الكتاب: بحار الأنوار
المؤلف: العلامة المجلسي
الجزء: ٩٧
الوفاة: ١١١١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان ، السيد إبراهيم الميانجي ، محمد الباقر البهبودي
الطبعة: الثانية المصححة
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: دار إحياء التراث العربي

بحار الأنوار
الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار
تأليف
العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى
الشيخ محمد باقر المجلسي
" قدس الله سره "
الجزء السابع والتسعون
مؤسسة الوفاء
بيروت - لبنان
تعريف الكتاب 1

الطبعة الثانية المصححة
1403 ه‍. 1983 م
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
(أبواب)
* " (الجهاد والمرابطة وما يتعلق بذلك من المطالب) " *
1.
* (باب) *
* " (وجوب الجهاد وفضله) " *
الآيات: البقرة: " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء
ولكن لا تشعرون " (1).
وقال تعالى: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا
يحب المعتدين * واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة
أشد من القتل " (2) وقال: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فان
انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين " (3).
وقال: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد " (4)
وقال: " كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون " (5) وقال تعالى:

(1) سورة البقرة: 154.
(2) سورة البقرة: 191190.
(3) سورة البقرة: 193.
(4) سورة البقرة: 207.
(5) سورة البقرة: 216
1

" إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة
الله " (1) وقال تعالى: " وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم " (2) وقال
تعالى: " قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله
والله مع الصابرين " (3) وقال تعالى " ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت
الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين " (4) وقال تعالى: " لا إكراه في الدين
قد تبين الرشد من الغي " (5).
آل عمران: وقال تعالى: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين
جاهدوا منكم ويعلم الصابرين " (6) وقال: وكأين من نبي قاتل معه ربيون
كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين *
وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت اقدامنا
وانصرنا على القوم الكريم * فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله
يحب المحسنين " (7) وقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا
وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما
قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير *
ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون * ولئن
متم أو قتلتم لألى الله تحشرون " (8) وقال تعالى: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل
الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتيهم الله من فضله ويستبشرون
بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة

(1) سورة البقرة 218.
(2) سورة البقرة: 244.
(3) سورة البقرة: 249.
(4) سورة البقرة: 251.
(5) سورة البقرة: 256.
(6) سورة آل عمران: 142.
(7) سورة آل عمران: 148146.
(8) سورة آل عمران: 157156.
2

من الله وفضل وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين " (1) وقال تعالى: " فالذين
هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم
سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده
حسن الثواب " (2).
النساء: " يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا
جميعا " (3) وقال تعالى: " فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا
بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما " (4).
إلى قوله " الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل
الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا " (5) وقال تعالى:
" لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم
وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ولا وعد الله
الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة و
رحمة وكان الله غفورا رحيما (6).
المائدة: " وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون " (7) وقال تعالى: " يجاهدون
في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم " (8).
الأنفال: " وما النصر إلا من عند الله " (9) وقال سبحانه: " فلم تقتلوهم
ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " (10) وقال تعالى: " وقاتلوهم
حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله فان انتهوا فان الله بما يعملون

(1) سورة آل عمران: 171169.
(2) سورة آل عمران: 196.
(3) سورة النساء: 71.
(4) سورة النساء: 74.
(5) سورة النساء: 76.
(6) سورة النساء: 9695 (7) سورة المائدة: 35.
(8) سورة المائدة: 54 (9) سورة الأنفال: 10.
(10) سورة الأنفال: 17.
3

بصير " (1).
التوبة: " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف
صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم
حكيم " (2) وقال تعالى: " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن
آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم
الظالمين * الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم
درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات
لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم " (3) وقال تعالى:
" وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة " (4) وقال سبحانه: " يا أيها
الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم
بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل * إلا تنفروا
يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ
قدير " (5).
إلى قوله تعالى: " انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في
سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " (6) إلى قوله سبحانه: " قل هل تربصون
بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا
فتربصوا إنا معكم متربصون " (7) إلى قوله تعالى " فرح المخلفون بمقعدهم خلاف
رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في
الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون " (8) إلى قوله تعالى: " لكن الرسول

(1) سورة الأنفال: 40.
(2) سورة التوبة: 1514.
(3) سورة التوبة: 2219.
(4) سورة التوبة: 36.
(5) سورة التوبة: 4140.
(6) سورة التوبة: 42.
(7) سورة التوبة: 52.
(8) سورة التوبة: 81.
4

والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم
المفلحون * أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز
العظيم " (1) وقال تعالى: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن
لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التورية والإنجيل
والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو
الفوز العظيم * التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون
الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين " (2)
إلى قوله سبحانه: " ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا
عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا
مخمصة في سبيل الله ولا يطؤن موطأ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب
لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين * ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة
ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون * وما كان المؤمنون
لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقه منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم
إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون * يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار
وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين " (3).
الحج: " اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير *
الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس
بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " (4)
العنكبوت: " ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين " (5).

(1) سورة التوبة: 112111.
(2) سورة التوبة: 121120.
(3) سورة التوبة: 123.
(4) سورة الحج: 4039.
(5) سورة العنكبوت: 6.
5

محمد: " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين
قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها
لهم * يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم " (1) وقال تعالى:
" فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون
إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم * طاعة وقول معروف " (2) وقال: " و
لنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم " (ظ) وقال
تعالى: " فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم
أعمالكم " (4).
الفتح: " ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما " (5)،
الحجرات: " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا و
جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون " (6).
الصف: " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله كأنهم بنيان مرصوص " (7)
وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم
تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير
لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها
الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى
تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين * يا أيها الذين آمنوا كونوا
أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون
نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على
عدوهم فأصبحوا ظاهرين " (8).

(1) سورة محمد: 74.
(2) سورة محمد: 2120.
(3) سورة محمد: 31.
(4) سورة محمد: 37.
(5) سورة الفتح: 4.
(6) سورة الحجرات: 5.
(7) سورة الصف: 4.
(8) سورة الصف: 1410.
6

1 - الهداية: الجهاد فريضة واجبة من الله عز وجل على خلقه بالنفس
والمال مع إمام عادل، فمن لم يقدر على الجهاد معه بالنفس والمال فليخرج
بماله من يجاهد عنه، ومن لم يقدر على المال وكان قويا ليست له علة تمنعه فعليه
أن يجاهد بنفسه.
والجهاد على أربعة أوجه: فجهادان فرض، وجهاد سنة لا يقام إلا مع فرض
وجهاد سنة.
فأما أحد الفرضين فمجاهدة نفسه عن معاصي الله وهو من أعظم الجهاد، و
مجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض، وأما الجهاد الذي هو سنة لا يقام إلا
مع فرض، فان مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة ولو تركت الجهاد لأتاهم
العذاب وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة على الامام أن يأتي العدو مع الأمة
فيجاهدهم، وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقامها الرجل وجاهد
في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنه
إحياء سنة (1).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عملوها من غير
أن ينتقص من أجورهم شئ (2).
وقد روي أن الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل الله (3).
وروي أن جهاد المرأة حسن التبعل (4).
وروي أن الحج جهاد كل ضعيف (5).
2 نهج البلاغة: من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام أما بعد فان الجهاد باب
من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى، ودرع الله الحصينة
وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشملة البلاء، وديث

(1) الهداية ص 11.
(2) نفس المصدر ص 12 بتفاوت يسير.
(3) نفس المصدر ص 12 بتفاوت يسير.
(4) نفس المصدر ص 12 بتفاوت يسير.
(5) نفس المصدر ص 12 بتفاوت يسير.
7

بالصغار والقماء (1) وضرب على قلبه بالأسداد وأديل (2) الحق منه بتضييع الجهاد
وسيم الخسف ومنع النصف. إلى آخر ما مر في كتاب الفتن (3).
3 - أمالي الصدوق: علي بن عيسى، عن علي بن محمد ماجيلويه، عن البرقي، عن أبيه، عن
الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: فان في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها
الحلل ومن أسفلها خيل بلق مسرجة ملجمة ذوات أجنحة لا تروث ولا تبول، فيركبها
أولياء الله فتطير بهم في الجنة حيث شاؤوا: فيقول الذي أسفل منهم: يا ربنا ما بلغ
بعبادك هذه الكرامة؟ فيقول الله جل جلاله: إنهم كانوا يقومون الليل ولا ينامون
ويصومون النهار ولا يأكلون. ويجاهدون العدو ولا يجبنون، ويتصدقون
ولا يبخلون (4).
4 - أمالي الصدوق: عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أشرف الموت
قتل الشهادة (5).
5 - أمالي الصدوق: بالاسناد المتقدم، عن البرقي، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن
الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن جبرئيل عليه السلام
أخبرني بأمر قرت به عيني وفرح به قلبي قال: يا محمد من غزا غزوة في سبيل الله
من أمتك فما اصابته قطرة من السماء أو صداع إلا كانت له شهادة يوم القيامة (6).
6 - أمالي الصدوق: وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للجنة باب يقال له:
باب المجاهدين، يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون سيوفهم والجمع في

(1) القماء: الذل والقمئ الذليل الصغير.
(2) أديل. بمعنى تحول ومنه التداول، والمقصود غلب عليه، ومنه الإدالة
بمعنى الغلبة.
(3) نهج البلاغة محمد عبده ج 1 ص 63.
(4) أمالي الصدوق ص 291 وفيه (عتاق) بدل (بلق).
(5) لم نعثر عليه في مظانه.
(6) أمالي الصدوق ص 577.
8

الموقف والملائكة ترحب بهم، فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلا في نفسه وفقرا
في معيشته، ومحقا في دينه، إن الله تبارك وتعالى أعز أمتي بسنابك خيلها و
مراكز رماحها (1).
7 - أمالي الصدوق: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من بلغ رسالة غاز كان
كمن أعتق رقبة وهو شريكه في باب غزوته (2).
أقول: روى في ثواب الأعمال هذا الخبر والخبرين اللذين هما قبله، عن أبيه، عن
سعد، عن البرقي (3).
8 - ثواب الأعمال: ابن المغيرة، عن جده، عن جده، عن السكوني، عن الصادق، عن
أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خيول الغزاة هي خيولهم في الجنة (4).
9 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن أبي همام، عن
محمد بن غزوان، عن السكوني مثله (5).
10 - ثواب الأعمال (6) أمالي الصدوق: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن محمد بن
إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن عمر بن أبان، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الخير كله في السيف، وتحت ظل السيف، ولا يقيم
الناس إلا السيف، والسيوف مقاليد الجنة والنار (7).
11 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام أنه قال:
القتل قتلان، قتل كفارة وقتل درجة، والقتال: قتالان: قتال الفئة الكافرة
حتى يسلموا، وقتال الفئة الباغية حتى يفيؤا (8).

(1) أمالي الصدوق ص 577.
(2) نفس المصدر 578.
(3) ثواب الأعمال ص 172.
(4) لم نجده بهذا السند في (ثواب الأعمال) ولكنه موجود في أمالي الصدوق ص 578 ولعل
الاشتباه في الرمز من سهو النساخ.
(5) ثواب ثواب الأعمال ص 172.
(6) نفس المصدر ص 172.
(7) أمالي الصدوق ص 578.
(8) قرب الإسناد ص 62.
9

12 - الخصال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن أبي البختري مثله (1).
13 - علل الشرائع (2) الخصال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن
محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل ذنب يكفره
القتل في سبيل الله إلا الدين فإنه لا كفارة له إلا أداؤه أو يقضي صاحبه أو يعفو
الذي له الحق (3).
14 - الخصال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن همام، عن
ابن غزوان، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
فوق كل بربر حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله عز وجل
فليس فوقه بر، وفوق كل عقوق عقوق حتى يقتل الرجل أحد والديه فإذا قتل
أحدهما فليس فوق عقوق (4).
15 - كتاب الغايات: قال النبي صلى الله عليه وآله: وذكر مثله (5).
16 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي
عمير، عن منصور بن يونس، عن الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: مامن
قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرتين قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمعة في
سواد الليل لا يريد بها عبد إلا الله عز وجل (6).
17 - الخصال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله
ابن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاث من كن فيه زوجه الله من الحور العين
كيف شاء: كظم الغيظ، والصبر على السيوف لله عز وجل، ورجل أشرف على
مال حرام فتركه لله عز وجل (7).
18 - الخصال: الخليل، عن أبي القاسم البغوي، عن علي بن الجعد، عن شعبة

(1) الخصال ج 1 ص 39.
(2) علل الشرائع ص 528.
(3) لم نجده في مظانه.
(4) الخصال ج 1 ص 8.
(5) الغايات ص 84.
(6) الخصال ج 1 ص 31 ذيل حديث.
(7) الخصال ج 1 ص 53.
10

عن الوليد بن الغيزان، عن أبي عمرو الشيباني، عن عبد الله بن مسعود قال: سألت
النبي صلى الله عليه وآله: أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: الصلاة لوقتها، قلت:
ثم اي شئ؟ قال: بر الوالدين: قلت: ثم اي شئ؟ قال: الجهاد في سبيل الله
عز وجل، قال فحدثني بهذا ولو استزدته لزادني (1).
19 - الخصال: بهذا الاسناد، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن أحب
الأعمال إلى الله عز وجل الصلاة والبر والجهاد (2).
20 - معاني الأخبار (3) الخصال: في خبر أبي ذر أنه سال النبي صلى الله عليه وآله: اي الأعمال أحب
إلى الله عز وجل؟ فقال: إيمان بالله، وجهاد في سبيله، قال: قلت: فأي الجهاد
أفضل؟ قال: من عقر جواده وأهريق دمه في سبيل الله (4).
21 - عيون أخبار الرضا (ع): بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أفضل الأعمال عند الله عز وجل إيمان لا شك فيه، وغزو
لا غلول فيه، وحج مبرور، وأول من يدخل الجنة شهيد، وعبد مملوك أحسن عبادة
ربه ونصح لسيده، ورجل عفيف متعفف ذو عبادة (5).
أقول: قد مضى خطبة أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالنخيلة في هذا المعنى
مع تفسيره في أبواب تاريخه عليه السلام.
22 - أمالي الطوسي: عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: الموت طالب ومطلوب لا يعجزه المقيم
ولا يفوته الهارب، فقدموا ولا تتكلوا، فإنه ليس عن الموت محيص، إنكم إن
لم تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس أهون

(1) الخصال ج 1 ص 107 والصواب في سنده الوليد بن العيزار بن حريث وهو
مترجم في كتب العامة.
(2) الخصال ج 1 ص 122.
(3) لم نجده في مظانه.
(4) الخصال ج 2 ص 300 ضمن حديث طويل.
(5) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 28 بتفاوت وزيادة في آخره وأخرجه المفيد في
أماليه ص 54 وليس فيه (شهيد).
11

من موت على فراش (!).
23 - أمالي الطوسي: عن أمير المؤمنين عليه السلام أفضل ما توسل به المتوسلون الايمان بالله
ورسوله، والجهاد في سبيل الله، الخبر (2).
24 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ثلاثة يشفعون إلى الله يوم القيامة فيشفعهم: الأنبياء ثم العلماء
ثم الشهداء (3).
25 - ثواب الأعمال أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن
الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من اغتاب مؤمنا غازيا أو آذاه
أو خلفه في أهله بسوء نصب عمله يوم القيامة ليستغرق حسناته، ثم يركس في النار
ركسا إذا كان الغازي في طاعة الله عز وجل (4).
26 - المحاسن: أبي رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ثلاث من كن فيه زوجه
الله من الحور العين كيف شاء: كظم الغيظ، والصبر على السيوف لله عز وجل، و
رجل أشرف على مال حرام فتركه لله (5).
27 - صحيفة الرضا (ع): عن الرضا، عن آبائه، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال: بينما
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يخطب الناس ويحضهم على الجهاد إذ قام
إليه شاب فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن فضل الغزاة في سبيل الله؟ فقال علي
عليه السلام: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وآله على ناقته العضباء ونحن قافلون من غزوة
ذات السلاسل فسألته عما سألتني عنه فقال: إن الغزاة إذا هموا بالغزو كتب الله
لهم براءة من النار، فإذا تجهزوا لغزوهم باهى الله تعالى بهم الملائكة، فإذا
ودعهم أهلوهم بكت عليهم الحيطان والبيوت ويخرجون من ذنوبهم كما تخرج
الحية من سلخها، ويوكل الله عز وجل بهم بكل رجل منهم أربعين ألف ملك

(1) أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 220.
(2) نفس المصدر ج 1 ص 220
(3) قرب الإسناد ص 31 وأخرجه الصدوق في الخصال ج 1 ص 102.
(4) ثواب الأعمال ص 229.
(5) المحاسن ص 6.
12

يحفظونه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، ولا يعمل حسنة إلا ضعفت
له ويكتب له كل يوم عبادة ألف رجل يعبدون الله ألف سنة كل سنة ثلاث مائة
وستون يوما، واليوم مثل عمر الدنيا، وإذا صاروا بحضرة عدوهم انقطع علم
أهل الدنيا عن ثواب الله إياهم، فإذا برزوا لعدوهم وأشرعت الأسنة وفوقت
السهام وتقدم الرجل إلى الرجل حفتهم الملائكة بأجنحتهم ويدعون الله لهم
بالنصر والتثبيت، فينادي مناد: الجنة تحت ظلال السيوف، فتكون الطعنة و
الضربة على الشهيد أهون من شرب الماء البارد في اليوم الصائف، وإذا زال الشهيد عن
فرسه بطعنة أو ضربة لم يصل إلى الأرض حتى يبعث الله عز وجل زوجته من الحور
العين فتبشره بما أعد الله له من الكرامة، فإذا وصل إلى الأرض تقول له: مرحبا
بالروح الطيبة التي أخرجت من البدن الطيب، أبشر فان لك مالا عين رأت ولا
اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ويقول الله عز وجل: أنا خليفته في أهله ومن
أرضاهم فقد أرضاني ومن أسخطهم فقد أسخطني، ويجعل الله روحه في حواصل طير
خضر تسرح في الجنة حيث تشاء تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب
معلقة بالعرش، ويعطي الرجل منهم سبعين غرفة من غرف الفردوس [ما بين صنعاء
والشام يملا نورها ما بين الخافقين في كل غرفة سبعون بابا على كل باب] سبعون
مصراعا من ذهب على كل باب ستور مسبلة، في كل غرفة سبعون خيمة في كل
خيمة سبعون سريرا من ذهب قوائمها الدر والزبرجد موصولة بقضبان من زمرد
على كل سرير أربعون فرشا غلظ كل فراش أربعون ذراعا، على كل فراش
زوجة من الحور العين عربا أترابا، فقال الشاب: يا أمير المؤمنين أخبرني عن العربة؟
قال: هي الغنجة الرضية المرضية الشهية لها سبعون ألف وصيف وسبعون ألف و
وصيفة صفر الحلي بيض الوجوه عليهم تيجان اللؤلؤ، على رقابهم المناديل بأيديهم
الأكوبة والأباريق، وإذا كان يوم القيامة يخرج من قبره شاهرا سيفه تشخب
أوداجه دما، اللون لون الدم والرائحة المسك يخطو في عرصة القيامة.
فوالذي نفسي بيده لو كان الأنبياء على طريقهم لترجلوا لهم لما يرون من
13

بهائم حتى يأتوا إلى موائد من الجواهر فيقعدون عليها، ويشفع الرجل منهم
سبعين ألفا من أهل بيته وجيرته، حتى أن الجارين يختصمان أيهما أقرب
فيقعدون معه ومع إبراهيم على مائدة الخلد فينظرون إلى الله تعالى في كل بكرة
وعشية (1).
28 - الإرشاد: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الموت طالب حثيث، ومطلوب
لا يعجزه المقيم، ولا يفوته الهارب، فاقدموا ولا تتكلوا، فإنه ليس عن الموت محيص
إنكم إن لا تقتلوا تموتوا، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس
أيسر من موتة على فراش (2).
29 - تفسير العياشي: عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: إني راغب نشيط في الجهاد قال: فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل كنت
حيا عند الله ترزق، ولن مت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت خرجت من الذنوب
إلى الله، هذا تفسير " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا " (3).
30 - تفسير العياشي: عن أبي الجارود، عن زيد بن علي في قول الله: " واجعل لي
من لدنك سلطانا نصيرا " قال: السيف (4).
31 - ين: فضالة، عن الحسين بن عثمان، عن رجل، عن الثمالي، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: قال: ما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دم في سبيل الله
أو قطرة من دموع عين في سواد الليل من خشية الله، وما من قدم أحب إلى الله

(1) صحيفة الإمام الرضا (ع) ص 2826 الطبعة الثانية بمطبعة المعاهد بمصر سنة
1340، بتفاوت وما بين القوسين زيادة من المصدر، وفيه النظر إلى الله أي النظر إلى كرامة
الله وقد سبق في هامش بعض الأحاديث أنه تعالى ليس بجسم وامتناع رؤيته وان الأحاديث
التي توهم ذلك أن لم يمكن تفسيرها بما لا يتنافى مع الضروري من الدين فهو من الاخبار
المدسوسة، فراجع.
(2) الارشاد ص 127.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 206 والآية في آل عمران: 169.
(4) نفس المصدر ج 2 ص 315 والآية في الاسراء: 80.
14

من خطوة إلى ذي رحم، أو خطوة يتم بها زحفا في سبيل الله، وما من جرعة أحب
إلى الله من جرعة غيظ أو جرعة ترد بها العبد مصيبته (1).
32 - نوادر الراوندي: باسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن فوق كل بر برا حتى يقتل الرجل شهيدا في
سبيل الله، وفوق كل عقوق عقوقا حتى يقتل الرجل أحد والديه (2).
33 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خيول الغزاة في الدنيا
هي خيولهم في الجنة (3).
34 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حملة القرآن عرفاء
أهل الجنة، والمجاهدون في الله تعالى قواد أهل الجنة، والرسل سادات
أهل الجنة (4).
35 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: دعا موسى وأمن هارون و
أمنت الملائكة فقال الله سبحانه: استقيما فقد أجيبت دعوتكما، ومن غزا في سبيلي
استجبت له إلى يوم القيامة (5).
36 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل نعيم مسؤول عنه يوم
القيامة إلا ما كان في سبيل الله تعالى (6).
37 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أبخل الناس من بخل
بالسلام، وأجود الناس من جاد بنفسه وماله في سبيل الله (7).
38 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أوصي أمتي بخمس بالسمع
والطاعة والهجرة والجهاد والجماعة، ومن دعا بدعاء الجاهلية فله حثوة من
حثي جهنم (8).

(1) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الأهوازي في باب البكاء من خشية الله نسخة
مخطوطة في مكتبتي.
(2) نوادر الراوندي ص 5.
(3) نفس المصدر ص 15.
(4) نفس المصدر ص 19 20.
(5) نفس المصدر ص 20.
(6) نفس المصدر ص 20.
(7) نفس المصدر ص 20.
(8) نفس المصدر ص 21.
15

39 وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أول من قاتل في
سبيل الله إبراهيم الخليل عليه السلام حيث أسرت الروم لوطا عليه السلام فنفر إبراهيم عليه السلام
واستنقذه من أيديهم (1).
2.
" (باب) "
* (أقسام الجهاد وشرائطه وآدابه) *
الآيات: الحجرات: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فان فاءت
فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين " (2).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن حفص، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام وكان السائل
من محبينا فقال له أبو جعفر عليه السلام: بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف: ثلاثة منها
شاهرة لا تغمد إلى أن تضع الحرب أوزارها ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع
الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم
" فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا "
وسيف منها ملفوف، وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا، فأما السيوف
الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب قال الله عز وجل " اقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا " يعني آمنوا
" فإخوانكم في الدين " فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الاسلام وأموالهم
وذراريهم سبي على ما سبى رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه سبي وعفا وقبل الفداء.
والسيف الثاني على أهل الذمة قال الله جل ثناؤه " وقولوا للناس حسنا "
نزلت في أهل الذمة ثم نسخها قوله: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم

(1) نفس المصدر ص 23.
(2) سورة الحجرات: 9.
16

الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا
الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " فمن كان منهم في دار الاسلام فلن
يقبل منهم إلا الجزية أو القتل ومالهم وذراريهم سبي فإذا قبلوا الجزية حرم علينا
سبيهم وحرمت أموالهم وحلت لنا مناكحتهم، ومن كان منهم في دار الحرب حل
لنا سبيهم وأموالهم ولم يحل لنا نكاحهم ولم يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في
الاسلام.
والسيف الثالث على مشركي العجم يعني الترك والديلم والخزر قال الله جل
ثناؤه في أول السورة الذي يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم قال:
" فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق
فاما منا بعد " يعني بعد السبي منهم " وإما فداء " يعني المفاداة بينهم وبين أهل
الاسلام، فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الاسلام ولا يحل لنا نكاحهم
ما داموا في الحرب.
وأما السيف الملفوف فسيف على أهل البغي والتأويل قال الله عز وجل:
" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على
الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله " فلما نزلت هذه الآية قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: وإن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل
فسئل النبي صلى الله عليه وآله من هو؟ فقال: خاصف النعل يعني يعني أمير المؤمنين عليه السلام، وقال
عمار بن ياسر: قاتلت تحت هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وهذه الرابعة
والله لو ضربونا حتى بلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل
فكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما كانت من رسول الله صلى الله عليه وآله في
أهل مكة يوم فتح مكة، فإنه لم يسب لهم ذرية وقال: من أغلق بابه فهو آمن
ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وكذلك قال
أمير المؤمنين عليه السلام فيهم يوم البصرة: لا تسبوا لهم ذرية، ولا تجهزوا على جريح
ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن.
17

وأما السيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص قال الله " النفس بالنفس
والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له " فسله إلى أولياء المقتول وحكمه
إلينا، فهذه السيوف التي بعث الله بها نبيه صلى الله عليه وآله فمن جحدها أو جحد واحدا منها
أو شيئا من سيرتها وأحكامها فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله (1).
2 - الخصال: أبي، عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن حفص مثله (2).
3 - تحف العقول: مرسلا مثله (3).
4 - الإحتجاج: لقي عباد البصري، علي بن الحسين عليه السلام في طريق مكة فقال له:
يا علي بن الحسين! تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينه وإن الله
عز وجل يقول: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون
في سبيل الله فيقتلون ويقتلون " إلى قوله: " وبشر المؤمنين " فقال علي بن الحسين
عليهما السلام: إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج (4).
5 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن بعض رجاله قال: لقي الزهري علي بن الحسين عليه السلام
في طريق الحج وساق الحديث إلى آخر ما نقلنا (5).
6 - الإحتجاج: عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطا وحفص
ابن سالم وأناس من رؤسائهم، وذلك حين قتل الوليد واختلف أهل الشام بينهم
فتكلموا فأكثروا وخبطوا فأطالوا فقال لهم أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: إنكم
قد أكثرتم علي وأطلتم فاسندوا أمركم إلى رجل منكم فليتكلم بحجتكم وليوجز
فاسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال فكان فيما قال، أن قال: قتل أهل
الشام خليفتهم وضرب الله بعضهم ببعض وشتت أمورهم فنظرنا فوجدنا رجلا له

(1) تفسير علي بن إبراهيم ص 640 بتفاوت وأخرجه الكليني في الكافي ج 5 ص 10
والشيخ في التهذيب ج 6 ص 136.
(2) الخصال ج 1 ص 189.
(3) تحف العقول ص 296.
(4) الاحتجاج ج 2 ص 44.
(5) تفسير علي بن إبراهيم ص 261 والآية في سورة التوبة 111.
18

دين وعقل ومروة ومعدن للخلافة وهو محمد بن عبد الله بن الحسن فأردنا أن نجتمع
معه فنبايعه ثم نظهر أمرنا معه وندعو الناس إليه فمن بايعه كنا معه وكان منا
ومن اعتزلنا كففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه ونرده إلى
الحق وأهل، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فإنه لا غناء بنا عن مثلك لفضلك
وكثرة شيعتك فلما فرغ
قال أبو عبد الله عليه السلام: أكلكم على مثل ما قال عمرو؟ قالوا: نعم فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: إنما نسخط إذا عصي الله، فإذا أطيع
الله رضينا، أخبرني يا عمرو لو أن الأمة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مؤنة
فقيل لك: ولها من شئت! من كنت تولي؟ قال: كنت أجعلها شورى بين المسلمين قال:
بين كلهم؟ قال: نعم، قال: بين فقهائهم وخيارهم؟ قال: نعم، قال: قريش و
غيرهم؟ قال: نعم قال: العرب والعجم؟ قال: نعم قال: أخبرني يا عمرو أتتولى
أبا بكر وعمر أو تتبرء منها؟ قال: أتولاهما، قال: يا عمر وإن كنت رجلا تتبرء
منهما فإنه يجوز لك الخلاف عليهما، وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما، قد عهد عمر
إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحدا، ثم ردها أبو بكر عليه ولم يشاور أحدا، ثم
جعلها عمر شورى بين ستة فأخرج منها الأنصار غير أولئك الستة من قريش، ثم
أوصى الناس فيهم بشئ مما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك، قال: وما صنع؟
قال: أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام وأن يتشاوروا أولئك الستة ليس فيهم
أحد سواهم إلا ابن عمر يشاورونه وليس له من الامر شئ، وأوصى من بحضرته
من المهاجرين والأنصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا ويبايعوا أن تضرب
أعناق الستة جميعا، وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان
أن يضرب أعناق الاثنين أفترضون بذا فيما تجعلون من الشورى في المسلمين؟ قالوا:
لا، قال: يا عمرو دع ذا أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إليه ثم اجتمعت
لكم الأمة ولم يختلف عليكم فيها رجلان فأفضيتم إلى المشركين الذين لم يسلموا
ولم يؤدوا الجزية كان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون بسيرة رسول الله
19

صلى الله عليه وآله في المشركين في حربهم، قالوا: نعم، قال: فتصنعون ماذا؟
قالوا: ندعوهم إلى الاسلام فان أبوا دعوناهم إلى الجزية، قال: وإن كانوا مجوسا
وأهل كتاب؟ قالوا: وإن كانوا مجوسا وأهل كتاب، قال: وإن كانوا أهل
الأوثان وعبدة النيران والبهايم وليسوا بأهل كتاب؟ قالوا: سواء قال: فأخبرني
عن القرآن أتقرأه؟ قال: نعم قال: اقرأ " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم
الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا
الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " قال: فاستثنى الله عز وجل واشترط
من الذين أوتوا الكتاب فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء؟ قال نعم قال عليه السلام:
عمن أخذت هذا؟ قال: سمعت الناس يقولونه، قال: فدع ذا فإنهم إن أبوا الجزية
فقاتلتهم وظهرت عليهم كيف تصنع بالغنيمة؟ قال: أخرج الخمس وأقسم أربعة
أخماس بين من قاتل عليها قال: تقسمه بين جميع من قاتل عليها؟ قال: نعم، قال:
فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في فعله وفي سيرته وبيني وبينك فيها فقهاء أهل المدينة
ومشيختهم فسلهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما صالح
الاعراب على أن يدعهم في ديارهم وأن لا يهاجروا على أنه إن دهمه من عدوه
داهم فيستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم من الغنيمة نصيب، وأنت تقول بين جميعهم
فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في سيرته في المشركين، ودع ذا ما تقول في الصدقة؟
قال: فقرأ عليه هذه الآية " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها "
إلى آخرها، قال: نعم فكيف تقسم بينهم؟ قال: أقسمها على ثمانية أجزاء فأعطي
كل جزء من الثمانية جزءا قال عليه السلام: إن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف
رجلا واحدا ورجلين وثلاثة جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال:
نعم، قال: وما تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء؟
قال: نعم قال: فخالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما أتى به في سيرته، كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يقسم صدقة البوادي في أهل البوادي، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر، ولا يقسمه
بينهم بالسوية إنما يقسم على قدر ما يحضره منهم وعلى ما يرى، وعلى قدر ما يحضره
20

فإن كان في نفسك شئ مما قلت فان فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم لا
يختلفون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كان يصنع، ثم أقبل على عمرو وقال: اتق
الله يا عمرو وأنتم أيها الرهط فاتقوا الله، فان أبي حدثني وكان خير أهل الأرض
وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من ضرب الناس بسيفه
ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف (1).
7 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير والبزنطي معا
عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربع لا يجزن في أربعة: الخيانة
والغلول والسرقة والرباء، لا تجوز في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة (2).
8 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا لقيتم عدوكم في الحرب
فأقلوا الكلام وأكثروا ذكر الله عز وجل. ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله ربكم
وتستوجبوا غضبه، وإذا رأيتم من إخوانكم في الحرب الرجل المجروح أو من قد
نكل أو من قد طمع عدوكم فيه فقوه بأنفسكم (3).
9 وقال عليه السلام: لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم و
لا ينفذ في الفئ أمر الله عز وجل فإنه إن مات في ذلك كان معينا لعدونا في حبس حقنا
والاشاطة بدمائنا وميتته ميتة جاهلية (4).
10 - علل الشرائع: أبي، عن سعد، عن أبي الجوزا، عن الحسين بن علوان، عن عمرو
ابن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إذا التقى المسلمان بسيفيهما على غير سنة فالقاتل والمقتول في النار، فقيل: يا
رسول الله صلى الله عليه وآله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه أراد قتلا (5).
11 - علل الشرائع: ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن يحيى بن عمران الهمداني
وابن بزيع معا، عن يونس، عن عبد الرحمن، عن العيص بن قاسم قال: سمعت

(1) الاحتجاج ج 2 ص 118.
(2) الخصال ج 1 ص 116.
(3) الخصال ج 2 ص 407.
(4) الخصال ج 2 ص 418 بتفاوت يسير.
(5) علل الشرائع ص 462 وفيه (قتله) بدل (قتلا).
21

أبا عبد الله عليه السلام يقول: اتقوا الله وانظروا لأنفسكم، فان أحق من نظر لها أنتم
لو كان لاحدكم نفسان فقدم إحداهما وجرب بها استقبل التوبة بالأخرى كان
ولكنها نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة، إن أتاكم منا آت يدعوكم
إلى الرضا منا فنحن نستشهدكم أنا لا نرضى، إنه لا يطيعنا اليوم وهو وحده فكيف
يطيعنا إذا ارتفعت الرايات والاعلام (1).
12 - علل الشرائع: ابن الوليد، عن الصفار، عن معاوية بن حكيم، عن ابن أبي
عمير، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
كان علي عليه السلام لا يقاتل حتى تزول الشمس ويقول: تفتح أبواب السماء وتقبل
التوبة وينزل النصر ويقول: هو أقرب إلى الليل وأجدر أن يقل القتل، ويرجع
الطالب ويفلت المهزوم (2).
13 - علل الشرائع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن ابن المغيرة، عن
السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليه السلام قال: ذكرت الحرورية عند علي بن
أبي طالب عليه السلام فقال: إن خرجوا من جماعة أو على إمام عادل فقاتلوهم، وإن
خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم فان لهم في ذلك مقالا (3).
14 - علل الشرائع: أبي، عن سعد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن
عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك إن رجلا من مواليك بلغه أن رجلا
يعطي السيف والفرس في السبيل فأتاه فأخذهما منه ثم لقيه أصحابه فأخبروه أن
السبيل مع هؤلاء لا يجوز وأمروه بردهما، قال: فليفعل، قال: قلت: قد طلب
الرجل فلم يجده وقيل له: قد شخص الرجل، قال: فليرابط ولا يقاتل، قال:
قلت له: ففي مثل قزوين والديلم وعسقلان وما أشبه هذه الثغور؟ فقال: نعم، فقال
له: يجاهد؟ فقال: لا إلا أن يخاف على ذراري المسلمين، أرأيتك لو أن الروم
دخلوا على المسلمين لم ينبغ لهم أن يتابعوهم؟ قال: يرابط ولا يقاتل فان خاف على

(1) نفس المصدر ص 577.
(2) علل الشرائع ص 603.
(3) علل الشرائع ص 603.
22

بيضة الاسلام والمسلمين قاتل فيكون قتاله لنفسه ليس للسلطان، قال: قلت:
فان جاء العدو إلى الموضع الذي هو فيه مرابط كيف يصنع؟ قال: يقاتل عن بيضة
الاسلام لا عن هؤلاء لان في دروس الاسلام دروس ذكر محمد صلى الله عليه وآله (1).
15 - الخصال: أبي، عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن فضيل بن عياض
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الجهاد أسنة هو أم فريضة؟ فقال: الجهاد
على أربعة أوجه: فجهادان فرض، وجهاد سنة لا يقام إلا مع فرض، وجهاد سنة:
فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله عز وجل، وهو من أعظم
الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض، وأما الجهاد الذي هو سنة
لا يقام إلا مع فرض فان مجاهدة العدو فرض على جميع الأمة ولو تركوا الجهاد
لأتاهم العذاب وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنة على الامام أن يأتي العدو مع
الأمة فيجاهدهم وأما الجهاد الذي هو سنة فكل سنة أقسامها الرجل وجاهد في
إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنه أحيى سنة
قال النبي صلى الله عليه وآله: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينتقص
من أجورهم شئ (2).
16 أقول: رواه في كتاب الغايات (3) عن فضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام.
17 - وفي تحف العقول: (4) عن الحسين صلوات الله عليه مرسلا، وفيه: وأجر من
عمل بها إلى يوم القيامة.
18 - الخصال: في خبر الأعمش، عن الصادق عليه السلام قال: الجهاد واجب مع إمام
عادل، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ولا يحل قتل أحد من الكفار والنصاب
في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك، ولا على
أصحابك (5).

(1) علل الشرائع ص 603 والظاهر سقوط (قلت) قبل قوله (أرأيتك).
(2) الخصال ج 1 ص 163.
(3) كتاب الغايات ص 74.
(4) تحف العقول ص 247.
(5) الخصال ج 2 ص 394.
23

19 - عيون أخبار الرضا (ع): فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون مثله (1).
20 - تحف العقول: كتاب كتبه أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى زياد بن النضر
حين أنفذه على مقدمته إلى صفين: اعلم أن مقدمة القوم عيونهم، وعيون المقدمة
طلايعهم، فإذا أنت خرجت من بلادك ودنوت من عدوك فلا تسأم من توجيه الطلايع
في كل ناحية، وفي بعض الشعاب والشجر والخمر وفي كل جانب حتى لا يغيركم
عدوكم، ويكون لكم كمين ولا تسير الكتائب والقبائل من لدن الصباح إلى السماء
إلا تعبية، فان دهمكم أمر أو غشيكم مكروه كنتم قد تقدمتم في التعبية، وإذا نزلتم
بعدو أو نزل بكم، فليكن معسكركم في إقبال الشراف أو في سفاح الجبال وأثناء
الأنهار كيما تكون لكم ردءا ودونكم مردا ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو
اثنين، واجعلوا رقباءكم في صياصي الجبال وبأعلى الشراف وبمناكب الأنهار يربؤن
لكم لئلا يأتيكم عدو من مكان مخافة أو أمن، وإذا نزلتم فانزلوا جميعا، وإذا
رحلتم فارحلوا جميعا، وإذا غشيكم الليل فنزلتم فحفوا عسكركم بالرماح و
الترسة، واجعلوا رماتكم يلون ترستكم كيلا تصاب لكم غرة ولا تلقى لكم غفلة
واحرس عسكرك بنفسك، وإياك ان توقد أو تصبح إلا غرارا أو مضمضة ثم ليكن
ذلك شأنك ودأبك حتى تنتهي إلى عدوكم، وعليك بالتؤدة في حربك وإياك و
العجلة إلا أن تمكنك فرصة، وإياك أن تقاتل إلا أن يبدؤوك أو يأتيك أمري والسلام
عليك ورحمة الله (2).
21 - أمالي الطوسي: باسناد المجاشعي، عن الصادق عليه السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:
عليكم بالجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان

(1) عيون أخبار الرضا (ع) ص 124 بتفاوت يسير.
(2) تحف العقول ص 188 وفيه (الاشراف) بدل (الشراف) والاشراف جمع شرف
محركة وهو العلو. وسفاح الجبال أسافلها، وصياصيها أعاليها، وأثناء الأنهار منعطفاتها
والمناكب المرتفعات، والربيئة العين، والغرار النوم الخفيف، والمضمضة أن ينام ثم يستيقظ
ثم ينام، تشبها بمضمضة الماء في الفم يأخذه ثم يمجه وفي المصدر (التأني) بدل (التوأدة).
24

إمام هدى أو مطيع له مقتد بهداه (1).
22 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن الأصم، عن
حيدرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض في وقت الجهاد
ولا جهاد إلا مع الامام (2).
23 - المحاسن: الوشا، عن محمد بن حمران وجميل بن دراج كلاهما، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بعث سرية بعث أميرها فأجلسه إلى جنبه
وأجلس أصحابه بين يديه ثم قال: سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة
رسول الله صلى الله عليه وآله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها
ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أقصاهم
نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله، فإذا سمع كلام الله فان
تبعكم فأخوكم في دينكم، وإن أبى فاستعينوا بالله عليه وأبلغوه إلى مأمنه (3).
24 - المحاسن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا حرنت على أحدكم دابة يعني إذا قامت في ارض العدو
في سبيل الله فليذبحها ولا يعرقبها (4).
25 - المحاسن: عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: لما كان يوم موتة كان
جعفر على فرسه فلما التقوا نزل عن فرسه فعرقبها بالسيف وكان أول من عرقب
في الاسلام (5).
26 - تفسير العياشي: عن أسباط بن سالم قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه رجل
فقال له: أخبرني عن قول الله " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "
قال: عنى بذلك القمار، وأما قوله " ولا تقتلوا أنفسكم " عنى بذلك الرجل من

(1) أمالي الشيخ ج 2 ص 136 ضمن حديث.
(2) لم نجده في المصدر المذكور ولا في أمالي الطوسي والخصال فيما بحثنا عنه حيث
احتملنا التصحيف في الرمز.
(3) المحاسن ص 355 بزيادة في آخره.
(4) المحاسن ص 634.
(5) المحاسن ص 634.
25

المسلمين يشد على المشركين في منازلهم فيقتل فنهاهم الله عن ذلك (1).
27 وقال في رواية أبي علي رفعه قال: كان الرجل يحمل على المشركين
وحده حتى يقتل أو يقتل فأنزل الله هذه الآية " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان
بكم رحيما " (2).
28 - تفسير العياشي: عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: " ولا تقتلوا
أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " قال: كان المسلمون يدخلون على عدوهم في المغارات
فيتمكن منهم عدوهم فيقتلهم كيف شاء فنهاهم الله أن يدخلوا عليهم في المغارات (3).
29 - تفسير العياشي: عن محمد بن يحيى في قوله " ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين "
يعني الايمان لا يقبلونه إلا والسيف على رؤوسهم (4).
30 - تفسير العياشي: عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام
قال: قال: من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم
منه فهو ضال متكلف، قاله لعمرو بن عبيد حيث سأله أن يبايع عبد الله بن الحسن (5).
31 - تفسير العياشي: عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان
علي إذا أراد القتال قال هذه الدعوات: " اللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت
فيه رضاك وندبت إليه أولياءك وجعلته أشرف سبلك عندك ثوابا، وأكرمها إليك
مآبا، وأحبها إليك مسلكا، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم
الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا، فاجعلني ممن اشتريت
فيه منك نفسه ثم وفى لك ببيعته التي بايعك عليها غير ناكث ولا ناقض عهدا ولا يبدل
تبديلا " مختصر (6).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 235 والآية في سورة النساء: 29.
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 235 والآية في سورة النساء: 29.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 236 وفيه في الموضعين (المغازات) بدل (المغارات)
وهو غلط واضح.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 56 والآية في سورة البقرة: 114.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 85.
(6) تفسير العياشي ج 2 ص 113.
26

32 - تفسير العياشي: عن حمران بن عبد الله التميمي، عن جعفر بن محمد عليهما السلام في
قول الله تبارك وتعالى: " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " قال: الديلم (1).
33 - تفسير العياشي: عدي بن حاتم، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال يوم التقى هو و
معاوية بصفين فرفع بها صوته يسمع أصحابه: والله لأقتلن معاوية وأصحابه، ثم
يقول في آخر قوله: إنشاء الله يخفض بها صوته، وكنت قريبا منه فقلت: يا أمير المؤمنين
إنك حلفت ما فعلت ثم استثنيت فما أردت بذلك؟ فقال: إن الحرب خدعة وأنا
عند المؤمن غير كذوب فأردت أن أحرض أصحابي عليهم لكيلا يفشلوا، ولكي
يطمعوا فيهم فافعلهم ينتفعوا بها بعد اليوم إنشاء الله (2).
34 - رجال الكشي: طاهر بن عيسى، عن جعفر بن أحمد بن أيوب، عن سهل بن
زياد، عن محمد بن علي الصيرفي، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن عقبة
ابن بشير، عن عبد الله بن شريك، عن أبيه قال: لما هزم أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام الناس يوم الجمل قال: لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جرحى، ومن
أغلق بابه فهو آمن، فلما كان يوم صفين قتل المدبر وأجهز على الجرحى، قال
أبان بن تغلب قلت لعبد الله بن شريك: ما هاتان السيرتان المختلفتان؟ قال: إن أهل
الجمل قتل طلحة والزبير، وإن معاوية كان قائما بعينه وكان قائدهم (3).
35 - الاختصاص: علي بن إبراهيم الجعفري، عن مسلم مولى أبي الحسن عليه السلام
قال: سأله رجل فقال له: الترك خير أم هؤلاء؟ قال: فقال: إذا صرتم إلى الترك
يخلون بينكم وبين دينكم؟ قال: قلت: نعم جعلت فداك قال: هؤلاء يخلون
بينكم وبين دينكم؟ قال: قلت: لا بل يجهدون على قتلنا، قال: فان غزوهم أولئك

(1) نفس المصدر ج 2 ص 118 والآية في سورة التوبة: 123.
(2) لم نجده في المصدر رغم البحث عنه ورواه الشيخ في التهذيب ج 6 ص 163
والكليني في الكافي ج 7 ص 460 وعلي بن إبراهيم في تفسيره ص 419.
(3) رجال الكشي ص 190.
27

فاغزوهم معهم أو أعينوهم عليهم الشك من أبي الحسن عليه السلام (1).
36 كتاب صفين لنصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن مالك بن أعين
عن زيد بن وهب أن عليا عليه السلام لما رأى يوم صفين ميمنته قد عادت إلى مواقفها و
مصافها وكشف من بإزائها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم أقبل حتى انتهى
إليهم فقال: إني قد رأيت جولتكم، وانحيازكم عن صفوفكم تحوزكم الجفاة الطغام
وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة
القرآن وأهل دعوة الحق إذا ضل الخاطئون، فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكركم
بعد انحيازكم وجب عليكم ما وجب على المولي يوم الزحف دبره وكنتم فيما أرى
من الهالكين، ولقد هون علي بعض وجدي وشفى بعض أحاح صدري أني رأيتكم
بآخرة حزتموهم كما حازوكم وأزلتموهم من مصافهم كما أزالوكم، تحوزونهم
بالسيوف ليركب أولهم آخرهم كالإبل المطردة الهيم، فالآن فاصبروا أنزلت عليكم
السكينة وثبتكم الله باليقين، وليعلم المنهزم أنه مسخط لربه وموبق نفسه وفي
الفرار موجدة لله عليه، والذل اللازم، وفساد العيش عليه، وإن الفار منه لا
يزيد في عمره ولا يرضي ربه، فيموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير
من الرضا بالتلبس بها والاقرار عليها (2).
3.
* باب *
* " (أحكام الجهاد وفيه أيضا بعض ما ذكر في الباب السابق) " *
الآيات: البقرة: " وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " (3)
وقال تعالى: " ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت

(1) الاختصاص ص 261 والظاهر سقوط كلمة مولى في قوله (الشك من أبي الحسن
فيكون الصواب (الشك من مولى أبي الحسن ع) وهو راوي الحديث.
(2) وقعة صفين ص 289 طبع مصر، والاحاح: بالضم اشتداد الحزن والغيظ.
(3) سورة البقرة: 195.
28

أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم بإذن الله " (1).
الأعراف: " ولباس التقوى ذلك خير " (2).
الأنفال: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم
الادبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب
من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " (3) وقال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا
لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا
فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " (4) وقال تعالى: " يا أيها
النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مأتين و
إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون * الآن
خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مأة صابرة يغلبوا مأتين وإن
يكن منكم ألف يغلبوا الفين بإذن الله والله مع الصابرين * ما كان لنبي أن
يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة
والله عزيز حكيم " (5).
وقال تعالى: " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى إن يعلم الله في
قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم " (6).
التوبة: " ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة " (7) وقال تعالى: " ليس
على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا
لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم * ولا على الذين إذا ما
أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن
لا يجدوا ما ينفقون * إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن

(1) سورة البقرة: 251250.
(2) سورة الأعراف: 26.
(3) سورة الأنفال: 1615.
(4) سورة الأنفال: 4645.
(5) سورة الأنفال: 6765.
(6) سورة الأنفال: 70.
(7) سورة التوبة: 46.
29

يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون (1).
النحل: " وسرابيل تقيكم بأسكم " (2).
الأنبياء: " وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون " (3).
محمد: " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا
الوثاق فأما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله
لانتصر منهم " (4).
الفتح: " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض
حرج " (5).
1 في: " يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون
صابرون يغلبوا مأتين وإن يكن منكم مأة صابرة يغلبوا ألفا " قال: كان الحكم
في أول النبوة في أصحاب رسول صلى الله عليه وآله أن الرجل الواحد وجب عليه أن يقاتل
عشرة منه الكفار فان هرب منهم فهو الفار من الزحف، والمأة يقاتلوا ألفا
ثم علم الله أن فيهم ضعفا لا يقدرون على ذلك فأنزل " الآن خفف الله عنكم وعلم
أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مأة صابرة يغلبوا مأتين " ففرض الله عليهم أن يقاتل رجل
من المؤمنين رجلين من الكفار، فان فر منهما فهو الفار من الزحف، وإن كانوا
ثلاثة من الكفار وواحد من المسلمين ففر المسلم منهم فليس هو الفار من الزحف (6).
أقول: قد مر مثله في تفسير النعماني في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين
عليه السلام ثم قال عليه السلام نسخ قوله: " وقولوا للناس حسنا " يعني اليهود حين
هادنهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما رجع من غزاة تبوك أنزل الله تعالى " قاتلوا الذين
لا يؤمنون بالله " إلى قوله: " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " فنسخت هذه
الآية تلك الهدنة.

(1) سورة التوبة: 9391.
(2) سورة النحل: 81.
(3) سورة الأنبياء: 80.
(4) سورة محمد: 4.
(5) سورة الفتح: 17.
(6) تفسير علي بن إبراهيم ص 256.
30

2 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
لا يقتل الرسل ولا الرهن (1).
3 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد قال: سئل علي عليه السلام عن أجعال الغزو فقال: لا بأس
أن يغزو الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل (2).
4 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد، عن علي عليه السلام أنه قال: الحرب خدعة إذا حدثتكم
عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا فوالله لئن أخر من السماء أو تخطفني الطير أحب إلي
من أن أكذب على رسول صلى الله عليه وآله، وإذا حدثتكم عني فإنما الحرب خدعة فان
رسول الله صلى الله عليه وآله بلغه أن بني قريظة بعثوا إلى أبي سفيان: إنكم إذا التقيتم أنتم
ومحمد صلى الله عليه وآله أمددناكم وأعناكم، فقام النبي صلى الله عليه وآله فخطبنا فقال: إن بني قريظة
بعثوا إلينا أنا إذا التقينا نحن وأبو سفيان أمددونا وأعانونا فبلغ ذلك أبا سفيان فقال:
غدرت يهود فارتحل عنهم (3).
5 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن الصادق، عن أبيه، عليهما السلام أنه قال: عرضهم
رسول الله صلى الله عليه وآله يومئذ يعني بني قريظة على العانات فمن وجده أنبت قتله، ومن
لم يجده أنبت ألحقه بالذراري (4).
6 - الخصال: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى
عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن
نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس رضي الله عنه يسأله عن أربعة أشياء: أهل كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يغزوا بالنساء؟ وهل كان يقسم لهن شيئا؟ وعن موضع الخمس؟
وعن اليتيم متى ينقطع يتمه؟ وعن قتل الذراري؟
فكتب إليه ابن عباس: رضي الله عنه أما قولك في النساء فان رسول الله
صلى الله عليه وآله كان يحذيهن ولا يقسم لهن شيئا، وأما الخمس فانا نزعم أنه
لنا وزعم قوم أنه ليس لنا فصبرنا، وأما اليتيم فانقطاع يتمه أشده وهو الاحتلام

(1) قرب الإسناد ص 62.
(2) قرب الإسناد ص 62.
(3) قرب الإسناد ص 62.
(4) قرب الإسناد ص 63.
31

إلا أن لا تونس منه رشدا فيكون عندك سفيها أو ضعيفا فيمسك عليه وليه، وأما
الذراري فلم يكن النبي صلى الله عليه وآله يقتلها وكان الخضر عليه السلام يقتل كافرهم ويترك
مؤمنهم، فان كنت تعلم منهم ما يعلم الخضر فأنت أعلم (1).
7 - أمالي الطوسي: أبو عمرو، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن عبد الرحمن
عن أبيه، عن محمد بن إسحاق بن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال: أيما حلف كان في الجاهلية فان الاسلام لم يرده
ولا حلف في الاسلام، المسلمون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم
أقصاهم، ترد سراياهم على قعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، ودية الكافر نصف دية
المؤمن، ولا جلب ولا جنب ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله
هذا الحديث في خطبة يوم الجمعة قال: يا أيها الناس (2).
8 - أمالي الطوسي: ابن مخلد، عن جعفر بن محمد بن نصير، عن الحسين بن الكميت، عن
المعلى بن مهدي، عن أبي شهاب، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الملك بن عمر
عن عطية رجل من بني قريظة قال: عرضنا رسول الله صلى الله عليه وآله فمن كانت له عانة قتله
ومن لم تكن له عانة تركه، فلم تكن لي عانة فتركني (3).
9 - قرب الإسناد: عنهما عن حنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نعيت إلى
النبي صلى الله عليه وآله نفسه وهو صحيح ليس به وجع قال: نزل به الروح الأمين، فنادى
الصلاة جامعة، ونادى المهاجرين والأنصار بالسلاح قال: فاجتمع الناس فصعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه فنعى إليهم نفسه ثم قال: أذكر الله الوالي من بعدي
على أمتي الا يرحم على جماعة المسلمين فأجل كبيرهم ورحم صغيرهم ووقر عالمهم
ولم يضر بهم فيذلهم ولم يصغرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم
ضعيفهم، ولم يجمرهم في ثغورهم فيقطع نسل أمتي ثم قال: اللهم قد بلغت ونصحت
فاشهد فقال أبو عبد الله عليه السلام: هذا آخر كلام تكلم به النبي صلى الله عليه وآله على المنبر (4).

(2) الخصال ج 1 ص 160.
(3) أمالي الطوسي ج 1 ص 269.
(4) نفس المصدر ج 2 ص 5.
(5) قرب الإسناد ص 48.
32

10 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان
يكتب إلى أمراء الأجناد: أنشدكم الله في فلاحي الأرض أن يظلموا قبلكم (1).
11 - قرب الإسناد: ابن ظريف عن ابن علوان عن الصادق، عن أبيه عليه السلام قال:
قال عليه السلام: إطعام الأسير والاحسان إليه حق واجب وإن قتلته من الغد (2)
12 - قرب الإسناد: علي عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن رجل اشترى عبدا مشركا
وهو في أرض الشرك فقال العبد: لا أستطيع المشي وخاف المسلمون أن يلحق العبد
بالعدو أيحل قتله؟ قال: إذا خاف حل قتله (3).
13 - علل الشرائع: أبي عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن عيسى بن يونس
عن الأوزاعي، عن الزهري، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إن أخذت الأسير
فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله فإنك لا تدري ما حكم
الامام فيه، وقال: الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئا (4).
14 - تفسير علي بن إبراهيم: " والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى
يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق "
فإنها نزلت في الاعراب، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله صالحهم على أن يدعهم في
ديارهم ولا يهاجروا إلى المدينة، وعلى أنه إن أرادهم رسول الله صلى الله عليه وآله غزا بهم
وليس لهم في الغنيمة شئ، وأوجبوا على النبي صلى الله عليه وآله أنه إن أرادهم الاعراب من
غيرهم أو دهاهم دهم من عدوهم أن ينصرهم إلا على قوم بينهم وبين الرسول عهد
وميثاق إلى مدة (5).
15 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تعرب بعد الهجرة، ولا

(1) نفس المصدر ص 65.
(2) نفس المصدر ص 42.
(3) نفس المصدر ص 113.
(4) علل الشرائع ص 565.
(5) تفسير علي بن إبراهيم ص 256 والآية في سورة الأنفال: 72.
33

هجرة بعد الفتح (1).
16 - تفسير العياشي: عن حسين بن صالح قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان
علي صلوات الله عليه يقول: من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر من
الزحف، ومن فر من ثلاثة رجال في القتال من الزحف فلم يفر (2).
17 نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام
قال: قال الحسن بن علي عليه السلام: كان علي عليه السلام يباشر القتال بنفسه ولا يأخذ
السلب (3).
18 وبهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: اعتم أبو دجانة الأنصاري وأرخى
عذبة العمامة من خلفه بين كتفيه، ثم جعل يتبختر بين الصفين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا عند القتال (4).
19 وبهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى
اليمن قال: يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه إلى الاسلام، وأيم الله لان يهدي
الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس، ولك ولاؤه يا علي (5).
20 وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أمير القوم أقطفهم دابة (6).
21 وبهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله جيشا إلى
خثعم فلما غشوهم استعصموا بالسجود، فقتل بعضهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: للورثة نصف العقل بصلاتهم ثم قال: إني برئ من كل مسلم نزل مع
مشرك في دار الحرب (7).
22 وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تقتلوا في الحرب إلا من

(1) الخصال ج 2 ص 413.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 68 وفى آخره (من الزحف).
(3) نوادر الراوندي ص 20 وقد سقط من النسخة المطبوعة قوله: كان علي عليه السلام.
(4) نفس المصدر ص 20 وعذبة العمامة ما سدل بين الكتفين.
(5) نفس المصدر ص 20 وعذبة العمامة ما سدل بين الكتفين.
(6) نفس المصدر ص 23.
(7) نفس المصدر ص 23.
34

جرت عليه المواسي (1).
23 وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أسلم على شئ فهو له (2).
24 وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسرية بعثها: ليكن شعاركم
حم لا ينصرون فإنه، اسم من أسماء الله تعالى عظيم (3).
25 وبهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: كان شعار رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم
بدر: يا منصور أمت وكان شعارهم يوم أحد للمهاجرين يا بني عبد الله، وللخزرج
يا بني عبد الرحمن وللأوس يا بني عبيد الله (4).
26 وبهذا الاسناد قال: قدم ناس من مزينة على رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال لهم: ما شعاركم؟ فقالوا: حرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل
شعاركم حلال (5).
27 وبهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: كان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله
يوم مسيلمة: يا أصحاب البقرة: وكان شعار المسلمين مع خالد: أمت أمت (6).
28 وبهذا الاسناد قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله مع علي عليه السلام ثلاثين فرسا
في غزوة ذات السلاسل وقال: يا علي أتلوا عليك آية في نفقة الخيل " الذين
ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " هي النفقة على الخيل سرا
وعلانية (7).
29 كتاب صفين: لنصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن مالك بن
أعين، عن يزيد بن وهب قال: إن عليا عليه السلام قال في صفين: حتى متى لا نناهض
القوم بأجمعنا، قال: فقام في الناس عشية الثلاثا ليلة الأربعاء بعد العصر فقال: الحمد
لله الذي لا يبرم ما نقض وساق الخطبة إلى قوله: ألا إنكم لاقوا العدو غدا إن شاء
الله فأطيلوا الليلة القيام، وأكثروا تلاوة القرآن، واسئلوا لله الصبر والنصر،
وألقوهم بالجد والحزم، وكونوا صادقين، ثم انصرف ووثب الناس إلى سيوفهم

(1) نوادر الراوندي ص 23.
(2) لم نجده في المطبوعة من النوادر.
(3) نوادر الراوندي ص 33.
(4) نوادر الراوندي ص 33.
(5) نوادر الراوندي ص 33.
(6) نوادر الراوندي ص 33.
(7) نوادر الراوندي ص 33.
35

ورماحهم ونبالهم يصلحونها (1).
30 وعن عمر، عن الحارث بن حصيرة وغيره قال: كان علي عليه السلام يركب
بغلا له يستلذه فلما حضرت الحرب قال: إيتوني بفرس، قال: فأتي بفرس له
أدهم يقاد بشطنين، يبحث بيديه الأرض جميعا له حمحمة وصهيل فركبه وقال: " سبحان
الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (2).
31 وفيه وعن عمر بن شمر، عن جابر، عن تميم قال: كان علي عليه السلام
إذا سار إلى القتال ذكر اسم الله حين يركب ثم يقول: الحمد لله على نعمه علينا
وفضله العظيم، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا
لمنقلبون، ثم يستقبل القبلة ويرفع يديه إلى الله ثم يقول: اللهم إليك نقلت
الاقدام، وأتعبت الأبدان، وأفضت القلوب، ورفعت الأيدي، وشخصت الابصار
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ثم يقول: سيروا على
بركة الله، ثم يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر يا الله يا أحد يا
صمد يا رب محمد اكفف عنا شر الظالمين الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك
يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم، فكان هذا شعاره بصفين (3).
32 وفيه عن أبيض بن الأغر عن سعد بن طريف، عن الأصبغ قال: ما كان
علي في قتال قط إلا نادى يا كهيعص (4).
33 وعن قيس بن الربيع، عن عبد الواحد بن حسان، عمن حدثه، عن
علي أنه سمعه يقول يوم صفين: اللهم إليك رفعت الابصار، وبسطت الأيدي ودعيت
الألسن، وأفضت القلوب، وإليك نقلت الاقدام أنت الحاكم في الأعمال فاحكم
بيننا وبينهم بالحق وأنت خير الفاتحين، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا وقلة عددنا

(1) وقعة صفين ص 252 253 طبعة مصر بتفاوت يسير.
(2) نفس المصدر ص 258.
(3) نفس المصدر ص 259 بتفاوت يسير في الأول.
(4) نفس المصدر ص 259 بتفاوت يسير في الأول.
36

وكثرة عدونا وتشتت أهوائنا وشدة الزمان وظهور الفتن، أعنا عليه بفتح تعجله
ونصر تعز به سلطان الحق وتظهره (1).
34 وعن عمر بن شمر، عن عمران، عن سويد قال: كان علي إذا أراد
أن يسير إلى الحرب قعد على دابته وقال: الحمد لله رب العالمين على نعمه علينا
وفضله العظيم سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
ثم يوجه دابته إلى القبلة ثم يرفع يديه إلى السماء ثم يقول: " اللهم إليك نقلت
الاقدام، وأفضت القلوب، ورفعت الأيدي، وشخصت الابصار، نشكو إليك
غيبة نبينا، وكثرة عدونا وتشتت أهوائنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق
وأنت خير الفاتحين، سيروا على بركة الله ثم يورد والله من اتبعه ومن حاده حياض
الموت (2).
35 وعن عمر بن سعد، عن سلام بن سويد، عن علي عليه السلام في قوله: " " " و
ألزمهم كلمة التقوى " قال: هي لا إله إلا الله والله أكبر قال: هي آية النصر (3).
36 وعن مالك بن أعين، عن زيد بن وهب أن عليا عليه السلام خرج إليهم
فاستقبلوه ورفع يديه إلى السماء فقال: اللهم رب السقف المحفوظ المكفوف الذي
جعلته مغيضا لليل والنهار، وجعلت فيه مجرى للشمس والقمر ومنازل الكواكب
والنجوم، وجعلت سكانه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة، ورب هذه الأرض التي
جعلتها قرارا للانعام والهوام والانعام وما لا يحصى مما يرى وما لا يرى من خلقك العظيم
ورب الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، ورب السحاب المسخر بين
السماء والأرض، ورب البحر المسجور المحيط بالعالمين، ورب الرواسي التي
جعلتها للأرض أوتادا وللخلق متاعا إن أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغي وسددنا
للحق، فان أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة واعصم بقية أصحابي من الفتنة (4).

(1) نفس المصدر ص 259.
(2) نفس المصدر ص 260.
(3) لم نجده في مطبوعة مصر ويوجد في طبعة إيران القديمة ص 119.
(4) نفس المصدر ص 261.
37

37 وعن عمر بن سعد باسناده قال: كان من أهل الشام بصفين رجل
يقال له الأصبغ بن ضرار وكان يكون طليعة ومسلحة فندب له علي عليه السلام الأشتر
فأخذه أسيرا من غير أن يقاتل وكان علي عليه السلام ينهى عن قتل الأسير الكاف فجاء
به ليلا وشد وثاقه وألقاه مع أضيافه ينتظر به الصباح، وكان الأصبغ شاعرا
مفوها فأيقن بالقتل ونام أصحابه فرفع صوته فأسمع الأشتر أبياتا يذكر فيها حاله
يستعطفه، فغدا به الأشتر على علي عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين هذا رجل من المسلحة
لقيته بالأمس والله لو علمت أن قتله لحق قتلته، وقد بات عندنا الليلة وحركنا
بشعره فإن كان فيه القتل فاقتله وإن غضبنا فيه، وإن كنت فيه بالخيار فهبه لنا قال:
هو لك يا مالك، فإذا أصبت أسيرا فلا تقتله فان أسير أهل القبلة لا يفادى ولا يقتل
فرجع به الأشتر إلى منزله وقال: لك ما أخذنا معك ليس لك عندنا غيره (1).
38 ومنه عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن عمير الأنصاري قال: والله
لكأني اسمع عليا عليه السلام يوم الهرير وذلك بعد ما طحنت رحا مذحج فيما بينها وبين
عك ولخم وجذام والأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي من حين استقلت الشمس
حتى قام قائم الظهيرة ويقول علي عليه السلام لأصحابه حتى متى نخلي بين هذين
الحيين وقد فنيتا وأنتم وقوف تنظرون إليهم، أما تخافون مقت الله، ثم انفتل إلى
القبلة ورفع يديه إلى القبلة ثم نادى يا الله يا رحمن يا واحد يا صمد يا الله يا إله
محمد صلى الله عليه وآله اللهم إليك نقلت الاقدام وأفضت القلوب، ورفعت الأيدي، ومدت
الأعناق، وشخصت الابصار، وطلبت الحوائج، اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا صلى الله عليه وآله
وكثرة عدونا، وتشتت أهوائنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت
خير الفاتحين، سيروا على بركة الله، ثم نادى لا إله إلا الله والله أكبر كلمة
التقوى (2).

(1) نفس المصدر ص 534 وفيه 12 بيتا قالها الأصبغ في تلك الليلة.
(2) وقعة صفين ص 545.
38

أقول: تمامه في كتاب الفتن.
39 ومنه: عن عمر بن سعد، عن نمير بن وعلة، عن الشعبي قال: لما أسر
علي عليه السلام أسرى يوم صفين فخلى سبيلهم أتوا معاوية وقد كان عمرو بن العاص يقول
لأسرى أسرهم معاوية: اقتلهم، فما شعروا الا بأسراهم قد خلى سبيلهم علي عليه السلام
فقال معاوية: يا عمرو لو أطعناك في هؤلاء الاسرى لوقعنا في قيح من الامر، الا
ترى قد خلى سبيل أسرانا فأمر بتخلية من في يديه من اسرى علي وقد كان علي عليه السلام
إذا أخذ أسيرا من أهل الشام خلى سبيله إلا أن يكون قد قتل من أصحابه أحدا
فيقتله به فإذا خلى سبيله، فإن عاد الثانية قتله ولم يخل سبيله، وكان عليه السلام
لا يجهز على الجرحى ولا على من أدبر بصفين لمكان معاوية (1).
40 نهج البلاغة: قال عليه السلام: لا تدعون إلى مبارزة وإن دعيت إليها فأجب
فان الداعي باغ والباغي مصروع (2).
41 نهج البلاغة: من كلامه عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية لما أعطاه الراية
يوم الجمل، تزول الجبال ولا تزل: عض على ناجذك، أعر الله جمجمتك، تد في
الأرض قدمك، وارم ببصرك أقصى القوم، وغض بصرك، واعلم أن النصر من عند
الله سبحانه (3).
42 وقال عليه السلام: لا تقتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه
كمن طلب الباطل فأدركه، يعني معاوية وأصحابه (4).
43 وقال عليه السلام في بعض أيام صفين: معاشر المسلمين استشعروا الخشية
وتجلببوا السكينة، وعضوا على النواجذ: فإنه أنبي للسيوف عن الهام، وأكملوا
اللامة وقلقلوا السيوف في أغمادها قبل سلها، والحظوا الخزر، واطعنوا الشزر،

(1) نفس المصدر ص 595.
(2) نهج البلاغة ج 3 ص 204.
(3) نفس المصدر ج 1 ص 39.
(4) نفس المصدر ج 1 ص 103.
39

ونافحوا بالظبى، وصلوا السيوف بالخطى وعاودوا الكر، واستحيوا من الفر، فإنه
عار في الأعقاب ونار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم نفسا، وامشوا إلى الموت
مشيا سجحا، إلى آخر ما مر في كتاب الفتن (1).
44 ومن كلام قاله لأصحابه في وقت الحرب: وأي امرئ منكم أحس
من نفسه رباطة جاش عند اللقاء، ورأي من أحد من إخوانه فشلا فليذب عن أخيه
بفضل نجدته التي فضل بها عليه كما يذب عن نفسه، فلو شاء الله لجعله مثله، إن
الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب، إن أكرم الموت القتل، و
الذي نفس أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش (2).
45 ومنه: وكأني انظر إليكم تكشون كشيش الضباب لا تأخذون حقا ولا
تمنعون ضيما، قد خليتم والطريق فالنجاة للمقتحم، والهلكة للمتلوم (3).
46 ومنه: فقدموا الدارع، وأخروا الحاسر، وعضوا على الأضراس
فإنه أنبى للسيوف عن الهام، والتووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، وغضوا
الابصار فإنه أربط للجأش واسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنه اطرد للفشل
ورأيتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم والمانعين الذمار منكم
فان الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفافيها
ووراء ها وأمامها لا يتأخرون عنها فيسلموها، ولا يتقدمون عليها فيفردوها، أجزأ امرئ
قرنه وآسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه
وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآجلة وأنتم لهاميم العرب
والسنام الأعظم إن في الفرار موجدة الله والذل اللازم والعار الباقي، وإن الفار
لغير مزيد في عمره، ولا محجور بينه وبين يومه، وإن الرائح إلى الله كالظمآن يرد

(1) نفس المصدر ج 1 ص 110.
(2) نفس المصدر ج 2 ص 3.
(3) نفس المصدر ج 2 ص 4.
40

الماء، الجنة تحت أطراف العوالي (1) إلى آخر ما مر في كتاب الفتن مشروحا.
48 ومنه: قال عليه السلام لما عزم على لقاء القوم بصفين: اللهم رب السقف
المرفوع والجو المكفوف، الذي جعلته مغيضا لليل والنهار ومجرى للشمس و
القمر ومختلفا للنجوم السيارة، وجعلت سكانه سبطا من ملائكتك لا يسأمون عن
عبادتك، ورب هذه الأرض التي جعلتها قرارا للأنام ومدرجا للهوام والانعام و
ما لا يحصى مما يرى ومما لا يرى، ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض
أوتادا وللخلق اعتمادا، إن أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغي وسددنا للحق
وإن أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة واعصمنا من الفتنة، أين المانع للذمار والغاير
عند نزول الحقايق من أهل الحفاظ، العار وراءكم والجنة أمامكم (2).
48 ومنه: ومن كلامه عليه السلام لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة: أيها
الناس إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب حتى نهكتكم الحرب، وقد والله أخذت
منكم وتركت، وهي لعدوكم أنهك، لقد كنت أمس أميرا فأصبحت اليوم مأمورا
وكنت أمس ناهيا فأصبحت اليوم منهيا، وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على
ما تكرهون (3).
49 ومنه: كان عليه السلام يقول إذا لقي العدو محاربا: اللهم إليك أفضت
القلوب، ومدت الأعناق، وشخصت الابصار، ونقلت الاقدام، وانصبت الأبدان
اللهم قد صرح مكنون الشنآن، وجاشت مراجل الأضغان، اللهم إنا نشكو إليك
غيبة نبينا، وكثرة عدونا، وتشتت أهوائنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق
وأنت خير الفاتحين (4).
50 وكان يقول عليه السلام لأصحابه عند الحرب: لا تشدن عليكم فرة بعدها
كرة، ولا جولة بعدها حملة، وأعطوا السيوف حقوقها، ووطؤا للجنوب مصارعها

(1) نفس المصدر ج 2 ص 64.
(2) نفس المصدر ج 2 ص 101.
(3) نفس المصدر ج 2 ص 212.
(4) نفس المصدر ج 3 ص 17.
41

وإذ مروا أنفسكم على الطعن الدعسي والضرب الطلحفي وأميتوا الأصوات فإنه
اطرد للفشل (1).
51 كتاب الغارات: لإبراهيم بن محمد الثقفي باسناده، عن ابن نباتة قال
قال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه: يقول الرجل جاهدت ولم يجاهد، إنما
الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو، وقد تقاتل أقوام فيحبون القتال لا يريدون
إلا الذكر والاجر، وإن الرجل ليقاتل بطبعه من الشجاعة فيحمي من يعرف و
من لا يعرف، ويجبن بطبيعته من الجبن فيسلم أباه وأمه إلى العدو، وإنما المثال
حتف من الحتوف، وكل امرئ على ما قاتل عليه، وإن الكلب ليقاتل
دون أهله.
52 وعن ميسرة قال: قال علي عليه السلام: قاتلوا أهل الشام مع كل إمام بعدي.
53 مجالس الشيخ: عن المفيد، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور، عن
أبي بكر المفيد الجرجرائي، عن أبي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: الحرب خدعة (2).

(1) نفس المصدر ج 3 ص 17. شرح بعض الكلمات اللغوية في الأخبار المذكورة
عن نهج البلاغة آنفا: (الناجذ) واحد النواجذ وهي أقص الأضراس وقيل كلها أو الأنياب
(تد) فعل أمر من وتد يتد أي ثبتها، (أنبى للسيوف عن الهام) أبعد تأثيرا فيها لان الانسان
إذا عض على نواجذه تصلبت أعصابه وعضلاته المتصلة بالدماغ فتكون الهامة أصلب وأقوى
على مقاومة السيف، و (الهام) جمع هامة وهي الرأس، (اللامة) الدرع والبيضة أو آلات
الحرب واكمالها استيفاؤها (الخزر) محركة النظر كأنه من أحد الشقين (الشزر) الطعن
في الجوانب يمينا وشمالا (السجح) بضمتين السهل اللين (كشيش الضباب) صوت احتكاك
جلودها عند ازدحامها (أمور للأسنة) أي أشد فعلا للمور وهو الاضطراب الموجب للانزلاق و
عدم النفوذ، (لهاميم العرب) جمع لهميم الجواد السابق من الانسان والخيل (إذ مروا)
أي وطنوا وحرضوا. (الطعن الدعسي) اسم من الدعس أي الطعن الشديد (والضرب الطلحفي)
أي الضرب الشديد أو أشد الضرب.
(2) لم نجدها في المصدر المذكور رغم البحث عنها مكررا نعم يوجد فيه قوله (ع)
(الحرب خدعة " منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وآله في حديث له صلى الله عليه وآله مع نمام كاد الله
له صلى الله عليه وآله في بني قريظة وذلك في ج 1 ص 267 كما هو صدر حديث يرويه أبو البختري في
قرب الإسناد ص 62 عن الصادق عليه السلام.
42

54 العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم: العلة في تنحي النبي صلى الله عليه وآله عن
قريش ان النبي صلى الله عليه وآله كان نبي السيف، والقتال لا يكون إلا بأعوان فتنحى
حتى وجد أعوانا ثم غزاهم.
4.
* باب *
* " (الأسلحة وأدوات الحرب) " *
الآيات: الأعراف: " ولباس التقوى ذلك خير " (1).
النحل: " وسرابيل تقيكم بأسكم " (2).
الأنبياء: " وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون " (3).
سبأ: " وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر في السرد " (4).
الحديد: " وأنزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من
ينصره ورسله بالغيب لن الله قوي عزيز " (5).
5.
* باب *
* " (العهد والأمان وشبهه) " *
الآيات: البقرة: " والموفون بعهدهم إذا عاهدوا " (6).
النساء: " إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤكم حصرت

(1) سورة الأعراف: 26.
(2) سورة النحل: 81.
(3) سورة الأنبياء: 80.
(4) سورة سبأ: 11.
(5) سورة الحديد: 25.
(6) سورة البقرة: 177.
43

صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فان
اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا * ستجدون
آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم
يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم
وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا " (1).
المائدة: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " (2)
الأنفال: " الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا
يتقون * فاما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون وإما تخافن
من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين " (3).
وقال تعالى: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو
السميع العليم " (4).
وقال سبحانه " وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم
وبينهم ميثاق " (5).
التوبة: " براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين * فسيحوا
في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين " (6).
إلى قوله تعالى: " إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم
يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين (7).
إلى قوله سبحانه " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله

(1) سورة النساء: 90 - 91.
(2) سورة المائدة: 1
(3) سورة الأنفال: 56 - 58.
(4) سورة الأنفال: 61.
(5) سورة الأنفال: 72.
(6) سورة التوبة: 1 - 2.
(7) سورة التوبة: 4.
44

ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون * كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند
رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن
الله يحب المتقين * كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم
بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون " (1).
إلى قوله تعالى: " وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا
أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " (2).
1 - الخصال: جعفر بن علي، عن جده الحسن بن علي بن المغيرة، عن علي
ابن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا فشت
أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية
وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة نصر
المشركون على المسلمين (3).
2 - أمالي الطوسي: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن محمد
ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن مالك بن عطية، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: وجدت في كتاب علي عليه السلام إذا ظهر الزنا من بعدي ظهرت موتة الفجأة
وإذا طففت المكائيل أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض
بركاتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على
الاثم والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم عدوهم، وإذا قطعت الأرحام
جعلت الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر
ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم ثم تدعو خيارهم فلا
يستجاب لهم (4).

(1) سورة التوبة: 8 - 10.
(2) سورة التوبة: 14.
(3) الخصال ج 1 ص 165.
(4) أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 213 وأخرجه الصدوق في أماليه ص 308 و
ثواب الأعمال ص 225 بتفاوت في الجميع.
45

3 - علل الشرائع (1) أمالي الطوسي: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن محبوب
عن ابن عطية، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة، وإذا طففت
المكيال أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها
من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الاحكام تعاونوا على الظلم
والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم عدوهم وإذا قطعت الأرحام جعلت
الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم
يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم فتدعو خيارهم فلا يستجاب لهم (2).
4 - معاني الأخبار: ماجيلويه، عن محمد العطار عن الأشعري، عن سهل، عن ابن يزيد
عن عبد ربه بن نافع، عن الحباب بن موسى، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من ولد
في الاسلام حرا فهو عربي، ومن كان له عهد فخفر في عهده فهو مولى رسول الله صلى الله عليه وآله
ومن دخل في الاسلام طوعا فهو مهاجر (3).
5 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام أجاز
أمان عبده لأهل حصن وقال: هو من المسلمين (4).
6 - الخصال: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن البزنطي، عن حماد بن عثمان
عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس بمنى
في حجة الوداع في مسجد الخيف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: نضر الله عبدا سمع
مقالتي فوعاها ثم بلغها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل
فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، و
النصيحة لائمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فان دعوتهم محيطة من ورائهم، المسلمون

(1) علل الشرائع ص 584.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 214213 إلى قوله: إذا نقضوا العهد.
(3) معاني الأخبار ص 405.
(4) قرب الإسناد ص 65.
46

إخوة تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم، هم يد على من سواهم (1).
7 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن يحيى بن عمران، عن
يوسف، عن عبد الله بن سليمان قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من آمن رجلا
على دمه ثم قتله جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر (2).
8 نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اعتصموا بالذمم في أوتادها (3).
9 ومنه: في عهده عليه السلام للأشتر: ولا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك ولله فيه
رضا، فان في الصلح دعة لجنودك وراحة من همومك، وأمنا لبلادك، ولكن الحذر
كل الذر من عدوك بعد صلحه فان العدو ربما قارب ليتغفل، فخذ بالحزم واتهم في ذلك
حسن الظن، وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة، فحط عهدك بالوفاء
وارع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت، فإنه ليس من فرائض
الله سبحانه شئ الناس عليه أشد اجتماعا مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم من
تعظيم الوفاء بالعهود، وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما
استوبلوا من عواقب الغدر، فلا تغدرن بذمتك ولا تخيسن بعهدك، ولا تختلن عدوك
فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي، وقد جعل الله عهده وذمته أمنا أفضاه بين
العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره، فلا إدغال
ولا مدالسة ولا خداع فيه، ولا تعقد عقدا تجوز فيه العلل، ولا تعولن على لحن قول
بعد التأكيد والتوثقة، ولا يدعونك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه
بغير الحق، فان صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر
تخاف تبعته، وأن تحيط بك فيه من الله طلبة، فلا تستقبل فيها دنياك ولا آخرتك (4).
10 كتاب الأعمال المانعة من الجنة: للشيخ جعفر بن أحمد القمي

(1) الخصال ج 1 ص 98.
(2) ثواب الأعمال ص 229 وفيه (لواء غدره).
(3) نهج البلاغة ج 3 ص 191.
(4) نهج البلاغة ج 3 ص 117.
47

روي عن المطلب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قتل رجلا من أهل الذمة حرم الله
عليه الجنة التي توجد ريحها من مسيرة اثنى عشر عاما (1).
11 - دعائم الاسلام: عن علي صلوات الله عليه أنه قال: والجهاد فرض
على جميع المسلمين لقول الله " كتب عليكم القتال " فان قامت بالجهاد طائفة من
المسلمين وسع سايرهم التخلف عنه ما لم يحتج الذين يلون الجهاد إلى المدد، فان
احتاجوا لزم الجميع أن يمدوهم حتى يكتفوا قال الله عز وجل " وما كان المؤمنون
لينفروا كافة " وإن دهم أمر يحتاج فيه إلى جماعتهم نفروا كلهم، قال الله عز وجل
" انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله " (2).
12 - وعن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال في قول الله: " انفروا
خفافا وثقالا " شبابا وشيوخا (3).
13 وعنه أنه سئل عن قول الله: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في
التورية والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم
به وذلك هو الفوز العظيم " هذا لكل من جاهد في سبيل الله أم لقوم دون قوم؟
فقال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام إنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله سأله
بعض أصحابه عن هذا فلم يجبه فأنزل الله عليه بعقب ذلك " التائبون العابدون الحامدون
السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون
لحدود الله وبشر المؤمنين " فأبان الله بهذا صفة المؤمنين الذين اشترى منهم أموالهم
وأنفسهم، فمن أراد الجنة فليجاهد في سبيل الله على هذه الشرايط، وإلا فهو في
جملة من قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ينصر الله هذا الدين بقوم لا خلاق لهم في الآخرة (4).
14 - وعنه صلوات الله عليه أنه سئل عن الاعراب هل عليهم جهاد؟ قال:
لا إلا أن ينزل بالاسلام أمر وأعوذ بالله أن يحتاج فيه إليهم، وقال: وليس لهم

(1) كتاب الأعمال المانعة من دخول الجنة ص 63.
(2) دعائم الاسلام ج 1 ص 341.
(4) دعائم الاسلام ج 1 ص 341.
48

من الفئ شئ ما لم يجاهدوا (1).
15 وعن علي صلوات الله عليه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من أحس من
نفسه جبنا فلا يغز (2).
16 قال علي عليه السلام: ولا يحل للجبان أن يغزو لأنه ينهزم سريعا، و
لكن لينظر ما كان يريد أن يغزو به فليجهز به غيره فان له مثل أجره ولا ينقص
من أجره شئ (3).
17 وعنه صلوات الله عليه أنه قال: ليس على العبيد جهاد ما استغني عنهم
ولا على النساء جهاد، ولا على من لم يبلغ الحلم (4).
18 وعن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أنه قال: إذا اجتمع للامام عدة
أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر وجب عليه القيام والتغيير (5).
19 وروينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي صلوات الله
عليهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: كل نعيم مسؤول عنه العبد إلا ما كان
في سبيل الله (6).
20 وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: أصل الاسلام الصلاة، وفرعه الزكاة
وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (7).
21 وعن علي صلوات الله عليه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سافروا تصحوا
واغزوا تغنموا، وحجوا تستغنوا (8).
22 وعن علي صلوات الله عليه أنه قال: للايمان أربعة أركان: الصبر واليقين
والعدل والجهاد (9).
23 وعن صلوات الله عليه أنه قال: جاهدوا في سبيل الله بأيديكم، فإن لم
تقدروا فجاهدوا بألسنتكم، فإن لم تقدروا فجاهدوا بقلوبكم (10).

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(2) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(3) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(4) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(5) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(6) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(7) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(8) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(9) دعائم الاسلام ج 1 ص 342.
(10) نفس المصدر ج 1 ص 343.
49

24 وعنه عليه السلام أنه قال: عليكم بالجهاد في سبيل الله مع كل إمام عدل
فان الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة (1).
25 وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: حملة القرآن عرفاء أهل الجنة،
والمجاهدون في سبيل الله قوادهم، والرسل سادة أهل الجنة (2).
26 وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل
الله، وأبخل الناس من بخل بالسلام (3).
27 وعنه عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما دعا موسى وهارون ربهما
قال الله: قد أجبت دعوتكما، ومن غزا في سبيلي استجيب له كما استجبت لكما
إلى يوم القيامة (4):
28 - وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من اغتاب غازيا في سبيل الله أو آذاه
أو خلفه بسوء في أهله نصب له يوم القيامة علم غدر فيستفرغ حسناته ثم يركس
في النار (5).
29 - وعنه عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ما من قطرة أحب إلى الله
من قطرة دم في سبيل الله أو قطرة دمع في جوف الليل من خشية الله (6).
30 - وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: فوق كل بر بر حتى يقتل
الرجل في سبيل الله، وفوق كل عقوق عقوق حتى يقتل الرجل أحد والديه (7).
31 - وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: كل مؤمن من أمتي صديق و
شهيد ويكرم الله بهذا السيف من شاء من خلقه ثم تلا " والذين آمنوا بالله ورسله
أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم " (8).
32 وعن جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال: كل عين ساهرة يوم
القيامة إلا ثلاث عيون: عين سهرت في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين

(1) نفس المصدر ج 1 ص 343 واخرج الأخير وهو السادس الشيخ المفيد في أماليه ص 5 ذيل حديث.
(2) نفس المصدر ج 1 ص 343 واخرج الأخير وهو السادس الشيخ المفيد في أماليه ص 5 ذيل حديث.
(3) ننفس المصدر ج 1 ص 343 واخرج الأخير وهو السادس الشيخ المفيد في أماليه ص 5 ذيل حديث.
(4) نفس المصدر ج 1 ص 343 واخرج الأخير وهو السادس الشيخ المفيد في أماليه ص 5 ذيل حديث.
(5) نفس المصدر ج 1 ص 343 واخرج الأخير وهو السادس الشيخ المفيد في أماليه ص 5 ذيل حديث.
(6) نفس المصدر ج 1 ص 343 واخرج الأخير وهو السادس الشيخ المفيد في أماليه ص 5 ذيل حديث.
(7) نفس المصدر ج 1 ص 343.
(8) نفس المصدر ج 1 ص 343.
50

بكت من خشية الله (1)
33 وعن أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه أنه قال في قول الله
عز وجل: " رضوا بان يكونوا مع الخوالف " قال: مع النساء (2).
34 وعن زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام أنه قال في قول الله عز وجل:
" ولباس التقوى " قال: لباس التقوى السلاح في سبيل الله (3).
35 وعن علي صلوات الله عليه أنه قال: أول من جاهد في سبيل الله
إبراهيم صلى الله عليه وآله أغارت الروم على ناحية فيها لوط عليه السلام فأسروه فبلغ ذلك إبراهيم
صلى الله عليه فنفر فاستنقذه من أيديهم، وهو أول من عمل الرايات عليه
أفضل السلام (4).
6.
* باب *
* " (الجهاد في الحرم وفي الأشهر الحرم ومعنى) " *
* " (أشهر الحرم وأشهر السياحة) " *
الآيات: البقرة: " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم
فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين * فان انتهوا فان الله غفور رحيم " (5).
وقال تعالى: " الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن
اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع
المتقين " (6).
وقال تعالى: " يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد
عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله " (7).

(1) نفس المصدر ج 1 ص 343.
(2) نفس المصدر ج 1 ص 344 وفى الثاني (لباس السلاح).
(3) نفس المصدر ج 1 ص 344 وفى الثاني (لباس السلاح).
(4) نفس المصدر ج 1 ص 344 وفى الثاني (لباس السلاح).
(5) سورة البقرة: 192191.
(6) سورة البقرة: 194.
(7) سورة البقرة: 217.
51

المائدة: " يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا
الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا
حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن
تعتدوا " (1).
وقال تعالى: " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام " (2).
التوبة: " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم
واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا
سبيلهم إن الله غفور رحيم " (3).
وقال تعالى: " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق
السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم " (4).
إلى قوله تعالى: " إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه
عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء
أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين " (5).
1 - الخصال: عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن عدة الشهور عند الله اثنى
عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم: رجب مضر الذي
بين جمادى وشعبان وذو القعدة وذو الحجة والمحرم الخبر (6).
2 - الخصال: ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام
في قول الله عز وجل " إن عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق
السماوات والأرض " قال: المحرم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى
وجمادى الآخرة ورجب وشعبان وشهر رمضان وشوال وذو القعدة وذو الحجة

(1) سورة المائدة: 3.
(2) سورة المائدة: 97.
(3) سورة التوبة: 5.
(4) سورة التوبة: 36.
(5) سورة التوبة: 37.
(6) الخصال ج 2 ص 257.
52

منها أربعة حرم عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر
من شهر ربيع الآخر (1).
3 - تفسير علي بن إبراهيم: الأشهر الحرم: رجب مفرد وذو القعدة وذو الحجة والمحرم متصلة
حرم الله فيها القتال ويضاعف فيها الذنوب وكذلك الحسنات، وأشهر السياحة
معروفة " وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر
من شهر ربيع الآخر، وهي التي أجل الله فيها المشركين في قوله " فسيحوا في
الأرض أربعة أشهر " وأشهر الحج معروفة وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة (2).
4 - تفسير العياشي: عن العلاء بن الفضيل قال: سألته عن المشركين أيبتدئ بهم
المسلمون بالقتال في الشهر الحرام؟ فقال: إذا كان المشركون ابتدؤوهم باستحلالهم
ورأي المسلمون أنهم يظهرون عليهم فيه وذلك قوله: " الشهر الحرام بالشهر الحرام
والحرمات قصاص " (3).
5 - تفسير العياشي: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهما السلام عن قوله: " فسيحوا في الأرض أربعة أشهر " قال: عشرون من ذي
الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الآخر (4).
6 - تفسير العياشي: عن جعفر بن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام أن الله تبارك وتعالى
بعث محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف على مشركي العرب قال الله جل وجهه: " اقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان
تابوا " يعني فان آمنوا " فإخوانكم في الدين " لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول
في الاسلام ولا يسبى لهم ذرية ومالهم فئ " (5).
7 - تفسير العياشي: عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله " فإذا انسلخ الأشهر

(1) نفس المصدر ج 2 ص 260.
(2) تفسير القمي ص 265.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 86.
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 75 والآية في سورة البقرة 194.
(5) نفس المصدر ج 2 ص 77.
53

الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " قال: هي يوم النحر إلى عشر مضين
من شهر ربيع الآخر (1).
8 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عنده قاعدا خلف
المقام وهو محتب مستقبل القبلة فقال: النظر إليها عبادة، وما خلق الله بقعة من
الأرض أحب إليه منها ثم أهوى بيده إلى الكعبة ولا أكرم عليه منها، لها
حرم الله الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ثلاثة أشهر متوالية
وشهر مفرد للعمرة، قال أبو عبد الله عليه السلام: شوال وذو القعدة وذو الحجة
ورجب (2).
7.
* باب *
* " (كيفية قسمة الغنائم وحكم أموال) " *
* " (المشركين والمخالفين والنواصب) " *
الآيات: الأنفال: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه " الآية
وقال تعالى: " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم " (3).
1 - قرب الإسناد: ابن ظريف، عن ابن علوان، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجعل للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما (4).
2 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عمن أحدث حدثا أو آوى
محدثا ما هو؟ فقال: من ابتدع بدعة في الاسلام أو مثل بغير حد أو من انتهب نهبة
يرفع المسلمون إليها أبصارهم أو تدفع عن صاحب الحدث أو ينصره أو يعينه (5).

(1) نفس المصدر ج 2 ص 77.
(2) نفس المصدر ج 2 ص 88.
(3) سورة الأنفال: 41 و 69.
(4) قرب الإسناد ص 42.
(5) قرب الإسناد ص 50.
54

3 - قرب الإسناد: أبو البختري عن الصادق عن أبيه علي صلوات الله عليهم قال:
إذا ولد المولود في أرض الحرب أسهم له (1).
4 - قرب الإسناد: أبو البختري عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: كسى علي عليه السلام
الناس بالكوفة، فكان في الكسوة برنس خز فسأله إياه الحسن فأبى أن يعطيه
إياه وأسهم عليه بين المسلمين فصار لفتى من همدان فانقلب به الهمداني، فقيل له:
إن حسنا كان سأله أباه فمنعه إياه، فأرسل به الهمداني إلى الحسن عليه السلام فقبله (2).
5 - الخصال: ابن الوليد عن الصفار وسعد معا عن ابن عيسى والبرقي معا عن
محمد البرقي عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن ابن جبير، عن ابن عباس
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي، جعلت لي الأرض مسجدا
وطهورا، ونصرت بالرعب، وأحل لي المغنم، وأعطيت جوامع الكلم، و
أعطيت الشفاعة (3).
أقول: قد مضى مثله بأسانيد في كتاب النبوة وعيره.
6 - تفسير العياشي: عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول في الغنيمة:
يخرج منها الخمس ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولي ذلك، وإنما الفئ و
الأنفال فهو خالص لرسول الله صلى الله عليه وآله (4).
7 - تفسير العياشي: عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يخرج خمس الغنيمة
ثم يقسم أربعة أخماس على من قاتل على ذلك أو وليه (5).
3 - السرائر: محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد
عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: خذ مال الناصب حيث وجدت وابعث إلينا بالخمس (6).

(1) قرب الإسناد ص 65.
(2) نفس المصدر ص 69.
(3) الخصال ج 1 ص 225
(4) تفسير العياشي ج 2 ص 61.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 62.
(6) السرائر ص 490 وكان الرمز في المتن (ير) لبصائر الدرجات، وهو من سهو
القلم فيما نظن.
55

9 - السرائر: محمد بن علي عن أحمد بن الحسن، عن ابن أبي عمير، عن حفص
ابن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خذ مال الناصب حيث ما وجدته وادفع
إلينا الخمس.
قال محمد بن إدريس: الناصب المعني في هذين الخبرين أهل الحرب لأنهم
ينصبون الحرب للمسلمين، وإلا فلا يجوز أخذ مال مسلم ولا ذمي على وجه
من الوجوه (1).
10 ومحمد بن جرير الطبري غير التاريخي قال: لما ورد سبي الفرس إلى المدينة
أراد عمر بن الخطاب بيع النساء وأن يجعل الرجال عبيدا فقال له أمير المؤمنين
عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أكرموا كريم كل قوم، فقال عمر: قد
سمعته يقول: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام
هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الاسلام ولا بد من أن يكون لي منهم
ذرية، وأنا اشهد الله وأشهدكم أني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله تعالى.
فقال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا أيضا لك يا أمير المؤمنين فقال: اللهم اشهد
أنى قد أعتقت ما وهبوني لوجه الله.
فقال المهاجرون والأنصار: قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
اللهم اشهد أنهم قد وهبوا لي حقهم وقبلته وأشهد أني قد أعتقتهم لوجهك.
فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الأعاجم، وما الذي رغبك عن رأيي فيهم
فأعاد عليه ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في إكرام الكرماء فقال عمر: قد وهبت لله ولك
يا أبا الحسن ما يخصني وساير ما لم يوهب لك فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم اشهد
على ما قاله وعلى عتقي إياهم، فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هؤلاء لا يكرهن على ذلك، ولكن يخيرن وما اخترنه
عمل به، فأشار جماعة إلى شهر بانويه بنت كسرى فخيرت، وخوطبت من وراء

(1) السرائر ص 490 وكان الرمز في المتن (سن) للمحاسن. وهو من سهو
القلم فيما نظن.
56

الحجاب والجمع حضور، فقيل لها: من تختارين من خطابك؟ وهل أنت تريدين
بعلا؟ فسكنت، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قد أرادت وبقي الاختيار فقال عمر: و
ما علمك بإرادتها البعل؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أتته
كريمة قوم لا ولي لها وقد خطبت يأمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل؟ فان استحيت
وسكتت جعلت إذنها صماتها، وأمر بتزويجها، وإن قالت لا، لم تكره على ما
تختاره، وإن شهر بانويه أريت الخطاب فأومأت بيدها واختارت الحسين بن علي عليهما السلام
فأعيد القول عليها في التخيير فأشارت بيدها، وقالت بلغتها هذا إن كنت مخيرة
وجعلت أمير المؤمنين وليها، وتكلم حذيفة بالخطبة فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما
اسمك؟ فقالت: شاه زنان بنت كسرى، قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنت شهربانويه
وأختك مرواريد بنت كسرى؟ قالت: آريه (1).
8.
* " باب " *
* " (فضل إعانة المجاهدين وذم إيذائهم) " *
1 - تفسير الإمام العسكري: سئل أمير المؤمنين علي عليه السلام عن النفقة في الجهاد إذا لزم أو استحب
فقال: أما إذا لزم الجهاد بأن لا يكون بإزاء الكافرين من ينوب عن ساير المسلمين
فالنفقة هناك الدرهم بسبعمائة ألف، فاما المستحب الذي هو قصد الرجل وقد
ناب عليه من سبعة واستغنى عنه فالدرهم بسبعمائة حسنة، كل حسنة خير من الدنيا
وما فيها مائة ألف مرة (2).
2 نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من اغتاب غازيا أو آذاه أو خلفه في أهله بخلافة سوء نصب له
يوم القيامة علم فيستفرغ بحسناته ويركس في النار (3).

(1) دلائل الإمامة ص 81 طبع النجف الحيدرية.
(2) لم نعثر عليه في المصدر.
(3) نوادر الراوندي ص 21.
57

9.
* (باب) *
* " (أحكام الأرضين) " *
1 - تفسير العياشي: عن عمار الساباطي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
الأرض لله يورثها من يشاء من عباده قال: فما كان لله فهو لرسوله، وما كان لرسول
الله فهو للامام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله (1).
2 - تفسير العياشي: عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في
كتاب علي عليه السلام " أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين "
وأنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض ونحن المتقون، والأرض كلها لنا،
فمن أحيا أرضا من المسلمين فعمرها فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما
أكل منها، فان تركها وأخربها بعد ما عمرها فأخذها رجل من المسلمين بعده
فعمرها وأحياها فهو أحق به من الذي تركها فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي
وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحوزها ويمنعها
ويخرجهم عنها كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه
يقاطعهم ويترك الأرض في أيديهم (2).
3 كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي قال: بعث أسامة بن زيد إلى
أمير المؤمنين عليه السلام أن ابعث علي بعطائي فوالله لتعلم أنك لو كنت في فم أسد لدخلت
معك، فكتب إليه: إن هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن هذا مالي بالمدينة فأصب
منه ما شئت.
4 - قرب الإسناد: هارون عن ابن زياد، عن الصادق، عن أبيه عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله
أمر بالنزول على أهل الذمة ثلاثة أيام، وقال: إذا قام قائمنا اضمحلت القطايع

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 25 والآية في سورة الأعراف: 128.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 25 والآية في سورة الأعراف: 128.
58

فلا قطايع (1).
5 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن زياد، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: سمعت
أبي عليه السلام يقول: إن لي ارض خراج وقد ضقت بها (2).
6 - قرب الإسناد: ابن أبي الخطاب عن البزنطي، عن الرضا عليه السلام قال: ذكر له
الخراج وما سار به أهل بيته فقال: العشر ونصف العشر على من أسلم طوعا تركت
ارضه بيده يؤخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها، وما لم يعمر منها أخذه
الوالي فقبله ممن يعمره وكان للمسلمين، وليس فيما كان أقل من خمسة أو ساق
شئ، وما أخذ بالسيف فذلك للامام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله
بخيبر قبل أرضها ونخلها، والناس يقولون: لا تصلح قبالة الأرض والنخل،
البياض أكثر من السواد وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر وعليهم في حصتهم العشر
ونصف العشر (3).
قال: وسمعته يقول: إن أهل الطائف أسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل
عليهم العشر ونصف العشر، وأهل مكة كانوا اسراء فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال:
أنتم الطلقاء (4).
7 نهج البلاغة: من كلام له عليه السلام فيما رده من قطائع عثمان بن
عفان: والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته، فان في العدل
سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق (5).
8 ومنه فيما كتب عليه السلام إلى قثم بن العباس: مر أهل مكة أن لا يأخذوا
من ساكن أجرا فان الله سبحانه يقول: " سواء العاكف فيه والباد " فالعاكف المقيم
به، والبادي الذي يحج إليه من غير أهله (6).
9 كتاب الغارات: لإبراهيم بن محمد الثقفي، عن أبي يحيى المدني، عن

(1) قرب الإسناد ص 39.
(2) قرب الإسناد ص 39.
(3) قرب الإسناد ص 170 بزيادة في آخرهما.
(4) قرب الإسناد ص 170 بزيادة في آخرهما.
(5) نهج البلاغة ج 1 ص 42.
(6) نهج البلاغة ج 3 ص 40.
59

جويبر، عن الضحاك بن مزاحم عن علي عليه السلام قال: كان خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله
لا يحبس شيئا لغد، وكان أبو بكر يفعل وقد رأى عمر بن الخطاب في ذلك أن دون
الدواوين وأخر المال من سنة إلى سنة، وأما أنا فأصنع كما صنع خليلي رسول
الله صلى الله عليه وآله، قال: وكان علي عليه السلام يعطيهم من الجمعة إلى الجمعة، وكان يقول:
* " (شعر) " *
هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه
10 وفيه عن إبراهيم بن العباس، عن ابن المبارك البجلي، عن بكر بن
عيسى، عن عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه أنه قال: كنت عند علي عليه السلام فجاءه
مال من الجبل فقام فقمنا معه حتى انتهى إلى خربند خزو حمالين فاجتمع إليه حتى
ازدحموا عليه فأخذ حبالا فوصلها بيده وعقد بعضها إلى بعض ثم أدارها حول المتاع
ثم قال: لا أحل لاحد أن يجاوز هذا الحبل، قال: فقعدنا من وراء الحبل ودخل
علي عليه السلام فقال: أين رؤوس الاسباع؟ فدخلوا عليه فجعلوا يحملون هذا الجوالق
إلى هذا الجوالق وهذا إلى هذا حتى قسموه سبعة أجزاء، قال: فوجد مع المتاع
رغيفا فكسره سبع كسر ثم وضع على كل جزء كسرة، ثم قال:
هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه
قال: ثم أقرع عليها فجعل كل رجل يدعو قومه ويحملون الجوالق (1).
10.
* (باب النوادر) *
1 - قرب الإسناد: هارون عن ابن زياد، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: تاركوا الحبشة ما تاركوكم فوالذي نفسي بيده لا يستخرج كنز
الكعبة إلا ذو السويقتين (2).

(1) الجوالق: العدل من صوف أو شعر والكلمة معربة.
(2) قرب الإسناد ص 40 وفيه (ذو الشريعتين) والذي يؤيد ما في الأصل ما ورد في 61
النهاية ج 2 ص 209 وفيه: لا يستخرج كنز الكعبة الا ذو السويقتين من الحبشة، السويقة تصغير
الساق وهي مؤنثة فلذلك ظهرت التاء في تصغيرها، وإنما صغر الساق لان الغالب على سوق
الحبشة الدقة والحموشة.
60

2 - قرب الإسناد: الريان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا وجه جيشا فأمهم أمير بعث معهم من ثقاته من يتجسس له خبره (1).
3 - قرب الإسناد: ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألنا الرضا عليه السلام هل أحد من
أصحابكم يعالج السلاح؟ فقلت: رجل من أصحابنا زراد فقال: إنما هو سراد
أما تقرأ كتاب الله عز وجل في قول الله لداود عليه السلام " أن اعمل سابغات وقدر في
السرد " الحلقة بعد الحلقة (2).
4 - الخصال: العسكري، عن عبد الله بن محمد، عن عبدان العسكري، عن محمد بن
سليمان، عن حنان بن علي، عن عقيل، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن
ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خير الصحابة أربعة، وخير السرايا يا أربع
مائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يهزم اثنا عشر الف من قلة إذا صبروا
وصدقوا (3).
5 - الخصال: عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: يوم الثلاثاء يوم حرب ودم (4).
أقول: قد مضى بتمامه في باب الأيام.
6 - أمالي الطوسي: التمار، عن محمد بن القاسم الأنباري، عن أبيه، عن الغزي، عن
إبراهيم بن مسلم، عن عبد المجيد بن عبد العزيز، عن مروان بن سالم، عن الأعمش
عن أبي وايل وزيد بن وهب عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
تاركوا الترك ما تركوكم فان من يسلب أمتي ملكها وما خولها الله لبنو قنطور
ابن كركر وهم الترك (5).

(1) قرب الإسناد ص 148.
(2) نفس المصدر ص 160.
(3) الخصال ج 1 ص 133.
(4) الخصال ج 2 ص 147.
(5) أمالي الطوسي ج 1 ص 5.
61

7 - علل الشرائع: أبي، عن الحميري، عن هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن
آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: تاركوا الترك ما تركوكم فان كلبهم شديد
وكلبهم خسيس (1).
11.
* (باب المرابطة) *
الآيات: آل عمران: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا " (2).
الأنفال: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به
عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في
سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون " (3).
1 - قرب الإسناد: محمد بن عيسى قال: أتيت أنا ويونس بن عبد الرحمن باب الرضا
عليه السلام وبالباب قوم قد استأذنوا عليه قبلنا واستأذنا بعدهم، وخرج الآذان
فقال: ادخلوا ويتخلف يونس ومن معه من نل يقطين، فدخل القوم وخلفنا
فما لبثوا أن خرجوا وأذن لنا، فدخلنا فسلمنا عليه فرد السلام ثم أمرنا
بالجلوس.
فقال له يونس بن عبد الرحمن: يا سيدي تأذن لي أن أسألك عن مسألة؟
فقال له: سل، فقال له يونس: أخبرني عن رجل من هؤلاء مات وأوصى أن يدفع
من ماله فرس وألف درهم وسيف إلى رجل يرابط عنه ويقاتل في بعض هذه الثغور
فعمد الوصي فدفع ذلك كله إلى رجل من أصحابنا فأخذه وهو لا يعلم أنه لم يأت
لذلك وقت بعد، فما تقول؟ أيحل له أن يرابط عن هذا الرجل في بعض هذه الثغور
أم لا؟ فقال: يرد على الوصي ما أخذ منه ولا يرابط، فإنه لم يأن لذلك وقتا
بعد، فقال: يرده عليه، فقال يونس: فإنه لا يعرف الوصي ولا يدري أين مكانه؟

(1) (علل الشرائع ص 603 وفيه (وسلبهم خسيس).
(2) سورة آل عمران: 200.
(3) سورة الأنفال: 60.
62

فقال له الرضا عليه السلام: يسأل عنه، فقال له يونس بن عبد الرحمن: فقد سال عنه
فلم يقع عليه كيف يصنع؟ فقال: إن كان هكذا فليرابط ولا يقاتل، فقال له يونس:
فإنه قد رابط وجاءه العدو وكاد أن يدخل عليه في داره فما يصنع يقاتل أم لا؟
فقال له الرضا عليه السلام: إذا كان ذلك كذلك فلا يقاتل عن هؤلاء، ولكن يقاتل عن
بيضة الاسلام، فان في ذهاب بيضة الاسلام دروس ذكر محمد صلى الله عليه وآله، فقال له يونس:
إن عمك زيدا قد خرج بالبصرة وهو يطلبني ولا آمنه على نفسي، فما ترى لي؟
أخرج إلى البصرة أو أخرج إلى الكوفة؟ قال: بل اخرج إلى الكوفة فإذا فصر
إلى البصرة، قال: فخرجنا من عنده ولم نعلم معنى " فإذا " حتى وافينا القادسية
حتى جاء الناس منهزمين يطلبون يدخلون البدو، وهزم أبو السرايا ودخل هر ثمة
الكوفة واستقبلنا جماعة من الطالبين بالقادسية متوجهين نحوا الحجاز، فقال لي
يونس " فإذا " هذا معناه، فصار من الكوفة إلى البصرة ولم يبدأه بسوء (1)
أقول: قد مضى مثله في باب أقسام الجهاد.
12.
* (باب) *
* (الجزية وأحكامها) *
الآيات: آل عمران: " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في
الآخرة من الخاسرين " (2).
التوبة: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم
الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية
عن يد وهم صاغرون " (3).
1 - تفسير علي بن إبراهيم: محمد بن عمرو، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن إسماعيل

(1) قرب الإسناد ص 150.
(2) سورة آل عمران: 85.
(3) سورة التوبة: 29.
63

ابن سهل، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حد
الجزية على أهل الكتاب؟ وهل عليهم في ذلك شئ يوصف لا ينبغي أن يجوز إلى غيره؟
فقال: ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله وما يطيق
إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا، فالجزية تؤخذ منهم على
قدر ما يطيقون، له أن يأخذ منهم بها حتى يسلموا فإن الله قال: " حتى يعطوا
الزية عن يد وهم صاغرون " قلت: وكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث لما يؤخذ منه؟
قال: لا حتى يجد ذلا لما أخذ منه ويألم لذلك فيسلم (1).
2 - تفسير العياشي: عن زرارة مثله (2).
3 - قرب الإسناد: علي عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن يهودي أو نصراني أو مجوسي
أخذ زانيا أو شارب خمر ما عليه؟ قال: يقام عليه حدود المسلمين إذا فعلوا ذلك في مصر
من أمصار المسلمين أو في غير أمصار المسلمين إذا رفعوا إلى حكام المسلمين، قال:
وسألته عن اليهود والنصارى والمجوس هل يصلح [أن يسكنوا في دار الهجرة] قال:
أما أن يسكنوا فلا يصلح ولكن ينزلوا بها نهارا ويخرجوا منها ليلا (3).
4 - الخصال: القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن أبيه
عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا جزية على النساء (4).
5 - أمالي الطوسي: بإسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه، عن علي بن الحسين
عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب يعني المجوس (5).
6 - أمالي الطوسي: ابن حمويه، عن أبي الحسين، عن أبي خليفة، عن مكي، عن محمد
ابن يسار، عن وهب بن حزام، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن بريد بن أبي حبيب، عن
أبي سلمة، عن عبد الرحمان، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى عنده وفاته

(1) تفسير علي بن إبراهيم ص 264.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 55 وفيه (موظف) بدل (يوصف).
(3) قرب الإسناد ص 112.
(4) الخصال ج 2 ص 374.
(5) أمالي الطوسي ج 1 ص 375.
64

بخروج اليهود من جزيرة العرب فقال: الله الله في القبط فإنكم ستظهرون عليهم
ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله (1).
7 - علل الشرائع: أبي، عن سعد، عن الأصبهاني، عن المنقري، عن عيسى بن يونس
عن الأوزاعي، عن الزهري، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: سألته عن النساء كيف
سقطت الجزية ورفعت عنهن؟ فقال: لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء
والولدان في دار الحرب إلا أن تقاتل، وإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك ولم
تخف خللا، فلما نهي في دار الحرب كان ذلك في دار الاسلام أولى، ولو امتنعت
تؤدي الجزية لم يمكن قتلها، فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها، ولو منع
الرجال وأبوا أن يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم لان قتل
الرجال مباح في دار الشرك، وكذلك المقعد من أهل الشرك والذمة والأعمى
والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب، فمن أجل ذلك رفعت عنهم الجزية (2).
8 - علل الشرائع: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن سهل، عن علي بن
الحكم، عن فضيل بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما من مولد ولد
إلا على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، وإنما أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله
الذمة وقبل الجزية عن رؤوس أولئك بأعيانهم على أن لا يهودوا، ولا ينصروا، فاما
الأولاد وأهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم (3).
9 - علل الشرائع: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب،
عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل
الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا ولا لحم الخنزير ولا ينكحوا الأخوات
ولا بنات الأخ ولا بنات الأخت، فمن فعل ذلك منهم برءت منه ذمة الله وذمة
رسوله، وقال: ليست لهم ذمة (4).
10 - التوحيد: القطان والدقاق معا عن ابن زكريا القطان، عن محمد والعباس
عن محمد بن أبي السري، عن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن مسعد الكناني، عن

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 18.
(2) علل الشرائع ص 376.
(3) علل الشرائع ص 376.
(4) علل الشرائع ص 376.
65

الأصبغ، قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: سلوني قبل أن تفقدوني فقام إليه
الأشعث بن قيس، فقال له: يا أمير المؤمنين كيف يؤخذ من المجوس الزية ولم
ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي؟ قال: بلى يا أشعث قد أنزل الله عليهم كتابا
وبعث عليهم رسولا حتى كان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها
فلما أصبح تسامع به قومه، فاجتمعوا إلى بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا
ديننا فأهلكته فاخرج نطهرك ونقيم عليك الحد، فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا
كلامي فان يكن لي مخرجا مما ارتكبت وإلا فشأنكم، فاجتمعوا فقال لهم: هل
علمتم أن الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمنا حواء؟ قالوا: صدقت
أيها الملك، قال: أفليس زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟ قالوا: صدقت هذا
هو الدين فتعاقدوا على ذلك، فمحا الله ما في صدورهم من العلم ورفع عنهم الكتاب
فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب، والمنافقون أشد حالا منهم الخبر (1).
11 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن زياد، عن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام أن
رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بالنزول على أهل الذمة ثلاثة أيام وقال: إذا قام قائمنا
اضمحلت القطايع فلا قطايع (2).
12 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: ينزل المسلمون
على أهل الذمة في أسفارهم وحاجاتهم ولا ينزل المسلم على المسلم إلا باذنه (3).
13 - المحاسن: علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن أبي أيوب وحفص
ابن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن نساء اليهود والنصارى والمجوس
كيف سقطت عنهن الجزية ورفعت؟ قال: لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء
والولدان في الحرب إلا أن تقاتل، ثم قال: وإن قاتلت فأمكس عنها ما أمكنك
ولم تخف خللا فلما نهى عن قتلهم في دار الحرب كان ذلك في دار الاسلام أولى

(1) توحيد الصدوق ص 250 في حديث طويل طبعة الحيدرية النجف الأشرف.
(2) قرب الإسناد ص 39 وقد سبق في باب أكام الأرضين الحديث 4.
(3) قرب الإسناد ص 62.
66

فلو امتنعت أن تؤدي الجزية كانوا ناقضي العهد وحل دماؤهم وقتلهم، لان قتل
الرجال مباح في دار الشرك، وكذلك المقعد من أهل الذمة والأعمى والشيخ
الفاني ليس عليهم جزية، لأنه لا يمكن قتلهم لما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن قتل المقعد
والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في دار الحرب، فمن أجل ذلك رفعت
عنهم الجزية (1).
14 - تفسير العياشي: عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: إن الله
بعث محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف فسيف على أهل الذمة قال الله " وقولوا للناس حسنا "
نزلت في أهل الذمة ثم نسختها أخرى قوله " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم
الآخر " إلى " وهم صاغرون " فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يقبل منهم إلا
أداء الجزية أو القتل ويؤخذ ما لهم وتسبي ذراريهم فإذا قبلوا الجزية ما حل لنا
نكاحهم ولا ذبحهم ولا يقبل منهم إلا أداء الجزية أو القتل (2).
15 - تفسير الإمام العسكري: قال الإمام عليه السلام: " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد
إيمانكم كفارا " بما يوردونه عليكم من الشبه " حسدا من عند أنفسهم " لكم بأن
أكرمكم بمحمد وعلي وآلهما الطاهرين " من بعد ما تبين لهم الحق " بالمعجزات
الدالات على صدق محمد وفضل علي وآلهما الطيبين من بعد " فاعفوا واصفحوا "
عن جهلهم وقابلوهم بحجج الله وادفعوا بها أباطيلهم " حتى يأتي الله بأمره " فيهم
بالقتل يوم فتح مكة فحينئذ تجلونهم من بلد مكة ومن جزيرة العرب ولا تقرون
بها كافرا (3).
16 كتاب الغارات: لإبراهيم بن محمد الثقفي عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو
بن شمر، عن سالم الجعفي عن الشعبي، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كنتم

(1) المحاسن ص 327.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 85.
(3) تفسير العسكري عليه السلام ص 212 طبع تبريز سنة 1314 وص 196
طبع سنة 1315 بتفاوت يسير.
67

وإياهم في طريق فالجئوهم إلى مضائقه وصغروا بهم كما صغر الله بهم في غير
أن تظلموا.
17 كتاب الإمامة والتبصرة، عن هارون بن موسى، عن محمد بن علي
عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن ابن فضال، عن الصادق، عن أبيه
عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: شر اليهود يهود بيسان، وشر النصارى
نصارى نجران (1).
(أبواب)
* " (الامر بالمعروف والنهى عن المنكر) " *
* " (وما يتعلق بهما من الاحكام) " *
1.
* (باب) *
* " (وجوب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وفضلهما) " *
الآيات: آل عمران: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " (2).

(1) بيسان: مدينة بالأردن بالغور الشامي بين حوران وفلسطين (ونجران) من مخاليف
اليمن من ناحية مكة، وبها كان خبر الأخدود واليها تنسب كعبة نجران وكانت ربيعة بها
أساقفة مقيمون منهم السيد والعاقب اللذين جاءا إلى النبي صلى الله عليه وآله في أصحابهما
ودعاهم إلى المباهلة فخرج إليهم في أهل بيته خاصة: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام
وأنزل الله تعالى في ذلك قرآنا يتلى إلى يوم القيامة وذلك قوله تعالى (فمن حاجك فيه من
بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم
ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين).
(2) سورة آل عمران: 104.
68

وقال تعالى: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون
عن المنكر " (1).
وقال سبحانه " يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات
وأولئك من الصالحين " (2).
النساء: فاعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا " (3).
المائدة: " ولولا ينهيهم الربانيون والأحبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت
لبئس ما كانوا يصنعون " (4).
وقال تعالى: " كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " (5).
الانعام: " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا
في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين *
وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون * وذر
الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس
بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع " (6).
وقال تعالى: " ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " (7).
وقال: " فذرهم وما يفترون " (8).
الأعراف: " يأمرهم بالمعروف وينهيهم عن المنكر " (9).
وقال تعالى في قصة أصحاب السبت: " وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله
مهلكم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون * فلما نسوا
ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس
بما كانوا يفسقون " (10).

(1) سورة آل عمران: 110.
(2) سورة آل عمران: 104.
(3) سورة النساء 63.
(4) سورة المائدة: 63.
(5) سورة المائدة: 79.
(6) سورة الأنعام: 7068.
(7) سورة الأنعام: 91.
(8) سورة الأنعام: 112.
(9) سورة الأعراف: 157.
(10) سورة الأعراف: 165164.
69

وقال تعالى " وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " (1).
التوبة: " المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون
عن المعروف " (2).
إلى قوله تعالى: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر " (3).
هود: " فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض
إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين " (4).
طه: " اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو
يخشى * قالا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى * قال لا تخافا إنني معكما
اسمع وأرى " (5).
وقال تعالى: " وأمر أهلك بالصلاة " (6).
الحج: " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا
بالمعروف ونهوا عن المنكر " (7).
لقمان: " يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما
أصابك إن ذلك من عزم الأمور " (8).
التحريم: " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس
والحجارة " (9).
1 المجازات النبوية: قال صلى الله عليه وآله: المعروف والمنكر خليفتان ينصبان
للناس، فيقول المنكر لأهله: إليكم إليكم، ويقول المعروف لأهله: عليكم عليكم
وما يستطيعون له إلا لزوما.

