الكتاب: بحار الأنوار
المؤلف: العلامة المجلسي
الجزء: ٩٠
الوفاة: ١١١١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي ، محمد الباقر البهبودي
الطبعة: الثانية المصححة
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: دار إحياء التراث العربي

بحار الأنوار
الجامعة لدرر اخبار الأئمة الأطهار
تأليف
العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى
الشيخ محمد باقر المجلسي
" قدس الله سره "
الجزء التسعون
مؤسسة الوفاء
بيروت لبنان
تعريف الكتاب 1

الطبعة الثانية المصححة
1403 ه‍ - 1983 م
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
128 * (باب)
* (ما ورد عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في أصناف) *
* (آيات القرآن وأنواعها، وتفسير بعض آياتها) *
* (برواية النعماني وهي رسالة مفردة مدونة كثيرة الفوائد) *
* (نذكرها من فاتحتها إلى خاتمتها) *
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العدل ذي العظمة والجبروت، والعز والملكوت، الحي الذي
لا يموت: ومبدئ الخلق ومعيده ومنشئ كل شئ ومبيده، الذي لم يلد ولم
يولد، ولم يكن له كفوا أحد واحد لا كالآحاد، الخالي من الأنداد، لا إله إلا هو
راحم العباد، وصلى الله على نوره الساطع وضيائه اللامع، محمد نبيه وصفيه
وعروته الوثقى ومثله الاعلى المفضل على جميع الورى، وعلى أخيه ووصيه
ووارث علمه وآيته العظمى، وعلى آله الأئمة المصطفين، وعترته المنتجبين
المفضلين على جميع العالمين، مصابيح الدجى، وأعلام الهدى، وسفن النجاة
الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه، حيث يقول جل ثناؤه: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
1

وأولي الأمر منكم " (1) فدل سبحانه وأرشد إليهم فقال النبي صلى الله عليه وآله " إني
مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: الثقلين كتاب الله وعترتي، فان ربي
اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وقال أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام في خطبة له: ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء
إلى الأرض، وجميع ما فضلت بن النبيون في عترة خاتم النبيين.
واعلم يا أخي وفقك الله بما يرضيه بفضله وجنبك ما يسخطه برحمته أن
القرآن جليل خطره عظيم قدره ولما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله: أن القرآن
مع أهل بيته، وهم التراجمة عنه المفسرون له وجب أخذ ذلك عنهم ومنهم، قال الله
تعالى " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (2) ففرض جلت عظمته على الناس
العلم والعمل بما في القرآن فلا يسعهم مع ذلك جهله، ولا يعذرون في تركه
وجميع ما أنزله في كتابه عند أهل بيت نبيه الذين ألزم العباد طاعتهم، وفرض
سؤالهم، والاخذ عنهم، حيث يقول: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
فالذكر ههنا رسول الله صلى الله عليه وآله قال الله تعالى: " قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا
يتلوا عليهم آياته " (3) الآية، وأهل الذكر هم أهل بيته، ولما اختلف الناس في ذلك
أنزل الله تعالى " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " (4) فلم يفرض على عباده طاعة
غير من اصطفاه وطهره دون من وقع منه الشك أو الظلم ويتوقع فالويل لمن خالف الله
تعالى ورسوله وأسند أمره إلى غير المصطفين قال الله تعالى " ويوم يعض الظالم على يديه
يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا " (5) فالسبيل ههنا أمير المؤمنين صلوات الله
عليه " يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني "
والذكر ههنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه " وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا
القرآن مهجورا " (6) فالقرآن ههنا إشارة إلى أمير المؤمنين صلوات الله ثم وصف

(1) النساء 59.
(2) النحل: 43 الأنبياء: 7.
(3) الطلاق: 10.
(4) فاطر: 32.
(5) الفرقان: 27 - 30.
(6) الفرقان: 27 - 30.
2

الأئمة عليهم السلام فقال تعالى: " التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون
الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله " (1)
ألا ترى أنه لا يصلح أن يأمر بالمعروف إلا من قد عرف المعروف كله حتى لا يخطأ
فيه، ولا يزل لا ينسى، ولا يشك، ولا ينهى عن المنكر إلا من عرف المنكر
كله وأهله، ولا يجوز لاحد أن يقتدي ويأتم إلا بمن هذه صفته، وهم الراسخون
في العلم، الذين قرنهم الله بالقرآن، وقرن القرآن بهم،
قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني رضي الله عنه في كتابه في تفسير
القرآن: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب
الجعفي عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه
عن إسماعيل بن جابر قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام يقول:
إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا فختم به الأنبياء فلا نبي بعده، وأنزل عليه
كتابا فختم به الكتب، فلا كتاب بعده، أحل فيه حلالا، وحرم حراما، فحلاله
حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فيه شرعكم، وخبر
من قبلكم، وبعدكم.
وجعله النبي صلى الله عليه وآله علما باقيا في أوصيائه، فتركهم الناس، وهم الشهداء
على أهل كل زمان، وعدلوا عنهم، ثم قتلوهم واتبعوا غيرهم، وأخلصوا لهم
الطاعة، حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الامر، وطلب علومهم، قال الله سبحانه:
" فنسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم " (2) وذلك أنهم
ضربوا بعض القرآن ببعض، واحتجوا بالمنسوخ، وهم يظنون أنه الناسخ
واحتجوا بالمتشابه وهم يرون أنه المحكم، واحتجوا بالخاص وهم يقدرون
أنه العام، واحتجوا بأول الآية، وتركوا السبب في تأويلها، ولم ينظروا إلى
ما يفتح الكلام وإلى ما يختمه، ولم يعرفوا موارده ومصادر، إذ لم يأخذوه

(1) براءة: 112.
(2) المائدة: 13.
3

عن أهله، فضلوا وأضلوا،
واعلموا رحمكم الله أنه من لم يعرف من كتاب الله عز وجل الناسخ من
المنسوخ والخاص من العام والمحكم من المتشابه والرخص من العزائم والمكي
والمدني، وأسباب التنزيل، والمبهم من القرآن في ألفاظه المنقطعة والمؤلفة، وما
فيه من علم القضاء والقدر، والتقديم والتأخير، والمبين والعميق، والظاهر والباطن
والابتداء والانتهاء، والسؤال والجواب، والقطع والوصل، والمستثنى منه والجاري
فيه، والصفة لما قبل مما يدل على ما بعد، والمؤكد منه، والمفصل وعزائمه
ورخصه، ومواضع فرائضه وأحكامه، ومعنى حلاله وحرامه الذي هلك فيه
الملحدون، والموصول من الألفاظ والمحمول على ما قبله، وعلى ما بعده، فليس
بعالم بالقرآن، ولا هو من أهله، ومتى ما ادعى معرفة هذه الاقسام مدع بغير
دليل، فهو كاذب مرتاب، مفتر على الله الكذب ورسوله، ومأواه جهنم وبئس
المصير.
ولقد سأل أمير المؤمنين صلوات الله عليه شيعته عن مثل هذا، فقال: إن الله
تبارك وتعالى أنزل القرآن على سبعة أقسام كل منها شاف كاف، وهي أمر، وزجر
وترغيب، وترهيب، وجدل، ومثل، وقصص. وفي القرآن ناسخ ومنسوخ
ومحكم ومتشابه، وخاص وعام، ومقدم ومؤخر، وعزائم ورخص، وحلال
وحرام، وفرائض وأحكام، ومنقطع ومعطوف ومنقطع غير معطوف وحرف
مكان حرف.
ومنه ما لفظه خاص، ومنه ما لفظه عام محتمل العموم، ومنه ما لفظه
واحد ومعناه جمع، ومنه ما لفظه جمع ومعناه واحد، ومنه ما لفظه ماض ومعناه
مستقبل، ومنه ما لفظه على الخبر ومعناه حكاية عن قوم آخر، ومنه ما هو باق
محرف عن جهته، ومنه ما هو على خلاف تنزيله، ومنه ما تأويله في تنزيله، ومنه
ما تأويله قبل تنزيله، ومنه ما تأويله بعد تنزيله.
ومنه آيات بعضها في سورة وتمامها في سورة أخرى، ومنه آيات نصفها منسوخ
4

ونصفها متروك على حاله، ومنه آيات مختلفة اللفظ متفقة المعنى، ومنه آيات
متفقة اللفظ مختلفة المعنى، ومنه آيات فيها رخصة وإطلاق بعد العزيمة، لان
الله عز وجل يحب أن يؤخذ برخصه كما يؤخذ بعزائمه.
ومنه رخصة صاحبها فيها بالخيار، إن شاء أخذ، وإن شاء تركها، ومنه رخصة
ظاهرها خلاف باطنها يعمل بظاهرها عند التقية ولا يعمل بباطنها مع التقية ومنه
مخاطبة لقوم والمعنى لآخرين، ومنه مخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله ومعناه واقع على أمته
ومنه لا يعرف تحريمه إلا بتحليله ومنه ما تأليفه وتنزيله على غير معنى ما انزل
فيه.
ومنه رد من الله تعالى واحتجاج على جميع الملحدين والزنادقة والدهرية
والثنوية والقدرية والمجبرة وعبدة الأوثان وعبدة النيران، ومنه احتجاج على
النصارى في المسيح عليه السلام، ومنه الرد على اليهود، ومنه الرد على من زعم أن
الايمان لا يزيد ولا ينقص، وأن الكفر كذلك، ومنه رد على من زعم أن ليس
بعد الموت وقبل القيامة ثواب وعقاب.
ومنه رد على من أنكر فضل النبي صلى الله عليه وآله على جميع الخلق، ومنه رد على
من أنكر الاسراء به ليلة المعراج، ومنه رد على من أثبت الرؤية، ومنه صفات
الحق وأبواب معاني الايمان ووجوبه ووجوهه، ومنه رد على من أنكر الايمان
والكفر والشرك والظلم والضلال، ومنه رد على من وصف الله تعالى وحده، ومنه
رد على من أنكر الرجعة ولم يعرف تأويلها، ومنه رد على من زعم أن الله عز
وجل لا يعلم الشئ حتى يكون، ومنه رد على من لم يعلم الفرق بين المشية
والإرادة والقدرة في مواضع، ومنه معرفة ما خاطب الله عز وجل به الأئمة والمؤمنين.
ومنه أخبار خروج القائم منا عجل الله فرجه، ومنه ما بين الله تعالى
فيه شرائع الاسلام، وفرائض الاحكام، والسبب في معني بقاء الخلق ومعايشهم
ووجوه ذلك ومنه أخبار الأنبياء وشرائعهم وهلاك أممهم، ومنه ما بين
الله تعالى في مغازي النبي صلى الله عليه وآله وحروبه، وفضائل أوصيائي، وما يتعلق بذلك
5

ويتصل به.
فكانت الشيعة إذا تفرغت من تكاليفها تسأله عن قسم قسم فيخبرها، فمما سألوه
عن الناسخ والمنسوخ، فقال صلوات الله عليه: إن الله تبارك وتعالى بعث رسوله
صلى الله عليه وآله بالرأفة والرحمة، فكان من رأفته ورحمته أنه لم ينقل قومه
في أول نبوته عن عادتهم، حتى استحكم الاسلام في قلوبهم، وحلت الشريعة في
صدورهم، فكانت من شريعتهم في الجاهلية أن المرأة إذا زنت حبست في بيت وأقيم
بأودها حتى يأتي الموت، وإذا زنى الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه وآذوه
وعيروه ولم يكونوا يعرفون غير هذا.
قال الله تعالى في أول الاسلام: " واللاتي يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا
عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل
الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما
فان الله كان توابا رحيما " (1).
فلما كثر المسلمون وقوي الاسلام، واستوحشوا أمور الجاهلية، أنزل
الله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " (2) إلى آخر
الآية فنسخت هذه الآية آية الحبس والأذى.
ومن ذلك أن العدة كانت في الجاهلية على المرأة سنة كاملة وكان إذا مات
الرجل ألقت المرأة خلف ظهرها شيئا - بعرة وما جرى مجريها - ثم قالت: البعل
أهون علي من هذه، فلا أكتحل ولا أمتشط ولا أتطيب ولا أتزوج سنة، فكانوا
لا يخرجونها من بيتها بل يجرون عليها من تركة زوجها سنة، فأنزل الله تعالى في
أول الاسلام " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى
الحول غير إخراج " (3) فلما قوي الاسلام، أنزل الله تعالى " والذين يتوفون
منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا

(1) النساء: 15 - 16.
(2) النور: 2.
(3) البقرة: 240.
6

جناح عليهن " (1) إلى آخر الآية.
قال عليه السلام: ومن ذلك أن الله تبارك وتعالى لما بعث محمدا صلى الله عليه وآله أمره في
بدو أمره أن يدعو بالدعوة فقط، وأنزل عليه " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا
ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا * وبشر المؤمنين بأن لهم من
الله فضلا كبيرا * ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذيهم وتوكل على الله وكفى
بالله وكيلا " (2) فبعثه الله تعالى بالدعوة فقط، وأمره أن لا يؤذيهم.
فلما أرادوه بما هموا به من تبييته أمره الله تعالى بالهجرة وفرض عليه القتال
فقال سبحانه: " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " (3)
فلما امر الناس بالحرب، جزعوا وخافوا فأنزل الله تعالى " ألم تر إلى الذين قيل
لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق
منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا
أخرتنا إلى أجل قريب - إلى قوله سبحانه - أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم
في بروج مشيدة " (4) فنسخت آية القتال آية الكف،
فلما كان يوم بدر وعرف الله تعالى حرج المسلمين، أنزل على نبيه " وإن
جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " (5) فلما قوي الاسلام، وكثر المسلمون
أنزل الله تعالى و " لا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن
يتركم أعمالكم " (6) فنسخت هذه الآية التي أذن لهم فيها أن يجنحوا، ثم أنزل
سبحانه في آخر السورة (7) " واقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم
واحصروهم " (8) إلى آخر الآية.
ومن ذلك أن الله تعالى فرض القتال على الأمة فجعل على الرجل الواحد

(1) البقرة: 234.
(2) الأحزاب: 45 - 48.
(3) الحج: 39.
(4) النساء: 77.
(5) الأنفال: 61
(6) القتال: 35.
(7) سورة أخرى ظ.
(8) براءة: 5.
7

أن يقاتل عشرة من المشركين، فقال: " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا
مائتين " (1) إلى آخر الآية، ثم نسخها سبحانه فقال: " الآن خفف الله عنكم وعلم
أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين (2) " إلى آخر الآية فنسخ
بهذه الآية ما قبلها، فصار من فر من المؤمنين في الحرب إن كانت عدة المشركين
أكثر من رجلين لرجل لم يكن فارا من الزحف، وإن كان العدة رجلين لرجل
فارا من الزحف.
وقال عليه السلام: ومن ذلك نوع آخر، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما هاجر
إلى المدينة آخى بين أصحابه من المهاجرين والأنصار وجعل المواريث على
الاخوة في الدين لا في ميراث الأرحام، وذلك قوله تعالى: " إن الذين آمنوا
وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض -
إلى قوله سبحانه - والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى
يهاجروا " (3) فأخرج الأقارب من الميراث، وأثبته لأهل الهجرة، وأهل الدين
خاصة، ثم عطف بالقول فقال تعالى: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا
تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " (4) فكان من مات من المسلمين يصير
ميراثه وتركته لأخيه في الدين دون القرابة والرحم الوشيجة، فلما قوي
الاسلام أنزل الله " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا
إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا " (5) فهذا المعنى نسخ آية الميراث.
ومنه وجه آخر وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما بعث كانت الصلاة إلى قبلة
بيت المقدس سنة بني إسرائيل، وقد أخبرنا الله بما قصه في ذكر موسى عليه السلام
أن يجعل بيته قبلة وهو قوله: " وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما
بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة " (6) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في أول مبعثه يصلي

(1) الأنفال: 65 - 66.
(2) الأنفال: 65 - 66.
(3) الأنفال: 72 - 73.
(4) الأنفال: 72 - 73.
(5) الأحزاب: 6.
(6) يونس: 87.
8

إلى بيت المقدس جميع أيام مقامه بمكة، وبعد هجرته إلى المدينة بأشهر فعيرته
اليهود وقالوا: أنت تابع لقبلتنا، فأحزن رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك منه فأنزل الله
تعالى عليه وهو يقلب وجهه في السماء وينتظر الامر " قد نرى تقلب وجهك في
السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث ما كنتم
فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة " (1) يعني اليهود في هذا
الموضع.
ثم أخبرنا الله عز وجل ما العلة التي من أجلها لم يحول قبلته من أول
مبعثه، فقال تبارك وتعالى: " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع
الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما
كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم " (2) فسمى سبحانه الصلاة
ههنا إيمانا، وهذا دليل واضح على أن كلام الباري سبحانه لا يشبه كلام الخلق
كما لا يشبه أفعاله أفعالهم، ولهذه العلة وأشباهها لا يبلغ أحد كنه معنى حقيقة تفسير
كتاب الله تعالى وتأويله إلا نبيه صلى الله عليه وآله وأوصياؤه.
ومن ذلك (*) ما كان مثبتا في التوراة من الفرائض في القصاص، وهو قوله:
" وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين " (3) إلى آخر الآية فكان
الذكر والأنثى والحر والعبد شرعا سواء فنسخ الله تعالى ما في التوراة بقوله:
" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد
والأنثى بالأنثى " (4) فنسخت هذه الآية " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ".
ومن ذلك (*) أيضا آصار غليظة كانت على بني إسرائيل في الفرائض، فوضع
الله تعالى تلك الآصار عنهم، وعن هذه الأمة، فقال سبحانه " ويضع عنهم
إصرهم والاغلال التي كانت عليهم " (5).

(1) البقرة: 144
(2) البقرة: 143.
(3) المائدة: 45.
(4) البقرة: 178.
(5) الأعراف: 157.
* في الأصل بياض ليكتب بالحمرة ولم يكتب بعد وفى الكمباني " ومن الناسخ "
وما اخترناه هو الظاهر.
9

ومنه أنه تعالى لما فرض الصيام فرض أن لا ينكح الرجل أهله في شهر -
رمضان بالليل ولا بالنهار على معنى صوم بني إسرائيل في التوراة، فكان ذلك
محرما على هذه الأمة، وكان الرجل إذا نام في أول الليل قبل أن يفطر فقد حرم
عليه الاكل بعد النوم أفطر أو لم يفطر.
وكان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يعرف بمطعم بن جبير شيخا، فكان
في الوقت الذي حضر فيه الخندق حفر في جملة المسلمين، وكان ذلك في شهر -
رمضان، فلما فرغ من الحفر وراح إلى أهله، صلى المغرب وأبطأت عليه زوجته
بالطعام، فغلب عليه النوم فلما أحضرت إليه الطعام أنبهته فقال لها: استعمليه أنت
فاني قد نمت وحرم علي، وطوى إليه وأصبح صائما، فغدا إلى الخندق وجعل
يحفر مع الناس فغشي عليه فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله عن حاله فأخبره
وكان من المسلمين شبان ينكحون نساءهم بالليل سرا لقلة صبرهم، فسأل
النبي الله سبحانه في ذلك فأنزل الله عليه " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى
نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب
عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى
يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى
الليل " (1) فنسخت هذه الآية ما تقدمها.
ونسخ قوله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " (2) قوله
عز وجل: " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " (3) أي
للرحمة خلقهم.
ونسخ قوله تعالى: " وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين
فارزقوهم منه واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا " (4) قوله سبحانه " يوصيكم

(1) البقرة: 187.
(2) الذاريات: 56.
(3) هود: 118.
(4) النساء: 8.
10

الله في أولادكم للذكر مثل خط الأنثيين " (1) إلى آخر الآية.
ونسخ (*) قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن
إلا وأنتم مسلمون " (2) نسخها قوله تعالى: " فاتقوا الله ما استطعتم " (3).
ونسخ قوله تعالى " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا
ورزقا حسنا " (4) آية التحريم وهو قوله جل ثناؤه: " قل إنما حرم ربي الفواحش
ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق " (5) والاثم ههنا هو الخمر.
ونسخ قوله تعالى: " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا " (6).
قوله: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون
حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون * لا يحزنهم الفزع الأكبر " (7).
ونسخ قوله سبحانه: " وقولوا للناس حسنا " (8) يعني اليهود حين هادنهم
رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رجع من غزاة تبوك أنزل الله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون
بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق
من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " (9) فنسخت
هذه الآية تلك الهدنة.
وسئل صلوات الله عليه عن أول ما أنزل الله عز وجل من القرآن، فقال عليه السلام:
أول ما أنزل الله عز وجل من القرآن بمكة سورة " اقرأ باسم ربك الذي خلق "
وأول ما أنزل بالمدينة سورة البقرة،
ثم سألوه صلوات الله عليه عن تفسير المحكم من كتاب الله عز وجل فقال:
أما المحكم الذي لم ينسخه شئ من القرآن فهو قول الله عز وجل: " هو الذي

(1) النساء: 11.
* في الأصل بياض وفى الكمباني " ومن المنسوخ ".
(2) آل عمران: 102.
(3) التغابن: 16.
(4) النحل: 67.
(5) الأعراف: 33.
(6) مريم: 71.
(7) الأنبياء: 101 - 103.
(8) البقرة: 83.
(9) براءة: 29.
11

أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات " (1).
وإنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه، ولم يعرفوا حقيقته
فوضعوا له تأويلات من عند أنفسهم بآرائهم واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء
ونبذوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وراء ظهورهم، والمحكم مما ذكرته في الاقسام مما
تأويله في تنزيله من تحليل ما أحل الله سبحانه في كتابه، وتحريم ما حرم الله من
المآكل والمشارب والمناكح.
ومنه ما فرض الله عز وجل من الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد
ومما دلهم به مما لا غنا بهم عنه في جميع تصرفاتهم مثل قول تعالى: " يا أيها
الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا
برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " (2) الآية وهذا من المحكم الذي تأويله في تنزيله
لا يحتاج في تأويله إلى أكثر من التنزيل ومنه قوله عز وجل: " حرمت عليكم
الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به " (3) فتأويله في تنزيله.
ومنه قوله تعالى: " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم
وخالاتكم " (4) إلى آخر الآية فهذا كله محكم لم ينسخه شئ قد استغني بتنزيله
من تأويله، وكل ما يجري هذا المجرى.
ثم سألوه عليه السلام عن المتشابه من القرآن فقال: وأما المتشابه من القرآن
فهو الذي انحرف منه منتفق اللفظ مختلف المعنى، مثل قوله عز وجل: " يضل الله
من يشاء ويهدي من يشاء " (5) فنسب الضلالة إلى نفسه في هذا الموضع، وهذا
ضلالهم عن طريق الجنة بفعلهم، ونسبه إلى الكفار في موضع آخر ونسبه إلى
الأصنام في آية أخرى.

(1) آل عمران: 7، وإنما وجب أن تكون هذه الآية محكمة، لأنها تتضمن بحث
المحكم والمتشابه، فلو كان نفسها من المتشابهات لم يثبت تقسيم القرآن إلى المحكم ومتشابه.
(2) المائدة: 6.
(3) المائدة: 3.
(4) النساء: 23.
(5) المدثر: 31.
12

فمعنى الضلالة على وجوه فمنه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم، ومنه ما ليس
بمحمود ولا مذموم، ومنه ضلال النسيان، فالضلال المحمود هو المنسوب إلى
الله تعالى وقد بيناه، والمذموم هو قوله تعالى: " وأضلهم السامري " (1) وقوله:
" وأضل فرعون قومه وما هدى " (2) ومثل ذلك في القرآن كثير، وأما الضلال
المنسوب إلى الأصنام فقوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: " واجنبني وبني أن
نعبد الأصنام * رب إنهن أضللن كثيرا من الناس " (3) الآية، والأصنام لم تضلن
أحدا على الحقيقة وإنما ضل الناس بها وكفروا حين عبدوها من دون الله عز وجل.
وأما الضلال الذي هو النسيان، فهو قوله تعالى: " واستشهدوا شهيدين
من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن
تضل إحديهما فتذكر إحديهما الأخرى " (4).
وقد ذكر الله تعالى الضلال في مواضع من كتابه فمنه ما نسبه إلى نبيه على
ظاهر اللفظ كقوله سبحانه " ووجدك ضالا فهدى " (5) معناه وجدناك في
قوم لا يعرفون نبوتك فهديناهم بك.
وأما الضلال المنسوب إلى الله تعالى الذي هو ضد الهدى، والهدى هو
البيان، وهو معنى قوله سبحانه " أو لهم يهد لهم " (6) معناه أي ألم أبين لهم
مثل قوله سبحانه " فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى " (7) أي بينا لهم.
وجه آخر وهو قوله تعالى: " وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى
يبين لهم ما يتقون " (8) وأما معنى الهدى فقوله عز وجل: " إنما أنت منذر
ولكل قوم هاد " (9) ومعنى الهادي ههنا المبين لما جاء به المنذر من عند الله

(1) طه: 85.
(2) طه: 79.
(3) إبراهيم: 36.
(4) البقرة: 282.
(5) الضحى: 7.
(6) السجدة: 26.
(7) فصلت: 17.
(8) براءة: 115.
(9) الرعد: 7.
13

وقد احتج قوم من المنافقين على الله تعالى أن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما
بعوضة فما فوقها؟ وذلك أن الله تعالى لما أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله " ولكل قوم
هاد " فقال طائفة من المنافقين: ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا؟ فأجابهم الله
تعالى بقوله: " إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين
آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله
بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين - إلى قوله: -
أولئك هم الخاسرون " (1).
فهذا معنى الضلال المنسوب إليه تعالى، لأنه أقام لهم الإمام الهادي لما جاء
به المنذر، فخالفوه وصرفوا عنه، بعد أن أقروا بفرض طاعته، ولما بين لهم ما
يأخذون وما يذرون، فخالفوه، ضلوا، هذا مع علمهم بما قاله النبي صلى الله عليه وآله، وهو
قوله: لا تصلوا علي صلاة مبتورة إذا صليتم علي بل صلوا على أهل بيتي ولا تقطعوهم
مني، فان كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، ولما خالفوا
الله تعالى ضلوا وأضلوا، فحذر الله تعالى الأمة من اتباعهم.
وقال سبحانه: " ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا
عن سواء السبيل " (2) والسبيل ههنا الوصي وقال سبحانه: " ولا تتبعوا السبل
فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصيكم به " (3) الآية فخالفوا ما وصاهم به الله تعالى
واتبعوا أهواءهم فحرفوا دين الله جلت عظمته وشرايعه، وبدلوا فرائضه وأحكامه
وجميع ما أمروا به، كما عدلوا عمن أمروا بطاعته، وأخذ عليهم العهد بموالاتهم
واضطرهم ذلك إلى استعمال الرأي والقياس فزادهم ذلك حيرة والتباسا.
وأما قوله سبحانه: " وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد
الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء " (4) فكان تركهم اتباع الدليل الذي أقام

(1) البقرة: 26 - 27.
(2) المائدة: 77.
(3) الانعام: 153.
(4) المدثر: 31.
14

الله لهم ضلالة لهم، فصار ذلك كأنه منسوب إليه تعالى، لما خالفوا أمره في اتباع
الامام، ثم افترقوا واختلفوا، ولعن بعضهم بعضا، واستحل بعضهم دماء بعض، فماذا
بعد الحق إلا الضلال، فأنى يؤفكون.
ولما أردت قتل الخوارج بعد أن أرسلت إليهم ابن عباس لإقامة الحجة عليهم
قلت: يا معشر الخوارج أنشدكم الله ألستم تعلمون أن في القرآن ناسخا ومنسوخا
ومحكما ومتشابها، وخاصا وعاما؟ قالوا: اللهم نعم فقلت: اللهم اشهد عليهم
ثم قلت: أنشدكم الله هل تعلمون ناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه
وخاصه وعامه؟ قالوا: اللهم لا، قلت: أنشدكم الله هل تعلمون أني أعلم ناسخه
ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وخاصه وعامه؟ قالوا: اللهم نعم، فقلت:
من أضل منكم إذ قد أقررتم بذلك، ثم قلت: اللهم إنك تعلم أني حكمت فيهم
بما أعلمه.
ثم قال صلوات الله عليه: وأوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا علي إن وجدت
فئة تقاتل بهم فاطلب حقك، وإلا فألزم بيتك، فاني قد أخذت لك العهد يوم
غدير خم بأنك خليفتي ووصيي، وأولى الناس بالناس من بعدي، فمثلك كمثل
بيت الله الحرام، يأتونك الناس ولا تأتيهم.
يا أبا الحسن حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنة، وإنما أعني بهذا
المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة على الايتمام بالامام الخفي المكان، المستور
عن الأعيان فهم بإمامته مقرون، وبعروته مستمسكون، ولخروجه منتظرون
موقنون غير شاكين صابرون مسلمون وإنما ضلوا عن مكان إمامهم وعن معرفة
شخصه.
يدل على ذلك أن الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها
دليلا على أوقات الصلاة، فموسع عليهم تأخير الوقت، ليتبين لهم الوقت بظهورها
ويستيقنوا أنه قد زالت، فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليه السلام المتمسك بإمامته
موسع عليه، جميع فرائض الله الواجبة عليه مقبولة منه بحدودها غير خارج عن
15

معنى ما فرض عليه، فهو صابر محتسب لا تضره غيبة إمامه.
ثم سألوه صلوات الله عليه عن لفظ الوحي في كتاب الله تعالى فقال: منه وحي
النبوة، ومنه وحي الالهام، ومنه وحي الإشارة، ومنه وحي أمر، ومنه وحي
كذب، ومنه وحي تقدير، [ومنه وحي خبر] ومنه وحي الرسالة.
فأما تفسير وحي النبوة والرسالة فهو قوله تعالى: " إنا أوحينا إليك كما
أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل ويعقوب " (1).
إلى آخر الآية.
وأما وحي الالهام فقوله عز وجل " وأوحى ربك إلى النحل ان اتخذي
من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون " (2) ومثله " وأوحينا إلى أم موسى
أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم " (3).
وأما وحي الإشارة فقوله عز وجل: " فخرج على قومه من المحراب فأوحى
إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا " (4) أي أشار إليهم لقوله تعالى: " ألا تكلم الناس
ثلاثة أيام إلا رمزا " (5).
وأما وحي التقدير فقوله تعالى: " وأوحي في كل سماء أمرها وقدر فيها
أقواتها (6).
وأما وحي الامر فقوله سبحانه: " وإذا أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا
بي وبرسولي " (7).
وأما وحي الكذب فقوله عز وجل: " شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم
إلى بعض " (8) إلى آخر الآية.
وأما وحي الخبر فقوله سبحانه " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا

(1) النساء: 163.
(2) النحل: 68.
(3) القصص: 7.
(4) مريم: 11.
(5) آل عمران: 49.
(6) فصلت: 12.
(7) المائدة: 111.
(8) الانعام: 112.
16

إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين " (1).
وسألوه صلوات الله عليه من متشابه الخلق فقال: هو على ثلاثة أوجه ورابع
فمنه خلق الاختراع فقوله سبحانه، " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " (2).
وأما خلق الاستحالة فقوله تعالى: " يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق
في ظلمات ثلاث " (3) وقوله تعالى: " هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة
ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما
نشاء " (4) وأما خلق التقدير فقوله لعيسى عليه السلام " وإذ تخلق من الطين كهيئة
الطير (5) إلى آخر الآية. وأما خلق التغيير فقوله تعالى: " ولآمرنهم فليغيرن "
خلق الله " (6).
وسألوه عليه السلام من المتشابه في تفسير الفتنة فقال: " ألم أحسب الناس أن يتركوا
أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " (7) وقوله لموسى عليه السلام: " وفتناك فتونا " (8)
ومنه فتنة الكفر وهو قوله تعالى: " لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور
حتى جاء الحق وظهر أمر الله " (9).
[وقوله تعالى: " والفتنة أكبر من القتل " (10) يعني ههنا الكفر] وقوله
سبحانه في الذين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك أن يتخلفوا عنه من المنافقين
فقال الله تعالى فيهم ": " ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا " (11)
يعني ائذن لي ولا تكفرني فقال عز وجل: " ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم
لمحيطة بالكافرين ".

(1) الأنبياء: 73.
(2) الأعراف: 54.
(3) الزمر: 6.
(4) غافر: 67.
(5) المائدة: 110.
(6) النساء 119.
(7) العنكبوت: 2.
(8) طه: 40.
(9) براءة: 48.
(10) البقرة: 217، وما بين العلامتين لا يوجد في الأصل.
(11) براءة: 49.
17

ومنه فتنة العذاب وهو قوله تعالى: " يوم هم على النار يفتنون " (1) أي يعذبون
" ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون " (2) أي ذوقوا عذابكم، ومنه قوله
تعالى " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا " (3) أي عذبوا المؤمنين
ومنه فتنة المحبة للمال والولد كقوله تعالى " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " (4).
أي إنما حبكم لها فتنة لكم.
ومنه فتنة المرض وهو قوله سبحانه " أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة
أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون " (5) أي يمرضون ويعتلون
وسألوه صلوات الله عليه عن المتشابه في القضاء، فقال: هو عشرة أوجه مختلفة
المعنى فمنه قضاء فراغ، وقضاء عهد، ومنه قضاء إعلام، ومنه قضاء فعل، ومنه قضاء
إيجاب، ومنه قضاء كتاب، ومنه قضاء إتمام، ومنه قضاء حكم وفصل، ومنه قضاء
خلق، ومنه قضاء نزول الموت.
أما تفسير قضاء الفراغ من الشئ فهو قوله تعالى " وإذ صرفنا إليك نفرا من
الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم (6).
معنى " فلما قضي " أي فلما فرغ وكقوله " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا
الله " (7).
أما قضاء العهد فقوله تعالى: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (8) أي
عهد، ومثله في سورة القصص " وما كنت بجانب الطور إذا قضينا إلى موسى الامر " (9)
أي عهدنا إليه.
أما قضاء الاعلام فهو قوله تعالى: " وقضينا إليه ذلك الامر أن دابر هؤلاء

(1) الذاريات: 13 و 14.
(2) الذاريات: 13 و 14.
(3) البروج: 10.
(4) التغابن: 15، الأنفال: 28.
(5) براءة: 126.
(6) الأحقاف: 29.
(7) البقرة: 200.
(8) الاسراء: 23.
(9) القصص: 44.
18

مقطوع مصبحين " (1) وقوله سبحانه " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن
في الأرض مرتين " (2) أي أعلمناهم في التوراة ما هم عاملون.
أما قضاء فقوله تعالى في سورة طه " فاقض ما أنت قاض " (3) أي افعل
ما أنت فاعل، ومنه في سورة الأنفال: " ليقضي الله أمرا كان مفعولا " (4) أي يفعل ما
كان في علمه السابق، ومثل هذا في القرآن كثير.
أما قضاء الايجاب للعذاب كقوله تعالى في سورة إبراهيم عليه السلام " وقال
الشيطان لما قضي الامر " (5) أي لما وجب العذاب، ومثله في سورة يوسف عليه السلام
" قضي الامر الذي فيه تستفتيان " (6) معناه أي وجب الامر الذي عنه تسائلان.
أما قضاء الكتاب والحتم فقوله تعالى في قصة مريم " وكان أمرا مقضيا " (7).
أي معلوما.
وأما قضاء الاتمام فقوله تعالى في سورة القصص " فلما قضى موسى الأجل " (8)
أي فلما أتم شرطه الذي شارطه عليه، وكقول موسى عليه السلام " أيما الأجلين قضيت
فلا عدوان علي " (9) معناه إذا أتممت.
وأما قضاء الحكم فقوله تعالى: " قضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب
العالمين " (10) أي حكم بينهم، وقوله تعالى: " والله يقضي بينهم بالحق والذين يدعون
من دونه لا يقضون بشئ إن الله هو السميع العليم " (11) وقوله سبحانه " والله
يقضي بالحق وهو خير الفاصلين " (12) وقوله تعالى في سورة يونس " وقضى بينهم

(1) الحجر: 66.
(2) الاسراء 4.
(3) طه: 72.
(4) الأنفال: 42.
(5) إبراهيم: 22.
(6) يوسف: 41.
(7) مريم: 21.
(8) القصص: 29.
(9) القصص: 28.
(10) الزمر: 75.
(11) غافر: 20.
(12) الانعام: 57. والآية في المصحف الكريم هكذا: " ان الحكم الا لله يقص الحق
وهو خير الفاصلين " لكنه أيضا من القراءات المشهورة: قال الطبرسي في المجمع، قرأ أهل
الحجاز وعاصم " يقص الحق " والباقون " يقضى الحق " حجة من قرأ " يقضى الحق " قوله
" والله يقضى بالحق " وحكى عن أبي عمرو انه استدل بقوله " وهو خير الفاصلين " في أن الفصل
في الحكم ليس في القصص، وحجة من قرأ " يقص " قوله: " والله يقول الحق " وقالوا: قد جاء
الفصل في القول أيضا في نحو قوله: " انه لقول فصل ".
19

بالقسط " (1).
وأما قضاء الخلق فقوله سبحانه " فقضيهن سبع سماوات في يومين " (2)
أي خلقهن.
وأما قضاء إنزال الموت فكقول أهل النار في سورة الزخرف " وقالوا يا
مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون " (3) أي لينزل علينا الموت، ومثله
" لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها " (4) أي لا ينزل عليهم الموت
فيستريحوا، ومثله في قصة سليمان بن داود " فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على
موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته " (5) يعني تعالى لما أنزلنا عليه الموت.
وسألوه صلوات الله عليه عن أقسام النور في القرآن قال: النور القرآن
والنور اسم من أسماء الله تعالى، والنور النورية، والنور القمر، والنور ضوء المؤمن
وهو الموالاة التي بلبس بها نورا يوم القيامة، والنور في مواضع من التوراة والإنجيل
والقرآن حجة الله عز وجل على عباده، وهو المعصوم، ولما كلم الله تعالى ابن
عمران عليه السلام أخبر بني إسرائيل فلم يصدقوه، فقال لهم: ما الذي يصحح ذلك عندكم؟
قالوا: سماعه، قال: فاختاروا سبعين رجلا من خياركم.
فلما خرجوا معه، أوقفهم وتقدم فجعل يناجي ربه، ويعظمه، فلما كلمه
قال لهم: أسمعتم؟ قالوا: بلى ولكنا لا ندري أهو كلام الله أم لا؟ فليظهر لنا حتى

(1) يونس: 54.
(2) فصلت: 12.
(3) الزخرف: 77.
(4) فاطر: 36.
(5) سبأ: 14.
20

نراه فنشهد لك عند بني إسرائيل، فلما، قالوا ذلك صعقوا فماتوا.
فلما أفاق موسى مما تغشاه، ورآهم، جزع وظن أنهم إنما أهلكوا
بذنوب بني إسرائيل فقال: يا رب أصحابي وإخواني أنست بهم، وأنسوا بي، وعرفتهم
وعرفوني " أفتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء
وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين " (1) فقال تعالى
" عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ - إلى قوله سبحانه -: النبي الأمي
الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهيهم عن
المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال
التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه
أولئك هم المفلحون " (2) فالنور في هذا الموضع هو القرآن،
ومثله في سورة التغابن قوله تعالى: " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي
أنزلناه (3) يعني سبحانه القرآن وجميع الأوصياء المعصومين، حملة كتاب الله
عز وجل، وخزنته وتراجمته، الذين نعتهم الله في كتابه فقال: " وما يعلم تأويله إلا
الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " (4).
وهم المنعوتون الذين أنار الله بهم البلاد، وهدى بهم العباد، قال الله تعالى
في سورة النور " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح
في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري " (5) إلى آخر الآية، فالمشكاة رسول
الله صلى الله عليه وآله، والمصباح الوصي، والأوصياء عليهم السلام والزجاجة فاطمة، والشجرة المباركة
رسول الله صلى الله عليه وآله والكوكب الدري، القائم المنتظر الذي يملأ الأرض عدلا.
ثم قال تعالى " يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار " أي ينطق به ناطق، ثم
قال تعالى " نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله

(1) الأعراف: 155 - 157.
(2) الأعراف: 155 - 157.
(3) التغابن: 8.
(4) آل عمران: 7.
(5) النور: 35.
21

بكل شئ عليم " ثم قال عز وجل: " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه
يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة
وإيتاء الزكاة " (1) وهم الأوصياء،
قال الله تبارك وتعالى في سورة الأنعام في ذكر التوراة، وأنها نور:
" قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس " (2) وقال الله تعالى
في سورة يونس " هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا " (3) ومثله في سورة نوح
عليه السلام قوله تعالى " وجعل القمر فيهن نورا " (4) وقال سبحانه " الحمد لله
الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " (5) يعنى الليل والنهار
وقال سبحانه في سورة البقرة " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى
النور " (6) يعني من ظلمة الكفر إلى نور الايمان، فسمى الايمان ههنا نورا ومثله
في سورة إبراهيم عليه السلام " لتخرج الناس من الظلمات إلى النور " (7).
وقال عز وجل في سورة براءة " يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم " (8) يعني
نور الاسلام بكفرهم وجحودهم، وقال سبحانه في سورة النساء " وأنزلنا إليكم نورا
مبينا (9) " يهدي الله لنوره من يشاء " (10) وقال سبحانه في سورة الحديد في ذكر المؤمنين " يسعى
نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار " (11)
وفيها: " انظرونا نقتبس من نوركم " (12) أي نمشي في ضوئكم، ومثل هذا في
القرآن كثير.
وسألوه صلوات الله عليه عن أقسام الأمة في كتاب الله تعالى فقال: " قوله تعالى:

(1) النور: 36.
(2) الانعام: 91.
(3) يونس: 5.
(4) نوح: 16.
(5) الانعام: 1.
(6) البقرة: 257.
(7) إبراهيم: 1.
(8) براءة: 32، وفيه " يريدون أن يطفئوا " نعم مثل ما في المتن في سورة الصف: 8.
(9) النساء: 174.
(10) النور: 35.
(11 - 12) الحديد: 12 - 13.
22

" كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين " (1) منها الأمة أي الوقت الموقت كقوله سبحانه في سورة يوسف " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد
أمة " (2) أي بعد وقت، وقوله سبحانه " ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة
معدودة " (3) أي إلى وقت معلوم، والأمة هي الجماعة قال الله تعالى " وجد عليه
عليه أمة من الناس يسقون " (4) والأمة الواحد من المؤمنين قال الله تعالى " إن
إبراهيم كان أمة " (5) والأمة جمع دواب وجمع طيور قال الله تعالى: " وما من
دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم " (6) أي جماعات يأكلون
ويشربون ويتناسلون وأمثال ذلك.
وسألوه صلوات الله عليه عن الخاص والعام في كتاب الله تعالى فقال: إن
من كتاب الله تعالى آيات لفظها الخصوص والعموم، ومنه آيات لفظها لفظ الخاص
ومعناه عام، ومن ذلك لفظ عام يريد به الله تعالى العموم وكذلك الخاص أيضا.
فأما ما ظاهره العموم ومعناه الخصوص فقوله عز وجل " يا بني إسرائيل اذكروا
نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين " (7).
فهذا اللفظ يحتمل العموم ومعناه الخصوص، لأنه تعالى إنما فضلهم على
عالم أزمانهم بأشياء خصهم بها، مثل المن والسلوى، والعيون التي فجرها لهم
من الحجر، وأشباه ذلك، ومثله قوله تعالى " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل
إبراهيم وآل عمران على العالمين " (8) أراد الله تعالى أنه فضلهم على عالمي زمانهم
وكقوله تعالى " وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم " (9) يعني سبحانه بلقيس
وهي مع هذا لم يؤت أشياء كثيرة مما فضل الله تعالى به الرجال على النساء

(1) البقرة: 213.
(2) يوسف: 45.
(3) هود: 8.
(4) القصص: 23.
(5) النحل: 120.
(6) الانعام: 38.
(7) البقرة: 47، 122.
(8) آل عمران: 33.
(9) النمل: 23.
23

ومثل قوله تعالى " تدمر كل شئ بأمر ربها " (1) يعني الريح وقد تركت أشياء
كثيرة لم تدمرها.
ومثل قوله عز وجل " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " (2) أراد سبحانه
بعض الناس، وذلك أن قريشا كانت في الجاهلية تفيض من المشعر الحرام، ولا
يخرجون إلى عرفات كسائر العرب، فأمرهم الله سبحانه أن يفيضوا من حيث
أفاض رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه، وهم في هذا الموضع الناس على الخصوص
وارجعوا عن سنتهم.
وقوله " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " (3) يعني بالناس ههنا
اليهود فقط، وقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا
أماناتكم وأنتم تعلمون (4) وهذه الآية نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر وقوله عز وجل
" وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " (5) نزلت في أبي لبابة
وإنما هو رجل واحد، وقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي
وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " (6) نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وهو رجل
واحد فلفظ الآية عام ومعناها خاص وإن كانت جارية في الناس.
وقوله سبحانه: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " (7) نزلت هذه الآية في نعيم بن
مسعود الأشجعي، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من غزاة أحد وقد قتل
عمه حمزة، وقتل من المسلمين من قتل، وجرح من جرح، وانهزم من انهزم
ولم ينله القتل والجرح، أوحى الله تعالى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن اخرج في وقتك
هنا لطلب قريش، ولا تخرج معك من أصحابك إلا كل من كانت به جراحة، فأعلمهم.

(1) الأحقاف: 25.
(2) البقرة: 199.
(3) النساء: 165.
(4) الأنفال: 27.
(5) براءة: 102.
(6) الممتحنة: 1.
(7) آل عمران: 173.
24

بذلك، فخرجوا معه على ما كان بهم من الجراح حتى نزلوا منزلا يقال له:
حمراء الأسد، وكانت قريش قد جدت السير فرقا فلما بلغهم خروج رسول
الله صلى الله عليه وآله في طلبهم، خافوا فاستقبلهم رجل من أشجع يقال له نعيم بن مسعود يريد
المدينة، فقال له أبو سفيان صخر بن حرب يا نعيم هل لك أن أضمن لك عشر
قلائص وتجعل طريقك على حمراء الأسد فتخبر محمدا أنه قد جاء مدد كثير من حلفائنا
من العرب: كنانة وعشيرتهم والأحابيش، وتهول عليهم ما استطعت، فلعلهم
يرجعون عنا.
فأجابه إلى ذلك وقصد حمراء الأسد فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، وأن
قريشا يصبحون بجمعهم الذي لا قوام لكم به، فاقبلوا نصيحتي وارجعوا، فقال
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: حسبنا الله ونعم الوكيل، اعلم أنا لا نبالي بهم، فأنزل الله
سبحانه على رسوله " الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح
للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد
جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " وإنما كان
القائل لهم نعيم بن مسعود فسماه الله تعالى باسم جميع الناس، وهكذا كل ما جاء
تنزيله بلفظ العموم ومعناه الخصوص.
ومثله قوله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (1).
وأما ما لفظه خصوص ومعناه عموم فقوله عز وجل " من أجل ذلك كتبنا
على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس
جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " (2) فنزل لفظ الآية خصوصا في
بني إسرائيل وهو جار على جميع الخلق عاما لكل العباد، من بني إسرائيل وغيرهم
من الأمم، ومثل هذا كثير في كتاب الله.

(1) المائدة: 55.
(2) المائدة: 32.
25

وقوله سبحانه: " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها
إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " (1) نزلت هذه الآية في نساء كن
بمكة معروفات بالزنا منهن سارة وحنتمة ورباب حرم الله تعالى نكاحهن، فالآية
جارية في كل من كان من النساء مثلهن، ومثله قوله سبحانه: " وجاء ربك والملك
صفا صفا " (2) ومعناه جميع الملائكة.
وأما ما لفظه ماض ومعناه مستقبل، فمنه ذكره عز وجل أخبار القيامة
والبعث والنشور والحساب، فلفظ الخبر ما قد كان، ومعناه أنه سيكون، قوله:
" ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله - إلى
قوله - وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا " (3) فلفظه ماض ومعناه مستقبل
ومثله قوله سبحانه: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا " (4)
وأمثال هذا كثير في كتاب الله تعالى.
وأما ما نزل بلفظ العموم ولا يراد به غيره، فقوله: " يا أيها الناس اتقوا
ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم " (5) وقوله: " يا أيها الناس إنا خلقناكم
من ذكر وأنثى " (6) وقوله سبحانه: " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم
من نفس واحدة " (7) وقوله: " الحمد لله رب العالمين " وقوله: " كان الناس
أمة واحدة " (8) أي على مذهب واحد، وذلك كان من قبل نوح عليه السلام ولما بعثه
الله اختلفوا ثم بعث النبيين مبشرين ومنذرين.
وأما ما حرف من كتاب الله فقوله: " كنتم خير أئمة أخرجت الناس
تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " فحرفت إلى خير أمة: ومنهم الزناة
واللاطة والسراق وقطاع الطريق والظلمة وشراب الخمر والمضيعون لفرائض

(1) النور: 3.
(2) الفجر: 22.
(3) لقمان: 18.
(4) الأنبياء: 47.
(5) الحج: 1.
(6) الحجرات: 13.
(7) النساء 1.
(8) البقرة: 213.
26

الله تعالى، والعادلون عن حدوده، أفترى الله تعالى مدح من هذه صفته؟.
ومنه قوله عز وجل في سورة النحل: " أن تكون أئمة هي أربى من
أئمة " (1) فجعلوها أمة وقوله في سورة يوسف: " ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه
يغاث الناس وفيه يعصرون " (2) أي يمطرون فحرفوه وقالوا: يعصرون، وظنوا
بذلك الخمر، قال الله تعالى: " وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا " (3) وقوله
تعالى: " فلما خر تبينت الانس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في
العذاب المهين " (4) فحرفوها بأن قالوا: " فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا
يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ".
وقوله تعالى في سورة هود عليه السلام: " أفمن كان على بينة من ربه " يعني رسول
الله صلى الله عليه وآله " ويتلوه شاهد منه " وصيه " إماما ورحمة ومن قبله كتاب موسى أولئك
يؤمنون به " (5) فحرفوا وقالوا: " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه
ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة " فقدموا حرفا على حرف، فذهب معنى الآية.
وقال سبحانه في سورة آل عمران: (6) " ليس لك من الامر شئ أو يتوب
عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون لآل محمد " فحذفوا آل محمد (7).
وقوله تعالى: " وكذلك جعلناكم أئمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس
ويكون الرسول عليكم شهيدا " (8) ومعنى وسطا بين الرسول وبين الناس
فحرفوها وجعلوها " أمة " ومثله في سورة عم يتسائلون " ويقول الكافر يا ليتني
كنت ترابيا " (9) فحرفوها وقالوا: ترابا، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان

(1) النحل: 92.
(2) يوسف: 49.
(3) النبأ: 14.
(4) سبأ: 14.
(5) هود: 17.
(6) آل عمران: 128.
(7) وفى بعض روايات الباب أن الآية كانت هكذا: " ليس لك من الامر شئ أن
يتوب عليهم أو تعذبهم فإنهم ظالمون " راجع ج 92 ص 61 من هذه الطبعة الحديثة تفسير
العياشي ج 1 ص 198.
(8) البقرة: 143.
(9) النبأ آخر آية منها.
27

يكثر من مخاطبتي بأبي تراب، ومثل هذا كثير،
وأما الآية التي نصفها منسوخ ونصفها متروك بحاله لم ينسخ، وما جاء
من الرخصة بعد العزيمة قوله تعالى: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة
مؤمنه خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا، ولعبد
مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم " (1) وذلك أن المسلمين كانوا ينكحون في
أهل الكتاب من اليهود والنصارى وينكحونهم، حتى نزلت هذه الآية نهيا أن
ينكح المسلم من المشرك أو ينكحونه.
ثم قال تعالى في سورة المائدة ما نسخ هذه الآية فقال: " وطعام الذين
أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات
من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " (2) فأطلق عز وجل مناكحتهن بعد أن كان
نهى، وترك قوله: " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " على حاله لم ينسخه.
فأما الرخصة التي هي الاطلاق بعد النهي فان الله فرض الوضوء
على عباده بالماء الطاهر، وكذا الغسل من الجنابة، فقال: " يا أيها الذين آمنوا
إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم
وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو
جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " (3).
فالفريضة من الله عز وجل الغسل بالماء عند وجوده لا يجوز غيره، والرخصة فيه
إذا لم يجد الماء التيمم بالتراب من الصعيد الطيب.
ومثله قوله عز وجل: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا
لله قانتين " (4) فالفرض أن يصلي الرجل الصلاة الفريضة على الأرض بركوع
وسجود تام ثم رخص للخائف فقال سبحانه: " فان خفتم فرجالا أو ركبانا " (5).

(1) البقرة: 221.
(2) المائدة: 5.
(3) المائدة: 6.
(4) البقرة: 238.
(5) البقرة: 239.
28

ومثله قوله عز وجل: " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى
جنوبكم " (1) ومعنى الآية أن الصحيح يصلي قائما والمريض يصلي قاعدا ومن
لم يقدر أن يصلي قاعدا صلى مضطجعا ويؤمى نائما، فهذه رخصة جاءت بعد العزيمة.
ومثله قوله تعالى: " شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن - إلى قوله تعالى -
فمن شهد منكم الشهر فليصمه " (2) ثم رخص للمريض والمسافر بقوله سبحانه:
" فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا
يريد بكم العسر " (3) فانتقلت فريضة العزيمة الدائمة للرجل الصحيح لموضع القدرة
وزالت الضرورة تفضلا على العباد.
وأما الرخصة التي ظاهرها خلاف باطنها (4) فان الله تعالى نهى المؤمن أن
يتخذ الكافر وليا ثم من عليه باطلاق الرخصة له عند التقية في الظاهر أن يصوم
بصيامه ويفطر بافطاره، ويصلى بصلاته، ويعمل بعمله، ويظهر له استعماله ذلك
موسعا عليه فيه، وعليه أن يدين الله تعالى في الباطن بخلاف ما يظهر لمن يخافه
من المخالفين المستولين على الأمة قال الله تعالى: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين
أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم
تقية ويحذركم الله نفسه " (5) فهذه رخصة تفضل الله بها على المؤمنين رحمة لهم
ليستعملوها عند التقية في الظاهر، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يحب أن يؤخذ.

(1) النساء: 103.
(2) البقرة، 185.
(3) البقرة: 184 و 185.
(4) في الأصل والكمباني " وأما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار " الخ والصحيح
ما في المتن كما ستعرف ولما في تفسير القمي ص 15: هكذا: وأما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار
ان شاء أخذ وان شاء ترك فان الله جل وعز رخص أن يعاقب الرجل الرجل على فعله به، فقال
" وجزاء سيئه سيئة مثلها فمن عفى وأصلح فأجره على الله " فهذا بالخيار ان شاء عاقب وأن
شاء عفى، وأما الرخصة التي ظاهرها خلاف باطنها يعمل بظاهرها، ولا يدان بباطنها، فان
الله تبارك وتعالى نهى أن يتخذ المؤمن الكافر وليا إلى آخر كلامه الذي يشابه ذلك.
(5) آل عمران: 28.
29

برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه.
وأما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار، فان الله تعالى رخص أن يعاقب
العبد على ظلمه، فقال الله تعالى: " جزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى وأصلح فأجره
على الله " (1) وهذا هو فيه بالخيار إن شاء عفى وإن شاء عاقب.
[وما الرخصة التي ظاهرها خلاف باطنها] (2).
والمنقطع المعطوف في التنزيل هو أن الآية من كتاب الله عز وجل كانت تجئ
بشئ ما، ثم تجئ منقطعة المعنى بعد ذلك، وتجئ بمعنى غيره، ثم تعطف بالخطاب
على الأول مثل قوله تعالى: " وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك
بالله إن الشرك لظلم عظيم " (3) ثم انقطعت وصية لقمان لابنه فقال: " ووصينا
الانسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن - إلى قوله: - إلي مرجعكم فأنبئكم
بما كنتم تعملون " ثم عطف بالخطاب على وصية لقمان لابنه فقال: " يا بني إنها إن
تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها
الله إن الله لطيف خبير ".
ومثل قوله عز وجل: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم " (4) ثم قال تعالى في موضع آخر عطفا على هذا المعنى: " يا أيها الذين
آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (5) كلاما معطوفا على اولي الامر منكم.
وقوله تعالى: " أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة (6) ثم قال تعالى في الامر
بالجهاد: " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير

(1) الشورى: 40.
(2) كذا في الأصل وهذه الجملة إنما تناسب آية التقية كما عرفت عن تفسير القمي، فلعلها
كانت ساقطة عن المتن مثبتة في الهامش، فألصقها الكتاب بهذا الموضع غلطا.
(3) لقمان: 13 - 16.
(4) النساء 59.
(5) براءة: 119.
(6) البقرة: 43، 110.
30

لكم " (1) الآية.
ومثله قوله عز وجل في سورة المائدة: " وما أكل السبع إلا ما ذكيتم
وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق " (2) ثم قطع الكلام
بمعنى ليس يشبه هذا الخطاب فقال تعالى: " اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا
تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الاسلام دينا " ثم عطف على المعنى الأول والتحريم الأول فقال سبحانه: " فمن
اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم ".
وكقوله عز وجل: " قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة
المكذبين " (7) ثم اعترض تعالى بكلام آخر فقال: " قل لمن ما في السماوات
وما في الأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيمة لا ريب
فيه " ثم عطف على الكلام الأول فقال عز وجل ": الذين خسروا أنفسهم فهم
لا يؤمنون ".
وكقوله في سورة العنكبوت " وإبراهيم إذ قال لقومه يا قوم اعبدوا الله
واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون
إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا - إلى قوله تعالى: - وما على
الرسول إلا البلاغ المبين " (4) ثم استأنف القول بكلام غيره فقال سبحانه: " أو
لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير * قل سيروا في
الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل
شئ قدير * يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون * وما أنتم بمعجزين
في الأرض ولا في السماء ومالكم من دون الله من ولي ولا نصير * والذين كفروا
بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم " ثم عطف القول
على الكلام الأول في وصف إبراهيم فقال تعالى " فما كان جواب قومه إلا أن

(1) البقرة: 216.
(2) المائدة: 3.
(3) الانعام: 11 - 12.
(4) العنكبوت: 17 - 24.
31

قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجيه الله من النار " ثم جاء تعالى بتمام قصة إبراهيم
عليه السلام في آخر الآيات،
ومثله قوله عز وجل: " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود
زبورا " (1) ثم قطع الكلام فقال: " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون
كشف الضر عنكم ولا تحويلا " ثم عطف على القول الأول فقال - تمامه في معنى
ذكر الأنبياء وذكر داود - " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم
أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا ".
ومثله قوله عز وجل: " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون
كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا
وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " (2) ثم استأنف الكلام فقال: " لا يكلف الله
نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " ثم رجع وعطف تمام القول الأول
فقال: " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " إلى آخر السورة، وهذا وأشباهه
كثير في القرآن.
وأما ما جاء في أصل التنزيل حرف مكان حرف فهو قوله عز وجل: " لئلا
يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم " (3) معناه ولا الذين ظلموا
منهم، وقوله تعالى: " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ " (4) معناه ولا خطأ
وكقوله " يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدى المرسلون * إلا من ظلم ثم بدل
حسنا بعد سوء " (5) وإنما معناه: ولا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء.
وقوله تعالى: " ولا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع
قلوبهم " (6) وإنما معناه إلى أن تقطع قلوبهم ومثله كثير في كتاب الله عز وجل.

(1) أسرى: 55 - 57.
(2) البقرة: 285 - 286.
(3) النساء 165.
(4) النساء: 92.
(5) النمل: 10.
(6) براءة: 110.
32

[وأما ما هو متفق اللفظ مختلف المعنى قوله] (1): " واسئل القرية التي كنا
فيها والعير التي أقبلنا فيها " (2) وإنما عنى أهل القرية وأهل العير، وقوله تعالى:
" وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا " (3) وإنما عنى أهل القرى وقوله:
" وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة " (4) يعني أهلها.
وأما احتجاجه تعالى على الملحدين في دينه وكتابه ورسله فان الملحدين
أقروا بالموت ولم يقروا بالخالق، فأقروا بأنهم لم يكونوا، ثم كانوا، قال الله
تعالى: " ق * والقرآن المجيد * بل عجبوا أن جائهم منذر منهم فقال الكافرون
هذا شئ عجيب * أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد " وكقوله عز وجل:
" وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي
أنشأها أول مرة " (5) ومثله قوله تعالى: " ومن الناس من يجادل في الله بغير
علم ويتبع كل شيطان مريد (6) كتب عليه أنه من توليه فإنه يضله ويهديه إلى
عذاب السعير " (7).
فرد الله تعالى عليهم ما يدلهم على صفة ابتداء خلقهم وأول نشئهم " يا أيها
الناس إن كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة
ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل
مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد
إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " (8) فأقام سبحانه على الملحدين
الدليل عليهم من أنفسهم ثم قال مخبرا لهم: " وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا
عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج * ذلك بأن الله هو الحق

(1) زيادة أضفناها من تفسير القمي ص 14.
(2) يوسف: 82.
(3) الكهف: 59.
(4) هود: 102.
(5) يس: 78 - 79.
(6) في الأصل " بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير " وهو تتمة الآية الثامنة.
(7) الحج: 3 و 4.
(8) الحج: 5 - 7.
33

وأنه يحيى الموتى وأنه على كل شئ قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها
وأن الله يبعث من في القبور ".
وقال سبحانه: " والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت
فأحيينا به الأرض بعد موتها وكذلك النشور " (1) فهذا مثال إقامة الله عز وجل
لهم الحجة في إثبات البعث والنشور بعد الموت.
وقال أيضا في الرد عليهم: " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون *
وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون * يخرج الحي من الميت
ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون " (2).
ومثله قوله عز وجل " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا
إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * ومن آياته
خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين *
ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم
يسمعون * ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به
الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * ومن آياته أن تقوم السماء
والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون " (3).
واحتج سبحانه عليهم وأوضح الحجة وأبان الدليل، وأثبت البرهان عليهم
من أنفسهم، ومن الآفاق ومن السماوات والأرض، بمشاهدة العيان، ودلائل
البرهان، وأوضح البيان، في تنزيل القرآن، كل ذلك دليل على الصانع القديم
المدبر الحكيم، الخالق العليم، الجبار العظيم، سبحان الله رب العالمين
وأما الرد على عبدة الأصنام والأوثان فقوله تعالى حكاية عن قول إبراهيم
في الاحتجاج على أبيه " يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا " (4)
وقوله حين كسر الأصنام فقالوا له من كسرها " ومن فعل هذا بآلهتنا إنه لمن

(1) فاطر: 9.
(2) الروم: 17.
(3) الروم: 21 - 25.
(4) مريم: 42.
34

الظالمين - إلى قوله - فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون " (1) ولما جاء قالوا له " أأنت
فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون
فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم نكسوا على رؤسهم لقد علمت
ما هؤلاء ينطقون " قال " أفتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون " (2)
فلما انقطعت حجتهم " قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين " (3) إلى
آخر القصص، فقال الله تعالى " يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ".
ومثل ذلك قول الله عز وجل لقريش على لسان نبيه صلى الله عليه وآله " إن الذين
تعبدون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين * ألهم
أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون
بها أولئك كالانعام بلهم أضل سبيلا " (4) وقوله سبحانه " قل ادعوا الذين زعمتم
من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا " (5) ومثل ذلك كثير.
وأما الرد على الثنوية من الكتاب فقوله عز وجل: " ما اتخذ الله من ولد
وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله
عما يصفون " (6) فأخبر الله تعالى أن لو كان معه آلهة لا نفرد كل إله منهم بخلقه
ولأبطل كل منهم فعل الآخر وحاول منازعته، فأبطل تعالى إثبات إلهين خلاقين
بالممانعة وغيرها.
ولو كان ذلك لثبت الاختلاف، وطلب كل إله أن يعلو على صاحبه، فإذا شاء
أحدهم أن يخلق إنسانا وشاء الآخر أن يخلق بهيمة اختلفا وتباينا في حال واحد

(1) الأنبياء: 60 - 66.
(2) الصافات: 96 - 97.
(3) الأنبياء: 69 - 70.
(4) الأعراف: 194 - 195.
(5) أسرى: 56.
(6) المؤمنون: 91.
35

واضطرهما ذلك إلى التضاد والاختلاف والفساد، وكل ذلك معدوم، وإذا بطلت
هذه الحال كذلك ثبت الوحدانية بكون التدبير واحدا، والخلق متفق غير متفاوت
والنظام مستقيم.
وأبان سبحانه لأهل هذه المقالة ومن قاربهم أن الخلق لا يصلحون إلا بصانع
واحد، فقال " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (1) ثم نزه نفسه فقال " سبحان
الله عما يصفون " والدليل على أن الصانع واحد، حكمة التدبير وبيان
التقدير.
وأما الرد على الزنادقة فقوله تعالى: " ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا
يعقلون " (2) فأعلمنا تعالى أن الذي ذهب إليه الزنادقة من قولهم: إن العالم
يتولد بدوران الفلك، ووقوع النطفة في الأرحام، لان عندهم أن النطفة إذا
وقعت تلقاها الاشكال التي تشاكلها فيتولد حينئذ بدوران القدرة (3) والاشكال
التي تتلقاها مرور الليل والنهار، والأغذية والأشربة والطبيعة، فتتربى وتنتقل
وتكبر، فعكس تعالى قولهم بقوله " ومن نعمره ننكسه في الخلق " معناه أن من طال
عمره وكبر سنه رجع إلى مثل ما كان عليه في حال صغره وطفوليته، فيستولي عليه
عند ذلك النقصان في جميع آلاته، ويضعف في جميع حالاته، ولو كان الامر كما
زعموا من أنه ليس للعباد خالق مختار، لوجب أن يكون تلك النسمة أو ذلك الانسان
زائدا أبدا ما دامت الاشكال - التي ادعوا أن بها كان قوام ابتدائها - قائمة، والفلك
ثابت، والغداء ممكن، ومرور الليل والنهار متصل.
ولما صح في العقول معنى قوله تعالى " ومن نعمره ننكسه في الخلق " وقوله
سبحانه " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئا " (4) علم أن
هذا من تدبير الخالق المختار وحكمته ووحدانيته وابتداعه للخلق فتثبت وحدانيته

(1) الأنبياء: 22.
(2) يس: 68.
(3) الفلك ظ.
(4) الحج: 5، النحل: 70.
36

جلت عظمته، وهذا احتجاج لا يمكن الزنادقة دفعه بحال، ولا يجدون حجة
في إنكاره.
ومثله قوله تعالى " أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم
مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها
الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " (1) فرد سبحانه عليهم احتجاجهم
بقوله: " قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " إلى آخر السورة.
وأما الرد على الدهرية الذين يزعمون أن الدهر لم يزل أبدا على
حال واحدة، وأنه ما من خالق، ولا مدبر، ولا صانع، ولا بعث، ولا نشور
قال تعالى حكاية لقولهم " وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وما يهلكنا
إلا الدهر ومالهم بذلك من علم " (2) " وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون
خلقا جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون
من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة " (3) ومثل هذا في القرآن كثير.
وذلك رد على من كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله يقول هذه المقالة ممن أظهر له
الايمان وأبطن الكفر والشرك، وبقوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وكانوا سبب هلاك
الأمة فرد الله تعالى بقوله " يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فانا خلقناكم
من تراب ثم من نطفة - إلى قوله سبحانه - لكيلا يعلم بعد علم شيئا " (4) ثم ضرب
للبعث والنشور مثلا فقال تعالى " وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء
اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى " (5) وما جرى ذلك في القرآن.
وقوله سبحانه في سورة ق ردا على من قال " أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع
بعيد " (6) " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم " إلى قوله سبحانه " فأحيينا به بلدة ميتا
كذلك الخروج " (7) وهذا وأشباهه رد على الدهرية والملحدة ممن أنكر البعث

(1) يس: 78 - 83.
(2) الجاثية: 24.
(3) أسرى: 49 - 51.
(4) الحج: 5.
(5) الحج: 5.
(6) ق: 3.
(7) ق: 4 - 10.
37

والنشور.
وأما ما جاء في القرآن على لفظ الخبر ومعناه الحكاية فمن ذلك قوله عز وجل
" ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا " (1) وقد كانوا ظنوا أنهم لبثوا
يوما أو بعض يوم، ثم قال الله تعالى: " قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات
والأرض " (2) الآية فخرجت ألفاظ هذه الحكاية على لفظ ليس معناه معنى الخبر
وإنما هو حكاية لما قالوه، والدليل على ذلك أنه حكاية، قوله " سيقولون ثلاثة
رابعهم كلبهم " إلى آخر الآية، وقوله عز وجل عند ذكر عدتهم " ما يعلمهم إلا
قليل " مثل حكايته عنهم في ذكر المدة " ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا
تسعا قل الله أعلم بما لبثوا " فهذا معطوف على قوله " سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم "
فهذا الآية من المنقطع المعطوف، وهي على لفظ الخبر ومعناه حكاية.
ومثله قوله عز وجل " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم
إسرائيل على نفسه " (3) وإنما خرج هذا على لفظ الخبر وهو حكاية عن قوم من
اليهود ادعوا ذلك، فرد الله تعالى عليهم " قل فأتوا بالتورية فاتلوها إن كنتم
صادقين " أي انظروا في التوراة هل تجدون فيها تصديق ما ادعيتموه.
ومثله في سورة الزمر قوله تعالى " وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " (4).
فلفظ هذا خبر ومعناه حكاية ومثله كثير.
وأما الرد على النصارى فان رسول الله صلى الله عليه وآله احتج على نصارى نجران
لما قدموا عليه ليناظروه، فقالوا: يا محمد ما تقول في المسيح؟ قال: هو عبد الله يأكل
ويشرب، قال: فمن أبوه؟ فأوحى الله إليه يا محمد سلهم عن آدم هل هو إلا بشر مخلوق
يأكل ويشرب، وأنزل الله عليه " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب
ثم قال له كن فيكون " (5) فسألهم عن آدم فقالوا نعم، قال: فأخبروني من أبوه

(1) الكهف: 25 - 26.
(2) الكهف: 22.
(3) آل عمران: 93، وبعده: من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة الآية.
(4) الزمر: 3.
(5) آل عمران: 59.
38

فلم يجيبوه بشئ " ولزمتهم الحجة فلم يقروا بل لزموا السكوت، فأنزل الله
تعالى عليه " فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا
وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على
الكاذبين " (1).
فلما دعاهم إلى المباهلة قال علماؤهم: لو باهلنا بأصحابه باهلناه، ولم يكن
عندنا صادق في قوله، فأما أن يباهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله... وأعطوه
الرضا وشرط عليهم الجزية والسلاح حقنا لدمائهم، وانصرفوا.
وأما السبب الذي به بقاء الخلق فقد بين الله عز وجل في كتابه أن بقاء
الخلق من أربع وجوه: الطعام والشراب واللباس والكن والمناكح للتناسل
مع الحاجة في ذلك كله إلى الأمر والنهي، فأما الأغذية فمن أصناف النبات
والانعام المحلل أكلها قال الله تعالى في النبات " إنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا
الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا *
وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم " (2) وقال تعالى " أفرأيتم ما تحرثون *
أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون " (3) وقال سبحانه " والأرض وضعها للأنام *
فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام * والحب ذو العصف والريحان " (4) وهذا وشبهه
مما يخرجه الله تعالى من الأرض سببا لبقاء الخلق.
وأما الانعام فقوله تعالى: " والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون *
ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون " (5) الآية وقوله سبحانه " وإن لكم في
الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " (6).
وأما اللباس والأكنان قوله تعالى " والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل
لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم

(1) آل عمران: 61.
(2) عبس: 25 - 32.
(3) الواقعة: 63 - 64.
(4) الرحمن: 10 - 12.
(5) النحل: 5 - 6.
(6) النحل: 66.
39

كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون " (1) وقال تعالى " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم
لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله " (2) والخير
هو البقاء والحياة.
وأما المناكح فقوله تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقيكم " (3) وقال تعالى " يا
أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم " (4) وقال سبحانه
" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وبث
منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان
عليكم رقيبا " (5) وقال عز وجل " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم
وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " (6) الآية وقال تعالى " ومن آياته
أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في
ذلك لآيات لقوم يتفكرون " (7) ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى في معنى
النكاح وسبب التناسل.
والأمر والنهي وجه واحد: لا يكون معنى من معاني الامر إلا ويكون
بعد ذلك نهيا، ولا يكون وجه من وجوه النهي إلا ومقرون به الامر قال الله
تعالى: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم " (8)
إلى آخر الآية فأخبر سبحانه أن العباد لا يحيون إلا بالأمر والنهي كقوله تعالى:
" ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب " (9) ومثله قوله تعالى " اركعوا واسجدوا
واعبدوا ربكم وافعلوا الخير " (10) فالخير هو سبب البقاء والحياة.

(1) النحل: 81.
(2) الأعراف: 26.
(3) الحجرات: 13.
(4) البقرة: 21.
(5) النساء 1.
(6) النور: 32.
(7) الروم: 21.
(8) الأنفال: 24.
(9) البقرة: 179.
(10) الحج: 77.
40

وفي هذا أوضح دليل على أنه لابد للأمة من إمام يقوم بأمرهم، فيأمرهم
وينهاهم، ويقيم فيهم الحدود ويجاهد العدو ويقسم الغنايم، ويفرض الفرائض، ويعرفهم
أبواب ما فيه صلاحهم، ويحذرهم ما فيه مضارهم، إذ كان الأمر والنهي أحد أسباب
بقاء الخلق، وإلا سقطت الرغبة والرهبة، ولم يرتدع، ولفسد التدبير وكان ذلك
سببا لهلاك العباد في أمر البقاء والحياة في الطعام الشراب والمساكن والملابس
والمناكح من النساء والحلال والحرام والأمر والنهي إذ كان سبحانه لم يخلقهم بحيث
يستغنون عن جميع ذلك، ووجدنا أول المخلوقين وهو آدم عليه السلام لم يتم له البقاء والحياة
إلا بالأمر والنهي قال الله عز وجل " يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها
رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة " (1) فدلاهما على ما فيه نفعهما وبقاؤهما
ونهاهما عن سبب مضرتهما، ثم جرى الأمر والنهي في ذريتهما إلى يوم القيامة
ولهذا اضطر الخلق إلى أنه لابد لهم من إمام منصوص عليه من الله عز وجل يأتي
بالمعجزات، ثم يأمر الناس وينهاهم.
وإن الله سبحانه خلق الخلق على ضربين: ناطق عاقل فاعل مختار، وضرب
مستبهم فكلف الناطق العاقل المختار، وقال سبحانه: " خلق الانسان * علمه البيان " (2).
وقال سبحانه " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرأ وربك
الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان ما لم يعلم " (3) ثم كلف، ووضع التكليف
عن المستبهم لعدم العقل والتمييز.
وأما وضع الأسماء، فإنه تبارك وتعالى اختار لنفسه الأسماء الحسنى
فسمى نفسه " الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر " (4).
وغير ذلك، وكل اسم يسمى به فلعلة ما، ولما تسمى بالملك أراد تصحيح معنى
الاسم لمقتضى الحكمة، فخلق الخلق وأمرهم ونهاهم ليتحقق حقيقة الاسم ومعنى

(1) البقرة: 35.
(2) الرحمن: 2 - 3.
(4) العلق: 1 - 5.
(3) الحشر: 23.
41

الملك، والملك له وجوه أربعة: القدرة والهيبة والسطوة والأمر والنهي فأما القدرة
فقوله تعالى: " إنما أمرنا لشي إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " (1) فهذه القدرة
التامة التي لا يحتاج صاحبها إلى مباشرة الأشياء، بل يخترعها كما يشاء سبحانه
ولا يحتاج إلى التروي في خلق الشئ بل إذا أراده صار على ما يريده من تمام
الحكمة، واستقام التدبير له بكلمة واحدة، وقدرة قاهرة بان بها من خلقه.
ثم جعل الأمر والنهي تمام دعائم الملك ونهايته وذلك أن الأمر والنهي
يقتضيان الثواب والعقاب والهيبة، والرجاء والخوف، وبهما بقاء الخلق، وبهما
يصح لهم المدح والذم، ويعرف المطيع من العاصي، ولو لم يكن الأمر والنهي
لم يكن للملك بهاء ولا نظام، ولبطل الثواب والعقاب، وكذلك جميع التأويل فيما
اختاره سبحانه لنفسه من الأسماء.
وقد اعترض على ذلك بأن قيل: قد رأينا أصنافا من الحيوان لا يحصى عددها
يبقى ويعيش بغير أمر ولا نهي، ولا ثواب لها ولا عقاب عليها، وإذا جاز أن
يستقيم بقاء الحيوان المستبهم، ولا آمر له ولا ناهي، بطل قولكم: إنه لابد
للناطقين من آمر وناه، وإلا لم يبقوا.
والرد عليهم هو أن الله تعالى لما خلق الحيوان على ضربين: مستبهم وناطق
أطلق للنوع المستبهم أمرين، جعل قوامه وبقاءه بهما، وهو إدراك الغذاء ونيله
وعرفانهم بالنافع والضار بالشم والتنسيم، وإنما أنبت عليهم من الوبر والصوف والشعر
والريش ليكنهم من البرد والحر، ومنعهم أمرين النطق والفهم، وسخرهم للحيوان
الناطق العاقل وغير العاقل أن يتصرفوا فيهم، وعليهم، كما يختارون، ويأمرون
فيهم وينهون.
ولم يجعل في الناطقين معرفة الضار من الغذا، والنافع بالشم والتنسيم حتى
أن أفهم الناس وأعقلهم لو جمعت الناس له ضروب الحشايش من النافع والضار
والغذا والسم لم يميز ذلك بعقله وفكره، بل من جهة موقف فقد احتاج العاقل

(1) النحل: 40.
42

الفطن البصير إلى مؤدب موقف يوقفه على منافعه، ويعلمه ما يضره، ولما كانت
بنية الناس وما خلقهم الله بهذه الصفة لابد أن يكون عندهم علم كثير من الأغذية
التي تقوم بها أبدانهم، لأنها سبب حياتهم، وكان البهائم في ذلك أهدى منهم، ثبت
ما أوردناه من الأمر والنهي اللذين يتبعهما الثواب والعقاب.
قال المعترض: وقد وجدنا بعض البهائم يأكل ما يكون هلاكه فيه من
السمام القاتلة، فلو كان هذا كما ذكرتم من أنها تعرف الضار من النافع بالشم
والتنسم لما أصابهم ذلك.
قيل: هذا الذي ذكرتم لا يكون على العموم، وإنما يكون في الواحد
بعد الواحد لعلة ما لأنه ربما اضطره الجوع الشديد إلى أكل ما يكون فيه
هلاكه، أو لاختلاط جميع أنواع الحشايش بعضها ببعض كما أنا قد نجد الرجل
العاقل قد يقف على ما يضره من الأطعمة، ثم يأكله إما لجوع غالب أو لعلة يحدث
أو سكر يزيل عقله، أو آفة من الآفات، فيأكل ما يعلم أنه يسقمه ويضره، وربما
كان تلف نفسه فيه، وإذا كان هذا موجودا في الانسان الفطن العاقل، فأحرى أن
يجوز مثله في البهائم.
ووجه آخر وهو أن الله سبحانه إذا أراد قضاء أجله خلى بينه وبين الحال
التي بمثلها يتم عليه ذلك، ومثل هذا يعرض دون العادة العامة، ولأنا قد نرى
الفراخ من الدجاج وما يجري مجراها من أجناس الطير يخرج من البيضة
فتلقى له السموم من الحبوب القاتلة مثل حب البنج والسناء، فيحتذر عنه وإذا
القي عليه غذاؤها بادرت إليه فأكلته ولم يتوقف عنه، فبطل الاعتراض.
ولما ثبت لنا أن قوام الأمة بالأمر والنهي الوارد عن الله عز وجل صح
لنا أنه لابد للناس من رسول من عند الله، فيه صفات يتميز بها من جميع الخلق
منها العصمة من سائر الذنوب وإظهار المعجزات وبيان الدلالات لنفي الشبهات
طاهر مطهر متصل بملكوت الله سبحانه غير منفصل، لأنه لا يؤدي عن الله عز
وجل إلى خلقه إلا من كانت هذه صفته، فصح موضع المأمومين الذين لا عصمة لهم
43

إلا إمام عادل معصوم، يقيم حدود الله تعالى وأوامره فيهم، ويجاهد بهم، ويقسم
غنائمهم، ولا يستقيم أن يقيم الحدود من في جنبه حد الله تعالى لان الخبيث لا يطهر
بالخبيث، وإنما يطهر الخبيث بالطاهر، الذي يدل على ما يقرب من الله تعالى
وإنما يحيون به الحياة الدنيا في حال معايشهم، مما يكون عاقبته إلى حياة الأبد
في الدار الآخرة، ولا بد ممن هذه صفته في عصر بعد عصر، وأوان بعد أوان
وأمة بعد أمة، جاريا ذلك في الخلق ما داموا، ودام فرض التكليف عليهم
لا يستقيم لهم الامر، ولا يدوم لهم الحياة إلا بذلك.
ولو كان الامام بصفة المأمومين، لاحتاج إلى ما احتاجوا إليه، فيكون حينئذ
إماما، وليس في عدل الله تعالى وحكمه أن يحتج على خلقه بمن هذه صفته، وإنما إمام
الامام، الوحي الآمر له والناهي، فكل هذه الصفات المتفرقة في الأنبياء فان الله
سبحانه جمعها في نبينا ووجب لذلك بعد مضيه صلى الله عليه وآله أن يكون في وصيه ثم الأوصياء.
اللهم إلا أن يدعي مدع أن الإمامة مستغنية عمن هذه صفته، فيكونون بهذه
الدعوى مبطلين، بما تقدم من الأدلة وثبت أنه لابد من إمام عارف بجميع ما
جاء محمد النبي صلى الله عليه وآله من كتاب الله تعالى بإقامة المقدم ذكرها يجيب عنها وعن
جميع المشكلات، وينفي عن الأمة مواقع الشبهات، لا يزل في حكمه عارف
بدقيق الأشياء وجليلها، يكون فيه ثمان خصال يتميز بها عن المأمومين: أربع
منها في نعت نفسه ونسبه، أربع صفات ذاته وحالاته.
فأما التي في نعت نفسه فإنه ينبغي أن يكون معروف البيت، معروف النسب
منصوصا عليه من النبي صلى الله عليه وآله بأمر من الله سبحانه، بمثله يبطل دعوى من يدعي
منزلته بغير نص من الله سبحانه ورسوله، حتى إذا قدم الطالب من البلد القريب
والبعيد أشارت إليه الأمة بالكمال والبيان
وأما اللواتي في صفات ذاته فإنه يجب أن يكون أزهد الناس، وأعلم
الناس، وأشجع الناس، وأكرم الناس، وما يتبع ذلك، لعلل تقتضيه.
لأنه إذا لم يكن زاهدا في الدنيا وزخرفها، دخل في المحظورات من المعاصي
44

فاضطره ذلك أن يكتم على نفسه، فمخون الله تعالى في عباده يحتاج إلى من يطهره
بإقامة الحد عليه، فهو حينئذ إمام مأموم، وأما إذا لم يكن عالما بجميع ما فرضه الله
تعالى في كتابه وغيره، قلب الفرائض فأحل ما حرم الله، فضل وأضل، وإذا
لم يكن أشجع الناس سقط فرض إمامته لأنه في الحرب فئة للمسلمين فلو فر لدخل
فيمن قال الله تعالى: " ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى
فئة فقد باء بغضب من الله " (1) وإذا لم يكن أكرم الناس نفسا دعاه البخل والشح
إلى أن يمد يده فيأخذ فيئ المسلمين، لأنه خازنهم وأمينهم على جميع أموالهم
من الغنائم والخراج والجزية والفئ.
فلهذه العلل يتميز من سائر الأمة، ولم يكن الله ليأمر بطاعة من لا يعرف
أوامره ونواهيه، ولا أن يولي عليهم الجاهل الذي لاعلم له، ولا ليجعل الناقص
حجة على الفاضل ولو كان ذلك لجاز لأهل العلل والأسقام أن يأخذوا الأدوية
ممن ليس بعارف منافع الأجساد، ومضارها، فتتلف أنفسهم، ولو أن رجلا
أراد أن يشتري ما يصلح به من متاع وغيره، لكان من حزم الرأي أن يستعين بالتاجر
البصير بالتجارة، فيكون ذلك أحوط عليه.
وإذا كان جميع ذلك لا يصلح في هذه الأشياء الدنياوية فأحرى أن يقصد
الإمام العادل في الأسباب كلها التي يتوصل بها إلى أمور الآخرة، فتميز بين الإمام العادل
والجاهل.
وروى عمر بن الخطاب أنه اختصم إليه رجلان فحكم لأحدهما على الآخر
فقال المحكوم له: بالله لقد حكمت بالحق، فعلاه عمر بدرته وقال له: ثكلتك أمك
والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ، وإنما رأي رأيته. هذا مع ما تقدمه من قول
أبي بكر: وليتكم ولست بخيركم، وإن لي شيطانا يعتريني، فإذا ملت فقوموني
فإذا غضبت فاجتنبوني لا أمثل في أشعاركم وأبشاركم، فاحتج التابعون لهما لأنفسهم
بأن قالوا: لنا أسوة بالسلف الماضي، لما عجزوا من تأدية حقائق الاحكام، فلهذه

(1) الأنفال: 16.
45

العلة وقعت الاختلاف، وزال الايتلاف، لمخالفتهم الله تعالى.
قال الله سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (1)
ثم جعل للصادقين علامات يعرفون بها، فقال تعالى: " التائبون العابدون " (2)
إلى آخره ووصفهم أيضا فقال سبحانه: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون " (3) إلى آخر الآية في
مواضع كثيرة من الكتاب العزيز، ولا يصح أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
ويحافظ على حدود الله سبحانه إلا العارف بالأمر والنهي، دون الجاهل بهما.
فأما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق وأسبابها فقد أعلمنا سبحانه ذلك
من خمسة أوجه: وجه الإشارة، ووجه العمارة، ووجه الإجارة ووجه التجارة
ووجه الصدقات.
وأما وجه الإشارة فقوله تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه
وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين " (4) الآية فجعل الله لهم خمس
الغنائم، والخمس يخرج من أربعة وجوه من الغنائم التي يصيبها المسلمون من
المشركين، ومن المعادن، ومن المكنوز، ومن الغوص، ثم جزء هذه الخمس
على ستة أجزاء فيأخذ الامام عنها سهم الله تعالى وسهم الرسول وسهم ذي القربى
عليهم السلام ثم يقسم الثلاثة سهام الباقية بين يتامى آل محمد ومساكينهم وأبناء
سبيلهم.
ثم إن للقائم بأمور المسلمين بعد ذلك الأنفال التي كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله
قال الله تعالى: " يسئلونك الأنفال قل الأنفال لله وللرسول " فحرفوها وقالوا:
" يسألونك عن الأنفال " (5) وإنما سألوه الأنفال كلها ليأخذوها لأنفسهم، فأجابهم
الله تعالى بما تقدم ذكره، والدليل على ذلك قوله تعالى " فاتقوا الله وأصلحوا

(1) براءة: 119.
(2) براءة: 111.
(3) براءة: 110.
(4) الأنفال: 41.
(5) الأنفال: 1.
46

ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين " أي الزموا طاعة الله أن لا تطلبوا
ما لا تستحقونه، فما كان لله تعالى ولرسوله فهو للامام.
وله نصيب آخر من الفئ والفئ يقسم قسمين، فمنه ما هو خاص للامام
وهو قول الله عز وجل في سورة الحشر: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى
فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " (1) وهي البلاد
التي لا يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب.
والضرب الآخر ما رجع إليهم مما غصبوا عليه في الأصل قال الله تعالى:
" إني جاعل في الأرض خليفة " (2) فكانت الدنيا بأسرها لآدم عليه السلام إذ كان خليفة
الله في أرضه، ثم هي للمصطفين الذين اصطفاهم وعصمهم فكانوا هم الخلفاء في الأرض
فلما غصبهم الظلمة على الحق الذي جعله الله ورسوله لهم، وحصل ذلك في أيدي
الكفار صار في أيديهم على سبيل الغصب حتى بعث الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وآله فرجع
له ولأوصيائه، فما كانوا غصبوا عليه، أخذوه منهم بالسيف، فصار ذلك مما أفاء
الله به، أي مما أرجعه الله إليهم.
والدليل على أن الفئ هو الراجع قوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم
تربص أربعة أشهر فان فاؤا فان الله غفور رحيم " (3) أي رجعوا من الايلاء إلى
المناكحة، وقوله عز وجل: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
فان بغت إحديهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله " (4)
أي ترجع ويقال لوقت الصلاة: فإذا فاء الفئ أي رجع الفئ فصلوا.
وأما وجه العمارة فقوله " هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها " (5)
فأعلمنا سبحانه أنه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك سببا لمعايشهم بما يخرج من
الأرض من الحب والثمرات، وما شاكل ذلك مما جعله الله تعالى معايش للخلق.

