الكتاب: نهاية الدراية
المؤلف: السيد حسن الصدر
الجزء:
الوفاة: ١٣٥١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: ماجد الغرباوي
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: اعتماد - قم
الناشر: نشر المشعر
ردمك:
ملاحظات:

نهاية الدراية
1

هوية الكتاب
الكتاب: نهاية الدراية
المؤلف: السيد حسن الصدر
تحقيق: ماجد الغرباوي
الناشر: نشر المشعر
تنضيد الحروف كامبيوتايب
المطبعة: اعتماد
عدد النسخ 3000
2

نهاية الدراية
في شرح الرسالة الموسومة بالوجيزة للبهائي
تأليف
السيد حسن الصدر 1354 ه‍
تحقيق
ماجد الغرباوي
3

الاهداء:
إلى من أوصاني بهما ربي (جل اسمه) حيث قال:
(ووصينا الانسان بوالديه حسنا)
أهدي ثواب هذا الجهد المتواضع
عسى أن ينفعني به الله تعالى حين ألقاه.
ماجد
5

بسم الله الرحمن الرحيم
7

مقدمة المحقق
9

علوم الحديث.. نشأتها وتطورها
يعتبر الحديث الحاكي للسنة (1) من أهم مصادر التشريع الاسلامي وأغناها مطلقا،
لتوافره على ثروة طائلة من النصوص التشريعية المختلفة، التي استغرقت في بيان الحكم
الشرعي وتفصيله، حتى غطت مساحة واسعة من حاجة الانسان المتزايدة إليه.
فالسنة ملأت آفاق التشريع، واستقلت به في موارد كثيرة جدا، لذلك فحاجة الفقيه
إليها في عملية استنباط الحكم الشرعي تفوق حاجته إلى المصادر التشريعية الأخرى،
القرآن، والاجماع، والعقل.
أما آيات الاحكام في القرآن الكريم: فهي بالإضافة إلى كونها محدودة العدد ولا تفي
بحاجة الفقيه، لتزايد حاجة الانسان المتجددة إلى الاحكام، قلما يستقل بها في استنباط
الحكم الشرعي إلا إذا كانت صريحة في موردها، وإلا فهي تلتئم أكثر مع السنة في بيان
الحكم الشرعي، لأنها إما مجملة تفسر بالسنة، أو مطلقة تقيد بها، أو عامة تخصص بها. وهي
مع ذلك تحتوي على الكليات دون الجزئيات غالبا.
وأما الاجماع الحجة لم يثبت إلا في موارد محدودة، لغلبة استناد المجمعين على دليل
معين، فيكون الاجماع مدركيا وليس بحجة، أو لثبوت تأخر زمان انعقاد الاجماع مما يفقده
الحجية لعدم توفره على الشروط اللازمة لها.
والعقل: (قاصر عن ادراك ملاكات الاحكام، وعللها التامة الا في موارد نادرة لا
محيص له من الحكم بها، كحسن العدل، وقبح الظلم) (2).
ثم إن السنة - بالإضافة إلى ذلك - وقفت إلى جانب القرآن الكريم، ومعجزة رسوله

(1) كلام المعصوم وفعله وتقريره.
(2) قواعد الحديث، السيد الغريفي: 9.
11

الخالدة في أداء مهمته الرسالية، فكانت مفصلة للكتاب، وشارحة له، كما قال تعالى:
(وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (1). وقال:
(وما أنزلنا عليك الكتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم
يؤمنون) (2).
وهكذا كانت السنة - دائما - مصدرا ثرا لبيان الاحكام وتفصيلها، وأساسا متينا
لبنى الانسان العقائدية والفكرية، لأنها توفر له رؤية سليمة عن الكون والحياة، وينبوعا
غدقا للأخلاق الرفيعة السامية التي تبعث الحياة الهانئة الكريمة، وتضفي عليها روح البهجة
والسعادة، بعيدا عن التعقيد، والتنافس المادي، الذي يمزق كيان الفرد والمجتمع معا.
لذلك عنيت الأمة الاسلامية - ومنذ اليوم الأول - بتعهد السنة وحفظها، ورواية
الحديث وتحمله، فبلغت الأمة الذروة في ذلك، ولم يتح لغيرها من الأمم في حفظ تراث
أنبيائهم كما أتيح لها ذلك. وهذه مفخرة لهذه الأمة تفتخر بها على غيرها من الأمم السابقة.
فروى لنا المسلمون الأوائل ما ضاقت به الموسوعات الحديثية رغم تعددها، حتى
صنف الشيعة الإمامية أربعمائة كتاب تسمى بالأصول (3) خلال القرون الثلاثة الأولى
للهجرة، إضافة إلى الكتب الحديثية الأخرى، دونوا فيها ما ورد عن الرسول صلى الله عليه
وآله والأئمة عليهم السلام من الأحاديث في كافة شؤون الحياة المتنوعة، حتى لا يشك من
يطالع تلك الكتب، أنها ما تركت شيئا من أقوالهم وأفعالهم وسيرتهم في الأمور كلها إلا
وحوتها.
ولم تقف عنايتهم بالحديث على روايته وتدوينه فقط، بل أفرغوا الوسع في المحافظة
عليه وتشبثوا بكل وسيلة لتحقيق هذا الغرض، حتى انتهوا إلى تأسيس قواعد تسمى
ب (علوم الحديث) لحفظ هذا التراث، وصيانته من التحريف فيه والدخيل، وتعهدوا بالعمل
بها منذ العهد الأول، وهكذا في سائر العصور والأزمان.
ولقد أدت الحديث دورا ايجابيا لا ينكر في حفظ تراثنا الحديثي، وساهمت

(1) سورة النحل، الآية: 44.
(2) سورة النحل، الآية: 64.
(3) معالم العلماء، لابن شهرآشوب، ص 3 (نقلا عن الشيخ المفيد المتوفى سنة 413 ه‍).
12

مساهمة فعالة في الحفاظ على الجانب العلمي والموضوعي خلال دراسة الحديث، والتفقه به.
ومن يراجع المسيرة التكاملية لهذه العلوم من أول نشأتها، يتبين له أنها وليدة
الحاجة والضرورة ويتأكد له أنها ليست علوما ترفيهية أو هامشية، بل إن الحرص على
دراستها يوفر لنا فهما صحيحا محايدا للحديث، بعيدا عن المغالاة والتأثيرات العاطفية.
ومن المعلوم ان علوم الحديث، مرت كغيرها من العلوم بعد ولادتها بمراحل متعددة،
وفي ما يلي استعراض مجمل لتلك المراحل:
نشأة علوم الحديث
أدى الخلاف الذي دب بين صفوف الصحابة، عقب انتقال الرسول صلى الله عليه
وآله إلى الرفيق الاعلى، إلى انشطار الأمة وانقسامها إلى قسمين، وتبلور وضع جديد أفرز -
على مدى الأيام - مدرستين فكريتين، لكل واحدة منهما معالمها الخاصة بها، وترشح عنهما
تباين بالرؤى والتصورات حول مجمل القضايا والاحداث.
وكان بدء الخلاف بينهم حول خلافة الرسول صلى الله عليه وآله، حيث ذهب العامة
إلى أن الخلافة ترشيح وليست تعيينا، وان عصر النص انتهى بوفاة الرسول صلى الله عليه
وآله، فانحصر تراثهم الحديثي بما روي عن الرسول صلى الله عليه وآله فقط، لذلك أخذت
المسافة الزمنية بينهم وبين عصر النص تزداد اتساعا كلما ابتعدوا عن عصر الرسول
صلى الله عليه وآله، وتشتد الحاجة إلى علوم الحديث أكثر، لما يطرأ على الروايات بسبب
البعد الزمني، فلذلك تكون ولادة عدة أنواع من علوم الحديث في عصر الخلفاء ولادة
طبيعية فرضتها المرحلة الجديدة التي يمر بها الحديث الشريف، وان لم تدون هذه العلوم،
حتى زعموا انه لم ينقض القرن الأول الا وقد وجدت أنواع من علوم الحديث، منها (1).
1 - الحديث المرفوع.
2 - الحديث الموقوف.
3 - الحديث المقطوع.

(1) منهج النقد في علوم الحديث، الدكتور نور الدين عتر: 57.
13

4 - الحديث المتصل.
5 - الحديث المرسل.
6 - الحديث المنقطع.
7 - الحديث المدلس.
فيما تواصل عصر النص عند الشيعة حتى عصر الغيبة، فتراكمت تبعا لذلك الثروة
الحديثية إلى درجة تجاوزت مجموع التراث الحديثي الذي حوته المدونات الحديثية الكبرى
عند الآخرين.
وقد أتاح استمرار عصر النص الفرصة لرواة الحديث للاتصال المباشر بالمعصوم
عليه السلام، فاستغنوا بذلك عن قسم من علوم الحديث التي لا ضرورة لها آنذاك، دون
البعض الاخر الذي فرضته طبيعة الأحاديث نفسها، كالعلم بالناسخ والمنسوخ، ومعرفة
الشاذ والغريب وغيرها.
أما عندما اتسعت رقعة العالم الاسلامي، وانتشر المسلمون في آفاق الأرض، وابتعد
الشيعة عن مركز تواجد الأئمة عليهم السلام، أو أن الظروف السياسية أو الأمنية كانت
تحول دون ذلك، إضافة إلى توافر المبررات الكثيرة لوضع الحديث من قبل الحكام والفئات
المنحرفة، ازدادت الحاجة إلى علوم دراية الحديث، لحفظ هذا التراث من التحريف فيه
والدخيل.
فخف رجالهم وانبرى علماؤهم لهذه المهمة، فصنفوا وكتبوا في هذا المجال ما يكفي
لسد حاجتهم لذلك.
كيف نشأت الحاجة إلى علوم الحديث
تحكم عاملان رئيسيان في نشأة علوم الحديث، هما:
أ - العامل الذاتي.
ب - العامل الموضوعي.
وهذا الكلام يظهر لنا واضحا جليا عندما نعكف على دراسة أنواع دراية الحديث،
.
14

ونتعمق في فهمها، وتحديد أبعادها، كما يمكننا ان نستعين بالنصوص التاريخية كشاهد على
ذلك. ولعل أفضل نص تاريخي حدد لنا بوضوح هذين العاملين هو الرواية الواردة عن
الإمام علي عليه السلام بهذا الخصوص:
روى الكليني بسنده عن سليم بن قيس الهلالي قال:
قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: اني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من
تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت
منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن
الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل،
أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين، ويفسرون القرآن
بآرائهم؟
قال فاقبل علي فقال:
(قد سألت فافهم الجواب:
إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا،
ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده
حتى قام خطيبا فقال: (أيها الناس قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء
مقعده من النار).
ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:
رجل منافق يظهر الايمان، متصنع بالاسلام لا يتأثم ولا يتحرج ان يكذب على
رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا، فلو علم الناس انه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم
يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، واخذوا
عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد اخبره الله عن المنافقين بما اخبره، ووصفهم بما وصفهم،
فقال عز وجل:
(وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم).
فهذا أحد الأربعة.
15

ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا فهو في
يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: انا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله، فلو علم
المسلمون انه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا
يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو
علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذا سمعوه منه انه منسوخ لرفضوه.
وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، مبغض للكذب خوفا من
الله وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله، لم ينسه، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به
كما سمع، لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ والمنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ،
فان أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن، ناسخ ومنسوخ (وخاص وعام) ومحكم
ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان: كلام عام
وكلام خاص مثل القرآن، وقال الله عز وجل في كتابه:
(وماء آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).
فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله، وليس
كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفهم، وكان منهم من
سأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجئ الاعرابي والطاري فيسأل رسول الله
صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا..) الحديث (1).
فهذه الرواية حددت لنا بوضوح كلا العاملين، الذاتي والموضوعي، وكشفت لنا عن
الأسس العلمية التي يجب اتباعها عند الاخذ بالأحاديث، والتوقف في ذلك لحين نقدها
وتمحيصها على ضوء تلك الأسس العلمية. كما أنها بينت مقدار ارتكاز تلك الأسس
العلمية عند علماء الصحابة وكبارهم كالإمام علي عليه السلام، وسلمان، والمقداد، وأبي ذر
رضي الله عنهم حينما يتعاملون مع تلك الأخبار.

(1) أصول الكافي، للكليني، باب اختلاف الحديث: 1: 62.
16

أ - العامل الذاتي:
نقصد بالعامل الذاتي: مجموع الضرورات التي فرضتها طبيعة النص، لنشوء هذه
الأنواع من علوم الحديث، كوجود الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص في كلام الرسول صلى
الله عليه وآله.
وقد تكلم الإمام علي عليه السلام في روايته عن طبيعة تلك النصوص، ومميزاتها،
حينما قال: (فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن، ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام،
ومحكم ومتشابه.
قد يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وجهان: كلام عام وكلام خاص مثل
القرآن... فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله).
فهذه الضرورات، تفرض وجود تخصص علمي بالحديث الناسخ والمنسوخ، حتى
نعتمد الحديث الناسخ دون المنسوخ في مقام العمل، ونأمن التعارض الواقع بينهما غالبا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الضرورات، ضرورات ذاتية فرضتها طبيعة النص،
بمعزل عن الظروف والملابسات الخارجية التي اكتنفت الحديث متنا وسندا بعد ذلك.
وبهذا يتضح ان العامل الذاتي كان وراء نشوء الحاجة إلى بعض هذه العلوم، وكان
السبب المباشر لنشأتها وتدوينها.
ب - العامل الموضوعي:
ونقصد بالعامل الموضوعي: مجموع الظروف والعوامل الخارجية التي طرأت على
الحديث، فأحدثت فيه الثغرات، وأثارت حوله الشكوك، إما متنا أو سندا.
وهي اما ظروف سياسية فرضت وضعا خاصا على الحديث، فأحدثت فيه وهما
غير مقصود، أو ساهمت في وضع جملة منه.
أو أنها انحرافات فكرية ومذاهب منحرفة، تبحث عن سند لها فوضعت الأحاديث
أو حرفتها بما يلائمها.
أو أنها لجهالة كثير من الرواة وعدم ضبطهم، الذي أحدث الخلل الكبير في قطاع
.
17

واسع من الروايات متنا وسندا.
وهذه كلها عوامل خارجية، لا شأن لطبيعة النص بها، أكدت الحاجة إلى نشوء
معظم علوم الحديث الأخرى.
ولعل أبرز تلك العوامل الموضوعية هي: -
1 - منع التدوين من قبل الخليفة الأول والثاني:
أكدت جملة من الاخبار والنصوص التاريخية في المصادر الحديثية المختلفة
للمسلمين، على قيام الخليفة الأول والثاني، بمنع التدوين، بل وحتى الاكثار من التحديث
بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن جملتها:
- 1 - روى البخاري (1) من ثلاث طرق عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة عن ابن
عباس - بألفاظ متقاربة - أنه قال:
لما حضر النبي - صلى الله عليه وآله - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب - قال:
- هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا) قال عمر:
إن النبي صلى الله عليه وآله غلبه الوجع (2) وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله.
واختلف أهل البيت واختصموا: فمنهم من يقول:
قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وآله كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من
يقول: ما قال عمر.
فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله قال: (قوموا عني).
وفي رواية فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا:
ما شأنه؟ أهجر؟.
2 - وأخرج الحاكم عن القاسم بن محمد أنه قال:

(1) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، 9: 7 / 137، كتاب الطب، 1: 156، كتاب العلم:
29 - ط - (دار احياء التراث).
(2) أي انه (يهذر) فلا حجية لأقواله وأوامره حينئذ.
18

قالت عائشة: (جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله فكانت خمسمائة
حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا، فغمني فقلت: تتقلب لشكوى أو لشئ بلغك؟
فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك.
فجئته بها، فدعا بنار فأحرقها) (1).
3 - وروى البيهقي في المدخل وابن عبد البر عن عروة بن الزبير: أن عمر بن الخطاب
أراد ان يكتب السنن فاستفتى أصحاب النبي صلى الله عليه وآله في ذلك، فأشاروا عليه بأن
يكتبها. فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا ثم أصبح يوما وقد عزم الله فقال:
(اني كنت أريد ان اكتب السنن واني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها
وتركوا كتاب الله، واني والله لا أشوب كتاب الله بشئ ابدا) (2).
4 - وروى ابن عبد البر عن قرظة بن كعب أنه قال:
خرجنا نريد العراق فمشى معنا عمر إلى صرار، فتوضأ فغسل اثنتين، ثم قال:
(أتدرون لم مشيت معكم)؟
قالوا: نعم نحن أصحاب رسول الله مشيت معنا.
فقال: (إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث
فتشغلوهم. جردوا القرآن، وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله، امضوا وانا
شريككم) (3).
5 - وروى الذهبي في التذكرة: أن أبا هريرة سئل: أكنت تحدث في زمان عمر هكذا؟
فقال: (لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته) (4).
6 - روى شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه: ان عمر حبس ثلاثة: ابن مسعود، وأبا

(1) كنز العمال، 10: 29474.
(2) المصدر السابق: 10: 29474.
(3) أخرجه الحاكم في المستدرك، - باب العلم، ط دار الفكر. 1: 102.
(4) التذكرة 1: 3 - 4 وحجية السنة، عبد الغني عبد الخالق: 394.
19

الدرداء، وأبا مسعود الأنصاري فقال:
(قد أكثرتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله) (1).
7 - وروى عن يحيى بن جعدة أن عمر بن الخطاب أراد ان يكتب السنة ثم بدا له أن
لا يكتبها، ثم كتب في الأمصار:
(من كان عنده شئ فليمحه) (2).
هذه جملة من الاخبار والنصوص لا على سبيل الحصر، وهي صريحة في النهي عن
كتابة الحديث، والمنع عن الاكثار من التحديث بالسنة، صادرة عن الخليفة الأول والثاني.
ومهما تكن الأسباب التي دعت إلى ذلك ورغم المبررات التي التمسها لهم الكثير من
الكتاب، ممن جاء بعدهما لتصحيح موقفهما فان منعهما تدوين الحديث، ومنعهما الاكثار من
التحديث بالسنة، أضر بهذا التراث المقدس، واحدث فيه الثغرات العميقة، وعرضه
للتحريف المقصود وغير المقصود، لان الاعتماد على حافظة الانسان فقط، من دون
التدوين، مع ضخامة هذا التراث وانتشاره مظنة لحصول مثل ذلك.
ثم إن هناك حقائق تكوينية لا يمكن انكارها، كتعرض الانسان لضعف ملكة الحفظ
والنسيان كلما تقدم به العمر، أو تعرضه لضعف التركيز لقساوة الظروف الطبيعية والمعاشية،
أو لظروف الحرب الطويلة والمستمرة، إضافة إلى وفاة الرجال، مما يعرض جملة من
الأحاديث إلى الانقراض، لا سيما التي تفردوا بروايتها.
وقد أكدت الاخبار والنصوص التاريخية حصول مثل ذلك وصدوره حتى من كبار
الصحابة كأمثال الخليفة الثاني، ومن ذلك:
أخرج الشيخان عن عائشة قالت:
سمعت حديث عمر وابنه عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن
الميت ليعذب ببكاء أهله).
فقالت: (رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ان الله يعذب

(1) أخرجه الحاكم في المستدرك - باب العلم: 110.
(2) كنز العمال، 10: 29476.
20

المؤمنين ببكاء أحد، ولكن قال:
(ان الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه) وقالت: حسبكم القرآن (ولا تزر
وازرة وزر أخرى) (1).
زاد مسلم (إنكم لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ) (2).
2 - الوضع:
لعل أبرز العوامل التي نشطت عملية تشعب علوم الحديث وتنوعها هو الوضع، لان
وضع الأحاديث ودسها فرض عليهم ضرورة التثبت الدقيق والعلمي قبل الاخذ بالرواية
للعمل بها، وذلك لأن الشك الذي ترشح عن الوضع سرى إلى السند والمتن معا، مما عمق
الاشكال فيها أكثر، فبرزت أنواع جديدة لعلوم دراية الحديث، اختص بعضها بالسند،
كمعرفة المرسل والمسند أو علم الجرح والتعديل، واختص الاخر بالمتن، كمعرفة الشاذ
والمنكر والغريب.
أما أهم الأسباب التي دعت الآخرين إلى وضع الحديث فهي:
1 - الخلاف الذي دب بين صفوف الأمة، وادى إلى انشطارها فكريا، وسياسيا.
حيث اخذ كل فريق يسعى إلى كسب الأمة وارضائها لتعميق وجوده فيها، وذلك بإضفاء
الشرعية على مواقفه وسلوكه، مستعينا بالنص النبوي على تحقيق ذلك.
كما أنه كان يسعى من جهة أخرى إلى اضعاف منافسه السياسي ومحاولة تسقيطه،
حتى وان لجأ إلى وضع الأحاديث ودسها.
وقد شاع هذا اللون من الأحاديث الموضوعة لأغراض سياسية في كتب الحديث،
ومن أمثلة ذلك:
أ - (أبو بكر يلي أمتي بعدي) (3).

(1) سورة الأنعام: 164.
(2) البخاري في الجنائز، 2: 101، ومسلم - كتاب الجنائز، باب 9، ص 642
(3) منهج النقد في علوم الحديث: 302.
21

ب - (الامناء ثلاثة أنا وجبرئيل ومعاوية) (1).
ج - (روى الأعمش قال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى
مسجد الكوفة، فلما رأى كثر من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا
وقال:
يا أهل العراق أتزعمون اني أكذب على الله ورسوله واحرق نفسي بالنار؟.
والله لقد سمعت رسول الله يقول:
(إن لكل نبي حرما وان المدينة حرمي، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين).
قال: واشهد أن عليا أحدث فيها؟؟.
فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة (2).
3 - أعداء الاسلام:
لقد شحذ أعداء الاسلام - ومن اليوم الأول - جميع أسلحتهم لضرب الاسلام، فلما
فشلوا في المواجهة العلنية المكشوفة، عمدوا إلى شن حرب سرية مدمرة، تمخضت عن
مذاهب فكرية فاسدة، تتجه دائما إلى تدمير عقول الناس، وافساد عقيدتهم، وشل
طاقاتهم.
ولقد دخل أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله المخلصون أصحاب الأئمة عليهم
السلام معهم في حرب كلامية سجال، تصدوا فيها لتفنيد حججهم، ورد مزاعمهم، ومناقشة
أفكارهم، حتى اتخذ الأئمة عليهم السلام منهم موقفا متشددا، فلعنوهم وكذبوهم،
وقاطعوهم، وحذروا أصحابهم والناس منهم.
ولا بد من الإشارة إلى أن أغلب هؤلاء من الزنادقة، خصوصا من أبناء الأمم
المغلوبة (3)، فقد روى العقيلي عن حماد بن زيد قال:

(1) المصدر السابق: 302.
(2) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، 4: 671 (فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة ضد الإمام علي).
(3) منهج النقد: 303.
22

وضعت الزنادقة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعة عشر الف
حديث، منهم عبد الكريم بن أبي العوجاء (1).
وقال ابن عدي: لما أخذ لتضرب عنقه قال:
وضعت فيكم أربعة آلاف حديث، أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام (2).
4 - وضع الحديث لطلب الدنيا أو للتقرب من الحكام:
وأغلب رجال الدين الذين يرودون بلاط الملوك والحكام للتزلف منهم، ما كانوا
يتورعون عن وضع الأحاديث أو تحريفها، لتصحيح مواقف الحكام، أو لتبرير سلوكهم،
إرضاء لأسيادهم ومداراة لدنياهم، ومن أولئك غياث بن إبراهيم، إذ دخل على المهدي بن
المنصور - وكان يعجبه الحمام الطيارة الواردة من الأماكن البعيدة - فروى حديثا عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال:
(لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل أو جناح).
فأمر له بعشرة آلاف درهم، فلما خرج قال المهدي:
أشهد أن قفاه قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وآله، وما قال رسول الله صلى
الله عليه وآله (جناح)، ولكن أراد ان يتقرب إلينا. وأمر بذبحها، وقال:
أنا حملته على ذلك (3).
5 - الترغيب والترهيب لحث الناس على الخير: قال في الدراية:
(وأعظمهم ضررا من انتسب إلى الزهد والصلاح بغير علم فأحتسب وضعه - اي
زعم أن وضعه حسبة له وتقربا إليه - ليجذب بها قلوب الناس إلى الله تعالى بالترغيب
والترهيب، فقبل الناس موضوعاتهم (الأحاديث الموضوعة) - ثقة منهم بهم، وركنوا إليهم

(1) ميزان الاعتدال، للذهبي، 2: 644 - تدريب الراوي للسيوطي 186.
(2) تدريب الراوي 186.
(3) الدراية، للشهيد الثاني، ص 56.
23

لظهور حالهم بالصلاح والزهد) (1).
ومن ذلك ما روي عن أبي عصمة نوح ابن أبي مريم المروزي انه قيل له: من أين لك
عن عكرمة، عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس عند أصحاب عكرمة
هذا؟ فقال:
(إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي محمد
ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة).
وهذه الأحاديث كذب وافتراء على الله ورسوله، وقد أضرت كثيرا بالاسلام
والمسلمين، فغيرت السنن، وأحدثت البدع، وتلاعبت بالأحكام، وضللت العوام من
الناس.

(1) المصدر السابق.
24

علوم الحديث
من القرن الأول إلى القرن الخامس الهجري
1 - علم رجال الحديث: وهو علم يعرف برواة الحديث من حيث إنهم رواة للحديث، وهذا النوع من العلوم
استأثر باهتمام المسلمين المتزايد حتى كتب فيه الكثير منهم.
ولقد جاءت كتبهم في هذا المجال على قسمين: قسم اهتم بتدوين وذكر أسماء الرواة
مطلقا. والاخر كتب في طبقات الرجال: وهم الرواة الذين تقاربت أعمارهم مع الاشتراك
في التلقي - أي بمعنى جيل من الرواة - ونكتفي الان بذكر نماذج من هذه المدونات.
فمن كتب في القسم الأول:
أ - من الشيعة:
1 - كتاب الرجال لعبد الله بن جبلة الكناني (المتوفى 219 ه‍).
2 - كتاب الرجال للحسن بن فضال (المتوفى 224 ه‍).
3 - كتاب الرجال لعلي بن الحسن بن فضال (ولادته 206 ه‍).
4 - كتاب الرجال لأحمد بن محمد بن خالد البرقي (280 ه‍).
5 - كتاب الرجال لابن عقدة (249 - 333 ه‍).
6 - تاريخ الرجال لأحمد بن علي العلوي العقيقي (المتوفى 280 ه‍).
.
25

ب - أما من كتب من السنة:
1 - البخاري (256 ه‍).
وأما من كتب في طبقات الرجال:
أ - من الشيعة:
1 - تسمية من شهد مع أمير المؤمنين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله.
(الجمل، صفين، النهروان) لعبيد الله بن أبي رافع كاتب علي عليه السلام (ق 1).
2 - من شهد صفين مع علي من الصحابة (البدريين - الأنصار) لهشام بن محمد.
السائب (206 ه‍).
3 - كتاب الطبقات للواقدي (207 ه‍).
4 - طبقات الشيعة لعبد العزيز بن إسحاق (ق 3).
5 - طبقات الرجال لأحمد بن خالد البرقي (280 ه‍).
6 - كتاب الطبقات لأحمد بن محمد القمي (350 ه‍).
7 - كتب المصابيح فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وآله وهو خمسة عشر
مصباحا، وكتاب الرجال المختارين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله للشيخ الصدوق
(المتوفى 381 ه‍).
8 - كتاب الرجال للشيخ الطوسي وهو مرتب على طبقات (385 - 460 ه‍).
ب - أما من كتب من السنة:
طبقات ابن سعد (230 ه‍).
2 - علم الجرح والتعديل:
وهو علم يعتني بنقد رواة الحديث وايراد ما ورد بشأنهم من مدح أو ذم وبألفاظ
.
26

خاصة بذلك (وهو ثمرة هذا العلم والمرقاة الكبيرة منه) (1).
وأما من كتب فيه:
أ - من الشيعة:
1 - كتاب معرفة رواة الاخبار للحسن بن محبوب السراد (149 - 224 ه‍).
2 - كتاب مناقب رواة الحديث، وكتاب مثالب رواة الحديث، لسعد بن عبد الله
الأشعري (299 ه‍).
3 - كتاب الممدوحين والمذمومين، وهو كتاب كبير - كما ذكره النجاشي في رجاله -
لأحمد بن عمار الكوفي (346 ه‍).
4 - كتاب الممدوحين والمذمومين لمحمد بن أحمد القمي (368 ه‍).
5 - كتاب الكشي للشيخ أبي عمرو ومحمد بن عبد العزيز (ق 4).
6 - كتاب الرجال الممدوحين، والضعفاء والمذمومين لأحمد بن الحسين الغضائري
(411 ه‍).
7 - كتاب الرجال لأحمد بن علي النجاشي، كتاب في الجرح والتعديل (450 ه‍).
وهذا الرجل هو امام الجرح والتعديل، وعليه المعول في هذا الفن عند الشيعة الإمامية.
ب - أما من تكلم بالجرح والتعديل أو كتب في ذلك عند السنة.
فقد تكلم ابن عباس (96 ه‍)، وأنس بن مالك (93 ه‍)، والشعبي (104 ه‍)، وابن
سيرين (110 ه‍)، والأعمش (148 ه‍)، وشعبة (160 ه‍)، ومالك (179 ه‍)، وابن المبارك
(181 ه‍)، وابن عيينة (197 ه‍)، ويحيى بن معين (233 ه‍)، وأحمد بن حنبل (241 ه‍).
ومن الكتب الجامعة:
تواريخ ثلاثة للبخاري (256 ه‍) وعلي بن المديني (234 ه‍) وكتاب أوهام أصحاب
التواريخ في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل لابن حبان (254 ه‍).

(1) كتاب معرفة علوم الحديث، الحاكم النيسابوري، النوع 18: ص 66.
27

3 - علم مختلف الحديث:
وهو العلم الذي يبحث عن الأحاديث المتعارضة، اي التي يقع التنافي بين مدلوليها،
وعن كيفية علاج هذا التعارض ورفعه، لان التعارض بين الأحاديث تارة يكون مستقرا،
لا تجدي معه قواعد الجمع العرفي المتعبة لعلاج التعارض غير المستقر، فيتعذر الجمع بينهما،
ولا يمكن الاخذ بهما معا، ولا ترجيح أحدهما على الاخر.
وتارة يكون التعارض غير مستقر، فتطبق عليه قواعد الجمع العرفي لرفع هذا
التعارض، إما بالتقييد أو التخصيص أو الحكومة.
وهذا النوع من العلوم ضروري لكل فقيه لكثرة انتشار هذه الأحاديث في أبواب
الفقه المختلفة، قال النووي في التقريب.
(هذا فن من أهم الأنواع، ويضطر إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف)
وقد كتب فيه:
أ - من الشيعة: 1 - كتاب اختلاف الحديث لمحمد بن أبي عمير (ق 3 ه‍).
2 - كتاب يونس بن عبد الرحمن (ق 3 ه‍).
3 - كتاب أحمد بن خالد البرقي (280 ه‍).
4 - كتاب الحديثين المختلفين لمحمد بن أحمد القمي (368 ه‍).
5 - القاضي بين الحديثين المختلفين، لأحمد السيرافي (ق 4 ه‍).
6 - الاستبصار فيما اختلف من الاخبار، للشيخ الطوسي (460 ه‍).
ب - أما من كتب من السنة:
1 - الشافعي (204 ه‍)، وابن قتيبة (276 ه‍)، وأبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي
(307 ه‍).
.
28

4 - علم علل الحديث:
وفي هذا العلم يبحث عادة عن الأسباب الخفية والغامضة التي تقدح في حجية
الحديث.
(ومعرفته من اجل علوم الحديث وأدقها، وهو ما فيه من أسباب خفية غامضة،
قادحة في نفس الامر، وظاهرة السلامة منها، بل الصحة، وإنما يتمكن من معرفة ذلك أهل
الخبرة بطرق الحديث ومتونه، ومراتب الرواة، الضابط لذلك، وأهل الفهم الثاقب في
ذلك) (1).
وممن كتب في هذا العلم:
أ - من الشيعة:
1 - كتاب علل الحديث، وكتاب العلل الكبير، ليونس بن عبد الرحمن، (ق 3 ه‍).
2 - كتاب العلل، للفضل بن شاذان، (ق 3 ه‍).
3 - كتاب علل الحديث لأحمد بن خالد البرقي (280 ه‍).
4 - كتاب العلل لأحمد بن محمد بن الحسين دؤل (350 ه‍).
ب - أما من كتب من السنة:
ابن المدايني (234 ه‍)، ومسلم (261 ه‍)، وابن أبي حاتم (327 ه‍)، والدارقطني
(375 ه‍).
5 - علم غريب الحديث:
اختص هذا العلم بدراسة متون الأحاديث التي طرأت عليها الغرابة لاندراج بعض
الألفاظ الغريبة على المتن فيه، قال الشهيد الثاني:

(1) الدراية، للشهيد الثاني، 50.
29

(وهو ما اشتمل متنه على لفظ غامض، بعيد عن الفهم، لقلة استعماله في الشائع من
اللغة) وقال:
(وهو فن مهم من علوم الحديث، يجب ان يتثبت فيه أشد تثبت) (1).
وقد كتب فيه:
أ - من الشيعة:
كتاب غريب حديث النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين، للشيخ الصدوق
(381 ه‍).
ب - من السنة:
معمر بن عبيدة البصري (210 ه‍)، والمازني (204 ه‍)، والقاسم بن سلام (223 ه‍)،
وابن قتيبة (376 ه‍).
الكتب الجامعة لعلوم الحديث
بدأت مرحلة تأليف الكتب الجامعة لعلوم الحديث، بعد ما تكاملت هذه العلوم،
ونضجت أفكارها، وتمايزت مواضيعها. لهذا تعتبر هذه المرحلة متأخرة زمانا عن مرحلة
تدوين العلوم المتفرقة، كما أنها اعتمدت أساسا على تلك المصنفات السابقة بإضافة أشياء
جديدة لها.
ولقد ازدهرت هذه العلوم عند السنة قبل الشيعة بفترة طويلة، لانقطاعهم المبكر
عن عصر النص - أي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله - حيث تأكدت الحاجة إلى هذه
العلوم، فألفوا وكتبوا بما يسد حاجتهم إلى ذلك.
اما الشيعة، فلم يكتبوا كتبا تخصصية جامعة في هذا المجال إلا في وقت متأخر، ولعل
وجود الأئمة عليهم من أهل البيت وحملهم للحديث الصحيح كان وراء قلة الحاجة

(1) بداية الدراية، للشهيد الثاني 1: 144.
30

إلى هذه العلوم، إضافة إلى اعتماد من تأخر عن القرن الخامس الهجري في تصحيح الروايات
والاخبار، على ما دونه علماء القرن الرابع والخامس، وهم الكليني في الكافي، والصدوق في
كتابه من لا يحضره الفقيه، والطوسي في كتابيه التهذيب والاستبصار، حيث إن هؤلاء
الثلاثة أدرجوا في كتبهم - ولا سيما الكليني والصدوق - ما يعتقدون صحته من الأحاديث،
وهم ثقات وعدول بل وأئمة هذا الفن عند الإمامية وعليهم المعول في ذلك، وهم بدورهم
تلقوه من أصحابهم الثقات، ومن كتب وأصول حديثية معروفة ومشهورة آنذاك،
(وتوسعوا في طرق الروايات، وأوردوا في كتبهم ما اقتضى رأيهم إيراده من غير التفات إلى
التفرقة بين صحيح الطريق وضعيفه.. اعتمادا منهم في الغالب على القرائن المقتضية لقبول ما
دخل الضعف طريقه.. الخ) (1)، فلم يبق موضوع لهذه العلوم حينئذ و (لم يكن للصحيح
كثير مزية توجب له التميز باصطلاح أو غيره) (2)، لأنهم توسعوا في مفهوم الصحيح ليشمل
- إضافة إلى صحيح السند - الحديث الضعيف إذا احتف بقرائن الصحة. قال الشيخ حسن:
(لاستغنائهم عنه - اي عن مصطلح الصحيح - في الغالب بكثرة القرائن الدالة على
صدق الخبر وإن اشتمل طريقه على ضعف) (3).
أما من يرى صحة جميع الأخبار الواردة في الكتب الأربعة مطلقا - (الكافي، والفقيه،
والتهذيب، والاستبصار) - كالأخباريين، فقد شجب تنوع الحديث، لانتفاء موضوعها
حينئذ، بل (عدوه من البدع التي يحرم العمل بها) (4).
إلا أن النظرية القائلة بصحة جميع اخبار الكتب الأربعة تلاشت أو تكاد - وإنما
استقل بها الأخباريون فقط - أما غيرهم فقد استأنف دراسة جديدة لأسانيد الأحاديث،
وبدأوا بنقدها نقدا علميا موضوعيا. قال الشيخ حسن:
(فلما اندرست تلك الآثار واستقلت الأسانيد بالاخبار اضطر المتأخرون إلى تمييز

(1) منتقى الجمان، للشيخ حسن: 2.
(2) المصدر السابق: 14.
(3) المصدر السابق.
(4) قواعد الحديث - للغريفي: 16.
31

الخالي من الريب وتعيين البعيد عن الشك فاصطلحوا على ما قدمناه بيانه) (1).
ثم يجب ان يعلم أن هذه المصطلحات - كالصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف،
والغريب، والشاذ.. الخ كانت مستعملة في كلماتهم في القرون الأولى كما لا يخفى ذلك على من
راجع كتب الجرح والتعديل كرجال الشيخ النجاشي، وفهرست الشيخ الطوسي، وليست
هي مستحدثة على يد ابن طاوس كما قيل، وإنما ابن طاوس نقحها، ثم اشتهرت على يد
تلميذه العلامة (2).
أما أهم الكتب الجامعة لعلوم الحديث فهي:
أ - ما كتبه السنة:
1 - المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، للقاضي أبي محمد الرامهرمزي (360 ه‍)
وهذا الكتاب ليس متمحضا لهذا الفن (فهو في الحقيقة من كتب علوم الحديث بمعناه
الإضافي لاعتبار كونه اسما ولقبا للعلم الخاص المعروف) (3).
2 - معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري (405) وقد بحث فيه اثنين وخمسين
نوعا من علوم الحديث، فهو أول كتاب تخصصي في هذا الفن.
3 - علوم الحديث، لابن الصلاح (643 ه‍) وهو أهم مرجع استوفى فيه مؤلفه أنواع
علوم الحديث، والمعروف ب‍ (مقدمة ابن الصلاح).
ثم بعد ذلك جاءت كتب أخرى اعتمدت جلها على كتاب الحاكم أو المقدمة، لكنها
تضمنت إضافات واستدراكات جديدة هامة، وهي: التبصرة والتذكرة للنووي (676 ه‍)،
التقييد والايضاح للعراقي، الافصاح للعسقلاني (852 ه‍)، فتح المغيث للسخاوي (902 ه‍)،
تدريب الراوي للسيوطي (911 ه‍).

(1) منتقى الجمان: 14، الفائدة الأولى.
(2) قواعد الحديث: 16.
(3) منهج النقد في علوم الحديث: 63.
32

أما ما كتب في العصر الحديث فهو:
1 - قواعد التحديث للشيخ جمال الدين القاسمي.
2 - مفتاح السنة لعبد العزيز الخولي.
3 - السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي للدكتور مصطفى السباعي.
4 - الحديث والمحدثون للدكتور محمد محمد أبو زهو.
5 - المنهج الحديث في علوم الحديث للدكتور السماحي.
6 - علوم الحديث ومصطلحه للدكتور صبحي الصالح.
7 - منهج النقد في علوم الحديث للدكتور نور الدين عتر.
ب - أما ما كتبه الشيعة:
1 - بداية الدراية وشرحها المعروف بالدراية أو الرعاية، للشهيد الثاني زين الدين
العاملي (966 ه‍) وكذلك كتاب غنية القاصدين في معرفة اصطلاح المحدثين.
2 - وصول الأخيار إلى أصول الاخبار، للشيخ حسين بن عبد الصمد (948 ه‍).
3 - الوجيزة للشيخ البهائي (1030 ه‍).
4 - الرواشح السماوية للمير داماد (1041 ه‍).
5 - سبل الهداية في علم الدراية للطهراني (1297 ه‍).
6 - الفوائد الغروية في الدراية للحسيني (1293 ه‍).
7 - منظومة الدراية لمحمد التنكابني (1302 ه‍).
8 - توضيح المقال في الدراية للشيخ علي الكني (1306 ه‍).
9 - مبدأ الآمال في قواعد علوم الحديث لشريعتمدار (1315 ه‍).
10 - درر المقال للكلباسي.
11 - الكفاية في الدراية للزنجاني (1329 ه‍).
33

أما الكتب المتأخرة:
1 - مقباس الهداية للشيخ المامقاني (1351 ه‍) صدر في أربعة اجزاء محققة.
2 - نهاية الدراية للسيد حسن الصدر (1354 ه‍) وهو كتابنا هذا.
3 - طريق الهداية في علم الدراية للتبريزي (1360 ه‍).
4 - ضياء الدراية للعلامة الأصفهاني.
5 - قواعد الحديث للسيد محي الدين الموسوي الغريفي.
34

حياة مصنف الوجيزة
محمد بن الحسين بن عبد الصمد البهائي
953 ه‍ - 1030 ه‍
35

الشيخ البهائي
محمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي
هو العلم الذي ذاع صيته في البلدان، وملأ اسمه الآفاق، محمد بن الحسين بن عبد
الصمد بن محمد بن علي بن الحسين بن صالح الحارثي الهمداني العاملي، الجبعي نزيل
أصفهان، وكان الحارث من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام ومن مخلصي أصحابه. وهمدان
حي من اليمن.
ويعتبر الشيخ البهائي من ألمع علماء القرن الحادي عشر الهجري، لما عرف من
موسوعيته المعرفية في شتى العلوم، ولبراعته الفائقة في البعض منها.
فكان فقيها أصوليا، أديبا، بالإضافة إلى كونه عالما في الهندسة، والفلك، والحساب،
والجبر، وجميع أقسام الرياضيات، كما جمع إلى ذلك كله الحكمة والكلام وعلوما أخرى.
مولده ووفاته ومدفنه
1 - ولد في بعلبك من مدن لبنان في 13 ذي الحجة أو يوم الخميس 17 محرم من سنة
(953 ه‍)، (1547 م).
2 - وتوفى في أصفهان 12 شوال من عام (1030 ه‍). كما ذكره تلميذه السيد حسين
ابن السيد حيدر الحسيني الكركي العاملي، والمجلسي الأول الذي حضر وفاته والصلاة.
37

عليه (1).
3 - وعند وفاته نقل إلى مشهد الرضا (عليه السلام) حيث دفن في داره بجانب مرقد
الإمام الرضا عليه السلام، وقبره مشهود الآن.
4 - قال تلميذه المجلسي الأول:
(تشرفت بالصلاة عليه في جميع الطلبة والفضلاء وكثير من الناس يقربون من
خمسين ألفا) (2).
كلمات الثناء
1 - قال الحر العاملي في أمل الآمل:
(حاله في الفقه، والعلم، والفضل، والتحقيق، والتدقيق، وجلالة القدر، وعظم الشأن،
وحسن التصنيف، ورشاقة العبارة، وجمع المحاسن، أظهر من أن يذكر، وفضائله أكثر من أن
تحصر، وكان ماهرا، متبحرا، جامعا، كاملا، شاعرا، أديبا منشئا، عديم النظير في زمانه، في
الفقه، والحديث، والمعاني، والبيان، والرياضيات، وغيره).
2 - قال السيد مصطفى التفريشي في نقد الرجال:
(جليل القدر، عظيم المنزلة، رفيع الشأن، كثير الحفظ، ما رأيت بكثرة علومه، ووفرة
فضله، وعلو رتبته في كل فنون الاسلام، كمن له فن واحد. له كتب نفيسة جيدة).
3 - قال في لؤلؤة البحرين:
(كان رئيسا في دار السلطنة أصفهان، وشيخ الاسلام فيها، وله منزلة عظيمة عند
سلطانها الشاه عباس، وله صنف الجامع العباسي).
4 - السيد عز الدين الحسيني ابن السيد حيدر الكركي في بعض إجازاته.
5 - السيد علي خان في السلافة.
6 - الحاج محمد مؤمن الشيرازي في كتابه خزانة الخيال.

(1) أعيان الشيعة - المجلد التاسع - ترجمة الشيخ البهائي.
(2) المصدر السابق.
38

7 - الشيخ احمد المنيني الدمشقي، في شرح الرائية للمترجم له المسماة
(وسيلة الفوز والأمان).
8 - قال تلميذه المجلسي الأول:
(هو شيخنا واستاذنا، ومن استفدنا منه، بل كان الوالد المعظم، كان شيخ الطائفة في
زمانه، جليل القدر، عظيم الشأن، كثير الحفظ، ما رأيت بكثرة علومه ووفور فضله وعلو
مرتبته أحدا.) (1)
9 - قال الشيخ محمد رضا الشبيبي:
(... فإنه شارك مشاركة عجيبة في جميع العلوم والفنون المعروفة في زمانه، عقلية
ونقلية، ووفق في التأليف فيها، وفي جملتها: الفقه، الأصول، الحديث، التفسير، اللغة
وعلومها، والحكمة والفنون الرياضية والفلكية.
وقد كتب له التوفيق في مؤلفاته، فذاعت، وأقبل عليها العلماء والمتعلمون في القرون
الأربعة الأخيرة، وندر أن يقدر لغيره ما قدر له من بقاء الذكر وطيب الأحدوثة) (2).
10 - قال قدري حافظ طوقان: في مجلة المقتطف، ولكنه اشتبه فلقبه الآملي وأصر
على ذلك، وقال:
إن مولده أما آمال الواقعة شمال إيران أو آمل الخراسانية، ورد القول القائل إن مولده
بعلبك.
ومنشأ هذا الاشتباه عند الأستاذ طوقان وغيره هو اعتمادهم في معلوماتهم على
المصادر والمراجع غير العربية الذين يكتبون حرف العين ألفا، ف‍ (عامل) تكتب في لغاتهم
(آمل). قال:
ومن هؤلاء الذين ظهروا في القرن السادس عشر للميلاد وبرزوا في العلوم
والرياضيات، بهاء الدين محمد بن حسين بن عبد الصمد الآملي...
اشتهر صاحب الترجمة بما ترك من الآثار في التفسير، والأدب، فله فيها تآليف قيمة.

(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
39

أما آثاره في الرياضيات والفلك، فقد بقيت زمنا طويلا مرجعا لكثيرين من علماء المشرق،
كما أنها كانت منبعا يستقي منه طلاب المدارس والجامعات) (1).
أهم من ترجم للشيخ البهائي
1 - أعيان الشيعة المجلة التاسع للسيد محسن الأمين العاملي.
2 - أمل الآمل - للحر العاملي صاحب وسائل الشيعة.
3 - تلميذ الشيخ البهائي المولى مظفر علي (2).
4 - جامع الرواة 2: 100 لمحمد علي الأردبيلي.
5 - خلاصة الأثر 3: 443 للمحبي.
6 - رشحات سمائي في ترجمة الشيخ البهائي.
7 - روضات الجنات للسيد محمد باقر الخونساري.
8 - رياض العلماء (في ترجمة والده) للأفندي.
9 - ريحانة الأدب 2: 382 للتبريزي.
10 - سلافة العصر للمدني.
11 - فلاسفة الشيعة: ص 446 للشيخ عبد الله نعمة.
12 - الكنى والألقاب للقمي.
13 - لؤلؤة البحرين: ص 26 للبحراني.
14 - مقدمة كتاب الكشكول للسيد مهدي الخرسان.
15 - مقدمة كتاب الكشكول للسيد محمد بحر العلوم.
16 - معجم رجال الحديث 16: 10 / 10570 للسيد الخوئي.
17 - المقامات الجزائرية.
18 - نقد الرجال: ص 260 للتفريشي.

(1) مجلة المقتطف كما في أعيان الشيعة.
(2) مقدمة كتاب الكشكول للسيد مهدي الخرسان: 8.
40

19 - قصص العلماء: ص 226 للتنكابني.
20 - نسمة السحر 2: 255 للعلوي.
21 - نفحة الريحانة 2: 292.
أسفاره
لقد عرف الشيخ البهائي بكثرة أسفاره وتجواله في البلدان الاسلامية، حتى قيل: إنه
أمضى في سياحته ثلاثين عاما، كما عن ابن معصوم في السلافة (1)، بيد أن السيد مهدي
الخرسان استبعد ذلك وقال:
(ومهما كان الباعث لذلك التحديد فإني لا أصدقه) (2).
ولعل كلام السيد الخرسان إذا راجعنا الجدول الزمني الذي رتبه لتدوين حياة
البهائي هو أقرب للصحة. وما يؤيد ذلك - أيضا - ما هو معروف عن كثرة مشاغل الشيخ في
الدرس والتدريس والكتابة والتأليف، ثم الاشتغال ببعض العلوم العلمية الأخرى، إضافة
إلى ممارسته مشيخة الاسلام، ذلك المنصب الحساس الذي أسند إليه من قبل الحاكم
الصفوي، كلها مسؤوليات جسام، لا تدع له المجال لهدر ثلاثين عاما في السياحة والتجوال
على حسابها.
واما أهم تلك الاسفار فهي:
1 - سفره إلى الحرمين الشريفين لأداء فريضة الحج.
2 - ومن الحجاز توجه إلى مصر، والتقى هناك بالشيخ محمد بن أبي الحسن البكري،
وزار قبر الشافعي هناك (3).
3 - سفره إلى القدس الشريف، حيث التقاه الرضي بن أبي اللطف المقدسي هناك،
وطارح الشيخ عمر بن أبي اللطف (4) الأدب آنذاك.

(1) سلافة العصر: 290.
(2) مقدمة كتاب الكشكول للسيد مهدي الخرسان: 57.
(3) الكشكول: 1: 32 - 37.
(4) المصدر السابق: 59 - 61.
41

4 - سفره إلى دمشق واجتماعه بالحافظ حسين الكربلائي القزويني أو التبريزي نزيل
دمشق، صاحب الروضات الذي صنفه في مزارات تبريز.
وقد التقى الشيخ البهائي في دمشق بالحسن البوريني (1).
5 - سفره إلى حلب، ولقائه بالشيخ عمر الفرضي.
وفي حلب تقاطر أهل جبل عامل عليه، فخاف أن يظهر أمره، فخرج من حلب (2)
مخافة أن يوشى به إلى السلطان العثماني (سليم) فيطارده ويقضي عليه كما قضى على غيره
من علماء الشيعة.
6 - سفره إلى كرك - كرك نوح - واجتمع فيها بالشيخ حسن بن الشيخ الشهيد الثاني
وهو صاحب المعالم والمنتقى (3).
7 - سفره إلى العراق، وقد زار العتبات المقدسة فيها.
هذه هي البلدان التي زارها الشيخ البهائي وكانت أسفاره حافلة بالمناظرات العلمية،
واللقاءات مع كبار العلماء، كما ألف خلاف سفره كتاب الكشكول، سجل فيه الكثير من
سوانحه إضافة إلى الطرائف العلمية والأدبية وغيرها.
وأما في بلاد إيران فلم يستقر الشيخ في مكان واحد، بل تنقل فيها بين أصفهان
ومشهد وهرات وقزوين وتبريز.
حياته العلمية
لقد تمحضت حياة شيخنا البهائي لطلب العلم وتدريسه، والكتابة فيه ونشره، حتى
برع في كثير من العلوم وتخصص بها، واشتهر اسمه في الأوساط الخاصة والعامة شهرة
تجاوزت حدود المعقول، ورقت به إلى الأسطورة لكثرة ما طرق من أبواب العلوم والفنون
حتى نسبوا إليه الغرائب.
قال الشيخ عبد الله نعمة في كتابه فلاسفة الشيعة:

(1) مقدمة الكشكول للسيد مهدي الخرسان.
(2) خلاصة الأثر 3: 443.
(3) أمل الآمل 1: 155.
42

(امتاز بشخصية علمية، ومكانة رائعة في جميع ميادين العلم، وبلغ من شأنه العلمي
لدى الناس حدا يكاد يلحقه في عداد الشخصيات الأسطورية، وقد نسب الناس إليه
غرائب وعجائب وأساطير كثيرة تعبر تعبيرا واضحا عن أثر البهائي العلمي ونفوذه البالغ
على أفكار الناس) (1).
فلقد أتاح له نشؤوه في الأوساط العلمية فرص التعلم المبكر، ووفرت له عقليته
الكبيرة وذكاؤه الوقاد القدرة على استيعاب العلوم المتعددة بسهولة، وهيئت له مكانته
ومكانة أبيه عند سلطان الصفويين النفسية الهادئة المستقرة، إضافة للتفرغ الكامل لطلب
العلم وتحصيله من دون معاناة وبعيدا عن القلق والهم.
فلقد تتلمذ على يدي أبيه الشيخ حسين بن عبد الصمد، وهو من أبرز علماء القرن
العاشر آنذاك.
ودرس على يد المولى عبد الله اليزدي صاحب كتاب الحاشية في المنطق، ودرس
الرياضيات على يد القاضي المولى أفضل والمولى علي المهذب، وقرأ الهيئة وعيون الحساب
على يد المولى محمد باقر بن زين العابدين، ودرس الطب على يد الحاكم عماد الدين محمود.
ولقد تميز الشيخ البهائي بموسوعيته المعرفية، لأنه طرق أبواب العلم وبرع في الكثير
منها، فهو عالم في الفقه، والحديث، والرجال، والدراية، والأصول، والفلك، والهيئة،
والرياضيات، والأدب، والهندسة، والجبر، والحكمة، والكلام، وغيرها من العلوم، كما
سيظهر لك ذلك من خلال استعراض مؤلفاته.
ولقد أكسبته بعض المؤلفات في الرياضيات والحساب شهرة عالمية واسعة، حتى
قالت جريدة السفير عند تعريفها بكتاب (الأعمال الرياضية لبهاء الدين العاملي) بتحقيق
وشرح وتحليل الدكتور جلال شوقي الأستاذ بكلية الهندسة في جامعة القاهرة:
(كتاب يبحث في تراث العرب في الرياضيات... ويمتاز الشيخ العاملي - العالم
الموسوعي العربي - بأنه قد رسم صورة واضحة وصادقة لمعارف العرب الرياضية) (2).

(1) فلاسفة الشيعة: 455.
(2) جريدة السفير نقلا عن كتاب أعيان الشيعة.
43

مصنفات الشيخ البهائي
لقد ألف الشيخ البهائي فأكثر حتى تجاوزت مصنفاته المئة، لذلك نختصر على نماذج
منها:
1 - بحر الحساب.
2 - تشريح الأفلاك.
3 - توضيح المقاصد.
4 - الجامع العباسي.
5 - حاشية الخلاصة في الرجال.
6 - الحبل المتين.
7 - الحديقة الهلالية.
8 - الخلاصة في الحساب.
9 - رسالة في الأسطرلاب.
10 - رسالة الكر.
11 - زبدة الأصول.
12 - شرح الأربعين حديث.
13 - العروة الوثقى في تفسير القرآن.
14 - عين الحياة في التفسير.
15 - الفوائد الرجالية.
16 - الكشكول.
17 - مشرق الشمسين.
18 - مفتاح الفلاح.
19 - الوجيزة.
44

حياة المؤلف
السيد حسن الصدر
1272 ه‍ - 1354 ه‍
45

المؤلف
هو السيد حسن صدر الدين أبو محمد ابن السيد العلامة السيد هادي بن السيد محمد
علي بن السيد الكبير السيد صالح بن السيد العلامة السيد محمد بن إبراهيم شرف الدين
الذي ينتهي نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام.
مولده ووفاته
ولد رضي الله عنه في مشهد الكاظمين عليهما السلام يوم الجمعة 29 / شهر
رمضان / سنة 1272 ه‍. وتوفى في منتصف ربيع الأول (عام 1354 ه‍) وقد شيعه خلق كثير.
نشأته
لقد نشأ المترجم له في أحضان والده العالم الكبير السيد هادي الصدر نشأة علمية
منذ نعومة أظفاره، حيث حرص والده على أن يربيه تربية تؤهله لارتقاء المراتب العالية في
العلم والفضيلة والأدب، فبذل جهده واستفرغ وسعه في تأديبه وتهذيبه وتعليمه، فكان
عند حسن ظن أبيه علما، وأدبا، وخلقا، ومنطقا.
حياته العلمية
1 - لقد انهى المؤلف المراحل الأولى من دراسته في مدينة الكاظمية، على يدي
مجموعة من العلماء، كالشيخ العلامة باقر بن محمد حسن آل ياسين، والشريف العلامة السيد
.
47

باقر بن المقدس السيد حيدر، حيث قرأ عليهما النحو والصرف، والشيخ العلامة أحمد
العطار قرأ عليه المعاني والبيان والبديع، والشيخ محمد بن الحاج كاظم والميرزا باقر
السلماسي قرأ عليهما المنطق.
كما قرأ الفقه والأصول على يد والده رحمه الله. وما ان بلغ الثامنة عشر من عمره
حتى خرج من سطوح الفقه والأصول.
وفي هذه المرحلة بالذات قد (فشى ذكره في التحصيل على ألسنة الخاصة والعامة من
أهل بلده، ورن صيته بالعقل والفضل والهدى والرأي وحسن السمت في تلك الناحية،
فكان المثل الاعلى من شباب الفضيلة، في حمد السيرة وطيب السريرة، وجمال الخلق وكمال
الخلق) (1).
2 - رحل إلى مدينة النجف الأشرف عام (1290 ه‍) لاكمال دراسته في جامعتها
العلمية (الحوزة)، فبدأ بدراسة علمي الكلام والحكمة على يد المولى الشيخ محمد باقر
الشكي ثم على المولى الشيخ محمد تقي الكلبايكاني والشيخ عبد النبي الطبرسي، وقد تميز
رحمه الله في هذه المرحلة بجدية فائقة حتى أشير إليه بالبنان من قبل العلماء الأعلام (وقد نوه
شيوخ الاسلام أساتذته باسمه، وشادوا بفضله، مصرحين بعروجه إلى أوج الاجتهاد،
وقدرته على استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية) (2).
3 - انتقل إلى مدينة سامراء عام (1297 ه‍) حيث التقى بالمجدد الكبير الامام
الشيرازي الذي ارتحل إلى هناك من قبل عام (1291 ه‍). وقد حظي الطالب المجد بمكانة عند
سيده الأستاذ (3) حيث اهتم به اهتماما متميزا، وخصه بالمذاكرة والمباحثة كما أكد ذلك
شرف الدين رحمه الله حيث قال:
(وكنت أيام هجرتي العلمية إلى سامراء وذلك سنة (1310 ه‍) أرى المقدس الميرزا
محمد تقي الشيرازي يبكر في كل يوم إلى بيت السيد للبحث ثم ينصرف إلى درسه العام

(1) بغية الراغبين في أحوال آل شرف الدين للسيد عبد الحسين شرف الدين انظر تكملة أمل الآمل: 14.
(2) الكنى والألقاب، 3: 36.
(3) تكملة أمل الآمل: هامش الصفحة: 18.
48

يلقيه على تلامذته العلماء الأعلام) (1).
وقد وزع وقته رضوان الله تعالى عنه خلال فترة وجوده في سامراء التي بلغت (17)
سنة بين الدرس، والتدريس، والمناظرات العلمية، والتأليف، والعبادة.
4 - رجع إلى مدينة الكاظمية مسقط رأسه (عام 1314 ه‍) عالما، بارعا، قد أحاط
بالكثير من العلوم وأتقنها، فلعب دورا في ترويج الدين وتبليغ رسالة سيد المرسلين، كما
اشتغل بالتدريس والتأليف فترك لنا جملة من الكتب القيمة.
ولم يتصد رحمه لله للافتاء رغم درجته العلمية العالية حتى وفاة السيد إسماعيل
الصدر (سنة 1338 ه‍) حيث ظهرت رسالته العلمية (رؤوس المسائل المهمة).
كلمات الثناء
لقد صدرت كلمات ثناء مختلفة عن الكثير من العلماء والأدباء والكتاب والصحفيين
وغيرهم، نقتصر على ذكر نماذج منها.
1 - قال السيد عبد الحسين شرف الدين في ترجمته:
(خلقه الله من طينة القدس، وصاغه من معدن الشرف، وأنبته من أرومة الكرم،
وجمع فيه خلال النجابة، فكان المجد ينطق من محاسن خلاله، والمروءة تشتمل في منطقة
وأفعاله.
لم أر أكرم منه خلقا، ولا أنبل منه فطرة، وكان ربيط الجأش، صادق البأس، من حماة
الحقائق وممثلي الحفائظ...) (2).
2 - وقال في أعيان الشيعة:
(وهو من عائلة شرف وعلم وفضل، نبغ منهم جماعة، وأصلهم من جبل عامل، من
قرية (شدغيت).. ومن قرية (معركة) كلتاهما من ساحل صور، وهاجر جدهم السيد صالح
إلى العراق ثم أصفهان. كان عالما، فاضلا، بهي الطلعة، متبحرا، منقبا، أصوليا، فقيها،

(1) المصدر السابق: 15.
(2) تكملة أمل الآمل: 42.
49

متكلما، مواظبا على الدرس والتأليف والتصنيف طول حياته) (1).
وقال أمين الريحاني:
(عظيم الخلق والخلق، ذو جبين وضاح، ولحية كثة بيضاء، وحكمة نبوية، يعم بعمامة
سوداء كبيرة، تجيئه الربيات من مريديه في الهند وإيران فينفقها في سبيل البر ويعيش زاهدا
متقشفا على حصير) (2).
مترجموه
ترجم للسيد حسن الصدر الكثير في حياته وبعد مماته، منهم:
1 - الاعلام: لخير الدين الزركلي.
2 - أعلام الشيعة 1: 445 - 449 للشيخ أغا بزرك الطهراني.
3 - أعيان الشيعة.
4 - بغية الراغبين في أحوال آل شرف الدين.
5 - ديوان محسن الخضري: 10.
6 - فهرست دار الكتب المصرية 5: 236.
7 - الكنى والألقاب.
8 - معجم المؤلفين - تراجم مصنفي الكتب العربية - 3: 299.
9 - معجم المطبوعات: 762.
10 - ملوك العرب.
11 - نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين للسيد علي نقي النقوي: 12 (طبعة
لكهنؤ).

(1) أعيان الشيعة 5 / 325.
(2) ملوك العرب (الطبعة الأولى) 2: 272 و 273.
50

تراثه العلمي
لقد خلف لنا السيد حسن الصدر ثروة طائلة من الكتب شملت مختلف العلوم،
كأصول الدين، الفقه، أصول الدراية، الحديث، الرجال، الفهارس، الأخلاق، النحو،
التاريخ، لأنه رحمة الله عليه كان فقيها، محدثا، رجاليا، أصوليا، متكلما...
كما كانت له مكتبة شهيرة في مخطوطتها، وما توفرت عليه من نفائس المصنفات،
إضافة إلى الكم الهائل من الكتب والمصادر المتنوعة.
وأما مؤلفاته فهي:
أصول الدين
1 - احياء النفوس بآداب ابن طاوس.
2 - الدرر الموسوية في شرح العقائد الجعفرية.
3 - سبيل الصالحين.
الفقه
4 - إبانة الصدور.
5 - أحكام الشكوك الغير منصوصة.
6 - تبيين الإباحة.
7 - تبيين الرشاد في لبس السواد على الأئمة الأمجاد.
8 - تبيين مدارك السداد للمتن والحواشي من نجاة العباد.
9 - تحصيل الفروع الدينية في فقه الامامية.
10 - تعليقة على رسالة التقية للشيخ الأنصاري.
11 - تعليقة على مباحث المياه من كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري.
12 - تعليقة مبسوطة على ما كتبه الشيخ الأنصاري في صلاة الجماعة.
.
51

13 - حواشيه على العروة الوثقى، وعلى الغاية القصوى، وعلى نجاة العباد، وعلى
التبصرة، وعلى الفصول الفارسية.
14 - الدر النظيم في مسألة التتميم.
15 - الرسائل في أجوبة المسائل.
16 - الرسالة في حكم ماء الغسالة.
17 - رسالة في بعض مسائل الوقف.
18 - رسالة في تطهير المياه.
19 - رسالة في حكم الظن بالافعال والشك فيها.
20 - رسالة في حكم ماء الاستنجاء.
21 - رسالة في شروط الشهادة على الرضاع.
22 - رسالة في الماء المضاف.
23 - رسالة في مسألة تقوي العالي بالسافل.
24 - رسالة وجيزة في رواية الاخفات في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين.
25 - سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد.
26 - سبيل النجاة في المعاملات.
27 - الغالية لأهل الانظار العالية.
28 - الغرر في نفي الضرار والضرر.
29 - كشف الالتباس عن قاعدة الناس، (الناس مسلطون على أموالهم).
30 - لزوم قضاء ما فات من الصوم في سنة الفوات.
31 - المسائل المهمة.
32 - المسائل النفيسة.
33 - منى المناسك في المناسك.
34 - نهج السداد في حكم أراضي السواد.
.
52

الحديث
35 - أحاديث الرجعة.
36 - تحية أهل القبور بالمأثور.
37 - تعريف الجنان في حقوق الاخوان.
38 - الحقائق في فضائل أهل البيت عليهم السلام من طريق الجمهور.
39 - رسالة في المناقب.
40 - شرح وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة.
41 - صحيح الخبر في الجمع بين الصلاتين في الحضر.
42 - مجالس المؤمنين في وفيات الأئمة المعصومين.
43 - مفتاح السعادة وملاذ العبادة.
44 - النصوص المأثورة.
45 - هداية النجدين وتفصيل الجندين.
الدراية
46 - نهاية الدراية.
علم الرجال
47 - انتخاب القريب من التقريب.
48 - بغية الوعاة في طرق طبقات مشايخ الإجازات.
49 - بهجة النادي في أحوال أبي الحسن الهادي (والده).
50 - البيان البديع في أن محمد بن إسماعيل المبدؤ به في أسانيد الكافي إنما هو ابن بزيع.
51 - التعليقة على منتهى المقال.
52 - تكملة أمل الآمل.
.
53

53 - ذكرى المحسنين (في ترجمة المقدس محسن الأعرجي).
54 - عيون الرجال.
55 - مختلف الرجال.
56 - نكت الرجال.
الفهارس والتحقيق
57 - الإبانة عن كتب الخزانة (خزانة كتبه).
58 - تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الاسلام.
59 - رسالة في أن مؤلف مصباح الشريعة إنما هو سليمان الصهرشتي تلميذ السيد
المرتضى.
60 - الشيعة وفنون الاسلام.
61 - فصل القضا في الكتاب المشهور بفقه الرضا.
الأخلاق
62 - رسالة في السلوك.
63 - رسالة وجيزة في المراقبة.
المناظرة
64 - البراهين الجلية في ضلال ابن تيمية.
65 - رسالة شريفة في الرد على فتاوى الوهابيين.
66 - عمر وقوله هجر.
67 - الفرقة الناجية.
68 - قاطعة اللجاج في تزييف أهل الاعوجاج.
.
54

أصول الفقه
69 - التعادل والتعارض والترجيح.
70 - تعليقة على رسائل الشيخ مرتضى الأنصاري.
71 - حدائق الأصول.
72 - رسالة في تعارض الاستصحابين.
73 - اللباب في شرح رسالة الاستصحاب.
74 - اللوامع.
النحو
75 - خلاصة النحو.
التاريخ
76 - كشف الظنون عن خيانة المأمون.
77 - محاربو الله ورسوله يوم الطفوف.
78 - المطاعن.
79 - محاسن الرسائل في معرفة الأوائل.
80 - نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين.
81 - النسئ.
82 - وفيات الأعلام من الشيعة الكرام.
منهج المؤلف في الكتاب
تعد الوجيزة (للشيخ البهائي) من المتون العلمية المهمة في علم الدراية، حيث إنها
توافرت على مادة علمية، وأسلوب جديد في التقسيم، إضافة إلى أسلوب الايجاز في
.
55

التصنيف، والاختصار في عرض المطالب وبيانها، لذلك تصدى السيد حسن الصدر
لشرحها شرحا تفصيليا وافيا، استوعب مطالب الدراية إضافة إلى موضوعات أخرى
تتعلق بها. قال رحمه الله:
(وحيث كانت (أي الوجيزة) تلويحات وإشارات في تلك الاصطلاحات لا تفيد
المبتدئ، ولا تغني المنتهي، أحببت ان اكشف حجابها، وأرفع نقابها، وأضيف إليها ما يتعلق
بهذا الفن من الفوائد والتنبيهات، وعدة من الاصطلاحات التي لم تكن فيها، لتكون هذه
رسالة بعد شرحها تامة في بابها مغنية عما سواها).
ومنهج المؤلف في الكتاب هو:
1 - شرح الوجيزة شرحا مزجيا، أي مزج المتن في الشرح.
2 - التقيد بمنهج الرسالة في تقسيم الفصول والأنواع، وبذلك خالف الكتاب في
تقسيماته ما تعارف به من تقسيم في كتب الدراية الأخرى.
3 - أضاف موضوعات جديدة لم يذكرها الشيخ البهائي في وجيزته، تضمنت
تنبيهات وفوائد قيمة.
4 - بين آراءه في المسائل والموضوعات التي قد تتطابق مع آراء المصنف أو تخالفها.
5 - تعرض للكثير من الأقوال في كل مسألة.
6 - لما كان علم الدراية من العلوم الآلية (كعلم المنطق) لذلك نجد التطابق والتشابه
حتى بالعبارة بين هذا الكتاب وغيره من الكتب الأخرى أحيانا، فينبغي أن لا يعد ذلك
قدحا فيه.
المنهج في التحقيق
لم يطبع كتاب نهاية الدراية في شرح الرسالة الموسومة بالوجيزة للسيد حسن
الصدر إلا طبعة واحدة في (لكهنؤ) في الهند، ونسخته سقيمة جدا، ومشحونة بالأخطاء
الاملائية والنحوية مع كثرة الأخطاء المطبعية، والتصحيفات المخلة والمضرة بوحدة السياق.
56

إضافة إلى عدم الترتيب، بل لا يمكن الاستفادة من الكتاب أحيانا كثيرة، وهذا ما يؤكده
السيد عبد الحسين شرف الدين حيث قال تعليقا على هذا الكتاب ما لفظه:
(طبع في الهند طبعة سقيمة مشحونة بالغلط الفاحش، الذي يغير المعنى، ويؤذي
المطالعين بما لا مزيد عليه، ونعوذ بالله من تلك الطباعة، وقد قلت عند اطلاعي عليها ليت
السيد لم يؤلف هذا الكتاب حتى لا نبتلي بمثل هذه البلية، فبلغه قولي هذا فكان يحكيه
معجبا) (1).
كما لا توجد للكتاب أي نسخة خطية، لذلك اقتصر عملنا على النسخة المطبوعة
فقط.
وقد حرصت - ومن الله تعالى التوفيق - على إخراج الكتاب بشكل يتجاوز جميع
هذه السلبيات، ومن الله نستمد العون والسداد.
وكان منهجنا في التحقيق كالآتي:
1 - ضبط النص وتقويمه وترقيمه.
2 - وضع عبارات الوجيزة بين أقواس مشجرة () بعد مقابلتها مع النسخة
الأصلية لها.
3 - عنونة المطالب لتلافي التداخل الحاصل فيها.
4 - تخريج الآيات والأحاديث.
5 - تخريج النصوص والأقوال المنقولة لا سيما التي احتملنا الخطأ فيها، أو المضطربة
السياق. وإن تركنا تخريج بعضها فهو إما لعدم توفر المصدر أو لعدم العثور على المطلب مع
عدم وجود اشكال في النص.
6 - ما جاء من تعليقات في هوامش الصفحات هي إما لتوضيح بعض المطالب، أو
لشرح بعض العبارات المبهمة، أو بيان الآراء الأخرى لتتميم الفائدة.
7 - كل ما أضفته على النص لضرورة، وضعته بين معقوفتين ().

(1) تكملة أمل الآمل: 34.
57

شكر وتقدير
أقدم شكري الجزيل إلى السادة الكرام سماحة
السيد محمد رضا الحسيني الجلالي الذي اقترح علي
مشروع تحقيق الكتاب وتعاون معي في انجازه.
كما اشكر سماحة السيد عبد العزيز الطباطبائي
الذي بارك العمل وحثني على مواصلته.
واشكر سماحة الشيخ الأخ عبد الجبار الرفاعي
الذي وضع مكتبته تحت تصرفي.
وأخيرا أشكر سماحة الأخ السيد علي قاضي
عسكر عميد (كلية علوم الحديث) الذي جعل هذا
العمل في باكورة أو صدارات الدار.
ومن الله نستمد العون والسداد.
ماجد الغرباوي
20 / شوال / 1413 ه‍.
59

رموز الكتاب
(.. الخ): إلى آخره.
(ت): التسلسل.
(ج): الجزء.
(ص): صفحة.
(ط): طبعة.
(ق): القرن.
(م): ميلادي.
(مج): المجلد.
(م. ك): المجموعة الكاملة.
(ه‍): هجري.
(و): الوجيزة للشيخ البهائي
.
60

.
61

.
62

نهاية الدراية
في شرح الرسالة الموسومة بالوجيزة للبهائي
تأليف
السيد حسن الصدر
1272 ه‍ - 1354 ه‍
تحقيق
ماجد الغرباوي
.
63

.
64

بسم الله الرحمن الرحيم
(مدخل)
(الحمد لله) في البداية والنهاية، (على نعمائه المتواترة، وآلائه المستفيضة
المتكاثرة، والصلاة والسلام) على مدينة العلم وصاحب جوامع الكلم، في تهذيب الأحكام
واستبصار الأنام، (أشرف أهل الدنيا والآخرة، محمد نبينا وعترته الطاهرة)
أصول الدراية والرواية.
(وبعد):
فيقول العبد الراجي فضل ربه ذي المنن، ابن السيد هادي صدر الدين، حسن
الموسوي العاملي الكاظمي:
(هذه رسالة عزيزة) لشيخ الاسلام، بهاء الدنيا والدين، محمد بن الحسين بن
عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي، (موسومة بالوجيزة، تتضمن خلاصة علم الدراية،
وتشتمل على زبدة ما يحتاج إليه أهل الرواية).
قال قدس سره:
(جعلتها كالمقدمة لكتاب الحبل المتين) الآتي ترجمته في آخر الرسالة.
وحيث كانت تلويحات وإشارات من تلك الاصطلاحات (1) لا تفيد المبتدئ،

(1) الواردة في الوجيزة.
65

ولا تغني المنتهي، أحببت ان أكشف حجابها، وأرفع نقابها، وأضيف إليها ما يتعلق بهذا الفن
من الفوائد، والتنبيهات، وعدة من الاصطلاحات التي لم تكن فيها، لتكون هذه الرسالة بعد
شرحها تامة في بابها، مغنية عما سواها.
وأسميتها: (نهاية الدراية)، (وعلى الله أتوكل وبه أستعين).
(وهي مرتبة على مقدمة) - يعرف فيها:
تعريف هذا العلم،
وموضوعه،
وغايته،
ومعنى الحديث، والخبر والسنة،
وبيان وجه الحاجة إلى تنويع المتأخرين للحديث إلى الأنواع المشهورة.
(وفصول ستة وخاتمة)، أفهرسها لزيادة البصيرة:
66

فهرس الموضوعات
67

الفصل الأول:
في معنى المتن والسند،
وتقسيم الخبر إلى المتواتر والآحاد.
وإبطال الوجوه الستة التي استدل بها صاحب الحدائق على إبطال تنويع الحديث.
وتقسيم الآحاد باعتبار تعدد الراوي وانفراده إلى
مستفيض، ومشهور، وغريب، وعزيز، وبيان الغريب لفظا، والمقبول، وتقسيم
العامة للمقبول.
وتقسيم الحديث أيضا إلى المختلف، والمكاتبة، والمعتبر، وبيان اصطلاح الجمهور
فيه.
وإشارة إلى كتب الجوامع، وكتب المسانيد، والاجزاء.
وفائدة رجالية نفيسة.
وبيان اصطلاحهم في الحديث الصالح.
وتقسيم الخبر أيضا - باعتبار الجهل بالسلسلة ومعرفتها - إلى:
مرفوع، وموقوف، ومتصل، ومسند، ومعلق، ومرسل، ومنقطع ومعضل.
وتنبيهات خمسة، تتعلق بالمرسل، ذكرتها في ذيله.
وتقسيم الخبر أيضا - باعتبار ما يعرض له - إلى: معنعن، ومضمر، وعال، وبيان
أقسام العلو الخمسة.
وبيان معنى الموافقة، والابدال، والمساواة، والمصافحة.
.
69

وبيان معنى النزول.
وتقسيم الخبر أيضا إلى:
المسلسل، والشاذ، والمخالف للمشهور، والنادر.
وتنبيهان، أحدهما: في بيان أقسام الشاذ. والثاني: في أقسام الزيادة والنقص في
السند.
وبيان المضطرب، وفيه تحقيقات حسنة.
وتقسيم الخبر - أيضا - باعتبار اختلاف أحوال السلسلة - إلى:
صحيح، وحسن، وقوي، وموثق، وضعيف،
وأنها القسمة الأولية للحديث
وبيان اعتبار مراسيل ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، والبزنطي
الفصل الثاني:
فيه:
حكم أقسام الخبر.
وانقسامه إلى الأنواع الثلاثة:
الصدق والكذب.
والمتواتر والآحاد.
وما يعلم صدقه وما يعلم كذبه وما يحتمل الامرين،
وأن هذه القسمة متداخلة.
وأن الصدق في المتواترات معلوم، وجواب المخالف في ذلك.
وبيان أن الصدق في الآحاد مظنون.
وبيان اختلاف مسالك الناس في حجية خبر الآحاد،
وبيان مسلك القدماء في ذلك ومسالك المتأخرين.
وبيان مراد الشيخ من رد الخبر بكونه خبر آحاد في بعض المقامات، وبيان محصول
.
70

ما في العدة، وشرح طريقته، وانها لا تخالف طريقة القدماء ولا طريقة المتأخرين.
وبيان وجه العمل بالضعاف في السنن،
وبيان الاشكال المعروف في ذلك والجواب عنه.
وإثبات أدلة التسامح إجمالا.
والفصل الثالث:
في بعض الاصطلاحات والألقاب للحديث غير ما تقدم، من:
المعلل، والمدرج، والمدلس، والمقلوب، والمصحف، والمزيد، والناسخ، والمنسوخ،
والموضوع، وأقسام الوضع.
وأنواع الواضعين، وإشارة إلى جملة من الموضوعات للجمهور باعتراف بعض
عظمائهم.
وبيان الحديث المتفق والمفترق، والمؤتلف والمختلف، والمتشابه.
وضبط جملة من الأسماء المتشابه في ذيل المختلف.
وبيان معنى رواية الاقران والمدبج.
ورواية الأكابر عن الأصاغر.
وذكر جملة من المتسلسلات برواية الأبناء عن الآباء بما لا يوجد في غير هذا
الكتاب.
وبيان رواية السابق واللاحق.
وتتميم فيه:
تنبيهات في معرفة الصحابي والتابعي.
ومعرفة الطبقات، واصطلاحات الخاصة والعامة فيها.
وبيان معاني المولى.
والخامس منها في معرفة من تشارك من الاخوة من الرواة.
.
71

والفصل الرابع:
يشتمل على مسائل الجرح والتعديل، والقدح والمدح في طي مسائل:
الأولى: في كفاية الواحد في ذلك وعدمه وتفصيل الخلاف في ذلك.
وتذييل فيه تنبيهان:
الأول: في أنه هل يكفي التعديل في الحكم بالعدالة أم يجب الفحص كما في العام.
الثاني: في أنه هل يكفي رواية العدل الجرح أو التعديل عن الاخر، أم لا بد من إنشاء
العدالة من العادل.
والمسألة الثانية: في تعارض الجارح والمعدل، والاختلاف في تقديم أيهما.
وتنبيه: في تقديم ما يحكيه النجاشي على ما يحكيه غيره من المشايخ، وبعض القول
في ذلك.
والمسألة الثالثة: فيما يقع به الجرح والتعديل وفيه مقامات:
الأول: في ألفاظ التعديل، وبيان المتفق عليه منها والمختلف فيه، وتحقيق القول في
ذلك.
والمقام الثاني: في بيان ألفاظ المدح ومراتبها.
وتتميم في بيان الامارات التي ذكروا أنها تدل على وثاقة الراوي، وعد ما ذكروا أنه
يدل على المدح، وفيه فوائد نفيسة، وتنبيهات عزيزة.
والمقام الثالث: فيما يقع به القدح والجرح.
والمسألة الرابعة: في أن المدار في الرواية على زمان الأداء، لا التحمل.
والفصل الخامس:
في أنحاء تحمل الحديث، وأن طرقه المعروفة سبعة:
الأول: السماع.
والثاني: القراءة.
.
72

والثالث: الإجازة باقسامها السبعة.
وتتميم: في آداب المجيز والمستجيز.
والرابع: المناولة وأقسامها.
والخامس: الكتابة وضروبها.
والسادس: الاعلام.
السابع: الوجادة وذكر آدابها.
والفصل السادس:
في آداب كتابة الحديث وآداب نقله، وذكرت فيه فوائد نفيسة تتعلق:
بكتب الحديث وجملة من قواعد علم الحديث،
ورموز أنواعه واصطلاحات العامة في ذلك.
وبيان ما ذكروه في آداب كتابة الحديث وآداب نقله.
وفوائد مراجعة جوامعهم.
وتنبيه على رجال كتاب البخاري.
وعد جملة من الخوارج، والقدرية، والمرجئة والمجاهيل الذين روى عنهم واعتمد
حديثهم.
وبيان من استدرك عليه حديث الضعيف، وعدد ما استدرك.
وخاتمة:
ذكرت فيها التنبيه على أمرين مهمين:
الأول منهما: في أن طريقتنا تنتهي بنا إلى الأئمة من آل محمد، وهم ينتهون بها إلى النبي، لا إلى
أهل الرأي.
وإن ما تضمنته كتب الخاصة في الحديث يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب.
وإن واحدا منها وهو الكافي يزيد على ما في الصحاح الستة للعامة.
وتوضيح هذه
.
73

الجملة.
وبيان تقدمنا في جمع الحديث في الصدر الأول، وتأخرهم إلى العصر الثاني.
وبيان أول من جمعه منا ومنهم.
وبيان طبقات الجمع.
وسرد (1) جملة من الكتب والأصول للرواة، وعددهم، بما لا يوجد في غير هذا
الكتاب جمعه.
والتنبيه الثاني في بيان ما جمع من تلك الكتب والأصول في زمن الغيبة. وبيان فوائد
الجمع المتأخر.
وفيه فوائد أربع:
والفائدة الأولى: في كيفية جمع (الكافي)، وما امتاز به عن غيره، ووضع جمعه،
ومسلك جامعه.
والتنبيه على عدد كتبه وعدد أحاديثه، ومجمل عن أحوال جامعه ثقة الاسلام.
والفائدة الثانية: فيما يتعلق ب‍ (كتاب من لا يحضره الفقيه)، ووضعه ومسلكه، وعدد
مسانيده ومراسيله.
وعدد من روى عنه من الرجال، وأنهم خمسمائة وعشرة تقريبا.
وبيان من أكثر الرواية عنهم، وعدهم واحدا واحدا، وبيان عدد ما رواه عن كل
واحد منهم.
والذين لم يكثر عنهم وعددهم كذلك.
وبيان عدوله عما ذكره في أول كتابه.
وأنه روى عمن ليس بمشهور، ولا كتابه.
ثم بيان أنه روى فيه عن جماعة لم يذكرهم في المشيخة. وبيان عددهم، وأنهم
يزيدون على مائة وعشرين رجلا. وأن أحاديثهم تبلغ ثلاثمائة حديث.
ثم نبذة من أحواله، وشرح ما ذكر النجاشي، من أنه سمع منه الشيوخ ببغداد وهو

(1) في المتن: (سود) والصحيح ما أثبتناه.
74

حديث السن.
والفائدة الثالثة: في وضع (التهذيب والاستبصار). ونبذة من أحوال الشيخ، ومسلكه
في الاسناد فيهما.
ونقل كلامه في مشيختهما.
وعدد كتب (الاستبصار والتهذيب).
وعدد أبواب الأول وأحاديثه. وإن التهذيب نحو الكافي في العدد.
وتنبيهان:
الأول: إن له طرقا صحيحة في الفهرست لم يذكرها في المشيخة للاختصار وطلب
العلو في الاسناد. وبيان طرقه الواضحة والمعضلة، وذكر جملة منها.
والتنبيه الثاني: فيما ذكره صاحب المنتقى من المواضع التي حكم فيها بالغلط في
الاسناد بالزيادة والنقصان، والجواب عن ذلك.
وتذييل: في بيان المراد من زيادات التهذيب.
ثم بيان الجوامع الثلاثة، والوسائل، والوافي، والبحار للمحدثين الثلاثة الأواخر.
وشرح مسلك كل واحد منهم وفوائد جمعه.
وفهرس كتابه ورموزه واصطلاحاته.
وتفصيل الكتب الخمسة والعشرين من البحار، وحصر أبيات جملة من مجلداته.
وتفصيل الكتب الخمسة عشر من الوافي، وتفصيل اصطلاحاته ورموزه.
وتنبيه على أصحاب الكتب التي نقلت عنها، وما اصطلحت في التعبير عنهم.
وبيان الوجه في تعبيري عن الشيخ علي وأبيه الشيخ محمد وأبيه الشيخ حسن وأبيه
الشيخ زين الدين الشهيد الثاني بجدي، في كذا،
وانتسابي إلى هذه السلسلة الشريفة من قبل الأمهات.
وبيان تاريخ الشروع في هذا الشرح، وتاريخ إتمامه.
75

المقدمة
1 - تعريف علم الدراية وموضوعه.
2 - تعريف: الحديث، الأثر، الخبر، السنة، الحديث القدسي.
3 - الفائدة من علم الدراية، والحاجة إليه.
77

(مقدمة)
في تعريف علم الدراية
(علم الدراية: هو علم يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه، وكيفية تحمله، وآداب نقله)
(موضوع علم الدراية)
وموضوعه: الحديث من حيث يعرف المقبول منه والمردود (1)،
وجعله جدي الأمي (2) في (البداية)، الراوي والمروي (3) من حيث ذلك (4).
وفي دراية والد المصنف (5)، السنة (6).
ولكل وجه.
والمعروف أن الموضوع: هو متن الحديث وسنده من حيث ذلك. فتأمل.

(1) أي البحث في متن الحديث وسنده لمعرفة المقبول منه والمردود.
(2) زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد العاملي (الشهيد الثاني) 911 - 965 ه‍ فقيه، محدث، عالم، وأمره في
الثقة والجلالة والعلم والزهد أشهر من أن يذكر. أول من صنف من الامامية في دراية الحديث كتابا مستقلا،
وله مصنفات كثيرة منها: الروضة البهية، ومسالك الأفهام في شرح شرايع الاسلام، منية المريد، غنية
القاصدين في اصطلاح المحدثين، الرعاية أو ما يسمى بشرح البداية أو الدراية.
(3) البداية للشهيد الثاني (تحقيق البقال الطبعة المحققة الأولى - 1402 ه‍ - 1982 م) 1: 45.
(4) من حيث معرفة المقبول والمردود.
(5) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار للشيخ حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي (918 - 984 ه‍).
(6) وصول الأخيار (تحقيق السيد عبد اللطيف الكوهكمري - طبعة - قم - 1401 ه‍): 88.
79

(تعريف الحديث
(والحديث) في الأصل: مطلق الكلام (1)، وبه فسر قوله تعالى (2) (وإذ أسر النبي
إلى بعض أزواجه حديثا) (3)، و (العبرة) (4) كما في: (فجعلناهم أحاديث) (5).
واصطلاحا عرف بأنه: (كلام يحكي قول المعصوم، أو فعله، أو تقريره)
ويرد: على عكسه النقض بالحديث المنقول بالمعنى (6)، إن أريد حكاية القول
بلفظه (7).
وعلى طرده بكثير من عبارات الفقهاء، كالشيخ في النهاية (8)، وعلي بن بابويه في
(الشرايع) (9) و (10) (الرسالة)، والحر (11) في (الهداية والبداية)، ونحوها من كتب الفروع،
إن أريد ما يعم معناه (12).

(1) قال في لسان العرب (2: 133): والحديث: ما يحدث به المحدث تحديثا، وقال في تفسير مجمع البيان (10:
474): حديثا أي كلاما.
(2) انظر تفسير الآية المباركة في كتاب تفسير مجمع البيان للطبرسي 10: 474.
(3) سورة التحريم - الآية: 3.
(4) انظر تفسير الآية المباركة في تفسير مجمع البيان 8: 606.
(5) سورة سبأ - الآية: 19.
(6) فإنه حديث جزما لكنه لم يحك قول المعصوم - عليه السلام - بلفظه وإنما نقله وحكاه بمعناه.
(7) ان أريد من الحكاية حكاية قول المعصوم بلفظه فقط.
(8) كتابة النهاية في مجرد الفقه والفتاوى للشيخ الطوسي (385 - 460 ه‍).
(9) الشرايع ويقال (كتاب الشرايع) أيضا لشيخ القميين الشيخ أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن
بابويه والد الشيخ الصدوق والمتوفى سنة (329 ه‍) انظر الذريعة: (13: 46 / 157).
(10) هكذا في المتن والظاهر (أو) لا (و). انظر ترجمته في رجال النجاشي 68 / 163 حيث قال عندما عدد كتبه:
(... كتاب الشرايع وهي الرسالة إلى ابنه)..
(11) محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين الحر العاملي (1033 - 1104 ه‍) صاحب الموسوعة الحديثية
الكبيرة المعروفة ب‍ (وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة. أو (الوسائل) اختصارا. وهو عالم كبير،
ومحدث شهير، له مؤلفات عديدة، بلغت سبعة وعشرين كتابا. انظر الذريعة 3: 59 / 165 و 25:
171 / 102.
(12) إن أريد من قيد حكاية القول - الوارد في التعريف - ما يعم حكاية المعنى كذلك، فيرد النقض على طرده
حينئذ، لان أغلب هذه العبائر التي أشار لها هي حكاية لحديث المعصوم - عليه السلام - وان كانت
الحكاية له بالمعنى وليس حكاية لنفس اللفظ كي تدخل تحت التعريف.
80

والجواب: باعتبار قيد الحيثية في الحكاية (1).
وتلك العبارات: إن اعتبرت من حيث كونها حكاية قول المعصوم، فلا بأس
بدخولها، وإن اعتبرت من حيث كونها حكاية عما أدى إليه اجتهادهم، فلا بأس في
خروجها.
(و) لا يخفى أن (إطلاقه عندنا على ما ورد عن غير المعصوم تجوز (2)).
ومنه (3) تقسيمه إلى المرفوع والموقوف تبعا للجمهور، وإلا (فما لا ينتهي إلى المعصوم
ليس حديثا عندنا) إجماعا كما في شرح الزبدة (4).

(1) وان لم يكن الحديث المنقول بالمعنى حكاية لقول المعصوم - عليه السلام - بلفظه، لكنه توفر على قيد الحكاية
التي تعم المعنى، فلا محذور في شمول التعريف له حينئذ، ولا يرد النقض على عكسه كذلك.
(2) خلافا للشهيد الثاني (الدراية: 6) (البقال 1: 50)، الذي جعل الخبر والحديث مترادفين بمعنى واحد،
وذهب إلى أن (... الخبر المرادف للحديث أعم من أن يكون قول الرسول (صلى الله عليه وآله)، والإمام (عليه
السلام)، والصحابي والتابعي وغيرهم من العلماء والصلحاء ونحوهم) إلى أن قال:
(هذا هو الأشهر في الاستعمال والأوفق بعموم معناه اللغوي).
فإذا كانا مترادفين لزم شمول الحديث للكل أيضا من دون تجوز، فيصدق إطلاقه على ما انتهى إلى غير
المعصوم كالصحابي والتابعي حينئذ، وهو قول جملة من علماء العامة.
قال الدكتور نور الدين عتر في كتابه منهج النقد في علوم الحديث (ص 27): (فالتعريف المختار للحديث هو: ما
أضيف إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خلقي أو خلقي أو أضيف إلى
الصحابي أو التابعي).
إلا أن الشيخ المامقاني قد علق على قول الشهيد الثاني (مقباس الهداية في علم الدراية (1: 59) بقوله:
(ولا يخفى عليك أن تسمية ما انتهى إلى غير المعصوم من الصحابي والتابعي حديثا مبني على أصول العامة،
واما أصحابنا فلا يسمون ما لا ينتهي إلى المعصوم بالحديث).
(3) ومن اطلاقه على ما ورد عن غير المعصوم عليه السلام، قسم العامة الحديث إلى المرفوع: وهو ما أضيف إلى
النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة سواء أأضافه إليه صحابي أم تابعي أم من بعدهما (علوم الحديث
ومصطلحه للدكتور صبحي الصالح: 226)
والموقوف: هو ما روي عن الصحابة من قول أو فعل أو تقرير. (علوم الحديث ومصطلحه: 218).
(4) الزبدة للشيخ البهائي: 53 (المطلب الثاني: في السنة).
81

(تعريف الأثر)
(وكذلك الأثر) عند المصنف (1).
وفي البداية، الأثر أعم مطلقا من الحديث والخبر، فيقال لكل منهما أثر، بأي معنى
اعتبرت (2).
وقيل: إن الأثر مساوي للخبر (3)،
وقيل: إن الأثر مساوي للخبر (3)،
وقيل: الأثر ما جاء عن الصحابي (4)،
والأظهر الأول، وبه سمى الخزاز (5) كتابه (كفاية الأثر)، وأبو عبد الله أحمد بن محمد
بن عياش الجوهري كتابه (مقتضب الأثر) (6)، وهما في نصوص النبي على الأئمة الاثني
عشر. وللطبري كتاب سماه (تهذيب الآثار) (7)، وهو مخصوص - أيضا - بالمرفوع.
نعم، للطحاوي (8) كتاب (شرح معاني الآثار) شرح فيه المرفوع والموقوف.
وهو الأشهر عند علماء الجمهور (9).