(1) سورة الأعراف: 199.
(2) سورة التوبة: 67.
(3) سورة التوبة: 71.
(4) سورة هود: 116.
(5) سورة طه: 46.
(6) سورة طه: 132.
(7) سورة الحج: 41.
(8) سورة لقمان 17.
(9) سورة التحريم: 6.
70

وهذا القول مجاز والمراد أن الله تعالى جعل للفعل المعروف علامات
وعلى الفعل المنكر أمارات، ووعد على فعل المعروف حلول دار النعيم وأوعد على
فغل المنكر خلود دار الجحيم، فكان بين الامرين الحجاز البين والفرقان النير فكان
المعروف يدعو إلى فعله لما وعد عليه من الثواب، وكذلك المنكر ينهى عن فعله لما
وعد عليه من العقاب، فلذلك قال عليه السلام: فيقول المنكر لأهله إليكم إليكم، على
طريق الاتساع والمجاز، وقوله عليه السلام من بعد: وما يستطيعون له إلا لزوما.
المراد به أنهم مع قوارع النذر وصوادع الغير وزواجر التحذير، وبوالغ الوعيد
ليتنازعون إلى فعله ويتسارعون إلى ورده، وليس المراد أنهم لا يستطيعون له إلا لزوما
على الحقيقة، وإنما قيل ذلك على طريق المبالغة في صفتهم بالنزوع إليه والاصرار
عليه، كما يقول القائل: ما أستطيع النظر إلى فلان أولا أستطيع الاجتماع مع فلان
إذا أراد المبالغة في نفسه لشدة الابغاض لذلك الانسان والاستثقال لرؤيته والنفور
من مقاعدته، وإن كان على الحقيقة مستطيعا لذلك بصحة أدواته والتمكن من تصرف
إراداته، ولو لم يكن هؤلاء المذكورون في الخبر قادرين على الانفصال من فعل
المنكر لما كانوا على مواقعته مذمومين وبجريرته مطالبين، وذلك أوضح من أن
نستقصي الكلام فيه ونستكثر من الحجاج عليه (!).
2 - الهداية: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضتان واجبتان من الله
عز وجل على الامكان، على العبد أن يغير المنكر بقلبه ولسانه ويده، فإن لم
يقدر عليه فبقلبه ولسانه، فإن لم يقدر فبقلبه.
3 وقال الصادق عليه السلام: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ
أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سيف وسوط فلا (2).
4 المجازات النبوية: قال عليه السلام لأصحابه: لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن
المنكر أو ليلحينكم الله كما لحيت عصاي هذه لعود في يده وفي هذا الكلام موضع
استعارة وهو قوله عليه السلام: " أو ليلحينكم الله " والمراد ليتنقصنكم الله في النفوس
والأموال وليصيبنكم بالمصائب العظام فتكونون كالأغصان التي جردت من أوراقها

(1) المجازات النبوية ص 211.
(2) الهداية: 11 بتفاوت يسير.
71

وعريت من ألحيتها وأليافها فصارت قضبانا مجردة، وعيدانا مفردة، وهم يقولون لمن
جلف الزمان ماله، أو سلبه أولاده وأعضاده، قد لحاه الدهر لحي العصا لان ما كان ينضم
إليه من ولدته وحفدته، ويسبغ عليه من جلابيب نعمته بمنزلة اللحاء للقضيب والورق
للغصن الرطيب، فإذا أخرج عن ذلك أجمع كان كالعود العاري والقضيب الذاوي (1).
5 - أمالي الصدوق: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب عن مالك بن
عطية، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: أما إنه ليس من سنة أقل
مطرا من سنة، ولكن الله يضعه حيث يشاء، إن الله جل جلاله إذا عمل قوم بالمعاصي
صرف عنهم ما كان قدر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى الفيافي والبحار
والجبال، وإن الله ليعذب الجعل في حجرها بحبس المطر عن الأرض التي هي بمحلتها
لخطايا من بحضرتها، وقد جعل الله لها السبيل إلى مسلك سوى محلة أهل المعاصي.
قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فاعتبروا يا أولي الابصار، ثم قال: وجدنا في
كتاب علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ظهر الزنا كثر موت الفجأة، وإذا طفف
المكيال أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركاتها
من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الاحكام تعاونوا على الظلم
والعدوان، وإذا نقضوا العهود سلط الله عليهم عدوهم، وإذا قطعوا الأرحام جعلت
الأموال في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر ولم يتبعوا
الأخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم، فيدعو عند ذلك خيارهم فلا
يستجاب لهم (2).
6 - تفسير علي بن إبراهيم: عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن أول ما تقلبون إليه من الجهاد
الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بقلوبكم، فمن لم يعرف قلبه معروفا ولم ينكر منكرا نكس
قلبه فجعل أسفله أعلاه فلا يقبل خيرا ابدا (3).

(1) المجازات النبوية ص 227.
(2) أمالي الصدوق ص 308 ورواه في ثواب الأعمال ص 225.
(3) لم نجده في المصدر رغم البحث عنه مكررا.
72

7 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي عن الأصبهاني عن المنقري، عن فضيل بن عياض، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الورع فقال: الذي يتورع عن محارم الله ويجتنب
هؤلاء (الشبهات) وإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه، وإذا رأى
المنكر ولم ينكره وهو يقدر عليه فقد أحب أن يعصى الله، ومن أحب أن يعصى
الله فقد بارز الله بالعداوة، ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله، إن
الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين فقال: " فقطع دابر القوم الذين
ظلموا والحمد لله رب العالمين " (1).
8 - معاني الأخبار: أبي عن سعد عن الأصبهاني مثله (2).
9 - تفسير العياشي: عن ابن عياض مثله (3).
10 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول: أيها الناس أمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فان الامر بالمعروف
والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يباعدا رزقا، فان الامر ينزل من السماء
إلى الأرض كقطر المطر في كل يوم إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو
نقصان في أهل أو مال أو نفس، وإذا أصاب أحدكم مصيبة في مال أو نفس ورأي
عند أخيه عفوة فلا تكونن له فتنة، فان المرء المسلم ما لم يغش دناءة تظهر ويخشع
لها إذا ذكرت ويغري بها لئام الناس كان كالياسر الفالج الذي ينتظر إحدى فوزة
من قداحه توجب له المغنم، ويدفع عنه بها المعزم كذلك المرء المسلم البرئ
من الخيانة والكذب ينتظر إحدى الحسنيين، إما داعيا من الله فما عند الله خير له
وإما رزقا من الله فهو ذو أهل ومال ومعه دينه وحسبه، المال والبنون حرث الدنيا
والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام (4).

(1) تفسير علي بن إبراهيم ص 188.
(2) معاني الأخبار ص 252 والآية في سورة الأنعام: 44 وليس فيه (الشبهات) وكذا
توجد في المصدر الآتي.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 360.
(4) تفسير علي بن إبراهيم ص 397.
73

11 - الحسين بن سعيد أو النوادر: علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي حمزة، عن يحيى
ابن عقيل، عن حبشي كذا قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه
وذكر ابن عمه محمدا صلى الله عليه وآله فصلى عليه ثم قال: أما بعد فإنه إنما هلك من كان
قبلكم بحيث ما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك فإنهم
لما تمادوا في المعاصي نزلت بهم العقوبات، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر
وساق الحديث إلى آخره كما مر (1).
12 - تفسير علي بن إبراهيم: أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن
النضر، عن زرعة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل
" قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " قلت: هذه نفسي أقيها فكيف
أقي أهلي؟ قال: تأمرهم بما أمرهم الله به وتنهاهم عما نهاهم الله عنه، فان أطاعوك
كنت وقيتهم، وإن عصوك فكنت قد قضيت ما عليك (2).
13 - الحسين بن سعيد أو النوادر: النضر مثله (3).
14 - قرب الإسناد: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام
أن النبي صلى الله عليه وآله قال: كيف بكم إذا فسد نساؤكم، وفسق شبانكم، ولم تأمروا
بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال:
نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف، قيل: يا رسول
الله ويكون ذلك؟ قال: نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا
والمنكر معروفا (4).
15 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن المعصية إذا عمل

(1) كتاب الزهد للحسين بن سعيد باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
ص 82 (مخطوط).
(2) تفسير علي بن إبراهيم ص 688 والآية في سورة التحريم 6.
(3) كتاب الزهد باب الأدب والحض على الخير ص 10 (مخطوط).
(4) قرب الإسناد ص 26.
74

بها العبد سرا لم تضر إلا عاملها، وإذا عمل بها علانية ولم يغير عليه أضرت
بالعامة (1).
16 - قرب الإسناد: بهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: أيها الناس إن الله لا يعذب العامة
بذنب الخاصة إذا عملت الخاصة بالمنكر سرا من غير أن تعلم العامة، فإذا عملت
الخاصة المنكر جهارا فلم يغير ذلك العامة استوجب الفريقان العقوبة من الله (2).
17 - علل الشرائع: أبي، عن الحميري مثله (3).
18 - قرب الإسناد: أبو البختري، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه عليه السلام قال: أتي
علي عليه السلام برجل كسر طنبورا لرجل فقال: بعدا [تعدي خ ل] (4).
19 - الخصال: أبي عن الحميري، عن هارون، عن ابن صدقة قال: سئل جعفر
ابن محمد عليهما السلام عن الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله: إن أفضل الجهاد كلمة عدل
عند إمام جائر ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بقدر معرفته، وهو مع ذلك يقبل
منه وإلا فلا (5).
20 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن يحيى
الطويل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن
فيتعظ، أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سوط وسيف فلا (6).
21 - الخصال: أبي، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن ابن يزيد رفعه إلى
أبي جعفر عليه السلام أنه قال: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق
الله عز وجل فمن نصرهما أعزه الله، ومن خذلهما خذله الله (7).
22 - الخصال: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن سهل، عن عمرو بن عثمان

(1) قرب الإسناد ص 26.
(2) قرب الإسناد ص 26.
(3) علل الشرائع ص 522.
(4) قرب الإسناد ص 26 وفيه فقال بعدا.
(5) الخصال ج 1 ص 6.
(6) الخصال ج 1 ص 21.
(7) نفس المصدر ج 1 ص 25 وأخرجه في ثواب الأعمال ص 145.
75

عن ابن المغيرة، عن طلحة الشامي، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل:
" فلما نسوا ما ذكروا به " قال: كانوا ثلاثة أصناف صنف ائتمروا وأمروا فنجوا
وصنف ائتمروا ولم يأمروا فمسخوا ذرا، وصنف لم يأتمروا ولم يأمروا فهلكوا (1).
23 - الخصال: العطار عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن بكر بن صالح، عن
ابن فضال، عن عبد الله بن إبراهيم، عن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن الصادق
عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس
إلى ما يعمى عنه من نفسه، ويعير الناس بما لا يستطيع تركه، ويؤذي جليسه بما
لا يعنيه (2).
24 - الخصال: ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني
عن الصادق، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: من أمر بمعروف
أو نهى عن منكر أو دل على خير أو أشار به فهو شريك، ومن أمر بسوء أو دل عليه
أو أشار به فهو شريك (3).
25 - علل الشرائع (4) عيون أخبار الرضا (ع): أبي عن الحميري، عن الريان بن الصلت قال: جاء
قوم بخراسان إلى الرضا عليه السلام فقالوا: إن قوما من أهل بيتك يتعاطون أمورا
قبيحة فلو نهيتهم عنها، فقال: لا أفعل، فقيل: ولم؟ قال: لأني سمعت أبي عليه السلام
يقول: النصيحة خشنة (5).
26 - عيون أخبار الرضا (ع): ابن المتوكل، عن السعد آبادي عن البرقي، عن عبد العظيم
الحسني، عن أبي جعفر الثاني، عن أبيه عليهما السلام قال: دخل أبي عليه السلام على هارون
الرشيد وقد استحفزه الغضب على رجل فقال: إنما تغضب لله عز وجل فلا تغضب
بأكثر مما غضب لنفسه (6).

(1) الخصال ج 1 ص 63 وفيه (وزا) بدل (ذرا).
(2) الخصال ج 1 ص 69.
(3) الخصال ج 1 ص 90.
(4) علل الشرائع ص 581.
(5) عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 290.
(6) نفس المصدر ج 1 ص 292.
76

27 - عيون أخبار الرضا (ع): فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون: الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر واجبان إذا أمكن ولم تكن خيفة على النفس (1).
28 - أمالي الطوسي: المفيد، عن محمد بن أحمد الشافعي، عن الحسين بن إسماعيل، عن
عبد الله بن شبيب، عن أبي طاهر أحمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن الحسن، عن
أبيه، عن جده قال: كان يقال: لا يحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف
حتى تغيره (2).
29 - أمالي الطوسي: جماعة، عن أبي المفضل، عن داود بن الهيثم، عن جده إسحاق
عن أبيه بهلول، عن طلحة بن زيد، عن الوصين بن عطا، عن عمير بن هاني، عن
جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ستكون فتن لا
يستطيع المؤمن أن يغير فيها بيد ولا لسان، فقال علي بن أبي طالب: وفيهم يومئذ
مؤمنون؟ قال: نعم، قال فينقص ذلك من إيمانهم شئ؟ قال: لا إلا كما ينقص القطر
من الصفا، إنهم يكرهونه بقلوبهم (3).
30 - أمالي الطوسي: باسناد المجاشعي، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين
صلوات الله عليه قال: لا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله
أموركم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم دعاؤكم (4).
31 - معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار، عن هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى ليبغض المؤمن
الضعيف الذي لا زبر له، فقال: هو الذي لا ينهى عن المنكر.
ووجدت بخط البرقي رحمه الله أن الزبر هو العقل، فمعنى الخبر أن الله
عز وجل يبغض الذي لا عقل له، وقد قال قوم: إنه عز وجل يبغض المؤمن الضعيف
الذي لا زبر له وهو الذي لا يمتنع من إرسال الريح في كل موضع، فالأول أصح (5).

(1) نفس المصدر ج 2 ص 125.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 54 وليس فيه (يقال).
(3) نفس المصدر ج 2 ص 88.
(4) نفس المصدر ج 2 ص 136 ضمن حديث.
(5) معاني الأخبار ص 344.
77

32 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن عبد الله بن جبلة، عن
أبي عبد الله الخراساني، عن الحسين بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أيما ناش
نشأ في قوم ثم لم يؤدب على معصية فان الله عز وجل أول ما يعاقبهم فيه أن ينقص
من أرزاقهم (1).
33 - ثواب الأعمال: أبي عن سعد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عرفة قال: سمعت
الرضا عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا تركت أمتي الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر فليؤذن بوقاع من الله جل أسمعه (2).
34 - ثواب الأعمال: أبي عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان رفعه إلى أبي
عبد الله عليه السلام قال: ما أقر قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيرونه إلا أوشك أن يعمهم
الله عز وجل بعقاب من عنده (3).
35 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن محمد بن أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن
مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن المعصية إذا عمل بها العبد سرا لم تضر إلا عاملها، وإذا عمل بها علانية
ولم يغير عليه أضرت العامة.
قال جعفر بن محمد عليهما السلام: وذلك أنه يذل بعمله دين الله ويقتدي به أهل
عداوة الله (4).
36 - ثواب الأعمال: بهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: أيها الناس إن الله عز وجل
لا يعذب العامة بذنب الخاصة إذا عملت الخاصة بالمنكر سرا من غير أن تعلم
العامة، فإذا عملت الخاصة بالمنكر جهارا فلم يغير ذلك العامة استوجب الفريقان
العقوبة من الله عز وجل، وقال: لا يحضرن أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر
ظلما وعدوانا ولا مقتولا ولا مظلوما إذا لم ينصره، لان نصرة المؤمن على المؤمن
فريضة واجبة إذا هو حضره، والعافية أوسع ما لم تلزمك الحجة الحاضرة، قال:

(1) ثواب الأعمال ص 200 وفيه في آخره (من أرزاقهم ايمان).
(2) نفس المصدر ص 228.
(3) نفس المصدر ص 233.
(4) نفس المصدر ص 233.
78

ولما جعل التفضل في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه
فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وجليسه وشريبه حتى ضرب الله عز وجل
قلوب بعضهم ببعض ونزل فيه القرآن حيث يقول عز وجل " لعن الذين كفروا
من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا
لا يتناهون عن منكر فعلوه " إلى آخر الآيتين (1).
37 - تحف العقول: من كلام الحسين بن علي صلوات الله عليهما في الامر بالمعروف
والنهي عن المنكر، ويروى عن أمير المؤمنين عليه السلام: اعتبروا أيها الناس بما وعظ
الله به أولياءه من سوء ثنائه على الأحبار إذ يقول: " لولا ينهيهم الربانيون والأحبار
عن قولهم الاثم " وقال: " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل " إلى قوله: " لبئس
ما كانوا يفعلون " وإنما عاب الله ذلك عليهم لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين
بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة
مما يحذرون، والله يقول: " ولا تخشوا الناس واخشون " وقال: " المؤمنون
والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " فبدء الله
بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا أديت وأقيمت
استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها، وذلك أن الامر بالمعروف والنهى
عن المنكر دعاء إلى الاسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم، وقسمة الفيئ والغنائم
وأخذ الصدقات من مواضعها، ووضعها في حقها.
ثم أنتم أيها العصابة عصابة بالعلم مشهورة، وبالخير مذكورة، وبالنصيحة
معروفة، وبالله في أنفس الناس مهابة يهابكم الشريف، ويكرمكم الضعيف
ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يدلكم عنده، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من
طلابها، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الأكابر، أليس كل ذلك
إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله، وإن كنتم عن أكثر حقه
تقصرون، فاستخففتم بحق الأئمة، فأما حق الضعفاء فضيعتم، وأما حقكم بزعمكم

(1) ثواب الأعمال ص 233.
79

فطلبتم، فلا مال بذلتموه، ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها، ولا عشيرة عاديتموها
في ذات الله، أنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانه من عذابه.
لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته، لأنكم
بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها، ومن يعرف بالله لا تكرمون، وأنتم بالله
في عباده تكرمون، وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تقرعون، وأنتم لبعض ذمم آبائكم
تقرعون وذمة رسول الله محقورة، والعمي والبكم والزمن في المداين مهملة
لا ترحمون، ولا في منزلتكم تعملون، ولا من عمل فيها تعتبون، وبالادهان و
المصانعة عند الظلمة تأمنون، كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم
عنه غافلون، وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسمعون.
ذلك بأن مجاري الأمور والاحكام على أيدي العلماء بالله، الامناء على
حلاله وحرامه، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة، وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن
الحق واختلافكم في السنة بعد البيتة الواضحة، ولو صبرتم على الأذى وتحملتم
المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع، ولكنكم
مكنتم الظلمة من منزلتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات، و
يسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة
التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين
مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي
بأهوائهم، اقتداء بالأشرار، وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب
يصقع، فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون
يد لامس، فمن بين جبار عنيد، وذي سطوة على الضعفة شديد، مطاع لا يعرف
المبدئ والمعيد، فيا عجبا ومالي [لا] أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدق
ظلوم، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا، والقاضي
بحكمه فيما شجر بيننا.
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان، ولا التماسا من
80

فضول الحطام، ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، ويأمن
المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسنتك وأحكامك، فإنكم إلا تنصرونا
وتنصفونا قوي الظلمة عليكم، وعملوا في إطفاء نور نبيكم، وحسبنا الله وعليه
توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير (1).
38 - تحف العقول: عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: من شهد أمرا فكرهه كان كمن
غاب عنه، ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده (2).
39 - قصص الأنبياء: بالاسناد إلى الصدوق باسناده عن جابر عن الباقر صلوات الله عليه
قال: قال علي عليه الصلاة والسلام: أوحى الله تعالى جلت قدرته إلى شعيا [شعيب] عليه السلام
إني مهلك من قومك مائة ألف: أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم
فقال عليه السلام: هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار. فقال: داهنوا أهل المعاصي فلم
يغضبوا لغضبي.
40 - المحاسن: أبي، عن محمد بن سنان وابن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن أبي
عبد الله عليه السلام أن رجلا من خثعم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: أخبرني
ما أفضل الأعمال؟ فقال: الايمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: صلة الرحم، قال:
ثم ماذا؟ فقال: الامر بالمعروف والنهى عن المنكر (3).
41 - فقه الرضا (ع): أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إنما هلك من كان قبلكم
بما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك، إن الله جل وعلا
بعث ملكين إلى مدينة ليقلباها على أهلها فلما انتهيا إليها وجدا رجلا يدعو الله و
يتضرع إليه، فقال أحدهما لصاحبه: أما ترى هذا الرجل الداعي؟ فقال له: رأيته
ولكن أمضي لما أمرني به ربي، فقال الآخر: ولكني لا أحدث شيئا حتى أرجع
فعاد إلى ربه فقال: يا رب إني انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعو و

(1) تحف العقول ص 240.
(2) نفس المصدر ص 479.
(3) المحاسن ص 291.
81

يتضرع إليك فقال عز وجل: امض لما أمرتك فان ذلك رجل لم يتغير وجهه
غضبا لي قط (1).
42 - وأروي أن رجلا سأل العالم عليه السلام عن قول الله عز وجل " قوا أنفسكم
وأهليكم نارا " قال: يأمرهم بما أمرهم الله وينهاهم عما نهاهم الله فان أطاعوا
كان قد وقاهم، وإن عصوه كان قد قضى ما عليه (2).
43 وروي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يخطب فعارضه رجل فقال
يا أمير المؤمنين حدثنا عن ميت الاحياء فقطع الخطبة ثم قال: منكر للمنكر
بقلبه ولسانه ويديه، فخلال الخير حصلها كلها، ومنكر للمنكر بقلبه ولسانه
وتارك له بيده فخصلتان من خصال الخير. ومنكر للمنكر بقلبه وتارك بلسانه
ويده فخلة من خلال الخير حاز، وتارك للمنكر بقلبه ولسانه ويده فذلك ميت
الاحياء، ثم عاد عليه السلام إلى خطبته (3).
44 ونروي أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أخبرني ما أفضل الأعمال
؟ فقال: الايمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم صلة الرحم، قال: ثم
ماذا؟ قال: الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، فقال الرجل: فأي الأعمال
أبغض إلى الله؟ قال: الشرك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: قطيعة الرحم، قال ثم
ماذا؟ قال: الامر بالمنكر والنهي عن المعروف (4).
45 ونروي أن صبيين توثبا على ديك فنتفاه فلم يدعا عليه ريشة وشيخ قائم
يصلي لا يأمرهم ولا ينهاهم قال: فامر الله الأرض فابتلعته (5).
46 وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال: إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم وأما صاحب سيف وسوط فلا (6).
47 نروي: حسب المؤمن عيبا إذا رأى منكرا أن لا يعلم من قلبه أنه
له كاره (7).
48 وأروي عن العالم عليه السلام أن الله قال: ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين

(1) فقه الرضا ص 51.
(2) فقه الرضا ص 51.
(3) فقه الرضا ص 51.
(4) فقه الرضا ص 51.
(5) فقه الرضا ص 51.
(6) فقه الرضا ص 51.
(7) فقه الرضا ص 51.
82

وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وويل للذين إذا المؤمن فيهم
يسير بالعدل يعتدون وعليه يجترون ولا يهتدون لأتيحن لهم فتنة يترك الحكيم فيهم
حيرانا (1).
49 ونروي: من أعظم الناس حسرة يوم القيامة؟ قال: من وصف عدلا
فخالفه إلى غيره (2).
50 ونروي في قول الله تعالى " فكبكبوا فيها هم والغاون " قال: هم قوم
وصفوا بألسنتهم عدلا ثم خالفوه إلى غيره، فسئل عن معنى ذلك فقال: إذا وصف
الانسان عدلا خالفه إلى غيره فرأى يوم القيامة الثواب الذي هو واصفه لغيره عظمت
حسرته (3).
51 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: من لم ينسلخ عن هواجسه، ولم يتخلص
من آفات نفسه وشهواتها، ولم يهزم الشيطان، ولم يدخل في كنف الله وأمان عصمته
لا يصلح له الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنه إذا لم يكن بهذه الصفة
فكلما أظهر أمرا يكون حجة عليه ولا ينتفع الناس به قال الله عز وجل " أتأمرون
الناس بالبر وتنسون أنفسكم " ويقال له: يا خائن أتطالب خلقي بما خنت به نفسك
وأرخيت عنه عنانك (4).
52 روي أن ثعلبة الخشني سال رسول الله صلى الله عليه وآله عن هذه الآية " يا أيها
الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " فقال عليه السلام: وأمر
بالمعروف، وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك حتى إذا رأيت شحا مطاعا و
هوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع أمر العامة، وصاحب
الامر بالمعروف يحتاج إلى أن يكون عالما بالحلال والحرام، فارغا من خاصة نفسه
عما يأمرهم به، وينهاهم عنه، ناصحا للخلق، رحيما رفيقا بهم، داعيا لهم باللطف و

(1) فقه الرضا ص 51.
(2) فقه الرضا ص 51.
(3) فقه الرضا ص 51.
(4) مصباح الشريعة ص 42 طبع طهران سنة 1379 والآية في سورة البقرة: 44.
83

حسن البيان، عارفا بتفاوت أخلاقهم، لينزل كلا منزلته، بصيرا بمكر النفس، و
مكائد الشيطان، صابرا على ما يلحقه لا يكافيهم بها ولا يشكو منهم، ولا يستعمل الحمية
ولا يغتاظ لنفسه، مجردا نيته لله مستعينا به ومبتغيا لوجهه، فان خالفوه وجفوه
صبر، وإن وافقوه وقبلوا منه شكر، مفوضا أمره إلى الله ناظرا إلى عيبه (1).
53 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: أحسن المواعظ ما لا يجاوز القول حد
الصدق، والفعل حد الاخلاص، فان مثل الواعظ والموعوظ كاليقظان والراقد
فمن استيقظ عن رقدته وغفلته ومخالفته ومعاصيه، صلح أن يوقظ غيره من ذلك
الرقاد، وأما السائر في مفاوز الاعتداء والخائض في مراتع الغي وترك الحياء
باستحباب السمعة والرياء والشهرة والتصنع في الخلق المتزيي بزي الصالحين
المظهر بكلامه عمارة باطنه، وهو في الحقيقة خال عنها، قد غمرتها وحشة حب المحمدة
وغشيتها ظلمة الطمع، فما أفتنه بهواه وأضل الناس بمقاله قال الله عز وجل:
" لبئس المولى ولبئس العشير " وأما من عصمه الله بنور التأييد، وحسن التوفيق
وطهر قلبه من الدنس، فلا يفارق المعرفة والتقى، فيستمع الكلام من الأصل
ويترك قائله كيف ما كان، قالت الحكماء: خذ الحكمة ولو من أفواه المجانين
قال عيسى عليه السلام: جالسوا من تذكر كم الله رؤيته ولقاؤه، فضلا عن الكلام، و
لا تجالسوا من يوافقه ظاهركم، ويخالفه باطنكم، فان ذلك المدعي بما ليس له
إن كنتم صادقين في استفادتكم، فإذا لقيت من فيه ثلاث خصال فاغتنم رؤيته ولقاءه
ومجالسته ولو ساعة، فان ذلك يؤثر في دينك وقلبك وعبادتك بركاته، قوله لا يجاوز
فعله، وفعله لا يجاوز صدقه، وصدقه لا ينازع ربه، فجالسه بالحرمة، وانتظر
الرحمة والبركة، واحذر لزوم الحجة عليك، وراع وقته كيلا تلومه فتخسر، وانظر
إليه بعين فضل الله عليه، وتخصيصه له، وكرامته إياه (2).
54 - تفسير العياشي: عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت " أتأمرون

(1) نفس المصدر ص 42 والآية في سورة المائدة: 105.
(2) نفس المصدر ص 49 بأدنى تفاوت والآية في سورة الحج: 130.
84

الناس بالبر وتنسون أنفسكم " قال: فوضع يده على حلقه قال: كالذابح
نفسه (1).
55 وقال الحجال، عن أبي إسحاق عمن ذكره " وتنسون أنفسكم "
اي تتركون (2).
56 - تفسير العياشي: عن محمد بن الهيثم التميمي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " كانوا
لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " قال: أما إنهم لم يكونوا يدخلون
مداخلهم ولا يجلسون مجالسهم، ولكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم و
أنسوا بهم (3).
57 - تفسير الإمام العسكري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد أوحى الله فيما مضى قبلكم إلى
جبرئيل فأمره أن يخسف ببلد يشتمل على الكفار والفجار فقال جبرئيل يا رب
أخسف بهم إلا بفلان الزاهد؟ فيعرف ماذا يأمره الله به؟ فقال الله تعالى: بل اخسف
بهم وبفلان قبلهم فسأل ربه، فقال رب عرفني لم ذلك وهو زاهد عابد؟ قال:
مكنت له وأقدرته فهولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، وكان يتوفر على
حبهم وفي غضبي لهم، فقالوا: يا رسول الله فكيف بنا ونحن لا نقدر على إنكار ما
نشاهده من منكر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر
أو ليعمكم الله بعذاب ثم قال: من رأى منكرا فلينكره بيده إن استطاع، فإن لم
يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فحسبه ان يعلم الله من قلبه إنه لذلك
كاره (4).
58 - السرائر: من كتاب المشيخة لابن محبوب، عن ابن محمد عن الحارث بن المغيرة
قال: لقيني أبو عبد الله عليه السلام في بعض طرق المدينة ليلا فقال لي: يا حارث، فقلت:

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 43 والآية في سورة البقرة: 44 وفيه (ابن إسحاق)
بدل (أبي إسحاق).
(2) تفسير العياشي ج 1 ص 43 والآية في سورة البقرة: 44 وفيه (ابن إسحاق)
بدل (أبي إسحاق).
(3) نفس المصدر ج 1 ص 335 والآية في سورة المائدة: 79.
(4) لم نعثر عليه في المصدر المذكور رغم البحث عنه مكررا.
85

نعم فقال: أما ليحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم، ثم مضى، قال: ثم أتيته
فاستأذنت عليه فقلت: جعلت فداك لم قلت: ليحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم
فقد دخلني من ذلك أمر عظيم فقال لي: نعم ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم
ما تكرهونه مما يدخل به علينا الأذى والعيب عند الناس أن تأتوه فتؤنبوه وتعظوه
وتقولوا له قولا بليغا، فقلت له: إذا لا يقبل منا ولا يطيعنا، قال فقال: فإذا فاهجروه
عند ذلك واجتنبوا مجالسته (1).
59 - الحسين بن سعيد أو النوادر: علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن ابن فرقد، عن أبي شيبة
الزهري، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: لا دين لمن لا يدين الله بالامر بالمعروف و
النهي عن المنكر (2).
60 - الحسين بن سعيد أو النوادر: النضر عن درست، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن الله بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلما انتهيا إلى المدينة وجدا
رجلا يدعو الله ويتضرع إليه، فقال أحدهما للآخر: أما ترى هذا الداعي فقال:
قد رأيته ولكن أمضي لما أمرني به ربي فقال: ولكني لا أحدث شيئا حتى أرجع
إلى ربي، فعاد إلى الله تبارك وتعالى فقال: يا رب إني انتهيت إلى المدينة فوجدت
عبدك فلانا يدعوك ويتضرع إليك فقال: امض لما أمرتك فان ذلك رجل لم يتغير
وجهه غضبا لي قط (3).
61 - الحسين بن سعيد أو النوادر: النضر عن يحيى الحلبي، عن ابن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إن الله بعث إلى بني إسرائيل نبيا يقال له إرميا فقال: قل لهم: ما بلد بنفسه
من كرام البلدان؟ وغرس فيه من كرام الغروس؟ ونقيته من كل غريبة

(1) السرائر ص 488.
(2) كتاب الزهد للحسين بن سعيد باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وفيه
(ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف) (مخطوط).
(3) كتاب الزهد للحسين بن سعيد باب الرياء والنفاق والعجب والكبر
ص 45 (مخطوط).
86

فأخلف فأنبت خرنوبا؟ فضحكوا منه واستهزؤا به فشكاهم إلى الله، فأوحى الله إليه
أن قل لهم: إن البلد البيت المقدس والغرس بنوا إسرائيل نقيتهم من كل غريبة
ونحيت عنهم كل جبار فأخلفوا فعملوا بمعاصي فلأسلطن عليهم في بلدهم من يسفك
دماءهم ويأخذ أموالهم، وإن بكوا لم أرحم بكاءهم، وإن دعوا لم استجب دعاءهم
فشلوا وفشلت أعمالهم لأخربنها مائة عام ثم لأعمرنها، قال فلما حدثهم جزعت
العلماء فقالوا: يا رسول الله ما ذنبنا نحن ولم نكن نعمل بعملهم، فعاود لنا ربك
فصام سبعا فلم يوح إليه فأكل أكلة ثم صام سبعا فلما كان اليوم الواحد والعشرون
أوحى الله إليه لترجعن عما تصنع أن تراجعني في أمر قد قضيته أو لأردن وجهك
على دبرك، ثم أوحى إليه أن قل لهم: إنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه، وسلط عليهم
بخت نصر ففعل بهم ما قد بلغك (1).
أقول: قد مر في كتاب النبوة بأسانيد.
62 - الحسين بن سعيد أو النوادر: علي بن النعمان عن داود بن أبي يزيد، عن أبي شيبة الزهري
عن أحدهما عليهم السلام قال: ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهي
عن المنكر (2).
63 - الحسين بن سعيد أو النوادر: عثمان بن عيسى، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
ويل لمن بأمر بالمنكر وينهى عن المعروف (3).
64 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث
خصال: رفيق بما يأمر به، رفيق فيما ينهى عنه، عدل فيما يأمر به، عدل فيما ينهى
عنه، عالم بما يأمر به، عالم بما ينهى عنه (4).
65 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من يشفع شفاعة حسنة أو

(1) كتاب الزهد للحسين بن سعيد باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ص 81
(مخطوط).
(2) نفس المصدر في نفس الباب ص 83.
(3) نفس المصدر في نفس الباب ص 83.
(4) نوادر الراوندي ص 21.
87

أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دل على خير أو أشار به فهو شريك ومن أمر بسوء
أو دل عليه أو أشار به فهو شريك (1).
66 مجالس الشيخ: عن الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان
عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن
أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أنكم إذا بلغكم عن الرجل
شئ مشيتم إليه فقلتم: يا هذا إما أن تعتزلنا وتجتنبنا أو تكف عنا، فان فعل و
إلا فاجتنبوه (2).
67 ومنه بهذا الاسناد، عن ابن وهبان، عن علي بن حبشي، عن العباس
ابن محمد بن الحسين، عن أبيه عن صفوان بن يحيى وجعفر بن عيسى، عن الحسين
ابن أبي غندر، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رجل شيخ ناسك يعبد الله
في بني إسرائيل فبينا هو يصلي وهو في عبادته إذ بصر بغلامين صبيين إذا أخذا ديكا
وهما ينتفان ريشه فأقبل على ما هو فيه من العبادة ولم ينههما عن ذلك، فأوحى الله
إلى الأرض أن سيخي بعبدي فساخت به الأرض، وهو يهوي في الدردور (3) أبد
الآبدين ودهر الداهرين (4).
68 ومنه بهذا الاسناد، عن الحسين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول: إن الله أهبط ملكين إلى قرية ليهلكهم فإذا هما برجل تحت الليل قائم يتضرع
إلى الله ويتعبد، قال: فقال أحد الملكين للآخر: اني أعاود ربي في هذا الرجل
وقال الآخر: بل تمضي لما أمرت ولا تعاود ربي فيما قد أمر به، قال: فعاود الآخر
ربه في ذلك فأوحى الله إلى الذي لم يعاود ربه فيما أمره أن أهلكه معهم فقد حل
به معهم سخطي إن هذا لم يتمعر وجهه قط غضبا لي، والملك الذي عاود ربه

(1) نوادر الراوندي ص 21.
(2) أمالي الشيخ الطوسي ج 2 ص 275.
(3) الدردور: موضع في البحر يجيش ماؤه فيخاف فيه الغرق.
(4) أمالي الشيخ الطوسي ج 2 ص 282.
88

فيما أمر سخط الله عليه فأهبط في جزيرة فهو حتى الساعة فيها ساخط عليه ربه (1)،
69 - نهج البلاغة: روى ابن جرير الطبري في تاريخه، عن عبد الرحمن
ابن أبي ليلى الفقيه وكان ممن خرج لقتال الحجاج مع ابن الأشعث إنه قال:
فيما كان يحضض به الناس على الجهاد إني سمعت عليا رفع الله درجته في الصالحين
وأثابه ثواب الشهداء والصديقين يقول يوم لقينا أهل الشام: أيها المؤمنون إنه
من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن
أنكره بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله
هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى فذلك الذي أصاب سبيل الهدى وقام على
الطريق ونور في قلبه اليقين (2).
70 وفي كلام له عليه السلام آخر يجري هذا المجرى: فمنهم المنكر للمنكر
بيده ولسانه وقلبه فذلك المستكمل لخصال الخير، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه
والتارك بيده فذلك متمسك بخصلتين من خصال الخير ومضيع خصلة، ومنهم المنكر
بقلبه والتارك بيده ولسانه فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسك
بواحدة، ومنهم تارك لانكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميت الاحياء، وما
أعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا
كنفثة في بحر لجي، وإن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل
ولا ينقصان من رزق، وأفضل ذلك كلمة عدل عند إمام جائر (3).
71 وعن أبي جحيفة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن أول ما
تقلبون عليه من الجهاد، الجهاد بأيديكم ثم بألسنتكم ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف
بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا قلب فجعل أعلاه أسفله (4).
72 وقال عليه السلام: إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لخلقان من خلق
الله وإنهما لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق (5).

(1) أمالي الشيخ الطوسي ج ص 282 وفيه (يصعر) بدل (يتمعر).
(2) نهج البلاغة ج 3 ص 243.
(3) نهج البلاغة ج 3 ص 243.
(4) نهج البلاغة ج 3 ص 244.
(5) نهج البلاغة ج 3 ص 63 وفيه (الحلماء) بدل (الحكماء).
89

73 نهج البلاغة: فان الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم
إلا لتركهم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي
والحكماء لترك التناهي (1).
74 - نهج البلاغة: في وصيته عليه السلام للحسن: وأمر بالمعروف تكن من أهله، و
أنكر المنكر بيدك ولسانك، وباين من فعله بجهدك، وجاهد في الله حق جهاده
ولا تأخذك في الله لومة لائم (2).
75 - وقال في وصيته للحسنين عليهما السلام عند وفاته: وقولا بالحق، واعملا للاجر
وكونا للظالم خصما، وللمظلوم عونا (3).
ثم قال عليه السلام: الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله، لا
تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي عليكم أشراركم ثم تدعون
فلا يستجاب لكم (4).
76 - كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي: عن محمد بن هشام المرادي
عن عمر بن هشام، عن ثابت أبي حمزة، عن موسى، عن شهر بن حوشب أن عليا عليه السلام
قال لهم إنه لم يهلك من كان قبلكم من الأمم إلا بحيث ما أتوا من المعاصي و
لم ينههم الربانيون والأحبار، فلما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار
عمهم الله بعقوبة، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم مثل الذي
نزل بهم، واعلموا أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل
ولا ينقصان من رزق، فان الامر ينزل من السماء إلى الأرض، كقطر المطر إلى
كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان في نفس أو أهل أو مال، فإذا كان
لاحدكم نقصان في ذلك يواري لأخيه عفوه، فلا يكن له فتنة، فان المرء المسلم
ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت، ويغري بها لئام الناس، كان كالياسر الفالج

(1) نفس المصدر ج 2 ص 180.
(2) نفس المصدر ج 3 ص 44.
(3) نفس المصدر ج 3 ص 85.
(4) نفس المصدر ج 2 ص 86 وفيه (شراركم).
90

ينتظر أول فوزة من قداحه يوجب له بها المغنم ويذهب عنه بها المغرم فذلك المرء
المسلم البرئ من الخيانة ينتظر إحدى الحسنيين إما داعي الله، فما عند الله خير له
وإما رزقا من الله واسع، فإذا هو ذو أهل ومال ومعه حبسه، المال والبنون حرث
الدنيا، والعمل الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام.
77 مشكاة الأنوار: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أيها المؤمنون إن من رأى
عدوانا يعمل به ومنكرا يدعا إليه، وأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ، ومن أنكره
بلسانه فقد أجر وهو أفضل من صاحبه، ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي
العليا وكلمة الظالمين السفلى فذلك الذي أصاب الهدى وقام على الطريق ونور في
قلبه التبيين (1).
78 وعن الباقر عليه السلام قال: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من
خلق الله فمن نصرهما أعزه الله ومن خذلهما خذله الله (2).
79 وقال الصادق عليه السلام: إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت
فيه ثلاث خصال: عالم لما يأمر به وتارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر عادل فيما
ينهى، رفيق فيما يأمر رفيق فيما ينهى (3).
80 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيت رجلا من أمتي في المنام قد أخذته
الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فخلصاه من بينهم
وجعلاه من الملائكة (4).
81 وقال الصادق عليه السلام: ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهي
عن المنكر (5).
82 وقال النبي صلى الله عليه وآله: كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم، و
لم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر، قيل: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم
وشر من ذلك، فكيف بكم إذا أتيتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف، فقيل له: يا

(1) مشكاة الأنوار ص 46 طبع النجف الحيدرية وفيه (اليقين) بدل (التبيين).
(2) نفس المصدر ص 46 وأخرج الثاني الصدوق في الخصال ج 1 ص 68.
(3) نفس المصدر ص 46 وأخرج الثاني الصدوق في الخصال ج 1 ص 68.
(4) نفس المصدر ص 46 وأخرج الثاني الصدوق في الخصال ج 1 ص 68.
(5) نفس المصدر ص 46 وأخرج الثاني الصدوق في الخصال ج 1 ص 68.
91

رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف
منكرا والمنكر معروفا (1).
83 وقال الصادق عليه السلام: لما نزلت هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا
قوا أنفسكم وأهليكم نارا " جلس رجل من المسلمين يبكي وقال: أنا قد عجزت
عن نفسي كلفت أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك
وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك (2).
84 وقال الرضا عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا أمتي تواكلت الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر فلتأذن بوقاع من الله تعالى (3).
85 وقال الصادق عليه السلام: حسب المؤمن غيرا إن رأى منكرا أن يعلم الله
من نيته أنه له كاره (ط).
86 وعن غياث بن إبراهيم قال: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا مر بجماعة يختصمون
لا يجوزهم حتى يقول ثلاثا: اتقوا الله يرفع بها صوته (5).
87 وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من طلب مرضات
الناس بما يسخط الله كان حامده من الناس ذاما، ومن آثر طاعة الله عز وجل
بغضب الناس كفاه الله عز وجل عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغي كل
باغ، وكان الله عز وجل له ناصرا وظهيرا (6).
88 وعن مفضل بن زيد عن أبي عبد الله قال: قال: يا مفضل من
تعرض لسلطان جائر فاصابته بلية لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر عليها (7).
89 وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله فوض إلى المؤمن أمره كله ولم
يفوض إليه أن يكون ذليلا أما تسمع الله يقول عز وجل " ولله العزة ولرسوله
وللمؤمنين " فالمؤمن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا، فان المؤمن أعز من الجبل

(1) نفس المصدر ص 47 وفي الأول فيه (أمرتم) بدل (أتيتم).
(2) نفس المصدر ص 47 وفي الأول فيه (أمرتم) بدل (أتيتم).
(3) نفس المصدر ص 47 وفي الأول فيه (أمرتم) بدل (أتيتم).
(4) نفس المصدر ص 47 وفي الأول فيه (أمرتم) بدل (أتيتم).
(5) نفس المصدر ص 47 وفي الأول فيه (أمرتم) بدل (أتيتم).
(6) نفس المصدر ص 47 وفي الأول فيه (أمرتم) بدل (أتيتم).
(7) نفس المصدر ص 48.
92

يستقل منه بالمعاول، والمؤمن لا يستقل من دينه بشئ (1).
90 وعن محمد بن عرفة قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لتأمرن بالمعروف
ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب
لهم (2).
91 وعن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا ينبغي لمؤمن أن
يذل نفسه، قلت: بما يذل نفسه؟ قال: لا يدخل فيما يعتذر منه (3).
92 وعن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأمة جميعا؟ قال: لا، فقيل: ولم؟ قال:
إنما هو على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعفة
الذين لا يهتدون سبيلا، إلى اي من اي يقول: إلى الحق أم إلى الباطل؟
والدليل على ذلك من كتاب الله قول الله عز وجل " ولتكن منكم أمة يدعون إلى
الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " فهذا خاص غير عام كما قال الله
" ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " ولم يقل على أمة موسى ولا على
كل قوم وهم يومئذ أمم مختلفة والأمة واحد فصاعدا كما قال الله عز وجل
" إن إبراهيم كان أمة قانتا لله " يقول: مطيعا لله وليس على من يعلم ذلك في الهدنة
من حرج إذا كان لا قوة له ولا عدد ولا طاعة (4).
93 قال مسعدة: وسمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وسئل عن الحديث الذي
جاء عن النبي صلى الله عليه وآله إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر ما معناه؟ قال:
هذا أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا (5).
94 وعن جابر، عن أبي جعفر عليه الاسلام قال: أوحى الله تعالى إلى شعيب
النبي عليه السلام إني معذب من قومك مائة الف أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من
خيارهم فقال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عز وجل إليه
داهنوا أهل المعاصي فلم يغضبوا لغضبي (6).

(1) نفس المصدر ص 48.
(2) نفس المصدر ص 48.
(3) نفس المصدر ص 48.
(4) نفس المصدر ص 48.
(5) نفس المصدر ص 48.
(6) نفس المصدر ص 49.
93

95 وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف
ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات
وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء (1).
96 وقال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام هذا ختامه: من ترك إنكار المنكر
بقلبه ويده ولسانه فهو ميت الاحياء (2).
2.
* (باب) *
* " (لزوم انكار المنكر وعدم الرضا بالمعصية) " *
* " (وان من رضى بفعل فهو كمن أتاه) " *
الآيات: الشعراء: " قال إني لعملكم من القالين " (3).
1 - تفسير العياشي: عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في قول الله " قد
جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين " وقد علم
أن هؤلاء لم يقتلوا، ولكن فقد هواهم مع الذين قتلوا فسماهم الله قاتلين
لمتابعة هواهم ورضاهم لذلك الفعل (4).
2 - تفسير العياشي: عمر بن معمر قال أبو عبد الله عليه السلام: لعن الله القدرية لعن الله
الحرورية لعن الله المرجئة لعن الله المرجئة قال: قلت له: جعلت فداك كيف لعنت
هؤلاء مرة ولعنت هؤلاء مرتين فقال: إن هؤلاء زعموا أن الذين قتلونا مؤمنين
فثيابهم ملطخة بدمائنا إلى يوم القيمة أما تسمع لقول الله " الذين قالوا إن الله عهد
إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من
قبلي بالبينات إلى قوله: صادقين " قال: فكان بين الذين خوطبوا بهذا القول وبين

(1) نفس المصدر ص 49.
(2) نفس المصدر ص 49.
(3) سورة الشعراء: 168.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 208 والآية في سورة آل عمران: 183.
94

القاتلين خمس مائة عام فسماهم الله قاتلين برضاهم بما صنع أولئك (1).
3 - تفسير العياشي: محمد بن هاشم عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما نزلت
هذه الآية " قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن
كنتم صادقين " وقد علم أن قالوا والله ما قتلنا ولا شهدنا، قال: وإنما قيل لهم
ابرؤا من قتلتهم فأبوا (2).
4 - تفسير العياشي: محمد بن الأرقط عن أبي عبد الله عليه السلام قال لي: تنزل الكوفة؟
قلت: نعم، قال: فترون قتلة الحسين بين أظهركم؟ قال: قلت: جعلت فداك ما بقي
منهم أحد، قال: فإذا أنت لا ترى القاتل إلا من قتل أو من ولي القتل ألم تسمع
إلى قول الله " قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم
إن كنتم صادقين " فأي رسول الله قتل الذين كان محمد صلى الله عليه وآله بين أظهرهم ولم يكن
بينه وبين عيسى رسول، إنما رضوا قتل أولئك فسموا قاتلين (3).
5 - تفسير العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله في كتابه
يحكي قول اليهود " إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان " الآية
فقال: " لم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين " وإنما نزل هذا في قوم
يهود وكانوا على عهد محمد صلى الله عليه وآله لم يقتلوا الأنبياء بأيديهم ولا كانوا في زمانهم، وإنما
قتل أوائلهم الذين كانوا من قبلهم فنزلوا بهم أولئك القتلة فجعلهم الله منهم وأضاف
إليهم فعل أوائلهم بما تبعوهم وتولوهم (4).
6 نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس إنما يجمع
الناس الرضا والسخط، وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه
بالرضا قال سبحانه: " فعقروها فأصبحوا نادمين " فما كان إلا أن خارت أرضهم
بالخسفة خوار السكة المحماة في الأرض الخوارة، أيها الناس من سلك الطريق

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 208.
(2) نفس المصدر ج 1 ص 209.
(3) نفس المصدر ج 1 ص 209.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 51 والآية في سورة البقرة: 91.
95

الواضح ورد الماء، ومن خالف وقع في التيه (1).
7 نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الراضي بفعل قوم كالداخل
فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إيمان، إثم العمل به وإثم الرضا به (2).
8 وقال عليه السلام لما أظفره الله تعالى بأصحاب الجمل وقد قال له بعض
أصحابه: وددت إن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما نصرك الله به على أعدائك فقال
عليه السلام: أهوى أخيك معنا؟ قال: نعم، قال: فقد شهدنا ولقد شهدنا في عسكرنا هذا
قوم في أصلاب الرجال وأرحام النساء سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الايمان (3).
3.
* (باب) *
* " (النهى عن الجلوس مع أهل المعاصي) " *
* " (ومن يقول بغير الحق) " *
1 - تفسير العياشي: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قول الله تعالى
" وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله " إلى قوله " إنكم إذا مثلهم "
قال: إذا سمعت الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في أهله فقم من عنده ولا
تقاعده (4).
2 - تفسير العياشي: عن شعيب العقرقوفي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله
" وقد نزل عليكم في الكتاب " إلى قوله " إنكم إذا مثلهم " فقال: إنما عنى الله
بهذا إذا سمعت الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في الأئمة فقم من عنده ولا
تقاعده كائنا من كان (5).

(1) نهج البلاغة ج 2 ص 207.
(2) نفس المصدر ج 3 ص 191.
(3) نفس المصدر ج 1 ص 39.
(4) تفسير العياشي ج 1 ص 281 والآية في سورة النساء: 140.
(5) نفس المصدر ج 1 ص 282.
96

3 - تفسير العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك
وتعالى فرض الايمان على جوارح بني آدم وقسمه عليها، فليس من جوارحه جارحة
إلا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت أختها فمنها أذناه اللتان يسمع بهما ففرض
على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له فيما
نهى الله عنه، والاصغاء إلى ما سخط الله تعالى، فقال في ذلك: " وقد نزل عليكم
في الكتاب " إلى قوله " حتى يخوضوا في حديث غيره " ثم استثنى موضع النسيان
فقال: " وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " وقال:
" فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " إلى قوله " أولي الألباب "
وقال: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلواتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون "
وقال تعالى: " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه " وقال: " وإذا مروا باللغو مروا
كراما " فهذا ما فرض الله على السمع من الايمان ولا يصغى إلى ما لا يحل وهو عمله
وهو من الايمان (1).
4.
* باب *
* " (وجوب الهجرة وأحكامها) " *
الآيات: النساء: " إن الذين توفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم
كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا
فيها فأولئك مأواهم جهنم وسائت مصيرا * إلا المستضعفين من الرجال والنساء لا
يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا
غفورا * ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من
بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله
غفورا رحيما " (2).

(1) تفسير العياشي ج 1 ص 282.
(2) سورة النساء: 10097.
97

الأنفال: " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل
الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض، والذين آمنوا ولم يهاجروا
مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر
إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير * والذين كفروا بعضهم
أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير * والذين آمنوا وهاجروا
وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة
ورزق كريم * والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم " (1).
التوبة: " الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم
أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون " (2) وقال تعالى: " الاعراب أشد كفرا
ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم " (3).
النحل: " والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوءنهم في الدنيا حسنة
ولاجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون " (4).
وقال تعالى: " ثم إن ربك للذين هاجروا منه بعد ما فتنوا ثم جاهدوا
وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم " (5).
الحج: " والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا
حسنا وإن الله لهو خير الرازقين *) ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله
لعليم حليم " (6).
العنكبوت: " يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون " (7).
الزمر: " وأرض الله واسعة " (8).

(1) سورة الأنفال: 72 75.
(2) سورة التوبة: 20.
(3) سورة التوبة: 97.
(4) سورة النحل: 41.
(5) سورة النحل: 110.
(6) سورة الحج: 5958.
(7) سورة العنكبوت: 56.
(8) سورة الزمر: 10.
98

1 نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة: والهجرة قائمة على
حدها الأول، ما كان لله في أهل الأرض حاجة من مستسر الأئمة ومعلنها،
لا يقع اسم الهجرة على أحد إلا بمعرفة الحجة في الأرض، فمن عرفها وأقربها
فهو مهاجر (1).
2 وقال عليه السلام فيما كتبه إلى معاوية: وذكرت أن زائري في المهاجرين
والأنصار وقد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك (2).
كتاب الغارات: لإبراهيم الثقفي باسناده عن ابن نباته قال: قال علي عليه السلام
في بعض خطبه: يقول الرجل هاجرت ولم يهاجر، إنما المهاجرون الذين يهجرون
السيئات ولم يأتوا بها.
[ههنا تم المجلد الحادي والعشرون]

(1) نهج البلاغة ج 2 ص 152.
(2) نهج البلاغة ج 3 ص 135.
لقد تم والحمد لله وحده ما أردنا تعليقه على هذا الجزء من بحار الأنوار، و
نسأل المولى جل اسمه أن يوفقنا لاكمال باقي أجزائه انه ولى التوفيق.
99

كتاب المزار
100

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لزيارة أحبائه وأصفيائه، فجعلها ذريعة للوصول
إلى أعلى منازل الفوز والفلاح، والصلاة على من بالصلاة والسلام عليه فاز من
سعد بالارتقاء على أقصى مدارج الكرامة والنجاح، محمد وأهل بيته الأطهرين الذين
بتقبيل أعتابهم صعد المؤمنون أسنى معارج الشرف والصلاح، ولعنة الله على أعدائهم
ما أظلم ليل واستنار صباح.
أما بعد: فهذا هو المجلد الثاني والعشرون من كتاب بحار الأنوار الكاشف
للأستار، عن وجوه زيارات النبي والأئمة الأبرار، عليهم صلوات عالم الخفايا و
الاسرار، وفضلها وآدابها ومقدماتها وما يتعلق بها على وجه كامل يبتهج به
شيعتهم الأخيار، مما الفه خادم أخبار الأئمة الأبرار، وتراب أقدام المؤمنين
الأخيار، محمد باقر بن محمد تقي حشرهما الله مع مواليهما الأطهار.
1.
* (باب) *
* " (مقدمات السفر وآدابه) " *
أقول: قد قدمنا في كتاب الآداب جل الاخبار المتعلقة بهذا الباب وبعضها
في كتاب الحج، لكن نذكر هيهنا ما أورده السيد النقيب الفاضل علي بن طاووس
قدس الله روحه في مفتتح كتاب مصباح الزائر لأنه مضامين أكثر الأخبار الواردة
في ذلك، ونضيف إليه ما وجدته في المزار الكبير تأليف محمد بن المشهدي أو السيد فخار
101

أو بعض معاصريهما من الأفاضل الكبار (1) لئلا يخلو هذا المجلد عما يحتاج إليه
زائر الأئمة الأطهار.
قال السيد رحمه الله: (2) إذا أردت الخروج إلى السفر فينبغي أن تصوم
الأربعاء والخميس والجمعة وتختار من أيام الأسبوع يوم السبت.
1 فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من أراد سفرا فليسافر يوم السبت
فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم سبت لرده الله إلى مكانه (3).
أو يوم الثلثا فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود عليه السلام، أو يوم الخميس
فان النبي صلى الله عليه وآله كان يسافر يوم الخميس.
2 وقال: يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وملائكته (4).
واجتنب السفر في يو الاثنين والأربعاء وقبل الظهر من يوم الجمعة، و
يكره أن تسافر اليوم الثالث من الشهر والرابع والخامس منه، والسادس منه
والثالث عشر منه، والسادس عشر منه، والحادي والعشرين والرابع والعشرين
والخامس والعشرين، والسادس والعشرين.
3 وروي من طريق أخرى أن اليوم الرابع والسادس من الشهر واليوم

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
(1) المزار الكبير لمحمد بن المشهدي (مخطوط) وقد راجعنا في تصحيح المنقول
عنه في هذا الكتاب على نسختين (إحداهما) مخطوطة بتاريخ سنة 956 ه‍ في مكتبة الامام
أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف الأشرف.
(وثانيتهما) مخطوطة بتاريخ سنة 1355 ه‍ في مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف
الأشرف برقم 652 وقد اعتمدناها في المراجعة والتخريج.
(2) مصباح الزائر (مخطوط) اعتمدنا في تصحيح المنقول عنه في هذا الكتاب على
نسخة في مكتبة السيد الحكيم العامة في النجف الأشرف كتبت سنة 1112 ه‍ برقم 445.
(3) مصباح الزائر ص 12.
(4) نفس المصدر ص 12.
102

الحادي والعشرين منه صالحة للأسفار ولغيرها (1).
وفي هذه الرواية أن الثامن من الشهر والثالث والعشرين منه مكروهان
في السفر، ولا تسافر والقمر في برج العقرب.
4 فقد جاء عن الصادق عليه السلام أنه كره السفر في ذلك الوقت (2).
وإن دعت ضرورة إلى الخروج في هذه الأحوال والأوقات المكروهة فليعمل
المسافر ما سيأتي وصفه في هذا الفصل عند ذكر وداع منزله إنشاء الله تعالى، ويفتتح
سفره بالصدقة ودعائها على ما سيجئ ذكره أيضا ويخرج متى شاء.
5 فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: افتتح سفرك بالصدقة واخرج
إذا بدالك فإنك تشتري سلامة سفرك (3).
6 وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا أراد
الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عز وجل بما تيسر له (4).
وذكر صاحب كتاب عوارف المعارف حديثا أسنده أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا
سافر حمل معه خمسة أشياء: المرآة والمكحلة والمدري والسواك والمشط (5).
7 وفي رواية أخرى والمقراض (6).
وفي المزار الكبير: إذا عزمت على الخروج فاختر يوما له وليكن أحد
ثلاثة أيام: السبت والثلاثاء أو الخميس (7).
8 فقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من أراد سفرا فليسافر يوم السبت

(1) نفس المصدر ص 12.
(2) نفس المصدر ص 12.
(3) المصدر السابق ص 13 والمدرى والمدراة: شئ يعمل من حديد أو خشب
على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه يسرح به الشعر المتلبد، ويستعمله من لا مشط له
النهاية لابن الأثير ج 2 ص 22 (درى).
(4) تقدم آنفا تحت رقم 3.
(5) المصدر السابق ص 13.
(6) المصدر السابق ص 13.
(7) المزار الكبير ص 7 باب العزم على الخروج واختيار الأيام لذلك الخ نسخة
مكتبة الإمام عليه السلام وص 6 نسخة مكتبة السيد الحكيم.
103

فلو أن حجرا زال من مكانه يوم السبت لرده الله إلى مكانه (1) وأما يوم الثلثا.
9 فإنه روي عنه عليه السلام أنه قال: سافروا في يوم الثلثا واطلبوا الحوائج
فيه فإنه اليوم الذي ألان الله عز وجل فيه الحديد لداود عليه السلام (2).
10 وأما يوم الخميس فإنه روي عنه عليه السلام أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يغزو بأصحابه في يوم الخميس فيظفر، فمن أراد سفرا فليسافر يوم الخميس (3).
واتق الخروج في يوم الاثنين فإنه اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وانقطع
الوحي وابتز أهل بيته الامر، وقتل الحسين عليه السلام وهو يوم نحس، واتق الخروج
يوم الأربعاء فإنه اليوم الذي خلقت فيه أركان النار، وأهلك فيه الأمم الطاغية (4)
واتق الخروج يوم الجمعة قبل الصلاة فإنه.
11 روي عن الرضا عليه السلام أنه قال: ما يؤمن من سافر يوم الجمعة قبل
الصلاة أن لا يحفظه الله في سفره ولا يخلفه في أهله ولا يرزقه من فضله (5).
واتق الخروج يوم الثالث من الشهر فإنه يوم نحس وهو اليوم الذي سلب
فيه آدم وحوا لباسهما، واتق يوم الرابع منه فإنه يخاف على المسافر فيه نزول
البلاء، واتق يوم الحادي والعشرين منه فإنه يوم نحس أيضا وهو اليوم الذي ضرب
الله تعالى فيه أهل مصر مع فرعون بالآيات، فان اضطررت إلى الخروج في واحد
مما عددناه فاستخر الله تعالى كثيرا واسأله العافية والسلامة وتصدق بشي ء
واخرج على اسم الله تعالى (6).
ثم قال السيد رحمه الله: ذكر ما يعتمده الانسان من حين خروجه وما
يتبع ذلك: يستحب أن يغتسل قبل التوجه ويقول عند الغسل: " بسم الله وبالله
ولا حول ولا قوة إلا بالله وعلى ملة رسول الله، والصادقين عن الله صلوات الله عليهم

(1) المزار الكبير ص 7 نسخة مكتبة الإمام عليه السلام وص 6 نسخة مكتبة الحكيم
بتفاوت يسير.
(2) المصدر السابق ص 7 نسخة مكتبة الإمام عليه السلام وص 6 نسخة مكتبة الحكيم.
(3) المصدر السابق ص 7 نسخة مكتبة الإمام عليه السلام وص 6 نسخة مكتبة الحكيم.
(4) المصدر السابق ص 7 نسخة مكتبة الإمام عليه السلام وص 6 نسخة مكتبة الحكيم.
(5) المصدر السابق ص 8 نسخة مكتبة الإمام (ع) وص 6 نسخة مكتبة الحكيم.
(6) المصدر السابق ص 8 نسخة مكتبة الإمام (ع) وص 6 نسخة مكتبة الحكيم.
104

أجمعين، اللهم طهر به قلبي واشرح به صدري، ونور به قلبي، اللهم اجعله لي
نورا وطهورا وحرزا وشفاء من كل داء وآفة وعاهة وسوء، ومما أخاف وأحذر
وطهر قلبي وجوارحي وعظامي ودمي وشعري ومخي وعصبي وما أقلت الأرض
مني، اللهم اجعله لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي إليك يا رب العالمين انك
على كل شي ء قدير " ثم تجمع أهلك بين يديك وتصلي ركعتين وتسأل الله الخيرة
وتقرأ آية الكرسي وتحمد الله وتثني عليه وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: " اللهم
إني أستودعك اليوم نفسي وأهلي ومالي وولدي، ومن كان مني بسبيل، الشاهد
منهم والغائب، اللهم احفظنا بحفظ الايمان واحفظ علينا، اللهم اجعلنا في رحمتك
ولا تسلبنا فضلك إنا إليك راغبون، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة
المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد في الدنيا والآخرة، اللهم إني
أتوجه إليك هذا التوجه طلبا لمرضاتك وتقربا إليك، اللهم فبلغني ما أؤمله
وأرجوه فيك وفي أوليائك يا ارحم الراحمين " (1).
وإن شئت قلت: " اللهم إني خرجت في وجهي هذا بلا ثقة مني لغيرك، ولا
رجاء يأوي بي إلا إليك، ولا قوة أتكل عليها ولا حيلة أرجع إليها، إلا طلب
رضاك وابتغاء رحمتك وتعرضا لثوابك، وسكونا إلى حسن عائدتك، وأنت أعلم
بما سبق لي في علمك في وجهي مما أحب وأكره، اللهم اصرف عني مقادير كل
بلاء ومقضي كل لأواء، وابسط علي كنفا من رحمتك، ولطفا من عفوك، وحرزا
من حفظك، وسعة من رزقك، وتماما من نعمتك، وجماعا من معافاتك، ووفق
لي يا رب فيه جميع قضائك على موافقة هواي وحقيقة أملي، وادفع عني ما أحذر
وما لا أحذر على نفسي مما أنت أعلم به مني، واجعل ذلك خيرا لي لآخرتي
ودنياي مع ما أسئلك أن تخلفني في من خلفت ورائي من أهل ومال وإخوان و
جميع حزانتي بأفضل ما تخلف غائبا من المؤمنين في تحصين كل عورة، وحفظ
كل مضيعة، وتمام كل نعمة، ودفاع كل سيئة، وكفاية كل محذور، وصرف

(1) مصباح الزائر ص 1413.
105

كل مكروه، وكمال ما تجمع لي به الرضا والسرور في الدنيا والآخرة، ثم
ارزقني ذكرك وشكرك وطاعتك وعبادتك حتى ترضى وبعد الرضا، اللهم إني
أستودعك اليوم ديني ونفسي ومالي وأهلي وذريتي وجميع إخواني، اللهم احفظ
الشاهد منا والغائب، اللهم احفظنا واحفظ علينا، اللهم اجعلنا في جوارك ولا
تسلبنا نعمتك ولا تغير ما بنا من نعمة وعافية وفضل " (1).
12 وروي أنك إذا أردت التوجه في وقت يكره فيه السفر أو تخاف فيه
شيئا من الأمور فقدم أمام توجهك قراءة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي و
القدر وآل عمران من قوله تعالى " إن في خلق السماوات والأرض " إلى آخرها
ثم قل: " اللهم بك يصول الصائل، وبقدرتك يطول الطائل، ولا حول لكل ذي
حول إلا بك، ولا قوة يمتارها ذو قوة إلا منك، بصفوتك من خلقك وخيرتك من
بريتك محمد نبيك وعترته وسلالته عليه وعليهم اسلام صل على محمد وعليهم واكفني شر
هذا اليوم وضره وارزقني خيره ويمنه واقض لي في متصر فاتي بحسن العاقبة و
بلوغ المحبة والظفر بالأمنية وكفاية الطاغية الغوية وكل ذي قدرة لي على
أذية، حتى أكون في جنة وعصمة ونعمة [من كل بلاء ونقمة] (2) وأبدلني فيه
من المخاوف أمنا، ومن العوائق فيه برا حتى لا يصدني صاد عن المراد ولا يحل بي
طارق من أذى العباد إنك على كل شئ قدير وهو السميع البصير " (3).
ثم ودع أهلك وانهض وقف بالباب فسبح الله تعالى بتسبيح الزهراء عليهما السلام
واقرأ سورة الحمد أمامك وعن يمينك وعن شمالك وآية الكرسي كذلك وقل
" اللهم إليك وجهت وجهي وعليك خلفت أهلي ومالي وما خولتني وقد وثقت
بك فلا تخيبني يا من لا يخيب من أراده ولا يضيع من حفظه، اللهم صل على محمد
وآله واحفظني فيما غبت عنه ولا تكلني إلى نفسي يا ارحم الراحمين: اللهم بلغني

(1) نفس المصدر ص 14 - 15.
(2) ما بين القوسين لم نجده في المصدر.
(3) المصدر السابق ص 15.
106

ما توجهت له، وسبب إلى المزار (1) وسخر لي عبادك وبلادك، وارزقني زيارة نبيك
ووليك أمير المؤمنين والأئمة من ولده وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام و
املأني منك بالمعونة في جميع أحوالي ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري فأكل و
أعطب وزودني التقوى واغفر لي في الآخرة والأولى، اللهم اجعلني أوجه من
توجه إليك " (2).
وتقول أيضا: " بسم الله وبالله توكلت على الله واستعنت بالله وألجأت ظهري
إلى الله وفوضت أمري إلى الله رهبة من الله ورغبة إلى الله ولا ملجأ ولا منجا ولا
مفر من الله إلا إلى الله رب آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت
لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلا أنت، ولا يصرف السوء إلا أنت، عز جارك وجل
ثناؤك وتقدست أسماؤك وعظمت آلاؤك ولا إله غيرك (3).
13 فقد روي أن من خرج من منزله مصبحا ودعا بهذا الدعاء لم يطرقه
بلاء حتى يمسي أو يؤب، وكذلك إن خرج في المساء ودعا به لم يطرقه بلاء حتى
يصبح أو يؤب إلى منزله (4).
ثم اقرأ قل هو الله أحد عشر مرات، وإنا أنزلناه وآية الكرسي والمعوذتين
وأمرها على جميع جسدك، وتصدق بما يسهل عليك وقل:
اللهم إني اشتريت بهذه الصدقة سلامتي وسلامة سفري وما معي اللهم
احفظني واحفظ ما معي، وسلمني وسلم ما معي، وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك
الحسن الجميل.
ثم تقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم العظيم سبحان
الله رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب
العرش العظيم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على
محمد وآله الطيبين، اللهم كن لي جارا من كل جبار عنيد، ومن كل شيطان
مريد، بسم الله دخلت، وبسم الله خرجت، اللهم إني أقدم بين يدي نسياني و

(1) المراد خ ل.
(2) مصباح الزائر ص 15.
(3) مصباح الزائر ص 15.
(4) مصباح الزائر ص 15.
107

عجلتي بسم الله وما شاء الله في سفري هذا ذكرته أم نسيته، اللهم أنت المستعان على الأمور
كلها وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم هون علينا سفرنا واطولنا
الأرض وسيرنا فيها بطاعتك وطاعة رسولك، اللهم أصلح لنا ظهرنا، وبارك لنا
فيما رزقتنا وقنا عذاب النار، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب
وسوء المنظر في الأهل والمال والولد، اللهم أنت عضدي وناصري، اللهم اقطع
عني بعده ومشقته واصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم.
وتأخذ معك عصا من شجر اللوز المر (1).
14 فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من خرج إلى السفر ومعه عصا
لو زمر وتلا قوله تعالى: " ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء
السبيل " إلى قوله " والله على ما نقول وكيل " أمنه الله تعالى من كل سبع ضار
ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة يرجع إلى منزله وكان معه سبع وسبعون
من المعقبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها (2).
15 وروي عنه صلوات الله عليه أنه قال: مرض آدم عليه السلام مرضا شديدا
أصابته فيه وحشة فشكا ذلك إلى جبرئيل عليه السلام فقال له: اقطع منها واحدة وضمها
إلى صدرك ففعل ذلك فأذهب الله عنه الوحشة (3).
16 وقال عليه السلام: من أراد أن تطوى له الأرض فليتخذ النقد من العصى
والنقد عصا اللوز المر على ما ذكره ابن بابويه رحمة الله عليه (4).
17 وروي عن الأئمة عليهم السلام أيضا أنهم قالوا: إذا أراد أحدكم أن يسافر
فليصحب معه عصا من شجر اللوز المر وليكتب هذه الأحرف في رق ويحفر العصا
ويجعل الرق فيها وهي سلمحلس وه به يهوه‍ يا هابيه ه‍ باوبه ضاف ه‍ مصينابه ه‍ (5)

(1) نفس المصدر ص 16.
(2) نفس المصدر ص 16.
(3) نفس المصدر ص 16.
(4) مصباح الزائر ص 16 والفقيه ج 2 ص 176.
(5) المصدر السابق ص 17.
108

ولا تخرج وحدك في سفر فان فعلت فقل: " ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم آنس
وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي ".
ويستحب أن يخرج معتما محنكا.
18 فقد روي عن الكاظم عليه السلام أنه قال: أنا ضامن لمن يخرج يريد سفرا
معتما تحت حنكه أن لا يصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق (1).
وتأخذ معك شيئا من تربة الحسين عليه السلام وقل إذا أخذتها: " اللهم هذه طينة
قبر الحسين عليه السلام وليك وابن وليك اتخذتها حرزا لما أخاف وما لا أخاف ".
19 وروي في صفة هذا الدعاء من طريق أخرى أنك تقول: اللهم إني
أخذته من قبر وليك وابن وليك فاجعله لي أمنا وحرزا مما أخاف ومما
لا أخاف (2).
20 فقد روي أن من خاف سلطانا أو غيره وخرج من منزله واستعمل ذلك
كان حرزا له (3).
وإذا أردت السير نهارا فليكن طرفي النهار وانزل وسطه.
وإن كان ليلا فليكن سيرك في آخره فان الأرض تطوى من آخر الليل كما روي
فإذا أردت الركوب فقل: " بسم الله والله أكبر، فإذا استويت فقل: الحمد لله الذي هدانا
للاسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله سبحان الذي سخر لنا هذا وما
كنا له مقرنين وانا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين الهم أنت الحامل
على الظهر والمستعان على الامر اللهم بلغنا بلاغا يبلغ إلى خير بلاغا يبلغ إلى
رحمتك ورضوانك ومغفرتك اللهم لا ضير لنا إلا ضيرك، ولا خير لنا إلا خيرك، ولا
حافظ غيرك " وتسبح الله سبعا وتحمده سبعا وتهلله سبعا وتقرأ آية السخرة ثم
تقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه اللهم اغفر لي ذنوبي
إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
وإن كان ركوبك في سفينة فسيجئ ذلك في آخر هذا الفصل إنشاء الله تعالى.

(1) المصدر السابق ص 127.
(2) المصدر السابق ص 127.
(3) المصدر السابق ص 127.
109

ثم تسير وتقول في مسيرك: " اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأعظم عاقبتنا "
وتقول: " اللهم اجعل مسيري عبرا وصمتي تفكرا وكلامي ذكرا " وتقول أيضا
في طريقك: " خرجت بحول الله وقوته بغير حول مني ولا قوة لكن بحول الله و
قوته برئت إليك يا رب من الحول والقوة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا
وبركة أهله، اللهم إني أسئلك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا تسوقه إلي
وأنا خافض في عافية بقوتك وقدرتك اللهم إني سرت في سفري هذا بلا ثقة مني
لغيرك ولا رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك ووفقني لطاعتك وعبادتك
حتى ترضى وبعد الرضا " (1).
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا هبط سبح، وإذا صعد كبر (2) وتقول: إذا علوت
تلعة (3)، أو أكمة أو قنطرة: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر
والحمد لله رب العالمين، اللهم لك الشرف على كل شرف ".
فإذا بلغت جسرا فقل حين تضع قدمك عليه: " بسم الله اللهم ادحر عني
الشيطان ".
وإذا أشرفت على منزل أو قرية أو بلد فقل: " اللهم رب السماوات
السبع وما أظلت، ورب الأرضين السبع وما أقلت، ورب الشياطين وما أضلت
ورب الرياح وما ذرت، ورب البحار وما جرت، إني أسئلك خير هذه القرية وخير
ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم يسر لي ما كان فيها من يسر
وأعني على قضاء حاجتي يا قاضي الحاجات، ويا مجيب الدعوات، أدخلني مدخل
صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا ".
فإذا نزلت منزلا فقل: " اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " وصل

(1) نفس المصدر ص 17.
(2) المصدر السابق ص 18.
(3) التلعة: من الأضداد: هي مجرى الماء من أعلا الوادي، وما انهبط من الأرض،
ولما كانت القرينة في المقام موجودة على المعنى الأول تعين انه المراد.
110

ركعتين قبل أن تجلس فقل: " اللهم ارزقنا خير هذه البقعة وأعذنا من شرها، اللهم
أطعمنا من جناها وأعذنا من وباها، وحببنا إلى أهلها وحبب صالحي أهلها إلينا " وقل
أيضا " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن
عليا أمير المؤمنين والأئمة من ولده أئمة أتولاهم وابرأ من أعدائهم اللهم إني أسئلك
خير هذه البقعة وأعوذ بك من شرها اللهم واجعل أول دخولنا هذا صلاحا وأوسطه
فلاحا وآخره نجاحا "
وإذا نزلت منزلا تتخوف منه السبع فقل: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير، اللهم إني
أعوذ بك من شر كل سبع ".
فإذا خفت شيئا من هوام الأرض فقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: " يا
ذاري ما في الأرض كلها لعلمك بما يكون مما ذرأت، لك السلطان على كل
من دونك، اللهم إني أعوذ بك وبقدرتك على كل شئ من الضر في بدني من
سبع أو هامة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بقدرته ادرأها عني واحجزها
ولا تسلطها علي وعافني من شرها وبأسها، يا الله يا ذا العالم العظيم حطني بحفظك
وأجنني بسترك الواقي في مخاوفي يا رحيم ".
وإذا خفت شيئا من الأعداء واللصوص فقل في المكان الذي تخاف ذلك فيه
" يا آخذا بنواصي خلقه، والسابق بها إلى قدرته، والمنفذ فيها حكمه وخالقها و
جاعل قضائه لها غالبا، إني مكيد لضعفي، ولقوتك على من كادني تعرضت لك
فان حلت بيني وبينهم فذلك ما أرجو، وإن أسلمتني إليهم غيروا ما بي من نعمتك،
يا خير المنعمين لا تجعل أحدا مغيرا نعمك التي أنعمت بها علي سواك ولا تغيرها أنت
ربي قد ترى الذي نزل بي فحل بيني وبين شرهم بحق ما به تستجيب الدعاء يا
الله يا رب العالمين " وتقول أيضا: " بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وفي سبيل الله
اللهم إليك أسلمت نفسي، وإليك وجهت وجهي، وإليك فوضت أمري فاحفظني
بحفظ الايمان من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن
111

تحتي، وادفع عني بحولك وقوتك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " (1).
21 فقد روي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: ما أبالي إذا قلت هذه
الكلمات لو اجتمع على الجن والإنس (2) وإذا خفت جنا أو شيطانا فقل: يا الله
الاله الأكبر القاهر بقدرته جميع عباده، المطاع لعظمته عند كل خليقته والممضي
مشيته لسابق قدرته، أنت الذي تكلأ ما خلقت بالليل والنهار لا يمتنع من أردت
به سوءا بشئ دونك من ذلك السوء، ولا يحول أحد دونك بين أحد وبين ما
تريده من الخير، كل ما يرى وما لا يرى في قبضتك، وجعلت قبائل الجن و
الشياطين يرونا ولا نراهم، وأنا لكيدهم خائف فآمني من شرهم وبأسهم بحق سلطانك
العزيز يا عزيز.
وتقول في جميع أحوالك هذا الدعاء لحفظ نفسك وردك إلى وطنك سالما:
يا جامعا بين أهل الجنة على تألف من القلوب وشدة تواصل لهم في المحبة، ويا
جامعا بين أهل طاعته من خلقه، ويا مفرج حزن كل محزون، ويا مسهل كل
غربة ويا ارحم الراحمين ارحمني في غربتي بحسن الحفظ والكلاءة والمعونة، وفرج
ما بي من الضيق والحزن بالجمع بيني وبين أحبائي، ولا تفجعني بانقطاع رؤية
أهلي عني، ولا تفجع أهلي بانقطاع رؤيتي عنهم، بكل مسائلك أسئلك وأدعوك
فاستجب لي.
وإذا أردت الرحيل من منزل فصل ركعتين وادع الله بالحفظ وودع الموضع
وأهله فان لكل موضع أهلا من الملائكة وقل: السلام على ملائكة الله الحافظين
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته، وقل: اللهم قد ارتحلنا
من منزلنا هذا ونحن عنك راضون فارض عنا برحمتك.
وإذا ضللت عن الطريق فناد: يا صالح ويا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق
يرحمكم الله (3).
22 فقد روي عن الصادق عليه السلام أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به

(1) مصباح الزائر ص 19.
(2) مصباح الزائر ص 19.
(3) مصباح الزائر ص 19.
112

حمزه (1) وروي إذا ضللتم فتيامنوا (2) وإذا استصعبت عليك دابتك في الطريق
فاقرأ في أذنها اليمنى " وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها و
إليه ترجعون ".
فإذا ركبت في سفينة فكبر الله تعالى مائة تكبيرة، وصل على محمد وآل محمد
مائة مرة، والعن ظالمي آل محمد مائة مرة، وقل: بسم الله وبالله والصلاة على
رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى الصادقين، اللهم أحسن مسيرنا وعظم أجورنا، اللهم بك
انتشرنا وإليك توجهنا وبك آمنا، وبحبلك اعتصمنا وعليك توكلنا اللهم أنت
ثقتنا ورجاؤنا وناصرنا لا تحل بنا ما لا نحب، اللهم بك نحل وبك نسير، اللهم
خل سبيلنا وأعظم عافيتنا أنت الخليفة في الأهل والمال وأنت الحامل في الماء و
على الظهر " وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرسيها إن ربي لغفور رحيم وما
قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات
بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون " اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال وشدت
إليه الرحال وأنت سيدي أكرم مزور ومقصود وقد جعلت لكل زائر كرامة
ولكل وافد تحفة، فأسئلك أن تجعل تحفتك إياي فكاك رقبتي من النار، واشكر
سعيي وارحم مسيري من أهلي بغير من مني عليك، بل لك المنة علي أن جعلت
لي سبيلا إلى زيارة وليك وعرفتني فضله وحفظتني في ليلي ونهاري حتى بلغتني
هذا المكان، وقد رجوتك فلا تقطع رجائي، وقد أملتك فلا تخيب أملي واجعل
مسيري هذا كفارة لذنوبي يا أرحم الراحمين (3).
بيان: قال الجزري: (4) المدري والمدراة شئ يعمل من حديد أو خشب
على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه يسرح به الشعر المتلبد ويستعمله
من لا مشط له انتهى قوله عليه " وما أقلت الأرض " اي ما تحمله ويقع ثقلة عليها
من جوارحي والغرض التعميم.

(1) مصباح الزائر ص 19.
(2) مصباح الزائر ص 19.
(3) مصباح الزائر ص 2019.
(4) النهاية لابن الأثير ج 2 ص 22 (درى).
113

وقال الجزري (1) فيه: " اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر " أي شدته و
مشقته، وقال فيه " أعوذ بك من كآبة المنقلب " الكآبة تغير النفس بالانكسار
من شدة الهم والحزن (2) والمعنى أنه يرجع من سفره بأمر يحزنه إما اصابه
في سفره وإما قدم عليه مثل أن يعود غير مقضي الحاجة أو أصابت ماله آفة أو يقدم
على أهله فيجدهم مرضى أو قد فقد بعضهم انتهى.
قوله: " وسوء المنظر " المنظر مصدر ميمي أو اسم مكان وحاصله الاستعاذة
من أن ينظر في سفره أو بعد رجوعه في أهله وماله وولده إلى شئ يسوؤه " واللأواء "
الشدة وضيق المعيشة " وجماع الشئ " بالكسر مجمعه " وحزانة الرجل "
بالضم عياله الذين يتحزن لأمرهم وقال الجزري (3) فيه " ولم يجعلك الله بدار
هوان ولا مضيعة " المضيعة بكسر الضاد المفعلة من الضياع الاطراح والهوان كأنه
فيه ضايع فلما كانت فيه عين الكلمة ياء وهي مكسورة نقلت حركتها إلى العين فسكنت
الياء فصارت بوزن معيشة.
وقال: في حديث الدعاء " بك أصول " اي أسطو وأقهر، والصولة الحملة
الوثبة انتهى (4).
وأما قوله عليه السلام: " وبقدرتك يطول الطائل " فيحتمل أن يكون من الطول
بمعنى الفضل والانعام أو من المطاولة بمعنى المغالبة على العدو.
" والامتيار " جلب الطعام ويقال: أمتار السيف أي استله، وعلى التقديرين
الكلام مبني على التجوز قوله: " وأمرها " الضمير راجع إلى الآيات والسور
المتقدمة، والمراد بامرارها على الجسد إمرار اليد بعد تلاوتها عليه مجازا أو راجع
إلى اليد تعويلا على قرينة المقام.

(1) المصدر السابق ج 4 ص 35 (وعث) والموجود: اللهم انا نعوذ بك الخ.
(2) المصدر السابق ج 4 ص 2 (كأب).
(3) المصدر السابق ج 3 ص 32 (ضيع).
(4) المصدر السابق ج 3 ص 6 (صول).
114

قوله عليه السلام: " اللهم إني أقدم بين يدي نسياني وعجلتي " اي أقول بسم الله وما شاء الله
في أول سفري هذا ليكون تداركا لما يفوت مني بعد ذلك بسبب النسيان والعجلة
فان كل فعل من الافعال ينبغي أن يكون مقرونا بهذين القولين، فقوله ذكرته
أو نسيته نشر على خلاف ترتيب اللف، ويحتمل أن يكون المراد بالذكر أعم مما
يكون بسبب العجلة.
قوله: " واطولنا الأرض " لعله كناية عن سهولة السير فيها.
قوله عليه السلام: " من كل سبع ضار " هو بالتخفيف من الضراوة بمعنى الجرأة
والحرص على الصيد " والحمة " بضم الحاء وفتح الميم المخففة السم.
وقال الفيروزآبادي (1) " المعقبات " ملائكة الليل والنهار انتهى أقول:
المعقبات هنا إشارة إلى قوله تعالى " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه
من أمر الله ".
وقال الفيروزآبادي (2): النقد بالتحريك ضرب من الشجر.
قوله عليه السلام: " وأد غيبتي " الاسناد مجازي اي أدني إلى أهلي من غيبتي.
قوله: " وما كنا له مقرنين " اي مطيقين " والظهر " مستعار لما يركب و
" الضير " الضرر.
قوله عليه السلام " وما جرت " على بناء المجرد اي ما جرت فيها من السفن و
الحيوانات أو ما جرى منها كالأنهار فالتأنيث باعتبار معين الموصول أو على بناء
التفعيل اي ما أجرته البحار من الفن وغيرها " والجنا " اسم ما يجتني من الثمر.
23 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود القمي، عن محمد بن الحسين بن أحمد، عن
عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمد بن الضل البغدادي قال: كتبت إلى أبي الحسن
العسكري عليه السلام جعلت فداك يدخل شهر رمضان على الرجل فيقع بقلبه زيارة
الحسين عليه السلام وزيارة أبيك ببغداد فيقيم في منزله حتى يخرج عنه شهر رمضان ثم

(1) القاموس ج 1 ص 106 (عقب).
(2) نفس المصدر ج 1 ص 341 (نقد).
115

يزورهم؟ أو يخرج في شهر رمضان ويفطر؟ فكتب: لشهر رمضان من الفضل والاجر
ما ليس لغيره من الشهور، فإذا دخل فهو المأثور (1).
24 - التهذيب: محمد بن علي بن محبوب، عن هارون بن الحسن بن جبلة، عن
سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك يدخل علي شهر
رمضان فأصوم بعضه فيحضرني نية زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام فأزوره وأفطر ذاهبا
وجائيا؟ أو أقيم حتى أفطر وأزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال: أقم حتى
تفطر، قلت له: جعلت فداك فهو أفضل؟ قال: نعم أما تقرأ في كتاب الله " فمن
شهد منكم الشهر فليصمه " (2).
بيان: هذان الخبران يدلان على مرجوحية إفطار الصوم لزيارتهم عليهم السلام
وقد وردت الاخبار في الترغيب على الافطار لما هو أقل فضلا منها كتشييع المؤمن
واستقباله.
وقد ورد الحث على زيارة الحسين عليه السلام في ليالي القدر وغيرها من ليالي الشهر
ولا يتأتى لأكثر الناس بدون الافطار ولا يبعد حملهما على التقية والله يعلم.
2.
* " باب " *
* " (ثواب تعمير قبور النبي والأئمة صلوات الله عليهم) " *
* " (وتعاهدها وزيارتها وأن الملائكة يزورونهم عليهم السلام) " *
1 - عيون أخبار الرضا (ع)، علل الشرائع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن الوشا قال: سمعت
الرضا عليه السلام يقول: إن لكل امام عهدا في عنق أوليائه وشيعته وإن من تمام الوفاء
بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا
فيه كان أئمتهم شفاءهم يوم القيامة (3).

(1) التهذيب ج 5 ص 110.
(2) نفس المصدر ج 4 ص 316.
(3) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 260 وعلل الشرائع ص 459.
116

2 - كامل الزيارة: أبي وأخي وعلي بن الحسين وابن الوليد جميعا عن أحمد بن
إدريس، عن عبيد الله بن موسى، عن الوشا مثله (1).
3 - كامل الزيارة: الكليني عن أحمد بن إدريس مثله (2).
4 - الكافي: أبو علي الأشعري، عن عبد الله بن موسى، عن الوشاء مثله (3).
5 - عيون أخبار الرضا (ع)، علل الشرائع: أبي، عن محمد العطار، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن بزيع
عن صالح بن عقبة، عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما لمن زار واحدا
منكم؟ قال: كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله (4).
6 - كامل الزيارة: الكليني، عن محمد بن يحيى، عن ابن أبي الخطاب مثله (5).
7 - تفسير علي بن إبراهيم: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من شئ خلق
الله أكثر من الملائكة وإنه ليهبط في كل يوم أو في كل ليلة سبعون ألف ملك
فيأتون البيت الحرام فيطوفون به، ثم يأتون رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم يأتون أمير المؤمنين
عليه السلام فيسلمون عليه، ثم يأتون الحسين فيقيمون عنده، فإذا كان السحر وضع
لهم معراج إلى السماء ثم لا يعودون ابدا (6).
8 - ثواب الأعمال: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما خلق الله خلقا أكثر من
الملائكة وإنه لينزل من السماء كل مساء سبعون ألف ملك يطوفون بالبيت ليلتهم
حتى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله فسلموا عليه، ثم يأتون قبر
أمير المؤمنين عليه السلام فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر الحسن بن علي عليهما السلام فيسلمون
عليه، ثم يأتون قبر الحسين عليه السلام فيسلمون عليه ثم يعرجون إلى السماء قبل أن

(1) كامل الزيارات ص 121.
(2) نفس المصدر ص 122.
(3) الكافي ج 4 ص 567.
(4) عيون الأخبار ج 2 ص 262 وعلل الشرائع ص 560.
(5) كامل الزيارات ص 150 وأخرجه الكليني في الكافي ج 4 ص 579.
(6) تفسير علي بن إبراهيم ص 543 (سورة فاطر).
117

تطلع الشمس، ثم تنزل ملائكة النهار سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام
نهارهم حتى إذا دنت الشمس للغروب انصرفوا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله
فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر أمير المؤمنين عليه السلام فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر الحسن عليه السلام فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر الحسين عليه السلام فيسلمون عليه ثم يعرجون إلى السماء
قبل أن تغيب الشمس (1).
9 - كامل الزيارة: الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن ابن محبوب مثله (2).
10 - ثواب الأعمال: قال الصادق عليه السلام: من زار واحدا منا كان كمن زار الحسين
عليه السلام (3).
11 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن سعد، عن اليقطيني، عن صفوان، عن الحسين بن أبي
غندر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين
عليه السلام: زارنا رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أهدت لنا أم أيمن لبنا وزبدا وتمرا
قدمنا منه فأكل ثم قام إلى زاوية البيت فصلى ركعات، فلما كان في آخر سجوده
بكى بكاء شديدا فلم يسئله أحد منا إجلالا وإعظاما له، فقام الحسين فقعد في حجره
وقال له: يا أبه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاء
غمنا فما أبكاك؟ فقال: يا بني أتاني جبرئيل عليه السلام آنفا فأخبرني أنكم قتلى وأن
مصارعكم شتى، فقال: يا ابه فما لمن يزور قبورنا على تشتتها؟ فقال: يا بني أولئك
طوائف من أمتي يزورونكم فيلتمسون بذلك البركة، وحقيق علي أن آتيهم يوم
القيامة حتى أخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم ويسكنهم الله الجنة (4).
12 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن محمد بن أبي القاسم، عن الكوفي، عن عبيد بن
يحيى، عن محمد بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب

(1) ثواب الأعمال ص 87 طبع بغداد بتفاوت يسير وكان الرمز في المتن (ير)
لبصائر الدرجات وهو من سهو النساخ فيما أظن.
(2) كامل الزيارات ص 114.
(3) ثواب الأعمال ص 89.
(4) كامل الزيارات ص 57.
118

عليه السلام مثله (1).
13 - أمالي الطوسي: الحسين بن إبراهيم، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبشي، عن
العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه عن صفوان بن يحيى، وجعفر بن عيسى
ابن يقطين، عن الحسين بن أبي غندر مثله (2).
14 - كامل الزيارة: الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي
ابن شجرة، عن عبد الله بن محمد الصنعاني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وآله إذا دخل الحسين عليه السلام اجتذبه إليه ثم يقول لأمير المؤمنين
أمسكه ثم يقع عليه فيقبله ويبكي فيقول: يا أبه لم تبكي؟ فيقول: يا بني أقبل
موضع السيوف منك وأبكي، قال: يا أبه وأقتل؟ قال: إي والله وأبوك وأخوك
وأنت قال: يا أبه فمصادرنا شتى قال: نعم يا بني قال: فمن يزورنا من أمتك؟ قال:
لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلا الصديقون من أمتي (3).
بيان: المصدر المرجع والمصادر كناية عن القبور لأنها منها الرجوع
إلى الآخرة، والأظهر أنه تصحيف فمصارعنا كما مر في الخبر السابق.
15 - كامل الزيارة: أبي عن الحسن بن متيل، عن سهل، عن محمد بن الحسين، عن
محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام
ما لمن زار الحسين عليه السلام قال: كمن زار الله في عرشه، قال: قلت: فما لمن زار
أحدا منكم؟ قال: كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله (4).
16 - كامل الزيارة: محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين مثله (5).
17 - الكافي: العدة، عن سهل مثله وفيه: ما لمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله (6).
18 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن الحسن بن علي الزيتوني، عن هارون بن
مسلم، عن عيسى بن راشد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك ما لمن

(1) كامل الزيارات ص 58.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 281.
(3) كامل الزيارات ص 70
(4) كامل الزيارات ص 150 وفي نسخة (ما لمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا (ع)
بدل (الحسين (ع).
(5) كامل الزيارات ص 150.
(6) الكافي ج 4 ص 551.
119

زار قبر الحسين عليه السلام وصلى عنده ركعتين؟ قال: كتبت له حجة وعمرة، قال:
قلت له: جعلت فداك وكذلك كل من أتى قبر إمام مفترض طاعته؟ قال: وكذلك
كل من أتى قبر إمام مفترض طاعته (1).
19 - كامل الزيارة: علي بن الحسين عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد، وحدثني
محمد بن الحسين ابن مت الجوهري، عن محمد بن أحمد، عن هارون بن مسلم، عن
أبي علي الحراني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لمن زار قبر الحسين عليه السلام
قال: من أتاه وزاره وصلى عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجة وعمرة
قال: قلت: جعلت فداك وكذلك لكل من أتى قبر إمام مفترض طاعته؟ قال: وكذلك
لكل إمام مفترض طاعته (2):
20 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود، عن ابن عقده، عن أحمد بن يوسف، عن
هارون بن مسلم، عن أبي عبد الله الحراني مثله (3).
21 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن هارون بن مسلم مثله (4).
22 - فرحة الغري: يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي البركات، عن إبراهيم الصنعاني
عن الحسين بن رطبه، عن أبي علي، عن الشيخ، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن
داود، عن محمد بن موسى الأحول، عن محمد بن أبي السري، عن عبد الله بن محمد البلوى
عن عمارة بن يزيد، عن أبي عامر التباني واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبد الله
جعفر بن محمد عليهما السلام وقلت له: يا ابن رسول الله ما لمن زار قبره يعني أمير المؤمنين
عليه السلام وعمر تربته؟ قال: يا أبا عامر حدثني أبي عن أبيه، عن جده الحسين
ابن علي عليهم السلام، عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: والله لتقتلن بأرض
العراق وتدفن بها، قلت: يا رسول الهل ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟

(1) كامل الزيارات ص 160.
(2) كامل الزيارات ص 251.
(3) التهذيب ج 6 ص 79.
(4) كامل الزيارات ص 251 وفيه عن أبي القاسم عن أبي على الخزاعي، وأبو القاسم
هو هارون بن مسلم، والخزاعي تصحيف الحراني.
120

فقال لي: يا أبا الحسن إن الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة
وعرصة من عرصاتها، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوة من عباده تحن
إليكم وتحتمل المذلة والأذى فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم
إلى الله ومودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي الواردون
حوضي وهم زواري غدا في الجنة.
يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء
بيت المقدس.
ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الاسلام وخرج من
ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، فأبشر وبشر أولياءك ومحبيك
من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، و
لكن حثالة من الناس يعيرون زوار قبوركم كما تغير الزانية بزنائها أولئك
شرار أمتي لا أنالهم الله شفاعتي ولا يردون حوضي (1).
23 - فرحة الغري: الوزير السعيد نصير الدين الطوسي، عن والده، عن القطب
الراوندي، عن ذي الفقار بن معبد، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن
داود عن إسحاق بن محمد، عن أحمد بن زكريا بن طهمان، عن الحسن بن عبد الله بن
المغيرة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (2)
24 وقال أيضا: أخبرنا محمد بن علي بن الفضل، عن إسحاق بن محمد، عن
أحمد بن زكريا بن طهمان مثله (3).
23 - التهذيب: محمد بن علي بن الفضل، عن الحسين بن محمد بن الفرزدق، عن علي
ابن موسى الأحول، عن محمد بن أبي السري، عن عبد الله بن محمد البلوي مثله (4).
26 - كامل الزيارة: أحمد بن جعفر البلدي، عن محمد بن يزيد البكري، عن منصور

(1) فرحة الغري ص 31 والحثالة: بضم الحاء، الردئ من كل شئ ومنه حثالة
الشعير والأرز والتمر وكل ذي قشر (النهاية ج 1 ص 233 (حثل).
(2) فرحة الغري ص 32.
(3) فرحة الغري ص 32.
(4) التهذيب ج 6 ص 22.
121

ابن نصر المدايني، عن عبد الرحمن بن مسلم قال: دخلت على الكاظم عليه السلام فقلت
له: أيما أفضل الزيارة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه أو لأبي عبد الله عليه السلام أو لفلان
أو فلان وسميت الأئمة واحدا واحدا؟ فقال لي: يا عبد الرحمن بن مسلم من زار
أولنا فقد زار آخرنا، ومن زار آخرنا فقد زار أولنا ومن تولى أولنا فقد تولى آخرنا
ومن تولى آخرنا فقد تولى أولنا، ومن قضى حاجة لاحد من أوليائنا فكأنما
قضاها لجميعنا، يا عبد الرحمن أحببنا وأحبب فينا وأحبب لنا وتولنا وتول من يتولانا
وأبغض من يبغضنا ألا وإن الراد علينا كالراد على رسول الله صلى الله عليه وآله جدنا ومن رد على
رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رد على الله، ألا يا عبد الرحمن من أبغضنا فقد أبغض محمدا ومن
أبغض محمدا فقد أبغض الله جل وعلا، ومن أبغض الله جل وعلا كان حقا على الله أن
يصليه النار وماله من نصير (1).
27 - بشارة المصطفى: ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن
أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن مسلم
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة وإنه لينزل كل
يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور فيطوفون به فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا
بالكعبة، فإذا طافوا أتوا قبر النبي صلى الله عليه وآله فسلموا عليه، ثم أتوا قبر أمير المؤمنين عليه السلام
فسلموا عليه، ثم أتوا قبر الحسين عليه السلام فسلموا عليه ثم عرجوا وينزل مثلهم أبدا
إلى يوم القيامة (2).
28 - بشارة المصطفى: أبو علي ابن شيخ الطائفة، عن محمد بن الحسين المعروف بابن
الصقال، عن محمد بن معقل العجلي، عن محمد بن أبي الصهبان، عن الحسن بن علي
ابن فضال، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام، عن جابر بن عبد الله
الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خبر طويل: إن الله قد وكل بفاطمة رعيلا من
الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن يسارها وهم معها

(1) كامل الزيارات ص 335.
(2) بشارة المصطفى ص 108 الطبعة الثانية سنة 1383 في النجف.
122

في حياتها وعند قبرها بعد موتها، يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها و
بنيها، فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زار فاطمة، ومن زار فاطمة فكأنما زارني، و
من زار علي بن أبي طالب فكأنما زار فاطمة، ومن زار الحسن والحسين فكأنما
زار عليا، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما (1).
29 - الكافي: محمد بن يحيى، عن علي بن الحسين النيشابوري، عن إبراهيم بن
أحمد، عن عبد الرحمن بن سعيد المكي، عن يحيى بن سليمان المازني، عن
أبي الحسن موسى عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة كان على عرض الرحمن أربعة
من الأولين وأربعة من الآخرين، فأما الأربعة الذين هم من الأولين فنوح وإبراهيم
وموسى وعيسى عليهم السلام وأما الأربعة من الآخرين محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام
ثم يمد الطعام، فيقعد معنا من زار قبور الأئمة، ألا إن أعلاهم درجة وأقربهم
حياة زوار قبر ولدي عليه السلام (2).
أقول: سيأتي الخبر بتمامه برواية الصدوق رحمه الله في باب ثواب زيارة
الرضا عليه السلام وفيه: ثم يمد المطمار.
30 - الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن سنان
عن محمد بن علي رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي من زارني في حياتي
أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد
موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي
في درجتي (3).
31 - كامل الزيارة: الكليني، عن عدة من أصحابنا منهم أحمد بن إدريس ومحمد بن
يحيى، عن العمركي، عن يحيى وكان خادما لأبي جعفر الثاني عليه السلام، عن بعض
أصحابنا رفعه إلى محمد بن علي بن الحسين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
زارني أو زار أحدا من ذريتي زرته يوم القيامة فأنقذته من أهوالها (4).

(1) نفس المصدر ص 139.
(2) الكافي ج 4 ص 585 ذيل حديث.
(3) نفس المصدر ج 4 ص 579.
(4) كامل الزيارات ص 11.
123

32 - البلد الأمين: روي أن من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته وصلى عنده أربع
ركعات كتبت له حجة وعمرة.
33 - مؤلف المزار الكبير، عن شيخيه: عبد الله بن جعفر الدوريستي ره
وشاذان بن جبرئيل باسنادهما إلى الصدوق محمد بن بابويه، عن أبيه، عن سعد
عن البرقي، عن الوشا قال: قلت للرضا عليه السلام: ما لمن زار قبر أحد من الأئمة؟
قال: له مثل من أتى قبر أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت له: وما لمن زار قبر أبي
عبد الله عليه السلام؟ قال: الجنة والله (1).
34 - وباسناده عن عبد الرحمان بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
من زارنا في مماتنا فكأنما زارنا في حياتنا، ومن جاهد عدونا فكأنما جاهد
معنا، ومن تولى محبنا فقد أحبنا، ومن سر مؤمنا فقد سرنا، ومن أعان فقيرنا
كان مكافاته على جدنا محمد صلى الله عليه وآله (2).
أقول: وجدت في بعض مؤلفات متأخري أصحابنا قال في كتاب تحرير العبادة
روي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من نوى من بيته زيارة قبر إمام مفترض طاعته
وأخرج لنفقته درهما واحدا كتب الله جل ذكره له سبعين ألف حسنة، ومحى عنه
سبعين ألف سيئة، وكتب اسمه في ديوان الصديقين والشهداء أسرف في تلك النفقة
أو لم يسرف.
3.
* (باب) *
* " (آداب الزيارة وأحكام الروضات وبعض النوادر) " *
الآيات: طه: فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى " (3).
الحجرات: " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي

(1) المرار الكبير ص 3 نسخة الحكيم.
(2) نفس المصدر ص 5.
(3) سورة طه الآية: 12.
124

ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون * إن
الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم
مغفرة وأجر عظيم " (1).
تفسير: أقول: الآية الأولى تؤمي إلى إكرام الروضات المقدسة وخلع
النعلين فيها بل عند القرب منها لا سيما في الطف والغري لما روي أن الشجرة كانت
في كربلا وأن الغري قطعة من الطور والثانية تدل على لزوم خفض الصوت عند
قبر النبي صلى الله عليه وآله وعدم جهر الصوت لا بالزيارة ولا بغيرها.
لما روي أن حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم، وكذا عند قبور ساير
الأئمة عليهم السلام لما ورد أن حرمتهم كحرمة النبي صلى الله عليه وآله.
1 - ويؤيد ما ذكرنا ما رواه الكليني ره باسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي
جعفر عليه السلام في خبر طويل يذكر فيه وفاة الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال:
فلما أن صلي عليه حمل فأدخل المسجد فلما أوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بلغ
عايشة الخبر وقيل لها إنهم قد اقبلوا بالحسن ليدفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فخرجت
مبادرة على بغل بسرج فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا فوقفت فقالت: نحو
ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه، فقال لها
الحسين بن علي صلوات الله عليهما: قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله
وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله صلى الله عليه وآله قربه، وإن الله سائلك عن ذلك، يا
عايشة، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلى الله عليه وآله ليحدث به عهدا واعلمي أن
أخي أعلم الناس بالله ورسوله وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله صلى الله عليه وآله
ستره لان الله تبارك وتعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي
إلا أن يؤذن لكم " وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الرجال بغير إذنه، وقد
قال الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " و
لعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند أذن رسول الله صلى الله عليه وآله المعاول وقال الله

(1) سورة الحجرات الآية: 2.
125

عز وجل: " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وآله أولئك الذين امتحن
الله قلوبهم للتقوى " ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه وآله
بقربهما منه الأذى وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وآله أن
الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء، وتالله يا عايشة لو كان هذا الذي
كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه عليه السلام جايزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن
وإن رغم معطسك (1).
أقول: هذا الخبر يدل على أنه ينبغي أن يراعى في روضاتهم ما كان ينبغي أن
يراعى في حياتهم من الآداب والتعظيم والاكرام.
2 - قرب الإسناد: ابن سعد، عن الأزدي قال: خرجنا من المدينة نريد منزل أبي
عبد الله عليه السلام فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق من أزقة المدينة وهو جنب ونحن لا
علم لنا حتى دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فسلمنا عليه، فرفع رأسه إلى أبي بصير
فقال له: يا أبا بصير أما تعلم أنه لا ينبغي أن يدخل بيوت الأنبياء، فرجع
أبو بصير ودخلنا (2).
3 - علل الشرائع: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن
الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تشرب وأنت قائم، ولا تطف بقبر، ولا تبل
في ماء نقيع، فإنه من فعل ذلك فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه، ومن فعل شيئا
من ذلك لم يكن يفارقه إلا ما شاء الله (3).
بيان: يحتمل أن يكون النهي عن الطواف بالعدد المخصوص الذي يطاف
بالبيت.
وسيأتي في بعض الزيارات: إلا أن نطوف حول مشاهدكم، وفي بعض الروايات
قبل جونب القبر.
4 - وروى الكليني عن محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن

(1) الكافي ج 6 ص 150.
(2) قرب الإسناد ص 21.
(3) علل الشرائع ص 283.
126

الحسين، عن محمد بن طيب، عن عبد الوهاب بن منصور، عن محمد بن أبي العلا قال:
سمعت يحيى بن أكثم قاضي سامراء بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته و
سألته عن علوم آل محمد قال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله
فرأيت محمد بن علي الرضا عليه السلام يطوف به، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي
الخبر (1).
والأحوط أن لا يطوف إلا للاتيان بالأدعية والأعمال المأثورة وإن أمكن
تخصيص النهي بقبر غير المعصوم إن كان معارض صريح، ويحتمل أن يكون المراد
بالطواف المنفي هنا التغوط.
قال في النهاية (2) الطوف الحدث من الطعام ومنه الحديث نهي عن متحدثين على
طوفهما اي عند الغايط ويؤيد هذا الوجه:
5 أنه روى الكليني بسند صحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: من تخلى عند قبر أو بال قائما أو بال في ماء قائم، أو مشى في حذاء واحد أو
شرب قائما أو خلى في بيت وحده أو بات على غمر فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه
إلا أن يشاء الله، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه
الحالات (3).
6 مع أنه روى أيضا بسند آخر فيه ضعف عن محمد بن مسلم راوي هذا
الحديث عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: لا تشرب وأنت قائم، ولا تبل في ماء نقيع،
ولا تطف بقبر، ولا تخل في بيت وحدك، ولا تمش بنعل واحدة فان الشيطان أسرع
ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض هذه الحالات وقال: إنه ما أصاب أحدا شئ
على هذه الحال فكاد أن يفارقه إلا أن يشاء الله عز وجل (4).
فان كون كل ما في هذا الخبر موجودا في الخبر السابق سوى قوله لا تطف

(1) الكافي ج 1 ص 353.
(2) النهاية ج 3 ص 52 (طوف).
(3) الكافي ج 6 ص 533 بزيادة في آخره.
(4) نفس المصدر ج 6 ص 534.
127

بقبر مع أن فيه مكانه: من تخلى على قبر، لا سيما مع اتحاد الراوي واشتراك المفسدة
المترتبة فيهما ما يورث ظنا قويا بكون الطوف هنا بمعنى التخلي، وكذا اشتراك
المفسدة وساير الخصال بين خبر الحلبي والخبر الأول يدل على أن الطوف فيه
أيضا بهذا المعنى، ولا أظنك ترتاب بعد التأمل الصادق في الاخبار الثلاثة في أن
الأظهر ما ذكرنا.
7 - علل الشرائع: ابن المتوكل عن علي عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الصلاة بين القبور قال: صل بين خلالها ولا تتخذ
شيئا منها قبلة فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك وقال: لا تتخذوا قبري قبلة ولا
مسجدا فان الله عز وجل لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1).
8 - الإحتجاج: كتب الحميري إلى الناحية المقدسة يسال عن الرجل يزور قبور
الأئمة عليهم السلام هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلى عند بعض
قبورهم عليهم السلام أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة أم يقوم عند رأسه أو رجليه؟
وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعل القبر خلفه أم لا؟ فأجاب عليه السلام أما السجود على
القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة، والذي عليه العمل أن يضع خده
الأيمن على القبر، وأما الصلاة فإنها خلفه ويجعل القبر أمامه، ولا يجوز أن
يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره لان الامام صلى الله عليه ولا يتقدم عليه
ولا يساوى (2).
بيان: يمكن حمل الخبر السابق على التقية أو على أنه لا يجوز أن يجعل
قبورهم بمنزلة الكعبة قبلة يتوجه إليها من كل جانب ومن الأصحاب من حمل
الخبر الأول على الصلاة جماعة، والخبر الثاني على الصلاة فرادى، وسيأتي الاخبار
المؤيدة للخبر الثاني في أبواب الزيارات.
9 - مصباح الكفعمي: يقول في أثناء غسل الزيارة ما ذكره ابن عياش في كتاب الأغسال

(1) علل الشرائع ص 358 وفيه (في خلالها).
(2) الاحتجاج ج 2 ص 312 طبع النجف.
128

" اللهم طهرني من كل ذنب ونجني من كل كرب وذلل لي كل صعب إنك
نعم المولى ونعم الرب رب كل يابس ورطب " وتقول أيضا ما روي في غسل الزيارة
" بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وشفاء من كل داء وآفة وعاهة
اللهم طهر به قلبي واشرح به صدري وسهل به أمري (1).
10 - كامل الزيارة: أبى، عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن بزيع، عن
بعض أصحابه يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: نكون بمكة أو بالمدينة أو الحير
أو المواضع التي يرجى فيها الفضل فربما يخرج الرجل يتوضأ فيجئ آخر فيصير
مكانه قال: من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته (2).
11 - كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى مثله (3).
12 - التهذيب: ابن عيسى مثله (4).
بيان: ظاهر الخبر بقاء حقه وإن لم يبق فيه رحله، وحمله بعض الأصحاب
على ما إذا بقي رحله فيه فالتقييد باليوم والليلة إما مبني على الغالب من عدم بقاء
الرجل في مثل ذلك المكان أزيد من هذا الزمان أو يقال بأن مع بقاء الرجل أيضا
لا يبقى حقه أكثر من ذلك.
قال الشهيد الثاني رحمة الله عليه: لا خلاف في زوال ولايته مع انتقاله عنه
بنية المفارقة أما مع خروجه عنه بنية العود إليه فإن كان رحله باقيا وهو شئ من
أمتعته وإن قل فهو أحق به للنص على ذلك هنا.
وقيده في الذكرى بأن لا يطول زمان المفارقة وإلا بطل حقه أيضا، وإن
لم يكن رحله باقيا فإن كان قيامه لغير ضرورة سقط حقه مطلقا في المشهور، وإن
كان قيامه لضرورة كتجديد طهارة وإزالة نجاسة وقضاء حاجة ففي بطلان حقه
وجهان انتهى.
13 - كامل الزيارة: أبي والكليني، عن محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد، عن

(1) مصباح الكفعمي ص 472.
(2) كامل الزيارات ص 330.
(3) كامل الزيارات ص 331.
(4) التهذيب ج 6 ص 110.
129

علي بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من نبي
ولا وصي نبي يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع روحه وعظمه ولحمه
إلى السماء فإنما تؤتى مواضع آثارهم لأنهم يبلغون من بعيد السلام ويسمعونهم
في مواضع آثارهم من قريب (1).
14 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود القمي، عن أبيه، عن الصفار، عن أحمد
ابن محمد مثله (2).
15 - مصباح الزائر: عن الصادق عليه السلام قال: من زار إماما مفترض الطاعة بعد وفاته
وصلى عنده أربع ركعات كتبت له حجة وعمرة.
16 - رجال الكشي: حمدويه عن اليقطيني، عن يونس، عن أبي الحسن المكفوف
عن رجل، عن بكير قال: لقيت أبا بصير المرادي فقلت: أين تريد؟ قال: أريد
مولاك قلت: أنا أتبعك فمضى معي فدخلنا عليه وأحد النظر فقال: هكذا تدخل
بيوت الأنبياء وأنت جنب قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك فقال: أستغفر الله
ولا أعود، روى ذلك أبو عبد الله البرقي عن بكير (3).
بيان: يفهم من هذا الخبر المنع من دخول الجنب في مشاهدهم لما دلت عليه الأخبار
من أن حرمتهم بعد موتهم كحرمتهم في حياتهم، ويؤيده العمومات الدالة
على تكريمهم وتعظيمهم بل الأحوط عدم دخول الحائض والنفساء أيضا فيها.
17 - التهذيب: المفيد، عن محمد بن أحمد بن طاهر الموسوي، عن ابن عقدة
عن علي بن فضال، عن أخيه أحمد، عن العلا بن يحيى أخي مغلس، عن عمرو بن
زياد، عن عطية الابزاري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تمكث جثة نبي ولا
وصي نبي في الأرض أكثر من أربعين يوما (4).
بيان: يمكن الجمع بين هذا الخبر وما سبق بأن يكون رفع الأكثر بعد

(1) كامل الزيارات ص 329.
(2) التهذيب ج 6 ص 107.
(3) رجال الكشي ص 152 طبع النجف.
(4) التهذيب ج 6 ص 106.
130

الثلاثة ويمكث بعضهم إلى أربعين ثم يرفع، أو بأنه يرفع كل منهم بعد الثلاثة ثم
يرجع إلى قبره ثم يرفع بعد الأربعين.
ثم أن في هذين الخبرين إشكالا من جهة منافاتهما لكثير من الأخبار الدالة
على بقاء أبدانهم في الأرض كأخبار نقل عظام آدم عليه السلام ونقل عظام يوسف عليه السلام
وبعض الآثار الواردة بأنهم نبشوا قبر الحسين عليه السلام فوجدوه في قبره، وأنهم حفروا
في الرصافة بئرا فوجدوا فيها شعيب بن صالح وأمثال تلك الأخبار كثيرة.
فمنهم من حمل أخبار الرفع على أنهم يرفعون بعد الثلاثة ثم يرجعون إلى
قبورهم كما ورد في بعض الأخبار أن كل وصي يموت يلحق بنبيه ثم يرجع
إلى مكانه.
ومنهم من حملها على أنها صدرت لنوع من المصلحة تورية لقطع أطماع الخوارج
والنواصب الذين كانوا يريدون نبش قبورهم وإخراجهم منها وقد عزموا على ذلك
مرارا فلم يتيسر لهم.
ويمكن محمل أخبار نقل العظام على أن المراد نقل الصندوق المتشرف
بعظامهم وجسدهم في ثلاثة أيام أو أربعين يوما أو أن الله تعالى ردهم إليها لتلك
المصلحة وعلى هذا الأخير يحمل الاخبار الاخر والله يعلم.
وقال الشيخ أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوايد: إنا لا نشك في موت الأنبياء
عليهم السلام، غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سمائه و
أنهم يكونون فيها أحياء منعمين إلى يوم القيامة وليس ذلك بمستحيل في قدرة الله
تعالى، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أنا أكرم على الله من أن يدعني في الأرض
أكثر من ثلاث، وهكذا عندنا حكم الأئمة عليهم السلام قال النبي صلى الله عليه وآله: لو مات نبي
بالمشرق ومات وصيه بالمغرب لجمع الله بينهما، وليست زيارتنا لمشاهدهم على
أنهم بها ولكن لشرف الموضع فكانت غيبة الأجسام فيها ولعبادة أيضا ندبنا إليها إلى
آخر ما قال رحمه الله والله يعلم (1).

(1) كنز الفوائد ص 258.
131

18 - الكافي: عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن عثمان بن عيسى، عن
عدة من أصحابنا قال: لما قبض أبو جعفر عليه السلام أمر أبو عبد الله عليه السلام بالسراج في
البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد الله، ثم أمر أبو الحسن عليه السلام بمثل ذلك
في بيت أبي عبد الله عليه السلام حتى خرج به إلى العراق، ثم لا أدري ما كان (1).
19 - التهذيب: محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري قال: من خرج من
مكة أو المدينة أو مسجد الكوفة أو حاير الحسين صلوات الله عليه قبل أن ينتظر الجمعة
نادته الملائكة: أين تذهب لا ردك الله (2).
20 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود القمي، عن الحسين بن أحمد بن إدريس
عن أبيه، عن الحسن بن علي الدقاق، عن إبراهيم بن الزيات، عن محمد بن سليمان
زرقان، عن علي بن محمد العسكري عليهما السلام قال: قال لي: يا زرقان إن تربتنا
كانت واحدة فلما كان أيام الطوفان افترقت التربة فصارت قبورنا شتى والتربة
واحدة (3).
21 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى
عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن رجل، عن الزبير بن عقبة، عن فضال بن موسى
النهدي، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " خذوا زينتكم عند
كل مسجد " قال: الغسل عند لقاء كل إمام (4).
22 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود، عن أبي بشر بن إبراهيم القمي، عن
أبي محمد الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: كان أبو عبد الله
عليه السلام يقول في غسل الزيارة إذا فرغ من الغسل " اللهم اجعله لي نورا
وطهورا وحرزا وكافيا من كل داء وسقم ومن كل آفة وعاهة وطهر به قلبي
وجوارحي وعظامي ولحمي ودمي وشعري وبشري ومخي وعصبي وما أقلت الأرض

(1) الكافي ج 3 ص 251.
(2) التهذيب ج 6 ص 107.
(3) نفس المصدر ج 6 ص 109.
(4) المصدر السابق ج 6 ص 110.
132

مني واجعله لي شاهدا يوم القيامة يوم حاجتي وفقري وفاقتي (1).
بيان: الزيارة في هذا الخبر يحتمل أن يكون المراد بها طواف الزيارة
بل هو الأكثر في إطلاق الاخبار، لكن الشيخ ره أورده في باب غسل زيارة
الأئمة عليهم السلام. فلعله اطلع على ما يؤيد هذا المعنى، وقد وردت أخبار كثيرة بهذه
اللفظة في تعداد الأغسال قد مر بعضها في كتاب الطهارة، واستدل بعض الأصحاب
باطلاقها وعمومها على استحباب الغسل لزيارتهم عليهم السلام للقريب والبعيد وما ذكرنا
من الاحتمال جار فيها، وقد مر الكلام فيها في أبواب الأغسال فتذكر.
23 - التهذيب: موسى بن القاسم، عن محمد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل
موضع يجب فيه الغسل، ومن اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر (2).
بيان: هذا الخبر الصحيح يدل بعمومه على أن غسل الزيارة إذ أتى به
في اليوم يكتفى به إلى الليل، وكذا إن فعل في الليل كفى إلى الفجر إذ الظاهر أن
المراد بالوجوب هنا اللزوم والاستحباب المؤكد، إذ الأغسال التي هذا حكمها
مستحبة على الأشهر والأظهر فلا يبطل الغسل الحدث الأصغر من النوم وغيره، و
الأخبار الواردة في إعادة الغسل إنما هي في غسل الاحرام وليس فيها عموم، ويؤيده
أن بعض الأخبار التي استدل القوم بها لاستحباب غسل الزيارة ورد بهذا اللفظ
ويوم الزيارة كما مر وقد سبق الكلام فيه.
24 - السرائر: جميل عن حسين الخراساني، عن أحدهما عليه السلام أنه سمعه يقول:
غسل يومك يجزيك لليلتك وغسل ليلتك يجزيك ليومك (3).
بيان: هذا الخبر الذي أخرجه ابن إدريس من كتاب جميل الذي أجمعت
العصابة على تصحيح ما يصح عنه يدل على ما هو أوسع من الخبر المتقدم وأنه إذا
أغتسل في أول اليوم يجزيه إلى آخر الليل أو بالعكس.