(1) الحشر: 7.
(2) البقرة: 30.
(3) البقرة: 226.
(4) الحجرات: 9.
(5) هود: 61.
47

وأما وجه التجارة فقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين
إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل " (1) إلى آخر الآية فعرفهم
سبحانه كيف يشترون المتاع في السفر والحضر، وكيف يتجرون إذ كان ذلك من
أسباب المعايش.
وأما وجه الإجارة فقوله عز وجل: " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة
الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك
خير مما يجمعون " (2) فأخبرنا سبحانه أن الإجارة أحد معايش الخلق، إذ خالف
بحكمته بين هممهم وإرادتهم، وسائر حالاتهم، وجعل ذلك قواما لمعايش الخلق
وهو الرجل يستأجر الرجل في صنعته وأعماله وأحكامه وتصرفاته وأملاكه
ولو كان الرجل منا مضطرا إلى أن يكون بناء لنفسه أو نجارا أو صانعا في شئ من
جميع أنواع الصنايع لنفسه ويتولى جميع ما يحتاج إليه من إصلاح الثياب مما
يحتاج إليه الملك، فمن دونه، ما استقامت أحوال العالم بذلك، ولا اتسعوا له
ولعجزوا عنه، ولكنه تبارك وتعالى أتقن تدبيره، وأبان آثار حكمته لمخالفته
بين هممهم وكل يطلب ما ينصرف إليه همته مما يقوم به بعضهم لبعض، وليستعين
بعضهم ببعض في أبواب المعايش التي بها صلاح أحوالهم:
وأما وجه الصدقات، فإنما هي لأقوام ليس لهم في الامارة نصيب، ولا في
العمارة حظ ولا في التجارة مال، ولا في الإجارة معرفة وقدرة، ففرض الله تعالى
في أموال الأغنياء ما تقوتهم ويقوم بأودهم، وبين سبحانه ذلك في كتابه، وكان سبب
ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح عليه من بلاد العرب ما فتح، وافت إليه الصدقات
منهم فقسمها في أصحابه ممن فرض الله لهم، فسخط أهل الجدة من المهاجرين
والأنصار، وأحبوا أن يقسمها فيهم، فلمزوه فيما بينهم وعابوه بذلك، فأنزل الله
عز وجل " ومنهم من يلمزك في الصدقات فان أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها

(1) البقرة: 282.
(2) الزخرف: 32.
48

إذا هم يسخطون * ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله من فضله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا
الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون " (1).
ثم بين سبحانه لمن هذه الصدقات فقال: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين
والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل " (2)
إلى آخر الآية فأعلمنا سبحانه أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يضع شيئا من الفرائض إلا.
في مواضعها بأمر الله تعالى عز وجل، ومقتضى الصلاح في الكثرة والقلة.
وأما الايمان والكفر والشرك وزيادته ونقصانه فالايمان بالله تعالى هو أعلى
الاعمال درجة. وأشرفها منزلة، وأسماها حظا فقيل له عليه السلام: الايمان قول وعمل
أم قول بلا عمل؟ فقال: الايمان تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وعمل بالأركان
وهو عمل كله، ومنه التام، ومنه الكامل تمامه، ومنه الناقص البين نقصانه، ومنه
الزائد البين زيادته.
إن الله تعالى ما فرض الايمان على جارحة من جوارح الانسان إلا وقد
وكلت بغير ما وكلت به الأخرى، فمنه قلبه الذي يعقل به، ويفقه ويفهم ويحل
ويعقد ويريد، وهو أمير البدن وإمام الجسد الذي لا تورد الجوارح ولا تصدر إلا
عن رأيه، وأمره ونهيه، ومنها لسانه الذي ينطق به، ومنها أذناه اللتان يسمع بهما
ومنها عيناه اللتان يبصر بهما، ومنها يداه اللتان يبطش بهما، ومنها رجلاه اللتان يسعى
بهما، ومنها فرجه الذي الباء من قبله، ومنها رأسه الذي فيه وجهه.
وليس جارحة من جوارحه إلا وهو مخصوصة بفريضة، فرض على القلب غير
ما فرض على السمع، وفرض على السمع غير ما فرض على البصر، وفرض على البصر غير ما
فرض على اليدين، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين، وفرض على الرجلين
غير ما فرض على الفرج، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه، وفرض على الوجه
غير ما فرض على اللسان.

(1) براءة: 58 - 59.
(2) براءة: 60.
49

فأما ما فرض على القلب من الايمان، فالاقرار والمعرفة والعقد عليه والرضا
بما فرضه عليه، والتسليم لامره، والذكر والتفكر والانقياد إلى كل ما جاء عن
الله عز وجل في كتابه مع حصول المعجز.
فيجب عليه اعتقاده وأن يظهر مثل ما أبطن إلا للضرورة كقوله سبحانه:
" إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان " (1) وقوله تعالى " لا يؤاخذكم الله باللغو
في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " (2) وقال سبحانه " الذين قالوا
آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " (3) وقوله تعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (4)
وقوله سبحانه " ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت
هذا باطلا " (5) وقوله تعالى " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " (6)
وقال عز وجل " فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (7)
ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى وهو رأس الايمان،
وأما ما فرضه الله على اللسان فقوله عز وجل في معنى التفسير لما عقد به القلب
وأقر به أو جحده فقوله تعالى " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما انزل إلى
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب " (8) الآية وقوله سبحانه " قولوا للناس حسنا
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " (9) وقوله سبحانه " ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا
لكم إنما هو إله واحد " (10) فأمر سبحانه بقول الحق ونهى عن قول الباطل.
وأما ما فرضه على الاذنين، فالاستماع لذكر الله والانصات إلى ما يتلى من
كتابه، وترك الاصغاء إلى ما يسخطه، فقال سبحانه: " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا
له وأنصتوا لعلكم ترحمون " (11) وقال تعالى: " وقد نزل عليكم في الكتاب

(1) النحل: 106.
(2) البقرة: 225.
(3) المائدة: 41.
(4) الرعد: 30.
(5) آل عمران: 191.
(6) القتال: 24.
(7) الحج: 46.
(8) البقرة: 136.
(9) البقرة: 83.
(10) النساء 179.
(11) الأعراف: 204.
50

أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في
حديث غيره " (1) الآية.
ثم استثنى برحمته لموضع النسيان فقال: " وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد
بعد الذكرى مع القوم الظالمين " (2) وقال عز وجل: " فبشر عباد * الذين
يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هديهم الله وأولئك هم أولوا
الألباب " (3) وقال تعالى: " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا
ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " (4) وفي كتاب الله تعالى ما معناه
معنى ما فرض الله سبحانه على السمع والايمان.
وأما ما فرضه على العينين فمنه النظر إلى آيات الله تعالى، وغض البصر عن
محارم الله، قال الله تعالى: " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت؟ وإلى السماء
كيف رفعت؟ وإلى الجبال كيف نصبت؟ وإلى الأرض كيف سطحت؟ " (5) وقال
تعالى: " أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ " (6)
وقال سبحانه: " انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه " (7) وقال: " فمن أبصر
فلنفسه ومن عمي فعليها " (8).
وهذه الآية جامعة لإبصار العيون، وإبصار القلوب، قال الله تعالى:
" فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (9) ومنه قوله
تعالى: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم " (10).
معناه لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه، ثم

(1) النساء: 134.
(2) الانعام: 68.
(3) الزمر: 18.
(4) القصص: 55.
(5) الغاشية: 16 - 19.
(6) الأعراف: 185.
(7) الانعام: 99.
(8) الانعام: 104.
(9) الحج: 46.
(10) النور: 31 - 30.
51

قال سبحانه: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن " أي ممن
يلحقهن النظر كما جاء في حفظ الفرج، والنظر سبب إيقاع الفعل من الزنا وغيره.
ثم نظم تعالى ما فرض على السمع والبصر والفرج في آية واحدة فقال: " وما
كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن
الله لا يعلم كثيرا مما تعملون " (1) يعني بالجلود ههنا الفروج، وقال تعالى: " ولا
تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " (2)
فهذا ما فرض الله تعالى على العينين من تأمل الآيات، والغض عن تأمل المنكرات
وهو من الايمان.
وأما ما فرض سبحانه على اليدين فالطهور وهو قوله: " يا أيها الذين
آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا
برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " (3) وفرض على اليدين الانفاق في سبيل الله
تعالى فقال: " أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض " (4).
وفرض تعالى على اليدين الجهاد لأنه من عملها وعلاجها، فقال: " فإذا
لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " (5) وذلك
كله من الايمان.
وأما ما فرضه الله على الرجلين فالسعي بهما فيما يرضيه، واجتناب السعي
فيما يسخطه، وذلك قوله سبحانه: " فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " (6) وقوله
سبحانه: " ولا تمش في الأرض مرحا " (7) وقوله: " واقصد في مشيك واغضض من
صوتك " (8) وفرض الله عليهما القيام في الصلاة، فقال: " وقوموا لله قانتين " (9).

(1) فصلت: 22.
(2) أسرى: 36.
(3) المائدة: 6.
(4) البقرة: 267.
(5) القتال: 4.
(6) الجمعة: 9.
(7) لقمان: 18.
(8) لقمان: 19.
(9) البقرة: 238.
52

ثم أخبر أن الرجلين من الجوارح التي تشهد يوم القيام حتى يستنطق بقوله:
" اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " (1).
وهذا مما فرضه الله تعالى على الرجلين في كتابه وهو من الايمان.
وأما ما افترضه على الرأس فهو أن يمسح من مقدمه بالماء في وقت الطهور
للصلاة بقوله: " وامسحوا برؤوسكم " (2) وهو من الايمان، وفرض على الوجه
الغسل بالماء عند الطهور، وقال: " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة
فاغسلوا وجوهكم " (3) وفرض عليه السجود، وعلى اليدين والركبتين والرجلين
الركوع وهو من الايمان.
وقال فيما فرض على هذه الجوارح من الطهور والصلاة وسماه في كتابه
إيمانا حين تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، فقال المسلمون: يا رسول
الله ذهبت صلاتنا إلى بيت المقدس وطهورنا ضياعا؟ فأنزل الله تعالى " وما جعلنا
القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت
لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف
رحيم " (4) فسمى الصلاة والطهور إيمانا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لقي الله كامل الايمان كان من أهل الجنة، ومن
كان مضيعا لشئ مما فرضه الله تعالى في هذه الجوارح وتعدى ما أمره الله وارتكب
ما نهاه عنه، لقي الله تعالى ناقص الايمان، قال الله عز وجل: " وإذا ما أنزلت
سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم
يستبشرون " (5) وقال: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا
تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون " (6) وقال سبحانه: " إنهم

(1) يس: 65.
(2) المائدة: 6.
(3) المائدة: 6.
(4) البقرة: 143.
(5) براءة: 124 و 125.
(6) الأنفال: 2.
53

فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " (1) وقال: " والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم
تقويهم " (2) وقال: " هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا
مع إيمانهم " (3) الآية.
فلو كان الايمان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان، لم يكن لاحد فضل على
أحد، ولتساوى الناس، فبتمام الايمان وكماله دخل المؤمنون الجنة، ونالوا
الدرجات فيها، وبذهابه ونقصانه دخل الآخرون النار.
وكذلك السبق إلى الايمان قال الله تعالى: " والسابقون السابقون أولئك
المقربون " (4) وقال سبحانه: " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار " (5).
وثلث بالتابعين، وقال عز وجل: " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم
من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح
القدس " (6) وقال: " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا " (7)
وقال: " انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر
تفضيلا " (8) وقال: " هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون " (9) وقال
سبحانه: " ويؤت كل ذي فضل فضله " (10) وقال: " الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا
في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله " (11) وقال تعالى: " لا يستوي
منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد
وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى " (12) وقال: " فضل الله المجاهدين على القاعدين

(1) الكهف: 13.
(2) القتال: 17.
(3) الفتح: 4.
(4) الواقعة: 10 و 11.
(5) براءة: 100 وبعده: والذين اتبعوهم باحسان ".
(6) البقرة: 253.
(7) أسرى: 55.
(8) أسرى: 21.
(9) آل عمران: 163.
(10) هود: 3.
(11) براءة: 20.
(12) الحديد: 10.
54

أجرا عظيما * درجات منه ومغفرة ورحمة " (1) وقال: " ذلك بأنهم لا يصيبهم
ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من
عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح " (2).
فهذه درجات الايمان ومنازلها عند الله سبحانه، ولن يؤمن بالله إلا من آمن
برسوله وحججه في أرضه قال الله تعالى: " من يطع الرسول فقد أطاع الله " (3)
وما كان الله عز وجل ليجعل لجوارح الانسان إماما في جسده ينفي عنها الشكوك
ويثبت لها اليقين، وهو القلب، ويهمل ذلك في الحجج، وهو قوله تعالى:
" فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم أجمعين " (4) وقال: " لئلا يكون للناس
على الله حجة بعد الرسل " (5) وقال تعالى: " أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا
نذير " (6) وقال سبحانه: " وجعلنا منهم أئمة يدعون بأمرنا لما صبروا " (7)
الآية.
ثم فرض على الأمة طاعة ولاة أمره، القوام لدينه، كما فرض عليهم طاعة
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (8)
ثم بين محل ولاة أمره من أهل العلم بتأويل كتابه، فقال عز وجل: " ولو ردوه
إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (9) وعجز كل
أحد من الناس عن معرفة تأويل كتابه غيرهم، لأنهم هم الراسخون في العلم
المأمونون على تأويل التنزيل، قال الله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون
في العلم " (10) إلى آخر الآية وقال سبحانه: " بل هو آيات بينات في صدور الذين

(1) النساء 96.
(2) براءة: 120.
(3) النساء: 80.
(4) الانعام: 149.
(5) النساء 165.
(6) المائدة: 19.
(7) السجدة: 24.
(8) النساء: 59.
(9) النساء 83.
(10) آل عمران: 7.
55

أوتوا العلم " (1).
وطلب العلم أفضل من العبادة قال الله عز وجل: " إنما يخشى الله من عباده
العلماء " (2) " الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " (3) وبالعلم
استحقوا عند الله اسم الصدق، وسماهم به صادقين، وفرض طاعتهم على جميع
العباد يقوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (4) فجعلهم
أولياءه، وجعل ولايتهم ولايته، وحزبهم حزبه فقال: " ومن يتول الله ورسوله
والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون " (5) وقال: " إنما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (6).
واعلموا رحمكم الله أنما هلكت هذه الأمة وارتدت على أعقابها بعد نبيها
صلى الله عليه وآله، بركوبها طريق من خلا من الأمم الماضية، والقرون السالفة
الذين آثروا عبادة الأوثان على طاعة أولياء الله عز وجل، وتقديمهم من يجهل
على من يعلم، فعنفها الله تعالى بقوله: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا
يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " (7) وقال في الذين استولوا على تراث
رسول الله صلى الله عليه وآله بغير حق من بعد وفاته: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع
أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " (8).
فلو جاز للأمة الايتمام بمن لا يعلم، أو بمن يجهل، لم يقل إبراهيم عليه السلام
لأبيه: " لم تعبد ما لا يبصر ولا يغني عنك شيئا " (9) فالناس أتباع من اتبعوه من
أئمة الحق وأئمة الباطل، قال الله عز وجل: " يوم ندعوا كل أناس بامامهم
فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا " (10) فمن ائتم

(1) العنكبوت: 49.
(2) فاطر: 28.
(3) التحريم: 6.
(4) براءة: 119.
(5) المائدة: 56 و 55.
(6) المائدة: 56 و 55.
(7) الزمر: 9.
(8) يونس: 35.
(9) مريم: 42.
(10) أسرى: 71.
56

بالصادقين حشر معهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المرء مع من أحب، قال إبراهيم عليه السلام:
" فمن تبعني فإنه مني " (1).
وأصل الايمان العلم، وقد جعل الله تعالى له أهلا ندب إلى طاعتهم ومسئلتهم
فقال: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (2) وقال جلت عظمته: " وأتوا
البيوت من أبوابها " (3) والبيوت في هذا الموضع اللاتي عظم الله بناءها بقوله: " في
بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه " (4) ثم بين معناها لكيلا يظن أهل
الجاهلية أنها بيوت مبنية فقال تعالى: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر
الله " (5) فمن طلب العلم في هذه الجهة أدركه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا مدينة
العلم وفي موضع أنا مدينة الحكمة وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها
وكل هذا منصوص في كتابه تعالى إلا أن له أهلا يعلمون تأويله.
فمن عدل عنهم إلى الذين ينتحلون ما ليس لهم، ويتبعون ما تشابه منه
ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وهو تأويله بلا برهان ولا دليل ولا هدى، هلك وأهلك
وخسرت صفقته، وضل سعيه " يوم تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا
العذاب وتقطعت بهم الأسباب " (6) وإنما هو حق وباطل، وإيمان وكفر، وعلم
وجهل، وسعادة وشقوة، وجنة ونار، لن يجتمع الحق والباطل في قلب امرء
قال الله تعالى: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " (7).
وإنما هلك الناس حين ساووا بين أئمة الهدى، وبين أئمة الكفر، وقالوا:
إن الطاعة مفروضة لكل من قام مقام النبي برا كان أو فاجرا، فاتوا من قبل
ذلك (8).

(1) إبراهيم: 36.
(2) النحل: 43.
(3) البقرة: 189.
(4) النور: 35.
(5) النور: 37.
(6) البقرة: 166.
(7) الأحزاب: 4، راجعه.
(8) أي أتى هلاكهم من قبل ذلك يقال: اتى - كعنى - فلان من مأمنه إذا جاءه
الهلاك من جهة أمنه.
57

قال الله سبحانه: " أفنجعل المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون " (1)
وقال الله تعالى: " هل يستوي الأعمى والبصير أم هل يستوي الظلمات والنور " (2)
وقال فيمن سموهم من أئمة الكفر بأسماء أئمة الهدى ممن غصب أهل الحق
ما جعله الله لهم، وفيمن أعان أئمة الضلال على ظلمهم: " إن هي إلا أسماء
سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " (3).
فأخبرهم الله سبحانه بعظيم افترائهم على جملة أهل الايمان بقوله تعالى:
" إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله " (4) وقوله تعالى: " ومن
أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله " (5) وبقوله سبحانه: " أفمن كان مؤمنا
كمن كان فاسقا لا يستوون " (6) وقوله تعالى: " أفمن كان على بينة من ربه كمن
هو أعمى " (7).
فبين الله عز وجل بين الحق والباطل في كثير من آيات القرآن، ولم يجعل
للعباد عذرا في مخالفة أمره بعد البينات والبرهان، ولم يتركهم في لبس من أمرهم
ولقد ركب القوم من الظلم والكفر في اختلافهم بعد نبيهم وتفريقهم الأمة، وتشتيت
أمر المسلمين واعتدائهم على أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن تبين لهم من الثواب
على الطاعة والعقاب على المعصية بالمخالفة، فاتبعوا أهواءهم، وتركوا ما أمرهم
الله به رسوله، قال تعالى: " وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعدما
جائتهم البينة " (8).

(1) القلم: 35.
(2) الرعد: 16.
(3) النجم: 23.
(4) النحل: 105.
(5) القصص: 50.
(6) السجدة: 18.
(7) صدر الآية في سورة القتال: 14 ونصها " أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله
واتبعوا أهوائهم " وذيله في سورة الرعد: 19، ونصها " أفمن يعلم إنما انزل إليك من ربك الحق
كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب " والظاهر أن ما بينهما سقط من النسخ.
(8) البينة: 4.
58

ثم أبان فضل المؤمنين فقال سبحانه: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
أولئك هم خير البرية " (1) ثم وصف ما أعده من كرامته تعالى لهم، وما أعده
لمن أشرك به، وخالف أمره وعصى وليه، من النقمة والعذاب، ففرق بين صفات
المهتدين وصفات المعتدين، فجعل ذلك مسطورا في كثير من آيات كتابه ولهذه العلة
قال الله تعالى: " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " (2).
فترى من هو الامام الذي يستحق هذه الصفة من الله عز وجل، المفروض
على الأمة طاعته؟ من لم يشرك بالله تعالى طرفة عين، ولم يعصه في دقيقة ولا جليلة
قط؟ أم من أنفد عمره وأكثر أيامه في عبادة الأوثان، ثم أظهر الايمان وأبطن
النفاق؟ وهل من صفة الحكيم أن يطهر الخبيث بالخبيث، ويقيم الحدود على
الأمة من في جنبه الحدود الكثيرة، وهو سبحانه يقول: " أتأمرون الناس بالبر
وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون " (3).
أولم يأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله بتبليغ ما عهده إليه في وصيه، وإظهار
إمامته وولايته " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما
بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " (4) فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ما قد سمع.
واعلم أن الشياطين اجتمعوا إلى إبليس فقالوا له: ألم تكن أخبرتنا أن
محمدا إذا مضى نكثت أمته عهده ونقضت سنته، وأن الكتاب الذي جاء به يشهد
بذلك وهو قوله: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل
انقلبتم على أعقابكم " (5) فكيف يتم هذا وقد نصب لامته علما، وأقام لهم
إماما؟ فقال لهم إبليس: لا تجزعوا من هذا، فان أمته ينقضون عهده، ويغدرون
بوصيه من بعده، ويظلمون أهل بيته، ويهملون ذلك لغلبة حب الدنيا على
قلوبهم، وتمكن الحمية والضغائن في نفوسهم، واستكبارهم وعزهم، فأنزل الله

(1) البينة: 7.
(2) القتال: 24.
(3) البقرة: 44.
(4) المائدة: 67.
(5) آل عمران: 144.
59

تعالى " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين " (1).
وأما الكفر المذكور في كتاب الله تعالى فخمسة وجوه: منها كفر الجحود
ومنها كفر فقط، والجحود ينقسم على وجهين، ومنها كفر الترك لما أمر الله تعالى
به، ومنه كفر البراءة، ومنها كفر النعيم.
فأما كفر الجحود فأحد الوجهين منه جحود الوحدانية، وهو قول من
يقول: لا رب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا نشور، وهؤلاء صنف من الزنادقة
وصنف من الدهرية الذين يقولون: " وما يهلكنا إلا الدهر " وذلك رأي
وضعوه لأنفسهم، استحسنوه بغير حجة، فقال الله تعالى: إن هم إلا يظنون " (2)
وقال: " إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " (3)
أي لا يؤمنون بتوحيد الله.
والوجه الآخر من الجحود هو الجحود مع المعرفة بحقيقته، قال تعالى:
" وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " (4) وقال سبحانه: " وكانوا من
قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على
الكافرين " (5) أي جحدوه بعد أن عرفوه.
وأما الوجه الثالث من الكفر، فهو كفر الترك لما أمرهم الله به، وهو من
المعاصي قال الله سبحانه: " وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون
أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون - إلى قوله - أفتؤمنون ببعض الكتاب
وتكفرون ببعض " (6) فكانوا كفارا لتركهم ما أمر الله تعالى، به فنسبهم إلى
الايمان باقرارهم بألسنتهم على الظاهر دون الباطن، فلم ينفعهم ذلك لقوله تعالى:
" فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا " (7) إلى آخر الآية.

(1) سبأ: 20.
(2) البقرة: 78.
(3) البقرة: 6.
(4) النمل: 14.
(5) البقرة: 89.
(6) البقرة: 85 - 84.
(7) البقرة: 85 - 84.
60

وأما الوجه الرابع من الكفر، فهو ما حكاه تعالى من قول إبراهيم عليه السلام:
" كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده " (1)
فقوله: " كفرنا بكم " أي تبرأنا منكم، وقال سبحانه في قصة إبليس وتبرئه
من أوليائه من الانس يوم القيامة: " إني كفرت بما أشركتمون من قبل " (2)
أي تبرأت منكم، وقوله تعالى: " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم
في الحياة الدنيا - إلى قوله - ويوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " (3)
الآية.
وأما الوجه الخامس من الكفر وهو كفر النعم، قال الله تعالى عن قول
سليمان عليه السلام: " هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر " (4) الآية وقوله عز وجل:
" لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " (5) وقال تعالى:
" فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " (6).
فأما ما جاء من ذكر الشرك في كتاب الله تعالى فمن أربعة أوجه قوله تعالى:
" لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل
اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار
وما للظالمين من أنصار " (7) فهذا شرك القول والوصف.
وأما الوجه الثاني من الشرك فهو شرك الاعمال قال الله تعالى: " وما يؤمن
أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " (8) وقوله سبحانه: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم
أربابا من دون الله " (9) على أنهم لم يصوموا لهم ولم يصلوا، ولكنهم أمروهم
ونهوهم فأطاعوهم، وقد حرموا عليهم حلالا وأحلوا لهم حراما، فعبدوهم من

(1) الممتحنة: 4.
(2) إبراهيم: 22.
(3) العنكبوت: 25.
(4) النمل: 40.
(5) إبراهيم: 7.
(6) البقرة: 152
(7) المائدة: 72.
(8) يوسف: 106.
(9) براءة: 31.
61

حيث لا يعلمون، فهذا شرك الاعمال والطاعات.
وأما الوجه الثالث من الشرك شرك الزنا قال الله تعالى: " وشاركهم في
الأموال والأولاد " (1) فمن أطاع ناطقا فقد عبده، فإن كان الناطق ينطق عن الله
تعالى فقد عبد الله، وإن كان ينطق عن غير الله تعالى فقد عبد غير الله.
وأما الوجه الرابع من الشرك فهو شرك الريا قال الله تعالى: " فمن كان
يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " (2) فهؤلاء صاموا
وصلوا واستعملوا أنفسهم بأعمال أهل الخير إلا أنهم يريدون به رئاء الناس فأشركوا
لما أتوه من الرياء، فهذه جملة وجوه الشرك في كتاب الله تعالى.
وأما ما ذكر من الظلم في كتابه فوجوه شتى فمنها ما حكاه الله تعالى عن
قول لقمان لابنه: " يا بني لا تشرك با لله إن الشرك لظلم عظيم " (3) ومن الظلم
مظالم الناس فيما بينهم من معاملات الدنيا، وهي شتى قال الله تعالى: " ولو ترى
إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم
تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون " (4) الآية.
فأما الرد على من أنكر زيادة الكفر فمن ذلك قول الله عز وجل في كتابه:
" إنما النسئ زيادة في الكفر " (5) وقوله تعالى: " فأما الذين في قلوبهم مرض
فزادهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون " (6) وقوله: " إن الذين آمنوا
ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا " الآية (7) وغير ذلك في كتاب الله.
وأما ما فرضه سبحانه من الفرائض في كتابه فدعائم الاسلام وهي خمس دعائم
وعلى هذه الفرائض الخمسة بني الاسلام، فجعل سبحانه لكل فريضة من هذه
الفرائض أربعة حدود، لا يسع أحدا جهلها: أولها الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصيام

(1) أسرى: 64.
(2) الكهف: 110.
(3) لقمان: 13.
(4) الانعام: 93.
(5) براءة: 37.
(6) براءة: 125.
(7) النساء: 137.
62

ثم الحج، ثم الولاية وهي خاتمتها، والحافظة لجميع الفرائض والسنن.
فحدود الصلاة أربعة: معرفة الوقت، والتوجه إلى القبلة، والركوع
والسجود، وهذه عوام في جميع الناس، العالم والجاهل، وما يتصل بها من جميع
أفعال الصلاة والاذان والإقامة وغير ذلك، ولما علم الله سبحانه أن العباد لا
يستطيعون أن يؤدوا هذه الحدود كلها على حقائقها جعل فيها فرائض، وهي
الأربعة المذكورة، وجعل ما فيها من هذه الأربعة من القراءة والدعاء والتسبيح
التكبير والاذان والإقامة وما شاكل ذلك سنة واجبة، من أحبها يعمل بها إعمالا
فهذا ذكر حدود الصلاة.
وأما حدود الزكاة فأربعة أولها معرفة الوقت الذي يجب فيه الزكاة، والثاني
القسمة، والثالث الموضع الذي توضع فيه الزكاة، والرابع القدر، فأما معرفة
العدد والقسمة، فإنه يجب على الانسان أن يعلم كم يجب من الزكاة في الأموال
التي فرضها الله تعالى من الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة والحنطة والشعير
والتمر والزبيب، فيجب أن يعرف كم يخرج من العدد والقسمة (1) ويتبعهما الكيل
والوزن والمساحة فما كان من العدد، فهو من باب الإبل والبقر والغنم، وأما المساحة
فمن باب الأرضين والمياه، وما كان من المكيل فمن باب الحبوب التي هي أقوات
الناس في كل بلد، وأما الوزن فمن الذهب والفضة وسائر ما يوزن من أبواب
مبلغ التجارات مما لا يدخل في العدد ولا الكيل، فإذا عرف الانسان ما يجب عليه
في هذه الأشياء، وعرف الوضع وتوضع فيه كان مؤديا للزكاة على ما فرض الله
تعالى.
وأما حدود الصيام فأربعة حدود أولها اجتناب الأكل والشرب، والثاني

(1) في نسخة ابن قولويه " معرفة العدد والقيمة " كما مر في ج 68 ص 387 - 391
وقال المؤلف العلامة في بيانه: وكأن ذكر القيمة لأنه قد يجوز أداء القيمة بدل العين
وذكر المساحة لأنه قد يضمن العامل حصة الفقراء بعد الخرص قبل الحصاد، فيحتاج
إلى المساحة.
63

اجتناب النكاح، والثالث اجتناب القئ متعمدا، والرابع، اجتناب الاغتماس في
الماء وما يتصل بها، وما يجري مجراها من السنن كلها.
وأما حدود الحج فأربعة وهي الاحرام، والطواف بالبيت، والسعي بين
الصفا والمروة، والوقوف في الموقفين،، وما يتبعهما ويتصل بها فمن ترك هذه الحدود
وجب عليه الكفارة والإعادة.
وأما حدود الوضوء للصلاة فغسل اليدين والوجه والمسح على الرأس وعلى
الرجلين وما يتعلق ويتصل بها سنة واجبة على من عرفها، وقدر على فعلها.
وأما حدود الامام المستحق للإمامة فمنها أن يعلم الامام المتولي عليه أنه
معصوم من الذوب كلها صغيرها وكبيرها، لا يزل في الفتيا ولا يخطئ في الجواب
ولا يسهو ولا ينسى، ولا يلهو بشئ من أمر الدنيا.
والثاني أن يكون أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وضروب أحكامه وأمره
ونهيه، وجميع ما يحتاج إليه الناس، فيحتاج الناس إليه ويستغني عنهم.
والثالث يجب أن يكون أشجع الناس لأنه فئة المؤمنين التي يرجعون إليها
إن انهزم من الزحف انهزم الناس بانهزامه.
والرابع يجب أن يكون أسخى الناس وإن بخل أهل الأرض كلهم لأنه إن
استولى الشح عليه شح على ما في يديه من أموال المسلمين.
والخامس العصمة من جميع الذنوب، وبذلك يتميز من المأمومين الذين هم
غير معصومين، لأنه لو لم يكن معصوما لم يؤمن عليه أن يدخل فيما يدخل فيه
الناس من موبقات الذنوب المهلكات، والشهوات واللذات، ولو دخل في هذه
الأشياء لاحتاج إلى من يقيم عليه الحدود، فيكون حينئذ إماما مأموما، ولا يجوز
أن يكون الامام بهذه الصفة.
وأما وجوب كونه أعلم الناس فإنه لو لم يكن عالما لم يؤمن أن يقلب الاحكام
والحدود، ويختلف عليه القضايا المشكلة فلا يجيب عنها بخلافها، أما وجوب كونه
أشجع الناس فيما قدمناه، لأنه لا يصح أن ينهزم فيبوء بغضب من الله تعالى وهذه
64

لا يصح أن يكون صفة الامام، وأما وجوب كونه أسخى الناس فيما قدمناه
وذلك لا يليق بالامام.
وقد جعل الله تعالى لهذه الأربعة فرائض دليلين أبان لنا بهما المشكلات
وهما الشمس والقمر: أي النبي ووصيه بلا فصل.
وأما الزجر في كتاب الله عز وجل فهو ما نهى الله سبحانه ووعد العقاب لمن
خالفه مثل قوله تعالى " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا " (1)
وقوله تعالى " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن " (2) وقوله سبحانه " ولا
تأكلوا الربوا أضعافا مضاعفة " (3) وقوله " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا
بالحق " (4) ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى.
وأما ترغيب العباد في كتاب الله تعالى " ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى
أن يبعثك ربك مقاما محمودا (5) وقوله " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو
مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب (6) وقوله " فمن يعمل
مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " (7) وقوله: " يا أيها الذين
آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله " (8)
الآية وقوله " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا
كريما " (9) وأمثال ذلك كثير في كتاب الله تعالى.
أما الترهيب في كتاب الله فقوله سبحانه " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة
الساعة شئ عظيم " إلى قوله " ولكن عذاب الله شديد " (10) وقوله عز وجل " واتقوا

(1) أسرى: 32.
(2) الانعام: 152. أسرى: 34.
(3) آل عمران: 130.
(4) أسرى: 33، الانعام: 151.
(5) أسرى: 79.
(6) غافر: 40.
(7) الزلال: 7 - 8.
(8) الصف: 1.
(9) النساء 31.
(10) الحج: 1.
65

يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون " (1) وقوله تعالى
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ربكم واخشوا يوما لا تجزي والد عن ولده ولا مولود
هو جاز عن والده شيئا (2) إلى آخر الآية وقوله تعالى " إن الذين يستكبرون عن
عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " (3) الآية.
أما الجدال ومعانيه في كتاب الله تعالى " وإن فريقا من المؤمنين لكارهون *
يجادلونك في الحق بعدما تبيين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون " (4) ولما خرج
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بدر كان خروجه في طلب العدو، وقال لأصحابه: إن الله
عز وجل قد وعدني أن أظفر بالعير أو بقريش، فخرجوا معه على هذا فلما أقبلت
العير وأمره الله بقتال قريش أخبر أصحابه فقال: إن قريشا قد أقبلت وقد وعدني الله
سبحانه إحدى الطائفتين أنها لكم وأمرني بقتال قريش.
قال: فجزعوا من ذلك وقالوا: يا رسول الله فانا لم نخرج على أهبة الحرب
قال: وأكثر قوم منهم الكلام والجدال، فأنزل الله تعالى " وإذا يعدكم الله إحدى
الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم - إلى قوله - ويقطع
دابر الكافرين " (5) وكقوله سبحانه " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي
إلى الله " (6) وقوله سبحانه " وجادلهم بالتي هي أحسن " (7) ومثل هذا [كثير في
كتاب الله تعالى.
وأما] الاحتجاج على الملحدين وأصناف المشركين مثل قوله حكاية عن قول
إبراهيم عليه السلام " ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتيه الله الملك " (8) إلى
آخر الآية وقوله سبحانه عن الأنبياء في مجادلتهم لقومهم في سورة الأعراف وغيرها، وقوله
تعالى حكاية عن قوم نوح عليه السلام: " يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا

(1) البقرة: 281.
(2) لقمان: 33.
(3) غافر: 60.
(4) الأنفال: 4 و 5.
(5) الأنفال: 6.
(6) المجادلة: 1.
(7) النحل: 125.
(8) البقرة: 258.
66

إن كنت من الصادقين " (1) ومثل هذا كثير موجود في مجادلة الأمم للأنبياء.
وأما ما في كتاب الله تعالى من القصص عن الأمم فإنه ينقسم على ثلاثة أقسام
فمنه ما مضى، ومنه ما كان في عصره، ومنه ما أخبر الله تعالى به أنه يكون بعده.
فأما ما مضى فما حكاه الله تعالى فقال: " نحن نقص عليك أحسن القصص بما
أوحينا إليك هذا القرآن " (2) ومنه قول موسى لشعيب " فلما جاءه وقص عليه
القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين " (3) ومنه ما أنزل الله من ذكر
شرائع الأنبياء وقصصهم وقصص أممهم، حكاية عن آدم إلى نبينا صلى الله عليه
وآله وعليهم أجمعين.
وأما الذي كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله فمنه ما أنزل الله تعالى في مغازيه
وأصحاب وتوبيخهم ومدح من مدح منهم، وذم من ذم منهم، وما كان من خير وشر
وقصة كل فريق منهم، مثل ما قص من قصة غزاة بدر، وأحد، وخيبر، وحنين، وغيرها
من المواطن والحروب، ومباهلة النصارى، ومحاربة اليهود، وغيره، مما لو
شرح لطال ابه الكتاب.
وأما قصص ما يكون بعده فهو كل ما حدث بعده مما أخبر النبي صلى الله عليه وآله به
وما لم يخبر، والقيامة وأشراطها، وما يكون من الثواب والعقاب، وأشباه ذلك.
وأما ما في كتاب الله تعالى من ضرب الأمثال فمثل قوله تعالى " ضرب الله
مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة " (4) إلى آخر الآية، وقوله تعالى " مثل ما ينفقون
في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم " (5)
الآية وكقوله " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح " (6)
إلى آخر الآية، وإنما ضرب الله سبحانه هذه الأمثال للناس في كتابه ليعتبروا
بها، ويستبدلوا بها ما أراده منهم من الطاعة وهو كثير في كتابه تعالى.

(1) هود: 32.
(2) يوسف: 3.
(3) القصص: 25.
(4) إبراهيم: 24.
(5) آل عمران: 117.
(6) النور: 35.
67

وأما ما في كتابه تعالى في معنى التنزيل والتأويل فمنه ما تأويله في تنزيله
ومنه ما تأويله قبل تنزيله ومنه ما تأويله مع تنزيله، ومنه ما تأويله بعد تنزيله.
فأما الذي تأويله في تنزيله فهو كل آية محكمة نزلت في تحريم شئ
من الأمور المتعارفة التي كانت في أيام العرب، تأويلها في تنزيلها فليس يحتاج
فيها إلى تفسير أكثر من تأويلها وذلك قوله تعالى في التحريم " حرمت عليكم
أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " (1) الآية وقوله " إنما حرم عليكم الميتة والدم
ولحم الخنزير " (2) الآية وقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي
من الربوا - إلى قوله - وأحل الله البيع وحرم الربوا " (3) وقوله تعالى " قل تعالوا
أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا - إلى قوله - لعلكم تذكرون " (4)
ومثل ذلك في القرآن كثير مما حرم الله سبحانه، لا يحتاج المستمع إلى
مسألة عنه.
وقوله عز وجل في معنى التحليل: " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا
لكم وللسيارة (5) وقوله سبحانه " وإذا حللتم فاصطادوا " (6) وقوله تعالى " يسئلونك
ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن
مما علمكم الله " (7) الآية وقوله تعالى " وطعامكم حل لهم " (8) وقوله تعالى
" يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم
غير محلي الصيد وأنتم حرم " (9) وقوله تعالى: " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى
نسائكم " (10) وقوله تبارك وتعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات

(1) النساء: 23.
(2) النحل: 115.
(3) البقرة: 275.
(4) الانعام: 151.
(5) المائدة: 96.
(6) المائدة: 2.
(7) المائدة: 4.
(8) المائدة: 5.
(9) المائدة: 1.
(10) البقرة: 187.
68

ما أحل الله لكم " (1) ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى.
وأما الذي تأويله قبل تنزيله فمثل قوله تعالى في الأمور التي حدثت في
عصر رسول الله صلى الله عليه وآله مما لم يكن الله أنزل فيها حكما مشروحا، ولم يكن عند
النبي صلى الله عليه وآله فيها شئ ولا عرف ما وجب فيها، مثل ذلك من اليهود من بني قريظة
والنضير، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما هاجر إلى المدينة كان بها ثلاث بطون من
اليهود من بني هارون منهم بنو قريظة، وبنو النضير، وبنو القينقاع فلما دخلت الأوس
والخزرج في الاسلام، جاءت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا محمد قد أحببنا أن
نهادنك إلى أن نرى ما يصير إليه أمرك، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله تكرما وكتب
لهم كتابا أنه قد هادنهم وأقرهم على دينهم لا يتعرض لهم وأصحابهم بأذية، وضمنوهم
عن نفوسهم أنهم لا يكيدونه بوجه من الوجوه، ولا لاحد من أصحابه.
وكانت الأوس حلفاء بني قريظة، والخزرج حلفاء بني النضير، وبنو النضير
أكثر عددا من بني قريظة وأكثر أموالا، وكانت عدتهم ألف مقاتل، وكانت
عدد بني قريظة مائة مقاتل، وكان إذا وقع بينهم قتل لم يرض بنو النضير أن يكون
قتل بقتيل، بل يقولون نحن أشرف وأكثر وأقوى وأعز.
ثم اتفقوا بعد ذلك أن يكتبوا بينهم كتابا شرطوا فيه: أيما رجل من
بني النضير قتل رجلا من بني قريظة دفع نصف الدية، وحمم وجهه - ومعنى حمم
وجهه سخم وجهه بالسواد - ومعناه حمم بالفحم - ويقعد على حمار ويحول وجهه
إلى ذنب الحمار، ونودي عليه في الحي وأيما رجل من بني قريظة قتل رجلا من
بني النضير كان عليه الدية الكاملة، وقتل القاتل مع رفع الدية.
فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، ودخل الأوس والخزرج في دين
الاسلام، وثب رجل من بني قريظة على رجل من بني النضير فبعث بنو النضير إلى
بني قريظة ابعثوا لنا بقاتل صاحبنا لنقتله، وابعثوا إلينا بالدية، فامتنعوا من ذلك
وقالوا: ليس هذا حكم الله في التوراة وإنما هذا حكم ابتدعتموه وليس لكم علينا

(1) المائدة: 87.
69

إلا الدية أو القتل، فان رضيتم بذلك وإلا بيننا وبينكم محمد نتحاكم إليه جميعا.
قال: فبعث بنو النضير إلى عبد الله بن أبي بن سلول وكان رأس المنافقين فقالوا:
قد علمت ما بيننا من الحلف والموادعة، وقد كنا لكم يا معاشر الأنصار من الخزرج
أنصارا على من آذاكم وقد امتنعت علينا بنو قريظة بما شرطناه عليهم، ودعوناه
إلى حكم محمد وقد رضينا به، فاسأله أن لا ينقض شرطنا فقال لهم عبد الله بن أبي
ابن سلول: ابعثوا إلى رجلا منكم ليحضر كلامي وكلام محمد فان علمتم أنه يحكم
لكم ويقركم على ما كنتم عليه، فارضوا به، وإن لم يفعل فلا ترضوه لحكمه.
وجاء عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه رجل من اليهود
فقال: يا رسول الله إن هؤلاء اليهود لهم العدد والعدة والمنعة وقد كانوا كتب بينهم
كتاب شرط اتفقوا عليه فيما بينهم، ورضوا جميعا به، وهم صائرون إليك فلا
تنقض عليهم شرطهم، فاغتم من كلامه ولم يجبه ودخل صلى الله عليه وآله منزله.
فأنزل الله عليه " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من
الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " (1) يعني تعالى عبد الله بن أبي بن
سلول ثم قال سبحانه: " ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين "
يعني به الرجل اليهودي الذي وافى مع عبد الله بن أبي بن سلول ليسمع ما يقول
رسول الله صلى الله عليه وآله من الجواب لعبد الله، وقال: " لم يأتوك يحرفون الكلم عن مواضعه
يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك
له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم
في الآخرة عذاب عظيم " إلى قوله تعالى: " فلن يضروك شيئا ".
وجعل سبحانه الامر إلى رسوله إن شاء أن يحكم حكم بينهم، وإن شاء أعرض
عنهم، ثم قال تعالى: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين *
وكيف يحكمونك وعندهم التورية فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما
أولئك بالمؤمنين * إنا أنزلنا التورية فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين

(1) المائدة: 41.
70

أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه
شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما
أنزل الله فأولئك هم الكافرون * وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين
والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن
لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون * وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم
مصدقا لما بين يديه من التورية وآتيناه الإنجيل " (1).
[ومثل ذلك الظهار] في كتاب الله تعالى فان العرب كانت إذا ظاهر رجل
منهم امرأته حرمت عليه إلى آخر الأبد، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله كان بالمدينة
رجل من الأنصار يقال له: أوس بن الصامت وكان أول رجل ظاهر في الاسلام
وكان كبير السن به ضعف فجرى بينه وبين أهله كلام، وكانت امرأته يسمى
خولة بنت ثعلبة الأنصاري فقال لها أوس: أنت علي كظهر أمي، ثم إنه ندم على
ما كان منه، وقال: ويحك إنا كنا في الجاهلية نحرم علينا الأزواج في مثل هذا
من قبل الاسلام، فلو أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله تسأله عن ذلك.
فجاءت خولة بنت ثعلبة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله زوجي ظاهر
مني وهو أبو أولادي وابن عمي قد كان هذا الظهار في الجاهلية يحرم الزوجات
على الأزواج أبدا، فقال لها: ما أظنك إلا أن حرمت عليه إلى آخر الأبد فجزعت
جزعا شديدا وبكت ثم قامت فرفعت يديها إلى السماء وقالت: " إلى الله أشكو فراق
زوجي، فرحمها أهل البيت، وبكوا لبكائها، فأنزل الله على نبيه " قد سمع الله
قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع
بصير " إلى قوله: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير
رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم يوعظ به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام
شهرين متتابعين فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا " (2) فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله:
قولي لأوس بن الصامت زوجك يعتق نسمة، فقالت: يا رسول الله وأنى له نسمة

(1) المائدة: 41 - 45.
(2) المجادلة: 1 - 4.
71

لا والله ماله خادم غيري، قال: فيصوم شهرين متتابعين قالت: إنه شيخ كبير لا يقدر
على الصيام، قال: فمريه أن يتصدق على ستين مسكينا قالت: وأنى له الصدقة
فوالله ما بين لا بتيها أحوج منا، قال: فقولي فليمض إلى أم المنذر فليأخذ منها
شطر وسق تمر، فليتصدق على ستين مسكينا، قال: فعادت إلى أوس، فقال لها:
ما وراك؟ قالت: خير وأنت ذميم، إن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك أن تمضي إلى أم
المنذر فتأخذ منها وسق تمر فلتصدق به على ستين مسكينا.
ومثل ذلك في اللعان: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من غزاة تبوك قام إليه
عويمر بن الحارث العجلاني فقال: يا رسول الله إن امرأتي زنت بشريك بن السمخاط
فأعرض عنه فأعاد عليه القول فأعرض عنه، فأعاد ثالثة فقال صلى الله عليه وآله ودخل، فنزل اللعان
فخرج إليه فقال: ائتني بأهلك فقد أنزل الله فيكما قرآنا، فمضى وأتى بأهله وأتى معها
قومها وكانت في شرف من الأنصار.
فوافوا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلى العصر، فلما فرغ أقبل عليهما وقال لهما:
تقدما إلى المنبر فلاعنا، فتقدم عويمر إلى المنبر فتلا عليها رسول الله صلى الله عليه وآله آية
اللعان (1) " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم
أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ".. (2) فيما رماها به، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله:

(1) النور: 6.
(2) هناك قد سقط نحو أسطر، نورد ما يشبه الرواية آخذا من تفسير القمي ص 452
تتميما للمراد:
فقال عويمر: أشهد بالله أنى لمن الصادقين فيما رميتها به، قالها أربع مرات وقال
في الخامسة: ان لعنة الله على أن كنت من الكاذبين فيما رميتها به وهو قول الله " والخامسة
أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " ثم قال رسول الله: ان اللعنة لموجبة ان كنت كاذبا
ثم قال: تنح فتنحى ثم قال لزوجته تشهدين كما شهد والا أقمت عليك حد الله، فنظرت في
وجوه قومها وقالت: لا أسود هذه الوجوه في هذه العشية، فتقدمت إلى المنبر وقرأ رسول
الله صلى الله عليه وآله " ويدرء عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين *
والخامسة أن لعنة الله عليها إن كان من الكاذبين " فيما رماها به الخ.
72

والعني نفسك بالخامسة فشهدت، وقالت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان
من الصادقين فيما رماني به، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: اذهبا ولن يحل لك، ولن
تحلي له أبدا.
فقال عويمر: يا رسول الله فالذي أعطيتها؟ فقال له: إن كنت صادقا فهو لها
بما استحللته من فرجها، وإن كنت كاذبا فهو أبعد لك منه، وفرق بينهما.
ومثله أن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ترهبوا وحرموا أنفسهم من
طيبات الدنيا، وحلفوا على ذلك أنهم لا يرجعون إلى ما كانوا عليه أبدا، ولا
يدخلون فيه بعد وقتهم ذلك، منهم عثمان بن مظعون، وسلمان وتمام عشرة من
المهاجرين والأنصار، فأما عثمان بن مظعون فحرم على نفسه النساء، والآخر
حرم الافطار بالنهار إلى غير ذلك من مشاق التكليف.
فجاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى بيت أم سلمة فقالت لها: لم عطلت نفسك
من الطيب والصبغ والخضاب وغيره؟ فقالت: لان عثمان بن مظعون زوجي ما قربني
مذ كذا وكذا، قالت أم سلمة: ولم ذا؟ قالت: لأنه قد حرم على نفسه النساء
وترهب، فأخبرت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك وخرج إلى أصحابه وقال:
أترغبون عن النساء؟ إني آتي النساء، وافطر بالنهار، وأنام الليل، فمن رغب عن
سنتي فليس مني، وأنزل الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما
أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين * وكلوا مما رزقكم الله حلالا
طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون " (1).
فقالوا: يا رسول الله إنا قد حلفنا على ذلك، فأنزل الله عز وجل " لا يؤاخذكم
الله باللغو في أيمانكم " إلى قوله: " ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم فاحفظوا
أيمانكم " (2).
ومثله أن قوما من الأنصار كانوا يعرفون ببني أبيرق وكانوا منافقين قد

(1) المائدة: 87 - 88.
(2) المائدة: 89.
73

أظهروا الاسلام وأسروا النفاق، وهم ثلاثة إخوة، يقال لهم: بشر ومبشر وبشير
وكان بشر يكنى أبا طعمة، وكان رجلا حثيثا شاعرا قال: فنقبوا على رجل من
الأنصار يقال له: رفاعة بن زيد بن عامر، وكان عم قتادة بن النعمان الأنصاري
وكان قتادة ممن شهد بدرا، فأخذوا طعاما كان قد أعده لعياله وسيفا ودرعا.
فقال رفاعة لابن أخيه قتادة: إن بني أبيرق قد فعلوا بي كذا، فلما بلغ
بني أبيرق ذلك جاؤوا إليهما وقالوا لهما: إن هذا من عمل لبيد بن سهل، وكان
لبيد بن سهل رجلا صالحا شجاعا بطلا إلا أنه فقير لا مال له، فبلغ لبيدا قولهم
فأخذ سيفه وخرج إليهم فقال لهم: يا بني أبيرق أترموني بالسرقة، وأنتم أولى
به مني، والله لتبينن ذلك أو لأمكنن سيفي منكم، فلا يزالوا يلاطفونه حتى رجع
عنهم وقالوا له: أنت برئ من هذا.
فجاء قتادة بن النعمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: بأبي أنت وأمي إن
أهل بيت منا نقبوا على عمي وأخذوا له كذا وكذا، وهم أهل بيت سوء وذكرهم
بقبيح فبلغ ذلك بني أبيرق فمشوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ومعهم رجل من بني عمهم
يقال له: أشتر بن عروة (1) وكان رجلا فصيحا خطيبا فقال: يا رسول الله إن قتادة بن
النعمان عمد إلى أهل بيت منا لهم حسب ونسب وصلاح، فرماهم بالسرق
وذكرهم بالقبيح وقال فيهم غير الواجب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن كان ما قلته
حقا فبئس ما صنع.
فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمه فقال: يا ليتني مت ولم أكن كلمت
رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا، فأنزل الله تعالى: " إنا أنزلنا إليك الكتاب لتحكم بين
الناس بما أريك الله ولا تكن للخائنين خصيما * واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما *
ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما " إلى
قوله: " وكان فضل الله عليك عظيما " (2).
ومثله أن قريشا كانوا إذا حجوا وقفوا بالمزدلفة، ولم يقفوا بعرفات

(1) أسيد بن عروة.
(2) النساء 105 - 108.
74

وكان تلبيتهم إذا أحرموا في الجاهلية " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن
الحمد والنعمة لك " فجاءهم إبليس في صورة شيخ وقال لهم: ليس هذا تلبية أسلافكم
قالوا: كيف كانت تلبية أسلافنا؟ فقال: كانت اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة
لك، والملك لك لا شريك لك إلا شريكا هو لك.
فنفرت قريش من قوله، فقال: لا تنفروا من قولي وعلى رسلكم حتى آتي
آخر كلامي، فقالوا له: قل، فقال: إلا شريك لك هو لك، تملكه وما ملك.
ألا ترون أنه تملك الشريك والشريك لا يملكه، فرضيت قريش بذلك فلما بعث
الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله نهاهم عن ذلك، وقال: إن هذا شريك، فقالوا: ليس بشريك
لأنه لا يملكه وما ملك، فأنزل الله سبحانه " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم
مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء " (1) إلى آخر الآية
فأعلمهم أنهم لا يرضون بهذا فكيف ينسبون إلى الله.
ومثله حديث تميم الداري مع ابن مندي وابن أبي مارية وما كان من خبرهم
في السفر، وكانا رجلين نصرانيين وتميم الداري رجل من رؤوس المسلمين (2).
خرجوا في سفر لهم، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة
بالذهب، وقلادة من ذهب أخرج معه ليبيعه في بعض أسواق العرب، فلما فصلوا
عن المدينة اعتل تميم علة شديدة فلما حضرته الوفاة، دفع جميع ما كان معه
إلى ابن مندى وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى أهله وذريته.

(1) الروم: 28.
(2) كذا في تفسير القمي ص 177، ونقله في الكافي ج 7 ص 5، وفى سائر الجوامع
أن عدى بن بداء وتميما الداري كانا نصرانيين وابن أبي مارية وهو بديل بن أبي مريم
(مارية) كان مسلما وكان مولى عمرو بن العاص، راجع تفسير مجمع البيان ج 3 ص 256
و 259. الدر المنثور ج 2 ص 343، وهكذا في الإصابة ج 1 ص 145 في ترجمة بديل
ابن أبي مريم. ج 1 ص 186، في ترجمة تميم الداري. ج 2 ص 460 في ترجمة
عدى بن بداء، وذكره أبو داود في سننه ج 2 ص 276 باب شهادة أهل الذمة.
75

فلما قدما إلى المدينة أخذا المتاع والآنية والقلادة، فسألوهما هل مرض
صاحبنا مرضا طويلا أنفق نفقة واسعة؟ قالا: ما مرض إلا أياما قلائل، قالوا:
فهل سرقت منه شئ من متاعه في سفره هذا؟ قالا: لا، لم يسرق منه شئ قالوا: فهل
اتجر معكما في سفره تجارة خسر فيها؟ قالا: لم يتجر في شئ، قالوا: فانا افتقدنا
أفضل شئ كان معه آنية منقوشة بالذهب، وقلادة من ذهب، فقالا: أما الذي دفعه
إلينا فقد أديناه إليكم، فقدموهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأوجب عليهما اليمين، فحلفا
وخلى سبيلهما.
ثم إن تلك الآنية والقلادة ظهرت عليهما، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله
فأخبروه، فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم
الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في
الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " (1) فأطلق سبحانه شهادة أهل الكتاب على الوصية
فقط إذا كان ذلك في السفر، ولم يجدوا أحدا من المسلمين عند حضور الموت.
ثم قال تعالى: " تحبسونهما من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر (2) فيقسمان بالله
أنهما أحق بذلك يعني تعالى يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما، فإنهما
كذبا فيما حلفا و " لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ".
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أولياءهم أن يحلفوا بالله على ما ادعوه، فحلفوا، فلما
حلفوا أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله الآنية والقلادة من ابن مندي وابن أبي مارية وردهما
إلى أولياء تميم.

(1) المائدة: 106 - 107.
(2) قد سقط من هناك نحو مما يلي: " ان ارتبتم لا نشتري به ثمنا قليلا ولو كان ذا قربى
ولا نكتم شهادة الله انا إذا لمن الآثمين " فهذه الشهادة الأولى التي حلفهما رسول الله صلى الله عليه وآله
ثم قال عز وجل " فان عثر على أنهما استحقا اثما " أي حلفا على كذب " فآخران يقومان
مقامهما " يعنى من أولياء المدعى " من الذين استحق عليهم الأوليان " الأولين " فيقسمان بالله "
أنهما أحق بذلك الخ.
76

ثم قال الله عز وجل: " ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا
أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا ".
ومنه الحديث في أمر عائشة، وما رماها به عبد الله بن أبي بن سلول
وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة فأنزل الله تعالى " إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة
منكم لا تحسبوه خيرا لكم بل هو شر لكم " (1) الآية فكل ما كان من هذا وشبهه
في كتاب الله تعالى فهو تأويله قبل تنزيله ومثله في القرآن كثير في مواضع شتى.
وأما ما تأويله بعد تنزيله فهي الأمور التي أخبر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وآله
أنها ستكون بعده، مثل ما أخبر به من أمور القاسطين والمارقين والخوارج، وقتل
عمار جرى ذلك المجرى، وأخبار الساعة والرجعة وصفات القيامة، مثل قوله تعالى:
" هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل
أو كسبت في إيمانها خيرا " (2) وقوله تعالى: " يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه
من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل
غير الذي كنا نعمل " (3) الآية وقوله سبحانه: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد
الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " (4) وقوله تعالى: " ونريد أن نمن
على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم
في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " (5) وقوله
عز وجل: " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما

(1) النور: 11. والآية في المصحف والقراءات المشهورة التي عرفناها " لا تحسبوه
شرا لكم بل هو خير لكم ".
(2) هل ينظرون الا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك، أو يأتي بعض آيات ربك
يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا " الآية في سورة الأنعام: 158.
(3) الأعراف: 53 وصدرها: " هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله " الآية وقد
اختلط بالآية السابقة.
(4) الأنبياء: 105.
(5) القصص: 5 - 6.
77

استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم " (1) إلى آخر الآية
وقوله: " ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع
سنين " (2) فنزلت هذه ولم يكن غلبت، وغلبت بعد ذلك.
ومثله " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين " (3).
فهذه الآيات وأشباههما نزلت قبل تأويلها، وكل ذلك تأويله بعد تنزيله.
[وأما ما تأويله مع تنزيله فمثل] (4) قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله وكونوا مع الصادقين " (5) فيحتاج من سمع هذا التنزيل عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن
يعرف هؤلاء الصادقين الذين أمروا بالكينونية معهم، ويجب على الرسول أن
يدل عليهم، ويجب على الأمة حينئذ امتثال الامر، ومثله قوله تعالى: " أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (6) فلم يستغن الناس في هذا المعنى
بالتنزيل دون التفسير كما استغنوا بالآيات المتقدمة التي ذكرت في آيات ما تأويله
في تنزيله اللاتي ذكرناها في الآيات المتقدمة [إلا] حين بين لهم رسول الله صلى الله عليه وآله
أن الولاة للامر الذي فرض الله طاعتهم من عترته المنصوص عليهم.
ومثله قوله تعالى: " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " (7) فلم يستغن الناس
عن بيان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وحدود الصلاة كيف يصلونها وعددها وركوعها
وسجودها ومواقيتها وما يتصل بها، وكذلك الزكاة والصوم وفرائض الحج وسائر
الفرائض، إنما أنزلها الله وأمر بها في كتابه مجملة غير مشروحة للناس في معنى التنزيل
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله هو المفسر لها والمعلم للأمة كيف يؤدونها، وبهذه الطريقة
وجب عليه صلى الله عليه وآله تعريف الأمة الصادقين عن الله عز وجل، " والشجرة الملعونة في

(1) النور: 55.
(2) الروم: 1 - 2.
(3) أسرى: 40.
(4) زيادة أضفناها طبقا لما مر في ص 68 س 2 نقلا من تفسير القمي ص 12.
(5) براءة، 119.
(6) النساء: 59.
(7) البقرة: 43، وآيات اخر.
78

القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا " (1).
ومثله قوله سبحانه في سورة التوبة: " ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون
هو اذن قل اذن خير لكم " (2) ومثله قوله تعالى: " ومنهم من يقول ائذن لي
ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " (3) ومثله قوله
عز وجل: " ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم " (4) ومثل
قوله عز وجل: " لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس
الكفار من أصحاب القبور " (5).
فوجب على الأمة أن يعرفوا هؤلاء المنزل فيهم هذه الآيات من هم؟ ومن
غضب الله عليهم ليعرفوا بأسمائهم حتى يتبرؤوا منهم ولا يتولوهم قال الله تعالى:
" وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون " (6) ومثل ذلك كثير
في كتاب الله تعالى من الامر بطاعة الأصفياء ونعتهم، والتبري ممن خالفهم، وقد
خرج رسول الله صلى الله عليه وآله مما وجب عليه، ولم يمض من الدنيا حتى بين للأمة
حال الأولياء من اولي الامر، ونص عليهم وأخذ البيعة على الأمة بالسمع لهم
والطاعة، وأبان لهم أيضا أسماء من نهاهم عن ولايتهم، فما أقل من أطاع في ذلك
وما أكثر من عصى فيه، ومال إلى الدنيا وزخرفها، فالويل لهم.
وأما ما أنزل الله تعالى في كتابه مما تأويله حكاية في نفس تنزيله، وشرح
معناه، فمن ذلك قصة أهل الكهف، وذلك أن قريشا بعثوا ثلاثة نفر نضر بن حارث
ابن كلدة، وعقبة بن أبي معيط، وعاص بن وائل إلى رث (7) والي نجران ليتعلموا
من اليهود والنصارى مسائل يلقونها على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لهم علماء اليهود
والنصارى: سلوه عن مسائل فان أجابكم عنها فهو النبي المنتظر الذي أخبرت

(1) اسرى: 60.
(2) براءة: 61.
(3) براءة: 49.
(4) براءة: 101.
(5) الممتحنة: 13.
(6) القصص: 41.
(7) كذا.
79

به التوراة ثم تسألوه عن مسألة أخرى فان ادعى علمها فهو كاذب، لأنه لا يعلم
علمها غير الله، فقالوا: وما هذه الثلاث مسائل؟ قالوا: سلوه عن فتية كانوا في
الزمن الأول غابوا ثم ناموا كم مقدار ما ناموا إلى أن انتبهوا؟ وكم كان عددهم؟
ولما انتبهوا ما الذي صنعوا وصنعه قومهم؟ وكم لهم من حيث انتبهوا إلى يومنا
هذا؟ وما كانت قصتهم؟ وسلوه عن موسى بن عمران كيف كان حاله مع العالم حين
اتبعه وفارقه، وسلوه عن طائف طاف الشرق والغرب من مطلع الشمس إلى مغربها
من كان؟ وكيف كان حاله؟ ثم كتبوا لهم شرح حال الثلاث مسائل على ما عندهم
في التوراة.
قالوا لهم: فما المسألة الأخرى؟ قال: سلوه عن قيام الساعة.
فقدم الثلاثة نفر بالمسائل إلى قريش وهم قاطعون أن لا علم لديه منها، فمشت
قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في الحجر وعنده عمه أبو طالب، فقالوا: يا أبا
طالب إن ابن أخيك محمدا خالف قومه، وسفه أحلامهم، وعاب آلهتهم، وسبها
وأفسد الشباب من رجالهم، وفرق جماعتهم، وزعم أن أخبار السماء تأتيه، وقد
جئنا بمسائل فان أخبرنا بها علمنا أنه صادق، وإن لم يخبرنا بها علمنا أنه كاذب
فقال لهم أبو طالب: دونكم فسلوه عما بدا لكم تجدوه مليا.
فقالوا: يا محمد أخبرنا عن فئة كانوا في الزمان الأول ثم غابوا ثم ناموا
وانتبهوا كم عددهم؟ وكم ناموا؟ وما كان خبرهم مع قومهم؟ وأخبرنا عن موسى
ابن عمران والعالم الذي اتبعه كيف كانت قصته معه؟ وأخبرنا عن طائف طاف الشرق
والغرب من مطلع الشمس إلى مغربها؟ وكيف كان خبره؟
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لا أخبركم بشئ إلا من عند ربي وإنما
أنتظر الوحي، يجئ ثم أخبركم بهذا غدا، ولم يستثن إنشاء الله، فاحتبس الوحي
عنه أربعين يوما حتى شك جماعة من أصحابه، واغتم رسول الله صلى الله عليه وآله، وفرحت
قريش بذلك، وأكثر المشركون القول، فلما كان بعد أربعين صباحا نزل عليه
بسورة الكهف وفيها قصص ثلاث مسائل، والمسألة الأخرى، فتلاها عليهم.
80

فلما سمعوا بهرهم ما سمعوه وقالوا: قد بينت فأحسنت إلا أن المسألة
المفردة ما فهمنا الجواب عنها، فأنزل الله تعالى " يسئلونك عن الساعة أيان مرساها
قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا يأتيك
إلا بغتة يسئلونك كأنك حفي عنها " إلى قوله سبحانه: " ولكن أكثر الناس لا
يعلمون " (1).
ومثل قصة عبد الله بن أبي بن سلول وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرج
في غزاة تبوك نزل في منصرفه منزلا قليل الماء، وكان عبد الله بن أبي بن سلول
رجلا شريفا مطاعا في قومه، وكان يضرب قبته وسط العسكر فيجتمع إليه قومه من
الخزرج، ومن كان على مثل رأيه من المنافقين.
فاجتمع الناس على بئر كانت في ذلك المنزل قليلة الماء، وكان في العسكر
رجل من المهاجرين يقال لها: جهجهان بن وبر، فأدلى دلوه وأدلى معه رجل يقال
له: سنان بن عبد الله من الأنصار فتعلق دلوه بدلو جهجهان، فتواثبا وأخذ جهجهان
شيئا فضرب به رأس ابن سنان فشجه شجة موضحة، وصاح جهجهان إلى قريش
والمهاجرين.
فسمع عبد الله بن أبي بن سلول نداء المهاجرين فقال: ما هذا؟ قالوا:
جهجهان ينتدب المهاجرين وقريشا على الخزرج والأوس، فقال: أو قد فعلوها؟
قالوا: نعم، قال: أما والله لقد كنت كارها لهذا المسير، ثم أقبل على قومه فقال
لهم: قد قلت: لا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا ويخرجوا عنكم، أما والله لئن رجعنا
إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
ولما سمع زيد بن أرقم ذلك جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وكان ابن أرقم أصغرهم
سنا فيمن كان في مجلس عبد الله ابن أبي بن سلول، فقال زيد، يا رسول الله قد علمت
حال عبد الله بن أبي بن سلول فينا وشرفه ولا يمنعني ذلك أن أخبرك بما سمعت
ثم اخبره بالخبر.

(1) الأعراف: 187.
81

فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالمسير فقال أصحابه: والله ما هذا وقت مسير، وإن
ذلك الامر حدث، ولما بلغ الأنصار ما قاله زيد بن أرقم لرسول الله صلى الله عليه وآله لحق به
سعد بن عبادة وقال: يا رسول الله إن زيد بن أرقم كذب على عبد الله بن أبي بن
سلول وإن كان عبد الله قال شيئا من هذا فلا تلمه فان كنا نظمنا له الجزع اليماني
تاجا له لنتوجه فيكون ملكا علينا، فلما وافيت يا رسول الله رأى أنك غلبته على
أمر قد كان استتب له.
ثم أقبل سعد على زيد فقال: يا زيد عمدت إلى شريفنا فكذبت عليه، فلما
نزل رسول الله صلى الله عليه وآله المنزل الثاني مشى قوم عبد الله بن أبي بن سلول إليه فقالوا
له: امض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يستغفر لك، فلوى عبد الله بن أبي بن سلول
عنقه واستهزأ، فلم يزالوا به حتى صار معهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فحلف لرسول الله
صلى الله عليه وآله أنه لم يقل من ذلك شيئا، وأن زيد بن أرقم كذب عليه.
فأنزل الله تعالى " إذا جائك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم
إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن
سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون " إلى قوله: " سواء عليهم استغفرت لهم أم لم
تستغفر لهم لن يغفر الله لهم " إلى آخر السورة وهذا أبواب التنزيل والتأويل.
وأما الرد على من أنكر خلق الجنة والنار فقال الله تعالى: " عند سدرة
المنتهى * عندها جنة المأوى " (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: دخلت الجنة فرأيت
فيها قصرا من ياقوت أحمر، يرى داخله من خارجه، وخارجه من داخله من نوره
فقلت: يا جبرئيل! لمن هذا القصر؟ فقال: لمن أطاب الكلام، وأدام الصيام
وأطعم الطعام، وتهجد بالليل والناس نيام.
فقلت: يا رسول الله وفي أمتك من يطيق هذا؟ فقال لي: ادن مني فدنوت
فقال: ما تدري ما إطابة الكلام؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: هو سبحان الله
والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أتدري ما إدامة الصيام؟ فقال: الله أعلم

(1) النجم: 14 - 15.
82

ورسوله، فقال: من صام شهر رمضان ولم يفطر منه يوما، أتدري ما إطعام الطعام؟
فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: من طلب لعياله ما يكف به وجوههم، أتدري ما
التهجد بالليل والناس نيام؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: من لا ينام حتى
يصلي العشاء الآخرة، ويريد بالناس ههنا اليهود والنصارى لأنهم ينامون بين
الصلاتين.
وقال صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعان
ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا؟ فقلت
لهم: ما بالكم قد أمسكتم؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت: وما نفقتكم؟
قالوا؟ قول المؤمن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإذا
قال: بنينا، وإذا سكت أمسكنا.
وقال صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى سبع سماواته، وأخذ جبرئيل بيدي
وأدخلني الجنة، وأجلسني على درنوك من درانيك الجنة وناولني سفرجلة فانفلقت
نصفين، وخرج حوراء منها، فقامت بين يدي، وقالت: السلام عليك يا محمد
السلام عليك يا أحمد السلام عليك يا رسول الله، فقلت: وعليك السلام من أنت؟
فقال: أنا الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع، أعلائي من الكافور
ووسطي من العنبر، وأسفلي من المسك، عجنت بماء الحيوان، قال لي ربي:
كوني فكنت (1) وهذا ومثله دليل على خلق الجنة، وبالعكس من ذلك الكلام
في النار.
وأما من أنكر البداء فقد قال الله في كتابه: " فتول عنهم فما أنت بملوم " (2).
وذلك أن الله سبحانه أراد أن يهلك الأرض في ذلك الوقت، ثم تداركهم برحمته
فبدا له في هلاكهم وأنزل على رسوله " وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين " (3).

(1) زاد القمي بعده في تفسيره ص 20: لأخيك ووصيك علي بن أبي طالب.
(2) الذاريات: 54.
(3) الذاريات: 55.
83

ومثله قوله تعالى: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم
وهم يستغفرون " ثم بداله " وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد
الحرام " (1) وكقوله: " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن
منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا " ثم بداله تعالى، فقال: " الآن خفف
الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن
منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين " (2) وهكذا يجري الامر في الناسخ
والمنسوخ وهو يدل على تصحيح البداء وقوله: " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده
أم الكتاب " (3) فهل يمحو إلا ما كان، وهل يثبت إلا ما لم يكن، ومثل هذا كثير
في كتاب الله عز وجل.
وأما الرد على من أنكر الثواب والعقاب في الدنيا، وبعد الموت قبل القيامة
فيقول الله تعالى: " يوم يأتي لا تكلم نفس إلا باذنه فمنهم شقى وسعيد * فأما الذين
شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض "
الآية " وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا
ما شاء ربك " (4) يعني السماوات والأرض قبل القيامة، فإذا كانت القيامة بدلت
السماوات والأرض.
ومثل قوله تعالى: " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " (5) وهو أمر
بين أمرين، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة.
ومثل قوله تعالى: " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة " (6)
والغدو والعشي لا يكونان في القيامة التي هي دار الخلود، وإنما يكونان في الدنيا.
وقال الله تعالى في أهل الجنة " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " (7)
والبكرة والعشي إنما يكونان من الليل والنهار في جنة الحياة قبل يوم القيامة

(1) الأنفال: 33 - 44.
(2) الأنفال: 65 - 66.
(3) الرعد: 39.
(4) هود: 105.
(5) المؤمنون: 100.
(6) غافر 46.
(7) مريم: 62.
84

قال الله تعالى: " لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " (1).
ومثله قوله سبحانه: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء
عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتيهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا
بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون " (2).
وأما الرد على من أنكر المعراج فقوله تعالى: " وهو بالأفق الاعلى *
ثم دنى فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى " إلى قوله:
" عندها جنة المأوى " (3) فسدرة المنتهى في السماء السابعة ثم قال سبحانه:
" واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا لهم من دون الرحمن آلهة يعبدون " (4)
وإنما أمر رسوله أن يسأل الرسل في السماء، ومثله قوله تعالى " فان كنت في شك
مما أنزلنا إليك فاسئل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك " (5) يعني الأنبياء عليهم السلام
هذا كله ليلة المعراج.
وأما الرد على المجبرة وهم الذين زعموا أن الافعال إنما هي منسوبة
إلى العباد، مجازا لا حقيقة، وإنما حقيقتها لله لا للعباد، وتأولوا في ذلك آيات
من كتاب الله تعالى لم يعرفوا معناها كما في قوله تعالى: " ولو شاء الله ما أشركوا " (6)
فرد عليهم أهل الحق فقالوا لهم: إن في قولكم ذلك بطلان الثواب والعقاب، إذا
نسبتم أفعالكم إلى الله، تعالى عما يصفون، وكيف يعاقب مخلوقا على غير فعل منه.
قال الله تعالى: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " (7)
لا يجوز أن يكون إلا على الحقيقة لفعلها، وقوله تعالى: " فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " (8) وقوله سبحانه: " كل نفس

(1) الانسان: 13.
(2) آل عمران: 169 - 170.
(3) النجم: 7 - 15.
(4) الزخرف: 45.
(5) يونس: 94.
(6) الانعام: 107 وعد في تفسير القمي " وما تشاؤن الا أن يشاء الله " " ومن
يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ".
(7) البقرة: 286.
(8) الزلزال: 7 - 8.
85

بما كسبت رهينة " (1) وقوله: " لتسئلن عما كنتم تعملون " (2) وقوله تعالى:
" فكلا أخذنا بذنبه " إلى قوله: " وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون " (3).
ومثل هذا كثير في كتاب الله تعالى وفيه بطلان ما ادعوه ونسبوه إلى الله تعالى
أن يأمر خلقه بما لا يقدرون أو ينهاهم عما ليس فيهم صنع ولا اكتساب.
وخالفهم فرقة أخرى في قولهم فقالوا: إن الافعال نحن نخلقها عند فعلنا
لها، وليس فيها صنع ولا اكتساب ولا مشية ولا إرادة، ويكون ما يشاء إبليس ولا
يكون ما لا يشاء، فضادوا المجبرة في قولهم وادعوا أنهم خلاقون مع الله، واحتجوا
بقوله: " تبارك الله أحسن الخالقين " (4) فقالوا: قوله: " تبارك الله أحسن الخالقين "
يثبت خلاقين غيره، فجهلوا هذه اللفظة، ولم يعرفوا معنى الخلق، وعلى كم
وجه هو.
فسئل عليه السلام عن ذلك وقيل له: هل فوض الله تعالى إلى العباد ما يفعلون؟
فقال: الله أعز واجل من ذلك، قيل: فهل يجبرهم على ما يفعلون؟ قال: الله
سبحانه أعدل من أن يجبرهم على فعل ثم يعذبهم عليه، قيل: أبين الهاتين المنزلتين
منزلة ثالثة؟ فقال: نعم، كما بين السماء والأرض، فقيل: ما هي؟ قال: سر من
أسرار الله.
وأما الرد على من أنكر الرجعة فقول الله عز وجل: " ويوم نحشر من
كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " (5) أي إلى الدنيا، وأما
معنى حشر الآخرة فقوله عز وجل: " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " (6) وقوله
سبحانه: " وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون " (7) في الرجعة، فأما

(1) المدثر: 38.
(2) النحل: 93.
(3) العنكبوت: 40.
(4) المؤمنون: 14.
(5) النمل: 83.
(6) الكهف: 47.
(7) الأنبياء: 95.
86

في القيامة فإنهم يرجعون.
ومثل قوله تعالى: " وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب
وحكمة ثم جائكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " (1) وهذا لا
يكون إلا في الرجعة، ومثله ما خاطب الله تعالى به الأئمة ووعدهم من النصر
والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي
ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " (2) وهذا
إنما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا، ومثله قوله تعالى: " ونريد أن نمن على الذين
استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " (3) وقوله سبحانه: " إن
الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " (4) أي رجعة الدنيا.
ومثله قوله: " ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت
فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم " (5) ثم ماتوا، وقوله عز وجل: " واختار موسى
قومه سبعين رجلا لميقاتنا " (6) فردهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا وشربوا
ونكحوا ومثله خبر العزيز.
وأما من أنكر فضل رسول الله صلى الله عليه وآله فالدليل على بطلان قوله: قول الله
عز وجل: " وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " (7) فأول من سبق من الرسل إلى " بلى " محمد رسول الله
صلى الله عليه وآله لان روحه أقرب الأرواح إلى ملكوت الله تعالى، والدليل
على ذلك قول جبرئيل عليه السلام لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء

(1) آل عمران: 81.
(2) النور: 55.
(3) القصص: 5.
(4) القصص: 85.
(5) البقرة: 243.
(6) الأعراف: 155.
(7) الأعراف: 172.
87

السابعة قال: يا محمد تقدم فإنك قد وطئت موطئا لم يطأ قبلك ملك مقرب، ولا
نبي مرسل، فلولا أن روحه كانت من ذلك المكان لم يقدر أن يتجاوزه، وذلك أنه إذا
أمر الله تعالى فأول ما يصل أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لقربه إلى ملكوته، ثم سائر
الأنبياء على طبقاتهم.
ويزيد ذلك بيانا قوله تعالى: " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن
نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم " (1) فأفضل الأنبياء الخمسة، وأفضل
الخمسة محمد صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين، قال الله تعالى: " إنه لقول رسول
كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين " (2).
والدليل على أنه أفضل الأنبياء أن الله سبحانه أخذ ميثاقه على سائر الأنبياء
فقال سبحانه: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم
جائكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على
ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين " (3) فهذا بيان
فضل رسول الله صلى الله عليه وآله على سائر المرسلين والنبيين، ونطق به الكتاب.
ولما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء الرابعة، ودخل إلى البيت المعمور
جمع الله عز وجل له من النبيين من آدم فهلم حتى صلى بهم، قال الله تعالى:
" واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " (4)
وفي هذا مقنع لمن تأمله.
وأما عصمة الأنبياء والمرسلين والأوصياء عليهم السلام فقد قيل في ذلك أقاويل تختلف
قال بعض الناس: هو مانع من الله تعالى يمنعهم عن المعاصي فيما فرض الله عليهم
من التبليغ عنه إلى خلقه، وهو فعل الله دونهم، وقال آخرون: العصمة من فعلهم
لأنهم يحمدون عليها، وقال آخرون: يجوز على الأنبياء والمرسلين والأوصياء

(1) الأحزاب: 7.
(2) التكوير: 20 - 22.
(3) آل عمران: 81.
(4) الزخرف: 45.
88

ما يجوز على غيرهم من الذنوب كلها، والأول باطل، لقوله: " واعتصموا بحبل
الله جميعا ولا تفرقوا " (1) وقوله تعالى: " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم (2)
أي امتنع، لان العصم هو المنع، وقد غلط من أجرى الرسل والأنبياء مجرى
العباد، يقع منهم الافعال الذميمة من أربعة وجوه: من الحسد والحرص والشهوة
والغضب، فجميع تصرفات الناس التي هي من قبل الأجساد لا يحدث إلا من أحد
هذه الوجوه الأربعة.
والأنبياء والرسل والأوصياء عليهم السلام لا يقع منهم فعل من جهة الحسد لان
الحاسد إنما يحسد من هو فوقه، وليس فوق الأنبياء والرسل والأوصياء أحد
منزله أعلا من منازلهم فيحسدوه عليها، ولا يجوز أن يقع منهم فعل من جهة الحرص
في الدنيا على شئ من أحوالها لان الحرص مقرون به الامل، وحال الامل منقطعة
عنهم لأنهم يعرفون مواضعهم من كرامة الله عز وجل.
وأما الشهوة فجعلها الله تعالى فيهم لما أراده من بقائهم في الدنيا، وانقطاع
الخلائق لهم، وفاقتهم إليهم، فلولا موضع الشهوة لما أكلوا، فبطل قوة أجسامهم
عن تكليفاتهم، ويبطل حال النكاح فلا يكون لهم نسل ولا ولد، وما جرى مجرى
ذلك، فالشهوة مركبة فيهم لذلك، وهم معصومون مما يعرض لغيرهم من قبيح
الشهوات.
ويكون الاصطبار وترك الغضب فيهم، فهم لا يغضبون إلا في طاعة الله تعالى قال
الله سبحانه: " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة " (3) فالفصل يقع
بين الأنبياء والرسل والأوصياء من جهة الغضب، ولا يكون غضبهم إلا لله تعالى
وفي الله سبحانه، فهذا معنى عصمة الله تعالى الأنبياء والرسل والأوصياء، فهم صلوات
الله عليهم يجتمعون مع العباد في الشهوة والغضب على الأسماء ويباينونهم في المعنى.

(1) آل عمران: 103.
(2) يوسف: 32.
(3) براءة: 123.
89

وأما الرد على المشبهة فقول الله عز وجل: " وأن إلى ربك المنتهى " (1)
فإذا انتهى إلى الله (2) فأمسكوا وتكلموا فيما دون ذلك من العرش فما دونه.
وارجعوا إلى الكلام في مخاطبة النبي صلى الله عليه وآله والمراد غيره فمن ذلك قول
الله عز وجل: " ولا تدع مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا " (3).
والمخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله والمراد بالخطاب الأمة، ومنه قوله تعالى: " يا أيها
النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " (4) " يا أيها النبي اتق الله ولا تطع
الكافرين والمنافقين " (5) والمخاطبة له، والمراد بالخطاب أمته.
أما ما نزل في كتاب الله تعالى مما هو مخاطبة لقوم والمراد به قوم آخرون
فقول الله عز وجل: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض
مرتين ولتعلن علوا كبيرا " (6) والمعنى والخطاب مصروف إلى أمة محمد صلى الله عليه وآله
وأصل التنزيل لبني إسرائيل.
وأما الاحتجاج على من أنكر الحدوث مع ما تقدم، فهو أنا لما رأينا هذا
العالم المتحرك متناهية أزمانه وأعيانه وحركاته وأكوانه، وجميع ما فيه، ووجدنا
ما غاب عنا من ذلك يلحقه النهاية، ووجد [نا] العقل يتعلق بما لا نهاية، ولولا

(1) النجم: 24.
(2) في تفسير القمي - والظاهر عندي أنه ينقل من أصل هذه الرسالة - قال: حدثني أبي
عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا انتهى الكلام إلى الله
فأمسكوا وتكلموا فيما دون العرش، ولا تكلموا فيما فوق العرش فان قوما تكلموا فيما فوق
العرش فتاهت عقولهم حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه، وينادى من خلفه
فيجب من بين يديه.
(3) أسرى: 39 ونصها: " ولا تجعل ".
(4) الطلاق: 1.
(5) الأحزاب: 1.
(6) أسرى: 4.
90

ذلك لم يجد العقل دليلا يفرق ما بينهما، ولم يكن لنا بد من إثبات ما لا نهاية
له معلوما معقولا أبديا سرمديا ليس بمعلوم أنه مقصور القوى، ولا مقدور ولا
متجزئ ولا منقسم، فوجب عند ذلك أن يكون ما لا يتناهى مثل ما يتناهى.
وإذ قد ثبت لنا ذلك، فقد ثبت في عقولنا أن مالا يتناهى هو القديم الأزلي
وإذا ثبت شئ قديم وشئ محدث، فقد استغنى القديم الباري للأشياء عن المحدث
الذي أنشأه وبرأه وأحدثه، وصح عندنا بالحجة العقلية أنه المحدث للأشياء
وأنه لا خالق إلا هو، فتبارك الله المحدث لكل محدث، الصانع لكل مصنوع
المبتدع للأشياء من غير شئ.
وإذا صح أني لا أقدر أن احدث مثلي استحال أن يحدثني مثلي، فتعالى
المحدث للأشياء عما يقول الملحدون علوا كبيرا.
ولما لم يكن إلى إثبات صانع العالم طريق إلا بالعقل لأنه لا يحس فيدركه
العيان أو شئ من الحواس، فلو كان غير واحد بل اثنين أو أكثر لأوجب العقل عدة
صناع كما أوجب إثبات الصانع الواحد، ولو كان صانع العالم اثنين لم يجر تدبيرهما
على نظام، ولم ينسق أحوالهما على إحكام، ولا تمام، لأنه معقول من الاثنين
الاختلاف في دواعيهما وأفعالهما.
ولا يجوز أن يقال إنهما متفقان ولا يختلفان، لان كل من جاز عليه
الاتفاق جاز عليه الاختلاف، ألا ترى أن المتفقين لا يخلو أن يقدر كل [منهما
على ذلك أولا يقدر كل منهما على] ذلك فان قدرا كانا جميعا عاجزين، وإن لم يقدرا
كانا جاهلين، والعاجز والجاهل لا يكون إلها ولا قديما.
وأما الرد على من قال بالرأي والقياس والاستحسان والاجتهاد، ومن يقول
إن الاختلاف رحمة، فاعلم أنا لما رأينا من قال بالرأي والقياس قد استعمل شبهات
الاحكام لما عجزوا عن عرفان إصابة الحكم، وقالوا: ما من حادثة إلا ولله فيها حكم ولا
يخلو الحكم من وجهين إما أن يكون نصا أو دليلا وإذ رأينا الحادثة قد عدم نصها
فزعنا - أي رجعنا - إلى الاستدلال عليها بأشباهها ونظائرها، لأنا متى لم نفزع إلى
91

ذلك أخلناها من أن يكون لها حكم، ولا يجوز أن يبطل حكم الله في حادثة من
الحوادث، لأنه سبحانه يقول: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " (1) ولما رأينا الحكم
لا يخلو والحدث لا ينفك من الحكم التمسناه من النظائر لكي لا تخلو الحادثة من
الحكم بالنص أو بالاستدلال وهذا جائز عندنا.
قالوا: وقد رأينا الله تعالى قاس في كتابه بالتشبيه والتمثيل، فقال: " خلق
الانسان من صلصال كالفخار * وخلق الجان من مارج من نار " (2) فشبه الشئ
بأقرب الأشياء به شبها.
قالوا: وقد رأينا النبي استعمل الرأي والقياس بقوله للمرأة الخثعمية حين
سألت عن حجها عن أبيها فقال: أرأيت لو كان على أبيك دين لكنت تقضينه عنه؟ فقد
أفتاها بشئ لم تسأل عنه، وقوله لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن: أرأيت يا معاذ
إن نزلت بك حادثة لم تجد لها في كتاب الله عز وجل أثرا ولا في السنة ما أنت
صانع؟ قال: أستعمل رأيي فيها، فقال: الحمد لله الذي وفق رسوله إلى ماء
يرضيه.
قالوا: وقد استعمل الرأي والقياس كثير من الصحابة ونحن على آثارهم
مقتدون، ولهم احتجاج كثير في مثل هذا.
فقد كذبوا على الله تعالى في قولهم إنه احتاج إلى القياس، وكذبوا على
رسوله صلى الله عليه وآله قالوا عنه ما لم يقل من الجواب المستحيل.
فنقول لهم ردا عليهم: إن أصول أحكام العبادات وما يحدث في الأمة من النوازل
والحوادث، لما كانت موجودة عن السمع والنطق والنص المختص في كتاب ففروعها
مثلها وإنما أردنا بالأصول في جميع العبادات والمفترضات، التي نص الله عز وجل
عليها وأخبرنا عن وجوبها، وعن النبي صلى الله عليه وآله وعن وصيه المنصوص عليه بعده في البيان
من أوقاتها وكيفيتها وأقدارها في مقاديرها عن الله عز وجل، مثل فرض الصلاة

(1) الانعام: 38.
(2) الرحمن: 14 - 15.
92

والزكاة والصيام والحج والجهاد وحد الزنا وحد السرق وأشباهها مما نزل في
الكتاب مجملا بلا تفسير فكان رسول الله صلى الله عليه وآله هو المفسر والمعبر عن جمل الفرائض
فعرفنا أن فرض صلاة الظهر أربع، ووقتها بعد زوال الشمس، يفصل مقدار ما تقرأ
الانسان ثلاثين آية، وهذا الفرق بين صلاة الزوال وبين صلاة الظهر، ووقت العصر
آخر وقت الظهر إلى وقت مهبط الشمس، وأن المغرب ثلاث ركعات ووقتها حين
الغروب إلى إدبار الشفق والحمرة، وأن وقت صلاة العشاء الآخرة وهي أربع
ركعات وأوسع الأوقات، أول وقتها حين اشتباك النجوم، وغيبوبة الشفق وانبساط
الكلام، وآخر وقتها ثلث الليل وروي نصفه، والصبح ركعتان ووقته طلوع الفجر
إلى إسفار الصبح.
وأن الزكاة يجب في مال دون مال، ومقدار دون مقدار، ووقت دون أوقات
وكذلك جميع الفرائض التي أوجبها الله سبحانه على عباده بمبلغ الطاقات، وكنه
الاستطاعات.
فلولا ما ورد النص به من تنزيل كتاب الله تعالى وما أبان رسوله وفسره
لنا وأبانه الأثر وصحيح الخبر لقوم آخرين، لم يكن لاحد من الناس المأمورين
بأداء الفرائض أن يوجب ذلك بعقله، وإقامة معاني فروضه وبيان مراد الله تعالى
في جميع ما قدمنا ذكره على حقيقة شروطه، ولا تصح إقامة فروضه بالقياس والرأي
ولا أن يهتدي العقول على انفرادها ولو انفرد لا يوجب فرض صلاة الظهر أربعا دون خمس
أو ثلاث، ولا يفصل أيضا بين قبل الزوال وبعده ولا تقدم السجود على الركوع
والركوع على السجود، أو حد زنا المحصن والبكر، ولا بين العقارات والمال النقد
في وجوب الزكاة، ولو خلينا بين عقولنا وبين هذه الفرائض لم يصح فعل ذلك
كله بالعقل على مجرده، ولم يفصل بين القياس وما فصلت الشريعة والنصوص
إذ كانت الشريعة موجودة عن السمع والنطق الذي ليس لنا أن نتجاوز حدودها، ولو
جاز ذلك وصح، لاستغنينا عن إرسال الرسل إلينا بالأمر والنهي منه تعالى، ولما
كانت الأصول لا تجب على ما هي من بيان فرضها إلا بالسمع والنطق، فكذلك
الفروع والحوادث التي تنوب وتطرق منه تعالى لم يوجب الحكم فيها بالقياس دون
93

النص بالسمع والنطق
وأما احتجاجهم واعتلالهم بأن القياس هو التشبيه والتمثيل وأن الحكم
جائز به، ورد الحوادث أيضا إليه، فذلك محال بين ومقال شنيع لأنا نجد شيئا
قد وفق الله تعالى بين أحكامها وإن كانت متفرقة ونجد أشياء وقد فرق الله بين
أحكامها، وإن كانت مجتمعة، فدلنا ذلك من فعل الله تعالى على أن اشتباه الشيئين
غير موجب لاشتباه الحكمين، كما ادعاه مستحلوا القياس والرأي.
وذلك أنهم لما عجزوا عن إقامة الاحكام على ما انزل في كتاب الله تعالى
وعدلوا عن أخذها من أهلها ممن فرض الله سبحانه طاعتهم على عباده، ممن لا يزل
ولا يخطئ ولا ينسى - الذين أنزل الله كتابه عليهم، وأمر الأمة برد ما اشتبه عليهم
من الاحكام إليهم - وطلبوا الرياسة رغبة في حطام الدنيا، وركبوا طرائق
أسلافهم، ممن ادعى منزلة أولياء الله لزمهم العجز، فادعوا أن الرأي والقياس واجب
فبان لذوي العقول عجزهم، وإلحادهم في دين الله تعالى، وذلك أن العقل على
مجرده وانفراده لا يوجب ولا يفصل بين أخذ شئ بغصب ونهب وبين أخذه بسرقة
وإن كانا مشتبهين، والواحد منهما يوجب القطع والآخر لا يوجبه.
ويدل أيضا على فساد ما احتجوا به من رد الشئ في الحكم إلى اعتبار
نظائره أنا نجد الزنا من المحصن والبكر سواء وأحدهما يوجب الرجم والآخر
يوجب الجلد، فعلمنا أن الاحكام مأخذها من السمع والنطق على حسب ما يرد
به التوقيف دون اعتبار النظائر والأعيان، وهذه دلالة واضحة على فساد قولهم، ولو
كان الحكم في الدين بالقياس، لكان باطن القدمين أولى بالمسح من ظاهرهما.
قال الله تعالى حكاية عن إبليس في قوله بالقياس: " أنا خير منه خلقتني
من نار وخلقته من طين " (1) فذمه الله لما لم يدر ما بينهما، وقد ذم رسول الله
صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام القياس، يرث ذلك بعضهم عن بعض، ويرويه
عنهم أولياؤهم.

