الكتاب: بحار الأنوار
المؤلف: العلامة المجلسي
الجزء: ٨٨
الوفاة: ١١١١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي ، محمد الباقر البهبودي
الطبعة: الثانية المصححة
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: دار إحياء التراث العربي

بحار الأنوار
الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار
تأليف
العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى
الشيخ محمد باقر المجلسي
" قدس الله سره "
الجزء الثامن والثمانون
مؤسسة الوفاء
بيروت لبنان
تعريف الكتاب 1

كافة الحقوق محفوظة ومسجلة
الطبعة الثانية المصححة
1403 ه‍ - 1983 م
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
2.
(باب)
(أدعية عيد الفطر وزوايد آداب)
(صلاته وخطبها)
1 الاقبال (1): روى محمد بن أبي قرة في كتابه باسناده إلى أبي عمرو محمد
ابن محمد بن نصر السكري رضي الله عنه قال: سألت أبا بكر أحمد بن محمد بن عثمان
البغدادي رحمه الله أن يخرج إلى دعاء شهر رمضان الذي كان عمه الشيخ أبو جعفر
محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه وأرضاه يدعو به، فأخرج
إلى دفترا مجلدا بأحمر فيه أدعية شهر رمضان من جملتها:
الدعاء بعد صلاة الفجر يوم الفطر:
اللهم إني توجهت إليك بمحمد أمامي وعلى وجعفر من خلفي وعن يميني
وأئمتي (2) عن يساري أستتر بهم من عذابك، وأتقرب إليك زلفى لا أجد أحدا أقرب
إليك منهم، فهم أئمتي فآمن بهم خوفي من عقابك وسخطك وأدخلني برحمتك في
عبادك الصالحين، أصبحت بالله مؤمنا مخلصا على دين محمد وسنته وعلى دين علي و

(1) الاقبال: 275.
(2) وأئمتي عن يميني وعن شمالي خ ل.
1

سنته، وعلى دين الأوصياء وسنتهم آمنت بسرهم وعلانيتهم، وأرغب إلى الله فيما
رغب فيه محمد وعلي والأوصياء ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا عزة ولا منعة
ولا سلطان إلا الله الواحد القهار العزيز الجبار توكلت على الله، ومن يتوكل على
الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمره.
اللهم إني أريدك فأردني، وأطلب ما عندك فيسره لي، واقض لي حوائجي
فإنك قلت في كتابك وقولك الحق " شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس
وبينات من الهدى والفرقان " فعظمت حرمة شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن
وخصصته وعظمته بتصييرك فيه ليلة القدر، فقلت: " ليلة القدر خير من ألف شهر
تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع
الفجر ".
اللهم وهذه أيام شهر رمضان قد انقضت، ولياليه قد تصرمت، وقد صرت منه
يا إلهي إلى ما أنت أعلم به منى، وأحصى لعدده من عددي، فأسئلك يا إلهي بما
سألك به عبادك الصالحون أن تصلي على محمد وآل محمد، وأهل بيت محمد، وأنت تتقبل
مني ما تقربت به إليك، وتتفضل علي بتضعيف عملي وقبول تقربي وقرباتي و
استجابة دعائي، وهب لي منك عتق رقبتي من النار، ومن على بالفوز بالجنة
والامن يوم الخوف من كل فزع، ومن كل هول أعددته ليوم القيامة.
أعوذ بحرمة وجهك الكريم، وحرمة نبيك، وحرمة الصالحين، أن ينصرم
هذا اليوم ولك قبلي تبعة تريد أن تؤاخذني بها، أو ذنب تريد أن تقايسني به وتشقيني
وتفضحني به أو خطيئة تريد أن تقايسني بها وتقتصها مني لم تغفرها لي، وأسئلك
برحمة وجهك الكريم، الفعال لما يريد، الذي يقول للشئ كن فيكون، لا إله
الا هو.
اللهم إني أسئلك بلا إله إلا أنت إن كنت رضيت عني في هذا الشهر أن
تزيدني فيما بقي من عمري رضا وإن كنت لم ترض عني في هذا الشهر فمن الآن
2

فارض عني الساعة الساعة الساعة، واجعلني في هذه الساعة وفي هذا المجلس من
عتقائك من النار، وطلقائك من جهنم، وسعداء خلقك بمغفرتك ورحمتك يا
أرحم الراحمين.
اللهم إني أسئلك بحرمة وجهك الكريم أن تجعل شهري هذا خير شهر رمضان
عبدتك فيه وصمته لك وتقربت به إليك، منذ أسكنتني الأرض أعظمه أجرا
وأتمه نعمة وأعمه عافية وأوسعه رزقا وأفضله عتقا من النار، وأوجبه رحمة
وأعظمه مغفرة وأكمله رضوانا وأقربه إلى ما تحب وترضى اللهم لا تجعله آخر
شهر رمضان صمته لك، وارزقني العود ثم العود، حتى ترضى وبعد الرضا، وحتى
تخرجني من الدنيا سالما وأنت عني راض، وأنا لك مرضي.
اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الامر المحتوم الذي لا يرد ولا يبدل أن
تكتبني من حجاك بيتك الحرام، في هذا العام وفي كل عام، المبرور حجهم، المشكور
سعيهم، المغفور ذنوبهم، المتقبل عنهم مناسكهم، المعافين على أسفارهم،
المقبلين على نسكهم، المحفوظين في أنفسهم، وأموالهم وذراريهم وكل ما أنعمت
به عليهم.
اللهم اقلبني من مجلسي هذا في شهري هذا في يومي هذا في ساعتي هذه مفلحا
منجحا مستجابا لي مغفورا ذنبي معافا من النار، ومعتقا منها عتقا لا رق بعده أبدا
ولا رهبة يا رب الأرباب.
اللهم إني أسئلك أن تجعل فيما شئت وأردت وقضيت وقدرت وحتمت و
أنفذت أن تطيل عمري، وتنسئ في أجلي وأن تقوى ضعفي، وأن تغنى فقري، وأن
تجبر فاقتي، وأن ترحم مسكنتي، وأن تعز ذلي، وأن ترفع ضعتي، وأن تغنى
عائلتي، وأن تونس وحشتي، وأن تكثر قلتي، وأن تدر رزقي في عافية ويسر و
خفض، وأن تكفيني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي، ولا تكلني إلى نفسي
فأعجز عنها، ولا إلى الناس فيرفضوني، وأن تعافيني في ديني وبدني وجسدي و
3

روحي وولدي وأهلي وأهل مودتي وإخواني وجيراني من المؤمنين والمؤمنات و
المسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والأموات، وأن تمن على بالأمن والايمان
ما أبقيتني، فإنك وليي ومولاي وثقتي ورجائي ومعدن مسئلتي وموضع شكواي و
منتهى رغبتي فلا تخيبني في رجائي يا سيدي ومولاي ولا تبطل طمعي ورجائي فقد
توجهت إليك بمحمد وآل محمد وقدمتهم إليك أمامي وأمام حاجتي وطلبتي وتضرعي
ومسئلتي، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين فإنك مننت علي بمعرفتهم
فاختم لي بهم السعادة إنك على كل شئ قدير.
زيادة فيه (1):
مننت علي بهم فاختم لي بالسعادة والسلامة والامن والايمان والمغفرة و
الرضوان والسعادة والحفظ، يا الله أنت لكل حاجة لنا فصل على محمد وآله، و
عافنا ولا تسلط علينا أحدا من خلقك لا طاقة لنا به واكفنا كل أمر من أمر الدنيا
والآخرة يا ذا الجلال والاكرام، صل على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت
وترحمت وتحننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (2).
بيان: " زلفى " مصدر بمعنى القرب مفعول مطلق من غير لفظ الفعل " فهو
حسبه " أي كافيه " بالغ أمره أي يبلغ ما يريد فلا يفوته مراد، وقرئ بالإضافة و
بغيرها " اللهم إني أريدك " بالعبادة والسؤال " فأردني " بالقبول والثواب و
الإجابة " أن تقايسني به " أي تجزيني بمقداره، وأصل القياس بقدير الشئ على
مثاله " وتشقيني " على بناء الافعال أي تجعلني محروما عن الخير والثواب بسببه،
والشقاوة ضد السعادة.
وقال الجوهري أقتص الأمير فلانا من فلان إذا اقتص له منه، فجرحه مثل

(1) يعنى زيادة تتعلق بقوله: " فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين
فإنك مننت على بهم فاختم لي بالسعادة الخ.
(2) الاقبال ص 278.
4

جرحه، أو قتله قودا، وتقاص القوم إذا قاص كل واحد منهم صاحبه في حساب أو
غيره انتهى.
" بحرمة وجهك " أي ذاتك " وابتله " أي أقطعه، والبتل القطع، وصدقة
بتلة: أي منقطعة عن المال لا رجوع فيها " وأن تقوى ضعفي " الاسناد فيه وفيما
بعده مجازي، والمعنى تقويني في حال ضعفي.
" وأن تغنى عائلتي " لم أر فيما عندنا من كتب اللغة العائلة مصدرا كما يقتضيه
سياق سائر الفقرات قال الفيروزآبادي عال يعيل عيلا وعيلة وعيولا ومعيلا افتقر
فهو عائل، والجمع عالة وعيل وعيلى والاسم العيلة انتهى ولعله كان في الأصل
عيلتي، أو المعنى تغنى الجماعة العائلة المنسوبة إلى من أقاربي وأصحابي، وهذه الفقرة
ليست في المصباح وغيره.
" وأن تكثر قلتي " أي قلة مالي وأولادي وأصحابي وأعواني، والخفض الدعة
والراحة، والرفض الترك.
أقول: أورد الشيخ والكفعمي وغيرهما (1) هذا الدعاء بعد صلاة العيد
بأدنى تغيير، فاخترت ما في الاقبال لكونه مسندا.
وقال ابن البراج - ره - في المهذب: فإذا كان يوم العيد بعد صلاة الفجر فإنه
يستحب للانسان أن يدعو بهذا الدعاء فيقول ثم ذكر الدعاء موافقا لما في المصباح
وغيره، فمن أراده فليرجع إليها.
2 الاقبال: قال روينا باسنادنا إلى الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد
عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الغسل يوم الفطر سنة.
ذكر ما يقال عند الغسل: رواه محمد بن أبي قرة باسناده إلى أبي عنبسة، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: صلاة العيد يوم الفطر أن تغتسل من نهر، فإن لم يكن نهر،
فل أنت بنفسك استقاء الماء بتخشع، وليكن غسلك تحت الظلال أو تحت حايط
وتستر بجهدك، فإذا هممت بذلك فقل: " اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك و

(1) مصباح الشيخ: 454 البلد الأمين: 241.
5

اتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وآله " ثم سم واغتسل فإذا فرغت من الغسل فقل " اللهم اجعله
كفارة لذنوبي وطهر ديني اللهم أذهب عني الدنس ".
ثم ادع عند التهيؤ للخروج إلى صلاة العيد فقل ما رويناه باسنادنا إلى هارون
ابن موسى التلعكبري قدس الله روحه باسناده إلى أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: ادع في الجمعة والعيدين إذا تهيأت للخروج:
اللهم من تهيأ في هذا اليوم أو تعبا أو أعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء
رفده وجائزته ونوافله، فإليك يا سيدي! كانت وفادتي وتهيأتي وإعدادي و
استعدادي، رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك و
خيرتك من خلقك، وعلى أمير المؤمنين ووصي رسولك، وصل يا رب على أئمة
المؤمنين الحسن والحسين وعلي ومحمد وتسميهم إلى آخرهم حتى تنتهى إلى صاحب
الزمان عليه السلام وقل.
اللهم افتح له فتحا يسيرا، وانصره نصرا عزيزا، اللهم أظهر به دينك وسنة
رسولك حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق، اللهم إنا نرغب
إليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها
من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، اللهم
ما أنكرنا من حق فعرفناه، وما قصرنا عنه فبلغناه.
وتدعو الله له وعلى عدوه وتسئل حاجتك ويكون آخر كلامك " اللهم استجب
لنا اللهم اجعلنا ممن يذكر فيذكر.
ثم قل ما روينا باسنادنا إلى الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن
أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ادع في العيدين والجمعة إذا تهيأت
للخروج بهذا الدعاء وقل: " اللهم من تهيأ في هذا اليوم إلى آخر ما سبق في
أدعية الجمعة (1).

(1) الاقبال: 279 - 280.
6

بيان: " إيمانا بك " أي أغتسل لايماني بك أو أؤمن إيمانا، والأول أظهر
ويقال: عبأت المتاع وعباته إذا هيأته، والاستعداد للامر أيضا التهيؤ له أي من
هيأ أسباب السفر واستعد له ويقال وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا أو أتاه
لفائدة، والاسم الوفادة بالكسر، وقال الجوهري النافلة عطية التطوع من حيث
لا يجب.
3 الاقبال: روينا باسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي
الله عنه باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
كنت بالمدينة وقد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية، وكان شهر
رمضان، فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي في الناس بالخروج إلى البقيع
لصلاة العيد، فغدوت من منزلي أريد إلى سيدي علي بن الحسين عليه السلام غلسا فما مررت
بسكة من سكك المدينة إلا لقيت أهلها خارجين إلى البقيع فيقولون: إلى أين تريد
يا جابر؟ فأقول إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أتيت المسجد فدخلته فما وجدت
فيه إلا سيدي علي بن الحسين عليهما السلام قائما يصلي صلاة الفجر وحده، فوقفت وصليت
بصلاته فلما أن فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر ثم إنه جلس يدعو وجعلت أؤمن
على دعائه فما أتى إلى آخر دعائه حتى بزغت الشمس فوثب قائما على قدميه تجاه
القبلة وتجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم إنه رفع يديه حتى صارتا بإزاء وجهه
وقال:
إلهي وسيدي أنت فطرتني وابتدأت خلقي، لا لحاجة منك إلى بل تفضلا
منك علي، وقدرت لي أجلا ورزقا لا أتعداهما ولا ينقصني أحد منهما شيئا،
وكنفتني منك بأنواع النعم والكفاية طفلا وناشئا، من غير عمل عملته فعلمته مني
فجازيتني عليه، بل كان ذلك منك تطولا على وامتنانا فلما بلغت بي أجل الكتاب
من علمك، ووفقتني لمعرفة وحدانيتك والاقرار بربوبيتك، فوحدتك مخلصا لم
أدع لك شريكا في ملكك، ولا معينا على قدرتك، ولم أنسب إليك صاحبة و
لا ولدا.
7

فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي، مننت بمن هديتني به من الضلالة
واستنقذتني به من الهلكة، واستخلصتني به من الحيرة، وفككتني به من الجهالة
وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله، أزلف خلقك عندك وأكرمهم منزلة لديك، فشهدت
معه بالوحدانية، وأقررت لك بالربوبية، وله بالرسالة، وأوجبت له على الطاعة
فأطعته كما أمرت وصدقته فيما حتمت، وخصصته بالكتاب المنزل عليه، والسبع
المثاني الموحات إليه، وسميته القرآن، وأكنيته الفرقان العظيم، فقلت جل اسمك
" ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " وقلت جل قولك له حين اختصصته
بما سميته من الأسماء " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " وقلت عز قولك " يس
والقرآن الحكيم " وقلت تقدست أسماؤك " ص والقرآن ذي الذكر " وقلت عظمت
آلاؤك " ق والقرآن المجيد ".
فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته وقرنت القرآن معه، فما في كتابك من
شاهد قسم والقرآن مردف به إلا وهو اسمه، وذلك شرف شرفته به، وفضل بعثته
إليه، تعجز الألسن والافهام عن علم وصف مرادك به، وتكل عن علم ثنائك عليه،
فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق "
وقلت عزيت وجليت " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وقلت تباركت وتعاليت في
عامة ابتدائه " الر تلك آيات الكتاب الحكيم، الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت،
الر تلك آيات الكتاب المبين، المر تلك آيات الكتاب، الر كتاب أنزلناه إليك
الر تلك آيات الكتاب، والم ذلك الكتاب لا ريب فيه ".
وفي أمثالها من السور والطواسين والحواميم في كل ذلك ثنيت بالكتاب مع
القسم الذي هو اسم من اختصصته لوحيك، واستودعته سر غيبك، فأوضح لنا منه
شروط فرايضك، وأبان لنا عن واضح سنتك، وأفصح لنا عن الحلال والحرام، و
أنار لنا مدلهمات الظلام، وجنبنا ركوب الآثام، وألزمنا الطاعة، ووعدنا من بعدها
الشفاعة، فكنت ممن أطاع أمره، وأجاب دعوته، واستمسك بحبله، فأقمت الصلاة
وآتيت الزكاة، والتزمت الصيام الذي جعلته حقا، فقلت جل اسمك " كتب عليكم
8

الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ثم إنك أبنته فقلت عزيت وجليت " شهر
رمضان الذي انزل فيه القرآن " وقلت: " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ".
ورغبت في الحج بعد إذ فرضته إلى بيتك الذي حرمته فقلت جل اسمك " ولله
على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " وقلت عزيت وجليت " وأذن في
الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا
منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " اللهم
إني أسئلك أن تجعلني من الذين يستطيعون إليه سبيلا، ومن الرجال الذين يأتونه
ليشهدوا منافع لهم، وليكبروا الله على ما هديهم، وأعني اللهم على جهاد عدوك في
سبيلك مع وليك (1) كما قلت جل قولك " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و
أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله " وقلت جلت أسماؤك " ولنبلونكم
حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ".
اللهم فأرني ذلك السبيل حتى أقاتل فيه بنفسي ومالي طلب رضاك، فأكون
من الفائزين، إلهي أين المفر عنك فلا يسعني بعد ذلك إلا حلمك، فكن بي رؤوفا
رحيما، واقبلني وتقبل مني، وأعظم لي فيه بركة المغفرة ومثوبة الاجر، و
أرني صحة التصديق بما سألت وإن أنت عمرتني إلى عام مثله ولم تجعله آخر العهد
مني فأعني بالتوفيق على بلوغ رضاك، وأشركني يا إلهي في هذا اليوم في جميع دعاء
من أجبته من المؤمنين والمؤمنات، وأشركهم في دعائي إذا أجبتني في مقامي هذا بين
يديك، فاني راغب إليك لي ولهم، وعائذ بك لي ولهم، فاستجب لي يا أرحم
الراحمين (2).
اختيار ابن الباقي وجنة الأمان: عن جابر مثله (3).

(1) قوله: " مع وليك " لعله من كلام جابر راوي الدعاء، والا فالسيد السجاد هو
ولى زمانه لا غير، وقد مر الكلام في مثل ذلك في ج 90 ص 70 راجعه.
(2) كتاب اقبال الاعمال: 285.
(3) مصباح الكفعمي: 649.
9

بيان: الطفل يكون واحدا وجمعا كما قال تعالى: " أو الطفل الذين لم
يظهروا على عورات النساء " (1) والناشي الغلام إذا شب وارتفع عن حد الصبا و
قرب من الادراك " فلما بلغت بي أجل الكتاب " أي من إيجادي أو إيصالي حد
المعرفة، وكلمة " من " في قوله: " من علمك " تعليلية، ويحتمل التبعيض أيضا أي
مما تعلم من مصالحي وأحوالي، ونسبه ينسبه بالضم وينسبه بالكسر ذكر نسبه، و
الجوهري لم يذكر الكسر، وأسميته أي الكتاب.
ثم إن هذا الدعاء يدل على أن جميع فواتح السور من أسماء النبي
صلى الله عليه وآله وسلم قال الكفعمي: قلت اختلف في الحروف المفتتح بها السور
على أقوال:
الأول: أنها من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله، وهو المروي عن
الأئمة عليهم السلام.
الثاني: أنها من أسماء السور ومفاتحها.
الثالث: أن المراد بها أسماء الله تعالى لان عليا عليه السلام كان يقول في دعائه
يا كهيعص ويا حمعسق ولعله أراد يا منزلهما.
الرابع: أن المراد بها الدلالة على أسمائه تعالى فمعنى ألم أنا الله أعلم،
والمر أنا الله أعلم وأرى، والمص أنا الله أعلم وافصل، والكاف في كهيعص من
كاف، والهاء من هاد، واليا، من حكيم (كذا)، والعين من عليم، والصاد من صادق
وقيل الكاف كربلا، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد، والعين عطش الحسين، و
الصاد صبره، وقيل: الألف يدل على اسم الله، واللام على اسم جبرئيل، والميم على
اسم محمد صلى الله عليه وآله أي القرآن منزل من الله بلسان جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله، وقيل الألف
مفتاح اسم الله واللام مفتاح اسم الطيف، والميم مفتاح اسم محمد صلى الله عليه وآله.
وقال أهل الإشارة: الألف من أنا واللام من لي والميم من مني فأشار بالألف
إلى أنه الكل وباللام إلى أن له الكل، وبالميم إلى أن منه الكل، وقيل الألف

(1) النور: 31.
10

من الآلاء، واللام من اللطيف، والميم من المجيد، أقسم سبحانه من آلائه ولطفه
ومجده، وقيل الألف من أقصى الحلق وهو مبدأ المخارج، واللام من طرف اللسان
وهو وسطها، والميم من الشفة وهو آخرها، جمع سبحانه بينها في ألم إيماء إلى
أن العبد ينبغي أن يكون أول كلامه ووسطه وآخره في ذكره تعالى.
وذكر الثعلبي وفي تفسيره عن علي عليه السلام في قوله تعالى ألم أن في الألف ستة
صفات من صفاته تعالى، الأول الابتداء فإنه تعالى ابتداء جميع الخلق والألف ابتداء
الحروف، الثاني الاستواء فإنه تعالى عادل غير جائر والألف مستوفي ذاته، الثالث
الانفراد فإنه تعالى فرد والألف فرد، الرابع اتصال الخلق بالله والله تعالى لا يتصل
بهم وكذلك الألف لا يتصل بالحروف وهي المتصلة به، الخامس أنه تعالى مبائن
لجميع خلقه بصفاته، والألف مبائن لجميع الحروف، السادس أنه تعالى سبب
ألفة الخلق وكذلك الألف سبب ألفة الحروف.
وعن علي عليه السلام أن لكل كتاب صفوة وصفوة القرآن حروف التهجي، و
عن الشعبي: أن لله تعالى في كل كتاب سرا وسره في القرآن حروف الهجاء
المذكورة.
قلت: وهذه الحروف إذا جمعتها وحذفت المتكرر كانت " علي صراط حق
نمسكه " وهي أربعة عشر حرفا نصف حروف المعجم، وهي قد اشتملت على أنصاف
أجناس الحرف، وبيان ذلك أن فيها من المهموسة نصفها، ومن المجهورة نصفها
ومن الشديدة نصفها، ومن الرخوة نصفها، ومن المطبقة نصفها، ومن المنفتحة
نصفها، ومن المستعلية نصفها، ومن المنخفضة نصفها، ومن حروف القلقلة
نصفها.
وأما كهيعص فقد مر تفسيرها، وقيل: إن معناها كاف لعباده، هاد لهم، يده
فوق أيديهم، عالم بهم، صادق بوعده.
وأما طسم وطس قيل فيهما ما مر في ألم، وقيل إنه سبحانه أقسم بطوله و
11

سمائه وملكه، وعن النبي صلى الله عليه وآله الطاء طور سينا، والسين الإسكندرية، والميم
مكة، وقيل الطاء شجرة طوبى، والسين سدرة المنتهى، والميم محمد المصطفى، وأما
ن فقيل هو الحوت الذي تحت الأرض، وقيل هو الدواب، وقيل هو نهر في الجنة
قال الله تعالى له كن مدادا فجمد، وكان أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد،
فقال للقلم اكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، روى ذلك عن
الباقر عليه السلام.
ثم قال: (1) هذا الكلام يدل على أن ن وق وص ويس وطه من أسماء
النبي صلى الله عليه وآله فأما ق وص فلم أر في التفاسير ما يدل على ذلك وأما يس فذكر الطبرسي
في تفسيره أن معناه يا إنسان، عن أكثر المفسرين، وقيل: يا رجل، وقيل يا محمد
وقيل معناه يا سيد الأولين والآخرين، وعن الصادق عليه السلام هو اسم النبي صلى الله عليه وآله
وأما طه فهو يا رجل بلغة عكة قال الشاعر:
إن السفاهة طه من خلايقكم * لا بارك الله في القوم الملاعين
قال الحسن هو جواب للمشركين حين قالوا إنه شقي فقال سبحانه يا رجل ما
أنزلنا عليك القرآن لتشقى، لكن لتسعد به وتنال الكرامة في الدارين، قيل: وكان
يصلي الليل كله (2) ويعلق صدره بحبل لا يغلبه النوم، فأمره سبحانه بالتخفيف على

(1) راجع مصباح الكفعمي ص 652، بتقديم وتأخير.
(2) ذكر ذلك مجاهد على ما نقله السيوطي في الدر المنثور ج 4 ص 288 وكان
ينسبه إلى الصحابة أيضا كما في ص 289 ولكنه كذب وزور، كيف وقد قال عز وجل في
سورة المزمل وهي ثالثة السور النازلة على الرسول صلى الله عليه وآله: يا أيها المزمل قم الليل الا
قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا " فأوجب عليه أن ينام شيئا من
الليل نصفه أو ثلثه أو ثلثيه، على ما عرفت شرح ذلك في ج 87 ص 119، ولذلك حكى
الله عز وجل سيرته وسنته صلى الله عليه وآله في آخر السورة وقال: ذلك أن
ربك يعلم انك تقوم أدنى من ثلثي
الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك " فنص على أنه صلى الله عليه وآله وهكذا أصحابه كانوا
قليلا من الليل ما يهجعون، امتثالا لما ندبهم الله عز وجل إلى أنه جعل الليل لباسا والنوم
فيه سباتا وجعل النهار معاشا.
فما أخرجه السيوطي في دره عن ابن مردويه عن علي عليه السلام أنه قال: لما نزل
على النبي صلى الله عليه وآله " يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا " قام الليل كله حتى تورمت قدماه فجعل
يرفع رجلا ويضع رجلا فنزل عليه طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " فمما يسقط ويتهافت
صدره بذيله، فان آية المزمل تأمره بنوم الليل والقيام من نصفه أو آخره، فكيف خالف
وقام الليل كله، وكيف يصح الصلاة مع القيام على رجل واحدة، والقيام كذلك موجب
لفوات القرار وسبب للتحريك الدائم بالنسبة إلى القائم بالرجل السالمة، كيف وبالرجل
المتورمة مع أن القيام على رجل واحدة إذا كانتا متورمتين أصعب وأوجع.
وهكذا ما قالوه في تعليق الحبل بالصدر، باطل مموه. فان القيام كذلك ينافي
الاستقلال وبعد غلبة النوم والنعاس تبطل الصلاة رأسا وإنما تناسب العباد المتصنعين من المتصوفة.
فما روى من ذلك وأشباهها كلها آراء الصحابة والتابعين على ما نقله السيوطي في
دره، وكلها خلاف الحق، وخلاف ظاهر الآية الكريمة، بل الحق أن السورة الكريمة
بتمامها نزلت تسلية من الله عز وجل وتطييبا منه لقلب رسوله الكريم حيث قام فيهم بأعباء
الدعوة سنين، وقاسى أنواع الشدائد والمحن في ذلك ولم يؤمن به مع ذلك الا قليل من
قليل. حتى أن قريشا عيرته بأنه شقى مفلوك منذ نزل عليه القرآن بزعمه موهون عند ربه
حيث أنزل عليه ما قد شقى به وذل وهان في قومه بعد ما كان عزيزا من دون أن يوفق ويأتي
بخير ومن هو انه وشقائه على ربه أنه كلما آذيناه وعيرناه وأذللناه لا يعترينا ربه بسوء
وكلما قلنا: فأتنا بما تعدنا ذلك إن كنت من الصادقين، لا يجترئ على ربه أن يسأل ذلك،
ولعله سئله فلم يجبه.
فأنزل عليه عز وجل سورة طه جملا وفى صدرها هذه التسلية والتطيب بأنه: طه ما
أنزلنا عليك القرآن لتشقى الا تذكرة لمن يخشى، يعنى أنك لا تشقى بالقرآن ودعوته بل
تسعد وتعلو دعوتك على كل دعوة، وإنما قل المؤمنون بك والتابعون لدعوتك، لان القرآن
تذكرة لمن يخشى ومن يتذكر ويخشى من المجتمع قليل من قليل وإنما يخشى الله من
عباده العلماء بالله وهم الأقلون عددا.
ثم قص عليه قصة موسى بطولها وخصوصا ما قاساه من الشدائد والمحن قبل البعثة و
بعدها وذكره بأنه أيضا لم ينجح دعوته الا بعد سنين متطاولة ومقاساة المحن الكثيرة الوافرة
من فرعونه وملائه، بل ومن قومه بني إسرائيل قبل انجائهم وبعده من التضارب في الآراء
ثم من فتنة السامري وعجله.
ثم ذكره صلى الله عليه وآله بقصه آدم وخروجه من الجنة حيث وعد للانس والجن على نفسه بتمتعهم في الحياة
الدنيا اختبارا حيث قال: اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما يأتينكم منى هدى فمن تبع
هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا " الآيات 123 و
124 من السورة.
ثم انزل عليه بعد هذه التقدمة والتوطئة، أن الله عز وجل إنما لا يعتريهم بسوء ولا ينزل
بهم العذاب حسب استعجالهم ولا يأتيهم بالآيات طبقا لاقتراحهم، لما سبق منه الوعد بتمتعهم
حتى حين، ولولا كلمة سبقت من ربك واجل مسمى قدر لهم لكان لزاما فاصبر على ما يقولون
وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف
النهار لعلك ترضى.
12

نفسه وأنه ما أنزل عليه القرآن ليتعب كل هذا التعب.
وقرئ شاذا بفتح الطاء وسكون الهاء ومعناه طاء الأرض بقدميك جميعا
فعن الصادق عليه السلام كان يعتمد على إحدى رجليه في الصلاة ليزيد تعبه فيها فأنزل الله
13

تعالى عليه " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ".
وأما ص فروي عن الصادق عليه السلام أنه اسم من أسمائه تعالى أقسم به، وقيل
هو اسم للسورة، وقيل اسم من أسماء القرآن، وقيل إن محمدا صلى الله عليه وآله قد صدق، و
أما ق فهو اسم للسورة، أو اسم من أسمائه تعالى، أو اسم للجبل المحيط بالأرض،
ملخص من تفسير الطبرسي والبيضاوي والكشاف والثعلبي وعلي بن إبراهيم
انتهى.
" وقلت: عزيت وجليت " كذا في أكثر النسخ بالتشديد، ولا وجه له،
ويحتمل أن يكون بالتخفيف بقلب الثانية ياء من قبيل أمليت وأمللت، وفي بعض
14

النسخ عززت وجللت، وهو أظهر " إن الله اشترى " (1) قيل حقيقة الاشتراء لا يجوز
عليه، لان المشترى إنما يشترى ما لا يملك وهو تعالى مالك الأشياء كلها لكنه
مثل قوله سبحانه: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " (2) في أنه تعالى ذكر لفظ
الشراء والقرض تلطفا لتأكيد الجزاء (3) ولما كان سبحانه ضمن الثواب على نفسه

(1) براءة: 111.
(2) البقرة: 245، الحديد: 11.
(3) بل ذكر الاشتراء حقيقة لا مجازا، ولا ينافي ذلك ملكه للنفوس والأموال،
فان الله عز وجل قد ملك النفوس والأموال تكوينا وإنما خير كل نفس وما يفعله في نفسه
وماله تشريعا واختبارا، وكلفهم في أنفسهم وأموالهم بما رضى منهم ولهم ومن ذلك التكليف
والاختبار: اشتراء أموالهم وأنفسهم بأن لهم الجنة ترغيبا في الطاعة.
فالمعاملة تشريعية عرفية، وإن كان رأس المال مملوكا للمشترى تكوينا.
فكما قد يكاتب الرجل عبده المملوك الذي لا يملك لنفسه شيئا، بأنه ذلك أن
أدى إليه كذا وكذا فهو حر، أو يضاربه بأنه ذلك أن أدى إليه كل يوم ثلاث
دراهم فلا عليه بعد ذلك ذلك أن استراح ولم يعمل عمله، يصح عرفا أن
يعامل المولى الحقيقي مع عباده تكليفا واختبارا ويجعل لهم سبقا ترغيبا في الطاعة.
وكما لا يجوز للمولى أن يرجع في عقد كتابته ومضاربته ويتعلق بأن العبد وما في
يده كان لمولاه، ولو تحامل على عبده واستنقذ ما في يديه من دون أن يحرره بعد أداء مال
الكتابة أو ألجأه إلى العمل بعد توفيته كل يوم ثلاث دراهم كان ذلك مذموما عقلا، فهكذا
بالنسبة إلى الله عز وجل وعباده المملوكين.
وبهذا البيان يندفع ما قالته المتكلمون من أن الجزاء بالتفضل لا بالاستحقاق، فان
الاستحقاق إنما كان بعد التعامل وبسببه، لا بنفس العمل.
فلو كان الله عز وجل أمر عباده بالتكاليف ولم يعين لكل عمل من أعمال الخير المأمور
بها جزاء، ثم تعبد الناس وأطاعوه في أوامره لم يكن لهم جزاء استحقاق، وكان ما أعطاهم
عز وجل تفضلا واحسانا وأما بعد تعيين الجزاء جعلا والترغيب في الطاعة معاملة، فكل
عامل يستحق جزاء عمله بهذا التعامل وإن كان بحسب التكوين تفضلا واحسانا في تفضل واحسان.
15

عبر عن ذلك بالاشتراء، وجعل الثواب ثمنا والطاعات مثمنا على ضرب من المجاز،
وأخبر أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم يبذلونها في الجهاد في سبيله، وأموالهم
ينفقونها في مرضاته، على أن يكون في مقابل ذلك الجنة.
واللام " في لنبلونكم " (1) للقسم أي نعاملكم معاملة المختبر بما نكلفكم
من الأمور الشاقة حتى يتميز المجاهدون من جملتكم والصابرون على الجهاد، و
قيل: معناه حتى يعلم أولياؤنا المجاهدين منكم وأضافه إلى نفسه تعظيما لهم و
تشريفا كما قال " إن الذين يؤذون الله ورسوله " (2) أي يؤذون أولياء الله.
" ونبلوا أخباركم " أي نختبر أسراركم، والبلاء على ثلاثة أوجه: نعمة، واختبار
ومكروه، وأصل البلاء المحنة، والله تعالى يمتحن العبد بنعمه ليمتحن شكره، و
يمتحنه بما يكرهه ليمتحن صبره.
4 الاقبال والبلد الأمين والجنة: قال: قال: استفتح خروجك بهذا الدعاء
إلى أن تدخل مع الامام في الصلاة، فان فاتك منه شئ فاقضه بعد الصلاة.
اللهم إليك وجهت وجهي، وإليك فوضت أمري، وعليك توكلت، الله أكبر
كما هدانا، الله أكبر إلهنا ومولانا، الله أكبر على ما أولانا وحسن ما أبلانا الله أكبر
ولينا الذي اجتبانا، الله أكبر ربنا الذي برانا، الله أكبر الذي أنشأنا، الله أكبر الذي
بقدرته هدانا، الله أكبر الذي خلقنا فسوانا، الله أكبر الذي بدينه حبانا، الله أكبر
الذي من فتنته عافنا، الله أكبر الذي بالاسلام اصطفانا، الله أكبر الذي فضلنا بالاسلام
على من سوانا.
الله أكبر وأكبر سلطانا، الله أكبر وأعلا برهانا، الله أكبر وأجل سبحانا

(1) القتال: 31.
(2) الأحزاب: 57.
16

الله أكبر وأقدم إحسانا، الله أكبر وأعز أركانا الله أكبر وأعلا مكانا الله أكبر وأسنى
شأنا، الله أكبر ناصر من استنصر، الله أكبر ذو المغفرة لمن استغفر الله أكبر الذي
خلق وصور، الله أكبر الذي أمات وأقبر، الله أكبر الذي إذا شاء أنشر، الله أكبر
وأعلى وأكبر، الله أكبر وأقدس من كل شئ وأطهر، الله أكبر رب الخلق والبر
والبحر، الله أكبر كما يحب ربنا أن يكبر.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك ونجيبك وأمينك و
حبيبك وصفوتك من خلقك وخليلك وخاصتك وخيرتك من بريتك، اللهم صل
على محمد عبدك ورسولك الذي هديتنا به من الضلالة، وعلمتنا به من الجهالة، و
بصرتنا به من العمى، وأقمتنا به على المحجة العظمى، وسبيل التقوى وكما
أرشدتنا وأخرجتنا به من الغمرات إلى جميع الخيرات، وأنقذتنا به من شفا جرف
الهلكات.
اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل وأكمل وأشرف وأكبر وأطهر وأطيب
وأتم وأعم وأزكى وأنمى وأحسن وأجمل ما صليت على أحد من العالمين،
اللهم شرف بنيانه، وعظم برهانه، وأعل مكانه، وكرم في القيامة مقامه، وعظم
على رؤس الخلائق حاله.
اللهم اجعل محمدا وآل محمد يوم القيامة أقرب الخلق منك منزلة، وأعلاهم منك
مكانا، وأفسحهم لديك منزلة، ومجلسا، وأعظمهم عندك شرفا، وأرفعهم منزلا
اللهم صل على محمد والأئمة المهتدين والحجج على خلقك والادلاء على سبيلك
والباب الذي منه تؤتى، والتراجمة لوحيك، كما سنوا سنتك الناطقين بحكمتك
والشهداء على خلقك.
اللهم صل على وليك المنتظر أمرك، المنتظر لفرج أوليائك، اللهم اشعب به
الصدع، وارتق به الفتق، وأمت به الجور، وأظهر به العدل، وزين بطول
بقائه الأرض، وأيده بنصرك، وانصره بالرعب، وقو ناصرهم، واخذل خاذلهم
ودمدم على من نصب لهم، ودمر على من غشهم، واقصم بهم رؤس الضلالة، و
17

شارعة البدع، ومميتة السنة، والمتعززين بالباطل، وأعز بهم المؤمنين، وأذل
بهم الكافرين، والمنافقين، وجميع الملحدين والمخالفين، في مشارق الأرض و
مغاربها يا أرحم الراحمين.
اللهم فصل على جميع المرسلين والنبيين الذين بلغوا عنك الهدى، واعتقدوا
لك المواثيق بالطاعة، ودعوا العباد إليك بالنصيحة، وصبروا على ما لقوا من الأذى
والتكذيب في جنبك، اللهم وصل على محمد وعليهم وعلى ذراريهم وأهل بيوتاتهم
وأزواجهم الطاهرات وجميع أشياعهم وأتباعهم من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات الاحياء منهم والأموات، والسلام عليهم جميعا في هذه الساعة، و
في هذا اليوم، ورحمة الله وبركاته.
اللهم اخصص أهل بيت نبينا محمد المباركين السامعين المطيعين لك الذين
أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا بأفضل صلواتك ونوامي بركاتك، والسلام
عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته (1).
المتهجد: مثله إلا أنه ليس فيه: " فان فاتك " إلى آخره (2).
بيان: على ما أولانا أي اكبره لما أنعم علينا، وفي الاقبال " وأقدم إحسانا
الله أكبر وأعز غفرانا، الله أكبر وأسنى " وسقطت ساير الفقرات من البين، وفي
المتهجد: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك وحبيبك ونجيك
وأمينك ونجيبك وصفوتك من خلقك وخليلك وخاصتك وخاصتك وخيرتك
من خلقك - إلى قوله - أحد من العالمين، اللهم شرف في القيامة مقامه، وعظم
على رؤس الخلائق حاله - إلى قوله - اللهم صل على محمد وآل محمد أئمة الهدى
الحجج على خلقك إلى قوله لوحيك المستنين بسنتك - إلى قوله - على خلقك اللهم
اشعب بهم الصدع، وبعد ذلك ساير الضماير على الجمع، وكذا في ساير الكتب
غير الاقبال.

(1) الاقبال: 283، البلد الأمين: 239.
(2) مصباح المتهجد: 452.
18

وقال الجوهري الشعب الصدع في الشئ وإصلاحه أيضا، وشعبت الشئ فرقته
وشعبته جمعته وهو من الأضداد ومقال اصدع الشق، وقال الرتق ضد الفتق، وقد
رتقت الفتق فارتتق أي التأم، وقال دمدمت الشئ إذا ألزقته بالأرض وطحطحته
ودمدم الله عليهم أي أهلكهم، وقال الدمار الهلاك يقال دمره تدميرا، ودمر عليه بمعنى
انتهى، وقصمه يقصمه بالكسر كسره، وفي المتهجد وغيره وافضض، والفض الكسر
بالتفرقة، وانفض القوم تفرقوا.
وقال الكفعمي: شارعة البدع أي سالكي طريق البدع أو الذين يشرعونها أي
يجعلونها شريعة تتبع ويسلك طريقها، وشرعت في كذا خضت، والمتعززين
المتغلبين.
قوله عليه السلام، " واعتقدوا لك المواثيق بالطاعة " يقال: اعتقدت كذا أي عقدت
عليه القلب والضمير، واعتقد مالا وضيعة اقتناها، أي أيقنوا بأن جميع مواثيقك
بطاعة العباد لك حق، أو جمعوا جميع مواثيقك وعملوا بها وجعلوا أخذ مواثيق
طاعتك على العباد مالا وضيعة لهم ولم يتوجهوا إلى غيره، ولا يبعد أن يكون
اعتقدوا مبالغة في عقدوا أي أحكموا مواثيق طاعتك على العباد، وألزموا عليهم الحجة
في ذلك " في جنبك " أي في قربك وطاعتك.
5 المتهجد والبلد الأمين والجنة: فإذا توجهت إلى المصلى فادع
بهذا الدعاء:
اللهم من تهيأ وتعبأ وأعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب جوائزه
وفواضله ونوافله، فإليك يا سيدي وفادتي وتهيأتي وتعبأتي وإعدادي واستعدادي
رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك، فلا تخيب اليوم رجائي يا مولاي يا من لا يخيب
عليه سائل ولا ينقصه نائل، إني لم آتك اليوم بعمل قدمته، ولا شفاعة مخلوق
رجوته، ولكن أتيتك مقرا بالظلم والإساءة على نفسي، ولا حجة لي ولا عذر
فأسئلك يا رب أن تعطيني مسئلتي، وتقلبني برغبتي ولا تردني مجبوها ولا خائبا
19

يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم، أسئلك يا عظيم أن تغفر لي العظيم لا إله
إلا أنت.
اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقني خير هذا اليوم الذي شرفته وعظمته
وتغسلني فيه من جميع ذنوبي وخطاياي، وزدني من فضلك إنك أنت الوهاب (1)
بيان: قال الجوهري: جبهته! صككت جبهته وجبهته بالمكروه إذا
استقبلته به.
6 الاقبال: روينا باسنادنا إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: فإذا قمت للصلاة
مستقبل القبلة فكبر وقل:
اللهم إني عبدك وابن عبديك هارب منك إليك أتيتك وافدا إليك تائبا من ذنوبي
إليك، زائرا لك وحق الزائر على المزور التحفة فاجعل تحفتي منك، وتحفتك لي
رضاك والجنة، اللهم إنك عظمت حرمة شهر رمضان ثم أنزلت فيه القرآن، أي
رب وجعلت فيه ليلة خيرا من ألف شهر ثم مننت على بصيامه وقيامه فيما مننت علي
فتمم علي منك ورحمتك.
أي رب إن لك فيه عتقاء فان كنت ممن أعتقتني فيه فتمم علي ولا تردني
في ذنب ما أبقيتني، وإن لم تكن فعلت يا رب لضعف عمل أو لعظم ذنب فبكرمك
وفضلك ورحماتك وكتابك الذي أنزلت في شهر رمضان ليلة القدر وما أنزلت فيها
وحرمة من عظمت فيها وبمحمد وعلى عليهما سلامك وصلواتك وبك يا الله أتوجه
إليك وبمحمد ومن بعده صلى الله عليه وعليهم أتوجه بكم إلى الله يا الله أعتقني
فيمن أعتقت الساعة بمحمد صلى الله عليه وآله (2).
7 الاقبال وزوائد الفوائد: الدعاء بعد صلاة العيد اللهم إني سألتك أن
ترزقني صيام شهر رمضان، وأن تحسن معونتي عليه، وأن تبلغني استتمامه وفطره
وأن تمن على في ذلك بعبادتك وحسن معونتك وتسهيل أسباب توفيقك فأجبتني

(1) مصباح المتهجد: 198، جنة الامام: 654.
(2) الاقبال: 288.
20

وأحسنت معونتي عليه، وفعلت ذلك بي وعرفتني حسن صنيعك وكريم إجابتك
فلك الحمد على ما رزقتني من ذلك، وعلى ما أعطيتني منه.
اللهم وهذا يوم عظمت قدره وكرمت حاله وشرفت حرمته وجعلته عيدا للمسلمين
وأمرت عبادك أن يبرزوا لك فيه لتوفى كل نفس ما عملت وثواب ما قدمت، و
لنفضل على أهل النقص في العبادة والتقصير في الاجتهاد في أداء الفريضة بما لا
يملكه غيرك، ولا يقدر عليه سواك.
اللهم وقد وافاك في هذا اليوم في هذا المقام من عمل لك عملا قل ذلك
العمل أو كثر كلهم يطلب أجر ما عمل، ويسأل الزيادة من فضلك في ثواب صومه لك
وعبادته إياك على حسب ما قلت " يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن "
اللهم وأنا عبدك العارف بما ألزمتني، والمقر بما أمرتني، المعترف بنقص عملي،
والتقصير في اجتهادي، والمخل بفرضك علي والتارك لما ضمنت لك على نفسي،
اللهم وقد صمت فشبت صومي لك في أحوال الخطاء والعمد والنسيان والذكر و
الحفظ بأشياء نطق بها لساني أو رأتها عيني وهوتها نفسي ومال إليها هواي وأحبها
قلبي أو اشتهتها روحي أو بسطت إليها يدي أو سعيت إليها برجلي من حلالك المباح
بأمرك إلى حرامك المحظور بنهيك.
اللهم وكل ما كان منى محصى علي غير مخل بقليل ولا كثير ولا صغير
ولا كبير، اللهم وقد برزت إليك وخلوت بك لأعترف لك بنقص عملي وتقصيري
فيما يلزمني، وأسئلك العود علي بالمغفرة والعائدة الحسنة علي بأحسن رجائي و
أفضل أملى وأكمل طمعي في رضوانك.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، واغفر لي كل نقص وكل تقصير وإساءة
وكل تفريط وكل جهل وكل عمد وكل خطأ دخل على في شهري هذا وفي
صومي له وفي فرضك على وهبه لي وتصدق به على وتجاوز لي عنه يا غاية كل
رغبة، ويا منتهى كل مسألة، واقلبني من وجهي هذا وقد عظمت فيه جائزتي و
21

أجزلت فيه عطيتي وكرمت فيه حبائي وتفضلت علي بأفضل من رغبتي وأعظم من
مسئلتي.
يا إلهي يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله الذي ليس كمثلك شئ، وصل على
محمد وآل محمد، واغفر لي ذنوبي العمد منها والخطأ، في هذا اليوم وفي هذه الساعة
يا رب كل شئ ووليه، افعل ذلك بي وتب بمنك وفضلك ورأفتك ورحمتك علي
توبة نصوحا لا أشقى بعدها أبدا.
يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله لك الأمثال العليا والأسماء الحسنى،
أعوذ بك من الشك بعد اليقين والكفر بعد الايمان، يا إلهي اغفر لي، يا إلهي تفضل
علي، يا إلهي تب علي، يا إلهي ارحمني، يا إلهي ارحم فقري، يا إلهي ارحم
ذلي، يا إلهي ارحم مسكنتي، يا إلهي ارحم عبرتي، يا إلهي لا تخيبني وأنا أدعوك
ولا تعذبني وأنا أرجوك وأنا أستغفرك.
اللهم إنك قلت لنبيك عليه وآله السلام " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم
وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "، أستغفرك يا رب وأتوب إليك، أستغفر الله
أستغفر الله من جميع ذنوبي كلها ما تعمدت منها وما أخطأت، وما حفظت وما نسيت.
اللهم إنك قلت لنبيك عليه وآله الصلاة والسلام " وإذا سألك عبادي عني
فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون "
اللهم إني أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني، إنك لا تخلف الميعاد،
اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم بأفضل
بركاتك، وأدخلني في كل خير أدخلتهم فيه، وأخرجني من كل سوء أخرجتهم
منه في الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأعتق رقبتي من النار عتقا بتلا لا رق بعده
أبدا ولا حرق بالنار ولا ذل ولا وحشة ولا رعب ولا روعة ولا فزعة ولا رهبة
بالنار، ومن علي بالجنة بأفضل حظوظ أهلها وأشرف كراماتهم وأجزل عطاياك
لهم وأفضل جوائزك إياهم وخير حبائك لهم.
22

اللهم صل على محمد وآل محمد واقلبني من مجلسي هذا ومن مخرجي هذا و
لم تبق فيما بيني وبين أحد من خلقك ذنبا إلا غفرته ولا خطيئة إلا محوتها
ولا عثرة إلا أقلتها، ولا فاضحة إلا صفحت عنها، ولا جريرة إلا خلصت منها،
ولا سيئة إلا وهبتها لي، ولا كربة إلا وقد خلصتني منها، ولا دينا إلا قضيته،
ولا عائلة إلا أغنيتها، ولا فاقة إلا سددتها، ولا عريا إلا كسوته، ولا مرضا
إلا شفيته، ولا سقما إلا داويته، ولا هما إلا فرجته، ولا غما إلا أذهبته،
ولا خوفا إلا آمنته، ولا عسرا إلا يسرته، ولا ضعفا إلا قويته، ولا حاجة من حوائج
الدنيا والآخرة إلا قضيتها على أفضل الامل وأحسن الرجاء وأكمل الطمع، إنك
على كل شئ قدير.
اللهم إنك أمرتني بالدعاء ودللتني عليه فسألتك، ووعدتني الإجابة فتنجزت
بوعدك وأنت الصادق القول الوفي العهد، اللهم وقد قلت " ادعوني أستجب لكم " و
قلت " واسألوا الله من فضله إن الله كان بكم رحيما " وقلت " وعد الصدق الذي
كانوا يعدون " اللهم وأنا أدعوك كما أمرتني متنجزا لوعدك، فصل على محمد وآل
محمد وأعطني كل ما وعدتني، وكل أمنيتي وكل سوء لي وكل همي وكل
نهمتي وكل هواي وكل محبتي واجعل ذلك كله سايحا في حلالك، ثابتا في
طاعتك، مترددا في مرضاتك، متصرفا فيما دعوت إليه غير مصروف منه قليلا ولا
كثيرا في شئ من معاصيك، ولا في مخالفة لأمرك، إله الحق رب العالمين.
اللهم وكما وفقتني لدعائك فصل على محمد وآل محمد ووفق لي إجابتك،
إنك على كل شئ قدير.
اللهم من تهيأ أو تعبا أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده و
جوائزه ونوافله وفرائضه وعطاياه فإليك يا سيدي كانت تهيئتي وتعبئتي وإعدادي
واستعدادي رجاء رفدك وجوائزك وفواضلك ونوافلك وعطاياك، وقد غدوت إلى
عيد من أعياد أمة محمد صلى الله عليه وآله ولم آتك اليوم بعمل صالح أثق به قدمته ولا توجهت
بمخلوق رجوته ولكني أتيتك خاضعا مقرا بذنوبي وإساءتي إلى نفسي ولا حجة
23

لي ولا عذر لي، أتيتك أرجو أعظم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين، وأنت الذي
غفرت لهم عظيم جرمهم، ولم يمنعك طول عكوفهم على عظيم جرمهم أن عدت عليه
بالرحمة.
فيا من رحمته واسعة وفضله عظيم، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا كريم يا
كريم يا كريم، صل على محمد وآل محمد وعد علي برحمتك وامنن علي بعفوك و
عافيتك وتعطف علي بفضلك وأوسع علي رزقك.
يا رب إنه ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا يرد سخطك إلا عفوك،
ولا يجير من عقابك إلا رحمتك، ولا ينجيني منك إلا التضرع إليك، فصل على
محمد وآل محمد وهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات العباد وبها تنشر
ميت البلاد، ولا تهلكني يا إلهي غما حتى تستجيب لي وتعرفني الإجابة في
دعائي، وأذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي، ولا تشمت بي عدوي لا تسلطه علي
ولا تمكنه من عنقي.
يا رب إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني؟
ومن ذا الذي يرحمني إن عذبتني، ومن ذا الذي يعذبني إن رحمتني، ومن
ذا الذي يكرمني إن أهنتني، ومن ذا الذي يهينني إن أكرمتني، وإن أهلكتني
فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك أو يسألك عن أمره وقد علمت يا إلهي أنه ليس في
حكمك جور ولا في عقوبتك عجلة، وإنما يعجل من يخاف الفوت وإنما يحتاج
إلى الظلم الضعيف وقد تعاليت عن ذلك سيدي علوا كبيرا.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، ولا تجعلني للبلاء غرضا ولا لنقمتك، نصبا،
ومهلني ونفسني وأقل عثرتي، وارحم تضرعي ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء فقد
ترى ضعفي وقلة حيلتي وتضرعي إليك، أعوذ بك اليوم من غضبك، فصل على محمد
وآله وأعذني، وأستجير بك من سخطك، فصل على محمد وآل محمد وأجرني، و
أسترحمك فصل على محمد وآل محمد وارحمني، وأستهديك فصل على محمد وآل محمد
واهدني وأستنصرك فصل على محمد وآل محمد وانصرني، وأستكفيك فصل على محمد
24

وآل محمد واكفني، وأسترزقك فصل على محمد وآل محمد وأغنني، وأستعصمك فيما
بقي من عمري فصل على محمد وآل محمد واعصمني، وأستغفرك لما سلف من ذنوبي
فصل على محمد وآل محمد واغفر لي، فاني لن أعود لشئ كرهته إن شئت ذلك يا رب.
يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام، صل على محمد وآل محمد، واستجب
لي جميع ما سألتك وطلبته منك ورغبت فيه إليك وقدره وأرده واقضه وأمضه،
وخر لي فيما تقضي منه، وتفضل علي به، وأسعدني بما تعطيني منه، وزدني من
فضلك وسعة ما عندك، فإنك واسع كريم، وصل ذلك كله بخير الآخرة ونعيمها،
يا أرحم الراحمين، إله الحق رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وافتح لهم فتحا يسيرا، واجعل لهم من لدنك
سلطانا نصيرا، اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك عليه وآله السلام حتى لا يستخفي
بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق.
اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله، وتذل بها
النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها
كرامة الدنيا والآخرة.
اللهم ما أنكرنا من الحق فعرفناه، وما قصرنا عنه فبلغناه، اللهم واستجب
لنا واجعلنا ممن يتذكر فتنفعه الذكرى، اللهم وقد غدوت إلى عيد من أعياد أمة
محمد صلى الله عليه وآله، ولم أثق بغيرك ولم آتك بعمل صالح أثق به، ولا توجهت بمخلوق
رجوته، اللهم بارك لنا في عيدنا هذا كما هديتنا له ورزقتنا وأعنا عليه، اللهم
تقبل منا ما أديت عنا فيه من حق، وما قضيت عنا فيه من فريضة، وما اتبعنا
فيه من سنة، وما تنفلنا فيه من نافلة، وما أذنت لنا فيه من تطوع، وما تقربنا
إليك من نسك، وما استعملنا فيه من الطاعة، وما رزقتنا فيه من العافية والعبادة،
اللهم تقبل منا ذلك كله زاكيا كافيا يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ولا تذلنا بعد إذ أعززتنا، ولا تضلنا بعد
إذ وفقتنا، ولا تهنا بعد إذ أكرمتنا، ولا تفقرنا بعد إذ أغنيتنا، ولا تمنعنا بعد إذ
25

أعطيتنا، ولا تحرمنا بعد إذ رزقتنا، ولا تغير شيئا من نعمك علينا ولا إحسانك
إلينا لشئ كان منا ولا لما هو كائن فان في كرمك وعفوك وفضلك سعة لمغفرتك ذنوبنا
برحمتك، فأعتق رقابنا من النار بلا إله إلا أنت.
يا لا إله إلا أنت، أسألك بوجهك الكريم، إن كنت رضيت عني
في هذا الشهر أن تزداد عني رضا لا سخط بعده أبدا على، وإن كنت لم ترض عني
وأعوذ بك من ذلك، فمن الان فارض عني رضا لا سخط بعده أبدا على، وارحمني
رحمة لا تعذبني بعدها أبدا وأسعدني سعادة لا أشقى بعدها أبدا، وأغنني غنى لا
فقر بعده أبدا - واجعل أفضل جائزتك لي اليوم فكاك رقبتي من النار، وأعطني من
الجنة ما أنت أهله، وإن كنت بلغتنا به ليلة القدر وإلا فأخر آجالنا إلى قابل حتى
تبلغناه في يسر منك وعافية يا أرحم الراحمين، ولا تجعله آخر العهد منا لشهر
رمضان، وأعط جميع المؤمنين والمؤمنات ما سألتك لنفسي برحمتك يا أرحم
الراحمين.
ما شاء الله لا قوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على خير خلقه
محمد وآله وسلم تسليما.
اللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى، فالق الحب والنوى
تعلم السر وأخفى، فلك الحمد يا رب العالمين، ولك الحمد في أعلا عليين، و
لك الحمد في النور، ولك الحمد في الظل والحرور، ولك الحمد في الغدو
والآصال، ولك الحمد في الأزمان والأحوال، ولك الحمد في قفر أرضك، ولك
الحمد على كل حال، إلهي صلينا خمسنا، وحصنا فروجنا، وصمنا شهرنا، و
أطعناك ربنا، وأدينا زكاة رؤوسنا طيبة بها نفوسنا، وخرجنا إليك فأخذ جوائزنا
فصل اللهم على محمد وآل محمد، ولا تخيبنا، وامنن علينا بالتوبة والمغفرة، ولا
تردنا على عقبنا ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ولا تجعله آخر العهد منا، وارزقنا
صيامه وقيامه أبدا ما أبقيتنا، وامنن علينا بالجنة، ونجنا من النار، وزوجنا
من الحور العين آمين رب العالمين، إنك على كل شئ قدير، وصلى الله على خيرته
26

من خلقه محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما (1).
بيان: " أو مال إليها " في بعض النسخ بالواو هنا، وقوله: " أو اشتهتها "
وهو أظهر، وعلى نسخة " أو " فهي إما بمعنى الواو أو محمول على شدة مراتب المحبة
والعزم وضعفهما " من خلالك " يحتمل أن تكون من ابتدائية أي حال كوني في ذلك
السعي مبتدأ من الحلال معرضا عنه منتهيا إلى الحرام، أو بيانية و " إلى " بمعنى
" مع " لبيان تعميم ما يتكلم به ويشتهيه ويبسط يده إليه ويسعى إليه، سواء كان
مباحا لغوا لا فائدة فيه أو حراما، فان كلا منهما مخل بكمال الصوم، ويؤيد
الثاني أن في زوايد الفوايد أو حرامك.
وقوله: " وكل ما كان " إما بالجر عطفا على حلالك أو أشياء، أو بالرفع
بتقدير الخبر أي هي أيضا كذلك أي كان ينبغي أن يكون صومي مخلوطا بطاعتك
بجميع جوارحي في جميع أحوالي فشبته بأشياء منها محظور بنهيك ومنها مباح غير
مخل بقليل ولا كثير ولا صغير ولا كبير من أوامرك ونواهيك، لكنها مخلة بكمال
الصوم " وقد برزت إليك في هذا العيد " لان تتدارك ذلك بفضلك.
وقال الجوهري: العائدة العطف والمنفعة يقال هذا الشئ أعود عليك في كذا
أي أنفع، وقال الحباء العطاء.
" لك الأمثال العليا " إشارة إلى قوله سبحانه " للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل
السوء ولله المثل الاعلى " (2) أي الصفة الاعلى، وهو الوجوب الذاتي، والغنى
المطلق، والنزاهة عن صفات المخلوقين، أو الحجة الغالبة أو الأمثال التي مثل بها
في القرآن الحكيم.
" ولا روعة " وفي بعض النسخ " ولا لوعة " ولوعة الحب حرقته، ورجل هاع
لاع أي جبان جزوع، والأول أظهر، وقال الفيروزآبادي النهمة الحاجة وبلوغ
الهمة والشهوة، والنهم بالتحريك إفراط الشهوة في الطعام انتهى.

(1) الاقبال ص 291 - 295.
(2) النحل: 60.
27

" سائحا في حلالك " أي جاريا فيه، وفي بعض النسخ بالباء الموحدة من السباحة
على المجاز، وفي بعضها بالنون من سنخ له الرأي أي عرض، والغرض محركة
هدف يرمى فيه، والنصب أيضا قريب منه أي ما ينصب ليرمى وإن لم يصرح به في
كتب اللغة، قال الفيروزآبادي النصب العلم المنصوب، ويحرك، والغاية.
" ونفسني " كأن فيه حذفا وإيصالا أي نفس عني يقال: نفس الله عنه كربته
أي فرجها، وفي بعض نسخ الدعاء " ومهلني ونفسي " أي اتركني مع نفسي كناية
عن رفع البلاء عنها " وما أذنت لنا " لعله كناية عن التوفيق والتقدير كما يومي
إليه بعض أخبار القضاء والقدر كما مر " من العافية " أي عن المعاصي فإنها المناسبة
للقبول.
" لا تزغ قلوبنا " أي لا تملها عن الايمان أي لا تسلبني التوفيق بل ثبتني
على الاهتداء الذي منحتني به " يا لا إله " أي يا من لا إله إلا أنت " بلغتنا ليلة
القدر " أي فضلها " فالق الحب والنوى " أي يشقهما ويخرج منهما النبات والشجر
وقيل المراد به الشقاق الذي في الحنطة والنواة.
" تعلم السر وأخفى " أي وأخفى من السر، واختلف فيهما: فقيل السر ما
حدث به العبد غيره في خفية، وأخفى منه ما أضمره في نفسه ما لم يحدث غيره، و
قيل السر ما أضمره العبد في نفسه وأخفى منه ما لم يكن أضمره أحد، وقيل السر
ما تحدث به نفسك. وأخفى منه ما تريد أن تحدث به نفسك في ثاني الحال، وقيل
السر العمل الذي تستره عن الناس وأخفى منه الوسوسة، وروي عن الباقر والصادق عليهما السلام
أن السر ما أخفيته في نفسك، وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته.
أقول: ثم ذكر السيدان دعاء الندبة الذي يدعى به في الأعياد الأربعة وسيأتي
في كتاب المزار، تركنا ذكره هنا حذرا من التكرار، ثم قالا قدس سرهما: فإذا
فرغت من الدعاء فتأهب للسجود بين يدي مولاك، وقل ما روينا باسنادنا إلى أبي
عبد الله عليه السلام قال: إذا فرغت من دعاء العيد المذكور ضع خدك الأيمن على الأرض
وقل:
28

سيدي سيدي كم من عتيق لك فاجعلني ممن أعتقت، سيدي سيدي وكم
من ذنب قد غفرت فاجعل ذنبي فيما غفرت، سيدي سيدي كم من حاجة قد قضيت
فاجعل حاجتي فيما قضيت، سيدي سيدي وكم من كربة قد كشفت فاجعل كربتي
فيما كشفت، سيدي سيدي وكم من مستغيث قد أغثت فاجعلني فيمن أغثت، سيدي
سيدي كم من دعوة قد أجبت فاجعل دعوتي فيما أجبت.
سيدي سيدي وارحم سجودي في الساجدين، وارحم عبرتي في المستعبرين،
وارحم تضرعي فيمن تضرع من المتضرعين، سيدي سيدي وكم من فقر قد أغنيت
فاجعل فقري فيما أغنيت، سيدي سيدي ارحم دعوتي في الداعين، سيدي وإلهي!
أسأت وظلمت وعملت سوءا واعترفت بذنبي، وبئس ما عملت، فاغفر لي يا مولاي
أي كريم أي عزيز أي جميل.
فإذا فرغت وانصرفت رفعت يديك ثم حمدت ربك ثم تقول ما تقدر عليه
وسلمت على النبي صلى الله عليه وآله وحمدت الله تبارك وتعالى، الحمد لله رب العالمين. (1)
5 المتهجد: روى أبو مخنف عن جندب بن عبد الله الأزدي عن أبيه أن
عليا عليه السلام كان يخطب يوم الفطر فيقل:
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين
كفورا بربهم يعدلون، لا أشرك بالله شيئا ولا أتخذ من دونه وليا، والحمد لله
الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير،
يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم
الغفور، كذلك الله ربنا جل ثناؤه لا أمد له ولا غاية له ولا نهاية، ولا إله إلا هو
وإليه المصير، والحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه، إن
الله بالناس لرؤف رحيم.
اللهم ارحمنا برحمتك، وأعممنا بعافيتك، وأمددنا بعصمتك، ولا تخلنا من
رحمتك، إنك أنت الغفور الرحيم، والحمد لله لا مقنوطا من رحمته، ولا مخلوا من

(1) الاقبال: 29.
29

نعمته، ولا مؤيسا من روحه، ولا مستنكفا عن عبادته، الذي بكلمته قامت السماوات
السبع، وقرت الأرضون السبع، وثبتت الجبال الرواسي، وجرت الرياح اللواقح،
وسارت في جو السماء السحاب، وقامت على حدودها البحار، فتبارك الله رب العالمين
إله قاهر قادر ذل له المتعززون وتضاءل له المتكبرون، ودان طوعا وكرها له
العالمون.
نحمده بما حمد به نفسه وكما هو أهله، ونستعينه ونستغفره، ونشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم ما تخفي النفوس وما تجن البحار وما تواري
الأسراب وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار لا تواري منه ظلمة
ولا تغيب عنه غائبة وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا
رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، ويعلم ما يعمل العاملون وإلى أي منقلب ينقلبون
ونستهدي الله بالهدى، ونعوذ به من الضلال والردى.
ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى الناس كافة وأمينه على وحيه وأنه
بلغ رسالة ربه وجاهد في الله المدبرين عنه، وعبده حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وآله.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة، ولا تفقد له رحمة ولا
يستغني عنه العباد، ولا تجزى أنعمه الاعمال، الذي رغب في الآخرة، وزهد في
الدنيا، وحذر المعاصي، وتعزز بالبقاء، وتفرد بالعز والبهاء، وجعل الموت
غاية المخلوقين، وسبيل الماضين، فهو معقود بنواصي الخلق كلهم، حتم في رقابهم،
لا يعجزه لحوق الهارب، ولا يفوته ناء ولا آئب، يهدم كل لذة ويزيل كل بهجة
ويقشع كل نعمة.
عباد الله، ذلك أن
الدنيا دار رضي الله لأهلها الفناء، وقدر عليهم بها الجلاء،
فكل ما فيها نافد، وكل من يسلكها بائد، وهي مع ذلك حلوة خضرة، رائقة
نضرة، قد زينت للطالب، ولاطت بقلب الراغب، يطيبها الطامع، ويحتويها الوجل
الخائف، فارتحلوا رحمكم الله منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، ولا تطلبوا منها سوى
البلغة، وكونوا فيها كسفر نزلوا منزلا فتمتعوا منه بأدنى ظل، ثم ارتحلوا لشأنهم
30

ولا تمدوا أعينكم فيها إلى ما متع به المترفون، وأضروا فيها بأنفسكم فان ذلك
أخف للحساب وأقرب من النجاة.
ألا وان الدنيا قد تنكرت وأدبرت وآذنت بوداع، ألا وان الآخرة قد
أقبلت وأشرفت ونادت باطلاع، ألا وان المضمار اليوم وغدا السباق، ألا وان
السبقة الجنة والغاية النار، أفلا تائب من خطيئته قبل هجوم منيته، أولا عامل
لنفسه قبل يوم فقره وبؤسه، جعلنا الله وإياكم ممن يخافه ويرجوا ثوابه.
ألا وان هذا اليوم يوم جعله الله عيدا وجعلكم له أهلا، فاذكروا الله يذكركم
وكبروه وعظموه وسبحوه ومجدوه وادعوه يستجب لكم، واستغفروه يغفر لكم
وتضرعوا وابتهلوا وتوبوا وأنيبوا وأدوا فطرتكم فإنها سنة نبيكم، وفريضة
واجبة من ربكم، فليخرجها كل امرئ منكم عن نفسه وعن عياله كلهم، ذكرهم
وأنثاهم صغيرهم وكبيرهم وحرهم ومملوكهم، يخرج عن كل واحد منهم صاعا من
شعير أو صاعا من تمر أو نصف صاع من بر (1) من طيب كسبه طيبة بذلك
نفسه.
عباد الله! وتعاونوا على البر والتقوى، وتراحموا وتعاطفوا وأدوا فرائض الله
عليكم فيما أمركم به من إقامة الصلوات المكتوبات، وأداء الزكوات، وصيام شهر
رمضان، وحج البيت الحرام، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاحسان
إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم، واتقوا الله فيما نهاكم عنه، وأطيعوه في اجتناب
قذف المحصنات، وإتيان الفواحش، وشرب الخمر، وبخس المكيال، ونقص
الميزان، وشهادة الزور، والفرار من الزحف، عصمنا الله وإياكم بالتقوى، وجعل
الآخرة خيرا لنا ولكم من هذه الدنيا.
ان أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كلام الله تعالى، أعوذ بالله من الشيطان

(1) في الفقيه ج 1 ص 327 " عن كل انسان منهم صاعا من برأ وصاعا من تمر
أو صاعا من شعير " وهو المذهب، وأما تقدير نصف صاع من البر بصاع من شعير، فهو من
بدع معاوية أو عثمان على ما تراه في كتاب الزكاة ج 96 ص 105 - 110.
31

الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد، إلى آخرها.
ثم جلس وقام وقال: الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، و
نؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي
الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وذكر باقي الخطبة (القصيرة)
في يوم الجمعة (1).
توضيح
" الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض " أخبر بأنه تعالى حقيق بالحمد و
نبه على أنه المستحق له على هذه النعم الجسام حمد أو لم يحمد، ليكون حجة على
الذين هم بربهم يعدلون، وجمع السماوات دون الأرض وهي مثلهن لان طبقاتها
مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات، وقدمها لشرفها وعلو مكانها، وتقدم
وجودها، كما قيل.
" وجعل الظلمات والنور " أي أنشأهما، والفرق بين خلق وجعل الذي له
مفعول واحد، أن خلق فيه معنى التقدير، وجعل فيه معنى التضمين، ولذلك عبر
عن إحداث النور والظلمة بالجعل تنبيها على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت
الثنوية، وجمع الظلمات لكثرة أسبابها والاجرام الحاملة لها، أو لان المراد بالظلمة
الضلال وبالنور الهدى، والهدى واحد والضلال كثير، وتقديمها لتقديم الاعدام
على الملكات.
وقيل من زعم أن الظلمة عرض يضاد النور احتج بهذه الآية ولم يعلم أن
عدم الملكة كالعمى ليس صرف العدم حتى لا يتعلق به الجعل.
" ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " عطف على قوله: " الحمد لله " على معنى
أن الله حقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون
نعمته، ويكون " بربهم " تنبيها على أنه خلق هذه الأشياء أسبابا لتكونهم و

(1) مصباح المتهجد: 458 - 460 وتتمة الخطبة في ج 89 ص 239.
32

وتعيشهم فمن حقه أن يحمد عليها ولا يكفر، أو على قوله: " خلق " على معنى أنه
خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شئ منه.
ومعنى " ثم " استبعاد عدولهم بعد هذا البيان، والباء على الأول متعلقة بكفروا
وصلة يعدلون محذوفة أي يعدلون عنه ليقع الانكار على نفس الفعل، وعلى الثاني
متعلقة بيعدلون والمعنى أن الكفار يعدلون بربهم الأوثان أي يسوونها به.
ثم استأنف عليه السلام الكلام تبريا عن المشركين وإظهارا لتوحيد رب العالمين
بقوله: " لا نشرك بالله شيئا " فكأن سائلا يسأل فكيف تقولون أنتم؟ فأجاب بأنا
لا ندعى لا في الخلق والتربية، ولا في استحقاق العبادة، ولا في الاستعانة " ولا نتخذ
من دونه وليا " أي ناصرا ومحبا أو متوليا لأمورنا.
" والحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " خلقا ونعمة " فله الحمد
في الدنيا " لكمال قدرته وعلى تمام نعمته " وله الحمد في الآخرة " لان ما في الآخرة
أيضا كذلك وتقديم الصلة للاختصاص فان النعم الدنيوية قد تكون بواسطة من يستحق
الحمد لأجلها، ولا كذلك نعم الآخرة " وهو الحكيم " الذي أحكم أمور الدارين
" الخبير " ببواطن الأشياء.
" يعلم ما يلج في الأرض " كالغيث ينفذ في موضع وينبع في موضع آخر،
وكالكنوز والدفاين والأموات والحبات " وما يخرج منها " كالحيوان في النشأتين
والنبات والفلذات ومياه العيون " وما ينزل من السماء " كالملائكة والكتب و
المقادير والأرزاق والانداء والصواعق " وما يعرج فيها " كالملائكة وأعمال العباد
والأبخرة والأدخنة " وهو الرحيم الغفور " للمفرطين في شكر نعمته مع كثرتها
أي في الآخرة مع ما له من سوابق هذه النعم الفائتة للحصر.
ولما اقتبس تلك الآيات من الكتاب الحكيم، أكدها وأظهر الايمان والاذعان
بها بقوله: " كذلك الله ربنا جل ثناؤه " عن أن يمكننا القيام به كما هو حقه
ولا أمد له أزلا، ولا غاية له أبدا، ولا نهاية لنعمه وألطافه وكمالاته " ولا إله "
أي معبود أو خالق " إلا هو وإليه المصير " في الآخرة.
33

" أن تقع " أي من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن خلقها على صورة متداعية
إلى الاستمساك " إلا باذنه " أي بمشيته وذلك في القيامة " لرؤف رحيم " حيث هيأ
لهم أسباب الاستدلال وفتح عليهم أبواب المنافع، ودفع عنهم أنواع المضار.
ثم إنه عليه السلام لما عدد أصول نعمه الجسام، وحمده على ما خص عباده به
من الانعام، شرع في السؤال فابتدأ بأهم المطالب وهو الرحمة والمغفرة
والعصمة عن الخطايا، وأن لا يخلينا في حال من أحوالنا في الدنيا والآخرة
من رحمته.
وفي الفقيه " واعممنا بمغفرتك إنك أنت العلي الكبير " أي اغفر لنا جميعا
أو جميع خطايانا أو الأعم " وامددنا " على بناء الافعال أو بضم الدال على
المجرد أي قونا وأيدنا، قال الجوهري: أمددت الجيش بمدد، قال أبو زيد
مددنا القوم أي صرنا مددا لهم، وأمددناهم بغيرنا وأمددناهم بفاكهة، والمادة
الزيادة المتصلة.
ثم استأنف عليه السلام الحمد على وجه آخر ليصير سببا لمزيد معرفتهم به سبحانه
وبنعمه فتؤثر فيهم مواعظه، فقال: " والحمد لله لا مقنوطا من رحمته " لا مقنوطا
حال عن الجلالة ومن رحمته قائم مقام الفاعل لقوله مقنوطا كممرور به أي أحمده
حال كونه لسعة رحمته ووفور نعمته بحيث لا ينبغي أن يقنط من رحمته أحد، وكذا
ساير الفقرات.
والروح الرحمة قال تعالى نقلا عن يعقوب " ولا تيأسوا من روح الله إنه لا
ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " (1) وقوله: " ولا مستنكفا " في بعض النسخ
بفتح الكاف على سياق ساير الفقرات، وفي أكثرها بكسر الكاف فالمعنى أنه سبحانه
مع غاية علوه ورفعته واستغنائه لم يستنكف عن أن يعبده العباد، ويدعوه لصغير
حوائجهم وكبيرها، وسمى دعاءه عبادة وتركه استكبارا.

(1) يوسف: 87.
34

وفي نهج البلاغة (1) هكذا " الحمد لله غير مقنوط من رحمته، ولا مخلو من
نعمته ولا مأيوس من مغفرته ولا مستنكف عن عبادته الذي لا تبرح منه رحمة ولا
تفقد له نعمة " وفي الفقيه هكذا " والحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته، ولا
مخلو من نعمته ولا مؤيس من روحه ولا مستنكف عن عبادته " فيمكن أن يقرأ
مقنوط ونظائره بالرفع فتكون مع الظرف بتقدير الجملة أي لا يقنط من رحمته،
أو يكون صدر الصلة ضميرا محذوفا ويمكن أن يقرأ الجميع بالنصب ويكون المفعول
في المقنوط والمخلو بمعنى الفاعل كما قيل في " حجابا مستورا " أي لا قانط من رحمته
ولا خالي من نعمته، فالمستنكف يكون على بناء الفاعل مع أن قنط أتى متعديا،
قال الفيروزآبادي القنط المنع.
" الذي بكلمته " أي بقوله كن أو بقدرته وإرادته مجازا، أو باسمه الأعظم
كما مر وسيأتي " وقرت الأرضون السبع " كونها سبعا (2) إما باعتبار الأقاليم أو

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 45 من قسم الخطب.
(2) وعندي أن المراد بالسماوات السبع: السيارات السبعة التي تسبح حول الشمس
في مدار أعلى من مدار الأرض وهو قوله عز وجل: " وبنينا فوقكم سبعا شدادا " أي صلبا
لا ارض عليها كالصخور والجبال. وكل منها تسبح في فلك لقوله عز من قائل: " ولقد
خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ". وكل واحد منها تطابق الاخر من
حيث الخلق والنظام كما قال عز وجل: " الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق
الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ".
وعلى هذا تكون السماء الدنيا هي المريخ، وهي التي قد زينت سماؤها بزينة
الكواكب وهي النجيمات التي تبلغ عددها مآت ألوف كلها تدور حول الشمس في منطقة
عرضها مائة مليون ميل، ترى في ليلة المريخ كأبدع ما يمكن أن يرى، مع ما يرى من
لمعان سائر الثوابت والسيارات وتقابل مسيرها عند الرائي فسبحان الله البديع الباري.
والظاهر من قاعدة بود أن تلك النجميات كانت سيارة اصطدم بغيرها، أو انفطرت
من داخلها وانشقت وأذنت لربها وحقت، فعل الله ذلك بها قبيل مبعث نبينا صلى الله عليه وآله لتكون
نجيماتها شهابا ورصدا للشياطين لا يسمعون إلى الملاء الاعلى من مريخ قال عز وجل:
" انا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملا
الاعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب الا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب
ثاقب " وقال عز من قائل: " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين
وأعتدنا لهم عذاب السعير ".
وقال عز من قائل حاكيا عن الجن " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا
شديدا وشهبا، وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا و
أنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا "، فصرح بأن تلك الشهب الراصدة
للنافذين في السماء الدنيا إنما وجدت عند مبعث نبينا صلى الله عليه وآله.
وأما الأرض، فكما عرفت في ج 81 ص 165 أن المراد بها (خاك) بالفارسية فلم
يرد لفظها في كتاب الله العزيز على كثرة مواردها الا مفردة، سواء ذكرت في قبال السماوات
أو ذكرت بنفسها فقط وهذه الآيات بكثرتها تدل صريحا على أن كرتنا الأرضية مفردة في
منظومتنا من حيث التراب الذي علاها وهي التي تمتاز وتتزين بالعشب والحياة.
وأما الآية الكريمة في سورة الطلاق: 12 " الله الذي خلق سبع سماوات ومن
الأرض مثلهن " فالظاهر بل الصريح منها أن الله عز وجل إنما خلق سبع سماوات شدادا و
خلق من الأرض مثل السماوات في اشتدادها وصلابتها وهي الجبال الراسية فيها لئلا تميد
الأرض بمن عليها، كما قال عز وجل: " وجعل في الأرض رواسي أن تميد بكم ".
ينص على ذلك الآيات التي تبحث عن الخلق ومنها قوله عز وجل (فصلت: 12)
" قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب
العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام
سواء للسائلين * ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها
قالتا أتينا طائعين * فقضيهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها
وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ".
ومثلها الآيات في سورة المؤمنون 84: " قل لمن الأرض ومن فيها ذلك أن
كنتم
تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم *
سيقولون لله قل أفلا تتقون ".
35

أن لها طبقات بينها فرج تسكن فيها الجن وغيرهم، أو المراد بالأرض غير السماء
فباعتبار كرة النار وطبقتي كرة الهواء وكرة الماء وثلاث طبقات الأرض المركبة
36

والطينية والخالصة تصير سبعا وله وجوه أخرى أو أن محدب الأرض مع محدب
السماوات الست إلى السادسة كل منها أرض لسماء فوقها ومستقر لجماعة من
المخلوقات من الانس وساير الحيوانات والملائكة، كما ورد في بعض الأخبار وقد
مر تحقيقه مفصلا في كتاب السماء والعالم.
وفي الفقيه واستقرت الأرض المهاد، وقال الفيروزآبادي: المهاد ككتاب
الفراش " وألم نجعل الأرض مهادا " (1) أي بساطا ممكنا للسلوك فيه، والرواسي
الثوابت الرواسخ، واللواقح أي الحوامل شبه الريح التي جاءت بخير من إنشاء سحاب
ماطر بالحامل كما شبه ما لا يكون كذلك بالعقيم، أو ملقحات للشجر والسحاب
ونظيره الطوايح بمعنى المطيحات في قوله: " ومختبط مما تطيح الطوائح ".
" وقامت على حدودها " الضمير راجع إلى البحار أي قامت البحار على حدودها
التي عينها الله لها لم تتجاوز عنها، ويمكن إرجاعه إلى الأرض بقرينة المقام، و
يحتمل إرجاعه إلى السحاب أيضا إيذانا بأنها تنبعت منها " ذل له المتعززون " أي
الذين صاروا بين الخلق أعزاء أو الذين تكلفوا من العزة وليسوا متصفين بها، فإنها
مخصوصة به سبحانه.
" وتضاءل " أي تصاغر، والضئيل النحيف الجسم الحقير " ودان " أي ذل و
أطاع، وجنه وأجنه بمعنى ستره، والأسراب جمع السرب بالتحريك وهو جحر
الوحشي والحفير تحت الأرض " وما تغيض الأرحام " أي تنقص من المدة، أو عدد
الولد أو أعضائه أو دم الحيض والنفاس والاستحاضة " وما تزداد " على جميع الوجوه
وغاض وازداد جاءا لازمين ومتعديين.

(1) النبأ: 6.
37

" وكل شئ عنده بمقدار " أي بقدر لا يتجاوزه ولا ينقص عنه أو بتقدير و
قضاء " وما تسقط من ورقة إ يعلمها " مبالغة في إحاطة علمه تعالى بالجزئيات " ولا
حبة في ظلمات الأرض ولا يابس " كلها معطوفا على " ورقة " وقوله: " إلا في
كتاب مبين " بدل من الاستثناء الأول بدل الكل على أن الكتاب المبين علم الله
أو بدل الاشتمال أريد به اللوح أو القرآن، وقرئت بالرفع بالعطف على محل ورقة
أو للابتداء والخبر: إلا في كتاب مبين.
وفي الفقيه وما تسقط ورقة من شجرة ولا حبة في ظلمة إلا يعلمها لا إله إلا
هو ولا رطب إلخ.
" وأي مجرى يجرون " في الآخرة والدنيا ومجراهم الجسماني والعقلاني
" وإلى أي منقلب ينقلبون " في الآخرة أو الأعم " ونستهدى الله بالهدى " أي طلبنا
الهداية أيضا بهدايته تعالى أو حال كوننا متلبسين بالهداية فنطلب مزيدها " المدبرين
عنه " وفي الفقيه " الحائدين عنه " أي المائلين عن دينه.
" حتى أتاه اليقين " أي الموت فإنه متيقن كافة كل حي مخلوق إشارة إلى
قوله تعالى: " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " (1).
" الذي لا تبرح منه نعمة " أي لا تزول " ولا تفقد " على بناء المجهول أي لا
تعدم وفي بعض النسخ لا تنفد على المعلوم من النفاد وهو الفناء والانتهاء، وكذا في
الفقيه " لا تبرح عنه رحمة ولا تفقد له نعمة " وعدم البراح والفقدان والنفاد
مطرد على تقدير قابلية المحل لاقتضاء ذاته سبحانه الرحمة والانعام، وعدم الشرط
لا ينافي الاقتضاء.
" الذي رغب في الآخرة " في الفقيه في التقوى " وتعزز بالبقاء " أي صار عزيزا
غالبا بوجوب الوجود وامتناع طريان العدم عليه " وتفرد بالعز " أي الغلبة على من
سواه، والبهاء أي الحسن والصفات الكمالية الذاتية وفي الفقيه مكان تلك الفقرة
" وذلل خلقه بالموت الفناء ".

(1) الحجر: 99.
38

" وسبيل الماضين " وفي الفقيه " العالمين، ومعقود بنواصي الباقين لا يعجزه إباق
الهاربين وعند حلوله يأسر أهل الهوى، يهدم " الخ والعقد بالنواصي كناية عن
الحتم واللزوم مع الاشعار بالتذلل وعدم الامتناع كما أن الاخذ بالناصية كناية عنه
قال تعالى: " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ".
" لا يعجزه لحوق الهارب " أي لا يصعب ويمتنع عليه لحوقه وعلى ما في
الفقيه لا يعجزه الإباق من اللحوق والادراك " ولا يفوته ناء " أي بعيد " ولا آئب "
أي راجع، ويمكن أن يكون المراد بالنائي العاصي، وبالائب التائب المطيع، أو
البعيد عن وطنه والراجع إليه، أو المراد بالائب الغائب المختفي من آبت الشمس
إذا غابت، والأوب أيضا سرعة تقليب اليدين والرجلين في السير، والتأويب أن
يسير النهار أجمع وينزل الليل وأبت إلى بني فلان أتيتهم ليلا، وبعض هذه المعاني
أيضا لا يخلو من مناسبة، لكن بتكلف.
والبهجة الحسن والسرور، وقشعت الريح السحاب أي كشفته فانقشع
وتقشع.
وفي الفقيه " ويزيل كل نعمة ويقطع كل بهجة والدنيا دار كتب الله لها
الفناء ولأهلها منها الجلاء فأكثرهم ينوي بقاءها ويعظم بناءها وهي حلوة " وفي
النهج " والدنيا دار مني لها الفناء ولأهلها منها الجلاء " ومني أي قدر، والجلاء
الخروج من البلد، والنافد الفاني والبائد الهالك والحلاوة والخضرة والنضارة إشارة
إلى الجهات التي تميل إليها القاصرون الغافلون عن العواقب، وفي بعض النسخ غضرة
مكان خضرة من الغضارة وهي طيب العيش.
وراقني الشئ أعجبني، والنصرة وهي الحسن والرونق " قد زينت للطالب "
وفي الفقيه والنهج " قد عجلت " أي قدمت له لحقارتها على العادة في تقديم اليسير
للطالب، فإن كان قصير الهمة رضي به وقعد عن طلب المخزون، وإلا لم يلتفت إليه
وطلب ما هو خير له وأبقى، كما قال سبحانه " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها
39

نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا
النار " (1) وقال تعالى " فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة
من خلاق (2).
" ولاطت بقلب الراغب " قال الجوهري: لاط الشئ بقلبي يلوط ويليط
وإني لأجد له في قلبي لوطا وليطا، يعني الحب اللازق بالقلب انتهى وفي الفقيه
والنهج " والتبست بقلب الناظر " والالتباس الاختلاط والاشتباه والتباس الدنيا بالقلب
خلطه المحاسن بالمساوي لافتتانه بحسن منظرها والغفلة عن عاقبتها، أو اشتباهها بحيث
يتوهمها باقية لذيذة ولا يعلم فناءها ومرارتها.
واستطاب الشئ وجده طيبا، وأطابه وطيبه جعله طيبا، والنسخ هنا
مختلفة وأجودها " يستطيبها " وفي بعض النسخ يطبيها بتقديم الباء الموحدة على الياء
من قولهم طباه يطبوه ويطبيه إذا دعاه، والظاهر أنه أيضا تصحيف وفي الفقيه بعد
ذلك " ويضنى ذو الثروة الضعيف " أي تصير رؤية حال صاحب الثروة وكثرة المال
سببا لحزن الضعيف الفاقد له ومرض قلبه، من قولهم ضني كرضي أي مرض مرضا
مخامرا كلما ظن برؤه نكس، وأضناه المرض، والمضاناة المعاناة ويحتمل أن يكون
كناية عن تحقير ذي الثروة له وعلى التقديرين لا يخلو من تكلف ولعله لذلك
أسقطها الشيخ.
" ويجتويها الوجل الخائف " في بعض نسخ الكتاب والفقيه بالجيم من قولهم
اجتواه أي كرهه، وفي بعضها بالحاء المهملة من قولهم احتواه واحتوى عليه أي جمعه
وأحرزه أي يجمعها ويحوزها الخائف الوجل من عذاب الله لشدة الداعي إليها فكيف
الغافل الامن المغتر، والأول أظهر.
" فارتحلوا منها رحمكم الله بأحسن ما بحضرتكم من الزاد " و
الارتحال السفر والانتقال، والباء للمصاحبة، والحضرة الحضور وقرب الرجل

(1) هود: 15.
(2) البقرة: 200.
40

وفناؤه أي أحسن ما هو موجود عندكم وحاضر لديكم من الزاد، وهو التقوى، قال
الله تعالى " وتزودوا فان خير الزاد التقوى " (1) والزاد طعام يتخذ للسفر، و
يحتمل أن يكون المراد هنا ما ينتفع به في الدنيا من أسبابها، وبالأحسن ما يمكن
أن يكون وسيلة لتحصيل الآخرة، ولعله أنسب بما بعده.
وفي الفقيه " بأحسن ما بحضرتكم ولا تطلبوا منها أكثر من القليل ولا تسألوا
منها فوق الكفاف وارضوا منها باليسير ولا تمدن أعينكم منها إلى ما متع المترفون
به واستهينوا بها ولا توطنوها، وأضروا بأنفسكم فيها، وإياكم والتنعم والتلهي
والفاكهات وفي بعض النسخ والفكاهات فان في ذلك غفلة واغترارا ألا إن
الدنيا ".
وفي النهج؟ " ولا تسألوا فيها فوق الكفاف ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ "
والكفاف بالفتح ما كف عن الناس وأغنى، والبلاغ ما يتبلغ به ويتوسل إلى
المطلوب.
" ولا تمدوا أعينكم " أي لا تنظروا نظر رغبة أو لا تطمحوا بأنفسكم طموح
راغب " إلى ما متع به المترفون " أي أنعم على الذين أترفتهم وأطغتهم النعم من
الأموال والأولاد، وغير ذلك من زهرات الدنيا، فإنها في معرض الزوال والفناء
مع ما يتبعها من الحساب والجزاء، قال الفيروزآبادي المترف كمكرم المتروك يصنع
ما يشاء لا يمنع، والمتنعم لا يمنع من تنأمه " واستهينوا بها " أي عدوها هينا
حقيرا ولا تستعظموها " ولا توطنوها " أي لا تعدوها وطنا بل منزلا ومعبرا تنتقلون
منها إلى دار القرار والمراد به النهي عما هو لازم التوطن من سكون القلب إليها،
والسعي في عمارتها، وترك الاستعداد للخروج عنها.
" وأضروا فيها بأنفسكم " بتحمل مشقة الطاعات وترك المشتهيات واللذات
والاكتفاء بالقليل من الحلال في المأكل والملبس وغيرهما، والتنعم التلذذ بالنعم،
ولعل المراد هنا شدة الاعتناء بها وكثرة السعي في تحصيلها، أو يحمل على ما إذا

(1) البقرة: 197.
41

حصلت من حرام أو شبهة، ويحتمل الأعم على الكراهة، لكن ينافيه كثير من الاخبار
وقد مر الكلام فيه في كتاب مكارم الأخلاق.
والتلهي الاشتغال بما يلهي ويغفل عن الآخرة وتحصيلها " والفاكهات " أي
السعي في تحصيل أنواع الفواكه والاعتناء بها أو المفاكهة، والممازحة والفكاهات
أظهر، قال الجوهري الفكاهة بالضم المزاح، وبالفتح مصدر فكه الرجل بالكسر
فهو فكه، إذا كان طيب النفس مزاحا، والفكه أيضا الأشر البطر " ألا وإن
الدنيا قد تنكرت " أي تغيرت عن حال تسرك إلى حال تكرهها، والنكرة
ضد المعرفة والتنكر إما إظهار عدم المعرفة أو تغيره إلى حال لا تعرفه فشبه
عليه السلام الدنيا بشخص أقبل عليك ووعدك بمواعيد من الإعانة والموافقة والاحسان
ثم تغير كأنه لا يعرفك، وأدبر عنك وأعلمك بأنه يفارقك ولا تنتفع منه بشئ
وإدبارها كناية عن سرعة تصرمها وتطرق النقص والفناء إلى متاعها، من صحة و
شباب، وجاه ومال، وذلك علة لاقبال الآخرة التي تتلوها.
والايذان الاعلام، والوداع بالفتح الاسم من التوديع، وهو تخليف المسافر
الناس خافضين وهم يودعونه تفائلا بالدعة التي تصير إليها إذا رجع، والاطلاع الاشراف
من مكان عال، والمقبل إلى الانحدار أحرى بالوصول، وقيل إسناد الاشراف إلى
رب الآخرة، وعبر بها للتعظيم، كما يكنى عن الفاضل بمجلسه وحضرته ولا
يخفى بعده.
وفي النهج " أما بعد فان الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع، وإن الآخرة قد
أقبلت وأشرفت باطلاع " وفي الفقيه " ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واحلولت
وفي بعض النسخ واحلوت وآذنت بوداع ألا وإن الآخرة قد رحلت فأقبلت
وأشرفت وآذنت باطلاع " يقال حلا الشئ واحلولى إذا صار حلوا، وأحلوت
باثبات الواو خلاف القياس، وكأنه تصحيف " قد رحلت " أي متوجهة إليك.
" ألا وإن المضمار اليوم وغدا السباق ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار "
42

وفي الفقيه: والسباق غدا، وفي النهج: ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق، والسبقة
الجنة والغاية النار.
أقول: قال السيد الرضى - ره - بعد إيراد هذه الفقرات، وقليل من ساير
الفقرات: لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدنيا ويضطر إلى عمل الآخرة
لكان هذا الكلام، وكفى به قاطعا لعلائق الامام، وقادحا زناد الاتعاظ و
الانزجار.
ومن أعجبه قوله: " ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق والسبقة الجنة و
الغاية النار " فان فيه مع فخامة اللفظ، وعظم قدر المعنى، وصادق التمثيل، وواقع
التشبيه، سرا عجيبا ومعنى لطيفا، وهو قوله عليه السلام " والسبقة الجنة والغاية النار "
فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين، ولم يقل السبقة النار كما قال والسبقة الجنة
لان الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب وغرض مطلوب، وهذه صفة الجنة، و
ليس هذا المعنى موجودا في النار، نعوذ بالله منها.
فلم يجز أن يقول والسبقة النار بل قال والغاية النار لان الغاية قد ينتهي
إليها من لا يسره الانتهاء إليها، ومن يسره ذلك؟ فصلح أن يعبر بها عن الامرين
معا، فهي في هذا الموضع كالمصير والمال، قال الله تعالى " قل تمتعوا فان مصيركم إلى
النار " (1) ولا يجوز في هذا الموضع أن يقال فان سبقتكم إلى النار فتأمل ذلك
فباطنه عجيب وغوره بعيد، وكذلك أكثر كلامه عليه السلام.
وفي بعض النسخ وقد جاء في رواية أخرى: والسبقة الجنة بضم السين و
السبقة عندهم اسم لما يجعل للسابق إذا سبق من مال أو عرض، والمعنيان متقاربان،
لان ذلك لا يكون جزاء على فعل الامر المذموم، وإنما يكون جزاء على فعل الامر
المحمود انتهى كلامه رفع الله مقامه.
وأقول: المضمار مدة تضمير الفرس وموضعه أيضا وقد يطلق على ميدان

(1) إبراهيم: 30.
43

المسابقة، وعلى غاية الفرس في السباق أيضا، وتضمير الفرس هو أن تعلفه حتى يسمن
ثم ترده إلى القوت وذلك في أربعين يوما والسباق المسابقة، وليس جمعا للسبقة
بالضم أي الذي يستبق إليه كما توهم، فان جمعها أسباق، والسبقة بالتحريك الخطر
أي المال الذي يوضع بين أهل السباق، وغاية كل شئ منتهاه، ولا يعتبر في مفهومها
أن يكون مطلوبا حتى يتكلف لكون النار غاية بأنها غاية عرضية لمحبة الدنيا
والانهماك في لذاتها، كما يفهم من كلام بعض شراح النهج، بل النار غاية لان
المصير إليها منتهى فعل السيئات، وفي أكثر نسخ النهج " السبقة " بفتح السين وسكون
الباء وفي بعضها بالتحريك وهو أظهر.
ولنرجع إلى بيان حاصل التشبيه وتطبيق المشبه على المشبه به، ولم يتعرض له
أحد، ويخطر بالبال فيه وجوه:
الأول: أن يكون المراد بالمضمار زمان تضمير الفرس، فمدة عمر الدنيا
مدة تضمير النفس وتقويتها بالعلم والعمل والاخلاص والعقايد الحسنة للاستباق
في ميدان القيامة، وشبه القيامة بميدان السباق، والنار بالغاية التي توضع في منتهى
الميدان، والجنة بالعوض الذي يأخذه السابق، فكل من كان أخف وأقل وزرا
ونفسه أقوى بالعلم والعمل، يكون قطعه لعرصة القيامة أسرع وصوله إلى النار
التي لابد من وصول كل أحد يومئذ إليها لقوله سبحانه: " وإن منكم إلا واردها " (1)
أسبق، كان عوضه من الجنة أكثر، وعلى هذا يكون تشبيها تاما منطبقا على ساير
الآيات والأخبار الواردة في ذلك.
الثاني: أن يكون المراد بالمضمار مكان التضمير، فالدنيا محل تضمير النفس
بالكلمات وساير أجزاء التشبيه كما مر في الوجه الأول، وعلى هذين الوجهين
يمكن أن لا تجعل الغاية بمعنى غاية الميدان ولا يكون ذكرها داخلا في التشبيه،
فالمعنى أنهم يتسابقون في القيامة، فيمن سبق يعطى الجنة، ومن لم يسبق يحرم الجنة

(1) مريم: 71.
44

فيكون مصيره إلى النار، كما أن المسبوق في الدنيا يحرم العوض ويقع في نار الحسرة
والندامة في عدم تضمير فرسه، والأول أبلغ وأكمل في التشبيه.
الثالث: أن يكون المراد بالمضمار ميدان المسابقة، وبالسباق عوض السباق
على حذف المضاف أي يتسابقون في الدنيا إلى السعادات والكمالات، فالسابق خطره
وعوضه الجنة يأخذها في الآخرة، والمسبوق غايته ومصيره النار لعدم استحقاق الجنة
وعلى هذا يمكن أن يقرأ السباق بالضم والتشديد، أي السابقون يحضرون غدا لاخذ
سبقهم لكنه مخالف للمضبوط في النسخ.
الرابع: أن يكون المراد بالسبقة ما يسبقون إليه كما يظهر من كلام السيد
وإن لم نر في اللغة بهذا المعنى أي يستبقون في القيامة إلى الجنة فمن صير نفسه في
مضمار الدنيا صالحا للوصول إليها ينتهي إليها، ومن لم يكن كذلك فغاية سيره النار
لانتهاء قوته عندها وعدم قدرته على التجاوز عنها.
الخامس: أن يكون المراد باليوم كل زمان سابق من أزمنة عمر الدنيا،
وبالغد الزمان الذي بعده، أي كل عمل تعمله اليوم من خير تصير به نفسك أقوى
للعمل في الغد، فكل يوم مضمار للمسابقة في غده، وغاية سير السعداء في هذا المضمار
الجنة، وغاية سير الأشقياء في هذا الميدان النار، إذ بعد قطع الحياة ينتهى المضمار
فهو إما إلى الجنة أو إلى النار، كما قال عليه السلام: " ليس بين أحدكم وبين
الجنة والنار إلا الموت " وهذا معنى لطيف ويمكن أن تتنبه به لما هو ألطف
من ذلك.
" قبل هجوم منيته " الهجوم الدخول بغتة، والمنية الموت، والبؤس الخضوع
وشدة الحاجة، وفي الفقيه: قبل يوم منيته يوم بؤسه وفقره " فاذكروا الله " بالثناء
والطاعة " يذكركم " بالثواب والمغفرة الرحمة، أو يباهي بكم في الملاء الاعلى
والابتهال التضرع، والإنابة التوبة أو الرجوع إلى الطاعة.
" أو نصف صاع " كذا في أكثر النسخ، ونسب إلى خطه رحمه الله وفي
45

بعض النسخ كما في الفقيه صاعا من بر، وعلى الأول محمول على التقية (1) لأنه من
بدع عثمان كما سيأتي، والبخس النقص والظلم.
" ثم جلس " في الفقيه ثم يجلس جلسة كجلسة العجلان أي يقعد متجافيا و
لا يجلس متمكنا أو لا يمكث إلا قليلا.