(1) المصدر السابق ج 6 ص 54.
(2) المصدر السابق ج 5 ص 64.
(3) السرائر ص 482.
133

ثم أقول: سيأتي في الزيارة الكبيرة للحسين عليه السلام برواية الثمالي عن
الصادق عليه السلام أنه قال في سياق كيفية زياراته عليه السلام: وصل عند رأسه ركعتين
تقرأ في الأولى الحمد ويس وفي الثانية الحمد والرحمن، وإن شئت صليت خلف
القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصل ما أحببت إلا أن ركعتي الزيارة لا بد
منهما عند كل قبر انتهى.
أقول: لعل هذا الخبر مستند القوم في ذكر هاتين السورتين في كيفية
كل من زيارات الأئمة عليهم السلام وسيأتي أيضا في تلك الزيارة كيفية الاستيذان
وأن الرقة علامة الاذن فلا تغفل.
قال الشهيد رحمة الله عليه في الدروس: للزيارة آداب:
(أحدها) الغسل قبل دخول المشهد والكون على طهارة فلو أحدث أعاد الغسل قاله
المفيد ره وإتيانه بخضوع وخشوع في ثياب طاهرة نظيفة جدد.
(وثانيها) الوقوف على بابه والدعاء والاستيذان بالمأثور فان وجد خشوعا
ورقة دخل وإلا فالأفضل له تحري زمان الرقة، لان الغرض الأهم حضور
القلب ليلقى الرحمة النازلة من الرب، فإذا دخل قدم رجله اليمنى وإذا خرج
فباليسرى.
(وثالثها) الوقوف على الضريح ملاصقا له أو غير ملاصق وتوهم أن البعد
أدب وهم، فقد نص على الاتكاء على الضريح وتقبيله.
(ورابعها) استقبال وجه المزور واستدبار القبلة حال الزيارة، ثم يضع
عليه خده الأيمن عند الفراغ من الزيارة ويدعو متضرعا، ثم يضع خده
الأيسر ويدعو سائلا من الله تعالى بحقه وحق صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته
ويبالغ في الدعاء والالحاح، ثم ينصرف إلى ما يلي الرأس ثم يستقبل القبلة
ويدعو.
(وخامسها) الزيارة بالمأثور ويكفي السلام (والحضور).
(وسادسها) صلاة ركعتين للزيارة عند الفراغ فإن كان زائرا للنبي صلى الله عليه وآله
134

ففي الروضة، وإن كان لاحد الأئمة صلى الله عليهم فعند رأسه، ولو صلاهما بمسجد
المكان جاز، ورويت رخصة في صلاتهما إلى القبر ولو استدبر القبلة وصلى جاز و
إن كان غير مستحسن إلا مع البعد.
(وسابعها) الدعاء بعد الركعتين بما نقل وإلا فبما سنح له في أمور دينه
ودنياه، وليعمم الدعاء فإنه أقرب إلى الإجابة.
(وثامنها) تلاوة شئ من القرآن عند الضريح وإهداؤه إلى المزور والمنتفع
بذلك الزائر وفيه تعظيم للمزور.
(وتاسعها) إحضار القلب في جميع أحواله مهما استطاع والتوبة من الذنب
والاستغفار، والاقلاع.
(وعاشرها) التصدق على السدنة والحفظة للمشهد باكرامهم وإعظامهم
فان فيه إكرام صاحب المشهد عليه الصلاة والسلام، وينبغي لهؤلاء أن يكونوا
من أهل الخير والصلاح والدين والمروة والاحتمال والصبر وكظم الغيظ
خالين من الغلظة على الزائرين قائمين بحوائج المحتاجين، مرشدين ضال الغرباء
والواردين، وليتعهد أحوالهم الناظر فيه، فان وجد من أحد منهم تقصيرا نبهه
عليه، فان أصر زجره، فإن كان من المحرم جاز ردعه بالضرب إن لم يجد
التعنيف من باب النهي عن المنكر.
(وحادي عشرها) أنه إذا انصرف من الزيارة إلى منزله استحب له العود
إليها ما دام مقيما، فإذا حان الخروج ودع وداعا بالمأثور، وسأل الله تعالى
العود إليه.
(وثاني عشرها) أن يكون الزائر بعد الزيارة خيرا منه قبلها فإنها تحط
الأوزار إذا صادفت القبول.
(وثالث عشرها) تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظم الحرمة
ويشتد الشوق وروي أن الخارج يمشي القهقرى حتى يتوارى.
(ورابع عشرها) الصدقة على المحاويج بتلك البقعة فان الصدقة مضاعفة
135

هنالك وخصوصا على الذرية الطاهرة كما تقدم بالمدينة.
ويستحب الزيارة في المواسم المشهورة قصدا وقصد الإمام الرضا في رجب
فإنه من أفضل الأعمال.
ولا كراهة في تقبيل الضرايح بل هو سنة عندنا ولو كان هناك تقية فتركه
أولى.
وأما تقبيل الأعتاب فلم نقف فيه على نص نعتد به، ولكن عليه الامامية
ولو سجد الزائر ونوى بالسجدة الشكر لله تعالى على بلوغه تلك البقعة كان
أولى، وإذا أدرك الجمعة فلا يخرج قبل الصلاة.
ومن دخل المشهد والامام يصلي بدء بالصلاة قبل الزيارة، وكذلك لو كان
قد حضر وقتها وإلا فالبدأة بالزيارة أولى لأنها غاية مقصده، ولو أقيمت الصلاة
استحب للزايرين قطع الزيارة والاقبال على الصلاة، ويكره تركه وعلى
الناظر أمرهم بذلك، وإذا أزار النساء فليكن منفردات عن الرجال، ولو كان
ليلا فهو أولى، وليكن متنكرات مستترات، ولو زرن بين الرجال جاز وإن كره
وينبغي مع كثرة الزائرين أن يخفف السابقون إلى الضريح الزيارة وينصرفوا
ليحضر من بعدهم فيفوزوا من القرب إلى الضريح بما فاز أولئك (1).
وقال ره: ويستحب لمن حضر مزارا أن يزور عن والديه وأحبائه وعن
جميع المؤمنين فيقول: " السلام عليك يا مولاي من فلان بن فلان أتيتك زائرا
عنه فاشفع له عند ربك " وتدعوا له ولو قال " السلام عليك يا نبي الله من أبي و
أمي وزوجتي وولدي وحامتي وجميع إخواني من المؤمنين " أجزأ وجاز له أن
يقول لكل واحد: قد أقرأت رسول الله عنك السلام وكذا باقي الأنبياء و
الأئمة عليهم السلام (2).
وقال رحمه الله: قد بينا في كتاب الذكرى (3) استحباب بناء قبور الأئمة

(1) الدروس ص 158 طبع إيران سنة 1269.
(2) نفس المصدر ص 156.
(3) الذكرى ص 69.
136

عليهم السلام وتعاهدها.
ولنذكر هنا نبذا من أحكام المشاهد المقدسة لم يذكرها الأصحاب: قد جمع
المشهد بين المسجدية والرباط فله حكمهما فمن سبق إلى منزل منه فهو أولى ما
دام رحله باقيا، ولو استبق اثنان ولم يمكن الجمع أقرع، ولا فرق بين من يعتاد
منزلا منه وبين غيره، والوقف على المشاهد يتبع شرط الواقف، ولو فضل شئ
من المصالح ادخر له إما عينا أو مشغولا في عقار يرجع نفعه عليه، ولو فضل عن
ذلك كله فالأقرب جواز صرفه في مشهد آخر أو مسجد، وأمر مصالحه العامة إلى
الحاكم الشرعي، ويجوز انتفاع الزائر بالآلات المعدة فإذا انصرف سلمها إلى الناظر
فيه، ولو نقلت فرشه إلى مكان آخر للزائر جاز وإن خرج عن خطة المشهد، وفي جواز
صرف أوقافه ونذوره إلى مصالح الزائرين مع استغنائهم عنها نظر، أما مع الحاجة
فيجوز كالمنقطع به عن أهله (1).
وقال رحمه الله في الذكرى: من الصلوات المستحبة صلاة الزيارة للنبي صلى الله عليه وآله
وأحد الأئمة عليهم السلام وهي ركعتان بعد الفراغ من الزيارة يصلي عند الرأس، وإذا
زار أمير المؤمنين عليه السلام صلى ست ركعات، لان معه آدم ونوح على ما ورد
في الاخبار (2).
وقال ابن زهرة رحمه الله: من زار وهو مقيم في بلده قدم الصلاة ثم
زار عقيبها (3).
25 أقول: وجدت بخط الشيخ حسين بن عبد الصمد ره ما هذا لفظه: ذكر
الشيخ أبو الطيب الحسين بن أحمد الفقيه من زار الرضا عليه السلام أو واحدا من الأئمة
عليهم السلام فصلى عنده صلاة جعفر فإنه يكتب له بكل ركعة ثواب من حج
ألف حجة واعتمر الف عمرة وأعتق ألف رقبة ووقف ألف وقفة في سبيل الله مع نبي

(1) نفس المصدر ص 158.
(2) نفس المصدر في آخر الركن الرابع في نفل الصلوات.
(3) الغنية ص 43 ضمن الجوامع الفقهية.
137

مرسل، وله بكل خطوة ثواب مائة حجة ومائة عمرة وعتق مائة رقبة في سبيل الله
وكتب له مائة حسنة وحط منه مائة سيئة.
وسيأتي في باب زيارة النبي من البعيد برواية أبي الدنيا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال: لا تتخذوا قبري مسجدا.
26 كتاب محمد بن المثنى، عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يزور القبر كيف الصلاة على صاحب القبر؟
قال: يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وعلى صاحب القبر وليس فيه شئ موقت (1).

(1) كتاب محمد بن المثنى ص 89 ضمن الأصول الستة عشر.
138

(أبواب)
* " (زيارة النبي صلى الله عليه وآله وساير المشاهد في المدينة) " *
1.
* (باب) *
* " (فضل زيارة النبي صلى الله عليه وآله) " *
* " (وفاطمة صلوات الله عليها والأئمة) " *)
* " (بالبقيع صلوات الله عليهم أجمعين) " *
1 - علل الشرائع، عيون أخبار الرضا (ع): السناني، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن ابن
بهلول، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، عن الصادق عليه السلام قال: إذا حج أحدكم
فليختم حجه بزيارتنا لان ذلك من تمام الحج (1).
2 - قرب الإسناد: هارون عن ابن صدقة، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلى
الله عليه وآله قال: من زارني حيا وميتا كنت له شفيعا يوم القيامة (2).
3 - الخصال: الأربعمائة قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أتموا برسول الله صلى الله عليه وآله
حجكم إذا خرجتم إلى بيت الله، فان تركه جفاء وبذلك أمرتم، وأتموا بالقبور
التي ألزمكم الله عز وجل زيارتها وحقها واطلبوا الرزق عندها (3).
4 - عيون أخبار الرضا (ع): الهمداني عن علي، عن أبيه، عن الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام
يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أن المؤمنين يزورون

(1) علل الشرائع ص 459 وعيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 262.
(2) قرب الإسناد ص 31.
(3) الخصال ج 2 ص 406 ضمن حديث طويل.
139

ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال عليه السلام: يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل
نبيه محمدا صلى الله عليه وآله على جميع خلقه من النبيين والملائكة وجعل طاعته طاعته ومبايعته
مبايعته وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته فقال الله عز وجل: " من يطع الرسول فقد
أطاع الله " (1) وقال: " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم " (2)
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله تعالى ودرجة
النبي صلى الله عليه وآله في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد
زار الله تبارك وتعالى (3).
5 - علل الشرائع: أبي عن سعد، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان الديلمي
عن إبراهيم بن أبي حجر الأسلمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومن جاءني زائرا
وجبت له شفاعتي ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة (4).
6 - كامل الزيارة: ابن الوليد والكليني، عن علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن
إسحاق، عن محمد بن سليمان، عن أبي حجر الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وذكر مثله وزاد في آخره: ومن مات في أحد الحرمين: مكة أو المدينة لم يعرض إلى
الحساب ومات مهاجرا إلى الله وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر (5).
7 - علل الشرائع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن عثمان بن
عيسى، عن المعلى بن شهاب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الحسن بن علي عليهما السلام
لرسول الله صلى الله عليه وآله يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني من
زارني حيا أو ميتا أو زار أباك أو أخاك أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة
فأخلصه من ذنوبه (6).

(1) سورة النساء الآية: 80.
(2) سورة الفتح الآية: 10.
(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 115.
(4) علل الشرائع ص 460.
(5) كامل الزيارات ص 460.
(6) علل الشرائع ص 460.
140

8 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن علي بن أسباط، عن عثمان
ابن عيسى، عن معلى بن أبي شهاب مثله (1).
9 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن جده علي، عن
عثمان بن عيسى، عن معلى مثله (2).
10 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان
ابن عيسى مثله (3).
11 - كامل الزيارة: أبي عن ابن أبان، عن حسين بن سعيد مثله (4).
12 - أمالي الصدوق: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن أبي الخطاب، عن عثمان بن
عيسى، عن العلاء بن المسيب، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال الحسن بن علي
عليهما السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبه ما جزاء من زارك؟ فقال: من زارني أو
زار أباك أو زارك أخاك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة حتى أخلصه
من ذنوبه (5).
13 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب مثله (6).
14 - أمالي الصدوق: ابن موسى الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن ابن البطايني
عن أبيه، عن ابن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من زار الحسن في
بقيعه ثبت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الاقدام (7).
15 - ثواب الأعمال: حمزة العلوي، عن ابن عقدة، عن علي بن حمدون، عن محمد
ابن الحسين القواريري، عن جعفر بن أمين، عن عثمان بن عيسى، عن العلا بن
المسيب، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال الحسين صلوات
الله عليه: يا أبتاه ما لمن زارنا؟ قال: يا بني من زارني حيا وميتا، ومن زار أباك

(1) كامل الزيارات ص 11 وفيهما قال الحسين (ع) بدل الحسن (ع).
(2) كامل الزيارات ص 11 وفيهما قال الحسين (ع) بدل الحسن (ع).
(3) نفس المصدر ص 14 وفيهما قال الحسين (ع) بدل الحسن (ع).
(4) نفس المصدر ص 14 وفيهما قال الحسين (ع) بدل الحسن (ع).
(5) أمالي الصدوق ص 59.
(6) ثواب الأعمال ص 75.
(7) أمالي الصدوق ص 112 ضمن حديث.
141

حيا وميتا ومن زار أخاك حيا وميتا ومن زارك حيا وميتا كان حقيقا علي أن
أزوره يوم القيامة وأخلصه من ذنوبه وأدخله الجنة (1).
16 - كامل الزيارة: أبي ره عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن
القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: بينا الحسين بن علي عليهم السلام في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله إذ رفع رأسه
فقال: يا أبه ما لمن زارك بعد موتك؟ فقال: يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله
الجنة، ومن أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة، ومن أتى أخاك زائرا بعد موته
فله الجنة، ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة (2).
17 - كامل الزيارة: أبي والكليني، عن أحمد بن إدريس عمن ذكره، عن محمد بن
سنان، عن محمد بن علي رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي من زارني في حياتي أو
بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت
له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي في درجتي (3).
18 - كامل الزيارة: أبي ره عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبان
عن السدوسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أتاني زائرا
كنت شفيعه يوم القيامة (4).
19 - كامل الزيارة: الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن ابن محبوب مثله (5).
20 - كامل الزيارة: حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة، عن جعفر بن بشير، عن
أبان مثله (6 ().
21 - كامل الزيارة: أبي وجماعة مشايخي ره عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب
عن أبان مثله (7).
22 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن أبي نجران

(1) ثواب الأعمال ص 75.
(2) كامل الزيارات ص 10.
(3) نفس المصدر ص 11.
(4) المصدر السابق ص 12.
(5) المصدر السابق ص 13.
(6) المصدر السابق ص 13.
(7) المصدر السابق ص 14.
142

قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك ما لمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا؟
قال: له الجنة (1).
23 - كامل الزيارة: الكليني، عن عدة من رجاله، عن ابن عيسى مثله (2).
24 - كامل الزيارة: جماعة، عن مشايخنا رحمهم الله، عن محمد بن يحيى، عن ابن عيسى
عن معاوية بن حكيم، عن ابن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عمن زار قبر
النبي صلى الله عليه وآله متعمدا قاصدا؟ قال: له الجنة (3).
25 - كامل الزيارة: بهذا الاسناد، عن ابن أبي نجران، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال:
قلت ما لمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا؟ قال: يدخله الله الجنة إن شاء الله (4).
26 - كامل الزيارة: حكيم بن داود، عن سلمة، عن علي بن سيف، عن الفضل بن
مالك النخعي، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عن صفوان بن سليم، عن أبيه
عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من زارني في حياتي وبعد موتي كان في جواري يوم القيامة (5).
27 - كامل الزيارة: بهذا الاسناد، عن ابن سيف، عن سليمان بن عمرو النخعي، عن
عبد الله بن الحسن، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من زارني بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي، وكنت له شهيدا وشافعا يوم
القيامة (6).
28 - كامل الزيارة: جماعة مشايخي رحمهم الله، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس
جميعا، عن سلمة، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي نجران قال: قلت له: ما لمن زار
رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا؟ قال: يدخله الله الجنة (7).
بيان: قوله عليه السلام (متعمدا) أي يكون مجيئه لمحض الزيارة لا لشئ آخر
تكون الزيارة مقصودة بالتبع.
29 - كامل الزيارة: محمد بن أحمد بن سليمان، عن موسى بن محمد بن موسى، عن محمد بن

(1) كامل الزيارات ص 12.
(2) المصدر السابق ص 13.
(3) المصدر السابق ص 12.
(4) المصدر السابق ص 12.
(5) المصدر السابق ص 13.
(6) المصدر السابق ص 13.
(7) المصدر السابق ص 14.
143

محمد بن الأشعث، عن أبي الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه
عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إلي في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا
إلي بالسلام فإنه يبلغني (1).
30 - كامل الزيارة: محمد بن جعفر الرزاز، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن محبوب، عن
جميل بن صالح، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن زيارة قبر رسول الله
صلى الله عليه وآله تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وآله مبرورة (2).
31 - كامل الزيارة: عنه عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة
عن زيد قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام ما لمن زار قبر رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: كمن
زار الله في عرشه (3).
32 - التهذيب: الكليني، عن العدة، عن سهل، عن ابن أبي الخطاب وذكر مثله (4).
ثم قال: قال الشيخ ره: معنى قول الصادق عليه السلام: من زار رسول الله
صلى الله عليه وآله كان كمن زار الله فوق عرشه، هو أن لزائره عليه السلام من المثوبة
والاجر العظيم والتبجيل في يوم القيامة كمن رفعه الله إلى سمائه وأدناه من عرشه
الذي تحمله الملائكة وأراه من خاصة ملائكته ما يكون به توكيد كرامته، وليس
على ما تظنه العامة من مقتضى التشبيه.
3 - كامل الزيارة: ابن عامر، عن المعلى، عن ابن أسباط، عن الحسن بن الجهم
قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: أيهما أفضل رجل يأتي مكة ولا يأتي المدينة
أو رجل يأتي النبي صلى الله عليه وآله ولا يبلغ مكة؟ قال: فقال لي: أي شئ تقولون أنتم؟
فقلت: نحن نقول في الحسين عليه السلام فكيف في النبي صلى الله عليه وآله، قال: أما لئن قلت
ذلك لقد شهد أبو عبد الله عليه السلام عيدا بالمدينة فانصرف فدخل على النبي صلى الله عليه وآله فسلم
عليه ثم قال لمن حضره: أما لقد فضلنا أهل البلدان كلهم مكة فمن دونها لسلامنا

(1) كامل الزيارات ص 14.
(2) كامل الزيارات ص 14.
(3) نفس المصدر ص 15.
(4) التهذيب ج 6 ص 78.
144

على رسول الله صلى الله عليه وآله (1).
34 - التهذيب: روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من زارني غفرت له ذنوبه ولم
يمت فقيرا (2).
35 - التهذيب: روي عن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام أنه قال: من زار جعفرا
وأباه لم يشك عينه ولم يصبه سقم ولم يمت مبتلى (3).
36 - كامل الزيارة: محمد الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد
ابن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن
هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حديث له طويل: انه أتاه رجل
فقال: هل يزار والدك؟ فقال: نعم، قال: فما لمن زاره؟ قال: الجنة إن كان يأتم به
قال: فما لمن تركه رغبة عنه؟ قال: الحسرة يوم الحسرة وذكر الحديث بطوله (4).
بيان: ظاهر ما أورده من الخبر انه سأله عن زيارة الباقر عليه السلام، لكن ابن
قولويه ره أورده في باب من ترك زيارة الحسين عليه السلام فلذا أوردناه في البابين.
37 كتاب الفصول: للسيد المرتضى نقلا عن شيخه المفيد رضي الله عنهما
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله للحسن: من زارك بعد موتك أوزار أباك أو زار أخاك
فله الجنة، وقال له عليهما السلام في حديث له أول مشروح في غير هذا الكتاب: تزورك
طائفة يريدون به بري وصلتي، فإذا كان يوم القيامة زرتها في الموقف فأخذت بأعضادها
فأنجيتها من أهواله وشدائده (5).

(1) كامل الزيارات ص 331.
(2) التهذيب ج 6 ص 4.
(3) التهذيب ج 6 ص 78.
(4) كامل الزيارات ص 123.
(5) كتاب الفصول المختارة ج 1 ص 94.
145

2.
* (باب) *
* " (زيارته عليه السلام من قريب وما يستحب أن) " *
* " (يعمل في المسجد وفضل مواضعه) " *
1 - الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن جميل، عن
أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بين بيتي و
منبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة وقوائم منبري رتب
في الجنة، قال قلت: هي روضة اليوم؟ قال: نعم إنه لو كشف الغطاء لرأيتم (1).
2 - الكافي: أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن مرازم قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عما يقول الناس في الروضة فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بين بيتي و
منبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة، فقلت له: جعلت
فداك فما حد الروضة؟ فقال: بعد أربع أساطين من المنبر إلى الظلال، فقلت: جعلت
فداك من الصحن فيها شئ؟ قال: لا (2).
3 - الكافي: العدة عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان
عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حد الروضة في مسجد
الرسول صلى الله عليه وآله إلى طرف الظلال وحد المسجد إلى الأسطوانتين عن يمين المنبر إلى
الطريق مما يلي سوق الليل (3).
4 - الكافي: العدة عن سهل، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عثمان، عن
جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بين
منبرى وبيوتي روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعه من ترع الجنة وصلاة في
مسجدي تعدل الف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، قال جميل:

(1) الكافي ج 4 ص 554.
(2) الكافي ج 4 ص 554.
(3) الكافي ج 4 ص 555.
146

قلت له: بيوت النبي صلى الله عليه وآله وبيت علي منها؟ قال: نعم وأفضل (1).
5 - الكافي: العدة، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي سلمة
عن هارون بن خارجة قال: الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله تعدل عشرة آلاف صلاة (2).
6 - الكافي: علي عن أبيه، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا دخلت المسجد فان استطعت أن تقيم ثلاثة أيام الأربعاء والخميس والجمعة فصل
ما بين القبر والمنبر يوم الأربعاء عند الأسطوانة التي تلي القبر فتدعو الله عندها و
تسأله كل حاجة تريدها في آخرة أو دنيا، واليوم الثاني عند أسطوانة، ويوم
الجمعة عند مقام النبي صلى الله عليه وآله مقابل الأسطوانة الكثيرة الخلوق فتدعو الله عندهن
لكل حاجة وتصوم تلك الثلاثة الأيام (3).
7 - الكافي: ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: صم
الأربعاء والخميس والجمعة وصل ليلة الأربعاء ويوم الأربعاء عند الأسطوانة التي تلي
رأس النبي صلى الله عليه وآله وليلة الخميس ويوم الخميس عند أسطوانة أبي لبابة، وليلة الجمعة
ويوم الجمعة عند الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله وادع بهذا الدعاء لحاجتك
وهو " اللهم إني أسئلك بعزتك وقوتك وقدرتك وجميع ما أحاط به علمك
أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا " (4).
8 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان
عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ائت مقام
جبرئيل وهو تحت الميزاب فإنه كان مقامه إذا استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله وقل
" اي جواد أي كريم أي قريب اي بعيد أسئلك أن تصلي على محمد وأهل بيته واسئلك
أن ترد علي نعمتك " قال: وذلك مقام لا تدعو فيه حائض تستقبل القبلة ثم تدعو
بدعاء الدم إلا رأت الطهر إن شاء الله (5).
9 - من لا يحضره الفقيه: ثم ائت مقام جبرئيل إلى قوله وذلك مقام لا تدعو فيه حائض مستقبل

(1) الكافي ج 4 ص 556.
(2) الكافي ج 4 ص 556.
(3) الكافي ج 4 ص 558.
(4) الكافي ج 4 ص 558.
(5) الكافي ج 4 ص 557.
147

القبلة إلا رأت الطهر، ثم تدعو بدعاء الدم " اللهم إني أسئلك بكل اسم هولك
أو تسميت به لاحد من خلقك أو هو مأثور في علم الغيب عندك، وأسئلك باسمك الأعظم
الأعظم الأعظم وبكل حرف أنزلته على موسى وبكل حرف أنزلته على عيسى
وبكل حرف أنزلته على محمد صلواتك عليه وآله وعلى أنبياء الله إلا فعلت بي كدا و
كذا " والحايض تقول: إلا أذهبت عني هذا الدم (1).
بيان: المراد بالحائض المستحاضة التي لا ينقطع عنها الدم.
10 - التهذيب: الحسين بن سعيد، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سأله ابن أبي يعفور كم أصلي؟ فقال: صل ثمان ركعات عند زوال الشمس
فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الصلاة في مسجدي كألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام
فان الصلاة في المسجد الحرام تعدل الف صلاة في مسجدي (2).
بيان: المراد بالثمان إما نافلة الزوال أو نافلة أخرى لسقوط نافلة الزوال
عنه لكونه مسافرا إلا أن يقال: لكونه من مواضع التخيير لا يسقط فيه النافلة ويحتمل
أن يكون المراد انه يصلي الظهرين تماما لا يقصر فيهما لان الأفضل في ذلك الموضع
التمام وإنما يصليهما في أول الزوال لسقوط النافلة في السفر إن قلنا بسقوطها في هذا
الموضع وقد مر الكلام فيه وسيأتي أيضا.
11 - التهذيب: الحسين بن سعيد، عن علي بن حديد، عن مرازم قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: الصلاة بالمدينة والقيام عند الأساطين ليس بمفروض ولكن من
شاء فليصم فإنه خير له إنما المفروض صلاة الخمس وصيام شهر رمضان فأكثروا
الصلاة في هذا المسجد ما استطعتم فإنه خير لكم، واعلموا أن الرجل قد يكون
كيسا في أمر الدنيا فيقال: ما أكيس فلانا فكيف من كأس في أمر آخرته (3)
12 - مصباح الكفعمي: زيارة للنبي صلى الله عليه وآله " السلام على رسول الله وأمين الله على وحيه
وعزائم أمره الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله ورحمة الله

(1) الفقيه ج 2 ص 340.
(2) التهذيب ج 6 ص 14.
(3) التهذيب ج 6 ص 19.
148

وبركاته، السلام على صاحب السكينة، السلام على المدفون بالمدينة، السلام على
المنصور المؤيد، السلام على أبي القاسم محمد ورحمة الله وبركاته ".
قال الكفعمي: السكينة فعيلة من السكون يعني السكون الذي هو وقار
لا السكون الذي هو ضد الحركة قاله العزيزي، وقال الهروي في قوله تعالى:
" سكينة من ربكم " اي سكون لقلوبكم وطمأنينة (1) وقال الطبرسي في
قوله تعالى: " ثم أنزل الله سكينته " أي رحمته التي تسكن إليها النفس ويزول
معه الخوف (2).
13 - قرب الإسناد: محمد بن عبد الحميد، عن ابن فضال قال: قلت للرضا عليه السلام: رأيتك
تسلم على النبي صلى الله عليه وآله في غير الموضع الذي نسلم نحن فيه عليه من استقبال القبر
قال: فقال: تسلم أنت من حيث يسلمون (3).
14 - قرب الإسناد: قال ابن الجهم: سمعت الرضا عليه السلام يقول: موضع الأسطوانة
مما يلي صحن المسجد مسجد فاطمة صلى الله عليها (4).
15 - عيون أخبار الرضا (ع): أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال قال: رأيت أبا
الحسن عليه السلام وهو يريد أن يودع للخروج إلى العمرة فأتى القبر من موضع رأس
النبي صلى الله عليه وآله بعد المغرب فسلم على النبي صلى الله عليه وآله ولزق بالقبر ثم انصرف حتى أتى
القبر فقام إلى جانبه يصلي فألزق منكبه الأيسر بالقبر قريبا من الأسطوانة التي دون
الأسطوانة المخلقة عند رأس النبي صلى الله عليه وآله فصلى ست ركعات أو ثمان ركعات في نعليه
قال: وكان مقدار ركوعه وسجوده ثلاث تسبيحات أو أكثر، فلما فرغ سجد
سجدة أطال فيها حتى بل عرقه الحصى قال: وذكر بعض أصحابنا أنه الصق خديه
بأرض المسجد (5).

(1) مصباح الكفعمي ص 474.
(2) مجمع البيان ج 5 ص 17 طبع الاسلامية سنة 1372 ه‍.
(3) قرب الإسناد ص 173.
(4) قرب الإسناد ص 174.
(5) عيون الأخبار ج 2 ص 17.
149

16 - مجالس المفيد: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن
سنان، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وهو قائم عند قبر
رسول الله صلى الله عليه وآله: " أسئل الله الذي انتجبك واصطفاك وأصفاك وهداك وهدى بك
أن يصلي عليك إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليما " (1).
17 - كامل الزيارة: أبي وابن الوليد معا عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن
فضالة والحسن، عن صفوان وابن أبي عمير معا عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تريد أن تدخلها
ثم تأتي قبر النبي صلى الله عليه وآله فتسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة
من جانب القبر الأيمن عند رأس القبر وأنت مستقبل القبلة ومنكبك الأيسر إلى
جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس رسول الله صلى الله عليه وآله و
تقول: " اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله و
أشهد أنك رسول الله وأنك محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك و
نصحت لامتك، وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله حتى أتاك اليقين بالحكمة
والموعظة الحسنة، وأديت الذي عليك من الحق، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين
وغلظت على الكافرين، فبلغ الله بك أفضل شرف محل المكرمين، الحمد لله الذي
استنقذنا بك من الشرك والضلالة، اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين
وعبادك الصالحين وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ومن سبح لك
يا رب العالمين من الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك و
نجيبك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك، اللهم وأعطه
الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون
اللهم إنك قلت: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول
لوجدوا الله توابا رحيما، وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي، وإني أتوجه

(1) مجالس الشيخ المفيد ج 1 ص 75.
150

إليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله، يا محمد إني أتوجه إلى الله ربي
وربك ليغفر لي ذنوبي " وإن كانت لك حاجة فاجعل قبر النبي صلى الله عليه وآله خلف كتفيك
واستقبل القبلة وارفع يديك وسل حاجتك فإنه أحرى أن تقضى إنشاء الله (1).
18 - من لا يحضره الفقيه: فإذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها ثم ائت
قبر النبي صلى الله عليه وآله وادخل المسجد من باب جبرئيل ثم ذكر نحوه (2).
توضيح: قوله عليه السلام: أو حين تريد أن تدخلها، الترديد من الراوي والمعنى
قبل أن تدخلها بزمان أو حين تريد أن تدخلها بلا فصل وفي الكافي (3) والتهذيب (4)
أو حين تدخلها، فالمراد بعد الدخول.
قوله: حتى أتاك اليقين أي الموت إشارة إلى قوله تعالى: " واعبد ربك حتى
يأتيك اليقين " وقوله عليه السلام: " بالحكمة " حال عن فاعل عبدت اي حال كونك متلبسا
بالحكمة هاديا للخلق بها فان من أعظم عبادته صلى الله عليه وآله كان هدايته للخلق وكونه حالا
عن فاعل جاهدت بعيد لفظا وإن كان أظهر معنى، " والغبطة " تمني النعمة على أن
لا يتحول عن صاحبها.
ثم اعلم أن استدبار النبي صلى الله عليه وآله وإن كان ظاهرا مخالفا للآداب لكن لا بأس
به إذا كان التوجه إلى الله تعالى وكان الغرض الاستظهار به صلى الله عليه وآله ولكن في هذا
الزمان الأولى تركه للتقية.
19 - كامل الزيارة: جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي، عن عبد الله بن نهيك، عن
ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا فرغت من الدعاء
عند القبر فائت المنبر وامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلاوان وامسح عينيك
ووجهك به فإنه يقال إنه شفاء للعين وقم عنده فاحمد الله وأثن عليه وسل حاجتك
فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة، وإن منبري
على ترعة من ترع الجنة وقوائم المنبر رتب في الجنة والترعة هي الباب الصغير، ثم

(1) كامل الزيارات ص 15.
(2) الفقيه ج 2 ص 338.
(3) الكافي ج 4 ص 550.
(4) التهذيب ج 6 ص 5.
151

مقام النبي فصل ما بدالك، فإذا دخلت المسجد فصل على محمد وآله
وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك وأكثر من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله (1).
بيان: قال الجزري (2) فيه: منبري على ترعة من ترع الجنة الترعة في الأصل
الروضة على المكان المرتفع خاصة فإذا كانت في المطمئن فهي روضة.
قال القتيبي معناه إن الصلاة والذكر في هذا الموضع تؤديان إلى الجنة فكأن
قطعة منها، وقيل: الترعة الدرجة وقيل: الباب انتهى.
أقول: الظاهر أن التفسير من الرواة ويحتمل أن يكون من الإمام عليه السلام
وقال الكفعمي رحمه الله في حواشي البلد الأمين: ذكر السيد الرضي ره
في مجازاته (3) في تفسير الترعة هنا ثلاثة أقوال:
(الأول) أن يكون اسما للدرجة.
(الثاني) أن يكون اسما للروضة على المكان العالي خاصة.
(الثالث) أن يكون اسما للباب وهذه الأقوال تؤل إلى معنى واحد فان كانت
الترعة بمعنى الدرجة فالمراد أن منبره صلى الله عليه وآله على طريق الوصول إلى درج الجنة
لأنه صلى الله عليه وآله يدعو عليه إلى الايمان ويتلو عليه قوارع القرآن ويخوف ويبشر
وإن كانت بمعنى الباب فالقول فيهما واحد، وإن كانت بمعنى الروضة على المكان
العالي فالمراد بذلك أيضا كالمراد على القولين الأولين لان منبره صلى الله عليه وآله على الطريق
إلى رياض الجنة لمن طلبها وسلك السبيل إليها وفيها زيادة معنى وهو انه إنما شبهه
بالروضة لما يمر عليه من محاسن الكلم وبدايع الحكم التي تشبه أزاهر الرياض
ودبابيج الثياب ويقولون في الكلام الحسن كأنه قطع الروض وكأنه ديباج الرقيم
فأضاف صلى الله عليه وآله الروضة إلى الجنة لان كلامه صلى الله عليه وآله يهدي إلى الجنة، ويقول بعضهم
الترعة الكوة وهو غريب فإن كان المراد ذلك فكأنه صلى الله عليه وآله قال: منبري هذا على
مطلع من مطالع الجنة والمعنى قريب من معنى الباب لان السامع لما يتلى عليه كأنه

(1) كامل الزيارات ص 16.
(2) النهاية ج 1 ص 136.
(3) المجازات النبوية ص 67 طبع بغداد.
152

مطلع إلى الجنة ينظر إلى ما أعد الله تعالى للمؤمنين فيها انتهى.
20 - كامل الزيارة: محمد بن أحمد بن الحسين العسكري، عن الحسن بن علي بن
مهزيار، عن أبيه، عن علي بن الحسن (1) بن علي بن عمر بن علي بن الحسين
عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: كان علي بن
الحسين صلوات الله عليه يقف على قبر النبي صلى الله عليه وآله فيسلم ويشهد له بالبلاغ ويدعو
بما حضره ثم يسند ظهره إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي
القبر ويلتزق بالقبر ويسند ظهره إلى القبر ويستقبل القبلة فيقول: " اللهم إليك ألجأت
أمري، وإلى قبر محمد صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك أسندت ظهري، والقبلة التي رضيت
لمحمد صلى الله عليه وآله استقبلت، اللهم إني أصبحت، لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها، ولا
ادفع عنها شر ما أحذر عليها، وأصبحت الأمور بيدك ولا فقير أفقر مني إني لما
أنزلت إلي من خير فقير، اللهم أردني منك بخير ولا راد لفضلك، اللهم إني أعوذ بك
من أن تبدل اسمي [أ] وأن تغير جسمي أو تزيل نعمتك عني، اللهم زيني بالتقوى
وجملني بالنعم واعمرني بالعافية وارزقني شكر العافية " (2).
21 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن بن مهزيار، عن أبيه، عن جده مثله (3).
22 - الكافي: أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن علي بن

(1) كان في المتن والمصدر المنقول عنه (المطبوع) علي بن الحسين بن علي بن عمر
ابن علي بن الحسين وهو خطأ والصواب: علي بن الحسن الخ وهذا هو أبو الحسن على
العسكري الشاعر ابن أبي محمد الحسن الشجري ابن علي الأصغر ابن عمر الأشرف ابن الإمام
زين العابدين ولم يكن لعلي الأصغر ولد اسمه الحسين وإنما أولاده: محمد وعبد الله وموسى
وعمر الشجري والقاسم والحسن الشجري، فعقب الأشرف من هؤلاء الثلاثة المتأخرين
ومن الغريب غفلة الرجاليين عن ذلك فجروا في كتبهم على ما هو الموجود في المتن والمصدر
من أن اسم أبيه (الحسين) (.
(2) كامل الزيارات ص 16.
(3) كامل الزيارات ص 16.
153

مهزيار، عن الحسن بن علي بن عثمان (1) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب، عن علي بن جعفر مثله (2).
23 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي نجران والأهوازي و
غير واحد، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن مسعود قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام انتهى
إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله فوضع يده عليه وقال: " أسأل الله الذي اجتباك واختارك وهداك
وهدى بك أن يصلي عليك " ثم قال: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها
الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (3).
24 - كامل الزيارة: الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن إبراهيم بن
أبي البلاد قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: كيف تقول في التسليم على النبي صلى الله عليه وآله؟
فقلت: الذي نعرفه ورويناه قال: أولا أعلمك ما هو أفضل من هذا؟ فقلت: نعم جعلت
فداك فكتب لي وأنا قاعد بخطه وقرأه علي: إذا وقفت على قبره صلى الله عليه وآله فقل: أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك محمد بن عبد الله وأشهد أنك رسول
الله وأشهد أنك خاتم النبيين، وأشهد أنك قد بلغت رسالة ربك ونصحت لامتك
وجاهدت في سبيل ربك وعبدته حتى أتاك اليقين وأديت الذي عليك من الحق
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونجيبك وأمينك وصفيك وخيرتك من خلقك
أفضل ما صليت على أحد من أنبيائك ورسلك، اللهم سلم على محمد وآل محمد كما
سلمت على نوح في العالمين، وامنن على محمد وآل محمد كما مننت على موسى وهارون
وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد
اللهم صل على محمد وآل محمد وترحم على محمد وآل محمد، اللهم رب البيت الحرام

(1) لم تذكر كتب الأنساب في أولاد علي بن الحسين السجاد عليه السلام من اسمه
عثمان، نعم يوجد فيهم من اسمه عمر وهو الأشرف، وهذا الحديث مروى في كامل الزيارات
كما سبق وليس فيه ذكر عثمان. فمن الغريب عدم انتباه محققي الكافي الطبعة الجديدة
بطهران لذلك.
(2) الكافي ج 4 ص 551.
(3) كامل الزيارات ص 17.
154

ورب المسجد الحرام ورب الركن والمقام ورب البلد الحرام ورب الحل والحرام
ورب المشعر الحرام بلغ روح محمد صلى الله عليه وآله مني السلام (1).
25 - كامل الزيارة: الكليني عن عدة من أصحابنا، عن سهل، عن البزنطي قال: قلت
لأبي الحسن عليه السلام: كيف السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله عند قبره؟ فقال: السلام
عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام
عليك يا أمين الله أشهد أنك رسول الله وأشهد أنك قد نصحت لامتك وجاهدت في سبيل
الله وعبدته حتى أتاك اليقين فجزاك الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته، اللهم صل
على محمد وآل محمد أفضل ما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (2).
26 - الكافي: العدة، عن سهل، عن علي بن حسان، عن بعض أصحابنا قال:
حضرت أبا الحسن الأول عليه السلام وهارون الخليفة وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى
بالمدينة قد جاؤوا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال هارون لأبي الحسن عليه السلام: تقدم
فأبى فتقدم هارون وسلم وقام ناحية، وقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن عليه السلام:
تقدم فأبى فتقدم جعفر فسلم ووقف مع هارون، وتقدم أبو الحسن عليه السلام فقال:
" السلام عليك يا أبه أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى بك أن يصلي
عليك " فقال هارون لعيسى: سمعت ما قال؟ قال: نعم فقال هارون: اشهد أنه
أبوه حقا (3).
27 - كامل الزيارة: علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن
زكريا المؤمن، عن إبراهيم بن ناجية، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: علمني تسليما خفيفا على النبي صلى الله عليه وآله قال: قل: أسأل الله الذي انتجبك
واصطفاك واختارك وهداك وهدى بك أن يصلي عليك صلاة كثيرة طيبة (4).
28 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن ابن عيسى وابن يزيد وموسى بن عمر جميعا

(1) كامل الزيارات ص 17.
(2) كامل الزيارات ص 18.
(3) الكافي ج 4 ص 553.
(4) كامل الزيارات ص 19.
155

عن البزنطي، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت: كيف السلام على رسول
الله صلى الله عليه وآله عند قبره؟ فقال: تقول: السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله، السلام عليك و
رحمة الله وبركاته، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله،
السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله
السلام عليك يا أمين الله، أشهد أنك رسول الله واشهد أنك محمد بن عبد الله وأشهد
أنك قد نصحت لامتك وجاهدت في سبيل الله وعبدته حتى أتاك اليقين فجزاك
الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته، اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل ما صليت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (1).
29 - الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى قال:
سألت أبا الحسن عليه السلام عن الممر في مؤخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أسلم على
النبي فقال: لم يكن أبو الحسن عليه السلام يصنع ذلك، قلت: فيدخل المسجد فيسلم
من بعيد لا يدنو من القبر؟ فقال: لا، قال: سلم عليه حين تدخل وحين تخرج
ومن بعيد (2).
بيان: لعل مفاد الخبر أنه إذا أمكنه الدخول والسلام عليه من قريب فليدخل
وليسلم، وإلا فليسلم عليه من بعيد من حيث يمر ولا يدخل المسجد، ويحتمل
أن يكون المعنى أن الكاظم عليه السلام كان يدخل فيأتي القبر ويسلم عليه كلما مر خلف
المسجد وأما أنت فسلم عليه على أي وجه تريد من خارج وداخل وقريب وبعيد فإنه
جايز ولكن الأفضل ما كان يفعله الكاظم عليه السلام.
30 - الكافي: العدة، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن
معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: صلوا إلى جانب قبر النبي صلى الله عليه وآله وإن
كانت صلاة المؤمنين تبلغه أينما كانوا (3).
31 - كامل الزيارة: روي عن بعضهم قال: إذا كان لك مقام بالمدينة صمت ثلاثة أيام:

(1) كامل الزيارات ص 20.
(2) الكافي ج 4 ص 552.
(3) الكافي ج 4 ص 553
156

صمت يوم الأربعاء وصل ليلة الأربعاء عند أسطوانة التوبة وهي أسطوانة أبي لبابة
التي كان ربط إليها نفسه حتى نزل عذره من السماء، وتقعد عندها يوم الأربعاء
ثم تأتي ليلة الخميس، التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله فتقعد عندها ليلتك
ويومك وتصوم يوم الخميس.
ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ليلة الجمعة فتصلي عندها
ليلتك ويومك وتصوم فيه يوم الجمعة فان استطعت أن لا تتكلم بشئ في هذه
الثلاثة الأيام إلا ما لا بد لك منه ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا تنام في ليل
ولا نهار فافعل فان ذلك مما يعد فيه الفضل، ثم احمد الله في يوم الجمعة وأثن عليه
صل على النبي صلى الله عليه وآله واسأل حاجتك وليكن فيما تقول: اللهم ما كانت لي
إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها والتماسها أو لم أشرع، سألتكها أو لم أشرع، سألتكها أو لم أسئلكها فاني
أتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله نبي الرحمة في قضاء حوائجي صغيرها
وكبيرها (1).
32 - التهذيب: موسى بن القاسم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إذا كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم يوم الأربعاء وذكر
نحوا مما مر وزاد في آخره: فإنك حري ان تقضى حاجتك إن شاء الله (2).
زيارة الوداع:
33 - كامل الزيارة: جماعة مشايخي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن يونس
ابن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وداع قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال تقول: صلى
الله عليك السلام عليك لا جعله الله آخر تسليمي عليك (3).
4 - الكافي: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى مثله (4).
35 - كامل الزيارة: بهذا الاسناد، عن ابن فضال قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام وهو
يريد أن يودع للخروج إلى العمرة فأتى القبر من موضع رأس رسول الله صلى الله عليه وآله بعد

(1) كامل الزيارات ص 25.
(2) التهذيب ج 6 ص 16.
(3) كامل الزيارات ص 26.
(4) الكافي ج 4 ص 563.
157

المغرب فسلم على النبي صلى الله عليه وآله ولزق بالقبر ثم انصرف حتى أتى القبر فقام إلى
جانبه يصلي وألزق منكبه الأيسر بالقبر قريبا من الأسطوانة التي دون الأسطوانة
المخلقة التي عند رأس النبي صلى الله عليه وآله فصلى ست ركعات أو ثمان ركعات في نعليه
قال: فكان مقدار ركوعه وسجوده ثلاث تسبيحات أو أكثر، فلما فرغ سجد سجدة
أطال فيها السجود حتى بل عرقه الحصا.
قال: وذكر بعض أصحابنا أنه رآه لصق خده بأرض المسجد (1).
36 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن، عن أبيه عن جده علي بن مهزيار، عن الحسن
ابن سعيد، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير وفضالة، عن معاوية بن عمار قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل ثم ائت قبر النبي
صلى الله عليه وآله بعد ما تفرغ من حوائجك فودعه واصنع مثل ما صنعت عند
دخولك وقل: اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيك فان توفيتني قبل
ذلك فاني أشهد في مماتي على ما أشهد عليه في حياتي أن لا إله إلا أنت وأن محمدا
عبدك ورسولك (2).
37 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير مثله (3).
38 - من لا يحضره الفقيه: إذا أردت أن تخرج من المدينة فائت موضع رأس النبي صلى الله عليه وآله
فسلم عليه ثم ائت المنبر وصل عنده على النبي صلى الله عليه وآله ما استطعت وادع لنفسك بما
أحببت للدين والدنيا، ثم ارجع إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وألزق منكبك الأيسر على
القبر قريبا من الأسطوانة التي دون الأسطوانة المخلقة عند رأس النبي صلى الله عليه وآله وصل
ست ركعات أو ثمان ركعات واقرأ في كل ركعة الحمد وسورة واقنت في كل
ركعتين، فإذا فرغت منها استقبلت رسول الله صلى الله عليه وآله وقلت مودعا له عليه السلام:
" صلى الله عليك السلام عليك لا جعله الله آخر تسليمي عليك اللهم لا تجعله آخر
العهد " إلى آخر ما مر (4).

(1) كامل الزيارات ص 26.
(2) كامل الزيارات ص 27.
(3) الكافي ج 4 ص 563.
(4) الفقيه ج 2 ص 343 بتفاوت.
158

أقول: وجدت في بعض نسخ الفقه الرضوي على من نسب إليه السلام:
39 أروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: يستحب إذا قدم المدينة
مدينة الرسول صلى الله عليه وآله أن يصوم ثلاثة أيام فإن كان له بها مقام أن يجعل صومها في
يوم الأربعاء والخميس والجمعة (1).
40 وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من زار قبري حلت له شفاعتي ومن
زارني ميتا فكأنما زارني حيا.
ثم قف عند رأسه مستقبل القبلة وسلم وقل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا سيد الأولين والآخرين، السلام
عليك يا زين القيامة، السلام عليك يا شفيع القيامة، أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله بلغت الرسالة، وأديت الأمانة ونصحت أمتك
وجاهدت في سبيل ربك حتى أتاك اليقين صلى الله عليك وعلى أهل بيتك طبت
حيا وطبت ميتا، صلى الله عليك وعلى أخيك ووصيك، وابن عمك أمير المؤمنين وعلى
ابنتك سيدة نساء العالمين وعلى ولديك الحسن والحسين أفضل السلام وأطيب التحية
وأطهر الصلاة وعلينا منكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وتدعو لنفسك واجتهد في الدعاء للمؤمنين ولوالديك ثم تصلي عند أسطوانة
التوبة وعند الحنانة وفي الروضة وعند المنبر أكثر ما قدرت من الصلاة فيها.
وائت مقام جبرئيل وهو عند الميزاب إذا خرجت من الباب الذي يقال له
باب فاطمة عليها وهو الباب الذي بحيال زقاق البقيع فصل هناك ركعتين وقل:
يا جواد يا كريم يا قريب غير بعيد أسئلك بأنك أنت الله ليس كمثلك شئ أن تعصمني
من المهالك وأن تسلمني من آفات الدنيا والآخرة ووعثاء السفر وسوء المنقلب
وأن تردني سالما إلى وطني بعد حج مقبول وسعي مشكور وعمل متقبل ولا تجعله
آخر العهد من حرمك وحرم نبيك صلى الله عليه وآله.
ثم ائت قبور السادة بالبقيع ومسجد فاطمة فصل فيها ركعتين وزر قبر حمزة

(1) لم نجده في المطبوع باسم فقه الرضا (ع) عاجلا.
159

وقبور الشهداء ومسجد الفتح ومسجد السقيا ومسجد قبا فإن فيها فضلا كثيرا ومسجد
الخلوة وبيت علي بن أبي طالب ودار جعفر بن محمد عليهما السلام عند باب المسجد تصلي
فيها ركعتين.
ثم إذا أردت أن تخرج من المدينة تودع قبر النبي صلى الله عليه وآله تفعل مثل ما فعلت
في الأول تسلم وتقول: اللهم لا تجعل آخر العهد مني من زيارة قبر نبيك وحرمه
فاني اشهد أن لا إله إلا الله في حياتي إن توفيتني قبل ذلك وأن محمدا عبدك و
رسولك صلى الله عليه وآله.
ولا تودع القبر إلا وأنت قد اغتسلت أو أنت متوضئ إن لم يمكنك الغسل
والغسل أفضل (1).
ثم أقول: لما ذكرنا ما وصل إلينا من الروايات الواردة في كيفية زيارته صلى
الله عليه وآله نختم الباب بايراد ما الفه وأورده الشيخ الجليل المفيد، والسيد
النقيب علي بن طاوس، والشيخ السعيد الشهيد: ومؤلف المزار الكبير وغيرهم رضي
الله عنهم أجمعين واللفظ للمفيد:
41 قال: إذا وردت إن شاء الله مدينة النبي صلى الله عليه وآله فاغتسل للزيارة، فإذا
أردت الدخول فقف على الباب وقل: اللهم إني وقفت على باب بيت من
بيوت نبيك وآل نبيك عليه وعليهم السلام وقد منعت الناس الدخول
إلى بيوته إلا باذن نبيك، فقلت " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا
أن يؤذن لكم " اللهم وإني أعتقد حرمة نبيك في نبيك في غيبته كما أعتقد في حضرته و
أعلم أن رسلك وخلفاءك أحياء عندك يرزقون، يرون مكاني في وقتي هذا وزماني
ويسمعون كلامي في وقتي هذا، ويردون علي سلامي، وأنك حجبت عن سمعي
كلامهم وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم، فأني أستأذنك يا رب أولا واستأذن
رسولك صلواتك عليه وآله ثانيا، واستأذن خليفتك المفروض علي طاعته في
الدخول في ساعتي هذه إلى بيته، واستأذن ملائكتك الموكلين بهذه البقعة

(1) لم نجده في المطبوع باسم فقه الرضا (ع) عاجلا.
160

المباركة المطيعة لله السامعة، السلام عليكم أيها الملائكة الموكلون بهذه المشاهد
المباركة ورحمة الله وبركاته، بإذن الله وإذن رسوله وإذن خلفائه وإذنكم صلوات
الله عليكم أجمعين ادخل هذا البيت متقربا إلى الله بالله ورسوله محمد وآله الطاهرين
فكونوا ملائكة الله أعواني وكونوا أنصاري حتى أدخل هذا البيت وأدعو الله بفنون
الدعوات، وأعترف لله بالعبودية وللرسول ولأبنائه صلوات الله عليهم بالطاعة.
ثم ادخل مقدما رجلك اليمنى وأنت تقول: بسم الله وبالله وفي سبيل الله
وعلى ملة رسول الله، رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي
من لدنك سلطانا نصيرا.
ثم كبر الله تعالى مائة مرة.
وقال السيد ره بعد ذلك: فإذا دخل فليصل ركعتين تحية المسجد ثم
يمشي إلى الحجرة فإذا وصلها استلمها وقبلها وقال: السلام عليك يا رسول الله
السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله، السلام عليك يا خاتم
النبيين، اشهد أنك قد بلغت الرسالة وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت
بالمعروف ونهيت عن المنكر، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، فصلوات الله عليك
ورحمته وعلى أهل بيتك الطاهرين (1).
ثم قالوا: وقف عند الأسطوانة من جانب القبر الأيمن وأنت مستقبل القبلة
ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس
رسول الله صلى الله عليه وآله وقل: اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وآله، وأشهد أنك رسول الله وانك محمد بن عبد الله، واشهد أنك قد بلغت
رسالات ربك ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل الله حق جهاده، داعيا إلى طاعته
زاجرا عن معصيته، وأنك لم تزل بالمؤمنين رؤوفا رحيما وعلى الكافرين غليظا حتى
أتاك اليقين، فبلغ الله بك أشرف محل المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا بك
من الشرك والضلال، اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك

(1) مصباح الزائر ص 20 المزار الكبير ص 1413.
161

الصالحين وأنبياءك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ممن سبح لك يا رب العالمين
من الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك
وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون
والآخرون، اللهم امنحه أشرف مرتبة وأرفعه إلى أسنى درجة ومنزلة، وأعطه
الوسيلة والرتبة العالية الجليلة، كما بلغ ناصحا، وجاهد في سبيلك، وصبر على
الأذى في جنبك، وأوضح دينك، وأقام حججك وهدى إلى طاعتك، وأرشد إلى
مرضاتك، اللهم صل عليه وعلى الأئمة الأبرار من ذريته الأخيار من عترته
وسلم عليهم أجمعين تسليما، اللهم إني لا أجد سبيلا إليك سواهم ولا أرى شفيعا
مقبول الشفاعة عندك غيرهم بهم أتقرب إلى رحمتك وبولايتهم أرجو جنتك وبالبراءة
من أعدائهم آمل الخلاص من عذابك، اللهم فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة
ومن المقربين وارحمني يا ارحم الراحمين (1).
وقال السيد رضي الله عنه: ثم تلتفت إلى القبر وتقول: أسئل الله الذي اجتباك
وهداك وهدى بك أن يصلي عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين، ثم تلصق كفك
بحايط الحجرة وتقول: أتيتك يا رسول الله مهاجرا إليك قاضيا لما أوجبه الله
علي من قصدك، وإذ لم ألحقك حيا فقد قصدتك بعد موتك، عالما أن حرمتك ميتا
كحرمتك حيا فكن لي بذلك عند الله شاهدا.
ثم امسح كفك على وجهك وقل: اللهم اجعل ذلك بيعة مرضية لديك
وعهدا مؤكدا عندك تحييني ما أحييتني عليه وعلى الوفاء بشرايطه وحدوده وحقوقه
وأحكامه، وتميتني إذا أمتني عليه وتبعثني إذا بعثتني عليه (2).
انتهى ما تفرد به السيد.
ثم قالوا: ثم استقبل وجه النبي صلى الله عليه وآله واجعل القبلة خلف ظهرك والقبر
أمامك وقل: السلام عليك يا نبي الله ورسوله، السلام عليك يا صفوة الله وخيرته من

(1) المزار الكبير ص 1413 مصباح الزائر ص 2221.
(2) مصباح الزائر ص 22.
162

خلقه، السلام عليك يا أمين الله وحجته، السلام عليك يا خاتم النبيين وسيد المرسلين
السلام عليك أيها البشير النذير، السلام عليك أيها الداعي إلى الله والسراج المنير
السلام عليك وعلى أهل بيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، أشهد
أنك يا رسول الله أتيت بالحق وقلت بالصدق، الحمد لله الذي وفقني للايمان
والتصديق ومن علي بطاعتك واتباع سبيلك وجعلني من أمتك والمجيبين لدعوتك
وهداني إلى معرفتك ومعرفة الأئمة من ذريتك، أتقرب إلى الله بما يرضيك و
أبرأ إلى الله مما يسخطك، مواليا لأوليائك معاديا لأعدائك، جئتك يا رسول الله
زائرا وقصدتك راغبا متوسلا إلى الله سبحانه وأنت صاحب الوسيلة والمنزلة الجليلة
والشفاعة المقبولة والدعوة المسموعة، فاشفع لي إلى الله تعالى في الغفران والرحمة
والتوفيق والعصمة فقد غمرت الذنوب وشملت العيوب وأثقل الظهر وتضاعف الوزر
وقد أخبرتنا وخبرك الصدق أنه تعالى قال وقوله الحق " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم
جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " وقد جئتك يا
رسول الله مستغفرا من ذنوبي تائبا من معاصي وسيئاتي، وإني أتوجه إلى الله ربي
وربك ليغفر لي ذنوبي فاشفع لي يا شفيع الأمة وأجزني يا نبي الرحمة صلى الله
عليك وعلى آلك الطاهرين.
وتجتهد في المسألة ثم تستقبل القبلة بعد ذلك بوجهك وأنت في موضعك وتجعل
القبر من خلفك وتقول: اللهم إليك ألجأت أمري وإلى قبر نبيك ورسولك أسندت
ظهري وإلى القبلة التي ارتضيتها استقبلت بوجهي، اللهم إني لا أملك لنفسي خير
ما أرجو، ولا ادفع عنها شر ما أحذر، والأمور كلها بيدك، فأسئلك بحق محمد و
عترته وقبره الطيب المبارك وحرمه أن تصلي على محمد وآله، وأن تغفر لي ما سلف
من جرمي وتعصمني من المعاصي في مستقبل عمري، وتثبت على الايمان قلبي، وتوسع
علي رزقي وتسبغ علي النعم وتجعل قسمي من العافية أوفر قسم، وتحفظني في أهلي
ومالي وولدي وتكلاني من الأعداء وتحسن لي العاقبة في الدنيا ومنقلبي في الآخرة
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات إنك
163

على كل شئ قدير.
ثم اقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر إحدى عشرة مرة، ثم صر إلى مقام النبي
صلى الله عليه وآله وهو بين القبر والمنبر وقف عند الأسطوانة المخلقة التي تلي
المنبر واجعله ما بين يديك وصل أربع ركعات، فإن لم تتمكن فركعتين للزيارة.
فإذا سلمت منها وسبحت فقل: اللهم هذا مقام نبيك وخيرتك من خلقك
جعلته روضة من رياض جنتك وشرفته على بقاع ارضك برسولك، وفضلته به
وعظمت حرمته وأظهرت جلالته وأوجبت على عبادتك التبرك بالصلاة والدعاء
فيه، وقد أقمتني فيه بلا حول ولا قوة كان مني في ذلك إلا برحمتك، اللهم وكما
أن حبيبك لا يتقدمه في الفضل خليلك فاجعل استجابة الدعاء في مقام حبيبك أفضل
ما جعلته في مقام خليلك، اللهم إني أسئلك في هذا المقام الطاهر أن تصلي على محمد
وآل محمد وأن تعيذني من النار وتمن علي بالجنة وترحم موقفي وتغفر زلتي
وتزكي عملي وتوسع لي في رزقي وتديم عافيتي ورشدي وتسبغ نعمتك علي وتحفظني
في أهلي ومالي وتحرسني من كل متعد علي وظالم لي وتطيل عمري وتوفقني لما
يرضيك عني وتعصمني عما يسخطك علي اللهم إني إني أتوسل إليك بنبيك وأهل بيته
حججك على خلقك وآياتك في ارضك أن تستجيب لي دعائي وتبلغني في الدين والدنيا
أملي ورجائي، يا سيدي ومولاي قد سئلتك فلا تخيبني ورجوت فضلك فلا تحرمني
فأنا الفقير إلى رحمتك الذي ليس لي غير إحسانك وتفضلك فأسئلك أن تحرم
شعري وبشري على النار وتؤتيني من الخير ما علمت منه وما لم أعلم وادفع عني
وعن ولدي وإخواني وأخواتي من الشر ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم اغفر لي
ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات إنك على كل شئ قدير.
ثم ائت المنبر فامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلاوان وامسح بهما عينيك
ووجهك وقل عنده كلمات الفرج وقل بعدها: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، الحمد لله الذي عقد بك عز الاسلام وجعلك
مرتقى خير الأنام ومصعد الداعي إلى دار السلام، الحمد لله الذي خفض بانتصابك علو
164

الكفر وسمو الشرك وكس بك علم الباطل وراية الضلال اشهد أنك لم تنصب إلا
لتوحيد الله سبحانه وتمجيده وتعظيم الله وتحميده ولمواعظ عباد الله والدعاء إلى
عفوه وغفرانه، أشهد أنك قد استوفيت من رسول الله صلى الله عليه وآله بارتقائه في مراقبك
واستوائه عليك حظ شرفك وفضلك ونصيب عزك وذخرك ونلت كمال ذكرك
وعظم الله حرمتك، وأوجب التمسح بك، فكم قد وضع المصطفى صلى الله عليه وآله قدمه عليك
وقام للناس خطيبا فوقك، ووحد الله وحمده، وأثنى عليه ومجده وكم بلغ عليك
من الرسالة وادى من الأمانة وتلا من القرآن وقرأ من الفرقان وأخبر من الوحي
وبين الأمر والنهي وفصل بين الحلال والحرام وأمر بالصلاة والصيام وحث
العباد على الجهاد وأنبأ عن ثوابه في المعاد.
ثم قف في الروضة وهي ما بين المنبر والقبر وقل: اللهم إني هذه روضة
من رياض جنتك وشعبة من شعب رحمتك التي ذكرها رسولك وأبان عن فضلها و
شرف التعبد لك فيها، وقد بلغتنيها في سلامة نفسي فلك الحمد يا سيدي على عظيم
نعمتك علي في ذلك وعلى ما رزقتنيه من طاعتك وطلب مرضاتك وتعظيم حرمة
نبيك صلى الله عليه وآله بزيارة قبره والتسليم عليه والتردد في مشاهده ومواقفه، فلك الحمد
يا مولاي حمدا ينتظم به محامد حملة عرشك وسكان سمواتك لك ويقصر عنه حمد من
مضى ويفضل حمد من بقي من خلقك، ولك الحمد يا مولاي حمد من عرف الحمد لك والتوفيق
للحمد منك، حمدا يملا ما خلقت ويبلغ حيث ما أردت ولا يحجب عنك ولا ينقضي دونك
ويبلغ أقصى رضاك ولا يبلغ آخره أوائل محامد خلقك لك، ولك الحمد ما عرف
الحمد واعتقد وجعل ابتداء الكلام الحمد، يا باقي العز والعظمة ودائم السلطان
والقدرة وشديد البطش والقوة ونافذ الامر والإرادة وواسع الرحمة والمغفرة
ورب الدنيا والآخرة كم من نعمة لك علي يقصر عن أيسرها حمدي ولا يبلغ
أدناها شكري، وكم من صنايع منك إلي لا يحيط بكثرتها وهمي ولا يقيدها فكري
اللهم صل على نبيك المصطفى عين البرية طفلا وخيرها شابا وكهلا، أطهر المطهرين
شيمة وأجود المستمطرين ديمة وأعظم الخلق جرثومة، الذي أوضحت به الدلالات
165

وأقمت به الرسالات وختمت به النبوات وفتحت به باب الخيرات وأظهرته مظهرا
وابتعثته نبيا وهاديا أمينا مهديا داعيا إليك ودالا عليك وحجة بين يديك، اللهم
صل على المعصومين من عترته والطيبين من أسرته، وشرف لديك به منازلهم، و
عظم عندك مراتبهم، واجعل في الرفيق الاعلى مجالسهم، وارفع إلى قرب رسولك
درجاتهم، وتمم بلقائه سرورهم ووفر بمكانه أنسهم (1).
ثم صر إلى مقام جبرئيل عليه السلام وهو تحت الميزاب الذي إذا خرجت من الباب
الذي يقال له باب فاطمة عليها السلام بحيال الباب والميزاب فوقك والباب من وراء ظهرك فصل
ركعتين مندوبا وقل: يا من خلق السماوات وملاها جنودا من المسبحين له من ملائكته
والممجدين لقدرته وعظمته، وأفرغ على أبدانهم حلل الكرامات، وأنطق ألسنتهم
بضروب اللغات، وألبسهم شعار التقوى: وقلدهم قلائد النهي واجعلهم أوفر أجناس
خلقه معرفة بوحدانيته وقدرته وجلالته وعظمته، وأكملهم علما به وأشدهم
فرقا وأدومهم له طاعة وخضوعا واستكانة وخشوعا، يا من فضل الأمين جبرئيل عليه السلام
بخصائصه ودرجاته ومنازله واختاره لوحيه وسفارته وعهده وأمانته وإنزال كتبه
وأوامره على أنبيائه ورسله، وجعله واسطة بين نفسه وبينهم أسئلك أن تصلي على
محمد وآل محمد وعلى جميع ملائكتك وسكان سماواتك، أعلم خلقك بك وأخوف
خلقك لك وأقرب خلقك منك وأعمل خلقك بطاعتك، الذين لا يغشاهم نوم العيون
ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان، المكرمين بجوارك والمؤتمنين على وحيك المجتنبين
الآفات والموقين السيئات، اللهم واخصص الروح الأمين صلواتك عليه بأضعافها
منك وعلى ملائكتك المقربين وطبقات الكروبيين والروحانيين وزد في مراتبه
عندك وحقوقه التي له على أهل الأرض بما كان ينزل به من شرايع دينك وما بينته
على ألسنة أنبيائك من محلاتك ومحرماتك اللهم أكثر صلواتك على جبرئيل
فإنه قدوة الأنبياء وهادي الأصفياء وسادس أصحاب الكساء، اللهم اجعل وقوفي
في مقامه هذا سببا لنزول رحمتك علي وتجاوزك عني.

(1) مصباح الزائر ص 2524.
166

ثم قال: أي جواد أي كريم اي قريب أي بعيد أسئلك أن تصلي على محمد وآل
محمد وأن توفقني لطاعتك ولا تزيل عني نعمتك وأن ترزقني الجنة برحمتك وتوسع
علي من فضلك وتغنيني عن شرار خلقك وتلهمني شكرك وذكرك ولا تخيب يا رب
دعائي ولا تقطع رجائي بمحمد وآله (1).
ثم صل ركعتين عند أسطوانة أبي لبابة رضي الله عنه وهي أسطوانة التوبة
وقل بعدهما: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لا تهنى بالفقر ولا تذلني بالدين و
لا تردني إلى الهلكة واعصمني كي أعتصم واصلحني كي أنصلح واهدني كي أهتدي
اللهم أعنى على اجتهاد نفسي ولا تعذبني بسوء ظني ولا تهلكني وأنت رجائي، وأنت
أهل أن تغفر لي وقد أخطأت وأنت أهل أن تعفو عنى وقد أقررت وأنت أهل أن
تقيل وقد عثرت وأنت أهل أن تحسن وقد أسأت، وأنت أهل التقوى والمغفرة
فوفقني لما تحب وترضى، ويسر لي اليسير وجنبني كل عسير، اللهم أغنني
بالحلال من الحرام، وبالطاعات عن المعاصي، وبالغنى عن الفقر، وبالجنة عن
النار، وبالابرار عن الفجار، يا من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير وأنت
على كل شئ قدير (2).
تتمة في وداع النبي صلى الله عليه وآله.
فإذا أردت وداعه فائت قبره بعد فراغك من حوائجك واصنع مثل ما صنعت
عند وصولك أولا ثم قل: اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيك فان
توفيتني قبل ذلك فانى أشهد في مماتي على ما اشهد عليه في حياتي أن لا إله إلا أنت
وأن محمدا عبدك ورسولك وأنك قد اخترت من أهل بيته الأئمة الطاهرين الذين
أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا فاحشرنا معهم وفي زمرتهم وتحت لوائهم ولا تفرق
بيني وبينهم في الدنيا والآخرة يا ارحم الراحمين.

(1) نفس المصدر ص 2726
(2) نفس المصدر ص 27.
167

توضيح: قوله: عين البرية قال الفيروزآبادي: (1) عين الشئ خياره
والشيمة بالكسر الطبيعة والديمة بالكسر مطر يدوم في سكون بلا رعد وبرق
وجرثومة الشئ بالضم أصله قوله: وأظهرته مظهرا: المظهر بالفتح المصعد اي بنيته
ورفعته على مصعد عظيم من العلو والشرف ويمكن أن يقرأ بضم الميم اي أظهرته
حال كونه مظهرا لمعارفك وأحكامك.
أقول: يتأكد زيارته صلى الله عليه وآله في الأيام الشريفة والأوقات والأزمان المتبركة
لا سيما الأوقات التي لها اختصاص به عليه السلام.
كيوم ولادته وهو السابع عشر من ربيع الأول، وقيل: الثاني عشر منه و
الأول أظهر وأشهر.
ويوم وفاته وهو الثامن والعشرون من شهر صفر، ويوم مبعثه وهو السابع
والعشرون من رجب، والأيام التي نصره الله فيها على أعدائه أو نجاه من شرهم كيوم
فتح بدر وهو السابع عشر من شهر رمضان، ويوم فتح مكة وهو العشرون من
شهر رمضان، ويوم غزوة أحد أحد وهو سابع عشر شوال، ويوم فتح خيبر وهو الرابع
والعشرون من رجب، وساير فتوحاته على ما مر ذكرها في كتاب تاريخه، ويوم
مباهلته مع نصارى نجران وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة وقيل: الخامس
والعشرون منه، وليلة هجرته من مكة وهي أول ليلة من ربيع الأول، ويوم دخوله
المدينة وهو الثاني عشر من ربيع الأول، ويوم خروجه من شعب أبى طالب وهو
منتصف رجب، وليلة حمل أمه به وهي ليلة تسع عشرة من جمادى الآخرة، وليلة
معراجه وهي الحادي والعشرون من شهر رمضان وقيل: تاسع ذي الحجة، وقيل
سابع عشر ربيع الأول، ويوم تزوجه بخديجة رضي الله عنها وهو عاشر شهر
ربيع الأول.
وكذا يستحب فيه زيارة خديجة، وكذا ساير الأيام والليالي المختصة
به، وقد بيناها في مجلد أحواله صلى الله عليه وآله.

(1) القاموس ج 4 ص 251.
168

أقول: وجدت في نسخة قديمة من مؤلفات بعض أصحابنا هذه الزيارة باختلاف
كثير فأوردتها أيضا لاشتمالها على فوائد كثيرة.
42 قال بعد تقديم بعض الأدعية المتقدمة: ثم تمشي إلى الأسطوانة التي
عند زاوية الحجرة وأنت مستقبل القبلة فان هناك موضع رأس النبي صلى الله عليه وآله ثم
تقول: اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
واشهد أنك رسول الله وأشهد أنك محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وأشهد أنك قد بلغت
الرسالة وأديت الأمانة ونصحت لامتك ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجاهدت في الله حق جهاده وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين وأنك
صدعت بأمر ربك وأديت الذي كان عليك من الحق وأنك قد رؤفت بالمؤمنين
وغلظت على الكافرين، فبلغ الله بك أشرف محل المكرمين وأرفع درجات المرسلين
وصلى الله عليك وعلى آلك الطاهرين، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك إلى
الاسلام ومن الكفر إلى الايمان ومن الضلالة إلى الهدى، فجزاك الله أفضل ما
جزى نبيا عن أمته، وصلى عليك أفضل ما صلى على نبي من أنبيائه ورسله، وسلم
عليك أفضل ما سلم على أحد من ملائكته وأهل طاعته، اللهم اجعل أفضل صلواتك
وأنمى بركاتك وأزكى تحياتك وصلوات ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين
وعبادك الصالحين وأهل طاعتك أجمعين من أهل السماوات وأهل الأرضين و
من سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك
وأمينك على وحيك ونجيبك وحبيبك وصفيك وصفوتك من بريتك وخاصتك في
خليقتك وعلى أهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيرا
اللهم أعطه الدرجة العليا وآته الوسيلة الشريفة وابعثه اللهم المقام المحمود حتى
يغبطه الأولون والآخرون: اللهم امنحه أشرف محل ومرتبة وأرفع منزله ودرجة
وأسنى كرامة وفضيلة كما بلغ ناصحا ووعظ زاجرا ورغب راحما وحذر مشفقا
وجاهد في سبيلك وصبر على الأذى في جنبك حتى أوضح دينك وأقام حجتك وهدى
إلى طاعتك وأرشد إلى مرضاتك، اللهم صل على الأئمة الأبرار من ذريته والأوصياء
169

الأخيار من عترته والخلفاء الراشدين من أهل بيته اللهم إني لا أجد طريقا إليك
سواهم ولا أرى شفيعا مقبول الشفاعة عندك غيرهم فبهم أتقرب إلى رحمتك، و
بموالاتهم أرجو جنتك، وبالبراءة من أعدائهم أؤمل الخلاص من عقوبتك، اللهم
اجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين.
ثم التفت إلى القبر وقل: أسئل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك و
أنقذنا بك أن يصلى عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين صلاة لا يحصيها إلا الله رب
العالمين ابد الآبدين ودهر الداهرين.
ثم الصق كفيك بحائط الحجرة ثم قل: أتيتك يا رسول الله مهاجرا إليك
قاضيا لما أوجبه الله علي من قصدك وإذ لم ألحقك حيا ففد قصدتك بعد موتك عالما
أن حرمتك ميتا كحرمتك حيا فكن بذلك عند الله شاهدا.
ثم امسح يدك على وجهك وقل: اللهم اجعل ذلك بيعة مرضية لديك و
عهدا مؤكدا عندك تحييني ما أحييتني عليه وعلى الوفاء بشرائطه وحدده وأحكامه
وحقوقه ولوازمه، وتميتني إذا أمتني عليه وتبعثني يوم تبعثني عليه وتزيدني قوة
في اليقين وفقها في الدين وتملا قلبي من محبة محمد وآله الطاهرين.
ثم اجعل القبلة خلف ظهرك، وتجعل القبر أمامك وتقول: السلام
عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام
عليك يا حجة الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله، السلام عليك يا خاتم النبيين
السلام عليك يا سيد المرسلين، السلام عليك أيها البشير النذير السلام عليك أيها
الداعي إلى الله باذنه والسراج المنير، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين
وعلى عترتك المنتجبين، السلام عليك وعلى أصحابك الراشدين، السلام عليك
وعلى الأئمة الهادين، السلام عليك وعلى أنبياء الله ورسله والملائكة أجمعين
اشهد يا رسول الله أنك قد أتيت بالحق وقلت الصدق، فمن أطاعك أطاع الله ومن
عصاك عصى الله، الحمد لله الذي وفقني للايمان بك والتصديق بنبوتك ومن علي بطاعتك
واتباع ملتك وجعلني من أمتك المجيبين لدعوتك وهداني لمعرفتك ومعرفة الأئمة
170

من ذريتك، يا رسول الله إني أتقرب إلى الله بما يرضيك وأبرء إلى الله مما
يسخطك أنا موال لأوليائك ومعاد لأعدائك، جئتك يا رسول الله زائرا، وقصدتك
راغبا متوسلا بك إلى الله وأنت صاحب الوسيلة والفضيلة والمنزلة الجليلة والشفاعة
المقبولة والدعوة المسموعة فاشفع لي إلى الله عز وجل في الرحمة والتوفيق و
العصمة والتسديد فقد غمرتني الذنوب وشملتني العيوب وكثرت الآثام وتضاعفت
الأوزار وأثقلت الخطايا ظهري وأفنت المعاصي عمري، وقد أخبرتنا وخبرك الصدق
عن الله تعالى أنه قال وقوله الحق " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا
الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " وها أنا يا رسول الله قد جئت إليك
مستغفرا من ذنوبي تائبا من معاصي نادما على سيئاتي تائبا من خطاياي متوجها
بك إلى الله فاشفع لي يا شفيع الأمة وأجرني يا نبي الرحمة واستغفره يغفر لي
واسترحمه يرحمني ويتوب علي واسئله سماع ندائي وإجابة دعائي.
ثم اقرأ سورة القدر أحد عشر مرة ثم توجه إلى القبلة فهي وجه الله وقل:
اللهم إليك ألجأت ارمي وإلى قبر نبيك محمد أسندت ظهري وإلى القبلة التي ارتضيت
لمحمد استقبلت بوجهي، اللهم إني لا أملك لنفسي خير ما أرجو ولا ادفع عنها
شرما أحذر والأمور كلها بيدك ولا فقير أفقر مني إني لما أنزلت إلي من خير
فقير، اللهم إني أعوذ بك أن تبدل اسمي أو تغير جسمي، أو تزيل نعمتك عني
اللهم زيني بالتقوى وجملني بالنعمة واغمرني بالعافية وارزقني شكر العافية
اللهم إني أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تغفر لي سالف جرمي وتعصمني
من المعاصي في مستقبل عمري وتثبت على الايمان قدمي وتزينني به وتديم هدايتي
ورشدي وتوسع علي رزقي وأن تسبغ علي النعمة، وأن تجعل قسمي من
العافية أوفر القسم وتحفظني في أهلي ومالي وولدي، وتكلاني من الأعداء وتحسن
عاقبتي في الدنيا ومنقلبي في الآخرة إنك سميع الدعاء، اللهم واغفر لي وارحمني و
أوجب لي رحمتك كما أوجبت لمن لقي نبيك في حياته وأقر له بذنوبه ودعا له
171

نبيك فغفرت له واجعلني بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين
اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات
إنك على كل شئ قدير.
ثم ائت المنبر وامسحه بيدك وامسح بهما عينيك ووجهك وتقول: لا إله إلا
الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع
ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن وما فوقهن وهو رب
العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين اللهم اجعل النور
في بصري والايمان في قلبي والنصيحة في صدري والاخلاص في عملي وذكرك
بالليل والنهار على لساني، ورزقا واسعا حلالا غير ممنون ولا محظور فارزقني
وبارك لي فيما رزقتني واغفر لي وارحمني برحمتك يا ارحم الراحمين.
ثم ائت مقام النبي صلى الله عليه وآله وهو الروضة وصل فيه ركعتين فإذا سلمت سبحت
تسبيح الزهراء عليها السلام ثم قال: اللهم إن هذا مقام نبيك وحبيبك وخيرتك من
خلفك جعلته روضة من رياض جنتك وشرفته على بقاع ارضك برسولك وفضلت
وعظمت وأظهرت جلالته وأوجبت على عبادك التبرك بالدعاء والصلاة فيه وقد
أقمتني بلا حول ولا قوة كان مني في ذلك إلا بتوفيقك وعونك وإحسانك، اللهم
إن حبيبك لا يتقدمه في الفضل خليلك فاجعل إجابة دعائي في مقام حبيبك أفضل
ما جعلته في مقام خليلك، اللهم إني أسئلك في هذا المقام الطاهر أن تصلى على
محمد وآل محمد وأن تمن علي بالجنة وتنجيني من النار تفضلا منك وكرما وأن
توسع علي من الرزق الحلال الطيب وتكلاني من كل متعد وظالم لي وتطيل
لي في طاعتك عمري وتوفقني لما يرضيك عني وتعصمني عما يسخطك علي وتحفظني
في نفسي وديني ومالي وأهلي وولدي وإخوتي وتمكر بمن مكر بي وتديم عافيتي
ورشدي، وتسبغ نعمتك علي وعندي، وتعجل عقوبة من أظهر ظلامتي
اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وبأهل بيته حجتك على خلقك
وأمنائك على بلادك وأن تستجيب لي دعائي وتبلغني في الدنيا والآخرة أملي و
172

رجائي، يا سيدي ومولاي وقد سئلتك فلا تخيبني ورجوت ما عندك فلا تحرمني
وإنما أنا عبدك وفي قبضتك، اللهم إني أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن
تحرم شعري وبشري وجسدي على النار، وأن تؤتيني من الخير ما علمت منه
وما لم أعلم، وأن تصرف عني من الشر ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم اغفر لي
ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات إنك على كل شئ قدير.
ثم ائت مقام جبرئيل عليه السلام وقل: ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا
بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا و
آتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، أي جواد أي
كريم اي قريب اي بعيد أسئلك أن تصلى على محمد وآل محمد وأن لا تغير نعمتك عني
وأن تكفيني شرار خلقك وأن تستجيب دعائي وتسمع ندائي يا سيدي ومولاي
اللهم صل على ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين وعبادك الصالحين وصل على
الأمين جبرائيل الذي نزل بالقرآن العظيم على قلب نبيك خاتم النبيين والسلام
عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم وأكثر صلواتك على جبرائيل فإنه قدوة الأولياء
وهادي الأصفياء وسادس أصحاب الكساء، اللهم اجعل وقوفي هذا سببا لنزول رحمتك
علي وتجاوزك عني وعن والدي وعن إخواني المؤمنين برحمتك يا ارحم الراحمين.
43 من المزار الكبير زيارة أخرى له صلى الله عليه وآله أملاها على النصير أدام الله عزه
تقف عند الأسطوانة التي تلي رأس النبي صلى الله عليه وآله وتقول: السلام عليك يا رسول الله
السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا أمين الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام
عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك
يا محمد، السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا ماحي، السلام عليك يا عاقب
السلام عليك يا بشير، السلام عليك يا نذير، السلام عليك يا طهر، السلام عليك
يا طاهر، السلام عليك يا أكرم ولد آدم، السلام عليك يا خاتم النبيين، السلام
عليك يا رسول الله رب العالمين، السلام عليك يا قائد الخير، السلام عليك يا فاتح البر
السلام عليك يا نبي الرحمة، السلام عليك يا سيد الأمة، السلام عليك يا قائد الغر
173

المحجلين، السلام عليك يا خير خلق الله أجمعين، السلام عليك يا ذا الوجه الأقمر
والجبين الأزهر والطرف الأحور والحوض والكوثر والشفاعة في المحشر، السلام
عليك وعلى ابن عمك المرتضى، السلام عليك وعلى ابنتك فاطمة الزهراء، السلام
عليك وعلى خديجة الكبرى، وعلى ولديك الحسن والحسين، السلام عليكم يا أهل
بيت النبوة ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وخزان العلم، ومنتهى الحلم
وقادة الأمم، وأولياء النعم، وعناصر الأبرار، ودعائم الأخيار، وصفوة الملك
الجبار، وصفوة المرسلين، وخيرة رب العالمين، أسئل الله عز وجل أن يجزيك
عنا أكرم ما جزى نبيا عن أمته وصلى الله عليك، بعدد ما ذكره الذاكرون و
كلما أغفل عن ذكره الغافلون، وصلى الله عليك بعدد ما أحاط به علم الله وجرى
به قلم، وصلى الله عليك في كل وقت وأوان، وصلى الله عليك في كل حين وزمان
وصلى الله عليك صلاة يهتز لها عرش الرحمن وترضى بها ملائكة الله صلاة توجب
لقائلها الجنة وتحقق لها الإجابة حتى تزيده إيمانا وتثبيتا ورحمة وغفرانا، صلى
الله عليك كما استنفذنا بك من الضلالة وبصرنا بك من العمى وهدانا بك من
الجهالة، اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك عبده ورسوله و
أمينه وصفيه وخيرته من خلقه، واشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة
ونصحت للأمة وجاهدت عدو الله وعبدت الله حتى أتاك اليقين، واشهد أن الجنة
حق والنار حق والموت حق والبعث حق والميزان حق والصراط حق فاشهد لي
بهذه الشهادة (1).
وإن كان نائبا عن أحد قال: السلام عليك يا رسول الله عن فلان بن فلان
ويقرأ فاتحة الكتاب ويقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم يقول: اللهم إنك قلت " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا
الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " اللهم إنا قد سمعنا قولك

(1) المزار الكبير ص 15 نسخة مكتبة الإمام (ع).
174

وأطعنا أمرك وقصدنا نبيك مستشفعين به إليك من ذنوبنا وما أثقل ظهورنا من
أوزارنا تائبين من زللنا معترفين بخطايانا مستغفرين من كل ذنب اكتسبناه بأعيننا
ونسئلك التوبة ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بألسنتنا، ونسئلك التوبة و
نستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بأيدينا، ونسئلك التوبة ونستغفرك من كل ذنب
اكتسبناه ببطوننا، ونسئلك التوبة، ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بفروجنا
ونسئلك التوبة ونستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بأرجلنا، ونسئلك التوبة و
نستغفرك من كل ذنب اكتسبناه بقلوبنا، اللهم فاغفر لنا ذنوبنا قديمها وحديثها صغيرها
وكبيرها عمدها وخطأها سرها وعلانيتها أولها وآخرها ما علمت منها وما لم أعلم فتب
علينا واغفر لنا وارحمنا وشفع نبيك فينا وارفعنا بمنزلته عندك وحقه عليك فاغفر لنا
ما تقدم من الزلل قبل انقضاء الأجل.
ثم ادع بما بدالك وأكثر من الصلاة عنده صلى الله عليه وآله فان الصلاة الواحدة تعدل
عشرة الف صلاة، الدرهم هناك بعشرة آلاف درهم (1).
44 زيارة أخرى له صلى الله عليه وآله إذا وقفت عليه صلى الله عليه وآله تقول: السلام عليك يا
رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا امين الله، السلام عليك يا
نبي الله، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين، السلام عليك يا نبي
الرحمة، وقائد الخير والبركة، وداعي الخلق إلى طريق النجاة والمغفرة
السلام عليك يا نبي الهدى وسيد الورى، ومنقذ العباد من الضلالة والردى
السلام عليك يا صاحب الخلق العظيم والشرف العميم والآيات والذكر
الحكيم، السلام عليك يا صاحب المقام المحمود والحوض المورود واللواء
المشهود، السلام عليك يا منهج دين الاسلام والايمان وصاحب القبلة والفرقان
وعلم الصدق والحق والاحسان، السلام عليك يا صفوة الأنبياء وعلم الأتقياء
ومشهور الذكر في الأرض والسماء، السلام عليك يا أبا القاسم ورحمة الله و
بركاته، اشهد أنك رسول الله العزيز على الله، والنبي المصطفى، والحبيب المجتبى

(1) المزار الكبير ص 1815.
175

والأمين المرتضى، والشفيع المرتجى، المبعوث حين الفترة ودروس الدين و
الملة، بالنور الباهر والكتاب الزاهر والامر المرضى والبيان الجلي والمنهاج
البدئ، أكرم العالمين حسبا، وأفضلهم نسبا، وأجملهم منظرا، وأسخاهم كفا
وأشجعهم قلبا، وأكملهم حلما، وأكثرهم علما، وأثبتهم أصلا وأعلاهم ذكرا
وأسناهم ذخرا، وأبذخهم شرفا، وأحمدهم وصفا، وأوفاهم بالعهد، وأنجزهم
للوعد، من شجرة أصلها راسخ في الثرى وفرعها شامخ في العلى، قد بشرت بك
قبل مبعثك الأنبياء وهتفت بصفاتك الأوصياء، وصرخت بنعوتك العلماء وكتب
الله المنزلة على رسله من الأمم الماضية والقرون الخالية تنطق بتعظيم ناموسك و
شرعك وتفخيم آياتك وأعلامك وفضل أوانك وزمانك، وكان مستقرك خير مستقر
ومستودعك خير مستودع، وأنك سليل الاعلام والقروم الذادة تنشأ في
معادن الكرامة ومماهد السلامة، وتكون بين العلامة بين الوسامة بين كتفيك شامة
يعرفك بها المستودعون للعلم أنك الموفق الرشيد والمبارك السعيد والميمون
السديد وأن رأيتك منصورة وأعلامك رضية مشهورة وفرائضك مهذبة وسننك
نقية، وأنك أحسن العالمين خلقا وخلقا وأشرفهم أصلا وأكرمهم فعلا وأسناهم
خطرا وأوفاهم عهدا وأوثقهم عقدا، اشهد أن الله أخرجك من أكرم المحامد و
أفضل المنابت ومن أمنعها ذروة وأعزها أرومة وأعظمها جرثومة وأفضلها مكرمة
وأشرفها منقبة وأشهرها جلالة وأرفعها علوا وأعلاها سموا، من دوحة باسقة الفرع
مثمرة الحق مورقة الصدق طيبة العود مسعدة الجدود مغروسة في الحلم عالية في ذروة
العلم، اشهد أن الله بعثك رحمة للخلق ورأفة بالعباد وغيثا للبلاد وتفضلا على
من فوق الأرض لينيلهم بك خيره ويمنحهم بك فضله ويكرمهم بدعوتك ويهديهم
بنبوتك ويبصرهم من العمى بك ويستنقذهم من الردى باتباعك، وجعل سيرتك
القصد وكلامك الفصل وحكمك العدل، اشهد أن الله أكرمك بالروح الأمين
والنور المبين والكتاب المستبين وختم بك العباد وطوى بك الأسباب وأزجى بك
السحاب وسخر لك البراق وأسرى بك إلى السماء وأرقى بك في علو العلاء وأصعدك
176

إلى الملاء الاعلى وأحظاك بالزلفة الأدنى وأراك الآية الكبرى عند سدرة المنتهى
عندها جنة المأوى ما زاغ بصرك وما طغى وما كذب فؤادك ما رأى، اشهد أنك
أتيت بالأعلام القاهرة والآيات الباهرة والمفاخر الظاهرة وبلغت الرسالة وأديت
الأمانة ونصحت الأمة وأوضحت المحجة وتلوت عليها الكتاب والحكمة وبينت
لها الشريعة وخلفت فيها الكتاب والعترة وأكدت عليها بهما الحجة، أشهد أنك
المبعوث على حين فترة من الرسل وحيرة من الأمم وتمكن من الجهل وارتفاع
من الحق وغلبة من العمى وشدة من الردى واعتساف من الجور وامتحاء من الدين
وتسعر من الحروب والبأس، والدنيا متنكرة لأهلها منقلبة على أبنائها ثمرها الفتن و
طعام أهلها الجيف وشعارها الخوف ودثارها السيف، قد مزقت أهلها كل ممزق وطردتهم
كل مطرد وأعمت عيونهم وأشجت قلوبهم وشغلتهم بقطع الأرحام وعبادة الأصنام
وخدمة النيران، واستأصلت الكفر وهدمت الشرك ومحقت الضلالة، ونفيت
الجهالة، وكشف الله عنهم بك البلاء، ورد عن ديارهم بك الأعداء، ورفع من بينهم
العداوة والبغضاء، وألف بين قلوبهم وأعاد الرحمة إلى صدورهم وفتح الله عليهم
أبواب النعم وألبسهم حلل العز والكرم (1).
ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: اللهم إنك ندبت المؤمنين إلى الصلاة
على رسولك محمد صلى الله عليه وآله فقلت: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " اللهم صل على عبدك المنتجب ونبيك المقرب
ورسولك المكرم وشاهدك المعظم، سيد الأنبياء وقدوة الأصفياء وعلم الأتقياء
واجعله أفضل النبيين عندك عطاء، وأفضلهم لديك حباء، وأعظمهم عندك منزلة
وأرفعهم لديك درجة، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك صلاة تشاكل جلالته
في النبيين، وتضارع فضله في الصالحين، وتوازي شرفه في المتقين، وتعلي علوه
في الصالحين، ونموه في المهتدين، وارتفاعه في النبيين، اللهم صل على محمد عبدك

(1) المزار الكبير ص 2018.
177

المصطفى، وحبيبك المجتبى نبي الرحمة وخازن المغفرة وقائد الخير والبركة و
منقذ العباد من الهلكة، وداعيهم إلى دينك القيم بأمرك أول النبيين ميثاقا وآخرهم
مبعثا، الذي غمست نوره في بحر الفضيلة والمنزلة الجليلة والدرجة الرفيعة وأودعته
الأصلاب الطاهرة ونقلته بها إلى الأرحام المطهرة لطفا منك وتحننا لك عليه، اللهم صل
على محمد وآل محمد كما وفى بعهدك وبلغ رسالتك وقاتل المشركين على توحيدك وجاهد
في سبيلك ودعا إليك وقطع رسم الكفر في أعوان دينك ولبس ثوب البلوى في مجاهدة
أعدائك، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأمينك على وحيك وخيرتك من
خلقك، وصفوتك من بريتك، البشير النذير السراج المنير، الداعي إليك والدليل
عليك والصادع بأمرك والناصح لعبادك، أفضل ما صليت على أنبيائك ورسلك وحججك
اللهم صل على محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وإمام المتقين وأفضل الخلق
أجمعين من الأولين والآخرين، اللهم صل على محمد وآل محمد واخصص محمدا من
عطاياك بأفضلها، ومن مواهبك بأسناها وأجزلها، كما نصب لأمرك نفسه وعرض
للمكروه فيك بدنه وكاشف في الدعاء إليك أسرته وأدأب نفسه في تبليغ رسالتك
وأتعبها في الدعاء إلى ملتك، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك
ونجيك وصفيك وحبيبك ونجيبك وخليلك وخيرتك من خلقك أفضل ما صليت
على أحد من أنبيائك ورسلك وأهل الكرامة عليك، اللهم صل على محمد وآل
محمد وأعط محمدا درجة الوسيلة وشرف الفضيلة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون
والآخرون، اللهم صل على محمد وآل محمد وأعط محمدا من كل كرامة أفضل تلك
الكرامة، ومن كل نعيم أوفر ذلك النعيم، ومن كل يسر أنضر ذلك اليسر، ومن
كل عطاء أفضل ذلك العطاء، ومن كل قسم أجزل ذلك القسم، حتى لا يكون
أحد من خلقك أقرب منه عندك منزلة ولا أوجب لديك كرامة ولا أعظم عليك حقا
منه، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك العظيم حرمته القريب منزلته الرفيع
درجته والشريف ملته والجليل قبلته والمختار دينه وشرعه والزاكي أصله و
فرعه، صلاة تستفرغ وسع المصلين عليه وتعيى مجهود المتقربين بحب عترته إليه
178

اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين وعبادك الصالحين
وأهل السماوات وأهل الأرضين ومن سبح لك أو يسبح لك يا رب العالمين من
الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونجيك وحبيبك وخاصتك وصفوتك
من خلقك، اللهم كرم مقامه وعظم برهانه وشرف بنيانه وبيض وجهه وأعل
كعبه وارفع درجته وتقبل شفاعته في أمته، اللهم صل على محمد وآل محمد كأفضل
ما صليت وباركت وترحمت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد، اللهم إنك قلت لنبيك في كتابك " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا
الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " وإني أتيتك وأتيت نبيك
نبي الرحمة تائبا من ذنوبي فأعتقني من النار وارحمني بتوجهي إليك به، اللهم
صل على محمد وآل محمد واخصص محمدا بأفضل صلواتك ونوامي بركاتك وفواتح
خيراتك وبلغ محمدا منا السلام والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ذكر صلاة الزيارة: تصلي صلاة الزيارة وصفتها أن تنوي بقلبك: أصلي صلاة
الزيارة مندوبا قربة إلى الله تعالى وتقرأ فيها بعد الحمد ما تيسر لك من السور
وإن قدرت على سورة الرحمن ويس فافعل فالفضل فيهما.
فإذا فرغت منها فادع لنفسك ولأهلك ولاخوانك المؤمنين وتدعو
بما أحببت.
فإذا فرغت من الدعاء والصلاة فقم وزر أيضا بهذه الزيارة تقول وأنت مسند
ظهرك إلى القبر: اللهم إليك ألجأت أمري وبقبر نبيك أسندت ظهري وقبلتك التي
رضيت لمحمد صلى الله عليه وآله استقبلت بوجهي، اللهم لا تبدل اسمي ولا تغير جسمي ولا تستبدل
بي غيري أصبحت وأمسيت لا أملك لنفسي خير ما أرجو ولا اصرف عنها شيئا مما احذر
عليها إلا بك وحدك لا شريك لك، اللهم ردني منك بخير إنه لا راد لفضلك، اللهم
ثبتني بالتقوى وجملني بالعافية وارزقني شكر العافية إنك على كل شئ قدير (1).

(1) المزار الكبير ص 2220.
179

بيان: الحور في العين شدة بياض العين في شدة سوادها، والأرومة بالفتح
أصل الشجرة، والجرثومة: بالضم الأصل، والدوحة الشجرة العظيمة، والباسقة
الطويلة.
45 ثم قال في المزار الكبير: سئل الصادق جعفر بن محمد عليه السلام عن مقام
جبرئيل عليه السلام فقال: تحت الميزاب الذي إذا خرجت من الباب الذي يقال له باب
فاطمة بحيال الباب والميزاب فوقك والباب من وراء ظهرك.
فان قدرت أن تصلي فيه ركعتين مندوبا فافعل فإنه لا يدعو أحد هناك إلا
استجيب له ثم قال: فإذا أردت وداعه صلى الله عليه وآله فسلم عليه كما فعلت أول مرة وقل
السلام عليك يا رسول الله أستودعك الله واسترعيك وأقرأ عليك السلام آمنت بالله
وبما جئت به ودللت عليه اللهم لا تجعله آخر العهد مني لزيارة قبر نبيك فان
توفيتني قبل ذلك فاني اشهد في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي اشهد أن لا إله
إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله (1).
46 كتاب محمد بن المثنى بن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن حد المسجد فقال: من الأسطوانة إلى عند الرأس
إلى الأسطوانتين إلى عند الرأس إلى الأسطوانتين من وراء المنبر عن يمين القبلة، وكان
وراء المنبر طريق تمر فيه الشاة أو يمر الرجل منحرفا، وزعم أن ساحة المسجد
إلى البلاطة من المسجد، وسألته عن بيت علي فقال: إذا دخلت من الباب فهو من
عضادته اليمنى إلى ساحة المسجد وكان بينه وبينها بيت نبي الله خوخة (2).

(1) نفس المصدر: 23.
(2) كتاب محمد بن المثنى ص 8988 من الأصول الستة عشر.
180

2.
* (باب) *
* " (زيارته صلى الله عليه وآله من البعيد) " *
1 - أمالي الصدوق: الأسدي، عن محمد بن أبي بكر، عن عبد الله بن يوسف، عن أبي
إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري والأعمش، عن عبد الله بن السايب، عن زادان
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله ملائكة سياحين في الأرض
يبلغونني عن أمتي السلام (1).
2 - أمالي الطوسي: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال
عن العباس بن عامر، عن بشر بن بكار، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: إن لله ملكا من الملائكة سأل الله أن يعطيه سمع العباد فأعطاه
الله فذلك الملك قائم حتى تقوم الساعة ليس أحد من المؤمنين يقول صلى الله عليه محمد
وآله وسلم إلا قال الملك: وعليك. ثم يقول الملك يا رسول الله إن فلانا يقرئك
السلام فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله: وعليه السلام (5).
3 - قرب الإسناد: ابن أبي الخطاب، عن البزنطي قال: قلت للرضا عليه السلام: كيف
الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله في دبر المكتوبة وكيف السلام عليه؟ فقال: السلام
عليه تقول: " السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا محمد
ابن عبد الله السلام عليك يا خيرة الله، السلام عيك يا حبيب الله، السلام عليك
يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله، اشهد أنك رسول الله، واشهد أنك محمد بن
عبد الله، واشهد أنك قد نصحت لامتك وجاهدت في سبيل ربك وعبدته حتى أتاك
اليقين فجزاك الله يا رسول الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته اللهم صل على محمد و
آل محمد أفضل ما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (3).

(1) أمالي الصدوق ص 312.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 67.
(3) قرب الإسناد ص 169.
181

4 - أمالي الطوسي: المفيد، عن محمد بن الحسين البزوفري، عن أبيه، عن عبد الله بن
دبران البجلي، عن الحسن بن أبي عاصم، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلم علي في شئ من الأرض
أبلغته، ومن سلم علي عند القبر سمعته (1).
5 - كامل الزيارة: محمد الحميري، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن علي بن الحكم
عن ابن عميرة، عن الحضرمي قال: أمرني أبو عبد الله عليه السلام أن أكثر الصلاة في مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله ما استطعت، وقال: إنك لا تقدر عليه كلما شئت وقال لي: تأتي
قبر رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقلت: نعم فقال: أما إنه يسمعك من قريب ويبلغه عنك إذا
كنت نائيا (2).
توضيح: قوله: إنك لا تقدر عليه كلما شئت، اي اغتنم المسجد والصلاة فيه
إنه لا يتيسر لك إتيان هذا المسجد في كل وقت أردت فان التوفيق عزيز والمانع
عن الخير كثير ويحتمل على بعد أن يكون الضمير راجعا إلى الاكثار اي لا تقدر
على الاكثار فان كلما فعلت فهو قليل في فضل هذا المسجد.
4 - كامل الزيارة: باسناده عن ابن عميرة، عن عامر بن عبد الله قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: إني زدت جمالي دينارين أو ثلاثة على أن يمر بي على المدينة فقال:
قد أحسنت ما أيسر هذا تأتي قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وتسلم عليه أما إنه ليسمعك من
قريب ويبلغه عنك من بعيد (3).
7 كل: العدة، عن سهل، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عثمان، عن
إسحاق بن عمار أن أبا عبد الله عليه السلام قال لهم: مروا بالمدينة فسلموا على
رسول الله صلى الله عليه وآله من قريب وإن كانت الصلاة تبلغه من بعيد (4).
8 - الكافي: العدة عن أحمد، عن الأهوازي، عن فضالة، عن ابن وهب قال

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 104.
(2) كامل الزيارات ص 12.
(3) كامل الزيارات ص 12.
(4) الكافي ج 4 ص 552.
182

قال أبو عبد الله عليه السلام: صلوا إلى جانب قبر النبي صلى الله عليه وآله وإن كانت صلاة المؤمنين
عنه عليه السلام مثله (2).
9 كتاب محمد بن المثنى، عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي
عنه عليه السلام مثله (2).
بيان: الظاهر أن المراد بالصلاة في الموضعين الافعال المعلومة فيدل على
رجحان الصلاة للنبي صلى الله عليه وآله في كل مكان وكون المراد بالصلاة في الثاني غيرها
في الأول مستبعد جدا.
10 كتاب الفصول: قال الشيخ المفيد: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلم علي
من عند قبري سمعته ومن سلم علي من بعيد بلغته (3).
11 أقول: قال المفيد والسيد والشهيد في زيارة البعيد: إذا أردت ذلك
فمثل بين يديك شبه القبر واكتب عليه اسمه وتكون على غسل ثم قم قائما وأنت
متخيل مواجهته عليه السلام ثم قل: اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبدا ورسوله، وأنه سيد الأولين والآخرين، وأنه سيد الانباء و
المرسلين، اللهم صل على محمد وأهل بيته الأئمة الطيبين.
ثم قل: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا خليل الله، السلام
عليك يا نبي الله، السلام عليك يا صفي الله، السلام عليك يا رحمة الله، السلام عليك
يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نجيب الله، السلام عليك
يا خاتم النبيين، السلام عليك يا سيد المرسلين، السلام عليك يا قائما بالقسط
السلام عليك يا فاتح الخير، السلام عليك يا معدن الوحي والتنزيل، السلام
عليك يا مبلغا عن الله، السلام عليك أيها السراج المنير، السلام عليك يا مبشر
السلام عليك يا منذر، السلام عليك يا نور الله الذي يستضاء به، السلام عليك وعلى

(1) الكافي ج 4 ص 553.
(2) كتاب محمد بن المثنى ص 83 من الأصول الستة عشر.
(3) الفصول المختارة ج 1 ص 94.
183

أهل بيتك الطيبين الطاهرين الهادين المهديين، السلام عليك وعلى جدك عبد المطلب
وعلى أبيك عبد الله وعلى أمك آمنة بنت وهب، السلام عليك وعلى عمك حمزة سيد
الشهداء، السلام على عمك العباس بن عبد المطلب، السلام على عمك وكفيلك
أبي طالب، السلام على ابن عمك جعفر الطيار في جنان الخلد، السلام عليك يا محمد، السلام
عليك يا أحمد، السلام عليك يا حجة الله على الأولين والآخرين، السابق إلى طاعة
رب العالمين، والمهيمن على رسله والخاتم لأنبيائه الشاهد على خلقه الشفيع
إليه والمكين لديه والمطاع في ملكوته، الأحمد من الأوصاف، المحمد لساير الاشراف
الكريم عند الرب، والمكلم من وراء الحجب، الفائز بالسباق، والفائت عن اللحاق
تسليم عارف بحقك، معترف بالتقصير في قيامه بواجبك، غير منكر ما انتهى إليه
من فضلك، موقن بالمزيدات من ربك، مؤمن بالكتاب المنزل عليه، محلل حلالك
محرم حرامك، أشهد يا رسول الله مع كل شاهد وأتحملها عن كل جاحد أنك
قد بلغت رسالات ربك وصدعت بأمره واحتملت الأذى في جنبه ودعوت إلى سبيله
الحكمة الموعظة الحسنة الجميلة، وأديت الحق الذي كان عليك وأنك قد رؤفت
بالمؤمنين وغلظت على الكافرين وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، فبلغ الله
بك أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقربين، وارفع درجات المرسلين، حيث
لا يلحقك لاحق، ولا يفوقك فائق، ولا يسبقك سابق، ولا يطمع في إدراكك طامع
والحمد لله الذي استنقذنا بك من الهلكة، وهدانا بك من الضلالة، ونورنا بك من
الظلمة، فجزاك الله يا رسول الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته ورسولا عمن ارسل
إليه، بأبي أنت وأمي يا رسول الله زرتك عارفا بحقك مقرا بفضلك مستبصرا بضلالة
من خالفك وخالف أهل بيتك، عارفا بالهدى الذي أنت عليه، بأبي أنت وأمي
ونفسي وأهلي وولدي ومالي أنا أصلي عليك كما صلى الله عليك وصلى عليك
ملائكته وأنبياؤه ورسله، صلاة متتابعة وافرة متواصلة لا انقطاع لها ولا أمد و
لا أجل، صلى الله عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين كما أنتم أهل.
ثم ابسط كفيك وقل: اللهم اجعل جوامع صلواتك ونوامي بركاتك، و
184

فواضل خيراتك وشرائف تحياتك وتسليماتك وكراماتك ورحماتك وصلوات
ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين وائمتك المنتجبين وعبادك الصالحين وأهل
السماوات والأرضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين على
محمد عبدك ورسولك وشاهدك ونبيك ونذيرك وأمينك ومكينك ونجيك ونجيبك
وحبيبك وخليلك وصفيك وصفوتك وخاصتك وخالصتك ورحمتك وخيرتك
من خلقك نبي الرحمة وخازن المغفرة وقائد الخير والبركة ومنقذ العباد من
الهلكة باذنك وداعيهم إلى دينك القيم بأمرك، أول النبيين ميثاقا وآخرهم مبعثا
الذي غمسته في بحر الفضيلة والمنزلة الجليلة والدرجة الرفيعة والمرتبة الخطيرة
فأودعته الأصلاب الطاهرة ونقلته منها إلى الأرحام المطهرة، لطفا منك له وتحننا
منك عليه إذ وكلت لصونه وحراسته وحفظه وحياطته من قدرتك عينا عاصمة حجبت
بها عنه مدانس العهر ومعائب السفاح، حتى رفعت به نواظر العباد وأحييت به
ميت البلاد، بأن كشفت عن نور ولادته ظلم الأستار وألبست حرمك فيه حلل الأنوار
اللهم فكما خصصته بشرف هذه المرتبة الكريمة وذخر هذه المنقبة العظيمة
صل عليه كما وفى بعهدك وبلغ رسالاتك وقاتل أهل الجحود على توحيدك وقطع
رحم الكفر في إعزاز دينك ولبس ثوب البلوى في مجاهدة أعدائك، وأوجب له
بكل اذى مسه أو كيد أحسه من الفئة التي حاولت قتله فضيلة تفوق الفضائل ويملك
بها الجزيل من نوالك فلقد أسر الحسرة وأخفى الزفرة وتجرع الغصة ولم
يتخط ما مثل من وحيك، اللهم صل عليه وعلى أهل بيته صلاة ترضاها لهم و
بلغهم منا تحية كثيرة وسلاما وآتنا من لدنك في موالاتهم فضلا وإحسانا ورحمة
وغفرانا إنك ذو الفضل العظيم.
ثم صل صلاة الزيارة ركعتين تقرأ فيهما ما شئت (1).
وقال السيد رحمه الله وهي أربع ركعات وتقرا فيها ما شئت (2).

(1) مصباح الزائر ص 3433 ومزار الشهيد ص 42.
(2) مصباح الزائر ص 34.
185

ثم قالوا: فإذا فرغت سبح تسبيح الزهراء عليها السلام وقل: اللهم إنك قلت لنبيك
محمد صلواتك عليه وآله " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم
الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " ولم أحضر زمان رسولك عليه وآله السلام اللهم
وقد زرته راغبا تائبا من سيئ عملي ومستغفرا لك من ذنوبي ومقرا لك بها و
أنت أعلم بها مني ومتوجها إليك بنبيك نبي الرحمة صلواتك عليه وآله فاجعلني
اللهم بمحمد وأهل بيته عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، يا محمد
يا رسول الله بأبي أنت وأمي يا نبي الله يا سيد خلق الله إني أتوجه بك إلى الله
ربك وربي ليغفر لي ذنوبي ويتقبل مني عملي ويقضي لي حوائجي، فكن لي شفيعا عند
ربك وربي فنعم المسؤول ربي ونعم الشفيع أنت، يا محمد عليك وعلى أهل بيتك السلام
اللهم أوجب لي منك المغفرة والرحمة والرزق الواسع الطيب النافع كما
أوجبت لمن أتى نبيك محمدا عليه وآله السلام وهو حي فاقر له بذنوبه واستغفر
له رسولك عليه السلام فغفرت له برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم وقد أملتك ورجوتك
وقمت بين يديك ورغبت إليك عمن سواك وقد أملت جزيل ثوابك وإني لمقر
غير منكر وتائب مما اقترفت وعائذ بك في هذا المقام مما قدمت من الأعمال التي
تقدمت إلي فيها ونهيتني عنها وأوعدت عليها العقاب وأعوذ بكرم وجهك أن تقيمني
مقام الخزي والذل يوم تهتك فيه الأستار والفضايح الكبار وترعد فيه الفرائض يوم
الحسرة والندامة، يوم الأفكة، يوم الازفة، يوم التغابن، يوم الفصل، يوم الجزاء
يوما كان مقداره خمسين الف سنة، يوم النفخة، يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة
يوم النشر، يوم العرض، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم يفر المرء من أخيه
وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، يوم تشقق الأرض عنهم وأكناف السماء، يوم تأتي
كل نفس تجادل عن نفسها، يوم يردون إلى الله فينبئهم بما عملوا، يوم لا يغني
مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم، يوم
يردون إلى الله موليهم الحق، يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب
يوفضون، وكأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع إلى الله، يوم الواقعة، يوم ترج
186

الأرض رجا، يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسئل حميم حميما
يوم الشاهد والمشهود، يوم تكون الملائكة صفا صفا، اللهم ارحم موقفي في ذلك
اليوم ولا تخزني في ذلك اليوم بما جنيت على نفسي، واجعل يا رب في ذلك اليوم
مع أوليائك منطلقي وفي زمرة محمد وأهل بيته عليهم السلام محشري واجعل حوضه موردي
وفي الغر الكرام مصدري وأعطني كتابي بيميني حتى أفوز بحسناتي وتبيض به
وجهي وتيسر به حسابي وترجح به ميزاني وأمضي مع الفائزين في عبادك
الصالحين إلى رضوانك وجنانك يا إله العالمين، اللهم إني أعوذ بك من أن تفضحني
في ذلك اليوم بين يدي الخلايق بجريرتي أو أن ألقى الخزي والندامة بخطيئتي
أو أن تظهر فيه سيئاتي على حسناتي أو تنوه بين الخلايق باسمي يا كريم يا كريم يا
كريم العفو العفو العفو الستر الستر، اللهم وأعوذ بك من أن يكون في ذلك اليوم في
مواقف الخزي ومواقف الأشرار موقفي أو في مقام الأشقياء مقامي وإذا ميزت بين
خلقك فسقت كلا بأعمالهم زمرا إلى منازلهم فسقني برحمتك في عبادك الصالحين
وفي زمرة أوليائك المتقين إلى جنانك يا رب العالمين (1).
وقال السيد رضي الله عنه: ثم ودعه وقل: السلام عليك يا رسول الله، السلام
عليك أيها البشير النذير، السلام عليك أيها السراج المنير، السلام عليك أيها
السفير بين الله وبين خلقه، اشهد يا رسول الله أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة
والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها
واشهد يا رسول الله اني مؤمن بك وبالأئمة من أهل بيتك موقن بجميع ما أتيت
به، راض مؤمن، وأشهد أن الأئمة من أهل بيتك أعلام الهدى والعروة الوثقى والحجة
على أهل الدنيا اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة نبيك عليه السلام وإن توفيتني
فاني اشهد في مماتي على ما اشهد عليه في حياتي أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك
لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك وأن الأئمة من أهل بيته أولياؤك و
وأنصارك وحججك على خلقك وخلفاؤك في عبادك وأعلامك في بلادك وخزان

(1) مزار الشهيد ص 64.
187

علمك وحفظة سرك وتراجمة وحيك، اللهم صل على محمد وآل محمد وبلغ روح
نبيك محمد في ساعتي هذه وفي كل ساعة تحية مني وسلاما، والسلام عليك يا رسول
الله ورحمة الله وبركاته، لا جعله الله آخر تسليمي عليك (1).
توضيح: النجيب: الكريم الحسب ويحتمل أن يكون هنا بمعنى المنتجب وهو
المختار، والمهيمن: الشاهد، قوله: الأحمد من الأوصاف: من تعليلية اي هو أحمد
من جميع الخلق لما فيه من الأوصاف التي لم يوجد في غيره مثله، أو المراد أن حمده
ونعته أعلى من أن يصل إليه توصيفات الواصفين وفيه شئ، قوله: المحمد لساير
الاشراف، اي بالغ في حمده جميع الاشراف أو غيره من الاشراف، الفائز بالسباق
اي فاز بأن سابق الأنبياء والصالحين في ميدان الفضل والقرب والكمال وفاز بسبب
ذلك السباق بالأسباق والاخطار العظيمة فيكون الباء سببية والصلة محذوفة وهذا أظهر
معنى، كما أن الأول أظهر لفظا، قوله عليه السلام: الفائت عن اللحاق، أي تقدم بحيث لا
يلحقه في السباق أحد، والعهر والسفاح: بالكسر الزنا وفي أكثر النسخ مكان
العهر: الغمة وهو تصحيف، قوله: نواظر العباد، اي أحداقهم وأبصارهم اي كان
نظرهم مقصورا على الدنيا الدنية فرفعت به نظرهم إلى الدرجات العالية فصارت
مطمح أنظارهم، ويحتمل أن يكون المراد بيان علو درجته اي لما نظروا إليه نظروا
إلى منظر رفيع لعلو مكانه.
وقال الفيروزآبادي (2): الفريص أوداج العنق والفريصة: واحدته، و
اللحمة بين الجنب والكتف لا تزال ترعد، وقال (3): الأفكة كفرحة السنة المجدية
وقال الجزري (4): افكه يأفكه افكا: صرفه وقلبه وفي ذكر قوم لوط قال: فمن أصابته
تلك الأفكة أهلكته يريد العذاب الذي أرسله الله عليهم فقل بها ديارهم، وقال

(1) مصباح الزائر ص 3634.
(2) القاموس ج 2 ص 311.
(3) القاموس ج 3 ص 293.
(4) النهاية ج 1 ص 45 بتفاوت يسير.
188

الفيروزآبادي (1): أدلهم الظلام كثف واسود مدلهم مبالغة.
أقول: رأيت في نسخة قديمة من مؤلفات أصحابنا بعد قول آمنه بنت وهب:
السلام على عمك عمران أبي طالب، السلام على ابن عمك جعفر الطيار في جنان
الخلد، السلام على عمك حمزة سيد شهداء أحد، السلام على أزواجك طاهرات
الخيرات أمهات المؤمنين خصوصا الصديقة الطاهرة الزكية الراضية المرضية خديجة
الكبرى أم المؤمنين، السلام على التابعين لك باحسان إلى يوم الدين، السلام على
البقيع وما ضم البقيع من الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين.
12 مصباح: روي عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: من أراد أن
يزور قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور
الحجج عليهم السلام وهو في بلده فليغتسل في يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفين وليخرج
إلى فلاة من الأرض ثم يصلي أربع ركعات يقرأ فيهن ما تيسر من القرآن فإذا
تشهد وسلم فليقم مستقبل القبلة وليقل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله و
بركاته، السلام عليك أيها النبي المرسل والوصي المرتضى والسيدة الزهراء
والسبطان المنتجبان والأولاد الاعلام والامناء المنتجبون، جئت انقطاعا إليكم و
إلى آبائكم وولدكم الخلف على بركة الخلق، فقلبي لكم مسلم ونصرتي لكم
معدة حتى يحكم الله لدينه فمعكم معكم لا مع عدوكم، إني لمن القائلين بفضلكم
مقر برجعتكم، لا أنكر لله قدرة ولا أزعم إلا ما شاء الله، سبحان الله والحمد لله ذي
الملك والملكوت، يسبح الله بأسمائه جميع خلقه، والسلام على أرواحكم و
أجسادكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وفي رواية أخرى: افعل ذلك على سطح دارك (2).
13 مصباح: روى مبشر بن عبد العزيز قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
فدخل بعض أصحابنا فقال: جعلت فداك إني فقير، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: استقبل
يوم الأربعاء فصمه واتله بالخميس والجمعة ثلاثة أيام، فإذا كان في ضحى يوم الجمعة

(1) القاموس ج 4 ص 113.
(2) مصباح الزائر ص 36.
189

فزر رسول الله صلى الله عليه وآله من أعلا سطحك أو في فلاة من الأرض حيث لا يراك أحد ثم
صل مكانك ركعتين ثم اجث على ركبتيك وافض بهما إلى الأرض وأنت متوجه
إلى القبلة يدك اليمنى فوق اليسرى وقل: اللهم أنت أنت انقطع الرجاء إلا منك
وخابت الآمال إلا فيك يا ثقة من لا ثقة له لا ثقة لي غيرك اجعل لي من أمري فرجا
ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب.
ثم اسجد على الأرض وقل: " يا مغيث اجعل لي رزقا من فضلك " فلن يطلع
عليك نهار يوم السبت إلا برزق جديد (1).
قال أحمد بن مابنداد راوي هذا الحديث قلت: لأبي جعفر محمد بن عثمان
ابن سعيد العمري رضي الله عنه إذا لم يكن الداعي للرزق في المدينة كيف يصنع؟
قال: يزور سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله من عند رأس الامام الذي يكون في بلده قلت:
فإن لم يكن في بلده قبر إمام؟ قال: يزور بعض الصالحين أو يبرز إلى الصحراء و
يأخذ فيها على ميامنه ويفعل ما أمر به، فان ذلك منجح انشاء الله (2).
بيان: لعل سؤال الراوي عن العمري بعد كون ظاهر الخبر زيارة البعيد
لزيادة الاطمينان.
14 - أمالي الطوسي: المفيد عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور، عن أبي بكر المفيد
الجرجاني، عن أبي الدنيا المعمر المغربي، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا تتخذوا قبري مسجدا وصلوا علي حيث ما كنتم فان
صلاتكم وسلامكم يبلغني (3).

(1) مصباح المتهجد ص 230.
(2) نفس المصدر ص 230.
(3) أمالي الطوسي لم أجده في المصدر عاجلا.
190

3.
* (باب) *
* " (نادر فيما ظهر عند قبره صلى الله عليه وآله) " *
1 - أمالي الطوسي: ابن حشيش، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن القاسم بن زكريا
عن الحسن بن عبد الواحد، عن يوسف بن كليب، عن عامر بن كثير، عن أبي
الجارود قال: حفر عند قبر النبي صلى الله عليه وآله عند رأسه وعند رجليه أول ما حفر فأخرج
مسك أذفر لم يشكوا فيه (1).
2 - الكافي: محمد ابن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية
ابن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما كان سنة إحدى وأربعين أراد
معاوية الحج فأرسل نجارا وأرسل بالآلة وكتب إلى صاحب المدينة أن يقلع منبر
رسول الله صلى الله عليه وآله ويجعلوه على قدر منبره بالشام فلما نهضوا ليقلعوه انكسفت الشمس
وزلزلت الأرض فكفوا وكتبوا بذلك إلى معاوية فكتب إليهم يعزم عليهم لما فعلوه
ففعلوا ذلك، فمنبر رسول الله صلى الله عليه وآله المدخل الذي رأيت (2).
5.
* (باب) *
* " (زيارة فاطمة صلوات الله عليها وموضع قبرها) " *
1 - عيون أخبار الرضا (ع): أبي وابن الوليد والعطار وماجيلويه وابن المتوكل جميعا
عن محمد العطار وأحمد بن إدريس معا عن سهل، عن البزنطي ورواه ابن شهرآشوب
أيضا في المناقب عن البزنطي (3) قال: سألت الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة عليها السلام فقال: دفنت
في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد (4).

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 324.
(2) الكافي ج 4 ص 554.
(3) مناقب ابن شهرآشوب ج 3 ص 139.
(4) عيون أخبار الرضا ج 1 ص 311.
191

2 - قرب الإسناد: ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألت الرضا عليه السلام عن فاطمة بنت
رسول الله صلى الله عليه وآله اي مكان دفنت؟ فقال: سال رجل جعفرا عن هذه المسألة وعيسى بن
موسى حاضر فقال له عيسى: دفنت في البقيع فقال الرجل: ما تقول؟ فقال: قد
قال لك، فقلت له: أصلحك الله ما أنا وعيسى بن موسى؟ أخبرني عن آبائك! فقال:
دفنت في بيتها (1).
3 - معاني الأخبار: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن
ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة.
لان قبر فاطمة عليها السلام بين قبره ومنبره، قبرها روضة من رياض الجنة وإليه ترعة من
ترع الجنة.
قال الصدوق ره: والصحيح عندي في موضع قبر فاطمة عليها ما رواه أبي عن
محمد العطار وساق الحديث كما مر (2).
4 - التهذيب: ذكر الشيخ في الرسالة إنك تأتي الروضة فتزور فاطمة عليها السلام
لأنها مقبورة هناك وقد اختلف أصحابنا في موضع قبرها فقال بعضهم: إنها دفنت
في البقيع وقال بعضهم: إنها دفنت بالروضة، وقال بعضهم: إنها دفنت في بيتها فلما
زاد بنو أمية في المسجد صارت من جملة المسجد وهاتان الروايتان كالمتقاربتين
والأفضل عندي أن يزور الانسان في الموضعين جميعا إنه لا يضره ذلك ويحوز به
أجرا عظيما، وأما من قال إنها دفنت في البقيع فبعيد من الصواب (3).

