مات ما بين
المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي، وكان إذا قرء " مالك يوم
الدين " يكررها ويكاد أن يموت (4).
44 - تفسير العياشي: عن الحسن بن محمد الجمال، عن بعض أصحابنا قال: بعث
عبد الملك بن مروان إلى عامل المدينة أن وجه إلي محمد بن علي بن الحسين ولا
تهيجه ولا تروعه، واقض له حوائجه، وقد كان ورد على عبد الملك رجل من القدرية
فحضر جميع من كان بالشام فأعياهم جميعا، فقال: ما لهذا إلا محمد بن علي فكتب
إلى صاحب المدينة أن يحمل محمد بن علي إليه.
فأتاه صاحب المدينة بكتابه فقال له أبو جعفر عليه السلام: إني شيخ كبير لا أقوى
على الخروج، وهذا جعفر ابني يقوم مقامي فوجهه إليه، فلما قدم على الأموي
أزراه لصغره، وكره أن يجمع بينه وبين القدري مخافة أن يغلبه، وتسامع الناس
بالشام بقدوم جعفر لمخاصمة القدري.
فلما كان من الغد اجتمع الناس لخصومتهما فقال الأموي لأبي عبد الله عليه السلام
إنه قد أعيانا أمر هذا القدري وإنما كتبت إليك لأجمع بينك وبينه، فإنه لم
يدع عندنا أحدا إلا خصمه فقال: إن الله يكفيناه.
قال: فلما اجتمعوا قال القدري لأبي عبد الله عليه السلام: سل عما شئت، فقال
له اقرأ سورة الحمد قال: فقرأها وقال الأموي - وأنا معه -: ما في سورة الحمد

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 22.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 22.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 22.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 23.
239

علينا إنا لله وإنا إليه راجعون. قال: فجعل القدري يقرأ سورة الحمد حتى بلغ
قول الله تبارك وتعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " فقال له جعفر عليه السلام: قف من تستعين
وما حاجتك إلى المعونة؟ إن كان الامر إليك؟ فبهت الذي كفر، والله لا يهدي
القوم الظالمين (1).
45 - تفسير العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " اهدنا الصراط
المستقيم " يعني أمير المؤمنين عليه السلام، قال محمد بن علي الحلبي: سمعته ما لا أحصي
وأنا أصلي خلفه يقرء " اهدنا الصراط المستقيم " (2).
46 - تفسير العياشي: عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله " غير
المغضوب عليهم ولا الضالين " قال: هو اليهود والنصارى (3).
47 - تفسير العياشي: عن رجل، عن ابن أبي عمير رفعه في قوله: " غير المغضوب عليهم وغير
الضالين " هكذا نزلت وقال: المغضوب عليهم فلان وفلان [وفلان] والنصاب
و " الضالين " الشكاك الذين لا يعرفون الامام (4).
48 - تفسير الإمام العسكري: " بسم الله الرحمن الرحيم " هو الذي يتأله إليه عند الحوائج والشدائد كل
مخلوق أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة إلا له المغيث إذا استغيث
والمجيب إذا دعي، قال الإمام عليه السلام وهو ما قال رجل للصادق عليه السلام يا ابن رسول الله
دلني على الله ما هو؟ فقد أكثر علي المجادلون وحيروني، فقال: يا عبد الله هل
ركبت سفينة؟ قال: بلى، قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك، ولا
سباحة تغنيك؟ قال: بلى، قال: فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا من الأشياء قادر
على أن يخلصك من ورطتك؟ قال: بلى، قال الصادق عليه السلام: فذلك الشئ هو الله
القادر على الانجاء حين لا منجا، وعلى الإغاثة حيث لا مغيث.
وقال الصادق عليه السلام: ولربما ترك في افتتاح أمر بعض شيعتنا بسم الله الرحمن
الرحيم فيمتحنه الله بمكروه لينبهه على شكر الله تعالى والثناء عليه، ويمحو فيه

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 23.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 24.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 24.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 24.
240

عنه وصمة تقصيره، عند تركه قول بسم الله، لقد دخل عبد الله بن يحيى على
أمير المؤمنين عليه السلام وبين يديه كرسي فأمره بالجلوس عليه فجلس عليه فمال به
حتى سقط على رأسه، فأوضح عن عظم رأسه، وسال الدم. فأمر أمير المؤمنين عليه السلام
بماء فغسل عنه ذلك الدم، ثم قال: ادن مني، فوضع يده على موضحته، وقد
كان يجد من ألمها ما لا صبر له معه، ومسح يده عليها وتفل فيها، فما هو أن فعل
ذلك حتى اندمل، فصار كأنه لم يصبه شئ قط.
ثم قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: يا عبد الله الحمد لله الذي جعل تمحيص
ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم، لتسلم لهم طاعاتهم، ويستحقوا عليها ثوابها، فقال
عبد الله بن يحيى: يا أمير المؤمنين! وإنا لا نجازي بذنوبنا إلا في الدنيا؟ قال:
نعم، أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وآله: " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر "؟
إن الله يطهر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما تبليهم به من المحن، وبما يغفره لهم
فان الله يقول " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (1)
حتى إذا أوردوا القيامة، توفرت عليهم طاعاتهم وعباداتهم، وإن أعداء آل محمد
يجازيهم عن طاعة تكون منهم في الدنيا - وإن كان لا وزن لها لأنه لا إخلاص معها -
إذا وافوا القيامة، حملت عليهم ذنوبهم، وبغضهم لمحمد وآله، وخيار أصحابه
فقذفوا في النار.
ولقد سمعت محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنه كان فيما مضى قبلكم رجلان
أحدهما مطيع لله مؤمن، والآخر كافر به مجاهر بعداوة أوليائه وموالاة أعدائه
وكل واحد منهما ملك عظيم في قطر من الأرض، فمرض الكافر واشتهى سمكة
في غير أوانها لان ذلك الصنف من السمك كان في ذلك الوقت في اللجج بحيث
لا يقدر عليه فآيسته الأطباء من نفسه، وقالوا له: استخلف على ملكك من يقوم به
فلست بأخلد من أصحاب القبور، فان شفاءك في هذه السمكة التي اشتهيتها ولا
سبيل إليها، فبعث الله ملكا وأمره أن يزعج تلك السمكة إلى حيث يسهل أخذها

(1) الشورى: 30.
241

فأخذت له تلك السمكة فأكلها وبرئ من مرضه، وبقي في ملكه سنين بعدها.
ثم إن ذلك الملك المؤمن مرض في وقت كان جنس ذلك السمك بعينه لا
يفارق الشطوط التي يسهل أخذه منها، مثل علة الكافر، فاشتهى تلك السمكة
ووصفها له الأطباء وقالوا: طب نفسا فهذا أوانه تؤخذ لك فتأكل منها، وتبرأ
فبعث الله ذلك الملك وأمره أن يزعج جنس تلك السمكة عن الشطوط إلى اللجج
لئلا يقدر عليها، فلم يوجد حتى مات المؤمن من شهوته وبعد دوائه.
فعجب من ذلك ملائكة السماء وأهل ذلك البلد في الأرض حتى كادوا يفتنون
لان الله تعالى سهل على الكافر ما لا سبيل إليه، وعسر على المؤمن ما كان السبيل
إليه سهلا، فأوحى الله إلى ملائكة السماء وإلى نبي ذلك الزمان في الأرض.
إني أنا الله الكريم المتفضل القادر، لا يضرني ما أعطي ولا ينقضي ما
أمنع، ولا أظلم أحدا مثقال ذرة، فأما الكافر فإنما سهلت له أخذ السمكة في
غير أوانها، ليكون جزاء على حسنة كان عملها إذ كان حقا علي ألا أبطل لاحد
حسنة، حتى يرد القيامة ولا حسنة في صحيفته، ويدخل النار بكفره، ومنعت العابد
تلك السمكة بعينها، لخطيئة كانت منه فأردت تمحيصها عنه بمنع تلك الشهوة
وإعدام ذلك الدواء، وليأتيني ولا ذنب عليه فيدخل الجنة.
فقال عبد الله بن يحيى: يا أمير المؤمنين قد أفدتني وعلمتني، فان أردت أن تعرفني
ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس، حتى لا أعود إلى مثله، قال: تركك
حين جلست أن تقول: بسم الله الرحمن الرحيم فعجل ذلك لسهوك عما ندبت
إليه تمحيصا بما أصابك، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثني عن الله عز وجل
كل أمر ذي بال لم يذكر فيه بسم الله فهو أبتر، فقلت: بلى بأبي أنت وأمي لا
أتركها بعدها، قال: إذا تحظى بذلك وتسعد.
ثم قال عبد الله بن يحيى: يا أمير المؤمنين وما تفسير بسم الله الرحمن الرحيم؟
قال: إن العبد إذا أراد أن يقرأ أو يعمل عملا فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم فإنه
تبارك له فيه، قال محمد بن علي الباقر عليه السلام: دخل محمد بن علي بن مسلم بن شهاب
242

الزهري على علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام وهو كئيب حزين فقال له زين
العابدين عليه السلام: ما بالك مهموما مغموما؟ قال: يا ابن رسول الله هموم وغموم تتوالى
علي لما امتحنت به من جهة حساد نعمتي والطامعين في، وممن أرجوه وممن أحسنت
إليه فيخلف ظني، فقال له علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام: احفظ لسانك
تملك به إخوانك.
قال الزهري: يا ابن رسول الله إني أحسن إليهم بما يبدر من كلامي، قال
علي بن الحسين عليهما السلام: هيهات هيهات إياك وأن تعجب من نفسك بذلك، وإياك أن
تتكلم بما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره، فليس كل من تسمعه
نكرا يمكنك لان توسعه عذرا.
ثم قال: يا زهري من لم يكن عقله أكمل ما فيه كان هلاكه من أيسر ما
فيه، ثم قال: يا زهري وما عليك أن تجعل المسلمين منك بمنزلة أهل بيتك:
فتجعل كبيرهم بمنزلة والدك، وتجعل صغيرهم بمنزلة ولدك، وتجعل تربك منهم
بمنزلة أخيك، فأي هؤلاء تحب أن تظلم؟ وأي هؤلاء تحب أن تدعو عليه
وأي هؤلاء تحب أن تهتك ستره، وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك
فضلا على أحد من أهل القبلة، فانظر إن كان أكبر منك، فقل: قد سبقني بالايمان
والعمل الصالح، وهو خير مني، وإن كان أصغر منك، فقل: سبقته بالمعاصي
والذنوب فهو خير مني، وإن كان تربك فقل: أنا على يقين من ذنبي، في شك
من أمره، فمالي أدع يقيني بشكي، وإن رأيت المسلمين يعظمونك ويوقرونك
ويبجلونك فقل: هذا فضل أخذوا به، وإن رأيت منهم جفاء وانقباضا عنك فقل:
هذا لذنب أحدثته، فإنك إن فعلت ذلك، سهل الله عليك عيشك، وكثر أصدقاؤك
وقل أعداؤك، وفرحت بما يكون من برهم، ولم تأسف على ما يكون من
جفائك.
واعلم أن أكرم الناس على الناس من كان خيره فائضا عليهم، وكان عنهم
مستغنيا متعففا، وأكرم الناس بعده عليهم من كان عنهم متعففا، وإن كان إليهم
243

محتاجا، فإنما أهل الدنيا يعشقون الأموال، فمن لم يزاحمهم فيما يعشقونه كرم
عليهم، ومن لم يزاحمهم فيها ومكنهم من بعضها، كان أعز وأكرم.
قال عليه السلام: ثم قام إليه رجل وقال: يا ابن رسول الله أخبرني ما معنى
بسم الله الرحمن الرحيم، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: حدثني أبي، عن أخيه
عن أمير المؤمنين عليه السلام أن رجلا قام إليه فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن بسم الله
الرحمن الرحيم ما معناه؟ فقال: إن قولك: " الله " أعظم الأسماء من أسماء الله
تعالى وهو الاسم الذي لا ينبغي أن يتسمى به غير الله، ولم يتسم به مخلوق.
فقال الرجل: فما تفسير قوله: " الله " قال: هو الذي إليه يتأله عند الحوائج
والشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من جميع من دونه ويقطع الأسباب من
كل من سواه، وذلك أن كل مترئس في الدنيا أو متعظم فيها، وإن عظم غناه
وطغيانه، وكثرت حوائج من دونه إليه، فإنهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها
هذا المتعظم، كذلك هذا المتعظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها فينقطع إلى الله عند
ضرورته وفاقته، حتى إذا كفى همه، عاد إلى شركه.
أما تسمع الله عز وجل يقول: " قل أرأيتكم إن أتيكم عذاب الله أو أتتكم
الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين * بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه
إن شاء وتنسون ما تشركون " (1) فقال الله تعالى لعباده: أيها الفقراء إلى رحمتي
إني قد ألزمتكم الحاجة إلى في كل حال، وذلة العبودية في كل وقت، إلى
فافزعوا في كل أمر تأخذون فيه، وترجون تمامه، وبلوغ غايته، فاني إذا أردت
أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم، وإن أردت منعكم لم يقدر غيري على إعطائكم
فأنا أحق من سئل، وأولى من تضرع إليه.
فقولوا عند افتتاح كل أمر صغير أو عظيم: بسم الله الرحمن الرحيم أي
أستعين على هذا الامر بالله الذي لا تحق العبادة لغيره، المغيث إذا استغيث، والمجيب
إذا دعي، الرحمن الذي يرحم ببسط الرزق علينا، الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا

(1) الانعام: 41.
244

وآخرتنا، خفف علينا الدين، وجعله سهلا خفيفا، وهو يرحمنا بتميزنا عن
أعدائه.
ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من حزنه أمر تعاطاه فقال: بسم الله الرحمن
الرحيم وهو يخلص لله، ويقبل عليه بقلبه إليه، لم ينفك عن إحدى اثنتين إما
بلوغ حاجته الدنياوية، وإما ما يعد له ويدخر لديه، وما عند الله خير وأبقى
للمؤمنين.
وقال الحسن عليه السلام: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: وإن بسم الله
الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب وهي سبع آيات تمامها ببسم الله الرحمن
الرحيم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله عز وجل قال لي: يا محمد
" ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " (1) فأفرد الامتنان علي بفاتحة
الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم وإن فاتحة الكتاب أشرف كنوز العرش، وإن
الله خص بها محمدا وشرفه ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان فإنه
أعطاه منها بسم الله الرحمن الرحيم.
ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله الطيبين، منقادا لأمرهم، مؤمنا
بظاهرهم وباطنهم، أعطاه الله عز وجل بكل حرف منها حسنة، كل حسنة منها أفضل
من الدنيا وما فيها، من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع قارئا يقرأها كان
له قدر ثلث ما للقارئ فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة
فلا تذهبن أوانه، فتبقى في قلوبكم الحسرة.
قوله عز وجل: " الحمد لله رب العالمين " قال الإمام عليه السلام: جاء رجل إلى
الرضا عليه السلام فقال: يا ابن رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل: " الحمد لله
رب العالمين " ما تفسيره؟ قال عليه السلام: لقد حدثني أبي، عن جدي، عن الباقر
عن أبيه زين العابدين عليهم السلام أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا أمير -
المؤمنين أخبرني عن قول الله عز وجل: " الحمد لله رب العالمين " ما تفسيرها؟ فقال:

(1) الحجر: 87.
245

" الحمد لله " هو أن عرف الله عباده بعض نعمه جملا، إذ لا يقدرون على
معرفة جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: " الحمد
لله " على ما أنعم به علينا " رب العالمين " يعني مالك العالمين، وهم الجماعات من كل
مخلوق، من الجمادات والحيوانات.
فأما الحيوانات، فهو يقلبها في قدرته، ويغذوها من رزقه ويحيطها بكنفه
ويدبر كلا منها بمصلحته، وأما الجمادات فهو يمسكها بقدرته، يمسك ما اتصل
المتصل منها أن يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق، ويمسك السماء أن
تقع على الأرض إلا باذنه، ويمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره، إنه بعباده
لرؤف رحيم.
قال: و " رب العالمين " مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم، من حيث
هم يعلمون، ومن حيث لا يعلمون، فالرزق مقسوم، وهو يأتي ابن آدم على أي
سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبينه
ستر، وهو طالبه، ولو أن أحدكم يتربص رزقه لطلبه رزقه، كما يطلبه الموت.
قال: فقال الله تعالى لهم: قولوا: " الحمد لله " على ما أنعم به علينا وذكرنا
به من خير في كتب الأولين قبل أن نكون.
ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد لما فضله وفضلهم، وعلى شيعته أن يشكروه
بما فضلهم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما بعث الله موسى بن عمران واصطفاه نجيا
وفلق البحر فنجى بني إسرائيل، وأعطاه التوراة والألواح، رأى مكانه من ربه
عز وجل فقال: رب لقد كرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبل، فقال الله عز
وجل: يا موسى أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع خلقي.
قال موسى: يا رب فإن كان محمد أكرم من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء
عندك أكرم من آلي؟ قال الله تعالى: يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على
جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال: يا رب فإن كان فضل
آل محمد عندك كذلك، فهل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من صحابتي؟ قال الله:
246

يا موسى أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد
على جميع صحابة المرسلين.
فقال موسى: يا رب فإن كان محمد وآله وأصحابه كما وصفت، فهل في أمم
الأنبياء أفضل عندك من أمتي؟ ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى
وفلقت لهم البحر؟ فقال الله تعالى: يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع
الأمم كفضلي على جميع خلقي؟ قال موسى: يا رب ليتني كنت أراهم.
فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى إنك لن تراهم، فليس هذا أوان ظهورهم
ولكن وسوف تراهم في الجنة جنات عدن والفردوس، بحضرة محمد، في نعيمها يتقلبون
في خيراتها يتبجحون، أفتحب أن أسمعك كلامهم? قال: نعم يا رب، قال:
قم بين يدي، واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي السيد المالك الجليل، ففعل
ذلك، فنادى ربنا عز وجل يا أمة محمد، فأجابوه كلهم، وهم في أصلاب آبائهم
وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة
والملك لك لا شريك لك لبيك، قال: فجعل الله تعالى الإجابة منهم شعار الحج.
ثم نادى ربنا عز وجل يا أمة محمد إن قضائي عليكم أن رحمتي سبقت
غضبي، وعفوي قبل عقابي، فقد استجبت لكم قبل أن تدعوني، وأعطيتكم قبل أن
تسألوني، من لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا
عبده ورسوله، صادق في أقواله، محق في أفعاله، وأن علي بن أبي طالب أخوه
ووصيه من بعده ووليه، يلتزم طاعته كما يلتزم طاعته محمد، وأن أولياءه المصطفين
المطهرين الميامين (1) بعجائب آيات الله، ودلايل حجج الله من بعدهما أولياؤه
ادخله جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.
قال: فلما بعث نبينا محمد صلى الله عليه وآله قال الله تعالى: يا محمد وما كنت بجانب الطور
إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة، ولكن رحمة من ربك ثم قال الله عز وجل لمحمد
صلى الله عليه وآله: قل الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضيلة

(1) المبانين خ، اللابسين خ.
247

وقال لامته: وقو لوا أنتم: الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذا
الفضل.
قوله عز وجل: الرحمن الرحيم قال الإمام عليه السلام: " الرحمن " العاطف
على خلقه بالرزق، لا يقطع عنهم مواد رزقه، وإن انقطعوا عن طاعته " الرحيم "
بعباده المؤمنين، في تخفيفه عليهم طاعاته، وبعباده الكافرين في الرفق بهم في دعائهم
إلى موافقته.
قال الإمام عليه السلام في معنى الرحمن: ومن رحمته أنه لما سلب الطفل قوة
النهوض والتغذي جعل تلك القوة في أمه، ورققها عليه لتقوم بتربيته، وحضانته ؤ
فان قسا قلب أم من الأمهات لوجب تربية هذا الطفل وحضانته على سائر المؤمنين
ولما سلب بعض الحيوان قوة التربية لأولادها، والقيام بمصالحها، جعل تلك
القوة في الأولاد لتنهض حين تولد، وتسير إلى رزقها المسبب لها.
قال عليه السلام " الرحمن " أو قوله: الرحمن
مشتق من الرحيم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: قال الله عز
وجل: أنا الرحمن وهي الرحم، شققت لها اسما من اسمي، من وصلها وصلته
ومن قطعها قطعته، ثم قال علي عليه السلام: أو تدري ما هذه الرحم التي من وصلها
وصله الرحمن، ومن قطعها قطعه الرحمن؟ فقيل: يا أمير المؤمنين حث بهذا كل
قوم أن يكرموا آباءهم، ويوصلوا أرحامهم، فقال لهم: أيحثهم على أن يوصلوا
أرحامهم الكافرين، وأن يعظموا من حقره الله وأوجب احتقاره من الكافرين؟
قالوا: لا، ولكنه يحثهم على صلة أرحامهم المؤمنين.
قال: فقال: أوجب حقوق أرحامهم، لاتصالهم بآبائهم وأمهاتهم؟ قلت:
بلى يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فهم إذا إنما يقضون فيهم حقوق الآباء والأمهات؟
قلت: بلى يا أخا رسول الله، قال: وآباؤهم وأمهاتهم إنما غذوهم في الدنيا
ووقوهم مكارهها، وهي نعمة زائلة، ومكروه ينقضي، ورسول ربهم ساقهم إلى
نعمة دائمة لا ينقضي، ووقاهم مكروها مؤبدا لا يبيد، فأي النعمتين أعظم؟ قلت:
248

نعمة رسول الله صلى الله عليه وآله أجل وأعظم وأكبر، قال: فكيف يجوز أن يحث على قضاء
حق من صغر الله حقه، ولا يحث على قضاء حق من كبر الله حقه، قلت: لا يجوز
ذلك، قال: فإذا حق رسول الله صلى الله عليه وآله أعظم من حق الوالدين، وحق رحمه
أيضا أعظم من حق رحمهما، فرحم رسول الله صلى الله عليه وآله أيضا أعظم وأحق من رحمهما، فرحم
رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بالصلة، وأعظم في القطيعة.
فالويل كل الويل لمن قطعها، فالويل كل الويل لمن لم يعظم حرمتها، أو
ما علمت أن حرمة رحم رسول الله صلى الله عليه وآله حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن حرمة
رسول الله صلى الله عليه وآله حرمة الله، وأن الله أعظم حقا من كل منعم سواه، فان كل
منعم سواه إنما أنعم حيث قيضه له ذلك ربه، ووفقه له.
أما علمت ما قال الله لموسى بن عمران؟ قلت: بأبي أنت وأمي ما الذي
قال له؟ قال: قال الله تعالى: أو تدري ما بلغت رحمتي إياك؟ فقال موسى:
أنت أرحم بي من أبي وأمي قال الله: يا موسى وإنما رحمتك أمك لفضل رحمتي
أنا الذي رققتها عليك وطيبت قلبها لتترك طيب وسنها لتربيتك، ولو لم أفعل
ذلك بها لكانت وسائر النساء سواء، يا موسى أتدري أن عبدا من عبادي تكون له
ذنوب وخطايا تبلغ أعنان السماء فأغفرها له، ولا أبالي؟.
قال: يا رب وكيف لا تبالي، قال تعالى: لخصلة شريفة تكون في عبدي
أحبها، وهو أن يحب إخوانه المؤمنين، ويتعاهدهم، ويساوي نفسه بهم، ولا
يتكبر عليهم، فإذا فعل ذلك غفرت له ذنوبه، ولا أبالي. يا موسى إن الفخر ردائي
والكبرياء إزاري، من نازعني في شئ منهما عذبته بناري.
يا موسى إن من إعظام جلالي إكرام عبدي الذي أنلته حظا من حطام الدنيا
عبدا من عبادي مؤمنا، قصرت يده في الدنيا، فان تكبر عليه فقد استخف بعظيم
جلالي.
ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الرحم التي اشتقها الله عز وجل من قوله:
" الرحمن " هي رحم محمد صلى الله عليه وآله وإن من إعظام الله إعظام محمد، وإن من إعظام
249

محمد إعظام رحم محمد، وإن كل مؤمن ومؤمنة من شيعتنا هو رحم محمد، وإن إعظامهم
من إعظام محمد صلى الله عليه وآله فالويل لمن استخف بحرمة محمد، وطوبى لمن عظم حرمته
وأكرم رحمه، ووصلها.
قوله عز وجل " الرحيم " قال الإمام عليه السلام: وأما قوله الرحيم معناه أنه
رحيم بعباده، ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة جعل منها رحمة واحدة في الخلق
كلهم فبها يتراحم الناس، وترحم الوالدة ولدها، وتحنن الأمهات من الحيوانات
على أولادها، فإذا كان يوم القيامة، أضاف هذه الرحمة إلى تسعة وتسعين رحمة، فيرحم
بها أمة محمد، ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة، حتى أن الواحد
ليجئ إلى مؤمن من الشيعة، فيقول اشفع لي فيقول: وأي حق لك علي؟ فيقول:
سقيتك يوما فيذكر ذلك، فيشفع له فيشفع فيه، ويجيئه آخر فيقول: إن لي عليك حقا
فاشفع لي، فيقول: وما حقك علي؟ فيقول: استظللت بظل جداري ساعة في يوم حار
فيشفع له فيشفع فيه، ولا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه
فان المؤمن أكرم على الله مما يظنون.
قوله عز وجل " مالك يوم الدين " قال الإمام عليه السلام: قادر على إقامة يوم الدين
وهو يوم الحساب، قادر على تقديمه على وقته، وتأخيره بعد وقته، وهو المالك أيضا
في يوم الدين، فهو يقضي بالحق لا يملك الحق والقضاء في ذلك اليوم من يظلم
ويجور، كما يجور في الدنيا من يملك الاحكام.
وقال: هو يوم الحساب سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ألا أخبركم بأكيس
الكيسين وأحمق الحمقى؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أكيس الكيسين من
حاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت، وأحمق الحمقى من أتبع نفسه هواها وتمنى
على الله الأماني.
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكيف يحاسب الرجل نفسه، قال: إذا أصبح
ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال: يا نفس إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا
والله يسألك عنه فيما أفنيته، فما الذي عملت فيه؟ أذكرت الله أم حمدتيه أقضيت حق
250

أخ مؤمن؟ أنفست عنه كربته؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظتيه
بعد الموت في مخلفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أأعنت مسلما؟ ما الذي
صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه.
فان ذكر أنه جرى منه خير حمد الله عز وجل، وكبره على توفيقه، وإن
ذكر معصية أو تقصيرا استغفر الله عز وجل على ترك معاودته، ومحا ذلك عن نفسه
بتجديد الصلاة على محمد وآله الطيبين، وعرض بيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه
على نفسه وقبولها، وإعادة لعن شانئيه وأعدائه ودافعيه عن حقوقه، فإذا فعل ذلك
قال الله عز وجل: لست أناقشك في شئ من الذنوب مع موالاتك أوليائي ومعاداتك
أعدائي.
قوله عز وجل: " إياك نعبد وإياك نستعين " قال الإمام عليه السلام: قال الله
تعالى: قولوا يا أيها الخلق المنعم عليهم: " إياك نعبد " أيها المنعم علينا، نطيعك
مخلصين مع التذلل والخشوع، بلا رياء ولا سمعة " وإياك نستعين " منك نسأل المعونة
على طاعتك لنؤديها كما أمرت، ونتقي من دنيانا ما عنه نهيت، ونعتصم من الشيطان
الرجيم، ومن سائر مردة الانس من المضلين، ومن المؤذين الضالين بعصمتك.
وسئل أمير المؤمنين من العظيم الشقاء؟ قال: رجل ترك الدنيا للدنيا ففاتته الدنيا
وخسر الآخرة، ورجل تعبد واجتهد وصام رئاء الناس، فذلك الذي حرم لذات
الدنيا، ولحقه التعب لو كان به مخلصا لاستحق ثوابه فورد الآخرة وهو يظن
أنه قد عمل ما يثقل به ميزانه، فيجده هباء منثورا.
قيل: فمن أعظم الناس حسرة؟ قال: من رأى ماله في ميزان غيره، وأدخله
الله به النار وأدخل وارثه به الجنة (1).