(1) الأثر يرادف الحديث عند الشيخ البهائي.
(2) البداية للشهيد الثاني (البقال 1: 50).
(3) قاله في تاج العروس 3: 4 مادة (أثر) ونسبه إلى البعض.
(4) نسبه ابن الصلاح إلى علماء خراسان. قال في علوم الحديث (المعروف بمقدمة ابن الصلاح)، تحقيق نور الدين
عتر (ص: 46):
(وموجود في اصطلاح الفقهاء الخراسانيين تعريف الموقوف باسم الأثر، قال أبو القاسم الفوراني منهم فيما بلغنا
عنه: الفقهاء يقولون: (الخبر ما يروى عن النبي (ص) والأثر ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم)).
(5) كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر للشيخ الأقدم أبي القاسم علي بن محمد بن علي الخزاز الرازي
(انظر الذريعة 18: 89 / 806).
(6) مقتضب الأثر في النص على عدد الأئمة الاثني عشر لابن عياش الجوهري (401 ه‍) (انظر الذريعة 22:
21 / 5823).
(7) تهذيب الآثار لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة (310 ه‍) (انظر كشف الظنون 1: 514).
(8) أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي (239 - 321 ه‍)، فقيه حنفي (انظر الاعلام: 1: 197).
(9) قال الدكتور صبحي الصالح (علوم الحديث ومصطلحه (طبعة جامعة دمشق 1959): 122): (فلا مسوغ
لتخصيص الأثر بما أضيف للسلف من الصحابة والتابعين، إذ ان الموقوف والمقطوع روايتان مأثورتان
كالمرفوع).
وقال الدكتور عتر (منهج النقد: 28) (والحاصل: ان هذه العبارات الثلاثة: الحديث، الخبر، الأثر، تطلق عند
المحدثين بمعنى واحد).
82

(تعريف الخبر)
(والخبر) في الأصل: النبأ (1)،
وربما استعمل بمعنى العبرة، والقصة
وفي الاصطلاح (يطلق):
(- تارة - على ما ورد عن غير المعصوم (عليه السلام) من الصحابي والتابعي
ونحوهما) من العلماء والصلحاء (2)، ومن ثم يقال للمشتغل بالتواريخ: إخباري، وللمشتغل
بالسنة: المحدث.
(وأخرى على ما يرادف الحديث، وهو الأكثر (3)).
والتحقيق، عند أهل الدراية ان الخبر مرادف للحديث، ويطلق في اصطلاح
الأصوليين على ما يقابل الانشاء.
(وتعريفه حينئذ ب‍ (كلام يكون لنسبته خارج في أحد الأزمنة) الثلاثة، كما في
بداية الدراية (4) - غير سديد، لأنه (يعم التعريف للخبر المقابل للانشاء، لا المرادف
للحديث كما ظن) (قدس سره) تماميته، (لانتقاضه طردا بنحو: (زيد انسان) (5). و
عكسا بنحو قوله صلى الله عليه وآله (صلوا كما رأيتموني أصلي (6)) وأمثاله من
الأحاديث الانشائية (7).
(فبين الخبرين) - عنى ما يقابل الانشاء وما يرادف الحديث - عموم من

(1) لسان العرب 4: 226.
(2) جعله في الدراية قولا آخر: (ص 7).
(3) الدراية: 5 (البقال 1: 50) وانظر شرح نخبة الفكر: 16، تدريب الراوي: 6.
(4) شرح البداية للشهيد الثاني (تحقيق البقال 1: 49).
(5) باعتباره جملة خبرية، فيكون (لنسبة المحمول إلى الموضوع خارج في أحد الأزمنة) فيدخل تحت التعريف مع أنه
ليس بحديث جزما، لذا يرد النقض على التعريف حينئذ.
(6) سنن الدارمي 1: 286.
(7) لأنه جملة إنشائية ولا يكون (لنسبته خارج) فلا يدخل تحت التعريف مع أنه حديث جزما، فيرد عليه
النقض حينئذ.
إذا فالتعريف بهذه الصورة يصدق على الخبر المقابل للانشاء، فلا يكون تعريفا تاما.
83

وجه)، لدخول قوله (صلوا) إلى آخره في الثاني (1) دون الأول، ودخول نحو (زيد إنسان)
في الأول (2) دون الثاني، (اللهم إلا أن يجعل قول الراوي (قال النبي صلى الله عليه وآله)
مثلا، جزءا، منه (3) ليتم العكس)، ويخرج عن كونه إنشاء (4). وأيضا (يضاف إلى
التعريف) المذكور (قولنا (يحكي إلى آخره) ليتم الطرد (5))، وهو كما ترى.
(وعنه مندوحة).
ثم أشكل المصنف هنا وفي مشرق الشمسين (6) بأن (انتقاض (7) عكس
التعريفين) المذكورين للحديث والخبر (بالحديث المسموع عن (8) المعصوم (9) قبل نقله
عنه)، انتقاض (ظاهرا) (10).
قال:
(والتزام عدم كونه حديثا تعسف).
وقال في مشرق الشمسين:
(وكيف يصح ان يقال: انه لم يسمع أحد من (11) النبي حديثا أصلا إلا ما حكاه عن
معصوم أو ملك (12)) (13).
أقول: كأن الحكاية مأخوذة في مفهوم الحديث اصطلاحا، ولا مشاحة. وإطلاقه على

(1) في الخبر المقابل للحديث.
(2) في المقابل للانشاء.
(3) من الخبر.
(4) لأنه سيكون جملة خبرية ويكون (لنسبته خارج) فيدخل تحت التعريف.
(5) وتخرج بهذا القيد الجمل الخبرية التي لا تحكي قول المعصوم (عليه السلام).
(6) مشرق الشمسين: أحد رسائل الشيخ البهائي المدرجة مع كتابه الحبل المتين: 268 - 269.
(7) في (و) (ثم اختلال).
(8) في (و): (من) بدل (عن).
(9) في (و) توجد ههنا زيادة (عليه السلام).
(10) لأنه نفس قول المعصوم (عليه السلام) فهو حديث جزما، لكنه ليس بحكاية للفظه فلا يشمله التعريف
المذكور، لذلك يرد النقض على التعريف حينئذ.
(11) مشرق الشمسين: (عن) بدل (من).
(12) في المشرق: (كنبي أو ملك).
(13) مشرق الشمسين من كتاب الحبل المتين: 268.
84

نفس كلامه - عليه السلام - وإن شاع مجازا من باب (أعصر خمرا) يعني باعتبار حكايته
ونقله، أي حكاية الراوي له.
(ولو قيل:
الحديث: قول المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره)، كان اصطلاحا جديدا
من المصنف، (ولم يكن بعيدا).
(تعريف السنة)
وأما السنة: فهي عندنا قول المعصوم، وفعله، وتقريره، غير قرآن، ولا عادي (1).
وعرفها والد المصنف (2): (بأنها طريقة النبي والامام المحكية عنه)، إلى أن قال:
(فالنبي بالأصالة، والامام بالنيابة).
وهو كما ترى، تكلف لا حاجة إليه.
وعند العامة تطلق على:
(قول النبي صلى الله عليه وآله، وفعله، وسكوته، وطريقة الصحابة)، كما في (شرح
منار الأصول) لان مالك.
(وأما نفس الفعل والتقرير، فيطلق عليهما اسم السنة لا الحديث.
فهي) - أي السنة - (أعم منه مطلقا (3)).
(تعريف الحديث القدسي)
(ومن الحديث ما يسمى (حديثا قدسيا)، وهو: ما يحكي كلامه تعالى غير
متحدي بشئ منه (4) نحو قوله) قال الله تعالى:

(1) أي ولا بكلام شخص عادي غير معصوم.
(2) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 88.
(3) يظهر من الدكتور صبحي الصالح (علوم الحديث ومصطلحه: 120 - 121) أنهما مترادفان. فمن جملة ما قال
في ذلك: (إذا تناسينا موردي التسميتين كان الحديث والسنة شيئا واحدا، فليقل أكثر المحدثين: إنهما
مترادفان).
(4) على خلاف كلامه تعالى في القرآن الكريم فإنه يتحدى به.
85

(الصوم لي وانا أجزي عليه (1)).
(فائدة علم الدراية)
وفائدة هذا العلم، معرفة ما يقبل من الحديث وما يرد، ليعمل بالأول ويتجنب عن
الثاني.
(الحاجة إلى تنويع الحديث)
وأما وجه الحاجة إلى هذا التنويع فهو ما أشار إليه المصنف في مشرق الشمسين،
وصاحب المنتقى وغيره.
قال في الأول:
(تبين (2) الذي بعث المتأخرين (3) على العدول عن (4) متعارف القدماء ووضع
ذلك الاصطلاح الجديد هو: إنه لما طالت الأزمنة (5) بينهم وبين السلف (6)، وآل الحال إلى
اندراس بعض كتب الأصول المعتمدة، لتسلط حكام الجور والضلال، والخوف من إظهارها
وانتساخها، وانضم إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأصول من (7) الأصول
المشهورة في هذا الزمان، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذ (8)

(1) الكافي (طبعة دار الكتاب الاسلامي) كتاب الصوم 4: 63 / 6.
وكتاب من لا يحضره الفقيه (مؤسسة الأعلمي): 2: 50 / 1773.
التهذيب (طبعة دار الكتاب الاسلامي): 4: 152 / 4 الباب الرابع
سنن ابن ماجة - كتاب الصوم - ب 1: 1: 525 / 1638
وفيه: (الصوم لي وأنا أجزي به).
(2) كذا في المصدر وفي المتن: (تبيين).
(3) في المشرق ههنا زيادة: (نور الله مراقدهم).
(4) في المشرق: (على) بدل (عن).
(5) في المشرق: (المدة).
(6) في المشرق: (وبين الصدر السالف).
(7) في المشرق: (في).
(8) في المشرق: (بالمأخوذة).
86

من غيره (1) الكثيرة (2)، واشتبهت المتكررة في (3) الأصول بغير المتكررة، وخفي عليهم
(قدس الله أرواحهم) (4) كثير من تلك الأصول (5) التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير
من الأحاديث، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز (6) ما يعتمد عليه بما لا يركن إليه.
فاحتاجوا إلى قانون تتميز (7) به الأحاديث المعتبرة من (8) غيرها، والموثوق بها
عما سواها، فقرروا لنا - شكر الله سعيهم - (ذلك) (9) الاصطلاح الجديد، وقربوا لنا (10)
البعيد (11)).
وقال في الثاني:
(ان القدماء (12) أوردوا في كتبهم ما اقتضى رأيهم إيراده من غير التفات إلى التفرقة
بين صحيح الطريق وضعيفه، ولا تعرض للتميز بين سليم الاسناد وسقيمه، اعتمادا منهم في
الغالب على القرائن المقتضية لقبول ما دخل الضعف طريقه، وتعويلا على الامارات
الملحقة، المنحطة المرتبة (13) بما فوقه كما أشار إليه الشيخ (رحمه الله) (14) في الفهرست (15)،
حيث قال:
(ان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون من (16) المذاهب

(1) في المشرق: (من غير المعتمدة).
(2) (الكثيرة) غير موجودة في المشرق.
(3) في المصدر ههنا زيادة: (كتب).
(4) ساقط من المتن.
(5) في المشرق: (الأمور) بدل (الأصول).
(6) في المتن: تميز.
(7) في المتن: يتميز.
(8) في المشرق: (عن) بدل (من).
(9) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(10) مشرق الشمسين: (إلينا) بدل (لنا).
(11) مشرق الشمسين من كتاب الحبل المتين: 270.
(12) (إن القدماء) غير موجودة في المنتقى.
(13) منتقى الجمان: (لمنحط الرتبة).
(14) ساقط من المتن.
(15) في المنتقى (في فهرسته).
(16) (من) غير موجودة لا في المنتقى ولا في الفهرست.
87

الفاسدة (1)، وكتبهم معتمدة) (2).
وقال المرتضى (3) في (جواب المسائل التبانيات المتعلقة بأخبار الآحاد):
(ان أكثر اخبارنا المروية في كتبنا معلومة، مقطوعة على صحتها، اما بالتواتر من
طرق الإشاعة والإذاعة أو بامارة دلت على صحتها وصدق رواتها وهي موجبة للعلم،
مقتضية للقطع، وان وجدناها مودوعة في الكتب بسند مخصوص من طريق الآحاد).
قال: (وغير خاف انه لم يبق لنا سبيل إلى الاطلاع على الجهات التي عرفوا منها ما
ذكروا، حيث حظوا بالعين وأصبح حظنا الأثر، وفازوا بالعيان وعوضنا عنه بالخبر، فلا
جرم ان سد عنا باب الاعتماد على ما كانت لهم الأبواب مشرعة، وضاقت مذاهب كانت
المسالك لهم فيها متسعة.
ولو لم يكن إلا انقطاع طريق الرواية عنا من غير جهة الإجازة التي هي أدنى مراتبها
لكفى به سببا لاباء الدراية على طالبها (4)) (5).
وقال السيد المقدس (6) في رسالة الرد:
(لما كان الأصل في خبر الآحاد عدم الحجية، بلا خلاف بين من أثبت حجيته ومن
نفاها، حتى عقد الشيخ في آخر العدة فصلا - (المنع من الاجتهاد والقياس وخبر

(1) زاد في الفهرست ههنا: (وان كانت).
(2) الفهرست - للشيخ الطوسي (مطبعة النجف): 2.
(3) هو علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، السيد
المرتضى، المشهور بعلم الهدى (355 - 436 ه‍) من علماء الطائفة وفقهائها، ومحدثيها، تتلمذ على يد ثلة من
العلماء من أمثال الشيخ الصدوق والشيخ المفيد وغيرهما، وتخرج على يده فطاحلهم من أمثال الشيخ
الطوسي وغيره.
وللسيد المرتضى مؤلفات كثيرة، منها: الشافي، الذخيرة، شرح الغرر والدرر، الانتصار، المصباح في الفقه...
(4) جواب المسائل التبانيات - للسيد المرتضى المطبوع حاليا ضمن رسائل الشريف المرتضى تحقيق مهدي
الرجائي، وهذه العبارة غير موجودة لان في النسخة سقطا (انظر صفحة: 25 - 29 الجواب عن وجود أخبار
الآحاد في مصنفات الامامية).
(5) منتقى الجمان للشيخ حسن بن الشهيد الثاني: 2 - 3.
(6) هو السيد محسن الأعرجي كما سيترجم له المؤلف في الخاتمة.
88

الآحاد) (1) - حكى فيه اجماع الطائفة على ذلك، مع أنه قد أنفذ شطرا صالحا من العدة في
اثبات حجيته. (2).
وحكاية الاجماع (3) عليه لم يخل المأخذ به إلا بانضمام ما تسكن به النفس، ويطمئن
في القلب من الأمور التي يغلب بها الظنة بالصدق، كوجوده في الأصول المعتمدة أو الكتب
المعتبرة فيما بين الشيعة، وكاشتهار العمل به فيما بين الطائفة إلى غير ذلك.
وكان من جملة ما يغلب به الظن: رواية الثقة الصدوق الضابط. ومن جملة ما يرجح
به أحد الخبرين المتعارضين على الاخر (4) انه الأصدق والأورع، وإن كان الكل مرويا في
الكتب المعتبرة - كهذه الجوامع الأربعة ونحوها (لذلك) احتاجوا إلى مراعاة أحوال الرجال،
فضل حاجة، وخاصة بعد انسداد الطرق إلى أغلب تلك الامارات، ونظروا في الرواة
فوجدوا الراوي لا يعدو هذه الأقسام الأربعة).
وذكرها، إلى أن قال:
(وبان أن الغرض من التنبيه على هذه الأقسام المطابقة للواقع هو التنبيه على الأصل
في كل واحد منهما، وأن الأصل في الصحيح ان يؤخذ به إلا أن يعرض له ما يوجب
الاعراض عنه، كإعراض الأصحاب عنه، أو مخالفته ظاهر الكتاب مع إعراض الأكثرين.
والأصل في الضعيف أن لا يؤخذ به إلا أن يعتضد بما يشد عضده بموافقة الكتاب أو
عمل الأصحاب.
والأصل في الأخيرين أن يؤخذ بها بشرط أن لا يكون من الأول ما يعارضها - إلا
أن يعرض عنه، ويخالف الكتاب - وان لا يؤخذ بها إذا كان هناك ما يعارضها، إلا أن يكونا
على وفق الكتاب وعمل الأصحاب) (5).
انتهى موضع الحاجة من كلامه قدس سره.

(1) العدة للشيخ الطوسي (طبعة قديمة) في آخر باب (الكلام في الاجتهاد): 391.
(2) انظر العدة: 1: 336، ابتداء من قوله: فأما ما اخترته من المذهب، فهو أن خبر الواحد...
(3) كما في العدة: 1: 737، حيث قال الشيخ الطوسي رحمه الله:
(والذي يدل على ذلك (أي على جواز العمل بخبر الواحد بالشروط التي ذكرها) إجماع الفرقة المحقة...).
(4) في المتن ههنا (و) زائدة.
(5) رسالة الرد للسيد المقدس: (السيد محسن الأعرجي الكاظمي).
89

الفصل الأول
في بعض التقسيمات التي مدارها على المتن والسند
91

(تعريف المتن)
والمتن في الأصل: ما اكتنف الصلب من الحيوان (1)،
ومتن الشئ: قوي (2)، ومنه حبل متين.
وفي الاصطلاح: (ما ينتهي إليه الاسناد كما قيل) (3) وهو دوري.
والأحسن أن يقال: (ما يتقوم به معنى الحديث متنه)، وتلك الألفاظ المقصودة
بالذات منه (4).
وإنما يدخل متن الحديث في اعتبار هذا الفن من حيث بحثهم في الحديث المزيد،
والمقلوب، والمصحف، والمضطرب، وأمثال ذلك.
وتختلف أسماء المتن باعتبار اختلاف السند من حيث القوة والضعف.
(تعريف السنة)
(و) أما السند، فيقال لمجموع (سلسلة رواته) حتى تنتهي (إلى المعصوم
سنده).
اخذوا ذلك من قولهم فلان سند، أي يستند إليه ويعتمد عليه (5)، وهو المقصود في

(1) قال الجوهري في صحاح اللغة (2: 475): متنا الظهر: مكتنفا الصلب عن يمين وشمال من عصب ولحم.
(2) لسان العرب: 13: 399.
(3) انظر تدريب الراوي: 6، ومنهج النقد: 32، وفيهما أن المتن: ما ينتهي إليه السند من الكلام.
(4) وقد عرفه في الدراية: 7 (البقال 1: 50) بقوله: (لفظ الحديث الذي يتقوم به المعنى) وهو قول النبي صلى الله
عليه وآله وما في معناه.
(5) قال في الصحاح: 1: 617. فلان سند: أي معتمد.
93

هذا الفن، لان الحديث إنما يكتسب الأوصاف من القوة والضعف وغيرها من الأوصاف،
إما بحسب أوصاف الرواة من العدالة أو الضبط وعدمها، أو بحسب الاسناد من الاتصال
والانقطاع والاضطراب والارسال.
وعرف السند بعضهم: (بأنه الاخبار عن طريق المتن (1)، وليس بجيد، لان ذلك هو
الاسناد في الحقيقة لا السند، لان الاسناد عندهم: (رفع الحديث إلى قائله) (2) وهو عبارة
أخرى عن ذلك التعريف، اللهم الا ان يكون الاسناد والسند عند هذا المعرف.
وليسا كذلك، فان السند، طريق المتن، والاسناد: رفع الحديث إلى قائله.
نعم، قد يطلق الاسناد على السند، فيقال: إسناد هذا الحديث صحيح مثلا، وذلك
من جهة أن المتن إذا ورد فلا بد له من طريق موصل إلى قائله، فهذا الطريق له اعتباران:
فباعتبار كونه سندا ورائده معتمدا في الصحة والضعف - مثلا - يسمى سندا،
وباعتبار تضمنه رفع الحديث إلى قائله يسمى اسنادا. فتدبر.

(1) حكاه في تدريب الراوي (ص: 5) عن البدر بن جماعة والطيبي، وفي الدراية (ص: 7) (البقال 1: 53)
جعله قولا ثانيا، لكنه قال: (والأول أظهر)، أي أن السند هو: (طريق المتن).
(2) تدريب الراوي: 5.
94

أقسام الخبر
1 - الخبر المتواتر.
2 - الخبر الواحد.
95

(أقسام الخبر)
ثم اعلم أن للحديث تقسيمات باعتبارات عديدة، منها:
انه ينقسم مطلقا، أعم من المعلوم صدقه وعدمه، إلى: متواتر وآحاد.
(الأول: الخبر المتواتر)
(فان) بلغت (سلاسله في كل طبقة حدا يؤمن معه تواطؤهم على الكذب،
فمتواتر).
(تعريف الخبر المتواتر)
(ويرسم (1)) التواتر في الاصطلاح: (بأنه خبر جماعة يفيد بنفسه القطع
بصدقه). كذا عرفه في (غاية المأمول). (2)
قالوا: ولهذا لا يكاد يعرفه المحدثون في الأحاديث لقلته، حتى قال ابن الصلاح (3) في
مقدمته (4):

(1) كذا في (و) وفي المتن (ويوسم).
(2) لعله غاية المأمول في شرح زبدة الأصول للشيخ الشهير بالفاضل الجواد بن عبد الله بن جواد الكاظمي
(انظر الذريعة 16: 15 / 61).
(3) أبو عمرو تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري (577 ه‍ 643 ه‍).
(4) له كتاب (علوم الحديث) المشهور ب‍ (المقدمة) أو (مقدمة ابن الصلاح) وهو كتاب مهم جدا في علوم
الحديث، وأقدم كتاب مفصل بعد كتاب (المحدث الفاضل) للرامهرمزي (360 ه‍) و (معرفة علوم الحديث)
للحاكم النيسابوري (405 ه‍) في هذا الفن، وكل من كتب في علوم الحديث بعده اعتمد عليه في ذلك كثيرا.
97

(من سأل عن إبراز مثال لذلك (1) في (2) الحديث أعياه ذلك (3)) (4)، بل نفاه ابن
حيان ومن تبعه. (5).
نعم، تحققه في الأحاديث الخاصة المنقولة بألفاظ مخصوصة قليل، لعدم اتفاق
الطرفين والوسط فيهما غالبا، وان تواتر مدلولها.
ونازع ابن حجر العسقلاني (6) من المتأخرين في ذلك، وادعى في (شرح نخبة
الفكر) (7) وفي (نكت علوم الحديث) وفي (شرح الباري) (8) وجود المتواترة بكثير.
قال جدي في الدراية: (وهو غريب). (9)
أقول: وتبعه (10) السيوطي، وألف كتابا سماه: (الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة
(11)، مرتبا على الأبواب، وآخر سماه: الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة). (12)
وليس (13) بغريب، لأنه يريد بذلك تشيد الأحاديث الموضوعة ابتداء في زمن بني أمية
في حق مشائخه، وصارت بعد ذلك متواترة، ولم يعلم أن أهل العلم يعدون أن شرط التواتر

(1) توجد في المقدمة ههنا: (فيما يروى).
(2) في المقدمة (علوم الحديث) (من) بدل (في).
(3) في المقدمة (تطلبه) بدل (ذلك).
(4) المقدمة (تحقيق الدكتور نور الدين عتر): 268.
(5) (الحازمي) كما ذكر ذلك ملا علي القارئ في شرحه على شرح نخبة الفكر: 29.
(6) شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852 ه‍).
(7) شرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل الأثر لابن حجر العسقلاني: 30.
وقال الدكتور نور الدين عتر في التوفيق بين قول ابن الصلاح وقول ابن حجر ما هذا نصه: (ويمكن ان نوفق،
بأن ما قاله ابن الصلاح أراد به المتواتر اللفظي، وظاهر أنه قليل الوجود، وما قاله الحافظ ابن حجر أراد به
المتواتر الذي يشمل المعنوي وهو كثير).
منهج النقد: 407، وهامش الصفحة 268 من مقدمة ابن الصلاح.
(8) المقصود هو كتاب: (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) لابن حجر العسقلاني (773 - 852 ه‍).
(9) الدراية: 15 (البقال 1: 68).
(10) أي وتبع ابن حجر في دعوى كثرة الأحاديث المتواترة.
(11) ذكره في كشف الظنون 2: 1301 ونسبه للسيوطي.
(12) ذكره مؤلفه في كتابه (تدريب الراوي): 374.
(13) أي وليس ذلك الادعاء بغريب من السيوطي.
98

مفقود فيها من جهة الابتداء. (1).
(الأحاديث المتواترة)
والحاصل، صرح جدي الشهيد الثاني (2):
(بأنه لم يتحقق إلى الان خبر خاص بلغ حد التواتر إلا حديث: (من كذب علي
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). (3).
ونقل عن ابن الصلاح من العامة: (أن من سأل عن إبراز مثلا لذلك (فيما يروى من
الحديث) (4) أعياه طلبه) (5)، ثم قال ابن الصلاح:
(وحديث (إنما الأعمال بالنيات) (6) ليس من ذلك (7)، وان نقله عدد التواتر وأكثر (8)،

(1) قال ابن الصلاح في المقدمة (ص: 267):
(فإنه (أي الخبر المتواتر) الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة، ولا بد في إسناده من استمرار هذا
الشرط في رواته من أوله إلى منتهاه).
وانظر تدريب الراوي - ص: 373، والدراية - ص: 12.
(2) الدراية - ص: 14 - 15.
(3) صحيح البخاري (شرح الكرماني) 2: 117 باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم رقم: 110
وهو جزء من حديث وفي الباب عدة أحاديث بلفظ مختلف.
أصول الكافي - للشيخ الكليني - كتاب فضل العلم - باب اختلاف الحديث 1: 62 / 1
كتاب من لا يحضره الفقيه - للشيخ الصدوق - باب معرفة الكبائر التي أوعد الله عز وجل عليها النار 3:
372 / 4942. وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار).
وفي ج 4 - باب النوادر - ح: 5762 - ص: 268. وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(يا علي من كذب علي متعمدا فلتبوأ مقعده من النار).
(4) ساقطة من المتن.
(5) المقدمة لابن الصلاح: 268.
(6) البخاري: 1: 2 وباب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله، 1: 13: و 2: 759، 793.
صحيح مسلم: 3: 1515: 1516.
وسائل الشيعة: 1: 34 / 10 كتاب الطهارة - باب 5 - وجوب النية.
(7) من التواتر.
(8) في المقدمة: (زيادة).
99

لان ذلك (1) طرأ عليه في أوساط (2) إسناده (3) (4) انتهى.
(التواتر اللفظي)
أقول: لا إفراط ولا تفريط، فان حديثي الغدير (5) والمنزلة (6) متواتران عندنا.
وحديث (من كذب علي الخ) متواتر بالاتفاق، بل الحق أن التواتر اللفظي في أخبارنا غير
عزيز، لتدوين الأصول الأربعمائة (7) وغيرها في أيامهم (عليهم السلام).
قال عمي العلامة السيد صدر الدين (8):
(والخبر المتواتر الظني الدلالة مثل: (لا ضرر ولا ضرار) (9) و (لا يسقط الميسور
بالمعسور) (10) و (لا عمل الا بنية). (11).
ولا يدخل مجرد اختلاف اللفظ في المتواتر معنى)
انتهى.
ثم الكتب متواترة إلى أربابها، ولذا قال السيد المرتضى في (التبانيات) (12):

(1) اي التواتر.
(2) في المقدمة: وسط.
(3) لان هذا الحديث تفرد بروايته عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم علقمة عنه، ثم محمد بن
إبراهيم عن علقمة، ثم عنه يحيى بن سعيد. (انظر تدريب الراوي: 147).
فهذا الحديث ليس متواترا لأنه فقد شرط التواتر في أوله كما نبه عليه غير واحد وإنما انتشر الحديث بعد
يحيى بن سعيد فرواه عنه أكثر من مائتي شخص.
علوم الحديث ومصطلحه - للدكتور صبحي الصالح -: 151.
(4) مقدمة ابن الصلاح: 268.
(5) سيأتي سند الحديث.
(6) سيأتي سند الحديث.
(7) وهي الأصول الحديثية التي ألفها الشيعة في القرن الأول والثاني والثالث الهجري حيث دونوا بها الأحاديث
التي تلقوها عن الأئمة عليهم السلام مباشرة أو بالواسطة.
واقرأ عن الأصول الأربعمائة بحثا مستوعبا في دائرة المعارف الشيعية للسيد حسن الأمين - المجلة الأول -
الجزء الخامس وهو بقلم السيد محمد حسيني الجلالي.
(8) السيد صدر الدين وستأتي ترجمته.
(9) فروع الكافي - ج 5 - كتاب المعيشة - باب الضرار - ح 2 - ح 8، الفقيه - 3 / 147 - ح - 3859.
(10) غوالي اللئالي - 4: 58 / 205 والموجود في النسخة قال النبي (ص) (لا يترك الميسور بالمعسور).
(11) الكافي: 2: 84 / 1 - باب النية، الوسائل: 1: 33 / 1 كتاب الطهارة - باب 5 وجوب النية في العبادات.
(12) رسائل الشريف المرتضى - المجموعة الأولى - إعداد السيد مهدي الرجائي: 26.
100

(إن أخبارنا أكثرها متواترة). (1).
وفي وجود المتواتر في الكتب الأربعة (2) إشكال، وإن كان رواية المشايخ الثلاثة (3)
تواتر بلا ريب.
(التواتر المعنوي)
والمتواتر معنى أكثر من أن يحصى، كشجاعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، والشجاعة
الحسينية (4)، وكرم حاتم، وأمثال ذلك.
ثم اعلم أن الخبر المتسامع وكذا المتظافر (5) يشاركان الخبر المتواتر في إفادة العلم،
ويفترقان عنه من بعض الوجوه (6) كما حرر في الأصول.
وليست الثلاثة من مباحث علم الاسناد والدراية، لأنها لا يبحث عن رجالها،
ويجب العمل بها مطلقا. (7).

(1) قال: (.. ليس كل ما رواه أصحابنا وأودعوه في كتبهم وإن كان مستندا إلى رواة معدودين من
الآحاد، معدودا في الحكم من اخبار الآحاد، بل أكثر هذه الأخبار متواتر موجب للعلم...).
(2) 1 - كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني (المتوفى سنة 328 أو 329 ه‍) ثمانية أجزاء.
2 - من لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن الحسين، الشيخ الصدوق، (المتوفى سنة 381 ه‍) أربعة أجزاء.
3 - التهذيب لمحمد بن الحسن، الشيخ الطوسي (المتوفى سنة 460 ه‍)، عشرة أجزاء.
4 - الاستبصار للشيخ الطوسي، أربعة أجزاء.
(3) المشايخ الثلاثة هم، الشيخ الكليني، والشيخ الصدوق، والشيخ الطوسي.
(4) الشجاعة التي أظهرها الحسين بن علي بن أبي طالب يوم عاشوراء في حربه ضد الجيش الأموي.
(5) الخبر المتسامع والمتظافر، كالاخبار عن البلدان والوقائع والشخصيات التاريخية.
(6) أنظر مقباس الهداية: 1: 91.
(7) لأنها تقيد العلم بالصدور ما دامت متواترة بهذه الصفة.
101

(الثاني: خبر الواحد)
(وإلا)، إذا لم ينته الحديث إلى التواتر أو التظافر والتسامع (فخبر آحاد)، سواء
كان الراوي واحدا أو أكثر.
(ولا يفيد بنفسه) - مع قطع النظر عن القرائن - (إلا ظنا).
ومرادنا بالقرائن: المزايا التي توجب الظن بالصدور، لا القرائن الأربع المعروفة التي
تنظمه في سلك العلميات، وتخرج به عن سنن الآحاد، أعني:
موافقة الكتاب،
وموافقة السنة المعلومة،
وموافقة إجماع الطائفة،
وموافقة الأصول العقلية،
فإنهم اجمعوا على اعتبار الخبر المحفوف بأحد هذه الأربع.
واختلفوا في الخبر الظني، وهو الموضوع في هذا الفن، والمنقسم في هذا الفن إلى أقسام
عديدة باعتبارات عديدة، ستقف عليها، إن شاء الله تعالى.
(أقسام خبر الواحد)
وأما العامة:
فقد قسم بعضهم الحديث إلى خمسة وأربعين نوعا، قال:
(إن الحديث ينقسم إلى محتج به وغير محتج به، وكل منهما يكون مجمعا عليه ومختلف
.
102

فيه، وبهذا الاعتبار بلغت أنواع الحديث عندنا خمسة وأربعين نوعا، وهي:
(1) المتواتر،
(2) والآحاد،
(3) والمشهور،
(4) والصحيح،
(5) والحسن،
(6) والصالح،
(7) والضعيف،
(8) والمضعف،
(9) والغريب،
(10) والعزيز،
(11) والمسند،
(12) والمتصل،
(13) والمرفوع،
(14) والموقوف،
(15) والمقطوع،
(16) والمرسل،
(17) والمدلس،
(18) والمعنعن،
(19) والموثق،
(20) والمنقطع،
(21) والمعلق،
(22) والمعضل،
(23) والشاذ،
.
103

(24) والمنكر،
(25) والفرد،
(26) والمعلل،
(27) والمدرج،
(28) والمضطرب،
(29) والمقلوب،
(30) والمركب،
(31) والمنقلب،
(32) والمصحف،
(33) والموضوع،
(34) والمسلسل،
(35) والعالي،
(36) والنازل،
(37) والناسخ،
(38) والمنسوخ،
(39) والمختلف،
(40) والمدبج،
(41) وزيادات الثقات،
(42) والاعتبار،
(43) والشواهد،
(44) والمتابعات،
(45) وغريب الحديث.
وقسم جدي في الدراية الخبر الواحد إلى ثلاثين نوعا، أصولها عنده الأربعة المعروفة
وهي:
.
104

(1) الصحيح،
(2) والحسن،
(3) والموثق،
(4) والضعيف.
وفروعها ستة وعشرون، ثمانية منها يختص عنده بالضعيف، وثمانية عشر يشترك
فيها الأنواع الأربعة.
فالمشترك:
(1) المسند،
(2) والمتصل،
(3) والمرفوع،
(4) والمعنعن،
(5) والمعلق،
(6) والمدرج،
(7) والمشهور،
(8) والعزيز،
(9) والمصحف،
(10) والعالي،
(11) والشاذ،
(12) والمسلسل،
(13) والمزيد،
(14) والمختلف،
(15) والناسخ،
(16) والمنسوخ،
(17) والغريب لفظا،
.
105

(18) والمقبول.
والمختص بالضعيف:
(1) الموقوف،
(2) والمقطوع،
(3) والمزيد،
(4) والمعلل،
(5) والمدلس،
(6) والمضطرب،
(7) والموضوع.
والمصنف لم يذكر جملة من ذلك لقلة اتفاقه في أحاديثنا، وأنا ذكرته لازدياد
البصيرة، كما أني ذكرت جملة مما لم يذكره جدي في البداية أيضا، لذلك.
ثم اعلم أن المصنف لم يسلك في هذه الوجيزة طريقة أهل هذا الفن في ترتيب
الأقسام والأنواع، فإنهم يبدأون في التقسيم بذكر أصول الأقسام، ثم يذكرون الأقسام
المشتركة بينها جميعا، ثم الأقسام التي تخص الضعيف.
وبعضهم يذكر الأقسام الأولية ثم يعدد سائر الأنواع المتفرعة عليها من غير إشارة
إلى ما يشترك وما يختص.
لكن المصنف لما كان بناؤه على الايجاز في البيان، ترك الترتيب وتفنن بالتعبير،
وقسم باعتبارات تساعد على الايجاز في العبارة، وهذا هو الايجاز المخل بالترتيب المعتبر
رعايته في هذا الفن، ولا بد لنا إلا المتابعة له في شرح ذلك.
ثم اعلم أن بعض أجلة المدققين قال بعد ذكر جملة كثيرة من أقسام الحديث:
(فهذه واحد وعشرون ضربا من أقسام الحديث الفرعية في كل من أقسامه الخمسة
الأصلية، وهناك ضروب أخر فرعية يقال في الأشهر إنها لا تصح في الصحيح على المعنى
المعقود عليه الاصطلاح بالحقيقة، بل لا يصح إلا في الضعيف، ولكن بالمعنى الأعم لا بالمعنى
الحقيقي في المصطلح الذي هو أحد الأقسام الخمسة الأصلية، هي هذه) ثم ذكر بعد قوله
.
106

(هي هذه):
(1) المرسل،
(2) والمقطوع،
(3) والمعضل،
(4) والموقوف،
(5) والمقطوع في الوقف،
(6) والمدلس،
(7) والمضطرب،
(8) والمقلوب،
(9) والموضوع.
انتهى.
واعترضه بعض الأفاضل: (بان اقسام الحديث من الخمسة الأصلية الفرعية
المتفرعة عليها والمتشعب منها ما لا يحصى ولا يستقصى عدها وحصرها، وذلك إذا
لوحظت الأقسام الفرعية بعضها مع البعض من الوحدة والتركيب الثنائي والثلاثي
والرباعي، وهكذا مما يسعه مقام كل واحد منها لذلك، بحسب شأنه وحقيقته القابلة.
أما ترى أن الضعيف الذي تتفاوت درجاته، بحسب بعده من شروط الصحة - وقد
يقال لأعلاها المضعف أيضا - ترتقي أقسامه إلى قرب من خمسين قسما بل أزيد!، فكلها
داخلة تحت الضوابط المذكورة.
فإن أردت أن تهتدي إلى معرفة ذلك في الضعيف مثلا، فاعلم أن طريق بسط
أقسامه، أن تجعل ما عدمت فيه صفة معينة قسما، وما عدمت فيه هي وأخرى قسما ثانيا،
وما عدمتا فيه وثالثة قسما ثالثا، ثم كذلك إلى آخرها.
ثم تعين صفة من الصفات التي قرنتها مع الأولى فتجعل:
ما عدمت فيه وحدها قسما، وما عدمت فيه هي وأخرى تعينها غير الأولى قسما.
ثم كذلك على ما تقدم مثاله: (المنقطع الشاذ المرسل المضطرب) قسم رابع،
107

ثم كذلك إلى آخر الصفات.
ثم تعود وتقول:
الشاذ فقط قسم خامس مثلا.
(الشاذ المرسل) قسم سادس.
(الشاذ المرسل المضطرب) قسم سابع.
ثم تقول:
المرسل فقط قسم ثامن.
(المرسل المضطرب) قسم تاسع.
(المرسل المضطرب المعضل) قسم عاشر.
وكذلك إلى آخرها.
فإذا أضفت إلى ذلك الأقسام المتصورة والتراكيب المعقولة للصحيح ولا سيما بعد
ملاحظة درجات الصحيح، وأخذها من الفوق إلى التحت، وما بينها من المراتب الكثيرة،
وهكذا الحال في الموثق والحسن والقوي وبعد ملاحظة أمر آخر أيضا، وذلك من جريان
التدليس والاضطراب والقلب، وتمشيتها في الصحيح والحسن والموثق والقوي، تجد ما
أشرنا إليه من دعوى خروج الصور والأقسام عن حد الاحصاء والاستقصاء من الدعوى
الصادقة.
فإتقان الامر واستحكامه في هذا المقام بضبط الأقسام والصور والضروب والأنواع
مما له منفعة عظيمة، وفائدة كثيرة في باب التعارض والترجيح.
فهذا كله إن أراد التمهر والحذاقة في هذه الصناعة).
انتهى.
وأنت خبير بأن غرض القوم حصر الأقسام بحسب القسمة الأولية، ثم حصر
فروعها الأصلية المتفرعة عليها. وأما الضروب والتركيب فليس من وظائف هذا الفن،
فعلينا أن نذكر الأصول والأنواع، وعلى من أراد التمرين في الترجيح التفريع والضرب.
108

(تنويع الحديث)
109

(أدلة صاحب الحدائق على بطلان تنويع الحديث)
وحيث تعرض المحدث البحراني (1) في مقدمة الحدائق لابطال أصل التنويع
والتقسيم، رأيت أن أتعرض لابطالها وشرح الجواب عنها قبل الشروع في ذكر التقسيمات
المذكورة حتى لا يبقى قول لقائل.
قال رحمه الله:
(لنا على بطلان هذا الاصطلاح وصحة أخبارنا وجوه:
الوجه الأول:
ما قد عرفت في المقدمة الأولى من أن منشأ الاختلاف في أخبارنا إنما هو التقية من
أهل (2) الخلاف، لا من دس الاخبار المكذوبة حتى يحتاج إلى هذا الاصطلاح. على أنه متى
كان السبب (3) والداعي إنما هو دس الأحاديث المكذوبة - كما توهموه رحمهم الله (4) -
ففيه:

(1) هو الشيخ يوسف بن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني، (1107 - 1168 ه‍) صاحب الموسوعة الفقهية
المعروفة (الحدائق الناظرة)، وهو رجل عالم فقيه محدث، عرف بقدرته الفائقة على الاستدلال وبراعته في
إقامة البرهان.
(2) في الحدائق: (من ذوي) بدل (من أهل).
(3) في الحدائق لا توجد (واو).
(4) في الحدائق (رضوان الله عليهم).
111

انه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم، لأنهم (1) قد أمرونا بعرض ما شك فيه من
الاخبار على الكتاب والسنة، فيؤخذ بما وافقهما ويطرح ما خالفهما. و (2) الواجب في تميز
المخبر (3) الصادق من الكاذب مراعاة ذلك. وفيه غنية عما تكلفوه.
ولا ريب (أن) (4) اتباع الأئمة (عليهم السلام) أولى من اتباعهم). (5).
انتهى الوجه الأول، وفيه:
(الرد على الوجه الأول)
إن اختلاف الاخبار كما كان للتقية كذلك يكون للنقل بالمعنى، وإغفال قرائن
الأحوال، والخطأ، والنسيان، والكذب، والدس، وغير ذلك من الوجوه، كما لا يخفى على
الخبير، وقد نقلت بعض ذلك عند التعرض للوضع في الحديث.
وكيف يستبطأ ذلك (6) من المنحرفين وأعداء الدين؟.
وأقصى ما في الوثاقة واشتهار الكتب بين الطائفة غلبة الظن بالصدور.
وقوله رحمه الله: (لأنهم قد أمرونا بعرض ما شك... إلى آخره) غريب. وأين يقع ما
في الكتاب المجيد والسنة المعلومة من أخبار دون منها أربعمائة أصل، وسود بها ما يزيد على
أربعة آلاف كتاب.
ثم إنهم عليهم السلام كما أمرونا بالعرض على الكتاب والسنة، فقد أمرنا الله
عز وجل، وأمرونا بالتبين عند خبر الفاسق والاخذ بما يروي الصادق، وتقديم رواية
الأصدق، والأعلم، والأورع، فكيف استباح الشيخ عليهم الحكم بمخالفة الأئمة
عليهم السلام حتى صح له أن يقول: إن اتباع الأئمة - عليهم السلام - أولى من اتباعهم؟.
على أن هؤلاء الاخبارية لا يراعون في الحكم بالصحة والقطع بالصدق عرضا على كتاب

(1) في الحدائق ههنا إضافة: (عليهم السلام).
(2) في الحدائق (فالواجب) بدل (والواجب).
(3) في الحدائق (الخبر) بدل (المخبر).
(4) ساقطة من المتن.
(5) كتاب الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة (طبعة جماعة المدرسين بقم): المقدمة الثانية: 1: 16.
(6) الكذب والدس.
112

ولا سنة، ولا يختلفون بهما، ولا يراعون مكانهما، فلم يتابعوا العلماء ولا الأئمة.
ثم قال:
الوجه الثاني:
(الثاني: ان التوثيق والجرح الذي بنوا عليه تنويع الاخبار إنما أخذوه من كلام
القدماء، وكذلك الاخبار التي رويت في أحوال الرواة من المدح والذم إنما أخذوها عنهم،
فإذا اعتمدوا عليهم في مثل ذلك فكيف لا يعتمدون عليهم في تصحيح ما صححوه من
الاخبار واعتمدوه وضمنوا صحته، كما صرح به جملة منهم، كما لا يخفى على من لاحظ
ديباجتي الكافي (1)، والفقيه (2)، وكلام الشيخ في العدة (3)، وكتابي الاخبار. (4)
فإن كانوا ثقاتا عدولا في الاخبار بما أخبروا (5) به ففي الجميع، وإلا فالواجب
تحصيل الجرح والتعديل من غير كتبهم.
وأنى (6) به؟.
لا يقال: إن اخبارهم بصحة ما رووه في كتبهم يحتمل الحمل على الظن القوي

(1) جاء في مقدمة كتاب الكافي للشيخ الكليني (1: 8 - 9) ما لفظه:
(وقلت: انك تحسب ان يكون عندك كتاب كاف يجمع (فيه) من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم،
ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه ما يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم
السلام، والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله...) إلى
أن قال:
(وقد يسر الله - وله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت...).
(2) جاء في مقدمة كتاب الفقيه للشيخ الصدوق (1: 12) ما هذا لفظه:
(فأجبته - أدام الله توفيقه - إلى ذلك لأني وجدته أهلا له، وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد، لئلا أكثر
طرقه وان كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيرادها ما أفتي
به، وأحكم بصحته، واعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي - تقدس ذكره، وتعالت قدرته - وجميع ما فيه
مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول واليها المرجع).
(3) عدة الأصول للشيخ الطوسي - الفصل الحادي عشر في ذكر القرائن التي تدل على صحة أخبار الآحاد أو
على بطلانها (طبعة مؤسسة آل البيت): 1: 367.
(4) كتاب التهذيب، وكتاب الاستبصار للشيخ الطوسي.
(5) كذا في الحدائق وفي المتن: (خبروا).
(6) توجد في الحدائق ههنا زيادة: (لهم).
113

باستفاضة، أو شياع، أو شهرة معتد بها، أو قرينة، أو نحو ذلك مما لا (1) يخرجه عن
محوضة (2) الظن.
لأنا نقول فيه:
أولا: إن أصحاب هذا الاصطلاح مصرحون بكون مفاد الاخبار عند المتقدمين هو
القطع واليقين، وانهم إنما عدلوا عنه إلى الظن لعدم تيسر ذلك لهم كما صرح به في المنتقى (3)،
ومشرق الشمسين. (4)
وأما ثانيا: فلما تضمنته تلك العبارات (5) عما هو صريح في صحة الاخبار، بمعنى
القطع واليقين بثبوتها عن المعصومين عليهم السلام.
فإن قيل: تصحيح ما حكموا بصحته أمر اجتهادي، لا يجب تقليدهم فيه، ونقلهم
المدح والذم رواية يعتمد عليهم. (6)
قلنا فيه: إن إخبارهم بكون الراوي ثقة أو كذابا أو نحو ذلك، إنما هو أمر اجتهادي
استفادوه (7) بالقرائن المطلعة على أحوالهم. (8)) (9).
انتهى الوجه الثاني، وفيه مواقع للنظر.
(الرد على الوجه الثاني)
أما قوله: (ان التوثيق والجرح... إلى آخر) ففيه: ان الجرح والتعديل للماضين بالنقل،
وقد جرت عادتهم بالتشدد فيه، حتى إنهم لا يكتفون في الحكم بالوثاقة بصحبة الامام

(1) لا توجد في الحدائق كلمة (لا).
(2) قال في لسان العرب (7: 141 - مادة حوض): والمحوض: بالتشديد: شئ يجعل للنخلة كالحوض يشرب
منه.
(3) منتقى الجمان: 1: 2 - 3.
(4) مشرق الشمسين من كتاب الحبل المتين: 270.
(5) العبارات الواردة في الكتب الأربعة.
(6) في الحدائق توجد إضافة (فيه) هنا.
(7) كذا في المصدر وفي المتن: (استفاده).
(8) في الحدائق ههنا زيادة: (أيضا).
(9) الحدائق: 1: 17.
114

وملازمته والاخذ عنه، ولا بالرواية والتأليف وتناول العلماء منه وأخذهم عنه، بل بما يجئ
في وصفه من نحو (وجه) أو (فاضل) أو (دعاء الامام له) أو (ترحمه عليه) أو
نحو ذلك مما يأتي تفصيله، ولا يقنعون بواحدة دون أخرى حتى يجئ من ذلك بناء بين،
ويشتهر الامر، ويشيع النقل، كما نحكم بوثاقة مشائخنا المعاصرين، وعلمائنا السابقين
المشاهير. فإذا حكى الثقة وجب قبوله، وامتنع رده الا ان يختلفوا فيه، فيجب حينئذ
الاجتهاد والترجيح، وهذا بخلاف تصحيح الاخبار والاعتماد عليها، فإنه إنما يكون
بالاجتهاد، فلا بد من الاجتهاد، ولذلك ترى المتأخر لا يعتمد على تصحيح المتقدم وإن كان
من أجلاء العلماء، كما رأيت الصدوق مع الكليني، والشيخ رحمه الله (1) معهما، والثلاثة مع
من تقدمهم.
اللهم إلا أن يجمعوا على خبر، أو يشتهر فيما بينهم فيؤخذ به ولا يسوغ رده.
فكيف يقاس أحدهما بالآخر مع هذا الفرق الظاهر - وان خفي على الشيخ
وأصحابه الاخبارية - حتى كانت هذه الشبهة من أعظم شبههم، وجعلوا يعيبون بها على
العلماء الأعلام، ثم قالوا بالقطع بالصدور، وأقصى ما هناك الظن وسكون النفس؟
وقوله: (لا يقال إلى... آخره) ليس هو الشك والاحتمال بل اليقين. (2)
(معنى صحة الخبر عند القدماء)
وهل معنى صحة الخبر لديهم (3) إلا كونه بحيث يصح الاخذ به والاعتماد عليه
لوجوده في أصل معتمد، أو كتاب معتبر، أو حكم جليل يعتمد بصحته، كما يقبل
الصدوق ما يصححه شيخه ابن الوليد، بل ما يرويه كما رأيت في خبر المسمعي. يقول
الصدوق: (وكان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد سئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي

(1) أي الشيخ الطوسي.
(2) أي بل اليقين بأن إخبار من مثل الكليني والصدوق بصحة ما رووه في كتبهم - كما قال صاحب الحدائق في
الوجه الثاني - يحمل على الظن القوي باستفاضة أو شياع أو شهرة معتد بها أو قرينة، لا مجرد احتمال ذلك.
(3) لدى القدماء.
115

راوي هذا الحديث، وإنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب، لأنه في كتاب الرحمة، وقد
قرأته عليه فلم ينكره) (1).
ورواه إلى آخره لشدة اعتماده عليه. ولا يعتمد على الكليني مع جلالته، وأقصى
مراتبه (2) ان يستفيض أو يشتهر.
و (3) متى اخذ القطع في الصحة؟ نعم: إذا كان متواترا أو مجمعا عليه فهنالك القطع.
(كلام صاحب مشرق الشمسين في المقام)
وقوله: (لأنا نقول... إلى آخره)، غريب، (لان) أقصى ما في (مشرق الشمسين)
الوثوق والاعتماد، وذلك أنه بعد أن ذكر ان الصحيح عند المتقدمين هو ما اعتضد بما يقتضي
اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه، إما لوجوده في كثير من
الأصول، وتكرره في أصل أو أصلين بطرق مختلفة وأسانيد معتبرة، أو لوجوده في أصل من
أجمعت له العصابة (4)، أو اتفقوا على العمل بأخباره

(1) عيون أخبار الرضا - باب 30: 2 / 45.
(2) أي وأقصى مراتب صحة الخبر عندهم ان يستفيض الخبر أو يشتهر لا أن يبلغ درجة القطع.
(3) هذا أشكال جديد من المؤلف على قول صاحب الحدائق (وأما ثانيا).
(4) وهم الرواة الذين ادعى الشيخ الكشي الاجماع على تصحيح ما يصح عنهم أو تصديقهم، وهم ثمانية عشر
رجلا، حيث قسمهم إلى طوائف ثلاث، كل ستة منهم طائفة، فقال تحت عنوان (تسمية الفقهاء من أصحاب
أبي جعفر (ع)، وأبي عبد الله (ع):
(اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوليين من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، وأصحاب أبي عبد الله
عليه السلام، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا أفقه:
الأولين ستة، زرارة، ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن
مسلم الطايفي.
قالوا: وأفقه الستة زرارة.
وقال بعضهم مكان أبو بصير الأسدي: أبو بصير المرادي، وهو ليث بن البختري)
(اختيار معرفة الرجال (تحقيق مصطفوي): 238 / 431).
(ثم قال تحت عنوان تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله (ع)):
(وأجمعت العصابة على تصحيح ما يصح من هؤلاء، وتصديقهم لما يقولون، وأقروا لهم بالفقه، من دون أولئك
الستة الذين عددناهم وسميناهم ستة نفر، جميل بن دراج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحماد بن
عثمان، وحماد بن عيسى، وأبان بن عثمان. قالوا:
وزعم أبو إسحاق الفقيه - وهو ثعلبة بن ميمون - ان أفقه هؤلاء جميل بن دراج، وهم أحداث
أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام).
(اختيار معرفة الرجال: 375 / 705)
ثم قال تحت عنوان (تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم (عليه السلام) وأبي الحسن الرضا (عليه السلام).
وأجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح من هؤلاء، وتصديقهم، وأقروا لهم بالفقه، والعلم. وهم ستة نفر أخر،
دون الستة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، منهم: يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن
يحيى بياع السابري، ومحمد بن أبي عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي
نصر.
وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب، الحسن بن علي بن فضال، وفضالة بن أيوب.
وقال بعضهم مكان فضالة بن أيوب: عثمان بن عيسى.
وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى).
(اختيار معرفة الرجال: 556 / 1050)
116

ك‍ (عمار) (1) وأضرابه، أو كان في كتاب قد عرض على المعصوم (عليه السلام). (2)
أو في أحد الكتب التي شاع بين السلف الوثوق بها والاعتماد عليها، سواء كان مؤلفها
من الفرقة المحقة، ككتاب حريز (3)، وكتب ابني سعيد (4)، وعلي بن مهزيار (5)، أو من
غيرهم، ككتاب حفص بن غياث (6)، وكتاب القبلة للطاطري (7).
وذكر (8) أن هذا هو الذي أراد الصدوق بصحة ما أورده في

(1) كعمار الساباطي وغيره من الفطحية والواقفية والناووسية، كما صرح بذلك الشيخ الطوسي في العدة: 1:
381.
(2) كتاب الحلبي، الذي عرض على الإمام الصادق فصححه، وكتاب يوم وليلة ليونس بن عبد الرحمن، الذي
عرض على الإمام العسكري وامتدحه.
انظر فهرس رجال النجاشي (مؤسسة النشر الاسلامي لجماعة المدرسين بقم: 230 / 612، 446 / 1208).
(3) كتاب الصلاة لحريز بن عبد الله السجستاني. (رجال النجاشي - 144 / 375).
(4) الحسن، والحسين ابني سعيد.
قال النجاشي (58 / 136 - 137): (الحسين بن سعيد... شارك أخاه الحسن في الكتب الثلاثين المصنفة.
(5) قال النجاشي (253 / 664) عنه: (وصنف الكتب المشهورة وهي مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة).
(6) في المتن: (جعفر) بدل (حفص)، وهو تصحيف. قال الشيخ الطوسي في الفهرست: (حفص بن غياث
القاضي: عامي المذهب، له كتاب معتمد، أخبرنا به عدة من أصحابنا...) (انظر الفهرست: 61 / 232).
(7) قال الشيخ الطوسي في الفهرست (92 / 380):
(علي بن الحسن الطاطري الكوفي: كان واقفيا، شديد العناد في مذهبه، صعب العصبية على من خالفه من
الامامية) وذكر من كتبه كتاب (القبلة).
وقال النجاشي (254 / 667):
(وكان فقيها، ثقة في حديثه، وكان من وجوه الواقفة وشيوخهم) وعد من كتبه كتاب (القبلة).
(8) أي الشيخ البهائي في مشرق الشمسين.
117

كتابه (1)، لما أشار إليه من أخذه من الكتب المعتمدة. قال ما تقدم نقله عنه بلفظه في أول
الكتاب في بيان وجه الحاجة إلى هذا العلم، فراجعه.
ثم ذكر أنهم (ربما يسلكون طريقة القدماء (في بعض الأحيان) (2) فيصفون مراسيل
بعض المشاهير كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى بالصحة، لما شاع من أنهم لا يرسلون
إلا (3) عن ثقة (4)، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنه
فطحي (5) أو ناووسي (6) بالصحة نظرا إلى اندراجه فيمن أجمعوا (7) على تصحيح ما
يصح عنه (8)) (9).
هذا كل ما ذكره في مشرق الشمسين، وأما صاحب المنتقى فقد نقلت كلامه أيضا
هناك مع كلام مشرق الشمسين - فراجعه - وهما سواء.
وأقصى ما في كلام السيد (10) دعوى تواتر الأكثر فيهم، مع أنه لا زال يرد هذه الأخبار
المروية في كتبنا المعتبرة - كهذه الجوامع الأربعة (11) - بأنها أخبار آحاد لا توجب
علما ولا عملا.
فكيف يحكم بالقطع في الكل أو بالصحة مع هذا الاختلاف العظيم؟.
ومنه يظهر ما في قوله، (وأما ثانيا.. الخ).

(1) كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق. انظر (طبعة مؤسسة الأعلمي): 1: 12 - 14.
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) في مشرق الشمسين: (إلا عمن يثقون بصدقه).
(4) انظر كتاب عدة الأصول للشيخ الطوسي: 1: 386.
(5) كعبد الله بن بكير وهو فطحي المذهب كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي في فهرسته، 106 / 452، لكن الشيخ
الكشي عده من جملة الفقهاء الستة من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام كما مر. (انظر اختيار معرفة
الرجال: 352 / 660).
(6) كابان بن عثمان، وهو ناووسي المذهب (انظر اختيار معرفة الرجال: 352 / 660) وقد عده الشيخ
الكشي من جملة الفقهاء الستة من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، الذين أجمعت العصابة على تصحيح
ما يصح عن هؤلاء، وتصديقهم لما يقولون، وأقروا لهم بالفقه، كما مر ذلك فراجع.
(7) تقدم فراجع.
(8) في مشرق الشمسين: (عنهم) بدل (عنه).
(9) مشرق الشمسين عن كتاب الحبل المتين: 270.
(10) كلام السيد المرتضى المتقدم في موضوع: الحاجة إلى علم الدراية.
(11) الكافي والفقيه والتهذيب والاستبصار.
118

وقوله: (فان قيل.. الخ) هذا السؤال ظاهر كما لا يخفى على ناظر، وما أجاب به عن
المعارضة بالتوثيق عرفت فساده، لظهور الفرق بين الامرين من حيث إن الغالب في الجرح
والتعديل إنما هو النقل، وما يتفق في البعض من التحصيل، فمرجعه إلى نقل مأخذه من
حكاية آثاره وأخباره الظاهرة في وثاقته، فقد آل إلى النقل، وأين هذا من الاجتهاد
وترجيع الاخبار وجمعها؟.
قال رضي الله عنه:
الوجه الثالث:
(الثالث: تصريح جملة من العلماء الأعلام وأساطين الاسلام، ومن بينهم (1) المعتمد
في النقض والابرام من متقدمي الأصحاب، ومن متأخريهم، الذين هم أصحاب هذا
الاصطلاح أيضا، بصحة هذه الأخبار، وثبوتها عن الأئمة الأبرار - عليهم السلام - لكنا
نقتصر على ما ذكره أصحاب (2) هذا الاصطلاح في المقام، فإنه أقوى حجة في مقام النقض
والالزام.
فمن ذلك:
(كلام الشهيد الأول في الذكرى)
ما صرح به شيخنا الشهيد رحمه الله (3) في (الذكرى) في الاستدلال على وجوب
اتباع مذهب الإمامية، حيث قال ما حاصله (4):
(انه كتب من أجوبة مسائل أبي عبد الله عليه السلام - أربعمائة مصنف لأربعمائة
مصنف، ودون من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق والحجاز وخراسان

(1) في الحدائق (منهم) بدل (من بينهم).
(2) في الحدائق: (أرباب) بدل (أصحاب).
(3) في الحدائق: (نور الله مضجعه) بدل (رحمه الله).
(4) أول العبارة في الذكرى هكذا: حتى أن أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام كتب من أجوبة...
119

والشام، وكذلك عن مولانا الباقر - عليه السلام - ورجال الباقي (1) معروفون مشهورون،
أولوا مصنفات مشهورة (2)، (3) فالانصاف يقتضي الجزم، لنسبة (4) ما نقل عنهم إليهم)، إلى
أن قال بعد عد جملة من كتب الاخبار وغيرها مما يطول تعدادها (5) بالأسانيد الصحيحة
المتصلة المنتقدة، والحسان، والقوية:
(فالأفكار بعد ذلك مكابرة محضة، وتعصب صرف (6). ثم قال:
(لا يقال: فمن أين وقع الاختلاف العظيم بين فقهاء الإمامية إذا كان نقلهم عن
المعصومين - عليه السلام - وفتواهم عن المطهرين عليهم السلام، لأنا نقول:
محل الخلاف إما من المسائل المخصوصة (7) أو مما فرعه العلماء.
والسبب في الثاني: اختلاف الأفكار (8) ومبانيها (9)، كما هو بين سائر علماء الأمة.
وأما الأول: فسببه اختلاف الروايات ظاهرا (10)، وقلما يوجد فيها التناقض
بسائر (11) شروطه، وقد كان الأئمة عليهم السلام في زمن تقية واستتار من مخالفيهم، فكثيرا
ما يجيبون السائل على وفق معتقده، أو معتقد بعض الحاضرين، أو بعض من عساه (12)
يصل إليه من المناوئين (13)، أو يكون عاما (14) مقصورا على سببه، أو قضية في واقعة

(1) في الحدائق والذكرى (باقي الأئمة) بدل (الباقي).
(2) في الحدائق (مشتهرة) بدل (مشهورة).
(3) في الذكرى ههنا زيادة: (ومباحث متكثرة، وقد ذكر كثيرا منهم العامة في رجالهم ونسبوا لبعضهم التمسك
بأهل البيت عليهم السلام.
وبالجملة اشتهار النقل عنهم عليهم السلام يزيد أصنافا كثيرة عن النقلة عن كل واحد من رؤساء العامة...
(4) في الحدائق: (بنسبة) بدل (النسبة).
(5) في الحدائق: (تعداده) بدل (تعدادها).
(6) الذكرى للشهيد الأول: 6.
(7) في الحدائق والذكرى: (المنصوصة).
(8) في الحدائق والذكرى (الانظار) بدل (الأفكار).
(9) في الحدائق والذكرى (مبادئها) بدل (مبانيها).
(10) كذا في الحدائق وفي المتن: (روايات ظاهر).
(11) في الحدائق والذكرى: (بجميع) بدل (بسائر).
(12) في المتن ههنا توجد (من) زائدة.
(13) كذا في المصدرين وفي المتن: (المشاهير).
(14) كذا في المصدرين وفي المتن: (تماما).
120

مختصة بها، أو اشتباها (1) على بعض النقلة عنهم، أو عن الوسائل بيننا وبينهم (2)). (3).
انتهى.
(تعليق صاحب الحدائق على كلام الشهيد الأول)
(ولعمري: إنه كلام نفيس، يستحق إن يكتب بالنور على وجنات الحور، ويجب أن
يسطر ولو على الحناجر بالخناجر (4). فانظر إلى تصريحه بل جزمه بصحة تلك الروايات
التي تضمنتها هذه الكتب التي بأيدينا، وتخلص (5) من الاختلاف الواقع بين الاخبار
بوجه (6) ينفي لاحتمال تطرق دخول الأحاديث الكاذبة في أخبارنا.) (7).
(كلام الشهيد الثاني في الدراية)
(ومن ذلك ما صرح به شيخنا الشهيد الثاني رحمه الله (8) في (شرح الدراية) حيث
قال:
(قد كان (9) استقر أمر الامامية (10) على أربعمائة مصنف (11) سموها أصولا (12)
فكان عليها (13) اعتمادهم، فتداعت (14) الحال إلى ذهاب معظم تلك الأصول (15)،

(1) كذا في الحدائق والذكرى وفي المتن: (اشتباها).
(2) في الحدائق ههنا زيادة: (عليهم السلام).
(3) الذكرى - للشهيد الأول: 6.
(4) في الحدائق: (ولو بالخناجر على الحناجر) بدل (ولو على الحناجر بالخناجر).
(5) في الحدائق: (وتخلصه) بدل (وتخلص).
(6) في الحدائق: (بوجوه تنفي احتمال) بدل (بوجه ينفي لاحتمال).
(7) في الحدائق: 1: 18.
(8) في الحدائق: (أعلى الله رتبته) بدل (رحمه الله).
(9) في الحدائق والدراية: (كان قد استقر) بدل (قد كان استقر).
(10) في الدراية: (المتقدمين) بدل (الامامية).
(11) في الدراية ههنا أضافة: (لأربعمائة مصنف).
(12) في الدراية: (الأصول) بدل (أصولا).
(13) في المتن: (عليه) بدل (عليها).
(14) في الحدائق (تداعت) وفي الدراية (ثم تداعت) بدل (فتداعت).
(15) كلمة (الأصول) غير موجودة في الدراية.
121

ولخصها جماعة في كتب خاصة تقريبا على المتناول.
وأحسن ما جمع منها (الكافي (1) والتهذيب (2)، والاستبصار (3)، ومن لا
يحضره الفقيه) (4).
(تعليق صاحب الحدائق على كلام الشهيد الثاني)
فانظر إلى شهادته (رحمه الله) (5) بكون أحاديث كتبنا أحاديث (6) تلك
الأصول (7).
ثم إن الظاهر أن تخصيصه هذه الكتب الأربعة بالأحسنية إنما هو من حيث اشتمالها
على أبواب الفقه كلا على الترتيب، بخلاف غيرها من كتب الاخبار كما لا يخفى على من
جاس تلك الديار.
(ردوهم)
ولا يتوهم: من ظن (8) قوله (فتداعت (9) الحال إلى ذهاب معظم تلك الأصول
ولخصها الخ) أن تلخيص تلك الجماعة لها إنما وقع بعد ذهاب معظمها فإن ذلك باطل:
أما أولا (10): فلان التلخيص وقع عطفه في كلامه بالواو، دون - ثم - المفيدة للترتيب.
وثانيا (11): فإن الظاهر - كما صرح به بعض فضلائنا - أن اضمحلال تلك الأصول

(1) في الدراية ههنا إضافة: (لمحمد بن يعقوب الكليني).
(2) في الدراية ههنا إضافة: (للشيخ أبي جعفر الطوسي).
(3) إنما ذكر الاستبصار ومن لا يحضره الفقيه في تضاعيف كلامه ولم يذكرهما مباشرة بعد هذا الكلام.
(4) الدراية: 17.
(5) في الحدائق: (قدس سره) بدل (رحمه الله).
(6) في الحدائق ههنا زيادة: (هي).
(7) في الحدائق توجد إضافة: (بعينها، وحينئذ فالطاعن في هذه كالطاعن في تلك الأصول).
(8) في الحدائق: (ظاهر) بدل (ظن).
(9) في الحدائق: (تداعت) وفي الدراية (ثم تداعت) بدل (فتداعت).
(10) في الحدائق: (فلان) بدل (لان).
(11) في الحدائق ههنا زيادة: (وأما).
122

إنما وقع بسبب الاستغناء عنها، بهذه (1) الكتب التي دونها أصحاب الاخبار، لكونها أحسن
منها جمعا، وأسهل تناولا، وإلا فتلك الأصول قد بقيت إلى زمان ابن طاوس (رحمه
الله (2))، كما ذكر أن أكثر تلك الكتب كانت (3) عنده، ونقل منها شيئا كثيرا كما يشهد (4) من
تتبع مصنفاته، وبذلك يشهد كلام ابن إدريس في آخر كتاب السرائر، حيث (5) نقل ما
استطرفه من جملة منها (6) وافرا من الاخبار (7).
وبالجملة فاشتهار تلك الأصول في زمن أولئك الفحول لا ينكره الا معاند
جهول) (8).
(كلام صاحب المعالم)
((9) ومن ذلك ما صرح به المحقق الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني حيث قال
في بحث (الإجازة) من المعالم ما صورته:
(أثر (10) الإجازة بالنسبة إلى العمل إنما يظهر حيث لا يكون متعلقها معلوما
بالتواتر ونحوه، ككتب أخبارنا الأربعة (11)، فإنها متواترة إجمالا، والعلم بصحة مضامينها
تفصيلا يستفاد من قرائن الأحوال، ولا مدخل للإجازة فيه غالبا.) (12)) (13).

(1) في المتن: (فهذه) بدل (بهذه).
(2) في الحدائق: (رضي الله عنه) بدل (رحمه الله).
(3) في الحدائق: (كان) بدل (كانت).
(4) في الحدائق: (به) بدل (من).
(5) في الحدائق ههنا زيادة: (انه).
(6) في الحدائق زيادة: (شطرا).
(7) انظر المستطرفات في الجزء الثالث من السرائر.
(8) الحدائق: 1: 18 - 19.
(9) لا زال الكلام لصاحب الحدائق.
(10) في الحدائق: (إن أثر).
(11) الكافي، الفقيه، التهذيب والاستبصار.
(12) المعالم للشيخ حسن بن الشهيد الثاني: 437.
(13) الحدائق: 1: 19.
123

(كلام الشيخ البهائي في الوجيزة)
ومن ذلك ما صرح به شيخنا البهائي (رحمه الله) (1) في وجيزته، حيث قال:
(جميع أحاديثنا إلا ما ندر تنتهي (2) إلى أئمتنا الاثني عشر (3)، وهم ينتهون فيها إلى
النبي (صلى الله عليه وآله)، إلى أن قال:
وقد كان (قد) (4) جمع قدماء محدثينا ما وصل إليهم من كلام أئمتنا (عليهم السلام) في
أربعمائة كتاب تسمى (الأصول)، ثم تصدى جماعة من المتأخرين شكر الله سعيهم لجمع
تلك الكتب وترتيبها، تقليلا للانتشار، وتسهيلا على طالبي تلك الأخبار، فألفوا كتبا
مضبوطة، مهذبة، مشتملة على الأسانيد المتصلة بأصحاب العصمة (5) عليهم السلام
كالكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار، ومدينة العلم، والخصال،
والأمالي، وعيون أخبار الرضا (6) - عليه السلام - وغيرها. (7).
هذا ما حضرني من كلامهم (نور الله (8) مراقدهم).
وأما كلام المتقدمين - كالصدوق في الفقيه، وثقة الاسلام في الكافي، والشيخ (9) في
جملة من مؤلفاته، وعلم الهدى (رحمه الله) وغيرهم ممن نقلنا كلامهم في غير هذا الكتاب -
فهو ظاهر البيان، ساطع البرهان في هذا الشأن.

(1) في الحدائق: (نور الله مضجعه) بدل (رحمه الله).
(2) في الحدائق: (ينتهي) بدل (تنتهي).
(3) في الحدائق توجد إضافة: (عليهم السلام).
(4) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(5) في و: (الأئمة).
(6) في الحدائق: (عيون الأخبار) بدل (عيون أخبار الرضا عليه السلام).
(7) الوجيزة للشيخ البهائي: كما سيأتي في الخاتمة إن شاء الله تعالى.
(8) في الحدائق ههنا زيادة: (تعالى).
(9) في الحدائق ههنا زيادة: (الطوسي).
124

(تعليقات صاحب الحدائق على كلام بعض العلماء)
ثم العجب من هؤلاء الفضلاء الذين نقلنا كلامهم (1) أنه إذا كان الحال على ما
صرحت به عبائرهم من صحة هذه الأخبار عن الأئمة عليهم السلام، فما الموجب لهم إلى
المتابعة في هذا الاصطلاح الحادث؟. وأعجب من ذلك شيخنا البهائي، في كتاب مشرق
الشمسين، (2) من حيث ذكر ما ملخصه: (إن اجتناب الشيعة لمن كان منهم أنكر
إمامه (3) (4)، ثم أنكر امامة بعض الأئمة عليهم السلام كان أشد من اجتناب المخالفين في أصل
المذهب، وكانوا يحترزون عن مجالستهم والتكلم معهم، فضلا عن أخذ الأحاديث (5) عنهم.
فإذا نقل علماؤنا رواية رواها رجل من ثقات أصحابنا عن أحد هؤلاء، وعولوا
عليها، وقالوا بصحتها مع علمهم بحاله، فقبولهم لها، وقولهم بصحتها، لا بد من ابتنائه على
وجه صحيح لا يتطرق إليه القدح، ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عمن هذا حاله، كأن
يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق وقوله بالوقف، أو بعد توبته ورجوعه (6)، أو أن النقل
إنما وقع من أصله الذي ألفه واشتهر، (7) أو أن (8) النقل إنما وقع من أصله قبل الوقف،
ولكنه أخذ ذلك الكتاب عن شيوخ أصحابنا الذين عليهم الاعتماد، ككتب علي بن الحسن
الطاطري، فإنه وإن كان من أشد الواقفة (9) عنادا للامامية إلا أن الشيخ شهد له في
الفهرست أنه (10) روى كتب (11) الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم (12)، إلى غير ذلك من

(1) في الحدائق ههنا زيادة: (هنا).
(2) مشرق الشمسين من كتاب الحبل المتين: 273 - 274.
(3) غير موجودة في الحدائق.
(4) عبارة (أنكر إمامه) غير موجودة في الحدائق.
(5) في الحدائق: (الحديث) بدل (الأحاديث).
(6) في الحدائق توجد إضافة: (إلى الحق).
(7) في الحدائق توجد إضافة: (عنه قبل الوقف).
(8) هكذا كانت العبارة في الحدائق: (أو من كتابه الذي ألفه بعد الوقف).
(9) في الحدائق: (الواقفية) بدل (الواقفة).
(10) في الحدائق: (بأنه) بدل (أنه).
(11) في الحدائق: (كتبه عن).
(12) في الحدائق: (وبروايتهم) بدل (وبرواياتهم).
125

المحامل الصحيحة (1)). (2).
ولقد أجاد فيما أفاد (3)، لكنه ناقض نفسه فيما أورده من العذر للمتأخرين في
عدولهم إلى تحديد هذا الاصطلاح، لان قوله: (كانوا يحترزون (4) عن مجالستهم، فضلا
عن أخذ الحديث عنهم)، وقوله: (فقبولهم لها، وقولهم بصحتها، مما لا بد من ابتنائه على وجه
صحيح) يستلزم أن تكون (5) أحاديث كتب هؤلاء الأئمة الثلاثة الذين شهدوا بصحة ما
رووا (6) فيها، كلها صحيحة).
انتهى كلام الحدائق.
(الرد على الوجه الثالث)
أقول: قد غفل عن مراد هؤلاء الاعلام بذلك الكلام، كما لا يخفى على من رجع إليها
وتدبر.
(بيان مراد الشهيد الأول)
أما الذكرى:
فأقصى ما فيها الاستدلال على أحقية مذهب الإمامية، هذا الذي يرجعون فيه إلى
أهل البيت عليهم السلام، كما يرجع الحنفية في مذهبهم إلى أبي حنيفة، والشافعية إلى
الشافعي، وكل فرقة إلى رأسها، بمقدمتين مسلمتين لا كلام فيها بين الناس:
إحداهما: إنه لا كلام في طهارتهم عليهم السلام وشرفهم وظهور عدالتهم.
الثانية: تواتر نسبة الشيعة إليهم عليهم السلام، والنقل عنهم عليهم السلام، ولا كلام

(1) في الحدائق توجد إضافة: (إلى آخر كلامه (طاب ثراه)).
(2) الحدائق الناظرة: 1: 20.
(3) في الحدائق ههنا زيادة: (و).
(4) في الحدائق: (يتحرزون) بدل (يحترزون).
(5) في المتن: (يكون).
(6) في الحدائق: (رووه) بدل (رووا).
126

في ظهور هذا - أيضا - بين أهل العلم، بل سائر الناس.
وأنى يخفى ذلك أو يشك فيه وليس هو رواية آحاد بل متواتر في أعلى درجات
التواتر. كيف لا، ورجال الصادق عليه السلام المعروفون الذين دونت أسماؤهم في الكتب
فضلا عمن لم يعرف، أو عرف ولم يدون أربعة آلاف رجل، بل الذين ذكر الشيخ المفيد (1)
رحمه الله في الارشاد (2)، أن هؤلاء على اختلاف رأيهم كانوا من الثقات. وصنف من أجوبة
مسائله أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف. دع رجال الباقر عليه السلام، فإنهم لا يقصرون
عن ذلك. ورجال باقي الأئمة عليهم السلام أيضا معروفون، مشهورون، أولو مصنفات
معلومة وكتب مشهورة، إذا استقرأتها وجدتها ألوفا لا تكاد تنضبط.
وبالجملة: فنسبة هذه الفرقة إليهم، وأخذهم عنهم، واختصاصهم بهم، من
الضروريات، وإذا ثبت أن الشيعة إنما أخذوا بهذا المذهب منهم وصدروا به عنهم بالتواتر
الظاهر في جميع الطبقات، ثبت أنه الحق الذي لا مرية فيه، وأنه دين الله تعالى، وشريعة
رسوله - صلى الله عليه وآله - لاتفاق الناس على عدالتهم، وطهارتهم، وورعهم، وأنهم لا
يأخذون بالقياس، ولا يرجعون في علومهم إلى الناس، ولا يعرفون إلا كتاب الله عز وجل
وسنة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله.
(بيان منزلة أهل البيت عليهم السلام)
أو لما تضافر فيهم من طرق القوم في الصحيحين وغيرهما من الصحاح وغيرها
كخبر الثقلين:
(إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن

(1) محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد (413 ه‍)، وجه الطائفة وفقيهها في القرن الخامس الهجري، كان رحمه
الله: عالما، فقيها، محدثا، متكلما، بارعا، تتلمذ على يدي أكابر العلماء كالشيخ الصدوق، وتخرج على يده
فطاحلهم، كالسيد المرتضى والشيخ الطوسي.
وقد عرف الشيخ بتأليفاته الكثيرة التي من جملتها. الارشاد، الفصول المختارة، الأمالي، أوائل المقالات،
الجمل، المزار، المقنعة...
(2) الارشاد (طبعة قم): 271، (م. ك) - المجلة 11 - 2: 179.
127

يفترقا حتى يردا علي الحوض) (1)،
وفي بعضها: (اني تارك فيكم الثقلين خليفتين، إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي).
وفي الكشاف بإسناده عنه صلى الله عليه وآله أنه قال:
(فاطمة مهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمة من ولدها أمناء
ربي تعالى، وحبل مدود بينه وبين خلقه، من اعتصم بهم نجا، ومن تخلف عنهم هلك)، إلى
أخبار أخر طريفة.
وخبر السفينة:
(مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك، والى النار
هوى) (2).
وما جاء في الأئمة الاثني عشر عليهم السلام وخاصة المهدي عليه السلام.
وما جاء في الصادقين وأهل الذكر.

(1) وهذا الحديث روي في الكثير من المصادر التي منها:
جواهر العقدين: 2: 171
إكمال الدين: 1: 237 / 54
سنن الترمذي: 5: 327 - 328
الدر المنثور: 5: 7
المعجم الكبير للطبراني: 3: 180 / 3052
مجمع الزوائد: 9: 164
مشكاة المصابيح: 3: 1720 / 6082
مسند أحمد: 5: 372 و 3: 59 و 4: 37 و 5: 181 - 182 و 30: 14، 17، 21 و 4: 366
المناقب لابن المغازلي: 18
المناقب للخوارزمي: 154 ح 182
صحيح مسلم: 2: 450 ذيل الحديث: 2408
كنز العمال: ج 1: 944
(2) ورد خبر السفينة في مصادر عديدة منها:
مشكاة المصابيح 3: 1742 / 6174،
المناقب لأحمد: 2: 785 / 1402،
مجمع الزوائد: 2: 236 و 9: 168،
المعجم الكبير للطبراني 3: 45 / 2636،
مسند أحمد: 5: 92
128

وقوله تعالى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (1) إلى غير ذلك.
وما جاء في أمير المؤمنين عليه السلام:
كآية: (الولاية) (2)،
و (المناجاة) (3)،

(1) الرعد: 7
روى الثعلبي في الكشاف: عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:
لما نزل قوله تبارك وتعالى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)، وضع (صلى الله عليه وآله وسلم)، يده على
صدره وقال:
(أنا المنذر وعلي الهادي، وبك يا علي يهتدي المهتدون)
انظر ذلك في:
شواهد التنزيل للحسكاني: 1: 293 / 398 و 1: 399 / 412 و 1: 301 / 414 و 1: 293 - 303
غاية المرام - ب 30 - 235 / 3 و 5 و 6،
الدر المنثور: 4: 45،
مناقب آل أبي طالب: 3: 84،
فرائد السمطين: 1: 148،
تفسير العياشي: 2: 204 / 7 و 8 و 9
الكافي: 1: 192 / 3 و 4،
بصائر الدرجات - ب 13 - 30 / 7
(2) قال تعالى في سورة المائدة: 55 (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
وهم راكعون).
انظر كنز العمال: 6: 405،
البداية والنهاية لابن كثير 7: 35.
(3) في جمع الصحاح الستة لرزين العبدري في تفسير سورة المجادلة قال: قال أبو عبد الله البخاري في تاريخه في
قوله تعالى:
(إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) (سورة المجادلة: 12) نسختها هذه الآية: (فإذا لم تفعلوا
وتاب الله عليكم). قال علي (كرم الله وجه):
ما عمل بهذه الآية غيري، وبي خفف الله تعالى عن هذه الأمة أمر هذه الآية بعد قوله تعالى: (أأشفقتم أن
تقدموا بين يدي نجواكم صدقات)
هذه الرواية وردت في:
خصائص الوحي: 147 / 111،
تفسير مجاهد 2: 58 (باختلاف)،
غاية المرام - ب 47 - 349 / 3،
عمدة الاخبار: 186 / 287،
المناقب لابن المغازلي: 325 / 372، 326 / 373،
سنن الترمذي 5: 80 / 3355،
مناقب آل أبي طالب 2: 72، 3: 72،
المستدرك للحاكم: 2: 482،
المناقب للخوارزمي: 276 / 261،
تذكرة الخواص: 26.
129

و (البينات)
وخبر: (المنزلة) (1)،
و (الخف)،
و (الغدير) (2)،

(1) جاء في صحيح البخاري - المغازلي - 5: 129: حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، عن الحكم، عن
مصعب بن سعد عن أبيه قال:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج إلى تبوك واستخلف عليا، قال:
أتخلفني في الصبيان والنساء؟
فقال: (ألا ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي).
وانظر حديث المنزلة في:
صحيح البخاري - المناقب - 4: 208
صحيح مسلم الفضائل: 2: 448 / 30 - 2404 و 31 - 2404 و 2: 449 / 32 - 2404
ابن ماجة: 1: 42 / 115
مسند أحمد: 3: 32
المناقب لأحمد: 2 / 954 و 957 و 1030 و 1045 و 1091،
حلية الأولياء: 7: 194
سنن الترمذي: 5: 304 / 3814
(2) روي حديث الغدير بألفاظ متقاربة في
صحيح مسلم - كتاب الفضائل - 2: 450 / 2408
مسند أحمد: 4: 381 و 368 و 370 و 371 و 372، 5: 181 و 182، 2: 14 و 17 و 21 و 59، 4: 366، 1: 84
المعجم الكبير للطبراني: 3: 180 / 3052، مجمع الزوائد: 9: 164
مشكاة المصابيح: 3: 1723 / 6094
سنن الترمذي مناقب الإمام علي: 5: 297 / 2797
سنن ابن ماجة - ب 11 - 1: 43 / 116
المناقب للخوارزمي: 156 / 185 و 157 / 186
الإصابة: 4: 159 / 926، 1: 157 / 2906، 1: 304 / 1567، 1: 567 / 2906، 2: 257 / 4422، 4:
80 / 578، 2: 408 / 5154، 1: 372 / 1946، 2: 257 / 4421، 3: 542 / 8644، 1: 577 / 2971
جواهر العقدين 2: 170 و 171
130

و (المحجة)،
و (الارتقاء)،
و (النجم) (1)،
و (الراية) (2)،
و (اللواء) (3)،

(1) جاء في فرائد السمطين 2: 23 / 517
(... مثلك (علي - ع -) ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها، غرق،
ومثلكم كمثل النجوم، كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة).
(2) عبد الله بن أحمد بن حنبل في (زوائد المسند) بسنده عن بريدة قال: حاصرنا خيبر مدة... إلى أن قال: فقال
(رسول الله - صلى الله عليه وآله -):
(إني دافع الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح له)،
(قال الراوي): وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا لنا، فتطاولنا لها، ثم أقام عليا قائما ودعا باللواء له
وفتح له،
(قال بريدة): وأنا فيمن تطاول لها.
انظر مسند أحمد: 5: 353،
المناقب لمحمد بن سليمان الكوفي: 2: 508 / 1008،
صحيح البخاري - المغازي - 5: 76
صحيح مسلم 2: 449 / 2406 الفضائل،
سنن ابن ماجة - الفضائل - 1: 43 / 117
(3) أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، بسنده عن مخدوج بن زيد الهذلي:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) آخى بين أصحابه ثم قال:
(يا علي أنت أخي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي، ويدفع إليك لوائي وهو لواء
الحمد...) الخبر
انظر المناقب لأحمد: 2: 663 / 1131
وفي خبر آخر: (حامل لوائي في الدنيا والآخرة علي)
انظر كنز العمال 6: 122
الطبري: 2: 201،
الخوارزمي: 250،
الفضائل لأحمد: 253،
ابن المغازلي: 42، 200
131

و (الوسيلة) (1)،
و (القسمة بين الجنة والنار) (2)،
و (خطاب ليلة المعراج)،
و (الضربة) (3)،
و (رد الشمس)،

(1) أخرج الحمويني في كتابه فرائد السمطين: عن أبي سعيد الخدري: 1: 106 / 76: قال: كان رسول الله (صلى
الله عليه وآله) يقول:
(إذا سألتم الله عز وجل فسألوه لي الوسيلة).
فسئل عنها فقال:
(هي درجة في الجنة وهي ألف مرقاة، ما بين المرقاة إلى المرقاة يسير الفرس الجواد شهرا...) إلى أن قال:
(فنادى المنادي هذه درجة محمد خاتم الأنبياء، وأنا يومئذ متزر بربطة من نور، على رأسي تاج الرسالة،
وإكليل الكرامة، وعلي بن أبي طالب أمامي، وبيده لوائي، وهو لواء الحمد، مكتوب عليه: لا إله إلا الله، محمد
رسول الله، علي ولي الله، وأولياء علي المفلحون الفائزون بالله...) الحديث بطوله.
(2) أخرج ابن المغازلي الشافعي بسنده عن ابن مسعود قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(يا علي إنك قسيم الجنة والنار، أنت تقرع الجنة وتدخلها أحباءك بغير حساب).
انظر المناقب لابن المغازلي: 67 / 97،
المناقب للخوارزمي: 294 / 281،
وقد ورد هذا المضمون (القسمة بين الجنة والنار) في:
جواهر العقدين: 2: 353
الصواعق المحرقة: 126،
أمالي الشيخ المفيد: 328،
غاية المرام - ب 13 - 56 / 56.
(3) في المناقب عن حذيفة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(ضربة علي في يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة)
انظر: الحسكاني: 2: 8 / 636، وكذلك:
الفرائد: 1: 255 / 197،
الحاكم في المستدرك: 3: 37،
شواهد التنزيل: 2: 5 / 634،
غاية المرام - ب 170 - 420 / 1،
تفسير القمي: 2: 183،
مناقب آل أبي طالب: 3: 134.
132

و (سد الأبواب) (1)،
و (المؤاخاة) (2)،
و (دعوة (3) إبراهيم)،
و (النور الذي خلق الله عز وجل قبل خلق آدم عليه السلام بأربعة آلاف عام، أو

(1) في سنن الترمذي: 5: 305 / 3815 عن ابن عباس (رضي الله عنهما) (ان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر
بسد الأبواب إلا باب علي)
وفي مسند أحمد: 4: 369 عن زيد بن أرقم (رضي الله عنه) قال:
كان لأصحاب رسول الله أبواب شارعة في المسجد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (سدوا هذه
الأبواب إلا باب علي).
قال فتكلم في ذلك الناس، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه ثم قال:
(أما بعد:
فاني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي وقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكن،
أمرت بشئ فاتبعته).
وانظر: المناقب للخوارزمي: 327: 338
المناقب لابن المغازلي 252 / 301
أمالي الصدوق: 274 / 7
غاية المرام - ب 99 - 640 / 5 و 11
(2) أخرج أحمد في مسنده: 2: 638 / 1085 عن زيد بن أبي أوفى قال:
لما آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أصحابه: فقال علي - يعني للنبي - لقد ذهبت روحي
وانقطعت ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فأن كان هذا من سخط علي فلك العتبى
والكرامة؟!
فقال:
(والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وأنت
أخي ووارثي...) الحديث
وانظر:
كنز العمال: 13: 605 / 36345،
مشكاة المصابيح: 3: 1720 / 6084،
سنن الترمذي: 5: 30 / 3804،
المناقب لأحمد: 2: 598 / 1019، 2: 617 / 1055، 2: 638 / 1085، 2: 666 / 1137، 2: 678 / 1158،
المناقب للخوارزمي: 72 / 49، 111 / 120، 112 / 121، 140 / 159، 144 / 168، 152 / 178،
157 / 186، 294 / 282، 301 / 296، 341 / 361، 344 / 364، 350 / 364، 359 / 372
(3) انظر بحار الأنوار: 36: 141
تفسير الحبري: تحقيق السيد محمد رضا الحسيني: 345.
133

أربعة عشر ألف عام) (1)،
و (الطائف) (2)،
و (الطائر) (3)،
و (المؤازرة) (4)،

(1) انظر المناقب لابن المغازلي: 88 / 130، و 89 / 131
مناقب الإمام علي للخوارزمي: 145 / 169،
المناقب لأحمد بن حنبل: 2 / 662،
فرائد السمطين: 1: 43 / 7
(2) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا في غزوة الطائف فانتجاه وأطال نجواه حتى كره قوم من
أصحابه ذلك، فقال قائل منهم: لقد أطال اليوم نجوى ابن عمه فبلغه ذلك فقال (صلى الله عليه وآله):
(إن قائل قال: لقد أطال اليوم نجوى ابن عمه. أما إني ما انتجيته ولكن الله انتجاه).
انظر الحديث كذلك في:
مشكاة المصابيح 3: 1721 / 6088،
المعجم الكبير للطبراني: 2: 186 / 1756،
المناقب للخوارزمي: 138 / 155،
المناقب لابن المغازلي: 124 / 162،
كفاية الطالب: 327 / 92،
أمالي الشيخ الطوسي: 1: 342،
غاية المرام - ب 88 - 527 / 8،
بصائر الدرجات: 410،
الاختصاص المنسوب للشيخ المفيد: 200.
(3) في سنن الترمذي - الفضائل - 5: 300 / 3805 عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي (صلى الله عليه وآله)
طير فقال:
(اللهم أئتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء (علي) فأكل معه).
وانظر هذا الخبر في:
المناقب لأحمد: 2: 560 / 945،
مجمع الزوائد: 9: 126،
المناقب للخوارزمي: 107 / 113 و 114 و 125،
المناقب لابن المغازلي: 156،
ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي - عليه السلام - بأسانيد مختلفة من حديث رقم 616 إلى 645.
كفاية الطالب - ب 13: 144 - 156، حلية الأولياء: 6: 339، المستدرك للحاكم 3: 130، تذكرة الخواص: 44
(4) وفي مسند أحمد بن حنبل: بسنده عن النسيم قال: سمعت رجلا من خثعم يقول: (سمعت أسماء بنت عميس
تقول: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
(اللهم إني أقول كما قال أخي موسى: (اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي، عليا أخي، أشدد به أزري،
وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك بنا بصيرا)
انظر: المناقب لأحمد بن حنبل 2: 678 / 1158،
مناقب آل أبي طالب 3: 57،
شواهد التنزيل للحسكاني: 1: 269 / 511.
134

ومن عنده علم الكتاب (1)،
وصالح المؤمنين (2)،
وغير ذلك من الأخبار الكثيرة.
وما جاء في كل مقام ومشهد.
وما جاء فيه وفي الحسنين - عليهما السلام - والزهراء - عليها السلام ك‍ (هل أتى (3)،
وآية المباهلة (4)) إلى غير ذلك.
وهذا كله مجاراة للقوم علي طريقتهم وإلا ففي طهارتهم وعصمتهم من دنس الآثام،
كما قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (5) أنزلها
فيهم خاصة كما في الصحاح والتفاسير وغيرها ما يغني. (6)

(1) قال تعالى في سورة الرعة: 43
(ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)
انظر الاحقاق 3: 218 عن الثعلبي في تفسيره
وانظر تفسير الحبري - تخريجات الحديث رقم (41): 490
(2) انظر: فرائد السمطين: 1: 363 / 290،
المناقب لابن المغازلي: 269 / 316
والخبر هكذا: عن أسماء بنت عميس، لما نزل قوله تعالى:
(وان تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) (التحريم: 4)،
قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي:
(ألا أبشرك، إنك قرنت بجبرائيل)، ثم قرأ هذه الآية، فقال:
(فأنت والمؤمنون من بيتك الصالحون).
(3) سورة: هل أتى على الانسان... حيث ورد فيها: (ويطعمون الطعام على حبه...)
(4) صحيح مسلم 2: 448، الفضائل 32 - 2404: (جزء من حديث).
(5) سورة الأحزاب: 33
(6) تفسير ابن كثير 3: 486،
مجمع الزوائد: 9: 172،
الطبراني في المعجم الكبير: 1: 135،
أسد الغابة: 2: 14،
التاريخ الكبير للبخاري - القسم الثاني: 1: 196،
الحسكاني في الشواهد: رقم 712 - 713،
مسند أحمد: 6: 323 و 292 و 296،
كنز العمال: 7: 103، 2: 416، 3: 147،
جامع الأصول: 10: 101.
135

والذي يدل على إرادة العصمة ما رواه الترمذي في الجامع وغيره، من أن هذه الآية
نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في بيت أم سلمة رضي الله عنها فدعا النبي صلى
الله عليه وآله فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي عليه السلام خلف ظهره، ثم
قال صلى الله عليه وآله:
(اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
قال أم سلمة (رضي الله عنها): وأنا معهم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
قال: (أنت على مكانك وأنت إلى خير).
وفي أخرى إنه صلى الله عليه وآله جلبب الحسن، والحسين، وعليا، وفاطمة عليهم
السلام كساء فقال:
(اللهم هؤلاء أهل بيتي، وخاصتي، اذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا).
قالت أم سلمة (رض): وأنا معهم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قال: (إنك على خير)
وقال الترمذي: هذا حسن صحيح (1).
إذا عرفت هذا قلنا: إن أحقية المذهب في الجملة، وثبوته متواترا عن الأئمة عليهم
السلام، لا يستلزم ثبوت كل حكم حكم، وتواتر كل خبر خبر، إلا ما تواتر على
الخصوص، وكان مجمعا عليه فيما بين العلماء عنهم، أو كان من ضروريات مذهبهم. وهذا كما

(1) الجامع الصحيح (سنن الترمذي): 5: 352 / 3206 (حديث الكساء) والموجود في النسخة المطبوعة منه
هكذا: (قال: هذا حديث حسن غريب)
وأما في 5: 663 / 3788 (حديث الكساء) فيه: (قال: وهذا حديث غريب من هذا الوجه).
فلعل المؤلف قد نقل ما في المتن عن نسخة أخرى لسنن الترمذي أو عن مورد آخر منه.
136

أن ثبوت حقية هذا الدين، وتواتر نسبته إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم
لا يستلزم ثبوت كل حكم من أحكام المسلمين، وتواتر كل خبر من الاخبار، ألا ما أجمعوا
عليه وكان من الضروريات، أو تواتر على الخصوص. ومنه يعلم ما في قوله (رضي الله
عنه): (فانظر إلى تصريحه بل جزمه بصحة تلك الروايات).. إلى آخره.
(بيان مراد الشهيد الثاني)
قوله: (ومن ذلك ما صرح به شيخنا الشهيد الثاني.. إلى آخره) أيضا وهم في مراده،
لان دعوى حصر ما جمعت منه هذه الجوامع الأربع في الأصول مما لم يدعه أحد، وكيف،
وأنى؟، وتناول الشيخ (ره) والصدوق والكليني (ره) من الكتب - ككتب الحسين بن
سعيد وعلي بن مهزيار وغيرهما كما ستعرف - مما لا يسع أحد انكاره، وإنما يريد الشهيد
الثاني (ره) بالأخذ منها، الاخذ في الجملة، لأنه لم يؤخذ إلا منها، مع أن الكلام الذي يجري
في الكتب جار في الأصول أيضا، إذ أقصى ما في الاعتماد في الجملة كحقية هذا المذهب وهذا
الدين، لا كل خبر خبر فيها. ومن راجع فهرست الشيخ وغيره من كتب الرجال عرف الأحقية ولم تخف عليه الطريقة.
(بيان مراد الشيخ حسن صاحب المعالم)
وقوله: (ومن ذلك ما صرح به المحقق الشيخ حسن) أعجب وأغرب لأنه إنما يريد
التواتر إلى أربابها ومصنفيها، فلا حاجة إلى الإجازة فيما بيننا وبينهم، ولما استشعر أن أقصى
ما يسلم تواتر الكتاب على الجملة، إما التفصيل كهذا الخبر وذاك فلا، وحينئذ فلا بد من
الرواية والإجازة ليصل به في تلك الخصوصيات إلى أربابها (1) أجاب:
بأن ذلك يعلم من قرائن الأحوال، كعنوان الباب، والسوق، واتفاق أكثر النسخ،
وصحتها، ونحو ذلك فلا حاجة فيها إلى انضمام الإجازة، وإلا فكيف قصر كتابه المنتقى على
الصحاح والحسان؟ كأن الشيخ لم ينظر إلى ما ذكره في خطبته، وأودع في فوائده العشر.