(1) مع أن الخبر مرسل في الفقيه، وضعيف في المصباح غايته.
46

3.
* (باب) *
* (أدعية عيد الأضحى وبعض آداب) *
* (صلاته وخطبها) *
1 الاقبال (1) وزوائد الفوائد: الدعاء في يوم النحر: تبكر يوم النحر
فتغتسل وتلبس أنظف ثوب لك وتقول عند ذلك:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إنا نستفتح الثناء بحمدك، ونستدعي الصواب بمنك، فاسمع يا سميع
فكم يا إلهي من كربة قد فرجتها، وهموم قد كشفتها، فلك الحمد، وكم يا إلهي
من دعوة قد أجبتها فلك الحمد، وكم يا إلهي من بلية قد صرفتها فلك الحمد، وكم
يا إلهي من رحمة قد نشرتها فلك الحمد، وكم يا إلهي من عثرة قد أقلتها فلك الحمد،
وكم يا إلهي من عبرة قد رحمتها فلك الحمد، وكم يا إلهي من نعمة قد أسبغتها
فلك الحمد، وكم يا إلهي من محنة قد أزلتها فلك الحمد، وكم يا إلهي
من حلقة ضيقة قد فككتها فلك الحمد.
سبحانك لم تزل عالما كاملا أولا آخرا باطنا ظاهرا ملكا عظيما أزليا
قديما عزيزا حكيما رؤوفا رحيما جوادا كريما واسعا سميعا بصيرا لطيفا خبيرا عليا
كبيرا عليما قديرا لا إله إلا أنت سبحانك وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك، وأنت
التواب الرحيم.
اللهم إني أشهد بحقية إيماني، وعقد عزايمي وإيقاني، وحقايق ظنوني

(1) الاقبال ص 423.
47

ومجاري سيول مدامعي، ومساغ مطعمي ولذة مشربي ومشامي ولفظي، وقيامي
وقعودي ومنامي وركوعي وسجودي، وبشرى وعصبي وقصبي ولحمي ودمي
ومخي وعظامي، وما احتوت عليه شراسيف أضلاعي، وما أطبقت عليه شفتاي،
وما أقلت الأرض من قدمي إنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك إلها
واحدا أحدا فردا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يلد ولم يولد ولم يكن له
كفوا أحد.
وكيف لا أشهد لك بذلك يا سيدي ومولاي وأنت خلقتني بشرا سويا ولم
أكن شيئا مذكورا، وكنت يا مولاي عن خلقي غنيا وربيتني طفلا صغيرا، وهديتني
للاسلام كبيرا، ولولا رحمتك إياي لكنت من الهالكين، نعم فلا إله إلا الله كلمة
حق من قالها سعد وعز، ومن استكبر عنها شقي وذل، ولا إله إلا الله وحده لا
شريك له كلمة خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان، بها رضى الرحمن وسخط
الشيطان.
والحمد لله أضعاف ما حمده جميع خلقه من الأولين والآخرين، وكما يحب
ربنا الله لا إله إلا هو ويرضى أن يحمد وكما ينبغي لكرم وجه ربنا وعز جلاله
وعظم ربوبيته ومداد كلماته، وكما هو أهله.
وسبحان الله أضعاف ما سبحه جميع خلقه من الأولين والآخرين وكما يحب
ربنا الله لا إله إلا هو ويرضى أن يسبح وكما ينبغي لكرم وجه ربنا وعز جلاله
وعظم ربوبيته ومداد كلماته وكما هو أهله
ولا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا ولم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أضعاف ما هلله جميع خلقه
من الأولين والآخرين وكما يحب ربنا الله لا إله إلا هو ويرضى أن يهلل
وكما ينبغي لكرم وجه ربنا وعز جلاله وعظم ربوبيته ومداد كلماته وكما
هو أهله.
والله أكبر أضعاف ما كبره جميع خلقه من الأولين والآخرين وكما يحب
48

ربنا الله لا إله إلا هو ويرضى أن يكبر وكما ينبغي لكرم وجه ربنا وعز جلاله
وعظم ربوبيته ومداد كلماته وكما هو أهله.
وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم غفار الذنوب، وأتوب إليه
وأسئله أن يتوب علي أضعاف ما استغفره جميع خلقه من الأولين والآخرين، وكما
يحب ربنا الله لا إله الا هو ويرضى أن يستغفر وكما ينبغي لكرم وجه ربنا وعز
جلاله وعظم ربوبيته ومداد كلماته وكما هو أهله.
اللهم يا الله يا رب، يا رحمن يا رحيم، يا ملك يا قدوس يا سلام يا مؤمن
يا مهيمن يا جبار يا متكبر يا كبير يا خالق يا بارئ يا مصور يا حكيم يا خبير يا
سميع يا بصير يا عالم يا عليم يا جواد يا كريم يا حليم يا قديم يا غني يا عظيم يا
متعالي يا عالي يا محيط يا رؤوف يا غفور يا ودود يا شكور يا جليل يا جميل يا حميد
يا مجيد يا مبدئ يا معيد، يا فعالا لما يريد.
يا باعث يا وارث يا قدير يا مقتدر يا صمد يا قاهر يا تواب يا بار يا قوي يا
بديع يا وكيل يا كفيل يا قريب يا مجيب، يا أول يا رازق يا منير يا ولي يا هادي
يا ناصر يا واسع يا محيي يا مميت يا قابض يا باسط يا قائم يا شهيد يا رقيب يا
حبيب يا مالك يا نور يا رفيع يا مولى يا ظاهر يا باطن يا أول يا آخر يا طاهر يا
مطهر يا لطيف يا حفي يا خالق يا مليك يا فتاح يا علام يا شاكر يا أحد يا غفار
يا ذا الطول يا ذا الحول يا معين يا ذا الجلال والاكرام.
يا مستعان يا غالب يا مغيث يا معبود يا محسن يا مجمل يا فرد يا
حنان يا منان يا قديم الاحسان أسئلك بحق هذه الأسماء وبحق أسمائك كلها ما
علمت منها وما لم أعلم أن تصلي على محمد نبيك ورسولك وخيرتك من خلقك وعلى
آل محمد الطيبين الأخيار الطاهرين الأبرار، وأن تفرج عني كل غم وهم وكرب
وضر وضيق أنا فيه وتوسع علي في رزقي أبدا ما أحييتني وتبلغني أملي سريعا
عاجلا وتكبت أعدائي وحسادي وذوي التعزز على والظلم لي والتعدي على
وتنصرني عليهم برحمتك وتكفيني أمرهم بعزتك وتجعلني الظاهر عليهم بقدرتك
49

وغالب مشيتك يا أرحم الراحمين آمين رب العالمين، وصلى الله وملائكته وأنبياؤه
ورسله والصالحون من عباده، على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين
وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل (1).
وتقول إذا خرجت من منزلك تريد المصلى: بسم الله وبالله الله أكبر لا إله إلا
الله، والله أكبر، الله أكبر (الله أكبر) ولله الحمد الحمد لله الذي هدانا لهذا وما
كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق، اللهم يا الله يا الله
يا الله يا كهيعص يا نور كل نور، يا مدبر الأمور، يا الله يا أول الأولين ويا آخر
الآخرين، ويا ولي المؤمنين، يا أرحم الراحمين، يا رحمن يا رحيم، يا جواد يا كريم، يا سميع يا عليم.
اغفر لي الذنوب التي تزيل النعم، واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، و
اغفر لي الذنوب التي تأخذ بالكظم، واغفر لي الذنوب التي تحل السقم، واغفر لي
الذنوب التي تهتك العصم، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، واغفر لي الذنوب
التي تورث الشقاء، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي
تقطع الرجاء، واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء، واغفر لي الذنوب التي تمسك
غيث السماء، واغفر لي الذنوب الذي تكدر الصفا، واغفر لي الذنوب التي أتيتها
تعمدا أو خطئا إنك سميع قريب مجيب الحمد لله كما ينبغي لكرم وجه ربنا و
عز جلاله.
اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، يا ذا الجلال والاكرام
إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأشهدك أني أشهد أن لا إله إلا الله وحدك
لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد وأنت على كل شئ قدير، وأشهد أن محمدا
عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله وأشهد أن وعدك حق وأن لقاءك حق، وأن
الساعة آتية لا ريب فيها وأنك تبعث من في القبور، وأشهدك أنك إن تكلني إلى
نفسي تكلني إلى ضعية وعورة وذنب وخطيئة، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي

(1) الاقبال ص 425.
50

عندك عهدا تؤديه إلى يوم ألقاك إنك لا تخلف الميعاد، واغفر لي ذنوبي كلها صغيرها
وكبيرها، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
وتقول وأنت في الطريق: بسم الله وبالله، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين
وإنا إلى ربنا لمنقلبون، بسم الله مخرجي، وباذنه خرجت، ومرضاته اتبعت،
وعليه توكلت، وإليه فوضت أمري وهو حسبي ونعم الوكيل، توكلت على الاله
الأكبر، توكل مفوض إليه.
اللهم يا الله يا رحمن يا علي يا عظيم يا أحد يا صمد يا فرد يا رحيم يا وتر يا سميع
يا عليم يا عالم يا كبير يا متكبر يا جليل يا جميل يا حليم يا كريم يا قوي يا وفي يا عزيز
يا مكون يا حنان يا منان يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبار، يا قديم يا متعالي
يا معين يا تواب يا وهاب يا باعث يا وارث يا حميد يا مجيد يا معبود يا موجود يا
ظاهر يا باطن يا طاهر يا مطهر يا مكنون يا مخزون يا أول يا آخر يا حي يا قيوم
يا شامخ يا واسع يا سلام يا رفيع يا مرتفع يا نور.
يا ذا الجلال والاكرام يا ذا العزة والسلطان أسئلك أن تصلي على محمد وآل
محمد وأن تفرج عني كل هم وغم وكرب أنا فيه، وتقضى جميع حوائجي وتبلغني
غاية أملي، وتكبت أعدائي وحسادي وتكفيني أمر كل مؤذ لي سريعا عاجلا إنك
على كل شئ قدير.
فإذا دخلت إلى المصلى وجلست في الموضع الذي تصلي فيه، تقول: الله أكبر
الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، يا واسع لا يضيق ويا حسنا
عائدته يا ملبسا فضل رحمته، يا مهابا لشدة سلطانه، يا راحما بكل مكان ضرير
أصابه الضر فخرج إليك، أستجير بك في خروجي مما أخاف وأحذر، وبعز
جلالك أستجير من كل سوء ومكروه ومحذور، وباسمك الذي تسميت به وجعلته
مع قوتك ومع قدرتك ومع سلطانك وصيرته في قبضتك ونورته بكلماتك وألبسته
51

وقارها منك (1).
يا الله أطلب إليك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تمحوا عني كل كبيرة أتيتها وكل
خطيئة ارتكبتها وكل سيئة اكتسبتها، وكل سوء ومكروه ومخوف ومحذور
أرهب وكل ضيق أنا فيه، فاني آمنت بك لا إله إلا أنت، وباسمك الذي فيه
تفسير الأمور كلها.
هذا اعترافي فلا تخذلني، وهب لي عافية شاملة كافية، ونجني من كل أمر
عظيم ومكروه جسيم.
هلكت فتلافني بحق حقوقك كلها، يا كريم يا رب، بحق محمد بن عبد الله
عبدك شديد حياؤه من تعرضه لرحمتك لاصراره على ما نهيت عنه من الذنب العظيم،
يا عظيم يا عظيم يا عظيم، ما أتيت به لا يعلمه غيرك، قد شمت بي فيه القريب و
البعيد، وأسلمني فيه العدو والحبيب، وألقيت بيدي إليك طمعا لأمر واحد و
طمعي ذلك في رحمتك، فارحمني يا ذا الرحمة الواسعة وتلافني بالمغفرة من
الذنوب.
إني أسئلك بعز ذلك الاسم الذي ملا كل شئ دونك أن تصلي على محمد و
آل محمد، وأن ترحمني باستجارتي بك إليك باسمك هذا يا رحيم أتيت هذا المصلى
تائبا مما اقترفت، فاغفر لي تبعته، وعافني من اتباعه بعد مقامي، يا كريم يا رحمن يا
رحيم آمين يا رب العالمين.
اللهم يا محل النور أهل الغنى ويا مغني أهل الفاقة بسعة تلك الكنوز بالعيادة
عليهم والنظر لهم، يا الله لا يسمى غيرك إلها إنما الآلهة كلها معبودة بالفرية عليك
والكذب، لا إله إلا أنت يا سار الفقراء يا كاشف الضر، يا جابر الكسير
يا عالم السرائر والضمائر، صل على محمد وعلى آل محمد، وارحم هربي إليك
من فقري.
أسئلك باسمك الحال في غناك الذي لا يفتقر ذاكره أبدا أن تعيذني من لزوم

(1) وقار بهائك خ ل.
52

فقر أنسى به الدين، أو بسوء غنى أفتتن به عن الطاعة، بحق نور أسمائك كلها
أطلب إليك من رزقك ما توسع به علي وتكفني به عن معاصيك، وتعصمني في ديني
لا أجد لي غيرك، مقادير الأرزاق عندك، فانفعني من قدرتك بي فيها بما ينزع ما
نزل بي من الفقر، يا غني يا قوي يا متين، يا ممتنا على أهل الصبر بالدعة التي
أدخلتها عليهم بطاعتك، لا حول ولا قوة إلا بك، قد فدحتني المحن وأفنتني
وأعيتني المسالك للروح منها، واضطرني إليك الطمع فيها مع حسن الرجاء
لك فيها، فهربت بنفسي إليك وانقطعت إليك بضري، ورجوتك لدعائي، أنت
مالكي فأغنني، واجبر مصيبتي بجلاء كربها، وإدخالك الصبر علي فيها، فإنك إن
حلت بيني وبين ما أنا فيه هلكت ولا صبر لي يا ذا الاسم الجامع الذي فيه عظم
الشؤون كلها بحقك يا سيدي صل على محمد وآل محمد، وأغنني بأن تفرج عني
يا كريم (1).
بيان: الحلقه الضيقة استعيرت للضيق الشديد اللازم، وأثبت له الفك ترشيحا
للاستعارة " بحقيقة إيماني " أي بما حق وثبت بها إيماني من العقايد الحقة، أو
بايماني الذي يحق أن يسمى إيمانا، وكذا حقايق ظنوني " وعقد عزائمي " أي ما
عقدت عليه قلبي والباء للملابسة ويحتمل السببية بتكلف في بعض الفقرات " ومجاري
سيول مدامعي " قال الجوهري المدامع المآقي، وهي أطراف العين، أي المجاري التي
في رأسي يجري فيها السيول التي تخرج من مدامعي، وفي بعض النسخ السيول
بالباء الموحدة ولعله تصحيف، وفي الصحاح السبل بالتحريك المطر وأسبل المطر
والدمع إذا هطل.
وقال: ساغ الشراب يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق، والمطعم والمشرب
كأنهما مصدران، ومساغ مصدر أو اسم مكان و " لذة " عطف على " مطعمي " أو
على " مساغ " والمشام بتشديد الميم جمع المشمة آلة الشم أو مكانه، والقصب العظام
المجوفة، قال الفيروزآبادي القصب بالتحريك عظام الأصابع، وشعب الحلق ومخارج

(1) الاقبال: 428.
53

الأنفاس، وما كان مستطيلا من الجوهر، وكل نبات ذي أنابيب، وقال: الشرسوف
كعصفور غضروف معلق بكل ضلع أو مقط الضلع، وهو الطرف المشرف على
البطن انتهى.
والمراد بما حوته: الأعضاء الرئيسة وغيرها الواقعة في الجوف من القلب و
الكبد والرية والطحال والكلية والأمعاء وغيرها " وما أطبقت " على المجهول
ويحتمل المعلوم من اللسان والأضراس والأسنان وغيرها، وأطبقت الشئ على
الشئ غطيته به، وكلمة " من " في قوله: " من قدمي " بتعيضية أو سببية وقدمي
يحتمل الافراد والتثنية، ثم نسبة الشهادة إلى هذه الأشياء على بعض الوجوه على
المجاز، لأنها تشهد بلسان حالها على أن لها خالقا مدبرا حكيما عليما منزها عن
الأضداد والأنداد.
" إلها واحدا " أي معبودا وخالقا لا شريك له في الخلق وفي العبادة " أحدا "
لا جزء ولا عضو له " فردا " متفردا في الكمال والجلال " صمدا " مقصودا إليه محتاجا
إليه للكل في جميع الأمور.
" بشرا سويا " أي مستوى الأعضاء حسن الخلق " لم أكن شيئا مذكورا " أي كنت نسيا
منسيا لا اذكر بانسانية كنطفة أو علقة أو أشباههما أو كنت مقدرا في علم الله لم أكن مذكورا
عند الخلق " ومداد كلماته " أي بقدر المداد الذي يكتب به كلماته تعالى، كما قال سبحانه:
" قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي " (1) وقال: " من بعده سبعة أبحر ما
نفدت كلمات الله " (2) كلماته علومه أو تقديراته أو فضائل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام
كما مر في بعض الأخبار.
" والحكيم " قيل بمعنى الحاكم أي القاضي، وقيل فعيل بمعنى مفعول أي
الذي يحكم الأشياء ويتقنها، وقيل ذو الحكمة وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل

(1) الكهف: 109.
(2) لقمان: 27.
54

العلوم، ويقال لمن يحسن دقايق الصناعات ويتقنها حكيم " والخبير " العالم بخفايا
الأمور، وقيل هو العالم بما كان وما يكون، يقال: خبرت الامر أخبره إذا عرفته
على حقيقته.
والسميع هو الذي لا يعزب عن إدراكه مسموع، وفعيل من أبنية المبالغة،
وكذا " البصير " هو الذي لا يعزب عنه شئ من المبصرات وأحوالها، وكلاهما بغير
جارحة " والعليم " المحيط علمه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها، دقيقها وجليلها
على أتم الامكان، لا بنحو علم المخلوقين كما مر " والكريم " في أسمائه سبحانه الجواد
المعطي الذي لا ينفد عطاؤه، أو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل.
" والحليم " قيل هو الذي لا يستخفه شئ من عصيان العباد ولا يستفزه الغضب
عليهم، ولكنه جعل لكل لشئ مقدارا فهو منته إليه " والقديم " هو الذي ليس
لوجوده ابتداء ولا علة ويمتنع عليه العدم " والغنى " هو الذي لا يحتاج إلى أحد في
شئ، وكل أحد محتاج إليه وهذا هو الغني المطلق " والمغنى " أي يغنى من
يشاء من عباده " والعظيم " هو الذي جاوز قدره وجل عن حدود العقول حتى لا
يتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته.
ومن أسمائه تعالى العلي والعالي والمتعالي، فالعلي والعالي الذي ليس
فوقه شئ في الرتبة والحكم، والمتعالي الذي جل عن إفك المفترين وعلا شأنه و
قيل جل عن كل وصف وثناء، وقد يكون بمعنى العالي.
" والمحيط " هو الذي أحاط علما وقدرة ولطفا ورحمة بكل شئ " والرؤوف "
هو الرحيم بعباده العطوف عليهم بألطافه والرأفة أرق من الرحمة، ولا تكاد تقع
في الكراهة للمصلحة، والغفار والغفور من أبنية المبالغة، ومعناهما الساتر لذنوب
عباده وعيوبهم، والمتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم، وأصل الغفر التغطية، والودود فعول
بمعنى فاعل أي يحب عباده الصالحين، أو بمعنى مفعول أي محبوب في قلوب أوليائه
والشكور هو الذي يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، فشكره
لعباده مغفرته لهم وإثابته إياهم، وهو من أبنية المبالغة، والشاكر أيضا بمعناه.
55

والجليل هو الموصوف بنعوت الجلال والحاوي جميعها، وهو الجليل المطلق
قيل وهو راجع إلى كمال الصفات كما أن الكبير راجع إلى كمال الذات، والعظيم
راجع إليهما معا، والجميل حسن الافعال كامل الأوصاف، والحميد المحمود
على كل حال فعيل بمعنى مفعول، والمجيد قيل إذا قارن شرف الذات حسن الفعال
فهو مجيد وقد مر القول فيه.
والمبدئ هو الذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداء من غير سابق مثال، والمعيد
هو الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات في الدنيا وبعد الممات إلى الحياة في
الآخرة، والباعث هو الذي يبعث الخلق أي يحييهم بعد الممات يوم القيامة، والوارث
هو الذي يرث الخلايق ويبقى بعد فنائهم، والقادر والقدير والمقتدر متقاربة
المعنى، والقدير أبلغ من القادر، والمقتدر أبلغ منهما والقاهر هو الغالب على جميع
الخلايق والقهار أبلغ منه.
والتواب الكثير القبول لتوبة عباده والبار والبر هو العطوف على عباده
ببره ولطفه، والقوي العظيم القدرة، والبديع هو الخالق المخترع لا عن مثال
سابق، فعيل بمعنى مفعول، والوكيل هو القيم الكفيل بأرزاق العباد وحقيقته
أنه يستقل بأمر الموكول إليه، وقريب منه معنى الكفيل، وهو المتكفل بأمور
الخلايق.
القريب هو القريب إلى عباده بالرحمة والإجابة، والعالم بأحوالهم وقريب
منه المجيب كما قال سبحانه: " وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب " (1)
الأول أي السابق بالعلية، المنير جاعل السماوات والأرض ومن فيهما نيرا
بالوجود والهداية والعلم والكمال، والولي الناصر أو المستولي لأمور العالم
والخلايق القائم بها، والهادي هو الذي بصر عباده وعرفهم طريق معرفته حتى أقروا
بربوبيته، وهدى كل مخلوق إلى ما لا بد في بقائه ودوام وجوده، والناصر هو
الذي ينصر أولياءه على أعدائه، والواسع هو الذي وسع غناه كل فقير ورحمته

(1) البقرة: 186.
56

كل شئ.
المحيي لعباده بالحياة الظاهرة وبالايمان والعلم، والأرض بالنبات، وكذا
المميت بالمعاني، ولقبضه وبسطه سبحانه وجوه: قبض الرزق عن أقوام وتقتيره عليهم
وبسطه على آخرين، أو قبض العلم والمعارف عن قوم ليست لهم قابلية، وبسطها
على المواد القابلة والتعميم أولى، وقيل يقبض الصدقات ويبسط الجزاء وقال تعالى
" والله يقبض ويبسط إليه يرجعون " (1)
والقائم هو القائم بتدبير الخلائق والحافظ عليهم أعمالهم حتى يجازيهم كما قال تعالى
" أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " (2) والشهيد هو الذي لا يغيب عنه شئ
والشاهد الحاضر، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة
فهو الخبير، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد، وقد يعتبر مع ذلك أن
يشهد عليهم يوم القيامة بما علم منهم.
والرقيب الحافظ الذي لا يغيب عنه شئ، والحبيب محب الأولياء أو محبوبهم
والحسيب كما في بعض النسخ هو الكافي، فعيل بمعنى مفعل، من أحسبني الشئ
أي كفاني وأحسبته وحسبته بالتشديد أعطيته ما يرضيه حتى يقول حسبي، ويحتمل
أن يكون بمعنى المحاسب.
المالك هو المتملك لجميع المخلوقات وملكها يجرى فيها حكمه كيف شاء
والنور هو الظاهر بنفسه المظهر لغيره، وقيل هو الذي يبصر بنوره ذو العماية ويرشد
بهداه ذو الغواية، وقيل هو الظاهر الذي به كل ظهور غيره والكل يرجع إلى الأول
والرفيع الذي هو أرفع من أن يصل إليه عقول الخلق أو يشبهه شئ، والمولى
الرب والمالك والسيد والمنعم والناصر والمحب، قال سبحانه " ذلك بأن الله
مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم " (3).

(1) البقرة: 245.
(2) الرعد: 33.
(3) القتال: 15.
57

والظاهر هو الذي ظهر فوق كل شئ وعلا عليه، وقيل هو الذي عرف بطرق
الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أفعاله وصنائعه، الباطن هو المحتجب عن
أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر، ولا يحيط به وهم، وقيل هو العالم بما بطن
يقال: بطنت الامر إذا عرفت باطنه، والاخر هو الباقي بعد فناء خلقه كله كما مر
والطاهر أي عن العيوب والنقايص المطهر لغيره عنها، واللطيف المجرد أو الذي
يفعل بعباده ما يقربهم إلى الطاعة أو صانع لطائف الخلق وقيل هو الذي اجتمع له
الرفق في الفعل والعلم بدقايق المصالح، وإيصالها إلى من قدرها له من خلقه،
يقال: لطف به وله بالفتح تلطف: إذا رفق به، وأما لطف بالضم يلطف فمعناه
صغر ودق.
الخفي بحسب كنه الذات والصفات والمليك مبالغة في المالك، والفتاح هو
الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده وقيل معناه الحاكم بينهم يقال: فتح الحاكم
بين الخصمين إذا فصل بينهما، والفاتح الحاكم والفتاح من أبنية المبالغة وكذا العلام
والطول الفضل والعلو على الأعداء، والحول القوة والحيلة، والمعين أي على
الطاعات وسائر الأمور.
والجلال العظمة والاستغناء المطلق، والاكرام الفضل العام، والإغاثة الإعانة
والمحمود المستحق للحمد في جميع الأحوال، والمعبود المستحق للعبادة على
الاطلاق، والمحسن ذو الاحسان العظيم، والمجمل المعامل بالجميل، والحنان
بتشديد النون الرحيم بعباده، فعال من الحنان بمعنى الرحمة للمبالغة، والمنان
هو المنعم المعطي من المن العطاء لا المنة، والضر بالضم سوء الحال وكبت الله
العدو صرفه وأذله.
ويقال أخذت بكظمه بالتحريك أي بمخرج نفسه " تهتك العصم " الهتك خرق
الستر والعصم جمع العصمة، وهي ما يعتصم به، ولما كان الستر مما يعتصم به عن
الفضيحة عبر عنه بالعصمة، أو استعمل الهتك هنا بمعنى الفصم والقطع.
58

والصفا بالقصر جمع الصفاة وهي الصخرة الملساء " فاطر السماوات والأرض "
أي مبدعهما بلا مادة ولا مثال سبق، والغيب ما غاب عن الحواس، والشهادة ما شهدها
" وإن لقاءك " أي لقاء جزائك وحسابك في القيامة " وضعة " بكسر الضاد وفتحها
ضد الرفعة، وفي بعض النسخ " وضيعة " ولعله أنسب، والعورة كل ما يستحيى منه
وكل حال يتخوف منه في ثغر أو حرب، وفي بعض النسخ بالزاي من قولهم أعوزه
الشئ إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه، وعوز الشئ عوزا إذا لم يوجد وعوز الرجل
أعوز إذا افتقر.
" وما كنا له مقرنين " أي مطيقين " بسم الله مخرجي " أي خروجي باستعانة
اسم الله، والوتر بكسر الواو وفتحه الفرد، والله واحد في ذاته لا يقبل الانقسام و
التجزية، واحد في صفاته لا شبه له ولا مثل، واحد في أفعاله لا شريك له ولا معين،
والكبير العظيم بالذات، والمتكبر الذي أظهر كبرياءه، وقيل أي العظيم ذو الكبرياء
وقيل المتعالى عن صفات الخلق، وقيل المتكبر على عتاة خلقه، والتاء فيه للتفرد
والتخصص لا تاء التعاطي والتكلف.
والوفي الذي يفي بمواعيده وعهوده، والعزيز الغالب القوي الذي لا يغلب
والعزة في الأصل القوة والشدة والغلبة، والمؤمن هو الذي يصدق عباده وعده،
فهو من الايمان التصديق، أو يؤمنهم في القيامة عذابه، فهو من الأمان والامن
ضد الخوف.
والمهيمن قيل هو الرقيب، وقيل الشاهد وقيل المؤتمن، وقيل القائم
بأمور الخلق، وقيل أصله مؤيمن فأبدلت الهاء من الهمزة وهو مفيعل من
الأمانة.
" يا موجودا " أي يجده من يطلبه، والمكنون الذي كنه ذاته مستور عن
الخلق، وكذا المخزون، أو معرفته وألطافه الخاصة مخزونة عن غير أوليائه، الحي
الذي يصح أن يعلم ويقدر، والقيوم الدائم القيام بتدبير الخلق أو القائم بالذات
الذي يقوم به كل شئ، والشامخ الرفيع العالي، والسلام هو السالم من جميع
59

العيوب النقايص، والسلطان مصدر بمعنى السلطنة.
والضرير من أصابه الضر وسوء الحال، وقد يطلق على الذاهب البصر، وعلى المريض المهزول " وجعلته مع قوتك " أي تخلق الأشياء وتمضي الأمور بذلك
الاسم كما ورد في ساير الأخبار والأدعية، ولا يصل إلى فهمه عقولنا وفي بعض النسخ
" وجعلته سرك مع قوتك " أي أخفيت ذلك الاسم كما أخفيت كنه قدرتك
وسلطنتك.
" ونورته بكلماتك " أي بساير أسمائك أو بتقديراتك أو بعلومك ومعارفك أو
بأنبيائك وأوصيائهم صلى الله عليهم كما مر.
" فاني بك " أي أقسم بك أو أتوسل، أو المعنى أن وجودي وجميع أموري
بك، وتلافيته تداركته، والدعة الخفض، وأعيتني المسالك أي حيرتني وملتني
الطرق التي سلكتها للروح من المحن فلم يتيسر لي ذلك، قال الجوهري يقال:
عيي إذا لم يهتد لوجهه، وعييت بأمري إذا لم تهتد لوجهه، وأعيى الرجل في المشي
وداء عياء أي صعب لا دواء له كأنه أعيى الأطباء.
ولعل الاسم الجامع هو الاسم الذي تفرد الحق تعالى به، ويدل على كنه
الذات فإنه يدخل فيه جميع الشؤون العظيمة والصفات الجليلة التي حجب الخلق
عن كنهها، وقد مر في باب الأسماء إشارة إليه مع الأسماء الدالة عليه، وقد مر
شرح الأسماء بعضه في هذا المجلد، وبعضه في كتاب التوحيد، وإنما أشرنا هنا إلى
بعضها لبعد العهد والله الموفق.
2 الاقبال: أخبرنا جماعة قد ذكرنا بعض أسمائهم في الجزء الأول من
المهمات بطرقهم المرضيات إلى المشايخ المعظمين محمد بن محمد بن النعمان والحسين
ابن عبيد الله وجعفر بن قولويه وأبي جعفر الطوسي وغيرهم باسنادهم جميعا إلى سعد
ابن عبد الله من كتاب فضل الدعاء المتفق على ثقته وفضله وعدالته باسناده فيه إلى
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: صلاة العيدين تكبر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة سبع تكبيرات في
الأولى وخمس تكبيرات في الثانية تكبر باستفتاح الصلاة ثم تقرأ الحمد وسورة
60

سبح اسم ربك الاعلى ثم تكبر فتقول:
الله أكبر. أهل الكبرياء والعظمة، والجلال والقدرة، والسلطان والعزة
والمغفرة والرحمة، الله أكبر. أول كل شي ء وآخر كل شئ، وبديع كل شئ
ومنتهاه، وعالم كل شئ ومنتهاه، الله أكبر. مدبر الأمور، باعث من في القبور
قابل الاعمال، مبدئ الخفيات معلن السرائر، ومصير كل شئ ومرده إليه،
الله أكبر. عظيم الملكوت، شديد الجبروت، حي لا يموت، الله أكبر. دائم لا يزول،
إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
ثم تكبر وتركع وتسجد سجدتين فذلك سبع تكبيرات أولها استفتاح الصلاة
وآخرها تكبيرة الركوع، وتقول في ركوعك " خشع قلبي وسمعي وبصري وشعري
وبشري وما أقلت الأرض مني لله رب العالمين، سبحان ربي العظيم وبحمده "
ثلاث مرات فان أحببت أن تزيد فرد ما شئت ثم ترفع رأسك من الركوع، وتعتدل
وتقيم صلبك وتقول: " الحمد لله والحول والعظمة والقوة والعزة والسلطان و
الملك والجبروت والكبرياء وما سكن في الليل والنهار لله رب العالمين، لا
شريك له ".
ثم تسجد وتقول في سجودك " سجد وجهي البالي الفاني الخاطئ المذنب
لوجهك الباقي الدائم العزيز الحكيم، غير مستنكف ولا مستحسر ولا مستعظم ولا
متجبر، بل بائس فقير خائف مستجير عبد ذليل مهين حقير، سبحانك وبحمدك
أستغفرك وأتوب إليك " ثم تسبح وترفع رأسك وتقول " اللهم صل على محمد
وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة واغفر لي معهم وفيهم وفي زمرتهم ومن
المقربين آمين يا رب العالمين " ثم تسجد الثانية وتقول مثل الذي قلت في الأولى فإذا
نهضت في الثانية تقول " برئت إلى الله من الحول والقوة، لا حول ولا قوة إلا بالله "
ثم تقرأ فاتحة الكتاب وسورة الشمس وضحيها ثم تكبر وتقول:
61

الله أكبر. خشعت لك يا رب الأصوات، وعنت لك الوجوه، وحارت من دونك
الابصار، الله أكبر. كلت الألسن عن صفة عظمتك، والنواصي كلها بيدك، أحاط
بكل شئ علمك، وقهر كل شئ عزك، ونفذ في كل شئ أمرك وقام كل شئ
بك، الله أكبر. تواضع كل شئ لعظمتك، وذل كل شئ لعزك، واستسلم كل
شئ لقدرتك، وخضع كل شئ لملكك، الله أكبر.
ثم تكبر وتقول وأنت راكع مثل ما قلت في ركوعك الأول وكذلك في السجود
وما قلت في الركعة الأولى ثم تتشهد بما تتشهد به في ساير الصلوات فإذا فرغت
دعوت بما أحببت للدين والدنيا (1).
بيان: قوله عليه السلام: " وآخر كل شئ " أقول في الفقيه (2) برواية الكناني
" وآخره " وفيه " وعالم كل شئ ومعاده " مع زيادات اخر " مبدي الخفيات "
بغير همز أي مظهرها، وفي النهاية فيه ادعوا الله عز وجل ولا تستحسروا أي لا تملوا
وهو استفعال من حسر إذا أعيا وتعب، يحسر حسورا، فهو حسير، ولا مستظعم أي
متعظم لنفسي، والمهين الحقير والضعيف " والأئمة " أي تذكرهم عليهم السلام وفي زوائد
الفوائد بعده: تعدهم واحدا واحدا.
وفي القاموس قطع بزيد كعني فهو مقطوع به، عجز عن سفره بأي سبب كان
أو حيل بينه وبين ما يؤمله " وفيهم " أي من بينهم أو في أتباعهم، وقوله: " وفي زمرتهم "
كأنه تأكيد له.
وقال في النهاية الخشوع في الصوت والبصر كالخضوع في البدن، وقال: كل
من ذل واستكان وخضع فقد عنا يعنو وهو عان " وحارت من دونك " ليس في الفقيه
كلمة " من " وهو أظهر أي حارت عندك أي قبل الوصول إليك، فكيف إذا وصلت
" ولا يتم شئ منها دونك " أي بدون تدبيرك وإرادتك.

(1) الاقبال: 428.
(2) الفقيه ج 1 ص 324
62

قوله: " ثم تكبر " الظاهر أنه كان ثم تركع وعلى ما في النسخ لعله تأكيد
وإن كان خبر أبي الصباح في الفقيه أيضا يوهم كون التكبيرات والقنوتات في الثانية
أيضا خمسا لكن التصريح في أول الخبر بالعدد يأبى عن ذلك مع مخالفته للاجماع و
ساير الروايات.
أقول: ثم قال السيد رضي الله عنه: ومن غير هذه الرواية فإذا فرغت من
صلاة عيد الأضحى فادع بهذا الدعاء (1):
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله
الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له
مسلمون، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه ولو كره الكافرون، لا إله إلا الله ربنا
ورب آبائنا الأولين، لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده، ونصر عبده
وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد وهو على كل
شئ قدير.
سبحان الله كلما سبح الله شئ وكما يحب الله أن يسبح وكما ينبغي لكرم
وجهه وعز جلاله، والله أكبر، كلما كبر الله شئ وكما يحب الله أن يكبر وكما
ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، والحمد لله كلما حمد الله شئ وكما يحب الله أن
يحمد وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، ولا إله إلا الله كلما هلل الله شئ و
كما يحب الله أن يهلل وكما ينبغي لكرم ووجهه وعز جلاله وسبحان الله والحمد لله
عدد الشفع والوتر وعدد كل نعمة أنعمها الله علي وعلى أحد من خلقه ممن كان
أو يكون إلى يوم القيامة.
أعيذ نفسي وديني وسمعي وبصري وجسدي وجميع جوارحي وما أقلت
الأرض مني وأهلي ومالي وولدي وجميع من تشمله عنايتي وجميع ما رزقتني يا
رب وكل من يعنيني أمره بالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا
نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين

(1) الاقبال ص 429.
63

أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات
والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي و
لو جئنا بمثله مددا قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن
كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.
والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا إن إلهكم لواحد رب
السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، إنا زينا السماء الدنيا بزينة
الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلي الملا الاعلى ويقذفون من
كل جانب دحورا، ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب
فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله
رب العالمين.
يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض
فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأي آلاء ربكما تكذبان، يرسل عليكما شواظ من
نار، ونحاس فلا تنتصران، فبأي آلاء ربكما تكذبان، لو أنزلنا هذا القرآن على
حبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم
يتفكرون.
هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم، هو الله
الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر
سبحان الله عما يشركون، هو الخالق الباري المصور له الأسماء الحسنى يسبح
له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم.
قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، قل أعوذ
برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شرب النفاثات في العقد و
64

من شر حاسدا إذا حسد، قل أعوذ برب الناس ملك الناس. إله الناس من شر
الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.
اللهم إنك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الاعلى، وإليك الرجعى والمنتهى، ولك
الآخرة والأولى، اللهم إنا نعوذ بك أن نذل أو نخزى، اللهم صل على محمد عبدك
ورسولك وآله، بأفضل صلواتك، واغفر لي ولوالدي وما ولدا ولجميع المؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات والأهل والقرابات،
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لجميع ظلمي وجرمي وذنوبي وإسرافي
على نفسي وأتوب إليه.
اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، ومن بين
يدي نورا، ومن خلفي نورا، ومن فوقي نورا، ومن تحتي نورا، وأعظم لي
النور، واجعل لي نورا أمشى به في الناس، ولا تحرمني نورك يوم ألقاك.
إن في في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لأولي الألباب
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات
والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار، ربنا إنك من
تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار، ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي
للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا
مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا
تخلف الميعاد.
سبحان رب الصباح الصالح، فالق الاصباح، وجاعل الليل سكنا و
الشمس والقمر حسبانا اللهم اجعل أول يومي هذا صلاحا وأوسطه فلاحا وآخره
نجاحا.
اللهم من أصبح وحاجته إلى مخلوق وطلبته إليه فان حاجتي وطلبتي إليك لا
شريك لك، الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات
وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم و
65

لا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده
حفظهما وهو العلي العظيم، لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر
بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم
الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت
يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن
له كفوا أحد.
بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق
إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد.
بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من
شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله
رب العالمين.
اللهم إني أسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على مغالق أبواب السماوات
للفتح انفتحت، وأسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على مضائق الأرضين للفرج
انفرجت، وأسألك بأسمائك التي إذا دعيت بها على البأساء والضراء للكشف تكشفت
وأسئلك بأسمائك التي إذا دعيت بها على أبواب العسر تيسرت، وأسئلك بأسمائك
التي إذا دعيت بها على الأموات للنشور انتشرت، ذلك أن
تصلي على محمد وآل محمد، وأن
تعرفني بركة هذا اليوم ويمنه، وترزقني خيره وتصرف عني شره، وتكتبني فيه
من خيار حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم،
المكفر عنهم سيئاتهم، وأن توسع علي في رزقي وتقضي عني ديني وتؤدي عني
أمانتي، وتكشف عني ضري، وتفرج عني همي وغمي وكربي، وتبلغني أملي، و
تعطيني سؤلي ومسألتي، وتزيدني فوق رغبتي، وتوصلني إلى بغيتي سريعا عاجلا
66

وتخير لي وتختار لي برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل اسمى في هذا اليوم في السعداء، وروحي مع
الشهداء، وإحساني في عليين، وإساءتي مغفورة، وهب لي يقينا تباشر به قلبي وإيمانا يذهب
بالشك عني، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار (1).
توضيح: " وما أقلت الأرض مني " أي حملته من جوارحي وأعضائي " ومن
تشمله عنايتي " أي اعتنائي واهتمامي بأمره، وكذا قوله: " كل من يعنيني أمره "
أي يهمني وقد مر تفسير الآيات.
" إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض " أي إن قدرتم أن
تخرجوا من جوانبهما هاربين من الله فارين من قضائه " فانفذوا " أي فاخرجوا " لا
تنفذون " أي لا تقدرون على النفوذ " إلا بسلطان " أي إلا بقوة وقهر وأنى لكم
ذلك؟ أو إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السماوات والأرض فانفذوا لتعلموا لكن
لا تنفذون ولا تعلمون إلا ببينة نصبها الله فتعرجون عليها بأفكاركم " فبأي آلاء
ربكما تكذبان " أي من البينة والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة، أو
مما نصب من المصاعد العقلية والمعارج النقلية فتنفذون بها إلى ما فوق السماوات
العلى.
" يرسل عليكما شواظ " أي لهب " من نار ونحاس " أي دخان أو صفر
مذاب يصب على رؤسهم " فلا تنصران " أي فلا تمتنعان " فبأي آلاء ربكما تكذبان "
فان التهديد لطف والتميز بين المطيع والعاصي بالجزاء والانتقام من الكفار من
عداد الآلاء.
" لو أنزلنا هذا القرآن على جبل " قال الطبرسي (2): تقديره لو كان الجبل
مما ينزل عليه القرآن ويشعر به مع غلظه وجفاء طبعه وكبر جسمه لخشع لمنزله
وانصدع من خشيته تعظيما لشأنه، فالانسان أحق بهذا لو عقل ما فيه، وقيل معناه

(1) الاقبال ص 433.
(2) مجمع البيان ج 10 ص 266 في آية الحشر: 21.
67

لو كان الكلام ببلاغته يصدع الجبل لكان هذا القرآن يصدعه، وقيل إن المراد به
ما يقتضيه الظاهر بدلالة قوله: " وإن منها لما يهبط من خشية الله " وهذا وصف
للكافر بالقسوة حيث لم يلين قلبه بمواعظ القرآن الذي لو نزل على جبل لتخشع، و
يدل على أن هذا تمثيل قوله: " وتلك الأمثال " الآية.
والرجعي بالضم مصدر بمعنى الرجوع أي إليك رجوع أي انتهاء الخلائق ورجوعهم في الدنيا والآخرة، و
قد ورد في أخبار كثيرة في تأويل قوله سبحانه " وان إلى ربك المنتهى " أن المعنى
إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا، وقد مر في كتاب التوحيد.
" أن نذل أو نخزى " يمكن تخصيص الأول بالدنيا والثاني بالعقبى، فان
الخزي هو الذل والهوان " أمشي به في الناس " مقتبس من قوله تعالى: " أو من كان
ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج " (1)
مثل به من هداه الله وأنقذه من الضلال وجعل له نور الحجج والآيات يتأمل في
الأشياء فيميز بين الحق والباطل والمحق والمبطل، والمشي بين الناس يمكن
أن يكون بالهداية والارشاد أو يمشى به بينهم محترزا من ضلالتهم، أو المراد المشي
العقلاني بقدم الفكر والنظر، وقد مر في الأخبار الكثيرة تأويل النور
بالامام عليه السلام.
" فالق الاصباح " أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن بياض النهار
أو شاق ظلمة الاصباح وهو الغبش الذي يليه، والاصباح في الأصل مصدر سمي به
الصبح " وجاعل الليل سكنا " يسكن إليه من تعب بالنهار لاستراحة فيه، من
سكن إليه إذا اطمأن إليه استناسا به، أو يسكن فيه الخلق من قوله: " لتسكنوا
فيه ".
" والشمس والقمر " بالنصب عطفا على محل الليل أو بالجر عطفا
على اللفظ كما قرئ بهما " حسبانا " أي على أدوار مختلفة تحسب بها الأوقات،

(1) الانعام: 122.
68

وهو مصدر حسب بالفتح، كما أن الحسبان بالكسر مصدر حسب بالكسر،
وقيل جمع حساب كشهاب وشهبان، وقال الجوهري الطلبة بكسر اللام ما طلبته
من شئ.
3 - الاقبال: وتدعو أيضا في يوم عيد الأضحى فتقول: (1)
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، ولله الحمد، اللهم ربنا لك
الحمد كما ينبغي لعز سلطانك وجلال وجهك، لا إله إلا أنت الحليم الكريم،
وسبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، والحمد لله رب
العالمين.
اللهم إني أسئلك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الحي القيوم لا تأخذه
سنة ولا نوم لا إله إلا الله إلها واحدا له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي
لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، اللهم إني أسألك بمعاقد العز من
عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك العظيم وجدك الاعلى، وبكلماتك
التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر.
وأسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم
المحيي المميت الغفور الودود ذو العرش المجيد الفعال لما يريد الحي القيوم الذي
لا يموت، قدوس قدوس تباركت وتعاليت خالق ما يرى وما لا يرى، فإنك بديع
لم يكن قبلك شئ، وسميع لم يكن دونك شئ، ورفيع لم يكن فوقك شئ أسألك
باسمك المخزون المكنون وباسمك التام النور، وباسمك الطهر الطاهر، وباسمك
الذي إذا سئلت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، وإذا سميت به رضيت، أن تصلي
على محمد وآل محمد وأن ترحمني وترحم والدي وما ولدا والمؤمنين والمؤمنات و
المسلمين والمسلمات والقانتين والقانتات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات وأن
تفرج عني همي وغمي وكربي وضيق صدري وتقضي عني ديوني وتؤدي عنى
أمانتي وتوصلني إلى بغيتي وتسهل لي محبتي وتيسر لي إرادتي سريعا عاجلا

(1) الاقبال ص 433.
69

إنك قريب مجيب.
اللهم اشرح صدري للاسلام، وزيني بالايمان، وألبسني التقوى، وقني عذاب
النار، اللهم رب النجوم السايرة، ورب البحار الجارية، ورب الدنيا والآخرة
مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من
تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
تعطي منهما ما تشاء وتمنع منهما ما تشاء اقض عني ديني، وفرج عنى كل هم
وبلاء، إنك سميع الدعاء، فعال لما تشاء قريب مجيب.
اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إلى واجعل أخوف الأشياء عندي خوفك،
وارزقني الشوق إلى لقائك، وأقرر عيني بعبادتك، لا إله إلا الله وحده لا شريك له
إلها واحدا أحدا فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يلد ولم يولد ولم يكن
له كفوا أحد.
لا إله إلا الله أختم بها عملي لا إله إلا الله عند خروج نفسي، لا إله إلا الله
أسكن بها قبري، لا إله إلا الله ألقى بها ربي، اللهم لك الحمد حمدا على حمد
ولكل أسمائك حمد وفي كل شئ لك حمد، وكل شئ لك عبد اللهم لك الحمد
حمدا على حمد حمدا دائما أبدا خالدا لخلودك وزنة عرشك وكما ينبغي لكرم
وجهك وعز جلالك وعظم ربوبيتك وكما أنت أهله اللهم لك الحمد على البأساء،
ولك الحمد على الضراء، حمدا يوافي نعمك ويكافي مزيدك.
اللهم أنت نور السماوات والأرض، وضياء السماوات والأرض، وملك
السماوات والأرض، أنت ذو العز والفضل والعظمة والكبرياء والقدرة على خلقك
اللهم إني أسئلك بأسمائك كلها يا الله يا الله يا الله، لا إله إلا أنت يا الله أسألك
بأسمائك يا قديم يا قدير يا دائم يا فرد يا وتر يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد.
اللهم إني أسئلك يا نور كل شئ وهدى كل شئ ومالك كل شئ ومنتهى كل شئ
ومميت كل شئ ومحيي كل شئ وخالق كل شئ أنت الخالق البارئ لك البقاء ويفنى
70

كل شئ اللهم إني أسئلك بأسمائك كلها مع اسمك العظيم رب العرش العظيم، لا إله إلا
أنت أسئلك بوجهك الكريم، ونورك القديم، وعفوك العظيم، لا إله إلا أنت يا كريم.
اللهم إني أسئلك بلا إله إلا أنت وباسمك الذي خلقت به النور الذي أضاء
كل شئ وأسئلك باسمك الذي خلقت به الظلمة التي أطبقت على كل شئ وأسئلك
باسمك الذي خلقت الخلق وبه تميت الخلق به به به أسألك يا جميل يا حي يا قيوم
يا باعث يا وارث يا ذا الجلال والاكرام.
أسئلك باسمك العظيم الذي خلقت به العرش العظيم، فإنك خلقته باسمك
العظيم، وأسئلك باسمك الذي طوقت به حملة العرش حين حملتهم وأسألك باسمك الذي
به أحطت الأرض، فإنه اسمك يا الله يا رب يا رب يا رب أسألك باسمك الذي
خلقت به الملائكة الخارجين من الأقطار، فإنك خلقتهم باسمك العزيز يا قريب
يا مجيب يا باعث يا وارث، أسئلك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تفرج عني
كل هم وغم وكرب وضر وضيق أنا فيه، وأن تستنقذني من ورطتي، وتخلصني
من محنتي، وأن تبلغني أملي سريعا عاجلا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يا الله يا قديم الاحسان، يا دائم المعروف، يا من لا يشغله سمع عن
سمع ولا يغلطه ولا يضجره إلحاح الملحين، ولا يشغله شأن عن شأن، ولا تتعاظمه
الحوائج، يا مطلق الاطلاق، يا مدر الأرزاق، يا فتاح الاغلاق، يا منقذ من في
الوثاق، يا واحد يا رزاق صل على محمد وعلى آل محمد، واقض لي جميع حوائجي و
اكشف ضري، فإنه لا يكشفه أحد سواك يا أرحم الراحمين.
اللهم قد أكدى الطلب وأعيت الحيل إلا عندك، وسدت المذاهب وضاقت
الطرق إلا إليك، وخابت الثقة واختلف الظن إلا بك، وتصرمت الأشياء و
كذبت العدات إلا عدتك.
اللهم وإني أجد سبل المطالب إليك مشرعة، ومناهل الرجاء إليك مترعة
والاستعانة بفضلك لمن ائتم بك مباحة، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة وأعلم
إنك لداعيك بموضع إجابة، وللصارخ إليك بمرصد إغاثة، وأن القاصد إليك
71

قريب المسافة، ومناجاة الراحل إليك غير محجوبة عن أسماعك وأن اللهف إلى
جودك والرضا بعدتك والاستغاثة بفضلك عوض عن منع الباخلين وخلف من ختل
المواربين.
اللهم وإني أقصدك بطلبتي وأتوجه إليك بمسألتي وأحضرك رغبتي
وأجعل بك استغاثتي وبدعائك تحرمي، من غير استحقاق مني لاستماعك
لا استيجاب لإجابتك عن بسط يد إلى طاعتك، أو قبض يد من معاصيك، ولا اتعاظ
مني لزجرك ولا إحجام عن نهيك إلا لجا إلى توحيدك ومعرفتك، بمعرفتي أن
لا رب لي غيرك، ولا قوة ولا استعانة إلا بك، إذ تقول يا إلهي وسيدي ومولاي
لمسرفي عبادك " لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور
الرحيم " وتقول لهم إفهاما وموعظة وتكرارا " ومن يغفر الذنوب إلا الله " فارحمنا
برحمتك يا أرحم الراحمين، واكشف ضري ونحيبي إليك إنك أنت السميع
العليم.
اللهم يا رب تكذيبا لمن أشرك بك، وردا على من جعل الحمد لغيرك
تباركت وتعاليت علوا كبيرا، بل أنت الله لك الحمد رب العالمين، أنت الله العزيز
الحكيم، أنت الله العليم الحليم، أنت الله الغفور الرحيم، أنت الله ملك يوم الدين،
أنت الله خالق كل شئ وإليك يعود، أنت الله الذي لا إله إلا أنت، أنت الله
الخالق عالم السر وأخفى لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد لم تلد ولم تولد
ولم يكن لك كفوا أحد.
اللهم إنك حي لا تموت، وخالق لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع
لا تشك، وصادق لا تكذب، وقاهر لا تقهر وبدئ لا تتغير، وقريب لا تبعد وقادر
لا تضاد، وغافر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام ومجيب لا تسأم، و
جبار لا تكلم، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم، وقوى لا تضعف، ووفي لا تخلف،
وعدل لا تحيف، وغني لا تفتقر، وكبير لا تغادر، وحكيم لا تجور، وممتنع
لا تمانع، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تخفى، وغالب لا تغلب، وبر لا تستأمر
72

وفرد لا تشاور، ووهاب لا تمل، وواسع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز
لا تغلب، وحافظ لا تغفل، وقائم لا تنام، ومحتجب لا تزول، ودائم لا تفنى، وباق
لا تبلى، وواحد لا شبيه لك، ومقتدر لا تنازع.
اللهم إني أسئلك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت لحنان المنان، بديع
السماوات والأرض، ذو الجلال والاكرام، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تبلغني
غاية أملي وأبعد أمنيتي وأقصى أرجيتي وتكشف ضري فإنه لا يكشفه أحد سواك
برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك يا نور السماوات والأرضين، ويا عماد السماوات والأرضين
ويا قيوم السماوات والأرضين، ويا جمال السماوات والأرضين، ويا زين السماوات و
الأرضين، ويا بديع السماوات والأرضين، يا ذا الجلال والاكرام، يا صريخ
المستصرخين، يا غياث المستغيثين، يا منتهى رغبة العابدين، يا منفس عن المكروبين،
يا مفرج عن المغمومين، يا كاشف الضر. يا مجيب دعوة المضطرين، يا ارحم
الراحمين، يا إله العالمين منزول بك كل حاجة يا حنان يا منان يا ذا الجلال و
الاكرام يا نور السماوات والأرضين وما بينهن ورب العرش العظيم يا رب يا رب
يا رب.
اللهم إني أسألك بوجهك الكريم النور المشرق الحي الباقي الدائم وبوجهك
القدوس الذي أشرقت له السماوات والأرضون وانفلقت به الظلمات أن تصلي على
محمد وآل محمد وأن تفرج عني كل هم وغم وكرب وضر وضيق أنا فيه وأن
ترحمني وترحم والدي وما ولدا والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء
منهم والأموات إنك على كل شئ قدير يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا تصفه
الواصفون، ولا تعتريه الحوادث ولا تغشاه الدوائر، تعلم مثاقيل الجبال ومكاييل
البحار، وعدد قطر الأمطار وورق الأشجار، وما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار
ولا يواري منك سماء سماء، ولا أرض أرضا ولا جبل ما في وغده ولا بحر ما في قعره
73

أن تجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك إنك على
كل شئ قدير.
اللهم فل عني حد من نصب لي حده، وأطف عني نار من شب لي ناره
واكفني هم من أدخل على همه واعصمني بالسكينة والوقار، وأدخلني في درعك
الحصينة، وأدخلني برحمتك في سترك الواقي، يا من لا يكفي منه شئ اكفني ما
أهمني من أمر دنياي وآخرتي يا أرحم الراحمين.
يا حقيق يا شفيق، يا ركني الوثيق، أخرجني من حلق المضيق إلى فرج منك
قريب، ولا تحملني يا عزيز بحق عزك ما لا أطيق، أنت الله سيدي ومولاي الملك
الحق الحقيق، يا مشرق البرهان، يا قوي الأركان يا من وجهه في هذا المكان
احرسني بعينك التي لا تنام واكفني بكفايتك التي لا ترام، اللهم لا أهلك وأنت الرجاء
فارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم رب النور العظيم، ورب الشفع والوتر، ورب البحر المسجور،
والبيت المعمور، ورب التوراة والإنجيل، ورب القرآن العظيم، أنت الله إله
من في السماوات والأرضين، لا إله فيهما غيرك، ولا معبود سواك وأنت جبار من
في السماوات وجبار من في الأرض لا جبار فيهما غيرك وأنت ملك من في السماء، وملك
من في الأرض، لا ملك فيهما غيرك، أسئلك باسمك العظيم وملكك القديم، وباسمك
الذي صلح به الأولون، وبه صلح الآخرون، يا حي قبل كل حي، يا حي لا
إله إلا أنت، أسئلك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تصلح لي شأني كله، و
أن تجعل عملي في المرفوع المتقبل، وهب لي ما وهبت لأوليائك وأهل طاعتك فانى
مؤمن بك متوكل عليك منيب إليك مصيري إليك، أنت الحنان المنان تعطى الخير
من تشاء وتصرفه عمن تشاء، فتوفني على دين محمد صلى الله عليه وآله وسنته وهبلي ما وهبت
لعبادك الصالحين يا أرحم الراحمين.
اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من
تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، تولج الليل في النهار و
تولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من
74

تشاء بغير حساب، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطي منهما ما تشاء وتمنع
منهما ما تشاء، بيدك الخير إنك على كل شئ قدير.
اللهم إني أعوذ بك من الجوع ضجيعا، ومن الشر ولوعا، اللهم إني أعوذ
بك من النار فإنها بئس المصير، وأعوذ بك من الفقر فإنه بئس الضجيع، وأعوذ
بك من الشيطان فإنه بئس القرين، وأصبحت وربى محمود، أصبحت لا أدعو مع
الله إلها، ولا أتخذ من دونه وليا، ولا أشرك به شيئا.
اللهم يا نور السماوات والأرض، ويا جمال السماوات والأرض، ويا حامل
السماوات والأرض ويا ذا الجلال والاكرام، ويا صريخ المستصرخين، ويا غياث
المستغيثين، ويا منتهى رغبة العابدين، يا مفرجا عن المغمومين، ويا مروج عن
المكروبين، ويا أرحم الراحمين، ويا كاشف السوء، ويا مجيب دعوة المضطرين، و
يا إله العالمين، منزول بك كل حاجة، أنزلت بك اليوم حاجتي.
اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، عدل في
حكمك، ماض في قضاؤك، فأسئلك بحقك على خلقك وبكل حق هو لك وبكل
اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت
به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب
همى وغمي وأن تقضى لي كل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة برحمتك يا
أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لي ذنوبي وإسرافي في أمري وقني عذاب القبر اللهم يسرني لليسرى
وجنبني العسرى، اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك، اللهم أعذني
من عذاب القبر، اللهم أمرتني أن أدعوك (فاني أدعوك) ظ أن تغفر لي وترحمني
وتقيني عذاب النار اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات وعذاب القبر و
من فتنة المسيح الدجال.
اللهم إني أسئلك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتبك أو علمته أحدا
من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وأسئلك بنور وجهك الذي أشرقت له
75

الظلمات، وصلح به أمر الدنيا والآخرة، وأسئلك يا الله الذي لا إله إلا أنت بأنك
أنت الله الذي لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم تلم ولم تولد ولم
تتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن لك كفوا أحد، وأسئلك بأن لك الحمد لا إله
إلا أنت المنان بديع السماوات والأرضين ذو الجلال والاكرام، وأسئلك باسمك
العظيم الأعظم الذي لا شئ أعظم منه ولا أجل منه ولا أكبر أن تصلي على محمد و
آل محمد في الأولين والآخرين، وأن تعطى محمد الوسيلة وأن تجزى محمدا عن أمته
أحسن ما تجزى نبيا عن أمته وأن تجعلنا في زمرته وأن تسقينا بكأسه إنك ولي ذلك
والقادر عليه.
اللهم عافني أبدا ما أبقيتني وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني
برحمتك عذاب النار يا أرحم الراحمين، آمين رب العالمين، وصلى الله على محمد
خاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما، وحسبنا الله ونعم
الوكيل (1).
وإذا نهضت من مصلاك فقل: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر
ولله الحمد.
وإذا انصرفت إلى منزلك فدخلته تقول:
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله وبالله، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، ولله الحمد،
اللهم إني أسئلك بأسمائك الرفيعة الجليلة الكريمة الحسنة الجميلة يا حميد يا الله يا
الله، يا جليل يا عظيم، يا كريم يا قادر، يا وارث يا عزيز يا فرد يا وتر، يا الله يا
رحمن يا رحيم، يا الله يا الله يا الله.
أسئلك بأسمائك ومنتهاها التي محلها في نفسك مما لم تسم به أحدا غيرك، و
أسئلك بما لا يراه ولا يعلمه من أسمائك غيرك، يا الله، وأسئلك بكل ما نسبت إليه

(1) الاقبال ص 440
76

نفسك مما تحبه يا الله، وأسئلك بجملة مسائلك، وأسئلك بكل مسألة أوجبتها
حتى انتهى بها إلى اسمك العظيم الأعظم يا الله.
وأسألك بأسمائك الحسنى كلها يا لله وأسألك بكل اسم أوجبته حتى انتهى
إلى اسمك العظيم الأعظم الكبير الأكبر العلي الاعلى يا الله، وأسألك باسمك الكامل
الذي فضلته على جميع من يسمى به أحد غيرك الذي هو في علم الغيب عندك يا الله
يا الله يا الله يا الله يا الله يا صمد يا رحمن أدعوك وأسألك بكل ما أنت
فيه مما لا أعلمه، فأسألك به يا الله
وأسئلك بحق هذه الأسماء وبحق تفسيرها فإنه لا يعلم تفسيرها غيرك، يا
الله، وأسئلك بما لا أعلم به وبما لو علمته لسألتك به، وبكل اسم استأثرت به في
علم الغيب عندك يا الله، أن تصلى على محمد عبدك ورسولك وأن تغفر لنا وترحمنا و
توجب لنا رضوانك والجنة وترزقنا من فضلك الكثير الواسع، وتجعل لنا من أمرنا
فرجا إنك على كل شئ قدير.
اللهم لك الحمد لا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا مانع لما
أعطيت، ولا معطى لما منعت، ولا مؤخر لما قدمت، ولا مقدم لما أخرت، و
لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، اللهم ابسط علينا بركاتك وفضلك ورحمتك
ورزقك.
اللهم إني أسئلك الغنى يوم العيلة، والامن يوم الخوف، وأسئلك النعيم
المقيم الذي لا يزول ولا يحول، اللهم إني أسئلك بما سألك به محمد عبدك ورسولك
عليه السلام من الخير كله، وأستجير بك مما استجار بك منه محمد عبدك ورسولك
من الشر كله، اللهم أنت ربى فيسر لي أمري، ووفقني في يسر منك وعافية،
وادفع عني السوء كله، واكفنا شر كل ذي شر آمين رب العالمين.
اللهم إني أسئلك باسمك العظيم الذي به قوام الدين، وباسمك الذي قامت
به السماوات والأرضون، وباسمك الذي تحيي به الموتى، وباسمك الذي إذا دعيت
به أجبت وإذا سئلت به أعطيت، وبالتوراة والإنجيل والزبور، والقرآن العظيم
77

رب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن تعتقني من النار عتقا ثابتا لا أعود لاثم
بعده أبدا، اللهم اذكرني برحمتك ولا تذكرني بخطيئتي وزدني من فضلك أنى
إليك راغب، واجعل دعائي وعملي خالصا لك، واجعل ثواب منطقي ومجلسي
رضاك عنى، واجعل ثوابي من ذلك الجنة بقدرتك وزدني من فضلك إني إليك
راغب.
اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أعلنت وما أسررت، وما أنت أعلم به
منى إنك على كل شئ قدير، اللهم وما كان من خير فارزقني المداومة عليه و
الزيادة منه، حتى تبلغني بذلك جسيم الخير عندك، وتجعله لكل خير تبعا ونجاة
من كل تبعة.
اللهم ارزقني الصوم والصلاة والحج والعمرة وصلة الرحم وعظم
ووسع رزقي ورزق عيالي أنت الله قبل كل شئ، وأنت الله بعد كل شئ،
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب
العالمين.
اللهم أعطني أشرف العطية، وأجرني من جهد البلاء، واجعلني من خير
البرية، وأعذني من عذابك الواقع، وارزقني من رزقك الواسع، آمين رب
العالمين.
اللهم إني أدعوك دعاء عبد قد اشتدت فاقته، وضعفت قوته دعاء من ليس
له رب غيرك، ولا إله إلا أنت، ولا مفزع إلا إليك، ولا مستغاث إلا بك، ولا ثقة
له غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك، أدعوك يا خير من دعى ويا خير من أجاب ويا
خير من تضرع إليه يا خير من سئل ويا خير من أعطى ويا خير من رغب إليه، أدعوك
يا خير من رفعت إليه الأيدي، وأدعوك يا ذا القوة والقدرة، وأدعوك يا ذا العزة والجلال
وأدعوك يا ذا البهجة والجمال، وأدعوك يا ذا الملك والسلطان، وأدعوك يا رب
الأرباب، وأدعوك يا سيد السادات وأدعوك بلا إله إلا أنت، وأدعوك يا أحكم
78

الحاكمين، ويا ديان الدين، ويا قائما بالقسط، يا رحيم يا رحيم يا رحيم يا أرحم
الراحمين، ويا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، يا قريب يا مجيب.
أسئلك بحق حملة عرشك وبحق الملائكة وبحق الراكعين والساجدين
لك وبحق النبيين والشهداء والصديقين والصالحين وبحق السائلين والمحرومين
وبحقك العظيم، وبحقك على خلقك أجمعين، وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت
عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن
تعتقني من النار، وتغفر لي وترحمني يا رحمن وتفرج عني همي وغمي وكربي
وضيق صدري وتكشف ضري وتيسر لي أمري، وتبلغني غاية أملي سريعا عاجلا
إنك قريب مجيب.
اللهم إنني أذكر ذنوبي وأعترف بخطاياي وسوء عملي وإسرافي على نفسي
وظلمي قبل اللقاء، وقبل أن يؤخذ بكظمي، واعترفت أني مأخوذ بذنوبي و
بخطاياي ومجازي بكسبي ومحاسب بعملي، فاستعفت منهن نفسي، ووجل منهن
قلبي، ووهن منهن عظمي، وسهرت منهن عيني، وبكت حتى بل الدموع خدي
وضاقت على الأرض بما رحبت.
رب، فأوسع على ذنوبي برحمتك، وعلى خطاياي بمغفرتك، وعلى سوء عملي
بعفوك، وعلى إساءتي بحلمك، وعلى إسرافي على نفسي وظلمي بها بتجاوزك، اللهم
تفضل على بحلمك، وعد علي بعفوك، وارزقني من فضلك، واستعملني بمحابك
من الأعمال الصالحة التي تحب وترضى، وتقبلها فيما يرفع إليك من الأعمال الصالحة
التي ترضيك عنى حتى تجعلني رفيقا لإبراهيم وإسحاق ويعقوب ونبينا
محمد صلى الله عليه وعلى جميع النبيين والمرسلين والشهداء والصالحين، والأئمة
الصادقين.
رب قد أمنت نفسي من عذابك، ورضيت من ثوابك، واطمأنت إلى دارك
دار السلام التي لا يمسني فيها نصب ولا لغوب.
اللهم لا تنسني ذكرك، ولا تؤمني مكرك، ولا تصرف عنى وجهك، ولا
79

تزل عنى خيرك، ولا تكشف عنى سترك، ولا تلهني عن ذكرك، ولا تجعل عبادتي
لغيرك، ولا تحرمني ثوابك ولا تحل بيني وبين المساجد التي يذكر فيها اسمك، و
لا تجعلني من الغافلين عن ذكرك واسمك، ولا تحرمني العمل بطاعتك، واجعلني
وجلا من عذابك وخائفا من عقابك، واجعل عيني باكية لخشيتك، واجعلني أحبك
وأحب من يحبك، واجعلني أسجد في مواطن صدق ترضيك عنى إنك على كل
شئ قدير.
اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن سيئات عملي، ومن الندم والسدم
ومن الحرق والغرق، ومن الأشر والبطر ومن غلبة العدو ومن غلبة الدين، ومن
وعثاء السفر، وكآبة المرض، ومن سوء المنقلب، ومن الاصرار على الفواحش ما ظهر
منها وما بطن، ومن جهد البلاء، ومن عمل لا تحب ولا ترضى، وأسئلك الهدى
وأعوذ بك من الضلالة والردى.
اللهم إني كنت عميا فبصرتني، وضعيفا فقويتني، وجاهلا فعلمتني، وعائلا
فآويتني، ويتيما فكفلتني، وفقيرا فأغنيتني، ووحيدا فكثرتني، ثم علمتني القرآن
وهديتني للصلاة والصيام، فلك الحمد على نعمائك عندي، فأسئلك يا رب أن
تداركني سعة رحمتك التي سبقت غضبك وحلمك وعفوك ومغفرتك يا خير
الغافرين.
اللهم اغفر لي ذنبي وطهر قلبي، واشرح صدري وأعنى على ما علمتني، و
فرج همى، واصرفني عن كل مكروه، واصرف الأسواء والمكاره عنى وتقبل
منى حسناتي وتجاوز عن سيئاتي في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا
يوعدون.
وأسئلك يا رب أن تحبب إلى ما أحببت وتبغض إلى ما كرهت وتحبب
إلى رضوانك، وتبغض إلى مخالفتك وعصيانك، وتستعملني في الباقيات الصالحات
التي هي خير ثوابا وخير مردا.
اللهم ألهمني شكرك، وعلمني حكمك، وفقهني في دينك، ووفقني لعبادتك
80

وهب لي حسن الظن بك، وارزقني اجتناب سخطك، والتسليم لقضائك، والمعرفة
بحقك، والعمل بطاعتك، وتفويض أموري كلها إليك، والاعتصام بك والتوكيل
عليك، والثقة والاستعانة بك، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان وما
لم يشأ لم يكن.
اللهم إني أشهدك واشهد الملائكة وحملة العرش وجميع خلقك، بأنك
أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، ولا حول
ولا قوة إلا بك، سبحان الله العلي الاعلى، سبحان الله وتعالى.
اللهم صل على محمد النبي الأمي وأعطه الوسيلة والرفعة والفضيلة، اللهم
انفعنا بما علمتنا إنك سميع الدعاء، اللهم إليك رفعت الأيدي، وأفضت القلوب
وخضعت الرقاب، وعنت الوجوه، وخشعت الأصوات، ودعت الألسن، اللهم فأنت
الحليم فلا تجهل، وأنت الجواد فلا تبخل، وأنت العدل فلا تظلم، وأنت الحكيم
فلا تجور، وأنت المنيع فلا ترام، وأنت الرفيع فلا ترى، وأنت العزيز فلا تستذل
وأنت الغنى فلا تفتقر، وأنت الدائم غير الغافل، أحطت بكل شئ علما، وأحصيت
كل شئ، وأنت البديع قبل كل شئ، والدائم بعد كل شئ وأنت خالق ما
يرى وما لا عددا يرى، علمت كل شئ بغير تعليم.
وأنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الاخر فليس بعدك شئ، وأنت الباطن
فليس دونك شئ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، يا من هو أقرب إلى من حبل
الوريد، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من يفعل ما يريد، يا أسمع السامعين، ويا
أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، بلا إله إلا أنت إنك
على كل شئ قدير آمين.
أصبحت راضيا بفطرة الاسلام، وكلمة الاخلاص، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله، و
ملة أبينا إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين، رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا وبمحمد
صلى الله عليه وآله تسليما نبيا.
اللهم إني أسئلك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، وأسألك باسمك الذي لا إله إلا
81

هو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم الذي ملا السماوات والأرض
وأسئلك باسمك الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات، وخضعت له الرقاب
وذلت له الخلائق ووجلت من خشيته القلوب، أن تغفر لي وترحمني و
تدفع عني كل سوء ومكروه، وأن تصلح لي أمري كله، ولا تكلني إلى نفسي في
شئ من أموري ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين أبدا، ولا أقل من ذلك ولا أكثر
ولا تنزع مني صالحا أعطيتنيه، ولا تعدني في سوء استنقذتني منه، ولا تشمت بي
عدوا ولا حاسدا، ولا تجعلني من المفسدين، واجعلني من أهل طاعتك وأوليائك،
حتى تتوفاني إلى جنتك ورحمتك.
اللهم يا ذا النعماء السابغة، ويا ذا الحجج البالغة، ويا ذا الرحمة الواسعة، و
يا ذا المغفرة النافعة، ويا ذا الكلمة الباقية، ويا ذا الحمد الفاضل، ويا ذا العطاء الجزيل
ويا ذا الفضل الجميل، ويا ذا الاحسان الجليل، يا من يدرك الابصار ولا تدركه
الابصار وهو اللطيف الخبير، أسئلك الامن والايمان والسلامة والاسلام، واليقين
والشكر والصبر والصدق والعافية والمعافاة، والورع عن محارمك، والثقة بطولك
برحمتك يا أرحم الراحمين إنك على كل شئ قدير.
اللهم إني أسئلك الخير والعفة وحسن الخلق والرضا بالقضاء والقدر سبحانك
في السماء عرشك، وسبحانك في الأرض سلطانك، وسبحانك في البر والبحر سبيلك
وسبحانك في الجنة رحمتك، وسبحانك في النار غضبك، وسبحانك في الجحيم سخطك
لا إله إلا أنت سبحانك لا شريك لك، لك ملك السماوات والأرض، سبحانك أنت
الرب وإليك المعاد.
سبحانك يا ذا الملك والملكوت، سبحانك يا ذا العزة والجبروت، سبحان
الحي الذي لا يموت، سبحان الملك القدوس، سبحان رب الملائكة والروح، سبحان ربي الأعلى
، سبحانه وتعالى، سبحان الملك الجبار، سبحان الواحد القهار، سبحان
العزيز الغفار، سبحان الكبير المتعال، سبحانك وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك
ولا إله غيرك.
82

اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت ولك خضعت وإليك خشعت
فاغفر لي ما قدمت من ذنوبي وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، إنك أنت الله
الذي لا إله إلا أنت، اللهم لك الحمد وأنت نور السماوات والأرض، ومن فيهن
أنت الحق ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق والنار حق
والساعة حق، اللهم رب السماوات السبع وما فيهن وما بينهن، ورب السبع
المثاني ورب القرآن العظيم، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، و
رب محمد صلى الله عليه وآله خاتم النبيين صلى الله عليهم وسلم.
اللهم إني أسئلك بأسمائك التي بها تقوم السماء، وبها تقوم الأرض، وبها
ترزق البهائم، وبها تفرق المجتمع وتجمع المتفرق، وبها أحصيت عدد الرمال و
ورق الأشجار وكيل البحار وقطر الأمطار وما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار أسئلك
بذلك كله أن ترحمني من النار يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت العظيم تمن بالعظيم، وتعطى الجزيل وتعفو عن الكثير، وتضاعف
القليل وتفعل ما تريد، اللهم إني أسئلك أن تملأ قلبي من خشيتك وتلبس وجهي
من نورك، وأن تغمرني في رحمتك وأن تلقى علي محبتك، وأن تبلغ بي جسيم
الخير عندك، وأسئلك باسمك الأعظم، وأسئلك بكل حرف أنزلته على نبيك
محمد صلى الله عليه وآله، وبكل حرف أنزلته على نبيك عيسى عليه السلام وبكل حرف سبحك به
ملك من ملائكتك أو نبي من أنبيائك أو رسول من رسلك فاستجبت له دعوته، أن
تفرج عني همي وغمي وكربي وضيق صدري وما تخيرت به في أمري يا موضع
كل شكوى، ويا شاهد كل نجوى، ويا منتهى كل حاجة، ويا عالم كل خفية،
ويا كاشف كل بلية، ويا خليل إبراهيم ويا نجي موسى ويا مصطفي محمد صلى الله عليه وآله
أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت قوته وقلت حيلته، وأدعوك دعاء من لا
يجد لكشف ما هو فيه غيرك أن تغفر لي يا أسمع السامعين ويا أرحم الراحمين ويا
أقرب المجيبين ويا رؤوف يا رحيم، يا بديع السماوات والأرض اغفر لي ذنبي و
83

أعتقني من النار يا من تلطف بي في صغير حوائجي وكبيرها، إن وكلتني بها إلى
نفسي طرفة عين عجزت عنها، فأدخلني الجنة برحمتك، يا الله، ولا تناقشني
في الحساب.
اللهم ما كان لاحد من خلقك عندي من مظلمة في عرض أو مال أو غيره فاغفر
ذلك فيما بيني وبينك، وأرض عبدك عني بما شئت من فضلك وخزائنك، اللهم
افتح لي باب الخير ويسر لي أمره، اللهم افتح لي باب الأمر الذي لي فيه الفرج
والعافية، اللهم افتح لي بابه ويسر لي سبيله وسهل لي مخرجه.
اللهم أيما أحد من خلقك أرداني بسوء فاني أدرء بك في نحره، وأعوذ بك
من شره، وسطوته وغضبه وبادرته، فخذه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه
وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه، وامنعه أن يوصل إلى أبدا سوء.
اللهم اجعلني في حصنك وجوارك وكنفك، عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله
غيرك، اللهم إني أعوذ بك من كل سوء زحزح بيني وبينك أو باعد بيني وبينك
أو صرف به عني وجهك الكريم، اللهم إني أعوذ بك أن تحول خطيئتي وجرمي
بيني وبينك، اللهم وفقني لكل شئ يرضيك عني، ويقربني إليك، وارفع
درجتي وعظم شأني وأحسن مثواي، وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي
الآخرة، ووفقني لكل مقام محمود تحب أن تدعا فيه بأسمائك أو تسأل فيه من
عطاياك.
رب لا تكشف عني سترك، ولا تبد عورتي لاحد من خلقك.
اللهم اجعل اليقين في قلبي، والنور في بصري، والصحة في بدني، والنصيحة
في صدري، وذكرك بالليل والنهار على لساني، وأوسع علي من فضلك، وارزقني
من بركاتك، واستعملني بطاعتك، واجعل رغبتي إليك فيما عندك وتوفني على
سنتك، ولا تكلني إلى غيرك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني يا صريخ المكروبين،
يا مجيب دعوة المضطرين، فرج همي وغمي وحزني كما كشفت عن رسولك
84

همه وغمه وحزنه وكفيته هول عدوه، فاكفني كل هول وفتنة وسقم حتى
تبلغني رحمتك.
اللهم هذا مكان البائس الفقير، والخائف المستجير، والهالك الفرق، و
المشفق الوجل، ومن يقر بخطيئته ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه، اللهم فقد
ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سري وإعلاني ولا يخفى عليك شئ من أمري،
أسألك بأنك ولي التقدير وممضي المقادير، سؤال من أساء واقترف، واستكان و
اعترف، وأسئلك أن تغفر لي ما مضى في علمك وشهدته حفظتك، وأحصته ملائكتك
وأسألك أن تتجاوز عني وترحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، وتصلي على محمد
النبي وعلى أهل بيته صلى الله عليهم وسلم.
اللهم يا نور السماوات والأرضين، ويا زين السماوات والأرضين، ويا ذا
الجلال والاكرام، ويا مغيث المستغيثين، ويا صريخ المستصرخين، ويا منتهى رغبة
العابدين، ويا مفرج عن المغمومين، ويا كاشف كرب المكروبين ويا خير الغافرين
ويا أرحم الراحمين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا إله العالمين، أسئلك بأن لك الحمد لا
إله إلا أنت يا حنان يا منان، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والاكرام
يا حي يا قيوم أسألك أن تعتقني من النار.
اللهم افتح لي أبواب الخيرات ووفقنا لما يكسبنا الحسنات، وجنبنا السيئات
وادفع عنا المكروهات، وقنا المخوفات، إنك منتهى الرغبات، ومجيب الدعوات
وقاضي الحاجات، وكاشف الكربات، وفارج الهم وكاشف الغم، ورحمن الدنيا
والآخرة ورحيمهما، اللهم اغفر لي ذنوبي، وارحمني في حياتي ومماتي، رحمة
تغنيني بها عن رحمة من سواك.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت وأنا عبدك آمنت بك مخلصا لك ديني، أصبح
وأمسي على عهدك ووعدك ما استطعت، أسئلك التوبة من سيئات عملي، واستغفرك
لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت، اللهم أنت بالمنظر الاعلى، ترى ولا ترى،
أعوذ بك أن أضل فأشقى أو أذل فأخزى، وأعوذ بك أن آتى ما لا ترضى.
اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك
85

الأعظم، وجدك الاعلى، وكلماتك التامات، اللهم مالك الملك تؤتي الملك من
تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على
كل شئ قدير، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت
وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب.
أسئلك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تغفر لي جميع ذنوبي، وتقضي
لي جميع حوائجي: صغيرها وكبيرها، ما أسررت منها وما أعلنت، وتسهل لي
محياي، وتيسر لي أموري، وتكشف ضري وتكبت أعدائي، وتكفيني شر
حسادي، وشر كل ذي شر وتؤتيني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وتقيني
برحمتك عذاب النار برحمتك يا أرحم الراحمين ويا أسمع السامعين، ويا مالك
يوم الدين آمين رب العالمين.
وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله الطيبين، وسلم تسليما كثيرا،
ولا حول ولا قوة لي ولا حيلة إلا بالله العلي العظيم، وما شاء الله كان وحسبنا الله
ونعم الوكيل (1).
ايضاح
قال في النهاية: في حديث الدعاء " أسئلك بمعاقد العز من عرشك " أي بالخصال
التي استحق بها العرش العز وبمواضع انعقادها منه، وحقيقة معناه بعز عرشك
انتهى " ومنتهى الرحمة من كتابك " أي أسئلك بحق نهاية رحمتك التي أثبتها في
كتابك اللوح أو القرآن، ويحتمل أن تكون " من " للبيان، والجد هنا بمعنى
العظمة والغناء، وما نهي عن استعماله فيه سبحانه لعله محمول على ما أريد به
البخت كما مر، قال في النهاية في حديث الدعاء: تعالى جدك؟ أي علا جلالك و
عظمتك، الجد الحظ والسعادة والغناء انتهى.
" وبكلماتك التامات " أي صفاتك الكاملة التي تشمل آثارها البر والفاجر،
كالعلم والقدرة، أو أسمائك التي من تحصن واستعاذ بها لا يضره بر ولا فاجر، أو

(1) الاقبال ص 449.
86

الأنبياء والأوصياء، فان البر والفاجر داخلون في حكمهم، ويجب عليهم إطاعتهم
والاقرار بإمامتهم، أو القرآن وآياته الشاملة أحكامها لهما.
" بسم الله " بدل من قوله بسمك أو أسمك فإنه يعد هذا الكلام من الأسماء
مجازا، والعرش يحتمل الرفع والجر كما قرئ بهما، والقدوس مبالغة في التقديس
بمعنى التنزيه " تباركت " أي تكاثر خيرك من البركة وهي كثرة الخير، أو تزايدت
عن كل شئ وتعاليت عنه في صفاتك وأفعالك، فان البركة تتضمن معنى الزيادة،
وقيل معناه الدوام وامتناع الزوال، من بروك الطير على الماء ومنه البركة لدوام
الماء فيها.
" وتعاليت " عن الأضداد والأنداد وعما يقول الجاهلون بعظمتك " لم يكن
دونك " أي أقرب منك، والمراد بالمسلمين المستضعفون من المخالفين أو غير الكمل
من المؤمنين بحمل المؤمنين عليهم، أو بالعكس بأن يكون المراد بالاسلام الانقياد
التام، والقنوت الطاعة والدعاء المخصوص في الصلاة ومطلقا، والامساك عن الكلام
والقيام في الصلاة والأول والثاني هنا أنسب.
والبغية بالكسر والضم الحاجة " محبتي " أي محبوبي " إرادتي " أي مرادي
والشرح الفتح والكشف " واجعل أخوف الأشياء " في الاسناد مجاز، والمعنى اجعل
خوفي منك أشد من خوفي من كل شئ " وأقرر عيني بعبادتك " أي اجعلني بحيث
أحب عبادتك، وتكون سببا لسروري، أو وفقني لعبادة مقبولة تكون سببا لقرة
عيني في الآخرة " اختم بها عملي " أي أريد أن يكون خاتمة عملي هذه الكلمة كما
ورد: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، وكذا الفقرات الآتية أو أجزم
بها جزما لا يفارقني في حال من الأحوال في الدنيا والآخرة " على حمد " أي بعد
حمد " ولكل أسمائك حمد " أي كلها متضمنة للحمد، أو ذكر كل منها يوجب
على حمدا لتعليمك إياي وتوفيقك لذكره " وفي كل شئ لك حمد " أي تستحق
الحمد بسبب كل شئ أو كل شئ لدلالته على عظمتك ورحمتك ونعمتك حمد
حمدت به نفسك كما قال صلى الله عليه وآله: أنت كما أثنيت على نفسك.
87

" يكافئ " بالهمز أي يجازي أو يماثل وبغير همز تخفيفا، قال الفيروزآبادي
كافأه مكافاة وكفاء جازاه، وفلانا ماثله وراقبه، والحمد لله كفاء الواجب أي ما
يكون مكافئا له انتهى، والباري في أسمائه سبحانه هو الذي خلق الخلق لا عن مثال
ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما
يستعمل في غير الحيوان، والورطة الهلكة وكل أمر تعسر النجاة منه، والاطلاق
بالفتح جمع الطلق بالفتح بمعنى الظبي أو الطلق بالكسر بمعنى الحلال أو بالتحريك
وهو قيد من جلود والنصيب، والوثاق بالفتح أو الكسر ما يشد به.
" قد أكدى الطلب " أي عجز ولم ينفع، قال الجوهري الكدية الأرض الصلبة
وأكدى الحافر إذا بلغ الكدية فلا يمكنه أن يحفر، وحفر فأكدى إذا بلغ إلى
الصلب، وأكدى الرجل إذا قل خيره " واختلف الظن " أي تفاوتت الظنون بغيرك
فإنه قد يظن بهم حسنا ثم يتغير بخلاف حسن الظن بك، فإنه لا يتغير والظاهر
أخلف على بناء المعلوم أي يخلف الظن بغيرك وعده لنا، ونظيره كثير ويمكن أن
يقرأ حينئذ على بناء المجهول أيضا والأول أظهر " وتصرمت الأشياء " أي تقطعت وفي
بعض النسخ الأسباب وهو أظهر.
وفي النهاية الشارع الطريق الأعظم والشريعة مورد الإبل على الماء الجاري،
وفيه فأشرع ناقته أي أدخلها في شريعة الماء يقال، شرعت الدواب في الماء تشرع
شرعا وشروعا إذا دخلت فيه، وأشرعتها أنا وشرعتها تشريعا وإشراعا، وفيه كانت
الأبواب شارعة إلى المسجد أي مفتوحة إليه يقال شرعت الباب إلى الطريق أنفذته
إليه.
وفي المصباح المنير: شرع الباب إلى الطريق شروعا اتصل به وشرعته أنا
يستعمل لازما ومتعديا ويتعدى بالألف أيضا فيقال أشرعته إذا فتحته وأوصلته،
وفي النهاية المنهل من المياه كل ما يطؤه الطريق وما كان على غير الطريق لا
يدعى منهلا لكن يضاف إلى موضعه أو إلى من هو مختص به، فيقال منهل بني فلان
88

أي مشربهم وموضع نهلهم، وقال أترعت الحوض ملأته انتهى ويمكن أن يقرأ على
بناء الافتعال يقال: اترع كافتعل أي امتلاء.
والمرصد موضع الترصد والترقب " وأن اللهف " أي فيه وفي ساير الأدعية
" وإن في اللهف عوضا " وفي القاموس اللاهف المظلوم المضطر يستغيث ويتحسر،
وقال ختله يختله ختلا وختلانا خدعه، وقال المواربه المداهاة والمخاتلة.
" وبدعائك تحرمي " بالحاء والراء المهملتين أي استجارتي وامتناعي من البلايا
قال في القاموس تحرم منه بحرمة تمنع وتحمى بذمة وفي بعض النسخ بالجيم و
الراء أي تمامي واستكمال أموري أو طلب جرمي وجنايتي ممن جنا علي قال في
القاموس الجريم العظيم الجسد، وحول مجرم كمعظم تام، وقد تجرم وجرمناهم
تجريما خرجنا عنهم، وتجرم عليه ادعى عليه الجرم، وفي بعضها بالحاء المهملة
والزاي من قولهم تحزم أي شد الحزام كناية عن الاهتمام في الدعاء، والأول
أظهر.
ويقال: حجمته عن الامر فأحجم أي كففته فكف " لا تكلم " أي لا تسأل عما
تفعل ولا يعترض عليك " لا تغادر " المغادرة الترك أي لا تترك شيئا إلا أحصيته و
جازيت عليه " لا تمانع " أي لا يمتنع منك أحد، ومعروف عند الخلق بالآثار " لا
تنكر " أي لا ينكر وجودك وكمالك إلا مباهت معاند " لا تستأمر " أي لا تستشير
أحدا في البر والاحسان، وفرد في الخلق والتدبير لا تشاور أحدا فيهما " لا تمل "
أي لا تسأم من الهبة والعطاء أو من كثرة السؤال.
" لا تذهل " بفتح الهاء أي لا تغفل، وقائم بأمور الخلق، ومحتجب عن
الحواس والعقول، والعماد بالكسر ما يعتمد عليه، والجمال بالفتح الحسن، و
الصريخ المغيث.
" يا منفس عن المكروبين " يقال: نفس الله عنه كربته أي فرجها، وإنما
لم ينصب مع كونه شبه مضاف لاعتبار النداء قبل التعليق بالظروف وفي الأدعية مثله
89

كثير " وانفلقت به الظلمات " أي انشقت فخرج منها النور كالصبح " ولا تخالطه الظنون "
أي وجوده وعلمه وساير أموره يقينية غير مبنية على الظنون، أوليس علمه بالأشياء
على الظن والتخمين كالمخلوقين.
والدوائر جمع الدائرة وهي الدولة بالغلبة والنصرة قال تعالى: " عليهم
دائرة السوء " (1) والمعنى لا يغلبه أحد أوليس غلبته حادثة تحدث أحيانا كالمخلوقين
بل هو العزيز الغالب لم يزل ولا يزال.
" ما في وغده " كذا في النسخ وهو الدني من الرجال والضعيف، ولا يناسب
المقام إلا بتكلف شديد، ولعله كان " وعره " فصحف، وفي غيره من الأدعية وما
في أصله، ويقال فله يفله فانفل أي كسره فانكسر، وشببت النار أوقدتها، و
اعصمني من إيذاء الخلق أو جميع المعاصي " بالسكينة " أي اطمينان القلب
بذكر الله.
والوقار أي كون الجوارح مشغولة بطاعة الله، أو اعصمني من البلايا وشر
الأعادي حال كوني متلبسا بالسكينة والوقار ولا يصير أمنى سببا لطغياني، يا حقيق
أي بالإلهية والربوبية الخليق بهما.
" يا قوي الأركان " المراد بها إما الصفات المقدسة الكمالية أو أركان خلقه
من السماوات والأرض والعرش والكرسي " يا من وجهه في هذه المكان " أي ذاته
والمراد بكونه في هذا المكان إحاطة علمه وقدرته به، أو المراد بالوجه التوجه
وهو مقتبس من قوله تعالى " فأينما تولوا فثم وجه الله " (2) وفي غيره من الأدعية
" يا من هو بكل مكان " وهو أنسب.
" لا ترام " أي لا تقصد بسوء وممانعة " رب النور العظيم " أي نور محمد وأهل
بيته صلوات الله عليهم أجمعين أو القرآن أو النور المخلوق في العرش " ورب الشفع
والوتر " أي جميع المخلوقات شفعها ووترها، أو صلاة الوتر، أو شفع

(1) الفتح: 6.
(2) البقرة: 115.
90

جميع الصلوات ووترها، وقيل العناصر والأفلاك وقيل البروج والسيارات
وقد مر غير ذلك في تضاعيف الأبواب لا سيما أبواب الآيات النازلة في
الأئمة عليهم السلام.
" والبحر المسجور " أي المملو أو المتقد نارا في القيامة كما ورد في الخبر
" من الجوع ضجيعا " الضجيع المضطجع على جنبه، والمضاجع للانسان ويحتمل
أن يكون حالا من فاعل " أعوذ " أي حال كوني من شدة الجوع ضجيعا لا أقدر على
القيام، أو يكون كناية عن عدم القدرة على تحصيل ما يسده وأن يكون حالا
عن الفقر أي حال كونه مضاجعا مصاحبا لي لا يفارقني، ويؤيده ما سيأتي.
" فإنه بئس الضجيع " قال الطيبي: أي بئس الصاحب الجوع الذي يمنعه من
وظائف العبادات ويشوش الدماغ ويثير الأفكار الفاسدة والخيالات الباطلة،
ويؤيده أيضا قوله: " ومن الشر ولوعا " فان الظاهر أنه حال عن الشر أي حال كونه
مولعا وحريصا بي يأتيني مرة بعد أخرى لا يفارقني، وإن احتمل أيضا كونه حالا
عن الفاعل أي حال كوني حريصا عليه، فالمراد بالشر المعاصي قال في النهاية فيه
" أعوذ بك من الشر ولوعا " يقال: ولعت بالشئ أولع به ولعا وولوعا بفتح الواو
المصدر والاسم جميعا، وأولعته بالشئ وأولع به بفتح اللام أي مغرى به.
" من دونه وليا " أي من غيره ناصرا " ويا منتهى رغبات العابدين " أي لا
يرغبون في حوائجهم إلا إليه، أو بعد يأسهم عن المخلوقين ينتهى رغبتهم إليه " أو
استأثرت به " أي تفردت واستبددت به ولم تعلمه أحدا من خلقك.
وقال في النهاية في حديث الدعاء اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي جعله ربيعا له
لان الانسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه انتهى وأقول: يحتمل
أن يكون المراد اجعل القرآن في قلبي مثمرا لأزهار الحكمة وأثمار المعرفة كما أن
في الربيع تظهر تلك الأشياء في الأرض " ونور بصري " أي بصر الرأس أو القلب أو
الأعم، وفي الحمل تجوز كما في الفقرة الآتية " وإسرافي في أمري " أي تجاوزي عن
الحد في الظلم على نفسي " يسرني لليسرى " أي هيئني للخلة التي تؤدي إلى يسر
91

وراحة كدخول الجنة، من يسر الفرس إذا هيأه للركوب بالسرج واللجام " وجنبني
العسرى " أي الخلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار " من فتنة المحيا والممات "
أي العذاب والعقوبة فيهما أو الابتلاء والامتحان الذي يوجب ضلالتي في الحياة
وعند الموت.
" وفتنة المسيح " بالمعنى الثاني، ولها في القرآن والحديث واللغة معان
شتى، وقد يطلق بمعنى الشرك أيضا وسمى الدجال مسيحا لان إحدى عينيه
ممسوحة (1).

(1) وعندي أن المراد بالمسيح الدجال في حديث النبي صلى الله عليه وآله " وأعوذ بك من فتنة
المسيح الدجال " هو المسيح الكذاب، يخرج قبيل ظهور المسيح الصادق عليه الصلاة و
السلام، وذلك لان المسيح إنما يكون بمعناه المعروف، والدجال هو الكذاب المدعى،
فلابد وأن يكون رجلا يولد من غير أب ويفعل بعض أفعال المسيح عيسى بن مريم، فيؤمن
به اليهود قاطبة ويدعون أنه هو المسيح الموعود في توراتهم، فإنهم لعنهم الله منتظرون
لظهوره بعد.
وإنما قال المصنف - رضوان الله عليه تبعا لسائر المحدثين -: ذلك أن المراد بالمسيح
الدجال هو الدجال الذي احدى عينيه ممسوحة، لما روى عن النبي في الصحيح " أن
المسيح الدجال أعور عين اليمنى كان عينه عنبة طافية " وليس بصحيح لان الدجال إنما
هو صفة للمسيح لا بالعكس، وإنما قيل له المسيح الدجال لأنه مدع أنه روح الله وكلمته
وابنه الذي تولد من غير أب، فينزل المسيح الصادق عيسى بن مريم عليهما السلام
ويقتله.
فعن عبادة بن الصامت أنه صلى الله عليه وآله قال: اني حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا
تعقلوا، ذلك أن
المسيح الدجال قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليست بناتية ولا جحراء،
فان ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور، رواه أبو داود على ما في المصباح ص 476.
فإنما قال عليه السلام " فاعلموا أن ربكم ليس بأعور " لأنه يدعى الربوبية كما ادعيت
للمسيح الصادق عليه الصلاة والسلام، فأخبر صلى الله عليه وآله البسطاء المغفلين من أمته الذين يلتبس
عليهم أمر المسيح الدجال، بأن الرب تعالى عز وجل لا يكون ناقصا فلا يصح ربوبية المسيح
الدجال ولا بنوته على ما يدعيه النصارى أعداء الله.
ومما ينص على أن المسيح الدجال إنما سمى في قبال المسيح الصادق عليه السلام ما
روى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: رأيتني الليلة عند الكعبة، فرأيت رجلا آدم
كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال، له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها فهي
تقطر ماء، متكئا على عواتق رجلين يطوف بالبيت فسألت: من هذا فقالوا: هذا المسيح
ابن مريم.
قال: ثم إذا أنا برجل جعد قطط أعور العين اليمنى كأن عينه طافية كأشبه من
رأيت من الناس بابن قطن واضعا يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت، فسألت: من
هذا؟ فقالوا: هذا المسيح الدجال. متفق عليه، على ما في المصباح ص 476.
فهذا الحديث وما شابهه من حيث اللفظ والمعنى هو الصحيح في معرفة المسيح
الدجال، وأما سائر ما روى فيه وفي ملاحمه كقصة ابن صياد وأمثالها فإنها ضعاف لا يوجب
علما ولا عملا أو موضوعة دستها أيدي القصاصين الدجالين، فقد روجوا أباطيلهم عند العامة
بعد مزاجها بالحق الصريح فشوهوا بذلك من وجه الدين وهدموا بنيانه عن مقره، والله
المستعان على ما يصفون.
92

" في الدنيا حسنة " أي رحمة حسنة بها ينتظم أمر دنياي " وفي الآخرة حسنة "
أي رحمة ونعمة حسنة بها تصلح أمور آخرتي، وما ورد في الاخبار في تخصيص
الحسنتين يمكن حمله على المثال " وآمين " بالمد والقصر اسم فعل هو استجب.
" حتى انتهى بها " على بناء المعلوم أي السائل أو السؤال أو على بناء المجهول
" ولا مؤخر لما قدمت " بحسب المكان كالسماء والأرض أو بحسب الزمان كالحوادث
المترتبة والآجال المعينة والأرزاق المقدرة في الأزمان المخصوصة، أو بحسب
العلية وهو ظاهر، أو بحسب الشرف والمنزلة كالامام والرعية، والعالم والمتعلم
وغير ذلك، وكذا العكس.
والقبض والبسط يكونان في الأرزاق والعلوم والمعارف والاعتبارات الدنيوية
93

والأخروية وأسبابهما، والعيلة بالفتح الفقر والفاقة " ولا يحول " أي لا يتغير " بما
سألك " أي باسم أو دعاء سألك به أو تكون الباء صلة للسؤال كقوله تعالى " سأل سائل
بعذاب " أي أسألك ما سألكه صلى الله عليه وآله فيكون الخير كله بيانا للمسئول،
وكذا الفقرة الثانية تحتمل الوجهين، والأول فيهما أظهر.
" ما قدمت " أي فعلته في حياتي " وما أخرت " أي أوصيت به بعد وفاتي أو
يترتب على أعمالي بعده أو المراد تقديم شئ يجب تأخيره أو تأخير شئ يجب تقديمه
أو بما فعلت في أول عمري وآخره، وقد قال تعالى: " ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم
وأخر " (1) قيل أي يخبر الانسان يوم القيامة بأول عمله وآخره، أو بما قدم من
العمل في حياته وما سنه فعمل به بعد وفاته من خير أو شر، أو بما قدم من المعاصي
وأخر من الطاعات، أو بما أخذ وترك أو بما قدم من طاعة الله وأخر من حق الله
فضيعه أو بما قدم من ماله لنفسه وما خلفه لورثته بعده، وربما يؤيد الدعاء بعض
المعاني كما لا يخفى.
والتبع بالتحريك التابع، ولعل الأنسب هنا المتبوع إن ورد به، والجهد
بالفتح المشقة " ويا ديان الدين " أي معطي الجزاء أو الحاكم يوم الجزاء، قال
الفيروزآبادي: الديان القهار والقاضي والحاكم والمحاسب والمجازي الذي لا يضيع
عملا بل يجزي بالخير والشر، والدين بالكسر الجزاء والاسلام والعبادة و
الطاعة والحساب والقهر والغلبة والاستعلاء والسلطان والملك والحكم والسيرة و
التدبير والتوحيد والملة والورع والمعصية انتهى.
والقسط هنا العدل " وبحق السائلين والمحرومين " أي الفقراء الذين يسألون
والذين لا يسألون فيحسبهم الناس أغنياء فيحرمون ويدل على رفعة شأن الفقراء
عند الله تعالى وإن سألوا، وقال الجوهري يقال: أعفني عن الخروج معك أي دعني
منه، واستعفاه من الخروج معه أي سأله الاعفاء وقال اللغوب التعب والاعياء، وقال
السدم بالتحريك الندم والحزن، وقال: وعثاء السفر مشقته " ومن سوء المنقلب "

(1) القيامة: 13.
94

أي الانقلاب إلى الآخرة أو إلى الوطن.
" ما ظهر منها وما بطن " أي أفعال الجوارح والقلوب، أو ما يفعل علانية
سرا أو ظهر وجوبه من ظهر القرآن أو بطنه، والردى الهلاك " كنت عميا " بفتح
العين وكسر الميم قال الجوهري يقال: رجل عمى القلب أي جاهل وامرأة عمية عن
الصواب وعمية القلب على فعلة وقوم عمون انتهى " فكفلتني " بالتخفيف أي تكفلت
برزقي وساير أموري أو بالتشديد أي يسرت لي من تكفل بي، وبالتخفيف أيضا
يكون بهذا المعنى " فكثرتني " أي كثرت أعواني وأتباعي على ما علمتني أي
على العمل به.
" وعد الصدق " مقتبس من الآية الكريمة حيث قال: " أولئك الذين نتقبل
عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا
يوعدون " (1) وفيها وعد الصدق مصدر مؤكد لنفسه، فان نتقبل ونتجاوز وعد،
وهنا يحتمل الحالية أيضا.
" في الباقيات الصالحات " أي جميع الأعمال الصالحة التي تبقى عائدتها أبدا
الاباد " التي هي خير ثوابا " وعائدة مما متع به الكفرة من النعم الفانية التي
يفتخرون بها " وخير مردا " أي عاقبة ومنفعة يقال: هذا الشئ أرد عليك أي أنفع
وأعود عليك.
و " أفضت القلوب " أي وصلت أو أبدت أسرارها لديك " وعنت " أي خضعت
وذلت " وأنت البديع قبل كل شئ " أي أنت المبدع لكل شئ والمتقدم عليها،
أو قدرتك على الابداع كان قبل وجود الأشياء أو أنت المبدع قبل كل مبدع " وأنت
الأول " أي علة الكل أو المخصوص بالأولية فالتفريع ظاهر وكذا البواقي " فليس
دونك شئ " في البطون والاستتار عن العقول أي ليس أقرب منك شئ " وأنت الظاهر "
أي الغالب أو البين " فليس فوقك شئ " في الغلبة أو في الظهور.
وقال الجوهري؟ حبل الوريد عرق تزعم العرب أنه من الوريد وهما وريدان

(1) الأحقاف: 16.
95

مكتنفا صفقي العنق مما يلي مقدمه غليظان انتهى، وقد مر الكلام فيه " ويا من
هو بالمنظر الاعلى " أي في المرقب الاعلى يرقب عباده " بفطرة الاسلام " أي الاسلام
الذي فطرتني عليه وجعلتني مستعدا لفهمه قابلا لقبوله، وقد مر الكلام فيه في
كتاب العدل.
" وكلمة الاخلاص " أي التهليل أو هي شاملة لساير العقايد " وملة أبينا " من
لم يكن كذلك يسقط كلمة " أبينا " أو يغير إلى أبي نبينا ونحوه، وإن أمكن التغيير
في القصد " باسمك الذي " لعل الموصول بدل من الضمير.
" الذي ملا السماوات " أي آثاره " وأسئلك الامن " أي من مخاوف الدارين
" والسلامة " من الأمراض والعيوب والمعاصي والعقوبات " والعافية " من
جميع ما ذكر أو من بعضها أو من شر الناس، والمعافاة بأن لا يصل ضرري إلى
الخلق ولا ضررهم إلي.
" سبحانك في السماء عرشك " أي أنزهك عن أن يكون لك مكان لكن جعلت
عرشك لاظهار عظمتك فوق السماوات، وكذا البواقي " سلطانك " أي سلطنتك وقدرتك
وقهرك " سبيلك " أي السبيل الذي جعلته لسلوك عبادك إلى مأربهم أو سبيل قربك
وطاعتك.
" المتعال " أصله المتعالي حذفت الياء تخفيفا " تبارك اسمك " أي تعالى اسمك
من حيث إنه مطلق على ذاتك فكيف ذاتك، أو تنزه اسمك عن أن يدل على نقص
أو عيب أو ما لا يليق بذاتك أو كثرت أسماؤك الحسنى أو المراد بالاسم الصفة أو الاسم
مقحم أي تباركت.
" ورب السبع المثاني " إشارة إلى قوله تعالى: " ولقد آتيناك سبعا من
المثاني والقرآن العظيم " (1) ويدل على أن كلمة من في الآية بيانية كما هو المشهور
لا تبعيضية كما قيل، والسبع سورة الفاتحة لأنها سبع آيات أو سبع سور بعد

(1) الحجر: 87.
96

الطوال سابعتها الأنفال والتوبة لأنهما في حكم سورة، أو الحواميم السبع وقيل سبع
صحائف هي الاسباع والمثاني (1) من التثنية أو الثناء فان كل ذلك مثنى تكرر
قراءته أو ألفاظه أو قصصه ومواعظه ومثنى عليه بالبلاغة والاعجاز، ومثن على الله

(1) الأصل في ذلك قوله عز وجل: " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني
تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " الزمر: 23
فوصف القرآن العزيز بأنه أحسن حديث يتلى على رؤس الاشهاد فيأخذ بمسامعهم وقلوبهم
وأنه كتاب متشابه أي ذو آيات متشابهة متماثلة لا تفترق بين آية وآية أخرى لا من حيث
جزالة اللفظ وسلاستها ولا من حيث غور المعاني ونفوذها في أعماق الروح.
ثم ذكر أنه مثاني أي تثنيت آياتها وازدوج بينها من حيث الوزن في طول الآيات
وقصرها، ورؤس الاى وتناسبها، حتى أنه تتناسب كل كلمة وما بعدها لا يوجد بينهما
منافرة.
وهذا وجه خاص بالقرآن الكريم وأسلوبه البديع الحكيم، جمع به بين طنطنة
الخطب وجزالة الشعر وطمأنينة السجع من دون أن يكون بنفسه خطبة أو شعرا أو سجعا
وإذا قرئ حق قراءته بالغناء الطبيعي أخذ بمسامع القلب والحواس ونفذ في أعماق
الروح، واقشعر الجلد وخضعت الأعناق وخشعت الأعضاء وسكنت الأجراس، وألقيت السكينة
على سامعه كأنه مسحور،
وعلى هذا تكون " من " في قوله عز وجل: " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن
العظيم " تبعيضية والمعنى آتيناك سبعا من الآيات المثاني المزدوجة بعضها مع بعض كما
آتيناك القرآن العظيم، فقد من عليه صلى الله عليه وآله باعطائه هذه السبع كمنته عليه باعطاء القرآن
العظيم، ولازمه أن تكون هذه السبع آيات قرآنا برأسه تاما الا أنه قرآن صغير، و
لذلك وجب قراءتها في الصلاة على ما عرفت في ج 85 ص 5 و 22.
وإنما قلنا بأن هذه السبع آيات هي سورة الفاتحة، لأنها سبع آيات مزدوجة لا
ترى في القرآن غيرها كذلك: ولما كانت البسملة جزءا منها سميت بفاتحة الكتاب أيضا
وجعلت في أول القرآن الكريم وهذه صورة تناسب الآيات وازدواج رؤسها:
بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله رب العالمين.
الرحمن الرحيم - مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين.
اهدنا الصراط المستقيم - صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
هذا في سورة الفاتحة فقط، وأما في سائر السور الكريمة، فالبسملة خارجة عن
تناسب الآي ورديفها، ولذلك صارت مفتاحا لقراءتها من دون أن يكون جزءا لها على ما
عرفت بشرح ذلك في ج 85 ص 22.
97

بما هو أهله من صفاته العظمى وأسمائه الحسنى.
" والقرآن العظيم " من عطف الكل على البعض أو العام على الخاص وإن
أريد به الاسباع، فمن عطف أحد الوصفين على الاخر " وأن تغمرني في رحمتك "
أي تدخلني في معظمها وتسترني بها " وأن تلقى علي محبتك " أي تجعلني بحيث
يحبني من يراني أو تحبني أو أحبك، والأول أظهر، كما قال الأكثر في قوله
تعالى: " وألقيت عليك محبة مني " (1) والنجي المناجي والمخاطب للانسان
والمحدث له.
وقال في النهاية درأ يدرأ درئا دفع، ومنه الحديث اللهم إني أدرأ بك في
نحورهم أي أدفع بك في نحورهم لتكفيني أمرهم وإنما خص النحور لأنه أسرع و
أقوى في الدفع والتمكن من المدفوع.
وقال الجوهري، البادرة الحدة وبدرت منه بوادر غضب أي خطأ وسقطات
عندما احتد، والكنف الجانب، وزحزحته عن كذا أي باعدته.
" في الحياة الدنيا " متعلق بالثابت أو بقوله ثبتني، وقد مر الكلام فيه في
أبواب الجنائز " ولا تبد عورتي " أي عيوبي، والنصيحة أي خلوص المحبة لله ولحججه
ولساير المؤمنين " من فضلك " أي من فضول رزقك التي تتفضل بها على من تشاء
كما قال تعالى " واسألوا الله من فضله " (2).