(1) زاد في المصدر بعده: قيل: فكيف يكون هذا؟ قال: كما حدثني بعض إخواننا
عن رجل دخل إليه وهو يسوق فقال له: يا أبا فلان ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق
ما أديت منه زكاة قط، ولا وصلت منه رحما قط، قال: فقلت فعلى م جمعتها؟ قال: لجفوة
السلطان، ومكاثرة العشيرة، ولخوف الفقر على العيال، ولروعة الزمان قال: ثم لم يخرج
من عنده حتى فاضت نفسه.
ثم قال علي عليه السلام: الحمد لله الذي أخرجه منها ملوما مليما ببطال جمعها
وفى حق منعها، جمعها فأوعاها، وشدها فأوكاها، قطع فيها المفاوز والقفار، ولجج البحار
أيها الواقف لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، ان أشد الناس حسرة يوم القيامة من
رأى ماله في ميزان غيره، أدخل الله عز وجل هذا به الجنة وأدخل هذا به النار.
251

قال الصادق عليه السلام وأعظم من هذا حسرة رجل جمع مالا عظيما بكد شديد
ومباشرة الأهوال، وتعرض الاخطار، ثم أفنى ماله صدقات ومبرات، وأفنى شبابه
وقوته في عبادات وصلوات، وهو مع ذلك لا يري لعلي بن أبي طالب عليه السلام حقه، ولا
يعرف له في الاسلام محله، ويرى أن من لا يعشره ولا يعشر عشير معشاره أفضل منه عليه السلام
يوقف على الحجج فلا يتأملها، ويحتج عليه بالآيات والاخبار فيأبى إلا تماديا
في غيه، فذاك أعظم من كل حسرة، يأتي يوم القيامة، وصدقاته ممثلة له في مثال
الأفاعي تنهشه، وصلواته وعباداته ممثلة له في مثل الزبانية تتبعه، حتى تدعه إلى
جهنم دعا.
يقول: يا ويلي ألم أك من المصلين؟ ألم أك من المزكين؟ ألم أك عن أموال
الناس من المتعففين، فلما ذا دهيت؟ فيقال له: يا شقي ما نفعك ما عملت
وقد ضيعت أعظم الفروض بعد توحيد الله، والايمان بنبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله
ضيعت ما لزمك من معرفة حق علي ولي الله، والتزمت ما حرم الله عليك من
الايتمام بعدو الله، فلو كان بدل أعمالك هذه عبادة الدهر من أوله إلى آخره
وبدل صدقاتك الصدقة بكل أموال الدنيا بل بملء الأرض ذهبا، لما زادك ذلك من
رحمة الله إلا بعدا، ومن سخط الله إلا قربا.
قال الإمام الحسن عليه السلام: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
قال الله تعالى: قولوا " إياك نستعين " على طاعتك وعبادتك، وعلى رفع شرور
أعدائك، ورد مكائدهم، والمقام على ما أمرت به، وقال صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله
عز وجل: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاسألوني الهدى أهدكم، وكلكم
252

فقير إلا من أغنيت، فاسألوني الغنا أرزقكم، وكلكم مذنب إلا من عافيته، فاسألوني
المغفرة أغفر لكم.
ومن علم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني بقدرتي، غفرت له، ولا أبالي
ولو أن أولكم وآخركم، وحيكم وميتكم، ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على إنقاء
قلب عبد من عبادي لم يزيدوا في ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم
وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على إشقاء قلب عبد من عبادي لم
ينقصوا من ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم
ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فتمنى كل واحد ما بلغت أمنيته فأعطيته لم يتبين
ذلك في ملكي، كما لو أن أحدكم مر على شفير البحر فغمس فيه أبرة ثم انتزعها
ذلك بأني جواد ماجد واجد عطائي كلام، وعداتي كلام، فإذا أردت شيئا فإنما
أقول له كن فيكون.
يا عبادي اعملوا أفضل الطاعات وأعظمها لا سامحكم وإن قصرتم فيما سواها
واتركوا أعظم المعاصي وأقبحها لئلا أناقشكم في ركوب ما عداها، إن أعظم الطاعات
توحيدي، وتصديق نبيي والتسليم لمن ينصبه بعده، وهو علي بن أبي طالب والأئمة
الطاهرين من نسله صلوات الله عليهم، وإن أعظم المعاصي عندي الكفر بي وبنبيي
ومنابذة ولي محمد بعده علي بن أبي طالب وأولياؤه بعده.
فان أردتم أن تكونوا عندي في المنظر الاعلى، والشرف الأشرف، فلا
يكونن أحد من عبادي آثر عندكم من محمد، وبعده من أخيه علي، وبعدهما من
أبنائهما القائمين بأمور عبادي بعدهما، فان من كان ذلك عقيدته جعلته من أشرف
ملوك جناني.
واعلموا أن أبغض الخلق إلي من تمثل بي وادعى ربوبيتي، وأبغضهم
إلى بعده من تمثل بمحمد ونازعه نبوته وادعاها، وأبغضهم إلى بعده من تمثل
بوصي محمد ونازعه محله وشرفه وادعا هما، وأبغضهم إلى بعد هؤلاء المدعين لما هم
به لسخطي متعرضون، من كان لهم على ذلك من المعاونين، وأبغض الخلق إلي بعد
253

هؤلاء من كان من الراضين بفعلهم، وإن لم يكن لهم من المعاونين.
كذلك أحب الخلق إلى القوامون بحقي وأفضلهم لدي وأكرمهم علي
محمد سيد الورى، وأكرمهم وأفضلهم بعده علي أخوا المصطفى المرتضى، ثم من بعده
من القوامين بالقسط من أئمة الحق، وأفضل الناس بعدهم من أعانهم على حقهم
وأحب الخلق إلى بعدهم من أحبهم وأبغض أعداءهم، وإن لم يمكنه معونتهم.
قوله عز وجل: " اهدنا الصراط المستقيم " قال الإمام عليه السلام " اهدنا الصراط
المستقيم " نقول: أدم لنا توفيقك الذي أطعناك في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك
في مستقبل أعمارنا. والصراط المستقيم، هو صراطان: صراط في الدنيا، وصراط
في الآخرة، فأما الطريق المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن
التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل، والطريق الآخر طريق المؤمنين
إلى الجنة الذي هو مستقيم، لا يعدلون عن الجنة إلى النار، ولا إلى غير النار
سوى الجنة.
وقال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: قوله عز وجل " اهدنا الصراط المستقيم "
نقول: أرشدنا للصراط المستقيم، أي للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ
إلى جنتك، والمانع أن نتبع أهواء نا فنعطب، ونأخذ بآرائنا فنهلك (1).
ثم قال الصادق عليه السلام: طوبى للذين هم كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " يحمل هذا
العلم من كل خلف عدول ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل
الجاهلين " فقال رجل: يا ابن رسول الله إني عاجز ببدني عن نصرتكم ولست أملك إلا
البراءة من أعدائكم، واللعن لهم، فكيف حالي؟ فقال له الصادق عليه السلام: حدثني
أبي، عن أبيه عن جده عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من ضعف عن نصرتنا
أهل البيت، فلعن في خلواته أعداءنا، بلغ الله صوته جميع الاملاك من الثرى إلى
العرش، فكلما لعن هذا الرجل أعداءنا لعنا ساعدوه، ولعنوا من يلعنه، ثم ثنوا
فقالوا: اللهم صل على عبدك هذا، الذي قد بذل ما في وسعه، ولو قدر على أكثر

(1) بعده كلام آخر تركه المؤلف رضوان الله عليه.
254

منه لفعل، فإذا النداء من قبل الله عز وجل: قد أجبت دعاءكم وسمت نداءكم، وصليت
على روحه في الأرواح، وجعلته عندي من المصطفين الأخيار.
قوله عز وجل: " صراط الذين أنعمت عليهم " قال الإمام عليه السلام: " صراط
الذين أنعمت عليهم " أي قولوا: اهدنا الصراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك
وطاعتك، وهم الذين قال الله تعالى: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين
أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك
رفيقا " (1).
ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن وإن كان كل هذا نعمة
من الله ظاهرة، ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا؟ فما ندبتم بأن
تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم، وإنما أمرتم بالدعاء لان ترشدوا إلى صراط
الذين أنعم عليهم بالايمان بالله، وتصديق رسول الله صلى الله عليه وآله وبالولاية لمحمد وآله
الطيبين، وبالتقية الحسنة التي بها يسلم من شر عباد الله، ومن الزيادة في آثام
أعداء الله وكفرهم، بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين، وبالمعرفة بحقوق
الاخوان من المؤمنين.
فإنه ما من عبد ولا أمة والى محمدا وآل محمد، وعادى من عاداهم إلا كان قد اتخذ
من عذاب الله حصنا منيعا، وجنة حصينة، وما من عبد ولا أمة داري عباد الله بأحسن
المداراة، ولم يدخل بها في باطل ولم يخرج بها من حق إلا جعل الله نفسه تسبيحا
وزكى عمله، وأعطاه - لصبره على كتمان سرنا واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا -
ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله.
وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفاهم حقوقهم جهده، وأعطاهم
ممكنه، ورضي منهم يعفوهم، وترك الاستقصاء عليهم، فما يكون من زللهم غفرها
لهم، إلا قال الله عز وجل له يوم القيامة: يا عبدي قضيت حقوق إخوانك، ولم
تستقص عليهم فيما لك عليهم، فأنا أجود وأكرم، وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة

(1) النساء: 69.
255

والتكرم، فأنا أقضيك اليوم على حق وعدتك به، وأزيدك من فضلي الواسع، ولا
أستقصي عليك في تقصيرك في بعض حقوقي قال: فيلحقه محمدا وآله وأصحابه، ويجعله
من خيار شيعتهم.
ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم: يا عبد الله أحب في الله
وأبغض في الله، وعاد في الله، فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك، ولا يجد أحد طعم
الايمان، وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك، وقد صارت مواخاة الناس
يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادون وعليها يتباغضون، وذلك لا يغني
عنهم من الله شيئا.
فقال الرجل: يا رسول الله وكيف لي أن أعلم أني قد واليت وعاديت في الله
ومن ولي الله حتى أواليه؟ ومن عدو الله حتى أعاديه؟ فأشار له رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: أترى هذا؟ قال: بلى، قال: ولي هذا ولي الله
فواله، وعدو هذا عدو الله فعاده، ووال ولي هذا ولو أنه قاتل أبيك وولدك، وعاد
عدو هذا ولو أنه أبوك وولدك.
قوله عز وجل " غير المغضوب عليهم * ولا الضالين " قال أمير المؤمنين عليه السلام:
أمر الله عباده أن يسألوه طريق المنعم عليهم، وهم النبيون والصديقون والشهداء
والصالحون، وأن يستعيذوا من طريق المغضوب عليهم، وهم اليهود الذين قال الله
تعالى فيهم: " هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه " (1)
وأن يستعيذوا به عن طريق الضالين، وهم الذين قال الله فيهم: " قل يا أهل الكتاب
لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا
وضلوا عن سواء السبيل " (2) وهم النصارى.
ثم قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: كل من كفر بالله فهو مغضوب عليه، وضال
عن سبيل الله، وقال الرضا عليه السلام كذلك وزاد فيه: ومن تجاوز بأمير المؤمنين العبودية

(1) المائدة: 60.
(2) المائدة: 77.
256

فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين (1).
49 - تفسير الإمام العسكري: إن الله عز وجل قد فضل محمدا بفاتحة الكتاب على جميع النبيين
ما أعطاها أحد قبله إلا ما أعطى سليمان بن داود عليه السلام من بسم الله الرحمن الرحيم
فرآها أشرف من جميع ممالكه التي أعطاها، فقال: يا رب ما أشرفها من كلمات
إنها لآثر عندي من جميع ممالكي التي وهبتها لي، قال الله تعالى: يا سليمان، وكيف
لا يكون كذلك وما من عبد ولا أمة سماني بها إلا أوجبت له من الثواب ألف ضعف
ما أوجب لمن تصدق بألف ضعف ممالكك، يا سليمان هذا سبع ما أهبه إلا لمحمد
سيد المرسلين، تمام فاتحة الكتاب إلى آخرها.
50 - مكارم الأخلاق: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: في الحمد - سبع مرات - شفاء
من كل داء، فان عوذ بها صاحبها مائة مرة، وكان الروح قد خرج من الجسد رد
الله عليه الروح.
روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لو قرأت الحمد على ميت سبعين مرة
ثم ردت فيه الروح ما كان عجبا (2).
دعوات الراوندي: عن النبي صلى الله عليه وآله مثله.
51 - كشف الغمة: من دلايل الحميري، عن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا -
محمد عليه السلام يقول: بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد
العين إلى بياضها (3).
52 - جامع الأخبار: عن النبي صلى الله عليه وآله أنه إذا قال المعلم للصبي: قل: بسم الله
الرحمن الرحيم، فقال الصبي: بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله براءة
للصبي، وبراءة لأبويه، وبراءة للمعلم.
وعن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله من أراد أن ينجيه الله من الزبانية، فليقرء

(1) تفسير الامام ص 9 - 24.
(2) مكارم الأخلاق ص 418.
(3) كشف الغمة ج 3 ص 299.
257

بسم الله الرحمن الرحيم تسعة عشر حرفا، ليجعل الله كل حرف منها جنة من
واحد منهم.
روى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء بسم الله الرحمن
الرحيم كتب الله له بكل حرف أربعة آلاف حسنة، ومحى عنه أربعة آلاف سيئة
ورفع له أربعة آلاف درجة.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله من قال: بسم الله الرحمن الرحيم بنى الله له في الجنة
سبعين ألف قصر من ياقوته حمراء، في كل قصر سبعون ألف بيت من لؤلؤة بيضاء
في كل بيت سبعون ألف سرير من زبرجدة خضراء، فوق كل سرير سبعون ألف
فراش من سندس وإستبرق، وعليه زوجة من الحور العين، ولها سبعون ألف ذؤابة
مكللة بالدر واليواقيت، مكتوب على خدها الأيمن: محمد رسول الله. وعلى خدها
الأيسر: علي ولي الله. وعلى جبينها: الحسن، وعلى ذقنها: الحسين، وعلى
شفتيها: بسم الله الرحمن الرحيم.
قلت: يا رسول الله لمن هذه الكرامة؟ قال: لمن يقول بالحرمة والتعظيم:
بسم الله الرحمن الرحيم.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا قال العبد عند منامه: بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله: ملائكتي اكتبوا نفسه إلى الصباح.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا مر المؤمن على الصراط طفئت لهب النيران
ويقول: جز يا مؤمن فان نورك قد أطفأ لهبي.
وسئل النبي صلى الله عليه وآله: هل يأكل الشيطان مع الانسان؟ فقال: نعم كل مائدة
لم يذكر بسم الله عليها يأكل الشيطان معهم، ويرفع الله البركة عنها.
ونهى عن أكل ما لم يذكر عليه بسم الله كما قال الله تعالى في سورة الأنعام:
" ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " (1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كل آية أنزلت

(1) الانعام: 121.
258

من السماء فيجزي بها ثوابها.
وذكر الشيخ أبو الحسين المقري في كتابه في القراءات عن أبي بكر
أحمد بن إبراهيم وعبد الله بن محمد، عن إبراهيم بن شريك، عن أحمد بن يونس
عن سلام بن سليمان، عن هارون بن كثير، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي -
أمامة، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب
أعطي من الاجر كأنما قرأ ثلثي القرآن، وأعطي من الاجر كأنما تصدق على
كل مؤمن ومؤمنة، وروي من طريق آخر هذا الخبر بعينه إلا أنه قال: كأنما
قرأ القرآن.
وروى غيره، عن أبي بن كعب أنه قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وآله فاتحة
الكتاب فقال: والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة والإنجيل ولا في الزبور
ولا في القرآن مثلها، هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بين الله
وبين عبده ولعبده ما سأل (1).
53 - من كتاب إرشاد القلوب فيما كتب أمير المؤمنين عليه السلام إلى ملك الروم حين
سأله عن تفسير فاتحة الكتاب كتب إليه: أما بعد فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو
عالم الخفيات، ومنزل البركات، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا
هادي له، ورد كتابك وأقرأنيه عمر بن الخطاب فأما سؤالك عن اسم الله تعالى فإنه
اسم فيه شفاء من كل داء، وعون على كل دواء، وأما " الرحمن " فهو عوذة
لكل من آمن به، وهو اسم لم يسم به غير الرحمن تبارك وتعالى، وأما " الرحيم "
فرحم من عصى وتاب، وآمن وعمل صالحا.
وأما قوله: " الحمد لله رب العالمين " فذلك ثناء منا على ربنا تبارك وتعالى
بما أنعم علينا، وأما قوله: " مالك يوم الدين " فإنه يملك نواصي الخلق يوم
القيامة، وكل من كان في الدنيا شاكا أو جبارا أدخله النار، ولا يمتنع من عذاب
الله عز وجل شاك ولا جبار، وكل من كان في الدنيا طائعا مديما محافظا إياه

(1) جامع الأخبار ص 49.
259

أدخله الجنة برحمته.
وأما قوله: " إياك نعبد " فانا نعبد الله ولا نشرك به شيئا، وأما قوله:
" إياك نستعين " فانا نستعين بالله عز وجل على الشيطان الرجيم، لا يضلنا كما
أضلكم، وأما قوله: " اهدنا الصراط المستقيم " فذلك الطريق الواضح، من عمل
في الدنيا عملا صالحا فإنه يسلك على الصراط إلى الجنة، وأما قوله: " صراط
الذين أنعمت عليهم " فتلك النعمة التي أنعمها الله عز وجل على من كان قبلنا من
النبيين والصديقين، فنسأل الله ربنا أن ينعم علينا كما أنعم عليهم.
وأما قوله: " غير المغضوب عليهم " فأولئك اليهود بدلوا نعمة الله كفرا، فغضب
عليهم فجعل منهم القردة والخنازير، فنسأل الله تعالى أن لا يغضب علينا كما غضب
عليهم، وأما قوله: " ولا الضالين " فأنت وأمثالك يا عابد الصليب الخبيث
ضللتم من بعد عيسى بن مريم فنسأل الله ربنا أن لا يضلنا كما ضللتم.
54 - الكافي: الحسين بن محمد، ومحمد بن يحيى، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد بن
سالم، عن موسى بن عبد الله بن موسى، عن محمد بن علي بن جعفر، عن الرضا عليه السلام
قال: إنما شفاء العين قراءة الحمد والمعوذتين، وآية الكرسي، والبخور بالقسط
والمر واللبان (1).
55 - ارشاد القلوب: عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين
صلوات الله عليه في خبر اليهودي الذي سأله عن فضائل نبينا صلى الله عليه وآله وأمته قال:
ومنها أن الله عز وجل جعل فاتحة الكتاب نصفها لنفسه، ونصفها لعبده، قال الله
تعالى: قسمت بيني وبين عبدي هذه السورة، فإذا قال أحدهم: " الحمد لله " فقد
حمدني وإذا قال: " رب العالمين " فقد عرفني، وإذا قال: " الرحمن الرحيم "
فقد مدحني، وإذا قال: " مالك يوم الدين " فقد أثنى على وإذا قال: " إياك نعبد
وإياك نستعين " فقد صدق عبدي في عبادتي بعد ما سألني وبقية هذه السورة له، تمام
الخبر (2).

(1) الكافي ج 6 ص 503.
(2) ارشاد القلوب ج 2 ص 223.
260

56 - دعوات الراوندي: عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سمع
بعض آبائي عليهم السلام رجلا يقرأ أم القرآن، فقال: شكر وأجر، ثم سمعه يقرأ
قل هو الله أحد فقال: آمن وأمن، ثم سمعه يقرأ إنا أنزلناه، فقال: صدق وغفر
له، ثم سمعه يقرأ آية الكرسي فقال: بخ بخ نزلت براءة هذا من النار.
ومنه قال أمير المؤمنين عليه السلام: اعتل الحسين عليه السلام فاحتملته فاطمة صلوات الله
عليها فأتت النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ادع الله لابنك أن يشفيه، فقال: يا بنية
إن الله هو الذي وهبه لك، وهو قادر على أن يشفيه، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال:
يا محمد إن الله تعالى لم ينزل عليك سورة من القرآن إلا فيها فاء، وكل فاء من آفة
ما خلا الحمد، فإنه ليس فيها فاء، فادع بقدح من ماء فاقرأ عليه الحمد أربعين
مرة، ثم صب عليه فان الله يشفيه، ففعل ذلك فعوفي بإذن الله.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: قراءة الحمد شفاء من كل داء إلا السام.
57 - عدة الداعي: عن الباقر عليه السلام قال: من لم يبرئه الحمد لم يبرئه شئ.
وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لما أراد
الله عز وجل أن ينزل فاتحة الكتاب وآية الكرسي، وشهد الله، وقل اللهم مالك
الملك - إلى قوله - بغير حساب، تعلقن بالعرش ليس بينهن وبين الله حجاب، فقلن يا رب
تهبطنا إلى دار الذنوب، وإلى من يعصيك، ونحن متعلقات بالطهور والقدس؟
فقال سبحانه: وعزتي وجلالي ما من عبد قرأ كن في دبر كل صلاة إلا أسكنته
حظيرة القدس، على ما كان فيه، وإلا نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين
نظرة، وإلا قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، وإلا أعذته من كل
عدو، ونصرته عليه، ولا يمنعه من دخول الجنة إلا الموت.
261

30 * (باب) *
* " (فضائل سورة يذكر فيها البقرة، وآية الكرسي) " *
* " (وخواتيم تلك السورة، وغيرها من آياتها) " *
* " (وسورة آل عمران، وآياتها، وفيه فضل سور أخرى أيضا) " *
أقول: ويأتي في مطاوي الأبواب الآتية أيضا فضل آية الكرسي فلا تغفل.
1 - أمالي الصدوق: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير
عن جعفر الأزدي، عن ابن أبي المقدام، عن الباقر عليه السلام قال: من قرأ آية الكرسي
مرة صرف عنه ألف مكروه من مكروه الدنيا وألف مكروه من مكروه الآخرة
أيسر مكروه الدنيا الفقر، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر (1).
2 - أمالي الصدوق: ابن موسى، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن موسى
ابن جعفر عليهما السلام قال: سمع بعض آبائي عليهم السلام رجلا يقرأ أم القرآن، فقال:
شكر وأجر، ثم سمعه يقرأ: قل هو الله أحد، فقال: آمن وأمن، ثم سمعه يقرأ
إنا أنزلناه، فقال: صدق وغفر له، ثم سمعه يقرء آية الكرسي فقال: بخ بخ
نزلت براءة هذا من النار (2).
3 - معاني الأخبار (3) - الخصال:
في وصية أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله أي آية أنزلها الله
عليك أعظم قال: آية الكرسي (4).
عن الحسن الميثمي (5) عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
4 - - الخصال:
الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا اشتكى أحدكم عينه فليقرأ

(1) أمالي الصدوق ص 60.
(2) أمالي الصدوق ص 361.
(3) معاني الأخبار ص 333.
(4) الخصال ج 2 ص 104.
(5) كذا في الأصل.
262

آية الكرسي وليضمر في نفسه أنها تبرأ، فإنه يعافي إنشاء الله (1).
وقال عليه السلام: من قرأ قل هو الله أحد من قبل أن تطلع الشمس إحدى عشر
مرة، ومثلها إنا أنزلناه، ومثلها آية الكرسي منع ماله مما يخاف.
وقال عليه السلام: ليقرأ أحدكم إذا خرج من بيته الآيات من آل عمران
وآية الكرسي، وإنا أنزلناه، وأم الكتاب، فان فيها قضاء حوائج الدنيا
والآخرة (2).
5 - عيون أخبار الرضا (ع): باسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: من قرأ آية الكرسي مائة مرة كان كمن عبد الله طول
حياته (3).
أقول: قد مضى في باب الفاتحة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الله تعالى له:
أعطيت لك ولأمتك كنزا من كنوز عرشي فاتحة الكتاب، وخاتمة سورة البقرة
ومضى فيه أيضا الاستشفاء بآية الكرسي للعين.
6 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن الحسين بن خالد أنه قرأ أبو الحسن الرضا عليه السلام:
" الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم " أي نعاس " له ما في السماوات
وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى عالم الغيب والشهادة هو الرحمن
الرحيم * من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم: قال:
ما بين أيديهم فأمور الأنبياء، وكان، وما خلفهم أي ما لم يكن بعد، قوله: " إلا بما شاء " أي بما يوحى إليهم " ولا يؤده حفظهما " أي لا يثقل عليه حفظ ما في السماوات
وما في الأرض.
قوله: " لا إكراه في الدين " أي لا يكره أحد على دينه إلا بعد أن تبين له
" قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله " وهم الذين غصبوا آل محمد

(1) الخصال ج 2 ص 158.
(2) الخصال ج 2 ص 162.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 65.
263

حقهم قوله: " فقد استمسك بالعروة الوثقى " يعني الولاية " لا انفصام لها " أي حبل
لا انقطاع له.
" الله ولي الذين آمنوا " يعني أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام " يخرجهم
من الظلمات إلى النور * والذين كفروا " وهم الظالمون آل محمد " أو لياؤهم
الطاغوت " وهم الذين تبعوا من غصبهم " يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون " والحمد لله رب العالمين كذا نزلت (1).
7 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن أبي سفيان، عن
إبراهيم بن عمرو، عن محمد بن شعيب بن سابور، عن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن
يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن بن صدي، عن أبي أمامة الباهلي أنه سمع
علي بن أبي طالب صلى الله عليه يقول: ما أدرى رجلا أدرك عقله الاسلام، ودله في
الاسلام بيت ليلة سوادها - قلت: وما سوادها يا أبا أمامة؟ قال: جميعها - حتى
يقرأ هذه الآية " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " فقرأ الآية إلى قوله: " ولا يؤده
حفظهما وهو العلي العظيم ".
ثم قال: فلو تعلمون ما هي - أو قال: ما فيها - لما تركتموها على حال، إن
رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني قال: أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش، ولم
يؤتها نبي كان قبلي قال علي عليه السلام: فما بت ليلة قط منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى أقرأها ثم قال لي: يا أبا أمامة إني أقرأها ثلاث مرات في ثلاثة أحايين كل
ليلة، فقلت: وكيف تصنع في قراءتك لها يا ابن عم محمد؟ قال: أقرأها قبل الركعتين
بعد صلاة العشاء الآخرة، فوالله ما تركتها منذ سمعت هذا الخبر من نبيكم عليه السلام
حتى أخبرتك به.
قال أبو أمامة: ووالله ما تركت قراءتها منذ سمعت هذا الخبر من علي بن
أبي طالب عليه السلام حتى حدثتك - أو قال: أخبرتك - به، قال القاسم: وأنا ما تركت
قراءتها كل ليلة منذ حدثني أبو أمامة بفضلها حتى الان، قال: علي بن يزيد

(1) تفسير القمي ص 74.
264

وأخبرك أني ما تركت قراءتها كل ليلة منذ حدثني القاسم في فضلها قال ابن أبي
العاتكة: فما تركتها في كل ليلة منذ بلغني في فضل قراءتها ما بلغني قال ابن سابور
وأنا ما تركت قراءتها في كل ليلة منذ بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله في فضل
قراءتها قال إبراهيم بن عمر وبن بكر: وأنا فما تركت قراءتها منذ بلغني هذا الحديث
عن رسول الله قال أبو محمد عبد الله بن أبي سفيان: وأنا فما تركت قراءتها منذ كتبت هذا
الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله في فضل قراءتها قال أبو المفضل: وأنا بنعمة ربي ما
تركت قراءتها منذ سمعت هذا الحديث من عبد الله بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وآله
حتى حدثتكم به (1).
8 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن محمد بن
حسان، عن ابن مهران، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن الحسين بن أبي العلا
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ البقرة وآل عمران جاءتا يوم -
القيامة تظلانه على رأسه، مثل الغمامتين، أو مثل العباءتين (2).
تفسير العياشي: عن أبي بصير مثله (3).
9 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن اللؤلؤي، عن رجل
عن معاذ، عن عمرو بن جميع رفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من قرء أربع آيات من أول البقرة وآية الكرسي وآيتين
بعدها، وثلاث آيات من آخرها، لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه، ولا يقربه
شيطان، ولا ينسى القرآن (4).
تفسير العياشي: عن عمرو بن جميع مثله (5).

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 122.
(2) ثواب الأعمال ص 94.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 25.
(4) ثواب الأعمال ص 94.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 25.
265

10 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي
عن الحسن بن جهم، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل سمع الرضا عليه السلام يقول:
من قرأ آية الكرسي عند منامه لم يخف الفالج إنشاء الله، ومن قرأها دبر كل صلاة
لم يضره ذوحمة (1).
11 - المحاسن: محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى أخوان رسول الله صلى الله عليه وآله فقالا: إنا نريد الشام في
تجارة، فعلمنا ما نقول؟ فقال: نعم إذا آويتما إلى المنزل، فصليا العشاء الآخرة
فإذا وضع أحد كما جنبه على فراشه بعد الصلاة، فليسبح تسبيح فاطمة عليها السلام، ثم
ليقرأ آية الكرسي فإنه محفوظ من كل شئ حتى يصبح.
وإن لصوصا تبعوهما حتى إذا نزلوا بعثوا غلاما لينظر كيف حالهما، ناما
أم مستيقظين؟ فانتهى الغلام إليهما وقد وضع أحدهما جنبه على فراشه وقرأ آية -
الكرسي وسبح تسبيح فاطمة عليها السلام، قال: فإذا عليهما حائطان مبنيان، فجاء
الغلام فطاف بهما فكلما دار لم ير إلا الحائطين مبنيين [فرجع إلى أصحابه فقال:
لا والله ما رأيت إلا حائطين مبنيين] فقالوا له: أخزاك الله لقد كذبت بل ضعفت
وجبنت، فقاموا ونظروا فلم يجدوا إلا حائطين، فداروا بالحائطين فلم يسمعوا
ولم يروا إنسانا، فانصرفوا إلى منازلهم.
فلما كان من الغد جاؤوا إليهم فقالوا: أين كنتم؟ فقالوا: ما كنا إلا هنا
وما برحنا، فقالوا: والله لقد جئنا وما رأينا إلا حائطين مبنيين، فحدثونا ما
قصتكم؟ قالوا: إنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وآله فسألناه أن يعلمنا، فعلمنا آية الكرسي
وتسبيح فاطمة عليها السلام، فقلنا، فقالوا: انطلقوا، لا والله ما نتبعكم أبدا، ولا يقدر
عليكم لص أبدا بعد هذا الكلام (2).
12 - المحاسن: أبو عبد الله، عن حماد، عن حريز، عن إبراهيم بن نعيم، عن

(1) ثواب الأعمال ص 95.
(2) المحاسن ص 368.
266

أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دخلت مدخلا تخافه فاقرأ هذه الآية " رب أدخلني مدخل
صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " (1) فإذا عاينت
الذي تخافه فاقرأ آية الكرسي (2).
12 - المحاسن: العباس بن عامر، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول: إن العفاريت من أولاد الأبالسة، تتخلل وتدخل بين محامل
المؤمنين، فتنفر عليهم إبلهم، فتعاهدوا ذلك بآية الكرسي (3).
13 - المحاسن: أبي، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال في
سمك البيت: إذا رفع فوق ثماني أذرع صار مسكونا فإذا زاد على ثماني أذرع فليكتب
على رأس الثماني آية الكرسي (4).
أقول: قد أوردنا مثله بأسانيد في أبواب آداب المساكن (5).
14 - تفسير العياشي: عن عبد الحميد بن فرقد، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قلت
للحسن: إن لكل شئ ذروة وذروة القرآن آية الكرسي (6).
15 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الشياطين
يقولون: لكل شئ دزوة ودزوة القرآن آية الكرسي، من قرأها مرة صرف الله
عنه ألف مكروه من مكاره الدنيا، وألف مكروه من مكاره الآخرة، أيسر مكروه
الدنيا الفقر، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر، وإني لأستعين بها على صعود
الدرجة (7).
16 - تفسير الإمام العسكري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبة الله

(1) أسرى: 80.
(2) المحاسن ص 367.
(3) المحاسن ص 380.
(3) المحاسن ص 609.
(5) راجع ج 76 ص 148 - 155.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 136، راجعه.
(7) تفسير العياشي ج 1 ص 136، راجعه.
267

ما استطعتم، إنه النور المبين، والشفاء النافع، تعلموه فان الله يشرفكم بتعلمه
تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فان أخذهما بركة، وتركهما حسرة، ولا
يستطيعهما البطلة، يعني السحرة، وإنهما ليجيئان يوم القيامة كأنه غمامتان أو
عباءتان، أو فرقان من طير صواف، يحاجان عن صاحبهما، ويحاجهما رب
العزة، يقولان: يا رب الأرباب! إن عبدك هذا أقرأنا وأظمأنا نهاره، وأسهرنا
ليله، وأنصبنا بدنه.
فيقول الله عز وجل: يا أيها القرآن فكيف كان تسليمه لما أنزلته فيك من تفضيل
علي بن أبي طالب أخي محمد رسول الله؟ يقولان: يا رب الأرباب وإله الآلهة، والاه
ووالى وليه، وعادى أعداءه، إذا قدر جهر، وإذا عجز اتقى واستتر، يقول الله
تعالى: فقد عمل إذا بكما أمرته، وعظم من حقكما ما أعظمته، يا علي أما
تستمع شهادة القرآن لوليك هذا؟ فيقول علي: بلي يا رب، فيقول الله: فاقترح
له ما تريد فيقترح له ما يريده علي عليه السلام من أماني هذا القادري أضعاف المضاعفات
مالا يعلمه إلا الله عز وجل، فيقال: قد أعطيته ما اقترحت يا علي.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وإن والدي القاري ليتوجان بتاج الكرامة، يضئ
نوره من مسيرة عشرة آلاف سنة، ويكسيان حلة لا يقوم لأقل سلك منها مائة ألف
ضعف ما في الدنيا، بما يشتمل عليه من خيراتها، ثم يعطى هذا القاري الملك بيمينه
في كتاب، والخلد بشماله في كتاب، يقرأ من كتابه بيمينه: قد جعلت من أفاضل
ملوك الجنان، ومن رفقاء محمد سيد الأنبياء، وعلي خير الأوصياء، والأئمة
بعدهما سادة الأتقياء، ويقرأ من كتابه بشماله: قد أمنت الزوال والانتقال عن هذا
الملك وأعذت من الموت والأسقام، وكفيت الأمراض والأعلال، وجنبت حسد
الحاسدين، وكيد الكائدين.
ثم يقال له: اقرأ وارق، ومنزلك عند آخر آية تقرأها، فإذا نظر والداه
إلى حليتهما وتاجيهما قالا: ربنا أنى لنا هذا الشرف، ولم تبلغه أعمالنا؟ فقال
لهما: إكرام الله عز وجل هذا لكما بتعليمكما ولد كما القرآن (1).