(1) سورة الأعراف: 12، سورة ص: 76.
94

وأما الرد على من قال بالاجتهاد: فإنهم يزعمون أن كل مجتهد مصيب
على أنهم لا يقولون مع اجتهادهم أصابوا معنى حقيقة الحق عند الله عز وجل
لأنهم في حال اجتهادهم ينتقلون من اجتهاد إلى اجتهاد، واحتجاجهم أن الحكم
به قاطع، قول باطل منقطع منتقض، فأي دليل أدل من هذا على ضعف اعتقاد
من قال بالاجتهاد والرأي إذ كان حالهم تؤول إلى ما وصفناه.
وزعموا أيضا أنه محال أن يجتهدوا فيذهب الحق من جماعتهم وقولهم بذلك
فاسد، لأنهم إن اجتهدوا فاختلفوا فالتقصير واقع بهم، وأعجب من هذا أنهم
يقولون مع قولهم بالاجتهاد والرأي: إن الله تعالى بهذا المذهب لم يكلفهم إلا
بما يطيقونه وكلام النبي صلى الله عليه وآله.
واحتجوا بقول الله تعالى: " وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " (1) وهو
بزعمهم وجه الاجتهاد، وغلطوا في هذا التأويل غلطا بينا.
قالوا: ومن قول الرسول: ما قاله لمعاذ بن جبل، وادعوا أنه أجاز ذلك
والصحيح أن الله سبحانه لم يكلف العباد اجتهادا لأنه قد نصب لهم أدلة، وأقام
لهم أعلاما، وأثبت عليهم الحجة، فمحال أن يضطرهم إلى مالا يطيقون بعد إرساله
إليهم الرسل بتفصيل الحلال والحرام، ولم يتركهم سدى، ومهما عجزوا عنه ردوه
إلى الرسل والأئمة صلوات الله عليهم وهو يقول: " ما فرطنا في الكتاب من
شئ " (2) ويقول: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " (3) ويقول
سبحانه " فيه تبيان كل شئ " (4).
ومن الدليل على فساد قولهم في الاجتهاد والرأي والقياس أنه لن يخلو
الشئ أن يكون تمثيلا على أصل أو يستخرج البحث عنه، فإن كان بحث عنه فإنه
لا يجوز في عدل الله تعالى تكليف العباد ذلك، وإن كان تمثيلا على أصل، فلن يخلو

(1) البقرة: 144.
(2) الانعام: 38.
(3) المائدة: 3.
(4) النحل: 89، ونصها: " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ".
95

الأصل أن يكون حرم لمصلحة الخلق، أو لمعنى في نفسه خاص، فإن كان حرم
لمعنى في نفسه خاص فقد كان قبل ذلك حلالا ثم حرم بعد ذلك لمعنى فيه، بل لو
كان العلة المعنى لم يكن التحريم له أولى من التحليل، ولما فسد هذا الوجه من
دعواهم، علمنا أنه لمعنى أن الله تعالى إنما حرم الأشياء لمصلحة الخلق، لا
للعلة التي فيها، ونحن إنما ننفي القول بالاجتهاد، لان الحق عندنا مما قدمناه
ذكره من الأصول التي نصبها الله تعالى، والدلائل التي أقامها لنا، كالكتاب والسنة
والامام الحجة، ولن يخلو الخلق عندنا من أحد هذه الأربعة وجوه التي ذكرناها
وما خالفها فباطل.
وأما اعتلالهم بما اعتلوا به من شطر المسجد الحرام والبيت فمستحيل بين
الخطأ، لان معنى " شطره " نحوه، فبطل الاجتهاد فيه، وزعموا أن على الذي
لم يهتد إلى الأدلة والاعلام المنصوصة للقبلة أن يستعمل رأيه حتى يصيب بغاية
اجتهاده، ولم يقولوا حتى يصيب نحو توجهه إليه.
وقد قال الله عز وجل: " وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " يعني
تعالى على نصب من العلامات والأدلة، وهي التي نص على حكمها بذكر العلامات
والنجوم في ظاهر الآية، ثم قال تعالى: " وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون
أنه الحق من ربك " ولم يقل وإن الذين اضطروا إلى الاجتهاد.
فدل على أن الله تعالى أوجب عليهم استعمال الدليل في التوجه، وعند
الاشتباه عليهم، لإصابة الحق، فمعنى شطره نحوه يعني تعالى نحو علاماته المنصوصة
عليه، ومعنى شطره نحوه إن كان مرئيا، وبالدلائل والاعلام، إن كان محجوبا
فلو علمت القبلة الواجب استقبالها والتولي والتوجه إليها ولم يكن الدليل عليها
موجودا حتى استوى الجهات كلها، له حينئذ أن يصلي بحال اجتهاد، وحيث أحب
واختار، حتى يكون على يقين من بيان الأدلة المنصوبة والعلامات المبثوثة، فان
مال عن هذا الموضع ما ذكرناه حتى يجعل الشرق غربا والغرب شرقا زال معنى
اجتهاده، وفسد اعتقاده.
96

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله خبر منصوص مجمع عليه أن الأدلة المنصوبة
على بيت الله الحرام لا يذهب بكليتها بحادثة من الحوادث منا من الله عز وجل على
عباده في إقامة ما افترضه عليهم.
وزعمت طائفة ممن يقول بالاجتهاد أنه إذا أشكل عليه من جهة حتى يستوي
عنده الجهات كلها، تحرى واتبع اجتهاده حيث بلغ به، فان ذلك جائز بزعمهم
وإن كان لم يصب وجه حقيقة القبلة، وزعموا أيضا أنه إذا كان على هذا السبيل مائة
رجل لم يجز لاحد منهم أن يتبع اجتهاد الآخر، فهم بهذه الأقوال ينقضون أصل
اعتقادهم.
وزعموا أن الضرير والمكفوف له أن يقتدي بأحد هؤلاء المجتهدين، فله
أن ينتقل عن قول الأول منهم إلى قول الآخر، فجعلوا مع اجتهادهم كمن لم
يجتهد، فلم يؤول بهم الاجتهاد، إلا إلى حال الضلال، والانتقال من حال إلى حال
فأي دين أبدع وأي قول أشنع من هذه المقالة أو أبين عجزا ممن يظن أنه من
أهل الاسلام، وهو على مثل هذا الحال، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى واتباع
الهوى، وإياه نستعين على ما يقرب منه، إنه سميع مجيب (1).
أقول: وجدت رسالة قديمة مفتتحها هكذا: حدثنا جعفر بن محمد بن قولويه
القمي رحمه الله قال: حدثني سعد الأشعري القمي أبو القاسم رحمه الله وهو مصنفه
الحمد لله ذي النعماء والآلاء، والمجد والعز والكبرياء، وصلى الله على محمد سيد
الأنبياء، وعلى آله البررة الأتقياء، روى مشايخنا عن أصحابنا، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أنزل القرآن على سبعة أحرف
كلها شاف كاف: أمر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل، وقصص، ومثل.
وساق الحديث إلى آخره لكنه، غير الترتيب، وفرقه على الأبواب، وزاد فيما
بين ذلك بعض الأخبار (2).

(1) طبعت هذا الرسالة بعنوان المحكم والمتشابه منسوبا إلى السيد المرتضى ره.
(2) قد مر في ج 92 ص 60 - 77 شطر منه، وهكذا فرقه المؤلف في سائر الأبواب
حيث أراد.
97

129 * (باب) *
* " (احتجاجات أمير المؤمنين صلوات الله عليه) " *
* " (على الزنديق المدعى للتناقض في القرآن وأمثاله) " *
1 - الإحتجاج: جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: لولا ما في القرآن
من الاختلاف والتناقض، لدخلت في دينكم، فقال له علي عليه السلام: وما هو؟ قال:
قوله تعالى: " نسوا الله فنسيهم " (1) وقوله: " فاليوم ننسيهم كما نسوا لقاء يومهم
هذا " (2) وقوله: " وما كان ربك نسيا " (3) وقوله: " يوم يقوم الروح والملائكة
صفا لا يتكلمون " (4) وقوله: " والله ربنا ما كنا مشركين " (5) وقوله تعالى:
" يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " (6) وقوله: " إن ذلك
لحق تخاصم أهل النار " (7) وقوله: " لا تختصموا لدي " (8) وقوله: " اليوم
نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " (9) وقوله:
" وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " (10) وقوله: " لا تدركه الابصار وهو يدرك
الابصار " (11) وقوله: " ولقد رآه نزلة أخرى " (12) وقوله: " لا تنفع الشفاعة
إلا من أذن له الرحمن " الآيتين (13) وقوله: " ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا

(1) براءة: 67.
(2) الأعراف: 51.
(3) مريم: 64.
(4) النبأ: 38.
(5) الانعام: 23.
(6) العنكبوت: 25.
(7) ص: 64.
(8) ق: 28.
(9) يس: 65.
(10) القيامة: 22 - 23.
(11) الانعام: 103.
(12) النجم: 13.
(13) طه: 109، سبأ: 23.
98

وحيا " (1) وقوله: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " (2) وقوله: " هل
ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك " (3) وقوله: " بلهم بلقاء ربهم
كافرون " (4) وقوله: " فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه " (5) وقوله:
" فمن كان يرجوا لقاء ربه " (6) وقوله: " ورأي المجرمون النار فظنوا أنهم
مواقعوها " (7) وقوله: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة " (8) وقوله: " فمن
ثقلت موازينه * ومن خفت موازينه " (9).
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فأما قوله تعالى: " نسوا الله فنسيهم " يعني إنما
نسوا الله في دار الدنيا لم يعملوا بطاعته، فنسيهم في الآخرة أي لم يجعل لهم من ثوابه
شيئا، فصاروا منسيين من الخير وكذلك تفسير قوله عز وجل: " فاليوم ننسيهم كما
نسوا لقاء يومهم هذا " يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا
في دار الدنيا مطيعين ذاكرين، حين آمنوا به وبرسوله، وخافوه بالغيب.
وأما قوله: " وما كان ربك نسيا " فان ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا
ليس بالذي ينسى، ولا يغفل، بل هو الحفيظ العليم، وقد يقول العرب: قد نسينا
فلان فلا يذكرنا، أي أنه لا يأمر لهم بخير ولا يذكرهم به.
قال عليه السلام: وأما قوله عز وجل: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا
يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " وقوله عز وجل " والله ربنا
ما كنا مشركين " وقوله عز وجل: " يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم
بعضا " وقوله عليه السلام: " إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " وقوله: " لا تختصموا

(1) الشورى: 51.
(2) المطففين: 15.
(3) الانعام: 158.
(4) السجدة: 10.
(5) براءة: 77.
(6) الكهف: 110، ويظهر من جوابه عليه السلام أنه عنون هناك قوله تعالى
" الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " البقرة: 46.
(7) الكهف: 53.
(8) الأنبياء: 47.
(9) الأعراف: 8 و 9، المؤمنون 102 و 103.
99

لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد " وقوله: " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا
أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " فان ذلك في مواطن غير واحد من مواطن
ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة.
والمراد يكفر أهل المعاصي بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا، والكفر في
هذه الآية البراءة، يقول: يتبرأ بعضهم من بعض، ونظيرها في سورة إبراهيم عليه السلام
قول الشيطان: " إني كفرت بما أشركتمون من قبل " (1) وقول إبراهيم خليل
الرحمن: " كفرنا بكم " (2) يعني تبرأنا منكم.
ثم يجتمعون في موطن آخر يبكون فيها فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل
الدنيا لزالت جميع الخلق عن معايشهم وانصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله، ولا
يزالون يبكون حتى يستنفدوا الدموع ويفضوا إلى الدماء.
ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون: " والله ربنا ما كنا
مشركين " وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد، فلم ينفعهم إيمانهم
بالله مع مخالفتهم رسله، وشكهم فيما أتوا به عن ربهم، ونقضهم عهودهم في أوصيائهم
واستبدالهم الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكذبهم الله بما انتحلوه من الايمان
بقوله: " انظر كيف كذبوا على أنفسهم " (3) فيختم الله على أفواههم وتستنطق
الأيدي والأرجل والجلود، فيشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم
الختم فيقولون لجلودهم: " لم شهدتم علينا؟ قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل
شئ " (4).
ثم يجتمعون في موطن آخر فيفر بعضهم من بعض لهول ما يشاهدونه من صعوبة
الامر، وعظم البلاء، فذلك قول الله عز وجل: " يوم يفر المرء من أخيه [وأمه
وأبيه وصاحبته وبينه] " (5) الآية

(1) إبراهيم: 22.
(2) الممتحنة: 4.
(3) الانعام: 24.
(4) فصلت: 21.
(5) عبس: 36 - 38.
100

ثم يجتمعون في موطن آخر ويستنطق فيه أولياء الله وأصفياؤه، فلا يتكلم
أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، فتقام الرسل فيسألون عن تأدية
الرسالات التي حملوها إلى أممهم فأخبروا أنهم قد أدوا ذلك إلى أممهم ويسأل
الأمم فتجحد كما قال الله: " فلنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين " (1)
فيقولون: " ما جائنا من بشير ولا نذير " (2) فتستشهد الرسل رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم فيشهد بصدق الرسل وتكذيب من يجحدها من الأمم، فيقول لكل
أمة منهم، بلى قد جائكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير، أي مقتدر على
شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم.
وكذلك قال الله تعالى لنبيه: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا
بك على هؤلاء شهيدا " (3) فلا يستطيعون رد شهادته خوفا من أن يختم الله على
أفواههم، وأن تشهد عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون، ويشهد على منافقي قومه
وأمته وكفارهم بالحادهم وعنادهم ونقضهم عهده، وتغييرهم سنته واعتدائهم على
أهل بيته، وانقلابهم على أعقابهم، وارتدادهم على أدبارهم، واحتذائهم في ذلك
سنة من تقدمهم من الأمم الظالمة الخائنة لأنبيائها، فيقولون بأجمعهم: " ربنا
غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين " (4).
ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وهو المقام المحمود، فيثني على الله عز وجل بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني
على الملائكة كلهم، فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم
يثني على الأنبياء بما لم يثن عليهم أحد مثله، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة
يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين، فتحمده أهل السماوات وأهل الأرضين
فذلك قوله عز وجل: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " (5) فطوبى لمن كان

(1) الأعراف: 6.
(2) المائدة: 19.
(3) النساء: 41.
(4) المؤمنون: 106.
(5) أسرى: 79.
101

له في ذلك المقام حظ ونصيب، وويل لمن لم يكن له في هذا المقام حظ ولا
نصيب.
ثم يجتمعون في موطن آخر يلجمون فيه، ويتبرء بعضهم من بعض وهذا كله
قبل الحساب، فإذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بما لديه، نسأل الله بركة
ذلك اليوم.
قال علي عليه السلام: وأما قوله: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " (1).
ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى
نهر الحيوان، فيغتسلون منه، ويشربون من آخر، فتبيض وجوههم، فيذهب
عنهم كل أذى وقذى ووعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون
إلى ربهم كيف يثيبهم، ومنه يدخلون الجنة، فذلك قوله عز وجل في تسليم
الملائكة عليهم: " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " (2) فعند ذلك أثيبوا بدخول
الجنة، والنظر إلى ما وعدهم الله عز وجل فذلك قوله تعالى: " إلى ربها ناظرة "
والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة، ألم تسمع إلى قوله تعالى: " فناظرة بم
يرجع المرسلون " (3) أي منتظرة بم يرجع المرسلون.
وأما قوله: " ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى " (4) يعني محمدا
صلى الله عليه وآله وسلم حين كان عند سدرة المنتهى، حيث لا يجاوزها خلق من
خلق الله عز وجل، وقوله في آخر الآية: " ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى
من آيات ربه الكبرى " (5) رأى جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين هذه المرة ومرة
أخرى، وذلك أن خلق جبرئيل، عليه السلام خلق عظيم، فهو من الروحانيين الذين
لا يدرك خلقهم ولا صفتهم إلا رب العالمين.
قال علي عليه السلام: وأما قوله تعالى: " ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا

(1) القيامة: 22 - 33.
(2) الزمر: 73.
(3) النحل: 35.
(4) النجم: 13 - 14.
(5) النجم: 17 - 18.
102

أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء " (1) كذلك قال الله تعالى
قد كان الرسول يوحي إليه رسل السماء فتبلغ رسل السماء إلى رسل الأرض وقد
كان الكلام بين رسل أهل الأرض وبينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل
السماء.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبرئيل هل رأيت ربك
عز وجل؟ فقال جبرئيل عليه السلام: إن ربي عز وجل لا يرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من أين تأخذ الوحي؟ قال: آخذه من إسرافيل: قال: ومن أين يأخذه إسرافيل؟
قال: يأخذه من ملك من فوقه من الروحانيين، قال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟
قال: يقذف في قلبه قذفا، فهذا وحي، وهو كلام الله عز وجل، وكلام الله عز وجل
ليس بنحو واحد: منه ما كلم الله عز وجل به الرسل، ومنه ما قذف في قلوبهم، ومنه
رؤيا يراها الرسل، ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرء، فهو كلام الله عز وجل.
قال علي عليه السلام: وأما قوله: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " (2)
فإنما يعني به يوم القيامة عن ثواب ربهم لمحجوبون، وقوله تعالى: " هل ينظرون
إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " (3) يخبر محمدا
صلى الله عليه وآله وسلم عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله ولرسوله
فقال: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات
ربك " يعني بذلك العذاب يأتيهم في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى، فهذا
خبر يخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنهم.
ثم قال: " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من
قبل " الآية يعني لم تكن آمنت من قبل أن تجئ هذه الآية وهذا الآية هي طلوع
الشمس من مغربها، وقال في آية أخرى: " فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا " (4)
يعني أرسل عليهم عذابا وكذلك إتيانه بنيانهم حيث قال: " فأتى الله بنيانهم من

(1) الشورى: 51.
(2) المطففين: 15.
(3) الانعام: 158.
(4) الحشر: 2.
103

القواعد " (1) يعني أرسل عليهم العذاب.
قال علي عليه السلام: وأما قوله عز وجل: " بل هم بلقاء ربهم كافرون " (2)
وقوله: " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " (3) وقوله: " إلى يوم يلقونه " (4)
وقوله: " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا " (5) يعني البعث فسماه
الله لقاء، وكذلك قوله: " من كان يرجوا لقاء الله فان أجل الله لآت " (6) يعني
من كان يؤمن أنه مبعوث فان وعد الله لآت من الثواب والعقاب، فاللقاء ههنا ليس
بالرؤية واللقاء هو البعث، وكذلك " تحيتهم يوم يلقونه سلام " (7) يعني أنه لا
يزول الايمان عن قلوبهم يوم يبعثون.
وقال علي عليه السلام: وأما قوله عز وجل: " ورأي المجرمون النار فظنوا
أنهم مواقعوها " (8) يعني تيقنوا أنهم داخلوها وكذلك قوله: " إني ظننت أني
ملاق حسابيه " (9).
وأما قوله عز وجل للمنافقين: " وتظنون بالله الظنونا " (10) فهو ظن
شك وليس ظن يقين، والظن ظنان ظن شك وظن يقين، فما كان من أمر المعاد
من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك.
قال عليه السلام: وأما قوله عز وجل: " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا
تظلم نفس شيئا " (11) فهو ميزان العدل تؤخذ به الخلائق يوم القيامة يديل الله تبارك
وتعالى الخلائق بعضهم من بعض، ويجزيهم بأعمالهم، ويقتص للمظلوم من الظالم.
ومعنى قوله: " فمن ثقلت موازينه * ومن خفت موازينه " فهو قلة الحساب

(1) النحل: 26.
(2) السجدة: 10.
(3) البقرة: 46.
(4) براءة: 77.
(5) الكهف: 110.
(6) العنكبوت: 5.
(7) الأحزاب: 44.
(8) الكهف: 53.
(9) الحاقة: 20.
(10) الأحزاب: 10.
(11) الأنبياء: 47.
104

وكثرته، والناس يومئذ على طبقات ومنازل، فمنهم من يحاسب حسابا يسيرا
وينقلب إلى أهله مسرورا، ومنهم الذين يدخلون الجنة بغير حساب، لأنهم لم
يتلبسوا من أمر الدنيا بشئ، وإنما الحساب هناك على من تلبس بها ههنا، ومنهم
من يحاسب على النقير والقطمير، ويصير إلى عذاب السعير، ومنهم أئمة الكفر
وقادة الضلالة، فأولئك لا يقيم لهم يوم القيامة وزنا ولا يعبأ بهم، لأنهم لم يعبؤا
بأمره ونهيه، ويوم القيامة هم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون.
ومن سؤال هذا الزنديق أن قال: أجد الله يقول: " قل يتوفاكم ملك الموت
الذي وكل بكم " (1) و: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (2) و: " الذين
تتوفاهم الملائكة طيبين " (3) وما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة
لملك الموت، ومرة للملائكة.
وأجده يقول: " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه " (4)
ويقول: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " (5) أعلم في
الآية الأولى أن الأعمال الصالحة لا تكفر، وأعلم في الآية الثانية أن الايمان
والأعمال الصالحة لا ينفع إلا بعد الاهتداء.
وأجده يقول: " واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " (6) فكيف يسأل
الحي الأموات قبل البعث والنشور.
وأجده يقول: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين
أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا " (7) فما هذه
الأمانة؟ ومن هذا الانسان؟ وليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده.
وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله: " وعصى آدم ربه فغوى " (8) وبتكذيبه

(1) السجدة: 11.
(2) الزمر: 42.
(3) النحل: 32.
(4) الأنبياء: 94.
(5) طه: 82.
(6) الزخرف: 45.
(7) الأحزاب: 72.
(8) طه: 121.
105

نوحا لما قال: إن ابني من أهلي " بقوله: " إنه ليس من أهلك " (1) وبوصفه
إبراهيم بأنه عبد كوكبا مرة ومرة قمرا ومرة شمسا وبقوله في يوسف عليه السلام:
" ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " (2) وبتهجينه موسى حيث
قال: " رب أرني أنظر إليك قال لن تراني " (3) الآية وببعثه على داود عليه السلام
جبرئيل وميكائيل حيث تسورا المحراب إلى آخر القصة، وبحبسه يونس في بطن
الحوت حيث ذهب مغاضبا مذنبا.
فأظهر خطأ الأنبياء وزللهم، ثم وارى أسماء من اغتر وفتن خلقه وضل
وأضل وكنى عن أسمائهم في قوله: " يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت
مع الرسول سبيلا * يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر
بعد إذ جائني " (4) فمن هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء
الأنبياء.
وأجده يقول: " وجاء ربك والملك صفا صفا " (5) و " هل ينظرون إلا
أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " (6) " ولقد جئتمونا
فرادى كما خلقناكم " (7) فمرة يجيئهم، ومرة يجيئونه.
وأجده يخبر أنه يتلو نبيه شاهد منه، وكان الذي تلاه عبد الأصنام برهة
من دهره، وأجده يقول: " لتسئلن يومئذ عن النعيم " (8) فما هذه النعيم الذي
يسأل العباد عنه، وأجده يقول: " بقية الله خير لكم " (9) ما هذه البقية؟ وأجده
يقول: " يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله (10) و " أينما تولوا فثم وجه الله " (11)

(1) هود: 46.
(2) يوسف: 24.
(3) الأعراف: 143.
(4) الفرقان: 27 - 29.
(5) الفجر: 22.
(6) الانعام: 158.
(7) الانعام: 94.
(8) التكاثر: 8.
(9) هود: 84.
(10) الزمر: 56.
(11) البقرة: 115.
106

و " كل شئ هالك إلا وجهه " (1) و " أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين * وأصحاب
الشمال ما أصحاب الشمال " (2) ما معنى الجنب والوجه واليمين والشمال فان الامر
في ذلك ملتبس جدا.
وأجده يقول: " الرحمن على العرش استوى " (3) ويقول: " أأمنتم من
في السماء " (4) و " هو الذي في السماء إله وفى الأرض إله " (5) " وهو معكم
أينما كنتم " (6) و " نحن أقرب إليه من حبل الوريد " (7) و " ما يكون من نجوى
ثلاثة إلا هو رابعهم " (8) الآية.
وأجده يقول: " وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم
من النساء " (9) وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ولا كل النساء أيتام، فما
معنى ذلك؟
وأجده يقول: " وما " ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " (10) وكيف يظلم
الله؟ ومن هؤلاء الظلمة؟.
وأجده يقول: " قل إنما أعظكم بواحدة " (11) فما هذه الواحدة.
وأجده يقول: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (12) وقد أرى مخالفي
الاسلام معتكفين على باطلهم، عير مقلعين عنه، وأرى غيرهم من أهل الفساد مختلفين
في مذاهبهم يلعن بعضهم بعضا فأي موضع للرحمة العامة المشتملة عليهم.
وأجده قد بين فضل نبيه على سائر الأنبياء ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى

(1) القصص: 88.
(2) الواقعة: 27 و 41.
(3) طه: 5.
(4) الملك 16 و 17.
(5) الزخرف: 84.
(6) الحديد: 4.
(7) ق: 16.
(8) المجادلة: 7.
(9) النساء: 3.
(10) البقرة: 57، الأعراف: 160.
(11) سبأ: 46.
(12) الأنبياء: 107.
107

عليه في الكتاب من الازراء عليه، وانخفاض محله، وغير ذلك من تهجينه وتأنيبه
ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء مثل قوله: " ولو شاء الله لجمعهم على الهدى
فلا تكونن من الجاهلين " (1) وقوله: " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم
شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا
نصيرا " (2) وقوله: " وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق
أن تخشاه " (3) وقوله: " ما أدري ما يفعل بي ولا بكم " (4) وهو يقول: " ما فرطنا
في الكتاب من شئ " (5) و " كل شئ أحصيناه في إمام مبين " (6).
فإذا كانت الأشياء تحصى في الامام وهو وصي النبي فالنبي أولى أن يكون
بعيدا من الصفة التي قال فيها: " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " وهذه كلها صفات
مختلفة وأحوال مناقضة وأمور مشككة، فان يكن الرسول والكتاب حقا فقد
هلكت لشكي في ذلك، وإن كانا باطلين فما على من بأس.
فقال أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه: سبوح قدوس رب الملائكة
والروح تبارك الله وتعالى هو الحي الدائم القائم على كل نفس بما كسبت، هات
أيضا ما شككت فيه، قال: حسبي ما ذكرت يا أمير المؤمنين قال عليه السلام: سأنبئك
بتأويل ما سألت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وعليه فليتوكل المؤمنون.
فأما قوله تعالى: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (7) وقوله: " يتوفاكم
ملك الموت (8) و " توفته رسلنا " (9) و " تتوفاهم الملائكة طيبين " (10)
و " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " (11) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم

(1) الأنبياء 35.
(2) اسرى: 75 - 74.
(3) الأحزاب: 37.
(4) الأحقاف: 9.
(5) الانعام: 38.
(6) يس: 12.
(7) الزمر: 42.
(8) السجدة: 11.
(9) الانعام: 61.
(10) النحل: 32.
(11) النحل: 28.
108

من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون
فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال
الله فيهم: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " (1).
فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من
أهل المعصية تولى قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة
والنقمة، يصدرون عن أمره، وفعلهم فعله، وكل ما يأتونه منسوب إليه، وإذا
كان فعلهم فعل ملك الموت، ففعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على
يد من يشاء، ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، على يد من يشاء، وإن فعل امنائه
فعله، كما قال: " وما تشاؤن إلا أن يشاء الله " (2).
وأما قوله: " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن " (3) وقوله: " وإني
لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " (4) فان ذلك كله لا يغني إلا مع
الاهتداء، وليس كل من وقع عليه اسم الايمان كان حقيقا بالنجاة مما هلك به
الغواة، ولو كان ذلك كذلك، لنجت اليهود مع اعترافها، بالتوحيد، وإقرارها بالله
ونجا سائر المقرين بالوحدانية من إبليس فمن دونه مع الكفر، وقد بين الله
ذلك بقوله: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم
مهتدون " (5) وبقوله: " الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " (6).
وللايمان حالات ومنازل يطول شرحها، ومن ذلك أن الايمان قد يكون
على وجهين: إيمان بالقلب، وإيمان باللسان، كما كان إيمان المنافقين على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قهرهم السيف، وشملهم الخوف، فإنهم آمنوا
بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، فالايمان بالقلب هو التسليم للرب ومن سلم الأمور

(1) الحج: 75.
(2) الانسان: 30، التكوير: 29.
(3) الأحزاب: 72.
(4) طه: 82.
(5) الانعام: 82.
(6) المائدة: 41.
109

لمالكها لم يستكبر عن أمره، كما استكبر إبليس عن السجود لآدم، واستكبر أكثر
الأمم عن طاعة أنبيائهم، فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود الطويل
فإنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام، لم يرد بها غير زخرف الدنيا والتمكين
من النظرة
فكذلك لا تنفع الصلاة والصدقة إلا مع الاهتداء إلى سبيل النجاة، وطرق
الحق، وقد قطع الله عذر عباده بتبيين آياته، وإرسال رسله لئلا يكون للناس
على الله حجة بعد الرسل، ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليفة إليه، ومتعلم
على سبيل نجاة أولئك هم الأقلون عددا.
وقد بين الله ذلك في أمم الأنبياء وجعلهم مثلا لمن تأخر، مثل قوله في
قوم نوح " وما آمن معه إلا قليل " وقوله فيمن آمن من أمة موسى: " ومن
قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " (1) وقوله في حواري عيسى: حيث
قال لسائر بني إسرائيل: " من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله
آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون " (2) يعني أنهم يسلمون لأهل الفضل فضلهم، ولا
يستكبرون عن أمر ربهم، فما أجابه منهم إلا الحواريون.
وقد جعل الله للعلم أهلا، وفرض على العباد طاعتهم، بقوله: أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (3) وبقوله: " ولو ردوه إلى الرسول
وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (4) وبقوله: اتقوا الله
وكونوا مع الصادقين " (5) وبقوله: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في
العلم " (6) وبقوله: " وأتوا البيوت من أبوابها " (7) والبيوت هي بيوت العلم الذي
استودعته الأنبياء وأبوابها أوصياؤهم،
فكل عمل من أعمال الخير يجري على غير أيدي أهل الاصطفاء وعهودهم وحدودهم

(1) الأعراف: 159.
(2) آل عمران: 52.
(3) النساء: 59.
(4) النساء: 82.
(5) براءة: 119.
(6) آل عمران: 7.
(7) البقرة: 189.
110

وشرايعهم وسننهم ومعالم دينهم مردود غير مقبول، وأهل بمحل كفر وإن شملتهم
صفة الايمان، ألم تسمع إلى قول الله تعالى: " وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم
إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا
ينفقون إلا وهم كارهون " (1) فمن لم يهتد من أهل الايمان إلى سبيل النجاة لم
يغن عنه إيمانه بالله، مع دفعه حق أوليائه، وحبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين.
وكذلك قال الله سبحانه: " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " (2) وهذا
كثير في كتاب الله عز وجل.
والهداية هي الولاية كما قال الله عز وجل: " ومن يتولى الله ورسوله والذين
آمنوا فان حزب الله هم الغالبون " (3) " والذين آمنوا " في هذا الموضع هم المؤتمنون
على الخلائق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر.
وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا، إن المنافقين
كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويدفعون عهد رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم بما عهد به من دين الله، وعزائمه وبراهين نبوته إلى وصيه
ويضمرون من الكراهة لذلك، والنقض لما أبرمه منه، عند إمكان الامر لهم فيه
فيما قد بينة الله لنبيه بقوله: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر
بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " (4) وبقوله:
" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على
أعقابكم " (5) ومثل قوله: " لتركبن طبقا عن طبق " (6) أي لتسلكن سبيل من
كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء، وهذا كثير في كتاب الله
عز وجل.
وقد شق على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يؤول إليه عاقبة أمرهم

(1) البقرة: 189.
(2) براءة: 54.
(3) المائدة: 56.
(4) النساء: 65.
(5) آل عمران: 144.
(6) الانشقاق: 19.
111

وإطلاع الله إياه على بوارهم، فأوحى الله عز وجل " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات
ولا تأس على القوم الكافرين " (1).
وأما قوله: " واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " (2) فهذا من براهين
نبينا صلى الله عليه وآله وسلم التي آتاه الله إياها، وأوجب به الحجة على سائر
خلقه، لأنه لما ختم به الأنبياء، وجعله الله رسولا إلى جميع الأمم وسائر الملل
خصه الله بالارتقاء إلى السماء عند المعراج، وجمع له يومئذ الأنبياء فعلم منهم
ما أرسلوا به، وحملوه من عزائم الله، وآياته وبراهينه، وأقروا أجمعين بفضله
وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده، وفضل شيعة وصيه من المؤمنين
والمؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم، ولم يستكبروا عن أمرهم، وعرف
من أطاعهم وعصاهم من أممهم، وسائر من مضى ومن غبر أو تقدم أو تأخر.
وأما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه ووقوع الكناية عن أسماء
من اجترم أعظم مما اجترمته الأنبياء ممن شهد الكتاب بظلمهم، فان ذلك من
أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة، وقدرته القاهرة، وعزته الظاهرة
لأنه علم أن براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم، وأن منهم من يتخذ بعضهم
إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال
الذي تفرد به عز وجل، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى عليه السلام: حيث قال فيه وفي
أمه: " كانا يأكلان الطعام " (3) يعني من أكل الطعام كان له ثفل ومن كان له
ثفل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم.
ولم يكن عن (4) أسماء الأنبياء تجبرا وتعززا، بل تعريفا لأهل الاستبصار
أن الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله
تعالى، وأنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، واعتاضوا
الدنيا من الدين.

(1) فاطر: 8.
(2) الزخرف: 45.
(3) المائدة: 75.
(4) ولم يذكر أسماء ظ.
112

وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله: " الذين يكتبون الكتاب بأيديهم
ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا " (1) وبقوله: " وإن منهم
لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب " (2) وبقوله: " إذ يبيتون ما لا يرضى من
القول " (3) بعد فقد الرسول ما يقيمون به أود باطلهم، حسب ما فعلته اليهود
والنصارى بعد فقد موسى وعيسى عليهما السلام من تغيير التوراة والإنجيل، وتحريف الكلم
عن مواضعه.
وبقوله: " يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره " (4)
يعني أنهم أثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله، ليلبسوا على الخليفة، فأعمى الله قلوبهم
حتى تركوا فيه ما يدل على ما أحدثوه فيه، وحرفوا منه، وبين عن إفكهم
وتلبيسهم وكتمان ما علموه منه، ولذلك قال لهم: " لم تلبسون الحق
بالباطل " (5) وضرب مثلهم بقوله: " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس
فيمكث في الأرض " (6).
فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن، فهو يضمحل
ويبطل ويتلاشى عند التحصيل، والذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والقلوب تقبله، والأرض في هذا الموضع
هي محل العلم وقراره.
وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين ولا الزيادة في آياته
على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل
والكفر، والملل المنحرفة عن قبلتنا (7) وإبطال هذا العلم الظاهر الذي قد استكان
له الموافق والمخالف، بوقوع الاصطلاح على الايتمار لهم، والرضا بهم، ولان

(1) البقرة: 79 ونصها: فويل للذين.
(2) آل عمران: 78.
(3) النساء: 108.
(4) الصف: 8، براءة 32.
(5) آل عمران: 71.
(6) الرعد: 17.
(7) ملتنا، خ.
113

أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق، ولان الصبر على ولاة
الامر مفروض لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: " فاصبر كما
صبر أولوا العزم من الرسل " (1) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته
بقوله: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " (2) فحسبك من الجواب في هذا
الموضع ما سمعت، فان شريعة التقية تحظر التصريح بأكثر منه.
وأما قوله: " فجاء ربك والملك صفا صفا " (3) وقوله: " ولقد جئتمونا
فرادى " (4) وقوله: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض
آيات ربك " (5) فذلك كله حق وليست جيئته جل ذكره كجيئة خلقه، فإنه رب
كل شئ، ومن كتاب الله عز وجل ما يكون تأويله على غير تنزيله، ولا يشبه تأويله
كلام البشر ولا فعل البشر، وسأنبئك بمثال لذلك تكتفي به إنشاء الله، وهو
حكاية الله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام حيث قال: " إني ذاهب إلى ربي " (6)
فذهابه إلى ربه توجهه إليه في عبادته واجتهاده، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله.
وقال: " أنزل إليكم من الانعام ثمانية أزواج " (7) وقال: " وأنزلنا
الحديد فيه بأس شديد " (8) فانزاله ذلك خلقه إياه، وكذلك قوله: " إن كان
للرحمن ولد فأنا أول العابدين " (9) أي الجاحدين فالتأويل في هذا القول باطنه
مضاد لظاهره.
ومعنى قوله: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي
بعض آيات ربك " فإنما [هي] خاطب نبينا صلى الله عليه وآله وسلم هل ينتظرون
المنافقون والمشركون إلا أن تأتيهم الملائكة فيعاينوهم أو يأتي ربك أو يأتي بعض

(1) الأحقاف: 35.
(2) الأحزاب: 21.
(3) الفجر: 22.
(4) الانعام: 94.
(5) الانعام: 158.
(6) الصافات: 99.
(7) الزمر: 6.
(8) الحديد: 25.
(9) الزخرف: 81.
114

آيات ربك، يعني بذلك أمر ربك والآيات هي العذاب في دار الدنيا، كما عذب
الأمم السالفة، والقرون الخالية، وقال: " أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من
أطرافها " (1) يعني بذلك ما يهلك من القرون، فسماه إتيانا، وقال: " قاتلهم
الله أنى يؤفكون " (2) أي لعنهم الله أنى يؤفكون فسمى اللعنة قتالا، وكذلك
قال: " قتل الانسان ما أكفره " (3) أي لعن الانسان، وقال: " فلم تقتلوهم
ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " (4) فسمى فعل النبي فعلا
له، ألا ترى تأويله على غير تنزيله.
ومثل قوله: " بلهم بلقاء ربهم كافرون " (5) فسمى البعث لقاء، وكذلك
قوله: " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " (6) أي يوقنون أنهم مبعوثون، ومثله
قوله: " ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم " (7) أي أليس يوقنون أنهم
مبعوثون؟ واللقاء عند المؤمن البعث، وعند الكافر المعاينة والنظر، وقد يكون
بعض ظن الكافر يقينا، وذلك قوله: " ورأي المجرمون النار فظنوا أنهم
مواقعوها " (8) أي أيقنوا أنهم مواقعوها.
وأما قوله في المنافقين " وتظنون بالله الظنونا " (9) فليس ذلك بيقين، ولكنه
شك، فاللفظ واحد في الظاهر، ومخالف في الباطن، وكذلك قوله: " الرحمن
على العرش استوى " (10) يعني استوى تدبيره وعلا أمره وقوله: " وهو الذي
في السماء إله وفي الأرض إله " (11) وقوله: " هو معكم أينما كنتم " (12) وقوله:

(1) الرعد: 41.
(2) براءة: 30.
(3) عبس: 17.
(4) الأنفال: 17.
(5) السجدة: 10.
(6) البقرة: 46.
(7) المطففين: 4.
(8) الكهف: 52،
(9) الأحزاب: 10.
(10) طه: 5.
(11) الزخرف: 84.
(12) الحديد: 4.
115

" ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم " (1) فإنما أراد بذلك استيلاء أمنائه
بالقدرة - التي ركبها فيهم - على جميع خلقه، وأن فعلهم فعله، فافهم عني ما
أقول لك، فاني إنما أزيدك في الشرح لا ثلج في صدرك، وصدر من لعله به
اليوم يشك في مثل ما شككت فيه، فلا يجد مجيبا عما يسأل عنه، لعموم الطغيان
والافتتان، ولاضطرار أهل العلم بتأويل الكتاب إلى الاكتمام والاحتجاب، خيفة
من أهل الظلم والبغي.
أما إنه سيأتي على الناس زمان يكون الحق فيه مستورا، والباطل ظاهرا
مشهورا، وذلك إذا كان أولى الناس به أعداهم له، واقترب الوعد الحق، وعظم
الالحاد، وظهر الفساد، هنالك ابتلي المؤمنون، وزلزلوا زلزالا شديدا، ونحلهم
الكفار أسماء الأشرار، فيكون جهد المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه
ثم يتيح الله الفرج لأوليائه، فيظهر صاحب الامر على أعدائه،
وأما قوله: " ويتلوه شاهد منه " (2) فذلك حجة الله أقامها على خلقه
وعرفهم انه لا يستحق مجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا من يقوم مقامه
ولا يتلوه إلا من يكون في الطهارة مثله منزلة لئلا يتسع لمن ماسه رجس الكفر
في وقت من الأوقات انتحال الاستحقاق لمقام رسول الله، وليضيق العذر على من
يعينه على إثمه وظلمه، إذ كان الله قد حظر على من ماسه الكفر تقلد ما فوضه إلى
أنبيائه وأوليائه بقوله لإبراهيم: " لا ينال عهدي الظالمين " (3) أي المشركين
لأنه سمى الشرك ظلما بقوله: " إن الشرك لظلم عظيم " (4) فلما علم إبراهيم
عليه السلام أن عهد الله تبارك اسمه بالإمامة لا ينال عبدة الأصنام قال: " فاجنبني
وبني أن نعبد الأصنام " (5).
واعلم أن من آثر المنافقين على الصادقين، والكفار على الأبرار، فقد

(1) المجادلة: 7.
(2) هود: 17.
(3) البقرة: 124.
(4) لقمان: 13.
(5) إبراهيم: 35.
116

افترى على الله إثما عظيما، إذا كان قد بين الله في كتابه الفرق بين المحق والمبطل
والطاهر والنجس والمؤمن والكافر، وأنه لا يتلو النبي صلى الله عليه وآله -
وسلم عند فقده إلا من حل محله صدقا وعدلا وطهارة وفضلا،
وأما الأمانة التي ذكرتها فهي الأمانة التي لا تجب ولا يجوز أن تكون
إلا في الأنبياء وأوصيائهم، لان الله تبارك وتعالى ائتمنهم على خفه، وجعلهم
حججا في أرضه، فبالسامري ومن اجتمع معه وأعانه من الكفار على عبادة
العجل عند غيبة موسى ما تم انتحال محل موسى عليه السلام من الطغام، والاحتمال
لتلك الأمانة التي لا ينبغي إلا لطاهر من الرجس، فاحتمل وزرها، ووزر من
سلك في سبيله من الظالمين وأعوانهم،
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من استن سنة حق كان
له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن استن سنة باطل كان عليه وزرها
ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ولهذا القول عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم شاهد من كتاب الله وهو قول الله عز وجل في قصة قابيل قاتل أخيه:
" من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض
فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " (1) وللاحياء
في هذا الموضع تأويل في الباطل ليس كظاهره، وهو من هداها، لان الهداية
هي حياة الأبد، ومن سماه الله حيا لم يمت أبدا إنما ينقله من دار محنة إلى
دار راحة ومنحة.
وأما ما أراك (2) من الخطاب بالانفراد مرة وبالجمع مرة، من صفة الباري
جل ذكره فان الله تبارك وتعالى على ما وصف به نفسه بالانفراد والوحدانية
هو النور الأزلي القديم الذي ليس كمثله شئ لا يتغير ويحكم ما يشاء ويختار
ولا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا ما خلق زاد في ملكه وعزه، ولا

(1) المائدة: 32.
(2) ما كان خ.
117

نقص منه ما لم يخلقه، وإنما أردا بالخلق إظهار قدرته، وإبداء سلطانه، وتبيين
براهين حكمته، فخلق ما شاء كما شاء، وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي
من اصطفى من امنائه، فكان فعلهم فعله، وأمرهم أمره، كما قال: " من يطع
الرسول فقد أطاع الله " (1).
وجعل السماء والأرض وعاء لمن شاء من خلقه ليميز الخبيث من الطيب، مع
سابق علمه بالفريقين من أهلها، وليجعل ذلك مثالا لأوليائه وأمنائه، وعرف
الخليفة فضل منزلة أوليائه، وفرض عليهم من طاعتهم مثل الذي فرضه منه لنفسه
وألزمهم الحجة بأن خاطبهم خطابا يدل على انفراده وتوحده، وبأن له أولياء
تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول
وهم بأمره يعملون.
هم الذين أيدهم بروح منه، وعرف الخلق اقتدارهم على علم الغيب، بقوله:
" عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول " (2) وهم النعيم
الذي يسأل العباد عنه لان الله تبارك وتعالى أنعم بهم على من اتبعهم من أوليائهم.
قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال عليه السلام: هم رسول الله صلى الله عليه وآله ومن حل
محله من أصفياء الله، الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله، وفرض على العباد من طاعتهم
مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه، وهم ولاة الامر الذين قال الله فيهم: " أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (3) وقال فيهم: " ولو ردوه إلى الله
وإلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (4).
قال السائل: ما ذلك الامر؟ قال علي عليه السلام: الذي تنزل به الملائكة في
الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم: من خلق ورزق، وأجل وعمل، وحياة
وموت، وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله وأصفيائه
والسفرة بينه وبين خلقه، وهم وجه الله الذي قال: " فأينما تولوا فثم وجه

(1) النساء: 80.
(2) الجن: 26.
(3) النساء: 59.
(4) النساء 83.
118

الله " (1).
هم بقية الله يعني المهدي الذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض
عدلا كما ملئت ظلما وجورا، ومن آياته الغيبة والاكتتام عند عموم الطغيان
وحلول الانتقام، ولو كان هذا الامر الذي عرفتك نبأه للنبي دون غيره لكان
الخطاب يدل على فعل خاص غير دائم ولا مستقبل، ولقال نزلت الملائكة، وفرق
كل أمر حكيم ولم يقل " تنزل الملائكة " (2) و " يفرق كل أمر حكيم " (3)
وقد زاد جل ذكره في التبيان وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه عليهم السلام:
" أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله " (4) تعريفا للخليقة قربهم
ألا ترى أنك تقول فلان إلى جنب فلان، إذا أردت أن تصف قربه منه.
وإنما جعل الله تبارك وتعالى في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره، وغير
أنبيائه وحججه في أرضه، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون من إسقاط أسماء
حججه منه، وتلبيسهم ذلك على الأمة، ليعينوهم على باطلهم، فأثبت فيه الرموز
وأعمى قلوبهم وأبصارهم، لما عليهم في تركها وترك غيرها من الخطاب الدال على
ما أحدثوه فيه، وجعل أهل الكتاب المقيمين به، والعالمين بظاهره وباطنه، " من
شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين باذن ربها " (5) أي يظهر
مثل هذا العلم لمحتمليه في الوقت بعد الوقت، وجعل أعداءها أهل الشجرة
الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك
تأويلها، لأسقطوها مع ما أسقطوا منه، ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بايجاب
الحجة على خلقه، كما قال: " فلله الحجة البالغة " (6) أغشى أبصارهم، وجعل

(1) البقرة: 115،
(2) القدر: 4.
(3) الدخان: 4،
(4) الزمر: 56.
(5) إبراهيم: 24 - 25.
(6) الانعام: 149.
119

على قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك، فتركوه بحاله، وحجبوا عن تأكيد الملبس
بابطاله، فالسعداء يتثبتون عليه، والأشقياء يعمون عنه، ومن لم يجعل الله له نورا
فماله من نور.
ثم إن الله جل ذكره بسعة رحمته، ورأفته بخلقه، وعلمه بما يحدثه
المبدلون من تغيير كتابه، قسم كلامه ثلاثة أقسام، فجعل قسما منه يعرفه العالم
والجاهل، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه، ولطف حسه، وصح تمييزه ممن
شرح الله صدره للاسلام، وقسما لا يعرفه إلا الله وامناؤه الراسخون في العلم.
وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله
صلى الله عليه وآله من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى
الايتمار لمن ولاه أمرهم، فاستكبروا عن طاعته تعززا وافتراء على الله عز وجل
واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم، وعاند الله جل اسمه ورسوله صلى الله عليه وآله.
فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلى الله عليه وآله من كتاب الله وهو قول
الله سبحانه: " من يطع الرسول فقد أطاع الله " (1) وقوله: " إن الله وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنا صلوا عليه وسلموا تسليما " (2) ولهذه
الآية ظاهر وباطن فالظاهر قوله: " صلوا عليه " والباطن قوله: " وسلموا تسليما "
أي سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم فضله، وما عهد به إليه تسليما، وهذا مما
أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه، وصفا ذهنه، وصح تميزه.
وكذلك قوله: " سلام على آل يس " (3) لان الله سمى النبي صلى الله عليه وآله بهذا
الاسم حيث قال: " يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين " لعلمه بأنهم
يسقطون قول: " سلام على آل محمد " كما أسقطوا غيره، وما زال رسول الله صلى الله عليه وآله
يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله، حتى أذن الله عز وجل له في إبعادهم

(1) النساء 80.
(2) الأحزاب: 56.
(3) الصافات: 130.
120

بقوله: " واهجرهم هجرا جميلا " (1) وبقوله: " فما للذين كفروا قبلك
مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين * أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة
نعيم * كلا إنا خلقناهم مما يعملون " (2) وكذلك قال الله عز وجل " يوم ندعوا
كل أناس بامامهم " (3) ولم يسم بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم.
وأما قوله: " كل شئ هالك إلا وجهه " (4) فإنما أنزلت كل شئ
هالك إلا دينه، لأنه من المحال أن يهلك منه كل شئ ويبقى الوجه، هو أجل
وأعظم وأكرم من ذلك، إنما يهلك من ليس منه، ألا ترى أنه قال: " كل من
عليها فان * ويبقى وجه ربك " (5) ففصل بين خلقه ووجهه.
وأما ظهورك على تناكر قوله: " فان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا
ما طاب لكم من النساء " (6) وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء، ولا
كل النساء أيتاما، فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن، وبين
القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن
وهذا ما أشبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر والتأمل، ووجد
المعطلون وأهل الملل المخالفة مساغا إلى القدح في القرآن، ولو شرحت لك
كل ما اسقط وحرف وبدل مما يجري هذا المجرى لطال، وظهر ما تحظر التقية
إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء.
وأما قوله: " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " (7) فهو تبارك اسمه
أجل وأعظم من أن يظلم، ولكنه قرن امناءه على خلقه بنفسه، وعرف الخليفة
جلالة قدرهم عنده، وأن ظلمهم ظلمه، بقول: " وما ظلمونا " ببغضهم أولياءنا
ومعونة أعدائهم عليهم " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " إذ حرموها الجنة، وأوجبوا

(1) المزمل: 10.
(2) المعارج: 36 - 39.
(3) أسرى: 71.
(4) القصص: 88.
(5) الرحمن: 27 - 26.
(6) النساء: 3.
(7) البقرة: 57، الأعراف: 160.
121

عليها خلود النار.
وأما قوله: " إنما أعظكم بواحدة " (1) فان الله جل ذكره أنزل عزائم
الشرايع وآيات الفرائض في أوقات مختلفة كما خلق السماوات والأرض في ستة
أيام، ولو شاء أن يخلقها في أقل من لمح البصر لخلق، ولكنه جعل الأناة
والمداراة مثالا لامنائه، وإيجابا للحجة على خلقه، فكان أول ما قيدهم به
الاقرار بالوحدانية والربوبية، والشهادة بأن لا إله إلا الله.
فلما أقروا بذلك، تلاه بالاقرار لنبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة، والشهادة له
بالرسالة، فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة، ثم الصوم، ثم الحج، ثم
الجهاد، ثم الزكاة، ثم الصدقات، وما يجري مجراها من مال الفئ.
فقال المنافقون: هل بقي لربك علينا بعد الذي فرضته علينا شئ آخر يفترضه؟
فتذكره لتسكن أنفسنا أنه لم يبق غيره، فأنزل الله في ذلك " قل إنما أعظكم
بواحدة " يعني الولاية فأنزل " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (2) وليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت
الزكاة يومئذ أحد وهو راكع غير رجل واحد لو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط
مع ما اسقط من ذكره، وهذا وما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في
الكتاب، ليجهل معناه المحرفون، فيبلغ إليك وإلى أمثالك وعند ذلك قال
الله عز وجل: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الاسلام دينا " (3).
وأما قوله لنبيه صلى الله عليه وآله: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (4) فإنك
ترى أهل الملل المخالفة للايمان، ومن يجري مجراهم من الكفار، مقيمين
على كفرهم إلى هذه الغاية، وأنه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من
عذاب السعير، فان الله تبارك وتعالى اسمه إنما يعني بذلك أنه جعله سبيلا

(1) سبأ: 46.
(2) المائدة: 55.
(3) المائدة: 3.
(4) الأنبياء: 107.
122

لانظار أهل هذه الدار، ولان الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض.
فكان النبي صلى الله عليه وآله فيهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه، سلموا وسلم أهل
دارهم من سائر الخليقة، وإن خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كانت
نبيهم يتوعدهم بها، ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم، من خسف أو قذف أو
زجر (1) أو ريح أو زلزلة أو غير ذلك من أصناف العذاب، التي هلكت بها الأمم الخالية
وإن الله علم من نبينا ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم
من الأنبياء الصبر على مثله، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح، وأثبت حجة الله
تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه: " من كنت مولاه فهذا مولاه " " وهو مني بمنزلة
هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
وليس من خليقة النبي ولا من شيمته أن يقول قولا لا معنى له، فيلزم
الأمة أن تعلم أنه لما كانت النبوة والاخوة موجودتين في خلقة هارون، ومعدومتين
فيمن جعله النبي صلى الله عليه وآله بمنزلته، أنه قد استخلفه على أمته كما استخلف موسى
هارون حيث قال: " اخلفني في قومي " (2) ولو قال لهم: لا تقلدوا الإمامة
إلا فلانا بعينه، وإلا نزل بكم العذاب لأتاهم العذاب الأليم، وزال باب الانظار
والامهال.
وبما أمر بسد باب الجمع وترك بابه، ثم قال: ما سددت ولا تركت
ولكنني أمرت فأطعت، فقالوا: سددت بابنا وتركت لأحدثنا سنا، فأما ما ذكروه
من حداثة سنه فان الله لم يستصغر يوشع بن نون حيث أمر موسى أن يعهد الوصية
إليه، وهو في سن ابن سبع سنين، ولا استصغر يحيى وعيسى لما استودعهما عزائمه
وبراهين حكمته وإنما فعل ذلك جل ذكره لعلمه بعاقبة الأمور، وأن وصيه
لا يرجع بعده ضالا ولا كافرا.
وبأن عمد النبي صلى الله عليه وآله إلى سورة براءة فدفعها إلى من علم أن الأمة
تؤثره على وصيه، وأمره بقراءتها على أهل مكة، فلما ولى من بين أيديهم أتبعه
بوصيه، وأمره بارتجاعها منه، والنفوذ إلى مكة ليقرأها على أهلها وقال:

(1) أو رجف خ.
(2) الأعراف: 142.
123

إن الله عز وجل أوحى إلى أن لا يؤدي عني إلا رجل مني، دلالة منه على
خيانة من علم أن الأمة يختاره على وصيه.
ثم شفع ذلك بضم الرجل الذي ارتجع سورة براءة منه، ومن يوازره في
تقدم المحل عند الأمة إلى علم النفاق عمرو بن العاص في غزاة ذات السلاسل
وولاهما عمر، وحرس عسكره، وختم أمرهما بأن ضمهما عند وفاته إلى مولاه
أسامة بن زيد، وأمرهما بطاعته، والتصريف بين أمره ونهيه، وكان آخر ما عهد
به في امر أمته قوله: انفذوا جيش أسامة، يكرر ذلك على أسماعهم إيجابا للحجة
عليهم في إيثار المنافقين على الصادقين.
ولو عددت كل ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله في إظهار معايب المستولين على
تراثه، لطال، وإن السابق منهم إلى تقلد ما ليس له بأهل، قام هاتفا على المنبر
لعجزه عن القيام بأمر الأمة ومستقيلا مما تقلده لقصور معرفته عن تأويل ما كان
يسأل عنه، وجهله بما يأتي ويذر.
ثم أقام على ظلمه، ولم يرض باحتقاب عظيم الوزر في ذلك
حتى عقد الامر
من بعده لغيره، فأتى التالي له بتسفيه رأيه، والقدح والطعن على أحكامه، ورفع
السيف عمن كان صاحبه وضعه عليه، ورد النساء اللاتي كان سباهن على
أزواجهن، وبعضهن حوامل، وقوله: قد نهيته عن قتال أهل القبلة فقال لي:
إنك لحدب على أهل الكفر وكان هو في ظلمه لهم أولى باسم الكفر منهم.
ولم يزل يخطئه ويظهر الازراء عليه، ويقول على المنبر، كانت بيعة أبي
بكر فلتة وقى الله شرها فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه، وكان يقول قبل ذلك قولا
ظاهرا أنه حسنة من حسناته ويود أنه كان شعرة في صدره، وغير ذلك من القول
المتناقض المؤكد بحجج الدافعين لدين الاسلام.
وأتى من أمر الشورى وتأكيده بها عقد الظلم والالحاد والبغي والفساد
حتى تقرر على إرادته وما لم يخف على ذي لب موقع ضرره، ولم تطق الأمة
الصبر على ما أظهره الثالث من سوء الفعل، فعاجلته بالقتل، واتسع بما جنوه
124

من ذلك لمن وافقهم على ظلمهم وكفرهم ونفاقهم، ومحاولة مثل ما أتوه من الاستيلاء
على أمر الأمة كل ذلك لتتم النظرة التي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوه إبليس
إلى أن يبلغ الكتاب أجله، ويحق القول على الكافرين، ويقترب الوعد الحق
الذي بينه الله في كتابه بقوله: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " (1).
وذلك إذا لم يبق من الاسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه، وغاب
صاحب الامر بايضاح العذر له في ذلك، لاشتمال الفتنة على القلوب، حتى يكون
أقرب الناس إليه أشدهم عداوة له، وعند ذلك يؤيده الله بجنود لم تروها، ويظهر
دين نبيه صلى الله عليه وآله على يديه على الدين كله ولو كره المشركون.
وأما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلى الله عليه وآله والازراء به
والتأنيب له، مع ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر
الأنبياء فان الله عز وجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه
وبحسب جلالة منزلة نبينا صلى الله عليه وآله عند ربه كذلك عظم محنته لعدوه، والذي عاد
منه في حال شقاقه ونفاقه وكل أذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه إياه، وسعيه في
مكارهه، وقصده لنقض كل ما أبرمه، واجتهاده ومن مالاه على كفره وفساده
ونفاقه وإلحاده في إبطال دعواه، وتغيير ملته، ومخالفة سنته، ولم ير شيئا
أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم من موالاة وصيه، وإيحاشهم منه، وصدهم عنه
وإغرائهم بعداوته، والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به، وإسقاط ما فيه من فضل
ذوي الفضل، وكفر ذوي الكفر منه وممن وافقه على ظلمه وبغيه وشركه.
ولقد علم الله ذلك منهم فقال: " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون
علينا " (2) وقال: " يريدون أن يبدلوا كلام الله " (3) ولقد أحضروا الكتاب كملا

(1) النور: 55.
(2) فصلت: 40.
(3) الفتح: 15.
125

مشتملا على التأويل والتنزيل، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، لم يسقط
منه حرف ألف ولا لام، فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق والباطل
وأن ذلك إن ظهر نقض ما عقدوه، قالوا: لا حاجة لنا فيه، ونحن مستغنون عنه
بما عندنا، ولذلك قال: " فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما
يشترون " (1).
ثم دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه وتأليفه
وتضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شئ
من القرآن فليأتنا به، ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة
أولياء الله فألفه على اختيارهم، وما يدل للمتأمل له على اختلال تمييزهم وتقريبهم
وتركوا منه ما قدروا أنه لهم، وهو عليهم، وزادوا تناكره وتنافره.
وعلم الله أن ذلك يظهر ويبين، فقال: " ذلك مبلغهم من العلم " (2)
وانكشف لأهل الاستبصار عوارهم وافتراؤهم، والذي بدا في الكتاب من الازراء
على النبي صلى الله عليه وآله من فرية الملحدين، ولذلك قال جل ذكره: " يقولون منكرا من
القول وزورا " (3).
فيذكر لنبيه صلى الله عليه وآله من ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: " وما أرسلنا
من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته، فينسخ الله
ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته " (4) يعني أنه ما من نبي تمنى مفارقة ما
يعاينه من نفاق قومهم وعقوقهم، والانتقال عنهم إلى دار الإقامة إلا ألقى الشيطان
المعرض بعداوته عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه والقدح فيه والطعن عليه
فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين، فلا تقبله ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين

(1) آل عمران: 187.
(2) النجم: 30.
(3) المجادلة: 2.
(4) الحج: 52.
126

والجاهلين " ويحكم الله آياته " بأن يحمى أولياءه من الضلال والعدوان، ومشايعة
أهل الكفر والطغيان، الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالانعام حتى قال: " بلهم
أضل سبيلا " (1) فافهم هذا واعمل به.
واعلم أنك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر مما سألت
وإني قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير، لعدم حملة العلم، وقلة الراغبين
في التماسه، وفي دون ما بينت لك بلاغ لذوي الألباب.
قال السائل، حسبي ما سمعت يا أمير المؤمنين، شكر الله لك استنقاذي
من عماية الشك، وطخية الإفك، وأجزل على ذلك مثوبتك، إنه على كل شئ
قدير، وصلى الله أولا وآخرا على أنوار الهدايات، وأعلام البرايات، محمد وآله
أصحاب الدلالات (2).
2 - التوحيد: القطان، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن أحمد بن
يعقوب بن مطر، عن محمد بن الحسن بن عبد العزيز الأحدب الجنديسابوري
قال: وجدت في كتاب أبي بخطه، حدثنا طلحة بن يزيد، عن عبيد الله عبيد، عن
أبي معمر السعداني أن رجلا أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال:
يا أمير المؤمنين إني قد شككت في كتاب الله المنزل، قال له علي عليه السلام: ثكلتك
أمك، وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟ قال: لأني وجدت الكتاب يكذب
بعضه بعضا، فكيف لا أشك فيه، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: إن كتاب الله
ليصدق بعضه بعضا، ولا يكذب بعضه بعضا، ولكنك لم ترزق عقلا تنتفع به
فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز وجل.
قال له الرجل: إني وجدت الله يقول: " فاليوم ننسيهم كما نسوا لقاء يومهم
هذا " (3) وقال أيضا: " نسوا الله فنسيهم " (4) وقال: " وما كان ربك نسيا " (5)

(1) الفرقان: 44.
(2) الاحتجاج ص 125 - 137.
(3) الأعراف: 51.
(4) براءة: 67.
(5) مريم: 64.
127

فمرة يخبر أنه ينسى، ومرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال: هات ما شككت فيه أيضا؟ قال: وأجد الله يقول: " يوم يقوم الروح والملائكة
صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " (1) وقال: وقد استنطقوا
فقالوا: " والله ربنا ما كنا مشركين " (2) وقال: " ويوم القيمة يكفر بعضكم
ببعض ويلعن بعضكم بعضا " (3) وقال: إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " (4)
وقال: " لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد " (5) وقال: " اليوم نختم
على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " (6) فمرة يخبر [أنهم
يتكلمون، ومرة] أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، ومرة يخبر
أن الخلق لا ينطقون، ويقول عن مقالتهم: " والله ربنا ما كنا مشركين " ومرة يخبر
أنهم يختصمون، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع؟ قال: هات
ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله عز وجل يقول: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " (7)
ويقول: " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير " (8)
ويقول: " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " (9) ويقول: " يومئذ لا تنفع
الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم
ولا يحيطون، به علما " (10) ومن أدركته الابصار فقد أحاط به العلم، فأنى ذلك
يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع، قال: هات أيضا ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله تبارك وتعالى يقول: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا

(1) النبأ: 38.
(2) الانعام: 23.
(3) العنكبوت: 25.
(4) ص: 64.
(5) ق: 28.
(6) يس: 65.
(7) القيامة: 22 - 23.
(8) الانعام: 103.
(9) النجم: 13.
(10) طه: 109.
128

وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء " (1) وقال: " وكلم
الله موسى تكليما " (2) وقال: " وناداهما ربهما " (3) وقال: " يا أيها النبي
قل لأزواجك وبناتك " (4) وقال: " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من
ربك " (5) فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع؟ قال: هات
ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله جل جلاله يقول: " هل تعلم له سميا " (6) وقد يسمى
الانسان سميعا بصيرا وملكا وربا فمرة يخبر أن له أسامي كثيرة مشتركة، ومرة
يقول: " هل تعلم له سميا " فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما
تسمع؟ قال: هات ويحك ما شككت فيه.
قال: ووجدت الله تبارك اسمه يقول: " وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة
في الأرض ولا في السماء " (7) ويقول: " ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا
يزكيهم " (8) ويقول: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " (9) كيف ينظر
إليهم من يحجب عنه، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع؟
قال: هات ويحك أيضا ما شككت فيه.
قال: وأجد الله عز ذكره يقول: " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض
فإذا هي تمور " (10) وقال: " الرحمن على العرش استوى " (11) وقال: " وهو
الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم " (12) وقال: " إنه هو الظاهر

(1) الشورى: 51.
(2) النساء: 162.
(3) الأعراف: 22.
(4) النور: 59.
(5) المائدة: 72.
(6) مريم: 66.
(7) يونس: 62.
(8) آل عمران: 72.
(9) المطففين: 15.
(10) الملك: 16 و 17.
(11) طه: 5.
(12) الانعام: 3.
129

والباطن وهو معكم أينما كنتم " (1) وقال: " ونحن أقرب إليه من حبل
الوريد " (2) فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع؟ قال: هات
أيضا ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله جل ثناؤه يقول: " وجاء ربك والملك صفا صفا " (3) وقال:
" ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة " (4) وقال: " هل ينظرون إلا
أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة " (5) وقال: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم
الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع
نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " (6) فمرة يقول:
يأتي ربك، ومرة يقول: يوم يأتي بعض آيات ربك، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟
وكيف لا أشك فيما تسمع؟ قال: هات ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله جل جلاله يقول: " بلهم بلقاء ربهم كافرون " (7) وذكر
المؤمنين فقال: " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون " (8) وقال:
" تحيتهم يوم يلقونه سلام " (9) وقال: " من كان يرجوا لقاء الله فان أجل الله
لآت " (10) وقال: " من كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا " (11) فمرة
يخبر أنهم يلقونه، ومرة يخبر أنه " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " (12)
ومرة يقول: " ولا يحيطون به علما " (13) فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك
فيما تسمع؟ قال: هات ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله تبارك وتعالى يقول: " ورأي المجرمون النار فظنوا أنهم

(1) الحديد: 4.
(2) ق: 16.
(3) الفجر: 22.
(4) الانعام: 94.
(5) البقرة: 206.
(6) الانعام: 158.
(7) السجدة: 10.
(8) البقرة: 46.
(9) الأحزاب: 44.
(10) العنكبوت: 5.
(11) الكهف: 110.
(12) الانعام: 103.
(13) طه: 109.
130

مواقعوها " (1) وقال: " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق
المبين " (2) وقال: " ويظنون بالله الظنونا " (3) فمرة يخبر أنهم يظنون
ومرة يخبر أنهم يعلمون، والظن شك، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا
أشك فيما تسمع؟ قال: ويحك هات ما شككت فيه.
قال: وأجد الله تعالى ذكره يقول: " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل
بكم ثم إلى ربكم ترجعون " (4) وقال: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (5)
وقال: " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " (6) وقال: " الذين تتوفاهم الملائكة
طيبين " (7) وقال: الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " (8) فأنى ذلك
يا أمير المؤمنين؟ وكيف لا أشك فيما تسمع؟ وقد هلكت إن لم ترحمني وتشرح
لي صدري فيما عسى أن يجري ذلك على يديك فإن كان الرب تبارك وتعالى حقا
والكتاب حقا، والرسل حقا، فقد هلكت وخسرت، وإن تكن الرسل باطلا
فما على بأس، وقد نجوت،
فقال علي عليه السلام: قدوس ربنا قدوس، تبارك وتعالى علوا كبيرا، نشهد
أنه هو الدائم الذي لا يزول، ولا نشك فيه، وليس كمثله شئ وهو السميع
البصير، وأن الكتاب حق، والرسل حق، وأن الثواب والعقاب حق، فان
رزقت زيادة إيمان أو حرمته فان ذلك بيد الله إن شاء رزقك، وإن شاء حرمك ذلك
ولكن سأعلمك ما شككت فيه، ولا قوة إلا بالله، فان أردا الله بك خيرا أعلمك
بعلمه، وثبتك، وإن يكن شرا ضللت وهلكت.
أما قوله: " نسوا الله فنسيهم " (9) إنما يعني " نسوا الله " في دار الدنيا لم

(1) الكهف: 53.
(2) النور: 25.
(3) الأحزاب: 10.
(4) السجدة: 11.
(5) الزمر: 42.
(6) الانعام: 62.
(7) النحل: 32.
(8) النحل: 28.
(9) براءة: 67.
131

يعملوا بطاعته " فنسيهم " في الآخرة أي لم يجعل لهم في ثوابه شيئا، فصاروا منسيين
من الخير، وكذلك تفسير قوله عز وجل: " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم
هذا " (1) يعني بالنسيان أنه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا
مطيعين ذاكرين، حين آمنوا به وبرسله، وخافوه بالغيب.
وأما قوله: " وما كان ربك نسيا " (2) فان ربنا تبارك وتعالى علوا كبيرا
ليس بالذي ينسى ولا يغفل، بل هو الحفيظ العليم، وقد يقول العرب في باب
النسيان، قد نسينا فلان، فلا يذكرنا، أي أنه لا يأمر لهم بخير ولا يذكرهم
به، فهل فهمت ما ذكر الله عز وجل؟ قال: نعم فرجت عني فرج الله عنك
وحللت عني عقدة، فعظم الله أجرك.
قال: وأما قوله: " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من
أذن له الرحمن وقال صوابا " (3) وقوله: " والله ربنا ما كنا مشركين " (4)
وقوله: " يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " (5) وقوله: " إن
ذلك لحق تخاصم أهل النار " (6) وقوله: " لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم
بالوعيد " (7) وقوله: " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم
بما كانوا يكسبون " (8) فان ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي
كان مقداره خمسين ألف سنة.
يجمع الله عز وجل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون، ويكلم بعضهم
بعضا، ويستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا من
الرؤسا والاتباع، ويلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء، وتعاونوا على

(1) الأعراف: 51.
(2) مريم: 64.
(3) النبأ: 38.
(4) الانعام: 10.
(5) العنكبوت: 25.
(6) ص: 64.
(7) ق: 28.
(8) يس: 65.
132

الظلم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض، ويلعن
بعضهم بعضا، والكفر في هذه الآية البراءة، يقول: فيبرأ بعضهم من بعض، ونظيرها
في سورة إبراهيم عليه السلام قول الشيطان: " إني كفرت بما أشركتمون من
قبل " (1) وقول إبراهيم خليل الرحمن " كفرنا بكم " (2) يعني تبرأنا منكم.
ثم يجتمعون في موطن آخر يبكون فيه فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل
الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم، ولتصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله، فلا
يزالون يبكون الدم.
ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون: " والله ربنا ما كنا
مشركين " فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل
والجلود، فتشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون
لجلودهم " لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ " (3).
ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض فذلك قوله
عز وجل: " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه " (4) فيستنطقون
فلا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا فيقوم الرسل صلى الله عليهم
فيشهدون في هذا الموطن، فذلك قوله تعالى: " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد
وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " (5).
ثم يجتمعون في موطن آخر فيكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وهو المقام المحمود
فيثني على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله، ثم يثني على الملائكة
كلهم، فلا يبقي ملك إلا أثنى عليه محمد صلى الله عليه وآله ثم يثني على الرسل بما لم يثن عليهم
أحد مثله، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين
فيحمده أهل السماوات وأهل الأرض، وذلك قوله عز وجل: " عسى أن يبعثك

(1) إبراهيم: 22.
(2) الممتحنة: 4.
(3) فصلت: 21.
(4) عبس: 36 - 38.
(5) النساء 41.
133

ربك مقاما محمودا " (1) فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ ونصيب، وويل
لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب.
ثم يجتمعون في موطن آخر ويدال بعضهم عن بعض، وهذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم، قال:
فرجت عني فرج الله عنك يا أمير المؤمنين، وحللت عني عقدة فعظم الله أجرك.
فقال عليه السلام:: وأما قوله عز وجل: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها
ناظرة " (2) وقوله: " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " (3) وقوله:
" ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " (4) وقوله: " يومئذ لا تنفع الشفاعة
إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون
به علما " (5) فأما قوله: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " فان ذلك في
موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى
الحيوان، فيغتسلون فيه، ويشربون منه، فتنضر وجوههم إشراقا، فيذهب عنهم
كل قذى ووعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم
كيف يثيبهم، ومنه يدخلون الجنة فذلك قول الله عز وجل في تسليم الملائكة
عليهم: " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " (6) فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة
والنظر إلى ما وعدهم ربهم فذلك قوله: " إلى ربها ناظرة " وإنما يعني بالنظر
إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى.
وأما قوله: " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " فهو كما قال: لا
تدركه الابصار ولا تحيط به الأوهام، وهو يدرك الابصار، يعني يحيط بها، وهو
اللطيف الخبير، وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علوا

(1) أسرى: 79.
(2) القيامة: 22 - 23.
(3) الانعام: 103.
(4) النجم: 13 - 14
(5) طه: 109.
(6) الزمر: 73.
134

كبيرا، وقد سأل موسى عليه السلام وجرى على لسانه من حمد الله عز وجل " رب أرني
أنظر إليك " (1) فكانت مسألة تلك أمرا عظيما، وسأل أمرا جسيما، فعوقب
فقال الله تبارك وتعالى: " لن تراني " في الدنيا حتى تموت فتراني في الآخرة
ولكن إن أردت أن تراني في الدنيا فانظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني.
فأبدى الله جل ثناؤه بعض آياته، وتجلى ربنا تبارك للجبل، فتقطع الجبل
فصار رميما وخر موسى صعقا (3) ثم أحياه الله وبعثه، فقال: " سبحانك تبت إليك
وأنا أول المؤمنين " (3) يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك.
وأما قوله: " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " (4) يعني محمدا
حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله، وقوله في آخر الآية: " ما زاغ البصر وما
طغى * لقد رآى من آيات ربه الكبرى " (5) رأى جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين
هذه المرة، ومرة أخرى، وذلك أن خلق جبرئيل عليه السلام عظيم، فهو من
الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم، إلا الله رب العالمين
وأما قوله: " يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له
قولا * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما " (6) لا تحيط الخلائق
بالله عز وجل علما إذا هو تبارك وتعالى جعل على أبصار القلوب الغطاء فلا فهم يناله
بالكيف ولا قلب يثبته بالحدود، فلا نصفه إلا كما وصف نفسه، ليس كمثله شئ
وهو السميع البصير، الأول والآخر، والظاهر والباطن، الخالق البارئ
المصور، خلق الأشياء فليس من الأشياء شئ مثله، تبارك وتعالى فقال: فرجت
عني فرج الله عنك، وحللت عني عقدة فأعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.
[فقال عليه السلام:] وأما قوله: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من

(1) الأعراف: 140.
(2) يعنى ميتا فكان عقوبته الموت، خ.
(3) الأعراف: 141.
(4) النجم: 13 - 14.
(5) النجم: 17 - 18.
(6) طه: 109.
135

وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء " (1) وقوله: " وكلم الله موسى
تكليما " (2) وقوله: " وناداهما ربهما " (3) وقوله: " يا آدم أسكن أنت وزوجك
الجنة " (4) فأما قوله: " ما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء
حجاب " ما ينبغي لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا، وليس بكائن إلا من وراء حجاب
أو يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء، كذلك قال الله تبارك وتعالى علوا كبيرا
قد كان الرسول يوحى إليه من رسل السماء، فتبلغ رسل السماء رسل الأرض، وقد
كان الكلام بين رسل أهل الأرض وبينه من غير أن يرسل بالكلام مع رسل أهل
السماء
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل هل رأيت ربك؟ فقال جبرئيل عليه السلام:
إن ربى لا يرى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فمن أين تأخذ الوحي؟ فقال: آخذه
من إسرافيل، فقال: ومن أين يأخذه إسرافيل؟ قال: يأخذه من ملك فوقه من
الروحانيين، قال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟ قال: يقذف في قلبه قذفا.
فهذا وحي، وهو كلام الله عز وجل، وكلام الله ليس بنحو واحد، منه ما
كلم الله به الرسل، ومنه ما قذفه في قلوبهم، ومنه رؤيا يريها الرسل، ومنه
وحي وتنزيل يتلى ويقرأ فهو كلام الله، فاكتف بما وصفت لك من كلام الله، فان
معنى كلام الله ليس بنحو واحد، فإنه منه ما تبلغ منه رسل السماء رسل الأرض.
قال: فرجت عني فرج الله عنك، وحللت عني عقدة، فعظم الله أجرك
يا أمير المؤمنين.
[فقال عليه السلام:] وأما قوله: " هل تعلم له سميا " (5) فان تأويله هل تعلم
له أحدا اسمه الله، غير الله تبارك وتعالى، فإياك أن تفسر القرآن برأيك حتى

(1) الشورى: 51.
(2) النساء: 162.
(3) الأعراف: 22.
(4) البقرة: 35.
(5) مريم: 66.
136

تفقهه عن العلماء، فإنه رب تنزيل يشبه بكلام البشر، وهو كلام الله، وتأويله
لا يشبه كلام البشر، كما ليس شئ من خلقه يشبهه، كذلك لا يشبه فعله تعالى
شيئا من أفعال البشر، ولا يشبه شئ من كلامه بكلام البشر، فكلام الله تبارك
وتعالى صفته، وكلام البشر أفعالهم، فلا تشبه كلام الله بكلام البشر، فتهلك وتضل
قال: فرجت عني فرج الله عنك وحللت عني عقدة، فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.
قال عليه السلام: وأما قوله: " وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض
ولا في السماء " (1) كذلك ربنا لا يعزب عنه شئ، وكيف يكون من خلق الأشياء
لا يعلم ما خلق، وهو الخلاق العليم.
وأما قوله: " لا ينظر إليهم يوم القيمة " (2) يخبر أنه لا يصيبهم بخير
وقد يقول العرب: والله ما ينظر إلينا فلان، وإنما يعنون بذلك أنه لا يصيبنا منه
بخير، فذلك النظر ههنا من الله تبارك وتعالى إلى خلقه، فنظره إليهم رحمة لهم
قال: فرجت عني فرج الله عنك، وحللت عني عقدة، فعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.
فقال عليه السلام: " وأما قوله: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " (3) فإنما
يعني بذلك يوم القيامة، أنهم عن ثواب ربهم يومئذ لمحجوبون، وقوله: " أأمنتم
من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور " (4) وقوله: " وهو الله
في السماوات وفي الأرض " (5) وقوله: " الرحمن على العرش استوى " (6)
وقوله: " وهو معكم أينما كنتم " (7) وقوله: " ونحن أقرب إليه من حبل
الوريد " (8) فكذلك الله تبارك وتعالى سبوحا قدوسا أن يجري منه ما يجري من
المخلوقين، وهو اللطيف الخبير، وأجل وأكبر أن ينزل به شئ مما ينزل

(1) يونس: 62.
(2) آل عمران: 72.
(3) المطففين: 15.
(4) الملك: 17 - 18.
(5) الانعام: 3.
(6) طه: 5.
(7) الحديد: 4.
(8) ق: 16.
137

بخلقه، شاهد لكل نجوى، وهو الوكيل على كل شئ، والمنير لكل شئ والمدبر
للأشياء كلها تعالى الله عن أن يكون على عرشه علوا كبيرا،
وأما قوله: " وجاء ربك والملك صفا صفا " (1) وقوله: " ولقد جئتمونا
فرادى كما خلقناكم أول مرة " (2) وقوله: " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في
ظلل من الغمام والملائكة " (3) وقوله: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة
أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " (4) فان ذلك حق كما قال الله عز وجل
وليس له جيئة كجيئة الخلق، وقد أعلمتك أن رب شئ من كتاب الله تأويله على غير
تنزيله، ولا يشبه كلام البشر، وسأنبئك بطرف منه، فتكتفي إنشاء الله.
من ذلك، قول إبراهيم عليه السلام: " إني ذاهب إلى ربي سيهدين " (5) فذهابه
إلى ربه توجهه إليه عبادة واجتهادا، وقربة إلى الله جل وعز، ألا ترى أن
تأويله غير تنزيله، وقال: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " (6) يعني السلاح
وغير ذلك.
وقوله: هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة " يخبر محمدا صلى الله عليه وآله عن
المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله ولرسوله، فقال: هل ينظرون إلا أن
تأتيهم الملائكة حيث لم يستجيبوا لله ولرسوله أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك
يعني بذلك العذاب في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى، فهذا خبر يخبر به
النبي صلى الله عليه وآله عنهم.
ثم قال: " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من
قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " يعني من قبل أن تجئ هذه الآية، وهذا الآية
طلوع الشمس من مغربها، وإنما يكتفي أولوا الألباب والحجى وأولوا النهى

(1) الفجر: 22.
(2) الانعام: 94.
(3) البقرة: 206.
(4) الانعام: 158.
(5) الصافات: 98.
(6) الحديد: 26.
138

أن يعلموا أنه إذا انكشف الغطاء رأوا ما يوعدون، وقال في آية أخرى: " فأتاهم
الله من حيث لم يحتسبوا " (1) يعني أرسل عليهم عذابا، وكذلك إتيانه بنيانهم وقال
الله عز وجل: " فأتى الله بنيانهم من القواعد " (2) فاتيانه بنيانهم من القواعد
إرسال العذاب، وكذلك ما وصف من أمر الآخرة تبارك اسمه وتعالى علوا كبيرا
وتجري أموره في ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، كما تجري أموره
في الدنيا، لا يلعب ولا يأفل مع الآفلين فاكتف بما وصفت لك من ذلك مما
جال في صدرك مما وصف الله عز وجل في كتابه ولا تجعل كلامه ككلام البشر هو
أعظم وأجل وأكرم وأعز، وتبارك وتعالى من أن يصفه الواصفون، إلا بما
وصف نفسه في قوله عز وجل: " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " (3) قال:
فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك، وحللت عني عقدة.
[فقال عليه السلام:] وأما قوله: " بلهم بلقاء ربهم كافرون " (4) وذكره المؤمنين
" الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " (5) وقوله لغيرهم " إلى يوم يلقونه بما
أخلفوا الله ما وعدوه " (6) وقوله: " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا
صالحا " (7) فأما قوله: " بلهم بلقاء ربهم كافرون " يعني البعث، فسماه الله عز
وجل لقاءه، وكذلك ذكره المؤمنين " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم " يعني
يوقنون أنهم يبعثون ويحشرون، ويحاسبون، ويجزون بالثواب والعقاب، والظن
ههنا اليقين، وكذلك قوله: " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا "
وقوله: " فمن كان يرجوا لقاء الله فان أجل الله لآت " (8) يعني فمن كان يؤمن
بأنه مبعوث فان وعد الله لآت من الثواب والعقاب، فاللقاء ههنا ليس بالرؤية
واللقاء هو البعث، فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه فإنه يعني بذلك البعث

(1) الحشر: 2.
(2) النحل: 26.
(3) الشورى: 11.
(4) السجدة: 10.
(5) البقرة: 46.
(6) براءة: 77.
(7) الكهف: 110.
(8) العنكبوت: 5.
139

وكذلك قوله: " تحيتهم يوم يلقونه سلام " (1) يعني أنه لا يزول الايمان عن
قلوبهم يوم يبعثون، قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك، فقد حللت
عني عقدة.
[فقال عليه السلام:] وأما قوله: " ورأي المجرمون النار فظنوا أنهم
مواقعوها " (2) يعني أيقنوا أنهم داخلوها، وأما قوله: " إني ظننت أني ملاق
حسابيه " (3) وقوله: " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق
المبين " (4) وقوله للمنافقين: " ويظنون بالله الظنونا " (5) فان قوله: " إني
ظننت أني ملاق حسابيه " يقول: إني ظننت أني أبعث فأحاسب لقوله: " ملاق
حسابيه " وقوله للمنافقين: " يظنون بالله الظنونا " فهذا الظن ظن شك، فليس
الظن ظن يقين، والظن ظنان: ظن شك، وظن يقين، فما كان من أمر معاد
من الظن فهو ظن يقين، وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك، فافهم ما فسرت
لك، قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك.
[فقال عليه السلام:] وأما قوله تبارك وتعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم
القيمة فلا تظلم نفس شيئا " (6) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيامة
يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين، وفي غير هذا الحديث
الموازين هم الأنبياء والأوصياء عليهم السلام:، وقوله عز وجل: " فلا نقيم لهم يوم
القيمة وزنا " (7) فان ذلك خاصة.
وأما قوله: " فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب " (8) فان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال الله عز وجل: لقد حقت كرامتي أو قال: مودتي لمن
يراقبني ويتحاب بجلالي، إن وجوههم يوم القيامة من نور، على منابر من نور

(1) الأحزاب: 44.
(2) الكهف: 53.
(3) الحاقة: 20.
(4) النور: 25.
(5) الأحزاب: 10.
(6) الأنبياء: 47.
(7) الكهف: 105.
(8) فاطر: 40.
140

عليهم ثياب خضر، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: قوم ليسوا بأنبياء ولا شهداء
ولكنهم تحابوا بجلال الله، ويدخلون الجنة بغير حساب، نسأل الله أن يجعلنا
منهم برحمته.
وأما قوله: " فمن ثقلت موازينه * ومن خفت موازينه " (1) فإنما يعني
الحساب بوزن الحسنات والسيئات، والحسنات ثقل الميزان، والسيئات خفة
الميزان.
وأما قوله: " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم " (2) وقوله:
" الله يتوفى الأنفس حين موتها " (3) وقوله: " توفته رسلنا وهم لا يفرطون " (4)
وقوله: " الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " (5) وقوله: " الذين تتوفاهم
الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم " (6) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور
كيف يشاء، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، أما ملك الموت فان الله عز
وجل يوكله بخاصة من يشاء من خلقه، ويوكل رسله من الملائكة خاصة
بما يشاء من خلقه تبارك وتعالى، والملائكة الذين سماهم الله عز وجل وكلهم
بخاصة من يشاء من خلقه تبارك وتعالى، يدبر الأمور كيف يشاء، وليس كل العلم
يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لان منهم القوي والضعيف ولان
منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله إلا أن يسهل الله له حمله، وأعانه عليه من خاصة
أوليائه، وإنما يكفيك أن تعلم أن الله المحيي المميت، وأنه يتوفى الأنفس
على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم، قال: فرجت عني يا أمير المؤمنين
أنفع الله المسلمين بك.
فقال علي عليه السلام للرجل: لئن كنت قد شرح الله صدرك بما قد بينت لك

(1) الأعراف: 8 و 9، المؤمنون: 102 - 103.
(2) السجدة: 11.
(3) الزمر: 42.
(4) الانعام: 61.
(5) النحل: 28.
(6) النحل: 32.
141

فأنت والذي فلق الحبة وبرء النسمة من المؤمنين حقا، فقال الرجل: يا أمير -
المؤمنين كيف لي بأن أعلم أني من المؤمنين حقا؟ قال: لا يعلم ذلك إلا من أعلمه
الله على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وشهد له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة أو شرح الله صدره
ليعلم ما في الكتب التي أنزلها الله عز وجل على رسله وأنبيائه.
قال: يا أمير المؤمنين ومن يطيق ذلك؟ قال: من شرح الله صدره ووفقه
له، فعليك بالعمل لله في سر أمرك وعلانيتك، فلا شئ يعدل العمل (1).
130 * (باب) *
* " (النوادر وفيه تفسير بعض الآيات أيضا) " *
1 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام:
ليس في القرآن يا أيها الذين آمنوا إلا وهي في التورية يا أيها الناس، وفي
خبر آخر يا أيها المساكين (2).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): الدقاق، عن الصوفي، عن الروياني، عن عبد العظيم الحسني
عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " أولى لك فأولى
ثم أولى لك فأولى " (3) قال: يقول الله عز وجل: " بعدا لك من خير الدنيا
وبعدا لك من خير الآخرة (4).
3 - عيون أخبار الرضا (ع): باسناد التميمي عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين صلوات
الله عليه في قوله عز وجل: " وله الجوار المنشآت في البحر كالاعلام " (5) قال:

(1) التوحيد باب الرد على الثنوية والزنادقة ص 181 - 193.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 39.
(3) القيامة: 34 و 35.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 54.
(5) الرحمن: 24.
142

السفن (1).
4 - صحيفة الرضا (ع): عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
ليس في القرآن يا أيها الذين آمنوا إلا وفي التوراة يا أيها المساكين (2).
تفسير العياشي: عن السكوني، عن الصادق، عن أبيه، عن علي عليهم السلام مثله (3).
5 - تفسير العياشي: جعفر بن أحمد، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه
موسى، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهم مثله (4).
6 - طب الأئمة: محمد بن القاسم بن منحاب، عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان
عن جابر الجعفي قال: قال أبو جعفر الباقر عليه السلام لرجل من أصحابه: إذا أردت
الحجامة فخرج الدم من محاجمك فقل قبل أن تفرغ وقل والدم يسيل:
" بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله الكريم من العين في الدم، ومن كل سوء
في حجامتي هذه ثم قال: أعلمت أنك إذا قلت هذا فقد جمعت؟ إن الله عز وجل
يقول في كتابه " ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء " (5)
يعني الفقر، وقال جل جلاله: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان
ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء " (6) فالسوء هنا الزنا، وقال عز وجل
في قصة موسى عليه السلام: " أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء " (7)
يعني من غير مرض، واجمع ذلك عند حجامتك والدم يسيل بهذه العوذة
المتقدمة (8).