(1) في المتن ههنا (و) زائدة.
137

(بيان مراد الشيخ البهائي)
وأما ما حكاه عن المصنف (من أن جميع أحاديثنا إلا ما ندر تنتهي إلى أئمتنا الاثني
عشر (عليهم السلام)، وهم ينتهون فيها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فإن علومهم
مقتبسة من تلك المشكاة)، فأنت تعلم أن أقصى ما في انتهائهم بهذه الاخبار إلى الأئمة
الأطهار عليهم السلام، وانتهاء الأئمة عليهم السلام بها إلى النبي صلى الله عليه وآله، ما
عرفت من ثبوت انتهائهم إليهم في المذهب معين في الجملة لا في كل خبر خبر. فإن أراد مجرد
الرواية فلا إشكال، ولا يستلزم الثبوت الصحة كما لا يخفى. وقول المصنف رضوا الله عليه
(الا ما ندر) يشير إلى ما يتفق نادرا من الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله من غير الأئمة
عليهم السلام، كما روى الصدوق رحمه الله في آخر الفقيه (1)، (الوصية والنصائح) ونحو
ذلك، أو ما يرسلوه عنه صلى الله عليه وآله في كتب الاستدلال. وأين هذا من دعوى صحة
جميع الأخبار، بل القطع بصدورها عن المعصوم عليه السلام؟، أم أين هذه الدعوى من
اقتصاره في مشرق الشمسين على الصحاح؟.
قوله (ثم العجب إلى قوله وأعجب من ذلك.. إلى آخره)، بنى تعجبه على ما غفل،
فكان كما جاء في المثل.
ثم قال (2):
الوجه الرابع:
(إنه لو تم ما ذكروه، وصح ما قرروه، لزم فساد الشريعة، وإبطال الدين، لأنه متى
اقتصر في العمل على هذا القسم، أو مع الحسن خاصة، أو بإضافة الموثق أيضا -

(1) مثال ذلك ما جاء في الفقيه 4: 293 / 5855. قوله: وروى عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه
وآله أنه قال:
(أشرف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل).
(2) صاحب الحدائق.
138

ورمي (1) بقسم الضعيف باصطلاحهم من البين، والحال أن جل الاخبار من هذا القسم، كما
لا يخفى (على) من طالع كتاب الكافي أصولا وفروعا، وكذا غيره من سائر كتب الاخبار،
وسائر الكتب الخالية من الأسانيد، لزم ما ذكرناه، وتوجه ما طعن به علينا العامة، من أن
جل أحاديث شريعتنا مكذوبة ضرورة (2).
ولذلك ترى شيخنا الشهيد رحمه الله في (الذكرى)، كيف تخلص من ذلك، بما قدمنا
نقله عنه، دفعا لما طعنوا به علينا، ونسبوه إلينا.
(كلام المحقق في كتاب المعتبر)
ولله تعالى در المحقق (3) - رحمه الله تعالى - في (المعتبر)، قال:
(أفرط (الحشوية) (4) في العمل بخبر الواحد حتى انقادوا إلى كل خبر (5)، وما
فطنوا (6) إلى ما تحته من التناقض، فإن من جملة الاخبار قول النبي صلى الله عليه وآله:
(ستكثر بعدي القالة) (7)، إلى أن قال:
(واقتصر بعض (*) من هذا الافراط، فقال: (كل سليم (9) يعمل به)، وما علم أن
الكاذب قد يصدق (10)، والفاسق قد يصدق، ولم ينتبه (11) أن ذلك طعن في علماء الشيعة،

(1) كذا في المصدر وفي المتن: (وروي).
(2) في الحدائق: (مزورة) بدل (ضرورة).
(3) وهو جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي، أبو القاسم نجم الدين، المحقق الحلي (602 - 676 ه‍)، فقيه،
عالم، فاضل له مؤلفات عديده مهمه ككتاب شرايع الاسلام، النافع في مختصر أصول الفقه، نكت النهاية..
وغيرها.
(4) الحشوية اسم يطلق على من تمسكوا بظواهر النصوص، وجمدوا عليها بعد أن اعتقدوا بصحتها من دون
تمحيص أو مقارنة لها مع بعضها، وهؤلاء لا تختص بهم العامة بل يوجد من الشيعة من تصدق عليه هذه
الصفة ذاتها.
(5) في المعتبر: (لكل خبر) بدل (إلى كل).
(6) غير موجوده في المعتبر.
(7) في المعتبر ههنا إضافة: (عن).
(8) في الحدائق والمعتبر: (عن).
(9) في الحدائق والمعتبر ههنا زيادة: (السند).
(10) في المعتبر: (يلصق).
(11) في الحدائق والمعتبر: (يتنبه) بدل (ينتبه)
139

وقدح في المذهب، إذ لا مصنف إلا وهو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر (1) العدل)، إلى
أن قال:
(وكل هذه الأقوال منحرفة عن السنن، والتوسط، أقرب (2) فما قبله الأصحاب
ودلت القرائن على صحته، عمل به، وما اعرض عنه (3) الأصحاب و (4) شذ، يجب
إطراحه) (5).
انتهى. وهو قوي متين، وجوهر ثمين (6).).
انتهى.
(الرد على الوجه الرابع)
وأنت خبير ان هذا الذي استقر به المحقق رحمه الله وذكر أنه التوسط بين الافراط
والتفريط هو المعروف بين من أخذ بأخبار الآحاد، من تقدم عليه، كالشيخ رحمه الله ومن
تبعه، ومن تأخر عنه، كالعلامة رحمه الله ومن تلاه، ولذا تراهم تارة يقدمون الصحيح على
الموثق، والموثق على الضعيف.
وأخرى يعملون بالضعيف، ويتأولون الصحيح لمكانه، ولم يشذ منهم في جانب
الافراط أحد يعرف، وإنما تلك طريقة الحشوية من العامة وهم الظاهرية، ولا في جانب
التفريط إلا من حكى عنهم المحقق، ونزر قليل من المتأخرين، كجدنا الشهيد الثاني (7)،

(1) في المعتبر ههنا زيادة: الواحد.
(2) في المعتبر: أصوب.
(3) في الحدائق والمعتبر: (الأصحاب عنه) بدل (عنه الأصحاب).
(4) في الحدائق: (أو) بدل (و).
(5) المعتبر (منشورات مؤسسة الشهداء - قم): 29.
(6) الحدائق الناظرة: 1: 21.
(7) قال في الدراية (ص: 68): (واقتصد قوم منا فاعتبروا سلامة السند من ذلك كله واقتصروا على الصحيح ولا ريب أنه أعدل.
ولا يقدح فيه قول المحقق في رده، من (أن الكاذب قد يصدق، وأن في ذلك طعنا في
علمائنا وقدحا في المذهب، إذ لا مصنف إلا وقد يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر العدل) وظاهر أن هذا غير
قادح، ومجرد احتمال صدق الكاذب غير كاف في جوار العمل بقوله مع النهي عنه، والقدح في المذهب غير
ظاهر، فإن من لا يعمل بخبر الواحد من أصحابنا كالسيد المرتضى وكثير من المتقدمين..).
140

وولده جدنا (1) في المنتقى (2)، وسبطه جدنا الشيخ محمد في (شرح الاستبصار (3) جريا على
الأصول في خبر الآحاد)، ثم جاء صاحب الفوائد (4) وسن هذه الطريقة (ف‍) - تبع
الحشوية، وتجاوز حيث زعم أن هذه الأخبار كلها، ما كان في هذه الجوامع وغيرها تفيد
العلم، وتبعه على ذلك الشيخ الحر (5) ومن يحذو حذوه، فخالفوا بذلك كافة المسلمين.
أما الحشوية فإنهم وإن كانوا يأخذون بكل خبر كان من أخبارهم، لكنهم لا
يعرفون دعوى العلم.
وأما أصحابنا، فمن لم يأخذ بأخبار الآحاد، كالسيد (6) وأتباعه أمرهم ظاهر، وأما
الباقون، فقد عرفت أن المعروف فيهم هو التوسط، وشذ ناس فاقتصروا على الصحيح.
قال (7):
الوجه الخامس:
(إن ما اعتمدوه من ذلك الاصطلاح غير منضبط القواعد والتبيان (8)، ولا مشيد
الجوانب والأركان،
أما أولا: فلاعتمادهم في التمييز بين أسماء الرواة المشتركين (9) على الأوصاف

(1) هو الشيخ حسن بن زين الدين، الشهيد الثاني (المتوفى 1011 ه‍)، وهو رجل عالم، بارع، فقيه، له تصانيف
كثيرة منها: منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان، معالم الدين، التحرير الطاوس إضافة إلى كتب
أخرى.
(2) منتقى الجمان: 1: 4 - 15 (الفائدة الأولى).
(3) انظر الذريعة 2: 30 / 120، ويسمى: استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار.
(4) المولى المحدث محمد أمين محمد شريف الأسترآبادي الاخباري (المتوفى 1030 ه‍ أو 1033 ه‍) صاحب
كتاب الفوائد المدنية في الرد على القائل بالاجتهاد والتقليد في الأحكام الإلهية.
(5) انظر كتاب وسائل الشيعة - للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي - طبعة دار إحياء التراث العربي: 20: 61
(الفائدة السادسة) وكذلك 20: 96 (الفائدة التاسعة) وفي طبعة مؤسسة آل البيت لإحياء التراث: 30: 193
و 251.
(6) السيد المرتضى علم الهدى.
(7) صاحب الحدائق.
(8) في الحدائق: (البيان) بدل (التبيان).
(9) في الحدائق: (المشتركة) بدل (المشتركين).
141

والألقاب، والنسب، والراوي (1) عنه، ونحوها، ولم لا يجوز اشتراك هذه الأشياء، وذلك لان
الرواة عنهم - عليهم السلام - كثيرون (2) ليسوا محصورين في عدد مخصوص، ولا (3) بلدة
واحدة، وقد نقل الشيخ المفيد رحمه الله في (ارشاده) (4): أن الذين رووا عن الصادق عليه
السلام خاصة من الثقات على اختلافهم (5) في الآراء والمقالات كانوا أربعة آلاف رجل،
ونحو ذلك ذكر ابن شهرآشوب (6) في كتاب (معالم العلماء) (7) والطبرسي (8) في (أعلام
الورى) (9)، والجميع قد وصفوا هؤلاء الأربعة آلاف بالتوثيق، وهو مؤيد لما ادعيناه،
ومشيد لما أثبتناه (10) فإذا كان هؤلاء الرواة عن الصادق عليه السلام خاصة فما ظنك (11)
بالرواية (12) عن الباقر عليه السلام و (13) العسكري عليه السلام، فأين تأثير القرائن في
هذه الاعداد؟ وأين الوصول إلى تشخيص المطلوب (14) منها والمراد؟.
وأما ثانيا: فلان مبنى تصحيح الحديث عندهم على نقل توثيق الرجال (15) في أحد

(1) في الحدائق ههنا زيادة: (والمروي).
(2) (كثيرون) غير موجودة في الحدائق.
(3) في الحدائق ههنا زيادة: (في).
(4) الارشاد - طبعة قم - 271 (م. ك) - المجلد - 2: 179، قال الشيخ:
(فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه (الصادق) من الثقات على اختلافهم والآراء والمقالات فكانوا
أربعة آلاف رجل).
(5) كذا في المصدر وفي المتن: (على اختلافاتهم).
(6) محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني (588 ه‍) من علماء القرن السادس له مؤلفات عديدة منها مناقب
آل أبي طالب، معالم العلماء، متشابه القرآن ومؤلفات عديدة أخرى.
(7) لا توجد عبارة صريحة في هذا الكتاب بهذا الخصوص. نعم هناك إشارات بشأن الكتب والأصول كقوله
(وإن كانت الكتب لا تعد ولا تحد) أو ما نقله عن الشيخ المفيد حول (الأصول الأربعمائة) التي صنفها الشيعة.
(8) الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي من علماء القرن السادس، له مؤلفات عديده من أشهرها
التفسير المعروف (مجمع البيان)، إعلام الورى، الكاف الشاف..
(9) أعلام الورى للطبرسي: 410.
(10) في الحدائق: (أسسناه) بدل (أثبتناه).
(11) في الحدائق: (فما بالك) بدل (فما ظنك).
(12) في الحدائق: (بالرواة) بدل (بالرواية).
(13) في الحدائق: (إلى) بدل (و).
(14) كذا في المصدر وفي المتن (المطلق).
(15) في الحدائق: (رجاله) بدل (الرجال).
142

كتب المتقدمين، ككتاب الكشي والنجاشي والفهرست والخلاصة ونحوها، نظرا إلى نقلهم
ذلك شهادة منهم بالتوثيق، حتى إن المحقق - رحمه الله - الشيخ حسن في كتاب (المنتقى) (1) لم
يكتف في تعديل الراوي بنقل واحد من هؤلاء، بل أوجب في تصحيح الحديث نقل اثنين
منهم لعدالة الراوي، نظرا إلى أنها شهادة، فلا يكفي فيها الواحد، وأنت خبير بما بين مصنفي
تلك الكتب وبين الرواة من المدة والأزمنة المتطاولة، فكيف يطلعوا (2) على أحوالهم
الموجبة للشهادة بالعدالة و (3) الفسق؟ والاطلاع على ذلك بنقل ناقل، أو شهرة، أو قرينة،
أو نحو ذلك، كما هو معتمد مصنفي تلك الكتب، (في) (4) الواقع لا يسمى (5) شهادة، وهم قد
اعتمدوا على ذلك وسموه شهادة.
وهب أن ذلك كاف في الشهادة، لكن لابد في العمل بالشهادة من السماع من الشاهد
لا بمجرد نقله في كتابه: فإنه لا يكفي في كونه شهادة..
(هب أنا) (6) سلمنا الاكتفاء به في ذلك، فما الفرق بين هذا النقل في هذه الكتب وبين
نقل أولئك الاجلاء، الذين هم أساطين العلم والمذهب (في) صحة كتبهم، وإنها مأخوذة عن
الصادقين عليهم السلام، فيعتمد عليهم في أحدهما دون الاخر؟
وأما ثالثا: فلمخالفتهم أنفسهم فيما قرروه من ذلك الاصطلاح، فحكموا بصحة
أحاديث هي باصطلاحهم ضعيفة، كمراسيل ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وغيرهما،
زعما منهم أن هؤلاء لا يرسلون إلا عن ثقة. ومثل أحاديث جملة من مشايخ الإجازة، لم
يذكروا في كتب الرجال بمدح أو (7) قدح، مثل أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، وأحمد بن
محمد بن يحيى العطار، والحسين بن الحسن بن أبان، و (أبي) (8) الحسين بن أبي جيد

(1) المنتقى - الفائدة الثانية - 1: 16.
(2) في الحدائق: (اطلعوا).
(3) في الحدائق: (أو) بدل (و).
(4) (في) ساقطة من المتن.
(5) كذا في المصدر وفي المتن: (لا سيما).
(6) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(7) في الحدائق: (ولا) بدل (أو).
(8) (أبي): ساقطة من المتن.
143

وأضرابهم، زعما منهم أن هؤلاء مشايخ الإجازة (1)، وهم مستغنون عن التوثيق، وأمثال
ذلك كثير يظهر للمتتبع.
وأما رابعا: فلاضطراب كلامهم في الجرح والتعديل على وجه لا يقبل الجمع
والتأويل. فترى الواحد منهم يخالف نفسه فضلا عن غيره، فهذا يقدم الجرح على التعديل،
وهذا لا يقدم إلا مع عدم إمكان الجمع، وهذا يقدم النجاشي على الشيخ، وهذا ينازعه
ويطالبه بالدليل.
وبالجملة فالخائض في الفن، يجزم بصحة ما ادعيناه. والبناء من أصله لما كان على
غير أساس، كثر الانتقاض فيه والالتباس). (2).
انتهى الوجه الخامس.

(1) هكذا في المصدر وفي المتن: (الاخبار).
(2) الحدائق الناظرة: 1: 23.
144

(الرد على الوجه الخامس)
أقول:
(الرد على المناقشة الأولى)
أما قوله (الخامس إلى قوله أما أولا.. الخ) ففيه: أن الرواة عن الأئمة الأطهار عليهم
السلام وإن كانوا ألوفا كثيرة كما حكى غير واحد، لكن المشايخ وأهل الأصول والكتب
الذين جمعهم الشيخ في الفهرست (1)، وذكر أنه أجمع كتاب يكون - حيث قال:
- إني (2) لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب التصانيف (3) عملوا
فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول، ولم أر (4) أحدا
استوفى (5) في ذلك، ولا ذكر أكثره، بل كل منهم كان غرضه أن يذكر ما اختص بروايته،
وأحاطت به خزانته من الكتب، ولم يتعرض أحد منهم لاستيفاء جميعه) إلى أن قال:
(ولما تكرر من الشيخ الفاضل - أدام الله علوه (6) وعزه، وتأيده - الرغبة فيما يجري
هذا المجرى، وتوالى منه الحث على ذلك، ورأيته حريصا عليه، عمدت إلى عمل (7) كتاب،
يشتمل على ذكر المصنفات والأصول، ولم أفرد أحدهما عن الاخر) (8)، ثم قال:
(و (9) إذا ذكرت كل واحد من المصنفين وأصحاب الأصول، فلا بد أن أشير إلى ما
قيل فيه من التعديل والجرح (10)، وهل يعول على روايته أو لا، وأبين (11) اعتقاده، وهل

(1) الفهرست - للشيخ الطوسي - تصحيح وتعليق السيد محمد صادق آل بحر العلوم - طبعة النجف: 1.
(2) في الفهرست: (فإني) بدل (إني).
(3) في الفهرست: (الحديث) بدل (تصانيف).
(4) في الفهرست: (أجد) بدل (أرى).
(5) كلمة (في): غير موجودة في الفهرست.
(6) هذه الكلمات (علوه، وعزه، و) غير موجودة في الفهرست والموجود (أدام الله تأيده) فقط.
(7) كلمة (عمل) غير موجودة في الفهرست.
(8) الفهرست: 8.
(9) في الفهرست: (ف‍) بدل (و).
(10) في الفهرست: (التجريح) بدل (الجرح).
145

هو موافق للحق أم (12) مخالف، لان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون
المذاهب الفاسدة، وإن كانت كتبهم معتمده) (13). انتهى - لا يبلغون تسعمائة، والذين
يتكررون في الأسانيد غالبا لا يبلغون مائتين.
وكيف كان: فكلهم معروفون، وأحوالهم ظاهرة لمن له أدنى مسكة ومعرفة بأحوال
الرجال، ثقتهم، وممدوحهم، وموثقهم، وضعيفهم، ومجهولهم.
وما أتفق فيه الاشتراك يعرف بالراوي والمروي عنه، وما لا يعرف يحسب بالأدنى،
فإن كان الاشتراك بين ثقتين فلا إشكال، على أن الغالب في رواية الشيخ والصدوق رحمهم
الله، الرواية من الكتب والأصول، ولذلك غلب اقتصارهما على أصحابها، كما يقولون
مبتدئين: الحسين بن سعيد، أو محمد بن أبي عمير، أو عثمان بن عيسى، أو عبد الله بن كميل،
ونحو ذلك.
وطريقهما إليهم معروف، فالشيخ رحمه الله في (الفهرست) (14)، والصدوق رحمه الله
في مشيخته (في آخر الكتاب) الفقيه.
(الرد على المناقشة الثانية)
وأما قوله: (وأما ثانيا فلان مبنى تصحيح الحديث.. الخ) اشتمل كلامه هذا على
مؤاخذتين:
الأولى: منع اطلاع من يستندون إليه في التوثيق على أحوال الرواة.
الثانية: إن أئمة الرجال لا يبلغون في الجلالة مبالغ أئمة الحديث، فكيف صح الاعتماد
على هؤلاء في توثيق الرواة، ولم يصح الاعتماد على أولئك في الحكم بصحة الروايات.
ويتوجه عليه في الأولى: أن هؤلاء الاجلاء - الذين أحال عليهم الاطلاع على

(11) في الفهرست ههنا زيادة (عن).
(12) في الفهرست ههنا زيادة (هو).
(13) الفهرست: 2.
(14) لقد ذكر الشيخ الطوسي في كتابه (الفهرست) طرقه إلى الكتب التي روى عنها، كما ذكر ذلك في آخر كتاب
التهذيب حيث قال: (الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه الأصول والمصنفات) التي تضمنها الكتاب،
(راجع آخر الجزء العاشر من التهذيب).
146

الحال، وزعم عليهم أنهم ممن يكتفون في التوثيق بقرينة الحال - كانوا أتقى لله - وأشد تحرجا
من أن يقوموا على ذلك حتى يستوثقوا، أو يجئ من ذلك نبأ بين ينكشف معه المفظي، ولا
يبقى بعده في الامر خفاء، من تواتر، أو شياع يفيد العلم ويبلغ إلى القطع، وما بعد ذلك من
بحث.
ولقد رأيت الشيخ قدس سره يصف السيد المرتضى قدس سره في الفهرست ويقول:
(1) (علم الهدى الاجل السيد المرتضى أطال الله تعالى (2) عمره، وعضد (3) الاسلام
وأهله ببقائه وامتداد أيامه، متوحد في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم في العلوم، مثل:
علم الكلام، والفقه، وأصول الفقه، والأدب، والنحو، والشعر (4)، واللغة) (5).
ثم عدد مشاهير كتبه، وذكر أنه قرأ أكثرها عليه، وسمع سائرها تقرء عليه بنحو
دفعات (6) كثيرة (7)، ولم يزد على ذلك.
وذكر علي بن إبراهيم (8) وأباه (9) ولم يوثقهما.
وذكر الصدوق (10) رحمه الله ولم يوثقه (11)، ووثق أباه (12)،

(1) توجد في الفهرست (ص: 98 / 421) قبل كلمة (علم الهدى) هذه العبارة: (علي بن الحسين بن موسى بن
محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه
السلام، كنيته أبو القاسم).
(2) في الفهرست (رضي الله عنه) بدل (طال الله تعالى عمره).
(3) هذه العبارة (وعضد الاسلام وأهله ببقائه وامتداد أيامه) غير موجودة في الفهرست.
(4) في الفهرست ههنا زيادة: (ومعاني الشعر).
(5) الفهرست: 99.
(6) هكذا في المصدر وفي المتن: (دفاعات).
(7) قال في الفهرست (ص: 100) في آخر ترجمة السيد المرتضى: (قرأت هذه الكتب أكثرها عليه، وسمعت
سائرها يقرأ عليه دفعات كثيرة).
(8) الفهرست: 89 / 370.
(9) إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمي، ذكره في الفهرست 4 / 6.
(10) محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، وقد ذكره في الفهرست 156 / 695.
(11) المقصود من ذلك أنه لم يوثقه بعبارة صريحة (كأن يقول: ثقة)، وإلا ما ورد في ترجمته فيه دلالة واضحة،
على عظمة شأنه حيث إنه قال عنه:
(جليل القدر، يكنى أبا جعفر، كان جليلا، حافظا، للأحاديث بصيرا بالرجال، ناقدا للاخبار، لم ير في القميين
مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو ثلاثمائة مصنف، وفهرست كتبه معروف).
(12) الفهرست: 93 / 382، قال: (علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه، كان فقيها جليلا ثقة،
وله كتب كثيرة).
147

ووثق العطار (1) وابن الوليد (2)، ولم يوثق ولديهما الأحمدين (3)، مع أنه شرط
في أول كتابه أن يشير إلى ما في الشيخ من جرح وتعديل، وما ذاك الا لشدة التحرج والتأثم
في الحكم إلا مع العلم، وإلا فلو كانوا مما يكتفون بقرينة الحال كما قال، فأي قرينة أعظم من
أن يعد في أصحاب الإمام عليه السلام، وأن يكون من حملة (4) العلم ورواة الاحكام
ومصنفي الكتب، ومرجع الاجلاء، يتناولون منه ويأخذون عنه؟ فكان ينبغي أن يوثقوا
جميع الأصحاب، وخاصة وقد قال المفيد رحمه الله: (إن الذين رووا عن الصادق عليه
السلام خاصة من الثقات كانوا أربعة آلاف) (5)، ومع هذا لا يقدمون على توثيق رجل
منهم حتى يعلموا وثاقته بعينه، لجواز أن يكون هذا خارجا عن العدة المذكور.
ليت شعري كيف أستغرب هذا الشيخ الاطلاع على حال الماضين؟ أو لسنا نوثق
علماءنا الماضين كالشيخين (6)، والفاضلين (7)،

(1) هكذا قال في رجاله، (من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام): 495 / 24:
(محمد بن يحيى العطار، روى عنه الكليني، قمي كثير الرواية).
(2) محمد بن الحسن بن الوليد القمي، قال الشيخ في الفهرست 156 / 694:
(جليل القدر، عارف بالرجال، موثوق به).
(3) 1 - أحمد بن محمد بن يحيى العطار القمي، ذكره في رجاله، فيمن لم يرو عن الأئمة (ع) (حرف الهمزة:
244 / 36)، وقال:
(روى عنه التلعكبري، وأخبرنا عنه الحسين بن عبيد الله وأبو الحسين بن أبي جيد القمي وسمع منه سنة ست
وخمسين وثلاثمائة وله منه إجازة).
2 - أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد.
قال القهبائي في كتاب مجمع الرجال، الجزء الأول، هامش الصفحة 137،
(أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد أبو الحسن، لم أجده في كتب أصحابنا المتقدمين مع أن رواية المتأخرين
عنه كالمفيد كثيرة، وكأنه من مشايخ الإجازة، وبالجملة لا أعرفه بتوثيق).
(4) في المتن: (جملة) وما أثبتناه هو الصحيح.
(5) الارشاد: 271.
(6) الشيخان هما: الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي.
(7) الفاضلان هما: المحقق الحلي (602 - 676 ه‍) جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي، أبو القاسم نجم الدين.
والعلامة الحلي: (648 - 627 ه‍). الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي، أبو منصور جمال
الدين، علامة عصره، كان رحمه الله فقيها، عالما، بارعا، انتهت إليه رئاسة الإمامية في عصره، ألف في جميع
الفنون. من كتبه: التبصرة، القواعد، نهاية الوصول إلى علم الأصول، المختلف، الارشاد، التذكرة، كشف المراد،
الايضاح...
148

والشهيدين (1)، وابن فهد (2)، والفاضل المقدس الأردبيلي (3)، والمجلسيين (4) وغيرهم
(رضي الله عنهم) ممن لا يحصى، ومن لم نخالط من المعاصرين، بالتسامع والتضافر حتى
نقطع ولا يبقى للريب مجال؟.
أم كيف قطع بأخبارهم لمجرد أخبارهم وهو لا يقطع بوثاقتهم؟.
ثم قد يأتي التحقيق في الجرح والتعديل أنه من قبيل الخبر دون الشهادة، وإذا قبل
خبر العدل في الاحكام، فكيف لا يقبل في التزكية؟ وهو المعروف بين الأصحاب، بل قد
حكي على ذلك الاجماع، وفي الأعيان ما يغني عن الأثر.
وخلاف جدي (5) رحمه الله في (المنتقى)، ومن حكي عنه، شاذ، متعلقهم ضعيف كما
يأتي تفصيل القول فيه.
قوله: (وأما الثانية من المؤاخذتين)، فقد مر الكلام في ذلك من قريب.
وابتناء المقامين: هذا (6) خبر فيقبل من الثقة، وذاك (7) اجتهاد فلابد للمجتهد فيه

(1) الشهيدان هما: الشهيد الأول (734 - 786 ه‍) محمد بن جمال الدين مكي بن شمس الدين محمد العاملي، من
مشاهير علماء الشيعة في القرن الثامن، له تصانيف عديدة، منها: الذكرى، اللمعة، الارشاد، الألفية،....
والشهيد الثاني (911 - 966 ه‍) زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن محمد بن جمال الدين بن تقي بن
صالح بن مشرق العاملي.
(2) ابن فهد الحلي (757 - 841 ه‍) أحمد بن شمس الدين محمد بن فهد الأسدي الحلي. له مؤلفات عديدة منها:
المهذب البارع، عدة الداعي، شرح الألفية..
(3) المقدس الأردبيلي (المتوفي سنة 993) أحمد بن محمد الأردبيلي، كان عالما، فقيها، فاضلا. له عدة مؤلفات،
منها: مجمع الفائدة والبرهان، زبدة البيان، حديقة الشيعة.
(4) المجلسيان: هما، المجلسي الأول: محمد تقي بن مقصود علي المجلسي (1070 ه‍) كان عالما، فاضلا، زاهدا.
والمجلسي الثاني: هو ولده محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود علي المجلسي. (1037 - 1111 ه‍) المحدث الكبير
صاحب الموسوعة الحديثية المعروفة (بحار الأنوار)، إضافة إلى مؤلفات عديدة أخرى، كمرآة العقول، وملاذ
الأخيار، وروضة المتقين...
(5) قال في المنتقى 1: 16:
(الأقرب عندي عدم الاكتفاء في تزكية الراوي بشهادة العدل الواحد) إلى أن قال:
(اشتراط العدالة في الراوي، يقتضي اعتبار حصول العلم بها، وظاهر أن تزكية الواحد لا تفيد بمجردها،
والاكتفاء بالعدلين مع عدم إفادتهما العلم إنما هو لقيامهما مقامه شرعا، فلا يقاس عليه)، لان شهادة العدلين
بينة شرعية وهي حجة.
(6) أي (نقل الوثاقة).
(7) أي (تصحيح الرواية).
149

من الاجتهاد، ولذلك استمرت الطريقة على استقبال الاجتهاد وعدم التقليد، وإلا لقلد
الصدوق رحمه الله الكليني، والشيخ (1) الكليني والصدوق.
كلا، بل كل اجتهد، وأخذ بما رجحه اجتهاده، لان اجتهاد السابق لا ينفع اللاحق، كما
قدمنا شرحه وتوضيحه.
(الرد على المناقشة الثالثة)
قوله: (وأما ثالثا: فلمخالفتهم أنفسهم.. الخ).
لا يخفى ضعف هذه المناقشة، فإن أقصى ما هناك أن أطلق اسم الصحيح على ما هو
بمكانه مجازا، وإلا فالتحقيق أنه على الحقيقة دون المجاز.
أقصى ما هناك أن وثاقة المرسل عنه ثبتت بالاجماع، ووثاقة الشيخ تثبت باستفاضة
الطريقة، على أن العلماء - وخاصة الاجلاء - لا يستأذنون في رواية الاخبار المدونة في
الكتب المعروفة إلا من الاجلاء، فضلا عن سائر الثقات، وقد شرحت القول في ذلك في
أمارات التعديل بما لا يزيد عليه.
(الرد على المناقشة الرابعة)
قوله وأما رابعا (فلاضطراب كلامهم.. الخ)، ما وجدنا هذا التعارض الذي يحكيه
بين أئمة الرجال المعتمدين إلا نادرا. أقصى ما هناك أن يذكر أحدهم الراوي بلا قدح ولا
مدح، ويمدح الاخر أو يوثق أو يقدح، فيكون حاكما عليه جمعا بين خبر العدلين.
وكذلك إذا وثق أحدهم رجلا، ورماه الاخر بالانحراف عن المذهب، كالوقف
ونحوه، جمعنا بين خبريهما، وأخذنا بكلامهما، وقلنا: إنه ثقة واقف، ولئن أتقن التعارض كما
أن يقول أحدهم: (إنه ثقة)، والاخر: (إنه فاسق)، فهل هناك إلا الترجيح كما في سائر الأمور
النقلية، فكيف صار ذلك مقتضيا لبطلان هذا الامر من أصله، وهدم هذا الأصل؟ وهل هذا

(1) أي ولقلد الشيخ.
150

إلا كمن يستدل على بطلان التعلق بهذه الاخبار، بأنه ربما تعارض فيها الرواة، والتجاؤهم
إلى الترجيح؟.
إذا هكذا يكون التعلق. وليس الغرض تتبع هفوات هذا الشيخ رحمه الله، ولكن
التنبيه على الباطل، والباطل جم العثرات، وهؤلاء همج رعاع، إذا رأوا مثل الشيخ في
جلالته يكثر التعلق وينوه بما يتعلق، ظنوا أن قد جاء بشئ.
ثم قال (1):
الوجه السادس:
(إن أصحاب هذا الاصطلاح، قد اتفقوا على أن مورد التقسيم إلى الأنواع الأربعة إنما
هو خبر الواحد العاري عن القرائن، وقد عرفت - من كلام أولئك الفضلاء المتقدم نقل
كلامهم، وبذلك صرح غيرهم أيضا - أن أخبار كتبنا المشهورة، محفوفة بالقرائن الدالة على
صحتها، وحينئذ يظهر عدم وجود مورد التقسيم المذكور في أخبار هذه الكتب.
وقد ذكر صاحب المنتقى (من أن أكثر أنواع الحديث المذكورة في دراية الحديث بين
المتأخرين من مستخرجات (2) العامة بعد وقوع معانيها في أحاديثهم (3)، وأنه لا يوجد
لأكثرها في أحاديثنا) (4). وأنت إذا تأملت بعين الحق واليقين وجدت التقسيم المذكور من
هذا القبيل.
إلى غير ذلك من الوجوه التي أنهيناها في كتاب (المسائل) (5) إلى اثنى عشر وجها،

(1) صاحب الحدائق.
(2) هكذا في الحدائق وفي المتن: (مستخيجات).
(3) هكذا في المصدر وفي المتن: (أحادينا).
(4) المنتقى: 1: 10.
والعبارة في المنتقى هكذا: (.. إن رواية الحديث المذكور إنما وقعت من طرقهم وهي الأصل في هذا النوع من
الاضطراب كغيره من أكثر أنواع الحديث، فإنها من مستخرجاتهم بعد وقوع معانيها في حديثهم فذكروها
بصورة ما وقع، واقتفى جماعة من أصحابنا في ذلك أثرهم واستخرجوا من أخبارنا في بعض الأنواع ما يناسب
مصطلحهم وبقي منها الكثير محض الغرض).
(5) انظر الذريعة 5: 231 / 1105.
151

وطالب الحق المنصف تكفيه (1) الإشارة، والمتكبر والمتعسف (2) لا تنفعه ولو بألف عبارة). (3)
انتهى كلامه.
(الرد على الوجه السادس)
انظر إلى هذا الشيخ وتماديه في أمره، حتى لا يكاد يبصر - ما بين يديه - القرائن التي
تخرج بالخبر عن مورد القسمة ومحل النزاع - بين من يأخذ بخبر الواحد ومن لا يأخذ - إنما
هي الأربعة المعروفة التي تنضمه في سلك العلميات، وتخرج به عن سنن الآحاد، أعني
موافقة الكتاب، والسنة المعلومة، وموافقة إجماع الطائفة، وموافقة الأصول العقلية. ولا كلام
لنا في شئ من ذلك، إنما الكلام فيما عدا ذلك، والتي ذكر الأصحاب أن أخبارنا هذه محفوفة
بالقرائن إنما يريدون بها المزايا التي بسببها صح الاخذ بها، ولولاها لامتنع، لاتفاق الكلمة
على المنع من العمل بخبر الواحد، كالقياس والاجتهاد، إلا بالمزايا المعارضة، وهي رواية
الأصحاب لها وعملهم عليها في الجملة، هذا يأخذ بهذا، وذاك بذاك، وعدم إعراضهم عنها.
وهذا هو المعنى بالصحة المذكورة، وهذا القسم هو محل النزاع بين من يأخذ بخبر
الواحد المقرون بهذه المزية، ومن لا يأخذ.
فمن يأخذ اكتفى بهذه المزية، ومن لم يأخذ لم يكتف حتى يكون مع اقترانه بهذه
المزية، وموافقا لاحد الأمور الأربعة، وهو مورد القسمة إلى الأقسام الأربعة.
وأما ما لم يقترن بالمزية المذكورة فباطل، لا يجوز الاخذ به، ولا الالتفات إليه بحال،
وبالجملة ليس هو من الأدلة كالقياس.
فقد بان مورد القسمة، وإن خفي على هذا الشيخ. سبحان الله تعالى - أيضا - إن هذا
مما يخفى على العلماء الأعلام في هذه المدة المتطاولة!.
كلامهم أسد وأعلى.
قوله: (وقد ذكر صاحب المنتقى إلى قوله وأنت إذا تأملت بعين الحق.. الخ).

(1) في المتن: يكفيه.
(2) هكذا في الحدائق وفي المتن: المنعصف.
(3) الحدائق: 1: 23.
152

أقول: العلة لقلة أخبارهم، وشدة اعتنائهم، فإذا وجدوا السند على صفة سموه باسم
يناسب تلك الصفة، كما ستعرف تفصيل القول فيه، وأقصاه أنه اصطلاح بعد الوقوع، ولا
مشاحة.
والأصحاب لما أرادوا تقسيم السند ربما ذكروا هذه الأقسام التي سمعتها، وان كانوا
هم الأصل في وضع تلك الاصطلاحات، وإن لم يتفق في أسانيدنا مثل ذلك إلا نادرا، ولا
بأس.
والشيخ لما كان ممن يرمي الأصحاب باتباع العامة، وسلوك مسالكهم على طريقة
صاحب الفوائد (1) - ولو رجما بالغيب - لسوء الظن بهم، قال:
(وأنت إذا تأملت بعين الحق واليقين، وجدت التقسيم المذكور من هذا القبيل).
وإنها لكلمة زور، فإنهم لا يعرفون الموثق، وإنما يصفون السند بالصحة والضعف
بحسب وثاقة الرجال وضعفهم، وربما قالوا هذا الحديث حسن وإنما يريدون بحسب المعنى
دون السند.
ولئن سبقوا بهذا التقسيم فأي بأس بموافقتهم في ذلك بعد مطابقته للواقع، وما كان
الاعتراض على الأصحاب بمجرد هذا الاصطلاح، بل اختلاف الاحكام بحسب اختلاف
الأقسام، سميت بهذه الأسماء أم بغيرها. ولو أنه أسبل ذيل الستر على هذه الوجوه كما أسبل
على الباقيات - التي أشار إليها بقوله: (إلى غير ذلك من الوجوه التي أنهيناها في كتاب
المسائل إلى اثنى عشر) - لكان أمثل، ولكن أبى الله تعالى إلا للحق ظهورا، وللباطل إلا
دحضا.
متى كان أصحابنا - وخاصة أمثال هؤلاء الاجلاء - يتتابعون في اتباع العامة في
الفروع فضلا عن الأصول، ونحن نرى الواحد منا أول ما يبرع يستقبل الأمور بنفسه حتى
يبلي عذره نقضا وإبراما وتأسيسا وإحكاما ثم، لا يتعاضمه قول فقيه، ولا إفتاء مفتي.
هكذا أيه الشيخ المحدث، ولا أقل من قانون الأدب، فإنك إنما أخذت منهم،

(1) كتاب الفوائد المدنية في الرد على القائل بالاجتهاد والتقليد في الأحكام الإلهية، للمولى المحدث محمد أمين بن
محمد شريف الأسترآبادي.
153

وصدرت عنهم، ولم تصب خيرا قط إلا من قبلهم.
تجاوز الله عنا، وعنه، وعنهم، وجمعنا إن شاء الله في مستقر رحمته مع سادتنا
وموالينا.
154

تقسيم الحديث
باعتبار تعدد الطريق ووحدته
155

وحيث عرفت وجه الحاجة إلى هذا التنويع، وإبطال توهمات إنكاره، فنقول:
ينقسم (1) باعتبار تعدد الطريق ووحدته إلى:
(1) مستفيض
(2) ومشهور
(3) وغريب
(4) وعزيز

(1) أي الحديث.
157

(الأول: المستفيض)
(فإن نقله في كل مرتبة أزيد من ثلاثة، فمستفيض).
وقيل: هو إن زاد عن اثنين كل مرتبة (1).
وفي (ظفر الأماني) (2)، المستفيض: ما تلقته الأمة بالقبول بدون اعتبار عدد.
وقال (القفال) (3):
(إنه والمتواتر بمعنى واحد).
وكيف كان، فهو مأخوذ من فاض الماء، يفيض فيضا (4).
(ثانيا: المشهور)
وإن زاد الرواة عن ثلاثة في كل الطبقات أو في بعضها، فهو المشهور (5)، فهو أعم
مطلقا من المستفيض عند الأكثر.
ويطلق المشهور عند الفقهاء على ما اشتهر العمل به بينهم.
قيل: (ويطلق عند العامة (6) في هذا الفن على ما شاع عند أهل الحديث بالخصوص).
وفيه نظر، فقد عرفوه في كتب الدراية: (بما يكون له طرق محصورة بأكثر من
اثنين) (7).

(1) نسب الشهيد الثاني هذا القول في الدراية (ص 16) إلى البعض ولم يسمهم.
(2) ظفر الأماني في شرح مختصر الجرجاني، للمولوي محمد عبد الحي اللكهنوي الهندي (انظر إيضاح المكنون في
الذيل على كشف الظنون 4: 90).
(3) أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل القفال، كان أصوليا، لغويا، محدثا ((291 - 365 ه‍) انظر الأنساب
للسمعاني: 10: 211.
(4) لسان العرب: 7: 210.
(5) خلافا للمستفيض الذي تزيد رواته عن ثلاثة في كل طبقة، أو حسب تعبير الشهيد الثاني: (ما اتصف بذلك
في ابتدائه وانتهائه على السواء).
(6) انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري - طبعة الهند - 114، علوم الحديث لابن الصلاح: 265،
وقد قسم كل من الحاكم وابن الصلاح الحديث المشهور: إلى صحيح وغيره، والى ما هو مشهور بين أهل
الحديث وغيرهم. كما قال ذلك الشهيد الثاني في درايته: 33 أيضا.
(7) قاله الحافظ ابن حجر، انظر شرح نخبة الفكر (طبعة بيروت): 24، ومنهج النقد: 408.
158

نعم قالوا:
(يطلق على ما اشتهر على الألسنة، وان اختص بإسناد واحد، بل لا يوجد له إسناد
أصلا) (1).
قال جدي في الدراية:
(وهو كثير، قال بعض العلماء:
أربعة أحاديث تدور على الألسن وليس لها أصل، الخ) (2).
أقول: هو ابن الصلاح من العامة (3)، ناقلا عن أحمد ما لفظه:
(أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأسواق ليس لها
أصل: (من يبشرني (4) بخروج آذار (5) بشرته بالجنة).
و (من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة).
و (يوم (6) نحركم يوم صومكم).
و (للسائل (7) حق وإن جاء على فرس).

(1) ذكره في هامش الصفحة 261 من كتاب علوم الحديث، ونسبه الشيخ المامقاني في مقباس الهداية إلى القيل
1: 224، منهج النقد: 410.
(2) الدراية: 33 (البقال 1: 108).
(3) انظر علوم الحديث لابن الصلاح: 265.
(4) في المقدمة: (من بشرني) بدل (من يبشرني).
(5) هكذا في المصدر وفي المتن: آذا.
(6) كلمة (يوم) غير موجودة في المقدمة.
(7) في المتن: لسائل
وقد علق الدكتور نور الدين عتر على هذه الأحاديث في هامش الصفحة (266) من المقدمة بما يلي:
(أما حديث (من بشرني بخروج آذار) فلا أصل له.
وأما حديث (من آذى ذميا) فأخرجه أبو داود في كتاب الخراج والاماراة (باب تعشير أهل الذمة) 3: 171
ولفظه: (الا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة) وسكت عليه أبو داود.
قال العراقي: (إسناده جيد).
وأما حديث: (يوم نحركم) فمن حديث الكذابين لا أصل له.
وأما حديث: (للسائل حق) فأخرجه أحمد في المسند 1: 201 عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال
رسول الله صلى الله عليه (وآله): (للسائل..).
وأخرجه أبو داود عن الحسين وعن أبيه علي رضي الله عنهما في الزكاة 2: 126، وأسناده جيد وقد سكت
عليه أبو داود، ويروى أيضا عن ابن عباس والهرماس بن زياد، فالحديث قوي، لذلك تعقب العراقي
ابن الصلاح فقال: (لا يصح هذا الكلام عن الإمام أحمد.. الخر) (انظر نكت العراقي ص 223 - 225، والمقاصد
الحسنة ص 392 و 480 و 337).
159

ونقل والد المصنف عن بعضهم في الأخيرين:
(هذان حديثان يدوران في الأسواق وليس لها أصل في الاعتبار) (1).
فتدبر.
(الثالث: الغريب)
(أو انفرد به) - أي بالحديث - راو (واحد) في أي موضع وقع التفرد من مواضع
السند، ولو (في أحدها)، أعني المراتب والطبقات، (فغريب) بقول مطلق.
وإن تعددت الطرق إليه فنازلا، أو منه فصاعدا، سمي بذلك لغرابته وندرته، حيث لم
يرو عنهم رجل آخر.
ويدخل في الغريب: ما انفرد راويه بزيادة في المتن أو السند، وهو - أيضا - إما أن
يكون غريبا متنا وإسنادا، أو إسنادا لا متنا.
والأول: هو ما انفرد برواية متنه واحد.
والثاني: كحديث يعرف متنه جماعة عن ابن أبي عمير مثلا إذا تفرد واحد بروايته
عن أخر، كالحسين بن سعيد مثلا.
والانفراد إن كان في أصل سند، فهو الفرد الغريب المطلق، وإلا فهو الفرد النسبي، ولا
يوجد ما هو غريب متنا لا إسنادا، إلا إذا اشتهر الحديث المفرد فرواه عمن تفرد به جماعة
كثيرة، فإنه يصير غريبا مشهورا، كحديث (إنما الأعمال بالنيات) (2) فإن إسناده متصف
بالغرابة في طرفه الأول، وبالشهرة في طرفه الاخر.
قال عبد الحي في (الأماني) (3):
(فإنه لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمر، ولم يرو عنه إلا علقمة، ولم

(1) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار - للشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي: 99 - 100.
(2) مر سند الحديث فراجع.
(3) ظفر الأماني لمحمد بن عبد الحي.
160

يرو عنه إلا مجد بن إبراهيم بن الحارث التميمي، ولم يرو عنه إلا يحيى بن سعيد القطان (1)، ثم
انتشر بعد ذلك، وهو من الآحاد بالنسبة إلى أوله، ومشهور بالنسبة إلى آخره).
هذا ما ذكره النووي وغيره إلى أن قال:
(ولا يصح مسندا إلا من حديث عمر) (2).
انتهى.
نعم قيل: إنه رواه عن يحيى بن سعيد أكثر من مائتين راو (3). ويحكى عن أبي
إسماعيل الهروي أنه كتبه من سبعمائة طريق عن يحيى بن سعيد (4).
وناقش في ذلك - أي في دخوله في الغريب - في (الرواشح) (5)، وتبعه الفاضل
الدربندي، لان بعضهم قال (6):
(قد ذكر جمع أنه قد رووه (عن) أمير المؤمنين، وعن جمع عن الصحابة كأنس (7)
وأبي سعيد الخدري (8)،
وزاد الفاضل المذكور روايته عن ابن صهاك الحبشية حتى قال:
(فلا يدخل في حد الغرابة أصلا).
وهو غريب من مثله، وقد سمعت كلام النووي الذي هو من عظمائهم فتدبر.
ثم اعلم أن الغريب ينقسم إلى صحيح وغيره، وهذا هو الغالب في الغرائب.
وحكي عن أحمد من العامة أنه قال: لا تكتب هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير،

(1) في تقريب التهذيب لابن حجر (2: 348 - حرف الياء - رقم: 72) أن اسمه: يحيى بن سعيد بن فروخ.. أبو
سعيد القطان) وليس يحيى بن سعيد القطان.
(2) راجع التقريب (من متن كتاب تدريب الراوي على شرح تقريب النواوي): 375.
وقال الشهيد الثاني في الدراية: 34: (وحديث (إنما الأعمال بالنيات) من هذا الباب فإنه غريب في طرفه
الأول، لأنه مما تفرد به الصحابة (عمر) وإن كان قد خطب به على المنبر فلم ينكر عليه فإن ذلك أعم من كونه
سمعوه من غيره أم لم يسمعوه ثم تفرد به علقمة..).
(3) الباعث الحثيث: 60، الدراية: 34، (البقال 1: 110)، الرواشح: 132.
(4) الرواشح: 132.
(5) الرواشح: 132.
(6) نسبه في الرواشح: 132، إلى رهط من العلماء.
(7) أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وآله، (الاعلام 1: 365).
(8) سعيد بن أبي سعيد الخدري، (الطبقات الكبرى لابن سعد: 205 / 853).
161

وعامتها من الضعاف.
وقد يطلق الغريب فيقال: (هذا حديث غريب) ويراد منه ما غرابته من حيث التمام
والكمال في بابه، أو غرابة أمره في الدقة والمتانة.
وهنا أقسام أخر، منها:
(الرابع): الغريب لفظا
أو فقها، لا متنا وإسنادا، وهو:
(ما اشتمل متنه على لفظة (1) غامضة بعيدة (2) عن الفهم لقلة شيوعه (3) في
الاستعمال (4).).
كذا ذكره جدي في الدراية (5)، وذكر أنه من أهم علم الحديث، وأنه خطير، والخوض
فيه صعب، فيجب أن يكون الحافظ فيه عزيز البضاعة، عريض التتبع في فنون الاخبار
وغيرها. وكان السلف يتثبتون فيه أشد التثبت، ولأجل ذلك قد أكثر العلماء التصنيف فيه.
(أول من صنف في غريب الحديث)
قيل (6): أول من صنف فيه النضر بن شميل (7)، وقيل (8): أبو عبيدة معمر بن المثنى
تلميذ أبان بن عثمان (9) من أصحاب الإمام الصادق والكاظم عليهم السلام (10).

(1) في الدراية: (لفظ).
(2) في الدراية: (بعيد).
(3) في الدراية: (استعماله).
(4) في الدراية: (الشائع).
(5) في الدراية: 43 (البقال 1: 132).
(6) قاله الحاكم في كتاب معرفة علوم الحديث: 110.
(7) في المتن: (سهيل) كما جاء ذلك عن الدراية كذلك: 43، والصحيح ما أثبتناه. انظر كتاب معرفة علوم
الحديث للحاكم: 119 والمقدمة: 273، التقريب وتبعه صاحب التدريب: 378، والدراية (البقال 1: 132)
(8) انظر علوم الحديث: 273.
(9) انظر ترجمة أبان بن عثمان في الفهرست: 18 / 52، ورجال النجاشي: 13 / 8.
(10) عد الشيخ الطوسي أبان في رجال الصدوق: 152 / 191، وقال النجاشي: (روى عن الصادق عليه السلام
وعن أبي الحسن موسى عليه السلام: 18 / 52).
162

وقد صنف بعدهما أبو عبيدة (1) فاستقصى وأجاد، ثم ابن قتيبة (2) ما فات أبا
عبيدة، ثم الخطابي (3) ما فاتهما. فهذه أمهاته (4)، ثم بعدها كتب كثيرة فيها زوائد وفوائد
كثيرة.
ولا يقلد منها إلا ما كان مصنفوها حذقة أجلة، وأجود تفسيره ما جاء (5) في رواية.
وممن تصدى لذلك من العامة ابن الأثير في (النهاية) (6)، والزمخشري في
(الفائق) (7)، والهروي في (غريب القرآن والحديث) (8).
وقال والد المصنف (9):
(وقد ألف أبو جعفر محمد بن بابويه رحمه الله (10) كتابا في غريب أحاديث النبي
صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام) (11).
وأحسن ما ألفه العامة فيه كتاب (الغريبين) يعني غريب القرآن والحديث.
أقول: وألف العلامة (12) كتاب (حل مشكلات الاخبار) (13)، ورأيت للسيد عبد الله

(1) في المتن: (أبو عبيدة) قاله رحمه الله تبعا للدراية: 44، والصحيح ما أثبتناه، وهو القاسم بن سلام صاحب
الكتاب المشهور. (انظر: المقدمة: 273، تدريب الراوي: 378، الدراية (البقال: 132)).
(2) أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى سنة 266 ه‍) (انظر كشف الظنون 2: 1204).
(3) في المتن الخطاني والصحيح كما عن غير واحد هو الخطابي
أبو سليمان أحمد بن محمد الخطابي (انظر كشف الظنون 2: 1203).
(4) أي أصوله.
(5) أي ما جاء مفسرا في رواية (انظر تدريب الراوي: 379).
(6) النهاية في غريب الحديث، لأبي السعادات مبارك ابن أبي الكرم محمد المعروف بابن الأثير الجزري المتوفى
سنة 606 ه‍ (انظر كشف الظنون 2: 1989).
(7) محمود بن عمر الزمخشري (انظر كشف الظنون 2: 1206).
(8) أبو عبيدة أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة 401 ه‍ (انظر كشف الظنون 2: 1206).
(9) الحسين بن عبد الصمد.
(10) المقصود هو: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو جعفر (381 ه‍). الشيخ الصدوق.
ذكر الشيخ الطوسي هذا الكتاب في فهرسته: 156 / 695 باسم: (كتاب غريب حديث النبي صلى الله عليه
وآله). كما ذكره الشيخ النجاشي: 389 / 1049.
(11) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 86.
(12) الحسين بن سديد الدين يوسف بن علي بن مطهر الحلي (648 - 726).
(13) لم يذكر العلامة هذا الكتاب عندما تعرض لترجمة حياته في الخلاصة (ص: 45 - باب الحسن - القسم الأول).
لكنه ذكر كتاب (استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار) وقال: (ذكرنا فيه كل حديث وصل إلينا،
وبحثنا في كل حديث منه على صحة السند أو إبطاله وكون متنه محكما أو متشابها، وما اشتمل عليه المتن من
المباحث الأصولية والأدبية، وما يستنبط من المتن من الأحكام الشرعية وغيرها، وهو كتاب لم يعمل مثله)
وله كذلك (حل المشكلات من التلويحات) إلا أنه في المنطق والحكمة انظر الذريعة 7: 74 / 399.
163

شبر (1) (كتاب الأنوار في حل مشكلات الآيات والاخبار).
وكيف كان، فإن ذلك (2) كما يوجد في الأدعية والخطب وأحاديث الاعتقادات
ونحو ذلك، فكذلك يوجد في الاخبار المتضمنة للأحكام الفرعية.
وبالجملة فإن التحري والتثبت مما يجب على الخائض فيه ولو كان شغله الذكاء،
ووارث محاسن العلماء.
قيل (3): (سئل أحمد بن حنبل عن حرف من غريب الحديث.
قال: سلوا أصحاب الغريب، فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالظن).
كذا نقله الفاضل الدربندي.
أقول: لما عي وحصر أحمد قال ذلك، وإلا فهو يتكلم بما دون الشك فضلا عن الظن،
والعجب من الفاضل نقله ذلك.
ومنها (4).
(الخامس): العزيز
وهو: ما رواه اثنان أو ثلاثة عن كل من يجمع الحديث ويروى عنه لعدالته وضبطه،

(1) السيد عبد الله شبر (1188 - 1242 ه‍) علام، متبحر، فقيه، عارف. ألف في الفقه والحديث والأخلاق، وفي
تفسير القرآن وعلومه، وعلم الرجال، والدعاء واللغة، والعرفان، وكتبه كثيرة معروفة منها: جامع المعارف،
الحق اليقين، مصابيح الأنوار، الأخلاق.
(2) أي الغرابة.
(3) القائل هو ابن الصلاح في المقدمة حيث روى ذلك عن الميمون قال: سئل احمد.. الخ) وتوجد بعد كلمة
(بالظن) كلمة (فسأخطئ).
انظر علوم الحديث لابن الصلاح: 272.
(4) من الأقسام الأخرى للحديث باعتبار تعدد الطريق ووحدته.
164

كالحسين بن سعيد (1) وابن أبي عمير (2).
كذا ذكر في تفسيره والد المصنف (3)، وابن منده، وابن الصلاح (4) والنووي (5).
وقال جدي في الدراية (6).
(ومنه العزيز: وهو الذي لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين)، يعني عن أقل من اثنين،
لان اثنينية المروي عنه شرط في العزيز، كما ربما يتوهم من ظاهر التعريف (سمي عزيزا، لقلة
وجوده، أو لكونه عز أي قوي بمجيئه (7) من طريق آخر).
ومنها (8):
(السادس): المقبول
وهو ما يجب العمل به عند الجمهور كالخبر المحتف بالقرائن، والصحيح عند الأكثر،
والحسن على قول، كذا ذكره جدي في الدراية (9).
وقال الفاضل الدربندي: (هو الذي تلقوه بالقبول وصاروا على العمل بمضمونه من

(1) قال الشيخ الطوسي في الفهرست (58 / 220): الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الأهوازي من
موالي علي بن الحسين عليه السلام، ثقة، روى عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث عليهم
السلام،.. وله ثلاثون كتابا..).
وقال النجاشي في ترجمته 58 / 136 - 137: وكتب بني سعيد كتب حسنة معمول عليها وهي ثلاثون كتابا.
(2) قال الشيخ الطوسي في الفهرست: 142 / 607: محمد بن أبي عمير يكنى أبا أحمد، من موالي الأزد، واسم أبي
عمير زياد، وكان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة، وأنسكهم نسكا، وأورعهم وأعبدهم. وقد ذكره
الجاحظ في كتابه فخر قحطان على عدنان بهذه الصفة التي وصفناه، وذكر أنه كان أوحد أهل زمانه في الأشياء
كلها، وأدرك من الأئمة عليهم السلام ثلاثة: أبا إبراهيم موسى عليه السلام، ولم يرو عنه وأدرك الرضا عليه
السلام وروى عنه، والجواد عليه السلام، وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى كتب مائة رجل من رجال
الصادق عليه السلام، وله مصنفات كثيرة، وذكر ابن بطة أن له أربعة وتسعين كتابا.
(3) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 111.
(4) علوم الحديث: 270.
(5) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: 375.
(6) الدراية: 16 (البقال 1: 71).
(7) في الدراية: (لمجيئه) بدل (بمجيئه).
(8) من الأقسام الأخرى للحديث باعتبار تعدد الطريق ووحدته.
(9) الدراية: 16 (البقال 1: 71).
165

غير التفات إلى صحة الطريق وعدمها، صحيحا كان أو حسنا أو موثقا أو قويا أو ضعيفا).
ومقبولات أصحابنا كثيرة، منها مقبولة عمر بن حنظلة (1)، وهي الأصل في باب
استنباط الاجتهاد، وكون المجتهد منصوبا من قبلهم عليهم السلام.
ثم العجب عن ابن حجر حيث قال في (نزهته):
(المقبول: ينقسم - أيضا - إلى معمول به وغير معمول به، لأنه إن سلم عن العاهة (2)
فهو الحكم (3)، وإن عورض، فلا يخلو، إما أن يكون معارضه مقبولا (4) مثله، أو يكون
مردودا.
فالثاني (5) لا أثر له، لان القوي لا يؤثر فيه مخالفة الضعيف.
وإن كانت المعارضة بمثله فلا يخلو، إما أن يكون الجمع بين مدلوليهما بغير تعسف
أولا.
فإن أمكن الجمع فهو النوع المسمى بمختلف (6) الحديث) (7).
انتهى.
ووجه الغرابة ظاهر، اللهم إلا أن يكون هذا اصطلاحا منهم، فهذا أيضا كما ترى،
لأنه لم يعهد من أحد غيره منهم أن يصرح بذلك، مع أنه قد قدم في أوائل كلامه أن المقبول
مما يجب العمل به، فتأمل!
ومنها (8):

(1) الكافي: 1: 67 / 10.
(2) في النزهة: (من المعارضة) بدل (عن العاهة).
(3) في النزهة: (المحكم) أي الذي يعمل به بلا شبهة (من الشارح).
(4) في النزهة ههنا زيادة: (بأن يكون صحيحا أو حسنا).
(5) في النزهة: والثاني.
(6) الباء غير موجودة في النزهة.
(7) انظر شرح نخبة الفكر التي تتضمن نزهة النظر للشارح علي القارئ: 95.
(8) من الأقسام الأخرى للحديث باعتبار تعدد الطريق ووحدته.
166

(السابع): المختلف
وهو أن يأتي حديثان متعارضان في المعنى ظاهرا فيجمع بينهما أو يرجح أحدهما.
فوصفه بالاختلاف باعتبار صفته لا بالنقل إلى شخصه، فإن الحديث الواحد نفسه
ليس بمختلف، إنما هو مخالف لغيره مما قد أدى معناه، قالوا (1):
(وهذا من أهم أنواع الحديث، ويضطر إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف، ولا
يقوم به إلا المتضلع في الحديث والأصول (2) والفقه).
(أول من صنف في المختلف)
وقد صنف فيه الشيخ (3) (الاستبصار فيما أختلف من الاخبار). وفي دراية
جدي: (4) إنه أول من صنف فيه من الناس الشافعي (5) ثم ابن قتيبة (6).
وقال بعض الأفاضل (7): صنف فيه الشافعي، ولم يقصد استيفاءه، ثم صنف فيه ابن
قتيبة، فأتى بأشياء حسنة، وترك معظم المختلف.
وقد حكي عن بعض فضلاء العامة (8) أنه قال:

(1) انظر: الدراية: 41 (البقال 1: 127)، علوم الحديث: 284، التقريب: 386، علوم الحديث ومصطلحه: 110،
ومنهج النقد: 337.
(2) في المتن: (الأصوليين) والصحيح ما أثبتناه كما عن غير واحد من كتب الدراية.
(3) الشيخ الطوسي (460 ه‍).
(4) الدراية: 41 - 42 (البقال 1: 129)، وانظر علوم الحديث ومصطلحه: 109.
(5) اختلاف الحديث لمحمد بن إدريس الشافعي المطبوع مع الجزء السابع من كتابه الام (204 ه‍) (انظر هامش
الصفحة: 169 من كتاب الباعث الحثيث في مختصر علوم الحديث وكشف الظنون 1: 32).
(6) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة عبد الله بن مسلم النيسابوري (276 ه‍). انظر ترجمته في الأعلام للزركلي:
4: 280، وكشف الظنون 1: 32).
(7) النووي في التقريب (انظر متن التقريب من التدريب: 387).
(8) هو محمد بن إسحاق بن خزيمة الامام، كما روى ذلك عنه ابن الصلاح في علوم الحديث 284 - 285 حيث
قال:
وقد روينا، عن محمد بن إسحاق بن خزيمة الامام أنه قال: (لا أعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
حديثان باسنادين صحيحين متضادين، فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما).
167

(لا أعرف حديثين صحيحين متضادين، فمن كان عنده فليأتني لأؤلف بينهما).
أقول: قوله هذا دليل على قلة معرفته، فإنه مما لا يحصى.
نعم، ما مثله جمع منهم - كابن الصلاح وابن حجر في المقدمة (1) والنزهة (2) -
بحديث (لا عدوى ولا طيرة) (3) مع حديث (فر من المجذوم فرارك من الأسد) (4). قالوا:
(كلاهما في الصحيح) فيه وهم، فإن ظاهر عباراتهم أنهما حديثان، وليس كذلك، لأنهما في
حديث واحد في صحيح البخاري (5).
وقال بعضهم في مقام الاتيان بالمثال:
وذلك كحديث (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) فقال إعرابي: يا رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب
فيجربها؟
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (فمن أعدى الأول) (6)؟ مع حديث (لا
يورد ممرض على مصح) (7)، وفي رواية (لا يوردن ذو عاهة على مصح) الحديث.
قال ابن حجر:
(ووجه الجمع بينهما، إن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، (8)

(1) علوم الحديث: 284.
(2) النزهة في ضمن كتاب شرح نخبة الفكر: 97.
(3) أخرجه البخاري - كتبا الطب (الطبعة اليونينية) - باب الطيرة 7: 174.
لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاث: في المرأة، والدار، والدابة).
وفى باب الجذام: 7: 164.
(4) أخرجه البخاري في الطب - باب الجذام 7: 164
(فر من المجذوم كما تفر من الأسد).
(5) البخاري - كتاب الطب - باب الجذام 7: 164
(وقال عفان: حدثنا سليم بن حيان، حدثنا سعيد بن ميناء، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم:
(لا عدوى ولا طيرة ولا هامة، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد).
(6) صحيح مسلم (بشرح النووي) - كتاب السلام: 14: 213، باختلاف في المتن وقريب منه في صحيح
البخاري - كتاب الطب - باب لا صفر: 7: 166
(7) صحيح مسلم (بشرح النووي) - كتاب السلام: 14: 214 - 216.
(8) في النزهة ههنا زيادة: (و).
168

لكن الله تعالى (1) جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لأعدائه مرضه (3)، ثم قد يتخلف
ذلك عن سببه، كما في غيره من (3) الأسباب).
كذا جمع بينهما ابن الصلاح (4) تبعا لغيره، والأولى في الجمع بينهما أن يقال:
إن نفيه صلى الله (5) عليه وسلم (لا عدوى) (6) باق على عمومه، وقد صح قوله
صلى الله عليه وسلم (لا يعدي شئ شيئا)، وقوله صلى الله عليه وسلم لمن عارضه بأن
البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فيجربه (7) حيث رد عليه بقوله: (فمن
أعدى الأول)، يعني إن الله تعالى ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه (8) في الأول.
وأما الامر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرايع والوسائل (9) لئلا يتفق للشخص
الذي يخالطه شئ من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب
مخالطته، فيعتقد صحة العدوي فيقع في الحرج (10)، فأمر بتجنبه حسما (11) للمادة (12).
هذا وأنت خبير بما فيه من عدم الاستقامة، لان احتجاجه على مطلبه بقوله: (وقد
صح قوله عليه السلام لا يعدي شئ شيئا) من جملة المصادرة، إذ ما في الحديث - أيضا -
محتمل أن يكون المراد منه عدم العدوي بالطبع.
ثم إن ما ذكره في قصة الامر بالفرار من المجذوم فهو أيضا مما ركاكته ظاهرة، لأنه لا
يكون حينئذ وجه لتخصيص المجذوم بالذكر في الحديث.
وكيف كان، فمقتضى التحقيق أن العدوي المنفية هي عدوى الطبع، أي ما كان يعتقده

(1) في النزهة ههنا زيادة: (إنما).
(2) كذا في المصدر وفي المتن: (مرطه).
(3) في المقدمة: (سائر) بدل (غيره من).
(4) المقدمة: 285.
(5) في النزهة ههنا زيادة: تعالى.
(6) في النزهة: (للعدوى) بدل (لا عدوى).
(7) في النزهة: فتجرب.
(8) في النزهة: ابتدأ.
(9) غير موجودة في النزهة.
(10) في النزهة: (في الخرج) وفسره الشارح بالاثم.
(11) كذا في المصدر وفي المتن: (حسبا).
(12) شرح نخبة الفكر: 98 - 100.
169

الجاهل، من أن ذلك يتعدى من فعل الطبيعة، من غير استناد إلى إذن الله تعالى وأمره
وسلطانه (جل سلطانه)، فلذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمن أعدى الأول؟
ثم لا يخفى عليك أنه إذا لم يتيسر الجمع، فإن علمنا أن أحدهما ناسخ قدمناه، وإلا
رجعنا إلى الأصول والقواعد المقررة في علم الأصول.
كذا ذكره الفاضل الدربندي، وأنت خبير أن الناسخ والمنسوخ إنما هو فيما جاء عن
النبي صلى الله عليه وآله، وأما في أحاديث أئمتنا عليهم السلام فلا وجود له أصلا.
ومنها (1) ما يقال له:
(الثامن): رواية المكاتبة
وذكر هذا النوع بعض الأفاضل (2)، وهي: أن يروي آخر طبقات الاسناد الحديث
عن توقيع المعصوم مكتوبا بخطه عليه السلام عند آخرها. وربما تكون المكاتبة في بعض
أوساط الاسناد بين الطبقات بعض عن بعض دون الطبقة الأخيرة عن المعصوم عليه السلام.
فهذا النهج الذي ذكرناه في المكاتبة مما لا يتمشى عند العامة. فالوجه ظاهر،
فالمكاتبة عندهم (3) هي:
أن يكتب الراوي مسموعه لغائب أو حاضر بخطه أو أمره، وهي ضربان:
مجردة عن الإجازة، ومقرونة ب‍ (أجزت لك ما كتبت لك، أو إليك، أو به إليك)
ونحوه من عبارات الإجازة. وهذه في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة.
وأما المجردة فمنع الرواية بها قوم، وأجازها أكثر المتقدمين والمتأخرين وأصحاب
الأصول، وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث.
وهذا في الحقيقة معدود في الموصول لاشعاره بمعنى الإجازة، فمعرفة خط الكاتب
تكفي، واشتراط البينة ضعيف.
ومنها (4).

(1) من الأقسام الأخرى للحديث باعتبار تعدد الطريق ووحدته.
(2) انظر الرواشح: 164.
(3) انظر تدريب الراوي: 277، علوم الحديث ومصطلحه: 97، منهج النقد: 218.
(4) من أقسام الحديث الأخرى باعتبار تعدد الطريق ووحدته.
170

(التاسع): المعتبر
وهو: إما لأجل كون سنده من الصحاح أو الحسان أو من الموثقات. وإما لأجل كونه مما
في الأصول المعتمدة التي أدعي الاجماع على اعتبارها، سواء كانت للشيعة الاثني عشرية،
ككتب زرارة (1)، ومحمد بن مسلم (2)، والفضيل (3) بن يسار (4)، وأمثالهم ممن أجمعوا على تصديقهم.
وككتب من أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم (5)، كصفوان بن يحيى (6)، ويونس
بن عبد الرحمن (7)، وأحمد بن محمد بن أبي نصر (8)،

(1) زرارة بن أعين الشيباني (150 ه‍) من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام (رجال الشيخ الطوسي:
123 / 16 و 201 / 91)، وقال الشيخ النجاشي في ترجمته (175 / 463): زرارة بن أعين.. أبو الحسن شيخ
أصحابنا في زمانه، ومتقدمهم وكان قاريا، فقيها متكلما شاعرا أديبا، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين،
صادقا فيما يرويه.
(2) محمد بن مسلم بن رباح الثقفي أبو جعفر الطحان الأعور (150 ه‍)، من أصحاب الباقر والصادق والكاظم
عليهم السلام (رجال الشيخ الطوسي: 135 / 1، 300 / 317، 358 / 1)، وقال الشيخ النجاشي في ترجمته
323 / 882: (محمد بن مسلم.. وجه أصحابنا بالكوفة، فقيه، ورع، صحب أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما
السلام، وروى عنهما، وكان من أوثق الناس.).
(3) في المتن: (الفضل) بدل (الفضيل).
(4) عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الباقر عليه السلام 132 / 1 وقال:
(فضيل بن يسار بصري ثقة)، كما عده من أصحاب الصادق عليه السلام 271 / 15.
(5) مر ذكرهم فراجع.
(6) صفوان بن يحيى أبو محمد الحلبي بياع السابري كوفي (210 ه‍) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الكاظم
عليه السلام (352 / 3) وفي أصحاب الرضا عليه السلام (378 / 4) وفي أصحاب الجواد عليه السلام
402 / 1، وقال في الفهرست (83 / 346): (أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم.. وروى عن
أربعين رجلا من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، وله كتب كثيرة مثل كتب الحسين بن سعيد، وله مسائل
عن أبي الحسن موسى عليه السلام.) وقال النجاشي في ترجمته بعد توثيقه وبيان منزلته الكبيرة (139):
وصنف ثلاثين كتابا).
(7) عده الشيخ الطوسي في أصحاب الكاظم عليه السلام 364 / 11 وفي أصحاب الرضا عليه السلام 394 / 2،
وقال في الفهرست: 181 / 789:
(له كتب كثيرة أكثر من ثلاثين كتابا، وقيل إنها مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة).
وقال النجاشي في ترجمته 446 / 1208:
(كان وجها في أصحابنا متقدما عظيم المنزلة، وكان الرضا عليه السلام يشير إليه في العلم والفتيا).
(8) أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (221 ه‍)، عده الشيخ الطوسي في أصحاب الكاظم عليه السلام
(334 / 2) وفي أصحاب الرضا عليه السلام (366 / 2) وفي أصحاب الجواد عليه السلام (397 / 5)، وقال في
الفهرست (19 / 53): (كوفي، ثقة، لقي الرضا عليه السلام، وكان عظيم المنزلة عنده، وروى عنه كتابا).
171

أو التي عرضت على المعصوم وأثنى على مؤلفها مثل كتاب عبيد الله
الحلبي (1) الذي عرضه على الصادق عليه السلام، وكتاب يونس بن عبد الرحمن (2)
والفضل بن شاذان (3) المعروضين على العسكري عليه السلام، وكتاب الصلاة لحريز بن
عبد الله (4) وكتب بني سعيد (5) وعلي بن مهزيار (6)،

(1) عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي الكوفي، عده الشيخ الطوسي في أصحاب الصادق عليه السلام
(229 / 104 وقال في الفهرست 106 / 455:
(له كتاب مصنف معمول عليه، وقيل إنه عرض على الصادق عليه السلام، فلما رآه استحسنه).
وقال النجاشي في ترجمته (159):
(وصنف الكتاب المنسوب إليه وعرضه على أبي عبد الله عليه السلام وصححه..).
(2) وحكى النجاشي في ترجمته 446 / 1208 عن الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (المفيد) في كتابه
مصابيح النور، أنه قال: أخبرني الشيخ الصدوق أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله، قال: حدثنا
علي بن الحسين بن بابويه، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: قال لنا أبو هاشم داود بن القاسم
الجعفري رحمه الله: عرضت علي أبي محمد صاحب العسكر عليه السلام كتاب (يوم وليلة) ليونس، فقال لي:
تصنيف من هذا؟
فقلت: تصنيف يونس آل يقطين،
فقال: (أعطاه الله بكل حرف نور ليوم القيامة).
(3) الفضل بن شاذان بن الخليل أبو محمد الأزدي النيشابوري، عده الشيخ الطوسي في أصحاب الهادي عليه
السلام (420 / 1)، وفي أصحاب العسكري عليه السلام (434 / 2).
وقال النجاشي في ترجمته 306 / 840:
(وكان ثقة، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلمين، وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصنفه،
وذكر الكشي أنه صنف مائة وثمانين كتابا).
(4) حريز بن عبد الله السجستاني.
قال الشيخ الطوسي في الفهرست 62 / 239: (ثقة، كوفي، سكن سجستان، له كتب، منها كتاب الصلاة..)، كما
ذكر النجاشي هذا الكتاب في ترجمته 144 / 375 وقال: له كتاب الصلاة كبير وآخر ألطف منه.
(5) الحسن والحسين ابنا سعيد 58 / 136 - 137:
أبو محمد الأهوازي (الحسين) شارك أخاه الحسن في الكتب الثلاثين المصنفة، وإنما كثر اشتهار الحسين أخيه
بها.. وكتب بني سعيد كتب حسنة معمول عليها وهي ثلاثون كتابا).
(6) علي بن مهزيار الأهوازي، عده الشيخ الطوسي تارة في أصحاب الرضا عليه السلام 381 / 22 وتارة في
أصحاب الجواد (403 / 8) وأخرى في أصحاب الهادي عليه السلام (417 / 3)، وقال في فهرسته
(88 / 369):
(جليل القدر، واسع الرواية، ثقة، له ثلاثة وثلاثون كتابا، مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة).
172

أو كتب غير الامامية (1) ككتاب حفص بن غياث (2) وكتاب الحسين بن عبد الله
التعدي (3)، وكتاب القبلة لعلي بن حسن الطاطري (4).
أو كان الحديث عمن أجمعوا على العمل برواياتهم (5) كعمار الساباطي (6) ونظرائه

(1) ككتب: الواقفية، والفطحية، والناووسية..
(2) حفص بن غياث بن طلق بن معاوية أبو عمر النخعي القاضي الكوفي (194 ه‍)، عده الطوسي في أصحاب
الباقر (118 / 50) وفي أصحاب الصادق عليه السلام (175 / 176)، وقال في الفهرست (61 / 232):
(له كتاب معتمد)،
وقال النجاشي في ترجمته 134 / 346:
(.. ولي القضاء ببغداد الشرقية لهارون، ثم ولاه قضاء الكوفة، ومات بها سنة أربع وتسعين ومائة، له كتاب..)
(3) هكذا في المتن، لكن الظاهر أن مراده هو: الحسين بن عبيد الله السعدي الذي ذكره النجاشي في رجاله
42 / 86 وقال:
(ممن طعن عليه ورمي بالغلو، له كتب صحيحة الحديث).
(4) من أصحاب الكاظم عليه السلام (رجال الشيخ الطوسي: 357 / 46)، وقال في الفهرست (92 / 380):
(علي بن الحسن الطاطري الكوفي، كان واقفيا، شديد العناد في مذهبه وله كتب في الفقه، رواها عن الرجال
الموثوق بهم وبروايتهم، فلأجل ذلك ذكرناها، منها:.. كتاب القبلة).
وقال النجاشي في ترجمته 254 / 667:.. وإنما سمي بذلك (الطاطري) لبيعه ثيابا طاطرية، يكنى أبا الحسن،
وكان فقيها، ثقة في حديثه.. له كتب منها.. كتاب (القبلة).
(5) قال الشيخ الطوسي في العدة (1 / 386 - 387)،:
(وإذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية والواقفة والناووسية وغيرهم من العامة نظر فيما يروونه، فإن
كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به، وإن كان هناك خبر يخالفه من
طريق الموثوقين وجب إطراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة، وإن كان ما رووه ليس هناك ما
يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضا العمل به إذا كان متحرجا في روايته موثوقا به في
أمانته وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد، ولأجل ما قلنا عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير
وغيره، وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران وعلي بن أبي حمزة وعثمان بن عيس، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو
فضال، وبنو سماعة، والطاطريون وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه).
(6) عمار بن موسى الساباطي أبو اليقضان، من أصحاب الصادق عليه السلام (رجال الطوسي 250 / 436)
والكاظم عليه السلام (354 / 15)، قال في الفهرست (117 / 515):
(كان فطحيا، له كتاب كبير جيد ومعتمد).
173

ممن عدهم الشيخ في (العدة)، وغير ذلك، مما لا يخفى على الخبير، بل قد يكون الاعتبار
بملاحظة جهات أخرى (1).
ونقل الفاضل الدربندي عن العامة أن لهم عنوان معرفة الاعتبار والمتابعات
والشواهد، قالوا: هذه أمور يتعرفون بها حال الحديث.
(الاعتبار)
فمثال الاعتبار: أن يروي حماد (2) - مثلا - حديثا لا يتابع عليه، عن أيوب، عن ابن
سيرين (3)، عن أبي هريرة (4)، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فينظر هل رواه ثقة غير
أيوب عن ابن سيرين، فإن لم يوجد فثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة، وإلا فصحابي غير
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأي ذلك وجد علم أن له أصلا يرجع إليه،
وإلا فلا.
(المتابعة)
والمتابعة أن يرويه عن أيوب غير حماد بن سلمه، وهي المتابعة التامة، أو عن ابن
سيرين غير أيوب، أو عن أبي هريرة غير ابن سيرين، أو عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم صحابي آخر. فكل هذا يسمى متابعة، وتقصر عن الأول بحسب بعدها منها.
وتسمى المتابعة شاهدا أو الشاهد إن يروي حديث الاخر بمعناه، ولا يسمى هذا
متابعة.
وإذا قالوا في مثله: تفرد أبو هريرة، أو ابن سيرين، أو أيوب، أو حماد كان مشعرا
بانتفاء المتابعات، وإذا انتفت مع الشواهد فحكم ما سبق في الشاذ.

(1) قال الشيخ المامقاني في كتابه مقباس الهداية (1 / 282):
(المعتبر: وهو: على ما صرح به جمع هو - ما عمل الجميع أو الأكثر به لو أقيم الدليل على اعتباره، لصحة
اجتهادية أو وثاقة أو حسن).
(2) حماد بن سلمه بن دينار البصري (67 ه‍) انظر تقريب التهذيب 1: 197 - حرف الحاء رقم: 542.
(3) محمد بن سيرين البكري الأنصاري، تابعي، له كتاب تعبير الرؤيا (الاعلام: 7: 25).
(4) انظر ترجمته في الطبقات الكبرى لابن سعد 4: 325.
174

ويدخل في المتابعة والاستشهاد رواية من لا يحتج به ولا يصلح لذلك. كل ضعيف.
هذا، وقد يقال: إن المتابعة على مراتب:
فإن حصلت للراوي وحده نفسه، فهي التامة.
وإن حصلت لشيخه فمن فوقه، فهي القاصرة، ويستفاد منها التقوية.
وقد خص قوم المتابعة بما حصل باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحابي أو لا.
والشاهد بما حصل بالمعنى كذلك.
وقد تطلق المتابعة على الشاهد وبالعكس.
ثم إن تتبع الطرق من الجوامع (أي الكتب التي جمع فيها الأحاديث على ترتيب
أبواب الفقه)، ومن المسانيد (أي الكتب التي جمع فيها مسند كل صحابي على حدة)، ومن
الاجزاء (أي ما دون فيه حديث شخص واحد)، أي تتبع هذه الأمور لذلك الحديث الذي
يظن أنه فرد، ليعلم هل له متابع أم لا، هذا هو الاعتبار.
ولا يخفى عليك أن ما في هذا الكلام ينافي من وجه ما نقلناه عن جمع من فضلاء
العامة، فإن كلامهم ظاهر بل صريح في أن الاعتبار قسيم للمتابعات والشواهد، وهذا يعطي
أن الامر ليس كذلك بل أن الاعتبار هو حينئذ التوصل إلى المتابعات والشواهد.
وربما قال أصحابنا عند روايتهم عن فاسد العقيدة: (إن كتبه ورواياته معلومة
الصحة: لأنه أخذها من الكتب المعتبرة والأصول المعول عليها)، وعلمنا ذلك بعرض كتبه
ورواياته موقوف على عرضها على تلك الكتب المعتبرة، فما الوجه والحاجة إلى الرواية عنه
وعدم أخذها من تلك الأصول؟
لأنا نقول: مجرد صحة نسبة الأصل إلى صاحبه لا يكفي عندهم في النقل عنه، لأنها
الوجادة حينئذ التي يضعف عاملها، كما يظهر لك ذلك مما ذكروه في ترجمة محمد بن سنان (1).
ولا يلزم أن يكون لكل من عنده أصل أو كتاب طريق إلى صاحبه، فقد لا يكون له،
فيجوز أن نأخذ الحديث من أصل هذا الراوي الضعيف بعد العرض والمطابقة للأصول

(1) انظر ترجمته في اختيار معرفة الرجل الرقم: 584، 729، 963، 964، 965، 967، 977، 978، 979،
980، 981، 982، 1029، 1033، 1090، 1091، 1092، 1093، 1099، الفهرست: 131 / 580،
143 / 609، رجال النجاشي: 328 / 888.
175

المعتبرة، ويروى عنه لإخراج الحديث عن الارسال واتصالنا بالسند، وإن كان هذا الراوي
فاسد المذهب، إذ لا يشترط في هذا القسم من الرواية ما نشترط في غيره ممن يعمل بروايته
من الوثاقة والضبط والعدالة، فهذا الشيخ قد صرح (1) أنه أخذ الروايات من نفس الكتب
والأصول، ومع ذلك لم يلتزم بأن يذكر في مشيخته طريقا صحيحا إلى رواية تلك الأصول
والكتب، مع أنه له طرق صحيحة ذكرها في الفهرست (2)، وما ذلك إلا أن غرضه في المشيخة
بيان مجرد الاتصال، وإدخالها في المسانيد، وإلا فلا حاجة إليها، وقد نبه على ذلك قدس
سره في أول الاستبصار فراجع (3).
ومنها:

(1) قال الشيخ في آخر كتاب الاستبصار (4: 304 - 305):
(ثم اختصرت في الجزء الثالث وعولت على الابتداء بذكر الراوي الذي أخذت الحديث من كتابه أو أصله..
حسب ما عملته في كتاب تهذيب الأحكام)،
وقد ذكر الشيخ في آخر كتابيه طرقه وأسانيده إلى تلك الكتب والأصول.
(2) عندما نقارن بين طريق الشيخ في التهذيب إلى كتاب (محمد بن علي بن محبوب)، وطريقه إليه في الفهرست
نرى أن الأول ضعيف لجهالة (محمد بن يحيى العطار)، بينما الطريق الثاني صحيح، فقد قال الشيخ في مشيخة
التهذيب (10: 72):
وما ذكرته في هذا الكتاب عن محمد بن علي بن محبوب، فقد أخبرني به الحسين بن عبيد الله، عن أحمد بن
محمد بن يحيى العطار، عن أبيه محمد بن يحيى، عن محمد بن علي بن محبوب.
فليس في السند من يناقش في وثاقته إلا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، لأنه لم يرد فيه توثيق صريح في كتب
الرجال المعتمدة، بل وقع الاختلاف الكثير في شأنه، فكان المتحصل من ذلك كما قال السيد الخوئي قدس
سره وغيره (2: 33 / 929): (أن الرجل مجهول كما صرح به جمع). فعلى هذا لا يمكن لنا تصحيح هذا الطريق
إلا على مباني أخرى.
وأما طريقه إليه في الفهرست (145 / 613) كما صرح بذلك فهو: أخبرنا بها (بكتب محمد بن علي بن محبوب)
جماعة، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، ومحمد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عنه، وهذا الطريق
صحيح لعدم وجود من يناقش في وثاقته وجلالته فيه (انظر ترجمة الشيخ المفيد في رجال النجاشي
399 / 1067، والحسين بن عبد الله الغضائري 69 / 166، ومحمد بن علي بن الحسين الشيخ الصدوق
389 / 1049. وعلي بن الحسين بن بابويه 389 / 1049 ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد 383 / 1042
وأحمد بن إدريس أبو علي القمي 92 / 228.
(3) لقد وقع هنا سهو من قلم المؤلف، لان الشيخ الطوسي إنما ذكر ذلك في مشيخة التهذيب (10: 5) وليس في
أول الاستبصار كمال قال، فقد صرح الشيخ في المشيخة بما يلي:
(والآن فحيث وفق الله تعالى للفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه
الأصول والمصنفات، ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار لتخرج الاخبار بذلك عن حد المراسيل
وتلحق بباب المسندات..).
176

(العاشر): الصالح
وهو من مصطلحات العامة، جعله بعضهم ثالث (1) الأقسام الأولية وهي الصحيح
والضعيف والحسن، كما أن بعضهم جعل القسمة الأولية إلى الصحيح والضعيف (2)، وعد
الحسن في الضعيف الذي يعمل به، ولكن الأكثر على حصر القسمة بالثلاثة (3)، إلا أن جمعا
منهم يقولون بتربيع الأقسام، فالقسم الثالث عندهم هو الحديث الصالح الذي يصلح
للاستدلال.
وقد يعبر عنه بأنه: الحديث الذي في سنده المتصل مستور وهو خال عن علة قادحة (4).
وقد يقال: إنه ما لم يصل إلى درجة الصحة. وجوزوا أن يكون ضعيفا بضعف موهن.
وكيف كان فإن هذا عند أكثرهم ملحق بالصحيح ومن جملة الحسن، غير أنه لا
يحتاج أن يكون له شاهد (5).

(1) أي الثالث في التسلسل.
(2) اختصار علوم الحديث (انظر الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: 20)، علوم الحديث ومصطلحه:
141.
(3) علوم الحديث: 11، تدريب الراوي: 21.
(4) ورد هذا في أحد تعريفي الحديث الحسن عند ابن الصلاح في المقدمة: 31 حيث قال:
(واتضح أن الحديث الحسن قسمان: أحدهما: الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته،
غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه، ولو هومتهم بالكذب في الحديث).
وانظر الباعث الحثيث: 42، والتدريب: 89، وقال في منهج النقد: 273:
(وأما الصالح: فيشمل الصحيح والحسن لصلاحيتهما للاحتجاج بهما، ويستعمل أيضا في ضعيف ضعفا يسيرا
لأنه يصلح للاعتبار).
(5) قال في مختصر علوم الحديث عند تعريفه للحسن (ص: 38 من كتاب الباعث الحثيث):
(وهو (الحسن) في الاحتجاج كالصحيح عند الجمهور).
177

تقسيم الحديث
باعتبار معرفة السند وجهالته
179

وينقسم (1) باعتبار معرفة السلسلة وجهلها إلى:
(1) - مرفوع،
(2) - وموقوف،
(3) - ومتصل،
(4) - ومسند،
(5) - ومعلق،
(6) - ومرسل،
(7) - ومنقطع،
(8) - ومعضل،

1 - أي الحديث.
181

(الأول: المرفوع)
فإن أضيف إلى المعصوم سواء اتصل إسناده، بأن كان كل واحد من رواته قد سمعه
ممن فوقه، أم كان منقطعا بترك بعض الرواة أو إبهامه، فهو المرفوع عندنا (1).
وعرفه علماء الجمهور (2): بما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة دون
الصحابة والتابعين، وإن كانوا العترة الطاهرة، لأنهم نبذوا العترة الطاهرة.
ومنه (3) قول الراوي: يرفعه، أو ينميه، أو يبلغ به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أو أحد الأئمة عليهم السلام، فمثل هذا يقال الان له مرفوع، وإن كان منقطعا أو مرسلا أو
معلقا بالنسبة إلينا. فمثل قول الكليني - مثلا - علي بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد الله قال:
(طلبة العلم ثلاثة) (4) إلى آخره مرفوع، لاتصاله بالمعصوم عليه السلام وإن كان

(1) قال الشهيد الثاني في تعريفه (الدراية: 30 (البقال 1: 100):
(المرفوع: وهو ما أضيف إلى المعصوم من قول - (بأن يقول في الرواية: إنه عليه السلام قال كذا)، أو فعل (بأن
يقول: فعل كذا)، أو تقرير (بأن يقول: فعل فلان بحضرته كذا ولم ينكره عليه) فإنه يكون قد أقره عليه،
وأولى منه ما لو صرح بالتقرير، سواء كان إسناده متصلا بالمعصوم بالمعنى السابق أم منقطعا بترك بعض الرواة
أو إبهامه أو رواية بعض رجال سنده عمن لم يلقه).
وقال الشيخ المامقاني في المقباس (1: 207):
(المرفوع: وله إطلاقان:
أحدهما: ما سقط من وسط سنده أو آخره واحد أو أكثر مع التصريح بلفظ الرفع، كأن يقال: روى الكليني
(رحمه الله) عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وهذا داخل في قسم المرسل
بالمعنى الأعم.
والثاني ما أضيف إلى المعصوم (عليه السلام) من قول أو فعل أو تقرير، أي وصل آخر السند إليه، سواء
اعتراه قطع أو إرسال في سنده أم لا، فهو خلاف الموقوف، ومغاير للمرسل تباينا جزئيا، وأكثر ما يستعمل
بالمعنى الثاني).
(2) انظر علوم الحديث: 45، التدريب: 109، الباعث الحثيث: 48 علوم الحديث ومصطلحه: 266، منهج النقد
في علوم الحديث: 325.
(3) ومن المرفوع.
(4) الكافي - للشيخ الكليني: 1: 49 / 5 - كتاب فضل العلم - باب النوادر. قال: علي بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد
الله عليه السلام قال:
(طلبة العلم ثلاثة فأعرفهم بأعينهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل،
وصنف يطلبه للفقه والعقل.
فصاحب الجهل والمراء، موذ، ممار، متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم، قد
تسربل بالخشوع، وتخلى من الورع، فدق الله من هذا خيشومه، وقطع منه حيزومه.
وصاحب الاستطالة والختل، ذو خب وملق، يستطيل على مثله من أشباهه، ويتواضع للأغنياء من دونه، فهو
لحلوائهم هاضم، ولدينه حاطم، فأعمى الله على هذا خبره، وقطع من آثار العلماء أثره.
وصاحب الفقه والعقل، ذو كآبة، وحزن، وسهر قد تحتك في برنسه، وقال الليل في هندسه، يعمل ويخشى،
وجلا، داعيا، مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشد الله من هذا
أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه).
182

منقطعا (1) بل المعضل. وأما علي بن إبراهيم، فإنه بالنسبة إليه يمكن أن يكون متصلا.
وكذا (2) بالنسبة إلى الكليني إذا كان علي بن إبراهيم قد رواه إياه متصلا، وحذف الكليني
السند فقطعه.
(الثاني: المتصل)
وإن اتصل إسناده وكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه، سواء كان مرفوعا أم
موقوفا على غيره، فهو المتصل.
قال جدي في الدراية:
(وقد يخص المتصل بما اتصل إسناده إلى المعصوم عليه السلام أو الصحابي دون
غيرهم)،
قال: (هذا مع الاطلاق، أما مع التقيد فجائز (3) واقع، كقولهم: هذا متصل الاسناد بفلان،
ونحو ذلك) (4).
انتهى.
وهو صريح العراقي في شرح الألفية (5)، منهم (6) أيضا.

(1) الحديث المنقطع: هو الساقط من إسناده شخص واحد.
(2) الحديث المعضل: هو الساقط من إسناده أكثر من شخص واحد.
(3) في الدراية ههنا زيادة (مطلقا و).
(4) الدراية: 30 (البقال 1: 99).
(5) شرح الألفية للعراقي: 1 / 102.
(6) من العامة.
183

واعلم أن النسبة حينئذ بين المرفوع والمتصل العموم من وجه، يتصادقان في
الحديث المتصل بالمعصوم عليه السلام، ويفترق المتصل في الحديث الموقوف على غير
المعصوم عليه السلام، ويفترق المرفوع في الحديث إذا أضيف إلى المعصوم عليه السلام
بإسناد منقطع.
ومن هنا ظهر أن المتصل والمرفوع كلاهما أعم من المسند مطلقا، بمعنى استلزام
صدقه صدقهما من غير عكس (1)، ووجه عمومهما كذلك اشتراك الثلاثة في الحديث المتصل
الاسناد على الوجه إلى المعصوم عليه السلام، واختصاص المتصل بحالة كونه مرفوعا، والمرفوع بحالة انقطاعه.
والمصنف (2) لم يذكر المرفوع والمتصل، واقتصر على ذكر المسند، فتأمل.
(الثالث): الموقوف)
وأما الموقوف: فهو ما وقف فيه الاسناد على الراوي ولم يصل إلى المعصوم عليه
السلام، كما ترى (رواة) الحديث في بعض الأخبار يقفون في الاسناد على زرارة أو غيره من
أصحاب الأئمة عليهم السلام ولا سندونه إلى الامام.
وهذا في الحقيقة ليس برواية وأنما هي حكاية من الراوي، اللهم إلا أن يقوم هناك ما
يؤدي القطع عادة بصدورهم عن المعصوم عليه السلام، كما في موقوفة أذينة الواردة في إرث
الزوجة ذات الولد من الرباع ونحوها (3)، ولذلك أكب الأصحاب على الاخذ بها.
وكفاك في ذلك أن يروي عن الراوي من لا يرجع إلى غير المعصوم عليه السلام،

(1) لأنه يشترط في المسند عدم سقوط أحد من رواة سلسلة السند، كما سيأتي، فلذلك لا يمكن صدقه على
المرفوع أو المتصل.
(2) الشيخ البهائي.
(3) الكافي (7: 96 / 1) - كتاب المواريث - باب ميراث الولد مع الزوج والمرأة والأبوين، وفيه:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن جميعا، عن عمر
بن أذينة قال: قلت لزرارة: إني سمعت محمد بن مسلم وبكيرا يرويان عن أبي جعفر عليه السلام.. الحديث.
وانظر من لا يحضره الفقيه (4: 195 / 5615) - باب ميراث الولد والأبوين مع الزوج.
والتهذيب (9: 288 / 1041) - باب (27) ميراث الأزواج.
184

كابن أبي عمير في الروايات المذكورة، بل الظاهر في كل وقت يقع في كتب الحديث ذلك،
وإلا لم يذكره المحدثون مسندا بصورة الرواية، فإنه ضرب من التدليس، وكان عدم ذكر المروي
عنه إنما وقع من صاحب الأصل السابق، كأصل بن أبي عمير، أو من الجامع اللاحق،
كأصحاب الكتب الأربعة، أو من بينهم من الرواة. كذا ذكره السيد في المحصول (1)، وقد أجاد.
وإني كتبت قبل هذا رسالة في حجية موقوفة ابن أذينة المذكورة.
وعن بعض أجلاء علمائنا (2) إن الموقوف في شائع الاصطلاح قسمان، مطلق ومقيد:
فالموقوف على الاطلاق: هو ما روي عن الصحابي أو عمن في حكمه، وهو من
بالنسبة إلى الإمام عليه السلام في معنى الصحابي بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله، من
قول أو فعل أو نحو ذلك، متصلا كان سنده أو منقطعا.
والموقوف لتقيد: لا يستعمل إلا بالقيد.
والبعض (3) يمسي الموقوف بالأثر، إذا كان الموقوف عليه صحابيا، والمرفوع بالخبر.
وأما أهل الحديث فيطلقون الأثر عليهما (4)، ويجعلونه أعم من الخبر مطلقا.
وربما يخص المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله، والأثر بالمرفوع إلى الأئمة عليهم
السلام (5).
وكثيرا ما يسلك المحقق الحلي (6) في كتبه (7) هذا المسلك.