(1) قرب الإسناد ص 161.
(2) معاني الأخبار ص 267.
(3) التهذيب ج 6 ص 9.
وروى ابن شهرآشوب في المناقب (ج 3 ص 140) عن يزيد بن عبد الملك عن أبيه
عن جده قال: دخلت على فاطمة فبدأتني بالسلام ثم قالت: ما غدا بك؟ قلت: طلب البركة،
قالت: أخبرني أبي وهو ذا من سلم عليه وعلى ثلاثة أيام أوجب الله له الجنة، قلت لها:
في حياته وحياتك؟ قالت: نعم وبعد موتنا. وقال العلامة في فصل الزيارات من التحرير
(ص 131 طبع إيران سنة 1314) يستحب زيارة فاطمة (ع) بالمنقول استحبابا مؤكدا روت
عليها السلام قالت: أخبرني أبي وهو ذا هوانه من سلم عليه وعلي ثلاثة أيام أوجب الله له
الجنة، قال الراوي: قلت لها: في حياته وحياتك؟ قالت، نعم، وبعد موتنا، واختلف
في قبرها فقيل إنه في الروضة بين القبر والمنبر، وروى في بيتها الذي في المسجد الان، و
روى في البقيع قال الشيخ: والروايتان الأولتان متقاربتان والأفضل زيارتها في الموضعين،
ومن قال: انها دفنت في البقيع فبعيد من الصواب قال ابن بابويه: والصحيح عندي انها
دفنت في بيتها اه‍.
وفي الرسالة الحسنية المنسوبة إلى الشيخ أبي الفتوح الرازي من الحسنية قالت
بحضرة الرشيد عند مناظرتها مع النظام: ان فاطمة عليها السلام قد دفنت ليلا بين القبر والمنبر
لحديث: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة.
هكذا وجد في الحاشية. (عن هامش المطبوعة).
192

بيان: الأظهر أنها صلوات الله عليها مدفونة في بيتها وقد قدمنا الاخبار
في ذلك ولعل، خبر ابن أبي عمير محمول على توسعة الروضة بحيث تشمل بيتها
ويؤيده ما تقدم في باب زيارة النبي صلى الله عليه وآله من خبر جميل وفيه أن علامة القبر
المعلومة الآن متأخرة عن قبره صلى الله عليه وآله وليست في جهة الروضة إلا أن يقال إن العلامة
لا أصل لها، والقبر في جانب الروضة.
5 - الكافي: محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن ابن فضال، عن يونس بن
يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام الصلاة في بيت فاطمة عليها السلام أفضل أو في الروضة؟
قال: في بيت فاطمة عليها السلام (1).
6 - الكافي: العدة، عن سهل، عن أيوب بن نوح وصفوان وابن أبي عمير و
غير واحد، عن جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الصلاة في بيت فاطمة
عليها السلام مثل الصلاة في الروضة؟ قال: وأفضل (2).
7 - الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية

(1) الكافي ج 4 ص 556.
(2) الكافي ج 4 ص 556.
193

ابن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بيت علي وفاطمة عليها السلام ما بين البيت الذي فيه
النبي صلى الله عليه وآله إلى الباب الذي يحاذي الزقاق إلى البقيع قال: فلو دخلت من ذلك
الباب والحايط كأنه أصاب منكبك الأيسر (1).
8 - الكافي: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن الوشا والعدة عن سهل، عن
أحمد بن محمد جميعا، عن حماد بن عثمان، عن القاسم بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: إذا دخلت من باب البقيع فبيت علي صلوات الله عليه على يسارك قدر ممر عنز
من الباب وهو إلى جانب بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وباباهما جميعا مقرونان (2).
9 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود، عن علي بن حبشي بن قوني، عن علي
ابن سليمان الزراري، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبري
عن يزيد بن عبد الملك، عن أبيه، عن جده قال: دخلت على فاطمة عليها السلام فبدأتني
بالسلام ثم قالت: ما غدا بك؟ قلت: طلب البركة قالت: أخبرني أبي وهو ذا هو
أنه من سلم عليه وعلي ثلاثة أيام أوجب الله له الجنة قلت لها: في حياته وحياتك؟
قالت: نعم وبعد موتنا (3).
10 - مصباح الأنوار: عن أمير المؤمنين عليه السلام عن فاطمة عليها السلام قالت: قال لي
رسول الله صلى الله عليه وآله: يا فاطمة من صلى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من
الجنة.
11 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن وهبان البصري، عن الحسن
ابن محمد بن الحسن السيرافي، عن العباس بن الوليد المنصوري، عن إبراهيم بن
محمد بن عيسى بن محمد العريضي قال: حدثنا أبو جعفر عليه السلام ذات يوم قال: إذا صرت
إلى قبر جدتك فاطمة عليها السلام فقل: يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل
أن يخلقك، فوجدك لما امتحنك صابرة وزعمنا أنا لك أولياء ومصدقون و
صابرون لكل ما [انا به أبوك وأتانا به وصيه، فانا نسئلك إن كنا صدقناك إلا

(1) الكافي ج 4 ص 555.
(2) الكافي ج 4 ص 555.
(3) التهذيب ج 6 ص 9.
194

ألحقتنا بتصديقنا لهما لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتك (1).
12 - أقول: ثم قال الشيخ رحمه الله هذه الزيارة وجدتها مروية
لفاطمة عليها السلام، وأما ما وجدت أصحابنا يذكرونه من القول عند زيارتها عليها السلام فهو
أن تقف على أحد الموضعين الذين ذكرناهما وتقول: السلام عليك يا بنت رسول
الله، السلام عليك يا بنت نبي الله، السلام عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك
يا بنت خليل الله، السلام عليك يا بنت صفي الله، السلام عليك يا بنت أمين
الله، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله وملائكته، السلام عليك يا
بنت خير البرية، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين
السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير الخلق بعد رسول الله، السلام عليك يا أم
الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة
السلام عليك أيتها الرضية المرضية، السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية
السلام عليك أيتها الحوراء الانسية، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك
أيتها المحدثة العليمة، السلام عليك أيتها المغصوبة المظلومة، السلام عليك أيتها
المضطهدة المقهورة، السلام عليك يا فاطمة بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته.
صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك، أشهد أنك مضيت على بينة من ربك
وأن من سرك فقد سر رسول الله، ومن جفاك فقد جفا رسول الله، ومن آذاك
فقد آذى رسول الله، ومن وصلك فقد وصل رسول الله، ومن قطعك فقد قطع رسول
الله، لأنك بضعة منه وروحه التي بين جنبيه كما قال صلى الله عليه وآله: اشهد الله ورسله و
ملائكته اني راض عمن رضيت عنه، ساخط على من سخطت عليه، متبرئ ممن
تبرأت منه، موال لمن واليت، معاد لمن عاديت، مبغض لمن أبغضت، محب لمن
أحببت، وكفى بالله شهيدا وحسيبا وجازيا ومثيبا ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله
والأئمة عليهم السلام.
بيان: الحبيب المحبوب وقد يطلق على المحب، والخليل الصديق المختص، و
ولي الله محبه أو من جعله الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والشباب بالفتح جمع

(1) التهذيب ج 6 ص 9.
195

الشاب وكونهما سيدي شباب أهل الجنة يقتضي كونهما سيدي جميع أهل الجنة
ويخص برسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهما، ويحتمل أن يكون
المراد من مات شابا من الأنبياء وغيرهم وفيه نظر، لأنهما عليهما السلام لم يموتا شابين
ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وصفهما بذلك حين كونهما شابين يفضلهما على
كل شاب يعلم الله أنه يدخل الجنة، وإنما اطلق عليها الحوراء لأنها كانت
متصفة بصفاتهن كعدم رؤية الطمث وعدم اتصافها بذمائم الأخلاق التي تتصف
بها النساء وجمالها وكمالها.
وقال الكفعمي ره: المحدثة قرئت بكسر الدال وفتحها، ومعنى الكسر
أنها عليها السلام تحدث عن أبيها بما روته عنه وسمعته منه، ومعنى الفتح ما روي في الحديث
أنها عليها السلام كانت تحدثها الملائكة انتهى.
أقول: الصواب الفتح كما دلت عليه الأخبار التي قدمناها في باب أسمائها
عليها السلام، والمضطهدة بفتح الهاء المقهورة والبضعة بالفتح وقد يكسر القطعة
من اللحم.
13 - من لا يحضره الفقيه: اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة عليها السلام فمنهم من روى أنها
دفنت بين القبر والمنبر وأن النبي صلى الله عليه وآله إنما قال بين قبري ومنبري روضة من رياض
الجنة لان قبرها بين القبر والمنبر، ومنهم من روى أنها دفنت في بيتها فلما زادت
بنو أمية في المسجد صارت في المسجد، وهذا هو الصحيح عندي وإني لما حججت
بيت الله الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق الله تعالى ذكره فلما فرغت من
زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله قصدت إلى بيت فاطمة عليها وهو من الأسطوانة التي تدخل
إليها من مقام جبرئيل إلى مؤخر الحظيرة التي فيها النبي صلى الله عليه وآله فقمت عند الحظيرة
ويساري إليها وجعلت ظهري إلى القبلة واستقبلتها بوجهي وأنا على غسل
وقلت: السلام عليك يا بنت رسول الله، وذكر نحوا مما ذكره الشيخ إلى قوله
وجازيا ومثيبا، فقال ره: ثم قل: اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد بن
عبد الله خاتم النبيين وخير الخلائق أجمعين، وصل على وصيه علي بن أبي طالب
196

أمير المؤمنين، وإمام المسلمين وخير الوصيين، وصل على فاطمة بنت محمد سيدة
نساء العالمين وصل على سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، وصل على زين
العابدين، علي بن الحسين، وصل على محمد بن علي باقر العلم، وصل على الصادق
عن الله جعفر بن محمد، وصل على الكاظم الغيظ في الله موسى بن جعفر، وصل على
الرضا علي بن موسى، وصل على التقي محمد بن علي، وصل على النقي علي بن
محمد، وصل على الزكي الحسن بن علي، وصل على الحجة ابن الحسن بن علي،
اللهم أحي به العدل وأمت به الجور وزين بطول بقائه الأرض واظهر به دينك و
سنة نبيك حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق واجعلنا من
أعوانه وأشياعه والمقبولين في زمرة أوليائه يا رب العالمين، اللهم صل على محمد وأهل
بيته الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا.
ثم قال ره لم أجد في الاخبار شيئا موظفا محدودا لزيارة الصديقة عليها السلام
فرضيت لمن نظر في كتابي هذا من زيارتها ما رضيت لنفسي (1).
14 البلد الأمين: زيارة أخرى لها: قف بالروضة وقل: السلام عليك يا رسول الله
السلام على أبنتك الصديقة الطاهرة، السلام عليك يا فاطمة يا سيدة نساء العالمين، السلام
عليك أيتها البتول الشهيدة لعن الله مانعك إرثك ودافعك عن حقك، والراد عليك قولك
لعن الله أشياعهم وأتباعهم وألحقهم بدرك الجحيم، صلى الله عليك وعلى أبيك وبعلك وولدك
الأئمة الراشدين وعليهم السلام السلام ورحمة الله وبركاته.
15 - المصباحين: زيارة فاطمة عليها السلام في الروضة، تقف في الموضع المذكور وتقول:
السلام على البتولة الطاهرة والصديقة المعصومة والبرة التقية سليلة المصطفى و
حليلة المرتضى وأم الأئمة النجباء، اللهم إنها خرجت من دنياها مظلومة مغشومة
قد ملئت داء وحسرة وكمدا وغصة تشكو إليك وإلى أبيها ما فعل بها، اللهم انتقم
لها وخذ لها بحقها، اللهم صل على الزهراء الزكية المباركة الميمونة صلاة تزيد
في شرف محلها عندك وجلالة منزلتها لديك، وبلغها مني السلام والسلام عليها ورحمة

(1) الفقيه ج 2 ص 341.
197

الله وبركاته.
وتقول أيضا: اللهم إني يوهمني غالب ظني أن هذه الروضة مواراة سيدة
نساء العالمين ومثواها وموضع قبرها ومعزاها فصل عليها وبلغها مني السلام حيث
كانت وحلت.
16 ذكر زيارتها عليها السلام من بيتها وبالبقيع تقول: السلام على البتولة الشهيدة
ابنة نبي الرحمة، وزوجة الوصي الحجة، ووالدة السادة الأئمة، السلام عليك
يا فاطمة الزهراء ابنة النبي المصطفى، السلام عليك وعلى أبيك، السلام عليك
وعلى بعلك وبنيك، السلام عليك أيتها الممتحنة، السلام عليك أيتها المظلومة
الصابرة، لعن الله من منعك حقك ودفعك عن إرثك، ولعن الله من ظلمك وأعنتك
وغصصك بريقك وادخل الذل بيتك، ولعن الله من رضي بذلك وشايع فيه واختاره
وأعان عليه وألحقهم بدرك الجحيم إني أتقرب إلى الله سبحانه بولايتكم أهل البيت
وبالبراءة من أعدائكم من الجن والإنس وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (1).
توضيح: الغشم: الظلم، والكمد بالفتح: الحزن الشديد ومرض القلب، و
أعنته: أدخل المشقة عليه.
17 - إقبال الأعمال: روينا عن جماعة من أصحابنا ذكرناهم في كتاب التعريف للمولد
الشريف أن وفاة فاطمة صلوات الله عليها كانت يوم ثالث جمادى الآخرة فينبغي
فيه زيارتها (2).
14 ذكر جامع كتاب المسائل وأجوبتها من الأئمة عليهم السلام فيما سئل عن
مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام ما هذا لفظه: أبو الحسن إبراهيم بن محمد الهمداني
قال: كتبت إليه: إن رأيت أن تخبرني عن بيت أمك فاطمة عليها السلام أهي في طيبة، أو
كما يقول الناس في البقيع؟ فكتب: هي مع جدي صلوات الله عليه وآله، قلت
أنا: وهذا النص كاف في أنها مع النبي صلى الله عليه وآله، فيقول: السلام عليك يا سيدة نساء

(1) مصباح الزائر ص 2625.
(2) الاقبال ص 98 وكان الرمز لكامل الزيارات.
198

العالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيتها المظلومة
الممنوعة حقها (ثم قل) اللهم صل على أمتك وابنة نبيك وزوجة وصي نبيك
صلاة تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين من أهل السماوات وأهل الأرضين.
فقد روي أن من زارها بهذه الزيارة واستغفر الله غفر الله له وأدخله الجنة (1).
19 - مصباح الأنوار: عن جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال:
من زار قبر الطاهرة فاطمة فقال: السلام عليك إلى قوله: وأهل الأرضين، ثم
استغفر الله غفر الله له وادخله الجنة.
20 - إقبال الأعمال: روينا باسنادنا إلى شيخنا المفيد قال: عند ذكر جمادي الآخرة
ما هذا لفظه: يوم العشرين منه كان مولد السيدة الزهراء عليها السلام سنة اثنتين من المبعث
وهو يوم شريف يتجدد فيه سرور المؤمنين ويستحب صيامه والتطوع فيه بالخيرات
والصدقة على أهل الايمان.
ثم قال السيد: ومن تعظيم هذا اليوم زيارة سيدتنا عليها السلام (2) فيه، ثم قال:
زيارة مولاتنا فاطمة صلوات الله عليها تقول: السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام
عليك يا بنت نبي الله، السلام عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك يا بنت خليل
الله، السلام عليك يا بنت صفي الله، السلام عليك يا بنت أمين الله، السلام عليك يا
بنت خير خلق الله، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله، السلام عليك يا بنت خير
البرية، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، السلام عليك
يا زوجة ولي الله وخير خلقه بعد رسول الله، السلام عليك يا أم الحسن والحسين
سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك يا أم المؤمنين، السلام عليك أيتها الصديقة
الشهيدة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية، السلام عليك أيتها الصادقة الرشيدة
السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية، السلام عليك أيتها الحوراء الانسية،
السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك أيتها المحدثة العليمة، السلام

(1) الاقبال ص 98 وكان الرمز في المتن لكامل الزيارات.
(2) الاقبال ص 99.
199

عليك أيتها المعصومة المظلومة، السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة السلام
عليك أيتها المضطهدة المغصوبة، السلام عليك أيتها الغراء الزهراء، السلام عليك
يا فاطمة بنت محمد رسول الله ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك يا مولاتي وبنت
مولاي وعلى روحك وبدنك، اشهد أنك مضيت على بينة من ربك، وأن من
سرك فقد سر الله، ومن جفاك فقد جفا رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن آذاك فقد آذى
رسول الله، ومن وصلك فقد وصل رسول الله، ومن قطعك فقد قطع رسول الله، لأنك
بضعة منه وروحه التي بين جنبيه، كما قال عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام:
اشهد الله وملائكته أني ولي لمن والاك، وعدو لمن عاداك وحرب لمن حاربك أنا
يا مولاتي بك وبأبيك وبعلك والأئمة من ولدك موقن، وبولايتهم مؤمن ولطاعتهم
ملتزم، أشهد أن الدين دينهم الحكم حكمهم وهم قد بلغوا عن الله عز وجل ودعوا
إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة لا تأخذهم في الله لومة لائم، وصلوات
الله عليك وعلى أبيك وبعلك وذريتك الأئمة الطاهرين، اللهم صل على محمد
وأهل بيته وصل على البتول الطاهرة الصديقة المعصومة التقية النقية الرضية
المرضية الزكية الرشيدة المظلومة المقهورة المغصوبة حقها الممنوعة إرثها المكسور
ضلعها المظلوم بعلها المقتول ولدها، فاطمة بنت رسول الله وبضعة لحمه وصميم قلبه
وفلذة كبده والنخبة منك له والتحفة خصصت بها وصيه وحبيبه المصطفى وقرينه
المرتضى وسيدة النساء ومبشرة الأولياء حليفة الورع والزهد، وتفاحة الفردوس
والخلد، التي شرفت مولدها بنساء الجنة، وسللت منها أنوار الأئمة، وأرخيت
دونها حجاب النبوة، اللهم صل عليها صلاة تزيد في محلها عندك وشرفها لديك
ومنزلتها من رضاك وبلغها منا تحية وسلاما وآتنا من لدنك في حبها فضلا وإحسانا
ورحمة وغفرانا إنك ذو العفو الكريم.
ثم تصلي صلاة الزيارة وإن استطعت أن تصلي صلاتها صلى الله عليها فافعل
وهي ركعتان تقرء في كل ركعة الحمد مرة وستين مرة قل هو الله، وإن لم تستطع
فصل ركعتين بالحمد وسورة الاخلاص والحمد وقل يا أيها الكافرون.
200

فإذا سلمت قلت: اللهم إني أتوجه إليك بنبينا محمد وبأهل بيته صلواتك عليهم
واسئلك بحقك العظيم عليهم الذي لا يعلم كنهه سواك، واسئلك بحق من حقه
عندك عظيم، وبأسمائك الحسنى التي أمرتني أن أدعوك بها، واسئلك باسمك الأعظم
الذي أمرت به إبراهيم أن يدعو به الطير فأجابته، وباسمك العظيم الذي قلت للنار
كوني بردا وسلاما على إبراهيم فكانت بردا، وبأحب الأسماء إليك وأشرفها
وأعظمها لديك وأسرعها إجابة وأنجحها طلبة وبما أنت أهله ومستحقة ومستوجبه
وأتوسل إليك وأرغب إليك وأتضرع والح عليك، وأسئلك بكتبك التي أنزلتها
على أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم من التورية والإنجيل والزبور والقرآن العظيم
فان فيها اسمك الأعظم وبما فيها من أسمائك العظمى أن تصلي على محمد وآل محمد و
أن تفرج عن آل محمد وشيعتهم ومحبيهم وعنى وتفتح أبواب السماء لدعائي وترفعه
في عليين وتأذن في هذا اليوم وفي هذه الساعة بفرجي وإعطاء أملى وسؤلي في
الدنيا والآخرة، يا من لا يعلم أ حد كيف هو وقدرته إلا هو، يا من سد الهواء
بالسماء، وكبس الأرض على الماء واختار لنفسه أحسن الأسماء، يا من سمى
نفسه بالاسم الذي يقضى به حاجة من يدعوه، أسئلك بحق ذلك الاسم فلا شفيع أقوى
لي منه أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي في حوائجي وتسمع بمحمد وعلي
وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد و
موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة
المنتظر لإذنك صلواتك وسلامك ورحمتك وبركاتك عليهم صوتي ليشفعوا لي إليك
وتشفعهم في ولا تردني خائبا بحق لا إله إلا أنت. وتسئل حوائجك تقضى إنشاء
الله تعالى (1).
بيان: الغراء: البيضاء المنورة، والميمونة المباركة مأخوذة من غرة الفرس
أو الشريفة الكريمة، والزهراء البيضاء المنيرة.
وقال الجزري (2): سميت فاطمة عليها السلام البتول لانقطاعها عن نساء زمانها

(1) الاقبال 102100.
(2) النهاية ج 1 ص 71.
201

فضلا ودينا وحسنا، وقيل: لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى.
وقال الفيروزآبادي: (1) الصميم: العظم الذي به قوام العضو وبنك الشئ
وخالصه، ورجل صميم: محض، والفلذة بالكسر القطعة من الكبد، والنخبة بالضم
وكهمزة، المختار.
قوله: ومبشرة الأولياء على بناء اسم المفعول أي التي بشر الله الأولياء بها
ويحتمل بناء اسم الفاعل لأنها تبشر أولياءها وأحباءها في الدنيا والآخرة بالنجاة
من النار، ولذا سميت عليها السلام بفاطمة (قوله): حليفة الورع: بالحاء المهملة
الحليف الصديق يحلف لصاحبه أن لا يغدر به كناية عن ملازمتها لهما وعدم مفارقتها
عنهما، وإرخاء الستر إسداله وهي كناية عن نزول الوحي في بيتها وكونها مطلعة على
أسرار النبوة، وسد الهواء بالسماء كناية عن إحاطة السماء بها، (قوله): كيس
الأرض على الماء يقال: كبس البئر والنهر اي طمها بالتراب والمعنى أنه جمعها
وحفظها عن التفرق مع كونها على الماء، أو أنه تعالى بها دفع عنا عادية الماء
وضررها فكان البحر نهر طم بالتراب.
أقول: زيارتها عليها السلام في الأوقات والساعات الشريفة والأزمان المختصة
بها أفضل وأنسب كيوم ولادتها وهو العشرون من جمادى الثانية، أو العاشر منه على
قول، ويوم وفاتها وهو ثالث جمادى الثانية أو الحادي والعشرون من رجب على قول
ابن عباس، ويوم تزويجها بأمير المؤمنين عليه السلام وهو نصف رجب أو أول ذي الحجة
أو السادس منه، وليلة زفافها وهي تسع عشرة من ذي الحجة، أو الحادية والعشرون
من المحرم، وكذا سائر الأيام التي ظهر لها فيها كرامة وفضيلة، كيوم المباهلة
وقد مر، ويوم نزول هل أتى، وهو الخامس والعشرون من ذي الحجة، وغيرهما مما
يطول ذكرها، وقد مرت في أبواب تاريخها.

(1) القاموس ج 4 ص 140.
202

6.
* باب *
* " (زيارة الأئمة بالبقيع عليهم السلام) " *
1 - كامل الزيارة: حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن عبيد الله بن أحمد
عن بكر بن صالح، عن عمرو بن هاشم، عن رجل من أصحابنا، عن أحدهم عليهم السلام
قال: إذا أتيت القبور بالبقيع قبور الأئمة فقف عندهم واجعل القبر بين يديك ثم
تقول: السلام عليكم أهل التقوى، السلام عليكم أيها الحجج على أهل الدنيا
السلام عليكم أيها القوام في البرية بالقسط، السلام عليكم أهل الصفوة، السلام عليكم
آل رسول الله، السلام عليكم أهل النجوى، اشهد أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم
في ذات الله وكذبتم وأسئ إليكم فغفرتم، وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهتدون
وأن طاعتكم مفروضة وأن قولكم الصدق وأنكم دعوتم فلم تجابوا وأمرتم فلم
تطاعوا، وأنكم دعائم الدين وأركان الأرض لن تزالوا بعين الله ينسخكم من أصلاب
كل مطهر، وينقلكم من أرحام المطهرات لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء، ولم تشرك
فيكم فتن الأهواء، طبتم وطاب منبتكم من بكم علينا ديان الدين فجعلكم في بيوت
اذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل صلاتنا عليكم رحمة لنا وكفارة لذنوبنا
إذ اختاركم الله لنا، وطيب خلقنا بما من علينا من ولايتكم، وكنا عنده مسمين.
بعلمكم معترفين بتصديقنا إياكم، وهذا مكان من أسرف وأخطأ واستكان وأقر بما جنى
ورجى بمقامه الخلاص، وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى، فكونوا
لي شفعاء فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا واتخذوا آيات الله هزوا
واستكبروا عنها، يا من هو قائم لا يسهو ودائم لا يلهو ومحيط بكل شئ لك المن
بما وفقتني وعرفتني وأئمتي بما أقمتني عليه إذ صد عنه عبادك وجهلوا معرفته
واستخفوا بحقه ومالوا إلى سواه فكانت المنة منك علي مع أقوام خصصتهم بما خصصتني
به، فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي هذا مذكورا مكتوبا فلا تحرمني ما رجوت
203

ولا تخيبني فيما دعوت، بحرمة محمد وآله الطاهرين وصلى الله عليه محمد وآل محمد
ثم ادع لنفسك بما أحببت (1).
توضيح: (قوله عليه السلام) أهل النجوى اي تناجون الله ويناجيكم أو عندكم
الاسرار التي ناجي الله بها رسوله، قوله عليه السلام: لم تزالوا بعين الله اي منظورين بعين
عنايته ولطفه (قوله) ولم تدنسكم الجاهلية الجهلاء الجهلاء تأكيد كيوم أيوم والمعنى
لم تسكنوا في صلب مشرك ولا رحم مشركة.
(قوله عليه السلام) ولم تشرك فيكم فتن الأهواء أي لم يصادفكم في آبائكم أهل
الأهواء الباطلة اي لم يكونوا كذلك بل كانوا على الحق والدين القويم، أو المراد
خلوص نسبهم عن الشبهة، أو أنه لم تشرك في عقائدكم وأعمالكم فتن الأهواء و
البدع (قوله عليه السلام) وكنا عنده مسمين بعلمكم اي كنا عنده تعالى مكتوبين مسمين
أنا عالمون بكم معترفون بإمامتكم فيكون من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول، أو
مسمين بأنا من حملة علمكم، أو حال كوننا متلبسين بعلمكم وأنتم تعرفوننا بذلك، أو
بسبب أنكم أعلم الحق شرفنا الله تعالى بأن ذكرنا عنده قبل خلقنا بولايتكم.
(وفي الفقيه) وكنا عنده بفضلكم معترفين وبتصديقنا إياكم مقرين و (في المصباح)
وكنا عنده مسمين بعلمكم مقرين بفضلكم معترفين بتصديقنا إياكم (وفي الكافي)
وكنا عنده مسمين بفضلكم معترفين بتصديقنا إياكم.
(وفي التهذيب) وكنا عنده مسمين بعلمكم وبفضلكم، ثم الأصوب أن يكون
معروفين بدل معترفين كما سيأتي في الزيارة الجامعة، وعلى التقادير يحتمل أن يكون
مسمين من السمو بمعنى الرفعة.
(وفي الكافي) وعرفتني بما ائتمنتني عليه و (في بعض نسخ التهذيب) وعرفتني
فأثبتني عليه و (في بعضها) بما ثبتني عليه.
و (في الكافي) وغيره ضمير الجمع في عنهم ومعرفتهم وبحقهم وسواهم.
و (في التهذيب) قال بعد تمام الخبر: ثم تصلي ثمان ركعات إن شاء الله

(1) كامل الزيارات ص 53.
204

تعالى و (في المزار الكبير) بعد قوله واستكبروا عنها: ثم ترفع رأسك وتقول: يا من
هو قائم.
2 - كامل الزيارة: حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن عمرو بن علي، عن
عمه، عن عمر بن يزيد بياع السابري رفعه قال: كان محمد بن علي بن الحنفية
يأتي قبر الحسن بن علي صلوات الله عليه فيقول: السلام عليك يا بقية المؤمنين
وابن أول المسلمين وكيف لا تكون كذلك وأنت سليل الهدى وحليف التقى وخامس
أهل الكسا وغذتك يد الرحمة وربيت في حجر الاسلام ورضعت من ثدي الايمان فطبت
حيا وطبت ميتا غير أن الأنفس غير طيبة بفراقك ولا شاركة في الحياة لك يرحمك
الله ثم التفت إلى الحسين فقال: يا أبا عبد الله فعلى أبي محمد السلام (1).
ايضاح: (قوله عليه السلام) يا بقية المؤمنين اي من بقي من المؤمنين الكاملين أي
الباقي بعد جده وأبيه صلوات الله عليهم أو من أبقي على المؤمنين بالصلح ولم يعرضهم
للقتل كما قال تعالى " أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض " وهذا أظهر، والسليل
الولد أي لكثرة اتصافك بالهدى كأنه ولدك أو أنت المولود المنسوب إلى الهدى من
حين الولادة إلى الوفاة، وكونه حليف التقى كناية عن ملازمته للتقوى وعدم انفكاك
كل منهما عن الآخر، فان الحليف لا يخذل قرينه ولا يفارقه في حال، وقوله غذتك:
يجوز بالتخفيف والتشديد.
3 أقول: روى الشيخ في التهذيب هذه الزيارة عن ابن قولويه وذكر
في آخرها: ثم يلتفت إلى الحسين صلوات الله عليه فيقول: السلام عليك يا أبا عبد الله
وعلى أبي محمد السلام، ثم قال: وداع أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام تقف على قبره كوقوفك
عليه عند الزيارة وتقول: السلام عليك يا بن رسول الله السلام عليك يا مولاي ورحمة الله
وبركاته أستودعك الله واسترعيك واقرء عليك عليك السلام، آمنا بالله وبالرسول وبما جئت
به ودللت عليه، اللهم اكتبنا مع الشاهدين ثم تسأل حاجتك وأن لا يجعله آخر
العهد منك وادع بما أحببت إن شاء الله تعالى.

(1) كامل الزيارات ص 53.
205

4 - مصباح الزائر: إذا أردت زيارة الحسن بن علي عليهما السلام فاغتسل واقصد البقيع وقف
على باب الدخول واستأذن ببعض ما ذكرناه ونذكره من الاذن من أمثاله صلوات
الله عليه وعليهم ثم ادخل وقف على قبره المقدس وقل: السلام عليك يا بقية المؤمنين
وساق مثل ما مر (1).
أقول: وذكر الزيارة الأولى الجامعة بينهم كما ذكرنا إلا أنه ذكر الغسل
والاستيذان.
5 - كامل الزيارة: علي بن الحسين وغيره رحمهم الله عن علي، عن أبيه، عن ابن
أبي نجران، عن يزيد بن إسحاق، عن الحسن بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
تقول عند قبر علي بن الحسين عليهما السلام ما أحببت (2).
6 - مصباح الزائر: فإذا أردت وداعهم عليهم السلام فقل: السلام على أئمة الهدى و
رحمة الله وبركاته أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام آمنا بالله وبالرسول وبما جئتم به
ودللتم عليه، اللهم فاكتبنا مع الشاهدين ثم ادع الله كثيرا وسله أن لا يجعله آخر
العهد من زيارتهم، وإن أردت البسط في زيارتهم صلوات الله عليهم وقضاء الوطر
من إهداء التحية إليهم فعليك بما سيأتي من الزيارات الجامعة (3).
7 - مصباح الكفعمي: تقول في زيارة أئمة البقيع عليهم السلام بعد أن تجعل القبر
بين يديك وأنت على غسل: السلام عليكم يا خزان علم الله وحفظة سره وتراجمة
وحيه أتيتكم يا بني رسول الله عارفا بحقكم مستبصرا بشأنكم معاديا لأعدائكم مواليا
لأوليائكم، بأبي أنتم وأمي صلى الله على أرواحكم وأبدانكم، اللهم إني أتولى
آخرهم كما توليت أولهم وابرء من كل وليجة دونهم آمنت بالله وكفرت بالجبت
والطاغوت واللات والعزى وكل ند يدعى من دون الله (وتقول في وداعهم)
السلام عليكم أئمة الهدى ورحمة الله وبركاته استودعكم الله واقرأ عليكم السلام آمنا
بالله وبالرسول وبما جئتم به ودللتم عليه اللهم فاكتبنا مع الشاهدين ولا تجعله آخر

(1) مصباح الزائر ص 101.
(2) كامل الزيارات ص 55.
(3) مصباح الزائر ص 198.
206

العهد من زيارتهم والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته (1).
8 أقول: وجدت في نسخة قديمة من مؤلفات أصحابنا زيارة لهم عليهم السلام
فأوردتها كما وجدتها قال: تستحضر نية زيارتهم خاشعا لله تعالى ثم تقول زائرا
للجميع: السلام عليكم أئمة المؤمنين وسادة المتقين وكبراء الصديقين وأمراء
الصالحين وقادة المحسنين وأعلام المهتدين وأنوار العارفين وورثة الأنبياء وصفوة
الأصفياء وخيرة الأتقياء وعباد الرحمن وشركاء الفرقان ومنهج الايمان ومعادن
الحقايق وشفعاء الخلائق ورحمة الله وبركاته، اشهد أنكم أبواب نعم الله التي فتحها
على بريته والاعلام التي فطرها لارشاد خليقته والموازين التي نصبها لتهذيب شريعته
وإنكم مفاتيح رحمته ومقاليد مغفرته وسحائب رضوانه ومفاتيح جنانه وحملة
فرقانه وخزنة علمه وحفظة سره ومهبط وحيه ومعادن أمره ونهيه وأمانات
النبوة وودايع الرسالة وفي بيتكم نزل القرآن ومن داركم ظهر الاسلام والايمان
وإليكم مختلف رسل الله والملائكة وأنتم أهل إبراهيم عليه السلام الذين ارتضاكم الله
عز وجل للإمامة واجتباكم للخلافة وعصمكم من الذنوب وبرأكم من العيوب
وطهركم من الرجس، وفضلكم بالنوع والجنس، واصطفاكم على العالمين
بالنور والهدى والعلم والتقى والحلم والنهي والسكينة والوقار والخشية و
الاستغفار والحكمة والآثار والتقوى والعفاف والرضا والكفاف، والقلوب
الزاكية، والنفوس العالية، والاشخاص المنيرة، والأحساب الكبيرة، والأنساب
الطاهرة، والأنوار الباهرة الموصولة، والاحكام المقرونة، وأكرمكم بالآيات
وأيدكم بالبينات، وأعزكم بالحجج البالغة والأدلة الواضحة، وخصكم
بالأقوال الصادقة والأمثال الناطقة والمواعظ الشافية والحكم البالغة، وورثكم
علم الكتاب، ومنحكم فصل الخطاب، وأرشدكم لطرق الصواب، وأودعكم علم
المنايا والبلايا ومكنون الخفايا ومعالم التنزيل ومفاصل التأويل ومواريث الأنبياء
كتابوت الحكمة وشعار الخليل، ومنسأة الكليم، وسابغة داود، وخاتم الملك، و

(1) مصباح الكفعمي ص 475.
207

فضل المصطفى، وسيف المرتضى، والجفر العظيم، والإرث القديم، وضرب لكم
في القرآن أمثالا وامتحنكم بلوى، وأحلكم محل نهر طالوت، وحرم عليكم
الصدقة وأحل لكم الخمس، ونزهكم عن الخبائث ما ظهر منها وما بطن فأنتم
العباد المكرمون، والخلفاء الراشدون، والأوصياء المصطفون، والأئمة المعصومون
والأولياء المرضيون، والعلماء الصادقون، والحكماء الراسخون المبينون
والبشراء النذراء الشرفاء الفضلاء، والسادة الأتقياء، الآمرون بالمعروف والناهون
عن المنكر، واللابسون شعار البلوى ورداء التقوى، والمتسربلون نور الهدى، و
الصابرون في البأساء والضراء وحين البأس ولدكم الحق ورباكم الصدق وغذاكم
اليقين، ونطق بفضلكم الدين واشهد أنكم السبيل إلى الله عز وجل، والطرق
إلى ثوابه، والهداة إلى خليقته، والاعلام في بريته، والسفراء بينه وبين خلقه
وأوتاده في ارضه، وخزانه على علمه، وأنصار كلمة التقوى، ومعالم سبل الهدى
ومفزع العباد إذا اختلفوا، والدالون على الحق إذا تنازعوا، والنجوم التي بكم
يهتدى، وبأقوالكم وأفعالكم يقتدى، وبفضلكم نطق القرآن وبولايتكم كمل
الدين والايمان، وأنكم على منهاج الحق، ومن خالفكم على منهاج الباطل، و
أن الله أودع قلوبكم اسرار الغيوب، ومقادير الخطوب، وأوفد إليكم تأييد السكينة
وطمأنينة الوقار، وجعل ابصاركم مألفا للقدرة، وأرواحكم معادن للقدس.
فلا ينعتكم إلا الملائكة، ولا يصفكم إلا الرسل، أنتم أمناء الله و
أحباؤه وعباده وأصفياؤه وأنصار توحيده وأركان تمجيده ودعائم تحميده ودعاته
إلى دينه وحرسة خلائقه وحفظة شرائعه، وأنا اشهد الله خالقي وأشهد ملائكته
وأنبياءه ورسله، وأشهدكم أني مؤمن بكم مقر بفضلكم معتقد لإمامتكم مؤمن
بعصمتكم خاضع لولايتكم متقرب إلى الله سبحانه بحبكم، وبالبراءة من أعدائكم
عالم بأن الله جل جلاله قد طهركم من الفواحش ما ظهر منها وما بطن ومن كل
ريبة ورجاسة ودناءة ونجاسة، وأعطاكم راية الحق التي من تقدمها ضل و
من تخلف عنها ذل، وفرض طاعتكم ومودتكم على كل أسود وابيض من عباده
208

فصلوات الله على أرواحكم وأجسادكم.
ثم تنكب على القبر وتقول: السلام على أبي محمد الحسن بن علي سيد
شباب أهل الجنة، السلام على أبي الحسن علي بن الحسين زين العابدين، السلام
على أبي جعفر محمد بن علي باقر علم الدين، السلام على أبي عبد الله جعفر بن محمد
الصادق الأمين ورحمة الله وبركاته بأبي أنتم وأمي لقد رضعتم ثدي الايمان، و
ربيتم في حجر الاسلام، واصطفاكم الله على الناس، وورثكم علم الكتاب، وعلمكم
فصل الخطاب، وأجرى فيكم مواريث النبوة، وفجر بكم ينابيع الحكمة، وألزمكم
بحفظ الشريعة، وفرض طاعتكم ومودتكم على الناس، السلام على الحسن بن علي خليفة
أمير المؤمنين، الامام الرضي الهادي المرضي، علم الدين وإمام المتقين، العامل
بالحق والقائم بالقسط، أفضل وأطيب وأزكى وأنمى ما صليت على أحد من
أوليائك وأصفيائك وأحبائك صلاة تبيض بها وجهه وتطيب بها روحه، فقد لزم
عن آبائه الوصية، ودفع عن الاسلام البلية، فلما خاف على المؤمنين الفتن ركن
إلى الذي إليه ركن، وكان بما آتاه الله عالما بدينه قائما، فاجزه اللهم جزاء العارفين
وصل عليه في الأولين والآخرين، وبلغه منا السلام واردد علينا منه السلام
برحمتك يا ارحم الراحمين، اللهم صل على الامام الوصي والسيد الرضي والعابد
الأمين علي بن الحسين زين العابدين إمام المؤمنين ووارث علم النبيين، اللهم
اخصصه بما خصصت به أولياءك من شرائف رضوانك، وكرائم تحياتك، ونوامي
بركاتك، فلقد بلغ في عبادته، ونصح لك في طاعته، وسارع في رضاك، وسلك
بالأمة طريق هداك، وقضى ما كان عليه من حقك في دولته، وادى ما وحب
عليه في ولايته حتى انقضت أيامه وكان لشيعته رؤوفا وبرعيته رحيما، اللهم بلغه
منا السلام واردد منه علينا السلام والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم وصل
على الوصي الباقر، والامام الطاهر، والعلم الظاهر، محمد بن علي أبي جعفر الباقر
اللهم صل على وليك الصادع بالحق، والناطق بالصدق، الذي بقر العلم بقرا
وبينه سرا وجهرا، وقضى بالحق الذي كان عليه، وادى الأمانة التي صارت إليه
209

وأمر بطاعتك، ونهى عن معصيتك، اللهم فكما جعلته نورا يستضئ به المؤمنون وفضلا
يقتدي به المتقون، فصل عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المعصومين أفضل الصلاة
وأجزلها وأعطه سؤله وغاية مأموله وأبلغه منا السلام واردد علينا منه السلام، والسلام
عليهم ورحمة الله وبركاته، اللهم وصل على الإمام الهادي وصي الأوصياء، ووارث
علم الأنبياء، علم الدين، والناطق بالحق اليقين، وأبي المساكين جعفر بن محمد
الصادق الأمين، اللهم فصل عليه كما عبدك مخلصا، وأطاعك مخلصا مجتهدا
واجزه عن إحياء سنتك وإقامة فرائضك خير جزاء المتقين وأفضل ثواب
الصالحين وخصه منا بالسلام واردد علينا منه السلام، والسلام عليه ورحمة الله
وبركاته.
أقول: زيارتهم عليهم السلام في الأوقات الشريفة والأيام المتبركة والأزمان
المختصة بهم أولى وأنسب، كيوم ولادة الحسن عليه السلام وهو منتصف شهر رمضان
ويوم وفاته وهو سابع صفر أو الثامن والعشرون منه أو آخره، ويوم طعن عليه السلام
وهو الثالث والعشرون من رجب، ويوم المباهلة، ويوم نزول هل أتى وهما
الرابع والعشرون والخامس والعشرون من ذي الحجة، ويم خلافته وهو يوم
شهادة أبيه صلوات الله عليهما، ويوم ولادة سيد الساجدين عليه السلام وهو خامس
شعبان أو تاسعه أو النصف من جمادى الآخرة أو النصف من جمادى الأولى وهو
قول المفيد والشيخ رحمهما الله وقيل نصف رجب، ويوم وفاته وهو الخامس والعشرون
من المحرم أو الثاني عشر منه أو الثامن عشر، ويوم خلافته وهو يوم شهادة أبيه صلوات
الله عليهما، ويوم ولادة الباقر عليه السلام وهو غرة رجب لما رواه الشيخ عن جابر الجعفي
قال: ولد الباقر أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام يوم الجمعة غرة رجب سنة سبع و
خمسين وقيل: ثلاث صفر، ويوم وفاته وهو سابع ذي الحجة، ويوم خلافته وهو
يوم وفاته أبيه عليه السلام: ويوم ولادة الصادق عليه السلام وهو يوم سابع عشر ربيع الأول
ويوم وفاته وهو منتصف رجب أو شوال، ويوم خلافته وهو يوم وفات أبيه صلوات
الله عليهما.
210

9 الكتاب العتيق: روى أبو الحسين أحمد بن الحسين بن رجاء الصيداوي
هذه الزيارة لعثمان بن سعيد العمري ره ومعه أبو القاسم ابن روح قال عند زيارتهما
لمولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه وقفا على باب السلام فقالا: السلام عليك
يا مولاي وابن مولاي وأبا موالي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا شهيد دار الفناء
وزعيم دار البقاء إنا خالصتك ومواليك ونعترف بأولاك وأخراك، فاشفع لنا إلى
مشفعك الله تعالى ربنا وربك، فما خاب عبد قصد بك ربه، وأتعب فيك قلبه وهجر
فيك أهله وصحبه، واتخذك وليه وحسبه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أقول: لا يبعد أن تكون هذه الزيارة لأبي عبد الله الحسين عليه السلام فصحفها الناسخون.
10 - قال مؤلف المزار الكبير: زيارة أخرى لهم عليهم السلام يستحب لمن أراد زيارتهم
أن يغتسل أولا ثم يأتي بسكينة ووقار فإذا ورد إلى الباب الشريف وقف عليه وقال:
يا موالي يا أبناء رسول الله عبدكم وابن أمتكم الذليل بين أيديكم، والمضعف
في علو قدركم، والمعترف بحقكم، جاءكم مستجيرا بكم، قاصدا إلى حرمكم
متقربا إلى مقامكم، متوسلا بكم إلى الله بكم، أأدخل يا موالي أأدخل يا أولياء
الله أأدخل يا ملائكة الله المحدقين بهذا الحرم المقيمين بهذا المشهد؟
واخشع لربك وابك فان خشع قلبك ودمعت عيناك فهو علامة القبول و
الاذن وادخل رجلك اليمنى العتبة وأخر اليسرى وقل: الله أكبر كبيرا والحمد لله
كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، والحمد لله الفرد الصمد، الماجد الاحد المتفضل
المنان المتطول الحنان الذي من بطوله وسهل زيارة سادتي باحسانه، ولم يجعلني
عن زيارتهم ممنوعا بل تطول ومنح.
ثم ادخل واجعل القبور بين يديك وقل: السلام عليكم أئمة الهدى وساق
مثل ما مر إلى قوله: واستكبروا عنها، ثم قال: السلام عليكم يا ساداتي أنا عبدكم
ومولاكم وزائركم اللائذ بكم أتوسل إلى الله في نجح طلبتي وكشف كربتي و
إجابة دعوتي وغفران حوبتي، وأسأله أن يسمع ويجيب برحمته.
ثم صل لكل إمام ركعتين وادع بما تحب فإنه موضع إجابة (1).

(1) المزار الكبير ص 3634 نسخة مكتبة الإمام علي وص 22 نسخة مكتبة السيد الحكيم.
211

7.
* (باب) *
* " (زيارة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله) " *
* " (وفاطمة بنت أسد، وحمزة وساير الشهداء) " *
* " (بالمدينة، واتيان ساير المشاهد فيها) " *
الآيات: التوبة: " لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم
فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين " (2).
تفسير: أقول: ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد بهذا المسجد مسجد قبا
كما تدل عليه أخبارنا، وقيل: هو مسجد النبي صلى الله عليه وآله.
وقال الطبرسي رحمه الله (3) روي عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام
وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأهل قبا: ماذا تفعلون في طهركم فان الله تعالى قد
أحسن عليكم الثناء؟ قالوا: نغسل أثر الغايط فقال: أنزل الله فيكم " إن الله يحب
المطهرين ".
1 - كامل الزيارة: حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن عبيد الله بن أحمد، عن
بكر بن صالح، عن عمرو بن هشام، عن رجل من أصحابنا عنهم عليهم السلام قال: فيقول

(1) سورة التوبة الآية: 108.
(2) مجمع البيان ج 5 ص 73 طبع الاسلامية وفي المصدر الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله
فقط وما ذكره من أنه روى عن السيدين الباقر والصادق عليه السلام فإنه متعلق بتفسير
قوله تعالى (يحبون ان يتطهروا) وليس فيه شاهد على مسجد قبا.
212

عند قبر حمزة: السلام عليك يا عم رسول الله وخير الشهداء، السلام عليك يا أسد
الله واسد رسوله، اشهد أنك قد جاهدت في الله، ونصحت لرسول الله، وجدت بنفسك
وطلبت ما عند الله، ورغبت فيما وعد الله.
ثم ادخل فصل ولا تستقبل القبر عند صلاتك، فإذا فرغت من صلاتك فانكب
على القبر وقل: اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته، اللهم إني تعرضت لرحمتك
بلزوقي بقبر عم نبيك صلواتك عليه وعلى أهل بيته لتجيرني من نقمتك وسخطك
ومقتك، ومن الزلل في يوم تكثر فيه المعرات والأصوات وتشتغل كل نفس
بما قدمت، وتجادل كل نفس عن نفسها، فان ترحمني اليوم فلا خوف علي و
لا حزن، وإن تعاقب فمولاي له القدرة على عبده، اللهم فلا تخيبني اليوم ولا
تصرفني بغير حاجتي، فقد لزقت بقبر عم نبيك وتقربت به إليك ابتغاء مرضاتك
ورجاء رحمتك فتقبل مني، وعد بحلمك على جهلي، وبرأفتك على جناية نفسي
فقد عظم جرمي وما أخاف أن تظلمني ولكن أخاف سوء الحساب، فانظر اليوم
إلى تقلبي على قبر عم نبيك صلواتك على محمد وأهل بيته فبهم فكني ولا تخيب
سعيي ولا يهونن عليك ابتهالي ولا تحجب منك صوتي ولا تقلبني بغير حوائجي، يا
غياث كل مكروب ومحزون، يا مفرج عن الملهوف الحيران الغريب الغريق المشرف
على الهلكة، صل على محمد وآل محمد وانظر إلي نظرة لا اشقى بعدها ابدا، وارحم
تضرعي وغربتي وانفرادي فقد رجوت رضاك وتحريت الخير الذي لا يعطيه أحد
سواك ولا ترد أملي (1).
2 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن سلمة مثله (2).
3 - كامل الزيارة: أبي، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس معا، عن سلمة مثله (3).
4 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله
ابن هلال، عن عقبة، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث له طويل قال: قلت له عليه السلام:

(1) كامل الزيارات ص 22.
(2) كامل الزيارات ص 23.
(3) كامل الزيارات ص 23.
213

إني آتي المساجد التي حول المدينة فبأيها أبدا؟ فقال: ابدأ بقبا فصل فيه وأكثر
فإنه أول مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله في هذه العرصة، ثم ائت مشربة أم
إبراهيم فصل فيها فإنه مسكن رسول الله صلى الله عليه وآله ومصلاه، ثم تأتي مسجد الفضيخ
فصل فيه ركعتين فقد صلى فيه نبيك فإذا قضيت هذا الجانب، فائت جانب أحد
فبدأت بالمسجد الذي دون الحرة فصليت فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب
فسلمت عليه ثم مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت: السلام عليكم يا أهل
الديار أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون، ثم تأتي المسجد الذي في المكان الواسع
إلى جنب الجبل عن يمينك حتى تدخل أحد فتصلي فيه، فعنده خرج النبي صلى الله عليه وآله
إلى أحد حيث لقي المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصلاة فصلى فيه، ثم مر
أيضا حتى ترجع فتصلي عند قبور الشهداء ما كتب الله لك، ثم امض على وجهك
ثم تأتي مسجد الأحزاب فتصلي فيه، فان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا فيه يوم الأحزاب
وقال: يا صريح المكروبين، ويا مجيب دعوة المضطرين، ويا مغيث المهمومين اكشف
همي وكربي وغمي فقد ترى حالي وحال أصحابي (1).
5 - علل الشرائع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن
أبي جميلة، عن ليث قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لم سمي مسجد الفضيخ؟ قال:
النخل سمي الفضيخ فلذلك سميه (2).
بيان: الأشهر في وجه التسمية هو أن الفضخ الكسر، والفضيخ شراب يتخذ
من بسر مفضوخ وكانوا في الجاهلية يفضخون فيه التمر لذلك فبه سمي المسجد، و
اما الفضيخ بمعنى النخل فليس فيما عندنا من كتب اللغة، ولا يبعد أن يكون اسما
لنخلة مخصوصة كانت فيه ويؤيده أن في الكافي: لنخل يسمى الفضيخ.
6 ت - كامل الزيارة: محمد ابن الحسن، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسين
ابن سعيد، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير وفضالة بن أيوب جميعا، عن

(1) نفس المصدر صدر الحديث في ص 26 وذيله في ص 23.
(2) علل الشرائع ص 459.
214

معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تدع إتيان المشاهد كلها: مسجد قبا فإنه
المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، ومشربة أم إبراهيم، ومسجد الفضيخ،
وقبور الشهداء، ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أتى
قبور الشهداء قال: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، وليكن فيما تقول في
مسجد الفتح: يا صريخ المكروبين، ويا مجيب المضطرين اكشف عني همي وغمي و
كربي كما كشفت عن نبيك صلى الله عليه وآله همه وغمه وكربه وكفيته
هول عدوه في هذا المكان (1).
7 - كامل الزيارة: محمد بن يعقوب وعلي بن الحسين معا، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير
قال محمد بن يعقوب: وحدثني محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان
وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وذكر مثله (2).
8 - كامل الزيارة: جماعة مشايخي، عن الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه
علي، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان وابن أبي عمير وفضالة جميعا، عن معاوية
مثله إلى قوله: وهو مسجد الفتح (3).
9 - كامل الزيارة: أبي ومحمد بن الحميري معا، عن الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار
عن أخيه علي، عن الحسن، عن عبد الله بن بحر، عن حريز، عمن أخبره، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أتى مسجدي مسجد قبا فصلى فيه ركعتين
رجع بعمرة ().
10 - تفسير العياشي: عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألت عن المسجد الذي
أسس على التقوى من أول يوم، فقال: مسجد قبا (5).
11 - تفسير العياشي: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله

(1) كامل الزيارات ص 24.
(2) كامل الزيارات ص 24.
(3) كامل الزيارات ص 25.
(4) كامل الزيارات ص 24.
(5) تفسير العياشي ج 2 ص 111.
215

عليهما السلام، عن قوله " لمسجد أسس على التقوى من أول يوم " قال: مسجد
قبا وأما قوله: " أحق أن تقوم فيه " قال: يعني من مسجد النفاق وكان على
طريقه إذا أتى مسجد قبا فقام فينضح بالماء والسدر ويرفع ثيابه عن ساقيه ويمشي
على حجر في ناحية الطريق ويسرع المشي ويكره أن يصيب ثيابه منه شئ، فسألته
هل كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي في مسجد قبا؟ قالا: نعم قال منزله على سعد بن خيثمة
الأنصاري فسألته هل كان لمسجد رسول الله السقف؟ فقال: لا وقد كان بعض أصحابه
قال: الا تسقف مسجدنا يا رسول الله؟ قال: عريش كعريش موسى (1).
12 - الكافي: العدة، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر
ابن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: عاشت
فاطمة عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة تأتي قبور
الشهداء في كل جمعة مرتين الاثنين والخميس فتقول: ههنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله
وههنا كان المشركون (2).
13 وفي رواية أبان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام أنها كانت تصلي هناك
وتدعو حتى ماتت (3).
14 - الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى
عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: هل أتيتم مسجد قبا أو مسجد
الفضيخ أو مشربة أم إبراهيم؟ قال: نعم، قال: أما إنه لم يبق من آثار رسول الله صلى الله عليه وآله
شئ إلا وقد غير غير هذا (4).
15 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن موسى بن جعفر، عن
عمرو بن سعيد، عن الحسن بن صدقة عن عمار بن موسى قال: دخلت أنا وأبو
عبد الله عليه السلام مسجد الفضيخ فقال: يا عمار ترى هذه الوهدة؟ قلت: نعم قال:

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 111.
(2) الكافي ج 4 ص 561.
(3) الكافي ج 4 ص 561.
(4) الكافي ج 4 ص 561.
216

كانت امرأة جعفر التي خلف عليها أمير المؤمنين عليه السلام قاعدة في هذا الموضع ومعها
ابناها من جعفر فبكت فقال لها ابناها: ما يبكيك يا أمه؟ قالت: بكيت لأمير المؤمنين
عليه السلام فقالا لها: تبكين لأمير المؤمنين ولا تبكين لأبينا، قالت: ليس هذا لهذا
ولكن ذكرت حديثا حدثني به أمير المؤمنين في هذا الموضع فأبكاني قالا: وما هو؟
قالت: كنت أنا وأمير المؤمنين عليه السلام في هذا المسجد فقال لي: ترين هذه الوهدة؟
قلت: نعم، قال كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله قاعدين فيها، إذ وضع رأسه في حجري
ثم خفق حتى غط وحضرت صلاة العصر فكرهت أن أحرك رأسه عن فخذي فأكون
قد آذيت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ذهب الوقت وفاتت، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
يا علي صليت؟ قلت: لا، قال: ولم ذاك؟ قلت: كرهت أن أوذيك، قال: فقام و
استقبل القبل ومد يديه كلتيهما وقال: اللهم رد الشمس إلى وقتها حتى يصلي
علي، فرجعت الشمس إلى وقت الصلاة حتى صليت العصر ثم انقضت انقضاض
الكوكب (1).
بيان: قال الفيروزآبادي (2): غط النائم: صات.
16 أقول: قال المفيد والسيد والشهيد رضي الله عنهم (3) زيارة إبراهيم ابن
رسول الله صلى الله عليه وآله فقف عليه وتقول: السلام على رسول الله، السلام على نبي الله
السلام على حبيب الله، السلام على صفي الله، السلام على نجي الله، السلام
على محمد بن عبد الله سيد الأنبياء وخاتم المرسلين وخيرة الله من خلقه في أرضه و
سمائه، السلام على جميع أنبياء الله ورسله، السلام على السعداء والشهداء و
الصالحين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليك أيها الروح
الزاكية، السلام عليك أيتها النفس الشريفة، السلام عليك أيتها السلالة الطاهرة

(1) الكافي ج 4: 561.
(2) القاموس ج 4 ص 376.
(3) لم نجدها في مزار الشهيد وهي موجودة في المزار الكبير ص 23 فنحتمل اشتباه
المؤلف رحمه الله في ذلك وسبق القلم منه.
217

السلام عليك أيتها النسمة الزاكية، السلام عليك يا ابن خير الورى، السلام
عليك يا ابن النبي المجتبى، السلام عليك يا ابن المبعوث إلى كافة الورى، السلام
عليك يا ابن البشير النذير، السلام عليك يا ابن السراج المنير، السلام
عليك يا ابن المؤيد بالقرآن، السلام عليك يا ابن المرسل إلى الإنس والجان،
السلام عليك يا ابن صاحب الراية والعلامة، السلام عليك يا ابن شفيع يوم القيامة
السلام عليك يا ابن من حباه الله بالكرامة، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اشهد
أنك قد اختار الله لك دار إنعامه قبل أن يكتب عليك أحكامه أو يكلفك حلاله و
حرامه، فنقلك إليه طيبا زاكيا مرضيا طاهرا من كل نجس مقدسا من كل
دنس، وبوأك جنة المأوى، ورفعك إلى الدرجات العلى، وصلى الله عليك صلاة
يقربها عين رسوله ويبلغه أكبر مأموله، اللهم اجعل أفضل صلواتك وأزكاها و
أنمى بركاتك وأوفاها على رسولك ونبيك وخيرتك من خلقك محمد خاتم النبيين
وعلى ما نسل من أولاده الطيبين، وعلى ما خلف من عترته الطاهرين، برحمتك
يا أرحم الراحمين، اللهم إني أسئلك بحق محمد صفيك وإبراهيم نجل نبيك أن
تجعل سعيى بهم مشكورا، وذنبي بهم مغفورا، وحياتي بهم سعيدة، وعافيتي بهم
حميدة، وحوائجي بهم مقضية، وافعالي بهم مرضية، وأموري بهم مسعودة،
وشؤوني بهم محمودة، اللهم وأحسن لي التوفيق، ونفس عني كل هم وضيق،
اللهم جنبني عقابك، وامنحني ثوابك، واسكني جناتك، وارزقني رضوانك
وأمانك، واشرك في صالح دعائي والدي وولدي وجميع المؤمنين والمؤمنات الاحياء
منهم والأموات إنك ولي الباقيات الصالحات، آمين رب العالمين.
ثم تسأل حوائجك وتصلي ركعتين للزيارة.
أقول: يناسب زيارته عليه السلام في يوم وفاته وهو الثاني عشر من شهر رجب
17 ثم قالوا رحمهم الله: ثم تتوجه إلى زيارة فاطمة بنت أسد أم أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فإذا وقفت على قبرها فنقول: السلام على نبي
الله، السلام على رسول الله، السلام على محمد سيد المرسلين، السلام على محمد سيد
218

الأولين، السلام على محمد سيد الآخرين، السلام على من بعثه الله رحمة الله للعالمين
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على فاطمة بنت أسد الهاشمية
السلام عليك أيتها الصديقة المرضية، السلام عليك أيتها التقية النقية
السلام عليك أيتها الكريمة الرضية، السلام عليك يا من ظهرت شفقتها على رسول
الله خاتم النبيين، السلام عليك يا من تربيتها لولي الله الأمين، السلام عليك و
على روحك وبدنك الطاهر، السلام عليك وعلى ولدك ورحمة الله وبركاته، أشهد
أنك أحسنت الكفالة وأديت الأمانة، واجتهدت في مرضات الله وبالغت في حفظ
رسول الله، عارفة بحقه، مؤمنة بصدقه، معترفة بنبوته، مستبصرة بنعمته، كافلة بتربيته
مشفقة على نفسه، واقفة على خدمته، مختارة رضاه، واشهد أنك مضيت على الايمان
والتمسك بأشرف الأديان، راضية مرضية طاهرة زكية تقية نقية، فرضي الله عنك
وأرضاك، وجعل الجنة منزلك ومأواك، اللهم صل على محمد وآل محمد وانفعني
بزيارتها، وثبتني على محبتها، ولا تحرمني شفاعتها وشفاعة الأئمة من ذريتها و
ارزقني مرافقتها واحشرني معها ومع أولادها الطاهرين، اللهم لا تجعله آخر العهد
من زيارتي إياها وارزقني العود إليها أبدا ما أبقيتني، وإذا توفيتني فاحشرني في
زمرتها وأدخلني في شفاعتها برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم بحقها عندك و
منزلتها لديك اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وآتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار (1).
ثم تصلي ركعتين للزيارة وتدعو بما أحببت وتنصرف.
بيان: أقول لها عليها السلام مزار معروف في البقيع، وقال الشيخ رحمه الله في
التهذيب (2) في نسب الصادق عليها السلام ومدفنه ما هذا لفظه: وقبره بالبقيع أيضا مع
أبيه وجده وعمه الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وروي في بعض الأخبار

(1) مصباح الزائر ص 2928 والمزار الكبير ص 2423.
(2) التهذيب ج 6 ص 78.
219

أنهم أنزلوا على جدتهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضوان الله عليها
انتهى، فلا يبعد أن يكون الموضع الذي يزور الناس فيه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله
في قبة أئمة البقيع هو موضع قبر فاطمة بنت أسد رضي الله عنها.
18 ثم قالوا: ثم تتوجه إلى زيارة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
فإذا أتيت قبره عليه السلام بأحد فتقول: السلام عليك يا عم رسول الله صلى الله عليه وآله، السلام
عليك يا خير الشهداء، السلام عليك يا أسد الله واسد رسوله، اشهد أنك قد جاهدت
في الله عز وجل وجدت بنفسك ونصحت رسول الله وكنت فيما عند الله سبحانه راغبا
بأبي أنت وأمي أتيتك متقربا إلى رسول صلى الله عليه وآله بذلك راغبا إليك في الشفاعة
أبتغي بزيارتك خلاص نفسي متعوذا بك من نار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي
هاربا من ذنوبي التي احتطبتها على ظهري، فزعا إليك رجاء رحمة ربي، أتيتك من
شقة بعيدة طالبا فكاك رقبتي من النار، وقد أوقرت ظهري ذنوبي وأتيت ما أسخط
ربي ولم أجد أحدا افزع إليه خيرا لي منكم أهل بيت الرحمة فكن لي شفيعا
يوم فقري وحاجتي فقد سرت إليك محزونا، وأتيتك مكروبا، وسكبت عبرتي عندك
باكيا، وصرت إليك مفردا، وأنت ممن أمرني الله بصلته، وحثني على بره، ودلني
على فضله وهداني لحبه، ورغبني في الوفادة إليه، والهمني طلب الحوائج عنده، أنتم
أهل بيت لا يشقى من تولاكم، ولا يخيب من أتاكم، ولا يخسر من يهواكم، ولا
يسعد من عاداكم.
ثم تستقبل القبلة وتصلي ركعتين للزيارة فإذا فرغت من صلاتك فانكب
على القبر وتقول: اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إني تعرضت لرحمتك
بلزومي لقبر عم نبيك صلى الله عليه وآله لتجيرني من نقمتك في يوم تكثر فيه الأصوات و
تشغل كل نفس بما قدمت وتجادل عن نفسها، فان ترحمني اليوم فلا خوف علي
ولا حزن، وإن تعاقب فمولى له القدرة على عبده ولا تخيبني بعد اليوم ولا تصرفني
بغير حاجتي، فقد لصقت بقبر عم نبيك وتقربت به إليك، ابتغاء مرضاتك ورجاء
رحمتك فتقبل مني، وعد بحلمك على جهلي، وبرأفتك على جناية نفسي، فقد عظم
220

جرمي، وما أخاف أن تظلمني ولكن أخاف سوء الحساب، فانظر اليوم تقلبي على
قبر عم نبيك صلى الله عليه وآله فبهما فكنى من النار، ولا تخيب سعيي، ولا يهونن عليك
ابتهالي، ولا تحجبن عنك صوتي، ولا تقلبني بغير حوائجي، يا غياث كل مكروب
ومحزون، ويا مفرجا عن الملهوف الحيران الغريق المشرف على الهلكة، فصل على
محمد وآل محمد وانظر إلي نظرة لا أشقى بعدها ابدا، وارحم تضرعي وعبرتي و
انفرادي، فقد رجوت رضاك، وتحريت الخير الذي لا يعطيه أحد سواك، فلا ترد
أملي، اللهم إن تعاقب فمولى له القدرة على عبده وجزائه بسوء فعله فلا أخيبن
اليوم ولا تصرفني بغير حاجتي، ولا تخيبن شخوصي ووفادتي، فقد أنفدت نفقتي
وأتعبت بدني وقطعت المفازات وخلفت الأهل والمال وما خولتني، وآثرت ما
عندك على نفسي، ولذت بقبر عم نبيك صلى الله عليه وآله، وتقربت به ابتغاء
مرضاتك، فعد بحلمك على جهلي، وبرأفتك على ذنبي، فقد عظم جرمي برحمتك
يا كريم يا كريم (1).
19 ثم تأتي قبور الشهداء بأحد رضوان الله عليهم أجمعين فتزورهم فتقول:
السلام على رسول الله، السلام على نبي الله، السلام على محمد بن عبد الله، السلام على
أهل بيته الطاهرين، السلام عليكم أيها الشهداء المؤمنون، السلام عليكم يا أهل
بيت الايمان والتوحيد، السلام عليكم يا أنصار دين الله وأنصار رسوله عليه وآله
السلام، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، أشهد أن الله اختاركم لدينه
واصطفاكم لرسوله، واشهد أنكم قد جاهدتم في الله حق جهاده وذببتم عن دين
الله وعن نبيه وجدتم بأنفسكم دونه، وأشهد أنكم قتلتم على منهاج رسول الله
فجزاكم الله عن نبيه وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء، وعرفنا وجوهكم في
محل رضوانه وموضع إكرامه، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقا، أشهد أنكم حزب الله، وأن من حاربكم فقد حارب الله
الله، وأنكم لمن المقربين الفائزين الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون، فعلى من

(1) مصباح الزائر ص 3029 والمزار الكبير ص 2524.
221

قتلكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، أتيتكم يا أهل التوحيد زائرا، و
بحقكم عارفا، وبزيارتكم إلى الله متقربا، وبما سبق من شريف الأعمال ومرضي
الافعال عالما، فعليكم سلام الله ورحمته وبركاته، وعلى من قتلكم لعنة الله وغضبه
وسخطه، اللهم انفعني بزيارتهم وثبتني على قصدهم وتوفني على ما توفيتهم عليه
واجمع بيني وبينهم في مستقر دار رحمتك، أشهد أنكم لنا فرط ونحن بكم
لاحقون.
وتقرأ سورة إنا أنزلناه في ليلة القدر ما قدرت عليه وتصلي عند كل مزور
ركعتين للزيارة وتنصرف إنشاء الله تعالى (1).
أقول: زيارتهم في يوم شهادتهم وهو سابع عشر شوال على المشهور أولى
وأنسب، ثم أقول: لا أدري لم لم يذكروا في كتبهم زيارة أبي طالب وعبد المطلب
وعبد مناف وخديجة رضي الله عنهم أجمعين مع أن لهم قبورا معروفة في مكة قريبا
من الأبطح، وحالهم عند الشيعة معروفة في الفضل والكمال ولعلهم تركوها تقية
وتستحب زيارتهم ولا سيما في الأيام المختصة بهم كالسادس والعشرين من رجب
يوم وفات أبي طالب، والعاشر من ربيع الأول يوم وفات عبد المطلب، والسابع
عشر من المحرم يوم انصراف أصحاب الفيل عن مكة في زمن خلافة عبد المطلب و
ظهور كرامته، ويوم تزويج خديجة وقد مر.
ويستحب زيارة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما بموته (2) ويستحب زيارة
الشهداء في بدر، ويستحب زيارة أبي ذر رضي الله عنهما في الربذة قريبا من الصفراء
على يمين الطريق للجائي من مكة إلى المدينة، وأما آمنة وعبد الله رضي الله عنهما
فلم نطلع على قبريهما.
20 قال مؤلف المزار الكبير: ينبغي أن يصلي في المساجد المعظمة إن تمكن
من ذلك ويبتدئ منها بمسجد قبا وهو الذي أسس على التقوى، قال النبي صلى الله عليه وآله

(1) مصباح الزائر ص 3130 والمزار الكبير ص 2625.
(2) مؤتة: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، معجم البلدان ج 8 ص 190.
222

من أتى قبا فصلى ركعتين رجع بعمرة، فإذا دخله صلى فيه ركعتين تحية المسجد
فإذا فرغ من الصلاة سبح وقال: السلام على أولياء الله وأصفيائه، السلام على
أنصار الله وخلفائه، السلام على محال معرفة الله، السلام على معادن حكمة الله
السلام على عباد الله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، السلام
على مظاهر أمر الله ونهيه، السلام على الادلاء على الله، السلام على المستقرين
في مرضات الله، السلام على الممحصين في طاعة الله، السلام على الذين من والاهم
فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله، ومن عرفهم فقد عرف، ومن جهلهم فقد
جهل الله، أشهد الله أني حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمك، مؤمن بما آمنتم به كافر
بما كفرتم به، محقق لما حققتم، مبطل لما أبطلتم، مؤمن بسركم وعلانيتكم مفوض
في ذلك كله إليكم، لعن الله عدوكم من الجن والإنس، وضاعف عليهم
العذاب الأليم (1).
وتدعو فتقول: يا كائنا قبل كل شئ، ويا كائنا بعد هلاك كل شئ، لا يستتر
عنه شئ، ولا يشغله شئ عن شئ، كيف تهتدي القلوب لصفتك، أو تبلغ العقول
نعتك، وقد كنت قبل الواصفين من خلقك، ولم ترك العيون بمشاهدة الابصار فتكون
بالعيان موصوفا، ولم تحط بك الأوهام فتوجد متكيفا محدودا، حارت الابصار دونك
فكلت الألسن عنك، وعجزت الأوهام عن الإحاطة بك، وغرقت الأذهان في نعت
قدرتك، وامتنعت عن الابصار رؤيتك، وتعالت أزليتك، وصار كل
شئ خلقته حجة لك، ومنتسبا إلى فعللت، وصادرا عن صنعك، فمن بين مبتدع يدل
على إبداعك، ومصور يشهد بتصويرك، ومقدر ينبئ عن تقديرك، ومدبر
ينطق عن تدبيرك، ومصنوع يومي إلى تأثيرك، وأنت لكل جنس من مصنوعاتك
ومبروءاتك ومفطوراتك صانع وبارئ وفاطر، لم تمارس في خلقك السماوات
والأرض نصبا، ولا في ابتداعك أجناس المخلوقين تعبا، ولا لك حال سبق حالا
فتكون أولا قبل أن تكون آخرا، وتكون ظاهرا قبل أن تكون باطنا، أحاط

(1) المزار الكبير ص 2726.
223

بكل شئ علمك، وأحصى كل شئ عددا غيبك، لست بمحدود فتدركك الابصار
ولا بمتناه فتحويك الانظار، ولا بجسم فتكشفك الاقدار، ولا بمرأى فتحجبك الأستار
ولم تشبه شيئا فيكون لك مثلا، ولا كان معك شئ فتكون له ضدا، ابتدأت الخلق
لا من شئ كان من أصل يضاف إليه فعلك حتى تكون لمثاله محتذيا وعلى قدر
هيئته مهيئا، ولم يحدث لك إذ خلقته علما ولم تستفد به عظمة ولا ملكا، ولم تكون
سماواتك وأرضك وأجناس خلقك لتشديد سلطانك، ولا لخوف من زوال ونقصان
ولا استعانة على ضد مكابر أو ند مثاور، ولا يؤدك حفظ ما خلقت، ولا تدبير ما ذرأت
ولا من عجز اكتفيت بما برأت، ولا مسك لغوب فيما فطرت وبنيت وعليه قدرت
ولا دخلت عليك شبهة فيما أردت، يا من تعالى عن الحدود، وعن أقاويل المشبهة و
الغلاة، وإجبار العباد على المعاصي والاكتسابات، ويا من تجلى لعقول الموحدين
بالشواهد والدلالات، ودل العباد على وجوده بالآيات البينات القاهرات، أسألك
أن تصلي على محمد عبدك المصطفى وحبيبك المجتبى نبي الرحمة والهدى، وينبوع
الحكمة والندى، ومعدن الخشية والتقى، سيد المرسلين وخاتم النبيين وأفضل
الأولين والآخرين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وافعل بنا ما أنت أهله يا ارحم
الراحمين (1).
ويصلي في مشربة أم إبراهيم وهي مسكن النبي صلى الله عليه وآله ما قدر عليه، ويصلي
في مسجد الفضيخ فقد روي أنه الذي ردت فيه الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام لما نام
النبي صلى الله عليه وآله في حجره.
ومنها مسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح وينوي في كل موضع من هذه
المواضع ركعتين مندوبا قربة إلى الله تعالى.
فإذا فرغ من الصلاة فيه قال: يا صريح المكروبين، ويا مجيب دعوة
المضطرين، ويا مغيث المهمومين اكشف عني ضري وهمي وكربي وغمي كما
كشفت عن نبيك صلى الله عليه وآله همه وكفيته هول عدوه، واكفني ما أهمني من أمر

(1) المزار الكبير ص 26 - 27 ومصباح الزائر ص 31.
224

الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.
وتصلي في دار زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام ما قدرت، وتصلي في دار
جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، وتصلي في مسجد سلمان الفارسي ره، وتصلي في مسجد
أمير المؤمنين عليه السلام وهو محاذي قبر حمزة عليه السلام، وتصلي في مسجد المباهلة ما استطعت
وتدعو فيه بما تحب وقد ذكرت الدعاء باسره في كتابي المعروف ببغية الطالب و
إيضاح المناسك لمن هو راغب في الحج فمن أراده أخذه من هناك ففيه كفاية إن شاء
الله تعالى (1).
وقال شيخنا الشهيد قدس الله روحه في الذكرى (2): من المساجد الشريفة
مسجد الغدير وهو بقرب الجحفة جدرانه باقية إلى اليوم وهو مشهور بين وقد كان
طريق الحج عليه غالبا.
21 وروى حسان الجمال قال: حملت أبا عبد الله عليه السلام من المدينة إلى
مكة فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر إلى ميسرة المسجد فقال: ذلك موضع
قدم رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد
من عاداه، ثم نظر في الجانب الآخر فقال: ذلك موضع فسطاط أبي فلان وفلان
وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح فلما أن رأوه رافعا يده، قال بعضهم:
انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل بقوله تعالى " وإن
يكاد الذين كفروا " إلى آخر السورة.

(1) المزار الكبير ص 2827 ومصباح الزائر ص 32.
(2) الذكرى للشهيد ص 155.
225

أبواب
زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وما يتبعها
1.
* (باب) *
* " (فضل النجف وماء الفرات) " *
1 - علل الشرائع: الدقاق، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن البطائني
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النجف كان جبلا وهو الذي قال ابن
نوح: " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء " ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم
منه فأوحى الله عز وجل إليه يا جبل أيعتصم بك مني، فتقطع قطعا إلى بلاد
الشام وصار رملا دقيقا وصار بعد ذلك بحرا عظيما وكان يسمى ذلك البحر بحر ني
ثم جف بعد ذلك فقيل: ني جف فسمى نيجف، ثم صار بعد ذلك يسمونه نجف
لأنه كان أخف على ألسنتهم (1).
2 - علل الشرائع: ماجيلويه عن علي بن إبراهيم، عن عثمان بن عيسى، عن أبي
الجارود رفعه إلى علي صلوات الله عليه قال: إن إبراهيم صلى الله عليه وآله مر ببانقيا فكان
يزلزل بها فبات بها فأصبح القوم ولم يزلزل بهم، فقالوا: ما هذا وليس حدث؟ قالوا:
نزل هيهنا شيخ ومعه غلام له، قال: فأتوه فقالوا له: يا هذا إنه كان يزلزل بنا كل
ليلة ولم يزلزل بنا هذه الليلة فبت عندنا فبات ولم يزلزل بهم فقالوا: أقم عندنا و
نحن نجري عليك ما أحببت قال: لا ولكن تبيعوني هذا الظهر ولا يزلزل بكم

(1) علل الشرائع ص 31.
226

قالوا: فهو لك قال: لا آخذه إلا بالشرى قالوا: فخذه بما شئت فاشتراه بسبع نعاج
وأربعة أحمرة فلذلك سمي بانقيا، لان النعاج بالنبطية نقيا قال: فقال له غلامه:
يا خليل الرحمن ما تصنيع بهذا الظهر ليس فيه زرع ولا ضرع؟ فقال له: اسكت
فان الله عز وجل يحشر من هذا الظهر سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب يشفع
الرجل منهم لكذا وكذا (1).
3 - معاني الأخبار: المظفر العلوي عن ابن العياشي، عن أبيه، عن الحسين بن أشكيب، عن
عبد الرحمن بن حماد، عن أحمد بن الحسن، عن صدقة بن صدقة بن حسان، عن مهران
ابن أبي نصر، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي سعيد الإسكاف، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله عز وجل: " وآويناهما إلى ربوة ذات
قرار ومعين " قال: الربوة الكوفة، والقرار المسجد، والعين الفرات (2).
بيان: الضمير راجع إلى عيسى ومريم عليهما السلام، وذهب المفسرون إلى أن
الربوة ارض بيت المقدس فإنها مرتفعة أو دمشق أو رملة فلسطين أو مصر وقالوا: ذات
قرار اي مستقر من الأرض منبسطة، وقيل: ذات ثمار وزروع فان ساكنيها يستقرون
فيها لأجلها. ويقال ماء معين ظاهر جار، وما ورد في النص هو المعتمد.
4 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن ابن مهزيار، عن ابن
محبوب، عن حنان بن سدير قال: دخل رجل من أهل الكوفة على أبي جعفر
عليه السلام فقال عليه السلام له: أتغتسل من فراتكم في كل يوم مرة؟ قال: لا قال:
ففي كل جمعة؟ قال: لا قال: ففي كل شهر؟ قال: لا قال: ففي كل سنة؟
قال: لا قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام: إنك لمحروم من الخير (3).
5 - كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن
علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: الماء سيد شراب الدنيا والآخرة وأربعة
أنهار في الدنيا من الجنة الفرات والنيل وسيحان وجيحان: الفرات الماء، والنيل العسل

(1) علل الشرائع ص 585.
(2) معاني الأخبار ص 373.
(3) كامل الزيارات ص 30 ضمن حديث.
227

وسيحان الخمر، وجيحان اللبن (1).
بيان: لعل المراد أن تلك الأسماء مشتركة بينها وبين أنهار الجنة وفضلها
لكون التسمية بها من جهة الوحي والالهام، ويحتمل أن يدخلها شئ من تلك الأنهار
التي في الجنة كما ورد في الفرات.
6 - كامل الزيارة: عنه، عن أبي جميلة، عن سليمان بن هارون أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام
يقول: من شرب من ماء الفرات وحنك به فهو محبنا أهل البيت (2).
بيان: لعل الحكم متعلق بمجموع الشرب والتحنيك لا بكل منهما.
7 - كامل الزيارة: باسناده عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي الجارود،
عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أن بيننا وبين الفرات كذا وكذا ميلا لذهبنا
إليه (3).
8 - كامل الزيارة: علي بن الحسين، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسن، عن عيسى
ابن عبد الله العمري، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: الفرات سيد المياه
في الدنيا والآخرة (4).
9 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن ثعلبة
ابن ميمون، عن سليمان بن هارون العجلي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
ما أظن أحدا يحنك بماء الفرات إلا أحبنا أهل البيت، وسألني كم بينك وبين
الفرات؟ فأخبرته فقال: لو كنت عنده لأحببت أن آتيه طرفي النهار (5).
10 - كامل الزيارة: علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الحكم
عن سليمان بن نهيك، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل، " وآويناهما
إلى ربوة ذات قرار ومعين " قال: الربوة نجف الكوفة، والمعين الفرات (6)
11 - كامل الزيارة: محمد الحميري، عن أبيه، عن البرقي، عن أبيه، عمن حدثه، عن حنان
ابن سدير، عن أبيه، عن حكيم بن جبير قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول:

(1) كامل الزيارات ص 47.
(2) كامل الزيارات ص 47.
(3) كامل الزيارات ص 47.
(4) نفس المصدر: 48.
(5) المصدر السابق ص 47.
(6) المصدر السابق ص 47.
228

إن ملكا يهبط كل ليلة معه ثلاث مثاقيل مسك من مسك الجنة فيطرحها في الفرات
وما من نهر في شرق ولا غرب أعظم بركة منه (1).
12 - كامل الزيارة: علي بن محمد بن قولويه، عن أحمد بن إدريس، عن ابن عيسى، عن
ابن فضال، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عثمان عمن ذكره، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: يقطر في الفرات كل يوم قطرات من الجنة (2).
13 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسن بن
سعيد وعلي بن الحكم، عن ربيع بن محمد المسلى، عن عبد الله بن سليمان قال:
لما قدم أبو عبد الله عليه السلام الكوفة في زمن أبي العباس فجاء على دابته في ثياب سفره
حتى وقف على جسر الكوفة ثم قال لغلامه: اسقني فأخذ كوز ملاح فغرف له به
فأسقاه فشرب والماء يسيل من شدقيه على لحيته وثيابه، ثم استزاده فزاده فحمد
الله، ثم قال: نهر ماء ما أعظم بركته، أما انه يسقط فيه كل يوم سبع قطرات
من الجنة، أما لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا الأخبية على حافتيه، أما
لولا ما يدخله من الخاطئين ما اغتمس فيه ذو عاهة إلا أبرئ (3).
14 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسن
ابن سعيد، عن علي بن الحكم، عن عرفة، عن ربعي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
شاطئ الواد الأيمن الذي ذكره الله في كتابه هو الفرات، والبقعة المباركة هي
كربلاء والشجرة هي محمد صلى الله عليه وآله (4).
بيان: لعل المراد أن بتوسط روح محمد صلى الله عليه وآله أوحى الله ما أوحى في هذا
المكان وتشبيهه بالشجرة لتفرع أغصان الإمامة منه واجتناء ثمرات العلوم منهم إلى
آخر الدهر كما ورد في تفسير قوله تعالى " ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة " الآية.
15 - كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي عن ابن أبي
عمير، عن الحسن بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أظن أحدا يحنك بماء
الفرات إلا كان لنا شيعة، قال ابن أبي عمير: عن بعض أصحابنا قال: يجري في

(1) نفس المصدر ص 48.
(2) نفس المصدر ص 48.
(3) نفس المصدر ص 48.
(4) نفس المصدر ص 48.
229

الفرات ميزابان من الجنة (1).
بيان: يمكن أن يكون الميزابان في بعض الأحيان والقطرات في بعضها
ويمكن أن يكون الجاري في الميزابين قطرات.
16 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن محمد
ابن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن حكيم بن جبير الأسدي قال: سمعت علي
ابن الحسين عليه السلام يقول: إن الله يهبط ملكا كل ليلة معه ثلاث مثاقيل من مسك
الجنة فيطرحه في فراتكم هذا، وما من نهر في شرق الأرض ولا غربها أعظم
بركة منه (2).
17 - كامل الزيارة: علي بن الحسين، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال عن ثعلبة
ابن ميمون، عن سليمان بن هارون قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما أظن أحدا يحنك
بماء الفرات إلا أحبنا أهل البيت (3).
18 - كامل الزيارة: علي بن الحسين، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال عن ثعلبة
الكوفي، عن عبد الله بن الحجال، عن غالب بن عثمان، عن عقبة بن خالد قال:
ذكر أبو عبد الله عليه السلام الفرات قال: أما انه من شيعة علي عليه السلام وما حنك به أحد إلا
أحبنا أهل البيت يعني ماء الفرات (4).
19 - كامل الزيارة: أبي، عن الحسن بن متيل، عن عمران بن موسى، عن الجاموراني، عن
ابن البطائني، عن ابن عميرة، عن صندل، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: ما أحد يشرب من ماء الفرات ويحنك به إذا ولد إلا أحبنا، لان الفرات
نهر مؤمن (5).
20 - كامل الزيارة: باسناده عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: نهران مؤمنان ونهران كافران، نهران كافران نهر بلخ ودجلة
والمؤمنان نيل مصر والفرات فحنكوا أولادكم بماء الفرات (6).
بيان: قال الجزري (7) في شرح هذا الحديث: جعلهما مؤمنين على

(1) المصدر السابق ص 49 بتفاوت في الأول.
(2) المصدر السابق ص 49 بتفاوت في الأول.
(3) المصدر السابق ص 49 بتفاوت في الأول.
(4) المصدر السابق ص 49 بتفاوت في الأول.
(5) المصدر السابق ص 49 بتفاوت في الأول.
(6) المصدر السابق ص 49 بتفاوت في الأول.
(7) النهاية ج 1 ص 54.
230

التشبيه لأنهما يفيضان على الأرض فيسقيان الحرث بلا مؤنة، وجعل الآخرين
كافرين لأنهما لا يسقيان ولا ينتفع بهما إلا بمؤنة وكلفة، فهذان في الخير والنفع
كالمؤمنين، وهذان في قلة النفع كالكافرين.
21 - فرحة الغري: محمد بن علي بن الحسن العلوي في كتاب فضل الكوفة (1) باسناد
رفعه إلى عقبة بن علقمة أبي الجنوب قال: اشترى أمير المؤمنين عليه السلام ما بين الخورنق
إلى الحيرة إلى الكوفة وفي حديث ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين
بأربعين ألف درهم واشهد على شرائه، قال: فقيل له يا أمير المؤمنين تشتري هذا
بهذا المال وليس ينبت حظا؟ فقال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كوفان
كوفان يرد أولها على آخرها، يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير
حساب، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي (2).
بيان: يرد أولها على آخرها بالتشديد على بناء المجهول كناية عن انتظامها
وعمارتها، أو إشارة إلى الرجعة فان أوائل هذه الأمة الذين دفنوا فيها يردون
إلى أواخرهم وهم القائم عليه السلام وأصحابه، أو بالتخفيف على بناء المعلوم بهذا
المعنى الأخير، ويحتمل على التقديرين أن يكون كناية عن خرابها وحدوث
الفتن فيها.
22 - فرحة الغري: نصير الدين الطوسي، عن والده، عن القطب الراوندي، عن
الشيخ، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن أحمد
ابن علي الجعفري، عن محمد بن محمد بن الفضيل ابن بنت داود الرقي قال: قال الصادق
عليه السلام: أربع بقاع ضجت إلى الله أيام الطوفان: البيت المعمور فرفعه الله، و
الغري وكربلا وطوس (3).
23 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن أبي

(1) توجد نسخته مصورة بمكتبة الامام أمير المؤمنين (ع) العامة في النجف.
(2) فرحة الغري ص 9 وكان الرمز في المتن لكامل الزيارات.
(3) فرحة الغري ص 28.
231

الحسن الحذاء قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن إلى جانبكم مقبرة يقال لها: براثا
يحشر منها عشرون ومائة الف شهيد كشهداء بدر (1).
24 - المحاسن: عثمان بن عيسى رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن نهركم
يصب فيه ميزابان من ميازيب الجنة، وقال أبو عبد الله عليه السلام: لو كان بيني وبينه أميال
لأتيناه نستشفي به (2).
25 - تفسير العياشي: عن بدر بن خليل الأسدي، عن رجل من أهل الشام قال: قال
أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة لما أمر الله الملائكة
أن يسجدوا لآدم سجدوا على ظهر الكوفة (3).
أقول: قال الشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي في كتاب إرشاد القلوب:
روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الغري قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه موسى تكليما
وقدس عليه عيسى تقديسا، واتخذ عليه إبراهيم خليلا، ومحمدا صلى الله عليه وآله حبيبا، وجعله
للنبيين مسكنا (4).
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام نظر إلى ظهر الكوفة فقال: ما أحسن منظرك
وأطيب قعرك، اللهم اجعل قبري بها.
ومن خواص تربته إسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون
هناك كما وردت به الأخبار الصحيحة عن أهل البيت عليهم السلام (5).
وروي عن القاضي بن بدر الهمداني الكوفي وكان رجلا صالحا قال: كنت في

(1) كامل الزيارات ص 330 وبراثا: محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ
وجنوبي باب محول وكان لها جامع مفرد تصلى فيه الشيعة، وقد جرت على الجامع والمحلة
أحوال وأهوال، واليوم هو من جوامع بغداد المشهورة.
(2) محاسن البرقي ص 575.
(3) تفسير العياشي ج 1 ص 34.
(4) ارشاد القلوب ج 2 ص 237 والحديث فيه عن ابن عباس.
(5) ارشاد القلوب ج 2 ص 238.
232

جامع الكوفة ذات ليلة وكانت ليلة مطيرة فدق باب مسلم جماعة ففتح لهم وذكر
بعضهم أن معهم جنازة فأدخلوها وجعلوها على الصفة التي تجاه مسلم بن عقيل عليه السلام
ثم إن أحدهم نعس فرأى في منامه قائلا يقول لآخر ما تبصره حتى نبصر هل لنا
معه حساب؟ وينبغي أن نأخذه منه عجلا قبل أن يتعدى الرصافة فما يبقى لنا معه
طريق، فانتبه وحكى لهم المنام فقال: خذوه عجلا فأخذوه ومضوا به في الحال إلى
المشهد الشريف (1).
وروى جماعة من صلحاء المشهد الشريف الغروي أنه رأى كل واحد من
القبور التي في المشهد الشريف وظاهره قد خرج منه حبل ممتد متصل بالقبة الشريفة
صلوات الله على مشرفها (2).
وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان إذا أراد الخلوة بنفسه أتى إلى طرف
الغري فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النجف، فإذا رجل قد أقبل من البرية
راكب على ناقة وقدامه جنازة فحين رأى عليا عليه السلام قصده حتى وصل إليه فسلم عليه
فرد عليه السلام وقال: من أين؟ قال: من اليمن، قال: وما هذه الجنازة التي معك؟
قال: جنازة أبي لأدفنه في هذه الأرض، فقال علي: لم لا دفنته في أرضكم؟ قال:
أوصى بذلك، وقال: إنه يدفن هناك رجل يدعى في شفاعته مثل ربيعة ومضر، فقال
له عليه السلام: أتعرف ذلك الرجل؟ قال. لا، قال: أنا والله ذلك الرجل، انا والله ذلك
الرجل، أنا والله ذلك الرجل فادفن، فقام ودفنه.
ومن خواص ذلك الحرم الشريف أن جميع المؤمنين يحشرون فيه (3).
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما من مؤمن يموت في شرق الأرض و
غربها إلا وحشر الله روحه إلى وادي السلام.
وجاء في الاخبار والآثار أنه بين وادي النجف والكوفة كأني بهم قعود

(1) نفس المصدر ج 2 ص 238.
(2) نفس المصدر ج 2 ص 238.
(3) المصدر السابق ج 2 ص 238.
233

يتحدثون على منابر من نور، والاخبار في هذا المعنى كثيرة انتهى كلامه ره (1).
26 - الكافي: علي بن محمد عن علي بن الحسن، عن الحسين بن راشد، عن
المرتجل بن معمر، عن ذريح المحاربي، عن عباية الأسدي، عن حبة العرني
قال: خرجت مع أمير المؤمنين إلى الظهر فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب
لأقوام فقمت بقيامه حتى اعييت، ثم جلست حتى مللت، ثم قمت حتى نالني مثل
ما نالني أولا ثم جلست حتى مللت ثم قمت وجمعت ردائي، فقلت يا أمير المؤمنين
إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ثم طرحت الرداء ليجلس عليه
فقال: يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته قال: قلت: يا أمير المؤمنين وانهم
لكذلك؟ قال: نعم لو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون، فقلت أجسام
أم أرواح؟ فقال: أرواح، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل
لروحه: الحقي بوادي السلام، وإنها لبقعة من جنة عدن (2).
27 - الكافي: العدة، عن سهل، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عمر رفعه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن أخي ببغداد وأخاف أن يموت بها فقال:
ما تبالي حيث ما مات أما إنه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلا حشر الله
روحه إلى وادي السلام فقلت له: وأين وادي السلام؟ قال: ظهر الكوفة أما إني
كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون (3).
أقول: روى سيد علي بن عبد الحميد في كتاب الغيبة باسناده إلى الفضل
ابن شاذان من أصل كتابه باسناده إلى الأصبغ ابن نباته قال: خرج أمير المؤمنين
عليه السلام إلى ظهر الكوفة فلحقناه فقال: سلوني قبل أن تفقدوني فقد مائت
الجوانح مني علما، كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتديت، ثم مسح بيده
على بطنه وقال: أعلاه علم وأسفله ثفل، ثم مر حتى أتى الغريين فلحقناه وهو
مستلقي على الأرض بجسده ليس تحته ثوب، فقال له قنبر: يا أمير المؤمنين الا

(1) المصدر السابق ج 2 ص 239.
(2) الكافي ج 3 ص 243.
(3) الكافي ج 3 ص 243.
234

أبسط تحتك ثوبي؟ قال: لا هل هي إلا تربة مؤمن ومن أحمته في مجلسه فقال
الأصبغ: تربة المؤمن قد عرفناها كانت أو تكون فما من أحمته بمجلسه؟ فقال: يا ابن
نباته لو كشف لكم لألفيتم أرواح المؤمنين في هذه حلقا حلقا يتزاورون ويتحدثون
إن في هذا الظهر روح كل مؤمن، وبوادي برهوت روح كل كافر، ثم ركب
بغله وانتهى إلى المسجد فنظر إليه وكان بخزف ودنان وطين فقال: ويل لمن هدمك
وويل لمن يستهدمك، وويل لبانيك بالمطبوخ، المغير قبلة نوح، وطوبى لمن شهد هدمه
مع القائم من أهل بيتي أولئك خير الأمة مع أبرار العترة.
2.
* (باب) *
* " (موضع قبره صلوات الله عليه، وموضع رأس) " *
* " (الحسين صلوات الله وسلامه عليه، ومن) " *
* " (دفن عنده من الأنبياء عليهم السلام) " *
1 - فرحة الغري: ذكر الفقيه صفي الدين ابن معدان في مزرا فقيهنا محمد بن علي بن
الفضل وكان ثقة عينا صحيح الاعتقاد قال: أخذت هذه الزيارة من كتب عمومتي
وكانت بخط عمي الحسين بن الفضل قال: حدثني الحسين بن محمد بن مصعب وأخبرني زيد
ابن علي بن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد بن مصعب، عن ابن أبي الخطاب، عن صفوان
ابن يحيى، عن صفوان الجمال أنه قال: خرجت مع الصادق عليه السلام من المدينة أريد
الكوفة فلما جزنا بالحيرة قال: يا صفوان قلت: لبيك يا ابن رسول الله قال: تخرج
المطايا إلى القائم وحد الطريق إلى الغري، قال صفوان: فلما صرنا إلى قائم الغري
أخرج رشاء معه دقيقا قد عمل من الكنبار ثم أبعد من القائم مغربا خطا كثيرة، ثم مد
ذلك الرشاء حتى إذا انتهى إلى آخره وقف ثم ضرب بيده إلى الأرض فأخرج منها
كفا من تراب فشمه مليا، ثم اقبل يمشي حتى وقف على موضع القبر الآن، ثم
ضرب بيده المباركة إلى التربة فقبض منها قبضة ثم شمها ثم شهق شهقة حتى ظننت
235

أنه فارق الدنيا، فلما افاق قال: ههنا والله مشهد أمير المؤمنين عليه السلام، ثم خط
تخطيطا فقلت: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما منع الأبرار من أهل البيت من إظهار مشهده؟
قال: حذرا من بني مروان والخوارج أن تحتال في أذاه قال صفوان: فسألت الصادق
أبا عبد الله عليه السلام كيف تزور أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: يا صفوان إذا أردت ذلك
فاغتسل والبس ثوبين طاهرين غسيلين أو جديدين ونل شيئا من الطيب فإن لم تنل
أجزاك، فإذا خرجت من منزلك فقل: اللهم إني خرجت من منزلي، وتمم الزيارة
وتركتها لطولها (1).
2 قال: وذكر صاحب كتاب الأنوار يرويها يوسف الكاتب ومعاوية بن عمار
جميعا عن الصادق عليه السلام: إذا أردت الزيارة لقبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه
فاغتسل حيث منزلك وقل حين تعبره: اللهم اجعل سعيي مشكورا، وذكر الزيارة
تكون كراستين قطع الثمن أو أكثر من ذلك وآخرها: اللهم اختم لي بالسعادة و
المغفرة والخيرة.
3 وذكر محمد بن المشهدي في مزاره أن الصادق عليه السلام علم لمحمد بن مسلم
الثقفي هذه الزيارة وقال: إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين عليه السلام فاغتسل للزيارة و
الس أنظف ثيابك وشم شيئا من الطيب وامش وعليك السكينة والوقار، فإذا
وصلت إلى باب السلام فاستقبل القبلة وكبر الله تعالى ثلاثين مرة وقل: السلام
على رسول الله، السلام على خيرة الله، وذكر الزيارة بطولها (2).
4 وذكر العم السعيد في مزاره أن الصادق عليه السلام زار بها علي بن أبي طالب
يوم سابع عشر ربيع الأول، وهي التي رواها محمد بن مسلم ولكني رأيت في الروايتين
اختلافا كثيرا (3).
توضيح: الكنبار بالكسر حبل ليف النار جيل.
أقول: هذا الخبر مشتمل على أسانيد ما سنورده من الزيارات ويدل على

(1) فرحة الغري ص 39.
(2) المزار الكبير ص 9794.
(3) مزار الشهيد ص 3027.
236

أنها منقولة فلا تغفل.
5 - فرحة الغري: أبو نعيم الحسن بن أحمد بن ميثم عن السكوني، عن منصور بن
حازم عن سليمان بن خالد ومحمد بن مسلم قالا: مضينا إلى الحيرة فاستأذنا ودخلنا
إلى أبي عبد الله عليه السلام فجلسنا إليه وسألناه عن أمير المؤمنين عليه السلام فقال: إذا خرجتم
فجزتم الثوية والقائم وصرتم من النجف على غلوة أو غلوتين رأيتم ذكوات بيضا
بينها قبر قد جرفه السيل ذاك قبر أمير المؤمنين عليه السلام، قال: فغدونا من غد فجزنا
الثوية والقائم وإذا ذكوات بيض فجئناها، فإذا القبر كما وصف قد جرفه السيل
فنزلنا فسلمنا وصلينا عنده ثم انصرفنا، فلما كان من الغد غدونا إلى أبي عبد الله عليه السلام
فوصفنا له فقال: أصبتم أصاب الله بكم الرشاد (1).
بيان: قال الفيروزآبادي (2) الثوية كغنية أخفض علم بقدر قعدتك، وقال
الجزري (3) فيه ذكر الثوية هي بضم الثاء وفتح الواو وتشديد الياء ويقال بفتح
الثاء وكسر الواو موضع بالكوفة به قبر أبي موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة
انتهى، والقائم: كأنه بناء أو أسطوانة بقرب الطريق، والذكوة في اللغة الجمرة
الملتهبة، فيمكن أن يكون المراد بالذكوات التلال الصغيرة المحيطة بقبره عليه السلام
شبهها لضيائها وتوقدها عند شروق الشمس عليها لما فيها من الدراري المضيئة بالجمرة
الملتهبة، ولا يبعد أن يكون تصحيف دكاوات جمع دكاء وهو التل الصغير، وفي
بعض النسخ الركوات بالراء المهملة فيحتمل أن يكون المراد بها غدرانا وحياضا
كانت حوله.
6 - فرحة الغري: يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي البركات، عن الحسين بن رطبة
عن أبي علي ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، عن
محمد بن بكران، عن الحسن بن محمد الفرزدق، عن حميد الحجال، عن محمد بن حشيش
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أحمد بن عبد الله العامري، عن أبي معمر الهلالي
عن أبي قرة رجل من أصحاب زيد بن علي كان من الموالي وكنا نعده من الأخيار

(1) فرحة الغري ص 44.
(2) القاموس ج 4 ص 310.
(3) النهاية ج 2 ص 165.
237

قال: انطلقت أنا وزيد بن علي نحو الجبانة فصلى ليلا طويلا، ثم قال: يا أبا قرة
حدثني اي موضع هذا؟ قال: فقلت: لا ندري قال: نحن قرب قبر أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب، يا أبا قرة نحن في روضة من رياض الجنة (1).
7 - فرحة الغري: قرأت بخط السيد الشريف الفاضل أبي يعلى الجعفري ما صورته:
حدث أحمد بن محمد بن سهل قال: كنت عند الحسن بن يحيى فجاءه أحمد بن عيسى
ابن يحيى ابن أخيه فسأله وأنا اسمع فقال: تعرف في حديث قبر علي بن أبي طالب
عليه السلام عن حديث صفوان الجمال؟ فقال: نعم أخبرني مولى لنا عن مولى
لبني العباس قال: قال لي أبو جعفر المنصور: خذ معك معولا وزنبيلا وامض معي قال:
فأخذت ما قال وذهبت معه ليلا حتى أتى الغري فإذا بقبر فقال: احفر فحفرت
حتى بلغت اللحد فقلت: هذا قبر قد ظهر، فقال: طم ذلك، هذا قبر علي عليه السلام
إنما أردت أن أعلم، وهذا لان المنصور يسمع بذلك عن أهل البيت عليهم السلام فأراد
أن يستبري الحال فاتضحت (2).
بيان: قوله عن حديث صفوان اي القبر الذي عرفه الناس وأخذوه من حديث
صفوان حيث روى تعيين هذا الموضع.
8 - فرحة الغري: عبد الصمد بن أحمد، عن الحافظ، عن أبي الفرج ابن الجوزي، عن
إسماعيل بن أحمد السمرقندي، عن أبي منصور، عن عبد العزيز العكبري، عن
الحسين بن بشران، عن أبي الحسن الأشناني، عن أبي بكر بن أبي الدنيا ونقلته
من نسخة عتيقة عليها طبقات كثيرة وهي عندي:
قال: أخبرنا عمر، عن عبد الله، عن أبيه، عن هشام بن محمد، عن أبي بكر بن
عياش قال: سألت أبا حصين والأعمش وغيرهم فقلت: أخبركم أحد أنه صلى على علي
عليه السلام أو شهد دفنه؟ قالوا: لا، فسألت أباك محمد بن السايب فقال: اخرج به
ليلا وخرج به الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية عليهم السلام وعبد الله بن جعفر وعدة من
أهل بيته فدفن في ظهر الكوفة، فقلت لأبيك: لم فعل به ذلك؟ قال: مخافة أن

(1) فرحة الغري ص 49.
(2) نفس المصدر ص 51.
238

تنبشه الخوارج وغيرهم (1).
بيان: لعل المراد بالطبقات الكواغذ التي أطبقت وألزقت بها لاصلاح
ما اندرس منها.
9 - التهذيب: محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن بكار النقاش، عن الحسين بن محمد
الفزاري، عن الحسن بن علي النخاس، عن جعفر بن محمد الرماني، عن يحيى
الحماني، عن محمد بن عبيد الطيالسي، عن مختار التمار، عن أبي مطر قال: لما ضرب
ابن ملجم الفاسق لعنه الله أمير المؤمنين عليه السلام قال له الحسن: أقتله قال: لا ولكن احبسه
فإذا مت فاقتلوه، فإذا مت فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي هود وصالح (2).
10 وعنه: عن محمد بن بكران، عن علي بن يعقوب، عن علي بن الحسن
عن أخيه، عن أحمد بن محمد بن عمر الجرجاني، عن الحسن بن علي بن أبي طالب
عليهما السلام، عن جده قال: سألت الحسن بن علي عليهما السلام أين دفنتم أمير المؤمنين
عليه السلام؟ فقال: على شفير الجرف ومررنا به ليلا على مسجد الأشعث وقال:
ادفنوني في قبر أخي هود (3).
11 - قرب الإسناد: ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألت الرضا عليه السلام عن قبر أمير المؤمنين
عليه السلام فقال: ما سمعت من أشياخك؟ فقلت له: حدثنا صفوان بن مهران، عن
جدك أنه دفن بنجف الكوفة، ورواه بعض أصحابنا، عن يونس بن ظبيان بمثل هذا
فقال: سمعت منه يذكر أنه دفن في مسجدكم بالكوفة فقلت له: جعلت فداك، أيش
لمن يصلى فيه من الفضل؟ فقال: كان جعفر عليه السلام يقول: له من الفضل ثلاث مرار هكذا
وهكذا بيديه عن يمينه وعن شماله وتجاه (4).
بيان: قوله عليه السلام: سمعت منه أي من يونس بالواسطة وإنما لم يبين عليه السلام
الجواب تقية، قوله: ثلاث مرار اي أشار عليه السلام إلى الجوانب الثلاثة مبينا أن
له من الفضل ما يملا تلك الجوانب إلى السماء تشبيها للمعقول بالمحسوس.

(1) المصدر السابق ص 54.
(2) التهذيب ج 6 ص 33.
(3) التهذيب ج 6 ص 34.
(4) قرب الإسناد ص 162.
239

12 - كامل الزيارة: أبي وأخي وعلي بن الحسين وابن الوليد جميعا، عن سعد، عن
ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن صفوان بن الجمال قال: كنت وعامر بن عبد الله
ابن جذاعة الأزدي، فقال له عامر: إن الناس يزعمون أن أمير المؤمنين عليه السلام دفن
بالرحبة؟ فقال: لا، قال: فأين دفن؟ قال: إنه لما مات احتمله الحسن فأتى به
ظهر الكوفة قريبا من النجف يسرة من الغري يمنة عن الحيرة فدفنه بين ذكوات
بيض، قال: فلما كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهمت موضعا منه ثم أتيته فأخبرته
فقال لي: أصبت رحمك الله ثلاث مرات (1).
13 - فرحة الغري: عمي وأبو القاسم بن سعيد معا، عن الحسن الدربي، عن محمد بن
علي بن شهرآشوب، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني
عن عدة من أصحابنا، عن ابن عيسى مثله (2).
14 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن
الحسين بن الخلال، عن جده قال: قلت للحسين بن علي صلوات الله عليهما: أين
دفنتم أمير المؤمنين صلوات الله عليه؟ فقال: خرجنا به ليلا حتى مررنا به على مسجد
الأشعث حتى خرجنا إلى الظهر ناحية الغري (3).
15 - فرحة الغري: ابن قولويه مثله (4).
16 - كامل الزيارة: جماعة مشايخي، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن
أبي عمير، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن سنان قال: أتاني عمر بن يزيد فقال
لي: اركب فركبت معه فمضينا حتى أتينا منزل حفص الكناسي فاستخرجه فركب معن
ا ثم مضينا حتى أتينا الغري فانتهينا إلى قبر فقال: أنزلوا هذا قبر أمير المؤمنين عليه السلام
فقلت له: من أين علمت هذا؟ قال: أتيته مع أبي عبد الله عليه السلام حيث كان بالحيرة
غير مرة وخبرني أنه قبره (5).

(1) كامل الزيارات ص 33.
(2) فرحة الغري ص 24.
(3) كامل الزيارات ص 33.
(4) فرحة الغري ص 11.
(5) كامل الزيارات ص 34.
240

17 - فرحة الغري: بالاسناد المتقدم، عن الكليني، عن عدة، عن ابن عيسى مثله (1).
18 - كامل الزيارة: أبي والكليني معا، عن علي، عن أبيه، عن يحيى بن زكريا
عن يزيد بن عمرو بن طلحة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام وهو بالحيرة: أما تريد
ما وعدتك؟ قال: قلت: بلى يعني الذهاب إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله
عليه قال: فركب وركب إسماعيل معه وركبت معهم حتى إذا جاز الثوية و
كان بين الحيرة والنجف عند ذكوات بيض نزل ونزل إسماعيل ونزلت معهم فصلى
وصلى إسماعيل وصليت، فقال لإسماعيل: قم فسلم على جدك الحسين بن علي، فقلت:
جعلت فداك أليس الحسين بكربلا؟ فقال: نعم ولكن لما حمل رأسه إلى الشام
سرقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين صلوات الله عليهما (2).
19 - فرحة الغري: بالاسناد المتقدم عن الكليني مثله (3).
20 - كامل الزيارة: أبي وابن الوليد معا، عن ابن متيل، عن سهل، عن إبراهيم
ابن عقبة، عن الوشا، عن أبي الفرج، عن أبان بن تغلب قال: كنت مع أبي عبد الله
عليه السلام فمر بظهر قبر فنزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلا فصلى ركعتين، ثم سار
قليلا فنزل فصلى ركعتين، ثم قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام، قلت:
جعلت فداك فما الموضعين اللذين صليت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسين عليه السلام و
موضع منبر القائم (4).
21 - فرحة الغري: عمي، عن الحسن بن دربي، عن محمد بن علي بن شهرآشوب
عن جده، عن الطوسي، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني، عن عدة، عن
سهل مثله (5).
22 - كامل الزيارة: أبي عن سعد، عن الخشاب، عن ابن أسباط رفعه قال: قال

(1) فرحة الغري ص 24.
(2) كامل الزيارات ص 34.
(3) فرحة الغري ص 24.
(4) كامل الزيارات ص 34 وفيه (بظهر الكوفة) بدل (بظهر قبر).
(5) فرحة الغري ص 21.
241

أبو عبد الله عليه السلام: إنك إذا أتيت الغري رأيت قبرين قبرا كبيرا وقبرا صغيرا،
فأما الكبير فقبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وأما الصغير فرأس الحسين بن
علي عليه السلام (1).
23 - كامل الزيارة: محمد بن عبد الله، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن صفوان بن
مهران عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه قال: سار وأنا معه من القادسية حتى أشرف على
النجف فقال: هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح عليه السلام " فقال سآوي إلى
جبل يعصمني من الماء " فأوحى الله تبارك وتعالى إليه يا نجف أيعتصم بك مني فغاب في
الأرض وتقطع إلى قطر الشام، ثم قال: اعدل بنا فعدلت، فلم يزل سائرا حتى
أتى الغري فوقف على القبر، فساق السلام من آدم على نبي نبي عليه السلام وأنا أسوق
معه حتى وصل السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله، ثم خر على القبر فسلم عليه وعلا نحيبه
ثم قام فصلى أربع ركعات وصليت معه، وقلت: يا ابن رسول الله ما هذا القبر؟
فقال: هذا قبر جدي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه (2).
بيان: القطر بالضم وبضمتين الناحية والجانب.
24 - كامل الزيارة: محمد بن أحمد بن علي بن يعقوب، عن علي بن الحسن بن فضال
عن أبيه، عن الحسن بن الجهم قال: ذكرت لأبي الحسن عليه السلام يحيى بن موسى
وتعرضه لمن يأتي قبر أمير المؤمنين عليه السلام وأنه كان ينزل موضعا كان يقال له الثوية
يتنزه إليه الا وقبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فوق ذلك قليلا وهو الموضع الذي
روى صفوان الجمال أن أبا عبد الله عليه السلام وصفه له قال له فيما ذكر: إذا انتهيت
إلى الغري ظهر الكوفة فاجعله خلف ظهرك وتوجه على نحو النجف وتيامن قليلا
فإذا انتهيت إلى الذكوات البيض والثنية أمامه فذلك قبر أمير المؤمنين عليه السلام وأنا
آتيه كثيرا.
ومن أصحابنا من لا يرى ذلك ويقول: هو في المسجد، وبعضهم يقول: هو

(1) كامل الزيارات ص 34.
(2) كامل الزيارات ص 35
242

في القصر فأرد عليهم بأن الله لم يكن ليجعل قبر أمير المؤمنين عليه السلام في القصر في
منازل الظالمين ولم يكن يدفن في المسجد وهم يريدون ستره فأينا أصوب؟ قال:
أنت أصوب منه أخذت بقول جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: ثم قال لي: يا أبا محمد ما
أرى أحدا من أصحابنا يقول بقولك ولا يذهب مذهبك، فقلت له: جعلت فداك
أما ذلك شئ من قال الله: أجل لن الله يوفق من يشاء ويؤمن عليه، فقل ذلك
بتوفيق الله واحمده عليه (1).
25 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن ومحمد بن أحمد بن الحسين معا عن الحسن بن
علي بن مهزيار، عن أبيه، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عنه عليه السلام
مثله (2).
26 - كامل الزيارة: بهذا الاسناد، عن علي بن مهزيار، عن علي بن أحمد بن اشيم
عن يونس بن ظبيان، أو عن رجل، عن يونس بن ظبيان قال: كنت عند أبي عبد الله
عليه السلام بالحيرة أيام مقدمه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مقمرة، قال: فنظر
إلى السماء فقال: يا يونس أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها أما إنها أمان لأهل
السماء، ونحن أمان لأهل الأرض، ثم قال: يا يونس فمر بإسراج البغل والحمار
فلما أسرجا قال: يا يونس أيهما أحب إليك البغل أو الحمار؟ قال: فظننت أن
البغل أعجب لقوته فقلت: الحمار، قال: أحب أن تؤثرني به، قلت: قد فعلت
فركب وركبت فلما خرجنا من الحيرة قال: تقدم يا يونس، قال: فأقبل يقول
تيامن تياسر، فلما انتهينا إلى الذكوات الحمر قال عليه السلام: هو المكان، قلت:
نعم فتيامن ثم قصد إلى موضع فيه ماء وعين فتوضأ، ثم دنا من أكمة فصلى عندها،
ثم مال عليها وبكى ثم مال إلى أكمة دونها ففعل مثل ذلك ثم قال: يا يونس
افعل مثل ما فعلت ففعلت ذلك فلما تفرغت قال لي: يا يونس تعرف هذا المكان؟
فقلت: لا فقال: الموضع الذي صليت عنده أولا هو قبر أمير المؤمنين، والأكمة

(1) كامل الزيارات ص 35.
(2) كامل الزيارات ص 36.
243

الأخرى رأس الحسين بن علي عليهما السلام إن الملعون عبيد الله بن زياد لعنه الله لما بعث
برأس الحسين بن علي عليهما السلام إلى الشام رد إلى الكوفة فقال: أخرجوه عنها
لا يفتتن به أهلها فصيره الله عند أمير المؤمنين عليه السلام: فالرأس مع الجسد والجسد
مع الرأس (1).
بيان: قوله عليه السلام: فالرأس مع الجسد اي بعد ما دفن الرأس هنا ألحقه الله
بالجسد، وإنما يزار ويصلي ههنا لكونه محلا للرأس المقدس وقتا ما، ويحتمل
على بعد أن يكون المراد أن جسد أمير المؤمنين صلوات الله عليه كالجسد لهذا الرأس
الشريف فكان الرأس لم يفارق الجسد والله يعلم (2).
27 - فرحة الغري: (2) - كامل الزيارة: محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن أبي الخطاب، عن ابن
محبوب، عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني لما كنت بالحيرة عند
أبي العباس كنت آتي قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه ليلا وهو بناحية نجف
الحيرة إلى جانب غري النعمان فأصلي عنده صلاة الليل وأنصرف قبل الفجر (3).
28 - كامل الزيارة: عنه، عن ابن أبي الخطاب، عن الحجال، عن صفوان بن مهران
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن موضع قبر أمير المؤمنين قال: فوصف لي موضعه
حيث دكادك الميل، قال: فأتيته فصليت عنده، ثم عدت إلى أبي عبد الله عليه السلام من
قابل فأخبرته بذهابي وصلاتي عنده فقال: أصبت فمكثت عشرين سنة أصلي عنده (4).
بيان: قال الفيروزآبادي (5) الدكدك من الرمل ما تكبس واستوى أو ما التبد
منه بالأرض أو هي ارض فيها غلظ، الجمع دكادك انتهى، ولا يبعد أن يكون الميل
تصحيف الرمل، وهذا يؤيد كون الذكوات مصحف الدكاوات.
29 - كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألت الرضا
عليه السلام فقلت: أين موضع قبر أمير المؤمنين؟ فقال: الغري فقلت له: جعلت فداك

(1) كامل الزيارات ص 36.
(2) فرحة الغري ص 28.
(3) كامل الزيارات ص 37.
(4) كامل الزيارات ص 37.
(5) القاموس ج 3 ص 302.
244

إن بعض الناس يقول: دفن في الرحبة، قال: لا ولكن بعض الناس يقول: دفن
في المسجد (1).
30 - فرحة الغري: نقلت من خط الطوسي أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن أبي
البركات، عن عبد العزيز بن أخضر الحنبلي، عن محمد بن ناصر، عن محمد بن ميمون
البرسي، عن الشريف أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن، عن محمد بن عبد الله الجعفي
ومحمد بن الحسن بن غزال، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن العلوي
قال: وحدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير يعني الثقفي، عن الحسين الخلال
عن جده قال: قلت للحسن بن علي عليه السلام: أين دفنتم أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال:
خرجنا به ليلا حتى مررنا به على مسجد الأشعث حتى خرجنا إلى الظهر
بجنب الغري (2).
31 - فرحة الغري: ذكر حسن بن الحسين بن طحال المقدادي رضي الله عنه إن زين
العابدين عليه السلام ورد إلى الكوفة ودخل مسجدها وبه أبو حمزة الثمالي وكان من زهاد
أهل الكوفة ومشايخها فصلى ركعتين، قال أبو حمزة: فما سمعت أطيب من لهجته
فدنوت لاسمع ما يقول، فسمعته يقول: إلهي إن كان قد عصيتك فاني قد أطعتك
في أحب الأشياء إليك الاقرار بوحدانيتك منا منك علي لا منا مني عليك، و
الدعاء معروف، ثم نهض، قال أبو حمزة: فتبعته إلى مناخ الكوفة فوجدت عبدا
اسود معه نجيب وناقة، فقلت: يا اسود من الرجل؟ فقال: أو تخفى عليك شمائله
هو علي بن الحسين، قال أبو حمزة: فأكببت على قدميه أقبلهما فرفع رأسي بيده
وقال: لا يا أبا حمزة إنما يكون السجود لله عز وجل، فقلت: يا ابن رسول الله
ما أقدمك إلينا؟ قال: ما رأيت، ولم علم الناس ما فيه من الفضل لاتوه ولو حبوا هل
لك أن تزور معي قبر جدي علي بن أبي طالب؟ قلت: أجل فسرت في ظل ناقته
يحدثني حتى أتينا الغريين وهي بقعة بيضاء تلمع نورا، فنزل عن ناقته ومرغ
خديه عليها وقال: يا أبا حمزة هذا قبر جدي علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم زاره

(1) كامل الزيارات ص 37.
(2) فرحة الغري ص 12.
245

بزيارة أولها: السلام على اسم الله الرضي، ونور وجهه المضئ، ثم ودعه ومضى
إلى المدينة ورجعت أنا إلى الكوفة (1).
32 - فرحة الغري: عبد الرحمن بن أحمد الحربي، عن عبد العزيز بن الأخضر
عن أبي الفضل بن ناصر، عن محمد بن علي بن ميمون، عن محمد بن علي بن حسين
العلوي، عن جعفر بن محمد بن عيسى الجعفري، عن أبيه، عن جعفر بن مالك، عن
محمد بن الحسين الصايغ، عن عبد الله بن أبي عبيد ابن زيد قال: رأيت جعفر بن
محمد وعبد الله بن الحسن بالغري عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام فاذن عبد الله وأقام الصلاة
وصلى مع جعفر بن محمد وسمعت جعفرا يقول: هذا قبر أمير المؤمنين (2).
33 - فرحة الغري: ذكر إبراهيم الثقفي في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام حدثنا إبراهيم
ابن يحيى الثوري، عن صفوان الجمال قال: حملت جعفر بن محمد عليهما السلام فلما
انتهيت إلى النجف قال: يا صفوان تياسر حتى تجوز الحيرة فتأتي القائم، قال:
فبلغت الموضع الذي وصف لي فنزل وتوضأ ثم تقدم هو وعبد الله بن الحسن فصليا
عند قبر، فلما قضيا صلاتهما، قلت: جعلت فداك اي موضع هذا القبر؟ قال هذا
قبر علي بن أبي طالب عليه السلام وهو القبر الذي تأتيه الناس هناك (3).
34 - فرحة الغري: بالاسناد المتقدم، عن محمد بن علي العلوي، عن ميمون بن علي
ابن حميد، عن إسحاق بن محمد المقري، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن يعقوب
ابن الياس، عن أبي الفرج السندي قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام جعفر بن
محمد حين قدم إلى الحيرة فقال ليلة: أسرجوا لي البغلة فركب وأنا معه حتى انتهينا
إلى الظهر فنزل فصلى ركعتين ثم تنحى فصلى ركعتين ثم تنحى فصلى ركعتين
فقلت: جعلت فداك إني رأيتك صليت في ثلاث مواضع فقال: أما الأولى فموضع
قبر أمير المؤمنين عليه السلام والثاني موضع رأس الحسين عليه السلام، والثالث موضع منبر

(1) فرحة الغري ص 16.
(2) نفس المصدر ص 20.
(3) نفس المصدر ص 20.
246

القائم عليه السلام (1).
35 - فرحة الغري: الوزير المعظم نصير الدين الطوسي رحمه الله عن والده، عن القطب
الراوندي، عن ذي الفقار، عن الشيخ الطوسي، عن المفيد، عن محمد بن أحمد،
عن محمد بن تمام، عن محمد بن محمد بن ريا، عن عمه علي بن محمد، عن عبد الله بن محمد
ابن خالد، عن الحسن بن علي الخزاز، عن خاله يعقوب بن الياس، عن مبارك
الخباز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أسرج البغل والحمار في وقت ما قدم وهو في الحيرة
قال: فركب وركبت معه حتى دخل الجرف، ثم نزل فصلى ركعتين، ثم تقدم
قليلا آخر فنزل فصلى ركعتين، ثم تقدم فصلى ركعتين، ثم ركب ورجع، فقلت
له: جعلت فداك ما الأولتين والثانيتين والثالثتين؟ فقال: الركعتين الأوليين موضع
قبر أمير المؤمنين عليه السلام، والركعتين الثانيتين موضع رأس الحسين، والركعتين
الثالثتين موضع منبر القائم عليه السلام (2).
36 - فرحة الغري: أحمد بن محمد بن سعيد، عن عبد الله بن محمد بن خالد باسناده
مثله (3).
بيان: قال الفيروزآبادي (4): الجرف بالضم ما تجرفته السيول وأكلته
من الأرض.
37 - فرحة الغري: بالاسناد المتقدم، عن محمد بن علي العلوي، عن محمد بن عبد الله
الجعفي، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن عبيد بن بهرام، عن حسين بن أبي العلاء
الطائي قال: سمعت أبي ذكر أن جعفر بن محمد عليهما السلام مضى إلى الحيرة ومعه غلام
له على راحلتين وذاع الخبر بالكوفة، فلما كان اليوم الثاني قلت لغلام لي:
اذهب فاقعد لي في موضع كذا وكذا من الطريق فإذا رأيت غلامين على راحلتين
فتعال إلي، فلما أصبحنا جائني فقال: قد أقبلا فقمت إلى بارية فطرحتها على قارعة
الطريق وإلى وسادة وصفرية جديدة وقلتين فعلقتهما في النخلة عندها طبق من

(1) المصدر السابق ص 21.
(2) المصدر السابق ص 21.
(3) نفس المصدر ص 22.
(4) القاموس ج 3 ص 123.
247

الرطب كانت النخلة صرفانة، فلما اقبل تلقيته وإذا الغلام معه فسلمت عليه فرحب
بي ثم قلت: يا سيدي يا ابن رسول الله رجل من مواليك تنزل عندي ساعة وتشرب
شربة ماء بارد فثنى رجله فنزل واتكى على الوسادة، ثم رفع رأسه إلى النخلة فنظر
إليها، وقال: يا شيخ ما تسمون هذه النخلة عندكم؟ قلت: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله
صرفانة، فقال: ويحك هذه والله العجوة نخلة مريم القط لنا منها، فلقطت فوضعته في
الطبق الذي فيه الرطب فأكل منها وأكثر، فقلت له: جعلت فداك بأبي أنت وأمي
هذا القبر الذي أقبلت منه قبر الحسين؟ قال: إي والله يا شيخ حقا، ولو أنه عندنا
لحججنا إليه، قلت: فهذا الذي عندنا في الظهر أهو قبر أمير المؤمنين؟ قال: إي
والله يا شيخ حقا، ولو أنه عندنا لحججنا إليه ثم ركب راحلته ومضى (1).
38 - فرحة الغري: بالاسناد، عن محمد بن جعفر التميمي، عن أحمد بن محمد بن سعيد
عن علي بن الحسن التيملي، عن أبي داود، عن أحمد بن النضر، عن المعلى بن
خنيس قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة فقال لهم: افرشوا لي في الصحراء
وافرشوا للمعلى عند رأسي فجاء فرمى برأسه على صدر فراشه وجئت إلى رأسه فرأيت
أنه قد نام فقال لي: يا معلى فقلت: لبيك قال: أما ترى النجوم ما أحسنها؟ قلت
ما أحسنها فقال: أما إنها أمان لأهل السماء فإذا ذهبت جاء أهل السماء ما يوعدون
ونحن أمان لأهل الأرض فإذا ذهبنا جاء أهل الأرض ما يوعدون، قل لهم: يسرجوا
لي على البغل والحمار قال: اركب البغل قلت: اركب البغل؟ قال: أقول لك:
اركب وتقول لي اركب البغل؟ قال: فركبت البغل وركب الحمار فقال لي:
أمامك فجئنا حتى صرنا إلى الغريين فقال لي: هما هما؟ قلت: نعم، قال: خذ
يسرة، قال: فمضينا حتى انتهينا إلى موضع فقال لي: انزل ونزل وقال لي: هذا قبر
أمير المؤمنين عليه السلام فصلى وصليت (2).
29 - فرحة الغري: الوزير السعيد نصير الدين الطوسي، عن والده، عن القطب
الراوندي، عن ذي الفقار بن معبد، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن

(1) فرحة الغري ص 22.
(2) نفس المصدر ص 23.
248

أحمد بن داود، عن محمد بن تمام، عن محمد بن محمد، عن علي بن محمد، عن أحمد بن
ميثم الطلحي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أين دفن أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: دفن في قبر أبيه
نوح؟ قلت: وأين قبر نوح؟ الناس يقولون إنه في المسجد، قال: لا ذلك في ظهر
الكوفة (1).
40 - فرحة الغري: بالاسناد، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن علي، عن عمه، عن
أحمد بن حماد بن زهير، عن يزيد بن إسحاق، عن أبي السحيق الأرحبي، عن
عمرو بن عبد الله بن طلحة، عن أبيه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فمضينا
معه حتى انتهينا إلى الغري فصلى فأتى موضعا فصلى، ثم قال لإسماعيل: قم فصل
عند رأس أبيك الحسين، قلت: أليس قد ذهب برأسه إلى الشام؟ قال: بلى ولكن
فلان هو مولى لنا سرقه فجاء به فدفنه ههنا (2).
41 - فرحة الغري: بالاسناد المتقدم، عن محمد بن أحمد بن داود، عن علي بن سبيع
ابن بيان، عن الحسن بن أبي راشد، عن محمد بن يحيى العطار، عن علي بن الحسن
ابن هارون، عن أبي حفص محمد بن الحسن بن الحسن، عن أبيه قال: قال صفوان
الجمال: قال جعفر بن محمد عليه السلام عندما سأله عن قبر أمير المؤمنين عليه السلام وهو
بمكة وذكر الحديث بطوله إلى أن قال: حتى انتهينا إلى قبر أمير المؤمنين
عليه السلام أنا وجعفر بن محمد فنزل جعفر بن محمد فاحتفر حفيرة فأخرج سكة
حديدة علامة له، ثم أخذ سطيحة له وتهيأ للصلاة وصلى أربع ركعات ثم قال:
قم يا صفوان فافعل ما فعلت، واعلم أن هذا قبر جدي أمير المؤمنين عليه السلام، و
ذكر الحديث (3).
بيان: السطيحة المزادة.
42 - فرحة الغري: بالاسناد عن محمد بن تمام، عن محمد بن محمد بن رباح، عن عمه

(1) المصدر السابق ص 25.
(2) المصدر السابق ص 25.
(3) المصدر السابق ص 27.
249

عن علي بن الصباح الكناني، عن الحسن بن محمد، عن القاسم بن الضحاك بن المختار
ابن فلفل مولى عمرو بن حريث، عن حماد بن عيسى، عن رجل، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قبر علي عليه السلام في الغري ما بين صدر نوح ومفرق رأسه مما
يلي القبلة (1).
43 - فرحة الغري: ذكر الحسن بن محمد بن جعفر التميمي في كتاب تاريخ الكوفة
قال: أخبرنا أبو بكر الدارمي، عن إسحاق بن يحيى، عن أحمد بن صبيح، عن صفوان
قال: خرجت أنا وصاحب لي من الكوفة ودخلنا على جعفر بن محمد عليهما السلام فسألناه
عن قبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال لنا: هو عندكم بظهر الكوفة في موضع كذا فوصف
لنا قال: فجئت أنا وصاحبي فطلبناه فوجدناه، قال: ثم لقيناه في موضع كذا
قال: نعم هو ذاك عند الذكوات البيض (2).
44 - ت - فرحة الغري: قال محمد بن معد الموسوي: رأيت في بعض الكتب الحديثية، حدثنا
محمد بن محمد بن عبد العزيز، عن عبد الله الأنباري، عن محمد بن أحمد بن عيسى، عن
محمد بن أحمد بن الحسن الجعفري قال: وجدت في كتاب أبي حدثتني أمي عن أمها
أن جعفر بن محمد عليه السلام حدثها أن أمير المؤمنين عليه السلام أمر ابنه الحسن أن يحفر له
أربع قبور في أربع مواضع: في المسجد وفي الرحبة وفي الغري وفي دار جعدة بن
هبيرة، وإنما أراد بهذا أن لا يعلم أحد من أعدائه موضع قبره (3).
45 - التهذيب: محمد أحمد بن داود، عن أبيه، عن ابن فضال، عن عمرو بن
إبراهيم، عن خلف بن حماد، عن عبد الله بن حسان، عن الثمالي، عن أبي جعفر
عليه السلام في حديث حدثني به انه كان في وصية أمير المؤمنين عليه السلام أن أخرجوني
إلى الظهر فإذا تصوبت اقدامكم واستقبلتكم ريح فادفنوني وهو أول طهور سيناء
ففعلوا ذلك (4).
46 كتاب الصفين لنصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن ابن طريف، عن

(1) المصدر السابق ص 38.
(2) المصدر السابق ص 38.
(3) المصدر السابق ص 38.
(4) التهذيب ج 6 ص 34.
250

ابن نباته قال: مرت جنازة على علي عليه السلام وهو بالنخيلة فقال عليه السلام ما يقول:
الناس في هذا القبر؟ وفي النخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله فقال الحسن
ابن علي: يقولون هذا قبر هود النبي عليه السلام لما أن عصاه قومه جاء فمات ههنا،
فقال: كذبوا لأنا أعلم به منهم، هذا قبر يهودا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم
بكر يعقوب ثم قال: ههنا أحد من المهرة؟ قال: فأتي بشيخ كبير فقال: أين منزلك
قال: على شاطئ البحر قال: أين من الجبل الأحمر؟ قال: قريبا منه قال: فما
يقول قومك فيه؟ قال: يقولون قبر ساحر قال: كذبوا ذلك قبر هود، وهذا قبر
يهود ابن يعقوب يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا على غرة الشمس والقمر يدخلون
الجنة بغير حساب (1).
تذنيب: اعلم أنه كان اختلاف بين الناس سابقا في موضع قبر أمير المؤمنين
عليه السلام، فبعضهم كانوا يقولون: إنه دفن في بيته، وبعضهم يقولون: إنه دفن
في رحبة المسجد، وبعضهم كانوا يقولون: إنه دفن دفن في كرخ بغداد، لكن اتفقت
الشيعة سلفا وخلفا نقلا عن أئمتهم صلوات الله عليهم أنه صلوات الله عليه لم يدفن
إلا في الغري، في الموضع المعروف الآن، والاخبار في ذلك متواترة، وقد كتب السيد
ابن طاوس رضي الله عنه في ذلك كتابا سماه فرحة الغري، ونقل الاخبار والقصص
الكثيرة الدالة على المذهب المنصور، وقد قدمنا بعض القول في ذلك في أبواب شهادته
صلوات الله عليه، والامر أوضح من أن يحتاج إلى البيان.
ثم اعلم أنه يظهر من الأخبار المتقدمة أن رأس الحسين صلوات الله عليه
وآله وجسد آدم ونوح وهود وصالح صلوات الله عليهم مدفونون عنده صلوات
الله عليه فينبغي زيارتهم جميعا بعد زيارته عليه السلام وسيأتي في خبر أبي أسامة، عن
أبي عبد الله عليه السلام في باب فضل الكوفة أن فيها قبر نوح وإبراهيم عليهما السلام، وقبر
ثلاثمائة نبي وسبعين نبيا، وستمائة وصي وقبر سيد الأوصياء فلو زار إبراهيم عليه السلام
وساير الأنبياء والأوصياء الذين خلوا بجواره كان أحسن.