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 66.
(2) صحيفة الرضا عليه السلام ص 14.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 289.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 289.
(5) الأعراف: 188.
(6) يوسف: 24.
(7) النمل: 12.
(8) طب الأئمة: 55.
143

7 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " يحفظونه من
أمر الله " قال: بأمر الله، ثم قال: ما من عبد إلا ومعه ملكان يحفظانه فإذا جاء
الامر من عند الله خليا بينه وبين أمر الله (1).
8 - تفسير العياشي: عن فضيل بن عثمان سكرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال في هذه الآية:
" له معقبات من بين يديه " قال: هن المقدمات المؤخرات المعقبات الباقيات
الصالحات (2).
9 - تفسير العياشي: عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله: " وله
الدين واصبا " قال: واجبا (3).
10 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: " فأتى الله
بنيانهم من القواعد " (4) قال: كان بيت غدر يجتمعون فيه (5).
11 - تفسير العياشي: عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قرأ: " فأتى الله بيتهم ".
وعنه عليه السلام " بيتهم من القواعد " يعني بيت مكرهم (6).
12 - تفسير العياشي: عن كليب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله:
" فأتى الله بنيانهم من القواعد " قال: لا، فأتى الله بيتهم من القواعد، وإنما كان
بيتا (7).
13 - تفسير العياشي: عن الحسن بن زياد الصيقل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول: " قد مكر الذين من قبلهم " ولم يعلم الذين آمنوا " فأتى الله بنيانهم من
القواعد فخر عليهم السقف " قال محمد بن كليب، عن أبيه قال: قال: إنما
كان بيتا (8).
14 - تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام " فأتى الله بيتهم من القواعد "

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 205، والآية في سورة الرعد: 11.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 205، والآية في سورة الرعد: 11.
(3) تفسير العياشي: ج 2 ص 262، والآية في سورة النحل: 52.
(4) النحل: 26.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 258.
(6) تفسير العياشي ج 2 ص 258.
(7) تفسير العياشي ج 2 ص 258.
(8) تفسير العياشي ج 2 ص 258.
144

قال: كان بيت غدر يجتمعون فيه، إذا أرادوا الشر (1).
15 - العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم: العلة في قوله: " إياك أعني واسمعي
يا جاره " قول الله لنبيه صلى الله عليه وآله: " لا تدع مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما
مدحورا " (2) وقوله: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " (3)
وقوله: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لاخذنا منه باليمين " (4) ومثله
كثير مما هو مخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله والمعنى على أمته فذلك علة قولك إياك
أعني واسمعي يا جاره.
ومنه: قال: علة إسقاط بسم الله الرحمن الرحيم من سورة براءة أن
بسم الله الرحمن الرحيم أمان والبراءة كانت إلى المشركين، فأسقط منها الأمان.
ومنه قال: كنية النبي صلى الله عليه وآله في القرآن قوله: " لعمرك إنهم لفي سكرتهم
يعمهون " (5) وأقسم الله به في القرآن في قوله عز وجل: " والنجم إذا هوى "
يعني رسول الله صلى الله عليه وآله.
[تم كتاب القرآن]

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 258.
(2) أسرى: 93 وفيه: ولا تجعل مع الله ".
(3) الطلاق: 1.
(4) الحاقة: 44 - 45.
(5) الحجر: 72.
145

الجزء الثاني
من المجلد التاسع عشر
من بحار الأنوار
في ذكر الأدعية والأذكار
147

بسم الله الرحمن الرحيم
أبواب الأذكار وفضلها *
1 - * (باب) *
* " (ذكر الله تعالى) " *
الآيات: البقرة: فاذكروني أذكركم (1) آل عمران: واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والابكار (2).
وقال تعالى: الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم (3).
النساء: إن المنافقين يخادعون الله - إلى قوله: - ولا يذكرون الله إلا
قليلا (4).
الأعراف: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه
سيجزون ما كانوا يعملون (5).

* في نسخة الأصل المحفوظة في مكتبة ملك بطهران تحت الرقم 997 كتب في
أعلى الصفحة " لابد من ملاحظة كتاب قبس المصباح للصهرشتي وغيره من كتب الدعاء ".
(1) البقرة: 152.
(2) آل عمران: 41.
(3) آل عمران: 191.
(4) النساء: 142.
(5) الأعراف: 180.
148

وقال سبحانه: واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من
القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين (1).
التوبة: نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون (2).
الرعد: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن
القلوب (3).
الكهف: واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا
رشدا (4).
وقال تعالى: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا (5).
طه: كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا (6).
وقال تعالى: ولا تنيا في ذكري (7).
النور: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو
والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله (8).
الشعراء: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا (9).
العنكبوت: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر (10).
الأحزاب: لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا (11).
وقال تعالى: والذاكرين الله كثيرا والذاكرات (12).
وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة

(1) الأعراف: 205.
(2) براءة: 67.
(3) الرعد: 28.
(4) الكهف: 24.
(5) الكهف: 28.
(6) طه: 34.
(7) طه: 42.
(8) النور: 37.
(9) الشعراء: 227.
(10) العنكبوت: 45.
(11) الأحزاب: 21.
(12) الأحزاب: 35.
149

وأصيلا (1).
الجمعة: واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (2).
المنافقون: يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله
ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون (3).
المزمل: واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا (4).
أقول: قد مضى في باب جوامع المكارم بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب (5).
1 - الخصال: العطار، عن أبيه، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار
عن فضالة، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: أوحى الله تبارك
وتعالى إلى موسى عليه السلام: لا تفرح بكثرة المال، ولا تدع ذكري على كل حال
فان كثرة المال تنسي الذنوب، وترك ذكري يقسي القلوب (6).
علل الشرائع: أبي، عن محمد العطار، عن المقري الخراساني، عن علي بن جعفر
عن أخيه، عن أبيه عليهم السلام مثله (7).
2 - الخصال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن درست
عن ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاث لا يطيقهن الناس: الصفح
عن الناس، ومواخاة الأخ أخاه في ماله، وذكر الله كثيرا (8).
3 - الخصال: أبي، عن علي، عن أبيه، عن ابن مرار، عن يونس رفعه إلى
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي سيد الاعمال ثلاث خصال:

(1) الأحزاب: 41.
(2) الجمعة: 10.
(3) المنافقون: 9.
(4) المزمل: 8،
(5) راجع ج 69 ص 332 - 414، من هذه الطبعة الحديثة
(6) الخصال ج 1 ص 20،
(7) علل الشرائع ج 1 ص 77.
(8) الخصال ج 1 ص 66.
150

إنصافك الناس من نفسك، ومواساتك الأخ في الله عز وجل، وذكر الله تعالى
على كل حال (1).
4 - الخصال: فيما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام: يا علي ثلاث لا تطيقها
هذه الأمة، المواساة للأخ في ماله، وإنصاف الناس من نفسه، وذكر الله على كل
حال، وليس هو سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولكن
إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله عز وجل عنده وتركه (2).
5 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى عن ابن محبوب، عن الشحام قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: ما ابتلي المؤمن بشئ أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها
قيل: وما هن؟ قال: المواساة في ذات الله، والانصاف من نفسه [في ذات يده]
وذكر الله كثيرا، أما وإني لا أقول لكم: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا
الله، والله أكبر، ولكن ذكر الله عندما أحل له وذكر الله عندما حرم عليه (3)
معاني الأخبار: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى مثله (4).
6 - الخصال (5) ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن المغيرة
عن الكناني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ثلاث من أشد ما عمل العباد:
إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كل حال، وهو أن
يذكر الله عز وجل عند المعصية يهم بها فيحول ذكر الله بينه وبين تلك المعصية
وهو قول الله عز وجل: " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا
فإذا هم مبصرون " (6).
معاني الأخبار: أبي، عن سعد، عن البرقي مثله، وفيه: وذكر الله على كل حال

(1) الخصال ج 1 ص 62.
(2) الخصال ج 1 ص 62.
(3) الخصال ج 1 ص 63.
(4) معاني الأخبار ص 192.
(5) الخصال ج 1 ص 65.
(6) الأعراف: 201.
151

قال: قلت: أصلحك الله وما وجه ذكر الله على كل حال؟ قال: يذكر الله عند
المعصية (1).
7 - أمالي الطوسي: فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلام عند وفاته: يا بني كن لله ذاكرا
على كل حال (2).
8 - أمالي الطوسي: الفحام، عن المنصوري، عن عمر بن أبي موسى، عن عيسى بن
أحمد بن عيسى، عن أبي الحسن الثالث، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال:
قال النبي صلى الله عليه وآله: يقول الله عز وجل: يا ابن آدم اذكرني حين تغضب، أذكرك
حين أغضب، ولا أمحقك فيمن أمحق (3).
9 - أمالي الطوسي: المفيد، عن الحسن بن حمزة العلوي، عن أحمد بن عبد الله، عن
جده البرقي، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم
عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما قال: قال: ألا أخبرك
بأشد ما افترض الله على خلقه، إنصاف الناس من أنفسهم، ومواساة الاخوان في الله
عز وجل، وذكر الله على كل حال: فان عرضت له طاعة لله عمل بها، وإن عرضت
له معصية تركها (4).
أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن
الحسن بن علي الزعفراني، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله (5).
10 - مجالس المفيد، أمالي الطوسي: المفيد، عن المظفر الوراق، عن محمد بن همام الإسكافي
عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن الثمالي، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله قائما كان أو جالسا أو

(1) معاني الأخبار ص 192.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 7.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 285.
(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 86.
(5) أمالي الطوسي ج 2 ص 278.
152

مضطجعا إن الله تعالى يقول: " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم
ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب
النار " (1).
11 - عيون أخبار الرضا (ع): الحسين بن محمد الأشناني، عن علي بن مهرويه عن داود بن سليمان
عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن موسى بن عمران عليه السلام
لما ناجى ربه عز وجل قال: يا رب أبعيد أنت مني فأناديك أم قريب فأناجيك؟
فأوحى الله جل جلاله أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: يا رب إني أكون
في حال اجلك أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى اذكرني على كل حال (2).
12 - علل الشرائع: علي بن أحمد بن محمد، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي
عن علي بن سالم، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن سمعت
الاذان وأنت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله عز وجل
في تلك الحال، لان ذكر الله حسن على كل حال ثم قال: لما ناجى الله عز وجل
موسى بن عمران عليه السلام قال موسى: يا رب أبعيد - إلى آخر ما مر (3).
13 - معاني الأخبار (4) علل الشرائع: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن علي بن
إبراهيم المنقري أو غيره رفعه قال: قيل للصادق عليه السلام: إن من سعادة المرء خفة
عارضيه، فقال: وما في هذا من السعادة إنما السعادة خفة ماضغيه بالتسبيح (5).
14 - الخصال: الذكر مقسوم على سبعة أعضاء: اللسان، والروح، والنفس، والعقل
والمعرفة، والسر، والقلب، وكل واحد منها يحتاج إلى الاستقامة، فاستقامة

(1) مجالس المفيد ص 191، أمالي الطوسي ج 1 ص 76.
(2) عيون الأخبار ج 1 ص 127.
(3) علل الشرائع ج 1 ص 77.
(4) معاني الأخبار ص 183
(5) علل الشرائع ج 2 ص 267.
153

اللسان صدق الاقرار، واستقامة الروح صدق الاستغفار، واستقامة القلب صدق
الاعتذار، واستقامة العقل صدق الاعتبار، واستقامة المعرفة صدق الافتخار، واستقامة
السر السرور بعالم الاسرار، فذكر اللسان الحمد والثناء، وذكر النفس الجهد
والعنا، وذكر الروح الخوف والرجا، وذكر القلب الصدق والصفا، وذكر العقل
التعظيم والحيا، وذكر المعرفة التسليم والرضا، وذكر السر على رؤية اللقا، حدثنا
بذلك أبو محمد عبد الله بن حامد رفعه إلى بعض الصالحين عليهم السلام (1).
15 - معاني الأخبار (2) الخصال: في وصية أبي ذر: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عليك بتلاوة
القرآن، وذكر الله كثيرا، فإنه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض (3).
16 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذكروا الله في كل مكان فإنه
معكم وقال عليه السلام: أكثروا ذكر الله عز وجل إذا دخلتم الأسواق، وعند اشتغال
الناس فإنه كفارة للذنوب، وزيادة في الحسنات، ولا تكتبوا في الغافلين (4).
وقال عليه السلام: أكثروا ذكر الله على الطعام ولا تطغوا فإنها نعمة من نعم الله
ورزق من رزقه، يجب عليكم فيه شكره وحمده (5).
وقال عليه السلام إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام، وأكثروا ذكر الله
عز وجل (6).
17 - معاني الأخبار: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن الحسين البزاز قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام:
ألا أحدثك بأشد ما فرض الله عز وجل على خلقه؟ قلت: بلى قال: إنصاف

(1) الخصال ج 2 ص 37.
(2) معاني الأخبار ص 334.
(3) الخصال ج 2 ص 105.
(4) الخصال ج 2 ص 157.
(5) الخصال ج 2 ص 158.
(6) الخصال ج 2 ص 159.
154

الناس من نفسك، ومواساتك لأخيك، وذكر الله في كل موطن، أما إني لا أقول:
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وإن كان هذا من ذاك
ولكن ذكر الله في كل موطن، إذا هجمت على طاعته أو معصيته (1).
مجالس المفيد: ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى مثله (2).
18 - معاني الأخبار: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن
عقبة، عن أبي جارود المنذر الكندي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أشد الاعمال
ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، حتى لا ترضى لها منهم بشئ إلا رضيت لهم منها
بمثله، ومواساتك الأخ في المال، وذكر الله على كل حال، ليس سبحان الله
والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر فقط، ولكن إذا ورد عليك شئ أمر الله
به أخذت به، وإذا ورد عليك شئ نهى عنه تركته (3).
أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن وهبان، عن محمد بن أحمد بن زكريا
عن الحسن بن فضال، عن علي بن عقبة، عن الجارود بن المنذر مثله (4).
19 - معاني الأخبار: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن جعفر بن
أحمد بن سعيد، عن صفوان، عن ابن أسباط، عن ابن عميرة، عن أبي الصباح
ابن نعيم، عن محمد بن مسلم، عن الصادق عليه السلام في حديث يقول في آخره: تسبيح
فاطمة من ذكر الله الكثير الذي قال الله عز وجل: " اذكروني أذكركم " (5).
20 - أمالي الصدوق (6) معاني الأخبار: محمد بن بكران النقاش، عن أحمد الهمداني عن منذر

(1) معاني الأخبار ص 193.
(2) مجالس المفيد ص 60.
(3) معاني الأخبار ص 193.
(4) أمالي الطوسي ج 2 ص 293، وتراه في مجالس المفيد باسناده عن علي بن
مهزيار عن ابن عقبه راجع ص 121.
(5) معاني الأخبار ص 194، والآية في سورة البقرة: 152.
(6) أمالي الصدوق ص 218.
155

ابن محمد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن
أبيه، عن جده، عن الحسن بن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بادروا
إلى رياض الجنة، فقالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر (1).
21 - أمالي الصدوق (2) معاني الأخبار: في خبر الشيخ الشامي: قال زيد بن صوحان لأمير المؤمنين
عليه السلام: أي الكلام أفضل عند الله؟ قال: كثرة ذكر الله، والتضرع إليه
والدعاء، قال: فأي القول أصدق قال: شهادة أن لا إله إلا الله (3).
22 - معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: من أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قلت
صلاته وصيامه وتلاوته، ومن عصى الله فقد نسي الله، وإن كثرت صلاته وصيامه
وتلاوته (4).
23 - أمالي الصدوق: فيما ناجى به موسى عليه السلام ربه عز وجل: إلهي ما جزاء من
ذكرك بلسانه وقلبه؟ قال: يا موسى أظله يوم القيامة بظل عرشي وأجعله في كنفي (5).
24 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن عيسى بن محمد
عن علي بن مهزيار، عن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن حماد، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إن الصاعقة لا تصيب ذاكرا لله عز وجل (6).
25 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: إن موسى بن عمران سأل ربه عز وجل فقال: يا رب أبعيد أنت مني
فأناديك أم قريب فأناجيك؟ فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى بن عمران أنا

(1) معاني الأخبار ص 321.
(2) أمالي الصدوق ص 237.
(3) معاني الأخبار ص 199.
(4) معاني الأخبار ص 399.
(5) أمالي الصدوق ص 125.
(6) أمالي الصدوق ص 278.
156

جليس من ذكرني (1).
26 - علل الشرائع: أبي، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن معاوية
ابن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصاعقة تصيب المؤمن والكافر ولا تصيب
ذاكرا (2).
27 - معاني الأخبار: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن القاسم
ابن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ألا أحدثك بمكارم
الأخلاق: الصفح عن الناس، ومواساة الرجل أخاه في ماله، وذكر الله كثيرا (3).
28 - بصائر الدرجات: ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي -
عثمان العبدي، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة وذكر الله كثيرا
أفضل من الصدقة والصدقة أفضل من الصوم والصوم جنة [من النار] (4).
المحاسن: أبي مثله (5).
29 - المحاسن: جعفر بن محمد، عن القداح، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال:
قال النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه: ألا أخبركم بخير أعمالكم وأذكاها عند مليككم
وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من الدينار والدرهم، وخير لكم من أن تلقوا
عدوكم فتقتلونهم ويقتلونكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: ذكر الله عز وجل
كثيرا (6).
30 - المحاسن: أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) عيون الأخبار ج 1 ص 127.
(2) علل الشرائع ج 2 ص 148.
(3) معاني الأخبار ص 191.
(4) بصائر الدرجات ص 11.
(5) المحاسن ص 221.
(6) المحاسن ص 39.
157

قال: إن الله تبارك وتعالى قال: من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما
أعطي من سألني (1).
31 - المحاسن: ابن فضال، عن غالب بن عثمان، عن بشير الدهان، عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: قال الله تعالى: ابن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي
ابن آدم اذكرني في الخلاء أذكرك في خلاء، ابن آدم اذكرني في ملاء أذكرك في
ملاء خير من ملائك، وقال: ما من عبد يذكر الله في ملاء من الناس إلا ذكره الله
في ملاء من الملائكة (2).
32 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام أن
أمير المؤمنين عليه السلام قال: ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل عن الفارين، والمقاتل عن
الفارين نزوله الجنة (3).
33 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: من كان ذاكرا لله على الحقيقة فهو مطيع
ومن كان غافلا عنه فهو عاص، والطاعة علامة الهداية، والمعصية علامة الضلالة وأصلهما من الذكر والغفلة، فاجعل قلبك قبلة، ولسانك لا تحركه إلا بإشارة
القلب، وموافقة العقل، ورضى الايمان، فان الله عالم بسرك وجهرك، وكن
كالنازع روحه، أو كالواقف في العرض الأكبر، غير شاغل نفسك عما عناك مما
كلفك به ربك في أمره ونهيه، ووعده ووعيده، ولا تشغلها بدون ما كلفك
واغسل قلبك بماء الحزن، واجعل ذكر الله من أجل ذكره لك، فإنه
ذكرك وهو غني عنك، فذكره لك أجل وأشهى وأتم من ذكرك له وأسبق
ومعرفتك بذكره لك يورثك الخضوع والاستحياء والانكسار، ويتولد من ذلك
رؤية كرمه وفضله السابق، ويصغر عند ذلك طاعاتك وإن كثرت في جنب مننه
فتخلص لوجهه، ورؤيتك ذكرك له تورثك الريا والعجب والسفه والغلظة في خلقه
واستكثار الطاعة، ونسيان فضله وكرمه، وما تزداد بذلك من الله إلا بعدا، ولا
تستجلب به على مضي الأيام إلا وحشة.

(1) المحاسن ص 39.
(2) المحاسن ص 39.
(3) المحاسن ص 39.
158

والذكر ذكران: ذكر خالص يوافقه القلب، وذكر صارف ينفي ذكر
غيره كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
فرسول الله صلى الله عليه وآله لم يجعل لذكره لله عز وجل مقدارا عند علمه بحقيقة سابقة ذكر
الله عز وجل له من قبل ذكره له، فمن دونه أولى، فمن أراد أن يذكر الله تعالى
فليعلم أنه ما لم يذكر الله العبد بالتوفيق لذكره، لا يقدر العبد على ذكره (1).
34 - تفسير العياشي: أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يزال المؤمن
في صلاة ما كان في ذكر الله إن كان قائما أو جالسا أو مضطجعا، لان الله يقول:
" الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " (2) الآية.
وفي رواية أخرى: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله (3).
35 - تفسير العياشي: روى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " اذكروا الله
كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا " (4) قال: كان الرجل يقول: كان أبي، وكان
أبي، فنزلت عليهم في ذلك (5).
36 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أحدهما، عليهما السلام قال: لا يكتب الملك إلا ما
أسمع نفسه، وقال الله: " واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة " (6) قال: لا
يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس العبد لعظمته إلا الله (7).
37 - تفسير العياشي: عن إبراهيم بن عبد الحميد يرفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" واذكر ربك في نفسك " يعني مستكينا " وخيفة " يعني خوفا من عذابه " ودون

(1) مصباح الشريعة ص 5.
(2) آل عمران: 191.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 211.
(4) البقرة: 200.
(5) تفسير العياشي ج 1 ص 98.
(6) الأعراف: 205.
(7) تفسير العياشي ج 2 ص 44.
159

الجهر من القول " يعني دون الجهر من القراءة " بالغدو والآصال " يعني بالغداة
والعشي (1).
38 - الحسين بن سعيد أو النوادر: صفوان، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله:
" اذكروا الله ذكرا كثيرا " (2) قال: إذا ذكر العبد ربه في اليوم مائة مرة كان
ذلك كثيرا.
39 - الحسين بن سعيد أو النوادر: ابن أبي عمير، عن ابن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من أكثر ذكر الله أحبه،
40 - أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن
إبراهيم، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي -
عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما قعد قوم قط يذكرون الله
إلا بعث إليهم إبليس شيطانا فيقطع عليهم حديثهم (3).
41 - الدعوات للراوندي: قال أبو جعفر عليه السلام: مكتوب في التوراة أن موسى
عليه السلام سأل ربه فقال: إنه يأتي على مجالس أعزك وأجلك أن أذكرك
فيها، فقال: يا موسى اذكرني على كل حال وفي كل أوان،
وقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله يقول: من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته
أفضل ما أعطي من يسألني
وقال عليه السلام: من ذكر الله في السر فقد ذكر الله كثيرا، إن المنافقين
يذكرون الله علانية، ولا يذكرونه في السر، قال الله تعالى: " يراؤن الناس ولا
يذكرون الله إلا قليلا " (4).
وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا رب وددت أن أعلم من تحب من عبادك
فأحبه؟ فقال: إذا رأيت عبدي يكثر ذكري فأنا أذنت له في ذلك، وأنا أحبه

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 44.
(2) الأحزاب: 41.
(3) أمالي الطوسي ج ص.
(4) النساء: 142.
160

وإذا رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجبته وأنا أبغضته.
42 - عدة الداعي: روى الحسين بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم يذكروا الله ولم يصلوا على
نبيهم إلا كان ذلك المجلس حسرة ووبالا عليهم (1).
وروى محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن الله تبارك وتعالى يقول: من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي
من سألني.
وروى ابن القداح عنه عليه السلام قال: ما من شئ إلا وله حد ينتهي إليه
فرض الله الفرائض فمن أداهن فهو حدهن، وشهر رمضان فمن صامه فهو حده
والحج فمن حج فهو حده إلا الذكر، فان الله لم يرض فيه بالقليل، ولم
يجعل له حدا ينتهي إليه، ثم تلا " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا *
وسبحوه بكرة وأصيلا " (2) فلم يجعل الله له حدا ينتهي إليه.
قال: وكان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر الله، وآكل
معه الطعام، وإنه ليذكر الله، ولو كان يحدث القوم ما يشغله ذلك عن ذكر الله
وكنت أرى لسانه لاصقا بحنكه يقول: لا إله إلا الله.
وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، وكان يأمر بالقراءة من
كان يقرء منا، ومن كان لا يقرء منا أمره بالذكر، والبيت الذي يقرأ فيه القرآن
ويذكر الله فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضئ
لأهل السماء كما تضئ الكواكب لأهل الأرض، والبيت الذي لا يقرء فيه القرآن
ولا يذكر الله فيه، تقل بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين
وقال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: من خير أهل المسجد؟ فقال:
أكثرهم ذكرا (3).

(1) وتراه في الكافي ج 2 ص 530 وهكذا أكثر روايات الباب.
(2) الأحزاب: 41 و 42.
(3) وتراه في الكافي ج 2 ص 529.
161

وروي أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا
الله كثيرا.
وعنه عليه السلام قال: قال الله تعالى لموسى: أكثر ذكري بالليل والنهار وكن
عند ذكري خاشعا،
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: أربع لا يصيبهن إلا مؤمن: الصمت وهو أول
العبادة، والتواضع لله سبحانه، وذكر الله على كل حال، وقلة الشئ يعني قلة
المال.
وعن الصادق عليه السلام قال: يموت المؤمن بكل ميتة يموت غرقا، ويموت
بالهدم، ويبتلي بالسبع، ويموت بالصاعقة، ولا يصيب ذاكر الله، وفي أخرى لا
يصيبه وهو يذكر الله.
وفي بعض الأحاديث القدسية أيما عبد أطلعت على قلبه، فرأيت الغالب عليه
التمسك بذكري، توليت سياسته وكنت جليسه ومحادثه وأنيسه.
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: قال الله سبحانه: إذا علمت أن الغالب
على عبدي الاشتغال بي نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك
فأراد أن يسهو حلت بينه وبين أن يسهو، أولئك أوليائي حقا أولئك الابطال
حقا أولئك الذين إذا أردت أن أهلك أهل الأرض عقوبة زويتها عنهم من أجل
أولئك الابطال.
وعنه صلى الله عليه وآله: مكتوب في التوراة التي لم تغير أن موسى عليه السلام سأل ربه فقال:
يا رب أقريب أنت مني فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ فأوحى الله إليه: يا موسى أنا
جليس من ذكرني، فقال موسى: فمن في سترك يوم لا ستر إلا سترك؟ فقال:
الذين يذكروني فأذكرهم، ويتحابون في فأحبهم، فأولئك الذين إذا أردت
أن أصيب أهل الأرض بسوء، ذكرتهم فدفعت عنه بهم،
وعن النبي صلى الله عليه وآله: ما جلس قوم يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا
فقد بدلت سيئاتكم حسنات وغفرت لكم جميعا، وما قعد عدة من أهل الأرض
162

يذكرون الله إلا قعد معهم عدة من الملائكة (1).
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج على أصحابه فقال: ارتعوا في رياض الجنة
قالوا: يا رسول الله، وما رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر اغدوا وروحوا
واذكروا، ومن كان يحب أن يعلم منزلته عند الله، فلينظر كيف منزلة الله عنده
فان الله تعالى ينزل العبد حيث أنزل العبد الله من نفسه، واعلموا أن خير
أعمالكم عند مليككم وأزكاها وأرفعها في درجاتكم وخير ما طلعت عليه الشمس ذكر
الله تعالى، فإنه تعالى أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني.
وقال سبحانه: " فاذكروني أذكركم " (2) يعني اذكروني بالطاعة العبادة
أذكركم بالنعم والاحسان، والرحمة والرضوان،
وعنهم عليهم السلام إن في الجنة قيعانا فإذا أخذ الذاكر في الذكر أخذت الملائكة
في غرس الأشجار، فربما وقف بعض الملائكة فيقال له: لم وقفت؟ فيقول: إن
صاحبي قد فتر، يعني عن الذكر (3).
وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله واله: ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل
في الفارين، والمقاتل في الفارين له الجنة
43 - مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب المحاسن عن الحسن البزاز، عن
أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: ألا أحدثكم بأشد ما افترض الله على خلقه؟
فذكر له ثلاثة أشياء الثالث منها ذكر الله في كل موطن إذا هجم على طاعة أو معصية.
وعنه عليه السلام قال: من أشد ما فرض الله على خلقه ذكر الله كثيرا ثم قال: أما
لا أعني سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان منه، ولكن
ذكر الله عندما أحل وحرم، فإن كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها،
وعن الباقر عليه السلام: ثلاثة سالم وغانم وشاجب فالسالم الصامت، والغانم

(1) عدة الداعي ص 186.
(2) البقرة: 152.
(3) البقرة: 187.
163

الذاكر، والشاجب الذي يلفظ ويقع في الناس.
وعن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال لقمان لابنه، يا بني احذر (1) المجالس
على عينيك، فان رأيت قوما يذكرون الله عز وجل فاجلس معهم، فإنك إن
تكن عالما يزيدوك علما، وإن كنت جاهلا علموك، ولعل الله أن يطلعهم برحمة
فيعمك معهم وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإنك إن تكن
عالما لا ينفعك علمك وإن تكن جاهلا يزيدوك جهلا ولعل الله أن يظلهم بعقوبة
فيعمك معهم.
وعن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: من أكرم الخلق على
الله قال: أكثرهم ذكرا لله، وأعملهم بطاعته.
وعن أصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الذكر ذكران ذكر الله
عز وجل عند المصيبة، وأفضل من ذلك ذكر الله عندما حرم الله عليك، فيكون
حاجزا (2).
ومنه نقلا من كتاب مجمع البيان في قوله عز وجل: " ثم قست قلوبكم
من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة " (3) الآية قد ورد الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فان كثرة الكلام بغير ذكر الله يقسي
القلب، وإن أبعد الناس من الله القاسي القلب.
ومن كتاب الزهد عن عثمان بن عبيد الله رفعه قال: إذا كان الشتا نادى مناد: يا أهل
القرآن قد طال الليل لصلاتكم وقصر النهار لصيامكم، فان كنتم لا تقدروا على
الليل أن تكابدوه، ولا على العدو أن تجاهدوه، وبخلتم بالمال أن تنفقوه
فأكثروا ذكر الله.
ومن كتاب قال أبو عبد الله عليه السلام: ما ابتلي المؤمن بشئ أشد من المواساة
في ذات الله عز وجل، والانصاف من نفسه، وذكر الله كثيرا، ثم قال: أما إني لا

(1) اختر ظ.
(2) مشكاة الأنوار ص 53 - 54.
(3) البقرة: 54.
164

أقول: سبحان الله والحمد لله، ولكن ذكره عندما حرم (1).
ومن سائر الكتب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: كلام ابن آدم كله عليه لا له، إلا
أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر، أو ذكرا لله تعالى.
وقال عليه السلام: إن ربي أمرني أن يكون نطقي ذكرا، وصمتي فكرا، ونظري
عبرة.
ومن كتاب الزهد عن أهل البيت عليهم السلام عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي
عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الكلام ثلاثة: فرابح وسالم وشاجب
فأما الرابح الذي يذكر الله، وأما السالم فالساكت، وأما الشاجب فالذي يخوض
في الباطل.
وعن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاث لا يطيقهن الناس:
الصفح عن الناس، ومواساة الرجل أخاه في ماله، وذكر الله كثيرا (2).

(1) مشكاة الأنوار: 56.
(2) مشكاة الأنوار ص 57.
165

2 * (باب)
* " (فضل التسبيحات الأربع ومعناها) " *
الآيات: طه: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن
آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى (1).
الفرقان: وسبح بحمده (2).
الروم: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات
والأرض وعشيا وحين تظهرون (3).
المؤمن: الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم (4).
1 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن علي بن الحسن البرقي
عن ابن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جده
الحسن بن علي عليهما السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم
عن مسائل، فكان فيما سأله أن قال له: يا محمد أخبرني عن الكلمات التي اختارهن
الله لإبراهيم عليه السلام حيث بنى البيت قال النبي صلى الله عليه وآله نعم سبحان الله، والحمد لله، ولا
إله إلا الله، والله أكبر، قال اليهودي: فبأي شئ بنى هذه الكعبة مربعة؟ قال
النبي صلى الله عليه وآله: بالكلمات الأربع، قال: لأي شئ سميت الكعبة؟ قال النبي صلى الله عليه وآله:
لأنها وسط الدنيا.
قال اليهودي: أخبرني عن تفسير سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله
والله أكبر، قال النبي صلى الله عليه وآله: علم الله جل وعز أن بني آدم يكذبون على الله

(1) طه: 13.
(2) الفرقان: 58.
(3) الروم: 17.
(4) المؤمن: 7.
166

فقال: سبحان الله، تبريا مما يقولون وأما قوله: الحمد لله فإنه علم أن العباد
لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه قبل أن يحمدوه، وهو أول الكلام، لولا ذلك
لما أنعم الله على أحد بنعمته، وقوله: لا إله إلا الله يعني وحدانيته لا يقبل الله
الاعمال إلا بها، وهي كلمة التقوى، يثقل الله بها الموازين يوم القيامة، وأما
قوله: الله أكبر فهي كلمة أعلى الكلمات، وأحبها إلى الله عز وجل، يعني أنه
ليس شئ أكبر مني لا تفتتح الصلوات إلا بها لكرامتها على الله، وهو الاسم الأكرم.
قال اليهودي: صدقت يا محمد فما جزاء قائلها؟ قال: إذا قال العبد: سبحان
الله، سبح معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها، وإذا قال: الحمد لله أنعم
الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة
إذا دخلوها، وينقطع الكلام الذي يقولونه في الدنيا ما خلا الحمد لله، وذلك قوله
عز وجل: " دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعويهم أن الحمد
لله رب العالمين " (1) وأما قوله: لا إله إلا الله، فالجنة جزاؤه، وذلك قوله
عز وجل: " هل جزاء الاحسان إلا الاحسان " (2) يقول: هل جزاء لا إله إلا
الله إلا الجنة، فقال اليهودي: صدقت يا محمد الخبر (3).
علل الشرائع: بهذا الاسناد من قوله: أخبرني عن تفسير سبحان الله إلى آخر ما نقلنا
وذكر أول ما نقلنا في أبواب الحج بهذا الاسناد (4).
2 - أمالي الصدوق: العطار، عن سعد، عن النهدي، عن ابن محبوب، عن ابن عطية
عن ضريس عن الباقر، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله مر برجل يغرس غرسا
في حائط له فوقف عليه فقال: ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا وأطيب
ثمرا وأتقا؟ قال: بلى فداك أبي وأمي يا رسول الله فقال: إذا أصبحت وأمسيت

(1) يونس: 9 - 10.
(2) الرحمن: 60.
(3) أمالي الصدوق: 113 في حديث.
(4) علل الشرائع ج 1 ص 239 و ج 2 ص 84.
167

فقل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فان لك بذلك
إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة وهن من الباقيات
الصالحات.
قال: فقال الرجل: " أشهدك يا رسول الله أن حائطي هذا صدقة مقبوضة
على فقراء المسلمين من أهل الصفة فأنزل الله تبارك وتعالى " فأما من أعطى واتقى *
وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى " (1).
3 - أمالي الصدوق: الفامي، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن البرقي رفعه عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: سبحان الله غرس الله له بها
شجرة في الجنة ومن قال: الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال:
لا إله إلا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: الله أكبر غرس الله له
بها شجرة في الجنة فقال رجل من قريش: يا رسول الله إن شجرنا في الجنة
لكثير، قال: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها، وذلك أن الله
عز وجل يقول: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا
أعمالكم " (2).
ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن
أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله مثله سواء (3).
4 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت قصرا من ياقوته حمراء يرى داخلها
من خارجها، وخارجها من داخلها، من ضيائها، وفيها بيتان در وزبرجد، فقلت:
يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال: هذا لمن أطاب الكلام، وأدام الصيام، وأطعم
الطعام، وتهجد بالليل والناس نيام، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا رسول الله وفي أمتك

(1) أمالي الصدوق ص 122. والآية في سورة الليل: 5 - 7.
(2) أمالي الصدوق ص 362، والآية في سورة القتال: 33.
(3) ثواب الأعمال ص 11.
168

من يطيق هذا؟ فقال: ادن مني يا علي فدنا منه، فقال: تدري ما أطاب الكلام؟
قال: الله ورسوله أعلم، قال: من قال: سبحان، الله، والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر، أتدري ما أدام الصيام؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: من صام رمضان
ولم يفطر منه يوما، وتدري ما إطعام الطعام؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: من
طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس، وتدري ما التهجد بالليل والناس
نيام؟ قال: الله ورسوله أعلم قال: من لم ينم حتى يصلي العشاء الآخرة، ويعني
بالناس نيام، اليهود والنصارى، فإنهم ينامون فيما بينهما (1).
أقول: قد مضى بأسانيد في باب المعراج وأبواب المكارم،
5 - تفسير علي بن إبراهيم: " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا " (2).
قال: الباقيات الصالحات هو سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر (3).
6 - الخصال: ابن بندار، عن أبي العباس الحمادي، عن محمد بن علي الصائغ
عن عمرو بن سهل بن زنجلة، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن أبي سلام
الأسود، عن أبي سلام راعي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
خمس ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر
والولد الصالح يتوفى لمسلم فيصبر ويحتسب (4).
7 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسري إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها ملائكة يبنون
لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وربما أمسكوا، فقلت لهم: مالكم ربما بنيتم
وربما أمسكتم؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: وما نفقتكم؟ فقالوا: قول
المؤمن في الدنيا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإذا قال بنينا

(1) تفسير القمي ص 19.
(2) مريم: 76.
(3) تفسير القمي ص 413.
(4) الخصال ج 1 ص 128.
169

وإذا أمسك أمسكنا (1).
8 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لما أسري بي إلي السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا ورأيت فيها ملائكة
إلى آخر ما مر (2).
9 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن إسحاق بن محمد بن مروان، عن أبيه
عن يحيى بن سالم، عن حماد بن عثمان، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعانا يققا
من مسك ورأيت فيها ملائكة إلى آخر الخبر (3).
10 - علل الشرائع (4) عيون أخبار الرضا (ع): ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن ابن معبد، عن ابن خالد
قال: سألت الرضا عن مهر السنة كيف صار خمسمائة درهم؟ فقال: إن الله تبارك
وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ويحمده مائة تحميدة
ويسبحه مائة تسبيحة، ويهلله مائة تهليلة، ويصلي على محمد وآل محمد مائة مرة ثم
يقول: اللهم زوجني من الحور العين، إلا زوجه الله حوراء من الجنة، وجعل
ذلك مهرها، فمن ثم أوحى الله عز وجل إلى نبيه صلى الله عليه وآله أن يسن مهور المؤمنات
خمسمائة درهم، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله (5).
أقول: سيأتي باسناد آخر في باب الصلاة،
11 - أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
مالك بن أنس، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: جاء الفقراء
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله إن للأغنياء ما يعتقون، وليس لنا، ولهم

(1) تفسير القمي ص 413.
(2) تفسير القمي ص 20.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 88.
(4) علل الشرايع ج 2 ص 185.
(5) عيون الأخبار ج 2 ص 84.
170

ما يحجون به وليس لنا، ولهم ما يتصدقون به وليس لنا، ولهم ما يجاهدون به وليس
لنا، فقال صلى الله عليه وآله: من كبر الله تبارك وتعالى مائة مرة كان أفضل من
عتق مائة رقبة، ومن سبح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة، ومن حمد
الله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها
ومن قال لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس عملا ذلك اليوم إلا من زاد.
قال: فبلغ ذلك الأغنياء فصنعوه قال: فعادوا إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: يا
رسول الله! قد بلغ الأغنياء ما قلت فصنعوه، فقال عليه السلام: ذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء (1).
ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي مثله (2).
12 - ثواب الأعمال: ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعري، عن إبراهيم بن إسحاق
عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أكثروا من سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله
أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة لهن مقدمات ومؤخرات ومعقبات، وهن
الباقيات الصالحات (3).
ثواب الأعمال: أبي، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن بزيع، عن منصور
ابن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (4).
13 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي -
داود المسترق، عن ثعلبة بن ميمون [عن بعض أصحابنا] عن يونس بن يعقوب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال التفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أصحابه فقال: اتخذوا جننا فقالوا: يا رسول الله أمن عدو قد أظلنا؟ قال: لا، ولكن من النار، قولوا: سبحان
الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (5).

(1) أمالي الصدوق ص 43.
(2) ثواب الأعمال: 9.
(3) ثواب الأعمال ص 11.
(4) ثواب الأعمال ص 11.
(5) ثواب الأعمال ص 11.
171

14 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه واللؤلؤي معا
عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قال: سبحان الله
من غير تعجب خلق الله منها طائرا له لسان وجناحان يسبح الله عنه في المسبحين
حتى تقوم الساعة، ومثل ذلك الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (1).
15 - المحاسن: علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن ثابت، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر
خلق الله منها أربعة أطيار تسبحه وتقدسه وتهلله إلى يوم القيامة (2).
16 - المحاسن: محمد بن علي، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن الحصين، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من بخل منكم بمال أن ينفقه، وبالجهاد أن يحضره
وبالليل أن يكابده فلا يبخل بسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر
ولا حول ولا قوة إلا بالله (3).
17 - المحاسن: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لام هاني: من سبح الله مائة مرة كل
يوم، كان أفضل ممن ساق مائة بدنة إلى بيت الله الحرام، ومن حمد الله مائة تحميدة
كان أفضل ممن أعتق مائة رقبة، ومن كبر الله مائة تكبيرة، كان أفضل ممن حمل
على مائة فرس في سبيل الله بسروجها ولجمها، من هلل الله مائة تهليلة كان أفضل
الناس عملا يوم القيامة، إلا من قال أفضل من هذا (4).
18 - تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
خذوا جننكم قالوا: يا رسول الله عدو حضر؟ فقال: لا، ولكن خذوا جننكم
من النار، فقالوا: وما جنننا يا رسول الله من النار؟ قال: سبحان الله، و
الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة ولهن مقدمات
ومؤخرات ومنجيات ومعقبات، وهن الباقيات الصالحات، ثم قال أبو عبد الله

(1) ثواب الأعمال ص 13.
(2) المحاسن ص 37.
(3) المحاسن ص 37.
(4) المحاسن ص 43.
172

عليه السلام: " ولذكر الله أكبر " قال: ذكر الله عندما أحل أو حرم، وشبه
هذه ومؤخرات (1).
19 - جامع الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله
والله أكبر، سيد التسابيح، فمن قال في يوم ثلاثين مرة كان خيرا له من عتق رقبة
وكان خيرا له من عشرة ألف فرس يوجه في سبيل الله، وما يقوم من مقامه إلا
مغفورا له الذنوب، وأعطاه الله بكل حرف مدينة.
وقال عليه السلام: من قال مائة مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله
والله أكبر كتب اسمه في ديوان الصديقين وله ثواب الصديقين، وله بكل حرف
نور على الصراط، ويكون في الجنة رفيق خضر عليه السلام.
وقال عليه السلام: سبحان الله خير من جبل فضة في سبيل الله، والحمد لله خير
من جبل ذهب في سبيل الله، ولا إله إلا الله خير من الدنيا وما فيها يقدمها الرجل
بين يديه، والله أكبر خير من عتق ألف رقبة، فمن يقول كل يوم مائة مرة:
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، حرم الله جسده على النار.
وروى ابن عباس قال: جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول
الله إن الأغنياء يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم أموال يعتقون
ويتصدقون، قال: فإذا صليتم فقولوا: سبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة، والحمد لله
ثلاثا وثلاثين مرة، والله أكبر أربعا وثلاثين مرة، ولا إله إلا الله عشر مرات
فإنكم تدركون به من سبقكم، ولا يسبقكم من بعدكم.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، يسبح
الله في دبر كل صلاة ثلاث وثلاثين ويحمده ثلاثا وثلاثين ويكبره أربعا وثلاثين
ويسبح عند منامه عشرا، ويحمده عشرا، ويكبره عشرا.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأصحابه ذات يوم: أرأيتم
لو جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية، ثم وضعتم بعضه على بعض، أكنتم ترونه
يبلغ السماء؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: أفلا أدلكم على شئ أصله في الأرض

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 327.
173

وفرعه في السماء؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: يقول أحدكم إذا فرغ من الصلاة
الفريضة ثلاثين مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فان
أصلهن في الأرض، وفرعهن في السماء، وهن يدفعن الهدم والغرق والحرق
والتردي في البئر وأكل السبع وميتة السوء والبلية التي تنزل من السماء على
العبد في ذلك اليوم، وهن الباقيات الصالحات،
وقال عليه السلام: من قال حين يدخل السوق: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله
إلا الله وحده لا شريك له له الملك [وله الحمد يحيى ويميت] وهو على كل
شئ قدير أعطي من الاجر بعدد ما خلق الله إلى يوم القيامة.
عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قال: سبحان الله من غير تعجب خلق الله منها
طائرا له لسان وجناحان، يسبح الله عنه في المسبحين، حتى تقوم الساعة
ومثل ذلك الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (1).
20 - مجالس الشيخ: عن أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير
عن علي بن فضال، عن العباس بن عامر، عن فضيل بن عثمان، عن بشير الدهان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله في ملاء من أصحابه قال: فقال: خذوا جننكم
قالوا: يا رسول الله حضر عدو؟ قال: لا جننكم من النار قال: فقولوا: سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن يوم القيامة
مقدمات منجيات ومعقبات وهن عند الله الباقيات الصالحات (2).
21 - دعوات الراوندي: في معراج النبي صلى الله عليه وآله أنه مر على إبراهيم خليل
الرحمن عليه السلام فناداه من خلفه فقال: يا محمد اقرأ أمتك عني السلام، وأخبرهم
أن الجنة ماؤها عذب، وتربتها طيبة، قيعان يقق، غرسها سبحان الله، والحمد
لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فمر أمتك فليكثروا
من غرسها.

(1) جامع الأخبار ص 61.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 290.
174

وعن النبي صلى الله عليه وآله: التسبيح نصف الميزان، والحمد يملاؤه، والتكبير يملا
ما بين السماء والأرض.
22 - عدة الداعي: عن الصادق عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:
التسبيح نصف الميزان، والتحميد يملا الميزان، والله أكبر يملا ما بين السماوات
والأرض.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أعلمكم خمس كلمات خفيفات على اللسان
ثقيلات في الميزان، يرضين الرحمن، ويطردن الشيطان، وهن من كنوز الجنة
من تحت العرش، وهن من الباقيات الصالحات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال:
قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقال صلى الله عليه وآله: خمس بخ بخ لهن ما أثقلهن في الميزان.
3 * (باب) *
* " (التسبيح وفضله ومعناه، وأنواع التسبيحات وفضلها) " *
* " (وفيه تسبيحات الأنبياء والملائكة) " *
الآيات: الأعراف: ويسبحونه وله يسجدون (1).
يونس: دعويهم فيها سبحانك اللهم (2).
الحجر: فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين (3).
اسرى: ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا (4).
طه: كي نسبحك كثيرا (5).

(1) الأعراف: 406.
(2) يونس: 10.
(3) الحجر: 98.
(4) أسرى: 108.
(5) طه: 33.
175

الأنبياء: يسبحون الليل والنهار لا يفترون (1).
النور: يسبح له فيها بالغدو والآصال (2).
الصافات: فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون (3).
السجدة: فان استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم
لا يسئمون (4).
الزخرف: سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون (5).
ق: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه
وأدبار السجود (6).
الطور: وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم (7).
الواقعة: فسبح باسم ربك العظيم (8).
الحشر: سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم (9).
الحاقة: فسبح باسم ربك العظيم (10).
الاعلى: سبح اسم ربك الاعلى * الذي خلق فسوى (11).
النصر: فسبح بحمد ربك (12).
1 - التوحيد (13) معاني الأخبار: أبي، عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس، عن
هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سبحان الله، قال: أنفة الله (14).

(1) الأنبياء: 20.
(2) النور: 36.
(3) الصافات: 143.
(4) السجدة: 38.
(5) الزخرف: 82.
(6) ق: 39.
(7) الطور: 48.
(8) الواقعة: 74.
(9) الحشر: 1، الحديد: 1، الصف: 1.
(10) الحاقة: 52.
(11) الاعلى: 1 - 2.
(12) النصر: 3.
(13) التوحيد ص 230.
(14) معاني الأخبار ص 9.
176

2 - معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار عن ابن أبي الخطاب، عن ابن أسباط
عن سليم مولى طربال، عن هشام الجواليقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول
الله عز وجل: سبحان الله ما يعنى به؟ قال تنزيهه (1).
التوحيد: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن عبد العظيم الحسنى
عن ابن أسباط مثله (2).
3 - التوحيد (3) معاني الأخبار: عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أحمد بن محمد بن عبد الله
ابن حمزة، عن عبيد الله بن يحيى، عن علي بن الحسن المعافى، عن عبد الله بن
يزيد، عن يحيى بن عقبة، عن محمد بن حجار، عن يزيد بن الأصم قال: سأل
رجل عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين ما تفسير سبحان الله؟ قال: إن في
هذا الحائط رجلا كان إذا سئل أنبأ، وإذا سكت أبتدأ فدخل الرجل فإذا هو
علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا أبا الحسن ما تفسير سبحان الله؟ قال: هو تعظيم
جلال الله عز وجل، وتنزيهه عما قال فيه كل مشرك فإذا قاله العبد صلى عليه
كل مالك (4).
4 - الخصال: الفامي، عن ابن بطة، عن البرقي، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى رفعه
إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: قال إبليس: خمسة [أشياء] ليس لي فيهن حيلة، و
سائر الناس في قبضتي، ومن اعتصم بالله عن نية صادقة واتكل عليه في جميع أموره، ومن
كثر تسبيحه في ليله ونهاره، ومن رضي لأخيه المؤمن ما يرضاه لنفسه، ومن لم
يجزع على المصيبة حتى تصيبه، ومن رضي بما قسم الله له ولم يهتم لرزقه (5)
5 - أمالي الصدوق: أبي عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن
حماد بن واقد، عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: من قال سبحان الله وبحمده

(1) معاني الأخبار ص 9.
(2) التوحيد ص 230.
(3) التوحيد ص 230.
(4) معاني الأخبار ص 9.
(5) الخصال ج 1 ص 137، وفيه حين تصيبه.
177

سبحان الله العظيم، ثلاثين مرة استقبل الغنى واستدبر الفقر وقرع باب الجنة (1).
6 - الخصال: قد مضى عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: مجدوا الله في
خمس كلمات ثم قال: إذا قلت: سبحان الله وبحمده، رفعت الله عما يقول
العادلون به (2).
7 - معاني الأخبار: علي بن أحمد الطبري، عن الحسن بن علي بن زكريا، عن خراش
مولى أنس، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، من قال سبحان الله وبحمده كتب
الله له ألف ألف حسنة، ومحى عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة، ومن زاد
زاده الله، ومن استغفر غفر الله له (3).
8 - أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن النهدي، عن ابن علوان، عن عمرو بن ثابت
عن محمد بن حمران، عن الصادق عليه السلام قال: من سبح الله كل يوم ثلاثين مرة
دفع الله تبارك وتعالى عنه سبعين نوعا من البلاء أدناها الفقر (4).
9 - الخصال: ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي عن محمد بن زياد البصري، عن
عبد الله بن عبد الرحمن المدائني، عن الثمالي، عن ثور، عن أبيه سعيد بن علاقة
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من سبح الله كل يوم ثلاثين مرة دفع الله عز وجل
عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الفقر (5).
10 - معاني الأخبار: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي، عن محمد بن إبراهيم
الجرجاني، عن عبد الصمد بن يحيى، عن الحسن بن علي المدني، عن عبد الله بن
المبارك، عن سفيان الثوري، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام
قال: إن الله حبس نور محمد صلى الله عليه وآله في حجاب القدرة اثنى عشر ألف سنة، وهو يقول:

(1) أمالي الصدوق ص 169.
(2) الخصال ج 1 ص 143.
(3) معاني الأخبار ص 411.
(4) أمالي الصدوق ص 34
(5) الخصال ج 2 ص 93.
178

" سبحان ربي الأعلى " وفي حجاب العظمة إحدى عشر ألف سنة وهو يقول:
" سبحان عالم السر " وفي حجاب المنة عشرة آلاف سنة وهو يقول: " سبحان
من هو قائم لا يلهو " وفي حجاب الرحمة تسعة آلاف سنة وهو يقول: " سبحان
الرفيع الاعلى " وفي حجاب السعادة ثمانية آلاف سنة وهو يقول: " سبحان من
هو دائم لا يسهو " وفي حجاب الكرامة سبعة آلاف سنة وهو يقول: " سبحان من
هو غني لا يفتقر " وفي حجاب المنزلة ستة آلاف سنة وهو يقول: " سبحان العليم
الكريم " وفي حجاب الهداية خمسة آلاف سنة وهو يقول: " سبحان ذي العرش
العظيم " وفي حجاب النبوة أربعة آلاف سنة وهو يقول: " سبحان رب العزة عما
يصفون " وفي حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة وهو يقول: " سبحان ذي الملك
والملكوت " وفي حجاب الهيبة ألفي سنة وهو يقول: " سبحان الله وبحمده " وفي
حجاب الشفاعة ألف سنة وهو يقول: " سبحان ربي العظيم وبحمده ".
ثم أظهر اسمه على اللوح فكان على اللوح منورا أربعة آلاف سنة، ثم أظهره
على العرش، فكان على ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة، إلى أن وضعه الله عز
وجل في صلب آدم (1).
أقول: قد سبق تمامه في كتاب النبوة (2).
11 - التوحيد: علي بن عبد الله الأسواري، عن مكي بن أحمد، عن عدي بن
أحمد، عن أحمد بن محمد بن البراء، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن
وهب، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن لله تبارك وتعالى ديكا رجلاه
في تخوم الأرض السابعة، ورأسه عند العرش ثاني عنقه تحت العرش، وملك من
ملائكة الله تعالى خلقه الله تعالى ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى مضى
مصعدا فيها مد الأرضين حتى خرج منها إلى أفق السماء ثم مضى فيها مصعدا

(1) معاني الأخبار ص 306.
(2) أخرجه بتمامه في ج 15 ص 4 - 5 من هذه الطبعة الحديثة، عن المعاني
والخصال ج 2 ص 81.
179

حتى انتهى قرنه إلى العرش، وهو يقول: " سبحانك ربي " ولذلك الديك
جناحان إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب، فإذا كان في آخر الليل نشر جناحيه
وخفق بهما وصرخ بالتسبيح، وهو يقول: " سبحان الله الملك القدوس الكبير
المتعال القدوس لا إله إلا هو الحي القيوم " فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض
كلها وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ، فإذا سكن ذلك الديك في السماء
سكنت الديكة في الأرض.
فإذا كان في بعض السحر نشر جناحيه فجاوز المشرق والمغرب وخفق بهما
وصرخ بالتسبيح " سبحان الله العظيم سبحان الله العزيز القهار سبحان الله ذي
العرش المجيد سبحان الله ذي العرش الرفيع " فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض
فإذا هاج هاجت الديكة في الأرض تجاوبه بالتسبيح والتقديس لله تعالى، ولذلك
الديك ريش أبيش كأشد بياض رأيته قط، وله زغب أخضر تحت ريشه الأبيض
كأشد خضرة رأيتها قط، فما زلت مشتاقا إلى أن أنظر إلى ريش ذلك
الديك (1).
12 - التوحيد: بهذا الاسناد، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن لله تبارك
وتعالى ملكا من الملائكة نصف جسده الاعلى نار، ونصفه الأسفل ثلج، فلا
النار تذيب الثلج ولا الثلج يطفئ النار، وهو قائم ينادي بصوت له رفيع " سبحان
الله الذي كف حر هذه النار، فلا تذيب هذا الثلج، وكف برد هذا الثلج فلا يطفئ
حر هذه النار اللهم مؤلفا بين الثلج والنار، ألف بين قلوب عبادك المؤمنين على
طاعتك (2).
13 - التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبان، عن ابن أورمة، عن أحمد بن
محسن، عن أبي الحسن الشعيري، عن ابن طريف، عن ابن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: إن الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى إلا أن لله تعالى ملكا في

(1) التوحيد: 202.
(2) التوحيد ص 203.
180

صورة ديك أبح (1) أشهب براثنه في الأرضين السابعة السفلى، وعرفه مثنى تحت
العرش، له جناحان جناح في المشرق وجناح في المغرب، واحد من نار، والآخر
من ثلج، فإذا حضر وقت الصلاة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش
ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم، فلا الذي من النار يذيب الثلج؟
ولا الذي من الثلج يطفئ النار.
فينادي " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا سيد
النبيين، وأن وصيه سيد الوصيين، وأن الله سبوح قدوس رب الملائكة
والروح " قال: فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم، فتجيبه عن قوله، وهو قوله
عز وجل: " والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه " (2) من الديكة في
الأرض (3).
14 - أمالي الصدوق: ابن شاذويه، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن ابن
أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة عن ابن عباس
قال: لما أن بعث الله عيسى عليه السلام تعرض له الشيطان فوسوسه فقال عيسى عليه السلام:
سبحان الله ملء سماواته وأرضه، ومداد كلماته، وزنة عرشه، ورضا نفسه قال:
فلما سمع إبليس ذلك، ذهب على وجهه لا يملك من نفسه شيئا حتى وقع في اللجة
الخضراء (4).
أقول: تمامه في باب أحوال عيسى عليه السلام.
15 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن فضال

(1) في بعض النسخ ديك أبج أي واسع مأق العين، ذكره الجوهري، وفى بعض النسخ
" أبح " بالحاء المهملة من البحة وهي غلظة الصوت وفى بعض النسخ " أملح " والملحة بياض يخالط
السواد، فالأشهب تفسير له، إذ الشهبة بياض يصدعه سواد.
(2) النور: 41.
(3) التوحيد ص 205 في حديث.
(4) أمالي الصدوق ص 122.
181

عن يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: من قال: سبحان الله مائة
مرة، كان ممن ذكر الله كثيرا؟ قال: نعم (1).
16 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي عن أبيه واللؤلؤي معا
عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قال: سبحان
الله من غير تعجب، خلق الله منها طائرا له لسان وحاجبان، يسبح الله عنه في
المسبحين، حتى تقوم الساعة، ومثل ذلك الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله
أكبر (2).
17 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال: سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم وبحمده كتب الله له ثلاثة آلاف حسنة، ومحا عنه ثلاث آلاف
سيئة، ورفع له ثلاثة آلاف درجة، وخلق منها طائرا في الجنة يسبح وكان أجر
تسبيحه له (3).
18 - قصص الأنبياء: بالاسناد عن الصدوق، باسناد إلى محمد بن أورمة، عن محمد بن
خالد، عمن ذكره، عن أبي جعفر عليه السلام قال: حج ذو القرنين في ستمائة ألف
فارس، فلما دخل الحرم شيعه بعض أصحابه إلى البيت فلما انصرف فقال: رأيت
رجل ما رأيت أكثر نورا ووجها منه، قالوا: ذاك إبراهيم خليل الرحمن، قال:
أسرجوا فأسرجوا ستمائة ألف دابة في مقدار ما يسرج دابة واحدة، قال: ثم
قال ذو القرنين: لا بل نمشي إلى خليل الرحمن فمشى ومشى معه أصحابه حتى التقيا.
قال إبراهيم عليه السلام: بم قطعت الدهر؟ قال: بإحدى عشر كلمة " سبحان من
هو باق لا يفنى، سبحان من هو عالم لا ينسى، سبحان من هو حافظ لا يسقط
سبحان من هو بصير لا يرتاب، سبحان من هو قيوم لا ينام، سبحان من هو ملك
لا يرام، سبحان من هو عزيز لا يضام، سبحان من هو محتجب لا يرى، سبحان من
هو واسع لا يتكلف، سبحان من هو قائم لا يلهو، سبحان من هو دائم لا يسهو.

(1) ثواب الأعمال: 13.
(2) ثواب الأعمال: 13.
(3) ثواب الأعمال: 12.
182

19 - المحاسن: في رواية محمد بن مروان، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: إذا قال أحد: سبحان الله فقد أنف لله، وحق على الله أن
ينصره (1).
20 - المحاسن: إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حمزة، عن أبي أيوب
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من سبح الله مائة مرة، كان أفضل الناس
ذلك اليوم، إلا من قال مثل قوله (2).
21 - المحاسن: الوشاء، عن رفاعة، عن ليث قال: سمعته يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من قال: سبحان الله من غير تعجب خلق الله منها طائرا أخضر
يستظل بظل العرش يسبح، فيكتب له ثوابه إلى يوم القيامة (3).
22 - تفسير العياشي: عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن التسبيح
فقال: هو اسم من أسماء الله، ودعوى أهل الجنة (4).
23 - السرائر: محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن محمد بن أبي عمير، عن
هشام بن الحكم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من كلمة أخف على اللسان ولا أبلغ
من سبحان الله (5).
24 - كشف الغمة: عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: من قال: " سبحان الله العظيم
وبحمده " من غير تعجب كتب الله له مائة ألف حسنة، ومحا عنه ثلاثة آلاف سيئة
ورفع له ثلاثة آلاف درجة (6).
25 - نقل من خط الشهيد رحمه الله: في حديث المعراج أن تسبيح أهل
السماء الدنيا " سبحان ذي الملك والملكوت " وأهل السماء الثانية " سبحان ذي العز
والجبروت " وأهل الثالثة " سبحان الحي الذي لا يموت " وأهل الرابعة " سبحان

(1) المحاسن ص 37.
(2) المحاسن ص 37.
(3) المحاسن ص 37.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 120.
(5) السرائر ص 469.
(6) كشف الغمة ج 2 ص 296.
183

الملك القدوس سبحان رب الملائكة والروح ".
26 - عدة الداعي: روي أن سليمان بن داود عليه السلام كان معسكره مائة فرسخ
في مائة فرسخ وقد نسجت الجن له بساطا من ذهب وإبريسم، فرسخان في فرسخ
فكان يوضع منبره في وسطه، وهو من ذهب فيقعد عليه، وحوله ستمائة ألف كرسي
من ذهب وفضة، فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب، والعلماء على كراسي الفضة
وحولهم الناس، وحول الناس الجن والشياطين، وتظلله الطير بأجنحتها، وكان
يأمر الريح العاصف يسيره، والرخاء يحمله، فيحكى أنه مر بحراث فقال: لقد
أوتي ابن داود ملكا عظيما فألقاه الريح في اذنه، فنزل ومشى إلى الحراث وقال:
إنما مشيت إليك لئلا تتمنى مالا تقدر عليه، ثم قال: لتسبيحة واحدة يقبلها الله
تعالى، خير مما أوتي آل داود، وفي حديث آخر: لان ثواب التسبيحة يبقى وملك
سليمان يفنى.
4 (باب)
* " (الكلمات الأربع التي يفزع إليها ومعناها) " *
* " (والقصص المتعلقة بها) " *
1 - الخصال (1) أمالي الصدوق: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن أبي عمير
قال: حدثني جماعة عن مشايخنا منهم أبان بن عثمان وهشام بن سالم ومحمد بن
حمران، عن الصادق عليه السلام قال عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع:
عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله: " حسبنا الله ونعم الوكيل " (2) فاني
سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء "
وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت

(1) الخصال ج 1 ص 103.
(2) آل عمران: 173.
184

من الظالمين " (1) فاني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: " فنجيناه من الغم وكذلك
ننجي المؤمنين " وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله: " أفوض أمري
إلى الله إن الله بصير بالعباد " (2) فاني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: " فوقيه
الله سيئات ما مكروا " وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله: " ما
شاء الله لا قوة إلا بالله " (3) فاني سمعت الله عز وجل يقول بعقبها: " إن ترن
أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك " وعسى موجبة (4).
2 - التوحيد: في خبر زينب العطارة ما تحمل الاملاك العرش إلا بقول: " لا إله
إلا الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (5).
3 - تفسير علي بن إبراهيم: " واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب
وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا " (6) قال: نزلت في رجل كان له بستانان
كبيران عظيمان كثير الثمار كما حكى الله عز وجل، وفيهما نخل وزرع وماء
وكان له جار فقير، فافتخر الغني على الفقير، وقال له: أنا أكثر منك مالا وأعز
نفرا ثم دخل بستانه وقال: " ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة
ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا " فقال له الفقير: " أكفرت بالذي
خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * لكنا هو الله ربي ولا أشرك
بربي أحدا ".
ثم قال الفقير للغني: فهلا " إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا
بالله. إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا " ثم قال الفقير: فعسى ربي أن يؤتيني

(1) الأنبياء: 87.
(2) غافر: 44،
(3) الكهف: 39،
(4) أمالي الصدوق ص 5.
(5) التوحيد ص 200 في حديث.
(6) الكهف: 32 - 43.
185

خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا " أي محترقا
" أو يصبح ماؤها غورا " فوقع فيها ما قال الفقير في تلك الليلة، وأصبح الغني
" يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك
بربي أحدا * ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا " وهذه عقوبة
الغني (1).
4 - الإحتجاج: فيما كتب أبو الحسن العسكري عليه السلام إلى أهل الأهواز سأل عباية
الأسدي أمير المؤمنين عليه السلام عن تأويل " لا حول ولا قوة إلا بالله " فقال عليه السلام:
لا حول منا عن معاصي الله إلا بعصمته، ولا قوة لنا على طاعة الله إلا بعون
الله (2).
5 - أمالي الصدوق: ابن الوليد، عن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى
عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن آدم شكا
إلى الله عز وجل ما يلقى من حديث النفس والحزن، فنزل عليه جبرئيل فقال له:
يا آدم قل: " لا حول ولا قوة إلا بالله " فقالها: فذهب عنه الوسوسة والحزن (3).
6 - أمالي الصدوق: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن عبد الجبار، عن ابن البطائني
عن محمد بن يوسف، عن محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تظاهرت عليه النعم فليقل: " الحمد لله رب العالمين "
ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "
فإنه كنز من كنوز الجنة (4) وفيه شفاء من اثنين وسبعين داء أدناها الهم (5).
7 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله في ليلة المعراج: أعطيتك كلمتين من خزائن عرشي

(1) تفسير القمي ص 396 - 397.
(2) الاحتجاج ص 251.
(3) أمالي الصدوق ص 324.
(4) كنوز العرش خ، كنوز الخير خ.
(5) أمالي الصدوق ص 332.
186

" لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا منجا منك إلا إليك " (1).
أقول: تمامه في باب المعراج.
8 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فيها شفاء من تسعة وتسعين داء
أدناها الهم.
9 - أقول: قد سبق عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: من قال لا حول
ولا قوة إلا بالله فوض الامر إلى الله عز وجل، وأوردنا أيضا في أبواب المواعظ
وباب جوامع المكارم بأسانيد عن عبادة الصامت، عن أبي ذر رحمة الله أنه قال:
أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فإنها من كنوز الجنة.
10 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من حزنه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله (2).
11 - التوحيد (3) معاني الأخبار: القطان: عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة
عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن معنى لا حول ولا
قوة إلا بالله، فقال: معناه لا حول لنا عن معصية الله إلا بعون الله، ولا قوة لنا
على طاعة الله إلا بتوفيق الله عز وجل (4).
12 - معاني الأخبار: محمد بن أحمد بن تميم، عن أبي لبيد محمد بن إدريس، عن هاشم بن
عبد العزيز، عن سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، عن خلف بن يزيد، عن
عبد الله بن شراح، عن ربيعة، عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
أراد كنز الحديث فعليه بلا حول ولا قوة إلا بالله (5).

(1) تفسير القمي ص 375.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 46.
(3) التوحيد ص 247 في ط.
(4) معاني الأخبار ص 21.
(5) معاني الأخبار ص 139.
187

13 - أمالي الطوسي: في وصية أبي عبد الله عليه السلام إلى سفيان: إذا حزن أحدكم أمر
فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1).
14 - قصص الأنبياء: بالاسناد عن الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي
عن البزنطي، عن أبان بن عيسى، عن الصادق عليه السلام قال: كان آدم إذا لم يأته
جبرئيل اغتم وحزن، فشكى ذلك إلى جبرئيل، فقال: إذا وجدت شيئا من
الحزن فقل: لا حول ولا قوة إلا بالله.
15 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم
عن الحسين بن سيف، عن هشام بن سالم، عن الرضا عليه السلام قال: من قال لا حول
ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم] صرف الله عنه تسعة وتسعين نوعا من بلايا الدنيا
أيسرها الخنق (2).
16 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن
عذافر، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه الله قال: من قال في كل يوم مائة مرة
لا حول ولا قوة إلا بالله، دفع الله بها عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الهم (3).
17 - المحاسن: أبي، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمان بن محمد، عن حريب
الغزال، عن صدقة القتاب، عن الحسن البصري قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ألا
أخبركم بخمس خصال هن من البر والبر يدعو إلى الجنة؟ قلت: بلى، قال:
إخفاء المصيبة وكتمانها، والصدقة تعطيها بيمينك لا تعلم بها شمالك، وبر الوالدين
فان برهما لله رضا، والاكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فإنه
من كنوز الجنة، والحب لمحمد وآل محمد (4).
18 - المحاسن: أبي، عن يونس، عن عمرو بن جميع رفعه قال: قال سلمان
رضوان الله عليه: أوصاني خليلي أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 94.
(2) ثواب الأعمال ص 147.
(3) ثواب الأعمال ص 147.
(4) المحاسن ص 9.
188

العظيم، فإنها كنز من كنوز الجنة الخبر (1).
19 - المحاسن: أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال بسم الله الرحمن الرحيم
[و] لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثلاث مرات كفاه الله تسعة وتسعين نوعا
من أنواع البلاء أيسرها الخنق (2).
20 - المحاسن: محمد بن بكر، عن زكريا بن محمد، عن عامر بن معقل، عن
أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن آدم شكى إلى ربه حديث النفس
فقال: أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله (3).
21 - المحاسن: بهذا الاسناد رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إن حملة العرش
لما ذهبوا ينهضون بالعرش لم يستقلوه، فألهمهم الله لا حول ولا قوة إلا بالله
فنهضوا به (4).
22 - المحاسن: في رواية محمد بن عمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: إذا قال العبد: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقد فوض أمره إلى الله، وحق
على الله أن يكفيه (5).
23 - المحاسن: في رواية هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال عليه السلام:
إذا قال العبد لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله عز وجل للملائكة: استسلم عبدي
اقضوا حاجته (6).
24 - المحاسن: عيسى بن جعفر العلوي، عن حفص السدوسي وأحمد بن عبيد
عن الحسين بن علوان الكلبي، عن جعفر عليه السلام قال: سألته عن تفسير لا حول ولا
قوة إلا بالله، قال: لا يحول بيننا وبين المعاصي إلا الله، ولا يقوينا على أداء
الطاعة والفرائض إلا الله (7).

(1) المحاسن ص 11.
(2) المحاسن ص 41.
(3) المحاسن ص 41.
(4) المحاسن ص 41.
(5) المحاسن ص 42.
(6) المحاسن ص 42.
(7) المحاسن ص 42.
189

25 - المحاسن: يحيى بن أبي بكر، عن بعض أصحابه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
إذا قال العبد: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله: ملائكتي استسلم
عبدي، أعينوه، أدركوه، اقضوا حاجته (1).
26 - المحاسن: في رواية قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قال: ما شاء الله ألف
مرة في دفعة واحدة رزق الحج من عامه، فإن لم يرزق أخره الله حتى يرزقه (2).
27 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ظهرت عليه النعمة فليكثر الحمد لله، ومن كثرت همه
فعليه بالاستغفار، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله
ينفي الله عنه الفقر (3).
28 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل العبادة قول: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا
بالله، وخير الدعاء الاستغفار، ثم تلا النبي صلى الله عليه وآله: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر
لذنبك " (4).
29 - صحيفة الرضا (ع): عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
أنعم الله عليه فليحمد الله ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله، ومن حزنه أمر فليقل:
لا حول ولا قوة إلا بالله (5).
30 - طب الأئمة: محمد بن يزيد، عن زياد بن محمد الملطي، عن أبيه، عن هشام بن
أحمر، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: من قال: لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم، دفع الله عنه ثلاثا وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجنون (6).
وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ألا أدلك علي
كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله: لا حول ولا قوة إلا

(1) المحاسن ص 42.
(2) المحاسن ص 42.
(3) المحاسن ص 42.
(4) المحاسن ص 291.
(5) صحيفة الرضا عليه السلام ص 38.
(6) الخنق خ.
190

بالله (1).
31 - طب الأئمة: عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: دعاء المكروب والملهوف، ومن قد
أعيته الحيلة وأصابته بلية، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، يقولها
ليلة الجمعة إذا فرغ من الصلاة المكتوبة من العشاء الآخرة، وقال: أخذته عن
أبي جعفر قال: أخذته عن علي بن الحسين ذي الثفنات أخذه عن الحسين بن علي
أخذه عن أمير المؤمنين أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذه عن جبرئيل عن الله
عز وجل (2).
32 - تفسير الإمام العسكري: إنما قدر حملة العرش على حمله بقول بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على محمد وآله الطيبين (3).
أقول: تمامه في باب العرش.
33 - جامع الأخبار: روى ابن عباس قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وهو يقول: لا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قلت: يا نبي الله ما ثوابه؟ قال: تسبيح حملة
العرش، فمن قال مرة: لا حول ولا قوة إلا بالله غفر الله له ذنوب مائة سنة، وكتب
له بكل حرف مائة حسنة، ورفع له مائة درجة، فان زاد على مرة واحدة فله
بكل حرف كنز، ونور للصراط.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال ألف مرة: لا حول ولا قوة إلا بالله
رزقه الله تعالى الحج، فإن كان قد قرب أجله أخر الله في أجله حتى رزقه الحج.
وقال عليه السلام: من قال: لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة في كل يوم لم
يصبه فقر أبدا (4).
34 - تنبيه الخاطر: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بعث الله نبيا إلى قوم فشكى إلى الله

(1) طب الأئمة عليهم السلام 39.
(2) طب الأئمة عليهم السلام ص 122.
(3) تفسير الامام:
(4) جامع الأخبار ص 62.
191

الضعف فأوحى الله عز وجل إليه أن النصر يأتيك بعد خمس عشر سنة، فقال لأصحابه:
إن الله عز وجل أمرني بقتال بني فلان فشكوا إليه الضعف، فقال: إن الله قد
أوحى إلى أن النصر يأتيني بعد خمس عشر سنة، فقالوا: ما شاء الله لا حول ولا
قوة إلا بالله، قال: فأتاهم بالنصر في سنتهم، لتفويضهم إلى الله، لقولهم: ما شاء
الله لا حول ولا قوة إلا بالله.
35 - الكافي: في الروضة، أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن
النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من قال: بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم، ثلاث مرات كفاه الله عز وجل تسعة وتسعين نوعا من أنواع البلاء
أيسرهن الخنق (1).
5 * (باب) *
* " (التهليل وفضله، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله، ومن) " *
* " (قال: لا إله إلا الله مخلصا، وفضل الشهادتين زائدا) " *
* " (على ما مر ويأتي في الأبواب السابقة والآتية) " *
1 - التوحيد (2) أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سيف
عن أخيه علي، عن أبيه ابن عميرة، عن الحسن بن الصباح، عن أنس، عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: كل جبار عنيد من أبى أن يقول: لا إله إلا الله (3).
2 - أقول: قد مضى في كتاب التوحيد في باب ثواب الموحدين والعارفين
بأسانيد جمة عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن الله عز وجل قال: لا إله إلا الله
حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي، وقد مضى فيه غيره من الاخبار

(1) الكافي ج 8 ص 109.
(2) التوحيد ص 4. (1) أمالي الصدوق ص 119.
192

أيضا (1).
3 - أمالي الصدوق: في خبر الشيخ الشامي سئل أمير المؤمنين عليه السلام: أي القول أصدق؟
قال: شهادة أن لا إله إلا الله (2).
4 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن
السري، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من قال: لا إله إلا الله من غير تعجب خلق الله منها طائرا يرفرف على رأس
صاحبها إلى أن تقوم الساعة، ويذكر لقائلها (3).
5 - الخصال: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن السياري رفعه
إلى الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: قلت: قولك: مجدوا الله في خمس
كلمات ما هي؟ قال: إذا قلت: " سبحان الله وبحمده " رفعت الله تبارك وتعالى
عما يقول العادلون به، فإذا قلت " لا إله إلا الله وحده لا شريك له " فهي
كلمة الاخلاص التي لا يقولها عبد إلا أعتقه الله من النار، إلا المستكبرين
والجبارين، ومن قال: " لا حول ولا قوة إلا بالله " فوض الامر إلى الله عز
وجل، ومن قال: " أستغفر الله وأتوب إليه " فليس بمستكبر ولا جبار، إن
المستكبر من يصر على الذنب الذي قد غلبه هواه فيه، وآثر دنياه على آخرته
ومن قال: " الحمد لله " فقد أدى شكر كل نعمة لله عز وجل عليه (4).
6 - التوحيد (5) عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لله عز وجل عمودا من ياقوت أحمر رأسه تحت العرش، وأسفله

(1) راجع ج 3 ص 1 - 14.
(2) أمالي الصدوق ص 137.
(3) ثواب الأعمال ص 8.
(4) الخصال ج 1 ص 143.
(5) التوحيد ص 6.
193

على ظهر الحوت في الأرض السابعة السفلى، فإذا قال العبد: " لا إله إلا الله " اهتز
العرش وتحرك العمود، وتحرك الحوت فيقول الله جل جلاله: أسكن يا عرشي
فيقول: كيف أسكن وأنت لم تغفر لقائلها؟ فيقول الله تبارك وتعالى: اشهدوا
سكان سماواتي أني قد غفرت لقائلها (1).
7 - التوحيد: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه اله: من قال: لا إله إلا الله
في ساعة من ليل أو نهار طلست ما في صحيفته من السيئات (2).
8 - ثواب الأعمال (3) التوحيد: ابن الوليد، عن سعد، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن
علي بن فضال، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: مامن
شئ أعظم ثوابا من شهادة أن لا إله إلا الله، لان الله عز وجل لا يعدله شئ، ولا
يشركه في الامر أحد (4).
المحاسن: أبي، عن محمد بن علي، عن أبي المفضل، عن أبي حمزة مثله (5).
9 - مجالس المفيد، أمالي الطوسي: المفيد، عن الجعابي، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن
أبي العنبر، عن علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن أبي عمرو بن العلا، عن
عبد الله بن بريدة، عن بشير بن كعب، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: لا إله إلا الله نصف الميزان، والحمد لله تملأ ملاه (6).
أمالي الطوسي: المفيد رحمه الله عن الجعابي رفعه مثله.
10 - أمالي الطوسي: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن العسكري
عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: قال الله عز وجل: لا إله إلا الله حصني

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 31.
(2) التوحيد ص 6، والطلس: المحو.
(3) ثواب الأعمال ص 4.
(4) التوحيد ص 3.
(5) المحاسن ص 30.
(6) أمالي الطوسي ج 1 ص 18.
194

من دخله أمن عذابي (1).
11 - ثواب الأعمال (2) التوحيد: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبي عمران العجلي
عن محمد بن سنان، عن أبي العلاء الخفاف، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد
الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله
إلا الله (3).
12 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل العبادة قول لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا
بالله، وخير الدعاء الاستغفار، ثم تلا النبي صلى الله عليه وآله " فاعلم أنه لا إله إلا الله
واستغفر لذنبك " (4).
13 - التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن النوفلي، عن
السكوني، عن أبي جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير العبادة
قول لا إله إلا الله (5).
ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي مثله (6).
14 - التوحيد: أبي، عن علي بن الحسن الكوفي، عن أبيه، عن الحسين بن
سيف، عن أخيه علي، عن أبيه ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن
أبي الطفيل، عن علي عليه السلام قال: مامن عبد مسلم يقول: لا إله إلا الله، إلا صعدت
تخرق كل سقف لا تمر بشئ من سيئاته إلا طلستها، حتى تنتهي إلا مثلها من
الحسنات فتقف (7).