(1) تفسير الامام ص 28.
268

18 - جامع الأخبار: عن الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو
وقل اللهم مالك الملك إلى آخرها معلقات، ما بينهن وبين الله تعالى حجاب
يقلن: يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك؟ فقال الله تعالى: لا يقرأكن أحد
من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه، على ما كان فيه، ولأسكنته
حظيرة القدس، ولأنظرن إليه في كل يوم سبعين نظرة.
قال النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يمنعه دخول
الجنة إلا الموت، ومن قرأها حين نام آمنه الله تعالى جاره، وأهل الدويرات
حوله.
وفي خبر آخر عن أبي جعفر عليه السلام من قرأ آية الكرسي وهو ساجد، لم
يدخل النار أبدا (1).
19 - الكافي: العدة، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن
أبي عبيدة، عن أحدهما عليهما السلام قال: أيما دابة استصعبت على صاحبها من لجام
ونفار، فليقرء في اذنها أو عليها " أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات
والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون " (2).
20 - ارشاد القلوب: عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام
في خبر اليهودي الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن فضائل نبينا صلى الله عليه وآله قال: ثم عرج
به حتى انتهى إلى ساق العرش، فقال عز وجل: " ثم دنى فتدلى " (3) ودنى
له رفرفا أخضر، أغشي عليه نور عظيم حتى كان في دنوه كقاب قوسين أو أدنى
وهو مقدار ما بين الحاجب إلى الحاجب، وناجاه بما ذكره الله عز وجل في كتابه
قال تعالى: " لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه

(1) جامع الأخبار ص 53.
(2) الكافي ج 6 ص 540، والآية في سورة آل عمران: 83.
(3) النجم: 8.
269

يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " (1).
وكانت هذه الآية قد عرضت على سائر الأمم من لدن آدم إلى أن بعث محمد صلى الله عليه وآله
فأبوا جميعا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها محمد صلى الله عليه وآله فلما رأى الله عز وجل منه ومن
أمته القبول، خفف عنه ثقلها، فقال الله عز وجل: " آمن الرسول بما انزل إليه
من ربه " (2) ثم إن الله عز وجل تكرم على محمد وأشفق على أمته من تشديد
الآية التي قبلها هو وأمته، فأجاب عن نفسه وأمته فقال: " والمؤمنون كل آمن
بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله " فقال الله عز وجل:
لهم المغفرة والجنة إذا فعلوا ذلك.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: " سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " يعني
المرجع في الآخرة، فأجابه قد فعلت ذلك بتائبي أمتك قد أوجبت لهم المغفرة ثم
قال الله عز وجل: أما إذا قبلتها أنت وأمتك وقد كانت عرضت من قبل على الأنبياء
والأمم فلم يقبلوها فحق علي أن أرفعها من أمتك فقال الله تعالى: " لا يكلف الله
نفسا إلا وسعها لها ما كسبت " من خير " وعليها ما اكتسبت " من شر.
ثم ألهم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله أن قال: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا " فقال الله سبحانه: أعطيتك لكرامتك يا محمد إن الأمم السالفة كانوا إذا
نسوا ما ذكروا فتحت عليهم أبواب عذابي، ورفعت ذلك عن أمتك، فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا " يعني
بالآصار الشدائد التي كانت على الأمم ممن كان قبل محمد صلى الله عليه وآله فقال عز وجل: لقد
رفعت عن أمتك الآصار التي كانت على الأمم السالفة وذلك أني جعلت على الأمم
السالفة أن لا أقبل فعلا إلا في بقاع الأرض التي اخترتها لهم، وإن بعدت، وقد
جعلت الأرض لك ولامتك طهورا ومسجدا وهذه من الآصار وقد رفعتها عن أمتك.
وساق الحديث إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم إذ قد فعلت ذلك
بي فزدني، فألهمه الله سبحانه أن قال: " ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به " قال

(1) البقرة: 284.
(2) البقرة: 285 وبعدها 286.
270

الله عز وجل: قد فعلت ذلك بأمتك وقد رفعت عنهم عظيم بلايا الأمم، وذلك
حكمي في جميع الأمم أن لا أكلف نفسا فوق طاقتها، قال: " فاعف عنا واغفر
لنا وارحمنا أنت مولانا " قال: قال الله تعالى: قد فعلت ذلك بتائبي أمتك، ثم
قال: " فانصرنا على القوم الكافرين " قال الله عز وجل: قد فعلت ذلك وجعلت
أمتك يا محمد كالشامة البيضاء في الثور الأسود، هم القادرون، وهم القاهرون
يستخدمون ولا يستخدمون لكرامتك، وحق على أن اظهر دينك على الأديان
حتى لا يبقى في شرق الأرض ولا غربها دين إلا دينك (1).
أقول: قد مر تمام الخبر في فضائل نبينا صلى الله عليه وآله (2).
21 - نقل من خط الشهيد رحمه الله عن الحسن عليه السلام أنه قال: أنا ضامن
لمن قرأ العشرين آية أن يعصمه الله من كل سلطان ظالم، ومن كل شيطان مارد
ومن كل لص عاد، ومن كل سبع ضار، وهي آية الكرسي وثلاث آيات من
الأعراف " إن ربكم الله - إلى - المحسنين " (3) وعشر من أول الصافات، وثلاث
من الرحمن " يا معشر الجن والإنس - إلى - تنتصران " (4) وثلاث من آخر سورة
الحشر هو الله إلى آخرها.
22 - دعوات الراوندي: عن علي بن الحسين عليهما السلام مثله وزاد في آخره
وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب
العالمين.
وروي أن زين العابدين عليه السلام مر برجل وهو قاعد على باب رجل، فقال
له: ما يقعدك على باب هذا المترف الجبار، فقال: البلاء، فقال: قم فأرشدك
إلى باب خير من بابه، وإلى رب خير لك منه، فأخذ بيده حتى انتهى إلى المسجد
مسجد النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: استقبل القبلة وصل ركعتين، ثم ارفع يديك إلى الله
عز وجل فأثن عليه، وصل على رسوله صلى الله عليه وآله ثم ادع بآخر الحشر وست آيات

(1) ارشاد القلوب ج 2 ص 221.
(2) راجع ج 16 ص 341 - 352، من هذه الطبعة الحديثة.
(3) الأعراف: 54 - 56.
(4) الرحمن: 34 - 35.
271

من أول الحديد، وبالآيتين في آل عمران، ثم سل الله فإنك لا تسأل إلا
أعطاك. ولعل الآيتين آية الملك.
أقول: لعلهما آية شهد الله وآية الملك.
ومنه: قال النبي صلى الله عليه وآله: ا علي من كان في بطنه ماء أصفر، فكتب آية الكرسي
وشرب ذلك الماء يبرأ بإذن الله.
23 - عدة الداعي: عن ابن نباتة في حديث طويل فقام إليه رجل يعني
أمير المؤمنين عليه السلام فقال: إن في بطني ماء أصفر، فهل من شفاء، قال: نعم بلا
درهم ولا دينار، ولكن تكتب على بطنك آية الكرسي وتكتبها وتشربها وتجعلها
ذخيرة في بطنك فتبرأ بإذن الله ففعل الرجل فبرأ بإذن الله تعالى.
24 - كتاب الغايات: عن النبي صلى الله عليه وآله قال لرجل أية آية أعظم؟ قال: الله
ورسوله أعلم قال: فأعاد القول فقال: الله ورسوله أعلم فأعاد فقال: الله ورسوله
أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعظم آية آية الكرسي.
25 - الدر المنثور: عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال إذا أراد أحدكم الحاجة
فليكن في طلبها يوم الخميس فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اللهم بارك لامتي في بكورها
يوم الخميس، وليقرأ إذا خرج من منزله آخر آل عمران، وإنا أنزلناه في
ليلة القدر، وأم الكتاب، فان فيهن قضاء حوائج الدنيا والآخرة.
وعن علي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوتر بتسع سور في ثلاث ركعات:
ألهيكم التكاثر، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، وإذا زلزلت الأرض زلزالها في
ركعة، وفي الثانية والعصر، وإذا جاء نصر الله، وإنا أعطيناك الكوثر، وفي الثالثة
قل يا أيها الكافرون، وتبت يدا أبي لهب، وقل هو الله أحد (1).

(1) الدر المنثور ج 6 ص 377.
272

31 * (باب) *
* " (فضائل سورة النساء) " *
1 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن حسان
عن ابن مهران عن الحسن بن علي، عن علي بن عابس، عن أبي مريم، عن
المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من قرأ سورة
النساء في كل جمعة أمن ضغطة القبر (1).
تفسير العياشي: عن زر مثله (2).
32 * (باب) *
* " (فضائل سورة المائدة) " *
1 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري، محمد بن حسان، عن ابن
مهران، عن الحسن بن علي، عن أبي مسعود المدائني، عن أبي الجارود، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة المائدة في كل خميس لم يلبس إيمانه بظلم
ولا يشرك أبدا (3).
تفسير العياشي: عن أبي الجارود مثله (4).
2 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي بن أبي طالب
صلوات الله عليه: نزلت المائدة قبل أن يقبض النبي صلى الله عليه وآله بشهرين أو ثلاثة، وفي

(1) ثواب الأعمال ص 95.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 215.
(3) ثواب الأعمال ص 95.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 215.
273

رواية أخرى عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله (1).
3 - تفسير العياشي: عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال:
كان القرآن ينسخ بعضه بعضا، وإنما كان يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بآخره
فكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة، نسخت ما قبلها، ولم ينسخها شئ، فلقد
نزلت عليه وهو على بغلته الشهباء، وثقل عليه الوحي حتى وقعت وتدلى بطنها
حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض، وأغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وضع
يده على ذؤابة شيبة وهب الجمحي ثم رفع ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأ علينا
سورة المائدة فعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمناه (2).
33 (باب)
* " (فضائل سورة الأنعام) " *
1 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن الحسين بن خالد، عن الرضا عليه السلام قال: نزلت سورة الأنعام
جملة واحدة، شيعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتكبير
فمن قرأها سبحوا له إلى يوم القيامة (3).
2 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن ابن
مهران، عن الحسن بن علي، عن الحسين بن محمد بن فرقد، عن الحكم ابن ظهير
عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: من قرأ سورة الأنعام في كل ليلة كان من
الآمنين يوم القيامة، ولم ير النار بعينه أبدا (4).
تفسير العياشي: عن أبي صالح مثله (5).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 288.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 288.
(3) تفسير القمي ص 180.
(4) ثواب الأعمال ص 95.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 354.
274

3 - ثواب الأعمال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: نزلت سورة الأنعام جملة واحدة شيعها
سبعون ألف ملك، حتى أنزلت على محمد صلى الله عليه وآله، فعظموها وبجلوها، فان اسم الله
فيها في سبعين موضعا، ولو علم الناس ما فيها ما تركوها (1).
4 - فقه الرضا (ع): أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إذا بدأت بك علة تخوفت على
نفسك منها، فاقرأ الانعام فإنه لا ينالك من تلك العلة ما تكره.
مكارم الأخلاق: عن الباقر عليه السلام مثله (2).
5 - طب الأئمة: عن سلامة بن عمر والهمداني قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله
عليه السلام فقلت: يا ابن رسول الله اعتللت على أهل بيتي بالحج، وأتيتك مستجيرا
مستسرا من أهل بيتي من علة أصابتني، وهي الداء الخبيثة، قال: أقم في جوار
رسول الله صلى الله عليه وآله وفي حرمته وأمنه، واكتب سورة الأنعام بالعسل، واشربه، فإنه
يذهب عنك (3).
6 - تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن سورة الأنعام
نزلت جملة وشيعها سبعون ألف ملك، حين نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله، فعظموها
وبجلوها، فان اسم الله تبارك وتعالى فيها في سبعين موضعا، ولو علم الناس ما
في قراءتها من الفضل ما تركوها (4).
أقول: تمامه في باب صلوات الحاجة.
7 - تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: كنت جالسا عند أبي جعفر عليه السلام وهو متك
على فراشه، إذ قرأ: الآيات المحكمات التي لم ينسخهن شئ من الانعام قال:
شيعها سبعون ألف ملك " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به
شيئا " (5).

(1) ثواب الأعمال ص 95.
(2) مكارم الأخلاق ص 418.
(3) طب الأئمة ص 105.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 354.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 383.
275

34 * (باب) *
* " (فضائل سورة الأعراف) " *
1 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن إسماعيل
ابن مهران، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرأ سورة الأعراف في كل شهر كان يوم القيامة من الذين لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون، فان قرأها في كل جمعة كان ممن لا يحاسب يوم القيامة أما
إن فيها محكما فلا تدعوا قراءتها، فإنها تشهد يوم القيامة لمن قرأها (1).
تفسير العياشي: عن أبي بصير مثله (2).
2 - عدة الداعي: للحفظ من الشياطين: إذا أخذ مضجعه يقرء آية السخرة
روي أن رجلا تعلم ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام ثم مضى، فإذا هو بقرية خراب
فبات فيها ولم يقرء هذه الآية، فتغشاه الشياطين، فإذا هو به آخذ بلحيته، فقال
له صاحبه: أنظره، فاستيقظ الرجل فقرء هذه الآية فقال الشيطان لصاحبه: أرغم
الله أنفك، احرسه الآن حتى يصبح، فلما رجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره
وقال له: رأيت في كلامك الشفاء والصدق، ومضى بعد طلوع الشمس، فإذا هو بأثر
شعر الشيطان منجرا في الأرض.

(1) ثواب الأعمال ص 95.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 2.
276

35 * (باب) *
* " (فضائل سورة الأنفال وسورة التوبة) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من
قرأ سورة الأنفال وسورة براءة في كل شهر لم يدخله نفاق أبدا، وكان من شيعة
أمير المؤمنين عليه السلام (1).
2 - تفسير العياشي: عن أبي بصير مثله وزاد في آخره: وأكل يوم القيامة من موائد الجنة
مع شيعة علي عليه السلام حتى يفرغ الناس من الحساب (2).
3 - تفسير العياشي: عن أبي العباس، عن أحدهما عليهما السلام قال: الأنفال وسورة براءة
واحدة (3).
4 - قيه: عن النبي صلى الله عليه وآله أن من قرأهما فأنا شفيع له، وشاهد له يوم
القيامة أنه برئ من النفاق، وأعطي من الاجر بعدد كل منافق ومنافقة في دار
الدنيا عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان العرش
وحملته يصلون عليه أيام حياته في الدنيا.
5 - دعوات الراوندي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أمان لامتي من
السرق (4) " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن " إلى آخر الآية (5) " لقد جائكم رسول من
أنفسكم " إلى آخرها (6).

(1) ثواب الأعمال ص 96.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 46 و 73.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 73.
(4) في نسخة الأصل بخط يده: من الشرق وما في الصلب هو الموافق لسائر الروايات
كما مر في كتاب الآداب والسنن ج 76.
(5) أسرى: 110.
(6) براءة: 128 - 129.
277

36 * (باب) *
* " (فضائل سورة يونس) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم، عن ابن البطائني، عن الحسين بن محمد بن فرقد
عن فضيل الرسان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة يونس في كل شهرين
أو ثلاثة، لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين، وكان يوم القيامة من المقربين (1).
تفسير العياشي: عن الرسان مثله (2).
2 - تفسير العياشي: عن أبان بن عثمان، عن محمد قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اقرأ
قلت: من أي شئ أقرأ؟ قال: اقرأ من السورة السابعة، قال: فجعلت التمسها
فقال: اقرأ سورة يونس فقرأت حتى انتهيت إلى " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة
ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة " ثم قال: حسبك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني
لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن (3).
3 - قيه: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة يونس أعطي من الاجر عشر
حسنات بعدد من صدق بيونس، ومن كذب به، وبعدد كل من غرق مع فرعون.
37 * (باب) *
* " (فضائل سورة هود) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن صندل، عن كثير بن كاثرة، عن
فروة الآجري عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة هود في كل جمعة بعثه الله

(1) ثواب الأعمال ص 96.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 119.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 119.
278

عز وجل يوم القيامة في زمرة النبيين عليهم السلام، ولم يعرف له خطيئة عملها يوم
القيامة (1).
2 - تفسير العياشي: عن ابن سنان، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام مثله (2).
38 * " (باب) " *
* " (فضائل سورة يوسف) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرأ سورة يوسف في كل يوم أو في كل ليلة بعثه الله يوم القيامة وجماله
كجمال يوسف، ولا يصيبه فزع يوم القيامة، وكان من خيار عباد الله الصالحين
وقال: كانت في التوراة مكتوبة (3).
2 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من قرأ
سورة يوسف في كل يوم أو في كل ليلة بعثه الله يوم القيامة وجماله على جمال يوسف
ولا يصيبه يوم القيامة ما يصيب الناس من الفزع، وكان جيرانه من عباد الله
الصالحين.
ثم قال: وإن يوسف عليه السلام كان من عباد الله الصالحين واو من في الدنيا
أن يكون زانيا أو فحاشا (4).

(1) ثواب الأعمال ص 96.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 139.
(3) ثواب الأعمال ص 96.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 166.
279

39 * (باب) *
* " (فضائل سورة الرعد) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من أكثر قراءة سورة الرعد لم يصيبه الله بصاعقة أبدا، ولو كان
ناصبا، وإن كان مؤمنا أدخله الله الجنة بلا حساب، وشفع في جميع من يعرف
من أهل بيته وإخوانه (1).
تفسير العياشي: عن الحسين مثله (2).
40 * (باب) *
* " (فضائل سورة إبراهيم وسورة الحجر) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن بن البطائني، عن أبي المغرا، عن عنبسة بن مصعب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة إبراهيم والحجر في ركعتين جميعا في كل
جمعة لم يصبه فقر أبدا، ولا جنون ولا بلوى (3).
تفسير العياشي: عن عنبسة مثله (4).

(1) ثواب الأعمال ص 96.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 202.
(3) ثواب الأعمال ص 97.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 222.
280

41 * (باب) *
* " (فضائل سورة النحل)) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن عاصم الخياط، عن محمد بن
مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة النحل في كل شهر كفي المغرم
في الدنيا، وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص، وكان
مسكنه في جنة عدن، وهي وسط الجنان (1).
تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم مثله (2).
فقه الرضا (ع): نروي أنه من قرأ النحل في كل شهر إلى قوله: والبرص.
مكارم الأخلاق: عن الباقر عليه السلام مثله، وفي رواية للتحرز من إبليس وجنوده
وأشياعه (3).
42 * (باب) *
* " (فضائل سورة بني إسرائيل) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة بني إسرائيل في كل ليلة جمعة لم يمت حتى يدرك
القائم عليه السلام، فيكون من أصحابه (4).
تفسير العياشي: عن الحسين مثله (5).

(1) ثواب الأعمال ص 97.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 254.
(3) مكارم الأخلاق ص 418.
(4) ثواب الأعمال ص 95.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 276.
281

2 - ثواب الأعمال: العطار، عن أبيه، عن الأشعري، عن أحمد بن هلال، عن عيسى
ابن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ما من عبد يقرء
" قل إنما أنا بشر مثلكم " إلى آخر السورة إلا كان له نورا من مضجعه إلى بيت الله
الحرام، فإن كان من أهل بيت الله الحرام كان له نورا إلى بيت المقدس (1).
3 - عدة الداعي: يقرأ حين يأوي إلى فراشه: قل ادعوا الله أو ادعوا
الرحمن " إلى آخر السورة، وردت به الرواية عن علي عليه السلام.
وعنهم عليهم السلام: من قرأ هاتين الآيتين حين يأخذ مضجعه لم يزل في حفظ الله من
كل شيطان مريد، وجبار عنيد، إلى أن يصبح.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من قرأ هذه الآية عند منامه " قل إنما
أنا بشر مثلكم " إلى آخرها سطع له نور إلى المسجد الحرام، حشو ذلك النور
ملائكة تستغفرون له حتى يصبح.
43 * (باب) *
* " (فضائل سورة الكهف) " *
1 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن حسان
عن ابن مهران، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ
سورة الكهف كل ليلة جمعة لم يمت إلا شهيدا، وبعثه الله مع الشهداء، ووقف
يوم القيامة مع الشهداء (2).
تفسير العياشي: عن الحسين مثله (3).
التهذيب: علي بن مهزيار، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي حمزة قال: قال

(1) ثواب الأعمال ص 97.
(2) ثواب الأعمال ص 97.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 321.
282

أبو عبد الله عليه السلام: من قرأ سورة الكهف في كل ليلة جمعة كانت كفارة له لما بين
الجمعة إلى الجمعة.
أقول: قد مر في فضل آخرها رواية في التوبة.
2 - عدة الداعي: حدث أبو عمران موسى بن عمران الكسروي، عن عبد الله
ابن كليب، عن منصور بن العباس، عن سعيد بن جناح، عن سليمان بن جعفر
الجعفري، عن الرضا عليه السلام عن أبيه قال: دخل أبو المنذر هشام بن السائب الكلبي
على أبي عبد الله عليه السلام فقال: أنت الذي تفسير القرآن؟ قال: قلت: نعم، قال:
أخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك
وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا " (1) ما ذلك القرآن الذي كان إذا
قرأه رسول الله صلى الله عليه وآله حجب عنهم؟ قلت: لا أدري، قال: فكيف قلت: إنك
تفسر القرآن.
قلت: يا ابن رسول الله إن رأيت أن تنعم علي وتعلمنيهن قال: آية في الكهف
وآية في النحل، وآية في الجاثية، وهي: " أفرأيت من اتخذ إلهه هويه وأضله
الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله
أفلا تذكرون " (2) وفي النحل " أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم
وأبصارهم وأولئك هم الغافلون " (3) وفي الكهف " ومن أظلم ممن ذكر بآيات
ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه
وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا " (4).
قال الكسروي: فعلمتها رجلا من أهل همدان كانت الديلم أسرته فمكث
فيهم عشر سنين، ثم ذكر الثلاث الآيات، قال: فجعلت أمر على محالهم وعلى
مرا صدهم فلا يروني، ولا يقولون شيئا حتى إذا خرجت إلى أرض الاسلام.
قال أبو المنذر: وعلمتها قوما خرجوا في سفينة من الكوفة إلى بغداد

(1) أسرى: 45.
(2) الجاثية: 23.
(3) النحل: 57.
(4) الكهف: 108.
283

وخرج معهم سبع سفن فقطع على ست وسلمت السفينة التي قرئ فيها هذه الآيات.
وروي أيضا أن الرجل المسؤول عن هذه الآيات " ما هي من القرآن " هو
الخضر عليه السلام (1).
44 (باب)
* " (فضائل سورة مريم) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم عن ابن البطائني، عن عمر وبن أبان، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من أدمن قراءة سورة مريم، لم يمت حتى يصيب منها ما يعينه
في نفسه وماله وولده، وكان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم عليهما السلام وأعطي
في الآخرة مثل ملك سليمان بن داود في الدنيا (2).
2 - عدة الداعي: عن الصادق عليه السلام من دخل على سلطان يخافه فقرأ عندما
يقابله كهيعص ويضم يده اليمنى كلما قرأ حرفا ضم إصبعا، ثم يقرء حم عسق
ويضم أصابع يده اليسرى كذلك ثم يقرء " وعنت الوجوه للحي القيوم وقد
خاب من حمل ظلما " ويفتحهما في وجهه، كفي شره.
45 (باب)
* " (فضايل سورة طه) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تدعوا قراءة سورة طه فان الله يحبها ويحب من قرأها

(1) رواه السيد ابن الطاوس في أمان الاخطار " ونقله المؤلف العلامة في ج 76
ص 256 - 257 " نقلا عن المجلد السابع من معجم البلدان للحموي في ترجمة محمد بن
السائب.
(2) ثواب الأعمال ص 97.
284

ومن أدمن قراءتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه، ولم يحاسبه بما عمل في
الاسلام، وأعطي في الآخرة من الاجر حتى يرضى (1).
46 (باب)
* " (فضائل سورة الأنبياء) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن يحيى بن مساور، عن فضيل الرسان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة الأنبياء حبالها كان ممن رافق النبيين
أجمعين في جنات النعيم، وكان مهيبا في أعين الناس حياة الدنيا (2).
47 (باب) *
* " فضائل سورة الحج " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن علي بن سورة، عن أبيه، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنته حتى
يخرج إلى بيت الله الحرام، وإن مات في سفره ادخل الجنة، قلت فإن كان مخالفا؟
قال: يخفف عنه بعض ما هو فيه (3).
48 (باب)
* " فضائل سورة المؤمنين "
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قرء سورة المؤمنين ختم الله له بالسعادة، إذا كان يد من قراءتها
في كل جمعة، وكان منزله في الفردوس الاعلى مع النبيين والمرسلين (4).

(1) ثواب الأعمال ص 98.
(2) ثواب الأعمال ص 98.
(3) ثواب الأعمال ص 98.
(4) ثواب الأعمال ص 98.
285

49 (باب)
* " (فضائل سورة النور) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن الطائني، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: حصنوا أموالكم وفروجكم بتلاوة سورة النور، وحصنوا
بها نساءكم، فان من أدمن قراءتها في كل يوم أو في كل ليلة لم يزن أحد من
أهل بيته أبدا حتى يموت، فإذا هو مات شيعه إلى قبره سبعون ألف ملك كلهم
يدعون ويستغفرون الله له حتى يدخل في قبره (1).
(باب 50)
* " (فضائل سورة الفرقان) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن ابن عميرة، عن إسحاق، عن أبي
الحسن عليه السلام قال: يا ابن عمار لا تدع قراءة سورة " تبارك الذي نزل الفرقان على
عبده " فان من قرأها في كل ليلة لم يعذبه الله أبدا، ولم يحاسبه، وكان
منزله في الفردوس الاعلى (2).
51 (باب)
* " فضائل سورة الطواسين الثلاث " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ الطواسين الثلاثة في ليلة الجمعة، كان من أولياء الله
وفي جوار الله وكنفه، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبدا، وأعطي في الآخرة
من الجنة حتى يرضى، وفوق رضاه، وزوجه الله مائة زوجة من الحور العين (3).

(1) ثواب الأعمال ص 98.
(2) ثواب الأعمال ص 98.
(3) ثواب الأعمال ص 99.
286

52 (باب)
* " فضائل سورة العنكبوت وسورة الروم " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث
وعشرين، فهو والله - يا با محمد - من أهل الجنة، ولا أستثني فيه أبدا، ولا أخاف أن
يكتب الله علي في يميني إثما، وإن لهاتين السورتين من الله مكانا (1).
53 (باب)
* " فضايل سورة لقمان " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن عمرو بن جبير العرزمي، عن
أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة لقمان في كل ليلة وكل الله به في
ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده، حتى يصبح، فإذا قرأها بالنهار لم يزالوا
يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسي (2).
فقه الرضا (ع): مثله.
54 (باب)
* " فضايل سورة السجدة " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن ابن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرء سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله كتابه بيمينه، ولم
يحاسبه هما كان منه، وكان من رفقاء محمد وأهل بيته صلى الله عليه وآله (3).
أقول: سيأتي خبر في سورة الواقعة.

(1) ثواب الأعمال: 99.
(2) ثواب الأعمال: 99.
(3) ثواب الأعمال: 100.
287

55 (باب)
* " فضائل سورة الأحزاب " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من كان كثير القراءة لسورة الأحزاب كان يوم القيامة في جوار محمد صلى الله عليه وآله
وأزواجه، ثم قال: سورة الأحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم
يا ابن سنان إن سورة الأحزاب فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من
سورة البقرة لكن نقصوها وحرفوها (1).
* 56 (باب) *
* " (فضائل سورة سبأ وسورة فاطر) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن أحمد بن عائذ، عن ابن أذينة، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال للحمدين جميعا: حمد سبا وحمد فاطر، من قرأهما في
ليلة لم يزل في ليلته في حفظ الله وكلاءته، فان قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره
مكروه، وأعطي من خير الدنيا وخير الآخرة ما لم يخطر على قلبه ولم يبلغ
مناه (2).
* 57 (باب) *
* " (فضائل سورة يس، وفيه فضائل غيرها من السور أيضا) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لكل شئ قلب، وقلب القرآن يس، من قرأها في

(1) ثواب الأعمال ص 100.
(2) ثواب الأعمال ص 100.
288

نهاره قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين، حتى يمسي، ومن
قرأها في ليلة قبل أن ينام وكل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم
ومن كل آفة.
وإن مات في يوم [أو في ليلته] أدخله الله الجنة، وحضر غسله ثلاثون ألف
ملك كلهم يستغفرون له، ويشيعونه إلى قبره بالاستغفار له فإذا ادخل في لحده
كانوا في جوف قبره يعبدون الله وثواب عبادتهم له، وفسح له في قبره مد بصره
وأومن من ضغطة القبر، ولم يزل له في قبره نور ساطع إلى أعنان السماء إلى أن
يخرجه الله من قبره.
فإذا أخرجه لم يزل ملائكة الله معه يشيعونه ويحدثونه ويضحكون في
وجهه ويبشرونه بكل خير حتى يجوزوا به الصراط والميزان، ويوقفوه من الله
موقفا لا يكون عند الله خلقا أقرب منه إلا ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون
وهو مع النبيين واقف بين يدي الله، لا يحزن مع من يحزن، ولا يهتم مع من
يهتم، ولا يجزع مع من يجزع.
ثم يقول له الرب تبارك وتعالى: اشفع عبدي أشفعك في جميع ما تشفع
وسلني عبدي أعطك جميع ما تسأل، فيسأل فيعطى، ويشفع فيشفع، ولا يحاسب
فيمن يحاسب، ولا يوقف مع من يوقف، ولا يذل مع من يذل، ولا يكبت
بخطيئة ولا بشئ من سوء عمله، ويعطى كتابا منشورا، حتى يهبط من عند الله
فيقول الناس بأجمعهم: سبحان الله ما كان لهذا العبد من خطيئة واحدة، ويكون
من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله (1).
فقه الرضا (ع): مثله إلى قوله: إلى قبره.
2 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أسباط
عن يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: من قرأ يس في عمره مرة واحدة كتب الله له بكل خلق في الدنيا، وبكل

(1) ثواب الأعمال ص 100.
289

خلق في الآخرة وفي السماء، بكل واحد ألفي ألف حسنة، ومحا عنه مثل ذلك
ولم يصبه فقر ولا غرم ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا
داء يضره، وخفف الله عنه سكرات الموت وأهواله، وولي قبض روحه، وكان
ممن يضمن الله له السعة في معيشته، والفرح عند لقائه، والرضا بالثواب في آخرته
وقال الله تعالى لملائكته أجمعين: من في السماوات ومن في الأرض: قد رضيت
عن فلان فاستغفر وا له (1).
3 - مكارم الأخلاق: روي أن يس تقرأ للدنيا والآخرة، وللحفظ من كل آفة وبلية
في النفس والأهل والمال. وروي أنه من كان مغلوبا على عقله قرئ عليه يس أو
كتبه وسقاه وإن كتبه بماء الزعفران على إناء من زجاج فهو خير فإنه يبرأ (2).
4 - جامع الأخبار: عن محمد بن علي، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: القرآن أفضل من كل
شئ دون الله، فمن وقر القرآن فقد وقر الله، ومن لم يوقر القرآن فقد استخف
بحق الله، وحرمة القرآن كحرمة الوالد على ولده، وحملة القرآن المحففون
برحمة الله، الملبوسون نور الله، يقول الله: يا حملة القرآن استحبوا الله بتوقير
كتاب الله يزد لكم حبا، ويحببكم إلى عباده، يدفع عن مستمع القرآن بلوى
الدنيا وعن قارئها بلوى الآخرة، ولمستمع آية من كتاب الله خير من ثبير ذهبا
ولتالي آية من كتاب الله أفضل مما تحت العرش إلى أسفل التخوم.
وإن في كتاب الله سورة يسمى العزيز يدعا صاحبها الشريف عند الله، يشفع
لصاحبها يوم القيامة، مثل ربيعة ومضر، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: ألا وهي سورة
يس، وقال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي اقرأ يس فان في يس عشرة بركات ما قرأها جائع
إلا شبع، ولا ظمآن إلا روي، ولا عار إلا كسي، ولا عزب إلا تزوج، ولا
خائف إلا أمن، ولا مريض إلا برأ، ولا محبوس إلا اخرج، ولا مسافر إلا
أعين على سفره، ولا يقرأون عند ميت إلا خفف الله عنه، ولا قرأها رجل له

(1) ثواب الأعمال ص 100.
(2) مكارم الأخلاق ص 419.
290

ضالة إلا وجدها (1).
دعوات الراوندي: قال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي اقرأ يس وذكر مثله.
5 - أمالي الطوسي: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال
عن العباس بن عامر، عن أبي جعفر الخثعمي قريب إسماعيل بن جابر، عن أبي
عبد الله عليه السلام: علموا أولادكم ياسين فإنها ريحانه القرآن (2).
6 - الدر المنثور: عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
قرء يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له.
وعن الحسن قال: من قرأ يس ابتغاء وجه الله غفر له، وقال: بلغني أنها
تعدل القرآن كله.
وعن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سورة يس تدعى في التوراة
المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة، وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة
وتدفع عنه أهاويل الآخرة، وتسمى الدافعة والقاضية، وتدفع عن صاحبها كل
سوء، وتقضي له كل حاجة، من قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن سمعها عدلت
له ألف دينار في سبيل الله، ومن كتبها ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء، وألف
نور، وألف يقين، وألف بركة، وألف رحمة، ونزعت عنه كل غل وداء.
وعن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سمع سورة يس عدلت له
عشرين دينارا في سبيل الله ومن قرأها عدلت له عشرين حجة، ومن كتبها وشربها
أدخلت جوفه ألف يقين، وألف نور، وألف بركة، وألف رحمة، وألف رزق
ونزعت منه كل غل وداء.
وعن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لوددت أنها في قلب كل إنسان
من أمتي يعني يس (3).