(1) طه: 39.
(2) النساء: 32.
98

والبركات الزيادات من المنافع والإفاضات الدنيوية والأخروية فيما عندك
من الألطاف الخاصة ودرجات اجنة ومنازل القرب والمحبة " ولا تزغ قلبي "
أي لا تمله إلى الباطل، والبائس هو الذي اشتدت حاجته " الفرق " أي الخائف،
واقترف أي اكتسب الذنوب، واستكان أي خضع " أسئلك أن تعتقني " أسئلك تأكيد
لما مر أعاده للفصل الكثير، والكبت الصرف والاذلال.
أقول: ومن الدعوات بعد صلاة العيدين الدعاءان المرويان عن سيد
الساجدين صلوات الله عليه في الصحيفة الشريفة الكاملة.
4 - المتهجد (1): روى أبو مخنف، عن عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه
أن عليا عليه السلام خطب يوم الأضحى فكبر فقال: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله
أكبر الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أبلانا، والحمد
لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، الله أكبر زنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته و
عدد قطر سماواته ونطف بحوره، له الأسماء الحسنى وله الحمد في الآخرة والأولى
حتى يرضى وبعد الرضا إنه هو العلي الكبير.
الله أكبر كبيرا متكبرا وإلها عزيزا متعززا ورحيما عطوفا متحننا، يقبل
التوبة ويقيل العثرة ويعفو بعد القدرة، ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون
الله أكبر كبيرا ولا إله إلا الله مخلصا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
والحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، من يطع الله وسوله فقد اهتدى وفاز فوزا عظيما
ومن يعصمها فقد ضل ضلالا بعيدا.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله وكثرة ذكر الموت، وأحذركم الدنيا التي لم يمتع
بها أحد قبلكم، ولا تبقى لاحد بعدكم، فسبيل من فيها سبيل الماضين من أهلها، ألا وإنها
قد تصرمت وآذنت بانقضاء، وتنكر معروفها وأصبحت مدبرة مولية، فهي تهتف
بالفناء وتصرخ بالموت، قد أمر منها ما كان حلوا، وكدر منها ما كان صفوا، فلم

(1) المصباح: 460.
99

يبق منها إلا شفافة كشفافة الاناء، وجرعة كجرعة الإداوة، لو تمززها الصديان لم تنقع
غلته، فأزمعوا عباد الله على الرحيل عنها، وأجمعوا متاركتها، فما من حي يطمع
في بقاء ولا نفس إلا وقد أذعنت للمنون، ولا يغلبنكم الامل، ولا يطل عليكم
الأمد فتقسو قلوبكم، ولا تغتروا بالمنى وخدع الشيطان وتسويفه، فان الشيطان
عدوكم حريص على إهلاككم.
تعبدوا الله عباد الله أيام الحياة، فوالله لو حننتم حنين الواله المعجال، ودعوتم
دعاء الحمام، وجأرتم جؤار متبتلي الرهبان، وخرجتم إلى الله من الأموال و
الأولاد التماس القربة إليه في ارتفاع درجة عنده، وغفران سيئة أحصتها كتبته، و
حفظتها رسله، لكان قليلا فيما ترجون من ثوابه، وتخشون من عقابه، وتالله لو
انماثت قلوبكم انمياثا، وسالت من رهبة الله عيونكم دما، ثم عمرتم عمر الدنيا
على أفضل اجتهاد وعمل، ما جزت أعمالكم حق نعمة الله عليكم، ولا استحققتم
الجنة بسوى رحمة الله ومنه عليكم، جعلنا الله وإياكم من المقسطين التائبين الأوابين.
ألا وإن هذا اليوم يوم حرمته عظيمة، وبركته مأمولة، والمغفرة فيه مرجوة
فأكثروا ذكر الله وتعرضوا لثوابه بالتوبة والإنابة والخضوع والتضرع، فإنه يقبل التوبة
عن عباده ويعفو عن السيئات وهو الرحيم الودود، ومن ضحى منكم فليضح بجذع
من الضأن ولا يجزي عنه جذع من المعز ومن تمام الأضحية استشراف اذنها وسلامة
عينها، فإذا سلمت الاذن والعين سلمت الأضحية، وتمت، وإن كانت (1) عضباء
القرن تجر رجليها إلى المنسك (2).

(1) في بعض النسخ كما في النهج: ولو كانت عضباء القرن، وسيأتي الكلام فيه.
(2) في الفقيه: " وان كانت عضباء القرن أو تجر برجليها إلى المنسك فلا تجزي "
والظاهر أن الصدوق قدس سره صحح العبارة بما يوافق المذهب فان عضباء القرن، وهو
الذي انكسر مشاش قرنه، لا يجزى عندنا.
وقد مر في ص 31 من هذا المجلد مثل هذا التصحيح في خطبة عيد الفطر المنقولة بهذه
الرواية، حيث كان في نسخة النهج والمصباح " أو نصف صاع من بر " وفي نسخة
الفقيه: " صاعا من بر " راجعه ذلك أن
شئت.
100

وإذا ضحيتم فكلوا منها وأطعموا وادخروا واحمدوا الله على ما رزقكم من
بهيمة الأنعام وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة، وأقيموا الشهادة بالقسط
وارغبوا فيما كتب الله لكم، وأدوا ما افترض الله عليكم من الحج والصيام و
الصلاة والزكاة ومعالم الايمان، فان ثواب الله عظيم. وخيره جسيم.
وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وأعينوا الضعيف وانصروا المظلوم
وخذوا فوق يد الظالم أو المريب، وأحسنوا إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم، واصدقوا
الحديث، وأدوا الأمانة، وأوفوا بالعهد، وكونوا قوامين بالقسط، وأوفوا المكيال
والميزان، وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده، ولا تغرنكم الحياة الدنيا و
لا يغرنكم بالله الغرور، إن أبلغ الموعظة وأحسن القصص كلام الله.
ثم تعوذ وقرأ سورة الاخلاص وجلس كالرائد العجلان، ثم نهض فقال:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه و
ذكر باقي الخطبة القصيرة نحوا من خطبة الجمعة (1).
تبيين
هذا الخبر يدل على استحباب التكبير عقيب صلاة العيد أيضا وهو الظاهر
مما رواه في الفقيه أيضا (2) ويحتمل هنا أن يكون جزء للخطبة " الله أكبر زنة

(1) مصباح المتهجد: 363.
(2) في الفقيه مرسلا: وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في عيد الأضحى فقال: الله
أكبر - إلى قوله من بهيمة الأنعام، ثم قال: وكان علي عليه السلام يبدأ بالتكبير إذا صلى
الظهر من يوم النحر وكان يقطع التكبير آخر أيام التشريق عند الغداة، وكان يكبر في
دبر كل صلاة فيقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
فإذا انتهى إلى المصلى تقدم فصلى بالناس بغير أذان ولا إقامة فإذا فرغ من الصلاة صعد
المنبر ثم بدأ فقال: الله أكبر، الله أكبر زنة عرشه الخ.
فالظاهر من سياق كلامه أنه - رضوان الله عليه - لما نقل صدر الخطبة المنقولة عنه
صلى الله عليه وآله برواية أبى مخنف، وكان مخالفا للمذهب من حيث أن المسنون من
التكبير إنما هو الابتداء به من ظهر يوم النحر، لا قبله ولا عقيب الصلوات غير المفروضات
استدرك ذلك بأنه كان المسلم من فعله صلى الله عليه وآله أنه لا يبدء بالتكبير الا إذا صلى الظهر، فيظهر
أنه كان لا يعتمد على هذه الرواية وينص على ذلك قوله " فلا تجزى " فان الاجزاء وعدمه
من تعبيرات الفقه ومصطلحاته، لا يناسب الخطبة والقاءها على العامة.
101

عرشه " أي أقوله قولا يوازي ثقل عرشه كما أو كيفا، وهو من قبيل تشبيه المعقول
بالمحسوس، أي أريد إيقاع مثل هذا الحمد وإن لم يتيسر لي ذلك أو المعنى أنه
مستحق للتكبير بتلك المقادير " ورضا نفسه " أي اكبره تكبيرا يكون من حيث اشتماله
على الشرايط سببا لرضاه.
" ومداد كلماته " أي بقدر المداد التي يكتب بها كلماته أي علومه أو تقديراته
أو كلمات النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وقد مر تحقيق ذلك، وهو إشارة إلى قوله تعالى
" قل لو كان البحر مدادا لكمات ربي " الآية (1) والنطف جمع النطفة وهي الماء
الصافي قل أو كثر.
" له الأسماء الحسنى " لدلالتها على أفضل صفات الكمال، أو المراد
بها الصفات الكمالية " وله الحمد في الآخرة والأولى " أي يستحق الحمد والثناء
والشكر في النشأتين لشمول نعمه لجميع الخلق فيهما " حتى يرضى " أي يستحق
أن يحمد حتى يرضى عن العبد بذلك الحمد، وبعد حصول أقل مراتب الرضا أيضا
يستحق الحمد إذ لا نهاية لاستحقاقه ولا لرضاه سبحانه.
" الله أكبر كبيرا " اي اكبره حال كونه كبيرا بالذات متكبرا متصفا بنهاية
الكبرياء والعظمة، أو أظهر كبرياءه بخلق ما خلق أو وصف نفسه بها " متعززا " أي
متصفا بأعلى مراتب العزة والغلبة، أو مظهرا عزته بخلق الأشياء وقهرها، أو
واصفا نفسه بها، والعطف الشفقة الرحمة " متحننا " أي متصفا بنهاية الحنان

(1) الكهف: 109.
102

والرحمة، أو مظهرا له أو واصفا نفسه به، والعثرة الزلة والمراد بها الخطيئة، و
إقالتها العفو عنها.
" ولا يقنط " بتثليث النون أي ييأس، وقد قرئ في الآية (1) أيضا على
الوجوه الثلاثة، لكن الضم قراءة شاذة " مخلصا " أي أقولها مخلصا له التوحيد من
غير رثاء أو نفاق، والبكرة أول النهار، والأصيل آخره كما مر مرارا وفي الفقيه
ولا إله إلا الله كثيرا، وسبحان الله حنانا قديرا.
" نحمده " تأكيد لقوله الحمد لله وبيان له، لأنه في قوة الحمد لله حمدا " ومن
يعصهما " كذا في أكثر النسخ فيدل على أن ما روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال لمن قال
ذلك: بئس الخطيب أنت لا أصل له (2) وفي بعض النسخ كما في الفقيه ومن يعص الله
ورسوله (3) فيؤيد الخبر وهو أحوط، وفي الفقيه بعد قوله بعيدا " وخسر خسرانا
مبينا " وبعد ذكر الموت " والزهد في الدنيا التي لم يتمتع بها من كان فيها قبلكم
ولن تبقى لاحد من بعدكم، وسبيلكم فيها سبيل الماضين ألا ترون أنها قد تصرمت " الخ.
" سبيل الماضين من أهلها " من المصير إلى الفناء " ألا وإنها قد تصرمت " أي
تقطعت وفنيت، والصرم القطع، ومنه الصارم للسيف القاطع " وآذنت " أي أعلمت
" وتنكر معروفها " أي صار منكرا ما كان يعرفه الناس منه ويعدونه حسنا، و
الحاصل أنه تغير كل ما كان يأنس به كل أحد ويعرفه وقتا فوقتا وحالا بعد حال
من صحة أو قوة أو شباب أو أمن أو جاه أو مال وغير ذلك، وذلك، وهذا هو المراد
بادبارها وتوليها.
" فهي تهتف " أي تصيح بلسان حالها وبما تريه الناس من انقضائها " بالفناء "
أي مخبرا بالفناء أو تهتف بالفناء وتدعوه إلينا بعد ما كان يمنينا ويؤمننا يقال: هتف

(1) الحجر: 56، ومن يقنط عن رحمة ربه الا الضالون.
(2) هذا إذا كان لهذه الخطبة اعتبار من حيث الفقاهة، وأما بعد ما عرفت ضعفها
بأبى مخنف الأخباري واشتمالها على خلاف المذهب في شتى الموارد فلا وجه له.
(3) والظاهر عندي أنها أيضا تصحيح من صاحب الفقيه.
103

به أي صاح به ودعاه، والأول أظهر " وتصرخ بالموت " الصرخة الصيحة الشديدة،
وتطلق غالبا على صوت معه جزع واستغاثة في المصائب والنوائب ويناسب الموت،
وهذه الفقرة أيضا يحتمل المعينين وإن كان الثاني فيها أبعد، ويحتمل أن يكون
المراد بالهتف والصراخ ما يكون عند موت الأحباب وغيرهم، ويكون المجاز في
الاسناد في أصل الصراخ، أي كانت تمنينا البقاء ثم تفجعنا بالنوائب فتصرخ فيها أصحاب
المصائب فيؤذننا بذلك بالموت والفناء.
وفي النهج (1): ألا وإن الدنيا قد تصرمت وآذنت بوداع، وتنكر معروفها
وأدبرت حذاء، فهي تحفز بالفناء سكانها، وتحدو بالموت جيرانها " وحذاء في
كثير من النسخ بالحاء المهملة أي خفيفة سريعة، وفي بعضها بالجيم أي مقطوعة أو
سريعة، وقيل أي منقطعة الدر والخير، وحفزه بالحاء المهملة والفاء والزاي دفعه
من خلفه وحثه وأعجله، وحفزه بالرمح أي طعنه، وعلى الأول لعله عليه السلام شبه
الفناء بالمقرعة أو الباء للسببية، أو بمعنى إلى، والأوسط أظهر.
" وتحدو " أي تبعث وتسوق من الحد، وهو سوق الإبل، والغناء لها، و
الجار المجاور، والذي أجرته من أن يظلم، ولعل الأخير هنا أنسب، ويمكن
أن يراد بالجيران من كانت انتفاعهم بالدنيا أو ركونهم إليها أقل، بالسكان خلافهم
فناسب التعبير بالمجاور.
وفي الفقيه: ألا ترون قد تصرمت وآذنت بانقضاء، وتنكر معروفها وأدبرت
حذاء، فهي تخبر بالفناء وساكنها يحدى بالموت، فقد أمر منها ما كان حلوا وكدر
منها ما كان صفوا فلم يبق منها إلا سملة كسملة الأدواة وجرعة كجرعة الاناء، لو تمززها
الصديان لم تنقع غلته.
وفي النهج وقد أمر وساق كما في الفقيه إلى قوله أو جرعة كجرعة المقلة لو
تمززها الصديان لم ينقع فأزمعوا ".
وأمر الشئ صار مرا، وكدر مثلثة الدال ضد صفا، والمضبوط في نسخ النهج

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 52 من قسم الخطب.
104

بالكسر والشفافة بالضم بقية الماء في الاناء، والسملة بالتحريك القليل من الماء
تبقي في الاناء، والإداوة بالكسر المطهرة، والجرعة بالضم كما في النسخ الاسم من
الشرب اليسير، وبالفتح المرة الواحدة منه، والمقلة بالفتح حصاة القسم توضع في
الاناء إذا عدموا الماء في السفر ثم يصب عليه ما يغمر الحصاة فيعطى كل أحد
سهمه، ومزه أي مصه، والتمزز مصه قليلا قليلا، والصدى العطش، ونقع
الرجل بالماء: روي، ونقع الماء العطش نقعا ونقوعا سكنه، والغلة بالضم العطش
أو شدته أو حرارة الجوف.
وصيرورتها مرا وكدرا وقليلا إما لقصر الاعمار في تلك الأزمان وقلة العمر
توجب المرارة والكدورة وقلة الشهوات والدواعي، أو لقلة عمر الدنيا وقرب
انقضائها بقيام الساعة، أو لانقضاء الشباب وقلة الاستمتاع بالملاذ، وقرب الأجل في
أكثر المخاطبين، مع أنه ما من مخاطب يستحق الخطاب في الدنيا إلا وقد وجد مرارة
بعد حلاوة، وكدورة بعد صفو، وقد مضى عمره المتيقن ولا يظن من البقاء
إلا قليلا.
فأزمعوا، في النهج فأزمعوا عباد الله الرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها
الزوال، ولا يغلبنكم فيها الامل، ولا يطولن عليكم الأمد، وفي الفقيه: بالرحيل
من هذه الدار المقدور على أهلها الزوال، الممنوع أهلها من الحياة، المذللة أنفسهم
بالموت، فلا حي يطمع في البقاء، ولا نفس إلا مذعنة بالمنون، فلا يغلبنكم الامل
ولا يطل عليكم الأمد، ولا تغتروا فيها بالآمال، وتعبدوا الله أيام الحياة،
فوالله.
أزمعت الامر: أي أجمعته، وعزمت عليه أو ثبت عليه، وقال الفراء أزمعت
الامر وأزمعت عليه، والرحيل اسم ارتحال القوم أي انتقالهم عن مكانهم، وقدر الله
ذلك عليه ككتب وضرب أي قدره بالتشديد، وقال ابن ميثم المقدور المقدر الذي لابد
من كونه " وأجمعوا " أي اعزموا واتفقوا " وأذعن له " أي خضع وذل وأقر،
والمنون الموت، والأمل الرجاء.
105

والأمد غاية الزمان والمكان ومنتهاهما، وقد يطلق على أصل المسافة قال
البيضاوي في قوله تعالى: " فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم " (1) أي فطال عليهم
الزمان بطول أعمارهم أو آمالهم أو ما بينهم وبين أنبيائهم، والمنى بالضم جمع
المنية، به (2) وهي الامل، والتسويف المطل والتأخير في العمل.
" فوالله لو حننتم حنين الواله المعجال " وفي بعض النسخ كالنهج " الوله العجال "
وفي الفقيه: الوله العجلان، والحنين الشوق وشدة البكاء وصوت الطرب عن حزن
أو فرح، وترجيع الناقة صوتها أثر ولدها، والوله بالتحريك في الأصل ذهاب العقل
والتحير من شدة الحزن، يقال رجل واله وامرأة واله ووالهة، وكل أنثى
فارقت ولدها يقال لها: واله ووالهة، والعجول من الإبل الواله التي فقدت ولدها
يقال: أعجلت الناقة إذا ألقت ولدها لغير تمام، والمعجال من الإبل ما تنتج قبل أن
تستكمل الحول، والعجلان المتسرع في الأمور ولا يناسب المقام إلا بتكلف، و
لعله تصحيف.
" ودعوتم دعاء الحمام " وفي النهج " بهديل الحمام " وفي الفقيه " بمثل دعاء
الأنام " والهديل صوت الحمام، قالوا كان فرخ على عهد نوح عليه السلام فمات عطشا أو
صاده جارح من الطير فما من حمامة إلا وهي تبكى عليه، والهديل علم له، ولعل
المراد الدعوة على وجه النوح والتضرع.
" وجأرتم جؤار متبتلي الرهبان " جأر كمنع جأرا وجؤارا تضرع واستغاث
رافعا صوته بالدعاء، والمتبتل المنقطع عن النساء أو عن الدنيا، والرهبان جمع
راهب ورهبنة النصارى ما كانوا يتعبدون به من التخلي عن أشغال الدنيا، وترك
ملاذها، والعزلة عن أهلها، وتعمد مشاقها، حتى أن منهم من كان يخصي نفسه
ويضع السلسلة في عنقه ويفعل بنفسه غير ذلك من أنواع التعذيب، ونهي عنها في
هذه الأمة، وهو لا ينافي حسن الجؤار كجؤارهم.
والخروج من الأموال تركها والتصدق بها، ومن الأولاد تركهم وعدم

(1) الحديد: 16.
(2) أي بالضم أيضا كأصله.
106

التوجه إليهم لغاية الخوف، ويحتمل أن يكون المراد لو كلفتم بتلك الأمور وفعلتم
لكان قليلا، والالتماس الطلب.
" في ارتفاع درجة " في الفقيه والنهج " عنده " وليس في أكثر نسخ المتهجد
ولعله سقط من النساخ " أحصتها كتبته " في النهج " كتبه وحفظها " والاحصاء العد و
الضبط، والوصف بالاحصاء والحفظ للتهويل والتحذير " فيما ترجون " فيهما: " فيما
أرجو لكم من ثوابه " وفي النهج " وأخاف عليكم من عقابه " وفي الفقيه " وأتخوف
عليكم من أليم عقابه ".
وقال ابن ميثم - ره - المعنى أن الذي أرجوه من ثوابه للمتقرب منك أكثر مما
يتصور المتقرب إليه أنه يصل إليه بتقربه بجميع أسباب القربة، والذي أخافه من
عقابه أكثر من العقاب الذي يتوهم أنه يدفعه عن نفسه بذلك، فينبغي لطالب الزيادة
في المنزلة عند الله أن يخلص بكليته في التقرب إلى الله ليصل إلى ما هو أعظم مما
يتوهم أنه يصل إليه، وينبغي للهارب إليه من دينه أن يخلص في الفرار إليه ليخلص
من هول ما هو أعم مما يتوهم أنه يدفعه عن نفسه.
" وتالله " كذا في بعض النسخ وفي بعضها كما في الفقيه بالباء الموحدة " لو
انماثت " انماث الملح في الماء أي ذاب " وسالت من رهبة الله " وفيهما " وسالت عيونكم
من رغبة إليه ورهبة منه دما " وعلى التقادير قوله " دما " تميز لنسبة السيلان إلى
العيون كقوله سبحانه " وفجرنا الأرض عيونا " (1).
" ثم عمرتم عمر الدنيا " وفي النهج " في الدنيا ما الدنيا باقية " وفي الفقيه:
" في الدنيا ما كانت الدنيا باقية " وفيهما " ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئا من
جهدكم " وفي النهج " انعمه عليكم العظام " وفي الفقيه: " لنعمه العظام عليكم " وفيهما
" وهداه إياكم للايمان " وفي الفقيه: " وما كنتم لتستحقوا أبد الدهر ما الدهر
قائم بأعمالكم جنته ولا رحمته ولكن برحمته ترحمون وبهداه تهتدون وبهما إلى
جنته تصيرون " و " ما " في قوله عليه السلام: " ما الدنيا باقية " زمانية أي عمرتم على

(1) القمر: 12.
107

تلك الحال مدة بقاء الدنيا، وكذا قوله عليه السلام: " ما الدهر قائم ".
والجهد بالضم كما في النسخ الوسع والطاقة، وبالفتح المشقة، وجملة " ولو لم
تبقوا " معترضة " وحق نعمة الله " مفعول " جزت " وكذا أنعمه على النسخة الأخرى
وقوله: " بأعمالكم " متعلق " بتستحقوا " وفي الكلام دلالة على أنه يجوز أن يكون
غاية العبادة الشكر كما أن السابق يدل على جواز العبادة خوفا وطمعا، وقد مر الكلام
فيه في باب الاخلاص.
وقال الجوهري: القسط بالكسر العدل، تقول منه أقسط الرجل فهو مقسط،
ومنه قوله تعالى " إن الله يحب المقسطين " (1) والأواب الكثير الرجوع إلى الله
بالتوبة والطاعة.
وفي الفقيه " جعلنا الله وإياكم برحمته من التائبين العابدين وإن هذا يوم "
إلى قوله: " فأكثروا ذكر الله تعالى واستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم
ومن ضحى منكم بجذع من المعز فإنه لا يجزى عنه، والجذع من الضأن يجزي
ومن تمام الأضحية استشراف عينها واذنها، وإذا سلمت العين والاذن تمت
الأضحية، وإن كان عضباء القرن أو تجر برجلها إلى المنسك فلا تجزي، وإذا
ضحيتم فكلوا وأطعموا وأهدوا، واحمدوا الله على ما رزقكم "
وفي النهج (2) " ومن تمام الأضحية استشراف اذنها وسلامة عينها، فإذا
سلمت الاذن والعين سلمت الأضحية وتمت، ولو كانت عضباء القرن تجر رجلها
إلى المنسك ".
والجذع من الضأن يجزي إجماعا (3) والمشهور في الجذع ما كمل له ستة أشهر

(1) المائدة 42، الحجرات: 9 الممتحنة: 8.
(2) جعله السيد الرضى - رضوان الله عليه - قسما على حدة من خطبة رقمها 53.
(3) أقول: الأصل في ذلك قوله عز وجل في سورة البقرة: 196 " فمن تمتع
بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا
رجعتم تلك عشرة كاملة "، والمراد بالعشرة الكاملة ليس جمع الثلاث مع السبع كما توهم،
فان ذلك مستدرك من الكلام يعرفه كل أحد المراد أعضاء الهدى العشرة: أربع قوائمه.
وعيناه وأذناه وقرناه، بحيث إذا كملت هذه الأعضاء العشرة من دون نقص فيها، فالهدى
هدى مجز والا فلا.
فقوله عز وجل: " تلك عشرة كاملة " حل محل قوله: " تلك بمنزلة الهدى " وهذا
الوجه البديع من تبديل جملة إلى جملة أخرى بحيث يفيد معنى كلتا الجملتين من مختصات
القرآن الكريم وأسلوبه الحكيم، ومن ذلك قوله عز وجل في سورة القتال: " يا أيها
الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم " حيث إن مقتضى سياق السورة
والمرصد لكل سامع أن يقول عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول ولا تكفروا بعد ايمانكم " لكنه عز وجل، لما كان الكفر بعد الايمان مساوقا و
ملازما لبطلان الاعمال وحبطها، بدل جملة من جملة، فأفاد ضمنا أن الكفر بعد الايمان
مبطل للأعمال السابقة، ونهى عن الكفر وابطال الاعمال معا مطلقا.
وهكذا فيما نحن، كان مقتضى الكلام والمرصد من سياقه أن يقول عز وجل: " فمن
لم يجد - ما استيسر من الهدى - فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم، تلك الصيام
بمنزلة الهدى يقع موقعه ويجزى مجزاه " لكنه عز وجل، لما كان الهدى عنده هو الذي
كانت أعضاؤه العشرة كاملة، بدل جملة من الكلام عوض جملة أخرى وقال: " تلك عشرة
كاملة " أي هذه الصيام له بمنزلة الأعضاء العشرة الكاملة التي كانت مساوقا للهدى وملازما
لاجزائه.
وهذا بحث طويل الذيل، وموضعه كتاب الحج الذي فاتنا الاشراف عليه، والله
الموفق والمعين.
108

وقيل سبعة أشهر، ونقل عن ابن الاعرابي أن ولد الضأن إنما يجذع ابن سبعة
أشهر إذا كان أبواه شابين، وإن كانا هرمين لم يجذع حتى يستكمل ثمانية أشهر، و
أجمعوا على أنه لا يجزى في غير الضأن إلا الثنى، وأن الثني في الإبل ما كمل
له خمس سنين والمشهور في البقر والمعز أنه ما دخل في الثانية، وقيل في
الثالثة.
109

وقيل استشراف الاذن التأمل فيها وتفقدها حتى لا تكون بها آفة من جدع
ونحوه، من استشرفت الشئ إذا رفعت بصرك تنظر إليه وبسطت كفك فوق حاجبك
كالمستظل من الشمس، وقيل هو من الشرفة وهي خيار المال أي تخيرها وطلبها
شريفة بالتمام.
والعضباء الشاة المكسورة القرن الداخل أو مطلقا، وذكر القرن للتأكيد، أو
بتجريد العضب عن معنى القرن " وتجر رجلها " أي للعرج أو للهزال والضعف
" والمسنك " بفتح السين وكسرها المذبح، والنسيكة الذبيحة، وكل موضع
للعبادة منسك.
والذي عليه الأصحاب عدم إجزاء العرجاء البين عرجها، والمشهور عدم
إجزاء التي انكسر قرنها الداخل أيضا، وظاهر الخطبة على ما في المتهجد والنهج
خلاف ذلك، وما في الفقيه موافق للمشهور ويمكن تأويل ما في الكتابين بالحمل
على عدم انكسار القرن الداخل وعدم كون جر الرجل للعرج بل لضعف مرض
أو هزال (1).
" بالقسط " أي بالعدل وليس في الفقيه، والمراد به إقامتها موافقا للواقع أو
إذا لم يصر سببا لظلم على مؤمن، والأول أظهر " فيما كتب الله لكم " أي قرر لكم
على العبادات من الثواب أو المراد كتب عليكم.
وفي الفقيه " فيما كتب عليكم وفرض من الجهاد والحج والصيام، فان ثواب
ذلك عظيم لا ينفد، وتركه وبال لا يبيد، وأمروا " والوبال الشدة والثقل، وباد
ذهب وانقطع " وأعينوا الضعيف " وفي الفقيه " وأخيفوا الظالم، وانصروا المظلوم
وخذوا على يد المريب، وأحسنوا إلى النساء " والمريب من يشكك الناس في دينهم

(1) وعندي أن الظاهر من قوله " تجر رجلها إلى المنسك " ارجاع الضمير إلى
عضباء القرن، والمعنى أنه بعد ما كانت العين والاذن سالمة، تسلم الأضحية وتتم، و
ان كانت عضباء القرن، فإن لم يمكنك أن تأخذ بقرنيها وتجرها إلى المنسك فخذ برجلها
- أو رجليها - وجرها إلى المنسك فإنها مجز عنك.
110

أو يريب الناس في نفسه بالخيانة، والاخذ على يده كناية عن منعه وزجره " بالقسط
في الفقيه " بالحق ولا تغرنكم ".
" ولا تغرنكم بالله الغرور " أي الشيطان بأن يرجئكم التوبة والمغفرة
فيجسركم على المعاصي " إن أبلغ الموعظة " في الفقيه إن أحسن الحديث ذكر الله و
أبلغ موعظة المتقين كتاب الله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم - ثم ذكر التوحيد ثم
قال - ويقرأ قل يا أيها الكافرون أو ألهاكم التكاثر أو والعصر، وكان مما يدوم عليه
قل هو الله أحد، وكان إذا قرء إحدى هذه السور جلس جلسة كجلسة العجلان ثم
ينهض، وهو عليه السلام كان أول من حفظ عليه الجلسة بين الخطبتين، ثم يخطب الخطبة
التي كتبناها يوم الجمعة ".
111

4.
* (باب) *
" * (عمل ليلتي العيدين ويومهما وفضلهما) * "
" * (والتكبيرات فيهما وفي أيام التشريق) * "
الآيات: البقرة: " ولتكبروا الله على ما هديكم " (1).
وقال تعالى: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد
ذكرا (2).
وقال سبحانه: واذكروا الله في أيام معدودات (3).
الحج: ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام
(4).
وقال تعالى: كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هديكم (5).
الاعلى: قد أفلح من تزكى - وذكر اسم ربه فصلى (6).
تفسير: " ولتكبروا الله " قال الطبرسي رحمه الله: المراد تكبير ليلة الفطر
عقيب أربع صلوات: المغرب والعشاء والغداة وصلاة العيد على مذهبنا، وقال ابن
عباس وجماعة: التكبير يوم الفطر، وقيل المراد به ولتعظموا الله على ما أرشدكم له

(1) البقرة: 185.
(2) البقرة: 200.
(3) البقرة: 203.
(4) الحج: 28.
(5) الحج: 37.
(6) الاعلى: 14 - 15.
112

من شرايع الدين انتهى (1) والأول هو المروي عن الصادق عليه السلام و " ما " مصدرية
وتحتمل الموصولة أيضا.
" فاذكروا الله " قال الطبرسي رحمه الله: في الذكر قولان: أحدهما أن المراد
به التكبير المختص بأيام منى، لأنه الذكر المرغب فيه المندوب إليه في هذه الأيام
والاخر أن المراد به ساير الأدعية في تلك المواضع، لان الدعاء فيها أفضل
منه في غيرها (2) وسيأتي تمام الكلام فيها في كتاب الحج إنشاء الله تعالى.
" في أيام معدودات " قال الطبرسي رحمه الله (3): هي أيام التشريق ثلاثة
أيام بعد النحر عن ابن عباس والحسن وأكثر أهل العلم، وهو المروي عن أئمتنا
عليهم السلام، والذكر المأمور به هو أن يقول عقيب خمس عشرة صلاة " الله أكبر
الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، والله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدينا، والحمد لله
على ما أولانا، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام " وأول التكبير عندنا عقيب
الظهر من يوم النحر وآخره صلاة الفجر من اليوم الرابع، هذا لمن كان بمنى،
ومن كان بغير منى من الأمصار يكبر عقيب عشر صلوات أولها صلاة الظهر من يوم
النحر أيضا هذا هو المروي عن الصادقين عليهما السلام.
وقال في قوله سبحانه: " ويذكروا اسم الله في أيام معلومات " (4) اختلف في
هذه الأيام وفي الذكر فيها فقيل هي أيام العشر، والمعدودات أيام التشريق، وقيل
هي أيام التشريق يوم النحر وثلاثة بعده، والمعدودات أيام العشر عن ابن عباس و
هو المروي عن أبي جعفر عليه السلام (5) والذكر قيل: التسمية على الذبيح، وقيل كناية

(1) مجمع البيان ج 2 ص 277.
(2) مجمع البيان ج 2 ص 297.
(3) مجمع البيان ج 2 ص 299، في الآية 203.
(4) مجمع البيان ج 7 ص 81 في آية الحج: 28.
(5) أقول: المراد بأيام العشر - بضم العين وفتح الشين كزفر - ثلاثة أيام من
الشهر وهي العاشر والحادي عشر والثاني عشر، فينطبق على أيام التشريق.
وذلك لان العرب قد سموا كل ثلاث من الشهر باسم على حدة فقالوا: ثلاث غرر،
وثلاث نفل، وثلاث تسع وثلاث عشر وثلاث بيض وثلاث درع وثلاث ظلم وثلاث حنادس
وثلاث دآدى وثلاث محاق.
وعلى ذلك فليحمل أخبار أهل البيت عليهم السلام وقد أخرجها المؤلف العلامة - ره -
في كتاب الحج الباب 54 ج 99 ص 307 - 310 ففي بعضها أن الأيام المعلومات: أيام
العشر كما نقل ذلك عن ابن عباس، وفي بعضها أنها هي أيام التشريق وفيما رواه
زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: المعلومات والمعدودات واحدة وهي
أيام التشريق.
فيما يذكره بعض من أن الأيام المعلومات هو عشر ذي الحجة وينسبون القول بذلك إلى
ابن عباس والحسن أو إلى أئمتنا عليهم السلام (راجع مجمع البيان ج 2 ص 299، مصباح
الشيخ ص 465) فهو توهم أو تصحيف نشأ من سوء القراءة لألفاظ الحديث، مع ما يرد
على ذاك التوهم أنه لا يوجد وجه لاقتصار التكبيرات والأذكار المأثورة بالأيام الثلاث:
ظهر يوم النحر إلى صلاة الفجر من اليوم الرابع لمن كان بمنى وصلاة الفجر من اليوم
الثالث لمن كان قاطنا ببلده، مع أن ذلك مجمع عليه، على أنه لم يقل أحد من الفقهاء
بجواز التكبيرات من أول العشر وانقطاعها في اليوم الحادي عشر، على ما يستلزم
هذا التوهم.
113

عن الذبح، وقيل: هو التكبير، قال أبو عبد الله عليه السلام: التكبير بمنى عقيب خمس
عشرة صلاة أولها الظهر من يوم النحر يقول الله أكبر إلى آخر ما ذكره سابقا.
ثم قال: البهيمة أصلها من الابهام وذلك أنها لا تفصح كما يفصح الحيوان الناطق
والانعام الإبل اشتقاقها من النعمة وهو اللين سميت بذلك للين أخفافها وقد
يجتمع معها البقر والغنم، فتسمى الجميع أنعاما اتساعا، وإن انفردا لم يسميا
أنعاما.
وقال في قوله: " ولتكبروا الله على ما هديكم " أي على ما بين لكم و
أرشدكم لمعالم دينه ومناسك حجه، وقيل: هو أن يقول الله أكبر على ما
114

هدانا انتهى.
وأقول: قد مر أنه يحتمل أن يكون المراد بذكر اسم الرب التكبيرات
في ليلة العيد ويومه.
1 - الاقبال: روي أنه يغتسل قبل الغروب من ليلة الفطر إذا علم أنها ليلة
العيد وروى أنه يغتسل أواخر ليلة العيد (1)
ومنه: روى باسناد متصل إلى الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
إن الناس يقولون: إن المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر، فقال:
يا حسن إن القار يجار إنما يعطى أجره عند فراغه، من ذلك ليلة العيد، قلت:
جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نفعل فيها: قال إذا غربت الشمس فاغتسل، فإذا صليت
المغرب والأربع التي بعدها، فارفع يديك وقل: يا ذا المن والطول، يا ذا الجود
يا مصطفى محمد وناصره، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي كل ذنب أحصيته وهو
عندك في كتاب مبين " ثم تخر ساجدا وتقول مائة مرة أتوب إلى الله وأنت ساجد،
ثم تسأل حاجتك فإنها تقضى إنشاء الله تعالى (2).
العلل: عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد الأشعري
عن السياري، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد نحوه إلى قوله:
فإذا صليت ثلاث ركعات المغرب، فارفع يديك وقل " يا ذا الطول يا ذا الحول " يا ذا
الجود - إلى قوله - صل على محمد وأهل بيته إلى قوله أحصيته علي ونسيته وهو إلى قوله
وأنت ساجد وسل حوائجك (3).
بيان: هذا الخبر مذكور في الكافي والفقيه (4) بسند فيه ضعف على المشهور
وفي أكثر نسخ الكافي أن القار يجار كما هنا وهو معرب كاريگر أي الأجير، و
هو الصواب، ويؤيده ما سيأتي من عبارة الهداية والفقه، وفي أكثر نسخ الفقيه

(1) الاقبال: 271.
(2) الاقبال: 271.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 75.
(4) الكافي ج 4 ص 167، الفقيه ج 2 ص 109، وتراه في التهذيب ج 1 ص 32.
115

القائل لحان، ولعله من لحن الكتاب وتصحيفهم، وفي بعض نسخ الكافي الفاريجان
قيل: وهو الحصاد الذي يحصد بالفرجون كبرذون أي المحسة وهي آلة حديدية
مستعملة في الحصاد انتهى.
وأقول: المحسة والفرجون ما ينفض به التراب عن الدابة، ولم أره في
كتب اللغة بما ذكره من المعنى، وبناء الفاريجان غير مذكور في اللغة أصلا، والأول
أظهر كما عرفت.
والدعاء في الكافي هكذا " يا ذا المن والطول، يا ذا الجود يا مصطفيا محمدا و
ناصره صل على محمد وآله، واغفر لي كل ذنب أذنبته أحصيته علي ونسيته وهو عندك
في كتابك " وفي الفقيه " يا ذا الطول يا ذا الحول يا مصطفي محمد وناصره صل على محمد
وآل محمد، واغفر لي كل ذنب أذنبته ونسيته أنا وهو عندك في كتاب مبين " ورواه
في المتهجد (1) نحوا مما في الفقيه إلا أنه ذكر الجميع في السجود.
2 - الاقبال: روينا باسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه
باسناده إلى معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن في الفطر تكبيرا
قلت: متى؟ قال: في المغرب ليلة الفطر والعشاء وصلاة الفجر وصلاة العيد، ثم
ينقطع، وهو قول الله تعالى: " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم " و
التكبير أن يقول: " الله أكبر الله أكبر لا إله الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد
على ما هدانا.
قال السيد: وإن قدم هذا التكبير عقيب صلاة المغرب وقبل نوافلها كان أقرب
إلى التوفيق (2).
3 - المتهجد: يستحب التكبير عقيب أربع صلاة يقول: الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد والحمد لله على ما هدينا وله الشكر على ما

(1) مصباح المتهجد: 450.
(2) الاقبال ص 271 - 272.
116

أولانا (1).
بيان: استحباب التكبير في الفطر عقيب أربع صلوات هو المشهور بين الأصحاب
وظاهر المرتضى في الانتصار الوجوب، وضم الصدوق إلى هذه الصلاة الأربع صلاة
الظهرين، وابن الجنيد النوافل أيضا، والاستحباب أظهر، ولا بأس بالعمل بقول
الصدوق لدلالة بعض الروايات عليه، كما ستعرف.
وأما قول ابن الجنيد فلم أر له شاهدا من الاخبار، نعم ورد في الخبر استحباب
التكبير بعد النوافل في أيام التشريق، وإن ورد نفيه أيضا، وحمل على
عدم الوجوب.
وكذا استحباب التكبير بعد العشرة والخمس عشرة، على التفصيل المتقدم
والآتي هو المشهور بين الأصحاب. وذهب المرتضى وابن الجنيد إلى وجوبه بل
ادعى المرتضى عليه الاجماع، واستحسنه ابن الجنيد عقيب النوافل والقول بالاستحباب
وإن كان لا يخلو من قوة لخبر علي بن جعفر، لكن القول بالوجوب أيضا له شواهد
من الأخبار الواردة بلفظ الوجوب أو صيغة الامر، والآيات المشتملة على الأوامر
المفسرة في الاخبار بها، وإن أمكن حملها على الاستحباب جمعا والأحوط عدم
الترك فيهما.
وقال في الذكرى: هذا التكبير مستحب للمنفرد والجامع، والحاضر والمسافر
والبلدي والقروي، والذكر والأنثى، والحر والعبد. واختلف الأصحاب في كيفية
التكبير كالاخبار، فروى الصدوق في مباحث الحج أن عليا عليه السلام كان يقول في دبر كل
صلاة في عيد الأضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، وفي المقنع
في صفة تكبير الأضحى الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد والله أكبر
على ما هدينا، والحمد لله على ما أولينا، والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام وقال
المفيد في تكبير: الفطر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، والحمد لله على ما هدينا
وله الشكر على ما أولانا، وفي الأضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر

(1) مصباح المتهجد: 450.
117

والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.
وقال الشيخ في النهاية الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الحمد لله على
ما هدينا وله الشكر على ما أولانا، وفي الأضحى كذلك إلا أنه يزيد فيه " ورزقنا
من بهيمة الأنعام " وقال في المبسوط في تكبير الفطر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا
الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله على ما هدينا، وله الشكر على ما
أولانا، ويزيد في الأضحى ورزقنا من بهيمة الأنعام (وفي الخلاف: الله أكبر الله
أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وقال ابن أبي عقيل في الأضحى
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام
والحمد لله على ما أبلانا.
وقال ابن الجنيد في الفطر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر
على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام) (1) والحمد لله على ما أبلانا
كذا حكي عنه في المختلف وحكى غيره غيره.
وقال في الدروس مثل النهاية إلا أنت ثلث التكبير في أوله، والتثليث منقول
عن البزنطي في جامعه، وقال في المعتبر: ولا ريب أن ذلك تعظيم لله، وذلك مستحب
فلا فائدة في المضايقة عليه، وهو حسن، وستعرف الاخبار واختلافها والعمل بكل
منها حسن، والجمع بينها أحوط وأحسن.
4 - تحف العقول: عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: غسل الأعياد طهور لمن
أراد طلب الحوائج بين يدي الله عز وجل واتباع للسنة (2).
5 - نهاية العلامة: كان النبي صلى الله عليه وآله يخرج يوم الفطر والأضحى رافعا صوته
بالتكبير.
6 - المنتهى: روى عن علي عليه السلام أنه خرج يوم العيد فلم يزل يكبر حتى
انتهى إلى الجبانة.

(1) ما بين العلامتين ساقط من ط الكمباني.
(2) تحف العقول: 95 ط الاسلامية.
118

بيان: قال في المنتهى قال بعض الأصحاب منا يستحب للمصلي أن يخرج
بالتكبير إلى المصلى.
7 - الاقبال: عن الحارث الأعور أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يصلي ليلة الفطر
بعد المغرب ونافلتها ركعتين يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب ومائة مرة قل هو الله أحد
وفي الثانية فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مرة ثم يقنت ويركع ويسجد ويسلم
ثم يخر لله ساجدا ويقول في سجوده أتوب إلى الله مائة مرة، ثم يقول والذي نفسي
بيده لا يفعلها أحد فيسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه ولو أتى من الذنوب مثل رمل
عالج (1).
ومنه: باسناده إلى هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه باسناده إلى
غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام
يحيي ليلة عيد الفطر بصلاة حتى يصبح، ويبيت ليلة الفطر في المسجد ويقول:
يا بني ما هي بدون ليلة يعني ليلة القدر (2)
ومنه: نقلا من كتاب الأزمنة لمحمد بن عمران المرزباني، عن عبد الله
ابن جعفر، عن محمد بن يزيد النحوي قال: خرج الحسن بن علي عليه السلام في يوم الفطر
والناس يضحكون، فقال: إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون
فيه إلى طاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، والعجب من الضاحك في
هذا اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، والله لو كشف الغطاء
لشغل محسن باحسانه، ومسئ بإساءته عن ترجيل شعر وتصقيل ثوب (3).
بيان: " لشغل محسن " أي كل محسن " باحسانه " أي باصلاح إحسانه و
الزيادة، وكل مسئ بتدارك إساءته والتوبة منها، بحيث لم يتوجه إلى تسريح شعره

(1) الاقبال: 272.
(2) الاقبال ص 274.
(3) الاقبال: 275.
119

أو تصقيل ثوبه، أي جعله صقيلا براقا يقال: صقلت السيف والمرآة أي جلوته.
8 - الاقبال: روينا باسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري
رضي الله عنه باسناده عن الحارث الأعور أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يصلي ليلة الفطر
ركعتين يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ألف مرة، وفي الثانية فاتحة
الكتاب وقل هو الله أحد مرة واحدة، ثم يركع ويسجد فإذا سلم خر ساجدا و
يقول في سجوده " أتوب إلى الله " مائة مرة، ثم يقول: " يا ذا المن والجود، يا ذا
المن والطول، يا مصطفي محمد صلى الله عليه وآله، صل على محمد وآله، وافعل بي كذا وكذا "
فإذا رفع رأسه أقبل علينا بوجهه ثم يقول والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل الله
تعالى شيئا إلا أعطاه، فلو أتاه من الذنوب بعدد رمل عالج غفر الله تعالى له.
ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان باسناده إلى الحسن
ابن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من صلى ليلة الفطر ركعتين
يقرأ في الأولى الحمد مرة وقل هو الله أحد ألف مرة، وفي الثانية الحمد وقل هو
الله أحد مرة واحدة لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه (1).
الدعاء (2) يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا الله يا رحيم يا الله يا ملك يا الله
يا قدوس يا الله يا سلام يا الله يا مؤمن يا الله يا مهيمن يا الله يا عزيز يا الله يا جبار يا الله يا متكبر
يا الله يا خالق يا الله يا بارئ يا الله يا مصور يا الله يا عالم يا الله يا عظيم يا الله يا
كريم يا الله يا حليم يا الله يا حكيم يا الله يا سميع يا الله يا بصير يا الله يا قريب يا الله
يا مجيب يا الله يا جواد يا الله يا واحد يا الله يا ولي يا الله يا وفي يا الله يا مولى يا
الله يا قاضي يا الله يا سريع يا الله يا شديد يا الله يا رؤوف يا الله يا رقيب يا الله يا
مجيب يا الله يا جواد يا الله يا ماجد يا الله يا حفيظ يا الله يا محيط يا الله يا سيد
السادات يا الله يا أول يا الله يا آخر يا الله يا ظاهر يا الله يا باطن يا الله يا فاخر يا الله

(1) الاقبال: 272.
(2) في المصدر: الدعاء في دبرها.
120

يا قاهر يا الله يا رباه يا الله يا رباه يا الله يا رباه يا الله يا رباه يا الله يا رباه يا الله
يا ودود يا الله يا نور يا الله يا دافع يا الله يا مانع يا الله يا رافع يا الله يا فاتح يا الله
يا نفاع يا الله يا مغيث يا الله يا جليل يا الله يا جميل يا الله يا شهيد يا الله يا شاهد
يا الله يا حبيب يا الله يا فاطر يا الله يا مطهر يا الله يا مالك يا الله يا مقتدر يا الله يا
قابض يا الله يا باسط يا الله يا محيي يا الله يا مميت يا الله يا باعث يا الله يا وارث
يا الله يا معطى يا الله يا مفضل يا الله يا منعم يا الله يا حق يا الله يا مبين يا الله يا طبيب
يا الله يا محسن يا الله يا مجمل يا الله يا مبدئ يا الله يا معيد يا بارئ يا الله
يا بديع يا الله يا هادي يا الله يا كافي يا الله يا شافي يا الله يا علي يا الله يا حنان يا
الله يا منان.
يا الله يا ذا الطول يا الله يا متعالي يا الله يا عدل يا الله يا ذا المعارج يا الله يا
صادق يا الله يا ديان يا الله يا باقي يا الله يا ذا الجلال يا الله يا ذا الاكرام يا الله يا
معبود يا الله يا محمود يا الله يا صانع يا الله يا معين يا الله يا مكون يا الله يا فعال
يا الله يا لطيف يا الله يا خبير يا الله يا غفور يا الله يا شكور يا الله يا نور يا الله يا
حنان يا الله يا قدير يا الله يا رباه يا الله يا رباه يا الله يا رباه يا الله يا رباه يا الله
يا رباه يا الله يا رباه يا الله يا رباه أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وتمن علي
برضاك، وتعفو عني بحلمك، وتوسع على من رزقك الحلال الطيب من حيث أحتسب
ومن حيث لا أحتسب، فاني عبدك ليس لي أحد سواك، ولا أجد أحدا أسأله غيرك
يا أرحم الراحمين، ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم تسجد وتقول:
يا الله يا الله يا رب يا الله يا رب يا الله يا رب يا الله يا الله يا منزل البركات بك تنزل
كل حاجة، أسئلك بكل اسم في مخزون الغيب عندك، والأسماء المشهورات عندك،
المكتوبة على سرادق عرشك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقبل مني شهر رمضان
وتكتبني في الوافدين إلى بيتك الحرام، وتصفح لي من الذنوب العظام، وتستخرج
121

لي يا رب كنوزك يا رحمن (1).
المتهجد (2) والاختيار والجنة: قالوا بعد ذكر الصلاة: يستحب أن تدعو
بعد الركعتين بهذا الدعاء وذكروا نحوه.
أقول: قد مر وسيأتي تفسير الأسماء وشرحها.
9 - الاقبال: روي أن من صلى ليلة الفطر أربع عشرة ركعة ويقرأ في كل
ركعة الحمد وآية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد، أعطاه الله بكل
ركعة عبادة أربعين سنة، وعبادة كل من صام وصلى في هذا الشهر، وذكر فضلا
عظيما (3).
10 - جمال الأسبوع: قال: صلاة الحاجة ليلة الجمعة وليلة عيد الأضحى
ركعتين تقرأ فاتحة الكتاب إلى " إياك نعبد وإياك نستعين " وتكرر ذلك مائة مرة
وتتم الحمد ثم تقرأ قل هو الله أحد ما أتي مرة في كل ركعة ثم تسلم وتقول: " لا
حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " سبعين مرة، وتسجد وتقول مأتي مرة " يا رب
يا رب " وتسأل كل حاجة.
11 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال علي عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يخرج إلى المصلى يوم الفطر كان
يفطر على تمرات أو زبيبات (3).
الدعائم: عن علي عليه السلام مثله (5).
12 - مجالس الشيخ: عن الحسين بن عبيد الله الغضايري عن هارون بن موسى
التلعكبري، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر

(1) الاقبال: 272 - 273.
(2) مصباح المتهجد: 450 - 452.
(3) الاقبال: 274.
نوادر الراوندي: 39.
(5) دعائم الاسلام ج 1 ص 184.
122

عن أبيه، عن جده، عن أبيه جعفر بن محمد عليهما السلام قال: كان علي بن أبي طالب عليه السلام
يقول: يعجبني أن يفرغ الرجل نفسه في السنة أربع ليال: ليلة الفطر، وليلة الأضحى
وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من رجب (1).
الدعائم: عن الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، عن علي عليه السلام
مثله (2).
13 - مجالس الشيخ: عن الحسن بن القاسم المحمدي، عن محمد بن علي
ابن الفضل، عن محمد بن محمد بن رباح، عن عمه علي بن محمد، عن إبراهيم بن سليمان
ابن حيان، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن عبد الرحمن اليشكري، عن أبي
إسحاق، عن الحارث بن عبد الله، عن علي عليه السلام قال إن استطعت أن تحافظ على ليلة
الفطر وليلة النحر وأول ليلة من المحرم وليلة عاشورا وأول ليلة من رجب وليلة
النصف من شعبان فافعل، وأكثر فيهن من الدعاء والصلاة وتلاوة القرآن (3).
ومنه: عن أحمد بن عبدون، عن الحسين القزويني، عن علي بن حاتم، عن
أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن سعد بن سعد، عن
أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام لا ينام ثلاث ليال: ليلة ثلاث
وعشرين من شهر رمضان، وليلة الفطر، وليلة النصف من شعبان، وفيها تقسم الأرزاق
والآجال، وما يكون في السنة (4).
بيان: وفيها أي في الأخيرة تقية، أو المراد به نوع من التقدير غير ما في ليلة
القدر، فان مراتب التقدير مختلفة، وعلى هذا يمكن إرجاعه إلى الجميع وأما إرجاعه
إلي الأولى فقط فبعيد.

(1) لم نجده في القسم المطبوع من أمالي الطوسي، وتراها في مصباح الشيخ
ص 593.
(2) دعائم الاسلام: 184.
(3) لم نجده في القسم المطبوع
(4) لم نجده في القسم المطبوع
123

14 - مجمع البيان: روي عن علي عليه السلام أنه خرج في يوم عيد فرأى ناسا
يصلون فقال: يا أيها الناس قد شهدنا نبي الله في مثل هذا اليوم فلم يكن أحد يصلي
قبل العيد أو قال: النبي، فقال رجل: يا أمير المؤمنين ألا تنهى أن يصلوا قبل خروج
الامام؟ فقال لا أريد أن أنهى عبدا إذا صلى، ولكنا نحدثهم بما شهدنا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أو كما قال (1).
بيان: " لا أريد أن أنهى " لعله قال ذلك لضعف عقول أصحابه فإنهم كانوا
يعظمون النهي عن الصلاة، وكان عليه السلام إذا نهاهم عن صلاة الضحى ومثلها قالوا في
جوابه أتنهى عبدا إذا صلى ولم يعلموا أن المراد في الآية الصلاة الراجحة لا المبتدعة
وبالجملة الظاهر أن عدم إصراره عليه السلام على المنع للتقية، ويحتمل أن يكون
لعدم فهم التحريم.
15 - الهداية: قال الصادق عليه السلام: من فاته التكبير أو نسيه فليكبر حين
يذكر.
وقال الصادق عليه السلام: ليلة الفطر الليلة التي يستوفي فيها الأجير أجره، و
التكبير أيام التشريق بالأمصار في عشر صلوات من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة
الغداة في اليوم الثالث لأنه إذا نفر الناس من منى في النفر الأول وجب على أهل
الأمصار قطع التكبير، والتكبير في خمس عشرة صلاة من صلاة الظهر من يوم النحر
إلى صلاة الغداة في اليوم الرابع ومن فاته فليعد، ويقال التكبير في دبر كل صلاة
ثلاث مرات (2).
16 - الاقبال: روى ابن أبي قرة باسناده عن الرجل عليه السلام قال: كل تمرات
يوم الفطر، فان حضرك قوم من المؤمنين فأطعمهم مثل ذلك (3).
17 - الخصال: عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن

(1) مجمع البيان: ج 10 ص 515 في آية العلق: 10.
(2) الهداية: 53.
(3) الاقبال: 281.
124

علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات قال التكبير بمنى في دبر خمس
عشرة صلاة وبالأمصار في دبر عشر صلوات، وأول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر
تقول: " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على
ما هدانا والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام " وإنما جعل في ساير الأمصار
في دبر عشر صلوات التكبير، إنه إذا نفر الناس في النفر الأول أمسك أهل الأمصار عن
التكبير، وكبر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير (1).
18 - العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد
ابن الحسين وعلي بن إسماعيل كلهم، عن حماد بن عيسى مثله (2).
بيان: حاصل التعليل أن أصل التكبير إنما هو لأهل منى، وأهل الأمصار
تبع لهم، فإذا سقط وجوب الكون بمنى عن بعضهم سقط عن أهل الأمصار لئلا يزيد الفرع
على الأصل.
19 - المقنعة: قال الصادق عليه السلام: التكبير لأهل منى في خمس عشرة صلاة
أولها الظهر من يوم النحر وآخرها الغداة من يوم الرابع، وهو لأهل
الأمصار كلها في عشر صلوات أولها الظهر من يوم النحر وآخرها الغداة من يوم
الثالث (3).
20 - الخصال: عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق التاجر
عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى وفضالة، عن معاوية بن عمار قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن التكبير في أيام التشريق لأهل الأمصار فقال: يوم النحر صلاة
الظهر إلى انقضاء عشر صلوات، ولأهل منى في خمس عشرة صلاة، فان أقام إلى الظهر

(1) الخصال ج 2 ص 92.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 133.
(3) المقنعة: 71.
125

والعصر كبر (1).
21 - السرائر نقلا من نوادر البزنطي، عن العلاء عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: يكبر أيام التشريق عند كل صلاة قلت له: كم؟ قال: كم شئت
إنه ليس بمفروض (2).
بيان: " قلت له كم " أي عدد التكبير بعد كل صلاة كم هو؟ فقال عليه السلام انه
ليس بمفروض أي مقدر محدود، لما رواه الكليني (3) عن محمد بن يحيى، عن محمد
ابن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليه السلام قال: سألته
عن التكبير بعد كل صلاة فقال كم شئت، إنه ليس شئ موقت، يعني في الكلام
والمراد بقوله: يعني في الكلام أنه ليس المراد به عدم التوقيت في عدد الصلوات بل في
عدد الذكر.
22 - الاقبال: روينا باسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي، عن المفيد و
الحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون، عن محمد بن أحمد بن داود القمي، عن محمد بن
محمد النحوي، عن علي بن محمد، عن الحسين بن الحسن بن أبي سنان، عن أبان، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار الحسين عليه السلام ليلة من ثلاث غفر له ما تقدم من ذنبه و
ما تأخر، قال: قلت: وأي الليالي؟ فذكر ليالي الأضحى (4).
بيان: لعل المراد بليالي الأضحى ليلة العيد وليلتان بعدها.
23 - تفسير الإمام عليه السلام: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لله عز وجل
خيارا من كل ما خلقه، فأما خياره من الليالي فليالي الجمع، وليلة النصف من
شعبان، وليلة القدر، وليلتا العيدين، وأما خياره من الأيام فأيام الجمع

(1) الخصال ج 2 ص 92.
(2) السرائر: 496.
(3) الكافي ج 4 ص 517.
(4) الاقبال: 421.
126

والأعياد (1).
24 - مجالس الصدوق: عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن ابن
عقدة، عن المنذر بن محمد، عن إسماعيل بن عبد الله الكوفي، عن أبيه، عن عبد الله بن
الفضل قال: قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: إذا كان ليلة الفطر فصل المغرب ثلاثا
ثم اسجد وقل في سجودك: يا ذا الطول يا ذا الحول، يا مصطفي محمد وناصره،
صل على محمد وآل محمد، واغفر لي كل ذنب أذنبته، ونسيته وهو عندك في كتاب مبين
ثم تقول مائة مرة أتوب إلى الله.
وكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة وصلاة العيد كما تكبر أيام
التشريق تقول: " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا " ولا تقل فيه " ورزقنا من بهيمة الأنعام
" فان ذلك في أيام التشريق (2).
الهداية: عنه عليه السلام مرسلا مثله إلى آخر الخبر (3).
25 - الخصال: عن أبيه، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي
عبد الله البرقي، عن محمد بن أحمد الأيادي، عن عبد الله بن محمد، عن عمرو بن شمر،
عن أبان بن محمد، عن محمد بن علي عليهما السلام قال: ما من عمل أفضل يوم النحر من دم
مسفوك أو مشي في بر الوالدين، أو ذي رحم قاطع يأخذ عليه بالفضل ويبدأه بالسلام
أو رجل أطعم من صالح نسكه ودعا إلى بقيتها جيرانه من اليتامى وأهل المسكنة
والمملوك وتعاهد الاسراء (4).
بيان: " يأخذ عليه " أي يمنعه عن العداوة بسبب الفضل والاحسان من قولهم
أخذ على يده أي منعه، أو يأخذه الحجة ويتمها عليه بفضله، أو يشرع في الفضل

(1) تفسير الامام: 301.
(2) أمالي الصدوق: 62.
(3) الهداية: 52.
(4) الخصال ج 1 ص 298 تحقيق الغفاري.
127

محتجا عليه من قولهم أخذ في كذا أي شرع، فالباء بمعنى في، وعلى هذا يحتمل
تعلق " عليه " بالفضل " من صالح نسكه " أي ذبيحته الطيبة " وتعاهد الاسراء "
أي بنسكه أو مطلقا.
26 - قرب الإسناد: عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن الصادق
عليه السلام، عن أبيه، عن علي عليهما السلام قال: كان يعجبه أن يفرغ الرجل نفسه أربع
ليال من السنة: أول ليلة من رجب، وليلة النحر، وليلة الفطر، وليلة النصف
من شعبان (1).
فقه الرضا: عن أبيه، عن جعفر، عن أبيه عليهم السلام مثله.
المتهجد: عن وهب بن وهب مثله (2).
27 - الخصال، عن ستة من مشايخه، عن أحمد بن يحيى بن زكريا، عن
بكر بن عبد الله، عن تميم بن بهلول، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن الصادق عليه السلام
قال: التكبير في العيدين واجب أما في الفطر ففي خمس صلوات يبتدأ به من صلاة المغرب ليلة
الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر، وهو أن يقال " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر
الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا " لقوله عز وجل " و
لتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم " (3) وفي الأضحى بالأمصار في دبر
عشر صلوات يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث، وبمنى
دبر خمس عشرة صلاة يبتدأ به من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع
ويزاد في هذا التكبير " والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام " (4).
28 - العيون: عن عبد الواحد بن عبدوس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن
الفضل بن شاذان فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون قال: التكبير في العيدين واجب في

(1) قرب الإسناد: 26 ط حجر.
(2) مصباح المتهجد: 450.
(3) البقرة: 185.
(4) الخصال ج 2 ص 154.
128

الفطر في دبر خمس صلوات ويبدأ به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر وفي الأضحى
في دبر عشر صلوات، يبدأ به من صلاة الظهر يوم النحر، وبمنى في دبر خمس
عشرة صلاة (1).
بيان: هذان الخبران حجة الصدوق في إضافة الظهرين، وأضاف العيد إليها
للاخبار الأخرى.
29 - قرب الإسناد وكتاب المسائل: بسنديهما عن علي بن جعفر، عن
أخيه عليه السلام قال: سألته عن التكبير أيام التشريق هل يرفع فيه اليدين أم لا؟ قال:
يرفع يده شيئا أو يحركها.
وسألته عن التكبير أيام التشريق أواجب هو؟ قال: يستحب، فان نسي فليس
عليه شئ.
وسألته عن رجل يدخل مع الامام وقد سبقه بركعة فيكبر الامام إذا سلم أيام
التشريف كيف يصنع الرجل؟ قال: يقوم فيقضي ما فاته من الصلاة، فإذا فرغ
كبر.
وسألته عن الرجل يصلي وحده أيام التشريق هل عليه تكبير؟ قال: نعم، و
إن نسي فلا بأس
وسألته عن القول في أيام التشريق ما هو؟ قال تقول: الله أكبر الله أكبر لا
إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا
من بهيمة الأنعام.
وسألته عن النساء هل عليهن التكبير أيام التشريق؟ قال: نعم ولا
يجهرن به (2).
30 - كتاب المسائل: لعلي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن
التكبير في أيام التشريق قال: يوم النحر صلاة الأولى إلى آخر أيام التشريق من

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 125.
(2) قرب الإسناد ص 100 ط حجر.
129

صلاة العصر يكبر يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر
على ما هدينا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.
وسألته عن نوافل أيام التشريق، هل فيها تكبير؟ قال: نعم، وإن نسي
فلا بأس. (1)
بيان: التكبير بعد الظهرين في اليوم الثالث لم أر به قائلا منا وذهب إليه
جماعة من العامة، ويمكن حمله على التقية، ويمكن حمله على من صلى الظهرين
بمنى كما يومي إليه بعض الأخبار، وكذا رفع اليدين الوارد في خبر قرب الإسناد
لم أر مصرحا به.
31 - ثواب الأعمال: عن محمد بن إبراهيم عن هارون بن محمد عن أحمد بن حميد
عن أبي عبد الله عن أبي صالح عن سعد بن سعيد عن أبي ظبية عن ثور بن وبرة عن الربيع ابن
خثيم عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عن إسرافيل عن ربه تبارك وتعالى
أنه قال: من صلى ليلة الفطر عشر ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو
الله أحد عشر مرات ويقول في ركوعه وسجوده سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر، ثم يتشهد ويسلم بين كل ركعتين فإذا فرغ منها قال ألف مرة " أستغفر
الله وأتوب إليه " ثم يسجد ويقول في سجوده " يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام
يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما يا أرحم الراحمين يا إله الأولين والآخرين،
اغفر لي ذنوبي وتقبل صومي وصلاتي وقيامي " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني
بالحق نبيا إنه لا يرفع رأسه من السجود حتى يغفر الله له ويتقبل منه شهر رمضان،
ويتجاوز عن ذنوبه، وإن كان قد أذنب سبعين ذنبا كل ذنب منه أعظم من ذنوب
جميع العباد.
قلت: يا جبرئيل أيتقبل منه خاصة شهر رمضان أو من جميع عباده في بلاده
قال: نعم والذي بعثك بالحق نبيا يا محمد إن من كرامته على الله وعظم منزلته
يتقبل منه ومنهم، ويقبل من جميع الموحدين فيما بين المشرق والمغرب صلاتهم

(1) المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 265 و 273.
130

وصيامهم، ويغفر لهم ذنوبهم، ويستجيب دعاءهم بعد ما يحيونه، والذي بعثني
بالحق إن من صلى هذه الصلوات، واستغفر هذا الاستغفار، يتقبل الله صلاته و
صيامه وقيامه ويغفر له ويستجيب دعاءه، لان الله عز وجل قال في كتابه " واستغفروا
ربكم ثم توبوا إليه " (1) وقال: " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا
الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله " (2) وقال: " واستغفروا الله إن
الله غفور رحيم " (3) وقال: " واستغفره إنه كان توابا " (4)
وقال النبي صلى الله عليه وآله: هذه هدية لي ولامتي خاصة من الرجال والنساء ولم يعطها
أحدا من الأنبياء الذين كانوا قبلي ولا غيرهم (5).
ومنه: عن محمد بن إبراهيم، عن أحمد بن جعفر، عن إسماعيل بن الفضل
عن سختويه بن شبيب، عن عاصم، عن إسماعيل، عن سليمان التيمي، عن أبي
عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي - رحمه الله - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما
من عبد يصلي ليلة العيد ست ركعات إلا شفع في أهل بيته كلهم، وإن كانوا قد
وجبت لهم النار، قالوا: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لان المحسن لا يحتاج
إلى الشفاعة إنما الشفاعة لكل هالك، وقال محمد بن (علي بن) ظ الحسين تقرأ في
كل ركعة خمس مرات قل هو الله أحد (6).
الاقبال: مثل الخبرين معا مع اختصار وروى الأول من كتاب الكافي غير
الكليني أيضا (7).

(1) هود: 90.
(2) آل عمران: 135.
(3) المزمل: 20.
(4) النصر: 3.
(5) ثواب الأعمال: 100 و 101 تحقيق الغفاري.
(6) ثواب الأعمال: 100 و 101 تحقيق الغفاري.
(7) الاقبال: 272.
131

32 - ثواب الأعمال: عن محمد بن إبراهيم، عن إسماعيل بن محمد، عن محمد
ابن سليمان، عن محمد بن بكر الفارسي، عن محمد بن مصعب، عن حماد، عن ثابت،
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحيى ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت
القلوب (1).
ومنه: عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله، عن يحيى بن عثمان، عن
ابن بكير، عن المفضل بن فضالة، عن عيسى بن إبراهيم، عن سلمة بن سليمان، عن
مروان بن سالم، عن ابن كردوس، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحيى
ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (2).
33 - فقه الرضا عليه السلام: قال أكثروا من ذكر الله عز وجل والصلاة على
رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة الفطر فإنه ليلة يوفي فيها الأجير أجره.
وأروى عن العالم عليه السلام أنه قال إن الله عز وجل وعلا يعتق في أول ليلة من
شهر رمضان ست مائة ألف عتيق من النار فإذا كان العشر الأواخر أعتق كل ليلة منه
مثل ما أعتق في العشرين الماضية، فإذا كان ليلة الفطر أعتق من النار مثل ما أعتق في
ساير الشهر.
واجتهدوا في ليلة الفطر في الدعاء والسهر، وصلوا ركعتين تقرؤن في الركعة
الأولى بأم الكتاب وقل هو الله أحد ألف مرة وفي الثانية مرة واحدة وقد روى أربع
ركعات في كل ركعة مائة مرة قل هو الله أحد.
وقال عليه السلام: إذا كان ليلة الفطر صليت المغرب ثلاثا وسجدت وقلت " يا ذا
الطول ويا ذا الجود ويا ذا الحول، يا مصطفي محمد وناصره، صل يا الله على محمد و
على آله، وسلم، واغفر لي كل ذنب أذنبته نسيته وهو عندك في كتاب مبين " ثم تقول:
مائة مرة: أتوب إلى الله.
وكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة والغداة ولصلاة العيد والظهر والعصر كما تكبر
أيام التشريق تقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدانا

(1) ثواب الأعمال: 101 و 102.
(2) ثواب الأعمال: 101 و 102.
132

والحمد لله على ما أولانا، وأبلانا، والحمد لله بكرة وأصيلا.
والذي يستحب الافطار عليه يوم الفطر الزبيب والتمر وأروى عن العالم عليه السلام
الافطار على السكر، وروى أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسين عليه السلام.
وروي أن للفطر تشريقا كتشريق الأضحى فيستحب فيه الذبيحة كما يستحب
في الأضحى، وعليكم بالتكبير يوم العيد وأبعدوا إلى مواضع الصلاة والبروز إلى
تحت السماء، والوقوف تحتها إلى وقت الفراغ من الصلاة والدعاء.
بيان: الأضحية في الفطر غريب لم أجده في غير هذا الخبر، ولم
أر قائلا به.
34 - العياشي: عن سعيد النقاش قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام فقال: إن
في الفطر لتكبيرا ولكنه مستور يكبر في المغرب ليلة الفطر وفي العتمة والفجر وفي
صلاة العيد، وهو قول الله " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم " (1) و
التكبير أن تقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، قال في رواية
أبي عمرو التكبير الأخير أربع مرات (2).
ومنه: عن سعيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في الفطر تكبيرا، قال:
قلت: ما تكبير إلا في يوم النحر، قال: فيه تكبير، ولكنه مسنون في المغرب والعشاء
والفجر والظهر والعصر وركعتي العيد (3).
أقول: قد مضت الاخبار في غسل العيدين في باب الأغسال، وفي التكبير في
الباب المتقدم وسيأتي في كتاب الحج أيضا.

(1) البقرة: 185.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 82.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 82.
133

5.
* (باب النوادر) *
1 - مجالس الصدوق: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسن بن متيل
عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن فضال، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن
عبد الله بن لطيف، عن الصادق عليه السلام قال: لما ضرب الحسين بن علي عليه السلام ثم
ابتدر ليقطع رأسه، نادى مناد من قبل رب العزة تبارك وتعالى من بطنان العرش،
فقال: ألا أيتها الأمة المتحيرة الظالمة بعد نبيها، لا وفقكم الله لاضحى ولا فطر.
قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون أبدا حتى يقوم
ثائر الحسين عليه السلام (1).
2 - العلل: عن علي بن أحمد، عن الكليني، عن علي بن محمد عمن ذكره
عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن لطيف، عن رزين، عن الصادق عليه السلام مثله (2)
بيان: حمله الأكثر على أن المعنى أنه يشتبه الهلال فلا يوفقون لاعمال
الفطر والأضحى في اليوم الواقعي، فلابد من حمله على الغالب أو على أن الاشتباه
يقع أكثر مما سبق، والذي يخطر بالبال أن المراد أنهم لا يوفقون لادراك الفطر
والأضحى مع إمام الحق، إذ العيد إنما جعل ليفوز الناس بخدمة الإمام عليه السلام و
يتعظوا بمواعظه، ويسمعوا منه أحكام دينهم، فبعد ذلك لم يظهر إمام على المخالفين
ولم يوفقوا لايقاع صلاة العيد مع إمام إما لاستيلاء المخالفين أو غيبة إمام المؤمنين،
وهو أظهر، ولا يحتاج إلى تكلف.

(1) أمالي الصدوق ص 101.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 76.
134

3 - العلل: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
علي بن الحسن، عن عمرو بن عثمان، عن حنان بن سدير، عن عبد الله بن دينار،
عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا عبد الله ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا
وهو يتجدد فيه لآل محمد صلى الله عليه وآله حزن، قلت: فلم؟ قال: لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم (1).
بيان: حزنهم عليهم السلام ليس لحب الجاه والرئاسة، بل للشفقة على
الأمة حيث يرون الناس في الحيرة والضلالة، ولا يمكنهم هدايتهم، أو لأنه
يفوت عنهم بعض الأمور الذي أمروا به اضطرارا، وهذا مما يوجب الحزن وإن
كان ثوابهم في تلك الحال أكثر، كما أن ما فاتته صلاة الليل لنوم أو عذر يتحسر
لذلك مع أنه يثاب بهذه الحسرة أكثر من ثواب أصل الفعل، والأول أظهر، وربما
يؤيد ما ذكرنا في الخبر الأول.
4 - العلل: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد الأشعري
عن السياري، عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت:
جعلت فداك! ما تقول في العامة فإنه قد روى أنهم لا يوفقون لصوم فقال لي أما إنهم
قد أجيبت دعوة الملك فيهم، قال: قلت وكيف ذلك جعلت فداك؟ قال: إن الناس
لما قتلوا الحسين بن علي عليه السلام أمر الله عز وجل ملكا ينادي أيتها الأمة
الظالمة القاتلة عترة نبيها! لا وفقكم الله لصوم ولا فطر!
وفي حديث آخر لفطر ولا أضحى (2).
بيان: هذا الخبر لا ينافي ما ذكرنا في الخبر الأول، لأن الصوم أيضا مع
الامام الظاهر أكمل وأفضل، ومنه عليه السلام يؤخذ أحكامه وآدابه، وتقام معه الفرائض
المكملة له، والعامة لعدم الولاية لا يصح منهم الصوم، ويفطرون قبل محله على
المشهور ويوقعون ما يفسده غالبا، وهذا أنسب بالعموم المستفاد من النكرة في
سياق النفي.

(1) علل الشرايع ج 2 ص 76.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 75.
135

5 - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض الأعياد: إنما هو
عيد لمن قبل الله تعالى صيامه، وشكر قيامه، وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو
يوم عيد (1).
بيان: إنما هو عيد أي يوم سرور أو يوم منفعة وفائدة وعائدة.

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 428 من قسم الحكم.
136

6.
* (باب) *
" * (صلاة الكسوف والخسوف والزلزلة والآيات) " *
الآيات: الحج: يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ
عظيم (1).
الطور: وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم (2).

(1) الحج: 1.
(2) الطور: 44، والكسف جمع الكسفة وهي على ما في اللسان: القطعة مما
قطعت، فيكون المراد قطعات من الصخور والجبال التي قطعت من احدى السماوات تمر
على الأرض فتسقط عليها أحيانا، على ما مر في ص 36 من أن المراد بالسماء هي السيارات
التي تسبح حول الشمس وقد جعلت شدادا كالصخور والجبال التي نراها على الأرض،
وقد سقط من تلك الأحجار السماوية عدد كثير بين كبير وصغير:
وأشبه ما سقط على الأرض بلفظ الآية الكريمة ما حدث في القرن الخامس في مدينة
كريما من إيطاليا أن أظلم الجو في نصف النهار وجاءت سحابة معتمة فغطت السماء وظهر
في هذا الظلام شبه طاووس ناري عظيم طائر فوق المدينة، ثم تحول بسرعة إلى هرم عظيم
يقطع الجو بسرعة، وإذ ذاك حدثت بروق ورعود وفي أثنائها سقطت على وجه السهل
صخور يبلغ وزن بعضها أكثر من 16 رطلا (دائرة الوجدي ج 7 ص 511)
فعلى هذا لا ترتبط الآية الكريمة بصلاة الآيات، فان نزول الأحجار وسقوطها ليس
من آيات قرب الساعة، نعم كان على المصنف العلامة قده أن يذكر أمثال قوله تعالى: " يوم
تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا " الطور: 9، وفيها إشارة إلى زلزلة الأرض و
قوله تعالى: " فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر " القيامة 7، وفيها
إشارة إلى خسوف القمر، وقوله تعالى: " إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت "
التكوير: 1 وفيها إشارة إلى انكساف الشمس، وغير ذلك من آيات قرب الساعة.
137

الزلزال: إذا زلزلت الأرض زلزالها (1).
تفسير: " وإن يروا كسفا " أي قطعة من السماء " ساقطا يقولوا سحاب مركوم "
المركوم الموضوع بعضه على بعض، يعنى إن عذبناهم بسقوط بعض من السماء عليهم
لم يتنبهوا عن كفرهم وقالوا هو قطعة من السحاب، فيدل على ذم من لم يتنبه
من الآيات السماوية، ولم يتب بعدها، ولم يقلع عن المعاصي، ولم يتضرع إلى
الله تعالى لكشفها كما روى البرقي (2) والمفيد (3) بسنديهما عن عبد الرحمن بن سالم،
عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: هل يكره الجماع في وقت من الأوقات
وإن كان حلالا؟ قال: نعم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب
الشمس إلى مغيب الشفق، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي الليلة التي ينكسف

(1) الزلزال: 1.
(2) المحاسن: 311 بتفاوت.
(3) الاختصاص: 218، وهذا على ما كان يذهب إليه المصنف العلامة قدس سره
أن كتاب الاختصاص للشيخ المفيد، والذي ظهر لي أنه كان بياضا لبعض علمائنا الأقدمين
ينظر في كتب الأصحاب يكتب فيه ما وجده طريقا فريدا منها، تراه تارة ينقل الحديث
بلفظه وسنده من كتب الشيخ المفيد، وتارة من كتب الصدوق رحمهما الله، كما أنه قد نقل
في ص 252 - 253 من كتاب التكليف للشلمغاني المعروف بفقه الرضا عليه السلام بابا كاملا
في السخاء والسماحة بلفظه. (راجع ص 49 من كتاب التكليف).
كما أنه قد ذكر المؤلف العلامة في مقدمة البحار ج 1 ص 27، أنه كان مكتوبا
على عنوان النسخة العتيقة من هذا الكتاب (كتاب مستخرج من كتاب الاختصاص تصنيف
أبى على أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران رحمه الله) وهذا يشهد بما ذكرنا، أيضا
وقد مر في ج 71 ص 354 كلام في ذلك.
وكيف كان ترى هذا الحديث في الكافي ج 5 ص 458، طب الأئمة: 131، و
أخرجه المؤلف العلامة في ج 103 من هذه الطبعة باب آداب الجماع.
138

فيها القمر، وفي اليوم والليلة التي تكون فيها الريح السوداء، والريح الحمراء،
والريح الصفراء، وفي اليوم والليلة التي تكون فيها الزلزلة.
ولقد بات رسول الله صلى الله عليه وآله عند بعض نسائه في ليلة انكسف فيها القمر فلم
يكن في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتى أصبح، فقالت له: يا رسول الله البغض
هذا منك في هذه الليلة؟ قال: لا، ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة، فكرهت
أن أتلذذ وألهو فيها، وقد عير الله تعالى أقواما في كتابه فقال: " وإن يروا كسفا
من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم - فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي
فيه يصعقون " ثم قال أبو جعفر عليه السلام: وأيم الله لا يجامع أحد فيرزق ولدا فيرى في ولده
ذلك ما يحب.
وقد مر تفسير ساير الآيات، والغرض من إيرادها بيان أنها من آيات الساعة (1)

(1) ومن الآيات التي تتعلق بالباب، بل هي أساس الحكم لصلاة الآيات قوله عز
من قائل: " اقتربت الساعة وانشق القمر " إلى آخر السورة حيث يجعل انشقاق القمر
من دلائل قرب الساعة ويعده آية، ثم يردفها بآية الطوفان لقوم نوح، والريح الصرصر
لقوم عاد، والصيحة لقوم ثمود، وأمطار الحصباء لقوم لوط، واغراق اليم لآل فرعون،
ويعد كل واحدة منها آية للعذاب على حدة.
وإنما كان انشقاق القمر من علامات الساعة، لان الساعة - على ما يظهر من تضاعيف
آيات الله - إنما تقوم بطريان هذه الاحداث: ينفجر القمر ويتصدع صخورها وجبالها فيتخلى
ما فيها من موادها المذابة ترى وردة كالدهان: تارة أحمر وأخرى أصفر وأزرق كما
قال عز وجل: " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان "، كما أن الأرض إنما تقوم
الساعة عليها كذلك قال الله عز وجل: " إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا
الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت " الانشقاق: 1 - 5، ولا تحصل
ذلك بالأرض الا بصيحة قارعة تقرع الاسماع كما قال عز وجل: " القارعة ما القارعة وما
أدراك ما القارعة: يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش "
وإنما كان انشقاق القمر دليلا على اقتراب الساعة، لان انفجاره وانفطاره لا يكون
الا بتقشف قشره بأن تنحبس الغازات الملتهبة من مواد مذابها وتتكثف إلى أن تغلب على
مقاومة القشر فتخرج بانفجار وتصدع وزلزلة ورجة في أرضها وصيحة ودخان وأحيانا
اشتعال نار في جوها المحيط بها، الا أن تلك الحوادث تكون خفيفة عندما كان تقشف القشر
يسيرا وأما إذا مضى برهة من الدهر وصار التقشف والتحجر في سطحها ضخيمة، تكون
تلك الحوادث شديدة بحيث قد يتصدع الكرة فلقتين كما كان من انشقاق القمر على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبر به القرآن الكريم. فإذا مر على ذلك أيضا برهة من الدهر بحيث تصلب سطح القمر ولم يقدر الغازات
الملتهبة أن يصدعه ويخرج من خلاله، تنحبس الغازات بشدة وتتكثف ثم تتكثف إلى أن
يوحى الله عز وجل إليه بالانصداع، فينصدع ويتخلى بما فيها لشدة الانفجار، كما قال
عز وجل بالنسبة إلى الأرض: " يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ".
فإذ قد مضى البرهة الأولى وتصدع القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو نبي آخر
الزمان فكأنها قدمت رجلا واقتربت إلى أجلها، فكم عسى أن يكون مدى البرهة الثانية؟
يسئلونك عن الساعة أيان مرساها، قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها الا هو، ثقلت
في السماوات والأرض لا تأتيكم الا بغتة، يسئلونك كأنك حفى عنها، قل إنما علمها عند الله
ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وأما فقه الآيات:
فقد تكرر في تضاعيف السورة قوله عز وجل: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من
مدكر " أربع مرات وهي الآيات 17 و 22 و 32 و 40.
ومعنى تيسير القرآن للذكر، على ما مر في ج 85 ص 4، أن القرآن قد جعل
ذا قطعات مختلفة تلتئم كل قطعة في حد نفسه بحيث يتداعى قراءة الآية الأولى منها ذكرى
الآية الثانية وهكذا، فيسهل ذكرها وقراءتها من حفظ، ومصداق هذه القطعات في هذه
السورة عند تمام قوله عز وجل: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " وفي سائر
السور الكريمة عندما يتم مفاد جملة منها بعد جملة على حد ما كان ينزل على نبي الله صلى الله عليه وآله
نجوما: نجما نجما.
ومفاد قوله عز وجل " فهل من مدكر " الترغيب في الصلاة، فان تيسير القراءة
إنما كان لأجل حفظ القرآن وقراءته في الصلاة من ذكر، ولذلك سن رسول الله صلى الله عليه وآله عند
وقوع احدى الآيات المذكورة: انشقاق القمر، (وهي من آيات الساعة، فتكون سائر
الآيات التي تكون علما للساعة مثله على ما عرفت في صدر الكلام، من خسوف القمر و
الشمس وزلزلة الأرض) وهكذا الطوفان والريح الصرصر والصيحة السماوية وأمطار
الحصباء وفيضان اليم بالاغراق (مما يكون فيه العذاب الإلهي) صلاة، وجعل في كل ركعة
منها خمس ركوعات: أربعا منها عند قراءة قوله عز وجل " ولقد يسرنا القرآن للذكر
فهل من مدكر " والخامسة عند تمام السورة كملا على ما هو المعهود المسنون من اقتضاء
كل سورة ركعة بعدها سجدتان.
فعلى هذا، إنما يجوز تقسيم سائر السور خمس قطعات في هذه الصلاة - صلاة الآيات -
إذا كان على وجه ينطبق عليه قوله عز وجل: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "
حيث كررها عند تمام جملة بعد جملة: قصة نوح ثم قصة هود ثم قصة صالح ثم قصة لوط فكل
قطعة من سورة واحدة تم بحثها ومفادها جملة واحدة من حيث الصدر والذيل، كانت قصصا
أو لم تكن، جاز قراءتها في صلاة الآيات والركوع بعدها، لكنه يجب عليه أن يتم السورة
قبل الركوع الخامس ليصح له بعد ذلك سجدتان.
139

فلذا وجبت الصلاة فيها كما سيأتي.
1 - كتاب المسائل وقرب الإسناد: بسنديهما عن علي بن جعفر، عن أخيه
140

موسى عليه السلام قال: سألته عن صلاة الكسوف ما حده؟ قال: متى أحب ويقرأ ما
أحب غير أنه يقرأ ويركع أربع ركعات ثم يسجد في الخامسة، ثم يقول فيفعل
مثل ذلك.
قال: وسألته عن القراءة في صلاة الكسوف قال تقرء في كل ركعة بفاتحة الكتاب
فإذا ختمت سورة وقرأت في أخرى فاقرأ بفاتحة الكتاب وإن قرأت سورة في ركعتين أو
ثلاثة فلا تقرأ بفاتحة الكتاب حتى تختم السورة، ولا تقول سمع الله لمن حمده في
شئ من ركوعك إلا الركعة التي تسجد فيها.
141

قال: وسألته عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء؟ قال: إذا فاتتك فليس
عليك فيها قضاء (1).
السرائر: نقلا من جامع البزنطي عن الرضا عليه السلام مثل الأسؤلة والأجوبة
الثلاثة سواء (2) إلا أن فيه إذا ختمت سورة وبدأت في أخرى، وفي كتاب المسائل
بعد قوله: " ويقرأ ويركع: ويقرأ ويركع ويقرأ ويركع (3).
بيان: لا خلاف بين علمائنا في أن صلاة الآيات ركعتان، وكل ركعة مشتملة
على خمس ركوعات وسجدتين، والمشهور أنه يجب في كل ركعة قراءة الفاتحة مع
سورة كاملة، (وأنه يجوز أن يقرأ قبل كل ركوع الحمد وسورة كاملة) وأن يبعض
السورة على الركوعات الخمس أو أقل، وأن الفاتحة لابد أن تقرأ في ابتداء كل ركعة
وبعد تمام السورة في الركوع الذي بعده، وعند افتتاح سورة، وقال ابن إدريس: لا
يجب تكرار الحمد مع إكمال السورة، بل يستحب كما هو ظاهر خبر ابن سنان لكنه
مؤول للأخبار الصحيحة الدالة على وجوب التكرار الحمد عند ختم السورة.
والمشهور جواز التفريق في ركعة والتكرار في أخرى، والجمع في الركعة
الواحدة بين الاتمام والتبعيض واحتمل في الذكرى انحصار المجزي في سورة واحدة أو
خمس سور وكأنه لا وجه له، وهل يجب إكمال سورة في الخمس؟ قال العلامة في
النهاية الأقرب ذلك، وما قربه أشهر وأقرب، ولو جمع في ركعة بين
الاتمام والتبعيض فهل يجوز له أن يسجد قبل إتمام السورة؟ فيه وجهان ولعل
الجواز أقرب وفي جواز إتمامها بعد القيام من السجود وجهان، لكن لابد
حينئذ من قراءة الحمد.
قال العلامة: والأقرب أنه يجوز أن يقرأ في الخمس سورة وبعض أخرى،

(1) قرب الإسناد ص 99 ط حجر.
(2) السرائر: 469.
(3) المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص.
142

فإذا قام إلى الثانية فالأقرب وجوب الابتداء بالحمد لأنه قيام عن سجود، فوجب
فيه الفاتحة ثم يبتدئ بسورة من أولها ثم إما يكملها أو يقرأ بعضها، ويحتمل ضعيفا
أن يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه أولا، من غير أن يقرأ الفاتحة، لكن يجب
أن يقرأ الحمد في الثانية إذ لا يجوز الاكتفاء بالحمد مرة في الركعتين انتهى.
وذكر الشهيد أنه متى ركع عن بعض سورة تخير في القيام بعده بين القراءة
من موضع القطع وبين القراءة من أي موضع شاء من السورة، وبين رفضها وقراءة
غيرها، واحتمل أيضا ما قربه العلامة من جواز إعادة البعض الذي قرء من السورة
أولا قال فحينئذ هل تجب قراءة الحمد؟ يحتمل ذلك، لابتدائه بسورة، ويحتمل
عدمه لان قراءة بعضها مجز فقراءة جميعها أولى، هذا إن قرأ جميعها، وإن قرأ
بعضها فأشد إشكالا.
وتردد العلامة في وجوب قراءة الحمد لو رفض السورة التي قرأ بعضها من
أن وجوب الحمد مشروط با كمال السورة قبلها، ومن أنه في حكم الاكمال قال الشهيد
ويجئ ذلك في العدول عن الموالاة في السورة الواحدة، ولا يخفى أن في أكثر هذه
الصور إشكالا، لأنه ورد في الخبر " فان نقصت من السورة شيئا فاقرأ من حيث
نقصت " (1) وهذا يدل على وجوب القراءة من موضع القطع، فيشكل العدول إلى
غيره من السورة وغيرها، والمتجه الاقتصار على موارد الرواية.
وأما القضاء فالمشهور أنه إن علم بحصول الآية المخوفة وترك الصلاة يجب
عليه القضاء وإن احترق بعض القرص، سواء كان عامدا في الترك أو ناسيا، وقال
الشيخ في النهاية والمبسوط: لا يقضي الناسي ما لم يستوعب الاحتراق، وهو اختيار ابن
حمزة وابن البراج، وظاهر المرتضى في المصباح، والشيخ في الجمل: إيجاب
القضاء مع احتراق جميع القرص، وعدمه عند احتراق البعض، وإن تعمد الترك،

(1) في حسنة محمد بن مسلم " فقال: ذلك أن
قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة
الكتاب فان نقصت من السورة شيئا فاقرأ من حيث نقصت ولا تقرأ فاتحة الكتاب " الحديث
في الكافي ج 3 ص 464، التهذيب ج 1 ص 299.
143

والاخبار مختلفة، وهذا الخبر مع صحته في ساير الكتب يدل على عدم وجوب القضاء
مطلقا، فيمكن حمل الأخبار الدالة على القضاء على الاستحباب، ويمكن حمل هذا الخبر
على عدم العلم، ولا ريب أن العمل بالمشهور أحوط.
واعلم أن أكثر أدلة الطرفين مختصة بالكسوفين، فلا تجري في غيرهما من
الأخاويف، فالقول بوجوب القضاء فيها أقوى لعمومات القضاء، وإن كان في عمومها
بالنسبة إلى غير اليومية كلام، أما لو جهلها وعلم بها بعد خروج وقتها فالمشهور
بين الأصحاب أنه لا قضاء في الكسوفين إلا مع استيعاب القرص، بل قال في التذكرة أنه
مذهب الأصحاب عدا المفيد وقال المفيد إذا احترق القرص كله ولم تكن
علمت به حتى أصبحت صليت صلاة الكسوف جماعة، وإن احترق بعضه ولم تعلم
به حتى أصبحت صليت القضاء فرادى، ولم يعلم مستنده، وظاهر المرتضى في الانتصار
وعلي بن بابويه وابنه في المقنع وابن الجنيد وأبي الصلاح وجوب القضاء مطلقا و
الأول أقوى للأخبار الصحيحة الدالة عليه. وفي غير الكسوفين لا يجب القضاء على
المشهور واحتمل الشهيد في الذكرى انسحاب الخلاف ههنا واحتمل الشهيد الثاني وجوب
القضاء هنا لعموم قوله عليه السلام من فاتته فريضة ولعله أحوط.
وأما الزلزلة فقد صرح في التذكرة بسقوطها في صورة الجهل عملا بالأصل
السالم عن المعارف، وفيه نظر لان عموم ما دل على وجوب الصلاة للزلزلة من غير
توقيت ولا تقييد بالعلم المقارن لحصولها معارض، ولذا قال في النهاية: ويحتمل في
الزلزلة قويا الاتيان بها لان وقتها العمر، وقوله عليه السلام: متى أحب، لعل المراد به
عدم كراهة إيقاعها في الأوقات المكروهة كما قطع به الأصحاب ودلت عليه الاخبار
ويحتمل أن يكون محمولا على سعة الوقت، ولا يبعد أن يكون تصحيف " متى
وجب ".
واعلم أنه لا خلاف في وجوب الصلاة للكسوفين، وأما الزلزلة فنقل في التذكرة
اتفاق الأصحاب عليه، ونسبه في المعتبر إلى الأصحاب، وقال في الذكرى:
144

وابن الجنيد لم يصرح به لكن ظاهر كلامه ذلك، وكذا ابن زهرة، وأما أبو الصلاح
فلم يتعرض لغير الكسوفين. وكذا ساير الآيات المخوفة المشهور وجوب الصلاة لها،
بل نقل في الخلاف إجماع الفرقة عليه وفي النهاية والمبسوط ضم إلى الكسوفين والزلازل
الرياح المخوفة والظلمة الشديدة، وقال في الجمل صلاة الكسوف فريضة في أربعة
مواضع: عند كسوف الشمس، وخسوف القمر، والزلازل، والرياح السوداء المظلمة
ونحوه قال ابن حمزة، وقد عرفت أن أبا الصلاح لم يتعرض لذكر غير الكسوفين
والأظهر وجوبها للزلزلة وجميع الأخاويف.
ولو انكسفت ساير الكواكب غير النيرين أو كسفهما بعضها فالذي استقربه
العلامة في التذكرة والشهيد في البيان عدم الوجوب، واحتمل في الذكرى الوجوب (1)
والأول أقوى، لعدم فزع عامة الناس منها.
2 - المقنع: إذا احترق القرص كله فصلها في جماعة، وإن احترق بعضه
فصلها فرادى (2).
بيان: يستحب في صلاة الكسوف الجماعة عند علمائنا أجمع، على ما حكاه
في التذكرة، وتتأكد مع استيعاب القرص ونسب إلى الصدوق وأبيه هذا القول، ولعله وصل إليهما بذلك رواية، نعم روى الشيخ عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا انكسفت الشمس والقمر فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى إمام
ليصلي بهم وأيهما كسف بعضه فإنه يجزي الرجل أن يصلي وحده (3) وهذا لا يدل إلا على
ما قلنا من تأكد الاستحباب عند الاحتراق، قال في الذكرى: إن أرادا نفي تأكد الاستحباب
مع احتراق بعض القرص فمرحبا بالوفاق، وإن أرادا نفى استحباب الجماعة وترجيح
الفرادى طولبا بدليل المنع.