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 286.
(2) ثواب الأعمال ص 4.
(3) التوحيد ص 3.
(4) المحاسن ص 291، والآية في سورة القتال: 19.
(5) التوحيد ص 3.
(6) ثواب الأعمال ص 4.
(7) التوحيد ص 5.
195

ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى وابن هاشم والحسن بن علي الكوفي
جميعا، عن الحسين بن سيف، عن عمرو بن شمر مثله (1).
15 - ثواب الأعمال (2) التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن الحسين بن
سيف، عن أخيه، عن أبي جميلة، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
قول لا إله إلا الله ثمن الجنة (3).
16 - ثواب الأعمال (4) التوحيد: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سيف
عن سليمان عمرو، عن عمران بن أبي عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: ما من الكلام كلمة أحب إلى الله عز وجل من قول لا
إله إلا الله، وما من عبد يقول: لا إله إلا الله يمد بها صوته فيفرغ إلا تناثرت
ذنوبه تحت قدميه، كما يتناثر ورق الشجر تحتها (5).
17 - التوحيد: محمد بن أحمد بن تميم، عن محمد بن إدريس الشامي، عن هارون بن
عبد الله، عن أبي أيوب، عن قدامة بن محرز، عن مخرمة بن بكير، عن عبد الله
ابن الأشج، عن أبيه، عن أبي حرب بن يزيد، عن أبيه زيد بن خالد قال: أرسلني
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي: بشر الناس أنه من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، فله الجنة (6).
18 - ثواب الأعمال (7) التوحيد: أبي، عن سعد، عن أحمد بن هلال، عن أحمد بن صالح
عن عيسى بن عبد الله من ولد عمر بن علي، عن آبائه، عن أبي سعيد الخدري، عن
النبي صلى الله عليه وآله قال: قال الله جل جلاله لموسى: يا موسى لو أن السماوات وعامريهن

(1) ثواب الأعمال ص 4.
(2) ثواب الأعمال ص 5.
(3) التوحيد ص 5.
(4) ثواب الأعمال ص 6.
(5) كتاب التوحيد ص 6.
(6) كتاب التوحيد ص 6.
(7) ثواب الأعمال ص 3.
196

عندي والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا
الله (1).
19 - التوحيد: في خبر زينب العطارة: ما تحمل الاملاك العرش إلا بقول: لا إله
إلا الله، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (2).
20 - عيون أخبار الرضا (ع): محمد بن بكران النقاش، عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن
ابن فضال، عن أبيه، عن الرضا في تفسير حروف المعجم قال: فلام ألف لا إله
إلا الله، وهي كلمة الاخلاص، ما من عبد قالها مخلصا إلا وجبت له الجنة (3).
21 - ثواب الأعمال، معاني الأخبار (4) التوحيد: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير
عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال: لا إله إلا الله مخلصا
دخل الجنة وإخلاصه أن يحجزه لا إله إلا الله عما حرم الله عز وجل (5).
22 - ثواب الأعمال، معاني الأخبار (6) التوحيد: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى والحسن بن علي
الكوفي وابن هاشم جميعا، عن الحسين بن سيف، عن سليمان بن عمرو، عن مهاجر بن
الحسن، عن زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قال: لا إله إلا الله مخلصا
دخل الجنة وإخلاصه بها أن يحجزه لا إله إلا الله عما حرم الله عز وجل (7).
23 - ثواب الأعمال: بهذا الاسناد عن سليمان، عن زيد بن رافع، عن زر بن حبيش
قال: سمعت حذيفة يقول: لا يزال لا إله إلا الله ترد غضب الرب جل جلاله عن
العباد، ما كانوا لا يبالون ما انتقص من دنياهم إذا سلم دينهم فإذا كانوا لا يبالون

(1) التوحيد ص 12.
(2) التوحيد ص 200، وقد مر في الباب السابق.
(3) عيون الأخبار ج 1 ص 13 ويريد بلام الف حرف " لا ".
(4) ثواب الأعمال ص 5، معاني الأخبار ص 370.
(5) التوحيد ص 10.
(6) ثواب الأعمال ص 6، معاني الأخبار ص 370.
(7) التوحيد ص 10.
197

ما انتقص من دينهم إذا سلمت دنياهم، ثم قالوها ردت عليهم، وقيل: كذبتم
ولستم بها صادقين (1).
24 - عيون أخبار الرضا (ع): أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي قال: لما قدم الرضا
عليه السلام بنيسابور أيام المأمون قمت في حوائجه، والتصرف في أمره، ما دام
بها، فلما خرج إلى مرو شيعته إلى سرخس، فلما خرج من سرخس أردت أن
أشيعه إلى مرو فلما صار مرحلة أخرج رأسه من العمارية وقال لي: يا أبا عبد الله
انصرف راشدا، فقد قمت بالواجب، وليس للتشييع غاية قال: قلت: بحق
المصطفى والمرتضى والزهراء لما حدثتني بحديث تشفيني به حتى أرجع، فقال:
تسألني الحديث وقد أخرجت من جوار رسول الله صلى الله عليه وآله لا أدري إلى ما يصير أمري؟
قال: قلت: بحق المصطفى والمرتضى والزهراء لما حدثتني بحديث تشفيني به
حتى أرجع، فقال: حدثني أبي، عن جدي أنه سمع أباه يذكر أنه سمع أباه
يقول: سمعت أبي علي بن أبي طالب يذكر أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: قال الله
عز وجل: لا إله إلا الله اسمي، من قاله مخلصا من قلبه، دخل حصني ومن
دخل حصني أمن عذابي.
قال الصدوق رحمه الله: الاخلاص أن يحجزه هذا القول عما حرم الله
عز وجل (2).
25 - الإحتجاج: ابن نباتة قال: سأل ابن الكوا أمير المؤمنين عليه السلام فقال: كم بين
موضع قدمك إلى عرش ربك؟ قال: ثكلتك أمك يا ابن الكوا سل متعلما ولا تسأل
متعنتا، من موضع قدمي إلى عرش ربي أن يقول قائل مخلصا: لا إله إلا الله.
قال: يا أمير المؤمنين، فما ثواب من قال: لا إله إلا الله؟ قال: من قال:
لا إله إلا الله مخلصا طمست ذنوبه، كما يطمس الحرف الأسود من الرق الأبيض
فإذا قال ثانية: لا إله إلا الله مخلصا خرقت أبواب السماء وصفوف الملائكة، حتى

(1) ثواب الأعمال ص 6.
(2) عيون الأخبار ج 2: 137.
198

تقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله، فإذا قال ثالثة مخلصا: لا إله
إلا الله لم تنهنه دون العرش فيقول الجليل: اسكني فوعزتي وجلالي لأغفرن
لقائلك بما كان فيه، ثم تلا هذه الآية " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح
يرفعه (1) يعني إذا كان عمله خالصا ارتفع قوله وكلامه الخبر (2).
26 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن الخشاب، عن
ابن كلوب، عن إسحاق، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فان من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل
الجنة (3).
27 - الخصال: العطار، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن يونس، عن ابن
أبي المقدام، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع من
كن فيه كان في نور الله الأعظم، من كانت عصمة أمره شهادة أن لا إله إلا الله
وأني رسول الله، ومن إذا أصابته مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ومن
إذا أصاب خيرا قال: الحمد لله رب العالمين، ومن إذا أصابته خطيئة قال: أستغفر
الله وأتوب إليه (4).
ثواب الأعمال: أبي، عن علي بن موسى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن
الحسن بن علي، عن عبد الله بن علي، عن علي بن علي اللهبي، عن الصادق، عن
آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله مثله (5).
28 - أمالي الطوسي: أبو عمرو، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن عبد الرحمن
ابن شريك، عن أبيه، عن عاصم بن عبد الله بن عاصم، عن أبيه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، والذي نفسي

(1) فاطر: 10.
(2) الاحتجاج: 138.
(3) أمالي الصدوق: 323
(4) الخصال ج 1: 106.
(5) ثواب الأعمال: 150.
199

بيده لا يقولها أحد إلا حرمه الله على النار (1).
أقول: تمامه في أبواب معجزات النبي صلى الله عليه وآله.
29 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن هلال، عن محمد بن عيسى الأرمني
عن أبي عمران الخراط، عن بشر الأوزاعي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام
قال: من شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمدا رسول الله كتبت له عشر حسنات
فان شهد أن محمدا رسول الله كتبت له ألفا ألف حسنة (2).
المحاسن: محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل
عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام مثله (3).
30 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن الأصبهاني، عن المنقري رفعه قال: قال علي بن
الحسين: إذا قال: أحدكم لا إله إلا الله، فليقل: الحمد لله رب العالمين، فان الله
يقول: " لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين " (4).
31 - إكمال الدين: الطالقاني، عن الجلودي، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن
أبيه، عن ابن طريف، عن ابن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أفضل الكلام قول لا إله إلا الله، وأفضل الخلق أول من
قال: لا إله إلا الله، فقيل: يا رسول الله ومن أول من قال: لا إله إلا الله؟ قال:
أنا، وأنا نور بين يدي الله جل جلاله (5).
أقول: تمامه في باب نص الرسول على الأئمة صلوات الله عليهم
32 - ثواب الأعمال: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سيف، عن عمرو
ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقنوا

(1) أمالي الطوسي ج 1: 266.
(2) ثواب الأعمال: 10.
(3) المحاسن: 33.
(4) تفسير القمي: 587 في حديث، والآية في سورة غافر: 65.
(5) كمال الدين ج 2: 385.
200

موتاكم لا إله إلا الله، فإنها تهدم الذنوب، فقالوا: يا رسول الله فمن قال في
صحته؟ فقال: فذاك أهدم وأهدم، إن لا إله إلا الله أنس للمؤمن في حياته، وعند
موته، وحين يبعث وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال جبرئيل: يا محمد لو تراهم حين
يبعثون هذا مبيض وجهه ينادي لا إله إلا الله والله أكبر، وهذا مسود وجهه ينادي
يا ويلاه يا ثبوراه (1).
33 - ثواب الأعمال: بهذا الاسناد عن الحسين، عن أبيه، عن عمرو بن جميع رفعه إلى
النبي صلى الله عليه وآله قال: ثمن الجنة لا إله إلا الله (2).
34 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن هلال، عن الفضيل بن عبد الوهاب
عن إسحاق بن عبد الله، عن عبد الله بن وليد رفعه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قال:
لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء، منبتها في مسك أبيض
أحلى من العسل، وأشد بياضا من الثلج، وأطيب ريحا من المسك، فيها ثمار أمثال
أثداء الابكار، تفلق عن سبعين حلة (3).
35 - المحاسن: الفضيل بن عبد الوهاب رفعه عن إسحاق بن عبد الله بن الوليد
الوصافي مثله، وزاد في آخره وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير العبادة الاستغفار، وذلك
قول الله عز وجل في كتابه: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " (4).
36 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى وابن هاشم والحسن بن علي الكوفي
جميعا، عن الحسين بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس شئ إلا وله شئ يعدله إلا الله، فإنه لا يعدله
شئ، ولا إله إلا الله فإنه لا يعدلها شئ، ودمعة من خوف الله فإنه ليس لها
مثقال، فان سالت على وجهه لم يرهقه قتر ولا ذلة بعدها أبدا (5).
37 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبي عمران

(1) ثواب الأعمال: 3.
(2) ثواب الأعمال: 3.
(3) ثواب الأعمال: 3.
(4) المحاسن: 30. والآية في سورة القتال: 19.
(5) ثواب الأعمال: 4.
201

العجلي رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن يقول: لا إله إلا الله إلا
محت ما في صحيفته من سيئات حتى تنتهي إلى مثلها من حسنات (1).
38 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار عن البرقي، عن الحسن بن علي بن
يقطين عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان وخلف بن حماد معا، عن ربعي
عن فضيل قال: سمعته يقول: أكثروا من التهليل والتكبير، فإنه ليس شئ أحب
إلى الله من التكبير والتهليل (2).
39 - ثواب الأعمال: أبي، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن الحسين، عن أخيه
عن أبيه عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مامن مسلم يقول: لا إله
إلا الله يرفع بها صوته فيفرغ، حتى تتناثر ذنوبه تحت قدميه، كما تتناثر ورق
الشجر تحتها (3).
40 - ثواب الأعمال: أبي، عن عبد الله الحسن، عن أحمد بن علي، عن إبراهيم بن محمد
الثقفي، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن إسحاق، عن أبي هارون العبدي، عن
أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا وعنده نفر من أصحابه
فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام إذ قال: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال
رجلان من أصحابه،: فنحن نقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما
تقبل شهادة أن لا إله إلا الله من هذا وشيعته الذين أخذ ربنا ميثاقهم، فقال
الرجلان: فنحن نقول: لا إله إلا الله فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله: يده على رأس علي
عليه السلام ثم قال: علامة ذلك أن لا تحلا عقده ولا تجلسا مجلسه ولا تكذبا
حديثه (4)
41 - جامع الأخبار: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن موسى كان فيما يناجي ربه قال: رب

(1) ثواب الأعمال: 4.
(2) ثواب الأعمال: 5.
(3) ثواب الأعمال: 6.
(4) ثواب الأعمال: 7.
202

كيف المعرفة بك؟ فعلمني! قال: تشهد أن لا إله إلا الله قال: يا رب كيف الصلاة؟
قال لموسى: قل: لا إله إلا الله، قال: يا رب فأين الصلاة؟ قال: قل: لا إله
إلا الله، وكذلك يقولها عبادي إلى يوم القيامة، من قالها: فلو وضعت السماوات
والأرضون السبع في كفة ووضع لا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت بهن، ولو
وضعت عليهن أمثالها.
عن أصبغ بن نباته قال: كنت مع علي بن أبي طالب عليه السلام فمر بالمقابر
فقال: السلام على أهل لا إله إلا الله، من أهل لا إله إلا الله، يا أهل لا إله إلا
الله كيف وجدتم كلمة لا إله إلا الله؟ يا لا إله إلا الله بحق لا إله إلا الله اغفر لمن قال
لا إله إلا الله واحشرنا في زمرة من قال لا إله إلا الله.
قال علي عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من قالها إذا مر بالمقابر
غفر له ذنوب خمسين سنة، فقالوا: يا رسول الله من لم يكن له ذنوب خمسين سنة
قال: لوالديه وإخوانه ولعامة المسلمين.
وروي عن الصادق عليه السلام عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أربع من كن فيه
كتبه الله من أهل الجنة، من كان عصمته شهادة أن لا إله إلا الله، ومن إذا أنعم
الله عليه النعمة قال: الحمد لله، ومن إذا أصاب ذنبا قال: أستغفر الله، ومن إذا
أصابته مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
روي عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الموجبتان من مات يشهد
أن لا إله إلا الله دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله تعالى دخل النار.
وروي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقنوا موتاكم
بلا إله إلا الله، فإنها تهدم الذنوب، فقالوا: يا رسول الله فمن قال في صحته؟
فقال: فذاك أهدم وأهدم، إن لا إله إلا الله أمن للمؤمن في حياته، وعند موته
وحين يبعث.
روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من قال: لا إله إلا الله مائة مرة كان
أفضل الناس ذلك اليوم عملا إلا من زاد.
203

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله مائة
مرة بنى الله له بيتا في الجنة، ومن استغفر حين يأوي إلى فراشه مائة تحاتت
ذنوبه كما تسقط ورق الشجر (1).
42 - الدعوات للراوندي: عن النبي صلى الله عليه وآله ما من الذكر شئ أفضل من
قول: لا إله إلا الله، وما من الدعاء شئ أفضل من الاستغفار ثم تلا " فاعلم أنه
لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " (2).
وقال أبو عبد الله عليه السلام: سيد كلام الأولين والآخرين لا إله إلا الله.
43 - كتاب الإمامة والتبصرة: عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن
عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني
عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيد القول
لا إله إلا الله.
ومنه: عن هارون بن موسى، عن محمد بن علي، عن محمد بن الحسين، عن
علي بن أسباط، عن ابن فضال، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن النبي
صلى الله عليه وآله: شعار المسلمين على الصراط يوم القيامة لا إله إلا الله، وعلى الله
فليتوكل المتوكلون.

(1) جامع الأخبار: 58.
(2) القتال: 19.
204

6 * (باب)
* " (أنواع التهليل، وفضل كل نوع منه، وأعداده) " *
1 - ثواب الأعمال، التوحيد (1) الخصال: أبي عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي
عمير، عن هشام بن سالم وأبي أيوب الخزاز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال:
لا إله إلا الله مائة مرة، كان أفضل الناس ذلك اليوم عملا إلا من زاد (2).
2 - عيون أخبار الرضا (ع) (3) أمالي الصدوق: أبي عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن
الحسن بن أبي العقبة، عن ابن خالد، عن الرضا عليه السلام قال: إن نوحا لما
ركب السفينة أوحى الله عز وجل إليه: يا نوح إن خفت الغرق فهللني ألفا ثم سلني
النجاة انجك من الغرق ومن آمن معك، قال: فلما استوى نوح ومن معه في
السفينة، ورفع القلس عصفت الريح عليهم فلم يأمن نوح الغرق فأعجلته الريح فلم
يدرك أن يهلل ألف مرة فقال بالسريانية: هلوليا ألفا ألفا يا ماريا أتقن! قال:
فاستوى القلس واستمرت السفينة فقال نوح عليه السلام: إن كلاما نجاني الله به من
الغرق لحقيق أن لا يفارقني، قال: فنقش في خاتمه لا إله إلا الله ألف مرة
يا رب أصلحني (4).
3 - التوحيد: ابن المغيرة، عن جده الحسن، عن الحسين، عن أخيه، عن أبيه، عن
عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: يا محمد طوبى لمن قال من أمتك لا إله إلا الله وحده وحده وحده (5).

(1) ثواب الأعمال: 5، التوحيد: 12.
(2) الخصال ج 2: 145.
(3) عيون الأخبار ج 2: 54.
(4) أمالي الصدوق: 274.
(5) التوحيد: 5.
205

ثواب الأعمال: أبي عن سعد، عن ابن عيسى وابن هاشم والحسن بن علي الكوفي
جميعا عن الحسين بن سيف، عن أخيه، عن أبيه مثله (1).
المحاسن: أبي عن علي بن النعمان فيما أعلم عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام
مثله (2).
4 - التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني
جبرئيل عليه السلام بين الصفا والمروة فقال: يا محمد طوبى لمن قال من أمتك: لا إله إلا
الله وحده مخلصا (3).
5 - ثواب الأعمال (4) التوحيد: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن عبد العزيز
العبدي، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من قال في
يوم: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا " كتب الله عز وجل له خمسا وأربعين ألف ألف حسنة، ومحى عنه
خمسا وأربعين ألف ألف سيئة، ورفع له في الجنة خمسا وأربعين ألف ألف درجة
وكان كمن قرأ القرآن في يومه اثنتي عشرة مرة، وبني الله له بيتا في الجنة (5).
6 - أمالي الطوسي: الفحام، عن عمه، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه أحمد بن عامر
عن الرضا، عن آبائه صلوات الله عليهم قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: من قال في كل
يوم مائة مرة: لا إله إلا الله الحق المبين استجلب به الغناء واستدفع به الفقر وسد
عنه باب النار واستفتح به باب الجنة (6).

(1) ثواب الأعمال: 5.
(2) المحاسن: 30.
(3) التوحيد: 5.
(4) ثواب الأعمال: 5.
(5) التوحيد: 12.
(6) أمالي الطوسي ج 1 ص 285.
206

7 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبي يوسف، عن ابن أبي عمير
عن مالك بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال مائة مرة، لا إله إلا الله
الحق المبين أعاذه الله العزيز الجبار من الفقر وآنس وحشة قبره، واستجلب
الغنى، واستقرع باب الجنة (1).
دعوات الراوندي: عنه عليه السلام مثله إلا أن فيه الملك الحق المبين.
8 - ثواب الأعمال: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن أحمد بن هلال
عن محمد بن عيسى الأرمني، عن أبي عمران الحناط، عن الأوزاعي، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: من قال في كل يوم ثلاثين مرة " لا إله إلا الله الحق المبين "
استقبل الغنى، واستدبر الفقر، وقرع باب الجنة (2).
المحاسن: أبي، عن محمد بن عيسى الأرمني مثله (3).
9 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن عيسى الأرمني
عن أبي عمران الخراط، عن بشر، عن الأوزاعي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن
آبائه عليهم السلام قال: من قال في كل يوم خمس عشرة مرة " لا إله إلا الله حقا حقا
لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا لا إله إلا الله عبودية ورقا " أقبل الله عليه بوجهه، فلم
يصرف عنه وجهه حتى يدخل الجنة (4).
المحاسن: أبي، عن محمد بن عيسى الأرمني مثله (5).
10 - المحاسن: أبي، عن ابن أبي نجران عن عبد العزيز العبدي عن عمر بن يزيد
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال في كل يوم عشر مرات: أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة والا ولدا كتب الله له

(1) ثواب الأعمال ص 8.
(2) ثواب الأعمال ص 9.
(3) المحاسن ص 31.
(4) ثواب الأعمال ص 9.
(5) المحاسن ص 32.
207

خمسا وأربعين ألف حسنة، ومحا عنه خمسا وأربعين ألف سيئة، ورفع له عشر درجات
وكن له حرزا في يومه من الشيطان والسلطان، ولم تحط به كبيرة من الذنوب (1).
11 - المحاسن: أبي، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن
سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا
أخبركم بما يكون به خير الدنيا والآخرة وإذا كربتم واغتممتم دعوتم الله فيه
ففرج عنكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قولوا: لا إله إلا الله ربنا لا نشرك به
شيئا ثم ادعوا بما بدا لكم (2).
12 - جامع الأخبار: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللهم صلى على محمد وآله محمد، خرج من فمه طير
أخضر، له جناحان مكللان بالدر والياقوت، فإذا نشرهما بلغا المشرق والمغرب
حتى ينتهي إلى العرش، وله دوي كدوي النحل يذكر لصاحبه فيقول الله تعالى
مدحتني ومدحت نبيي أسكن، فيقول: كيف أسكن ولم تغفر لقائل لا إله إلا الله
فيقول: أسكن فقد غفرت له.
13 - دعوات الراوندي: قال رجل: لا إله إلا الله، فقال علي بن الحسين
عليهما السلام: وأنا أقول لا إله إلا الله والحمد لله رب العالمين، فإذا قال أحدكم
لا إله إلا الله فليقل والحمد لله رب العالمين لان الله تعالى يقول: " فادعوه مخلصين
له الدين الحمد لله رب العالمين (3).
14 - عدة الداعي: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: خير العبادة قول لا إله إلا الله.

(1) المحاسن ص 31.
(2) المحاسن ص 32.
(3) المؤمن: 65.
208

7 * (باب) *
* " (التحميد، وأنواع المحامد) " *
الآيات: الفاتحة، الحمد لله رب العالمين
يونس: وآخر دعويهم أن الحمد لله رب العالمين (1).
أسرى: وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك
ولم يكن له ولي من الذل (2).
النمل: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى (3).
سبا: الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في
الآخرة وهو الحكيم الخبير (4).
1 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن صدقة قال: كان من محامد الصادق عليه السلام: الحمد لله
بمحامده كلها، على نعمه كلها حتى ينتهي الحمد إلى ما يحب ربي ويرضى.
قال: وقال أبي رضي الله عنه: إن نبيا من الأنبياء قال: الحمد لله كثيرا
حمدا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لكرم وجهك وعز جلالك، فأوحي الله إليه:
عبدي لقد شغلت حافظيك، والحافظ على حافظيك (5).
قال: وهذا من محامد أبي عبد الله عليه السلام عند الشئ من الرزق، إذا كان
تجدد له: الحمد لله الذي نعمته تغدو علينا وتروح، ونظل نهارا ونبيت فيها
ليلا فنصبح فيها برحمته مسلمين، ونمسي فيها بمنه مؤمنين من البلوى معافين
الحمد لله المنعم المفضل المحسن المجمل ذي الجلال والاكرام ذي الفواضل والنعم

(1) يونس: 10.
(2) أسرى: 111.
(3) النمل: 59.
(4) سبأ: 1.
(5) قرب الإسناد ص 4.
209

الحمد لله الذي لم يخذلنا عند شدة، ولم يفضحنا عند سريرة، ولم يسلمنا بجريرة.
قال: وكان من محامده عليه السلام: الحمد لله على علمه، والحمد لله على فضله علينا
وعلى جميع خلقه، وكان به كرم الفضل في ذلك ما الله به عليم (1).
2 - قرب الإسناد: علي، عن أخيه عليهما السلام قال: كان عليه السلام يقول كثيرا: الحمد لله الذي
بنعمة تتم الصالحات (2).
3 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن
عطية، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: شكر كل نعمة وإن
عظمت أن تحمد الله عز وجل (3).
4 - أقول: قد سبق في باب التهليل بعض الأخبار وقد مضى فيه عن علي بن
الحسين عليهما السلام أنه قال: من قال: الحمد لله فقد أدى شكر كل نعمة لله عز وجل
عليه.
5 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من أنعم الله عز وجل، عليه نعمة فليحمد الله، ومن استبطأ الرزق
فليستغفر الله، ومن حزنه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله (4).
صحيفة الرضا (ع): عنه، عن آبائه عليهم السلام مثله (5).
6 - أمالي الطوسي: في وصية الصادق عليه السلام إلى سفيان الثوري إذا أنعم الله على أحد
منكم بنعمة فليحمد الله عز وجل (6).
7 - مجالس المفيد، أمالي الطوسي: عن شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا إله إلا الله نصف.

(1) قرب الإسناد ص 6.
(2) قرب الإسناد ص 166.
(3) الخصال ج 1 ص 13.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 42.
(5) صحيفة الرضا عليه السلام ص 38.
(6) أمالي الطوسي ج 2 ص 94.
210

الميزان، والحمد لله، يملأه (1).
8 - أمالي الطوسي: المفيد رحمه الله عن عمر بن محمد الصيرفي، عن ابن مهرويه، عن
الفراء، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: كان رسول
الله صلى الله عليه وآله إذا أتاه أمر يسره قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا
أتاه أمر يكرهه قال: الحمد لله على كل حال (2).
أقول: سيأتي بعض التحميدات في باب أدعية الصباح والمساء وقد مر تفسير
الحمد لله رب العالمين في باب الفاتحة من كتاب القرآن، والحمد لله رب العالمين.
9 - أمالي الطوسي: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن عبد الحميد
عن محمد بن عمرو بن عتبة، عن الحسن بن المبارك، عن العباس بن عامر، عن
مالك الأحمسي، عن ابن طريف، عن ابن نباتة قال: كنت أركع عند باب أمير -
المؤمنين عليه السلام وأنا أدعو الله إذ خرج أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أصبغ! قلت
لبيك قال: أي شئ كنت تصنع؟ قلت: ركعت وأنا أدعو، قال: أفلا أعلمك
دعاء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قلت: بلى قال: قل: الحمد لله على ما كان، والحمد لله
على كل حال ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الأيسر، وقال: يا أصبغ لئن
ثبتت قدمك، وتمت ولايتك، وانبسطت يدك، الله أرحم بك من نفسك (3).
10 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن
محمد بن عثمان بن يزيد، عن أخيه الحسين، عن عمر بن بزيع، عمن ذكره، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال في كل يوم سبع مرات: الحمد لله على كل نعمة
كانت أو هي كائنة، فقد أدى شكر ما مضى وشكر ما بقي (4).
11 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن علي بن

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 18.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 49.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 176.
(4) ثواب الأعمال ص 10.
211

الحكم، عن ابن عميرة، عن الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال: الحمد
لله كما هو أهله، شغل كتاب السماء، قلت: وكيف يشغل كتاب السماء؟ قال:
يقولون: اللهم إنا لا نعلم الغيب، قال: فيقول: اكتبوها كما قالها عبدي
وعلى ثوابها (1).
12 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من ظهرت عليه النعمة فليكثر الحمد لله، ومن كثرت همه فعليه
بالاستغفار، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله
ينفي الله عنه الفقر (2).
13 - قصص الأنبياء: الصدوق باسناده، عن ابن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى
عن عبد الله بن سنان، عن محمد بن مروان، عن الباقر، عليه السلام قال: إن نبيا من الأنبياء
عليهم السلام حمد الله بهذه المحامد فأوحى الله تعالى جلت عظمته: لقد شغلت الكاتبين
قال: اللهم لك الحمد كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لك أن تحمد، وكما
ينبغي لكرم وجهك، وعز جلالك.
14 - تفسير العياشي: عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
للشكر حد إذا فعله الرجل كان شاكرا؟ قال: نعم، قلت: وما هو؟ قال: الحمد
لله على كل نعمة أنعمها علي، وإن كان لكم فيما أنعم عليه حق أداه، قال:
ومنه قول الله: " الحمد لله الذي سخر لنا هذا " حتى عد آيات (3).

(1) ثواب الأعمال: 13.
(2) المحاسن: 42.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 67، والآية في سورة الزخرف 12 - 14 هكذا " والذي
خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون * لتستووا على ظهوره ثم تذكروا
عليه نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا: سبحان الذين سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وانا
إلى ربنا لمنقلبون " نعم يوجب قوله تعالى " ثم تذكروا نعمة ربكم " أن نحمد الله تعالى على
نعمة الهداية ثم نقول سبحان الذي سخر لنا هذا، الخ كما ورد أن رجلا ركب دابة وقال حين
ركبها: " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين " فسمع أحد السبطين كلامه، وقال:
لا بهذا أمرت، إنما أمرت أن تذكر نعمة ربك إذا استويت عليه، فقال: فكيف أقول؟
قال عليه السلام قل: الحمد لله الذي هدانا للاسلام، والحمد لله الذي من علينا بمحمد وآله
والحمد لله الذي جعلنا في خير أمة أخرجت للناس، فإذا أنت قد ذكرت نعما عظيمة قلت بعدها:
سبحان الذي سخر لنا هذا، الخ.
212

15 - تفسير العياشي: عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع من كن فيه كتبه الله من أهل الجنة: من كانت
عصمته شهادة ان لا إله إلا الله، ومن إذا أنعم الله عليه النعمة قال: الحمد لله، ومن
إذا أصاب ذنبا قال: استغفر الله، ومن إذا أصابته مصيبة قال: انا لله وانا إليه
راجعون (1).
16 - تفسير العياشي: عن أبي علي اللهبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظم: من كان عصمة امره
شهادة ان لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ومن إذا اصابته مصيبة قال: انا لله
وانا إليه راجعون، ومن إذا أصاب خيرا قال: الحمد لله، ومن إذا أصاب خطيئة
قال: استغفر الله وأتوب إليه (2).
17 - مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا أحسنتم فاحمدوا الله، وإذا أسأتم فاستغفروا الله.
وعن سنان بن طريف قال: قلت لأبي عبد الله: خشيت ان أكون مستدرجا
قال: ولم؟ قلت: لأني دعوت الله ان يرزقني دارا فرزقني، ودعوت الله ان
يرزقني ألف درهم، فرزقني [ألفا] ودعوته ان يرزقني خادما فرزقني خادما، قال:
فأي شئ تقول؟ قال: أقول: الحمد لله، قال: فما أعطيت أفضل مما أعطيت (3).
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: ان الرجل من أمتي يخرج إلى السوق فيبتاع

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 69.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 69.
(3) مشكاة الأنوار ص 27.
213

القميص بنصف دينار أو بثلث دينار، فيحمد الله إذا لبس، فما يبلغ ركبته حتى
يغفر له.
وعنه صلى الله عليه وآله قال: إن المؤمن يشبع من الطعام والشراب فيحمد الله، فيعطيه
الله من الاجر ما يعطي الصائم، إن الله شاكر يحب أن يحمد.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرجل منكم ليشرب شربة من الماء فيوجب
الله له بها الجنة، ثم قال: يأخذ الاناء فيضعه على فيه، ثم يشرب فينحيه وهو
يشتهيه، فيحمد الله، ثم يعود فيشرب ثم ينحيه فيحمد الله ثم يعود ويشرب ثم
ينحيه فيحمد الله، فيوجب الله له بها الجنة،
وعنه عليه السلام قال: كان المسيح عليه السلام يقول: الناس رجلان معافى ومبتلى
فاحمدوا الله على العافية، وارحموا أهل البلا (1).
وعنه عليه السلام قال: إني لا أحب أن تجدد لي نعمة لا حمدت الله عليها مائة
مرة.
وعن علي عليه السلام قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية فقال: اللهم إن لك
على إن رددتهم سالمين غانمين أن أشكرك حق الشكر، قال: فما لبثوا أن جاؤوا
كذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمد لله على سابغ نعم الله.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه اله إذا أتاه ما يحب قال:
الحمد لله المحسن المجمل، وإذا أتاه ما يكرهه قال: الحمد لله على كل حال
والحمد لله على هذه الحال.
وعنه عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أورد عليه أمر يسره قال: الحمد
لله على هذه النعمة، وإذا أورد أمر يغتم، به قال: الحمد لله على كل حال.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: الشكر للنعم اجتناب المحارم، وتمام الشكر
قول: الحمد لله رب العالمين
وعن الرضا عليه السلام قال: من حمد الله على النعمة فقد شكره، وكان الحمد

(1) مشكاة الأنوار ص 28.
214

أفضل من تلك النعمة (1).
18 - مكارم الأخلاق: قال النبي صلى الله عليه وآله: أول من يدعى إلى الجنة الحمادون، الذين
يحمدون الله في السراء والضراء (2).
وعن الصادق عليه السلام قال: ما أنعم الله على عبد مؤمن نعمة بلغت ما بلغت
فحمد الله عليها إلا كان حمد الله أفضل وأوزن وأعظم من تلك النعمة.
نفرت بغلة لأبي جعفر عليه السلام فيما بين مكة والمدينة فقال: لئن ردها الله
على لأشكرنه حق شكره، فلما أخذها قال: الحمد لله رب العالمين، ثلاث مرات
ثم قال ثلاث مرات: شكرا لله.
عن أبي حمزة عنه عليه السلام قال: أنبئك بحمد يضربك من كل حمد؟ قلت
له: ما معنى يضربك؟ فقال: يكفيك، قلت: بلى، قال: قل: لك الحمد بمحامدك
كلها على جميع نعمك كلها، حتى ينتهي الحمد إلى ما تحب - ربنا - وترضى.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: الحمد لله بمحامده
كلها ما علمنا منها وما لم نعلم، على كل حال، حمدا يوازي نعمه، ويكافي مزيده
علي وعلى جميع خلقه، قال الله تبارك وتعالى: بالغ عبدي في رضاي وأنا مبلغ
عبدي رضاه من الجنة.
وقال: جاء رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال: جعلت فداك إني شيخ كبير
فعلمني دعاء جامعا فقال: احمد الله، فإنك إذا حمدت الله لم يبق مصل إلا دعا
لك يعني قوله: " سمع الله لمن حمده " (3).
19 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد الموسوي، عن عبد الله
ابن أحمد بن نهيك، عن محمد بن أبي عمير، عن سبرة بن يعقوب بن شعيب، عن أبيه
عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في ابن آدم ثلاثمائة وستون

(1) مشكاة الأنوار ص 31.
(2) مكارم الأخلاق ص 354.
(3) مكارم الأخلاق ص 355.
215

عرقا منها مائة وثمانون متحركة، ومائة وثلاثون ساكنة، فلو سكن المتحرك
لم يبق الانسان، ولو تحرك الساكن لهلك الانسان، قال: وكان النبي صلى الله عليه وآله
إذا أصبح وطلعت الشمس يقول: الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا على كل
حال، يقولها ثلاثمائة وستين مرة شكرا (1).
20 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد بن جعفر، عن أحمد
ابن عبد المنعم بن نصر، عن عبد الله بن بكير، عن جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه، عن
جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن الدنيا كلها لقمة واحدة فأكلها
العبد المسلم، ثم قال: الحمد لله، لكان قوله: ذلك خيرا له من الدنيا وما فيها (2).
رجال الكشي: كتب أبو محمد عليه السلام إلى إسحاق بن إسماعيل: ليس من نعمة وإن جل
أمرها، وعظم خطرها، إلا والحمد لله تقدست أسماؤه عليها يؤدي شكرها، وأنا
أقول: الحمد لله مثل ما حمد الله به حامد إلى أبد الأبد بما من به عليك من نعمة
ونجاك به من الهلكة، الخبر (3).
21 - عدة الداعي: روى سعيد القماط، عن الفضل قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: جعلت فداك علمني دعاء جامعا فقال لي: احمد الله فإنه لا يبقى أحد
يصلى إلا دعا لك، يقول: " سمع الله لمن حمده ".
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد فهو أقطع.
وروى أبو مسعود عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال أربع مرات إذا أصبح:
" الحمد لله رب العالمين " فقد أدى شكر يومه، ومن قالها: إذا أمسى فقد أدى
شكر ليلته.
وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: الحمد لله كما
هو أهله شغل كتاب السماء، فيقولون: اللهم إنا لا نعلم الغيب فيقول: اكتبوها
كما قالها عبدي، وعلي ثوابها،

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 210.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 222.
(3) رجال الكشي ص 481.
216

8 (باب)
* " (التحميد عند رؤية ذي عاهة أو كافر) " *
1 - ثواب الأعمال (1) أمالي الصدوق: أبي، عن الحميري، عن هارون، عن ابن صدقة عن
الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من رأى يهوديا أو نصرانيا أو
مجوسيا أو أحدا على غير ملة الاسلام، فقال: الحمد لله الذي فضلني عليك بالاسلام
دينا، وبالقرآن كتابا، وبمحمد نبيا، وبعلي إماما، وبالمؤمنين إخوانا
وبالكعبة قبلة، لم يجمع الله بينه وبينه في النار أبدا (2).
قرب الإسناد: هارون، عن ابن صدقة مثله (3).
فقه الرضا (ع): مثله.
2 - أمالي الصدوق: أبي، عن علي، عن أبيه، عن صفوان، عن العيص، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من نظر إلى ذي عاهة أو من قد مثل به أو صاحب بلاء فليقل
سرا في نفسه من غير أن يسمعه: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء
لفعل بي ذلك، ثلاث مرات، فإنه لا يصيبه ذلك البلاء أبدا (4).
3 - فقه الرضا (ع): إذا نظرت إلى أهل البلاء فقل ثلاث مرات: الحمد لله الذي عافاني
مما ابتلاك به، ولو شاء فعل، وأنا أعوذ بالله منها، ومما ابتلاك به، والحمد لله
الذي فضلني على كثير من خلقه.
4 - طب الأئمة: عابد بن عون بن عبد الله المدني، عن صفوان بن بياع السابري
عن محمد بن إبراهيم، عن حسان بن إبراهيم، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:

(1) ثواب الأعمال ص 24.
(2) أمالي الصدوق ص 160.
(3) قرب الإسناد ص 47.
(4) أمالي الصدوق ص 161.
217

إذا رأيت مبتلى فقل: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء أن يفعل
فعل، والحمد لله الذي لم يفعل، ولا يسمعه فيعاقب.
وعن الباقر عليه السلام أنه قال: إذا رأيت مبتلى فقل: الحمد لله الذي عافاني
مما ابتلاك به، وفضلني عليك وعلى كثير ممن خلق تفضيلا (1).
5 - مكارم الأخلاق: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم أهل البلاء فاحمدوا الله، ولا
تسمعوهم، فان ذلك يحزنهم (2).
6 - دعوات الراوندي: قال أبو جعفر عليه السلام: لا يرى عبد عبدا به شئ من
أنواع البلا فيقول ثلاثا من غير أن يسمعه: " الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك
ولو شاء فعل، وفضلني على كثير ممن خلق " فيصيبه ذلك البلاء.
9 * (باب) *
* " (التكبير وفضله ومعناه) " *
الآيات: أسرى: وكبره تكبيرا (3).
1 - التوحيد: (4) معاني الأخبار: ابن الوليد، عن محمد العطار، عن ابن عيسى، عن أبيه
عن مروك بن عبيد، عن عمرو بن جميع قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: أي شئ
الله أكبر؟ فقلت: الله أكبر من كل شئ فقال: فكان ثم شئ فيكون أكبر منه؟
فقلت: فما هو؟ فقال: الله أكبر من أن يوصف (5).

(1) طب الأئمة: 112.
(2) مكارم الأخلاق: 404.
(3) أسرى: 111.
(4) التوحيد: 231.
(5) معاني الأخبار ص 11.
218

المحاسن: مروك بن عبيد، عن عمرو بن جميع، عن رجل مثله (1).
2 - معاني الأخبار: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن سهل، عن ابن محبوب
عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل عنده: الله أكبر، فقال: الله
أكبر من أي شئ؟ فقال: من كل شئ، فقال أبو عبد الله عليه السلام: حددته، فقال
الرجل: وكيف أقول؟ فقال: الله أكبر من أن يوصف (2).
3 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي عن الحسن بن علي بن
يقطين عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان وخلف بن حماد معا، عن ربعي
عن فضيل قال: سمعته يقول: أكثروا من التهليل والتكبير فإنه ليس شئ أحب
إلى الله من التكبير والتهليل (3).
4 - المحاسن: ابن فضال، عن محمد بن سعيد، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: من هبط واديا فقال: لا إله إلا الله، والله أكبر، ملا
الله الوادي حسنات، فليعظم الوادي بعدا أو ليصغر (4).

(1) المحاسن ص 241.
(2) معاني الأخبار: 11.
(3) ثواب الأعمال ص 5.
(4) المحاسن ص 33.
219

10 * (باب) *
* " (فضل التمجيد وما يمجد الله به نفسه) " *
* " (كل يوم وليلة) " *
1 - ثواب الأعمال: أبي، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن فضالة، عن
ابن عميرة، عن محمد بن مروان، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أي
الاعمال أحب إلى الله؟ قال: أن يمجد (1).
2 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير
عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله يمجد نفسه في كل يوم وليلة ثلاث
مرات، فمن مجد الله بما مجد به نفسه، ثم كان في حال شقوة حول إلى سعادة
فقلت له: كيف هو التمجيد؟ قال: تقول:
أنت الله لا إله إلا أنت رب العالمين أنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم، أنت الله
لا إله إلا أنت العلي الكبير أنت الله لا إله إلا أنت ملك يوم الدين أنت الله لا إله إلا أنت
الغفور الرحيم أنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم أنت الله لا إله إلا أنت منك
بدء كل شئ وإليك يعود أنت الله لا إله إلا أنت لم تزل ولا تزال أنت الله لا إله
إلا أنت خالق الخير والشر أنت الله لا إله أنت خالق الجنة والنار، أنت الله لا إله
إلا أنت الأحد الصمد [الذي] لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد أنت الله لا إله إلا
أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما
يشركون أنت الله الخالق البارئ المصور لك الأسماء الحسنى يسبح لك ما في
السماوات والأرض وأنت العزيز الحكيم أنت الله لا إله إلا أنت الكبير، والكبرياء
رداؤك (2).

(1) ثواب الأعمال: 13.
(2) ثواب الأعمال: 14.
220

المحاسن: ابن فضال مثله، وزاد فيه الواو في جميع الفقرات وفي آخره الكبير
المتعال، وفيه أحدا صمدا (1).
3 - الكافي: عن عدة من أصحابه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عبد الله.
ابن بكير، عن عبد الله بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى
يمجد نفسه في كل يوم وليلة ثلاث مرات، فمن مجد الله بما مجد به نفسه، ثم
كان في حال شقوة حوله الله عز وجل إلى سعادة، يقول: أنت الله لا إله إلا أنت
إلى آخر هذا التمجيد، وفيه " العزيز " بدل " العلي " و " مالك " بدل " ملك "
و " بدء الخلق " بدل " منك بدء كل شئ " وفيه أحد صمد بلا لام، وفيه " هو
الخالق " بدل " أنت الله الخالق " وكذا ما بعده، ففيه في كل فقرة " هو " بدل
" أنت " وفيه وقع قوله إلى آخر السورة بعد قوله: " وهو العزيز الحكيم " وكذا " له "
بدل " لك " في هذه المواضع (2).
4 - عدة الداعي: روى علي بن حسان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كل دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو أبتر إنما التمجيد ثم الثناء
قلت: وما أدنى ما يجزئ من التمجيد؟ قال: تقول: اللهم أنت الأول فليس قبلك
شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن
فليس دونك شئ، وأنت العزيز الحكيم.
وبهذا الاسناد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام ما أدنى ما يجزي من التمجيد؟
قال: تقول: الحمد لله الذي علا فقهر، والحمد لله الذي ملك فقدر، والحمد لله
الذي بطن فخبر، والحمد لله الذي يحيى الموتى ويميت الاحياء وهو على كل
شئ قدير.
5 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق
ابن عمار، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله عز وجل ثلاث

(1) المحاسن: 38.
(2) الكافي ج 2: 516.
221

ساعات في الليل، وثلاث ساعات في النهار، يمجد فيهن نفسه فأول ساعات
النهار حين تكون الشمس هذا الجانب يعني من المشرق مقدارها من العصر، يعنى
من المغرب إلى صلاة الأولى، وأول ساعات الليل من الثلث الباقي من الليل
إلى أن ينفجر الصبح يقول:
إني أنا الله رب العالمين إني أنا الله العلي العظيم إني أنا الله العزيز الحكيم
إني أنا الله الغفور الرحيم إني أنا الله الرحمن الرحيم إني أنا الله مالك يوم الدين
إني أنا الله لم أزل ولا أزال إني أنا الله خالق الخير والشر إني أنا الله خالق
الجنة والنار إني أنا الله بدء كل شئ وإلي يعود إني أنا الله الواحد الصمد إني
أنا الله عالم الغيب والشهادة اني أنا الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن
العزيز الجبار المتكبر إني أنا الله الخالق البارئ المصور لي الأسماء الحسنى
إني أنا الله الكبير المتعال.
قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام من عنده، والكبرياء رداؤه، فمن نازعه شيئا
من ذلك أكبه الله في النار ثم قال: ما من عبد مؤمن يدعو بهن مقبلا قلبه إلى
الله عز وجل إلا قضى له حاجته، ولو كان شقيا رجوت أن يحول سعيدا (1).
أقول: ورأيت في بعض المجاميع خبرا آخر في هذا المعنى فقد روى فيه
عن بعض كتب الاخبار، عن إسحاق ابن عمار.

(1) الكافي: ج 2: 515.
222

11 * (باب) *
* " (الاسم الأعظم) " *
الآيات: النمل: قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك
طرفك (1).
1 - مهج الدعوات: فمن ذلك ما نذكره من تعيين الاسم الأعظم أو غيره.
فمن الروايات فيه باسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار من كتاب فضل الدعاء
باسناده إلى معاوية بن عمار، عن الصادق عليه السلام أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الله الأكبر أو قال: الأعظم.
ومن الروايات باسنادنا من الكتاب المشار إليه عن الحسن بن علي بن
أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب.
ومن الروايات فيه بإسنادنا من الكتاب المشار إليه عن عمر بن توبه، عن أبي
عبد الله عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: ألا أعلمك اسم الله الأعظم؟ قال: اقرأ
الحمد لله، وقل هو الله، وآية الكرسي، وإنا أنزلناه ثم استقبل القبلة فادع
بما أحببت.
ومن الروايات في اسم الله الأعظم مما رويناه باسنادنا إلى محمد بن الحسن
الصفار إلى سليمان بن جعفر الجعفري، عن الرضا عليه السلام قال: من قال بعد
صلاة الفجر بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مائة
مرة كان أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها، وإنه دخل فيها
اسم الله الأعظم.
ومن الروايات في اسم الله الأعظم باسنادنا أيضا إلى عبد الحميد، عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال: بسم الله الأكبر يا حي يا قيوم،
ومن الروايات في اسم الله الأعظم باسنادنا أيضا إلى محمد بن الحسن الصفار

(1) النمل: 40.
223

باسنادنا إلى أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا محمد عليه السلام يقول: بسم الله الرحمن
الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها.
ومن الروايات في كيفية اسم الله الأعظم ما رويناه في كتاب البهي لدعوات
النبي صلى الله عليه وآله تصنيف الحافظ أبي محمد الحزمي، عن عبد السلام بن محمد بن الحسن بن علي
الخوارزمي الاندرستاني في عدة روايات،
فمنها ما رواه أنس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله بأبي عياش زيد بن صامت أخي
بني زريق، وقد جلس قال: اللهم إني أسئلك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت
يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والاكرام، فقال صلى الله عليه وآله لنفر من
أصحابه، هل تدرون ما دعا به الرجل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: لقد دعا الله باسم
الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.
ومنها: برواية أسماء بنت زيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسم الله الأعظم
الذي إذا دعي به أجاب " قل اللهم مالك الملك - إلى - بغير حساب " (1).
وبرواية ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسم الله الأعظم في ست آيات من
آخر الحشر.
ومنها برواية أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي
به أجاب في سور ثلاث في البقرة، وآل عمران، وطه، قال أبو أمامة، في البقرة
آية الكرسي، وفي آل عمران: " ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم " وفي طه
" وعنت الوجوه للحي القيوم " (2).
ومنها: في حديث طويل قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا يقول عشاء:
اللهم إني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه
الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب.
وفي رواية ذكرناها في الجزء الرابع من التحصيل في ترجمة المبارك بن

(1) آل عمران: 26.
(2) طه: 111.
224

عبد الرحمن: اللهم إني أسئلك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفوا أحد. فقال النبي صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه
الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب.
ومنها: برواية عائشة أنها قالت: يا رسول الله علمني اسم الله الأعظم، فقال
صلى الله عليه وآله وسلم: توضئي فتوضأت ثم قال: ادعي حتى أسمع ففعلت فقالت:
اللهم إني أسئلك بأسمائك الحسنى كلها، ما علمت منها وما لم أعلم، وأسئلك باسمك
العظيم الأعظم الكبير الأكبر. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أصبته والذي بعثني بالحق.
ومنها: برواية أنس قال صلى الله عليه وآله: إن يوشع بن نون دعا بهذا
الدعاء فحبست له الشمس بإذن الله عز وجل اللهم إني أسئلك باسمك الطهر
الطاهر المطهر، المقدس المبارك، المكنون المخزون، المكتوب على سرادق
الحمد، وسرادق المجد، وسرادق القدرة، وسرادق السلطان، وسرادق السرائر
أدعوك يا رب بأن لك الحمد لا إله إلا أنت النور البار الرحمن الرحيم الصادق
عالم الغيب والشهادة بديع السماوات والأرض ونورهن وقيامهن ذو الجلال
والاكرام حنان نور دائم قدوس حي لا يموت.
وبرواية حمزة بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم إني أسئلك
باسمك العظيم وبرضوانك الأكبر.
وبرواية عائشة قال صلى الله عليه وآله: اللهم إني أسئلك باسمك الطاهر الطيب المبارك
الاحب إليك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، وإذا استرحمت به
رحمت، وإذا استفرجت به فرجت،
ومنها: برواية ابن مسعود قال: صلى الله عليه وآله: اللهم إني أسئلك بمعاقد العز من
عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم وجدك الاعلى، وكلماتك
التامات،
ومنها: برواية ابن عباس قال صلى الله عليه وآله: بسم الله الرحمن الرحيم اسم من
أسماء الله الأكبر، وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العين وبياضها
225

من القرب: ومنها: عن رجل قال: كنت أدعو الله تعالى أن يعلمني اسمه الأعظم قال:
فنمت فرأيت في المنام مكتوبا في السماء بالكواكب يا بديع السماوات والأرض
يا ذا الجلال والاكرام.
ومنها: برواية علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام قال: سألت الله عز
وجل في عقيب كل صلاة سنة أن يعلمني اسمه الأعظم، قال: فوالله إني لجالس
قد صلت ركعتي الفجر إذ ملكتني عيناي، فإذا رجل جالس بين يدي فقال: قد
استجيب لك، فقل: اللهم إني أسألك باسمك، الله الله الله الله الله الذي لا إله إلا
هو رب العرش العظيم، ثم قال أفهمت أم أعيد عليك؟ قلت: أعد علي ففعل.
قال علي عليه السلام: فما دعوت بشئ قط إلا رأيته وأرجو أن يكون لي عنده ذخرا.
ومنها: باسناده إلى صالح المري قال: قال لي قائل في منامي: ألا أعلمك
اسم الله الأكبر الذي إذا دعي به أجاب؟ قلت: بلى قال: إذا دعوت فقل: اللهم
إني أسئلك باسمك المخزون المبارك الطهر الطاهر المقدس، قال صالح: ما دعوت
الله به في بر أو بحر إلا استجاب [الله] لي.
ومنها: قال غالب القطان، مكثت أدعو الله عشرين سنة، أن يعلمني اسمه
الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، فبينا أنا ذات ليلة أصلي إذ
سمعت قائلا يقول: يا غالب أنصت لما سمعت، ثم غلبتني عيناي وأنا نائم إذا سمعت
قائلا يقول: يا فارج الغم ويا كاشف الهم، ويا موفي العهد، ويا حي يا لا إله
إلا أنت، فما سألت الله بعدها بها شيئا إلا أعطاني.
ومنها: باسناده إلى يحيى بن مسلم بلغه أن ملك الموت استأذن ربه تعالى
أن يسلم على يعقوب عليه السلام، فأذن له، فأتاه فسلم عليه، فقال له: بالذي خلقك
هل قبضت روح يوسف؟ قال: لا، قال: ألا أعلمك كلمات لا تسأل الله شيئا إلا
أعطاك؟ قال: بلى، قال: قل: يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، ولا يحصيه غيره
قال: فما طلع الفجر حتى أتي بقميص يوسف عليه السلام.
226

فصل: ورويت من تذييل محمد بن النجار في ترجمة أحمد بن محمد بن علي
الحربي باسناده عن أسماء بنت زيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسم الله الأعظم
في هاتين الآيتين " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " (1) " وإلهكم إله واحد " (2).
ومن الروايات في اسم الأعظم: ما رويناه باسنادنا إلى محمد بن الحسن
الصفار باسناده إلى أبي الجارود عن زيد بن علي عليه السلام قال: إن أم سلمة سألت
رسول الله صلى الله عليه وآله عن اسم الله الأعظم فأعرض عنها، فسكت ثم دخل عليها وهي
ساجدة تقول: اللهم إني أسئلك بأسمائك الحسنى، ما علمت منها وما لم أعلم
وأسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، فان
لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والاكرام ".
فقال لها: سألت يا أم سلمة باسم الله الأعظم.
ومن الروايات: في اسم الله الأعظم ما ذكرته في إغاثة الداعي ونحن نذكره
ههنا، حيث قد ذكرنا كثيرا مما قيل في الاسم الأعظم فنقول: وجدت في كتاب
عتيق ما هذا لفظه: الدعاء الذي فيه الاسم الأعظم عن علي بن عيسى العلوي قال:
سمعت أحمد بن عيسى العلوي يقول: حدثني أبي عيسى بن زيد، عن أبيه زيد
عن جده علي بن الحسين عليهما السلام قال: دعوت الله عشرين سنة أن يعلمني اسمه
الأعظم فبينا أنا ذات ليلة قائم أصلي فرقدت عيناي إذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله قد أقبل
على ثم دنا مني وقبل ما بين عيني، قال لي: أي شئ سألت الله؟ قال: قلت
يا جداه سألت الله تعالى أن يعلمني اسمه الأعظم، فقال: يا بني اكتب! قلت:
وعلي أي شي أكتب؟ قال: أكتب بإصبعك على راحتك وهو:
" يا الله يا الله يا الله، وحدك لا شريك لك أنت المنان بديع السماوات
والأرض ذو الجلال والاكرام وذو الأسماء العظام، وذو العز الذي لا يرام وإلهكم
إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد وآله أجمعين "

(1) البقرة: 255، وهي آية الكرسي.
(2) البقرة: 163.
227

ثم ادع بما شئت.
قال علي بن الحسين: فوالذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق نبيا لقد جربته فكان
كما قال صلى الله عليه وآله قال زيد بن علي: فجربته فكان كما وصف أبي علي بن الحسين
عليهما السلام، قال عيسى بن زيد: فجربته فكان كما وصف زيد أبي، قال أحمد:
فجربته فكان كما ذكروا رضي الله عنهم أجمعين.
أقول أنا: إن الذي رويناه وعرفناه أن علي بن الحسين عليه السلام كان عالما
بالاسم الأعظم، هو وجده رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة من العترة الطاهرين، ولكنا
ذكرنا ما وجدناه.
ومن الروايات في الاسم الأعظم: ما رويناه أيضا باسنادنا إلى محمد بن الحسن
الصفار وباسنادنا إلى ابن أبي قرة كتابة من كتاب التهجد وذكر أن الذي كان
يدعو به تحت الميزاب، وهو مولانا موسى بن جعفر عليهما السلام وهذا أيضا رواية محمد
ابن الحسن الصفار باسنادهما إلى سكين بن عمار قال: كنت نائما بمكة فأتى آت
في منامي فقال لي: قم فان تحت الميزاب رجلا يدعو الله باسمه الأعظم، ففزعت
ونمت فناداني ثانية بمثل ذلك، ففزعت، ثم نمت فلما كان في الثالثة قال: قم
يا فلان بن فلان، فان هذا فلان بن فلان يسميه باسمه واسم أبيه، وهو العبد
الصالح تحت الميزاب، يدعو الله باسمه، فقال: قمت واغتسلت ثم دخلت الحجر
فإذا رجل قد ألقى ثوبه على رأسه وهو ساجد، فجلست خلفه فسمعته يقول:
يا نور يا قدوس، يا نور يا قدوس، يا نور يا قدوس، يا حي يا قيوم
يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا حي لا يموت، يا حي لا يموت، يا حي
لا يموت، يا حي حين لا حي، يا حي حين لا حي، يا حي حين لا حي، يا حي
لا إله إلا أنت، يا حي لا إله إلا أنت، يا حي لا إله إلا أنت، أسئلك بلا إله
إلا أنت أسئلك بلا إله إلا أنت أسئلك بلا إله إلا أنت أسئلك باسمك بسم الله
الرحمن الرحيم العزيز المتين ثلاثا،
قال سكين: فلم يزل يردد هذه الكلمات حتى حفظتها ثم رفع رأسه فالتفت
كذا وكذا، فإذا الفجر قد طلع، قال: فجاء إلى ظهر الكعبة وهو المستجار فصلى
228

الفريضة ثم خرج.
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاووس مؤلف هذا الكتاب: إن
الاخبار كثيرة من طرق أصحابنا وغيرهم مختلفة في اسم الله الأعظم فاقتصرنا على
هذه الروايات لما رأيناه من الصواب، وها أنا ذاكر حديثا أيضا في اسم الله الأعظم
وجدته غريبا وهذا لفظه:
أقول: وفي رواية عطا ذكر أنه جرب أنه اسم الله الأعظم وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحمن، يا نور
يا نور، يا ذا الطول يا ذا الجلال والاكرام.
دعاء فيه الاسم الأعظم: عن الربيع بن أنس وهي على التسعة وعشرين
حرفا التي ينطق بها العالم، تقول بعد أن تصلي مهما أحببت مائتي مرة: آمنت
بالله الأحد الصمد، ومائتي مرة أ عبد الله لا أشرك به شيئا، ومائتي مرة لا حول
ولا قوة إلا بالله. ثم تدعو بهذا الدعاء.
يا مهيمن يا متعال يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال
والاكرام أسئلك بحق اسمك الأعظم الأكبر الأجل الأعز الأكرم العدل النور
وهو اسمك، ثم تدعو وتذكر الاسم الأعظم لا إله إلا الله ما أعظم الله، لا إله إلا
الله محمد رسول الله اهدني.
تعبير كيفية: حفص لابرح صطفص ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم، لا
إله إلا هو رب العرش العظيم، ثم تدعو على أثر ذلك بهذه التسعة وعشرين اسما
تقرأه وأنت منتصب فتقول:
اللهم إني أسئلك أنك حي قيوم رحمن ديان عظيم واحد سبحان ربي ورب
العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين اللهم أنت مجيد
مؤمن مهيمن ملك مالك مليك متكبر صمد صدر مولى ملئ معط مانع معز
متعزز متعال محسن مجمل منعم متفضل مسبح ماجد مجيد متحنن محي مميت مبدئ
معيد مقتدر مبين متين أسئلك رضوانك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار.
229

اللهم وأنت حي حميد حليم حكيم حكم حاكم حق حفيظ حافظ حسيب
حبيب أسئلك رضوانك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم وأنت ديان دائم ديموم دافع فادفع عني شر ما أحذر من دنياي وآخرتي
أسئلك رضوانك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار،
اللهم وأنت سميع سامع سيد سند فاسمع دعائي ولا تعرض عني وسلمني
من الشر كله وأسئلك رضوانك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم وأنت واسع وهاب وال ولي وفي واف وكيل واد ودود وارث اجعلني
من ورثة جنة النعيم أسئلك رضوانك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم وأنت رحمن رحيم رؤوف رب رازق رقيب رافع رفيع فارزقني من حيث
أحتسب ومن حيث لا أحتسب أسئلك رضوانك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم وأنت هاد فاهدني بهدايتك من الظلمات إلى النور فإنه لا هادي إلا
أنت أسئلك رضوانك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم وأنت ذاكر ذو العرش ذو الطول ذو الآلاء والمعارج والمن القديم ذو
الجلال ذو القوة المتين فقوني لعبادتك أسألك رضوانك والجنة وأعوذ بك من
سخطك والنار.
اللهم وأنت نور ناصر نصير فتاح بالخيرات أعني على نفسي وانصرني على
عدوك وعدوي من الجن والإنس وانصرني على القوم الظالمين وعلى الشيطان
الرجيم، اللهم انصرني نصر عزيز مقتدر أسئلك رضوانك والجنة وأعوذ بك من
سخطك والنار،
اللهم أنت عالم عليم علام الغيوب عال علي عظيم عزيز عفو عطاف عدل
فاعف عني ما سلف من خطاياي وذنوبي ووفقني فيما بقي من عمري لطاعتك أسئلك
رضوانك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار (1).
2 - صفوة الصفات: نقلا من كتاب الدستور عن علي عليه السلام قال: إذا أردت

(1) مهج الدعوات: 394 - 404.
230

أن تدعو الله تعالى باسمه الأعظم فيستجاب لك فاقرأ من أول سورة الحديد إلى قوله
" وهو عليم بذات الصدور " وآخر الحشر من قوله " لو أنزلنا هذا القرآن " ثم
ارفع يديك وقل: يا من هو هكذا أسئلك بحق هذه الأسماء أن تصلي على محمد وآل
محمد وسل حاجتك.
ومنه: نقلا من كتاب الفوائد الجلية أنه في هذا الدعاء وهو: اللهم أنت
الله لا إله إلا أنت يا ذا المعارج والقوى أسئلك ببسم الله الرحمن الرحيم، وبما
أنزلته في ليلة القدر أن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وأسئلك أن تصلي على
محمد وآل محمد وأن تغفر لي خطيئتي وتقبل توبتي يا أرحم الراحمين.
ومنه: نقلا من كتاب فضل الدعاء عن الصادق عليه السلام قال: اقرأ الحمد
والتوحيد وآية الكرسي والقدر، ثم استقبل القبلة، وادع بما أحببت فإنه
الاسم الأعظم.
ومنه: نقلا من كتاب التبصرة أنه في الفاتحة وأنها لو قرئت على ميت سبعين
مرة ثم ردت فيه الروح ما كان ذلك عجبا.
ومنه: نقلا من كتاب البهي أنه في هذا الدعاء وهو: اللهم إني أسئلك بأن
لك الحمد لا إله إلا أنت يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال
والاكرام،
ومنه: نقلا من كتاب التحصيل أنه في هذا الدعاء وهو: اللهم إني أسئلك
بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له
كفوا أحد.
ومنه: نقلا من كتاب إغاثة الداعي أنه في هذا الدعاء وهو: يا الله يا الله يا الله
وحدك وحدك لا شريك لك أنت المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام
وذو الأسماء العظام وذو العز الذي لا يرام وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمان
الرحيم وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
ومنه: نقلا من كتاب التهجد أنه في هذا الدعاء تقول ثلاثا: يا نور يا قدوس
231

وثلاثا يا حي يا قيوم، وثلاثا يا حيا لا يموت، وثلاثا يا حيا حين لا حي، وثلاثا
يا حي لا إله إلا أنت، وثلاث أسئلك باسمك باسم الله الرحمان الرحيم العزيز المبين.
3 - التوحيد: جعفر بن علي بن أحمد الفقيه، عن عبدان بن الفضل، عن محمد بن
يعقوب بن محمد، عن محمد بن أحمد بن شجاع، عن الحسن بن حماد العنبري، عن
إسماعيل بن عبد الجليل، عن أبي البختري، عن الصادق، عن أبيه، عن أمير المؤمنين
عليهم السلام: قال رأيت الخضر في المنام قبل بدر بليلة فقلت له: علمني شيئا أنصر به
على الأعداء فقال: قل: يا هو، يا من لا هو إلا هو، فلما أصبحت قصصتها على
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي: يا علي علمت الاسم الأعظم، وكان على لساني يوم بدر
وإن أمير المؤمنين عليه السلام قرأ قل هو الله أحد فلما فرغ قال: يا هو، يا من لا هو
إلا هو، اغفر لي وانصرني على القوم الكافرين.
وكان علي عليه السلام يقول ذلك يوم صفين وهو يطارد فقال له عمار بن ياسر:
يا أمير المؤمنين ما هذه الكنايات؟ قال: اسم الله الأعظم: وعماد التوحيد، الله
لا إله إلا هو ثم قرأ شهد الله أنه لا إله إلا هو وأواخر الحشر ثم نزل فصلى أربع
ركعات قبل الزوال، الخبر (1).
4 - عيون أخبار الرضا (ع): ابن الوليد، عن محمد العطار، عن ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن
الرضا عليه السلام قال: إن بسم الله الرحمان الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد
العين إلى بياضها (2).
5 - مكارم الأخلاق: روي أن علي بن الحسين عليهما السلام قال: كنت أدعو الله سبحانه سنة
عقيب كل صلاة أن يعلمني الاسم الأعظم، فاني ذات يوم قد صليت الفجر فغلبتني عيناي
وأنا قاعد فإذا أنا برجل قائم بين يدي يقول لي: سألت الله تعالى أن يعلمك الاسم
الأعظم؟ قلت: نعم، قال: قل: اللهم إني أسئلك باسمك الله الله الله الله الذي لا إله إلا
هو رب العرش العظيم. قال: فوالله ما دعوت بها لشئ إلا رأيت نجحه (3).

(1) التوحيد: 49.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 5.
(3) مكارم الأخلاق ص 406.
232

12 * (باب) *
* " (من قال يا الله أو يا رب أو يا أرحم الراحمين) " *
1 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق عليه السلام قال: اشتكى بعض ولد
أبي عليه السلام فمر به فقال له: قل عشر مرات: يا الله يا الله يا الله، فإنه لم يقلها أحد
من المؤمنين قط إلا قال له الرب تبارك وتعالى: لبيك عبدي سل حاجتك (1).
2 - المحاسن: الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن حفص بن مسلم قال: اشتكى
بعض ولد أبى جعفر عليه السلام فمر عليه جعفر وهو شاك فقال له: يا جعفر تقول: يا الله
يا الله فإنه لم يقلها أحد عشر مرات إلا قال له الرب تبارك وتعالى: لبيك (2).
3 - المحاسن: أبي، عن حماد وصفوان وابن المغيرة، عن معاوية بن عمار
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قال العبد: يا الله يا ربي حتى ينقطع
النفس، قال له الرب: سل ما حاجتك.
وفي رواية أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله في كتابه " وحنانا
من لدنا " (3) قال: إنه كان يحيى إذا دعا قال في دعائه، يا رب يا الله، ناداه الله
من السماء: لبيك يا عبدي سل حاجتك (4).
4 - المحاسن: محمد بن علي، عن إسماعيل بن يسار، عن منصور، عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل منكم ليقف عند ذكر الجنة والنار
ثم يقول: أي رب أي رب أي رب ثلاثا فإذا قالها نودي من فوق رأسه: سل
ما حاجتك؟ (5).

(1) قرب الإسناد ص 1 - 2.
(2) المحاسن ص 35.
(3) مريم: 13.
(4) المحاسن ص 35.
(5) المحاسن ص 35.
233

5 - المحاسن: محمد بن علي، عن الحكم بن مسكين، عن معاوية بن عمار الدهني
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال: يا رب يا رب حتى ينقطع
النفس قيل له: لبيك ما حاجتك؟ وروي من يقول: عشر مرات قيل له: لبيك
ما حاجتك (1).
6 - محاسبة النفس: للسيد علي بن طاووس باسناده إلى كتاب الدعاء
لمحمد بن الحسن الصفار باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ألحت به الحاجة
يسجد من غير صلاة ولا ركوع ثم يقول: يا أرحم الراحمين، سبع مرات، ثم
يسأل حاجته، ثم قال: ما قالها أحد سبع مرات إلا قال الله تعالى: هاأنا
أرحم الراحمين، سل حاجتك،
ومنه: نقلا من الكتاب المذكور باسناده إلى الصادق عليه السلام أنه قال:
إن لله ملكا يقال له: إسماعيل، ساكن في السماء الدنيا إذا قال العبد: يا أرحم
الراحمين سبع مرات، قال إسماعيل، قد سمع الله أرحم الراحمين، سل حاجتك.
دعوات الراوندي: مثله.
7 - ومن محاسبة النفس: نقلا من الكتاب المذكور باسناده إلى علي بن
الحسين عليهما السلام قال: سمع النبي صلى الله عليه وآله أن رجلا يقول: يا أرحم الراحمين، فأخذ
بمنكب الرجل فقال: هذا أرحم الراحمين قد استقبلك بوجهه سل حاجتك.
ومنه: قال رحمه الله: رأيت في آخر كتاب مناسك الزيارات للمفيد رحمه
الله على ورقة فيها تعاليق من كتاب البزنطي يقول في أواخر التعليقة: ومن كتاب
الدعاء المستجاب ولا أعلم هل هذا الباب من كتاب البزنطي أم لا، لأني لم أجد
هذا الباب فيما اخترته من كتاب البزنطي وهذا لفظ ما وجدناه:
حفص الأعور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شكى أبو عبد الله إلى أبيه عليهما السلام قال:
قل عشر مرات: يا الله يا الله فإنه لم يقلها عبد إلا قال له ربه: لبيك.
قال السيد: أقول أنا: ويمكن أن يكون قد قال أبو جعفر لبعض شيعته

(1) المحاسن ص 36.
234

وقاله لولده أبي عبد الله عليه السلام.
ومن التعليقة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أبي يلح في الدعاء يقول:
يا رب يا رب حتى ينقطع النفس، ثم يعود.
ومن التعليقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العبد إذا قال: أي رب ثلاثا
صيح به من فوقه: لبيك لبيك سل تعطه.
ومنه، نقلا من كتاب الصلاة لمحمد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن
أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أخي أديم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال عشر
مرات، يا رب يا رب قال له ربه: لبيك سل حاجتك.
دعوات الراوندي: قال الصادق عليه السلام: اشتكيت فمر بي أبي عليه السلام قال:
قل عشر مرات: يا الله فإنه لم يقلها عبد إلا قال: لبيك، ومن قال: يا ربي
يا الله، يا ربي يا الله، حتى ينقطع النفس، أجيب فقيل له: لبيك ما حاجتك
ومن قال عشر مرات: يا رب يا رب قيل له: لبيك ما حاجتك.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: رأيت يوم بدر رسول الله صلى الله عليه وآله ساجدا يقول:
يا حي يا قيوم، وانصرفت إلى الحرب ثم رجعت فرأيته ساجدا يقول: يا حي
يا قيوم، ولم يزل كذلك حتى فتح الله له.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: ألظوا بيا ذا الجلال والاكرام (1).
ومر رسول الله صلى الله عليه وآله برجل يقول: يا أرحم الراحمين، فقال له: سل
فقد نظر الله إليك.

(1) ألظ بالشئ: لازمه ولم يفارقه ومنه قول ابن مسعود " ألظوا في الدعاء
بيا ذا الجلال والاكرام " أي الزاموا ذلك، قاله في الأقرب.
235

13 * (باب)
* " (أسماء الله الحسنى التي اشتمل عليها القرآن الكريم) " *
* " (وما ورد منها في الاخبار والآثار أيضا) " *
أما الآيات: الفاتحة: بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين *
الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين.
البقرة: وهو بكل شئ عليم (1) وقال تعالى: أنه هو التواب الرحيم (2).
وقال تعالى: من ربكم (3) وقال تعالى: إلى بارئكم (4) وقال تعالى:
إن الله على كل شئ قدير (5) وقال تعالى: إن الله واسع عليم (6) وقال:
بديع السماوات والأرض (7) وقال تعالى: إنك أنت السميع العليم (8) وقال:
إنك أنت العزيز الحكيم (9) وقال تعالى: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو
الرحمن الرحيم (10) وقال: وأن الله شديد العذاب (11) وقال: إن الله غفور
رحيم (12) وقال: واعلموا أن الله شديد العقاب (13) وقال: والله رؤوف بالعباد (14)

(1) البقرة: 29.
(2) البقرة: 37 و 54.
(3) البقرة: 49، 105، 178، 198، 248.
(4) البقرة: 54.
(5) البقرة: 20، 106، 148، 259.
(6) البقرة: 115.
(7) البقرة: 117.
(8) البقرة: 127.
(9) البقرة: 129.
(10) البقرة: 163.
(11) البقرة: 165.
(12) البقرة: 173.
(13) البقرة: 196.
(14) البقرة: 207.
236

وقال: فاعلموا أن الله عزيز حكيم (1) وقال تعالى: والله غفور رحيم (2)
وقال: إن الله بما تعملون بصير (3) وقال: والله بما تعملون خبير (4) وقال:
واعلموا أن الله سميع عليم (5) وقال: والله واسع عليم (6).
وقال: الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم إلى قوله:
وهو العلي العظيم (7) وقال: واعلموا أن الله غني حميد (8) وقال تعالى: سمعنا
وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير (9) وقال تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا
مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولينا فانصرفنا على القوم
الكافرين (10).
آل عمران: ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم (11) وقال: والله عزيز
ذو انتقام (12) وقال: هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو
العزيز الحكيم (13) وقال: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك
رحمة إنك أنت الوهاب * ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف
الميعاد (14) وقال: والله شديد العقاب (15) وقال: والله بصير بالعباد (16).

(1) البقرة: 209.
(2) البقرة: 218.
(3) البقرة: 233.
(4) البقرة: 234.
(5) البقرة: 244.
(6) البقرة: 247، 268.
(7) البقرة: 255.
(8) البقرة: 267.
(9) البقرة: 285.
(10) البقرة: 286.
(11) آل عمران: 1.
(12) آل عمران: 4.
(13) آل عمران: 6.
(14) آل عمران: 8 - 9.
(15) آل عمران: 11.
(16) آل عمران: 15، 20.
237

وقال: الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (1).
وقال: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله
إلا هو العزيز الحكيم وقال: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع
الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ
قدير * تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت
وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب (2) وقال: والله رؤوف
بالعباد (3) وقال: قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع
الدعاء (4).
وقال تعالى حاكيا عن الحواريين: ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول
فاكتبنا مع الشاهدين (5).
وقال تعالى: والله خير الماكرين (6) وقال: وما من إله إلا الله وإن الله
لهو العزيز الحكيم (7) وقال: والله ذو الفضل العظيم (8) وقال: إن الله بما يعملون
محيط (9) وقال: وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في
أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (10) وقال: بل الله موليكم وهو
خير الناصرين (11) وقال: والله عليم بذات الصدور (12) وقال: وقالوا حسبنا
الله ونعم الوكيل (13) وقال: والله ذو فضل عظيم (14) وقال: والله بما تعملون
خبير (15).

(1) آل عمران: 18.
(2) آل عمران: 26 - 27.
(3) آل عمران: 30.
(4) آل عمران: 38.
(5) آل عمران: 53.
(6) آل عمران: 54.
(7) آل عمران: 62.
(8) آل عمران: 74.
(9) آل عمران: 120.
(10) آل عمران: 147.
(11) آل عمران: 150.
(12) آل عمران: 154.
(13) آل عمران: 173.
(14) آل عمران: 174.
(15) آل عمران: 180.
238

وقال: ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار * ربنا إنك من
تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار * ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي
للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا
مع الأبرار * ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف
الميعاد (1) وقال: إن الله سريع الحساب (2).
النساء: إن الله كان عليكم رقيبا (3) وقال تعالى: إن الله كان توابا
رحيما (4) وقال: إن الله عليا كبيرا (5) وقال: إن الله كان عليما خبيرا (6) وقال:
وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (7) وقال: إن الله كان عزيزا حكيما (8) وقال:
وكان الله على كل شئ مقيتا (9) وقال: إن الله كان على كل شئ حسيبا (10).
وقال: الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من
الله حديثا (11) وقال: وكان الله عفوا غفورا (12) وقال: وكان الله بما يعملون
محيطا (13) وقال: وكان الله بكل شئ محيطا (14) وقال: وكان الله واسعا
حكيما (15) وقال: وكان الله غنيا حميدا (16) وقال: وكفى بالله وكيلا (17).
وقال: وكان الله شاكرا عليما (18) وقال: فان الله كان عفوا قديرا (19) وقال:
وكفى بالله شهيدا (20).

(1) آل عمران: 191 - 194.
(2) آل عمران: 199.
(3) النساء: 1.
(4) النساء: 16،
(5) النساء: 34.
(6) النساء 35.
(7) النساء 45.
(8) النساء: 56.
(9) النساء: 85.
(10) النساء: 86.
(11) النساء: 87.
(12) النساء: 99.
(13) النساء: 108.
(14) النساء: 126.
(15) النساء: 130.
(16) النساء: 131.
(17) النساء: 132.
(18) النساء: 147.
(19) النساء: 149.
(20) النساء: 166.
239

المائدة: والله عزيز حكيم (1) وقال: والله واسع عليم (2) وقال:
يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين (3) وقال: والله عزيز ذو انتقام (4) وقال:
اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم (5) وقال تعالى: إنك أنت علام
الغيوب (6) وقال تعالى: وارزقنا وأنت خير الرازقين (7) وقال تعالى حاكيا عن
عيسى عليه السلام: فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ
شهيد (8).
الانعام: قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا
يطعم (9).
وقال: وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير (10) وقال: وهو أسرع
الحاسبين (11) وقال: إن الله فالق الحب والنوى (12) وقال: فالق الاصباح (13).
وقال: بديع السماوات والأرض (14).
وقال: ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل
شئ وكيل * لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير (15) وقال:
اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو واعرض عن المشركين (16) وقال:
وربك الغني ذو الرحمة (17) وقال: إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور

(1) المائدة 38.
(2) المائدة: 54.
(2) المائدة: 83.
(4) المائدة: 95.
(5) المائدة: 98.
(6) المائدة: 109، 116.
(7) المائدة: 114.
(8) المائدة: 117.
(9) الانعام: 14.
(10) الانعام: 18.
(11) الانعام: 62.
(12) الانعام: 95.
(13) الانعام: 96.
(14) الانعام: 101.
(15) الانعام: 102 - 103.
(16) الانعام: 106.
(17) الانعام: 133.
240

رحيم (1).
الأعراف: قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
الخاسرين (2).
وقال تعالى: تبارك الله رب العالمين (3) وقال: وهو خير الحاكمين (4).
وقال تعالى حاكيا عن شعيب عليه السلام: ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق و
أنت خير الفاتحين (5) وقال تعالى حاكيا عن السحرة: ربنا أفرغ علينا صبرا
وتوفنا مسلمين (6).
وقال تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام: رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في
رحمتك وأنت أرحم الراحمين (7) وقال حاكيا عنه عليه السلام: أنت ولينا فاغفر لنا
وارحمنا وأنت خير الغافرين * واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا
هدنا إليك (8) وقال سبحانه: الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي
ويميت (9) وقال: إن وليي الله الذي نزل الكتاب (10).
الأنفال: فان الله شديد العقاب (11) وقال: فان تولوا فان الله موليكم
نعم المولى ونعم النصير (12) وقال: إن الله قوي شديد العقاب (13).
التوبة: وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما
يشركون (14) وقال سبحانه: وأن الله علام الغيوب (15) وقال تعالى: وأن الله

(1) الانعام: 165.
(2) الأعراف: 23.
(3) الأعراف: 54.
(4) الأعراف: 87.
(5) الأعراف: 89.
(6) الأعراف: 126.
(7) الأعراف: 151.
(8) الأعراف: 155 - 156.
(9) الأعراف: 158.
(10) الأعراف: 196.
(11) الأنفال: 13.
(12) الأنفال: 40.
(13) الأنفال: 52.
(14) براءة: 31.
(15) براءة: 78.
241

هو التواب الرحيم (1) وقال: إنه بهم رؤوف رحيم (2) وقال سبحانه: فان
تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (3).
يونس: سبحانه وتعالى عما يشركون (4) وقال تعالى: وردوا إلى الله
مولاهم الحق (5) وقال: فذلكم الله ربكم الحق (6) وقال: سبحانه هو الغني
له ما في السماوات وما في الأرض (7) وقال: فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا
فتنة للقوم الظالمين * ونجنا برحمتك من القوم الكافرين (8) وقال تعالى: وهو
خير الحاكمين (9).
هود: من لدن حكيم خبير (10) وقال تعالى: وأنت أحكم الحاكمين (11).
وقال تعالى: إن ربي على كل شئ حفيظ (12) وقال سبحانه: إن ربي قريب
مجيب (13) وقال: إن ربك هو القوي العزيز (14) وقال تعالى: إنه حميد
مجيد (15) وقال: إن ربي رحيم ودود (16) وقال: إن ربي بما تعملون
محيط (17) وقال تعالى: إن ربك فعال لما يريد (18).
يوسف: فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين (19) وقال: إن ربي لطيف لما
يشاء (20) وقال: فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني

(1) براءة: 104.
(2) براءة: 117.
(3) براءة: 129.
(4) يونس: 18.
(5) يونس: 30.
(6) يونس: 32.
(7) يونس: 68.
(8) يونس: 85.
(9) يونس: 109.
(10) هود: 1.
(11) هود: 45.
(12) هود: 57.
(13) هود: 61.
(14) هود: 66.
(15) هود: 73.
(16) هود: 90.
(17) هود: 22.
(18) هود: 107.
(19) يوسف: 64.
(20) يوسف: 100.
242

مسلما وألحقني بالصالحين (1).
الرعد: وإن ربك لشديد العقاب (2) وقال تعالى: عالم الغيب والشهادة
الكبير المتعال (3) وقال تعالى: وهو شديد المحال (4) وقال تعالى: قل الله خالق
كل شئ وهو الواحد القهار (5) وقال تعالى: قل هو ربي لا إله إلا هو عليه
توكلت وإليه متاب (6) وقال تعالى: أفمن هو قائم على كل نفس بما
كسبت (7).
إبراهيم: إلى صراط العزيز الحميد (8) وقال: فان الله لغني حميد (9) وقال
حاكيا عن إبراهيم عليه السلام: رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل
دعاء * ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب (10) وقال تعالى:
إن الله عزيز ذو انتقام (11).
الحجر: إن ربك هو الخلاق العليم (12).
النحل: سبحانه وتعالى عما يشركون (13) وقال تعالى: إلهكم إله
واحد (14).
أسرى: وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا (15) وقال تعالى: إنه
كان حليما غفورا (16) وقال سبحانه: وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني

(1) يوسف: 101.
(2) الرعد: 6.
(3) الرعد: 9.
(4) الرعد: 13.
(5) الرعد: 16.
(6) الرعد: 30.
(7) الرعد: 33.
(8) إبراهيم: 1.
(9) إبراهيم: 8.
(10) إبراهيم: 40 - 41.
(11) إبراهيم: 47.
(12) الحجر: 86.
(13) النحل: 1.
(14) النحل: 22.
(15) أسرى: 17.
(16) أسرى: 44.
243

مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا * وقل جاء الحق وزهق
الباطل إن الباطل كان زهوقا (1) وقال تعالى: ويقولون سبحان ربنا إن كان
وعد ربنا لمفعولا (2) وقال تعالى: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا
فله الأسماء الحسنى (3) وقال سبحانه: وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم
يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا (4).
الكهف: الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب (5) وقال تعالى: فقالوا
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا (6) وقال تعالى: فلولا إذ
دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا
فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك (7) وقال تعالى: وربك الغفور ذو الرحمة (8).
مريم: إنه كان بي حفيا (9) وقال تعالى: رب السماوات والأرض وما
بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا (10).
طه: الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى (11) وقال تعالى: إنني أنا الله
لا إله إلا أنا فاعبدني (12) وقال تعالى: قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي
أمري * وأحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي (13) وقال: إنما إلهكم الله الذي
لا إله إلا هو وسع كل شئ علما (14).
وقال تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم (15) وقال سبحانه: فتعالى الله

(1) أسرى: 80 - 81.
(2) أسرى: 108.
(3) أسرى: 110.
(4) أسرى: 111.
(5) الكهف: 1.
(6) الكهف: 10.
(7) الكهف: 39 - 40.
(8) الكهف: 58.
(9) مريم: 47.
(10) مريم: 65.
(11) طه: 8.
(12) طه: 14.
(13) طه: 25 - 28.
(14) طه: 98.
(15) طه: 111.
244

الملك الحق (1) وقال تعالى: وقل رب زدني علما (2).
الأنبياء: فسبحان الله رب العرش عما يصفون (3) وقال تعالى: وأيوب
إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به
من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين (4).
وقال تعالى: وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في
الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه
من الغم وكذلك ننجي المؤمنين (5) وقال تعالى: قال رب احكم بالحق وربنا
الرحمن المستعان على ما تصفون (6).
الحج: وهدوا إلى صراط الحميد (7) وقال تعالى: إن الله لقوي عزيز (8)
وقال تعالى: وإن الله لهو خير الرازقين إلى قوله: وإن الله لعليم حليم (9)
وقال: وأن الله لعفو غفور * ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في
الليل وأن الله سميع بصير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو
الباطل وأن الله هو العلي الكبير إلى قوله: إن الله لطيف خبير * له ما في السماوات
وما في الأرض وأن الله لهو الغني الحميد إلى قوله: إن الله بالناس لرؤف
رحيم (10) وقال تعالى: هو موليكم فنعم المولى ونعم النصير (11).
المؤمنون: فتبارك الله أحسن الخالقين (12) وقال حاكيا عن نوح عليه السلام
وغيره: قال رب انصرني بما كذبون (13) وقال تعالى: وهو خير الرازقين (14).

(1) طه: 114.
(2) طه: 114.
(3) الأنبياء: 22.
(4) الأنبياء: 83 - 84.
(5) الأنبياء: 87 - 88.
(6) الأنبياء: 112.
(7) الحج: 24.
(8) الحج: 40.
(9) الحج: 58 - 59.
(10) الحج: 60 - 65.
(11) الحج: 78.
(12) المؤمنون: 14.
(13) المؤمنون: 26 و 29.
(14) المؤمنون: 72.
245

وقال تعالى: سبحان الله عما يصفون * عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون
إلى قوله تعالى: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن
يحضرون (1) وقال تعالى: إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا
وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا (2) وقال سبحانه: فتعالى الله
الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم (3) وقال تعالى: وقل رب اغفر
وارحم وأنت خير الراحمين (4).
النور: وأن الله تواب حكيم (5) وقال تعالى: ويعلمون أن الله هو الحق
المبين (6).
الفرقان: الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له
شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره تقديرا (7) وقال تعالى: وكفى بربك
هاديا ونصيرا (8) وقال تعالى: وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده
وكفى به بذنوب عباده خبيرا (9) وقال تعالى: وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن
قالوا وما الرحمن (10) وقال تعالى: والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم
إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما إلى قوله: والذين يقولون
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (11).
الشعراء: وإن ربك لهو العزيز الرحيم (12) وقال تعالى حاكيا عن
إبراهيم عليه السلام: رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق

(1) المؤمنون: 92 - 97.
(2) المؤمنون: 109 - 110.
(3) المؤمنون: 116.
(4) المؤمنون: 118.
(5) النور: 10.
(6) النور: 25.
(7) الفرقان: 2.
(8) الفرقان: 31.
(9) الفرقان: 58.
(10) الفرقان: 60.
(11) الفرقان: 65 - 74.
(12) الشعراء: 9.
246

في الآخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم * واغفر لأبي إنه كان من الضالين *
ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب
سليم (1) وقال تعالى حاكيا عن نوح عليه السلام: قال رب إن قومي كذبون * فافتح
بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين (2).
النمل: وسبحان الله رب العالمين * يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم (3)
وقال تعالى: وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي
وأن أعمل صالحا ترضيه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين (4) وقال تعالى:
الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم (5) وقال: فان ربي غني كريم (6) وقال:
سبحانه: تعالى الله عما يشركون (7).
القصص: قال رب نجني من القوم الظالمين (8) وقال تعالى: فقال رب
إني لما أنزلت إلي من خير فقير (9) وقال تعالى: سبحان الله وتعالى عما يشركون
إلى قوله تعالى: وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم
وإليه ترجعون (10) وقال تعالى: لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم
وإليه ترجعون (11).
العنكبوت: قال رب انصرني على القوم المفسدين (12) وقال تعالى: قل
الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون (13).
الروم: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات

(1) الشعراء: 83 - 89.
(2) الشعراء: 118.
(3) النمل: 8 - 9.
(4) النمل: 19.
(5) النمل: 26.
(6) النمل: 40.
(7) النمل: 63.
(8) القصص: 21.
(9) القصص: 24.
(10) القصص: 68 - 70.
(11) القصص: 88.
(12) العنكبوت: 30.
(13) العنكبوت: 42.
247

والأرض وعشيا وحين تظهرون (1) وقال: سبحانه وتعالى عما يشركون (2).
لقمان: إن الله غني حميد (3) وقال: إن الله لطيف خبير (4) وقال
تعالى: وإن الله هو العلي الكبير (5).
التنزيل: ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم (6).
الأحزاب: وكفى بالله وكيلا (7) وقال تعالى: وكان الله قويا عزيزا (8)
وقال تعالى: وكفى بالله حسيبا (9) وقال سبحانه: وكان الله على كل شئ
رقيبا وقال: إن الله كان على كل شئ شهيدا (10).
سبا: وهو الحكيم الخبير (11) وقال تعالى: وهو الرحيم الغفور (12) وقال:
عالم الغيب (13) وقال تعالى: ويهدي إلى صراط العزيز الحميد (14) وقال تعالى:
وهو الفتاح العليم (15) وقال: بل هو الله العزيز الحكيم (16) وقال تعالى:
وهو خير الرازقين (17) وقال تعالى: علام الغيوب (18) وقال تعالى: إنه
سميع قريب (19).
فاطر: الحمد لله فاطر السماوات والأرض إلى قوله تعالى: هل من خالق
غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأني تؤفكون (20) وقال تعالى:

(1) الروم: 17 - 18.
(2) الروم: 38.
(3) لقمان: 12.
(4) لقمان: 16.
(5) لقمان: 30.
(6) السجدة: 6.
(7) الأحزاب: 3.
(8) الأحزاب: 25.
(9) الأحزاب: 39.
(10) الأحزاب: 52 و 55.
(11) سبأ: 1.
(12) سبأ: 2.
(13) سبأ: 3.
(14) سبأ: 6.
(15) سبأ: 26.
(16) سبأ: 27.
(17) سبأ: 39.
(18) سبأ: 48.
(19) سبأ: 50.
(20) فاطر: 1 - 3.
248

إن الله عزيز غفور (1) وقال تعالى: إنه غفور شكور (2) وقال تعالى: إنه كان
حليما غفورا (3) وقال سبحانه: إنه كان عليما قديرا (4)
يس: بلى وهو الخلاق العليم إلى قوله تعالى: فسبحان الذي بيده ملكوت
كل شئ وإليه ترجعون (5).
الصافات: سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين *
والحمد لله رب العالمين (6).
ص: قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت
الوهاب (7) وقال تعالى: وما من إله إلا الله الواحد القهار * رب السماوات
والأرض وما بينهما العزيز الغفار (8).
الزمر: سبحانه هو الله الواحد القهار (9) وقال تعالى: ألا هو العزيز
الغفار (10) وقال: ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون (11)
وقال تعالى: أليس الله بعزيز ذي انتقام (12) وقال سبحانه: قل اللهم فاطر السماوات
والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون (13)
وقال تعالى: الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل (14) وقال: سبحانه
وتعالى عما يشركون (15) وقال تعالى: وترى الملائكة حافين من حول العرش
يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين (16).