(1) جامع الأخبار ص 47.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 290.
(3) الدر المنثور ج 5 ص 256.
291

وعن عطا بن أبي رباح قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من قرأ يس
في صدر النهار قضيت حوائجه.
وعن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما من ميت يقرأ عنده سورة
يس إلا هون الله عليه.
وعن صفوان بن عمر وقال: كانت المشيخة إذا قرءت يس عند الميت خفف
عنه بها.
وعن أبي قلابة قال: من قرأ يس غفر له، ومن قرأها وهو جائع شبع
ومن قرأها وهو ضال هدي، ومن قرأها وله ضالة وجدها، ومن قرأها عند
طعام خاف قلته كفاه، ومن قرأها عند ميت هون عليه، ومن قرأها عند امرأة عسر
عليها ولدها يسر عليها، ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشر مرة، ولكل
شئ قلب، وقلب القرآن يس.
وعن يحيى بن أبي كثير قال: من قرأ يس إذا أصبح لم يزل في فرج حتى
يمسي، ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرج حتى يصبح.
وعن جعفر قال: قرء سعيد بن جبير على رجل مجنون سورة يس فبرأ.
وعن أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عمرو الدباغ، عن أبيه قال: سلكت
طريقا فيه غول فإذا امرأة عليها ثياب معصفرة، على سرير، وقناديل وهي تدعوني
فلما رأيت ذلك أخذت في قراءة يس فطفئت قناديلها وهي تقول: يا عبد الله ما
صنعت بي؟ فسلمت عنها قال المقرئ: فلا يصيبكم شئ من خوف أو مطالبة من سلطان
أو عدو إلا قرأتم يس فإنه يدفع عنكم بها (1).
وعن جزيم بن فاتك قال: خرجت في طلب إبل لي وكنا إذا نزلنا بواد
قلنا: نعوذ بعزيز هذا الوادي فتوسدت ناقة، وقلت: أعوذ بعزيز هذا الوادي
فإذا هاتف يهتف بي وهو يقول:
ويحك عذ بالله ذي الجلال * منزل الحرام والحلال

(1) بعض هذه الأحاديث لا يوجد في المصدر المطبوع.
292

ووحد الله ولا تبال * ما كيد ذي الجن من الأهوال
إذ تذكر الله على الأميال * وفي سهول الأرض والجبال
وصار كيد الجن في سفال * إلا التقى وصالح الاعمال
فقلت له:
يا أيها القائل ما تقول * أرشد عندك أم تضليل
فقال:
هذا رسول الله ذو الخيرات * جاء بيس وحاميمات
وسور بعد مفصلات * يأمر بالصلاة والزكاة
ويزجر الأقوام عن هنات * قد كن في الأنام منكرات
قلت له: من أنت؟ قال: أناملك من ملوك الجن بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله
علي جن نجد، قلت: أما لو كان لي من يؤدي لي إبلي هذه إلى أهلي لآتيه حتى أسلم
قال: فأنا أؤديها، فركبت بعيرا منها، ثم قدمت فإذا النبي صلى الله عليه وآله على المنبر
فلما رآني قال: ما فعل الرجل الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك؟ أما إنه قد
أداها سالمة.
وعن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من زار قبر والديه أو أحدهما في
كل جمعة فقرأ عندهما يس غفر الله له بعدد كل حرف منها.
وعن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: يا رسول الله القرآن
ينفلت من صدري فقال النبي صلى الله عليه وآله: ألا أعلمت كلمات ينفعك الله بهن وينفع من
علمته؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي، قال: صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرء في
الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وبحم الدخان
وفي الثالثة بفاتحة الكتاب وبالم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب
وتبارك المفصل (1) فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وأثن عليه وصل على
النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل:

(1) يعنى تبارك الذي بيده الملك، لا تبارك الذي نزل الفرقان على عبده.
293

اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما
لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض
ذا الجلال والاكرام، والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور
وجهك، أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما عملتني، وارزقني أن أتلوه على النحو
الذي يرضيك، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري، وتنطق به لساني، وتفرج
به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك، وتعينني
عليه، فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلا أنت.
فافعل ذلك ثلاث جمع، أو خمسا أو سبعا تحفظ بإذن الله وما أخطأ مؤمنا
قط، فأتى النبي صلى الله عليه وآله بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظه القرآن والحديث
فقال النبي صلى الله عليه وآله: مؤمن ورب الكعبة علم أبا حسن علم أبا حسن (1).
وعن ابن عباس قال: اجتمعت قريش بباب النبي صلى الله عليه وآله ينتظرون وخروجه
ليؤذوه، فشق ذلك عليه فأتاه جبرئيل بسورة يس وأمره بالخروج عليهم، فأخذ كفا
من تراب وخرج، وهو يقرأها، ويذر التراب على رؤوسهم، فما رأوه حتى
جاوز فجعل أحدهم يلمس رأسه فيجد التراب، وجاء بعضهم فقال: ما يجلسكم؟
قالوا: ننتظر محمدا، فقال: لقد رأيته داخلا المسجد، قال: قوموا فقد سحركم.
وعن عكرمة قال: كان ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم: لوقد
رأيت محمدا، لفعلت به كذا وكذا، ويقول بعضهم: لو قد رأيت محمدا لفعلت به كذا
وكذا فأتاهم النبي صلى الله عليه وآله وهم في حلقة في المسجد، فوقف عليهم، فقرأ عليهم
" يس والقرآن الحكيم حتى بلغ فهم لا يبصرون " ثم أخذ ترابا فجعل يذره على
رؤوسهم، فما يرفع رجل منهم إليه طرفه، ولا يتكلم كلمة، ثم جاوز النبي صلى الله عليه وآله
فجعلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، يقولون: والله ما سمعنا، والله ما
أبصرنا، والله ما عقلنا (2).

(1) الدر المنثور ج 5 ص 257.
(2) الدر المنثور ج 5 ص 259.
294

وعن ابن عباس قال: كانت الأنصار منازلهم بعيدة من المسجد، فأرادوا أن
ينتقلوا فيكونوا قريبا من المسجد، فنزلت " ونكتب ما قدموا وآثارهم " فقالوا
بل نمكث مكاننا (1).
وعن مجاهد قال: اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا له: ائت هذا
الرجل فقل له: إن قومك يقولون إنك جئت بأمر عظيم، ولم يكن عليه آباؤنا
ولا يتبعك عليه أحد منا وإنك إنما صنعت هذا أنك ذو حاجة، فان كنت تريد المال
فان قومك سيجمعون لك ويعطونك، فدع ما ترى، وعليك بما كان عليه آباؤك، فانطلق
إليه عتبة فقال له الذي أمروه، فلما فرغ من قوله وسكت، قال رسول الله صلى الله عليه وآله
" بسم الله الرحمن الرحيم * حم تنزيل من الرحمن الرحيم " فقرأ عليه من أولها حتى
بلغ " فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " (2) فرجع عتبة فأخبرهم
الخبر، وقال لقد كلمني بكلام ما هو بشعر ولا بسحر، وإنه لكلام عجب ما هو
بكلام الناس، فوقعوا به، وقالوا نذهب إليه بأجمعنا فلما أرادوا ذلك طلع عليهم
رسول الله صلى الله عليه وآله فعمد لهم حتى قام على رؤوسهم، وقال " بسم الله الرحمن الرحيم يس
والقرآن الحكيم " حتى بلغ " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا) فضرب الله بأيديهم إلى
أعناقهم فجعل من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأخذ ترابا فجعله على رؤوسهم
ثم انصرف عنهم ولا يدرون ما صنع بهم، فلما انصرف عنهم رأوا الذي صنع بهم فعجبوا
وقالوا ما رأينا أحدا قط أسحر منه انظروا ما صنع بنا (3).
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: السبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى يوشع
ابن نون، والسابق إلى عيسى صاحب يس، والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه السلام: الصديقون ثلاثة: حزقيل مؤمن
آل فرعون، وحبيب النجار صاحب آل يس، وعلي بن أبي طالب عليه السلام.

(1) الدر المنثور: ج 5 ص 260.
(2) فصلت: 13.
(3) الدر المنثور ج 5: 259.
295

وعن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصديقون ثلاثة: حبيب النجار
مؤمن آل يس الذي قال: " يا قوم اتبعوا المرسلين " (1) وحزقيل مؤمن آل
فرعون الذي قال: " أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله " (2) وعلي بن أبي طالب
وهو أفضلهم.
ابن عساكر: ثلاثة ما كفروا بالله قط: مؤمن آل يس وعلي بن أبي طالب وآسية
امرأة فرعون (3).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ يس والصافات يوم الجمعة
ثم سأل الله أعطاه سؤله (4).
58 (باب)
* " (فضائل سورة والصافات) " *
1 - ثواب الأعمال، أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن محمد بن حسان، عن
ابن مهران، عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء
سورة الصافات في كل يوم جمعة لم يزل محفوظا من كل آفة، مدفوعا عنه كل
بلية، في الحياة الدنيا، مرزوقا في الدنيا بأوسع ما يكون من الرزق، ولم يصبه الله
في ماله ولا ولده ولا بدنه بسوء من شيطان رجيم، ولا من جبار عنيد، وإن مات في يومه
أو في ليلته أماته الله شهيدا وبعثه شهيدا وأدخله الجنة مع الشهداء في درجة من الجنة (5).
فقه الرضا (ع): مثله.
2 - مكارم الأخلاق: عنه عليه السلام مثله، وفي رواية يقرء للشرف والجاه في الدنيا
والآخرة (6).

(1) يس: 20.
(2) غافر: 28.
(3) الدر المنثور ج 5 ص 262.
(4) الدر المنثور ج 5 ص 270.
(5) ثواب الأعمال ص 101.
(6) مكارم الأخلاق ص 419.
296

59 (باب)
* " فضائل سورة ص " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن عمر وبن جبير، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: من قرء سورة ص في ليلة الجمعة أعطي من خير الدنيا والآخرة ما لم يعط أحد
من الناس، إلا نبي مرسل أو ملك مقرب، وأدخله الله الجنة وكل من أحب
من أهل بيته حتى خادمه الذي يخدمه، وإن لم يكن في حد عياله، ولا في حد
من يشفع فيه (1).
60 (باب)
* " (فضائل سورة الرمز " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن صندل، عن هارون بن خارجة، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة الزمر استخفها من لسانه، أعطاه الله من شرف
الدنيا والآخرة، وأعزه بلا مال ولا عشيرة، حتى يهابه من يراه، وحرم جسده
على النار، ويبنى له في الجنة ألف مدينة في كل مدينة ألف قصر في كل قصر مائة
حوراء، وله مع هذا عينان تجريان، وعينان نضاختان، وعينان مدهامتان
وحور مقصورات في الخيام، وذواتا أفنان، ومن كل فاكهة زوجان (2).
فقه الرضا (ع): مثله إلى قوله: ولا عشيرة.
2 - مكارم الأخلاق: عن الصادق عليه السلام: من قرء سورة الزمر في يومه أو ليلته أعطاه الله
شرف الدنيا والآخرة، وأعزه بلا عشيرة ومال (2).

(1) ثواب الأعمال ص 102.
(2) ثواب الأعمال ص 102.
(3) مكارم الأخلاق ص 419.
297

61 (باب)
* " فضائل سورة المؤمن " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن جويرية، عن العلا، عن أبي الصباح
عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء سورة المؤمن في كل ليلة غفر الله له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر، وألزمه كلمة التقوى، وجعل الآخرة خيرا له من الدنيا (1).
62 (باب)
* " فضائل سورة حم السجدة " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن أبي المغرا، عن ذريح المحاربي
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قرء حم السجدة كانت له نورا يوم القيامة مد بصره
وسرورا، وعاش في هذه الدنيا محمودا مغبوطا (2).
63 (باب)
* " فضائل سورة حمعسق " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن ابن عميرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من قرء حمعسق، بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالثلج، أو كالشمس حتى يقف بين يدي
الله عز وجل فيقول: عبدي أدمت قراءة حمعسق ولم تدر ما ثوابها؟ أما لو دريت
ما هي وما ثوابها؟ لما مللت قراءتها، ولكن سأخبرك جزاك أدخلوه الجنة وله
فيها قصر من ياقوتة حمراء، أبوابها وشرفها ودرجها منها، يرى ظاهرها من باطنها
وباطنها من ظاهرها، وله فيها جوار أتراب من الحور العين، وألف جارية وألف
غلام من الولدان المخلدين، الذين وصفهم الله عز وجل (3).

(1) ثواب الأعمال ص 102.
(2) ثواب الأعمال ص 102.
(3) ثواب الأعمال ص 102.
298

64 (باب)
* " (فضائل سورة الزخرف) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال:
قال أبو جعفر عليه السلام: من أدمن قراءة حم الزخرف، آمنه الله في قبره من هوام
الأرض، ومن ضمة القبر حتى يقف بين يدي الله عز وجل، ثم جاءت حتى تدخل
الجنة بأمر الله تبارك وتعالى (1).
* 65 (باب) *
* " (فضائل سورة الدخان زائدا على ما سيجيئ في باب فضل) " *
* " (قراءة سور الحواميم، وفيه فضل سورة يس أيضا) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن عاصم الخياط، عن أبي حمزة
قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من قرء سورة الدخان في فرائضه ونوافله، بعثه الله
من الآمنين يوم القيامة، وأظله تحت عرشه، وحاسبه حسابا يسيرا، وأعطاه كتابه
بيمينه (2).
2 - كتاب الصفين: قال: لما توجه علي عليه السلام إلى صفين انتهى إلى ساباط
ثم إلى مدينة بهر سير، وإذا رجل من أصحابه يقال له: حريز بن سهم من بني
ربيعة ينظر إلى آثار كسرى، وهو يتمثل بقول ابن يعفر التميمي:
جرت الرياح على مكان ديارهم * فكأنما كانوا على ميعاد
فقال علي عليه السلام: أفلا قلت: " كم تركوا من جنات وعيون * وزروع
ومقام كريم * ونعمة كانوا فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت

(1) ثواب الأعمال 103.
(2) ثواب الأعمال 103.
299

عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين " (1) إن هؤلاء كانوا وارثين، فأصبحوا موروثين
إن هؤلاء لم يشكروا النعمة، فسلبوا دنياهم بالمعصية، إياكم وكفر النعم، لا
تحل بكم النقم.
3 - الدر المنثور: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء
حم الدخان في ليلة أصبح يستغفرون له سبعون ألف ملك.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء حم الدخان في ليلة
جمعة أصبح مغفورا له.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ ليلة الجمعة حم الدخان
ويس أصبح مغفورا له.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قرء حم الدخان في ليلة جمعة
أو يوم جمعة بنى الله له بيتا في الجنة.
وعن الحسن أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرء سورة الدخان في ليلة غفر له
ما تقدم من ذنبه.
وعن أبي رافع قال: من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له
وزوج من الحور العين.
وعن عبد الله بن عيسى قال: أخبرت أنه من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة إيمانا
وتصديقا بها أصبح مغفورا له (2).

(1) الدخان: 25 - 29.
(2) الدر المنثور ج 6 ص 24.
300

66 (باب)
" فضائل سورة الجاثية " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن عاصم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرء سورة الجاثية كان ثوابها أن لا يرى النار أبدا، ولا يسمع زفير جهنم
ولا شهيقها، وهو مع محمد صلى الله عليه وآله (1).
67 (باب)
* " فضائل سورة أحقاف " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن ابن عميرة، عن ابن أبي يعفور، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ في كل ليلة أو في كل جمعة سورة الأحقاف، لم
يصبه الله بروعة في الحياة الدنيا، وآمنه من فزع يوم القيامة إن شاء الله تعالى (2).
68 (باب)
* (فضائل قراءة الحواميم وفيه فضل قراءة سور أخرى أيضا) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: الحواميم رياحين القرآن، فإذا قرأتموها فاحمدوا الله
واشكروه كثيرا، لحفظها وتلاوتها، إن العبد ليقوم ويقرأ الحواميم، فيخرج من
فيه أطيب من المسك الأذفر والعنبر، وإن الله عز وجل ليرحم تاليها أو قارئها
ويرحم جيرانه وأصدقاءه ومعارفه وكل حميم وقريب له، وإنه في القيامة

(1) ثواب الأعمال ص 103.
(2) ثواب الأعمال ص 103.
301

يستغفر له العرش والكرسي وملائكة الله المقربون (1).
2 - الدر المنثور: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحواميم ديباج
القرآن.
وعن سمرة بن جندب مرفوعا: الحواميم روضة من رياض الجنة.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ حم المؤمن إلى " إليه
المصير " وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي، ومن قرأهما حين يمسي
حفظ بهما حتى يصبح.
وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي قرة قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
لكل شجر ثمر وإن ثمرات القرآن ذوات حم، هن روضات مخصبات، معشبات
متجاورات، فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم، ومن قرء
سورة الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له، ومن قرأ ألم تنزيل السجدة، وتبارك
الذي بيده الملك في يوم وليلة، فكأنما وافق ليلة القدر، ومن قرأ إذا زلزلت
الأرض زلزالها، فكأنما قرأ ربع القرآن، ومن قرأ قل يا أيها الكافرون
فكأنما قرء ربع القرآن، ومن قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له قصرا في
الجنة، ومن قرأ قل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق لم يبق شئ من
البشر إلا قال: أي رب أعذه من شري، ومن قرأ أم القرآن فكأنما قرء ربع
القرآن، ومن قرأ ألهاكم التكاثر فكأنما قرء ألف آية.
وعن أبي أمامة قال: حم اسم من أسماء الله تعالى (2).

(1) ثواب الأعمال ص 103.
(2) الدر المنثور ج 5 ص 344 و 345.
302

69 (باب)
* " فضائل سورة محمد صلى الله عليه وآله " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم إلى البطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرأ سورة " الذين كفروا " لم يذنب أبدا، ولم يدخله شك في دينه أبدا
ولم يبتله الله بفقر أبدا، ولا خوف من سلطان أبدا، ولم يزل محفوظا من الشك والكفر
أبدا حتى يموت، فإذا مات وكل الله به في قبره ألف ملك يصلون في قبره، ويكون
ثواب صلاتهم له ويشيعونه حتى يوقفوه موقف الآمنين عند الله عز وجل ويكون في
أمان الله وأمان محمد صلى الله عليه وآله (1).
70 (باب)
* " فضائل سورة الفتح " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى البطائني، عن ابن بكير، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: حصنوا أموالكم ونساءكم وما ملكت أيمانكم من التلف، بقراءة إنا
فتحنا، فإنه إذا كان ممن يدمن قراءتها نادى مناد يوم القيامة حتى تسمع الخلائق:
أنت من عبادي المخلصين، ألحقوه بالصالحين من عبادي، وأدخلوه جنات النعيم
واسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور (2).
71 (باب)
* " فصائل سورة الحجرات " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرأ سورة الحجرات في كل ليلة أو في كل يوم كان من زوار محمد صلى الله
عليه وآله (3).

(1) ثواب الأعمال ص 104.
(2) ثواب الأعمال ص 104.
(3) ثواب الأعمال ص 104.
303

72 باب
* " فضائل سورة ق " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن أبي المغرا، عن الثمالي، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: من أدمن في فرائضه ونوافله قراءة سورة ق، وسع الله عليه رزقه
وأعطاه كتابه بيمينه، وحاسبه حسابا يسيرا (1).
73 (باب)
* " فضائل سورة والذاريات " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن صندل، عن داود بن فرقد، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة والذاريات في يومه أو في ليلته، أصلح الله عز
وجل له معيشته، وأتاه برزق واسع، ونور له في قبره بسراج يزهر إلى يوم
القيامة (2).
74 (باب)
* " فضائل سورة الطور " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن الخزار، عن محمد بن مسلم، عن
أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام قالا: من قرأ سورة والطور جمع الله له خيرا الدنيا
والآخرة (3).
فقه الرضا (ع): مثله.

(1) ثواب الأعمال ص 104.
(2) ثواب الأعمال ص 104.
(3) ثواب الأعمال ص 105.
304

75 (باب)
* " فضائل سورة النجم " *
1 - ثور: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن صندل، عن يزيد بن خليفة، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان يدمن قراءة والنجم في كل يوم أو في كل ليلة
عاش محمودا بين الناس، وكان مغفورا له، وكان محببا بين الناس (1).
76 (باب)
* " فضائل سورة اقتربت، وفيه فضل سورة تبارك أيضا " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن صندل، عن يزيد بن خليفة، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة اقتربت الساعة أخرجه الله من قبره على ناقة من
نوق الجنة (2).
2 - الدر المنثور: عن ابن عباس قال: قاري اقتربت يدعى في التوراة
المبيضة، تبيض وجه صاحبها يوم تبيض فيه الوجوه.
وعن عائشة مرفوعا من قرأ بالم تنزيل واقتربت الساعة، وتبارك الذي
بيده الملك، كن له نورا وحرزا من الشيطان، والشرك، ورفع له في الدرجات
يوم القيامة.
وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة رفعه: من قرأ اقتربت الساعة في كل
ليلتين، بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر.
وعن شيخ من همدان رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ اقتربت الساعة غبا ليلة
وليلة حتى يموت لقي الله ووجهه أضوء من القمر ليلة البدر (3).

(1) ثواب الأعمال ص 105.
(2) ثواب الأعمال ص 105.
(3) الدر المنثور ج 6 ص 132.
305

77 (باب)
* " فضائل سورة الرحمن " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: لا تدعوا قراءة سورة الرحمن والقيام بها، فإنها لا تقر في قلوب
المنافقين ويأتي بها ربها يوم القيامة في صورة آدمي في أحسن صورة، وأطيب
ريح، حتى يقف من الله موقفا لا يكون أحد أقرب إلى الله منها، فيقول لها: من
الذي كان يقوم بك في الحياة الدنيا، ويدمن قراءتك؟ فتقول: يا رب فلان
وفلان، فتبيض وجوههم فيقول لهم: اشفعوا فيمن أحببتم فيشفعون حتى لا يبقى لهم
غاية ولا أحد يشفعون له، فيقول لهم: ادخلوا الجنة، وأسكنوا فيها حيث شئتم (1).
2 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام أو بعض أصحابنا
عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة الرحمن فقال عند كل
" فبأي آلاء ربكما تكذبان ": لا بشئ من آلائك رب اكذب، فان قرأها ليلا
ثم مات مات شهيدا، وإن قرأها نهارا فمات مات شهيدا (2).
3 - الكافي: الحسين بن محمد، عن عبد الله بن عامر، عن علي بن مهزيار، عن محمد
ابن يحيى، عن حماد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يستحب أن
يقرء في دبر الغداة يوم الجمعة الرحمن كلها ثم كلما قلت: " فبأي آلاء ربكما
تكذبان " قلت: لا بشئ من آلائك رب اكذب (3).

(1) ثواب الأعمال ص 105.
(2) ثواب الأعمال ص 105.
(3) الكافي ج 3 ص 429.
306

78 (باب)
* " فضائل سورة الواقعة، وفيه ذكر فضل سور أخرى أيضا " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء في كل ليلة جمعة الواقعة أحبه الله وأحبه إلى
الناس أجمعين، ولم ير في الدنيا بؤسا أبدا ولا فقرا ولا فاقة ولا آفة من آفات الدنيا
وكان من رفقاء أمير المؤمنين عليه السلام وهذه السورة لأمير المؤمنين عليه السلام خاصة لم
يشركه فيها أحد (1).
فقه الرضا (ع): من قرأ الواقعة في كل جمعة لم ير في الدنيا بؤسا إلى آخر الخبر.
2 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن أحمد بن معروف
عن محمد بن حمزة قال: قال الصادق عليه السلام: من اشتاق إلى الجنة وإلى صفتها فليقرء
الواقعة، ومن أحب أن ينظر إلى صفة النار فليقرء سجدة لقمان (2).
3 - ثواب الأعمال (3): ابن الوليد، عن الصفار، عن العباس، عن حماد، عن عمرو، عن
الشحام، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام لقي الله
عز وجل ووجهه كالقمر ليلة البدر (4).
79 (باب)
* " فضائل سورة الحديد وسورة المجادلة " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم، عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة الحديد والمجادلة في صلاة فريضة أدمنها لم يعذبه
الله حتى يموت أبدا، ولا يرى في نفسه ولا في أهله سوءا أبدا ولا خصاصة في بدنه (5).
فقه الرضا (ع): مثله.

(1) ثواب الأعمال ص 105.
(2) ثواب الأعمال ص 106.
(3) ثواب الأعمال ص 106.
(4) في هامش الأصل: فيرجع إلى الدر المنثور وكتب ثواب الواقعة....
(5) ثواب الأعمال ص 106.
307

80 (باب)
* (فضائل سورة الحشر وثواب آيات أو اخرها أيضا) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن علي بن القاسم الكندي، عن محمد
ابن عبد الواحد، عن أبي الجليل يرفع الحديث، عن علي بن زيد بن جذعان، عن
زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ سورة الحشر لم
يبق جنة ولا نار، ولا عرش ولا كرسي، ولا الحجب والسماوات السبع، والأرضون
السبع، والهوى والريح، والطير، والشجر، والجبال والشمس والقمر، والملائكة
إلا صلوا عليه، واستغفروا له، وإن مات في يومه أو ليلته كان شهيدا (1).
2 - جامع الأخبار: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قال بكرة: أعوذ بالله السميع العليم من
الشيطان الرجيم، وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر، وكل الله عليه سبعة
آلاف من الملائكة يحافظونه، ويصلون عليه إلى الليل، وإن مات في ذلك اليوم
مات شهيدا (2).
3 - الدر المنثور: عن ابن مسعود وعلي عليه السلام مرفوعا في قوله " لو أنزلنا
هذا القرآن على جبل " إلى آخر السورة، قال: هي رقية الصداع.
وعن إدريس بن عبد الكريم الحداد قال: قرأت على خلف (3) فلما بغلت هذه
الآية " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل " قال: ضع يدك على رأسك فاني قرأت
على سليم فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يدك على رأسك، فاني قرأت على
حمزة (4) فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يدك على رأسك، فاني قرأت على علقمة

(1) ثواب الأعمال ص 106.
(2) جامع الأخبار ص 56.
(3) أحد القراء.
(4) في المصدر المطبوع: فانى قرأت على الأعمش فلما بلغت هذه الآية قال: ضع
يدك على رأسك، فانى قرأت على يحيى بن وثاب، فلما بلغت هذه الآية قال: ضع يدك على
رأسك فانى قرأت على علقمة الخ.
308

والأسود، فلما بلغت هذه الآية قالا: ضع يدك على رأسك فانا قرأنا على عبد الله
فلما بلغنا هذه الآية قال: ضعا أيديكما على رؤوسكما فاني قرأت على النبي صلى الله عليه وآله
فلما بلغت هذه الآية قال لي: ضع يدك على رأسك فان جبرئيل لما نزل بها
إلي قال لي: ضع يدك على رأسك، فإنها شفاء من كل داء، إلا السام
والسام الموت (1).
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قرء آخر سورة الحشر ثم مات من
يومه أو ليلته كفر عنه كل خطيئة عملها.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر رجلا إذا أوى إلى فراشه أن يقرأ سورة
الحشر وقال: إن مت مت شهيدا.
وعن النبي صلى الله عليه وآله من قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم
من الشيطان الرجيم ثم قرء ثلاث آيات من آخر سورة الحشر، وكل الله به سبعين
ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات ذلك اليوم مات شهيدا، ومن قالها
حين يمسي كان بتلك المنزلة.
وعن محمد بن الحنفية: أن البراء بن عازب قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام:
أسألك بالله ما خصصتني بأفضل ما خصك به رسول الله صلى الله عليه وآله مما خصه به جبرئيل
مما بعث به إليه الرحمن، قال يا براء إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ
من أول الحديد عشر آيات وآخر الحشر ثم قل: يا من هو هكذا، وليس شئ
هكذا غيره، أسألك أن تفعل بي كذا وكذا، فوالله يا براء لو دعوت علي
لخسف بي.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تعوذ بالله من الشيطان ثلاث
مرات، ثم قرأ آخر سورة الحشر بعث الله سبعين ألف ملك يطردون عنه شياطين
الإنس والجن إن كان ليلا حتى يصبح، وإن كان نهارا حتى يمسي.

(1) الدر المنثور ج 6 ص 201.
309

وعن أبي أمامة قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء خواتيم الحشر في ليل
أو نهار فمات من ليله أو يومه فقد أوجب له الجنة.
وعن عقبة قال: حدثنا أصحاب نبينا صلى الله عليه وآله أن من قرأ خواتيم الحشر حين
يصبح أدرك ما فاته ليلته وكان محفوظا إلى أن يمسي، ومن قرأها حين يمسي أدرك
ما فاته من يومه وكان محفوظا إلى أن يصبح وإن مات أوجب.
وعن الحسن بن علي عليهما السلام قال: من قرء ثلاث آيات من آخر سورة الحشر
إذا أصبح فمات من يومه ذلك طبع بطابع الشهداء، وإن قرأ إذا أمسى فمات في ليلته
طبع بطابع الشهداء (1).
81 (باب)
* " (فضائل سورة الممتحنة) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني عن عاصم الخياط، عن الثمالي، عن
علي بن الحسين عليهما السلام قال: من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله، امتحن الله
قلبه للايمان، ونور له بصره، ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه ولا في ولده (2)
فقه الرضا (ع): مثله.
2 - مكارم الأخلاق: عنه عليه السلام مثله وفي رواية ويكون محمودا عند الناس (3).
82 (باب)
* " فضائل سورة الصف " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني. عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: من قرأ سورة الصف وأدمن قراءتها في فرائضه ونوافله، صفه اله مع ملائكته
وأنبيائه المرسلين إنشاء الله (4).

(1) الدر المنثور ج 6 ص 202.
(2) ثواب الأعمال ص 107.
(3) مكارم الأخلاق ص 420.
(4) ثواب الأعمال ص 107.
310

83 (باب)
* (فضائل سورتي الجمعة والمنافقين) *
* (وفيه فضل غيرهما من السور أيضا) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن ابن عميرة، عن منصور بن حازم، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من الواجب على كل مؤمن - إذا كان لنا شيعة - أن يقرأ في
ليلة الجمعة بالجمعة: وسبح اسم ربك الاعلى، وفي صلاة الظهر بالجمعة
والمنافقين، فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وكان جزاؤه وثوابه
على الله الجنة.
2 - الدر المنثور: عن أبي هريرة: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقرء في الجمعة بسورة
الجمعة، وإذا جاءك المنافقون.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرء في الجمعة بسورة الجمعة، وإذا جاءك
المنافقون.
وعن ابن عنبسة الخولاني عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يقرء في يوم الجمعة السورة
التي يذكر فيها الجمعة، وإذا جاءك المنافقون.
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله صلى بهم يوم الجمعة فقرأ بسورة الجمعة
يحرض بها المؤمنين وإذا جاءك المنافقون يوبخ بها المنافقين.
وعن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرء في صلاة المغرب ليلة
الجمعة قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وكان يقرء في صلاة العشاء الآخرة ليلة
الجمعة سورة الجمعة والمنافقين (2).

(1) ثواب الأعمال ص 107.
(2) الدر المنثور ج 6 ص 215.
311

84 (باب)
* (فضائل سورة التغابن) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي بصير، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة التغابن في فريضة كانت شفيعة له يوم القيامة، وشاهد
عدل عند من يجيز شهادتها، ثم لا يفارقها حتى تدخله الجنة (1).
* 85 (باب) *
* (فضائل قراءة المسبحات) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن محمد بن مسكين، عن عمرو بن شمر
عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء بالمسبحات كلها قبل أن ينام لم يمت
حتى يدرك القائم عليه السلام وإن مات كان في جوار النبي صلى الله عليه وآله (2).
2 - الدر المنثور: عن يحيى بن أبي كثير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينام
حتى يقرء المسبحات وكان يقول: إن فيهن آية هي أفضل من ألف آية، قال يحيى:
فنراها الآية التي في آخر الحشر (3).
* 86 (باب) *
* " (فضائل سورتي الطلاق والتحريم) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة الطلاق والتحريم في فريضة أعاذه الله من
أن يكون يوم القيامة ممن يخاف أو يحزن، وعوفي من النار، وأدخله الله الجنة
بتلاوته إياهما، ومحافظته عليهما، لأنهما النبي صلى الله عليه وآله (4).