(1) كتاب المحصول في شرح وافية الأصول، للسيد محسن الأعرجي (انظر الذريعة: 20: 151 / 2348).
(2) الميرداماد في كتاب الرواشح: 180، وانظر:
الدراية 45 (البقال 1: 135)
ووصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 104
ومقباس الهداية: 319.
(3) هو أبو القاسم الفوراني كما حكى ذلك عنه ابن الصلاح في مقدمته: 46.
وقد حكى هذا القول عن البعض الشهيد الثاني في الدراية: 45 (البقال 1: 135) والشيخ حسين بن عبد
الصمد في وصول الأخيار: 104، والمامقاني في المقباس (1: 322).
والميرداماد في الرواشح: 180، ومنهج النقد: 28، 326.
(4) كما قال ذلك في الرواشح: 180، وانظر منهج النقد: 28.
(5) الرواشح: 180.
(6) نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي (602 - 676 ه‍).
(7) من تلك الكتب: شرائع الاسلام، المعتبر، النافع في مختصر الشرائع..
185

وقال آخر من العامة (1):
(الموقوف: هو المروي عن الصحابي، قولا لهم أو فعلا أو نحو ذلك، متصلا كان أو
منقطعا، ويستعمل في غيرهم مقيدا، فيقال: وفقه فلان على الزهري، ونحوه).
وعند فقهاء خراسان تسمية الموقوف بالأثر، والمرفوع بالخبر.
وعند المحدثين كله يسمى أثرا (2).
ثم إن منه ما يتصل إسناده إلى الصحابي، فيكون موقوفا موصولا، ومنه ما لا يتصل،
فيكون من الموقوف غير الموصول.
وأما:
(الرابع): المسند
فهو (إن علمت سلسلة بأجمعها) ولم يسقط منها أحد من الرواة، بأن يكون كل
واحد أخذه ممن هو فوقه حتى وصل إلى منتهاه إلى المعصوم عليه السلام (فمسند)، ويقال
له الموصول والمتصل (3).
وأكثر ما يستعمل المسند فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله (4).
وعن بعض علماء العامة أنه جعل المسند: ما اتصل سنده إلى النبي صلى الله عليه وآله.
والمتصل: ما اتصل سنده بقائله مرفوعا كان أو موقوفا (5).
والأول أضبط وأشهر.
وفسره ابن عبد البر في التمهيد (6): بما رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله خاصة،

(1) هو النووي في التقريب (انظر تدريب الراوي: 109).
(2) حكاه ابن الصلاح (المقدمة: 46) عن الفقهاء الخراسانيين كأبي القاسم الفوراني حيث قال:
(الخبر ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأثر ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم).
(3) وقريب منه ما ذكره في وصول الأخيار: 100، وفي الرواشح: 127.
(4) انظر علوم الحديث: 42، والكفاية: 21، والدراية: 30 (البقال 1: 98).
(5) انظر التقريب للنووي من كتاب تدريب الراوي: 108.
(6) التمهيد 1: 25، كما حكاه عنه ابن الصلاح في علوم الحديث: 43.
186

سواء كان متصلا أو منقطعا.
وهذا وهم، لاستوائه حينئذ مع المرفوع.
وقال ابن الصباغ (1) في العدة: (إن المسند ما اتصل إسناده من راويه إلى منتهاه،
وعليه فيدخل فيه المرفوع والموقوف) (2).
وفي البداية (3): المسند: (وهو ما اتصل سنده مرفوعا إلى المعصوم عليه السلام)
وفيه ما عرفت.
(الخامس: المعلق)
(أو) إن حذف من سلسلته و (سقط من أولها)، وكان الساقط (واحدا -
فصاعدا - فمعلق)
بصيغة اسم المفعول، أخذ من تعليق الجدار لقطع الاتصال فيه.
قال في شرح البداية (4):
(هو كقول الشيخ (5) محمد بن أحمد الخ، أو محمد بن يعقوب، أو روى زرارة عن
الصادق، أو قال الصادق عليه السلام، أو قال النبي صلى الله عليه وآله ونحو ذلك) (6)
انتهى
أقول: أما مثاله الأول فليس مما لا يعلم الساقط منه، لان الشيخ والصدوق ذكروا في
المشيخة طرقهم إلى كل من لم يذكروه، وبدأوا بذكره في أول الاسناد. اللهم إلا أن يكون
الاصطلاح في المعلق على مطلق عدم الذكر ولو علمت الواسطة الساقطة، وهو بعيد جدا،

(1) عدة العالم والطريق السالم: لأبي نصر عبد السيد ابن محمد المعروف بابن الصباغ الشافعي المتوفى سنة 477 و
(انظر كشف الظنون: 2: 1129)
(2) كما حكى هذا القول أيضا ابن الصلاح في مقدمته عن أبي بكر الخطيب الحافظ (42)، وانظر الكفاية: 21.
(3) الدراية: 30 (شرح البداية تحقيق البقال 1: 98)
(4) الدراية: 32 (البقال 1: 104).
(5) الشيخ الطوسي في كتابيه (التهذيب والاستبصار).
(6) والعبارة في الدراية كالآتي: (كقول الشيخ (ره) (محمد بن أحمد ومحمد بن يعقوب)، أو روى زرارة عن الباقر
أو الصادق عليه السلام، أو قال النبي صلى الله عليه وآله أو الصادق عليه السلام، ونحو ذلك).
187

بل يظهر من والد المصنف، إن عدم الذكر في الكتابة مع العلم بالساقط ليس من المعلق في
شئ (1).
قال (2):
(تنبيه:
لا تظن ما رواه الشيخ في التهذيب والاستبصار عن الحسين بن سعيد ونحوه ممن
يلحقهم، وكذا ما رواه في الفقيه عن أصحاب الأئمة عليهم السلام وغيرهم، معلقا بل هو
متصل بهذه الحيثية، لان الرجال الذين بينهم وبين (من) (3) رووا عنه معروفة لنا، لذكرهم
في ضوابط بينوها، بحيث لم يضرهم (4) فرق بين ذكرهم لهم وعدمه، وإنما قصدوا الاختصار.
نعم إن كان شئ من ذلك غير معروف الواسطة - بأن يكون غير مذكور في
ضوابطهم - فهو معلق، وقد رأيت منه شيئا في التهذيب لكنه قليل جدا).
انتهى. وقد أجاد فيما أفاد فاغتنم.
وأما باقي ما مثل به في شرح الدراية، فهو مما حذف فيه كل الاسناد، فليس مثالا لما
نحن فيه. اللهم إلا أن يكون هو قدس سره المراد بالبعض الذي ذكره والد المصنف. قال:
(وقد استعمله بعضهم في حذف كل الاسناد، كقولهم: (قال النبي صلى الله عليه
وآله) و (5) (قال الصادق عليه السلام كذا) و (6) (قال ابن عباس كذا).
وقد ألحقه العامة بالصحيح، ولا يسمى عندهم تعليقا إلا إذا كان بصيغة الجزم،
كقال، وفعل، وأمر، ونهى، لا مثل: يروي، ويحكي) (7).
انتهى.
وأما:

(1) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 106.
(2) أي والد المصنف في كتابه وصول الأخيار إلى أصول الاخبار.
(3) ساقطة من المتن.
(4) في وصول الأخيار: (لم يضر).
(5) في وصول الأخيار: (أو) بدل (و).
(6) في وصول الأخيار: (أو) بدل (و).
(7) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 105.
188

(السادس): المرسل
على صيغة المجهول من الارسال بمعنى الاطلاق، كما يقال: ناقة مرسله، لان الراوي لا
يقيده براو.
وهو: ما رواه عن المعصوم عليه السلام من لم يدركه في ذلك، وإن أدركه في غير ذلك
واجتمع معه، فإن رواه عنه حينئذ بغير واسطة أو بواسطة سقطت من السلسلة (1) (من
آخرها - كذلك - (2))، واحدا كان الساقط أو أكثر (أو كلها)، عن عمد أو سهو أو
نسيان، (فمرسل)، عن المشهور.
قال في شرح البداية:
(وقد يخص المرسل بإسناد التابعي إلى النبي من غير ذكر الواسطة، كقول سعيد بن
المسيب: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله كذا)، وهذا هو المعنى الأشهر عند الجمهور (3).
وقيده بعضهم بما إذا كان التابعي المرسل كبيرا (4) كابن المسيب، وإلا فهو منقطع،
وإختار جماعة منهم معناه العام الذي ذكرنا (5)) (6).
وقال والد المصنف:
(قد اتفق علماء الطوائف كلها على أن قول كبراء (7) التابعين (قال رسول الله صلى
الله عليه وآله كذا)، أو (فعل كذا)، يسمى مرسلا.
وبعض العامة يخص المرسل بهذا، ويقول:
(إن سقط قبل النبي صلى الله عليه وآله اثنان فهو منقطع، وإن سقط أكثر فهو

(1) في (و) ههنا توجد زيادة: (أو)، لكنه حذفها لكي تستقيم عبارة الشرح.
(2) يفسرها ما بعدها.
(3) انظر معرفة علوم الحديث: 32، علوم الحديث: 51، مختصر علوم الحديث: 51، تدريب الراوي: 119.
(4) قاله ابن الصلاح في المقدمة: 51.
(5) في الدراية: (ذكرناه) بدل (ذكرنا).
(6) الدراية: 47 (البقال 1: 139).
(7) كذا في المصدر وفي المتن: (كبر).
189

معضل، والمشهور في الفقه وأصوله أن الكل يطلق عليه اسم المرسل) (1).
انتهى.
ولا يختص هذا الاطلاق في الفقه وأصوله بل عند أهل هذا الفن أيضا.
قال في البداية:
(ويطلق عليه - أي على المرسل - المنقطع والمقطوع (2) بإسقاط (3) واحد، (4)
والمعضل (5) بإسقاط أكثر (6)) (7).
(تنبيهات)
وينبغي التنبيه على أمور: -
(التنبيه) الأول: هل يختص الارسال بالعدل أم لا؟
قال في المفاتيح:
(المستفاد من النهاية، (8) المنية، والمهذب البارع (9)، والمعالم (10)، وغاية البادي (11)،
وشرح العضدي، وشرح ابن التلمساني، وشرح الشرح للأصفهاني، والمحكي عن الاحكام،

(1) وصول الأخيار: 106.
(2) في الدراية ههنا زيادة: (أيضا).
(3) في الدراية ههنا زيادة: (شخص).
(4) في الدراية ههنا زيادة: (من إسناده).
(5) في الدراية ههنا زيادة: (بفتح الضاد المعجمة).
(6) في الدراية إضافة: (من واحد).
(7) الدراية: 47 (البقال 1: 140).
(8) نهاية الاحكام في معرفة الاحكام، للعلامة الحلي.
(9) المهذب البارع في شرح المختصر النافع، لابن فهد الحلي أحمد بن محمد بن فهد الأسدي الحلي (757 - 841
ه‍).
(10) معالم الدين للشيخ حسن بن الشهيد الثاني.
(11) غاية البادي في شرح المبادئ (أي مبادئ الوصول إلى علم الأصول للعلامة الحلي) للشيخ محمد بن علي
بن محمد الجرجاني الغروي تلميذ العلامة.
(انظر الذريعة 16: 10 / 40).
190

اختصاص الارسال بالعدل، وأن غير العدل إذا قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله)،
مع بعد زمانه عن زمان النبي صلى الله عليه وآله، وعدم دركه إياه لا يكون مرسلا.
ويستفاد من المعتبر (1)، وشرح المبادئ، والذكرى (2)، والتنقيح (3)، والدراية (4)،
والوجيزة (5) وغيرها أنه من المرسل).
انتهى. والأظهر الثاني.
(التنبيه) الثاني:
قال في شرح المفاتيح:
(يظهر من كثير من العبارات السابقة اختصاص المرسل بما إذا أسند العدل إلى النبي
صلى الله عليه وآله من غير ذكر الواسطة أصلا، فلو ذكرنا مبهمة كأن يقول: (عن رجل)، و
(عمن حدثني) أو نحو ذلك لم يكن مرسلا، ولكن يظهر من جملة منها أنه من أقسام المرسل
بل ادعى في الدراية أنه مذهب أصحابنا، وفيه إشكال)
انتهى.
قال في الدراية:
(سواء كان الراوي تابعيا أو (6) غيره، صغيرا أو (7) كبيرا، وسواء كان الساقط
واحدا أم أكثر، وسواء رواه بغير واسطة بأن قال التابعي (قال رسول الله صلى الله عليه
وآله) مثلا، أو بواسطة نسيها (8) بأن صرح بذلك، أو تركها مع علمه بها، أو أبهمها (9)،

(1) المعتبر في شرح المختصر، للمحقق الحلي.
(2) للشهيد الأول.
(3) التنقيح الرائع من المختصر النافع للمحقق الحلي.
(4) للشهيد الثاني.
(5) للشيخ البهائي.
(6) في الدراية: (أم) بدل (أو).
(7) في الدراية: (أم) بدل (أو).
(8) كذا في المصدر وفي المتن: أنساها.
(9) كذا في الدراية وفي المتن: بهما.
191

كقوله (عن رجل) أو (عن بعض أصحابنا)، ونحو ذلك.
هذا هو المعنى العام للمرسل المتعارف عند أصحابنا) (1).
انتهى.
أقول: وهو المسمى بالمجهول في اصطلاح أهل الدراية.
قال والد المصنف:
(السابع: المجهول
وهو المروي عن رجل غير موثق، ولا مجروح، ولا ممدوح، أو غير معروف أصلا، و
منه (2) قولهم (عن رجل) أو (عمن حدثه) أو (عمن ذكره) أو (عن غير واحد) ونحو ذلك.
وبعض العامة يخصه باسم المنقطع.
والأول أشهر وأحسن.
وهو قد يكون مجهول الأول، أو الوسط، أو الأخير، (3) أو الطرفين، أو مع الوسط
أيضا.) (4).
(التنبيه) الثالث:
قال والد المصنف:
(وليس من المرسل عندنا ما يقال فيه عن الصادق عليه السلام: (قال: قال النبي
صلى الله عليه وآله كذا) بل هو متصل من هذه الحيثية لما نبينه إنشاء الله تعالى) (5).
ولم أعثر على بيانه، والوجه فيه ظاهر، لأنا إنما توقفنا في المرسل من جهة الجهل بحال
المحذوف، فيحتمل كونه ضعيفا، ولا يجئ هذا في قول المعصوم عليه السلام إذا روى عن
النبي صلى الله عليه وآله أو غيره ممن لم يدركه، لحجية قوله السلام.

(1) الدراية: 47 (البقال 1: 139).
(2) كذا في المصدر وفي المتن: عنه.
(3) في وصول الأخيار: (الاخر) بدل (الأخير).
(4) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: / 102
(5) وصول الأخيار: 107.
192

(حجية الخبر المرسل)
ولعلماء الجمهور في باب الاحتجاج بالمرسل أقوال كثيرة، أنهاها بعضهم إلى أحد عشر:
الأول: إنه لا يحتج به مطلقا، وإن كان المرسل صحابيا. (1)
الثاني: يحتج به مطلقا، وإن أرسله من بعد القرون الثلاثة ولم يكن ثقة (2).
الثالث: يحتج به إن أرسله أهل القرون الثلاثة، لا مرسل غيرهم. (3).
الرابع: يحتج بمرسل الثقة المتحري في روايته لا بمرسل غيره. (4).

(1) قال ابن الصلاح في علوم الحديث (53):
(ثم اعلم أن حكم المرسل حكم الحديث الضعيف، إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر.. إلى أن قال:
وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفة هو المذهب الذي استقر عليه آراء جماهير حفاظ
الحديث، ونقاد الأثر، وتداولوه في تصانيفهم.
وفي صدر صحيح مسلم (1: 24): المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالاخبار ليس بحجة.
وابن عبد البر حافظ المغرب (التمهيد: 1: 5) ممن حكى ذلك عن جماعة أصحاب الحديث).
وانظر تدريب الراوي 119.
واختصار علوم الحديث: 52.
وعلوم الحديث ومصطلحه: 168.
ومنهج النقد: 371.
وقال الشهيد الثاني في الدراية 48 (البقال: 1: 140):
(والمرسل ليس بحجة مطلقا سواء أرسله الصحابي أم غيره، وسواء أسقط منه واحدا أم أكثر، وسواء كان
المرسل جليلا أم لا، في الأصح من الأقوال للأصولين والمحدثين.
وقال الشيخ المامقاني في المقباس (1: 341 - 343):
(إنه قد وقع الخلاف في حجية المراسيل على قولين:
ثانيهما: عدم الحجية وهو خيرة جمع كثير من أصحابنا، منهم الشيخ والفاضلان وسائر من تأخر عنهم
وآخرين من العامة، كالحاجبي والعضدي والبيضاوي والرازي والقاضي أبي بكر.. وغيرهم..).
(2) قال ابن الصلاح في المقدمة: 55.
والاحتجاج به (بالمرسل) مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما). وقريب منه قال النووي في التقريب: 120.
وقال في مختصر علوم الحديث: (ص: 52).
وهو (الاحتجاج بالمرسل) محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية.
(3) حكى السيوطي في التدريب: 120 عن بعضهم قوله: (محل قبوله (المرسل) عند الحنفية ما إذا كان مرسله
من أهل القرون الثلاثة الفاضلة).
(4) قال في مقباس الهداية (1: 341):
(الحجية والقبول مطلقا (للخبر المرسل) إذا كان المرسل ثقة، سواء كان صحابيا أم لا، جليلا أم لا، أسقط
واحدا أم أكثر، وهو المحكي عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ووالده من أصحابنا، وجمع من العامة منهم
الآمدي، ومالك، وأحمد، وأبو هاشم، وأتباعه من المعتزلة)، وانظر التدريب: 120.
193

الخامس: يحتج بمرسل سعيد بن المسيب فقط من التابعين (1)، وبمرسل الصحابة
دون مراسيل غيرهم. (2)
السادس: يحتج به إن اعتضد، وإلا لا (3).
السابع: يحتج بمراسيل كبار التابعين دون غيرهم مطلقا (4).
الثامن: المرسل أقوى من المسند (5).
التاسع: يحتج بمراسيل الصحابة دون غيرهم مطلقا (6).
العاشر: الاحتجاج بالمرسل عند الاعتضاد دون غيره، وانه أمر ندبي لا وجوبي (7).
الحادي عشر: يقبل المرسل إن لم يكن حديث سواه، سيما إذا كان دالا على
محضور (8).
والكل ضعيف، وسيأتي التحقيق منا في آخر الفصل إن شاء الله تعالى.
(التنبيه) الرابع:
قال في شرح البداية: (وطريق ما يعرف به الارسال في الحديث أمران، جلي وخفي:

(1) كما هو المشهور عن الشافعي، انظر:
علوم الحديث: 53.
مختصر علوم الحديث: 52. تدريب الراوي: 120.
(2) انظر علوم الحديث.
وقال في مختصر علوم الحديث: 52: (وقد حكى بعضهم الاجماع على قبول مراسيل الصحابة. وذكر ابن
الأثير وغيره في ذلك خلاف).
(3) منسوب إلى الشافعي في قول (انظر تدريب الراوي: 121).
(4) انظر علوم الحديث: 51، ومختصر علوم الحديث: 51 وتدريب الراوي: 120.
(5) قال السيوطي (التدريب: 120): وبالغ بعضهم فقواه على المسند، وقال: من أسند فقد أحالك ومن أرسل
فقد تكفل لك.
(6) تدريب الراوي: 123.
(7) تدريب الراوي: 122.
(8) تدريب الراوي: 123.
194

فلاول: بعدم التلاقي بين الراوي والمروي عنه، إما لكونه لم يدرك عصره، أو أدركه
لكن لم يجتمعا وليست له منه إجازة، ولا وجادة، ومن ثم احتيج إلى التاريخ لتضمنه تحرير
مواليد الرواة ووفياتهم (1)، وأوقات طلبهم وارتحالهم، وقد افتضح أقوام ادعوا الرواية عن
شيوخ، ظهر بالتاريخ كذب دعواهم (2).
والثاني: أن يعبر في الرواية عن المروي عنه بصفة (3) يحتمل اللقاء (4) وعدمه مع
عدمه، أي عدم اللقاء (5) ك‍ (عن فلان)، و (قال: فلان كذا)، فإنهما وإن استعملا في حالة
يكون (قد) (6) حدثه، يحتملان كونه حدث غيره، فإذا ظهر بالتنقيب كونه غير راو عنه تبين
الارسال، وهو ضرب من التدليس) (7).
(التنبيه) الخامس:
قال والد المصنف:
(كثيرا ما استعمل قدماء المحدثين منا ومن العامة قطع الأحاديث بالارسال ونحوه،
وهو مكروه أو محرم (8) إذا كان اختيارا، إلا إذا كان لسبب، كنسيان ونحوه، فقد روينا
بطرقنا إلى محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن أحمد بن محمد بن خالد، عن
النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(قال أمير المؤمنين عليه السلام:
(إذا حدثتم بحديث فاسندوه إلى الذي حدثكم، فإن كان حقا فلكم، وإن كان كذبا

(1) كذا في البداية وفي المتن: (وفاتهم).
(2) كذا في المصدر وفي المتن: (دعويهم).
(3) في البداية: (بصيغة) بدل (بصفة).
(4) في البداية: (اللقي) بدل (اللقاء).
(5) في البداية (اللقي).
(6) (قد) ساقطة من المتن.
(7) شرح البداية تحقيق البقال 1: 142 (الدراية: 49 - 50).
(8) في وصول الأخيار: (حرام) بدل (محرم).
195

فعليه) (1).
روينا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
(إياكم والكذب المخترع (2)).
قيل له: وما الكذب المخترع.
قال: (أن يحدثك الرجل بالحديث (3) فتتركه وترويه عن الذي حدثك
عنه) (4).) (5).
وأما:
(السابع): المنقطع
وله إطلاقان:
إطلاق بالمعنى الأعم: وهو ما لم يتصل إسناده إلى المعصوم عليه السلام (6)، سواء
كان الانقطاع من الأول، أو من الوسط، أو من الاخر، واحدا كان الساقط أو أكثر، فهو أعم
من المرسل، والمعلق، والمنقطع بالمعنى الأخص.
وكل واحد من الثلاثة إما أن يكون الساقط منه واحدا أو أكثر، فالأقسام حينئذ
ستة.
فالمنقطع بالمعنى الأعم ستة أقسام ستعرفها إن شاء الله تعالى.
وإطلاق بالمعنى الأخص (7): (وهو ما حذف من وسط إسناده)، وخصه المصنف

(1) الكافي: 1: 52 / 7.
(2) في الكافي: (المفترع) بدل (المخترع) في الموضعين.
(3) في وصول الأخيار: (بحديث).
(4) الكافي: 1 52. 12.
(5) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 108.
(6) ذكره والد المصنف في وصول الأخيار: 105.
(7) ذكر الحاكم في كتاب معرفة علوم الحديث: 34: ثلاثة أنواع للمنقطع كان ثالثها: (أن يكون في الاسناد رواية
راو لم يسمع من الذي يروى عنه الحديث قبل الوصول إلى التابعي الذي هو موضع الارسال..) إلى أن قال:
(وكل من تأمل ما ذكرناه من المنقطع علم وتيقن أن هذا العلم من الدقيق الذي لا يستدركه إلا الموفق والطالب المتعلم)
وقال في علوم الحديث: 56 في ذكر الفرق بينه وبين المرسل:
(وفيه وفي الفرق بينه وبين المرسل مذاهب لأهل الحديث وغيرهم: فمنها: ما سبق في نوع المرسل عن الحاكم
صاحب كتاب (معرفة أنواع علوم الحديث) من أن المرسل مخصوص بالتابعي (قال ههنا الدكتور نور الدين
عتر في هامش الصفحة 57: الصواب (الصحابي).. لكن السهو وقع من الحاكم وسرى إلى ابن الصلاح)
وإن المنقطع منه الاسناد فيه قبل الوصول إلى التابعي راو لم يسمع من الذي فوقه والساقط بينهما غير مذكور
لا معينا ولا مبهما.
ومنه الاسناد الذي ذكر فيه بعض رواته بلفظ مبهم نحو رجل أو شيخ أو غيرهما..
ومنها ما ذكره ابن عبد البر (التمهيد: 1: 21) وهو أن المرسل مخصوص بالتابعين والمنقطع شامل له ولغيره،
وهو عنده كل ما لا يتصل إسناده سواء كان يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى غيره.
ومنها: أن المنقطع مثل المرسل وكلاهما شاملان لكل ما لا يتصل إسناده وهذا المذهب أقرب، صار إليه
طوائف من الفقهاء وغيرهم، وهو الذي ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في كفايته (ص: 384)
ومنها: ما حكاه الخطيب أبو بكر عن بعض أهل العلم بالحديث: أن المنقطع ما روي عن التابعي أو من دونه
موقوفا عليه من قوله أو فعله. وهذا غريب بعيد).
196

بالواحد. قال: (أو (1) من وسطها واحد، فمنقطع).
وعممه والده لما كان الساقط منه أكثر (2).
وفي شرح البداية خص العدد بالواحد، وأطلق موضع السقوط و (لم) يخصه
بالوسط. (3).
ثم الانقطاع ظاهر وخفي:
والأول: كما لو علم عدم لقاء الراوي، أو عدم اتحاد عصرهما.
والخفي: لا يدركه إلا المتضلع في الفن، كما لو عرف مجيئه من وجه آخر بزيادة راو أو
أكثر، كما ترى جدي الأمي في المنتقى. فتدبر.

(1) أي أو سقي من وسط السلسلة واحد...
(2) وصول الأخيار: 105.
(3) شرح البداية: 140 (الدراية: 48).
197

وأما:
(الثامن): المقطوع
فقد قال المحقق الثاني (1) في رسالة (كاشفة الحال عن أمر الاستدلال):
(ومنها شئ سمي المقطوع وهو: ما كان بعض رواته مجهولا أو كان غير معلوم
الاتصال بالمعصوم عليه السلام) (2).
انتهى.
وفي اصطلاح العامة (3) على ما حكاه والد المصنف هو: (المروي عن التابعين قولا
لهم أو فعلا).
قال والد المصنف:
(وأصحابنا لم يفرقوا بينه وبين الموقوف فيما يظهر من كلامهم) (4)، أي في عدم
حجيتها، وإلا فهما (5) اثنان من حيث الاصطلاح.
(التاسع): الموقوف
قال في شرح البداية:
(الموقوف: وهو قسمان، مطلق ومقيد:
فإن أخذ مطلقا، فهو ما روي عن مصاحب المعصوم عليه السلام من نبي أو إمام، من

(1) هو علي بن عبد العالي الكركي العاملي، نور الدين، الملقب تارة بالشيخ العلائي وأخرى بالمحقق الثاني (940
ه‍). كان عالما فاضلا محققا، له مصنفات مشهورة ك‍ (جامع المقاصد في شرح القواعد شرح الألفية، حاشية
الارشاد، ولكن ليس من جملتها كاشفة الحال. وأما كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال فهي لمحمد بن علي بن
أبي جمهور الأحسائي (انظر الذريعة: 17: 240 / 73.
(2) مخطوط.
(3) انظر علوم الحديث: 47، ومختصر علوم الحديث: 53، وتدريب الراوي: 117.
(4) وصول الأخيار: 105.
(5) في المتن: فيهما.
198

قول أو فعل أو غيرهما، متصلا كان (1) سنده أو منقطعا.
وقد يطلق في غير المصاحب للمعصوم عليه السلام مقيدا، وهذا هو القسم الثاني
منه. مثلا (وقفه فلان على فلان) إذا كان الموقوف عليه غير مصاحب.
وقد يطلق على الموقوف الأثر، إذا (2) كان الموقوف عليه صحابيا للنبي صلى الله
عليه وآله.) (3).
وقال في المقطوع:
(وهو: مغاير للموقوف بالمعنى الأول: لان ذلك موقوف (4) على المصاحب
للمعصوم (5) عليه السلام، وهذا على التابعي.
وأخص من معنى الموقوف المقيد، لأنه حينئذ يشمل غير (6) التابعي، والمقطوع
يختص به.
وقد يطلق (7) على الموقوف بالمعنى السابق الأعم، فيكون مرادفا له، وكثيرا ما
يطلقه الفقهاء على ذلك.) (8)
انتهى.
وكان نظر والد المصنف إلى ذلك في قوله:
(وأصحابنا لم يفرقوا إلى آخره).
والمصنف لم يتعرض لهما، من جهة عدم حجية قول الصحابي والتابعي من حيث هو
صحابي أو تابعي كما لا يخفى. (9).

(1) في شرح البداية ههنا زيادة: (مع ذلك).
(2) في شرح البداية: (إن).
(3) شرح البداية 1: 135 (الدراية: 45).
(4) في شرح البداية: (يوقف).
(5) في شرح البداية: (مصاحب المعصوم).
(6) كذا في المصدر وفي المتن: (يشتمل عن).
(7) في شرح البداية ههنا زيادة: (المقطوع).
(8) شرح البداية 1: 138 (الدراية: 47).
(9) والموقوف عند العامة كما قال ابن الصلاح في علوم الحديث: 46: ما يروى عن الصحابة رضي الله الله عنهم من
أقوالهم وأفعالهم ونحوها، فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..
199

تنبيه
قال والد المصنف:
(القطع في الاسناد - مطلقا (1) - قد يكون معلوما بسهولة، كأن يعلم أن الراوي لم
يلق من روى عنه، وهو الواضح.
وقد يكون خفيا لا يدركه إلا المتضلع بعلم الرجال ومعرفة مراتبهم وهو المدلس.
وقد يقع ذلك من سهو مداد الكاتب) (2).
وأما:
(العاشر): المعضل
(بفتح الضاد المعجمة على صيغة اسم المفعول).
فإن كان الساقط من إسناد الحديث اثنان (أو أكثر، فمعضل) من عضل: أي صعب.
قيل إنه مأخوذ من قولهم أمر عضيل أي مستغلق شديد (3).
ومثاله ما يرويه تابعي التابعي أو من دونه قائلا فيه: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله (4).
والمصنف خص هنا موضع السقوط بالوسط، وعممه والده. قال:
(هو ما سقط من إسناده اثنان أو أكثر من الوسط أو (5) الأول أو الاخر، فهو عبارة
عن الثلاثة الأقسام من الستة (6) المذكورة في المنقطع) (7).

(1) كلمة (مطلقا) غير موجودة في وصول الأخيار - وإنما هي من كلام المؤلف، ومراده مطلق الانقطاع سواء كان
من الأول أو الوسط أو الاخر، وسواء كان واحدا أو أكثر.
(2) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 106.
(3) انظر لسان العرب 11: 452 (مادة: عضل).
(4) قاله ابن الصلاح في المقدمة: 59.
(5) كذا في المصدر وفي المتن: (و).
(6) كذا في وصول الأخيار وفي المتن: (سنة).
(7) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 108.
200

ولم يقيد المصنف سقوط الاثنين بالتوالي مع أنه لا بد منه، إذ لو كان من موضعين كان
منقطعا لا معضلا (1). وأطلق في شرح البداية موضع السقوط ولم يذكر التوالي أيضا. (2)
وقد يطلق المعضل على الحديث الذي أشكل معناه دون سنده. (3).

(1) لم يذكر ابن الصلاح شرط التوالي صراحة وإنما أطلق ذلك، ولكن مما أورده من الأمثلة كان فيه توالي
الانقطاع من الوسط (انظر علوم الحديث: 59). وكذلك أطلقه النووي ولم يقيده بالتوالي (انظر التدريب:
129). وقد صرح السيوطي في التدريب بشرط التوالي، فلاحظ.
(2) شرح البداية 1: 140.
(3) انظر علوم الحديث: 59.
201

تقسيم الحديث
باعتبار ما يعرض له
203

وينقسم الحديث - أيضا - إلى أقسام اخر باعتبار ما يعرض له، فتختلف ألقابه:
(الأول): المعنعن
(والمروي بتكرير لفظة (عن)، معنعن).
اسم مفعول من العنعنة، مصدر جعلي، كالحمدلة، والبسملة، فيقال فلان عن فلان
(من) غير ذكر للتحديث والاخبار والسماع، ومن هنا سمي معنعا.
ويستعمل في الإجازة والقراءة والسماع.
وذكر ابن الصلاح من العامة:
(إن الأكثر في زمانه (1) وما قاربه (2) استعمال (عن) عندهم في الإجازة، فإذا قال
أحدهم: (قرأت على فلان عن فلان) أو نحو ذلك، فظن به أنه رواه عنه بالإجازة، ولا
يخرجه ذلك من قبيل الاتصال على ما يخفى) (3).
واختلف في حكمه على ستة أقوال:
فالذي عليه جمهور المحدثين، بل في الدراية (4) كاد يكون إجماعا، أنه متصل مع
إمكان ملاقاة الراوي بالعنعنة لمن رواه عنه مع أمن التدليس.
قال والد المصنف:
(وأما عندنا فلا شبهة في الاتصال بالشرطين المذكورين.) (5).
أقول: وهو الأصح عند العامة أيضا. (6)

(1) في المقدمة: (وكثر في عصرنا)
(2) في المقدمة ههنا زيادة (بين المنتسبين إلى الحديث)
(3) المقدمة لابن الصلاح (علوم الحديث): 62.
(4) الدراية: 31 (البقال 1: 102)
(5) وصول الأخيار: 100.
(6) قال ابن الصلاح: (61): (والصحيح والذي عليه العمل أنه من قبيل الاسناد المتصل. والى هذا ذهب
الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم، وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم فيه وقبلوه، وكاد أبو عمرو بن
عبد البر الحافظ (التمهيد: 1: 26) يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك. وادعى أبو عمرو الداني المقرى
الحافط إجماع أهل النقل على ذلك. وهذا بشرط أن يكون الذين أضيفت العنعنة إليهم قد ثبتت ملاقاة
بعضهم بعضا مع برأتهم من وصمة التدليس. فحينئذ يحمل على ظاهر الاتصال إلا أن يظهر فيه خلاف
ذلك).
205

ومن اعتبر منهم ثبوت اللقاء كالنووي (1)، وطول الصحبة (2) كالقابسي (3)،
ومعروفيته بالرواية عنه بين المحدثين كأبي عمرو (4) الداني المقري، أجابوا عنه بحمل فعل
المسلم على الصحة.
(الثاني: المضمر)
(و) منها: (مطوي ذكر المعصوم) عليه السلام مع عدم ذكر ما يدل على أنه هو
المراد (مضمر) في الاصطلاح، مثل أن يقول الصحابي أو أحد أصحاب الأئمة عليهم
السلام: سألته عن كذا، و (أمرني بكذا) ونحو ذلك،
وهذا النوع من الحديث غير معروف عند الجمهور، واستعمله أصحابنا للتقية.
قال والد المصنف:
(وهو مضعف للحديث: لاحتمال أن يكون المراد غير الإمام عليه السلام.
وإمكان إرادة الإمام عليه السلام بقرينة المقام أظهر) (5).

(1) لم يشترط النووي ذلك بل قال في التقريب (ص: 132 من التدريب): (وفي اشتراط ثبوت اللقاء وطول
الصحبة ومعرفته بالرواية عنه خلاف، منهم من لم يشترط شيئا من ذلك وهو مذهب مسلم بن الحجاج
وادعى الاجماع فيه، ومنهم من شرط اللقاء وحده، وهو قول البخاري وابن المدايني والمحققين، ومنهم من
شرط طول الصحبة، ومنهم من شرط معرفته بالرواية عنه).
(2) ذكر السيوطي في التدريب: 133: إن من شرط طول الصحبة أبو المظفر السمعاني... وقال: واشترط
أبو الحسن القابسي أن يدركه إدراكا بينا، حكاه ابن الصلاح.
(3) كذا في التدريب، والأنساب للسمعاني 10: 7، وهو أبو الحسن علي بن عبد الغفار القابسي، وفي المتن
(القالسي) بدل (القابسي).
(4) أبو عمرو الدامني عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر الأموي القرطبي ويعرف بالداني (أبو عمرو) محدث،
مفسر (371 - 444 ه‍) انظر الاعلام: 4: 366.
(5) وصول الأخيار: 102.
206

تنبيه
ومنشأ الاضمار في كثير من الاخبار هو أن أصحاب الأصول لما كان من عادتهم أن
يقول أحدهم في أول الكلام: سألت فلانا، ويسمي الامام الذي روى عنه، ثم يقول: وسألته،
أو نحو ذلك، حتى ينهي الاخبار التي رواها، كما يشهد به ملاحظة بعض الأصول الموجودة،
ككتاب علي بن جعفر، وكتاب قرب الإسناد، وغيرهما، وكان ما رواه عن ذلك الامام
أحكاما مختلفة، والمشايخ الثلاثة رضي الله عنهم (عندما) بوبوا الاخبار ورتبوها اقتطعوا كل
حكم من تلك الأحكام، ووضعوه في بابه بصورة ما هو مذكور في الأصل المنتزع منه. ومنه
وقع الاشتباه على الناظر الغير الخبير.
ومنها:
(الثالث: العالي)
إذا كان الحديث (قصير السلسلة) يسمى (عالي) السند.
قال بعض العلماء (1): إن الاسناد من خواص هذه الأمة.
قالوا: وطلب العلو فيه سنة مؤكدة، وهو مما عظمت رغبة المتقدمين والمتأخرين فيه،
لأنه أقل كلفا، وأبعد عن الخطأ، وأقرب إلى الصحة، لأنه إذا طال السند كثرت مظان
التحذير، وإذا قل قلت، إلا أن يكون في النزول مزية ليست في العلو، كأن يكون رجاله
أوثق منه، أو أحفظ، أو أفقه، أو الاتصال فيه أظهر، فيكون النزول حينئذ أولى.
وأما ما قيل من أن في النزول كثرة البحث، وذلك يقتضى بالمشقة، وذلك مفتاح
تزايد الفيض وتضاعف الاجر، فالنزول مطلقا أرجح، فقد رجح بأمر وحشي وأجنبي
عما يتعلق بهذا الفن كما قيل.

(1) انظر علوم الحديث: 255، وتدريب الراوي: 258.
207

(أقسام العلو)
والعلو أقسام خمسة:
الأول: القرب في الاسناد إلى المعصوم عليه السلام.
فإن كان الاسناد صحيحا مع ذلك (1) فهو الاعلى والأشرف، كثلاثيات الكليني
عندنا (2)، وثلاثيات البخاري عند العامة، وإلا فهو العلو المطلق.
الثاني: (وهو بعد الأول في المرتبة) القرب إلى إمام من أئمة الحديث، كالمحمدين الثلاثة
الأوائل (3)، والمحمدين الثلاثة الأواخر (4)، وهذا هو العلو النسبي الإضافي:
وهو: ما يقل العدد فيه إلى ذلك الشخص وإن بعد بعد ذلك.
الثالث: (وهو بعد الثاني)، العلو بتقدم السماع:
وهو أن يسمع شخصان من شيخ، وسماع أحدهما أقدم (5)، فهو أعلى، وإن تساوى
العدد الواقع في الاسناد، أو إنهما اتفقا في عدم الواسطة، إلا أن زمان سماع أحدهما متقدم على
الاخر، فأولهما سماعا أعلى من الاخر بقرب زمانه من المعصوم عليه السلام بالنسبة إلى
الاخر.
قال في شرح البداية:
(والعلو بهذين المعنيين يعبر عنه بالعلو النسبي، وشرف اعتباره قليل خصوصا
الأخير، وقد (6) اعتبره جماعة من أئمة الحديث) (7).
الرابع: العلو بتقدم (ال) وفاة:

(1) مع قرب الإسناد.
(2) كروايته عن علي بن إبراهيم، عن الإمام الجواد عليه السلام. (انظر الكافي 1: 548 / 27).
(3) محمد بن يعقوب الكليني (328 أو 329 ه‍) مؤلف كتاب (الكافي)، ومحمد بن علي بن الحسين (381 ه‍)
مؤلف كتاب (من لا يحضره الفقيه)، ومحمد بن الحسن الطوسي (460 ه‍) مؤلف كتاب (التهذيب
والاستبصار).
(4) محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني (1091 ه‍) مؤلف كتاب الوافي، ومحمد باقر المجلسي (1111 ه‍)
مؤلف كتاب البحار، ومحمد بن الحسن الحر العاملي، (1014 ه‍) مؤلف كتاب الوسائل.
(5) في المتن: (أقدام) بدل (أقدم).
(6) في شرح البداية: (ولكن) بدل (وقد).
(7) شرح البداية (البقال 1: 116) (الدراية: 36).
208

فما (1) يرويه عمن تقدمت وفاته، فإنه أعلى من إسناد آخر يساويه في العدد مع
تأخر وفاة من هو في طبقته عنه، ومثاله:
ما أرويه باسنادي إلى عمنا السيد صدر الدين العاملي (2)، عن والده جدنا السيد
صالح (3)، عن والده السيد المعظم السيد محمد شرف الدين بن إبراهيم بن زين العابدين (4)،
عن شيخه وأستاذه محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب الوسائل (5)، فإنه أعلى مما أرويه
عن عمي السيد صدر الدين، عن شيخه الشيخ سليمان العاملي المتوطن بالغري، عن جدنا
السيد محمد شرف الدين، عن شيخه صاحب الوسائل، وان تساوى الاسنادان في العدد،
لتقدم وفاة جدنا المعظم السيد صالح على وفاة الشيخ سليمان المذكور بمدة. وأيضا مثل ما
نرويه بإسنادنا إلى جدنا السيد نور الدين علي بن علي زين العابدين ابن الحسين المشتهر
بابن (أبي) (6) الحسن الموسوي العاملي (7)، عن والده السيد علي بن أبي الحسن (8) المذكور،
عن الشهيد الثاني - فإنه أعلى مما نرويه عن جدنا السيد نور الدين المذكور، عن صاحب
المعالم (9)، عن والده الشهيد الثاني وإن تساوى الاسنادان في العدد، لتقدم وفاة جدنا السيد
علي بن أبي الحسن على وفاة الشيخ حسن صاحب المعالم بمدة طويلة.

(1) في المتن: فيما والصحيح ما أثبتناه.
(2) السيد صدر الدين بن صالح بن محمد بن إبراهيم شرف الدين بن زين العابدين بن السيد نور الدين الموسوي
العاملي (المتوفى 1263 ه‍). عالم، جليل القدر، له مصنفات منها: أسرة العترة، القسطاس المستقيم في أصول
الفقه، المستطرفات في الفروع.. (انظر ترجمته في تكملة أمل الآمل: 235 / 204).
(3) السيد صالح بن السيد محمد بن السيد إبراهيم الموسوي العاملي، يعرف السيد صالح الكبير العاملي المكي،
(1122 ه‍ - 1217 ه‍)، كثير الاطلاع غزير الحفظ واسع الرواية (انظر ترجمته في تكملة أمل الآمل:
233 / 202).
(4) السيد محمد بن السيد إبراهيم شرف الدين الجبعي الشحوري (1049 ه‍ - 1139 ه‍) عالم زاهد، له خزانة
كتب جليلة تشمل ألوف، وله تعليقة شريفة على أصول الكافي (انظر تكملة أمل الآمل: 335 / 321).
(5) الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (المتوفى 1104 ه‍) علم من أعلام الطائفة الشيعية، غني عن التعريف،
بلغت مؤلفاته سبعة وعشرين مؤلفا، من أشهرها كتاب وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة بعشرين
جزءا.
(6) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(7) انظر ترجمته في تكملة أمل الآمل: 306 / 287.
(8) انظر ترجمته في تكملة أمل الآمل: 304 / 285.
(9) الشيخ حسن بن الشهيد الثاني.
209

هذا على ما يوجد في بعض الكتب من رواية جدنا الأمي صاحب المعالم عن أبيه
الشهيد الثاني، والمعروف روايته عنه بواسطة جدنا السيد علي بن الحسين المشهور بابن أبي
الحسن الموسوي، ووالد البهائي، وعلي بن فخر الدين الهاشمي (1)، وأحمد بن سليمان
العاملي (2).
الخامس: العلو بالنسبة إلى رواية أحد المجاميع الأربعة الكبار أو غيرها من الأصول
المعتبرة عندنا.
وهذا في كتب العامة مثل صحيح البخاري، (3) وصحيح مسلم، (4) وموطأ مالك (5)،
وصحيح أبي عيسى الترمذي (6)، وأبي عبد الرحمن النسائي (7)، وسنن أبي داود
السجستاني (8)، ومستدرك أبي عبد الله الحاكم (9)، وجامع الأصول لابن الأثير (10).
وهذا النوع قد اعتنى به المتقدمون والمتأخرون. وهو إما بالموافقة، أو الابدال، وقد
يقال له البدل، أو المساواة، أو المصافحة.
فالموافقة:
أن يقع لك الحديث عن علي بن إبراهيم القمي، شيخ محمد بن يعقوب - مثلا - بطريق
من غير جهة الكليني، بعدد أقل من عددك إذا رويته عن محمد بن يعقوب، عن علي بن
إبراهيم.

(1) انظر تكملة أمل الآمل: 89 / 15.
(2) الكافي، الفقيه، التهذيب، الاستبصار.
(3) لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (194 ه‍ - 256 ه‍).
(4) لأبي الحسين مسلم بن حجاج بن مسلم (204 ه‍ - 261 ه‍).
(5) المالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري (93 - 179 ه‍).
(6) لأبي يحيى محمد بن عيسى الترمذي (209 ه‍ - 279 ه‍).
(7) لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي (215 ه‍ - 303 ه‍).
(8) لأبي داود سليمان بن أشعث السيستاني المتوفى (275 ه‍).
(9) محمد بن عبد الله الحافظ النيسابوري (321 ه‍ - 405 ه‍).
(10) جامع الأصول لأحاديث الرسول، لأبي السعادات مبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري الشافعي
المتوفى سنة 606 ه‍).
210

وأما البدل:
فهو: أن يقع هذا العلو عن مثل إبراهيم بن هاشم (1)، شيخ شيخ الشيخ محمد بن
يعقوب، وهو في الحقيقة موافقة بالنسبة إلى شيخ شيخ محمد بن يعقوب، فهو من باب رد
البدل إلى الموافقة.
وأما المساواة:
فهي: قلة عدد إسنادك، بحيث يقع بينك وبين المعصوم عليه السلام، أو أحد من
أصحابه، أو من حدث عن أصحابه، من العدد مثل ما وقع من العدة بين الشيخ الطوسي مثلا
وبينه، فيكون بذلك مساويا للشيخ الطوسي مثلا في قرب الإسناد، وعدد الرجال، وهذا
النوع لا يقع في عصرنا أصلا.
وكذا المصافحة:
وهي أن تقع هذه المساواة لشيخك فيكون كأنك صافحت الشيخ الطوسي فأخذت
منه، وبعبارة أخرى:
الموافقة: هي أن يقع لك الحديث عن الشيخ المفيد، شيخ الشيخ الطوسي - مثلا -
عاليا بعدد أقل من الذي يقع لك به ذلك الحديث عن المفيد إذا رويته عن الشيخ الطوسي
عن المفيد، فإنها أيضا في زماننا مستحيلة.
وهذا العلو تابع للنزول، فلو لم ينزل الشيخ الطوسي مثلا لم تعل أنت.

(1) قال الشيخ الطوسي في الفهرست: 4 / 5:
(إبراهيم بن هاشم: أصله من الكوفة وانتقل إلى قم، وأصحابنا يقولون: إنه أول من نشر حديث الكوفيين
بقم وذكروا أنه لقي الرضا عليه السلام..)
211

وأما النزول:
فهو ضد العلو في الأربعة، فيكون كل قسم من أقسام العلو يقابله قسم من أقسام
النزول، خلافا لمن زعم أن العلو قد يقع غير تابع لنزوله.
وهو مفضول، وقد فضله بعضهم إذا تميز بفائدة (1) كأن كانت حالة الشيخ في الاخر
أحسن.
قال والد المصنف:
(ولا بأس) (2).
وقال الشهيد في شرح البداية بعد أن بين أن طلب علو الاسناد سنة عند أكثر
السلف:
(وقد كانوا يرحلون إلى المشايخ في أقصى البلاد لأجل ذلك، فبعلوه (3) - أي السند -
يبعد الحديث عن الخلل المتطرق إلى كل راو، إذ ما من راو من رجال الاسناد إلا والخطأ
جائز عليه). إلى أن قال:
(ولكن قد يتفق في النزول مزية ليست في العلو، كأن يكون رواته أوثق، أو أحفظ،
أو أضبط، أو الاتصال فيه أظهر للتصريح فيه باللقاء، واشتمال العالي على ما يحتمله وعدمه -
كعن فلان - فيكون النزول حينئذ أولى.
ومنهم من رجح النزول مطلقا استنادا إلى أن كثرة البحث تقتضي المشقة فيعظم
الاجر.)، قال:
(وذلك ترجيح بأمر أجنبي عما يتعلق بالصحيح (4) والضعيف (5)) (6)
وهو كما قال، أو قوله: (كعن فلان)، هو الوجه، لان العنعنة أعم من الاتصال لغة كما

(1) انظر متن التقريب من التدريب: 368.
(2) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 147.
(3) كذا في المصدر وفي المتن: (فيعلوه).
(4) في شرح البداية: (بالتصحيح).
(5) في شرح البداية (والتضعيف).
(6) شرح البداية (البقال 1: 115) (الدراية: 35).
212

نص عليه غير واحد.
ومنها (1): (الرابع): المسلسل
وهو ما تتابع فيه رجال السلسلة على صفة أو حالة سواء في ذلك (2) (مشتركها
كلا): بأن كان التسلسل في جميع السلسلة، (أو جلا): بأن كان في بعضها دون جميعها.
والتتابع: قد يكون (في أمر خاص) في الرواة، كاتفاقهم في (الاسم (3))،
كسلسلة الأحمدين، والعبادلة، والمحمدين. ومنه رواية المصنف عن الشيخ محمد بن الحسن
الطوسي، عن محمد بن النعمان (4)، عن محمد بن علي بن بابويه (5)، عن محمد بن الحسن بن
الوليد (6)، عن محمد بن الحسن الصفار (7)، عن محمد بن الحسين (8)، عن محمد بن عبد
الجبار (9)، عن محمد بن عمر بن يزيد (10) كذا ذكره المصنف في بعض حواشيه.
وكروايتي أنا لكتاب البخاري، بإسنادي إلى الشيخ محمد بن إسماعيل البخاري، وهو
روايتي عن السيد المتبحر محمد هاشم بن زين العابدين الموسوي الأصفهاني، عن سيدنا

(1) أقسام الحديث باعتبار ما يعرض له.
(2) في (و) ههنا زيادة: (و).
(3) في (و): (كالاسم) بدل (في الاسم).
(4) الشيخ المفيد.
(5) الشيخ الصدوق.
(6) محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال الشيخ النجاشي: 383 / 1042: أبو جعفر شيخ القميين، وفقيههم،
ومتقدمهم، ووجههم.. ثقة ثقة، عين، مسكون إليه، له كتب، منها: كتاب تفسير القرآن، وكتاب الجامع.
(7) قال النجاشي: 354 / 948:
(محمد بن الحسن بن فروج الصفار.. كان وجها في أصحابنا القميين، ثقة، عظيم القدر، راجحا، قليل السقط في
الرواية..) ثم ذكر خمسة وثلاثين كتابا من كتبه.
(8) هو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أبو جعفر الزيات الهمداني، قاله النجاشي 334 / 897 وأضاف: جليل
من أصحابنا، عظيم القدر، كثير الرواية ثقة، عين حسن التصانيف، مسكون إلى روايته. ثم عدد كتبه فكان
منها: كتاب التوحيد - المعرفة والبداء، الرد على أهل القدر، الإمامة..
(9) عده الشيخ الطوسي تارة في أصحاب الجواد 407 / 25 وتارة في أصحاب الهادي 423 / 17 وقال: وهو ابن
أبي الصهبان، قمي، ثقة. وأخرى في أصحاب العسكري 435 / 5 باس محمد بن أبي الصهبان، وقال: قمي، ثقة.
(10) ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست 140 / 596، والشيخ النجاشي: 364 / 981.
213

العلامة عمنا السيد صدر الدين محمد بن صالح الموسوي العاملي، عن بحر العلوم محمد
المهدي النجفي (1)، عن أستاذ الطائفة محمد باقر بن محمد أكمل، عن أبيه عن محمد باقر
المجلسي رحمه الله، عن أبيه محمد تقي، عن شيخه محمد بهاء الدين، عن محمد بن محمد بن أبي
لطيف المقدس، عن أبيه محمد بن محمد، عن شيخه كمال الدين محمد بن أبي الشريف
المقدس، عن أبي الفتح محمد بن أبي بكر، عن أبي الحسين محمد المراغي، عن أبي عبد الله
محمد بن إسماعيل القرشي، عن السيد أبي عبد الله محمد بن سيف الدين فليح أبن كيدر
العلائي، عن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن مسلم بن مالك الحنبلي، عن أبي عبد الله
محمد بن عبد الرحيم أبي عبد الواحد المقدس، عن أبي طاهر محمد بن عبد الواحد البزاز،
عن محمد بن أحمد بن حمدان، عن محمد بن التميم، عن محمد بن يوسف العزيزي، عن محمد بن
إسماعيل البخاري، بكتابه صحيح البخاري وجميع مصنفاته.
أو كاتفاقهم في اللقب، أو الكنية، أو النسب، أو البلد، كالمسلسل: بالقميين،
وبالمدنيين، والمصريين، والكوفيين.
أو الصفة: كالتشبيك بالأصابع، واليد، وكالقيام حال روايتهم للحديث.
أو قولهم: (سمعت فلانا يقول) إلى منتهى الاسناد، أو (أخبرني فلان) (والله قال:
أخبرني فلان والله) إلى منتهى الاسناد.
وكالاتكاء حالة الرواية، والعد باليد والتشبيك بها، أو بقراءة سورة الصف، أو بيوم
العيد، أو بالصوفية، أو بقراءة الفاتحة، ونحو ذلك.
وقد يكون في الرواية ك‍ (2) (الأولية (3):)
(الأولية)
وهو: أول ما يسمعه كل واحد منهم من شيخه من الأحاديث.

(1) فقيه، أصولي، فيلسوف، متكلم (1155 - 1212 ه‍). له عدد من المؤلفات منها: الفوائد الرجالية،
والمصابيح، وتحفة العابدين.
(2) في (و): و.
(3) كقول الصحابي: هذا أول حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله. أو قول الراوي هذا أول حديث
سمعته من شيخي فلان.
214

وبالاخرية: (1)
وهو آخر ما يسمعه من الأحاديث من شيخه.
(والمصافحة)،
وهو: كل واحد صافحني بالكف التي صافحت فلانا، فما مست خزا ولا حريرا ألين
من كفه.
(والتلقيم):
كقول كل واحد: (لقمني فلان بيده لقمة لقمة).
ورأيت السيد حسين بن سيد حيدر الكركي العاملي في إجازة المبسوط يذكر أنه قرأ
على الشيخ المصنف بهاء الدين الحديث المسلسل بألقمني الخبز والجبن، وألقمني لقمة منها.
(ونحو ذلك، مسلسل)، يقترن إلى جبنا وجوزا، والمسلسل بأطعمني وسقاني،
والمسلسل بالضيافة على الأسودين التمر والماد.
قال والد المصنف رحمه الله:
(لقد اعتنى العامة بهذا القسم، وقل أن يسلم لهم منه شئ إلا بتدليس أو تجوز أو
كذب يزينون به مجالسهم وأحوالهم، وهو مع ندرة اتفاقه عديم الجدوى)، إلى أن قال:
(وقد اعترف نقادهم - وهو ابن الصلاح - (2) بأنه لا يكاد ليسلم (3) من خلل. حتى
حديث المسلسل بالأولية تنتهى (4) السلسلة فيه إلى سفيان بن عتيبة (5). ومن رواه
مسلسلا إلى منتهاه فقدوهم، كما اعترف به نقادهم (6).
وأما علماؤنا ومحدثونا، فهم أجل شأنا، وأثقل ميزانا من الاعتناء بمثل ذلك) (7).
أقول: وقد رأيت ابن الصلاح وهو من كبارهم يقول في المقدمة:

(1) عندما يقول: هذا آخر حديث سمعته من شيخي.
(2) لا توجد إشارة لابن الصلاح في كتاب وصول الأخيار فهذا من كلام المؤلف.
(3) في وصول الأخيار: (يسمل).
(4) في المصدر وفي المتن: (ينتهي).
(5) كذا في وصول الأخيار وفي نخبة الفكر وغيرهما من الكتب: (عيينة).
(6) في هامش المتن: ابن حجر العسقلاني في النخبة (انظر ص: 209 من نخبة الفكر).
215

(وقلما تسلم المسلسلات من ضعف، أعني وصف التسلسل لا في أصل المتن) (1).
انتهى.
لكن، قد جمع فيه منا الشيخ الأقدم أبو محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي نزيل الري
كتاب المسلسلات (2).
وقد استطرق شيخنا ثقة الاسلام الحسين العلامة المرزا محمد تقي النوري الطبرسي
دام بقاه في كتاب نفس الرحمن (3) بعض الأحاديث من هذا الكتاب. قال دام بقاه:
(ففيه قال الشيخ أبو محمد جعفر بن أحمد القمي الفقيه نزيل الري:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد أملاه (4) علينا أبو عبد الله محمد بن وهبان (5) الذبيلي،
فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد أملاه علينا محمد بن أحمد الصفوني (6)، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله لقد أملاه علينا أبو محمد القسم بن العلاء الهمداني (7)، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي علي بن محمد، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي محمد بن علي عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، الله لقد حدثني أبي علي بن موسى الرضا، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي موسى بن جعفر عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي جعفر بن محمد عليه السلام، فقال:

(1) المقدمة: 276.
(2) الذريعة: 21 / 21 / 3751.
(3) كتاب نفس الرحمن في فضائل سلمان تأليف الحاج مرزا حسين النوري الطبري صاحب كتاب مستدرك
الوسائل (المتوفى 1320 ه‍) وهو رجل عالم، جليل، محدث، شهير.
(4) في كتاب نفس الرحمن، في جميع الموارد: (أملأه) بدل (أملاه).
(5) وثقه النجاشي 396 / 1060 وقال: (ثقة، من أصحابنا، واضح الرواية، قليل التخليط، له كتب...) وعدد
كتبه.
(6) في كتاب نفس الرحمن: الصفواني، وانظر: معجم رجال الحديث: 15: 54 / 10167 كذلك.
(7) في كتاب نفس الرحمن: أبو محمد القاسم بن علاء الهمداني وانظر معجم رجال الحديث 14: 34 / 9523،
وقد عده الشيخ الطوسي فيمن لم يرو عن الأئمة عليهم السلام 490 / 4.
216

أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي محمد بن علي عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي علي بن الحسين عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي الحسين بن علي عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني جبرائيل عليه السلام، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد حدثني ميكائيل، فقال:
أشهد بالله، وأشهد الله، لقد سمعت الجليل يقول:
(شارب الخمر كعابد الوثن)، ومحمد بن وهبان ثقة، والصفوني أجل من أن (1) يوثقه
أحد، والقسم (2) بن علاء من الوكلاء.
وفيه:
حدثنا أبو المفضل فيما أجازه لي، قال:
حدثني علي بن أحمد بن سعيد الصفار، قال:
حدثني أبو القسم (3) المفضل بن جعفر بن محمد التميمي بدمشق، قال:
حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد العسقلاني بطبرية، قال:
حدثني علي بن هارون (4) الأنصاري، عن محمد بن أحمد المصري، عن صالح، عن
معاذ بن أسد الخراساني، عن المفضل بن موسى الشيباني، عن الأعمش (5)، عن سلمة بن
كهيل (6)، قال:
رأيت رأس الحسين عليه السلام على القنا وهو يقرأ (فسيكفيكهم الله وهو السميع

(1) في كتاب نفس الرحمن: الصفواني.
(2) في كتاب نفس الرحمن: والقاسم.
(3) في كتاب نفس الرحمن: القاسم.
(4) في المتن ههنا: - و) زائدة.
(5) سليمان بن مهران، الأعمش انظر تقريب التهذيب 1: 332 - حرف السين - رقم: 515.
(6) قال ابن حجر في تقريب التهذيب 1: 318 / 318: (سلمة بن كهيل الحضرمي أبو يحيى الكوفي، ثقة..).
217

العليم) (1).
قال علي بن أحمد بن سعيد: قلت للمفضل بن جعفر: (الله) (2) إنك سمعت ذاك من
محمد بن أحمد العسقلاني؟ فقال لي:
(الله) لقد سمعته منه، وقلت له: (الله) إنك سمعت ذاك من محمد بن هارون؟ فقال لي:
(الله) سمعته منه، وقلت له: (الله) إنك سمعته من محمد بن أحمد المصري؟ فقال لي:
(الله) (لقد سمعته منه، وقلت له: (الله) لقد سمعته من صالح؟ فقال: (الله) لقد سمعته منه
وقلت: الله)) لقد سمعته من معاذ بن أسد؟ فقال لي: (الله) لقد سمعته منه، وقلت له: لقد سمعته
من المفضل بن موسى؟ فقال لي: (الله) لقد سمعته منه، وقلت له: (الله) لقد سمعته من سلمة بن
كهيل؟ فقال لي:
(الله) لقد سمعته منه، وقلت له: (الله) لقد سمعته من رأس الحسين بن علي عليه
السلام؟
فقال لي:
(الله) لقد سمعته، والرأس بباب الفراديس بدمش، وهو يقرأ (فسيكفيكهم الله وهو
السميع العليم).
قال أبو الفضل: فقلت لعلي بن أحمد: شاهد عليك، لقد سمعته من المفضل بن جعفر؟
فقال لي:
(الله) لقد سمعته منه وسألته بمثل ما سألتني فقال:
لقد سمعته من محمد بن أحمد فأخبرني به على ما حكيته.
وفيه:
حدثنا أبو عبد الله (3) محمد بن أحمد بن محمد بن الفرج القاضي، وهو آخذ بشعره
قال:

(1) البقرة: 137.
(2) (الله) ساقطة من المتن.
(3) كذا في المصدر وفي المتن ههنا (ابن) زائدة.
218

حدثني إسماعيل بن علي بن زين، وهو آخذ بشعر ه، قال:
حدثني محمد بن الحسن الخثعمي، وهو آخذ بشعره قال:
قال عباد بن يعقوب الأسدي وهو آخذ بشعره، قال:
حدثني الحسين بن زيد، وهو آخذ بشعره، قال:
حدثني جعفر بن محمد وهو آخذ بشعره، قال:
حدثني أبي محمد بن علي عليه السلام وهو آخذ بشعره، قال:
حدثني أبي علي بن الحسين عليه السلام وهو آخذ بشعره، قال:
حدثني أبي الحسين بن علي عليه السلام وهو آخذ بشعره، قال:
حدثني أبي علي بن أبي طالب وهو آخذ بشعره، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول وهو آخذ بشعره:
(من آذى شعري فالجنة عليه حرام).
حدثنا هارون بن موسى ومحمد بن عبد الله الكوفي قالا: حدثنا محمد بن الحسين
الخثعمي بإسناده، وسلسل إلى آخره.
أقول: ثم ساق حديثا آخر بهذا الوصف، وفي سنده زيد بن علي عليه السلام، عنه (1)
عليه السلام، قال:
(من آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، فعليه لعنة الله ملء السماء
والأرض).
قال: قلنا لزيد بن علي عليه السلام: من يعني؟
قال: يعنينا ولد فاطمة (عليها السلام) لا تدخلوا بيتنا (2) فتكفروا) (3).
انتهى ما في نفس الرحمن.
فهذا النوع فن من فنون الرواية، وضرب المحافظة عليها، والاهتمام بها، وفضيلته

(1) غير موجودة في كتاب نفس الرحمن.
(2) في كتاب نفس الرحمن: بيتا.
(3) نفس الرحمن في فضائل سلمان (تحقيق جواد القيومي): 362.
219

اشتماله على مزيد الضبط، والحرص على أداء الحديث بالحالة التي اتفق بها من المعصوم عليه
السلام، وأفضله ما دل على اتصال السماع، لأنه أعلى مراتب الرواية، فليس هو عديم
الجدوى مع ندرة اتفاقه كما ذكر والد البهائي.
نعم: الوصف، وهو التسلسل ليس له مدخل في قبول الحديث وعدمه وإنما هو فن
ومنها (1):
(الخامس: الشاذ)
(و (2) مخالف المشهور) ويقال له (شاذ)، فاعل من الشذوذ، و (نادر) كذلك
وعرفه في البداية بأنه:
(ما رواه (3) الثقة مخالفا لما رواه (4) الأكثر) (5).
وعن الشافعي (6):
(أنه ما رواه الثقة مخالفا لما رواه الناس).
وقال شيخنا العلامة المرتضى الأنصاري:
(المراد بالشاذ: ما لا يعرفه إلا القليل).
وقال والد المصنف:
(وهو عندنا وعند الشافعي ما خالف المشهور وإن كان راويه ثقة، لا أن يروي ما لا
يروي غيره) (7).
أقول: وذلك لاعتبارهم المخالفة للأكثر، فلو روى الثقة من دون مخالفة لم يكن شاذا

(1) ومن أقسام الحديث باعتبار ما يعرض له.
(2) (و) ساقطة من المتن.
(3) في البداية ههنا زيادة (الراوي)
(4) في البداية: (لما رواه الجمهور - أي: الأكثر -)
(5) البداية: 118 (الدراية: 37)
(6) روى الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص: 148) عن الشافعي قوله في الشاذ ما يلي: (إنما الشاذ: أن يروي
الثقة حديثا يخالف فيه الناس، هذا الشاذ من الحديث).
(7) وصول الأخيار: 106.
220

بل متفردا.
ويدل التقيد بالثقة، أن رواية غير الثقة لو كانت مخالفة لما رواه الناس لا تسمى شاذة
بل تكون منكرة، لكن يلزم هذا التعريف، أن رواية الثقة إذا كانت مخالفة لما رواه الضعفاء لو
كانوا جماعة كانت شاذة، لصدق تعريف الشافعي عليها حينئذ، ويلزم خروج ما رواه الثقة
مخالفا لما رواه واحد أوثق منه عن التعريف، اللهم ألا أن يريد بالناس خصوص المعتمد على
روايتهم، وهو الثقات، كما هو الظاهر كذا أورد غير واحد منهم على تعريف الشافعي.
وفيه: أنه إنما يريد رواية الثقة التي هي غير مشهورة عند أهل الحديث والرواية، ولا
يعرفها إلا القليل منهم، ومن هنا يظهر ضعف ما ذكره أبو يعلى الخليلي، ونسبه إلى حفاظ
الحديث، من أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد تفرد به ثقة أو غيره (1).
قال والد المصنف:
(وهو مشكل، فإن أكثر أحاديثنا وأحاديثهم من هذا القبيل، ولم يطلق أحد عليها
اسم الشاذ) إلى أن قال:
وقال بعض المحدثين:
الشاذ: هو الفرد الذي لا يعرف متنه من غير راويه) (2).
أقول: فاعتبر الشهيد الثاني (3)، وأكثر أصحابنا، والشافعي في التعريف الوثاقة
والمعارضة، ووالد المصنف لم يعتبر الوثاقة بل ظاهره نقل الاجماع على التعميم فيها، ولذا
استشكل شرطية التفرد في الرواية عندما نقلها عن بعض العامة، ولم يتعرض للتعميم، وهذا
وهم.
قال في شرح البداية:
(ولو كان راوي الشاذ المخالف لغيره غير ثقة، فحديثه منكر مردود لجمعه بين (4)
الشذوذ وعدم الثقة، ويقال لمقابله المعروف.

(1) انظر التدريب: 146 - 150.
(2) وصول الأخيار: 109.
(3) الدراية: (37)، البداية (البقال 1: 118).
(4) كذا في البداية وفي المتن: من.
221

ومنهم من جعلهما أي الشاذ والمنكر مترادفين (1)، وما ذكرناه من الفرق أضبط) (2).
فالشاذ عنده ما رواه الثقة مخالفا للمشهور، والمنكر ما رواه غير الثقة للمشهور.
ولا ريب إن المنكر ما يرويه الضعيف مخالفا لما رواه المشهور، ولكن الكلام في
الاصطلاح في الشاذ، وقد عرفت اختلاف الكلمات فيه وحاصلها أقوال:
الأول: اعتبار الوثاقة والمخالفة للأكثر.
الثاني: إنه والمنكر بمعنى، فلا تعتبر غير المخالفة، وهو صريح ابن الصلاح وجماعة
منهم.
الثالث: اعتبار التفرد والوثاقة دون المخالفة، وهو الذي نسبه النووي في شرح المهذب
إلى جماعة من أهل الحديث.
الرابع: ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة أو غير ثقة، وهو المنقول عن الخليلي
منهم.
والأول هو الأشهر عند الفريقين من علماء الدراية.
وأما عند الفقهاء من أصحابنا خاصة فكثيرا ما يطلق الشاذ على الحديث الذي لم
تعمل الطائفة بمضمونه، وإن كان صحيحا لا معارض له عندهم.
تنبيهان (الوالد المصنف):
الأول:
الشذوذ قد يكون بزيادة لفظ في الحديث قد رواه الثقات أو غيرهم ناقصا.
ومذهب الجماهير، منا ومن العامة، قبول الزيادة مطلقا إذا كانت على شرط ما يقبل.
وقيل: يقبل (3) إن رواه غير من رواه ناقصا، ولا يقبل ممن رواه ناقصا. والمعتمد الأول) (4)
أقول: وهو الأصح، لأنه رواية جامعة لشرائط القبول من الثقة فتقبل.

(1) في البداية ههنا زيادة: (بمعنى الشاذ المذكور).
(2) البداية 1: 118.
(3) في كتاب وصول الأخيار: (تقبل إن رواها)
(4) وصول الأخيار: 110.
222

الثاني: (إذا روى بعض الثقات الحديث مرسلا، وبعضهم رواه متصلا، وبعضهم موصولا،
وبعضهم موقوفا، أو رفعه الراوي الواحد في وقت، ووقفه (1) في آخر، أو وصله في وقت،
وأرسله في آخر، أو نحو ذلك، فالصحيح أن الحكم للأرفع سواء كان المخالف له، مثله، أو أكثر
منه وأقوى، لان ذلك زيادة ثقة وهي مقبولة.
وقيل: الحكم للأدنى.
وقيل: للأكثر.
ومع التساوي فالأقوى بالضبط ونحوه.
والتحقيق ما قلناه.
وليس وصل الحديث تارة وارساله أخرى - مثلا - قادحا في عدالة الراوي أو في
الحديث.
وقال بعض العامة: يقدح في عدالته وصل ما أرسله الحفاظ، وليس بشئ، فيكون
لهذا الموصول حكمه من القبول إن جمع الشرائط، وكذا لو رفع ما أوقفوه، لان ذلك كالزيادة،
وهي مقبولة بشروطها.
إن قلت: الارسال قادح في الاتصال، فترجيحه وتقديمه (2) من قبيل تقديم الجرح
على التعديل فيقدم.
قلت: الجرح إنما قدم لما فيه من زيادة العلم، والزيادة هنا مع الوصل (3)) (4).
انتهى، ولا بأس به.
ومنها:

(1) كذا في المصدر وفي المتن: (وثقه).
(2) في وصول الأخيار: وتقديمه.
(3) في وصول الأخيار: (الواصل) بدل (الوصل).
(4) وصول الأخيار: 110.
223

(السادس): المضطرب
بكسر الراء المهملة، ووهم من قال بفتحها.
وهو: المختلف متنا، أو إسنادا، أو هما معا.
والاختلاف فيه: قد يكون من راو واحد، وقد يكون من أكثر.
والاضطراب، يضعف الحديث للاشعار بعدم الضبط، لكن الضعف والوصف
بالاضطراب فيما لو تساوى الحديثان المختلفان في الصحة وغيرها، ولم يرجح أحد الحديثين
بحفظ راويه وضبطه ونحو ذلك، وإلا فلا ضعف، ولا اضطراب اصطلاحا.
والاضطراب في السند مثل: أن يرويه مرة عن الحسين بن سعيد، ومرة عن ابن أبي
عمير، ومرة عن محمد بن مسلم.
قال جدي في الدراية:
(ويقع (1) في السند بأن يرويه الراوي تارة عن أبيه عن جده مثلا، وتارة عن جده
بلا واسطة، وثالثة عن ثالث غيرهما، كما اتفق ذلك في رواية أمر النبي صلى الله عليه وآله
بالخط للمصلي سترة حيث لا يجد العصا (2)) (3).
انتهى.
قال في الرواشح.
والتحقيق (4) عندي، أن ذلك يليق بباب المزيد في الاسناد، وبباب التعدد في بعض
السند، وهو قسم من عالي الاسناد، وليس هو من الاضطراب في شئ إلا (أن) (5) يعلم
وقوعه منه على الاستبدال، فالحكم (6) على تلك الرواية بالاضطراب ليس بمجرد (7) هذه

(1) في الدراية ههنا زيادة: الاضطراب.
(2) سنن أبي داود: 1 / 170، منتقى الجمان: 9 - 10.
(3) الدراية: 53 (البقال 1: 149).
(4) غير موجودة في الرواشح.
(5) ساقطة من المتن.
(6) في الرواشح: (والحكم) بدل (فالحكم).
(7) في الرواشح: (ليس لمجرد).
224

الجهة إلا (1) أن يخالف في الترتيب، كأن يرويه تارة عن أبي بصير، عن زرارة، عن الصادق
عليه السلام.
والأخرى بعكس ذلك (2)، فيرويه عن زرارة، عن أبي بصير، عن الصادق عليه
السلام (3)).
واعترض بعض الأفاضل على ما استثناه بأن ما ذكره إلى قوله (إلا أن يخالف
الترتيب.. الخ) في غاية الجودة والمتانة، لكن ما استثناه، وما مثل به مما لا يخلو عن ركاكة،
لان رواية الراوي - مثلا - تارة عن أبي بصير عن زرارة، وأخرى عن زرارة، عن أبي بصير
لا يدل على الاضطراب. لعل ذلك من باب المعارضة.
أقول: كل هذا خارج عن اصطلاحهم في المضطرب.
قال والد المصنف:
(السادس عشر: المضطرب
والاضطراب: هو الاختلاف. وهو قد يكون في السند، كأن يرويه مرة عن أبي
عمير، ومرة عن محمد بن مسلم، وقد يكون في المتن، كأن يرويه مرة زائدا ومرة ناقصا، أو
يرويه مرة بما يخالف المرة الأخرى، وقد يكون من راو واحد، وهو أقبح، وقد يكون من
أكثر.
وهو يضعف الحديث، للاشعار بعدم الضبط) (4).
انتهى.
اشكالات صاحب المنتقى على والده الشهيد الثاني في المضطرب
قال جدي الأمي في المنتقى بعد نقله ما في دراية والده:

(1) في الرواشح: أو أن.
(2) غير موجودة في الرواشح.
(3) الرواشح: 190.
(4) وصول الأخيار: 112.
225

(واما بيان اضطراب السند فللنظر فيه مجال:
أما أولا:: فلانه اعتبر فيه وقوع الاختلاف على ثلاثة أوجه، وصرح في بعض كتبه
الفقهية بأن (رواية الراوي عن المعصوم عليه السلام تارة بالواسطة وأخرى بدونها
اضطراب في السند يمنع من صحته) وهو يقتضي الاكتفاء في تحقق الاضطراب بوقوع
الاختلاف في السند على وجهين فقط كما هو ظاهر.) (1).
(الرد على الاشكال الأول)
أقول: ما ذكره في الدراية لا يزيد على كونه مثالا وليس فيه ما يدل على كونه
تحديدا حتى يلزم منه الاضطراب في كلامه.
قال (2):
(وأما ثانيا (3): لان تمثيله للاختلاف الواقع على الأوجه الثلاثة التي ذكرها
بالحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله غير مطابق لما في رواية (4) حديث العامة،
مع أن رواية الحديث المذكور إنما وقعت من طرقهم، وهو (5) الأصل في هذا النوع من
الاضطراب، كغيره من أكثر أنواع الحديث، فإنها من مستخرجاتهم بعد وقوع معانيها في
حديثهم، فذكروها بصورة ما وقع، واقتفى جماعة من أصحابنا في ذلك أثرهم، واستخرجوا
من أخبارنا في بعض الأنواع ما يناسب مصطلحهم، وبقي منها كثير على حكم محض الفرض.
ولا يخفى أن إثبات الاصطلاح للمعنى بعد وقوعه وتحققه أبعد عن التكلف واحتمال
الخطأ من إثبات المعنى للاصطلاح بعد وقوعه وتحققه، وأن البحث عما ليس بواقع، واتباعهم

(1) منتقى الجمان: 1: 9.
(2) أي صاحب المنتقى.
(3) في المنتقى: فلان.
(4) في المنتقى: (دراية) بدل (رواية).
(5) في المنتقى: (هي) بدل (وهو).
226

في إثبات الاصطلاح له قليل الجدوى، و (1) بعيد عن الاعتبار، ومظنة للابهام.
هذا وصورة الاضطراب الواقع في سند الحديث المذكور على ما حكاه بعض محققي
أهل الدراية من العامة (2) أن أحد رواته رواه تارة: عن أبي عمرو محمد بن حريث (عن
جده حريث) (3) بسائر الاسناد.
وتارة: عن أبي عمرو (4) بن حريث عن أبيه بالاسناد،
وثالثة: عن أبي عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث، عن جده حريث بن سليم (5)
بالاسناد.
ورابعة: عن أبي عمرو بن حريث، عن جده حريث.
وخامسة: عن حريث بن عمار بالاسناد.
وسادسة: عن أبي عمر بن محمد عن جده حريث بن سليمان (6).
وسابعة: عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث - رجل من بني عذرة -
وقال بعد حكاية هذا القدر: إن فيه اضطرابا غير ما ذكر.) (7).
(الرد على الاشكال الثاني)
أقول: كلام والده لا يدل على حصر مقدار الاضطراب الواقع في إسناد النبوي بالذي
ذكره حتى يرد عليه عدم المطابقة، بل هو في مقام حكاية وقوع أصل الاضطراب بالوجوه
الثلاثة في هذا النبوي في الجملة، لأنه في مقام التمثيل لا في مقام حكاية مقدار ما وقع من
الاضطراب في النبوي، فلا وقع لما أورده.
قال:

(1) (و) غير موجودة في المنتقى.
(2) انظر تدريب الراوي: 170.
(3) ما بين القوسين غير موجود في المنتقى ولا في التدريب.
(4) كذا في المنتقى والتدريب، وفي المتن: أبو عمر.
(5) كذا في المنتقى والتدريب وتقريب التهذيب 1: 159 / 213 وفي المتن: (مسلم).
(6) كذا في المنتقى والتدريب وتقريب التهذيب وفي المتن: (سلمان).
(7) منتقى الجمان: 9 - 10.
227

(وأما ثالثا: فلان منع الاضطراب الواقع على الوجه المذكور في كلام العامة من
صحة الخبر وقبوله أمر واضح، لدلالته على عدم الضبط الذي هو شرط فيهما، وبهذا عللوا
اقتضاء الاضطراب ضعف الخبر، ولا ريب فيه. كما لا شك في عدم وقوع مثله في أخبارنا لا
سيما السليمة من الضعف بغيره، فالبحث عن حكمه وبيان منعه من الصحة لا طائل تحته.
وأما ما يقع منه على الوجه الذي ذكره والدي - رحمه الله - وخصوصا المصرح به في
بعض كتبه الفقهية، فدعوى منعه من الصحة والقبول لا يساعد عليهما (1) اعتبار عقلي ولا
دليل نقلي، وقد أحال معرفة وجه المانعية فيما ذكره في الكتب الفقهية على ما تقرر في علم
الدراية، فعلم أنه توهم، وربما أعان عليه ما يتفق في كلام الشيخ من رد بعض الأخبار
الضعيفة معللا باختلاف رواية الراوي له، ويكون ذلك واقعا في الاسناد على وجهين،
والشيخ يطالب (2) بدليل ما ذكره إن كان يريد من التعليل حقيقته.
نعم يتفق كثيرا في أخبارنا المتكررة وقوع الاختلاف في أسانيدها بإثبات واسطة
وتركها، ويقوى في النظر أن أحدهما غلط من الناسخين، فيجب التصفح (3) لمظان وجود
مثله، ليعثر (4) على ما يوافق (5) أحد الامرين بكثرة، فيترجح لا محالة به.
وما أظن وقوع الاختلاف على هذا النحو في طرق أخبارنا إلا ويمكن التوصل إلى
معرفة الراجح فيه بما أشرنا إليه من الطريق، ولكنه يفتقر في الأغلب إلى كثرة التفحص
والتصفح، وإذا كان احتمال الغلط في النسخ مرجوحا في نظر الممارس المطلع على طبقات
الرواة، حكم لكل من الطريقين المختلفين بما يقتضيه ظاهره، من صحة وغيرها، أو (6) لا
يؤثر هذا الاختلاف شيئا، لان رواية الحديث بالواسطة تارة وبعد مهما أخرى أمر ممكن في
نفسه، غير مستبعد بحسب الواقع ولا مستنكر. واستبعاد رواية الراوي بواسطة هو مستغن

(1) في المنتقى: (عليها) بدل (عليهما).
(2) في المنتقى: (مطالب) بدل (يطالب).
(3) ههنا في المنتقى زيادة: (حينئذ).
(4) كذا في المنتقى وفي المتن: (ليعين).
(5) كذا في المصدر وفي المتن: (يوقف).
(6) في المنتقى: (و) بدل (أو).
228

عنها، مدفوع بأنه من المحتمل وقوع الرواية منه بالواسطة قبل أن يتيسر له المشافهة، وبأنه
قد يتفق ذلك بسبب رواية الكتب حيث يشارك الراوي المروي عنه في بعض مشيخته،
ويكون له أيضا كتب، ثم يورد المتأخر عنهما من كتب كل منهما حديثا يرويانه معا عن
بعض المشيخة موصولة الاسناد في محل إيراده من كتب المروي عنه، مع اشتماله على ذلك
الراوي، أما لاختصاص الرواية عن المروي عنه (به) (1) أو إيثارا، له وهذا مما لا بعد فيه ولا
محذور، وهو يقتضي الرواية بالواسطة تارة وبدونها أخرى.
ومن المواضع التي هي مظنة ذلك، رواية أحمد بن محمد بن عيسى لكتب الحسين بن
سعيد، فإنه يشاركه في جملة من مشيخته، فإذا أورد الشيخ من كتب الحسين بن سعيد
حديثا متصلا من طريق ابن عيسى، صار مرويا بالواسطة وبدونها.
(وبالجملة) (3) فانتفاء الاضطراب في هذه الصورة معنى وحكما أظهر من أن يحتاج
إلى بيان.
وقد علم بما حررناه، أن الاضطراب دائر في كلام من ذكره بين معنيين:
أحدهما: غير واقع في أخبارنا، فلا حاجة لنا في تعريف الصحيح إلى الاحتراز عنه.
والاخر: غير مناف للصحة بوجه، فهو أجدر بعدم الاحتياج الاحتراز عنه.) (4)
(الرد على الاشكال الثالث)
أقول: لا فوت في الاضطراب موضوعا وحكما، بين وقوعه في الاسناد على وجهين،
أو عشرين: إذا لم يمكن التوصل إلى معرفية الراجح، كما هو مفروض البحث. وإمكان
التعريف والوصول إلى معرفة الراجح خارج عن محل الكلام، إذ الكلام في الكبرى لا في
الصغرى. ودعوى إمكان التعرف لو كان الاختلاف في الاسناد على وجهين خارج عن

(1) ساقطة من المتن.
(2) غير موجودة في المنتقى.
(3) ساقطة من المتن.
(4) منتقى الجمان: 1: 10 - 12.
229

المقام لو أريد به منع التحقق.
وبالجملة، دلالة الاضطراب - بالمعنى الذي عرفت - على عدم الضبط الموجب
لسقوط أصالة عدم الغفلة والخطأ في مثله، عما لا ينبغي التأمل فيه، ولا أقل من الشك في
الحجية مع الاضطراب، والشك كاف في المنع من الصحة والقبول، كما حرر في محله، فلا وقع
لقوله: (والشيخ يطالب بدليل ما ذكره)... الخ.
إذا الأصل الأولي مع الشيخ، والمخرج عنه غير معلوم.
هذا، والمتضلعون في هذا الفن من أصحابنا صرحوا بمنافاته وما يعنيه على الوجه
الذي أنكره في المنتقى.
قال والد المصنف:
(السادس عشر: المضطرب:
والاضطراب: هو الاختلاف.
وقد يكون في السند، كأن يرويه مرة عن ابن أبي عمير، ومرة عن محمد بن مسلم)
إلى أن قال:
(وهو يضعف الحديث للاشعار بعدم الضبط) (1).
انتهى، فتدبر.
الاضطراب في المتن
وأما الاختلاف في المتن فأمثلته كثيرة، منها:
حديث اعتبار الدم (عند) اشتباهه بالقرحة لخروجه من الجانب الأيمن - كما رواه في
الكافي (2) والتهذيب في كثير من النسخ - فيكون حيضا. أو لخروجه من الجانب الأيسر، كما

(1) وصول الأخيار: 112.
(2) الكافي: 3: 94 / 3 (باب معرفة دم الحيض والعذرة والقرحة).
محمد بن يحيى رفعه عن أبان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:..
قال عليه السلام:.. فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من
القرحة.
230

رواه في الكافي، والتهذيب (1) في بعض النسخ.
ومن الأمثلة أيضا ما في أواخر كتاب التجارة في الكافي (2)، عن محمد بن جعفر أبو
العباس الكوفي (3)، عن محمد بن عيسى بن (4) عبيد وعلي بن إبراهيم جميعا، عن علي بن
محمد القاساني، قال: كتبت إليه يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام (5) وأنا بالمدينة سنة
إحدى وثلاثين ومائتين: جعلت فداك، رجل أمر رجلا يشتري متاعا أو غير ذلك،
فاشتراه، فسرق منه، أو قطع عليه الطريق. من مال من ذهب المتاع، من مال الآمر أو من
مال المأمور؟ (فكتب سلام الله عليه: من مال الآمر) (6). وفي نسخة (من مال المأمور) (7).
ومنها أيضا ما في التهذيب (8): محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي،
عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام، عن أبيه: إن عليا
قال في الرجل يتزوج المرأة وصيف فيبكر عندها فيريد أن يطلقها قبل أن يدخل بها.
قال: (عليه). وفي نسخة (عليها نصف قيمته يوم دفعه إليها لا ينظر زيادة ولا
نقصان).. الحديث.
وبين نسختي (عليه) و (عليها) فرق عظيم.

(1) التهذيب: 1: 385 / 8.
نفس سند وألفاظ الرواية السابقة إلا أنه قال عليه السلام: (فإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض،
وإن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة).
(2) الكافي: 5: 314 / 44 (باب النوادر).
(3) يظهر من السيد الخوئي في معجم رجال الحديث 15: 152 / 10359 - 10360 اتحاده مع محمد بن جعفر أبو
العباس الرزاز.
(4) في المتن: (عن عبيد) والصحيح ما أثبتناه.
(5) الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام.
(6) هذه الجملة غير مذكورة في المتن إلا انها واردة في الرواية.
(7) الموجود في المتن (الآمر) وحينئذ لا تصلح الرواية كشاهد له على الاضطراب كما لا يخفى، والأصح ان يقال
(وفي نسخة من مال المأمور)، فيكون مصداقا للاضطراب لأنه في نسخة يقول: من مال الآمر، وفي أخرى
يقول من مال المأمور.
(8) التهذيب 7: 369 / 57، والموجود في هذه النسخة: (عليه نصف يوم دفعه إليها لا ينظر زيادة ولا نقصان).
231

تقسيم الحديث
باعتبار اختلاف سلسلة السند
233

(ثم) ينقسم الحديث - أيضا - باعتبار اختلاف (سلسلة السند) (1) إلى خمسة
أقسام، لان الرواة فيه:
(النوع الأول: الصحيح)
(إما إماميون ممدوحون بالتعديل، فصحيح)، في الاصطلاح، (وإن شذ) عند
الأكثر منا.
واختلفوا في تعريفه، فعرفه المحقق الثاني (2) في رسالته المسماة ب‍ (كاشفة الحال عن
وجه الاستدلال) ب‍ (ما رواه العدل الامامي عن العدل الامامي، وهكذا متصلا بالمعصوم
عليه السلام).
وعرفه الشهيد في الذكرى: ب‍ (ما اتصلت رواته إلى المعصوم عليه السلام بعدل
إمامي) (3).
واعترضه جدي في الدراية: بأن اطلاق الاتصال بالعدل يتناول الحاصل في بعض
الطبقات، وليس بصحيح قطعا. ثم عرفه: ب‍ (ما اتصل سنده إلى المعصوم عليه السلام بنقل
العدل الامامي عن مثله في جميع الطبقات وإن اعتراه شذوذ) (4).
انتهى.
وفي رسالة والد المصنف: إنه (ما اتصل سنده بالعدل الامامي الضابط عن مثله حتى
يتصل إلى المعصوم عليه السلام من غير شذوذ ولا علة)، وقال:
ومن رأينا كلامه من أصحابنا لم يعتبر هذين القيدين، وقد اعتبرهما أكثر محدثي
العامة.

(1) في (و): (المسند) وليس (السند).
(2) هو المحقق الكركي علي بن عبد العالي العاملي (المتوفى سنة 940 ه‍) لكن رسالة كاشفة الحال ليست له كما مر
تحقيق ذلك في هامش الصفحة 198 فراجع.
(3) الذكرى: 4.
(4) الدراية: 19 (البقال 1: 79)
235

وعدم اعتبار الشذوذ أجود) (1).
في إشكالات صاحب المنتقى على تعريف الذكرى والدراية للصحيح
لكن في المنتقى الاعتراض على تعريف الذكرى والدراية:
(الاشكال الأول)
قال:
(ويرد أولا: أن قيد العدالة مغن عن التقيد (2) بالإمامي، لان فاسد المذهب لا
يتصف بالعدالة حقيقة. كيف، والعدالة حقيقة عرفية في معنى معروف لا جامع فساد العقيدة
قطعا، وادعاء والدي - رحمه الله - في بعض كتبه توقف صدق (3) الفسق بفعل المعاصي
المخصوصة على اعتقاد الفاعل كونها معصية عجيب!، وكأن البناء في تخيل الحاجة إلى هذا
القيد على تلك الدعوى، والبرهان الواضح قائم على خلافها، ولم أقف للشهيد على ما
مقتضى موافقة الوالد عليها ليكون التفاته أيضا إليها، فلا ندري إلى أي اعتبار نظر.) (4).
في الجواب على الاشكال الأول
أقول: نظرا إلى استعمالهم لها في المعنى الأعم من الامامي كما في (كشي) (5) في محمد بن
الوليد الخزاز، ومعاوية بن حكم، ومصدقة بن صدقة، ومحمد بن مسلم بن عبد الحميد، قال:
(هؤلاء كلهم فطحية وهم من أجل العلماء والفقهاء والعدول) (6).

(1) وصول الأخيار: 93.
(2) في المنتقى: (التقييد) بدل (التقيد).
(3) في المنتقى ههنا زيادة: (وصف).
(4) منتقى الجمان: 1: 5.
(5) رمز لكتاب رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال).
(6) رجال الكشي: 563 / 1063.
236

انتهى.
فيعلم أنها عندهم تستعمل في المتحرج في روايته والمتحرج في دينه.
(الاشكال الثاني)
ثم قال في المنتقى:
(ويرد عليهما ثانيا: - يعني تعريف الشهيدين - (1): أن الضبط شرط في قبول خبر
الواحد، فلا وجه لعدم التعرض له في التعريف، وقد ذكره العامة في تعريفهم، وسيأتي
حكاية (2) والدي (3) رحمه الله كلاما في بيان أوصاف الراوي، ينبه على المقتضي لتركه،
فإنه لما ذكر وصف الضبط قال:
(وفي الحقيقة اعتبار العدالة يغني عن هذا، لان العدل لا يجازف برواية ما ليس
مضبوطا على الوجه المعتبر، فذكره تأكيدا وجريا على العادة، يعني عاة القوم، حيث إنهم
ملتزمون بذكر الضبط في شرط قبول الخبر) (4).
وفي هذا الكلام نظر ظاهر، فإن منع العدالة من المجازفة التي ذكرها لا ريب فيه،
وليس المطلوب بشرط الضبط الامن منها، بل المقصود (5) السلامة من غلبة السهو والغفلة
الموجبة لوقوع الخلل على سبيل الخطأ، كما حقق في الأصول، فلا بد من ذكره، غاية الأمر أن
القدر المعتبر منه يتفاوت بالنظر إلى أنواع الرواية، فما (6) يعتبر في الرواية من الكتاب قليل
بالنسبة إلى ما يعتبر في الرواية من الحفظ كما هو واضح.) (7).

(1) جملة (يعني تعريف الشهيدين) من كلام المؤلف.
(2) في المنتقى: (حكايته) بدل (حكاية).
(3) في المنتقى: (ولوالدي) بدل (والدي).
(4) الدراية: 69.
(5) في المنتقى ههنا زيادة (منه).
(6) كذا في المصدر وفي المتن: (فيما).
(7) منتقى الجمان: 1: 5 - 6.
237

(جواب الاشكال الثاني)
أقول: أصالة عدم الغفلة، والخطأ، والنسيان، من الأصول المتفق عليها بين جميع
العلماء، بل بين جميع العقلاء، في جميع الأمور، كما لا يخفى على المتتبع لكلماتهم في ذلك في
الأصول.
قال شيخنا العلامة المرتضى:
(احتمال الغفلة من المتكلم والسامع احتمال مرجوح في نفسه، مع انعقاد الاجماع من
العقلاء والعلماء على عدم الاعتناء باحتمال الغفلة في جميع أمور العقلاء، أقوالهم وأفعالهم) (1)
وقال في مقام آخر:
(فظواهر الألفاظ حجة، بمعنى عدم الاعتناء باحتمال (2) خلافها، إذا كان منشأ ذلك
الاحتمال غفلة المتكلم في كيفية الإفادة أو المخاطب في كيفية الاستفادة، لان احتمال الغفلة مما
هو مرجوح في نفسه، ومتفق على عدم الاعتناء به في جميع الأمور) (3).
انتهى.
فإن كان اعتبار الضبط من جهة هذه الاحتمالات فهي منفية بما عرفت، وإن أريد أن
لا يكون الراوي على خلاف المتعارف في الحفظ والضبط، بأن كان كثير النسيان أو كثير
الغفلة، بحيث لا تجري هذه الأصول في حقه فلا بأس، وبه فسره في مشرق الشمسين، قال:
(لا ريب أنه لا بد في حصول الوثوق بقول الراوي من كونه ضابطا، أي لا يكون
سهوه أكثر من (4) ذكره، ولا مساويا له، وهذا القيد لم يذكره المتأخرون في تعريف
الصحيح.
واعتذر الشهيد الثاني (5) - رحمه الله - (6) عن عدم تعرضهم لذكره: بأن قيد العدالة

(1) فرائد الأصول للشيخ الأنصاري: 37
(2) في الرسائل ههنا زيادة: (إرادة).
(3) فرائد الأصول (الرسائل): 47.
(4) في مشرق الشمسين: ههنا زيادة: (ذلك).
(5) الدراية: 65 (الرعاية تحقيق البقال: 186).
(6) في مشرق الشمسين: (طاب ثراه).
238

مغن عنه، لأنها تمنعه أن يروي من الأحاديث ما ليس مضبوطا عنده على الوجه المعتبر.
واعترض عليه: بأن العدالة إنما تمنع من تعمد نقل غير المضبوط عنده لا من نقل
ما يسهو عن كونه غير مضبوط فيظنه مضبوطا.
وقد يدفع: بأن مراده (1) أن العدل إذا عرف من نفسه كثرة السهو لم يجسر (2) على
الرواية تحرزا على إدخال ما ليس من الدين فيه.
وأنت خبير بأن القائل يقول (3): إذا كثر سهوه فرما يسهو عن (4) كونه كثير السهو
فيروي.
والحق، إن الوصف بالعدالة لا يغني عن الوصف بالضبط فلا بد من ذكر المزكي
ما يغني (5) عن اتصاف الراوي به أيضا) (6).
أقول: قد عرفت أنه لا حاجة إلى ذلك، لارتكاز أصالة عدم الخطأ والغفلة.
نعم: إذا كان كثير السهو والخطأ فلا بد من ذكره ذلك فيه، وإلا لا حاجة إلى ذكر أنه
من متعارف الناس في ذلك.
ومما يدل على أن المراد به أن يكون من المتعارف غير خارج عنه قول العلامة في
النهاية:
(ان الضبط من أعظم الشرائط في الرواية، فإن من لا ضبط له قد يسهو عن بعض
الحديث ويكون مما يتم به فائدته ويختلف الحكم به، أو يسهو فيزيد في الحديث ما
يضطرب به معناه، أو يبدل لفظا بآخر، أو يروي عن النبي صلى الله عليه وآله ويسهو عن
الواسطة، أو يروي عن شخص فيسهو عنه ويروي عن آخر).
انتهى.