(1) صفين لنصر بن مزاحم ص 142 طبع مصر سنة 1265.
251

تتميم: قال الديلمي ره في إرشاد القلوب: وأما الدليل الواضح والبرهان
اللايح على أن قبره الشريف صلوات الله عليه موجود بالغري فمن وجوه " الأول "
تواتر الامامية الاثني عشرية يرويه خلف عن سلف " الثاني " إجماع الشيعة و
الاجماع حجة " الثالث " ما حصل عنده من الاسرار والآيات وظهور المعجزات كقيام
الزمن ورد بصر الأعمى وغيرها (1).
47 " فمنها " ما روي عن عبد الله بن حازم قال: خرجنا يوما مع الرشيد من
الكوفة فصرنا إلى ناحية الغريين فرأينا ظباء فأرسلنا عليها الصقور والكلاب
فجاولتها ساعة ثم لجأت الظباء إلى أكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها فتعجب
الرشيد من ذلك، ثم إن الظباء هبطت من الأكمة فسقطت الطيور والكلاب عليها
فرجعت الظباء إلى الأكمة فتراجعت الصقور والكلاب عنها مرة ثانية، ثم فعلت
ذلك مرة أخرى فقال الرشيد: اركضوا إلى الكوفة فأتوني بأكبرها سنا فأتي بشيخ
من بني أسد فقال الرشيد: أخبرني ما هذه الأكمة؟ فقال: حدثني أبي عن آبائه
أنهم كانوا يقولون: إن هذه الأكمة قبر علي بن أبي طالب عليه السلام جعله الله حرما
لا يأوي إليه شئ إلا آمن، فنزل هارون ودعا بماء وتوضأ وصلى عند الأكمة
وجعل يدعو ويبكي ويتمرغ عليها بوجهه وأمر أن يبنى قبة بأربعة أبواب فبني
وبقي إلى أيام السلطان عضد الدولة الدولة رحمه الله فجاء فأقام في ذلك الطريق قريبا
من سنة هو وعساكره فبعث فأتى بالصناع والاستادية من الأطراف وخرب تلك
العمارة وصرف أموالا كثيرة جزيلة وعمر عمارة جليلة حسنة وهي العمارة
التي كانت قبل عمارة اليوم (2).
48 ومنها ما حكي عن جماعة خرجوا بليل مختفين إلى الغري لزيارة
أمير المؤمنين عليه السلام قالوا: فلما وصلنا إلى القبر الشريف وكان يومئذ قبرا حوله
حجارة ولا بناء عنده، وذلك بعد أن أظهره الرشيد وقبل أن يعمره، فبينا نحن

(1) ارشاد القلوب ج 2 ص 234.
(2) ارشاد القلوب ج 2 ص 233.
252

عنده بعضنا يقرأ وبعضنا يصلي وبعضنا يزور وإذا نحن بأسد مقبل نحونا فلما قرب
منا قدر رمح، قال: بعضنا لبعض ابعدوا عن القبر
الشريف فجاء الأسد فجعل يمرغ ذراعيه على القبر فمضى رجل منا فشاهده
فعاد فأعلمنا فزال الرعب عنا فجئنا بأجمعنا فشاهدناه يمرغ ذراعه على القبر و
فيه جراح فلم يزل يمرغه ساعة، ثم انزاح عن القبر ومضى فعدنا إلى ما كنا عليه
لاتمام الزيارة والصلاة وقراءة القرآن (1).
أقول: ثم أورد رحمه الله كثيرا من القصص المشتملة على معجزات مرقده
الشريف مما قد أسلفنا إيرادها في كتاب تاريخه صلوات الله عليه فتركناها حذرا
من التكرار، ولظهور أمثال تلك القصص والأمور الغريبة في كل عصر وزمان
بحيث لا يحتاج إلى ذكر ما سنح في الزمن السالفة.
49 - ولقد شاع وذاع في زماننا من شفاء المرضى ومعافات أصحاب البلوى
وصحة العميان والزمني أكثر من أن يحصى.
ولقد أخبرني جماعة كثيرة من الثقات أن عند محاصرة الروم لعنهم الله
المشهد الشريف في سنة أربع وثلاثين وألف من الهجرة وتحصين أهله بالبلد و
إغلاق الأبواب عليهم والتعرض لدفعهم مع قلة عددهم وعدتهم وكثرة المحاصرين
وقوتهم وشوكتهم، جلسوا زمانا طويلا ولم يظفروا بهم وكانوا يرمون بالبنادق الصغار
والكبار عليهم شبه الأمطار ولم يقع على أحد منهم، وكانت الصبيان في السكك
ينتظرون وقوعها ليلعبوا بها، حتى أنهم يروون أن بندقا كبيرا دخل في كم جارية
رفعت يدها لحاجة على بعض السطوح وسقط من ذيلها ولم يصبها.
ويروى عن بعض الصلحاء الأفاضل من أهل المشهد أنه رأى في تلك الأيام
أمير المؤمنين عليه السلام في المنام وفي يده عليه السلام سواد فسأله عن ذلك فقال عليه السلام: لكثرة
دفع الرصاص عنكم، والغرايب التي ينقلونها في تلك الواقعة كثيرة فأما التي اشتهرت
بين أهل المشهد بحيث لا ينكره أحد منهم:

(1) ارشاد القلوب ج 2 ص 234.
253

50 فمنها قصة الدهن، وهو أن خازن الروضة المقدسة المولى الصالح البارع
التقي مولانا محمود (1) قدس الله روحه كان هو المتوجه لاصلاح العسكر الذي
كانوا في البلد وكانوا محتاجين إلى مشاعل كثيرة لمحافظة أطراف الحصار، فلما
ضاق الامر ولم يبق في السوق ولا في البيوت شئ من الدهن أعطاهم من الحياض
التي كانوا يصبون فيها الدهن لاسراج الروضة وحواليها فبعد إتمام جميع ما في الحياض
ويأسهم عن حصوله من مكان آخر رجعوا إليها فوجدوها مترعة من الدهن فأخذوا
منها وكفاهم إلى انقضاء وطرهم.
51 ومنها أنهم كانوا يرون في الليالي في رؤوس الجدران وأطراف العمارات
والمنارات نورا ساطعا بينا حتى أن الانسان إذا كان يرفع يده إلى السماء كان يرى
أنامله كالشموع المشتعلة، ولقد سمعت من بعض الأشارف الثقات من غير أهل المشهد
أنه قال: كنت ذات ليلة نائما في بعض سطوح المشهد الشريف فانتبهت في بعض الليل
فرأيت النور ساطعا من الروضة المقدسة ومن أطراف جميع جدران البلد فعجبت
من ذلك ومسحت يدي على عيني فنظرت فرأيت مثل ذلك فأيقظت رجلا كان نائما
بجنبي فأخبرني بمثل ما رأيت وبقي هكذا زمانا طويلا ثم ارتفع.
وسمعت أيضا من بعض الثقات قال: كنت نائما في بعض الليالي على بعض
سطوح البلد الشريف فانتبهت فرأيت كوكبا نزل من السماء بحذاء القبة السامية
حتى وصل إليها وطاف حولها مرارا بحيث أراه يغيب من جانب ويطلع من آخر
ثم صعد إلى السماء.
52 ومن الأمور المشهورة التي وقعت قريبا من زماننا أن جماعة من صلحاء
أهل البحرين أتوا لزيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه لادراك بعض الزيارات
المخصوصة فأبطؤوا ولم يصلوا إليه ووصلوا في ذلك اليوم إلى الغري وكان يوم
مطروطين وكان مولانا مولانا محمود رحمه الله أغلق أبواب الروضة المقدسة لذلك فأتوه

(1) كان من العلماء المشاهير تولى شؤون العسكر في البلد مضافا إلى سدانة الحرم
العلوي سنة في أيام الشاه عباس الأول.
254

وسألوه أن يفتح لهم فأبى واعتذر منهم وقال زوروا من وراء الشباك فأتوا الباب
وتضرعوا وتمرغوا في التراب وقالوا قد حرمنا من زيارة ولدك فلا تحرمنا زيارتك
فإنا من شيعتك وقد أتيناك من شقة بعيدة فبينا هم في ذلك إذ سقطت الاقفال وفتحت
الأبواب ودخلوا وزاروا، وهذه مشهور بين أهل المشهد وبين أهل البحرين غاية
الاشتهار.
53 ومنها ما تواترت به الاخبار، ونظموها في الاشعار، وشاع في جميع
الأصقاع والأقطار، واشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار، وكان بالقرب من
تاريخ الكتابة في سنة اثنين وسبعين بعد الألف من الهجرة، وكانت كيفية تلك
الواقعة على ما سمعته من الثقات أنه كان في المشهد الغروي عجوز تسمى بمريم و
كانت معروفة بالعبادة والتقوى فمرضت مرضا شديدا وامتد بها حتى صارت مقعدة
مزمنة وبقيت كذلك قريبا من سنتين بحيث اشتهر أمرها وكونها مزمنة في الغري.
ثم إنها لتسع ليال خلون من رجب تضرعت لدفع ضرها إلى الله تعالى
واستشفعت بمولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وشكت إليه عليه السلام
في ذلك ونامت فرأت في منامها ثلاث نسوة دخلن إليها وإحداهن كالقمر ليلة
البدر نورا وصفاءا وقلن لها لا تخافي ولا تحزني فإن فرجك لي ليلة الثاني عشر من
الشهر المبارك فانتبهت فرحا، وقصت رؤياها على من حضرها، وكانت تنتظر ليلة
ثاني عشر رجب فمرت بها ولم تر شيئا، ثم ترقبت ليلة ثاني عشر شعبان فلم تر
أيضا شيئا، فلما كانت ليلة تاسع من شهر رمضان رأت في منامها تلك النسوة بأعيانهن
وهو يبشرنها فقلن لها: إذا كانت ليلة الثاني عشر من هذا الشهر فامض إلى روضة
أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأرسلي إلى فلانة وفلانة وفلانة وسمين نسوة معروفات
عليه وهن باقيات إلى حين هذا التحرير واذهبي بمن معك إليها فلما أصبحت قصت
رؤياها وبقيت مسرورة مستبشرة بذلك، إلى أن دخلت تلك الليلة فأمرت بغسل
ثيابها وتطهير جسدها وأرسلت إلى تلك النسوة دعتهن فأجبن وذهبن بها محمولة
لأنها كانت لا تقدر على المشي، فلما مضى قريب من ربع الليل خرجت واحدة
255

منهن واعتذرت منها وبقيت معها اثنتان وانصرف منهن جميع من حضر الروضة
المقدسة وغلقت الأبواب ولم يبق في الرواق غيرهن، فلما كان وقت السحر أرادت
صاحبتاها أكل السحور أو شرب التتن فاستحيتا من الضريح المقدس فتركتاها عند
الشباك المقابل للضريح المقدس في جانب القبلة وذهبتا إلى الباب الذي في جهة
خلفه عليه السلام يفتح إلى الصحن وخلفه الشباك فدخلتا هناك وأغلقتا الباب لحاجتهما
فلما رجعتا إليها بعد قضاء وطرهما لم تجداها في الموضع الذي تركتاها ملقاة فيه
فتحيرتا فمضتا يمينا وشمالا فإذا بها تمشي في نهاية الصحة والاعتدال، فسئلتاها
عن حالها وما جرى عليها فأخبرتهما: إنكما لما انصرفتما عني رأيت تلك النسوة
اللاتي رأيتهن في المنام اقبلن وحملنني وأدخلنني داخل القبة المنورة وأنا لا أعلم
كيف دخلت ومن أين دخلت، فلما قربت من الضريح المقدس سمعت صوتا من القبر
يقول: حركن المرأة الصالحة وطفن بها ثلاث مرات فطفن بي ثلاث مرات حول القبر
ثم سمعت صوتا آخر أخرجن الصالحة من باب الفرج فأخرجنني من الجانب الغربي
الذي يكون خلف من يصلى بين البابين بحذاء الرأس وخلف الباب شباك يمنع
الاستطراق ولم يكن الباب معروفا قبل ذلك بهذا الاسم، قالت: فالآن مضين عني
وجئتماني وأنا لا أرى بي شيئا مما كان من المرض والألم والضعف وأنا في غاية
الصحة والقوة، فلما كان آخر الليل جاء خازن الحضرة الشريفة وفتح الأبواب
فرآهن تمشين بحيث لا يتميز واحدة منهن، وإني سمعت من المولى الصالح التقي
مولانا محمد طاهر (1) الذي بيده مفاتيح الروضة المقدسة ومن جماعة كثيرة من
الصلحاء الذين كانوا حاضرين في تلك الليلة في الحضرة الشريفة أنهم رأوها في

(1) كان خازن الحرم العلوي في ستة 1072 وكان من علماء عصره وقد رؤيت
شهادته على تصديق اجتهاد الميرزا عماد الدين محمد حكيم أبي الخير بن عبد الله البافقي في
سنة 1071 وقد نظم الشيخ يوسف الحصري المترجم في نشوة السلافة تلك الكرامة
التي ذكرها العلامة المجلسي في أرجوزة تزيد على مائة بيت وقد ذكرها صاحب النشوة
في ترجمة الحصري المذكور.
256

أول الليلة محمولة عند دخولها وفي آخر الليل سائرة أحسن ما يكون عند
خروجها، والحمد لله على ظهور كرامة أمير المؤمنين صلوات الله عليه لتقر أعين أوليائه
وترغم أنوف أعدائه، وأمثال ذلك كثيرة لو أردنا ذكرها لطال الكتاب.
3.
* (باب) *
* " (فضل زيارته صلوات الله عليه والصلاة عنده) " *
1 - أمالي الطوسي: المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن
محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما خلق الله
خلقا أكثر من الملائكة وإنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور
فيطوفون به، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي
صلى الله عليه وآله فسلموا عليه، ثم أتوا قبر أمير المؤمنين عليه السلام فسلموا عليه، ثم
أتوا قبر الحسين عليه السلام فسلموا عليه، ثم عرجوا، وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة.
وقال عليه السلام: من زار أمير المؤمنين عارفا بحقه غير متجبر ولا متكبر كتب
الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعث من
الآمنين وهون عليه الحساب واستقبله الملائكة، فإذا انصرف شيعته إلى منزله فإن
مرض عادوه وإن مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره، قال: ومن زار الحسين عليه السلام عارفا
بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة، وألف عمرة مقبولة، وغفر له ما تقدم
من ذنبه وما تأخر (1).
2 أبو علي ابن شيخ الطائفة عن أبيه، عن المفيد مثله (2).
3 - كامل الزيارة: أبي والكليني معا عن محمد العطار، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله
ابن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن أبي وهب القصرى قال:
دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك أتيتك ولم أزر قبر أمير

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 218.
(2) أمالي الطوسي هو سابقه بعينه سندا ومتنا.
257

المؤمنين عليه السلام قال: بئس ما صنعت لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك ألا تزور
من يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون، قلت: جعلت فداك
ما علمت ذلك قال: فاعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام أفضل عند الله، من الأئمة كلهم
وله ثواب أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضلوا (1).
4 - كامل الزيارة: الكليني، عن أبي على الأشعري، عمن ذكره، عن محمد بن سنان
وحدثني محمد الحميري، عن أبيه، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن
المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت: إني اشتاق إلى الغري
قال: فما شوقك إليه؟ قلت له: إني أحب أن أزور أمير المؤمنين عليه السلام فقال لي:
فهل تعرف فضل زيارته؟ قلت: لا يا ابن رسول الله فعرفني ذلك قال: إذا أردت زيارة
أمير المؤمنين عليه السلام فاعلم أنك زائر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب
عليهم السلام، قلت: ان ندم هبط بسرانديب في مطلع الشمس وزعموا أن عظامه في
بيت الله الحرام فكيف صارت عظامه بالكوفة؟ قال: إن الله تبارك وتعالى أوحى
إلى نوح عليه السلام وهو في السفينة أن يطوف بالبيت أسبوعا، فطاف بالبيت أسبوعا كما
أوحى الله إليه، ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم عليه السلام
فحمل التابوت في جوف السفينة حتى طاف بالبيت ما شاء الله أن يطوف، ثم ورد إلى
باب الكوفة في وسط مسجدها ففيها قال الله للأرض: " ابلعي مائك " فبلعت ماءها
من مسجد الكوفة كما بدا الماء من مسجدها، وتفرق الجمع الذي كان مع نوح في
السفينة فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغري، وهو قطعة من الجبل الذي كلم الله عليه
موسى تكليما، وقدس عليه عيسى تقديسا، واتخذ عليه إبراهيم خليلا، واتخذ عليه
محمدا حبيبا، وجعله للنبيين مسكنا، والله ما سكن فيه أحد بعد أبويه الطيبين آدم
ونوح أكرم من أمير المؤمنين صلوات الله عليهم، فإذا زرت جانب النجف فزر عظام
آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب عليه السلام، فإنك زائر الآباء الأولين ومحمدا
صلى الله عليه وآله خاتم النبيين، وعليا سيد الوصيين، فان زايره يفتح له أبواب السماء

(1) كامل الزيارات ص 38.
258

عند دعوته فلا تكن عن الخير نواما (1).
5 - فرحة الغري: والدي وعمي عن محمد بن نماء، عن محمد بن إدريس، عن عربي بن
مسافر، عن الياس بن هشام، عن أبي علي، عن والده أبي جعفر، عن المفيد، عن
ابن قولويه، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن ابن أبي الخطاب مثله (2).
بيان: قوله عليه السلام بعد أبويه اي بعد زمان دفن أبويه فلا ينافي كونه عليه السلام
أفضل منهما، ولعل صدور أمثاله لضعف عقول الناس، وللخوف على ضعفاء الشيعة
أو للتقية من المخالفين، وأخبارنا مستفيضة في أن أئمتنا عليهم السلام أفضل من غير نبينا
من الأنبياء.
6 - كامل الزيارة: علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن
عيسى، عن المعلى بن أبي شهاب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الحسن لرسول
الله صلى الله عليه وآله: يا أبه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني من زارني
حيا وميتا أو زار أباك كان حقا على الله عز وجل أن أزوره يوم القيامة فأخلصه
من ذنوبه (3).
7 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن
مفضل بن صالح، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عرض ولايتنا
على أهل الأمصار فلم يقبلها إلا أهل الكوفة، وإن إلى جانبها قبرا لا يأتيه مكروب
فيصلي عنده أربع ركعات إلا رجعه الله مسرورا بقضاء حاجته (4).
8 - فرحة الغري: الوزير السعيد نصير الدين الطوسي، عن والده، عن القطب الراوندي
عن ذي الفقار بن معبد، عن شيخ الطايفة، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود
عن محمد بن علي، عن عمه، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن الفضل الخزاعي، عن عثمان بن
سعيد، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: إن إلى جانب كوفان قبرا

(1) كامل الزيارات ص 38.
(2) فرحة الغري ص 29.
(3) كامل الزيارات ص 39 وكان الرمز في المتن لفرحة الغري.
(4) كامل الزيارات ص 167.
259

ما أتاه مكروب قط فصلى عنده ركعتين أو أربع ركعات إلا نفس الله عنه كربته
وقضى حاجته، قلت: قبر الحسين بن علي؟ فقال برأسه لا، فقلت: فقبر أمير المؤمنين
قال برأسه نعم (1).
9 - فرحة الغري: بالاسناد، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن همام قال: وجدت في
كتاب كتبه ببغداد جعفر بن محمد، عن محمد بن الحسن الرازي، عن الحسين بن
إسماعيل الصيمري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار أمير المؤمنين ماشيا كتب
الله له بكل خطوة حجة وعمرة، فان رجع ماشيا كتب له بكل خطوة حجتان
وعمرتان (2).
10 - فرحة الغري: يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي البركات بن إبراهيم الصنعاني
عن الحسين بن رطبة، عن أبي علي، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن
أحمد بن داود، عن أحمد بن محمد الرازي، عن أبي محمد بن المغيرة، عن الحسين بن
محمد بن مالك، عن أخيه جعفر، عن رجاله يرفعه قال: كنت عند الصادق عليه السلام
وقد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا ابن مارد من زار جدي عارفا بحقه كتب الله له
بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة، يا ابن مارد والله ما يطعم الله النار قدما
تغبرت في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ماشيا كان أو راكبا، يا ابن ماردا كتب هذا الحديث
بماء الذهب (3).
بيان: لعل الكتابة بماء الذهب كناية عن شدة الاعتناء بشأنه والاهتمام
في العمل به، ولا يبعد القول بظاهره فيدل على رجحان كتابة الاخبار مطلقا، أو
الاخبار النادرة المشتملة على الفضايل الغريبة بماء الذهب والله يعلم.
11 - فرحة الغري: بالاسناد عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن همام، عن محمد بن
محمد بن رياح، عن علي بن محمد بن رياح، عن أحمد بن حماد بن زاهر القرشي، عن
زيد بن إسحاق، عن أبي السحيق الارجي، عن عمر بن عبد الله بن طلحة النهدي

(1) فرحة الغري ص 27.
(2) فرحة الغري ص 30.
(3) فرحة الغري ص 30.
260

عن أبيه قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا عبد الله بن طلحة ما تأتون قبر
أبي الحسين؟ قلت: بلى جعلت فداك إنا لنأتينه قال: تأتونه كل جمعة؟
قلت: لا، قال: فتأتونه في كل شهر؟ قلت: لا، قال: ما أجفاكم إن زيارته
تعدل حجة وعمرة، وزيارة أبيه تعدل حجتين وعمرتين (1).
ورواه شيخنا في التهذيب (2) بسنده إليه.
12 - فرحة الغري: بالاسناد، عن محمد بن أحمد بن داود، عن أحمد بن محمد بن سعيد
عن الحسن بن عبد الرحمن الأزدي، عن عمه عبد العزيز، عن حماد بن يعلى، عن
حسان بن مهران قال: قال جعفر بن محمد: يا حسان أتزور قبور الشهداء قبلكم؟
قلت اي الشهداء؟ قال: علي وحسين، قلت: إنا لنزورهما فنكثر قال: أولئك الشهداء
المرزوقون فزوروهم وافزعوا عندهم وارفعوا بحوائجكم عندهم، فلو يكونون منا
كموضعهم منكم لاتخذناهم هجرة (3).
بيان: قوله: لاتخذناهم هجرة، اي لهجرنا إليهم واتخذنا عندهم وطنا، و
يدل على رجحان المجاورة عندهم وسيأتي القول فيه.
13 - فرحة الغري: يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي البركات، عن الحسين بن رطبه
عن أبي علي، عن الشيخ نقلا من خطه من التهذيب، عن المفيد، عن محمد بن أحمد
عن أبيه، عن ابن فضال، عن عمر بن إبراهيم، عن خلف بن حماد، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: نحن نقول: بظهر الكوفة قبر ما يلوذ به ذو عاهة إلا شفاه الله (4)
والشيخ المفيد ذكره في مزاره ولم يسنده وقال: يعني قبر أمير المؤمنين عليه السلام.
14 - فرحة الغري: نصير الدين الطوسي، عن والده، عن السيد فضل الله، عن ذي
الفقار، عن الشيخ، عن المفيد، عن محمد بن بكران النقاش، عن الحسين بن محمد المالكي
عن أحمد بن هلال، عن أبي شعيب الخراساني قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:

(1) نفس المصدر ص 32.
(2) التهذيب ج 6 ص 21.
(3) فرحة الغري ص 32.
(4) فرحة الغري ص 38 وأخرجه الشيخ الطوسي في التهذيب ج 6 ص 34.
261

أيما أفضل زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام قبر الحسين عليه السلام؟ قال: إن
الحسين قتل مكروبا فحق على الله جل ذكره أن لا يأتيه مكروب إلا فرج الله كربه
وفضل زيارة قبر أمير المؤمنين على زيارة قبر الحسين كفضل أمير المؤمنين على الحسين
قال: ثم قال لي: أين تسكن؟ قلت: الكوفة، قال: إن مسجد الكوفة بيت نوح
لو دخله رجل مأة مرة لكتب الله له مأة مغفرة، لان فيه دعوة نوح عليه السلام حيث
قال: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا " قال: قلت من عنى بوالديه؟
قال: آدم وحوا (1).
15 - مجالس المفيد: الجعابي، عن ابن عقدة، عن الحسن بن علي بن الحسن، عن
محمد بن الحسن، عن محمد بن سنان، عن عبيد الله القضباني، عن أبي بصير قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن ولايتنا ولاية الله عز وجل التي لم يبعث نبي قط إلا
بها، إن الله عز اسمه عرض ولايتنا على السماوات والأرض والجبال والأمصار فلم
يقبلها قبول أهل الكوفة، وإن إلى جانبهم لقبرا ما أتاه مكروب إلا نفس الله
كربته وأجاب دعوته وقلبه إلى أهله مسرورا (2).
أقول: قد مضى بعض الأخبار في باب فضل زيارة النبي صلى الله عليه وآله، وسيأتي بعضها
في أبواب زياراته عليه السلام.
16 وقال الديلمي رحمه الله في ارشاد القلوب (3) قال الصادق عليه السلام:
إن أبواب السماء لتفتح عند دخول الزائر لأمير المؤمنين عليه السلام.
17 وفي المزار الكبير باسناده إلى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن
ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول:
أتى أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: إن منزلي ناء عن منزلك
وإني أشتاقك وأشتاق إلى زيارتك وأقدم فلا أجدك وأجد علي بن أبي طالب
عليه السلام فيؤنسني بحديثه ومواعظه وأرجع وأنا متأسف على رؤيتك، فقال صلى الله عليه وآله

(1) فرحة الغري ص 40.
(2) مجالس المفيد ص 72.
(3) ارشاد الديلمي ج 2 ص 241.
262

من زار عليا فقد زارني، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، أبلغ
قومك هذا عني، ومن أتاه زائرا فقد أتاني، وأنا المجازي له يوم القيامة وجبرئيل
وصالح المؤمنين.
4.
* (باب) *
* " (زياراته صلوات الله عليه المطلقة التي) " *
* " (لا تختص بوقت من الأوقات) " *
1 - مصباح الزائر: إذا وردت شريعة الكوفة فاقصد الغسل فيها وهي شريعة أمير المؤمنين
صلوات الله عليه وإلا ففي غيرها وتلك أفضل، ونية هذا الغسل مندوب قربة
إلى الله تعالى، وتقول عند غسلك: بسم الله وبالله اللهم اجعله نورا وطهورا و
حرزا وأمنا من كل خوف وشفاء من كل داء، اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح
لي صدري وأجر محبتك وذكرك على لساني، الحمد لله الذي جعل الماء طهورا
اللهم اجعلني عبدا شكورا ولآلائك ذكورا، اللهم أحي قلبي بالايمان، وطهرني
من الذنوب، واقض لي بالحسنى، وافتح لي بالخيرات من عندك يا سميع الدعاء
وصلى الله على محمد وآله كثيرا. ويقول أيضا وهو يغتسل بسم الله وبالله وفي سبيل
الله وعلى ملة رسول الله، اللهم صل على محمد وآل محمد، وطهر قلبي وزك عملي ونور
بصري واجعل غسلي هذا طهورا وحرزا وشفاء من كل داء وسقم وآفة وعاهة
ومن شر ما أحاذره إنك على كل شئ قدير، اللهم صل على محمد وآل محمد و
اغسلني من الذنوب كلها والآثام والخطايا وطهر جسمي وقلبي من كل آفة
تمحق بها ديني، واجعل عملي خالصا لوجهك يا أرحم الراحمين، اللهم صل على
محمد وآل محمد واجعله لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي إنك على كل شئ قدير
واقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر فإذا فرغت من الغسل فالبس أطهر ثيابك و
قل: اللهم البسني التقوى واغفر لي وارحمني في الآخرة والأولى الحمد لله على
263

ما هدانا وله الشكر على ما أولانا (1).
2 - كامل الزيارة: أحمد بن علي، عن أبيه، عن علي بن مهدي بن صدقة، عن علي بن
موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه عليه السلام قال: زار زين العابدين علي بن الحسين
عليهما السلام قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فوقف على القبر ثم بكى وقال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أمين الله في ارضه
وحجته على عباده، أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه، و
اتبعت سنن نبيه صلى الله عليه وآله، حتى دعاك الله إلى جواره، وقبضك إليه باختياره، و
ألزم أعداءك الحجة في قتلهم إياك، مع مالك من الحجج البالغة على جميع خلقه،
اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، مولعة بذكرك ودعائك، محبة
لصفوة أوليائك، محبوبة في أرضك وسمائك، صابرة على نزول بلائك، شاكرة
لفواضل نعمائك، ذاكرة لسوابغ آلائك، مشتاقة إلى فرحة لقائك، متزودة التقوى
ليوم جزائك، مستنة بسنن أوليائك، مفارقة لأخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا
بحمدك وثنائك.
ثم وضع خده على القبر وقال: اللهم قلوب المخبتين إليك والهة، و
سبل الراغبين إليك شارعة، وأعلام القاصدين إليك واضحة، وأفئدة العارفين منك
فازعة، وأصوات الداعين إليك صاعدة، وأبواب الإجابة لهم مفتحة، ودعوة من
ناجاك مستجابة، وتوبة من أناب إليك مقبولة، وعبرة من بكى من خوفك مرحومة
والإغاثة لمن استغاث بك موجودة، والإعانة لمن استعان بك مبذولة، وعداتك
لعبادك منجزة، وزلل من استقالك مقالة، وأعمال العاملين لديك محفوظة، وأرزاق
الخلائق من لدنك نازلة، وعوائد المزيد إليهم واصلة، وذنوب المستغفرين مغفورة
وحوائج خلقك عندك مقضية، وجوائز السائلين عندك موفرة، وعوائد المزيد
متواترة، وموائد المستطعمين معدة، ومناهل الظماء لديك مترعة، اللهم
فاستجب دعائي، واقبل ثنائي، وأعطني جزائي، واجمع بيني وبين أوليائي

(1) مصباح الزائر ص 31.
264

بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، إنك ولي نعمائي ومنتهى
مناي وغاية رجائي في منقلبي ومثواي أنت إلهي وسيدي ومولاي اغفر لأوليائنا
وكف عنا أعداءنا، واشغلهم عن أذانا، واظهر كلمة الحق واجعلها العليا، وادحض
كلمة الباطل واجعلها السفلى، إنك على كل شئ قدير (1).
3 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله في ما ذكر في كتابه الذي
سماه كتاب الجامع روى عن أبي الحسن عليه السلام أنه كان يقول عند قبر أمير المؤمنين
صلوات الله عليه: السلام عليك يا ولي الله أشهد أنك أنت أول مظلوم وأول من غصب
حقه، صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين، واشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد،
عذب الله قاتليك بأنواع العذاب وجدد عليه العذاب، جئتك عارفا بحقك، مستبصرا
بشأنك، معاديا لأعدائك ومن ظلمك، القى على ذلك ربي إنشاء الله يا ولي الله إن
لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي إلى ربك يا مولاي، فان لك عند الله مقاما معلوما، و
إن لك عند الله جاها وشفاعة وقد قال الله تعالى: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى (2).
4 - الكافي: العدة، عن سهل، عن محمد، عمن حدثة، عن أبي الحسن الثالث
عليه السلام مثله (3).
5 وعن محمد بن جعفر الرازي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن بعض أصحابنا
عنه عليه السلام مثله (4).
6 - الكافي: الكليني عمن حدثه، عن ابن أورمة وحدثني أبي، عن ابن أبان
عن ابن أورمه مثله (5).
7 - فرحة الغري: عمي، عن الحسن بن دربي، عن ابن شهرآشوب، عن الشيخ الطوسي
عن المفيد، عن الكليني مثله (6).
بيان: لعل المراد بالشفاعة أولا في قوله فاشفع لي إلى ربك الاستغفار في

(1) كامل الزيارات 39.
(2) كامل الزيارات ص 41
(3) الكافي ج 4 ص 569.
(4) الكافي ج 4 ص 569.
(5) الكافي ج 4 ص 569.
(6) فرحة الغري ص 48.
265

هذه الحالة، وبالشفاعة ثانيا في قوله ولا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة في القيامة
اي ادع لي الآن بالغفران لأصير قابلا لشفاعتك في القيامة، ويحتمل أن يكون
المعنى اشفع لي فان كل منم شفعتم له فهو المرتضى، ويحتمل أن يكون المقصود
الاستشهاد بالقرآن لمجرد وقوع الشفاعة لا لخصوص المشفوع له والله يعلم.
8 - كامل الزيارة: ابن الوليد فيما ذكر من كتابه الجامع، يروي عن أبي الحسن
عليه السلام قال: إذا أردت أن تودع قبر أمير المؤمنين فقل: السلام عليك ورحمة
الله وبركاته، أستودعك الله واسترعيك واقرء عليك السلام، آمنا بالله وبالرسل و
بما جاءت به ودعت إليه ودلت عليه فاكتبنا مع الشاهدين، اللهم لا تجعله آخر
العهد من زيارتي إياه، فان توفيتني قبل ذلك فاني أشهد مع الشاهدين في مماتي
على ما شهدت عليه في حياتي، أشهد أنكم الأئمة وتسميهم واحدا بعد واحد
وأشهد أن من قتلهم وحاربهم مشركون ومن رد علمهم ورد عليهم في أسفل درك من
الجحيم، وأشهد أن من حاربهم لنا أعداء ونحن منهم برآء، وأنهم حزب الشيطان
وعلى من قتلهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن شرك فيهم ومن سره
قتلهم، اللهم إني أسئلك بعد الصلاة والتسليم أن تصلي على محمد وآل محمد وتسميهم
ولا تجعله آخر العهد من زيارته فان جعلته فاحشرني مع هؤلاء المسمين الأئمة
اللهم وذلل قلوبنا لهم بالطاعة والمناصحة والمحبة وحسن الموازرة والتسليم (1).
بيان: قوله عليه السلام: وأسترعيك يقال: استرعاه إياهم استحفظه ذكره
الفيروزآبادي (2).
9 - فرحة الغري: ابن أبي قرة عن محمد بن عبد الله، عن إسحاق بن محمد بن مروان
عن أبيه، عن علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: كان أبي علي بن الحسين عليه السلام قد اتخذ منزله من بعد مقتل أبيه
الحسين بن علي عليه السلام بيتا من شعر وأقام بالبادية فلبث بها عدة سنين كراهية
لمخالطة الناس وملابستهم، وكان يصير من البادية بمقامه بها إلى العراق زائرا

(1) كامل الزيارات ص 46.
(2) القاموس ج 4 ص 335.
266

لأبيه وجده عليهما السلام ولا يشعر بذلك من فعله قال محمد بن علي: فخرج سلام الله عليه
متوجها إلى العراق لزيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأنا معه وليس معنا ذو
روح إلا الناقتين، فلما انتهى إلى النجف من بلاد الكوفة وصار إلى مكان منه فبكى
حتى اخضلت لحيته بدموعه وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته اشهد أنك جاهدت يا أمير المؤمنين في
الله حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنن نبيه صلى الله عليه وآله حتى دعاك الله إلى
جواره، فقبضك إليه باختياره، لك كريم ثوابه، وألزم أعداءك الحجة مع مالك
من الحجج البالغة على عباده، اللهم صل على محمد وآله واجعل نفسي مطمئنة بقدرك
راضية بقضائك، مولعة بذكرك ودعائك، محبة لصفوة أوليائك، محبوبة في أرضك
وسمائك، صابرة عند نزول بلائك، شاكرة لفواضل نعمائك، ذاكرة لسابغ آلائك
مشتاقة إلى فرحة لقائك، متزودة التقوى ليوم جزائك، مستنة بسنن أوليائك
مفارقة لأخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك.
ثم وضع خده على قبره وقال: اللهم إن قلوب المخبتين إليك والهة، و
سبل الراغبين إليك شارعة، وأعلام القاصدين إليك واضحة، وأفئدة الوافدين
إليك فازعة، وأصوات الداعين إليك صاعدة، وأبواب الإجابة له مفتحة، ودعوة
من ناجاك مستجابة، وتوبة من أناب إليك مقبولة، وعبرة من بكى من خوفك
مرحومة، والإغاثة لمن استغاث بك موجودة. والإعانة لمن استعان بك مبذولة، و
عداتك لعبادك منجزة، وزلل من استقالك مقالة، وأعمال العاملين لديك محفوظة
وأرزاق الخلائق من لدنك نازلة، وعوائد المزيد متواترة، وجوائز المستطعمين
معدة، ومناهل الظماء مترعة، اللهم فاستجب دعائي واقبل ثنائي واجمع بيني
وبين أوليائي وأحبائي بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين آبائي إنك
ولي نعمائي ومنتهى مناي وغاية رجائي في منقلبي ومثواي.
قال جابر: قال الباقر عليه السلام: ما قال هذا الكلام ولا دعا به أحد من شيعتنا
عند قبر أمير المؤمنين أو عند قبر أحد من الأئمة عليهم السلام إلا رفع دعاؤه في درج من
267

نور وطبع عليه بخاتم محمد صلى الله عليه وآله وكان محفوظا كذلك حتى يسلم إلى قائم آل محمد
عليهم السلام فيلقى صاحبه بالبشرى والتحية والكرامة انشاء الله تعالى.
10 قال جابر: حدثت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام وقال لي: زد فيه إذا
ودعت أحدا من الأئمة عليهم السلام فقل: السلام عليك أيها الامام ورحمة الله وبركاته
أستودعك الله وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، آمنا بالرسول وبما جئتم به
ودعوتم إليه، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي وليك، اللهم لا تحرمني ثواب
مزاره الذي أوجبت له، ويسر لنا العود إليه إنشاء الله تعالى (1).
قلت: يوم الغدير يختص بيومه زيادات في كتاب المسرة من كتاب مزار ابن
أبي قرة وهي زيارات يوم الغدير رويناها عن جماعة إليه رحمه الله قال: أخبرنا
محمد بن عبد الله وذكر نحوه.
ثم قال: وقد زاره مولانا الصادق عليه السلام بنحو هذه الألفاظ من الزيارة
تركنا ذكرها خوفا من الإطالة.
أقول: وروى جدي أبو جعفر الطوسي هذه الزيارة ليوم الغدير عن جابر
الجعفي، عن الباقر عليه السلام إن مولانا علي بن الحسين عليه السلام زار بها وفي ألفاظها خلاف
ولم يذكر فيها وداعا انتهى كلام السيد.
وأقول: إنما أوردتها ههنا لأنه ليس في لفظ الخبر ما يدل على الاختصاص بيوم.
11 - فرحة الغري: الوزير السعيد نصير الملة والدين، عن والده، عن السيد فضل
الله العلوي، عن ذي الفقار بن معبد، عن الطوسي، عن المفيد، عن محمد بن أحمد
ابن داود، عن محمد بن علي بن الفضل، عن محمد بن روح القزويني، عن أبي القاسم
النقاش، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن جابر الجعفي قال: قال
أبو جعفر عليه السلام مضى أبي إلى قبر أمير المؤمنين بالمجاز وهو من ناحية الكوفة فوقف
عليه ثم بكى وقال: السلام عليك، وساق الحديث إلى قوله: فيتلقى صاحبه بالبشرى
والتحية والكرامة إنشاء الله تعالى (2).

(1) فرحه الغري ص 14.
(2) نفس المصدر ص 13.
268

بيان: إنما كررنا تلك الزيارة لاختلاف ألفاظها وكونها من أصح الزيارات
سندا وأعمها موردا قوله عليه السلام: " وألزم أعداءك الحجة " اي بقتلهم إياك كما
صرح به في الرواية السابقة قوله: " مولعة " على بناء المفعول اي حريصة " والمخبت "
الخاشع المتواضع " والاعلام " جمع العلم وهو ما ينصب في الطريق ليهتدي به السالكون
قوله " فازعة " أي خائفة، والعوائد: جمع العائدة وهي المعروف والصلة والمنفعة
أي المنافع والعطايا التي تزيد يوما فيوما، أو العواطف التي توجب مزيد المثوبات
والنعم و " المنهل " المشرب الذي ترده الشاربة قوله: " مترعة " على بناء اسم
المفعول من باب الافعال أو على بناء اسم الفاعل من باب الافتعال يقال: أترعه اي ملاه
واترع كافتعل امتلأ " والدرج " بالفتح الذي يكتب فيه قوله: " فيتلقى " اي
الدرج ويحتمل القائم عليه السلام على بعد قوله عليه السلام ": ثواب مزاره " مصدر ميمي أي
ثواب زيارته.
12 - فرحة الغري: الوزير السعيد نصير الدين الطوسي، عن والده، عن فضل الله
الراوندي، عن ذي الفقار بن معبد، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن أحمد
ابن داود، عن علي بن محمد بن الفضيل، عن محمد بن محمد، عن علي بن محمد بن رياح
عن عبيد الله بن نهيك، عن عبيس بن هشام، عن صالح بن سعيد، عن يونس بن
ظبيان قال: أتيت أبا عبد الله عليه السلام حين قدم الحيرة وذكر حديثا حدثناه إلا
أنه سار معه حتى أتينا إلى المكان الذي أراد فقال: يا يونس اقرن دابتك
فقرنت بينهما.
ثم رفع يده فدعا دعاءا خفيا لا أفهمه، ثم استفتح الصلاة فقرأ فيها سورتين
خفيفتين يجهر فيهما وفعلت كما فعل ثم دعا ففهمته وعلمنيه وقال: يا يونس أتدري
اي مكان هذا؟ قلت: جعلت فداك لا والله ولكني أعلم أني في الصحراء قال: هذا
قبر أمير المؤمنين عليه السلام يلتقي هو ورسول الله صلى الله عليه وآله إلى يوم القيامة.
(الدعاء) اللهم لا بد من أمرك، ولا بد من قدرك، ولا بد من قضائك، و
لا حول ولا قوة إلا بك، اللهم فما قضيت علينا من قضاء، وقدرت علينا من قدر
269

فأعطنا معه صبرا يقهره ويدمغه، واجعله لنا صاعدا في رضوانك ينمى في حسناتنا و
تفضيلنا وسؤددنا وشرفنا ومجدنا ونعمائنا وكرامتنا في الدنيا والآخرة ولا تنقص
من حسناتنا، اللهم وما أعطيتنا من عطاء أو فضلتنا به من فضيلة أو أكرمتنا به من
كرامة فأعطنا معه شكرا يقهره ويدمغه، واجعله لنا صاعدا في رضوانك وحسناتنا
وسؤددنا وشرفنا ونعمائك وكرامتك في الدنيا والآخرة، ولا تجعله لنا أشرا ولا
بطرا ولا فتنة ولا مقتا ولا عذابا ولا خزيا في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نعوذ بك
من عثرة اللسان، وسوء المقام، وخفة الميزان، اللهم لقنا حسناتنا في الممات، و
لا ترنا أعمالنا علينا حسرات، ولا تخزنا عند قضائك، ولا تفضحنا بسيئاتنا يوم نلقاك
واجعل قلوبنا تذكرك ولا تنساك وتخشاك كأنها تراك حتى تلقاك، وبدل
سيئاتنا حسنات واجعل حسناتنا درجات واجعل درجاتنا غرفات واجعل غرفاتنا عاليات
اللهم أوسع لفقرنا من سعة ما قضيت على نفسك، اللهم صل على محمد وآل محمد و
من علينا بالهدى ما أبقيتنا والكرامة إذا توفيتنا به، والحفظ فيما بقي من عمرنا
والبركة فيما رزقتنا، والعون على ما حملتنا، والثبات على ما طوقتنا، ولا تؤاخذنا
بظلمنا ولا تعاقبنا بجهلنا، ولا تستدرجنا بخطيئتنا، واجعل أحسن ما نقول ثابتا في
قلوبنا، واجعلنا عظماء عندك أذلة في أنفسنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما نافعا
أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع وصلاة لا تقبل، أجرنا من سوء الفتن
يا ولي الدنيا والآخرة، نقلته من خط الطوسي من التهذيب.
13 قال: محمد بن أحمد بن داود أخبرنا الحسن بن محمد بن علان، عن حميد
ابن زياد، عن القاسم بن إسماعيل، عن عبيس بن هشام، عن صالح القماط، عن
يونس بن ظبيان مثله (1).
بيان: في النسخ التي عندنا من التهذيب: يلتقي هو ورسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة
فالمعنى أنه وإن فرق بين قبريهما لكنهما في القيامة لا يفترقان، وما في هذه النسخة
أظهر والمعنى أنهما وإن افترقا ظاهرا لكنهما ليسا بمفترقين بل يلتقيان في البرزخ

(1) فرحة الغري ص 25 وأخرجه الشيخ الطوسي في التهذيب ج 6 ص 35،
270

إلى يوم القيامة بأرواحهما ثم في القيامة يلتقيان بأجسادهما (1).
وقال الفيروزآبادي: دمغه كمنعه ونصره: شجه حتى بلغت الشجة
الدماغ وفلانا ضرب دماغه، والسؤدد بالهمز كقنفذ السيادة، والأشر محركة
شدة البطر والبطر النشاط، وقلة احتمال النعمة والطغيان بها، والحاصل:
أن وفور النعمة غالبا يستلزم الطغيان فأعطنا معها شكرا يدفع ذلك ويقهره
قوله عليه السلام: " ولا تخزنا عند قضائك " اي حكمك علينا في القيامة أي فيما تقضي و
تقدر لنا في الدنيا والآخرة اي عند الموت الذي قضيته علينا.
ثم اعلم: أنه ذكر الشيخ المفيد والسيد بن طاوس هذا الدعاء بعد زيارة
صفوان وقالا: كلما صليت صلاة فرضا كانت أو نفلا مدة مقامك بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام
فادع بهذا الدعاء.
14 - فرحة الغري: والدي، عن محمد بن نما، عن محمد بن إدريس، عن عربي بن مسافر
عن الياس بن هشام، عن ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد، عن محمد بن أحمد
ابن داود، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي
البزار، عن ذبيان بن حكيم، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا أردت زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام فتوضأ واغتسل وامش على هنيئتك وقل:
الحمد لله الذي أكرمني بمعرفته ومعرفة رسوله صلى الله، ومن فرض طاعته رحمة
منه لي وتطولا منه علي بالايمان، الحمد لله الذي سيرني في بلاده وحملني على
دوابه وطوى لي البعيد ودفع عني المكروه حتى أدخلني حرم أخي رسوله فأرانيه
في عافية، الحمد لله الذي جعلني من زوار قبر وصي رسوله، الحمد لله الذي هدانا
لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق من عنده، وأشهد أن عليا عبد الله و
أخو رسوله عليهم السلام، اللهم عبدك وزائرك يتقرب إليك بزيارة قبر أخي رسولك، و
على كل مأتي حق لمن أتاه وزاره، وأنت خير مأتي وأكرم مزور، فأسئلك يا

(1) القاموس ج 3 ص 105.
271

الله يا رحمن يا رحيم يا جواد يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد من لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد أن تصلي على محمد وأهل بيته، وأن تجعل تحفتك إياي
من زيارتي في موقفي هذا فكاك رقبتي من النار، واجعلني ممن يسارع في الخيرات
ويدعوك رغبا ورهبا، واجعلني لك من الخاشعين، اللهم إنك بشرتني على لسان
نبيك محمد صلى الله عليه وآله فقلت: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم، اللهم
فاني بك مؤمن وبجميع أنبيائك فلا توقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني به على
رؤوس الخلائق بل أوقفني معهم وتوفني على التصديق بهم فإنهم عبيدك وأنت
خصصتهم بكرامتك وأمرتني باتباعهم.
ثم تدنو من القبر وتقول: السلام من الله والسلام على محمد أمين الله على
رسالاته وعزائم أمره ومعدن الوحي والتنزيل الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل
والمهيمن على ذلك كله والشاهد على الخلق السراج المنير، والسلام عليه
ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وأهل بيته المظلومين، أفضل وأكمل
وأرفع وأنفع وأشرف ما صليت على أنبيائك وأصفيائك، اللهم صل على أمير المؤمنين
عبدك وخير خلقك بعد نبيك وأخي رسولك ووصي رسولك الذي بعثته بعلمك
وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك، والدليل على من بعثته برسالاتك، وديان
الدين بعد لك، وفصل قضائك من خلقك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
اللهم صل على الأئمة من ولده القوامين بأمرك من بعده، المطهرين الذين
ارتضيتهم أنصارا لدينك وأعلاما لعبادك، وشهداء على خلقك وحفظة لسرك
وتصلي عليهم جميعا ما استطعت السلام على الأئمة المستودعين، السلام على
خالصة الله من خلقه، السلام على المؤمنين الذين أقاموا أمرك وآزروا أولياء الله
وخافوا لخوفهم، السلام على ملائكة الله المقربين.
ثم تقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا حبيب حبيب الله
السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله
السلام عليك يا عمود الدين، ووارث علم الأولين والآخرين، وصاحب الميسم و
272

الصراط المستقيم، أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف و
نهيت عن المنكر، واتبعت الرسول وتلوت الكتاب حق تلاوته، ووفيت بعهد الله
وجاهدت في الله حق جهاده، ونصحت لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وجدت بنفسك صابرا
مجاهدا عن دين الله، موقيا لرسول الله طالبا ما عند الله، راغبا فيما وعد الله جل
ذكره من رضوانه، ومضيت للذي كنت عليه شاهدا وشهيدا ومشهودا، فجزاك
الله عن رسوله وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء، لعن الله من قتلك ولعن الله من
تابع على قتلك، ولعن الله من خالفك، ولعن الله من افترى عليك وظلمك، ولعن
الله من غصبك ومن بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ ولعن الله أمة خالفتك
وأمة جحدت ولايتك، وأمة تظاهرت عليك، وأمة قتلتك، وأمة خذلتك وحادت
عنك، الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس ورد الواردين، اللهم العن قتلة
أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك واصلهم حر نارك، اللهم العن الجوابيت و
الطواغيت والفراعنة واللات والعزى والجبت والطاغوت ولك ند يدعى من
دون الله وكل محدث مفتر، اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم ومحبيهم وأولياءهم
وأعوانهم لعنا كثيرا، اللهم العن قتلة أمير المؤمنين ثلاثا اللهم العن قتلة الحسين
ثلاثا اللهم عذبهم عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين، وضاعف عليهم عذابك
بما شاقوا ولاة أمرك، وأعد لهم عذابا أليما لم تحله بأحد من خلقك، اللهم و
ادخل على قتلة أنصار رسولك وقتلة أنصار أمير المؤمنين وعلى قتلة أنصار الحسن و
أنصار الحسين وقتلة من قتل في ولاية آل محمد أجمعين عذابا مضاعفا في أسفل درك
من الجحيم لا تخفف عنهم من عذابها وهم فيه مبلسون ملعونون ناكسوا رؤسهم وقد
عاينوا الندامة والخزي الطويل بقتلهم عترة أنبيائك ورسلك وأتباعهم من عبادك
الصالحين، اللهم العنهم في مستسر السر وظاهر العلانية، في سمائك وارضك
اللهم اجعل لي لسان صدق في أوليائك وحبب إلي مشهدهم ومشاهدهم حتى تلحقني
بهم وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا ارحم الراحمين.
واجلس عند رأسه وقل: سلام الله وسلام ملائكته المقربين والمسلمين لك
273

بقلوبهم والناطقين بفضلك والشاهدين على أنك صادق أمين صديق عليك يا مولاي
صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك، أشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر
مطهر، أشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء واشهد أنك حبيب الله وأنك
باب الله وأنك وجه الله الذي منه يؤتى، وأنك سبيل الله وأنك عبد الله وأخو رسوله
أتيتك وافدا لعظيم حالك ومنزلتك عند الله وعند رسوله، متقربا إلى الله بزيارتك
طالبا خلاص نفسي من النار، متعوذا بك من نار استحققتها بما جنيت على نفسي
أتيتك انقطاعا إليك وإلى ولدك الخلف من بعدك على بركة الحق، فقلبي لكم
مسلم وأمري لكم متبع ونصرتي لكم معدة أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك، الوافد
إليك، التمس بذلك كمال المنزلة عند الله، وأنت ممن أمرني الله بصلته وحثني
على بره، ودلني على فضله وهداني لحبه ورغبني في الوفادة إليه والهمني طلب
الحوائج عنده، أنتم أهل بيت سعد من تولاكم ولا يخيب من أتاكم، ولا يسعد
من عاداكم، لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا لي منكم أنتم أهل بيت الرحمة ودعائم
الدين وأركان الأرض والشجرة الطيبة، اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك و
آل رسولك ولا ترد استشفاعي بهم، اللهم إنك مننت علي بزيارة مولاي وولايته ومعرفته
فاجعلني ممن تنصره وممن تنتصر به ومن علي بنصري لدينك في الدنيا والآخرة
اللهم إني أحيى على ما حيي عليه علي بن أبي طالب وأموت على ما مات عليه علي
ابن أبي طالب عليه السلام.
وإذا أردت الوداع فقل: السلام عليك ورحمة الله وبركاته أستودعك الله
واسترعيك (1).
(أقول:) وساق الوداع إلى آخر ما مر برواية ابن قولويه.
بيان: روى الصدوق في الفقيه (2) هذه الزيارة بغير اسناد وقال بعد
تمام الوداع بقوله وحسن المؤازرة والتسليم: وسبح تسبيح الزهراء فاطمة عليها السلام
وهو: سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذي العز الشامخ المنيف، سبحان

(1) فرحة الغري ص 32.
(2) الفقيه ج 2 ص 356352.
274

ذي الملك الفاخر القديم، سبحان ذي البهجة والجمال، سبحان من تردى بالنور
والوقار، سبحان من يرى أثر النمل في الصفا ووقع الطير في الهواء، ورواها الشيخ
رحمه الله في التهذيب (1) بهذا الاسناد إلى قوله على ما مات عليه علي بن أبي
طالب عليه السلام، ثم ذكر زيارتين أخراوين ثم ذكر الوداع مرسلا بلا سند (2) و
قال ابن قولويه في كامل الزيارة (3) بعد إيراد الزيارة المختصرة التي أخرجها
من جامع ابن الوليد وأوردناه سابقا: وتقول عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام هذا أيضا:
الحمد لله الذي أكرمني بمعرفته إلى آخر الزيارة، والظاهر أنه أخرجها أيضا
من جامع ابن الوليد، ثم روى الوداع من كتاب ابن الوليد كما مر، ولكن كان
في رواية الصدوق وابن قولويه زيادة لم تكن في رواية الشيخ أضفناها في تلك الرواية
وهي قوله: اللهم عبدك وزائرك إلى قوله وأمرتني باتباعهم، ثم اعلم: أنا
وجدنا في نسخ فرحة الغري بعد إتمام الزيارة ما هذا لفظه:
أقول: إني كتبت هذه الزيارة من كتاب محمد بن أمد بن داود من النسخة
التي قوبلت بالنسخة التي قوبلت بالنسخة التي عليها خط المصنف، وكتب السيد
من التهذيب من خط الطوسي وبينهما اختلاف ما ذكرناه في الحاشية انتهى.
أقول: لعل هذا كلام بعض رواة الكتاب ويحتمل أن يكون كلام المؤلف
ويكون مراده بالسيد والده لكنه بعيد ولنوضح بعض ألفاظ الزيارة " قوله عليه السلام "
على هينتك اي على رسلك ذكره الجزري (4) " قوله عليه السلام: " والسلام على محمد
تأكيد للأول والمراد السلام منا وفي بعض النسخ والتسليم والثاني أظهر، و
في بعض نسخ الفقيه السلام من الله، السلام بدون الواو فالثاني مجرور صفة للجلالة
ولعله أصوب من الجميع " قوله عليه السلام: " وعزايم أمره اي الأمور اللازمة من
الواجبات والمحرمات أو جميع الأحكام فان تبليغها كان عليه صلى الله عليه وآله واجبا " قوله: "
الخاتم لما سبق اي لمن سبق من الأنبياء، أو لما سبق من مللهم أو المعارف والاسرار

(1) التهذيب ج 6 ص 2825.
(2) التهذيب ج 6 ص 3028.
(3) كامل الزيارات 4641.
(4) النهاية ج 4 ص 279.
275

والفاتح لما استقبل اي لمن بعده من الحجج عليهم السلام أو لما استقبله من المعارف والعلوم
والحكم " قوله عليه السلام: " والمهيمن على ذلك كله اي الشاهد على الأنبياء والأئمة
صلوات الله عليهم، أو المؤتمن على تلك المعارف والحكم " قوله عليه السلام: " الذي
بعثته يحتمل أن يكون صفة للوصي وللرسول وعلى الثاني فقوله: والدليل مجرور
ليكون معطوفا على قوله وصي رسولك، والأول أظهر وفي الكامل ووصي رسولك
الذي انتجبته من خلقك والدليل، وعلى التقديرين الباء في قوله: بعلمك تحتمل
الملابسة والسببية اي بسبب علمك بأنه لذلك أهل " قوله: " والدليل اي هو
لعلمه وما ظهر منه من المعجزات دليل على حقية الرسول صلى الله عليه وآله أو يدل الناس
على دينه وحكمته " قوله عليه السلام: " وديان الدين بعدلك اي قاضي الدين وحاكمه
الذي تقضي بعدلك، وفصل قضائك اي حكمك الذي جعلته فاصلا بين الحق والباطل
بأن يكون قوله: فصل مجرورا معطوفا على عدلك، ويحتمل حينئذ أن يكون قوله
بين خلقك، متعلقا بالديان أو بالقضاء، ويحتمل أن يكون قوله فصل منصوبا
معطوفا على قوله هاديا، فيحتمل أن يكون الدين بمعنى الجزاء، ويكون المعنى
أنه عليه السلام حاكم يوم الجزاء كما ورد في روايات كثيرة، فالأولى إشارة إلى أنه
الحاكم في القيامة، والثانية إلى أنه القاضي في الدنيا.
قال الجزري في صفة كلامه صلى الله عليه وآله (1): فصل لا نزر ولا هذر اي بين ظاهر
يفصل بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى: " وإنه لقول فصل " اي فاصل
قاطع " قوله: المستودعين " على بناء المفعول اي الذين استودعهم الله حكمته واسراره
" قوله " على خالصة الله، اي الذين خلصوا عن محبة غيره تعالى، أو خلصوا إلى
الله ووصلوا إلى قربه وحجته، أو استخلصهم الله واستخصهم لنفسه " قوله " وآزروا
أولياء الله اي وعاونوهم " قوله عليه السلام: " وصاحب الميسم إشارة إلى ما ورد في الاخبار
أنه عليه السلام الدابة الذي يخرج في آخر الزمان ومعه العصا والميسم يسم بهما وجوه
المؤمنين والكافرين، كما مر في كتاب الغيبة وكتاب أحواله عليه السلام، وفي بعض

(1) النهاية ج 3 ص 228.
276

النسخ كما في التهذيب: صاحب المقام والصراط المستقيم اي هو الذي يلي حساب الخلايق
عند قيامهم في القيامة ويقف على الصراط فينجي أولياءه من النار، أو هو صاحب المقام
العظيم في درجة القرب والكمال وصاحب الصراط الذي من سلك فيه فاز بقرب
ذي الجلال، ويحتمل نصب الصراط " قوله عليه السلام: " موقيا لرسول الله على بناء
التفعيل والتوقية الحفظ والكلاءة، وفي بعض النسخ موقنا بالنون، وفي بعضها
موفيا بالفاء والياء يقال: وفي بالعهد وأوفى به " قوله عليه السلام " ومضيت للذي كنت
عليه في أكثر الكتب شهيدا وشاهدا ومشهودا، وعلى اي حال تحتمل وجوها
" الأول " أن يكون اللام بمعنى في كما في قوله تعالى: " ونضع الموازين القسط
ليوم القيامة " ويقال: مضى بسبيله اي مات والمعنى مضيت في الطريق الذي كنت
عليه من الحق آئلا أمرك إلى الشهادة وعالما بحقية ما كنت عليه، وشاهدا على
ما صدر من الأمة أو منهم ومما مضى من جميع الأنبياء السالفة وأممهم، ومشهودا
يشهد الله ورسوله والملائكة والمؤمنون لك بأنك كنت على الحق وأديت ما
عليك " الثاني " أن يكون اللام بمعنى إلى كما في قوله تعالى " بان ربك أوحى
لها " اي مضيت إلى عالم القدس الذي كنت عليه قبل النزول إلى مطمورة الجسد
شهيدا وشاهدا ومشهودا بالمعاني التي سلفت " الثالث " ان يكون اللام صلة للشهادة
اي مضيت شاهدا لما كنت عليه من الدين شهيدا عالما به ومشهودا بأنك عملت به
" الرابع " أن يكون اللام للتعليل للشهادة بناء على تقديم الشهيد اي إنما قتلوك
وصرت شهيدا لكونك على الحق " الخامس " أن تكون اللام للظرفية وكلمة على
تعليلية أي مضيت في السبيل الذي لأجله صرت قتيلا وشاهدا على الأمة ومشهودا
عليك " السادس " أن تكون اللام ظرفية أيضا ويكون المعنى مضيت في سبيل كنت
متهيئا له موطنا نفسك عليه وهو الموت كما يقال فلان على جناح السفر فيكون
كناية عن كونه صلى الله عليه وآله مستعدا للموت غير راغب عنه والله يعلم.
قوله: فجزاك الله عن رسوله: اي من قبله أو لأجله " قوله عليه السلام: " وخذلت
عنك قال الفيروزآبادي: خذله وعنه خذلا وخذلانا ترك نصرته.
277

أقول: فهذا تأكيد للأول، ويمكن أن يقرأ بالتشديد اي أمر الناس
بخذلانك وعلى التخفيف أيضا يمكن أن يكون بهذا المعنى، وفي الكامل والمصباح
وساير الكتب وأمة حادت عنك وخذلتك وهو الظاهر، والحيد الميل " قوله عليه السلام: "
وبئس ورد الواردين الورد بالكسر الماء الذي ترد عليه، أي بئس محل ورد الواردين
ومحل ورودهم وفي الكامل: وبئس الورد المورود، وبئس ورد الواردين، وبئس
الدرك المدرك فالمورود تأكيد للورد اي المورود عليه، والفقرة الثانية تأكيد للأولى
ودركات النار طبقاتها اي بئس المنزل الذي يدركه الأشقياء منزلهم في جهنم، و
قال: الفيروزآبادي: (1) صلى اللحم يصليه صليا شواه أو. ألقاه في النار للاحراق
كاصلاه وصلاه " قوله " والجبت هو بالكسر الصنم والكاهن والساحر وكل
ما عبد من دون الله والطاغوت الشيطان وكل رئيس في الضلالة وقد يطلق على
الصنم أيضا، والمراد بالجوابيت والطواغيت والفراعنة أولا جميع خلفاء الجور
وباللات والعزى والجبت والطاغوت صنما قريش خصا بالذكر للتأكيد و
التنصيص لشدة شقاوتهما، والند المثل " قوله " وكل محدث اي كل مبتدع في
الدين، وفي بعض الكتب: وكل ملحد مفتر.
وقال الفيروزآبادي (2) المبلس الساكت على ما في نفسه وأبلس يئس و
تحير وقال (3) استسر استتر فقوله: مستسر السر مبالغة في الخفاء كما أن ظاهر
العلانية مبالغة في الظهور، والغرض لعنهم على جميع الأحوال وبجميع أنحاء اللعن
" قوله عليه السلام " واجعل لي لسان صدق في أوليائك اي ذكرا حسنا: ثناء جميلا فيهم
بأن أقول فيهم ما هم أهله من الذكر الجميل أو يكون لي بينهم ذكر حسن والأول
أنسب بالمقام، والثاني أوفق بقوله تعالى: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين "
وقال الفيروزآبادي (4) الصدق بالكسر الشدة وهو رجل صدق وصديق صدق

(1) القاموس ج 4 ص 352.
(2) القاموس ج 2 ص 200.
(3) القاموس ج 2 ص 47.
(4) القاموس ج 3 ص 252.
278

مضافين " ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوء صدق " أنزلناهم منزلا صالحا، " قوله عليه السلام "
على بركة الحق يمكن أن يكون الظرف متعلقا بالخلف اي خليفته على بركات
الحق والدين من الهدايات ورفع الجهالات والشبهات أو على الحق البارك الثابت
من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف أو على نمو الحق وزيادته واستمراره فان
البركة النماء والزيادة والسعادة، ويقال: برك اي ثبت وأقام وأن يكون حالا
عن ولدك، والمعنى قريب مما مر، أو عن فاعل أتيتك اي كائنا على بركة الحق
اي الاهتداء به، ويمكن أن يكون الحق على بعض الوجوه اسما لله تعالى، وفي
كثير من نسخ الكتب على تزكية الحق فالاحتمالات أيضا جارية فيه اي خليفتك
على أن يزكي الحق ويظهره من الباطل والشك والبدع، أو على تزكية الحق
وتنميته وإعلاء أمره أو حال كون الولد أو حال كوني على تزكية الحق ومدحه
والاعتقاد به أو تخليصه وتصفيته أو تنميته وإشادة ذكره، وفي نسخ المصباح و
الكفعمي على الحق فيجري أيضا فيه الاحتمالات، والمراد بالولد الحسين صلوات
الله عليه أو جميع الأئمة الذين دفنوا قريبا منه عليه السلام فان الولد يكون واحدا و
جمعا، وكذا الخلف كما قال صلى الله عليه وآله: يحمل هذا العلم من كل خلف عدول.
15 - فرحة الغري: ذكر محمد بن المشهدي في مزاره ما صورته: حدثنا الحسن بن محمد
عن بعضهم، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن عيسى
عن هشام بن سالم، عن صفوان الجمال قال: لما وافيت مع جعفر الصادق عليه السلام
الكوفة يريد أبا جعفر المنصور قال لي: يا صفوان أنخ الراحلة فهذا قبر جدي
أمير المؤمنين فأنختها، ثم نزل فاغتسل وغير ثوبه وتحفى، وقال لي: افعل مثل
ما افعله، ثم أخذ نحو الذكوة، وقال لي: قصر خطاك والق ذقنك الأرض
فإنه يكتب لك بكل خطوة مائة ألف حسنة، ويمحى عنك مائة ألف سيئة، وترفع
لك مائة الف درجة، وتقضى لك مائة ألف حاجة، ويكتب لك ثواب كل صديق
وشهيد مات أو قتل، ثم مشى ومشيت معه وعلينا السكينة والوقار نسبح ونقدس
ونهلل إلى أن بلغنا الذكوات، فوقف عليه السلام ونظر يمنة ويسرة وخط بعكازته
279

فقال لي: اطلب فطلبت فإذا أثر القبر، ثم ارسل دموعه على خده وقال: إنا لله وإنا
إليه راجعون وقال: السلام عليك أيها الوصي البر التقي، السلام عليك أيها
النباء العظيم، السلام عليك أيها الصديق الرشيد، السلام عليك أيها البر الزكي
السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين، السلام عليك يا خيرة الله على الخلق
أجمعين، اشهد أنك حبيب الله وخاصته وخالصته، السلام عليك يا ولي الله وموضع
سره وعيبة علمه وخازن وحيه.
ثم انكب على قبره وقال: بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين، بأبي أنت
وأمي يا حجة الخصام، بأبي أنت وأمي يا باب المقام، بأبي أنت وأمي يا نور الله
التام، أشهد أنك قد بلغت عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وآله ما حملت ورعيت
ما استحفظت، وحفظت ما استودعت وحللت حلال الله وحرمت حرام الله وأقمت
أحكام الله ولم تتعد حدود الله، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين صلى الله عليك
وعلى الأئمة من بعدك. ثم قام فصلى عند الرأس ركعات وقال: يا صفوان من
زار أمير المؤمنين عليه السلام بهذه الزيارة وصلى بهذه الصلاة رجع إلى أهله
مغفورا ذنبه مشكورا سعيه ويكتب له ثواب كل من زاره من الملائكة، قلت: ثواب
كل من يزوره من الملائكة؟ قال: يزوره في كل ليلة سبعون قبيلة، قلت: كم
القبيلة؟ قال: مائة الف، ثم خرج من عنده القهقرى وهو يقول: يا جداه يا
سيداه يا طيباه يا طاهراه لا جعله الله آخر العهد منك ورزقني العود إليك والمقام
في حرمك والكون معك ومع الأبرار من ولدك صلى الله عليك وعلى الملائكة
المحدقين بك، قلت: يا سيدي تأذن لي أن أخبر أصحابنا من أهل الكوفة به؟ فقال:
نعم وأعطاني دراهم وأصلحت القبر (1).
ايضاح: " قوله عليه: " يا باب المقام اي إتيان مقام إبراهيم لحج البيت
واعتماره لا يقبل إلا بولايتك، فمن لم يأته بولايتك فكأنما أتى البيت من غير بابه

(1) فرحة الغري ص 40 والمزار الكبير ص 7675.
280

أو باب القيام عند رب العالمين للحساب، كناية عن أن إياب الخلق إليه وحسابهم
عليه، فكما أنه لا يدخل البيت إلا بعد المرور على الباب، كذلك لا يأتي أحد ليقوم
للحساب إلا بعد أن يلقاه صلوات الله عليه بما هو أهله من البشارة أو الاكتياب " قوله
عليه السلام: " المحدقين بك اي المطيفين بك.
أقول: روى مؤلف المزار الكبير هذه الزيارة بهذا اللفظ ويظهر منه أن
مؤلفه هو محمد بن المشهدي.
16 - فرحة الغري: أبو القاسم بن سعيد، عن شمس الدين فخار الموسوي، عن شاذان
ابن جبرئيل، عن محمد بن القاسم، عن الحسن، عن أبيه محمد بن الحسن، عن المفيد
عن الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
صفوان، عن الصادق عليه السلام قال: سار وأنا معه في القادسية حتى أشرف على النجف
فقال: هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح عليه السلام فقال: " سآوي إلى جبل
يعصمني من الماء " فأوحى الله عز وجل إليه أيعتصم بك مني أحد؟ فغار في الأرض
وتقطع إلى الشام فقال عليه السلام: اعدل بنا فعدلت به فلم يزل سايرا حتى أتى الغري
فوقف على القبر فساق السلام من آدم على نبي نبي عليه السلام وأنا أسوق السلام معه
حتى وصل السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله، ثم خر على القبر فسلم عليه وعلا نحيبه ثم
قام فصلى أربع ركعات.
17 وفي خبر آخر ست ركعات وصليت معه وقلت: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله
ما هذا القبر؟ قال: هذا قبر جدي علي بن أبي طالب عليه السلام (1).
18 زيارة أخرى رواها المفيد والسيد والشهيد (2) وغيرهم رضي الله
عنهم عن صفوان واللفظ للمفيد قال: سألت الصادق عليه السلام، فقلت: كيف تزور
أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: يا صفوان إذا أردت ذلك فاغتسل والبس ثوبين طاهرين
ونل شيئا من الطيب وإن لم تنل أجزاك، فإذا خرجت من منزلك فقل: اللهم إني
خرجت من منزلي ابغي فضلك وأزور وصي نبيك صلواتك عليهما، اللهم فيسر

(1) فرحة الغري ص 42.
(2) مزار الشهيد ص 9 - 16.
281

ذلك لي وسبب المزار له واخلفني في عاقبتي وحزانتي بأحسن الخلافة يا ارحم
الراحمين.
فسر وأنت تحمد الله وتسبحه وتهلله فإذا بلغت الخندق فقف عنده وقل:
الله أكبر الله أكبر أهل الكبرياء والمجد والعظمة، الله أكبر أهل التكبير والتقديس
والتسبيح والآلاء، الله أكبر مما أخاف وأحذر، الله أكبر عمادي وعليه أتوكل
الله أكبر رجائي وإليه أنيب، اللهم أنت ولي نعمتي، والقادر على طلبتي، تعلم
حاجتي وما تضمره هواجس الصدور وخواطر النفوس فأسئلك بمحمد المصطفى الذي
قطعت به حجج المحتجين وعذر المعتذرين، وجعلته رحمة للعالمين أن لا تحرمني
زيارة وليك وأخي نبيك أمير المؤمنين وقصده وتجعلني من وفده الصالحين وشيعته
المتقين برحمتك يا ارحم الراحمين.
فإذا تراءت لك القبة الشريفة فقل: الحمد لله على ما اختصني به من طيب
المولد واستخلصني إكراما به من موالاة الأبرار، السفرة الأطهار والخيرة الاعلام
اللهم فتقبل سعيي إليك، وتضرعي بين يديك، واغفر لي الذنوب التي لا تخفى عليك
إنك أنت الله الملك الغفار.
فإذا نزلت الثوية وهي الآن تل بقرب الحنانة عن يسار الطريق لمن يقصد من
الكوفة إلى المشهد فصل عندها ركعتين لما روي أن جماعة من خواص مولانا أمير
المؤمنين صلوات الله عليه وآله دفنوا هناك وقل ما تقول عند رؤيا القبة الشريفة.
فإذا بلغت العلم وهي الحنانة فصل هناك ركعتين فقد روى محمد بن أبي عمير
عن المفضل بن عمر قال: جاز الصادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغري فصلى
ركعتين، فقيل له: ما هذه الصلاة؟ فقال: هذا موضع رأس جدي الحسين بن علي عليه السلام
وضعوه هاهنا لما توجهوا من كربلاء ثم حملوه إلى عبيد الله بن زياد لعنه الله فقل
هناك: اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي ولا يخفي عليك شئ من أمري وكيف
يخفى عليك ما أنت مكونه وبارئه، وقد جئتك مستشفعا بنبيك نبي الرحمة ومتوسلا
بوصي رسولك فأسئلك بهما ثبات القدم والهدى والمغفرة في الدنيا والآخرة.
282

أقول: إن زار الحسين عليه السلام في الحنانة بما سنرويه عن محمد بن المشهدي
بعد ايراد ما ذكروه وصلى عندها أربع ركعات كما فعله الصادق عليه السلام
كان حسنا.
ثم قالوا: فإذا بلغت إلى باب الحصن فقل: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما
كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي صيرني في بلاده وحملني على
دوابه وطوى لي البعيد وصرف عني المحذور ودفع عني المكروه حتى أقدمني أخا
رسوله صلى الله عليه وآله.
ثم ادخل وقل: الحمد لله الذي أدخلني هذه البقعة المباركة التي بارك الله
فيها واختارها لوصي نبيه، اللهم فاجعلها شاهدة لي، فإذا بلغت إلى الباب الأول
فقل: اللهم لبابك وقفت، وبفنائك نزلت، وبحبلك اعتصمت، وبرحمتك تعرضت
وبوليك صلواتك عليه توسلت، فاجعلها زيارة مقبولة ودعاء مستجابا.
فإذا بلغت باب الصحن فقل: اللهم إن هذا الحرم حرمك، والمقام مقامك
وأنا أدخل إليه أناجيك بما أنت أعلم به مني ومن سري ونجواي، الحمد لله الحنان
المنان المتطول الذي من تطوله سهل لي زيارة مولاي باحسانه، ولم يجعلني عن
زيارته ممنوعا، ولا عن ولايته مدفوعا بل تطول ومنح، اللهم كما مننت علي بمعرفته
فاجعلني من شيعته وأدخلني الجنة بشفاعته يا ارحم الراحمين.
ثم ادخل الصحن وقل: الحمد الله الذي أكرمني بمعرفته ومعرفة رسوله
ومن فرض علي طاعته رحمة منه لي وتطولا منه علي، ومن علي بالايمان، الحمد
لله الذي أدخلني حرم أخي رسوله وأرانيه في عافية، الحمد لله الذي جعلني من زوار
قبر وصي رسوله، اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله جاء بالحق من عند الله، وأشهد أن عليا عبد الله وأخو رسول الله، الله أكبر
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله على هدايته وتوفيقه لما
دعا إليه من سبيله اللهم إنك أفضل مقصود وأكرم مأتي وقد أتيتك متقربا إليك
بنبيك نبي الرحمة وبأخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فصل على محمد
283

وآل محمد ولا تخيب سعيي وانظر إلي نظرة رحيمة تنعشني بها واجعلني عندك وجيها في
الدنيا والآخرة ومن المقربين.
ثم امش حتى تقف على الباب في الصحن وقل: السلام على رسول الله أمين
الله على وحيه وعزائم أمره الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك
كله ورحمة الله وبركاته، السلام على صاحب السكينة، السلام على المدفون
بالمدينة، السلام على المنصور المؤيد، السلام على أبي القاسم محمد بن عبد الله ورحمة
الله وبركاته.
ثم ادخل وقدم رجلك اليمنى قبل اليسرى وقف على باب القبة وقل: اشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله جاء بالحق من
عنده وصدق المرسلين، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله،
وخيرته من خلقه، السلام على أمير المؤمنين عبد الله وأخي رسول الله، يا مولاي يا
أمير المؤمنين عبدك وابن عبدك وابن أمتك، جاءك مستجيرا بذمتك، قاصدا إلى
حرمك، متوجها إلى مقامك، متوسلا إلى الله تعالى بك، أأدخل يا مولاي،
أأدخل يا أمير المؤمنين، أأدخل يا حجة الله، أأدخل يا أمين الله، أأدخل يا ملائكة
الله المقيمين في هذا المشهد، يا مولاي أتأذن لي بالدخول أفضل ما أذنت لاحد من
أوليائك، فإن لم أكن له أهلا فأنت أهل لذلك.
ثم قبل العتبة وقدم رجلك اليمنى قبل اليسرى وادخل وأنت تقول: بسم الله
وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنك
أنت التواب الرحيم (1).
ثم امش حتى تحاذي القبر واستقبله بوجهك وقف قبل وصولك إليه وقل:
السلام من الله على محمد رسول الله أمين الله على وحيه ورسالاته وعزائم أمره ومعدن
الوحي والتنزيل الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله الشاهد
على الخلق السراج المنير، السلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد

(1) مصباح الزائر ص 6260.
284

وأهل بيته المظلومين أفضل وأكمل وأربع وأشرف ما صليت على أحد من أنبيائك
ورسلك وأصفيائك، اللهم صل على أمير المؤمنين عبدك وخير خلقك بعد نبيك و
أخي رسولك ووصي حبيبك الذي انتجبته من خلقك والدليل على من بعثته برسالاتك
وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك والسلام عليه ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على الأئمة من ولده القوامين بأمرك من بعده، والمطهرين الذين ارتضيتهم
أنصار لدينك وحفظة لسرك وشهداء على خلقك وأعلاما لعبادك صلوات الله عليهم أجمعين
السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وصي رسول الله وخليفته والقائم
بأمره من بعده سيد الوصيين ورحمة الله وبركاته، السلام على فاطمة بنت رسول
الله سيدة نساء العالمين، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة
من الخلق أجمعين، السلام على الأئمة الراشدين، السلام على الأنبياء والمرسلين
السلام على الأئمة المستودعين، السلام على خاصة الله من خلقه، السلام على
المتوسمين، السلام على المؤمنين الذين قاموا بأمره ووازروا أولياء الله وخافوا بخوفهم
السلام على الملائكة المقربين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
ثم امش حتى تقف على القبر واستقبله بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك
وقل: السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا
صفوة الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا
إمام الهدى، السلام عليك يا علم التقى، السلام عليك أيها الوصي البر التقى
النقي الوفي، السلام عليك يا أبا الحسن والحسين، السلام عليك يا عمود الدين،
السلام عليك يا سيد الوصيين، وأمين رب العالمين، وديان يوم الدين
وخير المؤمنين وسيد الصديقين، والصفوة من سلالة النبيين، وباب حكمة رب
العالمين، وخازن وحيه، وعيبة علمه، والناصح لامة نبيه، والتالي لرسوله، والمواسي
له بنفسه، والناطق بحجته، والداعي إلى شريعته، والماضي على سنته، اللهم
إني اشهد أنه قد بلغ عن رسولك ما حمل، ورعى ما استحفظ، وحفظ ما استودع
وحلل حلالك وحرم حرامك، وأقام أحكامك، وجاهد الناكثين في سبيلك، و
285

القاسطين في حكمك، والمارقين عن أمرك، صابرا محتسبا لا تأخذه في الله لومة لائم
اللهم صل عليه أفضل ما صليت على أحد من أوليائك وأصفيائك وأوصياء
أنبيائك، اللهم هذا قبر وليك الذي فرضت طاعته، وجعلت في أعناق عبادك متابعته
وخليفتك الذي به تأخذ وتعطي، وبه تثيب وتعاقب، وقد قصدته طمعا لما أعددته
لأوليائك، فبعظيم قدره عندك وجليل خطره لديك وقرب منزلته منك صل على محمد
وآل محمد وافعل بي ما أنت أهله، فإنك أهل الكرم والجود، والسلام عليك وعلى
ضجيعيك آدم ونوح ورحمة الله وبركاته.
ثم قبل الضريح وقف مما يلي الرأس وقل: يا مولاي إليك وفودي، وبك
أتوسل إلى ربي في بلوغ مقصودي، وأشهد أن المتوسل بك غير خائب، والطالب
بك عن معرفة غير مردود، إلا بقضاء حوائجه فكن لي شفيعا إلى الله ربك وربي
في قضاء حوائجي وتيسير أموري وكشف شدتي وغفران ذنبي وسعة رزقي، وتطويل
عمري، وإعطاء سؤلي في آخرتي ودنياي، اللهم العن قتلة أمير المؤمنين، اللهم
العن قتلة الحسن والحسين، اللهم العن قتلة الأئمة وعذبهم عذابا أليما لا تعذبه
أحدا من العالمين، عذابا كثيرا لا انقطاع له ولا أجل ولا أمد بما شاقوا ولاة
أمرك، وأعد لهم عذابا لم تحله بأحد من خلقك، اللهم وادخل على قتلة أنصار
رسولك وعلى قتله أمير المؤمنين، وعلى قتلة الحسن والحسين، وعلى قتلة
أنصار الحسن والحسين، وقتله من قتل في ولاية آل محمد أجمعين عذابا أليما مضاعفا في
أسفل درك من الجحيم ولا يخفف عنهم العذاب وهم فيه مبلسون ملعونون ناكسوا
رؤسهم عند ربهم قد عاينوا الندامة والخزي الطويل لقتلهم عترة أنبيائك ورسلك
وأتباعهم من عبادك الصالحين، اللهم العنهم في مستسر السر وظاهر العلانية في ارضك
وسمائك، اللهم اجعل لي قدم صدق في أوليائك وحبب إلى مشاهدهم ومستقرهم
حتى تلحقني بهم وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.
ثم قبل الضريح واستقبل قبر الحسين بن علي عليهما السلام بوجهك واجعل القبلة بين
كتفيك وقل: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك
286

يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام
عليك يا أبا الأئمة الهادين المهديين، السلام عليك يا صريع الدمعة الساكبة
السلام عليك يا صاحب المصيبة الراتبة، السلام عليك وعلى جدك وأبيك،
السلام عليك وعلى أمك وأخيك، السلام عليك وعلى الأئمة من ذريتك وبنيك
أشهد أنك لقد طيب الله بك التراب، وأوضح بك الكتاب وجعلك وأباك وجدك وأخاك
وبنيك عبرة لأولي الألباب، يا ابن الميامين الأطياب، التالين الكتاب، وجهت سلامي
إليك، صلوات الله وسلامه عليك، وجعل أفئدة من الناس تهوي إليك ما خاب من
تمسك بك ولجأ إليك.
ثم تحول إلى عند الرجلين وقل: السلام على أبي الأئمة، وخليل النبوة
والمخصوص بالاخوة، السلام على يعسوب الدين والايمان، وكلمة الرحمن
السلام على ميزان الأعمال ومقلب الأحوال وسيف ذي الجلال وساقي السلسبيل
الزلال، السلام على صالح المؤمنين، ووارث علم النبيين، والحاكم يوم الدين
السلام على شجرة التقوى، وسامع السر والنجوى، السلام على حجة الله البالغة
ونعمته السابغة، ونقمته الدامغة، السلام على الصراط الواضح والنجم اللائح، و
الامام الناصح، والزناد القادح. ورحمة الله وبركاته.
ثم قل: اللهم صل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أخي نبيك و
وليه وناصره ووصيه ووزيره، ومستودع علمه، وموضع سره، وباب حكمته، و
الناطق بحجته، والداعي إلى شريعته، وخليفته في أمته، ومفرج الكرب عن
وجهه، قاصم الكفرة، ومرغم الفجرة، الذي جعلته من نبيك بمنزلة هارون من
موسى، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من
خذله، والعن من نصب له العداوة من الأولين والآخرين، وصل عليه أفضل ما
صليت على أحد من أوصياء أنبيائك يا رب العالمين.
ثم عد إلى عند الرأس لزيارة آدم ونوح وقل في زيارة آدم عليه السلام: السلام
عليك يا صفي الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام
287

عليك يا أمين الله، السلام عليك يا خليفة الله في ارضه، السلام عليك يا أبا البشر
السلام عليك وعلى روحك وبدنك وعلى الطاهرين من ولدك وذريتك صلاة لا
يحصيها إلا هو ورحمة الله وبركاته (1).
وقل في زيارة نوح عليه السلام: السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا صفي
الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا شيخ
المرسلين، السلام عليك يا أمين الله في أرضه، صلوات الله وسلامه عليك وعلى روحك
وبدنك وعلى الطاهرين من ولدك ورحمة الله وبركاته.
ثم صل ست ركعات ركعتان منها لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام تقرأ في الركعة
الأولى فاتحة الكتاب وسورة الرحمن، وفي الثانية الحمد وسورة يس، وتشهد و
سلم وسبح تسبيح الزهراء عليها السلام، واستغفر الله عز وجل وادع لنفسك.
ثم قل: اللهم إني صليت هاتين الركعتين هدية مني إلى سيدي ومولاي
وليك وأخي رسولك أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب صلوات الله
عليه وعلى آله، اللهم فصل على محمد وآل محمد وتقبلها مني واجزني على ذلك
جزاء المحسنين، اللهم لك صليت ولك ركعت ولك سجدت وحدك لا شريك
لك لأنه لا تكون الصلاة والركوع والسجود إلا لك، لأنك أنت الله لا إله
إلا أنت، اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل مني زيارتي وأعطني سؤلي بمحمد
وآله الطاهرين.
وتهدي الأربع ركعات الاخر إلى آدم ونوح ثم تسجد سجدة الشكر و
قل فيهما: الله إليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت، اللهم أنت
ثقتي ورجائي فاكفني ما أهمني وما لا يهمني وما أنت أعلم به مني عز جارك و
جل ثناؤك، ولا إله غيرك صل على محمد وآل محمد وقرب فرجهم، ثم ضع خدك الأيمن
على الأرض وقل: ارحم ذلي بين يديك، وتضرعي إليك ووحشتي من الناس
وأنسي بك يا كريم يا كريم يا كريم.

(1) مصباح الزائر ص 6562.
288

ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل: لا إله إلا أنت ربي حقا حقا
سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم يا كريم
يا كريم، ثم عد إلى السجود وقل شكرا مائة مرة واجتهد في الدعاء فإنه موضع
مسألة وأكثر من الاستغفار فإنه موضع مغفرة واسئل الحوائج فإنه مقام إجابة،
وكلما صليت صلاة فرضا كانت أو نفلا مدة مقامك بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام فادع
بهذا الدعاء: اللهم إنه لا بد من أمرك، ولا بد من قدرك، ولا بد من قضائك، و
لا حول ولا قوة إلا بك، إلى آخر ما مر من الدعاء (1).
ثم قال: تتمة في وداع سيدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذا أردت ذلك
فاستأنف الزيارة واصنع فيها ما صنعت في أول وصولك من أوله إلى آخره كما
تقدم بيانه ثم ودعه في آخرها فقل: آمنت بالله وبالرسل وبما جئت به ودللتني
عليه ودعوتني إليه، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول وآل الرسول فاكتبنا
مع الشاهدين، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة مولينا أمير المؤمنين وأخي رسول
الله وارزقني زيارته أبدا ما أحييتني، اللهم لا تحرمني ثواب زيارته وارزقني العود
ثم العود، السلام عليك يا مولاي سلام مودع لا سئم ولا قال ورحمة الله وبركاته،
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبلغ أرواحهم وأجسادهم مني أفضل التحية والسلام
والسلام على ملائكة الله الحافين بهذا المشهد الشريف، السلام على رسول الله،
السلام على فاطمة سيدة نساء العالمين، السلام على أمير المؤمنين، السلام على الحسن
والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي
ابن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم بأمر الله
المنتقم من أعدائه، السلام على سمي رسول الله ومظهر دين الله سلاما واصلا دائما
سرمدا لا انقطاع له، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، الحمد الذي أنقذنا بكم
من الشرك والضلالة، اللهم اجعلني ممن تناله منك صلوات ورحمة واحفظني
بحفظ الايمان ولا تشمت بي من عاديته فيك يا رب العالمين.

(1) مصباح الزائر ص 6665.
289

ثم قبل الضريح المقدس صلوات الله على صاحبه وادع الله بما تريد وانصرف
مغبوطا مرحوما إنشاء الله تعالى (1).
توضيح: العاقبة الولد وحزانتك بالضم عيالك الذين تتحزن لأمرهم و
قال في النهاية (2) فيه: وما يهجس في الضماير، اي ما يخطر بها ويدور فيها من
الأحاديث والأفكار " قوله " واستخلصني إكراما به اي استخلصني به إكراما لي ومن
بيانية، ويقال استخلصه لنفسه اي استخصه وقال في النهاية: في حديث علي عليه السلام أمرت
بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين النكث نقض العهد أراد بهم أهل وقعة الجمل لأنهم
كانوا بايعوه، ثم نقضوا بيعته وقاتلوه، وبالقاسطين أهل صفين لأنهم جاروا في
حكمهم وبغوا عليه وبالمارقين الخوارج لأنهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم
من الرمية " قوله عليه ": " لا تعذبه فيه حذف وإيصال اي لا تعذبه به " قوله " قدم صدق
في أوليائك اي قدما ثابتا راسخا في ولايتهم ومتابعتهم، أو مقاما حسنا عندك بسببهم
كما قال تعالى: " وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم " وفي بعض
النسخ لسان صدق وقد مر بيانه " قوله عليه السلام: " يا صريع الدمعة الساكبة الصريع
هنا القتيل المطروح على الأرض، السكب: الصب والانصباب والمراد هنا الثاني
اي المقتول الذي تجري لأجله الدموع وقيل إنما نسب إلى الدمعة لأنها لكثرة
جريانها عليه كأنها حميمه الذي ذهب منه " قوله " المصيبة الراتبة أي الثابتة التي لا تزول
إلى أن يطلب بثاره صلوات الله عليه " قوله عليه السلام: " عبرة لأولي الألباب اي ليعتبر
أولوا العقول من فضلكم وعلمكم وجلالتكم ومظلوميتكم وشهادتكم فيعلموا دناءة
الدنيا وخستها وأن الله لم يرضها لأوليائه وأن الآخرة هي دار القرار ومحل
الأخيار " قوله عليه السلام: " التالين الكتاب أي جعلكم الرسول تلوا للكتاب ووصي بكم
معه في قوله إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي أو التابعين للكتاب
العاملين به والقارين له حق قرائته والأول أظهر وأصوب " قوله عليه السلام: " وجعل

(1) مصباح الزائر ص 6968 ومزار الشهيد ص 1918.
(2) النهاية ج 4 ص 255.
290

أفئدة من الناس إشارة إلى دعاء إبراهيم عليه السلام لهم في قوله تعالى " واجعل أفئدة من
الناس تهوى إليهم " والجملة تحتمل الخبرية والدعائية وفي بعض النسخ صلى الله
عليك وجعل وهو أظهر " قوله " وخليل النبوة أي صاحبها واليعسوب السيد و
الرئيس والمقدم واصله أمير النحل " قوله عليه السلام: " وكلمة الرحمن أي يبين للخلق
ما أراد الله لظهاره كما أن الكلمة تبين ما في ضمير صاحبها، أو المراد أنه صاحب كلمات
الله وعلومه وقد مر شرحه مبسوطا في أبواب فضائله صلوات الله عليه " قوله " على
ميزان الأعمال إشارة إلى ما ورد في الأخبار الكثيرة أنهم موازين يوم القيامة وهم
يحاسبون الخلق " قوله عليه السلام: " ومقلب الأحوال أي يقلب أحوالهم من الضلالة
إلى الهداية، ومن الجهل إلى العلم، ومن الفقر إلى الغناء، ومن الحياة إلى
الموت في الغزوات أو أنه محنة الورى به يتميز المؤمن من الكافر، وبه انتقل جماعة
من الكفر إلى الايمان، وبه ظهر كفر المنافقين الذين كانوا يظهرون الايمان، و
ظاهره يومي إلى درجة أعلا من ذلك من المدخلية في نظام العالم وتدبيره، وهذا
مقام دقيق قد مر بعض القول فيه في كتاب الإمامة، والسلسبيل اسم عين في الجنة
وقال الفيروزآبادي (1) ماء زلال كغراب سريع المر في الحلق بارد عذب صاف
سهل سلس " قوله عليه السلام: " والزناد القادح قال الفيروزآبادي الزند العود الذي
تقدح به النار والجمع زناد، وقال قدح بالزند رام الايراء به انتهى، فالزناد
جمع فكان ينبغي أن يؤتى في صفته القادحة ولعله كان في الأصل الزند فصحف لان
المفرد هنا أنسب، ويحتمل أن يكون الزناد أيضا جاء مفردا ولم يذكره اللغويون
أو يكون الجمع للمبالغة وفي الصفة روعي جانب المعنى لأنه عبارة عن شخص واحد
وعلى التقادير كناية عن كثرة ظهور أنوار العلم والحكم منه أو عن شدة البطش و
الصولة في الغزوات والأول أظهر، والقصم الكسر " قوله " ولا قال: يقال قلاه اي
أبغضه وكرهه ومنه قوله تعالى، " ما ودعك ربك وما قلى ".
أقول: ذكر السيد بن طاوس هذه الزيارة وساقها إلى الدعاء الذي الذي ذكره

(1) القاموس ج 3 ص 389.
291

المفيد في آخر الزيارة ثم قال: دعاء آخر يستحب أن يدعى به عقيب صلاة الزيارة
لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، وهو: يا الله يا الله يا الله يا مجيب دعوة المضطرين،
وساق الدعاء إلى آخره نحوا مما سنورده برواية صفوان في زيارة الحسين عليه السلام في
يوم عاشورا تركنا إيراده هنا حذرا من التكرار، فمن أراد قراءته فليرجع إليه فإنه
أتم وأكمل مما أورده السيد هنا (1).
وهذه الرواية تشتمل على فضيلة جزيلة لزيارة الحسين عليه السلام عند رأس
أمير المؤمنين والصلاة عنده فلا تغفل.
ثم اعلم أن العلماء ذكروا زيارة آدم ونوح عليه السلام عنده عليه السلام، ولم يتعرضوا
لزيارة صالح وهود وإبراهيم عليهم السلام، وقد مر في الاخبار كونهم أيضا مدفونين
عنده وفي قربه صلوات الله عليه، فينبغي زيارتهم عليهم السلام أيضا، وإنما خصوا آدم
ونوح لكثرة الأخبار الواردة في ذلك، ولورود الامر بزيارتهما في بعضها.
ثم أقول: يناسب أن يتلى عند ضريح آدم عليه السلام أو بعد الصلاة لزيارته الدعاء
المروي عن سيد الساجدين صلوات الله عليه، المشتمل على الصلاة عليه صلى الله
عليه وهو مما الحق ببعض نسخ الصحيفة أيضا وهو هذا " اللهم وآدم بديع فطرتك
وأول معترف من الطين بربوبيتك، وبكر حججك على عبادك وبريتك والدليل
على الاستجارة بعفوك من عقابك، والناهج سبل توبتك، والوسيلة بين الخلق و
بين معرفتك، والذي لقيته ما رضيت عنه بمنك عليه ورحمتك له، المنيب الذي
لم يصر على معصيتك وسابق المتذللين بحلق رأسه في حرمك، والمتوسل بعد
المعصية بالطاعة إلى عفوك وأبو الأنبياء الذين أوذوا في جنبك، وأكثر سكان
الأرض سعيا في طاعتك، فصل عليه أنت يا رحمن وملائكتك وسكان سمواتك
وارضك، كما عظم حرماتك، ودلنا على سبيل مرضاتك، يا أرحم الراحمين.
أقول: ينبغي أن يزور الحسين عند قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليهما مما

(1) وكذا الشهيد في مزاره فإنه ذكر الدعاء المعروف بدعاء علقمة بعد زيارة عاشوراء
في هذا المقام وكأنه تبع السيد ره في روايته.
292

يلي رأسه مما ذكره محمد بن المشهدي في المزار الكبير.
19 وذكر أن الصادق عليه السلام زار رأس الحسين عليه السلام عند رأس أمير المؤمنين
عليه السلام وصلى عنده أربع ركعات وهي هذه: السلام عليك يا ابن رسول الله،
السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الصديقة الطاهرة سيدة نساء
العالمين، السلام عليك يا مولاي يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته، اشهد أنك قد
أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وتلوت الكتاب
حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده وصبرت على الأذى في جنبه محتسبا حتى
أتاك اليقين، واشهد أن الذين خالفوك وحاربوك وأن الذين خذلوك والذين قتلوك
ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى لعن الله الظالمين لكم من
الأولين والآخرين وضاعف عليهم العذاب الأليم، أتيتك يا مولاي يا بن رسول الله
زائرا عارفا بحقك مواليا لأوليائك معاديا لأعدائك مستبصرا بالهدى الذي أنت
عليه عارفا بضلالة من خالفك فاشفع لي عند ربك (1).
أقول: سيأتي تمامها في زيارة الحسين عليه السلام، فان عمل بجميعها كان أفضل.
20 ثم ذكر السيد رحمه الله زيارة الوداع نحوا مما مر ثم قال: زيارة
ثانية يزار بها عليه السلام تقف على قبره الشريف وتقول:
السلام من الله على محمد، أمين الله على رسالاته، وعزائم أمره، ومعدن
الوحي والتنزيل، الخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل، والمهيمن على ذلك كله
والشاهد على الخلق، والسراج المنير، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم
صل على محمد وعلى أهل بيته الطاهرين أفضل وأكمل وأوسع وأنفع وأشرف ما
صليت على أنبيائك وأصفيائك، اللهم صل على أمير المؤمنين عبدك وخير خلقك
بعد نبيك وأخي رسولك ووصيه الذي بعثته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من
خلقك، والدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين
خلقك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على الأئمة من ولده

(1) المزار الكبير ص 172.
293

القوامين بأمرك من بعده المطهرين الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك وحفظة على سرك
وشهداء على خلقك، وأعلاما لعبادك، السلام على خالصة الله من خلقه، السلام على
ملائكة الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك
يا صفوة الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك
يا خليفة الله، السلام عليك يا عمود الدين، السلام عليك يا قسيم الجنة والنار
اشهد أنك كلمة التقوى وباب الهدى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط
المستقيم، واشهد أنك حجة الله على خلقه وشاهده على عباده وأمينه على علمه
وخازن سره وموضع حكمته وأخو رسوله عليه السلام واشهد أن دعوتك حق وكل
داع منصوب دونك باطل مدحوض، أنت أول مظلوم، وأول مغصوب حقه، صبرت
واحتسبت، لعن الله من ظلمك وتقدم عليك وصد عنك لعنا كبيرا، يلعنهم به كل
ملك مقرب ونبي مرسل وكل عبد مؤمن ممتحن صلى الله عليه يا أمير المؤمنين
وعلى روحك وبدنك، اشهد أنك عبد الله وأمينه بلغت ناصحا وأديت أمينا، وقتلت
صديقا مظلوما، ومضيت على يقين، لم تؤثر عمى على هدى ولم تمل من حق إلى
باطل، واشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف، ونهيت
عن المنكر، واتبعت الرسول، ونصحت للأمة، وتلوت الكتاب حق تلاوته، وجاهدت
في الله حق جهاده، ودعوت إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى أتيك اليقين
اشهد أنك كنت على بينة من ربك، ودعوت إليه على بصيرة وبلغت ما أمرت
به وقمت بحق الله غير واهن ولا موهن، فصلى الله عليك صلاة متتابعة متواصلة مترادفة
يتبع بعضها بعضا لا انقطاع لها ولا أمد ولا أجل، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وجزاك الله من صديق خيرا عن رعيته، اشهد أن الجهاد معك حق وأن الحق معك
وإليك وأنت أهله ومعدنه وميراث النبوة عندك فصلى الله عليك وسلم تسليما، وعذب
الله قاتلك بأنواع العذاب أتيتك يا أمير المؤمنين عارفا بحقك مستبصرا بشأنك معاديا
لأعدائك مواليا لأوليائك، بأبي أنت وأمي أتيتك عائذا بك من نار استحقها مثلي
بما جنيت على نفسي أتيتك وافدا لعظيم حالك ومنزلتك عند الله، وعند رسوله و
294

عندي، فاشفع لي عند ربك فان لي ذنوبا كثيرة وإن لك عند الله مقاما معلوما
وجاها عظيما وشأنا كبيرا وشفاعة مقبولة، وقد قال الله عز وجل ولا يشفعون إلا
لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون، اللهم رب الأرباب صريخ المستصرخين جبار
الجبابرة وعماد المؤمنين إني عذت بأخي رسولك معاذا فبحقه عليك فك رقبتي من
النار، آمنت بالله وبما أنزل إليكم وأتولى آخركم بما توليت به أولكم، و
كفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى وكل ند يدعى من دون الله، والسلام
عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته.
ثم قبل الضريح وعد إلى عند الرأس وقل: السلام عليك يا أمير المؤمنين،
أنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك، جئتك زائرا لائذا بحرمك، متوسلا إلى الله
بك في مغفرة ذنوبي كلها متضرعا إلى الله تعالى وإليك لمنزلتك عند الله عارفا
عالما أنك تسمع كلامي وترد سلامي، لقوله تعالى " ولا تحسبن الذين قتلوا في
سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " فيا مولاي إني لو وجدت إلى الله
تعالى شفيعا أقرب منك لقصدت إليه فما خاب راجيكم ولا ضل داعيكم أنتم الحجة
والمحجة إلى الله، فكن لي إلى الله شفيعا، فمالي وسيلة أوفى من قصدي إليك وتوسلي
بك إلى الله، فأنت كلمة الله وكلمة رسوله صلى الله عليه وآله وأنت خازن وحيه وعيبة علمه وموضع
سره والناصح لعبيد الله والتالي لرسوله والمواسي له بنفسه، والناطق بحجته،
والداعي إلى شريعته، والماضي على سنته، فلقد بلغت عن النبي صلى الله عليه وآله ما حملت
ورعيت ما استحفظت، وحفظت ما استودعت، وحللت حلاله وحرمت حرامه
وأقمت أحكامه ولم تأخذك في الله لومة لائم فجاهدت القاسطين في حكمه، والمارقين
عن أمره، والناكثين لعهده، صابرا محتسبا صلى الله عليك وسلم أفضل ما صلى
على أحد من أصفيائه وأنبيائه وأوليائه إنه حميد مجيد.
ثم قبل الضريح من كل جوانبه وصل صلاة الزيارة وما بدالك وادع
فقل: يا من عفى عني وعن ما خلوت به من السيئات، يا من رحمني بأن ستر ذلك
علي ولم يفضحني به، يا من سوى خلقي وله على ما أعمل شاهد مني، يا من ينطق
295

لساني وتنطق له أركاني، يا من قل حيائي منه حتى قد خشيت أن يمقتني، يا من
لو علم الناس مني بعض علمه بي لعاجلوني، يا من ستر عورتي ولم يبد لخلقه
سوأتي، يا من أمهلني عند خلوتي في معاصيه بلذتي، أعوذ بوجهك الكريم إن أكون
ممن ينادي يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله، وأعوذ بوجهك الكريم أن
أكون ممن ينادي ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين، ربنا أخرجنا منها
فان عدنا فانا ظالمون، وأعوذ بوجهك الكريم أن أكون ممن ينادي فما لنا من
شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين، وأعوذ بوجهك الكريم
يا سيدي أن أكون ممن ينادي يا مالك ليقض علينا ربك، وأعوذ بوجهك الكريم
يا سيدي أن أكون ممن يأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت، وأعوذ بوجهك
الكريم يا سيدي أن أكون ممن يغل في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا، وأعوذ بوجهك
الكريم يا سيدي أن يكون طعامي من الضريع، وأعوذ بوجهك الكريم يا سيدي
أن يكون غدوي ورواحي إلى النار، اللهم تجاوز عن سيئاتي وأبدل ذلك بالحسنات
ولا تخفف بذلك ميزاني، ولا تسود به وجهي، ولا تفضح به مقامي ولا تنكس به
رأسي يا رب ولا تمقتني على طول ما أبقيتني، وتجاوز عني فيمن تجاوزت عنه في
أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون، اللهم عرفني استجابة ما سئلتك
وأملته فيك وطلبته منك بحق مولاي وبقبره، وبما سعيت فيه من زيارته على
معرفة مني بحقه ومنزلته منك ومحبته ومودته على ما أوجبته علي في كتابك
ولا تردني خائبا ولا خائفا، واقلبني مفلحا منجحا بحق محمد وعلي والأئمة من
ولدها، وبالشأن والجاه والقدر الذي لهم عندك فان لهم عندك شأنا من الشأن وقدرا
من القدر برحمتك يا أرحم الراحمين.
ثم ادع بما أحببت لنفسك وإخوانك.
فإذا أردت وداعه فقف عليه وقل: يا سيدي ومولاي ومعتمدي في ديني ودنياي
وآخرتي يا أمير المؤمنين هذا أوان انصرافي عن حرمك من غير جفاء ولا قلى من بعد
ما قضيت أو طاري، وتمتعت بزيارتك ولذت بحرمك وضريحك، وسألت الله تعالى
296

أن يغفر لي ولوالدي وإخواني المؤمنين وقد عولت على الانصراف وأنا أسئلك أن
تسأل الله تعالى لأجل مسئلتي بك أن يردني إلى أهلي سالما غانما وجميع المؤمنين
والمؤمنات وقد قبل الله سعينا وزيارتنا ومحص الله جميع ذنوبنا وجرائمنا وخطايانا
وأن نعود إلى أهلنا بسعي مشكور وذنب مغفور وعمل مبرور، اللهم لا تجعله
آخر العهد من زيارة مولانا وإمامنا أمير المؤمنين ولا من زيارة قبره في كل ميقات
وتقبل ذلك منا بأحسن قبول، أستودعك الله ونفسي وأهلي وولدي وما أنقلب إليه
في جميع أحوالي (1).
أقول: قال الكليني في الكافي (2) بعد إيراد هذه الزيارة المختصرة التي
رويناها سابقا عن أبي الحسن الثالث عليه السلام بسنديه ما هذا لفظه: دعاء آخر عند قبر
أمير المؤمنين عليه السلام تقول: السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، ثم ساق
الزيارة مثل ما ادرجه السيد في تلك الزيارة إلى قوله: اللهم رب الأرباب
صريخ الأحباب إني عذت بأخي رسولك معاذا ففك رقبتي من النار آمنت بالله و
ما أنزل إليكم وأتولى آخركم بما توليت به أولكم وكفرت بالجبت والطاغوت
واللات والعزى، وختم بذلك، ونحوه روى الشيخ في التهذيب (3).
21 ثم قال السيد ره زيارة ثالثة يزار بها عليه السلام تغتسل وتلبس أنظف
ثيابك وتمس شيئا من الطيب إن أمكنك، فإذا وصلت إلى باب الناحية المقدسة
فقل: الله أكبر ثلاثين مرة، لا إله إلا الله ثلاثين مرة، الحمد لله ثلاثين مرة،
اللهم صل على محمد وآل محمد ثلاثين مرة، ثم تدخل مقدما رجلك اليمنى
وتقول:
السلام على رسول الله خاتم النبيين، السلام على أخيه ووصيه أمير المؤمنين
السلام على ملائكة الله وعباده الصالحين، السلام على ملائكة هذا الحرم الذين هم
به مقيمون وبمشهده محدقون ولزواره مستغفرون، والحمد لله الذي أكرمنا بمعرفته

(1) مصباح الزائر ص 7269.
(2) الكافي ج 4 ص 570.
(3) التهذيب ج 6 ص 3029.
297

ومعرفة رسوله ومن فرض علينا طاعته رحمة منه وتطولا، الحمد لله الذي سيرني
في بلاده وحملني على دوابه وطوى لي البعيد ودفع عني المكاره حتى بلغني حرم
أخي نبيه ووصي رسوله وادخلني البقعة التي قدسها وبارك عليها واختارها لوصي
نبيه، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، واشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا عبده وأخو رسوله
اللهم إني عبدك وزائرك الوافد إليك المتقرب بزيارة أخي نبيك ومستحفظ
رسولك صلى الله عليه وآله، يا رب وعلى كل مأتي حق لمن زاره ووفد إليه وأنت يا رب
خير مأتي وأكرم مزور فأسئلك اللهم بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة
من كتابك وبموجبات رحمتك وعزائم مغفرتك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن
تجعل حظي من زيارتي في موضعي هذا فكاك رقبتي من النار وان تجعلني ممن
يسارع في الخيرات ويدعوك رغبا ورهبا، واجعلني من الخاشعين، اللهم إنك
بشرتني على لسان نبيك فقلت: " وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم
اللهم إني مؤمن بك وبجميع أنبيائك ورسلك وكلماتك وأسمائك فلا تقفني
بعد معرفتي بهم موقفا تفضحني به على رؤوس الخلايق وقفني مع محمد وأهل بيته صلى
الله عليهم وتوفني على التصديق بهم والتسليم لهم فإنهم عبيدك وأنت خصصتهم
بكرامتك، وأمرتني باتباعهم وفرضت علي طاعتهم.
ثم تدنو من القبر وتقول: السلام من الله على محمد النبي والرسول المصطفى
المرتضى أمين الله على رسله وخاتم أنبيائه وعزائم أمره ومعدن الوحي والرسالة
والتنزيل، ومهبط الملائكة، ومختلف الروح الأمين، وحجة الله البالغة، و
الخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل، والمهيمن على ذلك كله، والشاهد على
الخلق، والسراج المنير، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على
محمد وأهل بيته الأبرار الذين اخترتهم من خلقك، وجعلتهم أعلام دينك، اللهم
وصل على محمد منتهى علمك وصلواتك وتحياتك، اللهم صل على أمير المؤمنين
عبدك وأخي رسولك، وخير من انتجبته بعلمك، وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك
298

والدليل على من بعثته برسالاتك وديان دينك بعدلك، وفصل قضيتك بين خلقك
والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على الأئمة من ولده القوامين
بأمرك من بعده، المطهرين الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك وأوعية لعلمك، وحفظة
لسرك، وشهداء على خلقك، وأعلاما لعبادك، ونجوما في أرضك، السلام على الأئمة
المستودعين، السلام على خاصة الله من خلقه المباركين، السلام على المؤمنين الذين
أقاموا إمام الله وآزروا أولياء الله، السلام على ملائكة الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين
ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك
يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا إمام الهدى، السلام عليك يا علم
التقى، السلام عليك أيها الوصي البار المصطفى، السلام عليك أيها السراج المنير
السلام عليك يا عمود الدين، السلام عليك يا وارث علم الأولين والآخرين، السلام
عليك أيها النور المنير، أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وأتيت الزكاة، وأمرت
بالمعروف ونهيت عن المنكر، واتبعت الرسول وتلوت الكتاب حق تلاوته، و
بلغت عن الله ما أمرك به، ووفيت بعهد الله وقمت بكلامه، وجاهدت في الله حق
جهاده، ونصحت لله ولرسوله، فلعن الله من قتلك ومن ظلمك وتعدى عليك وخذلك
وحاد عنك وباينك، اللهم العن قتلة أنبيائك وأوليائك وأوصياء أنبيائك بجميع
لعناتك وأصلهم حر نارك وأليم عذابك، والعن الجوابيت والطواغيت والفراعنة و
اللات والعزى والجبت والأوثان والأزلام والأضداد وكل ند يدعى من دون
الله وكل ملحد مفتر على الله عز وجل، اللهم ادخل على كل من اذى رسولك
وقتل أنصاره وأنصار أمير المؤمنين وعلى قاتله وقاتل الحسن والحسين وقتلة أوليائك
اللعن المضاعف السرمد الذي لا انقضاء له ولا فناء وعذبهم عذابا سرمدا مضاعفا
في أسفل درك من الجحيم، اللهم العنهم في مستسر سرك وظاهر علانيتك، لعنا
وبيلا، وأخزهم خزيا طويلا، ولا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون، اللهم اجعل لي لسان
صدق في أوليائك وحبب إلي مشاهدهم حتى تلحقني بهم وتجعلني بهم تابعا ووليا
299

في الدنيا والآخرة (1).
ثم امض إلى الرأس وقف عليه وقل: سلام الله وسلام ملائكته المقربين
والمسلمين لك بقلوبهم، والناطقين بفضلك، والشاهدين على أنك الصادق المصدق
والهادي المنتجب، عليك يا مولاي وعلى روحك وبدنك اشهد أنك طاهر مقدس
وأنك ولي الله ووصي رسوله صلى الله عليكما وعلى ذريتكما أنا عبد الله ومولاك
والوافد إليك الملتمس بذلك كمال المنزلة عند الله عز وجل (2).
ثم انكب على القبر وقل: اللهم لرحمتك تعرضت بإزاء قبر أخي نبيك
وقفت عائذا به من النار فأعذني من نقمتك وسخطك وزلازل يوم القيامة يوم يكبر
فيه الحساب، يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه، يوم الآزفة إذ القلوب لدى
الحناجر كاظمين.
ثم ارفع رأسك واستقبل القبلة وقل: يا أكرم من أقر له بالذنوب، ما
أنت صانع بعبدك المقر لك بذنوبه، متقربا إليك بالرسول وعترته، لائذا بقبر
وصي الرسول، يا من يملك حوائج السائلين كما وفقتني لوفادتي وزيارتي ومسئلتي
فأعطني سؤلي في آخرتي ودنياي، ووفقني لكل مقام محمود تحب أن يدعى فيه
بأسمائك ويسئل فيه من عطائك (3).
وتصلي ست ركعات، وإن أحببت زيادة فافعل وتدعو بما أحببت فإذا
أردت الوداع فقل: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أستودعك الله وأقرء عليك
السلام، آمنا بالله وبالرسول وبما جاء به ودعا إليه ودل عليه، اللهم لا تجعله
آخر العهد من زيارتي إليه، اللهم لا تحرمنا ثواب مزاره، وارزقنا العود فان
توفيتني قبل ذلك فاني اشهد في مماتي بما شهدت عليه في حياتي، واشهد أنهم أعلام
الهدى ونجوم العلى، والقدر البالغ، وكهوف الورى، وورثة الأنبياء، والمثل
الاعلى، والدعوة الحسنى، وحججك على أهل الدنيا، والسبب الأطول بينك

(1) مصباح الزائر ص 7472.
(2) مصباح الزائر ص 74
(3) مصباح الزائر ص 74.
300

وبين خلقك، واشهد أن من رد ذلك فهو في درك الجحيم، اللهم إني أسئلك أن
تصلي على محمد وآل محمد وتسمى الأئمة واحدا واحدا وأن لا تجعله آخر العهد
من وفادته والانقضاء من زيارته وإن جعلته فاجعلني مع هؤلاء الأئمة أئمة الهدى
اللهم ذلل قلبي لهم بالطاعة والمناصحة والموالاة، وحسن الموازرة والمودة و
التسليم، حتى نستكمل بذلك طاعتك ونبلغ بها مرضاتك ونستوجب بها ثوابك
برحمتك، اللهم إني أشهدك بالولاية لمن واليت ووالت رسلك وأنبياؤك وملائكتك
وأشهدك بالبراءة ممن برئت أنت منه وبرئت منه رسلك وأنبياؤك وملائكتك
المقربون والسفرة الأبرار المطهرون ووفقني لكل مقام محمود واقلبني من هذا
الحرم بخير موجود، يا ذا الجلال والاكرام، السلام عليك يا تاج الأوصياء، السلام
عليك يا رأس الصديقين، السلام عليك يا وارث الاحكام، السلام عليك يا ركن المقام
اللهم اجعلني من وفده المباركين وزواره المخلصين، وشيعته الصادقين، ومواليه
التابعين، وأنصاره المكرمين، وأصحابه المؤيدين، واجعلني أكرم وافد وأفضل
وارد وأنبل قاصد في هذا الحرم الكريم، والمقام العظيم، والمورد النبيل، والمنهل
الجليل الذي أوجبت فيه غفرانك ورحمتك، وأشهد الله ومن حضر من ملائكته في
هذا الحرم الذين هم به محدقون حافون أن من سكن برمسه وحل وضريحه مقدس
صديق منتجب ووصي مرتضى، واها من تربة ضمنت نورا [كنزا] من الخير وشهابا
من النور، وينبوع الحكمة، وغيثا من الرحمة، وإبلاغ الحجة، أنا أبرء إلى الله
من قاتليك وظالميك والناصبين لك والمعينين عليك والمحاربين لك، وأودعك يا
مولاي يا أمير المؤمنين وداع المحزون لفراقك، المكتئب للزوال عن حرمك، المتفجع
عليك، لا جعله الله آخر العهد من زيارتك، ولا من رجوعنا إليك، إنك سميع
مجيب (1).
22 زيارة رابعة مليحة يزار بها صلوات الله وسلامه عليه، يقصد باب السلام
ويكبر الله عز وجل أربعا وثلاثين تكبيرة ويقول: سلام الله وسلام ملائكته

(1) (1) نفس المصدر ص 7574.
301

المقربين، وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين [وجميع الشهداء والصديقين] (1)
عليك يا أمير المؤمنين، السلام على آدم صفوة الله، السلام على نوح نبي الله، السلام
على إبراهيم خليل الله، السلام على موسى كليم الله، السلام على عيسى روح الله
السلام على محمد حبيب الله ورحمة الله وبركاته، السلام على اسم الله الرضي ووجهه
العلى وصراطه السوى، السلام المهذب الصفي، السلام على أبي الحسن علي
ابن أبي طالب ورحمة الله وبركاته، السلام على خالص الأخلاء، السلام علي
المخصوص بسيدة النساء، السلام على المولود في الكعبة المزوج في السماء
السلام على أسد الله في الوغى، السلام على من شرفت به مكة ومنى، السلام على
صاحب الحوض وحامل اللواء، السلام على خامس أهل العباء، السلام
على البائت على فراش النبي ومفديه بنفسه من الأعداء، السلام على قالع باب
خيبر والداحي به في الفضاء، السلام على مكلم الفتية في كهفهم بلسان الأنبياء،
السلام على منبغ القليب في الفلا، السلام على قالع الصخرة وقد عجز عنها
الرجال الأشداء، السلام على مخاطب الذئب ومكلم الجمجمة بالنهروان وقد
نخرت العظام بالبلى، السلام على مخاطب الثعبان على منبر الكوفة بلسان
الفصحاء، السلام على الامام الزكي حليف المحراب، السلام على المعجز الباهر
والناطق بالحكمة والصواب، السلام على من عنده تأويل المحكم والمتشابه
وعنده أم الكتاب، السلام على من ردت عليه الشمس حين توارت بالحجاب،
السلام على محيي الليل البهيم بالتهجد والاكتياب، السلام على من خاطبه جبرئيل
بإمرة المؤمنين بغير ارتياب ورحمة الله وبركاته، السلام على سيد السادات، السلام
على صاحب المعجزات، السلام على من عجب من حملاته في الحروب ملائكة سبع
سماوات السلام على من ناجى الرسول فقدم بين يدي نجواه صدقات، السلام على
أمير الجيوش وصاحب الغزوات، السلام على مخاطب ذئب الفلوات، السلام على
نور الله في الظلمات، السلام على من ردت له الشمس فقضى ما فاته من الصلاة

(1) ما بين القوسين لم يكن في النسخة التي راجعناها من المصدر.
302

ورحمة الله وبركاته، السلام على أمير المؤمنين، السلام على سيد الوصيين،
السلام على إمام المتقين، السلام على وارث علم النبيين، السلام على
يعسوب الدين، السلام على عصمة المؤمنين، السلام على قدوة الصادقين ورحمة
الله وبركاته، السلام على حجة الأبرار، السلام على أبي الأئمة الأطهار، السلام
على المخصوص بذي الفقار، السلام على ساقي أوليائه من حوض النبي المختار
صلى الله عليه وآله ما اطرد الليل والنهار، السلام على النبأ العظيم، السلام
على من أنزل الله فيه وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم، السلام على صراط
الله المستقيم، السلام على المنعوت في التوراة والإنجيل والقرآن الحكيم و
رحمة الله وبركاته.
ثم تنكب على الضريح وتقبله وتقول: يا أمين الله، يا حجة الله، يا
ولي الله، يا صراط الله، زارك عبدك ووليك اللائذ بقبرك، والمنيخ رحله بفنائك
المتقرب إلى الله عز وجل والمستشفع بك إلى الله زيارة من هجر فيك صحبه، و
جعلك بعد الله حسبه، اشهد أنك الطور، والكتاب المسطور، والرق المنشور
وبحر العلم المسجور، يا ولي الله إن لكل مزور عناية فيمن زاره وقصده وأتاه، و
أنا وليك وقد حططت رحلي بفنائك ولجأت إلى حرمك ولذت بضريحك لعلمي بعظيم
منزلتك وشرف حضرتك وقد أثقلت الذنوب ظهري ومنعتني رقادي، فما أجد حرزا
ولا معقلا ولا ملجأ ألجأ إليه إلا الله تعالى وتوسلي بك إليه واستشفاعي لديك
فها أنا ذا نازل بفنائك، ولك عند الله جاه عظيم، ومقام كريم فاشفع لي عند الله ربك
يا مولاي.
ثم قبل الضريح ووجهه وجهك إلى القبلة وقل: اللهم إني أتقرب إليك يا
اسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أجود الأجودين
بمحمد خاتم النبيين رسولك إلى العالمين، وبأخيه وابن عمه الأنزع البطين العالم
المبين علي أمير المؤمنين والحسن والحسين الامامين الشهيدين، وبعلي بن الحسين
زين العابدين، وبمحمد بن علي باقر علم الأولين، وبجعفر بن محمد زكي الصديقين
303

وبموسى بن جعفر الكاظم المبين حبيس الظالمين وبعلي بن موسى الرضا الأمين
وبمحمد بن علي الجواد علم المهتدين، وبعلي بن محمد بن البر الصادق سيد العابدين
وبالحسن بن علي العسكري ولي المؤمنين، وبالخلف الحجة صاحب الامر
مظهر البراهين، أن تكشف ما بي من الهموم، وتكفيني شر البلاء المحتوم، وتجيرني
من النار ذات السموم برحمتك يا ارحم الراحمين.
ثم ادع بما تريد وودعه وانصرف انشاء الله تعالى (1).
أقول: قال مؤلف المزار الكبير: زيارة أخرى له تقصد باب السلام وتكبر
الله أربعا وثلاثين تكبيرة، وتحمده ثلاثا وثلاثين تحميدة، وتسبحه ثلاثا و
ثلاثين تسبيحة، وتهلله أربعا وثلاثين تهليلة، ثم تستقبل الضريح وتقول: سلام الله
وسلام ملائكته..
أقول: وساق الزيارة نحوا مما مر بأدنى تغيير تركناها مخافة التكرار إلى
قوله: يا ارحم الراحمين.
ثم قال: تصلي صلاة الزيارة ست ركعات كل ركعتين بتسليمة وتسجد
بعدها وتقول في سجودك ما كان يقوله أمير المؤمنين عليه السلام وهو: أناجيك يا سيدي
كما يناجي العبد الذليل مولاه، واطلب إليك طلب من يعلم أنك تعطي ولا
ينقص ما عندك، واستغفرك استغفار من يعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وأتوكل
عليك توكل من يعلم أنك على كل شئ قدير. ثم تقول: العفو مائة مرة، فإذا
أردت وداعه تقول: استودعك الله واسترعيك وأقرء عليك السلام يا مولاي يا
أمير المؤمنين، آمنا بالله وبالرسول وبما جئت به ودللت عليه، اللهم فاكتبنا
مع الشاهدين، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر وليك الهادي بعد نبيك
النذير المنذر، وارزقني العود إليه أبدا ما أبقيتني، فإذا توفيتني فاحشرني معه
وفي زمرته وتحت لوائه، ولا تفرق بيني وبينه طرفة عين، ولا أقل من ذلك ولا
أكثر برحمتك يا أرحم الراحمين (2).