(1) ثواب الأعمال ص 107.
(2) ثواب الأعمال ص 107.
(3) الدر المنثور ج 6 ص 107.
(4) ثواب الأعمال ص 107.
312

87 (باب)
* " (فضائل سورة تبارك زائدا على ما تقدم) " *
* " (ويأتي في طي سائر الأبواب) " *
* " (وفيه فضل بعض آياتها وفضل سور أخرى أيضا) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قرء تبارك الذي بيده الملك في المكتوبة، قبل أن ينام
لم يزل في أمان الله حتى يصبح وفي أمانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة (1).
2 - دعوات الراوندي: قال ابن عباس: إن رجلا ضرب خباءه على قبر
ولم يعلم أنه قبر فقرأ " تبارك الذي بيده الملك " فسمع صائحا يقول: هي المنجية
فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال: هي المنجية من عذاب القبر.
3 - الدر المنثور: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من اشتكى
ضرسه فليضع أصبعه عليه، وليقرأ هاتين الآيتين، سبع مرات " وهو الذي أنشأكم
من نفس واحدة فمستقر - إلى - يفقهون " (2) " وهو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع
والابصار - إلى - تشكرون " (3) فإنه يبرأ بإذن الله (4).
4 - الدر المنثور: للسيوطي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له " تبارك
الذي بيده الملك ".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها

(1) ثواب الأعمال ص 108.
(2) الانعام: 98.
(3) الملك: 23.
(4) الدر المنثور ج 6 ص 248.
313

حتى أدخلته الجنة " تبارك الذي بيده الملك ".
وعن ابن عباس قال: ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فناة (1) على قبر
وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان فقرء سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي
صلى الله عليه وآله فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هي المانعة المنجية، تنجيه
عذاب القبر.
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " تبارك " هي المانعة من عذاب القبر.
وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنزلت علي سورة تبارك
وهي ثلاثون آية جملة واحدة، وقال: هي المانعة في القبور.
وعن ابن عباس قال لرجل: ألا أتحفك بحديث تفرح به؟ قال: بلى قال:
اقرأ " تبارك الذي بيده الملك " وعلمها أهلك وجميع ولدك، وصبيان بيتك
وجيرانك، فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها، وتطلب له
أن ينجيه من عذاب النار، وينجو بها صاحبها من عذاب القبر، قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن رجلا كان ممن كان قبلكم مات
وليس معه شئ من كتاب الله إلا تبارك، فلما وضع في حفرته أتاه الملك، فنادت
السورة في وجهه، فقال لها: إنك من كتاب الله وأنا أكره مساءتك، وإني لا
أملك لك ولاله ولا لنفسي نفعا ولا ضرا، فان أردت هداية فانطلقي إلى الرب
فاشفعي له، فتنطلق إلى الرب فتقول: يا رب إن فلانا عمد إلى من بين كتابك
فتعلمني وتلاني أفتحرقه أنت بالنار ومعذبه وأنا في جوفه؟ فان كنت فاعلا ذلك
به فامحني من كتابك، فيقول: أراك غضبت، فيقول: وحق لي أن غضب، فيقول:
اذهبي فقد وهبته لك، وشفعتك فيه، فتجئ سورة الملك فيخرج كاسف البال لم
يحل منه بشئ فتجئ فتضع فاها على فيه، فتقول: مرحبا بهذا الفم، فربما تلاني
ومرحبا بهذا الصدر، فربما وعاني، ومرحبا بهاتين القدمين فربما قامتا بي

(1) الفناة العريش الواسع الظل.
314

وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه، فلما حدث رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الحديث
لم يبق صغير ولا كبير ولا حر ولا عبد إلا تعلمها، وسماها رسول الله صلى الله عليه وآله
المنجية (1).
وعن ابن مسعود قال: يؤتى الرجل في قبره من قبل رجليه، فتقول رجلاه:
ليس لكم على ما قبلي سبيل، قد كان يقوم علينا بسورة الملك، ثم يؤتى من قبل
صدره فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، قد كان وعاني سوره الملك، ثم يؤتى
من قبل رأسه فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل قد كان يقرأ بي سورة الملك
فهي المانعة تمنع من عذاب القبر وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة
فقد أكثر وأطيب.
وعن ابن مسعود قال: إن الميت إذا مات أو قدت حوله نيران فتأكل كل
نار ما يليها إن لم يكن له عمل يحول بينه وبينها، وإن رجلا مات ولم يكن
يقرأ من القرآن إلا سورة ثلاثين آية، فأتته من قبل رأسه فقالت: إنه كان
يقرأني فأتته من قبل رجليه فقالت: إنه كان يقوم بي، فأتته من قبل جوفه فقالت:
إنه كان وعاني، فأنجته، قال: فنظرت أنا ومسروق في المصحف فلم نجد سورة
ثلاثين آية إلا تبارك.
وعن أنس مرفوعا: يبعث رجل يوم القيامة لم يترك شيئا من المعاصي إلا
ركبها إلا أنه كان يوحد الله، ولم يكن يقرأ من القرآن إلا سورة واحدة، فيؤمر
به إلى النار، فطار من جوفه شئ كالشهاب فقالت: اللهم إني مما أنزلت على
نبيك، وكان عبدك هذا يقرأني، فما زالت تشفع حتى أدخلته الجنة، وهي
المنجية: تبارك الذي بيده الملك.
وعن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يقرء في صلاة الجمعة بسورة الجمعة
وسبح اسم ربك الاعلى، وفي صلاة الصبح يوم الجمعة ألم تنزيل، وتبارك الذي
بيده الملك.

(1) الدر المنثور ج 6 ص 246.
315

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لا أجد في كتاب الله سورة
وهي ثلاثون آية من قرأها عند نومه كتب له بها ثلاثون حسنة، ومحي له بها ثلاثون
سيئة، ورفع له ثلاثون درجة، وبعث الله إليه ملكا من الملائكة يبسط عليه جناحه
ويحفظه من كل سوء حتى يستيقظ، وهي المجادلة يجادل عن صاحبها في القبر
وهي تبارك الذي بيده الملك.
وعن أنس رفعه: لقد رأيت عجبا رأيت رجلا مات كان كثير الذنوب، مسرفا
على نفسه، فكلما توجه إليه العذاب في قبره من قبل رجليه أو من قبل رأسه أقبلت
السورة التي فيها الطير تجادل عنه العذاب: إنه كان يحافظ علي وقد وعدني ربي
أنه من واظب علي أن لا يعذبه، فانصرف عنه العذاب بها، وكان المهاجرون
والأنصار يتعلمونها، ويقولون: المغبون من لم يتعلمها، وهي سورة الملك.
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ ألم تنزيل السجدة، وتبارك الذي
بيده الملك كل ليلة، لا يدعها في سفر ولا حضر.
وعن علي عليه السلام: كلمات من قالهن عند وفاته دخل الجنة: لا إله إلا الله
الحليم الكريم - ثلاث مرات - الحمد لله رب العالمين - ثلاث مرات - تبارك الذي
بيده الملك يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير (1).
88 (باب) *
* " (فضائل سورة القلم) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن علي بن ميمون قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: من قرأ سورة نون والقلم في فريضة أو نافلة آمنه الله عز وجل من
أن يصيبه فقر أبدا، وأعاذه الله إذا مات من ضمة القبر (2).

(1) الدر المنثور ج 6 ص 247.
(2) ثواب الأعمال ص 108.
316

89 (باب)
* (فضائل سورة الحاقة) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن محمد بن مسكين، عن عمرو بن شمر
عن جابر، عن أبي عبد الله جعفر عليه السلام قال: أكثروا من قراءة الحاقة، فان
قراءتها في الفرائض والنوافل من الايمان بالله ورسوله، لأنها إنما نزلت في
أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية، ولم يسلب قارئها دينه حتى يلقى الله عز وجل (1).
90 (باب)
* (فضائل سورة سأل سائل) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن محمد بن مسكين، عن عمرو بن
شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أكثروا من قراءة سأل سائل، قال:
من أكثر قراءتها لم يسأله الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله، وأسكنه الجنة
مع محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم (2).
91 (باب)
* (فضائل سورة نوح) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن الحسين بن هاشم، عن أبيه، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان يؤمن بالله ويقرء كتابه، لا يدع قراءة سورة " إنا
أرسلنا نوحا إلى قومه " فأي عبد قرأها محتسبا صابرا في فريضة أو نافلة، أسكنه
الله تعالى مساكن الأبرار، وأعطاه ثلاث جنان، مع جنته كرامة من الله وزوجه
مأتي حوراء، وأربعة آلاف ثيب إنشاء الله (3).

(1) ثواب الأعمال ص 108.
(2) ثواب الأعمال ص 108.
(3) ثواب الأعمال ص 108.
317

92 (باب)
* (فضائل سورة الجن) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من أكثر قراءة " قل أوحي إلى " لم يصبه في الحياة الدنيا شئ من
أعين الجن، ولا نفثهم وسحرهم ولا من كيدهم، وكان مع محمد عليه الصلاة
والسلام فيقول: يا رب لا أريد به بدلا، ولا أريد أن أبغي عنه حولا (1).
93 (باب)
* (فضائل سورة المزمل) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن
حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة المزمل في العشاء الآخرة، أو في
آخر الليل كان له الليل والنهار شاهدين مع سورة المزمل، وأحياه الله حياة طيبة
وأماته الله ميتة طيبة (2).
فقه الرضا (ع): مثله.
92 (باب)
* (فضائل سورة المدثر) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن عاصم الخياط، عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام قال: من قرء في الفريضة سورة المدثر كان حقا
على الله عز وجل أن يجعله مع محمد صلى الله عليه وآله في درجته، ولا يدركه في حياة الدنيا
شقاء أبدا إنشاء الله (3).

(1) ثواب الأعمال ص 108.
(2) ثواب الأعمال ص 109.
(3) ثواب الأعمال ص 109.
318

* 95 (باب) *
* " (فضائل سورة القيامة) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي -
بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أدمن قراءة لا اقسم، وكان يعمل بها، بعثه
الله عز وجل مع رسول الله صلى الله عليه وآله من قبره، في أحسن صورة، ويبشره ويضحك في
وجهه، حتى يجوز على الصراط والميزان (1).
96 (باب)
* " (فضائل سورة الانسان) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن عمرو بن جبير العرزمي، عن أبيه
عن أبي جعفر عليه السلام من قرء " هل أتى على الانسان " في كل غداة خميس، زوجه الله
من الحور ثمان مائة عذراء، وأربعة آلاف ثيب، وحوراء من الحور العين، وكان
مع محمد صلى الله عليه وآله (2).
97 (باب)
* " (فضائل سورة المرسلات وعم يتسائلون والنازعات) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن الحسين بن عمرو الرماني، عن
أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ " والمرسلات عرفا " عرف الله بينه وبين محمد
صلى الله عليه وآله، ومن قرء " عم يتسائلون " لم يخرج سنته - إذا كان يدمنها في كل

(1) ثواب الأعمال ص 109.
(2) ثواب الأعمال ص 109.
319

يوم - حتى يزور بيت الله الحرام إنشاء الله، ومن قرأ والنازعات لم يمت إلا ريانا
ولم يبعثه الله إلا ريانا، ولم يدخله الله الجنة إلا ريانا (1).
فقه الرضا (ع): من قرأ والنازعات وذكر مثله.
2 - مكارم الأخلاق: من قرء والنازعات لم يدخله الله الجنة إلا ريان، ولا يدركه في
الدنيا شقاء أبدا (2).
98 (باب)
* (فضائل سورتي عبس، وإذا الشمس كورت) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قرء عبس وتولى وإذا الشمس كورت، كان تحت جناح
الله من الجنان، وفي ظل الله وكرامته، وفي جنابه، ولا يعظم ذلك على الله ربه
إنشاء الله (3).
2 - الدر المنثور: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن
ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرء إذا الشمس كورت وإذا السماء
انفطرت، وإذا السماء انشقت (4).
99 * (باب) *
* (فضائل سورتي إذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن الحسين بن أبي العلا قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: من قرأ هاتين السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلاة الفريضة والنافلة

(1) ثواب الأعمال ص 109.
(2) مكارم الأخلاق ص 420.
(3) ثواب الأعمال ص 110.
(4) الدر المنثور ج 6 ص 318.
320

إذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت لم يحجبه من الله حاجب، ولم يحجزه
من الله حاجز، ولم يزل ينظر إلى الله، وينظر الله إليه، حتى يفرغ من حساب
الناس (1).
* 100 (باب 100) *
* " (فضائل سورة المطففين) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قرء في الفريضة " ويل للمطففين " أعطاه الله الامن يوم القيامة
من النار، ولم تره ولا يراها، ولا يمر على جسر جهنم، ولا يحاسب يوم
القيامة (2).
* 101 (باب) *
* " (فضائل سورة البروج، وفيه فضل سور أخرى أيضا) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن الحسين بن أحمد المقري، عن
يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء والسماء ذات البروج في
فرائضه، فإنها سورة النبيين، كان محشره وموقفه مع النبيين والمرسلين
[والصالحين] (3).
2 - مكارم الأخلاق: روي لمن سقي سما أو لدغته ذو حمة من ذوات السموم، تقرء
على الماء " والسماء ذات البروج " ويسقى فإنه لا يضره إنشاء الله (4).
3 - الدر المنثور: للسيوطي، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقرء

(1) ثواب الأعمال ص 101.
(2) ثواب الأعمال ص 101.
(3) ثواب الأعمال ص 101.
(4) مكارم الأخلاق: 420.
321

في العشاء الآخرة بالسماء ذات البروج والسماء والطارق.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن يقرء بالسماوات (1) في العشاء
وعن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء والطارق
والسماء ذات البروج.
وعن سعيد بن منصور، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لمعاذ: اقرأ بهم
العشاء بسبح اسم ربك الاعلى، والليل إذا يغشى، والسماء ذات البروج (2).
102 (باب)
* (فضائل سورة الطارق) *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن المعلى بن خنيس، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من كانت قراءته في فرائضه بالسماء والطارق، كانت له عند الله
يوم القيامة جاه ومنزلة، وكان من رفقاء النبيين وأصحابهم في الجنة (3).
103 (باب)
(فضائل سورة الاعلى، وفيه فضل سور أخرى أيضا)
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قرء سبح اسم ربك الاعلى في فريضة أو نافلة، قيل له يوم القيامة:
ادخل من أي أبواب الجنان شئت. إنشاء الله (4).
2 - الدر المنثور: عن علي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب هذه السورة
" سبح اسم ربك الاعلى ".
وعن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح

(1) كذا في الأصل والمصدر، ولعله يعنى السورتين: السماء والطارق، والسماء
ذات البروج.
(2) الدر المنثور ج 6 ص 331.
(3) ثواب الأعمال ص 110.
(4) ثواب الأعمال ص 110.
322

اسم ربك الاعلى، وهل أتيك حديث الغاشية وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا.
وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في العيد بسبح اسم ربك الاعلى
وهل أتيك حديث الغاشية.
وعن مرة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الاعلى
وهل أتيك حديث الغاشية.
وعن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قرأ في صلاة الجمعة سبح اسم
ربك الاعلى، وهل أتيك حديث الغاشية.
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في الظهر والعصر بسبح اسم
ربك الاعلى، وهل أتيك حديث الغاشية (1).
أقول: وقد سبق ويأتي أيضا في مطاوي الأبواب السابقة واللاحقة أيضا
فضائل سورة الاعلى فلا تغفل.
104 (باب)
(فضائل سورة الغاشية)
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من أدمن قراءة هل أتيك حديث الغاشية في فريضة أو نافلة غشاه الله
برحمته في الدنيا والآخرة، وآتاه الله الامن يوم القيامة من عذاب النار (2).
105 (باب)
(فضائل سورة الفجر)
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن صندل، عن داود بن فرقد، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: اقرؤا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة

(1) الدر المنثور ج 6 ص 337 و 342.
(2) ثواب الأعمال ص 111.
323

الحسين بن علي عليهما السلام من قرأها كان مع الحسين عليه السلام يوم القيامة، في درجته من
الجنة، إن الله عزيز حكيم (1).
106 * (باب) *
(فضائل سورة البلد)
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبيه والحسين بن أبي العلا، عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان قراءته في الفريضة لا اقسم بهذا البلد، كان
في الدنيا معروفا أنه من الصالحين، وكان في الآخرة معروفا أن له من الله مكانا
وكان يوم القيامة من رفقاء النبيين والشهداء والصالحين (2).
107 (باب)
(فضائل سورة والشمس وضحيها، وسورة والليل، وسورة والضحى)
(وسورة ألم نشرح)
وفيه فضل غيرها من السور أيضا
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سمعته يقول: من أكثر قراءة والشمس وضحيها، والليل إذا يغشى، والضحى
وألم نشرح في يوم أو في ليلة، لم يبق شئ بحضرته إلا شهد له يوم القيامة، حتى
شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه، وجميع ما أقلت الأرض منه، ويقول
الرب تبارك وتعالى: قبلت شهادتكم لعبدي وأجزتها له، انطلقوا به إلى جناتي حتى
يتخير منها حيث ما أحب، فأعطوه إياها من غير من مني، ولكن رحمة مني
وفضلا مني عليه، فهنيئا هنيئا لعبدي (3).

(1) ثواب الأعمال ص 111.
(2) ثواب الأعمال ص 111.
(3) ثواب الأعمال ص 111.
324

2 - الدر المنثور: عن عمرو بن حريث أن النبي صلى الله عليه وآله قرأ في الفجر
والليل إذا عسعس (1).
وعن جابر بن سمرة قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يقرأ في الظهر والعصر " والليل
إذا يغشى " ونحوها (2).
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بهم الهاجرة فرفع صوته، فقرأ والشمس
وضحيها، والليل إذا يغشى، فقال له أبي بن كعب: يا رسول الله أمرت في هذه
الصلاة بشئ؟ فقال: لا، ولكن أريد أن أوقت لكم (3).
3 - الدر المنثور: عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقرأ في صلاة العشاء
بالشمس وضحيها، وأشباهها من السور.
وعن ابن سيرين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأ في العيدين بسبح اسم
ربك الاعلى، والشمس وضحيها.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله أمره أن يقرأ في صلاة الصبح بالليل إذا
يغشى، والشمس وضحيها.
وعن عقبة بن عامر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن نصلي ركعتي الضحى
بسورتيهما بالشمس وضحيها، والضحى (4).

(1) الدر المنثور ج 6 ص 318، والمعنى أنه صلى الله عليه وآله قرأ في صلاة الفجر
سورة التكوير.
(2) الدر المنثور ج 6 ص 357.
(3) الدر المنثور ج 6 ص 356.
(4) الدر المنثور ج 6 ص 355.
325

108 (باب)
* " فضائل سورة والتين " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن شعيب العقر قوفي، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قرأ سورة والتين في فرائضه ونوافله أعطي من الجنة حتى
يرضى إن شاء الله (1).
2 - الدر المنثور: عن البراء بن عازب قال: كان النبي صلى الله عليه وآله في سفر
فصلى العشاء فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون، فما سمعت أحدا أحسن
صوتا ولا قراءة منه.
وعنه قال: قرء صلى الله عليه وآله في المغرب وعن عبد الله بن زيد مثله.
وعن زرعة بن خليفة قال: قرأ في الغداة بالتين والقدر (2).
109 (باب)
* " فضائل سورة اقرأ باسم ربك " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن علي بن مسكان، عن سليمان بن
خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء في يوم أو ليلته اقرأ باسم ربك، ثم
مات في يومه أو في ليلته مات شهيدا وبعثه الله شهيدا وأحياه شهيدا وكان كمن ضرب
بسيفه في سبيل الله مع رسول الله صلى الله عليه وآله (3).

(1) ثواب الأعمال ص 111.
(2) الدر المنثور ج 6 ص 365.
(3) ثواب الأعمال ص 112.
326

110 (باب)
* " فضائل سورة القدر " *
أقول: وقد سبق ويأتي في الأبواب السابقة واللاحقة ما يتعلق بفضائل هذه
السورة، وقد أوردنا في كتاب الصلاة والصيام وأبواب عمل السنة وغيرها أيضا كثيرا
من أخبار هذا الباب فلا تغفل.
1 - أمالي الصدوق: ابن موسى، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن الكاظم
عليه السلام قال: إن لله يوم الجمعة ألف نفحة من رحمته يعطي كل عبد منها ما شاء
فمن قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر بعد العصر يوم الجمعة، مائة مرة، وهب الله له
تلك الألف ومثلها (1).
2 - أمالي الصدوق: بهذا الاسناد، عن الكاظم عليه السلام أنه سمع بعض آبائه عليهم السلام رجلا يقرء
إنا أنزلناه، فقال صدق وغفر له (2).
أقول: تمامه في باب الفاتحة.
3 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم عن ابن البطائني، عن أبيه، عن ابن أبي العلاء، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر في فريضة من فرائض الله
نادى مناد: يا عبد الله! غفر الله لك ما مضى، فاستأنف العمل (3).
فقه الرضا (ع): مثله.
4 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن عميرة
عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرء إنا أنزلناه في ليلة القدر فجهر بها
صوته، كان كالشاهر سيفه في سبيل الله عز وجل، ومن قرأها سرا كان كالمتشحط
بدمه في سبيل الله، ومن قرأها عشر مرات محا الله عنه ألف ذنب من ذنوبه (4).

(1) أمالي الصدوق ص 361.
(2) أمالي الصدوق ص 361.
(3) ثواب الأعمال ص 112.
(4) ثواب الأعمال ص 112.
327

5 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن النهدي، عن إسماعيل بن سهل قال:
كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام علمني شيئا إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة
قال: فكتب بخطه أعرفه: أكثر من تلاوة إنا أنزلناه، ورطب شفتيك
بالاستغفار (1).
6 - طب الأئمة: محمد بن عبد الله بن زيد، عن محمد بن بكر الأزدي، عن أبي عبد الله
عليه السلام وأوصى أصحابه وأولياءه: من كان به علة فليأخذ قلة جديدة، وليجعل
فيها الماء وليستقي الماء بنفسه، وليقرأ على الماء سورة إنا أنزلناه على الترتيل
ثلاثين مرة، ثم ليشرب من ذلك الماء، وليتوضأ، وليمسح به، وكلما نقص زاد
فيه فإنه لا يظهر ذلك ثلاثة أيام إلا ويعافيه الله تعالى من ذلك الداء (2).
7 - الكافي: العدة، عن سهل، عن علي بن سليمان، عن أحمد بن الفضل
أبي عمر الحذا قال: ساءت حالي فكتبت إلى أبي جعفر عليه السلام فكتب إلي أدم قراءة
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه، قال: فقرأتها حولا فلم أر شيئا فكتبت إليه اخبره بسوء
حالي وأني قد قرأت " إنا أسلنا نوحا إلى قومه " حولا كما أمرتني، ولم أر شيئا
قال: فكتب إلي: قد وفى لك الحول، فانتقل عنها إلى قراءة إنا أنزلناه، قال:
ففعلت فما كان إلا يسيرا حتى بعث إلي ابن أبي داود فقضى عني ديني، وأجرى علي
وعلى عيالي، ووجهني إلى البصرة في وكالته بباب كلاء (3) وأجرى علي خمس
مائة درهم.
وكتبت من البصرة على يدي علي بن مهزيار إلى أبي الحسن صلوات الله عليه أني
كنت سألت أباك عن كذا وكذا وشكوت إليه كذا وكذا وإني قد نلت الذي أحببت
فأحببت أن تخبرني يا مولاي كيف أصنع في قراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر؟ اقتصر
عليها وحدها في فرائضي وغيرها أم أقرأ معها غيرها؟ أم لها حد أعمل به، فوقع عليه السلام

(1) ثواب الأعمال ص 150.
(2) طب الأئمة ص 123.
(3) موضع بالبصرة وفى الأصل: كلتاء.
328

وقرأت التوقيع: لا تدع من القرآن قصيرة وطويلة، ويجزئك من قراءة إنا أنزلناه يومك
وليلتك مائة مرة (1).
8 - الكافي: سهل بن زياد، عن منصور بن العباس، عن إسماعيل بن سهل قال:
كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أني قد لزمني دين فادح، فكتب: أكثر من الاستغفار
ورطب لسانك بقراءة إنا أنزلناه (2).
9 - عدة الداعي: قراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر، على ما يدخر ويخبى حرز له
وردت بذلك الرواية عنهم عليهم السلام.
10 - المكارم: من أخذ قدحا وجعل فيه ماء وقرأ فيه إنا أنزلناه خمسا
وثلاثين مرة، ورش ذلك الماء على ثوبه، لم يزل في سعة حتى يبلى ذلك
الثوب (3). * (بسم الله الرحمن الرحيم) *
قال الكفعمي في بعض كتب أدعيته: ذكر الشيخ عز الدين الحسن بن
ناصر بن إبراهيم الحداد العاملي في كتابه طريق النجاة عن الجواد عليه السلام
أنه من قرأ سورة القدر في كل يوم وليلة ستا وسبعين مرة، خلق الله له ألف ملك
يكتبون ثوابها ستة وثلاثين ألف عام، ويضاعف الله استغفارهم له ألفي سنة ألف مرة.
وتوظيف ذلك في سبعة أوقات: الأول بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة الصبح
سبعا ليصلي عليه الملائكة ستة أيام.
الثاني بعد صلاة الغداة عشرا ليكون في ضمان الله إلى المساء.
الثالث إذا زالت الشمس قبل النافلة عشرا لينظر الله إليه ويفتح له أبواب
السماء.
الرابع بعد نوافل الزوال إحدى وعشرين، ليخلق الله تعالى له منها بيتا طوله
ثمانون ذراعا، وكذا عرضه وستون ذراعا سمكه، وحشوه ملائكة يستغفرون له إلى

(1) الكافي ج 5 ص 316.
(2) الكافي ج 5 ص 317.
(3) مكارم الأخلاق ص 117.
329

يوم القيامة ويضاعف الله استغفار هم ألفي سنة ألف مرة.
الخامس بعد العصر عشرا لتمر على مثل أعمال الخلايق يوما.
السادس بعد العشاء سبعا ليكون في ضمان الله إلى أن يصبح.
السابع حين يأوى إلى فراشه إحدى عشر ليخلق الله له منها ملكا راحته أكبر
من سبع سماوات وسبع أرضين، في موضع كل ذرة من جسده شعرة ينطق كل
شعرة بقوة الثقلين يستغفرون لقارئها إلى يوم القيامة.
وعن الصادق عليه السلام النور الذي يسعى بين يدي المؤمنين يوم القيامة نور
إنا أنزلناه.
وعنه صلى الله عليه وآله: من قرأها في صلاة رفعت في عليين مقبوله مضاعفة، ومن قرأها ثم دعا
رفع دعاؤه إلى اللوح المحفوظ مستجابا ومن قرأها حبب إلى الناس، فلو
طلب من رجل أن يخرج من ماله بعد قراءتها حين يقابله لفعل، ومن خاف سلطانا
فقرأها حين ينظر إلى وجهه غلب له، ومن قرأها حين يريد الخصومة أعطي الظفر، ومن
يشفع بها إلى الله تعالى شفعه، وأعطاه سؤله.
وقال عليه السلام: لو قلت لصدقت أن قارئها لا يفرغ من قراءتها حتى يكتب له
براءة من النار.
وروى الشيخ في متهجده قراءتها بعد نافلة الليل ثلاثا ويوم الجمعة بعد العصر
يستغفر الله سبعين مرة ثم يقرأها عشرا فيكون أوقاتها تسعة. هذا ما آخر تلخص من
كتاب طريق النجاة.
قلت: وذكر ابن فهد رحمه الله في عدته قراءتها في الثلث الأخير من ليلة الجمعة
خمس عشرة، فمن قرأها كذلك ثم دعا استجيب له.
وعن الباقر عليه السلام من قرأها بعد الصبح عشرا وحين تزول الشمس عشرا وبعد
العصر أتعب ألفي كاتبه ثلاثين سنة.
وعنه عليه السلام ما قرأها عبد سبعا بعد طلوع الفجر إلا صلى عليه سبعون صفا
سبعين صلاة وترحموا عليه سبعين رحمة.
330

وعنه عليه السلام: من قرأها في ليلة مائة مرة رأى الجنة قبل أن يصبح.
وعنه عليه السلام: من قرأها ألف مرة يوم الاثنين، وألف مرة يوم الخميس خلق الله
تعالى منه ملكا يدعى القوي، راحته أكبر من سبع سماوات، وسبع أرضين، وخلق
في جسده ألف ألف شعرة، وخلق في كل شعرة ألف لسان ينطق كل لسان بقوة
الثقلين، يستغفرون لقائلها، ويضاعف الله تعالى استغفارهم ألفي [سنة] ألف مرة.
وكان علي عليه السلام إذا رأى أحدا من شيعته قال: رحم الله من قرأ إنا
أنزلناه.
وعنه عليه السلام: لكل شئ ثمرة وثمرة القرآن إنا أنزلناه، ولكل
شئ كنز وكنز القرآن إنا أنزلناه، ولكل شئ عون وعون الضعفاء إنا أنزلناه
ولكل شئ يسر ويسر المعسرين إنا أنزلناه، ولكل شئ عصمة وعصمة المؤمنين
إنا أنزلناه، ولكل شئ هدى وهدى الصالحين إنا أنزلناه، ولكل شئ سيد
وسيد القرآن إنا أنزلناه، ولكل شئ زينة وزينة القرآن إنا أنزلناه، ولكل
شئ فسطاط وفسطاط المتعبدين إنا أنزلناه، ولكل شئ بشرى وبشرى البرايا
إنا أنزلناه، ولكل شئ حجة والحجة بعد النبي في إنا أنزلناه فآمنوا بها قيل:
وما الايمان بها؟ قال: إنها تكون في كل سنة وكل ما ينزل فيها حق.
وعنه عليه السلام: هي نعم رفيق المرء: بها يقضي دينه، ويعظم دينه، ويظهر
فلجه، ويطول عمره، ويحسن حاله، ومن كانت أكثر كلامه لقي الله تعالى
صديقا شهيدا.
وعنه عليه السلام: ما خلق الله تعالى ولا أعلم إلا لقارئها في موضع كل ذرة منه
حسنة.
وعنه عليه السلام: أبى الله تعالى أن يأتي على قارئها ساعة لم يذكره باسمه ويصلي
عليه، ولن تطرف عين قارئها إلا نظر الله إليه، وترحم عليه، أبى الله أن يكون
أحد بعد الأنبياء والأوصياء أكرم عليه من رعاة إنا أنزلناه، ورعايتها التلاوة
لها، أبى الله أن يكون عرشه وكرسيه أثقل في الميزان من أجر قارئها، أبى الله تعالى
331

أن يكون ما أحاط به الكرسي أكثر من ثوابه، أبى الله أن يكون لاحد من العباد
عنده سبحانه منزلة أفضل من منزلته، أبى الله أن يسخط على قارئها ويسخطه، قيل:
فما معنى يسخطه؟ قال: لا يسخطه بمنعه حاجته، أبى الله أن يكتب ثواب قارئها
غيره، أو يقبض روحه سواه، أبى الله أن يذكره جميع ملائكته إلا بتعظيم حتى
يستغفروا لقارئها، أبى الله أن ينام قارئها حتى يحفه بألف ملك يحفظونه حتى
يصبح، وبألف ملك حتى يمسي، أبى الله تعالى أن يكون شئ من النوافل
أفضل من قراءتها، أبى الله أن يرفع أعمال أهل القرآن إلا ولقارئها مثل أجرهم.
وعنه عليه السلام: ما فرغ عبد من قراءتها إلا صلت عليه الملائكة سبعة أيام.
وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال: من قرأ سورة القدر حين ينام إحدى عشرة
مرة، خلق الله له نورا سعته سعة الهواء عرضا وطولا ممتدا من قرار الهواء إلى
حجب النور فوق العرش، في كل درجة منه ألف ملك، لكل ملك ألف لسان
لكل لسان ألف لغة، يستغفرون لقارئها إلى زوال الليل، ثم يضع الله ذلك النور
في جسد قارئها إلى يوم القيامة.
وعنه عليه السلام: من قرأها حين ينام ويستيقظ ملا اللوح المحفوظ ثوابه.
* 111 (باب) *
* " (فضائل سورة لم يكن) " *
1 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن محمد بن حسان، عن
ابن مهران، عن ابن البطائني، عن ابن عميرة، عن الحضرمي، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: من قرأ سورة لم يكن كان بريئا من الشرك، وادخل في دين محمد
صلى الله عليه وآله، وبعثه الله عز وجل مؤمنا، وحاسبه حسابا يسيرا (1).
2 - الدر المنثور: عن إسماعيل بن أبي حكيم المزني أحد بني فضيل سمعت

(1) ثواب الأعمال ص 112.
332

رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله ليسمع قراءة " الذين كفروا " فيقول: أبشر عبدي
فو عزتي وجلالي لأمكنن لك في الجنة ترضى (1).
* 112 (باب) *
* " (فضائل سورة الزلزال، وفيه فضل سور أخرى أيضا) " *
أقول: وقد سبق ويأتي فضل هذه السورة في الأبواب السابقة واللاحقة
1 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من قرأ إذا زلزلت أربع مرات، كان كمن قرأ القرآن كله (2).
صحيفة الرضا (ع): عنه عليه السلام مثله (3).
2 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم، عن ابن البطائني، عن علي بن معبد، عن أبيه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تملوا قراءة إذا زلزلت الأرض فان من كانت قراءته
في نوافله، لم يصبه الله عز وجل بزلزلة أبدا، ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة
من آفات الدنيا، فإذا مات امر به إلى الجنة، فيقول الله عز وجل: عبدي أبحتك
جنتي فأسكن منها حيث شئت وهويت، لا ممنوعا ولا مدفوعا (4).
فقه الرضا (ع): مثله إلى قوله: من آفات الدنيا.
3 - الدر المنثور: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا زلزلت
الأرض " تعدل نصف القرآن، والعاديات تعدل نصف القرآن، وقل هو الله أحد
تعدل ثلث القرآن، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن.
وتمارى علي وابن عباس (5) في العاديات ضبحا فقال ابن عباس: هي الخيل

(1) الدر المنثور ج 6 ص 377.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 37.
(3) صحيفة الرضا عليه السلام ص 21.
(4) ثواب الأعمال ص 112.
(5) في الأصل: وعن ابن عباس وهو بسهو.
333

وقال علي: كذبت يا ابن فلانة والله ما كان معنا يوم بدر فارس إلا المقداد، كان
على فرس أبلق، قال: وكان علي عليه السلام يقول: هي الإبل، فقال ابن عباس:
ألا ترى أنها تثير نقعا؟ فما شئ تثير إلا بحوافرها (1).
4 - الدر المنثور: عن عبد الله بن عمرو قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال أقرئني يا رسول الله قال له: اقرأ ثلاثا من ذوات الر، فقال الرجل: كبر
سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني، قال: اقرأ ثلاثا من ذوات حم، فقال مثل
مقالته الأولى، فقال: اقرأ ثلاثا من المسبحات، فقال مثل مقالته، ولكن أقرئني
يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه " إذا زلزلت الأرض زلزالها " حتى فرغ منها قال
الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها، ثم أدبر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفلح
الرويجل أفلح الرويجل.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء " إذا زلزلت الأرض " عدلت
له بنصف القرآن، ومن قرأ " قل هو الله أحد " عدلت له بثلث القرآن، ومن قرء
" قل يا أيها الكافرون " عدلت له بربع القرآن.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا زلزلت " تعدل نصف
القرآن، و " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن، و " قل يا أيها الكافرون "
تعدل ربع القرآن.
وعن أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من قرأ في ليلة " إذا زلزلت "
كان له عدل نصف القرآن.
وعن رجل من بني جهينة: أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقرء في الصبح إذا زلزلت
الأرض في الركعتين كلتيهما، فلا أدري أنسي أم قرء ذلك عمدا.
وعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأصحابه الفجر، فقرأ بهم
في الركعة الأولى إذا زلزلت الأرض ثم أعادها في الثانية.
وعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى ركعتين بعد الوتر، وهو جالس

(1) الدر المنثور ج 6 ص 383.
334

يقرء فيهما إذا زلزلت وقل يا أيها الكافرون.
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس يقرأ
في الركعة الأولى بأم القرآن، وإذا زلزلت، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون.
وعن الشعبي قال: من قرأ إذا زلزلت الأرض فإنها تعدل سدس القرآن.
وعن عاصم قال: كان يقال: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وإذا زلزلت
نصف القرآن، وقل يا أيها الكافرون ربع القرآن.
وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا زلزلت تعدل نصف القرآن (1).
أقول: وفيه (2) فضل سور كثيرة أخرى أيضا من الطوال والقصار وغيرها فلا
تغفل.
* 113 (باب) *
* " (فضائل سورة والعاديات) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان
عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة العاديات وأدمن
قراءتها بعثه الله عز وجل مع أمير المؤمنين عليه السلام يوم القيامة خاصة، وكان في حجره
ورفقائه (3).
114 (باب)
* " (فضائل سورة القارعة) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن إسماعيل بن الزبير، عن عمرو
ابن ثابت، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ وأكثر من قراءة القارعة، آمنه
الله عز وجل من فتنه الدجال، أن يؤمن به، ومن فيح جهنم يوم القيامة (4).