(1) فاطر: 28.
(2) فاطر: 30.
(3) فاطر: 41.
(4) فاطر: 44.
(5) يس: 81 - 83.
(6) الصافات: 180 - 182.
(7) ص: 35.
(8) ص: 65 - 66.
(9) الزمر: 4.
(10) الزمر: 5.
(11) الزمر: 6.
(12) الزمر: 37.
(13) الزمر: 47.
(14) الزمر: 62.
(15) الزمر: 67.
(16) الزمر: 75.
249

المؤمن: تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب
شديد العقاب * ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير (1) وقال تعالى: فالحكم
لله العلي الكبير إلى قوله تعالى: رفيع الدرجات ذو العرش (2) وقال تعالى: إن
الله سريع الحساب (3) وقال: إنه قوي شديد العقاب (4) وقال تعالى: وأنا أدعوكم
إلى العزيز الغفار (5) وقال: وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد *
فوقاه الله سيئات ما مكروا (6) وقال تعالى: ذلكم الله ربكم خالق كل شئ لا إله
إلا هو فأنى تؤفكون إلى قوله تعالى: ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين *
هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين (7).
السجدة: إنه على كل شئ شهيد (8) وقال: ألا إنه بكل شئ محيط (9).
حمعسق: الله العزيز الحكيم (10) وقال: وهو العلي العظيم (11) وقال:
ألا إن الله هو الغفور الرحيم (12) وقال: الله حفيظ عليهم (13) وقال: فالله هو الولي
وهو يحيي الموتى وهو على كل شئ قدير (14) وقال تعالى: فاطر السماوات
والأرض، وقال تعالى: الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز (15)
وقال تعالى: وهو الولي الحميد (16).
الزخرف: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم *
وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه

(1) المؤمن: 2 - 3.
(2) المؤمن: 12 - 15.
(3) المؤمن: 17.
(4) المؤمن: 22.
(5) المؤمن: 42.
(6) المؤمن: 44 - 45.
(7) المؤمن: 62 - 65.
(8) فصلت: 53.
(9) فصلت: 54.
(10) الشورى: 3.
(11) الشورى: 4.
(12) الشورى: 5.
(13) الشورى: 6.
(14) الشورى: 9.
(15) الشورى: 19.
(16) الشورى: 28.
250

ترجعون (1) الدخان: إنه هو السميع العليم * رب السماوات والأرض وما بينهما
إن كنتم موقنين * لا إله إلا هو يحيى ويميت ربكم ورب آبائكم
الأولين (2).
الجاثية: فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين * وله
الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (3).
الأحقاف: رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي
وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من
المسلمين (4).
الذاريات: إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (5).
الطور: إنه هو البر الرحيم (6).
القمر: فدعا ربه إني مغلوب فانتصر (7) وقال تعالى: فأخذناهم أخذ
عزيز مقتدر (8) وقال تعالى: عند مليك مقتدر (9).
الرحمن: ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام (10) وقال تعالى: تبارك
اسم ربك ذي الجلال والاكرام (11).
الحديد: سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم * له ملك
السماوات والأرض يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير * هو الأول والآخر

(1) الزخرف: 84 - 85.
(2) الدخان: 6 - 8.
(3) الجاثية: 36 - 37.
(4) الأحقاف: 15.
(5) الذاريات: 58.
(6) الطور: 28.
(7) القمر: 10.
(8) القمر: 42.
(9) القمر: 55.
(10) الرحمن: 27.
(11) الرحمن: 78.
251

والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم (1) وقال: إن الله بكم لرؤف رحيم (2)
وقال: والله ذو الفضل العظيم (3) وقال تعالى: إن الله هو الغني الحميد (4)
وقال: إن الله قوي عزيز (5).
الحشر: فان الله شديد العقاب (6) وقال تعالى: والذين جاؤوا من بعدهم
يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا
للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم (7) وقال تعالى: هو الله الذي لا إله إلا هو عالم
الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس
السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون * هو
الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات
والأرض وهو العزيز الحكيم (8).
الممتحنة: ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير * ربنا لا تجعلنا
فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم (9) وقال تعالى: فان الله
هو الغني الحميد (10) وقال: والله قدير والله غفور رحيم (11).
الجمعة: يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز
الحكيم (12).
التغابن: يسبح الله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو
على كل شئ قدير (13) وقال تعالى: والله غني حميد (14) وقال: تعالى الله لا إله

(1) الحديد: 1 - 3.
(2) الحديد: 9.
(3) الحديد: 21 و 29.
(4) الحديد: 24.
(5) الحديد: 25.
(6) الحشر: 4.
(7) الحشر: 10.
(8) الحشر: 22 - 24.
(9) الممتحنة: 4 - 5.
(10) الممتحنة: 6.
(11) الممتحنة: 7.
(12) الجمعة: 1.
(13) التغابن: 1.
(14) التغابن: 6.
252

إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون (1) وقال: والله شكور حليم * عالم الغيب
والشهادة العزيز الحكيم (2).
التحريم: والله موليكم وهو العليم الحكيم (3).
الملك: تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير إلى قوله: وهو
العزيز الغفور (4).
القلم: قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين (5).
نوح: رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات
ولا تزد الظالمين إلا تبارا (6).
المزمل: رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا (7).
النباء: رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا (8).
البروج: وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد * الذي له
ملك السماوات والأرض والله على كل شئ شهيد - إلى قوله تعالى: إنه هو يبدئ
ويعيد * وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد * فعال لما يريد - إلى قوله تعالى
والله من ورائهم محيط (9).
التين: أليس الله بأحكم الحاكمين (10).
الاخلاص: قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن
له كفوا أحد.
الناس: قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس.

(1) التغابن: 13.
(2) التغابن: 17 - 18.
(3) التحريم: 2.
(4) الملك: 1 - 2.
(5) القلم: 29.
(6) نوح: 28.
(7) المزمل: 9.
(8) النبأ: 37.
(9) البروج: 8 - 20.
(10) التين: 8.
253

وأما الاخبار:
1 - البلد الأمين: الأسماء الحسنى وهي مروية عن النبي صلى الله عليه وآله، ولها شرح عظيم ولا تقرأها إلا وأنت طاهر، وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم، يا الله آهيا، هو الله اشراهيا، يا الله يا حي
يا قيوم، يا الله يا أول كل شئ وآخره لا شي يكون قبله، ولا شئ يكون بعده
يا الله يا حافظ يا حفيظ تحفظ السماء أن تقع على الأرض إلا باذنك، يا حفيظ
يا الله يا منعام يا منعم خلقت النعمة ظاهرة وباطنة يا الله وأسئلك وأدعوك باسمك
الذي أنشأت به ما شئت من مشيتك يا الله، وأسئلك وأدعوك باسمك الذي تقطع
به العروق من العظام، ثم تنبت عليها اللحم بمشيتك، فلا ينقص منها مثقال ذرة
بعظيم ذلك الاسم بقدرتك يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تعلم به ما في السماء وما في الأرض وما في الأرحام
ولا يعلم ذلك أحد غيرك يا الله وأسئلك باسمك الذي تنفخ به الأرواح في الأجساد
فيدخل بعظيم ذلك الاسم كل روح إلى جسدها ولا يعلم بتلك الأرواح التي
صورت في جسدها المسمى في ظلمات الأحشاء إلا أنت وأسئلك باسمك التي تعلم به
ما في القبور وتحصل به ما في الصدور يا الله وأسئلك باسمك الذي أنبت به اللحوم
على العظام فتنبت عليها بذلك الاسم يا الله.
وأسئلك باسمك القادر بك على كل شئ يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت
به الحياة من مشيتك العظمى إلى أجل مسمى يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت
به الموت وأجريته في الخلق عند انقطاع آجالهم وفراغ أعمالهم يا الله وأسئلك باسمك
الذي طيبت به نفوس عبادك فطابت لهم أسماؤك الحسنى وآلاؤك الكبرى يا الله
وأسئلك باسمك المصور الماجد الواحد الذي خشعت له الجبال وما فيها يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تقول به للشئ كن فيكون بقدرتك يا الله.
وأسئلك باسمك العظيم الذي تجليت به لعظمة سلطانك يا الله وأسئلك باسمك
الكبير الشأن يا عظيم السلطان يا الله وأسئلك باسمك البرهان المنير الذي سكن
254

له الضياء والنور يا الله.
وأسئلك بأسمائك الوحدانية يا واحد يا الله وأسئلك، بأسمائك الفردانية
يا فرد يا الله وأسئلك بأسمائك الصمدانية يا صمد يا الله وأسئلك بأسمائك
الكبريائية يا كبير يا الله وأسئلك باسمك الذي هو على كل شئ، وفوق كل شئ
وقبل كل شئ، وبعد كل شئ، ومع كل شئ يا الله.
وأسئلك باسمك الذي سميت به نفسك أول كل شئ وآخر كل شئ و
الظاهر والباطن وأنت بكل شئ عليم يا الله وأسئلك باسمك الذي هو عندك مكنون
مخزون الذي كتبه القلم في قدم الأزمنة في اللوح المحفوظ يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تجري به الفلك في البحر المسلسل المحبوس بقدرتك
يا الله وأسألك باسمك الذي يسبح لك به قطر المطر والسحاب الحاملات قطرات
رحمتك يا الله وأسئلك باسمك الذي أجريت به وابل السحاب في الهواء بقدرتك
يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تنزل به قطر المطر من المعصرات ماء ثجاجا فتجعله
فرجا يا الله وأسئلك باسمك الذي ملأت به قدسك بعظيم التقديس يا قدوس يا الله.
وأسئلك باسمك الذي استعان به حملة عرشك فأعنتهم وطوقتهم احتماله
فحملوه بذلك الاسم يا الله، وأسئلك باسمك الذي خلقت به الكرسي سعة السماوات
والأرض يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت به العرش العظيم الكريم وعظمت خلقه
فكان كما شئت أن يكون بذلك الاسم يا عظيم يا الله، وأسئلك باسمك الذي طوقت
به العرش بهيبة العزة والسلطان يا الله وأسئلك باسمك الذي تخرج به نبات الأرض
منافع لخلقك وغياثا يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تطيب به كل مر وحلو وحامض وهو من طينة
واحدة يا الله وأسئلك باسمك المحسن المجمل المنعم المفضل يا الله وأسئلك باسمك
الذي ملا الدهر قدسه فعظمته بالتقديس يا قدوس يا الله وأسئلك باسمك يا لا إله
إلا أنت وبرحمتك أستجير وبعزتك أستعين ما معين يا الله
255

وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت الصمد الذي لا نفاد له يا الله وأسئلك باسمك
الذي تقطع به أكناف السماوات والأرض لدعوتك يا الله وأسئلك باسمك الذي
خلقت به النجوم وجعلت منها رجوما للشياطين ما بين السماء والأرض يا الله وأسئلك
باسمك الذي تنتثر به الكواكب نثرا لدعوتك يا الله.
وأسألك باسمك الذي يطير به الطير في جو السماء صافات بأمرك يا الله
وأسئلك باسمك الذي أحضرت به الأرضون لأمرك يا الله وأسئلك باسمك الذي
يسبح لك به كل شئ بلغات مختلفة يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تنفتح به أبواب السماوات يا الله وأسئلك باسمك الذي
إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت يا الله وأسألك باسمك الذي يسبح لك
به البرق الخاطف والصواعق العاصفة يا الله وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به
الرياح العاصفات في مجاريها يا الله وأسئلك باسمك الذي ينزل به مع كل قطرة،
ملك من السماء يسبحك به ولا يرجع إلى يوم القيامة يا الله.
وأسئلك باسمك الذي شققت به الأرض شقا وأنبت فيها حبا وعنبا وقضبا و
زيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا يا الله وأسئلك باسمك الذي تخرج به
الحبوب من الأرض فتزين بها الأرض فتذكر بنعمتك يا الله وأسئلك باسمك الذي
تسبح لك به الضفادع في البحار والأنهار والغدران بألوان صفاتها واختلاف
لغاتها يا الله وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الملك القائم على الصخرة تحت
الأرضين السفلى فيثبت عليها بذلك الاسم فهو يسبحك به خشية أن يسقط من
مقامه فيهلك يا الله.
وأسألك باسمك الذي أثبت به الأرضين على هامة ذلك الملك القائم على
الصخرة بأمرك فهو يسبحك بذلك الاسم دائما لا يفتر من التسبيح لك والتقديس
ليدوم ثبوتها وإلا يسقط في اليم فيهلك يا الله.
وأسئلك باسمك الذي أهبطت به الصخرة من جنة الفردوس إلى تحت
الأرضيين السفلى كلها فجعلتها أساسا لقدمي ذلك الملك يقف عليها بقدرتك فهو
256

يسبح لك بذلك الاسم وهي مسبحة لك به لا يفتر من التسبيح لك لئلا يقع في
اليم الأكبر على البردة العظمى يا الله.
وأسئلك باسمك الذي أثبت به قوائم الثور على شوكة من ظهر الحوت فثبت
عليها قوائمه بقدرتك يا الله فهو يسبح لك بذلك الاسم لا يفتر من التسبيح لحظة
خوفا أن يقع في اليم فيهلك يا الله.
وأسئلك باسمك الذي أثبت به اليم الأكبر على البردة العظمى فهو يسبح
لك بذلك الاسم لا يفتر منه أبدا يا الله.
وأسئلك باسمك الذي أثبت به البردة مطيفة على النار بقدرتك فهي مسبحة
لك بذلك الاسم لا تفتر من التسبيح والتقديس خشية أن تذوب من وهج النار
الكبرى يا الله وأسألك باسمك الذي أثبت به جهنم بجميع ما خلقت فيها على متن
الريح فاستقرت عليه بقدرتك فهي مسبحة لك بذلك الاسم لا تفتر من التسبيح
والتقديس لئلا تخترق بها الريح فتذريها يا الله.
وأسئلك باسمك الذي أقررت به الريح على السموم فاستقرت لعظمة ذلك
الاسم فهي مسبحة لك بذلك الاسم لا تفتر من التسبيح والتقديس خشية أن تحرقها
سم تلك السموم فتهلك يا الله وأسئلك باسمك الذي أقررت به السموم على
النور فاستقرت عليه بأمرك بذلك الاسم يا الله.
وأسئلك باسمك الذي أثبت به النور على الظلمة والظلمة على الهواء فاستقر
ذلك على الثرى بقدرتك بذلك الاسم يا الله، وأسئلك باسمك الذي حملت به
الثرى على حرفين من كتابك المخزون ولا يعلم ما تحت الثرى إلا أنت يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين حول العرش والأرضين
يا الله وأسألك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين خلقتهم من ضياء ذلك
الاسم يا الله، وأسألك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين خلقتهم من الرحمة
يا الله وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين خلقتهم من الظلمة
يا الله وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين خلقتهم من العذاب يا الله.
257

وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين خلقتهم من البرد يا الله
وأسألك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين خلقتهم من الثلج والنار وألفت
بينهم بعظمة ذلك الاسم لا تذيب النار الثلج ولا يطفئ الثلج النار يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الملائكة الذين خلقتهم من النور فيخرج
من أفواههم النور بذلك الاسم يا الله وأسألك باسمك الذي خلقته من تسبيح ذلك
الاسم وبه يخرج من أفواههم تسبيح تخلق منه ملائكة يسبحونك ويقدسونك
ويهللونك ويكبرونك ويمجدونك بذلك الاسم إلا يوم القيمة يا الله.
وأسئلك باسمك الذي خلقت به ملائكة من رحمتك فهم بذلك الاسم يرحمون
الضعفاء من خلقك يا رحيم يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت به ملائكة الرأفة
والرحمة وزينتهم برأفتك فهم يتحنون بذلك الاسم على عبادك يا الله.
وأسألك باسمك الذي خلقت به ملائكة من غضبك وجعلتهم بذلك الاسم
عدوا لمن عصاك يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت به ملائكة من سخطك وجعلتهم
ينتقمون ممن تشاء من خلقك يا الله وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت الأول بغير
تكوين يا الله وأسألك باسمك يا لا إله إلا أنت الآخر بلا نفاد يا الله وأسئلك باسمك
يا لا إله إلا أنت البارئ بغير غاية يا الله.
وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت الدائم بلا فناء يا الله وأسئلك باسمك يا لا
إله إلا أنت القائم على كل نفس بما كسبت يا الله، وأسئلك باسمك يا لا إله إلا
أنت العزيز بلا معين يا الله.
وأسألك باسمك يا لا إله إلا أنت القاضي في خلقه بما يشاء كيف يشاء لما
يشاء بلا مشير يا الله، وأسألك باسمك يا لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك يا الله
وأسئلك يا لا إله إلا أنت لا ندلك ولا عديل لك ولا نظير لك ولا سمي لك
ولا صاحبة لك ولا ولد لك ولا مولود لك ولا ضد لك ولا معاند لك ولا مكائد
لك ولا يبلغ أحد وصفك أنت كما وصفت نفسك أحد صمد لم يتخذ ولد أو لم يولد
ولم يكن له كفوا أحد يا الله.
258

وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت الذي ليس كمثله شئ وهو السميع العليم
يا الله وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت الواحد الفرد الصمد ليس كمثلك شئ ولا
مدى لو صفك يا الله، وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت ليس أحد [ا] سواك يا الله
وأسألك باسمك يا لا إله إلا أنت ليس إلها غيرك يا الله وأسئلك باسمك يا لا إله
إلا أنت ليس خالقا ولا رازقا سواك يا الله وأسألك باسمك [يا لا إله إلا
أنت] ظ الظاهر في كل شئ بالقدرة والكبرياء والبرهان والسلطان يا الله.
وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت الباطن دون كل شئ يا الله وأسئلك باسمك
يا لا إله إلا أنت تعاليت في كل شئ بالقهر والسلطان يا الله وأسألك باسمك الذي
لا يحيط به علم العلماء يا الله وأسئلك باسمك الذي لا يحويه حكم الحكماء يا الله
وأسئلك باسمك الذي لا يغلبه تدبير الفقهاء يا الله وأسئلك باسمك الذي لا يناله تفكر
العقلاء يا الله.
وأسئلك باسمك الذي لا يبصره بصر البصراء يا الله وأسئلك باسمك الذي لا يعلمه
أحد سواك يا الله وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت المخزون المكنون الذي لا يعرفه
أحد إلا بالآيات الواضحات، والدلالات البينات، والعلامات الظاهرات، من
عجائب الخلق من النار والنور والظلمات، والسحاب المتطابقات، والرياح
الذاريات، والأعين الجاريات، والنجوم المسخرات، وجلاميد الأهوية المتراكمات
بين الأرضين والسماوات، والعيون المنفجرات، والأنهار الجاريات، والبحار
وما فيهن من الأمم المختلفات، كل يسبح لك بذلك الاسم العظيم الذي لا تفني
عجائبه لما عظمته وشرفته وكرمته وكبرته.
وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الجبال الراسيات بأمرك يا الله وأسألك
باسمك الذي يسبح لك به الأنهار الجاريات بأمرك يا الله وأسئلك باسمك الذي
تسبح لك به البحار الزاخرات التي هي بالأرض محيطات يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به الأشجار المخضرات النضرات والأوراق
الزاهرات والأغصان المثمرات والثمرات والطيبات كل يسبح لك بذلك الاسم يا الله.
259

وأسألك باسمك الذي تسبح لك به العيون الواقفات بقدرتك يا الله وأسألك
باسمك الذي تسبح لك به النخل الباسقات يا الله وأسألك باسمك الكبير الجليل
الأجل الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت وإذا قسم به عليك
بررت يا الله،
وأسئلك باسمك الذي من دعاك بغيره لم يزدد من معرفته بك إلا بعدا
وينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت به النيران
بجميع ما خلقت فيها بذلك الاسم يا الله وأسلك باسمك الذي خلقت به رضوان
خازن الجنان من نور العزة والسلطان يا الله.
وأسألك باسمك الذي خلقت به مالك خازن النيران من الغضب والانتقام
يا الله وأسألك باسمك الذي غرست به أشجار الجنان زينة لها بذلك الاسم يا الله
وأسئلك باسمك الذي فتحت به أبواب الجنان لأهل طاعتك وغلقتها عن أهل معصيتك
بذلك الاسم يا الله.
وأسألك باسمك الذي فتحت به أبواب النيران لأهل معصيتك وغلقتها عن
أهل طاعتك بذلك الاسم يا الله وأسألك باسمك الذي فجرت به عيون الجنان
لأوليائك يا الله وأسألك باسمك الذي خلقت به جنة عرضها كعرض السماء
والأرض وكذلك جعلت كل شئ من الجنان بقدرتك يا الله وأسألك باسمك
الذي وضعته على الجنان فحسنت وأشرقت وتزينت بضوء نور ذلك الاسم يا الله
وأسئلك باسمك الذي خلقت به الشمس والقمر والنجوم المسخرات بأمرك
وأجريتهم في الفلك بقدرتك يا الله وأسئلك باسمك الذي تسبح لك به النجوم
بعظمتك يا الله وأسئلك وباسمك الذي كتبته حول سدرة المنتهى عندها جنة المأوى
وجعلت فيها رحمتك ومغفرتك ورضوانك بذلك الاسم يا الله،
وأسألك باسمك الذي في خزائن رحمتك ومغفرتك فهو يترأف برأفتك على
الراحمين والمستغفرين والناس من عبادك يا الله وأسئلك باسمك الذي في خزائن
ملكك وعنده قضاء سلطانك يا الله وأسألك باسمك الذي افتخرت به نفسك و
260

بكبريائك، وعظمتك ولا ينبغي الفخر والكبرياء والعظمة والمنة إلا لك
يا الله.
وأسئلك باسمك الذي خلقت به جبرئيل من روح القدس وجعلته سفيرا
بينك وبين أنبيائك بذلك الاسم يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت ميكائيل من
نور البهاء وجعلته بكيل المطر عالما وكل ذلك عندك معلوما وعدد كل قطرة
مفهوما بذلك الاسم يا الله.
وأسألك باسمك الذي خلقت به إسرافيل وعظمت خلقته بذلك الاسم فهو
يسبحك به إلى يوم القيمة يا الله وأسئلك باسمك الذي خلقت به عزرائيل ملك
الموت فظل بعظيم ذلك الاسم وكيلا على قبض الأرواح وهي له سامعة مطيعة
لامره بذلك الاسم يا الله.
وأسئلك باسمك الذي دعاك به إسرافيل فأجبته والعرش على كاهله وهو
فارش أجنحته لم يضطجع ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب ولم يغفل منذ خلقته
ولم يشتغل عن عبادتك طرفة عين هيبة لك وخوفا بذلك الاسم يا الله.
وأسألك باسمك الذي يسبح لك به إسرافيل فيقطع تسبيحه على جميع
الملائكة عبادتهم لاستماعهم إلى طيب صوته وتسبيحه بذلك الاسم يا الله وأسئلك
باسمك الذي يسبح لك به عزرائيل في مقامه بين يديك بذلك الاسم يا الله.
وأسئلك باسمك الذي يسبح لك به جبرئيل في مقامه بين يديك بذلك الاسم
يا الله وأسألك باسمك الذي يسبح لك به إسرافيل فتخلق من كل لفظة من تسبيحه
ملكا يسبحك بذلك الاسم إلى يوم القيمة يا الله.
وأسئلك باسمك الذي خلقت به وأحييت جميع خلقك بعد أن كانوا أمواتا
بذلك الاسم إذ قلت في كتابك " كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه
ترجعون " يا الله وأسئلك باسمك الذي تميت به جميع خلقك عند فناء آجالهم
يا الله وأسألك باسمك الذي تحيي به جميع خلقك للقيام بين يديك يا الله.
وأسئلك باسمك الذي تحشر به جميع خلقك يخرجون من الأجداث سراعا
261

يا الله وأسئلك باسمك الذي ينفخ به إسرافيل فتخرج به الأرواح من القبور وتنشق
عن أهلها فتدخل كل روح إلى جسدها لا تتشابه على الأرواح أجسادها بذلك
الاسم فيخرج بهم إلى ربهم ينسلون يا الله.
وأسئلك باسمك الطهر الطاهر يا الله وأسئلك باسمك القدوس يا الله وأسئلك
باسمك المقيل يا الله وأسألك باسمك الحق المبين يا الله وأسألك باسمك الباسط
يا باسط البسيطة يا الله وأسئلك باسمك الودود المتوحد يا الله وأسألك باسمك
الرشيد مرشدنا يا الله وأسئلك باسمك الواهب الموهب يا وهاب يا الله وأسئلك
باسمك الغائب في خزائن الغيب يا علام الغيوب يا الله.
وأسألك باسمك الغافر يا غفار الذنوب يا الله وأسئلك باسمك ذو العفو والغفران
والرحمة والرضوان يا الله وأسألك بأسماء نعمائك الدائمة يا منعم يا الله، وأسألك
بأسماء آلائك الباقية يا باقي يا الله، وأسئلك باسمك الذي طوقت به أبصار عبادك
يوم القيامة حتى ينظروا إلى نور وجهك الكريم الباقي يا الله.
وأسئلك باسمك الذي قذفت به الخوف في قلوب الخائفين الراجين فهم
يرجون رحمتك ويخافون عذابك يا الله وأسألك باسمك الذي وضعته على سمائك
فتزينت بنور بهائك يا الله وأسألك باسمك الذي تنوم به العيون وأنت حي قيوم
لا تأخذك سنة ولا نوم يا حي يا قيوم.
وأسألك باسمك الذي أنزلته على عيون أهل الغفلة فغفلوا عنك فناموا عن
طاعتك يا قيوم السماوات والأرض يا الله وأسألك باسمك الذي أنزلته على عيون
محبيك فطار عنهم النوم إجلالا لعظمة ذلك الاسم فقاموا صفوفا بين يديك قياما
على أقدامهم يناجونك في فكاك رقابهم من النار يا الله،
وأسئلك باسمك التام العام الكامل يا الله وأسئلك باسمك ص ويس والصافات
وحم عسق وكهيعص يا الله وأسألك باسمك ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم
يا الله وأسألك باسمك يا لا إله إلا أنت الملك الحق المبين يا الله.
وأسئلك باسمك يا لا إله إلا أنت الرازق الخالق البارئ المبدئ المعيد
262

الفعال لما يريد يا الله وأسألك باسمك يا لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين يا الله وأسألك باسمك العزيز الأعز لا عزيز غيرك يا عزيز يا الله
وأسألك باسمك العلي العالي المبارك البار يا بارا بعباده يا الله وأسألك
باسمك الجواد الأجود يا جواد يا الله وأسئلك باسمك الكريم الأكرم يا أكرم
الأكرمين يا الله وأسئلك باسمك القابض الباسط يداك مبسوطتان بالخير والجبروت
يا الله وأسألك باسمك أنت الرازق في الظل والحرور والخير والشرور والغم
والسرور ولا يعزب عنك في الأزمان والدهور يا سيد يا غفور يا سند يا شكور
يا الله.
وأسألك باسمك الجامع المجموع الجليل الجميل يا الله وأسئلك باسمك
الدائم القائم الحافظ يا حفيظ يا الله وأسئلك باسمك الظاهر الباطن البرهان المبين
يا الله
وأسألك باسمك الذي تعلم به حاجتي وما في نفسي وضميري لأنك أنت
تعلم ضمائر القلوب يا علام الغيوب يا غفار الذنوب يا ستار العيوب اغفر لي ما
سبق في علمك من ذنوبي واستر على فيما بقي من عمري يا كريم يا الله وأسئلك
باسمك الكريم المنير يا نور السماوات والأرض يا الله،
يا من هو باسط السماوات والأرض يا الله يا من هو ملك السماوات والأرض
يا الله يا من هو بكل شئ محيط في السماوات والأرض يا الله يا حي السماوات
والأرض يا الله يا أحد السماوات والأرض يا الله، وقاضي السماوات والأرض يا الله
يا قيوم السماوات والأرض يا الله.
يا قدوس السماوات والأرض يا الله يا مؤمن السماوات والأرض يا الله يا سلام
السماوات والأرض يا الله يا جبار السماوات والأرض يا الله، يا طاهر السماوات
والأرض يا الله، يا عزيز السماوات والأرض يا الله يا جميل السماوات والأرض
يا الله يا مكون السماوات والأرض يا الله.
يا بارئ السماوات والأرض يا الله، يا سلطان السماوات والأرض يا الله
263

يا صمد السماوات والأرض يا الله، يا واحد السماوات والأرض يا الله، يا من هو
معروف في السماوات والأرض يا الله، يا من هو بالجود موصوف في السماوات
والأرض يا الله.
يا معبود من في السماوات والأرض يا الله، يا موجد من في السماوات والأرض
يا الله، يا سيد من في السماوات والأرض يا الله، يا شديد من في السماوات والأرض
يا الله، يا رحيم من في السماوات والأرض يا الله، يا من ليس له صاحبة ولا ولد
في السماوات والأرض يا الله، يا من ليس له معين في السماوات والأرض يا الله.
يا من ليس له وزير في السماوات والأرض يا الله، يا من ليس له عديل في
السماوات والأرض يا الله، يا من ليس له بديل في السماوات والأرض يا الله، يا من
ليس له شبيه في السماوات والأرض يا الله، يا من لا يقاس به شئ في السماوات
والأرض يا الله، يا من لا يدركه من في السماوات والأرض يا الله.
يا حكم من في السماوات والأرض يا الله، يا من يعلم ما في السماوات والأرض
يا الله، يا من يسجد له من في السماوات والأرض يا الله، يا من هو مذكور بكل
لسان في السماوات والأرض يا الله، يا من هو مقصود بالخير في السماوات والأرض
يا الله.
يا دائم الملك في السماوات والأرض يا الله يا من لا يزيل ملكه أهل السماوات
والأرض يا الله، يا من له الأسماء الحسنى في السماوات والأرض يا الله يا من له
الكبرياء في السماوات والأرض يا الله يا من له العزة في السماوات والأرض يا الله.
يا من له ملكوت السماوات والأرض يا الله، يا عظيم السماوات والأرض
يا الله، يا جليل السماوات والأرض يا الله، يا قدير السماوات والأرض يا الله
يا مقتدر السماوات والأرض يا الله، يا من يعيش في كنفه أهل السماوات والأرض
يا الله، يا من بيده مقاليد السماوات والأرض يا الله، يا من يبسط رزقه على أهل
السماوات والأرض يا الله، يا من نعمته لا تحصى على أهل السماوات والأرض يا الله.
يا من رأفته على أهل السماوات والأرض يا الله يا من هو متفضل على أهل
264

السماوات والأرض يا الله، يا من هو متعطف على أهل السماوات والأرض يا الله
يا من هو منعم على أهل السماوات والأرض يا الله يا من وجب حقه على أهل
السماوات والأرض يا الله يا من وجب شكره على أهل السماوات والأرض يا الله.
يا من وجب ذكره على أهل السماوات والأرض يا الله يا من وجب عبادته على
أهل السماوات والأرض يا الله، يامن أياديه على أهل السماوات والأرض يا الله يا من فضله
على أهل السماوات والأرض يا الله، يا من تفضله على أهل السماوات والأرض يا الله
يا من تعطفه على أهل السماوات والأرض يا الله، يا من نعمه مبسوطة على أهل السماوات
والأرض يا الله، يا من هو ناصر لأهل السماوات والأرض يا الله، يا من هو غافر لأهل
السماوات والأرض يا الله، يا من هو تواب على أهل السماوات والأرض يا الله
يا لطيفا بأهل السماوات والأرض يا الله يا رؤوفا بأهل السماوات والأرض يا الله
يا رفيقا بأهل السماوات والأرض يا الله يا من في قبضته أهل السماوات والأرض
يا الله.
يا عليما بأهل السماوات والأرض يا الله يا من أهل السماوات والأرض عبيده
يا الله يا من يحكم على أهل السماوات والأرض يا الله يا من هو كنز لأهل السماوات
والأرض يا الله يا من هو عز لأهل السماوات والأرض يا الله يا من هو حرز لأهل
السماوات والأرض يا الله يا من هو ذخر لأهل السماوات والأرض يا الله.
يا من هو كهف لأهل السماوات والأرض يا الله يا من هو منجى لأهل
السماوات والأرض يا الله يا من هو ملجاء لأهل السماوات والأرض يا الله يا من هو
خطر لأهل السماوات والأرض يا الله يا من هو حسن الصنع في أهل السماوات والأرض
يا الله يا قديم الاحسان بأهل السماوات والأرض يا الله يا مجمل أهل السماوات
والأرض يا الله يا من له المنة على أهل السماوات والأرض يا الله.
يا من لا يؤدي حقه أهل السماوات والأرض يا الله يا من لا يؤدي شكره
أهل السماوات والأرض يا الله يا من لا يبلغ كنه عظمته أهل السماوات والأرض يا
الله يا من له ميراث أهل السماوات والأرض يا الله يا من هو وارث أهل السماوات
265

والأرض يا الله يا مثبت أهل السماوات والأرض يا الله يا محيي أهل السماوات والأرض
يا الله يا مميت أهل السماوات والأرض يا الله.
يا نافع أهل السماوات والأرض يا الله يامن يرجوه أهل السماوات والأرض يا الله
يا ثقة أهل السماوات والأرض يا الله يا أمل أهل السماوات والأرض يا الله يا رجاء
أهل السماوات والأرض يا الله يا زين أهل السماوات والأرض يا الله يا من يذكره
أهل السماوات والأرض يا الله يامن يسئله أهل السماوات والأرض يا الله.
وأسألك بكل اسم سميت به نفسك واستويت به على عرشك وهو مكتوب
على كرسيك يا الله وأسألك باسمك الذي من دعاك به أجبته، ومن ناداك به لبيته
ومن ناجاك به ناجيته يا الله وأسئلك باسمك المخزون المكنون الطهر الطاهر يا الله
وأسئلك باسمك الذي من استغاثك به أغثته ومن استجارك به آجرته يا الله وأسألك
باسمك الذي لا يعلمه أحد سواك يا الله.
وأسألك باسمك الذي كتبته على قلب محمد صلى الله عليه وآله فعرف ما أوحيته إليه من
وحيك فبحق محمد وآل محمد وبحق حقك على محمد وآل محمد وبحقهم عليك أسألك
أن تصلى عليهم أجمعين كما صليت وباركت ورحمت على إبراهيم وآل إبراهيم
إنك حميد مجيد، وأعطني سؤلي في الدنيا والآخرة فإنك تعلم سؤلي ومناي
وأن تجعل نفسي مطمئنة بلقائك صابرة على بلائك راضية بقضائك مشتاقة إلى
لقائك.
اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك أتقلب في قبضتك نافذ في
حكمك ماض في قضاؤك أمرتني فعصيت، ونهيتني فأتيت ودعوتني إلى طاعتك فقصرت
وحملت علي فأسرفت وأحسنت إلي وإلى نفسي أسأت وهذه يداي يا سيداه يا
مولاه مرفوعة إليك ومتوكل عليك، وتائب إليك فيما أتيت من سوء فعالي
وقبيح أعمالي وطول آمالي
وهذه رقبتي إليك خاضعة عندك ذليلة لديك خاشعة، فان أخذت فبعد لك
وإن عفوت فبفضلك، فكن عند ظني بك محسنا يا محسن يا مجمل يا منعم يا
266

مفضل يا أكرم الأكرمين يا أجود الأجودين يا الله يا أرحم الراحمين يا سامع
كل صوت،
يا أبصر الناظرين، يا أسرع الحاسبين، يا أحكم الحاكمين، يا خير الغافرين
يا خير الشاكرين، يا خير الفاصلين، يا خير الرازقين، يا رازق المقلين، يا راحم
المذنبين، يا مقيل عثرة العاثرين، يا معطي المساكين، يا ذا القوة المتين، وأوسع
المعطين، يا ولي المؤمنين أنت المستعان، وعليك المعول، وإليك المشتكى، وبك
المستغاث، وأنت المؤمل والرجاء، والمرتجى للآخرة والأولى.
اللهم أنت الذاكر لمن ذكرك، الشاكر لمن شكرك، المجيب لمن دعاك
المغيث لمن ناداك، والمرجى لمن رجاك، المقبل على من ناجاك، المعطي لمن سألك أسألك
يا سيدي برحمتك التي وسعت كل شئ، وانقادت به القلوب إلى طاعتك وأقلت
بها العثرات إلى رحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أرغب إليك فقيرا وأتوكل عليك محتسبا وأسترزقك متوسعا سيدي
أنت بحاجتي عليم فكن بها حفيا فإنك بها عالم غير معلم، وأنت بها واسع غير
متكلف، قادر عليها غير عاجز، قوي غير ضعيف.
اللهم إني أسألك بحق ما في هذا الكتاب من أسمائك ودعائك وأسمائك
الحسنى وآلائك الكبرى العظمى أن تغفر لي ما سلف من ذنوبي، وعافني فيما بقي
من عمري، وهب لي عملا صالحا رضيا زكيا تقيا وتقبله مني ولا ترده علي إنك
جواد كريم، وأنت على كل شئ قدير.
اللهم إني أسئلك يا أكرم الأكرمين، يا خير من سئل وأجود من أعطى
أسألك أن تغفر لي ما أخطأت وما تعمدت وما نسيت وما ذكرت وما أنكرت وما
علمت وما جهلت وما أنت أعلم به مني عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك
تعاليت أن يكون لك ولد أو شريك، وتجبرت أن يكون لك ند لا إله إلا أنت وحدك
لا شريك لك،
اللهم إنك تعلم أن هذا قولي سرا وعلانية، اللهم فإن كنت صادقا في
267

ذلك فاغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا اللهم إنه لا براءة لي فأعتذر
ولا قوة لي فأنتصر غير أني مقر بالذنب العظيم العظيم على نفسي، ومعترف به عندك
ومستغفر منه إليك يا من لا تتعاظمه الذنوب، ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ذنوبي
واستر علي عيوبي يا كريم يا عظيم يا حليم يا عليم يا الله يا الله يا الله يا رب يا رب يا رب
استجب لي دعائي ولا تشمت بي أعدائي ولا تجعل النار مأواي واجعل الجنة منزلي
وقراري ومسكني ومثواي يا سيدي ورجائي وثقتي ومولاي.
اللهم إني أسألك وأدعوك دعاء المضطر الضرير، وأدعوك دعاء المكبل
الأسير، وأرجوك رجاء المستجير الغريق، الذي قد تحير من كثرة ذنوبه، وغرق
في بحار عيوبه،
سيدي أدعوك دعاء من لا يكشف ما به غيرك يا كريم أدعوك دعاء من ليس له
سواك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك وأدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وقلت حيلته، وضعفت
قوته، وعظمت فيما عندك رغبة وألقى إليك بحاجته وقصدك بمسئلته.
يا أكرم من سئل وأفضل من أعطى يا رب يا رب يا رب اللهم إني أسئلك أن
تحييني حياة الأبرار، وأن تتوفاني وفاة الأخيار الذين هم في القيامة مصابيح
الأنوار الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون اللهم إني أسئلك أن تجعلني في الدنيا على
حذر، ومن الآخرة على وجل ومن نفسي على حسن عمل ومن يقين قلبي على قرب
أمل يا أكرم الأكرمين، اللهم إني أسئلك الامن والايمان، والسلامة والاسلام، والعفو
والغفران، والرحمة والرضوان، والنجاة من النيران، يا أرحم الراحمين
يا كريم،
اللهم إني أسئلك يا من ليس له سمي أن تصلي على محمد وآل محمد كما صليت
على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم اجمع بيني وبين محمد وآل محمد
في رحمتك يا أرحم الراحمين، فاني آمنت به ولم أره، ولا تحرمني في القيامة
رؤيته، وأحيني على سنته، واقبضني على ملته، واحشرني في زمرته، وأدخلني في
268

شفاعته، واسقني بكأسه الأوفى مشربا رؤيا سائغا هنيئا طيبا مريئا شربة لا ظمأ
بعدها يا كريم.
أنت سيدي ورجائي وذخري وذخيرتي وأملي! قصر في الدنيا آمالي
وأدم رغبتي إليك وآمالي اللهم كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري
وكم من بلية ابتليتني بها، قل لك عندها صبري، فيا من قل عند نعمته شكري
فلم يحرمني ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا
وعلى المعاصي فسترها علي ولم يفضحني، ورآني مقيما على ما يكره من الزلات
والهفوات فلم يشهرني، وكان بي حفيا وبما وعدني من خير مليا وخلقني
سليما سويا
اللهم إني أسألك وأدعوك يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا ويا ذا المن الذي
لا يفنى أبدا ويا ذا النعم التي لا تحصى عددا احفظني فيما غاب عني، ولا تكلني إلى
نفسي فيما أحصرته علي فتهلكني إنك جواد كريم.
اللهم إني أسألك فرجا قريبا، وصبرا جميلا وأجرا عظيما ورزقا واسعا
وأسألك العافية في جميع البلايا والعافية في الدنيا والآخرة برحمتك يا الله.
وأسألك اللهم باسمك وأدعوك وأبتهل إليك وأرجوك يا من لا تضره الذنوب
ولا تنقصه المغفرة اغفر لي ما لا يضرك وهب لي مالا ينقصك يا رحيم إنك جواد
كريم.
اللهم صل على محمد وآل ومحمد بعدد ما خلقت ورزقت، وبعدد ما أنت خالقه
ورازقه أضعافا مضاعفة أبدا إلى يوم القيامة، وصل علينا معهم أجمعين يا أرحم
الراحمين اللهم إني أسئلك أن تفتح لي خزائن الأرض وأن تعافيني أبدا ما أبقيتني
واعصمني وارحمني إذا توفيتني وآمني إذا حشرتني، وسكن روعي بين يديك إذا
أوقفتني للحساب بين يديك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك أن تجعلني بك مؤمنا، وأحيني لك موقنا واجعلني لك
مسلما، وبك واثقا ولك راجيا، وعليك متوكلا، وإليك متوسلا، ومن عذابك
269

آمنا، اللهم أحيني على الاسلام، وأنت عني راض غير غضبان، واجمع اللهم بيني
وبين محمد وآل محمد عليهم السلام في المقام المحمود والحوض المشهود، ولقني حجتي يوم
ألقاك، وارزقني من رحمتك ما تغنيني به عن رحمة من سواك يا أرحم الراحمين
ولا تعذبني بعدها أبدا.
اللهم وارزقني يا واسع المغفرة، يا قريب الرحمة، من فضلك الواسع رزقا
هنيئا ولا تفقرني بعده أبدا، رزقا أصون به ماء وجهي وأحييتني أبدا اللهم إني
أسألك أن تجعل على الهدى أمري، والتقوى زادي، وأقلني عثرتي، واجعل على
الصدق كلمتي، وفي اليقين همتي وعلى الاخلاص سريرتي، واجعل على حسن الطاعة
لك جميع شاني،
اللهم إني أسئلك أن تجعل التقوى زادي إلى يوم معادي والجنة ثوابي
والحسنات مآبي، وهب لي اليقين والهدى، والعفاف والغنى والكفاف والتقوى
والعافية في الآخرة والأولى يا كريم اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى ملائكتك
الروحانيين وحملة عرشك أجمعين من أهل السماوات وأهل الأرضين، وارزقني
شفاعة محمد وآله عند الحوض المورود، والمقام المحمود، مع الركع السجود إنك
غفور ودود.
إلهي أستغفرك من جميع ما علمته مني وما جهلته أنا من نفسي، يا غفار يا قهار
يا عزيز يا كريم يا جبار يا عفو يا ستار يا الله يا رب يا رب يا رب إلهي جميع
خلقك يسئلونك الحاجات وأنت لهم بها ملئ، وحاجتي أن تذكرني على طول
البلاء إذا نسيني أهلي وأهل الدنيا ذكر من دامت وحدته ونفدت مدته، وخلت
أيامه، وفنيت أعوامه وبقيت آثامه، يا كريما تظاهرت علي منه النعم وتداركت
عنده مني الذنوب.
اللهم إني أستغفرك من الذنوب التي تداركت مني إليك، وأحمدك على
النعم التي تظاهرت منك علي، يا كبير كل كبير، يا من لا شريك له ولا وزير
يا خالق الشمس والقمر المنير، يا عصمة الخائف المستجير يا سميع يا بصير يا راحم
270

الشيخ الكبير، يا رازق الطفل الصغير، يا مطلق المكبل الأسير، يا جابر العظم
الكسير، يا قاصم كل جبار عنيد يا الله يا أرحم الراحمين أسألك بمعاقد العز من
عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وبأسمائك الثمانية المكتوبة على فلك الشمس
أن تصلي على محمد وآله وإن تجيرني من شر كل ذي شر، ومن بغي كل باغ
ومن حسد كل حاسد، ومن فساد كل فاسد، ومن أذى كل موذ، ومن طغيان
كل طاغ، ومن جور كل جائر، ومن قضاء السوء ومن قرين السوء، ومن صاحب
السوء، ومن رفيق السوء، ومن جليس السوء يا أرحم الراحمين،
اللهم إني أسئلك يا من خلق الذر، وأعشب البر، وشق الصخر، وفلق
البحر، وخص بالفخر محمدا الطهر صل عليه وآله واكفني ما أهمني من أمور الدنيا
والآخرة يا الله برحمتك يا كريم.
اللهم وعافني في الدنيا من شر الشيطان، وجور السلطان، ومن الضلالة
والطغيان، إنك كريم منان، اللهم إنك أكرم مسؤول فأسئلك ان تحييني حياة
السعداء، وأن تتوفاني وفاة الشهداء، وأنت عني راض غير غضبان يا رحيم
يا رحمان.
اللهم عافني في الدنيا من شر البلاء والأذى وعافني في الآخرة من النار، و
سوء الحساب، ومن الأهوال الطوال، والاغلال الثقال، وأليم النكال، ومن
الزقوم وشرب الحميم واليحموم، ومن مقاساة السموم، في شدة الغموم، بدار
الأحزان والهموم، يا حي يا قيوم يا الله.
وأسئلك يا رب بما في هذا الكتاب من الأسماء العظام، والأحرف الكرام
أن تعطيني وجميع إخواني المؤمنين ما سألتك، ورغبت فيه إليك، وابدء بهم وثن
بي يا كريم إنك على كل شئ قدير.
اللهم إنك خلقت برأفتك أقواما أطاعوك فيما أمرتهم وعملوا لك فيما
خلقتهم له فإنهم لم يبلغوا ذلك إلا بك، ولم يوفقهم له غيرك يا كريم كانت
رحمتك لهم قبل طاعتهم لك، فأسئلك يا إلهي بحقهم عليك وبحقك عليهم أن تجعلني
271

معهم ومنهم آمين رب العالمين وصل اللهم على محمد المصطفى والرسول المجتبى المبلغ
رسالاتك، والمظهر لمعجزاتك، وبراهين كلماتك، وعلى آله الطاهرين الأخيار
الغر الميامين الأبرار، وتقبل مني ما دعوتك ورجوتك، واقرنه بالإجابة يا أرحم
الراحمين ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.. الآية وصلى الله على سيدنا محمد وآله
أجمعين سبحان ربك رب العزة.. الآيات الثلاث (1).
2 - مهج الدعوات: من كتاب تعبير الرؤيا لمحمد بن يعقوب الكليني: أحمد، عن
الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: رأيت أبي عليه السلام في المنام فقال: يا بني إذا
كنت في شدة فأكثر من أن تقول: " يا رؤوف يا رحيم " والذي نراه في النوم كما نراه في
اليقظة (2).
3 - دعوات الراوندي: عن سويد بن غفلة قال: أصابت عليا شدة فأتت
فاطمة عليها السلام ليلا رسول الله صلى الله عليه وآله فدقت الباب فقال: أسمع حس حبيبتي بالباب
يا أم أيمن! قومي وانظري ففتحت لها بالباب، فدخلت فقال صلى الله عليه وآله: لقد جئتنا
في وقت ما كنت تأتيننا في مثله؟ فقالت فاطمة: يا رسول الله ما طعام الملائكة عند
ربنا؟ فقال: التحميد، فقالت: ما طعامنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي نفسي
بيده ما أقتبس في آل محمد شهرا نارا اختاري آمر لك أمرا أو أعلمك خمس كلمات
علمنيهن جبرئيل عليه السلام، قالت: يا رسول الله ما الخمس الكلمات؟ قال: " يا رب
الأولين والآخرين، يا ذا القوة المتين، ويا راحم المساكين، ويا أرحم الراحمين "
ورجعت فلما أبصرها علي عليه السلام قال: بأبي وأمي ما وراك يا فاطمة؟ قالت:
ذهبت للدنيا وجئت بالآخرة قال علي عليه السلام: خير أمامك خير أمامك.
وعن الحسين بن علي عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن جبرئيل عليه السلام أتى
إلي بسبع كلمات وهي التي قال الله " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ":
يا الله يا رحمان يا رب يا ذا الجلال والاكرام يا نور السماوات والأرض يا قريب

(1) البلد الأمين ص 411.
(2) مهج الدعوات ص 416.
272

يا مجيب الخبر.
4 - الدر المنثور للسيوطي: عن أبي نعيم باسناده، عن محمد بن جعفر قال:
سألت أبي جعفر بن محمد الصادق، عن الأسماء التسعة والتسعين التي من أحصاها دخل
الجنة فقال: هي في القرآن ففي الفاتحة خمسة أسماء: يا الله، يا رب، يا رحمان
يا رحيم، يا مالك، وفي البقرة، ثلاثة وثلاثون اسما هم: يا محيط يا قدير، يا
عليم، يا حكيم، يا علي، يا عظيم، يا تواب، يا بصير، يا ولي، يا واسع، يا كافي
يا رؤوف، يا بديع، يا شاكر، يا واحد، يا سميع، يا قابض، يا باسط، يا حي
يا قيوم، يا غني، يا حميد، يا غفور، يا حليم، يا إله، يا قريب، يا مجيب
يا عزيز، يا نصير، يا قوي، يا شديد، يا سريع، يا خبير.
وفي آل عمران: يا وهاب، يا قائم، يا صادق، يا باعث، يا منعم، يا متفضل
وفي النساء: يا رقيب، يا حسيب، يا شهيد، يا مقيت، يا وكيل، يا علي، يا كبير
وفي الانعام: يا فاطر، يا قاهر، يا لطيف، يا برهان، وفي الأعراف: يا محيي
يا مميت، وفي الأنفال: يا نعم المولى، ويا نعم النصير، وفي هود: يا حفيظ، يا مجيد
يا ودود، يا فعالا لما يريد، وفي الرعد: يا كبير، يا متعال، وفي إبراهيم:
يا منان، يا وارث، وفي الحجر، يا خلاق، وفي مريم، يا فرد، وفي طه:
يا غفار، وفي قد أفلح، يا كريم، وفي النور: يا حق، يا مبين، وفي الفرقان
يا هادي، وفي سبأ، يا فتاح، وفي الزمر: يا عالم، وفي غافر: يا غافر، يا قابل
التوب، يا ذا الطول، يا رفيع، وفي الذاريات: يا رزاق، يا ذا القوة، يا متين، وفي
الطور: يا بر، وفي اقتربت: يا مقتدر، يا مليك، وفي الرحمن، يا ذا الجلال
والاكرام، يا رب المشرقين ورب المغربين، يا باقي، يا معين، وفي الحديد:
يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن، وفي الحشر: يا ملك يا قدوس، يا سلام
يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا خالق، يا بارئ، يا مصور
وفي البروج: يا مبدي، يا معيد، وفي الفجر: يا وتر، وفي الاخلاص: يا أحد
يا صمد (1).

(1) الدر المنثور ج 3 ص 148.
273

14 * (باب) *
* " (فضل الحوقلة وما يناسبه زائدا على ما مر) " *
* " (في باب الكلمات الأربع التي يفزع إليها وفى غيره) " *
1 - نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صنيع المعروف يدفع ميتة السوء، والصدقة في السر
تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وتنفي الفقر، ولا حول ولا قوة
إلا بالله كنز من كنوز الجنة، وهو شفاء من تسعة وتسعين داء أدناها الهم،
وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ألح عليه الفقر فليكثر من قول
لا حول ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم] (1).
2 - دعوات الراوندي: قال أبو الحسن عليه السلام: قول لا حول ولا قوة إلا
بالله يدفع أنواع البلاء.
وقال الصادق عليه السلام: إذا توالت عليك الهموم فقل لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال ابن عباس: جاء عون بن مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال:
يا رسول الله إن ابني قد أسره العدو وقد اشتد غمي وعيل صبري، فما تأمرني؟
قال: آمرك ان تكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله في كل حال، فانصرف
وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله على كل حال، فبينا هو كذلك إذا أتاه ابنه معه
مائة من الإبل، غفل عنها المشركون، فاستاقها فأتى الأشجعي، رسول الله صلى الله عليه وآله
فذكر له ذلك، فنزلت هذه الآية " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث
لا يحتسب " (2).
وعن النبي صلى الله عليه وآله من حلي في عينه شئ من الأهل والمال والولد، فقال:

(1) نوادر الراوندي: 5.
(2) التحريم، 3.
274

ما شاء الله لا قوة إلا بالله، منع، ألا ترى إلى قوله تعالى " ولولا إذ دخلت جنتك
قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ".
3 - البلد الأمين: في فضائل الذكر للفريابي من قال لا حول ولا قوة إلا
بالله، ولا ملجأ منه إلا إليه، دفع الله عنه سبعين بابا من الضر أدناها الفقر.
4 - ورأيت بخط الشهيد رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما على الأرض
أحد يقول لا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه
خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر.
15 * (باب)
* " (الاستغفار وفضله وأنواعه) " *
الآيات: النساء: ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر
لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما (1).
وقال: واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما (2).
وقال: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما (3).
الأنفال: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (4).
هود: وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل
مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله (5).
وقال تعالى حاكيا عن هود: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل
السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين (6).
وقال تعالى حاكيا عن صالح: فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب

(1) النساء: 64.
(2) النساء: 106.
(3) النساء: 110.
(4) الأنفال: 33.
(5) هود: 3.
(6) هود: 52.
275

مجيب (1).
وقال سبحانه حاكيا عن شعيب عليه السلام: واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن
ربي رحيم ودود (2).
يوسف: قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين * قال سوف
أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم (3).
الكهف: وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن
تأتيهم سنة الأولين * أو يأتيهم العذاب قبلا (4).
النمل: لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون (5).
المؤمن: واستغفر لذنبك (6).
محمد: فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات (7).
نوح: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا *
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (8).
المزمل: واستغفروا الله إن الله غفور رحيم (9).
النصر: واستغفره إنه كان توابا.
أقول: قد سبق بعض الأخبار في باب التوبة.
1 - أمالي الصدوق: ابن المغيرة، عن جده، عن جده، عن السكوني، عن الصادق عليه السلام
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: ألا أخبركم بشئ إن أنتم
فعلتموه تباعد الشيطان منكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى، قال:
الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والموازرة على العمل

(1) هود: 61.
(2) هود: 92.
(3) يوسف: 97 - 98.
(4) الكهف: 55.
(5) النمل: 46.
(6) المؤمن: 55.
(7) القتال: 19.
(8) نوح: 10 - 12.
(9) المزمل: 20.
276

الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه، ولكل شئ زكاة وزكاة الأبدان
الصيام (1).
2 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من أنعم الله عز وجل عليه نعمة فليحمد الله، ومن استبطأ الرزق
فليستغفر الله، ومن حزنه أمر فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله (2).
صحيفة الرضا (ع): عنه عليه السلام مثله (3).
أمالي الطوسي: فيما أوصى به الصادق عليه السلام سفيان الثوري مثله (4).
3 - الخصال: عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: من قال أستغفر الله وأتوب إليه
فليس بمستكبر ولا جبار إن المستكبر من يصر على الذنب الذي قد غلبه هواه فيه
وآثر دنياه على آخرته (5).
أقول: تمامه في باب التهليل (6).
4 - الخصال: عن سعيد بن علاقة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: الاستغفار يزيد
في الرزق (7).
5 - الخصال: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن ابن محبوب، عن هشام
ابن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من مؤمن يقترف في يوم أو ليلة أربعين كبيرة
فيقول وهو نادم: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السماوات
والأرض ذا الجلال والاكرام وأسأله أن يتوب علي، إلا غفرها الله له، ثم قال:

(1) أمالي الصدوق ص 37.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 46.
(3) صحيفة الرضا ع ص 38.
(4) أمالي الطوسي ج 2 ص 94.
(5) الخصال ج 1 ص 143.
(6) راجع ص 193 مما سبق.
(7) الخصال ج 2 ص 94.
277

ولا خير فيمن يقارف في كل يوم أو ليلة أربعين كبيرة (1).
ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب
مثله (2).
6 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: أكثروا الاستغفار تجلبوا الرزق (3).
7 - أمالي الطوسي: باسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
أمير المؤمنين عليه السلام: تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب (4).
8 - معاني الأخبار: العسكري، عن بدر بن الهثيم، عن علي بن المنذر، عن محمد
ابن الفضيل، عن أبي الصباح، عن الصادق عليه السلام قال: من أعطي أربعا
لم يحرم أربعا من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم
التوبة، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة، ومن أعطي الصبر لم يحرم
الاجر (5).
9 - معاني الأخبار: علي بن أحمد الطبري، عن الحسن بن علي بن زكريا، عن
خراش مولى أنس، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لذكر الله بالغدو والآصال
خير من حطم السيوف في سبيل الله عز وجل، يعني لمن ذكر الله عز وجل بالغدو
ويذكر ما كان منه في ليله من سوء عمله، واستغفر الله وتاب إليه، فإذا انتشر في
ابتغاء ما قسم الله له، انتشر وقد حطت (6) عنه سيئاته، وغفرت له ذنوبه، وإذا ذكر الله
عز وجل بالآصال وهي العشيات راجع نفسه فيما كان منه يومه ذلك من سرف
على نفسه، وإضاعة لأمر ربه، فإذا ذكر الله عز وجل واستغفر الله تعالى وأناب
راح إلى أهله، وقد غفرت له ذنوب يومه وإنما تحمد الشهادة أيضا إذا كان من

(1) الخصال ج 2 ص 142.
(2) ثواب الأعمال ص 153.
(3) الخصال ج 2 ص 256.
(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 382.
(5) معاني الأخبار ص 323.
(6) حتت ظ.
278

تائب إلى الله مستغفر من معصية الله عز وجل (1).
10 - معاني الأخبار: عبد الحميد بن عبد الرحمان، عن أبي يزيد الهروي، عن سلمة
ابن شبيب، عن محمد بن منيب، عن السرى، بن يحيى، عن هشام، عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: تعلموا سيد الاستغفار: " اللهم أنت
ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك، وأبوء بنعمتك علي و
أبوء لك بذنبي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (2).
11 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن النوفلي، عن
السكوني، عن الصادق عليهم السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل
داء دواء، ودواء الذنوب الاستغفار (3).
12 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن الحسن بن علي، عن عبيس بن هشام، عن
سلام الخياط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال: أستغفر الله، مائة مرة حين ينام، بات
وقد تحات الذنوب كلها عنه، كماتتحات الورق من الشجر، ويصبح وليس
عليه ذنب (4).
13 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن موسى بن
جعفر، عن الحسن بن علي بن بقاح، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد
الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله والاستغفار لكم حصنين
حصينين من العذاب، فمضى أكبر الحصنين، وبقي الاستغفار فأكثروا منه فإنه ممحاة
للذنوب، قال الله عز وجل: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم
وهم يستغفرون " (5).
14 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن النهدي، عن إسماعيل بن سهل قال: كتبت
إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام: علمني شيئا إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة

(1) معاني الأخبار ص 411.
(2) معاني الأخبار ص 140.
(3) ثواب الأعمال ص 149.
(4) ثواب الأعمال ص 149.
(5) ثواب الأعمال ص 149.
279

قال: فكتب بخطه أعرفه: أكثر من تلاوة إنا أنزلناه، ورطب شفتيك بالاستغفار (1).
15 - ثواب الأعمال: أبي، عن الحميري، عن هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة
تحت كل ذنب أستغفر الله (2).
16 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن علي بن السندي
عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن عمرو بن سهل، عن هارون بن خارجة، عن جابر
الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من استغفر الله بعد صلاة الفجر سبعين مرة
غفر الله له، ولو عمل ذلك اليوم أكثر من سبعين ألف ذنب، ومن عمل أكثر من
سبعين ألف ذنب فلا خير فيه (3).
17 - ثواب الأعمال: أبي، عن علي بن موسى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح
عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن علي، عن علي بن علي اللهبي، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظم
من كان عصمة أمره شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ومن إذا أصابته
مصيبة قال إنا لله وإنا إليه راجعون، ومن إذا أصاب خيرا قال: الحمد لله، ومن
إذا أصاب خطيئة قال: أستغفر الله وأتوب إليه (4).
18 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ظهرت عليه النعمة فليكثر الحمد لله، ومن كثرت همه
فعليه بالاستغفار، ومن ألح عليه الفقر فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا
بالله، ينفي الله عنه الفقر (5).
19 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل العبادة قول: لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة
إلا بالله، وخير الدعاء الاستغفار، ثم تلا النبي صلى الله عليه وآله: " فاعلم أنه لا إله إلا الله

(1) ثواب الأعمال ص 150
(2) ثواب الأعمال ص 150
(3) ثواب الأعمال ص 150
(4) ثواب الأعمال ص 150
(5) المحاسن ص 43.
280

واستغفر لذنبك " (1).
20 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن محمد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله والاستغفار حصنين حصينين لكم من العذاب، فمضى أكبر
الحصنين، وبقي الاستغفار، فأكثروا منه، فإنه ممحاة للذنوب، وإن شئتم فاقرؤا
" وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " (2).
21 - تفسير العياشي: عن الحسين بن سعيد المكفوف كتب إليه في كتاب له: جعلت فداك
ما حد الاستغفار الذي وعد عليه نوح، والاستغفار الذي لا يعذب قائله؟ فكتب
صلوات الله عليه: الاستغفار ألف (3).
22 - مكارم الأخلاق: عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقوم من مجلس
وإن خف حتى يستغفر الله خمسا وعشرين مرة.
قال الصادق عليه السلام: التائب من الذنب كمن لا ذنب لا، والمقيم وهو يستغفر
كالمستهزئ.
عن الصادق عليه السلام قال: إذا أحدث العبد ذنبا جدد له نقمة فيدع الاستغفار
فهو الاستدراج، وكان من أيمانه صلى الله عليه وآله " لا وأستغفر الله ".
وقال عليه السلام: من أذنب من المؤمنين ذنبا أجل من غدوه إلى الليل، فان
استغفر لم يكتب عليه، وقال عليه السلام: إن المؤمن ليذكره الله الذنب بعد بضعة
وعشرين سنة حتى يستغفر الله منه فيغفر له.
وعنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الاستغفار وقول: لا إله إلا الله
خير العبادة قال الله العزيز الجبار: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " (4).
23 - جامع الأخبار: وقال النبي صلى الله عليه وآله: من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل

(1) المحاسن ص 291 والآية في سورة القتال: 19.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 54 والآية في الأنفال: 33.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 206 في حديث.
(4) مكارم الأخلاق 361 و 362.
281

هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: أفضل العلم لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الاستغفار
ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " (1).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: ما أصر من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة.
وقال عليه السلام: إنه ليغان (2) على قلبي حتى أستغفر في اليوم مائة مرة.
قال رسول الله صلى الله عليه اله: من ظلم أحدا ففاته فليستغفر الله له، فإنه كفارة.
وقال عليه السلام: كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته.
وقال الرضا عليه السلام: من استغفر من ذنب وهو يعمله فكأنما يستهزئ بربه.
وقال عليه السلام خير القول: لا إله إلا الله، وخير العبادة الاستغفار.
وقال صلى الله عليه وآله: ألا أخبركم بدائكم من دوائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال:
داؤكم الذنوب ودواؤكم الاستغفار.
وقال عليه السلام: توبوا إلى الله فاني أتوب في اليوم مائة مرة (3).
24 - الحسين بن سعيد أو النوادر: ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من عمل سيئة أجل فيها سبع ساعات من النهار، فان قال:
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، ثلاث مرات لم يكتب عليه.
25 - الحسين بن سعيد أو النوادر: صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن الله يحب المفتن التواب، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوب إلى الله في
كل يوم سبعين مرة من غير ذنب، قلت: يقول: أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال:
كان يقول: أتوب إلى الله.
26 - الحسين بن سعيد أو النوادر: إبراهيم بن أبي البلاد قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: إني
أستغفر الله في كل يوم خمسة آلاف مرة، ثم قال لي: خمسة آلاف كثير.
27 - بن: حماد بن عيسى، عن إبراهيم عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

(1) القتال: 19.
(2) اغين على قلبه مجهولا: أحاط به الرين.
(3) جامع الأخبار ص 67.
282

من قال ثلاث: سبحان ربي العظيم وبحمده، أستغفر الله ربى وأتوب إليه، قرعت
العرش كما تقرع السلسة الطشت.
28 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه اله: عليك بالاستغفار فإنه المنجاة (1).
وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كثر همومه فليكثر
من الاستغفار (2).
29 - مجالس الشيخ: عن الحسين بن إبراهيم، عن محد بن وهبان، عن
محمد بن أحمد بن زكريا، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن
رجل، عن أيوب بن الحر، عن معاذ بن ثابت الفراء، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
إن المؤمن ليذنب الذنب فيذكره بعد عشرين سنة، فيستغفر منه، فيغفر له، وإنما
ذكره ليغفر له، وإن الكافر ليذنب الذنب فينساه من ساعته (3).
30 - دعوات الراوندي: قال النبي صلى الله عليه وآله: عودوا ألسنتكم الاستغفار
فان الله تعالى لم يعلمكم الاستغفار إلا وهو يريد أن يغفر لكم،
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: العجب ممن يهلك، والمنجاة معه، قيل:
وما هي؟ قال: الاستغفار.
وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: قال الله تبارك
وتعالى: يا ابن آدم ما دعوتني ورجوتني أغفر لك على ما كان فيك، وإن أتيتني
بقرار الأرض خطيئة أتيتك بقرارها مغفرة، ما لم تشرك بي، وإن أخطأت حتى
بلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك،
وقال أبو عبد الله عليه السلام: إن من أجمع الدعاء الاستغفار.
وعن محمد بن الريان يا قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله أن

(1) نوادر الراوندي ص 5.
(2) نوادر الراوندي 16.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 305.
283

يعلمني دعاء للشدائد والنوازل والمهمات وأن يخصني كما خص آباؤه مواليهم
فكتب إلى: الزم الاستغفار.
وعن إسماعيل بن سهل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: علمني دعاء إذا
أنا قلته كنت معكم في الدنيا والآخرة فكتب: أكثر تلاوة إنا أنزلنا، وأرطب شفتيك
بالاستغفار.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن
كل ضيق مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
31 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار (1).
وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهم السلام أنه عليه السلام قال: كان في
الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه، وقد رفع أحدهما، فدونكم الاخر فتمسكوا
به، أما الأمان الذي رفع فهو رسول الله صلى الله عليه اله وأما الأمان الباقي فالاستغفار، قال
الله عز من قائل " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم
يستغفرون ".
قال السيد رحمه الله: وهذا من محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط (2).
32 - عدة الداعي: روى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: خير الدعاء الاستغفار.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن للقلوب صداء كصداء النحاس، فاجلوها
بالاستغفار.
وقال صلى الله عليه وآله: من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل
ضيق مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
وروى زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا أكثر العبد الاستغفار رفعت صحيفته
وهي تتلألأ.

(1) نهج البلاغة الرقم 87 من قسم الحكم.
(2) نهج البلاغة الرقم 88 من قسم الحكم.
284

وعن الرضا عليه السلام: مثل الاستغفار مثل ورقة شجرة تحرك فتتناثر، والمستغفر
من ذنب وهو يفعله كالمستهزئ بربه.
وعنه عليه السلام قال: الاستغفار وقول: لا إله إلا الله خير العبادة، قال الله
العزيز الجبار " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " (1).
33 - فلاح السائل: روي عن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
أنه كان يوما جالسا في حشد من الناس من المهاجرين والأنصار فقال رجل منهم:
أستغفر الله، فالتفت إليه علي عليه السلام كالمغضب، وقال له: يا ويلك أتدري ما الاستغفار؟
الاستغفار اسم واقع على ستة أقسام: الأول الندم على ما مضى، الثاني العزم على
ترك العود إليه، الثالث أن تعمد إلى كل فريضة ضيعتها فتؤديها، الرابع أن تخرج
إلى الناس مما بينك وبينهم حتى تلقى الله أملس، وليس عليك تبعة، الخامس أن
تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت تذهبه بالأحزان حتى تنبت لحم غيره، السادس
أن تذيق الجسم مرارة الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فحينئذ تقول: أستغفر الله.
34 - الدر المنثور: عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه اله: من قال:
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث غفرت ذنوبه، وإن
كان فر من الزحف.
وعن أبي سعيد الخدري قال: من قال هذا الاستغفار خمس مرات غفر له
وإن كان عليه ذنوب مثل زبد البحر (2).

(1) القتال: 19.
(2) الدر المنثور ج 3 ص 182.
285

أبواب الدعاء
اعلم أنا قد أوردنا في كتاب الطهارة والصلاة، وفي أبواب كتاب القرآن، وفي
كتاب النكاح، وفي كتاب الآداب والسنن، وفي كتاب الصيام وأعمال السنة، وفي
كتاب الحج والعمرة، وفي كتاب العهد لله (1) وفي غيرها من الكتب كثيرا من
المطالب المتعلقة بأبواب الدعاء، ولنذكر هنا أيضا شطرا صالحا من ذلك إن شاء
الله تعالى.
16 * (باب) *
* " (فضله والحث عليه) " *
الآيات: البقرة: وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع
إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون (2).
الانعام: قل أرأيتم إن أتيكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن
كنتم صادقين * بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما
تشركون * ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم
يتضرعون * فلولا إذ جائهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان
ما كانوا يعملون (3).
وقال تعالى: قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية
لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب

(1) كذا في نسخة الكمباني، وفى نسخة الأصل لا تقرء الكلمة، وعنوان الباب
[أبواب الدعاء باب فضله والحث عليه] مكتوب بخط المؤلف وهكذا بعده الآيات وقوله:
[اعلم أنا] الخ مكتوب بغير خطه في الهامش استدراكا.
(2) البقرة: 186.
(3) الانعام: 40 - 42.
286

ثم أنتم تشركون (1).
الأعراف: وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين (2).
يونس: قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين
لا يعلمون (3).
هود: إن ربي قريب مجيب (4).
إبراهيم: وآتيكم من كل ما سألتموه (5).
وقال حاكيا عن إبراهيم عليه السلام: إن ربي لسميع الدعاء (6).
الأنبياء: ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب
العظيم (7).
وقال تعالى: وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين *
فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر (8).
وقال تعالى: ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين (9).
الفرقان: قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم (10).
النمل: أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء
الأرض أ إله مع الله قليلا ما تذكرون (11).
التنزيل: يدعون ربهم خوفا وطمعا (12).
المؤمن: فادعوا الله مخلصين له الدين (13).

(1) الانعام: 63 - 64.
(2) الأعراف: 56.
(3) يونس: 89.
(4) هود: 61.
(5) إبراهيم: 34.
(6) إبراهيم: 39.
(7) الأنبياء: 76.
(8) الأنبياء: 83.
(9) الأنبياء: 90.
(10) الفرقان: 77.
(11) النمل: 62.
(12) التنزيل: 16.
(13) المؤمن: 14.
287

وقال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن
عبادتي سيدخلون جهنم داخرين (1).
وقال: فادعوه مخلصين له الدين (2).
حمعسق: ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله (3).
الطور: إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم (4).
الرحمن: يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن (5).
1 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه صلوات الله عليهم قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات
والأرض (6).
صحيفة الرضا (ع): عنه عليه السلام مثله وزاد في آخره فعليكم بالدعاء وأخلصوا النية (7).
2 - قرب الإسناد: ابن سعد، عن الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الدعاء
يرد القضاء، وإن المؤمن ليذنب فيحرم بذنبه الرزق (8).
أمالي الطوسي: المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن
سعد، عن الأزدي مثله (9).
3 - قرب الإسناد: ابن طريف، عن ابن علوان، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه اله: داووا مرضاكم بالصدقة وادفعوا أبواب
البلاء بالدعاء، وحصنوا أموالكم بالزكاة، فإنه ما يصاد ما تصيد من الطير إلا
بتضييعهم التسبيح (10).
4 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الرزق لينزل من

(1) المؤمن: 60.
(2) المؤمن: 65.
(3) الشورى: 26.
(4) الطور: 28.
(5) الرحمن: 29.
(6) عيون الأخبار ج 2 ص 37.
(7) صحيفة الرضا ع: 19.
(8) قرب الإسناد ص 24.
(9) أمالي الطوسي ج 1 ص 135.
(10) قرب الإسناد ص 74 في ط و 55 في ط.
288

السماء إلى الأرض على عدد قطر المطر إلى كل نفس بما قدر لها، ولكن لله فضول
فاسألوا الله من فضله (1).
5 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: ادفعوا أمواج البلاء
عنكم بالدعاء، قبل ورود البلاء، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، للبلاء أسرع
إلى المؤمن من انحدار السيل من أعلى التلعة إلى أسفلها، ومن ركض
البراذين (2).
وقال عليه السلام: ما زالت نعمة ولا نضارة عيش إلا بذنوب اجترحوا إن الله
ليس بظلام للعبيد، ولو أنهم استقبلوا ذلك بالدعاء والإنابة لم تنزل، ولو أنهم
إذا نزلت بهم النقم وزالت عنهم النعم فزعوا إلى الله بصدق من نياتهم ولم يهنوا (3).
ولم يسرفوا لأصلح الله لهم كل فاسد، ولرد عليهم كل صالح (4).
وقال عليه السلام: الدعاء يرد القضاء المبرم، فاتخذوه عدة (5).
6 - أمالي الطوسي: المفيد، عن الحسن بن حمزة العلوي، عن أحمد بن عبد الله، عن
جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن
أبي اليقظان، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن الصادق عليه السلام قال: ثلاث
لا يضر معهن شي: الدعاء عند الكربات، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند
النعمة (6).
7 - أمالي الصدوق: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن
صفوان بن يحيى، عن محمد بن أبي الهزهاز، عن علي بن السري قال: سمعت أبا عبد الله

(1) قرب الإسناد ص 74 في ط و 55 في ط.
(2) الخصال ج 2 ص 161.
(3) ولم يتمنوا خ.
(4) الخصال ج 2 ص 162.
(5) الخصال ج 2 ص 160.
(6) أمالي الطوسي ج 1 ص 207.
289

عليه السلام يقول: إن الله عز وجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا
وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه (1).
8 - أمالي الطوسي (2) معاني الأخبار (3) أمالي الصدوق: في خبر الشيخ الشامي أنه سئل أمير المؤمنين عليه السلام
أي الكلام أفضل عند الله عز وجل؟ قال: كثرة ذكره، والتضرع إليه
ودعاؤه (4).
9 - تفسير علي بن إبراهيم: " إن إبراهيم لاواه حليم " (5) في رواية أبي الجارود، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: الأواه المتضرع إلى الله في صلاته، وإذا خلا في قفرة من الأرض
وفي الخلوات (6).
10 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن زياد، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال
النبي صلى الله عليه وآله: مما أعطى الله به أمتي وفضلهم به على سائر الأمم أعطاهم ثلاث خصال
لم يعطها إلا نبي، وذلك أن الله تبارك وتعالى كان إذا بعث نبيا قال له: اجتهد
في دينك ولا حرج عليك، وإن الله تبارك وتعالى أعطى ذلك أمتي حيث يقول:
" وما جعل عليكم في الدين من حرج " (7) يقول: من ضيق، وكان إذا بعث
نبيا قال له: إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني أستجب لك، وإن الله أعطى أمتي
ذلك حيث يقول: " ادعوني أستجب لكم " (8) وكان إذا بعث نبيا جعله شهيدا على
قومه، وإن الله تبارك وتعالى جعل أمتي شهداء على الخلق، حيث يقول: " ليكون

(1) أمالي الصدوق ص 109.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 51.
(3) معاني الأخبار ص 199.
(4) أمالي الصدوق ص 237.
(5) براءة: 115.
(6) تفسر القمي ص 282.
(7) الحج: 78.
(8) غافر: 60.
290

الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس " (1).
11 - مجالس المفيد (2) أمالي الطوسي: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أعجز
الناس من عجز عن الدعاء وإن أبخل الناس من بخل بالسلام (3).
12 - أمالي الطوسي: فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلام ابنه الحسن عليه السلام يا بنى للمؤمن
ثلاث ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها
بين نفسه ولذتها، فيما يحل ويحمد (4).
13 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن أبي داود، عن إبراهيم
ابن الحسن، عن بشر بن زاذان، عن عمر بن صبيح، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال علي عليه السلام: أربع للمرء لا عليه: الايمان والشكر، فان الله تعالى يقول: " ما
يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " (5) والاستغفار فإنه قال: " وما كان الله
ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " (6) والدعاء فإنه قال
تعالى: " قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم " (7).
14 - ثواب الأعمال: أبي، عن محمد العطار، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن
أخيه موسى عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من
عدوكم، ويدر رزقكم؟ قالوا: نعم، قال: تدعون بالليل والنهار، فان سلاح
المؤمن الدعاء (8).

(1) قرب الإسناد ص 56.
(2) مجالس المفيد ص 195.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 87.
(4) أمالي الطوسي ج 1 ص 146 في حديث.
(5) النساء: 147.
(6) الأنفال: 33.
(7) أمالي الطوسي ج 2 ص 108 في حديث والآية في سورة الفرقان: 77.
(8) ثواب الأعمال ص 25.
291

15 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن بنان بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن
السكوني، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: ما من عبد يسلك
واديا فيبسط كفيه فيذكر الله ويدعو، إلا ملا الله ذلك الوادي حسنات، فليعظم
ذلك الوادي أو ليصغر (1).
16 - المحاسن: أبي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن مفرق، عن أبي حمزة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما من شئ أحب إلى الله من أن يسأل (2).
17 - المحاسن: محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم، عن عنبسة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله يحب العبد أن يطلب إليه في الجرم العظيم
ويبغض العبد أن يستخف بالجرم اليسير (3).
18 - فقه الرضا (ع): أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: لكل داء دواء، سألته عن ذلك
فقال: لكل داء دعاء، فإذا الهم العليل الدعاء فقد اذن في شفائه ثم قال لي
العالم عليه السلام: الدعاء أفضل من قراءة القرآن، لان الله جل وعز يقول:
" ما يعبؤ بكم ربي لولا دعائكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما " (4).
وأروي أن الدعاء يدفع من البلاء ما قدر، وما لم يقدر، قيل: وكيف يدفع
ما لم يقدر؟ قال: حتى لا يكون.
19 - السرائر: من كتاب معاوية بن عمار قال: قلت له: رجلان دخلا المسجد
جميعا افتتحا الصلاة في ساعة واحدة، فتلا هذا من القرآن وكانت تلاوته أكثر من دعائه
ودعا هذا وكان دعاؤه أكثر من تلاوته، ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل؟ قال:
كل فيه فضل كل حسن: قال: قلت إني قد علمت أن كلا حسن وأن كلا فيه
فضل، قال: فقال: الدعا أفضل، أما سمعت قول الله تعالى " ادعوني أستجب لكم

(1) ثواب الأعمال ص 137.
(2) المحاسن ص 292 في حديث.
(3) المحاسن ص 293.
(4) الفرقان: 77.
292

إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " (1) هي والله أفضل
هي والله أفضل، هي والله أفضل، أليس هي العبادة، أليست أشد، هي والله أشد
هي والله أشد، هي والله أشد. ثلاث مرات.
20 - تفسير الإمام العسكري: قال النبي صلى الله عليه وآله: عن جبرئيل، عن الله عز وجل: يا عبادي كلكم
ضال إلا من هديته، فاسئلوني الهدى أهدكم، وكلكم فقير إلا من أغنيته
فاسئلوني الغناء أرزقكم، وكلكم مذنب إلا من عافيته فاسألوني المغفرة أغفر لكم
ومن علم أني ذو قدرة على المغفرة، فاستغفرني بقدرتي غفرت له، ولا أبالي، ولو
أن أولكم وآخركم، وحيكم وميتكم، ورطبكم ويابسكم، اجتمعوا على اتقاء
قلب عبد من عبادي لم يزيدوا في ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم
وميتكم، ورطبكم ويابسكم، اجتمعوا على إشقاء قلب عبد من عبادي لم ينقصوا
من ملكي جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم، وحيكم وميتكم، ورطبكم
ويابسكم اجتمعوا فيتمنى كل واحد ما بلغت أمنيته فأعطيته لم يتبين ذلك في ملكي
كما لو أن أحدكم مر على شفير البحر فغمس فيه أبره ثم انتزعها، ذلك بأني
جواد ماجد، واجد، عطائي كلام، وعداتي كلام، فإذا أردت شيئا فإنما أقول
له: كن، فيكون (2).
21 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: قوله: " إن إبراهيم
لاواه حليم " قال: الأواه الدعاء (3).
22 - مجالس المفيد: أبو غالب الزراري، عن جده محمد بن سليمان، عن عبد الله بن
محمد بن خالد، عن ابن أبي نجران، عن صفوان، عن سيف التمار، قال:
سمعت أبا عبد الله عليه الصلاة والسلام يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تتقربون
بمثله ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تسئلوها، فان صاحب الصغائر هو صاحب

(1) غافر: 60.
(2) تفسير الامام 19 و 20.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 114، والآية في براءة: 115.
293

الكبائر (1).
23 - مكارم الأخلاق: من مجموع أبي طول الله عمره، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من شئ
أكرم على الله تعالى من الدعاء،
عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قلت للباقر عليه السلام: أي العبادة أفضل؟
فقال: ما من شئ أحب إلى الله من أن يسأل ويطلب ما عنده، وما أحد أبغض إلى
الله عز وجل ممن يستكبر عن عبادته، ولا يسأل ما عنده (2).
عن الصادق عليه السلام من لم يسأل الله من فضله افتقر.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: لا يرد القضاء إلا الدعاء.
وقال عليه السلام: الدعاء سلاح المؤمن، وعمود الدين، ونور السماوات
والأرض.
وقال عليه السلام: ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم، ويدر أرزاقكم؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تدعون ربكم بالليل والنهار، فان سلاح المؤمن
الدعاء.
عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرفع يديه إذا ابتهل
ودعا، كما يستطعم المسكين.
وقال عليه السلام: أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل
بالسلام.
وقال صلى الله عليه وآله: ما من مسلم دعا الله تعالى بدعوة ليس فيها قطيعة رحم، ولا
استجلاب إثم، إلا أعطاه الله تعالى بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل له الدعوة
وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يرفع عنه مثلها من السوء.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تستحقروا دعوة أحد، فإنه يستجاب لليهودي
فيكم، ولا يستجاب له في نفسه.

(1) مجالس المفيد ص 19.
(2) مكارم الأخلاق ص 311.
294

وقال عليه السلام: أحب الاعمال إلى الله عز وجل في الأرض الدعاء، وأفضل
العبادة العفاف.
عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الدعاء يرد القضاء بعد ما ابرم
إبراما، فأكثر من الدعاء، فإنه مفتاح كل رحمة، ونجاح كل حاجة، ولا ينال
ما عند الله إلا بالدعاء، وليس باب يكثر قرعه إلا يوشك أن يفتح لصاحبه.
عبد الله بن ميمون القداح عنه عليه السلام قال: الدعاء كهف الإجابة، كما أن
السحاب كهف المطر (1).
وعن الرضا عليه السلام أنه كان يقول لأصحابه: عليكم بسلاح الأنبياء فقيل:
وما سلاح الأنبياء؟ قال: الدعاء.
وعن الصادق عليه السلام قال: الدعاء أنفذ من السنان.
وعن حماد بن عثمان قال: سمعته يقول: الدعاء يرد القضاء وينقضه كما
ينقض السلك وقد ابرم إبراما.
عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: عليكم بالدعاء فان الدعاء والطلبة إلى
الله جل وعز يرد البلاء، وقد قدر وقضي، فلم يبق إلا إمضاؤه فإذا دعي الله
وسئل صرف البلاء صرفا.
قال الصادق عليه السلام: عليك بالدعاء فان فيه شفاء من كل داء (2).
عن الفردوس قال النبي صلى الله عليه وآله: البلاء معلق بين السماء والأرض مثل القنديل
فإذا سأل العبد ربه العافية، صرف الله عنه البلاء، وقال: سلوا الله عز وجل ما بدا لكم
من حوائجكم حتى شسع النعل، فإنه إن لم ييسره لم يتيسر، وقال: ليسأل
أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع (3).
وقال الصادق عليه السلام: إن الله جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا، و

(1) مكارم الأخلاق ص 312.
(2) مكارم الأخلاق ص 314.
(3) مكارم الأخلاق ص 313.
295

ذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعا، ولكن
يحب أن يبث إليه الحوائج (1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يرد القضاء إلا الدعاء.
وقال الصادق عليه السلام: الدعاء يرد القضاء بعد ما ابرم إبراما
عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: عليكم بالدعاء فان الدعاء والطلب إلى
الله عز وجل يرد البلاء وقد قدر وقضي، فلم يبق إلا إمضاؤه، فإذا دعي الله وسئل
صرف البلاء صرفا.
عن سلمان الفارسي، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد
القضاء إلا الدعاء.
وقال الباقر للصادق عليهما السلام: يا بني من كتم بلاء ابتلي به من الناس، وشكى
إلى الله عز وجل كان حقا على الله أن يعافيه من ذلك.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء
وقيل: صوت معروف، ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدم في الدعاء، لم يستجب
له إذا نزل به البلا، وقالت الملائكة: إن ذا الصوت لا نعرفه (2).
روي عن العالم عليه السلام: أنه قال: لكل داء دواء فسئل عن ذلك، فقال:
لكل داء دعاء فإذا الهم المريض الدعاء، فقد أذن الله في شفائه، وقال: أفضل
الدعاء الصلاة على محمد وآله، ثم الدعاء للاخوان، ثم الدعاء لنفسك فيما أحببت
وأقرب ما يكون العبد من الله سبحانه إذا سجد، وقال: الدعاء أفضل من قراءة القرآن
لان الله عز وجل قال: " قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعائكم " (3) فان الله عز وجل
ليؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه، ويقول: صوتا أحب أن أسمعه، ويعجل

(1) مكارم الأخلاق ص 314.
(2) مكارم الأخلاق 315.
(3) الفرقان: 77.
296

إجابة الدعاء للمنافق ويقول: صوتا أكره سماعه.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من تخوف بلاء يصيبه فتقدم في الدعاء لم يره
الله عز وجل ذلك البلاء أبدا.
24 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن جعفر بن محمد بن
عبيد الله، عن القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: أحب
الاعمال إلى الله سبحانه في الأرض الدعاء، وأفضل العبادة العفاف (1).
25 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم والبرقي والحسين
ابن علي، عن ابن المغيرة، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه
عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من عدوكم
ويدر أرزاقكم؟ قالوا: بلى، قال: تدعون ربكم بالليل والنهار فان الدعاء
سلاح المؤمنين (2).
وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام: إن الدعاء أنفذ من السلاح الحديد (3).
26 - فلاح السائل: بهذا الاسناد، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: الدعاء سلاح المؤمنين، وعمود الدين، ونور السماوات
والأرض (4).
27 - فلاح السائل: روى جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي، باسناده إلى عمر بن
يزيد، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الدعاء يرد ما قدر وما لم يقدر
قال: قلت: جعلت فداك هذا ما قدر قد عرفناه أفرأيت ما لم يقدر؟ قال: حتى
لا يقدر (5).
الاختصاص: ابن أبي نجران، عن هشام بن سالم، عن عمر بن يزيد مثله وفيه
حتى لا يكون (5).

(1) فلاح السائل ص 27.
(2) فلاح السائل ص 27.
(3) فلاح السائل ص 28.
(4) فلاح السائل ص 28.
(5) الاختصاص: 219.
297

28 - فلاح السائل: من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب في حديث أبي ولاد حفص
ابن سالم الخياط قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام بالمدينة وكان معي
شئ فأوصلته إليه فقال: أبلغ أصحابك وقل لهم: اتقوا الله عز وجل فإنكم في
إمارة جبار يعني أبا الدوانيق، فأمسكوا ألسنتكم، وتوقوا على أنفسكم ودينكم
وادفعوا ما تحذرون علينا وعليكم منه بالدعاء فان الدعاء والله والطلب إلى الله
يرد البلاء وقد قدر وقضي، ولم يبق إلا إمضاؤه، فإذا دعي الله وسئل صرف البلاء
صرفا فألحوا في الدعاء أن يكفيكموه الله.
قال أبو ولاد: فلما بلغت أصحابي مقالة أبي الحسن عليه السلام قال: ففعلوا
ودعوا عليه، وكان ذلك في السنة التي خرج فيها أبو الدوانيق إلى مكة فمات عند
بئر ميمون، قبل أن يقضي نسكه، وأراحنا الله منه، قال أبو ولاد: وكنت تلك
السنة حاجا فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال: يا أبا ولاد كيف رأيتم نجاح ما
أمرتكم به وحثثتكم عليه من الدعاء على أبي الدوانيق؟ يا أبا ولاد ما من بلاء ينزل
على عبد مؤمن فيلهمه الله الدعاء إلا كان كشف ذلك البلاء وشيكا، وما من بلاء
ينزل على عبد مؤمن فيمسك عن الدعاء إلا كان ذلك البلاء طويلا، فإذا نزل البلاء
فعليكم بالدعاء.
29 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن حماد وفضالة، عن معاوية بن عمار قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة، فتلا هذا من
القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه، ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته
ثم انصرفا في ساعة واحدة، أيهما أفضل؟ فقال: كل فيه فضل، كل حسن
قال: قلت: قد علمت أن كلا حسن، وأن كلا فيه فضل، فقال: الدعاء أفضل
أما سمعت قول الله تبارك وتعالى: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " (1) هي والله العبادة، هي والله العبادة
أليست هي العبادة؟ هي والله العبادة، هي والله العبادة، أليست أشدهن، هي والله
أشدهن، هي والله أشدهن، هي والله أشدهن (2).