(1) في مشرق الشمسين ههنا زيادة: (رحمه الله).
(2) في مشرق الشمسين: (لم يجرء) بدل (لم يجسر).
(3) في مشرق الشمسين: ههنا زيادة (انه).
(4) في مشرق الشمسين ههنا زيادة (أنه).
(5) في مشرق الشمسين: ما ينبئ.
(6) مشرق الشمسين من كتاب الحبل المتين: 270.
239

وكل هذا مثال من كان كثير السهو لا يخفى.
قال المصنف في مشرق الشمسين بعد ما اعتبر الضبط بهذا المعنى:
(فإن قلت: فكيف يتم لنا الحكم بصحة الحديث بمجرد توثيق علماء الرجال - رجال
سنده - من غير نص على ضبطهم؟
قلت: إنهم يريدون بقولهم (إن (1) فلانا ثقة) أنه عدل، ضابط، لان لفظة ثقة مشتق
من الوثوق، ولا وثوق بمن تساوى (2) سهوه وذكره، أو يغلب سهوه على ذكره. وهذا هو
السر في عدولهم عن قولهم عدل إلى قولهم ثقة) (3).
انتهى.
وأنت خبير بما في هذا الاستنباط، وقد عرفت عدم الحاجة إلى التنصيص على
الضبط، لأنه على الأصل، وإنما الحاجة إلى التنصيص لو كان على خلاف العادة، فمع عدم ذكر
أنه كثير السهو يفهم أنه على العادة، ولا مدخلية لقولهم: (ثقة) في ذلك، كما لا مدخلية
للعدالة في ذلك، إنما ترفع هذا الاحتمال الأصول العقلائية.
والعدالة تنفع في عدم تعمد المنافي.
وأما الزيادة الواقعة في آخر التعريف أعني قوله: (وإن شذ)، فقد زادها الشهيد الثاني أيضا
كما عرفت.
قال والد المصنف:
(ومن رأينا كلامه من أصحابنا لم يعتبر هذين القيدين - أعني عدم الشذوذ وعدم
العلة في تعريف الصحيح - وقد اعتبرها أكثر محدثي العامة.
وعدم اعتبار الشذوذ أجود، إذ لا مانع أن يقال: شاذ صحيح، أو شاذ غير صحيح،
وهو المنكر) (4).

(1) غير موجود في مشرق الشمسين.
(2) في مشرق الشمسين: (يتساوى).
(3) مشرق الشمسين: 271.
(4) وصول الأخيار: 93.
240

وذكر في شرح البداية: (أنه نبه بقوله: (وإن اعتراه شذوذ) على المخالفة (1)
لما (2) اصطلح عليه العامة (3)، حيث اعتبروا في الصحيح (4) سلامته من الشذوذ)، إلى أن
قال:
واحترزوا بالسلامة عن الشذوذ: عما رواه الثقة مخالفا (5) لما رواه الناس، فلا يكون
صحيحا) (6).
وقال: ولده (7) في المنتقى:
(إن مناط وصف الصحة هو اجتماع وصفي العدالة والضبط في جميع رواة الحديث، مع
اتصال روايتهم له بالمعصوم عليه السلام، فيجب حينئذ مراعاة الأمور المنافية لذلك، ولا
ريب أن الشذوذ بالمعنى الذي فسره به، وهو ما روى الناس خلافه، لا منافاة فيه بوجه.
نعم وجود الرواية المخالفة توجب (8) الدخول في باب التعارض وطلب المرجح،
وظاهر أن رواية الأكثر من جملة المرجحات، فيطرح الشاذ بهذا الاعتبار، وهو أمر خارج
عن الجهة التي قلنا: وإنما (9) مناط وصف الصحة، كما لا يخفى) (10).
تتميم
قال الشهيد في الدراية في آخر بحث المعلل:
(العلة عند الجمهور مانعة من صحة الحديث على تقدير كون ظاهره (11) الصحة لولا

(1) في شرح البداية: (خلاف) بدل (المخالفة).
(2) في شرح البداية: (ما) بدل (لما).
(3) في شرح البداية ههنا زيادة: (من تعريفه).
(4) جملة (في الصحيح) غير موجودة في شرح البداية.
(5) في شرح البداية: (مع مخالفته ما روى).
(6) شرح البداية (يقال 1: 80) (الدراية: 19).
(7) في المنتقى: (يوجب).
(9) ساقطة من المتن.
(10) منتقى الجمان: 1: 8.
(11) في الدراية (ظاهرها).
241

ذلك، ومن ثمة (1) شرطوا في تعريف الصحيح سلامته من العلة.
وأما أصحابنا: فلم يشترطوا السلامة منها، وحينئذ فقد ينقسم (2) الصحيح إلى
المعلل وغيره، وإن رد المعلل كما يرد الصحيح الشاذ) (3).
أقول: هذا كلامه هنا مع أنه ذكر المعلل في عداد ما اختص بالضعيف، وكان المناسب
ذكره في عداد ما اشتركت فيه أقسام الحديث الأربعة من الأوصاف. كما أنه ذكر الشاذ في
جملة ذلك.
وجزم والد المصنف (بأن المعلل غير صحيح). قال:
(أما إذا كانت العلة في السند فظاهر، وأما إذا كانت العلة (4) في المتن فكذلك، لان
المتن حينئذ يكون غير صحيح لما فيه من الخلل بالعلة، فيعلم أو يغلب على الظن أنه على ما
هو عليه ليس من كلامهم. نعم يقال فيه صحيح السند.
فالصحيح على هذا، ما صح سنده من الضعف والقطع، ومتنه من العلة.
وكيف كان هو اختلاف في الاصطلاح) (5).
وفي المنتقى: (وأما عدم منافاة العلة فموضع تأمل، من حيث إن الطريق إلى استفادة
الاتصال ونحوه من أحوال الأسانيد قد انحصر عندنا، بعد انقطاع طريق الرواية من جهة
السماع والقراءة، في القرائن الحالية الدالة على صحة ما في الكتب ولو بالظن.
ولا شك أن غلبة الظن بوجود الخلل أو تساوي احتمال (6) وجوده وعدمه ينافي
ذلك، وحينئذ يقوى (7) اعتبار انتفاء العلة في مفهوم الصحة.
ودعوى جريان الاصطلاح على خلاف ذلك في حيز المنع، لأنه اصطلاح جديد
وأهله محصورون معروفون.

(1) في الدراية: (ثم) بدل (ثمة).
(2) كذا في المصدر وفي المتن: (تقسم).
(3) الدراية: 51 (شرح البداية 1: 144).
(4) غير موجودة في وصول الأخيار.
(5) وصول الأخيار: 93.
(6) في المنتقى: (احتمالي) بدل (احتمال).
(7) كذا في المصدر وفي المتن: (يقرى).
242

والتعويل في هذه الدعوى إما على ظاهر تعريف الشهيد، وما في معناه باعتبار عدم
التعرض للتقيد بانتفاء (1) العلة، وإما على وصفهم الاخبار المعللة بالصحة. وكلا الوجهين لا
يصلح لاثباتها:
أما التعريف: فلما عرفت من قصوره عن إفادة ما هو أهم من ذلك، فكيف يؤمن
قصوره في هذه المادة أيضا.
وأما الوصف: فالحال يشهد بوقوعه حيث يتفق عن غفلة وعن عدم الالتفات، (2)
لا عن قصد وشعور بالعلة واعتمادا لعدم تأثيرها، وهذا بين لمن تدبر) (3).
انتهى.
وأيضا يشكل عليه: أن ظاهر التعريف الذي ذكره للصحيح منتقض في طرده
بالمضطرب إذا اتصلت روايته إلى المعصوم بنقل العدل الامامي إلى آخر التعريف.
وقد ذكر المضطرب في المختص بالضعيف في الدراية، وعن بعض كتبه الفقهية
التصريح بمانعية الاضطراب عن الصحة. قال:
(إن الاضطراب في الاسناد يمنع من صحة الرواية، اللهم إلا أن يريد من الضعيف
عدم القبول. ويلحق المضطرب الصحيح بالضعيف في عدم القبول).
فتأمل.
تنبيه
قال في المنتقى:
(إن اطلاق الصحيح على سليم الطريق من الطعن وإن اعتراه إرسال أو قطع، كما
ذكره الشهيد، موضع بحث. وقد اتفق فيه لجماعة من المتأخرين توهم غريب، وشاركهم فيه
والدي - رحمه الله - فذكر في شرح بداية الدراية: (أنه قد يطلق الصحيح على سليم الطريق

(1) في المنتقى: (انتفاع).
(2) في المنتقى: (التفات).
(3) منتقى الجمان: 1: 8.
243

من الطعن بما ينافي (1) الاتصال بالعدل الامامي وإن اعتراه مع (2) ذلك إرسال أو قطع).
ثم قال: (وبهذا الاعتبار يقولون كثيرا: (روى ابن أبي عمير في الصحيح كذا، و (3) في
صحيحه (4) كذا) مع كون روايته المنقولة كذلك مرسلة.
ومثله وقع لهم في المقطوع كثيرا) (5). قال:
(وبالجملة فيطلقون الصحيح على ما كان رجال طريقه المذكورون فيه عدولا إمامية
وإن اشتمل على أمر آخر بعد ذلك، حتى أطلقوا الصحيح على بعض الأحاديث المروية عن
غير الامامي (6) بسبب صحة السند إليه. فقالوا: (في صحيحة، (7) ووجدناها (8) صحيحة
بمن عداها).
وفي الخلاصة (9) وغيرها: أن طريق الفقيه إلى معاوية بن ميسرة، والى عائذ
الاجمسي، وإلى خالد بن نجيح، والى عبد الاعلى مولى آل (10) سام صحيح مع أن الثلاثة
الأول: لم ينص عليهم بتوثيق ولا غيره.
والرابع: لم يوثقه - أي العلامة في الخلاصة (11) - وإن ذكره في القسم الأول.
وكذلك نقلوا الاجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه فطحيا) (12).
قال: (وهذا كله خارج عن تعريفي (13) الصحيح خصوصا الأول المشهور) (14).

(1) العبارة في شرح البداية هكذا: (بما ينافي الامرين، وهما: كون الراوي - باتصال - عدلا اماميا).
(2) في شرح البداية ههنا زيادة: (الطريق السالم).
(3) في شرح البداية: (أو) بدل (و).
(4) في شرح البداية: (صحيحته).
(5) شرح البداية 1: 81 (الدراية: 20).
(6) في الدراية: (إمامي).
(7) في شرح البداية ههنا زيادة: (فلان).
(8) كذا في المصدر وفي المتن: (ووجدنا).
(9) انظر الفائدة الثامنة من رجال العلامة الحلي (الخلاصة).
(10) (آل) ساقطة من المتن.
(11) هذه الجملة من كلام المؤلف رحمه الله.
(12) شرح البداية 1: 81.
(13) العبارة في شرح البداية هكذا: (وهذا كله خارج عن تعريف الصحيح، الذي ذكروه في التعريفين، خصوصا
الأول المشهور).
(14) شرح البداية 1: 81 (الدراية: 21).
244

(1) أقول: إن من أمعن نظره في استعمالهم للصحيح في أكثر المواضع التي ذكرها عرف
أنه ناشئ من قلة التدبر، وواقع في غير محله، إذ هو (2) نقض للغرض المطلوب من تقسيم
الخبر إلى الأقسام الأربعة، وتضييع لاصطلاحهم على إفراد كل قسم منها باسم يتميز (3)
عن غيره من الأقسام.
والأصل فيه على ما ظهر لي، أن بعض المتقدمين من المتأخرين أطلق الصحيح على
ما فيه إرسال، أو قطع، نظرا منه إلى ما اشتهر بينهم من قبول المراسيل التي لا
يرويها (4) مرسلها إلا عن ثقة، فلم ير إرسالها منافيا لوصف الصحة. وستعرف أن جمعا من
الأصحاب توهموا القطع في أخبار كثيرة ليست بمقطوعة، فربما اتفق وصف بعضها بالصحة
في كلام (5) من لم يشاركهم في توهم القطع، ورأي ذلك من لم يتفطن للوجه فيه فحسبه
اصطلاحا واستعمله على غير وجهه، ثم زيد عليه استعماله فيما اشتمل على ضعف (6) ظاهر
من حيث مشاركته للارسال والقطع في منافاة الصحة بمعناه (7) الأصلي، فإذا لم يمنع وجود
ذينك المنافيين من إطلاق الصحيح في الاستعمال الطارئ فكذا (ما) (8) في معناهما. وجرى
هذا الاستعمال بين المتأخرين وضيعوا به الاصطلاح.
هذا، وما استشهد به والدي - رحمه الله - في المقام من الخلاصة وغيرها لا يصلح
شاهدا، فإن الغرض منه بيان حال الطريق (9) إلى الجماعة المذكورين لا عنهم، وإن وقعت
العبارة فيه بكلمة (عن) في الأغلب وذلك واضح لمن نظر.

(1) في المنتقى ههنا (و) زائدة.
(2) (هو) ساقطة من المتن.
(3) في المنتقى: (ليتميز).
(4) في المنتقى: (يروي).
(5) كذا في المصدر وفي المتن: (كلامهم).
(6) كذا في المنتقى وفي المتن: (وصف).
(7) في المنتقى: (بمعناها).
(8) ساقطة من المتن.
(9) في المنتقى: (الطرق).
245

ثم إن إطلاق الصحة على تلك الطرق المعينة استعارة لحظت فيها علاقة المشابهة
بينها وبين طرق الأخبار الصحيحة في كون رجالها كلها ثقات، والقرينة فيه واضحة بخلاف
قولهم: (صحيح فلان)، و (صحيحته) مع كون الطريق ضعيفا، فإن إطلاق الصحة فيه واقع
على مجموع السند المفروض ضعفه، وذلك تعمية وتلبيس من غير ضرورة.
وقوله (إنهم يقولون كثيرا: روى ابن أبي عمير في الصحيح) وهم، وإنما يقال: (روى
الشيخ وغيره في الصحيح عن ابن أبي عمير مثلا). وبين الصورتين فرق ظاهر، فإن إطلاق
الصحة على طريق الشيخ إلى ابن أبي عمير نظير إطلاقها في الخلاصة على الطريق إلى
الجماعة المجهولين قد وقعت وصفا لذلك القدر المعين من السند، وأما الصورة التي ذكرها
فالصحة وقعت فيها وصفا لمجموع الطريق مع اشتماله على موجب الضعف، ولو وجد مثله في
كلام بعض أوساط المتأخرين فلا شك أنه واقع عن قصور معرفة بحقيقة هذا الاستعمال.
وما ذكره أخيرا من نقلهم الاجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه
فطحيا ليس من هذا الباب في شئ، فإن القدماء لا علم لهم بهذا الاصطلاح قطعا،
لاستغنائهم عنه في الغالب بكثرة القرائن الدالة على صدق الخبر، وإن اشتمل طريقه على
ضعف، كما أشرنا إليه سالفا، فلم يكن للصحيح كثير مزية توجب له التمييز باصطلاح أو
غيره، فلما اندريت تلك الآثار واستعلت (1) الأسانيد بالاخبار، اضطر المتأخرون إلى
تمييز الخالي من الريب، وتعيين البعيد عن الشك، فاصطلحوا على ما قدمنا ببيانه، ولا يكاد
يعلم وجود هذا الاصطلاح قبل زمن العلامة إلا من السيد جمال الدين بن طاوس - رحمه
الله -.
وإذا أطلقت الصحة في كلام من تقدم فمرادهم منها الثبوت أو الصدق. وقد قوي
الوهم في هذا الباب على بعض من عاصرناه من مشايخنا، فاعتمد في توثيق كثير من
المجهولين على صحة الرواية عنهم، واشتمالها على أحد الجماعة الذين نقلوا الاجماع على
تصحيح ما يصح عنهم، وهم ثمانية عشر رجلا ذكرهم الكشي، وحكى كلامه في شأنهم جمع
من المتأخرين، وأبان بن عثمان أحد الجماعة.

(1) في المنتقى: استقلت.
246

وتكرر في كلام من تأخر الطعن في (أبان) بالفطحية، وأول من ذكره فيما يظهر المحقق -
رحمه الله - ولو يأتي به مجردا لوقع في حيز القبول، لكنه عزاه في المعتبر إلى الكشي بطريق
التنبيه على المأخذ بعد إيراده بعبارة تعطي الحكم به، فعلم بذلك أنه وهم، لان المذكور في
الكشي حكاية عن علي بن الحسن بن فضال أن أبان بن عثمان كان من الناووسية، وعلي بن
فضال فطحي فلا (1) يقبل جرحه لابان. على أنا لو قبلناه باعتبار توثيق الأصحاب له كان
أبان أحق بقبول الخبر، لما علم من نقل الاجماع على تصديقه، فاللازم قبول خبر أبان على
كل حال.
وقد تحرر مما أوضحنا أن الصحة إذا وقعت وصفا للحديث أفادت سلامة سنده كله
من أسباب الضعف، وكذا إذا وصف بها الاسناد بكماله، وهي في الموضوعين جارية على
قانون الاصطلاح المتحقق.
وأما إذا وصف بها بعض الطريق، فهي استعارة مقترنة بها القرينة، ويبقى إطلاقها في
صورة الإضافة إلى بعض الرواة على جملة السند مع اشتماله على موجب الضعف، وليس له
وجه مناسب وإنما هو محض اصطلاح ناشئ عن توهم كما بيناه، والأولى هجره رأسا لبعده
عن الاعتبار، وإضراره بالاصطلاح السابق، وإن كان قد تكثر (2) في كلام أواخر
المتأخرين استعماله، فليترك لهم، ويجعل استعمالا مختصا بهم) (3).
انتهى، وفيه مواقع للنظر:

(1) في المنتقى: (لا) بدل (فلا).
(2) في المنتقى: (يكثر) بدل (تكثر).
(3) منتقى الجمان: 12 - 15.
247

(مناقشة صاحب المنتقى)
فإن قوله: (إنه ناشئ من قلة التدبر وواقع في غير محله) إلى قوله (وتضييع
لاصطلاحهم) تحامل على الأصحاب في غير محله، فإن تلك الاطلاقات للصحيح إنما
يتبعون فيها طريقة القدماء، لوجوه لا تخفى على الخبير الممارس كما ستعرف. وكيف يكون
من قلة التدبر مع تبينهم وتصريحهم لوجه الاطلاق والمتابعة للمتقدمين في ذلك؟ وهل
أطلقوا الصحة إلا على مراسيل المشاهير كابن أبي عمير أو صفوان بن يحيى؟ وذلك لما شاع
بأنهم لا يرسلون إلا عمن يثقون بصدقه فشاركوا المتقدمين في وصف تلك المراسيل
بالصحة لذلك. وكذلك شاركوهم في توصيف بعض الأحاديث التي يكون في سندها من
يعتقدون أنه فطحي أو ناووسي بالصحة، نظرا إلى اندراجهم فيمن اجمعوا على تصحيح ما
يصح عنهم، مع تصريحهم بسند التوصيف، كما اتفق للعلامة في المختلف والخلاصة، فوصف
في المختلف حديث عبد الله بن بكير بالصحة في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة، وفي
الخلاصة قال:
(إن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح، وإن كان في طريقه أبان بن
عثمان) (1). مستندا في الكتابين إلى إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهما، فإذا كان
الوجه في سلوك طريقة القدماء أحيانا معلوما فهل يكون في ذلك نقض للغرض أو تضييع
للاصطلاح الجديد مع تلك القرائن الظاهرة لكل ممارس؟
وقوله: (ورأي ذلك من لم يتفطن للوجه فيه فحسبه اصطلاحا واستعمله على غير
وجهه).

(1) الخلاصة للعلامة الحلي: 277 (الفائدة الثامنة)، وقد نسب الاجماع إلى الكشي حيث قال: وهو فطحي (أي
أبان) لكن الكشي قال: إن العصابة اجتمعت على تصحيح ما يصح عنه).
248

لم يستعمله أحد بعنوان الاصطلاح الجديد، ولا ظن في ذلك فيما أعلم أحد من
الأصحاب، وإنما هو على الوجه الذي عرفت، غير مبهم عند مستعمليه.
وقوله: (وما استشهد له والدي - رحمه الله - في هذا المقام من الخلاصة وغيرها لا
يصلح شاهدا، فإن الغرض منه بيان حال الطريق إلى الجماعة المذكورين لا عنم) توهم
على إطلاقه، لما عرفت من التصريح في الخلاصة والمختلف بخلاف ذلك، وأنه وصف الحديث
عنهم بالصحة لاجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.
وقوله: (ثم إن إطلاق الصحة على تلك الطرق المعنية استعارة إلى آخره).
لم يكن استعمالهم لذلك من هذه الجهة، ولا نظر لهم إلى علاقة المشابهة، وإنما كان
مشاركة للمتقدمين في الاطلاق للوجه الذي عرفت.
وقوله: (وذلك تعمية وتلبيس من غير ضرورة) تحامل منه من غير ضرورة، وأي
تلبيس مع تبيين الوجه في الاستعمال: مثل كونه لا يروي إلا عن ثقة، أو كونه من أصحاب
الاجماع. سبحان الله: أما يكفي ذلك قرينة على كون المستعمل مشاركا للمتقدمين في
المسلك لا أنه على الاصطلاح الجديد حتى يكون تعمية وتلبيسا؟ وهل وجدهم يقولون
(صحيحة فلان) أو (صحيح فلان) إلا في مثل من ذكرنا من ابن أبي عمير أو صفوان بن
يحيى، أو أحد أصحاب الاجماع. ممكن يكون ذكر المضاف قرينة على مشاركة المتقدمين في
الاستعمال.
قوله: (إنهم يقولون كثيرا روى أنب أبي عمير في الصحيح وهم، وإنما يقال إلى... قوله،
وبين الصورتين فرق ظاهر). عجيب، فإنه ما كان ليخفى على مثل والده الفرق الذي ذكر،
وكيف لا يقولون ذلك وهذه مهرة الفن؟ ومشايخ العلماء ينقلون ذلك مثل والده، ووالد
المصنف، والمصنف.
قال والد المصنف:
(وقد يطلق - نادرا - الصحيح على سليم الطريق من الطعن وإن اعتراه إرسال أو
قطع، فيطلق على ما كان رجاله المذكورون عدولا، وإن اشتمل بعد ذلك على أمر آخر،
فيقولون: (روى ابن أبي عمير في الصحيح) وإن كانت تلك الرواية مرسلة أو مقطوعة، أو
249

كان ذلك الذي أسندت إليه ليس عدلا إماميا ولكن صح ما سواه) (1).
وقال المصنف في المشرق:
(ثم إنهم - أعلى الله مقامهم - ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان،
فيصفون مراسيل بعض المشاهير كابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى بالصحة، لما شاع من
أنهم لا يرسلون إلا عمن يثقون بصدقه بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من
يعتقدون أنه فطحي أو ناووسي بالصحة نظرا إلى اندراجهم فيمن أجمعوا على تصحيح ما
يصح عنهم) (2) إلى أن قال:
(وأمثال ذلك في كلامهم كثير، فلا تغفل) (3).
انتهى.
أبعد هذا موقع للانكار على مثل والده الشهيد، أو موقع لنسبة مستعمله إلى قصور
عن معرفة حقيقة الاصطلاح.
والعجب، أنه أنكر ذلك الاطلاق هنا، واعترف به في آخر كلامه الآتي منا نقله.
وقوله: (وما ذكره أخيرا من نقلهم الاجماع، إلى قوله ليس من هذا الباب في شئ)
في غير محله، فإن عدم ثبوت فطحية أبان عنده - رحمه الله - لا يخرج ما ذكره والده عن هذا
الباب، وكيف لم يكن من هذا الباب وأبان لم يعلم كونه إماميا، فلم يكن حديثه صحيحا
بالاصطلاح، وإن كان صحيحا عند القدماء، لأنه علم بالاجماع تصديقه، فهو من هذا
الباب.
وقوله: (فليس له وجه مناسب وإنما هو محض الاصطلاح) ناشئ عن توهم، لأنك
عرفت الوجه فيه، وأنه ليس عن غير اصطلاح المتقدمين ومشاركة لهم أحيانا عن توهم
كونه من مصاديق الاصطلاح الجديد المتأخر. فتدبر.
ولقد أجاد السيد الميرداماد في هذا المقام حيث قال في الرواشح:

(1) وصول الأخيار: 94.
(2) مشرف الشمسين من كتاب الحبل المتين: 270.
(3) مشرف الشمسين من كتاب الحبل المتين: 270.
250

(إن أصحابنا (رضوان الله عليهم) أسقطوا ذلك - يعني السلامة عن الشذوذ والعلة
وكونه مروي من يكون مع العدالة ضابطا (1) - وهو الحق، لأنهم يفسرون الشذوذ، بكون
الذي يرويه الثقة مخالفا لمروي الناس، وذلك حال المتن (2) نفسه، وقد علمت أن موضع
البحث ههنا (3) بحسب طريقه لا بحسب نفسه. ويفسرون (4) العلة بأسباب خفية غامضة
قادحة، يستخرجها الماهر في الفن، وهي أيضا إن كانت متعلقة (5) بنفس جوهر المتن
فخارجة عن الموضوع، وإن كانت متعلقة (6) بالسند كالارسال و (7) القطع - مثلا - فيما
ظاهره الاتصال أو الجرح فيمن ظاهره الامر، فيه التعديل من دون أن يكون الاستخراج
منتهيا إلى حد معرفة جازمة (عن حجة قاطعة بل بالاستناد إلى قرائن ينبعث عنها ظن أو
يترتب عليها تردد وشك، فإن كانت) (8) قوية يتقوى بها ظن القدح، فقيد الاتصال (9)
يجدي (10) في الاحتراز عنهما، وإلا فليست بضائرة في الصحة المستند إلى أسبابها الحاصلة.
وأما الضبط: وهو كون الراوي متحفظا، متيقظا، غير مغفل، ولا ساه، ولا شاك في
حالتي (11) التحمل والأداء، فمضمن في الثقة) (12).
انتهى. وهو كما أفاد قدس سره.
(صفة من تقبل روايته عند العامة)
والعامة المعتبرون لعدم الشذوذ والعلة في الصحيح يتوسعون في العدل، بحيث يشمل

(1) هذه من كلام المؤلف.
(2) في الرواشح ههنا زيادة: (بحسب).
(3) في الرواشح ههنا زيادة: (حاله).
(4) غير موجودة في الرواشح.
(5) كذا في المصدر وفي المتن: (من علة).
(7) في الرواشح: (أو).
(8) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(9) في الرواشح ههنا زيادة: (والعدالة).
(10) في الرواشح: (يجديان) بدل (يجدي).
(11) هكذا في المصدر وفي المتن: (حال التي).
(12) الرواشح: 40.
251

المخالف ما لم يبلغ خلافه حد الكفر، والمبتدع ما لم يكن يروي ما يقوي بدعته، ولذا روى
البخاري عن جماعات من الخوارج والقدرية والمرجئة، كما ربما نشير إليه في هذا
الشرح. ويكتفون في العدالة بعدم ظهور الفسق، والبناء على ظاهر حال المسلم، فلذلك
اتسعت عندهم دائرة الصحة، وصارت الحسان والموثقات والقويات عندنا صحاحا
عندهم مع القيودة الثلاثة المذكورة، يعني على ذلك المبنى.
وبعبارة أخرى لو كنا في التوسع في العدل، ونعرف العدالة مثلهم، لكانت دائرة
الصحة عندنا واسعة، وصارت الحسان والموثقات والقويات عندنا على مبنانا اليوم
صحاحا على ذلك المبنى، كما أنها على ذلك المبنى صحاحا مع القيود الثلاثة التي ذكروها
للصحيح.
وقد أشار السيد المدقق في الرواشح، ووالد المصنف في رسالته إلى ما ذكرنا من
اتساع دائرة الصحة عند الجمهور. ويريدون من الاتساع ما ذكرنا.
وقد أغفل مرادهم بالتوسعة التي نسبوها إلى العامة بعض الأفاضل المعاصرين
واعترض وقال:
(إنهم قالوا (1): (أجمع الجماهير من أئمة الحديث والفقه أنه يشترط في الراوي (2) أن
يكون عدلا ضابطا. بأن يكون مسلما، بالغا، عاقلا، سليما من أسباب الفسق وخوارم (3)
المروة، متيقظا، حافظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث منه، عالما بما يحيل
المعنى إن روى به.
(ثبوت العدالة)
ثم إن العدالة تثبت (4) بتنصيص عدلين عليها، أو بالاستفاضة.

(1) القائل من العامة وهو النووي في التقريب.
(2) في التقريب: (فيه) بدل (في الراوي).
(3) كذا في المصدر وفي المتن: (حرم).
(4) في التقريب: (الثانية: تثبت العدالة) بدل (ثم إن العدالة تثبت).
252

فمن اشتهرت عدالته بين أهل العلم، وشاع الثناء عليه فيها (1) كفى فيها، كمالك
والسفيانيين (2) والشافعي وأحمد وأشباههم.
وتوسع ابن عبد البر فيه، فقال: (كل حامل علم معروف العناية به، محمول ابدا على
العدالة حتى يتبين (3) جرحه وقوله هذا غير مرضي.
(الضبط)
ثم إن الضبط (4) يعرف بموافقة (5) الثقات المتقين غالبا. ولا تضر مخالفته النادرة (6).
(شرائط الجرح والتعديل)
ثم إنه (7): يقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح المشهور، ولا يقبل الجرح
إلا بتبين (8) السبب.
وأما كتب الجرح والتعديل التي لا يذكر فيها سبب الجرح ففائدتها التوقف فيمن
جرحوه، فإن بحثنا عن حاله وانزاحت عنه الريبة، وحصلت الثقة به، قبلنا حديثه، كجماعة
في الصحيحين بهذه المثابة.
(كفاية الواحد في ثبوت الجرح والتعديل)
ثم الحق (9) إن الجرح والتعديل يثبتان
بواحد، وقيل لابد من اثنين (10).

(1) في التقريب: (بها).
(2) في التقريب ههنا زيادة: (والأوزاعي).
(3) في التقريب: (يتبين).
(4) في التقريب: (الثالثة: يعرف ضبطه).
(5) في التقريب: (بموافقته).
(6) في التقريب ههنا إضافة: (فان كثرت اختل ضبطه ولم يحتج به).
(7) في التقريب: (الرابعة) بدل (ثم إنه).
(8) في التقريب: (مبين) بدل (يتبين).
(9) في التقريب: (الخامسة: الصحيح) بدل (ثم الحق).
(10) في التقريب ههنا إضافة: (وإذا اجتمع فيه جرح فالجرح مقدم، وقيل إن زاد المعدلون قدم التعديل، وإذا قال:
حدثني الثقة أو نحوه لم يكتف به على الصحيح، وقيل: يكتفى، فإن كان القائل عالما كفى في حق موافقه
في المذهب عند بعض المحققين، وإذا روى العدل عمن سماه لم يكن تعديلا عند الأكثرين وهو الصحيح، وقيل
هو تعديل).
253

وعمل العالم وفتياه على دعوى (1) حديث رواه ليس حكما لصحته (2)، ولا مخالفته
قدحا في صحته ولا في روايته (3).
(حكم مجهول العدالة)
ثم إن (4) مجهول العدالة ظاهرا وباطنا لا تقبل عند الجماهير.
ورواية المستور وهو: عدل الظاهر، خفي الباطن، يحتج به بعض من يرد (5) الأول. (6)
ويشبه أن يكون العمل على هذا في كثير من كتب الحديث في جماعة من الرواة تقادم العهد
بهم، وتعددت خبرتهم باطنا.
وأما مجهول العين، فقد لا يقبله بعض من يقبل مجهول العدالة (7). قال الخطيب:
(المجهول عند أهل الحديث من لم يعرفه العلماء، ولا يعرف حديثه إلا من جهة واحد،
وأقل ما يرفع الجهالة رواية اثنين مشهورين).
ونقل ابن عبد البر عن أهل الحديث نحوه.
وقيل ردا على الخطيب: قد روى البخاري عن مرداس الأسلمي، ومسلم عن ربيعة
بن كعب الأسلمي ولم يرو عنهما غير واحد (8).
وأجيب (9): بأن الصحيح هو نقل الخطيب، فلا (10) يصح الرد عليه بمرداس وربيعة،

(1) في التقريب: (وفق).
(2) في التقريب: (بصحته).
(3) في التقريب: (رواته).
(4) في التقريب: (السادسة: رواية) بدل (ثم: إن).
(5) في التقريب: (رد) بدل (يرد).
(6) في التقريب ههنا زيادة: (وهو قول بعض الشافعيين قال الشيخ).
(7) في التقريب ههنا زيادة: (ثم من روى عنه عدلان عينان ارتفعت جهالة عينه).
(8) في التقريب ههنا زيادة: (والخلاف في ذلك متجه كالاكتفاء بتعديل واحد والصواب نقل الخطيب ولا يصح).
(9) غير موجودة في التقريب.
(10) في التقريب: (ولا) بدل (فلا).
254

فإنهما صحابيان مشهوران، والصحابة كلهم عدول) (1).
(حكم من كفر ببدعة)
(ثم (2): إن من كفر ببدعته لم يحتج به بالاتفاق، ومن لم يكفر (قيل) (3) لا يحتج به (4)
مطلقا، وقيل يحتج به إن لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل
مذهبه (5).
وقيل يحتج به إن لم يكن داعية (إلى بدعته، ولا يحتج به إن كان داعية). (6) وهذا هو
الأظهر الاعدل، وقول الكثير أو الأكثر.
وضعف الأول باحتجاج صاحبي (7) الصحيحين وغيرهما بكثير من المبتدعة غير
الدعاة) (8).
(أخذ الأجر على التحديث)
ثم: إن (من أخذ على التحديث (9) أجرا لا تقبل روايته عند الأكثر (10)، وقيل (11)
بجوازها لمن امتنع عليه الكسب لعياله بسبب التحديث (12)) (13).

(1) راجع متن التقريب من كتاب تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: 197 - 211.
(2) في التقريب: (السابعة) بدل (ثم).
(3) ساقطه من المتن.
(4) غير موجودة في التقريب.
(5) توجد في التقريب إضافة: (وحكي عن الشافعي).
(6) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(7) كذا في المصدر وفي المتن: صاحب.
(8) راجع متن التقريب من كتاب التدريب: 216 - 217.
(9) كذا في التقريب وفي المتن: (الحديث).
(10) في التقريب هكذا: (عند أحمد، وإسحاق، وأبي حاتم، وتقبل عند أبي نعيم الفضل، وعلي بن عبد العزيز
وآخرين. وأفتى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي..).
(11) غير موجودة في التقريب.
(12) كذا في المصدر وفي المتن: (الحديث).
(13) متن التقريب من كتاب التدريب: 226.
255

(حكم المتساهل)
ثم أن: (لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه، كمن لا يبالي بالنوم
عند السماع، ويحدث لا من أصل مصحح، أو عرف بقبول التلقين في الحديث، أو كثرة السهو
في روايته إذا لم يحدث من أصل، أو كثرة الشواذ والمناكير في حديثه) (1).
ثم إنه قد (أعرض الناس في هذا الزمان عن اعتبار جميع (2) الشروط المذكورة لكون
المقصود صار إبقاء السلسلة (3) في الاسناد المختص بالأمة، فليعتبر ما يليق بالمقصود، وهو
كون الشيخ: مسلما، بالغا، عاقلا، غير متظاهر بفسق أو سخف.
وفي (4) ضبطه: بوجود سماعه مثبتا بوجه (5) غير متهم، وبروايته من أصل موافق
لأصل شيخه) (6) وقد يقرر أيضا في باب قضية المبتدع بأنه: تقبل روايته إذا لم يكن داعية إلى بدعته،
لان تزين بدعته قد يحمله على تحريف الروايات، وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه في
الأصح.
وقد أغرب ابن حبان فادعى الاتفاق على قبول غير الداعية من غير تفصيل.
نعم: الأكثر على قبول غير الداعية إلا أن يروي ما يقوي بدعته فيرد على الأصح،
كما صرح به الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزرجاني (،) شيخ أبي داود والنسائي
في كتابه معرفة الرجال.
ثم قال الفاضل المذكور: (هذا ما أردنا من أخذ مجامع كلماتهم بالنسبة إلى هذا المقام،
فإذا كنت على خبر من ذلك علمت أن ما عليه السيد الأنبل الاجل من نسبته اتساع
الدائرة إلى العامة في باب الصحة، وإن كان مما يتخيل عند الانظار الجلية إلا أنه مما ليس في

(1) متن التقريب من كتاب التدريب: 227.
(2) في التقريب: (مجموع) بدل (جميع).
(3) في التقريب: (سلسلة) بدل (السلسلة في).
(4) (في) غير موجودة في التقريب. والموجود هو (وبضبطه).
(5) في التقريب: (بخط) بدل (بوجه).
(6) متن التقريب من كتاب تدريب الراوي: 228.
(7) محدث الشام وأحد الحفاظ، له كتاب في الجرح والتعديل، وكتاب في الضعفاء (259 ه‍) (الاعلام: 1: 76).
256

محله عند النظر الدقيق، لأنك إذا تأملت تجد أن أحاديثنا المروية عن أئمتنا المعصومين حجج
الله وخلفائه ليست على مذهب العامة إلا من قبيل الأحاديث الموقوفة.
فإن قلت: لعل مقصود السيد الاجل أن الموثقات والحسان والقويات التي في كتبهم،
وهي متصفة هذه الصفات عندنا، من الصحاح عندهم.
قلت: إن هذا مما لا سبيل لان يصار إليه جدا، لأنه لا يوجد في كتبهم سند من
الأسانيد متصف بإحدى هذه الصفات عندنا، والوجه ظاهر.
فهذا كله بعد الاغضاء والاغماض عن شئ آخر، وإلا فالامر واضح. وبيان ذلك:
إنهم وإن وسعوا الدائرة في باب الصحيح من وجه إلا أنهم قد ضيقوا من وجه آخر،
أما ترى أنهم قد أخذوا في حد الصحيح خلوه عن الشذوذ والعلة؟ وقد اعترف بذلك السيد
الاجل. فمع هذا كيف تكون دائرة الصحة متسعة عندهم؟
نعم يمكن حمل كلامه على الفرض والتقدير، يعني أنهم لو عدوا أحاديثنا المروية عن
حجج الله الطاهرين من المسانيد المتصلات، ولم يقولوا بأنها من الموقوفات لكانت
الموثقات والحسان والقويات، المذكورة في كتب أحاديثنا، من الصحاح عند العامة.
هذا، وأنت خبير بأن هذا مما لا فائدة فيه، على أنه مما لا يدفع الضيم من قضية
اعتبارهم في حد الصحيح الخلو عن الشذوذ والعلة.
ثم أقول: نعم، ما قيل في المقام من أن الخلاف في مجرد الاصطلاح، وإلا فقد نقبل الخبر
الشاذ والمعلل، وقد لا نقبلهما وإن دخلا في الصحيح بحسب العوارض).
انتهى كلام الفاضل.
(مناقشة)
ولقد أطال وأجهد نفسه لما أغفل مراد السيد المدقق الذي بيناه. وما نقله هذا
الفاضل عن العامة يؤيد ما ذكره السيد من توسعهم في العدل وفي تعرف العدالة. وأنه على
ذلك المبنى تكون الحسان والموثقات والقويات، باصطلاحنا وعلى مبنانا، من الصحاح من
القيود الثلاثة التي اعتبروها على مبناهم في العدالة وفي تعرفها، لو رويت عمن يحتج بقوله،
257

فما ذكره من أن ما يروى عن أئمتنا عليهم السلام في حكم الخبر والموقوف عندهم أجنبي، إذ
ليس الكلام أن الحسان والموثقات والقويات والمرويات عن خصوص من أئمتنا تكون من
الصحاح عندهم على مبناهم في العدالة وتعرفها، بل الكلام بعد الفراغ عن كون الرواية عمن
يحتج بقوله، وهو عندنا المعصوم عليه السلام، وعندهم أبو هريرة وأمثاله من ابن مهال
الحبشية وأصحابه.
وقول هذا الفاضل: (إلا أنهم ضيقوا من وجه آخر.. إلى آخر ما ذكره) غريب بعد
وقوفه على كلام الرواشح وشرحه معنى الشذوذ وذا العلة، وأعجب من ذلك قوله: (نعم
يكون حمل كلامه على الفرض والتقدير، إلى قوله: وأنت خبير بأن هذا مما لا فائدة فيه). وما
عساه يريد بالفائدة ولو لم يحتمل أن يكون المراد ما ذكرناه.
وقوله: (على أنه مما لا يدفع الضيم من قضية اعتبارهم في حد الصحيح الخلو عن
الشذوذ والعلة). أي ضيم لحق هذا الفاضل؟ كأنه يريد أنهم اعتبروا ما لم نعتبره.
سبحان الله: أوليس نقل عنهم أن رواية أهل البدع إذا لم يكونوا من الدعاة لمذاهبهم
صحيحة على الأظهر الاعدل، وقول الكثير أو الأكثر. أوليس قد نقل عنهم تضعيف دعوى
عدم الاحتجاج بقول من (كفر ببدعة) باحتجاج صاحبي الصحيحين وغيرهما بكثير من
المبتدعة غير الدعاة؟ أبعد هذا يضيم الفاضل باعتبارهم عدم الشذوذ والعلة في التعريف
مع أنهما لا يرجعان إلى السند غالبا!
وسأذكر (1) في آخر الفصل السادس (2) (في آداب كتابة الحديث) تنبيها عن هذا
الفاضل يذكر فيه فوائد مراجعة كتب حديث العامة، وأشرح فيه أحوال رجال البخاري،
وأبين عدد الخوارج الذين روى عنهم البخاري، وأعد جماعة من القدرية والمرجئة الذين
روى عنهم البخاري، الذي قالوا فيه (3): إنه أصح كتاب بعد كتاب الله المجيد.
بئس للظالمين بدلا.

(1) في المتن: (ما ذكر) والصحيح ما أثبتناه.
(2) في المتن: (الخامس) والصحيح ما أثبتناه.
(3) أي في كتاب البخاري.
258

ولنرجع إلى ما كنا فيه من بيان الأنواع الخمسة للحديث، وبيان وجه الحصر فيه،
وقد عرفت الأول منها وهو الصحيح.
(النوع الثاني: الحسن)
أو كان ما رواه الامامي الممدوح (بدونه)، أي بدون التعديل، بأن كانت السلسلة
(كلا) كذلك، (أو بعضا) ولو واحدا منها، (مع تعديل البقية، فحسن) في
الاصطلاح (1).
وعرفه المحقق الكركي في كاشفة (2) الحال: (بأنه هو ما رواه الممدوح من الامامية
الذين لم يبلغ مدحهم له إلى التصريح بعدالته، بأن تكون السلسلة كلها كذلك، ويكون في
الطريق ولو واحدا).
ونقل جدي في المنتقى عن والده تعريفه في بداية الدراية: (بما اتصل سنده كذلك (3)
بإمامي ممدوح بلا معارضة ذم مقبول، (4) من غير نص على عدالته (5) في جميع مراتبه (6) أو
بعضها (7)، مع كون الباقي بصفة رجال (8) الصحيح)، (9) واستجوده بعد نقله.
ولا يخفى عليك أن قيد (بلا معارضة ذم مقبول) لم يذكره جدي في مبحث الحسن لا

(1) أما عند العامة فقد عرفه ابن الصلاح (المقدمة: 31) في أحد تعريفيه للحسن بقوله: (أن يكون راويه من
المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والاتقان...)
وقال الدكتور صبحي الصالح في علوم الحديث (ص: 157): (هو ما اتصل سنده بنقل عدل خفيف الضبط
وسلم من الشذوذ والعلة).
(2) كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال، هي لمحمد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي وليست للمحقق الكركي،
ولم تذكر ضمن مؤلفاته في المصادر المختصة، وإنما وقع سهو من قلم المؤلف كما مر بيان ذلك (انظر الذريعة: 17:
240 / 73).
(3) في شرح البداية ههنا زيادة: (أي إلى المعصوم).
(4) (بلا معارضة ذم مقبول) غير موجودة في شرح البداية.
(5) في شرح البداية ههنا زيادة: (مع تحقق ذلك).
(6) في شرح البداية ههنا زيادة: (أي جميع مراتب رواة طريقه).
(7) في شرح البداية ههنا زيادة: (أو تحقق ذلك في بعضها).
(8) في شرح البداية ههنا زيادة: (بأن كان فيهم واحد إمامي ممدوح غير موثق).
(9) منتقى الجمان 1: 5، شرح البداية 1: 84.
259

في البداية ولا في شرحها، وإنما ذكره في آخر مبحث الموثق. قال هناك:
(ولو فرض كونه قد مدح وذم، كما اتفق لكثير، ورد على تعريف الحسن أيضا.
والأولى: أن يطلب حينئذ الترجيح، ويعمل بمقتضاه، فإن تحقق التعارض لم يكن
حسنا، وعلى (هذا) (1) فينبغي زيادة تعريف الحسن بكون الممدوح مقبولا فيقال: ما اتصل
سند بإمامي ممدوح مدحا مقبولا.. إلى آخره.
أو غير معارض بذم ونحو ذلك) (2).
فأخذه ولده قدس سره وزاده هذا القيد في المقام.
واحتراز بكون الباقي من رجال الصحيح عما لو كان دونه، فإنه يلحق بالمرتبة الدنيا،
كما لو كان فيه واحد ضعيف، فإنه يكون ضعيفا، أو واحد غير إمامي عدل فإنه يكون من
الموثق.
وبالجملة يتبع آخر ما فيه من الصفات المتعددة.
وهذا كله وارد على تعريف من عرفه من الأصحاب كالشهيد رحمه الله في الذكرى:
(بأنه ما رواه الممدوح من غير نص على عدالته) (3)، فإنه يشمل ما كان في طريقه واحد
كذلك، وإن كان الباقي ضعيفا فضلا (عن) غيره.
ويزيد أنه لم يقيد الممدوح بكونه إماميا مع أنه مراد.
كذلك اعترضه جدي (4) في الدراية (5)، وتبعه والد المصنف أيضا في هذا
الاعتراض. قال بعد نقل ذلك عن الشهيد:
(إنه شامل لصحيح العقيدة، وفاسدها، ولمن كان ممدوحا من وجه، وإن نص على
ضعفه من وجه آخر.
وشامل لاقسام الممدوح كلها، وبعضها لا يخرج الممدوح بها عن قسم المجهولين)

(1) ساقط من المتن.
(2) شرح البداية 1: 87.
(3) ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة: 4.
(4) كلام الشهيد الثاني يبدأ من (وهذا كله وارد...) إلى (... مع أنه مراد).
(5) الدراية: 22 (البقال 1: 83).
260

إلى (1) أن قال:
والأنسب أن يقال: (هو ما رواه الممدوح مدحا يقرب من التعديل، ولم يصرح
بعدالته، ولا ضعفه، مع صحة عقيدته).
والقيد الأخير لاخراج من كان فاسد العقيدة ولم ينص على ثقته ومدحه (2)، فإنه
من قسم الضعيف على ما قلنا (3) ومن الحسن على ما عرفوه) - يعني به تعريف الذكرى.
قال:
(وعلى كل حال فالحسن وسط بين الصحيح والضعيف، فهو قريب إلى الصحيح
حيث إن رجاله مستورون، واحتمال الكذب أقرب إليه من الصحيح وأبعد من الضعيف).
ثم قال: (هو (4) عند العامة ما عرف مخرجه واشتهر رجاله.
وقال بعضهم: (هو الذي فيه ضعف قريب محتمل يصلح للعمل به).
ولهم تعريفات أخرى متقاربة، وعليه مدار أكثر أحاديثهم، وقبله أكثر علمائهم،
وعمل عامة فقهائهم، بناء على قاعدتهم من عدم اشتراط علم العدالة والاكتفاء بعدم علم
الفسق في الشاهد والراوي.
وأما الأكثر علمائنا فلم يعملوا به بناء على قاعدتهم من اشتراط علم العدالة وعدم
الاكتفاء بعدم عدم علم الفسق (5) ولكن كثيرا ما يحتجون به كما يحتجون بالصحيح وإن
كان دونه في القوة ويعملون به إذا اعتضد بما يقويه من عموم أو حديث آخر أو شبهها، وقد
عمل به الشيخ وجماعة). (6)
انتهى.
وقال في حاشية له على قوله: (عمل بها الشيخ وجماعة) ما لفظه:

(1) كذا في المصدر وفي المتن: إلا.
(2) في وصول الأخيار: مدح.
(3) في وصول الأخيار: (قلناه).
(4) في وصول الأخيار: (و) بدل (هو).
(5) في وصول الأخيار ههنا زيادة: (فيهما).
(6) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 95 - 97.
261

ممن اكتفى في العدالة بظاهر الاسلام ولم يشترط ظهورها.
وفصل المحقق في المعتبر، والشهيد، فعملا (1) بالحسن والموثق بل والضعيف إذا كان
العمل بمضمونه مشتهرا بين الأصحاب، حتى قدموه على الصحيح، حيث لا يكون العمل
بمضمونه مشتهرا). (2)
انتهى.
والحق إن المناط في حجية أخبار الآحاد الظن الاطمئناني بالصدور من أي الأقسام
كان، كما حققناه في الأصول.
تنبيهان
الأول: قال والد المصنف:
(وربما قالوا: (حديث حسن الاسناد) أو (صحيحه) دون قولهم (حديث حسن) أو
(صحيح) لأنه قد يصح أو يحسن الاسناد دون المتن لعلة أو لشذوذ على ما قررناه فيما
سبق). (3)
الثاني: قد يطلق الحسن على ما لو كانت رواته (4) متصفين بوصف الحسن إلى
واحد معين ثم يكون بعد ذلك ضعيفا أو مقطوعا أو مرسلا.
وجعل في شرح بداية الدراية (5) (من هذا القسم حكم العلامة وغيره بكون طريق
الفقيه، إلى منذر بن جفير، حسنا، مع أنهم لم يذكروا حاله (6) بمدح ولا قدح.
ومثله طريق الفقيه (7) إلى إدريس بن زيد (8).

(1) وصول الأخيار: (فقبلوا).
(2) وصول الأخيار: حاشية الصفحة: 97.
(3) وصول الأخيار: 97.
(4) في المتن: (رواية) وليس بصحيح لعدم استقامة العبارة معها.
(5) شرح البداية 1: 84 (الدراية: 22).
(6) في البداية: (حال زيد) بدل (حاله).
(7) في البداية: (طريقه) بدل (طريق الفقيه).
(8) الظاهر (إدريس بن يزيد) وليس (إدريس بن زيد) كما في رجال الشيخ الطوسي: (150 / 153) ولا يوجد
أحد باسم إدريس بن زيد. والموجود في الدراية (ص: 22) زيد وليس يزيد. لكن في شرح البداية
صححه المحقق.
262

وإن طريقه إلى سماعة بن مهران حسن، مع أن سماعة واقفي، وإن كان ثقة، فيكون من
الموثق، لكنه (حسن) (1) بهذا المعنى.
وقد (2) عد جماعة من الفقهاء أن رواية زرارة (3) - في مفسد الحج إذا قضاه، أن
الأولى حجة الاسلام - من الحسن مع أنها مقطوعة.
ومثل هذا كثير فينبغي مراعاته).
تبيين نفعه عميم
اعلم أن الغرض من التنبيه على هذه الأقسام الأربعة المشهورة هو التنبيه على
الأصل في كل واحد منها:
وإن الأصل في الصحيح: أن يؤخذ به إلا أن يعرض له ما يوجب الاعراض عنه،
كإعراض الأصحاب عنه، أو مخالفة ظاهر الكتاب مع إعراض الأكثرين.
والأصل في الضعيف: أن لا يؤخذ به إلا أن يعتضد بما يشد عضده بموافقة الكتاب، أو
عمل الأصحاب.
والأصل في الحسن والموثق: أن يؤخذ بهما يشرط أن لا يكون من الأول ما
يعارضهما إلا أن يعرض عنه، ويخالف الكتاب. وأن لا يؤخذ بهما إذا كان هناك ما يعارضهما
إلا أن يكونا على وفق الكتاب وعمل الأصحاب.
(النوع الثالث: القوي)
(أو) كان النوع الثالث: وهو ما لو كانت سلسلة السند إماميين (مسكوتا عن

(1) ساقطة من المتن.
(2) في شرح البداية: (ذكر) بدل (عد).
(3) التهذيب: 5: 317 / 5، وفيه: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن
زرارة قال: سألته عن محرم غشي امرأته وهي محرمة فقال:... الحديث)،
والرواية مضمرة كما ترى إلا أن الشهيد الثاني عبر عنها بالمقطوعة.
263

مدحهم وذمهم - كذلك -) كلا أو بعضا ولو واحدا، مع تعديل البقية، فقوي في الاصطلاح،
لقوة الظن فيه.
قال في شرح بداية الدراية بعد تعريفه للقوي:
(وقولنا غير الممدوح ولا المذموم خير من قول الشهيد رحمه الله وغيره في تعريفه
(غير المذموم) (1) مقتصرين عليه، لأنه يشمل الحسن.
فإن الامامي الممدوح غير مذموم). (2)
أقول: لا يريد الشهيد إلا أنه مسكوت عنه فلا وقع لما أورد عليه كما لا يخفى، فتأمل.
وقال والد المصنف:
(وقد يراد بالقوي مروي الامامي غير الممدوح (3) والمذموم أو مروي المشهور في
التقدم غير الموثق.
والأول هو المتعارف بين الفقهاء) (4).
انتهى.
ولم أعهد إطلاق القوي على المشهور في التقدم إلا أنه عند الترجيح يقولون: هذا
أرجح وأقوى، ولا ريب أنه غير إطلاق القوي الذي ذكره، فتدبر.
ثم: إن الصحيح والحسن والقوي يشتركون في أن الرواة فيها إماميون
(وإن) (5) اختص كل بفضل مميز.
النوع الرابع: الموثق
وأما غير إماميين، من أحد الفرق المخالفة لنا، وإن كان من الشيعة (كلا أو بعضا -
مع تعديل الكل) من أصحابنا، (فموثق).

(1) ذكرى الشيعة إلى أحكام الشريعة للشهيد الأول: 4.
(2) شرح البداية 1: 87 (الدراية: 24).
(3) في وصول الأخيار ههنا زيادة: (لا).
(4) وصول الأخيار: 98.
(5) في المتن: (فإن) بدل (إن).
264

وفي كاشفة الحال: (هو ما رواه العدل الغير الامامي، الموثوق بنقله، المعلوم من حاله
التحرز عن الكذب، والمواظبة على الحديث على ما هو عليه).
انتهى.
ولقد أوضح المراد به بأحسن البيان.
وهو (1) الرابع من الأنواع الخمسة المشهورة، وهو من خواصنا (2)، فإنهم (3) لا
يعرفون الموثق، وإنما يصفون السند بالصحة والضعف بحسب وثاقة الرجال وضعفهم.
وربما قالوا: (هذا حديث حسن) وإنما يريدون بحسب المعنى دون السند، كما قال
الترمذي في رواية حديث الكساء: (هذا حسن صحيح). (4)
(ويسمى (قويا) أيضا) لقوة الظن بما فيه بسبب توثيقه.
تبصرة
قال المحقق الثاني في كاشفة الحال:
(فمن عملت الطائفة بروايته من أهل السنة: حفص بن غياث (5)، وغياث بن
كلوب (6)، ونوح بن دراج السكوني (7).
ومن الفطحية: عبد الله بن بكير (8)، وعمار الساباطي (9)، وسعد بن عبد الله

(1) أي الموثق.
(2) أي الشيعة الإمامية.
(3) إي العامة.
(4) لقد مر التعليق حول هذا الحديث فراجع.
(5) قال الشيخ الطوسي في الفهرست: 61 / 232.
(حفص بن غياث القاضي عامي المذهب، له كتاب معتمد).
(6) ذكره الطوسي في الفهرست: 123 / 550، والنجاشي: 305 / 834.
(7) ذكر النجاشي في ترجمة أخيه جميل جميل بن دراج 126 / 328 وقال:
(وأخوه (أي وأخو جميل) نوح بن دراج القاضي كان أيضا من أصحابنا وكان يخفي أمره، وكان أكبر من نوح،
وعمى في آخر عمره، ومات في أيام الرضا عليه السلام).
ويظهر من الكشي: 251 / 581.
(9) قال الشيخ الطوسي في الفهرست 117 / 515: (كان فطحيا، له كتاب كبير معتمد).
265

الأشعري (1)، وقرناؤهم.
ومن الواقفية: سماعة بن مهران (2)، وعلي بن أبي حمزة (3)، وعثمان بن عيس (4)،
ومن الغلاة: أبو الخطاب بن محمد بن أبي عذافر.
لما علموا من حالهم من أنهم موصوفون بما ذكرنا).
انتهى، فتأمل (5).
تنبيه
(وما عدا هذه الأربعة) أعني الصحيح، والحسن، والقوي والموثق:
النوع الخامس: الضعيف
ضعيف عندنا، وهو: ما في سنده مذموم، أو فاسد العقيدة غير منصوص على ثقته، أو
مجهول، وإن كان باقي رواته ممدوحين بالعدالة، لان الحديث يتبع اعتبار أدنى أدنى رجاله، كما أن

(1) قال الطوسي في الفهرست: 75 / 306: (يكنى أبا القاسم، جليل القدر، واسع الاخبار، كثير التصانيف،
ثقة...).
وقال النجاشي في ترجمته 177 / 467:
(شيخ هذه الطائفة، وفقيهها، ووجيهها، كان سمع من حديث العامة شيئا كثيرا، وسافر في طلب الحديث...
وصنف سعد كتبا كثيرة).
فكيف عده من الفطحية؟!.
(2) ذكره النجاشي 193 / 517 وقال: (ثقة ثقة...).
(3) قال الشيخ الطوسي في الفهرست 96 / 408:
(واقفي المذهب، له أصل).
وقال النجاشي 249 / 656:
(... وروى عن أبي عبد الله عليه السلام، ثم وقف، وهو أحد عمد الواقفة...).
(4) قال في الفهرست: 120 / 534:
(... واقفي المذهب...).
وقال النجاشي 300 / 817:
(وكان شيخ الواقفة ووجهها، وأحد الوكلاء المستبدين بمال موسى بن جعفر عليه السلام،...).
(5) ظهر لك وجه التأمل.
266

النتيجة تتبع (1) أخسى المقدمتين.
وبالجملة: الأصل في الضعيف أن لا يؤخذ به إلا أن يعتضد بما يشد عضده.
المقبول
(فإن اشتهر العمل بمضمونه)، بين الأصحاب، أو وافق الكتاب، (فمقبول)، وقد
تقدم تفصيل القول فيه.
(الضعيف بمعنى آخر)
(وقد يطلق (الضعيف) على (القوي) بمعنييه) المتقدمين، وهما: القوي بالمعنى
الأخص والموثق.
وقد يخص الضعيف في كلام الفقهاء (بالمشتمل على جرح) خاصة، وهو استعمال
للضعيف في بعض موارده.
كما قد يخص عند أهل الحديث بالمشتمل على جرح أو (تعليل (2)، أو انقطاع، أو
إعضال، أو إرسال).
وقد تقدم شرح هذه الألقاب عدى المعلل، وسيأتي شرحه إن شاء الله.
وبالجملة تختلف درجات الضعيف بحسب بعده عن شروط الصحة وقربه منها، فقد
يروى من طريقين أو أكثر فيكون مستفيضا.

(1) في المتن: يتبع.
(2) في (و)، (تعليق) بدل (تعليل).
267

(حجية مراسيل الثقات)
في مراسيل ابن أبي عمير:
(وقد يعلم من حال مرسله عدم الارسال عن غير الثقة فينتظم (1) حينئذ في سلك
الصحاح، كمراسيل محمد بن أبي عمير)، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن أبي نصر البزنطي،
بل ساير أصحاب الاجماع، للاجماع على تصديقهم وتصحيح ما يصح عنهم، بل سائر ما
وقع في الكتب المتعمدة، ككتب الحسين بن سعيد ونحوها، لما ذكر الشيخ من عمل الطائفة
بالمراسيل، كما عملوا بالمسند وخاصة إذا أرسل بإسقاط السند كله، كما يقول الصدوق رحمه
الله: (قال الصادق عليه السلام)، فإن مثل ذلك لا يقع إلا عن وثوقه واعتماده.
وأما إنكار (2) محمد بن عيسى على (3) محمد بن خالد البرقي أنه كان يجيئه الرجل
بالحديث يرسله إرسالا، فيعتمده ولم يكن ذلك المقبول مما في الكتب المعتمدة من إرسال.
كذا أفاده في المحصول. (4) ولا بأس به.
قال الشيخ رحمه الله في العدة:
(إن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة، موثوق به، (5) فهو حجة (6)، ولأجل
ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن أبي نصر،
وغيرهم من الثقات، الذين (7) عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن (8) يوثق

(1) في (و): (يظم) بدل (ينتظم).
(2) الظاهر أحمد بن محمد بن عيسى وليس محمد بن عيسى.
(3) الظاهر أحمد بن محمد بن خالد وليس محمد بن خالد.
انظر (الغضائري) من كتاب مجمع الرجال 1: 138.
(4) المحصول للمقدس الأعرجي.
(5) في العدة: (يوثق) بدل (موثوق به).
(6) غير موجودة في العدة، والموجود هو: (فلا ترجيح لخبر غيره على خبره).
(7) كذا في المصدر وفي المتن: (الذي).
(8) في العدة: (ممن) بدل (عمن).
268

(به) (1)، وبين ما يسنده (2) غيرهم) إلى أن قال:
(فإن الطائفة (3) عملت بالمسانيد كما عملت بالمراسيل، فما يطعن في أحدهما (4)
يطعن في الاخر، وما أجاز أحدهما أجاز الاخر، فلا فرق بينهما). (5).
وقال الشهيد في الذكرى:
(لو كان مرسله معلوم التحرز عن الرواية عن مجروح، قبل، ولهذا قبلت الأصحاب
مراسيل ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن أبي نصر البزنطي، لأنهم لا يرسلون إلا
عن ثقة). (6).
انتهى.
وقد عرفت دعوى الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، ومضافا
(إلى) (7) دعوى الشيخ في العدة، والشهيد في الذكرى، ودعوى النجاشي (8)، والشهيد
الثاني (9) في شرح بداية الدراية، والمقدس الأردبيلي رحمه الله في مجمع الفائدة، والسيد بحر
العلوم في الفوائد، اتفاق الأصحاب على العمل بمراسيل ابن أبي عمير.
ووجه استنادهم إليها علمهم بأنه لا يرسل إلا عن ثقة، كما صرح الشيخ والشهيد في
العدة والذكرى، وفي النهاية للعلامة، والمنية للسيد العميدي، وشرح المبادئ لفخر الدين،

(1) ساقطة من المتن.
(2) في العدة: (أسنده) بدل (يسنده).
(3) في العدة: (فالطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل).
(4) في العدة: (في واحد منهما) بدل (في أحدهما).
(5) العدة 1 / 386 - 387. وطبعة إيران - ج 1: 63.
(6) عبارة الذكرى هكذا: (الواحد مقبول بشروطه المشهورة... أو كان مرسلا معلوم التحرز عن الرواية عن
مجروح...).
(7) الذكرى: 4، وقد مرت العبارة فراجع
في المتن: إلا.
(8) قال النجاشي في ترجمة محمد بن أبي عمير (ص: 228): (... فلهذا الأصحاب يسكنون إلى مراسيله).
(9) قال الشهيد الثاني في شرح البداية (1: 141): (... إلا أن يعلم تحرز مرسله عن الرواية عن غير الثقة كابن
أبي عمير من أصحابنا على ما ذكره كثير منهم).
269

وفي الزبدة (1)، ودراية والده (2) وهنا (3) بأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة، فإن كان المعتبر
حصول الظن بعدالة الواسطة فلا إشكال في حصوله بعد الذي عرفت من نقل جماعة الاتفاق
على العمل بمراسيلهم، وتصريح جماعة أنهم لا يرسلون إلا عن ثقة.
وإن كان المعتبر إخبار العدل أو شهادة العدلين لها فلا إشكال في تحققها مما ذكرنا.
وربما يقال: قد نقل في شرح الدراية (4) عن صاحب البشرى (5) منع ما ذكره
الأصحاب من أنه لا يرسل إلا عن ثقة، وقد قال المحقق في المعتبر: (إن في رجاله من طعن
الأصحاب فيه)، فأجاب عنه المنصف بقوله: (وروايته أحيانا عن غير الثقة لو سلم لا
يقدح في ذلك، كما يظن، لأنهم ذكروا أنه لا يرسل إلا عن ثقة، لا أنه لا يروي إلا عن ثقة).
ولا حاجة بعد هذا للاحتجاج على ذلك، بأن الرواية عن غير العدل من دون تنبيه
تدليس تأباه العدالة كي يقال يمنع المنافاة، إذ من الجائز أن يكون إنما روى للتبين بقيام
القرائن، ولا فرق بين العلم بأنه لا يرسل إلا عن ثقة أو إخبار الثقات بذلك، وبما يقال بكفاية
الظن في ذلك وقيامه مقام العلم، كما صرح به في المفاتيح، واستظهره من كل من صار إلى
جواز العمل بمراسيل ابن أبي عمير في هذه الأزمنة. قال:
(ولا فرق في الظن بين أن يكون حاصلا من إخبار المرسل أو غيره أو من الاستقراء
في حاله). ثم قال:
وهل إخبار المرسل بأنه لا يرسل إلا عن ثقة، وشهادة العدلين بذلك يقومان مقام
العلم به أولا؟ فيه إشكال.
والتحقيق أن يقال: إن حصل الظن من الامرين بذلك فيقوم مقام العلم بذلك، لما
بيناه من كفاية الظن هنا، وإلا ففيه إشكال.

(1) زبدة الأصول للمصنف.
(2) أي والد المصنف في كتابه وصول الأخيار (ص: 107) قال:
(أو كان مرسله معلوم التحرز عن الرواية عن مجروح، ولهذا قبلت الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير،
وصفوان بن يحيى، وأحمد بن أبي نصر البزنطي لأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة).
(3) أي في الوجيزة.
(4) شرح البداية 1: 141.
(5) السيد أحمد بن طاوس رحمه الله.
270

ولعل الأقرب عدم جواز الاعتماد.).
انتهى.
والأقرب عدم حجية ذلك الظن. وكفاية إخبار الثقات بذلك، ولا وقع للاشكال في
ذلك كما لا يخفى.
271

الفصل الثاني
حجية الاخبار
273

(فصل)
وهو الفصل الثاني من الفصول الستة
اعلم أن الخبر ينقسم إلى ثلاثة أنواع:
الأول: انقسامه إلى الصدق والكذب
والثاني: إلى المتواتر والآحاد.
والثالث: إلى ما يعلم صدقه، وما يعلم كذبه، وما يحتمل فيه الأمران
وهذه القسمة متداخلة.
وقد أطبق المحققون كافة على أن القسمة إلى الصدق والكذب، وأنه لا ثالث لهما، لان
الخبر إما مطابق للمخبر عنه أو لا، والأول الصدق، والثاني الكذب.
وخالف الجاحظ (1) وذهب إلى منع الحصر، وثبوت الواسطة، وله وجوه مردودة في
الكتب الأصولية.
ثم إعلم أن الخبر المعلوم الصدق إما بالضرورة أو بالنظر:
والأول إما أن يكون ضروريا بنفسه، كالمتواترات.
وقيل: بأن العلم الحاصل منها كسبي. وهو الحق.

(1) عمر بن بحر الجاحظ من أئمة الأدب، رئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة (163 - 255 ه‍).
275

وتوقف السيد المرتضى عن القطع بأحد الامرين.
وكيف كان، (الصدق في المتواترات مقطوع) به عند جميع العقلاء، (والمنازع
مكابر) للمحسوسات، ومنكر للوجدان، وهم البراهمة (1) والسمينية، ولهم تشكيكات في
هذا الضروري، كالشبهة (2) السوفسطائية (3) في إنكار حصول العلم بالحس.
(وفي الآحاد، كالصحاح (4)) ونحوها، (الصدق مظنون)، والمنازع مكابر،
وهم الاخبارية، كما ستعرف في أول الخاتمة.
أو يكون ضروريا بغيره: كقولنا الواحد الواحد نصف الاثنين، المعلوم ضرورة بسبب
موافقته لمضمونه المعلوم ضرورة.
وأما المعلوم بالنظر: فهو كخبر الله تعالى، وخبر رسله وخلفائهم. ومنه ما لو علم
وجود مخبره ضرورة أو اكتسابا، ومثاله بغير خلاف خبر من أخبر بوجود مكة المشرفة،
وكما في الاخبار بوجوب الصلاة والزكاة والحج ونحو ذلك مما أجمعت عليه كل
الأمة.
وأما الخبر المعلوم الكذب: فهو الخبر المخالف لما علم صدقه.
وأما لا يعلم صدقه ولا كذبه: فاما أن يظن صدقه، كخبر العدل. أو يظن كذبه، كخبر
الفاسق. أو لا يظن شئ منهما، فهو خبر المجهول.
إذا عرفت ذلك:
(حجية خبر الواحد)
فأعلم أنهم اختلفوا في حجية الخبر الواحد:

(1) القائلون بنفي النبوات أصلا وقرروا استحالة ذلك في العقول (انظر الملل والنحل للشهرستاني 2: 258).
(2) في المتن (الشبة) والصحيح ما أثبتناه.
(3) السفسطائيون: هم الذين تمردوا على جميع الحقائق وأنكروا القضايا العلمية والحسية (راجع كتاب فلسفتنا
للشهيد محمد باقر الصدر).
(4) في (و): (وفي الآحاد الصحاح) بدل (وفي الآحاد كالصحاح).
276

وظاهر المصنف هنا وفي الزبدة (1)، وكذا المحقق في المعتبر (2)، والشهيدين في
الذكرى (3) والدراية (4)، وابن فهد في المهذب البارع، وجدي الأمي في المعالم (5): أن الخبر
الواحد في الاصطلاح هو: (ما لم يبلغ حد التواتر سواء قلت رواته أو كثرت).
فيدخل فيه حينئذ معلوم الصدق من غير جهة التواتر، والمعلوم الكذب، والمظنون
الصدق، والمظنون (6) الكذب، والمحتمل الامرين احتمالا مساويا، مع أن النزاع فيما يظن
صدقه لا مطلقا بل ما تسكن إليه النفس.
وكيف كان (فقد عمل بها (7) المتأخرون) بل والمتقدمون على المفيد والسيد (8)
ممن عاصر الأئمة، أو من تأخر عنهم، كالكليني والصدوق ومن في طبقتهم، كما لا يخفى على
الممارس لطريقتهم.
نعم (ردها) السيدان (المرتضى، وابن زهرة (9)) والقاضي (وابن البراج (10))
والشيخ الحلي محمد (بن إدريس (11)).
فقول المصنف: (وأكثر قدمائنا رضي الله عنهم)، غريب، لعدم معرفة من ردها
سوى هؤلاء بأسمائهم، مع أن هذا الخلاف إنما وقع بين من تكلم في أصول الفقه، كالشيخ
المفيد والسيد ومن بعدهما، وأما من تقدم هؤلاء ممن عاصر الأئمة أو تأخر عنهم، كالكليني
والصدوقين (12)، فإن طريقتهم في أصولهم وتعويلهم في أعمالهم وفتاواهم ليس إلا على
أخبار الآحاد المروية فيهم، وافقت إحدى القرائن الأربعة المتقدمة أم لم توافق، إلا أن يشذ

(1) كتاب زبدة الأصول للشيخ البهائي.
(2) المعتبر 1: 29.
(3) الذكرى: 6.
(4) الدراية: 15.
(5) المعالم: 342.
(6) في المتن: المضمون وما أثبتناه هو الصحيح.
(7) بأخبار الآحاد.
(8) السيد المرتضى: علم الهدى علي بن الحسين (355 - 436 ه‍).
(9) حمزة بن علي بن زهرة الحلبي أبو المكارم (511 - 585 ه‍).
(10) عبد العزيز بن نحرير (بحر) بن عبد العزيز بن البراج المتوفى (سنة 481 ه‍).
(11) محمد بن أحمد بن إدريس الحلي (543 - 598 ه‍).
(12) الشيخ الصدوق ووالده علي ابن بابويه.
277

فيهم خبر، أو يرفضوه، أو يعرضوا عنه.
وهذه الطريقة يعرفها منهم كل من رجع إلى أصولهم، أو جوامعهم ونظر في سيرتهم.
لا يقال: قد ادعى السيد المرتضى أن فروع الدين عندنا كأصوله، في أن على كل
واحد منهما أدلة قاطعة لامعة، وأن الظن لا مجال لا مجال له في شئ من ذلك، ولا الاجتهاد المفضي
إلى الظن، وادعى إطباق الامامية على أن مخالفها في الفروع كمخالفها في الأصول في
الاحكام، وهذا يدل على أن الامامية ما كانت تأخذ بالخبر الغير العلمي في الفروع، كما أنها
لم تأخذ في الأصول الا بالعلمي، فصح قول المصنف: (وأكثر قدمائنا.. الخ).
لأنا نقول: ما قاله عمنا العلامة السيد صدر الدين في تفصيل كلام السيد قال قدس
سره:
(قد توهم من ذي العبارة ناس أن السيد يدعي حصول العلم في زمانه في جميع
الفروع كالأصول، ونحن نقول:
قد كان الاختلاف بين الشيعة في عصر المرتضى رحمه الله وما قبله قطعا، فهل كان
يرى (1) - الشيخين (2) طاب ثراهما - مخالفتهما له في الفروع كمخالفته في الأصول، ويريانه
كذلك؟ وكيف يدعي المرتضى وهو السيد علم الهدى أن القطع بجميع الفروع كان ممكنا،
ونحن نرى فقه المتقدمين واحتجاجهم فيه. بل يريد الانتهاء إلى القطع، وهو معنى ما ندعي
من الظنون المخصوصة.
والمراد بالمخالف في الفروع المخالف في أمر الاستدلال في الفروع (الذي) يستدل عليها
بأدلة لا تنتهي إلى علم، وإنما الحجة فيها كون الدين عندهم قليلا منه بالوحي، والباقي
بالاجتهاد. والنبي صلى الله عليه وآله أحد المجتهدين أيضا، فهي شهادة لنا بأن الحجة هي
الظن المخصوص).
انتهى، وهو الوجه.

(1) فاعل يرى: المرتضى.
(2) هما الشيخ المفيد والشيخ الطوسي.
278

(تصحيح الاخبار عند القدماء)
وأقول (تفصيل القول في بيان المتقدمين):
إن مدار عمل السابقين الأولين في الخبر على ما غلب الظن بصدقه، وحصل الوثوق
بصدوره، إما برواية العدل، أو بالرجوع إلى أصل معتمد، أو باشتهار العمل به فيما بين
الطائفة، وغير ذلك من القرائن المفيدة لسكون النفس حسب ما استقامت عليه طريقة
الناس في التعويل على الاخبار.
ثم إن المتأخرين منهم لما اجتمع إليهم من الأصول والكتب ما لم يجتمع لغيرهم -
حتى إن ما بقي من كتب السيد بعد أن اختار الوزراء والامراء وأرباب الدولة الاجلاء كان
ثمانين ألف كتاب، وكا يصحبه إذا سافر حمل ثمانين بعيرا، ووجدوا فيها اختلافا كثيرا، ولم
يكن غرضهم مجرد الرواية والنقل كما مضى عليه الأولون بل تعرف أحكام الشريعة وما
يقيم العذر بين يدي الله عز وجل في العمل والافتاء والقضاء، ويجري على ما وصف
الصادقون في العمل بهذه الاخبار، من العرض، والترجيح، والتروي في الامر، مع ترادف
الآيات وتضافر الروايات في المنع من الاخذ بالظنة والقول بغير العلم - أعرض ناس عن
أخبار الآحاد كالسيد واتباعه واقتصروا على المتواتر وما في حكمه من المقرون بأحد
القرائن الأربع، وكان التواتر يومئذ غير عزيز، حتى قال السيد في التبانيات:
(إن أكثر أخبارنا متواترة) (1).
وحبس آخرون نفوسهم على الاخذ بما يحصل به الوثوق (2) من الكتب المعتمدة،
كأصول من أجمعت لهم العصابة (3) كالستة الأوائل (4) والأواسط (5)، والأواخر (6).

(1) كما مر بيان ذلك فراجع.
(2) في المتن: (ثقة) وما أثبتناه هو الصحيح.
(3) أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم (انظر رجال الكشي 238 / 431، 375 / 705، 556 / 1050).
(4) من أصحاب الباقر والصادق عليهم السلام، وهم: 1 - زرارة بن أعين 2 - معروف بن خربوذ 3 - يزيد بن
معاوية 4 - أبو بصير 5 - الفضيل بن يسار 6 - محمد بن مسلم.
(5) من أصحاب الصادق عليه السلام وهم: 1 - جميل بن دراج 2 - عبد الله بن مسكان 3 - عبد الله بن بكير 4 -
حماد بن عثمان 5 - حماد بن عيسى 6 - أبان بن عثمان.
(6) من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام وهم:
1 - يونس بن عبد الرحمن 2 - صفوان بن يحيى 3 - محمد بن أبي عمير 4 - عبد الله بن المغيرة 5 -
الحسن بن محبوب 6 - أحمد بن محمد بن أبي نصر.
279

وأصول من أجمعوا على العمل برواياتهم كالفرق الثلاث (1).
والكتب المعروضة على الأئمة عليهم السلام وإن ندرت (2).
والكتب التي شاع بين السلف الوثوق بها والاعتماد عليها من كتب الامامية الاثني
عشرية ككتاب الصلاة لحريز (3)، وكتب ابني سعيد (4)، وعلي بن مهزيار (5)، أو غيرهم:
ككتاب حفص بن غياث (6)، وكتاب القبلة للطاطري (7).
وما وجد في كثير من الأصول، أو روس من طرق شتى ولو في قليل منها.
أو من ضم إليه شئ من القرائن الموجبة للاعتماد والثقة، ولسنا نريد بها الأدلة
الأربعة بل غيرها مما يفيد غلبة الظن.
ويجمع هؤلاء والسابقين الأولين أن مدار الكل على ما تطمئن به النفس، ويغلب
عليه به الظن، فأين مشاركة أكثر قدمائنا رضي الله عنهم للسيد وأتباعه؟
ثم إن جواب السيد وأتباعه يطلب من كتبنا في الأصول، سيما رسالة شيخنا العلامة
المرتضى في حجية الظن. (8).
(ومضمار البحث من الجانبين وسيع) في ذلك الزمان، لكن لم يبق اليوم غبار على
حجية ما ذكرنا حتى يقال: (ولعل كلام المتأخرين عند التأمل أقرب) بل صار ضروريا.

(1) الناووسية، والفطحية، والواقفية.
(2) ككتاب الحلبي، وكتاب يونس بن عبد الرحمن.
(3) حريز بن عبد الله السجستاني.
(4) الحسن والحسين.
(5) في المتن: (مهزياد) والصحيح ما أثبتناه.
(6) انظر الفهرست للشيخ الطوسي 61 / 232، رجال النجاشي 134 / 346.
(7) انظر الفهرست 92 / 380، رجال النجاشي 254 / 667.
(8) في المتن: (المظنة) والصحيح ما أثبتناه.
(انظر كتاب (الرسائل) للشيخ الأنصاري).
280

(حجية الخبر المعتضد بالقرائن)
وظاهر قول المصنف (والشيخ (1) على أن غير المتواتر إن اعتضد بقرينة ألحق
بالمتواتر في إيجاب العلم ووجوب العمل وإلا فيسميه خبر آحاد)، كون ذلك من طريقة
خصوص الشيخ مع أنها طريقة الكل حتى السيد وأتباعه، إن أراد بالقرائن الأربعة المعروفة
التي قد عرفت أنها تنظمه في سلك العلميات وتخرج به عن سنن الآحاد، أعني:
(1) وموافقة الكتاب،
(2) وموافقة السنة المعلومة،
(3) وموافقة اجماع الطائفة،
(4) وموافقة الأصول العقلية.
لكن الشيخ لا يريد ذلك، وإنما يريد بالقرائن المزايا التي بسببها صح الاخذ بها،
ولولاها لامتنع ذلك، لاتفاق الكلمة على المنع (2) بخبر الواحد إلا بالمزايا العارضة، كخبر
الثقة، ومثل رواية الأصحاب لها، وعملهم عليها، وعدم إعراضهم عنها.
وهذا هو محل النزاع بين من يأخذ بخبر الواحد المقرون بهذه المزية ومن لا يأخذ،
فمن يأخذ اكتفى بهذه المزية - الشيخ (3) وغيره - ومن لم يأخذ لم يكتف حتى يكون مع
اقترانه بهذه المزية موافقا لاحد الأمور الأربعة المتقدمة، وليس على هذا الا السيد وأتباعه.
(مبنى الشيخ الطوسي في حجية الاخبار)
(ما يجيز (4) الشيخ العمل به تارة ويمنعه أخرى على تفصيل) ستعرفه منا إن
شاء الله الان.
(و) (ما) (ذكره في الاستبصار (5)) فإنما هو القسم الأول، أعني ذا المزية، ولكن

(1) الشيخ الطوسي.
(2) أي اتفاق الكلمة على منع العمل بخبر الثقة إلا بالمزايا العارضة ككونه خبر ثقة.
(3) أي سواء كان الشيخ أو غيره.
(4) كذا في (و) وفي المتن: (ما لا يجوز).
(5) الاستبصار: 1: 4.
281

ليس (1) الخبر الذي صار دليلا على الاطلاق هو خبر العدل الامامي بل هو خبر الثقات من
الفرق الثلاث أعني: (1) العامة.
(2) والمنحرفين من الشيعة، من واقفي أو فطحي أو ناووسي أو زيدي.
(3) أو الفسقة بجوارحهم دون قولهم من الامامية.
فهذه عنده دليل وحجة عند عدم المعارض، فيجوز العمل به حيث لا يجد في أخبار
العدول له معارضا، ويمنعه حيث يجد المعارض فيها.
(وطعنه في التهذيب في بعض الأحاديث بأنها أخبار آحاد) - قال في
التهذيب (2) والاستبصار (3) في باب: (إن شعبان لا يتم أبدا، ورمضان لا ينقص أبدا) بعد
الطعن في تلك الأخبار من وجوه ما لفظه.
(ومنها: أنها لو سلمت من ذلك كله، لكانت أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا،
وأخبار الآحاد لا يجوز الاعتراض بها على ظاهر القرآن والأخبار المتواترة). انتهى -
(مبني على ذلك): لان طريقة الطائفة استقامت على الاخذ عن هذه الفرق الثلاث عند
عدم المعارض، فإذا وجد الشيخ المعارض ردها بأنها أخبار آحاد.
(فتشنيع بعض المتأخرين عليه قدس سره بأن جميع أحاديث التهذيب آحاد لا
وجه له) بل هو ناشئ عن الغفلة عن طريقته التي شرحها في العدة. ومحصول ما فيها بعد
اشتراط العدالة، وحكاية عمل الطائفة بما يرويه الثقات من الفرق الثلاث المتقدم إليهم
الإشارة، ووجوب الاخذ بما في كتب الأصحاب:
(ولكن وراء ذلك النظر، هل رواية عدل أم لا. فإن كانت رواية عدل أخذنا بها، وإلا
نظرنا، هل في رواية العدل ما (4) يخالفها؟ فإن كان (5)،

(1) في المتن ههنا توجد كلمة (هو) زائدة.
(2) التهذيب: الباب 141 (باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل دخوله) 4: 154.
(3) الاستبصار - ب 33 - (باب علامة أول يوم من شهر رمضان) 2: 62.
(4) من رواية الامامي الموثوق به.
(5) فإن كان المخالف موجودا.
282

أخذنا به (1) وأطرحناها، وإلا أخذنا بها.
هكذا كله إذا لم يكن مما أعرض عنه الأصحاب أو شذ فيهم، وإلا أعرضنا وإن كان
رواية عدل.
ثم من بعد ذلك كله الفحص في الكل عن المخصص، والمقيد، والمعارض، والنظر في
الترجيح والتعادل، وحينئذ الاخذ والعمل).
وهذه طريقة الشيخ، عقل من عقل، وغفل من غفل.
ولا ينافي ذلك اشتراط العدالة، لان اشتراطها إنما كان للمبادرة والاخذ بخبر المأمون
الذي ليس بعدل إنما هو عند عدم المعارض، وبذلك تبين وجه المخرج عما أشكل على الشهيد
الثاني في أمر الشيخ حيث قال:
فتارة يعمل بالخبر الضعيف مطلقا حتى (6) يخصص به أخبارا كثيرة صحيحة
حيث تعارضه باطلاقها. وتارة يصرح برد الحديث (7) لضعفه.
وأخرى يرد الصحيح معللا بأنه خبر (8) آحاد لا يوجب علما ولا عملا كما
هو (9) عبارة المرتضى رحمه الله) (10).
وذلك لان طريقة الطائفة لما استقامت على الاخذ عن هذه الفرق الثلاث عند عدم
المعارض، فكيف ينكر عليه الاخذ عنهم. ولا منافاة بين ذلك وبين اشتراط العدالة، لما

(1) أخذنا بالمخالف.
(2) في الدراية: (ذلك) بدل (العدالة والايمان).
(3) في الدراية ههنا زيادة: (كتب).
(4) في الدراية: (له) بدل: (منه).
(5) غير موجودة في الدراية.
(6) في الدراية ههنا زيادة: (إنه).
(7) في الدراية ههنا زيادة: (الضعيف).
(8) في الدراية: (واحد) بدل (آحاد).
(9) في الدراية: (هي) بدل (آحاد).
(10) الدراية: 26 (البقال 1: 92).
283

عرفت من أنها إنما هي شرط لصيرورة الخبر دليلا على الاطلاق أو للمبادرة إلى العمل به.
وبالجملة تأصيل أصل، فلا يضر الخروج عنه لعارض.
وأما رده لها في بعض الأحوال فحيث يجد في أخبار العدول ما يعارضها كما هو
طريقة الكل.
وأما التخصيص فمن الجائز أن يكون ما خصص به الصحاح مقرونا بما يوجب
العمل، ولا أقل من الشهرة فإنا لا نشترط فيه التكافؤ بل غلبة الظن به، بل قد يطرح
الأخبار الصحيحة لأجله، وذلك إذا كان على الطريقة وكانت على خلافها.
وأما ما يقع له في بعض الأحيان من رد الصحيح والتعلق في رده بأنه خبر آحاد لا
يوجب علما ولا عملا فحيث ما جاء على خلاف ما استقامت عليه طريقتنا، فإنه يرد وإن
رواه الثقات وتعددت طرقه، كما في أخبار السهو ونحوها، وليس هذا من خواص الشيخ بل
هي طريقة جل الطائفة من المتأخرين (و) غيرهم.
نعم، ربما كانت (الحسان كالصحاح عند بعض) ممن اكتفى في العدالة بظاهر الاسلام
ولم يشترط ظهورها.
(و) فصل المحقق في المعتبر والشهيد فعملا بالحسن (بشرط الانجبار بعمل
الأصحاب بها)، وهو الحق (عند آخرين) من المحقق (كما) هو الحق (في الموثقات
وغيرها)، حتى قدموا الضعيف على الصحيح إذا كان العمل بمضمونه مشتهرا دون
الصحيح.
(التسامح في أدلة السنن)
(وقد شاع العمل بالضعاف (1) في السنن وإن اشتد ضعفها ولم ينجبر) حتى نسبه
المصنف في الأربعين (2) إلى فقهائنا.
وفي رسالة شيخنا العلامة المرتضى: المشهور بين أصحابنا والعامة التسامح في أدلة

(1) كذا في (و) وفي المتن: (بالضعفاء).
(2) كتاب (الأربعون حديثا) للشيخ البهائي: 193، الحديث (31).
284

السنن، بمعنى عدم اعتبار ما ذكروه من الشروط للعمل بأخبار الآحاد من الاسلام،
والعدالة، والضبط، في الروايات الدالة على السنن أو تركا.
وعن الذكرى: أن أخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم.
وفي عدة الداعي (1) بعد نقل الروايات الآتية قال:
(فصار هذا المعنى مجمعا عليه بين الفريقين).
أقول: وقال ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني في كتاب (تبيين العجب بما ورد في
فضائل رجب) ما لفظه:
(اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف
ما لم تكن موضوعة) (2).
انتهى.
(والايراد بأن إثبات أحد الأحكام الخمسة بما هذا حاله) في الضعف (مخالف لما
ثبت في محله، مشهور). والتزم به صاحب المدارك (3)، قال:
(وما يقال من أن أدلة السنن يتسامح فيها ما لا يتسامح في غيرها فمنظور فيه، لان
الاستحباب حكم شرعي يتوقف على دليل شرعي). انتهى. لأنه لم يعمل بالحسان وإن
اشتهرت واعتضدت بغيرها، وحبس نفسه على الصحاح، وظن أن ليس في ما جاء في هذا
الباب خبر صحيح. وهو وهم كما لا يخفى.
وعن موضعين من المنتهى (4) الالتزام به أيضا.
(والعامة مضطربون في التفصي عن ذلك) حتى قال ابن حجر في الكتاب المتقدم:
(وينبغي اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا، وأن لا يشتهر ذلك،
لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف، فيشرح ما ليس بشرح، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة
صحيحة. وقد صرح بمعنى ذلك الأستاذ أبو محمد عبد السلام وغيره).

(1) عدة الداعي لابن فهد الحلي.
(2) تبيين العجب بما ورد في فضائل رجب - تحقيق آل عصر: 11.
(3) مدارك الأحكام في شرح شرائع الاسلام، للسيد محمد بن علي بن الحسين الموسوي العاملي (1009 ه‍).
(4) للعلامة الحلي.
285

انتهى.
(وأما نحن - معاشر الخاصة - فالعمل عندنا ليس بها في الحقيقة، بل) بالأخبار المستفيضة
التي لا يبعد دعوى تواترها معنى، ولا تنحصر (بحسنة) هشام بن سالم عن
أبي عبد الله (1): (من سمع شيئا من الثواب) على شئ فصنعه كان له اجره وإن لم يكن كما
بلغه) - كما يوهمه ظاهر المصنف - بل هي جملة أخبار رواها أصحابنا في جوامعهم (وهي
مما تفردنا بروايته) وفيها الصحيح والحسن، وإن كنا في غنية عن ملاحظة سندها بعد
تعاضدها، وتلقي الفحول لها بالقبول، فإن الاجماعات المنقولة قد سمعتها، والشهرة العظيمة
عاضدة أيضا بل الاتفاق المحقق، فإن الظاهر من صاحب المدارك في باب الصلاة الرجوع
عما ذكره في أول الطهارة. وهو المحكي أيضا عن ظاهر العلامة، يعني العدول.
وأما الكلام فيما يستفاد من تلك الأخبار، من ثبوت الاستحباب الشرعي بدعوى
دلالتها على كون الامر فيها شرعيا وأنه على مجرد فعل ما يحتمل استحبابه مطلقا، أو من
جهة بلوغه إليه بخبر يحتمل الصدق بحيث يكون إدراك المطلوبات الواقعية وإحرازها داعيا
للامر إلى أمره لا للمأمور إلى فعله، فيثبت حينئذ التسامح الذي قالوه، أو أن مساقها مساق
الاحتياط وأن الامر فيها إرشادي لا شرعي، وجهان محتملان ليس هنا موضع شرح تلك الأخبار
، وتحقيق الحق في ذلك يطلب من رسالة شيخنا العلامة المرتضى. (و) ما قاله
المصنف هنا: (قد بسطنا فيها الكلام في شرح الحديث الحادي والثلاثين من كتاب
الأربعين)، فهو في وجوه التفصي عن الايراد المشهور الذي ذكره فراجع.

(1) الكافي - باب من بلغه ثواب من الله على عمل 2: 87 / 1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن
هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه، كان له، وإن لم يكن على ما بلغه).
وأما تسمية الرواية بالحسنة فلوجود إبراهيم بن هاشم في السند حيث لم ينص على وثاقته صراحة، وهو
إمامي ممدوح، وأما باقي رجال السند فلا يوجد من يناقش في وثاقته.
286

الفصل الثالث
(في بعض المصطلحات)
287

(فصل)
(وهو الثالث)
في بعض الألقاب (1) والاصطلاحات للخبر

(1) في المتن: (الالقابات) والصحيح ما أثبتناه.
289

تقسيم الحديث
بلحاظ المروي
291

ما تقدم (1): منها ما يجري في الأقسام الأربعة (2) أيضا ومنها ما يخص الضعيف.
فمن الثاني:
الحديث المعلل
بفتح اللام. ولحن من قال معلول بدعوى أن اسم المفعول من أعل الرباعي لا يتأتى
على مفعول. والأجود فيه معل بلام واحد لأنه مفعول أعل قياسا. وأما معلل فهو مفعول
علل.
وهو لغة بمعنى ألهاه عن الشئ وشغله (3) إن (اشتمل على علة خفية) - لا يتفطن
لها إلا الماهر بجميع الطرق - مع سلامة الحديث ظاهرا، سواء كانت العلة (في متنه أو
سنده، فمعلل) ضعيف، لأنه مظنة ريبة مع ظهور الصحة والسلامة من الأسباب القادحة.
قالوا: وهو من أغمض أنواع علوم الحديث، وأدقها ولا يقوم به إلا من رزقه الله
تعالى فهما ثاقبا، وحفظا واسعا، ومعرفة تامة بمراتب الرواة، وملكة قوية بالأسانيد
والمتون.
ومثلوا لوقوع العلة في المتن تركيبه، أو مخالفته القواعد العربية، أو لدليل قاطع،
أو لوقوع الاضطراب فيه من الراوي الواحد، فيدل على عدم ضبطه.

(1) أي من الأقسام.
(2) الصحيح، الحسن، الموثق، القوي.
(3) انظر لسان العرب 11: 467.
293

ولوقوع (1) العلة في السند بإرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول
حديث في حديث، وفيه نظر لأنه إن وقع هذا فيما انفرد به الراوي، فهو العيب الصريح لا
الخفي، ولا ظهور حينئذ للصحة والسلامة التي اعتبروها في تعريفه، وإن وقع في المشترك -
كما هو محل الفرض - فالارسال أو الوقف أو الادراج في بعض الطرق لا يوجب تعليل
الحديث بعد سلامته في غيره.
وما زال يروي المحدث الخبر بطريق ضعيف لارسال أو غيره أو بدرج، ويرويه آخر
سالما بطريق صحيح فيعد صحيحا.
بلى اللهم، ربما كان مظنة ريبة من جهات آخر يقع إليها الناقد البصير بعد الفحص،
ومن ثمة كان عنوانه بما كان مظنة ريبة كما في المحصول.
وربما أطلق على ما اشتمل على علة الحكم، وهذا ضرب من الحسن.
وفي دراية والد المصنف:
(وقد يطلق العلة (2) على كذب الراوي وغفلته وقطعه الحديث وإرساله ونحو ذلك
مما يوجب ضعفه (3)).
فتأمل.
ومن الأول (4).
الحديث المدرج
وهو قسمان: مدرج المتن، ومدرج الاسناد.
والأول: أن يقع في المتن كلام ليس منه.
والادراج في الاسناد:
1 - أن يذكر الراوي حديثا ثم يتبعه كلاما لنفسه أو لغيره، فيرويه من بعده متصلا.

(1) أي ومثلوا لوقوع العلة في السند..
(2) في وصول الأخيار ههنا زيادة: (على غير ما ذكرنا ككذب).
(3) وصول الأخيار: 112.
(4) ما يجري في الأقسام الأربعة.
294

(و) الحاصل: (إن اختلط كلام الراوي، فتوهم أنه منه) فيقال للزائد مطلقا:
(مدرج) بفتح الراء، وللحديث: (مدرج فيه).
2 - أو يكون المتن عنده (1) إلا (2) طرفا منه، فإنه عنده بإسناد آخر، فيرويه راو عنه
تاما بالاسناد الأول.
3 - ومنه أن يسمع الحديث من شيخه إلا طرفا منه، فيسمعه عن شيخه بواسطة،
فيرويه عنه تاما بحذف الواسطة. (أو نقل) حديثين (مختلفي الاسناد و (3) المتن) رواهما
واحد وروى كل واحد منهما بسند على حدة، فيرويهما عنه (بواحد) من السندين
(فمدرج) قبيح.
4 - وكذا الخبر الذي رواه جماعة عن المعصوم عليه السلام بألفاظ مختلفة، وروى
عنهم بسند واحد، فيروي بذلك السند عن الكل بمتن واحد ولا يذكر (4) الاختلاف.
فهذه صور أربع لمدرج الاسناد، ولعلها أكثر.
والادراج في المتن له صور ثلاث، لأنه قد يكون في أوله، وقد يكون في أثنائه، وقد
يكون في آخره، وهو الغالب للعطف ونحوه.
قالوا: وكله الحرام، ولا يتفطن له الا المتضلعون في فن الحديث، وربما وقع عن غير
عمد كأن يلحق الراوي تفسيرا فيتوهم الناظر بعده أنه من الحديث.
ومن الثاني أيضا: (5).
الحديث المدلس
وهو عندهم: ما خفى عيبه. وهو مأخوذ من الدلسة (6).