(1) الدر المنثور ج 6 ص 379 و 380.
(2) يعنى تفسير الدر المنثور.
(3) ثواب الأعمال: 112.
(4) ثواب الأعمال ص 113.
335

115 (باب)
* " (فضائل سورة التكاثر زائدا على ما سبق ويأتي) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، إلى ابن البطائني، عن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من قرء سورة ألهيكم التكاثر في فريضة كتب الله له ثواب وأجر مائة شهيد، ومن
قرأها في نافلة كتب له ثواب خمسين شهيدا، وصلى معه في فريضته أربعون صفا
من الملائكة إنشاء الله (1).
2 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن سهل، عن ابن بشار
عن الدهقان، عن درست، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
قرأ ألهيكم التكاثر عند النوم وقي من فتنة القبر (2). دعوات الراوندي: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ ألهيكم التكاثر عند النوم
وقي فتنة القبر وكفاه الله شر منكر ونكير.
3 - الدر المنثور: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا يستطيع
أحدكم أن يقرء ألف آية كل يوم؟ قالوا: ومن يستطيع أن يقرء ألف آية، قال:
أما يستطيع أحد كم أن يقرء ألهيكم التكاثر (3).
116 (باب)
* " (فضائل سورة العصر) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد المتقدم، عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ والعصر في نوافله، بعثه الله يوم القيامة مشرقا وجهه
ضاحكا سنه، قريرا عينه، حتى يدخل الجنة (4).

(1) ثواب الأعمال: 113.
(2) ثواب الأعمال: 113.
(3) الدر المنثور ج 6: 386.
(4) ثواب الأعمال: 113.
336

* 117 (باب) *
* " (فضائل سورة الهمزة) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ ويل لكل همزة في فرائضه نفت عنه الفقر، وجلبت
عليه الرزق، وتدفع عنه ميتة السوء (1).
فقه الرضا (ع): مثله.
118 (باب)
* " فضائل سورة الفيل ولايلاف " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ في فرائضه " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل "
شهد له يوم القيامة كل سهل وجبل ومدر، بأنه كان من المصلين، وينادي له
يوم القيامة مناد: صدقتم على عبدي، قبلت شهادتكم له وعليه، أدخلوه الجنة، ولا
تحاسبوه فإنه ممن أحبه وأحب عمله (3).
2 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من أكثر قراءة " لايلاف قريش " بعثه الله يوم القيامة على مركب
من مراكب الجنة، حتى يقعد على موائد النور يوم القيامة.
قال الصدوق رحمه الله: من قرأ سورة الفيل فليقرأ معها لايلاف في ركعة
فريضة فإنهما جميعا سورة واحدة، ولا يجوز التفرد بواحدة منهما في ركعة
فريضة (3).

(1) ثواب الأعمال: 113.
(2) ثواب الأعمال: 113.
(3) ثواب الأعمال ص 114.
337

3 - من خط الشهيد رحمه الله عن الصادق عليه السلام يقرء في وجه العدو سورة
الفيل (1).
* 119 (باب)
* " (فضائل سورة أرأيت) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن إسماعيل بن الزبير، عن عمرو بن
ثابت، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة " أرأيت الذي يكذب بالدين "
في فرائضه ونوافله، كان فيمن قبل الله عز وجل صلاته وصيامه، ولم يحاسبه بما
كان منه في الحياة الدنيا (2).
120 * (باب) *
* " (فضائل سورة الكوثر) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد إلى ابن البطائني، عن ابن أبي العلا، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان قراءته " إنا أعطيناك الكوثر " في فرائضه ونوافله
سقاه الله من الكوثر يوم القيامة، وكان محدثه عند رسول الله صلى الله عليه وآله
في أصل طوبى (3).

(1) قال في المجمع ج 10 ص 543: في حديث أبي: من قرأها يعنى سورة لايلاف
أعطى من الاجر عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها.
قال: وروى العياشي باسناده عن المفضل بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سمعته يقول: لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة الا الضحى وألم نشرح، وألم تر كيف
ولايلاف قريش.
(2) ثواب الأعمال: 114.
(3) ثواب الأعمال: 114.
338

121 (باب)
* " (سورة الجحد وفضائلها وسبب نزولها وما يقال عند قراءتها) " * * " (زائدا على ما سبق ويأتي من هذه الأبواب، وفيه فضل سور) " *
* " (أخرى أيضا وخاصة سائر المعوذات وما يناسب ذلك من الفوائد) " *
1 - قرب الإسناد: ابن سعد، عن الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: في " قل
يا أيها الكافرون " يا أيها الكافرون. وفي " لا أعبد ما تعبدون " أعبد ربي، وفي
" ولي دين " ديني الاسلام، عليه أحيى وعليه أموت إنشاء الله (1).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام
قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة السفر فقرأ في الأولى قل يا أيها الكافرون، وفي
الأخرى قل هو الله أحد ثم قال: قرأت لكم ثلث القرآن وربعه (2).
صحيفة الرضا (ع): عنه عليه السلام مثله (3).
أقول: قد مضى في خبر رجاء بن الضحاك، عن الرضا عليه السلام أنه كان إذا
قرأ قل يا أيها الكافرون قال في نفسه سرا: يا أيها الكافرون، فإذا فرغ منها قال:
ربي الله وديني الاسلام (4).
3 - مجالس المفيد (5) أمالي الطوسي: المفيد، عن عبد الله بن أبي شيخ، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد
الحكيمي، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن محمد بن
إسحاق بن بشار، عن سعيد بن مينا، عن غير واحد أن نفرا من قريش اعترضوا
الرسول الله صلى الله عليه وآله، منهم عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة

(1) قرب الإسناد: 31، وقد صححناه بقرينة سائر الأخبار.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 37.
(3) صحيفة الرضا ص 20.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 180.
(5) مجالس المفيد: 153.
339

والعاص بن سعيد، فقالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك
نحن وأنت في الامر، فان يكن الذي نحن عليه الحق فقد أخذت بحظك منه
وإن يكن الذي أنت عليه الحق فقد أخذنا بحظنا منه، فأنزل الله تبارك وتعالى
" قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد " إلى آخر
السورة (1).
4 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير قال: سأل أبو شاكر أبا جعفر الأحول
عن قول الله: " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما
أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد " فهل يتكلم الحكيم
بمثل هذا القول ويكرره مرة بعد مرة؟ فلم يكن عند أبي جعفر الأحول في ذلك
جواب فدخل إلى المدينة فسأل أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال: كان سبب نزولها
وتكرارها أن قريشا قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: تعبد إلهنا سنة، ونعبد إلهك سنة
وتعبد إلهنا سنة ونعبد إلهك سنة، فأجابهم الله بمثل ما قالوا، فقال فيما قالوا:
تعبد إلهنا سنة " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون " وفيما قالوا: ونعبد
إلهك سنة: " ولا أنتم عابدون ما أعبد " وفيما قالوا: تعبد إلهنا سنة " ولا أنا عابد
ما عبدتم " وفيما قالوا: ونعبد إلهك سنة " ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي
دين " قال: فرجع أبو جعفر الأحول إلى أبي شاكر فأخبره بذلك فقال أبو شاكر:
هذا حملته الإبل من الحجاز، وكان أبو عبد الله عليه السلام إذا فرغ من قراءتها يقول:
ديني الاسلام ثلاثا (2).
5 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن محمد بن حسان، عن
ابن مهران، عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ قل
يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في فريضة من الفرائض، غفر الله له ولوالديه وما
ولدا، وإن كان شقيا محي من ديوان الأشقياء وأثبت في ديوان السعداء،، وأحياه

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 18.
(2) تفسير القمي ص 741.
340

الله سعيدا، وأماته شهيدا، وبعثه شهيدا (1).
فقه الرضا (ع): مثله.
6 - دعوات الراوندي: في أخبار المعمرين ذكر بعضهم أن والده كان لا
يعيش له ولد، قال: ثم ولدت له على كبر ففرح بي ثم مضى ولي سبع سنين فكفلني
عمي فدخل بي يوما على النبي صلى الله عليه وآله وقال له: يا رسول الله إن هذا ابن أخي وقد
مضى لسبيله فعلمني عوذة أعيذه بها فقال صلى الله عليه وآله: أين أنت عن ذات القلاقل: قل يا أيها
الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس؟ وفي
رواية قل أوحي، قال الشيخ المعمر: وأنا إلى اليوم أتعوذ بها، ما أصبت بولد ولا
مال، ولا مرضت ولا افتقرت، وقد انتهى بي السن إلى ما ترون.
7 - الدر المنثور: عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرء في المغرب
قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
وعن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرء في الركعتين بعد صلاة المغرب
قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
وعن ابن عمر قال: رمقت النبي صلى الله عليه وآله خمسا وعشرين مرة، وفي لفظ شهرا
فكان يقرء في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب بقل يا أيها الكافرون
وقل هو الله أحد.
وعن ابن عمر قال: رمقت النبي صلى الله عليه وآله أربعين صباحا في غزوة تبوك فسمعته
يقرأ في غزوة تبوك قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ويقول: نعم السورتان
تعدل واحدة بربع القرآن، والأخرى بثلث القرآن.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون
وقل هو الله أحد، ويقول: نعم السورتان مما يقرءان في الركعتين قبل الفجر قل يا
أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
وعن جابر بن عبد الله: أن رجلا قام فركع ركعتي الفجر فقرأ في الركعة

(1) ثواب الأعمال ص 114.
341

الأولى: قل يا أيها الكافرون فقال النبي صلى الله عليه وآله: هذا عبد عرف ربه، وفي الركعة
الثانية: قل هو الله أحد فقال النبي صلى الله عليه وآله: هذا عبد آمن بربه.
وعن تميم بن قيس قال: كنا نؤمر أن ننابذ الشيطان في الركعتين قبل الصبح
بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل يا أيها الكافرون
فكأنما قرأ ربع القرآن: ومن قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن.
وعن شيخ أدرك النبي صلى الله عليه وآله قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وآله في سفر فمر
برجل يقرء قل يا أيها الكافرون فقال: أما هذا فقد برئ من الشرك، وإذا آخر
يقرأ قل هو الله أحد فقال النبي صلى الله عليه وآله: بها وجبت له الجنة.
وفى رواية أما هذا فقد غفر له.
وعن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لنوفل بن معاوية الأشجعي: إذا أتيت
مضجعك للنوم فاقرأ قل يا أيها الكافرون فإنك إذا قرأتها فقد برئت من الشرك.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لمعاذ: اقرأ قل يا أيها الكافرون عند
منامك فإنها براءة من الشرك.
وعن خباب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا أخذت مضجعك فاقر أقل يا أيها الكافرون
وإن النبي صلى الله عليه وآله لم يأت فراشه قط إلا قرأ قل يا أيها الكافرون حتى يختم (1).
وعن أبي مسعود الأنصاري قال: من قرأ قل يا أيها الكافرون في ليلة فقد
أكثر وطاب.
وعن علي عليه السلام قال: لدغت النبي صلى الله عليه وآله عقرب وهو يصلي فلما فرغ قال:
لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره، ثم دعا بماء ملح وجعل يمسح عليها ويقرء
قل يا أيها الكافرون وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس.
وعن جبير بن مطعم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: أتحب يا جبير إذا خرجت
سفرا أن تكون أمثل أصحابك هيئة، وأكثرهم زادا؟ فقلت: نعم بأبي أنت وأمي

(1) الدر المنثور ج 6 ص 405.
342

قال: فاقرأ هذه السورة الخمس: قل يا أيها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح
وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وافتتح كل
سورة ببسم الله الرحمن الرحيم واختم قراءتك ببسم الله الرحمن الرحيم قال جبير:
وكنت غنيا كثير المال فكنت أخرج في سفر فأكون من أبذهم هيئة وأقلهم زادا
فمازلت منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وآله وقرأ بهن أكون من أحسنهم هيئة، وأكثرهم
زادا حتى أرجع من سفري (1).
122 (باب)
* " (فضائل سورة النصر) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبان بن عبد الملك، عن كرام
الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ إذا جاء نصرا الله والفتح في نافلة أو
فريضة نصره الله على جميع أعدائه، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق، قد أخرجه
الله من جوف قبره، فيه أمان من جسر جهنم، ومن النار، ومن زفير جهنم، فلا
يمر على شئ يوم القيامة إلا بشره وأخبره بكل خير حتى يدخل الجنة، ويفتح
له في الدنيا من أسباب الخير ما لم يتمن، ولم يخطر على قلبه (2).
2 - فقه الرضا (ع): من قرأ إذا جاء نصر الله في نافلة أو فريضة نصره الله على جميع أعدائه
وكفاه المهم.
123 (باب)
* " (فضائل سورة تبت) " *
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن علي بن شجرة، عن بعض أصحاب
أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قرأتم " تبت يدا أبي لهب وتب " فادعوا على أبي لهب

(1) الدر المنثور ج 6 ص 406.
(2) ثواب الأعمال ص 114.
343

فإنه كان من المكذبين الذين يكذبون بالنبي صلى الله عليه وآله وبما جاء به من عند الله
عز وجل (1).
124 (باب)
* " (فضائل سورة التوحيد زائدا على ما تقدم ويأتي) " *
(في مطاوي الأبواب)
" (وفيه فضل آية الكرسي وسور أخرى أيضا) "
أقول: وقد أوردنا ما يناسب هذا الباب في كتاب الصلاة، وفي كتاب الدعاء
وكتاب الصيام وغيرها أيضا فلا تغفل.
1 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن
حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مضى به يوم واحد فصلى فيه خمس صلوات
ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد قيل له يا عبد الله لست من المصلين (2).
ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن أخيه الحسين عن أبيه سيف، عن منصور مثله (3).
المحاسن: ابن مهران، عن ابن البطائني مثله (4).
2 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن أبي عبد الله، عن إسحاق بن
عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مضت له جمعة ولم يقرء فيها بقل هو الله أحد ثم
مات مات على دين أبي لهب (5).
ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي رفعه، عن إسحاق مثله (6).

(1) ثواب الأعمال ص 115.
(2) ثواب الأعمال ص 115.
(3) ثواب الأعمال ص 213.
(4) المحاسن ص 96.
(5) ثواب الأعمال ص 115.
(6) ثواب الأعمال ص 213.
344

المحاسن: في رواية إسحاق مثله (1).
3 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن صندل، عن هارون بن خارجة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أصابه مرض أو شدة فلم يقرأ في مرضه أو في شدته
بقل هو الله أحد، ثم مات في مرضه أو في تلك الشدة التي نزلت به، فهو من أهل
النار (2).
المحاسن: ابن مهران، عن ابن البطائني مثله (3).
4 - ثواب الأعمال: بالاسناد، عن ابن البطائني، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر
الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع
أن يقرأ في دبر الفريضة بقل هو الله أحد، فإنه من قرأها جمع الله له خير الدنيا
والآخرة، وغفر الله له ولوالديه وما ولدا (4).
5 - معاني الأخبار (5) أمالي الصدوق: العطار، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن نوح بن شعيب
عن الدهقان، عن عروة: ابن أخي شعيب، عن شعيب، عن أبي بصير قال: سمعت
الصادق عليه السلام يحدث عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوما
لأصحابه: أيكم يصوم الدهر؟ فقال سلمان رحمة الله عليه: أنا يا رسول الله، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: أيكم يحيي الليل؟ قال سلمان: أنا يا رسول الله، قال: فأيكم
يختم القرآن في كل يوم؟ فقال سلمان: أنا يا رسول الله، فغضب بعض أصحابه
فقال: يا رسول الله إن سلمان رجل من الفرس يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش
قلت: أيكم يصوم الدهر فقال: أنا، وهو أكثر أيامه يأكل، وقلت: أيكم يحيي
الليل فقال: أنا وهو أكثر ليلته نائم، وقلت: أيكم يختم القرآن في كل يوم فقال:

(1) المحاسن ص 95 و 96.
(2) ثواب الأعمال ص 115 و 213.
(3) المحاسن ص 96.
(4) ثواب الأعمال ص 115.
(5) معاني الأخبار ص 235.
345

أنا وهو أكثر نهاره صامت، فقال النبي صلى الله عليه وآله: مه يا فلان وأنى لك بمثل لقمان الحكيم
سله فإنه ينبئك.
فقال الرجل لسلمان: يا أبا عبد الله أليس زعمت أنك تصوم الدهر؟ فقال: نعم
فقال: رأيتك في أكثر نهارك تأكل؟ فقال: ليس حيث تذهب إني أصوم الثلاثة في
الشهر وقال الله عز وجل " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " (1) وأصل شعبان بشهر
رمضان، فذلك صوم الدهر.
فقال: أليس زعمت أنك تحيي الليل، فقال: نعم، فقال: أنت أكثر ليلتك
نائم، فقال: ليس حيث تذهب، ولكني سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من
بات على طهر فكأنما أحيا الليل كله " فأنا أبيت على طهر.
فقال: أليس زعمت أنك تختم القرآن في كل يوم؟ قال: نعم، قال: فأنت
أكثر أيامك صامت، فقال: ليس حيث تذهب، ولكني سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن مثلك في أمتي مثل قل هو الله أحد، فمن قرأها مرة
قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاثا فقد ختم
القرآن، فمن أحبك بلسانه فقد كمل له ثلث الايمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه
فقد كمل له ثلثا الايمان، ومن أحبك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل
الايمان، والذي بعثني بالحق يا علي لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء
لك لما عذب أحد بالنار، وأنا أقرء قل هو الله أحد في كل يوم ثلاث مرات، فقام
وكأنه قد ألقم حجرا (2).
6 - التوحيد (3) أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني
عن الصادق عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه وآله صلى على سعد بن معاذ فقال: لقد
وافى من الملائكة للصلاة عليه تسعون ألف ملك، وفيهم جبرئيل يصلون عليه، فقلت

(1) الانعام: 160.
(2) أمالي الصدوق ص 22.
(3) التوحيد: 54.
346

يا جبرئيل بما استحق صلاتكم عليه؟ قال: بقراءته قل هو الله أحد قائما وقاعدا
وراكبا وماشيا وذاهبا وجائيا (1).
أمالي الطوسي: الغضائري، عن الصدوق مثله (2).
ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم مثله (3).
7 - أمالي الصدوق: ابن موسى، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن الكاظم
عليه السلام قال: سمع بعض آبائي عليهم السلام رجلا يقرأ قل هو الله أحد فقال: آمن
وأمن (4).
أقول: تمامه في باب الفاتحة.
8 - التوحيد (5) عيون أخبار الرضا (ع): الدقاق، عن الأسدي، عن البرمكي، عن الحسين بن الحسن
عن بكر بن زياد، عن عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد
فقال: كل من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التوحيد، قلت: كيف
نقرأها قال: كما يقرأ الناس، وزاد فيه: كذلك الله ربي، كذلك الله ربي (6).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب الجحد.
9 - عيون أخبار الرضا (ع): في خبر ابن الضحاك قال: كان الرضا عليه السلام إذا قرء قل هو الله
أحد قال سرا: (الله أحد) فإذا فرغ منها قال: كذلك الله ربنا ثلاثا (7).
10 - معاني الأخبار: الأسدي، عن محمد بن الحسن بن هارون، عن عبد الله بن معاذ
عن أبيه، عن شعبة، عن علي بن مدرك، عن إبراهيم النخعي، عن الربيع بن

(1) أمالي الصدوق ص 238.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 52.
(3) ثواب الأعمال ص 116.
(4) أمالي الصدوق ص 361.
(5) التوحيد: 206.
(6) عيون الأخبار ج 1 ص 133.
(7) عيون الأخبار ج 2 ص 183.
347

خثيم، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيعجز أحدكم أن يقرء
كل ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: قل هو الله أحد ثلث
القرآن (1).
أقول: قد مضى في كتاب التوحيد تفسير سورة التوحيد وقد مضى فيه عن
أبي البختري عن الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قرأ قل هو الله أحد فلما
فرغ قال: يا هو يامن لا هو، اغفر لي وانصرني على القوم الكافرون، وكان
علي عليه السلام يقول ذاك يوم صفين وهو يطارد (2).
11 - التوحيد: المكتب، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن علي بن سالم
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ قل هو الله أحد مرة واحدة فكأنما
قرء ثلث القرآن، وثلث التوراة، وثلث الإنجيل، وثلث الزبور (3).
12 - التوحيد: أحمد بن الحسين، عن محمد بن سليمان، عن محمد بن يحيى، عن محمد
ابن عبد الله الرقاشي، عن جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله
عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وآله بعث سرية واستعمل عليها عليا عليه السلام فلما
رجعوا سألهم فقالوا: كل خير غير أنه قرأ بنا في كل الصلاة بقل هو الله أحد، فقال:
يا علي لم فعلت هذا؟ فقال: لحبي لقل هو الله أحد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما أحببتها
حتى أحبك الله عز وجل (4).
13 - التوحيد (5) أمالي الصدوق: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن
أحمد بن هلال، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد (6) حين يأخذ مضجعه غفر الله له ذنوب

(1) معاني الأخبار ص 191.
(2) راجع ج 3 ص 222.
(3) التوحيد: 54.
(4) التوحيد: 53.
(5) التوحيد: 54، (6) زاد في التوحيد: " ماته مرة ".
348

خمسين سنة (1).
ثواب الأعمال: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري إلى آخر الخبر إلا أن فيه:
من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة (2).
14 ثواب الأعمال: العطار، عن أبيه، عن الأشعري، عن أبي الحسن النهدي، عن
رجل، عن فضيل بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أوى إلى
فراشه فقرأ قل هو الله أحد إحدى عشر مرة حفظه الله في داره ودويرات حوله (3).
15 ثواب الأعمال: بهذا الاسناد، عن النهدي، عن أبان بن عثمان، عن قيس بن
الربيع، عن عمار بن زياد، عن عبد الله بن حجر، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه
قال: من قرأ قل هو الله أحد إحدى عشر مرة في دبر الفجر، لم يتبعه في ذلك اليوم
ذنب، وإن رغم أنف الشيطان (4).
ثواب الأعمال: أبي، عن محمد العطار، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه
موسى، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه مثله (5).
16 ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن
الحسن بن جهم، عن إبراهيم بن مهزم، عن رجل سمع أبا الحسن عليه السلام يقول: من
قدم قل هو الله أحد بينه وبين جبار منعه الله منه: يقرأها بين يديه، ومن خلفه
وعن يمينه، وعن شماله، فإذا فعل ذلك رزقه الله خيره، ومنعه شره.
وقال: إذا خفت أمرا فاقرأ مائة آية من القرآن من حيث شئت ثم قل: اللهم
اكشف عني البلاء ثلاث مرات (6).
17 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن ابن مهران، عن ابن البطائني
عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا
عبد الله عليه السلام يقول: من مضت به ثلاثة أيام لم يقرأ فيها قل هو الله أحد فقد خذل

(1) أمالي الصدوق ص 10.
(2) ثواب الأعمال ص 115.
(3) ثواب الأعمال: 116.
(4) ثواب الأعمال: 116.
(5) ثواب الأعمال: 116.
(6) ثواب الأعمال: 116.
349

ونزع ربقة الايمان من عنقه، فان مات في هذه الثلاثة الأيام، كان كافرا بالله
العظيم (1).
المحاسن: ابن مهران مثله (2).
18 - المحاسن: منصور بن العباس، عن أحمد بن عبد الرحيم، عمن حدثه
عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
قرأ سورة قل هو الله أحد مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فكأنما
قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن (3).
19 - الخرائج: قال أبو هاشم: قلت في نفسي: أشتهي أن أعلم ما يقول أبو محمد
في القرآن أهو مخلوق أو غير مخلوق، فأقبل علي فقال: أما بلغك ما روي عن
أبي عبد الله عليه السلام (لما نزلت قل هو الله أحد خلق لها أربعة ألف جناح، فما كانت تمر
بملا من الملائكة إلا خشعوا لها، وقال: هذه نسبة الرب تبارك وتعالى) (4).
المحاسن: ابن يزيد، عن أبي خالد الكوفي، عن عمران بن البختري، عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من قرء قل هو الله أحد نفت عنه الفقر، واشتدت أساس
دوره، ونفعت جيرانه (5).
20 - طب الأئمة: محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد
ابن سنان، عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من لم يبرئه
سورة الحمد وقل هو الله أحد لم يبرئه شئ، وكل علة تبرئها هاتين السورتين (6).
21 - جامع الأخبار: قال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد

(1) ثواب الأعمال: 213.
(2) المحاسن: 95.
(3) المحاسن: 153 في حديث.
(4) مختار الخرائج ص 239.
(5) المحاسن ص 622.
(6) طب الأئمة ص 39.
350

نظر الله إليه ألف نظرة بالآية الأولى، وبالآية الثانية استجاب الله له ألف دعوة
وبالآية الثالثة أعطاه الله ألف مسألة، وبالآية الرابعة قضى الله له ألف حاجة كل
حاجة خير من الدنيا والآخرة (1).
22 عدة الداعي: عن المفضل بن عمر، عنه عليه السلام قال: يا مفضل احتجز
من الناس كلهم ببسم الله الرحمن الرحيم، وبقل هو الله أحد: اقرأها عن يمينك
وعن شمالك، ومن بين يديك ومن خلفك، ومن فوقك ومن تحتك، وإذا دخلت
على سلطان جائر حين تنظر إليه ثلاث مرات واعقد بيدك اليسرى، ثم لا تفارقها
حتى تخرج من عنده.
ورأيت في بعض الروايات أن الدعاء بعد قراءة الجحد عشر مرات عند
طلوع الشمس من يوم الجمعة مستجاب.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: من قرأ قل هو الله أحد حين يأخذ مضجعه وكل
الله به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته.
وعن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قرأ قل هو الله أحد حين يخرج
من منزله عشر مرات لم يزل من الله في حفظه وكلاءته حتى يرجع إلى منزله.
23 الدر المنثور: عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن.
وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة غفر له ذنب
مائتي سنة.
وعن أنس قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إني أحب هذه
السورة قل هو الله أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حبك إياها أدخلك الجنة.
وعن أنس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: أما يستطيع أحدكم أن يقرأ
قل هو الله أحد ثلاث مرات في ليلة، فإنها تعدل ثلث القرآن.
وعن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من قرأ قل هو الله أحد خمسين مرة

(1) جامع الأخبار ص 52.
351

غفر له ذنوب خمسين سنة.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ كل يوم مائتي مرة قل هو الله
أحد كتب الله له ألف وخمسمائة حسنة، ومحي عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون
عليه دين.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أراد أن ينام على فراشه من الليل
فنام على يمينه ثم قرأ قل هو الله أحد مائة مرة، فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب:
يا عبدي ادخل على يمينك الجنة.
وعن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله بالشام فهبط جبرئيل فقال: يا محمد إن
معاوية بن معاوية المزني هلك أفتحب أن تصلي عليه؟ قال: نعم، فضرب بجناحه
الأرض فتضعضع له كل شئ ولزق بالأرض، ورفع له سريره فصلى عليه فقال
النبي صلى الله عليه وآله: من أي شئ أتى معاوية هذا الفضل صلى عليه صفان من الملائكة
في كل صف ستمائة ألف ملك؟ قال: بقراءة قل هو الله أحد، كان يقرأها قائما
وقاعدا وجائيا وذاهبا ونائما.
وعن أنس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله بتبوك فطلعت الشمس ذات يوم
بضياء وشعاع ونور لم نرها قبل ذلك فيما مضى، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يعجب من
ضيائها ونورها إذا أتاه جبرئيل عليه السلام فسأل جبرئيل: ما الشمس طلعت لها نور وضياء
وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى؟ قال: ذاك أن معاوية بن معاوية الليثي مات بالمدينة
اليوم، فبعث الله إليه سبعين ألف ملك يصلون عليه، قال: بم ذاك يا جبرئيل؟
قال: كان يكثر قل هو الله أحد قائما وقاعدا وماشيا وآناء الليل والنهار، استكثروا
منها فإنه نسبة ربكم، ومن قرأها خمسين مرة رفع الله له خمسين ألف درجة
وحط عنه خمسين ألف سيئة، وكتب له خمسين ألف حسنة، ومن راد زادها
الله، قال جبرئيل: فهل لك أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه؟ قال: نعم، فصلى
عليه.
وعن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من قرأ قل هو الله مائة مرة غفر
352

له خطيئة خمسين سنة إذا اجتنب أربع خصال: الدماء، والأموال، والفروج والأشربة.
وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ قل هو الله أحد على طهارة مائة
مرة كطهارة يبدأ بفاتحة الكتاب كتب الله له بكل حرف عشر حسنات، ورفع
له عشر درجات، وبنى له مائة قصر في الجنة، وكأنما قرء القرآن ثلاثا وثلاثين
مرة، وهي براءة من الشرك، ومحضرة للملائكة ومنفرة للشياطين، ولها دوي
حول العرش، تذكر بصاحبها، حتى ينظر الله إليه وإذا نظر إليه لم يعذبه أبدا.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث من جاء بهن مع
الايمان دخل من أي أبواب الجنة شاء وزوج من الحور العين حيث شاء: من
عفا عن قاتله وأدى دينا حفيا وقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات قل هو الله
أحد، فقال أبو بكر: أو إحداهن يا رسول الله؟ قال: أو إحداهن.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال سول الله: من قرأ قل هو الله أحد في كل
يوم خمسين مرة، نودي يوم القيامة من قبره: قم يا مادح الله، فادخل الجنة.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من نسي أن يسمي على طعامه فليقرء
قل هو الله أحد إذا فرغ.
وعن جرير البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد حين
يدخل منزله نفت الفقر عن أهل ذلك المنزل والجيران.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد
فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأ قل يا أيها الكافرون فكأنما قرء ربع القرآن.
وعن عبد الله بن الشخير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء قل هو الله
أحد في مرضه الذي يموت فيه، لم يفتن في قبره وأمن من ضغطة القبر، وحملته
الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه الصراط إلى الجنة.
وعن ابن عمر قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم الفجر في سفر فقرأ في
الركعة الأولى قل هو الله أحد وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، فلما سلم قال:
353