(1) والوجوب هو المستأنس من قوله عز وجل: " وإذا النجوم انكدرت " على
ما عرفت في ص 137.
(2) المقنع: 44 ط الاسلامية.
(3) التهذيب ج 1 ص 335.
145

فائدة
لو أدرك المأموم الامام قبل الركوع الأول فالظاهر أنه مدرك للركعة، ولو
لم يدركه حتى رفع رأسه فالظاهر فوات تلك الركعة كما صرح به المحقق في المعتبر
والعلامة في عدة من كتبه، اقتصارا في الاكتفاء بفعل الغير في تأدية الواجب على ما
دل عليه الدليل، ويؤيده أن الدخول معه في هذه الحالة يستلزم تخلف المأموم عن
الامام إن تدارك الركوع بعد سجود الامام، أو تحمل الامام الركوع إن رفض الركوعات
وسجد بسجود الامام.
قال العلامة في النهاية: لو أدرك المأموم الامام راكعا في الأولى أدرك الركعة
ولو أدركه في الركوع الثاني أو الثالث ففي إدراك تلك الركعة إشكال فان منعناه،
استحبت المتابعة حتى يقوم من السجود في الثانية فليستأنف الصلاة معه، فإذا قضى
صلاته أتم هو الثانية ويحتمل الصبر حتى يبتدئ بالثانية ويحتمل المتابعة بنية صحيحة
فإذا سجد الإمام لم يسجد هو بل ينتظر الامام إلى أن يقوم فإذا ركع الامام أول الثانية
ركع معه عن ركعات الأولى، فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ثم لحق الامام
ويتم الركعات قبل سجود الثانية انتهى.
والاحتمال الأخير وإن ورد نظيره فيمن زوحم في الجمعة لكن في القول به هنا
إشكال والأحوط ما ذكرنا أولا.
3 - العلل (1) والمجالس للصدوق: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد
ابن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد الأشعري، عن عيسى بن محمد، عن علي بن مهزيار
عن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن حماد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام قال:
إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل في الظلمات فإذا هو بملك قائم على
جبل طوله خمس مائة ذراع فقال له الملك: يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال
له ذو القرنين: من أنت؟ قال: أنا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل، فليس
من جبل خلقه الله عز وجل إلا وله عرق إلى هذا الجبل، فإذا أراد الله عز وجل

(1) علل الشرايع ج 2 ص 240.
146

أن يزلزل مدينة أوحى إلي فزلزلتها (1).
بيان: " ما كان خلفك مسلك " تعجب من مسيره إلى هذا المكان مع سعة الدنيا
خلفه، أو تنبيه له على ترك الحرص في ملك الدنيا، ويدل على أن الجبال متصلة
بعضها ببعض تحت الأرض، ولذا صارت للأرض بمنزلة الأوتاد، ويؤى هذا الوجه
ما هو المشاهد عند الزلازل من ابتدائها من الجبال، وكل ما كان أقرب إليها فالزلزلة
أشد فيها.
4 - المجالس: بالاسناد المتقدم قال: قال الصادق عليه السلام: إن الصاعقة لا
تصيب ذاكرا لله عز وجل (2).
ومنه: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري، عن محمد
ابن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق، عن أبيه
عليهما السلام قال: إن الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة،
فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام القيامة، وافزعوا إلى مساجدكم (3).
5 - الخصال: عن جعفر بن علي، عن جده الحسن بن علي، عن علي بن
حسان، عن عمه عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا فشت أربعة ظهرت
أربعة: إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل، فإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية، وإذا
جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون
على المسلمين (49.
ومنه: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز
عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة: صلاة
فاتتك فمتى ذكرتها أديتها، وصلاة ركعتي طواف الفريضة، وصلاة الكسوف، و
الصلاة على الميت، هؤلاء يصليهن الرجل في الساعات كلها (5).

(1) أمالي الصدوق ص 278.
(2) أمالي الصدوق ص 278.
(3) أمالي الصدوق ص 278.
(4) الخصال ج 1 ص 242 تحقيق الغفاري.
(5) الخصال ج 1 ص 247.
147

ومنه: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن
معروف، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب وهشام بن سالم معا عن أبي
بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرياح الأربع: الشمال والجنوب والدبور
والصبا، وقلت له إن الناس يذكرون أن الشمال من الجنة، والجنوب من النار
فقال إن لله عز وجل جنودا من رياح يعذب بها من يشاء ممن عصاه، ولكل ريح
منها ملك موكل بها، فإذا أراد الله عز وجل ن يعذب قوما بنوع من العذاب أوحى
إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد أن يعذبهم بها، قال:
فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسف المغصب، ولكل ريح منها اسم أما تسمع قوله
عز وجل: " كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر " (1) وذكر رياحا في العذاب
ثم قال: فالريح الشمال وريح الصبا وريح الجنوب وريح الدبور أيضا تضاف
إلى الملائكة الموكلين بها (2).
ومنه: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز،
عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الغسل في سبعة عشر موطنا إلى أن قال:
وغسل الكسوف، إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فاغتسل واقض
الصلاة (3).
بيان: اختلف الأصحاب في غسل قاضى الكسوف فقال الشيخ في الجمل باستحبابه
إذا احتراق القرص كله وترك الصلاة متعمدا، واقتصر المفيد في المقنعة والمرتضى في
المصباح على الترك متعمدا، ولم يذكر استيعاب الاحتراق، وقال سلار بوجوب
الغسل والحال هذه، وقد مر الكلام فيه في أبواب الأغسال.
6 - العلل عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى
عن يعقوب بن يزيد، عن بعض أصحابه، عن محمد بن سنان عمن ذكره، عن أبي عبد الله

(1) القمر: 18.
(2) الخصال ج 1 ص 260.
(3) الخصال ج 2 ص 508 تحقيق الغفاري.
148

عليه السلام قال: إن الله عز وجل خلق الأرض فأمر الحوت فحملتها، فقالت
حملتها بقوتي، فبعث الله عز وجل حوتا قدر شبر فدخلت في منخرها فاضطربت أربعين
صباحا، فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل أرضا تراءت لها تلك الحوت الصغيرة فزلزلت
الأرض فرقا (1).
بيان: الحوت مذكر كما صرح به اللغويون، فتأنيثه في هذا الخبر بتأويل
الحوتة أو السمكة، وفي الفقيه (2) قدر فتر، وهو بالكسر ما بين طرف الابهام و
السبابة والفرق بالتحريك الخوف.
7 - العلل: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار رفعه إلى أحدهم عليهم السلام
أن الله تبارك وتعالى أمر الحوت بحمل الأرض وكل بلدة من البلدان على فلس من
فلوسه، فإذا أراد الله عز وجل أن يزلزل أرضا أمر الحوت أن يحرك ذلك الفلس
فيحركه، ولو رفع الفلس لا انقلبت الأرض بإذن الله (3).
بيان: يمكن الجمع بين تلك الأخبار باجتماع تلك العلل عند الزلزلة أو
بأنها تكون على هذه الوجوه مرة لعلة ومرة لأخرى، كما ذكره في الفقيه، ويمكن
أن يكون ترائي الحوت للزلزلة الشاملة لجميع الأرض، ورفع الفلس للزلزلة
الشديدة الخاصة ببعض البلاد، وتحريك العرق للخاصة غير الشديدة.
8 - العلل: عن أحمد بن محمد يحيى العطار، عن أبيه، عن محمد بن أحمد بن يحيى
الأشعري عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن بعض أصحابنا رفعه قال: كان أمير المؤمنين
عليه السلام يقرأ " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا أن أمسكهما
من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " (4) يقولها عند الزلزلة ويقول " ويمسك

(1) علل الشرايع ج 2 ص 241.
(2) الفقيه ج 1 ص 342.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 241 وهكذا الحديث الذي بعده.
(4) فاطر: 41.
149

السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه إن الله بالناس لرؤف رحيم " (1).
ومنه: بالاسناد المتقدم، عن الأشعري، عن محمد بن عيسى، عن علي بن
مهزيار قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام وشكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز، وقلت
ترى لنا التحول عنها؟ فكتب لا تتحول عنها، وصوموا الأربعاء والخميس والجمعة
واغتسلوا وطهروا ثيابكم وابرزوا يوم الجمعة، وادعوا الله فإنه يرفع عنكم، قال
ففعلنا فأمسكت الزلازل، قال: ومن كان منكم مذنب فيتوب إلى الله عز وجل و
دعا لهم بخير (2).
ومنه: بالاسناد عن الأشعري، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان
الديلمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزلزلة ما هي؟ قال: آية، قلت: وما سببها
قال: إن الله تبارك وتعالى وكل بعروق الأرض ملكا فإذا أراد أن يزلزل أرضا أوحى
إلى ذلك الملك أن حرك عروق كذا وكذا، قال فيحرك ذلك الملك عروق تلك
الأرض التي أمره الله فتتحرك بأهلها، قال: قلت: فإذا كان ذلك فما أصنع؟ قال
صل صلاة الكسوف، فإذا فرغت خررت ساجدا وتقول في سجودك " يا من يمسك
السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان
حليما غفورا أمسك عنا السوء إنك على كل شئ قدير " (3).
بيان: في الفقيه بعد قوله: " غفورا: يا من يمسك السماء أن تقع على الأرض
إلا باذنه أمسك عنا " الخ (4) قوله " أن تزولا " أي كراهة أن تزولا، فان الباقي في
بقائه يحتاج إلى مؤثر وحافظ أو يمنعهما أن تزولا لان الامساك منع " إن أمسكهما "
أي ما أمسكهما " من أحد من بعده " أي من بعد الله أو من بعد الزوال و " من " الأولى
زائدة والثانية للابتداء " إنه كان حليما غفورا " حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن
تهدا هدا لاعمال العباد كما قال سبحانه: " تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق

(1) الحج: 65.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 242.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 242.
(4) الفقيه ج 1 ص 343.
150

الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا " (1).
" أن تقع " أي من أن تقع أو كراهة أن تقع، بأن خلقها على صورة متداعية
إلى الاستمساك " إلا باذنه " أي إلا بمشيته، وذلك يوم القيامة، تتمة الآية " إن
الله بالناس لرؤف رحيم " كما مر ومن رأفته ورحمته أن هيأ لهم أسباب الاستدلال
وفتح عليهم أبواب المنافع، ودفع عنهم أنواع المضار.
9 - العلل: بالاسناد المتقدم، عن الأشعري، عن أبي عبد الله الرازي، عن
البزنطي، عن روح بن صالح، عن هارون بن خارجة رفعه عن فاطمة عليهما السلام قالت:
أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر، وفزع الناس إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما
قد خرجا فزعين إلى علي عليه السلام فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي عليه السلام فخرج
إليهم علي عليه السلام غير مكترث لما هم فيه فمضى واتبعه الناس حتى انتهى إلى تلعة
فقعد عليها، وقعدوا حوله، وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية
وذاهبة.
فقال لهم علي عليه السلام: كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا وكيف لا
يهولنا ولم نر مثلها قط؟ قالت: فحرك شفتيه ثم ضرب الأرض بيده ثم قال: مالك
اسكني! فسكنت، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم أولا حيث خرج إليهم، قال
لهم: فإنكم قد عجبتم من صنعي، قالوا نعم، فقال: أنا الرجل الذي قال الله " إذا
زلزلت الأرض زلزالها - وأخرجت الأرض أثقالها - وقال الانسان مالها " فأنا
الانسان الذي يقول لها: مالك " يومئذ تحدث أخبارها " إياي تحدث (2).
كتاب الدلائل: لمحمد بن جرير الطبري، عن محمد بن هارون التلعكبري
عن الصدوق (3) مثله.

(1) مريم: 90.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 242.
(3) كتاب الدلائل ص 2.
151

10 - العلل (1) والعيون: عن عبد الواحد بن عبدوس، عن علي بن محمد
ابن قتيبة، عن الفضل بن شاذان فيما رواه من العلل عن الرضا عليه السلام فان قال: لم
جعلت للكسوف صلاة؟ قيل لأنه آية من آيات الله عز وجل، لا يدرى الرحمة
ظهرت أم لعذاب، فأحب النبي صلى الله عليه وآله أن يفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند
ذلك ليصرف عنهم شرها، ويقيهم مكروهها، كما صرف عن قوم يونس حين تضرعوا
إلى الله عز وجل.
فان قال: فلم جعلت عشر ركعات؟ قيل: لان الصلاة التي نزل فرضها من
السماء إلى الأرض وما في اليوم والليلة فإنما هي عشر ركعات، فجمعت تلك الركعات
ههنا، وإنما جعل في ها السجود لأنه لا يكون صلاة فيها ركوع إلا وفيها سجود،
ولان يختموا صلاتهم أيضا بالسجود والخضوع، وإنما جعلت أربع سجدات لان
كل صلاة نقص سجودها من أربع سجدات لا تكون صلاة لان أقل الفرض من السجود
في الصلاة لا يكون إلا على أربع سجدات.
فان قال: فلم لم يجعل بدل الركوع سجودا؟ قيل لان الصلاة قائما أفضل
من الصلاة قاعدا، ولان القائم يرى الكسوف والانجلاء، والساجد لا يرى.
فان قال: فلم غيرت عن أصل الصلاة التي افترضها الله؟ قيل لأنه صلى لعلة
تغير أمر من الأمور وهو الكسوف، فلما تغيرت العلة تغير المعلول (2).
بيان: " الرحمة ظهرت " لما كان الكسوف وأمثاله من آثار غضب الله تعالى،
فكونها لرحمة بعيد، ويمكن أن يقال: يحتمل أن يكون للغضب على الكافرين
والمخالفين فيكون رحمة لنا كما أن المنجمين بحسب البروج والأوضاع قد ينسبون
آثارها إلى قوم دون قوم، قوله: " لا يكون صلاة فيها ركوع " إنما قيد بذلك لئلا
ينتقض بصلاة الجنازة، قوله عليه السلام " فلما تغيرت العلة " الحاصل أن هذا الصلاة
إنما تفعل عند ترقب نزول البلاء فيناسبه مزيد تخشع وتذلل، ليرحم الله سبحانه

(1) علل الشرايع ج 1 ص 255.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 115.
152

عليهم، فزيد في الركوع لذلك، بخلاف ساير الأوقات، فإنه ليس فيها تلك العلة.
11 - تفسير علي بن إبراهيم، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن يسار
عن معروف بن خربوذ، عن الحكم بن المستنير، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: إن
من الأوقات التي قدرها الله للناس مما يحتاجون إليه البحر الذي خلقها الله بين
السماء والأرض، وإن الله قدر فيه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب،
ثم قدر ذلك كله على الفلك، ثم وكل بالفلك ملكا معه سبعون الف ملك، يديرون
الفلك.
فإذا دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه فنزلت في منازلها التي
قدرها الله فيها ليومها وليلتها، وإذا كثرت ذنوب العباد وأراد الله أن يستعتبهم
بآية من آياته، أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذي عليه مجاري الشمس
والقمر والنجوم والكواكب، فيأمر الملك أولئك السبعين الألف ملك أن يزيلوا
الفلك عن مجاريه، قال: فيزيلونه فتصير الشمس في ذلك البحر الذي يجري الفلك فيه
فيطمس حرها ويغير لونها، فإذا أراد الله أن يعظم الآية طمست الشمس في البحر على
ما يحب الله أن يخوف خلقه بالآية، فذلك عنده شدة انكساف الشمس وكذلك يفعل
بالقمر فإذا أراد الله أن يخرجهما ويردهما إلى مجراهما أمر الملك الموكل بالفلك
أن يرد الشمس إلى مجراها، فيرد الملك الفلك إلى مجراه، فيخرج من الماء وهي
كدرة والقمر مثل ذلك.
ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: إنه لا يفزع لهما ولا يرهب إلا من كان من
شيعتنا، فإذا كان ذلك فافزعوا إلى الله تعالى وراجعوا (1).
بيان: " قد قدر فيه " أي في البحر، ولعل المراد بحذائه مجازا أو قدر
فيه مجرى يجرى فيه عند الحاجة، وفي الفقيه (2) " قد قدر منها " أي مجاوزا منها
ومنجرفا عنها أو قريبا منها، والتأنيث باعتبار الآية، أو " من " بمعنى في بالمعنيين

(1) تفسير القمي ص 378 - 379.
(2) الفقيه ج 1 ص 340.
153

السابقين، ويحتمل إرجاع الضمير إلى الآيات أو إلى السماء " ثم قدر ذلك
كله " أي الجريان والحركة " فإذا دارت " في الفقيه " فإذا أداروه دارت " وهو
أصوب.
" أن يستعتبهم " أي يطلب عتباهم ورجوعهم عن المعاصي إلى التوبة والطاعة،
قال الله تعالى " وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين " أي إن يسألوا العتبى وهي الرجوع
إلى ما يحبون فلا يجابون إليها وقرئ على المجهول أي إن سألوا أن يرضوا ربهم
فما هم فاعلون، والعتبى الاسم من أعتبني فلان، إذا عاد إلى مسرتي راجعا عن الإساءة
واستعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني.
" فيطمس حرها " في الفقيه ضوؤها " قوله عليه السلام: " أن يخرجهما " في الفقيه
" أن يجليها ويردها إلى مجريها " " أن يرد الشمس " في الفقيه " أن يرد الفلك إلى
مجراه " وفيه " وراجعوه ".
وقال الصدوق رحمه الله بعد إيراد هذا الخبر: إن الذي يخبر به المنجمون من
الكسوف فيتفق على ما يذكرونه ليس من هذا الكسوف في شئ، وإنما يجب الفزع
إلى المساجد والصلاة عند رؤيته لأنه مثله في المنظر، وشبيه له في المشاهدة كما
أن الكسوف الواقع مما ذكره سيد العابدين عليه السلام إنما وجب الفزع فيه إلى المساجد
والصلاة لأنه آية تشبه آيات الساعة وكذلك الزلازل والرياح والظلم، و
هي آيات تشبه آيات الساعة، فأمرنا بتذكر القيامة عند مشاهدتها، والرجوع إلى
الله تبارك وتعالى بالتوبة والإنابة، والفزع إلى المساجد التي هي بيوته في الأرض
والمستجير بها محفوظ في ذمة الله تعالى ذكره انتهى.
وما ذكره متين إذ روي وقوع الكسوفين في غير الوقت الذي يمكن وقوعهما
عند المنجمين كالكسوف والخسوف في يوم شهادة الحسين عليه السلام وليلته، وما روي أنه
يقع عند قرب ظهور القائم عليه السلام من الكسوفين في غير أوانهما، ويحتمل أيضا أن يتفق
عندما يخبره المنجمون ما ورد في الخبر، وربما يؤول البحر بظل الأرض و
154

القمر (1) والأحوط في أمثاله ترك الخوض فيها، وعدم إنكارها ورد علمها إليهم عليهم السلام
كما روي ذلك في أخبار كثيرة.
12 - المحاسن: عن أبي سمينة، عن محمد بن أسلم، عن الحسين بن خالد
قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام يقول: لما قبض إبراهيم بن رسول
الله صلى الله عليه وآله جرت في موته ثلاث سنن أما واحدة فإنه لما قبض انكسفت الشمس، فقال
الناس إنما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن (كسوف) الشمس والقمر آيتان من آيات
الله، يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا انكسفا أو
أحدهما صلوا ثم نزل من المنبر فصلى بالناس صلاة الكسوف (2).
بيان: " لموت أحد " أي لمحض الموت لأنه من فعله سبحانه فلا يغضب به
على عباده إلا أن يكون بسبب فعلهم فيغضب عليهم لذلك كواقعة الحسين عليه السلام.
13 - فقه الرضا: قال عليه السلام: اعلم يرحمك الله أن صلاة الكسوف في عشر
ركعات بأربع سجدات: تفتتح الصلاة بتكبيرة واحدة ثم تقرأ فاتحة وسورا طوالا و
طول في القراءة والركوع والسجود ما قدرت، فإذا فرغت من القراءة ركعت ثم
رفعت رأسك بتكبير ولا تقول: " سمع الله لمن حمده " تفعل ذلك خمس مرات،
ثم تسجد سجدتين، ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الركعة الأولى، ولا تقرأ سورة
الحمد إلا إذا انقضت السورة، فإذا بدأت بالسورة بدأت بالحمد، وتقنت بين كل
ركعتين.
وتقول في القنوت: إن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس
والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس، وكثير حق عليه

(1) وللمؤلف العلامة في ج 58 ص 148 - 155 بيان مفصل في شرح هذا الحديث
من أراده فليراجعه، وعندي أن هذه الأخبار ضعيفة من حيث الاسناد، فلا يوجب علما ولا
اعتقادا.
(2) المحاسن: 313.
155

العذاب اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم لا تعذبنا بعذابك ولا تسخط بسخطك
علينا، ولا تهلكنا بغضبك، ولا تأخذنا بما فعل السفهاء منا، واعف عنا واغفر لنا
واصرف عنا البلاء يا ذا المن والطول.
ولا تقول سمع الله لمن حمده إلا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها، وتطول
الصلاة حتى تنجلي، وإن انجلى وأنت في الصلاة فخفف وإن صليت وبعد لم ينجل
فعليك الإعادة، أو الدعاء والثناء على الله، وأنت مستقبل القبلة، وإن علمت بالكسوف
فلم يتيسر لك الصلاة فاقض متى ما شئت فان أنت لم تعلم بالكسوف في وقته ثم علمت
بعد فلا شئ عليك ولا قضاء.
وصلاة كسوف الشمس والقمر واحد، فافزع إلى الله تعالى عند الكسوف
فإنها من علامات البلاء، ولا تصليها في وقت الفريضة حتى تصلي الفريضة، فإذا كنت
فيها ودخل عليك وقت الفريضة، فاقطعها وصل الفريضة ثم ابن علي ما صليت من
صلاة الكسوف، فإذا انكسف القمر ولم يبق عليك من الليل قدر ما تصلي فيه
صلاة الليل وصلاة الكسوف فصل صلاة الكسوف وأخر صلاة الليل، ثم اقضها
بعد ذلك.
وإذا احترق القرص كله فاغتسل، وإن انكسفت الشمس أو القمر ولم تعلم
به فعليك أن تصليهما إذا علمت فان تركتها متعمدا حتى تصبح فاغتسل وصل، و
إن لم تحترق القرص فاقضها ولا تغتسل، وذا هبت ريح صفراء أو سوداء أو حمراء
فصل لها صلاة الكسوف وكذلك إذا زلزلت الأرض فصل صلاة الكسوف.
فإذا فرغت فاسجد وقل: يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا
إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا، يا من يمسك السماء أن تقع
الأرض إلا باذنه، أمسك عنا السقم والمرض وجميع أنواع البلاء.
وإذا كثرت الزلازل فصم الأربعاء والخميس والجمعة وتب إلى الله، وراجع
وأشر على إخوانك بذلك، فإنها تسكن بإذن الله تعالى.
بيان: " فإذا بدأت بالسورة " ظاهره أنه إنما يقرأ الفاتحة إذا افتتح بسورة
156

أخرى، وقوله: " إلا إذا انقضت السورة " يدل على أن انقضاء السورة علة لقراءتها
فيحتمل أن يكون كلاهما على الاجتماع علة، وأن يكون كل منهما علة كما ذهب
إليه جماعة " بين كل ركعتين " أي ركوعين " إن الله " بكسرة همزة إن، وفي الآية
بالفتح، لكونه فيها مفعول الرؤية " ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن
في الأرض " (1) قيل أي يتسخر لقدرته ولا يتأبى عن تدبيره، أو يذل بذله على
عظمة مدبره، و " من " يجوز أن يعم أولى العقل وغيرهم على التغليب، فيكون
قوله والشمس والقمر الخ إفرادا لها بالذكر لشهرتها واستبعاد ذلك منها.
" وكثر من الناس " عطف عليها إن جوز إعمال اللفظ الواحد في كل واحد
من مفهومية باعتبار أحدهما إلى أمر، وباعتبار الاخر إلى آخر، فان تخصيص
الكثير يدل على خصوص المعنى المسند إليهم، أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه خبر
قسيمه. نحو حق له الثواب، أو فاعل فعل مضمر أي يسجد له كثير من الناس وكثير
حق عليه العذاب بكفره وإبائه عن الطاعة، ويجوز أن يجعل " وكثير " تكريرا
للأول مبالغة في تكثير المحقوقين بالعذاب، وأن يعطف على الساجدين بالمعنى العام
موصوفا بما بعده.
أقول: هذا ما ذكره البيضاوي وغيره من المفسرين ويخطر بالبال معنى آخر
وهو أن السجود لما كان عبارة عن غاية الخضوع والتذلل، فغير ذوي القول سجودهم
ليس (بتام) ظ إلا أن ما يريد منهم اضطرارا وتكوينا لا يتأبون منه، وأما ذووا العقول
فهم ذووا جهتين، لان لهم إرادة واختيارا، فالمعصومون منهم سجودهم وخضوعهم تام
لأنهم لا يأبون عما يريد منهم اختيارا ولا اضطرار، وغير المعصومين من جهة
الاضطرار ساجدون، ومن جهة الاختيار عاصون، فلا يكمل سجودهم وخضوعهم
فلذا أخرجهم.
وقال: " وكثير من الناس " وبين المخرجين بقوله سبحانه: " وكثير حق
عليه العذاب " فلا يلزم في هذا الوجه تكلف، ولا استعمال المشترك في معنييه، فخذ

(1) الحج: 18.
157

وكن من الشاكرين.
" ولا تقول سمع الله " هذا مقطوع به في كلام الأصحاب ووارد في أكثر
الروايات، واتفق الأصحاب على استحباب إطالتها بقدره، قالوا: وهذه إنما يتم
مع العلم بقدره أو الظن الحاصل من أخبار الرصدي مثلا، وأما بدونه فلا يبعد
كون التخفيف ثم الإعادة مع عدم الانجلاء أولى، لما في التطويل من خوف خروج الوقت
قبل الاتمام.
واعلم أنه لا خلاف في أن أول وقت الكسوفين الشروع فيه، وإنما اختلف
في آخره، فالمشهور أن آخره ابتداء الانجلاء، وذهب المحقق في المعتبر والعلامة
في المنتهى إلى أن آخره تمام الانجلاء، واختاره الشهيد وبعض المتأخرين وهو المحكي
عن ظاهر المرتضى وابن أبي عقيل وسلار، وعندي هو المختار، ويدل عليه أكثر
الاخبار، وبهذا يسهل الخطب في التطويل وعدمه إذ بعد الشروع في الانجلاء يعلم
طول الزمان وقصره.
وأما الرجوع إلى الرصدي والتعويل عليه في ذلك وفي أصل تحقق الكسوف
فلا وجه له، ولا يظهر من الاخبار، بل الظاهر منها المنع من عملهم والرجوع
إليهم.
وقوله " حتى تنجلي " و " إن انجلى " يحتمل الشروع في الانجلاء وتمامه،
ولو قصر الوقت عن أقل الصلاة فذهب الأكثر إلى سقوطها، وقال في المنتهى لو خرج
الوقت قبل إتمام الصلاة يتمها، ويدل عليه حسنة زرارة (1) وهذا الخبر أيضا إن
حملنا الانجلاء على تمامه، وتردد الفاضلان في وجوب الصلاة لو قصر الوقت عن أخف
الصلاة مع حكمهما بعدم الوجوب في صورة عدم إدراك الركعة نظرا إلى أن إدراك
الركعة بمنزلة إدراك الصلاة، ولا يخفى أن انسحابه في غير اليومية غير معلوم، و
لا يبعد القول بالوجوب مطلقا لاطلاق الاخبار.
وكذا المشهور في أخاويف السماء سوى الزلزلة عدم الوجوب مع قصور الوقت

(1) الكافي ج 3 ص 464.
158

عنها، وذهب في الدروس إلى عدم اعتبار سعة وقتها كالزلزلة، واختاره العلامة في
بعض كتبه، واحتمل في بعضها وجوب الاتمام على من أكمل ركعة فخرج الوقت، و
في حسنة زرارة ومحمد بن مسلم (1) عن أبي جعفر عليه السلام " كل أخاويف السماء من ظلمة
أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن ".
واستدل بعض المتأخرين به على عدم الوجوب مع ضيق الوقت، لان " حتى "
إما أن يكون لانتهاء الغاية، أو التعليل، وعلى الأول ثبت التوقيت صريحا، و
على الثاني يلزم التوقيت أيضا لاستلزام انتفاء العلة انتفاء المعلول.
أقول: ويمكن المناقشة في الوجهين أما الأول فبأنه يحتمل أن يكون
توقيتا لتكرار الصلاة كما في الكسوف، لا لأصلها، بل هو فيها أظهر، لان الشئ إذا
كان غاية لفعل لابد من تكررها قبل الغاية فيصح ذلك أن
يقال: ضربته حتى قتلته، ولا
يقال ضربت عنقه حتى قتلته، ذكره ابن هشام في المغنى، فحقيقة الكلام كونه غاية
للتكرير لا لأصل الفعل.
وأما الثاني فبأنه يمكن أن يكون علة للشروع في الصلاة، لا لأصلها وأيضا
العلة الغائية لا يلزم مصاحبتها للمعول في الزمان، فلعله يكون إتمام الصلاة علة
لزوال الآية، قبل إتمامها، كما إذا قيل صل الصلاة الفلانية حتى يغفر الله لك عند
الشروع فيها، ومثله كثير في الاخبار مع أن قوله: " صل صلاة الكسوف " حقيقة
في الجميع، فلو سكن في أثناء الصلاة وتركها لا يطلق عليها صلاة الكسوف.
وأيضا علل الشرع معرفات وحكم لا يلزم اطرادها، وقد ورد في صلاة الاستسقاء
أن علتها نزول المطر فلو نزل المطر في أثناء الصلاة لا يلزم قطعها، فظهر أن ما أبداه
السيد صاحب المدارك وارتضاه من تأخر عنه ليس بمرضي، والأحوط إيقاع
الصلاة لها مطلقا.
وأما الزلزلة فذهب أكثر الأصحاب إلى أن وقت صلاتها مدة العمر، و

(1) التهذيب ج 1 ص 299.
159

يصليها أداء وإن سكنت، لا طلاق الامر الخالي من التقييد بالتوفيق، وحكى في
البيان قولا بأنها تصلى بنية القضاء، وقال العلامة في النهاية: الزلزلة وقتها مدة العمر
تصلى أداء وإن سكنت وكذا الصيحة لأنها من قبيل الأسباب لا الأوقات، لتعذر
الصلاة فيه لقصوره جدا، ويحتمل أن يكون سببا للفورية فيجب الابتداء بالصلاة
حين وقوعه ويمتد الوقت بامتداد الصلاة، ثم يخرج ويصير قضاء، لكن الأول
أولى.
ويحتمل في البلاد التي تستمر فيها الزلزلة زمانا طويلا كون الوقت منوطا
بها والضابط أن كل آية يقصر زمانها عن فعل العبادة فإنها سبب، وما لا يقصر
وقت، ولو قصر في بعض الأوقات سقطت انتهى وما ذكره من الضابط لا يستنبط من
دليل والظاهر أن زمان الزلزلة مدة العمر مطلقا لعدم التوقيت في النصوص، وما
احتمله من الفورية لا حجة عليه.
قال في الذكرى: وحكم الأصحاب بأن الزلزلة تصلى أداء طول العمر، لا بمعنى
التوسعة، فان الظاهر وجوب الامر هنا على الفور، بل على معنى نية الأداء، وإن
أخل بالفورية لعذر وغيره، وما ذكره مقتضى الاحتياط، لكن دون إثباته خرط
القتاد، وربما يقال: لا معنى للأداء فيما لا قضاء له، ولا وقت له إلا العمر، ولا يخلو
من وجه، والأظهر عدم لزوم التعرض للأداء والقضاء فيها وألحق العلامة - ره -
في التذكرة بالزلزلة الصيحة، وكل ما يقصر غالبا زمانه عن فعل الصلاة ولا
بأس به.
وأما إعادة الصلاة إن فرغ منها قبل الانجلاء فالمشهور استحبابها، ونقل
عن ظاهر المرتضى وأبي الصلاح وسلار وجوبها، قال في الذكرى: وهؤلاء كالمصرحين
بأن آخر وقتها تمام الانجلاء، ومنع ابن إدريس الإعادة وجوبا واستحبابا، والأول
أقرب، وهذا الخبر يد على التخيير بين الصلاة والدعاء مستقبل القبلة، وهو
وجه جمع بين الاخبار، ولم أر قائلا بالوجوب التخييري بينهما، وإن كان
الأحوط ذلك.
160

قوله عليه السلام: " ولا تصليها في وقت الفريضة " جملة القول فيه أنه إذا حصل
الكسوف في وقت فريضة حاضرة، فان تضيق وقت إحداهما تعينت للأداء ونقلوا
عليه الاجماع، ثم يصلي بعدها ما اتسع وقتها، وإن تضيقتا قدمت الحاضرة بلا
خلاف أيضا كما حكي في الذكرى، وإن اتسع الوقتان فالمشهور التخيير بينهما.
وقال الصدوق: لا يجوز أن يصليها في وقت فريضة حتى يصلي الفريضة كما هو
ظاهر هذا الخبر، وهو قول الشيخ في النهاية والأول أقرب، وإن كان اتباعهما
أحوط.
ولو دخل في الكسوف قبل تضيق الحاضرة ثم خشي فوات الحاضرة على تقدير
الاتمام قطعها بلا خلاف وصلى الحاضرة، ثم المشهور البناء على ما أتى به من صلاة
الكسوف وإتمامها، ذهب إليه الشيخان والمرتضى والصدوق ومن تبعهم، وذهب
الشيخ في المبسوط إلى أنه يجب عليه استينافها من رأس، واختاره الشهيد في الذكرى،
والأول أقوى للاخبار الكثيرة الدالة عليه مع صحة أكثرها، وعدم المعارض.
وقال الصدوق في الفقيه: وإذا كان في صلاة الكسوف فدخل عليه وقت الفريضة
فليقطعها وليصل الفريضة، ثم يبني على ما مضى من صلاة الكسوف، وهكذا ذكره
في المقنع.
وكأنه أخذه من الفقه، ومقتضاه رجحان القطع إذا دخل وقت الفريضة إما
وجوبا أو استحبابا مع أنه روي في الصحيح عن محمد بن مسلم وبريد بن معاوية (1)
عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صليتها
ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة، فان: تخوفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت
فيه من صلاة الكسوف، فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت، و
احتسب بما مضى.
وهذا الخبر أقوى، ويدل على رجحان الاتيان بصلاة الكسوف ما لم يتضيق
وقت الفريضة، فكيف يترجح قطعها بدخول وقت الفريضة، ويمكن حمل عبارة

(1) الفقيه ج 1 ص 346.
161

الفقه على هذا الخبر بأن يكون المراد بالوقت المضيق.
قال العلامة في النهاية: لو اتسع وقت الحاضرة وشرع القرص في الكسوف أو
حدث الرياح المظلمة، فالوجه تقديم الكسوف والآيات، لاحتمال قصور الزمان فتفوت
لو اشتغل بالحاضرة ولا يخلو من وجه ويؤيده الخبر، ولو ضاق وقت الحاضرة و
اشتغل بها فانجلى الكسوف، فإن لم يكن فرط فيها ولا في تأخير الحاضرة فلا قضاء
وإن فرط فيها إلى أن ضاق وقت الحاضرة وجب قضاء صلاة الكسوف، إما مع استيعاب
الاحتراق أو مطلقا على الخلاف، وإن فرط في فعل الحاضرة أول الوقت، فقيل يجب
قضاء الكسوف وقيل لا وهو ظاهر المحقق في المعتبر، ولعله أقوى، وإن كان
الأول أحوط.
وأما تقديم صلاة الكسوف على صلاة الليل وغيرها من النوافل فقال في المنتهى
هو قول علمائنا أجمع.
ويدل الخبر على استحباب الغسل لأداء الكسوفين مع احتراق القرص كما
ذكره جماعة، ويدل عليه صحيحة محمد بن مسلم (1) وقد مر القول فيه وفي ساير
أجزاء الخبر.
14 - نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال علي عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى صلاة الكسوف بالناس فقرأ سورة
الحج ثم ركع قدر القراءة، ثم رفع صلبه فقرأ قدر الركوع ثم ركع مرة أخرى
ثم رفع رأسه ثم سجد قدر الركوع ثم رفع رأسه فدعا بين السجدتين على قدر
السجود، ثم سجد الأخرى، ثم قام فقرأ سورة الروم ثم ركع قدر القراءة، ثم رفع
صلبه فقرأ قدر الركوع، ثم ركع قدر القراءة، ثم رفع رأسه ثم سجد سجدتين،
فكان فراغه حيث تجلت الشمس فمضت السنة أن صلاة الكسوف ركعتان، فيهما أربع
ركعات وأربع سجدات (2).

(1) التهذيب ج 1 ص 299.
(2) نوادر الراوندي: 28.
162

بيان: روى الشيخ مثله عن أبي البختري، عن الصادق عليه السلام (1) وحمله على
التقية، لاشتهاره بين العامة، ومعارضة الأخبار الكثيرة الصحيحة.
15 - مسكن الفؤاد: عن محمد بن لبيد قال: انكسفت الشمس يوم مات
إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الناس انكسفت لموت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وآله فخرج
رسول الله صلى الله عليه وآله حين سمع ذلك فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال أما بعد أيها الناس
إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا
رأيتم ذلك فافزعوا إلى المساجد الخبر.
16 - الهداية: إذا انكسف القمر أو الشمس أو زلزلت الأرض أو هبت
ريح صفراء، أو سوداء أو حمراء، فصلوا عشر ركعات وأربع سجدات بتسليمة واحدة
واقرؤا في كل ركعة فان بعضتم السورة في ركعة فلا تقرؤا في ثانيها الحمد، واقرؤا
السورة من الموضع الذي بلغتم، ومتى أتممتم سورة في ركعة فاقرؤا في الركعة
الأخرى الحمد، ومن فاتته فعليه أن يقضيها لأنها من صغار الفرايض، ولا يقال
فيها سمع الله لمن حمده إلا في الركعة الخامسة والعاشرة، ولا تسجد إلا في الخامسة
والعاشرة والقنوت في كل ركعتين بعد القراءة وقبل الركوع، وروى أن القنوت
فيها في الخامسة والعاشرة (2).
بيان: ذكر جميع ذلك في المقنع (3) إلا الرواية الأخيرة، فإنه لم يوردها
فيه، وإنما أوردها في الفقيه (4) مرسلا أيضا، حيث أورد صحيحة ابن أذينة في
القنوت على وفق المشهور ثم قال: وإن لم يقنت إلا في الخامسة والعاشرة فهو
جائز لورود الخبر به، وقال الشهيد في البيان: ويجزي على الخامس والعاشر و
المشهر أقوى وأصح لورود الاخبار (الصحيحة به، وهذه الرواية رواه الصدوق مرسلا
وهي لا تقاوم تلك الأخبار).

(1) التهذيب ج 1 ص 335.
(2) الهداية: 35.
(3) المقنع: 44.
(4) الفقيه ج 1 ص 347.
163

17 - المقنعة: روي عن الصادقين عليهما السلام أن الله إذا أراد تخويف عباده وتجديد
الزجر لخلقه، كسف الشمس وخسف القمر، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الله تعالى
بالصلاة.
قال: وروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: صلاة الكسوف فريضة.
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد
ولا لحياة أحد، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتم ذلك فبادروا إلى مساجدكم
للصلاة (1).
18 - قرب الإسناد: بالاسناد، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام
قال: سألته عن النساء هل على من عرف منهن صلاة النافلة وصلاة الليل والزوال
والكسوف ما على الرجال؟ قال: نعم (2).
ومنه عن علي بن الفضل الواسطي قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام: كسفت الشمس أو القمر وأنا راكب لا أقدر على النزول. قال: فكتب إلي صل على مركبك
الذي أنت عليه (3).
بيان: لا خلاف في وجوب صلاة الآيات على النساء كما على الرجال، والمشهور
بيان الأصحاب أنه لا يجوز أن يصلي صلاة الكسوف ماشيا وعلى الراحلة اختيارا،
وذهب ابن الجنيد إلى الجواز كما هو مذهب العامة، ولا خلاف في جوازه في حال
الضرورة كما يدل عليه هذا الخبر.
19 - القممنعة: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه صلى بالكوفة صلاة الكسوف
فقرأ فيها بالكهف والأنبياء، ورددها خمس مرات، وأطال في ركوعها حتى سال
العرق على أقدام من كان معه وغشي على كثير منهم (4).

(1) المقنعة: 35.
(2) قرب الإسناد ص 100 ط حجر.
(3) قرب الإسناد ص 274.
(4) المقنعة: 35.
164

بيان: " ورددها " أي الصلاة استحبابا أو كلا من السورتين في الركعتين، و
بيان: " ورددها " أي الصلاة استحبابا أو كلا من السورتين في الركعتين، و
المشهور استحباب إطالة الركوع والسجود بقدر القراءة، كما ورد في الاخبار، و
يحتمل الاخبار أن يكون المراد بها إطالتهما بنسبة القراءة لا بقدرها، لكنه بعيد
ومقتضى حسنة زرارة ومحمد بن مسلم أن قراءة السور الطوال إنما يستحب إذا لم يكن
إمام يشق على من خلفه، حيث قال فيها: " وكان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف و
الحجر إلا أن يكون إماما يشق على من خلفه " (1) ويعارضه هذا الخبر، وحمله
على أنه لم يكن يشق عليهم بعيد، لأنه غشي على كثير منهم، ويمكن تخصيص
ذلك بامام الأصل، أو خصوص تلك الواقعة لعلمه عليه السلام بشدة السخط.
20 - العيون: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن سليمان الجعفري قال: قال الرضا عليه السلام:
جاءت ريح وأنا ساجد، فجعل كل إنسان يطلب موضعا وأنا ساجد ملح في الدعاء
لربي عز وجل حتى سكنت (2).
بيان: يدل على استحباب التضرع والدعاء عند الرياح الشديدة، ويحتمل
أن يكون السجود بعد صلاة الآيات أو لم تصل حدا توجب الصلاة.
21 - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عن علي
عليه السلام أنه قال: انكسف القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده جبرئيل،
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل ما هذا؟ فقال جبرئيل أما إنه أطوع لله منكم
إنه لم يعص ربه قط مذ خلقه، وهذه آية وعبرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
فماذا ينبغي عندها وما أفضل ما يكون من العمل إذا كانت؟ قال: الصلاة وقراءة
القرآن (3).

(1) الكافي ج 3 ص 464.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 7.
(3) دعائم الاسلام ج 1 ص 200.
165

قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا انكسفت الشمس أو
أو القمر قال للناس اسعوا إلى مسجدكم (1).
وعنه عليه السلام أنه قال: صلاة الكسوف في الشمس والقمر وعند الآيات واحدة
وهي عشر ركعات وأربع سجدات، يفتتح الصلاة بتكبيرة ويقرأ بفاتحة الكتاب وسورة
طويلة، ويجهر فيها بالقراءة، ثم يركع فيلبث راكعا مثل ما قرأ، ثم يرفع رأسه و
يقول عند رفعه الله أكبر ثم يقرأ كذلك بفاتحة الكتاب وسورة طويلة، فإذا فرغ منها
قنت ثم كبر وركع (الثانية فأقام راكعا بقدر ما قرأ ثم رفع رأسه وقال: الله أكبر
ثم قرأ بفاتحة الكتاب وسورة طويلة ثم كبر وركع) الثالثة فأقام راكعا مثل ما قرأ ثم رفع رأسه
وقال الله أكبر ثم قرأ فاتحة الكتاب وسورة طويلة، فإذا فرغ منها قنت وركع الرابعة
فأقام راكعا بقدر ما قرأ ثم رفع رأسه وقال الله أكبر ثم قرأ بفاتحة الكتاب وسورة طويلة فإذا
فرغ منها كبر وركع الخامسة فأقام مثل ما قرأ فإذا رفع رأسه منها قال: " سمع الله
لمن حمده " ثم يكبر ويسجد فيقيم ساجدا مثل ما ركع، ثم يرفع رأسه ويكبر
فيجلس شيئا بين السجدتين يدعو ثم يكبر ويسجد سجدة ثانية يقيم فيها ساجدا
مثل ما أقام في الأولى.
ثم ينهض قائما ويكبر ويصلي أخرى على نحو الأولى، يركع فيها خمس
ركعات ويسجد سجدتين، ويتشهد تشهدا طويلا، ويسلم.
والقنوت بعد كل ركعتين كما ذكرنا في الثانية والرابعة والسادسة والثامنة والعاشرة
ولا يقول " سمع الله لمن حمده " إلا في الركعتين اللتين يسجد منهما، وما سوى
ذلك يكبر كما ذكرنا، فهذا معنى قول أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام في صلوات الكسوف
في روايات شتى عنه عليه السلام حذفنا ذكرها اختصارا وإن قرء في صلاة الكسوف بطوال
المفصل ورتل القراءة فذلك أحسن، وإن قرأ بغير ذلك فليس فيه توقيت لا يجزي
غيره (2).
وقد روينا عن علي عليه السلام أنه قرء في الكسوف بسورة (من) المثاني وسورة الكهف

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 200.
(2) دعائم الاسلام ج 1 ص 201.
166

وسورة الروم وسورة يس وسورة والشمس وضحيها (1).
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه رخص في تبعيض السورة في صلاة الكسوف، و
ذلك أن يقرأ ببعض السورة ثم يركع ثم يرجع إلى الموضع الذي وقف عليه فيقرأ
منه وقال عليه السلام: إن بعض السورة لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلا في أولها، ولان يقرأ
بسورة في كل ركعة أفضل (2).
وروينا عن علي عليه السلام أنه صلى صلاة الكسوف فانصرف قبل أن ينجلي
فجلس في مصلاه يدعو، ويذكر الله وجلس الناس كذلك يدعون ويذكرون حتى
انجلت (3).
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال فيمن وقف في صلاة الكسوف حتى دخل عليه
وقت صلاة، قال: يؤخرها ويمضي في صلاة الكسوف حتى تصير إلى آخر الوقت،
فان خاف فوات الوقت قطعها وصلى الفريضة، وكذلك إذا انكسفت الشمس أو انكسف
القمر في وقت صلاة فريضة بدأ بصلاة الفريضة قبل صلاة الكسوف (4).
وعنه عليه السلام أنه سئل عن الكسوف يحدث بعد العصر أو في وقت يكره فيه
الصلاة، قال: يصلي في أي وقت كان الكسوف (5).
وعنه عليه السلام أنه سئل عن كسوف أصاب قوما وهم في سفر فلم يصلوا له، قال:
كان ينبغي لهم أن يصلوا (6).
وعنه عليه السلام أنه قال: يصلي في الرجفة والزلزلة والريح العظيمة والآية
تحدث وما كان مثل ذلك كما يصلي في صلاة كسوف الشمس والقمر سواء (7).
(وعنه عليه السلام أنه قال: الصلاة في كسوف الشمس والقمر واحدة، إلا أن الصلاة
في كسوف الشمس أطول).
وعنه عليه السلام أنه سئل عن الكسوف والرجل نائم أو لم يدر به أو اشتغل عن
الصلاة في وقته هل عليه أن يقضيها؟ قال: لا قضاء في ذلك وإنما الصلاة في وقته،
فإذا انجلى لم تكن صلاة (8).

(1) الدعائم ج 1 ص 201.
(2) الدعائم ج 1 ص 201.
(3) الدعائم ج 1 ص 201.
(4) الدعائم ج 1 ص 201.
(5) الدعائم ج 1 ص 202.
(6) الدعائم ج 1 ص 202.
(7) الدعائم ج 1 ص 202.
(8) الدعائم ج 1 ص 202.
167

وعنه عليه السلام أنه سئل عن صلاة الكسوف أين تكون؟ قال: ما أحب إلا أن
تصلى في البراز يطيل المصلي الصلاة على قدر طول الكسوف والسنة أن يصلي في
المسجد إذا صلوا في جماعة (1).
بيان: التكبير بعد القيام إلى الثانية غير مذكور في ساير الأخبار وكلام
الأصحاب، وفي القاموس رجف حرك وتحرك واضطرب شديدا، والأرض زلزلت
والرعد ترددت انتهى.
أقول: يمكن أن يكون المراد بالرجفة هنا الزلزلة، فيكون ذكرها بعدها
عطف تفسير لها أو المراد بالرجفة نوعا منها فيكون ذكرها بعدها تعميما بعد تخصيص
أو المراد بها الصاعقة أو كل ما ترجف وتضطرب منه النفوس، وقال في النهاية البراز
بالفتح الفضاء الواسع.

(1) الدعائم ج 1 ص 202.
168

أبواب
* " (ساير الصلوات المسنونات والمندوبات) " *
* " (سوى ما مر في تضاعيف الأبواب) " *
* " (وهي أيضا تشتمل على أنواع) " *
* " (من الأبواب) " *
(أبواب)
* " (الصلوات المنسوبة إلى المكرمين) " *
* " (وما يهدى إليهم والى ساير المؤمنين) " *
1.
* (باب) *
* " (صلاة النبي والأئمة عليهم السلام) " *
صلاة النبي صلى الله عليه وآله
1 - جمال الأسبوع: باسناده، عن محمد بن هارون، عن أبيه هارون بن
موسى، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن يونس، عن
هشام، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن صلاة جعفر عليه السلام فقال أين أنت عن صلاة
النبي صلى الله عليه وآله فعسى رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصل صلاة جعفر، ولعل جعفرا لم يصل صلاة
رسول الله صلى الله عليه وآله قط، فقلت: علمنيها، قال: تصلي ركعتين تقرأ في كل ركعة
169

فاتحة الكتاب وإنا أنزلناه في ليلة القدر خمس عشر مرة، ثم تركع فتقرأها
خمس عشر مرة وخمس عشر مرة إذا استويت قائما وخمس عشر مرة
إذا سجدت وخمس عشر مرة إذا رفعت رأسك من السجود، وخمس عشر مرة في
السجدة الثانية، وخمس عشر مرة قبل أن تنهض إلى الركعة الأخرى، ثم تقوم إلى
الثانية فتفعل كما فعلت في الركعة الأولى ثم تنصرف وليس بينك وبين الله تعالى
ذنب إلا وقد غفر لك، وتعطى جميع ما سألت.
والدعاء بعدها: لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين، لا إله إلا الله
إلها واحدا ونحن له مسلمون، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين و
لو كره الكافرون، لا إله إلا الله وحده وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز
جنده، وهزم الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير،
اللهم أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن فلك الحمد وأنت قيام السماوات و
الأرض ومن فيهن، فلك الحمد وأنت الحق ووعدك الحق، وإنجازك حق و
الجنة حق والنار حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وبك خاصمت
وإليك حاكمت، يا رب يا رب يا رب، اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت
وأعلنت أنت إلى لا إله إلا أنت صل على محمد وآل محمد، واغفر لي وارحمني وتب
علي انك أنت التواب الرحيم (1).
المتهجد والبلد والاختيار والجنة (2) مرسلا مثله.
بيان: هذه الصلاة من المشهورات، وأوردها الأصحاب في كتبهم، لكن
العلامة والشهيد وجماعة خصوها بيوم الجمعة، ولعله لان الشيخ ذكرها في سياق
أعماله، ولا حجة فيه لأنه ره أكثر ما أورده في أعمال الجمعة لا اختصاص لهم
باليوم، وإنما أوردها فيه لكونه أشرف الأوقات، لايقاع الطاعات، ولا يظهر من
الرواية المتقدمة اختصاص فالأقوى استحباب الاتيان بها في ساير الأوقات.

(1) جمال الأسبوع:
(2) مصباح المتهجد: 201، البلد الأمين: 149، جنة الأمان: 409.
170

صلاة أمير المؤمنين (ع)
2 - مجالس الصدوق: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن
عيسى، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من صلى أربع ركعات بمأتي مرة قل هو الله أحد في كل ركعة خمسين
مرة، لم ينفتل وبينه وبين الله عز وجل ذنب إلا غفر له (1).
3 - ثواب الأعمال: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن
العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سمعته يقول: من صلى أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد خمسين
مرة لم ينفتل وبينه وبين الله عز وجل ذنب إلا غفر له (2).
4 - العياشي: عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من صلى أربع
ركعات في كل ركعة خمسين مرة قل هو الله أحد كانت صلاة فاطمة عليهما السلام وهي صلاة
الأوابين (3).
بيان: لا خلاف بيننا ظاهرا في استحباب هذه الصلاة، ونسبها الشيخ وجماعة
إلى أمير المؤمنين عليه السلام والعلامة وجماعة إلى فاطمة عليها السلام، ويظهر كلاهما من
الاخبار، ولا تنافي بينهما، ويظهر كونها صلاة أمير المؤمنين عليه السلام من رواية
المفضل بن عمر في كيفية نافلة شهر رمضان، وكونها صلاة فاطمة عليها السلام من هذه
الرواية.
وقال الصدوق رحمه الله في الفقيه: باب ثواب الصلاة التي يسميها الناس
صلاة فاطمة، ويسمونها أيضا صلاة الأوابين، ثم أورد رواية ابن سنان بسند
صحيح (4) ثم أورد رواية العياشي من كتابه مسندا عن هشام ثم قال: كان شيخنا

(1) أمالي الصدوق: 60.
(2) ثواب الأعمال ص 62 تحقيق الغفاري.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 286.
(4) الفقه ج 1 ص 356.
171

محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه يروي هذه الصلاة وثوابها إلا أنه كان يقول
إني لا أعرفها بصلاة فاطمة عليها السلام، وأما أهل الكوفة فإنهم يعرفونها بصلاة فاطمة
عليها السلام انتهى، ولا ثمرة لهذا الكلام بعد شرعية الصلاة، والصلاة المنسوبة
إلى كل منهم منسوبة إلى جميعهم.
5 - المتهجد (1) والجمال: روي عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام
أنه قال: من صلى منكم أربع ركعات صلاة أمير المؤمنين عليه السلام خرج من ذنوبه كيوم
ولدته أمه وقضيت حوائجه يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله
أحد، فإذا فرغ منها دعا بهذا الدعاء وهو تسبيحه عليه السلام:
" سبحان من لا تبيد معالمه، سبحان من لا تنقص خزائنه، سبحان من لا
اضمحلال لفخره، سبحان من لا ينفد ما عنده، سبحان من لا انقطاع لمدته، سبحان
من لا يشارك أحدا في أمره، سبحان من لا إله غيره.
ويدعو بعد ذلك فيقول: يا من عفى عن السيئات ولم يجاز بها، ارحم عبدك
يا الله يا الله نفسي نفسي أنا عبدك يا سيداه، أنا عبدك بين يديك، يا رباه بك، يا
إلهي بكينونتك يا أملاه يا رحماناه يا غياثاه يا غايتاه، عبدك عبدك لا حيلة له، يا
منتهى رغبتاه، يا مجري الدم في عروقي، عبدك يا سيداه يا مالكاه أيا هو أيا هو أيا
هو، يا رباه عبدك لا حيلة لي ولا غنى بي عن نفسي، ولا أستطيع لها ضرا ولا
نفعا ولا أجد من أصانعه، تقطعت أسباب الخدائع عنى واضمحل كل مظنون عني
أفردني الدهر إليك، فقمت بين يديك هذا المقام.
يا إلهي بعلمك هذا كان كله فكيف أنت صانع بي؟ وليت شعري كيف تقول
لدعائي؟ أتقول نعم أم تقول لا، فان قلت لا فيا ويلي يا ويلي يا ويلي، يا عولي يا عولي
يا عولي، يا شقوتي يا شقوتي يا شقوتي، يا ذلي يا ذلي يا ذلي، إلى من وممن أو عند من
أو كيف أو ماذا أو إلى أي شئ ألجأ، ومن أرجو ومن يجود على بفضله حين ترفضني

(1) مصباح الشيخ: 202.
172

يا واسع المغفرة، وإن قلت نعم كما هو الظن بك والرجاء لك، فطوبى لي أنا السعيد وأنا
المسعود، فطوبى لي وأنا المرحوم يا مترحم يا مترئف يا متعطف يا متجبر يا متملك يا مقسط
لا عمل لي مع نجاح حاجتي، أسئلك باسمك الذي جعلته في مكنون غيبك، واستقر
عندك، ولا يخرج منك إلى شئ سواك، أسئلك به وبك وبه فإنه أجل وأشرف
أسمائك لا شئ لي غير هذا ولا أحد أعود على منك.
يا كينون يا مكون، يا من عرفني نفسه، يا من أمرني بطاعته، يا من نهاني
عن معصيته، ويا مدعو ويا مسؤول، يا مطلوبا إليه، رفضت وصيتك التي أوصيتني
بها، ولم أطعك فيما أمرتني لكفيتني ما قمت إليك فيه، وأنا مع
معصيتي لك راج فلا تحل بيني وبين ما رجوت، يا مترحم لي أعذني من بين يدي
ومن خلفي ومن فوقي ومن تحتي ومن كل جهات الإحاطة بي.
اللهم بمحمد سيدي وبعلي وليي (1) وبالأئمة الراشدين عليهم السلام، اجعل
علينا صلواتك ورأفتك ورحمتك وأوسع علينا من رزقك، واقض عنا الدين، وجميع
حوائجنا، يا الله يا الله يا الله، إنك على كل شئ قدير.
ثم قال عليه السلام: من صلى هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء انفتل ولم يبق بينه وبين
بين الله تعالى ذنب إلا غفر له.
دعاء آخر عقيبها: الحمد لله خالق الخلق بغير منصبة، الموصوف بغير غاية،
المعروف بغر تحديد، الحمد لله الحي بغير شبيه، ولا ضد له ولا ند له، الحمد لله
الذي لا تقضى خزائنه، ولا تبيد معالمه، الحمد لله الذي لا إله معه، ذلك الله الذي
لبس البهجة والجمال، وتردى بالنور والوقار، ذلك الله الذي يرى أثر النملة
في الصفا، ويسمع وقع الطير في الهواء، ذلك الله الذي هو هكذا ولا هكذا غيره،
سبحانه سبحان من هو قيوم لا ينام، وملك لا يضام، وعزيز لا يرام، وبصير لا

(1) وهذا مما يوهن الرواية متنا كما كان سندا، وقد مر مثل ذلك في ص 9 من
هذا المجلد وص 70 من ج 90.
173

يرتاب، وسميع لا يتكلف، ومحتجب لا يرى، وصمد لا يطعم، وحي لا
يموت.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي أطفأت به كل نور وهو حي خلقته، وأسئلك
باسمك الذي خلقت به عرشك الذي لا يعلم ما هو إلا أنت وأسئلك بنور وجهك العظيم
وأسئلك بنور اسمك الذي خلقت به نور حجابك النور، وأسئلك يا الله باسمك الذي
تضعضع به سكان سمواتك وأرضك، واستقر به عرشك، وتطوى به سماؤك، و
تبدل به أرضك، وتقيم به القيامة، يا الله، وأسئلك باسمك الذي تقضي به ما تشاء
ذلك الاسم، وأسئلك باسمك الذي هو نور من نور، ونور مع نور، ونور فوق كل
نور ونور يضئ به كل ظلمة، ونور على كل نور، ونور في نور يا الله يذهب
به الظلم.
وباسمك المكتوب على جبهة إسرافيل وبقوة ذلك الاسم الذي ينفخ إسرافيل
في الصور، وأسئلك باسمك المكتوب على راحة رضوان خازن الجنان، وأسئلك
باسمك الزكي الطاهر المكتوب في كنه حجبك المخزون في علم الغيب عندك على
سدرة المنتهى.
أسئلك به يا الله وأسئلك يا الله بك، وأسئلك باسمك المكتوب على سرادق
السرائر وأدعوك بهذه الأسماء بأن لك الحمد لا إله إلا أنت سبحانك سبحانك،
أنت النور التام البار الرحيم، والمعيد الكبير المتعال، بديع السماوات والأرض
ونورهن وقوامهن، يا ذا الجلال والاكرام يا حنان يا منان، نور النور دائم
قدوس الله القدوس القيوم حي لا يموت مدبر الأمور فرد وتر حق قديم.
وأسئلك بنور وجهك الذي تجليت به لموسى على الجبل فجعلته دكا وخر
موسى صعقا، فمننت به عليه وأحييته بعد الموت بذلك الاسم، وأسئلك يا الله باسمك
الذي كتبته على عرشك واستقر بذلك الاسم، وأسئلك يا الله يا قدوس يا قدوس
يا قدوس، وأسئلك بأنك قدوس يا الله يا الله يا الله، أسئلك باسمك الذي
يمشى به على طلل الماء كما يمشى به على جدد الأرض يا الله، وأسئلك به وباسمك
174

الذي أجريت به الفلك فجعلته معالم شمسك وقمرك، وكتبت اسمك عليه وبأنك
لا إله إلا أنت تسأل فتجيب، فأنا أسئلك به يا الله، وباسمك الذي هو نور.
وأسئلك باسمك الذي أقمت به عرشك وكرسيك في الهواء، وباسمك الذي به
سبقت رحمتك غضبك، وباسمك الذي خلقت به الفردوس، وأسئلك باسمك وبأنك
السلام ومنك السلام وباسمك المكتوب في دار السلام، وباسمك يا الله الطاهر
المطهر المقدس النور المصطفى الذي اصطفيته لنفسك، به أسئلك يا الله، وبنور وجهك
المنير، وأسئلك يا الله باسمك الذي يمشى به في الظلم ويمشى به في أبراج السماء
وأسئلك يا الله باسمك الذي ليس كمثله شئ، باسمك الذي كتبته على حجاب عرشك، و
أسئلك باسمك المكتوب الأعز الأجل الأكبر الأعظم الذي تحبه وترضى عمن دعاك
به وتجيب دعوته ولا تحرم سائلك به بذلك الاسم.
وأسئلك بكل اسم هو لك طيب مبارك في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان
وبكل اسم هو لك في اللوح المحفوظ، وأسئلك باسمك الذي أصغر حرف منه أعظم
من السماوات والأرضين والجبال ومن كل شئ خلقته، وأسئلك بكل اسم اصطفيته
من علمك لنفسك واستأثرت به في علم الغيب عندك، وأسئلك باسمك الذي كان دعاك
به الذي عنده علم من الكتاب فأجبته بذلك الاسم أدعوك وأسئلك به، وأسئلك باسمك
الذي دعاك به حملة عرشك فاستقرت أقدامهم وحملتهم عرشك بذلك الاسم، يا
الله الذي لا يعلمه ملك مقرب ولا حامل عرشك ولا كرسيك إلا من علمته
ذلك.
وأسئلك باسمك الذي دعاك به محمد صلواتك عليه وآله الطاهرين الطيبين الأخيار
وبحق محمد وآل محمد صلواتك عليهم أجمعين، واقض حاجتي وامنن علي بالمغفرة و
الرحمة والرزق الحلال الطيب الواسع والصحة والعافية والسلامة في نفسي و
ديني وأهلي ومالي وولدي وإخواني وعشيرتي إنك على كل شئ قدير.
الحمد لله على حلمه بعد علمه، الحمد لله على عفوه بعد قدرته، الحمد لله القادر
بقدرته على كل قدرة، ولا يقدر أحد قدرته، الحمد لله باسط اليدين بالرحمة،
175

الحمد لله عالم الغيب والشهادة وهو عليم بذات الصدور، والحمد لله خالق الخلق،
وقاسم الرزق، الحمد لله الخالق لما يرى الحمد لله علام الغيوب، الحمد لله بجميع
محامده كلها الحمد لله على جميع نعمائه، الحمد لله على جميع بلائه على خلقه بقدرته
لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير.
الأول كان قبل كل شئ، وعلم كل شئ بعلمه، وأنفذ كل شئ بصيرا
وعلم كل شئ بغير تعليم، الحمد لله الاله القدوس يسبح له ما في السماوات والأرض
طائعين غير مكرهين، وكل شئ يسبح بحمده ولكن لا يفقهون تسبيحهم.
إلهي علمت كل شئ وقدرت كل شئ وهديت كل شئ ودعوت كل
شئ إلى جلالك وجلال وجهك وعظيم ملكك وتعظيم سلطانك وقديم أزليتك و
ربوبيتك، لك الثناء بجميع ما ينبغي لك أن يثنى به عليك من المحامد والثناء و
التقديس والتهليل، سبحان من هو دائم لا يلهو، سبحانك من هو قائم لا يسهو، نور كل
نور وهادى كل شئ، سبحان أهل الكبرياء وأهل التعظيم والثناء الحسن، تباركت إلهي
فاستويت على كرسي العز وقد علمت ما تحت الثرى وما فوقه وما عليه و
ما يخرج منه، وما يخرج شئ من علمك، سبحانك ما أحسن بلاءك، ولك الحمد
ما أظهر نعماءك، ولك الشكر ما أكبر عظمتك.
إلهي اغفر للمذنبين من المؤمنين والمؤمنات وتجاوز عن الخاطئين، فإنهم قصروا
ولم يعلموا، وضمنوا لك على أنفسهم ولم يفوا، واتكلوا على أنك أكرم الأكرمين
فتاح الخيرات، إله من في الأرضين والسماوات، وأنك ديان يوم الدين، واغفر لي
ولوالدي وأهلي وإخواني، وارزقني رزقا واسعا طيبا هنيئا مريئا سريعا حلالا
إنك خير الرازقين (1).
بيان: " من لا تبيد " أي لا تهلك ولا تفنى " معالمه " أي ما يعلم به وجوده
وسائر كمالاته أي مع وجود المخلوقين والمستدلين مع أن بعد فناء الخلق كفى ذاته
لذلك، أو المراد بالمعالم ما يعلم به الأمور وهو ذاته تعالى " عبدك " بالرفع أي أنا

(1) جمال الأسبوع.
176

عبدك أو بالنصب أي ارحمه، والمصانعة الرشوة.
وقال الجوهري: شعرت بالشئ بالفتح أشعر أي فطنت له، ومنه قولهم
ليت شعري أي ليتني علمت، وقال: العول والعولة رفع الصوت بالبكاء، وقال: القسط
العدل، تقول منه أقسط الرجل فهو مقسط.
" لا عمل لي مع نجاح حاجتي " أي لا أستطيع عملا يصير سببا لنجاح حاجتي
أو بعد نجاحها لا عمل لي يكون شكرا له، والكينونة مصدر بمعنى الكون، و
الكينون لعله مبالغة في الكائن " بغير غاية " أي لوصفه أو لوجوده وكمالاته " بغير
تحديد " لكنهه أو بالحدود الجسمانية، واللبس والتردى بمعنى الارتداء، كنايتان
عن اللزوم والاختصاص، والبهجة الحسن كالجمال، والصفا الحجر الصلب، ووقع
الطير سقوطه على شئ، والمعنى يعلم وقوع الطير في الهواء قبل وقوعه أين يقع أو
يعلم وقوع الطير الذي يكون في الهواء، أو المراد وقوعه على الأشجار فإنها في الهواء
أو المراد بالوقوع الحصول مجازا أي يعلم موضعه فيه.
" وسميع لا يتكلف " أي عالم بالمسموعات من غير تكلف استماع وإعمال
جارحة، أو لا يتكلف علم الأشياء بأن يدعيه ولم يكن عالما " ومحتجب لا يرى "
أي ليس محتجبا بحجاب يمكن رؤيته بعد رفعه.
قوله عليه السلام " وهو حي " يمكن أن يكون المراد بالاسم هنا روح الرسول
صلى الله عليه وآله " وتطوى به سماؤك " أي في القيامة وفي القاموس مشى على طلل
الماء على ظهره، وفي النسخ بالظاء المعجمة المضمومة جمع ظلة وهي الغاشية وأول
سحابة تظل وما أظلك من شجر وغيره وكأنه هنا على التشبيه والاستعارة والأول
أظهر، والجدد بالتحريك وجه الأرض " في أبراج السماء " أي بروجها وطرقها البينة
لأهلها فان البرج بالتحريك المضئ البين المعلوم، ولا يبعد أن يكون في الأصل
بالحاء المهملة جمع براح، وهو المكان المتسع لا زرع بها ولا شجر " بذلك الاسم "
تأكيد لما سبق.
ثم اعلم أن ما ورد في هذا الدعاء من نسبة الخلق وساير الأمور إلى الأسماء
177

مما يدل على أن لها تأثيرات في العالم، وقد كتب أهل علم الحروف في ذلك كتبا
يصعب فهمها على أكثر العقول، ويمكن أن يراد بالأسماء مدلولاتها من صفاته تعالى
أو أنوار النبي والأئمة عليهم السلام كما ورد أنهم أسماء الله الحسنى والله يعلم غوامض
الاسرار وحججه عليهم السلام.
6 - المتهجد (1) والجمال: صلاة أخرى لعلي عليه السلام تصلى يوم الجمعة
فأول ما تبدأ به أن تقول عند وضوئك: بسم الله بسم الله بسم الله خير الأسماء وأكرم
الأسماء وأشرف الأسماء، بسم الله القاهر لمن في الأرض والسماء، الحمد لله الذي
جعل من الماء كل شئ حي، الحمد لله الذي أحيى قلبي بالايمان ورزقني الاسلام
اللهم تب علي وطهرني، واقض لي بالحسنى في عافية، وفي عاقبة أمري وجميعه
وأرني كل الذي أحب في العاجلة، والآجلة، وافتح لي أبواب الخيرات من عندك
يا سميع الدعاء.
ثم امض إلى المسجد وقل حين تدخله قبل أن تستفتح الصلاة: " يسأله من في
السماوات والأرض كل يوم هو في شأن، اللهم اجعل من شأنك شأن حاجتي، و
اقض في شأنك لي حاجتي، وحاجتي إليك اللهم العتق من النار، وأن تقبل علي
بوجهك الكريم ".
ثم اجعل راحتيك مما يلي السماء وقل " الله أكبر الله أكبر الله أكبر مقدسا
معظما موقرا، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن
له ولي من الذل وكبره تكبيرا، الله أكبر أهل الكبرياء والحمد، والثناء والتقديس
والمجد، ولا إله إلا الله والله أكبر لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد الله أكبر
لا شريك له في تكبيري بل مخلصا أقول، وبالله العلي العظيم أعوذ من
الشيطان الرجيم.
وأمكن قدميك من الأرض وألصق إحداهما بالأخرى، وإياك والالتفات
وحديث النفس، واقرأ في الركعة الأولى الحمد لله رب العالمين وقل هو الله أحد

(1) مصباح المتهجد: 207.
178

والم تنزيل السجدة، وإن أحببت بغير ذلك من القرآن مما تيسر واقرأ في الثانية
سورة يس وفي الثالثة حم دخان، وفي الرابعة تبارك الذي بيده الملك وإن أحببت
بغير ذلك من القرآن فما تيسر منه.
فإذا قضيت القراءة في الركعة الأولى فقل قبل أن تركع وأنت قائم خمس عشر
مرة " لا إله إلا الله والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله وبحمده، وتبارك الله
وتعالى الله، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا
إليه، سبحان الله والله أكبر، ولا إله إلا الله عدد الشفع والوتر، والرمل والقطر
وعدد كلمات ربي الطيبات التامات المباركات ".
ثم ارفع يديك حيال منكبيك ثم كبر واركع وقل وأنت راكع عشرا ثم
ارفع رأسك من ركوعك فقله وأنت قائم عشرا، ثم كبر واسجد وقل هذا الكلام و
أنت ساجد عشرا، ثم ارفع رأسك من سجودك فقله وأنت جالس عشرا، ثم اسجد
الثانية فقل في سجودك عشرا، ثم انهض إلى الثانية فقل قبل أن تقرأ عشرا ثم تفعل
كما صنعت في الأولة تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر مثل الكلام الأول.
وليكن تشهدك في الركعتين الأوليين والأخريين وتقول: " بسم الله اللهم
إني وجهت إليك بصلاتي مخلصا لك لا شريك لك، سبحانك وبحمدك، كذب
العادلون بك، التحيات والصلاة لله، اللهم اجعلها صلاة طاهرة من الرياء، واجعلها
زاكية لي عندك، وتقبلها مني يا ولي المؤمنين، اللهم صل على محمد وآل محمد،
وعلى جميع أنبيائك، واخصص محمدا وآل محمد من صلواتك بأفضلها وسلم على ملائكتك
المقربين، واخصص جبرئيل وميكائيل وإسرافيل من سلامك بأنماه، ثم صل على
عبادك الصالحين، واخصص أولياءك المخلصين من سلامك بأدومه، وبارك عليهم و
على وعلى والدي معهم وعلى المؤمنين ".
ثم سلم وقل بعد التسليم: " اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا، وأشهد
أنك أنت الله ربي وأن رسولك محمدا صلى الله عليه وآله نبيي، وأن الدين الذي شرعت له ديني وأن
179

الكتاب الذي أنزلت عليه إمامي، وأشهد أن قولك حق وأن قضاءك حق وأن
عطاءك عدل وأن جنتك حق، وأن نارك حق وأنك تميت الاحياء وتحيى
الموتى وأنك تبعث من في القبور، وأنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه، لا تغادر
منهم أحدا وأنك لا تخلف المعياد.
اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا، فاشهد لي يا رب فإنك أنت المنعم على
لا غيرك، وأنت مولاي، اللهم بأنعمك تتم الصالحات، اللهم اغفر لي مغفرة عزما
لا تغادر لي ذنبا ولا أرتكب بعونك لي بعدها محرما، وعافني معافاة لا بلوى
بعدها أبدا.
اللهم واهدني هدى لا أضل بعده أبدا، وانفعني بما علمتني، واجعله حجة
لي، ولا تجعله حجة علي، وارزقني حلالا مبلغا، ورضني به وتب علي يا الله
يا الله يا الله، يا رحمن يا رحيم، اهدني وارحمني من النار، واهدني لما اختلف
فيه من الحق باذنك إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم، واعصمني من الشيطان
الرجيم، وأبلغ محمدا صلى الله عليه وآله عني تحية كثيرة طيبة مباركة وسلاما آمين آمين
رب العامين (1).
صلاة فاطمة عليها السلام
7 - المتهجد: صلاة الطاهرة فاطمة عليها السلام: هما ركعتان تقرأ في الأولى الحمد
ومائة مرة إنا أنزلناه في ليلة القدر، وفي الثانية الحمد ومائة مرة قل هو الله أحد
فإذا سلمت سبحت تسبيح الزهراء عليها السلام، ثم تقول " سبحان ذي العز الشامخ المنيف
سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذي الملك الفاخر القديم، سبحان من
لبس البهجة والجمال، سبحان من تردى بالنور والوقار، سبحان من يرى أثر
النمل في الصفا، سبحان من يرى وقع الطير في الهواء، سبحان من هو هكذا لا
هكذا غيره.
وينبغي لمن صلى هذه الصلاة وفرغ من التسبيح أن يكشف ركبتيه وذراعيه و

(1) جمال الأسبوع.
180

يباشر بجميع مساجده الأرض بغير حاجز يحجز بينه وبينها، ويدعو ويسأل حاجته
وما شاء من الدعاء، ويقول وهو ساجد " يا من ليس غيره رب يدعى، يا من ليس
فوقه إله يخشى، يا من ليس دونه ملك يتقى، يا من ليس له وزير يؤتى، يا من
ليس له حاجب يرشى، يا من ليس له بواب يغشى، يا من لا يزداد على كثرة السؤال
إلا كرما وجودا، وعلى كثرة الذنوب إلا عفوا وصفحا، صل على محمد وآل محمد،
وافعل بي كذا وكذا (1).
8 - جمال الأسبوع: باسناده عن محمد بن هارون، عن محمد بن بشير، عن
علي بن حبشي، عن العباس بن محمد، عن أبيه محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت لامي فاطمة عليها السلام ركعتان تصليهما علمها جبرئيل عليه السلام
فإذا سلمت سبحت التسبيح وهو سبحان الله ذي العز الشامخ - إلى قوله - لا هكذا غيره
ثم قال السيد: وقد روي أنه يقول تسبيحها المنقول بعقب كل فريضة، ثم صلى
على النبي وآله صلى الله عليه وآله مائة مرة (3).
بيان: قال الجوهري ناف الشئ ينوف أي طال وارتفع ذكره، وأناف على
الشئ أي أشرف، وقال البذخ الكبر، وقد بذخ بالكسر، وتبذخ أي تكبر وعلا،
وشرف باذخ أي عال انتهى، والفاخر والفخر أي الصفات الكمالية التي
يفتخر بها.
" يا من ليس دونه ملك يتقى " أي من عرف عظمته وجلاله لا يخاف ولا
يتقي الملوك الذين دونه، لأنهم مقهورون لحكمه، وإذا اتقاهم فإنما يتقيهم
إطاعة لامره، قوله " يغشى " أي يؤتى.
أقول: روى السيد علي بن الحسين بن باقي - ره - في مصباحه بعد ذكر فاطمة عليها السلام:
وجدت في بعض كتب أصحابنا رحمهم الله ما هذا صورته باسناد متصل عن عبد الله بن الحسن

(1) مصباح المتهجد: 210.
(2) جمال الأسبوع ص.
181

عن أبيه، عن جده الحسين بن علي، عن أمة فاطمة عليها السلام قالت: قال لي رسول الله
صلى الله عليه وآله: يا فاطمة ألا أعلمك دعاء لا يدعو به أحد إلا استجيب له ولا
يعمل في صاحبه سحر ولا شئ، ولا يعرض له شيطان، ولا ترد له دعوة، وتقضى
حوائجه كلها، التي يرغب إلى الله فيها عاجلها وآجلها؟ قلت: أجل يا أبت لهذا
والله أحب إلى من الدنيا وما فيها، ذكره بعد صلاة الزهراء عليها السلام مصنف الكتاب الذي
وجدته فيه قال تقولين:
يا الله يا أعز مذكور وأقدمه قدما في العز والجبروت، يا الله يا رحيم كل مترحم
ومفزع كل ملهوف، يا الله يا راحم كل حزين يشكو بثه وحزنه إليه، يا الله يا خير من طلب
المعروف منه وأسرعه إعطاء يا الله يا من تخاف الملائكة المتوقدة بالنور منه، أسئلك
بالأسماء التي يدعوك بها حملة عرشك، ويسبحون لها شفقة من خوف عذابك، و
بالأسماء التي يدعوك بها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل إلا أجبتني، وكشفت كربتي
يا إلهي، وستر ذنوبي.
يا من يأمر بالصيحة في خلقه فإذا هم بالساهرة، أسئلك بذلك الاسم الذي تحيي
به العظام وهي رميم أن تحيى قلبي، وتشرح صدري، وتصلح شأني، يا من خص
نفسه بالبقاء، وخلق لبريته الموت والحياة، يا من فعله قول وقوله أمر وأمره ماض
على ما يشاء.
وأسئلك باسمك الذي دعاك بها خليلك حين القي في النار فاستجبت له وقلت
يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم، وبالاسم الذي دعا به موسى من جانب الطور
الأيمن فاستجبت له دعاءه، وبالاسم الذي كشفت به عن أيوب الضر وتبت على داود
وسخرت لسليمان الريح تجري بأمره، والشياطين وعلمته منطق الطير، وبالاسم
الذي وهبت لزكريا يحيى وخلقت به عيسى من روح القدس من غير أب، وبالاسم
الذي خلقت به العرش والكرسي وبالاسم خلقت به الروحانيين وبالاسم الذي
خلقت به الجن والإنس وبالاسم الذي خلقت به جميع الخلق، وجميع ما أردت من
182

شئ، وبالاسم الذي قدرت به على كل شئ أسئلك بهذه الأسماء لما أعطيتني وقضيت
بها حوائجي.
فإنه يقال لك: يا فاطمة نعم نعم.
9 - المتهجد وغيره: صلاة أخرى لها صلوات الله عليها تصلى للامر
المخوف: روى إبراهيم بن عمر الصنعاني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: للامر المخوف
العظيم تصلي ركعتين، وهي التي كانت الزهراء عليها السلام تصليها تقرأ في الأولة الحمد و
قل هو الله أحد خمسين مرة، وفي الثانية مثل ذلك، فإذا سلمت صليت على النبي صلى الله عليه وآله
ثم ترفع يديك وتقول:
اللهم إني أتوجه إليك بهم وأتوسل إليك بحقهم الذي لا يعلم كنهه سواك
وبحق من حقه عندك عظيم، وبأسمائك الحسنى، وكلماتك التامات التي أمرتني
أن أدعوك بها، وأسئلك باسمك العظيم الذي أمرت إبراهيم عليه السلام أن يدعو به الطير
فأجابته، وباسمك العظيم الذي قلت للنار كوني بردا وسلاما على إبراهيم فكانت، و
بأحب أسمائك إليك، وأشرفها عندك، وأعظمها لديك، وأسرعها إجابة وأنجحها
طلبة، وبما أنت أهله ومستحقه ومستوجبه، وأتوسل إليك وأرغب إليك وأتصدق
منك وأستغفرك وأستمنحك وأتضرع إليك، وأخضع بين يديك، وأخشع لك، و
أقر لك بسوء صنيعتي، وأتملق وألح عليك.
وأسئلك بكتبك التي أنزلتها على أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم أجمعين من
التوراة والإنجيل والقرآن العظيم من أولها إلى آخرها، فان فيها اسمك الأعظم
وبما فيها من أسمائك العظمى أتقرب إليك.
وأسألك أن تصلي على محمد وآله وأن تفرج عن محمد وآله، وتجعل فرجي
مقرونا بفرجهم، وتقدمهم في كل خير وتبدأ بهم فيه، وتفتح أبواب السماء لدعائي في
هذا اليوم، وتأذن في هذا اليوم وهذه الليلة بفرجي وإعطائي سؤلي في الدنيا و
الآخرة، فقد مسني الفقر ونالني الضر وسلمتني الخصاصة ولجأتني الحاجة، و
توسمت بالذلة، وغلبتني المسكنة، وحقت علي الكلمة، وأحاطت بي الخطيئة.
183

وهذا الوقت الذي وعدت أولياءك فيه الإجابة، فصل على محمد وآله، وامسح
ما بي بيمينك الشافية، وانظر إلى بعينك الراحمة، وأدخلني في رحمتك الواسعة
وأقبل إلى بوجهك الذي إذا أقبلت به على أسير فككته، وعلى ضال هديته، وعلى
حائر أديته وعلى مقتر أغنيته، وعلى ضعيف قويته، وعلى خائف أمنته، ولا
تخلني لقاء عدوك وعدوي يا ذا الجلال والاكرام.
يا من لا يعلم كيف هو وحيث هو وقدرته إلا هو يا من سد الهواء بالسماء، وكبس
الأرض على الماء واختار لنفسه أحسن الأسماء، يا من سمى نفسه بالاسم الذي به
يقضي حاجة كل طالب يدعوه به، وأسئلك بذلك الاسم فلا شفيع أقوى لي منه و
بحق محمد وآل محمد أسئلك أن تصلي على محمد وأن تقضي لي حوائجي وتسمع محمدا و
عليا وفاطمة والحسن والحسين وعليا ومحمدا وجعفرا وموسى وعليا ومحمدا وعليا
والحسن والحجة صلواتك عليهم وبركاتك ورحمتك صوتي فيشفعوا لي إليك، و
تشفعهم في ولا تردني خائبا بحق لا إله إلا أنت وبحق محمد وآل محمد، وافعل بي
كذا وكذا يا كريم (1).
10 - جمال الأسبوع: باسناده عن محمد بن وهبان، عن عمر بن المفضل
عن إسحاق بن محمد بن مروان الغزال، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم
ابن عمر الصنعاني، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله إلى قوله: " فإذا سلمت صليت على
النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة، ثم قال السيد - ره -:
صلاة أخرى لها صلوات الله عليها حدث علي بن محمد العلوي الرازي أبو الفرج
محمد بن موسى القزويني وأحمد بن محمد بن عبيد الله جميعا عن محمد بن أحمد بن سنان
الزاهري، عن أبيه، عن جده محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله
الصادق عليه السلام قال كان لامي فاطمة عليها السلام صلاة تصليها علمها جبرئيل عليه السلام ركعتان تقرأ
في الأولى الحمد مرة وإنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة، وفي الثانية الحمد مرة
ومائة مرة قل هو الله، فإذا سلمت سبحت تسبيح الطاهرة عليها السلام، وهو التسبيح

(1) مصباح المتهجد: 211.
184

الذي تقدم، وتكشف عن ركبتيك وذراعيك على المصلى، وتدعو بهذا الدعاء، و
تسأل حاجتك تعطها إن شاء الله.
الدعاء: ترفع يديك بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: " اللهم إني أتوجه
إليك بهم، وأسئلك بحقك العظيم الذي لا يعلم كنهه سواك إلى آخر الدعاء (1)
بيان: " وأستمنحك " أي أطلب منحتك وعطاءك وأسترفدك، وفي بعض
النسخ " أستميحك " بالياء يقال: استمحت الرجل أي سألته العطاء والمايح الذي
ييزل البئر فيملأ الدلو " وحقت " أي لزمت ووجبت " علي الكلمة " اي كلمة العذاب
والوعيد به أي استحققت عقابك بما فعلت من الذنوب بمقتضى وعيدك " الذي وعدت "
أي في قولك " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ".
" وعلى حائر أديته " في أكثر النسخ بالحاء المهملة، وفي بعض النسخ بالجيم
والجور الميل عن قصد الطريق وهو قريب من المهملة أي على متحير عن الطريق
أو خارج عنه أديته إلى، وفي جمال الأسبوع " وعلى غائب " وهو أظهر.
وقال الجوهري اللقا بالفتح الشئ الملقى لهوانه، وفي النهاية في حديث أبي
ذر مالي أراك لقا بقا، هكذا جاءا مخففين في رواية بوزن عصا، واللقا الملقى على
الأرض، والبقا اتباع، ومنه حديث ابن حزام وأخذت ثيابها فجعلت لقا أي مرماة
وقيل أصل اللقاء أنهم كانوا إذا طافوا خلعوا ثيابهم وقالوا لا نطوف في ثياب عصينا
الله فيها، فيلقونها عنهم، ويسمون ذلك الثوب لقا، فإذا قضوا نسكهم لم يأخذوها
وتركوها بحلالها ملقاة.
11 - جمال الأسبوع: ذكر صلاة مولانا الحسن بن مولانا علي بن أبي طالب
عليه السلام في يوم الجمعة وهي أربع ركعات مثل صلاة أمير المؤمنين عليه السلام.
صلاة أخرى للحسن عليه السلام يوم الجمعة وهي أربع ركعات كل ركعة بالحمد
مرة والاخلاص خمس وعشرون مرة.
دعاء الحسن عليه السلام: اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك وأتقرب إليك بمحمد

(1) جمال الأسبوع.
185

عبدك ورسولك، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين وأنبيائك ورسلك أن تصلي على
محمد عبدك ورسولك، وعلى آل محمد، وأن تقيلني عثرتي وتستر علي ذنوبي، وتغفرها
لي وتقضى لي حوائجي، ولا تعذبني بقبيح كان مني، فان عفوك وجودك يسعني،
إنك على كل شئ قدير.
صلاة الحسين بن علي صلوات الله عليهما أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الفاتحة
خمسين مرة، والاخلاص خمسين مرة، وإذا ركعت في كل ركعة تقرأ الفاتحة
عشرا والاخلاص عشرا وكذلك إذا رفعت رأسك من الركوع وكذلك في كل سجدة
وبين كل سجدتين، فإذا سلمت فادع بهذا الدعاء
اللهم أنت الذي استجبت لادم وحوا إذ قالا " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر
لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " وناداك نوح فاستجبت له ونجيته وأهله من
الكرب العظيم، وأطفأت نار نمرود عن خليلك إبراهيم فجعلتها بردا وسلاما، وأنت
الذي استجبت لأيوب إذ نادى رب مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فكشفت ما به من
ضر وآتيته أهله ومثلهم معهم رحمة من عندك وذكرى لأولي الألباب.
وأنت الذي استجبت لذي النون حين ناداك في الظلمات أن لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين، فنجيته من الغم، وأنت الذي استجبت لموسى و
هارون دعوتهما حين قلت: " قد أجيبت دعوتكما فاستقيما " وغرقت فرعون وقومه،
وغفرت لداود ذنبه وتبت عليه رحمة منك وذكرى، وفديت إسماعيل بذبح عظيم
بعد ما أسلم وتله للجبين، فناديته بالفرج والروح.
وأنت الذي ناداك زكريا نداء خفيا، فقال رب إني وهن العظم مني واشتغل
الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا، وقلت: يدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا
خاشعين، وأنت الذي استجبت للذين آمنوا وعملوا الصالحات لتزيدهم من فضلك،
فلا تجعلني من أهون الداعين لك، والراغبين إليك، واستجب لي كما استجبت لهم
بحقهم عليك، فطهرني بتطهيرك، وتقبل صلاتي ودعائي بقبول حسن، وطيب
بقية حياتي وطيب وفاتي، واخلفني فيمن أخلف، واحفظني يا رب بدعائي، و
186

اجعل ذريتي ذرية طيبة تحوطها بحياطتك بكل ما حطت به ذرية أحد من أوليائك
وأهل طاعتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
يا من هو على كل شئ رقيب، ولكل داع من خلقك مجيب، ومن كل
سائل قريب، أسئلك يا لا إله إلا أنت الحي القيوم الأحد الصمد الذي لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفوا أحد، وبكل اسم رفعت به سماءك وفرشت به أرضك وأرسيت
به الجبال وأجريت به الماء وسخرت به السحاب والشمس والقمر والنجوم والليل
والنهار، وخلقت الخلائق كلها.
أسئلك بعظمة وجهك العظيم الذي أشرقت له السماوات والأرض فأضاءت به
الظلمات إلا صليت على محمد وآل محمد، وكفيتني أمر معاشي ومعادي، وأصلحت
لي شأني كله، ولم تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلحت أمري وأمر عيالي، وكفيتني
همهم وأغنيتني وإياهم من كنزك وخزائنك وسعة فضلك الذي لا ينفد أبدا وأثبت
في قلبي ينابيع الحكمة التي تنفعني بها وتنفع بها من ارتضيت من عبادك، واجعل لي
من المتقين في آخر الزمان إماما كما جعلت إبراهيم الخليل إماما، فان بتوفيقك
يفوز الفائزون، ويتوب التائبون، ويعبدك العابدون، وبتسديدك يصلح الصالحون
المحسنون المخبتون العابدون لك الخائفون منك، وبارشادك نجا الناجون من نارك
وأشفق منها المشفقون من خلقك، وبخذلانك خسر المبطلون، وهلك الظالمون و
غفل الغافلون.
اللهم آت نفسي تقواها، فأنت وليها ومولاها، وأنت خير من زكيها، اللهم
بين لها هداها، وألهمها تقويها وبشرها برحمتك حين تتوفاها، ونزلها من الجنان
علياها، وطيب وفاتها ومحياها، وأكرم منقلبها ومثواها، ومستقرها ومأواها فأنت
وليها ومولاها.
صلاة الإمام زين العابدين عليه السلام أربع ركعات كل ركعة بالفاتحة مرة والاخلاص
مائة مرة.
دعاء سيدنا زين العابدين عليه السلام: يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يامن لم
187

يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة
يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، يا منتهى كل شكوى، يا كريم
الصفح، يا عظيم الرجاء، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها، يا ربنا وسيدنا ومولانا
يا غاية رغبتنا، أسئلك اللهم أن تصلي على محمد وآل محمد.
صلاة الباقر عليه السلام ركعتان كل ركعة بالحمد مرة وسبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر مائة مرة.
دعاء الباقر عليه السلام: اللهم إني أسئلك يا حليم ذو أناة غفور ودود أن تتجاوز عن
سيئاتي، وما عندي بحسن ما عندك، وأن تعطيني من عطائك ما يسعني، وتلهمني
فيما أعطيتني العمل فيه بطاعتك وطاعة رسولك، وأن تعطيني عن عفوك ما أستوجب
به كرامتك، اللهم أعطني ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، فإنما أنا بك ولم
أصب خيرا قط إلا منك، يا أبصر الأبصرين، ويا أسمع السامعين، ويا أحكم
الحاكمين ويا جار المستجيرين، ويا مجيب دعوة المضطرين، صل على محمد و
آل محمد.
صلاة الصادق عليه السلام ركعتين كل ركعة بالفاتحة مرة وشهد الله مائة
مرة.
دعاء الصادق عليه السلام: يا صانع كل مصنوع ويا جابر كل كسير، ويا حاضر كل
ملاء، ويا شاهد كل نجوى، ويا عالم كل خفية، ويا شاهد غير غائب، وغالب
غير مغلوب، ويا قريب غير بعيد، ويا مؤنس كل وحيد، ويا حي محيي الموتى
ومميت الاحياء القائم على كل نفس بما كسبت، ويا حي حين لا حي لا إله إلا أنت
صل على محمد وآل محمد.
صلاة الكاظم عليه السلام ركعتين كل ركعة بالفاتحة مرة والاخلاص اثنى عشر
مرة.
ن دعاء موسى بن جعفر عليهما السلام: إلهي خشعت الأصوات لك، وضلت الأحلام فيك،
ووجل كل شئ منك، وهرب كل شئ إليك، وضاقت الأشياء دونك، وملا
188

كل شئ نورك، فأنت الرفيع في جلالك، وأنت البهي في جمالك، وأنت العظيم في
قدرتك، وأنت الذي لا يؤديك شئ، يا منزل نعمتي يا مفرج كربتي، ويا قاضى
حاجتي، أعطني مسئلتي بلا إله إلا أنت آمنتك بك مخلصا لك ديني أصبحت على عهدك
ووعدك ما استطعت أبوء لك بالنعمة، وأستغفرك من الذنوب التي لا يغفرها غيرك،
يا من هو في علوه دان، وفي دنوه عال، وفي إشراقه منير وفي سلطانه قوي، صل
على محمد وآل محمد.
صلاة الرضا عليه السلام ست ركعات كل ركعة بالفاتحة مرة وهل أتى على الانسان
عشر مرات.
دعاء علي بن موسى عليه السلام: يا صاحبي في شدتي، ويا وليي في نعمتي، ويا
إلهي وإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، يا رب كهيعص ويس والقرآن الحكيم،
أسئلك يا أحسن من سئل ويا خير من دعى ويا أجود من أعطى ويا خير مرتجا،
أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد.
صلاه الجواد عليه السلام ركعتين كل ركعة بالفاتحة مرة والاخلاص سبعين
مرة.
دعاء محمد بن علي عليه السلام: اللهم رب الأرواح الفانية، والأجساد البالية، أسألك
بطاعة الأرواح الراجعة إلى أحبائها، وبطاعة الأجساد الملتئمة بعروقها وبكلمتك
النافذة بينهم وأخذك الحق منهم، والخلائق بين يديك ينتظرون فصل قضائك، و
يرجون رحمتك، ويخافون عقابك، صل على محمد وآل محمد، واجعل النور في
بصري، واليقين في قلبي، وذكرك بالليل والنهار على لساني، وعملا صالحا
فارزقني.
صلاة علي بن محمد عليهما السلام ركعتين تقرأ في الأولى الفاتحة ويس وفي
الثانية الحمد والرحمن.
دعاء علي بن محمد الهادي عليهما السلام: يا بار يا وصول يا شاهد كل غائب، ويا قريب
غير بعيد، ويا غالب غير مغلوب، ويا من لا يعلم كيف هو إلا هو، يا من لا تبلغ قدرته
189

أسئلك اللهم باسمك المكنون المخزون المكتوم عمن شئت، الطاهر المطهر المقدس
النور التام الحي القيوم العظيم، نور السماوات ونور الأرضين، عالم الغيب والشهادة
الكبير المتعال العظيم، صل على محمد وآل محمد.
صلاة الحسن بن علي عليهما السلام أربع ركعات الركعتين الأوليين بالحمد مرة وإذا
زلزلت الأرض خمس عشر مرة وفي الأخيرتين كل ركعة بالحمد مرة والاخلاص
خمس عشر مرة.
دعاء الحسن بن علي عليه السلام: اللهم إني أسئلك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت
البدئ قبل كل شئ، وأنت الحي القيوم، ولا إله إلا أنت الذي لا يذلك شئ
وأنت كل يوم في شأن، لا إله إلا أنت خالق ما يرى وما لا يرى، العالم بكل شئ
بغير تعليم، أسألك بآلائك ونعمائك، بأنك الله الرب الواحد، لا إله إلا أنت الرحمن
الرحيم، وأسألك بأنك أنت لا إله إلا أنت الوتر الفرد الأحد الصمد الذي لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
وأسئلك بأنك الله لا إله إلا أنت اللطيف الخبير القائم على كل نفس بما
كسبت الرقيب الحفيظ وأسألك بأنك الله الأول قبل كل شئ، والاخر بعد كل
شئ، والباطن دون كل شئ، الضار النافع الحكيم العليم، وأسئلك بأنك أنت
الله لا إله إلا أنت الحي القيوم الباعث الوارث الحنان المنان، بديع السماوات والأرض
ذو الجلال والاكرام، وذو الطول وذو العزة وذو السلطان، لا إله إلا أنت أحطت
بكل شئ علما، وأحصيت كل شئ عددا، صل على محمد وآل محمد.
صلاة الحجة القائم عليه السلام ركعتين تقرأ في كل ركعة إلى إياك نعبد وإياك
نستعين، ثم تقول مائة مرة " إياك نعبد وإياك نستعين " ثم تتم قراءة الفاتحة و
تقرأ بعدها الاخلاص مرة واحدة، وتدعو عقيبها فتقول " اللهم عظم البلاء، وبرح
الخفاء، وانكشف الغطاء، وضاقت الأرض بما وسعت السماء، وإليك يا رب
المشتكى، وعليك المعول في الشدة والرخاء اللهم صل على محمد وآل محمد الذين
190

أمرتنا بطاعتهم، وعجل اللهم فرجهم بقائمهم، وأظهر إعزازه، يا محمد يا علي يا علي يا
محمد اكفياني فإنكما كافياي، يا محمد يا علي يا علي يا محمد انصراني فإنكما ناصراي،
يا محمد يا علي يا علي يا محمد احفظاني فإنكما حافظاي، يا مولاي يا صاحب الزمان
ثلاث مرات الغوث الغوث الغوث، أدركني أدركني أدركني، الأمان الأمان الأمان (1)
بيان: أقول: في صلاة الحسين عليه السلام ظاهره عدم القراءة بعد السجدتين، وصرح
بذلك في مختصر المصباح، وقال: يصلى أربع ركعات بثمانمائة مرة الحمد وقل هو الله
أحد، ثم ذكر تفصيله، لكن روى السيد هذه الصلاة في كتاب الاقبال في أعمال ليلة
النصف من شبعان، قال:
نقلت من خط الشيخ أبي الحسن محمد بن هارون، ما ذكر أنه حذف إسناده،
قال: ومن صلاة ليلة النصف من شعبان عند قبر سيدنا أبي عبد الله الحسين عليه السلام أربع
ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب خمسين مرة، وقل هو الله أحد خمسين
مرة، ويقرؤهما في الركوع عشر مرات، وإذا استويت من الركوع مثل ذلك، و
في السجدتين وبينهما مثل ذلك، كما تفعل في صلاة التسبيح، ثم ذكر التسبيح، ثم
ذكر الدعاء (2) وظاهر التشبيه وجود القراءة بعد السجدتين أيضا.
" وتله للجبين " أي صرعه كما يقال كبه لوجهه، وقال الجوهري برح الخفاء
أي وضح الامر كأنه ذهب الستر وزال.
12 - دعوات الراوندي: ذكر صلاة النبي والأئمة صلوات الله عليهم كما مر
إلا أنه قال: صلاة الحسن والحسين عليهما السلام ركعتان يقرأ في كل ركعة الفاتحة مرة
والاخلاص خمسا وعشرين مرة وقال صلاة زين العابدين عليه السلام ركعتان يقرأ في كل
ركعة الحمد مرة وآية الكرسي مائة مرة ونسب صلاة الصادق إلى الباقر عليه السلام وقال
صلاة الصادق أربع ركعات في كل ركعة الحمد مرة ومائة مرة التسبيحات الأربع
وقال صلاة النقي عليه السلام أربع ركعات في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد أربع

(1) جمال الأسبوع:
(2) الاقبال ص 715.
191

مرات ونسب صلاة الجواد إلى الهادي عليه السلام وقال: صلاة العسكري ركعتان في كل منهما
الحمد مرة والاخلاص مائة مرة وقال: صلاة المهدي عليه السلام ركعتان في كل ركعة الحمد
مرة ومائة مرة إياك نعبد وإياك نستعين ثم قال: ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله مائة
مرة بعد كل صلاة من هذه الصلوات ثم يسأل الله حاجته.
192

2.
* (باب) *
" * (فضل صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام) " *
* " (وصفتها وأحكامها) " *
1 - جمال الأسبوع: روينا باسنادنا عن عدة طرق إلى أبي المفضل محمد
ابن عبد الله، عن عبد الله بن الحسين بن إبراهيم، عن علي بن محمد بن حمزة العلوي،
عن أبيه وأبي هاشم الجعفري قال: حدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى
ابن جعفر عليه السلام أن رجلا سأل أباه جعفر بن محمد عليه السلام عن صلاة التسبيح فقال: تلك
الحبوة حدثني أبي، عن جدي علي بن الحسين عليه السلام قال: لما قدم جعفر بن أبي
طالب من أرض الحبشة، تلقاه رسول الله صلى الله عليه وآله على غلوة من معرسه بخيبر، فلما رآه
جعفر أسرع إليه هرولة فاعتنقه رسول الله صلى الله عليه وآله، وحادثه شيئا ثم ركب العضباء
وأردفه، فلما انبعثت بهما الراحلة أقبل عليه فقال: يا جعفر يا أخ ألا أحبوك؟ ألا
أعطيك؟ ألا أصطفيك؟ قال: فظن الناس أنه يعطي جعفرا عظيما من المال، قال:
وذلك لما فتح الله على نبيه خيبر، وغنمه أرضها وأموالها وأهلها، فقال جعفر: بلى
فداك أبي وأمي، فعلمه صلاة التسبيح.
قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: وصفتها أنها أربع ركعات بتشهدين وتسليمتين
فإذا أراد امرؤ أن يصليها فليتوجه فليقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد وإذا زلزلت
وفي الركعة الثانية سورة الحمد والعاديات، ويقرأ في الركعة الثالثة الحمد وإذا
جاء نصر الله والفتح، وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد، فإذا فرغ من القراءة في
كل ركعة فليقل قبل الركوع خمس عشر مرة " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
الله والله أكبر "، ويقل ذلك في ركوعه عشرا، وإذا استوى من الركوع قائما قالها
عشرا، فإذا سجد قالها عشرا، فإذا جلس بين السجدتين قالها عشرا، فإذا سجد الثانية
193

قالها عشرا، فإذا جلس ليقوم قالها قبل أن يقوم عشرا، يفعل ذلك في الأربع ركعات
يكون ثلاثمائة دفعة تكون ألفا ومأتي تسبيحة (1).
بيان: الغلوه الغاية مقدار رمية " من مغرسه " أي من محل قراره مجازا (2).
2 - الجمال: القول في آخر سجدة منها: حدث أبو محمد هارون بن موسى
التلعكبري رضي الله عنه، عن علي بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن يحيى العطار
عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران، عن أحمد بن الحسين بن سعيد الأهوازي،
عن مالك بن اشيم، عن الحسن بن محبوب، عن أبان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يقول
في آخر ركعة من صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام:
سبحان الله الواحد الأحد، سبحان الله الأحد الصمد، سبحان الله الذي لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، سبحان الله الذي لم يتخذ صاحبة ولا
ولدا، سبحان من لبس العز والوقار، سبحان من تعظم بالمجد وتكرم به، سبحان
من أحصى كل شئ علمه، سبحان ذي الفضل والطول، سبحان ذي المن والنعم، سبحان
ذي القدرة والامر، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العز والجبروت،
سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان من سبحت له السماء بأكنافها سبحان من سبحت
له الأرضون ومن عليها، سبحان من سبحت له الطير في أوكارها، سبحان من سبحت
له السباع في آجامها، سبحان من سبحت له حيتان البحر وهوامه، سبحان من لا
ينبغي التسبيح إلا له، سبحان من أحصى كل شئ علمه، يا ذا النعمة والطول،
يا ذا المن والفضل، يا ذا القوة والكرم أسئلك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى
الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم الاعلى وكلماتك التامات كلها، أن تصلي على محمد

(1) جمال الأسبوع ص
(2) ولعل الصحيح المعرس كما أثبتناه وهو المنزل ينزله القوم في السفر من آخر الليل
يقعون فيه وقعة للاستراحة ثم يرتحلون، وقد يقال تعرسوا في النزول: إذا نزلوا أي وقت
كان من ليل أو نهار، إذا كان ذلك للاستراحة، وقد يكون المراد الموضع الذي عرس
بصفية بنت حيى بن أخطب فإنه (ص) بنابها في طريق قفوله من خيبر إلى المدينة.
194

وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا (1).
المتهجد (2) والاختيار ومنهاج الصلاح: مرسلا مثله.
3 - الجمال: الدعاء بعد صلاة جعفر عليه السلام ويعرف بصلاة التسبيح:
حدث أبو المفضل، عن حمزة بن القاسم العلوي، عن الحسن بن محمد بن
جمهور، عن أبيه، عن الحسن بن القاسم العباسي قال: دخلت على أبي الحسن موسى
ابن جعفر عليه السلام عند ارتفاع النهار يوم الجمعة، فلم أصل
خلفه حتى فرغ، ثم رفع يديه إلى السماء ثم قال:
يا من لا يخفى عليه اللغات، ولا تتشابه عليه الأصوات، ويا من هو كل
يوم في شأن، يا من لا يشغله شأن عن شأن، يا مدبر الأمور، يا باعث من في القبور
يا محيي العظام وهي رميم، يا بطاش يا ذا البطش الشديد، يا فعالا لما يريد، يا
رازق من يشاء بغير حساب، يا رازق الجنين والطفل الصغير، ويا راحم الشيخ الكبير
ويا جابر العظم الكسير، يا مدرك الهاربين، ويا غاية الطالبين، يا من يعلم ما في
الضمير، وما تكن الصدور.
يا رب الا رباب، وسيد السادات، وإله الآلهة، وجبار الجبابرة، وملك
الدنيا والآخرة، ويا مجري الماء في النبات، ويا مكون طعم الثمار، أسئلك
باسمك الذي اشتققته من عظمتك، وأسئلك بعظمتك التي اشتققتها من كبريائك، و
أسئلك كبريائك التي اشتققتها من كينونيتك، وأسئلك بكينونيتك التي اشتققتها
من جودك، وأسئلك بجودك الذي اشتققته من عزك، وأسئلك بعزك الذي اشتققته
من كرمك، وأسئلك بكرمك الذي اشتققته من رحمتك، وأسئلك برحمتك التي
اشتققتها من رأفتك، وأسئلك برأفتك التي اشتققتها من حلمك، وأسألك بحلمك
الذي اشتققته من لطفك، وأسئلك بلطفك الذي اشتققته من قدرتك، وأسألك
بأسمائك كلها، وأسألك باسمك المهيمن العزيز القدير على ما تشاء من أمرك.