(1) في المتن: (عند) والصحيح ما أثبتناه.
(2) في المتن ههنا زيادة: (و).
(3) في (و): (أو).
(4) في المتن (ولاسنن) والصحيح ما أثبتناه.
(5) ما يختص بالضعيف.
(6) الدلسة: الظلمة (انظر لسان العرب: 6: 86 - مادة دلس).
295

وهو قسمان: تدليس الشيوخ أو تدليس الاسناد.
(تدليس الاسناد)
فالأول: أن يروى عمن لقيه أو عاصره ما لم يسمع منه، على وجه يوهم أنه سمعه
منه، وقد أخذه من كتابه، أو حدثه به رجل آخر، فهذا (أوهم السماع ممن لم يسمع منه).
كما يقول: قال فلان، أو حدث أو أخبر، كأن قال: حدثنا أو أخبرنا، فقد أوهم السماع ممن لم
يسمع منه - فكذلك الكذب - وقصد بذلك ترويج الحديث وتحسينه أو علو الاسناد أو
الترفع عن أن يرويه عمن رواه عنه.
قال والد المصنف:
(هو مكروه جدا بين أهل (1) الحديث، حتى قال بعضهم: من عرف به صار مجروحا
مردود الرواية.
أما لو قال: (سمعت) أو (حدثني) وعلم أنه لم يسمع منه كان ذلك جرحا لا محالة.
ولو احتمل منه سماعه منه لم يحكم عليه بالتدليس). (2)
أقول: فالتدليس محرم لا مكروه كما ظن.
ثم قال: (وهذا القسم من التدليس لا يخرج عن الأقسام المتقدمة من (التعليل) و
(القطع) و (الارسال)) (3).
(كيف يعرف التدليس)
أقول: ويعرف التدليس باخبار المدلس أو غيره ممن يعرف حاله، كالذين ذكرهم
الحلبي (4) من علماء الجمهور في (التبين لاسماء المدلسين)، منهم:

(1) كذا في المصدر وفي المتن: (أفعل).
(2) وصول الأخيار: 113.
(3) وصول الأخيار: 114.
(4) للشيخ برهان الدين إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي (المتوفى عام 841 ه‍) لخصه من كتاب المراسيل
للعلائي وزاد عليه، انظر كشف الظنون 1: 343.
296

(1) إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي شيخ الشافعي، وصفه أحمد
بالتدليس (1).
(2) وإبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي، وصفه الحاكم وغيره بالتدليس (2).
(3) إسماعيل بن أبي خالد، وصفه به النسائي.
(4) وبشير بن مهاجر الغنوي، وصفه به ابن حبان في ثقاته ولقبه: مشهور
بالتدليس (3).
(5) وبكير بن سليمان الكوفي.
(6) وتليد بن سليمان (4).
(7) وسور بن يزيد.
(8) وجبير بن نفير (5).
(9) وحبيب بن أبي ثابت (6).
(10) وحجاج بن أرطأة (7).
(11) والحسن البصري (8).
(12) والحسن بن ذكوان (9).
(13) والحسن بن مسعود الدمشقي.
(14) وحسين بن عطاء ابن يسار المدني.

(1) قال ابن حجر في تقريب التهذيب: 1: 42: 269: متروك.
(2) قال في تقريب التهذيب 1: 46 / 301: ثقة إلا أنه يرسل كثيرا.
(3) قال في تقريب التهذيب 1: 102 / 97: صدوق، لين الحديث، رمي بالارجاء.
(4) انظر تهذيب التهذيب 1: 447 / 948.
(5) تهذيب التهذيب 2: 56 / 103.
(6) قال في تقريب التهذيب 1: 148 / 106: وكان كثير الارسال والتدليس.
(7) قال في تقريب التهذيب 1: 152 / 145: وفي المتن: (أرطاط)
قال ابن حجر: كثير الخطأ والتدليس.
(8) قال في تقريب التهذيب 1: 165 / 263: وكان يرسل كثيرا ويدلس.
(9) قال في تقريب التهذيب 1: 166 / 272: صدوق يخطئ ورمي بالقدر، وكان يدلس.
297

(15) وحسين بن واقد المروزي (1).
(16) وحكيم بن عتيبة.
(17) وحميد الطويل (2).
(18) وحميد بن الربيع اللخمي.
(19) وخارجة بن مصعب الخراساني (3).
(20) وزكريا بن أبي زائدة (4).
(21) وسالم بن أبي.
(22) وسعيد بن زياد.
(23) وسيد بن أبي عروة.
(24) وسعيد بن المرزبان (5).
(25) وسفيان الثوري (6).
(26) وسفيان بن عيينة (7).
(27) وسفيان بن عنيسة مولى مسعر ابن كدام.
(28) وسليمان التميمي (8).
(29) وسليمان بن داود الطيالسي (9)، دلس أحيانا كما ذكره الذهبي.
(30) وسليمان بن مهران الشهير بالأعمش الكوفي (10).

(1) قال في تقريب التهذيب 1: 180 / 398: ثقة، وله أوهام.
(2) قال في تقريب التهذيب 1: 202 / 589: حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه
على نحو عشرة أقوال، ثقة مدلس، وعابه زائدة، لدخوله في شئ من أمر الامراء.
(3) قال ابن حجر 1: 211 / 7: متروك، وكان يدلس عن الكذابين.
(4) قال في تقريب التهذيب 1: 261 / 52: وقال: وكان يدلس.
(5) في تقريب التهذيب 1: 305 / 252: سعيد بن مربان.
وقال: ضعيف مدلس.
(6) انظر تهذيب التهذيب 4: 99 / 199.
(7) كذا في تقريب التهذيب 1: 312 / 318: وفي المتن: سفيان بن عيينة قال: وكان ربما يدلس.
(8) لعله بن عبد الرحمن بن عيسى التميمي. انظر تقريب التهذيب 1: 327 / 467، وقال عنه: صدوق يخطئ.
(9) قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب 1: 323 / 428: خلط في أحاديث.
(10) قال ابن حجر في تقريب التهذيب 1: 331 / 500: ثقة، حافظ، عارف بالقراءة، ورع، لكنه يدلس.
298

(31) وسويد بن سعيد (1).
(32) وشباك الضبي الكوفي (2).
(33) وشريك بن عبد الله النخعي (3).
(34) وشعيب بن أيوب (4).
(35) وطلحة بن نافع (5) أبو سفيان.
(36) وعاصم بن عمر الظفري العلامة في المغازي، كما ذكره بذلك الذهبي في
مختصر المستدرك (6).
(37) وطاوس بن كيسان (7).
(38) وعباد بن منصور (8).
(39) وعبد الله بن لهيعة (9).
(40) وعبد الله بن مروان (10).
(41) وعبد الله بن واقد الحراني (11).
(42) وعبد الله بن معاوية.
(43) وعبد الله بن أبي نجيح (12) المكي.
(44) وعبد الرحمن بن زياد الإفريقي.

(1) انظر تهذيب التهذيب 4: 242 / 484.
(2) قال ابن حجر يدلس. انظر تقريب التهذيب 1: 345 / 7.
(3) قال عنه ابن حجر 1: 351 / 65 (تقريب التهذيب): يخطئ كثيرا.
(4) قال ابن حجر 1: 35 / 71: صدوق يدلس.
(5) انظر تهذيب التهذيب 5: 42 / 24: طلحة بن نفع. قال: (طلحة بن نفع القرشي مولاهم أبو سفيان الواسطي
ويقال المكي الإسكافي).
(6) انظر تهذيب التهذيب 5: 47 / 85.
(7) تهذيب التهذيب 5: 8 / 14.
(8) انظر تقريب التهذيب 1: 393 / 107.
(9) انظر تهذيب التهذيب 5: 327 / 648.
(10) انظر تهذيب التهذيب 6: 23 / 39.
(11) انظر تقريب التهذيب 1: 459 / 719.
(12) قال في التقريب 1: 456 / 690: رمي بالقدر وربما دلس.
299

(45) وعبد الرحمن بن محمد المحاربي (1).
(46) وعبد الجليل القيسي البصري (2).
(47) وعبد الملك بن جريج.
(48) وعبد الملك بن عمير (3).
(49) وعبد الوهاب الخفاف (4).
(50) وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي (5).
(51) وعكرمة بن خالد.
(52) وعثمان بن أحمد البجلي.
(53) وعطية بن سعد (6).
(54) وعقبة بن عبد الله الرفاعي (7).
(55) وعكرمة بن عمار (8).
(56) وعلي بن غالب المصري.
(57) وعلي بن غراب الكوفي (9).
(58) وعمر بن علي المقدمي (10).
(59) وأبو إسحاق السبيعي (11).
(60) وعمرو بن عبد الله (12).

(1) انظر تقريب التهذيب 1: 497 / 1103.
(2) عبد الجليل بن عطية القيس. (انظر تقريب التهذيب 1: 466 / 798).
(3) انظر تقريب التهذيب 1: 521 / 1331.
(4) انظر تهذيب التهذيب 6: 23 / 39.
(5) نقل ابن حجر في تهذيب التهذيب 7: 123 / 280 تضعيف ابن حبان له، ورميه بالتدليس.
(6) انظر تقريب التهذيب 2: 24 / 216.
(7) انظر تهذيب التهذيب 7: 217 / 441 وقد نقل ابن حجر فيه أقوالا متعارضة، يظهر من أكثرها ضعفه.
(8) انظر تهذيب التهذيب 7: 332 / 475 حيث نقل عن غير واحد تضعيفهم له.
(9) انظر تقريب التهذيب 2: 42 / 394.
(10) في تقريب التهذيب 2: 61 / 491 عمر بن علي بن عطار بن مقدم... وكان يدلس شديدا.
(11) عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي: انظر تقريب التهذيب 2: 73 / 623.
(12) لعله متحد مع الأول.
300

(61) وعيسى بن موسى المعروف بنجار من أهل بخارا (1).
() 62) وقتادة التابعي المشهور (2).
(63) ومبارك بن فضالة (3).
(64) ومحرز بن عبد الله (4).
(65) ومحمد بن إسحاق صاحب المغازي (5).
(66) ومحمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح، وصفه بذلك ابن مندة.
(67) ومحمد بن حسين البخاري.
(68) ومحمد بن خزم الضرير.
(69) ومحمد بن شهاب الزهري المشهور.
(70) ومحمد بن صدقة (6).
(71) ومحمد بن عبد الرحمن الطفاري (7).
(72) ومحمد بن عجلان المدني.
(73) ومحمد بن عبد الملك الواسطي (8).
(74) ومحمد بن عيسى السميع (9).
(75) ومحمد بن عيسى الطباع (10).
(76) ومحمد بن محمد الباغندي.

(1) ذكره ابن حجر في تقريب التهذيب 2: 102 / 920 وقال: صدوق، ربما أخطأ، وربما دلس، مكثر من الحديث
عن المتروكين.
(2) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 8: 315 / 637.
(3) قال ابن حجر في تقريب التهذيب 2: 227 / 904... يدلس ويسوي.
(4) انظر تقريب التهذيب 2: 231 / 944.
(5) قال ابن حجر 2: 144 / 40: صدوق يدلس.
(6) انظر تهذيب التهذيب 9: 205 / 365.
(7) في تقريب التهذيب 2: 185 / 467: محمد بن عبد الرحمن الطفاوي.
(8) انظر تهذيب التهذيب 9: 282 / 527 وفيه عن ابن حبان أنه كان مدلسا.
(9) في تقريب التهذيب: 2: 198 / 606 قال: محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع، بالتصغير، الأموي مولاهم،
صدوق يخطئ، ويدلس ورمي بالقدر.
(10) انظر تهذيب التهذيب 9: 348 / 641 وفيه كما عن أبي داود أنه مدلس.
301

(77) وأبو الزبير المكي محمد بن مسلم (1).
(78) ومعاوية بن مروان الفزاري.
(79) ومسلم صاحب الصحيح، وصفه بذلك ابن مندة.
(80) ومغيرة بن مقسم الضبي (2).
(81) ومحمد بن مصفي بن البهلول الحمصي (3).
(82) ومطلب بن عبد الله المخزومي (4).
(83) ومصعب بن سعيد.
(84) ومكحول الدمشقي (5).
(85) وموسى بن عقبة.
(86) وميمون بن أبي شعيب (6).
(87) وميمون بن مهران المرائي.
(88) وهشام بن عروة (7).
(89) وهيثم من بشير.
(90) والوليد بن مسلم العنبري.
(92) ولاحق السدوسي.
(93) ويحيى أبو صاحب الكلبي.

(1) انظر تهذيب التهذيب 9: 390 / 729.
(2) انظر تقريب التهذيب: 2: 270 / 1328.
(3) انظر تقريب التهذيب: 2: 208 / 711.
(4) قال ابن حجر 2: 54 / 1176: المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي، صدوق كثير
التدليس والارسال.
(5) قال ابن حبان: ربما دلس (انظر تهذيب التهذيب 10: 347 / 700: ميمون بن أبي شبيب أبو نصر الكوفي ويقال: الرقي. فلعله
متحد معه.
(7) انظر تقريب التهذيب 2: 319 / 92.
(8) انظر تهذيب التهذيب 11: 133 / 254.
302

(94) ويحيى بن سعيد الأنصاري.
(95) ويحيى بن أبي كثير (1).
(96) ويزيد بن عبد الرحمن الدالاني.
وجماعة أنهاهم الحلبي إلى نيف ومائة.
والتدليس في الاسناد ظاهر في العيب كما ذكر.
(تدليس الشيوخ)
والثاني، أعني تدليس الشيوخ: أن لا يحب أن يعرف فيكتم عنه بما لا يعرف به
(أو (2) تعدد شيخه بإيراد ما لم يشتهر من ألقابه مثلا، فمدلس) على الناس بما لا يعرف به
من غير ضرورة.
قال والد المصنف:
(وكراهته أخف من الأول. وسبب الكراهة فيه توعر طريق معرفته.
ويختلف الحال في كراهته بحسب غرضه (3)، ككون المدلس ضعيفا، أو صغيرا، أو
سمع منه كثيرا فامتنع (4) عن تكراره لئلا يسمج، أو نحو ذلك) (5).
أقول: هذا القسم مظنة ريبة، وقد يعد منه المدرج والمقلوب بناء على أنهما ضرب من
العيب الموجب للضعف، كذا في المحصول.
فتأمل.
ومنها:

(1) انظر تهذيب التهذيب 11: 235 / 440.
(2) أي: أو أوهم تعدد شيخه.
(3) كذا في المصدر وفي المتن: (عرضه).
(4) في وصول الأخيار: (من) بدل (عن).
(5) وصول الأخيار: 114.
303

المقلوب
والقلب في السند هو الأكثر: (و) هو عبارة عن أن يكون الحديث عن راو فيجعله
عن آخر نظيره في الطبقة أو أعلى منه، (أو بدل بعض الرواة) ليرغب فيه، كأن يكون عن
محمد بن قيس (1) فيجعله عن محمد بن (2) مسلم، (أو) (كل السند (3) بغيره سهوا
أو عمدا) للرواج أو الكساد، (فمقلوب)، حرام، لتضمنه الكذب، ويسقط به عن العدالة.
وقد يكون القلب في المتن، بإبدال لفظ آخر، أو جملة بأخرى، أو بتقديم المتأخر، أو
بتأخير المتقدم، ونحو ذلك.
ومن الأول (4) أيضا:
الحديث المصحف
فلو حرف (أو صحف في السند أو المتن وجب معرفته)
(الحديث المصحف السند)
(فمصحف) السند، يكون في الراوي، مثل بريد بالباء المضمومة والراء يصحف
بالياء المثناة من تحت والزاء فيقال يزيد بن معاوية. ومثل تصحيف بعضهم العوام بن مراجم
بالراء والجيم بمزاحم بالزاء والحاء. وكتصحيف جرير بحريز، ونحو ذلك.
ونسب في شرح البداية (5) إلى العلامة تصحيف (6) كثير من الأسماء في الخلاصة،
وأظن أنه من الناسخ وإلا فهو صاحب (إيضاح (7) الاشتباه في أسماء الرواة) (8).

(1) مشترك بين كثيرين.
(2) (وجه أصحابنا) كما عبر عنه الشيخ النجاشي في ترجمته (وكان أوثق الناس)، ومن أصحاب الاجماع، روى
عن الباقر والصادق عليهما السلام. انظر النجاشي 323 / 882.
(3) كذا في (و) وفي المتن: المسند.
(4) ما يجري في جميع الأقسام الأربعة.
(5) شرح البداية 1: 112 (الدراية: 35).
(6) في المتن: (تصحيفا) والصحيح ما أثبتناه.
(8) انظر الذريعة 2: 493 / 1934.
304

(الحديث المصحف المتن)
ومصحف المتن قالوا: مثل حديث زيد بن ثابت، إن النبي صلى الله عليه وآله احتجر
في المسجد، أي اتخذ حجرة من حصير يصلي فيها، فصحفه بعضهم فقال احتجم، ومثله
حديث (من صام رمضان واتبعه ستا من شهر شعبان) (1) صحفه (الصولي (2)) من العامة
شيئا، بالشين المعجمة، ورواه كذلك.
ومتعلق التصحيف:
(1) قد يكون السمع، كحديث عاصم الأحوال، صحفه (3) بعضهم فقال: واصل
الأحدب.
(2) وقد يكون البصر، وأمثلته ما ذكرنا من أمثلة التصحيف متنا وإسنادا.
قال في شرح البداية:
(لان ذلك التصحيف إنما يعرض للبصر بتقارب (4) الحروف، لا للسمع، إذ لا
يلتبس عليه مثل ذلك) (5).
وفيه نظر. وقال:
(إن التصحيف يكون في معنى، كما حكى عن أبي موسى محمد بن المثنى العنزي (6) أنه
قال:
(نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة، صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله).
يريد بذلك ما روى أنه صلى إلى عنزة، وهي حربة تنصب بين يديه سترة فيتوهم

(1) صحيح مسلم: 1 / 822.
(2) أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله الصولي: انظر الأنساب 8: 110.
(3) في المتن: (أحوله) والصحيح ما أثبتناه.
(4) في البداية: (التقارب) بدل (بتقارب).
(5) شرح البداية 1: 113 (الدراية: 35).
(6) كذا في شرح البداية وفي تقريب التهذيب 2: 204 / 666 وفي المتن: العزبري.
305

أنه صلى إلى قبيلتهم بني عنزة) (1) قال:
وهو تصحيف معنوي عجيب) (2).
انتهى. فتأمل.
ومن الأول (3)
المزيد
قالوا: وهو ما زيد فيه على غيره بما جاء بمعناه إما في القول، كما يروى قوله صلى الله
عليه وآله: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (4) وترابها طهورا) (5) وقوله في ماء البحر.
(هو الطهور والطهور ماؤه والخل منيبه).
أو في الفعل كما إذا ورد أنه دخل البيت الحرام مثلا وصلى، وروى هو أنه دخل
وصلى.
وكيف كان فالزيادة، إن شذ بها صاحبها فلها حكم الشاذ، وإلا قبلت إلا أن تشتمل
على منافاة بين المزيد وغيره، وحينئذ فلها حكم المتعارضين والترجيح ثم الجمع.
ثم الزيادة قد تكون في متصل الاسناد بزيادة راو في أثناء الاسناد، وشرطه أن يقع
التصريح بالسماع في موضع الزيادة إذا كان معنعنا مثلا، ترجحت الزيادة حينئذ.
والمرجوحية في المزيد في متصل الاسناد إذا كان الراوي الغير المزيد أتقن من المزيد،
ولو كان المزيد أتقن فلا مرجوحية حينئذ.

(1) شرح البداية 1: 114 (الدراية: 35).
(2) شرح البداية 1: 114 (الدراية: 35).
(3) ما يجري في جميع الأقسام الأربعة.
(4) روى الحديث (جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا) وفي المتن: (جعلت لي الأرض مسجدا
وطهورا)، فحصلت فيه زيادة، راجع مستدرك الوسائل 1 / 156 وقد رواه البخاري في كتاب التيمم باب 1:
1 / 80، وكتاب الصلاة: باب 56، صحيح مسلم: كتاب المساجد.
(5) فالزيادة فيه: (وترابها طهورا).
306

ومن الثاني (1) أيضا.
الحديث الناسخ والمنسوخ
فإن دل الحديث على رفع حكم شرعي سابق فهو الناسخ.
وإن رفع حكمه الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه فهو المنسوخ.
وإنما يعرفان بالنص من المعصوم عليه السلام والاجماع.
قالوا: منه ما عرف بتصريح النبي صلى الله عليه وآله: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور
فزوروها) (2).
ومنه ما يعرف بقول الصحابي: (كان (3) آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه
وآله ترك الوضوء بما مسته النار) (4).
ومنه ما عرف بالتاريخ.
أقول لا يوجد في أحاديثنا من هذين النوعين، وقد نبه عليه فخر الدين (5) حيث
قال:
(ورود السنة على معنيين، أحدهما: على ابتداء الشريعة. وثانيهما: على الاخبار عن
ثبوت حكمها فيما تقدم، وأخبار أئمتنا عليهم السلام من القسم الثاني، فهي سليمة من النسخ
وسائر وجوه التأويلات، لأنها في الحقيقة أخبار عن حكمه، وبهذا يندفع جميع
ما يرد من معارضة عموم القرآن لاخبار أئمتنا عليهم السلام إذا وردت في تخصيصه، واندفع
أيضا عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، كما هو المشهور، فإنها ليست واردة بعد حضور
العمل بل مقارنة فتكون مخصصة لا ناسخه).

(1) المختص بالضعيف.
(2) مسند أحمد بن حنبل: 1 / 145 و 452 و 2 / 441، 3 / 38، 63 صحيح مسلم كتاب الجنائز ح 105 و 108،
سنن أبي داود - كتاب الجنائز: 75 وكتاب الأشربة باب 7، سنن الترمذي - كتاب الجنائز:، سنن ابن ماجة -
كتاب الجنائز - س 47 و 49 وغيرها.
(3) في المتن: (اككان) بدل (كان).
(4) قال ابن الصلاح في المقدمة: (ص 277): أخرجه النسائي.
(5) محمد بن الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي (682 - 771 ه‍).
307

انتهى.
نعم قد جاء عنهم عليهم السلام أن بعض الأحكام المستفادة من السنة قد نسخت في
زمان النبي صلى الله عليه وآله فينبغي للمحدث والفقيه البحث عن ذلك، فقد روى ثقة
الاسلام (1) بإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له: (2) أقوام
يروون، عن فلان (3)، عن فلان، عن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتهمون بالكذب،
فيجئ منكم خلافه. قال عليه السلام:
(إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن) (4).
ومثله ما رواه بإسناده عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
أخبرني عن أصحاب محمد صدقوا عليه أم كذبوا؟.
قال: (بل صدقوا) (5).
قلت: فما بالهم اختلفوا؟.
قال (6) عليه السلام: (أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وآله
فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب ثم يجيئه بعد (ذلك) (7) ما ينسخ (8) ذلك الجواب،
فنسخت الأحاديث بعضها بعضا) (9).
ومن الثاني (10).

(1) محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي.
(2) في الكافي هنا بداية الحديث هكذا: (ما بال أقوام...
(3) في الكافي: (و) بدل (عن).
(4) الكافي: كتاب فضل العلم - باب اختلاف الحديث - 1: 64 / 2.
(5) في الكافي ههنا زيادة: (قال).
(6) في الكافي: (فقال).
(7) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(8) كذا في المصدر وفي المتن: ما تنسخ.
(9) الكافي: كتاب فضل العلم - باب اختلاف في الحديث - 1: 65 / 2.
(10) المختص بالضعيف.
308

الموضوع
وهو المكذوب والخلوق.
قال والد المصنف:
(وهو شر الأحاديث، ويحرم روايته مع العلم به من أي الأقسام كان إلا مع البيان.
ويعرف الموضوع:
أولا: باقرار واضعه أو معنى إقراره.
ثانيا: أو ركاكة لفظه.
ثالثا: أو قرينة في الواضع أو الموضوع له) (1).
قال في شرح البداية:
(ولأهل العلم بالحديث ملكة قوية، يميزون بها ذلك، وإنما يقوم به منهم من يكون
اطلاعه تاما، وذهنه ثاقبا، وفهمه قويا، ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة (2)) (3).
أقول: ومن أقبح موضوعات العامة أن محدثيهم رووا الزيادة التي زار بها الخضر
عليه السلام أمير المؤمنين عليه السلام - حين وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين
عليه السلام يوم وفاته، وقال:
(رحمك الله يا أبا الحسن، كنت أول القوم إسلاما) إلى آخر الزيارة - في أبي بكر، وأن
عليا زاره بها.
وعن الخطابي (4) في (غريب الحديث)، حدثنا أحمد بن الحسين التميمي، حدثنا محمد
بن إبراهيم بن سهل، حدثنا أحمد بن مصعب المروزي، حدثنا عمر بن إبراهيم، عن إسماعيل
بن عياش، عن عبد الملك بن عمر، عن أسيد بن صفوان: (إن أبا بكر لما مات قام علي بن أبي
طالب على باب البيت الذي هو مسجى فيه فقال: (كنت والله للدين يعسوبا، أويت حين
تفرق الناس) إلى آخره.

(1) وصول الأخيار: 115.
(2) كذا في المصدر وفي المتن: (مبتلغة).
(3) شرح البداية 1: 155 (الدراية: 55).
(4) محمد بن محمد الخطابي.
309

قال بعض الأعاظم: ورواه الدارقطني في كتاب (قالت القرابة في الصحابة) وكتاب
(المؤتلف والمختلف)، والخطيب (1)، صاحب تاريخ بغداد في كتاب (المؤتلف بكلمة
المختلف) وابن مأكولا (2) (في الاكمال) وابن بطة (3) في (الإبانة)، فاعرفهم. كذا وجدت
بخط مولانا ثقة الاسلام الحسين بن محمد التقي النوري دام بقاه.
وقد نقلوا الوضع عن جماعة، لمقاصد شتى:
(1) فمنهم: من قصد التقرب بذلك إلى الخلفاء كغياث بن إبراهيم، وضع خبرا
للمهدي العباس في قوله (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل - وكان يعجبه (4) الحمام - أو
جناح)، فأجازه بعشرة آلاف، فلما أدبر قال (5):
(أشهد أن قفاه قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وآله) (6).
(2) ومنهم: من يريد الارتزاق (7) كما اتفق لابن (8) حنبل ويحيى بن معين في
مسجد الرصافة (9).
(3) ومنهم: من يقصد به الترغيب إلى الخير كأبي عصمة المروزي. فروى أنه قيل
له من أين لك عن عكرمة، عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة، وليس هذا عند
أصحاب عكرمة؟. فقال:

(1) في المتن: (الخطب) والصحيح ما أثبتناه.
(2) علي بن هبة الله بن علي بن جعفر ابن مأكولا (421 - 486 ه‍) مؤرخ، أنظر الاعلام 5: 183.
(3) عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري بن بطة، فقيه حنبلي (304 - 387 ه‍). انظر الاعلام 4: 354.
(4) أي وكان يعجب المهدي الحمام فزاد غياث في الحديث لأجل ذلك وقال: أو جناح.
(5) المهدي العباسي.
(6) انظر تدريب الراوي: 187، جامع الأصول لابن الأثير: 1 / 137، نخبة الفكر: 125، الباعث الحثيث: 93.
شرح البداية: 157 والرواشح السماوية: 196.
(7) في المتن: (الاثراق) والصحيح ما أثبتناه.
(8) في المتن: (ابن) والصحيح (لابن).
(9) قال في الباعث الحثيث: (ص: 93): نقلا عما رواه ابن الجوزي بسنده إلى أبي جعفر بن محمد الطيالسي، قال:
(صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة، فقام بين أيديهم قاص، فقال: حدثنا أحمد بن حنبل
ويحيى بن معين، قالا: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر عن قتادة، عن أنس قال: من قال لا إله إلا الله خلق الله
من كل كلمة طيرا منقاره من ذهب رويته من مرجان: وأخذ في قصة نحو من عشرين ورقة... (فلما اعترضا
عليه) قال: كأن ليس فيها يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما...
310

(لان الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومغازي محمد بن
إسحاق، فوضعت هذا الحديث حسبة).
وهو الذي يقال فيه (نوح الجامع (1)).
قال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في ذيل حديث في كتابه المسمى ب (تبيين
العجب بما ورد في فضل رجب) ما لفظه:
(قال البيهقي: هذا حديث منكر بمرة (2).
قلت: بل هو موضوع ظاهر الوضع بل هو من وضع نوح الجامع، وهو أبو عصمة
الذي (3) قال عنه ابن المبارك لما ذكره لوكيع: عندنا (4) شيخ يقال له أبو عصمة، كان يضع
الحديث. وهو الذي كانوا يقولون فيه نوح الجامع (جمع) كل شئ إلا الصدق.
وقال الخليل بن أحمد (6): اجمعوا على ضعفه) (7).
انتهى.
وعد ابن حجر في هذا الكتاب جماعة من أهل الوضع منهم:
داود بن الجر (8).
والعلاء بن خالد.
وأبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي، قال فيه: هو ألفه وكان مشهورا بوضع
الحديث وتركيب الأسانيد، لا بارك الله (9) فيه.

(1) قال في تدريب الراوي (ص: 184) نقلا عن ابن حبان: جمع كل شئ إلا الصدق وقال الذهبي: يقال له
الجامع: لأنه أخذ الفقه عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى، والحديث عن حجاج بن أرطأة، والتفسير عن الكلبي
ومقاتل، والمغازي عن ابن إسحاق.
(2) كذا في كتاب تبيين العجب وفي المتن: (عبرة).
(3) في تبيين العجب (الدين) بدل (الذي).
(4) كذا في تبيين العجب وفي المتن (عنده).
(5) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(6) في تبيين العجب: (الخليلي) فقط.
(7) تبيين العجب بما ورد في فضل رجب لابن حجر - تحقيق وتعليق إبراهيم بن إسماعيل آل عصر - الحديث
السابع: 24.
(8) في تبيين العجب: 47، المحبر.
(9) في تبيين العجب: (ابان).
311

ومنهم: أبين (1) بن سفيان، وغالب بن عبد الله، قال: (معروفان بوضع الحديث) (2)
وذكر لهما جملة من الموضوعات.
ومنهم إسماعيل (3) بن يحيى التميمي.
وعثمان بن عطاء (4).
ومنهم علي بن عبد الله بن جهظم، قال: مشهور بوضع الحديث.
ومنهم الحسين بن إبراهيم (5).
ومنهم: إسحاق بن إبراهيم الختلي (6).
ووجه التسمية لكتابه ب‍ (تبيين العجب): هو ذكره كثرة الروايات الموضوعة في
فضل رجب للترغيب.
وعن المؤمل (7) بن إسماعيل قال (8):
حدثني شيخ بعبادان (9) فصرت إليه، فأخذ بيدي فأدخلنا بيتا، فإذا فيه قوم من
المتصوفة، وفيهم شيخ فقال:

(1) تبيين العجب: 26.
(2) تبيين العجب: 26.
(3) تبيين العجب - الحديث الثالث عشر: 28، قال، وفي إسناده إسماعيل بن يحيى التيمي، وهو مذكور بالكذب.
(4) قال في تبيين العجب (ص: 31) الحديث السادس عشر: عثمان متروك عند المحدثين.
(5) انظر تبيين العجب: 38.
(6) انظر تبيين العجب: 39.
(7) كذا في تقريب التهذيب 2: 290 / 531 وفي المتن المرمل.
(8) وبداية الحديث كما في تدريب الراوي: (ص: 188 - 189): ومن الموضوعات الحديث المروي عن أبي بن
كعب مرفوعا في فضل القرآن سورة سورة من أوله إلى آخره، فروينا عن المؤمل بن إسماعيل قال: حدثني
شيخ به، فقلت للشيخ:
من حدثك؟.
فقال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فصرت إليه، فقلت:
من حدثك،
فقال: حدثني شيخ بواسط وهو حي، فصرت إليه.
فقال: حدثني شيخ بالبصرة، فصرت إليه.
فقال: حدثني شيخ بعبادان...
(9) في المتن: عبادات والصحيح ما أثبتناه.
312

هذا الشيخ.
فقلت: يا شيخ من حدثك.
فقال: لم يحدثني أحد لكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث.
وقال بعض هؤلاء في قوله عليه السلام (من كذب علي فليتبوء مقعده من النار) إنما
قال: (من كذب). نحن كذبنا له، ونقوي شرعه (1).
(5) ومنهم: من يضع، لان (في) دينه جواز الكذب، بما يراه حقا كالكرامية (2)
والخطابية (3) وأقوام من الصوفية.
وحكى النوفلي عن بعض أهل الرأي: إن ما وافق القياس الجلي جاز أن يعزى (4) إلى
النبي صلى الله عليه وآله.
وعن بعض الخوارج أنه قال: بعد رجوعه إلى الحق: انظروا هذا الحديث عمن
تأخذوه فإنا كنا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا (5).

(1) في تدريب الراوي: 185، وشرح البداية 1: 165: (ونحن نكذب له ونقوي شرعه).
(2) أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، الذين يثبتون لله الصفات وينتهون بها إلى التجسيم والتشبيه، تعالى الله
عن ذلك. (انظر الملل والنحل للشهرستاني 1: 99).
(3) الخطابية: هم أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع مولى بني أسد، وهو الذي عزا نفسه
إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام ولما وقف الإمام عليه السلام على غلوه الباطل في حقه تبرأ منه ولعنه
وأمر أصحابه بالبراءة منه، وشدد القول في ذلك، وبالغ في التبري منه، واللعن عليه، فلما اعتزل عنه ادعى
الإمامة لنفسه.
وزعم أبو الخطاب أن الأئمة أنبياء ثم آلهة، وهم أبناء الله وأحباؤه، والالهة نور في النبوة، والنبوة نور في الإمامة،
وزعم أن الإمام الصادق هو إله زمانه وليس هو المحسوس الذي يرونه ولكن لما نزل إلى هذا العالم لبس تلك
الصورة. ولما وقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته قتله في الكوفة.
(انظر الملل والنحل 1: 159 وانظر رجال الكشي في الأحاديث رقم (220، 401، 403، 407، 408، 509،
510 ز 511 و 2000).
(4) ونقله السخاوي في شرح ألفية العراقي (ص: 111) عن أبي العباس القرطبي صاحب كتاب (المفهم) قوله:
(استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دل عليه القياسي الجلي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم نسبة قولية، فيقول في ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا!! ولهذا ترى كتبهم مشحونة
بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة، لأنها تشبه فتاوى الفقهاء، ولأنهم لا يقيمون لها سندا. وانظر تدريب
الراوي: 185.
(5) روى ذلك ابن حبان في الضعفاء بسنده إلى عبد الله بن يزيد المقرئ لكنه قال: (رجل من أهل البدع) انظر
تدريب الراوي: 186 وقال في شرح البداية (ص: 163): (وروى عن عبد الله بن زيد المقرئ، أن
رجلا من الخوارج...).
313

(6) ومنهم: من يضع ليفسد (1) الشريعة، كالزنادقة، فإنه حكي أنه لما أمر
بضرب عنق أبي العوجاء قال: إن تقتلوني فقد دسست في دينكم أربعة آلاف حديث (2).
وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله في حياته حتى قال: (ألا فقد كثرت
علي القالة، ألا ومن كذب علي فليتبوء مقعده من النار) (3). فما ظنك في ما بعد مماته.
وأكثر ما فشا الوضع أيام معاوية في فضائل المشايخ وغيرهم، فلقد بذل في ذلك
الأموال ليصد الناس عن آل الله، وقد اعترف حسن بن محمد الصنعاني بذلك وهو من
أعاظمهم في كتاب (الدر الملتقط في تبيين الغلط)، وذكر فيه ما في كتاب (الشهاب والنجم
من الموضوعات)، قال:
(ومن الموضوعات ما زعموا أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
(إن الله يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة ويتجلي لك يا أبا بكر خاصة) (4).
وإنه قال حديث: (إن الله تعالى لما خلق الأرواح اختار روح أبي بكر من بين
الأرواح) (5).
قال: (وأمثال ذلك كثير، وأنا انتسب إلى عمر وأقول فيه الحق لقول النبي صلى الله
عليه وآله:
(قولوا الحق ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين).)
فمن الموضوعات ما روى: (إن أول من يعطى كتابه بيمينه عمر بن الخطاب، وله
شعاع كشعاع الشمس.
قيل: فأين أبو بكر.

(1) في المتن: (لان يفسد) والصحيح ما أثبتناه.
(2) ميزان الاعتدال: 2 / 642، شرح البداية 1: 162.
(3) الكافي 1: 62 / 1 - باب اختلاف الحديث.
(4) انظر الموضوعات لابن الجوزي - تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان 1: 304.
(5) انظر الموضوعات لابن الجوزي: 1: 310.
314

قال: سرقته الملائكة) (1).
ومنها حديث: (من سب أبا بكر وعمر قتل، ومن سب عثمان وعليا جلد) إلى غير
ذلك من الأحاديث المختلفة).
انتهى.
وقال الملا علي القاري الهروي الحنفي في كتابه المعروف بالموضوعات الكبرى،
المطبوع في دهلي، في مطبعة المجتبائي في صفحة مائة وست، فصل: (ومما وضعه جهلة
المنتسبين إلى السنة في فضل الصديق):
حديث:
(إن الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ولأبي بكر خاصة).
وحديث: (ما صب الله في صدري شيئا الا صببته في صدر أبي بكر)
وحديث: (كان إذا اشتاق إلى الجنة قبل شيبة أبي بكر).
وحديث: (أنا وأبو بكر كفرسي رهان)
وحديث: (إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر).
وحديث عمر: (كان رسول الله وأبي بكر يتحدثان وكنت كالزنجي بينهما).
وحديث: (لو حدثتكم بفضائل عمر عمر نوح في قومه ما فنيت وإن عمر حسنة من
حسنات أبي بكر).
وحديث: (ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة وإنما سبقكم بشئ وقر في
صدره) (2)).
انتهى موضع الحاجة.
وقد ذكر كل ذلك وغيره أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب (الموضوعات)،
والسيوطي في (اللآلي المصنوعة (3) في الأحاديث الموضوعة)، وفي كتاب (السعقبات) له

(1) انظر الموضوعات لابن الجوزي: 1: 320.
(2) الموضوعات الكبرى: 127 - 128.
(3) اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي 1: 286.
315

أيضا، والسخاوي في (المقاصد الحسنة). وذكر كل هؤلاء أن من الموضوع: (الاكتحال يوم
عاشوراء، والتزين، والتوسعة، والصلاة فيه) وغير ذلك من فضايل لا يصح منها شئ ولا
حديث واحد غير حديث صيامه، وما عداها باطل.
انتهى.
أقول: بل وحديث صيامه أيضا موضوع.
قال الدميري (1) في حياة الحيوان:
قال القرطبي (2):
يقال للفرد (3) الصوم.
ورينا في معجم عبد الباقي بن قانع، عن أبي غليط أمية بن خلف الحجمي قال: رآني
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى يدي صرد فقال: (4)
(هذا أول طير صام يوم عاشوراء) (5)
والحديث مثل اسمه غليط فقد قال الحاكم: هو من الأحاديث التي وضعها قتلة
الحسين عليه السلام، وهو حديث باطل، ورواته مجهولون).
انتهى موضع الحاجة.
قال في كتاب المناهج للمهذب أحمد بن عبد الرضا من الجمهور في علم الدراية:
(وقد صنف جماعة من العلماء كالصنعاني وغيره كتابا في بيان الأحاديث الموضوعة،
وعدوا من ذلك:
(السعيد من وعظ بغيره).
(الشقي من شقى في بطن أمه).
(الجنة دار الأسخياء).

(1) في المتن (الدميزي) والصحيح ما أثبتناه.
(2) في المتن: (القرطي) والصحيح ما أثبتناه.
(3) في حياة الحيوان: (له) بدل (للفرد).
(4) في حياة الحيوان ههنا زيادة: (هذا أول طير صام) ويروى إنه...
(5) حياة الحيوان الكبرى لكمال الدين محمد بن موسى الدميري: 2: 33.
316

(طاعة النساء ندامة).
(دفن البنات من المكرمات).
(اطلبوا الخير عند حسان الوجوه).
(لا هم إلا هم الدين، ولا وجع إلا وجع العين).
(الموت كفارة لكل مسلم).
(إن التجار هم الفجار).
ثم نقل ما نقلناه عن الصنعاني في كتاب الدر الملتقط وزاد على ما نقلناه عنه.
وأحمد بن عبد الرضا من أعاظم علماء الجمهور، والصنعاني (1) إمام عندهم في
الحديث والعلم، وكذا ابن الجوزي والسيوطي، والبخاري، وعلي القاري، والقرصي، وقد
أنطقهم الله بذلك.
ومن سرد أحوال الرجال، والسير، وكيفية أحوال بني أمية أيام امارتهم علم أن
جميع ما روي فيهم، وفيمن تقدمهم، ومكنهم من رقاب الناس كله موضوع، وهو بين ما
وضع للتقرب إليهم، وبين ما بذلوا فيه الأموال.
ومن أراد شرح الحال في ذلك الزمان فعليه بمراجعة كتاب سليم بن قيس الهلالي
صاحب أمير المؤمنين عليه السلام - فإنه ممن شاهد وعاصر إلى زمان عبد الملك بن مروان
وقد سير به - لتوقفت فيه (على) كيفية حث الناس على وضع الحديث أيام معاوية فيه وفي
عثمان وبني أمية ثم لما كثر ذلك أمر أن يوضع في مدح الشيخين وأحبابهم حتى امتلأت
البيوت من الأحاديث المكذوبة.
هذا مضافا إلى ما ذكره ابن أبي الحديد من إكثار البكرية الوضع في أبي بكر قال: وقد
أفرطوا في ذلك.
قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه في الموضوع.
(وقد صنف بعض قصاص زماننا كتابا ذكر فيه أن الحسن والحسين عليهما السلام
دخلا على عمر وهو مشغول ثم انتبه لهما فقام وقبلهما ووهب لكل واحد منهما ألفا فرجعا

(1) الحسن بن محمد الحسن (أنظر الاعلام 2 / 232).
317

فأخبرا أباهما فقال:
(سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: عمر نور الاسلام في الدنيا وسراج أهل
الجنة في العقبى).
فرجعا إلى عمر فحدثاه فاستدعى دواة وقرطاسا وكتب:
(حدثني سيدي شباب أهل الجنة، عن أبيهما، عن رسول الله صلى الله عليه وآله كذا
وكذا).
فأوصى أن يجعل في كفنه، ففعل ذلك، فأصبحوا وإذا القرطاس على القبر وفيه:
صدق الحسن والحسين وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال: والعجب من هذا الذي بلغت به الوقاحة أن يصنف مثل هذا، أما كف حتى
عرضه على الفقهاء فكتبوا عليه تصويب هذه التصنيف).
انتهى.
وأخرج ابن عساكر عن الرشيد أنه جئ إليه بزنديق فأمر بقتله فقال: يا أمير
المؤمنين أين أنت عن أربعة آلاف حديث وضعتها فيكم، إلى آخر الحديث.
وقال علي القارئ الهروي الحنفي في الموضوعات الكبرى ما لفظه:
(وفي الخلاصة قال الشيخ: قد صنفت كتب في الحديث، وجميع ما حوت عليه
موضوع، كموضوعات القضاعي، ومنها الأربعون المورعانية) إلى آخر ما ذكر. قال
الصنعاني:
ومنها كتاب فضل العلماء للمحدث شرف البلخي، وأوله: من تعلم مائة من الفقه فله
كذا.
ومن الأحاديث الموضوعة بإسناد واحد أحاديث الشيخ المعروف بابن أبي الدنيا
وأحاديث ابن سنطور الرومي، وأحاديث بشر ونعيم ابني سالم، وخراش عن أنس،
318

وأحاديث دينار عنه، وأحاديث آل هدبة، إبراهيم بن هدبة العيسى.
ومنها كتاب يدعى بمسند أنس البصري، مقدار ثلاثمائة يرويه سمعان بن المهدي عن
أنس، وعد كثيرا من ذلك).
انتهى.
ومن الكتب التي صنفها علماء الجمهور في بيان الموضوع: رسالة الشوكاني المسماة
(بالفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة).
(و) لو أردنا شرح مباني وضعهم الأحاديث ومن وضع، وما وضع لطال المقام،
ولكن العزم على إفراد ذلك في مصنف مستقل إن شاء الله.
319

تقسيم الحديث
بلحاظ الراوي
321

تذييل
في جملة أخرى من أنواع الحديث تتعلق بكيفية روايته
منها:
(المتفق والمفترق)
أي المتفق في الاسم المفترق في الشخص، وذلك: إن (الراوي إن وافق في اسمه واسم
أبيه (1) آخر) سواء اتفق في الموافقة (لفظا) اثنان أو أكثر (فهو) النوع الذي يقال له:
(المتفق والمفترق).
وثمرة درايته: خشية أن يظن الشخصان شخصا واحدا، كما لو جاءت رواية الشيخ
أو غيره من المشايخ عن أحمد بن محمد مطلقة، فلا يدرى من هو، لان هذا الاسم مشترك بين
جماعة كثيرة، وإن كان الأكثر دورانا في الاسناد ابن الوليد (2) وابن أبي نصر (3) وابن
خالد (4) وابن عيسى (5) والأربعة ثقات أخيار، لكن مع ذلك لا بد من الاستعلام.
وقد صنف الأصحاب رضوان الله عليهم كتبا في استعلام المشتركات.

1 - في المتن ههنا زيادة: (أو).
2 - أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، إلا أنه لم يرد فيه توثيق صريح في كتب الرجال، وإنما يوثق على بعض
المباني فقط، وقد ذهب المؤلف إلى توثيقه كما ستعرف.
3 - أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي.
4 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي.
5 - أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري.
323

ومنها:
(المؤتلف والمختلف)
وهو من اتفقت أسماء الرواة فيه خطا واختلفت لفظا، سواء كان مرجع الاختلاف
إلى النقط أو الشكل.
فالراوي إن وافق في اسمه واسم أبيه آخر (خطا فقط فهو) النوع الذي يقال له
(المؤتلف والمختلف).
قالوا: ومعرفته من مهمات هذا الفن حتى إن أشد التصحيف ما يقع في الأسماء، لأنه
شئ لا يدخله القياس، ولا قبله شئ يدل عليه، ولا بعده، بخلاف التصحيف الواقع في
المتن.
قال جدي في الدراية:
(وهذا النوع منتشر جدا، لا يضبط تفصيلا الا بالحفظ) (1).
أقول: لكنه ليس بذلك الكثير فيما مست الحاجة إليه.
في ضبط جملة من الأسماء المتشابهة
والذي ذكروه في كتب المشتركات جماعة لا يزيدون على اثني عشر، (منهم):
أحمد بن ميثم (2)، وأحمد بن ميتم
الأول: (ابن أبي نعيم) الفضل بن دكين (3) الثقة.
وضبطه: بالياء المثناة التحتانية والثاء المثلثة. والثاني: بها وبالتاء المثناة. ويمكن
استعلام أنه الأول برواية حميد بن زياد عنه (4).

1 - الرعاية: 376.
2 - قال الشيخ الطوسي في الفهرست (25 / 67): (أحمد بن ميثم بن أبي نعيم الفضل بن عمر، ولقبه دكين...).
3 - كذا في الفهرست، ورجال النجاشي 88 / 216 وفي المتن: ركين.
4 - انظر الشيخ الطوسي في الفهرست، وفي رجاله - فيمن لم يرو عن الأئمة عليهم السلام - 440 / 21.
324

وحيث لا تميز بينهما فالوقف، لجهالة (1) الثاني، وعدم ذكره إلا من (قبل) العلامة في
الايضاح.
ومنهم: بريد ويزيد
الأول: بالباء الموحدة والراء المهملة. والثاني: بالياء المثناة من تحت والزاء المعجمة.
والمائز الطبقة، فإن الأول هو ابن معاوية العجلي، الثقة، الراوي عن الباقر والصادق
عليهما السلام (2)، والثاني أسلمي صحابي.
وممن يعرف به الأول رواية علي بن عقبة (3) عنه. وحيث لا تميز فالوقف.
ومنهم: بشار ويسار
الأول: بالباء الموحدة والشين المعجمة المشددة (4).
والثاني: بالياء المثناة من تحت والسين المهملة المخففة.
والأول: هو أخو سعيد بن يسار الضبيعي (5) الثقة. والثاني: أبوهما.
وربما اشترك الأول بين جماعة لاحظ لهم في التوثيق، وذلك يعرف في بابه.
وحيث لا تميز فالوقف.
ومنهم: بنان وبيان
الأول: بالنون بعد النون المضمومة بينهما ألف، ضعيف ملعون (6).

1 - في المتن: (بجالة) والصحيح ما أثبتناه.
2 - قال النجاشي في رجاله: 112 / 287:
(بريد بن معاوية أبو القاسم العجلي، عربي، روى عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام، ومات في حياة
أبي عبد الله، وجه من وجوه أصحابنا، وفقيه أيضا، له محل عند الأئمة.
3 - علي بن عقبة بن خالد الأسدي (انظر النجاشي 271 / 710 وانظر ترجمة بريد كذلك).
4 - في المتن: (مشدة) والصحيح ما أثبتناه.
5 - في النجاشي 113 / 290: الضبعي.
انظر رجال الكشي - ترجمة محمد بن أبي زينب، وقد مر ذلك فراجع.
325

والثاني: بالنون بعد الياء المثناة من تحت المفتوحة، ممدوح (1). ويمكن استعلام حاله
براوية يحيى بن محمد العليمي عنه.
وحيث لا تميز تقف الرواية.
ومنهم: جرير وحريز
الأول: بالجيم ثم الراء المهملة والياء المثناة من تحت ثم الراء المهملة أخيرا، هو: جرير
بن عبد الله البجلي الصحابي (2).
والثاني: بالحاء والراء المهملتين والزاء المعجمة أخيرا بعد الياء، هو: ابن عبد الله
السجستاني الثقة (3).
ويمكن استعلام حاله برواية حماد عنه، وإن أشكل الامر وقفت الرواية.
ومنهم: حنان وحيان
الأول بالنون بعد الألف، ابن سدير الواقفي (4).
والثاني: بالنون بعد الألف والياء، المنقطة نقطتين من تحت السراج، كيساني،
مجهور (5).
وحيان أيضا يجئ لاخر، وهو ابن العنزي (6) الثقة.
وحيث يعسر التميز بين هؤلاء فالوقف.

1 - انظر ترجمته في رجال الكشي 113 / 289.
2 - عده الشيخ الطوسي في أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله: 13 / 18، وفي أصحاب أمير المؤمنين: 37 / 8.
3 - انظر فهرست الشيخ الطوسي: 62 / 239 ورجال النجاشي: 144 / 375.
4 - حنان بن سدير الصيرفي، عده الشيخ الطوسي في أصحاب الكاظم عليه السلام: 346 / 5، كما وثقه في
الفهرست: 64 / 244.
5 - انظر ترجمته في رجال الكشي، ومجمع الرجال 2: 250.
6 - كذا في رجال الطوسي 182 / 285 وفي المتن: العنوي.
326

ومنهم: الحناط والخياط
والأول: بالحاء المهملة والنون.
والثاني: بالخاء المعجمة والياء المثناة بعدها، هو: علي بن أبي صالح على ما نسب إلى
البعض (1)، وعلى ما وجدناه بالحاء المهملة كالأول.
والأول مشترك بين جماعة، منهم الثقة وغيره. ويمكن استعلام أنه حفص بن سالم
الثقة المكنى بأبي ولاد (2) بما تقدم في بابه من رواية الحسن بن محبوب عنه.
وأنه: محمد بن مروان (3)، الثقة أيضا، برواية علي بن إسحاق عنه.
وأنه: الحسن بن عطية (4)، الثقة أيضا، بما تقدم من رواية أحمد بن ميثم عنه.
وحيث لا تميز فالوقف.
ومنهم: الخراز والخزاز
الأول: براء مهملة بعد الخاء المعجمة، يقال لجماعة منهم إبراهيم بن عيسى بن أيوب
الثقة (5)، وإبراهيم بن زياد (6) المجهول.
والثاني: بزائين معجمتين، يقال لجماعة منهم: محمد بن يحيى (7) ومحمد بن الوليد (8)،
وعلي بن فضيل (9)، وإبراهيم بن سليمان (10) وأحمد بن النضر (11)، وعمرو بن عثمان (12)، و

1 - انظر النجاشي: 257 / 675.
2 - حفص بن سالم، أبو ولاد الحناط، وثقه الشيخ الطوسي: 62 / 235 والنجاشي: 135 / 347.
3 - انظر ترجمته في رجال النجاشي: 360 / 967.
4 - انظر ترجمته في رجال النجاشي: 46 / 93.
5 - انظر ترجمته في رجال النجاشي: 20 / 25، وقال النجاشي: وقيل إبراهيم بن عثمان.
6 - عده الشيخ الطوسي في أصحاب الصادق عليه السلام: 146 / 79.
7 - انظر ترجمته في رجال النجاشي: 359 / 964.
8 - انظر ترجمته في رجال النجاشي: 345 / 931.
9 - في النجاشي: 456 / 672 علي بن الفضيل.
10 - انظر فهرست الشيخ: 6 / 8، والنجاشي 18 / 20.
11 - انظر ترجمته في رجال النجاشي: 98 / 244.
12 - انظر الفهرست: 111 / 478.
327

عبد الكريم بن هلال. (1)
والتميز بينهم بالقرائن مع وجودها، وإلا فالوقف.
ومنهم: خيثم وخثيم
الأول: بالياء المثناة بعد الخاء المعجمة المفتوحة ثم الثاء المثلثة: أبو سعيد بن خيثم
الهلالي (2)، التابعي، الضعيف.
والثاني: بالثاء المثلثة بعد الخاء المعجمة المضمومة ثم الياء المثناة: أبو الربيع بن خثيم،
أحد الزهاد.
وحيث يعسر التميز فالوقف لتقارب المرتبة.
ومنهم: رشيد ورشيد
والأول: بفتح الراء المهملة، ابن زيد الجعفي، الكوفي، الثقة (3).
والثاني (4): بضم الراء مصغرا، هجري مشكور.
وحيث يعسر التميز فالوقف مع احتمال عدمه.
ومنهم: شريح وسريج
الأول: بالشين المعجمة والحاء المهملة في الاخر، هو: شريح بن النعمان (5) التابعي
الراوي عن علي عليه السلام.
والثاني: بالسين المهملة والجيم أخيرا، وهو: سريج بن النعمان، أحد رواة العامة (6):

1 - كذا في رجال الشيخ الطوسي في أصحاب الصادق عليه السلام: 234 / 182 والنجاشي 246 / 646 وفي
المتن: عبد الكريم بن هليل.
2 - ذكره النجاشي: 180 / 474 وقال: أبو معمر الهلالي، ضعيف.
3 - انظر النجاشي: 169 / 446.
4 - انظر الكشي: الأحاديث رقم: 131، 132، 133، 768.
5 - شريح بن نعمان الهمداني (انظر رجال الشيخ الطوسي: 44 / 1).
6 - انظر تقريب التهذيب 1: 285 / 63.
328

وحيث يشكل الامر فالامر واحد (1).
ومنهم: عقيل وعقيل
الأول: بفتح العين المهملة، وهو: محمد بن عقيل النيسابوري
والثاني: بضم العين المهملة: وهو محمد بن عقيل القرباني.
وحيث لا تميز فالمعنى واحد.
ومن هذا القبيل (2): الاشتراك في النسبة، كالهمداني والهمذاني:
والأول: بسكون الميم والدال المهملة، نسبة إلى همدان، قبيلة ينسب إليها الحارثي (3)
الهمداني المشهور، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب (4)، وسندي بن عيسى (5)، وجماعة، و
محمد بن الأصبغ (6)، ومحفوظ بن نصر (7) ونحو ذلك من العدد على ما ذكره البعض حتى قيل
هم أكثر المنسوبين من الرواة، لأنها قبيلة مختصة بهذه الفرقة من عهد علي عليه السلام.
والثاني: بفتح الميم والذال المعجمة، اسم بلدة معروفة، بناها همذان بن القلوج بن
سام بن نوح عليه السلام، منهم:
محمد بن علي الهمذاني (8) ومحمد بن علي الهمذاني (9) ومحمد بن علي بن إبراهيم
وكيل (10) الناحية، وابنه القسم، وأبوه علي، وجده إبراهيم ومحمد بن موسى (11) وإبراهيم بن

1 - لان كلاهما مجهول.
2 - من المؤتلف والمختلف.
3 - في المتن: (الحادثي) والصحيح ما أثبتناه، والمقصود هو: مالك بن الحارث الأشتر صاحب أمير المؤمنين
عليه السلام.
4 - كذا في النجاشي 334 / 897 وغيره وفي المتن محمد بن الحسين بن الحسين بن أبي الخطاب.
5 - انظر النجاشي 186 / 495.
6 - انظر النجاشي 343 / 926.
7 - انظر النجاشي 424 / 1137.
8 - الظاهر اتحاده مع الثالث.
9 - هكذا جاء الاسم مكررا في المتن.
10 - انظر النجاشي 344 / 928.
11 - في النجاشي الهمداني وليس الهمذاني (انظر 338 / 904).
329

محمد، وعلي بن المسيب، وعلي بن الحسن على ما ذكره البعض.
وحيث يشتبه الامر رجع إلى الترجيح بالقرائن فاغتنم.
ومنها (1):
الحديث المتشابه
فإن وافق الراوي آخر في لقبه (أو في اسمه) - سواء وافقه خطا ونقطا، أو خطا
(فقط) وكان (الأبوان) أيضا هما (مؤتلفين) خطا، أو نقطا، أو خطا فقط - (فهو
المتشابه) في الاصطلاح، كمحمد بن عقيل، بفتح العين (2)، ومحمد بن عقيل، بضمها.
الأول نيشابوري، والثاني قرباني، فإنه مما اتفق فيه الاسم خطا ونقطا، واختلف
الأبوان نقطا مع ائتلافهما خطا.
وكشريح بن النعمان وسريج بن النعمان:
الأول: بالشين المعجمة والحاء المهملة، وهو: تابعي، (روى) عن علي عليه السلام.
والثاني: بالسين المهملة والجيم، وهو: عامي أحد رواتهم، فإنه مما اختلف فيه الاسم
نقطا وائتلف خطا، وائتلف الأبوان خطا ونقطا.
ومنها:
رواية الاقران
وهو (إن وافق الراوي المروي عنه في السن أو في الاخذ عن الشيوخ (3)، فرواية (4)
الاقران).

1 - من أقسام الحديث بلحاظ الراوي.
2 (انظر تقريب التهذيب 2: 191 / 536.
3 - في (و): (الشيخ) بدل (الشيوخ).
4 - كذا في (و): وفي المتن (فرواته).
330

رواية أحد القرينين (1) عن قرينه (2) كجدنا السيد نور الدين علي، وأخيه لامه الشيخ
حسن صاحب المعالم، وأخيه لأبيه السيد محمد صاحب المدارك، فإنهم أقران في طلب العلم
علي جدنا السيد علي بن الحسين المشتهر بابن أبي الحسن الموسوي، والد جدنا السيد نور
الدين، والسيد محمد صاحب المدارك.
وجدنا السيد نور الدين، يروى عن أخويه، السيد محمد، والشيخ حسن المذكورين.
ومثل جدنا في الدراية لرواية الاقران بالشيخ أبي جعفر الطوسي والسيد المرتضى.
قال:
(فإنهما أقران في طلب العلم والقراءة على الشيخ المفيد.
والشيخ أبو جعفر يروي عن السيد المرتضى بعد أن قرأ عليه مصنفاته) (3). قال:
(ذكر ذلك في كتاب الرجال) (4).
ومنها:
المدبج
بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة وآخره جيم.
وهو: أن يروي كل من الفريقين عن الاخر، كما اتفق ذلك لشيخنا الشهيد (5) مع
السيد تاج الدين بن معية (6)، (و) محمد بن الحسن الحر صاحب الوسائل مع مولاه العلامة
المجلسي صاحب البحار، حين ورد صاحب الوسائل أصفهان، وذكر ذلك في أخر الوسائل،
قال:

1 - في المتن: (القرينتين) والصحيح ما أثبتناه.
2 - في المتن: (قرينة) والصحيح ما أثبتناه.
3 - الدراية 122 (الرعاية: 349).
4 - الدراية 123 (الرعاية: 354).
5 - الشهيد الأول (انظر الدراية: 123 والرعاية: 354).
6 - كذا في الدراية وفي المتن: (معينة).
331

(ونرويها أيضا عن المولى، الاجل، الأكمل، الورع، المدقق، مولانا محمد باقر ابن
الأفضل الأكمل، مولانا محمد تقي المجلسي، أيده الله تعالى، وهو آخر من أجازني وأجزت
له عن أبيه) (1) إلى آخر ما ذكر.
وذكر نحو ذلك أيضا مولانا صاحب البحار في الجزء الثاني (2) من كتاب الإجازات و
هو آخر مجلدات البحار، فاغتنم.
ثم المدبج أخص من رواية الاقران، فكل مدبج أقران ولا ينعكس.
وهو أي المدبج مأخوذ من ديباجة الوجه. كل واحد من الفريقين يبذل ديباجة
وجهه للاخر ويروي عنه.
ومنها: رواية الأكابر عن الأصاغر
وهو أن يتقدم الراوي على المروي عنه في النسب. (أو تقدم عليه) في السن
واللقاء (أو في أحدهما) بل لو تقدم في المقدار أيضا (فرواية الأكابر عن الأصاغر)،
مثل ما أخرجه النووي من الجمهور في تهذيبه، من رواية سيد الأنبياء عليه السلام، عن
إبراهيم خليل الله عليه السلام ليلة المعراج.
روى النووي بإسناده عن عبد الله بن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(رأيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسري بي، فقال:
يا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - اقرأ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة
طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها نبعان، وقراءتها قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله،
والله أكبر، ولا حول ولا قوة الا بالله).
قال النووي: وقد من الله الكريم فجعل لنا سندا متصلا بخليله عليه السلام.

1 - الوسائل: 51 (الفائدة الخامسة)، طبعة مؤسسة آل البيت 30: 173.
2 - بحار الأنوار 108: 54.
332

انتهى.
ومثلوا الرواية الأكابر عن الأصاغر برواية الصحابي عن التابعي، وقد وقع منه
رواية العبادلة (1) وغيرهم عن كعب الأحبار.
ورواية التابعي عن تابع التابعي، كعمرو (2) بن شعيب، لم يكن من التابعين وروى
عنه خلق كثير منهم، قيل: إنهم سبعون (3).
وأحسن ما يكون مثالا لهذا القسم من حيث النسب واللقاء والسن ما ذكره جدي
في الدراية في هذا المقام. قال:
(وممن رأيت خطه من العلماء بذلك السيد تاج الدين بن معية الحسني (4) الديباجي،
فإنه أجاز لشيخنا الشهيد رواية مروياته، وكان معدودا من مشيخته، واستجازه في آخر
إجازته منه) (5).
انتهى.
وهذا كما تقدم من قسم المدبج من حيث العلم أو تعارض الروايتين.
ومن هذا القسم:
رواية الاباء عن الأبناء
وهو أخص من مطلقة، كرواية عباس بن عبد المطلب، عن ابنه الفضل: (إن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة) (6).
وهذا القسم ليس بكثير.

1 - عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر.
2 - في المتن: (عمر) بدل (عمرو) وهو الأصح كما في التقريب والتدريب (انظر تدريب الراوي: 424 - 425).
3 - انظر تدريب الراوي: 425.
4 - في المتن: (الحسن) والصحيح ما أثبتناه.
5 - الدراية: 123 (الرعاية: 354).
6 - انظر تدريب الراوي: 431.
333

والأكثر:
رواية الأبناء عن الاباء
وهو قسمان:
الأول: رواية الابن عن أبيه دون جده، وهو أكثر من أن يحصى.
والثاني: روايته عن أزيد من واحد من الاباء.
فروايته عن أبوين، أعني عن أبيه عن جده كثير، منه في رأس الاسناد رواية
زين العابدين عليه السلام، عن أبيه الحسين عليه السلام، عن أبيه علي أمير المؤمنين
عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
في طريق الفقهاء: رواية السيد العلامة السيد صدر الدين عم أبي، عن أبيه، جدنا
المعظم السيد شريف صالح بن محمد، عن أبيه محمد بن إبراهيم بن زين العابدين الموسوي
العاملي، عن الشيخ محمد بن الحسن الحر، صاحب الوسائل.
وذكر جدي الشهيد في الدراية روايته عن ثلاثة آباء، وعن أربعة، وعن خمسة آباء،
وعن ستة آباء ثم قال:
(وهو أكثر ما نرويه (1) بإسنادنا إلى مولانا أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن
موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن أبيه،
عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه علي بن أبي طالب
عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال لبعض أصحابه ذات يوم:
(يا عبد الله أحب في الله، وابغض في الله، وود (2) في الله، وعاد في الله، فإنه لا تنال
ولاية الله الا بذلك، ولا يجد أحد طعم الايمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون
كذلك) (3) الحديث.

1 - في الدراية (ص: 125) ههنا زيادة: (بتسعة آباء عن الأئمة عليه السلام رواية الحب في الله والبغض في الله
فإنا نرويه). انظر الرعاية كذلك: 363.
2 - في الدراية: (ووال).
3 - الدراية: 125.
334

ثم قال: (ونروي عن تسعة آباء بغير طريقهم يعني من العامة) (1). وذكر ذلك.
ثم قال:
(فهذا أكثر ما اتفق لنا روايته من الأحاديث المسلسلة بالاباء) (2).
أقول: وقد تفضل الله لنا برواية أزيد منه بكثير من طرقنا ورجالنا، بل من السلسلة
العلوية العالية وهو:
ما نرويه بإسنادنا، عن المولى المعظم الميرزا محمد الأسترآبادي صاحب الرجال
الكبير والوسط، عن السيد أبي محمد محسن قال:
حدثني أبي علي شرف الاباء، عن أبيه منصور غياث الدين أستاذ البشر، عن أبيه
محمد صدر الدين الحكيم (...) (3) المشهور بسيد المدققين، عن أبيه إبراهيم شرف الدين، عن
أبيه محمد صدر الدين، عن أبيه إسحاق عز الدين، عن أبيه علي ضياء الدين، عن أبيه عرب
شاه زين الدين، عن أبيه أبي الحسن أمير ابنه، عن أبيه أميري خطير الدين، عن أبيه أبي
علي الحسن جمال الدين، عن أبيه أبي حفص الحسين العزيزي، عن أبيه أبي سعيد علي، عن
أبيه أبي إبراهيم زيد الأعثم النصيبي، عن أبيه أبي شجاع علي، عن أبيه أبي عبد الله محمد،
عن أبيه علي، عن أبيه أبي عبد الله جعفر، عن أبيه أحمد السكين، عن أبيه جعفر، عن أبيه أبي
جعفر محمد، عن أبيه زيد الشهيد، عن أبيه علي زين العابدين، عن أبيه الحسين سيد
الشهداء عليه السلام، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، قال:
(سمعت) رسول الله صلى الله عليه وآله يقول وقد سئل: بأي لغة خاطبك ربك ليلة
المعراج قال:
(خاطبني بلسان علي عليه السلام فالهمني ان قلت:
يا رب خاطبتني أم عليا عليه السلام؟

1 - الدراية: 126.
2 - الدراية: 127.
3 - في المتن ههنا كلمة غير مقروءة.
335

فقال: يا أحمد أنا شئ ليس كالأشياء، لا أقاس بالناس، ولا أصف بالشبهات،
خلقتك من نور وخلقت عليا من نورك. اطلعت على سائر قلبك فلم أجد في قلبك أحب
من علي بن أبي طالب عليه السلام، فخاطبتك بلسانه كي ما يطمئن قلبك) الحديث
وهذا عزيز لم يتفق مثله لاحد من المتقدمين والمتأخرين من الفريقين.
ومنها:
حديث السابق واللاحق
وهو أن يشترك اثنان في الرواية عن شيخ من الشيوخ، ويتقدم موت أحدهما على
الاخر. قال: جدي في الدراية:
وأكثر ما وقفنا عليه في عصرنا من ذلك ست (1) وثمانون سنة، فإن شيخنا المبرور
نور الدين علي بن عبد العالي الميسي والشيخ الفاضل ناصر بن إبراهيم البويهي الأحسائي
كلاهما يروي عن الشيخ ظهير الدين محمد بن الحسام، وبين وفاتيهما ما ذكرناه، لان الشيخ
ناصر (البويهي توفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة وشيخنا) (2) توفى سنة ثمان وثلاثين و
تسعمائة.
وأكثر ما بلغنا قبل ذلك من طرق الجمهور ما بين الروايتين في الوفاة، مائة وخمسون
سنة، فإن الحافظ السلفي (3) سمع منه أبو علي البرداني أحد مشايخه حديثا ورواه عنه ومات
على رأس الخمسمائة.
ثم كان آخر أصحاب السلفي بالسماع سبطه أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي، وكانت
وفاته سنة خمسين وستمائة.
وغالب ما يقع من ذلك أن المسموع منه قد يتأخر بعد أحد الروايتين عنه زمانا حتى

1 - كذا في الدراية وفي المتن: (سنة).
2 - ما بين القوسين ساقط من المتن.
3 - في المتن: (السلعي كما في الدراية (ص: 127) وما أثبتناه اعتمادا على ما في تدريب الراوي:، 439، والباعث
الحثيث نقلا عن النخبة 231، وكذا في الرعاية: 367.
336

يسمع منه بعض الاحداث ويعش بعد السماع منه دهرا طويلا فيحصل من مجموع ذلك نحو
هذه المدة (1)) (2).

1 - في الدراية: (المدد) بدل (المدة).
(2) الدراية: 127.
337

تنبيهات
339

تتميم
فيه تنبيهات خمسة
التنبيه الأول: في معرفة الصحابي
وهو في الأظهر من صحب النبي صلى الله عليه وآله مؤمنا ومات على ذلك.
والطريق إلى معرفته بعد التواتر الشهرة والاستفاضة وأخبار الثقة.
ولا حصر لعددهم وإن نقل أنه عليه السلام مات عن مائة وأربعة عشر ألف
صحابي. فتأمل.
(التنبيه) الثاني: في معرفة التابعي
فهو: من أدرك الصحابي ولم يلقه عليه السلام.
عد من جملتهم النجاشي ملك الحبشة، وسويد بن عطية صاحب أمير المؤمنين
عليه السلام، وربيعة بن زرارة، وأبو مسلم الحولاني، والأحنف بن قيس، ونحوهم ممن أدرك
زمن الجاهلية والاسلام ولم يلق النبي صلى الله عليه وآله.
وربما عبر عنهم بالمخضرمين، أي المقطوعين عن نضرائهم، الذين أدركوا صحبته
صلى الله عليه وآله. أخذ من قولهم: ناقة مخضرمة، للتي قطع ذنبها (1).
(التنبيه الثالث): في معرفة الطبقات ومسالك الفريقين
الثالث في معرفة الطبقات ليؤمن بها اللباس والتدليس في الحديث.

(1) قال في لسان العرب 12: 184 - 185: وناقة مخضرمة: قطع طرف أذنها.
341

(تعريف الطبقة) والطبقة في مصطلحهم: عبارة عن جماعة من الرواة اشتركوا في السن، ولقاء المشايخ:
وتستفاد معرفتها من تكرار النظر، ومراجعة الأسانيد، والتأمل فيها، حيث ترد
الأسماء مفصلة ومجملة.
ولا بد من التنبيه على اصطلاح أصحابنا في أمر الطبقات لأنه يخالف اصطلاح
مخالفينا من الابتداء بالأعلى.
(طبقات الرواة عند الشيعة)
وانا أذكر ما وجدت في كتب الرجال لأصحابنا، منه:
مسلك ابن أبي جامع في عدد الطبقات
ما في كتاب الرجال للشيخ عبد اللطيف بن علي بن أحمد بن أبي جامع العاملي قال:
(وحيث إن معرفة طبقات الراوي ضرورية جعلت الطبقات ستا:
الأولى: طبقة الشيخ المفيد.
الثانية: طبقة الصدوق.
الثالثة: طبقة الكليني.
الرابعة: طبقة سعد.
الخامسة: طبقة أحمد بن محمد بن عيسى.
السادسة: طبقة ابن أبي عمير.
وما بعده يتضح الحال في أول وهلة).
قال: (فأشير في الأغلب إلى طبقة الراوي إما بروايته عن الامام أو نسبته إلى أحد
المشاهير من أعلى أو من أسفل، أو يكون في إحدى الطبقات المذكورة).
342

انتهى.
مسلك الشيخ المجلسي في عدد الطبقات
ورأيت المولى محمد تقي المجلسي في شرح مشيخة الصدوق جعل الطبقات اثنى عشر.
قال:
(فالطبقة الأولى: للشيخ الطوسي والنجاشي وأضرابهما.
والثانية: للشيخ المفيد وابن الغظائري، وأمثالهما.
والثالثة: للصدوق، وأحمد بن محمد بن يحيى، وأشباههما.
والرابعة: للكليني واضرابه.
والخامسة: لمحمد بن يحيى، وأحمد بن إدريس، وعلي بن إبراهيم، وأمثالهم.
والسادسة: لأحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الجبار، وأحمد بن محمد بن
خالد، وأضرابهم.
والسابعة: للحسين بن سعيد، وللحسن بن علي الوشاء، وأمثالهما.
والثامنة: لمحمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، والنضر بن سويد، ولأصحاب
موسى بن جعفر عليه السلام.
والتاسعة: لأصحاب أبي عبد الله عليه السلام.
والعاشرة: لأصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام.
والثانية عشر: لأصحاب الحسين عليه السلام وأمير المؤمنين عليه السلام).
قال: (ونذكر ما هو الغالب عليه وقد يكون بعضهم في ثلاث طبقات ويروى مع الاعلى
منه والأسفل منه لكبر سنه وكثرة ملازمته للأئمة المعصومين).
انتهى.
343

مسلك السيد المحسن الأعرجي صاحب المحصول
وجعلها السيد المقدس في رسالة الرد عشر طبقات.
الطبقة الأولى:
الشيخ المفيد.
والحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري.
وابن أبي جيد القمي.
وأحمد بن عبدون.
وإن كان مشايخ الشيخ أكثر من ذلك.
والثانية:
جعفر بن قولويه.
وأحمد بن محمد بن يحيى العطار.
وأحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد.
والصدوق أبو جعفر بن بابويه.
وأبو العباس (بن) (1) عقد الحافظ.
ومحمد بن أحمد بن داود القمي.
وأبو طالب الأنباري.
وفي الثالثة: شيخنا المتقدم محمد بن يعقوب الكليني.
ومحمد بن الحسن بن الوليد.
وعلي بن الحسين بن بابويه.

1 - ما بين القوسين ساقط من المتن.
344

وموسى بن المتوكل.
وأبو جعفر محمد بن قولويه.
وموسى بن المتوكل.
والتلعكبري (1).
وغيرهم من مشايخ الصدوق وغيرهم.
وفي الرابعة:
أحمد بن يحيى العطار.
وأحمد بن إدريس.
ومحمد بن إسماعيل البندقي (2) (في) رواية الفضل بن شاذان.
وسعد بن عبد الله.
وعلي بن إبراهيم.
وغيرهم من مشاهير مشايخ الكليني.
ومحمد بن الحسن الصفار.
وعبد الله بن جعفر الحميري.
وعلي بن فضال ونحوهم.
والخامسة:
أحمد بن عيسى.
وأحمد بن محمد بن خالد البرقي.
والحسين بن الحسن بن أبان.
ويعقوب بن يزيد الكاتب.

1 - الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان التلعكبري (المتوفى 413 ه‍).
2 - انظر الكشي 538 / 1024.
345

ومحمد بن علي بن محبوب.
وأيوب بن نوح.
وإبراهيم بن نوح.
وإبراهيم بن هاشم.
ومحمد بن عبد الجبار.
وفي السادسة:
الحسين بن سعيد وأخوه الحسن.
وعلي بن مهزيار.
وعبد العزيز بن المهتدي (1).
وموسى بن القاسم (2).
والحسن بن علي بن فضال.
والحسن بن علي الوشاء.
وعلي بن الحكم.
وعبد الرحمن بن أبي نجران.
والحسين بن علي بن يقطين.
والعباس بن معروف.
ومحمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني.
والهيثم بن مسروق.
وسهل بن زياد.

1 - كذا في النجاشي 245 / 642 وفي المتن (الممدي).
2 - كذا في النجاشي 405 / 1073 وفي المتن (قم).
346

والسابعة:
محمد بن أبي عمير.
ويونس بن عبد الرحمن.
وصفوان بن يحيى.
وأحمد بن محمد بن أبي نصر (1) البزنطي.
وعبد الله بن المغيرة.
والحسن بن محبوب.
والنضر بن سويد.
وفضالة بن أيوب.
وعلي بن يقطين.
ومحمد بن إسماعيل بن بزيع (2).
وعلي بن جعفر.
وحماد بن عيسى.
ومحمد بن سنان.
وعثمان بن عيسى.
والثامنة: جميل بن دراج.
وحماد بن عثمان الناب.
وأبان بن عثمان.
وعبد الله بن مسكان.
وهشام بن سالم.

1 - كذا في النجاشي 75 / 180 وفي المتن: (نظر).
2 - كذا في النجاشي 330 / 893.
347

وعبد الرحمن بن الحجاج.
وعلي بن حمزة البطائني.
والعلاء بن رزين.
وعلي بن رئاب (1).
وأبو ولاد الحناط.
والقاسم (2).
ومعاوية بن عمار.
وإسحاق بن عمار.
وأبو أيوب الخراز.
وسيف بن عميرة.
وزيد الشحام.
وحفص بن البختري ابن أبي زياد السكوني.
وعبيد بن زرارة.
وعمار الساباطي.
وفي التاسعة:
زرارة بن أعين واخوته (3).
ومحمد بن مسلم الطائفي.
وأبو بصير يحيى بن القاسم (4).
وأبو بصير ليث بن البختري.

1 - كذا في فهرست الشيخ الطوسي 87 / 365 وفي المتن: (رياب).
2 - كذا في النجاشي 314 / 860 وفي المتن: (قسم).
3 - قال الشيخ الطوسي في الفهرست 74 / 302: (ولزرارة اخوة جماعة منهم: حمران... وبكير... وعبد الرحمن،.
عبد الملك).
4 - كذا في النجاشي 439 / 1187 وفي المتن: (قسم).
348

والفضيل (1) بن يسار.
وأشباههم.
وفي العاشرة:
أبو حمزة الثمالي (2).
وأبو خالد الكابلي.
وطلحة بن يزيد.
وغيرهم ممن يروى عن الباقر وعلي بن الحسين عليهم السلام).
انتهى.
(تقسيم آخر للطبقات)
ووجدت بعض أصحابنا جعلها خمسة، هكذا.
الطبقة الأولى
أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر.
وأبو الحسين بن أبي جيد القمي.
أحمد بن محمد بن موسى الأهوازي.
الحسن بن أحمد بن القاسم (3) بن محمد بن علي بن أبي طالب عليه السلام.
الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (4).
الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري.

1 - كذا في النجاشي 309 / 846 وفي المتن: (الفضل).
2 - كذا في النجاشي 115 / 296 وفي المتن: (التمالي)، وهو ثابت بن أبي صفية دينار، أبو حمزة الثمالي.
3 - كذا في النجاشي 65 / 152 وفي المتن: (القسم).
4 - الشيخ المفيد.
349

الطبقة الثانية
أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد.
أحمد بن محمد الزراري، هو أبو غالب.
أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد.
أبو عبد الله أحمد بن أبي رافع الصيمري.
أبو غالب أحمد بن محمد الرازي.
أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه.
أحمد بن محمد بن يحيى أبو جعفر العطار.
أبو المفضل الشيباني محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن المطلب.
أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري.
أبو الحسين عبد الكريم بن عبد الله بن نصر البزاز.
أبو جعفر محمد بن الحسين بن سفيان البزوفري.
أبو طالب الأنباري.
علي بن محمد بن الرئيس القرشي.
أبو عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري.
محمد بن الحسن بن الوليد أيضا في الثالثة.
أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين.
أبو الحسن محمد بن أحمد بن داود.
أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني.
الطبقة الثالثة
محمد بن يعقوب.
محمد بن يحيى العطار، أيضا في الرابعة.
أحمد بن إدريس، أيضا في الرابعة.
350

حميد بن زياد، أيضا في الثالثة.
علي بن الحسن بن فضال.
أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأزدي.
محمد بن الحسن بن الوليد، أيضا في الثالثة.
محمد بن الحسن الصفار، أيضا في الرابعة.
حسين بن حسن بن أبان، أيضا في الرابعة.
علي بن الحسى بن بابويه.
أبو الملك أحمد بن عمر بن كيسية.
أحمد بن داود.
أبو القاسم جعفر بن محمد العلوي الموسوي.
محمد بن هود.
أبو عبد الله الحسين بن علي الشيباني القزويني.
علي بن إبراهيم بن هاشم، أيضا في الرابعة.
أبو العباس محمد بن جعفر بن محمد الرزاز (1).
علي بن الحسين السعدآبادي.
الطبقة الرابعة
علي بن إبراهيم بن هاشم.
محمد بن يحيى العطار، أيضا في الثالثة.
أحمد بن إدريس، أيضا في الثالثة.
الحسين بن محمد.
محمد بن إسماعيل.
حميد بن زياد، في الثالثة أيضا.

1 - في المتن: (زرار) وما أثبتناه نقلا عن النجاشي فر ترجمة محمد بن عيسى بن عبيد 333 / 896.
351

علي بن محمد.
حسن بن محبوب.
أحمد بن محمد بن عيسى، أيضا في الخامسة.
معاوية بن حكم.
هيثم بن أبي مسروق.
حسين (بن) (1) سعيد، أيضا في الخامسة.
محمد بن الحسن الصفار، أيضا في السادسة.
حسين بن حسن بن أبان، أيضا في الثالثة.
محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري.
محمد بن علي بن محبوب.
سعد بن عبد الله.
حسن بن محمد بن سماعة.
علي بن الحسن الطاطري.
عبد الله بن أحمد بن نهيك.
إبراهيم بن إسحاق الأحمري.
علي بن حاتم.
محمد بن عيسى بن عبيد.
العمركي النيشابوري البوفكي.
الطبقة الخامسة
أحمد بن محمد بن عيسى، أيضا في الرابعة.
أحمد بن محمد بن خالد.
إبراهيم بن هاشم، أيضا في الرابعة.

1 - ساقطة من المتن.
352

فضل بن شاذان.
سهل بن زياد.
حسن بن محبوب، أيضا في الرابعة.
حسين بن سعيد، أيضا في الرابعة.
فضل بن غانم (1).
إسماعيل بن مرار (2).
صالح بن السندي.
أيضا فضل بن شاذان.
عباس بن معروف.
موسى بن القاسم.
أحمد بن محمد بن عيسى.
حسن بن محبوب أيضا.
حسين بن سعيد أيضا.
يونس بن عبد الرحمن.
انتهى.
هذا ما عثرت عليه في كلام من تعرض لجعل الطبقات وكان كل جعل ترتيبا لنفسه،
ولم يظهر أن هناك اصطلاحا فيها يرجع إليه، ولا بأس، لان طبقات الرواة معلومة في
الجملة.
(طبقات الرواة عند العامة)
وأما مخالفونا فالذي عثرت عليه ممن تعرض (3) لذلك ابن حجر العسقلاني في

1 - ذكره الشيخ الطوسي في مشيخة التهذيب (ج 10 المشيخة، ص: 81)، في طريقه إلى موسى بن الكاظم.
2 - لعله ابن مهران فوقع فيه تصحيف، كما أنه يتناسب مع هذه الطبقة.
3 - في المتن: (ذلك) والصحيح ما أثبتناه.
353

التقريب، وهو أعظمهم في هذا الشأن، وأول من كتب في علم طبقات الرواة على ما نقل،
والذي ذكره هكذا قال:
(أما الطبقات:
فالأولى:
الصحابة على اختلاف مراتبهم، وتمييز (1) من ليس له منهم إلا مجرد الرواية من
غيره.
الثانية:
طبقة كبار التابعين، كابن المسيب، فإن كان مخضرما صرحت بذلك.
الثالثة:
الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن وابن سيرين.
الرابعة: طبقة تليها من الذين (2) جل رواياتهم عن كبار التابعين، كالزهري وقتادة.
الخامسة: الطبقة الصغرى منهم، الذين رأوا (3) الواحد والاثنين، ولم (4) يكن (5) لهم (6) السماع

1 - كذا في تقريب التهذيب وفي المتن: تميز.
2 - غير موجودة في التقريب.
3 - كذا في التقريب وفي المتن: (روى).
4 - في التقريب: لم يثبت بدل: (لم يكن).
5 - هنا في الهامش: لم يثبت لبعضهم السماع (نسخة).
6 - في التقريب: لم يثبت بدل: (لم يكن).
354

من الصحابة، كالأعمش.
السادسة:
طبقة عاصرت الخامسة لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة، كابن جريح.
السابعة:
طبقة أتباع كبار التابعين (1)، كمالك والثوري.
الثامنة:
الطبقة الوسطى منهم، كابن عينية وابن علية.
التاسعة:
الطبقة الصغرى من أتباع التابعين، كيزيد بن هارون والشافعي وأبي داود
والطيالسي وعبد الرزاق.
العاشرة: كبار الآخذين عن تبع (2) الاتباع ممن لم يلق التابعين، كأحمد بن حنبل.
الحادية عشرة:
الطبقة الوسطى من ذلك، كالذهلي والبخاري.

1 - في التقريب: (طبقة كبار أتباع التابعين) بدل (أتباع كبار التابعين).
2 - كذا في التقريب وفي المتن: (تبع).
355

الثانية عشرة:
صغار الآخذين عن تبع (1) الاتباع كالترمذي.
وألحقت بها باقي شيوخ أئمة السنة (2) الذين تأخرت وفاتهم قليلا، كبعض شيوخ
النسائي.
وذكرت وفاة من عرفت (3) وفاته منهم، فإن كان من الأولى والثانية فهم قبل
المائة.
وإن كان من الثالثة إلى آخر الثامنة فهم بعد المائة.
وإن كان من التاسعة إلى آخر الطبقات فهم بعد المائتين.
ومن ندر عن ذلك بينته) (4).
انتهى.
(تعريف الطبقة عند العامة)
وحكى بعض الأفاضل أن الطبقة في اصطلاحهم عبارة عن جماعة اشتركوا في
السن، ولقاء المشايخ.
وقد يكون الشخص الواحد عندهم من طبقتين باعتبارين، كأنس بن مالك، فإنه
من حيث صحبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يعد في طبقة العشرة المبشرة مثلا، ومن
حيث صغر السن يعد في طبقة بعدهم. فمن نظر إلى الصحابة باعتبار الصحبة (5) جعل
الجميع، كما صنع ابن حبان وغيره.
ومن نظر إليهم باعتبار قدر زائد، كالسبق إلى الاسلام أو شهود المشاهد الفاضلة،
جعلهم طبقات.

1 - كذا في التقريب وفي المتن: (تبع).
2 - في التقريب: (الأئمة الستة) بدل (أئمة السنة).
3 - في التقريب ههنا زيادة: (سنة).
4 - تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني - تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف 1: 5 - 6.
5 - في المتن (الصحابة) والصحيح ما أثبتناه.
356

والى ذلك جنح صاحب الطبقات أبو عبد الله محمد بن سعد البغدادي، وكتابه أجمع ما
جمع في ذلك.
أقول جعلهم ابن سعد خمس طبقات:
الأولى:
البدريون.
الثانية:
من أسلم قديما ممن هاجر عامتهم إلى الحبشة.
الثالثة: من شهد الخندق وما بعدها.
الرابعة:
من أسلم يوم الفتح وبعده.
الخامسة:
الصبيان والأطفال.
وقسمهم الحاكم في كتابه علوم الحديث (1) إلى اثنى عشر طبقة.
الأولى:
من تقدم اسلامه بمكة.
الثانية: أصحاب دار الندوة.
الثالثة: مهاجرو الحبشة.
الرابعة:
أصحاب العقبة الأولى.

1 - معرفة علوم الحديث للحاكم: 29.
357

الخامسة:
أصحاب العقبة الثانية.
السادسة:
أول المهاجرين الذين لقوه بقباء (1) قبل دخول المدينة.
السابعة:
أهل بدر.
الثامنة:
المهاجرون بين بدر والحديبية.
التاسعة: أصحاب بيعة الرضوان.
العاشرة: من بين الحديبية وفتح مكة، كخالد بن الوليد.
الحادية عشرة: من أسلم يوم الفتح، كمعاوية (2) وغيره.
الثانية عشرة:
الصبيان والأطفال الذين رؤوه صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح ويوم حجة
الوداع.
كذلك من جاء بعد الصحابة، وهم التابعون، فمن نظر إليهم باعتبار الاخذ عن بعض
الصحابة فقط فقد جعل الجميع طبقة واحدة، كما صنع ابن حبان أيضا.
ومن نظر إليهم باعتبار اللقاء فيهم، كما فعل محمد بن سعد البغدادي، فجعلهم ثلاث
طبقات باعتبار كثرة اللقاء وقلت أخذهم عن الأقدمين من الصحابة ومن بعدهم.

1 - كذا في معرفة علوم الحديث وفي المتن: (هباء).
2 - هذا المثال من المؤلف وليس من الحاكم.
358

وجعلهم الحاكم في علوم الحديث (1) خمس عشرة طبقة:
الأولى: من روى عن العشرة بالسماع منهم، والخامسة عشر: من لقي أنس بن مالك
من أهل البصرة، وعبد الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة، والسائب (2) بن يزيد من أهل
المدينة.
التنبيه الرابع: في معرفة المولى
وهو مما يرفع الالتباس بين الكثير من الرواة.
فأعلم أن المولى يطلق على (3) معان، منها:
المعتق بالكسر، مولى لمن أعتقه.
ومنها: المعتق بالفتح، فإنه يعد مولى من جهة السفل.
ومنها: ابن العم والحليف أيضا.
والحلف بالكسر: التعاقد والتحالف على التعاضد والتساعد والاتفاق، فإذا حالف
رجل آخر صار كل منهما مولى لصاحبه من جهة الحلف، وعد من هذا ما روي عنه صلى الله
عليه وآله وسلم أنه حالف بين المهاجرين والأنصار أي آخى بينهم.
ومنها: الناصر والجار.
ومنها: الملازم، كما يقال: فلان مولى لفلان للزمه إياه.
ومنها: على من ليس بعربي، كما يقال: فلان عربي صريح، وفلان مولى، أي ليس
كذلك.
ومنها: من يسلم على يديه فإنه يكون مولى بالاسلام.
والتميز بين هذه المعاني بما يفيد من القرائن، ولكن قيل: إن الأكثر في هذا الباب، يعني
باب معرفة الرواة من الرجال، إرادة الغير العربي الصريح، وكأنه استفاده من التتبع فهو

1 - علوم الحديث للحاكم: 53.
2 - كذا في كتاب معرفة علوم الحديث وفي المتن: (السائت).
3 - لزيادة الاطلاع في هذا الموضوع انظر رسالة (أقسام المولى) للشيخ المفيد رحمه الله (أنظر م. ك. ج 8).
359

أعلم بما قال.
(التنبيه): الخامس
في معرفة من تشارك في الاخوة من الرواة لحصول زيادة الاطلاع وكمال الإحاطة
والاشباع:
والمهم من ذلك، ما ذكره جدي الشهيد في الدراية، قال:
مثال الأخوين من الصحابة:
عبد الله بن مسعود وعتبة بن مسعود.
وزيد (1) بن ثابت ويزيد بن ثابت (2).
ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام:
زيد بن صوحان وصعصعة بن صوحان (3).
(أقول: وعبيد الله وعلي ابنا أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله.
وعلي وعمر ابنا أبي شعبة الحلبي من الرواة أيضا). (4)
ومثال الثلاثة (5) من أصحابه عليه السلام:
سفيان بي يزيد، وأخواه (6) عبيد (7) والحارث (8).

1 - في الدراية ههنا زيادة: أخوان.
2 - في الدراية ههنا زيادة: أخوان.
3 - في الدراية ههنا إضافة: وربعي ومسعود ابنا خراش العبيان.
4 - ما بين القوسين من كلام المؤلف.
5 - هكذا العبارة في الدراية: ومثال الثلاثة من الصحابة: سهل وعباد وعثمان بنو حنيف، ومن أصحاب أمير المؤمنين...
6 - كذا في الدراية وفي المتن: (أخوه).
7 - في الدراية (عبيدة) والصحيح ما في المتن طبقا لما جاء في كتاب رجال الطوسي: 44 / 25.
8 - في الدراية ههنا إضافة: كلهم أخذ رايته وقتل في موقف واحد.
360

وسالم، وعبيد (1)، وزياد، بنو الجعد الأشجعيون.
ومن أصحاب الصادق عليه السلام:
الحسن، ومحمد، وعلي بنو عطية الدغشي المحاربي.
ومحمد وعلي والحسن بنو حمزة الثمالي.
وعبد الله وعبد الملك وعريف بنو عطاء بن أبي رياح (2).
ومن أصحاب الرضا عليه السلام:
حماد بن عثمان، والحسين، وجعفر أخواه.
وغيرهم، وهم كثيرون أيضا.
(أقول: ومنهم:
عبد الله وعون ومحمد بنو عبيد الله بن أبي رافع.
وسليمان، ومحمد، والحسين، بنو الحسن) (3).
ومثال الأربعة من الاخوة:
عبيد الله، ومحمد، وعمران، وعبد الاعلى، بنو علي بن أبي شعبة الحلبي، ثقات،
فاضلون، وكذلك أبوهم وجدهم.
وبسطام أبو الحسين الواسطي، وزكريا (4) وزياد وحفص بنو سابور (5)، وكلهم
ثقات أيضا.