قرأت بكم ثلث القرآن وربعه.
وعن أبي أمامة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله جبريل وهو بتبوك فقال: يا محمد
اشهد جنازة معاوية بن معاوية المزني فخرج رسول الله ونزل جبريل في سبعين
ألفا من الملائكة فوضع جناحه الأيمن على الجبال فتواضعت ووضع جناحه الأيسر
على الأرضين فتواضعت حتى نظر إلى مكة والمدينة فصلى عليه رسول الله وجبريل
والملائكة، فلما فرغ قال: يا جبريل ما بلغ معاوية بن معاوية المزني هذه
المنزلة؟ قال: بقراءته قل هو الله أحد قائما وقاعدا وراكبا وماشيا.
وعن سعيد بن المسيب قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال له:
معاوية بن معاوية المزني فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، وهو مريض ثقيل
فسار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشرة أيام ثم لقيه جبرئيل فقال: إن معاوية بن معاوية توفي
فحزن النبي صلى الله عليه وآله فقال: أيسرك أن أريك قبره قال: نعم، فضرب بجناحه الأرض
فلم يبق جبل إلا انخفض حتى بداله قبره، فكبر رسول الله وجبرئيل عن يمينه
وصفوف الملائكة سبعين ألفا حتى إذا فرغ من صلاته، قال: يا جبرئيل بما نزل
معاوية بن معاوية من الله بهذه المنزلة؟ قال: بقل هو الله أحد، كان يقرأها قائما
وقاعدا وماشيا ونائما، ولقد كنت أخاف على أمتك حتى نزلت هذه السورة فيها.
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ آية الكرسي وقل
هو الله أحد في دبر صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: جاءني جبرئيل في أحسن صورة ضاحكا
مستبشرا فقال: يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام، ويقول: إن لكل شئ
نسبا ونسبتي قل هو الله أحد، فمن أتاني من أمتك قارئا لقل هو الله أحد ألف مرة
من دهره ألزمه داري وإقامة عرشي، وشفعته في سبعين ممن وجبت عقوبته، ولولا
أني آليت على نفسي (كل نفس ذائقة الموت) لما قبضت روحه.
وعن علي، عن رسول الله صلوات الله عليهما قال: من أراد سفرا فأخذ بعضادتي
منزله فقرأ إحدى عشرة مرة قل هو الله أحد كان الله تعالى له حارسا حتى يرجع.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى بعد المغرب ركعتين قبل
354

أن ينطق مع أحد يقرء في الأولى الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي الركعة
الثانية بالحمد وقل هو الله أحد، خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها.
وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ بعد صلاة الجمعة قل هو الله
أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، سبع مرات أعاذه الله
بها من السوء إلى الجمعة الأخرى.
وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها عشر مرات بنى الله
له قصرا في الجنة، فقال له أبو بكر: إذن نستكثر يا رسول الله، فقال: الله أكبر
وأطيب، رددها مرتين.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد فكأنما
قرأ ثلث القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن ومن قرأ
قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ جميع ما أنزل الله.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد مرة بورك
عليه ومن قرأها مرتين بورك عليه وعلى أهل بيته، ومن قرأها ثلاث مرات بورك
عليه وعلى أهل بيته وجيرانه، ومن قرأها اثنتي عشرة مرة بني له في الجنة اثنى
عشر قصرا، ومن قرأها عشرين مرة جامع النبيين هكذا، وضم الوسطى والتي
تلي الابهام، ومن قرأها مائة مرة غفر له ذنوب خمس وعشرين سنة إلا الدين
والدم، ومن قرأها مائتي مرة غفرت له ذنوب خمسين سنة، ومن قرأها أربع
مائة مرة كان له أجر أربع مائة شهيد، كل عقر جواده، وأهريق دمه، ومن
قرأها ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له.
وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ هل هو الله أحد
فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن
قرأها ثلاثا فكأنما قرأ القرآن ارتجالا.
وعن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة كانت أحب
إلى الله من ألف فرس ملجمة مسرجة في سبيل الله.
355

وعن كعب الاخبار قال: من قرأ قل هو الله أحد حرم الله لحمه على النار.
وعن كعب قال: ثلاثة ينزلون من الجنة حيث شاؤوا، الشهيد، ورجل قرأ
في كل يوم قل هو الله أحد مائتي مرة.
وعن كعب قال: من واظب على قراءة قل هو الله أحد وآية الكرسي في ليل
أو نهار، استوجب رضوان الله الأكبر وكان مع أنبيائه، وعصم من الشيطان.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد
اشترى نفسه من الله وهو من خاصة الله.
وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ قل هو الله أحد ثلاثين مرة كتب
الله له براءة من النار، وأمانا من العذاب، والأمان يوم الفزع الأكبر.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أتى منزله فقرأ الحمد
وقل هو الله أحد، نفى الله عنه الفقر، وكثر خير بيته، حتى يفيض على جيرانه.
وعن أنس يقول: إذا نقس بالناقوس اشتد غضب الرحمن عز وجل، فتنزل
الملائكة فيأخذون بأقطار الأرض فلا يزالون يقرؤن قل هو الله أحد حتى يسكن
غضبه.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرا قل هو الله أحد عشية
عرفة ألف مرة، أعطاه الله عز وجل ما سأل.
وعن خالد بن زيد، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من قرأ قل هو الله أحد عشرة
مرة بنى الله له قصرا في الجنة، فقال عمر: والله يا رسول الله إذن نستكثر من
القصور، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فالله أمن وأفضل، أو قال: أمن وأوسع.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله بعث رجلا في سرية فكان يقرء لأصحابه في
صلاتهم فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
سلوه لأي شئ يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن
أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أخبروه أن الله تعالى يحبه.
وعن الربيع بن خثيم قال: سورة من كتاب الله يراها الناس قصيرة وأراها
356

عظيمة طويلة، يحب الله محبها ليس لها فأيكم قرأها فلا يجمعن إليها شيئا
استقلالا لها، فإنها مجزئة.
وعن أنس قال: قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله: إن لي أخا قد حبب إليه قل
هو الله أحد، فقال: بشر أخاك بالجنة.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء قل هو الله أحد دبر
كل صلاة مكتوبة، عشر مرات، أوجب الله له رضوانه ومغفرته.
وعن أبي غالب مولى خالد بن عبد الله قال: قال لي ابن عمر ذات ليلة
قبيل الصبح: يا أبا غالب ألا تقوم فتصلي، ولو تقرء بثلث القرآن، فقلت: قد
قرب الصبح، فكيف أقرأ بثلث القرآن؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن
سورة الاخلاص قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن.
وعن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى صلاة الغداة ثم لم
يتكلم حتى يقرأ قل هو الله أحد عشر مرات لم يدركه ذلك اليوم ذنب، وأجير
من الشيطان.
وعن البراء بن عازب مرفوعا من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة بعد صلاة
الغداة قبل أن يكلم أحدا رفع له ذلك اليوم عمل خمسين صديقا.
وعن علي، عن النبي صلى الله عليه وآله حيث زوجه فاطمة: دعا بماء فمجه ثم أدخله
في فيه فرشه في حبيبه وبين كتفيه وعوذه بقل هو الله أحد والمعوذتين.
وعن ابن عباس قال: من صلى ركعتين فقرأ فيهما قل هو الله أحد ثلاثين
مرة بني له ألف قصر من ذهب في الجنة، ومن قرأها في غير صلاة بني له مائة
قصر في الجنة، ومن قرأها إذا دخل إلى أهله أصاب أهله وجيرانه منها خيرا.
وعن عبيد الله بن عمرو أن أبا أيوب كان في مجلس وهو يقول: ألا يستطيع
أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة، قالوا: وهل يستطيع ذلك أحد؟ قال:
فان قل هو الله أحد ثلث القرآن، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وهو يسمع أبا أيوب فقال:
صدق أبو أيوب.
357

وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيعجز أحدكم أن يقرء كل
ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: بلى قل هو الله أحد تعدل ثلث
القرآن.
وعن معاذ بن أنس الجهني، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من قرء قل هو الله
أحد حتى ختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة، فقال له عمر: إذن نستكثر
يا رسول الله، قال: الله أكثر وأطيب.
وعن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن
في ليلة؟ فلما رأى أنه قد شق عليهم قال: من قرأ قل هو الله أحد الله الصمد في
ليلة فقد قرء في ليلتئذ ثلث القرآن.
وعن أبي سعيد أنه سمع رجلا يقرء قل هو الله أحد يرددها فلما أصبح جاء
إلى النبي صلى الله عليه وآله فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده إنها
لتعدل ثلث القرآن.
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: أيعجز أحدكم أن
يقرء ثلث القرآن في ليلة فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك؟ فقال: الله
الواحد الصمد ثلث القرآن.
وعن أبي سعيد الخدري قال: بات قتادة بن النعمان يقرأ الليلة كله بقل
هو الله أحد، فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وآله فقال: والذي نفسي بيده إنها لتعدل نصف
القرآن أو ثلثه.
وعن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني قتادة بن النعمان أن رجلا قام في
زمن النبي صلى الله عليه وآله فقرأ قل هو الله أحد السورة كلها يرددها لا يزيد عليها، فلما
أصبحنا اخبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إنها لتعدل ثلث القرآن.
وعن أبي هريرة قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فسمع رجلا يقرأ قل هو الله
أحد فقال: وجبت، قلت: وما وجبت؟ قال: الجنة.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: احشدوا فاني سأقرأ عليكم
358

ثلث القرآن، فحشد [وا، فقرأ عليهم قل هو الله أحد].
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات
بني له قصر في الجنة، ومن قرأها عشرين مرة بني له قصران، ومن قرأها
ثلاثين بني له ثلاث.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ قل هو الله أحد بعد صلاة
الصبح اثنتي عشرة مرة فكأنما قرأ القرآن أربع مرات، وكان أفضل أهل الزمن
إذا اتقى.
وعن عقبة بن أبي معيط أن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن قل هو الله أحد قال:
ثلث القرآن أو تعدله.
وعن محمد بن المنكدر قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا يقرأ قل هو الله أحد
ويرتل، فقال له: سل، تعط.
وعن علي قال: من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بعد الفجر وفي لفظ
دبر الغداة لم يلحق به ذلك اليوم ذنب وإن جهد الشيطان.
وعن ابن عباس قال: من صلى ركعتين بعد العشا فقرأ في كل ركعة بفاتحة
الكتاب وخمس عشرة مرة قل هو الله أحد، بنى الله له قصرين في الجنة يتراءاهما
أهل الجنة.
وعن ابن عباس قال: من قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة في أربع ركعات
في كل ركعة خمسين مرة غفر له ذنب مائة سنة خمسين مستقبلة، وخمسين مستأخرة.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه
ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب
الناس، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل
من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
وعن عبد الله بن حبيب أن النبي صلى الله عليه وآله قال له: اقرأ قل هو الله أحد
والمعوذتين حين تصبح وحين تمسي ثلاثا يكفيك من كل شئ.
359

وعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا عقبة بن عامر ألا أعلمك خير
ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور القرآن العظيم؟ قلت: بلى جعلني
الله فداك، قال: فأقرأني قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الناس، وقل أعوذ برب
الفلق، ثم قال: يا عقبة لا تنساهن ولا تبت ليلة حتى تقرأ هن.
وعن عبد الله بن أنيس الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع يده على
صدره ثم قال: قل: فلم أدرما أقول، ثم قال: قل هو الله أحد، ثم قال لي:
قل أعوذ برب الفلق من شرما خلق حتى فرغت منها، ثم قال لي: قل أعوذ
برب الناس حتى فرغت منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هكذا فتعوذ، وما تعوذ
المتعوذون بمثلهن قط.
وعن علي عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات ليلة يصلي فوضع يده على
الأرض فلدغته عقرب فتناولها رسول الله صلى الله عليه وآله بنعله فقتلها فلما انصرف قال:
لعن الله العقرب، ما تدع مصليا ولا غيره، أو نبيا وغيره، ثم دعا بملح وماء
فجعله في إناء ثم جعل يصبه على أصبعه، حيث لدغته، وتمسحها ويعوذها
بالمعوذتين، وفي لفظ: فجعل يمسح عليها ويقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب
الفلق، وقل أعوذ برب الناس.
وعن ابن الديلمي وقد خدم النبي صلى الله عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء
قل هو الله أحد مائة مرة في الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة من النار.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله: قال: لا ينامن أحدكم حتى يقرأ
ثلث القرآن، قالوا: يا رسول الله وكيف يستطيع أحدنا أن يقرأ ثلث القرآن؟
قال: لا يستطيع أن يقرأ بقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب
الناس؟ (1).
24 المجتبى: من كتاب العمليات الموصلة إلى رب الأرضين والسماوات
تأليف أبي المفضل يوسف بن محمد بن أحمد المعروف بابن الخوارزمي قال:

(1) الدر المنثور ج 6 ص 609 - 616
360

حدثنا الشيخ الامام برهان الدين البلخي رحمه الله إملاء بالمسجد الجامع بالدمشق
سنة ست وثلاثين وخمسمائة، قال: حدثنا الامام الأستاذ أبو محمد القطواني رحمه الله
بسمرقند قال: حدثنا أبو منصور أحمد بن محمد التميمي بعرفة قال: حدثنا أبو سهل
محمد بن محمد الأشعث الأنصاري، قال: حدثنا طلحة بن شريح بن عبد الكريم
التميمي وأبو يعقوب يوسف بن علي بن إبراهيم بن بجير ومحمد بن فارس الطالقانيون
قالوا: أخبرنا أبوا الفضل جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن محمد بن علي بن الحسين
ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن
إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كنت أخشى العذاب الليل والنهار، حتى جاءني
جبرئيل بسورة قل هو الله أحد، فعلمت أن الله لا يعذب أمتي بعد نزولها، فإنها
نسبة الله عز وجل، فمن تعاهد قراءتها بعد كل صلاة تناثر البر من السماء على
مفرق رأسه، ونزلت عليه السكينة، لها دوي حول العرش حتى ينظر الله عز وجل
إلى قارئها فيغفره الله مغفرة لا يعذبه بعدها، ثم لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه الله إياه
ويجعله في كلاءة، وله من يوم يقرأها إلى يوم القيامة خير الدنيا والآخرة، ويصيب
الفوز والمنزلة والرفعة، ويسع عليه في الرزق، ويمد له في العمر، ويكفى من
أموره كلها، ولا يذوق سكرات الموت، وينجو من عذاب القبر، ولا يخاف أموره
إذا خاف العباد، ولا يفزع إذا فزعوا.
فإذا وافى الجمع أتوه بنجيبة خلقت من درة بيضاء فيركبها فيمر به حتى
تقف بين يدي الله عز وجل، فينظر الله إليه بالرحمة، ويكرمه بالجنة، يتبوء
منها حيث يشاء.
فطوبى لقارئها فإنه ما من أحد يقرأها إلا وكل الله عز وجل به مائة ألف
ملك يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، ويستغفرون له، ويكتبون له الحسنات
إلى يوم يموت، ويغرس له بكل حرف نخلة على كل نخلة مائة ألف شمراخ، على
كل شمراخ عدد رمل عالج بسرا كل بسرة مثل قلة من قلال هجر، يضئ نورها
361

ما بين السماء والأرض، والنخلة من ذهب أحمر، والبسرة من درة حمراء، ووكل
الله تعالى ألف ملك يبنون له المدائن والقصور، ويمشي على الأرض وهي تفرح به
ويموت مغفورا له، وإذا قام بين يدي الله عز وجل قال له: أبشر قرير العين، بمالك
عندي من الكرامة، فتعجب الملائكة لقربه من الله عز وجل.
وإن قراءة هذه السورة براءة من النار، ومن قرأها شهد ألف ألف ملك
ويقول الله تعالى: ملائكتي انظروا ما ذا يريد عبدي؟ وهو أعلم بحاجته.
ومن أحب قراءتها كتبه الله تعالى من الفائزين القانتين، فإذا كان يوم القيامة
قالت الملائكة: يا ربنا عبدك هذا يحب نسبتك، فيقول: لا يبقين منكم ملك إلا
شيعه إلى الجنة فيزفونه إليها كما تزف العروس إلى بيت زوجها، فإذا دخل الجنة
ونظرت الملائكة إلى درجاته وقصوره، يقولون: ما هذا أرفع منزلا من الذين
كانوا معه؟ فيقول الله عز وجل: أرسلت أنبياء، وأنزلت معهم كتبي، وبينت لهم
ما أنا صانع لمن آمن بي من الكرامة، وأنا معذب من كذبني وكل من أطاعني
يصل إلى جنتي، وليس كل من دخل إلى جنتي يصل إلى هذه الكرامة، أنا
أجازي كلا على قدر عمله من الثواب، إلا أصحاب سورة الاخلاص فإنهم كانوا
يحبون قراءتها آناء الليل والنهار، فلذلك فضلتهم على سائر أهل الجنة، فمن
مات على حبها يقول الله تعالى: من يقدر على أن يجازي عبدي أنا الملئ أنا
أجازيه، فيقول: عبدي ادخل جنتي، فإذا دخلها يقول: الحمد لله الذي صدقنا وعده.
طوبى لمن أحب قراءتها، فمن قرأها كل يوم ثلاث مرات يقول الله تعالى:
عبدي وفقت وأصبت ما أردت، هذه جنتي فادخلها لترى ما أعددت لك فيها من
الكرامة والنعم، بقراءتك قل هو الله أحد، فيدخل فيرى ألف ألف قهرمان (1) على
ألف ألف مدينة، كل مدينة كما بين المشرق والمغرب، فيها قصور وحدائق فارغبوا
في قراءتها فإنه ما من مؤمن يقرأها في كل يوم عشر مرات إلا وقد استوجب رضوان
الله الأكبر، وكان من الذين قال الله تعالى: (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم

(1) القهرمان وكيل الخرج والدخل، مولد، يرادف لغة (پيشكار) بالفارسية.
362

من النبيين والصديقين) (1) الآية.
ومن قرأها عشرين مرة فله ثواب سبعمائة رجل أهريقت دماؤهم في سبيل الله
وبورك عليه، وعلى أهله، وماله وولده. ومن قرأها ثلاثين مرة جاور النبي
صلى الله عليه وآله في الجنة، ومن قرأها خمسين مرة غفر الله له ذنبه خمسين
سنة، ومن قرأها مائة مرة كتب الله له عبادة مائة سنة، ومن قرأها مائتي مرة فكأنما
أعتق مائتي رقبة، ومن قرأها أربعمائة مرة كان له أجر أربعمائة شهيد، ومن قرأها
خمسمائة مرة غفر الله له ولوالديه، ومن قرأها ألف مرة فقد أدى بدله إلى الله
تعالى، وقد صار عتيقا من النار.
اعلموا أن الله يعطي خير الدنيا والآخرة بقراءتها ولا يتعاهد قراءتها إلا
السعداء ولا يأبى قراءتها إلا الأشقياء.
125 (باب)
* ((فضائل المعوذتين، وأنهما من القرآن، زائدا على ما سبق)) *
* ((في طي الأبواب ويأتي في أبواب الدعاء من هذا المجلد)) *
* ((أيضا، وفيه فضل سورة الجحد وغيرها)) *
* ((من السور أيضا فلا تغفل)) *
1 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان سبب نزول
المعوذتين أنه وعك رسول الله صلى الله عليه وآله فنزل عليه جبرئيل بهاتين السورتين فعوذه
بهما (2).
2 - تفسير علي بن إبراهيم: علي بن الحسين، عن البرقي، عن علي بن الحكم، عن ابن عميرة
عن الحضرمي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين

(1) النساء: 70.
(2) تفسير القمي: 744.
363

من المصحف، فقال عليه السلام: كان أبي يقول: إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه، وهما
من القرآن (1).
3 - ثواب الأعمال: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن محمد بن حسان، عن
ابن مهران، عن ابن البطائني، عن ابن أبي العلاء، عن أبي عبيدة الحذاء، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: من أوتر بالمعوذتين وقل هو الله أحد قيل له: يا عبد الله أبشر
فقد قبل الله وترك (2).
4 - طب الأئمة: أحمد بن زياد، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن الصادق
عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كسل أو أصابته عين أو صداع بسط يديه فقرأ
فاتحة الكتاب والمعوذتين ثم يمسح بهما وجهه، فيذهب عنه ما كان يجد (3).
5 - طب الأئمة: عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه رأى مصروعا فدعا له بقدح فيه
ماء ثم قرأ عليه الحمد والمعوذتين، ونفث في القدح ثم أمر فصب الماء على رأسه ووجهه
فأفاق وقال له: لا يعود إليك أبدا (4).
6 - طب الأئمة: محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيي الأرمني، عن محمد بن
سنان، عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن جبرئيل
عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله وقال له: يا محمد، قال: لبيك يا جبرئيل، قال: إن
فلا نا اليهودي سحرك وجعل السحر في بئر بني فلان، فابعث إليه يعني إلى البئر أو ثق الناس
عندك، وأعظمهم في عينك، وهو عديل نفسك، حتى يأتيك بالسحر.
قال: فبعث النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام وقال: انطلق إلى بئر أزوان
فان فيها سحرا سحرني به لبيد بن أعصم اليهودي فأتني به قال علي عليه السلام: فانطلقت
في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله فهبطت، فإذا ماء البئر قد صار كأنه ما الحناء من

(1) تفسير القمي ص 744.
(2) ثواب الأعمال ص 116.
(3) طب الأئمة ص 39.
(4) طب الأئمة ص 111.
364

السحر (1).
فطلبته مستعجلا حتى انتهيت إلى أسفل القليب، فلم أظفر به، قال الذين
معي: ما فيه شئ فاصعد، فقلت: لا والله ما كذبت وما كذبت، وما نفسي به مثل
أنفسكم (2) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم طلبت طلبا بلطف فاستخرجت حقا فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فقال: افتحه
ففتحته فإذا في الحق قطعة كرب النخل (3) في جوفه، وتر عليها إحدى وعشرين
عقدة، وكان جبرئيل عليه السلام أنزل يومئذ المعوذتين على النبي قال النبي صلى الله عليه وآله
يا علي اقرأهما على الوتر فجعل أمير المؤمنين عليه السلام كلما قرأ آية انحلت عقدة
حتى فرغ منها وكشف الله عز وجل عن نبيه ما سحر به وعافاه.
ويروى أن جبرئيل وميكائيل عليهما السلام أتيا إلى النبي صلى الله عليه وآله فجلس أحدهما
عن يمينه، والاخر عن شماله، فقال جبرئيل عليه السلام لميكائيل عليه السلام: ما وجع الرجل؟
فقال ميكائيل: هو مطبوب (4) فقال جبرئيل عليه السلام: ومن طبه؟ قال: لبيد بن
أعصم اليهودي. ثم ذكر الحديث إلى آخره (5).
7 - طب الأئمة: إبراهيم البيطار قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن يونس بن
عبد الرحمن ويقال له يونس المصلي لكثرة صلاته عن ابن مسكان، عن زرارة
قال: قال أبو جعفر الباقر عليه السلام إن السحرة لم يسلطوا على شئ إلا على العين.
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن؟
فقال الصادق عليه السلام نعم هما من القرآن، فقال الرجل: إنهما ليستا من القرآن

(1) في المصدر المطبوع (ماء الحياض).
(2) وما يقيني به مثل يقينكم به ظ.
(3) الحق بالضم وعاء صغير من خشب وقد يصنع من العاج، وكرب النخل:
بالتحريك أصول السعف الغلاظ العراض.
(4) رجل مطبوب: أي مسحور، كنوا بالطب عن السحر تفاءلا بالبراءة.
(5) طب الأئمة ص 113، وللقصة ذكر في تفسير مجمع البيان ج 10 ص 568
الدر المنثور ج 6 ص 417 و 418.
365

في قراءة ابن مسعود، ولا في مصحفه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أخطأ ابن مسعود أو قال:
كذب ابن مسعود، هما من القرآن.
قال الرجل: فأقرأ بهما يا ابن رسول الله في المكتوبة؟ قال: نعم، وهل
تدري ما معنى المعوذتين وفي أي شئ نزلتا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وآله سحره لبيد بن أعصم
اليهودي، فقال أبو بصير لأبي عبد الله عليه السلام: وما كاد أو عسى أن يبلغ من سحره؟ قال
أبو عبد الله الصادق عليه السلام: بلى كان النبي صلى الله عليه وآله يرى أنه يجامع وليس يجامع وكان
يريد الباب ولا يبصره، حتى يلمسه بيده، والسحر حق وما يسلط السحر إلا
على العين والفرج، فأتاه جبرئيل عليه السلام فأخبره بذلك، فدعا عليا عليه السلام وبعثه
ليستخرج ذلك من بئر أزوان وذكر الحديث بطوله إلى آخره (1).
8 - دعوات الراوندي: قال أمير المؤمنين عليه السلام إن النبي صلى الله عليه وآله لسعته
عقرب فدعاء بماء وقرأ عليه الحمد والمعوذتين، ثم جرع منه جرعا ثم دعا بملح
ودافه في الماء، وجعل يدلك صلى الله عليه وآله ذلك الموضع حتى سكن.
9 - تفسير فرات بن إبراهيم: محمد بن عبد الله بن عمر الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن
عيسى بن محمد، عن جده، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: سحر لبيد
ابن أعصم اليهودي وأم عبد الله اليهودية رسول الله صلى الله عليه وآله في عقد من قز أحمر وأخضر
وأصفر، فعقدوه له في إحدى عشر عقدة ثم جعلوه في جف من طلع، قال: يعني
قشور اللوز ثم أدخلوه في بئر بواد بالمدينة في مراقي البئر تحت راعوفة يعني حجر
الماتح (2)، فأقام النبي صلى الله عليه وآله ثلاثا لا يأكل ولا يشرب ولا يسمع ولا يبصر، ولا
يأتي النساء، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام ونزل معه المعوذتين فقال له: يا محمد ما شأنك
قال: ما أدري أنا بالحال الذي ترى، قال: فان أم عبد الله ولبيد بن أعصم سحراك
فأخبره بالسحر، وحيث هو، ثم قرأ جبرئيل عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ

(1) طب الأئمة ص 114.
(2) حجر ينصب في أسفل البئر ليقوم عليه الماتح ويغرف الماء بيده أو بقدح ويملا
الدلاء، والمائح هو الذي يقوم في أعلى البئر.
366

برب الفلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، فانحلت عقدة، ثم لم يزل يقرأ آية ويقرأ
رسول الله صلى الله عليه وآله وينحل عقده حتى قرأ عليه إحدى عشر آية، وانحلت إحدى عشر
عقدة، وجلس النبي صلى الله عليه وآله.
ودخل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخبره بما أخبر جبرئيل عليه السلام
به، وقال: انطلق فائتني بالسحر، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام فجاءه به فأمر به
النبي صلى الله عليه وآله فنقض ثم تفل عليه، وأرسل إلى لبيد بن أعصم وأم عبد الله اليهودية
فقال: ما دعاكم إلى ما صنعتم؟ ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله على لبيد، وقال: لا أخرجك
الله من الدنيا سالما، قال: وكان موسرا كثير المال فمر به غلام يسعى في اذنه قرط قيمته
دينار فجاذبه فخرم به اذن الصبي فاخذ وقطعت يده، فمات من وقته.
10 الدر المنثور: عن حنظلة السدوسي قال: قلت لعكرمة: أصلي بقوم
فأقرأ بقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، فقال اقرأ بهما فإنهما
من القرآن.
وعن عقبة بن عامر قال: قلت: يا رسول الله أقرئني بسورة يوسف عليه السلام وسورة
هود عليه السلام قال صلى الله عليه وآله: يا عقبة اقرأ بقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فإنك لن
تقرأ سورة أحب إلى الله وأبلغ منهما، فان استطعت أن لا [تقرأ إلا بهما] فافعل.
وعن أبي حابس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا أبا حابس ألا أخبرك بأفضل
ما تعوذ به المتعوذون؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: قل أعوذ برب الفلق، وقل
أعوذ برب الناس هما المتعوذتان.
وعن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعوذ من عين الجن ومن
عين الانس، فلما نزلت سورة المعوذتين أخذ بهما وترك ما سوى ذلك.
وعن ابن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وآله كان يكره عشر خصال: الصفرة يعني الخلوق
وتغيير الشيب، وجر الإزار، والتختم بالذهب، وعقد التمائم، والرقى إلا بالمعوذات
والضرب بالكعاب، والتبرج بالزينة لغير بعلها، وعزل الماء لغير حله، وفساد الصبي
غير محرمه.
367

وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اقرؤا بالمعوذات في دبر كل
صلاة.
وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما سأل سائل ولا استعاذ مستعيذ
بمثلهما يعني المعوذتين.
وعن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عقبة اقرأ بقل أعوذ
برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، فإنك لن تقرء أبلغ منهما.
وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب السور إلى الله قل أعوذ
برب الفلق وقل أعوذ برب الناس.
وعن معاذ بن جبل قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فصلى الغداة فقرء
فيهما بالمعوذتين، ثم قال: يا معاذ هل سمعت؟ قلت: نعم، قال: من قرأ
الناس بمثلهن.
وعن جابر بن عبد الله قال: أخذ بمنكبي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اقرأ، قلت:
ما أقرأ بأبي أنت وأمي قال: قل أعوذ برب الفلق، ثم قال: اقرأ، قلت: بأبي أنت
وأمي ما أقرأ؟ قال: قل أعوذ برب الناس، ولن تقرأ بمثلهما.
وعن ثابت بن قيس: اشتكى فأتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مريض فرقاه بالمعوذات
ونفث عليه، وقال: اللهم رب الناس اكشف البأس عن ثابت بن قيس بن شماس
ثم أخذ ترابا من واديهم ذلك، يعني بطحان فألقاه في ماء فسقاه.
وعن ابن عامر الجهني قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله في سفر فلما طلع الفجر
أذن وأقام ثم أقامني عن يمينه ثم قرأ بالمعوذتين، فلما انصرف قال: كيف رأيت؟
قلت: رأيت يا رسول الله، قال: فاقرأ بهما كلهما نمت وكلما قمت.
وعن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعقبة بن عامر: اقرأ بقل أعوذ برب
الفلق، وقل أعوذ برب الناس فإنهما أحب القرآن إلى الله.
وعن عقبة بن عامر قال: كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وآله راحلته في السفر فقال:
يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟ قلت: بلى، قال: قل أعوذ برب الفلق
368

وقل أعوذ برب الناس، فلما نزل صلى بهما صلاة الغداة ثم قال: وكيف ترى
يا عقبة.
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وآله ركب بغلة فحادت به فحبسها وأمر رجلا
أن يقرء عليها قل أعوذ برب الفلق من شرما خلق، فسكتت ومضت.
وعن أبي هريرة قال: أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بغلة شهباء فكان
فيها صعوبة، فقال للزبير: اركبها وذللها وكأن الزبير اتقى، فقال له: اركبها واقرء
القرآن، فقال: ما أقرأ، قال: اقرأ قل أعوذ برب الفلق، فوالذي نفسي بيده
ما قمت تصلي بمثلها.
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين
وتفل أو نفث.
وعن ابن عمر قال: إذا قرأت قل أعوذ برب الفلق فقل: أعوذ برب الفلق
وإذا قرأت قل أعوذ برب الناس فقل: أعوذ برب الناس (1).
* 126 (باب) *
* (الدعاء عند ختم القرآن) *
(زائدا على ما أوردناه في أبواب الدعاء من هذا المجلد)
أقول: وجدت بخط الشيخ الجليل محمد بن علي الجبعي رحمه الله الدعاء
لختم القرآن نقل من خط الشيخ شمس الدين محمد بن مكي رحمه الله وقال: إنه
نقله من مصحف بالمشهد المقدس الكاظمي الجوادي صلوات الله عليهما وسلامه.
بسم الله الرحمن الرحيم: صدق الله أعلى الصادقين، ومنطق جميع الناطقين
وبلغت الرسل الكرام سادات الأنام عليهم السلام، اللهم انفعنا بالقرآن العظيم، واهدنا
بالآيات والذكر الحكيم، وتقبل منا قراءته إنك أنت السميع العليم، ولا تضرب به

(1) الدر المنثور ج 6 ص 416 - 417.
369

وجوهنا يا إله العالمين.
اللهم فكما جعلتنا من أهله، وشرفتنا بفضله، واصطفيتنا لحمله، وهديتنا
به، وبلغتنا به نهاية المراد، وجعلتنا به شهداء على الأمم يوم المعاد فاجعلنا ممن
ينتفع بأوامره، ويرتدع بزواجره، ويقتنع بحلاله، ويؤمن بما تشابه من آياته
حتى تغفر لنا ذنوبنا ببركاته، وتوفر ثوابنا لقراءته، وتكشف به عنا نوازل دهرنا
وآفاته، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وكما رزقتنا المعونة على حفظه، ولينت ألسنتنا لتلاوة لفظه، فارزقنا
التدبر لمعانيه، ووفقنا للعمل بما فيه، واجعلنا ممتثلين لأوامره ونواهيه، واشرح
صدورنا بأنوار مثانيه، وأعذنا به من ظلم الشرك واتباع داعيه، وأعطنا لتلاوته في
أيام دهرنا ولياليه، ثوابا تعم لجماعة سامعيه وتاليه، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انفعنا بما فصلت في كتابك من الآيات، واجمعنا به على طاعتك في سائر
الأوقات، وأعذنا به من جميع الشدائد والآفات، واغفر لنا به سالف ما اقترفناه من
السيئات، واكشف به عنا نوازل الكربات، ولقنا به البشرى عند معاينة الممات
برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك أن تطهر به قلوبنا من دنس العصيان، وتكفر به ذنوبنا الواردة
إلى منازل الهوان، وتعصمنا به من الفتن في الأديان والأبدان، وتونس به وحشتنا
عند الانفراد في أضيق مكان، وتلقننا به الحجج البالغة إذا سألنا الملكان برحمتك يا
أرحم الرحمين.
اللهم اجعلنا ممن يعتقد تصديقه، ويقصد طريقه، ويرعى حقوقه، ويتبع
مفترض أو امره، ويرتدع منهي زواجره، ويستضئ بنور بصائره، ويقتني بأجر ذخايره
برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعله مسليا لأحزاننا، وما حيا لا ثامنا، وكفارة لما سلف من ذنوبنا
وعصمة لما بقي من أعمارنا.
اللهم أسعدنا به ولا تشقنا، وأعزنا به ولا تذلنا، وارفعنا به ولا تضعنا، وأغننا
370