(1) غافر: 60.
(2) فلاح السائل ص 30.
298

30 - فلاح السائل: الحسن بن محبوب يرفعه إلى أبي جعفر عليه السلام أنه سأل أيهما
أفضل في الصلاة: كثرة القراءة؟ أو طول اللبث في الركوع والسجود؟ فقال: كثرة
اللبث في الركوع والسجود أما تسمع لقول الله تعالى: " فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا
الصلاة " (1) إنما عنى بإقامة الصلاة طول اللبث في الركوع والسجود قال: قلت:
فأيهما أفضل: كثرة القراءة أو كثرة الدعاء؟ قال: الدعاء أما تسمع لقوله تعالى:
" قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم " (2).
31 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن زياد العبدي
عن حماد بن عثمان رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " وما
يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها " (3) قال: الدعاء (4).
32 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد
عن الميثمي، عن ربعي، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: في هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام؟ فقال: نعم، ثم
قال: ألا أخبرك بما فيه شفاء من كل داء وسام؟ قلت: بلى، قال: الدعاء (5).
33 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن النضر، عن ابن سنان وابن فضال، عن
علي بن عقبة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الدعاء يرد القضاء المبرم
بعد ما ابرم إبراما، فأكثر من الدعاء، فإنه مفتاح كل رحمة، ونجاح كل
حاجة، ولا ينال ما عند الله إلا بالدعاء، فإنه ليس من باب يكثر قرعه إلا أوشك
أن يفتح لصاحبه (6).
34 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عنبسة قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: من تخوف بلاء يصيبه فيقوم فيه بالدعاء لم يره الله ذلك.

(1) المزمل: 20.
(2) فلاح السائل ص 30، والآية في الفرقان: 77.
(3) فاطر: 2.
(4) فلاح السائل ص 28.
(5) فلاح السائل ص 28.
(6) فلاح السائل ص 28.
299

البلاء أبدا (1).
35 - فلاح السائل: الحسين، عن الوشاء، عن الرضا، عن أبيه عليهما السلام قال: إن الدعاء
يستقبل البلاء، فيتواقفان إلى يوم القيامة (2).
36 - الاختصاص: قال الصادق عليه السلام: من لم يسأل الله من فضله افتقر.
37 - الدعوات للراوندي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الحذر لا ينجي من
القدر، ولكن ينجي من القدر الدعاء، فتقدموا في الدعاء قبل أن ينزل بكم البلاء
إن الله يدفع بالدعاء ما نزل من البلاء وما لم ينزل.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الدعاء مفتاح الرحمة ومصباح الظلمة.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: [ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدر أرزاقكم؟
قالوا: بلى، قال:] (3) تدعون ربكم بالليل والنهار، فان سلاح المؤمن الدعاء.
وقال الرضا عليه السلام: عليكم بسلاح الأنبياء فقيل له: وما سلاح الأنبياء؟
فقال: الدعاء.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: الدعاء مخ العبادة، ولا يهلك مع الدعاء أحد.
وقال صلى الله عليه وآله: أفضل عبادة أمتي بعد قراءة القرآن الدعاء ثم قرأ صلى الله عليه وآله:
" ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم
داخرين " (4) ألا ترى أن الدعاء هو العبادة.
وقال صلى الله عليه وآله: لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لم يهلك مع الدعاء أحد، وليسأل
أحدكم ربه حتى يسأله شسع نعله، إذا انقطع، واسألوا الله من فضله فإنه يحب
أن يسأل.
وقال صلى الله عليه وآله: إن الله يحب الملحين في الدعاء، وقال: إذا اشتغل العبد بالثناء
علي قضيت حوائجه، وقال: إذا قل الدعاء نزل البلاء وقال: ليس شئ أكرم على الله
من الدعاء، وقال: أعدوا للبلاء الدعاء، فإنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد

(1) فلاح السائل ص 29.
(2) فلاح السائل ص 29.
(3) زيادة أضفناه بقرينة سائر الروايات.
(4) غافر: 60.
300

في العمر إلا البر.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء ما المبتلى الذي
استدر به البلاء بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: اذكروا الله فإنه ذاكر لمن ذكره، وسلوه من
فضله ورحمته فإنه لا يخيب عليه داع من المؤمنين دعاه.
وعن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: من لم يسأل الله من فضله افتقر.
38 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء (1).
وقال في وصيته لابنه الحسن صلوات الله عليهما: واعلم أن الذي بيده خزائن
السماوات والأرض، قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن
تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ولم
يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة
ولم يفضحك حيث الفضيحة ولم يشدد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة
ولم يؤيسك من الرحمة، بل جعل نزوعك عن الذنب حسنة، وحسب سيئتك واحدة
وحسب حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب، وباب الاستعتاب.
فإذا ناديته سمع نداءك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك
وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على
أمورك، وسألته من خزائن رحمته مالا يقدر على إعطائه غيره، من زيادة الاعمار
وصحة الأبدان، وسعة الأرزاق.
ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت
استفتحت بالدعاء أبواب نعمه، واستمطرت شآبيب رحمته فلا يقنطنك إبطاء إجابته
فان العطية على قدر النية، وربما أخرت عنك الإجابة، ليكون ذلك أعظم لاجر
السائل، وأجزل لعطاء الآمل، وربما سألت الشئ فلا تؤتاه، وأوتيت خيرا منه
عاجلا وآجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 146 من قسم الحكم.
301

لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، وينفى عنك وباله، والمال لا يبقى
لك ولا تبقى له (1).
39 - عدة الداعي: عن النبي صلى الله عليه وآله افزعوا إلى الله في حوائجكم، والجئوا
إليه في ملماتكم، وتضرعوا إليه وادعوه، فان الدعاء مخ العبادة، وما من مؤمن
يدعو الله إلا استجاب، فإما أن يعجله له في الدنيا، أو يؤجل له في الآخرة، وإما
أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بمأثم،
وعنه صلى الله عليه وآله: أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام.
وقال صلى الله عليه وآله: أكسل الناس عبد صحيح فارغ لا يذكر الله بشفة ولا لسان، و
أعجز الناس من عجز عن الدعاء.
وعنه صلى الله عليه وآله قال: أفضل العبادة الدعاء، وإذا أذن الله للعبد في الدعاء فتح
له باب الرحمة، وإنه لن يهلك مع الدعاء أحد (2).
ومنه نقلا من كتاب الدعاء لمحمد بن الحسن الصفار يرفعه إلى الحسين بن
سيف، عن أخيه علي، عن أبيه، عن سليمان، عن عثمان الأسود عمن رفعه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يدخل الجنة رجلان كانا يعملان عملا واحدا فيرى أحدهما
صاحبه فوقه، فيقول: يا رب بما أعطيته وكان عملنا واحدا؟ فيقول الله تبارك وتعالى:
سألني ولم تسألني، ثم قال: سلوا الله وأجزلوا فإنه لا يتعاظمه شئ،
وبهذا الاسناد عن عثمان، عمن رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لتسألن الله
أو ليقبضن عليكم إن لله عبادا يعملون فيعطيهم، وآخرين يسألونه صادقين فيعطيهم
ثم يجمعهم في الجنة،، فيقول الذين عملوا: ربنا عملنا فأعطيتنا، فبما أعطيت هؤلاء؟
فيقول: عبادي أعطيتكم أجوركم ولم ألتكم من أعمالكم شيئا، وسألني هؤلاء
فأعطيتهم وهو فضلي أوتيه من أشاء (3).

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 31 من قسم الرسائل والكتب والنص أواسط الرسالة
(2) عدة الداعي ص 25.
(3) عدة الداعي ص 26.
302

وفي الحديث القدسي: يا موسى سلني كل ما تحتاج إليه حتى علف شاتك، و
ملح عجينك (1).
وعن الصادق عليه السلام عليكم بالدعاء فإنكم لا تقربون إلى الله بمثله، ولا تتركوا
صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، فان صاحب الصغار هو صاحب الكبار.
وروي عن محمد بن عجلان قال: أصابتني فاقة شديدة وإضاقة ولا صديق لمضيق
ولزمني دين ثقيل وعظيم يلح في المطالبة، فتوجهت نحو دار الحسن بن زيد، وهو
يومئذ أمير المدينة لمعرفة كانت بيني وبينه، وشعر بذلك من حالي محمد بن عبد الله بن
علي بن الحسين عليهما السلام وكانت بيني وبينه قديم معرفة، فلقيني في الطريق فأخذ
بيدي وقال: قد بلغني ما أنت بسبيله، فمن تؤمل لكشف ما نزل بك؟ قلت:
الحسن بن زيد. فقال: إذن لا يقضى حاجتك، ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمن
يقدر على ذلك وهو أجود الأجودين، فالتمس ما تؤمله من قبله، فاني سمعت
ابن عمي جعفر بن محمد يحدث عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي، عن
أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
أوحى الله إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه، وعزتي وجلالي لأقطعن أمل
كل آمل أمل غيري وبالإياس، ولأكسونه ذل ثوب المذلة في الناس، ولأبعدنه
من فرجى وفضلي، أيأمل عبدي في الشدائد غيري والشدائد بيدي؟ ويرجو سواي
وأنا الغني الجواد، بيدي مفاتيح الأبواب، وهي مغلقة، وبابي مفتوح لمن
دعاني؟ ألم تعلموا أن من دهاه نائبة لم يملك كشفها عنه غيري، فمالي أراه يأمله
معرضا عني وقد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني؟ فأعرض عني ولم يسألني
وسأل في نائبته غيري، وأنا الله أبتدئ بالعطية قبل المسألة، أفأسأل فلا أجود
كلا، أليس الجود والكرم لي، أليس الدنيا والآخرة بيدي، فلو أن أهل سبع
سماوات وأرضين سألوني جميعا وأعطيت كل واحد منه مسألته ما نقص ذلك
من ملكي مثل جناح البعوضة، وكيف ينقص ملك أنا قيمه، فيا بؤسا لمن عصاني

(1) عدة الداعي ص 98.
303

ولم يراقبني، فقلت له: يا ابن رسول الله أعد علي هذا الحديث فأعاده ثلاثا، فقلت:
لا والله ما سألت أحدا بعدها حاجة، فما لبث أن جاءني الله برزق من عنده،
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: قال الله عز وجل: ما من مخلوق يعتصم بمخلوق
دوني إلا قطعت أسباب السماوات وأسباب الأرض من دونه، فان سألني لم اعطه
وإن دعاني لم أجبه، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلا ضمنت السماوات
والأرض رزقه، فان دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وإن استغفرني غفرت له.
وعن الصادق عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام رجلا دعاء.
17 * (باب) *
* " (آداب الدعاء والذكر زائدا على ما مر من تقديم المدحة) " *
* " (والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وما يختم) " *
* " (به الدعاء ورفع اليدين ومعناه واستحباب تقديم الوسيلة) " *
* " (أمام الحاجة ونحو ذلك) " *
الآيات: الأعراف: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين (1).
وقال تعالى: واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من
القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين (2).
مريم: إذ نادى ربه نداء خفيا إلى قوله: ولم أكن بدعائك رب
شقيا (3).
طه: وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى (4).
لقمان: واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (5).

(1) الأعراف: 55.
(2) الأعراف: 205.
(3) مريم: 4.
(4) طه: 7.
(5) لقمان: 19.
304

أقول: قد مضى بعض ما يتعلق بهذا الباب في باب القنوت من كتاب الصلاة
فتذكر.
1 - عدة الداعي: روى سليمان بن عمرو، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
إن الله لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن الإجابة.
وعن سيف بن عميرة، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله لا يستجيب.
دعاء بظهر قلب قاس.
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: يقول الله عز وجل: من سألني وهو يعلم أني أضر وأنفع
أستجيب له.
وفي الحديث القدسي أنا عند ظن عبدي بي فلا يظن بي إلا خيرا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة (1).
وفيما أوحي إلى موسى عليه السلام: يا موسى ما دعوتني ورجوتني فاني سأغفر لك
وروى سليمان الفراء عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دعوت
فظن حاجتك بالباب.
وفي رواية أخرى: فأقبل بقلبك فظن حاجتك بالباب.
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح.
وقال الله عز وجل لعيسى عليه السلام: يا عيسى هب (2) لي من عينيك الدموع، ومن
قلبك الخشية، وقم على قبور الأموات ونادهم بالصوت الرفيع فلعلك تأخذ موعظتك
منهم وقل إني لاحق في اللاحقين، يا عيسى صب لي من عينيك الدموع، فاخشع لي قلبك
يا عيسى استغث بي في حالات الشدة فاني أغيث المكروبين، وأجيب المضطرين
وأنا أرحم الراحمين.
وفيما أوحى الله إلى موسى عليه السلام: يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا
وعفر وجهك في التراب، واسجد لي بمكارم بدنك، واقنت بين يدي في القيام وناجني
حيث تناجيني بخشية من قلب وجل، وأحي بتوراتي أيام الحياة، وعلم الجهال.

(1) عدة الداعي ص 103.
(2) صب ظ.
305

محامدي، وذكرهم آلائي ونعمي، وقل لهم: لا يتمادون في غي ما هم فيه، فان أخذي
أليم شديد.
يا موسى لا تطول في الدنيا أملك، فيقسو قلبك، وقاسي القلب مني بعيد، و
أمت قلبك بالخشية، وكن خلق الثياب، جديد القلب تخفى على أهل الأرض وتعرف
في أهل السماء حلس البيوت، مصباح الليل، واقنت بين يدي قنوت الصابرين، وصح
إلى من كثرة الذنوب صياح الهارب من عدوه، واستعن بي على ذلك فاني نعم العون
ونعم المستعان.
ومنه: يا موسى اجعلني حرزك، وصنع عندي كنزك، من الباقيات الصالحات.
2 - أقول: وقد نقل الكفعمي في كتاب الجنة الواقية من كتاب شدة شطرا
يسيرا مما يتعلق بآداب الداعي وملخصه أنها أقسام:
الأول: ما يتقدم الدعاء، وهو الطهارة، وشم الطيب، والرواح إلى المسجد
والصدقة، واستقبال القبلة، وحسن الظن بالله في تعجيل إجابته، وإقباله بقلبه
وأن لا يسأل محرما، وتنظيف البطن من الحرام بالصوم، وتجديد التوبة،
الثاني: ما يقارنه وهو ترك العجلة فيه، والاسرار به، والتعميم، وتسمية
الحاجة، والخشوع والبكاء والتباكي، والاعتراف بالذنب، وتقديم الاخوان، ورفع
اليدين به، والدعاء بما كان متضمنا للاسم الأعظم، والمدحة لله والثناء عليه تعالى
وأيسر ذلك قراءة سورة التوحيد، وتلاوة الأسماء الحسنى وقوله: يا من هو أقرب
إلي من حبل الوريد إلى آخر الدعاء،
الثالث: ما يتأخر عن الدعاء وهو معاودة الدعاء مع الإجابة وعدمها، وأن
يختم دعاءه بالصلاة على محمد وآل محمد، وقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وقول
يا الله المانع بقدرته خلقه الخ وأن يمسح بيده وجهه وصدره.
الرابع: سبب الإجابة وقد يرجع إلى الوقت إلى آخر ما سنورده في باب
الأوقات والحالات التي ترجى فيه الإجابة.
3 - عدة الداعي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم
306

المسكين، وفيما أوحى الله إلى موسى عليه السلام: ألق كفيك ذلا بين يدي كفعل العبد
المستصرخ إلى سيده، فإذا فعلت ذلك رحمت وأنا أكرم القادرين، يا موسى سلني
من فضلي ورحمتي، فإنهما بيدي لا يملكهما غيري، وانظر حين تسألني كيف رغبتك
فيما عندي؟ لكل عامل جزاء وقد يجزى الكفور بما سعى (1).
وسأل أبو بصير الصادق عليه السلام عن الدعاء ورفع اليدين فقال: على خمسة أوجه:
الأول: التعوذ فتستقبل القبلة بباطن كفيك،
الثاني: الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتفضي بباطنهما إلى السماء.
الثالث: التبتل فايماؤك بإصبعك السبابة،
الرابع: الابتهال فترفع يديك تجاوز بهما رأسك.
الخامس: التضرع أن تحرك أصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء
الخيفة.
وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: مر بي رجل وأنا أدعو في
صلاتي بيساري فقال: يا عبد الله بيمينك، فقلت: يا عبد الله إن لله تبارك وتعالى حقا
على هذه كحقه على هذه، وقال: الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما، والرهبة تبسط
يديك وتظهر ظهرهما، والتضرع تحرك السبابة اليمنى يمينا وشمالا، والتبتل
تحرك السبابة اليسرى ترفعها في السماء رسلا وتضعها رسلا والابتهال تبسط يديك
وذراعيك إلى السماء، والابتهال حين ترى أسباب البكاء،
وعن الباقر عليه السلام قال: ما بسط عبد يده إلى الله عز وجل إلا استحيى الله أن يردها
صفرا حتى يجعل فيها من فضله ورحمته ما يشاء، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى
يمسح بها على رأسه ووجهه، وفي خبر آخر على وجهه وصدره.
4 - التوحيد: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني
عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: مر النبي صلى الله عليه وآله على رجل وهو رافع بصره
إلى السماء يدعو فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: غض بصرك، فإنك لن تراه.

(1) عدة الداعي ص 139.
307

وقال: ومر النبي صلى الله عليه وآله على رجل رافع يديه إلى السماء وهو يدعو، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: اقصر من يديك فإنك لن تناله (1).
5 - التوحيد: الأشناني، عن ابن مهرويه، عن الفراء، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن موسى بن عمران لما ناجى ربه قال: يا رب أبعيد
أنت مني فأناديك، أم قريب فأناجيك؟ فأوحى الله جل جلاله إليه: أنا جليس
من ذكرني فقال موسى يا رب إني أكون في حال أجلك أن أذكرك فيها، فقال:
يا موسى اذكرني على كل حال (2).
6 - أمالي الصدوق: ابن الوليد، عن الصفار، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن
محمد، عن عمران الزعفراني، عن الصادق عليه السلام قال: ما من رجل دعا فختم دعاءه
بقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، إلا أجيب صاحبه (3).
ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن سلمة مثله (4).
7 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: السؤال بعد المدح فامدحوا الله
ثم سلوا الحوائج.
وقال عليه السلام: اثنوا على الله عز وجل وامدحوه قبل طلب الحوائج (5).
وقال عليه السلام: إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب
في الدعاء فقال عبد الله بن سبا يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان؟ قال: بلى قال:
فلم يرفع العبد يديه إلى السماء قال أما تقرأ " وفي السماء رزقكم وما توعدون " (6).
فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه، وموضع الرزق، وما وعد الله عز وجل

(1) التوحيد ص 64، باب الرؤية.
(2) التوحيد ص 122.
(3) أمالي الصدوق ص 119.
(4) ثواب الأعمال ص 9، وفيه: الا أجيبت حاجته.
(5) الخصال ج 2 ص 169.
(6) الذاريات: 22.
308

السماء (1)
وقال عليه السلام: صلوا على محمد وآل محمد، فان الله عز وجل يقبل دعاءكم عند
ذكر محمد ودعائكم له، وحفظكم إياه صلى الله عليه وآله (2).
أقول: سيأتي أخبار الصلاة في بابها.
8 - التوحيد: الدقاق عن أبي القاسم العلوي، عن البرمكي، عن الحسين بن
الحسن، عن إبراهيم بن هاشم، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم في حديث
الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام أنه لما نفى عليه السلام عن الله المكان قال الزنديق: فما
الفرق بين أن ترفعوا أيديكم إلى السماء، وبين أن تخفضوها نحو الأرض؟ قال
أبو عبد الله عليه السلام: ذلك في علمه وإحاطته وقدرته سواء، ولكنه عز وجل أمر أولياءه
وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش، لأنه جعله معدن الرزق، فثبتنا ما
ثبته القرآن، والاخبار عن الرسول الله صلى الله عليه وآله حين قال: ارفعوا أيديكم إلى الله عز وجل
وهذا يجمع عليه فرق الأمة كلها (3).
الإحتجاج: مرسلا مثله (4).
9 - الخصال: الخليل، عن محمد بن إسحاق، عن الوليد بن شجاع، عن علي بن مسهر.
عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بينا ثلاثة نفر فيمن
كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر، فآووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض:
يا هؤلاء والله ما ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم الله عز وجل
أنه قد صدق فيه.
فقال أحدهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق (5) من

(1) الخصال ج 2 ص 165.
(2) الخصال ج 2 ص 157.
(3) التوحيد ص 177.
(4) الاحتجاج: 183.
(5) الفرق مكيال يسع ثلاثة آصع، أو ستة عشر رطلا، أو أربعة أرباع.
309

أرز فذهب وتركه فزرعته، فصار من أمره أني اشتريت من ذلك الفرق بقرأ ثم
أتاني فطلب أجره فقلت اعمد إلى تلك البقر فسقها، فقال: إنما لي عندك فرق من
ارز، فقلت: اعمد إلى تلك البقر فسقها فإنها من ذلك فساقها، فان كنت تعلم أني
فعلت ذلك من خشيتك، ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة.
وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت
آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ذات ليلة، فأتيتهما وقد رقدا وأهلي و
عيالي يتضاغون من الجوع (1) فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن
أوقظهما من رقدتهما، وكرهت أن أرجع فيستيقظا لشربهما، فلم أزل أنتظرهما
حتى طلع الفجر، فان كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساخت
عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء.
وقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم أحب الناس إلي و
إني راودتها عن نفسها فأبت علي إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت
عليها فجئت بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها قالت:
اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت عنها وتركت لها المائة، فان كنت تعلم
أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، ففرج الله عز وجل عنهم فخرجوا (2).
10 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن ابن أسباط رفعه إلى أمير -
المؤمنين عليه السلام قال: من قرأ مائة آية من القرآن من أي القرآن شاء ثم قال: يا الله
سبع مرات، فلو دعا على الصخرة لقلعها إنشاء الله (3).
11 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن عبد
الكريم الخزاز، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور قال: قال أمير المؤمنين

(1) يقال: تضاغى من الطوى: تضور من الجوع وصاح.
(2) الخصال ج 1 ص 87.
(3) ثواب الأعمال ص 94.
310

عليه السلام كل دعاء محجوب عن السماء حتى يصلى على محمد وآله (1).
12 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن أبي همام، عن
الرضا عليه السلام قال: دعوة المؤمن سرا دعوة واحدة، تعدل سبعين دعوة علانية (2).
13 - إكمال الدين: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسحاق
ابن جرير، عن ابن أبي الديلم قال: قال الصادق عليه السلام: يا عبد الحميد إن لله رسلا
مستعلنين، ورسلا مستخفين، فإذا سألته بحق المستعلنين فسله بحق المستخفين (3).
إكمال الدين: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن ابن عيسى وعلي بن إسماعيل بن
عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن الجريري، عن ابن أبي الديلم
مثله (4).
14 - المحاسن: أبي عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن
سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أخبركم
بما يكون به خير الدنيا والآخرة، وإذا كربتم واغتممتم دعوتم الله ففرج عنكم؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قولوا لا إله إلا الله ربنا لا نشرك به شيئا ثم ادعوا
بما بدا لكم (5).
15 - الحسين بن سعيد أو النوادر: الحسن بن محمد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته
يقول: إن داود النبي صلوات الله عليه كان ذات يوم في محرابه إذ مرت به دودة
حمراء صغيرة، تدب حتى انتهت إلى موضع سجوده، فنظر إليها داود وحدث في نفسه
لم خلقت هذه الدودة؟ فأوحى الله إليها تكلمي! فقالت له: يا داود هل سمعت حسي
أو استبنت على الصفا أثري؟ فقال لها داود: لا، قالت: فان الله يسمع دبيبي ونفسي

(1) ثواب الأعمال ص 140.
(2) ثواب الأعمال ص 146.
(3) كمال الدين ج 1 ص 99.
(4) كمال الدين ج 2 ص 13.
(5) المحاسن ص 32.
311

وحسي ويرى أثر مشيي فاخفض من صوتك.
16 - أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان: عن أحمد بن
إبراهيم، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن البرقي عن أبيه محمد، عن ابن أبي
عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا عن
السماء حتى يصلى على محمد وآل محمد عليهم السلام (1).
17 - الدعوات للراوندي: قال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى يعلم ما
يريد العبد إذا دعاه، ولكن يحب أن يبث إليه الحوائج، فإذا دعوت فسم حاجتك
وما من شئ أحب إلى الله من أن يسأل.
وقال عليه السلام: عليكم بالدعاء فإنه شفاء من كل داء وإذا دعوت فظن أن
حاجتك بالباب.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية.
وقال صلى الله عليه وآله: من سره أن يستجيب الله له في الشدائد والكرب فليكثر الدعاء
عند الرخاء.
وقال صلى الله عليه وآله: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر.
وقال صلى الله عليه وآله تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: إن العبد لتكون له الحاجة إلى الله، فيبدأ بالثناء على
الله، والصلاة على محمد وآله، حتى ينسى حاجته، فيقضيها من غير أن يسأله إياها
وقول لا إله إلا الله سيد الأذكار.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة
الصلاة على النبي وآله، ثم سل حاجتك، فان الله أكرم من أن يسأل حاجتين
يقضي أحدهما ويمنع عن الآخر.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: إياكم أن يسأل أحد منكم ربه شيئا من حوائج
الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله تعالى والمدحة له، والصلاة على النبي
وآله، ثم الاعتراف بالذنب، ثم المسألة.

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 275.
312

وعنه عليه السلام: إذا أردت أن تدعو فمجد الله عز وجل واحمده، وسبحه
وهلله، وأثن عليه وصلى على النبي وآله ثم سل تعطه.
وروي أنه إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء فقد استوجب وإذا بدأ بالدعاء
قبل الثناء كان على رجاء، وقد أدبنا رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله: السلام قبل الكلام،
وقال الصادق عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى: إذا وقفت
بين يدي فقف وقف الذليل الفقير.
وقال الحسن بن علي عليهما السلام: من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة إما معجلة
وإما مؤجلة.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا دعا أحد فليعم فإنه أوجب للدعاء ومن قدم أربعين
رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه.
وقال أبو الحسن عليه السلام: إذا نزل بالرجل الشدة والنازلة، فليصم فان الله
يقول: " استعينوا بالصبر والصلاة " والصبر الصوم، وقال: دعوة الصائم يستجاب عند
إفطاره،
وقال النبي صلى الله عليه وآله: اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة.
وقال صلى الله عليه وآله: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب
دعاء من قلبه لاه،
وقال أبو عبد الله عليه السلام: لا يزال الدعاء محجوبا عن السماء حتى يصلى على
النبي وآله، وروي أنه لا ترد يد عبد عليها عقيق.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: أمرني جبرئيل أن أقرأ القرآن قائما وأن أحمده راكعا.
وأن أسبحه ساجدا وأن أدعوه جالسا.
وقال الصادق عليه السلام: أغلقوا أبواب المعصية بالاستعاذة، وافتحوا أبواب الطاعة.
بالتسمية،
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يرد دعاء أوله بسم الله الرحمان الرحيم.
18 - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا كانت لك إلى الله سبحانه حاجة فابدا
313

بمسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ثم سل حاجتك، فان الله تعالى أكرم من يسأل
حاجتين فيقضى إحداهما ويمنع الأخرى (1).
19 - عدة الداعي: روى حفص بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا
أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له
رجاء إلا من عند الله، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه.
وفيما وعظ الله به عيسى عليه السلام: يا عيسى ادعني دعاء الحزين الغريق الذي ليس
له مغيث، يا عيسى سلني ولا تسأل غيري فيحسن منك الدعاء، ومني الإجابة، ولا
تدعني إلا متضرعا إلى وهمك هما واحدا فإنك متى تدعني كذلك أجبتك (2).
وروى الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم إذا أراد
أن يسأل أحدكم ربه شيئا من حوائج الدنيا حتى يبدأ بالثناء على الله عز وجل
والمدحة له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، ثم يسأل الله حوائجه.
وقال عليه السلام: إنما هي المدحة، ثم الثناء، ثم الاقرار بالذنب، ثم المسألة
إنه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالاقرار.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يقبل الله دعاء قلب لاه.
وروى سيف بن عميرة، عن الصادق عليه السلام: إذا دعوت الله فأقبل بقلبك.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذر: يا أبا ذر ألا أعلمك كلمات ينفعك الله عز وجل
بهن؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك الله، احفظ الله تجده أمامك
تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت
فاستعن بالله، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، ولو أن الخلق كلهم
جهدوا على أن ينفعوك بما لم يكتبه الله لك ما قدروا عليه.
وقال سيد العابدين عليه السلام: الدعاء بعدما ينزل البلاء لا ينتفع به.
20 - مكارم الأخلاق: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى
ركعتين، فأتم ركوعهما وسجودهما، ثم سلم وأثنى على الله عز وجل وعلى رسول

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 361 من قسم الحكم.
(2) عدة الداعي ص 97.
314

الله صلى الله عليه وآله ثم سأل حاجته فقد طلب في مظانه، ومن طلب الخير في مظانه لم يخب (1).
وعن ابن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم وأن يسأل أحد
من الله عز وجل شيئا من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عز وجل
والمدحة له والصلاة على النبي وآله عليه وعليهم السلام ثم يسأل حوائجه.
محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام: إن في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام أن المدحة
قبل المسألة فإذا دعوت الله عز وجل فمجده قال: قلت: كيف أمجده؟ قال:
تقول: يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من
هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شئ (2).
فلاح السائل: الأهوازي، عن ابن بكير، عن محمد مثله (3).
21 - مكارم الأخلاق: عثمان بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أردت أن تدعو
فمجد الله عز وجل واحمده وسبحه وهلله وأثن عليه وصل على النبي وآله عليهم السلام
ثم سل تعط.
وعنه عليه السلام قال: إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على الله سبحانه وليمدحه، فان
الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما قدر عليه، فإذا طلبتم
الحاجة فمجدوا الله عز وجل العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه، يقول: " يا أجود
من أعطى يا خير من سئل، يا أرحم من استرحم، يا واحد يا أحد [يا صمد يا من لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد] يامن لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، يا من يفعل ما يشاء
ويحكم ما يريد، ويقضي ما أحب، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر
الاعلى يا من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " وأكثر من أسماء الله عز وجل
فان أسماء الله كثيرة، وصل على محمد وآله، وقل: " اللهم أوسع علي من رزقك
الحلال ما أكف به وجهي وأؤدي عني أمانتي وأصل به رحمي ويكون عونا لي على
الحج والعمرة ".
وقال: إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عز وجل فقال

(1) مكارم الأخلاق ص 313.
(2) مكارم الأخلاق ص 317.
(3) فلاح السائل ص 35.
315

رسول الله صلى الله عليه وآله: أعجل العبد ربه، وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله
عز وجل وصلى على النبي وآله، فقال صلى الله عليه وآله: سل تعط.
درست بن أبي منصور، عن أبي خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من رهط
أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عز وجل في أمر إلا استجاب الله لهم، فإن لم
يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عشر مرات إلا استجاب الله سبحانه لهم، فإن لم
يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة، ويستجيب الله العزيز الجبار له.
وعنه عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام إذا حزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم
دعا وأمنوا، وعنه عليه السلام الداعي والمؤمن شريكان في الاجر (1).
هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يزال الدعاء محجوبا، حتى يصلى
على محمد وآل محمد.
وعنه عليه السلام قال: من دعا فلم يذكر النبي صلى الله عليه وآله رفرف الدعاء على رأسه
فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله رفع الدعاء.
وعنه عليه السلام قال: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أجعل ثلث
صلاتي لك، لابل أجعل نصف صلاتي لك، لابل أجعل كلها لك، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: إذا تكفى مؤنة الدنيا والآخرة.
وعن أبي بصير وابن الحكم قالا: سألنا أبا عبد الله عليه السلام ما معنى أجعل صلاتي
كلها لك؟ قال: يقدمه بين يدي كل حاجة، فلا يسأل الله عز وجل شيئا حتى يبدأ
بالنبي صلى الله عليه وآله ثم يسأل الله تعالى حوائجه،
وعنه عليه السلام قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تجعلوني كقدح الراكب إن الراكب
يملا قدحه فيشربه إذا شاء اجعلوني في أول الدعاء وآخره ووسطه،
وعنه عليه السلام قال: من كانت له إلى الله حاجة فليبدأ بالصلاة على محمد وآله ثم
يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة على محمد وآله، فان الله عز وجل أكرم من أن
يقبل الطرفين، ويدع الوسط، إذا كانت الصلاة على محمد وآله لا تحجب عنه.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من قوم اجتمعوا في مجلس فلم

(1) مكارم الأخلاق ص 318.
316

يذكروا الله عز وجل ولم يصلوا على نبيهم صلوات الله عليه وآله إلا كان ذلك المجلس
حسرة ووبالا عليهم (1).
وعنه عليه السلام قال: من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له.
وعنه عليه السلام قال: من دعا لأخيه بظهر الغيب وكل الله عز وجل به ملكا يقول:
ولك مثلاه.
قال رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام: إني لأجد آيتين في كتاب الله
أطلبهما فلا أجدهما قال: فقال عليه السلام: وما هما؟ قلت: " ادعوني أستجب لكم " (2)
فندعوه فلا نرى إجابة، قال: أفترى الله أخلف وعده؟ قلت: لا، قال فمه؟ قلت:
لا أدري، قال: لكني أخبرك، من أطاع الله فيما أمر به، ثم دعاه من جهة الدعاء
إجابة قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتمجده وتذكر نعمه عليك
فتشكره، ثم تصلي علي النبي وآله ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستغفر منها فهذه
جهة الدعاء، ثم قال: وما الآية الأخرى؟ قلت: قوله " وما أنفقتم من شئ فهو
يخلفه " (3) وأراني أنفق ولا أرى خلفا، قال عليه السلام: أفترى الله أخلف وعده؟ قلت:
لا، قال فمه؟ قلت: لا أدري، قال: لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفق
في حقه لم ينفق درهما إلا أخلف الله عليه (4).
عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن كل دعاء لا يكون قبله تمجيد فهو أبتر، وإنما
التمجيد ثم الدعاء، قلت: ما أدنى ما يجزئ من التمجيد؟ قال: قل " اللهم أنت
الأول فليس قبلك شئ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك
شئ، وأنت الباطن فليس دونك شئ، وأنت العزيز الحكيم (5).

(1) مكارم الأخلاق ص 318
(2) ميمون: 62.
(3) سبأ: 38.
(4) مكارم الأخلاق ص 320 - 321
(5) مكارم الأخلاق ص 356
317

وعن الصادق عليه السلام قال: من قرأ مائة آية من أي القرآن شاء ثم قال
سبع مرات: يا الله، فلو دعا على الصخور فلقها (1).
22 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه، وليمدحه فان الرجل إذا
طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه، فإذا طلبتم الحاجة
فمجدوا الله وامدحوه وأثنوا عليه تمام الخبر (2).
23 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن عمار قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنما هي المدحة، ثم الاقرار بالذنب، ثم المسألة
والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالاقرار (3).
24 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن سعيد بن يسار قال: قال الحلبي لأبي عبد الله
عليه السلام: إن لي جارية تعجبني فليس يكاد يبقى لي منها ولد ولي منها غلام، وهو
يبكى ويفزع بالليل، وأتخوف عليه أن لا يبقى، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأين أنت
من الدعاء؟ قم من آخر الليل فتوضأ وأسبغ الوضوء وصل ركعتين صلاتك فاحمد
الله، وإياك أن تسأله حتى تمدحه، ردد ذلك مرارا يأمره بالمدحة، فإذا فرغت
من مدحة ربك فصل، على نبيك، ثم سله يعطك، أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله
أتى على رجل وهو يصلي فلما قضى الرجل الصلاة أقبل يسأل ربه حاجته، فقال
النبي صلى الله عليه وآله: عجل العبد على ربه، وأتى على آخر، وهو يصلي فلما قضى صلاته
مدح ربه، فلما فرغ من مدحة ربه صلى على نبيه صلى الله عليه وآله فقال له النبي: سل تعط
سل تعط (4).
25 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن عليه السلام
قال: دعوة العبد سرا دعوة واحدة، تعدل سبعين دعوة علانية.
وعن محمد بن الحسن الصفار، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض

(1) مكارم الأخلاق ص 418.
(2) فلاح السائل ص 35.
(3) فلاح السائل ص 35.
(4) فلاح السائل ص 35.
318

أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يعلم عظم ثواب الدعاء وتسبيح العبد فيما
بينه وبين نفسه إلا الله تبارك وتعالى (1).
26 - فلاح السائل: باسنادنا إلى عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عذر
ظالما بظلمه سلط الله عليه من يظلمه، وإن دعا لم يستجب له، ولم يأجره الله
على ظلامته.
27 - فلاح السائل: الصفار، عن أيوب بن نوح، عن العباس بن عامر، عن ربيع بن
محمد المسلي، عن عبد الاعلى السهمي، عن نوف، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن
الله تبارك وتعالى أوحى إلى عيسى بن مريم عليهما السلام: قل للملا من بني إسرائيل:
لا تدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة وأكف نقية، وقل
لهم: إني غير مستجيب لاحد منكم دعوة ولاحد من خلقي قبله مظلمة (2).
28 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن موسى بن القاسم
عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
آيتان في كتاب الله لا أدري ما تأويلهما؟ فقال: وما هما؟ قال: قلت: قوله
تعالى: " ادعوني أستجب لكم) (3) ثم أدعو فلا أرى الإجابة، قال: فقال لي:
أفترى الله تعالى أخلف وعده؟ قال: قلت: لا، [قال: فمه؟ قلت: لا أدري] ظ
فقال: الآية الأخرى قال: قلت: قوله تعالى: " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه
وهو خير الرازقين " (4) فانفق فلا أرى خلفا، قال: افترى الله أخلف وعده؟ قال:
قلت: لا قال: فمه؟ قلت: لا أدري قال: لكني أخبرك إنشاء الله تعالى أما إنكم
لو أطعتموه فيما أمركم به، ثم دعوتموه لأجابكم، ولكن تخالفونه وتعصونه
فلا يجيبكم.
وأما قولك تنفقون فلا ترون خلقا أما إنكم لو كسبتم المال من حله ثم

(1) فلاح السائل ص 36.
(2) فلاح السائل ص 37.
(3) المؤمن: 62.
(4) سبأ: 38.
319

أنفقتموه في حقه، لم ينفق رجل درهما إلا أخلفه الله عليه، ولو دعوتموه من جهة
الدعاء لأجابكم، وإن كنتم عاصين.
قال: قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: إذا أديت الفريضة مجدت الله وعظمته وتمدحه
بكل ما تقدر عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتجتهد في الصلاة عليه وتشهد له بتبليغ
الرسالة وتصلي على أئمة الهدى عليهم السلام، ثم تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله وما أبلاك وأولاك، وتذكر نعمه عندك وعليك، وما صنع بك
فتحمده وتشكره على ذلك، ثم تعترف بذنوبك ذنب ذنب وتقربها أو بما ذكرت
منها، وتجمل ما خفي عليك منها، فتتوب إلى الله من جميع معاصيك وأنت تنوي
ألا تعود، وتستغفر الله منها بندامة وصدق نية وخوف ورجاء، ويكون من قولك
" اللهم إني أعتذر إليك من ذنوبي وأستغفرك وأتوب إليك فأعني على طاعتك
ووفقني لما أوجبت على من كل ما يرضيك فاني لم أر أحدا بلغ شيئا من طاعتك
إلا بنعمتك عليه قبل طاعتك، فأنعم على بنعمة أنال بها رضوانك والجنة " ثم تسأل
بعد ذلك حاجتك فاني أرجو أن لا يخيبك إنشاء الله تعالى (1).
29 - فلاح السائل: محمد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن سلمة بن الخطاب، عن
القاسم بن يحيى الراشدي، عن جده الحسن، عن داود الرقي، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام قل للجبارين: لا
يذكروني فإنه لا يذكرني عبد إلا ذكرته وإن ذكروني ذكرتهم فلعنتهم (2).
30 - فلاح السائل: الصفار، عن أبي طالب، عن عثمان بن عيسى، عن علي بن
سالم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي
لا أجيب دعوة مظلوم ظلمها، ولاحد عنده مثل تلك المظلمة (3).
31 - فلاح السائل: من كتاب ربيع الأبرار قال: مر موسى عليه السلام على قرية من قرى

(1) فلاح السائل ص 38 و 39.
(2) فلاح السائل ص 37.
(3) فلاح السائل ص 38.
320

بني إسرائيل فنظر إلى أغنيائهم قد لبسوا المسوح، وجعلوا التراب على رؤوسهم
وهم قيام على أرجلهم تجري دموعهم على خدودهم، فبكى رحمة لهم فقال: إلهي
هؤلاء بنو إسرائيل حنوا إليك حنين الحمام وعووا عوى الذباب، ونبحوا نباح
الكلاب، فأوحى الله إليه: ولم ذاك لان خزانتي قد نفدت؟ أم لان ذات يدي قد
قلت؟، أم لست أرحم الراحمين؟ ولكن أعلمهم أني عليم بذات الصدور، يدعونني
وقلوبهم غائبة عني مائلة إلى الدنيا.
ورأينا في كتاب الأدعية المروية من الحضرة النبوية للسمعاني باسناده المتصل
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا
يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
ورويناه باسنادنا إلى ابن عقدة باسناده عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إذا أراد
أحدكم أن يستجاب له فليطيب كسبه، وليخرج من مظالم الناس، وإن الله لا يرفع
إليه دعاء عبد وفي بطنه حرام، أو عنده مظلمة لاحد من خلقه.
وفي كتاب الأدعية للسمعاني عن النبي صلى الله عليه وآله ما معناه: إذا كان الداعي مطعمه
حراما وغذي بحرام فأنى يستجاب لذلك.
ووجدت في بعض الكتب عن أبي الحسين رفعه إلى الصادق عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله سبحانه: إني لأستحيي من عبد يرفع يده وفيها خاتم
فيروزج فأردها خائبة.
ومن كتاب فضل العقيق لقريش بن مهنا العلوي بالاسناد إلى أبي عبد الله
عليه السلام أنه قال: ما رفعت كف إلى الله عز وجل أحب إليه من كف فيها
خاتم عقيق.
33 - المحاسن: في رواية هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إذا
قال العبد: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله عز وجل للملائكة: استسلم عبدي
اقضوا حاجته (1).

(1) المحاسن ص 42.
321

33 - المحاسن: يحيى بن أبي بكر، عن بعض أصحابه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
إذا قال العبد: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله: ملائكتي استسلم
عبدي أعينوه أدركوه اقضوا حاجته (1).
34 - صحيفة الرضا (ع): عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن
موسى بن عمران سأل ربه ورفع يديه، فقال: يا رب أبعيد أنت فأناديك أم قريب
أنت فأناجيك؟ فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى أنا جليس من ذكرني (2)
35 - فقه الرضا (ع): أفضل الدعاء الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله والدعاء لاخوانك
المؤمنين، ثم الدعاء لنفسك بما أحببت،
36 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: احفظ آداب الدعاء، وانظر من تدعو وكيف
تدعو، ولماذا تدعو؟ وحقق عظمة الله وكبرياءه، وعاين بقلبك علمه بما في
ضميرك، واطلاعه على سرك، وما يكن فيه من الحق والباطل، واعرف طرق
نجاتك وهلاكك، كيلا تدعو الله بشئ منه هلاكك، وأنت تظن فيه نجاتك، قال
الله عز وجل: " ويدعو الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا " (3).
وتفكر ماذا تسأل، وكم تسأل ولماذا تسأل؟ والدعاء استجابة الكل منك للحق
وتذويب المهجة في مشاهدة الرب: وترك الاختيار جميعا، وتسليم الأمور كلها
ظاهرا وباطنا إلى الله، فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الإجابة، فإنه يعلم
السر وأخفى، فلعلك تدعوه بشئ قد علم من سرك خلاف ذلك، قال بعض الصحابة
لبعضهم: أنتم تنتظرون المطر بالدعاء وأنا أنتظر الحجر.
واعلم أنه لو لم يكن الله أمرنا بالدعاء لكنا إذا أخلصنا الدعاء تفضل علينا
بالإجابة، فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء.
وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن اسم الله الأعظم، قال: كل اسم من أسماء الله أعظم
ففرغ قلبك من كل ما سواه، وادعه بأي اسم شئت، فليس في الحقيقة لله اسم دون

(1) المحاسن ص 42.
(2) صحيفة الرضا عليه السلام ص 7.
(3) أسرى: 12.
322

اسم، بل هو الله الواحد القهار.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله لا يستجيب الدعاء من قلب لاه، فإذا أتيت بما
ذكرت لك من شرائط الدعاء، وأخلصت بسرك لوجهه، فأبشر بإحدى الثلاث إما
أن يعجل لك ما سألت، وإما أن يدخر لك ما هو أعظم منه، وإما أن يصرف
عنك من البلاء ما إن لو أرسله عليك لهلكت.
قال النبي صلى الله عليه وآله: قال الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل
ما أعطي السائلين.
قال الصادق عليه السلام: لقد دعوت الله مرة فاستجاب ونسيت الحاجة لان
استجابته باقباله على عبده عند دعوته أعظم وأجل مما يريد منه العبد، ولو كانت
الجنة ونعيمها الأبد، ولكن لا يعقل ذلك إلا العاملون المحبون العابدون العارفون
صفوة الله وخاصته (1).
37 - تفسير العياشي: عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " فليستجيبوا
لي وليؤمنوا بي " (2) يعلمون أني أقدر على أن أعطيهم ما يسألوني (3).
38 - مكارم الأخلاق: عن الصادق عليه السلام قال: ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار
عز وجل إلا استحيى الله عز وجل أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل
رحمته ما يشاء، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسحها على رأسه ووجهه (4).
عدة الداعي: روى ابن القداح عنه عليه السلام مثله.
39 - مكارم الأخلاق: عن الرضا عليه السلام قال: دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين
دعوة علانية.
وعن الصادق عليه السلام قال: إن الله لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فإذا
دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن الإجابة (5).

(1) مصباح الشريعة: 14 و 15
(2) البقرة: 186.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 83.
(4) مكارم الأخلاق ص 313.
(5) مكارم الأخلاق ص 314.
323

18 (باب)
* " (المنع عن سؤال مالا يحل ومالا يكون ومنع الدعاء) " *
* " (على الظالم وسائر ما لا ينبغي من الدعاء) " *
الآيات: الأعراف: إنه لا يحب المعتدين (1).
هود: فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين *
قال رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإن لا تغفر لي وترحمني
أكن من الخاسرين (2).
أسرى: ويدعو الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا (3).
النمل: قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة (4)،
1 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: يا صاحب الدعاء لا تسأل
ما لا يكون ولا يحل (5).
2 - أمالي الطوسي، معاني الأخبار (6) أمالي الصدوق: في خبر الشيخ الشامي: أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام
أي دعوة أضل؟ قال: الداعي بما لا يكون (7).
3 - أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن القاسم، عن جده، عن الصادق
عليه السلام قال: إذا ظلم الرجل فظل يدعو على صاحبه قال الله جل جلاله:
إن ههنا آخر يدعو عليك، يزعم أنك ظلمته، فان شئت أجبتك وأجبت عليك، وإن

(1) الأعراف: 55.
(2) هود: 46.
(3) أسرى: 11.
(4) النمل: 46.
(5) الخصال ج 2 ص 169.
(6) أمالي الطوسي ج 2 ص 50، معاني الأخبار 198.
(7) أمالي الصدوق ص 237.
324

شئت أخرتكما فتوسعكما عفوي (1).
4 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام
ابن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العبد ليكون مظلوما فما زال يدعو حتى
يكون ظالما (2).
5 - تفسير العياشي: عن عبد الرحمان بن أبي نجران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
قول الله " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضهم على بعض " (3) قال: لا يتمنى الرجل
امرأة الرجل، ولا ابنته، ولكن يتمنى مثلها (4).
6 - تنبيه الخاطر: عن علي عليه السلام قلت: اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي لا تقولن هكذا فليس من أحد إلا وهو محتاج إلى الناس
قال: فقلت: كيف يا رسول الله، قال: قل: اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك، قلت:
يا رسول الله ومن شرار خلقه؟ قال: الذين إذا أعطوا منعوا، وإذا منعوا عابوا.
7 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن محمد بن عبيد بن ياسين، عن
أبي الحسن الثالث، عن آبائه عليهم السلام قال: سمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول:
اللهم إني أعوذ بك من الفتنة قال عليه السلام: أراك تتعوذ من مالك وولدك، يقول
الله تعالى: " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " (5) ولكن قل: اللهم إني أعوذ بك
من مضلات الفتن (6).
8 - أمالي الطوسي: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن الحسن
ابن فضال، عن العباس بن عامر، عن علي بن معمر، عن رجل جعفي فقال:

(1) أمالي الصدوق ص 191.
(2) ثواب الأعمال ص 244.
(3) النساء: 32.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 239
(5) الأنفال: 25، والتغابن: 15.
(6) أمالي الطوسي ج 2 ص 193.
325

كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال رجل: اللهم إني أسألك رزقا طيبا قال: فقال
أبو عبد الله عليه السلام: هيهات هيهات هذا قوت الأنبياء، ولكن سل رزقا لا يعذبك عليه
يوم القيامة، هيهات إن الله يقول: " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا
صالحا " (1).
9 - أمالي الطوسي: الغضائري، عن التلعكبري، عن محمد بن همام، عن الحميري، عن
الطيالسي، عن زريق الخلقاني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تمنوا الفتنة، ففيها
هلاك الجبابرة، وطهارة الأرض من الفسقة (2).
10 - الدعوات للراوندي: في التوراة يقول الله عز وجل للعبد، إنك متى
ظللت تدعوني على عبد من عبيدي من أجل أنه ظلمك، فلك من عبيدي من يدعو
عليك من أجل أنك ظلمته، فان شئت أجبتك وأجبته فيك، وإن شئت أخرتكما
إلى يوم القيامة،
وروي أن الله أوحى إلى نبي من الأنبياء في الزمن الأول أن لرجل في
أمته ثلاث دعوات مستجابة، فأخبره بذلك، فانصرف من عنده إلى بيته، وأخبر زوجته
بذلك، فألحت عليه أن يجعل دعوة لها فرضي فقالت: سل الله أن يجعلني أجمل
نساء الزمان، فدعا الرجل فصارت كذلك، ثم إنها لما رأت رغبة الملوك والشبان
المتنعمين فيها متوفرة، زهدت في زوجها الشيخ الفقير وجعلت تغالظه وتخاشنه
وهو يداريها، ولا يكاد يطيقها، فدعا الله أن يجعلها كلبة، فصارت كذلك، ثم اجتمع
أولادها يقولون: يا أبت إن الناس يعيرون أن امنا كلبة نابحة، وجعلوا يبكون
ويسألونه أن يدعو الله أن يجعلها كما كانت، فدعا الله تعالى فصيرها مثل الذي
كانت في الحالة الأولى فذهبت الدعوات الثلاث ضياعا،
وعن ربيعة بن كعب قال: قال لي ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ربيعة خدمتني
سبع سنين، أفلا تسألني حاجة؟ فقلت: يا رسول الله أمهلني حتى أفكر، فلما

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 291، والآية في سورة المؤمن: 51.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 311.
326

أصبحت ودخلت عليه، قال لي: يا ربيعة هات حاجتك، فقلت: تسأل الله أن
يدخلني معك الجنة، فقال لي: من علمك هذا؟ فقلت: يا رسول الله ما علمني
أحد لكني فكرت في نفسي وقلت: إن سألته مالا كان إلى نفاد، وإن سألته عمرا
طويلا وأولادا كان عاقبتهم الموت، قال ربيعة: فنكس رأسه ساعة ثم قال: أفعل
ذلك فأعني بكثرة السجود، قال: وسمعته يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان
ذلك فالتزموا علي بن أبي طالب عليه السلام الخبر بتمامه.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: كان النبي صلى الله عليه وآله إذا سئل شيئا فإذا أراد أن
يفعله قال: نعم، وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشئ: لا، فأتاه
أعرابي فسأله فسكت، ثم سأله فسكت، ثم سأله فسكت، فقال صلى الله عليه وآله كهيئة
المسترسل: ما شئت يا أعرابي؟ فقلنا: الآن يسأل الجنة، فقال الاعرابي: أسألك
ناقة ورحلها وزادا، قال: لك ذلك، ثم قال صلى الله عليه وآله: كم بين مسألة الاعرابي
وعجوز بني إسرائيل، ثم قال: إن موسى لما امر أن يقطع البحر فانتهى إليه
وضربت وجوه الدواب رجعت، فقال موسى: يا رب مالي؟ قال: يا موسى إنك
عند قبر يوسف فاحمل عظامه، وقد استوى القبر بالأرض، فسأل موسى قومه: هل
يدري أحد منكم أين هو؟ قالوا: عجوز لعلها تعلم، فقال لها: هل تعلمين؟ قالت:
نعم، قال: فدلينا عليه، قالت: لا والله حتى تعطيني ما أسألك، قال: ذلك لك
قال: فاني أسألك أن أكون معك في الدرجة التي تكون في الجنة، قال: سلي
الجنة قالت: لا والله إلا أن أكون معك، فجعل موسى يراود فأوحى الله إليه: أن أعطها
ذلك، فإنها لا تنقصك، فأعطاها ودلته على القبر.
11 - عدة الداعي: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من سأل فوق قدره استحق
الحرمان.
327

19 * (باب)
* " (فضل البكاء وذم جمود العين) " *
الآيات: المائدة: وإذا سمعوا ما انزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من
الدمع مما عرفوا من الحق (1).
1 - أمالي الصدوق: ابن موسى، عن الأسدي، عن سهل، عن عبد العظيم، عن أبي -
الحسن العسكري عليه السلام قال: لما كلم الله عز وجل موسى بن عمران عليه السلام قال:
موسى: إلهي ما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك؟ قال: يا موسى أقي وجهه من
حر النار، وأومنه يوم الفزع الأكبر (2).
2 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن اليقطيني، عن
أبي زكريا المؤمن، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول
الله صلى الله عليه وآله: أتى شبابا (3) من الأنصار، فقال: إني أريد أن أقرأ عليكم فمن بكى
فله الجنة فقرأ آخر الزمر " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا " (4) إلى آخر
السورة فبكى القوم جميعا إلا شاب فقال: يا رسول الله قد تباكيت فما قطرت عيني
قال: إني معيد عليكم فمن تباكى فله الجنة قال: فأعاد عليهم فبكى القوم وتباكى
الفتى فدخلوا الجنة جميعا (5).
ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن اليقطيني مثله (6).
3 - أمالي الصدوق: في خبر المناهي قال النبي صلى الله عليه وآله: ألا ومن ذرفت عيناه من خشية الله

(1) المائدة: 83.
(2) أمالي الصدوق ص 125.
(3) الشباب بالفتح والتخفيف جمع الشاب.
(4) الزمر: 71.
(5) أمالي الصدوق ص 325.
(6) ثواب الأعمال ص 145.
328

كان له بكل قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنة مكللا بالدر والجوهر، فيه
مالا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر (1).
4 - عيون أخبار الرضا (ع): المفسر، عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن أبي محمد عن آبائه، عن
الصادق عليهم السلام قال: إن الرجل ليكون بينه وبين الجنة أكثر مما بين الثرى إلى
العرش، لكثرة ذنوبه، فما هو إلا أن يبكي من خشية الله عز وجل، ندما عليها
حتى يصير بينه وبينها أقرب من جفنته إلى مقلته (2).
5 - عيون أخبار الرضا (ع): بهذا الاسناد قال: قال الصادق عليه السلام: كم ممن كثر ضحكه لاعبا
يكثر يوم القيامة بكاؤه، وكم ممن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة
في الجنة سروره وضحكه (3).
6 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن
أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:
ما من قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمعة
في سواد الليل لا يريد بها عبد إلا الله عز وجل (4).
7 - الخصال: ماجيلويه، عن عمه، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق، عن
أبيه عليهما السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله ثلاث منجيات: تكف لسانك، وتبكي على
خطيئتك، وتلزم بيتك (5)،
8 - الخصال: ابن المغيرة، عن جده، عن جده، عن السكوني، عن الصادق، عن
أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة
أعين: عين بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله وعين باتت ساهرة
في سبيل الله (6)

(1) أمالي الصدوق ص 259.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 3.
(3) عيون الأخبار ج 2 ص 3.
(4) الخصال ج 1 ص 26.
(5) الخصال ج 1 ص 42.
(6) الخصال ج 1 ص 48.
329

ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن ابن المغيرة، عن.
السكوني مثله (1).
9 - فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام: يا علي أربع خصال
من الشقاء: جمود العين، وقساوة القلب، وبعد الامل، وحب البقاء (2).
10 - الخصال: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن النوفلي، عن
السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من علامات الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وشدة الحرص
في طلب الرزق، والاصرار على الذنب (3). 11 - الخصال: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن القداح عن
الصادق، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: طوبى لمن كان
صمته فكرا، ونظره عبرا، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم الناس من يده
ولسانه (4).
12 - الخصال: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن الحسين بن
إشكيب، عن محمد بن علي الكوفي، عن أبي جميلة، عن الحضرمي، عن سلمة بن
كهيل رفعه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سبعة في ظل عرش الله عز وجل
يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل تصدق
بيمينه فأخفاه عن شماله، ورجل ذكر الله عز وجل خاليا ففاضت عيناه من خشية
الله ورجل لقي أخاه المؤمن فقال: إني لأحبك في الله عز وجل، ورجل خرج
من المسجد وفي نيته أن يرجع إليه، ورجل دعته امرأة ذات جمال إلى نفسها
فقال: إني أخاف الله رب العالمين (5).

(1) ثواب الأعمال ص 161.
(2) الخصال ج 1 ص 115.
(3) الخصال ج 1 ص 115.
(4) الخصال ج 1 ص 142.
(5) الخصال ج 2 ص 2
330

أقول: قد مضى في الأبواب الأخرى بإسناد آخر عن النبي صلى الله عليه وآله.
13 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، وابن هاشم والحسن بن علي الكوفي
جميعا عن الحسين بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس شئ إلا وله شئ يعدله، إلا الله فإنه لا يعدله شئ
ولا إله إلا الله فإنه لا يعدلها شئ، ودمعة من خوف الله فإنه ليس لها مثقال، فان
سالت على وجهه لم يرهقه قتر ولا ذلة بعدها أبدا (1).
14 - ثواب الأعمال: أبي، عن الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن
ابن أبي عمير عن منصور، بن يونس، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
ما من شئ إلا وله كيل أو وزن إلا الدموع، فان القطرة منها تطفي بحارا من نار
وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، فإذا فاضت حرمه الله على النار، ولو
أن باكيا بكى في أمة لرحموا (2).
15 - ثواب الأعمال: ابن إدريس، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة
عن السكوني عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طوبى
لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب من خشية الله عز وجل، لم يطلع على ذلك
الذنب غيره (3).
ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن ابن المغيرة مثله (4).
16 - مجالس المفيد: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن
علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله، وفيه طوبى لشخص
نظر إليه الله.
17 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب
عن الوصافي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان فيما ناجى الله به موسى عليه السلام على الطور

(1) ثواب الأعمال ص 4.
(2) ثواب الأعمال ص 152.
(3) ثواب الأعمال ص 152.
(4) ثواب الأعمال ص 161.
331

أن: يا موسى أبلغ قومك أنه ما يتقرب إلي المتقربون بمثل البكاء من خشيتي
قال موسى: يا أكرم الأكرمين، فماذا أثبتهم على ذلك؟ قال: هم في الرفيق الاعلى
لا يشركهم فيه أحد (1).
أقول: تمامه في باب الزهد (2).
18 - المحاسن: أبي عمن ذكره قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الخير كله في ثلاث
خصال: في النظر، والسكوت، والكلام، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو، وكل
سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو، فطوبى لمن
كان نظره اعتبارا، وسكوته فكرة، وكلامه ذكرا، وبكى على خطيئته، وآمن
الناس شرة (3).
19 - المحاسن: الوشاء، عن مثنى الحناط، عن الثمالي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
ما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دمع في سواد الليل يقطرها العبد مخافة من الله
لا يريد بها غيره، وما جرعة يتجرعها عبد أحب إلى الله من جرعة غيظ يتجرعها
عبد يرددها في قلبه إما بصبر، وإما بحلم (4).
20 - الحسين بن سعيد أو النوادر: فضالة، عن أبان، عن غيلان يرفعه إلى أبي جعفر عليه السلام قال:
ما من عين اغرورقت في مائها من خشية الله إلا حرمها الله على النار، فان سالت
دموعها على خد صاحبها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، وما من شئ إلا وله كيل
إلا الدموع، فان القطرة منها تطفئ البحار من النار، ولو أن رجلا بكى في
أمة، فقطرت منه دمعة لرحموا ببكائه وعفي عنهم.
21 - الحسين بن سعيد أو النوادر: ابن أبي عمير، عن بزرج، عن صالح بن رزين وغيره، عن أبي -
عبد الله عليه السلام قال: كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين: عين غضت عن محارم

(1) ثواب الأعمال: 156.
(2) راجع ج 70 ص 313
(3) المحاسن ص 5.
(4) المحاسن ص 292، وترى في مجالس المفيد ص 13 مثله.
332

الله، أو عين سهرت في طاعة الله، أو عين بكت في جوف الليل من خشية الله.
22 - الحسين بن سعيد أو النوادر: ابن أبي عمير، عن رجل من أصحابه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن عبادي لم يتقربوا إلي بشئ أحب إلي من ثلاث
خصال: الزهد في الدنيا، والورع عن المعاصي، والبكاء من خشيتي، فقال موسى:
يا رب فما لمن صنع ذلك؟ قال الله تعالى: أما الزاهدون في الدنيا فاحكمهم
في الجنة، وأما المتورعون عن المعاصي فما أحاسبهم، وأما الباكون من خشيتي
ففي الرفيق الاعلى.
23 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من بكا على الجنة دخل الجنة، ومن بكا على الدنيا
دخل النار (1).
24 - من خط الشهيد قدس سره: نقلا من كتاب زهد الصادق عليه السلام عنه
عليه السلام قال: بكى يحيى بن زكريا عليه السلام حتى ذهب لحم خديه من الدموع
فوضع على العظم لبودا يجري عليها الدموع، فقال له أبوه: يا بنى إني سألت
الله تعالى أن يهبك لي لتقر عيني بك، فقال: يا أبه إن على نيران ربنا معاثر
لا يجوزها إلا البكاؤن من خشية الله عز وجل، وأتخوف أن آتيها فأزل منها
فبكى زكريا حتى غشي عليه من البكاء.
25 - عدة الداعي (2): روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن ربى تبارك
وتعالى خبرني فقال: وعزتي وجلالي ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئا
وإني لا بني لهم في الرفيق الاعلى قصرا لا يشاركهم فيه غيرهم.
وفيما أوحى إلى موسى عليه السلام وأبك على نفسك ما دمت في الدنيا وتخوف
العطب والمهالك، ولا تغرنك زينة الدنيا زهرتها.
وإلى عيسى عليه السلام يا عيسى بن البكر البتول ابك على نفسك بكاء من قد ودع

(1) نوادر الراوندي ص
(2) عدة الداعي ص 121.
333

الأهل، وقلى الدنيا وتركها لأهلها، وصارت رغبته فيما عند إلهه.
وروي معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان في وصية
رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه لاسلام أنه قال: يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها
ثم قال: اللهم أعنه، وعد خصالا والرابعة كثرة البكاء من خشية الله عز وجل
يبنى لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة،
وقال كعب الأحبار، والذي نفسي بيده لئن أبكى من خشية الله وتسيل
دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بجبل من ذهب.
وفي خطبة الوداع لرسول الله صلى الله عليه وآله: ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له
بكل قطرة من دموعه مثل جبل أحد، يكون في ميزانه من الاجر، وكان له
بكل قطرة عين في الجنة على حافتيها من المدائن والقصور ما لا عين رأت ولا
اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وعن أبي جعفر عليه السلام إن إبراهيم النبي عليه السلام قال: إلهي ما لعبد بل وجهه
بالدموع من مخافتك؟ قال: جزاؤه مغفرتي ورضواني يوم القيامة.
وروي إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أكون أدعو وأشتهي
البكاء فلا يجيئني، وربما ذكرت من مات من بعض أهلي فأرق وأبكي، فهل
يجوز ذلك؟ فقال: نعم، تذكرهم فإذا رققت فابك وادع ربك تبارك وتعالى.
وعن سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أتباكى في الدعاء وليس
لي بكاء قال: نعم ولو مثل رأس الذناب.
وعن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لأبي بصير: إن خفت أمرا يكون أو
حاجة تريدها فابدأ بالله فمجده، وأثن عليه كما هو أهله، وصل على النبي صلى الله عليه وآله
وتباك ولو مثل رأس الذباب، إن أبي كان يقول: أقرب ما يكون العبد من الرب
وهو ساجد يبكي،
وعنه عليه السلام إن لم يجئك البكاء فتباك، فان خرج منك مثل رأس الذباب
فبخ بخ.
334

وقال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام: ليس الخوف خوف من بكى
وجرت دموعه، ما لم يكن له ورع يحجزه عن معاصي الله، وإنما ذلك خوف كاذب.
26 - كتاب الإمامة والتبصرة: عن القاسم بن علي العلوي، عن محمد بن
أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد
عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طوبى لعبد نظر الله إليه وهو
يبكي على خطيئة من خشية الله، لم يطلع على ذلك الذنب غيره.
27 - تفسير العياشي: عن الفضل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من عبد اغرورقت عيناه بمائها إلا حرم الله ذلك الجسد على
النار، وما فاضت عين من خشية الله إلا لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة (1).
28 - تفسير العياشي: عن محمد بن مروان، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: مامن
شئ إلا وله وزن أو ثواب إلا الدموع، فان القطرة يطفي البحار من النار، فان
اغرورقت عيناه بمائها حرم الله [سائر جسده] على النار، وإن سالت الدموع على
خديه لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، ولو أن عبدا بكى في أمة لرحمها الله (2).
29 - مجالس المفيد: ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن هشام بن سالم، عن محمد بن مروان، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول:
ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله عز وجل إلا حرم الله جسدها على النار.
ولا فاضت دمعة على خد صاحبها فرهق وجهه قتر ولا ذلة يوم القيامة، وما من
شئ من أعمال الخير إلا وله وزن وأجر إلا الدمعة من خشية الله، فان الله تعالى
يطفي بالقطرة منها بحارا من نار يوم القيامة، وإن الباكي ليبكي من خشية الله
في أمة فيرحم الله تلك الأمة ببكاء ذلك المؤمن فيها (3).
30 - مكارم الأخلاق: قال النبي صلى الله عليه وآله: من بكى على ذنبه حتى تسيل دموعه على

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 121.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 122.
(3) مجالس المفيد ص 93.
335

لحيته، حرم الله ديباجة وجهه على النار.
وقال عليه السلام: من خرج من عينيه مثل الذباب من الدمع من خشية الله آمنه الله
به يوم الفزع الأكبر.
من كتاب زهد الصادق عنه عليه السلام قال: أوحى الله إلى موسى أن عبادي لم
يتقربوا إلى بشئ أحب إلى من ثلاث خصال، قال موسى: وما هي؟ قال: الزهد
في الدنيا، والورع من المعاصي، والبكاء من خشيتي فقال موسى: يا رب فما
لمن صنع ذا؟ فأوحى الله إليه يا موسى أما الزاهدون فاحكمهم في الجنة، وأما
البكاؤن من خشيتي ففي الرفيق الأعلى لا يشاركهم فيه أحد، وأما الورعون عن
معاصي، فاني أفتش الناس ولا أفتشهم (1).
عنه عليه السلام قال: بكى يحيى بن زكريا حتى ذهب لحم خديه من الدموع
وصنع على العظام لبودا تجري عليها الدموع، فقال له أبوه: يا بني إني سألت
الله تعالى أن يهبك لتقر عيني بك، فقال: يا أبه إن على نيران ربنا معاثر
لا يجوزها إلا البكاؤن من خشيته، وأتخوف أن آتيه فيها فأزل، فبكى زكريا حتى
غشي عليه من البكاء.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى
ذكره فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء، ولو أن عبدا بكى في أمة لرحم الله تعالى
ذكره تلك الأمة لبكاء ذلك العبد.
وقال عليه السلام: إذا لم يجئك البكاء فتباك، فان خرج مثل رأس الذباب فبخ بخ (2).
وقال إبراهيم عليه السلام: إلهي ما لمن بل وجهه بالدموع من مخافتك؟ قال:
جزاؤه مغفرتي ورضواني
وروي أن الكاظم عليه السلام: كان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته
بدموعه (3).

(1) مكارم الأخلاق ص 364، وفيه فانى أناقش الناس ولا أناقشهم، انقش
ولا أنقشهم خ ل.
(2) مكارم الأخلاق ص 365.
(3) مكارم الأخلاق ص 366
336

20 * (باب) *
* " (الرغبة والرهبة والتضرع والتبتل والابتهال) " *
* " (والاستعاذة والمسألة) " *
الآيات: المزمل: وتبتل إليه تبتيلا (1).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: " وتبتل إليه تبتيلا " قال: رفع اليدين وتحريك السبابتين (2).
2 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن الصادق، عن أبيه عن علي عليهم السلام قال:
إذا سألت الله فاسأله ببطن كفيك، وإذا تعوذت فبظهر كفيك، وإذا دعوت
فبإصبعيك (3).
3 - معاني الأخبار: المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد
عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: التبتل
أن تقلب كفيك في الدعاء إذا دعوت والابتهال أن تبسطهما وتقدمهما، والرغبة
أن تستقبل براحتيك السماء، وتستقبل بهما وجهك، والرهبة أن تكفئ كفيك
فترفعهما إلى الوجه والتضرع أن تحرك إصبعيك وتشير بهما، وفي حديث آخر
أن البصبصة أن ترفع سبابتيك إلى السماء وتحركهما وتدعو (4).
4 - أربعين الشهيد: باسناده عن الصدوق مثله.
5 - معاني الأخبار: بالاسناد، عن العياشي، عن محمد بن نصير، عن ابن عيسى، عن
الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن

(1) المزمل: 8.
(2) تفسير القمي ص 701.
(3) قرب الإسناد ص 89.
(4) معاني الأخبار ص 369.
337

أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " (1).
قال: التضرع رفع اليدين (2)،
5 - بصائر الدرجات: إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير وداود
الرقي، عن معاوية بن عمار ومعاوية بن وهب، عن ابن سنان قال: لما بعث داود
ابن علي إلى الصادق عليه السلام فدعا عليه، رفع يديه فوضعهما على منكبيه ثم بسطهما
ثم دعا بسبابته فقلت له: رفع اليدين ما هو؟ قال: الابتهال، فقلت: فوضع يديك
وجمعهما؟ قال: التضرع، قلت: فرفع الإصبع قال: البصبصة (3).
أقول: تمامه في باب معجزاته عليه السلام (4)،
6 - مكارم الأخلاق: عن ابن إسحاق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرغبة أن تستقبل
ببطن كفيك إلى السماء، والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء، وقوله
عز وجل " وتبتل إليه تبتيلا " قال: الدعاء بأصبع تشير بها، والتضرع أن تشير
بإصبعك وتحركها، والابتهال رفع اليدين ومدهما، وذلك عند الدمعة
ثم ادع (5).
وعنه عليه السلام: انه ذكر الرغبة وأبرز بطن راحتيه إلى السماء، وهكذا
الرهبة، وجعل ظهر كفيه إلى السماء، وهكذا التضرع وحرك أصابعه يمينا
وشمالا، وهكذا التبتل يرفع أصابعه مرة ويضعها مرة، وهكذا الابتهال ومد يده
بإزاء وجهه إلى القبلة، وقال: لا تبتهل حتى تجرى الدمعة (6).
7 - فلاح السائل: عن سعيد بن يسار، عن الصادق عليه السلام قال: هكذا الرغبة وذكر مثله.

(1) المؤمنون: 75.
(2) معاني الأخبار ص 369.
(3) بصائر الدرجات ص 217 في حديث.
(4) راجع ج 47 ص 66.
(5) مكارم الأخلاق ص 316.
(6) مكارم الأخلاق ص 317
338

قال: وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام أن الاستكانة في الدعاء أن يضع يديه
على منكبيه حين دعائه (1).
8 - مكارم الأخلاق: عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الدعاء
ورفع اليدين فقال: على أربعة أوجه أما التعوذ فتستقبل القبلة ببطن كفيك، وأما
الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتفضي بباطنهما إلى السماء، وأما التبتل فايماؤك
بإصبعك السبابة، وأما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك في دعاء التضرع (2).
9 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن إبراهيم بن حفص العسكري، عن
عبد الله بن الهيثم، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن محمد وزيد ابني
علي، عن أبيهما، عن أبيه الحسين، عليهم السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرفع يديه
إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين (3).
10 - الدعوات للراوندي: مثله وقال: كان صلى الله عليه وآله يتضرع
عند الدعاء حتى يكاد يسقط رداؤه.
11 - عدة الداعي: روى هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الدعاء في الرخاء ليستخرج الحوائج في البلاء.
وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام قال: كان جدي يقول: تقدموا في الدعاء
فان العبد إذا دعا فنزل به البلاء فدعا قيل: صوت معروف، وإذا لم يكن دعا فنزل به
البلاء فدعا قيل: أين كنت قبل اليوم؟
وعنه عليه السلام: من تخوف من بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء، لم يره الله ذلك
البلاء أبدا.
وعن النبي صلى الله عليه وآله: يا أبا ذر الا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟ قلت: بلى
يا رسول الله، قال: احفظ الله يحفظك الله، واحفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى

(1) فلاح السائل ص 33.
(2) مكارم الأخلاق ص 317.
(3) أمالي الطوسي ج 2 98 ص 1.
339

الله في الرخاء يعرفك في الشدة وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله
فقد جرى القلم بما هو كائن، ولو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم يكتبه
الله لك، ما قدروا عليه (1).
وروى هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من تقدم في الدعاء استجيب
له إذا نزل به البلاء، وقيل: صوت معروف ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدم
في الدعاء، لم يستجب له إذا نزل به البلاء وقالت الملائكة: إن ذا الصوت
لا نعرفه.
وروى أبو عبد الله الفراء، عن الصادق عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى يعلم
ما يريد العبد إذا دعا، ولكنه يحب أن يبث إليه الحوائج.
وعن كعب الأحبار قال: مكتوب في التوراة: يا موسى من أحبني لم ينسني
ومن رجا معروفي ألح في مسألتي يا موسى إني لست بغافل عن خلقي، ولكني أحب
أن تسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي، وترى حفظتي تقرب بني آدم إلي
بما أنا مقويهم عليه ومسببه لهم (2).
وروى إسماعيل بن همام، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: دعوة العبد سرا
دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.
وفي رواية أخرى: دعوه تخفيها أفضل من سبعين دعوة تظهرها.
وروى ابن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دعا
أحدكم فليعمم فإنه أوجب للدعاء.
وروى أبو خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من رهط أربعين رجلا قد اجتمعوا
فدعوا الله في أمر إلا استجاب لهم، فإن لم يكونوا، أربعين فأربعة يدعون الله عشر
مرات إلا استجاب الله عز وجل لهم، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين
مرة يستجيب الله العزيز الجبار له.

(1) عدة الداعي ص 127.
(2) عدة الداعي ص 143.
340

وروى عبد الاعلى عنه عليه السلام: ما اجتمع أربعة قط على أمر فدعوا الله إلا تفرقوا
عن إجابة.
وروى علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي إذا
حزبه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا،
وروى السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: الداعي والمؤمن شريكان.
وفي دعائهم عليهم السلام: ولا ينجي منك إلا التضرع إليك،
وفيما أوحى الله إلى موسى عليه السلام يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا
وعفر وجهك في التراب، واسجد لي بمكارم بدنك واقنت بين يدي في القيام وناجني
حيث تناجيني بخشية من قلب وجل.
وإلى عيسى عليه السلام: يا عيسى ادعني دعاء الغريق الحزين الذي ليس له مغيث
يا عيسى أذل لي قلبك وأكثر ذكري في الخلوات، واعلم أن سروري أن تبصبص
إلي، وكن في ذلك حيا ولا تكن ميتا وأسمعني منك صوتا حزينا (1).
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: مر موسى عليه السلام برجل من أصحابه وهو ساجد، و
انصرف من حاجته وهو ساجد، فقال عليه السلام: لو كانت حاجتك بيدي لقضيتها لك
فأوحى الله إليه: لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته، أو يتحول عما أكره إلى
ما أحب (2).
ومن طريق آخر: أن موسى عليه السلام مر برجل وهو يبكي ثم رجع وهو يبكى
فقال: إلهي عبدك يبكي من مخافتك، قال: يا موسى لو نزل دماغه مع دموع عينيه
لم أغفر له وهو يحب الدنيا.
وفيما أوحي إليه: يا موسى ادعني بالقلب النقي، واللسان الصادق.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: الدعاء مفاتيح النجاح، ومقاليد الفلاح، وخير
الدعاء ما صدر عن صدر تقي وقلب نقي وفي المناجاة سبب النجاة، وبالاخلاص

(1) عدة الداعي ص 97.
(2) عدة الداعي ص 125.
341

يكون الخلاص، فإذا اشتد الفزع فإلى الله المفزع.
وروي أن عابدا عبد الله سبعين عاما صائما نهاره، قائما ليله، فطلب إلى الله
حاجة فلم تقض، فأقبل على نفسه وقال: من قبلك أتيت، لو كان عندك خير قضيت
حاجتك، فأنزل الله إليه ملكا فقال: يا ابن آدم ساعتك التي أزريت فيها نفسك
خير من عبادتك التي مضت.
وروى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قدم
أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له، ويتأكد بعد الفراغ من صلاة الليل.
وروي أن الله سبحانه أوحى إلى موسى عليه السلام: يا موسى ادعني على لسان لم
تعصني به، فقال: أنى لي بذلك؟ فقال: ادعني على لسان غيرك (1).
وروى هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العبد ليكون له
الحاجة إلى الله عز وجل فيبدأ بالثناء والصلاة على محمد وآل محمد، حتى ينسى حاجته
فيقضيها الله له [من] قبل أن يسأله.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من شغلته عبادة الله عن مسألته أعطاه الله أفضل
ما يعطي السائلين.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذر: يا أبا ذر اذكر الله ذكرا خاملا، قلت: ما الخامل؟
قال: الخفي.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: من ذكر الله في السر فقد ذكر الله كثيرا إن
المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السر، فقال الله: " يراؤن الناس
ولا يذكرون الله إلا قليلا " (2).
وقال الصادق عليه السلام: قال الله تعالى: من ذكرني سرا ذكرته علانية.
وروى زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: لا يكتب الملك إلا ما سمع.
وقال الله تعالى: " واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة " (3) فلا يعلم ثواب ذلك الذكر

(1) عدة الداعي ص 128.
(2) النساء: 142.
(3) الأعراف: 205.
342

في نفس الرجل غير الله لعظمته.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في غزاة فأشرفوا على واد فجعل الناس
يهللون ويكبرون ويرفعون أصواتهم، فقال عليه السلام: أيها الناس أربعوا على أنفسكم
أما إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا وإنما تدعون سميعا قريبا معكم.
21 * (باب) *
* " (الأوقات والحالات التي يرجى) " *
* " (فيها الإجابة وعلامات الإجابة) " *
1 - أمالي الصدوق: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن
الصادق، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: اغتنموا الدعاء عند خمسة مواطن: عند قراءة
القرآن: وعند الاذان، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة، وعند
دعوة المظلوم، فإنها ليس لها حجاب دون العرش (1).
2 - أمالي الصدوق: أبي، عن سعد عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن
المغيرة، عن السكوني، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: اغتنموا الدعاء عند
خمس: عند قراءة القرآن إلى آخر ما مر (2).
3 - أمالي الطوسي: الفحام، عن المنصوري، عن أبي الحسن العسكري، عن آبائه
عن الصادق عليهم السلام قال: ثلاثة أوقات لا تحجب فيها الدعاء عن الله تعالى: في أثر
المكتوبة، وعند نزول القطر، وظهور آية معجزة لله في أرضه (3).
4 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: من كانت له إلى ربه عز وجل
حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات: ساعة في يوم الجمعة، وساعة تزول الشمس حين تهب الرياح
وتفتح أبواب السماء، وتنزل الرحمة، ويصوت الطير، وساعة في آخر الليل، عند

(1) أمالي الصدوق ص 67.
(2) أمالي الصدوق ص 159.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 287.
343

طلوع الفجر، فان ملكين يناديان: هل من تائب يتاب عليه، هل من سائل يعطى
هل من مستغفر فيغفر له، هل من طالب حاجة فتقضى له. فأجيبوا داعي الله واطلبوا
الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإنه أسرع في طلب الرزق من
الضرب في الأرض، وهي الساعة التي يقسم الله فيها الرزق بين عباده.
وقال عليه السلام: تفتح لكم أبواب السماء في خمس مواقيت: عند نزول الغيث
وعند الزحف، وعند الاذان، وعند قراءة القرآن، ومع زوال الشمس، وعند
طلوع الفجر (1).
5 - الخصال: أبي، عن محمد العطار، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار
عن علي بن حديد رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا اقشعر جلدك، ودمعت عيناك
ووجل قلبك، فدونك دونك، فقد قصد قصدك (2).
6 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن الجاموراني،
عن ابن البطائني، عن مندل بن علي، عن الكناني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن
الله عز وجل يحب من عباده المؤمنين كل دعاء، فعليكم بالدعاء في السحر إلى
طلوع الشمس، فإنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وتهب الرياح، وتقسم فيها
الأرزاق، وتقضى فيها الحوائج العظام (3).
7 - فقه الرضا (ع): أقرب ما يكون العبد من الله إذا كان في السجود.
8 - مجالس المفيد: الجعابي، عن محمد بن عبد الله العلوي، عن أبيه، عن الرضا، عن
آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أدى فريضة فله عند الله دعوة
مستجابة (4).
9 - مكارم الأخلاق: زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اطلبوا للدعاء أربع

(1) الخصال ج 2 ص 158.
(2) الخصال ج 1 ص 41.
(3) ثواب الأعمال ص 146.
(4) مجالس المفيد ص 76.
344

ساعات: عن هبوب الرياح، وزوال الأفياء، ونزول القطر، وأول قطرة من دم
القتيل المؤمن، فان أبواب السماء تفتح عند هذه الأشياء،
وعنه عليه السلام قال: يستجاب الدعاء في أربع: في الوتر، وبعد الفجر، وبعد
الظهر، وبعد المغرب.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: اغتنموا الدعاء عند أربع: عند قراءة القرآن
وعند الاذان، وعند الغيث، وعند التقاء الصفين للشهادة.
عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام إذا كانت له إلى الله عز وجل
حاجة طلبها هذه الساعة يعني زوال الشمس.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رق أحدكم فليدع، فان القلب لا يرق
حتى يخلص (1).
عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: كان إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال
الشمس، فإذا أراد ذلك قدم شيئا فتصدق به، وشم شيئا من الطيب، وراح إلى
المسجد، فدعا في حاجته ما شاء الله عز وجل.
وعنه عليه السلام قال: إذا اقشعر جلدك، ودمعت عيناك، فدونك دونك، فقد
قصد قصدك،
عن أبي الصباح، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل يحب من
عباده المؤمنين كل دعاء فعليكم، بالدعاء في السحر إلى طلوع الشمس، فإنها
ساعة تفتح فيها أبواب السماء، وتقسم فيها الأرزاق، وتقضى فيها الحوائج العظام.
عن عمر بن أذينة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في الليل ساعة
ما يوافقها عبد مسلم ثم يصلي ويدعو الله عز وجل فيها إلا استجاب الله تعالى له
في كل ليلة، قلت: أصلحك الله وأي ساعة هي من الليل؟ قال: إذا مضى نصف
الليل، وبقي السدس الأول من أول النصف (2).