(1) مصباح الزائر ص 7775.
(2) المزار الكبير ص 8281.
304

23 ثم قال السيد رحمه الله: زيارة خامسة ورد فيها ثواب مضاعف يزار بها صلوات
الله عليه تقف على ضريحه الشريف وتقول:
أقول: أورد الشيخ المفيد ره هذه الزيارة بأدنى تغيير مع زيادات فنتبع لفظه
لأنه أسبق وأوثق قال ره تتمة في ذكر زيارة مولانا أبي الحسن أمير المؤمنين وأبي
عبد الله الحسين صلوات الله عليهما جميعا وهي مروية عن أبي عبد الله عليه السلام:
إذا أردت ذلك فقف متوجها إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقل:
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله
السلام على من اصطفاه الله واختصه واختاره من بريته، السلام عليك يا خليل الله
ما دجى الليل وغسق، وأضاء النهار وأشرف، السلام عليك ما صمت صامت ونطق
ناطق وذر شارق ورحمة الله وبركاته، السلام على مولانا أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب، صاحب السوابق والمناقب، والنجدة ومبيد الكتائب، الشديد الباس
العظيم المراس المكين الأساس، ساقى المؤمنين بالكاس من حوض الرسول المكين
الأمين، السلام على صاحب النهى والفضل والطوائل والمكرمات والنوائل
السلام على فارس المؤمنين، وليث الموحدين، وقاتل المشركين، ووصي رسول
رب العالمين ورحمة الله وبركاته، السلام على من أيده الله بجبرئيل وأعانه بميكائيل
وأزلفه في الدارين وحباه بكل ما تقربه العين، وصلى الله عليه وعلى آل الطاهرين
وعلى أولاده المنتجبين وعلى الأئمة الراشدين الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن
المنكر، وفرضوا علينا الصلوات، وأمروا بايتاء الزكاة، وعرفونا صيام شهر
رمضان وقراءة القرآن، السلام عليك يا أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر
المحجلين، السلام عليك يا باب الله، السلام عليك يا عين الله الناظرة ويده الباسطة
وأذنه الواعية وحكمته البالغة ونعمته السابغة، السلام على قسيم الجنة والنار
السلام على نعمة الله على الأبرار ونقمته على الفجار، السلام على سيد المتقين
الأخيار، السلام على أخي رسول الله وابن عمه، وزوج ابنته والمخلوق من
طينته، السلام على الأصل القديم والفرع الكريم، السلام على الثمر الجني، السلام
305

على أبي الحسن علي، السلام على شجرة طوبى وسدرة المنتهى، السلام على آدم
صفوة الله، ونوح نبي الله، وإبراهيم خليل الله، وموسى كليم الله، وعيسى
روح الله، ومحمد حبيب الله ومن بينهم من الصديقين والنبيين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقا، السلام على نور الأنوار وسليل الأطهار وعناصر الأخيار
السلام على والد الأئمة الأطهار، السلام على حبل الله المتين وجنبه المكين و
رحمة الله وبركاته، السلام على أمين الله في ارضه وخليفته والحاكم بأمره والقيم
بدينه والناطق بحكمته والعامل بكتابه أخي الرسول وزوج البتول وسيف الله
المسلول، السلام على صاحب الدلالات والآيات الباهرات والمعجزات القاهرات
والمنجي من الهلكات الذي ذكره الله في محكم الآيات، فقال تعالى " وإنه في أم
الكتاب لدينا لعلي حكيم " السلام على اسم الله الرضي، ووجهه المضئ، وجنبه
العلي ورحمة الله وبركاته، السلام على حجج الله وأوصيائه، وخاصة الله وأصفيائه
وخالصته وأمنائه، ورحمة الله وبركاته، قصدتك يا مولاي يا أمين الله وحجته
زائرا عارفا بحقك مواليا لأوليائك معاديا لأعدائك، متقربا إلى الله بزيارتك فاشفع
لي عند الله ربي وربك في خلاص رقبتي من النار وقضاء حوائجي حوائج الدنيا
والآخرة (1).
ثم انكب على القبر فقبله وقل: سلام الله وسلام ملائكته المقربين، والمسلمين
لك بقلوبهم يا أمير المؤمنين، والناطقين بفضلك، والشاهدين على أنك صادق أمين
صديق عليك ورحمة الله وبركاته، اشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر
اشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء واشهد أنك جنب الله وبابه
وأنك حبيب الله ووجهه الذي يؤتى منه، وأنك سبيل الله وأنك عبد الله وأخو
رسول الله صلى الله عليه وآله أتيتك متقربا إلى الله عز وجل بزيارتك راغبا إليك في الشفاعة
أبتغي بشفاعتك خلاص رقبتي من النار، متعوذا بك من النار هاربا من ذنوبي التي
احتطبتها على ظهري، فزعا إليك رجاء رحمة ربي، أتيتك استشفع بك يا مولاي و

(1) مصباح الزائر ص 7877.
306

أتقرب بك إلى الله ليقضي بك حوائجي، فاشفع يا أمير المؤمنين إلى الله فاني عبد الله
ومولاك وزائرك، ولك عند الله المقام المحمود والجاه العظيم والشأن الكبير
والشفاعة المقبولة، اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على أمير المؤمنين عبدك
المرتضى، وأمينك الأوفى، وعروتك الوثقى، ويدك العليا، وجنبك الاعلى، و
كلمتك الحسنى وحجتك على الورى وصديقك الأكبر، وسيد الأوصياء وركن
الأولياء، وعماد الأصفياء أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، وقدوة الصالحين، و
إمام المخلصين، والمعصوم من الخلل، المهذب من الزلل، المطهر من العيب
المنزه من الريب، أخي نبيك ووصي رسولك، البائت على فراشه، والمواسي
له بنفسه، وكاشف الكرب عن وجهه الذي جعلته سيفا لنبوته، وآية لرسالته، و
شاهدا على أمته ودلالة لحجته، وحاملا لرايته، ووقاية لمهجته، وهاديا
لامته، ويدا لبأسه، وتاجا لرأسه، وبابا لسره، ومفتاحا لظفره، حتى هزم
جيوش الشرك باذنك، وأباد عساكر الكفر بأمرك، وبذل نفسه في مرضات رسولك
وجعلها وقفا على طاعته، فصل اللهم عليه صلاة دائمة باقية.
ثم قل: السلام عليك يا ولي الله والشهاب الثاقب، والنور العاقب، يا سليل
الأطائب، يا سر الله إن بيني وبين الله تعالى ذنوبا قد أثقلت ظهري ولا يأتي عليها
إلا رضاه فبحق من ائتمنك على سره واسترعاك أمر خلقه، كن لي إلى الله شفيعا و
من النار مجيرا وعلى الدهر ظهيرا فاني عبد الله ووليك وزائرك صلى الله عليك (1).
وصل ست ركعات صلاة الزيارة وادع بما أحببت وقل: السلام عليك يا
أمير المؤمنين، عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار.
ثم أومئ إلى الحسين عليه السلام وقل: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك
يا ابن رسول الله، أتيتكما زائرا ومتوسلا إلى الله تعالى ربي وربكما ومتوجها إلى الله
بكما، مستشفعا بكما إلى الله في حاجتي هذه فاشفعا لي فان لكما عند الله المقام
المحمود والجاه الوجيه والمنزل الرفيع والوسيلة، إني أنقلب عنكما منتظرا

(1) مصباح الزائر ص 8978.
307

لتنجز الحاجة وقضائها ونجاحها من الله بشفاعتكما لي إلى الله في ذلك، فلا أخيب
ولا يكون منقلبي عنكما منقلبا خاسرا بل يكون منقلبي منقلبا راجحا مفلحا منجحا
مستجابا لي بقضاء جميع الحوائج فاشفعا لي، أنقلب على ما شاء الله لا حول ولا قوة
إلا بالله، مفوضا أمري إلى الله ملجئا ظهري إلى الله متوكلا على الله، وأقول
حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله ووراءكم يا سادتي منتهى، ما
شاء الله ربي كان، وما لم يشأ لم يكن، يا سيدي يا أمير المؤمنين ومولاي وأنت يا
أبا عبد الله سلامي عليكما متصل ما اتصل الليل والنهار، واصل إليكما غير محجوب
عنكما سلامي إنشاء الله، واسئله بحقكما أن يشاء ذلك ويفعل فإنه حميد مجيد
أنقلب يا سيدي عنكما تائبا حامدا لله شاكرا راضيا مستيقنا للإجابة غير آيس و
لا قانط عائدا راجعا إلى زيارتكما غير راغب عنكما بل راجع إنشاء الله تعالى إليكما
يا ساداتي رغبت إليكما بعد أن زهد فيكما وفي زيارتكما أهل الدنيا فلا يخيبني الله
فيما رجوت وما أملت في زيارتكما إنه قريب مجيب.
ثم استقبل إلى القبلة وقل: يا الله يا الله، يا مجيب دعوة المضطرين، ويا
كاشف كرب المكروبين، ويا غياث المستغيثين، ويا صريخ المستصرخين، ويا من
هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، ويا من هو الرحمن
الرحيم، يا من على العرش استوى، يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
ويا من لا تخفى عليه خافية، يا من لا تشتبه عليه الأصوات، يا من لا تغلطه الحاجات
يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، يا مدرك كل فوت، يا جامع كل شمل يا بارئ
النفوس بعد الموت، يا من هو كل يوم في شأن، يا قاضي الحاجات، يا منفس
الكربات، يا معطي السؤلات، يا ولي الرغبات، يا كافي المهمات، يا من يكفي
من كل شئ ولا يكفي منه شئ في السماوات والأرض، أسئلك بحق محمد وعلي
أمير المؤمنين وبحق فاطمة بنت نبيك وبحق الحسن والحسين فاني بهم أتوجه
إليك في مقامي هذا وبهم أتوسل وبهم استشفع إليك، وبحقهم أسئلك وأقسم
وأعزم عليك، وبالشأن الذي لهم عندك وبالذي فضلتهم على العالمين، وباسمك
308

الذي جعلته عندهم وبه خصصتهم دون العالمين وبه أبنتهم وأبنت فضلهم من كل
فضل، حتى فاق فضلهم فضل العالمين جميعا، وأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد
وأن تكشف عني غمي وهمي وكربي، وأن تكفيني المهم من أمري وتقضي
عني ديني وتجيرني من الفقر والفاقة وتغنيني عن المسألة إلى المخلوقين، وتكفيني هم
من أخاف همه، وعسر من أخاف عسره، وحزونة من أخاف حزونته، وشر من أخاف
شره ومكر من أخاف مكره، وبغي من أخاف بغيه، وجور من أخاف جوره، وسلطان
من أخاف سلطانه، وكيد من أخاف كيده، واصرف عني كيده ومكره، و
مقدرة من أخاف مقدرته علي، وترد عني كيد الكيدة ومكر المكرة، اللهم
من أرادني بسوء فأرده ومن كادني فكده واصرف عني كيده وبأسه وأمانيه و
امنعه عني كيف شئت وأنى شئت، اللهم اشغله عني بفقر لا تجبره وبلاء لا تستره
وبفاقة لا تسدها وبسقم لا تعافيه وبذل لا تعزه ومسكنة لا تجبرها، اللهم اجعل
الذل نصب عينيه وادخل الفقر في منزله والسقم في بدنه، حتى تشغله عني بشغل
شاغل لا فراغ له، وأنسه ذكري كما أنسيته ذكرك، وخذ عني بسمعه وبصره و
لسانه ويده ورجله وقلبه وجميع جوارحه، وأدخل عليه في جميع ذلك السقم ولا
تشفه حتى تجعل له ذلك شغلا شاغلا عنى وعن ذكري، واكفني يا كافي ما لا يكفي
سواك، يا مفرج من لا مفرج له سواك، ومغيث من لا مغيث له سواك، وجار من
لا جار له سواك، وملجأ من لا ملجأ له غيرك، أنت ثقتي ورجائي ومفزعي ومهربي و
ملجأي ومنجاي فبك أستفتح وبك استنجح، وبمحمد وآل محمد أتوجه إليك
وأتوسل وأتشفع، يا الله يا الله يا الله ولك الحمد ولك المنة وإليك المشتكي
وأنت المستعان، فأسئلك بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وأن
تكشف عني غمي وهمي وكربي في مقامي هذا كما كشفت عن نبيك غمه و
كربه وهمه وكفيته هول عدوه، فاكشف عني كما كشفت عنه، وفرج عني
كما فرجت عنه، واكفني كما كفيته، واصرف عني هول ما أخاف هوله، و
مؤنة من أخاف مؤنته، وهم من أخاف همه بلا مؤنة على نفسي من ذلك واصرفني
309

بقضاء حاجتي وكفاية ما أهمني همه من أمر دنياي وآخرتي يا أرحم الراحمين
ثم تلتفت إلى أمير المؤمنين عليه السلام وتقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين والسلام
على أبي عبد الله الحسين ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني
لزيارتكما ولا فرق الله بيني وبينكما ثم تنصرف (1).
أقول: أورد السيد رحمه الله هذه الزيارة إلى قوله: وعلى الدهر ظهيرا
فاني عبد الله ووليك وزائرك صلى الله عليك وسلم كثيرا، ثم قال: ثم صل صلاة
الزيارة ست ركعات له ولآدم ونوح عليهم السلام لكل واحد منهم ركعتان، ثم قم فزر
الحسين عليه السلام من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام بالزيارة الثانية من زيارتي عاشورا
اتباعا لما ورد إنشاء الله.
أقول: سيظهر مما سننقله من الزيارات المخصوصة ليوم عاشورا بمعونة ما ذكره
السيد ههنا وسيعيده هناك أن هذه الزيارة منقولة من طريق صفوان عن الصادق
عليه السلام وسيأتي إسناده، وسيتضح لك ما فعله المفيد والسيد ره من التغير
والاختصاص، وينبغي ضم تلك الزيارة مع ما سيأتي ليحوز الزائر تلك الفضيلة
الجليلة التي اشتملت عليها تلك الرواية المعتبرة الآتية.
24 ويؤيد ذلك ما رواه مؤلف المزار الكبير قال: روى محمد بن خالد الطيالسي
عن سيف بن عميرة قال: خرجت مع صفوان بن مهران الجمال وجماعة من أصحابنا
إلى الغري بعد ما ورد أبو عبد الله عليه السلام فزرنا أمير المؤمنين فلما فرغنا من الزيارة
صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله عليه السلام وقال: نزور الحسين بن علي عليه السلام
من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه السلام، وقال صفوان: وردت مع سيدي
أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام ففعل مثل هذا ودعا بهذا الدعاء بعد
أن صلى وودع، ثم قال لي: يا صفوان تعاهد هذه الزيارة وادع بهذا الدعاء
وزرهما بهذه الزيارة فاني ضامن على الله لكل من زارهما بهذه الزيارة ودعا بهذا
الدعاء من قرب أو بعد أن زيارته مقبولة وأن سعيه مشكورا وسلامه واصل غير

(1) مصباح الزائر ص 146145.
310

محجوب، وحاجته مقضية من الله بالغا ما بلغت وأن الله يجيبه يا صفوان، وجدت
هذه الزيارة مضمونا بهذا الضمان عن أبي، وأبي عن أبيه علي بن الحسين، و
الحسين عن أخيه الحسن عن أمير المؤمنين عليه السلام مضمونا بهذا الضمان، وأمير المؤمنين
عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله، عن جبرئيل مضمونا بهذا الضمان قال: آلى الله
عز وجل أن من زار الحسين بن علي بهذه الزيارة من قرب أو بعد في يوم عاشورا
ودعا بهذا الدعاء قبلت زيارته وشفعته في مسئلته بالغا ما بلغ وأعطيته سؤله ثم لا
ينقلب عني خائبا، وأقلبه مسرورا قريرا عينه بقضاء حوائجه والفوز بالجنة و
العتق من النار وشفعته في كل من يشفع ما خلا الناصب لأهل البيت، آلى الله بذلك
على نفسه واشهد ملائكته على ذلك.
وقال جبرئيل: يا محمد إن الله أرسلني إليك مبشرا لك ولعلي وفاطمة و
الحسن والحسين والأئمة من ولدك فدام إلى يوم القيامة سرورك يا محمد وسرور
علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة وشيعتكم إلى يوم البعث.
وقال صفوان: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا صفوان إذا حدث لك إلى إلى الله حاجة
فزره بهذه الزيارة من حيث كان وادع بهذا الدعاء وسل ربك حاجتك تأتك
من الله والله غير مخلف وعد رسول الله صلى الله عليه وآله بمنه، والحمد لله، وهذه الزيارة
السلام عليك يا رسول الله، وساقها إلى آخر ما أورده المفيد ره (1).
ولنوضح بعض ما ربما يخفى على بعض الأذهان ن عبارات تلك الزيارة
السالفة " قوله: " يا ولي الله أي محبه أو محبوبه أو من جعله الله أولى بأمر الخلق
أو بأنفسهم في قوله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله " الآية " قوله عليه السلام: " أشهد
أنك كلمة التقوى إشارة إلى قوله تعالى: " وألزمهم كلمة التقوى " وفسرها
أكثر المفسرين بكلمة الشهادة، وقالوا: إضافة الكلمة إلى التقوى لأنها سببها أو
كلمة أهلا أو بها يتقى من النار، وورد في الاخبار أن المراد بها الأئمة عليهم السلام فاطلاق
الكلمة عليهم لانتفاع الناس بهم وبكلامهم (2).

(1) المزار الكبير ص 6965.
(2) القاموس ج 4 ص 172.
311

قال الفيروزآبادي: عيسى كلمة الله لأنه ينتفع به وبكلامه، والحاصل
أن المتكلم يظهر بكلامه ما أراد إظهاره والله تعالى بخلقهم عليهم السلام أظهر ما أراد
إظهاره من علومه ومعارفه وجلالة شأنه، ويحتمل أن يكون المراد أن ولايتهم والايمان
بهم كلمة بها يتقى من النار، فههنا تقدير مضاف إما في اسم أن أو في خبر ها اي
أن ولايتك كلمة التقوى أو أنك ذو كلمة التقوى، ومثل هذا الحمل على جهة
المبالغة شايع.
وقد مر تفسير ساير صفاته ومناقبه صلوات الله عليه في كتاب الإمامة وكتاب
أحواله عليه السلام فلا نعيدها حذرا من التكرار " قوله عليه السلام: " مد حوض يقال: دحضت
الحجة دحضا بطلت ولم أره متعديا في اللغة، ولعله كان في الأصل مدحض على
بناء الافعال فصحف وقد يأتي المفعول بمعنى الفاعل، فلعل المراد به الداحض أو
جاء متعديا ولم يطلع عليه اللغويون " قوله عليه السلام: " أول مظلوم اي من الأئمة
بعد النبي صلى الله عليه وآله " قوله: " واحتسبت اي كان صبرك أو ساير أعمالك لله تعالى
لا لغرض آخر قال الجزري: (1) في الحديث من صام رمضان إيمانا واحتسابا اي
طلبا لوجه الله وثوابه، والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد، وإنما قيل لمن
ينوى بعمله وجه الله احتسبه لان له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة
الفعل كأنه معتد به، والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المكروهات هو
البدار إلى طلب الاجر، وتحصيله بالتسليم والصبر أو باستعمال أنواع البر والقيام
بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها انتهى " والصديق " الكثير
الصدق في القول والعمل والذي صدق رسول الله صلى الله عليه وآله أسبق وأكثر وأشد من غيره
وقال الفيروزآبادي (2) العيبة زبيل من أدم وما يجعل فيه الثياب ومن الرجل
موضع سره " قوله عليه السلام: " والتالي لرسوله صلى الله عليه وآله أي الخليفة تلوه وبعده، أو
من منزلته في الفضل والكرامة بعد مرتبته " قوله: " والمواسي له بنفسه المؤاساة بالهمز
وقد يقلب واوا المشاركة والمساهمة في المعاش أي لم يضن بنفسه بل بذل نفسه

(1) النهاية ج 1 ص 258.
(2) القاموس ج 1 ص 190.
312

في وقايته صلى الله عليهما " قوله: " من غير جفاء قال الفيروزآبادي: (1) جفا
عليه كذا ثقل والجفا نقيض الصلة وقال: (2) الوطر محركة الحاجة وحاجة
لك فيها هم وعناية، فإذا بلغتها فقد قضيت وطرك والجمع أوطار وقال
الجزري: (3) قد تكرر ذكر الوفد في الحديث وهم القوم يجتمعون ويردون
البلاد، وواحدهم وافد، وكذلك الذين يقصدون الامراء لزيارة أو استرفاد و
انتجاع وغير ذلك تقول: وفد يفد فهو وافد وقال (4) في حديث الدعاء أسئلك بمعاقد
العز من عرشك، اي بالخصال التي استحق بها العرش العز أو بمواضع انعقادها
منه وحقيقة معناه بعز عرشك " قوله " ومنتهى الرحمة من كتابك اي منتهى الرحمة التي
تظهر من كتابك اي القرآن أو اللوح ويحتمل أن يكون من بيانية " قوله عليه السلام "
وعزائم مغفرتك اي ما يوجب تحتمها ولزومها " قوله " وعزائم أمره عطف على
قوله أنبيائه اي خاتم أوامر الله العزيمة اللازمة فلا يعتريها بعده نسخ وتبديل
" قوله عليه السلام: " منتهى علمك أي إليه ينتهي ويصل ما يهبط من علمك إلى خلقك
وصلواتك وتحياتك الكاملة، أو كل عالم بعده ينتهى علمه إليه ومنه أخذه إما
بلا واسطة أو بواسطة أو بوسايط، وكذا الرحمات والتحيات تنتهي إليه لأنه السبب
والوسيلة لحصول الخيرات التي توجبها، ويحتمل أن يقدر فيه مضاف اي هو صاحب
منتهى علمك اي نهاية العلم الذي يمكن حصوله للبشر، وكذا الصلوات والتحيات
وقال الفيروزآبادي: (5) الأزلام قداح كانوا يستقسمون بها في الجاهلية وقال
الجزري (6) هي القداح التي كانت في الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهي افعل
ولا تفعل كان الرجل منهم يضعها في وعاء له فإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما
ادخل يده فأخرج منها زلما فان خرج الامر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف

(1) القاموس ج 4 ص 313.
(2) القاموس ج 2 ص 154.
(3) النهاية ج 4 ص 237 (4) النهاية ج 3 ص 128.
(5) القاموس ج 4 ص 125.
(6) النهاية ج 2 ص 139.
313

عنه ولم يفعله انتهى.
أقول: ولعله هنا كناية عن خلفاء الجور وأتباعهم كما أن سابقه ولا حقه أيضا
كناية منهم والوبيل الشديد (قوله عليه السلام) والقدر البالغ في الحمل مبالغة اي لله في
خلقكم تقدير كامل لصلاح أمر العباد ونظامه (قوله) والسفرة هم الملائكة يحصون
الأعمال وتطلق على الأنبياء والأئمة عليهم السلام وهنا يحتملهما (قوله) حافون أي
مطيفون و (الرمس) بالفتح القبر (قوله) واها لك قال الجزري فيه (1) من ابتلى
فصبر واها واها قيل معنى هذه الكلمة التهلف وقد توضع للاعجاب بالشئ يقال واها
له (قوله عليه السلام) على اسم الله استعير الاسم له عليه السلام لدلالته على الله وصفاته المقدسة
كما أن الاسم يدل على المسمى أو لان التوسل به يوجب حصول المطالب كالتوسل
بأسمائه تعالى، أو المراد أنه العالم باسم الله الأعظم، والمراد بالوجه الجهة التي
يؤتى منها اي لا يوصل إليه تعالى إلا من جهتهم ولكونه الوسيلة إلى الوصول إلى الله
فكأنه صراطه، أو ولايته ومتابعته صراط يوصل الخلق إلى الله، وقد مر تفسير
تلك الكلمات وأمثالها مفصلا في كتاب التوحيد وكتاب الإمامة (والوغى) كفتى
الصوت والجلبة وهنا كناية عن معارك الحروب (والدحو) رمي اللاعب بالحجر و
الجوز ونحوه (قوله عليه السلام) بلسان الأنبياء اي بنحو مكالمتهم أو من جانب الرسول
صلى الله عليه وآله والأول أظهر (والفلا) جمع الفلاة وهي المفازة لا ماء فيها
أو الصحراء الواسعة ولعل الجمع لتعدد صدور تلك المعجزة كما مر في معجزاته
صلوات الله وسلامه عليه (قوله) في يوم الورى اي يوم حسابهم أو شدتهم وعجزهم (قوله
عليه السلام) على من عنده أم الكتاب اي علم اللوح المحفوظ أو لفظ القرآن وعلمه
والبهم الأسود، والاكتئاب بالهمزة وقد يقلب ياء الحزن وقال الفيروزآبادي (2)
حسبك درهم كفاك وهذا رجل حسبك من رجل اي كاف لك من غير (قوله عليه السلام)
أشهد أنك الطور إشارة إلى تأويل قوله تعالى عليه " والطور وكتاب مسطور في رق

(1) النهاية ج 4 ص 201.
(2) القاموس ج 1 ص 45.
314

منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور " وإنما شبه عليه السلام بالطور
لرزانته وحلمه ورفعته، ولكونه سببا لثبات الأرض وانتظامها كما أن الجبل
سبب لعدم تزلزل الأرض ووتدلها، وإنما شبه بالجبل المخصوص لكونه محلا
للوحي، والرق الجلد الذي يكتب فيه، استعير هنا لما ينقش فيها العلم مطلقا، و
فسر المفسرون الكتاب المسطور فيه بالقرآن أو ما كتبه الله في اللوح المحفوظ
أو ألواح موسى أو في قلوب أوليائه من المعارف والحكم أو ما يكتبه الحفظة فتشبيهه
عليه السلام بالكتاب ظاهر لكونه حاملا للفظه ومعناه وعاملا بمغزاه، وفي أكثر
النسخ والرق المنشور فالمراد بالكتاب هنا ليس ما هو المراد في الآية أو فيه تقدير
اي أنت محل الكتاب المسطور، وفي بعض النسخ في الرق المنشور وهو أظهر
فيكون التشبيه لمجموع ذاته الشريفة وعلمه بجزئي الآية وهما الرق والكتاب
والتشبيه بالبحر ظاهر لوفور علمه والمسجور المملو أو الموقد إشارة إلى علمه
وسطوته معا، والعناية بالكسر والفتح الاعتناء والاهتمام (قوله) ما دحى الليل
اي أظلم وكذا غسق بمعناه ويقال ذرت الشمس إذا طلعت والشارق الشمس
حين تشرق، والنجدة الشجاعة، والإبادة الاهلاك، والكتايب جمع الكتيبة و
هي الجيش، والمراس الشدة، والنهى العقل، والطول بالفتح الفضل والعلو
على الأعداء، والمكرمة بضم الراء فعل الكرم والنائل العطاء (قوله) يا عين الله
اي شاهده على عباده فكما أن الرجل ينظر بعينه ليطلع على الأمور كذلك خلقه الله
ليكون شاهدا على الخلق ناظرا في أمورهم، والعين يكون بمعنى الجاسوس و
بمعنى خيار الشئ، وقال الجزري (1) في حديث عمر أن رجلا كان ينظر في الطواف
إلى حرم المسلمين فلطمه علي عليه السلام فاستعدى عليه فقال: ضربك بحق أصابته عين
من عيون الله أراد خاصة من خواص الله عز وجل ووليا من أوليائه انتهى، واليد
كناية عن النعمة والرحمة أو القدرة، وجهة الاستعارة في الاذن أيضا واضح لأنه خلقه الله
تعالى ليسمع ويحفظ علوم الأولين والآخرين، وقد وردت أخبار كثيرة من طرق الخاص

(1) النهاية ج 3 ص 163.
315

والعام أنه لما نزلت و " تعيها أذن واعية " قال النبي صلى الله عليه وآله: سالت الله أن يجعلها أذنك
يا علي " قوله عليه السلام: " وحكمته البالغة أي مظهرها أو مخزنها، والسابغة الكاملة " قوله
عليه السلام: " على الأصل القديم أي أصل الأئمة ومبدؤهم، والمراد بالقديم
المتقادم في الزمان لا الأزلي لكون نورهم سابقا في الخلق على ساير المخلوقات
والفرع الكريم لكونه فرع شجرة الأنبياء والأصفياء، والتشبيه بالثمرة والشجرة
والسدرة ظاهر لوفور منافعه وعموم فوائده لجميع المخلوقات، ولا يبعد كونه هو
المراد من بطون. تلك الآيات، والسليل الولد، والعنصر بضم الصاد وقد يفتح
الأصل والحسب، والجمع للمبالغة أو المراد أحد العناصر وفي بعض النسخ بصيغة
المفرد " قوله عليه السلام: " على حبل الله المتين إنما شبه عليه السلام بالحبل لأنه من
تمسك به وبولايته وصل إلى أعالي الدرجات وسلك سبيل النجاة، فهو الحبل
الممدود بين الله وبين خلقه، وقد مر أخبار كثيرة في قوله تعالى: " واعتصموا بحبل
الله جميعا " أنه الولاية، والمتانة الشدة " قوله عليه السلام: " وجنبه المكين لعل
المراد بالجنب الجانب والناحية وهو عليه السلام الناحية التي أمر الله الخلق
بالتوجه إليه والجنب يكون بمعنى الأمير وهو مناسب ويحتمل أن يكون كناية
عن أن قرب الله تعالى لا يحصل إلا بالتقرب بهم كما أن من أراد القرب من
الملك يجلس بجنبه ويؤيده ما روي عن الباقر عليه السلام أنه قال في تفسير هذا
الكلام: ليس شئ أقرب إلى الله تعالى من رسوله ولا أقرب إلى رسوله من وصيه
فهو في القرب كالجنب وقد بين الله تعالى ذلك في كتابه في قوله " أن تقول نفس يا
حسرتي على ما فرطت في جنب الله " يعني في ولاية أوليائه الخبر، والمكانة المنزلة
عند الملك قوله عليه السلام: وكلمته الباقية إشارة إلى قوله تعالى " وجعلها كلمة باقية
في عقبه " وقد مضت الاخبار في أن المراد بالكلمة هي الإمامة وبالعقب هو الأئمة عليهم السلام
ففي الكلام تقدير مضاف، والثاقب المضئ قوله عليه السلام: وبالنور العاقب اي الآتي
بعد الرسول صلى الله عليه وآله وخليفته.
قال الفيروزآبادي: (1) والجزري (2) العاقب الذي يخلف من كان قبله في

(1) القاموس ج 1 ص 106.
(2) النهاية ج 3 ص 127.
316

الخير " قوله عليه السلام: " لا يأتي عليها اي لا يذهبها ويفنيها يقال أتى عليه الدهر اي
أهلكه واستأصله.
ثم اعلم: أنه لا يظهر من الاخبار المسندة التي قدمناها كون الأربع
ركعات لآدم ونوح بل بعضها يدل على خلاف ذلك كما عرفت.
25 - المصباحين: زيارة أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام ومقدمات ذلك:
إذا أتيت الكوفة فاغتسل من الفرات قبل دخولها فإنها حرم الله وحرم رسول
الله صلى الله عليه وآله وحرم أمير المؤمنين عليه السلام وقل حين تريد دخولها: " بسم الله وبالله وفي
سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير
المنزلين " ثم امش وأنت تكبر الله تعالى وتهلله وتحمده وتسبحه حتى تأتي
المسجد فإذا أتيته فقف على بابه، واحمد الله كثيرا، وأثن عليه بما هو أهله، و
صل على النبي صلى الله عليه وآله وعلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ثم ادخل فصل ركعتين
تحية للمسجد،، وصل بعدها ما بدالك ثم امض فاحرز رحلك وتوجه إلى أمير
المؤمنين على طهرك وغسلك وعليك السكينة والوقار حتى تأتي مشهده عليه السلام
فإذا أتيته فقف على بابه وقل: " الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر الحمد لله
على هدايته لدينه والتوفيق لما دعا إليه من سبيله، اللهم صل على محمد وآل محمد و
اجعل مقامي هذا مقام من لطفت له بمنك في إيقاع مرادك وارتضيت له قرباته في
طاعتك، وأعطيته به غاية مأموله ونهاية سؤله، إنك سميع الدعاء قريب مجيب
اللهم إنك أفضل مقصود، وأكرم مأتي، وقد أتيتك متقربا إليك بنبيك نبي
الرحمة وبأخيه أمير المؤمنين عليه السلام، فصل على محمد وآل محمد، ولا تخيب سعيي
وانظر إلى نظرة تنعشني بها، واجعلني عندك وجيها في الدنيا والآخرة و
من المقربين ".
ثم ادخل وقدم رجلك اليمنى على اليسرى وقل: " بسم الله وبالله وفي
سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، اللهم اغفر لي وارحمني " ثم امش حتى
تحاذي القبر واستقبله بوجهك وقل: " السلام على رسول الله، السلام على أمين
317

الله على وحيه، وعزائم أمره، والخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل، والمهيمن
على ذلك كله ورحمة الله وبركاته، السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام، وصي رسول الله وخليفته والقائم بالامر من بعده، وسيد الوصيين
ورحمة الله وبركاته، السلام على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله سيدة نساء العالمين
السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين، السلام
على الأئمة الراشدين، السلام على الأنبياء والمرسلين، السلام على الملائكة
المقربين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " ثم امش حتى تقف على القبر
وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك وتقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين
ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا صفوة الله،
السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا عمود الدين، السلام عليك يا حجة
الله على الخلق أجمعين، السلام عليك أيها النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون وعنه
مسؤلون، السلام عليك أيها الصديق الأكبر، السلام عليك أيها الفاروق الأعظم
السلام عليك يا وصي خاتم النبيين، السلام عليك يا سيد الوصيين، السلام عليك
يا أمين الله، السلام عليك يا خليل الله، وموضع سره وعيبة علمه وخازن وحيه، بأبي أنت
وأمي يا مولاي يا أمير المؤمنين يا حجة الخصام بأبي أنت وأمي يا باب المقام، اشهد
أنك حبيب الله وخاصته وخالصته، اشهد أنك عمود الدين ووارث علم الأولين
والآخرين، وصاحب الميسم والصراط المستقيم، اشهد أنك قد بلغت عن رسول
الله ما حملك، وحفظت ما استودعك وحللت حلاله وحرمت حرامه وأقمت
أحكام الله ولم تتعد حدوده، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، اشهد أنك قد
أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، و
اتبعت الرسول، وتلوت الكتاب حق تلاوته، وجاهدت في الله حق جهاده، و
نصحت لله ورسوله، وجدت بنفسك صابرا محتسبا، وعن دين الله مجاهدا، ولرسوله
صلى الله عليه وآله موقيا، ولما عند الله طالبا، وفيما وعد راغبا، ومضيت
318

للذي كنت عليه شهيدا وشاهدا ومشهودا، فجزاك الله عن رسوله صلى الله عليه وآله، عن
الاسلام وأهله أفضل الجزاء، لعن الله من خالفك، ولعن الله من ظلمك، ولعن الله
من افترى عليك وغضبك، ولعن الله من قتلك، ولعن الله من تابع على قتلك،
ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، انا إلى الله منهم براء لعن الله أمة خالفتك، و
أمة جحدت ولايتك، وأمة تظاهرت عليك، وأمة قتلتك وأمة حادت عنك، و
أمة خذلتك، الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود، اللهم
العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك وأصلهم حر نارك، اللهم العن
الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والعزي وكل ند يدعى من دونك
وكل ملحد مفتر، اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم
لعنا كبيرا لا انقطاع له ولا نفاد ولا منتهى ولا أجل، اللهم إني أبرء إليك من
جميع أعدائك، وأسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل لي لسان صدق
في أوليائك وتحبب إلي مشاهدهم حتى تلحقني بهم وتجعلني لهم تبعا في الدنيا
والآخرة يا ارحم الراحمين.
ثم تحول إلى عند رأسه عليه السلام وقل: سلام الله وسلام ملائكته
المقربين والمسلمين لك بقلوبهم، والناطقين بفضلك، والشاهدين على أنك صادق
صديق عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وعلى روحك
وبدنك، وأشهد أنك طهر طاهر مطهر، واشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ
والأداء، واشهد أنك جنب الله وأنك وجه الله الذي يؤتى منه وأنك سبيل الله
وأنك عبد الله وأخو رسوله، أتيتك وافدا لعظيم حالك ومنزلتك عند الله وعند رسوله
صلى الله عليه وآله، أتيتك متقربا إلى الله بزيارتك في خلاص نفسي، متعوذا من
نار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي، أتيتك انقطاعا إليك وإلى وليك الخلف
من بعدك على الحق، فقلبي لك مسلم وأمري لك متبع ونصرتي لك معدة وأنا
عبد الله ومولاك في طاعتك، والوافد إليك، التمس بذلك كمال المنزلة عند الله
وأنت يا مولاي من أمرني الله بصلته، وحثني على بره، ودلني على فضله، وهداني
319

لحبه، ورغبني إليه، وألهمني في الوفادة إليه طلب الحوائج عنده، أنتم أهل بيت يسعد
من تولاكم، ولا يخيب من يهواكم، ولا يسعد من عاداكم، لا أجد أحدا أفزع
إليه خيرا لي منكم، أنتم أهل بيت الرحمة ودعائم الدين وأركان الأرض والشجرة
الطيبة، اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وآل رسولك واستشفاعي بهم إليك،
اللهم أنت مننت علي بزيارة مولاي أمير المؤمنين وولايته ومعرفته، فاجعلني ممن
تنصره وتنتصر به ومن على بنصري لدينك في الدنيا والآخرة، اللهم إني أحيى على
ما حيي عليه مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأموت على ما مات عليه.
ثم انكب على القبر فقبله وضع خدك الأيمن عليه ثم الأيسر، ثم انفتل إلى
القبلة وتوجه إليها وأنت في مقامك عند الرأس فصل ركعتين تقرا في الأولى فاتحة
الكتاب وسورة الرحمن وفي الثانية الحمد ويس، ثم تتشهد وتسلم فإذا سلمت
تسبح تسبيح الزهراء عليها السلام واستغفر وادع واسجد لله شكرا وقل في سجودك: " اللهم
إليك توجهت، وبك اعتصمت، وعليك توكلت، اللهم أنت ثقتي ورجائي فاكفني
ما أهمني ومالا يهمني، وما أنت أعلم به مني، عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله
غيرك، صل على محمد وآل محمد وقرب فرجهم " ثم ضع خدك الأيمن على الأرض
وقل " ارحم ذلي بين يديك وتضرعي إليك ووحشتي من العالم وأنسي بك يا
كريم " ثلاثا ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل " لا إله إلا أنت ربي حقا
حقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم "
ثلاثا ثم عد إلى السجود وقل: شكرا شكرا مائة مرة فتقوم فتصلي أربع ركعات
تقرأ فيها بمثل ما قرأت به في الركعتين ويجزيك أن تقرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر
وسورة الاخلاص، ويجزيك إذا عدلت عن ذلك ما تيسر لك من القرآن تكمل
بالأربع ست ركعات: الركعتان الأوليان منها لزيارة أمير المؤمنين عليه السلام والأربع
لزيارة آدم ونوح عليهما السلام ثم تسبح تسبيح الزهراء عليهما السلام، وتستغفر لذنبك وتدعو
بما بدالك، وتتحول إلى الرجلين فتقف وتقول: " السلام عليك يا أمير المؤمنين
ورحمة الله وبركاته أنت أول مظلوم وأول مغصوب حقه، صبرت واحتسبت حتى
320

أتاك اليقين، اشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب
جئتك زائرا عارفا بحقك، مستبصرا بشأنك، معاديا لأعدائك ألقى الله على ذلك
ربي إنشاء الله، ولي ذنوب كثيرة فاشفع لي عند ربك فان لك عند الله مقاما معلوما
وجاها واسعا وشفاعة، وقد قال الله تعالى: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته
مشفقون، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك، وعلى الأئمة من ذريتك صلاة
لا يحصيها إلا هو، وعليكم أفضل السلام ورحمة الله وبركاته " واجتهد في الدعاء فإنه
موضع مسألة، وأكثر من الاستغفار فإنه موضع مغفرة واسئل الحوائج فإنه مقام
إجابة فإن أردت المقام في المشهد يومك أو ليلتك فأقم فيه وأكثر من الصلاة
والزيارة والتحميد والتسبيح والتكبير والتهليل وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن
والدعاء والاستغفار (1).
أقول: ثم ذكر رحمه الله الوداع نحوا مما مر برواية ابن قولويه، ولعله
رحمه الله جمع بين الزيارة وألفها، وإنما أوردنا تلك الزيارات مع تقارب ألفاظها
لاحتمال أن يكون لكل منها رواية مخصوصة لم نعثر عليها، وأما قراءة يس
والرحمن في صلاة الزيارة، فلعلها مأخوذة من رواية أبي حمزة الثمالي المشتملة على
الزيارة الطويلة للحسين عليه السلام وستأتي، فإن فيها استحباب قراءة هاتين السورتين
في الصلاة عند زيارة كل إمام لكن فيها في أكثر النسخ بتقديم يس على الرحمن
وهنا بالعكس وهذا الاختلاف واقع في كثير من المواضع التي ذكروا فيها
هذه الصلاة.
26 - المصباحين: زيارة أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام تقول: السلام عليك يا
أمير المؤمنين، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك
يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا إمام الهدى، السلام عليك يا
علم التقى، السلام عليك يا أبا الحسن، السلام عليك يا عمود الدين ووارث علم
الأولين والآخرين وصاحب الميسم والصراط المستقيم، اشهد أنك قد أقمت الصلاة

(1) مصباح الشيخ ص 515 ومصباح الكفعمي ص 476.
321

وبلغت عن الله عز وجل، ووفيت بعهد الله وتمت بك كلمات الله،. وجاهدت في الله
حق جهاده، ونصحت لله ولرسوله، وجدت بنفسك صابرا ومجاهدا عن دين الله
مؤمنا برسول الله، طالبا ما عند الله، راغبا فيما وعد الله، ومضيت للذي كنت عليه
شاهدا وشهيدا ومشهودا، فجزاك الله عن رسوله وعن الاسلام وأهله من صديق
أفضل الجزاء، كنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم
لله وأعظمهم عناء، وأحوطهم على رسوله، وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق،
وأرفعهم درجة، وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه، قويت حين ضعف أصحابه، و
برزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله، كنت
خليفته حقا لم تنازع برغم المنافقين، وغيظ الكافرين وكره الحاسدين، وضعف
الفاسقين، فقمت بالامر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا
فمن اتبعك فقد هدي، كنت أقلهم كلاما، وأصوبهم منطقا، وع أكثرهم رأيا، و
أشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعناهم بالأمور، كنت للدين
يعسوبا: أولا حين تفرق الناس، وأخيرا حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما
إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت
ما أهملوا، وشمرت إذا اجتمعوا، وشهدت إذ جمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت
إذ جزعوا، كنت على الكافرين عذابا صبا، وللمؤمنين غيثا وخصبا، لم تفلل حجتك
ولم يرع قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك ولم تهن، كنت كالجبل
لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، وكنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ضعيفا
في بدنك، قويا في أمر الله تعالى، متواضعا في نفسك عظيما، عند الله عز وجل،
كبيرا في الأرض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك
مغمز، ولا لاحد فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك
قوي عزيز حتى تأخذ بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ
منه الحق، والقريب والبعيد عندك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق و
قولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم، اعتدل بك الدين، وسهل
322

بك العسير، وأطفئت بك النيران، وقوي بك الايمان، وثبت بك الاسلام و
المؤمنون، سبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء،
وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فانا لله وإنا إليه راجعون.
رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا
كنت للمؤمنين كهفا حصينا وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا
حرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وتصلي عنده عليه السلام ست ركعات تسلم في كل ركعتين لان في قبره عظام
آدم، وجسد نوح، وأمير المؤمنين فتصلي لكل زيارة ركعتين.
27 - الكتاب العتيق الغروي: وزيارة أخرى لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إذا خرجت
من البلد الذي أنت به مقيم متوجها إلى نحو الغري والخير والمشاهد الشريفة
بالطاهرين الأبرار عليهم السلام والرحمة والبركة فقل: اللهم إليك أخرج، وإليك
أتوجه، وبك آمنت، وعليك توكلت، وبك استعنت، وإلى مشاهد أوليائك
وأصفيائك قصدت، وإليك رغبت، فصل على محمد وآل محمد الطاهرين، وبلغني
أملي ورجائي في زيارتي إياهم وقصدي إليهم، في خير وعافية وستر وسلامة
وأمن وكفاية وردني مقبولا مبرورا مأجورا موفورا سعيدا غانما وارزقني
العود، اللهم ما أبقيتني فلا تجعله آخر العهد لزيارة مشاهدهم ومعارجهم إنك
ارحم الراحمين.
فإذا بلغت فاغتسل من حيث يجب الغسل منه، وأكثر في طريقك التسبيح و
التحميد والتهليل والتكبير والتمجيد وأفضله وأجمعه أن تقول: سبحان الله
والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، و
صلى الله على محمد النبي وعلى آله الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما.
فإذا صرت إلى الغري وقربت من القبر فقل حين تراه: اللهم إني أريدك
فأردني وإني أقبلت إليك بوجهي. فلا تعرض بوجهك عني، وإني قصدت إليك
فتقبل مني، وإن كنت علي ساخطا فارض عني، وإن كنت لي ماقتا فتب علي
323

ارحم مسيري إلى وصي رسولك أبتغي بذلك رضاك عني فلا تخيبني.
وعليك السكينة الوقار وقل: السلام من الله، والسلام إلى الله، والسلام
على رسول الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام، وعلى
رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة أجمعين السلام، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك
وأمينك، وخازن علمك، الفاتح لما أغلق، والخاتم لما قد سبق، والمهيمن
على ذلك كله، السلام عليك يا حجة الله وأمينه وخازن علمه، ووارث أنبيائه و
معدن حكمته، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا سيد الوصيين، السلام
عليك يا وارث علم الأولين، السلام على يا باب الهدى، السلام عليك يا
امام التقوى.
ثم أخط عشر خطوات ثم قف وكبر ثلاثين تكبيرة وقل: السلام عليك يا
وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث
إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث
عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك أيها الشهيد
الوصي، السلام عليك أيها البار التقي، السلام عليك أيها الامام الزكي
السلام عليك أيها الهادي المهتدي، السلام عليك يا أمين الله وحجته، السلام
عليك يا خازن العلم، السلام عليك يا وصي رسول الله، السلام عليك يا باب الله
الهدى، السلام عليك يا عروة الله الوثقى، السلام عليك يا صاحب النجوى، السلام
عليك يا صاحب الميسم، السلام عليك يا حجة الله على العالمين، السلام عليك أيها
الصراط المستقيم، السلام عليك يا أمين رب العالمين، السلام عليك يا حبل الله
المتين، وصراطه المستقيم، وعروته الوثقى، ويده العليا، السلام عليك يا قسيم
النار، السلام عليك يا ذائدا عن الحوض أعداء الله، السلام عليك يا وجه الله الذي
منه يؤتى، السلام عليك أيها الركن والملجأ، السلام عليك أيها الكهف الحصين
السلام عليك يا صاحب اللواء، السلام عليك وعلى آلك وذريتك، الذين حباهم
الله بالحجج البالغة والنور والصراط المستقيم، أشهد أنك حجة الله وأمينه و
324

وصي رسوله، وخازن علمه، واشهد انك قد بلغت ونصحت وصبرت في جنب الله
على الأذى، واشهد أنك قد قولت وحرمت وغصبت وحقرت وظلمت وجحدت
فصبرت في ذات الله، وأشهد أنك قد كذبت وأسئ إليك فغفرت، وأشهد أنت
الامام الراشد الهادي المهدي، هديت وقمت بالحق وعدلت به، واشهد أن
طاعتك مفترضة، وأشهد أن قولك الصدق وأن دعوتك الحق وأشهد أنك
دعوت إلى سبيل الله ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فلم تجب، وأمرت بطاعة الله فلم
تطع، اشهد أنك من دعائم الدين وعماده، وركن الأرض وعمادها وأشهد أنك الشجرة
الطيبة لم تزل بعين الله تتناسخ في أصلاب المطهرين، وتنتقل في أرحام الطاهرات المطهرات
لم تدنسك الجاهلية الجهلاء، ولم تشرك فيك فتن الأهواء، طبت وطاب منبتك لم
تزل بالعرش محدقا حتى من الله بك علينا، فجعلك الله في بيوت أذن الله أن ترفع
ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال، وجعل صلواتنا عليك رحمة
لنا، فطيب خلقنا بما خصنا به من ولايتك، وكنا مسلمين بفضله، وكنا عنده
معروفين بتصديقنا إياك، فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله عليك، وجزاك
عن رعيتك خيرا.
ثم انكب على القبر فقل: السلام عليك يا حجة الله وسيد الوصيين، اشهد
أنك حجة الله قد بلغت عن الله ما أمرت ونصحت ووفيت وجاهدت في سبيل الله
ومضيت على اليقين شاهدا وشهيدا ومشهودا، صلوات الله عليك ورحمته، أنا عبدك
ومولاك وفي طاعتك، الوافد إليك، ألتمس ثبات القدم في الهجرة إليك وكمال
المنزلة في الآخرة، أتيتك بأبي أنت وأمي ونفسي وولدي وأهلي ومالي بحقك
عارفا، مقرا بالهدى الذي أنت عليه عالما به مستقيما، موجبا لطاعتك، مقرا بفضلك
مستبصرا بضلالة من خالفك، لعن الله أمة جحدتك وجحدت حقك وأنكرت طاعتك
وظلمتك وكذبتك وحاربتك، السلام عليك بأبي أنت وأمي ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي جعلني من زوار حجته ووصي رسوله، ورزقني معرفة فضله، والاقرار
بطاعته وحقه، ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، السلام عليك يا إمام الهدى
325

ورحمة الله وبركاته.
ثم استو جالسا وقل: أشهد أنك عبد الله ووصي رسوله وحجته على خلقه
وأمينه على خزائن علمه، وأنك أديت عن الله وعن رسوله صدقا وكنت أميتا، ونصحت
لله ولرسوله مجتهدا ومضيت على يقين، لم تؤثر عمى على هدى، ولم تمل من حق
إلى باطل وأشهد انك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن
المنكر، وقمت بالحق غير واهن ولا موهن، صلوات الله عليك ورحمته، وجزاك
الله عن رعيتك خيرا، اللهم إني أصلي عليه كما صليت عليه وصلت ملائكتك ورسلك
صلاة كثيرة متتابعة متواصلة مترادفة يتبع بعضها بعضا في محضرنا هذا وإذا غبنا
وعلى كل حال أبدا، صلاة لا انقطاع لها ولا نفاد، اللهم أبلغ روحه وجسده مني
في ساعتي هذه تحية كثيرة وسلاما وفي كل ساعة، اللهم العن قتلة أمير المؤمنين
والآمرين بذلك والراضين به والمجوزين له والفرحين به لعنا كثيرا، وعذبهم
عذابا أليما لم تعذب به أحدا من العالمين، اللهم العن جوابيت هذه الأمة وفراعنتها
الرؤساء منهم والاتباع من الأولين والآخرين، واحش قبورهم وأجوافهم نارا
واصلهم من جهنم أشدها نارا، واحشرهم إلى جهنم زرقا، أتيتك بأبي أنت وأمي
وافدا إليك متوجها بك إلى الله ربك وربي لينجح بك طلبتي ويقضي بك حوائجي
ويعطيني بك سؤلي فاشفع عنده وكن لي شفيعا.
ثم قل: يا ربي وسيدي ويا إلهي ومولاي! شفع وليك في حوائجي فقد وفدت
إليك وجئت إلى قبره زائرا متقربا بذلك إليك فلا تجبهني، بغير من مني عليك
بل لك المن علي إذ وفقتني لذلك وهديتني له، وقد جئتك هاربا من ذنوبي متنصلا
إليك من سئ عملي، راجيا لك في موقفي، مبتهلا إليك في العفو عن معاصي مستغفرا
من ذنوبي، راجيا بزيارة وليك وإقامتي عند قبره ووقوفي عليه الخلاص من عقوبتك
طمعا أن تستنقذني من الردى بزيارتي إياه معرفة بحقه، فوردت إليه إذ رغب عن
زيارته أهل الدنيا، واتخذوا آيات الله هزوا، وغرتهم الحياة الدنيا، فلك
المن يا سيدي على ما عرفتني مما جهله أهل الدنيا ومالوا إلى سواه، فكما
326

عرفتني وبصرتني وهديتني، فالهمني شكرك، وزدني من فضلك، وتقبل مني
فإنك تتقبل من المتقين.
ثم ادع لنفسك بما بدالك وازدد وصل واجتهد في الدعاء لأمر آخرتك
ودنياك، فإذا أردت أن تنصرف فقم في الموضع الذي قمت فيه حين دخلت وقل:
السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا أمين الله، السلام عليك يا وصي رسول
الله، السلام عليك يا إمام الهدى، السلام عليك يا باب الرحمة، السلام عليك يا وارث
العلم، السلام عليك يا قسيم النار، السلام عليك يا صاحب الحوض، السلام عليك يا ذاب
عن دين الله، السلام عليك يا ناصر رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، لعن
الله من قتلك، ولعن الله من شرك في دمك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به أنا
إلى الله من أعدائك برئ.
ثم تقول: اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي وترى تضرعي ولواذي
بقبر وليك وحجتك، وأنت تعرف حوائجي ولا يخفى عليك شئ من أمري، وقد
توجهت إليك بوصي رسولك وأمينك وحجتك على خلقك، وجئت زائرا لقبره
متقربا بذلك إليك وإلى رسولك فاجعلني به عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن
المقربين، وأعطني بزيارتي له أملي ورجائي ومناي وسؤلي واقض لي جميع
حوائجي ولا تردني خائبا ولا تقطع رجائي ولا تخيب دعائي وعرفني الإجابة ولا
تجعله آخر العهد من زيارتي إياه وارزقني ذلك أبدا ما أبقيتني وارددني إليه ببر
وتقوى وإخبات، وأعطني على ذلك من الاجر والرحمة والمغفرة والثواب و
حسن الإجابة أفضل ما أعطيته وأنت معطيه أحدا من خلقك ممن أتاه زائرا وبحقه
عارفا، راغبا في زيارته، متقربا في ذلك إليك وإلى رسولك صلى الله عليه وآله بأبي أنت وأمي
ورحمة الله وبركاته.
ثم قم عند رجليه وقل مثل ذلك وقل وأنت مول للخروج: اللهم إني
أسئلك بحق محمد وآل محمد وبحرمة محمد وآل محمد وبالشأن الذي جعلته لمحمد وآل
محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تبلغ روحه وجسده مني في ساعتي هذه وفي كل
327

ساعة تحية كثيرة وسلاما، واسئلك أن لا تجعله آخر العهد من زيارتي وارزقني
ذلك أبدا ما أبقيتني واجعلني معه في الدنيا والآخرة، فاني بذلك راض وارض
عني يا أرحم الراحمين.
ثم قم على باب الخير واستقبل القبلة وقل: اللهم ارزقني العود إليه أبدا
ما أبقيتني ببر وتقوى في عامي هذا وفي كل عام أبدا، واجعل ذلك في يسر منك
وعافية وعرفني من بركة زيارتي إياه ما تقربه عيني، وتبشر به نفسي، ولا تقطع
رجائي، ولا تخيب دعائي، وارحم ضعفي، وقلة حيلتي، ولا تكلني إلى نفسي، و
لا إلى أحد من خلقك طرفة عين يا سيدي.
ثم امض وأنت تقول: حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء
الله منتهى.
حتى ترد الكوفة إنشاء الله ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد
وعلى آله وسلم.
28 - الكتاب العتيق الغروي: زيارة ودعاء عند مشهد أمير المؤمنين عليه السلام تقول: السلام عليك
يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث
إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث
عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، السلام عليك يا وارث
جميع أوصياء أنبياء الله، السلام عليك يا زوج البتول ووارث علم الرسول، السلام
عليك يا أبا سبطي رسول الله، السلام عليك يا أخا رسول الله، السلام عليك يا أمين
الله في ارضه، وحجته على عباده، ونوره في بلاده، يا أمير المؤمنين جاهدت في الله
حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنن نبيه، حتى دعاك الله إلى جواره
فقبضك إليه باختياره، وألزم أعداءك الحجة في قتلهم إياك، مع مالك من الحجج
البالغة على جميع خلفه، اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقربك، راضية بقضائك،
مولعة بذكرك ودعائك، محبة لصفوتك من خلقك وأوليائك، محبوبة في أرضك
وسمائك، صابرة عند نزول بلائك، شاكرة لفواضل نعمائك، ذاكرة لسوابغ
328

آلائك، مشتاقة إلي فرحة لقائك، متزودة التقوى ليوم جزائك، مستنة بسنن
أوليائك، مفارقة لأخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك.
ثم تضع خدك على القبر وتقول: اللهم إن قلوب المخبتين إليك والهة،
وسبيل الراغبين إليك شارعة، وأعلام القاصدين إليك واضحة، وأفئدة العارفين
منك فازعة، وأصوات الداعين إليك صاعدة، وأبواب الإجابة لهم مفتحة، ودعوة
من ناجاك مستجابة، وتوبة من أناب إليك مقبولة، وعبرة من بكى من خوفك
مرحومة، والإغاثة لمن استغاث بك مبذولة، وعداتك لعبادك منجزة وزلل
من استقالك مقالة، وأعمال العاملين لك محفوظة، وأرزاق الخلائق من لدنك
نازلة، وعوائد المزيد إليهم واصلة، وذنوب المستغفرين مغفورة، وحوائج الخلق
عندك مقضية، وجوائز السائلين عندك موفورة، وعوائد المزيد متواترة، وموائد
المستطعمين معدة، ومناهل الظماء لديك مترعة، اللهم فاستجب دعائي واقبل
ثنائي وأعطني جزائي واجمع بيني وبين أوليائي بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين، إنك ولي نعمائي، ومنتهى مناي، وغاية رجائي، في منقلبي ومثواي
اللهم صل على سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الوصي المرتضى
الخليفة والداعي إليك وإلى دار السلام، صديقك الأكبر، وفاروقك بيك الحلال
والحرام، ونورك الزاهر الجميل، ولسانك الناطق بأمرك الحق المبين، وعينك
على الخلق أجمعين، ويدك العليا اليمين، وحبلك المتين، وعروتك الوثقى وكلمتك
العليا، ووصي رسولك المرتضى، وعلم الدين، ومنار اليقين، وخاتم الوصيين
وسيد المؤمنين، وإمام المتقين، بعد النبي محمد الأمين صلى الله عليهما، وقائد
الغر المحجلين صلاة ترفع بها ذكره، وتحسن بها أمره، وتشرف بها نفسه،
وتظهر بها دعوته، وتنصر بها ذريته، وتفلج بها حجته وتعز بها نصره
وتكرم بها صحبته، سيد المؤمنين، ومعلن الحق بالحق، ودامغ جيوش الأباطيل
وناصر الله ورسوله، صلى الله عليه وآله كثيرا، اللهم كما استعملته على خلقك فعمل فيهم
بأمرك وعدل في الرعية، وقسم بالسوية، وجاهد عدوك بنية، وذب عن حريم
329

الاسلام، وحجز بين الحلال والحرام مستبصرا في رضوانك، داعيا إلى ايمانك
غير نأكل عن جهاد ولا منثن عن عزم، حافظا لعهدك، قاضيا بنفاذ وعدك، هاديا
لدينك، مقرا بربوبيتك، ومصدقا لرسولك، ومجاهدا في سبيلك، وراضيا
لقولك، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المكنون، وشاهد يوم الدين، و
وليك في العالمين، اللهم وصل على محمد وآل محمد، وافسح له فسحا عندك، وأعطه
الرضا من ثوابك الجزيل، وعظيم جزائك الجليل، اللهم واجعلنا له سامعين
مطيعين، وجندا غالبين، وحزبا مسلمين، وأتباعا مصدقين، وشيعة متألفين.
وصحبا موازرين، وأولياء مخلصين، ووزراء مناصحين، ورفقاء مصاحبين آمين
رب العالمين، اللهم اجزه أفضل جزاء المكرمين، وأعطه سؤله يا رب العالمين، و
أشهد أنه قد ناصح لرسولك، وهدى إلى سبيلك، وجاهد حق الجهاد، ودعا
إلى سبيل الرشاد، وقام بحقك في خلقك، وصدع بأمرك، وأنه لم يجر في حكم
ولا دخل في ظلم، ولم يسع في إثم، وأنه أخو رسولك، وأول من آمن به وصدقه
واتبعه ونصره، وأنه وصيه ووارث علمه، وموضع سره وأحب الخلق إليه
وأنه قرينه في الدنيا والآخرة، وأبو سيدي شباب أهل الجنة، الحسن والحسين
اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة الراشدين الطيبين الطاهرين، وسلم عليهم
أجمعين سلاما دائما إلى يوم الدين.
29 - الكتاب العتيق الغروي: " زيارة صفوان الجمال لأمير المؤمنين عليه السلام " السلام عليك يا
أبا الأئمة ومعدن الوحي والنبوة والمخصوص بالاخوة، السلام على يعسوب
الدين والايمان، وكلمة الرحمن، وكهف الأنام، السلام على ميزان الأعمال
ومقلب الأحوال وسيف ذي الجلال، السلام على صالح المؤمنين ووارث علم النبيين
والحاكم يوم الدين، السلام على شجرة التقوى وسامع السر والنجوى ومنزل
المن والسلوى، السلام على حجة الله البالغة ونعمته السابغة، ونقمته الدامغة
السلام على إسرائيل الأمة وباب الرحمة وأبي الأئمة، السلام على صراط الله
الواضح والنجم اللائح والامام الناصح والزناد القادح، السلام على وجه الله
330

الذي من آمن به أمن، السلام على نفس الله تعالى القائمة فيه بالسنن وعينه التي
من عرفها يطمئن، السلام على أذن الله الواعية في الأمم ويده الباسطة بالنعم وجنبه
الذي من فرط فيه ندم، اشهد أنك مجازي الخلق وشافع الرزق والحاكم بالحق
بعثك الله علما لعباده فوفيت بمراده، وجاهدت في الله حق جهاده، فصلى الله عليكم
وجعل أفئدة من الناس تهوي إليكم، فالخير منك وإليك، عبدك الزائر لحرمك
اللائذ بكرمك، الشاكر لنعمك، قد هرب إليك من ذنوبه، ورجاك لكشف كروبه
فأنت ساتر عيوبه، فكن لي إلى الله سبيلا، ومن النار مقيلا، ولما أرجو فيك
كفيلا أنجو نجاة من وصل حبله بحبلك، وسلك بك إلى الله سبيلا فأنت سامع
الدعاء وولي وولي الجزاء، علينا منك السلام، وأنت السيد الكريم والامام العظيم، فكن
بنا رحيما يا أمير المؤمنين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
30 أقول: وجدت في نسخة قديمة من تأليفات بعض أصحابنا زيارة أخرى
لمولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وهي: السلام عليك يا مولاي ومولا
كل مؤمن ومؤمنة، السلام عليك يا ولي الله وحجته، السلام عليك يا خليفة
الرسول على أمته، السلام عليك يا صهر النبي وزوج ابنته، السلام عليك يا
قائل الحق في قضيته، السلام عليك يا صاحب الزهد في إمامته، السلام عليك يا
واضح السبيل في دلالته، السلام عليك يا خليفة الطهر في نبوته، السلام عليك يا
ناصر الحق في شريعته، السلام عليك يا أوحد الخلق في شجاعته، السلام عليك
يا شبه الأمين في سماحته، السلام عليك أيها المقبول في شفاعته، السلام عليك أيها
العادل في خلافته، السلام عليك أيها الأمين في إمارته، السلام عليك أيها الطيب
في ولادته، السلام عليك يا صاحب الحوض وسقايته، السلام عليك يا حامل اللواء
لعظم كرامته، السلام عليك يا خائف الله في سريته، السلام عليك يا وارث آدم
صفوة الله من بريته، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله وخيرته، السلام عليك
يا وارث إبراهيم الخليل في نبوته، السلام عليك يا وارث موسى الكليم لله في رسالته
السلام عليك يا وارث عيسى الروح في بلاغته، السلام عليك يا وارث محمد النبي في
331

أمانته. السلام عليك يا أبا السبطين وقاضي الدين ومنبع العين، السلام عليك يا
أخا الرسول وزوج البتول وراد الغلول، السلام عليك يا قاتل الناكثين والقاسطين
والمارقين، السلام عليك يا وارث العلم وصاحب الحلم وموضع الحكم، السلام
عليك يا أبا الأنام ومكسر الأصنام وكليم الأقوام، السلام عليك يا كاشف المحل
وخاصف النعل وسيد الأهل، السلام عليك يا حامل الراية وبالغ الغاية و
صاحب الآية، السلام عليك يا علم الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى، السلام
عليك يا قاسم النار وحافظ الجار ومدرك الثار، السلام عليك يا داحض الإفك
ومبطل الشرك ومزيل الشك، السلام عليك يا وارث الأنبياء وخاتم الأوصياء
وقاتل الأشقياء، السلام عليك يا هاجر اللذات وتارك الشهوات وكاشف الغمرات
السلام عليك يا فاضح الاقران وقاتل الشجعان ومبطل كيد الشيطان، السلام
عليك يا فاك الأسير ومعين الفقير ونعم النصير، السلام عليك يا هازم الأحزاب
ومذل الرقاب ومجلي الخطاب، السلام عليك يا سند مناف وسيد الاشراف و
صاحب الحوض الصاف، السلام على العادل في الرعية والحاكم بالقضية والقاسم
بالسوية، اشهد عند الله وكفى به شهيدا وسائلا عن الشهادة أنك أقمت الصلاة و
آتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وجاهدت الملحدين، وعبدت
الله حق عبادته، وصبرت على ما أصابك طالبا لمرضاته حتى أتاك اليقين، لعن الله
من قتلك ولعن الله من ظلمك ولعن الله من اعتدى عليك وعلى ولدك وذريتك
صلوات الله عليك وعلى الملائكة الحافين بك، ورحمة الله وبركاته، أنا عبدك
يا مولاي وابن عبدك، أتيتك زائرا معترفا بحقك، مواليا لمن واليت، عدوا
لمن عاديت، سلما لمن سالمت، حربا لمن حاربت، متقربا بمحبتك وولايتك
إلى الله، والسلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح ورحمة الله وبركاته.
ثم تنكب على القبر وتقبله وتقول: إليك يا أمير المؤمنين وفودي، وبك
أتوسل إلى الله في بلوغ مقصودي، اشهد أن المتوسل بك غير خائب، والطالب
بك عن معرفة غير مردود إلا بنجاح حاجته، فكن لي شفيعا إلى ربك وربي في فكاك
332

رقبتي من النار وغفران ذنوبي وكشف شدتي وإعطاء سؤلي في دنياي وآخرتي
فإنه على كل شئ قدير.
ثم توجه إلى القبلة وقل: اللهم إني أتقرب إليك يا اسمع السامعين، ويا
أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أجود الأجودين، بمحمد خاتم النبيين
رسولك إلى العالمين وبأخيه وابن عمه الأنزع البطين العلم المكين علي أمير
المؤمنين، وبالحسن الزكي عصمة المتقين، وبأبي عبد الله أكرم المستشهدين
وبعلي بن الحسين زين العابدين، وبمحمد بن علي الباقر لعلم النبيين، و
بجعفر بن محمد زكي الصديقين، وبموسى بن جعفر حبيس الظالمين، وبعلي
ابن موسى الرضا الأمين، وبمحمد بن علي أزهد الزاهدين، وبعلي بن محمد قدوة
المهتدين، وبالحسن بن علي وارث المستخلفين، وبالحجة على العالمين مولانا
صاحب الزمان مظهر البراهين، أن تكشف ما بي من الغموم وتكفيني شر القدر
المحتوم، وتجيرني من النار ذات السموم برحمتك يا ارحم الراحمين.
ثم تصلي صلاة الزيارة ست ركعات ركعتين منها لأمير المؤمنين عليه السلام و
ركعتين لآدم عليه السلام، وركعتين لنوح عليه السلام.
ثم تسجد وتقول ما كان يقوله مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وهو: أناجيك يا
سيدي كما يناجي العبد الذليل مولاه، واطلب إليك كما يطلب من يعلم أنك تعطي
ولا ينقص ما عندك، وأستغفرك استغفار من يعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، و
أتوكل عليك توكل من يعلم أنك على كل شئ قدير.
ثم تقول: العفو العفو مائة مرة وتسئل الله ما أحببت.
31 أقول: قال في المزار الكبير: إذا أتيت الكوفة فاغتسل ثم امش إلى
مشهد أمير المؤمنين عليه السلام وأنت على غسلك وطهرك وإن أحدثت ما ينقض الوضوء
فأعد وضوءك وغسلك، فإن لم يمكن ذلك لعلة فالوضوء يجزي، ثم البس من
ثيابك ما طهر واسع إليه ماشيا من حيث أمكن السعي، فإذا عاينت قبره فقل:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، وامش وعليك السكينة
333

والوقار والخشوع، وأكثر من الصلاة على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته وقل:
" الحمد لله الذي أكرمني في عباده وسرني في بلاده وحملني على دوابه " فإذا دخلت
الحصن من الباب الأولى فقل: " الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين و
إنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم كما أحللتني حرم أخي رسولك ووصيه وسهلت زيارته
فحرم جسدي على النار " وأكثر من الاستغفار حتى تصل إلى الحصن المحيط
بالقبة وأبوابها ودر إلى الوجه الذي تواجه فيه الامام صلوات الله عليه وأنت منكس
الرأس مطرق البصر، حتى تقف بالباب الذي هو محاذي الرأس، واسجد إذا
لاحظته إعظاما لله تعالى وحده ولوليه.
ثم ارفع رأسك والتفت يسرة القبلة إلى النبي صلى الله عليه وآله وقل: السلام عليك
يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وأقبل إلى الامام بوجهك وقل: السلام عليك
يا مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، وساق الزيارة كما مر إلى قوله وعلى ضجيعك
آدم ونوح ورحمة الله وبركاته ثم قال: ثم تنكب على القبر وتقبله وتلوذ به و
تسئل الله تعالى ما أحببت، وتصلي عند الرأس ست ركعات ركعتين لآدم وركعتين
لنوح، وركعتين لأمير المؤمنين عليهم السلام، وتدعو لنفسك ولوالديك وللمؤمنين تجب
إنشاء الله تعالى، فإذا أردت الانصراف فودعه عليه السلام تقف عليه كوقوفك الأول
وتقول: السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، أستودعك الله
وأقرأ عليك السلام، آمنا بالله وبالرسول وبما جئت به ودللت عليه اللهم فاكتبنا
مع الشاهدين اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارته وارزقني صحبته وتوفني على
ملته واحشرني في زمرته واقلبني مفلحا منجحا بأفضل ما ينقلب به أحد من زواره
يا أرحم الراحمين (1).
32 وقال ره زيارة أخرى له عليه السلام من كتاب الأنوار وقيل: إن الخضر عليه السلام
زاره بها، وبالاسناد عن يوسف الكناسي وعن معاوية بن عمار جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إذا أردت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فاغتسل حيث تيسر لك وقل حين

(1) المزار الكبير ص 8180.
334

تعزم: اللهم اجعل سعيي مشكورا، وذنبي مغفورا، وعملي مقبولا، واغسلني من
الخطايا والذنوب، وطهر قلبي من كل آفة، وزك عملي، وتقبل سعيي، و
اجعل ما عندك خيرا لي، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين والحمد
لله رب العالمين.
ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي باب الحرم فقم على الباب وقل:
اللهم إني أريدك فأردني وأقبلت بوجهي إليك فلا تعرض بوجهك عني، وإني
قصدت إليك فتقبل مني، وإن كنت ماقتا فارض عني، وإن كنت ساخطا علي
فاعف عني، وارحم مسيري إليك برحمتك أبتغي بذلك رضاك فلا تقطع رجائي ولا
تخيبني يا أرحم الراحمين، اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام و
أنت معدن السلام حيينا ربنا منك بالسلام والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبه ولا
ولدا، والحمد لله الذي خلق كل شئ فقدره تقديرا، السلام عليك يا أبا الحسن
، اشهد انك قد بلغت عن رسول الله ما أمرك به، ووفيت بعهد الله، وتمت
بك كلمات الله، وجاهدت في سبيل الله حتى أتاك اليقين، لعن الله من قتلك ولعن
الله من بلغه ذلك فرضي عنه، أنا بأبي أنت وأمي ولي لمن والاك، وعدو لمن عاداك
أبرء إلى الله ممن برئت منه وبرئ منكم (1).
ثم تقول: السلام عليك يا أبا الحسن ورحمة الله وبركاته، اشهد أنك تسمع
صوتي أتيتك متعاهدا لديني وبيعتي ائذن لي في بيتك، اشهد أن روحك المقدسة
أعينت بالقدس والسكينة، جعلت لها بيتا تنطق على لسانك.
ثم ادخل وقل: السلام على ملائكة الله المقربين، السلام على ملائكة
الله المردفين، السلام على حملة العرش الكروبيين، السلام على ملائكه الله المنتجبين
السلام على ملائكة الله المسومين، السلام على ملائكة الله الذين هم في هذا الحرم
بإذن الله مقيمون، الحمد لله الذي أكرمني بمعرفته ومعرفة رسوله ومن فرض
طاعته رحمة منه وتطولا منه علي بذلك، الحمد لله الذي سيرني في بلاده وحملني

(1) المزار الكبير ص 7069.
335

على دوابه، وطوى إلي البعيد ودفع عني المكاره حتى أدخلني حرم ولي الله و
أرانيه في عافية، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق
من عنده، واشهد أن عليا عبد الله وأخو رسوله، اللهم عبدك وزائرك متقرب
إليك بزيارة اخى رسولك، وعلى كل مزور حق لمن أتاه وزاره، وأنت أكرم
مزور وخير مأتي، فأسئلك يا رحمن يا رحيم يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد يا من لم
يلد ولم يولد ولمن يكن له كفوا أحد، ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل
تحفتك إياي من زيارتي في موقفي هذا فكاك رقبتي من النار، واجعلني ممن يسارع
في الخيرات رغبا ورهبا واجعلني من الخاشعين، اللهم إنك بشرتني على لسان
نبيك فقلت: وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم، اللهم فاني بك
مؤمن وبجميع آياتك موقن، فلا توقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني على رؤوس الخلائق
بل أوقفني معهم وتوفني على تصديقي فإنهم عبيدك خصصتهم بكرامتك وأمرتني
باتباعهم.
ثم تدنو من القبر وتقول: السلام من الله على رسول الله محمد بن عبد الله خاتم
النبيين وإمام المتقين، السلام على أمين الله على رسالاته، وعزائم رسله ومعدن
الوحي والتنزيل، الخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل، والمهيمن على ذلك
كله، والشاهد على الخلق والسراج المنير، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وأهل بيته المظلومين، أفضل وأكمل وارفع وأنفع وأشرف
ما صليت على أحد من أنبيائك وأصفيائك، اللهم صل على أمير المؤمنين عبدك و
خير خلقك بعد نبيك وأخي نبيك ووصي رسولك، الذي انتجبته بعلمك، وجعلته
هاديا لمن شئت من خلقك، والدليل على من بعثته برسالاتك، وديان يوم الدين
بعدلك، وفصل خطابك من خلقك، والمهيمن على ذلك كله، والسلام عليه ورحمة
الله وبركاته، اللهم وصل على الأئمة من ولده، القوامين بأمرك من بعد نبيك
المطهرين الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك وأعلاما لعبادك.
336

ثم تقول: السلام على الأئمة المستودعين، السلام على خالصة الله من خلقه أجمعين
السلام على المؤمنين الذين قاموا بأمر الله وخالفوا لخوفه العالمين، السلام على
ملائكة الله المقربين.
ثم تقول: السلام عليك يا أمين الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك
يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا إمام الهدى، السلام عليك يا
علم التقى، السلام عليك أيها البر التقى، السلام عليك أيها السراج المنير، السلام
عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا أبا الحسن والحسين، السلام عليك يا وصي
الرسول، السلام عليك يا عمود الدين ووارث علم الأولين والآخرين وصاحب
الميسم والصراط المستقيم، السلام عليك يا ولي الله أنت أول مظلوم وأول من
غصب حقة صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين، واشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد
عذب الله قاتلك بأنواع العذاب جئنك يا ولي الله عارفا بحقك مستبصرا بشأنك، معاديا
لأعدائك ومن ظلمك، ألقى على ذلك ربي إنشاء الله إن لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي فيها
عند ربك، فان لك عند الله مقاما محمودا، وإن لك عنده جاها وشفاعة، وقد قال
الله تعالى " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى " السلام عليك يا نور الله في سمائه وارضه، واذنه
السامعة، وذكره الخالص، ونوره الساطع، اشهد أن لك من الله المزيد، وأن
وجهك إلى قبل رب العالمين، وأن لك من الله رزقا جديدا تغدو عليك الملائكة في
كل صباح، رب اغفر لي وتجاوز عن سيئاتي وارحم طول مكثي في القيامة به فإنك
علام الغيوب وأنت خير الوارثين (1).
ثم تقول: السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي
الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث هود نبي الله
السلام عليك يا وارث داود خليفة الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام
عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك أيها الصديق
الشهيد، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك، السلام

(1) المزار الكبير ص 7170.
337

على ملائكة الله المحدقين بك، اشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت
بالمعروف، ونهيت عن المنكر، واتبعت الرسول، وتلوت الكتاب حق تلاوته، وبلغت
عن رسول الله، ووفيت بعهد الله، وتمت بك كلمات الله، وجاهدت في سبيل الله حق
جهاده ونصحت لله ورسوله، وجدت بنفسك صابرا محتسبا ومجاهدا عن دين الله
موقيا لرسول الله صلى الله عليه وآله، طالبا ما عند الله راغبا فيما وعد الله، ومضيت
للذي كنت عليه شاهدا ومشهودا، فجزاك الله عن رسوله وعن الاسلام وأهله أفضل
الجزاء، وكنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله
وأعظمهم عناء، وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق
وأرفعهم درجة، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت
حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله، وكنت خليفته
حقا برغم المنافقين وغيظ الكافرين وكيد الحاسدين وصغر الفاسقين، فقمت بالامر حين
فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فمن اتبعك فقد هدي
كنت أقلهم كلاما، وأصوبهم منطقا، وأكثرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا
وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالله، كنت للدين يعسوبا: أولا حين تفرق الناس، و
آخرا حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما
عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذ خنعوا، وعلوت إذ
هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، كنت على الكافرين عذابا صبا وغلظة وغيظا، وللمؤمنين
عينا وحصنا وعلما، لم تفلل حجتك، ولم يرتب قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم
تجبن نفسك، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، وكنت كما
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قويا في أمر الله وضيعا في نفسك، عظيما عند الله، كبيرا في الأرض
جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لاحد
عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز
عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء
شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم
338

وعزم، اعتدل بك الدين، وسهل بك العسير وأطفئت بك النيران، وقوي بك الاسلام
والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فعظمت رزيتك في
السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فانا لله وإنا إليه راجعون، لعن الله من قتلك، و
لعن الله من شايع على قتلك، ولعن الله من خالفك، لعن الله من ظلمك حقك، لعن الله من
عصاك، لعن الله من غصبك حقك، لعن الله من بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ
لعن الله أمة خالفتك، وأمة جحدت ولايتك، وأمة حادت عنك، وأمة قتلتك، الحمد لله
الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود، اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك
بجميع لعناتك وأصلهم حر نارك، اللهم العن الجوابيت والطواغيت وكل ند يدعى
من دون الله وكل ملحد مفتر، اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم
ومحبيهم لعنا كثيرا، اللهم العن قتلة أمير المؤمنين، اللهم العن قتلة الحسن والحسين
اللهم عذبهم عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين وضاعف عليهم عذابك بما شاقوا ولاة
أمرك، وعذبهم عذابا لم تحله بأحد من خلقك، اللهم أدخل على قتلة رسولك وأولاد
رسولك وعلى قتلة أمير المؤمنين وقتلة أنصاره وقتلة الحسن والحسين وأنصارهما
ومن نصب لآل محمد وشيعتهم حربا من الناس أجمعين، عذابا مضاعفا في أسفل الدرك
من الجحيم لا يخفف عنهم من عذابها وهم فيه مبلسون ملعونون، ناكسوا رؤوسهم عند
ربهم، قد عاينوا الندامة والخزي الطويل، بقتلهم عترة أنبيائك ورسلك وأتباعهم
من عبادك الصالحين، اللهم العنهم في مستسر السر وظاهر العلانية في سمائك و
ارضك، اللهم اجعل لي لسان صدق في أوليائك وحبب إلي مشاهدهم حتى تلحقني
بهم وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين (1).
ثم انكب على القبر وأنت تقول: يا سيدي تعرضت لرحمتك بلزومي لقبر
أخي رسولك صلوات الله عليه عائذا لتجيرني من نقمتك وسخطك ومن زلازل يوم
تكثر فيه العثرات، يوم تقلب فيه القلوب والابصار، يوم تبيض فيه وجوه وتسود
فيه وجوه، يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، يوم الحسرة والندامة!

(1) المزار الكبير ص 7371.
339

يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه، يوم مقداره خمسون الف سنة، يوم يشيب فيه
الوليد، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، يوم تشخص فيه الابصار وتشغل كل
نفس بما قدمت وتجادل كل نفس عن نفسها ويطلب كل ذي جرم الخلاص.
ثم ارفع رأسك وقل: اللهم إن ترحمني اليوم، وفي يوم مقداره خمسون
ألف سنة فلا خوف ولا حزن، وإن تعاقب فمولى له القدرة على عبده وجزاه بسوء
فعله، إن لم ارحم نفسي فكن أنت رحيمها، الحجج كلها لك ولا حجة لي ولا عذرها
أنا ذا عبدك المقر بذنبي، فيا خير من رجوت عنده المغفرة بالاقرار والاعتراف،
هذه نفسي بما جنت معترفة وبذنبي مقرة وبظلم نفسي معترفة وذنوبي أكثر مما
أحصيها، وإنما يخضع العبد العاصي لسيده ويخشع لمولاه بالذل، فيا من أقر
له بالذنوب، ما أنت صانع بمقر لك بذنبه، متقرب إليك برسولك وعترة نبيك
لائذ بقبر أخي رسولك صلوات الله عليهما، يا من يملك حوائج السائلين، ويعرف
ضمير الصامتين، كما وفقتني لزيارتي ووفادتي ومسئلتي ورحمتني بذلك فأعطني
مناي في آخرتي ودنياي، ووفقني لكل مقام محمود تحب أن تدعى فيه بأسمائك
وتسئل فيه من عطائك، اللهم إني لذت بقبر أخي رسولك ابتغاء مرضاتك، فانظر
اليوم إلى تقلبي في هذا القبر وبه فكني من النار، ولا تحجب عنك صوتي ولا تقلبني بغير
قضاء حوائجي، وارحم تضرعي وتملقي وعبرتي، واقلبني اليوم مفلحا منجحا
وأعطني أفضل ما أعطيت من زاره ابتغاء مرضاتك.
ثم اجلس عند رأسه وقل: سلام الله وسلام ملائكته المقربين، والمسلمين لك
بقلوبهم، والناطقين بفضلك، والشاهدين على أنك صادق صديق عليك يا مولاي
صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك، أشهد أنك طهر طاهر مطهر من
طهر طاهر مطهر، أشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء، وأشهد
أنك حبيب الله، واشهد أنك باب الله، واشهد أنك وجه الله الذي منه يؤتى، و
أنك سبيل الله، وأنك عبد الله، أتيتك وافدا لعظيم حالك ومنزلتك عند الله وعند
رسوله صلى الله عليه وآله أتيتك متقربا إلى الله بزيارتك راغبا إليك في الشفاعة، أبتغي بزيارتك
340

خلاص نفسي، متعوذا بك من نار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي هاربا من
ذنوبي التي احتطبتها على ظهري، فزعا إليك رجاء رحمة ربي، أتيتك استشفع
بك يا مولاي إلى الله ليقضي بك حاجتي فاشفع لي يا مولاي أتيتك مكروبا مغموما
قد أوقرت ظهري ذنوبا، فاشفع لي عند ربك، أتيتك زائرا عارفا بحقك، مقرا
بفضلك، مستبصرا بضلالة من خالفك، أتيتك انقطاعا إليك وإلى ولدك الخلف من
بعدك على الحق، فقلبي لكم مسلم، وأمري لكم متبع ونصرتي لكم معدة حتى يحبي
الله بكم دينه ويردكم فمعكم معكم لا مع غيركم إني المؤمنين برجعتكم، لا منكر
لله قدرة، ولا مكذب منه مشية، أتيتك بأبي أنت وأمي ومالي ونفسي زائرا ومتقربا
إلى الله بزيارتك، متوسلا إليك بك، إذ رغب عنكم مخالفوكم، واتخذوا آيات الله
هزوا، واستكبروا عنها، وأنا عبد الله ومولاك في طاعتك، الوافد إليك ألتمس بذلك
كمال المنزلة عند الله وأنت مولاي ممن حثني الله على بره ودلني على فضله، وهداني
لحبه، ورغبني في الوفادة إليه، وألهمني طلب الحوائج عنده أنتم أهل بيت لا يشقى
من تولاكم، ولا يخيب من ناداكم، ولا يخسر من يهواكم، ولا يسعد من عاداكم
لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا لي منكم، أنتم أهل بيت الرحمة ودعائم الدين
وأركان الأرض، والشجرة الطيبة، أتيتكم زائرا وبكم متعوذا، لما سبق لكم من الله
من الكرامة، اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وآل رسولك، واستنقذنا بحبهم
يا من لا يخيب سائله، اللهم إنك مننت علي بزيارة مولاي وولايته ومعرفته فاجعلني
ممن ينصره وينتصر به، ومن علي بنصري لدينك في الدنيا والآخرة، اللهم توفني
على دينه، اللهم أوجب لي من الرحمة والرضوان والمغفرة والرزق الواسع الحلال
ما أنت أهله، اللهم افعل بي ما أنت أهله، اللهم إني أحيا على ما حيي عليه مولاي
علي بن أبي طالب عليه السلام، وأموت على ما مات عليه، اللهم اختم لي بالسعادة والمغفرة
والخير.
ثم تصلي ما بدالك وتدعو وتقول: اللهم لا بد من أمرك، وساق الدعاء
إلى آخر ما مر في أول الباب (1).

(1) المزار الكبير ص 7573.
341

32 ثم قال: زيارة أخرى له عليه السلام تقف على الباب وتقول: ائذن لي عليك
يا أمير المؤمنين أفضل ما أذنت لمن أتاك عارفا بحقك، فإن لم أكن لذلك أهلا فأنت
له أهل صلى الله عليك وعلى الأئمة من ولدك. ثم تقف على المشهد وتقول: السلام
على رسول الله البشير النذير السراج المنير الرؤف الرحيم محمد بن عبد الله، السلام
عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا سيد الوصيين، السلام
عليك يا إمام المتقين، السلام عليك يا يعسوب المؤمنين، السلام عليك يا قائد الغر
المحجلين، السلام عليك أيها الامام البر التقي النقي الرضي المرضي الوفي
الصديق الأكبر الطهر الطاهر ورحمة الله وبركاته، اشهد أنك حجة الله على عباده
بعد نبيه صلى الله عليه وآله وعيبة علمه وميزان قسطه ومصباح نوره الذي يقطع
به الراكب من عرض الظلمة إلى ضياء النور، وأشهد أنك الفارق بين الحلال
والحرام والأمين على باطن السر ومستودع العلم وخازن الوحي والعالم بكل
سفر، والمبتدي بشرائع الحق ومنهاج الصدق والموضح سبل النجاة والذائد عن
سبل الهلكات، وأشهد أنك خير الدهر وناموسه وحجة المعبود وترجمانه والشاهد له
والدال عليه والحبل المتين والنبأ العظيم وصراط الله المستقيم، وأشهد أنك والأئمة
من ولدك سفينة النجاة ودعائم الأوتاد، وأركان البلاد، وساسة العباد، وحجة الله على
جميع البلاد، والسبيل إليه، والمسلك إلى جنته، والمفزع إلى طاعته، والوجه
والباب الذي منه يؤتى، والمفزع والركن والكهف والحصن والملجأ، وأشهد أن
المتمسك بولايتكم من الفائزين بالكرامة في الدنيا والآخرة ومن عدل عنكم لن
يقبل الله له عملا ولم يقم له يوم القيمة وزنا، وهو من أصحاب الجحيم، السلام عليك
ورحمة الله وبركاته (1).
ثم تنكب على القبر وتقول: إليك يا أمير المؤمنين وفودي، وبك أتوسل
إلى ربك وربي، واشهد أن المتوسل بك غير خائب وأن الطالب بك غير مردود
إلا بنجاح طلبته، فكن شفيعا إلى ربك وربي في فكاك رقبتي من النار وغفران
ذنوبي وكشف شدتي وإعطاء سؤلي في دنياي وآخرتي إنك على كل شئ قدير (2).

(1) المزار الكبير ص 7776.
(2) المزار الكبير ص 77.
342

ثم تصلي عند الرأس أربع ركعات ندبا وتقول بعد صلاتك: السلام عليك يا
رسول الله، السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله
السلام السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام
عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا حبيب الله وخيرته، السلام عليك يا
حجة الله وسيفه، السلام عليك يا ولي الله وأمينه، السلام عليك يا سفير الله بينه
وبين خلقه، السلام عليك يا خليفة الله في ارضه، السلام عليك ورحمة الله وبركاته
السلام عليك يا فاطمة الزهراء والطهر البتول سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا
أبا محمد الحسن الزكي ركن الدين، السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين بن علي النور
المبين، السلام عليك يا أبا محمد علي بن الحسين زين العابدين، السلام عليك يا أبا
جعفر بمحمد بن علي باقر كتاب رب العالمين، السلام عليك يا أبا عبد الله جعفر بن
محمد الصادق سيد الصادقين، السلام عليك يا أبا إبراهيم حبيس الظالمين، السلام عليك
يا أبا الحسن علي بن موسى الرضا في المرضيين، السلام عليك يا أبا جعفر محمد
ابن علي الرضا في المؤمنين، السلام عليك يا أبا الحسن علي بن محمد بن علي هادي
المسترشدين، السلام عليك يا أبا محمد الحسن الميمون خزانة الوصيين، السلام عليك
يا حجة بن الحسن الهادي المهدي حجة الله على العالمين، السلام عليكم يا ساداتي
ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم يا خزان علم الله، السلام عليكم يا تراجمة
وحي الله، السلام عليكم أيها الصادقون عن الله، السلام عليكم يا عترة رسول الله
السلام عليكم يا ناصري دين الله، السلام عليكم أيها الحاكمون بحكم الله، السلام
عليكم يا سادة الورى والآية الكبرى والحجة العظمى والدعوة الحسنى والمثل
الاعلى وشجرة المنتهى وباب الهدى وكلمة التقوى والعروة الوثقى، السلام عليكم
يا من اتخذهم الله رحمة لخلقه وأنصارا لدينه وقواما بأمره وخزانا لعلمه وحفاظا
لسره وتراجمة لوحيه ومعادن كلماته وأورثكم كتابه وخصكم بكرائم التنزيل
وضرب لكم مثلا من نوره، وأجري فيكم من روحه، السلام عليكم أيها الأئمة
الهداة والسادة الولاة والقادة الحماة والذادة السعاة، السلام عليكم يا أولي الذكر
343

وخزان العلم ومنتهى الحلم وقادة الأمم، السلام عليكم يا بقية الله وخيرته، السلام
عليكم يا سفراء الله بينه وبين خلقه، السلام عليكم يا خلفاء الله في ارضه، أشهد
أنكم الأئمة الراشدون المديون الناطقون الصادقون المقربون المطهرون المعصومون
عصمكم الله من الذنوب وبرأكم من العيوب وائتمنكم على الغيوب وآمنكم من الفتن
واسترعاكم الأنام وفوض إليكم الأمور وجعل إليكم التدبير وعرفكم الأسباب
والأنساب وأورثكم الكتاب وأعطاكم المقاليد وسخر لكم ما خلق، فعظمتم
جلاله، وأكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وأدمتم ذكره وتلوتم كتابه وحللتم حلاله
وحرمتم حرامه وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر
وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم وفصل الخطاب عندكم
وبرهانه معكم ونوره منكم وأمره إليكم، من والاكم يا ساداتي فقد والى الله، و
من عاداكم فقد عادى الله، أنتم أمناء الله، وأنتم آلاء الله وأنتم دلائل الله، وأنتم
خلفاء الله، وأنتم حجج الله على خلقه، فبكم يعرف الله الخلائق وبكم يتحفهم
أنتم يا ساداتي السبيل الأعظم والصراط المستقيم والنبأ العظيم والحبل المتين و
السبب الممدود من السماء إلى الأرض، أنتم شهداء دار الفناء، وشفعاء دار البقاء
أنتم الرحمة الموصولة والآية المخزونة والباب الممتحن به الناس، من أتاكم
نجا ومن تخلف عنكم هوى، أشهد أنكم يا ساداتي إلى الله تدعون وإليه ترشدون
وبقوله تحكمون، لم تزالوا بعينه وعنده في ملكوته تأمرون وله تخلصون و
بعرشه محدقون وله تسبحون وتقدسون وتمجدون وتهللون وتعظمون وبه حافون
حتى من علينا فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه فتولى جل
ذكره تطهيرها وأمر خلقه بتعظيمها فرفعها على كل بيت طهره في الأرض وعلاها على
كل بيت قدسه في السماء، لا يوازيها خطر ولا يسمو إليها الفكر، يتمنى كل
أحد أنه منكم ولا تتمنون أنتم أنكم من غيركم، إليكم انتهت المكارم والشرف
وفيكم استقرت الأنوار والمجد والسؤدد فليس فوقكم أحد إلا الله، ولا أقرب
إليه منكم ولا أكرم عليه منكم ولا أحظى لديه، أنتم سكان البلاد ونور العباد و
344

عليكم الاعتماد في يوم المعاد كلما غاب منكم حجة أو أفل منكم نجم أطلع الله
خلفه منكم خلفا نيرا ونورا بينا خلفا عن سلف لا تنقطع عنكم مواده ولا يسلب
منكم أمره سبب موصول من الله وجعل ما خصنا به من معرفتكم تطهيرا لذنوبنا و
تزكية لأنفسنا إذ كنا عنده معترفين بحقكم فبلغ الله بكم يا ساداتي نهاية الشرف و
زادكم ما أنتم أهل ومستحقوه منه وأشهد يا موالي وطوبى لي إن كنتم موالي أني
عبدكم وطوبى لي إن قبلتموني عبدا وأني مقر بكم معتصم بحبلكم متوقع لدولتكم
منتظر لرجعتكم عامل بأمركم آخذ بقولكم لائذ بحرمكم متقرب إلى الله بكم يا
ساداتي بكم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه وبكم ينزل الغيث و
يكشف الكرب ويغني المعدم ويشفي السقيم لبيكم وسعديكم يا من اصطفاهم الله
فقال تعالى ذكره " إن الله اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس " فأنتم السفرة
الكرام البررة أنتم العباد المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون
وأنتم الصفوة التي اصطفاها الله وصفاها ووصفها في كتابه فقال: " إن الله اصطفى آدم
ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع
عليم " فأنتم الذرية المختارة والأنفس المجردة والأرواح المطهرة يا محمد يا علي
يا فاطمة الزهراء يا حسن يا حسين سيدي شباب أهل الجنة يا موالي الطاهرين يا
ذوي النهى والتقى، يا أنوار الله في ارضه التي لا تطفى، يا عيون الله في خلقه أنا منتظر
لامركم، مترقب لدولتكم معكم لا مع غيركم إليكم لا إلى عدوكم، آمنت بكم
وبما أنزل إليكم، وأبرء إلى الله من عدوكم، وأشهد يا موالي أنكم تسمعون كلامي
وترون مقامي وتعرفون مكاني وتردون سلامي، وأنكم حجج الله البالغة ونعمه
السابغة، فاذكروني عند ربكم وأوردوني حوضكم واسقوني بكأسكم واحشروني في
جملتكم واحرسوني من مكاره الدنيا والآخرة، فان لكم عند الله مقاما محمودا وجاها
عريضا وشفاعة مقبولة فاني قصدت إليكم ورجوت بسلامي عليكم ووقوفي بعرصتكم
واستشفاعي بكم إلى الله أن يعفو عني ويغفر ذنبي ويعز ذلي ويرفع ضرعتي ويقوي
ضعفي ويسد فقري ويبلغني أملي ويعطيني منيتي ويقضي حاجتي فيما ذكرته من
345

حوائجي وما لم أذكره ما علم أن فيه الخيرة لي حتى يوصلني بذلك إلى رضاه و
الجنة، اللهم شفعهم في وشفعني بهم وبلغني ما سالت وتوسلت يا مولاي بهم ولا تخيبني
مما رجوته فيهم يا أرحم الراحمين.
فإذا أردت الوداع فقل: لا جعله الله آخر العهد من زيارتك ورزقني العود إليك
والمقام في حرمك والكون معك ومع الأبرار من ولدك.
ثم اخرج القهقري وقل: السلام عليك يا سيد الوصيين والسلام على
الملائكة المقربين.
وقل في مسيرك إلى أن تبعد عن القبر: إنا لله لله وإنا إليه راجعون، ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبي الله ونعم الوكيل (1).
33 - ثم قال: زيارة أخرى له عليه السلام تغتسل أولا للزيارة منه وبا وتقصد إلى مشهده
وتقف على ضريحه الطاهر وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك وتقول:
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا ولي الله السلام
عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا سيد الوصيين، السلام
عليك يا خليفة رسول الله رب العالمين، أشهد أنك قد بلغت عن رسول الله ما حملك و
حفظت ما استودعك، وحللت حلال الله وحرمت حرام الله، وتلوت كتاب الله،
وصبرت على الأذى في جنب الله، محتسبا حتى أتاك اليقين، لعن الله من خالفك
ولعن الله من قتلك، ولعن من بلغه ذلك فرضي به إنا إلى الله منهم براء (2).
ثم تنكب على القبر وتقبله وتضع خدك الأيمن عليه ثم الأيسر ثم تتحول
إلى عند الرأس تقف عليه وتقول: السلام عليك يا وصي الأوصياء، ووارث علم
الأنبياء، اشهد لك يا ولي الله بالبلاغ والأداء، أتيتك زائرا عارفا بحقك مستبصرا
بشأنك، مواليا لأوليائك معاديا لأعدائك، متقربا إلى الله تعالى بزيارتك في خلاص
نفسي وفكاك رقبتي من النار، وقضاء حوائجي في الدنيا والآخرة، فاشفع لي

(1) المزار الكبير ص 877
(2) المزار الكبير ص 83.
346

عند ربك صلوات الله عليك.
ثم يقبل القبر ويضع خده الأيمن ويرفع رأسه ويصلي ست ركعات حسب
ما قدمناه، فإذا أراد وداعه عليه السلام فليقف على قبره كما وقف أولا ثم يقول: السلام
عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، أستودعك الله واسترعيك واقرأ عليك
السلام آمنا بالله وبالرسول وبما جئت به ودللت عليه، اللهم اكتبنا مع الشاهدين
اللهم لا تجعله آخر العهد لزيارة وليك وارزقني العود إليه أبدا ما أبقيتني، فإذا
توفيتني فاحشرني معه ومع ذريته الأئمة الراشدين عليه وعليهم السلام ورحمة الله
وبركاته، يدعو بعد ذلك بما شاء يجب إنشاء الله (1).
34 ثم قال: زيارة أخرى له عليه السلام تقف على باب السلام وتقول: اللهم إليك
وجهت وجهي وعليك توكلت ربي، الله أكبر كما بمنه هدانا، الله أكبر إلهنا و
مولانا، الله أكبر ولينا الذي أحيانا، الحمد لله الذي بمنه هدانا، اللهم إني أشهدك
والشهادة حظي والحق علي وأداء لما كلفتني أن محمدا صلى الله عليه وآله عبدك
ورسولك ونبيك وصفيك وخليلك وخاصتك وخيرتك من بريتك، اللهم فصل
عليه بصلواتك وأحب بكراماتك ووفر ببركاتك وحي بتحياتك العالم، مقيم الدعائم
ومجلي الظلماء، وماحي الطخياء، رسولك الشاهد، ودليلك الراشد، الذي
اختصصته ولك أخلصته وبهدايتك بعثته وآياتك أورثته، فتلا وبين، ودعا وأعلن
وطمست به أعين الطغيان، وأخرست به السن البهتان وكتبت العزة لأوليائه، وضربت
الذلة على أعدائه، واشهد أنه رسولك وخاتم النبيين، جاء بالحق من عند الحق
وصدق المرسلين، وأن الذين كذبوه ذائقوا العذاب الأليم، وأن الذين آمنوا
معه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك المفلحون.
ثم تقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سيد الوصيين وحجة
رب العالمين، على الأولين والآخرين، السلام عليك يا أمير المؤمنين ووارث علم
النبيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، السلام عليك يا أمير المؤمنين يا

(1) المزار الكبير ص 8483.
347

إمام الهدى ومصابيح الدجى وكهف أولي الحجى وملجأ ذوي النهي، السلام
عليك يا حجاب الورى والدعوة الحسنى والآية الكبرى والمثل الاعلى، السلام
عليك يا شجرة النداء وصاحب الدنيا والحجة على جميع الورى في الآخرة و
الأولى، السلام عليك يا صفي الله وخيرته وولي الله وحجته وباب الله وحطته و
عين الله وآيته، السلام عليك يا عيبة غيب الله، وميزان قسط الله، ومصباح نور الله
ومشكاة ضياء الله، السلام عليك يا حافظ سر الله، وممضي حكم الله، ومجلي إرادة
الله، وموضع مشية الله، السلام عليك يا غاية من براه الله ونهاية من ذرأ الله و
أول من ابتدع الله والحجة على جميع من خلق الله، السلام عليك أيها النبأ العظيم
والخطب الجسيم والذكر الحكيم والصراط المستقيم، السلام عليك أيها الحبل
المتين والامام الأمين والباب اليقين والشافع يوم الدين، السلام عليك يا أمير
المؤمنين، السلام عليك أيها الصديق الأكبر والناموس الأنور، والسراج
الأزهر والزلفة والكوثر، السلام عليك يا باب الايمان وعين المهيمن المنان
وولي الملك الديان وقسيم الجنان والنيران، السلام عليك يا معدن الكرم وموضع
الحكم وقائد الأمم إلى الخيرات والنعم، السلام عليك أيها الامام التقي والعدل
الوفي والوصي الرضي والولي الزكي، السلام عليك أيها النور المصطفى
والولي المرتجى والكريم المرتضى، السلام عليك يا نور الأنوار ومحل سر
الاسرار وعنصر الأبرار ومعلن الأخيار، السلام عليك يا لسان الحق وبيت
الصدق ومحل الرفق، السلام عليك يا نور الهدايات ومرشد البريات وعالم الخفيات
السلام عليك يا صاحب العلم المخزون وعارف الغيب المكنون وحافظ السر المصون
والعالم بما كان ويكون، السلام عليك أيها العارف بفصل الخطاب ومثيب أوليائه
يوم الحساب والمحيط بجوامع علم الكتاب ومهلك أعدائه بأليم العذاب، السلام
عليك يا صاحب علم المعاني وعلم المثاني والنور الشعشعاني والبشر الثاني.
السلام عليك يا عماد الجبار وهادي الأخيار وأبا الأئمة الأطهار وقاصم المعاندين
الأشرار، السلام عليك يا مشهورا في السماوات العليا معروفا في الأرضين السابعة
348

السفلى، ومظهر الآية الكبرى وعارف السر وأخفى، السلام عليك أيها النازل
من عليين والعالم بما في أسفل السافلين ومهلك من طغى من الأولين ومبيد من
جحد من الآخرين، السلام عليك يا صاحب الكرة والرجعة وإمام الخلق و
ولي الدعوة ومنطق البرايا ومحنة الأمة، السلام عليك يا مثبت التوحيد بالشرح
والتجريد ومقرر التمجيد بالبيان والتأكيد، السلام عليك يا سامع الأصوات
ومبين الدعوات ومجزل الكرامات بجزيل العطيات، السلام عليك يا من حظي
بكرامة ربه فجل عن الصفات واشتق من نوره فلم تقع عليه الأدوات وأزلف
بالقرب من خالقه فقصر دونه المقالات وعلا محله فعلا كل البريات، السلام عليك
يا من أحسن عبادة ربه فحباه بأنواع الكرامات واجتهد في النصح والطاعة فخوله
جميع العطيات، واستفرغ الوسع في فعاله فأسداه جزيل الطيبات وبالغ في النصح
والطاعة فمنحه الحوض والشفاعة، اشهد بذلك يا مولاي يا أمير المؤمنين وأنا
عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك أنك سيد الخلق وإمام الحق وباب الأفق
اجتباك الله لقدرته فجعلك عصا عزه وتابوت حكمته، وأيدك بترجمة وحيه وأعزك
بنور هدايته وخصك ببرهانه، فأنت عين غيبه وميزان قسطه، وبين فضلك في فرقانه
وأظهرك علما لعباده وأمينا في بريته، وانتجبك لنوره فجعلك منارا في بلاده و
حجته على خليقته وأيدك بروحه فصيرك ناصر دينه وركن توحيده، واختصك
بفضله فأنت تبيان لعلمه وحجة على خليقته، واشتقك من نوره فصيرك دليلا
على صراطه وسبيلا لقصده، وأورثك كتابه فحفظت سره ورعيت خلقه، وخصك
بكرائم التنزيل فخزنت غيبه وعرفت علمه وجعلك نهاية من خلق فسبقت العالمين
وعلوت السابقين، وصيرك غاية من ابتدع ففقت بالتقديم كل مبتدع ولم تأخذك
في هواه لومة ولم تخدع، فكنت أول من في الذر برأ فعلمت ما علا ودنا وقرب و
نأى فأنت عينه الحفيظة التي لا تخفى عليها خافية، واذنه السميعة التي حازت
المعارف العلوية وقلبه الواعي البصير المحيط بكل شئ، ونوره الذي أضاء به
البرية وحوته العلوم الحقيقية، ولسانه الناطق بكل ما كان من الأمور والمبين
349

عما كان أو يكون في سالف الأزمان وغابر الدهور، كل يا مولاي عن نعتك
أفهام الناعتين وعجز عن وصفك لسان الواصفين، لسبقك بالفضل بالبرايا وعلمك
بالنور والخفايا، فأنت الأول الفاتح بالتسبيح حتى سبح لك المسبحون، و
الآخر الخاتم بالتمجيد حتى مجد بوصفك الممجدون، كيف أصف يا مولاي
حسن ثنائك أم احصي جميل بلائك والأوهام عن معرفة كيفيتك عاجزة، والأذهان
عن بلوغ حقيقتك قاصرة، والنفوس تقصر عما تستحق فلا تبلغه، وتعجز عما
تستوجب ولا تدركه، بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين وأعزائي وأهلي وأحبائي
اشهد الله ربي ورب كل شئ، وأنبياءه المرسلين، وحملة العرش والكروبيين
ورسله المبعوثين، وملائكته المقربين، وعباده الصالحين، ورسوله المبعوث
بالكرامة المحبو بالرسالة، السيد المنذر والسراج الأنور، والبشير الأكبر
والنبي الأزهر والمصطفى المخصوص بالنور الاعلى، المكلم من سدرة المنتهى
أني عبدك وابن عبدك ومولاك وابن مولاك مؤمن بسرك وعلانيتك كافر
بمن أنكر فضلك وجحد حقك، موال لأوليائك معاد لأعدائك، عارف بحقك
مقر بفضلك، محتمل لعلمك، محتجب بذمتك، موقن بآياتك، مؤمن برجعتك
منتظر لأمرك، مترقب لدولتك، آخذ بقولك، عامل بأمرك، مستجير بك، مفوض
أمري إليك، متوكل فيه عليك، زائر لك، لائذ ببابك الذي فيه غبت ومنه تظهر
حتى تمكن دينه الذي ارتضى، وتبدل بعد الخوف أمنا، وتعبد المولى حقا و
لا تشرك به شيئا، ويصير الدين كله لله وأشرقت الأرض بنور ربها وضع الكتاب
وجئ بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون، والحمد لله رب
العالمين، فعندها يفوز الفائزون بمحبتك، ويأمن المتكلون عليك، ويهتدي
الملتجئون إليك، ويرشد المعتصمون بك، ويسعد المقرون بفضلك، ويشرف
المؤمنون بأيامك، ويحظى الموقنون بنورك، ويكرم المزلفون لديك، ويتمكن
المتقون من أرضك، وتقر العيون برؤيتك، ويجلل بالكرامة شيعتك، ويشملهم
بهاء زلفتك، وتقعدهم في حجاب عزك وسرادق مجدك، في نعيم مقيم وعيش سليم
350

وسدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب، ونجد ما وعدنا ربنا
حقا وصدقا، وننادى: هل وجدتم ما سول لكم الشيطان حقا، تكثر الحيرة و
الفظاظة والعثرة والحميقة ويقال: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت
لمن الساخرين، شقي من عدل عن قصدك يا أمير المؤمنين، وهوى من اعتصم بغيرك
يا أمير المؤمنين، وزاغ من آمن بسواك، وجحد من خالفك، وهلك من عاداك، و
كفر من أنكرك، واشرك من أبغضك وضل من فارقك، ومرق من ناكثك، و
ظلم من صد عنك، وأجرم من نصب لك، وفسق من دفع حقك، ونافق من قعد
عن نصرتك، وخاب من أنكر بيعتك، وخزي من تخلف عن فلكك، وخسر خسرانا
مبينا، أشهدك أيها النبأ العظيم والعلي الحكيم أني موف بعهدك، مقر بميثاقك
مطيع لأمرك، مصدق لقولك، مكذب لمن خالفك، محب لأوليائك، مبغض
لأعدائك، حرب لمن حاربت، سلم لمن سالمت، محقق لما حققت، مبطل لما أبطلت
مؤمن بما أسررت، موقن بما أعلنت، منتظر لما وعدت، متوقع لما قلت، حامد
لربي عز وجل على ما أوزعني من معرفتك شاكر له على ما طوقني من احتمال
فضلك، بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين اشهد أنك تراني وتبصرني وتعرف كلامي
وتجيبني، وتعرف ما يجنه قلبي وضميري، فاشهد يا مولاي واشفع لي عند
ربك في قضاء حوائجي، اللهم بحقه الذي أوجبت له عليك صل على محمد وآل محمد
وسلم مناسكي وتقبل مني وتفضل علي وارحمني وارحم فاقتي واكشف ضري
وذلي وتعطف بجودك على مسكنتي وتب علي وأقلني عثرتي وتجاوز عني وامح
خطيئتي وانظر إلي واغفر ذنبي وجد علي واقبل توبتي وحظ وزري وارفع درجتي
واقض ديني واجبر كسري واصفح عن جرمي وأقم صرعتي وأسقط عني ذنبي
وأثبت حسناتي واشف سقمي وفرج غمي وأذهب همي ونفس كربتي واقلبني
بالنجح مستجابا لي دعوتي واشكر سعيي وأد أمانتي وبلغني أملي وأعطني منيتي
واكبت عدوي وافلح حجتي بحق محمد وآله وصلى الله عليهم يا مولاي اشفع لي
عند ربك فلك عند الله المقام المحمود والجاه العريض والشفاعة المقبولة والمحل
351

الرفيع، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول والنور الذي أنزل معه فاكتبنا
مع الشاهدين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت
الوهاب، اللهم رب الأخيار، وإله الأبرار، العزيز الجبار العظيم الغفار، صل على
محمد وآله الأخيار صلاة تزلفهم وتمنحهم وتكرمهم وتحبوهم وتقربهم وتدنيهم
وتقويهم وتسددهم وتجعلني وجميع محبيهم في موقفي هذا ممن تناله منك رحمة
ورأفة وكرامة ومغفرة ونظرة وموهبة وتعطيني جميع ما سئلتك وما لم أسألك بما
فيه صلاح آخرتي ودنياي ولإخواني وأهلي وولدي وأهل بيتي وارحمهم وارحم
والدي وتجاوز عنهما ونور قبريهما وجميع من أحبني من المؤمنين والمؤمنات
ومن عرفته ومن لم أعرفه إنك تعلم متقلبهم ومثواهم وارزقني الوفاء بعهدك و
ثبتني على موالاة أوليائك ومعادات أعدائك ولا تجعله آخر العهد مني ومن موقفي
هذا إنك جواد كريم، اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وصلى
الله على محمد وآله الظاهرين ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة
إنك أنت الوهاب وثبنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، إلهي إن
كانت ذنوبي قد حالت بيني وبينك أن ترفع لي صوتا أو تستجيب لي دعوة فها أنا
ذا بين يديك متوجه إليك بنبيك محمد وأهل بيته صلواتك عليهم أجمعين، وأسئلك
بعزتك يا مولاي لما قبلت عذري وغفرت ذنوبي بتوسلي إليك بمحمد وآل محمد
صلواتك ورحمتك عليهم أجمعين فإنك قلت: الأعمال بخواتمها وجعلت لكل عامل
أجرا فأسئلك يا إلهي أن تصلي على محمد وآل محمد وتجعل جزائي منك عتقي من
النار وأن تنظر إلي نظرة رحيمة لا أشقى بعدها أبدا في الدنيا والآخرة يا
ارحم الراحمين.
ثم تصلى للزيارة وتدعو بعدها وتقول: يا الله يا الله يا الله يا مجيب دعوة
المضطرين (1).
أقول: وساق الدعا إلى آخر ما سيأتي في زيارة عاشورا، وقد مر مختصر منه

(1) المزار الكبير ص 10197.
352

في الزيارة الخامسة أيضا.
ثم قال مؤلف المزار الكبير: فإذا أردت وداعه عليه السلام تأتي قبره صلوات
الله عليه وتقف عليه كوقوفك الأول وتقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين و
يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين وحجة الله على أهل السماوات والأرضين
سلام مودع لا سئم ولا قال ورحمة الله وبركاته إنه حميد مجيد سلام ولي غير زائغ
عنك ولا منحرف منك ولا مستبدل بك ولا مؤثر عليك ولا زاهد فيك، ولا جعله
الله آخر العهد من زيارتك يا أمير المؤمنين وإتيان مشهدك، والسلام عليك وحشرني
الله في زمرتك وأوردني حوضك وجعلني من حزبك وأرضاك عني ومكنني في
دولتك وأحياني في رجعتك وملكني في أيامك وشكر سعيي بك وغفر ذنبي
بشفاعتك وأقال عثرتي بحبك وأعلا كعبي بموالاتك وشرفني بطاعتك وأعزني
بهدايتك وجعلني ممن أنقلب مفلحا منجحا غانما سالما معافا غنيا فائزا برضوان الله و
فضله وكفايته ونصرته وأمنه ونوره وهدايته وحفظه وكلاءته بأفضل ما بينك و
بين أحد من زوارك ووافديك ومواليك وشيعتك ورزقني الله العود ما أبقاني ربي
بايمان وبر وتقوى وإخبات ورزق حلال واسع وعافية شاملة في النفس والاخوان
والاهل والولد، اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تجعله آخر العهد من زيارة
مولاي أمير المؤمنين وذكره والصلاة عليه، وأوجب لي من الخير والبركة و
النور والايمان وحسن الإجابة مثل ما أوجبت لأوليائك، العارفين بحقك الموجبين
لطاعتك المديمين لذكرك الراغبين في زيارتك المتقربين إليك بذلك، بأبي أنت و
أمي يا أمير المؤمنين ونفسي وأحبتي اجعلني يا مولاي من حزبك وأدخلني في شفاعتك
واذكرني عند ربك، اللهم صل على محمد وعلى أهل بيت محمد الطيبين الطاهرين
وبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام، وأعمم بما سئلتك جميع أهلي وولدي و
إخواني إنك على كل شئ قدير يا ارحم الراحمين، اللهم إني أشهدك وأشهد
محمدا وعليا والثمانية حملة عرشك والأربعة أملاك خزنة علمك أن فرض صلواتي
لوجهك ونوافلي وزكواتي وما طاب من قول وعمل عندك فعلى محمد صلى الله عليه
353

وآله فأسئلك يا إلهي أن تصلي على محمد وآله وتوصلني به إليه وتقربني به لديه
كما أمرتنا بالصلاة عليه، وأشهد أني مسلم له ولأهل بيته غير مستكبر ولا مستنكف
فسلمنا بصلاته وصلاة أهل بيته، واجعل ما أتينا من عمل أو معرفة مستقرا لا مستودعا
يا أرحم الراحمين.
ثم تنكب على القبر وتقول: وليك يا مولاي يا أمير المؤمنين بك عائذ، وبحرمك
لائذ، وبحبلك آخذ، وبأمرك نافذ فكن لي يا مولاي يا أمير المؤمنين إلى الله سفيرا ومن
النار مجيرا وعلى الدهر ظهيرا ولزيارتي شكورا، فمن تعلق بك سلم ومن تأخر
عنك ندم، وأنت مولى الأمم وكاشف النقم، صلوات الله عليك عبدك بين يديك
يدعوك ويشكو إليك ويتكل في أمره عليك، وأنت مالك جنته ومنفس كربته و
راحم عبرته ومحيي قلبه وعليك منا السلام وبك بعد الله الاعتصام إذا حل الحمام
وسكن الزحام، فإليك المآب وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
ثم تدعو بما شئت (1) وصل على محمد المصطفى وعلى آله الطاهرين و
انصرف راشدا.
أقول: هذا آخر ما أخرجناه من المزار الكبير المظنون أنه من مؤلفات محمد
ابن المشهدي ره.
5.
* (باب) *
* " (زياراته صلوات الله عليه المختصة) " *
* " (بالأيام والليالي) " *
منها زيارة يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان:
1 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن أحمد بن
زيد النيشابوري قال: حدثنا عمر بن إبراهيم الهاشمي، عن عبد الملك بن عمر، عن أسد

(1) المزار الكبير ص 104103.
354

ابن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين
عليه السلام ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبي صلى الله عليه وآله وجاء رجل
باكيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف
على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: رحمك الله يا أبا الحسن كنت
أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله، وأعظمهم
عناء، وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وآله، وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب،
وأكرمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وآله، وأشبههم به
هديا وخلقا وسمتا وفعلا، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن
الاسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا، قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين
استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله إذ هم أصحابه، و
كنت خليفته حقا لم تنازع ولم تضرع برغم المخالفين وغيظ الكافرين
وكره الحاسدين وصغر الفاسقين، فقمت بالامر حين فشلوا، ونطقت حين
تتعتوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فاتبعوك فهدوا، وكنت أخفضهم
صوتا، وأعلاهم قنوتا، وأقلهم كلاما، وأصوبهم نطقا، وأكبرهم رأيا، وأشجعهم
قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالأمور، كنت والله يعسوبا للدين
أولا وآخرا، الأول حين تفرق الناس، والآخر حين فشلوا كنت للمؤمنين
أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا
ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذ اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ أسرعوا
وأدركت أوتار ما طلبوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا، كنت للكافرين عذابا صبا و
نهبا، وللمؤمنين عمدا وحصنا، فطرت والله بغمائها، وفزت بحبائها، وأحرزت
سوابقها، وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك
ولم تجبن نفسك ولم تخر، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، وكنت كما
قال عليه السلام: أمن الناس في صحبتك وذات يدك، وكنت كما قال عليه السلام: ضعيفا
في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، كبيرا في الأرض،
355

جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لاحد
فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ
له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب و
البعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم
وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت، قد نهج السبيل وسهل العسير
وأطفئت النيران واعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت
سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في
السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فانا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه
وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا، كنت للمؤمنين كهفا و
حصنا وقنة راسيا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا أحرمنا
أجرك ولا أضلنا بعدك.
وسكت القوم حتى انقضى كلامه وبكى. وبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم
طلبوه فلم يصادفوه (1).
بيان: إنما أوردنا هذا الخبر هنا لان المتكلم كان الخضر عليه السلام كما يظهر
من إكمال الدين (2) وقد خاطبه عليه السلام كما يظهر في هذا اليوم بهذا الكلام
فناسب زيارته في هذا اليوم به، وقد أدرجه علماؤنا في بعض الزيارات السابقة و
الآتية، والارتجاج الاضطراب، والعناء التعب ويقال حاطه يحوطه حوطا وحياطة
إذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه، والهدي بالفتح السيرة والسمت
هيئة أهل الخير " قوله عليه السلام ": وبرزت أي إلى الجهاد والاستكانة الخضوع و
التذلل " قوله عليه السلام " ونهضت اي قمت بعبادة الله وأداء حقه وترويج دينه حين
وهن وضعف ساير الناس الصحابة في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وبعده " قوله عليه السلام " إذ هم
أصحابه أي قصد كل منهم مسلكا مخالفا للحق لمصالح دنياهم " قوله عليه السلام: "

(1) الكافي ج 1 ص 454 وأخرجه الصدوق في الأمالي ص 241.
(2) كمال الدين وتمام النعمة ص 218 طبع إيران القديم.
356

لم تنازع اي لم تكن محل النزاع لوضوح الامر، أو المعنى أنهم جميعا كانوا بقلوبهم
يعتقدون حقيتك وخلافتك وإن أنكروا ظاهرا لاغراضهم الفاسدة " قوله " لم
تضرع على بناء المعلوم بكسر الراء وفتحها أي لم تذل ولم تخضع لهم أو بضمها
يقال: ضرع ككرم إذا ضعف ولم يقو على العدو " قوله عليه السلام " وصغر الفاسقين بكسر
الصاد وفتح الغين وهو الذل والرضا به، وفشل كفرح: كسل وضعف وتراخى و
جبن، والتعتعة في الكلام التردد فيه من حصر أوعي " فقوله " وأعلاهم قنوتا أي
طاعة وخضوعا وفي نهج البلاغة (1) وأعلاهم فوتا أي سبقا " قوله عليه السلام: " أولا
وآخرا، يحتمل أن يكون المراد بالأول زمان الرسول صلى الله عليه وآله وبالآخر بعده
أو كلا منهما في كل منهما، ويقال تشمر للامر إذا تهيأ، والهلع أفحش الجزع
" قوله: " إذ أسرعوا اي فيما لا ينبغي الاسراع فيه، والأوتار جمع وتر بالكسر
وهو الجناية، والعمد بالتحريك جمع العمود " قوله عليه السلام: " فطرت والله بغمائها
الغماء الداهية وفي بعض النسخ بنعمائها " وقوله " فطرت يمكن أن يقرء على بناء
المجهول من الفطر بمعنى الخلقة أي كنت مفطورا على البلاء والنعماء، ويحتمل
أن يكون الفاء عاطفة والطاء مكسورة من الطيران اي ذهبت إلى الدرجات العلى
مع الدواهي التي أصابتك من الأئمة أوطرت وذهبت بنعمائهم وكراماتهم ففقدوها
بعدك، وبعضهم قرأ فطرت على بناء المجهول وتشديد الطاء من قولهم فطرت
الصايم إذا أعطاه الفطور (2).
وفي نهج البلاغة فطرت والله بعنائها واستبددت برهانها، وقال بعض شراحه:
الضميران يعودان إلى الفضيلة فاستعار هاهنا لفظ الطيران للسبق العقلي، واستعار
لفظي العنان والرهان اللذان هما من متعلقات الخيل انتهى، وقال الجوهري (3)
يقال: له سابقة في هذا الامر إذا سبق الناس إليه، وفلول السيف كسور في حده

(1) نهج البلاغة ج 1 ص 84 شرح محمد عبده طبع الاستقامة بمصر.
(2) نهج البلاغة ج 1 ص 84.
(3) صحاح الجوهري ج 4 ص 1494.
357

والزيغ الميل " قوله " لم تخر بالخاء المعجمة والراء المشددة من الخرور وهو
السقوط من علو إلى سفل، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة من الحيرة، وفي
بعضها لم تخن من الخيانة وهو أظهر " قوله " في صحبتك وذات يدك اي كنت
أكثر الناس أمانة في مصاحبة من صحبك لا تغش فيها وكذا فيما في يدك من بيت
المال وغيره، والهمز الغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم، والغمز الإشارة
بالعين والحاجب وهو أيضا كناية عن إثبات المعايب " قوله " ولا لاحد فيك مطمع
أي طمع أن يضلك ويصرفك عن الحق وقال الجزري (1) لا تأخذه في الله هوادة
أي لا تسكن عند وجوب حد الله ولا يحابي فيه أحدا، والهوادة السكون والرخصة
والمحاباة " قوله: " فيما فعلت في أكثر نسخ الحديث فأقلعت من الاقلاع وهو الكف
اي كففت عن الأمور كناية عن الموت، ونهج كمنع وضح " قوله: " وسبقت
سبقا بعيدا اي ذهبت بالشهادة إلى الآخرة بحيث لا يمكننا اللحوق بك أو سبقت إلى
الفضايل والكمالات بحيث لا يمكن لاحد أن يلحقك فيها، وكذا الفقرة الثانية
تحتمل الوجهين، وإن كان الأول فيها أظهر " قوله: " فجللت عن البكاء أي أنت
أجل من أن يقضى حق مصيبتك والجزع عليك بالبكاء بل بما هو أشد منه أو أنت
أجل من أن يكون للبكاء عليك حد والأول أظهر، والرزية المصيبة، والهد
الهدم الشديد، والقنة بالضم الجبل أو قلته، والراسي الثابت، وقد مضى الخبر بأسانيد
أخر مشروحا في أبواب شهادته صلوات الله عليه.
ومنها زيارة ليلة الغدير ويومها:
2 - مصباح الزائر: روى محمد بن أحمد بن داود القمي، عن رجاله، عن البزنطي، عن
الرضا عليه السلام في حديث اختصرناه قال: قال لي: يا بن أبي نصر أينما كنت فاحضر
يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليه السلام فان الله تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة
ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان و
ليلة القدر وليلة الفطر، والدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين، وأفضل على

(1) النهاية ج 4 ص 274.
358

إخوانك في هذا اليوم، وسر فيه كل مؤمن ومؤمنة ثم قال: يا أهل الكوفة لقد
أعطيتم خيرا كثيرا وإنكم لممن امتحن الله قلبه للايمان مستذلون مقهورون
ممتحنون يصب عليكم البلاء صبا ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم، والله لو عرف
الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كل يوم عشر مرات.
3 - المصباحين: عن البزنطي مثله (1).
4 - إقبال الأعمال: بالاسناد إلى محمد بن أحمد بن داود، عن أحمد بن محمد بن عمار
الكوفي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبد الله
ابن زرارة، عن البزنطي مثله (2).
أقول: قد مضى في باب أعمال الغدير فضله وأعماله، وإنما نذكر هاهنا
ما يتعلق بزيارته.
قال الشيخ المفيد قدس الله روحه فيها روايتان:
5 - أما الأولى فهي ما رواها جابر الجعفي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: مضى
أبي علي بن الحسين عليه السلام إلى مشهد أمير المؤمنين عليه السلام فوقف عليه ثم بكى وقال:
السلام عليك يا أمين الله في ارضه وحجته على عباده، السلام عليك يا أمير المؤمنين
اشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده إلى آخر ما مر في أوايل الباب السابق من
فرحة الغري وسيأتي في الزيارات الجامعة، وقد ذكر الشيخ الطوسي وغيره
أيضا هذه الزيارة من الزيارات المخصوصة بهذا اليوم ولم أر في الروايات المشتملة
عليها ما يدل على اختصاصها كما أومأنا إليه ولذلك لم نوردها هاهنا.
6 ثم قال المفيد رحمه الله وأما الرواية الثانية فهي ما روي عن أبي محمد
الحسن بن العسكري عن أبيه صلوات الله عليهما وذكر أنه عليه السلام زار بها في يوم الغدير
في السنة التي اشخصه المعتصم، فإذا أردت ذلك فقف على باب القبة الشريفة و

(1) مصباح الشيخ س 513.
(2) الأقيال ص 685.
359

استأذن وادخل مقدما رجلك اليمنى على اليسرى، وامش حتى تقف على الضريح
واستقبله واجعل القبلة بين كتفيك وقل:
السلام على محمد رسول الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وصفوة رب العالمين
أمين الله على وحيه وعزائم أمره والخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن
على ذلك كله، ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحياته، والسلام على أنبياء الله
ورسله وملائكته المقربين وعباده الصالحين، السلام عليك يا أمير المؤمنين و
سيد الوصيين ووارث علم النبيين وولي رب العالمين ومولاي ومولى المؤمنين و
رحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين يا أمين الله في أرضه و
سفيره في خلقه وحجته البالغة على عباده، السلام عليك يا دين الله القويم وصراطه
المستقيم، السلام عليك أيها النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون، وعنه يسألون
السلام عليك يا أمير المؤمنين آمنت بالله وهم مشركون وصدقت بالحق وهم
مكذبون وجاهدت وهم محجمون وعبدت الله مخلصا له الدين صابرا محتسبا
حتى أتاك اليقين الا لعنة الله على الظالمين، السلام عليك يا سيد المسلمين ويعسوب
المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك
أخو رسول الله ووصيه ووارث علمه وأمينه على شرعه وخليفته في أمته وأول من
آمن بالله وصدق بما أنزل على نبيه، وأشهد أنه قد بلغ عن الله ما أنزله فيك
فصدع بأمره وأوجب على أمته فرض طاعتك وولايتك وعقد عليهم البيعة لك وجعلك
أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما جعله الله كذلك، ثم أشهد الله تعالى عليهم فقال:
ألست قد بلغت فقالوا اللهم بلى فقال: اللهم اشهد وكفى بك شهيدا وحاكما بين
العباد، فلعن الله جاحد ولايتك بعد الاقرار وناكث عهدك بعد الميثاق، واشهد
أنك وفيت بعهد الله تعالى وأن الله تعالى موف لك بعهده ومن أوفى بما عاهد عليه
الله فسيؤتيه أجرا عظيما، وأشهد أنك أمير المؤمنين الحق الذي نطق بولايتك
التنزيل وأخذ لك العهد على الأمة بذلك الرسول، واشهد أنك وعمك وأخاك
الذين تاجرتم الله بنفوسكم فأنزل الله فيكم " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
360

وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التورية
والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك
هو الفوز العظيم * التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون
الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين "
اشهد يا أمير المؤمنين أن الشاك فيك ما آمن بالرسول الأمين، وأن العادل بك
غيرك عاند عن الدين القويم الذي ارتضاه لنا رب العالمين، وأكمله بولايتك يوم
الغدير، وأشهد أنك المعني بقول العزيز الرحيم " وأن هذا صراطي مستقيما
فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " ضل والله وأضل من اتبع سواك وعند
عن الحق من عاداك، اللهم سمعنا لأمرك وأطعنا واتبعنا صراطك المستقيم فاهدنا
ربنا ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إلى طاعتك واجعلنا من الشاكرين لأنعمك
وأشهد أنك لم تزل للهوى مخالفا، وللتقى محالفا، وعلى كظم الغيظ قادرا، و
عن الناس عافيا غافرا، وإذا عصى الله ساخطا، وإذا أطيع الله راضيا، وبما عهد
إليك عاملا، راعيا لما استحفظت، حافظا لما استودعت، مبلغا ما حملت، منتظرا
ما وعدت، وأشهد أنك ما اتقيت ضارعا، ولا أمسكت عن حقك جازعا، ولا
أحجمت عن مجاهدة عاصيك ناكلا، ولا أظهرت الرضا بخلاف ما يرضى الله مداهنا
ولا وهنت لما أصابك في سبيل الله، ولا ضعفت ولا استكنت عن طلب حقك مراقبا
معاذ الله أن تكون كذلك بل إذ ظلمت احتسبت ربك وفوضت إليه أمرك وذكرتهم
فما ادكروا، ووعظتهم فما اتعظوا، وخوفتهم الله فما تخوفوا، وأشهد أنك
يا أمير المؤمنين جاهدت في الله حق جهاده، حتى دعاك الله إلى جواره، وقبضك
إليه باختياره، وألزم أعداءك الحجة بقتلهم إياك لتكون الحجة لك عليهم، مع
مالك من الحجج البالغة على جميع خلقه، السلام عليك يا أمير المؤمنين عبدت الله
مخلصا، وجاهدت في الله صابرا، وجدت بنفسك محتسبا، وعملت بكتابه، واتبعت
سنة نبيه، وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ما
استطعت، مبتغيا ما عند الله، راغبا فيما وعد الله، لا تحفل بالنوائب، ولا تهن عند
361

الشدائد، ولا تحجم عن محارب، أفك من نسب غير ذلك إليك وافترى باطلا
عليك، وأولى لمن عند عنك، لقد جاهدت في الله حق الجهاد، وصبرت على الأذى
صبر احتساب، وأنت أول من آمن بالله وصلى له وجاهد وأبدى صفحته في دار
الشرك والأرض مشحونة ضلالة والشيطان يعبد جهرة وأنت القائل: لا تزيدني
كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة، ولو أسلمني الناس جميعا لم
أكن متضرعا، اعتصمت بالله فعززت، وآثرت الآخرة على الأولى فزهدت، وأيدك
الله وهداك، وأخلصك واجتباك، فما تناقضت أفعالك، ولا اختلفت أقوالك، و
لا تقلبت أحوالك، ولا ادعيت ولا افتريت على الله كذبا، ولا شرهت إلى
الحطام، ولا دنسك الآثام، ولم تزل على بينة من ربك ويقين من أمرك، تهدي
إلى الحق وإلى طريق مستقيم، اشهد شهادة حق وأقسم بالله قسم صدق أن محمدا و
آله صلوات الله عليهم سادات الخلق، وأنك مولاي ومولى المؤمنين وأنك عبد الله
ووليه وأخو الرسول ووصيه ووارثه، وأنه القائل لك: والذي بعثني بالحق
ما آمن بي من كفر بك، ولا أقر بالله من جحدك، وقد ضل من صد عنك،
ولم يهتد إلى الله ولا إلي من لا يهتدي بك، وهو قول ربي عز وجل " وإني لغفار
لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " إلى ولايتك، مولاي فضلك لا يخفى،
ونورك لا يطفى، وأن من جحدك الظلوم الأشقى، مولاي أنت الحجة على العباد
والهادي إلى الرشاد، والعدة للمعاد، مولاي لقد رفع الله في الأولى منزلتك،
وأعلى في الآخرة درجتك، وبصرك ما عمي على من خالفك وحال بينك وبين
مواهب الله لك، فلعن الله مستحلي الحرمة منك وذائد الحق عنك، واشهد أنهم
الأخسرون الذين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون، وأشهد أنك ما أقدمت
ولا أحجمت ولا نطقت ولا أمسكت إلا بأمر من الله ورسوله، قلت: والذي نفسي
بيده لقد نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وآله اضرب بالسيف قدما فقال: يا علي أنت مني
بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأعلمك أن موتك وحياتك معي
وعلى سنتي، فوالله ما كذبت ولا كذبت، ولا ضللت ولا ضل بي، ولا نسيت
362

ما عهد إلي ربي، وإني لعلى بينة من ربي بينها لنبيه، وبينها النبي لي، و
إني لعلى الطريق الواضح، ألفظه لفظا، صدقت والله وقلت الحق فلعن الله من
ساواك بمن ناواك، والله جل اسمه يقول: " هل يستوي الذين يعلمون والذين
لا يعلمون " فلعن الله من عدل بك من فرض الله عليه ولايتك، وأنت ولي الله و
أخو رسوله والذاب عن دينه والذي نطق القرآن بتفضيله قال الله تعالى: " و
فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان
الله غفورا رحيما ".
وقال الله تعالى: " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن
بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين *
الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله
وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم *
خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم "، اشهد أنك المخصوص بمدحة الله
المخلص لطاعة الله، لم تبغ بالهدى بدلا، ولم تشرك بعبادة ربك أحدا وأن الله
تعالى استجاب لنبيه صلى الله عليه وآله فيك دعوته، ثم أمره باظهار ما أولاك لامته، إعلاء لشأنك
وإعلانا لبرهانك، ودحضا للأباطيل، وقطعا للمعاذير، فلما أشفق من فتنة الفاسقين
واتقى فيك المنافقين، أوحى إليه رب العالمين " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل
إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس فوضع
على نفسه أوزار المسير، ونهض في رمضاء الهجير، فخطب فاسمع ونادى فأبلغ ثم
سألهم أجمع، فقال: هل بلغت؟ فقالوا: اللهم بلى، فقال: اللهم اشهد، ثم قال:
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: بلى فأخذ بيدك، وقال: من كنت
مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره
واخذل من خذله، فما آمن بما أنزل الله فيك على نبيه إلا قليل، ولا زاد
أكثرهم غير تخسير، ولقد أنزل الله تعالى فيك من قبل وهم كارهون " يا أيها
الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة
363

على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك
فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ".
" إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم
الغالبون " ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، ربنا
لا تزغ قلوبنا. بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، اللهم إنا
نعلم أن هذا هو الحق من عندك، فالعن من عارضه واستكبر وكذب به وكفر
وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون، السلام عليك يا أمير المؤمنين، وسيد
الوصيين، وأول العابدين، وأزهد الزاهدين، ورحمة الله وبركاته وصلواته و
تحياته.
أنت مطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا لوجه الله، لا تريد منهم
جزاء ولا شكورا، وفيك أنزل الله تعالى " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ".
وأنت الكاظم للغيظ والعافي عن الناس والله يحب المحسنين، وأنت الصابر
في البأساء والضراء وحين الباس وأنت القاسم بالسوية والعادل في الرعية والعالم
بحدود الله من جميع البرية والله تعالى أخبر عما أولاك من فضله بقوله: " أفمن
كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون * أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات
فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون " وأنت المخصوص بعلم التنزيل
وحكم التأويل ونص الرسول ولك المواقف المشهودة والمقامات المشهورة
والأيام المذكورة، يوم بدر ويوم الأحزاب " إذ زاغت الابصار وبلغت القلوب
الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، و
إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا *
وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي
يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا " وقال الله تعالى:
364

" ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله و
رسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما " فقتلت عمروهم وهزمت جمعهم ورد الله الذين
كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا
ويوم أحد إذ يصعدون ولا يلون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم وأنت
تذود بهم المشركين عن النبي ذات اليمين وذات الشمال حتى ردهم الله عنكما
خائفين ونصر بك الخاذلين، ويوم حنين على ما نطق به التنزيل " إذ أعجبتكم
كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين *
ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين " والمؤمنون أنت ومن يليك و
عمك العباس ينادي المنهزمين،، يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة
حتى استجاب له قوم قد كفيتهم المؤنة، وتكفلت دونهم المعونة، فعادوا آيسين
من المثوبة، راجين وعد الله تعالى بالتوبة، وذلك قول الله جل ذكره " ثم يتوب
الله من بعد ذلك على من يشاء " وأنت حائز درجة الصبر، فائز بعظيم الاجر.
ويوم خيبر إذ أظهر الله خور المنافقين، وقطع دابر الكافرين، والحمد لله
رب العالمين " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار، وكان عهد الله مسؤولا "
مولاي أنت الحجة البالغة والمحجة الواضحة والنعمة السابغة، والبرهان المنير،
فهنيئا لك بما آتاك الله من فضل وتبا لشانئك ذي الجهل.
شهدت مع النبي صلى الله عليه وآله جميع حروبه ومغازيه تحمل الراية
أمامه، وتضرب بالسيف قدامه، ثم لحزمك المشهور وبصيرتك في الأمور، أمرك
في المواطن ولم تكن عليك أمير، وكم من أمرك صدك عن إمضاء عزمك فيه التقى
واتبع غيرك في مثله الهوى، فظن الجاهلون أنك عجزت عما إليه انتهى، ضل
والله الظان لذلك وما اهتدى، ولقد أوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهم وامترى
بقولك صلى الله عليك: قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها حاجز من تقوى الله
فيدعها رأي العين، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين، صدقت وخسر المبطلون
وإذ ماكرك الناكثان فقالا: نريد العمرة فقلت لهما: لعمر كما ما تريدان العمرة ولكن
365

تريدان الغدرة، فأخذت البيعة عليهما، وجددت الميثاق فجدا في النفاق، فلما
نبهتهما على فعلهما أغفلا وعادا وما انتفعا وكان عاقبة أمرهم خسرا، ثم تلاهما
أهل الشام فسرت إليهم بعد الاعذار وهم لا يدينون دين الحق ولا يتدبرون
القرآن، همج رعاع ضالون وبالذي أنزل على محمد فيك كافرون ولأهل الخلاف
عليك ناصرون، وقد أمر الله تعالى باتباعك وندب المؤمنين إلى نصرك، وقال عز
وجل " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " مولاي بك ظهر الحق
وقد نبذه الخلق وأوضحت السنن بعد الدروس والطمس، فلك سابقة الجهاد على
تصديق التنزيل، ولك فضيلة الجهاد على تحقيق التأويل، وعدوك عدو الله جاحد
لرسول الله، يدعو باطلا ويحكم جابرا ويتأمر غاصبا ويدعو حزبه إلى النار، و
عمار يجاهد وينادي بين الصفين: الرواح الرواح إلى الجنة، ولما استسقى فسقي
اللبن كبر وقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله آخر شرابك من الدنيا ضياح من
لبن، وتقتلك الفئة الباغية فاعترضه أبو العادية الفزاري فقتله، فعلى أبي العادية لعنة
الله ولعنة ملائكته ورسله أجمعين، وعلى من سل سيفه عليك وسللت سيفك عليه يا
أمير المؤمنين من المشركين والمنافقين إلى يوم الدين، وعلى من رضي بما ساءك ولم
يكرهه وأغمض عينه ولم ينكر أو أعان عليك بيد أو لسان أو قعد عن نصرك، أو خذل
عن الجهاد معك، أو غمط فضلك وجحد حقك، أو عدل بك من جعلك الله أولى به
من نفسه، وصلوات الله عليك ورحمة الله وبركاته وسلامه وتحياته، وعلى الأئمة من آلك
الطاهرين إنه حميد مجيد، والامر الأعجب والخطب الأفظع بعد جحدك حقك
غصب الصديقة الطاهرة الزهراء سيدة النساء فدكا، ورد شهادتك وشهادة السيدين
سلالتك وعترة المصطفى صلى الله عليكم، وقد أعلى الله تعالى على الأمة درجتكم
ورفع منزلتكم وأبان فضلكم وشرفكم على العالمين، فأذهب عنكم الرجس وطهركم
تطهيرا، قال الله عز وجل " إن الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا
مسه الخير منوعا إلا المصلين " فاستثنى الله تعالى نبيه المصطفى وأنت يا سيد الأوصياء
من جميع الخلق، فما أعمه من ظلمك عن الحق، ثم أقرضوك سهم ذوي القربى مكرا
366

أو حادوه عن أهله جورا، فلما آل الامر إليك أجريتهم على ما أجر يا رغبة عنهما بما
عند الله لك فأشبهت محنتك بهما محن الأنبياء عند الوحدة وعدم الأنصار وأشبهت في
البيات على الفراش الذبيح عليه السلام إذ أجبت كما أجاب، وأطعت كما أطاع إسماعيل
صابرا محتسبا، إذ قال له يا بني إني أرى في المنام اني أذبحك فانظر ماذا ترى
قال: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين، وكذلك أنت لما
أباتك النبي صلى الله عليه وآله وأمرك أن تضجع في مرقده واقيا له بنفسك، أسرعت
إلى إجابته مطيعا ولنفسك على القتل موطنا، فشكر الله تعالى طاعتك، وأبان عن
جميل فعلك بقوله جل ذكره " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " ثم
محنتك يوم صفين وقد رفعت المصاحف حيلة ومكرا فأعرض الشك وعرف الحق واتبع
الظن اشبهت محنة هارون إذ أمره موسى على قومه فتفرقوا عنه، وهارون ينادي بهم و
يقول: يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمان فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح
عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، وكذلك أنت لما رفعت المصاحف قلت يا قوم إنما
فتنتم بها وخدعتم، فعصوك وخالفوك عليك واستدعوا نصب الحكمين فأبيت عليهم وتبرأت
إلى الله من فعلهم وفوضته إليهم، فلما أسفر الحق وسفه المنكر، واعترفوا بالزلل
والجور عن القصد واختلفوا من بعده وألزموك على سفه التحكيم الذي أبيته، وأحبوه و
حظرته وأباحوا ذنبهم الذي اقترفوه، وأنت على نهج بصيرة وهدى، وهم على سنن ضلالة
وعمى، فما زالوا على النفاق مصرين، وفي الغى مترددين، حتى أذاقهم الله وبال أمرهم
فأمات بسيفك، من عاندك فشقي وهوى، وأحيا بحجتك من سعد فهدى، صلوات الله
عليك غادية ورائحة وعاكفة وذاهبة، فما يحيط المادح وصفك، ولا يحبط الطاعن
فضلك، أنت أحسن الخلق عبادة وأخلصهم زهادة، وأذبهم عن الدين، أقمت حدود
الله بجهدك، وفللت عساكر المارقين بسيفك، تخمد لهب الحروب ببنانك وتهتك
ستور الشبه ببيانك، وتكشف لبس الباطل عن صريح الحق، لا تأخذك في الله لومة
لائم، وفي مدح الله تعالى لك غنى عن مدح المادحين وتقريظ الواصفين، قال الله تعالى:
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
وما بدلوا تبديلا " ولما رأيت أن قتلت الناكثين والقاسطين والمارقين وصدقك
367

رسول الله صلى الله عليه وآله وعده فأوفيت بعهده، قلت: أما آن أن تخضب هذه من هذه؟ أم متى
يبعث أشقاها؟ واثقا بأنك على بينة من ربك وبصيرة من أمرك، قادم على الله، مستبشر
ببيعك الذي بايعته به، وذلك هو الفوز العظيم، اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء
أنبيائك، بجميع لعناتك وأصلهم حر نارك، والعن من غصب وليك حقه، وأنكر
عهده، وجحده بعد اليقين والاقرار بالولاية له يوم أكملت له الدين، اللهم العن قتلة
أمير المؤمنين ومن ظلمه وأشياعهم وأنصارهم، اللهم العن ظالمي الحسين وقاتليه
والمتابعين عدوه وناصريه والراضين بقتله وخاذليه لعنا وبيلا، اللهم العن أول ظالم
ظلم آل محمد ومانعيهم حقوقهم، اللهم خص أول ظالم وغاصب لآل محمد باللعن وكل
مستن بما سن إلى يوم القيامة، اللهم صل على محمد وآل محمد خاتم النبيين وعلى علي
سيد الوصيين وآله الطاهرين واجعلنا بهم متمسكين، وبولايتهم من الفائزين الآمنين
الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
بيان: (قوله) محجمون يقال أحجم عن الامر بتقديم المهملة على المعجمة
اي كف أو نكص هيبة، وبتقديم المعجمة أيضا بمعنى الكف وأكثر النسخ على الأول
ويقال: عند عن الطريق إي مال (قوله عليه السلام) وللتقى محالفا بالحاء المهملة، والمحالفة
المواخاة، وأن يحلف كل من الصديقين لصاحبه على التعاضد والتساعد والاتفاق
(قوله عليه السلام) ما اتقيت ضارعا اي متذللا متضعفا بل لاطاعة امره تعالى ورسوله والناكل
الضعيف والجبان (قوله عليه السلام) مراقبا اي منتظرا لحصول منفعة دنيوية ويقال: لا يحفل
بكذا أي لا يبالي به، ويقال: أفك كضرب وعلم إفكا بالكسر والفتح والتحريك كذب
وأولى له: كلمة تهدد ووعيد قال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه، وشره، كفرح غلب
حرصه والحطام، ما تكسر من اليبس شبه به زخارف الدنيا وأموالها وقال الجزري (1)
في حديث الصوم: فان عمي عليكم قيل: هو من العما السحاب الرقيق اي حال دونه ما
أعمى الابصار عن رؤيته (قوله عليه السلام) وذائد الحق اي دافعه، ويقال: لفحت النار
بحرها اي أحرقت، والكالح: هو الذي قصرت شفتاه عن أسنانه كما تقلص رؤوس الغنم

(1) النهاية ج 3 ص 147.
368

إذا شيطت بالنار، وقيل: كالحون اي عابسون، ويقال: مضى قدما بضمتين وقد
يسكن الدال إذا لم يعرج ولم ينثن (قوله عليه السلام) ألفظه لفظا اي أقول ذلك قولا حقا
لا أبالي به أحدا (قوله عليه السلام) فوضع على نفسه أوزار المسير اي أثقال المسير إلى
المقام الخطير الذي كان فيه مظنة إثارة الفتنة بإقامة الحجة والحاصل أن المراد
الأثقال المعنوية ويحتمل أن يكون المراد المشاق البدنية أيضا، والرمضاء الأرض
الشديدة الحرارة، والهجير نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو عند زوالها
إلى العصر وشدة الحر، وقال الفيروزآبادي (1) كل من أعطيته ابتداء من غير مكافاة
فقد أوليته (قوله عليه السلام) وأنت تذود بهم المشركين كذا في النسخ التي عندنا فلعل
الياء للبدلية اي عوضا عنهم أو بمعنى عن ويمكن أن يقرء بضم الباء وسكون الهاء
جمع البهيم وهو المجهول الذي لا يعرف والأظهر أنه تصحيف الدهم بفتح الدال
وسكون الهاء وهو العدد الكثير أو المصدر من قولك دهمه كسمع ومنع إذا غشيه
(قوله عليه السلام) ومن يليك اي من كان معك وبقربك في هذا الموقف أو من كان بعدك من
الأئمة عليهم السلام، والخور بالتحريك الضعف (قوله عليه السلام) وقطع دابر الكافرين الدابر
الآخر اي أهلك آخر من بقي منهم كناية عن استيصالهم (قوله عليه السلام) وتبا لشانئك:
التب الهلاك وهو منصوب بفعل مضمر، والشانئ المبغض وقال الجزري (2) الحول
ذو التصرف والاحتيال في الأمور، والقلب الرجل العارف بالأمور الذي قد ركب
الصعب والذلول وقلبها ظهرا لبطن وكان محتالا في أموره حسن التقلب (قوله) من لا
جريحة له في الدين كذا فيما عندنا من النسخ بتقديم الجيم على الحاء المهملة، ويمكن
أن يكون تصغير الجرح أي لا يرى أمرا من الأمور جارحا في دينه، والصواب ما في
نهج البلاغة (3) بتقديم الحاء المهملة على الجيم نقلها هكذا: ولقد أصبحنا في زمان اتخذ
أكثر أهله الغدر كيسا ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة ما لهم قاتلهم الله قد يرى

(1) ليس في القاموس ما نقله عن الفيروزآبادي ويوجد بعينه في النهاية ج 4 ص 246
وعليه فالصواب: قال الجزري بدل الفيروزآبادي.
(2) النهاية ج 1 ص 307.
(3) نهج البلاغة ج 1 ص 88.
369

الحول القلب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأى العين بعد القدرة
عليها وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين، وقال ابن أبي الحديد (1) اي ليس
بذي حرج والتحرج التأثم والحريجة التقوى وقال الفيروزآبادي (2) غفل عنه
غفولا تركه وسها عنه كأغفله أو غفل صار غافلا وغفل عنه وأغفله وصل غفلته إليه
وقال الجزري (3) في حديث علي عليه السلام وساير الناس همج رعاء: الهمج رذالة الناس
والهمج ذباب صغير يسقط على وجوه الغنم والحمير، وقيل هو البعوض فشبه به رعاع الناس
ورعاع الناس غوغاؤهم وسقاطهم وأخلاطهم (4) انتهى، والطمس المحو (قوله عليه السلام) على
تصديق التنزيل اي كان الذين يقاتلهم أمير المؤمنين عليه السلام في زمن الرسول صلى الله عليه وآله كافرين
بنص القرآن وتنزيله، والذين يقاتلهم بعده كافرين بتأويل القرآن على ما أخبره
الرسول صلى الله عليه وآله من ذلك، وقد مر القول في ذلك في كتاب أحواله عليه السلام وقال الجزري (5)
في حديث عمار إن آخر شربة تشربها ضياح، الضياح والضيح بالفتح اللبن الخاثر
يصب فيه الماء ثم يخلط رواه يوم قتل بصفين وقد جئ بلبن ليشربه انتهى، والغمط
الاستهانة والاستحقار والفعل كضرب وعلم (قوله عليه السلام) ثم أقرضوك سهم ذوي القربى أي
أعطوك منه سهما ونصيبا للتلبيس على الناس (قوله عليه السلام) وأحادوه اي مالوه وصرفوه (قوله
عليه السلام) رغبة عنهما اي عن فدك وسهم ذوي القربى أو عن الملعونين ومكافاتهما فيما
فعلا ونقض ما صنعا (قوله عليه السلام) فأعرض الشك اي تحرك وسعى في إضلال الناس أو
ظهر، قال الجوهري (6) اعرض فلان اي ذهب عرضا وطولا وعرضت الشئ فأعرض
اي أظهرته فظهر انتهى، ويقال: أسفر الصبح اي أضاء وأشرق (قوله عليه السلام) وسفه
المنكر كعلم اي ظهر سفهه وبطلانه ويمكن أن يقرأ سفه على بناء المجهول من باب
التفعيل، والقصد: استقامة الطريق، والجور الميل عن القصد يقال: جار عن الطريق

(1) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 1 ص 217 طبع البابي الحلبي بمصر.
(2) القاموس ج 4 ص 25.
(3) النهاية ج 4 ص 269.
(4) النهاية ج 2 ص 93.
(5) النهاية ج 3 ص 31.
(6) صحاح اللغة للجوهري ج 3 ص 1084.
370

(قوله عليه السلام) وأباحوا ذنبهم كذا في النسخ، ولعله من قبيل وضع المظهر موضع
المضمر والأظهر أن فيه سقطا والتفريط: المدح، وفي بعض النسخ بالقاف والظاء
المعجمة بمعناه وهو أظهر وأبلغ.
أقول: قد مر تفسير الآيات التي اشتملت الزيارة عليها والاخبار والفضايل
والغزوات التي أومأت إليها مفصلة في كتاب أحواله عليه السلام وكتاب الفتن وكتاب أحوال
النبي صلى الله عليه وآله فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع إليها.
7 وقال الشهيد ره في مزاره (1) وإذا أردت زيارته عليه السلام في يوم الغدير فاغتسل
والبس أطهر ثيابك، فإذا وصلت إلى المشهد المقدس ووقفت على باب القبة وعاينت
الجدث استأذن للدخول وقل:
اللهم إني وقفت على باب بيت من بيوت نبيك صلى الله عليه وآله وقد منعت الناس
الدخول إلى بيوته إلا باذن نبيك فقلت " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت
النبي إلا أن يؤذن لكم " وإني أعتقد حرمة نبيك في غيبته كما أعتقدها في حضرته
وأعلم أن رسولك وخلفاءك أحياء عندك يرزقون، يرون مكاني في وقتي هذا و
يسمعون كلامي، وأنك حججت عن سمعي كلامهم، وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم
فاني استأذنك يا رب أولا، واستأذن رسولك ثانيا، واستأذن خليفتك الامام المفترض
علي طاعته في الدخول في ساعتي هذه، واستأذن ملائكتك الموكلين بهذه البقعة
المبارك المطيعة لك السامعة، السلام عليكم أيها الملائكة الموكلون بهذا المشهد
المبارك ورحمة الله وبركاته، بإذن الله وإذن رسوله وإذن خلفائه وإذن هذا الامام
وإذنكم صلوات الله عليكم أجمعين، ادخل هذا البيت متقربا إلى الله ورسوله محمد وآله
الطاهرين، وكونوا ملائكة الله أعواني، وكونوا أنصاري حتى أدخل هذا البيت
وأدعو الله بفنون الدعوات، وأعترف لله بالعبودية، ولهذا الامام وآبائه صلوات
الله عليهم بالطاعة.
ثم ادخل مقدما رجلك اليمنى وامش حتى تقف على الضريح واستقبله و

(1) مزار الشهيد ص 19.
371

واجعل القبلة بين كتفيك وقل:
السلام على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى آخر ما مر من الزيارة الطويلة (1).
وأما السيد ابن طاوس رحمه الله فذكر (2) لهذا اليوم الزيارة التي نقلناها
من مصباح الشيخ الطوسي ره في الزيارات المطلقة، ثم أشار إلى زيارة الجعفي
التي ذكرها المفيد أولا وقال: إن شئت زره بها في هذا اليوم فان زين العابدين
عليه السلام زاره بها في هذا اليوم، وكذلك الشيخ في المصباح ذكر هاتين الزيارتين
لهذا اليوم، ولما لم نعثر على ما يدل على اختصاصهما بهذا اليوم أوردناهما في
الزيارات المطلقة.
8 - إقبال الأعمال: روى عدة من شيوخنا عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الصفواني من
كتابه باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كنت في يوم الغدير في مشهد مولانا
أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله فادن من قبره بعد الصلاة والدعاء وإن كنت
في بعد منه فأوم إليه بعد الصلاة وهذا الدعاء: اللهم صل على وليك وأخي
نبيك ووزيره وحبيبه وخليله وموضع سره، وخيرته من أسرته ووصيه وصفوته
وخالصته وأمينه ووليه وأشرف عترته الذين آمنوا به وأبي ذريته، وباب حكمته
والناطق بحجته، والداعي إلى شريعته، والماضي على سنته، وخليفته على
أمته، سيد المسلمين وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين، أفضل ما صليت على
أحد من خلقك وأصفيائك وأوصياء أنبيائك، اللهم إني اشهد أنه قد بلغ عن
نبيك صلى الله عليه وآله ما حمل، ورعى ما استحفظ، وحفظ ما استودع، وحلل حلالك وحرم حرامك
وأقام أحكامك، ودعا إلى سبيلك، ووالى أولياءك، وعادى أعداءك، وجاهد الناكثين
عن سبيلك، والقاسطين والمارقين عن أمرك، صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر،
لا تأخذه في الله لومة لائم، حتى بلغ في ذلك الرضا، وسلم إليك القضاء، وعبدك
مخلصا، ونصح له مجتهدا، حتى أتاه اليقين، فقبضته إليك شهيدا سعيدا وليا تقيا
رضيا زكيا هاديا مهديا، اللهم صل على محمد وعليه أفضل ما صليت على أحد من

(1) مزار الشهيد ص 2720
(2) مصباح الزائر ص 8884
372

أنبيائك وأصفيائك يا رب العالمين (1).
ومنها زيارة يوم السابع عشر من شهر ربيع الأول
وهو يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وذهب شرذمة من أصحابنا كالكليني إلى أنه
اليوم الثاني عشر من ربيع الأول كما هو المشهور بين المخالفين، وقد مر بيان ضعف
هذا القول في سياق اعمال السنة.
قال الشيخ المفيد والشهيد (2) والسيد ابن طاوس في كتاب الاقبال (3)
رضي الله عنهم أجمعين:
9 روي أن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام زار أمير المؤمنين صلوات الله عليه
في هذا اليوم بهذه الزيارة وعلمها لمحمد بن مسلم الثقفي فقال: إذا أتيت مشهد
أمير المؤمنين صلوات الله عليه فاغتسل للزيارة والبس أنظف ثيابك وشم شيئا من
الطيب وعليك السكينة والوقار، فإذا وصلت إلى باب السلام فاستقبل القبلة
وكبر الله ثلاثين تكبيرة وقل:
السلام على رسول الله، السلام على خيرة الله، السلام على البشير
النذير السراج المنير ورحمة الله وبركاته، السلام على الطهر الطاهر، السلام
على العلم الزاهر، السلام على المنصور المؤيد، السلام على أبي القاسم محمد و
رحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء الله المرسلين وعباد الله الصالحين، السلام
على ملائكة الله الحافين بهذا الحرم وبهذا الضريح اللائذين به.
ثم ادن من القبر وقل: السلام عليك يا وصي الأوصياء، السلام عليك
يا عماد الأتقياء، السلام عليك يا ولي الأولياء، السلام عليك يا سيد الشهداء
السلام عليك يا آية الله العظمى، السلام عليك يا خامس أهل العباء، السلام
عليك يا قائد الغر المحجلين الأتقياء، السلام عليك يا عصمة الأولياء، السلام
عليك يا زين الموحدين النجباء، السلام عليك يا خالص الأخلاء، السلام عليك
يا والد الأئمة الامناء، السلام عليك يا صاحب الحوض وحامل اللواء، السلام

(1) الاقبال ص 711
(2) مزار الشهيد ص 3027 (3) الاقبال ص 80
373

عليك يا قسيم الجنة ولظى، السلام عليك يا من شرفت به مكة ومنى، السلام
عليك يا بحر العلوم وكنف الفقراء السلام عليك يا من ولد في الكعبة وزوج
في السماء بسيدة النساء وكان شهودها الملائكة الأصفياء، السلام عليك يا مصباح
الضياء السلام عليك يا من خصه النبي بجزيل الحباء، السلام عليك يا من بات
على فراش خاتم الأنبياء ووقاه بنفسه شر الأعداء، السلام عليك يا من ردت
له الشمس فسامى شمعون الصفا، السلام عليك يا من أنجى الله سفينة نوح باسمه
واسم أخيه حيث التطم الماء حولها وطمى، السلام عليك يا من تاب الله به و
بأخيه على آدم إذ غوى، السلام عليك يا فلك النجاة الذي من ركبه نجى ومن
تأخر عنه هوى، السلام عليك يا من خاطب الثعبان وذئب الفلا، السلام عليك
يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا حجة الله على من كفر
وأناب، السلام عليك يا إمام ذوي الألباب، السلام عليك يا معدن الحكمة وفصل
الخطاب السلام عليك يا من عنده علم الكتاب، السلام عليك يا ميزان يوم
الحساب، السلام عليك يا فاصل الحكم الناطق بالصواب، السلام عليك أيها
المتصدق بالخاتم في المحراب، السلام عليك يا من كفى الله المؤمنين القتال به
يوم الأحزاب، السلام عليك يا من أخلص لله الوحدانية وأناب، السلام عليك
يا قاتل خيبر وقالع الباب، السلام عليك يا من دعاه خير الأنام للمبيت على فراشه
فاسلم نفسه للمنية وأجاب، السلام عليك يا من له طوبى وحسن مآب ورحمة الله
وبركاته، السلام عليك يا ولي عصمة الدين ويا سيد السادات، السلام عليك
يا صاحب المعجزات، السلام عليك يا من نزلت في فضله صورة العاديات، السلام
عليك يا من كتب اسمه في السماء على السرادقات،، السلام عليك يا مظهر العجائب
والآيات، السلام عليك يا أمير الغزوات، السلام عليك يا مخبرا بما
غبر وبما هو آت، السلام عليك يا مخاطب ذئب الفلوات، السلام يا خاتم
الحصى ومبين المشكلات، السلام عليك يا من عجبت من حملاته في الوغا ملائكة
السماوات، السلام عليك يا من ناجى الرسول فقدم بين يدي نجواه الصدقات
374

السلام عليك يا والد الأئمة البررة السادات ورحمة الله وبركاته، السلام عليك
يا تالي المبعوث، السلام عليك يا وارث علم خير موروث ورحمة الله وبركاته،
السلام عليك يا إمام المتقين، السلام عليك يا غياث المكروبين، السلام عليك
يا عصمة المؤمنين، السلام عليك يا مظهر البراهين، السلام عليك يا طه ويس
السلام عليك يا حبل الله المتين، السلام عليك يا من تصدق في صلاته بخاتمه على
المسكين، السلام عليك يا قالع الصخرة عن فم القليب ومظهر الماء المعين
السلام عليك يا عين الله الناظرة ويده الباسطة ولسانه المعبر عنه في بريته أجمعين
السلام عليك يا وارث علم النبيين، ومستودع علم الأولين والآخرين، وصاحب
لواء الحمد وساقي أوليائه من حوض خاتم النبيين، السلام عليك يا يعسوب
الدين وقائد الغر المحجلين ووالد الأئمة المرضيين ورحمة الله وبركاته، السلام
على اسم الله الرضي ووجهه المضئ وجنبه القوي وصراطه السوي، السلام
على الامام التقي المخلص الصفي السلام على الكوكب الدري، السلام على
الامام أبي الحسن علي ورحمة الله وبركاته، السلام على أئمة الهدى، ومصابيح
الدجى، وأعلام التقى، ومنار الهدى، وذوي النهى، وكهف الورى، والعروة
الوثقى، والحجة على أهل الدنيا ورحمة الله وبركاته، السلام على نور الأنوار
وحجج الجبار، ووالد الأئمة الأطهار، وقسيم الجنة والنار المخبر عن
الآثار، المدمر على الكفار، مستنقذ الشيعة المخلصين من عظيم الأوزار، السلام
على المخصوص بالطاهرة التقية ابنة المختار، المولود في البيت ذي الأستار،
المزوج في السماء بالبرة الطاهرة الرضية المرضية ابنة الأطهار ورحمة الله
وبركاته، السلام على النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون وعليه يعرضون وعنه يسألون
السلام على نور الله الأنور وضيائه الأزهر ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا
ولي الله وحجته فيه وخالصة الله وخاصته، اشهد أنك يا ولي الله وحجته لقد
جاهدت في سبيل الله حق جهاده، واتبعت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله، وحللت حلال
الله وحرمت حرام الله، وشرعت أحكامه، وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة، و
375

أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وجاهدت في سبيل الله صابرا ناصحا مجتهدا
محتسبا عند الله عظيم الاجر، حتى أتاك اليقين، فلعن الله من دفعك عن حقك، و
أزالك عن مقامك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، اشهد الله وملائكته وأنبياءه
ورسله أني ولي لمن والاك، وعدو لمن عاداك، السلام عليك ورحمة الله
وبركاته.
ثم انكب على القبر فقبله وقل: أشهد أنك تسمع كلامي وتشهد مقامي
واشهد لك يا ولي الله بالبلاغ والأداء، يا مولاي يا حجة الله يا أمين الله يا ولي
الله إن بيني وبين الله عز وجل ذنوبا قد أثقلت ظهري ومنعتني من الرقاد وذكرها
يقلقل أحشائي، وقد هربت إلى الله عز وجل وإليك، فبحث من ائتمنك على
سره، واسترعاك أمر خلقه، وقرن طاعتك بطاعته، وموالاتك بموالاته، كن
لي إلى الله شفيعا، ومن النار مجيرا، وعلى الدهر ظهيرا.
ثم انكب أيضا على القبر فقبله وقل: يا ولي الله يا حجة الله يا باب حطة
الله، وليك وزائرك واللائذ بقبرك، والنازل بفنائك، والمنيخ رحله في
جوارك يسئلك أن تشفع له إلى الله في قضاء حاجته ونجح طلبته في الدنيا والآخرة
فان لك عند الله الجاه العظيم والشفاعة المقبولة، فاجعلني يا مولاي من همك و
أدخلني في حزبك، والسلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح، والسلام
عليك وعلى ولديك الحسن والحسين، وعلى الأئمة الطاهرين من ذريتك و
رحمة الله وبركاته.
ثم صل ست ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام ركعتين للزيارة، ولآدم عليه السلام
ركعتين كذلك، وكذلك لنوح عليه السلام وادع الله كثيرا يجاب إنشاء الله تعالى.
بيان: قال الجزري (1) فيه أمتي الغر المحجلون اي بيض مواضع الوضوء من
الأيدي والاقدام استعار اثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للانسان من البياض
الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه انتهى، والمساماة: المطاولة والمفاخرة

(1) النهاية ج 1 ص 237.
376

مفاعلة من السمو بمعنى العلو والرفعة، ويقال: طمى البحر إذا ارتفع بأمواجه " قوله
عليه السلام: " هوى اي هلك، " قوله عليه السلام " يا قاتل خير من قبيل إضافة كريم البلد أي
القاتل في الخيبر فلعله كان في الأصل قاتل مرحب، وفي الاقبال وغيره يا قالع باب خيبر
الصيخود من الصلاب يقال: صخرة صيخود اي شديدة.
أقول: روى هذه الزيارات مؤلف المزار الكبير (1) عن محمد بن مسلم ولم
يخصها بهذا اليوم ويظهر منه أنها من الزيارات المطلقة.
ومنها زيارة ليلة المبعث ويومها: وهو السابع والعشرون من شهر رجب
على المشهور بين الشيعة بل المتفق عليه عندهم.
10 قال المفيد والسيد والشهيد رحمهم الله: إذا أردت ذلك فقف على
باب القبة الشريفة مقابل ضريحه عليه السلام وقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عبد الله
وأخو رسوله، وأن الأئمة الطاهرين من ولده حجج الله على خلقه.
ثم أدخل وقف على ضريحه عليه السلام مستقبلا له بوجهك والقبلة وراء ظهرك ثم
كبر الله مائة مرة (2) وقل:
السلام عليك يا وارث آدم خليفة الله، السلام عليك يا وارث موسى
كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد سيد
رسل الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا إمام المتقين، السلام
عليك يا سيد الوصيين، السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين، السلام

(1) من الغريب ما ذكره المؤلف عن صاحب المزار الكبير من ذكره للزيارة وانه لم يخصها
باليوم السابع عشر من ربيع الأول فان الزيارة مذكورة في المزار الكبير ص 6462 (نسخة
مكتبة الحكيم) والعنوان لتلك الزيارة أنها في سابع عشر ربيع الأول، مع خصوصية أخرى
لم يذكرها المؤلف ولا نقلها عن المفيد والسيد والشهيد رحمهم الله تعالى وتلك اختصاص وقت
الزيارة عند طلوع الشمس.
(2) مصباح الزائر ص 93 ومزار الشهيد ص 30.
377

عليك يا وارث علم الأولين والآخرين، السلام عليك أيها النبأ العظيم، السلام
عليك أيها الصراط المستقيم، السلام عليك أيها المهذب الكريم، السلام عليك
أيها الوصي التقي، السلام عليك أيها الزكي الرضي، السلام عليك أيها البدر
المضئ، السلام عليك أيها الصديق الأكبر، السلام عليك أيها الفاروق الأعظم،
السلام عليك أيها السراج المنير، السلام عليك يا إمام المهدى، السلام عليك يا علم
التقى، السلام عليك يا حجة الله الكبرى، السلام عليك يا خاصة الله وخالصته، وأمين
الله وصفوته، وباب الله وحجته، ومعدن حكم الله وسره، وعيبة علم الله وخازنه
وسفير الله في خلقه، أشهد أنك أقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف و
نهيت عن المنكر، واتبعت الرسول، وتلوت الكتاب حق تلاوته، وبلغت عن الله
ووفيت بعهد الله، وتمت بك كلمات الله، وجاهدت في الله حق جهاده، ونصحت
لله ولرسوله صلى الله عليه وآله، وجدت بنفسك صابرا محتسبا، مجاهدا عن دين الله، موقيا
لرسول الله صلى الله عليه وآله طالبا ما عند الله، راغبا فيما وعد الله، ومضيت للذي كنت عليه
شهيدا وشاهدا ومشهودا، فجزاك الله عن رسوله وعن الاسلام وأهله من صديق
أفضل الجزاء، اشهد أنك كنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا
وأخوفهم لله، وأعظمهم عناء، وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأفضلهم مناقب
وأكثرهم سوابق، وارفعهم درجة، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فقويت حين
وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله، اشهد أنك كنت خليفته حقا لم تنازع
برغم المنافقين وغيظ الكافرين، وضغن الفاسقين، وقمت بالامر حين فشلوا ونطقت
حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فمن اتبعك فقد اهتدى، كنت أولهم كلاما
وأشدهم خصاما، وأصوبهم منطقا، وأسدهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأكثرهم
يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالأمور، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك
عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، و
شمرت إذ جبنوا وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ جزعوا، كنت على الكافرين
عذابا صبا، وغلظة وغيظا، وللمؤمنين غيثا وخصبا وعلما، لم تفلل حجتك
378

ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، كنت كالجبل لا تحركه
العواصف ولا تزيله القواصف كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله قويا في بدنك، متواضعا
في نفسك، عظيما عند الله، كبيرا في الأرض، جليلا في السماء، لم يكن لاحد
فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لخلق فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة
يوجد الضعيف الذليل عندك قويا عزيزا حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك
ضعيفا حتى تأخذ منه الحق، القريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق و
الصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وعزم، ورأيك علم وجزم
اعتدل بك الدين، وسهل بك العسير، وأطفئت بك النيران، وقوي بك الايمان
وثبت بك الاسلام، وهدت مصيبتك الأنام، فانا لله وإنا إليه راجعون، لعن الله
من قتلك، ولعن الله من خالفك، ولعن الله من افترى عليك، ولعن الله من ظلمك
وغصبك حقك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، إنا إلى الله منهم براء، لعن الله
أمة خالفتك وجحدت ولايتك، وتظاهرت عليك وقتلتك، وحادت عنك وخذلتك
الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود، اشهد لك يا ولي الله وولي
رسوله صلى الله عليه وآله بالبلاغ والأداء، وأشهد أنك جنب الله وبابه، وأنك حبيب الله
ووجهه الذي منه يؤتى، وأنك سبيل الله، وأنك عبد الله وأخو رسوله صلى الله عليه وآله،
أتيتك زائرا لعظيم حالك ومنزلتك عند الله وعند رسوله، متقربا إلى الله بزيارتك
راغبا إليك في الشفاعة، أبتغي بشفاعتك خلاص نفسي، متعوذا بك من النار، هاربا
من ذنوبي التي احتطبتها على ظهري، فزعا إليك رجاء رحمة ربي، أتيتك استشفع
بك يا مولاي إلى الله، وأتقرب بك إليه، ليقضي بك حوائجي، فاشفع لي يا أمير
المؤمنين إلى الله، فاني عبد الله ومولاك وزائرك، ولك عند الله المقام المعلوم و
الجاه العظيم والشأن الكبير والشفاعة المقبولة، اللهم صل على محمد وآل محمد، و
صل على عبدك وأمينك الأوفى، وعروتك الوثقى، ويدك العليا، وكلمتك الحسنى
وحجتك على الورى، وصديقك الأكبر، سيد الأوصياء وركن الأولياء، وعماد
الأصفياء، أمير المؤمنين، ويعسوب المتقين، وقدوة الصديقين، وإمام الصالحين
379

المعصوم من الزلل، والمفطوم من الخلل، والمهذب من العيب، والمطهر من الريب
أخي نبيك، ووصي رسولك، والبائت على فراشه، والمواسي له بنفسه، وكاشف
الكرب عن وجهه، الذي جعلته سيفا لنبوته، ومعجزا لرسالته، ودلالة واضحة
لحجته، وحاملا لرأيته، ووقاية لمهجته، وهاديا لامته، ويدا لباسه، وتاجا لرأسه
وبابا لنصره، ومفتاحا لظفره، حتى هزم جنود الشرك بأيدك، واباد عساكر الكفر
بأمرك، وبذل نفسه في مرضاة رسولك، وجعلها وقفا على طاعته، ومجنا دون
نكبته، حتى فاضت نفسه صلى الله عليه وآله في كفه، واستلب بردها ومسحه على وجهه، و
أعانته ملائكتك على غسله وتجهيزه، وصلى عليه، ووارى شخصه، وقضى دينه،
وأنجز وعده، ولزم عهده، واحتذى مثاله، وحفظ وصيته، وحين وجد أنصارا
نهض مستقلا بأعباء الخلافة، مضطلعا بأثقال الإمامة، فنصب راية الهدى في عبادك
ونشر ثوب الامن في بلادك، وبسط العدل في بريتك، وحكم بكتابك في خليقتك
وأقام الحدود، وقمع الجحود، وقوم الزيع، وسكن الغمرة، وأباد الفترة، و
سد الفرجة، وقتل الناكثة والقاسطة والمارقة، ولم يزل على منهاج رسول الله ووتيرته
وسيرته ولطف شاكلته وجمال سيرته، مقتديا بسنته، متعلقا بهمته، مباشرا لطريقته
وأمثلته نصب عينيه يحمل عبادك عليها، ويدعوهم إليها، إلى أن خضبت شيبته من
دم رأسه اللهم فكما لم يؤثر في طاعتك شكا على يقين، ولم يشرك بك طرفة عين
صل عليه صلاة زاكية نامية يلحق بها درجة النبوة في جنتك، وبلغه منا تحية
وسلاما، وآتنا من لدنك في موالاته فضلا وإحسانا، ومغفرة ورضوانا، إنك
ذو الفضل الجسيم برحمتك يا ارحم الراحمين.
ثم قبل الضريح وضع خدك الأيمن عليه ثم الأيسر ومل إلى القبلة وصل
صلاة الزيارة وادع بما بدالك بعدها وقل بعد تسبيح الزهراء عليها السلام: اللهم إنك
بشرتني على لسان رسولك محمد صلواتك عليه وآله فقلت " وبشر الذين آمنوا أن
لهم قدم صدق عند ربهم " اللهم إني مؤمن بجميع أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم
فلا تقفني بعد معرفتهم موفقا تفضحني فيه على رؤوس الاشهاد، بل قفني معهم وتوفني
380

على التصديق بهم، اللهم وأنت خصصتهم بكرامتك، وأمرتني باتباعهم، اللهم و
إني عبدك، وزائرك متقربا إليك بزيارة أخي رسولك وعلى كل مأتي ومزور
حق لمن أتاه وزاره وأنت خير مأتي وأكرم مزور، فأسئلك يا الله يا رحمن يا رحيم
يا جواد يا ماجد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل تحفتك إياي
من زيارتي أخا رسولك فكاك رقبتي من النار، وأن تجعلني ممن يسارع في الخيرات
ويدعوك رغبا ورهبا، وتجعلني لك من الخاشعين، اللهم إنك مننت علي بزيارة
مولاي علي بن أبي طالب وولايته ومعرفته فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ومن
علي بنصرك لدينك، اللهم واجعلني من شيعته وتوفني على دينه، اللهم أوجب لي من
الرحمة والرضوان والمغفرة، والاحسان والرزق الواسع الحلال الطيب ما أنت
أهله يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين.
فإذا أردت وداعه عليه السلام فقف عليه وقل: السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام
عليك يا تاج الأوصياء، السلام عليك يا وارث علم الأنبياء، السلام عليك يا رأس
الصديقين، السلام عليك يا باب الاحكام، السلام عليك يا ركن المقام، استدعك
الله وأسترعيك واقرء عليك السلام آمنا بالله وبالرسول وبما جاء به ودعا
إليه ودل عليه، اللهم فاكتبنا مع الشاهدين، اللهم فلا تجعله آخر العهد من
زيارتي إياه، ولا تحرمني ثواب من زاره، واستعملني بالذي افترضت له علي
وارزقني العود إليه،، فان توفيتني قبل ذلك فاني اشهد أنهم أعلام الهدى، والعروة
الوثقى، والكلمة العليا، والحجة العظمى، والنجوم العلى، والعذر البالغ
بينك وبين خلقك، وأشهد أن من رد ذلك في أسفل درك الجحيم، اللهم واجعلني
من وفده المباركين، وزواره المخلصين، وشيعته الصادقين، ومواليه الميامين،
وأنصاره المكرمين وأصحابه المؤيدين، اللهم اجعلني أكرم وافد، وأفضل
وارد، وأنبل قاصد قصدك إلى هذا الحرم الكريم، والمقام العظيم، والمنهل
الجليل، الذي أوجبت فيه غفرانك ورحمتك، اللهم إني أشهدك وأشهد من
381

حضر من ملائكتك أن الذي سكن هذا الرمس وحل هذا الضريح طهر مقدس
منتجب وصي مرضي، طوبى لك من تربة ضمنت كنزا من الخير، وشهابا من
النور، وينبوع الحكمة، وعينا من الرحمة، ومبلغ الحجة، أنا أبرء إلى الله
من قاتلك والناصبين والمعينين عليك والمحاربين لك، اللهم ذلل قلوبنا لهم بالطاعة
والمناصحة والموالاة وحسن الموازرة والتسليم، حتى نستكمل بذلك طاعتك
ونبلغ به مرضاتك، ونستوجب ثوابك ورحمتك، اللهم وفقنا لكل مقام محمود
واقلبني من هذا الحرم بكل خير موجود، يا ذا الجلال والاكرام، أودعك يا
مولاي يا أمير المؤمنين وداع محزون على فراقك، لا جعله الله آخر عهدي منك،
ولا زيارتي لك إنه قريب مجيب، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ثم استقبل القبلة وابسط يديك وقل: اللهم صل على محمد وآل محمد، وأبلغ
عنا الوصي الخليفة والداعي إليك وإلى دار السلام، صديقك الأكبر في الاسلام
وفاروقك بين الحق والباطل، ونورك الظاهر، ولسانك الناطق بأمرك بالحق
المبين، وعروتك الوثقى، وكلمتك العليا، ووصي رسولك المرتضى، علم الدين
ومنار المسلمين، وخاتم الوصيين، وسيد المؤمنين علي بن أبي طالب أمير المؤمنين
وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلاة ترفع بها ذكره، وتحيي بها أمره
وتظهر بها دعوته، وتنصر بها ذريته، وتفلج بها حجته، وتعطيه بصيرته، اللهم
واجزه عنا خير جزاء المكرمين، وأعطه سؤله يا رب العالمين، فانا نشهد أنه قد
نصح لرسولك، وهدى إلى سبيلك، وقام بحقك، وصدع بأمرك، ولم يجر في حكمك
ولم يدخل في ظلم، ولم يسع في إثم، وأخو رسولك، وأول من آمن به وصدقه و
اتبعه ونصره، وأنه وصيه ووارث علمه وموضع سره وأحب الخلق إليه فأبلغه
عنا السلام ورد علينا منه السلام يا ارحم الراحمين (1).
بيان: الأيد: القوة، والمجن بكسر الميم الترس، والنكبة بالفتح: المصيبة
والاستلاب: الاخذ بسرعة، والبرد كناية عن الراحة، والحاصل أنه أخذها

(1) مصباح الزائر ص 9893 ومزار الشهيد ص 3530
382

بسرعة مع عده فوزا عظيما، ويحتمل أن يكون البرد محمولا على الحقيقة، و
يقال: استقله اي حمله ورفعه، والأعباء جمع العبء بالكسر وهو الحمل والثقيل
من اي شئ كان، وهو مضطلع بالامر: اي قوي عليه، وغمرة الشئ شدته ومزدحمه
والفترة: السكون عن العبادات والمجاهدات، والمعروف منها ما بين الرسولين
من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة، فيحتمل أن يكون كناية عما يلزم مثل
هذا الزمان من شيوع الضلالة والجهالة " قوله " وأنبل قاصد النبل النجابة، و
في بعض النسخ وأنيل بالياء المثناة من النيل العطاء على بناء المفعول.
أقول: لم اطلع على سند هذه الزيارة ولا على استحباب زيارته عليه السلام في
خصوص هذا اليوم لكنه من المشهورات بين الشيعة والاتيان بالاعمال الحسنة في
الأزمان الشريفة موجب لمزيد المثوبة فزيارته صلوات الله عليه في ساير
الأيام الشريفة أفضل لا سيما الأيام التي لها اختصاص به وظهر له فيها كرامة و
فضيلة ومنقبة.
كيوم ولادته وهو على المشهور ثالث عشر رجب كما رووا عن عتاب بن أسيد
أنه قال: ولد أمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة في بيت الله الحرام
يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب، وللنبي صلى الله عليه وآله ثمان وعشرون سنة،
قبل النبوة باثنتي عشرة سنة أو سابع شعر شعبان كما:
روى الشيخ في المصباح (1) عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ولد
أمير المؤمنين عليه السلام يوم الأحد لسبع خلون من شعبان.
ويوم وفاته وقد مر، وليلة مبيته على فراش النبي صلى الله عليه وآله وهي أولى ليلة من
ربيع الأول.
ويوم فتح بدر على يديه وهو السابع عشر من شهر رمضان.
ويوم مواساته في غزوة أحد وهو سابع عشر شوال.
ويوم فتح خيبر على يديه وهو السابع والعشرون من رجب.

(1) مصباح الشيخ ص 571 وص 597
383

ويوم صعوده على كتف النبي صلى الله عليه وآله لحط الأصنام وهو العشرون من
شهر رمضان.
ويوم فتح البصرة وهو منتصف جمادى الأولى.
ويوم ردت الشمس عليه وهو سابع عشر شوال.
ويوم نصبه لتبليغ آيات براءة وعزل أبي بكر عنه وظهور استحقاقه للأمانة
والخلافة فيه وهو أول ذي الحجة.
ويوم سد الأبواب وفتح بابه وهو يوم عرفة.
ويوم تصدقه بالخاتم وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة وهو يوم المباهلة
فله اختصاص به عليه السلام من جهتين.
ويوم نزول هل أتى في شانه وهو الخامس والعشرون من ذي الحجة وقيل
هو يوم المباهلة أيضا.
ويوم تزوجه فاطمة عليهما السلام ويوم زفافها إليه وقد مر في باب زيارة
فاطمة عليها السلام.
ويوم خلافته وهو يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله.
ويوم بويع بالخلافة بعد قتل عثمان وهو ثامن عشر ذي الحجة أو الخامس
والعشرون منه.
ويوم نيروز الفرس لما روي أنه عليه السلام بويع بالخلافة في ذلك اليوم، إلى غير
ذلك من الأيام التي لا يمكن إحصاؤها، إذ ما من يوم إلا وقد ظهر له فيها فضيلة
وجلالة وكرامة.
وقد مر أكثرها في كتاب تاريخه عليه السلام، وكتاب تاريخ النبي صلى الله عليه وآله
وكتاب الفتن، وذكرها هنا يوجب التطويل.
384

6.
* (باب) *
* " (فضل الكوفة ومسجدها الأعظم واعماله) " *
1 أقول: روى السيد علي بن عبد الحميد من كتاب فضل بن شاذان
باسناده عن الحسن بن علي عليه السلام قال: لموضع الرجل في الكوفة أحب إلي من
دار بالمدينة.
2 وعنه باسناده عن سعد بن الأصبغ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان
له دار في الكوفة فليتمسك بها.
3 وباسناده، عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قائمنا
إذا قام يبنى له في ظهر الكوفة مسجد له ألف باب وتتصل بيوت الكوفة بنهر كربلا
حتى يخرج الرجل يوم الجمعة على بغلة سفواء يريد الجمعة فلا يدركها.
4 - وباسناده، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا دخل المهدي عليه السلام الكوفة
قال الناس: يا ابن رسول الله إن الصلاة معك تضاهي الصلاة خلف رسول الله وهذا
المسجد لا يسعنا فيخرج إلى الغري فيخط مسجدا له الف باب يسع الناس ويبعث
فيجري خلف قبر الحسين عليه السلام نهرا يجري إلى الغري حتى يجري في النجف و
يعمل هو على فوهة النهر قناطر وأرحاء في السبيل.
5 - نهج البلاغة: كأني بك يا كوفة تمدين مد الأديم العكاظي تعركين بالنوازل وتركبين
الزلازل وإني لاعلم أنه ما أراد بك جبار سوءا إلا ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل (1).
بيان: العكاظ بالضم اسم موضع بناحية مكة والأديم العكاظي دباغ شديد
المد استعارة لما ينال الكوفة من العنف والخبط وشدة الظلم.
6 - تفسير العياشي: عن المفضل بن عمر قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بالكوفة
أيام قدم على أبي العباس فلما انتهينا إلى الكناسة، فنظر عن يساره ثم قال: يا

(1) نهج البلاغة ج 1 ص 92.
385

مفضل ههنا صلب عمى زيد ره ثم مضى بأصحابه، ثم مضى حتى أتى طاق الرفائين
وهو آخر السراجين فنزل، فقال لي: أنزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول
الذي خطه ندم وأنا أكره أن أدخله راكبا، فقلت له: فمن غيره عن خطته؟ فقال:
أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح، ثم غيره بعد أصحاب كسرى والنعمان بن منذر
ثم غيره زياد بن أبي سفيان، فقلت له: جعلت فداك وكانت الكوفة ومسجدها في زمن
نوح؟ فقال: نعم يا مفضل، وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات مما
يلي غربي الكوفة، فقال: وكان نوح رجلا نجارا فأرسله الله وانتجبه، ونوح
أول من عمل سفينة فجرى على ظهر الماء، وإن نوحا لبث في قومه ألف سنة إلا
خمسين عاما ويدعوهم إلى الهدى فيمرون به ويسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم
دعا عليهم " فقال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " إلى قوله " إلا فاجرا
كفارا " قال فأوحى الله إليه يا نوح أن اصنع الفلك وأوسعها وعجل عملها بأعيننا
ووحينا، فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده يأتي بالخشب من بعد حتى فرغ
منها، قال مفضل: ثم انقطع حديث أبي عبد الله عليه السلام عند ذلك زوال الشمس
فقام فصلى الظهر ثم العصر ثم انصرف من المسجد فالتفت عن يساره وأشار بيده
إلى موضع دار الداريين وهو موضع دار ابن حكيم وذلك فرات اليوم قال لي:
يا مفضل ههنا نصبت أصنام قوم نوح يغوث ويعوق ونسرا؟ ثم مضى حتى ركب
دابته، فقلت له: جعلت فداك في كم عمل سفينة نوح وفرغ منها؟ قال: في الدورين
فقلت: كم الدوران؟ قال: ثمانون سنة، قلت: فان العامة تقول: عملها في خمسمائة
عام؟ قال: فقال: كلا كيف والله يقول " ووحينا " (1).
7 - تفسير العياشي: عن المفضل قال قلت: لأبي عبد الله عليه السلام: أرأيت قول الله " حتى
جاء أمرنا وفار التنور " ما هذا التنور؟ وأنى كان موضعه؟ وكيف كان؟ فقال:
كان التنور حيث وصفت لك، فقلت: فكان بدو خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال:
نعم إن الله أحب أن يري قوم نوح الآية، ثم إن الله بعد ارسل عليهم مطرا يفيض

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 144.
386

فيضا، وفاض الفرات فيضا أيضا، والعيون كلهن عليها فغرقهم الله وأنجى نوحا ومن
معه في السفينة، فقلت له: فكم لبث نوح ومن معه في السفينة حتى نضب الماء وخرجوا
منها؟ فقال: لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها وطافت بالبيت ثم استوت على الجودي
وهو فرات الكوفة، فقلت له: إن مسجد الكوفة لقديم؟ فقال: نعم وهو مصلى الأنبياء
ولقد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله حيث انطلق به جبرئيل على البراق، فلما انتهى
به إلى دار السلام وهو ظهر الكوفة وهو يريد بيت المقدس، قال له: يا محمد هذا مسجد
أبيك آدم ومصلى الأنبياء فأنزل فصل فيه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى، ثم انطلق
به إلى بيت المقدس فصلى، ثم إن جبرئيل عرج به إلى السماء (1).
8 - تفسير العياشي: أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: مسجد كوفان منه
فار التنور ونجرت السفينة وهو سرة بابل ومجمع الأنبياء (2).
9 - تفسير العياشي: عن سلمان الفارسي عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له في فضل
مسجد الكوفة: فيه نجر نوح سفينته وفيه فار التنور وبه كان بيت نوح ومسجده (3).
10 - رجال الكشي: أبو محمد الدمشقي عن ابن عيسى عن علي بن عقبة عن أبيه عن ميسر
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أقامت حبى أخت ميسر بمكة ثلاثين سنة أو أكثر حتى
ذهب أهل بيتها وفنوا أجمعين إلا قليلا قال فقال ميسر لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك
إن حبى قد أقامت بمكة حتى ذهب أهلها وقرابتها تحزن عليها وقد بقي منهم بقية
يخافون أن يذهبوا كما ذهب من مضى ولا يرونها فلو قلت لها فإنها تقبل منك، قال
يا ميسر دعها فإنه ما يدفع عنكم إلا بدعائها قال: فألح على أبي عبد الله عليه السلام قال لها:
يا حبى ما يمنعك من مصلى علي عليه السلام الذي كان يصلي فيه علي عليه السلام قال: فانصرفت (4).
أقول: قال الشيخ السعيد الشهيد (5) ومؤلف المزار الكبير (6) رفع الله درجتهما:

(1) تفسير العياشي ج 2 ص 146.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 147.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 147.
(4) رجال الكشي ص 356.
(5) مزار الشهيد ص 74 75.
(6) المزار الكبير ص 4948.
387

11 روى عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: يا فلان إذا دخلت
المسجد من الباب الثاني عن ميمنة المسجد فعد خمسة أساطين اثنتان منها في الظلال وثلاث
منها في صحن الحائط فصل هناك فعند الثالثة مصلى إبراهيم وهي الخامسة من المسجد
ركعتين وقل:
السلام على أبينا آدم وأمنا حواء، السلام على هابيل المقتول ظلما
وعدوانا على مواهب الله ورضوانه، السلام على شيث صفوة الله المختار الأمين وعلى
الصفوة الصادقين من ذريته الطيبين أولهم وآخرهم، السلام على إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب وعلى ذريتهم المختارين، السلام على موسى كليم الله، السلام على
عيسى روح الله، السلام على محمد حبيب الله، السلام على المصطفين على العالمين، السلام
على أمير المؤمنين وذريته الطيبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك في
الأولين، السلام عليك في الآخرين، السلام على فاطمة الزهراء، السلام على الرقيب
الشاهد لله على الأمم لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآله واكتبني عندك من
المقبولين، واجعلني من الفايزين المطمئنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
12 - ثم قالا رحمها الله: وبالاسناد مرفوعا إلى أبي حمزة الثمالي قال: بينا أنا قاعد
يوما في المسجد عند السابعة إذا برجل مما يلي أبواب كندة قد دخل فنظرت إلى
أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا وأنظفهم ثوبا معمم بلا طيلسان ولا إزار عليه قميص
ودراعة وعمامة وفي رجليه نعلان عربيان فخلع نعليه، ثم قام عند السابعة ورفع
مسبحتيه حتى بلغا شحمتي أذنيه ثم أرسلهما بالتكبير فلم تبق في بدني شعرة إلا قامت
ثم صلى أربع ركعات أحسن ركوعهن وسجودهن وقال: إلهي إن كنت قد عصيتك
فقد أطعتك في أحب الأشياء إليك الايمان بك، منا منك به علي لا منا مني به عليك
لم اتخذ لك ولدا، ولم ادع لك شريكا، وقد عصيتك على غير وجه المكابرة، ولا
الخروج عن عبوديتك. ولا الجحود لربوبيتك، ولكن اتبعت هواي، وأزلني
الشيطان بعد الحجة علي والبيان، فان تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي، وإن تعف
عني فبجودك وكرمك يا كريم.
388

ثم خر ساجدا يقولها حتى انقطع نفسه وقال أيضا في سجوده: يا من يقدر
على قضاء حوائج السائلين، يا من يعلم ضمير الصامتين، يا من لا يحتاج إلى تفسير
يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يا من أنزل العذاب على قوم يونس
وهو يريد أن يعذبهم فدعوه وتضرعوا إليه فكشف عنهم العذاب ومتعهم إلى حين
قد ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم حاجتي، فاكفني ما أهمني من أمر ديني ودنياي
وآخرتي يا سيدي يا سيدي سبعين مرة.
ثم رفع رأسه فتأملته فإذا هو مولاي زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام
فانكببت على يديه أقبلهما فنزع يده مني وأومأ إلي بالسكوت، فقلت: يا
مولاي أنا من عرفته في ولائكم فما الذي أقدمك إلى ههنا؟ قال: هو ما رأيت.
أقول: وجدت الرواية بخط بعض الأفاضل منقولا من خط علي بن سكون.
13 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير
عن أبي عبد الرحمن الحذاء، عن أبي أسامة، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: مسجد كوفان روضة من رياض الجنة صلى فيه ألف نبي وسبعون نبيا وميمنته
رحمة، وميسرته مكرمة، فيه عصا موسى وشجرة يقطين وخاتم سليمان ومنه فار
التنور ونجرت السفينة وهي صرة بابل ومجمع الأنبياء (1).
بيان: قوله: فيه عصا موسى اي كانت مودعة فيه فأخذها النبي صلى الله عليه وآله و
الآن أيضا مودعة فيه، وكلما أراد الامام أخذه وكذا أختاها " قوله " وهي صرة
بابل أي أشرف أجزائها لان الصرة مجمع النقود التي هي أفضل الأموال، وفيما
مر برواية العياشي بالسين قال في القاموس: سرة الوادي أفضل مواضعه (2).
14 - أمالي الصدوق: محمد بن علي بن الفضل، عن محمد بن جعفر المعروف بابن التبان
عن إبراهيم بن خالد المقري عن عبد الله بن داهر الرازي، عن أبيه، عن ابن
طريف، عن ابن نباته قال: بينا نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد

(1) الكافي ج 3 ص 493.
(2) القاموس ج 2 ص 47 والموجود فيه (وسرارة الوادي أفضل مواضعه فلاحظ.
389

الكوفة إذ قال: يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل بما لم يحب به أحدا
ففضل مصلاكم وهو بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم
الخليل، ومصلى أخي الخضر عليهم السلام، ومصلاي، وإن مسجدكم هذا أحد
الأربع المساجد التي اختارها الله عز وجل لأهلها، وكأني به يوم القيامة في ثوبين
أبيضين شبيه بالمحرم يشفع لأهله ولمن صلى فيه، فلا ترد شفاعته ولا تذهب الأيام
حتى ينصب الحجر الأسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي
ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه فلا
تهجرن، وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه وارغبوا إليه في قضاء
حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لاتوه من أقطار الأرض ولو حبوا
على الثلج (1).
بيان: نصب الحجر الأسود فيه كان في زمن القرامطة حيث خربوا الكعبة
ونقلوا الحجر إلى مسجد الكوفة ثم ردوه إلى موضعه ونصبه القايم عليه السلام بحيث لم
يعرفه الناس كما مر ذكره في كتاب الغيبة، وقال الجزري: (2) فيه: لو يعلمون ما
في العشاء والفجر لاتوهما ولو حبوا، الحبو أن يمشي على يديه وركبتيه
أواسته.
15 - أمالي الصدوق: محمد بن علي بن الفضل، عن محمد بن عمار القطان عن الحسين بن
علي بن الحكم، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن سهل، عن ابن محبوب، عن
الثمالي قال: دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا برجل عند الأسطوانة السابعة قائم
يصلي يحسن ركوعه وسجوده فجئت لأنظر إليه فسبقني إلى السجود فسمعته يقول
في سجوده: اللهم إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو
الايمان بك، منا منك به علي لامنا به مني عليك، ولم أعصك في أبغض الأشياء
إليك، لم أدع لك ولدا ولم أتخذ لك شريكا، منا منك علي لامنا مني عليك
وعصيتك في أشياء على غير مكاثرة مني ولا مكابرة، ولا استكبار عن عبادتك، ولا

(1) أمالي الصدوق ص 227.
(2) النهاية ج 1 ص 231.
390

جحود لربوبيتك، ولكن اتبعت هواي وأزلني الشيطان، بعد الحجة والبيان
فان تعذبني فبذنبي غير ظالم لي، وإن ترحمني فبجودك ورحمتك يا ارحم
الراحمين.
ثم انفتل وخرج من باب كندة فتبعته حتى أتى مناخ الكلبتين فمر بأسود
فأمره بشئ لم افهمه فقلت: من هذا؟ فقال: هذا علي بن الحسين عليه السلام، فقلت:
جعلني الله فداك ما أقدمك هذا الموضع؟ فقال: الذي رأيت (1).
بيان: المكاثرة المغالة بالكثرة اي لم تكن معصيتي لان أتكل على كثرة
جنودي وقوتي وأريد أن أعازك وأعارضك.
16 - أمالي الصدوق: محمد بنعلي الكوفي، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن القاسم
النهمي، عن محمد بن عبد الوهاب، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن توبة بن الخليل
عن محمد بن الحسن، عن هارون بن خارجة قال: قال لي الصادق عليه السلام: كم بين
منزلك وبين مسجد الكوفة؟ فأخبرته فقال: ما بقي ملك مقرب ولا نبي مرسل
ولا عبد صالح دخل الكوفة إلا وقد صلى فيه، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله مر به ليلة
أسري به فاستأذن له الملك فصلى فيه ركعتين، والصلاة الفريضة فيه الف صلاة
والنافلة فيه خمسمائة صلاة، والجلوس فيه من غير تلاوة وقرآن عبادة، فأته
ولو زحفا (2).
17 - أمالي الطوسي: الغضايري عن الصدوق مثله (3).
18 - الكافي: محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن
عثمان، عن محمد بن عبد الله الخزاز، عن هارون مثله، ثم قال: قال سهل: وروي
لي عن عمرو وأن الصلاة فيه لتعدل بحجة، وأن النافلة لتعدل بعمرة (4).
بيان: الزحف مشي الصبي باسته.

(1) أمالي الصدوق ص 312.
(2) أمالي الصدوق ص 385.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 43.
(4) الكافي ج 3 ص 290.
391

19 - قرب الإسناد: ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألت الرضا عليه السلام عن قبر أمير المؤمنين
عليه السلام فقال: ما سمعت من أشياخك؟ فقلت له: حدثنا صفوان بن مهران
عن جدك أنه دفن بنجف الكوفة، ورواه بعض أصحابنا عن يونس بن ظبيان بمثل
هذا، فقال: سمعت منه يذكر أنه دفن في مسجدكم بالكوفة، فقلت: له جعلت
فداك أيش لمن صلى فيه من الفضل؟ فقال: كان جعفر يقول: له من الفضل ثلاث
مرار هكذا وهكذا بيديه عن يمينه وعن شماله وتجاهه (1).
20 - الخصال: ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعري، عن الجاموراني، عن ابن
أبي عثمان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى اختار من البلدان أربعة فقال عز وجل:
" والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين " فالتين المدينة، والزيتون بيت
المقدس، وطور سينين الكوفة، وهذا البلد الأمين مكة (2).
21 - معاني الأخبار: أبي عن محمد العطار، عن البرقي، عن الجاموراني مثله (3).
22 - عيون أخبار الرضا (ع): باسناد التميمي عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: ذكر علي عليه السلام
الكوفة فقال: يدفع البلاء عنها كما يدفع عن أخبية النبي صلى الله عليه وآله (4).
23 - أمالي الطوسي: المفيد، عن الكاتب، عن الزعفراني، عن الثقفي، عن إبراهيم
ابن ميمون، عن مصعب بن سلام، عن ابن طريف، عن ابن نباته قال: كان
أمير المؤمنين عليه السلام يصلي عند الأسطوانة السابعة من باب الفيل مما يلي الصحن إذ
اقبل رجل عليه بردان أخضران وله عقيصتان سوداوان أبيض اللحية، فلما سلم
أمير المؤمنين من صلاته أكب عليه فقبل رأسه ثم أخذ بيده فأخرجه من باب كندة
قال: فخرجنا مسرعين خلفهما ولم نأمن عليه فاستقبلنا عليه السلام في چارسوخ كندة قد
اقبل راجعا فقال: ما لكم؟ فقلنا: لم نأمن عليك هذا الفارس فقال: هذا أخي الخضر

(1) قرب الإسناد ص 162.
(2) الخصال ج ص 153 ضمن حديث.
(3) معاني الأخبار ص 362.
(4) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 65.
392

ألم تروا حيث أكب علينا؟ قلنا: بلى، فقال: إنه قال لي: إنك في مدرة لا
يريدها جبار بسوء إلا قصمه الله، واحذر الناس، فخرجت معه لأشيعه لأنه
أراد الظهر (1).
بيان: المدرة بالتحريك البلدة.
24 - أمالي الطوسي: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى
عن ابن البطائني، عن عبد الله بن الوليد قال: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام في زمن
مروان فقال: ممن أنتم؟ فقلنا: من أهل الكوفة، قال: ما من البلدان أكثر
محبا لنا من أهل الكوفة لا سيما هذه العصابة، ان الله هداكم لأمر جهله الناس
فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وتابعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس
فأحياكم الله محيانا وأماتكم مماتنا، فاشهد على أبي أنه كان يقول: ما بين أحدكم
وبين أن يرى ما تقربه عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هكذا وأهوى بيده إلى
حلقه وقد قال الله عز وجل في كتابه " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم
أزواجا وذرية " فنحن ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله (2).
25 - أمالي الطوسي: المفيد عن محمد بن الحسين المقري، عن ابن عقدة، عن علي بن
الحسن بن فضال، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن إبراهيم شيخ من أصحابنا، عن
صباح الحذاء قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من كانت له إلى الله حاجة فليقصد إلى
مسجد الكوفة وليسبغ وضوءه وليصل في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما
فاتحة الكتاب وسبع سور معها، وهي المعوذتان، وقل هو الله أحد، وقل يا أيها
الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وسبح اسم ربك الاعلى، وإنا أنزلناه في
ليلة القدر، فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم وسأل الله حاجته فإنها تقضى بعون
الله إن شاء الله، قال علي بن الحسن بن فضال وقال لي هذا الشيخ: إني فعلت ذلك
ودعوت الله أن يوسع علي في رزقي فأنا من الله تعالى بكل نعمة، ثم دعوته أن
يرزقني الحج فرزقنيه، وعلمته رجلا كان من أصحابنا مقترا عليه في رزقه فرزقه الله

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 50.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 143.
393

تعالى ووسع عليه (1).
26 - مصباح الزائر: عنه عليه السلام مرسلا مثله (2).
27 قال مؤلف المزار الكبير: أخبرني السيد الاجل عبد الحميد بن
النقي بن عبد الله بن أسامة الحسيني في ذي القعدة من سنة ثمانين وخمسمائة قراءة
عليه بحلة الجامعين، قال: أخبرنا الشيخ أبو الفرج أحمد القرشي، عن أبي الغنائم
محمد بن علي، عن الشريف محمد بن علي الحسن العلوي، عن أبي تمام عبد الله بن
أحمد الأنصاري، عن عبيد الله بن كثير العامري، عن محمد بن إسماعيل الأحمسي، عن
محمد بن فضيل الضبي، عن محمد بن سوقة، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن الأسود
عن عبد الله بن الأسود، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ابن
مسعود لما أسري بي إلى السماء الدنيا أراني مسجد كوفان فقلت: يا جبرئيل ما
هذا؟ قال: مسجد مبارك كثير الخير عظيم البركة اختار الله لأهله وهو يشفع لهم
يوم القيامة، وذكر الحديث بطوله في مسجد الكوفة (3).
28 وبالاسناد عن علي بن عبد الرحمن بن أبي السري، عن محمد بن عبد الله
الحضرمي، عن العلا بن سعيد الكندي، عن طلحة بن عيسى، عن الفضل بن ميمون
البجلي، عن القاسم بن الوليد الهمداني، عن حبة العرني وميثم الكناني قال: أتى
رجل عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني تزودت زادا وابتعت راحلة وقضيت
بتاتي يعني حوايجي وأنطلق إلى بيت المقدس فقال له عليه السلام: انطلق فبع راحلتك
وكل زادك وعليك بمسجد الكوفة، فإنه أحد المساجد الأربعة ركعتان فيه
تعدلان كثيرا فيما سواه من المساجد، والبركة منه على رأس اثني عشر ميلا من
حيث ما جئته وقد ترك من أسه ألف ذراع ومن زاويته فار التنور، وعند الأسطوانة
الخامسة صلى إبراهيم الخليل وصلى فيه ألف نبي وألف وصي وفيه عصا موسى و
خاتم سليمان وشجرة يقطين ووسطه روضة من رياض الجنة وفيه ثلاثة أعين يزهرن

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 30 (2) مصباح الزائر ص 51.
(3) المزار الكبير ص 3433.
394

عين من ماء، وعين من دهن، وعين من لبن، انبثت من ضغث تذهب الرجس و
تطهر المؤمنين، ومنه سير جبل الأهواز، وفيه صلى نوح النبي عليه السلام وفيه أهلك
يغوث ويعوق، ويحشر يوم القيامة منه سبعون ألفا ليس عليهم حساب ولا عذاب
جانبه الأيمن ذكر، وجانبه الأيسر مكر، ولو علم الناس ما فيه من الفضل
لاتوه حبوا (1).
29 (حدثنا محمد بن الحسين النحاس قال: ولو حبوا كتاب الغارات وبالاسناد) (2)
عن علي بن العباس البجلي، عن بكار بن أحمد، عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم
عن صباح الزعفراني، عن السدي، عن الشعبي قال: قال عليه السلام: إن مسجد الكوفة
رابع أربعة مساجد للمسلمين، ركعتان فيه أحب إلي من عشر فيما سواه، ولقد
نجرت سفينة نوح في وسطه، وفار التنور من زاويته اليمنى، والبركة منه على
اثني عشر ميلا من حيث ما أتيته، ولقد نقص منه اثنا عشر الف ذراع بما كان على
عهدهم (3).
30 وبالاسناد عن أحمد بن الحسين بن عبد الله، عن ذبيان بن حكيم، عن
حماد بن زيد الحارثي قال: كنت عند جعفر بن محمد عليه السلام والبيت غاص من الكوفيين
فسأله رجل منهم: يا ابن رسول الله إني ناء عن المسجد وليس لي نية الصلاة فيه
فقال عليه السلام: ائته، فلو يعلم الناس ما فيه لاتوه ولو حبوا، قال: إني اشتغل قال:
فأته ولا تدعه ما أمكنك، وعليك بميامنه مما يلي أبواب كندة فإنه مقام إبراهيم
عليه السلام، وعند الخامسة مقام جبرئيل، والذي نفسي بيده لو يعلم الناس من فضله
ما أعلم لازدحموا عليه (4).

(1) المزار الكبير ص 34.
(2) ما بين القوسين فيه سهو قلم لا يخفى فان في المصدر المزار ص 34 (وبالاسناد
قال: حدثنا محمد بن الحسين النحاس حدثنا علي بن العباس البجلي الخ.
(3) المزار الكبير ص 34.
(4) المزار الكبير ص 34.
395

31 وبالاسناد عن علي بن محمد الدهقان، عن علي بن محمد بن علي السمين
عن محمد بن زيد الرطاب، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عبيد بن إسحاق الضبي، عن
زهير بن معاوية، عن الأعمش، عن سفيان، عن حذيفة قال: والله إن مسجدكم
هذا لاحد المساجد الأربعة المعدودة، المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد
الأقصى، ومسجدكم هذا، يعني مسجد الكوفة ألا وإن زاويته اليمنى مما يلي
أبواب كندة منها فار التنور، وإن السارية الخامسة مما يلي صحن المسجد عن يمنة
المسجد مما يلي أبواب كندة مصلى إبراهيم الخليل، وإن وسطه لنجرت فيه سفينة
نوح، ولان أصلي فيه ركعتين أحب إلي من أن أصلي في غيره عشر ركعات، ولقد
نقص من ذرعه من الاس الأول اثنا عشر الف ذراع، وإن البركة منه على اثنى
عشر ميلا من أي الجوانب جئته (1).
32 وبالاسناد عن جعفر بن محمد بن حاجب، عن محمد بن إسحاق عن علي
ابن هشام، عن حسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، عن النبي
صلى الله عليه وآله قال: لكأني بمسجد كوفان يأتي يوم القيامة محرما في ملاءتين
يشهد لمن صلى فيه ركعتين (2).
33 - علل الشرائع: عن أبي سعيد الخدري قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: الكوفة
جمجمة العرب، ورمح الله تبارك وتعالى، وكنز الايمان (3).

(1) المزار الكبير ص 34 وفيه (القطان) بدل (الرطاب).
(2) المزار الكبير ص 35 وقد ورد بين هذا الحديث والحديث السابق في المصدر
حديث لم يذكره المؤلف وهو: وبالاسناد قال أخبرنا محمد بن الحسين التيملي البزاز
حدثنا علي بن العباس حدثنا بكار بن أحمد حدثنا محمد بن عمرو عن إبراهيم بن مهدي
عن سلام بن أبي عمرو عن سعد بن طريق عن الأصبغ بن نباته عن علي (ع) قال: النافلة
في هذا المسجد تعدل عمرة مع النبي صلى الله عليه وآله وقد صلى فيه الف نبي وألف وصى اه‍ والمظنون
قويا سقوط ذلك من قلم المؤلف سهوا.
(3) علل الشرائع ص 461 ضمن حديث طويل.
396

بيان: قال في النهاية (1) في الحديث ائت الكوفة فان بها جمجمة العرب
أي ساداتها لان الجمجم الرأس وهو أشرف الأعضاء، وقيل جماجم العرب التي
تجمع البطون فينسب إليها دونهم، وقال في موضع آخر (2): العرب تجعل الرمح
كناية عن الدفع والمنع انتهى فالمعنى أن الله يدفع بها البلايا عن أهلها كما مر في
الأخبار السابقة، وأما كونه كنز الايمان فلكثرة نشو المؤمنين الكاملين منها و
انتشار شرايع الايمان فيها.
34 - ثواب الأعمال: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن محمد بن
سنان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: الصلاة في مسجد الكوفة فرادى أفضل من
سبعين صلاة في غير جماعة (3).
25 - كامل الزيارة: محمد بن أحمد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه
عن الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان مثله (4).
36 - ثواب الأعمال: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان
عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة
في غيره من المساجد (5).
37 - ثواب الأعمال: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن الجاموراني
عن ابن البطائني، عن أبي بصير قال: سمعت الصادق عليه السلام يقول: نعم المسجد
مسجد الكوفة، صلى فيه ألف نبي وألف وصي، ومنه فار التنور، وفيه نجرت
السفينة، ميمنته رضوان الله، ووسطه روضة من رياض الجنة، وميسرته مكر،
فقلت لأبي بصير: ما يعني بقوله مكر؟ قال: يعني منازل الشيطان (6).
38 - الكافي: محمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن ابن البطايني مثله، ثم
قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقوم على باب المسجد ثم يرمي بسهمه فيقع في

(1) النهاية ج 1 ص 208.
(2) النهاية ج 2 ص 108.
(3) ثواب الأعمال ص 28.
(4) كامل الزيارات ص 31.
(5) ثواب الأعمال ص 28.
(6) ثواب الأعمال ص 28.
397

موضع التمارين فيقول: ذاك من المسجد وكان يقول: قد نقص من أساس المسجد
مثل ما نقص في تربيعه (1).
39 - المحاسن: عمرو بن عثمان الكندي عن محمد بن زياد، عن هارون بن خارجة
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كم بينك وبين مسجد الكوفة، يكون ميلا؟ قلت: لا، قال:
أفتصلي فيه الصلاة كلها؟ قلت: لا قال: أما لو كنت حاضرا بحضرته لرجوت أن لا تفوتني
صلاة أو تدري ما فضل ذلك الموضع؟ ما من نبي ولا عبد صالح إلا وقد صلى في
مسجد الكوفة حتى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء قال له جبرئيل
أتدري أين أنت يا محمد؟ أنت الساعة مقابل مسجد كوفان، قال فاستأذن لي أصلي
فيه ركعتين، فنزل فصلى فيه، وإن مقدمه لروضة من رياض الجنة، وميمنته
وميسرته كروضة من رياض الجنة وان وسطه لروضة من رياض الجنة وإن مؤخره
لروضة من رياض الجنة، والصلاة فيه فريضة تعدل فيه بألف صلاة والنافلة فيه
بخمسمائة صلاة (2).
40 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن عمرو بن عثمان
عمن حدثه، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله عليه السلام: مثله وزاد في آخره
وإن الجلوس فيه بغير صلاة ولا ذكر لعبادة، ولو علم الناس لاتوه ولو حبوا (3).
بيان: المراد بالميسرة في هذا الخبر ميسرة أصل المسجد، وفي الخبر السابق
خارجه المتصل به، فإن منازل الخلفاء كانت هناك.
41 - كامل الزيارة: محمد بن الحسين بن مت الجوهري، عن الأشعري، عن أحمد بن
الحسن، عن محمد بن الحسين، عن علي بن حديد، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن
خالد، عن الثمالي: أن علي بن الحسين عليه السلام أتى مسجد الكوفة عمدا من المدينة
فصلى فيه ركعتين، ثم جاء حتى ركب راحلته وأخذ الطريق (4).

(1) الكافي ج 3 ص 492.
(2) المحاسن ص 56 (3) كامل الزيارات ص 28.
(4) كامل الزيارات ص 28.
398

42 - كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن محمد بن الحسين، عن ابن بزيع، عن منصور
ابن يونس، عن سليمان مولى طربال وغيره قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: نفقة درهم
بالكوفة تحسب بمائة درهم فيما سواها، وركعتان فيها تحسب بمائة ركعة (1).
43 - أمالي الطوسي: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن الحسن
ابن فضال، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن عاصم بن عبد
الواحد المديني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: مكة حرم الله، والمدينة حرم محمد صلى الله عليه وآله
والكوفة حرم علي بن أبي طالب عليه السلام إن عليا حرم من الكوفة ما حرم إبراهيم
من مكة وما حرم محمد صلى الله عليه وآله من المدينة (2).
44 - أمالي الطوسي: بالاسناد المتقدم عن العباس عن عبد الله بن الوليد، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: أما إنه ليس من بلد البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة (3).
45 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال
عن إبراهيم بن محمد، عن الفضل بن زكريا، عن نجم بن حطيم، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: لو يعلم الناس ما في مسجد الكوفة لاعدوا له الزاد والراحلة من مكان
بعيد، وقال: صلاة فريضة فيه تعدل حجة وصلاة نافلة تعدل عمرة (4).
46 روى في المزار الكبير: عن عبد الله بن جعفر الدوريستي، عن جده، عن
المفيد، عن ابن قولويه مثله (5).
بيان: لا ينافي هذا ما ورد أن الصلاة الفريضة أفضل من عشرين حجة فان
هذا لمحض شرف المكان زايدا عما قرر لنفس الصلاة من الفضل، ويحتمل أن
يكون المراد هنا حجة مخصوصة كاملة تعدل حججا كثيرة، كما قيدت في خبر
بالمقبولة، وفي آخر بكونها مع النبي صلى الله عليه وآله.