به ولا تحوجنا.
اللهم اجعله لأعمالنا غارسا، ولنا برحمتك عن جميع الذنوب والمحارم
حابسا، وفي ظلم الليالي موقظا ومؤانسا.
اللهم اغفر لنا به كبائر الذنوب، واستر به علينا قبائح العيوب، وبلغنا به
إلى كل محبوب، وفرج اللهم به عنا وعن كل مكروب برحمتك يا أرحم
الراحمين.
اللهم اجعلنا ممن يحسن صحبته في كل الأوقات، ويجل حرمته عن مواقف
التهمات، وينزه قدره من الوثوب على ما نهيت عنه في الخلوات، حتى تعصمنا به
من جميع السيئات، وتنجينا به من جميع الهلكات، وتسلمنا به من اقتحام البدع
والشبهات، وتكفينا به جميع الآفات.
اللهم طهرنا بكتابك من دنس الذنوب والخطايا، وامنن علينا بالاستعداد
لنزول المنايا، وهب لنا الصبر الجميل عند حلول الرزايا، حتى يجتمع لنا بختمنا
هذه خير الدنيا وخير الآخرة، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة.
اللهم اجعل ختمتنا هذه أبرك الختمات، وساعتنا هذه أشرف الساعات
اغفر لنا بها ما مضى من ذنوبنا وما هو آت، حينا بها بأطيب التحيات، ارفع لنا أعمالنا
في الباقيات الصالحات.
اللهم اجعل ختمتنا هذه ختمة مباركة تحط عنابها أوزارنا، وتدر بها
أرزاقنا، وتديم بها سلامتنا وعافيتنا، وتجمع بها شملنا، وتغني بها فقرنا، وتكتب
بها سلامتنا، وتغفر بها ذنوبنا، وتستر بها عيوبنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تدع لنا بالقرآن ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا
إلا قضيته، ولا عيبا إلا سترته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا
فاسدا إلا أصلحته، ولا ضالا إلا هديته، ولا عدوا إلا أهلكته، ولا سعرا إلا
أرخصته، ولا شرابا إلا أعذبته، ولا كبيرا إلا وفقته، ولا صغيرا إلا أكبرته
ولا حاجة من حوائج الدنيا إلا أعنتنا على قضائها برحمتك يا أرحم الراحمين.
371

اللهم انصر جيوش الاسلام وفرسانه، وحماة الدين وشجعانه، وأنصار
الدين وأعوانه، ليزيدوا دينك عزا ويثبتوا أركانه، ويدكدكوا الكفر وينكسوا
صلبانه، ويقلعوا سرير ملكه وسلطانه، واجعل اللهم لا سراء المسلمين منك فرجا
وسبب لهم إلى دار الاسلام مخرجا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعداؤنا إن سلكوا برا فاخسف بهم، وإن سلكوا بحرا فغر قهم
وارمهم بحجرك الدامغ، وسيفك القاطع برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم من أرادنا بسوء فأرده، ومن كادنا فكده، ومن بغى علينا فأهلكه
يا كثير الخير، يا دائم المعروف، يا من لم يزل كريما، ولا يزال رحيما.
اللهم أنت العالم بحوائجنا فاقضها، وأنت العالم بسرائر نا فأصلحها، وأنت
العالم بذنوبنا فاغفرها برحتمك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا ولأستاذينا ولمعلمينا
الخير ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين ربنا آتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة، وقنا برحمتك عذاب القبر، وعذاب النار، برحمتك يا أرحم
الراحمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
372

127 (باب)
* (متشابهات القرآن، وتفسير المقطعات)) *
((وأنه نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة، وأن فيه عاما))
((وخاصا، وناسخا ومنسوخا، ومحكما ومتشابها))
الآيات: آل عمران: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن
أم الكتاب واخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء
الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به
كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب (1).
1 - تفسير الإمام العسكري (ع)، معاني الأخبار: محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلى علي يدي علي بن أحمد
البغدادي، عن معاذ بن المثنى، عن عبد الله بن أسماء، عن جويرية، عن سفيان
الثوري قال: قلت للصادق عليه السلام: يا ابن رسول الله ما معنى قول الله عز وجل:
(ألم) و (المص) و (الر) و (المر) و (كهيعص) و (طه) و (طس) و (طسم)
و (يس) وصلى الله عليه وآله و (حم) و (حم عسق) و (ق) و (ن)؟
قال عليه السلام: أما (ألم) في أول البقرة فمعناه أنا الله الملك، وأما (ألم)
في أول آل عمران فمعناه أنا الله المجيد، و (المص) معناه أنا الله المقتدر الصادق
و (الر) معناه أنا الله الرؤف و (المر) معناه أنا الله المحيي المميت الرازق
و (كهيعص) معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد وأما (طه) فاسم من
أسماء النبي صلى الله عليه وآله ومعناه يا طالب الحق الهادي إليه ما انزل عليك القرآن لتشقى
بل لتسعد به، وأما (طس) فمعناه أنا الطالب السميع وأما (طسم) فمعناه أنا
الطالب السميع المبدئ المعيد.
وأما (يس) فاسم من أسماء النبي صلى الله عليه وآله ومعناه يا أيها السامع لوحيي

(1) آل عمران: 7.
373

(والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم).
وأما صلى الله عليه وآله فعين تنبع من تحت العرش، وهي التي توضأ منها النبي صلى الله عليه وآله لما
عرج به، ويدخلها جبرئيل عليه السلام كل يوم دخلة فيغتمس فيها ثم يخرج فينفض
أجنحته فليس من قطرة تقطر من أجنحته إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا يسبح
الله ويقدسه ويكبره ويحمده إلى يوم القيامة.
وأما (حم) فمعناه الحميد المجيد، وأما (حمعسق) فمعناه الحليم المثيب
العالم السميع القادر القوي، وأما (ق) فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السماء
منه، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها، وأما (ن) فهو نهر في الجنة قال الله
عز وجل: اجمد! فجمد فصار مدادا ثم قال عز وجل للقلم: اكتب فسطر القلم
في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، فالمداد مداد من نور، والقلم
قلم من نور، واللوح لوح من نور.
قال سفيان: فقلت له: يا ابن رسول الله بين لي أمر اللوح والقلم والمداد فضل
بيان، وعلمني مما علمك الله، فقال: يا ابن سعيد لولا أنك أهل للجواب ما
أجبتك، فنون ملك يؤدي إلى القلم، وهو ملك، والقلم يؤدي إلى اللوح وهو
ملك، واللوح يؤدي إلى إسرافيل، وإسرافيل يؤدي إلى ميكائيل، وميكائيل
يؤدي إلى جبرئيل، وجبرئيل يؤدي إلى الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم.
قال: ثم قال لي: قم يا سفيان فلا آمن عليك (1).
2 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن قيس، عن
أبي جعفر صلوات الله عليه قال: إن حيي بن أخطب وأبا يا سربن أخطب ونفرا
من اليهود من أهل نجران أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: أليس فيما تذكر فيما
انزل إليك (ألم)؟ قال: بلى، قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم
قالوا: لقد بعث أنبياء قبلك ما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه وما أكل أمته
غيرك، قال: فأقبل حيى بن أخطب على أصحابه فقال لهم: الألف واحد واللام

(1) معاني الأخبار ص 22 و 23.
374

ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة، فعجب ممن يدخل في دين مدة
ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة، قال: ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
له: يا محمد هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: فهاته قال: (المص) قال: هذا
أثقل وأطول، الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون
وهذه مائة وإحدى وستون سنة، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: هل مع هذا غيره؟
قال: نعم قال: هات قال: " الر " قال: هذا أثقل وأطول الألف واحد واللام
ثلاثون، والراء مائتان ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم قال:
هات قال: " المر " قال: هذا أثقل وأطول الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون
والراء مائتان، ثم قال: فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: لقد التبس علينا أمرك فما
ندري ما أعطيت، ثم قاموا عنه، ثم قال أبو ياسر لحيي أخيه: وما يدريك لعل
محمدا قد جمع هذا كله وأكثر منه.
فقال أبو جعفر عليه السلام: إن هذه الآيات أنزلت فيهم " منه آيات محكمات هن
أم الكتاب واخر متشابهات) وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأول به حيى
ابن أخطب وأخوه أبو ياسر وأصحابه (1).
معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم مثله (2).
3 - معاني الأخبار: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن يحيى بن عمران، عن يونس
عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ألم " هو حرف من
حروف اسم الله الأعظم المقطع في القرآن الذي يؤلفه النبي صلى الله عليه وآله أو الامام، فإذا
دعا به أجيب " ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " قال: بيان لشيعتنا " الذين
يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقنا هم ينفقون " قال: مما علمناهم
يبثون، ومما علمنا هم من القرآن يتلون (3).

(1) تفسير القمي ص 210.
(2) معاني الأخبار ص 23.
(3) معاني الأخبار ص 23.
375

تفسير علي بن إبراهيم: أبي مثله (1).
4 - تفسير علي بن إبراهيم: جعفر بن أحمد، عن عبيد الله، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن
أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " كهيعص " قال: هذه أسماء الله مقطعة
أما قوله: " كهيعص " قال الله: هو الكافي الهادي العالم الصادق ذي الأيادي العظام
وهو كما وصف نفسه تبارك وتعالى (2).
5 - تفسير علي بن إبراهيم: " حمعسق " هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع، يؤلفه الرسول
أو الامام صلى الله عليهما، فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب (3).
6 - تفسير علي بن إبراهيم: أحمد بن علي وأحمد بن إدريس معا، عن محمد بن أحمد العلوي
عن العمركي، عن محمد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم
عن يحيى بن ميسرة الخثعمي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: " عسق "
عداد سني القائم عليه السلام، وقاف جبل محيط بالدنيا من زمرد أخضر، فخضرة
السماء من ذلك الجبل، وعلم علي كله في عسق (4).
7 - معاني الأخبار: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن أحمد بن
أحمد، عن سليمان بن الخصيب قال: حدثني الثقة عن أبي جمعة رحمة بن صدقه
قال: أتى رجل من بني أمية - وكان زنديقا - جعفر بن محمد عليهما السلام فقال: قول الله
عز وجل في كتابه: " المص " أي شئ أراد بهذا؟ وأي شئ فيه من الحلال
والحرام؟ وأي شئ فيه مما ينتفع به الناس؟ قال: فاغتاظ من ذلك جعفر بن
محمد عليهما السلام فقال: أمسك ويحك الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون
والصاد تسعون، كم معك؟ فقال الرجل: أحد وثلاثون ومائة، فقال له جعفر بن
محمد عليهما السلام: إذا انقضت سنة إحدى وثلاثين ومائة انقضى ملك أصحابك، قال:

(1) تفسير القمي ص 27.
(2) تفسير القمي ص 408.
(3) تفسير القمي ص 595، وفيه علم كل تفسير العياشي في عسق.
(4) تفسير القمي ص 595، وفيه علم كل تفسير العياشي في عسق.
376

فنظرنا فلما انقضت سنة إحدى وثلاثين ومائة يوم عاشورا دخل المسودة الكوفة
وذهب ملكهم (1).
تفسير العياشي: عن أبي جمعة مثله، وفيه ستون مكان الثلاثين في الموضعين (2).
8 - معاني الأخبار: الطالقاني عن الجلودي، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن
أبيه قال: حضرت عند جعفر بن محمد عليهما السلام فدخل عليه رجل فسأله " عن كهيعص "
فقال عليه السلام: " كاف " كاف لشيعتنا " ها " هاد لهم " يا " ولي لهم " عين " عالم بأهل
طاعتنا " صاد " صادق لهم وعدهم، حتى يبلغ بهم المنزلة التي وعدها إياهم في بطن
القرآن (3).
9 - عيون أخبار الرضا (ع): أبي، عن علي، عن أبيه، عن [أبي] حيون مولى الرضا عنه عليه السلام قال:
من رد متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم (4).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب تعلم القرآن.
10 - معاني الأخبار: المفسر باسناده إلى أبي محمد العسكري عليه السلام أنه قال: كذبت
قريش واليهود بالقرآن، وقالوا: سحر مبين تقوله، فقال الله: " ألم ذلك الكتاب "
أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو بالحروف المقطعة التي منها ألف
لام ميم، وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، واستعينوا
على ذلك بسائر شهدائكم. ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله: " قل لئن اجتمعت
الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض
ظهيرا " (5).
ثم قال الله: " ألم " أي القرآن الذي افتتح بالم هو " ذلك الكتاب " الذي أخبرت

(1) معاني الأخبار ص 28.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 2.
(3) معاني الأخبار ص 28.
(4) عيون الأخبار ج 1 ص 290.
(5) أسرى: 91.
377

به موسى فمن بعده من الأنبياء فأخبروا بني إسرائيل أني سأنزله عليك يا محمد
كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " لا
ريب فيه " لا شك فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب
لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم " هدى " بيان من الضلالة
" للمتقين " الذين يتقون الموبقات، ويتقون تسليط السفه على أنفسهم، حتى
إذا علموا ما يجب عليهم علمه، عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم.
قال: وقال الصادق عليه السلام: ثم الألف حرف من حروف قولك الله، دل
بالألف على قولك الله، ودل باللام على قولك الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين
ودل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله، وجعل هذا القول حجة
على اليهود، وذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران ثم من بعده من الأنبياء إلى
بني إسرائيل لم يكن فيهم قوم إلا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد
العربي الأمي المبعوث بمكة الذي يهاجر إلى المدينة، يأتي بكتاب بالحروف
المقطعة افتتاح بعض سوره، يحفظه أمته فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة، وعلى كل
الأحوال، يسهل الله عز وجل حفظه عليهم.
ويقرنون بمحمد صلى الله عليه وآله أخاه ووصيه علي بن أبي طالب عليه السلام الآخذ عنه
علومه التي علمها، والمتقلد عنه لأماناته التي قلدها، ومذلل كل من عاند محمدا
بسيفه الباتر، ومفحم كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر، يقاتل عباد الله على
تنزيل كتاب الله حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين، ثم إذا صار محمد صلى الله عليه وآله
إلى رضوان الله عز وجل وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان، وحرفوا
تأويلاته، وغيروا معانيه، ووضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم بعد على تأويله
حتى يكون إبليس الغاوي لهم هو الخاسر الذليل المطرود المغلوب.
قال: فلما بعث الله محمدا وأظهره بمكة ثم سيره منها إلى المدينة وأظهره
بها ثم أنزل عليه الكتاب وجعل افتتاح سورته الكبرى بالم، يعني " ألم ذلك الكتاب "
وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك يا محمد " لا ريب
378

فيه " فقد ظهر كما أخبرهم به أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه
الباطل، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم ثم اليهود يحرفونه عن جهته ويتأولونه
على غير جهته، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال أجل
هذه الأمة وكم مدة ملكهم.
فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله منهم جماعة فولى رسول الله عليا عليهما السلام مخاطبتهم
فقال قائلهم: إن كان ما يقول محمد حقا لقد علمنا كم قدر ملك أمته؟ هو إحدى
وسبعون سنة: الألف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فقال علي عليه السلام:
فما تصنعون بالمص وقد أنزلت عليه؟ قالوا: هذه إحدى وستون ومائة سنة، قال:
فماذا تصنعون بالر وقد أنزلت عليه؟ فقالوا: هذه أكثر هذه مائتان وإحدى
وثلاثون سنة، فقال علي عليه السلام: فما تصنعون بما انزل إليه المر؟ قالوا: هذه
مائتان وإحدى وسبعون سنة، فقال علي عليه السلام: فواحدة من هذه له أو جميعها له؟
فاختلط كلامهم فبعضهم قال له: واحدة منها، وبعضهم قال: بل يجمع له كلها
وذلك سبعمائة وأربع سنين، ثم يرجع الملك إلينا يعني إلى اليهود.
فقال علي عليه السلام: أكتاب من كتب الله نطق بهذا أم آراؤكم دلتكم عليه؟
فقال بعضهم: كتاب الله نطق به، وقال آخرون منهم: بل آراؤنا دلت عليه، فقال
علي عليه السلام: فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون، فعجزوا عن إيراد
ذلك، وقال للآخرين: فدلونا على صواب هذا الرأي؟ فقالوا صواب رأينا دليله أن
هذا حساب الجمل.
فقال علي عليه السلام: كيف دل على ما تقولون وليس في هذه الحروف إلا ما
اقترحتم بلا بيان؟ أرأيتم إن قيل لكم إن هذه الحروف ليست دالة على هذه المدة
لملك أمة محمد صلى الله عليه وآله، ولكنها دلالة على أن كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا
الحساب، أو أن عدد ذلك لكل واحد منكم ومنا بعدد هذا الحساب دراهم أو دنانير
أو أن لعلى على كل واحد منكم دين عدد ماله مثل عدد هذا الحساب.
قالوا: يا أبا الحسن ليس شئ مما ذكرته منصوصا عليه في " ألم " و " المص "
379

و " الر " و " المر " فقال علي عليه السلام: ولا شئ مما ذكرتموه منصوص عليه في " ألم "
و " المص " والر " والمر " فان بطل قولنا لما قلنا، بطل قولك لما قلت، فقال خطيبهم
ومنطيقهم: لا تفرح يا علي، إن عجزنا عن إقامة حجة فيما تقولهن على دعوانا
فأي حجة لك في دعواك إلا أن تجعل عجزنا حجتك، فإذا ما لنا حجة فيما نقول
ولا لكم حجة فيما تقولون.
قال علي عليه السلام: لا سواء، إن لنا حجة هي المعجزة الباهرة ثم نادي جمال
اليهود: يا أيتها الجمال اشهدي لمحمد، ولوصيه، فتبادر الجمال: صدقت صدقت
يا وصي محمد، وكذب هؤلاء اليهود.
فقال علي عليه السلام: هؤلاء جنس من الشهود، يا ثياب اليهود التي عليهم اشهدي
لمحمد ولوصيه، فنطقت ثيابهم كلها: صدقت صدقت يا علي نشهد أن محمدا رسول
الله حقا وأنك يا علي وصيه حقا، لم يثبت محمد قدما في مكرمة إلا وطئت على موضع
قدمه، بمثل مكرمته، فأنتما شقيقان من أشرف أنوار الله، فميزتما اثنين، وأنتما
في الفضائل شريكان، إلا أنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله.
فعند ذلك خرس ذلك اليهودي، وآمن بعض النظارة منهم برسول الله، وغلب
الشقاء على اليهود وسائر النظارة الآخرين، فذلك ما قال الله تعالى " لا ريب فيه "
إنه كما قال محمد ووصي محمد عن قول محمد صلى الله عليه وآله عن قول رب العالمين.
ثم قال: " هدى " بيان وشفاء " للمتقين " من شيعة محمد وعلي إنهم اتقوا
أنواع الكفر فتركوها، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها، واتقوا إظهار أسرار
الله وأسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد صلى الله عليه وآله فكتموها، واتقوا ستر العلوم عن
أهلها المستحقين لها، وفيهم نشروها (1).
11 - معاني الأخبار: أحمد بن عبد الرحمن المروزي، عن محمد بن جعفر المقري، عن محمد
ابن الحسن الموصلي، عن محمد بن عاصم الطريفي، عن عباس بن يزيد، عن أبيه
يزيد بن الحسين، عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قال الصادق عليه السلام: القرآن

(1) معاني الأخبار ص 24 - 28، تفسير الامام ص 29 - 31.
380

كله تقريع، وباطنه تقريب.
قال الصدوق رحمه الله: يعني بذلك أن من وراء آيات التوبيخ والوعيد آيات
الرحمة والغفران (1).
12 - تفسير علي بن إبراهيم: قال الصادق عليه السلام: إن الله بعث نبيه بإياك أعني واسمعي
يا جاره (2).
13 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن حسان، عن
ابن مهران، عن ابن البطائني، عن أبيه، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اسم الله الأعظم
مقطع في أم الكتاب (3).
14 - إكمال الدين: قد غيب الله تبارك وتعالى اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب
وإذا سئل به أعطى في أوائل سور من القرآن، فقال عز وجل " ألم " و " المر "
و " الر " و " المص " و " كهيعص " و " حمعسق " و " طس " و " طسم " وما أشبه ذلك لعلتين
إحداهما أن الكفار المشركين كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله عز وجل، وهو
النبي صلى الله عليه وآله بدليل قوله تعالى: " قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا " (4) وكانوا لا
يستطيعون للقرآن فأنزل الله عز وجل في أوائل سور منه اسمه الأعظم بحروف مقطوعة
وهي من حروف كلامهم ولغتهم، ولم تجر عادتهم بذكرها مقطوعة، فلما سمعوها
تعجبوا منها وقالوا نسمع ما بعدها تعجبا فاستمعوا ما بعدها فتأكدت الحجة على
المنكرين، وازداد أهل الاقرار به بصيرة، وتوقف الباقون شكا كا لا همة لهم
إلا البحث عما شكوا فيه، وفي البحث الوصول إلى الحق.
والعلة الأخرى في إنزال أوائل هذه السور بالحروف المقطوعة ليختص
بمعرفتها أهل العصمة والطهارة، فيقيمون به الدلالة، ويظهرون به المعجزات

(1) معاني الأخبار ص 232 و 312.
(2) تفسير القمي ص 380.
(3) ثواب الأعمال 94.
(4) الطلاق: 10.
381

ولو عم الله تبارك وتعالى بمعرفتها جميع الناس، لكان ذلك ضد الحكمة، وفساد
التدبير، وكان لا يؤمن من غير المعصوم أن يدعو بها على نبي مرسل، أو مؤمن
ممتحن، ثم لا يجوز أن لا تقع الإجابة بها مع وعده، واتصافه بأنه لا يخلف
الميعاد.
وعلى أنه يجوز أن يعطي المعرفة بعضها من يجعله عبرة لخلقه متى تعدى
حده فيها كبلعم بن باعورا حين أراد أن يدعو على كليم الله موسى عليه السلام فانسي
ما كان أوتي من الاسم الأعظم، فانسلخ منه وذلك قول الله عز وجل في كتابه
" واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من
الغاوين " (1) وإنما فعل عز وجل ذلك ليعلم الناس أنه ما اختص بالفضل إلا من
علم أنه مستحق للفضل، وأنه لو عم لجاز منهم وقوع ما وقع من بلعم (2).
15 - تفسير العياشي: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المحكم والمتشابه، قال: المحكم ما
نعمل به، والمتشابه ما اشتبه على جاهله (3).
16 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: إن القرآن محكم
ومتشابه، فأما المحكم فنؤمن به ونعمل به وندين به، وأما المتشابه فنؤمن به ولا
نعمل به، وهو قول الله " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء
الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به
كل من عند ربنا " والراسخون في العلم هم آل محمد (4).
17 - تفسير العياشي: عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل القرآن بإياك
أعني واسمعي يا جاره (5).
18 - تفسير العياشي: عن ابن أبي عمير، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما

(1) الأعراف: 175.
(2) كمال الدين ج 2 ص 353 في ذيل حديث بلوهر وبوذاسف.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 162.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 162.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 10.
382

عاتب الله نبيه فهو يعني به من قد مضى في القرآن مثل قوله " ولولا أن ثبتناك
لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " (1) عنى بذلك غيره (2).
19 - تفسير العياشي: عن أبي محمد الهمداني، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه قال: الناسخ: الثابت والمنسوخ:
ما مضى، والمحكم: ما يعمل به، والمتشابه: الذي يشبه بعضه بعضا (3).
20 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل القرآن ناسخا
ومنسوخا (4).
21 - تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن القرآن
فيه محكم ومتشابه فأما المحكم: فنؤمن به ونعمل به، وندين به، وأما المتشابه فنؤمن
به ولا نعمل به (5).
22 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الناسخ
والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، قال: الناسخ الثابت المعمول به، والمنسوخ ما كان
يعمل به ثم جاء ما نسخه، والمتشابه ما اشتبه على جاهله (6).
23 - تفسير العياشي: أبو لبيد المخزومي قال: قال أبو جعفر عليه السلام يا بالييد إنه يملك
من ولد العباس اثنى عشر، يقتل بعد الثامن منهم أربعة يصيب أحدهم الذبحة
فيذبحه، هم فئة قصيرة أعمارهم، قليلة مدتهم، خبيثة سيرتهم، منهم الفويسق الملقب
بالهادي والناطق، والغاوي.
يا بالبيد إن في حروف القرآن المقطعة لعلما جما، إن الله تعالى أنزل:
" ألم * ذلك الكتاب " فقام محمد صلى الله عليه وآله حتى ظهر نوره، وثبتت كلمته، وولد يوم
ولد وقد مضى من الألف السابع مائة سنة، وثلاث سنين، ثم قال: وتبيانه في كتاب
الله الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار، وليس من حروف مقطعة حروف ينقضي

(1) أسرى: 74.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 10.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
(6) تفسير العياشي ج 1 ص 11.
383

الأيام إلا وقائم من بني هاشم عند انقضائه.
ثم قال: الألف واحد واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون، فذلك
مائة وإحدى وستون، ثم كان بدو خروج الحسين بن علي عليهما السلام " ألم الله " فلما
بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند " المص " ويقوم قائمنا عند انقضائها بالر
فافهم ذلك وعه وا كتمه (1).
24 - مناقب ابن شهرآشوب: الباقر عليه السلام في سورة البقرة " ألم " اسم من أسماء الله ثم أربع
آيات في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة آية في نعت
المنافقين.
أقول: قال السيد في سعد السعود: قال أبو عبد الرحمن محمد بن الحسن
السلمي في حقايق التفسير في قوله تعالى " ألم ذلك الكتاب " قال جعفر الصادق
عليه السلام " ألم " رمز وإشارة بينه وبين حبيبه محمد صلى الله عليه وآله أراد أن لا يطلع عليه سواهما
بحروف بعدت عن درك الاعتبار، وظهر السر بينهما لا غير.
وقال رحمه الله فيه: روى الأسترآبادي في كتاب مناقب النبي والأئمة عليهم السلام
عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: حضر
الرضا علي بن موسى عليهما السلام عند المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من
علماء العراق وخراسان، فقال الرضا عليه السلام: أخبروني عن قول الله عز وجل " يس
والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم " فمن عنى بقوله " يس "
قال العلماء " يس " محمد صلى الله عليه وآله لم يشك فيه أحد، قال أبو الحسن عليه السلام: فان الله
تبارك وتعالى أعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من
عقله، وذلك أن الله عز وجل لا يسلم على أحد إلا الأنبياء فقال تعالى " سلام على
نوح في العالمين " (2) وقال " سلام على إبراهيم " (3) وقال " سلام على موسى

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 3.
(2) الصافات: 79.
(3) الصافات: 109.
384

وهارون " (1) ولم يقل سلام على آل نوح، ولم يقل سلام على آل إبراهيم، ولم يقل
سلام على آل موسى وهارون، وقال: " سلام على آل يس " (2) يعني آل محمد صلى الله عليه
وعليهم (3).
إلى هنا انتهى الجزء الأول من المجلد
التاسع (كتاب القرآن) وهو الجزء التاسع والثمانون
حسب تجزئتنا، يحتوي على مائة باب وسبعة وعشرين
بابا من أبواب كتاب فضل القرآن.
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته فخرج
بعون الله ومشيئته نقيا من الأغلاط إلا نزرا زهيدا
زاغ عنه البصر، وكل عنه النظر، ومن الله نسأل
العصمة والتوفيق.
السيد إبراهيم الميانجي محمد الباقر البهبودي

(1) الصافات: 120.
(2) الصافات: 130.
(3) ترى الحديث في عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 236 وقال الطبرسي
في المجمع ج 8 ص 456: قرأ ابن عامر ونافع ورويس عن يعقوب " آل يس " بفتح
الألف وكسر اللام المقطوعة من ياسين، والباقون " الياسين " بكسر الألف وسكون اللام
موصولة بياسين، وفى الشواذ قراءة ابن مسعود ويحيى والأعمش والحكم بن عيينة " وان
إدريس " و " سلام على ادراسين " وقراءة ابن محيصن وأبى رجاء " وان الياس "
و " سلام على الياسين " بغير همز أقول: راجع في ذلك ج 23 ص 167 - 172 من هذه
الطبعة.
385

كلمة المصحح:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله - والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله أمناء الله.
وبعد: فقد تفضل الله علينا - وله الفضل والمن - حيث اختارنا
لخدمة الدين وأهله، وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى وهي الباحثة
عن المعارف الاسلامية الدائرة بين المسلمين: أعني بحار الأنوار الجامعة لدرر
أخبار الأئمة الأطهار عليهم الصلوات والسلام.
وهذا الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام، هو الجزء الأول من
المجلد التاسع عشر (كتاب القرآن) وقد قابلناه على نسخة الكمباني ثم على نسخة
الأصل التي هي بخط يد المؤلف العلامة رضوان الله عليه، وهي محفوظة في خزانة
مكتبة ملك بطهران تحت الرقم 1003، وفيها بعض زيادات طبعت في طبعتنا هذه
كما في ص 354 من السطر 2 - 7 وغير ذلك، ومع ذلك قابلناه على نص المصادر
أو على الاخبار الاخر المشابهة للنص في سائر الكتب، فسددنا ما كان في النسخة من
خلل وبياض وسقط وتصحيف، فان المجلد التاسع عشر أيضا من مسودات قلمه
الشريف رحمة الله عليه، ولم يخرج في حياته إلى البياض.
386

ومما كددنا كثيرا في إصلاحه وتحقيق ألفاظه وتصحيح أغلاطه باب وجوه
إعجاز القرآن (الباب 15 ص 121 - 174) وهو مما نقله المؤلف العلامة بطوله
من كتاب الخرائج والجرائح للقطب الراوندي رحمة الله عليه، من نسخة كاملة كانت
عنده، ولكن النسخة كانت سقيمة مصحفة جدا، واستنسخ كاتب المؤلف بأمره
رضوان الله عليه النسخة من حيث يتعلق ببحث إعجاز القرآن ووجوهه إلى آخره، بما
فيها من السقم والأود، وصحح المؤلف العلامة بقلمه الشريف بعض ما تنبه له من
الأغلاط والتصحيفات - عجالة - وضرب على بعض جملاته التي لم يكن يخل
حذفها بالمعنى المراد، كما ضرب على بعضها الآخر، إذا لم يكن لها معنى ظاهر
مراد، أو كانت فيها كلمة مصحفة غير مقروة ولا سبيل إلى تصحيحها.
ثم إنه رضوان الله عليه ضرب على بعض الفصول تماما (ترى الإشارة إلى
ذلك في ص 130 السطر 3) وغير صورة الأبواب وحذف عناوين الفصول بحيث
صار البحث متصلا متعاضدا، فلما انتهى إلى الصفحة 158 من طبعتنا هذه، انقطع
أثر قلمه الشريف، وبقي من الصفحة 158 - إلى - 174 غير مصححة، مع أن
أغلاطها وتصحيفاتها وجملاتها التي لا يظهر لها معنى مناسب أكثر وأكثر.
فكددنا في قراءة النسخة وإصلاح أودها وعرضناها تارة على مختار الخرائج
المطبوع - إذا وجدنا موضع النص فيها - وتارة على نسخة مخطوطة محفوظة في
مكتبة ملك بطهران تحت الرقم 2883 وهي وإن كانت أتم من المطبوع لكنها ناقصة
مما كانت عند المؤلف العلامة بكثير مع ما فيها من السقم.
وراجعنا مع ذلك في فهم المراد وتصحيح أقاويل المعترضين وجواباتها إلى
الكتب المؤلفة في ذلك الموضوع، وفكرنا ساعة بل ساعات في كلمة واحدة وقلبناها
ظهرا لبطن حتى عرفنا صورتها الصحيحة التي كانت عليها قبل التصحيف، إلى
غير ذلك من المشاق التي تحملناها حتى صارت النسخة مقروة مفهومة المعنى
ظاهرة المراد، ولا يصدقنا على ذلك إلا من راجع نسخة الأصل بمكتبة ملك، أو
راجع نسخة الكمباني فقابلها على هذه المطبوعة بين يديك.
387

وإنما أطنبنا وأطلنا الكلام في ذلك، رعاية لحق الأمانة وليكون الناظر
البصير على معرفة من سيرة المؤلف العلامة في تصحيح هذه النسخة، وليطلع على
مسلكنا في أشباه تلك الموارد عند التصحيح والتحقيق.
فلو كان عند أحد نسخة سليمة من كتاب الخرائج ولا أعلم لها أثرا فلا يحكم
علينا بالتقصير، فإنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها
والله ولي العصمة والتوفيق.
محمد الباقر البهبودي
388