1 - في الدراية: (عبيدة) والصحيح ما في المتن، طبقا لما جاء في رجال الطوسي 48 / 21.
2 - في الدراية ههنا إضافة: (نجباء).
3 - ما بين القوسين من كلام المؤلف.
4 - كذا في الدراية وفي المتن: (ذكريا).
(5) في المتن: (سايور) وفي الدراية وكذلك الرعاية (تحقيق البقال) (شابور) والصحيح ما أثبتناه في المتن كما هو
في رجال النجاشي 111 / 280، ترجمة بسطام بن سابور حيث قال:
(بسطام بن سابور الزيات أبو الحسين الواسطي، مولى، ثقة، وإخوته: زكريا، وزياد، وحفص، ثقات كلهم...)
وغيره من الكتب الرجالية الأخرى.
361

ومحمد وإسماعيل وإسحاق ويعقوب بنو الفضل بن يعقوب بن سعيد بن نوفل بن
الحرث بن عبد المطلب وكل هؤلاء ثقات من أصحاب (الصادق) (1) - أيضا - عليه السلام.
وداود بن فرقد، وإخوته يزيد، وعبد الرحمن، وعبد الحميد، وعبد الرحيم، و
عبد الخالق، وشهاب ووهب، بنو عبد ربه، وكلهم أخيار، فاضلون.
ومحمد وأحمد والحسين وجعفر بنو عبد الله بن جعفر الحميري (2).
ومثال الستة (3) من أصحابه أيضا عليه السلام:
محمد، وعبد الله وعبيد، وحسن، وحسين ورومي بنو زرارة بن أعين.
ومثال السبعة من أصحابه:
بنو مقرن المزني، وهم: النعمان، ومعقل، وعقيل وسويد، وسنان، وعبد الرحمن، و
عبد الله وقيل إنهم كانوا عشرة:
ومثال الثمانية:
زرارة، وبكير، وحمران، وعبد الملك، وعبد الرحمن، ومالك، وقعنب (4)، وأختهم أم
الأسود (5)، بنو أعين، من رواة الصادق عليه السلام.
قال:

1 - (الصادق) ساقطة من المتن.
2 - في الدراية ههنا إضافة: (ومن غريب الاخوة الأربعة بنو راشد أبو إسماعيل السلمي، ولدوا في بطن واحد،
وكانوا علماء، وهم: محمد وعمر وإسماعيل ورابع لم يسموه.
ومثال الخمسة:
سفيان، ومحمد، وآدم، وعمر، وإبراهيم. بنو عينية كلهم حدثوا).
3 - العبارة في الدراية هكذا: (ومثال الستة من التابعين أولاد سيرين: محمد المشهور، ومعبد، وحفصة، وكريمة.
ومن رواة الصادق:...).
4 - في الدراية ههنا زيادة: (وعبد الله).
5 - غير موجودة في الدراية.
362

(ما زاد على هذا العدد نادر ولذا وقف عليه الأكثر) (1).
انتهى.
ويعلم من رواية الشيخين أبي غالب وأبي عبد الله الحسين بن عبيد الله اختلاف
الرواية في عدة بني أعين، فالذين لا يشك فيهم ستة، وهم: حمران، وزرارة، وبكير، و
عبد الملك، وعبد الرحمن وقعنب، والاختلاف فيما زاد عليهم.
وفي رواية المنتخبات لمحمد بن جعفر بن قولويه زيادة مالك بن أعين، فيكون عدتهم
سبعة كما ذكره جدنا في الدراية.
وفي رواية أبي طالب الأنباري زيادة مليك على السبعة المذكورين فيكونون ثمانية
أخود ذكور، وهي التي اعتمدها أبو غالب.
وفي رواية ابن داوود أنهم عشرة اخوة بزيادة موسى وضريس.
وفي روايته الأخرى المروية في الملحقات عشرة بزيادة ضريس، وسميع، وعيسى،
وعبد الاعلى على الستة المتقدمة.
والمجتمع منها ثلاثة عشر بدخول موسى ومليك.
ولعل من قال: (إنهم اثنا عشر) أسقط من هؤلاء واحدا وبنى على إتحاد مالك و
مليك، والظاهر تغايرهما.
وذكر الشيخ في الرجال (2) عبد الجبار بن أعين وقال إنه أخو زرارة، فيجتمع بهذا و
ما تقدم من بني أعين أربعة عشر رجلا وهم:
زرارة، وحمران، وبكير، وعبد الملك، وعبد الرحمن، وعبد الاعلى، وعبد الجبار،
وموسى، وعيسى، وضريس، وسميع، ومليك، ومالك، وقعنب.
وعد الشيخ من أصحاب (الصادق) أيضا عليه السلام محمد بن أعين الكاتب (3)، و

1 - الدراية: 135.
2 - رجال الشيخ الطوسي: 127 / 1، قال: (عيسى، وعبد الملك، وعبد الجبار) بنو أعين الشيباني أخوة زرارة بن
أعين وحمران.
3 - رجال الشيخ الطوسي: 282 / 38.
363

في أصحاب الصادق (1) والكاظم عليه السلام (2) أيوب بن أعين، وفي حديث التهذيب عند
ذكر المفيد (ره) حكم الصلاة على القبر عن جعفر بن عيسى قال:
قدم أبو عبد الله عليه السلام مكة فسألني عن عبد الله بن أعين. فقلت:
مات.
فقال: مات؟
قلت: نعم.
قال: فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلى عليه (3)... الخ.
قال ابن عقده:
إن بني أعين سبعة عشر رجلا، وأما سائر آل أعين أولاد أولاده فهم كثيرون، منهم
بنو زرارة... الخ.
وشرح الحال فيهم يطلب من رجال السيد المهدي بحر العلوم (4).
ومثال العشرة:
أولاد العباس بن عبد المطلب: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وقثم،
ومعبد، وعون، والحرث، كثير، وتمام.
وفيه كفاية لمن طلب الدراية.

1 - رجال الشيخ الطوسي: 151 / 172.
2 - رجال الشيخ الطوسي: 343 / 12.
3 - التهذيب: 3: 202 / 472، وتكملة الخبر هكذا: (قلت: نعم فقال: لا ولكن نصلي عليه هاهنا، فرفع يديه
يدعو واجتهد في الدعاء وترحم عليه).
4 - رجال السيد بحر العلوم (الفوائد الرجالية) - تحقيق محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم: 1: 22 - 233.
364

(الفصل الرابع)
(الجرح والتعديل)
365

(فصل)
وهو الفصل الرابع من الستة، في مسائل الجرح والتعديل. وفيه مسائل:
(المسألة) الأولى
(يثبت تعديل الراوي وجرحه بقول واحد عدل عند الأكثر)، لعموم ما دل على
حجية خبر الواحد العدل، وإذا قبل في رواية الاحكام ففي نقل المحاسن والمساوئ بطريق
أولى.
وعن المصنف في بعض حواشيه على الزبدة اعتبار تزكية العدل المخالف أيضا، وهو
حسن.
وذهب جدي في المنتقى إلى اعتبار التعدد قال:
(الأقرب عندي عدم الاكتفاء في تزكية الراوي بشهادة العدل الواحد، وهو قول
جماعة من الأصوليين، ومختار المحقق أبي القاسم (1) بن سعيد (2).
والمشهور بين أصحابنا المتأخرين الاكتفاء بها.
لنا: أن اشتراط العدالة في الراوي يقتضي اعتبار حصول العلم بها، وظاهر أن تزكية
الواحد لا تفيده بمجردها، والاكتفاء بالعدلين مع عدم إفادتها العلم إنما هو لقيامها مقامه

(1) كذا في المنتقى وفي المتن: (قسم).
(2) أي المحقق الحلي رحمه الله.
367

شرعا فلا يقاس عليه) (1).
وفيه: أنه ليس هناك خطاب يدل على قبول خبر العدل (كخذ بخبر العدل) ليكون
ظاهرا في معلوم العدالة بل أقصى ما هناك أنا تتبعنا سيرهم فوجدناهم (2) يقبلون ما جاء به
العدل. وقد وجدناهم - أيضا كما يقبلون العدل إذا جاء بالحكم الشرعي كذلك يقبلونه إذا
أخبر عن حال إنسان بصلاح أو فساد، بل هم هنا أسهل قيادا حسبما جرت به عادات
الناس.
سلمنا، ولكن الملحوظ عند ذكر الصفات في المحاورات إنما هو المعرفة وسكون
النفس، بل العلم في اللغة والعرف ليس إلا سكون النفس.
وإن أردت العلم القطعي (3) فمعلوم أن البحث ليس فيه، وإن أردت العلم الشرعي
فحكمك بحصوله من رواية العدل الواحد وعدم (4) من تزكيته تحكم.
وكيف يدعى أن الظن الحاصل من إخباره بأن هذا قول المعصوم عليه السلام أو
فعله أقوى من الظن الحاصل من إخباره بأن هذا إمامي المذهب، أو واقفي، أو عدل، أو
فاسق، ونحو ذلك؟
(أدلة المشهور على كفاية شهادة العدل الواحد في التزكية)
(حجة المشهور وجوه (5):
أحدها: إن التزكية شرط الرواية (6)، فلا تزيد على مشروطها، وقد اكتفي في أصل
الرواية بالواحد.
الثاني: عموم المفهوم في قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (7). نظرا إلى

(1) منتقى الجمان: 1: 16.
(2) في المتن: (فوجدناهم) والصحيح ما أثبتناه.
(3) أي وإن أردت حصول العلم القطعي من إخبار العدل.
(4) أي وعدم حكمك بحصول هذا العلم.
(5) كذا في المنتقى وفي المتن: (بوجوه).
(6) في المنتقى: للرواية.
(7) الحجرات: 6.
368

أن تزكية الواحد داخلة فيه، فإذا كان المزكى عدلا لا يجب التثبت عن (1) خبره، واللازم
من ذلك الاكتفاء به.
الثالث: إن العلم بالعدالة متعذر غالبا، فلا يناط التكليف به بل بالظن، وهو
يحصل من تزكية الواحد) (2).
(أجوبة صاحب المنتقى على أدلة المشهور)
(الجواب الأول)
وأجاب في المنتقى عن الأول: (بمطالبة الدليل (3) على نفي الشرط على المشروط، فهو
مجرد دعوى لا برهان عليها.
وفي كلام بعض العامة أن الاكتفاء في التزكية بالواحد هو مقتضى القياس، ولا يبعد
أن يكون النظر في هذا الوجه من الحجة إلى ذلك، ولم يتفطن له من احتج به من المنكرين
للعمل بالقياس).
(الرد على الجواب الأول)
أقول: البرهان هو لزوم زيادة الفرع عن الأصل، وذلك أن اشتراط العدالة في مزكي
الراوي فرع اشتراطها في الراوي، إذ لو لم تشترط فيه لم تشترط في الخبر، فكيف يحتاط
بالتعدد في الفرع بأزيد مما يحتاط في الأصل؟
قال ابن الصلاح:
(ومنهم من قال - وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره -: أنه
يثبت بواحد، لان العدد لم يشترط في قبول الخبر، فلم يشترط في جرح راويه وتعديله

(1) في المنتقى: (عند) بدل (عن).
(2) المنتقى: 16.
(3) في المنتقى: (المطالبة بالدليل).
369

بخلاف الشهادات) (1).
انتهى.
وهو نص فيما ذكرنا من لزوم زيادة الفرع عن الأصل. وما ذكره من أن مرجعه إلى
القياس المنكر وهم بل مرجعه إلى قياس الأولوية، وهو معتبر عندنا، فافهم.
(الجواب الثاني)
وأجاب في المنتقى عن الوجه الثاني:
(بأن (2) مبنى اشتراط عدالة الراوي، على أن المراد من الفاسق في الآية من له هذه
الصفة في الواقع، كما هو الظاهر من مثله، وقضية الوضع في المشتق، وشهادة (3) قوله (4):
(أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) (5) فإنه تعليل للامر بالتثبت
أي كراهية (6) أن تصيبوا. ومن (البين) (7) أن الوقوع في الندم بظهور عدم صدق المخبر،
يحصل من قبول إخبار من له صفة الفسق، حيث لا حجر معها عن الكذب، فيتوقف قبول
الخبر حينئذ على العلم بانتفائها عن المخبر به، والعلم بذلك موقوف على اتصافه بالعدالة.
وفرض العموم في الآية على وجه يتناول الاخبار بالعدالة يفضي إلى التناقض في مدلولها
من حيث إن الاكتفاء في معرفة العدالة بخبر (8) العدل يقتضي عدم توقف قبول الخبر على
العلم بانتفاء صفة الفسق عن المخبر (9)، ضرورة (10) أن خبر العدل بمجرده لا يوجب العلم،
وقد قلنا إن مقتضاها توقف القبول على العلم بالانتفاء، وهذا تناقض ظاهر فلا بد من حملها

(1) علوم الحديث: 109.
(2) في المنتقى: (أن) بدل (بأن).
(3) في المنتقى: (وبشهادة).
(4) في المنتقى ههنا زيادة: (تعالى).
(5) الحجرات: 6.
(6) في المنتقى: (كراهة).
(7) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(8) كذا في المنتقى وفي المتن: (تخبر).
(9) في المنتقى ههنا زيادة: (به).
(10) كذا في المنتقى وفي المتن: (بضرورة).
370

على إرادة الاخبار بما سوى العدالة) (1).
(الرد على الجواب الثاني)
أقول: عدم قابلية اللفظ العام لان يدخل فيه الموضوع الذي لا يتحقق ولا يوجد إلا
بعد ثبوت حكم هذا العام لفرد آخر لا يوجب التوقف في الحكم إذا علم المناط الملحوظ في
الحكم العام، وأن المتكلم لم يلاحظ موضوعا دون آخر، فيثبت لذلك الحكم وإن لم يكن
كلام المتكلم قابلا لإرادة ذلك الموضوع الغير الثابت إلا بعد الحكم العام، فوجوب تصديق
قول المخبر بعدالة زيد وإن لم يكن داخلا في موضوع ذلك الحكم العام، وإلا لزم تأخير
الموضوع وجودا عن الحكم إلا أنه معلوم أن هذا الخروج مستند إلى قصور العبارة، وعدم
قابليتها لشموله، لا للفرق بينه وبين غيره في نظر المتكلم حتى يتأمل في شمول حكم العام له،
بل لا قصور في العبارة بعد ما فهم منها أن هذا المحمول وصف لازم لطبيعة الموضوع، لا ينفك
عن مفاد مصاديقه. وقد دلت الآية على وجوب تصديق العادل في روايته لعدالته، فكلما
أخبر العادل وجب تصديقه، والتبين في الآية إنما يراد به التبين الذي تسكن إليه النفس لا
التبين القطعي، وخبر العدل بالعدالة مما يوجب سكون النفس فهو حجة ومن مصاديقه.
وبما ذكرنا ظهر أيضا ما في باقي كلامه.
قال بعد ما تقدم:
(فإن قيل: هذا وارد على تزكية العدلين، إذ لا علم معه.
قلت (2): الذي يلزم من قبول تزكية العدلين، هو تخصيص الآية بدليل من خارج،
ولا محذور في مثله، بخلاف تزكية الواحد، فإنها على التقدير تؤخذ (3) من نفس الآية،
فلذلك يأتي المحذور، ومع هذا فالتخصيص لا بد منه، إذ (4) لا يكفي الواحد في تزكية

(1) المنتقى: 20.
(2) في المنتقى: (قلنا).
(3) في المنتقى: (يؤخذ).
(4) في المنتقى: (إذا) بدل (إذ).
371

الشاهد (1)، وما أوضح دلالة هذا التخصيص على ما أشرنا إليه في الجواب عن الوجه الأول
من النظر (2) في أصل الحكم بقبول الواحد في تزكية الراوي إنما هو إلى القياس ممن يعمل به،
ويشهد لذلك أيضا أن مصنفي كتب الأصول المعروفة لم يذكروا غير الوجه الأول من الحجة
في استدلالهم لهذا الحكم، وضميمة الوجهين الأخيرين (3) من استخراج بعض
المعاصرين) (4).
انتهى. فتأمل، فإنه تكلف، وتعسف، وتحامل، وقد عرفت وجه الشمول.
(الجواب الثالث)
وأجاب عن الوجه الثالث.
(بأن (5) اعتبار العلم هو مقتضى دليل الاشتراط، ودعوى أغلبية التعذر فيه وفيما
يقوم مقامه لا وجه لها) (6).
(الرد على الجواب الثالث)
أقول: إنما ادعى أغلبية التعذر فيه لا فيما يقوم مقامه، والشيخ يدعي أن الذي يقوم
مقامه الاثنان، والمشهور كفاية العدل الواحد، فكان الأنسب أن يقول في الجواب: لا كلام في
تعذر العلم وإنما الكلام في الذي يقوم مقامه، ويمنع كفاية العدل الواحد، لكنه قدس (سره)
ذكر ما تقدم ثم أخذ في توجيه الدعوى بعد قوله لا وجه لها بما لفظه:
(وربما وجهته (7) - أي الدعوى - (8) بالنسبة إلى موضع الحاجة من هذا البحث،

(1) في المنتقى ههنا زيادة: (كما مر التنبيه عليه).
(2) كذا في المنتقى وفي المتن: (النقل).
(3) في المنتقى: (الآخرين).
(4) منتقى الجمان: 20 - 21.
(5) في المنتقى: (أن) بدل (بأن).
(6) منتقى الجمان: 21.
(7) في المنتقى: (وجهت) بدل (وجهته).
(8) ما بين الشريطين من كلام المؤلف.
372

وهو عدالة الماضين من رواة الحديث، بأن الطريق إلى ذلك منحصر في النقل، والقدر الذي
يفيد العلم منه عزيز الوجود بعيد الحصول، وشهادة الشاهدين موقوفة في الأظهر على العلم
بالموافقة في الأمور التي تتحقق به العدالة وتثبت، وما إلى ذلك من سبيل، فإن آراء المؤلفين
لكتب الرجال الموجودة الان سوى العلامة في هذا الباب غير معروفة.
وليس بشئ، فإن تحصيل العلم بعدالة كثير من الماضين وبرأي جماعة من المزكين
أمر ممكن بغير شك، من جهة القرائن الحالية والمقالية، إلا أنها خفية المواقع، متفرقة المواضع،
فلا يهتدى إلى جهاتها ولا يقدر (1) على جميع أشتاتها إلا من عظم في طلب الإصابة جهده،
وكثر في تنقيح (2) الآثار كده، ولم يخرج عن حكم الاخلاص في تلك الأحوال قصده.
وأما (ما) ذكره جماعة من أن العدالة من الأمور الباطنية التي لا يعلمها إلا الله، وما
هذا شأنه لا يتصور فيه إناطة التكليف بالعلم، فكلام شعري ناشئ عن قصور معرفته (3)
بحقيقة العدالة، أو مبني على خلاف ضعيف في بعض قيودها) (4) إلى أن قال:
(سلمنا، ولكن نمنع كون تزكية الواحد بمجردها مفيدة للظن. كيف، وقد علم وقوع
الخطأ فيها بكثرة، وحيث إن هذا (5) مما لم يتيسر لكل أحد الاطلاع عليه، فالمتوهم لحصول
الظن منها بمظنة أن يعذر فيه.
سلمنا، ولكن العمل بالظن مع تعذر العلم في أمثال محل النزاع مشروط بانتفاء ما هو
أقوى منه، ولا ريب أن الظن الحاصل من خبر الواحد الذي استفيدت عدالته من تزكية
الواحد يكون أضعف مما يحصل من أصالة البراءة أو عموم الكتاب، فلا يتم لهم إطلاق
القول بحجية خبر الواحد، والخروج (6) عن أصالة البراءة وعمومات الكتاب) (7).
انتهى.

(1) في المنتقى: (ولا يقتدر).
(2) في المنتقى: (تصفح).
(3) في المنتقى: (المعرفة).
(4) منتقى الجمان: 21.
(5) في المنتقى ههنا زيادة: (أيضا).
(6) في المنتقى ههنا زيادة: (به).
(7) منتقى الجمان: 22.
373

أقول: هذا إذا كان إيجاب العمل بالظن عند انسداد باب العلم، وكان الايجاب من
منشآت العقل وأحكامه، وأما على تقدير كشف الشارع جعل الظن حجة في الجملة، وتردد
أمره في أنظارنا بين الكل والابعاض فلا يلزم من كون بعضها أقوى كونه هو المجعول حجة،
لأنا وجدنا تعبد المشهور بالظن الأضعف وطرح الأقوى في موارد كثيرة، كما لا يخفى على
الخبير. هذا، مع أن القائل بكفاية تزكية العدل الواحد إما أن يستدل بعموم ما دل على حجية
خبر الواحد كما تقدم، وإما أن يدعي انسداد باب العلم بالعدالة وكفاية الظن بها، وعلى
التقديرين لا يلزم الاخذ بالظن الأقرب إذ لا دليل على لزومه، ولم يقل به أحد، فكيف
يلزمه تقديم أصل البراءة على الخبر، فتأمل.
374

تذييل: فيه تنبيهات
(التنبه) الأول: هل يكفي في الجرح والتعديل رواية العدل ذلك عن غيره، معصوما كان
أو غيره، أو لا يكفي إلا إنشاء العدل ذلك دون نقله؟
المعروف بين الأصحاب هو الأول، واشترط في المنتقى تفريعا على قبول تزكية
الواحد الثاني. وليس بشئ لما عرفت من أن خبر الواحد إذا قبل في الاحكام فقبوله في
غيره أولى. على أن طريقة الأصحاب قد استمرت على ذلك (و) ما زالوا يزكون ويجرحون
بالاخبار بل في العدة للسيد المقدس حكاية الاجماع على ذلك عن صاحب جوامع الكلم،
وفي العيان ما يغني عن الأثر. وهل بني كتاب الكشي إلا على نقل ما جاء في الروايات (1)
من الاخبار للجرح والتعديل.
التنبيه الثاني: هل يكفي التعديل في الحكم بالعدالة أم يجب الفحص عن الجارح، كما في
العام لا يؤخذ به إلا بعد الفحص عن المخصص؟
ظاهر المنتقى وجوب الفحص عن المخصص؟
ظاهر المنتقى وجوب الفحص، قال:
(والتمسك في نفيه بالأصل غير متوجه بعد العلم بوقوع الاختلاف في شأن كثير من
الرواة. وبالجملة، فلا بد للمجتهد من البحث عن كل ما يحتمل أن يكون معارضا حتى
يغلب على ظنه انتفاؤه).
انتهى.
قال السيد في العدة بعد نقله ذلك عن المنتقى:
(هذا وإن كان لا يعرف لغيره إلا أنه ليس بالبعيد، غير أن الوجه أن يختص ذلك بما إذا

(1) في المتن: (في الرواة) والصحيح ما أثبتناه.
375

كان مظنة اختلاف دون ما لم يكن، فإن الاختلاف في الرواة لم يبلغ في الكثرة إلى حيث
يكون عدمه مرجوحا ليكون التعويل على التعديل من دون بحث تعويلا على المرجوح، كما
قلناه في العام) (1).
انتهى.
وهو الوجه لا الاطلاق. ومنه يظهر ما في كلام عمنا العلامة السيد صدر الدين حيث
قال:
(لا يجوز العمل بالخبر الواحد من أهل الرجال إلا بعد الفحص عن المعارض، جرحا
كان الخبر أو تعديلا:
أما التعديل فلامكان العثور بعد الفحص على الجرح، وأما الجرح فلامكان سقوطه
بمعارضة أقوى منه، وإن كان الجرح مقدما على التعديل في الجملة، وعليه فلو قال: (حدثني
الثقة)، ففي الاكتفاء بهذا التوثيق نظر، لأن عدم العلم بالموصوف ليبحث عن حاله لا يسقط
مؤنة البحث عن حاله، وإلا لكان الخبر المرسل كالصحيح، وبطلان اللازم معلوم.
لا يقال تعديل الرجال وجرحهم من الظنون الاجتهادية، والظن بالتوثيق من قول
الراوي حدثني حاصل قطعا.
لأنا نقول: المعتبر ظن المجتهد بعد الاجتهاد والفحص لا مطلقا، ولذلك لا نكتفي بقول
اللغوي الواحد وإن كان يفيد قوله الظن، ونوجب الفحص عما يعارضه من كلام اللغويين،
بل لك أن تمنع حصول الظن في المقامين. أما في الأول: فلانه بعد شهادة الاستقراء بندور من
يخلوا من الرواة عن القدح كيف يحصل الاطمئنان بعدم وجود القدح فيمن يقول الراوي أنه
ثقة؟ وكذا الكلام في المقام الثاني، أعني خبر اللغوي الواحد.
وبالجملة فتوثيق الراوي لا يزيد عن توثيق الواحد من علماء الرجال، وقول
الواحد منهم كقول اللغوي الواحد، لا يفيد الظن قبل الفحص عن المعارض، ولذلك لا يعمل
بالخبر بل بظاهر الكتاب إلا بعد الفحص.
فإن قلت: ما الفرق بين حدثني الثقة وبين (من) لم يذكره الباقون ولم يوثقه إلا واحد.

(1) العدة الرجالية للسيد محسن الأعرجي - (مخطوطة) - الفائدة السادسة: 36.
376

قلت: الفرق في الأول أنك عرفت أن من لم يذكره غير قادح، فيبقى بلا معارض.
وبالجملة الفرق عدم العلم بالمعارض، والعلم بالعدم فيمن ذكروه ووثقه واحد
منهم).
انتهى. فتأمل.
التنبيه الثالث: هل يعتبر ذكر السبب في الجرح والتعديل أم لا؟.
ذهب الشافعي إلى توقف الاعتبار عليه في الجرح دون التعديل، وصار آخرون إلى
العكس (1). ومنهم من ذهب إلى عدم توقف شئ منها عليه (2). ومنهم من ذهب إلى
التوقف على ذكر السبب فيهما (3).
وجميع ما حكى عنهم في التعلق في ذلك مشترك في الضعف.
وأما أصحابنا، فالذي يظهر من تتبع طريقتهم في الرواة إنما هو الاخذ بالاطلاق، غير
أنهم لا يعولون إلا على أرباب البصائر التامة في هذا الشأن، دون من ضعف مقامه، أو كثر
خطأه إلا أن يذكر السبب، فيستنهضون السبب ويجعلونه راويا ويجتهدون.
لا يقال: إنه يكون حينئذ من التقليد.
لأنا نقول: ليس الكلام في الاحكام كما يحضر على المجتهد التقليد فيها، وإنما هو في
موضوع الحكم، إذ الحكم الشرعي هنا هو الاخذ بخبر الواحد العدل، وأما تعرف العدالة
فالناس في الاجتهاد فيه شرعا سواء ولا يختص بالعلماء، وأقصى ما يشترط الوثاقة لمكان
الاخبار، فالأقوى الاخذ بإطلاقه من ذي البصيرة مع عدم العلم بالمخالفة.
وهل يلزم الفحص عن المعارض أم لا؟.

(1) نسب نقله في التدريب (ص: 203) إلى إمام الحرمين والغزالي والرازي في المحصول.
(2) ذكره في التدريب (ص: 203) وقال:
(إذا كان الجارح والمعدل عالمين بأسباب الجرح والتعديل، والخلاف في ذلك... وهذا اختيار القاضي أبي بكر،
ونقله عن الجمهور، واختاره إمام الحرمين والغزالي والرازي والخطيب...).
(3) ذكره في التدريب (ص: 203) وقال:
(حكاه الخطيب والأصوليون).
377

تقدم الكلام فيه في التنبيه المتقدم على هذا التنبيه.
التنبيه الرابع:
كل من اكتفى من الأصحاب في تعديل الراوي بقول الواحد العدل اكتفى به في الجرح
أيضا، وهو الحق، لاشتراك الدليل بينهما كما عرفت، فإن ظهر خلاف في ذلك من بعضهم من
الاكتفاء في الجرح بقول غير الامامي أو المجهول الحال، فلا بعد في كونه من باب الغفلة، على
أن الثمرة في الخلاف في الجرح، إنما تظهر عند التعارض أو على القول بجواز العمل بخبر
المجهول، وقد عرفت أن تزكية الرواة وجرحهم ليس من باب الشهادة، وحينئذ صح
الاجتهاد فيهما، فتأمل.
وكان خبر المجتهد ابتداء كالمشاهد يتعرف عدالة من يشاهده بالامارات.
.
378

(المسألة) الثانية: في التعارض
(و) قد اشتهر أنه (لو اجتمع الجارح والمعدل) فالجارح (1) مقدم. وربما يظن أنه
على إطلاقه، وليس كذلك، بل المشهور (تقديم الجارح) عند عدم إمكان الجمع بينهما،
مثل قول المفيد قدس سره في محمد بن سنان أنه ثقة (2)، وقول الشيخ أنه ضعيف (3)، فيمكن
الجمع بينهما بإمكان اطلاع الشيخ على ما لم يطلع عليه المفيد، فيقدم الجارح على المعدل.
وأما مثل قول ابن الغضائري في داود الرقي: (إنه كان فاسد المذهب لا يلتفت

(1) في المتن: (في الجارح) والصحيح ما أثبتناه.
(2) لأنه عده من الذين رووا النص على إمامة الرضا عليه السلام، الذين قال فيهم في كتاب الارشاد: باب ذكر
الإمام القائم بعد أبي الحسن عليه السلام من ولده، فصل: ممن روى النص على الرضا علي بن موسى عليه
السلام من أبيه قال:
(من خاصته (الإمام الكاظم) وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته).
إلا أن المفيد قد ضعف محمد بن سنان في رسالته العددية بقوله:
(ومحمد بن سنان مطعون فيه، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه، وما كان هذا سبيله لا يعمل عليه في
الدين).
(3) ذكره الشيخ الطوسي تارة في أصحاب الكاظم عليه السلام: (361 / 39) وتارة في أصحاب الرضا عليه
السلام: (368 / 7) وقال:
(محمد بن سنان ضعيف).
وأخرى في أصحاب الجواد عليه السلام: (405 / 3).
وقال في الفهرست: (143 / 609):
(له كتب وقد طعن عليه وضعف...).
379

إليه (1)، وقول غيره إنه ثقة، قال فيه الصادق عليه السلام: (أنزلوه (2) مني منزلة (3) المقداد
من رسول الله صلى الله عليه وآله (4) فلا يمكن الجمع بينهما، فلا يصح إطلاق القول بتقديم
الجرح فيه، (والأولى) في مثله طلب الترجيح و (التعويل على ما يثمر غلبة الظن،
كالأكثر عددا أو (5) ورعا أو (6) ممارسة) بعلم الرجال، إلى غير ذلك من الرجحات، بل
صرح المصنف في المشرق: (إن الأولى الترجيح بذلك في مثل النوع الأول أيضا) (7).
وهو مذهب السيد المقدس في العدة، حيث قال في جواب حجة صاحب المحصول
على ضعف الترجيح بكثرة المعدلين: بأن تقديم الجرح لاطلاع الجارح على أمر زائد، فلا
ينتفي عدم اطلاع المعدل وإن تعدد ما لفظه:
(إن المدار على ظن المجتهد الذي عثر على التعديل والجرح، ولا ريب أن الظن
الحاصل بتعديل الثقات ربما رجح على الظن الحاصل بجرح واحد، وإن كان ينطق عن علم
وينطقون عن ظن، وكان ما جاء به غير مناف لخبرهم (8) بل ربما (9) كان بلغ به إلى العلم،
بل التحقق بناء على القول بالملكة، لان المعدل إن لم يكن ينطق عن علم فهو ناطق عما
يقاربه، وذلك أن الملكات إنما تدرك بآثارها، والحاصل من أمارات (10) الآثار العلم أو ما
يتاخمه، واحتمال الخطأ بعد ذلك بعيد. على أن مثله جار في الجرح بل أقوى (11)، لعدم ذكر
السبب، ورب ملوم لا ذنب (له) (12)، خصوصا وجاري عادة الناس الانحراف لأدنى

(1) انظر مجمع الرجال 1: 290.
(2) في الكشي: (أنزلوا داود الرقي).
(3) في الكشي: (بمنزلة) بدل (منزلة).
(4) اختيار معرفة الرجال: 402 / 750.
(5) في (و): (و) بدل (أو).
(6) في (و): (و) بدل (أو).
(7) قال في مشرق الشمسين (ص: 273):
(ولو قيل فيه أيضا بالترجيح ببعض تلك الأمور لكان أولى).
(8) كذا في العدة وفي المتن: (الخبرهم).
(9) غير موجودة في العدة.
(10) في العدة: (مراعاة) بدل (أمارات).
(11) في العدة: (بل هو أقرب) بدل (بل أقوى).
(12) ما بين القوسين ساقط من المتن.
380

عارض، وإنما يزول ذلك الاحتمال عند ذكر السبب.
ومن هنا يظهر أن الوجه في الاطلاق هو الترجيح في الأمور الخارجية، ككونه أعدل
أو أحفظ (1) أو أعرف بحال المعدل أو نحو ذلك، وإلا فالوقف (2)) (3).
انتهى.
وهو حسن بناء على كون المدار فيه غلبة الظن.
(صور التعارض)
ثم إن هنا صورا:
صورة (4) التقييد بذكر السبب:
فإن كانا مقيدين بذكر السبب والزمان فلا تعارض، ويؤخذ بقول المتأخر.
و (إن) اتحدا، كأن يقول الجارح: نقل فلان يوم الجمعة. ويقول المزكى: كان ذلك اليوم
عندي أو أن فلانا حي، وجب الترجيح بالأمور الخارجية، ككون أحدهما أشد ضبطا، أو
أعظم تحرجا، أو أعرف بحال المعدل، أو نحو ذلك.
وإلا فالتوقف.
وإن اقتصر على ذكر السبب فحسب، فهما بمنزلة المطلقين.
وإن تعرض أحدهما لذكر السبب دون الاخر، فإن كان الجرح بأمر ظاهر لا يكاد
يخفى على الاخر كأن يقول: كان يعمل للسلطان، ضعف ووجب الوقف.
وإن لم يكن كذلك، فإن كان مما لا يبعد فيه احتمال التوبة أو التأويل، كأن يقول رأيته
يوما يشتم جاره، أو يضرب أباه، أو يأكل أو يشرب في السوق وهو يمشي فلا يبعد الوقف
أيضا، من احتمال التوبة مع رجحان الجمع لعدالتهما، ومن كونه مما لا يخفى مع تقدم الجرح.
وإن رماه بما يخفى، وزعم أنه الان عليما، ومضى عليه، فلا ريب في تقديم الجرح،

(1) في العدة: (أو اضبط).
(2) في العدة: (فالتوقف) بدل (الوقف).
(3) العدة: 26 - 27.
(4) في المتن: (الصور) والصحيح ما أثبتناه.
381

لأنه يكون حينئذ أوثق في النفس.
هذا كله إن كان السبب المذكور عن دراية.
فإن كان أحدهما عن دراية، والاخر إنما يتعلق برواية، قدم ما عن رواية، لمكان
العلم، وإن كانت الرواية عن معصوم عليه السلام أو يخبر عنه مشافهة.
وإن تعلق كل منهما برواية، رجع الامر إلى تعارض الخبرين، ووجب الترجيح، فإن
تكافأ فالوقف.
هذا، وأكثر الناس على إطلاق القول بتقديم الجرح من دون تعرض للتفصيل بذكر
السبب وعدمه.
تنبيه
لا اعتداد عندي بجرح مثل بان الغضائري وأمثاله المكثرين (1) من الجرح مع عدم
ذكر السبب، ولا بأكثر القميين الجامدين الذين يرمون بالغلو كل من ينفي السهو عن
المعصوم عليه السلام أو من يروي الروايات المشتملة على المضامين العالية، والعلوم
الغامضة.
نعم، رجح جماعة من أصحابنا حكاية النجاشي في الجرح والتعديل على حكاية
الشيخ، لتسرعه، وكثرة تأليفه في العلوم الكثيرة، ولذلك عظم الخلل في كلامه، فتراه يذكر
الرجل تارة في رجال الصادق عليه السلام، وأخرى في رجال الكاظم عليه السلام، وتارة
فيمن لم يرو، مع القطع بالاتحاد. وهذا كما ذكر قتيبة بن محمد الأعشى مرة في رجال الصادق
عليه السلام (2)، وأخرى فيمن لم يرو (3).
وكليب بن معاوية الأسدي مرة في أصحاب الباقر (4) عليه السلام، ومرة في

(1) في المتن: (الكثير) والصحيح ما أثبتناه.
(2) رجال الشيخ الطوسي: 275 / 32.
(3) رجال الطوسي: 491 / 9.
(4) رجال الطوسي 133 / 2.
382

أصحاب الصادق (1) عليه السلام، وأخرى فيمن لم يرو (2).
وفضالة بن أيوب تارة في أصحاب الصادق (3) عليه السلام، وأخرى في أصحاب
الرضا (4) عليه السلام، ومرة فيمن لم يرو (5).
ومحمد بن (عيسى بن عبيد) بن يقطين مرة في أصحاب الرضا (6) عليه السلام، ومرة
في أصحاب الهادي (7) عليه السلام وأخرى في أصحاب العسكري (8) عليه السلام ومرة
فيمن لم يرو (9).
والقاسم بن عروة (10) مرة في أصحاب الصادق (11) عليه السلام، وأخرى فيمن لم
يرو (12).
وكذا معاوية بن حكيم (13) والقاسم (14) بن محمد الجوهري، وغير هؤلاء. مع أنه أخذ

(1) المذكور في رجال الطوسي في أصحاب الصادق عليه السلام: (478 / 15) هو كليب بن معاوية بن جبلة
الصيداوي، وهو متحد مع الأسدي، انظر الفهرست (128 / 571): كليب بن معاوية الأسدي حيث قال:
(ويعرف بالصيداوي).
وقال النجاشي (318 / 871): (كليب بن معاوية بن جبلة الصيداوي الأسدي...).
(2) رجال الطوسي: 491 / 9.
(3) ليس من أصحاب الصادق وإنما عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الكاظم. انظر رجال الطوسي
(357 / 1) والنجاشي 310 / 850.
(4) رجال الطوسي: 385 / 1.
(5) غير موجود في (من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام) في النسخة المطبوعة (طبعة النجف) لكن الشيخ القهبائي
نقله عن الشيخ في (من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام). من نسخة أخرى.
انظر مجمع الرجال: 5: 17، وكذا معجم رجال الحديث 13: 271 / 9328.
(6) رجال الطوسي: 393 / 76.
(7) رجال الطوسي: 422 / 10.
(8) رجال الطوسي: 435 / 3.
(9) رجال الطوسي: 511 / 111.
(10) كذا في رجال الطوسي وفي المتن: (قسم).
(11) رجال الطوسي: 276 / 51.
(12) رجال الطوسي: 490 / 8.
(13) ذكره الشيخ الطوسي في رجاله تارة في أصحاب الجواد: 406 / 19، وتارة في أصحاب الهادي: 424 / 42،
وأخرى في (من لم يرو) كما ذكر ذلك القهبائي في مجمع الرجال: 6: 98.
(14) كذا في رجال الطوسي وفي المتن: (القسم).
وقد ذكره تارة في أصحاب الصادق عليه السلام: 276 / 49، وتارة في أصحاب الكاظم عليه السلام:
385 / 1، وأخرى في (من لم يرو): 490 / 5.
383

على نفسه في أول كتابه (1) أن يذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله والأئمة إلى القائم
الذين رووا عنهم كلا في بابه، ثم يذكر من تأخر عنهم من رواة الحديث أو عاصرهم، ومن
لم يرو عنهم.
وكما ذكر يحيى بن زيد بن علي بن الحسين مع أصحاب الصادق عليه السلام (2) ومع
(أصحاب) الكاظم عليه السلام (3) مع أنه استشهد في زمان الصادق عليه السلام. وحمله
على روايته عنه (4) في غير زمن الإمامة أيام الصغر بعيد.
قلت: الشيخ أشد مراسا في ذلك من النجاشي، وربما صحب الرجل الواحد إمامين أو
ثلاثة فيذكره في رجال الكل، وربما صحب ولم يرو فيذكره في الأصحاب وفيمن لم يرو،
وهذا وإن كان خلاف الظاهر إلا أنه تأويل يصار إليه عند الضرورة. والسهو والنسيان
طبيعة ثابتة (5) للانسان لا يكاد ينجو أحد منهما، فربما ذكروا (6) الاسم نسيانا.
كما ذكر محمد بن إسماعيل بن بزيع مرتين (7) وأن له كتاب الحج.

(1) انظر مقدمه كتاب رجال الشيخ الطوسي.
(2) رجال الطوسي: 332 / 1.
(3) رجال الطوسي: 364 / 13.
(4) عن الكاظم عليه السلام.
(5) في المتن: (ثانية) والصحيح ما أثبتناه.
(6) في المتن: (كروا) والصحيح ما أثبتناه.
(7) ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست مرتين: 139 / 594 و 155 / 691.
384

المسألة الثالثة
فيما يقع به الجرح والتعديل والقدح والمدح
فهنا مقامات:
(المقام) الأول: في اللفظ الدال عليها
(وألفاظ التعديل) عندهم مراتب من حيث الصراحة والظهور. وقد اختلفوا في
عدها، لاختلافهم في معنى العدالة.
فمن اعتبر العدالة المستفادة من الملكة - المصنف وجدي في الدراية - اقتصر على عد
ما هو صريح في ذلك.
ومن لم يعتبر الملكة، عد ألفاظا كثيرة، عدها معتبري الملكة في الألفاظ (1) الدالة
على مطلق المدح، كما ستعرف.
فالمتفق عليه:

(1) في المتن: (ألفاظ) والصحيح ما أثبتناه.
385

منها: عدل ضابط، أو ثبت، أو حافظ، أو متقن، أو حجة
أما عدل فقط، فغير كافية بدون انضمام ما ذكرنا انضمامه إليها عند جماعة، لاشتراط
هذا المعنى معها في صحة الرواية.
والأقوى، تبعا لجدي في الدراية، (1) كفاية (عدل) في التزكية ولا حاجة إلى إضافة
(ضابط) ونحوها. وقد تقدم الوجه في ذلك مفصلا.
ومنها: (ثقة)
وأصلها في اللغة الأمانة قال الفيومي:
(وثقت به أثق، بكسرها، ثقة، وثوقا ائتمنه وهو، وهي، وهم، ثلاثة، لأنه مصدر.
وقد يجمع في الذكور والإناث، فيقال: ثقات، كما قيل: عدات) (2).
وفي القاموس: (وثق بن كورث، ثقة، وموثقا (3): ائتمنه) (4).
ويظهر من جدي في المسالك أنه حقيقة شرعية في العدل. قال:
(والظاهر إن المراد بالثقة العدل: لأنه الثقة شرعا).
وعن صاحب الرياض أنه معنى مصطلح عليه بين المتشرعة.
وقال جدي في الدراية بعد قوله ألفاظ التعديل الدالة عليه صريحا قول المعدل هو
عدل أو هو ثقة ما لفظه:
(وهذه اللفظة، يعني لفظة الثقة، وإن كانت مستعملة في أبواب الفقه أعم من العدالة
لكنها هنا لم تستعمل إلا بمعنى العدل بل الأغلب استعمالها خاصة.

(1) الدراية: 69 (الرعاية تحقيق البقال: 193).
(2) لم نعثر عليه في المصباح المنير.
(3) كذا في القاموس وفي المتن: (ووثوق).
(4) القاموس المحيط 3: 297.
386

وقد يتفق في بعض الرواة أن تكرر (1) في تزكيتهم لفظة (الثقة)، وهو يدل على زيادة
المدح) (2).
وقال المصنف في المشرق:
(إنهم يريدون بقولهم: (فلان ثقة) أنه عدل ضابط (3)، وهذا هو السر في عدولهم (4)
إلى قولهم: ثقة) (5).
وقال والد المصنف.
وأعلى مراتب التعديل (ثقة) وقد يؤكد بالتكرير (6) وإضافة (ثبت) و (ورع)
وشبهما مما يدل على علو شأنه) (7).
ويظهر من جدي في (شرح الاستبصار) (8) عدم ظهور هذه اللفظة في كون
الموصوف بها إماميا، قال:
(إن النجاشي إذا قال: (ثقة)، ولم يتعرض إلى فساد المذهب وغيره (9)، فظاهره أنه
عدل إمامي، لان ديدنه التعرض إلى الفساد، وعدمه (10) ظاهر في عدم ظفره، وهو ظاهر في
عدمه، لبعد وجوده مع عدم ظفره، لشدة بذل جهده، وزيادة معرفته، وإن عليه جماعة من
المحققين) (11).
انتهى.
وقد نقل ذلك عنه الوحيد في فوائد التعليقة ثم، قال:

(1) في الدراية: (يكرر).
(2) الدراية: 75 (الرعاية: 203).
(3) في مشرق الشمسين ههنا زيادة: (لان لفظ الثقة مشتق من الوثوق، ولا وثوق بمن يتساوى سهوه وذكره، أو
يغلب سهوه على ذكره).
(4) في المشرق ههنا زيادة: (من قولهم عدل).
(5) مشرق الشمسين: 271.
(6) في وصول الأخيار: (تكرار).
(7) وصول الأخيار: 192.
(8) الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن الشهيد الثاني.
(9) غير موجودة في الفوائد الرجالية.
(10) في التعليقة: (فعدمه) بدل (وعدمه).
(11) تعليقات على منهاج المقال (طبعة حجرية) للبهبهاني - الفائدة الثانية: 5.
387

(و (1) لا يخفى أن الرواية المتعارفة، المسلمة، المقبولة، أنه إذا قال: عدل إمامي -
النجاشي كان (2) أو غيره - (فلان ثقة) أنهم يحكمون بمجرد هذا القول بأنه عدل إمامي، كما
هو ظاهر، إما لما (3) ذكر، أو لأن الظاهر من الرواة التشيع، والظاهر من الشيعة حسن
العقيدة.
أو لأنهم وجدوا منهم أنهم اصطلحوا ذلك في الامامية وإن كانوا يطلقون على
غيرهم مع القرينة.
أو لان (4) معنى (ثقة) عادل ثبت (5). فكما أن (عادلا) ظاهر فيهم، فكذا ثقة.
أو لأن المطلق ينصرف إلى الكامل.
أو لغير ذلك على منع الخلو) (6).
انتهى.
ومنه يظهر الجواب عما في جوامع الكلام المحكى في عدة السيد المقدس - (بأن
دعوى عدم استعمال لفظة (الثقة) (7) إلا في العدل الامامي (8) إن كان في عرف أهل الدراية
فمسلم ولا كلام، إنما الكلام في استعمالها في كلام القدماء، كالكشي، والشيخ، والنجاشي، فإن
المدار في التزكية على تعديلهم، وذلك في كلامهم ممنوع، فإنا وجدناهم كثيرا ما يطلقونها
على غير العدل) (9). انتهى - لما عرفت من كونه مع القرينة لا مطلقا، والكلام في صورة
الاطلاق، وقد أوضح ذلك السيد في العدة عند الجواب عن هذا الاعتراض، قال:
(استعمالها في غير العدل وإن كان ثابتا، كما في ترجمة علي بن فضال، فإن المشايخ

(1) (و) غير موجودة في التعليقة.
(2) القائل.
(3) كذا في التعليقة وفي المتن: (ما).
(4) في التعليقة: (بأن) بدل (أو لان).
(5) في التعليقة: أو عادل ثبت.
(6) فوائد التعليقة: 5.
(7) في العدة الرجالية: (استعمالها) بدل (استعمال لفظة الثقة).
(8) غير موجودة في العدة.
(9) العدة الرجالية للسيد محسن الأعرجي - الفائدة الخامسة من المقدمة: 16.
388

الثلاثة (1) حكموا بوثاقته وجلالته مع حكمهم بأنه من الفطحية، لكنه كما وقع ذلك منهم،
وقع أيضا في الأولى التي لا كلام لاحد فيها، أعني قولهم: (عدل).
قال الكشي في محمد بن الوليد الخزاز، ومعاوية بن حكيم، ومصدقة بن صدقة،
ومحمد بن سالم بن عبد الحميد:
(هؤلاء كلهم فطحية، وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول) (2).
والظاهر أنهم يستعملونها في المعنى الأعم، أعني المتحرج (3) في روايته، الضابط لها،
والمتحرج في دينه، وإن لم يكن مؤمنا، مع القرينة، كما في الموضعين المذكورين، وكما يقول:
(فلان موثوق بروايته، وهو ممن يوثق بحديثه).
وكما قال النجاشي في محمد بن عبد الله بن غالب:
(ثقة في الرواية، على مذهب الواقفة) (4). ونحو ذلك.
وهذا كما يقولون في عكس ذلك: (ثقة في نفسه، لكنه يروي عن الضعفاء)، كما في
علي بن حاتم (5).
وسيجئ في الوكلاء قوله عليه السلام: (فلان ثقة) و (فلان الثقة) وظهور إرادة
العدل) (6).
انتهى.
أقول: وبعد هذا كله ففي كون (ثقة) حقيقة في العدل الامامي عند الاطلاق محل
تأمل، وذلك إنا نرى المتأخرين من أصحابنا إذا وجدوا أحد المشايخ نص على فلان بأنه ثقة
ولم يتعرض لفساده، ونص آخر منهم على فطحيته أو وقفه ولم يتعرض لتوثيقه، لم يحكموا
بالتعارض بين النصين، مع أن التوثيق يتضمن الاخبار والحكم بالايمان، والفطحية لا تجامع

(1) الكشي والطوسي والنجاشي.
(2) اختيار معرفة الرجال: (563 / 1062).
(3) كذا في العدة والمتن: (المتحرج).
(4) النجاشي: 340 / 913.
(5) ذكره النجاشي 263 / 688 بعنوان (علي بن أبي سهل حاتم بن أبي حاتم القزويني أبو الحسن).
(6) العدة: 16 - 17.
389

الايمان، فلا بد من المرجح، لابل نراهم جمعوا بينهما وقالوا: (هو فطحي ثقة) معللين ذلك
بعد التنافي. وقد استقرت الطريقة على ذلك، وهذا مما يشهد بأن لفظ (الثقة) أعم من (العدل)،
فما سمعته سابقا من كونه حقيقة عند المتشرعة، أو عند الشرع، وأن علماء الرجال وأهل
الفهارس لا يطلقونه إلا على العدل الامامي غير وجيه.
وقد تصدى الوحيد في فوائد التعليقة لتوجيه عدم الثاني، قال:
(ولعل مرادهم عدم معارضة الظاهر النص وعدم مقاومته (1) إياه، بناء على أن
دلالة (الثقة) (2) على الامامية ظاهر، كما أن فطحي على إطلاقه لعله ظاهر في عدم ثبوت
العدالة عند قائله، مع تأمل فيه ظهر وجهه، وأن الجمع مهما أمكن لازم، فيرفع اليد عما
ظهر (3)، ويتمسك بالمتيقن، أعني مطلق العدالة، فيصير فطحيا عادلا في مذهبه، فيكون
الموثق سامحا أو كلاهما سامحا (4). وكذا لو كانا من واحد لكن لعلة لا تخلو عن نوع تدليس
إلا أن لا يكون مضرا (5) عندهم، لكون حجية خبر الموثقين إجماعيا أو حقا عندهم) (6).
إلى آخر ما ذكروه.
وأنت (7) خبير أن كل ذلك لا يتم إلا أن يكون ل‍ (الثقة) عندهم معنيان.
أحدهما: المؤمن، من التحرج في روايته، الضابط لها، وهو المعنى الأخص.
والثاني: هو من كان كذلك، وإن لم يكن مؤمنا.
واستظهار المعنى الأول عند الاطلاق من كلام النجاشي غير بعيد كما استظهره جدي
المحقق في (شرح الاستبصار)، وقد تقدم منه قدس سره الوجه في ذلك.
وقد يقال باستظهار ذلك من الشيخ في خصوص الفهرست، لأنه قال في أوله بعد ما

(1) (إياه) غير موجودة في التعليقة.
(2) في التعليقة: (ثقة) بدل (الثقة).
(3) في التعليقة: (ويمسك).
(4) غير موجودة في التعليقة.
(5) كذا في التعليقة وفي المتن: (مقصرا).
(6) فوائد التعليقة: 5.
(7) في المتن (الت) والصحيح ما أثبتناه.
390

ذكر أنه في بيان كتب أصحابنا ما لفظه:
(فلا بد من أن نشير (1) إلى ما قيل فيه: (يعني صاحب الكتاب أو الأصل)) (2). من
التعديل، والجرح، وهل يعول على روايته أولا، وأبين عن اعتقاده، وهل مواق للحق أم (3)
مخالف له، لان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة،
وإن كانت كتبهم معتمدة) (4).
انتهى.
ونراه إذا ذكر أحدا ممن ينتحل المذاهب الفاسدة نص أولا على مذهبه ثم ذكر جرحه
وتعديله (5). فإذا قال: (ثقة) ولم يتعرض فيه لفساد فالظاهر كونه مؤمنا من أصحابنا،
لهاتين المقدمتين، أعني ذكره أولا أن الكتاب جمع في بيان كتب أصحابنا، وأنه ذكر التعرض
لفساد العقيدة.
وتجاوز السيد المقدس في العدة وادعى أن كل من ذكر في الكشي والنجاشي ورجال
الشيخ والفهرست ولم ينص على فساد عقيدته فهو من الشيعة الإمامية، وعلل الوجه في
النجاشي بأن غرضه كان ذكر المؤلفين من الشيعة، ردا على ما زعمه العامة من أنه لا سلف
لنا ولا مصنف (6)، فكل من ذكره دليل على تشيعه.
والوجه في الكشي أنه وإن وضع أولا لما هو الأعم (7) لكن الشيخ (8) جرده للخاصة،

(1) في الفهرست: (أشير) بدل (نشير).
(2) من كلام المؤلف.
(3) في الفهرست: (أو * بدل (أم).
(4) الفهرست للشيخ الطوسي تحقيق السيد صادق بحر العلوم: 2.
(5) انظر مثالا على ذلك الفهرست: 92 / 381.
(6) قال النجاشي في مقدمة كتابه.
(أما بعد: فإني وقفت على ما ذكره السيد الشريف - أطال الله بقاه وأدام توفيقه - من تعبير قوم من مخالفينا
أنه لا سلف لكم ولا مصنف، وهذا قول من لا علم له بالناس، ولا وقف على أخبارهم، ولا عرف منازلهم
وتاريخ أخبار أهل العلم، ولا لقى أحدا فتعرف منه، ولا حجة علينا لمن لا يعلم ولا يعرف.
وقد جمعت من ذلك ما استطعته، ولم أبلغ غايته، لعدم أكثر الكتب، وإنما ذكرت ذلك عذرا إلى من وقع إليه
كتاب لم أذكره).
(7) الأعم من الشيعة الإمامية.
(8) الشيخ الطوسي.
391

وسماه ب (اختيار الرجال).
والوجه في رجال الشيخ إنه إنما وضع لجمع أصحابهم عليه السلام، وظاهر الصحبة
الاستقامة وكون التابع على ما عليه المتبوع. كما أن ظاهر صحبة النبي صلى الله عليه وآله
الاسلام، مع أنه إذا كان هناك انحراف نبه عليه كما هو جاري العادة) (1).
انتهى ملخصا.
وأنت خبير بأن دعوى ذلك من مجرد ذكر الكشي ورجال الشيخ بالخصوص غريب
عن مثل السيد كما لا يخفى على الممارس.
تنبيهان
(التنبيه) الأول:
إذا قال فطحي أو غيره من المخالفين: (فلان ثقة)، فهل يدل على أنه متحرز عن
الكذب، صدوق، أو أنه عادل في مذهبه، وأنه من القائلين بمقالته أم لا؟
لا ريب أنه لا يدل على أنه عادل بحسب مذهب الإمامية، أما دلالته على ما ذكر
فغير بعيد.
قال الوحيد في فوائد التعليقة:
(ثم اعلم أن ما ذكر إذا كان الجارح والمعدل عدلا إماميا، وأما إذا كان مثل (علي بن
الحسن) فمن جرحه يحصل ظن، وربما يكون أقوى من الامامي، كما أشير إليه، فهو معتبر في
مقام اعتباره، وعدم اعتباره على ما سيجئ في (أبان بن عثمان) وغيره بناء على جعله
شهادة أو رواية، ولم يجعل منشأ قبولها الظن، ولم يعتبر الموثقة، وفيهما تأمل.
وأما تعديله، فلو جعل من مرجحات قبول الرواية فلا إشكال، بل يحصل منه
ما هو (2) في غاية القوة، وأما لو جعل من دلائل العدالة فلا يخلو من إشكال، ولو على رأي

(1) العدة: 17 - 18.
(2) في التعليقة: (علم) بدل (ما هو).
392

من جعل التعديل من باب الظنون أو الرواية، وعمل بالموثقة لعدم ظهور إرادته العدل
الامامي، أو في مذهبه، أو الأعم، أو مجرد الوثوق بقوله، ولم يظهر اشتراطه (1) إلا أن يقال:
إذا كان الامامي المعروف مثل (العياشي) الجليل يسأله عن حال راو، فيجيبه بأنه ثقة على
الاطلاق، مضافا إلى ما يظهر من روايته من التعرض للوقف والناووسية وغيرها في مقام
جوابه وإفادته. (2) - أيضا - ربما يظهر من إكثاره ذلك أنه كان يرى التعرض لأمثال ذلك في
المقام لازما (3). وكذا الحال بالنسبة إلى (العياشي) الجليل بالقياس إلى الجليل الاخذ عنه،
وهكذا فإنه ربما يظهر من ذلك إرادة العدل الامامي مضافا إلى أنه لعل الظاهر مشاركة
أمثاله مع الامامية في اشتراط العدالة، وأنه ربما يظهر من الخارج كون الراوي من الامامية،
فيبعد خفاء حاله على جميعهم بل وعليه أيضا، فيكون تعديله بالعدالة في مذهبنا كما لا
يخفى. فلو ظهر من الخارج خلافه، فلعل حاله حال توثيق الامامي. وأيضا بعد ظهور
المشاركة، إحدى العدالتين مستفادة، فلا يقصر عن الموثوق، فتأمل، فإن المقام يحتاج إلى
التأمل التام.
وأشكل من ذلك ما إذا كان الجارح الامامي، والمعدل غيره، وأما العكس، فحاله
ظاهر، سواء قلنا بأن التعديل من باب الشهادة أو الرواية أو الظنون) (4).
انتهى.
وإنما نقلناه بطوله لكثرة فوائده وأخذه بمجامع المسألة.
وقوله: (مثل علي بن الحسن)، هما اثنان، أحدهما: ابن فضال، وهو كوفي، فطحي،
ثقة، كما في الخلاصة (5).
وثانيهما: الطاطري، ثقة في حديثه، من وجوه الواقفة، كما في النجاشي (6).

(1) في التعليقة ههنا زيادة: (العدالة في قبول الرواية).
(2) في التعليقة ههنا زيادة: (له).
(3) (لازما) غير موجودة في التعليقة.
(4) فوائد التعليقة: 5 - 6.
(5) الخلاصة للعلامة الحلي أو (رجال العلامة الحلي): 93 / 15 - باب علي - القسم الأول.
(6) رجال النجاشي: 254 / 667.
393

والخلاصة (1).
قوله: (بناء على جعله شهادة، أي لان شهادة غير الامامي لا تعتبر قوله. وفيهما
تأمل) أي كونها شهادة أو رواية تأمل لأنه حقق أنه من باب الظنون الاجتهادية.
قوله: (لو جعل من دلائل العدالة)، يعني بأن يجعل تعديل فاسد المذاهب عدالة
للمعدل بالفتح.
قوله: (ولم يظهر اشتراطه) أي المعدل، وهذا جواب عن سؤال هو أن يقال لعله
اشتراط العدالة في قبول الرواية، فيعلم المراد من تعديله.
ثم اعلم أن المشهور أن قوله (ثقة ثقة) تكرر اللفظ تأكيدا هو الظاهر، وربما قيل إن
الثاني بالنون موضع الثاء، فتأمل:
التنبيه الثاني:
قال السيد في المفاتيح:
(إذا قال عدل: (فلان ليس بثقة) فعلى القول بأن لفظة (الثقة) موضوعة للمفهوم
المركب من التحرز عن الكذب والعدالة وكونه إماميا فغايته للدلالة على أنه ليس فيه مجموع
الصفات، ولا يدل على انتفاء جميعها أو بعض منها بالخصوص، فلو قام دليل على اتصافه
ببعضها لم يكن ذلك معارضا.
نعم، لو قام دليل على اتصافه بجميعها كان ذلك معارضا، ووجب الرجوع إلى قواعد
التعارض.
وإن قلنا بأنها موضوعة لمجرد التحرز عن الكذب، وأن الصفتين الاخرتين تستفادان
من القرائن، فغايته الدلالة على نفي التحرز عن الكذب، وأما على نفي كونه إماميا فلا).
انتهى. وفيه نظر ظاهر، فتدبر.

(1) الخلاصة - القسم الثاني: 232 / 4.
394

ومنها: (حجة).
يقولون: (هو حجة)، أي ما يحتج بحديثه. والاحتجاج بالحديث وإن كان أعم لكن
قالوا: إن هذه الكلمة صارت في الاصطلاح تدل على التوثيق، لما في التسمية باسم المصدر
من المبالغة. كما أنه صار من شدة الوثوق وتمام الاعتماد هو الحجة بنفسه وإن كان الاحتجاج
به بحديثه.
وهذا بخلاف ما إذا قيل: (فلان مما يحتج بحديثه) فان هذه الكلمة ليست بمكانة تلك
في العرف، نعم تفيد مدحا.
وعد جدي في الدراية هذه اللفظة من الصريح في التعديل وزيادة (1).
ولم أجدها في فوائد التعليقة مع بنائه فيها على الاستقصاء.
وصرح والد المصنف بعدم كونها توثيقا بالانفراد (2).
نعم، عدها العامة في أعلى مراتب ألفاظ التعديل (3).
ثم رأيت في جامع المقال للشيخ الطريحي حكاية الاتفاق على ثبوت التعديل في
لفظة ثقة وعدل وحجة (4). فتأمل.
(الألفاظ المختلف في دلالتها)
وأما المختلف فيها فكثير، منها:
(عين)
قال في فوائد التعليقة:

(1) الدراية: 76.
(2) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 192.
(3) انظر علوم الحديث لابن الصلاح: 122، وتدريب الراوي: 230.
(4) جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال تأليف الشيخ فخر الدين الطريحي - تحقيق كاظم الطريحي
- طبعة طهران: 26.
395

(ومنها: (عين) و (وجه). قيل: هما تفيدان التعديل، ويظهر (1) من المصنف في
ترجمة الحسن بن علي بن زياد. وسنذكر (2) عن جدي في تلك الترجمة معناهما، واستدلاله
على كونهما توثيقا. وربما يظهر ذلك من المحقق الداماد أيضا في الحسين بن أبي العلاء.
وعندي أنهما يفيدان مدحا معتدا به).
انتهى.
وخالفه تلميذه السيد المقدس في العدة. قال:
(وما كان ليكون عينا للطائفة ننظر بها (بل شخصها) (3) وإنسانها (4) فإنه معنى
العين عرفا، ووجهها الذي به تتوجه، ولا تقع الانظار إلا عليه، ولا تعرف إلا به، فإن ذلك
هو معنى الوجه في العرف إلا وهو بالمكانة العليا وليس الغرض من جهة الدنيا قطعا فيكون
من جهة (المذهب) (5) الأخرى).
قال: (وعد التقي المجلسي قولهم (عين) توثيقا بزعم أنه استعارة للصدق، لأن العين بمعنى
الميزان.
قال:
(كما أن الصادق عليه السلام (6) يسمي أبا الصباح الكناني بالميزان لصدقه) (7).
قلت: فرق بين لفظ (الميزان) و (العين)، وكأنه لم يراع العرف. والوجه ما ذكرناه.
ثم قال: (بل الظاهر أن قولهم: (وجه) توثيق، لان دأب علمائنا السابقين في نقل الاخبار

(1) أي ويظهر دلالة لفظ (عين) على التعديل.
(2) في المتن: (سنذكر) والصحيح ما أثبتناه.
(3) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(4) كذا في العدة وفي المتن: (أنسابها).
(5) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(6) كذا في العدة وفي المتن (المصنف).
(7) انظر النجاشي 19 / 24.
396

كان لا ينقلون الا عمن كان في غاية الثقة،، ولم يكن يومئذ مال ولا جاه حتى يتوجهون (1)
له بخلاف اليوم).
قلت: جعل (الوجه) بمعنى ما يتوجه إليه، وإضافته إلى الطائفة لأدنى ملابسة، أي ما
يتوجه إليه الطائفة، وهو كما ترى، خلاف ما يعقل الناس، إنما يعقلون ما ذكرناه) (2).
انتهى.
وظاهر قول المصنف (وما أدى مؤداها) أنه يريد مثل (وجه) و (جليل).
والتقي المجلسي تلميذه (3)، وهو المعني بجدي في الكلام المتقدم عن الفوائد للوحيد
البهبهاني، فالأظهر عندي عد الحديث المتصف بهما في الحسن كالصحيح.
ومنها: قولهم (صحيح الحديث).
عده جدي الأمي في الدراية من ألفاظ التعديل الدالة عليه صريحا، قال:
(فإنه يقتضي كونه ثقة ضابطا. ففيه زيادة تزكية) (4).
انتهى.
وفي جامع المقال: إنه (ليس بصالح للتعديل إلا من عهد منه الاصطلاح الجديد، أما
من لم يعهد منه ذلك (فلا) (5) على ما لا يخفى) (6).
وقال الوحيد في فوائد التعليقة بعد بيان الفرق بين الصحيح عند المتقدمين
والمتأخرين:
(ثم إنه مما ذكرنا ظهر فساد ما توهم بعض المتأخرين (7) من أن قول مشايخ الرجال

(1) في المتن ههنا كلمة (إليهم) زائدة.
(2) العدة: 19.
(3) أي أن المجلسي هو تلميذ الشيخ البهائي.
(4) الدراية: 76.
(5) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(6) جامع المقال: 26.
(7) (المتأخرين)، غير موجودة في فوائد التعليقة.
397

(صحيح الحديث) تعديل، وسيجئ في الحسن بن علي بن نعمان أيضا، نعم هو مدح (1) فتدبر) (2).
أقول: إنما يعد حديث المحدث صحيحا في نفسه، ويتلقى منه بالقبول، إذا كان ثقة،
والصدوق الضابط الغير الامامي لا يصفونه المتقدمون بصحيح الحديث بل بمقبول الحديث،
فتأمل.
هذا وربما يقال: الإضافة تقضي باختصاص المدح بالحديث دون المحدث، كما قال
الشيخ في سعيد بن طريف القاضي (3) إنه (صحيح الحديث) (4)، وقد قال النجاشي: (إنه
يعرف وينكر) (5) وروى الكشي عن حمدويه أنه ناووسي.
اللهم إلا أن تقوم قرينة على عدم إرادة ذلك، كما إذا قيل ذلك في الاجلاء، أو بعد
التوثيق، فتأمل.
المقام الثاني: في ألفاظ المدح
وهي - أيضا - مراتب، أعلاها:
(المرتبة الأولى):
نحو (شيخ الطائفة وفقيهها)، (شيخ القميين وفقيههم).
قال والد المصنف:
(وأما نحو (شيخ هذه الطائفة) و (عميدها) و (وجهها) و (رئيسها) ونحو ذلك فقد
استعمله (6) أصحابنا فيمن يستغنى عن التوثيق لشهرته، إيماء إلى أن التوثيق دون

(1) كذا في التعليقة: وفي المتن: (ممدوح).
(2) فوائد التعليقة: 7.
(3) في المتن: (سعيد) والصحيح ما أثبتناه كما عن الكشي والفهرست والنجاشي: ويسمى سعد الإسكافي، وسعد
الخفاف، وسعد بن طريف، انظر اختيار معرفة الرجال: 214 / 384.
(4) رجال الطوسي: 92 / 17 (في أصحاب علي بن الحسين عليه السلام).
(5) رجال النجاشي: 178 / 468.
(6) في وصول الأخيار: (استعملها) بدل (استعمله).
398

مرتبته) (1).
وعد السيد المقدس في العدة كل ذلك في التوثيق، قال: (وما كانت الطائفة لترجع الا لمن تثق بدينه وأمانته) (2).
والأظهر ما ذكرناه.
وكذلك (صالح)، (دين)، (حسن المعرفة والدين)، (حسن العبادة)، (خير)،
(فقيه أصحابنا) و (وجههم) و (عارفهم بالحديث) و (المسموع قوله فيه)، (من خواص
الشيعة)، (من حواري الامام).
وعد السيد المذكور في العدة كل ذلك في التوثيق، وكأنه اكتفى في العدالة بحسن
الظاهر ولو في تعرفها، فهان عليه الخطب. وقد صرح باستظهار ذلك في موضع من العدة.
وعندي لا بد من العدالة المستفادة من الملكة. ولي في كون حسن الظاهر كاشفا تعبديا
تأمل.
وأما المرتبة الثانية:
(فاضل)، (صالح)، (متقن)، (حافظ)، (واسع الرواية)، (ضابط)،
(روى عنه الناس)، (ورع)، (صدوق).
ثم نحو (ينظر في حديثه)، (يكتب حديثة)، (مسكون إلى روايته)، (بصير بالحديث
والرواة)، (خاص) يعني من الخواص لا من الخاصة وإلا لقيل خاصي. وكذلك (مضطلع
بالرواية)، (مشكور)، (مستقيم)، (ممدوح)، (من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام)،
(مولى أبي عبد الله عليه السلام)، (صاحب الرضا عليه السلام) مفيد المدح (3).
وأما نحو: (زاهد) إذا صدر الوصف بها من أصحابنا فتدل على مدح معتد به.
وأما عد المصنف من ذلك قولهم (قريب الامر) فغريب، لأن الظاهر منه أنه على

(1) وصول الأخيار: 192.
(2) العدة: 17.
(3) العدة: 17.
399

خلاف الطريقة، لكنه ليس بذلك البعيد بل هو قريب الامر لا
وربما عد في المدح قولهم (لا بأس به) بدعوى أنه في العرف مما يفيد المدح، وفيه
تأمل.
ومن المشهور أن نفي البأس يوهم البأس. وتوهم بعضهم فعده في التوثيق، لتضمنه
نفي البأس على العموم بزعمه، ومرجعه إلى مقام الوصف، ويختلف ذلك بحسب المقامات:
فإن كان من التجار - مثلا - نزل على حسن المعاملة، وكان نفى البأس والقصور عنها،
وإن كان من العلماء ففي العلم.
وإن كان من الرواة ففي الرواة.
فأين العموم؟
قال جدي في الدراية:
و (وما نقل عن بعض المحدثين من أنه إذا عبر (1) (به) (2) فمراده الثقة، فذلك أمر
مخصوص باصطلاحه لا يتعداه (3)) (4).
أقول هو يحيى بن معين (5) قيل له: إنك تقول (فلان ليس به بأس) و (فلان ضعيف)
قال:
(إذا قلت ليس به بأس فهو ثقة).
وهذا حكم خاص به ولا مشاحة.
(و) ما كان (نحو ذلك) عندنا (فيفيد المدح المطلق)، فتدبر.
(التحقيق في معنى: (أسند عنه))
وربما عد في المدح قولهم (أسند عنه) بناء على أن المراد أنه روى عنه الشيوخ،

(1) كذا في الدراية وفي المتن: (اعتبره).
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) كذا في الدراية وفي المتن: (يتعده).
(4) الدراية: 78 (الرعاية: 207).
(5) في المتن: (يحيى بن معمر) وما أثبتناه في المتن نقلا عن علوم الحديث: 124 وتدريب الراوي: 231.
400

واعتمدوا عليه، كما فهمه التقي المجلسي، قال:
(وهو كالتوثيق).
أقول: قد اختلفوا في معنى هذه اللفظة، وذكروا لها وجوها كثيرة، ولكن الأظهر
عندي في معناه وجه لم أعثر على التنبيه له من أحد غيري. وبيانه موقوف على تقديم أمور.
الأول: إن هذه اللفظة إنما توجد في خصوص كتاب: (رجال الشيخ) دون سائر كتب
الشيخ وغيره من أصحابنا، وإنها في خصوص باب رجال الصادق عليه السلام من كتاب
(رجال الشيخ)، دون سائر أبواب رجال باقي المعصومين عليهم السلام.
الأمر الثاني: إن رجال الصادق عليه السلام في كتاب رجال الشيخ ثلاثة آلاف
وخمسون رجلا، ومن ذكرت هذه اللفظة في ذيل ترجمته منهم خمسة وثلاثمائة لا غير.
الأمر الثالث: قال الشيخ في أول كتاب الرجال:
(ولم أجد لأصحابنا كتابا جامعا في هذا المعنى الا مختصرات، قد ذكر كل إنسان منهم
طرفا إلا ما ذكره ابن عقدة من رجال الصادق عليه السلام، فإنه بلغ الغاية في ذلك، ولم
يذكر رجال باقي الأئمة عليهم السلام، وأنا أذكر ما ذكره، وأورد من بعد ذلك ما لم يذكره) (1).
انتهى.
يعني ما لم يذكره من رجال باقي الأئمة عليهم السلام لا رجال الصادق عليه السلام
توهم، وستعرف ظهور ما ذكرنا في الأمر الرابع.
الأمر الرابع: إن أصحابنا ذكروا في كتبهم في ترجمة أحمد بن محمد بن سعيد الهمذاني
الكوفي المعروف بابن عقدة أن له كتبا منها كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق
عليه السلام أربعة آلاف رجل، وأخرج (فيه) (2) لكل رجل (3) الحديث الذي رواه) (4).
انتهى.
فالشيخ لم يزد على ما ذكره ابن عقدة، إذا لم يكن قد أسقط البعض، كما أسقط ذكر

(1) رجال الطوسي: 2.
(2) ساقطة من المتن.
(3) كذا في الخلاصة وفي المتن: (الرجال).
(4) الخلاصة للعلامة الحلي - القسم الثاني: 203 / 13.
401

الحديث الذي رواه عن الصادق عليه السلام ذلك الراوي وأخرجه ابن عقدة في ترجمته.
إذا تمهدت هذه الأمور فأقول:
الظاهر إن الشيخ نظر إلى الحديث الذي أخرجه ابن عقدة في ترجمة من رواه عن
الصادق عليه السلام فإذا وجده مسندا من ابن عقدة عن ذلك الرجل قال في ذيل ترجمته:
أسند، يعني ابن عقدة، عنه أي عن صاحب الترجمة، فيعلم أن ابن عقدة يروي عن ذلك
الرجل بإسناد متصل وإن لم يجد الحديث الذي أخرجه ابن عقدة في الترجمة مسندا بأن
وجده مرسلا، أو مرفوعا، أو مقطوعا، أو موقوفا، أو نحو ذلك لم يذكر حينئذ شيئا من ذلك،
لعدم الفائدة، فتدبر، وخذ بمجامع الكلام، فإنه من مواهب الملك العلام، وقد أغفله الاعلام،
وحينئذ فهو أجنبي عما نحن فيه.
ثم إن الطريحي في جامع المقال ناقش في جملة مما عددناه في المدح قال:
(وأنت (1) خبير بأن من جملة تلك الألفاظ قولهم: (شيخ) و (جليل) و (خاص) و
(عالم) و (لا بأس به) و (قريب الامر) و (مسكون إلى روايته) و (ينظر في حديثه) ونحو
ذلك مما لا يفيد المدح ولا التعديل، فدخول الحديث المتصف رواية بها في (بابي) (2)
الصحيح والحسن ليس بالوجه، ومثله ما استفاده البعض من عدالة بعض الموصوفين
بالتوكيل لاحد الأئمة عليهم السلام اللهم ما لم تكن للوكالة جهة معتد بها) (3).
انتهى.
وفي إطلاقة عدم الدلالة على المدح في الجميع ما لا يخفى، وقد عرفت الوجه في بعض
ما ذكره.
أما مثل (شاعر)، (أديب) (4)، (قارئ) (5)، (عارف باللغة والنحو)، (نجيب)، لا
يفيد الحديث حسنا ولا قوة.

(1) في جامع المقال: (لكنك) بدل (أنت).
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) جامع المقال: 27.
(4) في المتن: (اريب) والصحيح ما أثبتناه.
(5) في المتن (قار) والصحيح ما أثبتناه.
402

ثم اعلم أن المدح إن جاء في أصحابنا أفاد الحديث حسنا، وعد حسنا، وإن جاء في
غيرهم أفاد قوة.
تذييل
اعلم أن بعض العامة، كالذهبي في مقدمة الميزان، والحافظ العراقي في الألفية، قد رتبا
تلك الألفاظ على نمط قد استحسنه جمع ممن تأخر عنهما، منهم قال:
(ألفاظ التعديل مراتب، أعلاها (ثقة)، أو (متقن)، أو (ثبت) أو (حجة)، أو (عدل
حافظ) أو (ضابط).
الثانية: (صدوق)، أو (محله الصدق)، أو (كان مأمونا) أو (خيرا)، و (لا بأس به)،
أو (هو ممن يكتب حديثه وينظر فيه)، فهي المرتبة الثانية فإن هذه العبارات لا تشعر
بالضبط، لكن يعتبر حديثه.
وعن بعضهم إنك إذا قلت (لا بأس به) فهو ثقة.
الثالثة: (شيخ، فيكتب حديثه وينظر فيه).
الرابعة: (صالح الحديث) (يكتب للاعتبار)).
انتهى.
وقال ابن حجر وهو من محققيهم من المتأخرين:
(مراتب التعديل (1): أرفعها الوصف (2) بما دل على المبالغة (3)، وأصرح ذلك التعبير
بأفعل ك‍ (أوثق) (4) الناس، أو (أثبت الناس)، أو (إليه المنتهى في التثبت)، (أي في الرواية
والضبط والحفظ) (5).

(1) ههنا في نخبة الفكر زيادة: (و).
(2) في النخبة ههنا زيادة: (أيضا).
(3) في النخبة ههنا زيادة: (فيه).
(4) كذا في نخبة الفكر وفي المتن: (كما وثق).
(5) ما بين القوسين من كلام المؤلف.
403

ثم ما تأكد (1) بصفة من الصفات الدالة على التعديل، أو صفتين، ك‍ (ثقة ثقة)، أو
(ثبت ثبت)، أو (ثقة حافظ)، أو (عدل ضابط)، أو نحو ذلك (2).
وبين ذلك مراتب لا يخفى) (3).
انتهى.
تتميم: في ما عدوه من أمارات الوثاقة
قد ذكروا أمارات تدل على وثاقة الراوي، وأخرى تدل على مدحه:
أما ما يدل على الوثاقة فأمور:
منها قولهم: إن العصابة أجمعت على تصحيح ما يصح عنه
وقد اتفق ذلك في جماعات من الأوائل، والأواسط، والأواخر، وقد جمعهم السيد
بحر العلوم فقال:
قد أجمع الكل على تصحيح * ما يصح عن جماعة فليعلما
وهم أولو نجابة ورفعة * أربعة وخمسة وتسعة
فالستة الأولى من الأنجاد * أربعة منهم من الأوتاد
زرارة كذا بريد قد أتى * ثم محمد وليث يا فتى
كذا الفضيل بعده معروف
وهو الذي ما بيننا معروف * والستة الوسطى أولو الفضائل * ونبتهم أدنى من الأوائل
جميل الجميل مع أبان * والعبدلان ثم حمادان
والستة الأخرى هم صفوان * ويونس عليهما الرضوان
ثم ابن محبوب كذا الحمد * كذاك عبد الله ثم أحمد

(1) في النخبة: تأكيد.
(2) في النخبة قبل هذه العبارة: (وأدناها ما أشعر بالقرب من أهل التجريح، كشيخ يروي حديثه ويعتبر به، ونحو
ذلك).
(3) شرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل الأثر: 234 - 235.
404

وما ذكرناه الأصح عندنا * وشذ قول من به خالفنا
وتقريب الدعوى هو أن يقال:
ما كانوا ليتفقوا في الرجل على الحكم بصحة كل ما يحكيه، إلا وهو بمكانة من
الوثاقة.
قال الوحيد في فوائد التعليقة:
انتهى.
قال عمي السيد صدر الدين في حواشيه: (لم يدع هذا المورد الاجماع على الوثاقة، بل مراده الاجماع على التصحيح، وكل ثقة
يجمع على تصحيح خبره.
نعم يرد عليه أن التصحيح في كلام القدماء بمعنى آخر، فينبغي التأمل في أن الصحيح
بالمعنى المعروف. فيراد منه أم لا؟).
انتهى.
وهو الحق. وسيجئ تحقيق المراد بالصحيح.
وأورد جدي في (شرح الاستبصار).
(بأنه ليس في التعبير بها لتلك الجماعة دون غيرهم ممن لا خلاف في عدالته فائدة).
واعترضه الوحيد في الفوائد، قال:
(وفيه أنه إن أردت (2) بقولك: (ممن لا خلاف في عدالته) (3) عدم الخلاف من

(1) فوائد التعليقة: 6.
(2) كذا في التعليقة وفي المتن: (أراد).
(3) (ممن لا خلاف في عدالته) غير موجودة في التعليقة.
405

المعدلين المعروفين في الرجال، أي الاتفاق من هذه الجماعة (1)، ففيه:
أولا: إنا لم نجد من وثقه جميعهم. وإن أردت عدم وجدان خلاف منهم، ففيه أن هذا
غير ظهور الوفاق، مع أن سكوتهم ربما يكون فيه شئ، فتأمل.
وثانيا: إن اتفاق خصوص هؤلاء المعدلين (2) غير إجماع العصابة، وخصوصا إن
مدعي هذا الاجماع الكشي ناقلا عن مشايخه، فتدبر.
هذا مع أنه لعل عند هذا القائل يكون تصحيح الحديث أمرا زائدا على التوثيق،
فتأمل.
وإن أردت اتفاق جميع العصابة، فلم يوجد إلا في مثل سلمان، ممن هو عدالته
ضرورية لا تحتاج إلى الاظهار، وأما غيرهم فلا يكاد يوجد ثقة جليل سالم عن قدح فضلا
عن (أن) (3) يتحقق اتفاقهم على سلامته منه، فضلا عن أن يثبت عندك، فتأمل) (4).
انتهى.
أقول: وحاصل الامر، على أن الاتفاق واقع على عد أخبار جملة من الرواة كثيرة في
قسم الصحيح، لكن ليس الوفاق منهم على تعديلهم بل للتوثيق، على أن من عدله واحد أو
أكثر كان حديثه في الصحيح. والانصاف إن مراد هذا المحقق رحمه الله أنه لم يعلم الفائدة في
حصر هذا الاجماع بهؤلاء الجماعة دون غيرهم، مثل: عبد الله بن سنان، وعبد الله بن
يعقوب، وعلي بن يقطين، ممن لا يطعن عليهم في شئ وهم عدول ثقات بلا خلاف.
وقد أجاب عمي السيد صدر الدين رحمه الله في حواشيه بوجوه:
الأول: إن الصدق مطابقة الواقع، فالاجماع على التصديق يقتضي الاجماع على
اعتقاد مطابقة الواقع، ولعل الطائفة وقفوا على مطابقة كثير من أخبارهم أو أكثر فاستدلوا بما
وجدوا على ما لم يجدوا والاتفاق على وثاقة الرجل وتقواه وصلاحه وورعه لا يقتضي أكثر
من ظن مطابقة خبره لاعتقاده.

(1) (أي الاتفاق من هذه الجماعة) غير موجودة في التعليقة.
(2) (المعدلين) غير موجودة في التعليقة.
(3) ساقط من المتن.
(4) فوائد التعليقة: 6 - 7.
406

الثاني: إن الاجماع في الستة الأوائل (1) على الامرين: التصديق، والاقرار لهم بالفقه.
الثالث: أن يكون الستة الأوائل قد علم لهم ذلك من جميع الطائفة، اتفاقا محققا،
فلذلك نقلوه، وأما غيرهم فلم يعلم أكثر من اعتماد كثير أو ظهور الأكثر عليهم، وسكوت
الباقين بعدم الخلاف منهم).
انتهى.
وقد أجاد وأفاد، وهكذا ينبغي الجواب، غير أنه خص جوابه بالفرق بين الستة
الأوائل ومن ذكر في النقض، فيبقى كلام جدنا المحقق رحمه الله المذكور بالنسبة إلى الباقين
فتأمل.
ثم قال الوحيد بعد ما نقلناه عنه بلا فاصل:
(واعترض أيضا هذا المحقق بمنع الاجماع، لان بعض هؤلاء لم يدع أحد توثيقه بل
قدح بعض في بعضهم، وبعض منهم وإن ادعى توثيقه إلا أنه ورد منهم قدح فيه، وهذا
الاعتراض أيضا فيه تأمل، وسيظهر لك بعض من وجهه).
انتهى.
أقول: منهم: أبان بن عثمان، وقد قال فيه علي بن فضال: إنه من الناووسية (2). وحكم
العلامة بفسقه (3). وقرره عليه ولده فخر المحققين (رحمه الله)، كما حكى عنه.
وعبد الله بن بكير، وهو فطحي، كما في فهرست الشيخ قال:

(1) أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وهم: زرارة، ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير
الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم، الطائفي.
وقالوا مكان أبي بصير الأسدي، أبو بصير المرادي وهو ليث ابن البختري قال الكشي 238 / 431: اجتمعت
العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام وانقادوا
لهم بالفقه.
(2) قال الكشي: (352 / 660):
(محمد بن مسعود قال: حدثني علي بن الحسن قال: كان أبان من أهل البصرة، وكان مولى بجيلة، وكان سكن
الكوفة وكان من الناووسية).
(3) قال العلامة في الخلاصة (ص: 21 - 22) في ترجمة - (أبان بن عثمان) بعد نقل كلام الكتب: (والأقرب عندي
قبول روايته وإن كان فاسد المذهب، للاجماع المذكور).
407

(فطحي المذهب إلا أنه ثقة) (1). وفي الخلاصة:
(فأنا اعتمد على روايته وإن كان مذهبه فاسدا) (2).
أو عثمان بن عيسى، في النجاشي (3) والخلاصة (4):
(شيخ الواقفة ووجهها، وأحد (الوكلاء) (5) المستبدين (6) بمال الكاظم (7) عليه
السلام).
وفي عدة السيد المقدس: (شديد الفساد (8) للامام).
وقد يجاب.
بأن بين حكاية الاجماع على التصحيح وحكاية الانحراف عن بعضهم تناف،
ولا ريب في ترجيح حكاية الاجماع، على أن حكاية الانحراف عن أبان بن عثمان أنما جاءت
من قبل علي بن فضال، وهو فطحي، فلا تعارض حكاية الثقات إجماع الطائفة عليه الظاهر
في وثاقته.
وما نقل عن فخر المحققين عن العامة لم يثبت، وكذا حكمه في الخلاصة، لاحتمال
الغرض. وأما حكاية الاجماع على عثمان بن عيسى فلا أصل لها، وإنما صدرت عن بعضهم،
فلا تعارض ما عرفت من الانحراف (9).
قال السيد المقدس في العدة في المقام:
(وأنى تجمع الطائفة على تصحيح كلما جاء به من يبارزهم بالعداوة ويبارزونه،
ويبرأ من إمامهم ويكذبه) (10).

(1) الفهرست: 106 / 452.
(2) الخلاصة: 106.
(3) رجال النجاشي: 300 / 817.
(4) الخلاصة - القسم الثاني: 244.
(5) ساقطة من المتن.
(6) كذا في النجاشي وفي المتن: (مستمدين).
(7) في النجاشي: (موسى بن جعفر عليه السلام).
(8) كذا في العدة (ص: 21) وفي المتن: (سيد الفساد).
(9) في المتن: (الحرافة) والصحيح ما أثبتناه.
(10) العدة: 26.
408

ثم قال الوحيد رحمه الله في الفوائد: (نعم يرد عليهم أن تصحيح القدماء حديث شخص لا يستلزم توثيقه منهم، لما
مرت الإشارة إليه. نعم: يمكن أن يقال يبعد أن لا يكون رجل ثقة ومع ذلك اتفق جميع
العصابة على تصحيح جميع ما رواه، سيما بعد ملاحظة دعوى الشيخ الاتفاق على اعتبار
العدالة لقبول خبرهم وأن ذلك ربما يظهر من الرجال) (1).
انتهى.
قال عمي السيد صدر الدين في (2) الحواشي:
(لم يدع أحد، فضلا عن الشيخ بخصوصه، إجماعا على العدالة شرطا ينتفى الخبر
بانتفائه بل الشيخ بنفسه مصرح بإجماع الفرقة على العمل بأخبار ثقات ليس من الامامية،
كالفطحية والواقفة.
وبالجملة، فالمدار في الخبر على ظن الصدور من المعصوم عليه السلام أو القطع به،
وقد يقع الاجماع على أخبار الرجل إذا قوبلت، وعلم من الخارج صدقها، ومطابقتها للواقع
أو علم مطابقة الباقي.
نعم، لك أن تقول وقوع المطابقة وحصولها في أخبار شخص أعظم دليل على وجود
الوثاقة بالمعنى الأعم بل هو عينها بل أعلى أفرادها، وبعد تحقيق كون الرجل إماميا ما المانع
من كون شدة تحرجه في الصدق بحسب ما يظهر لنا دليلا على العدالة، فإنا إنما استدللنا عليها
بالآثار، وهذا أعظم أثر).
انتهى.
وهذا هو الكلام الفحل، والقول الجزل.
ومنها: كونه من مشايخ الإجازة
ومعنى ذلك أنه ممن يستجاز في رواية الكتب المشهورة، وهو المحكي عن المحقق

(1) فوائد التعليقة: 7.
(2) في المتن ههنا كلمة (قد) زائدة.
409

البحراني إبراهيم بن سليمان القطيفي (1)، قال: (إن مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة والجلالة).
وعن صاحب المعراج: إن التعديل بهذه الجهة طريقة كثير من المتأخرين، ولا ينبغي أن يرتاب في
عدالتهم).
وفي فوائد التعليقة:
(وربما يظهر من جدي دلالته على الوثاقة، وكذا من المصنف في ترجمة (الحسن بن
علي بن زياد) إلى أن قال:
(وما ذكروه لا يخرج عن قرب إلا أن كونهم في أعلى درجاتها غير ظاهر) (2).
انتهى.
وهو الظاهر من السيد رحمه الله في الفوائد، والسيد رحمه الله في العدة.
قال في الثانية:
(ما كان العلماء وحملة الاخبار لا سيما الاجلاء ومن يتحاشى في الرواية عن غير
الثقات فضلا عن الاستجازة ليطلبوا الإجازة في رواياتها إلا من شيخ الطائفة، وفقيهها،
ومحدثها، وثقتها، ومن يسكنون إليه، ويعتمدون عليه.
وبالجملة فلشيخ الإجازة مقام ليس للراويين (3)) (4).
أقول: التحقيق في المقام ما أفاده جدي في الدراية، قال:
(تعرف العدالة المعتبرة (5) في الراوي: بتنصيص عدلين عليها. وبالاستفاضة، بأن
تشتهر عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم، كمشايخنا السابقين، من عهد الشيخ

(1) انظر الاعلام: 1 / 41.
(2) فوائد التعليقة: 9.
(3) في العدة: (للراوي).
(4) العدة: 22.
(5) في الدراية: (الغريزية) بدل (المعتبرة)، وفي الرعاية (البقال: 192): (المعتبرة).
410

محمد بن يعقوب (1) رحمه الله، وما بعده إلى زماننا هذا لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ
المشهورين (2) إلى تنصيص على تزكية، ولا تنبيه على عدالة، لما اشتهر في كل عصر من
ثقتهم، وضبطهم، وورعهم، زيادة على العدالة. وإنما يتوقف على التزكية غير هؤلاء من
الرواة الذين لم يشتهروا بذلك، ككثير ممن سبق على هؤلاء، وهم طرق الأحاديث المدونة
في الكتب غالبا) (3).
وقال ولده المحقق جدي في المنتقى:
(يروى المتقدمون من أصحابنا (4) رضي الله عنهم عن جماعة من مشايخهم الذين
يظهر من حالهم الاعتناء بشأنهم وليس لهم ذكر في كتب الرجال، والبناء (على) (5) الظاهر
يقتضي إدخالهم في قسم المجهولين.
ويشكل بأن قرائن الأحوال شاهدة ببعد اتخاذ أولئك الاجلاء الرجل الضعيف و (6)
المجهول شيخا يكثرون الرواية عنه، ويظهرون الاعتناء به.
ورأيت لوالدي رحمه الله كتابا (7) في شأن بعض مشايخ الصدوق قريبا مما قلنا،
وربما يتوهم إن في ترك التعرض لذكرهم في كتب الرجال إشعارا بعدم الاعتماد عليهم،
وليس بشئ، فإن الأسباب في مثله كثيرة، وأظهرها أنه لا تصنيف لهم، وأكثر الكتب
المصنفة في الرجال لمتقدمي أصحابنا (8) اقتصروا فيها على ذكر المصنفين، وبيان الطرق إلى
روايات كتبهم) (9).
ثم ذكر أن من هذا الباب رواية الشيخ عن أبي الحسين بن جيد، ورواية المفيد رحمه

(1) في الدراية ههنا زيادة: (الكليني).
(2) غير موجودة في الدراية.
(3) الدراية: 66.
(4) في المنتقى: (من علمائنا).
(5) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(6) في المنتقى: (أو).
(7) في المنتقى: (كلاما).
(8) في المنتقى: (الأصحاب).
(9) منتقى الجمان: 39 - 40.
411

الله عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، ورواية الصدوق رحمه الله عن محمد بن علي
ماجيلويه وأحمد بن محمد بن يحيى العطار.
قال (1):
(والعلامة (2)، يحكم (3) بصحة الاسناد المشتمل على أمثال هؤلاء وهو يساعد
ما (4) قويناه) (5).
وقال ابنه المحقق جدي في (شرح الاستبصار):
(عادة المصنفين عدم توثيق الشيوخ) (6).
وقال المصنف في المشرق:
(قد يدخل في أسانيد بعض الأحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل
بمدح ولا قدح، غير أن أعاظم علمائنا المتقدمين (قدس الله أرواحهم) (7) قد اعتنوا بشأنه،
وأكثروا الرواية عنه، وأعيان مشايخنا المتأخرين (طيب الله ثراهم) (8) قد حكموا بصحة
روايات هو في سندها، والظاهر أن هذا القدر كاف في حصول الظن بالعدالة) (9).
ثم ذكر أن من ذلك أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، وأحمد بن محمد بن
يحيى العطار، والحسن بن الحسين بن أبان، وأبي الحسين علي بن أبي جيد. قال:
(فهؤلاء وأمثالهم من مشايخ الأصحاب، لنا ظن بحسن حالهم، وعدالتهم، وقد
عددت حديثهم في الحبل المتين، وفي هذا الكتاب في الصحيح، جريا على منوال مشايخنا
المتأخرين، ونرجو من الله سبحانه أن يكون اعتقادنا فيهم مطابقا للواقع) (10).