(1) جمالا الأسبوع:
(2) مصباح المتهجد: 212.
195

يا من سمك السماء بغير عمد، وأقام الأرض بغير سند، وخلق الخلق من
غير حاجة به إليهم إلا إفاضة لاحسانه ونعمه، وإبانة لحكمته، وإظهارا لقدرته
أشهد يا سيدي أنك لم تأنس بابتداعهم لأجل وحشة بتفردك، ولم تستعن بغيرك
على شئ من أمرك، أسئلك بغناك عن خلقك، وبحاجتهم إليك، وبفقرهم وفاقتهم
إليك، أن تصلي على محمد خيرتك من خلقك، وأهل بيته الطيبين الأئمة الراشدين
وأن تجعل لعبدك الذليل بين يديك من أمره فرجا ومخرجا.
يا سيدي صل على محمد وآله، وارزقني الخوف منك، والخشية لك
أيام حياتي.
سيدي ارحم عبدك الأسير بين يديك، سيدي ارحم عبدك المرتهن بعمله يا
سيدي أنقذ عبدك الغريق في بحر الخطايا، يا سيدي ارحم عبدك المقر بذنبه وجرأته
عليك، يا سيدي الويل قد حل بي إن لم ترحمني يا سيدي، هذا مقام المستجير بعفوك
من عقوبتك، هذا مقام المسكين المستكين هذا مقام الفقير البائس الحقير المحتاج
إلى ملك كريم رحيم، يا ويلتي ما أغفلني عما يراد مني.
يا سيدي هذا مقام المذنب المستجير بعفوك من عقوبتك، هذا مقام من انقطعت
حيلته وخاب رجاؤه إلا منك، هذا مقام العاني الأسير، هذا مقام الطريد الشريد،
يا سيدي أقلني عثراتي، يا مقيل العثرات، يا سيدي أعطني سؤلي، سيدي ارحم
بدني الضعيف، وجلدي الرقيق الذي لا قوة له على حر النار، يا سيدي ارحمني
فاني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، بين يديك وفي قبضتك، لا طاقة لي بالخروج
من سلطانك، سيدي وكيف لي بالنجاة ولا تصاب إلا لديك، وكيف لي بالرحمة
ولا تصاب إلا من عندك.
يا إله الأنبياء وولي الأتقياء وبديع من بدء الكرامة، إليك قصدت
وبك أنزلت حاجتي، وإليك شكوت إسرافي على نفسي، وبك أستغيث فأغثني، و
أنقذني برحمتك مما اجترأت عليك، يا سيدي يا ويلتي أين أهرب ممن الخلايق كلهم
196

في قبضته، والنواصي كلها بيده، يا سيدي منك هربت إليك ووقفت بين يديك متضرعا
إليك راجيا لما لديك.
يا إلهي وسيدي حاجتي (حاجتي) التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني،
وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسئلك فكاك رقبتي من النار، سيدي قد علمت
وأيقنت بأنك إله الخلق الذي لا سمى له ولا شريك له، يا سيدي وأنا عبدك مقر
لك بوحدانيتك وبوجود ربوبيتك، أنت الله الذي خلقت خلقك بلا مثال ولا تعب و
لا نصب أنت المعبود وباطل كل معبود غيرك أسئلك باسمك الذي تحشر به الموتى إلى
المحشر، يا من لا يقدر على ذلك أحد غيره، أسئلك باسمك الذي تحيى به العظام و
هي رميم، أن تغفر لي وترحمني وتعافيني وتعطيني وتكفيني ما أهمنى أشهد أنه
لا يقدر على ذلك أحد غيرك.
أيا من أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون أيا من أحاط بكل شئ
علما، وأحصى كل شئ عددا، أسئلك أن تصلى على محمد عبدك ورسولك ونبيك
وخاصتك وخالصتك وصفيك، وخيرتك من خلقك، وأمينك على وحيك، وموضع
سرك، ورسولك الذي أرسلته إلى عبادك، وجعلته رحمة للعالمين، ونورا استضاء
به المؤمنون، فبشر بالجزيل من ثوابك، وانذر بالأليم من عقابك، اللهم فصل عليه
بكل فضيلة من فضائله ولكل منقبة من مناقبه وبكل حال من حالاته وبكل
موقف من مواقفه، صلاة تكرم بها وجهه، وأعطه الدرجة والوسيلة والرفعة
والفضيلة.
اللهم شرف في القيامة مقامه، وعظم بنيانه وأعل درجته وتقبل شفاعته في
أمته، وأعطه سؤله وارفعه في الفضيلة إلى غايتها.
اللهم صل على أهل بيته أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وامنائك في خلقك
وأصفيائك من عبادك، وحججك في أرضك، ومنارك في بلادك، الصابرين على بلاتك
الطالبين رضاك، الموفين بوعدك، غير شاكين فيك، ولا جاحدين عبادتك وأولياءك
وسلائل أوليائك، وخزان علمك الذين جعلتهم مفاتيح الهدى، ونور مصابيح الدجى
197

صلواتك عليهم ورحمتك ورضوانك.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى منارك في عبادك الداعي إليك باذنك القائم
بأمرك المؤدي عن رسولك، عليه وآله السلام، اللهم إذا أظهرته فأنجز له ما وعدته
وسق إليه أصحابه، وانصره وقو ناصريه، وبلغه أفضل أمله، وأعطه سؤله وجدد
به عن محمد وأهل بيته بعد الذل الذي قد نزل بهم بعد نبيك فصاروا مقتولين مطرودين
مشردين خائفين غير آمنين، لقوا في جنبك ابتغاء مرضاتك وطاعتك الأذى والتكذيب
فصبروا على ما أصابهم فيك راضين بذلك مسلمين لك في جميع ما ورد عليهم وما
يرد إليهم.
اللهم عجل فرج قائمهم بأمرك، وانصره وانصر به دينك الذي غير وبدل
وجدد به ما امتحى منه وبدل بعد نبيك صلى الله عليه وآله، اللهم صل على
جميع النبيين والمرسلين الذين بلغوا عنك الهدى، واعتقدوا لك المواثيق بالطاعة،
اللهم صل عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى ملائكتك المقربين وأولى العزم من أنبيائك المرسلين، و
عبادك الصالحين أجمعين، وأعطني سؤلي في دنياي وآخرتي يا أرحم الراحمين.
اللهم كلما دعوتك لنفسي لعاجل الدنيا وآجل الآخرة، فأعطه جميع أهلي
وإخواني فيك وجميع شيعة آل محمد، المستضعفين في أرضك بين عبادك، الخائفين منك
الذين صبروا على الأذى والتكذيب فيك، وفي رسولك وأهل بيته، عليهم السلام
أفضل ما يأملون، واكفهم ما أهمهم يا أرحم الراحمين، اللهم اجزهم عنا جنات
النعيم، واجمع بيننا وبينهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
دعاء آخر في هذا الدعاء
اللهم إني أسئلك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل التقوى، ومناصحة أهل
التوبة، وعزم أهل الصبر، وحذر أهل الخشية، وطلب أهل الرغبة، وعرفان
أهل العلم، وفقه أهل الورع، حتى أخافك اللهم مخافة تحجزني عن معاصيك، و
حتى أعمل بطاعتك عملا أستحق به كريم كرامتك، وحتى أناصحك في التوبة خوفا
198

لك، وحتى أخلص لك في النصيحة حبا لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور كلها
بحسن ظني بك سبحان خالق النور سبحان الله وبحمده.
اللهم صل على محمد وآله، وتفضل على في أموري كلها بما لا يملكه غيرك
ولا يقف عليه سواك، واسمع ندائي وأجب دعائي، واجعله من شأنك فإنه عليك
يسير وهو عندي عظيم يا أرحم الراحمين (1).
المتهجد: فإذا فرغت من الصلاة عقبت بعدها فسبحت تسبيح الزهراء عليها السلام
ثم تدعو بهذا الدعاء: يا من لا تخفى إلى آخر الدعاءين (2).
بيان " بعظمتك " أي عظمة صفاتك " التي اشتققتها من كبريائك " أي عظمة
ذاتك فإنها راجعة إليها وعينها، والكبرياء الذاتية مشتقة من كينونته ووجوده
الذي هو عين ذاته، إذ وجوب الوجود مستتبع لجميع الكمالات، ولما كان وجوب
الوجود مستتبعا لوجود الممكنات، فكأنه مشتق من جوده وكونه فياضا على
الاطلاق.
ويحتمل أن يكون المراد بالاشتقاق الاظهار والابراز بمعنى أظهرت عظمة
صفاتك من كبرياء ذاتك من وجوب وجودك ووجوب وجودك من
جودك الفائض على الممنات وكذا سائر الفقرات، والأظهر أن هذه من مكنونات
الاسرار ولا تصل عقولنا إليها.
والعاني الأسير والمحبوس، والطرد الابعاد، والتشريد التفريق " حاجتي "
أي أسأل حاجتي أو أطلبها، وجملة " أسئلك فكاك رقبتي " بيان لهذه الجملة، ويحتمل
أن يكون حاجتي مفعول أسئلك قدم للتخصيص، فيكون " فكاك " بيانا لحاجتي،
أو معمولا لمقدر، و " ومناصحة أهل التوبة " أي لله ولرسوله وحججه عليهم السلام و
أنفسهم وساير المؤمنين.
قال في النهاية فيه إن الدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين

(1) جمال الأسبوع:
(2) مصباح المتهجد ص 213 - 217.
199

وعامتهم، النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن
أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها، وأصل النصح في اللغة
الخلوص يقال: نصحته ونصحت له ومعنى نصيحة الله نصيحة الاعتقاد في وحدانيته،
وإخلاص النية في عبادته، والنصيحة لكتاب الله هو التصديق به والعمل بما فيه،
ونصيحة رسول الله صلى الله عليه وآله التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لما أمر به ونهى عنه،
ونصيحة الأئمة أن يطيعهم، ونصيحة عامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم انتهى.
" أهل الرغبة " أي إلى ثواب الآخرة والدرجات العالية.
4 - المتهجد (1) والجمال والبلد والجنة: روى المفضل بن عمر قال:
رأيت أبا عبد الله عليه السلام يصلي صلاة جعفر ورفع يديه ودعا بهذا الدعاء: يا رب يا رب
حتى انقطع النفس، يا رباه يا رباه حتى انقطع النفس، رب رب حتى
انقطع النفس، يا الله يا الله حتى انقطع النفس، يا رحيم يا رحيم حتى انقطع
النفس، يا رحمن يا رحمن سبع مرات يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين
سبع مرات.
ثم قال: اللهم إني أفتتح القول بحمدك، وأنطق بالثناء عليك وأمجدك ولا
غاية لمدحك، واثنى عليك ومن يبلغ غاية ثنائك، وأمد مجدك، وأنى لخليقتك
كنه معرفة مجدك، وأي زمن لم تكن ممدوحا بفضلك موصوفا بمجدك عوادا على
المذنبين المؤمنين بحلمك، تخلف سكان أرضك عن طاعتك، فكنت عليهم عطوفا
بجودك، جوادا بفضلك، عوادا بكرمك، يا لا إله إلا أنت المنان ذو الجلال
والاكرام.
وقال لي: يا مفضل إذا كانت لك حاجة مهمة فصل هذه الصلاة وادع بهذا
الدعاء، وسل حوائجك يقض الله حاجتك إنشاء الله وبه الثقة (2)

(1) مصباح المتهجد ص 217.
(2) جمال الأسبوع ص البلد الأمين ص 150.
200

5 - المتهجد (1) والجمال دعاء آخر بعد هذه الصلاة:
سبحان من لبس العز وتردى به، سبحان من تعطف بالمجد وتكرم به، سبحان
من لا ينبغي التسبيح إلا له جل جلاله، سبحان من أحصى كل شئ بعلمه وخلقه
بقدرته، سبحان ذي المن والنعم، سبحان ذي القدرة والكرم، اللهم إني أسئلك
بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم وكلماتك
التامات التي تمت صدقا وعدلا أن تصلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين، و
أن تجمع لي خير الدنيا والآخرة بعد عمر طويل.
اللهم أنت الحي القيوم العلي العظيم الخالق الرازق المحيي المميت البدئ
البديع، لك الكرم ولك المجد ولك المن ولك الجود ولك الامر، وحدك لا شريك
لك، يا واحد يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا
أهل التقوى وأهل المغفرة يا أرحم الراحمين، يا عفو يا غفور يا ودود يا شكور
أنت أبر بي من أبي وأمي، وأرحم بي من نفسي ومن الناس أجمعين.
يا كريم يا جواد اللهم إني صليت هذه الصلاة ابتغاء مرضاتك، وطلب نائلك
ومعروفك، ورجاء رفدك وجائزتك، وعظيم عفوك وقديم غفرانك، اللهم فصل
على محمد وآل محمد، وارفعها لي في عليين وتقبلها مني واجعل نائلك ومعروفك و
رجاء ما أرجو منك فكاك رقبتي من النار، والفوز بالجنة وما جمعت من أنواع
النعيم، ومن حسن الحور العين، واجعل جائزتي منك العتق من النار، وغفران
ذنوبي وذنوب والدي وما ولدا وجميع إخواني وأخواتي المؤمنين والمؤمنات، و
المسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والأموات، وأن تستجيب دعائي، وارحم
صرختي وندائي، ولا تردني خائبا خاسرا، واقلبني منجحا مفلحا مرحوما مستجابا
دعائي مغفورا لي يا أرحم الراحمين.
يا عظيم يا عظيم يا عظيم قد عظم الذنب من عبدك، فليحسن العفو منك، يا
حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، يا نفاحا بالخيرات،

(1) مصباح المتهجد ص 218.
201

يا معطي المسؤلات يا فكاك الرقاب من النار، صل على محمد وآل محمد وفك رقبتي
من النار، وأعطني سؤلي، واستجب دعائي، وارحم صرختي وتضرعي وندائي،
واقض لي حوائجي كلها لدنياي وآخرتي وديني، ما ذكرت منها وما لم أذكر، و
اجعل في ذلك الخيرة، ولا تردني خائبا خاسرا، واقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي
دعائي مغفورا لي مرحوما يا أرحم الراحمين.
يا محمد يا أبا القاسم يا رسول الله! يا علي يا أمير المؤمنين! أنا عبدكما ومولاكما
غير مستنكف ولا مستكبر، بل خاضع ذليل عبد مقر متمسك بحبلكما معتصم من
ذنوبي بولايتكما أتضرع إلى الله تعالى بكما وأتوسل إلى الله بكما، وأقدمكما
بين حوائجي إلى الله عز وجل فاشفعا لي في فكاك رقبتي من النار، وغفران ذنوبي
وإجابة دعائي، اللهم فصل على محمد وآله، وتقبل دعائي، واغفر لي يا أرحم
الراحمين.
دعاء آخر عقيبها
يا نوري في كل ظلمة، ويا انسى في كل وحشة، ويا ثقتي في كل شدة
ويا رجائي في كل كربة، ويا دليلي في الضلالة إذا انقطعت دلالة الادلاء، فان
دلالتك لا تنقطع عند كل خير، ولا يضل من هديت، أنعمت علي فأسبغت، ورزقتني
فوفرت، وعودتني فأحسبت، وأعطيتني فأجزلت بلا استحقاق مني لذلك بفعل و
لكن ابتداء منك بكرمك وجودك، وأنفقت رزقك في معاصيك، وتقويت بنعمتك
على سخطك، وأفنيت عمري فيما لا تحب، ولم يمنعك جرأتي عليك وركوبي ما
نهيتني عنه ودخولي فيما حرمت علي أن عدت علي بفضلك، وأظهرت منى الجميل
وسترت على القبيح، ولم يمنعني عودك على بفضلك أن عدت في معاصيك، فأنت
العواد بالفضل، وأنا العواد بالمعاصي.
فيا أكرم من أقر له بذنب وأعز من خضع له بذل لكرمك أقررت بذنبي و
لعزك خضعت بذلي، فما أنت صانع بي في كرمك باقراري بذنبي وعزك وخضوعي
202

بذلي صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله يا أرحم الراحمين (1).
بيان: قال في النهاية فيه " سبحان من تعطف بالعز " أي تردى به العطاف
والمعطف الرداء، وقد تعطف به واعتطف وتعطفه واعتطفه، وسمى عطافا لوقوعه
على عطفي الرجل، وهما ناحيتا عنقه، والتعطف في حق الله تعالى مجاز يراد به
الاتصاف، كأن العز شمله شمول الرداء انتهى.
ويحتمل أن يكون من التعطف بمعنى الشفقة يقال تعطف عليه أي أشفق، و
امعنى أشفق على عباده بسبب عزه وغلبته عليهم، كما أن معنى تكرم أنه أظهر
كرمه بسبب ذلك، والتكرم أيضا التنزه، وهو أيضا مناسب، والمن النعمة والكرم
علو الذات والجود.
وقال في النهاية في حديث الدعاء: أسألك بمعاقد العز من عرشك أي بالخصال
التي استحق بها العرش العز، وبمواقع انعقادها منه، وحقيقة معناه بعز
عرشك انتهى.
" ومنتهى الرحمة من كتابك " أي أسئلك بحق نهاية رحمتك التي أثبتها في
كتابك اللوح أو القرآن، ويحتمل أن تكون من بيانية " وكلماتك التامات " أي
صفاتك الكاملة من العلم والقدرة والإرادة وغيرها مما لا يحصى ولا يعلمه إلا أنت
أو تقديراتك أو إرادتك التامات التي إذا أردت شيئا تقول له كن فيكون أو أنبيائك و
أوصيائهم أو علومك التي في القرآن، كذا ذكره الوالد ره.
والنائل العطاء كالرفد بالكسر " وارفعها لي في عليين " أي أثبتها لي هناك
مع عمل الأبرار كما قال سبحانه " كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين " (2) وقال
الجوهري نفحه بشئ أي أعطاه، يقال: لا تزال لفلان نفحات من المعروف، وقال
أحسبني الشئ أي كفاني، أحسبته وحسبته بالتشديد أي أعطيته ما يرضيه، وتقول
أعطى فأحسب أي أكثر.

(1) جمال الأسبوع:
(2) المطففين ص 18.
203

6 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال علي عليه السلام: قدم جعفر بن أبي طالب عليه السلام فتلقاه رسول الله صلى الله عليه وآله وقبل بين عينيه
فلما جلسا قال رسول الله صلى الله عليه وآله له: ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ قال: بلى
يا رسول الله، فقال: تصلي أربع ركعات ي كل ركعة سورة الحمد وسورة، ثم تقول
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشر مرة، ثم تركع فتقول
هذا التسبيح عشرا ثم ترفع رأسك فتقول عشر مرات، ثم تسجد فتقول عشر مرات،
ثم ترفع رأسك فتقول عشر مرات ثم تقوم إلى الركعة الثانية فتفعل مثل ذلك فذلك
خمس وسبعون مرة في كل ركعة.
فان استطعت أن تصليها كل يوم فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة، فإن لم
تستطع ففي كل شهر، فإن لم تستطع ففي كل سنة، فإن لم تستطع ففي عمرك مرة
فإذا فعلت ذلك غفر الله ذنبك صغيره وكبيره، قديمه وحديثه، خطاه وعمده.
قال: قال محمد بن الأشعث: حدثنا محمد بن أبي عمران، عن عاصم بن علي بن
عاصم، عن أبي معشر المدني، عن محمد بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجعفر عليه السلام
مثل ذلك.
وقال ابن عمران حدثنا إسحاق بن إسرائيل، عن موسى بن عبد العزيز، عن
الحكم بن أبان، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال للعباس مثله (1).
7 - ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي
عبد الله البرقي، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لأبي الحسن
عليه السلام: أي شئ لمن صلى صلاة جعفر؟ قال: لو كان عليه مثل رمل عالج و
زبد البحر ذنوبا، لغفرها الله، قلت: هذه لنا؟ قال: فلمن هي؟ ألا لكم خاصة، قال:
قلت: فأي شئ يقرأ فيها أعترض القرآن؟ قال لا إقرأ فيها إذا زلزلت، وإذا جاء
نصر الله، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، وقل هو الله أحد (2).

(1) نوادر الراوندي: 28 - 29.
(2) ثواب الأعمال: 63 تحقيق الغفاري.
204

بيان: قيل إن رمل عالج جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء بقرب اليمامة
وأسفلها بنجد، وقيل عالج محيط بأكثر أرض العرب، قوله: " أعترض القرآن "
أي أقرأ من أي موضع منه اتفق؟ قال في المغرب استعرض الناس الخوارج واعترضوهم
إذا خرجوا لا يبالون من قتلوا، ومنه قوله إذا دخل المسلم مدينة من مدائن المشركين
فلا باس أن يعترضوا من لقوا أي يأخذوا فيها من غير أن يميزوا من هو ومن
أين هو؟
8 - المتهجد: إذا كان في آخر سجدة من الركعة الرابعة، يعني في صلاة
جعفر قال بعد التسبيح: سبحان من لبس العز والوقار، سبحان من تعطف بالمجد و
تكرم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان من أحصى كل شئ علمه
سبحان ذي المن والنعم، سبحان ذي القدرة والكرم، سبحان ذي العزة والفضل
سبحان ذي القوة والطول، اللهم إني أسئلك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة
من كتابك، وباسمك الأعظم وكلماتك التامة التي تمت صدقا وعدلا أن تصلي
على محمد وأهل بيته، وأن تفعل بي كذا وكذا (1).
9 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن القاسم
ذكره عمن حدثه، عن أبي سعيد المدايني قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ألا أعلمك
شيئا تقوله في صلاة جعفر عليه السلام؟ فقلت: بلى، فقال إذا كنت في آخر سجدة من الأربع
ركعات، فقل إذا فرغت من تسبيحك " سبحان من لبس العز والوقار " إلى قوله:
" سبحان ذي القدرة والامر، اللهم إني أسئلك " إلى آخر الدعاء (2).
10 - الاحتجاج: باسناده إلى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه كتب إلى
الحجة القائم عليه السلام يسئله عن صلاة جعفر بن أبي طالب في أي أوقاتها أفضل أن تصلى
فيه، وهل فيها قنوت؟ وإن كان ففي أي ركعة منها؟
فأجاب عليه السلام أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة، ثم في أي الأيام شئت

(1) مصباح المتهجد: 212.
(2) الكافي ج 3 ص 467.
205

وأي وقت صليتها من ليل أو نهار فو جائز، والقنوت فيها مرتان في الثانية قبل الركوع
وفي الرابعة بعد الركوع.
وسأله عن صلاة جعفر إذا سهى عن التسبيح في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود
وذكره في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصلاة، هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح
في الحالة التي ذكرها أم يتجاوز في صلاته؟
فأجاب عليه السلام: إذا سهى في حالة من ذلك ثم ذكر في حالة أخرى قضى ما فاته في
الحالة التي ذكر.
وسأله عن صلاة جعفر في السفر هل يجوز أن تصلى أم لا؟ فأجاب عليه السلام يجوز
ذلك (1).
بيان: ما ورد من قضاء التسبيحات لمن نسيها عند ذكرها لم أر من تعرض له
ولا بأس بالعمل بهذه الرواية المعتبرة، مع تأيده بما سيأتي في فقه الرضا، وقال
في الذكرى: وتصلى يعني صلاة جعفر سفرا وحضرا، ويجوز في المحمل مسافرا،
وقال في المنتهى روى الشيخ في الصحيح عن علي بن سليمان (2) قال كتبت إلى الرجل
الصالح عليه السلام ما تقول في صلاة التسبيح في المحمل؟ فكتب إذا كنت مسافرا
فصل.
أقول: الأولى العمل بمفهوم الرواية كما يظهر من الفاضلين العمل به، و
إن أمكن العمل بعموم الأخبار الواردة بجواز فعل النافلة سفرا وحضرا على الراحلة
بل ماشيا، وحمل هذا على الفضل.
11 - الهداية: قال الصادق عليه السلام لما قدم جعفر بن أبي طالب عليه السلام من الحبشة
كان النبي صلى الله عليه وآله قد فتح خيبر فلما دخل إليه قام إليه واستقبله وقبل ما بين عينيه
ثم قال ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحا بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟ ثم قال: يا جعفر
ألا أحبوك ألا أعطيك ألا أمنحك؟ قال: بلى يا رسول الله قال صل أربع ركعات في

(1) الاحتجاج: 275.
(2) التهذيب ج 1 ص 340.
206

كل يوم، فإن لم تطق ففي كل شهر، فإن لم تطق ففي كل سنة، فإن لم تطق ففي
كل عمرك مرة، فإنك إن صليتها محا الله ذنوبك، ولو كانت مثل رمل عالج و
زبد البحر.
فقيل له: يا رسول الله صلى الله عليه وآله فمن صلى هذه الصلاة له من الثواب ما لجعفر؟
قال: نعم.
وصفتها أن تسبح في قيامك خمسة عشر مرة بعد القراءة، تقول " سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " وإذا ركعت قلتها عشرا، فإذا رفعت رأسك
من الركوع قلتها عشرا، فإذا سجدت قلتها عشرا، فإذا رفعت رأسك من السجود قلتها
عشرا، فإذا سجدت قلتها عشرا، فإذا رفعت رأسك من السجدة قلتها عشرا، ثم نهضت
إلى الثانية بغير تكبير فصليتها مثل ما وصفت، وتقنت في الثانية قبل الركوع وبعد
التسبيح وتتشهد وتسلم، ثم تقوم فتصلى ركعتين مثلهما.
وقال الصادق عليه السلام: إن كنت مستعجلا فصلها مجردة ثم اقض التسبيح.
وروى أنه قال إن شئت حسبتها من نوافل الليل، وإن شئت حسبتها من نوافل
النهار، يحسب لك في نوافلك، وتحسب لك في صلاة جعفر عليه السلام، وجملة التسبيح
فيها ألف ومأتا تسبيحة في كل ركعة ثلاث مأة تسبيحة.
وتقول في آخر كل ركعة من صلاة جعفر عليه السلام " يا من لبس العز والوقار
يا من تعطف بالمجد وتكرم به، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له، يا من أحصى
كل شئ علمه، يا ذا النعمة والطول، يا ذا المن والفضل، يا ذا القدرة والكرم
أسئلك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم
الاعلى، وكلماتك التامات أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا
وتقرأ في صلاة جعفر في أول الركعة الحمد والعاديات، وفي الثانية الحمد وإذا
زلزلت، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله، وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد
وإن شئت صليتها كلها بالحمد وقل هو الله أحد (1).

(1) الهداية: 36 - 37.
207

الكافي: عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب رفعه
قال: قال: تقول في آخر ركعة من صلاة جعفر: يا من لبس العز والوقار إلى آخر
الدعاء (1).
12 - أربعين الشهيد: باسناده عن السيد المرتضى، عن الشيخ المفيد، عن
أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن جعفر بن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي
عن فضالة، عن الحسين بن عثمان، عن ابن بسطام قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر
ابن محمد الصادق عليه السلام فأتى رجل فقال: جعلت فداك إني رجل من أهل الجبل، و
ربما لقيت رجلا من إخواني فالتزمته، فيعيب على بعض الناس ويقولون هذه من
فعل الأعاجم وأهل الشرك، فقال عليه السلام: ولم ذاك؟ فقد التزم رسول الله صلى الله عليه وآله جعفرا
وقبل بين عينيه؟ فقال له الرجل: كيف هذا؟ فقال إنه يوم افتتح خيبر أتاه بشير
فقال: هذا جعفر قد جاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بأيهما أنا أشد فرحا؟ بقدوم جعفر
أو بفتح خيبر؟ فلم يلبث أن قدم جعفر فالتزمه رسول الله عليه السلام وقبل ما بين عينيه،
وجلس الناس كأنما على رؤوسهم الطير.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ابتداء منه: يا جعفر قال: لبيك يا رسول الله! فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أعطيك؟ فقال له جعفر: بلى يا رسول الله
فظن الناس أنه سيعطيه ذهبا أو فضة فقال: إني أعطيك شيئا إن أنت صنعته كل
يوم كان خيرا لك من الدنيا وما فيها، وإن أنت صنعته بين كل يومين غفر لك ما بينهما
أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر لك ما بينهما.
قال: ثم قال: صل أربع ركعات تكبر ثم تقرأ فإذا فرغت قلت: " سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " خمس عشر مرة، فإذا ركعت قلتها عشرا
فإذا رفعت رأسك قلتها عشرا، وإذا رفعت رأسك قلتها عشرا
وإذا سجدت قلتها عشرا، وإذا رفعت رأسك قلتها عشرا وأنت قاعد قبل أن تقوم

(1) الكافي ج 3 ص 466 - 467.
208

فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة، فذلك ثلاثمائة تسبيحة في أربع ركعات
فقال له: أبليل أصليها أم بالنهار؟ فقال: لا، ولكن تصليها من صلاتك التي كنت
تصلي قبل ذلك (1).
بيان: " كأنما على رؤسهم الطير " أي ساكنين خاضعين له كرجل يكون على
رأسه طير يريد أن يصيده، أو لان الطير لا يكاد يقع إلا على شئ ساكن، وفي
القاموس منحه كمنعه وضربه أعطاه، وقال: حبا فلانا أعطاه بلا جزاء ولا من
أو عام.
قوله عليه السلام: " لا ولكن تصليها " أي لا يلزمك أن تفعلها زائدة على النوافل
المرتبة، بل يجوز لك أن تحسبها منها وفي بعض النسخ " لا تصليها " فالمعنى افعلها
أي وقت شئت ولكن لا تحسبها من نوافلك، فيكون على الفضل والأولوية، وقد
وردت الاخبار بجواز عدها من النوافل المرتبة، وعمل بها العلامة والشهيد
وغيرهما، وكذا قضاء النوافل بل جوز الشهيدان جعلها من الفرائض، ولا يخلو
من قوة.
وقال ابن الجنيد: ولا أحب الاحتساب بها من شئ من التطوع الموظف
عليه، ولو فعل وجعلها قضاء للنوافل أجزأه والأول أقوى، قال الشهيد - ره - في النفلية
ويجوز احتسابها من الرواتب، وقال الشهيد الثاني - ره - فيؤجر على فعل الوظيفتين،
روى ذلك ذريح (2) عن أبي عبد الله عليه السلام، وكذا يجوز جعلها من قضاء النوافل
لان في هذه الرواية إن شئت جعلتها من قضاء صلاة، وجوز بعض الأصحاب جعلها من
الفرائض أيضا إذ ليس فيها تغير فاحش.
13 - فقه الرضا: قال عليه السلام: عليك بصلاة جعفر بن أبي طالب فان فيها
فضلا كثيرا، وقد روى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه من صلى صلاة جعفر كل
يوم لا يكتب عليه السيئات، ويكتب له بكل تسبيحة فيها حسنة، ويرفع له درجة

(1) كتاب الأربعين: 195.
(2) التهذيب ج 1 ص 308.
209

في الجنة، فإن لم يطق كل يوم ففي كل جمعة، وإن لم يطق ففي كل شهر، وإن
لم يطق ففي كل سنة، فإنك إن صليتها محي عنك ذنوبك، ولو كانت مثل رمل
عالج، أو مثل زبد البحر.
وصل أي وقت شئت من ليل أو نهار، ما لم يكن في وقت فريضة، وإن شئت
حسبتها من نوافلك، وإن كنت مستعجلا صليت مجردة ثم قضيت التسبيح.
فإذا أردت أن تصلي فافتتح الصلاة بتكبيرة واحدة، ثم تقرأ في أولها فاتحة
الكتاب والعاديات، وفي الثانية إذا زلزلت، وفي الثالثة إذا جاء نصر الله، وفي الرابعة
قل هو الله أحد.
وإن نسيت التسبيح في ركوعك أو في سجودك أو في قيامك فاقض حيث
ذكرت على أي حالة تكون، تقول بعد القراءة " سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر " خمس عشر مرة وتقول في ركوعك عشر مرات، وإذا استويت
قائما عشر مرات، وفي سجودك وبين السجدتين عشرا، وإذا رفعت رأسك تقول
عشرا قبل أن تنهض.
فذلك خمس وسبعون مرة ثم تقوم في الثانية وتصنع مثل ذلك ثم
تتشهد وتسلم فقد مضى لك ركعتان ثم تقوم تصلي ركعتين آخرتين على ما وصفت
لك، فيكون التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير في أربع ركعات ألف مرة
ومأتي مرة، تصلي بها متى ما شئت، ومتى ما خف عليك، فان في ذلك فضلا
كثيرا.
فإذا فرغت تدعو بهذا الدعاء " اللهم إني أسئلك من كل ما سألك به محمد و
آله، وأستعيذ بك من كل ما استعاذ منه محمد وآله، اللهم أعطني من كل خير
خيرا، واصرف عني كل ما قضيت من شر أو فتنة، واغفر لي ما تعلم مني وما قد
أحصيت علي من ذنوبي، واقض حوائجي ما لك فيه رضا ولي فيه صلاح، يا ذا المن
والفضل، وسع على في الرزق والأجل، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي
210

إنك أنت على كل شئ قدير.
14 - المقنع: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما افتتح خيبر أتاه البشير بقدوم
جعفر بن أبي طالب عليه السلام فقال: ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا أبقدوم جعفر أم بفتح
خيبر.
فلم يلبث أن دخل جعفر فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وآله والتزمه وقبل ما بين عينيه
وجلس الناس حوله، ثم قال ابتداء منه: يا جعفر قال لبيك يا رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أعطيك؟ فقال جعفر: بلى يا رسول الله، فظن الناس أنه
يعطيه ذهبا أو ورقا، فقال إني أعطيك شيئا إن صنعته كل يوم كان خيرا لك من الدنيا
وما فيها، وإن صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما، أو كل جمعة أو كل شهر أو
كل سنة غفر لك ما بينهما، ولو كان عليك من الذنوب مثل عدد النجوم، ومثل
ورق الشجر، ومثل عدد الرمل لغفرها الله لك، ولو كنت فارا من الزحف.
صل أربع ركعات تبدأ فتكبر ثم تقرأ، فإذا فرغت من القراءة فقل:
" سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " خمس عشر مرة فإذا ركعت قلتها
عشرا فإذا رفعت رأسك من الركوع قلتها عشرا، فإذا سجدت قلتها عشرا، فإذا رفعت
رأسك من السجود قلتها عشرا، فإذا سجدت ثانيا قلتها عشرا، فإذا رفعت رأسك من
السجود الثاني قلتها عشرا، وأنت جالس قبل أن تقوم، فذلك خمس وسبعون
تسبيحة وتحميدة وتكبيرة وتهليلة في كل ركعة ثلاثمائة في أربع ركعات، فذلك ألف
ومأتان، وتقرأ فيهما قل هو الله أحد.
وروي: اقرأ في الركعة الأولى من صلاة جعفر بالحمد وإذا زلزلت، وفي
الثانية الحمد والعاديات ضبحا، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله، وفي
الرابعة الحمد وقل هو الله أحد، وإن كنت مستعجلا فصلها مجردة أربع ركعات
ثم اقض التسبيح (1).

(1) المقنع: 43 - 44.
211

تفصيل وتبيين
اعلم أن هذه الصلاة من المستفيضات بل المتواترات، روتها الخاصة والعامة
بطرق كثيرة، وأجمع المسلمون على استحبابها إلا من شذ من العامة قاله العلامة
في المنتهى، والخلاف فيها وفي مواضع:
الأول: المشهور بين الأصحاب أنها بتسليمتين، وقال في الذكرى: ويظهر من
الصدوق في المنقع أنه يرى أنها بتسليمة واحدة وهو نادر.
وأقول: لا دلالة في عبارة المقنع إلا من حيث إنه لم يذكر التسليم، ولعله
أحاله على الظهور كالتشهد والقنوت وغيرهما، والعمل على المشهور.
الثاني: المشهور بين الأصحاب أن التسبيح بعد القراءة، ذهب إليه الشيخان
وابن الجنيد وابن إدريس وابن أبي عقيل وجمهور المتأخرين، وقال الصدوق في
الفقيه بعد إيراد رواية أبي حمزة الدالة على أن التسبيح قبل القراءة، وقد روى أن
التسبيح في صلاة جعفر بعد القراءة، فبأي الحديثين أخذ المصلي فهو مصيب انتهى، والتخيير
لا يخلو من قوة والعمل بالمشهور لعله أولى.
الثالث: المشهور في ترتيب التسبيح " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا
الله، والله أكبر " وقال الصدوق في الفقيه بالتخيير بينه وبين ما ورد في رواية الثمالي
وهو " الله أكبر وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله " وقال في الذكرى مشيرا
إلى الأولى: وهذه الرواية أشهر وعليها معظم الأصحاب انتهى، والعمل بالمشهور
أولى لقوة أخباره وضعف المعارض.
الرابع: اختلف الأصحاب في قراءتها فالمشهور أنه يقرأ في الأولى بعد الحمد
الزلزلة وفي الثانية العاديات وفي الثالثة النصر وفي الرابعة التوحيد، وهو مختار
السيد وابن الجنيد والصدوق وأبي الصلاح وابن البراج وسلار، وقال علي بن
بابويه يقرء في الأولى العاديات وفي الثانية الزلزلة وفي الباقيتين ما تقدم، وقال:
وإن شئت صلها كلها بالتوحيد كما اختاره ولده في الهداية، وورد في الفقه
الرضوي عليه السلام.
212

وعن ابن أبي عقيل في الأولى الزلزلة وفي الثانية النصر، وفي الثالثة العاديات
وفي الرابعة التوحيد، ومقتضى بعض الروايات الصحيحة (1) الجمع بين التوحيد و
الجحد في كل ركعة، وقال في الذكرى: وروي القراءة بالزلزلة والنصر، والقدر
والتوحيد انتهى، والعمل بكل ما ورد في الروايات حسن والمشهور أولى.
الخامس: المشهور بين الأصحاب أنه يستحب العشر بعد السجدة الثانية قبل
القيام إلى الركعة الثانية، وكذا في الثالثة قبل القيام إلى الرابعة، وقال ابن أبي
عقيل ثم يرفع رأسه من السجود وينهض قائما ويقول ذلك عشرا ثم يقرأ، والمشهور
أقوى وأحوط.
فوائد
الأولى: قال في الذكرى: يجوز تجريدها من التسبيح ثم قضاؤه بعدها وهو
ذاهب في حوائجه لمن كان مستعجلا، رواه أبان وأبو بصير (2) عن أبي عبد الله عليه السلام
ونحوه قال في النفلية، وقد مر عن الفقه والهداية.
الثانية: قال في الذكرى: لو صلى منها ركعتين ثم عرض له عارض بنى بعد
إزالة عارضه.
أقول: الأحوط عدم الفصل بدون العذر، وإن كان الأظهر الجواز، وروى
الصدوق في الصحيح عن علي بن ريان (3) قال: كتبت إلى الماضي الأخير عليه السلام
أسأله عن رجل صلى من صلاة جعفر ركعتين، ثم تعجله عن الركعتين الأخيرتين
حاجة، أو يقطع ذلك لحادث يحدث أيجوز له أن يتمها إذا فرغ من حاجته، وإن
قام من مجلسه، أم لا يحتسب بذلك إلا أن يستأنف الصلاة ويصلي الأربع الركعات
كلها في مقام واحد؟ فكتب عليه السلام: بل إن قطعه عن ذلك أمر لابد منه فليقطع ثم ليرجع

(1) الفقيه ج 1 ص 348.
(2) راجع الفقيه ج 1 ص 349، التهذيب ج 1 ص 308.
(3) المصدر نفسه ص 349.
213

فليبن على ما بقي منها إنشاء الله تعالى.
الثالثة: قال في الذكرى: زعم متعصبوا العامة أن الخطاب بهذه الصلاة و
تعليمها كان للعباس عم النبي صلى الله عليه وآله، ورواه الترمذي، ورواية أهل
البيت أوثق إذ أهل البيت أعلم بما في البيت، على أنه يمكن أن يكون خاطبهما بذلك
في وقتين ولا استبعاد فيه.
214

3.
* (باب) *
* " (الصلوات التي تهدى إلى النبي) " *
* " (والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين) " *
* " (وساير أموات المؤمنين) " *
1 - جمال الأسبوع: حدث أبو محمد الصيمري، عن أحمد بن عبد الله البجلي
باسناد رفعه إليهم صلوات الله عليهم قال: من جعل ثواب صلاته لرسول الله وأمير
المؤمنين والأوصياء من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وسلم أضعف الله له ثواب صلاته
أضعافا مضاعفة حتى ينقطع النفس ويقال له قبل أن يخرج روحه عن جسده يا فلان
هديتك إلينا وألطافك لنا، هذا يوم مجازاتك ومكافاتك، فطب نفسا وقر عينا بما
أعد الله لك، وهنيئا لك بما صرت إليه.
قال: كيف يهدي صلاته ويقول؟ قال: ينوي ثواب صلاته لرسول الله صلى الله عليه وآله
وإن أمكنه أن يزيد على صلاة الخمسين شيئا، ولو ركعتين في كل يوم ويهديها إلى
واحد منهم، يفتتح الصلاة في الركعة الأولى مثل افتتاح صلاة الفريضة بسبع تكبيرات
أو ثلاث مرات أو مرة في كل ركعة، ويقول بعد تسبيح الركوع والسجود ثلاث
مرات " صلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين " في كل ركعة فإذا شهد وسلم
قال:
اللهم أنت السلام ومنك السلام، يا ذا الجلال والاكرام، صل على محمد و
آل محمد الطيبين الطاهرين الأخيار، أبلغهم مني أفضل التحية والسلام، اللهم إن
هذه الركعات هدية مني إلى عبدك ونبيك ورسولك محمد بن عبد الله خاتم النبيين و
سيد المرسلين اللهم فتقبلها مني وأبلغه إياه عني، وأثبني عليها، أفضل أملي و
رجائي فيك وفي نبيك صلواتك عليه وآله، ووصي نبيك وفاطمة الزهراء ابنة نبيك
215

والحسن والحسين سبطي نبيك وأوليائك من ولد الحسين عليهم السلام يا ولي المؤمنين يا ولي
المؤمنين يا ولى المؤمنين.
ما يهديه إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام يدعا بالدعاء إلى قولك " اللهم إن هاتين
الركعتين هدية مني إلى عبدك ووليك وابن عم نبيك ووصيه أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب عليه السلام اللهم فتقبلهما مني وأبلغه إياهما عني وأثبني عليهما أفضل أملي
ورجائي فيك وفي نبيك ووصي نبيك وفاطمة الزهراء ابنة نبيك والحسن و
الحسين سبطي نبيك وأوليائك من ولد الحسين عليهم السلام يا ولي المؤمنين يا ولي المؤمنين
يا ولي المؤمنين.
ما تهديه إلى فاطمة عليها السلام يقول: اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى
الطاهرة المطهرة الطيبة الزكية فاطمة بنت نبيك اللهم فتقبلها مني وأبلغهما
إياها عني، وأثبني عليهما أفضل أملي ورجائي فيك وفي نبيك صلوات الله عليه
وآله ووصي نبيك والطيبة الطاهرة فاطمة بنت نبيك والحسن والحسين سبطي نبيك
يا ولي المؤمنين يا ولي المؤمنين يا ولي المؤمنين.
ما يهديه إلى الحسن عليه السلام: اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى عبدك وابن
عبدك ووليك وابن وليك الحسن بن علي الرضا عليه السلام اللهم فتقبلهما مني وأبلغه إياهما
وأثبني عليهما أفضل أملي ورجائي فيك وفي نبيك ووليك وابن وليك، يا ولي
المؤمنين ثلاثا.
ما يهديه إلى الحسين عليه السلام: اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى عبدك
وابن عبدك ووليك وابن وليك سبط نبيك الطيب الطاهر الزكي الرضي الحسين
ابن علي المجتبى وتأتي بالدعاء إلى آخره يا ولي المؤمنين ثلاثا.
ما يهديه إلى علي بن الحسين عليهما السلام: اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني
إلى عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك سبط نبيك زين العابدين علي بن الحسين
عليهما السلام ويأتي بالدعاء إلى آخره يا ولى المؤمنين ثلاثا.
ما يهديه إلى محمد بن علي عليهما السلام: اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى
216

عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك سبط نبيك محمد بن علي الباقر علمك وتأتي
بالدعاء إلى آخر يا ولي المؤمنين ثلاثا.
ما يهديه إلى جعفر بن محمد عليهما السلام: اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى
عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك سبط نبيك جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ويقول
الدعاء إلى آخره يا ولي المؤمنين ثلاثا.
ما يهديه إلى موسى بن جعفر عليهما السلام: اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى
عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك سبط نبيك موسى بن جعفر عليهما السلام وارث علم
النبيين، والدعاء إلى آخره يا ولي المؤمنين ثلاثا.
ما يهديه إلى الرضا علي بن موسى عليهما السلام اللهم إن هاتين الركعتين هدية
مني إلى عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك سبط نبيك علي بن موسى الرضا ابن
المرضيين عليهم السلام والدعاء إلى آخره يا ولي المؤمنين ثلاثا.
ما يهديه إلى محمد بن علي عليهما السلام وعلي بن محمد والحسن بن علي عليهم السلام مثل
ذلك حتى يصل إلى صاحب الزمان عليه السلام فادع بالدعاء إلى قولك: اللهم إن هاتين
الركعتين هدية مني إلى عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك سبط نبيك في أرضك
وحجتك على خلقك يا ولي المؤمنين ثلاثا (1)
قال السيد قدس سره: وأخبرني الشيخ حسين بن أحمد السوراوي عن محمد
ابن أبي القاسم الطبري، عن أبي علي ابن شيخ الطائفة عن والده وأخبرني علي بن
يحيى الحناط، عن عربي بن مسافر، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي علي، عن والده
في مصباحه الكبير ما هذا لفظه:
صلاة الهدية ثماني ركعات روي عنهم عليهم السلام انه يصلي العبد في يوم الجمعة ثماني
ركعات أربعا يهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا يهدي إلى فاطمة عليها السلام، ويوم السبت
أربع ركعات يهدي إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم كذلك كل يوم إلى واحد من الأئمة
عليهم السلام إلى يوم الخمسين أربع ركعات يهدي إلى جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام

(1) جمال الأسبوع ص 15 و 16.
217

ثم يوم الجمعة أيضا ثماني ركعات أربعا يهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأربع ركعات
يهدي إلى فاطمة عليها السلام ثم يوم السبت أربع ركعات يهدي إلى موسى بن جعفر عليه السلام
ثم كذلك إلى يوم الخميس أربع ركعات يهدي إلى صاحب الزمان عليه السلام.
الدعاء بين كل ركعتين: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، وإليك يعود
السلام، حينا ربنا منك بالسلام اللهم إن هذه الركعات هدية مني إلى فلان بن
فلان بن فلان، فصل على محمد وآل محمد، وبلغه إياها وأعطني أفضل أملى و
رجائي فيك وفي رسولك صلواتك عليه وآله، وفيه وتدعو بما أحببت إنشاء الله
تعالى (2).
المتهجد (1) مثله.
2 - دعوات الراوندي: قالوا عليهم السلام: إنه يصلي العبد يوم الجمعة
ثماني ركعات.
3 - فلاح السائل: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إذا دفنتم ميتكم وفرغتم من دفنه فليقم وارثه أو قرابته أو صديقه من جانب القبر،
ويصلي ركعتين يقرأ في الركعة الأولى فاتحة الكتاب مرة والمعوذتين مرة - سقط
من الأصل وصف الركعة الثانية - فيقرأها بالحمد وقل هو الله أحد وإنا أنزلناه إن
شاء، فإنهما من مهمات ما يقرأ في النوافل، ويركع ويسجد ويقول في سجوده
" سبحان من تعزز بالقدرة، وقهر عباده بالموت " ثم يسلم ويرجع إلى القبر ويقول
يا فلان بن فلانة، هذه لك ولأصحابك، فان الله يرفع عنه عذاب القبر وضيقه
ولو سأل ربه أن يغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات حيهم وميتهم
استجاب الله دعاءه فيهم، ويقول الله لصاحبه: يا فلان بن فلان كن قرير العين،
قد غفر الله عز وجل لك. ويعطي المصلي بكل حرف ألف حسنة، وتمحى عنه ألف
سيئة، فإذا كان يوم القيامة بعث الله تعالى صفا من الملائكة يشيعونه إلى باب الجنة

(1) جمال الأسبوع:
(2) مصباح المتهجد: 255.
218

فإذا دخل الجنة استقبله سبعون ألف ألف ملك مع كل ملك طبق من نور مغطى
بمنديل من إستبرق، وفي يد كل ملك كوز من نور فيه ماء السلسبيل، فيأكل من
الطبق ويشرب من الماء ورضوان الله أكبر.
بيان: أوردت الصلاة كما أورده رحمه الله لعل الناظر في كتابنا يطلع على
تلك الرواية في موضع آخر بغير سقط، فيعمل بها، ويجعل هذا الخبر مؤيدا لما
وجده، وأما ما فعله السيد - رحمة الله عليه - من إضافة السور من عنده
فغريب (1).
4 - فلاح السائل: عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا
يأتي على الميت ساعة أشد من أول ليلة، فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا
فليصل أحدكم ركعتين يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد مرتين
وفي الثانية بفاتحة الكتاب مرة وألهيكم التكاثر عشر مرات، ويسلم،
ويقول: اللهم صل على محمد وآل محمد، وابعث ثوابهما إلى قبر ذلك الميت فلان
ابن فلان.
فيبعث الله من ساعته ألف ملك إلى قبره مع كل ملك ثوب وحلة، ويوسع
في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصور، ويعطي المصلي بعدد ما طلعت عليه الشمس
حسنات وترفع له أربعون درجة (2).
البلد الأمين: والموجز لابن فهد عن النبي صلى الله عليه وآله مرسلا مثله (3)
5 - ومنهما: صلاة هدية الميت ركعتان في الأولى الحمد وآية الكرسي، وفي
الثانية الحمد والقدر عشرا، فإذا سلم قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، وابعث
ثوابهما إلى قبر فلان (4).
6 - البلد: ورأيت في بعض كتب أصحابنا أنه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة

(1) لم نجده في القسم المطبوع.
(2) فلاح السائل: 86.
(3) البلد الأمين: 164.
(4) البلد الأمين: 164.
219

آية الكرسي مرة والتوحيد مرتين، وفي الثانية بعد الحمد التكاثر عشرا، ونقلتها
عن والدي قدس سره (1).
بيان: أوردت هذه الصلاة تبعا للأصحاب، وليس فيها خبر أعتمد عليه
مرويا من طرق أصحابنا، وإنما ذكروه لتوسعهم في المستحبات، ولو أتى بها
المصلي بقصد أنها صلاة وهي خير موضوع لا بقصد الخصوص مع ورود الأخبار العامة
والمطلقة الدالة على جواز الصلاة عن الميت فلا أستبعد حسنه، ولو أتى بصلاة على
الهيئات المنقولة بالطرق المعتبرة ثم أهدى ثوابها إلى الميت فهو أحسن.
وروي الشيخ (2) في الصحيح، عن عمر بن يزيد قال: كان أبو عبد الله عليه السلام يصلي
عن ولده في كل ليلة ركعتين، وعن والديه في كل يوم ركعتين، قلت: جعلت
فداك كيف صار للولد الليل؟ قال: لان الفراش للولد، قال: وكان يقرأ فيهما إنا
أنزلناه في ليلة القدر، وإنا أعطيناك الكوثر، ورواه الراوندي في دعواته مرسلا
عنه عليه السلام.
7 - المكارم: صلاة الوالد لولده أربع ركعات يقرأ في الأولى الحمد مرة و
عشر مرات " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا
وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم " وفي الثانية الحمد مرة وعشر مرات " رب
اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين
يوم يقوم الحساب " وفي الثالثة الحمد مرة وعشر مرات " ربنا هب لنا من أزواجنا
وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما " وفي الرابعة الحمد مرة وعشر مرات
" رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا
ترضيه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين " فإذا سلم قال عشرا
ربنا هب لنا الآية.
صلاة الولد لوالديه: ركعتان الأولى بفاتحة الكتاب وعشر مرات " رب اغفر لي

(1) البلد الأمين: 164.
(2) التهذيب ج 1 ص 132.
220

ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب " وفي الثانية الفاتحة وعشر مرات " رب
اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات " فإذا سلم يقول عشر
مرات " رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ".
صلاة أخرى ركعتان يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وعشرين مرة
" رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " فإذا فرغ سجد ويقولها عشرة أخرى (1).

(1) مكارم الأخلاق ص 384.
221

أبواب
* " (الاستخارات وفضلها وكيفياتها) " *
* " (وصلواتها ودعواتها) " *
1.
* (باب) *
* " (ما ورد في الحث على الاستخارة والترغيب) " *
" (فيها والرضا والتسليم بعدها " *
1 - فتح الأبواب: للسيد الجليل علي بن طاوس
والمقنعة: عن الصادق عليه السلام أنه قال: يقول الله عز وجل " من شقاء عبدي
أن يعمل الاعمال ولا يستخير بي (1).
الفتح: في أصل عتيق من أصول أصحابنا عنه عليه السلام مثله (2). من خط الشهيد - رحمه الله - عن الكراجكي قال: روي عن العالم عليه السلام و
ذكر مثله.

(1) المقنعة: 36.
(2) كتاب الفتح مخطوط.
222

2 - المحاسن: عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (1).
ومنه: عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابن مسكان، عن محمد بن مضارب
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من دخل في أمر بغير استخارة ثم ابتلي لم يؤجر (2).
المحاسن: عن محمد بن عيسى اليقطيني وعثمان بن عيسى عمن ذكره، عن
بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: من أكرم الخلق على الله؟ قال: أكثرهم
ذكرا لله، وأعملهم بطاعته، قلت: فمن أبغض الخلق إلى الله؟ قال: من يتهم الله، قلت
وأحد يتهم الله؟ قال: نعم، من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره، فسخط فذلك
يتهم الله (3).
كتاب الغايات: عن القاسم بن الوليد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: من أكرم
الخلق على الله وذكره نحوه.
المكارم: عن عثمان بن عيسى مثله إلى قوله فسخط ذلك فهو المتهم لله (4).
3 - الفتح: عن شيخه محمد بن نما وأسعد بن عبد القاهر، عن علي بن سعيد
الراوندي، عن والده، عن محمد بن علي الحلبي، عن شيخ الطائفة قال: أخبرني جماعة
عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم ويعقوب بن يزيد ومحمد بن
الحسين بن أبي الخطاب جميعا، عن ابن أبي عمير، عن صفوان، عن ابن مسكان قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: من دخل في أمر بغير استخارة ثم ابتلي لم يوجر.
ومنه: بهذا الاسناد عن ابن مسكان، عن محمد بن مضارب عنه عليه السلام مثله.
وبالاسناد المتقدم عن شيخ الطائفة، عن ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن
الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن
فضال، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أبالي إذا
استخرت الله على أي طرفي وقعت، وكان أبي يعلمني الاستخارة كما يعلمني السور
من القرآن.

(1) المحاسن: 598.
(2) المحاسن: 598.
(3) المحاسن: 598.
(4) مكارم الأخلاق ص 368.
223

بيان: قوله عليه السلام: على أي طرفي: أي طرفي الراحة والبلاء، أو الحياة و
الموت، أو طرفي الذي أتردد فيه، أو أقع مريضا على جنبي الأيمن أو الأيسر
أو أقتل فأصرع على الأيمن أو الأيسر، وربما يقرأ بالقاف جمع الطريق، وصحح
في بعض النسخ طريقي فهما تصحيفان، ويؤيد ما ذكرنا ما سيأتي مكانه على
أي جنبي.
وقال في النهاية: فيه أنه كان إذا اشتكى أحدهم لم ينزل البرمة حتى يأتي
على أحد طرفيه أي حتى يفيق من علته أو يموت، لأنهما منتهى أمر العليل، فهما
طرفاه أي جانباه، ومنه حديث أسماء بنت أبي بكر قالت لابنها عبد الله: ما بي عجلة
إلى الموت حتى آخذ على أحد طرفيك، إما أن تستخلف فتقر عيني، وإما أن تقتل
فأحتسبك.
4 - الفتح: قال: وجدت في أصل العبد الصالح المتفق عليه محمد بن أبي عمير
رضي الله عنه عن ربعي، عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما استخار
الله عز وجل عبد مؤمن إلا خار له، وإن وقع ما يكره.
ومنه: نقلا عن الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين، عن جابر بن
عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما
يعلمنا السور من القرآن.
ومنه: ما رواه باسناده إلى جده أبي جعفر الطوسي فيما رواه إلى أبي
العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة في كتاب تسمية المشايخ، عن شهاب بن محمد
ابن علي، عن جعفر بن محمد بن يعلى، عن إدريس بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسن
عن أبيه، عن إدريس بن عبد الله بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليه السلام قال:
كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من كتاب الله عز وجل.
ومنه: من الكتاب المذكور لابن عقدة باسناده، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كنا نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من كتاب الله عز وجل.
ومنه: من الكتاب المذكور لابن عقدة باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا
224

نتعلم الاستخارة كما نتعلم السورة من القرآن، ثم قال: ما أبالي إذا استخرت الله
على أي جنبي وقعت.
ومنه، نقلا من كتاب الدعاء لسعد بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه
كان يقول: قال الله: " من لم يرض بقضائي ويشكر نعمائي ويصبر على بلائي فليطلب
ربا سوائي غيري ومن رضي بقضائي وشكر نعمائي وصبر على بلائي كتبته في الصديقين
عندي " وكان يقول عليه السلام: من استخار الله في أمره فعمل أحد الامرين فعرض في قلبه
شئ، فقد اتهم الله في قضائه.
ومنه: نقلا من الكتاب المذكور لسعد بن عبد الله، عن الحسين بن سعيد،
عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنزل الله، إن من
شقاء عبدي أن يعمل الاعمال ولا يستخيرني.
بيان: قال في النهاية: الاستخارة طلب الخيرة في الشئ، وهي استفعال منه
تقول استخر الله يخر لك، ونحوه قال في القاموس والصحاح، وقال المحقق
- رحمه الله - صلاة الاستخارة هي أن تصلي ركعتين وتسأل الله أن يجعل ما عزمت
عليه خيرة، وقال ابن إدريس: الاستخارة في كلام العرب الدعاء، وقال بعد كلام:
معنى استخرت الله استدعيت إرشادي، وكان يونس بن حبيب اللغوي يقول إن معنى
قولهم استخرت الله استقبلت الخير أي سألت الله أن يوفقني خير الأشياء التي
أقصدها.
5 - مجالس الشيخ: عن المفيد، عن علي بن خالد المراغي، عن محمد
ابن الفيض العجلي، عن أبيه، عن عبد العظيم الحسني، عن محمد بن علي بن موسى
عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام: قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن فقال لي
وهو يوصيني: يا علي ما حار من استخار، ولا ندم من استشار الحديث (1).

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 135.
225

2.
* (باب) *
* " (الاستخارة بالرقاع) " *
1 - مكارم الأخلاق: قال عبد الرحمن بن سيابة خرجت سنة إلى مكة و
متاعي بز قد كسد علي قال: فأشار علي أصحابنا أن أبعثه إلى مصر ولا أرده إلى الكوفة
أو إلى اليمن، فاختلف علي آراؤهم فدخلت على العبد الصالح بعد النفر بيوم، ونحن
بمكة، فأخبرته بما أشار به أصحابنا، وقلت له: جعلت فداك فما ترى حتى أنتهي
إلى ما تأمرني، فقال لي: ساهم بين مصر واليمن، ثم فوض في ذلك أمرك إلى الله،
فأي بلد خرج سهمها عن الأسهم فابعث متاعك إليها.
قلت: جعلت فداك كيف أساهم؟ قال: اكتب في رقعة بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة، أنت العالم وأنا المتعلم فانظر لي
في أي الامرين خير لي حتى أتوكل عليك فيه وأعمل به، ثم اكتب مصرا إنشاء الله
ثم اكتب رقعة أخرى مثل ما في الرقعة الأولى شيئا شيئا ثم اكتب اليمن إنشاء الله
ثم اكتب رقعة أخرى مثل ما في الرقعتين شيئا شيئا ثم اكتب بحبس المتاع، ولا
يبعث إلى بلد منهما.
ثم اجمع الرقاع وادفعهن إلى بعض أصحابك فليسترها عنك، ثم أدخل يدك
فخذ رقعة من الثلاث رقاع، فأيها وقعت في يدك فتوكل على الله واعمل بها بما فيها
إنشاء الله (1).
2 - الاحتجاج: قال: كتب الحميري إلى القائم عليه السلام يسأله عن الرجل
تعرض له حاجة مما لا يدري أن يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما نعم
افعل، وفي الاخر لا تفعل، فيستخير الله مرارا ثم يرى فيهما، فيخرج أحدهما فيعمل

(1) مكارم الأخلاق: 293.
226

بما يخرج، فهل يجوز ذلك أم لا؟ والعامل به والتارك له هو مثل الاستخارة أم
هو سوى ذلك؟ فأجاب عليه السلام: الذي سنه العالم عليه السلام في هذه الاستخارة بالرقاع
والصلاة (1).
3 - الفتح قال: رأيت من طريق الجمهور ما هذا لفظه بسم الله الرحمن
الرحيم حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن ابن مسعود كان يقول في الاستخارة
" اللهم إنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن علمك
بما يكون كعلمك بما كان، اللهم إني قد عزمت على كذا وكذا، فإن كان لي
فيه خيرة للدين والدنيا والعاجل والأجل فيسره وسهله ووفقني له ووفقه لي
وإن كان غير ذلك فامنعني منه كيف شئت " ثم يسجد ويقول مائة مرة ومرة
" اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية " ويكتب ست رقاع في ثلاث منها " خيرة
من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان افعل على اسم الله وعونه " وفي ثلاث منها
" خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان لا تفعل " والخيرة فيما يقضي الله، و
يكون تحت السجادة، فإذا فرغت من الصلاة والدعاء، مددت يدك إلى الرقاع
فأخذت واحدة منها، فما خرج فيه فاعمل على الأكثر إنشاء الله وهو حسبي.
بيان: ظاهر أكثر اللغويين أن الخيرة بهذا المعنى بكسر الخاء وسكون الياء
وفي أكثر نسخ الدعاء صححوها بفتح الياء وسكونها معا، قال في النهاية فيه كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمنا الاستخارة في كل شئ الخير ضد الشر، تقول منه خرت يا
رجل وخار الله لك أي أعطاك ما هو خير لك، والخيرة بسكون الياء الاسم منه،
فأما بالفتح فهي الاسم من قولك اختار الله، ومحمد خيرة الله من خلقه يقال بالفتح و
السكون، وفي دعاء الاستخارة اللهم خر لي أي اختر لي أصلح الامرين واجعل لي
الخيرة فيه.
4 - الفتح: وجدت في كتاب بعض المخالفين اسمه محمود بن أبي سعيد بن
طاهر السجزي، عن الصدر الامام ركن الدين، عن عبد الأول ابن عيسى بن شعيب

(1) الاحتجاج: 257.
227

عن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر، عن عبد الله بن أحمد بن حمزيه، عن محمد بن
محمد بن يوسف، عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن قتيبة بن سعيد، عن عبد الرحمن
ابن أبي الموالي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول
إذا هم أحدكم بالامر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: " اللهم إني أستخيرك
بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسئلك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر،
وتعلم ولا أعلم فأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر خير لي في ديني
ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم
بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري
أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه وأقدر لي الخير، حيث
كان ثم رضني به ".
وقال بعض المشايخ رحمهم الله: إنه لما صلى هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء
يقطع بعد ذلك كاغذة ست رقاع يكتب في ثلاثة منها افعل، وفي ثلاثة منها لا تفعل،
ثم يخلط بعضها ببعض، ويجعلها في كمه ثم يخرج ثلاثة منها واحدة بعد أخرى،
فان وجد فيها كلها افعل أقدم على ذلك الامر طيب القلب، وإن وجد في اثنتين منها
افعل وفي واحدة لا تفعل فلا بأس بالاقدام على ذلك الامر لكنه دون الأول، وإن
وجد في كلها لا تفعل فليحذر عن الاقدام على ذلك الامر، وإن وجد في اثنتين منها
لا تفعل فالحذر أولى فللأكثر حكم الكل.
قال: ومن الدعوات التي وردت في الاستخارة قوله صلى الله عليه وآله: " اللهم خر لي واختر لي "
وبلغني عن بعض العلماء في كيفية الاستخارة أنه قال: يكتب ثلاث رقاع في كل رقعة
" بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم افعل " وفي ثلاث " بسم الله
الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لا تفعل " وتضع الرقاع تحت السجادة
ثم تصلي ركعتين في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة الاخلاص ثلاثا ثم تسلم وتقول:
" اللهم إني أستخيرك بعلمك " إلى آخره ثم تسجد وتقول مائة مرة أستخير الله العظيم
228

ثم ترفع رأسك وتخرج الرقاع خمسة وتترك واحدة، فإن كان في ثلاثة افعل فاقصده
فالصلاح فيه، وإن كان في ثلاثة لا تفعل فأمسك فان الخيرة فيه إنشاء الله.
ومنه: ذكر شيخنا المفيد في الرسالة العزية ما هذا لفظه " باب صلاة
الاستخارة " وإذا عرض للعبد المؤمن أمران فيما يخطر بباله من مصالحه في أمر دنياه
كسفره وإقامته ومعيشته في صنوف يعرض له الفكر فيها، أو عند نكاح وتركه و
ابتياع أمة أو عبد ونحو ذلك، فمن السنة أن لا يهجم على أحد الامرين، وليتوق
حتى يستخير الله عز وجل، فإذا استخاره عزم على ما خطر بباله على الأقوى في
نفسه، فان ساوت ظنونه فيه توكل على الله تعالى وفعل ما يتفق له منه، فان الله
عز وجل يقضي له بالخير إنشاء الله تعالى.
ولا ينبغي للانسان أن يستخير الله في فعل شئ نهاه عنه، ولا حاجة به في
استخارة لأداء فرض، وإنما الاستخارة في المباح وترك نفل إلى نفل لا يمكنه
الجمع بينهما، كالجهاد والحج تطوعا، أو السفر لزيارة مشهد دون مشهد، أو صلة أخ
مؤمن وصلة غيره بمثل ما يريد صلة الاخر به، ونحو ذلك.
وللاستخارة صلاة موظفة مسنونة، وهي ركعتان يقرأ الانسان في إحداهما
فاتحة الكتاب وسورة معها، ويقرأ في الثانية الفاتحة وسورة معها ويقنت في الثانية
قبل الركوع، فإذا تشهد وسلم حمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد صلى الله عليه
وآله وقال:
" اللهم إني أستخيرك بعلمك وقدرتك، وأستخيرك بعزتك، وأسئلك من
فضلك، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم
إن كان هذا الامر الذي عرض لي خيرا في ديني ودنياي وآخرتي فيسره لي، وبارك
لي فيه، وأعني عليه، وإن كان شرا لي فاصرفه عني، واقض لي الخير حيث كان
ورضني به حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت ".
وإن شاء قال: " اللهم خر لي في ما عرض لي من أمر كذا وكذا، واقض لي
بالخيرة فيما وفقتني له منه برحمتك يا أرحم الراحمين ".
229

بيان: كان هذا بالأبواب المتعلقة بالاستخارات المطلقة أنسب، وإنما أوردته
هنا تبعا للسيد ره.
5 - الفتح: عن محمد بن نما وأسعد بن عبد القاهر، عن علي بن سعيد الراوندي
عن والده، عن محمد بن علي بن محسن الحلبي، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن
المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني، عن غير واحد، عن سهل بن زياد، عن أحمد
ابن محمد البصري، عن القاسم بن عبد الرحمن الهاشمي، عن هارون بن خارجة، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع فاكتب في ثلاث منها " بسم الله
الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعل " وفي ثلاث منها
" بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل " ثم
ضعها تحت مصلاك ثم صل ركعتين، فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل مائة مرة " أستخير
الله برحمته خيرة في عافية " ثم استو جالسا وقل " اللهم خر لي واختر لي في جميع
أموري في يسر منك وعافية " ثم اضرب بيدك إلى الرقاع فشوشها وأخرج واحدة
واحدة، فان خرج ثلاث متواليات افعل، فافعل الامر الذي تريده وإن خرج
ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله، وإن خرجت واحدة افعل والأخرى لا تفعل،
فأخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرها، فاعمل به، ودع السادسة لا يحتاج
إليها.
ومنه: باسناده عن محمد بن أحمد بن حمدون الواسطي، عن أحمد بن
أحمد بن علي بن سعيد الكوفي، عن الكليني مثله، إلا أن فيه في الموضعين " لعبده
فلان بن فلان ".
المتهجد: عن هارون بن خارجة مثله (1).
الكافي: عن غير واحد، عن سهل مثله (2).

(1) مصباح المتهجد ص 372.
(2) الكافي ج 3 ص 470.
230

التهذيب: باسناده عن الكليني مثله إلا أنه ليس فيه اختر لي (1).
بيان: هذا أشهر طرق هذه الاستخارة وأوثقها (2) وعليه عمل أصحابنا وليس
فيه ذكر الغسل، وذكره بعض الأصحاب لوروده في ساير أنواع الاستخارة، ولا بأس
به، وأيضا ليس فيه تعيين سورة في الصلاة، وذكر بعضهم سورتي الحشر والرحمن
لورودهما في الاستخارة المطلقة، فلو قرأهما أو الاخلاص في كل ركعة كما مر أو ما
سيأتي في رواية الكراجكي - ره - لم أستبعد حسنه.
ثم اعلم أن إخراج الخمس قد لا يحتاج إليه كما إذا خرج أولا لا تفعل،
ثم ثلاثا افعل وبالعكس، فان قلت: هذا داخل في القسمين المذكورين، قلت: إن
سلمنا ذلك وإن كان بعيدا فيمكن أن يخرج افعل ثم لا تفعل ثم مرتين افعل. و
بالعكس. ولا يحتاج فيهما إلى إخراج الخامسة، فالظاهر أن المذكور في الخبر
أقصى الاحتمالات، مع أنه يحتمل لزوم إخراج الخامسة تعبدا، وإن كان
بعيدا.
ثم إنه لا يظهر مع كثرة إحداهما تفاوت فمراتب الحسن وضده، وبعض
الأصحاب جعلوا لهما مراتب بسرعة خروج افعل أو لا تفعل، أو توالي أحدهما بأن يكون
الخروج في الأربع أولى في الفعل والترك من الخروج في الخمس، أو يكون خروج
مرتين افعل ثم لا تفعل ثم افعل أحسن من الابتداء بلا تفعل ثم افعل ثلاثا، وكذا
العكس إلى غير ذلك من الاعتبارات التي تظهر بالمقايسة بما ذكر وليس ببعيد.
6 - الفتح قال: وجدت رواية أخرى بالرقاع ذكر من نقلتها من كتابه
أنها منقولة عن الكراجكي وهذا لفظ ما وقفت عليه منها:
هارون بن حماد، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إذا أردت أمرا فخذ ست
رقاع فاكتب في ثلاث منها " بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم

(1) التهذيب ج 1 ص 306.
(2) رواها المفيد في المقنعة ص 36 وقال: هذه الرواية شاذة أوردناها للرخصة دون
تحقق العمل بها.
231

- ويروى العلي الكريم - لفلان بن فلان افعل كذا إنشاء الله " واذكر اسمك وما
نريد فعله، وفي ثلاث منهن " بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم
لفلان بن فلان لا تفعل كذا إنشاء الله " وتصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة خمسين
مرة قل هو الله أحد، وثلاث مرات إنا أنزلناه في ليلة القدر، وتدع الرقاع تحت
سجادتك وتقول:
" بقدرتك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم بك
فلا شئ أعلم منك صل على آدم صفوتك، ومحمد خيرتك، وأهل بيته الطاهرين،
ومن بينهم من نبي وصديق وشهيد وعبد صالح وولى مخلص، وملائكتك أجمعين
إن كان ما عزمت عليه من الدخول في سفري إلى بلد كذا وكذا خيرة لي في البدو
والعاقبة، ورزق تيسر لي منه فسهله ولا تعسره، وخر لي فيه، وإن كان غيره
فاصرفه عني وبدلني منه بما هو خير منه برحمتك يا أرحم الراحمين ".
ثم تقول سبعين مرة " خيرة من الله العلي الكريم " فإذا فرغت من ذلك عفرت
خدك ودعوت الله وسألته ما تريد.
قال: وفي رواية أخرى، ثم ذكر في أخذ الرقاع نحو ما تقدم في الروايتين
الأوليين.
قال السيد - ره -: أما هارون بن خارجة لعله الصيرفي الكوفي ووثقه النجاشي
وأما هارون بن حماد فما وجدته في رجال الصادق عليه السلام، ولعله هارون بن زياد،
وقد يقع الاشتباه في الكتابة بين لفظ زياد وحماد.
7 - الفتح: قال: ومما وجدت من طرايف الاستخارات أنني طلبني بعض
أبناء الدنيا وأنا بالجانب الغربي من بغداد، فبقيت اثنين وعشرين يوما أستخير
الله جل جلاله كل يوم في أن ألقاه في ذلك اليوم فتأتي الاستخارة لا تفعل في
أربع رقاع أو في ثلاث متواليات ما اختلفت في المنع مدة اثنين وعشرين يوما، و
ظهر لي حقيقة سعادتي بتلك الاستخارات، فهل هذا من غير عالم الخفيات.
ومما وجدت من عجائب الاستخارات أنني أذكر أنني وصلت الحلة في بعض
232

الأوقات التي كنت مقيما بدار السلام، فأشار بعض الأقوام بلقاء بعض أبناء الدنيا
من ولاة البلاد الحلية، فأقمت بالحلة لشغل كان لي شهرا فكنت كل يوم أستصلحه
للقائه أستخير الله جل جلاله أول النهار وآخره في لقائه في ذلك الوقت فتأتي
الاستخارة لا تفعل، فتكملت نحو خمسين استخارة في مدة إقامتي كلها لا تفعل، فهل
يبقى مع هذا عندي ريب لو كنت لا أعلم حال الاستخارة أن هذا صادر عن الله جل
جلاله العالم بمصلحتي، هذا مع ما ظهر بذلك من سعادتي، وهل يقبل العقل أن
يستخير الانسان خمسين استخارة تطلع كلها اتفاقا لا تفعل.
ومما وجدت من عجايب الاستخارات أنني قد بلغت من العمر نحو ثلاث و
خمسين سنة ولم أزل أستخير مذ عرفت حقيقة الاستخارات وما وقع أبدا فيها خلل،
ولا ما أكره، ولا ما يخالف السعادات والعنايات، فأنا فيها كما قال بعضهم:
قلت للعاذل لما جاءني * من طريق النصح يبدي ويعيد
أيها الناصح لي في زعمه * لا ترد نصحا لمن ليس يريد
فالذي أنت له مستقبح * ما على استحسانه عندي مزيد
وإذا نحن تباينا كذا * فاستماع العذل شئ لا يفيد
ومنه: قال أخبرني شيخي الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر
الأصفهاني باسنادهما، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن عبد الرحمن
ابن سيابة قال: خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا، فقال بعض أصحابنا:
ابعث به إلى اليمن (وبعض أصحابنا: ابعث به إلى مصر) ظ فذكرت ذلك لأبي
عبد الله عليه السلام فقال: لي ساهم بين مصر واليمن، ثم فوض أمرك إلى الله، فأي البلدين
خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك، فقلت: كيف أساهم؟ قال: اكتب في رقعة
" بسم الله الرحمن الرحيم إنه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت العالم و
أنا المتعلم فانظر في أي الامرين خير لي حتى أتوكل عليك فيه، فأعمل به " ثم
اكتب مصرا إنشاء الله ثم اكتب في رقعة أخرى مثل ذلك ثم اكتب اليمن إن شاء الله
ثم اكتب في رقعة أخرى مثل ذلك، ثم اكتب يحبس إنشاء الله ولا يبعث به إلى بلدة منهما
233

ثم اجمع الرقاع فادفعها إلى من يسترها عنك، ثم أدخل يدك فخذ رقعة من الثلاث
رقاع فأيها وقعت في يدك فتوكل على الله فاعمل بما فيها إنشاء الله تعالى (1)
بيان: هذا عمل معتبر وسنده لا يقصر عن العمل المشهور في الرقاع، فان ابن
سيابة عندي من الممدوحين الذين اعتمد الأصحاب على أخبارهم، ويمكن تأييده
بأخبار القرعة، فإنه ورد أنها لكل أمر مشكل، ورد أنه ما من قوم فوضوا أمرهم
إلى الله إلا خرج لهم الحق، لا سيما إذا اختلفت الآراء في الامر الذي
يقرعون فيه.
8 - الفتح: قال وجدت رواية عن عمرو بن أبي المقدام عن أحدهما عليه السلام في
المساهمة تكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب و
الشهادة الرحمن الرحيم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أسئلك
بحق محمد وآل محمد أن تصلى على محمد وآل محمد وأن تخرج لي خيرة في ديني ودنياي
وعاقبة أمري وآجله إنك على كل شئ قدير، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله
صلى الله على محمد وآله "
ثم تكتب ما تريد في رقعتين ويكون الثالث غفلا ثم تجيل السهام فأيهما
خرج عملت عليه ولا تخالف، فمن خالف لم يصنع له، وإن خرج الغفل رميت به.
بيان: قال في القاموس الغفل بالضم من لا يرجى خيره ولا يخشى شره، وما لا
علامة فيه من القداح والطرق وغيرهما، وما لا سمة عليه من الدواب ومن لا نصيب
له ولا عزم عليه من القداح انتهى " لم يصنع له " أي لم يقدر له ما هو خير له.
ثم اعلم أن الكتابة على رقعتين لعلها فيما إذا كان الامر مرددا بين شقين
أو بين الفعل والترك، وإذا كان بين أكثر من شقين فيزيد الرقاع بعدد الزيادة، و
مع خروج غفل يرميها ويخرج أخرى.

(1) الفتح مخطوط وتراه في أمان الاخطار ص 85 أيضا.
234

3.
(باب)
* " (الاستخارة بالبنادق) " *
1 - مجموع الدعوات، والفتح: روى أحمد بن محمد بن يحيى قال: أراد بعض
أوليائنا الخروج للتجارة فقال: لا أخرج حتى آتي جعفر بن محمد عليهما السلام فاسلم عليه،
فأستشيره في أمري هذا، وأسئله الدعاء لي، قال: فأتاه فقال: يا ابن رسول الله إني
عزمت على الخروج للتجارة وإني آليت على نفسي أن لا أخرج حتى ألقاك وأستشيرك
وأسئلك الدعاء لي، قال فدعا له وقال عليه الصلاة والسلام: عليك بصدق اللسان
في حديثك ولا تكتم عيبا يكون في تجارتك، ولا تغبن المسترسل فان غبنه ربا، ولا ترض
للناس إلا ما ترضاه لنفسك، وأعط الحق وخذه، ولا تخف ولا تحزن فان التاجر الصدوق
مع السفرة الكرام البررة يوم القيامة، واجتنب الحلف فان اليمين الفاجر تورث صاحبها
النار، والتاجر فاجر إلا من أعطى الحق وأخذه.
وإذا عزمت على السفر أو حاجة مهمة فأكثر الدعاء والاستخارة فان أبي
حدثني، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعلم أصحابه الاستخارة كما
يعلمهم السورة من القرآن، وإنا لنعمل ذلك متى هممنا بأمر، ونتخذ رقاعا
للاستخارة، فما خرج لنا عملنا عليه أحببنا ذلك أم كرهنا.
فقال الرجل: يا مولاي فعلمني كيف أعمل؟ فقال إذا أردت ذلك فأسبغ الوضوء
وصل ركعتين، تقرأ في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد مائة مرة فإذا سلمت
فارفع يديك بالدعاء وقل في دعائك:
" يا كاشف الكرب ومفرج الهم ومذهب الغم ومبتدئا بالنعم قبل استحقاقها
يا من يفزع الخلق إليه في حوائجهم ومهماتهم وأمورهم، ويتكلون عليه، أمرت
بالدعاء وضمنت الإجابة، اللهم فصل على محمد وآل محمد، وابدأ بهم في كل أمري
وأفرج همي ونفس كربي وأذهب غمي واكشف لي عن الامر الذي قد التبس
235

على، وخر لي في جميع أموري خيرة في عافية، فاني أستخيرك اللهم بعلمك، و
أستقدرك بقدرتك، وأسئلك من فضلك، وألجأ إليك في كل أموري وأبرء من
الحول والقوة إلا بك، وأتوكل عليك وأنت حسبي ونعم الوكيل.
اللهم فافتح لي أبواب رزقك، وسهلها لي، ويسر لي جميع أموري، فإنك
تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن
هذا الامر - وتسمي ما عزمت عليه وأردته - هو خير لي في ديني ودنياي ومعاشي
ومعادي وعاقبة أموري، فقدره لي وعجله علي وسهله ويسره وبارك لي فيه،
وإن كنت تعلم أنه غير نافع لي في العاجل والأجل، بل هو شر علي فاصرفه عنى
واصرفني عنه، كيف شئت وأنت شئت، وقدر لي الخير حيث كان وأين كان،
ورضني يا رب بقضائك، وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا
تأخير ما عجلت، إنك على كل شئ قدير، وهو عليك يسير.
ثم أكثر الصلاة على محمد النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين، ويكون معك
ثلاث رقاع قد اتخذتها في قدر واحد وهيئة واحدة، واكتب في رقعتين منها " اللهم
فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه
يختلفون، اللهم إنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر، وتمضي ولا أمضى، وأنت
علام الغيوب، صل على محمد وآل محمد، وأخرج لي أحب السهمين إليك، وأخيرهما
لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري إنك على كل شئ قدير وهو عليك سهل يسير "
وتكتب في ظهر إحدى الرقعتين: افعل، وعلى ظهر الأخرى: لا تفعل، وتكتب
على الرقعة الثالثة " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، استعنت بالله، وتوكلت
عليه، وهو حسبي ونعم الوكيل، توكلت في جميع أموري على الله الحي الذي لا
يموت، واعتصمت بذي العزة والجبروت، وتحصنت بذي الحول والطول والملكوت
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين "
ثم تترك ظهر هذه الرقعة أبيض ولا تكتب عليه شيئا.
236

وتطوي الثلاث رقاع طيا شديدا على صورة واحدة، وتجعل في ثلاث بنادق
شمع أو طين على هيئة واحدة بوزن واحد، وادفعها إلى من تثق به، وتأمره أن
يذكر الله ويصلي على محمد وآله، ويطرحها إلى كمه ويدخل يده اليمنى فيجيلها
في كمه ويأخذ منها واحدة من غير أن ينظر إلى شئ من البنادق، ولا يتعمد واحدة
بعينها، ولكن أي واحدة وقعت عليها يده من الثلاث أخرجها، فإذا أخرجها أخذتها
منه وأنت تذكر الله عز وجل، ولله الخيرة فيما خرج لك، ثم فضها وأقرأها
واعمل بما يخرج على ظهرها، وإن لم يحضرك من تثق به طرحتها أنت إلى كمك
وأجلتها بيدك وفعلت كما وصفت لك، فإن كان على ظهرها افعل، فافعل، وامض
لما أردت، فإنه يكون لك فيه إذا فعلته الخيرة إنشاء الله تعالى، وإن كان على ظهرها
لا تفعل، فإياك أن تفعله أو تخالف، فإنك إن خالفت لقيت عنتا وإن تم لم تكن
لك فيه الخيرة وإن خرجت الرقعة التي لم يكتب على ظهرها شئ فتوقف إلى أن
تحضر صلاة مفروضة ثم قم فصل ركعتين كما وصفت لك، ثم صل الصلاة المفروضة
أو صلهما بعد الفرض ما لم تكن الفجر والعصر، فأما الفجر فعليك بعدها بالدعاء إلى
أن تبسط الشمس ثم صلهما وأما العصر فصلهما قبلها ثم ادع الله عز وجل بالخيرة
كما ذكرت لك وأعد الرقاع واعمل بحسب ما يخرج لك وكلما خرجت الرقعة التي
ليس فيها شئ مكتوب على ظهرها فتوقف إلى صلاة مكتوبة كما أمرتك إلى أن يخرج
لك ما تعمل عليه إنشاء الله تعالى.
2 - الفتح: عن محمد بن نما وأسعد بن عبد القاهر باسنادهما إلى محمد بن يعقوب
الكليني، عن علي بن محمد رفعه عنهم عليهم السلام قال: لبعض أصحابه وقد سأله عن الامر
يكون يمضي فيه ولا يجد أحدا يشاوره، فكيف يصنع؟ قال: شاور ربك، قال:
فقال له كيف؟ قال: انو الحاجة في نفسك واكتب رقعتين في واحدة لا، وفي واحدة
نعم، واجعلهما في بندقتين من طين، ثم صل ركعتين واجعلهما تحت ذيلك، وقل:
" يا الله إني أشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير، فأشر علي بما فيه صلاح
وحسن عاقبة " ثم أدخل يدك فإن كان فيها نعم فافعل، وإن كان فيها لا لا تفعل
237

هكذا تشاور ربك.
المكارم والمتهجد: عن الكليني مثله (1).
3 - الفتح: قال: وجدت في كتاب عتيق فيه دعوات وروايات من طريق
أصحابنا تغمدهم الله جل جلاله بالرحمات، ما هذا لفظه: تكتب في رقعتين في كل
واحدة " بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لعبده فلان بن فلان " وتذكر
حاجتك وتقول في آخرها " أفعل يا مولاي " وفي الأخرى " أتوقف يا مولاي " و
اجعل كل واحدة من الرقاع في بندقة من طين، وتقرأ عليها الحمد سبع مرات
وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات وسورة الأضحى سبع مرات، وتطرح البندقتين
في إناء فيه ما بين يديك فأيهما انبعث (ابثقت) قبل الأخرى فخذها واعمل بها إنشاء
الله تعالى.
4 - الفتح قال: وجدت بخط الشيخ علي بن يحيى الحناط ولنا منه إجازة
بكل ما يرويه ما هذا لفظه:
استخارة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وهي أن تضمر ما شئت وتكتب هذه الاستخارة
وتجعلها في رقعتين، وتجعلهما في مثل البندق ويكون بالميزان وتضعهما في إناء
فيه ماء ويكون على ظهر إحداهما افعل، والأخرى لا تفعل، وهذه كتابتها
" ما شاء الله كان، اللهم إني أستخيرك خيار من فوض إليك أمره، وأسلم إليك نفسه
واستسلم إليك في أمره، وخلا لك وجهه، وتوكل عليك فيما نزل به، اللهم خر لي
ولا تخر علي وكن لي ولا تكن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وأعني ولا تعن
علي، وأمكني ولا تمكن مني واهدني إلى الخير، ولا تضلني، وارضني بقضائك و
بارك لي في قدرك، إنك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، وأنت على كل شئ قدير
اللهم إن كانت الخيرة في أمري هذا في ديني ودنياي وعاقبة أمري فسهله
لي وإن كان غير ذلك فاصرفه عنى يا أرحم الراحمين، إنك على كل شئ قدير "

(1) مكارم الأخلاق ص 372، مصباح المتهجد ص 372، ورواه في التهذيب ج 1 ص 306، وتراه في الكافي ج 3 ص 473.
238

فأيهما طلع على وجه الماء فافعل به، ولا تخالفه إنشاء الله، وحسبنا الله ونعم
الوكيل.
بيان: ويكون بالميزان أي اجعلهما متساويتين بأن تزنهما بالميزان " وخلا لك
وجهه " أي لم يتوجه بوجه إلى غيرك في حاجة قال الكفعمي (1) أي أقبل عليك
بقلبه وجميع جوارحه وليس في نفسه شئ سواك في خلوته، وفي الحديث أسلمت
وجهي لله وتخليت أي تبرأت من الشرك وانقطعت عنه، والعرب تذكر الوجه و
تريد صاحبه، فيقولون: أكرم الله وجهك أي أكرمك الله، وقال سبحانه: " كل شئ
هالك إلا وجهه " (2) أي إلا إياه.
5 - الفتح: قال: رأيت بخطي على المصباح وما أذكر الان من رواه لي
ولا من أين نقلته، ما هذا لفظه: الاستخارة المصرية عن مولانا الحجة صاحب الزمان
عليه الصلاة والسلام يكتب في رقعتين " خيرة من الله ورسوله لفلان بن فلانة " و
يكتب في إحداهما افعل، وفي الأخرى لا تفعل، ويترك في بندقتين من طين ويرمى
في قدح فيه ماء ثم يتطهر ويصلي ركعتين ويدعو عقيبهما.
اللهم إني أستخيرك خيار من فوض إليك أمره وأسلم إليك نفسه، و
توكل عليك في أمره، واستسلم بك فيما نزل به أمره، اللهم خر لي ولا تخر علي وأعنى
ولا تعن على ومكني ولا تمكن منى، واهدني للخير ولا تضلني، وارضني
بقضائك، وبارك لي في قدرك، إنك تفعل ما تشاء وتعطي ما تريد، اللهم إن كانت
الخيرة لي في أمري هذا وهو كذا وكذا فمكني منه، وأقدرني عليه، وأمرني بفعله
وأوضح لي طريق الهداية إليه، وإن كان اللهم غير ذلك فاصرفه عني إلى الذي
هو خير لي منه، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيب
يا أرحم الراحمين ".
ثم تسجد سجدة وتقول فيها " أستخير الله خيرة في عافية " مائة مرة، ثم

(1) مصباح الكفعمي ص 396 في الهامش.
(2) القصص: 88.
239

ترفع رأسك وتتوقع البنادق، فإذا خرجت الرقعة من الماء فاعمل بمقتضاها
إنشاء الله تعالى.
6 - الفتح: قال: وجدت عن الراجكي رحمه الله قال: وقد جاءت رواية
أن تجعل رقاع الاستخارة اثنتين في إحداهما افعل، وفي الأخرى لا تفعل، وتسترهما
عن عينك، وتصلي صلواتك وتسأل الله الخيرة في أمرك، ثم تأخذ منهما واحدة
فتعمل بما فيها.
240

4.
* (باب) *
* " (الاستخارة والتفأل بالقرآن المجيد) " *
1 - الفتح: ذكر الشيخ الامام الخطيب المستغفري بسمرقند في دعواته إذا أردت
أن تتفأل بكتاب الله عز وجل، فاقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات ثم صل على النبي
وآله ثلاثا ثم قل: " اللهم تفألت بكتابك، وتوكلت عليك، فأرني من كتابك ما
هو مكتوم من سرك المكنون في غيبك " ثم افتح الجامع وخذ الفال من خط الأول
في الجانب الأول من غير أن تعد الأوراق والخطوط، كذا أورد مسندا إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله.
بيان: الجامع القرآن التام لجميع السور والآيات.
2 - الفتح: وجدت في بعض كتب أصحابنا: صفة القرعة في المصحف يصلي
صلاة جعفر، فإذا فرغ منها دعا بدعائها ثم يأخذ المصحف ثم ينوى فرج آل محمد بدءا
وعودا، ثم يقول: " اللهم إن كان في قضائك وقدرك أن تفرج عن وليك وحجتك
في خلقك في عامنا هذا أو في شهرنا هذا فأخرج لنا رأس آية من كتابك نستدل بها
على ذلك " ثم يعد سبع ورقات ويعد عشرة أسطر من ظهر الورقة السابعة، وينظر
ما يأتيه في الحادي عشر من السطور، ثم يعيد الفعل ثانيا لنفسه فإنه يبين حاجته
إنشاء الله تعالى.
3 - المكارم: صلاة للقرعة في المصحف يصلي صلاة جعفر إلى آخر
الخبر (1).
بيان: " بدءا وعودا " لعل المعنى في الحال وفي الرجعة، أو ينوى ذلك مكررا

(1) مكارم الأخلاق ص 373.
241

وقيل أي أول مرة وفيما يفعل ثانيا، وهو بعيد، وفيه دلالة ما على جواز التفأل
بالمصحف، لاستعلام الأحوال.
4 - الفتح: قال حدثني بدر بن يعقوب المقري الأعجمي رضوان الله عليه
بمشهد الكاظم عليه السلام في صفة الفال في المصحف بثلاث روايات من غير صلاة، فقال: تأخذ
المصحف وتدعو بما معناه فتقول: " اللهم إن كان في قضائك وقدرك أن تمن على
أمة نبيك بظهور وليك وابن بنت نبيك، فعجل ذلك وسهله ويسره وتحمله
وأخرج لي آية أستدل بها على أمر فأئتمر أو نهي فأنتهي - أو ما تريد الفأل فيه - في
عافية " ثم تعد سبع أوراق ثم تعد في الوجه الثانية من الورقة السابعة ستة أسطر و
تفأل بما يكون في السطر السابع.
وقال: في رواية أخرى: إنه يدعو بالدعاء ثم يفتح المصحف الشريف و
يعد سبع قوائم ويعد ما في الوجهة الثانية من الورقة السابعة، وما في الوجهة الأولة
من الورقة الثامنة من لفظ اسم الله جل جلاله ثم يعد قوائم بعدد اسم الله، ثم يعد
من الوجهة الثانية من القائمة التي ينتهي العدد إليها، ومن غيرها مما يأتي بعددها
سطورا بعدد اسم لفظ الله جل جلاله، ويتفأل بآخر سطر من ذلك.
وقال في الرواية الثالثة: إنه إذا دعا بالدعاء عد ثماني قوايم ثم يعد في الوجهة
الأولى من الورقة الثامنة أحد عشر سطرا، ويتفأل بما في السطر الحادي عشر، وهذا
ما سمعناه في الفأل بالمحصف الشريف قد نقلناه كما حكيناه.
أقول: وجدت في بعض الكتب أنه نسب إلى السيد - ره - الرواية الثانية لكنه
قال: يقرأ الحمد وآية الكرسي وقوله تعالى: " وعنده مفاتح الغيب " إلى آخر
الآية، ثم يدعو بالدعاء المذكور ويعمل بما في الرواية.
ووجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي - ره - أنه وجد بخط الشيخ قدس سره
رواية حسنة في التفأل بالمصحف، وذكر الرواية الثالثة من كتاب أبي القاسم بن
قولويه قال: روى بعض أصابنا قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام فكان إذا صلى
الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس، فجاؤه يوم ولد فيه زيد فبشروه به بعد صلاة الفجر
242

قال: فالتفت إلى أصحابه فقال: أي شئ ترون أن اسمى هذا المولود؟ قال: فقال
كل: رجل سمه كذا سمه كذا، قال: فقال يا غلام على بالمصحف، قال: فجاؤوا
بالمصحف فوضعه على حجره، قال ثم فتحه فنظر إلى أول حرف من الورقة، وإذا فيه
" وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " قال: ثم طبقه، ثم فتحه ثلاثا فنظر فإذا
في أول الورقة " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون
في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن
أوفي بعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " ثم
قال هو والله زيد، هو والله زيد فسمى زيدا.
بيان: لعله عليه السلام لما كان أن الشهيد من أولاده في الجهاد اسمه زيد،
والآيتان دلتا على أنه يقاتل ويستشهد فسماه زيدا، وفيه أيضا إيماء بجواز استعلام
الأحوال من القرآن.
5 - كتاب الغايات: لجعفر القمي صاحب كتاب العروس والمكارم: عن
أبي علي اليسع بن عبد الله القمي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إني أريد الشئ
فأستخير الله فيه فلا يفي، ولى فيه الرأي أفعله أو أدعه؟ فقال: انظر إذا قمت إلى
الصلاة فان الشيطان أبعد ما يكون من الانسان إذا قام إلى الصلاة أي شئ
يقع في قلبك فخذ به، وافتح المصحف فانظر إلى أول ما ترى فيه فخذ به
إنشاء الله.
بيان: رواه في التهذيب (1) باسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد
ابن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن الحسن بن الجهم، عن أبي علي اليسع
القمي مثله، واليسع مجهول " فأستخير الله فيه " أي أطلب من الله أن يوقع في قلبي
ما هو خير لي، ويصح عزمي عليه، فلا يقوى عزمي على الفعل أو الترك، وهو المراد
بعدم الوفاء وفي التهذيب والمكارم (2) " فلا يوفق فيه الرأي " وهو أصوب.