(1) كامل الزيارات ص 27.
(2) أمالي الطوسي ج 1 ص 284.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 291 ضمن حديث.
(4) كامل الزيارات ص 28.
(5) المزارا الكبير ص 32.
399

47 - كامل الزيارة: محمد الحميري، عن أبيه، عمن حدثه، عن عبد الرحمان بن
أبي هاشم، عن داود بن فرقد، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الصلاة
في مسجد الكوفة الفريضة تعدل حجة مقبولة، والتطوع فيه تعدل عمرة
مقبولة (1).
48 - كامل الزيارة: الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب
عن عبد الله بن جبلة، عن سلام بن أبي عمرة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن
نباته، عن علي عليه السلام قال: النافلة في هذا المسجد تعدل عمرة مع النبي صلى الله عليه وآله، و
الفريضة فيه تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وآله، وقد صلى فيه ألف نبي وألف وصي (2).
49 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسن
ابن سعيد، عن طريف بن ناصح، عن خالد القلانسي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: صلاة في مسجد الكوفة ألف صلاة (3).
50 - كامل الزيارة: محمد بن أحمد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن
أبيه مثله (4).
51 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن بالاسناد المتقدم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
مكة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي، الصلاة فيها بمائة ألف صلاة والدرهم
فيها بمائة ألف درهم، والمدينة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي أمير المؤمنين
الصلاة فيها في مسجدها بعشرة آلاف صلاة والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم، و
الكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب أمير المؤمنين الصلاة في
مسجدها بألف صلاة (5).
52 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن ابن
محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تدع

(1) كامل الزيارات ص 28 وكان الرمز في المتن لأمالي الطوسي.
(2) كامل الزيارات ص 28.
(3) كامل الزيارات ص 29.
(4) كامل الزيارات ص 29.
(5) كامل الزيارات ص 29.
400

يا أبا عبيدة الصلاة في مسجد الكوفة ولو أتيته حبوا، فان الصلاة فيه تعدل سبعين
صلاة في غيره من المساجد (1).
بيان: لعل الاختلافات الواقعة في تلك الأخبار محمولة على اختلاف الصلوات
والمصلين ونياتهم وحالاتهم مع أن الأقل لا ينافي الأكثر إلا بالمفهوم.
53 - كامل الزيارة: بهذا الاسناد، عن ابن محبوب، عن حنان بن سدير قال: كنت
عند أبي جعفر عليه السلام فدخل عليه رجل فسلم عليه وجلس فقال أبو جعفر عليه السلام من
اي البلدان أنت؟ قال: فقال الرجل: أنا رجل من أهل الكوفة وأنا محب موال
قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام: أتصلي في مسجد الكوفة كل صلواتك؟ قال فقال الرجل
لا قال فقال أبو جعفر عليه السلام: إنك لمحروم من الخير، قال ثم قال أبو جعفر عليه السلام
أتغتسل من فراتكم في كل يوم مرة؟ قال: لا، قال: ففي كل شهر؟ قال: لا قال:
ففي كل سنة؟ قال: لا، قال فقال له أبو جعفر عليه السلام: إنك لمحروم من الخير،
قال ثم قال: أتزور قبر الحسين في كل جمعة؟ فقال: لا، قال: ففي كل شهر؟
قال: لا، قال ففي كل سنة؟ قال: لا، فقال له أبو جعفر عليه السلام إنك لمحروم
من الخير (2).
54 - الكافي: علي بن محمد، عن سهل، عن ابن أسباط عن علي بن شجرة، عن
بعض ولد ميثم قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يصلي إلى الأسطوانة السابعة مما يلي
أبواب كندة وبينه وبين السابعة مقدار ممر عنز (3).
55 - الكافي: بهذا الاسناد، عن ابن أسباط قال: وحدثني غيره: أنه كان ينزل في
كل ليلة ستون ألف ملك يصلون عند السابعة، ثم لا يعود منهم ملك إلى يوم
القيامة (4).
56 - الكافي: محمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل وأحمد بن محمد، عن علي بن
الحكم، عن سفيان السمط قال قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا دخلت من الباب الثاني

(1) كامل الزيارات ص 31.
(2) كامل الزيارات ص 30.
(3) الكافي ج 3 ص 493.
(4) الكافي ج 3 ص 493.
401

في ميمنة المسجد فعد خمس أساطين ثنتين منها في الضلال وثلاثة في الصحن، فعند
الثالثة مصلى إبراهيم عليه السلام وهي الخامسة من الحايط، قال: فلما كان أيام أبي العباس
دخل أبو عبد الله عليه السلام من باب الفيل فتياسر حين دخل من الباب فصلى عند الأسطوانة
الرابعة وهي بإزاء الخامسة، فقلت: أفتلك أسطوانة إبراهيم عليه السلام؟ فقال لي:
نعم (1).
بيان: الباب الثاني هو باب كندة كما سيأتي، ويحتمل أن يكون ابتداء
العد من باب بيت أمير المؤمنين عليه السلام إلى يمين المسجد، فالباب الثاني أول
الأبواب المسدودة من الجدار الواقع عن يمين المصلي، ويحتمل أن يكون المراد
الثاني من الأبواب الواقعة عن يمين المسجد، وكلاهما متجه لان الأساطين واقعة
بين البابين وإن كان إلى الثاني أقرب " قوله " وهي بإزاء الخامسة اي الرابعة
من جهة باب الفيل واقعة بإزاء الخامسة الواقعة مما يلي كنده، فلما كان السائل
سمع من الإمام عليه السلام فضل الخامسة وتعيينها ورآه عليه السلام وقف عند الرابعة من
مؤخر المسجد وكانت بحذاء الخامسة فسأله عليه السلام مشافهة عن الخامسة أهي
المحاذية للرابعة؟ فقال عليه السلام: نعم، فتلك إشارة إلى الخامسة لا الرابعة فلا ينافي
ما دل على أن مقام إبراهيم عليه السلام الخامسة.
57 - كامل الزيارة: أبي ومحمد بن عبد الله معا عن الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار
عن أخيه علي، عن الحسن بن سعيد، عن علي بن الحكم، عن فضيل الأعور، عن
ليث بن أبي سليم قال: استقبلته وقد صلى الناس العصر فقال: إني لم أصل الظهر
بعد فلا تحبسني وامض راشدا، قال قلت له: لم أخرتها إلى الساعة؟ فقال: كانت
لي حاجة في السوق فأخرت الصلاة حتى أصلي في المسجد للفضل الذي بلغني فيه
قال: فرجعت فقلت: اي شئ رويت فيه؟ قال أخبرني فلان، عن فلان، عن عايشة
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: عرج بي إلى السماء وإني هبطت
الأرض فأهبطت إلى مسجد أبي نوح وأبي إبراهيم وهو مسجد الكوفة فصليت فيه

(1) الكافي ج 3 ص 493.
402

ركعتين، قال: ثم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الصلاة المفروضة فيه تعدل
حجة مبرورة والنافلة تعدل عمرة مبرورة (1).
58 - كامل الزيارة: محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن عثمان
ابن عيسى، عن محمد بن عجلان، عن مالك بن ضمرة العنبري قال: قال لي أمير
المؤمنين صلوات الله عليه: أتخرج إلى المسجد الذي في ظهر دارك تصلي فيه؟ فقلت
له: يا أمير المؤمنين ذاك مسجد يصلي فيه النساء فقال لي: يا مالك ذاك مسجد ما
أتاه مكروب قط يصلي فيه فدعا الله إلا فرج الله عنه وأعطاه حاجته، فقال مالك:
فوالله ما أتيته ولا صليت فيه، فلما كان ليلة أصابني أمر اغتممت به فذكرت قول
أمير المؤمنين عليه السلام فقمت في الليل وانتعلت فتوضأت وخرجت، فإذا على بابي
مصباح فمر قدامي حتى انتهيت إلى المسجد فوقف بين يدي وكنت أصلي فلما
فرغت انتعلت وانصرفت فمر قدامي حتى انتهيت إلى الباب، فلما أن دخلت
ذهب فما خرجت ليلة بعد ذلك إلا وجدت المصباح على بابي وقضى الله حاجتي (2).
بيان: يحتمل أن يكون المراد به مسجد السهلة أو غيره من المساجد
المشرفة سوى المسجد الأعظم، وأورده مؤلف المزار الكبير في فضل مسجد
السهلة (3).
59 - كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن يعقوب بن عبد الله من ولد
أبي فاطمة، عن إسماعيل بن زيد مولى عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو في مسجد الكوفة فقال
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فرد عليه السلام فقال: جعلت
فداك إني أردت المسجد الأقصى فأردت أن أسلم عليك وأودعك فقال: وأي شئ
أردت بذلك؟ فقال: الفضل جعلت فداك، قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل
في هذا المسجد فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة، والنافلة عمرة مبرورة

(1) كامل الزيارات ص 31.
(2) كامل الزيارات ص 32.
(3) المزار الكبير ص 36 بتفاوت.
403

والبركة منه على اثنى عشر ميلا، يمينه يمن، ويساره مكر، وفي وسطه عين من دهن وعين
من لبن وعين من ماء شرابا للمؤمنين وعين من ماء طهرا للمؤمنين منه سارت سفينة نوح
وكان فيه نسر ويغوث ويعوق، وصلى فيه سبعون نبيا وسبعون وصيا أنا أحدهم
وقال بيده في صدره ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج إلا أجابه الله
وفرج عنه كربته (1).
بيان: لعل المراد بقوله صلوات الله عليه: البركة منه على اثنى عشر ميلا
ما كان في جهة الغري إلى حيث انتهت الأميال لبركة قبره عليه السلام، ولذا قال يمينه
يمن إشارة إلى ذلك، ويحتمل أن يكون تلك البركة من جميع الجوانب، و
يؤيده الخبر الآتي، وأما العيون فستظهر فيها في زمن القائم عليه السلام كما يومي إليه
بعض الأخبار، والتخصيص بالسبعين في الأنبياء والأوصياء للاهتمام بذكر أعاظمهم
عليهم السلام أو من صلى منهم في هذا المقدار الذي كان مسجدا في ذلك الزمان
كانوا بهذا العدد فإنه قد مر أنه كان أوسع والله يعلم.
60 - كامل الزيارة: حكيم بن داود، عن سلمة، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن
المعلى، عن إسحاق بن يزداد قال: اتى رجل أبا عبد الله عليه السلام فقال: إني قد ضربت
على كل شئ لي ذهبا وفضة وبعت ضياعي فقلت: أنزل مكة؟ فقال: لا تفعل فان
أهل مكة يكفرون بالله جهرة، قال: ففي حرم رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: هم شر منهم
قال: فأين أنزل؟ قال: عليك بالعراق الكوفة فان البركة منها على اثنى عشر
ميلا هكذا وهكذا وإلى جانبها قبر ما أتاه مكروب قط ولا ملهوف إلا فرج
الله عنه (2).
بيان: يحتمل أن يكون عليه السلام أشار إلى جانبي الغري وكربلا لا إلى جميع
الجوانب، ويحتمل أن يكون أشار إلى جميع الجوانب وإنما ذكر الراوي
مرتين اختصارا.
61 - فرحة الغري: بالاسناد، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن

(1) كامل الزيارات ص 32.
(2) كامل الزيارات ص 169.
404

داود، عن سلامة، عن محمد بن جعفر، عن محمد بن أحمد، عن الجاموراني، عن
ابن البطايني، عن صفوان، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
الكوفة روضة من رياض الجنة فيها قبر نوح وإبراهيم عليهما السلام وقبر ثلاثمائة نبي و
سبعين نبيا وستمائة وصي وقبر سيد الأوصياء أمير المؤمنين عليه السلام (1).
62 - تفسير العياشي: عن سلام الحناط، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن المساجد التي لها الفضل فقال: المسجد الحرام ومسجد الرسول، قلت: و
المسجد الأقصى جعلت فداك؟ فقال: ذاك في السماء إليه أسري رسول الله
صلى الله عليه وآله فقلت: إن الناس يقولون: إنه بيت المقدس؟ فقال: مسجد الكوفة
أفضل منه (2).
63 - تفسير العياشي: عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا هارون كم بين
منزلك وبين المسجد الأعظم؟ قلت قريب، قال يكون ميلا؟ فقلت: لكنه أقرب فقال:
فما تشهد الصلاة كلها فيه؟ فقلت: لا والله جعلت فداك ربما شغلت، فقال لي: أما
إني لو كنت بحضرته ما فاتتني فيه صلاة، قال: ثم قال هكذا بيده: ما من ملك
مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح إلا وقد صلى في مسجد كوفان حتى محمد ليلة
أسري به مر به جبرئيل، فقال: يا محمد هذا مسجد كوفان، فقال: استأذن لي حتى
أصلي فيه ركعتين فاستأذن له فهبط به وصلى فيه ركعتين، ثم قال: أما علمت أن
عن يمينه روضة من رياض الجنة وعن يساره روضة من رياض الجنة أما علمت أن
الصلاة المكتوبة فيه تعدل ألف صلاة في غيره، والنافلة خمسمائة صلاة، والجلوس
فيه من غير قراءة القرآن عبادة، ثم قال هكذا بإصبعه فحركها ما بعد المسجدين
أفضل من مسجد كوفان (3).
بيان: في التهذيب ولن ميمنته لروضة من رياض الجنة وإن مؤخره لروضة
من رياض الجنة، فلا يبعد أن يكون المراد بالميمنة قبر أمير المؤمنين صلوات

(1) فرحة الغري ص 69.
(2) تفسير العياشي ج 2 ص 279.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 277.
405

الله عليه وبالمؤخر قبر الحسين صلوات الله عليه (1).
64 - الكافي (2) - التهذيب: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن بزيع، عن
أبي إسماعيل السراج قال: قال لي معاوية بن وهب وأخذ بيدي، قال: قال لي
أبو حمزة وأخذ بيدي، قال: قال قال لي الأصبغ بن نباته وأخذ بيدي، فأراني
الأسطوانة السابعة فقال: هذا مقام أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وكان الحسن بن
علي عليه السلام يصلي عند الخامسة وإذا غاب أمير المؤمنين عليه السلام صلى فيها الحسن
وهي من باب كندة (3).
65 - الكافي: علي بن محمد، عن ابن أسباط رفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
الأسطوانة السابعة مما يلي أبواب كندة في الصحن مقام إبراهيم عليه السلام والخامسة
مقام جبرئيل عليه السلام (4).
بيان: اعلم أن للمسجد في زماننا هذا با بين متقابلين أحدهما في جانب
بيت أمير المؤمنين صلوات الله عليه مما يلي القبلة، والآخر يقابله في دبر القبلة
وساير الأبواب مسدودة. فأما الذي في دبر القبلة فهو باب الثعبان المشتهر
بباب الفيل، والباب الأول من الأبواب المسدودة في يمين المسجد من جهة باب
الفيل هو باب الأنماط، فإذا عددت منه إلى يسار المسجد أربع أساطين فالرابعة هي
أسطوانة إبراهيم، وأما باب كندة فهو الباب الآخر أو قبيل الباب الآخر من تلك
الأبواب المسدودة من ذلك الجانب قريبا من المحراب، فإذا عددت منه الأساطين
إلى يسار القبلة يظهر لك الخامسة والسابعة، وبعض الأساطين وإن سقطت لكن
مكانها ظاهر، فظهر أن الرابعة التي رواها الشهيد ره فيما سيأتي عند سياق الأعمال
هي القريبة من باب الفيل، وتلك الرواية تدل على أنها مقام إبراهيم عليه السلام، و
رواية ابن نباته تدل على أن مقامه عليه السلام هي السابعة التي في جهة القبلة بقرب
المحراب، ورواية ابن أسباط على أنه الخامسة، ولا تنافي بينها لأنه يمكن أن

(1) التهذيب ج 6 ص 32.
(2) الكافي ج 3 ص 493.
(3) التهذيب ج 6 ص 33.
(4) الكافي ج 3 ص 493.
406

يكون كل منها مقامه عليه السلام، وأما السابعة التي في خبر ابن نباته السابقة المشتملة
على ذكر الخضر عليه السلام فالظاهر أنها أيضا محسوبة من باب الأنماط إلى يسار المسجد
كما قلنا في الرابعة، والأسطوانة موجودة ولا تعرف باسم وقد يقال إنها مقام الخضر
عليه السلام، ويحتمل أن يكون العد مبتدءا من باب الفيل إلى جانب القبلة فلا
يبعد أن تنتهى إلى السابعة أو الخامسة اللتين مما يلي باب كنده، فالمراد بقوله
مما يلي الصحن أنه ليس العد بحذاء باب الفيل ليكون مبتدأ من أساطين الظلال
بل من الأساطين الواقعة في الصحن، والأول أظهر ولعل خروجه عليه السلام من باب
كندة يؤيد الثاني، ثم اعلم أن الظاهر أن الشهيد ره أخذ كون الرابعة مقام إبراهيم
عليه السلام من خبر سفيان بن السمط على الاحتمال المرجوح الذي أومأنا إليه
فلا تغفل.
ولما استوفينا الاخبار التي وصلت إلينا في أعمال هذا المسجد فلنذكر
ما أورده الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس ومؤلف المزار الكبير (1) والشيخ
الشهيد (2) رضي الله عنهم في كتبهم مرتبا وإن لم يصل في بعضها إلينا الخبر واللفظ
للسيد رحمه الله:
66 قال: إذا وردت شريعة الكوفة فاغتسل وصل في المسجد الذي عند
الشريعة بقرب القنطرة الجديدة من الجانب الشرقي فإنه موضع شريف، روي أن
أمير المؤمنين عليه السلام صلى فيه.
ثم توجه لزيارة يونس بن متى عليه السلام واقصد إلى مشهده وقف على الباب و
استأذن عليه بموضع الحاجة من الاذن الذي قدمناه عند الوقوف على باب الرسول
صلوات الله عليه وآله بالمدينة وادخل، وإذا وقفت على قبره فقل: السلام على
أولياء الله وأصفيائه، السلام على أمناء الله وأحبائه، السلام على أنصار الله وخلفائه
السلام على محال معرفة الله، السلام على معادن حكمة الله، السلام على مساكن
ذكر الله، السلام على عباد الله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون

(1) المزار الكبير ص 45.
(2) مزار الشهيد ص 69 بتفاوت.
407

السلام على مظاهر أمر الله ونهيه، السلام على الادلاء على الله، السلام على المستقرين
في مرضاة الله، السلام على الممحصين في طاعة الله، السلام على الذين من والاهم
فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله، ومن عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد
جهل الله، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله، أشهد
الله أني حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم، مؤمن بما آمنتم به، كافر بما كفرتم
به، محقق لما حققتم، مبطل لما أبطلتم، مؤمن بسركم وعلانيتكم، مفوض في
ذلك كله إليكم، لعن الله عدوكم من الجن والإنس، وضاعف عليهم العذاب
الأليم (1).
ثم تدعو لنفسك ولمن أحببت وصل ركعتين تحية المسجد وركعتين للزيارة
ثم ادع بدعاء زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام ويسمى دعاء الاستقالة: يا من
برحمته يستغيث المذنبون، ويا من إلى ذكر إحسانه يفزع المضطرون، ويا أنس
كل مستوحش غريب، وفرج كل محزون كئيب، ويا عون كل مخذول فريد
ويا عضد كل محتاج طريد، أنت وسعت كل شئ رحمة وعلما، وجعلت لكل
مخلوق في نعمك سهما، وأنت الذي عفوه أنساني عقابه، وأنت الذي تسعى رحمته
أمام غضبه، وأنت الذي عطاؤه أكثر من منعه، وأنت الذي لا يرغب في جزاء
من أعطاه، وأنت الذي لا يفرط في عقاب من عصاه، وأنا عبدك الذي أمرته بالدعاء
فقال لبيك وسعديك، ها أنا ذا بين يديك، وأنا الذي أوقرت الخطايا ظهره، أنا
الذي أفنت الذنوب عمره، أنا الذي بجهله عصاك ولم تكن أهلا لذاك، هل
أنت يا إلهي راحم من دعاك فأبالغ في الدعاء، أم أنت غافر لمن بكى إليك فأسرع
في البكاء، أم أنت متجاوز عمن عفر وجهه لك تذللا؟ أم أنت مغن من شكا إليك
فقره توكلا، إلهي لا تخيب من لا يجد مطلبا غيرك، ولا تخذل من لا يستغني
عنك بأحد دونك، إلهي صل على محمد وآل محمد ولا تعرض عني وقد أقبلت إليك
ولا تحرمني وقد رغبت إليك، ولا تجبهني بالرد وقد انتصبت بين يديك، أنت

(1) مصباح الزائر ص 37.
408

وصفت نفسك بالرحمة فصل على محمد وآل محمد وارحمني، وأنت الذي وصفت
نفسك بالعفو فاعف عني، فقد ترى يا إلهي فيض دمعي من خيفتك، ووجيب قلبي
من خشيتك، وانتقاض جوارحي من هيبتك " (1) ثم تودعه عليه السلام وتنصرف إنشاء
الله تعالى.
ثم تتوجه بعد ذلك لدخول الكوفة فقد روي أنها حرم الله وحرم رسوله و
حرم أمير المؤمنين عليه السلام والاخبار بفضلها وفضل مسجدها وكثير من أماكنها كثيرة
الورود أعرضنا عن ذكرها، وقل حين تدخلها:
" بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، اللهم أنزلني منزلا
مباركا وأنت خير المنزلين ".
ثم امش وأنت تكبر الله وتهلله وتحمده وتسبحه حتى تأتي باب المسجد
فإذا أتيته فقف على باب الفيل.
67 أقول: وقال الشهيد (2) ومؤلف المزار الكبير (3) رحمهما الله فإذا
أتيته فقف على الباب المعروف بباب الفيل فإنه روي عن مولانا أمير المؤمنين صلوات
الله عليه أنه قال: ادخل إلى الجامع من الباب الأعظم فإنه روضة من رياض
الجنة، فإذا أردت الدخول فقف على الباب.
ثم قال السيد وقل: السلام على سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله وآله
الطاهرين، السلام على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ورحمة الله وبركاته، و
على مجالسه ومشاهده ومقام حكمته وآثار آبائه آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل
وبنيان بيناته، السلام على الإمام الحكيم العدل الصديق الأكبر الفاروق بالقسط
الذي فرق الله به بين الحق والباطل، والكفر والايمان، والشرك والتوحيد
ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة، أشهد أنك أمير المؤمنين، و
خاصة نفس المنتجبين، وزين الصديقين، وصابر الممتحنين، وأنك حكم الله

(1) مصباح الزائر ص 38.
(2) مزار الشهيد ص 71.
(3) المزار الكبير ص 45.
409

في أرضه، وقاضي أمره، وباب حكمته، وعاقد عهده، والناطق بوعده، و
الحبل الموصول بينه وبين عباده، وكهف النجاة، ومنهاج التقى، والدرجة العليا
ومهيمن القاضي الاعلى، يا أمير المؤمنين بك أتقرب إلى الله زلفى، أنت وليي وسيدي
ووسيلتي في الدنيا والآخرة.
ثم تدخل المسجد وتقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، هذا مقام العائذ
بالله وبمحمد صلى الله عليه وآله وبولاية أمير المؤمنين والأئمة المهديين الصادقين الناطقين
الراشدين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، رضيت بهم أئمة وهداة
وموالي، سلمت لأمر الله لا أشرك به شيئا ولا أتخذ مع الله وليا، كذب العادلون
بالله وضلوا ضلالا بعيدا، حسبي الله وأولياء الله، اشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله، وأن عليا والأئمة المهديين
من ذريته عليهم السلام أولياؤه وحجة الله على خلقه.
ثم صر إلى الأسطوانة الرابعة مما يلي باب الأنماط وهي بحذاء الخامسة وهي
أسطوانة إبراهيم عليه السلام فصل عندها أربع ركعات ركعتان بالحمد والصمد وركعتان
بالحمد والقدر (1).
68 وقال الشهيد (2) ومؤلف المزار الكبير (3) رحمهما الله: ثم تصير إلى
الرابعة مما يلي الأنماط تسير إلى الأسطوانة بمقدار سبعة أذرع أقل أو أكثر فقد
روي عن مولانا الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه جاء في أيام السفاح حتى دخل من
باب الفيل فتياسر قليلا ثم دخل فصلى عند الأسطوانة الرابعة وهي بحذاء الخامسة
فقيل له له في ذلك فقال: تلك أسطوانة إبراهيم عليه السلام تصلي أربع ركعات.
ثم قال السيد رحمه الله: فإذا فرغت منها تسبح تسبيح الزهراء عليها السلام.
وقل: السلام على عباد الله الصالحين الراشدين، الذين أذهب الله عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا، وجعلهم أنبياء مرسلين، وحجة على الخلق أجمعين

(1) مصباح الزائر ص 39.
(2) مزار الشهيد ص 72.
(3) المزار الكبير ص 46.
410

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، ذلك تقدير العزيز العليم، سلام على
نوح في العالمين سبع مرات، ثم تقول نحن على وصيتك يا ولي المؤمنين
التي أوصيت بها ذريتك من المرسلين والصديقين، ونحن من شيعتك وشيعة نبينا
محمد صلى الله عليه وآله وعليك وعلى جميع المرسلين والأنبياء والصديقين، ونحن على ملة
إبراهيم، ودين محمد النبي الأمي والأئمة المهديين، وولاية مولانا علي أمير المؤمنين
السلام على البشير النذير صلوات الله عليه ورحمته ورضوانه وبركاته، وعلى
وصيه وخليفته الشاهد لله من بعده على خلقه، علي أمير المؤمنين عليه السلام الصديق
الأكبر، والفاروق المبين، الذي أخذت بيعته على العالمين، رضيت بهم أولياء
وموالي وحكاما في نفسي وولدي وأهلي ومالي وقسمي وحلي وإحرامي وإسلامي
وديني ودنياي وآخرتي ومحياي ومماتي، أنتم الأئمة في الكتاب، وفصل المقام
وفصل الخطاب، وأعين الحي الذي لا تنام، وأنتم حكماء الله وبكم حكم الله، و
بكم عرف حق الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أنتم نور الله من بين أيدينا
ومن خلفنا، أنتم سنة الله التي بها سبق القضاء، يا أمير المؤمنين أنا لكم مسلم تسليما
لا أشرك بالله شيئا، ولا أتخذ من دونه وليا، الحمد لله الذي هداني بكم، و
ما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله على
ما هدانا (1).
ذكر الصلاة والدعاء على دكة القضاء: ثم امض إلى دكة القضاء فصل عليها
ركعتين تقرء فيها بعد الحمد لله مهما أردت، فإذا فرغت منها سلمت وسبحت تسبيح
الزهراء عليها السلام وقل: يا مالكي ومملكي ومتغمدي بالنعم الجسام من غير استحقاق
وجهي خاضع لما تعلوه الاقدام لجلال وجهك الكريم، لا تجعل هذه الشدة و
لا هذه المحنة متصلة باستيصال الشأفة، وامنحني من فضلك ما لم تمنح به أحدا من
غير مسألة، أنت القديم الأول الذي لم تزل ولا تزال، صل على محمد وآل محمد
واغفر لي وارحمني وزك عملي وبارك لي في أجلي، واجعلني من عتقائك وطلقائك

(1) مصباح الزائر ص 40.
411

من النار برحمتك يا أرحم الراحمين (1).
ذكر الصلاة والدعاء في بيت الطشت المتصل بدكة القضاء تصلي هناك ركعتين
فإذا سلمت وسبحت.
فقل: اللهم إني ذخرت توحيدي إياك ومعرفتي بك وإخلاصي لك وإقراري
بربوبيتك، وذخرت ولاية من أنعمت علي بمعرفتهم من بريتك محمد وعترته صلى
الله عليهم، ليوم فزعي إليك عاجلا وآجلا، وقد فزعت إليك وإليهم يا مولاي في
هذا اليوم في موقفي هذا، وسألتك ما زكى من نعمتك وإزاحة ما أخشاه من نقمتك
والبركة فيما رزقتنيه، وتحصين صدري من كل هم وجائحة ومعصية في ديني
ودنياي وآخرتي يا أرحم الراحمين (2).
أقول: وجدت في بعض مؤلفات قدماء أصحابنا: ويستحب أن تصلي في بيت
الطست وهو متصل بدكة القضاء ركعتين، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام ذلك فإذا سلمت
فقل وذكر الدعاء.
ثم قال السيد رحمه الله:
ذكر الصلاة والدعاء في وسط المسجد تصلي هناك ركعتين تقرء في الأولى
الحمد والصمد والثانية الحمد والكافرون فإذا سلمت وسبحت فقل: اللهم أنت
السلام، ومنك السلام وإليك يعود السلام، ودارك دار السلام، حينا ربنا منك
بالسلام، اللهم إني صليت هذه الصلاة ابتغاء رحمتك ورضوانك ومغفرتك و
تعظيما لمسجدك، اللهم فصل على محمد وآل محمد وارفعها في أعلى عليين وتقبلها مني
يا أرحم الراحمين (3).
ثم امض إلى الأسطوانة السابعة وقف عندها واستقبل القبلة وقل: بسم الله
وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا إله إلا الله محمد رسول الله، السلام على أبينا
آدم، وأمنا حوا السلام على هابيل المقتول ظلما وعدوانا على مواهب الله ورضوانه

(1) مصباح الزائر ص 40.
(2) مصباح الزائر ص 40.
(3) مصباح الزائر ص 41.
412

السلام على شيث صفوة الله المختار الأمين، وعلى الصفوة الصادقين من ذريته
الطيبين أولهم وآخرهم، السلام على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
وعلى ذريتهم المختارين، السلام على موسى كليم الله، السلام على عيسى روح الله
السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، السلام على علي أمير المؤمنين وذريته
الطيبين ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم في الأولين، السلام عليكم في
الآخرين، السلام على فاطمة الزهراء، السلام على الأئمة الهادين شهداء الله
على خلقه، السلام على الرقيب الشاهد على الأمم لله رب العالمين.
ثم تصلي عندها أربع ركعات تقرا في الأولى الحمد والقدر، وفي الثانية
الحمد والصمد، وفي الثالثة والرابعة مثل ذلك، فإذا فرغت وسبحت تسبيح
الزهراء عليها السلام.
فقل: اللهم إن كنت قد عصيتك فاني قد أطعتك في الايمان مني بك، منا
منك علي لا منا مني عليك، وأطعتك في أحب الأشياء لك، لم أتخذ لك ولدا
ولم ادع لك شريكا، وقد عصيتك في أشياء كثيرة على غير وجه المكابرة لك، و
لا الخروج عن عبوديتك، ولا الجحود لربوبيتك، ولكن اتبعت هواي وأزلني
الشيطان بعد الحجة علي والبيان، فان تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي، وإن تعف
عني وترحمني فبجودك وكرمك يا كريم، اللهم إن ذنوبي لم يبق لها إلا رجاء
عفوك وقد قدمت آلة الحرمان فأنا أسألك اللهم ما لا أستوجبه وأطلب منك ما
لا استحقه، اللهم إن تعذبني فبذنوبي ولم تظلمني شيئا، وإن تغفر لي فخير راحم أنت
يا سيدي، اللهم أنت أنت وأنا أنا، أنت العواد بالمغفرة وأنا العواد بالذنوب
وأنت المتفضل بالحلم وأنا العواد بالجهل، اللهم فاني أسئلك يا كنز الضعفاء
يا عظيم الرجاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، يا مميت الاحياء، يا محيي
الموتى، أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الذي سجد لك شعاع الشمس، ودوي
الماء، وحفيف الشجر، ونور القمر، وظلمة الليل، وضوء النهار، وخفقان
413

الطير فأسألك اللهم يا عظيم بحقك على محمد وآله الصادقين وبحق محمد وآله الصادقين
عليك، وبحقك على علي وبحق علي عليك، وبحقك على فاطمة، وبحق فاطمة
عليك، وبحقك على الحسن وبحق الحسن عليك، وبحقك على الحسين، وبحق الحسين
عليك، فان حقوقهم عليك من أفضل إنعامك عليهم، وبالشأن الذي لك عندهم
وبالشأن الذي لهم عندك، صل عليهم يا رب صلاة دائمة منتهى رضاك، واغفر لي
بهم الذنوب التي بيني وبينك وارض عني خلقك، وأتمم علي نعمتك كما أتممتها
على آبائي من قبل، ولا تجعل لاحد من المخلوقين علي فيها امتنانا، وامنن علي كما
مننت على آبائي من قبل يا كهيعص، اللهم كما صليت على محمد وآله فاستجب لي دعائي
فيما سألت يا كريم يا كريم يا كريم.
ثم اسجد وقل في سجودك، يا من يقدر على حوائج السائلين، ويعلم ما في ضمير
الصامتين، يا من لا يحتاج إلى التفسير، يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
يا من أنزل العذاب على قوم يونس وهو يريد أن يعذبهم فدعوه وتضرعوا إليه فكشف
عنهم العذاب ومتعهم إلى حين، قد ترى مكاني وتسمع دعائي وتعلم سري وعلانيتي
وحالي صل على محمد وآله محمد، واكفني ما أهمني من أمر ديني ودنياي وآخرتي
يا سيدي يا سيدي سبعين مرة ثم ارفع رأسك من السجود وقل يا رب أسألك
بركة هذا الموضع وبركة أهله، وأسألك أن ترزقني من رزقك رزقا حلالا طيبا
تسوقه إلي بحولك وقوتك وأنا خائض في عافية يا ارحم الراحمين (1).
69 أقول: قال الشهيد (2) ومؤلف المزار الكبير (3) رحمهما الله بعد عمل
الأسطوانة الرابعة: ثم تصلي في صحن المسجد أربع ركعات للحوائج ركعتين بالحمد
وقل هو الله أحد، وركعتين بالحمد وإنا أنزلناه، فإذا فرغت فسبح تسبيح الزهراء
فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: يا فلان أما تغدو في الحاجة؟
أما تمر في المسجد الأعظم عندكم في الكوفة؟ قال: بلى، قال: فصل فيه أربع ركعات

(1) مصباح الزائر ص 42.
(2) مزار الشهيد ص 73.
(3) المزار الكبير ص 47.
414

وقل: إلهي إن كنت قد عصيتك فاني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك، لم أتخذ لك
ولدا، ولم ادع لك شريكا، وقد عصيتك في أشياء كثيرة على غير وجه المكابرة لك
ولا الاستكبار عن عبادتك، ولا الجحود لربوبيتك، ولا الخروج عن العبودية لك
ولكن اتبعت هواي وأزلني الشيطان بعد الحجة والبيان، فان تعذبني فبذنوبي غير
ظالم أنت لي، وإن تعف عني وترحمني فبجودك وكرمك يا كريم.
وتقول أيضا: غدوت بحول الله وقوته غدوت بغير حول مني ولا قوة ولكن
بحول الله وقوته، يا رب أسألك بركة هذا البيت وبركة أهل، وأسألك أن ترزقني
رزقا حلالا طيبا تسوقه إلي بحولك وقوتك وأنا خافض في عافيتك.
وقال السيد رضي الله عنه: ثم تصلي عند الخامسة ركعتين تقرأ فيهما الحمد وما
شئت من السور فإذا سلمت وسبحت فقل: اللهم إني أسألك بجميع أسمائك كلها
ما علمنا منها وما لا نعلم، وأسألك باسمك العظيم الأعظم الكبير الأكبر، الذي من
دعاك به أجبته، ومن سألك به أعطيته، ومن استنصرك به نصرته، ومن استغفرك به
غفرت له، ومن استعانك به أعنته، ومن استرزقك به رزقته، ومن استغاثك به أغثته
ومن استرحمك به رحمته، ومن استجارك به أجرته، ومن توكل عليك به كفيته، ومن
استعصمك به عصمته، ومن استنقذك به من النار أنقذته، ومن استعطفك به تعطفت له
ومن أملك به أعطيته، الذي اتخذت به آدم صفيا، ونوحا نجيا، وإبراهيم خليلا
وموسى كليما، وعيسى روحا، ومحمدا حبيبا، وعليا وصيا صلى الله عليهم أجمعين
أن تقضي لي حوائجي، وتعفو عما سلف من ذنوبي، وتتفضل علي بما أنت أهله،
ولجميع المؤمنين والمؤمنات للدنيا والآخرة، يا مفرج هم المهمومين، ويا غياث
الملهوفين، لا إله إلا أنت سبحانك يا رب العالمين. وقد ذكر أنه يدعو أيضا عند
الخامسة بالدعاء الذي قدمناه وقت استقبال القبلة عند السابعة (1).
ثم امض إلى دكة زين العابدين عليه السلام وهي عند الأسطوانة الثالثة مما يلي باب
كندة فتصلي عليها ركعتين تقرأ فيهما الحمد ومهما أردت فإذا سلمت وسبحت فقل:

(1) مصباح الزائر ص 4342.
415

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إن ذنوبي قد كثرت، ولم يبق لها إلا رجاء عفوك
وقد قدمت آلة الحرمان إليك، فأنا أسئلك اللهم ما لا استوجبه، وأطلب منك مالا
استحقه، اللهم إن تعذبني فبذنوبي ولم تظلمني شيئا، وإن تغفر لي فخير راحم أنت
يا سيدي، اللهم أنت أنت وأنا أنا، أنت العواد بالمغفرة وأنا العواد بالذنوب
وأنت المتفضل بالحلم وأنا العواد بالجهل، اللهم فاني أسئلك يا كنز الضعفاء، يا
عظيم الرجاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، يا مميت الاحياء، يا محيي الموتى
أنت الله الذي لا إله إلا أنت، أنت الذي سجد لك شعاع الشمس، ونور القمر، و
ظلمة الليل، وضوء النهار، وخفقان الطير، فأسألك اللهم يا عظيم بحقك يا كريم
على محمد وآله الصادقين، وبحق محمد وآله الصادقين عليك، وبحقك على علي وبحق
علي عليك، وبحقك على فاطمة وبحق فاطمة عليك، وبحقك على الحسن وبحق الحسن
عليك، وبحقك على الحسين وبحق الحسين عليك، فان حقوقهم من أفضل إنعامك
عليهم، وبالشأن الذي لك عندهم وبالشأن الذي لهم عندك، صل يا رب عليهم صلاة دائمة
منتهى رضاك، واغفر لي بهم الذنوب التي بيني وبينك وأتمم نعمتك علي كما أتممتها على
آبائي من قبل يا كهيعص، اللهم كما صليت على محمد وآل محمد فاستجب لي دعائي فيما سألتك.
ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل: يا سيدي يا سيدي يا سيدي صل
على محمد وآل محمد واغفر لي [اغفر لي] اغفر لي، وأكثر من قولك ذلك واخشع وابك وكذا
اصنع بالخد الأيسر، ثم ادع بما أحببت (1).
ثم امض إلى دكة باب أمير المؤمنين فصل عليها أربع ركعات بالحمد وما شئت
من القرآن فإذا فرغت وسبحت فقل: اللهم صل على محمد وآل محمد واقض حاجتي يا
الله، يا من لا يخيب سائله ولا ينفذ نائله، يا قاضي الحاجات، يا مجيب الدعوات يا رب
الأرضين والسماوات، يا كاشف الكربات، يا واسع العطيات، يا دافع النقمات، يا
مبدل السيئات حسنات، عد علي بطولك وفضلك وإحسانك، واستجب دعائي فيما
سألتك وطلبت منك، بحق نبيك ووصيك وأوليائك الصالحين.

(1) مصباح الزائر ص 4443.
416

صفة صلاة أخرى عند الباب المذكور وهما ركعتان فإذا فرغت منهما وسبحت
فقل: اللهم إني حللت بساحتك لعلمي بوحدانيتك، وصمدانيتك وأنه لا قادر على
قضاء حاجتي غيرك، وقد علمت يا رب أنه كلما شاهدت نعمتك علي اشتدت فاقتي
إليك وقد طرقني يا رب من مهم أمري ما قد عرفته، لأنك عالم غير معلم، وأسألك
بالاسم الذي وضعته على السماوات فانشقت، وعلى الأرضين فانبسطت، وعلى النجوم
فانتشرت، وعلى الجبال فاستقرت، وأسألك بالاسم الذي جعلته عند محمد وعند علي
وعند الحسن وعند الحسين وعند الأئمة كلهم صلوات الله عليهم أجمعين، أن تصلي
على محمد وآل محمد، وأن تقضي لي يا رب حاجتي وتيسر عسيرها وتكفيني مهمها و
تفتح لي قفلها فان فعلت ذلك فلك الحمد وإن لم تفعل فلك الحمد غير جائر في
حكمك ولا حائف في عدلك، ثم تبسط خدك الأيمن على الأرض وتقول: اللهم
إن يونس بن متى عليه السلام عبدك ونبيك دعاك في بطن الحوت فاستجبت له، وأنا أدعوك
فاستجب لي بحق محمد وآل محمد. وتدعو بما تحب ثم تقلب خدك الأيسر وتقول:
اللهم إنك أمرت بالدعاء وتكفلت بالإجابة وأنا أدعوك كما أمرتني، فصل
على محمد وآل محمد واستجب لي كما وعدتني يا كريم، ثم تعود إلى السجود وتقول:
يا معز كل ذليل، ويا مذل كل عزيز، تعلم كربتي فصل على محمد وآل محمد وفرج
عني يا كريم (1).
صفة صلاة للحاجة عند الباب المذكور تصلي أربع ركعات فإذا فرغت وسبحت
فقل: اللهم إني أسألك يا من لا تراه العيون، ولا تحيط به الظنون، ولا يصفه
الواصفون، ولا تغيره الحوادث، ولا تفنيه الدهور، تعلم مثاقيل الجبال، ومكائيل
البحار، وورق الأشجار، ورمل القفار، وما أضاءت به الشمس والقمر، واظلم عليه
الليل، ووضح عليه النهار، ولا تواري منك سماء سماء، ولا ارض أرضا، ولا جبل
ما في أصله، ولا بحر ما في قعره، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل خير
أمري آخره، وخير أعمالي خواتيمها، وخير أيامي يوم ألقاك، إنك على كل

(1) مصباح الزائر ص 44.
417

شئ قدير، اللهم من أرادني بسوء فأرده، ومن كادنى فكده، ومن بغاني بهلكة فأهلكه
واكفني ما أهمني ممن أدخل همه علي اللهم أدخلني في درعك الحصينة، واسترني
بسترك الواقي، يا من يكفي من كل شئ ولا يكفي منه شئ، اكفني ما أهمني
من أمر الدنيا والآخرة وصدق قولي وفعلي يا شفيق يا رفيق فرج عني المضيق
ولا تحملني ما لا أطيق، اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، وارحمني بقدرتك
علي يا أرحم الراحمين، يا علي يا عظيم أنت عالم بحاجتي، وعلى قضائها قدير،
وهي لدينك يسير، وأنا إليك فقير، فمن علي بها يا كريم، إنك على كل شئ
قدير.
ثم تسجد وتقول: إلهي قد علمت حوائجي فصل على محمد وآله واقضها، و
قد أحصيت ذنوبي فصل على محمد وآله واغفرها يا كريم.
ثم تقلب خدك الأيمن وتقول: إن كنت بئس العبد فأنت نعم الرب، افعل
بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله يا أرحم الراحمين.
ثم تقلب خدك الأيسر وتقول: اللهم إن عظم الذنب من عبدك فليحسن
العفو من عندك يا كريم.
ثم تعود إلى السجود وتقول: ارحم من أساء واقترف واستكان واعترف (1).
ثم صل في المكان الذي ضرب فيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهو الإيوان
المجاور للباب المقدم ذكره ركعتين كل ركعة بالحمد وسورة فإذا سلمت وسبحت
فقل: يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر
والسريرة، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة
يا صاحب كل نجوى، يا منتهى كل شكوى، يا كريم الصفح يا عظيم الرجاء
يا سيدي صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله يا كريم.
70 أقول: قال الشهيد (2) ومؤلف المزار الكبير (3) رحمهما الله: وتقول

(1) مصباح الزائر ص 45.
(2) مزار الشهيد ص 7776.
(3) المزار الكبير ص 50.
418

أيضا: إلهي قد مد إليك الخاطئ المذنب يديه لحسن ظنه بك، إلهي قد جلس
المسئ بين يديك مقرا لك بسوء عمله، راجيا منك الصفح عن زلله، إلهي قد رفع
الظالم كفيه إليك، راجيا لما بين يديك فلا تخيبه برحمتك من فضلك، إلهي
قد جثا العائد إلى المعاصي بين يديك خائفا من يوم تجثو فيه الخلائق بين يديك
إلهي جاءك العبد الخاطئ فزعا مشفقا، ورفع إليك طرفه حذرا راجيا، وفاضت
عبرته مستغفرا نادما، إلهي فصل على محمد وآل محمد واغفر لي برحمتك يا خير الغافرين.
ثم قالوا: مناجاة أمير المؤمنين المؤمنين عليه السلام اللهم إني أسألك الأمان يوم لا ينفع
مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأسألك الأمان يوم يعض الظالم على
يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا وأسألك الأمان يوم يعرف المجرمون
بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام، وأسألك الأمان يوم لا يجزي والد عن ولده
ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق وأسألك الأمان يوم لا ينفع الظالمين
معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار، وأسألك الأمان يوم لا تملك نفس لنفس شيئا
والامر يومئذ لله، وأسألك الأمان يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته
وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وأسألك الأمان يوم يود المجرم لو يفتدي
من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا
ثم ينجيه، كلا إنها لظى نزاعة للشوى، مولاي يا مولاي أنت المولى وأنا العبد وهل
يرحم العبد إلا المولى، مولاي يا مولاي أنت المالك وأنا المملوك وهل يرحم
المملوك إلا المالك، مولاي يا مولاي أنت العزيز وأنا الذليل وهل يرحم الذليل
إلا العزيز، مولاي يا مولاي أنت الخالق وأنا المخلوق وهل يرحم المخلوق إلا
الخالق، مولاي يا مولاي أنت العظيم وأنا الحقير وهل يرحم الحقير الا العظيم
مولاي يا مولاي أنت القوي وأنا الضعيف وهل يرحم الضعيف إلا القوي،
مولاي يا مولاي أنت الغني وأنا الفقير وهل يرحم الفقير إلا الغني، مولاي يا مولاي أنت
المعطي وأنا السائل وهل يرحم السائل إلا المعطي، مولاي يا مولاي أنت الحي وأنا
الميت وهل يرحم الميت إلا الحي، مولاي يا مولاي أنت الباقي وأنا الفاني
وهل يرحم الفاني الا الباقي، مولاي يا مولاي أنت الدائم وأنا الزائل وهل يرحم
419

الزائل إلا الدائم، مولاي يا مولاي أنت الرازق وأنا المرزوق وهل يرحم المرزوق
إلا الرازق، مولاي يا مولاي أنت الجواد وأنا البخيل وهل يرحم البخيل الا
الجواد، مولاي يا مولاي أنت المعافي وأنا المبتلى وهل يرحم المبتلى الا المعافي
مولاي يا مولاي أنت الكبير وأنا الصغير وهل يرحم الصغير الا الكبير، مولاي
يا مولاي أنت الهادي وأنا الضال وهل يرحم الضال إلا الهادي، مولاي يا مولاي
أنت الرحمن وأنا المرحوم وهل يرحم المرحوم إلا الرحمن، مولاي يا مولاي
أنت السلطان وأنا الممتحن وهل يرحم الممتحن إلا السلطان، مولاي يا مولاي
أنت الدليل وأنا المتحير وهل يرحم المتحير إلا الدليل، مولاي يا مولاي
أنت الغفور وأنا المذنب وهل يرحم المذنب إلا الغفور، مولاي يا مولاي أنت الغالب
وأنا المغلوب وهل يرحم المغلوب إلا الغالب، مولاي يا مولاي أنت الرب وأنا المربوب
وهل يرحم المربوب إلا الرب، مولاي يا مولاي أنت المتكبر وأنا الخاشع وهل يرحم
الخاشع إلا المتكبر، مولاي يا مولاي ارحمني برحمتك وارض عني بجودك وكرمك
وفضلك يا ذا الجود والاحسان والطول والامتنان، برحمتك يا ارحم الراحمين (1).
ثم قال السيد رحمه الله: دعاء الأمان له أيضا صلوات الله عليه: اللهم إنك
ابتدأتني بالنعم ولم أستوجبها منك بعمل ولا شكر، وخلقتني ولم أك شيئا، سويت
خلقي وصورتني فأحسنت صورتي، وغذوتني برزقك جنينا، وغذوتني طفلا، وغذوتني
به كبيرا، ونقلتني من حال ضعف إلى حال قوة، ومن حال جهل إلى حال علم، ومن حال
فقر إلى حال غنى، وكنت في ذلك رحيما رفيقا بي تبدلني صحة بسقم، وجدة بعدم
ونطقا ببكم، وسمعا بصمم، وراحة بتعب، وفهما بعي، وعلما بجهل، ونعمى ببؤس
حتى إذا أطلقتني من عقال وهديتني من ضلال، واهتديت لدينك إذ هديتني، وحفظتني
وكنفتني وكفيتني ودافعت عني وقويت فتظاهرت نعمك علي وتم إحسانك إلي
وكمل معروفك لدي بلوت خبري فظهر لك قلة شكري والجرأة عليك مني مع
العصيان لك، فحلمت عني ولم تؤاخذني بجريرتي، ولم تهتك ستري، ولم تبد
للمخلوقين عورتي بل أخرتني ومهلتني وأنقذتني، فأنا أتقلب في نعمائك، مقيم

(1) مصباح الزائر ص 45 والمزار الكبير ص 50 ومزار الشهيد ص 77.
420

على معاصيك، أكاتم بها من العاصين وأنت مطلع عليها مني كأنك أهون المطلعين
على قبيح عملي، وكأنهم يحاسبوني عليها دونك، يا إلهي فأي نعمك اشكر، ما
ابتدأتني منها بلا استحقاق، أو حلمك عني بإدامة النعم وزيادتك إياي كأني من
المحسنين الشاكرين ولست منهم، إلهي فلم ينقض عجبي من نفسي ومن أي أموري
كلها لا أعجب، من رغبتي عن طاعتك عمدا، أو من توجهي إلى معصيتك قصدا، أو
من عكو في علي الحرام بما لو كان حلالا لما أقنعني، فسبحانك ما أظهر حجتك علي
وأقدم صفحك علي، وأكرم عفوك عمن استعان بنعمتك على معصيتك، وتعرض لك
على معرفته بشدة بطشك وصولة سلطانك وسطوة غضبك، إلهي ما أشد استخفافي
بعذابك إذ بالغت في إسخاطك وأطعت الشيطان، وأمكنت هواي من عناني وسلس له
قيادي فلم أعص الشيطان ولا هواي رغبة في رضاك، ولا رهبة من سخطك، فالويل
لي منك، ثم الويل، أكثر ذكرك في الضراء وأغفل عنه في السراء، وأخف في
معصيتك وأثاقل عن طاعتك، مع سبوغ نعمتك علي، وحسن بلائك لدي، وقلة
شكري، بل لا صبر لي علي بلاء ولا شكر لي على نعماء، إلهي فهذا ثنائي على
نفسي وعلمك بما حفظت ونسيت، وما استكن في ضميري مما قدم به عهدي وحدث
من كبائر الذنوب وعظائم الفواحش التي جنيتها أكثر مما نطق به لساني وأتيت به
على نفسي، إلهي وها أنا ذابين يديك معترف لك بخطائي وهاتان يداي سلم لك
وهذه رقبتي خاضعة بين يديك لما جنيت على نفسي، أيا حبة قلبي تقطعت أسباب
الخدائع واضمحل عني كل باطل، وأسلمني الخلق، وأفردني الدهر، فقمت
هذا المقام، ولولا ما مننت به علي يا سيدي ما قدرت على ذلك، اللهم فكن غافرا
لذنبي، وراحما لضعفي، وعافيا عني، فما أولاك بحسن النظر لي، وبعتقي إذ
ملكت رقي وبالعفو عني إذ قدرت على الانتقام مني، إلهي وسيدي أتراك راحما
تضرعي وناظرا ذل موقفي بين يديك ووحشتي من الناس وأنسي بك يا كريم
ليت شعري أبغفلاتي معرض أنت عني أم ناظر إلي، بل ليت شعري كيف أنت
صانع بي ولا أشعر أتقول يا مولاي لدعائي نعم أم تقول لا، فان قلت نعم فذلك ظني
421

بك، فطوبى لي أنا السعيد، طوبى لي، أنا المغبوط، طوبى لي أنا الغني، طوبى
لي أنا المرحوم، طوبى لي أنا المقبول، وإن قلت يا مولاي وأعوذ بك: لا
فبغير ذلك منتني نفسي، فيا ويلي ويا عولي ويا شقوتي ويا ذلي ويا خيبة أملي
ويا انقطاع أجلي، ليت شعري أللشقاء ولدتني أمي فليتها لم تلدني، بل ليت شعري
أللنار ربتني فليتها لم تربني، إلهي ما أعظم ما ابتليتني به، وأجل مصيبتي، و
أخيب دعائي، وأقطع رجائي، وأدوم شقائي إن لم ترحمني، إلهي إن لم ترحم
عبدك ومسكينك وفقيرك وسائلك وراجيك فإلى من؟ أو كيف؟ أو ماذا أو من
أرجو أن يعود علي حين ترفضني، يا واسع المغفرة، إلهي فلا تمنعك كثرة ذنوبي
وخطاياي ومعاصي وإسرافي على نفسي واجترائي عليك ودخولي فيما حرمت علي
أن تعود برحمتك على مسكنتي، وبصفحك الجميل على إساءتي، وبغفرانك القديم
على عظيم جرمي، فإنك تعفو عن المسئ وأنا يا سيدي المسئ وتغفر للمذنب وأنا يا سيدي
المذنب وتتجاوز عن المخطئ وأنا يا سيدي مخطئ وترحم المسرف وأنا يا سيدي مسرف
أي سيدي، اي سيدي، أي سيدي، اي مولاي، أي رجائي اي مترحم، اي مترأف
أي متعطف، أي متحنن، أي متملك، أي متجبر، أي متسلط، لا عمل لي أرجو به
نجاح حاجتي، فأسئلك باسمك المخزون المكنون الطهر الطاهر المطهر الذي
جعلته في ذلك فاستقر في علمك وغيبك فلا يخرج منهما ابدا، فبك يا رب أسئلك
وبه ونبيك محمد صلى الله عليه وآله، وبأخي نبيك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله
عليه، وبفاطمة الطاهرة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدي شباب
أهل الجنة من الأولين والآخرين، وبالأئمة الصادقين الطاهرين الذين أوجبت
حقوقهم وافترضت طاعتهم، وقرنتها بطاعتك على الخلق أجمعين، فلا شئ لي غير
هذا ولا أجد أمنع لي منه، اللهم إنك قلت في محكم كتابك الناطق، على لسان
نبيك الصادق، صلواتك عليه وآله " فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " فها
أنا يا رب مستكين متضرع إليك، عائذ بك، متوكل عليك، وقلت يا سيدي و
مولاي " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله
422

توابا رحيما، وأنا يا سيدي أستغفرك وأتوب وأبوء بذنبي وأعترف بخطيئتي وأستقيلك
عثرتي فهب لي ما أنت به خبير، وقلت جل ثناؤك وتقدست أسماؤك " يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو
الغفور الرحيم " فلبيك اللهم لبيك وسعديك، والخير في يديك أنا يا سيدي
المسرف على نفسي قد وقفت موقف الأذلاء المذنبين العاصين، المتجرئين عليك
المستخفين بوعدك ووعيدك، اللاهين عن طاعتك وطاعة رسولك، فأي جرأة
اجترأت عليك، وأي تغرير غررت بنفسي، فانا المقر بذنبي، المرتهن بعملي،
المتحير عن قصدي، المتهور في خطيئتي، الغريق في بحور ذنوبي، المنقطع بي،
لا أجد لذنوبي غافرا، ولا لتوبتي قابلا، ولا لندائي سامعا، ولا لعثرتي مقيلا،
ولا لعورتي ساترا، ولا لدعائي مجيبا غيرك يا سيدي، فلا تحرمني ما جدت
به على من أسرف على نفسه وعصاك ثم ترضاك، ولا تهلكني إن عذت بك
ولذت وأنخت بفنائك واستجرت بك إن دعوتك يا مولاي، فبذلك أمرتني وأنت
ضمنت لي، وإن سألتك فأعطني، وإن طلبت منك فلا تحرمني، إلهي اغفر لي
وتب علي وارض عني، وإن لم ترض عني فاعف عني، فقد لا يرضى المولى عن
عبده ثم يعفو عنه، ليس تشبه مسألتي مسألة السؤال، لان السائل إذا سأل ورد
ومنع امتنع ورجع، وأنا أسألك وألح عليك بكرمك وجودك وحيائك من رد
سائل مستعط، يتعرض لمعروفك، ويلتمس صدقتك، وينيخ بفنائك، ويطرق
بابك، وعزتك وجلالك يا سيدي لو طبقت ذنوبي بين السماء والأرض و
خرقت النجوم، وبلغت أسفل الثرى، وجاوزت الأرضين السابعة السفلى، وأوفت
على الرمل والحصى، ما ردني الياس عن توقع غفرانك، ولا صرفني القنوط عن
انتظار رضوانك، إلى وسيدي دللتني على سؤال الجنة وعرفتني فيها الوسيلة إليك
وأنا أتوسل إليك بتلك الوسيلة محمد وآله صلى الله عليهم أجمعين، أفتدل على
خيرك ونوالك السؤال ثم تمنعهم، وأنت الكريم المحمود في كل الافعال، كلا
وعزتك يا مولاي إنك أكرم من ذلك وأوسع فضلا، اللهم اغفر لي وارحمني
423

وارض عني وتب علي واعصمني واعف عني وسددني ووفق لي واجعل لي ذمتك ولا
تعذبني، اللهم واجعل لي إلى كل خير سبيلا، وفي كل خير نصيبا، ولا تؤمني مكرك
ولا تقنطني من رحمتك، ولا تؤيسني من روحك، فإنه لا يأمن مكرك إلا القوم
الخاسرون، ولا يقنط من رحمتك إلا القوم الضالون، ولا ييأس من روحك إلا
القوم الكافرون، آمنت بك اللهم فآمني، واستجرت بك فأجرني، واستعنت بك
فأعني، اللهم إني أسئلك الأمان الأمان يا كريم، يوم ينفح في الصور فيصعق
من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام
ينظرون، وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء
وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون، وأسألك الأمان الأمان يا كريم يوم يقوم
الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، وأسئلك
الأمان الأمان يا كريم يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال
كالعهن المنفوش، وأسئلك الأمان الأمان يا كريم يوم تجد كل نفس ما عملت
من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، وأسئلك
الأمان الأمان يا كريم يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات
حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، وأسألك
الأمان الأمان يا كريم يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه
لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، وأسألك الأمان الأمان يا كريم يوم يأتي كل
نفس ما عملت وهم لا يظلمون، وأسألك الأمان الأمان يا كريم يوم تشهد عليهم
ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون
أن الله هو الحق المبين، وأسالك الأمان الأمان يا كريم يوم الآزفة إذ القلوب لدى
الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع، فأسئلك الأمان الأمان يا
كريم يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا
هم ينصرون، اللهم فقد استأمنت إليك فاقبلني، واستجرت بك فأجرني، يا أكرم
من استجار به المستجيرون، ولا تردني خائبا من رحمتك، وهب لي من لدنك الرضا
424

إنك على كل شئ قدير (1).
ثم تدعو أيضا بما يأتي ذكره في هذا الفصل عقيب الصلاة في مسجد زيد بن
صوحان رحمه الله تعالى.
ذكر صلاة الحاجة هناك خاصة وهي أربع ركعات تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب
وقل هو الله أحد عشر مرات، وفي الثانية فاتحة الكتاب والصمد أيضا أحدا و
عشرين مرة، وفي الثالثة فاتحة الكتاب والصمد أيضا أحدا وثلاثين مرة، وفي
الرابعة فاتحة الكتاب والصمد أيضا أحدا وأربعين مرة، فإذا سلمت وسبحت
فاقرأ قل هو الله أحد أيضا أحدا وخمسين مرة وتستغفر الله خمسين مرة وتصلي على
النبي وآله خمسين مرة وتقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، خمسين
مرة ثم تقول: يا الله المانع قدرته خلقه، والمالك بها سلطانه، والمتسلط بما في
يديه على كل موجود، وغيرك يخيب رجاء راجيه وراجيك مسرور لا يخيب
أسألك بكل رضى لك، وبكل شئ أنت فيه، وبكل شئ تحب أن تذكر به،
وبك يا الله فليس يعد كل شئ أن تصلي على محمد وآل محمد وتحفظني وولدي وأهلي ومالي
وتحفظني بحفظك وأن تقضي حاجتي في كذا وكذا، وتسال حاجتك (2).
أقول: في كثير من النسخ المصححة من غير كتاب السيد رحمه الله
في الثانية الصمد عشرين مرة وفي الثالثة ثلاثين مرة وفي الرابعة أربعين مرة وبعد
الصلاة خمسين مرة وليس لفظ أحد في شئ من المواضع.
ثم قالوا: ذكر الصلاة والدعاء على دكة الصادق عليه السلام: ثم امض إليها
وهي القريبة من مسلم بن عقيل رضوان الله عليه فصل عليها ركعتين فإذا سلمت و
سبحت فقل: يا صانع كل مصنوع، ويا جابر كل كسير، ويا حاضر كل ملاء
ويا شاهد كل نجوى، ويا عالم كل خفية، ويا شاهدا غير غائب، ويا غالبا
غير مغلوب، ويا قريبا غير بعيد، ويا مؤنس كل وحيد، ويا حي حين لا حي
غيره، ويا محيي الموتى ومميت الاحياء، القائم على كل نفس بما كسبت، لا إله

(1) مصباح الزائر ص 5147.
(2) مصباح الزائر ص 51.
425

إلا أنت صل على محمد وآل محمد، ثم ادع بما أحببت (1).
فإذا فرغت فامض إلى قبر مسلم بن عقيل قدس الله روحه ونور ضريحه.
" ذكر زيارة بن مسلم بن عقيل " تقف على قبره وتقول: الحمد لله الملك
الحق المبين، المتصاغر لعظمته جبابرة الطاغين، المعترف بربوبيته جميع أهل
السماوات والأرضين، المقر بتوحيده سائر الخلق أجمعين، وصلى الله على سيد
الأنام، وأهل بيته الكرام، صلاة تقربها أعينهم، وترغم بها أنف شانئهم، من
الجن والإنس أجمعين، سلام الله العلي العظيم، وسلام ملائكته المقربين، و
أنبيائه المرسلين، وأئمته المنتجبين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصديقين
والزاكيات الطيبات فيما تغتدي وتروح عليك يا مسلم بن عقيل بن أبي طالب
ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت
بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وجاهدت في الله حق جهاده، وقتلت على منهاج
المجاهدين في سبيله، حتى لقيت الله عز وجل وهو عنك راض، واشهد أنك وفيت
بعهد الله، وبذلت نفسك في نصره حجته وابن حجته، حتى أتاك اليقين، أشهد
لك بالتسليم والوفاء والنصيحة، لخلف النبي المرسل، والسبط المنتجب، و
الدليل العالم، والوصي المبلغ، والمظلوم المهتضم، فجزاك الله عن رسوله وعن
أمير المؤمنين وعن الحسن والحسين، أفضل الجزاء بما صبرت واحتسبت وأعنت
فنعم عقبى الدار، لعن الله من قتلك، ولعن الله من أمر بقتلك، ولعن الله من ظلمك
ولعن الله من افترى عليك، ولعن الله من جهل حقك واستخف بحرمتك، ولعن
الله من بايعك وغشك وخذلك وأسلمك ومن ألب عليك ولم يعنك، الحمد لله
الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود، اشهد أنك قد قتلت مظلوما وأن
الله منجز لكم ما وعدكم، جئتك زائرا عارفا بحقكم، مسلما لكم، تابعا لسنتكم
ونصرتي لكم معدة حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، فمعكم معكم لا مع عدوكم
صلوات الله عليكم وعلى أرواحكم وأجسادكم وشاهدكم وغائبكم والسلام عليكم ورحمة الله و

(1) مصباح الزائر ص 51 والمزار الكبير ص 51 ومزار الشهيد ص 78.
426

بركاته، قتل الله أمة قتلتكم بالأيدي والألسن.
ثم أشر إلى الضريح وقل: السلام عليك أيها العبد الصالح والمطيع لله
ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام، الحمد لله وسلام على عباده
الذين اصطفى محمد وآله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته وعلى
روحك وبدنك، اشهد أنك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل
الله، المبالغون في جهاد أعدائه ونصرة أوليائه، فجزاك الله أفضل الجزاء وأكثر
الجزاء، وأوفر جزاء أحد ممن وفي ببيعته، واستجاب له دعوته، وأطاع ولاة
أمره، أشهد أنك قد بالغت في النصيحة، وأعطيت غاية المجهود، حتى بعثك
الله في الشهداء، وجعل روحك مع أرواح السعداء، وأعطاك من جنانه أفسحها
منزلا، وأفضلها غرفا، ورفع ذكرك في العليين، وحشرك مع النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، أشهد أنك لم تهن ولم تنكل، وأنك
قد مضيت على بصيرة من أمرك، مقتديا بالصالحين، ومتبعا للنبيين، فجمع الله بيننا
وبينك وبين رسوله وأوليائه في منازل المخبتين فإنه ارحم الراحمين ثم صل عنده
ركعتين واهدها له.
ثم قل: اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا
هما إلا فرجته، ولا مرضا إلا شفيته، ولا عيبا إلا سترته، ولا شملا إلا جمعته،
ولا غائبا إلا حفظته وأدنيته؟ ولا عريا إلا كسوته، ولا رزقا إلا بسطته، ولا خوفا
إلا أمنته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضى ولي فيها صلاح إلا
قضيتها يا ارحم الراحمين.
فإذا أردت وداعه فقف عنده وقل: أستودعك الله واسترعيك واقرا عليك
السلام، آمنا بالله وبالرسول وبما جاء به من عند الله، اللهم فاكتبنا مع الشاهدين
اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي هذا العبد الصالح، وارزقني زيارته ما
أبقيتني، واحشرني معه، وعرف بيني بينه وبين رسولك وأوليائك في الجنان،
اللهم صل على محمد وآل محمد وتوفني على الايمان بك، والتصديق برسولك، و
427

الولاية لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه والأئمة من ولده، والبراءة من أعدائهم
فاني رضيت بذلك يا رب العالمين (1).
71 قال مؤلف المزار الكبير والشهيد (2) رحمهما الله زيارة مسلم بن
عقيل رضوان الله عليه تقف على بابه وتقول: " سلام الله وسلام ملائكته المقربين و
أنبيائه المرسلين " إلى قوله " بالأيدي والألسن " ثم ادخل وانكب على القبر
وقل: " السلام عليك أيها العبد الصالح " إلى قوله " فإنه ارحم الراحمين " ثم
انحرف إلى عند الرأس فصل ركعتين وصل بعدهما ما بدا لك وسبح وادع بما أحببت
وقل: " اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تدع " إلى آخر ما مر.
ثم قال السيد رضي الله عنه: زيارة أخرى لمسلم بن عقيل سلام الله عليه:
وإذا وصلت إلى ضريحه فقف عليه مستقبل القبلة وقل: السلام عليك أيها الفادي
بنفسه ومهجته، الشهيد الفقيد المظلوم، المغصوب حقه، المنتهك حرمته، السلام
عليك يا من فادى بنفسه ابن عمه وفدى بدمه دمه، السلام عليك يا أول الشهداء
وإمام السعداء، السلام عليك يا مسلم يا من أسلم نفسه، وسكن على طاعة الله رمسه
وأخمد حسه، السلام عليك يا ابن السادة الأبرار، ويا ابن أخي جعفر الطيار، و
ابن أخي علي الفارس الكرار، الضارب بذي الفقار، السلام عليك ورحمة الله و
بركاته، يا من أرضى بفعاله محمد المختار والملك الجبار، السلام عليك لقد صبرت
فنعم عقبى الدار، السلام عليك يا وحيدا غريبا عن أهله بين الأعداء بلا ناصر ولا
مجيب، أشهد بين يدي الله أنك جاهدت وصبرت وخاصمت أعداء الله على طاعته
وطاعة نبيه ووصيه ووليه، فمضيت شهيدا وتوليت حميدا، إنا لله وإنا إليه
راجعون، اللهم احشرني معه ومع أبيه وعمومته وبنيهم، ولا تحرمني في بقية
عمري زيارته، ثم تقبل الضريح وتصلي صلاة الزيارة وتهدي ثوابها له، ثم تودعه
وتنصرف إن شاء الله (3).

(1) مصباح الزائر ص 5352.
(2) المزار الكبير ص 5251 ومزار الشهيد ص 87.
(3) مصباح الزائر ص 53.
428

ذكر زيارة هاني بن عروة المرادي: فقف على قبره وتسلم على رسول الله
صلى الله عليه وتقول: سلام الله العظيم وصلواته عليك يا هاني بن عروة، السلام عليك
أيها العبد الصالح، الناصح لله ولرسوله ولأمير المؤمنين، والحسن والحسين
عليهم السلام، اشهد أنك قتلت مظلوما، فلعن الله من قتلك، واستحل دمك، و
حشي الله قبورهم نارا، أشهد أنك لقيت الله وهو راض عنك بما فعلت ونصحت، واشهد
أنك قد بلغت درجة الشهداء، وجعل روحك مع أرواح السعداء، بما نصحت لله
ولرسوله مجتهدا، وبذلت نفسك في ذات الله ومرضاته، فرحمك الله ورضي عنك
وحشرك مع محمد وآله الطاهرين، وجمعنا وإياكم معهم في دار النعيم، وسلام عليك
ورحمة الله، ثم صل ركعتين صلاة الزيارة واهدها له، وادع لنفسك بما شئت وودعه
بما ودعت به مسلم بن عقل ره (1).
بيان: اعلم أن زيارة مسلم " رضي الله عنه في يوم شهادته وهو يوم عرفة
أفضل وأنسب من ساير الأيام، ولنفسر بعض الألفاظ والعبارات التي تحتاج إلى
الشرح والتفسير " قوله " على الممحصين في طاعة الله هو على بناء المفعول أي
الذي اختبرهم بالشدايد والبلايا في طاعته فخلصهم من كل غش وكدورة والتمحيص
الابتلاء، ومحص الذهب بالنار أخلصه مما يشوبه " قوله " ومن تخلى منهم اي من
حبهم وولايتهم وطاعتهم.
وقال الفيروزآبادي (2) جبهه كمنعه ضرب جبهته ورده أو لقيه بما يكره
" قوله " وبنيان بنيانه اي الأبنية التي بنيت في مواضع ظهرت فيها معجزاته كبيت
الطست " قوله " لما تعلوه الاقدام اي اسجد بوجهي الذي هو أشرف أعضائي على التراب
الذي هو أذل الأشياء ويوطأ عليه بالاقدام خضوعا لجلال وجهك الكريم، وقال
الفيروزآبادي (3) الشافة قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب، وإذا

(1) مصباح الزائر ص 54 والمزار الكبير ص 53 ومزار الشهيد ص 88.
(2) القاموس ج 4 ص 282.
(3) القاموس ج 3 ص 154.
429

قطعت مات صاحبها، والأصل، واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك القرحة، أو
معناه أزاله من أصله، والجائحة كل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة " قوله: " على
مواهب الله اي المقتول لأجل مواهب الله أو كائنا عليها، وفي أكثر النسخ، السلام
على مواهب الله ولعله زيد من النساخ " قوله " على الرقيب الشاهد لعل المراد
به القائم عليه السلام " قوله " سجد لك شعاع الشمس السجود هنا مستعمل في معناه اللغوي
اي تذلل وانقاد وجرى بأمرك وتدبيرك فيه، ودوي الماء وحفيف الشجر صوتهما
عند الجري والتحرك، وخفقان الطاير طيرانه وضربه بجناحيه " قوله عليه السلام " بالاسم
الذي وضعته على السماوات فانشقت اي تضعه بعد ذلك في القيامة، وإنما أتى بصيغة
الماضي لتحقق وقوعه، أو فانشقت فصارت سبع سماوات، وكذا ساير الفقرات، والأول
هو الأظهر، لكن يؤيد الثاني " قوله " فاستقرت، وفي المصباح والتهذيب والفقيه
وغيرها فنسفت، فعليه الاحتمال الأول متعين.
ثم اعلم: أن هذا الدعاء والصلاة مروي في كتب الحديث عن أبان بن
تغلب، عن الصادق عليه السلام أنه قال: إذا كانت لك حاجة فصم الأربعاء والخميس
والجمعة وصل ركعتين عند زوال الشمس تحت السماء وقل: اللهم إني حللت
بساحتك الدعاء فلعل ذكرهم هنا بدون تلك الشروط لخصوص هذا الموضع
لرواية أخرى لم تصل إلينا " قوله " صلوات الله عليه: أيا حبة قلبي يمكن أن يقرأ
بضم الحاء اي محبوب قلبي، وبالفتح اي ثمرة قلبي، والساكن في سويدائه.
قال الفيروزآبادي (4) الحبة بالضم المحبوب وقال: حبة القلب سويدائه أو مهجته
أو ثمرته أو هنة سوداء فيه " قوله عليه السلام " ليت شعري بكسر الشين اي ليتني شعرت
وعلمت قال الجزري: فيه ليت شعري ما فعل فلان أي ليت علمي حاضر أو محيط
بما صنع فحذف الخبر " قوله " وأوفت على الرمل والحصا اي زارت من قولهم
أو في عليه إذا أشرف تشبيها للزيارة بالعلو والاشراف.
أقول: قد مضى تفسير الآيات التي اشتملت عليها الأدعية في كتاب المعاد فلا
نعيدها " قوله عليه السلام " المانع قدرته خلقه، اي يمنع قدرته عن إيصال الضرر إلى
430

خلقه، والحاصل أنه لا يفعل فيهم ما يقدر عليه من التعذيب والانتقام " قوله " و
من ألب عليك اي أقام.
" فائدة " قال شيخنا الفاضل الكامل السيد السند البارع التقى أمير شرف
الدين على الشولستاني الساكن في المشهد الغروي حيا المدفون فيه ميتا قدس
الله روحه في بعض فوايده: لا يخفى أنه إنما تعلم الكعبة وجهتها بمحراب المعصوم
إذا علم أن بناءه بنصب المعصوم وأمره عليه السلام في زمانه أو في زمان غيره لكنه عليه السلام
صلى إليه من غير تيامن وتياسر، وعلى هذا أمر مسجد الكوفة مشكل إذ بناؤه كان
قبل زمان أمير المؤمنين عليه السلام والحايط القبلي والمحراب المشهور بمحراب أمير
المؤمنين عليه السلام ليسا موافقين لجعل الجدي خلف المنكب الأيمن بل فيهما تيامن بحيث
يصير الجدي قدام المنكب الأيمن وكنت في هذا متأملا ومتحيرا وأيد تحيري
بأنهما كانا عكس ضريحه المقدس فإنه كان فيه تياسر كثير، ووقت عمارته بأمر
السلطان الأعظم شاه صفي قدس الله روحه (1) قلت للمعمار: غيره إلى التيامن فغيره
ومع هذا فيه تياسر في الجملة ومخالف لمحراب مسجد الكوفة، وحملته على أنه كان بناه
غير المعصوم من القائلين بالتياسر، وكنت في الروضة المقدسة متيامنا، وفي الكوفة
متياسرا لأنه نقل أنه صلى في مسجدها، ولم ينقل أنه عليه السلام صلى باستقامة من غير
تيامن وتياسر، وكان في وسط الحايط المذكور محراب كبير متروك العبادة عنده
غير مشهور بمحراب أمير المؤمنين عليه السلام، ولا بمحراب أحد من الأنبياء والأئمة
عليهم السلام، ولما صار المسجد خرابا وانهدمت الأسطوانات الكائنة فيه واختفى
فرشه الأصلي بالأحجار والتراب، أراد الوزير الكبير ميرزا تقى الدين محمد ره
تنظيف المسجد من الكثافات الواقعة فيه وعمارة الجانب القبلي من المسجد ورفع
التراب والأحجار المرمية في صحنه إلى الفرش الأصلي ونظف وسوى دكتين في
جهتي الشرقي والغربي، ظهر أن المحراب والباب المشهورين بمحرابه، وبابه
عليه السلام ما كانا متصلين بالفرش الأصلي بل كانا مرتفعين عنه قريبا من ذراعين

(1) وكانت عمارته في سنة 1042.
431

والمحراب المتروك الذي كان في وسط الحايط القبلي كان متصلا وواصلا إليه
وظهر أيضا باب كبير قريب منه واصلا إليه، وكانت عند الحايط القبلي من أوله
إلى آخره أسطوانات وصفات، وبنى الوزير الأمجد عمارته عليها، وعند ذلك
المحراب كانت صفة كبيرة قدر صفتين من أطرافها لم يكن بينها اثر أسطوانة، و
لما صار هذا المحراب الكبير عتيقا كثيفا أمر الوزير بقلع وجهه ليبيضوه فقلعوا
فإذا تحت الكثافة المقلوعة أنه بيضوه ثلاث مرات وحمروه كذلك، وفي كل
مرتبة بياض وحمرة أمالوه إلى اليسار فتحير الأمير في ذلك فاحضرني وأرانيه،
وكان معه جمع كثير من العلماء والعقلاء الأخيار وكانوا متحيرين متفكرين في
الوجه، فخطر ببالي أن ذلك المحراب كان محراب أمير المؤمنين عليه السلام وكان يصلي
إليه لوصوله إلى الفرش الأصلي، ولوقوعه في صفة كبيرة يجمع فيها العلماء و
الأخيار خلف الإمام عليه السلام، وكذلك كان ذلك الباب بابه عليه السلام الذ؟ يجئ
من البيت إلى المسجد منه لاتصاله بالفرش، ولما كان الجدار قديما وكان ذلك
المحراب فيه ولم يكن موافقا للجهة شرعا تياسر عليه السلام، وبعده المسلمون
حرفوا وأمالوا البياض والحمرة إلى التياسر ليعلم الناس أنه عليه السلام تياسر فيه و
حمروه ليعلموا أنه عليه السلام قتل عنده، وكان تكرار البياض والحمرة لتكرار
الاندراس والكثافة، ولما خرب المسجد واندرست الأسطوانات والصفات واختفى
الفرش الأصلي وحدث فرش آخر أحدث بعض الناس ذلك المحراب الصغير وفتح
بابا صغيرا قريبا منه على السطح الجديد واشتهرا بمحرابه وبابه عليه السلام،
وعرضت على الوزير والحضار فكلهم صدقوني وقبلوا مني وصلوا الصلاة المقررة
المعهودة عند محرابه عليه السلام عنده وقرأوا الدعاء المشهور قراءته بعد الصلاة عنده
وتياسروا في الصلاة على ما رأوا في المحراب، وأمر الوزير بزينته زائدا على زينة
سائر المحاريب وتساهل المعمار فيها، فحدث ما حدث في العراق وبقي على ما
كان عليه كساير المحاريب، والسلام على من اتبع الهدى، انتهى كلامه رفع
الله مقامه.
432

أقول: وجدت محاريب العراق وأبنيتها مختلفة غاية الاختلاف وأقربها
إلى القواعد الرياضية قبلة حاير الحسين صلوات الله عليه، ولكنها أيضا منحرفة عن
نصف النهار أقل مما تقتضيه القواعد بقليل، وأما ضريح أمير المؤمنين عليه السلام وضريح
الكاظمين عليهما السلام فهما على نصف النهار من غير انحراف بين، وضريح العسكريين
عليهما السلام منحرفة عن يسار نصف النهار قريبا من عشرين درجة، ومحراب
مسجد الكوفة منحرفة عن يمين نصف النهار نحوا من أربعين درجة وهو قريب من
قبلة أصفهان، وليس على ما ذكره السيد ره من كون الجدي قدام المنكب وإلا
لكان قريبا من المغرب، وانحراف الكوفة بحسب القواعد الرياضية اثنى عشر درجة
عن يمين نصف النهار، وانحراف بغداد قريب منه، وانحراف سر من رأى قريبا
من ثمان درجات من جهة اليمين، وقبلة مسجد السهلة قريب من القواعد، فظهر
مما ذكرنا أن روضة أمير المؤمنين صلوات الله عليه أقرب إلى القواعد من محراب
مسجد الكوفة، ولعل هذه الاختلافات مبنية على التوسعة في أمر القبلة، ولا يبعد
أن يكون الامر بالتياسر لأهل العراق لكون المحاريب المشهورة المبنية فيها في زمان
خلفاء الجور، لا سيما المسجد الأعظم على هذا الوجه، ولم يمكنهم إظهار خطأ
هؤلاء الفساق فأمروا شيعتهم بالتياسر عن تلك المحاريب وعللوها بما عللوا به تقية
لئلا يشتهر منهم الحكم بخطاء من مضى من خلفاء الجور.
ويؤيده ما سيأتي في وصف مسجد غنى وأن قبلته لقاسطة فهو يومي إلى أن
ساير المساجد في قبلتها شئ ومسجد غنى اليوم غير موجود، وأغرب من جميع
ذلك أن مسجد الرسول صلى الله عليه وآله محرابه على خط نصف النهار مع أنه أظهر المحاريب
انتسابا إلى المعصوم، وهو مخالف للقواعد لانحراف قبلة المدينة عن يسار نصف
النهار، أي من نقطة الجنوب إلى المشرق بسبع وثلاثين درجة، وأيضا مخالف
لما هو المشهور من أن النبي صلى الله عليه وآله قال: محرابي على الميزاب، ومن يقف في المسجد
الحرام بإزاء الميزاب يقع الجدي خلف منكبه الأيسر بل قريبا من رأس المنكب
وكنت متحيرا في ذلك حتى تأملت في عمارة روضة النبي صلى الله عليه وآله التي حول قبره
433

الشريف فوجدتها منحرفة ذات اليسار كثيرا، وإن لم يكن بهذا المقدار، وظاهر أن
البيوت كانت مبنية بعد المسجد على وفقها، فظهر أن محراب المسجد أيضا مما
حرف في زمن سلاطين الجور، ويؤيده أن محراب مسجد قبا ومسجد الشجرة
وأكثر المساجد القديمة التي رأيتها في المدينة وبين الحرمين إما موافقة للقواعد
أو قريبة منها، مع أن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم صلوا فيها
والله يعلم.
7.
* (باب) *
* " (مسجد السهلة وساير المساجد بالكوفة) " *
1 - قصص الأنبياء: بالاسناد إلى الصدوق عن الصائغ، عن ابن زكريا القطان عن
ابن حبيب، عن ابن بهلول عن أبيه، عن ابن مهران، عن الصادق عليه السلام قال: إذا
دخلت الكوفة فأت مسجد السهلة فصل فيه واسأل الله حاجتك لدينك ودنياك فان
مسجد السهلة بيت إدريس النبي صلى الله عليه وآله الذي كان يخيط فيه ويصلي فيه، ومن
دعا الله فيه بما أحب قضى له حوائجه ورفعه يوم القيامة مكانا عليا إلى درجة
إدريس وأجير من مكروه الدنيا ومكائد أعدائه.
2 - قصص الأنبياء: بالاسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن البرقي،
عن الحسن بن العطاء، عن عبد السلام، عن عمار اليقظان قال: كان عند
أبي عبد الله عليه السلام جماعة وفيهم رجل يقال له أبان بن نعمان فقال: أيكم
له علم بعمي زيد بن علي؟ فقال: أنا أصلحك الله قال: وما علمك به؟ قال: كنا
عنده ليلة فقال، هل لكم في مسجد سهلة فخرجنا معه إليه فوجدنا معه اجتهادا
كما قال، فقال أبو عبد الله صلوات الله عليه: كان بيت إبراهيم صلوات الله عليه
الذي خرج منه إلى العمالقة، وكان بيت إدريس عليه السلام الذي كان يخيط فيه، وفيه
صخرة خضراء فيها صورة وجوه النبيين، وفيها مناخ الراكب يعني الخضر عليه السلام
434

ثم قال: لو أن عمي أتاه حين خرج فصلى فيه واستجار بالله لأجاره عشرين سنة
وما أتاه مكروب قط فصلى فيه ما بين العشاءين ودعا الله إلا فرج الله عنه.
3 - قصص الأنبياء: بالاسناد، عن الصدوق، عن محمد بن علي بن المفضل، عن أحمد
ابن محمد بن عمار، عن أبيه، عن حمدان القلانسي، عن محمد بن جمهور، عن مريم
ابن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله صلوات الله عليه أنه قال: يا أبا محمد
كأني أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله قلت: يكون منزله؟ قال:
نعم هو منزل إدريس عليه السلام وما بعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه والمقيم فيه كالمقيم
في فسطاط رسول الله صلى الله عليه وآله، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه، وما من
يوم ولا ليلة إلا والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون الله فيه، يا أبا محمد، أما
إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه، ثم إذا قام قائمنا انتقم الله
لرسوله ولنا أجمعين.
4 - الكافي: العدة عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن أبي داود، عن عبد الله بن
أبان قال: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فسألنا أفيكم أحد عنده علم عمي زيد بن علي؟
فقال رجل من القوم: أنا عندي علم من علم عمك، كنا عنده ذات ليلة في دار معاوية
ابن إسحاق الأنصاري إذ قال: انطلقوا بنا نصلي في مسجد السهلة فقال أبو عبد الله
عليه السلام: وفعل؟ فقال: لا، جاء أمر فشغله عن الذهاب فقال: أما والله لو أعاذ
الله به حولا لأعاذه، أما علمت أنه موضع بيت إدريس النبي صلى الله عليه وآله الذي كان
يخيط فيه، ومنه سار إبراهيم عليه السلام إلى اليمن بالعمالقة، ومنه سار داود عليه السلام إلى
جالوت، وإن فيه لصخرة خضراء فيها مثال كل نبي، ومن تحت تلك الصخرة
أخذت طينة كل نبي وانه لمناخ الراكب قيل: ومن الراكب؟ قال: الخضر عليه السلام (1).
5 أقول رواه في المزار الكبير: (2) باسناده، عن يعقوب، عن ابن فضال
عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمد المسلى، عن عبد الله بن أبان مثله وفيه
اما والله لو استعاذ الله حولا لأعاذه سنين، وفيه، ومنه سار داود إلى جالوت،

(1) الكافي ج 3 ص 493.
(2) المزار الكبير ص 36.
435

قال: وأين كانت منازلهم؟ قال: في زواياه، وان فيه لصخرة خضراء فيها مثال وجه
كل نبي.
6 وبالاسناد قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: من صلى في مسجد السهلة
ركعتين زاد الله في عمره سنتين (1).
7 وروى عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا أبا محمد كأني
أرى نزول القائم عليه السلام في مسجد السهلة بأهله وعياله، قلت يكون منزله جعلت
فداك؟ قال: نعم كان فيه منزل إدريس، وكان منزل إبراهيم خليل الرحمان
وما بعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه، وفيه مسكن الخضر، والمقيم فيه كالمقيم
في فسطاط رسول الله صلى الله عليه وآله، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه، وفيه
صخرة فيها صورة كل نبي، وما صلى فيه أحد فدعا الله بنية صادقة إلا صرفه الله
بقضاء حاجته، وما من أحد استجاره إلا أجاره الله مما يخاف، قلت هذا لهو الفضل
قال: نزيدك؟ قلت: نعم قال: هو من البقاع التي أحب الله أن يدعى فيها، وما
من يوم ولا ليلة إلا والملائكة تزور هذا المسجد يعبدون الله فيه، أما إني لو
كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه، يا أبا محمد وما لم أصف أكثر، قلت: جعلت
فداك لا يزال القائم فيه ابدا؟ قال: نعم، قلت فمن بعده؟ قال: هكذا من بعده
إلى انقضاء الخلق (2) أقول: قد مر تمام الخبر في باب سيرة القائم عليه السلام.
8 - كامل الزيارة: أخي، عن محمد بن قولويه، عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن
موسى، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمان، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول لأبي حمزة الثمالي: يا أبا حمزة هل شهدت
عمى ليلة خرج؟ قال: نعم، قال: فهل صلى في مسجد سهيل؟ قال: وأين مسجد سهيل
لعلك تعني مسجد السهلة؟ قال: نعم، قال: لا، قال: أما انه لو صلى فيه ركعتين
ثم استجار الله لأجاره سنة، فقال له أبو حمزة: بأبي أنت وأمي هذا مسجد السهلة؟
قال: نعم فيه بيت إبراهيم الذي كان يخرج منه إلى العمالقة، وفيه بيت إدريس

(1) المزار الكبير ص 37.
(2) المزار الكبير ص 37.
436

الذي كان يخيط فيه، وفيه مناخ الراكب، وفيه صخرة خضراء فيها صورة جميع
النبيين وتحت الصخرة الطينة التي خلق الله عز وجل منها النبيين وفيه المعراج
وهو الفاروق الأعظم موضع منه، وهو ممر الناس وهو من كوفان، وفيه ينفخ في
الصور وإليه المحشر، ويحشر من جانبه سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب
أولئك الذين أفلج الله حججهم وضاعف نعمهم المستبقون الفائزون القانتون يحبون
أن يدرؤا عن أنفسهم المفخر ويجلون بعدل الله عن لقائه، وأسرعوا في الطاعة
فعملوا وعلموا أن الله بما يعملون بصير، ليس عليهم حساب ولا عذاب يذهب
الضغن يطهر المؤمنين، ومن وسطه سار جبل الأهوان وقد أتى عليه زمان وهو
معمور (1).
بيان: قوله عليه السلام وفيه المعراج لعل المراد أن النبي صلى الله عليه وآله لما نزل ليلة المعراج
وصلى في مسجد الكوفة أتى هذا الموضع وعرج منه إلى السماء، أو المراد أن
المعراج المعنوي يحصل فيه للمؤمنين " قوله عليه السلام " وهو الفاروق موضع منه أي
المعراج وقع من موضع منه وهو المسمى بالفاروق أو المراد أن في موضع منه يفرق
القائم عليه السلام بين الحق والباطل كما ورد في خبر آخر أن فيها يظهر عدل الله " قوله "
وهو ممر الناس اي إلى المحشر وكان الخبر أكثره سقيما مصحفا فأثبتناه كما
وجدناه.
9 - قرب الإسناد: الطيالسي، عن العلا قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: تصلي في المسجد الذي
عندكم الذي تسمونه مسجد السهلة ونحن نسميه مسجد الشرى؟ قلت: إني لأصلي
فيه، جعلت فداك، قال: ائته فإنه لم يأته مكروب إلا فرج الله كربته، أو قال:
قضى حاجته، وفيه زبرجدة فيها صورة كل نبي وكل وصي (2).
10 - الخصال: ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن إبراهيم
ابن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن الثمالي، عن محمد بن مسلم

(1) كامل الزيارات ص 29.
(2) قرب الإسناد ص 74.
437

عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة.
فأما المباركة فمسجد غنى، والله إن قبلته لقاسطة، وإن طينته لطيبة، ولقد
بناه رجل مؤمن، ولا تذهب الدنيا حتى تنفجر عنده عينان ويكون فيهما جنتان
وأهله ملعونون وهو مسلوب منهم، ومسجد بني ظفر، ومسجد السهلة، ومسجد
بالحمراء، ومسجد جعفي وليس هو مسجدهم اليوم، ويقال: درس.
وأما المساجد الملعونة فمسجد ثقيف، ومسجد الأشعث ومسجد جرير البجلي
ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفراعنة (1).
11 في المزار الكبير: روى محمد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن
هاشم مثله ثم قال: وحدثني الشيخ الجليل أبو الفتح القيم بالجامع وأوقفني على
مسجد مسجد من هذه المساجد وحدثني أن مسجد الأشعث ما بين السهلة والكوفة
وقد بقي منه حايط قبلته ومنارته، وأخبرني غيره أن مسجد الأشعث هو الذي
يدعونه بمسجد الجواشن، ومسجد سماك هو الموضع الذي فيه الحدادون قريب منه
وذكر لي أنه يسمى بمسجد الحوافر، ومسجد شبث بن ربعي في السوق في آخر
درب حجاج، والذي على قبر فرعون هو بمحلة النجار (2).
12 - الخصال: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى
عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام نهى عن الصلاة في
خمسة مساجد بالكوفة، مسجد الأشعث بن قيس الكندي، ومسجد جرير بن عبد الله
البجلي، ومسجد سماك بن مخرمة، ومسجد شبث بن ربعي، ومسجد تيم، قال:
وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا نظر إلى مسجدهم قال: هذه بقعة تيم ومعناه أنهم قعدوا
عنه لا يصلون معه عداوة له وبغضا لعنهم (3).
13 - أمالي الطوسي: المفيد، عن الكاتب، عن الزعفراني، عن الثقفي، عن إسماعيل
ابن صبيح، عن يحيى بن مساور، عن علي بن حزور عن الهيثم بن عوف، عن

(1) الخصال ج 2 ص 110.
(2) المزار الكبير ص 31.
(3) الخصال ج 2 ص 110.
438

خالد بن عرعرة قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: إن بالكوفة مساجد مباركة و
مساجد ملعونة:
فأما المباركة فمنها مسجد غنى وهو مسجد مبارك، والله إن قبلته لقاسطة،
ولقد أسسه رجل مؤمن، وأنه لفي سرة الأرض، وإن بقعته لطيبة ولا تذهب الليالي
والأيام حتى تنفجر فيه عيون، ويكون على جنبيه جنتان، وإن أهله ملعونون وهو
مسلوب منهم، ومسجد جعفي مسجد مبارك، وربما اجتمع فيه ناس من العرب من أوليائنا
فيصلون فيه، ومسجد بني ظفر مسجد مبارك، والله إن فيه لصخرة خضراء وما
بعث الله من نبي إلا فيها تمثال وجهه، وهو مسجد السهلة، ومسجد الحمراء و
هو مسجد يونس بن متى ولينفجرن فيه عين يظهر على السبخة وما حولها.
وأما المساجد الملعونة فمسجد الأشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبد الله
البجلي، ومسجد ثقيف ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون
من الفراعنة (1).
14 كتاب الغارات: باسناده عن الأعمش، عن ابن عطية عنه عليه السلام مثله.
بيان: هذا الخبر يدل على اتحاد مسجد بني ظفر ومسجد السهلة فيمكن
أن يكون في الخبر السابق زيدت الواو من النساخ أو يكون العطف للتفسير، وفي
المزار الكبير ومسجد سهيل، وهو مسجد مبارك، والظاهر أن مسجد الحمراء
هو المعروف الآن بمسجد يونس وقبره عليه السلام، ولم نجد في خبر كونه عليه السلام
مدفونا هناك.
15 - الكافي: محمد بن يحيى، عن علي بن محمد بن الحسين بن علي، عن عثمان
عن صالح بن أبي الأسود قال: قال أبو عبد الله عليه السلام وذكر مسجد السهلة فقال: أما
إنه منزل صاحبنا إذا قام بأهله (2).
16 - الكافي: محمد بن يحيى، عن عمرو بن عثمان، عن حسين بن بكر، عن
عبد الرحمن بن سعيد الخزاز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: بالكوفة مسجد

(1) أمالي الطوسي ج 1 ص 171.
(2) الكافي ج 3 ص 495.
439

يقال له مسجد السهلة لو أن عمي زيدا أتاه فصلى فيه واستجار الله لأجاره عشرين
سنة، وفيه مناخ الراكب، وبيت إدريس النبي عليه السلام، وما أتاه مكروب قط فصلى
فيه بين العشاءين ودعا الله إلا فرج الله كربته (1).
17 - كامل الزيارة: أبي، عن سعد، عن الجاموراني، عن الحسين بن سيف، عن أبيه
عن الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام أو عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: له اي بقاع
الله أفضل بعد حرم الله عز وجل وحرم رسوله صلى الله عليه وآله فقال: الكوفة يا أبا بكر
هي الزكية الطاهرة فيها قبور النبيين المرسلين وغير المرسلين والأوصياء الصادقين
وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه، ومنه يظهر عدل الله
وفيها يكون قائمه، والقوام من بعده وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين (2).
بيان قوله عليه السلام: والقوام من بعده يدل على أن بعد وفاته عليه السلام يكون
قوام له في الأرض موافقا للأخبار الدالة على أن الأئمة الذين يكرون في الرجعة
يملكون الأرض بعده وهو مخالف للمشهور، ويمكن أن يكون المراد قوامه في
حياته بعد انتقاله عن هذا البلد إلى ساير البلدان، أو يكون المراد البعدية بحسب
المرتبة والله يعلم.
18 - كامل الزيارة: محمد بن الحسين بن مت، عن الأشعري، عن أحمد بن محمد، عن
أبي محمد، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حد
مسجد السهلة الروحاء (3).
19 - كامل الزيارة: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن
أسباط مثله (4).
20 - التهذيب: روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما من مكروب يأتي مسجد
السهلة فيصلي فيه ركعتين بين العشاءين ويدعو الله إلا فرج الله كربه (5).
21 أقول: قال الشيخ السعيد الشهيد قدس الله روحه: روي عن بشار

(1) الكافي ج 3 ص 495.
(2) كامل الزيارات ص 30.
(3) كامل الزيارات ص 29.
(4) كامل الزيارات ص 29.
(5) التهذيب. ج 6 ص 38.
440

المكاري.
وقال مؤلف المزار الكبير (1) حدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي
الحسن بن محمد بن علي الطوسي، وعن الشريف أبي الفضل المنتهى بن أبي زيد الحسيني
وعن الشيخ الأمين محمد بن شهريار الخازن، وعن الشيخ الجليل ابن شهرآشوب
عن المقرى، عن عبد الجبار الرازي، وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمد بن
علي الطوسي، عن الحسين بن عبيد الله الغضايري، عن أبي المفضل محمد بن عبيد الله
السلمى قالوا: وحدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي والشيخ محمد
ابن أحمد بن شهريار قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري المعدل في داره
ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المطلب
الشيباني، عن محمد بن يزيد، عن أبي الأزهر النحوي، عن محمد بن عبد الله بن زيد
النهشلي، عن أبيه، عن الشريف زيد بن جعفر العلوي، عن محمد بن وهبان، عن
الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس بن محمد بن أحمد العلوي
عن محمد بن جمهور العمي، عن الهيثم بن عبد الله الناقد، عن بشار المكاري أنه قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبر زد وهو يأكل فقال
لي: يا بشار ادن فكل قلت: هنأك الله وجعلني فداك قد أخذتني الغيرة من شئ
رأيته في طريقي أوجع قلبي وبلغ مني فقال لي: بحقي لما دنوت فأكلت قال: فدنوت
فأكلت فقال لي: حديثك، قلت رأيت جلوازا يضرب رأس امرأة يسوقها إلى الحبس
وهي تنادي بأعلى صوتها المستغاث بالله ورسوله ولا يغيثها أحد، قال: ولم فعل
بها ذاك؟ قال: سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة
فارتكب منها ما ارتكب، قال: فقطع الاكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ولحيته
وصدره بالدموع، ثم قال: يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله ونسأله خلاص
هذه المرأة قال: ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان وتقدم إليه بأن لا يبرح
إلى أن يأتيه رسوله فان حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا، قال: فصرنا إلى

(1) المزار الكبير ص 3927.
441

مسجد السهلة وصلى كل واحد منا ركعتين، ثم رفع الصادق عليه السلام يده إلى السماء
وقال: أنت الله لا إله إلا أنت مبدئ الخلق ومعيدهم، وأنت الله لا إله إلا أنت
خالق الخلق ورازقهم، وأنت الله لا إله إلا أنت القابض الباسط، وأنت الله لا إله
إلا أنت مدبر الأمور، وباعث من في القبور، وأنت وارث الأرض ومن عليها
أسألك باسمك المخزون المكنون الحي القيوم، وأنت الله لا إله إلا أنت عالم
السر وأخفى، أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت
وأسألك بحق محمد وأهل بيته وبحقهم الذي أوجبته على نفسك أن تصلي على محمد
وآل محمد وأن تقضي لي حاجتي الساعة الساعة، يا سامع الدعاء، يا سيداه يا مولاه يا غياثاه،
أسئلك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تصلي
على محمد وآل محمد وأن تعجل خلاص هذه المرأة، يا مقلب القلوب والابصار يا
سميع الدعاء قال: ثم خر ساجدا لا اسمع منه إلا النفس، ثم رفع رأسه فقال:
قم فقد أطلقت المرأة، قال: فخرجنا جميعا فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق
بنا الرجل الذي وجهنا إلى باب السلطان، فقال له: ما الخبر؟ قال له: لقد
أطلق عنها، قال: كيف كان إخراجها؟ قال: لا أدري ولكنني كنت واقفا على باب
السلطان إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها: ما الذي تكلمت به؟ قالت: عثرت فقلت
لعن الله ظالميك يا فاطمة ففعل بي ما فعل، قال: فأخرج مأتي درهم وقال: خذي
هذه واجعل الأمير في حل فأبت أن تأخذها. فلما رأى ذلك منها دخل وأعلم
صاحبه بذلك، ثم خرج فقال: انصرفي إلى بيتك، فذهبت إلى منزلها، فقال أبو
عبد الله عليه السلام: أبت أن تأخذ مأتي درهم؟ قال: نعم وهي والله محتاجة إليها، فقال:
فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال: اذهب أنت بهذه إلى منزلها فاقرئها
مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير، فقال: فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام
فقالت: بالله اقرءني جعفر بن محمد السلام؟ فقلت لها: رحمك الله والله إن جعفر بن محمد
أقرأك السلام، فشهقت ووقعت مغشية عليها، قال: فصبرنا حتى أفاقت، وقالت:
أعدها علي فأعدناها عليها، حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا لها خذي هذا ما ارسل
442

به إليك وأبشري بذلك، فأخذته منا وقالت: سلوه أن يستوهب أمته من الله فما
أعرف أحدا أتوسل به إلى الله أكبر منه ومن آبائه وأجداده عليهم السلام، قال: فرجعنا
إلى أبي عبد الله عليه السلام فجعلنا نحدثه بما كان منها، فجعل يبكي ويدعو لها، ثم
قلت: ليت شعري متى أرى فرج آل محمد صلى الله عليه وآله قال: يا بشار إذا توفي ولي الله وهو
الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار العباد فعند ذلك تصل إلى بني فلان مصيبة
سوداء مظلمة فإذا رأيت ذلك التقت حلق البطان ولا مرد لأمر الله.
الصلاة والدعاء في زواياه.
22 قال الشيخ الشهيد رحمه الله روي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه
قال: حججت إلى آخر ما سيأتي (1).
وقال مؤلف المزار الكبير (2) أخبرني أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة
العلوي عند عوده من الحج في سنة أربع وسبعين وخمسمائة بمسجد السهلة عن
والده عن جده، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه، عن الشيخ الفقيه محمد
ابن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه قال حججت إلى بيت الله الحرام فوردنا
عند نزولنا الكوفة فدخلنا إلى مسجد السهلة فإذا نحن بشخص راكع وساجد فلما
فرغ دعا بهذا الدعاء: أنت الله لا إله إلا أنت إلى آخر الدعاء، ثم نهض إلى زاوية
المسجد فوقف هناك وصلى ركعتين ونحن معه، فلما انفتل من الصلاة سبح ثم دعا
فقال: اللهم بحق هذه البقعة الشريفة، وبحق من تعبد لك فيها، قد علمت
حوائجي، فصل على محمد وآل محمد واقضها، وقد أحصيت ذنوبي فصل على محمد وآل
محمد واغفرها لي، اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وأمتني إذا كانت الوفاة
خيرا لي، على موالاة أوليائك ومعاداة أعدائك، وافعل بي ما أنت أهله يا أرحم
الراحمين. ثم نهض فسألناه عن المكان فقال: إن هذا الموضع بيت إبراهيم الخليل
الذي كان يخرج منه إلى العمالقة.
ثم مضى إلى الزاوية الغربية فصلى ركعتين ثم رفع يديه وقال: اللهم إني

(1) مزار الشهيد ص 78.
(2) المزار الكبير ص 4039.
443

صليت هذه الصلاة ابتغاء مرضاتك، وطلب نائلك، ورجاء رفدك وجوائزك فصل
على محمد وآل محمد وتقبلها مني بأحسن قبول، وبلغني برحمتك المأمول، وافعل
بي ما أنت أهله يا ارحم الراحمين.
ثم قام ومضى إلى الزاوية الشرقية فصلى ركعتين ثم بسط كفيه وقال:
اللهم إن كانت الذنوب والخطايا قد أخلقت وجهي عندك فلم ترفع لي إليك صوتا
ولم تستجب لي دعوة فاني أسألك بك يا الله فإنه ليس مثلك أحد وأتوسل إليك
بمحمد وآله أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقبل إلي بوجهك الكريم، وتقبل بوجهي
إليك، ولا تخيبني حين أدعوك، ولا تحرمني حين أرجوك يا أرحم الراحمين وعفر
خديه على الأرض.
وقام فخرج فسألناه بم يعرف هذا المكان؟ فقال: إنه مقام الصالحين
والأنبياء والمرسلين.
وقال: فاتبعناه وإذا به قد دخل إلى مسجد صغير بين يدي السهلة فصلى فيه
ركعتين بسكينة ووقار كما صلى أول مرة ثم بسط كفيه فقال:
إلهي قد مد إليك الخاطئ المذنب يديه لحسن ظنه بك، إلهي قد جلس
المسئ بين يديك مقرا لك بسوء عمله وراجيا منك الصفح عن زلله، إلهي قد رفع
إليك الظالم كفيه راجيا لما لديك فلا تخيبه برحمتك من فضلك، إلهي قد جثا
العائد إلى المعاصي بين يديك خائفا من يوم يجثو فيه الخلائق بين يديك إلهي
قد جاءك العبد الخاطي فزعا مشفقا، ورفع إليك طرفه حذرا راجيا، وفاضت عبرته
مستغفرا نادما، وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك
وأنا بك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولا لنظرك مستخف، ولكن سولت لي نفسي
وأعانتني على ذلك شقوتي، وغرني سترك المرخى علي، فمن الآن من عذابك
يستنقذني، وبحبل من اعتصم إن قطعت حبلك عني، فيا سوأتاه غدا من الوقوف
بين يديك إذا قيل للمخفين جوزوا وللمثقلين حطوا، أفمع المخفين أجوز أم مع
المثقلين أحط، ويلي كلما كبر سني كثرت ذنوبي، ويلي كلما طال عمري كثرت
444

معاصي، فكم أتوب وكم أعود، أما آن لي أن استحيي من ربي، اللهم فبحق
محمد وآل محمد اغفر لي وارحمني يا ارحم الراحمين وخير الغافرين، ثم بكى وعفر
خده الأيمن وقال: ارحم من أساء واقترف واستكان واعترف، ثم قلب خده
الأيسر وقال: عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك يا كريم، ثم خرج
فاتبعته وقلت له: يا سيدي بم يعرف هذا المسجد؟ فقال: إنه مسجد زيد بن صوحان
صاحب علي بن أبي طالب عليه السلام وهذا دعاؤه وتهجده، ثم غاب عنا فلم نره فقال
لي صاحبي: إنه الخضر عليه السلام (1).
أقول: قال السيد رضي الله عنه: إذا أردت أن تمضي إلى السهلة فاجعل ذلك بين
المغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء وهو أفضل من غيره من الأوقات فإذا
أتيته فصل المغرب ونافلتها ثم قم فصل ركعتين تحية المسجد قربة إلى الله تعالى
فإذا فرغت فارفع يديك إلى السماء وقل: أنت الله لا إله إلا أنت وساق الدعاء
الأول إلى قوله " أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تصلي على محمد وآل محمد و
أن تعجل فرجنا الساعة الساعة يا مقلب القلوب والابصار يا سميع الدعاء " ثم اسجد
واخشع وادع الله بما تريد.
ثم ذكر رحمه الله أدعية الزوايا الثلاث كما مر ثم قال: ثم تصلي في
البيت الذي في وسط المسجد ركعتين وتقول:
" يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، يا فعالا لما يريد، يا من يحول بين
المرء وقلبه، صل على محمد وآل محمد، وحل بيننا وبين من يؤذينا بحولك وقوتك
يا كافي من كل شئ ولا يكفي منه شئ، أكفنا المهم من أمر الدنيا والآخرة يا
ارحم الراحمين " ثم عفر خديك على الأرض.
ثم قال: الصلاة والدعاء في مسجد زيد بن صوحان رحمه الله وهو قريب
من السهلة تصلي ركعتين وتبسط كفيك وتقول: إلهي قد مد الخاطئ المذنب يديه
وساق الدعاء إلى قوله: ثم عفر وجهك وقل: ارحم من أساء واقترف

(1) مصباح الزائر ص 55.
445

واستكان واعترف. وقلب خدك الأيمن وقل: إن كنت بئس العبد فأنت نعم الرب
ثم قلب خدك الأيسر وقل: عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك يا كريم
ثم عد إلى السجود وقل: العفو العفو مائة مرة.
ثم قال: ذكر الصلاة في مسجد صعصعة بن صوحان رحمه الله والدعاء
فيه تصلي ركعتين، فإذا فرغت فقل: اللهم يا ذا المنن السابغة إلى آخر ما سيأتي
من الدعاء (1).
23 عدنا إلى رواية الشهيد (2) ومؤلف المزار الكبير (3) قالا: بالاسناد
إلى علي بن محمد بن عبد الرحمن التستري أنه قال: مررت ببني رواس فقال لي
بعض إخواني، لو ملت بنا إلى مسجد صعصعة فصلينا فيه فان هذا رجب، ويستحب
فيه زيارة هذه المواضع المشرفة التي وطئها الموالي بأقدامهم وصلوا فيها ومسجد
صعصعة منها، قال فملت معه إلى المسجد وإذا ناقة معقلة مرحلة قد أنيخت بباب
المسجد، فدخلنا، وإذا برجل عليه ثياب الحجاز وعمته كعمتهم، قاعد يدعو بهذا
الدعاء، فحفظته أنا وصاحبي وهو " اللهم يا ذا المنن السابغة، والآلاء الوازعة، و
الرحمة الواسعة، والقدرة الجامعة، والنعم الجسيمة، والمواهب العظيمة، والايادي
الجميلة، والعطايا الجزيلة، يا من لا ينعت بتمثيل، ولا يمثل بنظير ولا يغلب بظهير
يا من خلق فرزق، وألهم فأنطق، وابتدع فشرع، وعلا فارتفع، وقدر فأحسن
وصور فأتقن، واحتج فأبلغ، وأنعم فأسبغ، وأعطى فأجزل، ومنح فافضل، يا
من سما في العز ففات خواطر الابصار، ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار، يا من
توحد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه، وتفرد بالآلاء والكبرياء فلا ضد له
في جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، وانحسرت
دون إدراك عظمته خطائف ابصار الأنام، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب

(1) مصباح الزائر ص 54.
(2) مزار الشهيد ص 82 وفيه محمد بن عبد الرحمن.
(3) المزار الكبير ص 40 وفيه علي بن عبد الرحمن.
446

لعظمته، ووجلت القلوب من خيفته، أسألك بهذه المدحة التي لا تنبغي إلا لك وبما
وأيت به على نفسك لداعيك من المؤمنين، وبما ضمنت الإجابة فيه على نفسك
للداعين، يا اسمع السامعين، وأبصر الناظرين، وأسرع الحاسبين، يا ذا القوة
المتين صل على محمد وآل محمد، خاتم النبيين وعلى أهل بيته، وأقسم لي في شهرنا
هذا خير ما قسمت، واحتم لي في قضائك خير ما حتمت، واختم لي بالسعادة فيمن
حتمت، وأحيني ما أحييتني موفورا، وأمتني مسرورا ومغفورا، وتول أنت
نجاتي من مسائله البرزخ وادرأ عني منكرا، وار عيني مبشرا وبشيرا، و
اجعل لي إلى رضوانك وجنانك مسيرا وعيشا قريرا وملكا كبيرا وصل على محمد
وآله كثيرا " ثم سجد طويلا وقام وركب الراحلة وذهب فقال لي صاحبي: نراه
الخضر؟ فما بالنا لا نكلمه، كأنما أمسك على ألسنتنا وخرجنا، فلقينا ابن أبي
داود الرواسي فقال: من أين أقبلتما؟ قلنا: من مسجد صعصعة وأخبرناه بالخبر
فقال: هذا الراكب يأتي مسجد صعصعة في اليومين والثلاثة لا يتكلم، قلنا من هو؟
قال: فمن تريانه أنتما؟ قلنا: نظنه الخضر عليه السلام فقال: أنا والله ما أراه الا
من الخضر عليه السلام محتاج إلى رؤيته فانصرفا راشدين، فقال لي صاحبي: هو والله
صاحب الزمان (1).
24 أقول: وقال السيد بن طاووس ره في كتاب الاقبال في سياق أعمال
شهر رجب: وجدت في أواخر كتاب معالم الدين قال: ذكر محمد بن أبي داود الرواسي
أنه خرج مع محمد بن جعفر الدهان إلى مسجد السهلة في يوم من أيام رجب فقال:
مل بنا إلى مسجد صعصعة فهو مسجد مبارك وقد صلى به أمير المؤمنين صلوات الله
عليه ووطئه الحجج بأقدامهم، فملنا إليه فبينا نحن نصلي إذا برجل قد نزل عن ناقته
وعقلها بالظلال، ثم دخل وصلى ركعتين أطال فيهما ثم مد يديه فقال: " اللهم
يا ذا المنن السابغة " إلى آخر الدعاء ثم قام إلى راحلته وركبها، فقال لي ابن جعفر

(1) المزار الكبير ص 4140 ومزار الشهيد ص 8382 وأخرج الصلاة والدعاء
في مصباح الزائر ص 56.
447

الدهان الا تقوم إليه فنسأله من هو؟ فقمنا إليه، فقلنا له: ناشدناك الله من أنت؟
فقال: ناشدتكما الهل من ترياني؟ قال ابن جعفر الدهان: نظنك الخضر عليه السلام
فقال: وأنت أيضا؟ فقلت: أظنك إياه فقال: والله إني لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته
انصرفا فأنا إمام زمانكما.
فضل مسجد غنى والصلاة فيه والدعاء.
25 قال مؤلف المزار الكبير: أخبرني الشيخ الشريف أبو المكارم حمزة بن
علي بن زهرة أدام الله عزه، عن أبيه باسناده متصل إلى طاووس اليماني (1).
وقال الشهيد ره: روي عن طاووس اليماني أنه قال: مررت بالحجر في رجب
وإذا أنا بشخص راكع وساجد فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام فقلت: يا نفسي
رجل صالح من أهل بيت النبوة والله لاغتنم دعاءه فجعلت أرقبه حتى فرغ من
صلاته ورفع باطن كفيه إلى السماء وجعل يقول " سيدي سيدي، وهذه يداي
قد مددتهما إليك بالذنوب مملوة، وعيناي إليك بالرجاء ممدودة، وحق لمن
دعاك بالندم تذللا أن تجيبه بالكرم تفضلا، سيدي أمن أهل الشقاء خلقتني فأطيل
بكائي، أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي، سيدي الضرب المقامع خلقت
أعضائي، أم لشرب الحميم خلقت أمعائي، سيدي لو أن عبدا استطاع الهرب من
مولاه لكنت أول الهاربين منك، لكني أعلم أني لا أفوتك، سيدي لو أن عذابي
يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه، غير أني أعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين
ولا ينقص منه معصية العاصين، سيدي ما أنا وما خطري هب لي خطاياي بفضلك، و
جللني بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك، إلهي وسيدي ارحمني مطروحا
على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح
جيرتي، وارحمني محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي، وارحم في ذلك
البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي فما للعبد من يرحمه إلا مولاه " ثم سجد
وقال: " أعوذ بك من نار حرها لا يطفى، وجديدها لا يبلى، وعطشانها لا يروى "

(1) الاقبال ص 130.
448

وقلب خده الأيمن وقال: " اللهم لا تقلب وجهي في النار بعد تعفيري وسجودي لك
بغير من مني عليك بل لك الحمد والمن على " ثم قلب خده الأيسر وقال: " ارحم
من أساء واقترف، واستكان واعترف " ثم عاد إلى السجود وقال: " إن كنت بئس
العبد فأنت نعم الرب " العفو العفو مائة مرة.
قال طاووس: فبكيت حتى علا نحيبي فالتفت إلي وقال ما يبكيك يا يماني؟
أوليس هذا مقام المذنبين، فقلت: حبيبي حقيق على الله أن لا يردك وجدك محمد
صلى الله عليه وآله، قال طاووس، فلما كان العام المقبل في شهر رجب بالكوفة فمررت
بمسجد غني فرأيته عليه السلام يصلى فيه ويدعو بهذا الدعاء وفعل كما فعل في الحجر
تمام الحديث (1).
فضل مسجد الجعفي والصلاة والدعاء فيه.
26 - قال مؤلف المزار الكبير: حدثني الشريف أبو المكارم حمزة بن علي
ابن زهرة العلوي أدام الله عزه املاء من لفظه ببلد الكوفة سنة أربع وسبعين و
خمسمائة، عن أبيه عن جده، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه رضي الله عنه
عن الحسن بن علي البيهقي، عن محمد بن يحيى الصولي، عن عون بن محمد الكندي
عن علي بن ميثم رضي الله عنه (2).
وقال الشهيد ره روي عن ميثم رضي الله عنه أنه قال: أصحر بي مولاي أمير
المؤمنين عليه السلام ليلة من الليالي قد خرج من الكوفة وانتهى إلى مسجد جعفي توجه
إلى القبلة وصلى أربع ركعات فلما سلم وسبح بسط كفيه وقال " إلهي كيف أدعوك
وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، وحبك في قلبي مكين، مددت إليك
يدا بالذنوب مملوة، وعينا بالرجاء ممدودة، إلهي أنت مالك العطايا وأنا أسير
الخطايا، ومن كرم العظماء الرفق بالاسراء وأنا أسير بجرمي مرتهن بعملي، إلهي

(1) المزار الكبير ص 4241 ومزار الشهيد ص 83 84 وأخرج الصلاة والدعاء
في مصباح الزائر ص 5756.
(2) المزار الكبير ص 42 وأخرج الصلاة والدعاء في مصباح الزائر ص 5957.
449

ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله، وأوحش المسلك على من لم تكن أنيسه
إلهي لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، وان طالبتني بسريرتي لأطالبنك
بكرمك، وإن طالبتني بشري لأطالبنك بخيرك، وإن جمعت بيني وبين أعدائك
في النار لأخبرنهم أني كنت لك محبا، وأنني كنت اشهد أن لا إله إلا الله، إلهي
هذا سروري بك خائفا فكيف سروري بك آمنا، إلهي الطاعة تسرك والمعصية لا
تضرك، فهب لي ما يسرك واغفر لي ما لا يضرك وتب علي إنك أنت التواب
الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري، و
امتحى من المخلوقين ذكري، وصرت من المنسيين كمن قد نسي، إلهي كبر سني
ودق عظمي، ونال الدهر مني، واقترب أجلي، ونفدت أيامي، وذهبت محاسني
ومضت شهوتي، وبقيت تبعتي، وبلي جسمي، وتقطعت أوصالي، وتفرقت أعضائي
وبقيت مرتهنا بعملي، إلهي أفحمتني ذنوبي وانقطعت مقالتي ولا حجة لي، إلهي
أنا المقر بذنبي، المعترف بجرمي، الأسير بإساءتي، المرتهن بعملي، المتهور
في خطيئتي، المتحير عن قصدي، المنقطع بي فصل على محمد وآل محمد وتفضل علي
وتجاوز عني، إلهي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك
أملي، إلهي كيف أنقلب بالخيبة من عندك محروما وكل ظني بجودك أن تقلبني
بالنجاة مرحوما، إلهي لم أسلط على حسن ظني بك قنوط الآيسين فلا تبطل صدق
رجائي من بين الآملين، إلهي عظم جرمي إذ كنت المطالب به وكبر ذنبي إذ كنت
المبارز به، إلا أني إذا ذكرت كبر ذنبي وعظم عفوك وغفرانك وجدت الحاصل
بينهما لي أقربهما إلى رحمتك ورضوانك، إلهي إن دعاني إلى النار مخشى عقابك
فقد ناداني إلى الجنة بالرجاء حسن ثوابك، إلهي ان أوحشتني الخطايا عن محاسن
لطفك فقد آنسني باليقين مكارم عطفك، إلهي إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك
فقد أنبهتني المعرفة يا سيدي بكرم آلائك، إلهي إن عزب لبي عن تقويم ما يصلحني
فما عزب إيقاني بنظرك إلي فيما ينفعني، إلهي إن انقرضت بغير ما أحببت من السعي
أيامي فبالايمان أمضيت السالفات من أعوامي، إلهي جئتك ملهوفا وقد ألبست
450

عدم فاقتي وأقامني مع الأذلاء بين يديك ضر حاجتي، إلهي كرمت فأكرمني إذ
كنت من سؤالك، وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك، إلهي أصبحت على
باب من أبواب منحك سائلا وعن التعرض لسواك بالمسألة عادلا، وليس من
شأنك رد سائل ملهوف ومضطر لانتظار خير منك مألوف، إلهي أقمت على قنطرة
الاخطار مبلوا بالاعمال والاختبار إن لم تعن عليهما بتخفيف الأثقال والآصار
إلهي أمن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي، أم من أهل السعادة خلقتني فأبشر رجائي
إلهي إن حرمتني رؤية محمد صلى الله عليه وآله وصرفت وجه تأميلي بالخيبة في ذلك المقام فغير
ذلك منتني نفسي يا ذا الجلال والاكرام والطول والانعام إلهي لو لم تهدني إلى
الاسلام ما اهتديت، ولو لم ترزقني الايمان بك ما آمنت، ولو لم تطلق لساني
بدعائك ما دعوت، ولو لم تعرفني حلاوة معرفتك ما عرفت، إلهي إن أقعدني
التخلف عن السبق مع الأبرار فقد أقامتني الثقة بك على مدارج الأخيار، إلهي قلب
حشوته من محبتك في دار الدنيا كيف تسلط عليه نارا تحرقه في لظى، إلهي كل
مكروب إليك يلتجي، وكل محروم لك يرتجي، إلهي سمع العابدون بجزيل
ثوابك فخشعوا، وسمع المزلون عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع المذنبون
بسعة رحمتك فتمتعوا، وسمع المجرمون بكرم عفوك فطمعوا، حتى ازدحمت
عصائب العصاة من عبادك وعج إليك كل منهم عجيج الضجيج بالدعاء في بلادك
ولكل أمل ساق صاحبه إليك وحاجة، وأنت المسؤول الذي لا تسود عنده وجوه
المطالب صل على محمد نبيك وآله وافعل بي ما أنت أهله إنك سميع الدعاء (1)
وأخفت دعاءه وسجد وعفر وقال: العفو العفو مائة مرة، وقام وخرج
فاتبعته حتى خرج إلى الصحراء، وخط لي خطة وقال: إياك أن تجاوز هذه
الخطة ومضى عني، وكانت ليلة مد لهمة فقلت يا نفسي أسلمت مولاك وله أعداء
كثيرة اي عذر يكون لك عند الله وعند رسوله والله لأقفن أثره ولأعلمن خبره
وإن كان قد خالفت أمره، وجعلت أتبع اثره فوجدته عليه السلام مطلعا في البئر إلى نصفه

(1) مزار الشهيد ص 8684
451

يخاطب البئر والبئر تخاطبه فحس بي، والتفت عليه السلام وقال: من؟ قلت: ميثم،
فقال: يا ميثم ألم آمرك أن لا تتجاوز الخطة؟ قلت: يا مولاي خشيت عليك من الأعداء
فلم يصبر لذلك قلبي، فقال: أسمعت مما قلت شيئا؟ قلت: لا يا مولاي فقال:
يا ميثم:
وفي الصدر لبانات * إذا ضاق لها صدري
نكت الأرض بالكف * وأبديت لها سري
فمهما تنبت الأرض * فذاك النبت من بذري (1)
فضل مسجد بني كاهل ويعرف بمسجد أمير المؤمنين والصلاة والدعاء فيه.
27 - قال في المزار الكبير: أخبرني الشيخ الجليل مسلم بن نجم البزاز الكوفي
عن أحمد بن محمد المقري، عن عبد الله بن حمدان المعدل، عن محمد بن إسماعيل
عن أبي نعيم حمزة الزيات، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمان بن الأسود
الكاهلي، وأخبرني الفقيه الجليل العالم أبو المكارم حمزة بن زهرة الحسيني
الحلبي إملاء من لفظه وأراني المسجد وروى لي هذا الخبر عن رجاله، عن
الكاهلي (2).
وقال الشهيد رحمه الله روى حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن الأسود
الكاهلي قال: قال: ألا تذهب بنا إلى مسجد أمير المؤمنين عليه السلام فنصلى فيه؟ قلت وأي
المساجد هذا؟ قال: مسجد بني كاهل وأنه لم يبق منه سوى أسه واس ميذنته
قلت: حدثني بحديثه قال: صلى علي بن أبي طالب عليه السلام في مسجد بني كاهل الفجر
فقنت بنا فقال:
اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني
عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من ينكرك، اللهم إياك
نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك،

(1) المزار الكبير ص 4442 ومزار الشهيد ص 8684.
(2) المزار الكبير ص 3231
452

إن عذابك بالكفار ملحق، اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا
فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى
عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، أستغفرك
وأتوب إليك، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا
كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر
لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين (1).
ثم قالا: وروي عن عبد الله بن يحيى الكاهلي أنه قال: صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام
في مسجد بني كاهل الفجر فجهر في السورتين وقنت قبل الركوع وسلم واحدة تجاه
القبلة (2).
بيان ما يحتاج من تلك الأدعية إلى البيان: الجلواز بالكسر الشرطي من
أعوان السلطان.
وقال الجوهري (3): البطان للقتب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير يقال:
التقت حلقتا البطان للامر إذا اشتد (قوله عليه السلام) والآلاء الوازعة الوزع الكف والمنع
أي النعم التي تكف الناس عن المعاصي أو تجمع أمورهم وتمنعها عن التشتت.
قال في النهاية (4): يقال وزعه يزعه إذا كفه ومنعه ومنه الحديث أن إبليس رأى
جبرئيل يوم بدر يزع الملائكة أي يرتبهم ويسويهم ويصفهم للحرب فكأنه يكفهم
عن التفرق والانتشار (قوله عليه السلام) يا من لا ينعت بتمثيل أي لا يوصف بالتشبيه بخلقه
أو بتصويره في الذهن وليس له نظير حتى يمثل ويشبه به، ولا يغلب بظهير أي لا
يمكن الغلبة عليه بمعاونة المعاونين، وابتدع الأشياء على غير مثال ومادة، فشرع
في خلقها كذلك أو رفعها وخلقها في غاية الرفعة والمتانة يقال: شرع الشئ اي
رفعه جدا، وعلا على كل شئ فارتفع عن أن يشبهه شئ (قوله عليه السلام) يا من سمى

(1) مزار الشهيد ص 8786 واخرج الصلاة والدعاء في مصباح الزائر ص 59.
(2) المزار الكبير ص 32 ومزار الشهيد ص 87.
(3) صحاح اللغة ج 5 ص 2079 (4) النهاية ج 4 ص 221
453

في العز، أي ارتفع فلم تبلغ إليه ما يخطر في ابصار العقلاء اي عقولهم، ودنى وقرب
من جهة اللطافة والتجرد حتى بلغ ما يخطر ببال المتفكرين، وتجاوز عنه و
اطلع على ما هو أخفي منه مما هو كامن في نفوسهم ولم يخطر ببالهم فإنه تعالى يعلم
السر وأخفى، قال الفيروزآبادي (1) هجس الشئ في صدره يهجس خطر بباله
أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس (قوله عليه السلام) وانحسرت اي انكشفت
والخطف الاستلاب والسرعة في المشي أي تنكشف وترتفع عند إدراك عظمته أو
قبل الوصول إليه الابصار النافذة السريعة، ولعله كان في الأصل حسرت من قولهم
حسر البصر إذا كل وانقطع من طول مدى (قوله) يا من عنت الوجوه اي ذلت
وخضعت، والوأي الوعد الذي يوثقه الرجل على نفسه ويعزم على الوفاء به
(قوله عليه السلام) وأرعيني مبشرا وبشيرا إنما استدعى رؤيتهما لأنهما لا يكونان إلا للأبرار
وفي أكثر النسخ وارعني بسكون الراء اي وصهما برعايتي (قوله عليه السلام) وفي الصدر لبانات
هي بالضم الحاجات من غير فاقة بل من همة ذكره الفيروزآبادي (2) وقد قال
المئذنة (3) بالكسر موضع الاذان وقال (4) حفد يحفد حفدا وحفدانا خف في العمل
وأسرع وخدم (قوله) بالكفار ملحق في المزار الكبير بالكافرين يخلق، كيكرم
أي يليق وهو جدير بهم.
28 - أمالي الطوسي: محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان، عن علي بن محمد القلانسي
عن حمزة بن القاسم، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن
المفضل قال: جاز مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام بالقايم المايل في طريق
الغري فصلى عنده ركعتين فقيل له: ما هذه الصلاة؟ قال: هذا موضع رأس جدي
الحسين عليه السلام وضعوه ههنا (5).
29 - أمالي الطوسي: محمد بن أحمد بن شاذان، عن إبراهيم بن محمد المذاري، عن محمد

(1) القاموس ج 2 ص 258 (2) القاموس ج 4 ص 265
(3) القاموس ج 4 ص 195 (4) القاموس ج 1 ص 288
(5) أمالي الطوسي ج 2 ص 294.
454

ابن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن جعفر بن محمد عليهما السلام
قال: سألته عن القايم في طريق الغري فقال: نعم إنه لما جازوا بسرير أمير المؤمنين
علي عليه السلام انحنى أسفا وحزنا على أمير المؤمنين عليه السلام وكذلك سرير أبرهة لما دخل عليه
عبد المطلب انحنى ومال (1).
بيان: أقول رأيت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي نقلا من خط الشهيد
قدس الله روحهما: ولعل موضع القائم المايل هو المسجد المعروف الآن بمسجد
الحنانة قرب النجف، ولذا يصلي الناس فيه.
30 كتاب الصفين لنصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر وعمر بن سعد ومحمد بن
عبيد الله، عن رجل من الأنصار، عن الحارث بن كعب، عن عبد الرحمن بن عبيد
أبي الكنود قال: لما أراد علي عليه السلام الشخوص من النخيلة قام في الناس وخطبهم و
ساق الحديث إلى قوله فخرج عليه السلام حتى إذا جاز حد الكوفة صلى ركعتين (2).
قال نصر: وحدثني إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق السبيعي، عن
عبد الرحمن بن يزيد أن عليا عليه السلام صلى بين القنطرة والجسر ركعتين (3).

(1) امالي الطوس ج 2 ص 295.
(2) صفين لنصر بن مزاحم ص 150147.
(3) صفين ص 150 والحمد لله رب العالمين بدءا وختاما.
455

بسمه تعالى
إلى هنا انتهى الجزء الأول من المجلد الثاني
والعشرين من كتاب بحار الأنوار، وهو الجزء السابع
والتسعون حسب تجزئتنا يحتوي على 16 بابا [8873]
من أبواب الجهاد والمرابطة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر
(تتمة المجلد الحادي والعشرين من الأصل) و 17 بابا
من أبواب كتاب المزار.
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه طبقا للنسخة التي
صححها الفاضل الخبير السيد محمد مهدي الموسوي الخرسان
بما فيها من التعليق والتنميق، والله ولي التوفيق.
السيد إبراهيم الميانجي - محمد الباقر البهبودي
456

مقدمة المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة على
أعدائهم أجمعين.
وبعد فهذا هو القسم الأول من المجلد الثاني والعشرين من الموسوعة
الكبرى (بحار الأنوار) وحيث كان المجلد المذكور قد خصه المؤلف بالمزار
فجمع فيه جل ما ورد في فضل وكيفية زيارات المعصومين عليهم السلام وأبنائهم رضوان
الله عليهم أجمعين، وما يتعلق بفضل بعض المساجد المباركة وأعمالها، فهو من
المجلدات التي يكبر حجمها لو طبعت كما هي، فنظرا لضخامتها وخروجها عن المألوف
في حجم أجزاء البحار في هذه الطبعة الجديدة الأنيقة، رأينا من المناسب تقسيم
المجلد المذكور إلى ثلاثة أقسام تكاد أن تكون متساوية الحجم لتتناسب مع لداتها
من باقي الاجزاء وليسهل حملها على الزائرين فجعلنا القسم الأول يشمل زيارات
النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الذين هم بالمدينة المنورة وباقي أعمال المشاهد والمساجد
فيها، كما أنه يشمل زيارات الامام أمير المؤمنين عليه السلام المطلقة والمخصوصة وكذلك
أعمال مسجد الكوفة وباقي المساجد المباركة ذات الفضل فيها.
على أن يكون القسم الثاني مختصا بفضل وكيفية زيارات سيد الشهداء
أرواحنا له الفداء مع باقي الشهداء الذين استشهدوا معه في كربلا.
ويضم القسم الثالث زيارات باقي الأئمة المعصومين عليهم السلام وزيارات أبنائهم
ممن ورد الحث على زيارتهم.
457

ولا أريد المن على القراء بذكر ما لاقيت من عناء في تصحيح النص وتحقيقه
خصوصا فيما كان مصدره مخطوطا، مضافا إلى ما تجشمته من العناء في تخريج
الأحاديث على مصادرها والبحث عنها إذ كان في كثير من الرموز التي ترمز إلى تلك
المصادر اشتباهات اما من قلم المؤلف رحمه الله أو من النساخ عفا الله عنهم فقد أتعبونا
كثيرا، وقد أشرت في بعض الهوامش إلى بعض تلك الموارد.
وختاما أرجو من الله سبحانه وتعالى ان يتقبل هذه الخدمة منا ومن سيادة
الناشر الحاج سيد إسماعيل كتابچي زيد توفيقه، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم
إنه سميع مجيب.
النجف الأشرف 10 ج 2 1388
محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان
458

استدراك
ص 398 س 3 تحت الرقم 38 المكرر:
الكافي: باسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان القائم عليه السلام
إذا قام رد البيت الحرام إلى أساسه، ورد مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أساسه،
ورد مسجد الكوفة إلى أساسه، وقال أبو بصير: موضع التمارين من المسجد.
ص 433 س 18 بعد قوله غير موجود:
ويؤيده أيضا ما رواه محمد بن إبراهيم النعماني في كتاب الغيبة، عن ابن
عقدة، عن علي بن الحسن، عن الحسن ومحمد ابني يوسف، عن سعدان بن مسلم
عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن حبة العرني قال: قال أمير -
المؤمنين عليه السلام: كأني أنظر إلى شيعتنا بمسجد الكوفة، وقد ضربوا الفسطاط
يعلمون الناس القرآن كما انزل، اما ان قائمنا إذا قام كسره وسوى قبلته.
على أنه لا يعلم بقاء البناء الذي كان على عهد أمير المؤمنين عليه السلام بل يدل
بعض الأخبار على هدمه وتغييره كما رواه الشيخ في كتاب الغيبة، عن الفضل بن
شاذان، عن علي بن الحكم، عن الربيع بن محمد المسلى، عن ابن طريف، عن
ابن نباتة قال: أمير المؤمنين عليه السلام في حديث له: حتى انتهى إلى مسجد الكوفة
وكان مبنيا بخزف ودنان وطين فقال: ويل لمن هدمك، وويل لمن سهل هدمك
وويل لبانيك بالمطبوخ، المغير قبلة نوح، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي
أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة.
459