(1) مكارم الأخلاق ص 315.
(2) مكارم الأخلاق ص 316.
345

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: اطلب الإجابة عند اقشعرار الجلد، وعند إفاضة
العبرة، وعند قطرة المطر، وإذا كانت الشمس في كبد السماء أو زاغت، فإنها ساعة
يفتح فيها أبواب السماء، يرجى فيها العون من الملائكة، والإجابة من الله تبارك
وتعالى.
وقال: إن التضرع والصلاة من الله تعالى بمكان إذا كان العبد ساجدا لله فان
سالت دموعه فهنالك تنزل الرحمة، فاغتنموا تلك الساعة المسألة، وطلب الحاجة
ولا تستكثروا شيئا مما تطلبون، فما عند الله أكثر مما تقدرون، ولا تحقروا
صغيرا من حوائجكم، فان أحب المؤمنين إلى الله تعالى أسألهم (1).
10 - الاختصاص: قال الصادق عليه السلام: يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: في الوتر
وبعد طلوع الفجر، وبعد الظهر، وبعد المغرب (2).
11 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال علي عليه السلام: إذا فاء الأفياء، وهبت الرياح، فاطلبوا حوائجكم من الله تعالى
فإنها ساعة الأوابين.
12 - أمالي الطوسي: الغضائري، عن التلعكبري، عن محمد بن همام، عن الحميري
عن الطيالسي، عن رزيق الخلقاني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم
بالدعاء، والالحاح على الله عز وجل في الساعة التي لا يخيب الله عز وجل فيها
برا ولا فاجرا، قلت: جعلت فداك وأية ساعة هي؟ قال: هي الساعة التي دعا
فيها أيوب عليه السلام وشكا إلى الله عز وجل بليته، فكشف الله عز وجل ما به من
ضر، ودعا فيها يعقوب عليه السلام فرد الله عليه يوسف وكشف الله كربته، ودعا فيها
محمد صلى الله عليه وآله فكشف الله عز وجل كربه، ومكنه من أكتاف المشركين، بعد اليأس
أنا ضامن أن لا يخيب الله عز وجل في ذلك الوقت برا ولا فاجرا، البر يستجاب
له في نفسه وغيره، والفاجر يستجاب له في غيره، ويصرف الله إجابته إلى ولي من

(1) مكارم الأخلاق ص 366.
(2) الاختصاص ص 223.
346

أوليائه، فاغتنموا الدعاء في ذلك الوقت (1).
13 - الجواهر للكراجكي: عنهم عليهم السلام: من كانت له إلى الله حاجة فليطلبها
في ستة أوقات: عند الاذان، وعند زوال الشمس، وبعد المغرب، وفي الوتر، وبعد
صلاة الغداة، وعند نزول الغيث.
14 - دعوات الراوندي: قال: أخبرنا أبو جعفر النيسابوري، عن الشيخ
أبي علي، عن أبيه شيخ الطائفة، عن أبي محمد الفحام، عن المنصوري، عن عم
أبيه، عن أبي محمد العسكري، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم:
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أدى لله مكتوبة فله في أثرها دعوة مستجابة
قال الفحام: رأيت والله أمير المؤمنين عليه السلام في النوم فسألته عن الخبر
فقال: صحيح، إذا فرغت من المكتوبة فقل وأنت ساجد: اللهم بحق من رواه
وبحق من روي عنه، صل على جماعتهم، وافعل بي كيت وكيت (2).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: اغتنموا الدعاء عند الرقة، فإنها رحمة.
وقال الصادق عليه السلام: الوقت الذي [لا] يرد فيه الدعاء هو ما بين وقتكم
في الظهر إلى وقتكم في العصر.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: يقول الله عز وجل: يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة
ساعة، وبعد العصر ساعة، أكفك ما أهمك.
وقال الحسين بن علي عليهما السلام: ما من أعمال هذه الأمة من صباح إلا ويعرض
على الله عز وجل.
وقال الصادق عليه السلام: ثلاث أوقات لا يحجب فيها الدعاء عن الله تعالى: في
أثر المكتوبة، وعند نزول القطر، وعند ظهور آية معجزة لله تعالى في أرضه.
وقال: إن العبد ليدعو فيؤخر حاجته إلى يوم الجمعة، وقال: إن يوم
الجمعة سيد الأيام، وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى، وفيه ساعة

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 310.
(2) دعوات الراوندي مخطوط، وهذا الحديث تراه في أمالي الطوسي ج 1 ص 295.
347

لم يسأل الله عز وجل فيها أحد شيئا إلا أعطاه ما لم يسأل حراما.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته يوم الجمعة: ألا إن هذا اليوم جعل الله
لكم عيدا وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم، وقد أمركم الله فيه بالسعي إلى
ذكره، فليعظم فيه رغبتكم، ولتخلص نيتكم، وأكثروا فيه من التضرع إلى الله
والدعاء ومسألة الرحمة والغفران، فان الله يستجيب فيه لكل مؤمن دعاه، ويورد
النار كل مستكبر عن عبادته، قال الله تعالى " ادعوني أستجب لكم إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " (1) واعلموا أن فيه ساعة مباركة
لا يسأل الله فيها عبد مؤمن إلا أعطاه،
وعن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الساعة التي يستجاب
فيها الدعاء يوم الجمعة، قال: ما بين فراغ الامام من خطبة إلى أن تستوي الصفوف
وساعة أخرى من آخر النهار إلى غروب الشمس، وكانت فاطمة تدعو في
ذلك الوقت.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد.
15 - أقول: ورأيت في [مجموعة] بخط بعض الأفاضل - والظاهر أنه نقله
من مجموعة قد كان جميعا بخط الشيخ شمس الدين محمد الجباعي جد شيخنا البهائي
وهو قد نقلها من خط الشهيد قدس الله أرواحهم الشريفة، وقد أورده الكفعمي
أيضا في البلد الأمين - ما هذه صورته:
إجابة الدعاء للوقت والحال والمكان وعبادة الأركان والأسماء العظام،
فالوقت السحر لقصة يعقوب عليه السلام وقيل: أخرهم إلى غيبوبة القمر ليلة
العاشر من الشهر، وقيل: إلى ليلة الجمعة وعند الزوال، ورد إذا زالت الأفياء
وراحت الأرواح أي هبت الرياح فارغبوا إلى الله في حوائجكم فتلك ساعة الأوابين
وبين العشائين: وروي من دعا بينهما لم يرد دعاؤه، وآخر الليل لما روي أنه
يقال هنالك: هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ وعند الافطار

(1) المؤمن: 60.
348

وآخر ساعة من الجمعة، وبين طلوع الفجر، والشمس وقيل هي ساعة الإجابة
في الجمعة، وقيل: هي عند جلوس الامام على المنبر، وقيل: عند غيبوبة نصف
القرص، وفي يوم الأربعاء بين الظهر والعصر، رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وفي الخبر
الدعاء بين الصلاتين لا يرد.
وعن النبي صلى الله عليه وآله في ذي القعدة ليلة مباركة هي ليلة عشر، ينظر الله إلى
عباده المؤمنين بالرحمة، وليلة عرفة سيدة الليالي لإبراهيم، والمغفرة لداود عليهما السلام
ويقال: إن الدعاء عند اقتران المشتري ورأس الذنب وإنه في كل أربع عشر
سنة مرة.
والحال كدعاء المريض، ودعاء الوالد لولده، والولد لوالده، ودعاء
الحاج والمعتمر، والمسافر في غير معصية، حتى يرجع، والأخ لأخيه بظهر
الغيب، والمظلوم يفتح له أبواب السماء، ويرفع فوق الغمام، ويقول الرب: وعزتي
لأنصرنك ولو بعد حين، ودعاء الإمام العادل، والدعاء مع رفع اليدين، وفي
السجود ودعاء المضطر، وعند اقشعرار الجلد، وغلبة الأحزان، وعند رؤية
الهلال، وفي ليلة القدر، وعند التقاء الجيوش.
عن النبي صلى الله عليه وآله: اطلبوا الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول
الغيث، وصياح الديكة، وبعد الدعاء الأربعين مؤمنا، وبعد الصدقة، فإنها جناح
الاستجابة،
عن رسول الله صلى الله عليه وآله: عند ذكر الصالحين ينزل الرحمة، وعند قطع العلائق
عما دون الله.
وعن النبي صلى الله عليه وآله: من أحسن إلى قوم فلم يقبلوه بالشكر فدعا عليهم استجيب
له فيهم، وبعد قراءة قل هو الله أحد.
وأما المكان فخمسة عشر موضعا منه بمكة عند الميزاب، وعند المقام، وعند
الحجر الأسود، وبين المقام والباب، وجوف الكعبة، وعند بئر زمزم، وعلى الصفا
والمروة وعند المشعر، وعند الجمرات الثلاث، وعند رؤية الكعبة.
349

وأما العبادة ففي الصلاة كل سجود، لقوله صلى الله عليه وآله: أما الركوع فعظموا فيه
الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم، وعند سمع الله
لمن حمده، ربنا لك الحمد.
روي أن رجلا قالها فقال صلى الله عليه وآله: اثنا عشر ألف ملك يبتدرونها أيهم يكتبها
أولا، وعند فراغ الفاتحة، وعند الاذان إذا قال مثل قوله، وعند التشهد الأخير
فذلك تسعون موضعا في اليوم والليلة، لما روي أن في اليوم والليلة تسعين وقتا يستجاب
فيه الدعاء، وعقيب الفرائض، وبعد صلاة الطواف.
وأما الأسماء ففي آية الكرسي خمسون كلمة في كل كلمة بركة ومن قرأ
آية الكرسي أمام حاجته قضيت له، وسورة يس المعمة (1) من قرأها ليلا كشف
كربه، ومن قرأها نهارا قضى أربه، وبعد الثناء على الله تعالى، ومن قرأ قوله
تعالى: " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه " (2) الآية وقوله تعالى: " والذين إذا فعلوا
فاحشة أو ظلموا أنفسهم " (3) الآية ثم استغفر الله من ذنبه غفر له.
وقيل: من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وتلا هذه الآية " إن الله وملائكته " (4).
الآية ثم قال: صلى الله عليك يا محمد، وأهل بيتك، سبعين مرة ناداه ملك، صلى الله
عليك يا فلان لم يسقط لك حاجة،
وقيل: من قال عند شدة الحر: اللهم أجرني من حر جهنم، وعند شدة،
البرد: اللهم أجرني من زمهرير جهنم، أجير.
وعن النبي صلى الله عليه وآله: من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن

(1) مر في ص 291 من ج 92 أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سورة يس تدعى في
التوراة المعمة: تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة، وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة، وتدفع
عنه أهاويل الآخرة الخبر.
(2) النساء: 110.
(3) آل عمران: 135.
(4) الأحزاب: 56.
350

كل ضيق مخرجا، ورزقه [من] حيث لا يحتسب.
16 - مهج الدعوات: أوقات الإجابة عند زوال الشمس، وعند الاذان، وفي أول
ساعة من ظهر يوم الجمعة، وفي الثلث الأخير من كل ليلة، وفي ليلة الجمعة كلها
وعند نزول المطر، وبعد فرائض الصلوات، وعقيب صلاة المغرب، إذا سجد بعدها
وعند وقت الخشوع، وعند وقت الاخلاص في الدموع، وإذا بقي من النهار للظهر
قدر رمح كل يوم، وفي هذه الأوقات ما رويناه ومنها ما رأيناه.
فصل: فيما نذكره من الشهور العربية المذكورة للدعوات، على أهل
العداوات، فمن ذلك أشهر الحرم: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، وشهر رجب
ورويناه في كتاب اختصرناه تأليف محمد بن حبيب ما يقتضى أن أحقها بالإجابة ذو القعدة
وشهر رجب، ووجدت بذلك عدة روايات في الجاهلية والاسلام (1).
وأما حديث حزيران فإننا رويناه في كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري
من الجزء الخامس عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر عنده حزيران فقال: هو الشهر
الذي دعا فيه موسى على بني إسرائيل فمات في يوم وليلة من بني إسرائيل ثلاثمائة
ألف من الناس.
أقول: وإنما فعل ذلك لما فتنوا بحيلة بلعم بن باعورا وغيره من الآفات وفي
حديث آخر من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله
خلق الشهور، وخلق حزيران، وجعل الآجال فيه متقاربة،
فصل: فيما نذكره من أوقات الدعوات للإجابات فيما يأتي من كل سنة
مرة واحدة، فمن ذلك دعوات ليالي القدر الثلاث، وخاصة إن علمها أحد بذاتها
وإلا فان ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان أرجح في تعظيم الدعوات وإجابتها،
ومن ذلك أيام هذه الثلاث ليال، ومن ذلك يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله، وليلة
مبعثه الشريف، ويومه ومن ذلك يوم عرفة وليلة عرفة، وخاصة إذا كان بالموقف.
أو عند الحسين عليه السلام، ومن ذلك ليالي الأعياد الثلاث وأيامها، وهي ليلة عيد الغدير،

(1) مهج الدعوات ص 443.
351

ويومه، وليلة عيد الفطر، ويومها، وليلة عيد الأضحى ويومها، ومن ذلك أول ليلة من
رجب [وفي رواية كل ليلة] ويوم النصف منه، وليلة النصف من شعبان وأوقات قد ذكرناها
في مواضع من كتاب " مهمات في صلاح المتعبد وتتمات لمصباح المتهجد " (1).
فصل: فيما نذكره من صفات الداعي، وذكرنا بعضها في الجزء الأول
من الكتاب المذكور، بروايات ووصف مأثور، ونحن نذكرها هنا جملة فنقول:
إذا أراد دعاء الرغبة يبسط راحتيه ويدعو، وإذا أراد دعاء الرهبة يجعل باطن كفيه
إلى الأرض وظاهرهما إلى السماء وإذا أراد دعاء التضرع حرك أصابعه يمينا
وشمالا وباطن كفيه إلى السماء وإذا أراد دعاء التبتل رفع أصبعه مرة وحطها مرة
ويكون عند العبرات، وإذا أراد دعاء الابتهال رفع باطن كفيه حذاء وجهه، وإذا
أراد دعاء الاستكانة جعل يديه على منكبيه.
ومن صفات الداعي أن يبدأ بتحميد الله تعالى جل جلاله والثناء عليه والصلاة
على محمد وآله صلوات الله عليه وآله ثم يذكر حاجته، ومن صفات الداعي أن لا
يكون قلبه غافلا ولا لاهيا، ومن صفات الداعي أن يكون طاهرا من مظالم العباد
ومن صفات الداعي أن لا يكون عاذرا لظالم على ظلمه، ومن صفات الداعي أن لا
يكون جبارا،
ومن صفات الداعي أن يكون عند الدعاء تقيا ونيته صادقة، ومن صفات الداعي
أن لا يكون داعيا في دفع مظلمة عنه وقد ظلم هو عبدا آخر بمثلها، ومن صفات الداعي
أنه يجتنب الذنوب بعد دعائه حتى تقضى حاجته، ومن صفات الداعي أن يكون
عند دعائه آئبا تائبا صالحا صادقا، ومن صفات الداعي أن لا يكون داعيا في قطيعة
رحم ومن صفات الداعي أن لا يكون دعاء محب على حبيبه فان الحديث ورد عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه سأل الله جل جلاله ألا يستجيب له فيه.
ومن صفات الداعي ألا يدعو على أهل العراق فاني رويت في الجزء الأول
من كتاب التجمل من ترجمة محمد بن حاتم أن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن

(1) مهج الدعوات ص 447.
352

لا يدعو على أهل العراق، وذكر في الحديث سبب ذلك.
ومن صفات الداعي أن يطهر طعامه من المحرمات والشبهات عند حاجته إلى
إجابة الدعوات، ومن صفات الداعي أن يكون في يده خاتم فصه فيروزج، فقد
روي عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله سبحانه: إني لأستحي من
عبد يرفع يده وفيها خاتم فصه فيروزج فأردها خائبة، ومن صفات الداعي أن يكون
في يده خاتم عقيق لأننا روينا عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما رفعت كف إلى الله عز
وجل أحب إليه من كف فيها خاتم عقيق (1).
أقول: وقال الكفعمي في كتاب الجنة الواقية في أثناء ذكر آداب الداعي من
كتاب الشدة:
الرابع سبب الإجابة: وقد يرجع إلى الوقت كيوم الجمعة وليلته، وإذا
غاب نصف القرص من يوم الجمعة، وشهر رمضان وآكده ليالي القدر وأيامها، وليالي
عرفة والمبعث، والغدير، والفطر، والأضحى، أيامها وليالي الاحياء الأربعة وهي
غرة رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلتي العيدين، ويوم المولد والنصف من رجب
والأشهر الحرم الأربع: ذي القعدة وذي الحجة والمحرم، ورجب، وعند زوال
الشمس من كل يوم، وعند هبوب الرياح، ونزول المطر، وعند طلوع الفجر إلى
طلوع الشمس، وعند قراءة الجحد عشرا مع طلوع الشمس يوم الجمعة، وعند قراءة
القدر خمس عشر مرة، وفي الثلث الأخير، من ليلة الجمعة، وعند الاذان
وقراءة القرآن
وقد يرجع إلى المكان كالمسجد، والحرم، والكعبة، وعرفة، والمزدلفة
والحائر وقد يرجع إلى الفعل كأعقاب الصلاة وفي سجوده بعد المغرب ودعوة الحاج
لمتعلقيه، والسائل لمعطيه، والمريض لعائده.
الخامس: حالات الداعي فدعاء الصائم مستجاب لا يرد وكذا المريض، و
الغازي والحاج والمعتمر، ومن صلى صلاة لا يخطر على قلبه فيها شئ من أمور
الدنيا فإنه لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه الله تعالى، ومن اقشعر جلده ودمعت عيناه

(1) مهج الدعوات ص 448 - 450.
353

ومن تطهر وجلس ينتظر الصلاة، ومن بيده خاتم فيروزج أو عقيق فصه أو كله، وما
اجتمع أربع نفر إلا تفرقوا عن إجابة إنشاء الله تعالى.
22 * (باب)
" * (من يستجاب دعاؤه ومن لا يستجاب) * "
1 - أمالي الصدوق: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان
عن عبد الله بن طلحة النهدي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: أربعة لا ترد لهم دعوة وتفتح لها أبواب السماء، وتصير إلى العرش:
دعاء الوالد لولده، والمظلوم على من ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم
حتى يفطر (1).
2 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن عبد الله بن سنان
عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عنده وعنده جفنة من رطب
فجاء سائل فأعطاه ثم جاء سائل آخر فأعطاه ثم جاء آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فقال:
وسع الله عليك، ثم قال: إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألفا ثم شاء
أن لا يبقى منه شئ إلا قسمه في حق فعل، فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين
يرد دعاؤهم عليهم.
قال: قلت: جعلت فداك من هم؟ قال: رجل رزقه الله مالا فأنفقه في وجوهه
ثم قال: يا رب ارزقني، ورجل دعا على امرأته وهو ظالم لها فيقال له: ألم أجعل
أمرها بيدك؟ ورجل جلس في بيته وترك الطلب ثم يقول: يا رب ارزقني فيقول عز
وجل: ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب للرزق (2).
3 - قرب الإسناد: هارون عن ابن زياد، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله

(1) أمالي الصدوق ص 159.
(2) الخصال ج 1 ص 77.
354

صلى الله عليه وآله قال: أصناف لا يستجاب لهم: منهم من أدان رجلا دينا إلى أجل
فلم يكتب عليه كتابا ولم يشهد عليه شهودا، ورجل يدعو على ذي رحم، ورجل
تؤذيه امرأته بكل ما تقدر عليه، وهو في ذلك يدعو الله عليها ويقول: اللهم أرحني
منها، فهذا يقول الله له: عبدي أوما قلدتك أمرها؟ فان شئت خليتها وإن شئت أمسكتها
ورجل رزقه الله تبارك وتعالى مالا ثم أنفقه في البر والتقوى فلم يبق له منه شئ
وهو في ذلك يدعو الله أن يرزقه، فهذا يقول له الرب تبارك وتعالى: أولم أرزقك و
أغنيتك أفلا اقتصدت ولم تسرف إني لا أحب المسرفين، ورجل قاعد في بيته وهو
يدعو الله أن يرزقه لا يخرج ولا يطلب من فضل الله كما أمره الله هذا يقول الله له:
عبدي إني لم أحظر عليك الدنيا ولم أرمك في جوارحك، وأرضي واسعة، فلا تخرج
وتطلب الرزق، فان حرمتك عذرتك، وإن رزقتك فهو الذي تريد (1).
4 - مجالس المفيد، أمالي الطوسي: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن
القاساني، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن حفص، عن الصادق عليه السلام قال: إذا
أراد أحدكم أن لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له
رجاء إلا من الله عز وجل، فإنه إذا علم الله تعالى ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا
إلا أعطاه (2).
5 - أمالي الطوسي: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال
عن الحسن بن علي بن يوسف، عن زكريا المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان
ابن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة لا ترد لهم دعوة: الإمام العادل لرعيته
والأخ لأخيه بظهر الغيب، يوكل الله به ملكا يقول له: ولك مثل ما دعوت لأخيك
والوالد لولده، والمظلوم يقول الرب عز وجل: وعزتي وجلالي لانتقمن لك
ولو بعد حين (3).

(1) قرب الإسناد ص 53.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 34.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 149.
355

6 - أمالي الطوسي: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن العسكري
عن آبائه عليهم السلام قال: قال الصادق عليه السلام: ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله تعالى: دعاء
الوالد لولده إذا بره، ودعوته عليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على ظالمه ودعاؤه
لمن انتصر له منه، ورجل مؤمن دعا لأخ له مؤمن واساه فينا، ودعاؤه عليه
إذا لم يواسه مع القدرة عليه، واضطرار أخيه إليه (1).
7 - أمالي الطوسي: عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: دعوة المظلوم مستجابة وإن
كانت من فاجر محوب على نفسه (2).
8 - الخصال: فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله: يا علي أربعة لا ترد لهم دعوة، إمام عادل
ووالد لولده، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب، والمظلوم يقول الله جل جلاله:
وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين (3).
9 - الخصال: عن نوف البكالي، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله أوحى إلى
عيسى عليه السلام: قل للملاء من بني إسرائيل: لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة
وأبصار خاشعة وأكف نقية، وقل لهم: اعلموا أني غير مستجيب لاحد منكم دعوة
ولاحد من خلقي قبله مظلمة.
10 - ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد بن علي الكوفي
ومحمد بن الحسين، عن محمد بن حماد الحارثي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: خمسة لا يستجاب لهم: رجل جعل الله بيده طلاق امرأته فهي تؤذيه وعنده
ما يعطيها ولم يخل سبيلها، ورجل أبق مملوكه ثلاث مرات ولم يبعه، ورجل مر
بحائط مائل وهو يقبل إليه ولم يسرع المشي حتى سقط عليه، ورجل أقرض رجلا
مالا فلم يشهد عليه، ورجل جلس في بيته وقال: اللهم ارزقني ولم يطلب (4).

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 286
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 317 والحوب: الذنب.
(3) الخصال ج 1 ص 92.
(4) الخصال ج 1 ص 143.
356

11 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا ناولتم السائل الشئ فاسألوه
أن يدعو لكم، فإنه يجاب فيكم، ولا يجاب في نفسه، لأنهم يكذبون (1).
12 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن محمد بن يحيى، عن الأشعري، عن بعض أصحابنا
عن محمد بن بكر، عن أبي زكريا، عن أبي سيار، عن سورة بن كليب، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله عز وجل: من سألني وهو يعلم
أني أضر وأنفع استجبت له (2).
13 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن عيسى، عن علي
ابن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل يقول: وعزتي وجلالي لا
أجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها، ولاحد عنده مثل تلك المظلمة (3).
14 - صحيفة الرضا (ع): عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: دعاء
أطفال أمتي مستجاب ما لم يقارفوا الذنوب (4).
15 - السرائر: عبد الله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن عمر بن يزيد قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: رجل قال لأقعدن في بيتي ولأصلين ولأصومن ولأعبدن ربي فأما
رزقي فسيأتيني فقال: هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم قلت: ومن الاثنان الآخران؟
قال: رجل له امرأة يدعو أن يريحه الله منها، ويفرق بينه وبينها، فيقال له: أمرها
بيدك فخل سبيلها، ورجل كان له حق على إنسان لم يشهد عليه، فيدعو الله أن
يرد عليه، فيقال له: قد أمرتك أن تشهد وتستوثق فلم تفعل (5).
16 - مكارم الأخلاق: عن أبي عبد الله قال: ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاج فانظروا بما تخلفونه
والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه، والمريض فلا تعرضوه ولا تضجروه.

(1) الخصال ج 2 ص 160.
(2) ثواب الأعمال ص 138.
(3) ثواب الأعمال: 242.
(4) صحيفة الرضا ع ص 12.
(5) السرائر ص 483.
357

وعنه عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام يقول: خمس دعوات لا يحجبن عن الرب
تبارك وتعالى: دعوة الامام المقسط، ودعوة المظلوم يقول الله عز وجل: لأنتصفن
لك ولو بعد حين، ودعوة الولد الصالح لوالده، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة
المؤمن لأخيه بظهر الغيب، فيقول: ولك مثله (1).
من الفردوس قال النبي صلى الله عليه وآله: ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة
الوالد، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر.
وقال عليه السلام: أطب كسبك تستجاب دعوتك، فان الرجل يرفع اللقمة إلى
فيه حراما فما تستجاب له أربعين يوما.
الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام: قال أوشك دعوة وأسرع إجابة دعوة
المؤمن لأخيه بظهر الغيب.
عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب
يدر الرزق، ويدفع المكروه.
عن يحيى بن المعاذ، عن أبي حعفر عليه السلام قال لي: ادع بهذا الدعاء وأنا ضامن
لك حاجتك على الله، اللهم أنت ولي نعمتي، والقادر على طلبتي، وتعلم حاجتي
فأسئلك بحق محمد وآل محمد لما قضيتها لي.
عن الصادق عليه السلام: الدعاء لأخيك بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق
ويصرف عنه البلاء، ويقول الملك: لك مثل ذلك.
وعنه عليه السلام: قال: اتقوا دعوة المظلوم، فان دعوة المظلوم تصعد إلى
السماء (2).
17 - نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم ودعوة الوالد فإنها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله
تعالى إليها فيقول: ارفعوها إلي حتى أستجيب له، فإياكم ودعوة الوالد فإنها أحد

(1) مكارم الأخلاق ص 319.
(2) مكارم الأخلاق ص 320.
358

من السيف.
وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث دعوات مستجابات لاشك
فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده.
وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس شئ أسرع إجابة من دعوة
غائب لغائب.
وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب مستجاب.
18 - أمالي الطوسي: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال
عن العباس بن عامر، عن علي بن معمر، عن يونس بن عمار قال: سمعت أبا -
عبد الله عليه السلام يقول: إن العبد ليبسط يديه يدعو الله ويسأله من فضله مالا فيرزقه
قال: فينفقه فيما لا خير فيه، قال: ثم يعود فيدعو قال: فيقول الله: ألم أعطك؟ ألم أفعل
كذا وكذا (1).
19 - أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن وهبان، عن محمد بن إسماعيل بن
حيان، عن محمد بن الحسين بن حفص، عن عباد بن يعقوب، عن خلاد، عن رجل
قال: كنا جلوسا عند جعفر عليه السلام فجاءه سائل فأعطاه درهما ثم جاء آخر فأعطاه
درهما ثم جاء آخر فأعطاه درهما، ثم جاء الرابع فقال له:: يرزقك ربك ثم أقبل
علينا فقال: لو أن أحدكم كان عنده عشرون ألف درهم، وأراد أن يخرجها في هذا
الوجه لاخرجها ثم بقي ليس عنده شئ، ثم كان من الثلاثة الذين دعوا فلم يستجب
لهم دعوة: رجل آتاه الله مالا فمزقه ولم يحفظه فدعا الله أن يرزقه فقال: ألم أرزقك؟
فلم يستجب له، دعوة وردت عليه، ورجل جلس في بيته يسأل الله أن يرزقه قال: فلم
أجعل لك إلى طلب الرزق سبيلا؟ أن تسير في الأرض وتبتغي من فضلي، فردت
عليه دعوته، ورجل دعا على امرأته فقال: ألم أجعل أمرها في يدك فردت عليه
دعوته (2).

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 291.
(2) أمالي الطوسي ج 2: 292.
359

20 - الجواهر للكراجكي: عنهم عليهم السلام: ستة لا يحجب لهم عن الله دعوة: الامام
المقسط، والوالد البار لولده، والولد الصالح لوالده، والمؤمن لأخيه بظهر الغيب
والمظلوم يقول الله: لانتقمن لك ولو بعد حين، والفقير المنعم عليه إذا كان مؤمنا.
21 - الدعوات للراوندي: قال أبو الحسن عليه السلام: دعوة الصائم يستجاب
عند إفطاره، وقال: إن لكل صائم دعوة، وقال: نوم الصائم عبادة، وصمته
تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف، وقال: إن للصائم عند إفطاره دعوة
لا ترد.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: ثلاث دعوات مستجابة: دعاء الحاج فيمن يخلف أهله
ودعاء المريض فلا تؤذوه ولا تضجروه، ودعاء المظلوم،
وقال الصادق عليه السلام: أربعة لا يستجاب لهم دعاء: رجل جالس في بيته، يقول:
يا رب ارزقني فيقول له: ألم آمرك بالطلب؟ ورجل كانت له امرأة فدعا عليها
فيقول: ألم أجعل أمرها بيدك؟ ورجل كان له مال فأفسده فيقول: يا رب ارزقني
فيقول له: ألم آمرك بالاقتصاد ألم آمرك بالاصلاح؟ ثم قرأ: " والذين إذا أنفقوا لم
يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة
فيقول: ألم آمرك بالشهادة.
عدة الداعي: عن جعفر بن إبراهيم عنه عليه السلام مثله.
22 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: الناس في الدنيا عاملان: عامل عمل في الدنيا لما بعدها
فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل، فأحرز الحظين معا، وملك الدارين جميعا
فأصبح وجيها عند الله، لا يسأل الله شيئا فيمنعه (1).
23 - عدة الداعي: روي أن الله تعالى قال لموسى: ادعني على لسان لم
تعصني به، فقال: يا رب أني لي بذلك، فقال: ادعني على لسان غيرك (2).

(1) نهج البلاغة الرقم 269 من قسم الحكم.
(2) عدة الداعي ص 128.
360

وروي السكوني، عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم
ودعوة المظلوم، فإنها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله إليها، فيقول: ارفعوها
حتى أستجيب له، وإياكم ودعوة الوالد فإنها أحد من السيف.
وعن الصادق عليه السلام: ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله عز وجل: دعاء الوالد
لولده، إذا بره، وعليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على ظالمه، ودعاؤه لمن انتصر
له منه، ورجل مؤمن دعا لأخيه المؤمن إذا واساه فينا، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه
مع القدرة عليه، واضطرار أخيه إليه.
قال الشيخ ابن سينا: سبب إجابة الدعاء توافي الأسباب معا لحكمة إلهية
وهو أن يتوافى سبب دعاء رجل فيما يدعو فيه، وسبب وجود ذلك الشئ معا عن
الباري فان قيل: فهل يصح وجود ذلك الشئ من دون الدعاء، وموافاته لذلك
الدعاء؟ قلنا: لا، لان علتهما واحدة، وهو الباري الذي جعل سبب وجود ذلك
الشئ الدعاء كما جعل سبب صحة المريض شرب الدواء، وما لم يشرب الدواء
لم يصح، وكذلك الحال في الدعاء وموافاة ذلك الشئ فلحكمة ما توافيا معا على
حسب ما قدر وقضا، فالدعاء واجب وتوقع الإجابة واجب، فان انبعاثها للدعاء
يكون سببه من هناك ويصير الدعاء سببا للإجابة، وموافاة الدعاء لحدوث الامر
المدعو لأجله هما معلولا علة واحدة، وربما يكون أحدهما بواسطة الآخر.
وقد يتوهم أن السماويات تنفعل من الأرضية، وذلك أنا ندعوها فتستجيب
لنا، ونحن معلولها وهي علتنا، والمعلول لا تفعل في العلة البتة، وإنما سبب
الدعاء من هناك أيضا لأنها تبعثنا على الدعاء، وهما معلولا علة واحدة، وإذا
لم يستجب الدعاء لذلك الرجل، وإن كان يرى الغاية التي يدعو لأجلها نافعة
فالسبب فيه أن الغاية النافعة إنما يكون بحسب نظام الكل، لا بحسب مراد ذلك
الرجل، فربما لا تكون الغاية بحسب مراده نافعة، ولذلك لا يصح استجابة
دعائه.
والنفس الزكية عند الدعاء قد يفيض عليها من الأول قوة تصير بها مؤثرة
361

في العناصر، بتطاوعها العناصر متصرفة على إرادتها، فيكون ذلك إجابة للدعاء
فان العناصر موضوعة لفعل النفس فيها، واعتبار ذلك في أبداننا بحسب ما تقتضيه
أحوال نفوسنا وتخيلاتها، وقد يمكن أن تؤثر النفس في غير بدنها كما تؤثر في
بدنها وقد تؤثر النفس في نفس غيرها كما يحكى عن الأوهام التي تكون لأهل
الهند إن صحت الحكاية، وقد يكون الباري أو الأول يستجيب لتلك النفس إذا
دعت فيما يدعو فيه إذا كانت الغاية التي تدعو فيها نافعة بحسب نظام الكل.
23 * (باب)
* " (أن من دعا استجيب له وما يناسب ذلك المطلب) " *
1 - الخصال: أبي، عن سعد، عن البرقي عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من أعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة: من
أعطي الدعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطي
التوكل أعطي الكفاية، فان الله عز وجل يقول في كتابه: " ومن يتوكل على
الله فهو حسبه " (1) ويقول: " لئن شكرتم لأزيدنكم " (2) ويقول: " ادعوني
أستجب لكم " (3).
المحاسن: معاوية بن وهب عنه عليه السلام مثله (4).
2 - معاني الأخبار (5) الخصال: العسكري، عن بدر بن الهيثم، عن علي بن منذر، عن
محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح قال: قال جعفر بن محمد عليهما السلام: من أعطي أربعا لم

(1) الطلاق: 3.
(2) إبراهيم: 7.
(3) الخصال ج 1 ص 50.
(4) المحاسن ص 3.
(5) معاني الأخبار ص 323.
362

يحرم أربعا: من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم
التوبة، ومن أعطي الشكر لم يحرم الزيادة ومن أعطي الصبر لم يحرم
الاجر (1).
3 - أمالي الطوسي: الفحام، عن عمه، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن المثنى، عن أبيه
عن عثمان بن زيد، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا جابر من ذا الذي
سأل الله فلم يعطه، أو توكل عليه فلم يكفه، أو وثق به فلم ينجه، الخبر (2).
4 - معاني الأخبار (3) الخصال: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن القاسم، عن جده
عن أبي بصير، عن محمد بن مسلم، عن الباقر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام
قال: إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة: أخفى رضاه في طاعته، فلا
تستصغرن شيئا من طاعته، فربما وافق رضاه، وأنت لا تعلم، وأخفى سخطه في
معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم، وأخفى إجابته
في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم، وأخفى
وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت لا
تعلم (4).
5 - الخصال: أبي، عن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت، عن البرقي، عن أبيه
عن محمد بن سنان، عن يوسف بن عمران، عن ميثم، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: أوحى الله عز وجل إلى آدم عليه السلام: أني سأجمع لك الكلام في
أربع كلمات فقال: يا رب وما هن؟ قال: واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة
فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين الناس، فقال: يا رب بينهن لي حتى
أعلمهن، فقال: أما التي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئا وأما التي لك فأجزيك

(1) الخصال ج 1 ص 94.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 302.
(3) معاني الأخبار ص 113.
(4) الخصال ج 1 ص 98.
363

بعملك أحوج ما تكون إليه، فأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة
وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضاه لنفسك (1).
6 - أمالي الصدوق (2) معاني الأخبار: أبي، عن الكمنداني، عن ابن عيسى، عن ابن أبي
نجران، عن ابن حميد، عن ابن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوحى الله تبارك و
تعالى إلى آدم عليه السلام: يا آدم إني أجمع لك الخير كله في أربع كلمات واحدة لي
إلى آخر ما مر (3).
7 - الخصال: القطان والعجلي والسناني جميعا، عن ابن زكريا، عن موسى بن
إسحاق، عن أبي إبراهيم الترجماني، عن صالح بن بشير، عن الحسن، عن أنس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيما يروي عن ربه جل جلاله إنه قال: أربع خصال:
واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين عبادي
فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به
وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي
فأن ترضى لهم ما ترضى لنفسك، ولم يذكر آدم في هذا الحديث (4).
8 - أمالي الطوسي: الحسين التمار، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عبد الله بن أيوب، عن
الحسين بن عنبسة، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ما فتح لاحد باب دعاء إلا فتح الله له فيه باب إجابة، فإذا فتح لأحدكم باب دعاء
فليجهد فان الله عز وجل لا يمل حتى تملوا.
قال أبو الطيب: الملل من الانسان الضجر والسأمة ومن الله تعالى على جهة
الترك للفعل، وإنما وصف نفسه بالملل للمقابلة لملل الانسان، كما قال: " نسوا
الله فنسيهم " (5) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه (6).
9 - الخصال: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن

(1) الخصال ج 1 ص 116.
(2) أمالي الصدوق ص 362.
(3) معاني الأخبار ص 137.
(4) الخصال ج 1 ص 116.
(5) براءة: 67.
364

مهزيار، عن فضالة، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من تمنى شيئا وهو لله عز وجل رضا لم يخرج من الدنيا حتى
يعطاه (1).
ثواب الأعمال: أبي عن محمد العطار مثله.
10 - طب الأئمة: عبد الله بن بسطام، عن محمد بن خلف، عن الوشاء، عن عبد الله بن
سنان، عن أخيه محمد قال: قال جعفر بن محمد عليهما السلام: مامن أحد يخوف بالبلاء فتقدم
فيه بالدعاء إلا صرف الله عنه ذلك البلاء، أما علمت أن أمير المؤمنين سلام الله
عليه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي قلت: لبيك يا رسول الله قال: إن
الدعاء يرد البلاء وقد ابرم إبراما،
قال الوشاء: قلت لعبد الله بن سنان: هل في ذلك دعاء موقت؟ قال: أما
إني فقد سألت عن ذلك الصادق عليه السلام فقال: نعم: أما دعاء الشيعة المستضعفين ففي
كل علة من العلل دعاء موقت، وأما دعاء المستبصرين فليس في شئ من ذلك دعاء
موقت، لان المستبصرين البالغين دعاؤهم لا يحجب (2).
11 - مكارم الأخلاق: عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن
الله ليستحي من العبد أن يرفع إليه يديه فيرد هما خائبتين (3).
12 - فلاح السائل: عن ابن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أبرز عبد يده إلى الله
العزيز الجبار إلا استحيى الله عز وجل أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل
رحمته، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسح على وجهه ورأسه (4).
13 - مجالس الشيخ: الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن وهبان، عن

(6) أمالي الطوسي ج 1 ص 5.
(1) الخصال ج 1 ص 5.
(2) طب الأئمة ص 16.
(3) مكارم الأخلاق ص 321.
(4) فلاح السائل ص 29.
365

محمد بن أحمد بن زكريا، عن الحسن بن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي كهمس
عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أعطي أربعا لم يحرم أربعا: من أعطي
الدعاء لم يحرم الإجابة الخبر (1).
14 - دعوت الراوندي: عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام
خرجت فاعتمدت على حائطي هذا، فإذا رجل ينظر في وجهي عليه ثوبان أبيضان
فقال: يا علي بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا فهو رزق حاضر
يأكل منه البر والفاجر فقلت: ما على الدنيا حزني وإن القول لكما تقول قال
فعلى الآخرة حزنك فهو وعد صادق يحكم به ملك قاهر، فقلت: ولا على الآخرة
حزني، وإن القول لكما تقول، قال لي: فعلى ما حزنك يا علي بن الحسين؟ فقلت لما
أتخوف من فتنة ابن الزبير، فضحك ثم قال: يا علي بن الحسين فهل رأيت أحدا
خاف فلم ينجه؟ فقلت: لا قال: فهل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه؟ قلت: لا
قال: فهل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه؟ قلت: لا فنظرت فلم أر أحدا.
15 - نهج البلاغة: ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة
ولا ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الإجابة (2).
16 - دعوات الراوندي: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس
فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل دعوته، وإما أن
يدخرها له في الآخرة، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها، قالوا: يا رسول الله إذا نكثر
قال: الله أكثر.

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 304.
(2) نهج البلاغة تحت الرقم 435 من قسم الحكم.
366

24 * (باب)
* " (علة الابطاء في الإجابة والنهى عن الفتور في الدعاء) " *
* " (والامر بالتثبت والالحاح فيه) " *
الآيات: يونس: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم
أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقائنا في طغيانهم يعمهون (1).
1 - قرب الإسناد: ابن أبي الخطاب، عن البزنطي قال: قلت للرضا عليه السلام جعلت فداك
إني قد سألت الله تبارك وتعالى حاجة منذ كذا وكذا سنة، وقد دخل قلبي من إبطائها
شئ فقال: يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيلا حتى يعرضك إن
أبا جعفر صلوات الله عليه كان يقول: إن المؤمن يسأل الله الحاجة فيؤخر عنه تعجيل
حاجته حبا لصوته، واستماع نحيبه ثم قال: والله لما أخر الله عن المؤمنين مما
يطلبون في هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم منها، وأي شئ الدنيا؟ إن أبا جعفر
كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة، ليس
إذا ابتلى فتر، فلا تمل الدعاء [فإنه] من الله تبارك وتعالى بمكان، وعليك بالصدق وطلب الحلال، وصلة الرحم، وإياك ومكاشفة الرجال، إنا أهل بيت نصل من قطعنا
ونحسن إلى من أساء إلينا، فنرى والله في الدنيا في ذلك العاقبة الحسنة إن صاحب
النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي، طلب غير الذي سأل، وصغرت النعمة في
عينه فلا يمتنع من شئ أعطي وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق
والذي يجب عليه وما يخاف من الفتنة.
فقال لي: أخبرني عنك لو أني قلت قولا كنت تثق به مني؟ قلت له: جعلت
فداك وإذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجة الله تبارك وتعالى على خلقه؟ قال:
فكن بالله أوثق فإنك على موعد من الله أليس الله تبارك وتعالى يقول: " وإذا سألك

(1) يونس: 11.
367

عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " (1) وقال: " ولا تقنطوا
من رحمة الله " (2) وقال: " والله يعدكم مغفرة منه وفضلا " (3) فكن بالله عز وجل
أوثق منك بغيرة، ولا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا فإنكم مغفور لكم (4).
2 - كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله: باسناده عن محمد بن مسلم، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل يعطي الدنيا من يحب ويبغض، ولا يعطي
الآخرة إلا من أحب، وإن المؤمن ليسأل ربه موضع سوط من الدنيا فلا يعطيه
ويسأله الآخرة فيعطيه ما شاء، ويعطي الكافر في الدنيا قبل أن يسأله ما يشاء، ويسأله
موضع سوط في الآخرة فلا يعطيه إياه (5).
3 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
له رجل: جعلت فداك إن الله يقول " ادعوني أستجب لكم " (6) فانا ندعو فلا
يستجاب لنا، قال: لأنكم لا تفون لله بعهده، وإن الله يقول " أوفوا بعهدي أوف
بعهدكم " (7) والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم (8).
4 - التوحيد: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي، عن محمد بن جعفر المقري
عن محمد بن الحسن الموصلي، عن عياش بن يزيد بن الحسن، عن أبيه، عن موسى
ابن جعفر عليه السلام قال: قال قوم للصادق عليه السلام: ندعو فلا يستجاب لنا، قال: لأنكم
تدعون من لا تعرفونه (9).

(1) البقرة: 186.
(2) الزمر: 53.
(3) البقرة: 268.
(4) قرب الإسناد ص 227 - 228.
(5) فضائل الشيعة الرقم 32.
(6) غافر: 6.
(7) البقرة: 40.
(8) تفسير القمي ص 38،
(9) التوحيد ص 209، باب أنه لا يعرف الا به.
368

5 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن عمران، عن
أبيه عمران بن إسماعيل، عن أبي علي الأنصاري، عن محمد بن جعفر التميمي قال: قال
الصادق عليه السلام: بينا إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام في جبل بيت المقدس يطلب مرعى
لغنمه إذ سمع صوتا، فإذا هو رجل قائم يصلي طوله اثنى عشر شبرا، فقال له:
يا با عبد الله لمن تصلي؟ قال: لاله السماء، فقال له إبراهيم عليه السلام: هل بقي أحد من
قومك غيرك؟ قال: لا، قال: فمن أين تأكل؟ قال: أجتني من هذا الشجر في
الصيف وآكله في الشتاء، قال له: فأين منزلك؟ قال: فأومأ بيده إلى جبل فقال
له إبراهيم عليه السلام: هل لك أن تذهب بي معك فأبيت عندك الليلة؟ فقال: إن قدامي
ماء لا يخاض، قال: كيف تصنع؟ قال: أمشي عليه، قال: فاذهب بي معك فلعل
الله أن يرزقني ما رزقك.
قال: فأخذ العابد بيده فمضيا جميعا حتى انتهيا إلى الماء فمشى ومشى إبراهيم عليه السلام
معه، حتى انتهيا إلى منزله، فقال له إبراهيم: أي الأيام أعظم؟ فقال له العابد:
يوم الدين: يوم يدان الناس بعضهم من بعض، قال: فهل لك أن ترفع يدك وأرفع
يدي، فندعو الله عز وجل أن يؤمننا من شر ذلك اليوم؟ فقال: وما تصنع بدعوتي
فوالله إن لي لدعوة منذ ثلاث سنين ما أجبت فيها بشئ.
فقال له إبراهيم عليه السلام: أولا أخبرك لأي شئ احتبست دعوتك؟ قال: بلى
قال له: إن الله عز وجل إذا أحب عبدا احتبس دعوته ليناجيه ويسأله، ويطلب
إليه، وإذا أبغض عبدا عجل له دعوته أو ألقى في قلبه اليأس منها، ثم قال له: وما
كانت دعوتك؟ قال: مر بي غنم ومعه غلام له ذؤابة، فقلت: يا غلام لمن هذا الغنم؟
فقال: لإبراهيم خليل الرحمن، فقلت: اللهم إن كان لك في الأرض خليل فأرنيه
فقال له إبراهيم عليه السلام: فقد استجاب الله لك، أنا إبراهيم خليل الرحمن، فعانقه.
فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله جاءت المصافحة (1).
دعوات الراوندي: مرسلا مثله.

(1) أمالي الصدوق ص 178.
369

أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب من دعا استجيب له.
6 - قصص الأنبياء: بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن
ابن محبوب، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: إن
رجلا كان في بني إسرائيل قد دعا الله أن يرزقه غلاما يدعو ثلاثا وثلاثين سنة فلما
رأى أن الله تعالى لا يجيبه قال: يا رب أبعيد أنا منك فلا تسمع مني أم قريب أنت
فلا تجيبني؟ فأتاه آت في منامه فقال له: إنك تدعو الله بلسان بذي وقلب غلق [عات]
غير نقي وبنية غير صادقة، فاقلع من بذائك، وليتق الله قلبك، ولتحسن نيتك
قال: ففعل الرجل ذلك فدعا الله عز وجل فولد له غلام،
7 - فقه الرضا (ع): إن الله يؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه، ويقول: صوت أحب
أن أسمعه، ويعجل إجابة دعاء المنافق، ويقول: صوت أكره سماعه.
8 - مكارم الأخلاق: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله كره إلحاح الناس بعضهم لبعض
في المسألة وأحب، لنفسه إن الله يحب أن يسأل ويطلب ما عنده (1).
وقال عليه السلام: لا يلح عبد مؤمن على الله تعالى في حاجة إلا قضا له (2).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: رحم الله عبدا طلب من الله حاجته وألح في الدعاء
استجيب له أم لم يستجب، وتلا هذه الآية " أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي
شقيا " (3).
9 - مكارم الأخلاق: يستحب للداعي عزيمة المسألة لقول النبي صلى الله عليه وآله لا يقل أحدكم
اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، وليعزم المسألة فإنه لا يكره
له، وإذا استجاب الله دعاء الداعي فليقل: الحمد لله الذي بعزته تتم الصالحات، وإذا
أبطأ عليه الإجابة فليقل: الحمد لله على كل حال، ويكره للداعي استبطاء الإجابة
وليكن مواظبا على الدعاء والمسألة، لا يسأم الانسان منهما، لقول النبي صلى الله عليه وآله

(1) مكارم الأخلاق ص 314.
(2) مكارم الأخلاق ص 313.
(3) مكارم الأخلاق 315، والآية في سورة مريم: 48.
370

يستجاب للعبد ما لم يعجل، يقول قد دعوت فلم يستجب لي (1).
10 - التمحيص: عن أبي الحسن الأحمسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء كما يتعهد أهل البيت
سيدهم بطرف الطعام، قال الله تعالى: وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي إني
لأحمي وليي أن أعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري حتى يدعوني فأسمع
صوته، وإني لأعطي الكافر منيته حتى لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له.
11 - التمحيص: عن عمار بن مروان، عن بعض ولد أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وثجه به ثجا (2) فإذا دعاه قال: لبيك
عبدي لبيك، لئن عجلت ما سألت إني على ذلك لقادر، ولئن أخرت فما ذخرت
لك عبدي خير لك.
12 - التمحيص: عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الرب
ليلي حساب المؤمن فيقول: تعرف هذا الحساب؟ فيقول: لا يا رب فيقول:
دعوتني في ليلة كذا وكذا في كذا وكذا، فذخرتها لك، قال: فمما يرى من
عظمة ثواب الله يقول: يا رب ليت إنك لم تكن عجلت لي شيئا وادخرته لي.
13 - التمحيص: عن سفيان بن السمط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله إذا أحب
عبدا ابتلاه وتعهده بالبلاء، كما يتعهد المريض أهله بالطرف، ووكل به ملكين
فقال لهما: اسقما بدنه، وضيقا معيشته، وعوقا عليه مطلبه، حتى يدعوني
فاني أحب صوته، فإذا دعا قال: اكتبا لعبدي ثواب ما سألني وضاعفا له حتى
يأتيني، وما عندي خير له، فإذا أبغض عبدا وكل به ملكين، فقال: أصحا بدنه
ووسعا عليه في رزقه، وسهلا له مطلبه، وأنسياه ذكري، فاني أبغض صوته
حتى يأتيني، وما عندي شر له.
14 - الدعوات للراوندي: روي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: ادع الله

(1) مكارم الأخلاق ص 405.
(2) غته: أي غطه وغمره في البلاء، وثجه: أي أمطره وأساله عليه.
371

أن يستجيب دعائي، فقال صلى الله عليه وآله: إذا أردت ذلك فأطب كسبك.
وروي أن موسى عليه السلام رأى رجلا يتضرع تضرعا عظيما، ويدعو رافعا يديه
ويبتهل فأوحى الله إلى موسى: لو فعل كذا وكذا لما استجبت دعاءه، لان في بطنه
حراما، وعلى ظهره حراما، وفي بيته حراما.
وقال الصادق عليه السلام: يقول الله: وعزتي وجلالي لا أجيب دعوة مظلوم دعاني
في مظلمة، ولاحد من خلقي عنده مظلمة مثلها،
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ربما أخرت من العبد إجابة الدعاء، ليكون أعظم
لاجر السائل، وأجزل لعطاء الآمل.
15 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر (1).
16 - عدة الداعي: عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال: ادفع المسألة ما وجدت
التحمل يمكنك فان لكل يوم رزقا جديدا، واعلم أن الالحاح في المطالب يسلب
البهاء، ويورث التعب والعناء، فاصبر حتى يفتح الله لك بابا يسهل الدخول فيه، فما
أقرب الصنع من الملهوف، والامن من الهارب المخوف، فربما كانت الغير نوعا
من أدب الله، وللحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك، فإنما تنالها.
في أوانها،
واعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه فثق بخيرته في
جميع أمورك يصلح حالك، ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها، فيضيق قلبك وصدرك
ويغشاك القنوط.
واعلم أن للحياء مقدارا فان زاد عليه فهو سرف، وإن للحزم مقدارا فان
زاد عليه فهو تهور، واحذر كل ذكي ساكن الطرف ولو عقل أهل الدنيا خربت.
قال ابن فهد رحمه الله: دل الحديث على أن العقل السليم يقتضي تخريب
الدنيا، وعدم الاعتناء بها، فمن عني بها أو عمرها دل ذلك على أنه لاعقل له.
وعن النبي صلى الله عليه وآله: من أحب أن يستجاب دعاؤه فليطيب مطعمه ومكسبه.

(1) نهج البلاغة الرقم ص 337 من قسم الحكم.
372

وقال صلى الله عليه وآله لمن قال له: أحب أن يستجاب دعائي: طهر مأكلك ولا تدخل
بطنك الحرام،
وفي الحديث القدسي: فمنك الدعاء وعلى الإجابة فلا تحجب عني دعوة
إلا دعوة آكل الحرام.
وروى علي بن أسباط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من سره أن يستجاب
دعاؤه فليطيب كسبه.
وقال عليه السلام: ترك لقمة حرام أحب إلى الله تعالى من صلاة ألفي ركعة
تطوعا.
وعنه عليه السلام: رد دانق حرام يعدل عند الله سبعين حجة مبرورة.
وعنهم عليهم السلام: فيما وعظ الله به عيسى عليه السلام: يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل:
غسلتم وجوهكم، ودنستم قلوبكم، أبي تغترون؟ أم على تجترؤن؟ تتطيبون
الطيب لأهل الدنيا وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة، كأنكم أقوام ميتون
يا عيسى قل لهم: قلموا أظفاركم من كسب الحرام، وأصموا أسماعكم عن ذكر
الخنا، وأقبلوا علي بقلوبكم فاني لست أريد صوركم، يا عيسى قل لظلمة بني
إسرائيل -: لا تدعوني والسحت تحت أقدامكم، والأصنام في بيوتكم، فاني آليت
أن أجيب من دعاني: وإن إجابتي إياهم لعن لهم حتى يتفرقوا (1).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أوحى الله إلى عيسى عليه السلام: قل لبني إسرائيل:
لا تدخلوا بيتا من بيوتي إلا بأبصار خاشعة، وقلوب طاهرة وأيد نقية، وأخبرهم
أني لا أستجيب لاحد منهم دعوة ولاحد من خلقي عليه مظلمة (2).
وفي الوحي القديم: لا تمل من الدعاء فاني لا أمل من الإجابة.
وروى عبد العزيز الطويل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العبد إذا دعا
لم يزل الله في حاجته ما لم يستعجل.

(1) عدة الداعي ص 102.
(2) عدة الداعي ص 103.
373

وعنه عليه السلام: إن العبد إذا عجل فقام لحاجته: يقول الله تعالى: استعجل
عبدي، أتراه يظن أن حوائجه بيد غيري.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يحب السائل اللحوح.
وروى الوليد بن عقبة الهجري قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: والله لا
يلح عبد مؤمن على الله في حاجة إلا قضاها له.
وروى أبو الصباح، عن أبي عبد الله عليه السلام: إن الله كره إلحاح الناس بعضهم
على بعض في المسألة، وأحب ذلك لنفسه إن الله يحب أن يسأل ويطلب ما عنده.
وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: جعلت
فداك إني قد سألت الله تعالى حاجة منذ كذا وكذا سنة، وقد دخل قلبي من
إبطائها شئ، فقال له: يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل، حتى
يقنطك، إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إن المؤمن ليسأل الله حاجة فيؤخر عنه
تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه، ثم قال: والله ما أخر الله عن المؤمنين
ما يطلبون في هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها، وأي شئ الدنيا.
وعن الصادق عليه السلام إن العبد الولي لله يدعو الله في الامر ينوبه فيقال للملك
الموكل به: اقض لبعدي حاجته ولا تعجلها، فاني أشتهي أن أسمع نداءه وصوته
وإن العبد العدو لله ليدعو الله في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل به: اقض
لعبدي حاجته وعجلها فاني أكره أن أسمع نداءه وصوته، قال: فيقول الناس:
ما أعطي هذا إلا لكرامته، وما منع هذا إلا لهوانه!
وعنه عليه السلام: لا يزال المؤمن بخير ورخاة ورحمة من الله ما لم يستعجل
فيقنط، فيترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول: قد دعوت منذ كذا
وكذا، ولا أرى الإجابة،
وعنه عليه السلام: إن المؤمن ليدعو الله في حاجته فيقول عز وجل: أخروا إجابته
شوقا إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله: عبدي دعوتني وأخرت إجابتك
وثوابك كذا وكذا، ودعوتني في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذا، قال:
374

فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب.
وعنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله عبدا طلب من الله حاجة
فألح في الدعاء استجيب له أولم يستجب له، وتلا هذه الآية " وأدعو ربي عسى
أن لا أكون بدعاء ربي شقيا " (1).
وقال كعب الأحبار: في التوراة: يا موسى من أحبني لم ينسني ومن رجا
معروفي ألح في مسألتي يا موسى إني لست بغافل عن خلقي ولكن أحب أن
تسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي، وترى حفظتي تقرب بني آدم إلى بما
أنا مقويهم عليه ومسببه لهم، يا موسى قل لبني إسرائيل: لا تبطرنكم النعمة
فيعاجلكم السلب، ولا تغفلوا عن الشكر فيقارعكم الذل، وألحوا في الدعاء تشملكم
الرحمة بالإجابة وتهنئكم العافية،
وعن الباقر عليه السلام: لا يلح عبد مؤمن على الله في حاجته إلا قضاها له.
وعن منصور الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ربما دعا الرجل فاستجيب
له، ثم اخر ذلك إلى حين؟ قال: فقال: نعم، قلت: ولم ذلك ليزداد من الدعاء؟
قال: نعم،
وعن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يستجاب للرجل الدعاء
ثم يؤخر قال: نعم عشرون سنة،
وعن هشام بن سالم عنه عليه السلام قال: كان بين قول الله عز وجل: " قد أجيبت
دعوتكما " وبين أخذ فرعون أربعون عاما.
وعن أبي بصير عنه عليه السلام: إن المؤمن [ليدعو] فيؤخر بإجابته إلى يوم الجمعة،
وعن النبي صلى الله عليه وآله: إن العبد ليقول: اللهم اغفر لي وهو معرض عنه، ثم
يقول: اللهم اغفر لي وهو معرض عنه، ثم يقول اللهم اغفر لي فيقول سبحانه
للملائكة: ألا ترون عبدي سألني المغفرة وأنا معرض عنه، ثم سألني المغفرة وأنا
معرض عنه ثم سألني المغفرة؟ علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا أشهدكم أني

(1) مريم: 48.
375

قد غفرت له.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العبد ليسأل الله حاجة من حوائج الدنيا
فيكون من شأن الله تعالى قضاؤها إلى أجل قريب أو بطئ، فيذنب العبد عند ذلك
الوقت ذنبا فيقول للملك الموكل بحاجته لا تنجزها له، فإنه قد تعرض لسخطي
استوجب الحرمان مني،
وفي الحديث القدسي: يا ابن آدم أنا غني لا أفتقر، أطعني فيما أمرتك أجعلك
غنيا لا تفتقر، يا ابن آدم أنا حي لا أموت، أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا لا تموت
يا ابن آدم أنا أقول للشئ كن فيكون، أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشئ
كن فيكون،
وعن أبي حمزة قال: إن الله أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود إنه ليس عبد
من عبادي يطيعني فيما آمره إلا أعطيته قبل أن يسألني، وأستجيب له قبل
أن يدعوني.
وعنه عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن أبلغ
قومك أنه ليس من عبد منهم آمره بطاعتي فيطيعني إلا كان حقا علي أن أطيعه
وأعينه على طاعتي، وإن سألني أعطيته، وإن دعاني أجبته، وإن اعتصم بي عصمته
وإن استكفاني كفيته، وإن توكل علي حفظته من وراء عورته، وإن كاده جميع
خلقي كنت دونه.
17 - دعائم الدين: روي في كتاب التنبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه خطب
في يوم جمعة خطبة بليغة فقال في آخرها: أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ بالله
منها: عالم زل وعابد مل، ومؤمن خل، ومؤتمن غل، وغني أقل، وعزيز
ذل، وفقير اعتل.
فقام إليه رجل فقال: صدقت يا أمير المؤمنين أنت القبلة إذا ما ضللنا، والنور
إذا ما أظلمنا، ولكن نسألك عن قول الله تعالى " ادعوني أستجب لكم " فما بالنا
ندعو فلا يجاب؟ قال: إن قلوبكم خانت بثمان خصال:
376

أولها أنكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم، فما أغنت عنكم
معرفتكم شيئا، والثانية أنكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمتم شريعته، فأين
ثمرة إيمانكم، والثالثة أنكم قرأتم كتابه المنزل عليكم، فلم تعلموا به، وقلتم
سمعنا وأطعنا، ثم خالفتم، والرابعة أنكم قلتم أنكم تخافون من النار، وأنتم في
كل وقت تقدمون إليها بمعاصيكم فأين خوفكم؟ والخامسة أنكم قلتم أنكم ترغبون
في الجنة وأنتم في كل وقت تفعلون ما يباعدكم منها، فأين رغبتكم فيها؟ والسادسة
أنكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها، والسابعة أن الله أمركم بعداوة الشيطان
وقال " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا " (1) فعاديتموه بلا قول، وواليتموه
بلا مخالفة (2) والثامنة أنكم جعلتم عيوب الناس نصب عيونكم، وعيوبكم وراء
ظهوركم، تلومون من أنتم أحق باللوم منه، فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا؟
وقد سددتم أبوابه وطرقه؟ فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم، وأخلصوا سرائركم وأمروا
بالمعروف، وانهوا عن المنكر فيستجيب الله لكم دعاء كم.
18 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن محبوب
عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا كان في بني إسرائيل
فدعا الله أن يرزقه غلاما يدعو ثلاث سنين فلما رأى أن الله لا يجيبه قال: يا رب
أبعيد أنا منك فلا تسمعني؟ أم قريب أنت مني فلم لا تجيبني؟ قال: فأتاه آت في
منامه فقال له: إنك تدعو الله منذ ثلاث سنين بلسان بذي، وقلب عات غير نقي
ونيه غير صادقة، فاقلع عن بذائك، وليتق الله قلبك، ولتحسن نيتك، قال: ففعل
الرجل ذلك ثم دعا الله فولد له غلام (3).
19 - فلاح السائل: بهذا الاسناد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العبد يسأل الله تبارك وتعالى الحاجة من حوائج

(1) فاطر ص 6.
(2) كذا في نسخة الأصل بخطه قدس سره مكتوبا على السطر كذا، والظاهر:
" فعاديتموه بالقول: وواليتموه بالمخالفة ".
(3) فلاح السائل ص 37.
377

الدنيا: فيكون من شأن الله قضاؤها إلى أجل قريب، أو وقت بطئ، قال: فيذنب
العبد عند ذلك الوقت ذنبا قال: فيقول للملك الموكل بحاجته: لا تنجز له
حاجته، واحرمه إياها، فإنه قد تعرض لسخطي، واستوجب الحرمان مني (1).
20 - فلاح السائل: الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، وغير
واحد من أصحابه، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام أنهما قالا: والله لا يلح عبد
مؤمن على الله إلا استجاب له (2).
21 - فلاح السائل: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن
المنكر، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم،
ومن تاريخ الخطيب باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سألت الله أن لا يستجيب
دعاء حبيب على حبيبه.
وروي في خبر ليلة النصف من شعبان وغيره أنه يستجاب الدعاء فيها إلا لقاطع
رحم أو في قطيعة رحم،
22 - جامع الأخبار: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله يحب الملحين في الدعاء (3).
وقال صلى الله عليه وآله: ما من مسلم يدعو الله بدعاء إلا يستجيب له فإما أن يعجل في
الدنيا وإما أن يدخر للآخرة وإما أن يكفر من ذنوبه.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن المؤمن ليدعو في حاجته فيقول الله: أخروا
حاجته، شوقا إلى دعائه، فإذا كان يوم القيامة يقول الله: عبدي دعوتني في كذا
فأخرت إجابتك في ثوابك كذا، ودعوتني في كذا فأخرت إجابتك في ثوابك، قال:
فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا لما يرى من حسن ثوابه (4).
وروي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن العبد ليدعو الله

(1) فلاح السائل ص 38.
(2) فلاح السائل ص 42.
(3) جامع الأخبار ص 153.
(4) جامع الأخبار ص 155.
378

وهو يحبه فيقول: يا جبرئيل اقض لعبدي هذا حاجته وأخرها فاني أحب أن
لا أزال أسمع صوته.
23 - الاختصاص: الصدوق، عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم
عن هشام بن سالم قال: قلت للصادق، عليه السلام: يا ابن رسول الله، ما بال المؤمن إذا دعا
ربما استجيب له وربما لم يستجب له، وقد قال الله عز وجل: " وقال ربكم ادعوني
أستجب لكم " (1).
فقال عليه السلام: إن العبد إدا دعا الله تبارك وتعالى بنية صادقة، وقلب مخلص
استجيب له بعد وفائه بعهد الله عز وجل وإذا دعا الله بغير نية وإخلاص لم يستجب له
أليس الله يقول: " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم " فمن وفى وفي له (2).
25 * (باب) *
* " (التقدم في الدعاء والدعاء عند الشدة والرخاء) " *
* " (وفى جميع الأحوال) " *
الآيات: يونس: وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما
كشفنا عنه ضره مر كأنه لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا
يعملون (3).
وقال تعالى: وجائهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله
مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما أنجيهم إذا هم
يبغون في الأرض بغير الحق (4).

(1) المؤمن: 60.
(2) الاختصاص 242، والآية في سورة البقرة: 40.
(3) يونس: 12.
(4) يونس: 22.
379

الروم: وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة
إذا فريق منهم بريهم يشركون (1).
لقمان: وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم
إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور (2).
الزمر: وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة نسي
ما كان يدعو إليه من قبل (3).
وقال تعالى: فإذا مس الانسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال
إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون (4).
السجدة: لا يسأم الانسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤس قنوط - إلى
قوله تعالى: وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء
عريض (5).
1 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: تقدموا بالدعاء قبل نزول
البلاء (6).
2 - أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق
عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام أن عليا صلى الله عليه كان يقول:
مامن أحد ابتلي وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن
البلاء (7).
3 - أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي عن أبيه، عن عباد بن يعقوب
عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من

(1) الروم: 33.
(2) لقمان: 32.
(3) الزمر: 8.
(4) الزمر: 49،
(5) السجدة: 49 - 51.
(6) الخصال ج 2 ص 159.
(7) أمالي الصدوق ص 159.
380

صباح إلا وملكان يناديان يقولان: يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر انته، هل من
داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من
مغموم فينفس عنه غمه؟ اللهم عجل للمنفق ماله خلفا، وللممسك تلفا، فهذا دعاؤهما
حتى تغرب الشمس (1).
4 - ختس: عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان جدي عليه السلام
يقول: تقدموا في الدعاء فان العبد إذا كان دعاء قيل صوت معروف وإذا لم يكن
دعاء فنزل به البلاء، قيل أين كنت قبل اليوم (2).
5 - الخصال: ابن الوليد، عن الصفار عن القاشاني عن الأصبهاني، عن المنقري
عن سفيان بن نجيح، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال سليمان بن داود عليه السلام: أوتينا
ما أوتي الناس وما لم يؤتوا، وعلمنا ما علم الناس وما لم يعلموا، فلم نجد شيئا أفضل
من خشية الله في المغيب والمشهد، والقصد في الغنى والفقر، وكلمة الحق في الرضا
والغضب، والتضرع إلى الله عز وجل على كل حال (3).
6 - قصص الأنبياء: بالاسناد إلى الصدوق باسناده إلى ابن أورمة، عن الحسن بن علي
رفعه قال: أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه: اذكرني في أيام سرائك حتى
أستجيب لك في أيام ضرائك،
7 - مكارم الأخلاق: هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: تعرفون طول البلاء
من قصره؟ قلت: لا قال: إذا الهم أحدكم الدعاء عند البلاء فاعلموا أن
البلاء قصير.
وقال عليه السلام: أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام: اذكرني في سرائك
أستجب لك في ضرائك.
وقال عليه السلام: من تخوف بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء لم يره الله عز وجل

(1) أمالي الصدوق ص 360.
(2) الاختصاص ص 223.
(3) الخصال ج 1 ص 114.
381

ذلك البلاء أبدا (1).
وعن الصادق عليه السلام قال: من سره أن يستجاب له في الشدة فليكثر الدعاء
في الرخاء (2).
8 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير عن
هشام بن سالم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: تعرفون طول البلاء من قصره؟ قلنا:
لا، قال: إذا ألهمتم - أو الهم أحدكم - بالدعاء، فليعلم أن البلاء قصير (3).
9 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن الصفار عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن أبي
الحسن عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: من تقدم في الدعاء قبل
أن ينزل به البلاء ثم دعا استجيب له، ومن لم يتقدم في الدعاء ثم نزل به البلاء
لم يستجب له (4).
10 - فلاح السائل: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن سلمة بن الخطاب، عن
محمد بن بكير، عن زكريا، عن سلام النخاس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا
دعا العبد في البلاء ولم يدع في الرخاء حجبت الملائكة صوته وقالوا: هذا صوت
غريب أين كنت قبل اليوم (5).
11 - دعوات الراوندي: قال النبي صلى الله عليه وآله: تعرف إلى الله في الرخاء
يعرفك في الشدة، فإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله.
12 - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما المبتلي الذي قد اشتد به البلاء
بأحوج إلى الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء (6).

(1) مكارم الأخلاق ص 313.
(2) مكارم الأخلاق ص 314.
(3) فلاح السائل ص 41.
(4) فلاح السائل ص 41.
(5) فلاح السائل ص 41.
(6) نهج البلاغة الرقم 302 من قسم الحكم.
382

26 * (باب)
* " (الدعاء للاخوان بظهر الغيب والاستغفار لهم) " *
* (" والعموم في الدعاء (1) " *
1 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق عليه السلام قال: إن دعاء المؤمن
لأخيه بظهر الغيب مستجاب، ويدر الرزق، ويدفع المكروه (2).
2 - الخصال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عبد الجبار، عن ابن أبي عمير
عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قدم أربعين رجلا من إخوانه فدعا
لهم، ثم دعا لنفسه، استجيب له فيهم وفي نفسه (3).
3 - أمالي الصدوق: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن محمد بن سنان
عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قدم أربعين رجلا من إخوانه
قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه (4).
أمالي الطوسي: الغضائري، عن الصدوق مثله (5).
4 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن أحمد بن هوذة بن أبي هراسة
عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير يحيى، عن الصادق، عن
آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قضى لأخيه المؤمن حاجة كان كمن

(1) كتب في أعلى الصفحة من نسخة الأصل: " يناسب هنا أن يكتب إن شاء الله دعاء
السجاد عليه السلام الذي أخذه عن الخضر عليه السلام وهو موجود في الرسالة [كلمة لا تقرء]..
لفضلعلى بيك ".
(2) قرب الإسناد ص 6.
(3) الخصال ج 2 ص 110.
(4) أمالي الطوسي الصدوق ص 228.
(5) أمالي الطوسي ج 2 ص 38.
383

عبد الله دهرا، ومن دعا لمؤمن بظهر الغيب قال الملك: فلك بمثل ذلك، وما من
عبد مؤمن دعا للمؤمنين والمؤمنات بظهر الغيب إلا رد الله عز وجل مثل الذي
دعا لهم من مؤمن أو مؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة
قال: وإن العبد المؤمن ليؤمر به إلى النار يكون من أهل المعصية والخطايا
فيسحب فيقول المؤمنون والمؤمنات: إلهنا عبدك هذا كان يدعو لنا فشفعنا فيه
فيشفعهم الله عز وجل فيه، فينجو من النار برحمة [من] الله عز وجل (1).
5 - أمالي الصدوق: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي بن النعمان
عن فضل بن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من قال كل يوم خمسا وعشرين مرة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى وبعدد كل مؤمن بقي إلى يوم القيامة
حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة (2).
6 - أمالي الصدوق: أحمد بن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن ابن
أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قدم في دعائه أربعين
من المؤمنين ثم دعا لنفسه استجيب له (3).
7 - الخصال: حمزة العلوي، عن علي عن أبيه، عن ابن معبد، عن عبد الله بن القاسم
عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: يلزم الحق لامتي
في أربع: يحبون التائب، ويرحمون الضعيف، ويعينون المحسن، ويستغفرون
للمذنب (4).
8 - أمالي الصدوق: ابن ناتانة، عن علي، عن أبيه قال: رأيت عبد الله بن جندب
بالموقف فلم أر موقفا أحسن من موقفه، ما زال مادا يديه إلى السماء، ودموعه تسيل

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 95.
(2) أمالي الصدوق ص 228.
(3) أمالي الصدوق ص 273.
(4) الخصال ج 1 ص 114.
384

على خديه حتى تبلغ الأرض، فلما صدر الناس قلت له: يا با محمد ما رأيت موقفا
أحسن من موقفك، قال: والله ما دعوت إلا لاخواني، وذلك أن أبا الحسن موسى
ابن جعفر عليه السلام أخبرني أنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش: ولك مائة
ألف ضعف، فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة، لواحدة لا أدري يستجاب
أم لا (1).
رجال الكشي: محمد بن سعد بن زيد ومحمد بن أحمد بن حماد قال: روى أبي رحمه الله
عن يونس بن عبد الرحمان مثله (2).
فلاح السائل: بالاسناد إلى التلعكبري، عن الكليني، عن علي، عن أبيه مثله (3).
9 - أمالي الصدوق: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن ابن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويدفع
المكروه (4)،
10 - أمالي الصدوق: ابن عصام، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن سليمان
عن إسماعيل بن إبراهيم عن جعفر بن محمد التميمي، عن ابن علوان، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أول
الدهر أو هو آت إلى يوم القيمة إلا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه: اللهم اغفر
للمؤمنين والمؤمنات، وإن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة، فيسحب فيقول
المؤمنون والمؤمنات: يا ربنا هذا الذي كان يدعو لنا فشفعنا فيه، فيشفعهم الله
فينجو (5).
11 - ثواب الأعمال: أبي، عن الحميري، عن محمد بن الحسين، عن الطيالسي، عن
فضيل، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دعاء المسلم لأخيه بظهر

(1) أمالي الصدوق: 273.
(2) رجال الكشي ص 489.
(3) فلاح السائل ص 43.
(4) أمالي الصدوق ص 273.
(5) أمالي الصدوق ص 273.
385

الغيب يسوق إلى الداعي الرزق، ويصرف عنه البلاء، ويقول له الملك، لك مثلاه (1).
12 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي -
الحسن عليه السلام أنه كان يقول: من دعا لاخوانه من المؤمنين وكل الله به عن كل
مؤمن ملكا يدعو له (2).
13 - ثواب الأعمال: بهذا الاسناد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ما من مؤمن
يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات، إلا رد
الله عليه من كل مؤمن ومؤمنة حسنة منذ بعث الله آدم إلى أن تقوم الساعة (3).
14 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن علي بن
النعمان، عن فضل بن يوسف، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من قال كل يوم خمسا وعشرين مرة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين
والمسلمات، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى وكل مؤمن بقي إلى يوم القيامة
حسنة ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة (4).
15 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن محمد بن الحسن، عن
محمد بن حماد الحارثي، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ما من عبد دعا للمؤمنين والمؤمنات إلا رد الله عليه مثل الذي دعا لهم من كل
مؤمن ومؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة، وإن العبد ليؤمر
به إلى النار ويسحب فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربنا هذا الذي كان يدعو
لنا فشفعنا فيه، فيشفعهم الله فيه، فينجو من النار (5).
16 - ثواب الأعمال: أبي، عن علي، عن أبيه، عن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دعا أحدكم فليعم فإنه أوجب للدعاء (6).
17 - السرائر: من كتاب أبي القاسم بن قولويه، عن حمران بن أعين قال: دخلت

(1) ثواب الأعمال ص 139.
(2) ثواب الأعمال ص 146.
(3) ثواب الأعمال ص 146.
(4) ثواب الأعمال ص 147.
(5) ثواب الأعمال ص 147.
(6) ثواب الأعمال ص 147.
386

على أبي جعفر عليه السلام فقلت: أوصني! فقال: أوصيك بتقوى الله، وإياك والمزاح
فإنه يذهب هيبة الرجل وماء وجهه، وعليك بالدعاء لاخوانك بظهر الغيب فإنه
يهيل الرزق يقولها: ثلاثا (1).
18 - أمالي الطوسي: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال
عن العباس عامر، عن فضيل، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الدعاء لأخيك بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق، ويصرف عنه البلاء ويقول
الملك: ولك مثل ذلك (2).
19 - الدعوات للراوندي: قال أبو الحسن عليه السلام: من دعا لاخوانه من
المؤمنين وكل الله به عن كل مؤمن ملكا يدعو له، وما من مؤمن يدعو للمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات، إلا رد الله عليه من كل
مؤمن ومؤمنة حسنة، منذ بعث الله آدم عليه السلام إلى أن تقوم الساعة.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: أسرع الدعاء إجابة دعاء غائب لغائب.
وروى الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوسع دعوة وأسرع إجابة
دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب.
وعنه عليه السلام أسرع الدعاء نجاحا للإجابة دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب يبدأ
بالدعاء لأخيه فيقول له ملك موكل: آمين، ولك مثلاه.
وروى ابن أبي عمير، عن زيد النرسي، قال: كنت مع معاوية بن وهب في الموقف
وهو يدعو فتفقدت دعاءه فما رأيته يدعو لنفسه بحرف ورأيته يدعو لرجل رجل من
الآفاق ويسميهم ويسمي آباءهم حتى أفاض الناس، فقلت له: يا عم لقد رأيت منك
عجبا قال: وما الذي أعجبك مما رأيت: قلت؟ إيثارك إخوانك على نفسك في هذا الموضع
وتفقدك رجلا رجلا، فقال لي: لا يكون تعجبك من هذا يا ابن أخي، فاني سمعت
مولاي ومولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وكان والله سيد من مضى وسيد من بقي بعد

(1) السرائر ص 484
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 290.
387

آبائه عليهم السلام وإلا صمتا اذنا معاوية وعميتا عيناه ولا نالته شفاعة محمد صلى الله عليه وآله إن لم
يكن سمعت منه وهو يقول:
من دعا لأخيه في ظهر الغيب نادى ملك من السماء الدنيا يا عبد الله لك مائة
ألف ضعف مما دعوت، وناداه ملك من السماء الثانية يا عبد الله ولك مائتا ألف ضعف
مما دعوت وناداه ملك من السماء الثالثة يا عبد الله ولك ثلاثمائة ألف ضعف مما
دعوت، وناداه ملك من السماء الرابعة يا عبد الله ولك أربعمائة ألف ضعف مما
دعوت، وناداه ملك من السماء الخامسة يا عبد الله ولك خمسمائة ألف ضعف
مما دعوت، وناداه ملك من السماء السادسة يا عبد الله ولك ستمائة ألف ضعف مما
دعوت، وناداه ملك من السماء السابعة يا عبد الله ولك سبعمائة ألف ضعف مما دعوت ثم
يناديه الله تبارك وتعالى أنا الغني الذي لا أفتقر يا عبد الله لك ألف ألف ضعف مما
دعوت. فأي الخطرين أكبر يا ابن أخي؟ ما اخترته أنا لنفسي أو ما تأمرني به؟
وروى جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى " ويستجيب الذين آمنوا وعملوا
الصالحات ويزيدهم من فضله " قال هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب فقول له
الملك: ولك مثل ما سألت وقد أعطيت لحبك إياه.
وحكي أن بعض الصالحين كان في المسجد يدعو لاخوانه بعد ما فرغ من صلاته
فلما خرج من المسجد وافى أباه قد مات فلما فرغ من جهازه أخذ يقسم تركته
على إخوانه الذين كان يدعو لهم فقيل له في ذلك فقال: كنت في المسجد أدعو لهم
في الجنة وأبخل عليهم بالفاني؟
20 - مصباح الأنوار: عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: كانت فاطمة عليها السلام إذا
دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها فقيل لها، فقالت: الجار ثم الدار.
21 - كتاب زيد النرسي: قال: رأيت معاوية بن وهب البجلي في الموقف
وهو قائم يدعو فتفقدت دعاءه فما رأيته يدعو لنفسه بحرف واحد، وسمعته يعد رجلا
رجلا من الآفاق يسميهم يدعو لهم حتى نفر الناس، فقلت له: يا أبا القاسم أصلحك
الله رأيت منك عجبا قال: يا بن أخ، فما الذي أعجبك مما رأيت مني؟ فقال: رأيت
388

لا تدعو لنفسك وأنا أرمقك حتى الساعة، فلا أدري أي الامرين أعجب ما أخطأت
من حظك في الدعاء لنفسك في مثل هذا الموقف أو عنايتك وإيثار إخوانك على
نفسك حتى تدعو لهم في الآفاق فقال: يا ابن أخ فلا تكثرن تعجبك من ذلك إني
سمعت مولاي ومولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة جعفر بن محمد عليهما السلام وكان والله في
زمانه سيد أهل السماء وسيد أهل الأرض، وسيد من مضى منذ خلق الله الدنيا
إلى أن تقوم الساعة بعد آبائه رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة من آبائه صلى الله
عليهم يقول: وإلا صمت اذنا معاوية وعميت عيناه، ولا نالته شفاعة محمد
وأمير المؤمنين -
من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب ناداه ملك من السماء الدنيا يا عبد الله لك
مائة ألف مثل ما سألت، وناداه ملك من السماء الثانية يا عبد الله لك مائتا ألف مثل
الذي دعوت وكذلك ينادي من كل سماء تضاعف حتى ينتهي إلى السماء السابعة
فيناديه ملك: يا عبد الله لك سبعمائة ألف ضعف مثل الذي دعوت، فعند ذلك يناديه الله:
عبدي أنا الله الواسع الكريم، الذي لا ينفد خزائني ولا ينقص رحمتي شئ بل وسعت
رحمتي كل شئ لك ألف ألف مثل الذي دعوت، فأي حظ أكثر يا ابن أخ من الذي
اخترته أنا لنفسي؟.
قال: فقلت لمعاوية: أصلحك الله ما قلت في أبي عبد الله عليه السلام من الفضل من
أنه سيد أهل الأرض وأهل السماء وسيد من مضى ومن بقي أشئ قلته أنت أم سمعته
منه يقوله في نفسه؟ قال: يا ابن أخ أتراني كل داحرة على الله (1) أن أقول فيه ما لم
أسمعه منه بل سمعته يقول: ذلك وهو كذلك والحمد لله.
22 - البلد الأمين: عن الصادق عليه السلام من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا
استجيب له ويتأكد بعد الفراغ من صلاة الليل (2).

(1) كذا.
(2) البلد الأمين ص 17 في الهامش،
389

روي في العدة (1) أن الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام ادعني بلسان لم تعصني به، فقال: أني لي بذلك، فقال: ادعني بلسان غيرك،
ومنها عن الباقر عليه السلام: أوشك دعوة وأسرع إجابة دعوة المؤمن لأخيه بظهر
الغيب.
ومنها عن الصادق عليه السلام قال: دعاء الرجل لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق
ويدفع المكروه،
ومنها عن النبي صلى الله عليه وآله: مامن مؤمن دعا للمؤمنين إلا ورد الله عليه مثل
الذي دعا لهم به من كل مؤمن ومؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم
القيامة، وإن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة، فيقول المؤمنون والمؤمنات:
يا رب هذا الذي كان يدعو لنا فيشفعهم الله عز وجل فيه فينجو.
ومنها ما ملخصه عن زيد النرسي قال: كنت مع معاوية بن وهب في الموقف
فما رأيته يدعو لنفسه بحرف واحد ورأيته يدعو لرجل رجل من الآفاق بأسمائهم
وأسماء آبائهم حتى أفاض الناس فقلت له: يا عم لقد عجبت منك ومن إيثارك
إخوانك على نفسك في مثل هذا الموضع فقال: لا تعجب فاني سمعت مولاي ومولى
كل مؤمن ومؤمنة جعفر الصادق عليه السلام وإلا صمت اذنا معاوية وعميت عيناه ولا
نالته شفاعة محمد صلى الله عليه وآله إن لم أكن سمعت منه وهو يقول:
من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب ناداه ملك من السماء الدنيا: يا
عبد الله ولك مائة ألف ضعف ما طلبت لأخيك، ويناديه ملك من السماء الثانية
يا عبد الله ولك مائتي ألف ضعف ما دعوت وهكذا كل سماء يزاد فيها مائة ألف إلى
السماء السابعة، فيناديه ملك: يا عبد الله ولك سبعمائة ألف ضعف ما دعوت، فيناديه الله
سبحانه: أنا الغني لا أفتقر يا عبدي لك ألف ألف ضعف ما دعوت. فانظر أين أكثر
يا ابن أخي؟ ما اخترته أنا لنفسي أو ما اخترته أنت لي.
23 - فلاح السائل: بالاسناد إلى التلعكبري، عن محمد بن محمد الحسني، عن محمد بن أحمد

(1) عدة الداعي ص 128.
390

الصفواني قال: حدثنا أبي، عن أبيه عن جده، عن صفوان، عن عبد الله بن سنان
قال: مررت بعبد الله بن جندب فرأيته قائما على الصفا وكان شيخا كبيرا فرأيته يدعو
ويقول في دعائه: اللهم فلان بن فلان اللهم فلان بن فلان اللهم فلان بن فلان
ما لم احصهم كثرة.
فلما سلم قلت له: يا عبد الله لم أر موقفا قط أحسن من موقفك إلا
أني نقمت عليك خله واحدة، فقال لي: وما الذي نقمت علي؟ فقلت له:
تدعو للكثير من إخوانك ولم أسمعك تدعو لنفسك شيئا فقال لي: يا عبد الله سمعت
مولانا الصادق عليه السلام يقول: من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب نودي من أعنان
السماء: لك يا هذا مثل ما سألت في أخيك ولك مائة ألف ضعف مثله، فلم أحب أن
اترك مائة ألف ضعف مضمونة بواحدة لا أدري يستجاب أم لا (1).
24 - فلاح السائل: بالاسناد إلى جدي أبي جعفر رحمه الله مما يرويه باسناده إلى ابن
الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن الحسين
ابن سعيد، عن علي بن مهزيار، عن سليمان بن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: من قال: اللهم اغفر المؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن
خلقه الله منذ خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة حسنة ومحا عنه سيئة ورفع له
درجة (2).
وبالاسناد عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير عن
زكريا صاحب السابري، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قال
الرجل: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم
وجميع الأموات، رد الله عليه بعدد ما مضى ومن بقي من كل إنسان دعوة (3).
25 - الاختصاص: ابن الوليد، عن سعد، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن
بعض أصحابه قال: كان عيسى بن أعين إذا حج فصار إلى الموقف أقبل على الدعاء

(1) فلاح السائل ص 43.
(2) فلاح السائل ص 43.
(3) فلاح السائل ص 43.
391

لاخوانه حتى يفيض الناس فقيل له: تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت
إلى الموضع الذي يبث فيه الحوائج إلى الله أقبلت على الدعاء لاخوانك وتترك
نفسك؟ فقال: إني على يقين من دعاء الملك لي وفي شك من الدعاء
لنفسي (1).
26 - الاختصاص: أحمد بن محمد بن القاسم الكوفي عن علي بن محمد بن يعقوب
عن علي بن الحسن بن فضال، عن علي بن أسباط عن إبراهيم بن أبي البلاد أو
عبد الله بن جندب قال: كنت في الموقف فلما أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب، فسلمت
عليه وكان مصابا بإحدى عينيه وإذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم فقلت
له: قد أصبت بإحدى عينيك وأنا مشفق لك على الأخرى فلو قصرت من البكاء
قليلا.
قال: لا والله يا با محمد، ما دعوت لنفسي اليوم بدعوة فقلت: فلمن دعوت؟
قال: دعوت لا خواني سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من دعا لأخيه بظهر الغيب
وكل الله به ملكا يقول: ولك مثلاه فأردت أن أكون إنما أدعو لاخواني ويكون
الملك يدعو لي لأني في شك من دعائي لنفسي ولست في شك من دعائي الملك
لي (2).

(1) الاختصاص ص 68.
(2) الاختصاص ص 84.
392

27 * (باب)
* " (الاجتماع في الدعاء والتامين على دعاء الغير) " *
* " (ومعنى آمين وفضله ومعنى التأوه) " *
1 - قرب الإسناد: علي، عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدعو وحوله إخوانه
يجب عليهم أن يؤمنوا؟ قال: إن شاؤوا فعلوا، وإن شاؤوا سكتوا، فان دعا وقال
لهم: أمنوا! وجب عليهم أن يفعلوا (1).
2 - معاني الأخبار: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن عمر بن علي بن
عمر بن يزيد، عن الحسين بن قارن رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إن تفسير
قولك: آمين رب افعل.
وفي حديث آخر: أن آمين اسم من أسماء الله عز وجل (2)،
3 - معاني الأخبار: الحسين بن أحمد العلوي عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين
عن جعفر بن يحيى الخزاعي، عن أبي إسحاق الخزاعي، عن أبيه قال: دخلت
مع أبي عبد الله عليه السلام على بعض مواليه يعوده فرأيت الرجل يكثر من قول: آه
فقلت له: يا أخي اذكر ربك واستغث به، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن آه اسم من
أسماء الله عز وجل، فمن قال: آه فقد استغاث بالله تبارك وتعالى (3).
التوحيد: غير واحد، عن محمد بن همام مثله (4).

(1) قرب الإسناد ص 165 في ط 122 في ط.
(2) معاني الأخبار ص 349،
(3) معاني الأخبار ص 354.
(4) التوحيد ص 152.
393

4 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن محمد بن علي، عن يونس
ابن يعقوب، عن عبد الاعلى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما اجتمع أربعة قط على
أمر واحد فدعوا إلا تفرقوا عن إجابة (1).
5 - من خط الشهيد قدس سره: عن أبي زحير قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله
ذات ليلة فأتينا على رجل قد ألح في المسألة فوقف النبي صلى الله عليه وآله ليسمع منه، فقال
صلى الله عليه وآله: أوجب أن يختم فقال رجل من القوم: بأي شئ يختم؟ فقال:
بآمين إذا ختم بآمين فقد أوجب، فانصرف الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله فأتى
الرجل فقال له: اختم يا فلان بآمين وأبشر.
6 - دعوات الراوندي: كان الصادق عليه السلام إذا حز به (2) أمر جمع النساء
والصبيان ثم دعا وأمنوا.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: لا يجتمع أربعون رجلا في أمر واحد إلا استجاب الله
تعالى لهم، حتى لو دعوا على جبل لأزالوه،

(1) ثواب الأعمال ص 146.
(2) يقال: حزبه الامر: أي دهاه وأعياه علاجه
394

إلى هنا انتهى الجزء الثاني من المجلد التاسع
عشر وهو الجزء التسعون حسب تجزئتنا، يحتوي
على ثلاثة أبواب من تتمة أبواب كتاب القرآن وسبعة
وعشرين بابا من أبواب الذكر والدعاء.
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته فخرج
بعون الله ومشيئته نقيا من الأغلاط إلا نزرا زهيدا
زاغ عنه البصر، وكل عنه النظر، ومن الله نسأل
العصمة والتوفيق.
السيد إبراهيم الميانجي - محمد الباقر البهبودي
395

كلمة المصحح:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله أمناء الله
وبعد: فقد تفضل الله علينا - وله الفضل والمن - حيث اختارنا
لخدمة الدين وأهله، وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى وهي الباحثة
عن المعارف الاسلامية الدائرة بين المسلمين: أعني بحار الأنوار الجامعة لدرر
أخبار الأئمة الأطهار عليهم الصلوات والسلام.
وهذا الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام، هو الجزء الثاني من المجلد
التاسع عشر (كتاب القرآن والذكر والدعاء) وقد قابلناه على نسخة الكمباني ثم على
نسخة الأصل التي هي بخط يد المؤلف العلامة رضوان الله عليه، وهي محفوظة في
خزانة مكتبة ملك بطهران تحت الرقم 1003 و 997 ومع ذلك قابلناه على نص المصادر
أو على الاخبار الاخر المشابهة للنص في سائر الكتب فسددنا ما كان في النسخة من
خلل وبياض وسقط وتصحيف، فان المجلد التاسع عشر أيضا من مسودات قلمه
الشريف رحمة الله عليه، ولم يخرج في حياته إلى البياض.
محمد الباقر البهبودي
396