(1) التهذيب ج 1 ص 340.
(2) مكارم الأخلاق: 374.
243

والظاهر أن الواو في قوله عليه السلام وافتح المصحف بمعنى أو كما لا يخفى على
المتأمل " وأول ما ترى " لعل المراد به أول الصفحة اليمنى، لوقوع النظر غالبا
عليه ابتداء، ويؤيد أن أصل الاستخارة بالمصحف بهذا النحو الرواية السابقة والذي
مر في أول الباب وفي كتاب الغايات " فانظر ما ترى فخذ به " ولا ينافيه ما رواه
الكليني بسند (1) فيه ضعف وإرسال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تتفأل بالقرآن، إذ
يمكن أن يكون المراد به النهى عن استنباط وقوع الأمور في المستقبل واستخراج
الأمور المخفية والمغيبة، كما يفعله بعض الناس لا الاستخارة، وإن مر إشعار بعض الأخبار
بجواز الأول أيضا، ويحتمل أن يكون المعنى التفأل عند سماع آية أو
قراءتها كما هو دأب العرب في التفأل والتطير بالأمور، بل هو المتبادر من لفظ التفأل
ولا يبعد أن يكون السر فيه أنه يصير سببا لسوء عقيدتهم في القرآن إن لم يظهر
بعده أثره، وهذا الوجه مما خطر بالبال، وهو عندي أظهر، والأول هو المسموع
من المشايخ رضوان الله عليهم.
أقول: وروى لي بعض الثقات عن الشيخ الفاضل الشيخ جعفر البحريني
رحمه الله أنه رأى في بعض مؤلفات أصحابنا الإمامية أنه روى مرسلا عن الصادق
عليه السلام قال: ما لأحدكم إذا ضاق بالامر ذرعا أن لا يتناول المصحف بيده عازما على
أمر يقتضيه من عند الله، ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثلاثا والاخلاص ثلاثا وآية الكرسي ثلاثا
وعنده مفاتح الغيب ثلاثا والقدر ثلاثا والجحد ثلاثا والمعوذتين ثلاثا ثلاثا ويتوجه
بالقرآن قائلا اللهم إني أتوجه إليك بالقرآن العظيم من فاتحته إلى خاتمته، وفيه اسمك
الأكبر، وكلماتك التامات، يا سامع كل صوت، ويا جامع كل فوت، ويا بارئ
النفوس بعد الموت، يا من لا تغشاه الظلمات، ولا تشتبه عليه الأصوات، أسئلك
أن تخير لي بما أشكل علي به، فإنك عالم بكل معلوم، غير معلم، بحق محمد و
علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق و
موسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والخلف

(1) الكافي ج 2 ص 629.
244

الحجة من آل محمد عليه وعليهم السلام " ثم تفتح المصحف وتعد الجلالات التي في
الصفحة اليمنى، ثم تعد بقدرها أوراقا ثم تعد بعددها أسطرا من الصفحة اليسرى
ثم تنظر آخر سطر تجده كالوحي فيما تريد إنشاء الله تعالى.
ووجدت بخط جد شيخنا البهائي الشيخ شمس الدين محمد بن علي بن الحسن
الجباعي قدس الله أرواحهم، نقلا من خط الشهيد نور الله ضريحه، نقلا من خط
محمد بن أحمد بن الحسين بن علي بن زياد قال أخبرنا الشيخ الأوحد محمد بن الحسن
الطوسي إجازة عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد
ابن همام بن سهيل، عن محمد بن جعفر المؤدب، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن عثمان
بن عيسى، عن سيف، عن المفضل بن عمر قال: بينما نحن عند أبي عبد الله عليه السلام إذ تذاكرنا أم
الكتاب فقال رجل من القوم: جعلني الله فداك إنا ربما هممنا بالحاجة، فنتناول المصحف
فنتفكر في الحاجة التي نريدها، ثم نفتح في أول الوقت فنستدل بذلك على حاجتنا
فقال أبو عبد الله عليه السلام وتحسنون؟ والله ما تحسنون.
قلت: جعلت فداك وكيف نصنع؟ قال: إذا كان لأحدكم حاجة وهم بها
فليصل صلاة جعفر، وليدع بدعائها، فإذا فرغ من ذلك فليأخذ المصحف ثم ينو
فرج آل محمد بدءا وعودا، ثم يقول " اللهم إن كان في قضائك وقدرك أن تفرج عن
وليك وحجتك في خلقك في عامنا هذا أو في شهرنا هذا، فأخرج لنا آية من كتابك
نستدل بها على ذلك " ثم يعد سبع ورقات ويعد عشرة أسطر من خلف الورقة السابعة
وينظر ما يأتيه في الأحد عشر من السطور، فإنه يبين لك حاجتك، ثم تعيد الفعل
ثانية لنفسك.
بيان: قوله عليه السلام " وليدع بدعائها " أقول: لا يبعد أن يكون إشارة إلى الدعاء
الذي قدمناه في كيفية صلاة جعفر برواية المفضل بن عمر لاتحاد الراوي فيهما.
وأقول: وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه قال: مما نقل من خط الشيخ يوسف بن
الحسين القطيفي - ره - ما هذا صورته: نقلت من خط الشيخ العلامة جمال الدين الحسن
245

ابن المطهر طاب ثراه:
روي عن الصادق عليه السلام قال: إذا أردت الاستخارة من الكتاب
العزيز فقل بعد البسملة: " إن كان في قضائك وقدرك أن تمن على شيعة آل محمد بفرج
وليك وحجتك على خلقك فأخرج إلينا آية من كتابك نستدل بها على ذلك " ثم
تفتح المصحف وتعد ست ورقات ومن السابعة ستة أسطر وتنظر ما فيه.
بيان: الظاهر أنه سقط منه ثم تعيد الفعل لنفسك.
246

5.
* (باب) *
* " (الاستخارة بالسبحة والحصا) " *
1 - الفتح: وجدت بخط أخي الصالح الرضى الاوي محمد بن محمد
الحسيني ضاعف الله سعادته، وشرف خاتمته، ما هذا لفظه:
عن الصادق عليه السلام من أراد أن يستخير الله قال: فليقرأ الحمد عشر مرات، ثم
يقول: " اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور، وأستشيرك لحسن ظني بك في
المأمول والمحذور، اللهم إن كان أمري هذا مما نيطت بالبركة أعجازه وبواديه، و
حفت بالكرامة أيامه ولياليه، فخر لي فيه بخيرة ترد شموسه ذلولا، وتقعض
أيامه سرورا، يا الله فاما أمر فأئتمر وإما نهي فأنتهي، اللهم خر لي برحمتك خيرة
في عافية ثلاث مرات " ثم يأخذ كفا من الحصى أو سبحته.
قال السيد - ره -: هذا لفظ الحديث كما ذكرناه ولعل المراد بأخذ الحصى أو سبحته
أن يكون قد قصد بقلبه أنه إن خرج عدد الحصى أو السبحة فردا كان افعل، وإن
خرج مزدوجا كان لا تفعل، أو لعله يجعل نفسه والحصى أو السبحة بمنزلة اثنين
يقترعان، فيجعل الصدر في القرعة منه أو من الحصى أو السبحة فيخرج عن نفسه عددا
معلوما ثم يأخذ من الحصى شيئا أو من السبحة شيئا ويكون قد قصد بقلبه أنه إن
وقعت القرعة عليه مثلا فيفعل، وإذا وقعت على الحصى أو السبحة فلا يفعل،
فيعمل بذلك.
ثم قال: وحدثني بعض أصحابنا مرسلا في صفة القرعة أنه يقرأ الحمد مرة
واحدة، وإنا أنزلناه إحدى عشر مرة، ثم يدعو بالدعاء الذي ذكرناه عن الصادق
عليه السلام في الرواية التي قبل هذه، ثم يقرع هو وآخر ويقصد بقلبه أنه متى
وقع عليه أو على رفيقه يفعل بحسب ما يقصد في نيته، ويعمل بذلك مع توكله
247

وإخلاص طويته.
2 - منهاج الصلاح: نوع آخر من الاستخارة رويته عن والدي الفقيه
سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر رحمه الله تعالى عن السيد رضي الدين محمد الآوي
عن صاحب الزمان عليه السلام وهو أن يقرأ فاتحة الكتاب عشر مرات وأقل منه ثلاث
مرات والأدون منه مرة ثم يقرا إنا أنزلناه عشر مرات، ثم يقول هذا الدعاء
ثلاث مرات " اللهم إني أستخيرك " وساق الدعاء كما مر إلى قوله " اللهم إن كان
الامر الفلاني مما قد نيطت " إلى قوله: " فخر لي فيه خيرة " إلى قوله " مسرورا اللهم إما
أمر فأئتمر أو نهى فأنتهي، اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية " ثم يقبض
على قطعة من السبحة ويضمر حاجته ويخرج إن كان عدد تلك القطعة زوجها فهو افعل
وإن كان فردا لا تفعل أو بالعكس.
3 - ورويت عن السيد السعيد رضى الدين علي بن موسى بن طاوس وكان أعبد
من رأيناه من أهل زمانه ما ذكره في كتاب الاستخارات قال: وجدت بخط أخي
الصالح الرضى إلى قوله عشر مرات ثم يقول: وذكر الدعاء إلا أنه قال فيه
عقيب " والمحذور: اللهم إن كان أمري هذا مما قد نيطت وعقبت سرورا يا الله إما
أمر " إلى قوله من الحصا أو سبحته.
أقول: يظهر منه أن نسخته - ره - من كتاب السيد كانت مخالفة لما عندنا من
النسخ فإنها متفقة على ما أثبتنا وكانت نسخة الشيخ الشهيد محمد بن مكي نور الله
ضريحه أيضا موافقة لنسخة العلامة ره، حيث قال في الذكرى: ومنها الاستخارة
بالعدد، ولم تكن هذه مشهورة في العصر الماضية، قبل زمان السيد الكبير العابد
رضى الدين محمد بن محمد الآوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدس الغروي رضي الله عنه
، وقد رويناها عنه وجميع مروياته عن عدة من مشايخنا عن الشيخ الكبير
الفاضل جمال الدين ابن المطهر عن والده رضي الله عنه عن السيد رضى الدين عن
صاحب الامر عليه السلام، ثم ذكر مثل ما أورده العلامة عن والده وعن السيد نور الله
مراقدهم.
248

بيان: قال الكفعمي رحمة الله عليه " نيطت " (1) أي تعلقت وناط الشئ
تعلق، وهذا منوط بك أي متعلق، والأنواط المعاليق، ونيط فلان بكذا أي علق
وقال الشاعر:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم - كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
وأعجاز الشئ آخره، وبواديه أوله، ومفتتح الامر ومبتدأه ومقتبله و
عنفوانه وأوائله وموارده وبدائهه وبواديه نظائر، وشوافعه وتواليه وأعقابه و
مصادره ورواجعه ومصائره وعواقبه وأعجازه نظائر.
وقوله: " شموسه " أي صعوبته، ورجل شموس أي صعب الخلق، ولا تقل
شموص بالصاد، وشمس الفرس منع ظهره، والذلول ضد الصعوبة، وتقعض أي ترد
وتعطف وقعضت العود عطفته، وتقعص بالصاد تصحيف، والعين مفتوحة لأنه إذا
كانت عين الفعل أو لامه أحد حروف الحلق كان الأغلب فتحها في المضارع انتهى.
وأقول: كان الأولى أن يقول أعجاز الشئ أواخره، وبواديه أوايله، وكذا
كان الأولى شموسه أي صعبه والذلول ضد الصعب وأما القعض بالمعنى الذي ذكره
فقد ذكره الجوهري قال، قعضت العود عطفته، كما تعطف عروش الكرم، والهودج
ولم يورد الفيروزآبادي هذا البناء أصلا، وهو غريب، وفي كثير من النسخ بالصاد
المهملة ولعله مبالغة في السرور، وهذا شايع في عرف العرب والعجم، يقال لمن
أصابه سرور عظيم: مات سرورا أو يكون المراد به الانقضاء أي تنقضي بالسرور والتعبير
به لان أيام السرور سريعة الانقضاء، فان القعص الموت سريعا، فعلى هذا يمكن
أن يقرأ على بناء المعلوم والمجهول " وأيامه " بالرفع والنصب معا.
وقال الفيروزآبادي: القعص الموت الوحي، ومات قعصا أصابته
ضربة أو رمية فمات مكانه، وقعصه كمنعه قتله مكانه كقعصه، وانقعص مات،
والشئ انثنى انتهى، فعلى ما ذكرناه يمكن أن يكون بالمهملة بالمعنى الذي
ذكره في المعجمة، ولا يبعد أن يكون في الأصل تقيض فصحف (2) ولعل الأولى

(1) مصباح الكفعمي: 393 في الهامش.
(2) على ما يأتي في ص 251.
249

العمل بالرواية التي ليست فيها هذه الكلمة.
واعلم أن الظاهر من الرواية أخذ كف من السبحة بأن يأخذ قطعة من السبحة
المنظومة أو المنثورة في كفه، لا أن يقبض على جزء من السبحة، وإن أمكن
حمله عليه.
واعلم أن ما أورده السيد أولا واختاره العلامة ره أظهر، وأما ما ذكره
السيد أخيرا فهو بعيد، ولعل مراده أنه ينوى بقلبه عددا خاصا إما نوعا كالزوج
أو الفرد أو شخصا كعشرة مثلا، فيقصد إن كان موافقا لما نواه يعمل به، وإلا فلا، أو
بالعكس، والرواية التي أوردها أخيرا أيضا في غاية الاجمال والاغلاق.
ويحتمل أن يكون المراد بها القرعة المعروفة عند المخاصمات، فيكتب اسم
المتخاصمين في رقعتين فيخرج إحداهما، وأن يكون المراد الاستخارة المعروفة فيحصل
رفيقا ويقول له أنا أقول افعل، وأنت تقول لا تفعل، أو بالعكس، فيكتب الاسمين
في رقعتين ويخرج إحداهما ويعمل بمقتضاه، ويمكن أن يكون هذا مخصوصا بما إذا
كان له رفيق يأمره بما لا يريده أو ينهاه عما يريده.
4 - أقول: سمعت والدي - ره - يروي عن شيخه البهائي نور الله ضريحه أنه
كان يقول: سمعنا مذاكرة عن مشايخنا عن القائم صلوات الله عليه في الاستخارة بالسبحة
أنه يأخذها ويصلي على النبي وآله صلوات الله عليه وعليهم، ثلاث مرات،
ويقبض على السبحة ويعد اثنتين اثنتين، فان بقيت واحدة فهو افعل، وإن بقيت
اثنتان فهو لا تفعل.
5 - ووجدت في مؤلفات أصحابنا نقلا من كتاب السعادات مرويا عن الصادق عليه السلام
قال: يقرأ الحمد مرة والاخلاص ثلاثا ويصلي على محمد وآل محمد خمس عشرة مرة
ثم يقول: " اللهم إني أسألك بحق الحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والأئمة
من ذريته أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي الخيرة في هذه السبحة، وأن
تريني ما هو الأصلح لي في الدين والدنيا، اللهم إن كان الأصلح في ديني ودنياي
وعاجل أمري وآجله فعل ما أنا عازم عليه، فأمرني، وإلا فانهني! إنك على كل
250

شئ قدير ".
ثم يقبض قبضة من السبحة ويعدها ويقول: " سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله " إي آخر القبضة، فان كانت الأخيرة سبحان الله فهو مخير بين الفعل والترك
وإن كان الحمد لله، فهو أمر، وإن كان لا إله إلا الله فهو نهي.
6 - وروي أيضا عن الشيخ يوسف بن الحسين أنه وجد بخط الشهيد السعيد
محمد بن مكي قدس الله روحه قال: تقرأ إنا أنزلناه عشر مرات ثم تدعو بهذا الدعاء
" اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور، وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمول
والمحذور، اللهم إن كان الامر الذي عزمت عليهما قد نيطت البركة بأعجازه و
بواديه، وحفت بالكرامة أيامه ولياليه، فأسئلك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القائم
عليهم السلام أن تصلي على محمد وعليهم أجمعين، وأن تخير لي خيرة ترد شموسه ذلولا
وتقيض أيامه سرورا، اللهم إن كان أمرا فاجعله في قبضة الفرد، وإن كان نهيا فاجعله
في قبضة الزوج، ثم تقبض على السبحة وتعمل على ما يخرج.
7 - أقول: ووجدت بخط الشيخ الجليل محمد بن علي الجباعي جد شيخنا
البهائي قدس الله روحهما أنه نقل من خط السعيد الشهيد محمد بن مكي نور الله ضريحه
هكذا: طريق الاستخارة الصلاة على محمد وآله سبع مرات، وبعده " يا أسمع السامعين
ويا أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين
صل على محمد وآل محمد " ثم الزوج والفرد.
251

6.
* (باب) *
* " (الاستخارة بالاستشارة) " *
1 - المقنعة والفتح، نقلا منه: عن الصادق عليه السلام قال: إذا أراد أحدكم
أمرا فلا يشاور فيه أحدا حتى يبدأ فيشاور الله عز وجل فقيل له: ما مشاورة الله
عز وجل؟ قال: يستخير الله فيه أولا ثم يشاور فيه، فإنه إذا بدأ بالله أجرى الله له
الخير على لسان من شاء من الخلق (1).
2 - الفتح: باسناده عن جده شيخ الطائفة ره باسناده عن هارون بن خارجة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد أحدكم أمرا فلا يستأمر أحدا حتى يشاور الله
تبارك وتعالى فيه، قلنا: وكيف يشاور؟ قال يستخير الله فيه أولا ثم يشاور فيه،
فإذا بدأ بالله أجرى الله الخيرة على لسان من أحب من الخلق.
معاني الأخبار: عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي
عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن خارجة مثله (2).
المحاسن: عن أبيه، عن عثمان مثله (3).
3 - الفتح: روى سعد بن عبد الله في كتاب الدعاء، عن الحسين بن علي، عن أحمد بن
هلال، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا أراد أحدكم
أن يشتري أو يبيع أو يدخل في أمر فليبتدئ بالله ويسأله، قال: قلت: فما يقول؟ قال: يقول:
اللهم إني أريد كذا وكذا، فإن كان خيرا لي في ديني ودنياي وآخرتي، وعاجل

(1) المقنعة: 36.
(2) معاني الأخبار ص 144.
(3) المحاسن ص 598.
252

أمري وآجله، فيسره لي، وإن كان شرا في ديني ودنياي فاصرفه عني رب اعزم
لي علي رشدي، وإن كرهته وأبته نفسي " ثم يستشير عشرة من المؤمنين، فإن لم
يقدر على عشرة ولم يصب إلا خمسة فيستشير خمسة مرتين، فإن لم يصب إلا رجلين
فليستشرهما خمس مرات، فإن لم يصب إلا رجلا واحدا فليستشره عشر مرات.
4 - المكارم: قال الصادق عليه السلام إذا أردت أمرا فلا تشاور فيه أحدا حتى تشاور
ربك، قال: قلت: وكيف أشاور ربي؟ قال تقول أستخير الله مائة مرة، ثم تشاور
الناس فان الله يجري لك الخيرة على لسان من أحب (1).
ومنه: نقلا من كتاب المحاسن: عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن المشورة لا تكون إلا بحدودها الأربعة، فمن عرفها بحدودها، وإلا كانت مضرتها
على المستشير أكثر من منفعتها، فأولها أن يكون الذي تشاوره عاقلا، والثانية أن
يكون حرا متدينا، والثالثة أن يكون صديقا مواخيا، والرابعة أن تطلعه على
سرك فيكون علمه به كعلمك ثم يسر ذلك ويكتمه، فإنه إذا كان عاقلا انتفعت
بمشورته، وإذا كان حرا متدينا أجهد نفسه في النصيحة لك، وإذا كان صديقا
مواخيا كتم سرك إذا أطلعته عليه، وإذا أطلعته على سرك فكان علمه كعلمك تمت
المشورة وكملت النصيحة (2).
ومنه: عن يحيى بن عمران الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن المشورة
محدودة فمن لم يعرفها بحدودها كان ضررها عليه أكثر من نفعها، وساق الحديث نحوا
مما مر إلى قوله وإذا أطلعته على سرك فكان علمه به كعلمك به أجهد نفسه في النصيحة
وكملت المشورة (3).
بيان: عد صاحب درة الغواص المشورة بفتح الميم وسكون الشين وفتح
الواو من أوهام الخواص، وقال: بل الصحيح فتح الميم وضم الشين وسكون
الواو، وقال الفيروزآبادي المشورة مفعلة لا مفعولة، واستشاره طلب منه المشورة،

(1) مكارم الأخلاق ص 367.
(2) مكارم الأخلاق ص 367.
(3) المكارم: 368.
253

وقال الجوهري: المشورة الشورى، وكذا المشورة بضم الشين تقول منه شاورته في الامر
واستشرته بمعنى.
5 - المكارم: عن الصادق عليه السلام قال: استشر العاقل من الرجال الورع،
فإنه لا يأمر إلا بخير، وإياك والخلاف، فان خلاف الورع العاقل مفسدة في
الدين والدنيا.
وعنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مشاورة العاقل الناصح يمن ورشد و
توفيق من الله عز وجل، فإذا أشار عليك الناصح العاقل، فإياك والخلاف فان في
ذلك العطب.
وعن الحسن بن الجهم قال: كنا عند الرضا عليه السلام وذكرنا أباه، فقال: كان
عقله لا يوازى به العقول، وربما شاور الأسود من سودانه فقيل له: تشاور مثل
هذا؟ فقال: إن الله تعالى ربما فتح على لسانه، قال: فكانوا ربما أشاروا عليه بالشئ
فيعمل به من الضيعة والبستان.
وعن الصادق عليه السلام قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: ما الحزم؟ قال مشاورة ذوي
الرأي واتباعهم.
وعنه عليه السلام: وفيما أوصى صلى الله عليه وآله به عليا عليه السلام قال لا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا
عقل كالتدبير.
وعنه عليه السلام قال: إظهار الشئ قبل أن يستحكم مفسدة له (1).
6 - العيون: بثلاثة أسانيد عن الرضا عن آبائه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ما من قوم كانت له مشورة فحضر معهم من اسمه محمد أو حامد أو محمود أو أحمد
فأدخلوه معهم في مشورتهم إلا خير لهم (2).
أقول: قد مضت أخبار المشورة في كتاب العشرة (3) وقد وردت أخبار كثيرة

(1) مكارم الأخلاق ص 367 - 368.
(2) عيون الأخبار ج 2 ص 29.
(3) راجع ج 75 ص 97 - 105.
254

في النهي عن مشاورة النساء، وقد روى عن الصادق عليه السلام: إياكم ومشاورة النساء
فان فيهن الضعف والوهن والعجز، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن، وقال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام
له: اتقوا شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حذر، وإن أمرنكم بالمعروف
فخالفوهن لكيلا يطمعن منكم في المنكر.
255

7.
* (باب) *
" (الاستخارة بالدعاء فقط من غير استعمال) "
* " (عمل يظهر به الخير أو استشارة أحد) " *
* " (ثم العمل بما يقع في قلبه أو انتظار ما يرد) " *
" (عليه من الله عز وجل) " *
1 - الفتح: عن محمد بن نما وأسعد بن عبد القاهر باسنادهما إلى شيخ الطائفة
باسناده إلى الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن ابن مسكان، عن ابن
أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في الاستخارة: تعظم الله وتمجده
وتحمده وتصلي على النبي وآله صلى الله عليه وآله، ثم تقول: " اللهم إني
أسئلك بأنك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، وأنت علام الغيوب أستخير
الله برحمته ".
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: إن كان الامر شديدا تخاف فيه قلته مائة مرة وإن كان
غير ذلك فثلاث مرات.
ومنه: بالاسناد إلى الشيخ باسناده إلى هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من استخار الله مرة واحدة وهو راض به، خار الله له حتما.
ومنه: قال: روى سعد بن عبد الله في كتاب الدعاء عن الحسين، عن عثمان
ابن عيسى، عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من استخار
الله تبارك وتعالى مرة واحدة وهو راض بما صنع الله به، خار الله تبارك وتعالى
له حتما.
المحاسن عن أبيه عن عثمان مثله (1).

(1) المحاسن: 598.
256

2 - الفتح: نقلا من كتاب الدعاء لسعد بن عبد الله، عن محمد بن إسماعيل بن
عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمد الطيار قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: بلغني أنك قلت: ما استخار الله عبد في أمره مائة مرة إلا قذفه بخير
الامرين؟ فقال: ما من عبد مؤمن يستخير الله في أمر يريده مرة واحدة إلا قذفه
بخير الامرين.
ومنه: قال: وجدت في أصل عتيق من أصول أصحابنا ما هذا لفظه: وجاء
بالاستخارة في الامر الذي تهوى أن تفعله " اللهم وفق لي كذا وكذا، واجعل لي
فيه الخيرة في عافية " تقول ما شئت من مرة، وإذا كان مما تحب أن يعزم لك على
أصلحه قلت " اللهم وفق لي فيه الخيرة في عافية " فان في قول من يقول " بعلمك " أن
في علم الله الخير والشر.
ومنه: عن محمد بن نما وأسعد بن عبد القاهر باسنادهما إلى ابن محبوب
عن العلا عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الاستخارة في كل ركعة من
الزوال.
ومنه: عن محمد بن نما وأسعد باسنادهما إلى شيخ الطائفة، عن ابن أبي
جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن
سعيد في كتاب الصلاة عن صفوان وفضالة عن العلا، عن محمد، عن أحدهما عليهما السلام مثله.
قال السيد: أخذت الحديثين من أصلي ابن محبوب والحسين بن سعيد من نسختين
عتيقتين، وكان أصل الحسين بخط جدي أبي جعفر رحمه الله.
3 - المكارم: روى حماد بن عثمان، عن الصادق عليه السلام أنه قال في الاستخارة:
أن يستخير الله الرجل في آخر سجدة مائة مرة ومرة، ويحمد الله ويصلي على
النبي وآله ثم يستخير الله خمسين مرة، ثم يحمد الله تعالى ويصلي على النبي وآله
صلى الله عليه وعليهم ويتم المائة والواحدة أيضا (1).
4 - الفتح: باسناده إلى جده شيخ الطائفة باسناده عن حماد بن عثمان

(1) مكارم الأخلاق ص 369.
257

قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستخارة فقال استخر الله مائة مرة ومرة في آخر
سجدة من ركعتي الفجر: تحمد الله وتمجده وتثني على النبي وعلى أهل بيته، ثم
تستخير الله تمام المائة مرة ومرة.
أقول: لعله سقط منه شئ كما يظهر من المكارم.
5 - المكارم: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يصلي ركعتين ويقول في دبرهما
أستخير الله مائة مرة، ثم يقول: اللهم إني قد هممت بأمر قد علمته فان كنت تعلم
أنه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فيسره لي، وإن كنت تعلم أنه شر لي في
ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني، كرهت نفسي ذلك أم أحبت، فإنك تعلم ولا
أعلم، وأنت علام الغيوب، ثم يعزم (1).
وروى أن رجلا جاء إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال له: جعلت فداك إني ربما
ركبت الحاجة فأندم، فقال له: أين أنت عن الاستخارة، فقال الرجل: جعلت فداك
فكيف الاستخارة؟ فقال: إذا صليت صلاة الفجر فقل بعد أن ترفع يديك حذاء وجهك
" اللهم إنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، فصل على ممد وآل محمد، وخر لي
في جميع ما عزمت به من أموري خيار بركة وعافية (2)
6 - الفتح: نقلا من أصل كتاب الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن معاوية
ابن وهب، عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في الامر يطلبه الطالب من ربه قال: يتصدق
في يومه على ستين مسكينا على كل مسكين صاع بصاع الني صلى الله عليه وآله، فإذا كان الليل
فليغتسل في ثلث الليل الباقي ويلبس أدنى ما يلبس من يعول من الثياب إلا أن عليه
في تلك الثياب إزارا ثم يصلي ركعتين فإذا وضع جبهته في الركعة الأخيرة للسجود،
هلل الله وعظمه ومجده، وذكر ذنوبه، فأقر بما يعرف منها ويسمى، ثم يرفع
رأسه فإذا وضع رأسه في السجدة الثانية استخار الله مائة مرة يقول " اللهم إني
أستخيرك " ثم يدعو الله عز وجل بما يشاء ويسأله إياه، وكلما سجد فليفض بركبتيه
إلى الأرض يرفع الإزار حتى يكشفهما ويجعل الإزار من خلفه بين أليتيه

(1) مكارم الأخلاق: 369.
(2) مكارم الأخلاق: 369.
258

وباطن ساقيه.
بيان: الظاهر أنه يلبس الإزار عوضا عن السراويل ليمكنه الافضاء بركبتيه
إلى الأرض، قوله: " ويجعل الإزار " أي ما تأخر منه فقط أو ما تقدم
منه أيضا.
7 - المكارم: عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا عزم
بحج أو عمرة أو عتق أو شرى أو بيع تطهر وصلى ركعتي الاستخارة، وقرأ فيهما
سورة الرحمن وسورة الحشر، فإذا فرغ من الركعتين استخار الله مأتي مرة ثم قرأ
قل هو الله أحد والمعوذتين، ثم قال " اللهم إني قد هممت بأمر قد علمته، فان
كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدره لي، وإن كنت تعلم أنه
شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني، رب اعزم لي على رشدي وإن كرهت
أو أحبت ذلك نفسي ببسم الله الرحمن الرحيم، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله
حسبي الله ونعم الوكيل " ثم يمضى ويعزم (1).
الفتح: نقلا من كتاب بعض المخالفين عنه عليه السلام مثله إلا أنه ليس فيه قراءة
قل هو الله والمعوذتين.
8 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه، عن علي بن أسباط قال: دخلت
على الرضا عليه السلام وقلت: قد أردت مصرا فأركب بحرا أو برا؟ فقال: لا عليك أن
تأتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وتصلي ركعتين وتستخير الله مائة مرة ومرة، فإذا عزمت
على شئ وركبت البر فإذا استويت على راحلتك فقل: " سبحان الله الذي سخر لنا هذا
وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون " (2).
9 - قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أسباط مثله إلا أن
فيه فتصلى ركعتين في غير وقت فريضة ثم تستخير الله مائة مرة، فان خرج لك على البحر

(1) مكارم الأخلاق: 293.
(2) تفسير القمي ص 608.
259

فقل... الخبر (1).
ومنه: عن السندي بن محمد، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: ما استخار الله عز وجل عبد في أمر قط مائة مرة يقف عند رأس الحسين عليه السلام
فيحمد الله ويهلله ويسبحه ويمجده ويثنى عليه بما هو أهله، إلا رماه الله تبارك
وتعالى بخير الامرين. قال: وسمعته يقول في الاستخارة: اللهم إني أسئلك بعلمك، وأستخيرك بعزتك
وأسئلك من فضلك العظيم وأنت أعلم بعواقب الأمور، إن كان هذا الامر خيرا لي
في ديني ودنياي وآخرتي، فيسره لي وبارك لي فيه، وإن كان شرا فاصرفه عني
واقض لي الخير حيث كان، ورضني به حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا
تأخير ما عجلت (2).
الفتح: روى سعد بن عبد الله المجمع على الاعتماد عليه في كتاب الأدعية،
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صفوان
الجمال وذكر مثله إلا أن فيه " يقف عند رأس الحسين " إلى قوله " إلا رماه الله
بخير الامرين قال يقول في الاستخارة: اللهم إني أستخيرك بعزتك " إلى قوله:
" وبارك لي فيه وأعني عليه " إلى قوله: " واقض لي بالخير حيث ما كان " إلى
آخر الدعاء.
بيان: يؤيد نسخة قرب الإسناد ما سيأتي في رواية أخرى، عن صفوان.
ويؤيد رواية الفتح ما مر في رواية حماد نقلا عن المكارم.
10 - قرب الإسناد: باسناده، عن علي بن جعفر، عن أخيه قال أتاه رجل
فقال له: جعلت فداك أريد وجه كذا وكذا، فعلمني استخارة، إن كان ذلك الوجه
خيرة أن ييسره الله لي، وإن كان شرا صرفه الله عني، فقال له: وتحب أن تخرج
في ذلك الوجه؟ قال له الرجل: نعم، قال: قل: اللهم قدر لي كذا وكذا، واجعله

(1) قرب الإسناد ص 218 ط نجف 164 ط حجر.
(2) قرب الإسناد ص 28 ط حجر.
260

خيرا لي، فإنك تقدر على ذلك (1).
11 - مجالس الشيخ وولده: عن أبي محمد الفحام، عن محمد بن أحمد
الهاشمي، عن عيسى بن أحمد المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن العسكري
عليه السلام عن آبائه، عن الصادق عليهم السلام قال: إذا عرضت لأحدكم حاجة فليستشر
الله ربه، فان أشار عليه اتبع، وإن لم يشر عليه توقف، قال: فقال: يا سيدي
وكيف أعلم ذلك؟ قال: تسجد عقيب المكتوبة وتقول: " اللهم خر لي " مائة مرة
ثم تتوسل بنا وتصلي علينا، وتستشفع بنا، ثم تنظر ما يلهمك تفعله وهو الذي
أشار عليك به (2).
12 - ومنهما: بهذا الاسناد عن الصادق عليه السلام قال: استخارة الباقر عليه السلام
اللهم إن خيرتك تنيل الرغائب، وتجزل المواهب، وتغنم المطالب، وتطيب المكاسب
وتهدي إلى أحمد العواقب، وتقى محذور النوائب، اللهم يا مالك الملوك، أستخيرك
فيما عزم رأيي عليه، وقادني يا مولاي إليه، فسهل من ذلك ما توعر، ويسر منه
ما تعسر واكفني في استخارتي المهم وادفع عني كل ملم، واجعل عاقبة أمري
غنما، ومحذوره سلما، وبعده قربا، وجدبه خصبا، أعطني يا رب لواء الظفر فيما
استخرتك فيه، وقرر الانعام فيما دعوتك له، ومن علي بالافضال فيما رجوتك،
فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب (3).
13 - فقه الرضا: قال عليه السلام: إذا أردت أمرا فصل ركعتين، واستخر الله
مائة مرة ومرة، وما عزم لك فافعل، وقل في دعائك " لا إله إلا الله العلي العظيم
لا إله إلا الله الحليم الكريم، رب بحق محمد وعلي خر لي في أمر كذا وكذا للدنيا
والآخرة خيرة من عندك ما لك فيه رضا ولي فيه صلاح، في خير وعافية، يا ذا المن
والطول.

(1) قرب الإسناد ص 165 ط نجف.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 281.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 299.
261

14 - المحاسن: عن النوفلي باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من استخار
الله تعالى فليوتر (1).
ومنه: عن علي بن الحكم، عن أبان الأحمر، عن شهاب بن عبد ربه،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي إذا أراد الاستخارة في الامر توضأ وصلى ركعتين
وإن كانت الخادمة لتكلمه، فيقول: سبحان الله ولا يتكلم حتى يفرغ (2).
ومنه: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد
عليهما السلام يقول: ليجعل أحدكم مكان قوله: " اللهم إني أستخيرك بعلمك، و
أستقدرك بقدرتك " " اللهم إني أستخيرك برحمتك وأستقدرك الخير بقدرتك عليه "
وذلك لان في قولك " اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك " الخير
والشر، فإذا اشترطت في قولك كان لك شرطك إن استجيب لك، ولكن قل: " اللهم
إني أستخيرك برحمتك، وأستقدرك الخير بقدرتك عليه، لأنك عالم الغيب والشهادة
الرحمن الرحيم، فأسئلك أن تصلى على محمد النبي وآله كما صليت على إبراهيم و
آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم إن كان هذا الامر الذي أريده خيرا لي في
ديني ودنياي وآخرتي، فيسره لي، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني واصرفني
عنه (3).
ومنه: بهذا الاسناد، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: كان بعض آبائي عليهم السلام
يقول: " اللهم لك الحمد وبيدك الخير كله، اللهم إني أستخيرك برحمتك
وأستقدرك الخير بقدرتك عليه، لأنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت
علام الغيوب، اللهم فما كان من أمر هو أقرب من طاعتك، وأبعد من معصيتك، و
أرضى لنفسك، وأقضى لحقك، فيسره لي ويسرني له، وما كان من غير ذلك فاصرفه
عني واصرفني عنه، فإنك لطيف لذلك والقادر عليه (4).
المكارم: عن سعد مثل الخبرين (5).

(1) المحاسن 599.
(2) المحاسن 599.
(3) المحاسن 599.
(4) المحاسن 599.
(5) مكارم الأخلاق ص 373.
262

15 - المحاسن: عن عثمان بن عيسى، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا هم بأمر حج أو عمرة أو بيع
أو شراء أو عتق تطهر ثم صلى ركعتين للاستخارة، فقرأ فيها سورة الحشر، والرحمن
والمعوذتين، وقل هو الله أحد، ثم قال " اللهم إن كان كذا وكذا خيرا لي في ديني
وخيرا لي في دنياي وآخرتي، وعاجل أمري وآجله، فيسره لي، رب اعزم
على رشدي وإن كرهت ذلك وأبته نفسي (1).
الفتح: بالاسناد إلى شيخ الطائفة عن المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى مثله (2).
وبالاسناد إلى الشيخ عن ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن
أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى مثله إلا أنه لم يقل فيه إنه يقرأ
قل هو الله أحد.
16 - المحاسن: عن عدة من أصحابنا عن علي بن أسباط عمن قال له أبو
جعفر عليه السلام: إني إذا أردت الاستخارة في الامر العظيم استخرت الله مائة مرة، وإن
كان شرى رأس أو شبهه استخرته ثلاث مرات في مقعد أقول: " اللهم إني أسئلك
بأنك عالم الغيب والشهادة، إن كنت تعلم أن كذا وكذا خير لي، فخره لي ويسره
وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني إلى ما هو خير لي
ورضني في ذلك بقضائك فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وتقضي ولا أقضي
إنك علام الغيوب (3).
ومنه: عن عدة من أصحابنا، عن علي بن أسباط رفعه إلي أبي عبد الله عليه السلام
قال: تقول في الاستخارة أستخير الله، وأستقدر الله، وأتوكل على الله، ولا حول
ولا قوة إلا بالله، أردت أمرا فأسأل إلهي إن كان ذلك له رضا أن يقضى لي حاجتي
وإن كان له سخطا أن يصرفني عنه، وأن يوفقني لرضاه (4)

(1) المحاسن: 600.
(2) المحاسن: 600.
(3) المحاسن: 600.
(4) المحاسن: 600.
263

17 - الفتح: باسناده عن شيخ الطايفة، عن ابن أبي جيد، عن ابن الوليد
عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن علي أسباط قال: دخلت على أبي الحسن
الرضا عليه السلام فسألته عن الخروج في البر والبحر إلى مصر فقال لي: ائت مسجد رسول
الله صلى الله عليه وآله في غير وقت صلاة فصل ركعتين، واستخر الله مائة مرة ومرة، فانظر ما
ذا يقضي الله.
ومنه: نقلا من كتاب سعد بن عبد الله في الأدعية عن علي بن مهزيار قال
كتب أبو جعفر الثاني عليه السلام إلى إبراهيم بن شيبة: فهمت ما استأمرت فيه من ضيعتك
التي تعرض لك السلطان فيها، فاستخر الله مائة مرة خيرة في عافية، فان احلولى
بقلبك بعد الاستخارة بيعها فبعها، واستبدل غيرها إنشاء الله تعالى، ولا تتكلم بين
أضعاف الاستخارة حتى تتم المائة إنشاء الله.
بيان: " فان احلولى " من الحلاوة يقال: حلى واحلولى.
18 - الفتح: باسناده الصحيح إلى محمد بن يعقوب الكليني فيما صنفه من
كتاب رسائل الأئمة صلوات الله عليهم فيما يختص بمولانا الجواد عليه السلام فقال: ومن
كتاب إلى علي بن أسباط " بسم الله الرحمن الرحيم وفهمت ما ذكرت من أمر
بناتك، وأنك لا تجد أحدا مثلك، فلا تفكر في ذلك رحمك الله، فان رسول الله
صلى الله عليه وآله قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، وإن لا
تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وفهمت ما استأمرت فيه من أمر ضيعتيك
اللتين تعرض لك السلطان فيهما، فاستخر الله مائة مرة خيرة في عافية، فإذا احلولى
في قلبك بعد الاستخارة فبعهما واستبدل غيرهما إنشاء الله، ولتكن الاستخارة بعد صلاتك
ركعتين ولا تكلم أحدا بين أضعاف الاستخارة حتى تتم مائة مرة.
أقول: قال السيد قدس سره بعد إيراد رواية عبد الله بن ميمون القداح،
التي أوردناها في الباب الأول وفسرنا منها قوله: " على أي طرفي وقعت " ما هذا
لفظه: " رأيت بعد هذا الحديث المذكور في الأصل الذي رويته منه، وهو أصل
عتيق مأثور دعاء وما أعلم هل هو متصل بالحديث وأنه منه، أو هو زيادة عليه
264

وخارج عنه، وها هو على لفظه ومعناه:
اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستعينك بقدرك وأسألك باسمك العظيم،
إن كان كذا وكذا خيرا لي في ديني ودنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله، فقدره
لي ويسره لي، وإن كان شرا فاصرفه عني برحمتك فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم و
لا أعلم، وأنت علام الغيوب.
الفتح: قال: قال الحميدي في الجمع بين الصحيحين: روى عن جابر بن
عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السور من
القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالامر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل
اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسئلك من فضلك العظيم، فإنك
تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا
خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري وآجله - فاقدره لي
ويسره لي، ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الامر شر لي في ديني
ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي
الخير حيث كان، ثم رضني به. قال: ويسمى حاجته.
المكارم: عن جابر مثله (1).
19 - الفتح: نقلا من فردوس الاخبار أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا أنس إذا
هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك، فان
الخيرة فيه، يعني افعل ذلك.
ومنه: نقلا عن كتاب بعض المخالفين في وصايا النبي صلى الله عليه وآله
لعلي عليه السلام: يا علي إذا أردت فاستخر ربك، ثم ارض ما يخير لك، تسعد في الدنيا
والآخرة.
ومنه: نقلا عن كتاب بعض المخالفين أنه قال: بلغني عن بعض العلماء
قال: من أراد أمرا فلا يشاور أحدا حتى يشاور الله فيه، بأن يستخير الله أولا ثم

(1) مكارم الأخلاق: 372.
265

يشاور فيه، فإنه إذا بدأ بالله أجرى له الخيرة على لسان من شاء من الخلق، ثم ليصل
ركعتين بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، ثم ليحمد الله وليثن عليه، وليصل
على النبي وآله صلى الله عليه وآله، ويقول: " اللهم إن كان هذا الامر خيرا
لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره لي، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني " فإذا
فعل هكذا استجاب الله دعاءه.
قال: ورأيت أيضا أنه يقول في آخر ركعة من صلاة الليل وهو ساجد مائة
مرة أستخير الله برحمته، وقيل بل يستخيره في آخر سجدة من ركعتي الفجر مائة
مرة، ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله، ويتم المائة والواحدة
ويقول: " اللهم يا أبصر الناظرين، ويا أسمع السامعين، ويا أسرع الحاسبين، و
يا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد، وخر لي في كذا، وقل أيضا: لا إله إلا
الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، رب بحرمة محمد وآله صل على محمد
وآله وخر لي في كذا في الدنيا والآخرة خيرة في عافية.
ومنه: بالاسناد إلى شيخ الطائفة عن المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني
عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن
يحيى الحلبي، عن عمرو بن حريث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: صل ركعتين واستخر
الله، فوالله ما استخار الله مسلم إلا خار الله له البتة.
قال السيد: ورويت هذا الحديث بألفاظه باسنادي إلى جدي فيما رواه في
كتاب تهذيب الأحكام (1) وكتاب المصباح الكبير (2).
المتهجد: عن يحيى الحلبي مثله.
30 - الفتح: بالاسناد إلى الشيخ عن ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن
الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن المفضل بن صالح، عن جابر
قال: ورواه حميد بن زياد، عن إبراهيم بن سليمان، عن جابر، عن الإمام الباقر عليه السلام

(1) التهذيب ج 1 ص 306.
(2) مصباح المتهجد: 371.
266

أنه قال: كان علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام إذا هم بحج أو عمرة أو بيع أو
شراء أو عتق أو غير ذلك تطهر ثم صلى ركعتين للاستخارة، يقرأ فيهما بعد الفاتحة
سورة الحشر والرحمن ثم يقرأ بعدها المعوذتين وقل هو الله أحد، يفعل هذا في كل
ركعة، فإذا فرغ منها قال بعد التسليم وهو جالس: اللهم إن كان كذا وكذا خيرا
لي في ديني ودنياي وآخرتي، وعاجل أمري وآجله، فيسره لي على أحسن
الوجوه وأكملها، اللهم وإن كان شرا لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله
فاصرفه عني، رب اعزم لي على رشدي وإن كرهته نفسي.
المتهجد: روى جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام
إذا هم بأمر حج إلى قوله: ثم يقرأ المعوذتين ثم يقول اللهم إلى قوله ودنياي و
آخرتي في الموضعين وأجلها مكان أكملها، وفي آخره وإن كرهت ذلك وأبته
نفسي (1).
21 - الفتح: عن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان، عن أحمد بن يعقوب
الأصفهاني، عن أحمد بن علي الأصفهاني، عن إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي، عن أحمد
بن محمد بن عمر بن يونس اليماني، عن محمد بن إبراهيم الأصبحي وسليمان بن عمر الأصبحي قالا
حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن علي بن الحسين عليه السلام قال
قال علي عليه السلام: إنه كان لرسول الله صلى الله عليه وآله سر قل ما عثر عليه، وكان يقول وأنا
أقول: لعنة الله وملائكته وأنبيائه ورسله وصالحي خلقه على مفشي سر رسول الله
صلى الله عليه وآله إلى غير ثقة، فاكتموا سر رسول الله صلى الله عليه وآله سمعته يقول: يا علي
ابن أبي طالب إني والله ما أحدثك إلا على ما سمعته أذناي، ووعى قلبي، ونظر
بصري إن لم يكن من الله فمن رسوله يعني جبرئيل عليه السلام، فإياك يا علي أن تضيع
سري، فاني قد دعوت الله أن يذيق من أضاع سري هذا حر جهنم.
ثم قال: يا علي إن كثيرا من الناس وإن قل تعبدهم إذا عملوا ما أقول،
كانوا في أشد العناء وأفضل الاجتهاد، ولولا طغاة هذه الأمة لبينت هذا السر، و

(1) مصباح المتهجد: 371.
267

لكني علمت أن الدين إذا يضيع، فأحببت أن لا ينتهى ذلك إلا إلى ثقة.
إني لما اسرى بي إلى السماء السابعة، فتح لي بصري إلى فرجة في العرش
تفور كما يفور القدر، فلما أردت الانصراف، اقعدت عند تلك الفرجة، ثم نوديت
يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول لك: إنك أكرم خلقه عليه، وعنده
علم قد زواه، يعني خزنه، عن جميع الأنبياء وجميع أممهم غيرك، وغير أمتك،
لمن ارتضيت لله منهم، أن ينشره لمن بعده لمن ارتضى الله منهم أنه لا يصيبهم بعد ما
يقولونه ذنب كان قبله، ولا مخافة ما يأتي ممن بعده، ولذلك آمرك بكتمانه، لئلا
يقول العاملون حسبا هذا من الطاعة.
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس: ثم ذكر في جملة أسرار
هذا الدعاء ما هذا لفظه: يا محمد ومن هم بأمرين فأحب أن أختار له أرضاهما لي
فالزمه إياه، فليقل حين يريد ذلك " اللهم اختر لي بعلمك، ووفقني بعلمك لرضاك
ومحبتك.
اللهم اختر لي بقدرتك وجنبني بقدرتك مقتك وسخطك، اللهم اختر لي فيما أريد
من هذين الامرين - وتسميهما - أسرهما إلى وأحبهما إليك وأقر بهما منك و
أرضاهما لك اللهم إني أسئلك بالقدرة التي زويت بها علم الأشياء كلها عن جميع خلقك
فإنك عالم بهواي وسريرتي وعلانيتي، فصل على محمد وآله، واسفع بناصيتي إلى
ما تراه لك رضا فيما استخرتك، فيه حتى تلزمني من ذلك أمرا أرضى فيه بحكمك، و
أتكل فيه على قضائك، وأكتفي فيه بقدرتك ولا تقلبني وهواي لهواك مخالفا
ولا بما أريد لما تريد مجانبا، أغلب بقدرتك التي تقضى بها ما أحببت على من أحببت
بهواك هواي، ويسرني لليسرى التي ترضى بها عن صاحبها، ولا تخذلني بعد تفويضي
إليك أمري برحمتك التي وسعت كل شئ، اللهم أوقع خيرتك في قلبي، وافتح
قلبي للزومها يا كريم، آمين رب العالمين، فإنه إذا قال ذلك اخترت له منافعه في
العاجل والأجل.
268

بيان: " واسفع بناصيتي " أي خذها جاذبا وموصلا إلى ما تراه لك
رضا، قال الجوهري: سفعت بناصيتي أي اخذت، ومنه قوله تعالى " لنسفعا
بالناصية ".
" بقدرتك " أي بقوتك أو بتقديرك " بهواك هواي " قال الكفعمي أي بإرادتك
إرادتي، والمعنى طلب رضاه به (1) وأقول: هذا الدعاء من أدعية السر وأورده
الكفعمي وغيره وسيأتي في كتاب الدعاء بسندها إنشاء الله تعالى (2).
22 - الفتح: عن محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبد القاهر باسنادهما إلى أبي جعفر
الطوسي، عن التلعكبري عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن محمد بن المظفر، عن أبيه
عن محمد بن شلقان المصري، عن علي بن النعمان الأعلم، عن عمير بن المتوكل بن
هارون البلخي، عن أبيه، عن يحيى بن زيد وعن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام
فيما روياه من أدعية الصحيفة، عن زين العابدين عليه السلام من نسخة تاريخ كتابتها سنة
خمس عشرة وأربع مائة، قال: وكان من دعائه عليه السلام في الاستخارة:
اللهم إني أستخيرك بعلمك، فصل على محمد وآل محمد، واقض لي بالخيرة، و
ألهمنا معرفة الاختيار، واجعل لنا ذريعة إلى الرضا بما قضيت، والتسليم لما
حكمت، وأزح عنا ريب أهل الارتياب، وأيدنا بيقين المخلصين، ولا تسمنا
عجز المعرفة عما تخيرت، فنغمط قدرك، ونكره مواضع قضائك، ونجنح إلى التي
هي أبعد من حسن العاقبة، وأقرب من ضرر العافية، حبب إلينا ما نكره من قضائك
وسهل علينا ما تستصعب من حكمك، وألهمنا الانقياد لما أوردت علينا من مشيتك
فلا نكره ما أحببت، ولا نتخير ما كرهت، واختم لنا بالتي هي أحسن، وأحمد
عاقبة وأكرم مصيرا، إنك تفيد الكريمة، وتعطي الحسنة وتفعل ما تريد.
بيان: هذا الدعاء من أدعية الصحيفة الشريفة وإنما أوردته هنا للاختلاف
بينه وبين النسخة المشهورة سندا ومتنا، والإزاحة الابعاد أي أبعد عنا شك الذين

(1) مصباح الكفعمي: 396 في الهامش.
(2) راجع ج 95 ص 313.
269

يشكون ويرتابون في حسن ما يقضي الله على عباده وحكمته " ولا تسمنا " بضم
السين أي لا تورد علينا وفي بعض النسخ بالكسر قال الكفعمي رحمه الله (1) أي لا تجعله
سمة وعلامة لنا والأولى أن يقال إنه برفع السين أي لا تولنا أي تجعلنا ضعفاء
المعرفة ومنه قوله تعالى " يسومونكم سوء العذاب " أي يولونكم " فنغمط قدرك " أي نحتفره
" ما نستصعب " أي نعده صعبا، وقال الكفعمي: الكريمة كل شئ يكرم وكرائم
المال خيارها، والجسيمة العظيمة، وجسم الشئ أي عظم.
23 - الفتح: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل ما
هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادق عليه السلام تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة
تقول:
اللهم إنك خلقت أقواما يلجؤون إلى مطالع النجوم لأوقات حركاتهم و
سكونهم، وتصرفهم وعقدهم وحلهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجاء إليها، ومن
طلب الاختيارات بها، وأتيقن أنك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل
له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وأنك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها عن
السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود
لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ولأنها خلق من خلقك، وصنعة
من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستمد الاختيار لنفسه،
وهم أولئك، ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو لا إله إلا أنت وحدك لا
شريك لك، وأسئلك (2) بما تملكه وتقدر عليه، وأنت به ملي وعنه غني وإليه
غير محتاج، وبه غير مكترث من الخيرة الجامعة للسلامة والعافية والغنيمة لعبدك
من حدث الدنيا التي إليك فيها ضرورته لمعاشه، ومن خيرات الآخرة التي عليك فيها
معوله، وأنا هو عبدك.
اللهم فتول يا مولاي اختيار خير الأوقات لحركتي وسكوني، ونقضي وإبرامي

(1) مصباح الكفعمي: 395 في الهامش.
(2) سألك ظ كما سيأتي من المؤلف قدس سره.
270

وسيري وحلولي، وعقدي وحلي، واشدد بتوفيقك عزمي، وسدد فيه رأيي،
واقذفه في فؤادي حتى لا يتأخر ولا يتقدم وقته عني، وأبرم من قدرتك كل
نحس يعرض بحاجز حتم من قضائك يحول بيني وبينه ويباعده مني ويباعدني
منه في ديني ونفسي ومالي وولدي وإخواني، وأعذني به من الأولاد و
الأموال والبهايم والاعراض، وما أحضره وما أغيب عنه، وما أستصحبه وما
اخلفه.
وحصني من كل ذلك بعياذك من الآفات والعاهات والبليات، ومن التغيير
والتبديل والنقمات والمثلات، ومن كلمتك الحالقة، ومن جميع المخلوقات، و
من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن الخطايا والزلل في
قولي وفعلي وملكني الصواب فيهما بلا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم،
بلا حول ولا قوة إلا بالله الحليم الكريم، بلا حول ولا قوة إلا بالله العزيز العظيم
بلا حول ولا قوة إلا بالله حرزي وعسكري، بلا حول ولا قوة إلا بالله سلطاني
ومقدرتي، بلا حول ولا قوة إلا بالله عزي ومنعتي.
اللهم أنت العالم بجوائل فكري، وجوائس صدري، وما يترجح في الاقدام
عليه والاحجام عنه مكنون ضميري وسري، وأنا فيه بين حالين خير أرجوه وشر
أتقيه، وسهو يحيط بي ودين أحوطه، فان أصابني الخيرة التي أنت خالقها لتهبها
لي لا حاجة بك إليها بل بجود منك علي بها غنمت وسلمت، وإن أخطأتني حسرت
وعطبت.
اللهم فأرشدني منه إلى مرضاتك وطاعتك، وأسعدني فيه بتوفيقك وعصمتك
واقض بالخير والعافية والسلامة التامات الشاملة الدائمة فيه حتم أقضيتك، ونافذ
عزمك ومشيتك، وإنني أبرء إليك من العلم بالأوفق من مباديه وعواقبه وفواتحه
ومسالمه ومعاطبه، ومن القدرة عليه، وأقر أنه لا عالم ولا قادر على سداده سواك،
فأنا أستهديك وأستعينك وأستقضيك وأستكفيك وأدعوك وأرجوك، وماتاه من
استهداك، ولا ضل من استفتاك، ولا دهي من استكفاك، ولا حال من دعاك، ولا
271

أخفق من رجاك، فكن لي عند أحسن ظنوني وآمالي فيك، يا ذا الجلال والاكرام
إنك على كل شئ قدير.
واستنهضت لمهمي هذا ولكل مهم أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم وتقرأ وتقول: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم
مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، إهدنا الصراط المستقيم، صراط
الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين،
قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي
يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق
ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد،
قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
وتقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك إلى آخرها ثم قل وإذا قرأت القرآن
جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة
أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم
نفورا، أولئك هم الغافلون. أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على
سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة، فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون، ومن
أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم
أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا،
الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا
الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله
والله ذو فضل عظيم، فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى،
لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى.
واستنهضت لمهمي هذا ولكل مهم أسماء الله العظام، وكلماته التوام، و
فواتح سور القران وخواتيمها، ومحكماتها وقوارعها، وكل عوذة تعوذ بها نبي
272

أو صديق حم شاهت الوجوه وجوه أعدائي فهم لا يبصرون، وحسبي الله ثقة وعدة
ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد رسوله وآله
الطاهرين.
بيان: " في مواقعها " الضمير فيه وفيما بعده راجع إلى النجوم اي لم تطلع
أحدا على ما هو مغيب من حواس الخلق من أحوالها المتعلقة بها في مواقعها ومنازلها
وأوضاعها " إلى تحصيل أفاعيلها " أي إلى أن يحصل فعلا من أفعالها بالنسبة إليه،
وهذا لا يدل على أن لها تأثيرا إذ يمكن أن يكون النفي باعتبار عدم قدرتها و
تأثيرها، لكن يدل ما بعده على أنه جعل الله فيها سعادة ونحوسة لكنها تتبدلان
بالدعاء والصدقات والحسنات والسيئات، وبالتوكل على مالك الشرور والخيرات
وقد مر الكلام فيه في كتاب السماء والعالم،
" والسعود العامة " ما يعم جميع الناس، والخاصة ما يخص شخصا أو صنفا
وكذا النحوس الشاملة والمفردة هما المراد بها، وقال الجوهري ملا الرجل صار
مليا أي ثقة فهو غني ملي بين الملاءة والملاءة، وقال الجزري: الملاء بالهمز الثقة
الغنى وقد ملئ فهو ملى بين الملاءة والملاءة بالمد، وقد أولع الناس فيه بترك الهمز
وتشديد الياء انتهى وفي أكثر نسخ الدعاء وفي ساير المواضع بالتشديد ويقال: ما أكثرت به
أي ما أبالي فيه ": بما تملكه " الباء صلة للسؤال أي ما تملكه كقوله تعالى: " سأل سائل
بعذاب " أو الباء للسببية، وقوله " من الخيرة: هو المسؤول أي شيئا من الخيرة، و
الظاهر سألك لا أسألك كما في النسخ، ولا يخفى بعد التأمل ظهوره، وقوله " من
حدث متعلق بالسلامة والعافية ويمكن تعلقه بالغنيمة أيضا بتضمين فقوله عليه السلام:
من خيرات معطوف على قوله " من الخيرة " ويحتمل تعلق من الحدث بالغنيمة
فقط، والمراد به الخيرات وإنما عبر كذلك لأنها في جنب خيرات الآخرة كأنها
ليست بخيرات، ولا يبعد أن يكون تصحيف " من خيرات " وعلى هذا قوله " من
خيرات الآخرة " معطوف على قوله " من خيرات الدنيا ".
273

" كل نحس " أ ي دفعه " بحاجز " متعلق بأبرم، ولا يبعد أن يكون وأدرء
أو يكون بالثاء المثلثة والراء المهملة بمعنى القطع " وأعذني به " أي بالحاجز أو
بحتم القضاء " من الأولاد " أي من يلية الأولاد، أو " من " بمعنى في كما قيل في قوله
تعالى: ما ذا خلقوا من الأرض " (1) وقوله سبحانه " إذا نودي للصلاة من يوم
الجمعة " (2) أو للتعليل، والاعراض جمع عرض بالتحريك وهو الحال والمتاع
والغنيمة.
" ومن كلمتك الحالقة " أي حكمك بالعقوبة المستأصلة، قال في النهاية فيه دب
إليكم داء الأمم البغضاء وهي الحالقة: الحالقة الخصلة التي من شأنها أن تحلق أي
تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر انتهى " وملكني الصواب فيهما "
أي في قولي وفعلي " بجوائل فكري " أي أفكاري الجايلة المترددة في ضميري " وجوائس
صدري " أي ما يتخلل في صدري من الوساوس والخيالات، أو ما يتردد من ظنون
صدري في المخلوقات، قال الجوهري: الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار أي
تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الاخبار أي يطلبها وكذلك الاجتياس، و
الجوسان بالتحريك الطوفان بالليل.
والاحجام الكف " أنت خالقها " أي مقدرها " لتهبها " علة للخلق " وإن أخطأتني "
أي تجاوزت عني ولم تصبني فأرشدني منه " الضمير راجع إلى الامر الذي أراد
الخيرة فيه بقرينة المقام، أو إلى الخيرة بتأويل، مع أنه مصدر، والأول أظهر
حتم أقضيتك " مفعول اقض أو قائم مقام المصدر أي قضاء حتما.
" وأنني أبرء إليك " أي أعترف بأني جاهل بما هو أوفق لي وأصلح لحالي
" وما تاه " أي ما تحير " وما دهي " على المجهول أي لم تصبه دواهي الدهر " ولا
حال " أي لا يتغير عن النعمة أو لا يتغير لونه خيبة، وفي بعض النسخ " خاب " وهو أصوب.
274

وفي الصحاح أخفق الرجل إذا غزا ولم يغنم، والصائد إذا رجع ولم يصطد
وطلب حاجة فأخفق، وقال استنهضته لامر كذا إذا أمرته بالنهوض له انتهى، و
أقول هنا كناية عن الاستعانة والتوسل بالسور الكريمة والأسماء العظيمة والآيات
الجسيمة " مستورا " أي ذا ستر أو مستورا عن الحس أو بحجاب آخر.
أكنة أي أغطية واحدها كنان، وهو الغطاء " أن يفقهوه " كراهة أن يفقهوه
" وقوارعها " أي التي تقرع القلوب بالفزع أو تقرع الشياطين والكفرة والظلمة و
تدفعهم وتهلكهم، والعوذة بالضم التعويذ " شاهت الوجوه " أي قبحت " وجوه
أعدائي " بيان للوجوه.
24 الفتح: باسناده عن محمد بن هارون التلعكبري عن هبة الله ابن سلامة
المقري، عن إبراهيم بن أحمد البزوري قال أخبرنا علي بن موسى الرضا عليهما
الصلاة والسلام قال: سمعت أبي موسى بن جعفر قال: سمعت أبي جعفر بن محمد الصادق
عليه السلام يقول: من دعا بهذا الدعاء لم ير في عاقبة أمره إلا ما يحب وهو:
اللهم إن خيرتك تنيل الرغائب، وتجزل المواهب، وتطيب المكاسب، و
تغنم المطالب، وتهدى إلى أحمد العواقب، وتقى من محذور النوائب، اللهم إني
أستخيرك فيما عقد عليه رأيي وقادني إليه هواي، فأسئلك يا رب أن تسهل لي من
ذلك ما تعسر، وأن تعجل من ذلك ما تيسر، وأن تعطيني يا رب الظفر فيما استخرتك
فيه، وعونا بالانعام فيما دعوتك، وأن تجعل يا رب بعده قربا وخوفه أمنا و
محذوره سلما فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب، اللهم إن
يكن هذا الامر خيرا لي في عاجل الدنيا وآجل الآخرة فسهله لي ويسره علي
وإن لم يكن فاصرفه عني واقدر لي فيه الخيرة، إنك على كل شئ قدير يا أرحم
الراحمين.
25 الفتح: دعاء مولانا المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين في
الاستخارات، وهو آخر ما خرج من مقدس حضرته أيام الوكالات روى محمد بن علي
ابن محمد في كتاب جامع له ما هذا لفظه: استخارة الأسماء التي عليها العمل، ويدعو
275

بها في صلاة الحاجة وغيرها، ذكر أبو دلف محمد بن المظفر رحمه الله أنها آخر
ما خرج.
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسئلك باسمك الذي عزمت به على السماوات
والأرض، فقلت لهما ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين، وباسمك الذي عزمت
به على عصى موسى فإذا هي تلقف ما يأفكون، وأسئلك باسمك الذي صرفت به
قلوب السحرة إليك حتى قالوا آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون، أنت الله
رب العالمين، وأسئلك بالقدرة التي تبلي بها كل جديد وتجدد بها كل بال، و
أسئلك بكل حق هو لك، وبكل حق جعلته عليك، إن كان هذا الامر خيرا لي
في ديني ودنياي وآخرتي أن تصلي على محمد وآل محمد، وتسلم عليهم تسليما، وتهنيه
وتسهله علي، وتلطف لي فيه برحمتك يا أرحم الراحمين، وإن كان شرا لي في
ديني ودنياي وآخرتي أن تصلي على محمد وآل محمد، وتسلم عليهم تسليما، وأن
تصرفه عني بما شئت وكيف شئت، وترضيني بقضائك، وتبارك لي في قدرك حتى
لا أحب تعجيل شئ أخرته، ولا تأخير شئ عجلته، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله
يا علي يا عظيم يا ذا الجلال والاكرام.
ومنه: بالاسناد إلى الشيخ الطوسي، عن المفيد والحسين بن عبيد الله الغضايري
معا عن الصدوق، عن والده فيما كتب في رسالته إلى ولده قال: إذا أردت أمرا فصل
ركعتين، واستخر الله مائة مرة ومرة، فما عزم لك فافعل، وقل في دعائك " لا
إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، رب بحق محمد وآل محمد
صل على محمد وآله وخر لي في كذا وكذا للدنيا والآخرة خيرة منك في
عافية.
المقنعة: مثله إلا أنه قال: فإذا سلمت سجدت وقلت أستخير الله مائة مرة
ثم ذكر الدعاء (1).
26 الفتح: بالاسناد عن الكليني، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد،

(1) المقنعة: 36.
276

عن محمد بن عيسى، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حماد، عن إسحاق بن عمار
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ربما أردت الامر يفرق مني فريقان أحدهما
يأمرني والاخر ينهاني، قال: فقال: إذا كنت كذلك فصل ركعتين، واستخر الله
مائة مرة ومرة، ثم انظر أحزم الامرين لك فافعله، فان الخيرة فيه إنشاء الله تعالى
ولتكن استخارتك في عافية. فإنه ربما خير للرجل في قطع يده، وموت ولده،
وذهاب ماله، قال: وروى جدي أبو جعفر الطوسي هذه الرواية بهذا الاسناد في
تهذيب الأحكام عن الكليني (1).
المتهجد: عن إسحاق مثله (2).
المحاسن: عن محمد بن عيسى، عن خلف بن حماد مثله إلا أن فيه ففرق
نفسي على فرقتين إحداهما تأمرني والأخرى تنهاني إلى قوله ثم انظر أحزم
الامرين (3).
بيان: " يفرق منى فريقان " أي يسنح في نفسي رأيان متعارضان أو أستشير
فتحصل فرقتان، إحداهما تأمرني والأخرى تنهاني، ولا يتفق رأيهم لاعمل به،
ولعله أظهر.
27 الفتح: رأيت في كتاب أصل الشيخ محمد بن أبي عمير المجمع على علمه
وصلاحه، عن محمد بن خالد القسري، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستخارة قال:
فقال: استخر الله عز وجل في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد، مائة مرة
ومرة قال: قلت: كيف أقول؟ قال: تقول: أستخير الله برحمته، أستخير الله
برحمته.
ومنه: باسناده إلى جده، عن أبي جعفر، عن أبي المفضل، عن جعفر بن
محمد بن مسعود العياشي عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البزاز، عن جعفر بن محمد

(1) تهذيب الأحكام ج 1 ص 306.
(2) مصباح المتهجد: 372
(3) المحاسن: 599.
277

ابن خلف القشيري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستخارة فقال: استخر الله تعالى
في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد، مائة مرة، قال: قلت: كيف أقول؟ قال:
تقول: أستخير الله برحمته، أستخير الله برحمته (1).
المكارم: عن القسري مرسلا مثله (2).
28 الفتح: باسناده إلى جده إلى الحسن بن محبوب وابن أبي عمير معا
عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: ما
استخار الله عبد قط مائة مرة إلا رمي بخير الامرين، يقول: اللهم عالم الغيب و
الشهادة، إن كان أمر كذا وكذا خيرا لأمر دنياي وآخرتي، وعاجل أمري و
آجله، فيسره لي وافتح لي بابه، ورضني فيه بقضائك. ومنه: بالاسناد إلى جده باسناده إلى الحسن بن علي بن فضال، عن حماد
ابن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إذا أردت الامر و
أردت أن أستخير ربي كيف أقول؟ قال: إذا أردت ذلك فصم الثلاثا والأربعا والخميس
ثم صل يوم الجمعة في مكان نظيف فتشهد ثم قل وأنت تنظر إلى السماء: اللهم إني
أسئلك بأنك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، أنت عالم الغيب، إن كان
هذا الامر خيرا لي فيما أحاط به علمك فيسره لي وبارك فيه، وافتح لي به، و
إن كان ذلك شرا لي فيما أحاط به علمك، فاصرفه عني بما تعلم، فإنك تعلم
ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وتقضي ولا أقضى، وأنت علام الغيوب يقولها
مائة مرة.
ومنه: باسناده إلى الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا، باسناده عن الصادق
عليه السلام أنه يسجد عقيب المكتوبة ويقول " اللهم خر لي مائة مرة ثم يتوسل
بالنبي والأئمة عليه السلام، ويصلي عليهم، ويستشفع بهم، وينظر ما يلهمه الله فيضل
فان ذلك من الله تعالى.

(1) تراه في الفقيه ج 1 ص 355.
(2) مكارم الأخلاق: 369.
278

ومنه: قال قدس سره ومما ينبه على أن حديث الاستخارة قد كان مشهورا
معروفا وبين الشيعة مألوفا، ما رويناه باسنادنا المتقدم في طرقنا إلى ما رواه جدي
أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه، عن أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري فيما رواه
في كتاب الدلايل، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سهل بن اليسع قال: كنت
مجاورا بمكة فصرت إلى المدينة فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فأردت أن أسأله عن
كسوة يكسونيها، فلم يقض لي أن أسأله حتى ودعته وأردت الخروج، فقلت أكتب
إليه وأسأله.
قال: فكتبت الكتاب وصرت إلى مسجد الرسول صلى الله على وآله وسلم على أن أصلى ركعتين
وأستخير الله مائة مرة فان وقع في قلبي أن أبعث إليه بالكتاب بعثته، وإلا خرقته
قال: فوقع في قلبي أن لا أبعث فيه، فخرقت الكتاب وخرجت من المدينة فبينا أنا
كذلك إذ رأيت رسولا معه ثياب في منديل يتخلل القطرات، ويسأل عن محمد بن سهل
القمي حتى انتهى إلى وقال: مولاك بعث إليك بهذا، وإذا ملاءتان قال أحمد بن
محمد بن عيسى، فقضى أنى غسلته حين مات وكفنته فيهما.
بيان: الملاءة بالضم والمد الثوب اللين الرقيق (1).
29 الفتح: باسناده إلى جده الشيخ أبي جعفر باسناده إلى الحسن بن علي
ابن فضال، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما استخار الله عبد قط في
أمر مائة مرة عند رأس الحسين عليه السلام فيحمد الله ويثني عليه إلا رماه الله بخير
الامرين.
ومنه: قال رضي الله عنه: قال جدي في كتاب المبسوط: إذا أراد أمرا من
الأمور لدينه أو دنياه يستحب له أن يصلي ركعتين يقرأ فيهما ما شاء ويقنت في الثانية
فإذا سلم دعا بما أراد ويسجد ويستخير الله في سجوده مائة مرة ويقول أستخير الله
في جميع أموري، ثم يمضي في حاجته.

(1) لا يقال للثوب ملاء الا إذا كان عريضا أو ذات لفقين كالريطة يستر أعالي
البدن وأسافله.
279

ومثله قال في النهاية، ونحوه قال في كتاب الاقتصاد وزاد فيه الغسل وقال
فيقول في سجوده " أستخير الله في جميع أموري كلها خيرة في عافية " ثم يفعل ما يقع
في قلبه، وكذا قال في كتاب هداية المسترشد، وكذا قال الشيخ محمد بن إدريس - ره -
وذكر عبد العزيز بن البراج استخارة بمائة مرة في كتاب المهذب وذكرها أبو الصلاح
الحلبي في كتاب مختصر الفرائض الشرعية وغيره.
30 المتهجد: روى الحسن بن علي بن فضال قال: سأل الحسن بن جهم
أبا الحسن عليه السلام لابن أسباط فقال له: ما ترى له، وابن أسباط حاضر ونحن جميعا
يركب البحر أو البر إلى مصر، وأخبره بخبر طريق البر، فقال فأت المسجد في غير
وقت صلاة فريضة، فصل ركعتين، واستخر الله مائة مرة، ثم انظر أي شئ يقع في
قلبك فاعمل به، فقال له الحسن بن الجهم البر أحب إلى له قال عليه السلام والى.
المكارم: سأل الحسن بن جهم وذكر مثله (1).
بيان: " ونحن جميعا " أي حاضرون " يركب البحر " أي ابن أسباط " بخبر
طريق البر " أي من الخوف والفساد كما يدل عليه خبر آخر.
31 المكارم (3) والفقيه: عن ناجية، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان إذا
أراد شرى شئ من العبد والدابة أو الحاجة الخفيفة أو الشئ اليسير، استخار الله
عز وجل فيه سبع مرات، فإن كان أمرا جسيما استخار الله فيه مائة مرة (3)
الفتح: نقلا من كتاب الدعاء لسعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن ناجية قال:
كان أبو عبد الله عليه السلام إذا أراد وذكر مثله.
32 البلد الأمين: روي عن الرضا عليه السلام وهو من أدعية الوسائل إلى

(1) مصباح المتهجد: 371
(2) مكارم الأخلاق: 370.
(3) الفقيه ج 1 ص 355 مكارم الأخلاق ص 370.
280

المسائل " اللهم إن خيرتك فيما أستخيرك فيه تنيل الرغائب، وتجزل المواهب،
وتغنم المطالب، وتطيب المكاسب، وتهدي إلى أجمل المذاهب، وتسوق إلى أحمد
العواقب، وتقى مخوف النوائب، اللهم إني أستخيرك فيما عزم رأيي عليه، وقادني
عقلي إليه، فسهل اللهم منه ما توعر، ويسر منه ما تعسر، واكفني فيه المهم
وادفع عني كل ملم، واجعل رب عواقبه غنما، وخوفه سلما، وبعده قربا،
وجدبه خصبا، وأرسل اللهم إجابتي وأنجح طلبتي واقض حاجتي واقطع عوائقها
وامنع بوائقها، وأعطني اللهم لواء الظفر فيما استخرتك، ووفور الغنم فيما دعوتك
وعوائد الافضال فيما رجوتك، وأقرنه اللهم بالنجاح وحطه بالصلاح، وأرني
أسباب الخيرة واضحة، وأعلام غنمها لائحة، واشدد خناق تعسرها، وانعش صريع
تيسرها، وبين اللهم ملتبسها، وأطلق محتبسها ومكن اسها حتى تكون خيرة
مقبلة بالغنم، مزيلة للغرم، عاجلة النفع، باقية الصنع، إنك ولى المزيد
مبتدئ بالجود (1).
بيان: الرغائب جمع الرغيبة وهي العطاء الكثير، وفي القاموس الغنم بالضم
الفيئ، غنم بالكسر غنما بالضم وبالفتح والتحريك وغنيمة وغنماتا بالضم الفوز
بالشئ بلا مشقة، وغنمه كذا تغنيما نفله إياه، وفي أكثر النسخ على بناء الافعال
وفي القاموس الوعر ضد السهل، وتوعر صار وعرا، وتوعر الامر تعسر، وقال
الملم الشديد من كل شئ، وقال البائقة الداهية والجمع البوائق.
واشدد خناق تعسرها " أي اقتل التعسر بالخناق كناية عن إزالته شبه التعسر
بحيوان وأثبت له الخناق، وهو ككتاب الحبل يخنق به، وكغراب داء يمتنع معه
نفوذ النفس إلى الرية والقلب، ويقال أيضا: أخذ بخناقه بالكسر والضم ومخنقه
أي بحلقه، كل ذلك ذكره الفيروزآبادي وفي أكثر النسخ بفتح الخاء فيكون مصدرا
وإن لم يرد في اللغة.
" وانعش " أي ارفع " صريع تيسرها " أي تيسرها المصروع الساقط على الأرض

(1) البلد الأمين: 516.
281

والاستعارة فيه كالسابق، والصنع بالضم المعروف والاحسان " وأطلق محتبسها " على
بناء الفاعل أو المفعول، لان احتبس لازم متعد.
33 الفتح: نقلا من كتاب سعد بن عبد الله الثقة عن الحسين، عن محمد بن
خالد، عن أبي الجهم، عن معاوية بن ميسرة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما استخار
الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه الله بالخير يقول: يا أبصر الناظرين ويا
أسمع السامعين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الراحمين صل على محمد وعلى أهل بيته و
خر لي في كذا وكذا،
المتهجد والفقيه والتهذيب: عن معاوية بن ميسرة مثله (1) وزادوا
بعد الراحمين " ويا أحكم الحاكمين " وفيها وأهل بيته.
المكارم: عن معاوية مثل الأخير وزاد في آخره ثم اسجد سجدة تقول فيها مائة
مرة " أستخير الله برحمته أستقدر الله في عافية بقدرته " ثم ائت حاجتك فإنها خيرة لك،
على كل حال، ولا تتهم ربك فيما تتصرف فيه.
34 الفتح: عن شيخيه الفقيهين محمد بن نما وأسعد بن عبد القاهر باسنادهما
المتقدم إلى شيخ الطائفة باسناده إلى الحسن بن محبوب عن أبي أيوب الخزاز، عن
محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا أمرنا بالخروج إلى الشام، فقلت:
اللهم إن كان هذا الوجه الذي هممت به خيرا لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري و
لجميع المسلمين، فيسره لي وبارك لي فيه، وإن كان ذلك شرا لي فاصرفه عنى إلى
ما هو خير لي، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، أستخير
الله ويقول ذلك مائة مرة قال: وأخذت حصاة ووضعتها على نعلي حتى أتممتها
فقلت أليس إنما يقول هذا الدعاء مرة واحدة، ويقول مائة مرة " أستخير الله "؟
قال: هكذا قلت: مائة مرة، ومرة هذا الدعاء، قال: فصرف ذلك الوجه عني
وخرجت بذلك الجهاز إلى مكة، ويقولها في الامر العظيم مائة مرة ومرة، وفي

(1) مصباح المتهجد الشيخ الطوسي. 373، فقيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 356
التهذيب ج 1 ص 306.
282

الامر الدون عشر مرات،
بيان: لعل وضع الحصاة على النعل لضبط العدد تعليما للغير، ويحتمل
أن يكون وضع الحصاة الواحدة فقط فيكون جزء للعمل لكنه بعيد.
35 المتهجد والمكارم والجنة: روى مرازم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام
إذا أراد أحدكم شيئا فليصل ركعتين وليحمد الله وليثن عليه، ويصلي على محمد وآله
ويقول: " اللهم إن كان هذا الامر خيرا لي في ديني ودنياي وآخرتي فيسره لي و
قدره، وإن كان على غير ذلك فاصرفه عني " فسألته عن أي شئ أقرأ فيهما؟ فقال
عليه السلام: اقرأ ففيهما ما شئت، وإن شئت قرأت قل هو الله أحد وقل يا أيها
الكافرون (1).
أقول: وقال الكفعمي في البلد الأمين في بعض نسخ مختصر المصباح هكذا:
وإن قرأت قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون كان أفضل.
أقول: والنسخ التي عندنا موافق لما مر، وليس فيها ذكر الأفضلية، وإن
كان يومي إليها.
36 المكارم عن عمر بن حريث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: صل ركعتين
واستخر الله، فوالله ما استخار الله تعالى مسلم إلا خار الله له البتة (2).
37 المهذب لا بن البراج: صلاة الاستخارة ركعتان يصليهما من أراد صلاتهما
كما يصلي غيرهما من النوافل، فإذا فرغ من القراءة في الركعة الثانية قنت قبل
الركوع، ثم يركع ويقول في سجوده " أستخير الله " مائة مرة فإذا أكمل المأة قال:
لا إله إلا الله الحكيم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم رب بحق محمد وآل محمد
صل على محمد وآل محمد، وخر لي في كذا وكذا " ويذكر حاجته التي قصد هذه الصلاة
لأجلها، وقد ورد في صلاة الاستخارة وجوه غير ما ذكرناه، والوجه الذي ذكرناه
ههنا من أحسنها.

(1) مصباح الشيخ ص 371، مكارم الأخلاق ص 370.
(2) مكارم الأخلاق: 373.
283

38 أقول: ورأيت في بعض مؤلفات أصحابنا نقلا من كتاب روضة النفس
في العبادات الخمس، أنه قال: فصل في الاستخارات ثم قال: وقد ورد في العمل بها
وجوه مختلفة من أحسنها أن تغتسل ثم تصلي ركعتين تقرأ فيهما ما أحببت، فإذا فرغت
منهما قلت " اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستخيرك بعزتك وأستخيرك بقدرتك
وأسئلك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام
الغيوب، إن كان هذا الامر الذي أريده خيرا في ديني ودنياي وآخرتي، وخيرا
لي فيما ينبغي فيه خير، وأنت أعلم بعواقبه مني، فيسره لي، وبارك لي فيه، و
أعني عليه، وإن كان شرا لي فاصرفه عني وقيض لي الخير حيث كان، وأرضني
به حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت.
39 مصباح ابن الباقي: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام " ما شاء الله كان
اللهم إني أستخيرك خيار من فوض إليك أمره، وأسلم إليك نفسه، واستسلم إليك
في أمره، وخلا لك وجهه، وتوكل عليك فيما نزل به، اللهم خر لي ولا تخر على،
وكن لي ولا تكن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وأعنى ولا تعن علي، وأمكني
ولا تمكن منى، واهدني إلى الخير ولا تضلني، وأرضني بقضائك، وبارك لي في
قدرك، إنك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، وأنت على كل شئ قدير، اللهم إن
كان الخيرة في أمري هذا في ديني ودنياي وعاقبة أمري، فسهله لي، وإن كان غير
ذلك فاصرفه عنى، يا أرحم الراحمين، إنك على كل شئ قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
284

8.
* (باب النوادر) *
1 الفتح: قال قدس سره: اعلم أنى ما وجدت حديثا صريحا أن الانسان
يستخير لسواه، لكن وجدت أحاديث كثيرة تتضمن الحث على قضاء حوائج الاخوان
من الله جل جلاله بالدعوات، وساير التوسلات، حتى رأيت في الاخبار من فوايد
الدعاء للاخوان ما لا أحتاج إلى ذكره الان، لظهوره بين الأعيان، والاستخارات
على ساير الروايات هي من جملة الحاجات، ومن جملة الدعوات، واستخارة
الانسان عن غيره داخلة في عموم الأخبار الواردة بما ذكرناه، لان الانسان إذا كلفه
غيره من الاخوان الاستخارة في بعض الحاجات، فقد صارت الحاجة للذي يباشر
الاستخارات فيستخير لنفسه، وللذي يكلف الاستخارة:
أما استخارته لنفسه بأنه هل المصلحة للذي يباشر الاستخارة في القول لمن
يكلفه الاستخارة، وهل المصلحة للذي يكلفه الاستخارة في الفعل أو الترك، وهذا
مما يدخل تحت عموم الروايات بالاستخارات، وبقضاء الحاجات، وما يتوقف هذا
على شئ يختص به في الروايات.
بيان: ما ذكره السيد من جواز الاستخارة للغير لا يخلو من قوة للعمومات
لا سيما إذا قصد النائب لنفسه أن يقول للمستخير افعل أم لا؟ كما أومأ إليه السيد،
وهو حيلة لدخولها تحت الأخبار الخاصة، لكن الأولى والأحوط أن يستخير
صاحب الحاجة لنفسه، لأنا لم نر خبرا ورد فيه التوكيل في ذلك، ولو كان ذلك جائزا
أو راجحا لكان الأصحاب يلتمسون من الأئمة عليهم السلام ذلك، ولو كان ذلك لكان
منقولا لا أقل في رواية، مع أن المضطر أولى بالإجابة ودعاؤه أقرب إلى الخلوص
عن نية.
285

أقول: وجدت بخط الشيخ الشهيد قدس الله روحه إذا أهم أحدا أمر وتحير
فيه فلا يدري ما يفعل، فليتبادر إلى العمل بهذا الخبر.
ووجدت في كتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي ما هذه صورته: وما أعجب
هذا الخبر فانى وجدته في عدة كتب بأسانيد وغير أسانيد على اختلاف في الألفاظ،
والمعنى قريب، وأنا أذكر أصحها عندي.
وجدت في كتاب محمد بن جرير الطبري الذي سماه كتاب الآداب الحميدة نقلته
بحذف الاسناد عن روح بن الحارث عن أبيه عن جده، أنه قال لبنيه يا بنى إذا دهمكم
أمر أو أهمكم فلا يبيتن أحدكم إلا وهو طاهر على فراش ولحاف طاهرين، ولا
يبيتن ومعه امرأة، ثم ليقرأ " والشمس وضحيها " سبعا والليل سبعا، ثم ليقل
" اللهم اجعل لي من أمري هذا فرجا " فإنه يأتيه آت في أول ليلة أو في الثالثة أو في
الخامسة وأظنه قال أو في السابعة يقول له: المخرج مما أنت فيه كذا.
قال أنس: فأصابني وجع لم أدر كيف آتى له، ففعلت أول ليلة فأتاني اثنان
فجلس أحدهما عند رأسي والاخر عند رجلي، ثم قال أحدهما للاخر: حسه فلمس
جسدي كله فلما انتهى إلى موضع من رأسي قال احتجم ههنا، ولا تحلق، ولكن
اطله بغراء، ثم التفت إلي أحدهما أو كلاهما، فقال لي فكيف لو ضممت إليهما التين
والزيتون؟ قال: فاحتجمت فبرأت وأنا فلست احدث أحدا به إلا وحصل له الشفاء
قال آخر: وجربته فصح.
بيان: قال في القاموس الغري ما طلي به أو لصق به أو شئ يستخرج من السمك
كالغراء ككساء.
286

فذلكة
أظن أنه قد اتضح لك مما قرع سمعك ومر عليه نظرك في الأبواب السابقة
أن الأصل في الاستخارة الذي يدل عليه أكثر الأخبار المعتبرة، هو أن لا يكون
الانسان مستبدا برأيه، معمدا على نظره وعقله، بل يتوسل بربه تعالى ويتوكل
عليه في جميع أموره، ويقر عنده بجهله بمصالحه، ويفوض جميع ذلك إليه، و
يطلب منه أن يأتي بما هو خير له في أخراه وأولاه، كما هو شأن العبد الجاهل
العاجز مع مولاه العالم القادر، فيدعو بأحد الوجوه المتقدمة مع الصلاة أو بدونها،
بل بما يخطر بباله من الدعاء إن لم يحضره شئ من ذلك، للأخبار العامة، ثم يأخذ
فيما يريد ثم يرضى بكل ما يترتب على فعله من نفع أو ضر.
وبعد ذلك الاستخارة من الله سبحانه ثم العمل بما يقع في قلبه ويغلب على
ظنه أنه أصلح له، وبعده الاستخارة بالاستشارة بالمؤمنين، وبعده الاستخارة بالرقاع
أو البنادق أو القرعة بالسبحة والحصا أو التفؤل بالقرآن الكريم.
والظاهر جواز جميع ذلك كما اختاره أكثر أصحابنا، وأوردوها في كتبهم
الفقهية والدعوات وغيرها، وقد اطلعت ههنا على بعضها، وأنكر ابن إدريس الشقوق
الأخيرة، وقال إنها من أضعف أخبار الآحاد، وشواذ الاخبار، لان رواتها
فطحية ملعونون، مثل زرعة وسماعة وغيرهما، فلا يلتفت إلى ما اختصا بروايته،
ولا يعرج عليه، قال: والمحصلون من أصحابنا ما يختارون في كتب الفقه إلا ما
اخترناه، ولا يذكرون البنادق والرقاع والقرعة إلا في كتب العبادات، دون كتب الفقه
وذكر أن الشيخين وابن البراج لم يذكروها في كتبهم الفقهية، ووافقه المحقق
فقال: وأما الرقاع وما يتضمن افعل ولا تفعل، ففي حيز الشذوذ، فلا
عبره بهما.
وأصل هذا الكلام من المفيد رحمة الله عليه في المقنعة حيث أورد أولا أخبار
الاستخارة بالدعاء والاستشارة وغيرهما مما ذكرنا أولا، ثم أورد استخارة ذات الرقاع
287

وكيفيتها ثم قال: قال الشيخ: وهذه الرواية شاذة ليست كالذي تقدم لكنا أوردناها
للرخصة دون تحقيق العمل بها انتهى، ولعله مما ألحقه أخيرا في الهامش فأدرجوه
في المتن.
وقال السيد بن طاوس ره: عندي من المقنعة نسخة عتيقة جليلة كتبت في حياة
المفيد رضي الله عنه، وليست فيه هذه الزيادة، ولعلها قد كانت من كلام غير المفيد
على حاشية المقنعة فنقلها بعض الناسخين فصارت في الأصل، ثم أولها على تقدير
كونها من الشيخ بتأويلات كثيرة، وأجاب عن كلام المحقق وابن إدريس ره بوجوه
شتى لم نتعرض لها لقلة الجدوى.
وقال الشهيد رفع الله درجته في الذكرى: وإنكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع
لا مأخذ له مع اشتهارها بين الأصحاب، وعدم راد لها سواه، ومن أخذ مأخذه،
كالشيخ نجم الدين، قال: وكيف تكون شاذة وقد دونها المحدثون في كتبهم، و
المصنفون في مصنفاتهم، وقد صنف السيد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة
والمآثر الباهرة، رضي الدين أبو الحسن علي بن طاوس الحسني ره كتابا ضخما في
الاستخارات واعتمد فيه على رواية الرقاع، وذكر من آثارها عجائب وغرائب،
أراه الله تعالى إياها، وقال: إذا توالي الامر في الرقاع فهو خير محض، وإن توالي
النهي فذلك الامر شر محض، وإن تفرقت كان الخير والشر موزعا بحسب تفرقها
على أزمنة ذلك الامر بحسب ترتبها
288

أبواب
* " (الصلوات التي يتوصل بها إلى حصول)
" * (المقاصد والحاجات سوى ما مر في) " *
* " (أبواب الجمعة والاستخارات) " *
1.
* (باب) *
* " (صلاة الاستسقاء وآدابها وخطبها وأدعيتها) *
الآيات: البقرة: وإذ استسقى موسى لقومه (1).
المائدة: ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل وما انزل إليهم من ربهم
لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم (2)
الأعراف: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من
السماء والأرض، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون (3).

(1) البقرة: 60.
(2) المائدة: 66.
(3) الأعراف: 96.
289

حمعسق: وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو
الولي الحميد (1).
نوح: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم أنهارا (2).
الجن: وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (3).
تفسير: " ولو أنهم " أي أهل الكتاب " أقاموا التورية والإنجيل " بعدم
كتمان ما فيهما والقيام بأحكامهما " وما انزل إليهم من ربهم " أي القرآن أو ساير
الكتب المنزلة فإنها من حيث إنهم مكلفون بالايمان بها كالمنزل إليهم " لأكلوا من
فوقهم ومن تحت أرجلهم " أي لوسع عليهم أرزاقهم بأن يفيض عليهم بركات السماء
والأرض أو يكثر ثمرة الأشجار وغلة الزروع، أو يرزقهم الجنان اليانعة فيجتنونها من
رأس الشجر ويلتقطون ما تساقط على الأرض، بين بذلك أن ما كف عنهم بشوم كفرهم
ومعاصيهم لا لقصور الفيض، ولو أنهم آمنوا وتابوا وأقاموا ما أمروا به لوسع عليهم
وجعل لهم خير الدارين.
وربما يحمل الاكل على الغذاء الروحاني، ويحمل قوله تعالى: من فوقهم
على الواردات القدسية والالهامات الغيبية " ومن تحتهم على ما يحصل بالمطالعات
العلمية والنتايج الفكرية.
" ولو أن أهل القرى " بمعنى المدلول عليها بقوله " وما أرسلنا في قرية من
نبي " (4) وقيل مكة وما حولها " لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " أي
أمطرنا لهم من السماء وأنبتنا لهم من الأرض أو أوسعنا عليهم الخير ويسرناه لهم
من كل جانب " ولكن كذبوا " الرسل " فأخذناهم بما كانوا يكسبون " من الكفر و

(1) الشورى: 28.
(2) نوح: 10.
(3) الجن: 16.
(4) الأعراف: 94.
290

المعاصي، فدلت الآية على أن منع بركات السماء والأرض بسبب الكفر و
المعاصي.
وهو الذي ينزل الغيث أي المطر الذي يغيثهم من الجدب ولذلك خص
بالنافع منها، وقرئ ينزل على بناء الافعال والتفعيل " من بعد ما قنطوا " أي
أيسوا منه، وقرئ بكسر النون في الشواذ " وينشر رحمته " أي المطر في كل شئ
من السهل والجبل والنبات والحيوان " وهو الولي " الذي يتولى عباده بإحسانه
ونشر رحمته " الحميد أي المستحق للحمد على ذلك
فقلت استغفروا ربكم " هذا كلام نوح عليه السلام لقومه أي اطلبوا منه المغفرة على
كفركم ومعاصيكم بعد التوبة، إنه كان غفارا للتائبين، قيل: لما طالت دعوتهم و
تمادى إصرارهم، حبس الله عنهم القطر، أربعين سنة وأعقم أرحام نسائهم فوعدهم بذلك
على الاستغفار عما كانوا عليه بقوله " يرسل السماء " أي السحاب أو المظلة لكون
المطر كله أو بعضه منها كما مر أو لكون أسبابه وتقديراته منها " عليكم مدرارا "
أي كثير الدرور، ويستوى في هذا البناء المذكر والمؤنث " ويمددكم بأموال وبنين "
أي يكثر أموالكم وأولادكم الذكور " ويجعل لكم جنات " أي بساتين في الدنيا
ويجعل لكم أنهارا " تسقون بها جناتكم، والآية تدل على أن الاستغفار والتوبة
موجبان لكثرة الأمطار وغزارة الأنهار، وكثرة البساتين والأشجار، فينبغي في
الاستسقاء الاكثار من الاستغفار والتوبة من الذنوب.
" وأن لو استقاموا على الطريقة " أي على الايمان والأعمال الصالحة
" لأسقيناهم ماء غدقا " أي كثيرا ويدل على أن منع المطر بسبب الكفر والمعاصي
وأن التوبة والأعمال الصالحة توجب نزوله،
ثم اعلم أن الاستسقاء هو طلب السقيا من الله تعالى عند الحاجة إليها، و
استحبابه إجماعي عند علمائنا وقال في المنتهي: أجمع كل من يحفظ عنه العلم على
استحباب صلاة الاستسقاء إلا أبا حنيفة، فإنه قال: ليس لها صلاة بل مجرد الدعاء
291

وقال: يصلى جماعة وفرادى، وهو قول أهل العلم، ولا خلاف في أن صلاته
كصلاة العيد.
ونقل الشهيد في الذكرى عن ظاهر كلام الأصحاب أن وقتها وقت صلاة العيد
ونقل عن ابن أبي عقيل التصريح بأن الخروج في صدر النهار، وعن أبي الصلاح
انبساط الشمس، وعن ابن الجنيد بعد صلاة الفجر، قال: والشيخان لم يعينا وقتا
إلا أنهما حكما بمساواتهما العيد، وصرح الفاضلان بأنه لا يتعين لها وقت، بل
قال العلامة في النهاية في أي وقت خرج جاز وصلاها إذ لا وقت لها إجماعا، ونحوه
قال في التذكرة، ثم قال: والأقرب عندي إيقاعها بعد الزوال لان ما بعد العصر
أشرف والظاهر عدم تعين وقت لها، ولعل قبل الزوال أولى.
وقال في الذكرى: يجوز الاستسقاء بغير صلاة إما في خطبة الجمعة والعيدين، أو في
أعقاب المكتوبات، أو يخرج الامام إلى الصحراء فيدعو والناس يتابعونه، ويستحب
لأهل الخصب الاستسقاء لأهل الجدب بهذين النوعين من الاستسقاء، وفي جوازه
بالصلاة والخطبتين عندي تردد، لعدم الوقوف عليه منصوصا وأصالة الجواز.
1 - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله
خرج إلى المصلى فاستسقى (1).
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: لا يكون الاستسقاء إلا في براز من الأرض
يخرج الامام في سكينة ووقار وخشوع ومسألة، ويبرز معه الناس فيستسقى
لهم (2).
قال: وصلاة الاستسقاء كصلاة العيدين يصلي الامام ركعتين يكبر فيهما كما
يكبر في صلاة العيدين، ثم يرقى المنبر، فإذا استوى عليه جلس جلسة خفية، ثم قام فحول
رداءه فجعل ما على عاتقه الأيمن منه على عاتقه الأيسر، وما على عاتقه الأيسر على عاتقه
الأيمن، كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام وهي من السنة، ثم يكبر الله رافعا صوته
ويحمده بما هو أهله، ويسبحه ويثني عليه، ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 202.
(2) دعائم الاسلام ج 1 ص 202.
292

والتكبر مثل ما يفعل في صلاة العيدين، ثم يستقي ويكبر بعض التكبير مستقبل
القبلة وعن يمينه وعن شماله، ويخطب ويعظ الناس (1).
وعنه عليه السلام أنه قال: ويستحب أن يكون الخروج إلى الاستسقاء يوم الاثنين
ويخرج المنبر كما يخرج للعيدين، وليس فيها أذان ولا إقامة (2).
بيان: خروج المنبر في العيدين غير معهود وباقي الاحكام سيأتي بيانها.
2 - المتهجد والتهذيب والفقيه (3) واللفظ للمتهجد: روى
أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب بهذه الخطبة في صلاة الاستسقاء فقال:
الحمد لله سابغ النعم، ومفرج الهم، وبارئ النسم الذي جعل السماوات
المرساة عمادا، والجبال أوتادا، والأرض للعباد مهادا، وملائكته على أرجائها
وحملة عرشه على أمطائها، وأقام بعزته أركان العرش، وأشرق بضوئه شعاع الشمس
وأطفأ بشعاعه ظلمة العطش، وفجر الأرض عيونا، والقمر نورا، والنجوم بهورا
ثم علا فتمكن، وخلق فأتقن، وأقام فتهيمن، فخضعت له نخوة المستكبر، وطلبت
إليه خلة المتمسكن.
اللهم فبدرجتك الرفيعة، ومحلتك المنيعة، وفضلك البالغ، وسبيلك الواسع
أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، كما دان لك ودعا إلى عبادتك ووفى بعهودك وأنفذ أحكام وأتبع أعلامك، عبدك ونبيك، وأمينك على عهدك إلى عبادك القائم
بأحكامك، مؤيد من أطاعك، وقاطع عذر من عصاك.
اللهم فاجعل محمدا أجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك، وأنضر من أشرق
وجهه لسجال عطيتك، وأقرب الأنبياء زلفة يوم القيامة عندك، وأوفرهم حظا
من رضوانك، وأكثرهم صفوف أمة في جنانك، كما لم يسجد للأحجار، ولم يعتكف
للأشجار، ولم يستحل السبا، ولم يشرب الدماء.
اللهم خرجنا إليك حين فاجئتنا المضايق الوعرة، وألجأتنا المحابس العسرة،

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 203.
(2) دعائم الاسلام ج 1 ص 203.
(3) التهذيب ج 3 ص 151 ط نجف، الفقيه ج 1 ص 235.
293

وعضتنا علائق الشين، فتأثلت علينا لواحق المين، واعتكرت علينا حدابير السنين
وأخلفتنا مخائل الجود، واستظمأنا لصوارخ القود، فكنت رجاء المبتئس، والثقة
للملتمس، ندعوك حين قنط الأنام، ومنع الغمام، وهلك السوام، يا حي يا قيوم
عدد الشجر والنجوم، والملائكة الصفوف، والعنان المعكوف، وأن لا تردنا
خائبين، ولا تؤاخذنا بأعمالنا، ولا تحاصنا بذنوبنا، وانشر علينا رحمتك بالسحاب
المتئق، والنبات المونق، وامنن على عبادك بتنويع الثمرة، وأحى بلادك ببلوغ
الزهرة، وأشهد ملائكتك الكرام السفرة، سقيا منك نافعة دائمة غزرها، واسعا درها
سحابا وابلا سريعا عاجلا، تحيى به ما قد مات، وترد به ما قد فات، وتخرج
به ما هو آت.
اللهم اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلا، متتابعا خفوقه، منبجسة بروقه
مرتجسة هموعه، وسيبه مستدر، وصوبه مسبطر، لا تجعل ظله علينا سموما، وبرده
علينا جسوما، وضوءه علينا رجوما وماءه أجاجا، ونباته رمادا رمددا.
اللهم إنا نعوذ بك من الشرك وهواديه، والظلم ودواهيه، والفقر ودواعيه يا معطي الخيرات من أماكنها، ومرسل البركات من معادنها، منك الغيث المغيث،
وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون من أهل الذنوب، وأنت المستغفر الغفار
نستغفرك للجهالات من ذنوبنا، ونتوب إليك من عوام خطايانا.
اللهم فأرسل علينا ديمة مدرارا، واسقنا الغيث واكفا مغزازا، غيثا واسعا،
وبركة من الوابل نافعة يدافع الودق بالودق دفاعا، ويتلو القطر منه القطر، غير
خلب برقه، ولا مكذب رعده، ولا عاصفة جنائبه، بل ريا يغص بالري ربابه
وفاض فانصاع به سحابه وحرى آثار هيدبه جنابه، سقيا منك محييه مروية،
محفلة متصلة زاكيا نبتها، ناميا زرعها، ناضرا عودها، ممرعة آثارها، جارية
بالخصب والخير على أهلها، تنعش بها الضعيف من عبادك وتحيى بها الميت من بلادك
وتنعم بها المبسوط من رزقك، وتخرج بها المخزون من رحمتك، وتعم بها من
294

ناء من خلقك، حتى يخصب لأمراعها المجدبون، ويحيى ببركتها المسنتون، و
تترع بالقيعان غدرانها، وتورق ذي الآكام رجواتها، ويدهام بذرى الآكام
شجرها وتستحق علينا بعد اليأس شكرا منة من مننك مجللة، ونعمة من نعمك
متصلة، على بريتك المرملة، وبلادك المعرنة، وبهائمك المعملة، ووحشك
المهملة.
اللهم منك ارتجاؤنا، وإليك مآبنا، فلا تحبسه عنا لنبطنك سرائرنا، و
لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك
وأنت الولي الحميد.
ثم بكى عليه السلام فقال:
سيدي صاحت جبالنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، وقنط ناس منا
وتاهت البهائم، وتحيرت في مراتعها، وعجت عجيج الثكلى على أولادها، وملت
الدوران في مراتعها، حين حبست عنها قطر السماء، فدق لذلك عظمها، وذهب
لحمها وذاب شحمها، وانقطع درها اللهم ارحم أنين الآنة، وحنين الحانة ارحم
تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها يا كريم (1).
بيان: " سابغ النعم " أي ذي النعم السابغة الكاملة " وبارئ النسم، النسم
بالتحريك جمع نسمة به (2) وهو الانسان الذي جعل السماوات المرساة عمادا،
المرساة المثبتات وهي عماد لما فوقها من العرض والكرسي والملائكة، وفي التهذيب
والفقيه وغيرهما " جعل السماوات لكرسيه عمادا " فلعله لكونها تحته فكأنها بمنزلة
العماد له " ملائكة على أرجائها " الارجاء جمع ارجاء، وهي الناحية، والضمير
راجع إلى السماوات والأرض، وكذا ضمير أمطائها في قوله " وحملة عرضه على
أمطائها " يحتمل الوجهين.
والأمطاء جمع مطاء وهو الظهر، وروي أن أرجل حملة العرش الأربعة

(1) المصباح المتهجد ص 368.
(2) أي بالتحريك أيضا.
295

على أمطاء الأرض، أو المعنى أنه جعل على ظهرها حملة عرش عمله من الأنبياء
والأوصياء عليهم السلام أو حملة عرش عظمته من الآيات البينات، أو غير ذلك مما يعلمه
الله كما ذكره الوالد قدس سره، وفي أكثر نسخ المصباح " وحمل عرشه على أمطائها
" فالضمير راجع إلى الملائكة وفي أكثر نسخ الحديث كما مر أولا " وأشرق بضوئه "
أي ضوء العرش، ويحتمل إرجاعه إليه تعالى أي الضوء الذي خلقه " شعاع الشمس
" بالرفع لكون الاشراق لازما غالبا أو بالنصب لأنه قد يكون متعديا.
" وأطفأ بشعاعه " أي العرش أو الرب تعالى أو الشمس بتأويل النجم أو راجع
إلى الشعاع على المبالغة، والغطش الظلمة، والمراد هنا الليل المظلم، أو الاسناد على
المجاز " وفجر الأرض عيونا " أي جعل الأرض كلها كأنها عيون منفجرة، وأصله
" وفجر عيون الأرض " فغير للمبالغة " والنجوم بهورا " أي إضاءة أو مضيئا، قال في
القاموس: البهر الإضاءة كالبهور، والغلبة والعجب، وبهر القمر كمنع غلب ضوؤه
ضوء الكواكب.
" ثم علا فتمكن " لعل المعنى أن نهاية علوه وتجرده وتنزهه صار سببا
لتمكنه في خلق ما يريد، وتسلطه على من سواه، وقال الوالد - ره -: ثم علا على
عرش العظمة والجلال، فتمكن بالخلق والتدبير، أو أنه مع إيجاده تلك الأشياء
وتربيتها لم ينقص من عظمته وجلالته شيئا، ولم يزد عليهما شئ " وأقام كل شئ
في مرتبته ومقامه " فتهيمن " فصار رقيبا وشاهدا عليها وحافظا لها.
" فخضعت له نخوة المستكبر " قال في القاموس نخاه ينخوه نخوة افتخر وتعظم
" وطلبت إليه خلة المتمسكن " يقال: طلب إلى إذا رعب والخلة الحاجة والفقر و
الخصاصة، والمسكين من لا شئ له، والضعيف الذليل، وتمسكن صار مسكينا
كل ذلك ذكره الفيروزآبادي.
" فبدرجتك الرفيعة " أي بعلو ذاتك وصفاتك " ومحلتك المنيعة " أي بجلالتك
وعظمتك المانعة من أن يصل إليها أحد أو يدركها عقول الخلائق وأقامهم " وفضلك
البالغ " حد الكمال، وفي بعض النسخ السابغ أي الكامل " وسبيلك الواسع " أي
296

طريقتك وعادتك في الجود والافضال الشامل للبر والفاجر، أو الطريق البين الذي
فتحته لعبادك إلى معرفتك والعلم بشرايعك وأحكامك، وفي بعض النسخ " سيبك "
أي عطائك.
" كما دان لك " أي أطاعك أو تذلل لك " ووفى بعهودك " التي عاهدته عليها من
العبادات وتبليغ الرسالات " وأنفذ " أي أجرى " أعلامك " أي شرايعك وأحكامك
التي جعلتها أعلاما لطريق النجاة " عبدك " الكامل في العبودية " على عهدك إلى عبادك " أي
عهدك الذي عهدته إلى عبادك من تكاليفهم، أو ضمن الأمانة مع الرسالة أي
مرسلا إلى عبادك " ومؤيد من أطاعك " بالعلم والهداية والمال، وفي بعض النسخ
" ومريد " أي يريد الخير والسعادة له " وقاطع عذر من عصاك " بالبينات الواضحات
والمعجزات الظاهرات والصبر على أذاهم وحسن الخلق معهم.
" أجزل " أي أكمل وأعظم من حيث النصيب من رحمتك العظمى من
الأنبياء والأوصياء " وأنضر " أي وأحسن وأبهى و " أشرق وجهه " أضاء، والسجال
جمع السجل وهو الدلو إذا ملئ ماء وذكره لان غسل الوجه بالماء يوجب النضارة
والزلفة القرب والمنزلة، والخط النصيب " وأكثرهم صفوف أمة " كما روي أن
صفوف أمته صلى الله عليه وآله ثمانون ألف صفا، وصفوف باقي الأنبياء أربعون ألفا.
" كما لم يسجد للأحجار " في جماعة سجدوا " ولم يعتكف للأشجار " في
طوائف اعتكفوا لعبادتها " ولم يستحل السبا " هي بالكسر الخمر أو شراؤها و
الأسر أيضا، وحمل الخمر من بلد إلى بلد، والكل محتمل، وإن كان الأول
أظهر " ولم يشرب الدماء " حقيقة لان أهل الجاهلية كانوا يستحلونها، أو أريد به
الجرأة على سفك الدماء بغير حق مجازا، وهو بعيد.
" حين فاجأتنا " أي وردت علينا فجأة، وفي الفقيه " أجاءتنا " أي ألجأتنا
" المضائق الوعرة " بسكون العين في النهج (1) أي الصعبة، وفي نسخ المتهجد
بكسر العين، والأول أفصح، قال الجوهري: جبل وعر بالتسكين، ومطلب وعر

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 141 من قسم الخطب.
297

قال الأصمعي: ولا تقل: وعر، وقال الفيروزآبادي: الوعر ضد السهل
كالوعر وقول الجوهري ولا تقل وعر ليس بشئ انتهى والفقر التالية بالثاني
أنسب.
" وألجأتنا " أي اضطرتنا إلى المجلى إليك " المحابس العسرة " أي الشدايد
التي صعب علينا الصبر عليها " وعضتنا علائق الشين " يقال: عضه وعض عليه أي
أمسكه بأسنانه، والعلائق جمع العلاقة وهي ما يتعلق بالشئ أو يعلق الشئ به و
الشين خلاف الزين، والمشائن المقابح والمعائب أي أوجعتنا الأمور المتعلقة
بقبائح أعمالنا والمترتبة عليها، أو المعاصي الموجبة للشين والعار في الدنيا و
دار القرار.
وفي الفقيه " وعضتنا الصعبة علائق الألسن " أي عضتنا العضة الصعبة الشديدة
المعاصي الصادرة عن الألسن أو آثارها والتخصيص بالألسن لان أكثر المعاصي عنها
لا سيما ما يوجب حبس المطر لما ورد أن معظم أسبابه الجور في الحكم، وروى
هل يكب الناس على مناخرهم في الدنيا إلا حصائد ألسنتهم، وما في المتهجد.
أظهر.
" وتأثلت علينا لواحق المين " وتأثل أي تأصل واستحكم أو عظم، والمين
الكذب أي عظم واستحكم علينا غضبك اللاحق بكذبنا خصوصا على الله ورسوله في
الاحكام " واعتركت علينا حدابير السنين " والاعتكار الازدحام والكثرة والحملة
يقال: اعتكر على أي حمل، وقيل اعتكر علينا أي ردف بعضها بعضا، وفي القاموس اعتكروا
اختلفوا في الحرب والعسكر رجع بعضه على بعض، فلم يقدر على عده، والليل اشتد
سواده والمطر اشتد.
والحدابير جمع حدبار بالكسر وهي الناقة التي بدا عظم ظهرها من الهزال
فشبه بها السنين التي كثر فيها الجدب والقحط، وفي القاموس الحدبار من النوق الضامر
والتي قد يبس لحمها من الهزال، والسنة الجدب، والجمع حدابير " وأخلفتنا "
أي لم تف بوعدها.
298

" مخائل الجود " بالفتح المطر الغزير، وفي بعض النسخ الجود بالضم، ولعله
تصحيف، وإن كان المعنى مستقيما، والمخيلة السحابة الخليقة بالمطر التي تحسبها
ماطرة، قال في القاموس السحابة المخيلة التي تحسبها ماطرة.
وفي المصباح المنير أخالت السحابة إذا رأيتها وقد ظهرت فيها دلايل المطر
فحسبتها ماطرة فهي مخيلة بالضم، اسم فاعل، ومخيلة بالفتح اسم مفعول، لأنها
أحسبتك فحسبتها، وهذا كما يقال: مرض مخيف بالضم اسم فاعل، لأنه أخاف
الناس، ومخوف بالفتح لأنهم خافوه، ومنه قيل اختال الشئ للخير والمكروه إذا
ظهر فيه ذلك، فهو مخيل بالضم.
وقال الأزهري: أخالت السماء إذا تغيمت فهي مخيلة بالضم، وإذا أرادوا السحابة نفسها قالوا مخيلة بالفتح، وعلى هذا فيقال: رأيت مخيلة بالضم لان القرينة
أخالت أي أحسبت غيرها، ومخيلة بالفتح اسم مفعل لأنك ظننتها.
" واستظمأنا لصوارخ القود " وفي بعض النسخ " العود " بالعين المهملة، و
القود بالفتح الخيل والعود بالفتح المسن من الإبل والشاء، والأخير أنسب، وقال
الوالد العلامة قدس سره: أي صرنا عطاشا لصراختها، أو صرنا طالبين للعطش، أي
رضينا بالعطش مع زوال عطشهم، ويحتمل أن يكون الاستفعال للإزالة، أي صرنا
طالبين لإزالة العطش لصوارخها انتهى.
أقول: ويحتمل أن يكون من ظمأ إليه أي اشتاق أي اشتقنا إلى المطر لها
أو من المظمئى وهو النبت الذي يسقيه السماء ضد المسقوى وهو الذي يسقيه السيح
ذكره الفيروزآبادي، ولا يبعد أن يكون تصحيف استطمينا بالطاء المهملة، قال الفيروزآبادي
طما الماء يطمي طميا علا، والنبت طال، وهمته علت والبحر امتلأ انتهى
أي طلبنا كثرة المياه والأعشاب لصوارخها " فكنت رجاء المبتئس " أي ذي البأس
وهو الضر وسوء الحال " والثقة للملتمس " أي الاعتماد مبالغة أو محله للطالب.
" ندعوك حين قنط الأنام بفتح النون وكسرها، وقد يضم: يئس " ومنع الغمام "
299

الغمام جمع غمامة بفتحهما، وهي السحابة، وقيل الغمام السحاب والغمامة أخص
منه، وهي السحابة البيضاء، ومنع في أكثر النسخ على البناء للمفعول أي منعت عن
أن تمطرنا أو تظلنا، فكيف بالأمطار، وإنما بني على المفعول لأنه كره أن يضيف
المنع إلى الله عز وجل وهو منبع النعم ومعدن الكرم، وإنما هو من ثمرات أعمالنا
فاقتضى حسن الأدب عدم ذكر الفاعل، وفي بعض النسخ على البناء للفاعل أي منع
الغمام القطر، فحذف المفعول.
" وهلك السوام " بتخفيف الميم بمعنى السائمة، وهو إبل الراعي " يا حي " بذاته وبك حياة الخلائق " يا قيوم " أي كثير القيام بأمور الخلائق وقيامهم بك و
رزقهم عليك، أو القائم بذاته الذي يقوم به غيره وهو معنى وجوب الوجود " عدد
الشجر " قائم مقام المفعول المطلق لقوله ندعوك دعاء عدد الشجر، أو نقول الاسمين
بهذا العدد وتستحقهما بإزاء كل موجود أحييته أوقمته، والنجوم جمع النجم و
هو ما نجم أي طلع من الأرض من النبات بغير ساق، ويحتمل الكوكب والأول
أنسب كما في قوله تعالى " والنجم والشجر يسجدان " (1) " والملائكة الصفوف "
أي القائمين في السماوات فصفوفا لا تعد ولا تحصى " والعنان المكفوف " العنان
ككتاب سير اللجام الذي يمسك به الدابة، والدابة المتقدمة في السير، وكسحاب
السحاب أو التي لا تمسك الماء، والواحدة بها ذكره الفيروزآبادي، وقال الوالد
قدس سره: المراد هنا السحاب، والمكفوف الممنوع من المطر أي بعدد
السحائب الكثيرة التي أتتنا ولم تمطر، وفيه من حسن الشكاية والطلب ما لا
يخفى انتهى.
وأقول: يحتمل أن يكون المراد الممنوع من السقوط قال الطيبي في شرح
المشكاة في الحديث " السماء موج مكفوف " أي ممنوع عن الاسترسال حفظها الله
أن تقع على الأرض، وهي معلقة بلا عمد، ويمكن أن يكون بالكسر والمراد
أعنة الخيول التي تقام عند الحرب، وتكف لئلا تتجاوز عن الحد، أو مطلق

(1) الرحمن: 6.
300

أعنة الخيل، فان من شأنها أن تكف وما ذكره - ره - أنسب وألطف.
وفي بعض النسخ المعكوف وهو الممنوع من الذهاب في جهة بالإقامة في مكانه
ومنه قوله سبحانه: " والهدى معكوفا أن يبلغ محله " (1) أي محبوسا من أن يبلغ
منحره وهو بالثاني أنسب، وفي بعضها المكشوف وهو بالأول أوفق، والمكفوف
أصح كما في التهذيب والفقيه " وأن لا تردنا " كذا في التهذيب أيضا مع العطف وفي
الفقيه بدونه وهو أظهر، ومعه كأنه معطوف على مقدر كقوله: أن تمطرنا أو
تستجيب لنا.
" ولا تحاصنا بذنوبنا " المحاصة المقاسمة بالحصص، والمراد المقاصة
بالاعمال، بأن يسقط حصة من الثواب لأجل الذنوب، أو يجعل لكل ذنب حصة
من العقاب.
" بالسحاب المتأق " الباء للسببية أو الآلة، والسحاب جمع سحابة وهي الغيم
على ما صرح به الجوهري أو لفيروز آبادي، واسم جنس على ما ذهب إليه كثير من أهل العربية، ومن أن ما يميز واحد بالتاء ليس بجمع بل اسم جنس، وحينئذ
فالوجه في إفراد الصفة وتذكيرها واحد، ومثله قوله تعالى " والسحاب المسخر بين
السماء والأرض " (2) وقد وصف بالجمع في قوله سبحانه: " وينشئ السحاب
الثقال " (3) والمتئق على بناء اسم الفاعل من باب الافعال أي الذي يملا الغدران و
الجباب والعيون، ويمكن أن يقرأ على بناء اسم المفعول أو اسم الفاعل من باب
الافتعال أي الممتلي ماء قال الجزري يقال: أتأقت الاناء إذا ملأته، ومنه حديث
علي عليه السلام أتأق الحياض بمواتحه.
والمونق الحسن المعجب بتنويع الثمرة أي باصلاح أنواعها وفي الصحيفة بايناع
الثمرة أي نضجها، وفي القاموس الزهرة ويحرك النبات، ونوره أو الأصفر منه،

(1) الفتح: 25.
(2) البقرة: 164.
(3) الرعد، 12.
301

والجمع زهر وأزهار.
" وأشهد " أي أحضر كما في بعض النسخ " ملائكتك " قال الكسائي أصل الملك
مألك بتقديم الهمزة من الألوكة، وهي الرسالة، ثم غلبت وقدمت اللام فقيل
ملاك ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فقيل ملك، فلما جمعوه ردوه إلى الأصل
فقالوا ملائكة " الكرام " الأعزاء المقربين لديك والمتعطفين على المؤمنين بالسعي
في معايشهم وساير أمورهم.
" السفرة " أي الكتبة، قال في القاموس السفرة الكتبة جمع سافر، والملائكة
يحصون الاعمال انتهى، أو سفراء يسفرون بالوحي إلى ساير الملائكة، قال الله
تعالى: " في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة " (1) قال البيضاوي
سفرة كتبة من الملائكة أو الأنبياء ينتسخون الكتب من اللوح أو الوحي، أو سفراء
يسفرون بالوحي بين الله ورسله، أو الأمة جمع سافر من السفر، أو السفارة و
التركيب للكشف يقال: سفرت المرأة إذا كشفت وجهها انتهى، إحضارهم هنا إنا
لان يكتبوا تقدير المطر وقدره وموضعه، أو لان يبلغوا الرسالة إلى جماعة من
الملائكة الموكلين بالسحاب المطر، ويحتمل أن يكون المراد إحضار كتبة
الاعمال لمحو الذنوب التي صارت مانعة لنزول المطر لكنه بعيد جدا.
" سقيا منك " أي لسقيا متعلق بأشهد أو بمحذوف أي أعطنا أو اسقنا، والأول
أظهر، ويؤيده ما في الصحيفة السجادية بسقي منك نافع، وفي القاموس سقى الله
الغيث أي أنزله، والاسم السقيا بالضم " دائمة غزرها " كثرتها والظاهر " دائما "
إلا أن تكون التاء للمبالغة، أو يكون بالضم جمع غزر كما في أكثر النسخ، قال
الجوهري: الغزارة الكثرة، وغزرت الناقة كثر لبنها، والاسم الغزر مثال الضرب
والجمع غزر مثل جون وجن، ويظهر من القاموس أنه بالفتح والضم كلاهما
مصدر.
" واسعا درها " أي مطرها وخيرها، وقال الجوهري: الدر اللبن يقال في

(1) عبس 16 - 13.
302

الذم: لا در دره أي لا كثر خيره، وفي المدح لله دره أي عمله، وناقة درور أي
كثيرة اللبن، والدرة كثرة اللبن وسيلانه، وسماء مدرار أي تدر بالمطر، والريح
تدر السحاب وتستدره: أي تستحلبه " سحابا وابلا " أي ذا وابل قال في القاموس
الوبل والوابل المطر الشديد الضخم القطر وفي النهج: " سحا وابلا " كما سيأتي
ولعله كان هكذا، وعلى ما هنا لعل نصبه بنزع الخافض أي بسحاب، أو بفعل مقدر
أي هيج سحابا.
" ما قد مات " أي أشرف على الموت من النبات والحيوان، أو الأراضي
الميتة " ما قد فات " أي لم ينبت لعدم المطر فالرد مجاز أو ما ذبل ويبس من الثمار
ويخص بالنبات، أو يشمل النبات أيضا ويخص الأول بالأراضي، ويحتمل
التأكيد أيضا، وقيل الأول في العروق والثاني وفي الريع والحاصل.
" ما هو آت " أي لم يأت أو انه بعد " غيثا مغيثا " المغيث إما من الإغاثة بمعنى
الإعانة أو من الغيث اي الموجب لغيث آخر بعده، أو المنبت للكلأ، قال في القاموس
الغيث المطر أو الذي يكون عرضه بريدا والكلأ ينبت بماء السماء " ممرعا " أي
ذا مرع وكلاء أو يجد الأرض عند نزوله ذا مرع لشدة تأثيره مبالغة، فان أمرع لم
يأت في اللغة متعديا، قال الفيروزآبادي المريع الخصيب الممراع مرع الوادي
مثلثه الراء مراعة أكلا كأمرع ومرع رأسه بالدهن كمنع أكثر منه كأمرعه، و
أمرعه أصابه مريعا، وقال الطبق محركة من المطر العام، وقال الجلجلة شدة الصوت
وصوت الرعد وسحاب مجلجل.
متتابعا خفوقه " أي اضطراب بروقه أو أصوات رعوده، قال الجوهري خفقت الراية
خفقا وخفقانا وكذلك القلب والسراب إذا اضطربا يقال: خفق البرق خفقانا وهو حفيفها
ودويها، وقال الفيروزآبادي الخفق صوت النعل وخفق النجم خفوقا غاب، والخفوق
اضطراب القلب، وفي بعض النسخ خفوفه بالفائين، وهو أكثر تكلفا.
" منبجسة بروقه " أي يفجر الماء من بروقه أي يصب الماء عقيب كل برق
303

وفي القاموس بجسه تبجيسا فجره فانبجس " مرتجسة هموعه " أي يكون جريانه
ذا صوت ورعد، في القاموس رجست السماء وارتجست رعدت شديدا، قال همعت
عينه همعا وهموعا أسالت الدمع، وسحاب همع ككتف ماطر.
" وسيبه " السيب العطاء، ومصدر ساب أي جرى ذكره الفيروزآبادي " مستدر "
أي كثير السيلان أو النفع " وصوبه مسبطر ": في القاموس الصوب الانصباب، وفيه
اسبطر امتد والإبل أسرعت، والبلاد استقامت، وفي بعض نسخ الفقيه والتهذيب
" مستطر " بفتح الطاء وتخفيف الراء أي مكتوب مقدر عندك نزوله، ولعله
تصحيف.
" لا تجعل ظله علينا سموما " قال في القاموس الظل من السحاب ما وارى الشمس
منه أو سواده، والسموم بالفتح الريح الحارة، وبالضم جمع السم القاتل، أي لا
تجعل سحابه سببا لعذابنا كما عذب به أقوام من الأمم الماضية، عذاب يوم الظلة
قالوا كان غيما تحته سموم، والظلة أو سحابة تظل.
والحسوم بالضم الشوم أو المتتابع إشارة إلى إهلاك قوم عاد بالريح الباردة كما
قال تعالى: " فأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية
أيام حسوما " (1) قال البيضاوي: صرصر أي شديدة الصوت أو البرد غايته، شديدة
العصف حسوما متتابعات جمع حاسم أو نحسات حسمت كل خير واستأصلته، أو
قاطعات قطعت دابرهم، قال: وهي كانت أيام العجوز من صبح أربعاء إلى غروب
الأربعاء الاخر.
" وضوءه علينا رجوما " أي برقه وصاعقته أو عدم إمطاره كما قيل، وهو
بعيد، وفي الصحيفة صوبه، والرجم الرمي بالحجارة والقتل والعيب واللعن " وماءة
أجاجا " أي ملحا مرا ويحتمل أن يكون كناية عن ضرره أو عدم نفعه " رمادا رمددا "
بكسر الراء وسكون الميم وكسر الدال وفتحها معا، وفي بعض النسخ رمدادا على

الحاقة: 7.
304

وزن فعلال بالكسر، قال الفيروزآبادي: المردداء بالكسر والارمداء
كالأربعاء الرماد ورماد أرمد ورمدد كزبرج ودرهم، ورمديد كثير دقيق جدا
أو هالك.
" وهواديه " أي مقدماته من الرياء وساير المعاصي، وفي القاموس الهادي
المتقدم والعنق والهوادي الجمع يقال: أقبلت هوادي الخيل إذا بدت أعناقها " و
دواهيه " أي ما يلزمه من مصيبات الدنيا وعقوبات الآخرة، وفي القاموس دواهي الدهر
نوائبه وحدثانه " ودواعيه " أي ما يستلزمه من الافعال والنيات، كما ورد في
الاخبار، أو نوائبه قال: في القاموس ودواعي الدهر صروفه أي نوائبه وحدثانه.
" من أماكنها " أي من محاله التي قررها الله فيها كالمطر من السماء، و
البركات زيادات الخيرات، ومعادنها محالها التي هي مظنة حصولها منها، والغياث
الاسم من الإغاثة، والمستغاث الذي يفزع إليه في الشدائد.
" والمستغفر " بفتح الفاء للجهالات " من ذنوبنا " من للبيان، فان كل ذنب
تلزمه جهالة بعظمة الرب سبحانه وشدائد عقوبات الآخرة كما حمل عليه قوله تعالى
" إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة " (1) وفي أكثر نسخ الفقيه:
للجمات أي الكثيرات " من عوام خطايانا " أي جميعها، أو الشاملة لجميع الخلق أو
أكثرهم، أو لجميع الجوارح، والأول أظهر، وفي القاموس الديمة بالسكر مطر
يدوم في سكون بلا رعد وبرق، وقال: در السماء بالمطر درا ودرورا، فهي مدرار
ففي الاسناد هنا مجاز.
" واكفا " في القاموس وكف قطر أي متقاطرا " مغرارا " أي كثيرا " وبركة
من الوابل نافعة " بلا فاء وفي بعض النسخ بالقاف أي منتقعة ثابتة في الأرض ينتفع بها
طول السنة، أو من قولهم نقع الماء العطش نقعا ونقوعا أي سكنه " تدافع الودق
بالودق " في بعض النسخ تدافع كما في التهذيب والفقيه والودق المطر أي تكثر المطر بحيث
تتلاقى القطرات في الهواء يدفع بعضها بعضا، ويحتمل أن يكون ضمير الفاعل راجعا

(1) النساء: 17.
305

إلى البركة، وفي بعضها يدافع بالياء، فان قرئ على بناء المجهول يرجع إلى الأول
وإن قرئ على بناء الفاعل فالضمير راجع إلى الله، أو إلى الوابل، أو إلى الغيث،
وفي الجميع تكلف، وفي النهج: " يدافع الودق منها الودق " وهو أظهر.
" غير خلب برقه " الخلب بضم الخاء المعجمة وفتح اللام المشددة الذي لا غيث
معه كأنه خادع، ومنه قيل لمن يعد ولا ينجز إنما أنت كبرق خلب، والخلب
أيضا السحاب الذي لا مطر فيه، وكذا تكذيب الرعد إنما هو بعدم المطر فكأنه
كذب في وعده " ولا عاصفة جنائبه " أي لا تكون رياح جنوبه شديدة مهلكة مفسدة
ويظهر من القاموس أن الجنوب يجمع على جنائب.
" بل ريا يغص بالري ربابه " الري بالكسر الارتواء من الماء والغض
الامتلاء: والغصة ما اعترض في الحق، تقول غصصت بكسر الصاد تغص بفتح العين
والرباب بالفتح السحاب الأبيض، أو السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب قد يكون
أبيض وقد يكون أسود، والواحدة ربابة ذكره الجوهري، والحمل على المبالغة، أي
يكون غيثا مرويا يمتلئ سحابه بالري كأنه اعترض في حلقه لكثرته، ويمكن أن
يكون التخصيص بالسحاب الأبيض أو الرقيق إن أريد هنا خصوصه، المبالغة أي يكون
سحابه الأبيض كذلك فكيف أسوده، فان في الغالب يكون الأبيض أقل ماء، وكذا
الرقيق، ويحتمل أن يراد به هنا مطلق السحاب.
" وفاض فانصاع به سحابه " في القاموس انصاع انفتل راجعا مسرعا أي يكون
غيثا يفيض ويجري منه الماء كثيرا ثم يرجع سحابه مسرعا بالفيضان فالضمير في قوله
" به " راجع إلى الفيضان المفهوم من قوله فاض.
" وجرى آثار هيدبه جنابه " وفي بعض نسخ التهذيب جبابه بالبائين الموحدتين
وهو بالكسر جمع الجب وهو البئر التي لم تطو، وفي القاموس: الهيدب السحاب
المتدلي أو ذيله، وفي الصحاح: هيدب السحاب ما تهدب منه إذا أراد الودق، كأنه
خيوط، والجناب الفناء والناحية والمراد هنا الأرض التي يقع الغيث عليها، فالكلام
يحتمل وجوها:
306

الأول أن يكون نسبة الجريان إلى الجناب أو الجباب على المجاز كقولهم
جرى النهر أي يجري الماء في الأرض أو آبارها عقيب إرادة سحابه الأمطار.
الثاني أن يكون قوله " آثار " منصوبا بنزع الخافض أي جرى الماء في جنابه
لاثار هيدبه أي سحابه المتدلي.
الثالث أن يقرأ آثار بالرفع وجنابه بالنصب على الظرفية أي جرى آثار سحاب
المطر وهي الماء في جنابه ويمكن أن يقرأ هيدبة بالتاء مضافا إلى جنابه لكنه
أبعد.
الرابع أن يقرأ جرى على بناء التفعيل أي أجرى الغيث آثار سحابه في جنابه
والكل بعيد.
" محفلة " أي مالئا للحياض والأودية، في القاموس حفل الماء اجتمع، و
الوادي بالسيل جاء على جنبيه، والسماء اشتد مطره وفي بعض النسخ منجفلة
بالجيم، في القاموس جفل الريح السحاب ضربته واستخفته، وجفل الظليم أسرع،
وأجفلته أنا وريح جفول تجفل السحاب، وانجفل الظل ذهب، والأول
أظهر.
" زاكيا " أي ناميا " ناضرا " من النضارة، وهي الحسن " ممرعة آثارها "
قد مر أن الاسناد مجازي، وفي القاموس نعشه الله كمنعه رفعه كأنعشه، وفلانا
جبره بعد فقر " من ناء " أي بعد منا في أطراف البلاد أي لا يكون مخصوصا بنا و
بمن يلينا.
" حتى يخصب لأمراعها المجدبون " في القاموس الخصب بالكسر كثرة العشب
ورفاعة العيش، وبلد خصيب ومخصب، وقد خصب كعلم وضرب وأخصب وقال:
المريع الخصيب كالممراع، والجمع أمرع أمراع، فيمكن أن يقرأ يخصب على
بناء المجرد والافعال، والمضبوط في أكثر النسخ الثاني، وكذا أمراعها يحتمل
فتح الهمزة وكسرها، والمضبوط الثاني، فيكون مصدرا، والمجدبون المبتلون
بالجدب قال الجوهري أجدب القوم أصابهم الجدب.
307

وقال: أسنت القوم أجدبوا، وأصله من السنة قلبوا الواو تاء ليفرقوا بينه و
بين قولهم أسنى القوم إذا قاموا سنة في موضع، وقال الفراء توهموا أن الهاء أصلية
إذ وجدوها ثالثة فقلبوها تاء.
" وتترع " أن تمتلئ من قولهم ترع الاناء كعلم يترع ترعا امتلأ وأعرته أنا
ذكره الجوهري. ويمكن أن يقرأ على المجهول من باب الافعال أو المعلوم من باب
الافتعال، يقال: اترع الاناء إذا امتلأ، والقيعان جمع القاع، وفي القاموس القاع
أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام، والغدران بالضم جمع الغدير.
" وتورق ذي الآكام رجواتها " في الصحاح أورق الشجر أي خرج ورقه،
والذرى جمع ذروة بالضم فيهما، وهي الاعلى من الشئ والرجوات جمع الرجا
بمعنى الناحية أي تصير رجوات السقيا التي تقع عليها ذات ورق ونبات في ذرى الآكام
أيضا مع بعدها عن الماء، والآكام جمع جمع للأكمة وهي التل، فقوله ذرى
الآكام منصوبة على الظرفية وفي الفقيه: " وتورق ذرى الأكمام زهراتها " وهو أقل
تكلفا أي تصير زهراتها وأنوارها ذوات أوراق في ذرى أكمامها جمع كم بالكسر وهو
وعاء الطلع، ويحتمل أن يكون الأبراق بمعنى التزين والروقة مجازا.
" ويدهام بذرى الآكام شجرها " في الصحاح: الدهمة السواد، وادهام الشئ
أي اسواد قال تعالى: " مدهامتان " أي سوداوان من شدة الخضرة من الري، و
العرب تقول لكل أخضر أسود، وسميت قرى العراق سوادا لكثرة خضرتها " مجللة "
بكسر اللام أي عامة في الصحاح جلل الشئ تجليلا أي عم، والمجلل أي السحاب
الذي يجلل الأرض بالمطر، أي يعم.
" متصلة " وفي بعض النسخ كما في التهذيب والفقيه " مفضلة " اسم مفعول
من الافضال " على بريتك المرملة " المرملة على صيغة الفاعل أي الفقيرة، قال في
النهاية في حديث أم معبد، وكان القوم مرملين أي نفد زادهم، وأصله من الرمل
كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير: الترب.
" وبلادك المعرنة " في أكثر نسخ الكتابين وفي بعض نسخ المتهجد بالعين و
308

الراء المهملتين والنون بفتح الراء أو كسرها بمعنى البعيدة قال الجوهري العران
بعد الدار فيقال: دارهم عارنة أي بعيدة، وفي نسخ بالعين المهملة والزاي
والباء الموحدة، فهو أيضا يحتمل الفتح والكسر، والمعنى قريب مما مر، في
القاموس أعزب بعد وأبعد، والعازب الكلاء البعيد، وفي بعضها بالغين المعجمة و
الراء المهملة من الغروب بمعنى البعد والغيبة، والمعاني متقاربة.
والمعملة اسم مفعول من الاعمال لان الناس يستعملونها في أعمالهم ويقابله
المهملة التي أهملوها وتركوها وحشية في البراري ولا راعى لها، ولا من
يكفلها.
" منك ارتجاؤنا " أي رجاؤنا يقال: ترجيته وارتجيته ورجيته كله بمعنى
رجوته " وإليك مآبنا " أي مرجعنا " فلا تحبسه " أي المطر " عنا لتبطنك سرائرنا "
أي لعلمك ببواطننا وما نسره فيها، في القاموس استبطن أمره أي وقف على دخلته
" فإنك تنزل " مقتبس من قوله سبحانه " وهو الذي ينزل الغيث " (1) الآية.
" صاحت جبالنا " أي جفت ويبست كما سيأتي، وفي بعضها بالضاد المعجمة
في القاموس: ضاحت البلاد خلت، وفي بعضها بالصاد المهملة والخاء المعجمة أي
انخسفت ورسبت في الأرض، وفي الفقيه بالسين المهملة والخاء المعجمة بهذا
المعنى ومرجعه إلى أنه كناية عن فقد الشجر والنبات عليها، فكأنها غير محسوسة
غائرة في الأرض.
" واغبرت أرضنا " لفقد النبات والندى أي تغير لونها إلى الغبرة وهي لون
شبيه بالغبار، ومنه اغبر الشئ اغبرارا إذا كثر غبارها من قولهم اغبر الشئ أي
كثر غباره " وهامت دوابنا " أي عطشت قال الجوهري: الهيمان العطشان، وقوم
هيم أي عطاش أو ذهبت على وجوهها لشدة المحل يقال: هام على وجهه يهيم
هيما وهيمانا إذا ذهبت من العشق وغيره، وتحيرت، فيكون ما سيأتي
كالتفسير له.

(1) الشورى: 28.
309

" وقنط ناس منا " وفي التهذيب والفقيه بعد ذلك " أو من قنط منهم " وهو
يحتمل وجوها الأول أن يكون الترديد من الراوي أي إما قال: قنط ناس منا أو
قال: وقنط من قنط من الناس.
الثاني أن يكون أو بمعنى بلن كما قيل في قوله تعالى: " مائة ألف أو
يزيدون " (1) والترقي لأنه قوله: " ناس " يدل على قلة القانطين، فأضرب عنه
وقال: بل من قنط منهم، لان هذا الابهام يدل على التكثير والتعظيم كما في قوله
تعالى: " وغشيهم من اليم ما غشيهم " (2) أو يكون الترقي لعدم التقييد بقوله
منا أي قنط الناس منا بل قنط من قنط من الناس أعم من أن يكونوا منا
أو من غيرنا.
الثالث أن يكون أو بمعناه وضمير منهم راجعا إلى الكفار والمخالفين أي
إما قنط ناس منا أو من قنط من غيرنا أو يكون الضمير راجعا إلى الناس أعم من
أن يكونوا منا أو من غيرنا، والغرض من هذا الترديد التبهيم على الناس، وعدم
التصريح بقنوط المسلمين فإنه لا يقنط من رحمته سبحانه إلا القوم الضالون.
" وتاهت البهايم " أي تحيرت، في الصحاح: تاه في الأرض ذهب متحيرا
وقوله: " في مراتعها " يحتمل تعلقه بهما معا على التنازع، ورتعت الماشية كمنعت
أي أكلت وشربت ما شاءت في خصب وسعة، وفي بعض النسخ " مرابعها " جمع المربع
وهو منزل القوم في الربيع خاصة، وفي بعضها مراعيها.
وعجت " أي صاحت ورفعت أصواتها، والثكل بالضم فقد الولد، امرأة
ثاكل وثكلى، ورجل ثاكل وثكلان، بالفتح فيهما، وقوله: " على أولادها " الظاهر
تعلقه بعجيج الثكلى، والضمير راجع إليها، ويحتمل تعلقه بعجت وإرجاع الضمير
إلى البهائم، وبهما معا على التنازع.
" وملت الدوران " يقال: مللته ومللت منه أي سئمته أي أعيت وسئمت من

(1) الصافات: 147.
(2) طه: 78.
310

التردد في مراتعها وعدم وجدان شئ فيها " فدق " وفي بعض النسخ " فرق " أي
صار عظمها دقيقا أو رقيقا لذلك " وانقطع دهرا " أو لبنها أو خيرها، والأنين
التأوه، قيل وأصله صوت المريض وشكواه من أو صب والآنة الشاة، والحانة
الناقة يقال: ماله حانة ولا آنة أي ناقة ولا شاة، الحنين الشوق وشدة البكاء، و
صوت الطرب عن حزن، قيل وأصله ترجيع الناقة صوتها أثر ولدها.
" ارحم تحيرها في مراتعها " أي في وقت الرعي " وأنينها في مرابضها " في
الليل عند العود إلى مساكنها لجوعها، والظاهر أنه المراد بالمرابض
للغنم كالمعاطن للإبل، وهو مبركها حول الحوض، واحدها مربض مجلس، وقيل
مربضها كمبرك الإبل، وربوض الغنم والبقر والفرس والكلب كبروك الإبل
وجثوم الطير.
ثم اعلم أن الظاهر أن هذه الخطبة هي الأولى، والثانية كما في الجمعة
والعيد مشتملة على التحميد والثناء والصلوات على الرسول والأئمة صلوات الله
عليهم، وقليل من الوعظ، ثم الدعاء كثيرا، والأولى أن يضيف إليها بعض ما سنذكر
من الخطب المنقولة.
2 - العيون: عن محمد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن زياد وعلي بن محمد بن
سيار، عن أبويهما، عن أبي محمد العسكري، عن آبائه، عن الرضا عليه السلام في حديث
طويل أن المطر احتبس، فقال له المأمون: لو دعوت الله عز وجل، فقال له الرضا
عليه السلام: نعم، فقال: ومتى تفعل ذلك؟ وكان يوم الجمعة، فقال: يوم الاثنين
فان رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا بني
انظر يوم الاثنين وابرز إلى الصحراء واستسق، فان الله عز وجل يسقيهم إلى
أن قال: فلما كان يوم الاثنين خرج إلى الصحراء ومعه الخلائق الخبر (1).
بيان: قطع الأصحاب بأنه يستحب أن يأمر الناس أن يصوموا ثلاثة أيام
ويخرج بهم في الثالث وظاهر بعضهم عدم اشتراط الصوم في تلك الصلاة وهو قريب

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 168.
311

الأحوط مراعاته والمشهور استحباب كون الثالث الاثنين أو الجمعة، ووردت الرواية
بخصوص الاثنين، وعولوا في الجمعة على الروايات العامة في بركة الجمعة، وفي
استحباب صوم الأربعا والخميس والجمعة، ثم الصلاة والدعاء يوم الجمعة لقضاء
الحوائج، ويوم الاثنين فيه شوب تقية لشهرة بركة الاثنين بين المخالفين وكون الخبر
المشهور في ذلك المخاطب فيه محمد بن خالد القشيري وهو من أتباع بني أمية، وهم
كانوا يعظمون الاثنين، وهذا الخبر أيضا فيه بعض هذه الوجوه.
ويمكن أن يقال: النكتة في خصوص الاثنين هنا أن الامام لابد من أن يعلم
الناس بذلك، والاعلام العام إنما يكون يوم الجمعة وثالث الأيام بعده يوم الاثنين
فالعلة فيه هذا، لا بركة الاثنين.
ويمكن حمل الخبرين على ضيق الوقت، وشدة حاجة الناس، وعدم إمكان
التأخير إلى الجمعة الأخرى ويؤيده أن السؤال في هذا الخبر كان في الجمعة وظاهر
خبر محمد بن خالد أيضا ذلك، والقول بالتخيير لا يخلو من قوة.
قال في الذكرى: يستحب أن يأمر الامام الناس في خطبة الجمعة وغيرها بتقديم
التوبة والاخلاص لله تعالى، والانقطاع إليه، ويأمرهم بالصوم ثلاثا عقيبها ليخرجوا
يوم الاثنين صائمين، فإن لم يتفق فيوم الجمعة، وأبو الصلاح - ره - لم يذكر سوى الجمعة
والمفيد ره وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار لم يعينوا يوما ولا ريب في جواز
الخروج ساير الأيام، إنما اختير الجمعة لما ورد أن العبد يسأل الحاجة فتؤخر
الإجابة إلى يوم الجمعة انتهى، والأحوط عدم التعدي عن اليومين.
3 نهج البلاغة: ومن خطبه عليه السلام في الاستسقاء: ألا وإن الأرض
التي تحملكم، والسماء التي تظلكم، مطيعتان لربكم، وما أصبحتا تجودان لكم
ببركتهما، توجعا لكم ولا زلفة إليكم، ولا لخير ترجوانه منكم، ولكن أمرتا
بمنافعكم فأطاعتا، وأقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا.
إن الله يبتلى عباده عند الاعمال السيئة بنقص الثمرات، وحبس البركات،
وإغلاق خزائن الخيرات، ليتوب تائب، ويقلع مقلع، ويتذكر متذكر، ويزدجر
312

مزدجر، وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سببا لدور الرزق، ورحمة الخلق،
فقال: " واستغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا
ويمددكم بأموال وبنين " فرحم الله امرءا استقبل توبته، واستقال خطيئته، وبادر
منيته.
اللهم إنا خرجنا إليك من تحت الأستار والأكنان، وبعد عجيج البهائم
والولدان، راغبين في رحمتك، وراجين فضل نعمتك، وخائفين من عذابك ونقمتك
اللهم فاسقنا غيثك، ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بما فعل
السفهاء منا يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك حين ألجأتنا المضائق
الوعرة، وأجاءتنا المقاحط المجدبة، وأعيتنا المطالب المتعسرة، وتلاحمت علينا
الفتن المستصعبة، اللهم إنا نسئلك أن لا تردنا خائبين، ولا تقلبنا واجمين، ولا
تخاطبنا بذنوبنا، ولا تقايسنا بأعمالنا.
اللهم انشر علينا غيثك وبركتك ورزقك ورحمتك، واسقنا سقيا نافعة مروية
معشبة تنبت بها ما قد فات، وتحيى بها ما قد مات، ناقعة الحيا، كثيرة المجتنى، تروى
بها القيعان، وتسيل بها البطنان، وتستورق الأشجار، وترخص الأسعار إنك
على ما تشاء قدير (1).
توضيح: " تحملكم " في بعض النسخ " تقلكم " (2) على صيغة الافعال، يقال:
أقل الشئ واستقله إذا حمله ورفعه، وكذلك قلة و " تظلكم " أيضا على بناء
الافعال أي ألقى عليكم ظله، والمراد بالسماء السحاب أو معناه الحقيقي، لان
أصل الأمطار أو بعضها من السماء، كما مر في الاخبار، والبركة النماء
والزيادة.

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 141 من قسم الخطب.
(2) وهو الموجود في المصدر المطبوع.
313

وجود السماء ببركتها بنزول المطر منها وإعداد الأرضيات بالشمس والقمر
وغيرهما لحصول المنافع منها، وجود الأرض بخروج الحبوب والثمار وغير ذلك
منها، وتوجعت له أي رثيت له وتألمت لما أصابه، والزلفة بالضم القربة.
وإقامتهما على حدود المصالح تسخيرهما للجري على وجه ينفع العباد تشبيها
بحفظه الثغور ونحوها، وأقلعت عن الامر إقلاعا تركته، وزجرته فازدجر أي
نهيته فانتهى، ودرور الرزق كثرته وعدم انقطاعه ويقال: در السماء بالمطر درا و
درورا فهي مدرار " ورحمة الخلق " عطف على الدرور، وفي بعض النسخ " ورحمة
للخلق " عطفا على سببا.
واستقبال التوبة التوبة التوجه إليها عن رغبة وشوق، واستقالة الخطيئة طلب العفو
عن المعصية التي باع العاصي نفسه وآخرته بها، واشترى العذاب الأليم، تشبيها
بإقالة البيع، والمبادرة المسابقة والاسراع إلى العمل قبل أن تأخذه المنية ولا
يدرك العمل.
ويحتمل أن يكون المراد مسابقة الناس إلى المنية والاسراع إليها شوقا لها
بأن صاروا مستعدا لنزولها بالأعمال الصالحة، كما قال سيد الساجدين عليه السلام " وهب
لنا من صالح الاعمال عملا نستبطئ معه المصير إليك ونحرص له على وشك اللحاق
بك " والأول أظهر، والستر بالكسر ما يستتر به.
" والكن " بالكسر الستر ووقاء كل شئ وذكر الخروج من تحت الأستار
في مقام الاستعطاف، لان الأستار من شأنها أن لا تفارق إلا لضرورة شديدة، ففيه
دلالة على الاضطرار، أو لان الرحمة تنزل من السماء كما قال قال الله تعالى: " وفي
السماء رزقكم وما توعدون " (1) ففي البروز لها استعداد للرحمة، أو لان الاجتماع
لا يتحقق غالبا إلا بالخروج، وهو مظنة الرحمة، وعلى التقادير يدل على استحباب
الاستسقاء تحت السماء والخروج له إلى البراري.
والعجيج الصياح، ورفع البهايم والأطفال أصواتها بالأنين والبكاء، مظنة.

(1) الذاريات: 22.
314

العطف والرحمة، وفيه إيماء إلى ما ذكره الأصحاب من استحباب إخراج البهايم
والأطفال في الاستسقاء، وقد ورد في الحديث القدسي " ولولا شيوخ ركع، وبهائم
رتع وصبية رضع، ولصببت عليكم البلاء صبا ترضون به رضا ".
والمقاحط أماكن القحط أو سنون، والجدب انقطاع المطر " وأعيتنا " أي
أعجزتنا وأتبعتنا، والتحم القتال أي اشتبك واختلط، وحبل متلاحم أي مشدود
الفتل، والفتنة تكون بمعنى العذاب والمحنة، والصعب العسر ونقيض الذلول، و
استصعب عليه الامر أي صعب، ووجم كوعد وجما ووجوما سكت على غيظ، ووجم
الشئ كرهه " ولا تخاطبنا بذنوبنا " أي لا تجعل جوابنا الاحتجاج علينا بذنوبنا، أولا
تنادنا ولا تدعنا يا مذنبين! أولا تخاطبنا خطابا يناسب ذنوبنا.
" ولا تقايسنا بأعمالنا " قياس الشئ ومقايسته به تقدير به، والمعنى
لا تجعل فعلك بنا مناسبا ومشابها لأعمالنا، ولا تجازنا على قدرها، بل تفضل
علينا بالصفح عن الذنوب، ومضاعفة الحسنات، وأعشب المطر الأرض أي أنبتته
والناقعة المروية المسكنة للعطش، والحيا بالفتح والقصر الخصب والمطر، وجنا
الثمرة واجتناها أي اقتطفها، والمجتني الثمرة والمصدر، والقيعان جمع قاع و
هو المستوى من الأرض، والبطنان بالضم جمع باطن وهو مسيل الماء، والغامض
من الأرض، والرخص ضد الغلا يقال: رخص السعر الكرم صار رخيصا، و
أرخصه الله.
4 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال علي عليه السلام: مضت السنة في الاستسقاء أن يقوم الامام فيصلي ركعتين ثم يبسط
يده وليدع (1).
وبهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا بهذا الدعاء
في الاستسقاء: اللهم انشر علينا رحمتك بالغيث العميق، والسحاب الفتيق، ومن على
عبادك بينوع الثمرة، وأحي بلادك ببلوغ الزهرة، وأشهد ملائكتك الكرام السفرة

(1) نوادر الراوندي: 29.
315

بسقيا منك نافعة دائمة غزرة، واسعة دررة، وابلا سريعا وحيا مريعا، تحيي به ما
قد مات، وترد به ما قد فات، وتخرج به ما هو آت، وتوسع لنا في الأقوات، سحابا
متراكما هنيئا مريئا طبقا دفقا غير مضر ودقه، ولا خلب برقه، الله اسقنا غيثا
مغيثا مريعا ممرعا عريضا واسعا غزيرا ترد به النهيض، وتجبر به المهيض.
اللهم اسقنا سقيا تسيل منه الرحاب، وتملا به الجباب، وتفجر به الأنهار،
وتنبت به الأشجار، وترخص به الأسعار في جميع الأمصار، وتنعش به البهائم
والخلق، وتنبت به الزرع، وتدر به الضرع، وتزيدنا قوة إلى قوتنا، اللهم
لا تجعل ظله علينا سموما، ولا تجعل برده علينا حسوما، ولا تجعل صعقه علينا
رجوما، ولا تجعل ماءه بيننا أجاجا، اللهم ارزقنا من بركات السماوات
والأرض (1).
بيان: هذا الدعاء قريب من دعاء الصحيفة الكاملة " بالغيث العميق " أي
الذاهب في عمق الأرض لكثرته، وفي بعض النسخ البعيق بالباء الموحدة ثم العين
المهملة، وفي القاموس البعاق كغراب شدة الصوت ومن المطر الذي يفاجئ بوابل
والسيل وقد بعق الوابل الأرض بعاقا، والجمل بعقا نحوه، والتبعيق التشقيق،
والانبعاق أن ينبعق عليك الشئ فجأة وأنت لا تشعر، وانبعق المزن انبعج
بالمطر.
" والسحاب الفتيق " قال في القاموس فتقه شقه كفتقه فتفتق، والفتق بالتحريك
الخصب وفتق العام كفرح انتهى والمعنى المنفق عن المطر أو يشق الأرض بغيثه
وينع الثمر ينعا وينوعا بالضم حان قطافه كأينع، وفي الصحيفة بايناع الثمرة،
والدرر بكسر الدال جمع درة بالكسر، وي الصب وفي بعض النسخ دره بالفتح
أي كثرته أو خيره، وحيا بالتخفيف والواو للعطف أي مطرا أو بالتشديد كسر الحاء
والواو جزء للكلمة أي سريعا.
" متراكما " أي مجتمعا ملقى بعضه على بعض " هنيئا " أي آتيا من غير تعب.

(1) نوادر الراوندي: 30.
316

" مريئا " أي حسن العاقبة " دفقا " بكسر الفاء مخففا أي صابا للمطر، ويمكن أن
يقرأ بتشديد القاف إما بكسر الفاء أو بفتحها، في القاموس دفقه صبه وهو ماء دافق
أي مدفوق، وفرس دفق كحدب وطمر أي جواد يندفق في مشيته.
" ترد به النهيض " النهيض هو النبات المستوي يقال: نهض النبت إذا استوى
والمعنى ترد النهيض الذي يبس أو بقي على حاله لا ينمو لفقدان الماء إلى النمو
والخضرة والنضارة، أو المراد بالنهيض ما أشرف على النهوض ولا طاقة له عليه،
من قبيل من قتل قتيلا والمهيض المنكسر، من هاض العظم يهيضه هيضا أي كسره
بعد الجبور، فهو مهيض.
" تسيل " على بناء الافعال أو المجرد، فالفاعل الرحاب وهو بالكسر جمع
الرحبة وهي الساحة والمكان المتسع، والجباب بالسكر جمع الجب، وهو البئر
التي لم تطو، والضرع لكل ذات ظلف أو خف بمنزلة الثدي للمرأة ومعنى تدر
تكثر لبنه " ولا تجعل صعقه " أي صاعقته يقال: صعقتهم السماء إذا ألقت عليهم الصاعقة
وفي الصحيفة " صوبه " ولعل ما هنا أنسب.
5 - مجالس الشيخ: عن الحسين بن عبد الله بن إبراهيم، عن التلعكبري
عن محمد بن همام، عن عبد الله الحميري، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن زريق
الخلقاني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قوما أتوا النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله
صلى الله عليه وآله - إن بلادنا قد قحطت، وتأخر عنا المطر، وتواترت علينا
السنون، فادع الله عز وجل أن يرسل السماء علينا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالمنبر
فاخرج واجتمع الناس، فصعد المنبر ودعا، وأمر الناس أن يؤمنوا، فلم يلبث
أن هبط جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد صلى الله عليه وآله أخبر الناس أن ربك قد وعدهم أنهم
يمطرون يوم كذا وكذا في ساعة كذا وكذا.
قال: فلم يزل الناس يتلومون ذلك اليوم وتلك الساعة حتى إذا كانت تلك
الساعة، أهاج الله ريحا فأثارت سحابا وجللت السماء، وأرخت عزاليها، فجاء
317

أولئك النفر بأعيانهم إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول اله، ادع الله أن يكف عنا
السماء، فانا قد كدنا أن نغرق، فاجتمع الناس ودعا النبي صلى الله عليه وآله وأمرهم أن
يؤمنوا، فقال له رجل: يا رسول الله أسمعنا، فان كل ما تقول ليس نسمع، فقال:
قولوا: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم صبها في بطون الأودية، ومنابت الشيح
وحيث يرعى أهل الوبر، اللهم اجعله رحمة ولا تجعله عذابا (1).
وبهذا الاسناد عن زريق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما برقت قط في ظلمة ليل
ولا ضوء نهار إلا وهي ماطرة (2)
بيان: التلوم الانتظار، والعزالى بكسر اللام وفتحها جمع العزلاء، و
هي الفم الأسفل من المزادة، وإرخاء الستار وغيره إرساله، شبه صلى الله عليه وآله اتساع
المطر واندفاقه بما يخرج من فم المزادة، والشيح بالكسر نبت معروف، وفي الكافي
وفي نبات الشجر.
7 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: في دعاء استسقى به: اللهم اسقنا ذلل السحاب
دون صعابها.
قال السيد رضي الله عنه: هذا من الكلام العجيب الفصاحة وذلك أنه عليه السلام
شبه السحاب ذوات الرعود والبوارق والرياح والصواعق بالإبل الصعاب التي
تقمص برحالها، وتتوقص بركابها، وشبه السحاب الخالية من تلك الروايع بالإبل
الذلل التي تحتلب طيعة وتقتعد مسمحة (3).
7 - نهج البلاغة: ومن خطبة له عليه السلام في الاستسقاء: اللهم قد انصاحت
جبالنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، وتحيرت في مرابضها، وعجت عجيج
الثكالى على أولادها، وملت التردد في مراتعها، والحنين إلى مواردها، فارحم أنين

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 308.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 309.
(3) نهج البلاغة تحت الرقم 472 من قسم الحكم.
318

الآنة، وحنين الحانة، اللهم فارحم حيرتها في مذاهبها وأنينها في موالجها.
اللهم خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنين، وأخلفتنا مخائل الجود
فكنت الرجاء للمبتئس، والبلاغ للملتمس ندعوك حين قنط الأنام، ومنع الغمام، و
هلك السوام أن لا تؤاخذنا بأعمالنا، ولا تأخذنا بذنوبنا، وانشر علينا رحمتك
بالسحاب المنبعق، والربيع المغدق، والنبات المونق، سحا وابلا تحيي به ما
قد مات وترد به ما قد فات.
اللهم سقيا منك محيية مروية تامة عامة طيبة مباركة هنيئة مريئة، زاكيا نبتها
ثامرا فرعها، ناضرا ورقها، تنعش بها الضعيف من عبادك، وتحيى بها الميت من
بلادك.
اللهم سقيا منك تعشب بها نجادنا، وتجري بها وهادنا، وتخصب بها جنابنا
وتقبل بها ثمارنا، وتعيش بها مواشينا، وتندى بها أقاصينا، وتستعين بها ضواحينا
من بركاتك الواسعة، وعطاياك الجزيلة على بريتك المرملة، ووحشك المهملة،
وأنزل علينا سماء مخضلة مدرارا هاطلة يدافع الودق منها الودق، ويحفز القطر منها
القطر، غير خلب برقها، ولا جهام عارضها، ولا قزع ربابها، ولا شفان ذهابها،
يخصب لامراعها المجدبون، ويحيى ببركتها المسنتون، فإنك تنزل الغيث من بعد
ما قنطوا، وتنشر رحمتك وأنت الولي الحميد (1).
قال السيد رضي الله عنه قوله عليه السلام: " انصاحت جبالنا " أي تشققت من
المحول، يقال: انصاح الثوب إذا انشق ويقال أيضا انصاح النبت وصاح وصوح
إذا جف ويبس، وقوله عليه السلام: " هامت دوابنا " أي عطشت، والهيام العطش، وقوله
" حدبير السنين " جمع حدبار، وهي الناقة التي أنضاها السير، فشبه بها السنة
التي فشا فيها الجدب، قال ذو الرمة:
حدابير ما تنفك إلا مناخة * على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا
قوله عليه السلام: " ولا قزع ربابها " القزع القطع الصغار المتفرقة من السحاب

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 113 من قسم الخطب.
319

وقوله: " ولا شفان ذهابها " فان تقديره ولا ذات شفان ذهابها والشفان الريح
الباردة، والذهاب الأمطار اللينة، فحذف ذات لعلم السامع به.
أقول: " انصاحت " أي تشققت وجعفت لعدم المطر، و (مواردها) مواضعها
التي كانت تأتيها فتشرب منها، والمذاهب المسالك، والموالج المداخل، والبلاغ
الكفاية، والاخذ بالذنب والمؤاخذة به الحبس والمجازاة عليه والمعاقبة به، ولعل
التغيير للتفنن، وقيل المؤاخذة دون الاخذ بالذنب، لان الاخذ استيصال، و
المؤاخذة عقوبة، وإن قلت.
والبعاق بالضم سحاب يتصبب بشدة، وانبعق السحاب انفرج من المطر و
انشق، والغدق بالتحريك الماء الكثير، وأغدق المطر واغدودق كثر، والمراد
بالربيع إما المطر مجازا أو معناه المعروف على تجوز في التوصيف، كذا ذكره الشراح
وقال الجوهري والفيروز آبادي: الربيع المطر في الربيع، والحظ من الماء للأرض
فلا يحتاج إلى التجوز.
والمونق المعجب، والسح الصب والسيلان من فوق، ونصب الكلمة على
المصدر أو الحالية، ونصب وابلا على الحالية، والمريعة الخصيبة، وثمر الشجر
كنصر وأثمر أي صار فيه الثمر، وقيل الثامر ما خرج ثمره والمثمر ما بلغ أن يجنى
والناضر الشديد الخضرة، والعشب الكلاء الرطب وأعشبت الأرض أنبتته، والنجاد
جمع نجد وهو ما ارتفع من الأرض ونجادنا مرفوع، وربما يقرأ بالنصب فضمير
الفاعل راجع إلى الله سبحانه.
والوهاد جمع وهدة وهي الأرض المنخفضة، والخصب كثرة العشب يقال:
أخصبت الأرض، والجناب بالفتح الفناء والناحية، والثمار يكون مفردا وجمعا
والعيش الحيات، والمواشي جمع الماشية وهي الإبل والغنم، وبعضهم يجعل البقر
أيضا منها، وندي كرضي أي ابتل، وقيل تندى بها أي تنتفع بها، والأقاصي
الأباعد، والقصا والقاصية الناحية، وضاحية كل شئ ناحيته البارزة، والمراد
أهل ضواحينا.
320

والجزيلة العظيمة، والسماء يكون بمعنى المطر، والمطر الجيدة، ومخضلة بتشديد
اللام أي مبتلة، وتأنيث الصفة لظاهر لفظ السماء، وإن أريد به المطر هنا، وهو
كناية عن كثرة المطر، وربما يقرأ مخضلة على بناء اسم الفاعل من باب الافعال
أي التي تخضل النبت وتبله يقال: اخضلت الشئ أي بللته، مدرارا أي كثير
الدرة.
والصب والهطل تتابع المطر الدمع وسيلاته، وحفزه كضربه أي دفعه
بشدة وأصله الدفع من خلف، والجهام بالفتح الذي لا ماء فيه، والعارض السحاب
الذي يعترض في أفق السماء، والقزع بالتحريك قطع من السحاب رقيقة جمع قزعة
بالتحريك أيضا، ولعل المراد بالرباب مطلق السحاب أي لا يكون سحابها متفرقة
بل متصلة عامة، وباقي الفقرات قد مر شرحها.
والخسف أن يحبس الدابة بغير علف، والقفر مفازة لا نبات فيها.
8 - الهداية: صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيدين، وقال أمير المؤمنين عليه السلام
مضت السنة أن لا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء، ولا يستسقى
في المساجد إلا بمكة.
وسئل الصادق عليه السلام عن تحويل النبي صلى الله عليه وآله رداءه إذا استسقى، قال: علامة
بينه وبين أصحابه تحول أجدب خصبا (1).
9 - قرب الإسناد: عن السندي بن محمد، عن أبي البختري وهب بن وهب
القرشي، عن الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: اجتمع عند علي بن أبي طالب
عليه السلام قوم فشكوا إليه قلة المطر، وقالوا: يا أبا الحسن ادع لنا بدعوات في
الاستسقاء، قال: فدعا علي عليه السلام الحسن والحسين فقال للحسن عليه السلام ادع لنا بدعوات
في الاستسقاء فقال الحسن عليه السلام:
اللهم هيج لنا السحاب، تفتح الأبواب بماء عباب، ورباب بانصباب

(1) الهداية: 37 و 38.
321

وإسكاب (1) يا وهاب اسقنا مغدقة مونقة فتح أغلاقها، ويسر أطباقها، وعجل سياقها
بالأندية في بطون الأودية بصوب الماء يا فعال اسقنا مطرا قطرا طلا مطلا مطبقا طبقا عاما
معما دهما بهما رجما رشا مرشا واسعا كافيا عاجلا طيبا مباركا سلاطحا بلاطحا
يناطح الأباطح، مغدودقا مطبوبقا مغرورقا واسق سهلنا وجبلنا، وبدونا وحضرنا
حتى ترخص به أسعارنا، وتبارك لنا في صاعنا ومدنا، أرنا الرزق موجودا والغلاء
مفقودا آمين رب العالمين.
ثم قال للحسين عليه السلام: ادع! فقال الحسين عليه السلام: اللهم يا معطي الخيرات من
مناهلها، ومنزل الرحمات من معادنها، ومجرى البركات على أهلها، منك الغيث
المغيث، وأنت الغياث المستغاث، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب، وأنت المستغفر
الغفار، لا إله إلا أنت، اللهم أرسل السماء علينا لحينها مدرارا واسقنا الغيث
واكفا مغزارا غيثا مغيثا واسعا متسعا مريا ممرعا غدقا مغدقا غيلانا سحا سحساحا بحا
بحاحا سائلا مسلا عاما ودقا مطفاحا يدفع الودق بالودق دفاعا، ويتلو القطر منه قطرا
غير خلب برقه، ولا مكذب رعده، تنعش به الضعيف من عبادك، وتحيى به الميت
من بلادك، وتستحق به علينا من مننك آمين رب العالمين.
فما فرغا من دعائهما حتى صب الله تبارك وتعالى عليهم السماء صبا، قال:
فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله أعلما هذا الدعاء؟ فقال: ويحكم أين أنتم عن
حديث رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول: إن الله أجرى على ألسن أهل بيتي مصابيح
الحكمة (2).
تبيين
هذا الحديث رواه الصدوق في الفقيه (3) مرسلا هكذا " وجاء قوم من أهل
الكوفة، فيحمل على أنهم جاؤوا إلى المدينة لذلك، لان سلمان رضي الله عنه لم يبق

(1) انسكاب ظ، كما في ط الكمباني.
(2) قرب الإسناد ص 28 ط حجر.
(3) الفقيه ج 1 ص 338.
322

إلى زمان خلافة أمير المؤمنين عليه السلام ويؤيده استبعاد الجهلة من الحسنين عليهم السلام ذلك
لأن الظاهر أنه كان لصغر سنهما، وفي الأدعية تصحيفات وتحريفات في الكتابين، و
مضى شرح بعض الفقرات في الخطب المتقدمة، ونوضح سايرها إجمالا.
" تفتح الأبواب " أي أبواب رحمتك، أو أبواب السماء " بماء عباب " الباء
للملابسة أو السببية، وفي القاموس: العباب كغراب معظم السيل وارتفاعه وكثرته
وأمواجه وأول الشئ، وفي النهاية الربابة بالفتح السحابة التي يركب بعضها بعضا
وفي القاموس: سكب الماء سكبا وتسكابا فسكب هو سكوبا وانسكب صبه فانصب
فالاسكاب (1) لا وجه له إلا أن يكون أتى ولم يذكر في كتب اللغة وهو كثير.
" مطبقة " بكسر الباء أي يبل جميع الأرض، أو بالفتح أي يغطى جميع
آفاق السماء " مونقة " أي معجبة، وكذا في الفقيه وفي أكثر نسخ قرب السناد بروقه
أي لاقحة بالمطر أو ذات برق في القاموس برقت المرأة برقا تسحنت وتزينت كبرقت،
والناقة شالت بذنبها وتلقحت وليست بلاقح، فهي بروق، وبرقت السماء لمعت
أو جاءت ببرق، والبروق كجرول شجرة ضعيفة إذا غامت السماء اخضرت الواحدة
بهاء، ومنه أشكر من بروقه، ويمكن أن يقرأ بالهاء ليكون جمع البرق، وفاعل
مطبقة.
" فتح أغلاقها " والاغلاق جمع الغلق وهو ما يغلق به الباب وفتحها كناية
عن رفع موانعها التي منها معاصي العباد " ويسر أطباقها " أي سهل إحاطتها الأرض،
وفي الفقيه " وسهل إطلاقها " أي إرسالها " وعجل سياقها بالأندية " كأن الباء زائدة
فان السياق متعد يقالق: ساق الماشية سياقا.
والأندية جمع الندى وهو المطر والبلل أي عجل إجراء المطر المياه في
بطون الأودية، أو يكون فاعل السياق هو الرب تعالى، فالباء للتعدية أو المصاحبة
ويمكن أن يرتكب فيها تجريد " بصوب الماء " الصوب الانصباب والظرف متعلق
بالسياق وفي الفقيه " يا وهاب بصوب الماء " فيحتمل تعلقه بالوهاب أيضا، وفي
323

بعض النسخ " بضرب الماء " أي جريه من ضرب في الأرض أي ذهب أو أسرع، و
الأول أظهر.
" مطر قطرا " قوله: " قطرا " إما تأكيد للمطر أو المراد به كبير القطر، أو
كثيره، في الصحاح القطر المطر وجمع قطرة، وفي القاموس سحاب قطور ومقطار
كثير القطر، وكغراب عظيمة " طلا " في القاموس الطل المطر الضعيف أو أخف
المطر وأضعفه، أو الندى أو فوقه دون المطر، والحسن والمعجب من ليل وشعر و
ماء وغير ذلك، وأطل عليه أشرف انتهى، والمراد بالطل إما المطر الضعيف،
فيكون طلبا للمطر بنوعيه، فان لكل منهما فائدة في الأشجار والزروع، أو المراد
ذا طل فإنه ما يقع على الأرض من الندى بعد المطر بالليل، أو المراد به الحسن
المعجب.
" مطلا " بفتح الميم والطاء تأكيد أي يكون مظنة للطل أو بضم الميم و
كسر الطاء بهذا المعنى، أو مشرفا نازلا علينا، أو طلا يكون سببا لطل آخر " طبقا "
تأكيد لقوله " مطبقا " قال في النهاية في حديث الاستسقاء اللهم اسقنا غيثا طبقا أي
مالئا للأرض مغطيا لها، يقال: غيث طبق أي عام واسع، وفي القاموس عم الشئ
عموما شمل الجماعة، يقال: عمهم بالعطية وهو معمم خير يعم بخيره وعقله.
" دهما " من قوله دهمك، أي غشيك أو من الدهمة السواد، فان المطر يسود
الأرض، وفي بعض النسخ بالراء، وفي القاموس الرهمة بالكسر المطر الضعيف الدائم
وأرهمت السماء أنت به، وفي النهاية الرهام هي الأمطار الضعيفة، واحدتها رهمة،
وقيل الرهمة أشد وقعا من الديمة.
" بهما " وفي بعض النسخ بهيما وفي بعضها يهمارا وفي القاموس البهيم الأسود
والخالص الذي لم يشبه غيره ويحشر الناس بهما بالضم أي ليس بهم شئ مما كان
في الدنيا نحو البرص والعرج، وفي مجمل اللغة هو المطر الصغير القطر، وفي
القاموس اليهمور الدفعة من المطر، وهمار كشداد السحال السيال، وانهمر الماء
انسكب وسال " رجما " لعله كناية عن سرعته وشدة وقعه وفي الفقيه رجيما وكلاهما
324

بعيدان " رشا مرشا " في الصحاح: الرش المطر القليل، والجمع رشاش، ورشت
السماء وأرشت أي جاءت بالرش " سلاطحا بلاطحا " وفي الفقيه سلاطح بلاطح في
القاموس السلاطح بلاطح اتباع.
" يناطح الأباطح " يناطح في بعض النسخ بالنون وفي بعضها بالباء الموحدة،
فعلى الأول لعله كناية عن جريه في الأباطح بكثرة وقوة كأنه ينطحها بقرنه، وعلى
الثاني المراد أنه يجعل الأبطح أبطحا أو يوسعه في القاموس نطحه أصابه بقرنه، و
فيه البطحاء والأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى، والجمع أباطح وبطاح، وتبطح
السيل اتسع في البطحاء، انبطح الوادي استوسع، وقال أغدق المطر واغدودق
كثر قطره " مطبوبقا " مفعوعل للمبالغة في تطبيق الأرض بالمطر، وكذا " مغرورقا "
من قولهم اغرورقت عيناه، أي غرقتا بالدموع، وهو افعوعل من الغرق، والسهل
ضد الجبل والبدو البادية.
" وتبارك لنا " وفي الفقيه: " به " " في صاعنا ومدنا " لعل المراد أن في
الرخص يسامح الناس في الكيل والوزن ولا يبخسون، فيحصل فيهما البركة، أو
لان في الرخص لا يكثر رغبات الناس فتكون بركة في الطعام، فالمراد به الصاع و
المد المكيل بهما، والأول أظهر، وفي بعض نسخ الفقيه: " في ضياعنا ومددنا "
والمنهل عين ماء ترده الإبل في المراعي، وفي الفقيه: " من مظانها " " على أهلها "
أي من يستحق الرحمة " لحينها " أي في هذا الوقت.
وفي الصحاح الهطل تتابع المطر والدمع وسيلانه، يقال: هطلت السماء
تهطل هطلا وهطلانا وتهطالا وسحاب هطل، ومطر هطل، كثير الهطلان، وديمة
هطلاء " مريئا ممرعا " وفي الفقيه مريعا قال في النهاية: في حديث الاستسقاء اسقنا
غيثا مريئا مريعا يقال: مرأني الطعام وأمرأني إذا لم يثقل على المعدة، وفي
بعض النسخ مربا بالباء الموحدة المشددة في الصحاح: أربت الإبل بمكان كذا أي
لزمته وأقامت به، وأربت الجنوب وأربت السحابة أي دامت وفي النهاية المربع
المخصب الناجع، يقال أمرع الوادي ومرع مراعة.
325

" غيلانا " وفي الفقيه عبابا في الصحاح الغيل الماء الذي يجري على وجه
الأرض " سحا سحساحا " في الصحاح سح الماء يسح سحا: أي سأل من فوق، و
كذلك المطر والدمع، وتسحسح الماء أي سال، ومطر سحساح أي يسح شديدا،
وفي الفقيه بعد ذلك " بسا بساسا مسبلا " وفي الصحاح: البس السوق اللين، و
بسست المال في البلاد فانبس إذا أرسلته فتفرق فيها انتهى أي يكون ذا سوق لين يبس
المطر في البلاد، وفي الصحاح أسبل المطر والدمع إذا هطل، وقال أبو زيد أسلت
السماء، والاسم السبل، وهو المطر بين السحاب والأرض حين يخرج من السحاب
ولم يصل إلى الأرض.
" بحا بحاحا " أي ذا صوت شديد يصير سببا لصياح الناس وبحتهم فرحا
في القاموس: بححت بالسكر أبح بححا إذا أخذته بحة وخشنة وغلظ في صوته، فهو
أبح، وهي بحة وبحاء " سائلا مسيلا " أي جاريا مجريا للسيول " مطفاحا " أي
مالئا للغدران والعيون، في القاموس: طفح الاناء كمنع طفحا وطفوحا امتلأ وارتفع،
وطفحة وأطفحه " وتونق به ذرى الآكام " أي تصير بسببه مونقة معجبة.
10 أقول: ذكر الزمخشري في الفايق خطبة قصيرة في الاستسقاء عن النبي
صلى الله عليه وآله أحببت إيرادها وضمها إلى تلك الخطب، قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله
للاستسقاء فتقدم فصلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، وكان يقرأ في العيدين و
الاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسبح اسم ربك الاعلى، وفي الركعة
الثانية بفاتحة الكتاب وهل أتيك حديث الغاشية، فلما قضى صلات استقبل القوم
بوجهه، وقلب رداءه ثم جثا على ركبتيه ورفع يديه وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي
ثم قال:
اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا غيثا مغيثا، وحيا ربيعا، وجدا طبقا
غدقا مغدقا مونقا عاما هنيئا مريئا مريعا وابلا سابلا مسبلا مجللا؟؟؟؟
نافعا غير ضار عاجلا غير رائث، غيثا تحيي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله
بلاغا للحاضر منا والباد.
326

اللهم أنزل علينا بأرضنا زينتها، وأنزل علينا في أرضنا سكنها، اللهم أنزل علينا
من السماء ماء طهورا فأحي به بلدة ميتا واسقه مما خلقت لنا أنعاما وأناسي كثيرا.
قيل لابن لهيعة: لم قلب رداءه؟ قال: لينقلب القحط إلى الخصب، فقيل له:
كيف قلبه؟ قال: جعله ظهرا لبطن، قيل: كيف؟ قال: حول الأيسر على الأيمن
والأيمن على الأيسر.
الحيا المطر لاحيائه الأرض، الجدي المطر العام الطبق مثله، الغدق و
المغدق الكبير القطر، المونق المعجب، المريع ذو المراعة وهي الخصب، المربع
الذي يربعهم عن الارتياد، من ربعت بالمكان وأربعني، المرتع المنبت ما يرتع فيه
" السابل " من قولهم سبل سابل أي مطر ماطر " المجلل " الذي يجلل الأرض بمائه
أو نباته " الدرر " الدار كقولهم: لحم زيم ودين قيم، الرايث البطئ، السكن
القوت لان السكنى به كما قيل النزل لان النزول يكون به، هذا آخر كلام
الزمخشري.
وأقول: " أنزل علينا " اقتباس من قوله تعالى: " وأنزلنا من السماء ماء
طهورا " (1) أي مطرا " لنحيي به بلدة ميتا " بالنبات وتذكير ميتا لان البلدة في معنى
البلد " ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا " قيل يعني أهل البوادي الذين
يعيشون بالحيا، ولذلك نكر الأنعام والأناسي، وتخصيصهم لان أهل المدن
والقرى يقيمون بقرب القرى والمنابع، فبهم وبما حولهم من الانعام غنية عن سقيا
السماء، والأناسي جمع إنسي واحد الانس، وقيل جمع إنسان بأن يكون أصله أناسين
فقلبت النون ياء كظرابي جمع ظربان.
11 - مجالس الصدوق: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد
ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: أما إنه ليس من سنة أقل مطرا من سنة، ولكن الله يضعه
حيث يشاء، إن الله جل جلاله إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدر لهم

(1) الفرقان: 48.
327

من المطر في تلك السنة إلى غيرهم، وإلى الفيافي والبحار والجبال، وإن الله ليعذب
الجعل في جحرها بحبس المطر من الأرض التي هي بمحلتها، لخطايا من بحضرتها،
وقد جعل الله لها السبيل إلى مسلك سوى محلة أهل المعاصي قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام:
فاعتبروا يا أولى الابصار.
ثم قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كثر الزنا كثر
موت الفجأة، وإذا طفف المكيال أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة
منعت الأرض بركاتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الاحكام
تعاونوا على الظلم والعدوان، وإذا نقضوا العهود سلط الله عليهم عدوهم، وإذا قطعت الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن
منكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم، فيدعو عند ذلك خيارهم
فلا يستجاب لهم (1).
بيان: الجعل بضم الجيم وفتح العين معروف، والتطفيف نقص المكيال.
12 - المجالس: عن علي بن الحسن بن شاذويه، عن محمد بن عبد الله بن جعفر
عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن علي بن الحكم
عن مندل بن علي، عن محمد بن مطرف، عن مسمع عن ابن نباتة، عن علي عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا غضب الله تبارك وتعالى على أمة ولم ينزل بها العذاب
غلت أسعارها، وقصرت أعمارها، ولم تربح تجارها، ولم تزك ثمارها، ولم تغزر
أنهارها، وحبس عنها أمطارها، وسلط عليها شرارها (2).
الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الكوفي، عن
العباس بن معروف، عن رجل، عن مندل بن علي مثله (3).
13 - مجالس الشيخ: عن أبيه، عن المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن

(1) أمالي الصدوق: 185.
(2) أمالي الصدوق: 347.
(3) الخصال ج 2 ص 12.
328

الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيم بن زياد، عن الصادق
عليه السلام مثله (1) وقد مر بأسانيد في باب الذنوب (2).
بيان: " ولم ينزل بها العذاب " أي عذاب الاستيصال " ولم تزك " أي لم تنم.
14 - قرب الإسناد: عن الحسن بن طريف، عن الحسين بن علوان، عن
الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر في العيدين والاستسقاء في الأولى سبعا، وفي الثانية خمسا، ويصلي قبل الخطبة ويجهر
بالقراءة (3).
ومنه: عن السندي بن محمد، عن أبي البحتري، عن الصادق، عن أبيه، عن علي عليه السلام
قال: مضت السنة أنه لا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء ولا يستسقى
في المساجد إلا بمكة (4).
ومنه: بهذا الاسناد، عن علي عليه السلام قال: يكره الكلام يوم الجمعة والامام
يخطب، وفي الفطر الأضحى والاستسقاء (5).
بيان: قال في الذكرى: يستحب الاصحار بها يعني بصلاة الاستسقاء إجماعا
وأما استثناء مكة واستحباب الاستسقاء فيها بالمسجد الحرام فقد ذكره الأكثر و
قال في المنتهى: وهو قول علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم قال في الذكرى: اختصاص
مكة لمزيد الشرف في مسجدها، ولو حصل مانع من الصحراء لخوف وشبهه جازت
في المساجد، وابن أبي عقيل والمفيد وجماعة لم يستثنوا المسجد الحرام وظاهر
ابن الجنيد استثناء المسجدين انتهى والأشهر أظهر للرواية المؤيدة بعمل
الأكثر.

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 204.
(2) راجع ج 73 ص 308 - 365.
(3) قرب الإسناد ص 54 ط حجر
(4) قرب الإسناد ص 64.
(5) قرب الإسناد ص 70.
329

15 - مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن محمد بن
قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن
سعيد، عن ياسر، عن الرضا عليه السلام قال: إذا كذب الولاة حبس المطر، وإذا جار
السلطان هانت الدولة، وإذا حبست الزكاة ماتت المواشي (1).
16 - العلل، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن عبد الله
ابن الصلت، عن أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن رسول
الله صلى الله عليه وآله كان إذا استسقى ينظر إلى السماء ويحول رداءه عن يمينه إلى يساره وعن
يساره إلى يمينه، قال: قلت له: ما معنى ذلك؟ علامة بينه وبين أصحابه تحول
الجدب خصبا (2).
ومنه: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمر، عن محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن
أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سألته لأي علة حول رسول الله صلى الله عليه وآله في صلاة الاستسقاء رداءه الذي على
يمينه على يساره، والذي على يساره على يمينه؟ قال: أراد بذلك تحول
الجدب خصبا (3).
بيان: استحباب تحويل الرداء ذكره الأصحاب وصرح الأكثر بالهيئة المذكورة
في الخبرين: بجعل ما على اليمين على اليسار وبالعكس، وربما يتوهم صدقه بجعل
الاعلى أسفل، أو الظاهر باطنا وبالعكس ولا وجه له بعد التصريح به في النصوص
وقال في الذكرى: ولا يشترط تحويل الظاهر باطنا وبالعكس، والأعلى أسفل وبالعكس،
ولو فعل ذلك فلا بأس.
وقال الشهيد الثاني في الروضة: ولو جعل مع ذلك أعلاه أسفله، وظاهره
باطنه، كان حسنا، ولا يخفى ما فيهما، لا سيما في الأخير، إذا الجمع بين الجميع غير

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 77.
(2) علل الشرايع ج 2 ص 35.
(3) علل الشرايع ج 2 ص 35.
330

ممكن، واجتماع أحدهما معه لابد منه، وما صدر من النبي صلى الله عليه وآله يمكن أن
يكون لعلمه صلى الله عليه وآله باستجابة دعائه، فنبه أصحابه بذلك عليها، وأما فعل غيره
فللتأسي أو للتفؤل، وفعله صلى الله عليه وآله أيضا يحتمل الأخير،
وعلى الأول يحتمل اختصاصه به صلى الله عليه وآله ولكن في موثقة ابن بكير (1) ما يدل على
استحبابه لغيره أيضا.
وأما وقت التحويل فذكر الأكثر أنه بعد الصلاة قبل الخطبة، كما هو ظاهر
خبر محمد بن خالد (2) وغيره، وقال بعض الأصحاب: يحوله بعد الفراغ من الخطبة
وقال المفيد - ره - وسلار وابن البراج: يحول الامام رداءه ثلاث مرات، ولعلها
بعد الفراغ من الصلاة، وبعد الصعود على المنبر، وبعد الفراغ من الخطبة، ولعل
الأولى التحويل قبل الخطبة وبعدها.
وهل يستحب للمأموم التحويل؟ أثبته في المبسوط، ونفاه في الخلاف، واختار
في الذكرى الأول وظاهر الاخبار الثاني، وقال ابن البراج في المهذب: فإذا فرغ
من الخطبة أدار رداءه فجعل ما على يمينه على يساره، وما على يساره على يمينه ثلاث
مرات ثم استقبل وكبر مائة تكبيرة رافعا صوته بها، ويكبر الناس معه ثم يلتفت
على يمينه ويسبح الله سبحانه مائة تسبيحة رافعا صوته بها ويسبح الناس معه كذلك
ثم يلتفت على يساره فيحمد الله مائة تحميدة رافعا صوته بها ويفعل الناس معه ذلك ثم
يقبل بوجهه إلى الناس فيستغفر الله تعالى مائة مرة رافعا صوته بها، ويفعل الناس، ثم
يستقبل القبلة بوجهه فيدعو ويدعو الناس معه.
17 - مجالس ابن الشيخ: عن المفيد عن علي بن بلال، عن النعمان بن أحمد القاضي
عن إبراهيم بن عرفة، عن أحمد بن رشيد بن خثيم الهلالي، عن عمه سعيد، عن
مسلم الغلابي قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: والله يا رسول الله لقد أتيناك
وما لنا بعير يئط ولا غنم يغط، ثم أنشأ يقول:
أتيناك يا خير البرية كلها * لترحمنا مما لقينا من الأزل

(1) التهذيب ج 1 ص 297.
(2) الكافي ج 3 ص 462.
331

أتيناك والعذراء يدمى لبانها * وقد شغلت أم البنين عن الطفل
وألقى بكفيه الفتى استكانة * من الجوع ضعفا لا يمر ولا يحلي
ولا شئ مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل
وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: إن هذا الاعرابي يشكو قلة المطر، و
قطحا شديدا، ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، فكان فيما
حمده به أن قال:
الحمد لله الذي علا في السماء فكان عاليا، وفي الأرض قريبا دانيا، أقرب إلينا
من حبل الوريد:
ورفع يديه إلى السماء وقال:
اللهم أسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا عاجلا غير رايث نافعا غير
ضار، تملؤ به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيى به الأرض بعد موتها.
فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالإكليل، وألقت السماء
بأرواقها، وجاء أهل البطاح يصيحون: يا رسول الله الغرق الغرق، فقال رسول الله:
اللهم حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن السماء، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله و
قال: لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه، ومن ينشدنا قوله؟ فقام عمر بن
الخطاب: فقال: عسى أردت يا رسول الله:
وما حملت من ناقة فوق ظهرها * أبر وأوفى ذمة من محمد
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس من هذا من قول أبي طالب، هذا من قول حسان
ابن ثابت، فقام علي عليه السلام فقال: كأنك أردت يا رسول الله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ربيع اليتامى عصمة للأرامل
تلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل
كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نماصع دونه ونقاتل
ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل أبنائنا والحلائل
332

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أجل، فقام رجل من بنى كنانة
فقال:
لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر
دعا الله خالقه دعوة * وأشخص منه إليه البصر
فلم يك إلا كإلقا الردا * وأسرع حتى أتانا الدرر
دفاق العزائل جم البعاق * أغاث به الله عليا مضر
فكان كما قاله عمه * أبو طالب ذا رواء أغر
به الله يسقي صيوب الغمام * فهذا العيان وذاك الخبر
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا كناني بواك الله بكل بيت قلته بيتا
في الجنة (1).
ايضاح: قال الجزري في حديث الاستسقاء عجلا غير رايث أي غير بطئ
متأخر، راث علينا خبر فلان يريث إذا أبطأ، وقال: كل ما احتف بالشئ من
جوانبه فهو إكليل، وقال في حديث الاستسقاء اللهم حوالينا ولا علينا يقال: رأيت
الناس حوله وحواليه أي مطيفين به من جوانبه، يريد اللهم أنزل الغيث في مواضع النبات
لا في مواضع الأبنية، وقال الجوهري يقال: قعدوا حوله وحواله وحواليه، ولا تقل حواليه
بكسر اللام، وقال الجزري: في حديث الاستسقاء فانجاب السحاب عن المدينة حتى
صارت كالإكليل أي تجمع وتقبض بعضه إلى بعض وانكشف عنها، وقد مر
شرح ساير أجزاء الخبر في باب أحوال أبى طالب عليه السلام وباب استجابة دعوات
النبي صلى الله عليه وآله (2).
18 - فقه الرضا: قال عليه السلام اعلم يرحمك الله أن صلاة الاستسقاء ركعتان بلا أذن
ولا إقامة، يخرج الامام يبرز إلى ما تحت السماء ويخرج المنبر والمؤذنين أمامه
فيصلى بالناس ركعتين، ثم يسلم ويصعد المنبر فيقلب رداءه الذي على يمينه على

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 72 - 74، وتراه في أمالي المفيد ص 178.
(2) راجع ج 18 ص 1 - 3.
333

يساره والذي لي يساره علي يمينه مرة واحدة، ثم يحول وجهه إلى القبلة فيكبر
مائة تكبيرة يرفع بها صوته، ثم يلتفت عن يمينه ويساره إلى الناس فيهلل مائة مرة
رافعا صوته، ثم يرفع يديه إلى السماء فيدعوا الله ويقول:
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مجللا طبقا مطبقا
جللا مونقا راحبا غدقا مغدقا طيبا مباركا هاطلا مهطلا متهاطلا رغدا هنيئا مريئا
دائما رويا سريعا عاما مسيلا نافعا غير ضار، تحيى به العباد والبلاد، وتنبت به
الزرع والنبات، وتجعل فيه بلاغا للحاضر منا والباد، اللهم أنزل علينا من
بركات سمائك ماء طهورا، وأنبت لنا من بركات أرضك نباتا مسقيا، وتسقيه مما
خلقت أنعاما وأناسي كثيرا، اللهم أرحمنا بالمشايخ ركعا، والصبيان رضعا، و
البهائم رتعا، والشبان خضعا.
قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يدعو عند الاستسقاء بهذا الدعاء يقول:
يا مغيثا يا معيننا على ديننا ودنيانا بالذي تنشر علينا من الرزق، نزل بنا
عظيم لا يقدر على تفريجه غير منزله، عجل على العباد فرجه، فقد أشرفت الأبدان
على الهلاك، فإذا هلكت الأبدان هلك الدين، يا ديان العباد، ومقدرا مورهم
بمقادير أرزاقهم، لا تحل بيننا وبين رزقك، وما أصبحنا فيه من كرامتك، معترفين
به، قد أصيب من لا ذنب له من خلقك بذنوبنا، ارحمنا بمن جعلته أهلا لاستجابة
دعائه حين سألك، يا رحيم لا تحبس عنا ما في السماء، وانشر علينا نعمك، وعد
علينا برحمتك، وابسط علينا كنفك، وعد علينا بقبولك، واسقنا الغيث، ولا تجعلنا
من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تؤاخذنا بما فعل المبطلون، وعافنا يا رب
من النقمة في الدين، وشماتة القوم الكافرين، يا ذا النفع والنصر، إنك إن
أجبتنا فبجودك وكرمك، ولاتمام ما بنا من نعمائك، وإن ترددنا فبجنايتنا على
أنفسنا، فاعف عنا قبل أن تصرفنا، وأقلنا واقلبنا بانجاح الحاجة يا الله.
بيان: " بلا أذان ولا إقامة " لا خلاف فيه، وقال في الذكرى أذانهما أن يقول
الصلاة ثلاثا ويجوز النصب باضمار احضروا، وشبهه، والرفع باضمار مبتدء أو
334

خبر، وقال بعض العامة: يقول الصلاة جامعة، ولا مانع منه، ويجوز فيه رفعهما
ونصبهما، ونصب الأول ورفع الثاني، وبالعكس انتهى.
وقوله: " أمامه " يحتمل تعلقه باخراج المنبر أيضا، قال في الذكرى: قال
السيد المرتضى - ره - وابن الجنيد وابن أبي عقيل: ينقل المنبر فيحمل بين يدي الامام
إلى الصحراء، وقد رواه مولى محمد بن خالد (1) عن الصادق عليه السلام وقال ابن إدريس:
الأظهر في الرواية أنه لا ينقل، بل يكون كمنبر العيد معمولا من طين، ولعل
الأول أولى، لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله أخرج المنبر في الاستسقاء، ولم يخرجه
في العيد، قال: ويستحب أن يخرج المؤذنون بين يدي الامام بأيديهم العنز.
وأما التسبيحات فالمشهور بين الأصحاب أنه يستحب أن يستقبل القبلة بعد
الصلاة والتحويل قبل الخطبتين، ويكبر الله مائة مرة رافعا بها صوته، ويسبح
مائة عن يمينه كذا، ويهلل مائة عن يساره، ويستقبل الناس، ويحمد الله مائة مرة
وقال المفيد: يكبر إلى القبلة مائة وإلى اليمين مسبحا وإلى اليسار حامدا، و
يستقبل الناس مستغفرا مائة مائة، والصدوق وافق في التكبير والتسبيح وجعل التهليل
مستقبلا للناس والتحميد إلى اليسار، ونسب في الذكرى القول بأن الأذكار بعد
الخطبة إلى المشهور وظاهر هذه الرواية ورواية محمد بن خالد الأول، وجوز الشهيد
في البيان الامرين ولا يخلو من قوة.
والمشهور متابعة المأمومين للامام بالأذكار وفي رفع الصوت لا في التحول إلى
الجهات، وعن ابن الجنيد أنهم يتابعون في التسبيح لا في رفع الصوت، وظاهر الاخبار
اختصاص الجميع بالامام.
ثم ظاهر الأصحاب أن الخطبة هنا كالعيدين خطبتان إلا أن فيهما يدعو
بالمغفرة والاستعطاف ونزول المطر، وكذا في القنوتات، واستدل عليه بالتشبيه
بصلاة العيد، وظاهر الاخبار الاكتفاء بخطبة واحدة مشتملة على الدعاء والاستغفار
ومتابعة القوم أحوط، وقد تنبه لذلك في الذكرى، وإن كان عدل عنه تبعا للمشهور

(1) التهذيب ج 1 ص 297.
335

حيث قال: الظاهر أن الخطبة الواحدة غير كافية، بل يخطب اثنتين تسوية بينها وبين
صلاة العيد.
وأقول: التسوية والتشبيه في الصلاة لا يستلزم المساواة في كيفية الخطبة،
لأنها خارجة عن الصلاة.
وقد ورد في بعض الأخبار الجلوس عند الاستسقاء، ولعله محمول على
الأدعية، بعد الخطبة، والاحتياط بالقيام فيها للخطبة، إذ الجلوس فيها من بدع
معاوية لعنه الله.
والجلل بالتحريك الامر العظيم " راحبا " أي واسعا، وفي بعض النسخ
" واجبا " أي لازما، وفي بعضها " واصبا " أي دائما وهو أظهر، ويقال: عيشة رغد
بالفتح ورغد بالتحريك أي واسعة طيبة " نباتا مسقيا " بالتشديد على بناء المفعول و
في بعض النسخ مسبغا على المفعول أيضا من الاسباغ، بمعنى الاكمال " كنفك " أي
حفظك وحياطتك، وفي بعض النسخ " رزقك " وهو أظهر.
19 - المكارم: في الرعد والصواعق قال: إذا سمعت صوت الرعد و
رأيت الصواعق فقل: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا
قبل ذلك.
وفي المطر إذا أمطرت السماء فقل: صبا هنيئا.
عن الصادق عليه السلام قال: إذا هبت الرياح فأكثر من التكبير، وقل " اللهم إني
أسئلك خير ما هاجت به الرياح وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها
اللهم اجعلها علينا رحمة وعلى الكافرين عذابا، وصلى الله عليه وآله (1).
20 - اعلام الدين: قال الصادق عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله
تعالى يبتلي عباده عند ظهور الاعمال السيئة بنقص الميراث، وحبس البركات، و
إغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب، ويقلع مقلع، ويتذكر متذكر، ويزدجر

(1) مكارم الأخلاق: 405.
336

مزدجر، وقد جعل الله تعالى الاستغفار لدور الأرزاق ورحمة الخل، فقال
سبحانه: " واستغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * و
يمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ".
فرحم الله عبدا قدم توبته، واستقال عثرته، وذكر خطيئته، وحذر منيته، فان
أجله مستور عنه، وأمله فادع له، والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها
ويمنيه التوبة ليسوفها، حتى تهجم عليه منيته أغفل ما يكون عنها، فيا لها حسرة
على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، وأن تؤديه أيامه إلى شقوة.
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تحل به بعد
الموت ندامة ولا نقمة.
بيان: " قدم توبته " أي على موته أو على وقت سيحضر " ويمنيه التوبة "
أي يجعلها في أمانيه، ويقول ستفعلها، والتسويف أن يقول في نفسه سوف أفعل، و
أكثر ما يستعمل في الوعد الذي لا إنجاز له " أغفل " منصوب على الحالية " فيها لها حسرة "
الضمير مبهم وحسرة تمييز له، واللام قيل للاستغاثة، أي يا للحسرة على الغافلين
ما أكثرك، وقيل بل لام الجر فتحت لدخولها على الضمير، والمنادى محذوف
تقديره يا قوم أدعوكم لها لتقضوا التعجب من هذه الحسرة، وأن في موضع النصب بحذف
الجار كأنه قيل لماذا تقع الحسرة عليهم؟ فقال: على كون أعمارهم حجة عليهم يوم
القيامة، والبطر الطغيان عند النعمة.
21 - مشكاة الأنوار: (1) نقلا من محاسن البرقي، عن الباقر عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس خصال إن أدركتموها فتعوذوا بالله من النار: لم تظهر
الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن
في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا اخذوا بالسنين وشدة المونة
وجور السلطان، ولم يمنع الزكاة إلا منع القطر من السماء، فلولا البهائم لم يمطروا
ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم

(1) مشكاة الأنوار: 148.
337

ولم يحكموا بغير ما أنزل إلا جعل بأسهم بينهم.
22 - قرب الإسناد: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تشيروا إلى المطر ولا إلى الهلال، فان الله
يكره ذلك (1).
بيان: يحتمل أن يكون المراد الإشارة على وجه التعجب كما يقال: ما أحسن
هذا الهلال؟ وما أغزر هذا المطر! فإنه ينبغي أن يشتغل عندهما بالذكر والدعاء
أو المراد الإشارة والتوجه إليهما حالة الدعاء، بل ينبغي أن يستقبل القبلة ويدعو
وقد مر الكلام فيه.
23 - معاني الأخبار: عن أحمد بن زياد الهمداني، عن علي بن إبراهيم
عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: ثلاثة من عمل الجاهلية: الفخر بالأنساب، والطعن بالأحساب، والاستسقاء
بالأنواء (2).
توضيح
قال في الذكرى: لا يجوز نسبة الأمطار إلى الأنواء بمعنى أنها مؤثرة، أو
أن لها مدخلا في التأثير، لقيام البرهان على أن ذلك من فعل الله تعالى، وتحقق
الاجماع عليه، ولأنها تختلف كثيرا وتتقدم وتتأخر.
ولو قال غير معتقد: مطرنا بنوء كذا، قال الشيخ لا يجوز لنهي النبي صلى الله عليه وآله
عن ذلك في رواية زيد بن خالد الجهني قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الصبح
بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف استقبل الناس فقال: هل تدرون
ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال أصبح من عبادي مؤمن بي
وكافر بالكوكب، وكافر بي ومؤمن بالكوكب، من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته
فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي

(1) قرب الإسناد ص 36 ط حجر.
(2) معاني الأخبار ص 326.
338

ومؤمن بالكوكب.
وهو محمول على ما قدمناه من اعتقاد مدخليته في التأثير، والنوء سقوط
كوكب في المغرب وطلوع رقيبه من المشرق، ومنه الخبر من أمر الجاهلية الأنواء
قال أبو عبيد: هي ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة يسقط في
كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب ويطلع آخر يقابله من ساعته، وانقضاء هذه
الثمانية والعشرين مع انقضاء السنة فكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم
وطلع آخر قالوا لابد من أن يكون عند ذلك مطر فينسبون كل غيث يكون عند
ذلك إلى النجم، فيقولون مطرنا بنوء كذا وإنما سمي نوء لأنه إذا سقط الساقط
منها بالمغرب، ناء الطالع بالمشرق ينوء نوء كذا وأراد به فيه، أي في وقته، وأنه
من فعل الله تعالى، وفقد قيل لا يكره لأنه ورد أنه الصحابة استسقوا بالمصلى ثم
قيل كم بقي من نوء الثريا؟ فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق
سبعا بعد وقوعها فما مضت السبع حتى غيث الناس ولم ينكر أحد ذلك.
24 - المقنعة للمفيد والمهذب لابن البراج: قال في الاستسقاء بعد
الصلاة والخطبة والتسبيحات: ثم تحول وجهه إلى القبلة فدعا ودعا الناس
معه فقال: اللهم رب الأرباب، ومعتق الرقاب، ومنشي السحاب، ومنزل القطر من
السماء، ومحيي الأرض بعد موتها، يا فالق الحب والنوى، ويا مخرج الزرع
والنبات، ومحيي الأموات، وجامع الشتات، اللهم اسقنا غيثا مغيثا غدقا مغدقا
هنيئا مريئا تنبت به الزرع وتدر به الضرع وتحيى به الأرض بعد موتها وتسقى
به مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا.
25 - البلد الأمين (1) وجنة الأمان: أفضل القنوت في صلاة الاستسقاء
ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وهو " أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الرحمن

(1) البلد الأمين: 166.
339

الرحيم، ذو الجلال والاكرام، وأسئله أن يتوب علي توبة عبد ذليل، خاضع فقير
بائس مسكين مستكين، لا يملك لنفسه ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا
اللهم معتق الرقاب، ورب الأرباب، ومنشئ السحاب، ومنزل القطر من السماء
إلى الأرض بعد موتها، فالق الحب والنوى، ومخرج النبات وجامع الشتات، صل على محمد
وآل محمد، واسقنا غيثا مغيثا غدقا مغدقا هنيئا مريئا تنبت به الزرع، وتدر به الضرع
وتحيى به مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا، اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر
رحمتك، وأحي بلادك الميتة (1).
26 - البلد الأمين: قال يستحب الخروج بسكينة خاشعا متبذلا متنظفا
لا متطيبا ثم قال: متبذلا أي لابس البذلة، وهي ما يمتهن من الثياب دون ثياب الصون
والتجمل، لأنه يوم خشوع واستكانة لا يوم سرور وزينة، فلهذا لا يتطيب بل
يتنظف من الروايح الكريهة التي تؤذي مجاوره وتمنعه من الاقبال على الخشوع و
التوجه إليه تعالى (2)
أقول: تخصيص ما مر من عمومات التطيب والتجمل للصلاة بهذه
الوجوه مشكل.

(1) مصباح الكفعمي: 416.
(2) البلد الأمين: 166.
340

* (باب 2) * *
* (صلاة الحاجة ودفع العلل والأمراض) *
* (في ساير الأوقات) *
الآيات: البقرة: واستعينوا بالصبر والصلاة (1).
تفسير: قال الطبرسي - ره -: عن أئمتنا عليهم السلام أن المراد بالصبر
الصوم، وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا حزنه أمر استعان بالصلاة والصوم وروي عن
الصادق عليه السلام أنه قال: ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غم من غموم الدنيا أن يتوضأ
فيدخل المسجد فيركع ركعتين، يدعو الله فيهما، أما سمعت الله يقول: واستعينوا
بالصبر والصلاة " (2).
أقول: والاخبار في ذلك كثيرة سيأتي بعضها.
1 - مجالس الصدوق: عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين
السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن سالم
عن المفضل، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إذا قام العيد نصف الليل بين يدي
ربه جل جلاله فصلى له أربع ركعات في جوف الليل المظلم ثم يسجد سجدة الشكر
بعد فراغه، فقال: ما شاء الله مائة مرة، ناداه الله جل جلاله من فوقه عبدي
إلى كم تقول ما شاء ما شاء الله؟ أنا ربك وإلى المشية، وقد شئت قضاء حاجتك
فسلني ما شئت (3).
2 - قرب الإسناد: عن هارون بن مسلم، عن مسعدة قال: سمعت جعفرا

(1) البقرة: 45.
(2) مجمع البيان ج 1 ص 99.
(3) أمالي الصدوق ص 144.
341

عليه السلام يملي على بعض التجار من أهل الكوفة في طلب الرزق فقال له: صل
ركعتين متى شئت، فإذا فرغت من التشهد قلت: توجهت بحول الله وقوته بلا حول
مني ولا قوة، ولكن بحولك يا رب وقوتك أبرأ إليك من الحول والقوة إلا ما
قويتني، الهم إني أسئلك بركة هذا اليوم، وأسئلك بركة أهل، وأسئلك أن
ترزقني من فضلك رزقا واسعا حلالا طيبا مباركا تسوقه إلى في عافية بحولك وقوتك
وأنا خافض في عافية، يقول ذلك ثلاث مرات (1).
3 - الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري
عن محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن
الباقر عليه السلام قال: إذا كان للمرأة على الله حاجة صعدت فوق بيتها وصلت ركعتين
وكشفت رأسها إلى السماء فإنها إذا فعلت ذلك استجاب الله لها ولم يخيبها (2).
4 - العيون: عن أحمد بن زياد الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه
عن عبيد الله بن صالح قال: حدثني صاحب الفضل بن ربيع قال: كنت ذات ليلة في
فراشي مع بعض جواري، فلما كان في نصف الليل سمعت بركة بال المقصورة، فراعني
ذلك، فقالت الجارية: لعل هذا من الريح، فلم يمض إلا يسير حتى رأيت باب
البيت الذي كنت فيه قد فتح وإذا هو مسرور الكبير قد دخل علي، فقال لي: أجب
ولم يسلم على، فيئست من نفسي وقلت: هذا مسرور ودخل إلي بلا إذن ولم
يسلم، ما هو إلا القتل، وكنت جنبا فلم أجسر أن أسأله إنظاري حتى أغتسل، فقالت
لي الجارية لما رأت تحيري وتبلدي: يق بالله عز وجل، وانهض.
فنهضت ولبست ثيابي وخرجت معه حتى أتيت الدار فسلمت على أمير المؤمنين
وهو في مرقده، فرد على السلام فسقطت، فقال: تداخلت رعب؟ قلت نعم يا أمير
المؤمنين فتركني ساعة حتى سكنت ثم قال لي: صر إلى حبسنا فأخرج موسى بن جعفر

(1) قرب الإسناد ص 3.
(2) الخصال ج 2 ص 142 في حديث.
342

ابن محمد، وادفع إليه ثلاثين ألف درهم، واخلع عليه خمس خلع، واحمله
على ثلاثة مراكب، وخيره بين المقام معنا والرحيل عنا إلى أي بلد أراد
وأحب.
فقلت: يا أمير المؤمنين تأمر باطلاق موسى بن جعفر؟ فكررت ذلك عليه ثلاث
مرات فقال: نعم، ويك أتريد أن أنكث العهد؟ فقلت: يا أمير المؤمنين وما العهد؟
قال: بينا أنا في مرقدي هذا إذ ساورني أسود ما رأيت من السوادان أعظم منه، فقعد
على صدري، وقبض على حلقي، وقال لي: حبست موسى بن جعفر ظالما له؟ فقلت
فأنا أطلقه وأهب له وأخلع عليه، فأخذ على عهد الله عز وجل وميثاقه، وقام عن
صدري، وقد كادت نفسي تخرج.
فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر عليه السلام وهو في حبسه، فرأيته قائما
يصلي، فجلست حتى سلم ثم أبلغته سلام أمير المؤمنين، وأعلمته بالذي أمرني به في
أمره، وأني قد أحضرت ما وصله به، فقال: إن كنت أمرت بشئ غير هذا فافعله،
فقلت: لا وحق جدك رسول الله صلى الله عليه وآله ما أمرت إلا بهذا، فقال لي لا حاجة لي في
الخلع والحملان والمال إذا كانت فيه حقوق الأمة، فقلت: ناشدتك بالله أن ترده
فيغتاظ، فقال: اعمل به ما أحببت وأخذت بيده عليه السلام وأخرجته
من السجن.
ثم قلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة
من هذا الرجل، فقد وجب حقي عليك لبشارتي إياك، ولما أجراه الله على يدي من
هذا الامر، فقال عليه السلام: رأيت النبي ليلة الأربعا في النوم، فقال لي: يا موسى أنت
محبوس مظلوم، فكرر ذلك على ثلاثا، ثم قال: " وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى
حين " أصبح غدا صائما وأتبعه بصيام الخميس والجمعة، فإذا كان وقت الافطار،
فصل اثنتي عشر ركعة تقرأ في كل ركعة الحمد واثنتي عشرة مرة قل هو الله أحد
فإذا صليت منها أربع ركعات فاسجد ثم قل: " يا سابق الفوت، يا سامع كل صوت
343

يا محيي العظام وهي رميم بعد الموت، أسئلك باسمك العظيم الأعظم أن تصلي على
محمد عبدك ورسولك وعلى أهل بيته الطيبين، وأن تعجل لي الفرج مما أنا فيه " ففعلت
فكان الذي رأيت (1).
5 - العيون: عن علي بن عبد الله الوراق والحسين بن إبراهيم المكتب وحمزة
العلوي وأحمد بن زياد الهمداني جميعا عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن
عبد الله بن صالح الهروي قال: وحدثنا جعفر بن نعيم بن شاذان، عن أحمد بن إدريس
عن إبراهيم بن هاشم، عن الهروي قال: رفع إلى المأمون أن الرضا عليه السلام يقعد
مجالس الكلام والناس يفتنون بعلمه، فأمر محمد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون
فطرد الناس عن مجلسه وأحضره.
فلما نظر إليه المأمون زبره واستخف به، فخرج أبو الحسن عليه السلام من عنده
مغضبا وهو يدمدم شفتيه، ويقول: وحق المرتضى وسيدة النساء، لأستنزلن من
حول الله عز وجل بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد (كلاب) أهل هذه الكورة إياه
واستخفافهم به، وبخاصته وعامته.
ثم إنه عليه السلام انصرف إلى مركزه واستحضر الميضاة وتوضأ وصلى ركعتين،
وقنت في الثانية فقال:
اللهم يا ذا القدرة الجامعة، والرحمة الواسعة، والمنن المتتابعة، والآلاء
المتوالية، والأيادي الجميلة، والمواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل، ولا
يمثل بنظير، ولا يغلب بظهير، يا من خلق فرزق، وألهم فأنطق، وابتدع فشرع
وعلا فارتفع، وقدر فأحسن، وصور فأتقن، واحتج فأبلغ وأنعم فأسبغ، و
أعطى فأجزل.
يا من سما في العز ففات خواطر الابصار ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار
يا من تفرد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه، وتوحد بالكبرياء فلا ضد له في
جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هيبته دقايق لطائف الأوهام، وحسرت دون

(1) عيون الأخبار ج 1 ص 75 - 76.
344

إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام، يا عالم خطرات قلوب العالمين، وشاهد لحظات
أبصار الناظرين.
يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لجلالته، ووجلت القلوب من
خيفته، وارتعدت الفرائص من فرقه، يا بدئ يا بديع، يا قوي: يا منيع: يا علي
يا رفيع صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه، انتقم لي ممن ظلمني واستخف
بي وطرد الشيعة عن بابي، وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيهما واجعله طريد
الأرجاس، وشريد الأنجاس.
قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: فما استتم مولاي عليه السلام دعاءه
حتى وقعت الرجفة في المدينة، وارتفعت الزعقة والضجة، إلى آخر ما مر في أبواب
تاريخه عليه السلام (1).
بيان: ولا تغلب بظهير: أي لا يمكن الغلبة عليه بمظاهرة المعاونين، والظهير
بمعنى الغالب " وابتدع فشرع " أي في خلق الأشياء أو سن لهم طريق العبادة بعد
خلقهم، أو رفع كل شئ إلى ما يستحقه من المنازل " فارتفع " عن إدراك الخلق
" خواطر الابصار " أي البصائر أو الخواطر التي تكون بعد الابصار بالابصار، وفي
بعض النسخ " خواطف الابصار " أي كان أعلا في النور والضياء من الأمور النيرة التي
تخطف الابصار، يقال: خطف البرق البر أي ذهب به، أو لا تضره تلك الأشياء،
وفي بعض النسخ نواظر وهو أظهر.
" فجاز هواجس الأفكار " الهاجس الخاطر، ولعل المعنى أنه تعالى اطلع
عليها وجازها إلى ما هو أخفى منها كما قال تعالى " يعلم السر وأخفى " (2) وقال
الكفعمي أي فات خواطر الأفكار، ولا يخفى أنه لا يناسب " دنا في اللطف " و
الند المثل، وقال الشهيد - ره - الفرق بين الضد والند ذلك أن
الضد عرض يعاقب آخر في
محله وينافيه، والند هو المشارك في الحقيقة، وإن وقعت المخالفة ببعض

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 172.
(2) طه: 7.
345

العوارض.
" خاطف أبصار الأنام " أي أبصار أو بصائرهم التي تخطف الأشياء
وتدركها بسرعة، فان الخطف الاستلاب بسرعة، وعجل خطيف أي سريع المر و
يمكن أن يحمل ما مر أيضا على هذا المعنى، وسيأتي قريب من هذا الدعاء في
أدعية شهر رجب.
6 - مجالس الشيخ وابنه: عن أبي محمد الفحام عن محمد بن أحمد الهاشمي
المنصوري، عن سهل بن يعقوب بن إسحاق، عن الحسن بن عبد الله بن مطر، عن محمد
ابن سليمان الديلمي، عن أبيه قال: جاء رجل إلى سيدنا الصادق عليه السلام فقال له:
يا سيدي أشكو إليك دينا ركبني وسلطانا غشمني، وأريد أن تعلمني دعاء أغتنم
به غيمة أقضى بها ديني، وأكفى بها ظلم سلطاني، فقال إذا جنك الليل فصل ركعتين
اقرأ في الركعة الأولى منهما الحمد وآية الكرسي، وفي الركعة الثانية الحمد وآخر
الحشر " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل " إلى خاتمة السورة، ثم خذ المصحف فدعه
على رأسك وقل: بهذا القرآن وبحق من أرسلته وبحق كل مؤمن فيه، وبحقك
عليهم، فلا أحد أعرف بحقك منك، بك يا الله عشر مرات، ثم تقول يا محمد عشر
مرات، يا فاطمة عشر مرات، يا حسن عشر مرات، يا حسين عشر مرات، يا علي بن الحسين
عشر مرات يا محمد بن علي عشر مرات، يا جعفر بن محمد عشر مرات، يا موسى بن جعفر عشر
مرات، يا علي بن موسى عشر مرات يا محمد بن علي عشرا، يا علي بن محمد عشرا، يا حسن بن
علي عشرا، ثم بالحجة عشرا ثم تسأل حاجتك.
قال فمضى الرجل فعاد إليه بعد مديدة قد قضى دينه وصلح له سلطانه، وعظم
يساره (1).
منهما: عن المفيد، عن محمد بن الحسين المقري، عن ابن عقدة، عن
علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن إبراهيم، عن صباح الحذاء
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من كانت له إلى الله حاجة فليقصد إلى مسجد الكوفة،

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 298.
346

وليسبغ وضوءه، وليصل في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب
وسبع سور معها، وهي: المعوذتان، وقل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون، وإذا
جاء نصر الله والفتح، وسبح اسم ربك الاعلى، وإنا أنزلناه في ليلة القدر،
فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم وسأل الله حاجته، فإنها تقضى بعون الله
إنشاء الله.
قال علي بن الحسن بن فضال، وقال لي هذا الشيخ: إني فعلت ذلك ودعوت
الله أن يوسع علي في رزقي فأنا من الله تعالى بكل نعمة، ثم دعوته أن يرزقني الحج
فرزقنيه، وعلمته رجلا كان من أصحابنا مقترا عليه في رزقه فرزقه الله تعالى و
وسع عليه (1).
أقول: سيأتي بعض الأخبار في باب الدعاء لدفع كيد الأعداء (2)
8 - المحاسن: عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح بن حي قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين فأتم ركوعهما
وسجودهما، ثم جلس فأثنى على الله، وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سأل حاجته
فقد طلب الخير في مظانه، ومن طلب الخير في مظانه لم يخب (3).
9 - السرائر: عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن
دراج قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخلت عليه امرأة فذكرت أنها تركت ابنها
بالملحفة على وجهه ميتا، قال لها: لعله لم يمت، فقومي فاذهبي إلى بيتك، و
اغتسلي وصلي ركعتين، وادعي وقولي " يا من وهبه لي ولم يك شيئا جدد لي هبته "
ثم حركيه ولا تخبري بذلك أحدا، قال: ففعلت فجاءت فحركته فإذا هو
قد بكى (4).
الدعوات للراوندي: عن جميل مثله.

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 30.
(2) راجع ج 95 ص 209.
(3) المحاسن: 52.
(4) السرائر: وتراه في الكافي ج 3 ص 479.
347

10 - العياشي: عن مسمع قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا مسمع ما يمنع
أحدكم إذا دخل عليه غم من غموم الدنيا أن يتوضأ ثم يدخل مسجده فيركع ركعتين
فيدعو الله فيها؟ أما سمعت الله يقول: " واستعينوا بالصبر والصلاة " (1).
ومنه: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن سورة الأنعام
نزلت جملة وشيعها سبعون ألف ملك حين أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله، فعظموها
وبجلوها، فان اسم الله تبارك وتعالى فيها في سبعين موضعا، ولو يعلم الناس ما
في قراءتها من الفضل ما تركوها.
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: من كان له إلى الله حاجة يريد قضاءها فليصل أربع
ركعات بفاتحة الكتاب والانعام، وليقل في صلاته إذا فرغ من القراءة:
يا كريم يا كريم يا كريم، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا أعظم من كل عظيم
يا سميع الدعاء، يا من لا تغيره الأيام والليالي، صل عل محمد وآل محمد، وارحم
ضعفي وفقري وفاقتي ومسكنتي، فإنك أعلم بها مني وأنت أعلم بحاجتي، يا من
رحم الشيخ يعقوب حين رد عليه يوسف قرة عينه، يا من رحم أيوب بعد حلول
بلائه، يا من رحم محمدا صلى الله عليه وآله من اليتم وآواه ونصره على جبابرة قريش وطواغيتها
وأمكنه منهم، يا مغيث يا مغيث يقوله مرارا.
فوالذي نفسي بيده لو دعوت بها بعد ما تصلي هذه الصلاة في دبر هذه السورة
ثم سألت الله جميع حوائجك ما بخل عليك، ولأعطاك ذلك إنشاء الله تعالى (2).
ومنه: عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال إذا كانت
لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة أخرى، وصل ركعتين، وادع الله، قلت: أصلحك
الله وما المثاني؟ فقال: فاتحة الكتاب (3)

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 43، والآية في سورة البقرة: 45.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 353.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 249.
348

11 - كتاب الدلائل للطبري وفتح الأبواب نقلا منه: عن محمد بن
هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثني أبو الحسن بن أبي البغل الكاتب قال:
تقلدت عملا من أبي منصور بن الصالحان وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري،
فطلبني وأخافني، فمكثت مستترا خائفا.
ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدت المبيت هناك الدعاء والمسألة
وكانت ليلة ريح ومطر، فسألت ابن جعفر القيم أن يغلق الأبواب، وأن يجتهد في
خلوة الموضع لاخلو بما أريده من الدعاء والمسألة، وآمن من دخول إنسان مما
لم آمنه، وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الأبواب، وانتصف الليل، وورد من
الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع، ومكثت أدعو وأزور واصلي.
فبينا أنا كذلك إذ سمعت وطئا عند مولانا موسى عليه السلام وإذا رجل يزور فسلم
على آدم وأولي العزم عليهم السلام ثم الأئمة واحدا واحدا إلى أن انتهى إلى صاحب
الزمان عليه السلام فلم يذكره، فعجبت من ذلك وقلت لعله نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب
لهذا الرجل.
فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين وأقبل إلى مولانا أبي جعفر عليه السلام فزار مثل
الزيارة، وذلك السلام، وصلى ركعتين وأنا خائف منه إذ لم أعرفه، ورأيته شابا
تاما من الرجال، عليه ثياب بياض وعمامة محنك بها بذوائه، ورداؤه على كتفه
مسبل، فقال لي: يا أبا الحسن بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج؟ فقلت: وما هو
يا سيدي؟ فقال: تصلي ركعتين وتقول:
يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك
الستر، يا عظيم المن يا كريم الصفح، يا حسن التجاوز، يا واسع المعفرة، يا باسط
اليدين بالرحمة، يا منتهى كل نجوى، يا غاية كل شكوى، يا عون كل مستعين،
يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها، يا رباه - يا غايتاه - عشر مرات - يا منتهى غاية رغبتاه - عشر مرات
أسئلك بحق هذه الأسماء، وبحق محمد وآله الطاهرين عليهم السلام إلا ما كشفت كربي
349

ونفست همى، وفرجت غمي وأصلحت حالي.
وتدعو بعد ذلك بما شئت وتسأل حاجتك ثم تضع خدك الأيمن على الأرض
وتقول مائة مرة في سجودك " يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فإنكما كافياي
وانصراني فإنكما ناصراي، وتضع خدك الأيمن على الأرض وتقول مائة مرة
أدركني وتكررها كثيرا وتقول الغوث الغوث الغوث، حتى ينقطع النفس، و
ترفع رأسك فان الله بكرمه يقضي حاجتك إنشاء الله.
فلما اشتغلت بالصلاة والدعاء خرج، فلما فرغت خرجت إلى ابن جعفر
لأسأله عن الرجل، وكيف دخل، فرأيت الأبواب على حالها مغلقة مقفلة، فعجبت
من ذلك وقلت لعله باب ههنا ولم أعلم، فأنبهت ابن جعفر القيم، فخرج إلى
عندي من بيت الزيت، فسألته عن الرجل ودخوله، فقال الأبواب مقفلة كما ترى
ما فتحتها.
فحدثته بالحديث فقال هذا مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه وقد شاهدته
دفعات في مثل هذه الليلة عند خلوها من الناس، فتأسفت على ما فاتني منه، وخرجت
عند قرب الفجر وقصدت الكرخ إلى الموضع الذي كنت مستترا فيه.
فما أضحى النهار إلا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي ويسألون عني
أصدقائي ومعهم أمان من الوزير، ورقعة بخطه فيها كل جميل، فحضرت مع ثقة
من أصدقائي عنده، فقام والتزمني، وعاملني بما لم أعهده منه، وقال: انتهت
بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه؟ فقلت قد كان
مني دعاء ومسألة، فقال: ويحك رأيت البارحة مولاي صاحب الزمان صلوات الله
عليه في النوم يعني ليلة الجمعة، وهو يأمرني بكل جميل ويجفو على في ذلك جفوة
خفتها، فقلت لا إله إلا الله أشهد أنهم الحق ومنتهى الحق، رأيت البارحة مولانا
في اليقظة وقال كذا وكذا، وشرحت ما رأيته في المشهد، فعجب من ذلك وجرت
منه أمور عظام حسان في هذا المعنى وبلغت منه غاية ما لم أظنه ببركة مولانا صلوات
350

الله عليه (1).
12 - المتهجد (2) والمكارم وغيرهما: للحاجة: عن سماعة بن مهران
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن أحدكم إذا مرض دعا الطبيب وأعطاه، وإذا
كانت له حاجة رشا البواب وأعطاه، ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع إلى الله تعالى
وتطهر وتصدق بصدقة قلت أو كثرت، فدخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى
عليه، وصلى على النبي وأمل بيته، ثم قال: اللهم إن عافيتني مما أخاف من
كذا وكذا " إلا آتاه الله ذلك، وهو اليمين الواجبة، وما جعل الله عليه في
الشكر (3).
توضيح: فدحه أثقله وفي التهذيب (4) والفقيه (5) إن عافيتني من مرضى
أو رددتني من سفري أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا إلا آتاه الله " وفي بعض
نسخ المكارم والمتهجد لآتاه الله، وجزاء الشرط في قوله إن عافيتني مقدر مثل قوله
فأنت أهل لذلك ونحوه، وقيل الظاهر أن جوابه التزام نذر من صدقة وغيره بقرينة
ما سبق من قوله عليه السلام: دعاء الطبيب وأعطاه وقوله رشا البواب ولا يخفى بعده، و
ما جعله شاهدا إنما يشهد إذا لم يذكر الصدقة، قوله عليه السلام: " إلا آتاه " على
تقديره مستثنى من مقدر رأي لم يفعل ذلك أو ما فعله إلا آتاه، والمذكور والمقدر
جميعا جزاء لقوله ولو أن أحدكم، وقوله عليه السلام " وهي اليمين الواجبة " أي هذه
الصلاة والصدقة والدعاء بمنزلة اليمين الواجب على الله قبولها.
قال الوالد قدس سره: قوله: " وما جعل " معطوف على اليمين أي هي الشكر
الذي أوجب الله عليه في قضاء هذه الحاجة، ولا يحتاج بعده إلى شكر آخر أو قضاء

(1) دلائل الإمامة: 304 - 305.
(2) مصباح المتهجد: 368.
(3) مكارم الأخلاق: 374.
(4) التهذيب ج 1 ص 306.
(5) الفقيه ج 1 ص 351.
351

الحاجة شكرا لله تعالى لعبده الذي جعله على نفسه في قوله تعالى: " فاذكروني أذكركم "
أي " اشكروني أشكركم " انتهى وقيل معطوف على لفظة " ذلك " مفعولا آخر
لقوله: " آتاه الله " وقوله: " وهي اليمين الواجبة " جملة معترضة.
13 - المكارم: صلاة أخرى: إذا انتصف الليل فاغتسل وصل ركعتين تقرأ
في الأولى فاتحة الكتاب وسورة الاخلاص خمس مائة مرة، وفي الثانية مثلها، وحين
تفرغ من القراءة في الثانية تقرأ آخر الحشر وست آيات من أول الحديد، وقل
بعد ذلك وأنت قائم " إياك نعبد وإياك نستعين " ألف مرة ثم تركع وتسجد و
تتشهد وتثتي على الله، فان قضيت الحاجة وإلا ففي الثانية وإلا ففي الثالثة (1).
صلاة أخرى: عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: إذا فدحك أمر عظيم فتصدق
في نهارك على ستين مسكينا على كل مسكين نصف صاع بطاع النبي صلى الله عليه
وآله من تمر أو بر أو شعير، فإذا كان بالليل، اغتسلت في ثلث الليل الأخير، ثم
لبست أدنى ما يلبس من تعول من الثياب إلا أن عليك في تلك الثياب إزارا ثم تصلي
ركعتين تقرأ فيهما بالتوحيد وقل يا أيها الكافرون.
فإذا وضعت جبينك في الركعة الأخيرة للسجود، هللت الله، وقدسته وعظمته
ومجدته، ثم ذكرت ذنوبك وأقررت بما تعرف منها مسمى، وما لا تعرف أقررت
به جملة ثم رفعت رأسك، فإذا وضعت جنب في السجدة الثانية، استخرت الله مائة
مرة تقول اللهم إني أستخيرك بعلمك، ثم تدعو الله بما شئت من أسمائه وتقول:
" يا كائن قبل كل شئ، ويا مكون كل شئ، يا كائن بعد كل شئ، افعل بي
كذا وكذا، وأعطني كذا وكذا " وكلما استخرت فأفض بركبتيك إلى الأرض وترفع
الإزار حتى تكشف الإزار من خلفك بين أليتك وباطن ساقيك، فانى أرجو أن
تقضى حاجتك إنشاء الله، وأبدا بالصلاة على النبي وأهل بيته صلوات عليهم
أجمعين (2).

(1) مكارم الأخلاق ص 374.
(2) مكارم الأخلاق ص 375.
352

بيان: التهليل قول لا إله إلا الله، والتقديس قول سبحان الله، وأمثاله
والتعظيم قول الله أكبر وأمثاله، والتمجيد قول لا حول ولا قوة إلا بالله وأمثاله
" اللهم إني أستخيرك " قال الوالد - ره - أي أطلب منك أن تجعل خيري في قضاء حاجتي
أو تجعل قضاء حاجتي خيرا لي، أو تقضي حاجتي إن كان خيرا لي لعلمك بالخيرة و
قدرتك عليها وعلى جعلها خيرا.
أقول: وهذه الرواية مروية في الفقيه بسند حسن (1).
14 - المكارم: صلاة الحاجة عن الرضا عليه السلام قال: إذا حزنك أمر شديد
فصل ركعتين تقرأ في إحداهما الفاتحة وآية الكرسي وفي الثانية الحمد وإنا أنزلناه
في ليلة القدر: ثم خذ المصحف وارفعه فوق رأسك وقل: " اللهم بحق من أرسلته
إلى خلقك، وحق كل آية فيه، كل من مدحته فيه عليك، وبحقك
عليه ولا نعرف أحدا أعرف بحقك منك يا سيدي يا الله - عشر مرات - بحق محمد
- عشرا - بحق علي - عشرا - بحق فاطمة - عشرا بحق إمام بعده كل إمام تعده
عشرا حتى تنتهى إلى إمام الذي هو إمام زمانك، فإنك لا تقوم من مقامك حتى
يقضي الله حاجتك (2).
15 - المتهجد: (3) والمكارم وغيرهما: صلاة أخرى: وروي مقاتل
ابن مقاتل قال: قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك علمني دعاء لقضاء الحوائج، فقال: إذا كانت لك
حاجة إلى الله مهمة، فاغتسل والبس أنظف ثيابك، وشم شيئا من الطيب، ثم ابرز
تحت السماء، فصل ركعتين تفتح الصلاة فتقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمس
عشر مرة، ثم تركع وتقرأ خمس عشر على مثل صلاة التسبيح غير أن القراءة خمس
عشر مرة: ثم تسجد ونقول في سجودك " اللهم إن كل معبود من لدن عرشك إلى
قرار أرضك فهو باطل سواك، فإنك أنت الله الحق المبين اقض لي حاجة كذا وكذا

(1) الفقيه ج 1 ص 350.
(2) مكارم الأخلاق ص 376.
(3) مصباح المتهجد ص 370.
353

الساعة الساعة، وتلح فيما أردت (1).
16 - المكارم: صلاة العفو إذا أحسست من نفسك بفترة، فلا تدع عند ذلك
صلاة العفو، وهي ركعتان بالحمد وإنا أنزلناه مرة واحدة في كل ركعة وتقول بعد
القراءة رب عفوك عفوك، خمس عشر مرة، ثم تركع وتقول بعد ذلك عشرا، و
تتم الصلاة كمثل صلاة جعفر (2).
بيان: قال الجوهري: حسست بالخير وأحسست به أي أيقنت به، وقال: الفترة
الانكسار والضعف انتهى، ولعل المراد هنا الضعف في العقايد بالشكوك والشبهات
أو الكسل في الطاعات " خمس عشر مرة " أي كلمة عفوك أو مجموع رب عفوك عفوك،
ولعل الأول أظهر.
17 - المكارم: صلاة لحديث النفس، عن الصادق عليه السلام قال: ليس من
مؤمن يمر عليه أربعون صباحا إلا حدث نفسه، فليصل ركعتين وليستعذ بالله
من ذلك (3).
بيان: المراد بحديث النفس الوساوس الشيطانية في العقايد والقضاء والقدر،
والخطورات التي يوجب التكلم بها الكفر.
18 - المكارم: صلاة الاستغفار عن النبي صلى الله وآله وسلم أنه قال: إذا رأيت في معاشك
ضيقا وفي أمرك التياثا فأنزل حاجتك بالله تعالى وجل، ولا تدع صلاة الاستغفار،
وهي ركعتان تفتح الصلاة وتقرأ الحمد وإنا أنزلناه مرة واحدة في كل ركعة،
ثم تقول بعد القراءة: أستغفر الله خمس عشر مرة، ثم تركع فتقرأها عشر على هيئة
صلاة جعفر يصلح الله لك شأنك كله إنشاء الله (4).
بيان: قال الجوهري الالتياث الاختلاط والالتفات، والتاث في عمله أبطأ.
19 - المكارم: صلاة الكفاية عن الصادق عليه السلام قال: تصلي ركعتين وتسلم و
تسجد وتثني على الله تعالى وتحمده وتصلي على النبي محمد وآله، وتقول: يا محمد يا

(1) مكارم الأخلاق ص 377.
(2) مكارم الأخلاق ص 377.
(3) مكارم الأخلاق ص 377.
(4) مكارم الأخلاق ص 378.
354

جبرئيل يا جبرئيل يا محمد اكفياني مما أنا فيه، فإنكما كافيان، احفظاني بإذن الله
فإنكما حافظان مائة مرة.
صلاة لمن أصابه هم أو غم كانت له إلى الله حاجة عن الرضا عليه السلام قال:
يصلي ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما الحمد مرة وإنا أنزلناه ثلاث عشر مرة،
فإذا فرغ سجد وقال: اللهم يا فارج الهم وكاشف الغم ومجيب دعوة المضطرين،
يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، صل على محمد وآل محمد، وارحمني رحمة تطفئ بها عني
غضبك وسخطك، وتغنيني بها عن رحمة من سواك، ثم يلصق خده الأيمن بالأرض
ويقول: يا مذلل كل جبار عنيد، ومعز كل ذليل، قد وحقك بلغ المجهود مني
في أمر كذا ففرج عني، ثم يلصق خد الأيسر بالأرض ويقول مثل ذلك، ثم
يعود إلى سجوده ويقول مثل ذلك، فان الله سبحانه يفرج غمه ويقضي حاجته (1)
صلاة الفرج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: تصلي ركعتين تقرأ في الأولى الحمد و
قل هو الله أحد ألف مرة، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرة واحدة، ثم تتشهد
وتسلم، وتدعو بدعاء الفرج وتقول:
اللهم يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، يا من لا يصفه الواصفون،
يا من لا تغيره الدهور، يا من لا يخشى الدوائر، يا من لا يذوق الموت، يا من لا
يخشى الفوت، يا من لا تضره الذنوب، ولا ننقصه المغفرة، يا من يعلم مثاقيل الجبال
وكيل البحور، وعدد الأمطار، وورق الأشجار، ودبيب الذر، ولا يواري منه
سماء سماء، ولا أرض أرضا، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما في وعره، يعلم
خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وما أظلم عليه الليل وأشرق عنه النهار.
أسئلك باسمك المخزون المكنون الذي في علم الغيب عندك واختصصت به لنفسك
واشتققت منه اسمك، فإنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك وحدك وحدك، لا شريك
لك، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت وأسئلك بحق أنبيائك المرسلين
وبحق حملة العرش، وبحق ملائكتك المقربين، وبحق جبرئيل وميكائيل و

(1) مكارم الأخلاق: 379.
355

إسرافيل، وبحق محمد وعترته صلواتك عليهم، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن
تجعل خير عمري آخره وخير أعمالي خواتيمها، وأسئلك مغفرتك ورضوانك يا
أرحم الراحمين (1).
صلاة المكروب تصلي ركعتين وتأخذ المصحف فترفعه إلى الله تعالى وتقول:
" اللهم إني أتوجه إليك بما فيه، وفيه اسمك الأكبر، وأسماؤك الحسنى، و
ما به تخاف وترجى، أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وتقضى حاجتي " و
تسميها (2).
صلاة الاستغاثة بالبتول عليها السلام تصلي ركعتين ثم تسجد وتقول: يا فاطمة مائة مرة
ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل مثل ذلك، وتضع خدك الأيسر على
الأرض وتقول مثله، ثم اسجد وقل ذلك مائة وعشر دفعات، وقل: " يا آمنا من
كل شئ، وكل شئ منك خائف حذر، أسئلك بأمنك من كل شئ وخوف كل
شئ منك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعطيني أمانا لنفسي وأهلي ومالي و
ولدي حتى لا أخاف أحدا ولا أحذر من شئ أبدا إنك على كل شئ قدير (3).
صلاة الاستغاثة إذا هممت بالنوم في الليل فضع عند رأسك إناء نظيفا فيه ماء
طاهر، وغطه بخرقة نظيفة، فإذا انتبهت لصلاتك في آخر الليل فاشرب من الماء ثلاث
جرع، ثم توضأ بباقيه وتوجه إلى القبلة وأذن وأقم وصل ركعتين تقرأ فيهما ما
تيسر من القرآن، فإذا فرغت من القراءة قلت في الركوع " يا غياث المستغيثين "
خمسا وعشرين مرة، ثم ترفع رأسك فتقول مثل ذلك، وتسجد وتقول مثل ذلك
ثم تجلس وتقوله، وتسجد وتقوله، وتجلس وتقوله، وتنهض إلى الثانية وتفعل
كفعلك في الأولى وتسلم وقد أكملت ثلاث مائة مرة ما تقوله، وترفع رأسك إلى
السماء وتقول ثلاثين مرة: من العبد الذليل إلى المولى الجليل، وتذكر حاجتك
فان الإجابة تسرع بإذن الله (4).

(1) مكارم الأخلاق: 379.
(2) مكارم الأخلاق ص 380.
(3) مكارم الأخلاق ص 380.
(4) مكارم الأخلاق ص 380.
356

صلاة الغياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كانت لأحدكم استغاثة إلى الله تعالى
فليصل ركعتين، ثم يسجد ويقول " يا محمد يا رسول الله، يا علي يا سيد المؤمنين
والمؤمنات، بكما أستغيث إلى الله تعالى، يا محمد يا علي أستغيث بكما يا غوثاه بالله
وبمحمد وعلي وفاطمة - وتعد الأئمة عليهم السلام - بكم أتوسل إلى الله عز وجل "
فإنك تغاث من ساعتك بإذن الله تعالى (1).
صلاة الضر والفقر: تصلي ركعتين تحسنهما وتسجد وتقول يا ماجد يا واحد
يا أحد يا كريم أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا رسول الله إني أتوجه بك إلى
الله ربي وربك ورب كل شئ أسئلك يا الله أن تصلي على محمد وآل محمد وأسئلك
(أن تنفحني) نفحة من نفحاتك فتحا يسيرا ورزقا واسعا ألم به شعثي وأقضى به
ديني وأستعين به على عيالي (2).
صلاة الاستعداء: عن الصادق عليه السلام: تسبغ الوضوء أي وقت أحببت، ثم تصلي
ركعتين تتم ركوعهما وسجودهما، فإذا فرغت مرغت خديك على الأرض، وقلت
" يا رباه " حتى ينقطع النفس ثم قل: يا من أهلك عادا الأولى، وثمود فما أبقى، و
قوم نوح فلان بن فلان ظالما فيما ارتكبني به فاجعل عليك منك وعدا، ولا تجعل له
في حلمك نصيبا، يا أقرب الأقربين (3).
صلاة الظلامة: تفيض عليك الماء ثم تصلي ركعتين وترفع رأسك إلى السماء و
تبسط يديك وتقول: اللهم رب محمد وآل محمد، صل على محمد وآل محمد، وأهلك
عدوهم، اللهم إن فلان بن فلان قد ظلمني ولا أجد من أصول به غيرك، فاستوف
منه ظلامتي الساعة الساعة، بحق من جعلت له عليك حقا، وبحقك عليهم إلا
فعلت ذلك، يا مخوف الاحكام والاخذ، يا مرهوب البطش، يا مالك الفضل (4).
صلاة الانتصار من الظالم: عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا طلبت بمظلمة فلا تدع

(1) مكارم الأخلاق ص 381.
(2) مكارم الأخلاق ص 381.
(3) مكارم الأخلاق ص 381.
(4) مكارم الأخلاق ص 382.
357

على صاحبك، فان الرجل يكون مظلوما فلا يزال يدعو حتى يكون ظالما، ولكن
إذا ظلمت فاغتسل وصل ركعتين في موضع لا يحجبك عن السماء ثم قل: " اللهم إن
فلان بن فلان ظلمني وليس لي أحد أصول به غيرك، فاستوف لي ظلامتي الساعة
الساعة، بالاسم الذي سألك به المضطر فكشفت ما به من ضر، ومكنت له في الأرض
وجعلته خليفتك على خلقك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تستوفي لي ظلامتي
الساعة الساعة، فإنك لا تلبث حتى ترى ما تحب (1).
صلاة أخرى: عن يونس بن عمار قال: شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام أن رجلا
كان يؤذيني، فقال ادع عليه قلت دعوت عليه قال: ليس هكذا، ولكن أقلع عن
الذنوب، وصم وصل وتصدق، فإذا كان آخر الليل فأسبغ الوضوء ثم قم فصل
ركعتين، ثم قل وأنت ساجد " اللهم إن فلان بن فلان قد آذاني، اللهم أسقم بدنه
واقطع أثره، وانقص أجله، وعجل ذلك في عامه هذا " قال: ففعلت فما لبثت
أن هلك (2).
صلاة العسرة عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا عسر عليك أمر فصل عند الزوال ركعتين
تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وإنا فتحنا لك فتحا مبينا إلى قوله
وينصرك الله نصرا عزيزا، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وألم نشرح لك صدرك،
وقد جرب (3).
صلاة في المهمات، عن الحسين بن علي عليهما السلام تصلي أربع ركعات تحسن قنوتهن
وأركانهن تقرأ في الأولى الحمد مرة، وحسبنا الله ونعم الوكيل سبع مرات، وفي
الثانية الحمد مرة وقوله: " ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا
وولدا " سبع مرات، وفي الثالثة الحمد مرة وقوله " لا إله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين " سبع مرات، وفي الرابعة الحمد مرة " وأفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد " سبع مرات، ثم يسأل حاجته (4).

(1) مكارم الأخلاق ص 382.
(2) مكارم الأخلاق ص 382.
(3) مكارم الأخلاق: 383.
(4) مكارم الأخلاق: 383.
358

صلاة لمن أصابته مصيبة: تصلي أربع ركعات بفاتحة الكتاب مرة والاخلاص سبع
مرات، وآية الكرسي مرة، فإذا سلم يقول: " صلى الله على محمد النبي الأمي و
آله عليه وعليهم السلام " ثم يسبح ويحمد ويهلل ويكبر، فيعطيه الله
ما وعد (1).
صلاة الرزق: عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلام يصلي ركعتين يقرأ في الأولى
الحمد مرة وإنا أعطيناك ثلاث مرات، وفي الثانية مرة والمعوذتين كل
واحدة ثلاث مرات (2).
صلاة الغنية: ركعتان في كل ركعة الفاتحة وعشر مرات " قل اللهم مالك
الملك " الآية (3) فإذا سلم يقول عشرا رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين، وعشر
مرات اللهم صل على محمد وآل محمد، ثم يسجد ويقول: رب اغفر لي وهب لي ملكا
لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب (4).
صلاة أخرى ركعتان في كل ركعة فاتحة الكتاب وخمس عشر مرة سورة
قريش، وبعد التسليم يصلى عشر مرات على النبي وآله، ثم يسجد ويقول عشر
مرات " اللهم أغنني بفضلك عن خلقك " (5).
صلاة الدين أربع ركعات يقرأ في الأولى الحمد مرة والمعوذتين عشر مرات
وقل هو الله عشر مرات، وفي الثانية الحمد وآية الكرسي وقل يا أيها الكافرون
عشر مرات، وآمن الرسول عشر مرات، فإذا سلم سبح كما هو مثبت، وفي الركعة
الثالثة الحمد مرة وألهيكم التكاثر ثلاث مرات والعصر ثلاث مرات وإنا أعطيناك
ثلاث مرات، وفي الركعة الرابعة الحمد مرة وإنا أنزلناه ثلاث مرات وإذا زلزلت
ثلاث مرات، فإذا سلم سجد ويقول في سجوده كما هو مثبت (6).

(1) مكارم الأخلاق ص 383.
(2) مكارم الأخلاق ص 383.
(3) آل عمران: 25.
(4) مكارم الأخلاق ص 385.
(5) مكارم الأخلاق ص 385.
(6) مكارم الأخلاق ص 386، والآية في البقرة: 285 و 286.
359

بيان: " كما هو مثبت " أي كما هو مقرر في ساير الصلوات (1) من تسبيح
الزهرا عليها السلام في الأول ومن أدعية سجود الشكر في الثاني، أو كان مذكورا في الرواية
فأسقطه المصنف أو الرواة اختصارا.
20 - المكارم صلاة أخرى للدين أربع ركعات يقرأ ي الأولى فاتحة الكتاب
مرة والفلق عشر مرات، وفي الثانية الفاتحة مرة وقل يا أيها الكافرون عشر مرات
وآية الكرسي عشر مرات " وآمن الرسول أبد الأبد، سبحان الله الواحد الأحد،
سبحان الله الفرد الصمد، سبحان الله الذي رفع السماوات بغير عمد، المتفرد بلا
صاحبة ولا ولد، وفي الثالثة الفاتحة مرة وألهيكم ثلاث مرات، وفي الرابعة الفاتحة
مرة وإنا أنزلناه وإذا نزلت ثلاث مرات، فإذا فرغ سجد ويقول في سجوده سبع
مرات " اللهم إني أسئلك التيسير في كل عسير، فان تيسير العسير عليك يسير "
ثم يرفع رأسه ويقول عشر مرات: " فلله الحمد رب السماوات والأرض رب
العالمين، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " (2).
صلاة الجايع: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان جائعا فصلى ركعتين وقال:
" رب أطمعني، فاني جائع " أطعمه الله من ساعته (3).
وعنه عليه السلام قال: جاءت فاطمة عليها السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فشكت الجوع فقال لها:
قولي: يا مشبع الجوعة، ويا رافع الوصفة، لا تجع فاطمة بنت محمد " وأمرها أن
تدعو به (4).
صلاة في استجلاب الرزق: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله

(1) بل كما هو مثبت في الرواية الآتية، فإنها مقدمة في المصدر على هذه
المذكورة.
(2) مكارم الأخلاق: 385.
(3) مكارم الأخلاق ص 386.
(4) مكارم الأخلاق ص 386.
360

إني ذو عيال كثير، وعلي دين قد اشتد حالي، فعلمني دعاء أدعو الله عز وجل به
يرزقني ما أقضى به ديني، وأستعين به على عيالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله
توضأ وأسبغ وضوءك ثم صل ركعتين تتم الركوع والسجود، ثم قل: " يا ماجد
يا واحد يا كريم، أتوجه بك إلى الله ربي وربك رب كل شئ، وأسأله أن يصلي على
محمد وعلى أهل بيته، وأسئلك نفحة كريمة من نفحاتك فتحا يسيرا، ورزقا واسعا ألم
به شعثي، وأقضى به ديني وأستعين به على عيالي " (1).
صلاة أخرى للحاجة: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا مضى ثلث الليل فقم
وصل ركعتين بسورة الملك وتنزيل السجدة، ثم ادعه وقل " يا رب قد نامت العيون
وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم لن يواري عنك ليل
داج، ولا سماء ذات أبراج، ولا أرض ذات مهاد، ولا بحر لجي ولا ظلمات
بعضها فوق بعض يا صريخ الأبرار، وغياث المستغيثين، برحمتك أستغيث، فصل
على محمد وآله، واقض لي حاجة وكذا وكذا، ولا تردني خائبا ولا محروما يا أرحم
الراحمين " فإنها في قضاء الحاجات كالاخذ باليد (2).
بيان: الصريخ المغيث " كالاخذ باليد أي في سرعة الإجابة، كأن تمد يدك
إلى شئ فتأخذه.
21 - المكارم: صلاة الشدة: قل الكاظم عليه السلام تصلي ما بدا لك، فإذا
فرغت فألصق خدك بالأرض وقل " يا قوة كل ضعيف، يا مذل كل جبار، قد
وحقك بلغ الخوف مجهودي ففرج عني " ثلاث مرات، ثم ضع خدك الأيمن
على الأرض وقل " يا مذل كل جبار، يا معز كل ذليل، قد وحقك أعيى صبري
ففرج عنى " ثلاث مرات، ثم تقلب خدك الأيسر وتقول مثل ذلك ثلاث مرات
ثم تضع جبهتك على الأرض وتقول: " أشهد أن كل معبود من دون عرشك إلى
قرار أرضك باطل إلا وجهك، تعلم كربتي ففرج عني " ثلاث مرات ثم اجلس و

(1) مكارم الأخلاق ص 387.
(2) مكارم الأخلاق ص 387.
361

أنت مترسل وقل " اللهم أنت الحي القيوم، العلي العظيم، الخالق البارئ المحيى
المميت البدئ البديع، لك الكرام ولك الحمد، ولك المن ولك الجود وحدك وحدك
لا شريك لك، يا واحد يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا
أحد، كذلك الله ربى " - ثلاث مرات " " صل على محمد وآل محمد الصادقين وافعل
بي كذا وكذا (1).
بيان: " أعيا صبري " أي عجز ووقف تعبا أو هذا الامر الذي عرض لي
أعجز صبري، وقال الجوهري عييت بأمري إذا لم تهتد لوجهه، وأعياني هو وأعيى
الرجل في المشي فهو معي، والترسل الفرق والتؤدة والتأني.
22 - المكارم: صلاة المظلوم: تصلى ركعتين بما شئت من القرآن وتصلي
على محمد وآله ما قدرت عليه، ثم تقول اللهم إن لك يوما تنتقم فيه للمظلوم من الظالم لكن
هلعي وجزعي لا يبلغان بي الصبر على أناتك وحلمك، وقد علمت أن فلانا ظلمني
واعتدى علي بقوته على ضعفي، فأسئلك يا رب العزة، وقاصم الجبابرة، وناصر
المظلومين، أن تريه قدرتك، أقسمت عليك يا رب العزة الساعة الساعة (2).
صلاة أخرى: محمد بن الحسن الصفار يرفعه قال: قلت له عليه السلام: إن فلانا ظالم لي
فقال: أسبغ الوضوء وصل ركعتين، وأثن على الله تعالى وصل على محمد وآله، ثم
قل " اللهم إن فلانا ظلمني وبغى علي فأبله بفقر لا تجبره، وبسوء لا تستره " قال: ففعلت
فأصابه الوضح (3).
وفي خبر آخر قال: عليه السلام: ما من مؤمن ظلم فتوضأ وصلى ركعتين ثم قال اللهم
إني مظلوم فانتصر، وسكت إلا عجل الله له النصر (4).
بيان: قال الجوهري الوضح البياض، يقال بالفرس وضح إذا كانت له شية، وقد
يكنى به عن البرص.

(1) مكارم الأخلاق: 387.
(2) مكارم الأخلاق ص 388.
(3) مكارم الأخلاق ص 388.
(4) مكارم الأخلاق ص 388.
362

23 - المكارم: صلاة للمهمات: روى أن علي بن الحسين عليهما السلام كان إذا حزنه
أمر يلبس أنظف ثيابه وأسبغ الوضوء وصعد أعلى سطوحه فصلى أربع ركعات يقرأ في
الأولى الحمد وإذا زلزلت، وفي الثانية الحمد وإذا جاء نصر الله، وفي الثالثة الحمد
وقل يا أيها الكافرون، وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد، ثم يرفع يديه إلى
السماء ويقول:
" اللهم إني أسئلك بأسمائك التي إذا دعيت بها على أبواب السماء للفتح انفتحت
وإذا دعيت بها على مضائق الأرضين للفرج انفرجت، وأسئلك بأسمائك التي إذا
دعيت بها على أبواب العسر لليسر تيسرت، وأسئلك بأسمائك التي إذا دعيت بها
على القبور تنشرت، صل على محمد وآل محمد، وأقلبني بقضاء حاجتي ".
قال علي بن الحسين عليهما السلام: إذا والله لا يزول قدمه حتى تقضى حاجته إنشاء
الله تعالى (1).
صلاة أخرى عن الصادق عليه السلام قال: تصلى ركعتين كيف شئت ثم تقول: اللهم
أثبت رجاءك في قلبي، واقطع رجاء من سواك عنى، لا أرجو إلا إياك ولا أثق
إلا بك " (2).
صلاة طلب الولد: عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إذا أردت الولد فتوضأ وضوء
سابغا وصل ركعتين وحسنهما، واسجد بعدهما سجدة، وقل: أستغفر الله إحدى و
سبعين مرة، ثم تغشى امرأتك وقل: اللهم إن ترزقني ولدا لأسمينه باسم نبيك عليه السلام
فان الله يفعل ذلك، فاني أمرتك بالطهور وقال الله تعالى: " ويحب المطهرين "
وأمرتك بالصلاة وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أقرب ما يكون العبد
من ربه إذا رآه ساجدا وراكعا، وأمرتك بالاستغفار وقال الله تعالى " واستغفروا
ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين " وقال
الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " فأمرتك أن تزيد
على السبعين (3).

(1) مكارم الأخلاق ص 289 وهذه الأحاديث كلها مرسلة ضعيفة لا يحتج بها.
(2) مكارم الأخلاق ص 289 وهذه الأحاديث كلها مرسلة ضعيفة لا يحتج بها.
(3) مكارم الأخلاق ص 289 وهذه الأحاديث كلها مرسلة ضعيفة لا يحتج بها.
363

بيان: قال الجوهري غشي المرأة وتغشاها جامعها " فأمرتك أن تزيد " ظاهره
أن السبعين في الآية الكريمة ليس كناية عن مطلق الكثرة بل خصوص العدد مخصوص
فيدل بمفهومه على أنه ينفع الاستغفار لهم بأزيد من السبعين، فإذا كان الدعاء
للمنافقين مع عدم قابليتهم للرحمة نافعا بأزيد منه فينفع المؤمن بالطريق الأولى
ويحتمل أن يكون المراد أنه لما ذكر الله سبحانه السبعين في مقام المبالغة في عدم
استحقاقهم للمغفرة، فيدل على أن هذا العدد نصاب ما يرجى به الإجابة، وأنا زدت
عليه أيضا فيكون أحرى بكونه سببا للإجابة والأول أظهر لفظا والثاني معنى (1).

(1) وعندي أن المراد بالسبعين في قوله عز من قائل: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم
ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يعدى
القوم الفاسقين " (براءة: 80)، هو الإشارة إلى ما صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة أحد
في الصلاة على حمزة سيد الشهداء واعزمهم على رسول الله، حيث كبر عليه خمس
تكبيرات أولا، ثم أتى بالقتلى واحدا واحدا يوضعون إلى حمزة، فيصلى عليهم وعليه مع
كل واحد منهم، حتى صلى على حمزة سبعين صلاة، ومعلوم من كرامته صلى الله عليه وآله على الله
عز وجل أنه لم يكن ليستغفر لاحد بهذه المثابة من الشفقة، وهذه المرتبة من التحنن و
الرأفة والوجد، الا ويغفر الله له ما قد سلف، ويبلغ به الدرجات العلى في أعلى عليين،
كما فعل بسيدنا حمزة أسد الله وأسد رسوله صلوات الله عليه.
ومفاد الآية الكريمة أن الاستغفار بالنسبة إلى المنافقين - سواء استغفر لهم
الرسول أو استغفروا هم لأنفسهم - لم يكن ليجديهم نفعا ابدا، فان حقيقة الاستغفار هو
الاعتذار إلى الله عز وجل وطلب المغفرة والرضوان مه ليتوب على العاصي ويعفو عن سوء
صنيعه، وهذا المعنى إنما يلحق المؤمنين الذين علموا السوء بجهالة ثم ندموا عن قريب،
فاعتذروا إلى الله عز وجل ليتوب عليهم بالمغفرة. وأما المنافقون الذين كفروا بالله ورسوله
باطنا، وفسقوا عن أمره معاندة ومضادة، إنما يكون اعتذارهم واستغفارهم صوريا كالاستهزاء
بالله ورسوله، فالله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون.
فعلى هذا " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم " كلاهما سيان " كما صرح بذلك في
سورة المنافقون " سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ذلك أن
الله لا يهدى
القوم الفاسقين "، حتى أنك لو استغفرت لهم سبعين مرة كما صنعت قبل ذلك لحمزة سيد
الشهداء، فأجابك الله وبلغ الدرجات العلى، لا يجديهم نفعا، ولم يكن الله ليغفر لهم،
ذلك، بأنهم كفروا بالله فكيف يستغفرونه؟ وكفروا بالرسول فكيف يستشفعون منه؟ و
فسقوا عن أمر ربهم مصرين على مضادتهم والله لا يهدى القوم الفاسقين.
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك - مؤمنا - فاستغفروا الله - مخلصا - واستغفر لهم
الرسول - تحننا واشفاقا - لوجدوا الله توابا رحيما.
وأما رقم السبعين، فلا دخالة لها في الغفران لا نفيا بالنسبة إلى المنافقين والمشركين
ولا اثباتا بالنسبة إلى المؤمنين كحمزة سيد الشهداء، وإنما صلى رسول الله على حمزة و
استغفر له سبعين مرة، لان قتلى أحد كانوا وهو أحدهم: خصه بواحد منها وأشركه
مع السائرين فصارت سبعين، ولو أنهم كانوا أقل من ذلك أو أكثر لصلى عليه معهم عدد
القتلى من دون زيادة ونقيصة، كما أن وصيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة و
السلام على سهل بن حنيف خمسا كذلك.
وأما ما قد يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصل على شهيد، فهذا إنما كان بعد نزول
قوله تعالى: " ذلك أن
الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل
الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده
من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " براءة: 111.
فعلى ما مر في ج 79 ص 208 وغير ذلك من الموارد: الشراء والاشتراء هو ما
نسميه في عرفنا بالعرضة والتقاضي فالشاري من له متاع قد عرضه للبيع ولم يبعه بعد
والمشترى من له حاجة بمتاع ويأتي السوق ليجده ويبتاع، ولم يجده بعد، فإذا وجده عند
ذاك الشاري وابتاعه منه فقد تم البيع وحينئذ يكون أحدهما البايع والاخر المبتاع وانتفى
الشراء والاشتراء.
فمعنى الآية أن الله عز وجل مشتر يتقاضى ويطالب من المؤمنين أنفسهم وأموالهم
ليبيعوها منه بثمن هو الجنة، وكيفية هذه الصفقة أن ينفقوا أموالهم ويقاتلوا بأنفسهم في
سبيله فيقتلون أعداءه أعداء الدين ويقتلون: فمن أوفى بعهده من الله بأن عرض نفسه للبيع
من الله عز وجل وقاتل في سبيله مخاطرا بنفسه غير مؤثر للحياة، يعاهد القتال مرة بعد
مرة رغبة منه في أن يتم له الصفقة من الله عز وجل بالشهادة، فهو الذي يقال له: استبشر
ببيعك الذي بايعته وعاهدته وهو الفوز العظيم بالجنة، سواء تم له الصفقة بالشهادة أو
لم يتم:
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من
ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين (الذين يشهدون معركة
القتال ويقاتلون على حرف ليفروا ذلك أن
وجدوا مخاطرة) إن شاء أو يتوب عليهم ذلك أن
الله
كان غفورا رحيما ".
فلو أن أحد شهد معركة القتال وقاتل في سبيل الله على حرف مؤثرا لنفسه أن يقع
في المخاطرة، لم يكن بائعا لنفسه ولم يكن أو في بما عهد إليه الله في هذه الآية. وإنما
يصدق المبايعة والموافاة بأن يزاول المخاطر ويعاهد القتال والضراب مرة بعد مرة،
كالمبايع إلى يعاهد المشترى ويعارضه بالبيع وهو ممتنع أن يبتاعه حتى يرغبه في متاعه
ويبيعه منه، ولذلك قال عز وجل: " ببيعكم الذي بايعتم به " ولم يقل
" بعتم به ".
فإذا أوفى البائع وعاهد القتال بنفسه، وتم له الصفقة من الله عز وجل بالشهادة،
فقد ختم عليه بالخير، ولا ريب في أنه فاز بالثمن وهو الجنة لكونه وعدا على الله حقا
مسطورا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن كان مشهودا له بالجنة فهو في غنى عن
الاستغفار من الله عز وجل، فان له العتبى وزيادة " ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز
العظيم ".
نعم قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله قبل نزول هذه الآية يبايع المؤمنين: يضمن هو لهم الجنة
364



وهم يضمنون له ما يأخذ عليهم على اختلاف الموارد.
فعن عبادة بن الصامت قال: كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثنى عشر رجلا
فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفرض الحرب: على أن لا نشرك
بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا تأتى ببهتان نفترينه من بين
أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، فان وفيتم فلكم الجنة وان غشيتم من ذلك شيئا
فأمركم إلى الله عز وجل، ذلك أن
شاء عذب وان شاء غفر.
وعن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في بيعة العقبة الثانية: أبايعكم على
أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، فأخذ البراء بن معرور بيده صلى الله عليه وآله وقال:
نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله!
واغترضه ابن التيهان فقال: ذلك أن
بيننا وبين الرجال حبالا وانا قاطعوها - يعنى اليهود -
فهل عسيت ذلك أن
نحن قلنا ذلك ثم أظهرك الله، أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسم رسول
الله صلى الله عليه وآله وقال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، انا منكم وأنتم منى: أحارب من حاربتم
وأسالم من سالمتم.
وروى أن عباسا عم رسول الله صلى الله عليه وآله شرط عليهم مصيبة الأموال وقتل الاشراف فقالوا
فما لنا بذلك يا رسول الله ذلك أن
نحن وفينا بذلك؟ قال: الجنة، قالوا: ابسط يدك فبسط يده
فبايعوه.
وهكذا كان يضمن لهم الجنة والرضوان من الله عز وجل بتة حين يبايعهم في الحروب
على أن لا يفروا وان خاطرهم الموت كما بايعهم في الحديبية، والى ذلك يشير قوله عز
وجل: " ذلك أن
الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على
نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " الفتح: 10.
ففي كل هذه الموارد، إنما يضمن لهم رسول الله الجنة فيكون الصفقة معه ويد الله فوق
أيديهم، لكن هذه المبالغة مع الرسول صلى الله عليه وآله، لمن تكن كمبايعة الله عز وجل في آية الاشتراء
ولذلك قال عز وجل في آية الاشتراء: " ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي
بايعتم به ذلك هو الفوز العظيم " يعنى الفوز بالجنة والرضوان، وقال عز من قائل في
آية المبايعة مع الرسول: " ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ".
ثم إنه عجل لهم أجرهم في هذه الدنيا وقال: " لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك
تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة
يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه - الآية
18 - 20 من سورة الفتح.
ولذلك نفسه كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستشفع لهم إلى الله عز وجل عند خاصة أمرهم أن
يغفر لهم ويعفو عن ذنوبهم وسيئاتهم ليتم لهم الاخذ بالضمانة، كما قال عز وجل في كتابه:
" يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن و
لا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك
في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ذلك أن
الله غفور رحيم " الممتحنة: 12.
فأوجب عليه صلى الله عليه وآله الاستغفار لهن بالشفاعة ليتم له الوفاء بالضمانة، وليس الاستغفار
والشفاعة الا بعد خاتمة الامر بالموت لئلا يتعاقبه سيئة أخرى لم تغفر.
هذا حال المبايعة مع الرسول صلى الله عليه وآله، حيث كان يد الله فوق أيديهم وكان يضمن لهم
الجنة ويشفعها بالاستغفار بعد الموت ليتم لهم الضمان، حيث كان وعد الشفاعة في المذنبين
امر بالاستغفار لهم، ولمن يكن الله عز وجل ليعده الشفاعة ولا يقبلها منه، ولا ليأمره
بالاستغفار لهم وهو لا يغفر لهم.
وأما أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله فقد لبسوا وموهوا على المسلمين شأن هذه البيعة، و
خانوا الله ورسوله في تلبيسهم هذا حيث ألزموا الطاعة على أنفسهم بالمبايعة الصورية كما
كانوا يلزمون الطاعة على أنفسهم بالمبايعة مع الله والرسول:
أرادوا رجلا من عرض الناس ليس على حجة من الله ولا على بينة من نبيه، ليس له
أمر الجنة والنار حتى يضمن لمطيعه الجنة ويهدد عاصيه بالنار، ولا له حق الشفاعة ونفاذ
الاستغفار، ليشفع لهم ويستغفر ولا هو قسيم النار ليقول يوم القيامة هذا عدوى خذيه لك
وهذا وليي ذريه معي يدخل الجنة ولا... ولا... وألف ولا.
أعطوه الطاعة في أمر الدين الإلهي من دون أن يكون بأعلمهم، وانقادوا له في أمر
البيئة والمجتمع من دون أن يكون معصوما من الخطأ والوقيعة، وأخذوا بأعناق الناس
يجرونهم إلى بيعته وليس يجب عليهم طاعته وولايته الا بعد البيعة بزعمهم.
نعم بايعوه بيعة مادية كمبايعة أهل السوق فالتزموا طاعته ونصحه وضربوا الرقاب
في اعلاء أمره، من دون أن يأخذوا منه في مقابله شيئا الا الوعد بتنظيم أمورهم في الدنيا
الفانية، ولا يتم له الوفاء بهذا الوعد الا بعد اجتماعهم عليه ونصحهم وطاعتهم له، فأصبحت
بيعتهم هذه لا هي بيعة واقعية دينية ولا بيعة سوقية صحيحة يستوفى فيها الثمن والمثمن، ولا هو
استجار وقع على شرائطه حتى نعرج على انفاذه شرعا.
فما الذي يوجب على المؤمنين الموحدين أن يلتزموا بهذه الصفقة الغاشمة، وهم لا
يريدون الا الدين ولا يبغون لأنفسهم ثمنا الا الجنة ورضوان من الله أكبر لو كانوا
يعقلون.
" من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها
وما له في الآخرة من نصيب " ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
364

صلاة للخوف من ظالم: قال اغتسل وصل ركعتين واكشف عن ركبتيك، و
365

اجعلهما مما يلي المصلى، وقل مائة مرة " يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا لا -
366

إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، فصل على محمد وآل محمد، وأغثني الساعة الساعة "
367

فإذا فرغت من ذلك فقل: " أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تلطف لي وأن
368

تغلب لي وأن تمكر لي وأن تخدع لي وأن كيد لي وأن تكفيني مؤنة فلان بلا مؤنة "
فان هذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد (1).
بيان: في القاموس لطف كنصر لطفا بالضم رفق ودنا، والله لك: أوصل إليك
مرادك بلطف، والمؤنة الثقل والمشقة.
24 - المكارم: صلاة للذكاء وجودة الحفظ: عن سدير يرفعه إلى الصادقين
عليهم السلام قال: تكتب بزعفران الحمد، وآية الكرسي، وإنا أنزلناه، ويس
والواقعة، وسبح، وتبارك، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، في إناء نظيف ثم تغسل
ذلك بماء زمزم أو بماء المطر أو بماء نظيف، ثم تلقي عليه مثقالين لبانا، وعشرة
مثاقيل سكرا، وعشرة مثاقيل عسلا، ثم يوضع تحت السماء وتوضع على رأسه حديدة
ثم تصلي آخر الليل ركعتين تقرأ في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد خمسين مرة

(1) مكارم الأخلاق: 391.
369

فإذا فرغت من صلاتك شربت الماء على ما وصفته، فإنه جيد مجرب للحفظ
إنشاء الله (1).
بيان: في بعض النسخ " وسبح " فقط فالظاهر أن المراد به الاعلى، وفي
بعضها وسبح الحشر فظاهر أن المراد به سورة الحشر.
25 - المكارم: صلاة الضالة ودعاؤها: روى جابر الأنصاري أن النبي
صلى الله عليه وآله علم عليا عليه السلام وفاطمة عليها السلام هذا الدعاء، وقال لهما: إن نزلت
بكما مصيبة أو خفتما جور السلطان أو ضلت لكما ضالة فأحسنا الوضوء، وصليا
ركعتين، وارفعا أيديكما إلى السماء وقولا " يا عالم الغيب والسرائر، يا مطاع يا
عليم، يا الله يا الله يا الله، يا هازم الأحزاب لمحمد، يا كائد فرعون لموسى، يا
منجي عيسى من أيدي الظلمة، يا مخلص قوم نوح من الغرق، يا راحم عبده يعقوب
يا كاشف ضر أيوب، يا منجي ذي النون من الظلمات، يا فاعل كل خير، يا دالا
على كل خير، يا آمرا بكل خير، يا خالق الخير، ويا أهل الخير، أنت الله رغبت
إليك فيما قد علمت، وأنت علام الغيوب، أسئلك أن تصلى على محمد وآل محمد " ثم اسألا
الحاجة تجابا إنشاء الله تعالى (2).
صلاة للشفاء من كل علة خصوصا السلعة: تصوم ثلاثة أيام وتغتسل في اليوم
الثالث عند الزوال، وابرز لربك، وليكن خرقة نظيفة وصل أربع ركعات تقرأ
فيهن ما تيسر من القرآن، واخضع بجهدك، فإذا فرغت من صلاتك فألق ثيابك
وائتزر بالخرقة وألصق خدك الأيمن بالأرض ثم قل: " يا واحد يا ماجد، يا كريم
يا حنان، يا قريب يا مجيب، يا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل محمد، واكشف
ما بي من ضر ومعرة وألبسني العافية في الدنيا والآخرة، وامنن علي بتمام النعمة
وأذهب ما بي فإنه قد آذاني وغمني ".
وقال الصادق عليه السلام: إنه لا ينفعك حتى تتيقن أنه ينفعك فتبرئ

(1) مكارم الأخلاق ص 391.
(2) مكارم الأخلاق 392.
370

منها (1).
بيان: قال الجوهري: السلعة زيادة تحدث في الجسد كالغدة تتحرك إذا
حركت، وقد تكون من حمصة إلى بطيخة انتهى، والمعرة بالفتحات وتشديد الراء
الاثم والأذى والمشقة.
26 - المكارم: صلاة لجميع الأمراض رواها أبو أمامة، عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: تكتب في إناء نظيف بزعفران ثم تغسل " أعوذ بكلمات الله التامة، وأسمائه
كلها عامة، من شر السامة والهامة، والعين اللامة، ومن شر حاسد إذا حسد
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وسورة الاخلاص والمعوذتين وثلاث
آيات من سورة البقرة قوله تعالى: " وإلهكم إله واحد " إلى قوله: " يعقلون " (2)
وآية الكرسي وآمن الرسول إلى آخر السورة، وعشر آيات من سورة آل عمران
من أولها وعشرا من آخرها " إن في خلق السماوات والأرض " وأول آية
من النساء وأول آية من المائدة وأول آية من الانعام وأول آية من الأعراف
وقوله تعالى: " إن ربكم الله الذي خلق " إلى قوله " رب العالمين " (3) " قال:
موسى ما جئتم به السحر إن اله سيبطله " (4) الآية " وألق ما في يمينك تلقف ما
صنعوا " إلى قوله: " حيث أتى " (5) وعشر آيات من أول الصافات، ثم تغسله ثلاث
مرات وتتوضأ وضوء الصلاة وتحسو منه ثلاث حسوات، وتمسح به وجهك وساير
جسدك، ثم تصلي ركعتين وتستشفي الله تفعل ذلك ثلاثة أيام، قال حسان: قد
جربناه فوجدناه ينفع بإذن الله (6).

(1) مكارم الأخلاق ص 453.
(2) البقرة: 158 - 159.
(3) الأعراف: 52.
(4) يونس، 81.
(5) طه: 72.
(6) مكارم الأخلاق ص 454.
371

بيان: الظاهر أن الوضوء بغير هذا الماء، وقال في المصباح المنير: حسوت المرق
وغيره أحسوه حسوا، والحسوة بالضم ملء الفم مما يحسى، والجمع حسي وحسوات
والحسوة بالفتح قيل لغة وقيل مصدر.
27 - المكارم: صلاة المريض عن إسماعيل بن محمد، عن عبد الله بن علي بن
الحسين عليهما السلام قال: مرضت مرضا شديدا حتى يئسوا مني، فدخل علي أبو عبد الله
عليه السلام فرأى جزع أمي علي، فقال لها: توضي وصلي ركعتين وقولي في سجودك
" اللهم أنت وهبته لي ولم يك شيئا فهبه لي هبة جديدة " ففعلت فأصبحت وقد صنعت
هريسة فأكلت منها مع القوم (1).
صلاة الحمى: محمد بن الحسن الصفار يرفعه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام و
أنا محموم فقال لي مالي أراك منقبضا؟ فقلت جعلت فداك حمى أصابتني فقال: إذا
حم أحدكم فليدخل البيت وحده، ويصلي ركعتين ويضع خده الأيمن على الأرض
ويقول: " يا فاطمة بنت محمد عشر مرات أتشفع بك إلى الله فيما نزل بي " فإنه يبرأ
إنشاء الله (2).
صلاة الحمى ركعتين يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة ثلاث مرات، وقوله تعالى:
" ألا له الخلق والامر تبارك لله رب العالمين ".
الدعاء: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم أتشفع بنبيك محمد صلى الله عليه وآله يا محمد أتشفع
بك على ربي في قضاء حاجتي وهو شفاء هذا المريض، يا الله يا الله يا لله، يا رحمن
يا رحيم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والاكرام برحمتك نستغيث، الان خفف الله
عنكم يريد الله أن يخفف عنكم، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، يكتب ويغسل
ليشرب المحموم (3).
صلاة للصداع ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة والاخلاص ثلاث
مرات وقوله تعالى: رب إني وهو العظيم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن

(1) مكارم الأخلاق ص 454.
(2) مكارم الأخلاق ص 455.
(3) مكارم الأخلاق ص 455.
372

بدعائك رب شقيا (1).
صلاة لوجع العين: ركعتين يقرأ في كل فاتحة الكتاب وقل يا أيها
الكافرون ثلاث مرات، وقوله تعالى: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها " الآية (2).
صلاة للأعمى: أبو جعفر الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر أعمى على رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال النبي تشتهى أن يرد الله عليك بصرك؟ قال: نعم، فقال له عليه السلام:
توضأ وأسبغ الوضوء ثم صل ركعتين وقل اللهم إني أسئلك وأرغب إليك وأتوجه
بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك أن يرد على بصري "
قال: فما قام صلى الله عليه وآله حتى رجع الأعمى وقد رد الله عليه بصره (3)
دعوات الراوندي: عن أبي جعفر عليه السلام مثله.
28 - المكارم: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسلمان: اشكمت درد؟ قم
فصل فان في الصلاة شفاء (4).
صلاة لوجع الرقبة تصلي ركعتين تقرأ في كل ركعة الحمد مرة وإذا نزلت
ثلاث مرات (5).
صلاة لوجع الصدر: أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وبعدها في
الأولى ألم نشرح مرة وفي الثانية الاخلاص ثلاث مرات وفي الثالثة الضحى مرة وفي
الرابعة يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور (6).
صلاة للقولنج ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقوله تعالى: " ففتحنا
أبواب السماء بماء منهمر " (7).
صلاة لوجع الرجل ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقوله سبحانه: آمن
الرسول تمام البقرة (8).
صلاة اللقوة: تصلي ركعتين وتضع يدك على وجهك وتستشفع إلى الله تعالى
برسوله محمد صلى الله عليه وآله وتقول: " بسم الله أحرج عليك يا وجع من عين إنس أو عين جن

(1) مكارم الأخلاق ص 455 والآية في الانعام: 59.
(2) مكارم الأخلاق ص 455 والآية في الانعام: 59.
(3) مكارم الأخلاق ص 456.
(4) مكارم الأخلاق ص 456.
(5) مكارم الأخلاق ص 456.
(6) مكارم الأخلاق ص 456.
(7) مكارم الأخلاق ص 456.
(8) مكارم الأخلاق ص 456.
373

أحرج عليك بالذي اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وخلق عيسى من
روح القدس لما هدأت وطفئت كما طفئت نار إبراهيم بإذن الله، وتقول ذلك
ثلاث مرات (1).
بيان: اللقوة داء معروفة تصيب الوجه، والتحريج التضييق.
29 - المكارم: صلاة لرد الآبق: تصلي ركعتين ويقرأ بعد الحمد من
أول سورة الحديد أربع آيات وآخر سورة الحشر: لو أنزلنا هذا القرآن إلى
آخر السورة ويقول: من هو كذا ولا هكذا غيره، اجعل الدنيا على فلان أضيق من
مسك جمل حتى ترده علي (2).
بيان: المسك بالفتح الجلد.
30 - المكارم: صلاة لرد الضالة: عن أمير المؤمنين عليه السلام: تصلي ركعتين
تقرأ فيهما يس وتقول بعد فراغك منهما رافعا يدك إلى السماء: اللهم راد الضالة
والهادي من الضلالة. صل على محمد وآل محمد، واحفظ على ضالتي، وارددها إلي
سالمة يا أرحم الراحمين، فإنها من فضلك وعطائك، يا عباد الله في الأرض ويا سيارة
الله في الأرض، ردوا على ضالتي، فإنها من فضل الله وعطائه (3).
31 - كشف الغمة: من كتاب معالم العترة للجنابذي قال أبو حمزة الثمالي
أخبرنا محمد بن علي الحسين عليهم السلام قال: كان أبي يقول لولده يا بني إذا أصابتكم مصيبة
من الدنيا أو نزلت بكم فاقة فليتوضأ الرجل فيحسن وضوءه، وليصل أربع ركعات
أو ركعتين، فإذا انصرف من صلاته فليقل " يا موضع كل شكوى يا سامع كل نجوى
يا شافي كل بلاء، ويا عالم كل خفية، ويا كاشف ما يشاء من بلية، يا نجي موسى
يا مصطفي محمد، يا خليل إبراهيم، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت قوته،
وقلت حيلته، دعاء الغريب الغريق، الفقير الذي لا يجد الكشف ما هو فيه إلا أنت

(1) مكارم الأخلاق: 456.
(2) مكارم الأخلاق: 457.
(3) مكارم الأخلاق: 457.
374

يا أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين.
قال علي بن الحسين عليهما السلام: لا يدعو بها رجل أصابه بلاء إلا فرج
الله عنه (1).
الدعوات للراوندي: عن الثمالي مثله إلى قوله: " ويا كاشف ما يشاء من
بلية، يا خليل إبراهيم، ويا نجي موسى، ويا صفي آدم، ويا مصطفى محمد، أدعوك
دعاء من اشتدت فاقته، وقلت حيلته دعاء الغريب المضطر الذي لا يجد لكشف ما هو
فيه إلا إياك يا أرحم الراحمين.
32 - الدعوات للراوندي: روي أن زين العابدين عليه السلام مر برجل وهو
قاعد على باب رجل، فقال له: ما يقعدك على باب هذا المترف الجبار؟ فقال: البلاء
فقال: قم فارشدك إلى باب خير من بابه، وإلى رب خير لك منه، فأخذ بيده حتى
انتهى إلى المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: استقبل القبلة فصل ركعتين ثم ارفع
يديك إلى الله عز وجل فأثن عليه وصل على رسوله ثم ادع آخر الحشر وست
آيات من أول الحديد وبالآيتين اللتين في آل عمران، ثم سل الله فإنك لا تسأل شيئا
إلا أعطاك.
بيان: قال الراوندي رحمه الله لعل المراد بالآيتين آية الملك، أقول: لأنهما
آيتان يقال لهما آية على إرادة الجنس (2) ويحتمل أن يكون المراد هي وآية
شهد الله.
33 - الدعوات: وروي عن الأئمة عليهم السلام إذا حز بك أمر فصل ركعتين
تقرأ في الركعة الأولى الحمد وآية الكرسي، وفي الثانية الحمد وإنا أنزلناه ثم
خذ المصحف وارفعه فوق رأسك وقل: " اللهم أسئلك بحق ما أرسلته إلى خلقك
ويحق كل آية هي لك في القرآن، وبحق كل مؤمن ومؤمنة مدحتهما

(1) كشف الغمة ج
(2) ولعله أراد آية الملك مع ما تتلوها: " تولج الليل في النهار " الخ وهو
الأظهر.
375

في القرآن، ولا أحد أعرف بحقك منك " وتقول " يا سيدي يا الله عشرا بحق محمد
وآل محمد عشرا بحق علي أمير المؤمنين عليه السلام عشرا.
ثم تقول: اللهم إني أسئلك بحق نبيك المصطفى، وبحق وليك ووصي
رسولك المرتضى، وبحق الزهراء مريم الكبرى، سيدة نساء العالمين، وبحق
الحسن والحسين سبطي نبي الهدى ورضيعي ثدي التقى، وبحق زين العابدين وقرة
عن الناظرين، وبحق باقر علم النبيين والخلف من آل يس، وبحق الراضي
من المرضيين، وبحق الخير من الخيرين، وبحق الصابر من الصابرين، وبحق
التقي والسجاد الأصغر، وببكائه ليلة المقام بالسهر، وبحق الزكية والروح
الطيبة سمي نبيك، والمظهر لدينك، اللهم إني أسئلك بحقهم وحرمتهم عليك إلا
قضيت بهم حوائجي، وتذكر ما شئت.
وكان زين العابدين عليه السلام إذا كربه أمر لبس ثوبين من أغلظ ثيابه وأخشنهما
ثم يركع في آخر الليل ركعتين حتى إذا كان في آخر سجدة من الركعتين سبح الله
مائة مرة، وحمد الله مائة مرة ثم يعترف بالذنوب في سجوده يدعو ويفضي بركبتيه
إلى الأرض في سجوده.
34 - البلد الأمين: نقلا من كتاب الأغسال لأحمد بن محمد بن عباس،
باسناده عن الصادق عليه السلام قال: من كانت له حاجة إلى الله تعالى مهمة يريد قضاءها، فليغتسل
وليلبس أنظف ثيابه ويصعد إلى سطحه ويصلي ركعتين، ثم يسجد ويثني على الله
ويقول: " يا جبرئيل يا محمد، يا جبرئيل يا محمد، أنتما كافيان فاكفياني، وأنتما
حافظان فاحفظاني، وأنتما كالئان فاكلئاني " مائة مرة ثم قال الصادق عليه السلام حق على
الله تعالى أن لا يقول ذلك أحد إلا قضى الله حاجته (1).
ومنه: نقلا من كتاب الوسائل إلى المسائل تأليف المعين أحمد بن علي
ابن أحمد بن علي بن أحمد بن الحسين بن محمد بن القاسم أن الصادق عليه السلام قال عليكم
بسورة الانعام فان فيها اسم الله تعالى في سبعين موضعا فمن كانت له إلى الله تعالى

(1) البلد الأمين لم نجده وتراه في هامش مصباح الكفعمي ص 397.
376

حاجة فليصل أربع ركعات بالحمد والانعام وليقل إذا سلم.
يا كريم يا كريم، يا عظيم يا عظيم، يا أعظم من كل عظيم، يا سميع الدعاء
يا من لا تغيره الأيام والليالي، صل على محمد وآل محمد، وارحم ضعفي وفقري و
فاقتي ومسكنتي ومسألتي فإنك أعلم بحاجتي، يا من رحم الشيخ الكبير حتى رد
عليه يوسف وأقر عينه، يا من رحم أيوب بعد طول بلائه، يا من رحم محمدا صلى الله عليه وآله
وفي اليتم آواه ونصره على جبابرة قريش وطواغيتها، وأمكنه منهم، يا مغيث
يا مغيث.
فوالذي نفسي بيده لو دعوت بها بعد ما تصلي هذه الصلاة على جميع حوائجك
لقضاها الله تعالى (1).
ومنه: نقلا من كتاب الأغسال أيضا باسناده، عن الصادق عليه السلام قال: من
نزل به كرب فليغتسل وليصل ركعتين ثم يضطجع ويضع خده الأيمن على يده اليمنى
ويقول: يا معز كل ذليل، ومذل كل عزيز، وحقك لقد شق علي كذا وكذا،
ويسمى ما نزل به، يكشف كربه إنشاء الله (2).
المكارم: عنه عليه السلام مرسلا مثله (3).
35 - البلد الأمين: عن الصادق عليه السلام من كانت له حاجة فليقم جوف
الليل وليغتسل وليلبس أطهر ثيابه وليأخذ قلة جديدة ملا من ماء ويقرأ عليها القدر
عشرا ثم يرش حول مسجده وموضع سجوده، ثم يصلي ركعتين بالحمد والقدر فيهما
جميعا، ثم يسأل حاجته، فإنه حري أن تقضى إنشاء الله تعالى (4).
36 - طب الأئمة: عن محمد بن عامر، عن محمد بن عليم الثقفي عن عمار بن
عيسى الكلابي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شكى إليه رجل

(1) البلد الأمين ص 155.
(2) لم نجده في البلد وتراه في المصباح: 398.
(3) مكارم الأخلاق: 381.
(4) البلد الأمين: 155.
377

من الشيعة سلعة ظهرت به، فقال أبو عبد الله عليه السلام: صم ثلاثة أيام ثم اغتسل في اليوم
الرابع عند زوال الشمس، وابرز لربك وليكن معك خرقة نظيفة فصل أربع ركعات
واقرأ فيها ما تيسر من القرآن واخضع بجهدك، فإذا فرغت من صلاتك فألق ثيابك
واترز بالخرقة، وألزق خدك الأيمن على الأرض ثم قل بابتهال وتضرع
وخشوع:
يا واحد يا أحد، يا كريم يا جبار، يا قريب يا مجيب، يا أرحم الراحمين
صل على محمد وآل محمد، واكشف ما بي من مرض، وألبسني العافية الكافية الشافية
في الدنيا والآخرة، وامنن علي بتمام النعمة، وأذهب ما بي فقد آذاني
وغمني.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: واعلم أنه لا ينفعك حتى لا يخالج في قلبك خلافه
وتعلم أنه ينفعك، قال: ففعل الرجل ما أمر به جعفر الصادق عليه السلام فعوفي منها (1).
بيان: الظاهر أن الاتزار لكشف المساجد وإيصالها إلى الأرض لزيادة
التخشع.
37 - الذكرى: روى الصدوق أن رجلا كان بينه وبين رجل من أهل
المدينة خصومة ذات خطر عظيم فدخل على أبي عبد الله عليه السلام فذكر له ذلك، فقال:
إذا أردت الغدو فصل بين القبر والمنبر ركعتين أو أربعا، وإن شئت في بيتك، و
اسأل الله أن يعينك، وخذ شيئا نفيسا فتصدق به على أول مسكين تلقاه، قال:
ففعلت ما أمرني به فقضي لي، ورد الله علي أرضي (2).

(1) طب الأئمة ص 109.
(2) راجع الفقيه ج 1 ص 352.
378

3.
* (باب) *
* (الصلاة والدعاء لمن أراد أن يرى شيئا في منامه) *
1 - المكارم: روي أن من عرض له مهم وأراد أن يعرف وجه الحيلة فيه،
فينبغي أن يقرأ يأخذ مضجعه هاتين السورتين كل واحدة سبع مرات: والشمس
وضحيها، والليل إذا يغشى، فإنه يرى شخصا يأتيه ويعلمه وجه الحيلة فيه و
النجاة منه (1).
2 - مجموع الدعوات: لمحمد بن هارون قال: مما روي عن أهل
البيت عليهم السلام إذا أردت أن ترى في منامك ما تحتاج إليه ويفسر لك ذلك، فاكتب
على كفك الأيمن الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد وإنا أنزلناه في ليلة القدر و
آية الكرسي خمس مرات، وأنت طاهر، وتقول آهيا شراهيا أرني في منامي كذا
وكذا، وتقول: اللهم صل على محمد وآل محمد سادتي وموالي وأرني ذلك بقدرتك
إنك على كل شئ قدير.
وإذا نمت على طهر في ثوب طاهر على فراش طاهر، وقرأت والشمس وضحيها
والليل إذا يغشى والتين والزيتون سبعا سبعا ثم قل بعد ذلك اللهم صل على محمد
وآل محمد واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا. فإنه يقال لك في منامك ما تعمل
عليه، وتفعل ذلك سبع مرات متواليات، فإنه يأتيك في منامك آت في أول ليلة أو
الثانية أو الخامسة أو السابعة فيقول لك المخرج من هذا كذا وكذا.
بيان: المضبوط في نسخ الدعاء آهيا شراهيا بمد الألف ثم الهاء المكسورة
ثم الياء المشددة المنونة ثم الشين المفتوحة ثم الراء المهملة بعده الألف، ثم الهاء
المكسورة ثم الياء المشددة المفتوحة، وفي القاموس وأهيا شراهيا بفتح الهمزة والشين

(1) مكارم الأخلاق:
379

يونانية أي الأزلي الذي لم يزل، والناس يغلطون ويقولون آهيا شراهيا، وهو
خطأ على ما يزعمه أحبار اليهود انتهى.
3 - مجموع الدعوات: من أراد أن يرى النبي صلى الله عليه وآله في منامه فليقم ليلة
الجمعة فيصلي المغرب ثم يدوم على الصلاة إلى أن يصلي العتمة ولا يكلم أحدا ثم
يصلى ويسلم في ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة واحدة وقل هو الله أحد ثلاث
مرات، فإذا فرغ من صلاته انصرف ثم صلى ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب مرة
واحدة وقل هو الله أحد سبع مرات ويسجد بعد تسليم ويصلي على النبي وآله سبع
مرات ويقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة
إلا بالله سبع مرات، ثم يرفع رأسه من السجود، ويستوي جالسا ويرفع يديه و
يقول: " يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والاكرام، يا إله الأولين والآخرين،
يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا رب يا رب ثم يقوم رافعا يديه ويقول
يا رب - ثلاثا - يا عظيم الجلال - ثلاثا - يا بديع الكمال يا كريم الفعال، يا كثير
النوال، يا دائم الافضال، يا كبير يا متعال، يا أول بلا مثال، يا قيوم بغير زوال
يا واحد بلا انتقال، يا شديد المحال، يا رازق الخلائق على كل حال، أرني وجه
حبيبي وحبيبك محمد صلى الله عليه وآله في منامي يا ذا الجلال والاكرام.
ثم ينام في فراشه وغيره، وهو مستقبل القبلة على يمينه، ويلزم الصلاة على
نبيه صلى الله عليه وآله حتى يذهب به النوم فإنه يراه صلى الله عليه وآله في منامه إنشاء الله تعالى.
4 - الإختصاص للمفيد: قال: حدث أبو الفرج عن سهل بن زياد، عن رجل
عن عبد الله بن جبلة عن أبي المعزا عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول من
كانت له إلى الله حاجة وأراد أن يرانا وأن يعرف موضعه فليغتسل ثلاثة ليال يناجي
بنا فإنه يرانا ويغفر له بنا، ولا يخفى عليه موضعه، قلت: سيدي فان رجلا رآك
في منامه وهو يشرب النبيذ، قال: ليس النبيذ يفسد عليه دينه، إنما يفسد عليه تركنا
وتخلفه عنا الخبر (1).

(1) الاختصاص ص 90 في حديث.
380

* (باب 4) *
* (نوادر الصلاة وهو آخر أبواب الكتاب) *
1 - دعوات الراوندي: كان أبو جعفر الثاني عليه السلام إذا دخل شهر جديد يصلي
أول يوم منه ركعتين يقرأ في الركعة الأولى الحمد وقل هو الله أحد لكل يوم إلى
آخره مرة وفي الركعة الأخرى الحمد مرة وإنا أنزلناه مثل ذلك ويتصدق بما
يسهل، يشتري به سلامة ذلك الشهر كله.
المتهجد: عن ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن
أحمد بن محمد عن محمد بن حسان، عن الحسن بن علي الوشا عنه عليه السلام مثله (1).
الدروع الواقية: عنه صلى الله عليه وآله مثله وروى دعاء سيأتي في أعمال
الشهر إنشاء الله.
2 - الدعوات: عن زين العابدين عليه السلام أنه كان يصلي صلاة الغداة ثم يثبت
في مصلاه حتى تطلع الشمس ثم يقوم فيصلي صلاة طويلة ثم يرقد رقدة ثم يستيقظ
فيدعو بالسواك، فيستن ثم يدعو بالغداء.
3 - كتاب صفين: لنصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر وعمر بن سعد و
محمد بن عبيد الله، عن رجل من الأنصار، عن الحارث بن كعب، عن عبد الله بن عبيد
أبي الكنود قال: لما أراد علي عليه السلام الشخوص من النخيلة، قام في الناس وخطبهم،
وساق الحديث إلى قوله: فخرج عليه السلام حتى إذا جاز الكوفة صلى ركعتين.
قال نصر: وحدثني إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن
ابن يزيد أن عليا صلى بين القنطرة والجسر ركعتين.
بيان: يدل على استحباب الصلاة بعد الخروج من البلد مطلقا أو من

(1) مصباح المتهجد ص 364، وتراه في اقبال السيد: 87.
381

خصوص الكوفة.
4 - نهج والراوندي: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أهمني ذنب أمهلت بعده
حتى أصلي ركعتين (1).
5 - دعائم الاسلام: عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أذنب
ذنبا فأشفق منه فليسبغ الوضوء ثم: ليخرج إلى البراز من الأرض حيث لا يراه أحد
فيصلي ركعتين ثم يقول: اللهم اغفر لي ذنب كذا وكذا، فإنه كفارة له (2)
6 - الدروع الواقية: عن الصادق عليه السلام قال: من صلى أول ليلة من الشهر
ركعتين يقرأ فيهما بسورة الانعام بعد الحمد، وسأل الله أن يكفيه كل خوف ووجع
آمنه الله في الشهر مما يكره.
7 - كتاب الزهد للحسين بن سعيد: عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي
ابن أبي حمزة البطائني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أبي ضرب غلاما
له قرعة واحدة بسوط وكان بعثه في حاجة فأبطأ عليه، فبكى الغلام، وقال: يا علي
ابن الحسين تبعثني في حاجتك ثم تضربني؟ قال: فبكي أبي، وقال: يا بني اذهب
إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فصل ركعتين ثم قل: اللهم اغفر لعلي بن الحسين خطيئته يوم
الدين، ثم قال للغلام اذهب فأنت حر لوجه الله.
7 - دعوات الراوندي: قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أعطى ما في بيت
المال أمر فكنس ثم صلى فيه ثم يدعو فيقول في دعائه " اللهم إني أعوذ بك من ذنب
يحبط العمل، وأعوذ بك من ذنب يعجل النقم، وأعوذ بك من ذنب يمنع الدعاء
وأعوذ بك من ذنب يمنع التوبة، وأعوذ بك من ذنب يهتك العصمة، وأعوذ بك من
ذنب يورث الندم، وأعوذ بك من ذنب يحبس القسم.
9 - كتاب الغارات، لإبراهيم بن محمد الثقفي: عن عمرو بن حماد بن طلحة
عن محمد بن الفضيل بن غزوان، عن أبي حيان التيمي عن مجمع أن عليا عليه السلام كان

(1) نهج البلاغة تحت الرقم 299 من قسم الحكم.
(2) دعائم الاسلام ج 1 ص 135.
382

يكنس بيت المال كل يوم جمعة يم ينضحه بالماء ثم يصلي ركعتين، ثم يقول:
تشهدان لي يوم القيامة.
وعن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، عن أبي حيان، عن مجمع أن
عليا عليه السلام كان ينضح بيت المال ثم يتنفل فيه، ويقول: اشهد لي يوم القيامة.
عن أحمد بن معمر، عن محمد بن الفضل مثله.
10 - مسكن الفؤاد، للشهيد الثاني رحمه الله: عن يوسف بن عبد الله بن سلام
أن النبي صلى الله عليه وآله إذا نزل بأهله شدة أمرهم بالصلاة، ثم قرأ " وأمر أهلك بالصلاة
واصطبر عليها ".
وعن ابن عباس أنه نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع ثم تنحى عن
الطريق فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول:
" استعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ".
وعنه أيضا أنه كان إذا أصيب بمصيبة قام فتوضأ وصلى ركعتين وقال: اللهم
قد فعلت ما أمرتنا فأنجز لنا ما وعدتنا.
11 - اعلام الدين: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قطع ثوبا جديدا وقرأ
إنا أنزلناه في ليلة القدر ستة وثلاثين مرة، فإذا بلغ " تنزل الملائكة " رش عليه ماء
رشا خفيفا ثم صلى ركعتين ودعا بعدهما فقال في دعائه: " الحمد لله الذي رزقني من
الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري به عورتي، واصلي به لربي " أكل في
سعة حتى يبلى ذلك الثوب.
12 - البلد الأمين: صلاة السفر ركعتان يقرأ فيهما ما شاء.
صلاة النزول عن ظهر الدابة للاستراحة: ركعتان ويقرأ بعدهما رب أنزلني
منزلا مباركا وأنت خير المنزلين، ليرزق خير المكان ويدفع عنه شره.
وصلاة الارتحال: ركعتان ويدعو الله بالحفظ والكلاءة ويودع الموضع و
أهله، فان لكل موضع أهلا من الملائكة، يقول: " السلام على ملائكة الله الحافظين
السلام علينا وعلى عباد الله الصاحين ورحمة الله وبركاته " وقاله المفيد في مزاره.
383

وصلاة التوبة ركعتان بعد الغسل (1).
13 - المتهجد والمكارم وغيرهما: روى هارون بن خارجة، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال في صلاة الشكر: إذا أنعم الله عز وجل عليك بنعمة فصل
ركعتين تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، وتقرأ في الثانية بفاتحة
الكتاب وقل يا أيها الكافرون، وتقول في الركعة الأولي في ركوعك وسجودك " الحمد
لله شركا شكرا وحمدا " وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك " الحمد لله الذي
استجاب دعائي وأعطاني مسئلتي " (2).
14 - دعوات الراوندي: عنهم عليهم السلام مثله إلا أنه قال في ركوع الأولى
وسجودها تقول: الحمد لله شكرا شكرا وحمدا حمدا " سبع مرات، وفي نسخ
المكارم والراوندي: وأعطاني مسئلتي وقضى حاجتي.
بيان: صلاة الشكر هذه ذكرها الأصحاب في كتب الفقه والدعاء، وهي
من الصلوات المشهورة، ونقل عن ابن البراج أنه قال في الروضة: وقتها ارتفاع النهار
ولم أظفر بمستنده وعموم الرواية يدفعه.
15 - رسالة عدم مضايقة الفوايت للسيد بن علي بن طاوس - ره - قال: روى
حسن بن الحسن بن خلف الكاشغري في كتاب زاد العابدين، عن منصور بن بهرام
عن محمد بن محمد بن الأشعث الأنصاري، عن شريح بن عبد الكريم وغيره عن جعفر بن
محمد صاحب كتاب العروس، عن غنذر، عن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن
علي بن أبي طالب عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من ترك الصلاة في
جهالته ثم ندم لا يدري كم ترك؟ فليصل ليلة الاثنين خمسين ركعة بفاتحة الكتاب مرة
وقل هو الله أحد مرة، فإذا فرغ من الصلاة استغفر الله مائة مرة، جعل الله ذلك كفارة
صلاته، ولو ترك صلاة مائة سنة لا يحاسب الله العبد الذي صلى هذه الصلاة ثم إن له
عند الله بكل ركعة ولكل آية قرأها عبادة سنة، وبكل حرف نورا على الصراط

(1) البلد الأمين ص 164.
(2) مصباح المتهجد ص 371، مكارم الأخلاق ص 377.
384

وأيم الله إنه لا يقدر على هذا إلا مؤمن من أهل الجنة، فمن فعل استغفرت له
الملائكة وسمي في السماوات صديق الله في الأرض، وكان موته موت الشهداء، وكان
في الشهداء رفيق الخضر عليه السلام.
بيان: هذا الخبر مع ضعف سنده ظاهره مخالف لساير الاخبار، وأقوال
الأصحاب، بل الاجماع، ويمكن حمله على القضاء المظنون أو على ما إذا أتى
بالقدر المتيقن أو على ما إذا أتى بما غلب على ظنه الوفاء، فتكون هذه الصلاة
لتلافي الاحتمال أو الضعيف على حسب ما مر من الوجوه، وأما القضاء المعلوم
فلابد من الاتيان بها والخروج منها على ما مر، ولا يمكن التعويل على مثل هذا
الخبر وترك القضاء.
16 - مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب المحاسن، عن أخي حماد بن بشير
قال: كنت عند عبد الله بن الحسن وعنده أخوه حسن بن الحسن فذكرنا أبا عبد الله عليه السلام
فنال من فقمت من ذلك المجلس فأتيت أبا عبد الله عليه السلام ليلا فدخلت عليه وهو في
فراشه قد أخذ الشعار فخبرته بالمجلس الذي كنا فيه وما يقول حسن، فقال: يا جارية
ضعي لي ماء فاتي به فتوضأ وقام في مسجد بيته فصلى ركعتين ثم قال: يا رب إن
فلانا أتاني بالذي أتاني عن الحسن، وهو يظلمني، وقد غفرت له فلا تأخذه
ولا تقايسه يا رب " قال فلم يزل يلح في الدعاء على ربه ثم التفت إلى فقال: انصرف
رحمك الله، فانصرف ثم زاره بعد ذلك (1).
ومنه: عن حماد اللحام قال: أتى رجل أبا عبد الله عليه السلام فقال إن
فلانا ابن عمك ذكرك فما ترك شيئا من الوقيعة والشتيمة إلا قاله فيك، فقال
أبو عبد الله عليه السلام: للجارية ايتيني بوضوء، فتوضأ ودخل فقلت في نفسي يدعو
عليه فصلى ركعتين فقال: يا رب هو حقي قد وهبته له، وأنت أجود مني
وأكرم، فهبه لي ولا تؤاخذه بي، ولا تقايسه، ثم رق فلم يزل يدعو فجعلت

(1) مشكاة الأنوار ص 216.
385

أتعجب (1).
17 - معاني الأخبار: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي
عبد الله البرقي، عن أبيه رفعه قال: نظر أبو عبد الله عليه السلام إلى رجل قد
خرج من الحمام مخضوب اليدين، فقال له أبو عبد الله عليه السلام أيسرك أن
يكون الله عز وجل خلق يديك هكذا؟ قال: لا والله، وإنما فعلت ذلك لأنه
بلغني عنكم أنه من دخل الحمام فلير عليه أثره يعني الحناء، فقال: ليس حيث
ذهبت، معنى ذلك إذا خرج أحدكم من الحمام وقد سلم فليصل ركعتين شكرا قال
سعد: وأخبرني أحمد بن أبي عبد الله ورواه نوح بن شعيب رفعه قال: فليحمد الله
عز وجل (2).
18 - مجالس ابن الشيخ عن والده عن هلال بن محمد الحفار، عن إسماعيل بن
علي الدعبلي، عن أبيه عن الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي عليه السلام قال: أتى أمير المؤمنين
صلوات الله عليه أصحاب القمص فساوم شيخا منهم، فقال: يا شيخ بعني قميصا بثلاثة
دراهم، فقال الشيخ: حبا وكرامة، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، فلبسه ما بين
الرسغين إلى الكعبين، وأتى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم قال: " الحمد لله الذي
رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأؤدي فيه فريضتي، وأستر فيه
عورتي.
فقال له الرجل يا أمير المؤمنين أعنك نروي هذا أو شئ سمعته من رسول الله
صلى الله عليه وآله؟ قال: بل شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول ذلك عند الكسوة (3).
كشف الغمة: مرسلا مثلا إلا أنه قال: فساوم شيخا فقال: يا شيخ بعني

(1) مشكاة الأنوار ص 217.
(2) معاني الأخبار ص 254.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 375.
386

قميصا بثلاثة دراهم (1).
بيان: في القاموس الرسغ بضم وبضمتين مفصل ما بين الساعد والكف
والساق والقدم، وقال الرياش اللباس الفاخر.
19 - المحاسن: عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى بين الجمعتين خمس مائة صلاة فله عند الله ما
يتمنى من الخير (5).
20 - فقه الرضا عليه السلام: إذا أردت التزويج فاستخر وامض ثم صل ركعتين
وارفع يديك وقل: اللهم إني أريد التزويج فسهل لي من النساء أحسنهن خلقا و
خلقا، وأعفهن فرجا وأحفظهن نفسا في، وفي مالي، وأكملهن جمالا وأكثرهن
أولادا.
21 - الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن القاسم
ابن يحيى، عن جده الحسن، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن
آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا كسى الله عز وجل مؤمنا ثوبا جديدا
فليتوضأ وليصل ركعتين يقرأ فيهما أم الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد و
إنا أنزلناه في ليلة القدر ثم ليحمد الله الذي ستر عورته وزينه في الناس،، وليكثر
من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنه لا يعصي الله فيه وله بكل سلك فيه ملك
نقدس؟ له ويستغفر له ويترحم عليه (2).
أقول: ستأتي صلوات شهر رمضان وساير الأشهر والصلوات المختصة ببعض
أيام السنة أو الشهور في أبواب أعمال السنة والشهور، والصلوات المتعلقة بالحج في
كتابه وصلوات النكاح والزفاف في أبوابه، وصلوات الزيارات في أبوابها، وقد مرت
صلاة السفر.

(1) كشف الغمة ج 1 ص 220 راجعه.
(2) الخصال ج 2 ص 163.
387

(هذه صورة خط مؤلفة رحمه الله)
وقد ختم هذا المجلد مؤلفة القاصر العاثر محمد بن المدعو بباقر حشرهما الله
مع مواليهما في اليوم الآخر في الحادي والعشرين من شهر شعبان المعظم المكرم من
شهور سنة سبع وتسعين بعد الألف الهجرية والحمد لله أولا وآخرا والصلاة على
سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد وعترته الأكرمين الأطهرين الأقدسين.
388

صورة فتوغرافية من نسخة الأصل بخط العلامة المجلسي قد تراها في ص 1 من هذا المجلد
389

صورة أخرى من نسخة الأصل لاخر صفحة منها، تراها في ص 168 من هذا المجلد
390

بسمه تعالى
انتهى الجزء الثاني عشر من المجلد الثامن عشر من
كتاب بحار الأنوار وهو الجزء الثامن والثمانون (88) حسب
تجزئتنا في هذه الطبعة النفيسة الرائقة، وقد تم به كتاب
الصلاة عن آخرها.
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه وتنميقه ومقابلته فخرج
بحمد الله ومنه نقيا من الأغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ عنه
البصر وحسر عنه النظر لا يكاد يخفى على القراء الكرام ومن
الله العصمة وبه الاعتصام.
السيد إبراهيم الميانجي - محمد الباقر البهبودي
391

كلمة المصحح:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعترته الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين.
وبعد: فهذا هو الجزء الثاني عشر من المجلد الثامن عشر، من كتاب
البحار وقد انتهى رقمه في سلسلة أجزاء هذه الطبعة النفيسة الرائقة إلى 88 حوى
في طيه عشرين بابا تم بها أبواب كتاب الصلاة.
وقد قابلناه على طبعة الكمباني المشهورة بطبع أمين الضرب، وهكذا على
نص المصادر التي استخرجت الأحاديث منها، ومن أول الجزء إلى ص 168 قابلناه
على نسخة الأصل التي هي بخط يد المؤلف العلامة المجلسي - رضوان الله عليه -
ترى في الورق التالي صورتين فتوغرافيتين منها.
وهذه النسخة لخزانة كتب الفاضل البحاث الوجيه الموفق المرزا فخر الدين
النصيري الأميني زاده الله توفيقا لحفظ كتب السلف عن الضياع والتلف، أودعها
عندنا منذ عهد بعيد للعرض والمقابلة، خدمة للدين وأهله، فجزاه الله عنا وعن
المسلمين أهل الثقافة والعلم خير جزاء المحسنين.
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لاتمام هذه الخدمة المرضية بمنه وحوله وقوته
والله هو الملهم للصواب.
المحتج بكتاب الله على الناصب محمد الباقر البهبودي
صفر المظفر عام 1392 ه‍. ق
392