(1) أي صاحب المنتقى.
(2) كذا في المنتقى وفي المتن: (وقال).
(3) في المتن: (نحكم) والصحيح ما أثبتناه.
(4) في المنتقى: قربناه.
(5) منتقى الجمان: 41.
(6) في المتن: (الشيوق) والصحيح ما أثبتناه.
(7) ساقطة من المتن.
(8) ساقطة من المتن.
(9) الحبل المتين (رسالة مشرق الشمسين): 276.
(10) الحبل المتين: 277.
412

انتهى.
قال السيد في العدة بعد كلامه المتقدم نقله:
(واعترض بأمرين:
أحدهما إن إبراهيم بن هاشم وابن عبدون كانا من مشايخ الإجازة قطعا مع عدهم
أخبارهما في الحسان.
الثاني: إن من مشايخ الإجازة من كان فاسد العقيدة، كبني فضال وأضرابهم، إذ لا
ريب إن أصحابنا في الرجوع إليهم كانوا يروون عنهم، ويستجيزون منهم.
والجواب: إن التعلق إنما هو بالظهور، ولا ريب في ظهور ما قلناه من الوثاقة والجلالة،
وعد أخبار إبراهيم بن هاشم وابن عبدون في الحسان مبني على عدم ملاحظة هذه الطريقة.
وأما احتمال فساد العقيدة فيضمحل بثبوت كون الشيخ من أصحابنا، فإن لم يثبت
وقام احتمال الانحراف كان موثقا قويا) (1).
أقول استطرادا يظهر من سيد النجباء، السيد جمال الدين بن طاوس رحمه الله
الاتفاق على وثاقة إبراهيم بن هاشم، وقد أغفله العلماء، ولم ينتبه إليه فيما أعلم إلا ثقة
الاسلام مولانا حسين بن العلامة التقي النوري المعاصر صاحب مستدرك الوسائل. (قال)
قال السيد بن طاوس في (فلاح السائل) بعد ذكر حديث عن (أمالي الصدوق) سنده
هكذا: حدثنا موسى بن المتوكل (2)، قال حدثنا (3) علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن
هاشم (4)، عن محمد (5) بن أبي عمير، قال حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول:
(ما أحب الله من عصاه) الخبر.
قال السيد (رحمه الله):
(ورواة هذا الحديث ثقات بالاتفاق، ومراسيل محمد بن أبي عمير كالمسانيد عند

(1) العدة 22.
(2) حدثنا غير موجودة في المستدرك، والموجود محمد بن موسى بن المتوكل.
(3) غير موجودة في المستدرك.
(4) إبراهيم بن هاشم غير موجودة في المستدرك.
(5) محمد غير موجودة في المستدرك.
413

أهل الوفاق)) (1). انتهى.
وما يظهر من جدي رحمه الله في المنتقى ومن ولده في (شرح الاستبصار) من التوقف
في اعتبار توثيق مثل ابن طاوس والعلامة (فإنه) ليس في محله، لأن عدم عثور المتأخر على
التوثيق في الكتب المعروفة لا يستلزم العدم، لسعة باعهما، وكثرة اطلاعهما، فلعلهما عثرا
عليه في كتاب لم يظفر به. كيف، وكثيرا ما عثر المتأخرون على ذلك في غير كتب الرجال.
ونرجع إلى ما كنا فيه فأقول:
الأظهر عندي، عد كون الرجل من مشايخ الإجازة في المدح دون التوثيق، فإن كون
الرجل من مشايخ الإجازة لا يدل على الوثاقة بنفسه، ولا ظهور له في ذلك إلا أن يكون مما
استفاض النقل بالاعتناء بشأنه وتعظيمه، كإبراهيم بن هاشم وأمثاله. ولا أقول أن التوثيق
منحصر بالتنصيص، كما ربما يظهر من جدي في المنتقى وولده في شرح الاستبصار بل ربما
كان الاجتهاد والتتبع للامارات أدل وأحكم ولكن أقول: مجرد كونه من مشايخ الإجازة لا
يفيد شيئا إذ ربما أخذوا من الضعيف لعلو إسناده أو لمجرد إخراج الحديث من الارسال
واتصال المستجيز بالسند ليدخل في المسانيد وإن كان المجيز فاسد المذهب.
ولو كان لمجرد كونه من مشايخ الإجازة ظهور في الوثاقة لصححوا أخبار سهل بن
زياد، فإنه من مشايخ الإجازة، كما حكى المجلسيان رحمهما الله، ولما قالوا أن الجهل بمشايخ
الإجازة غير قادح، لان المستجاز فيه من الأصول المعلومة، وأجمل محامل من قال بدلالة
ذلك على المدح.
والعدالة عندي أنه لا يريد كلية الكبرى بل يريد هؤلاء الاعلام المشهورين
بالتعظيم والجلالة عند الطائفة، وبعبارة أخرى يريد ما سمعت عدة من الدراية والمنتقى
والمشرق ولا بأس به.
ومنها: رواية من يطعن على الرجال في روايتهم عن المجاهيل وغير الثقات
والضعفاء

(1) مستدرك الوسائل (الطبعة القديمة) 3 / 779.
414

كما أحمد بن محمد (1) بن عيسى فإنه الذي جرح أحمد بن محمد بن خالد البرقي (2)
على وثاقته، وأخرجه من قم، لأنه كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل.
وجعل الوحيد دلالة هذا على الوثاقة في غاية الظهور وقيد تأمل.
ومنها: رواية من عرف أنه لا يروي إلا عن ثقة
كصفوان وابن أبي عمير على ما نقله الشيخ (3) وجماعة من أنهما لا يرويان إلا عن
ثقة ومثل أحمد بن أبي نصر البزنطي، وقد تقدم حكاية الاجماع في هؤلاء الثلاثة على ذلك،
فتأمل.
ومنها: كثرة تناول الاجلاء منهم وروايتهم عنه بل إكثار الجليل المتحرج في
روايته من الرواية عنه
كصاحب الكافي (4) عن محمد بن إسماعيل (5) النيسابوري، كذا في عدة السيد،
وفوائد التعليقة. وقال عمي السيد صدر الدين في بعض فوائده:
(اعلم أن الأستاذ، يعني الوحيد البهبهاني، كثيرا ما يشير إلى الاعتماد على الراوي
بمجرد روايته، مثل صفوان وأضرابه من الأعاظم عنه بل ربما صرح بالاعتماد عليه فضلا
عن الإشارة بمجرد روايتهم عنه:

(1) الأشعري القمي، قال الشيخ في الفهرست (25 / 65):
(وأبو جعفر هذا رحمه الله شيخ قم، ووجيهها، وفقيهها، غير مدافع، وكان أيضا الرئيس الذي يلقي السلطان
بها).
وانظر رجال النجاشي 76 / 182.
(2) انظر مجمع الرجال: 1 / 138 نقلا عن الغضائري، وقال الشيخ في الفهرست (20 / 55): (وكان ثقة في نفسه
غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل). وانظر النجاشي: 76 / 182.
(3) العدة الرجالية: 1 / 386 - 387.
(4) محمد بن يعقوب الكليني.
(5) ذكره الشيخ في رجاله (في من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام): 496 / 30.
وقال: (محمد بن إسماعيل يكنى أبا الحسن نيسابوري يدعى بفندر).
فلم ينص على وثاقته في كتب الرجال.
415

ومن تتبع كتب المحصلين من المتقدمين والمتأخرين علم أنهم لا يتحاشون عن
الرواية عن الضعفاء والمجاهيل فيما لا يتعلق بالحرام والحلال وما يشبهه، فإذا رأيت من
الأستاذ إشارة إلى مثل ذلك فلا تقنع إلا بالفحص ولا تجعله موجبا للاعتماد إلا بعد الرجوع
إلى الرواية والوقوف عليها).
انتهى.
وهو الحق وكل هذا لا يفيد إلا قوة في الرواية، أما إدخالها في الصحيح ففي غاية
الاشكال، وإن كان الراوي صفوان ومحمد بن أبي عمير (و) البزنطي، فإن الذي قوى الظن به
أنهم لا يرسلون إلا عن ثقة لا أنهم لا يروون إلا عن ثقة.
ومنها: اعتماد القميين عليه وروايتهم عنه
وعلله السيد في العدة والوحيد في الفوائد (1) بأن ذلك لما عرفوا به من شدة الانكار.
قال السيد:
(بل اعتماد ابن الغضائري عليه، وروايته عنه لذلك) (2).
وفيه تأمل، وأقصى ذلك كله إفادة القوة، كما ذكرنا سابقا. فتأمل.
ومنها: كونه من الوكلاء لآل البيت عليهم السلام
قال السيد رحمه الله.
(وما كانوا ليعتمدوا إلا على ثقة، سالم العقيدة. وأنى يعتمدون على الفاسد، ويميلون
إليه، وهم مما ينهون عنه وينأون، ومن ثمة إذا ظهر الفساد من أحدهم عزلوه.
وقد عدل بهذه الطريقة غير واحد من الأصحاب، كالعلامة، وصاحب المنهج،
والشيخ البهائي، وغيرهم.

(1) فوائد التعليقة - الفائدة الثالثة: 11.
(2) العدة الرجالية: 23.
416

ومن هنا تعرف مقام المفضل بن (1) عمر ومحمد بن سنان (2) وأضرابهما من الوكلاء
وإن غمز عليهم بارتفاع القول) (3).
وعندي أنها (4) لا تدل بمجردها على شئ، اللهم ألا أن تكون الوكالة على جهة
معتد بها، أي بالعدالة.
كيف وقد قال الشيخ في كتاب الغيبة عند ذكر من كان يختص بكل، إمام ويتولى له
الامر ما لفظه:
(ونذكر من كان ممدوحا منهم، حسن الطريقة ومن كان مذموما، سئ الطريقة (5).
وما روى (6) من قوله (7): (خدامنا وقوامنا شرار خلق الله) (8) ليس على عمومه
وإنما قالوا (ذلك) (9) لان فيهم من غير وبدل وخان.
وقد روى الحميري (10) (عن أبيه) (11) عن محمد بن صالح الهمداني قال:
كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام: أن أهل بيتي يؤذوني، ويفزعوني بالحديث

(1) قال النجاشي في ترجمته 416 / 1112:
(فاسد المذهب مضطرب الرواية لا يعبأ به، وقيل إنه كان خطابيا).
(2) ذكره الشيخ في رجال الرضا عليه السلام: (386 / 7) وقال:
(محمد بن سنان ضعيف).
وقال في الفهرست (143 / 609):
(له كتب وقد طعن عليه وضعف).
وقد حكى النجاشي 328 / 888 عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد أنه قال:
(وهو رجل ضعيف جدا، لا يعول عليه، ولا يلتفت إلى ما تفرد به).
ونقل عن الفضل بن شاذان قوله:
(لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان).
(3) العدة الرجالية: 23.
(4) أي الوكالة.
(5) في كتاب الغيبة: (المذهب) بدل (الطريقة) كما توجد بعدها إضافة: (ليعرف الحال في ذلك).
(6) في كتاب الغيبة: (وقد روى).
(7) في كتاب الغيبة: وقد روي في بعض الأخبار أنهم عليهم السلام قالوا:...)
(8) في كتاب الغيبة ههنا زيادة: وهذا.
(9) (ذلك) غير موجودة في كتاب الغيبة.
(10) في الغيبة: وقد روى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري.
(11) غير موجودة في الغيبة.
417

الذي روى عن آبائك عليهم السلام، الحديث.
فكتب: (ويحكم ما تقرأون ما قال الله تعالى: (وجعلنا بينهم وبين القرى التي
باركنا فيها قرى ظاهرة) (1).
فنحن والله القرى التي بارك الله فيها، وأنتم القرى الظاهرة) (2).
ثم عد من المحمودين:
حمران بن أعين.
وروى فيه قول أبي جعفر عليه السلام:
(والله لا يرتد أبدا) (3).
والمفضل بن عمر (من أصحاب) الصادق عليه السلام والكاظم عليه السلام،
وروى فيه (4): (أنه كثيرا ما كان الناس يجيئون بالأموال إليه فيردها ويقول ادفعوها إلى
المفضل).
والمعلى بن خنيس:
للصادق عليه السلام، وقوله فيه: (أما والله لقد دخل الجنة) (5).
ونصر بن قابوس اللخمي:

(1) سورة سبأ: 18.
(2) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي - تحقيق مؤسسة المعارف الاسلامية: 345 / 346.
(3) قال: 346 / 296:
أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه
السلام - وذكرنا حمران بن أعين - فقال:
لا يرتد والله أبدا، ثم أطرق هنيئة، ثم قال:
أجل لا يرتد والله أبدا.
(4) قال: 347 / 298:
وروى عن هشام بن أحمر قال:
حملت إلى أبي إبراهيم عليه السلام إلى المدينة أموالا فقال:
(ردها إلى المفضل بن عمر).
فرددتها إلى جعفى فحططتها على باب المفضل.
(5) انظر كتبا الغيبة: 347 / 301.
418

توكل له (1) عشرين سنة، وكان خيرا فاضلا.
وعبد الرحمن بن الحجاج:
له أيضا ومات في عصر الرضا عليه السلام، وكان عابدا رفيع المنزلة لديهما.
وصفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد.
وروى في ذلك عن أبي طالب القمي قال:
دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام (2) فقال:
جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان (وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد) (3) خير الجزاء (4) فقد وفوا (5).
وروى في ابن سنان عن علي بن الحسين بن داود (6) قال:
سمعت أبا جعفر الثاني عليه السلام يذكر محمد بن سنان بخير ويقول:
(رضي الله عنه برضائي عنه فما خالفني ولا خالف أبي قط) (7).
وروى في زكريا (رحمه الله تعالى) (8): يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حيا، فقد
عاش أيام حياته عارفا بالحق، قائلا به، صابرا محتسبا للحق، قائما بما يحب الله
ورسوله) (9). الحديث:
وعبد العزيز بن المهتدي القمي (10)، وروى فيه.
وأيوب بن نوح (11).

(1) أي للصادق عليه السلام أنظر 347 / 302 من كتاب الغيبة.
(2) في كتاب الغيبة ههنا زيادة: (في آخر عمره فسمعته يقول:...).
(3) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(4) في الغيبة: (عني خيرا) بدل (خير الجزاء).
(5) في الغيبة ههنا إضافة: (لي). انظر كتاب الغيبة 348 / 302.
(6) كذا في كتاب الغيبة وفي المتن: (دون).
(7) كتاب الغيبة 348 / 304.
(8) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(9) في الغيبة: (بما يحبب لله ولرسوله). انظر 348 / 303.
(10) انظر كتاب الغيبة 349 / 305.
(11) انظر كتاب الغيبة: 349 / 307.
419

وعلي بن جعفر الهمداني (1).
وأبو علي بن راشد (2)، وروى فيهم.
ومن الوكلاء المذمومين:
صالح بن محمد بن سهل الهمداني (3) للجواد عليه السلام.
وعلي بن أبي حمزة البطائني.
وزياد بن مروان القدري.
وعثمان بن عيسى الرواسي للصادق (4) عليه السلام.
وفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني (5) لأبي الحسن العسكري عليه السلام.
وأحمد بن هلال العبرتائي (6).
وأبو طاهر محمد بن بلال (7) وغيرهم.
وأما المذمومون الذين ادعوا البابية:
فأولهم: الشريعي، وهو أبو الحسن.
وكان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام ثم الحسن بن علي عليه
السلام.
ادعى هذا المقام وكذب على الله وحججه، ونسب إليهم ما لا يليق بهم فلعنته (8).

(1) في كتاب الغيبة. انظر 350 / 308.
(2) انظر كتاب الغيبة: 350 / 309.
(3) انظر كتاب الغيبة: 351 / 311.
(4) انظر كتاب الغيبة: 352.
(5) كذا في كتاب الغيبة: 304 / 312 وفي المتن: (ماهوايه)، وانظر النجاشي 310 / 848.
(6) كذا في كتاب الغيبة 353 / 313 وفي المتن العبرتاني.
انظر النجاشي 83 / 199.
(7) انظر كتاب الغيبة 353 / 313.
(8) في المتن: (لعنة) والصحيح ما أثبتناه.
420

الشيعة، وبرئت منه، وخرج توقيع (1) الإمام عليه السلام بلعنه والبراءة منه. ثم ظهر منه
القول بالكفر والالحاد.
ثم محمد بن نصير النميري:
وكان من أصحاب أبي محمد الحسن عليه السلام، فلما توفى ادعى مقام أبي جعفر
محمد بن عثمان، وأنه صاحب إمام الزمان، وادعى أنه بابه، ففضحه الله بما ظهر منه من
الالحاد والجهل، وكان ذلك بعد الشريعي.
ثم أحمد بن هلال الكرخي (2):
من أصحاب الحسن العسكري عليه السلام، فلما توفى عليه السلام وقد اجتمعت
الشيعة على محمد بن عثمان بنص الامام وقف هو، فقالوا له: إنا قد سمعنا النص عليه.
فقال: أنتم وما سمعتم.
فلعنوه، وتبروا منه، ثم ظهر التوقيع على يد أبي القاسم بن روح رحمه الله بلعنه
والبراءة منه (3).
وأبو طاهر محمد بن علي بن بلال:
وحديثه مع العمري معروف، وامساكه للأموال التي كانت عنده، وادعاؤه أنه هو
الوكيل حتى تبرأت الجماعة ولعنوه، وخرج فيه من صاحب الامر عليه السلام ما خرج.
ومنهم الحسين بن منصور الحلاج.
وقد ذكر له الشيخ أقاصيص.
وابن أبي القرقر، محمد بن علي الشلمغاني (4):
وحديثه معروف. قتل في ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
وأبو دلف المجنون، محمد بن مظنى الكاتب:
وحديث ابن قولويه فيه معروف.

(1) في المتن: (توفيق) والصحيح ما أثبتناه.
(2) انظر أحمد بن هلال العبرتائي في الفهرست للشيخ الطوسي: 36 / 97 (83 / 199).
(3) انظر الكشي 535 / 1020.
(4) انظر النجاشي: 378 / 1029.
421

وقد نقل ذلك كله السيد المقدس في العدة.
أبعد هذا يقال إذا قيل: (من وكلاء أهل البيت عليهم السلام) كان تعديلا؟ كلا، ولا
مدحا إلا كما عرفت من كون الوكالة على جهة معتدة بالعدالة.
ومنها: ترضي الاجلاء عنه وترحمهم عليه
وهذا كما ترى الكليني، والصدوق، والشيخ يترحمون على الناس، ويترضون عنهم،
فتعلم أنهم عندهم بمكانة من الجلالة، بدليل أنهم ما زالوا يذكرون الثقات والاجلاء ساكتين
وربما كان الترحم والترضي لخصوصية أخرى، كالمشيخة ونحوها.
وكيف كان، فما كان ليكون إلا عن ثقة يرجع إليه الاجلاء.
كذا ذكره السيد المقدس في العدة (1)، وفيه تأمل، بل أقصاه المدح المطلق.
ومنها: قول الثقة حدثني الثقة
وأما لو قالوا، حدثني غير واحد من أصحابنا أو جماعة من أصحابنا فلا.
وقال السيد المقدس في العدة.
(يعدل الوثاقة، لبعد أن لا يكون ثقة في جماعة يروى عنهم الثقة ويتناول، ولا سيما
مثل المحمدين الثلاثة (2) رضي الله عنهم).
وأنت خبير بأن الاستبعاد لا أثر له بعد العيان من روايتهم عن الضعفاء والمجاهيل
أحيانا.
وأنا لا أعد (3) مثل هذا في الحسن فضلا عن الصحيح، فلا بد من الفحص والبحث.

(1) العدة الرجالية: 23.
(2) الشيخ الكليني، الشيخ الصدوق، الشيخ الطوسي.
(3) في المتن: (عد) والصحيح ما أثبتناه.
422

(الألفاظ الدالة على المدح)
وأما ما ذكر أنه يدل على المدح فأمور، منها:
كثير الرواية
وحكى عن الشهيد (1) أنه قال في حديث الحكم بن مسكين ما لفظه:
(لما كان كثير الرواية، ولم يرد فيه طعن فأنا أعمل بروايته).
وعن صاحب البحار أن ذلك من شواهد الوثاقة.
وقال السيد في العدة:
(وربما جعلت هذه أمارة على التوثيق، وليس بذلك البعيد، بناء على الاكتفاء في
العدالة بحسن الظاهر) (2).
واعترض جدي الشهيد الثاني على الأول بأنه لا يكفي عدم الجرح بل لا بد من
التوثيق.
وهو الوجه، ولا يبعد كون حديث الراوي المتصف بذلك حسنا، لقوله عليه السلام:
(اعرفوا منازل الرجال على قدر روايتهم عنا) (3).
ومنها: كونه ممن يكثرون الرواية عنه
أو يكثرون رواية كتابه، فإن ذلك من أمارات الاعتماد.
قال الوحيد:
(بل بملاحظة اشتراطهم العدالة في الراوي على ما مر يقوى كونه من أمارات

(1) الحاكي هو المجلسي: انظر تنقيح المقال (للمامقاني) 1 / 360.
(2) العدة الرجالية: 25 - 26.
(3) رواه في الكافي باب النواد من كتاب فضل العلم: 1: 50 / 13. قال: محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن
ابن سنان، عن محمد بن مروان العجلي، عن علي بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:...
الحديث).
423

العدالة) (1).
انتهى.
أقول لم يدع أحد أن العدالة شرط ينتفى الحديث بانتفائه، بل نقل شيخ الطائفة إجماع
الطائفة على العمل بأخبار ثقات الفطحية والناووسية ونحوهما من الفرق الفاسدة (2). ثم
هذا إسماعيل بن أبي زياد (3) السكوني ممن أكثر الرواية عن الأئمة عليهم السلام وأكثر
الأصحاب التناول منه، قد اشتد ضعفه حتى صار مثلا. وإن جوزنا العمل برواياته فإنما ذلك
من جهة عمل الطائفة، فتدبر.
ومنها: أن يكون أكثر ما يرويه متلقى بالقبول أو سديدا
كذا قيل، فتأمل.
ومنها: كونه من رجال محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري صاحب نوادر الحكمة ولم يستثن عليه (4).

(1) في فوائد التعليقة هكذا: (ومنها كونه ممن يكثر الرواية عنه ويفتى بها فإنها أمارة الاعتماد عليه كما هو ظاهر.
وسنذكر عن المحقق رحمه الله في ترجمة السكوني اعترافه به. وإذا كان مجرد كثرة الرواية عنه يوجب العمل
بروايته بل ومن شواهد الوثاقة كما مر فما نحن فيه بطريق أولى، وكذا رواية جماعة من الأصحاب عنه تكون
من أماراتها على ما ذكر فهنا بطريق أولى).
فلعل ما ورد في المتن نقله من موضع آخر.
(2) العدة للشيخ الطوسي: 1: 381.
(3) انظر فهرست الشيخ الطوسي: 13 / 38، والنجاشي: 26 / 47 ولم يذكراه بشئ نعم: لقد ذكره العلامة في
القسم الثاني من خلاصته: 199 / 3.
(4) قال الشيخ النجاشي في رجاله: 348 / 939:
(محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك، الأشعري القمي أبو جعفر، كان ثقة في
الحديث، إلا أن أصحابنا قالوا:
كان يروي عن الضعفاء، ويعتمد المراسيل، ولا يبالي عمن أخذ، وما عليه في نفسه طعن في شئ.
وكان محمد بن الحسن بن الوليد يستثني من رواية محمد بن يحيى ما رواه عن محمد بن موسى الهمداني، أو ما
رواه عن رجل، أو ما يقول بعض أصحابنا، أو عن محمد بن يحيى المعازي، أو عن أبي عبد الله الرازي
الجاموراني أو عن أبي عبد الله السياري، أو عن يوسف بن السخت، أو عن وهب بن منه، أو عن أبي علي
النيشابوري، أو عن أبي يحيى الواسطي، أو محمد بن علي أبو سمينة، أو يقول في حديث، أو كتاب، أو ولم أروه،
أو عن سهل بن زياد الادمي، أو عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع، أو عن أحمد بن هلال أو محمد بن
علي الهمداني، أو عبد الله بن محمد الشامي، أو عبد الله بن أحمد الرازي، أو أحمد بن الحسين بن سعيد، أو
أحمد بن بشير الرقي، أو عن محمد بن هارون، أو عن مموية بن معروف، أو عن محمد بن عبد الله بن مهران، أو
ما يتفرد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي، وما يرويه عن جعفر بن محمد بن مالك، أو يوسف بن الحرث، أو عبد
الله بن محمد الدمشقي.
قال أبو العباس بن نوح وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كله وتبعه أبو جعفر بن
بابويه رحمه الله على ذلك إلا في محمد بن عيسى بن عبيد، فلا أدري ما رأيه فيه، لأنه كان على ظاهر العدالة
والثقة).
424

وذلك إن أقصى ما استثنى عليه روايته عن أولئك الثمانية عشر أو العشرين، فعلم أن
من عداهم مرضي عنه، فكان أقل مراتبه المدح، بل جعل طريقا إلى التوثيق.
وبالجملة، اتخاذ هذا الوجه دليلا على الاعتماد طريقة جماعة من المحققين كصاحب
الذخيرة (1) وغيره).
كذا ذكره السيد في العدة (2).
وعندي أنه لا يفيد شيئا سوى تقوية الحديث في الجملة.
ومنها: أن يروي فيه غير الثقة ما يدل على وثاقته وجلالته
وأضعف من هذا أن يروى ذلك هو في (ذلك) (3) نفسه فإن انضم إلى ذلك ما يؤيده،
كنقل المشايخ لذلك (4) الخبر عند ذكره واعتدادهم به، قوى الظن، ولا سيما في الأول، فربما
بنى عليه التوثيق إن ظهرت منهم أمارات القبول، وهذا كما حكم الشهيد الثاني بوثاقة عمر
بن حنظلة لقول الصادق عليه السلام في حديث الوقت: - إذا لا يكذب علينا) (5) مع ما في
سنده من الضعف، لمكان يزيد بن خليفة (6)، وما ذلك إلا لرواية الاجلاء كالكليني له،
وعمل كثيرون به، فضعف اعتراض ولده المحقق صاحب المعالم واستغرابه للتوثيق بمجرد

(1) ذخيرة المعاد في شرح الارشاد: لمحمد باقر السبزواري.
(2) العدة الرجالية: 27.
(3) ساقط من المتن.
(4) كذا في العدة وفي المتن: (كذلك).
(5) التهذيب: 2: 31 / 95، وسند الحديث كالآتي:
وروى عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يزيد بن خليفة قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام... الحديث).
(6) ذكره الشيخ الطوسي في رجاله تارة في أصحاب الصادق عليه السلام: 338 / 75. وأخرى في أصحاب
الكاظم عليه السلام: 364 / 15 وقال: (يزيد بن خليفة واقفي). فالرجل مجهول.
(انظر رجال النجاشي: 452 / 1224).
425

هذا الخبر الضعيف (1).
كذا أفاد السيد في العدة، فتأمل في أواخر كلامه.
ومنها: كونه من آل أبي شعبة
وذلك لقول النجاشي في عبيد الله (2) بن (علي بن) (3) أبي شعبة الحلبي:
(وآل (أبي) (4) شعبة بالكوفة ببيت مذكور من أصحابنا، وروى جدهم (أبو) (5)
شعبة عن الحسن (ع) والحسين (ع) وكانوا جميعهم ثقات مرجوعا إلى ما يقولون وكان عبيد
الله كبيرهم ووجههم) (6).
و (قال) في أحمد بن عمر بن أبي شعبة بعد أن وثقه:
(وهو ابن عم عبيد الله وعبد الاعلى وعمران ومحمد الحلبيين (7)، روى أبوهم عن
أبي عبد الله، وكانوا ثقات) (8).
قال السيد في العدة:
(بل عد منها: وقوعه في سند طعن فيه من جهة أخرى، ولم يطعن فيه من قبله، وأخذ
معرفا لثقته.
أو جليل، كأن يقال في تعريفهما أنه أخو فلان أو أبوه، وكونه من بيت ذكروا أنه
جليل من الأصحاب كآل أبي الجهم القابسي.
يقول النجاشي في المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم القابوسي:

(1) منتقى الجمان: 1: 19.
(2) في المتن: (عبد الله) والصحيح ما أثبتناه.
(3) ساقطة من المتن.
(4) ساقطة من المتن.
(5) ساقطة من المتن.
(6) رجال النجاشي: 230 / 612.
(7) في المتن: (الجليسين) والصحيح ما أثبتناه.
(8) رجال النجاشي: 98 / 245.
426

(ثقة من أصحابنا من بيت جليل) (1).
وفي سعيد بن أبي الجهم القابوسي:
(سعيد ثقة في حديثه، وجها بالكوفة. وآل أبي الجهم بيت كبير بالكوفة) (2).
وكآل نعيم.
يقول النجاشي في بكر بن محمد الأزدي ابن عبد الرحمن ابن نعيم الغامدي (3):
(أبو محمد وجه في هذه الطائفة، من بيت جليل بالكوفة، من آل نعيم) (4).
وفي جعفر بن المثنى بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي العطار:
(ثقة من وجوه أصحابنا الكوفيين ومن بيت آل نعيم) (5).
إلى غير ذلك، كأنهم عقلوا من وصف البيت بالجلالة والثناء على من ذكروه منه
عموم المدح، وأنه الوجه (6).
وربما عد منها رواية الصدوق (7)) (8).
انتهى.
وليس بشئ عندي.
تتميم
قال السيد المقدس في العدة بعد ما نقلناه عنه:
(وهنا دقيقة غفل عنها أكثر الناس، وهي أنهم إذا أرادوا أن يعرفوا حال راو من
الرواة، عمدوا إلى كتب الرجال، فما وثقه أهل الرجال أو مدحوه حكموا بوثاقته ومدحه،

(1) رجال النجاشي: 418 / 1118.
(2) رجال النجاشي: 179 / 472.
(3) في المتن: (الفامدي) والصحيح ما أثبتناه كما في النجاشي وفي العدة: (الغامديين).
(4) رجال النجاشي: 121 / 309.
(5) رجال النجاشي: 108 / 273.
(6) في العدة ههنا زيادة: (بل).
(7) في العدة ههنا إضافة: (عنه).
(8) العدة: 26 - 27.
427

وما ضعفوه أو قدحوه حكموا بضعفه وقدحه، وما لم يتعرضوا له بمدح ولا قدح حسبوه في
عداد المجاهيل وعدوا الرواية بمكانه (1) مجهولة، وأسقطوها عن درجة (2) الاعتبار، إلا أن
ينضم إليها ما يقويها، (3) وعلى هذا بنى (4) المجلسي رحمه الله أمره في الوجيزة.
وأصحاب التحقيق، إن عد الرجل في جملة أصحاب الأئمة عليهم السلام، والرواة
عنهم وحملة أخبارهم، مما يدل على كونه إماميا ويفيده نوعا من المدح.
أما الأول: فلما مر في أول الفائدة، من جريان عادة أهل الرجال على عدم التعرض
لبيان مذهب الراوي إذا لم يعرف منه إلا المذهب إلا أن يكون محل ريبة، وأنهم متى عثروا
منه على وصمة، أو انحراف نادوا عليه بذلك، وشهروه ليعرف، وخاصة في الأصول الأربعة.
أتراهم جهلوا حال كل مسكوت عنه، ونحن نعلم فيما لا يحصى أنهم إماميون.
وأما الثاني: فلا ريب إن انضمام الرجل إلى حملة الشريعة وعلمائها فضلا عن الأئمة
عليهم السلام وتناوله منهم وروايته عنهم، مما يدل على حسن حاله، بل ربما جعل ذلك
طريقا إلى تعرف العدالة، فما ظنك بأصحاب الأئمة عليهم السلام ورواتهم وخاصة إذا بلغت
بهم المحافظة على أحكام الشريعة، وما يتلقونه عن أربابها إلى تأليف الكتب وجمع
الصحف، حتى صارت دفاترهم مرجعا للعلماء، يتدارسونها مدى الأيام.
وقد أشار المفيد رحمه الله إلى مثل هذا في الرسالة التي عملها في أمر شهر رمضان ردا
على الصدوق رحمه الله عند ذكر الرواة ومدحهم حيث قال:
(وهم أصحاب الأصول المدونة).
فإن عد في العلماء وتلقى العلماء عنه سيما الاجلاء، وبذل الجهد، وتحمل المشاق
ومقاسات مرارة (5) التقية في التحصيل، وشد الرحال إلى أرباب العلم في أطراف البلاد،
وجمع الكتب في أسمائهم وأحوالهم، وهي كتب المشيخة، كما وقع لداود بن كورة وغيره،

(1) في العدة: (بمكانه).
(2) (درجة) غير موجودة في العدة.
(3) في العدة: (يقومها).
(4) في العدة ههنا إضافة: (العلامة).
(5) كذا في العدة وفي المتن: (مراد).
428

فدلالة ذلك على حسن الحال بل على (علو) (1) الطبقة مما لا خفاء فيه.
ثم إني رأيت الأستاذ (2) يحكي عن بعضهم أنه كان يعد ذكر أهل الرجال للراوي من
دون طعن سببا لقبول روايته، ويشير بذلك إلى قول الشهيد رحمه الله في الذكرى في مبحث
الجمعة في الحكم بن مسكين: (إن ذكره غير قادح، ولا موجب للضعف، لان الكشي (3).
ذكره ولم يطعن عليه (4).
ثم تأمل في ذلك وجعل يتأول عليه، ويقول:
لعل مراده، أن الكشي ذكره في سند رواية استند إليها ولم يطعن فيه.
قلت: لو أراد هذا لكفى الاستناد بروايته ولم يحتج إلى ضميمة عدم الطعن.
والظاهر أنه يشير إلى ما ذكرناه، وكفاك منبها على ما قلناه قول المفيد في الارشاد (5)،
وابن شهرآشوب في المناقب (6).
إن الذين رووا عن الصادق عليه السلام من الثقات كانوا أربعة آلاف، وإن ابن عقدة
ذكرهم في كتاب الرجال.
وأنت إذا تتبعت ما ذكر الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام في كتاب رجاله
هذا الذي زعم أنه أوفى من كتاب ابن عقدة (7) وإن لم يذكر فيه إلا من كان من رواتنا لم
تجده يوثق منهم الا النزر القليل، من جهة أنه (8) لم يكن غرضه الجرح والتعديل بل ضبط
الرجال.
وفي كتاب أعلام الورى للطبرسي (9)، أنه روى عن الصادق عليه السلام من

(1) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(2) الوحيد في فوائد التعليقة: 45.
(3) اختيار معرفة الرجال: 457 / 866.
(4) الذكرى: 231.
(5) الارشاد للشيخ المفيد: 271 (م - ك) - المجلد 11 - 2: 179.
(6) مناقب ابن شهرآشوب: 4: 247.
(7) رجال الشيخ: 2.
(8) كذا في العدة وفي المتن: (ان).
(9) أعلام الورى للطبرسي: 410.
429

مشهور أهل العلم أربعة آلاف إنسان، غير أني بعد هذا كله جريت في هذا الكتاب على
طريقة القوم في عد من لم يذكروه بقدح ولا مدح في المجاهيل.
وقال الشيخ الحر في خاتمة الوسائل بعد أن حكى عن الشهيد الثاني (1) بأن
اشتهار (2) العدالة يغني عن تزكية العدلين، كمشايخنا السالفين من عهد الكليني إلى زماننا
هذا، لما اشتهر في كل عصر من ثقتهم، وضبطهم، وورعهم، ما يزيد على العدالة:
والحق إن كثيرا من علمائنا المتقدمين، والمصنفين المذكورين في كتب الرجال من غير
تضعيف كذلك، لما ظهر من آثارهم واشتهر من أحوالهم وإن لم يصرحوا بتوثيقهم) (3).
انتهى ما في العدة.
سبحان الله، كيف يكون صرف الرواية عن الأئمة عليهم السلام قاضيا بكون
الراوي إماميا، ويفيده مدحا، وهذا الشيخ يقول في أول كتاب الفهرست ما لفظه:
(لان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة مع أن
كتبهم معتمدة) (4).
فظهر فساد الدعويين (فلا)، الرواية عن الأئمة عليهم السلام قاضية بكون الراوي
إماميا، ولا كونه ذا كتاب معتمد عليه دليل على ثقته ومدحه.
وبالجملة وجدناهم لا يعتمدون على الراوي وإن كان من الاجلاء حتى يستوثقوا،
كما اعترف بذلك نفس السيد قدس سره في رسالة الرد، فتدبر.

(1) في العدة: (فإن).
(2) كذا في العدة وفي المتن (استشهاد).
(3) العدة الرجالية: 27 - 28.
(4) الفهرست: 102.
430

المقام الثاني: فيما يقع به القدح والجرح
والمعروف من (ألفاظ الجرح) قولهم:
(ضعيف)
ولا ريب في أنه قدح مناف للعدالة إذا قيل على الاطلاق دون التخصيص بالحديث،
لان المراد في الأول أنه ضعيف في نفسه. وفي الثاني أن الضعف في روايته، فلا تدل على القدح
في الراوي مع الإضافة إلى الحديث.
ثم اعلم أن أكثر القدماء سيما القميين وابن الغضائري، يضعفون بأمور لا توجب
الفسق مثل الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، واعتماد المراسيل، ويعدون ذلك ونحوه من
موجبات الضعف.
قال الغضائري في جعفر (بن محمد) بن مالك بعد أن رماه بالرواية عن الضعفاء
والمجاهيل وغير ذلك ما لفظه:
(وكل عيوب الضعفاء مجموعة فيه) (1).
فعد ذلك من موجبات الضعف.
وأهل قم ينفون من يتهموه بذلك، كما أخرجوا البرقي، وسهل بن زياد، وغيرهما.
قال جدي المحقق (رحمه الله) (في) شرح الاستبصار:
(إن أهل قم كانوا يخرجون الراوي بمجرد توهم الريب).
وقال الوحيد في فوائد التعليقة:

(1) انظر مجمع الرجال: 2: 42. نقلا عن الغضائري.
431

(ولعل من أسباب الضعف عندهم قلة الحافظة، وسوء الضبط، والرواية من غير
إجازة، والرواية عمن لم يلقه، واضطراب ألفاظ الرواية، وإيراد الرواية التي ظاهرها الغلو
والتفويض، أو الجبر والتشبيه (1)، كما هو مسطور (2) في كتبنا المعتبرة)، إلى أن قال:
(بل ربما كانت مثل الرواية بالمعنى عندهم من الأسباب)
انتهى.
وبالجملة فالتضعيف في اصطلاحهم أعم من الضعف في الحديث وحينئذ فمطلق
التضعيف من هؤلاء غير قادح.
قال الوحيد:
(وبالجملة، كما أن تصحيحهم غير مقصور على العدالة فكذا تضعيفهم غير مقصور
على الفسق، وهذا غير خفي على من تتبع وتأمل).
قال جدي:
(ونراهم يطلقون الضعف على من يروي عن الضعفاء ويرسل الاخبار).
انتهى. إلى أن قال:
(وغير خفي أن أمثال ما ذكر ليس منافيا للعدالة).
ومنها: قولهم (مضطرب)
أي يستقيم تارة وينحرف أخرى.
وأما قولهم: (مضطرب الحديث)، فيراد أن حديثه تارة يصلح، وتارة يفسد، كما عن
الغضائري في إسماعيل بن مهران: (حديثه ليس بالنفي يضطرب تارة ويصطلح أخرى) (3).
وقال في علي بن محمد بن جعفر بن عنبسة (4):

(1) ههنا في التعليقة زيادة: (أو غير ذلك).
(2) (المسطور) غير موجودة في التعليقة.
(3) مجمع الرجال: 1: 225 عن الغضائري.
(4) كذا في مجمع الرجال عن الغضائري وفي المتن: (عتيبة).
432

(مضطرب الحديث) (1).
وفي محمد بن سنان: نسبه (2)، (وقال): (وحديثه مضطرب) (3).
وفي معلى بن محمد.
(مضطرب الحديث والمذهب) (4).
وقد عد جدي في البداية (5) قولهم: (مضطرب الحديث) في القدح. وفيه تأمل، لما
تقدم في ضعيف الحديث.
ومنها: قولهم غال، وفي مذهبه ارتفاع، (ومرتفع القول)، وكان من الطيارة
يريدون بذلك كله التجاوز بالأئمة عليهم السلام إلى ما لا يسوغ.
وفسر جدي في الدراية قولهم: (مرتفع القول) أي (لا يعتبر قوله ولا يعتمد
عليه) (6).
ولعله لا ينافي ما ذكرناه. فتأمل.
ثم لا يخفى ظهور ذلك كله في القدح، غير أن أهل قم جعلوا نفي السهو عنهم عليهم
السلام غلوا، وربما جعلوا نسبة مطلق التفويض إليهم أو المختلف فيه أو الاغراق في
إعظامهم، ورواية المعجزات وخوارق العادات عنهم، أو المبالغة في تنزيههم عن النقائص،
وإظهار سعة القدرة، وإحاطة العلم بمكنونات الغيوب في السماء والأرض ارتفاعا موجبا
للتهمة، خصوصا والغلاة كانوا مخلوطين بهم، يتدلسون بهم، فينبغي التأمل في جرح القدماء

(1) في مجمع الرجال: (4: 215) قال: (غض) علي بن محمد بن جعفر بن عنبسة الحداد أبو الحسن العسكري،
ضعيف، وروى عن الضعفاء لا يلتفت إليه.
(2) أي ذكر نسبه ثم قال: وحديثه مضطرب.
(3) في مجمع الرجال: (5: 229) قال: (غض) - محمد بن سنان أبو جعفر الهمداني مولاهم هذا أصح ما ينسب
إليه. ضعيف، غال، يضع لا يلتفت إليه.
(4) في مجمع الرجال: (6: 113) قال: (غض) - المعلى بن محمد البصري أبو محمد يعرف حديثه وينكر ويروي
عن الضعفاء ويجوز أن يخرج شاهدا.
(5) الدراية: 79.
(6) الدراية: 79.
433

بأمثال هذه الأمور، ومن لاحظ موقع قدحهم في كثير من المشاهير، كيونس بن عبد
الرحمن (1) ومحمد بن سنان (2)، والمفضل بن عمر (3)،

(1) ذكره الشيخ في رجال الكاظم عليه السلام: (364 / 11) وقال:
(مولى علي بن يقطين ضعفه القميون، وهو ثقة. كما ذكره في أصحاب الرضا عليه السلام (394 / 2) وقال:
من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السلام، مولى علي بن يقطين، طعن عليه القميون، وهو عندي ثقة).
وقال الشيخ النجاشي 446 / 1208: بعد ما ذكر نسبه:
(وكان الرضا عليه السلام يشير إليه في العلم والفتيا، وكان ممن بذل له على الوقف مال جزيل وامتنع من
أخذه وثبت على الحق.
وقد ورد في يونس بن عبد الرحمن رحمه الله مدح وذم قال أبو عمرو الكشي فيما أخبرني به غير واحد من
أصحابنا عن جعفر بن محمد عنه:
حدثني علي بن محمد بن قتيبة، قال: حدثني الفضل بن شاذان، قال: حدثني (عبد العزيز) بن المهتدي وكان
خير، قمي، رأيته، وكان وكيل الرضا عليه السلام وخاصته، فقال:
إني سألته فقلت: إني لا أقدر على لقائك في كل وقت فعمن آخذ معالم ديني؟
فقال: (خذ عن يونس بن عبد الرحمن).
وهذه منزلة عظيمة. ومثله رواها الكشي عن الحسن بن علي بن يقطين سواء.
وقال شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في كتابه مصابيح النور: أخبرني الشيخ الصدوق أبو القاسم
جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله، قال: حدثنا علي بن الحسين بن بابويه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر
الحميري، قال: قال لنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري رحمه الله:
عرضت على أبي محمد صاحب العسكر عليه السلام كتاب يوم وليله ليونس فقال لي:
تصنيف من هذا.
فقلت: تصنيف يونس آل يقطين.
فقال: أعطاه الله بكل حرف نورا يوم القيامة.
ومدائح يونس كثيرة ليس هذا موضعها، وإنما ذكرنا هذا حتى لا نخليه من بعض حقوقه رحمه الله وكانت
تصانيف كثيرة...).
ولم يذكر شيئا يدل على ذمه.
(2) ذكره الشيخ الطوسي في رجاله تارة في أصحاب الكاظم عليه السلام: 361 / 39، وتارة في أصحاب الرضا
عليه السلام: 376 / 7 وقال: محمد بن سنان ضعيف. وذكره في الفهرست: 131 / 580، كما ذكره في:
143 / 609 وقال: (له كتب وقد طعن عليه وضعف...).
وقد مر قول النجاشي فيه حيث نقل تضعيف أبي العباس له، وتحريم الفضل بن شاذان رواية أحاديثه، كما
أورد الكشي روايات تدل على مدحه وأخرى تدل على ذمه.
(3) ذكره الشيخ في رجاله أصحاب الصادق عليه السلام: (314 / 554) وتارة في أصحاب الكاظم عليه السلام
(360 / 23). وفي الفهرست: (169 / 736).
وعندما ذكره النجاشي: 412 / 1112 قال:
(مفضل بن عمر أبو عبد الله، وقيل أبو محمد الجعفي، كوفي، فاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به. وقيل
إنه كان خطابيا، وقد ذكرت له مصنفات لا يعول عليها، وإنما ذكرنا للشرط الذي قدمنا).
كما ذكر الكشي روايات دلت بعضها على مدحه وبعضها على ذمه.
434

ومعلى بن خنيس (1)، وسهل بن زياد (2)، ونصر بن الصباح (3)، عرف أنهم قشريون كما
ذكرنا.
ومنها: قولهم (متهم)
أي بالكذب أو الغلو أو نحو ذلك من الأوصاف القادحة.
وعليك بالتدبر في مسلك القائل، ومن قيل فيه، فقد قال الوحيد:
(إن القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية كالفرعية، فربما كانت بعض
الاعتقادات عند بعضهم كفرا وغلوا وتفويضا، أو جبرا، أو تشبيها، أو نحو ذلك، وعند
آخرين مما يجب اعتقاده. وربما كانوا منشأ جرحهم للرجل ورميهم إياه بالأمور المذكورة
روايته لما يتضمن ذلك، أو نقل الرواية المتضمنة لذلك، أو شئ من المناكير عنه، أو دعوى
بعض المنحرفين أنه منهم، فينبغي التأمل في جرحهم لأمثال هذه الأمور).
ومنها: (ساقط)
وقولهم ساقط: قد يراد السقوط في نفسه وقد يراد في حديثه لا في نفسه، فينبغي

(1) ذكره الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام: (310 / 497)، والفهرست: (165 / 721) وقال النجاشي:
417 / 1114:
(.. ضعيف جدا لا يعول عليه).
(2) ذكره الشيخ في رجاله تارة في أصحاب الجواد عليه السلام: (401 / 1) وتارة في أصحاب الهادي عليه
السلام (416 / 4) وقال:
(سهل بن زياد الادمي يكنى أبا سعيد ثقة رازي).
وتارة في أصحاب العسكري عليه السلام: (431 / 2). وذكره في الفهرست (80 / 329) وقال: (سهل بن
زياد الادمي الرازي، أبو سعيد ضعيف...).
وعندما ذكره النجاشي 185 / 490 قال:
(سهل بن زياد أبو سعيد الادمي الرازي كان ضعيفا في الحديث غير معتد فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى
يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري).
(3) ذكره الشيخ في رجاله (في من لم يرو عن الأئمة عليهم السلام): (515 / 1 وقال النجاشي 428 / 1149:
(نصر بن الصباح أبو القاسم البلخي غالي المذهب).
435

التدبر.
ومنها: قولهم (ليس بشئ) أوليس بذلك
وفي عده قدحا تأمل، وربما استعمل في نفي المرتبة كما يقال: (ليس بذلك البعيد)
(ليس بذلك الثقة) (ليس بذلك الوجه) فتدبر.
ومنها: (قولهم كذوب) (1) وضاع
وما شاكلهما من نحو: فاسد المذهب، فاسد العقيدة.
ولا إشكال في مثله (دون) نحو قولهم:
(يروي عن الضعفاء، لا يبالي عمن أخذه، يعتمد المراسيل)، إذ لا منافاة بين الوثاقة
والرواية عن الضعفاء فقد رموا بذلك جماعة مع حكمهم عليهم بالوثاقة، كأحمد بن محمد
البرقي (2)، والحسن بن محمد بن جمهور العمي نسبته إلى بني العم (3)، وعلي بن أبي سهل (4)
حاتم بن أبي حاتم القزويني (5)، ومحمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي المعروف بمحمد
بن عبد الله (6).
ومنها: (مخلط)
إذا قيل على الاطلاق، فيراد أنه مخلط في نفسه واعتقاده، كمختلط الامر.

(1) في (و): (كذاب).
(2) قال الشيخ في الفهرست: (20 / 55):
(وكان ثقة في نفسه غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل وصنف كتبا كثيرة).
وقال النجاشي 76 / 182:
(وكان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل).
(3) انظر النجاشي: 62 / 144.
(4) في المتن ههنا: (و) زائدة.
(5) انظر النجاشي: 263 / 688.
(6) انظر النجاشي: 373 / 1020.
436

وإن قيل: (فيما يرويه)، كما قال ابن الوليد على ما حكى عنه في محمد بن جعفر بن
بطة (1) (مخلط فيما يسنده) فالظاهر منه أنه ليس بمخلط في اعتقاده.
ثم إني عثرت على حديث في التهذيب يدل على استعمال الامام لفظ مخلط فيما ذكرنا
من فساد المذهب، رواه الشيخ عن إسماعيل الجعفري، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام
رجل يحب أمير المؤمنين عليه السلام ولا يتبرأ من أعدائه ويقول هو أحب إلي.
فقال عليه السلام: (هو مخلط وهو عدو لا تصل خلفه، ولا كرامة، إلا أن تتقيه)
الحديث.
(وأما نحو يعرف حديثه وينكر):
يعني يأخذ به تارة ويرد أخرى، أو أن بعض الناس يأخذونه، وبعضهم يرده، أما
لضعفه أو لضعف حديثه، لا ظهور له بالقدح كما لا يخفى.
وربما قالوا في الراوي نفسه يعرف وينكر، كما قالوا في صالح بن أبي حماد (2): كان
أمره ملتبسا يعرف وينكر (3)، وفي ترجمة مقلاص أبي الخطاب، رواية فيها أنه ضرب يده
على لحية أبي عبد الله (4) عليه السلام، وعد ذلك من المناكير في منتهى المقال (5).
ومثل ذلك قولهم: (ليس بنقي الحديث)، المراد الغض عن حديثه. (وأمثال
ذلك) كثير في كلماتهم، مثل قولهم: (ليس بذلك) و (لم يكن بذلك) و (حديثه ليس بذلك
النقي) و (ليس بكل التثبت في الحديث).
والمراد إما الغض (عنه) أو عن حديثه. (وفي (6) كونه جرحا تأمل) بل منع كما لا

(1) راجع النجاشي: 372 / 1019.
(2) في المتن ههنا إضافة كلمة (إلى آخره). ولعل مراده: (أبو الخير) حيث يكنى الرجل بذلك كما في النجاشي
وغيره.
(3) انظر النجاشي: 198 / 526.
(4) هذه الرواية رواها الكشي في ترجمة أبي الخطاب (294 / 519). بهذا السند: حدثني محمد بن مسعود، قال:
حدثني حمدان بن أحمد، قال حدثني معاوية بن حكم...). ثم قال أبو عمرو الكشي في نهايتها:
(هذا غلط ووهم في الحديث إن شاء الله. لقد أتى معاوية بشئ منكر، ولا تقبله العقول، وذلك إن مثل أبي
الخطاب لا يحدث نفسه بضرب يده إلى لحية عبد لأبي عبد الله عليه السلام، فكيف هو صلى الله عليه).
(5) منتهى المقال للميرزا محمد الأسترآبادي (طبعة حجرية) - المقدمة الخامسة: 15.
(6) في (و) (ف‍) بدل (و).
437

يخفى.
وكذا: قولهم: (متقارب الحديث، لينه، وسطه، ليس بذلك القوي).
والحق إن أمثال هذا يصلح عده شاهدا ومقويا.
438

المسألة الرابعة
(اعتبار حال الراوي حين الأداء لا وقت التحمل)
قالوا: المعتبر حال الراوي وقت الأداء لا وقت التحمل، فلو تحمل الحديث طفلا، أو
غير إمامي أو فاسقا ثم أداه في وقت كان مستجمعا لشرائط القبول قبل.
(ورواية من) ثبت أنه كان في وقت غير إمامي ثم استبصر، أو (اتصف بفسق بعد
صلاح أو بالعكس)، بأن كان صالحا ثم فسق، ولم يعلم أن الرواية عنه هل وقعت قبل
التوبة أو بعدهما، لا يعتبر، ولا تقبل حتى يظهر (ويعلم أو يظن صلاحه) وتوبته (وقت
الأداء، أما وقت التحمل فلا).
قال المصنف في المشرق (1).
(فإن قلت (2): إن كثيرا من الرواة كعلي بن أسباط والحسين بن بشار وغيرهما كانوا
أولا من غير الامامية ثم تابوا ورجعوا إلى الحق، والأصحاب يعتمدون على حديثهم،
ويثقون بهم من غير فرق بينهم وبين ثقات الامامية الذين لم يزالوا على الحق، مع أن تاريخ
الرواية عنهم غير مضبوطة ليعلم أنه هل كان بعد الرجوع إلى الحق (3) أو قبله بل كان (4)
بعض الرواة ماتوا على مذاهبهم الفاسدة من الوقف، وكانوا شديدي التعصب فيه، ولم ينقل

(1) مشرق الشمسين.
(2) ساقطة من المتن.
(3) غير موجودة في مشرق الشمسين.
(4) غير موجودة في مشرق الشمسين.
439

رجوعهم إلى الحق في وقت من الأوقات أصلا، والأصحاب يعتمدون عليهم، ويقبلون
أحاديثهم، كما قبلوا حديث علي بن محمد بن رباح (1)، وقالوا: إنه صحيح الرواية، ثبت،
معتمد على ما يرويه (2). وكما قبل المحقق في المعتبر رواية علي بن أبي حمزة عن الصادق
عليه السلام، معللا ذلك بأن (3) تغيره إنما كان في زمان الكاظم عليه السلام، فلا يقدح فيما
قبله. وكما حكم العلامة في المنتهى (4) بصحة حديث إسحاق بن جرير (5). وهؤلاء الثلاثة
من رؤساء الواقفة.
قلت: المستفاد من تصفح كتب العلماء المؤلفة في السير والجرح والتعديل إن أصحابنا الإمامية
رضي الله عنهم كان اجتنابهم عن مخالطة من كان من الشيعة على الحق أولا ثم
أنكر إمامة بعض الأئمة في أقصى المراتب، وكانوا يتحرزون عن مجالستهم، والتكلم معهم،
فضلا عن أخذ الحديث عنهم بل كان تظاهرهم (6) بالعداوة (7) لهم أشد من تظاهرهم بها
للعامة، فإنهم كانوا يتقون العامة، ويجالسونهم، وينقلون عنهم، ويظهرون لهم أنهم منهم،
خوفا من شوكتهم، لان حكام الضلال منهم.
وأما هؤلاء المخذولون، فلم يكن لأصحابنا الامامية ضرورة داعية إلى أن يسلكوا
معهم على ذلك المنوال، وسيما الواقفية، فإن الامامية كانوا في غاية الاجتناب لهم، والتباعد
عنهم (8) حتى إنهم كانوا ليسمونهم بالممطورة، أي الكلاب التي أصابها المطر.
وأئمتنا لم يزالوا ينهون شيعتهم عن مخالطتهم ومجالستهم، ويأمرونهم بالدعاء عليهم

(1) كذا في الفهرست والنجاشي وفي المتن ومشرق الشمسين: (رياح).
(2) ذكره النجاشي: 258 / 679 بعنوان علي بن محمد بن علي بن عمر بن رباح، وفي الفهرست للشيخ الطوسي
(96 / 440): علي بن محمد بن رباح.
(3) غير موجودة في مشرق الشمسين.
(4) كذا في المشرق وفي المتن: (المنتقى) وهو كتاب (منتهى المطالب في تحقيق المذهب) للعلامة الحلي.
(5) في مشرق الشمسين (إسحاق بن عمار جرير).
والصحيح ما في المتن حيث إن إسحاق بن عمار لم يذكر بالوقف في كتب الرجال وإنما ذكر إسحاق بن جرير،
انظر رجال الشيخ الطوسي 343 / 24 قال إسحاق بن جرير واقفي.
(6) العبارة في مشرق الشمسين هكذا: (بل كان تظاهرهم لهم بالعداوة).
(7) كذا في المشرق وفي المتن: (في) بدل (ب).
(8) في مشرق الشمسين: (منهم) بدل (عنهم).
440

في الصلاة، ويقولون إنهم كفار، مشركون، زنادقة، وإنهم أشر من النواصب، وإن من
خالطهم وجالسهم فهو منهم.
وكتب أصحابنا مملؤة بذلك، كما يظهر لمن تصفح كتاب الكشي وغيره، فإذا قبل
علماؤنا ولا سيما المتأخرون منهم رواية رواها رجل من ثقات أصحابنا عن أحد هؤلاء،
وعولوا عليها، وقالوا بصحتها مع علمهم بحاله، فقبولهم لها، وقولهم بصحتها، لا بد من ابتنائه
على وجه صحيح، لا يتطرق به القدح إليهم، ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عمن هذا
حاله، كأن يكون سماعه من قبل عدوله عن الحق، وقوله بالوقف، أو بعد توبته ورجوعه إلى
الحق. أو إن النقل إنما وقع من أصله الذي ألف واشتهر عنه قبل الوقف، أو من كتابه الذي ألفه
بعد الوقف، ولكنه أخذ ذلك الكتاب عن شيوخ علمائنا (1) الذين عليهم الاعتماد) (2).
441

الفصل الخامس
في شروط الراوي لتحمل الرواية
(أنحاء تحمل الحديث)
443

(فصل)
وهو الفصل الخامس
(فيما شرط للراوي في تحمل الرواية على ما هو المقرر بين الفقهاء
والمحدثين والعلماء من الأصوليين)
(أنحاء تحمل الحديث)
و (أنحاء تحمل الحديث) فيما بينهم ثمانية، وربما تركوا ذكر الوصية وقالوا إنها
(سبعة):
(أولها: السماع من) لفظ (الشيخ)
سواء كان إملاء أو تحديثا من غير إملاء، وسواء كان من حفظه أو من كتاب.
(وهو) أي السماع من الشيخ، (أعلاها) مرتبة بينهم حتى القراءة على الشيخ
على المشهور (1). وقيل بالعكس (2) وقيل بالتساوي (3).

(1) انظر علوم الحديث: 132، تدريب الراوي: 239، الدراية: 84.
(2) قال في مقباس الهداية (3: 89):
(حكي القول به عن أبي حنيفة، وابن أبي ذئب، والليث بن سعد، وشعبة، وابن لهيعة، ويحيى بن سعيد...).
(3) قال ابن الصلاح: 137:
(وروي عن مالك وغيره أنهما سواء، وقد قيل إن التسوية بينهما مذهب معظم علماء الحجاز والكوفة،
ومذهب مالك وأصحابه وأشياخه من علماء المدينة، ومذهب البخاري وغيرهم).
وذهب الشهيد الثاني في الدراية: 87 إلى تقديم السماع ونسبه إلى الأشهر.
445

قال جدي:
(وما وقعت لهؤلاء على دليل مقنع إلا ملاحظة الأدب مع الشيخ في عدم تكليفه
بالقراءة، وهي (1) بصورة أن يكون تلميذا لا شيخا) (2).
والوجه فيما عليه المشهور أمران:
الأول: ما جاء به عن الصادق عليه السلام في الخبر الصحيح، عن ابن يعقوب (3)،
عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن
سنان، حيث (4) سأله: يجيئني القوم فيسمعون مني حديثكم فأضجر (5) ولا أقوى.
قال:
فاقرأ عليهم من أوله حديثا، ومن وسطه حديثا، ومن آخره، حديثا) (6).
والامر بها دون غيرها يقتضي علو (7) المرتبة على ما لا يخفى.
الثاني: ما ذكروه من أن الشيخ أعرف بوجه ضبط الحديث من غيره، ولما في ذلك من
المماثلة لتحديث النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام أصحابهم.
(ألفاظ تحمل الحديث بالسماع)
(فيقول) الراوي (المتحمل) من لفظ الشيخ حينئذ:
(سمعت) شيخي (فلانا) أو حدثني (أو حدثنا) إذا كان معه غيره.
وقيل الأولى، أعني (سمعت) أولى عندهم من (حدثني)، لكونها نصا في السماع
بخلاف الثانية، لاحتمالها الإجازة والتدليس.
وقيل: بالعكس، لاحتمال المشافهة وعدمها في الأول دون الثانية. ورد بأسهلية

(1) في الدراية: (التي).
(2) الدراية: 87.
(3) محمد بن يعقوب الكليني.
(4) في الكافي: قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام.
(5) كذا في الكافي وفي المتن: (اصحر).
(6) الكافي: 1: 51 / 5.
(7) في المتن: (على) والصحيح ما أثبتناه.
446

الخطب فيما يحتمله السماع، بخلاف التحديث.
ثم بعد سمعت (أخبرني) و (أنبأني) والأولى أولى عندهم من الثانية، لاعتباره في
الإجازة دون الأولى.
وإن أتى بصيغة الجمع، كأن يقول: (حدثنا) أو (أخبرنا) أو (أنبأنا) فلان فالظاهر أنه
سمعه مع غيره، وقد تكون النون للتعظيم، لكن بلغة.
ثم أوضع وأدنى مراتب السماع بينهم قول الراوي: (قال كذا) أو (ذكر كذا) بدون (لي)
أو (لنا) لما احتملت هذه العبارة من ثبوت الواسطة. ومع ذلك فهو محمول على السماع إذا
عرف اللقاء.
وما قيل إن ذلك لا يحمل على السماع إلا ممن عرف منه ذلك فمجازة كما لا يخفى.
تتميم
قال والد المصنف:
ولا خلاف في أنه يجوز للسامع حينئذ أن يقول: (حدثنا) و (أخبرنا) و (أنبأنا) و
(سمعته يقول) و (قال لنا) و (ذكر لنا).
ثم قال:
(هذا في الصدر الأول، ثم شاع تخصيص (أخبرنا) بالقراءة على الشيخ، و (نبأنا) و
(أنبأنا) بالإجازة) (1).
انتهى.
(حمل العنعنة على السماع)
وقالوا: إن عنعنة المعاصر محمولة على السماع، بخلاف غير المعاصر فإنها تكون
مرسلة أو منقطعة، فشرط حملها على السماع ثبوت المعاصرة إلا من المدلس.
وقد يقال: إنه يشترط في حمل عنعة المعاصر على السماع ثبوت لقائهما ولو مرة

(1) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 132.
447

واحدة، ليحصل الامن في باقي مروياته بالعنعنة عن كونه من المرسل الخفي.
قال الفاضل الدربندي:
(وأنت خبير بما فيه من الركاكة فتأمل).
أقول: إن هذا للعامة، وإنما شرطوا ذلك فما عرفوا من كثرة تدليسات أصحابهم ولا
بأس به.
الطريق (الثاني: القراءة عليه)
وهي التي عليها المدار في هذه الاعصار (وتسمى (1) العرض) عند أكثر قدماء
المحدثين، لان القارئ يعرضه على الشيخ.
(شرائط القراءة)
(وشرطه حفظ الشيخ، أو كون الأصل المصحح بيده، أو بيد ثقة) ذي بصيرة.
وفي كونه كالسماع أو أعلى أو أدنى منه خلاف، أشهره الثالث وقد تقدم آنفا، وعرفت
الحجة في ذلك للمشهور.
وشذ أبو عاصم النبيل من علماء العامة، حيث لم يصححها، وهو مسبوق بالاجماع
وملحوق، وقد شددوا عليه النكير.
(ألفاظ التحمل بالقراءة)
والسماع، إذا روى بهذه الطريقة، فيقول:
(قرأت عليه، فأقر به).
ويجوز إحدى تلك العبارات المذكورة أعني (سمعت) أو (حدثنا) أو (أخبرنا) أو
(أنبأنا) مقيدة ب‍ (قراءته عليه) على قول، أو مطلقة غير مقيدة - مطلقا - على آخر، وفي
غير الأولى وهي (سمعت) على ثالث.

(1) كذا في (و) وفي المتن: (يسمى).
448

هذا: والكلمات في نقل الأقوال مختلفة، قال بعض الأفاضل بعد ذكره جواز (حدثنا)
و (أخبرنا) و (أنبأنا) قراءة (1) عليه ما لفظه:
(وفي إطلاق هذه العبارات أقوال (2):
فمنعه جماعة، منهم: النسائي وأحمد.
وجوزه معظم الحجازيين، والكوفيين، والبخاري وغيرهم.
وثالث الأقوال جواز (أخبرنا) دون (حدثنا)، وهو مذهب الشافعي وأصحابه،
ومسلم، وجمهور المشارقة وغيرهم، بل قيل إن هذا هو الشائع، والشائع الغالب عند
المحدثين).
وقد يقال: إن من الأقوال قول من أجاز (سمعت) فقط.
وقال والد المصنف:
(والأحوط في الرواية بها (قرأت (3) على فلان) أو (قرئ عليه وأنا أسمع، فأقر به).
ومنع جماعة فيها (سمعت) ومنعت أخرى (حدثنا)، ولا بأس بالمعنيين.
نعم يجوز (أخبرنا) عند الجماهير والمتأخرين) (4).
وقال صاحب جامع المقال الطريحي:
(أو (حدثنا) أو (أخبرنا) مقيدين بالقراءة عليه أو مطلقين، كليهما أو الثاني دون
الأول كما هو الأشهر في الاستعمال) (5).
ومثله في الدراية (6)، فتأمل.

(1) أي كل واحدة منها تكون مقيدة ب‍ (قراءة عليه) فيقول: حدثنا قراءة عليه، أخبرنا قراءة عليه، أنبأنا قراءة
عليه.
(2) انظر علوم الحديث لابن الصلاح: 139، تدريب الراوي: 245.
(3) في وصول الأخيار: (قرأته).
(4) وصول الأخيار: 132.
(5) جامع المقال: 39.
(6) الدراية: 86.
449

(حكم السماع في حالة قراءة الغير على الشيخ)
وكيف كان، (وفي حكم القراءة عليه السماع حال قراءة الغير فيقول: (قرئ عليه
وأنا أسمع فأقر به) أو إحدى تلك العبارات)، أعني (حدثنا) أو (أخبرنا) و (نبأنا).
(والخلاف في إطلاقها وتقيدها كما عرفت) بين مانع من الاطلاق مطلقا، ومجوز له
كذلك، ومفصل بين الأول، وهو في كلام المصنف (الذي) سمعت وبين الباقي، وإنك قد عرفت
هناك اختلاف الكلمات في نقل الخلاف وعد الأقوال والألفاظ.
تنبيه
ذكروا أن أصل الشيخ وكتابه إذا كان في حال القراءة بيد موثوق به، أهل له، مراع لما
يقرأ، فإن حفظ الشيخ ما يقرأ فهو كإمساكه أصله بيده، بل أولى.
وإن لم يحفظ فقيل: لا يصح السماع.
والصحيح المختار والذي عليه العمل به أنه يصحح. فإن كان بيد القارئ الموثوق
بدينه ومعرفته فأولى بالتصحيح. ومتى كان الأصل بيد غير موثوق به لم يصح السماع إن لم
يحفظ الشيخ.
ثم إنه إذا شرط على الشيخ قائلا (أخبرك فلان)، أو نحوه والشيخ مصغ إليه، مفهم له،
غير منكر له، صح السماع وجازت الرواية.
ولا يشترط نطق الشيخ على الصحيح بل قيل إن هذا مما قطع به جماهير أصحاب
الفنون. فما عن جمع من اشتراط ذلك ليس بجيد.
ويمكن أن يقال: إن ما عليه البعض من أنه ليس له أن يقول (حدثني) وله أن يعمل
به، وأن يرويه قائلا: (قرئ عليه وهو يسمع) مما لا يخفى من حسن وجوده، فتأمل.
ثم إن بعضهم قال الذي اختاره، وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري، أن يقول
فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ: (حدثني)، ومع غيره (حدثنا)، وما قرئ عليه (أخبرني)،
وما قرئ بحضرته: (أخبرنا). فإن شك فالأظهر أن يقول: (حدثني) أو يقول (أخبرني)، لا
(حدثنا) و (أخبرنا). هذا وأنت خبير بما فيه.
450

ونعم ما قيل في المقام، من أن كل ذلك مستحب باتفاق العلماء.
ثم إنه لا يجوز إبدال (حدثنا) (بأخبرنا) أو عكسه في الكتب المؤلفة، فأما ما سمعته
من لفظ المحدث وهو على الخلاف، فالرواية بالمعنى، فتأمل.
ثم إنه إذا نسخ السامع أو المستمع حال القراءة فهل يصح السماع، أي الرواية به أم لا؟
فقيل: نعم (1).
وقيل: لا (2).
وقيل يقول: (حضرت)، ولا يقول: (أخبرنا) (3).
وقيل الصحيح هو التفصيل (4)، فإن فهم المقروء صح، وإلا فلا.
ويجري هذا الخلاف فيما إذا تحدث الشيخ، أو السامع، أو أفرط القارئ في الاسراع، أو
بعد بحيث لا يفهم، والظاهر أنه يعفى عن نحو الكلمتين.
(حكم السماع من وراء الحجاب)
ثم إنه يصح السماع عمن وراء حجاب، إذا عرف صوته إن حدث بلفظه، أو حضوره
بمسمع منه إن قرئت عليه. ويكفي في المعرفة خبر ثقة.
ثم إنه إذا قال المسموع منه بعد السماع: (لا تروى عني، أو رجعت عن إخبارك، ونحو
ذلك، غير مسند ذلك إلى خطأ أو شك ونحوه) لم تمنع روايته.
ولو خص بالسماع قوما، فسمع غيرهم بغير علمه، جاز لهم الرواية عنه.
ولو قال: أخبركم ولا أخبر فلانا لم يضر الطريق.

(1) القائل هو الحافظ بن هارون الحمال وآخرون (انظر هذه الأقوال في التدريب: 251).
(2) قاله إبراهيم الحربي وابن عدي والأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني الشافعي.
(3) قاله أبو بكر الصبغي الشافعي.
(4) قاله النووي.
451

الطريق (الثالث: الإجازة)
قيل: هي في الأصل مصدر أجاز، وأصلها اجوازة، تحركت الواو، فتوهم انفتاح ما
قبلها، فانقلبت ألفا، فبقيت الألف الزائدة التي بعدها، فحذفت لالتقاء الساكنين، فصارت
إجازة.
وفي المحذوف من الألفين الزائد أو الأصلية قولان مشهوران: الأول: قول سيبويه.
والثاني: قول الأخفش.
قيل: وهي كما قال الحسين بن فارس: مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية أو
الحرث. تقول: استجزته فأجازني، إذا سقاك ماء لماشيتك، أو أرضك. كذا طالب العلم،
يستجيز العالم علمه، ويطلب إعطائه له على وجه يحصل به الاصلاح لنفسه، كما يحصل
للأرض والماشية الاصلاح بالماء.
وكثيرا ما يطلق على العلم اسم الماء، وعلى النفس اسم الأرض، وعليه بعض
المفسرين لقوله تعالى:
(وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) (1).
ثم لما كانت مأخوذة من الإجازة التي هي الاسقاء تعدت إلى المفعول بغير واسطة
حرف الجر، فتقول: أجزته مسموعاتي، كما تقول: أجزته مائي.
وقيل: إن الإجازة إذن وتسويغ. قال جدي في الدراية:
(وهو المعروف، وعلى هذا فيقول (2): (أجزت له رواية كذا)، كما تقول (3): (أذنت
له، وسوغت له).)
قال:

(1) الحج: 5.
(2) في الدراية (فتقول).
(3) في الدراية (فتقول).
452

(وقد يحذف المضاف الذي هو متعلق الاذن فيقول (1): (أجزت له مسموعاتي) مثلا
من غير ذكر الرواية على وجه المجاز بالحذف) (2).
(حكم الإجازة)
(و) إذا تقرر هذا فاعلم أن (الأكثر) من الخاصة والعامة (على قبولها)،
وجواز العمل بها.
وفي دراية جدي: (ان المشهور بين العلماء من المحدثين والأصوليين أنه يجوز العمل بها.
بل ادعى جماعة (3) الاجماع عليه) (4) بل السيرة القطعية متحققة بذلك. فما يعزى إلى
الشافعي في أحد (5) قوليه، وجماعة من أصحابه، منهم القاضيان، حسين والماوردي، من
عدم جواز الرواية بها، شاذ، لا يلتفت إليه. واحتجاجهم بأن قول المحدث (أجزت لك أن
تروي عني)، في معنى أجزت لك ما لا يجوز لي، لأنه لا يصح رواية ما لم يسمع، فكان في
قوة (أجزت لك أن تكذب علي)، مردود:
أولا: بالاجماع والسيرة القطعية على الجواز والعمل.
وثانيا: الإجازة عرفا في قوة الاخبار بمرويات جملة، وهو كما لو أخبره تفصيلا.
والاخبار غير متوقف على التصريح نطقا كما في القراءة على الشيخ، والغرض حصول
الافهام وهو متحقق بالإجازة.
وثالثا: إن الإجازة والرواية بالإجازة مشروط أن يصحح الخبر من المخبر، بحيث
يوجد في أصل صحيح مع بقية ما يعتبر فيها، لا الرواية عنه مطلقا سواء عرف أم لا، فلا
يتحقق الكذب. وبعبارة أخرى، الإجازة في العرف إخبار لحمل شئ معلوم مأمون عليه
من الغلط والتصحيف.

(1) في الدراية (فتقول).
(2) الدراية: 94.
(3) ساقطة من المتن.
(4) الدراية: 94.
(5) انظر علوم الحديث لابن الصلاح: 151، والدراية: 94.
453

(جواز الإجازة مشافهة وكتابة)
(ويجوز) الإجازة (مشافهة) متلفظا بها، (وكتابة) مكتوبا بها.
قيل: إن إطلاق (المشافهة والمكاتبة في الإجازة تجوز) موجود في عبارة أكثر
المتأخرين، بخلاف المتقدمين، فإنهم يطلقونها فيما كتبه الشيخ من الحديث إلى الطالب، سواء
أذن له في رواية أم لا، فيما إذا كتب إليه بالإجازة فقط.
أقول: إن قلنا: إنها الاذن - كما تقدم نقله - فالذي عليه المتقدمون تجوز، لا ما عليه
المتأخرون.
وإن قلنا: إنها على معناها اللغوي، فالكل من مصاديقها، فتأمل.
(شرائط الإجازة)
ثم اعلم أن المشهور عند الفقهاء والمحدثين جواز الإجازة للمميز ولغير المميز، ولا
يشترط الصلاحية للفهم والرواية، واشترط ذلك بعضهم بل اشترط كونه من أهل العلم
أيضا، ولم أقف له على وجه.
(ضروب الإجازة)
(وهي) أي الإجازة على ضروب:
(أما) الأول: أن يجيز (لمعين بمعين)
كأجزتك (الكتب الأربعة المشهورة) أو (الأصول الأربعمائة) مثلا.
والثاني: إجازة لمعين (بغيره)
أي بغير تعيين، كأن يقول الشيخ لشخص:
(أجزتك مسموعاتي ومقروءاتي) مثلا.
والثالث: إجازة (لغيره) أي لغير المعين (به) أي بمعين
كأن يقول:
(أجزت أهل العصر (أو) من أدرك زماني كتاب الكافي).
454

والرابع: إجازة لغير معين (بغيره)
أي بغير معين، كأن يقول:
(أجزت أحمد بن محمد - المشترك بين كثيرين - رواية كتاب المجالس أو النوادر)،
وكتب المجالس والنوادر لا تحصى كثرة.
أو بوصف العموم: (كأجزت كل أحد جميع مسموعاتي).
(مراتب الإجازة)
(وأول هذه) الضروب (الأربعة أعلاها)، لانضباطها بالتعين إذا تجرد عن
المناولة والقراءة. وهو الذي استقرت عليه كلمة الخاصة والعامة. وقول بعضهم إن لها حكم
المرسل باطل بالاتفاق عليها، (بل منع بعضهم ما عداها) من الضروب.
وعلل المنع في الضرب الثاني بعدم انضباط المجاز، فيبعد عن الاذن الاجمالي المسوغ
له. ولكن الجمهور أوجبوا العمل بها وجوزوا الرواية لكل ما ثبت عنده أنه سمعه.
ولو قيد بوصف خاص (كمسموعاتي من فلان) أو (في بلد كذا) إذا كانت متميزة
فأولى بالجواز.
وعلل المنع في الضرب الثالث الذي هو بعدهما في المرتبة بأبعديته عن الاذن
الاجمالي المسوغ، والأقوى أنه كالأولين. وجوزه جماعة من الفقهاء والمحدثين. واستعمله
أكابر علمائنا، منهم شيخ أصحابنا الشهيد رحمه الله.
وقد حكى جدي في الدراية أنه (1) (طلب من شيخه السيد تاج الدين ابن معية (2)
الإجازة له ولأولاده ولجميع المسلمين ممن أدرك جزءا من حياته جميع مروياته، فأجازهم
ذلك بخطه) (3).
وقال في الدراية:

(1) أي الشهيد الأول.
(2) في المتن: (معنيه) والصحيح ما أثبتناه كما في الدراية والرعاية.
(3) الدراية: 96 (الرعاية: 267).
455

(ويقربه إلى الجواز تقيده (1) بوصف خاص، كأهل بلد معين، فإن جوزنا العام جاز
هنا بطريق أولى، وإلا احتمل الجواز هنا للحصر (2)) (3).
وأما وجه المنع في الضرب الرابع فظاهر مع العموم. وجزم في الدراية جدي (4)
ببطلانه، وهو الأصح، إذ لا فائدة فيه).
وقال والد المصنف:
(الذي يظهر أنه جائز أيضا، ولا شبهة أنه لو لم يكن مع العموم (كأجزت رجلا) أو
(رجلين) أو (زيدا) وهو مشترك بين جماعة لم يجز وإن كان المجاز معينا.
وكذا لو أجاز غير معين لمعين (كأجزت (5) لك (6) كتاب المجالس) وهناك كتب
متعددة) (7).
وهذا غير ما لو أجاز لجماعة مسمين معينين في الإجازة، ولم يعرفهم بأعيانهم، ولا
أنسابهم بل ولا عددهم، ولا تصفحهم، فإن الإجازة تصح في مثله كسماعهم منه في مجلسه
في هذا الحال.
(عبارات الأداء)
(فيقول) المستجيز عند إرادة التحديث بها: ((أجازني رواية كذا) أو إحدى
تلك العبارات) المتقدمة (مقيدة بالإجازة (8)) أو (إذنا) أو (في إذنه) أو (فيما أذن لي
فيه) أو (فيما أطلق لي روايته) أو (أجازني) على (قول).

(1) في الدراية: (تقييده).
(2) في الدراية: (للحصر).
(3) الدراية: 96.
(4) الدراية: 96.
(5) في وصول الأخيار: (أجزتك).
(6) (لك) غير موجوده في وصول الأخيار.
(7) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 136.
(8) في (و): (ب‍ (إجازة) بدل (بالإجازة).
456

وعن بعضهم تخصيصها (1) ب‍ (خبرنا)، والقراءة ب (بأخبرنا).
وقيل اصطلح قوم من المتأخرين على إطلاق (أنبأنا) في الإجازة.
وكان البيهقي يقول:
(أنبأني إجازة).
وعن بعض المحققين منهم (قال):
الذي اختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري، أن يقول فيما عرض عن
المحدث إجازة شفاها: (أنبأني). وفيما كتب إليه: (كتب إلي).
وعن بعضهم: إن كل قول البخاري (قال لي) فهو عرض ومناولة.
وقد عبر بعضهم عن الإجازة (بخبرنا فلان أن فلانا حدثه، أو أخبره).
واستعمل في الإجازة الواقعة في رواية من فوق الشيخ حرف (عن)، فيقول من سمع
شيخنا بإجازة عن شيخي (قرأه على فلان عن فلان).
ثم إن جمعا قد صرحوا بأن المنع عن إطلاق (حدثنا) و (أخبرنا) لا يزول بإباحة
المجيز، وكذا على قول الأكثر. وعن جماعة الجواز من غير تقييد.
(في ترجيح السماع على الإجازة)
ثم اعلم (أنهم) اختلفوا في ترجيح السماع على الإجازة أو ترجيح الإجازة على
السماع على أقوال.
ثالثها: التفصيل بين عصر السلف قبل جمع الكتب المعتبرة، كالأربعة المشهورة (2)،
وبين عصر المتأخرين.
ففي الأول ترجيح السماع، وذلك أن السلف كانوا يجمعون الحديث عن صحف
الرجال وصدور الرواة، فدعت الحاجة إلى السماع خوفا من التدليس والتلبيس، بخلاف ما
بعد تدوينها، لان فائدة الرواية حينئذ إنما هي اتصال سلسلة الاسناد بالنبي صلى الله عليه

(1) الإجازة.
(2) الكافي، الفقيه، التهذيب، الاستبصار.
457

وآله وسلم. والأول تبركا وتيمنا، وإلا فالحجة تقوم بما في الكتب، وتعرف القوي منها
والضعيف من كتب الجرح والتعديل.
قال جدي رحمه الله في الدراية بعد نقل هذا الكلام:
(وهذا قوي متين) (1).
وقال الطريحي:
(هو حسن إلا أن القول بأرجحية السماع مطلقا لأرجحية الضبط فيه والاطلاع على
ما لم يحصل الاطلاع عليه فيها أحسن).
انتهى.
وهو الوجه، يعني أرجحية السماع مطلقا هو الوجه في المسألة.
(ثمرة الإجازة)
ثم اعلم أن المعروف بينهم أن ثمرة الإجازة إنما هو في العمل وقبول الحديث إذا لم يكن
ما تعلقت به الإجازة معلوما بالتواتر والتسامع والتضافر مما هو معلوم الضبط، مأمون عليه
من الخلط والتبديل.
وبالجملة ظاهر الأكثر انحصار فائدة الإجازة في تصحيح النسبة، أو الاتصال لمحض
التبرك والتيمن.
ويظهر من بعض متأخر المتأخرين عدم جواز الرواية إلا بعد حصول الرخصة فيها
من المشايخ بأحد الوجوه المقررة، منهم:
الشيخ الفقيه المتبحر الشيخ إبراهيم القطيفي، قال في طي إجازته للشيخ شمس الدين
محمد بن الحسن الأسترآبادي:
(لا يقال: ما فائدة الإجازة، فإن الكتاب تصح نسبته إلى مؤلفه، وكذا الحديث، لأنه
مستفيض أو متواتر، وأيضا فالإجازة لا بد فيها من معرفة ذلك، وإلا لم يجز النقل، إذ ليس

(1) الدراية: 95.
458

كل مجيز يعين الكتب ويبينها (1)، بل يذكر أن ما صح أنه من كتب الامامية ونحو هذه
العبارة.
لأنا نقول: نسبة الكتاب إلى مؤلفه لا إشكال في جوازها، لكن ليس من أقسام
الرواية، والعمل والنقل للمذهب يتوقف على الرواية، وأدناها الإجازة، فما لم تحصل لم تكن
مروية، فلا يصح نقلها ولا العمل بها، كما لو وجد كتابا كتبه آخر فإنه وإن عرف أنه كتبه، لا
يصح أن يروي عنه. فقد ظهرت الفائدة).
انتهى.
وقال السيد الفاضل المعاصر في الروضات:
(الظاهر من كلمات القوم وفحاوى الأخبار الواردة في هذا المقام، عدم جواز الرواية
تعبدا أو سدا لثغور الشريعة المطهرة إلا بعد حصول الرخصة فيها من المشايخ بأحد الوجوه
المقررة، كما لا يجوز الفتوى إلا بعد حصول درجة الاجتهاد، وإن كان مما يطابق الواقع،
مضافا إلى عدم انطباق لفظة (جاءكم) المذكورة في آية النبأ (2) على غير ما كان من الخبر
منقولا بهذه النسبة، فيبقى العمل بما ألقاه الرجل من غير هذه الطرق تحت أصالة المنع بمطلق
الظن).
انتهى.
وشافهني بنحو ذلك أيضا أخوه السيد المتبحر الميرزا محمد هاشم الخوانساري
الأصفهاني صهر عمنا العلامة السيد صدر الدين رحمه الله.
أقول: ما وراء العلم شئ، فإذا كان ما أجاز فيه المجيز معلوما للمستجيز لا يعقل
المنع عن روايته قبل الإجازة، لعدم الفرق بين الحالين في ذلك قطعا، لأنه لا يحدث بالإجازة
شئ لم يكن قبلها بالنسبة إلى ما أجيز فيه. واحتمال شرطية الإجازة في الرواية المتواترة
المعلومة تعبدا لا دليل عليها، بل الدليل على خلافها، فقد روى في الكافي في باب (رواية

(1) في المتن: (بينها) والصحيح ما أثبتناه.
(2) الحجرات: 6. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما
بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).
459

الكتب والحديث) بإسناده عن أحمد بن عمرو الحلال قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه
السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول اروه عني، يجوز لي أن أرويه عنه؟
قال عليه السلام: (إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه) (1).
فعلق الجواز على العلم ولم يعتبر الاذن، وما ذكر من عدم انطباق لفظة جاءكم
المذكورة في آية النبأ على غير ما كان من الخبر منقولا بهذه النسبة مجازفة ظاهرة. وكيف
يقال لم يجئ ثقة الاسلام بالكافي للامامية مع العلم القطعي بأنه له، وأنه صنفه لهم.
نعم، التحقيق أن الغرض في الإجازة لا ينحصر بتصحيح النسبة، وبمجرد الاتصال
كما ظن بل الغرض الضبط أيضا فإن العلم بالكتاب لا يستلزم العلم بكل خبر من أخباره
بل العلم بالخبر لا يستلزم العلم بكيفيته، فالعلم لا يكون من جميع الجهات. لكن الإجازة
بالمعنى الأخص لا تفيد الضبط، وإنما يفيد ذلك السماع والعرض كما لا يخفى، فكون الكتب
الأربعة متواترة من مصنفيها لا يوجب العلم بكل خبر من أخبارها إذا لم يثبت تواتر عدد
أخبارها. ولو ثبت ذلك لم يوجب العلم بكيفية كل شخص خبر من تلك الروايات.
الضرب الخامس: إجازة المعدوم
كأجزت لمن يولد (لك) أو (لي) أو (الفلان).
قيل: الجمهور منا ومن العامة لم يقبلوه، وأجازها بعضهم بناء على أنها إذن لا محادثة.
ورد: بأنها لا تخرج عن الاخبار بطريق الجملة، وهو لا يعقل للمعدوم ابتداء. ولو
سلم كونها إذنا فهي لا تصح للمعدوم كذلك، كما لا تصح الوكالة للمعدوم.
ولو عطف الإجازة على موجود مثل (أجزتك ومن يولد لك) قيل: أمكن جوازه،
وقد فعله جماعة من العلماء.
ولو أجاز للحمل قبل وضعه قيل بالصحة نظرا إلى وجوده.
وقيل: بالعدم، نظرا إلى عدم تميزه.
والأول أصح، لما تقدم من أنه غير مانع في غير المميز. واستوجهه جدي الأمي في

(1) الكافي: 1: 52 / 6.
460

الدراية.
الضرب السادس: إجازة الشيخ ما لم يتحمله بوجه ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز
بعد ذلك.
ولا ريب في بطلان هذا النوع، لان الإجازة كما عرفت سابقا في قوة الاخبار بالمجاز
حمله أ أو إنها إذن فلا يعقل أن يجيز بما لم يخبر به ولا أن يأذن فيما لم يملك إذنه.
وليس منه قولهم: (أجزت لك ما صح أو يصح عندك من مسموعاتي) لان (ما) صح
عنده (كان) سماعه له قبل الإجازة لا بعدها، نعم يلزم عليه، أعني الشيخ المجيز لجميع
مسموعاته، البحث ليعلم أنه مما كان قد تحمله قبل الإجازة لا بعدها، وإلا لم يجز له روايته.
الضرب السابع: إجازة المجاز له
(أجزت لك مجازاتي، أو رواية ما أجيز لي روايته).
ولا ريب في صحة ذلك، وعليه السيرة القطعية، لان روايته إذا صحت لنفسه جاز له
أن يرويها لغيره. وقد منعه بعضهم وقال:
(إنما يجوز للمجاز العمل بها لنفسه خاصة).
وهو متروك لا فالأصح ما ذكرناه. نعم، ينبغي للراوي العامل فيما يرويه لئلا يروي ما
لم يدخل تحتها.
تتميم
(1) لو كتب الشيخ إجازة بالكتابة فينبغي أن يتلفظ بها، فلو نواها ولم يتلفظ
فالأظهر الاكتفاء. ومنع بعضهم من ذلك، فالأحوط التلفظ.
(2) ثم ينبغي للمجيز أن يعلم ما يجيزه، وأن يجيز أهل الصلاح والورع والعلم والفقه،
ولا يبذلها لكل أحد ممن لا يعبأ به، ممن لا يبالي بما قال أو قيل له، حتى إن بعضهم اشترط
كونه من أهل العلم كما تقدم.
461

وقيل (1): إنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة، في معين، لا يشكل إسناده.
(3) ثم اعلم أنه قد جرت العادة للشيوخ في إجازاتهم أن يكتبوا: أجزت لفلان
- مثلا - رواية كذا بالشرط المعتبر عند أهله، أو عند أهل النقل، أو أهل الدراية.
وربما كتب بشرطه (بلا زيادة).
وفسرهما بعضهم بأن المراد أنها: من معين لمعين.
وآخر: بأنها غير مجهولة.
وآخر: بصحة ما هو من روايات المجيز وروايات شيوخه عنده.
وأخر: بشرط تصحيح الأصول عند الرواية.
وأخر: بأن المراد اشتراط الأهلية، إذ هو المندوب إليه عند المحققين.
(4) ثم لا يخفى إن العادة أن يكتب طالب الإجازة استدعاء للشيخ بذلك. قال بعض
الأفاضل:
(وصورتها بعد البسملة والحمد له والتصليه (يقول):
المسؤول من قروم (2) العلماء، وجابذة أعيان الفضلاء، ومشايخ الحديث والاخبار،
ونقلة العلوم والآثار.
(أرجو) أن يتفضل بالإجازة لفلان بن فلان) إلى آخر ما ذكره.
ثم قال:
قد يقع في إجازات الشيوخ الاثبات (3) وغيرهم: (وأجزت له - مثلا - رواية ما
يجوز لي وعني روايته).
والظاهر أن المراد بقولهم (يجوز لي): مروياتهم، وبقولهم (عني): مصنفاتهم، ونحو
ذلك، والله أعلم.

(1) نسب النووي (التدريب: 267) هذا القول إلى ابن عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر
الأندلسي.
(2) قال في لسان العرب: 12 / 473 (مادة: قرم): (والقرم من الرجال: السيد المعظم).
(3) قال في لسان العرب: 2: 20 (مادة: ثبت): (الثبت، بالتحريك: الحجة والبينة).
462

الطريق (الرابع: المناولة)
وهي ضربان: مجردة عن الإجازة ومقرونة بها.
فالمجردة:
(بأن يناوله الشيخ الأصل (1) ويقول: (هذا اسماعي)، مقتصرا عليه من دون) أن
يقول له: (أجزتك) روايته عني (ونحوه).
(حكم المناولة المجردة) وفيها خلاف. والذي صححه الفقهاء وأصحاب الأصول عدم جواز الرواية بها.
وذهب إلى الجواز جماعة. ويؤيده ما تقدم من رواية الكليني رحمه الله عن أحمد بن عمر
عثمان الحلال الذي قال فيها للرضا عليه السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا
يقول اروه عني يجوز لي أن أرويه عنه؟
قال: فقال عليه السلام: (اروه (2) عنه إذا علمت أن الكتاب له فاره عنه) (3).
قال والد المصنف:
(ولو صحت هذه الرواية لم يبق في المسألة إشكال) (4).
أقول: وأين الاشكال بعد العلم والقطع بأنه سماعه.
(وقبولها غير بعيد) عند المصنف وجماعة (مع قيام القرينة) الحالية (على
قصد) الشيخ (الإجازة) في هذه الصورة، وإن لم يتلفظ بها.
(ألفاظ المناولة)
(فيقول) المناول بالفتح: (وحدثنا مناولة) و (أخبرنا مناولة) أو (ناولني)
(وما أشبه ذلك).

(1) في (و): (أصله) بدل (الأصل).
(2) (اروه عنه) غير موجودة في الكافي.
(3) الكافي: 1: 52 / 6.
(4) وصول الأخيار: 140.
463

وجوز جماعة إطلاق (حدثنا) و (أخبرنا) في الرواية بالمناولة. وهي مقتضى قول من
جعلها سماعا.
والأشهر التقييد.
(المناولة المقرونة بالإجازة)
و (أما) المناولة (المقرونة (1) بها) الإجازة (لفظا) فهي على أنواع:
منها: أن يدفع المجيز إلى الطالب كتاب سماعه أو مقابلاته ويقول: (هذا سماعي أو
روايتي عن فلان فاروه، أو أجزت لك روايته عني) ثم يبقيه مع الطالب للنسخ أو يملكه له.
ويسمى هذا النوع (عرض المناولة)، كما سبق أن القراءة على الشيخ يسمى (عرض
القراءة).
قالوا: وهذه المناولة كالسماع في القوة عند الأكثر بل رجحها بعض محققي أرباب
الدراية على السماع والقراءة وغيرهما من أنواع التحمل.
والوجه (في) انحطاطها عن السماع في المرتبة: لان الضبط في القراءة أقوى منه في
المناولة، وكذا القراءة، فهي دونهما في المرتبة.
ومنها: أن يناول الشيخ كتاب سماعه للطالب (2) ويجيزه له ثم لا يمكنه من الكتاب
ويمسكه الشيخ عنده.
وهذا النوع دون ما قبله في المرتبة، ويرويه عنه إذا ظفر به، أو بما قوبل به على وجه
يثق معه بموافقته لما تناولته الإجازة على ما هو معتبر في الإجازة المجرة عن المناولة.
ولا يخفى أن هذا النوع من المناولة لا مزية له على الإجازة المطلقة الواقعة في معين، إذ
الطالب لم يحتو على ما تحمله بل غاب عنه. فهما (3) سواء بحسب الظاهر. لكن المنقول عن
الشيوخ أن لها مزية في الجملة على الإجازة المجردة، باعتبار تحقق أصل المناولة.

(1) في (و): (المقترنة) بدل (المقرونة).
(2) في المتن: (للمطالب) والصحيح ما أثبتناه.
(3) في المتن: (فيهما) والصحيح ما أثبتناه.
464

والأقرب عدم المزية بذلك.
ومنها: أن يأتي الطالب للشيخ بكتاب ويقول للشيخ:
(هذا روايتك فناولنيه وأجزني روايته).
فيجيبه الشيخ إلى ذلك من غير نظر في الكتاب ولا تحقيق لروايته - جميع ذلك أم لا
- بل يناوله للطالب ويأذن له في روايته عنه بمجرد اتيانه به.
وهذا باطل لا يجوز العمل به ولا روايته إلا إذا تيقن الشيخ بمعرفة الطالب وكان
ثقة، كما جاز للشيخ الاعتماد على الطالب في القراءة من الأصل في عرض القراءة.
هذا كله إذا قال له (حدث به عني). وأما إذا قال: (حدث عني بما فيه إن كان حديثي،
مع براءتي من الغلط)، فلا مانع ظاهرا إلا التعليق في الإجازة على الشرط، فتأمل.
(أعلى أنواع المناولة)
ثم المناولة المقرونة بالإجازة الصريحة لفظا أعلى أنواعها، أي أنواع: الإجازة (1)
على الاطلاق وأعلى منها أن يقرأ من أول الكتاب حديثا ثم يدفعه للطالب إما على وجه
التمليك أو العارية. وقد تقدم في السماع من الشيخ عن الصادق عليه السلام حديثا بذلك.
الطريق (الخامس: الكتابة)
وهي (بأن يكتب) الشيخ (له) أو لغائب (مرويه بخطه أو يأمر) ثقة يعرف
خطه فيكتب (له) أي للطالب (بها) (2) أي الكتابة، أو يأذن لمجهول ويكتب الشيخ
بعده ما يدل على أمره بكتابته:
(أنواع الكتابة)
وهي ضربان: مقرونة بالإجازة ومجردة عنها.

(1) في المتن (إجازة) والصحيح ما أثبتناه.
(2) في (و): (بها) تتقدم على (له) حيث قال: الخامس من الكتابة: بأن يكتب له مرويه بخطه أو يأمر بها له.
465

(أولا: الكتابة المقرونة بالإجازة)
فالمقرونة أن يكتب إليه ويقول:
(أجزت لك ما كتبة لك أو كتبته به إليك).
وغير ذلك من الألفاظ المتقدمة في الإجازة.
وهذا الضرب في القوة والصحة كالمناولة المقرونة بالإجازة.
(ثانيا: الكتابة المجردة عن الإجازة)
والمجردة عن الإجازة يجوز الرواية بها على الأشهر، لتضمنها الإجازة معنى، بظاهر
الحال في الكتابة والارسال في جواب الطلب والسؤال والاخبار لا ينحصر عرفا ولا شرعا
في التلفظ.
(ما يعتبر في الكتابة)
ولا بد من معرفة الخط. وقد شرطناه.
واحتمال اعتبار البينة على الخط مع العلم بكونه خط الشيخ سوفسطائي لا يلتفت
إليه.
ومع تعذر العلم فالأقوى كفاية العدل الواحد في الاخبار عن ذلك. واعتبر بعضهم
الاثنين، وهو الأحوط.
(حكم الكتابة)
وبالجملة، لا ينبغي التأمل في صحة المكاتبة والعمل به، والرواية له، وهو معدود في
الموصول.
وقد وقع في زمان العسكريين عليهما السلام منه كثير، ولم ينكر أحد منا جواز العمل
به، ولولا ذلك لكانت مكاتباتهم عليهم السلام عبثا.
466

(اعتبارات الأداء لمن روى بالكتابة)
(فيقول) عند الرواية بها:
(كتب إلي) فلان قال: أخبرنا فلان (أو حدثنا مكاتبة) أو كتابة (على قول).
والأكثر جوزوا إطلاق (حدثنا). و (أخبرنا) و (أخبرنا هنا) أقرب من (حدثنا).
الطريق (السادس: الاعلام)
وهو (بأن يعلمه) الشيخ (أن هذا) الحديث.
أو الأصل (مرويه) (1) أو سماعه (2) (ومقتصرا عليه من دون مناولة ولا
إجازة (3)).
وحكى والد المصنف عن الكل وجوب العمل به إذا صح سنده ثم قال:
(وجوز الرواية كثير من علماء الحديث) (4).
ومنعها بعضهم.
وحكى بعض الأفاضل عن جمع من فضلاء المتأخرين من العامة:
(إن الصحيح ما قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم إنه لا تجوز الرواية به لكن
يجب العمل به إن صح سنده) (5).
وقال بعضهم في المقام:
(الاعلام هو أن يعلم الشيخ أحد الطبقة بأني أروي الكتاب الفلاني في السابق).
بمعنى أن الاعلام كالارسال من القرائن الدالة على وقوع الإجازة من الشيخ وقصده
إياها وإن لم يتلفظ بها حين الاعلام.

(1) كذا في (و) وفي المتن (مروية).
(2) في المتن: (سماعة) والصحيح ما أثبتناه.
(3) كذا في (و) وفي المتن: (ولإجازة).
(4) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 142.
(5) انظر متن التقريب النووي من كتاب تدريب الراوي: 280.
467

(حكم الاعلام)
(والكلام في هذا) الطريق (وسابقه) أي المكاتبة (كالمناولة) في جواز الرواية
بها على أقوال، ثالثها جواز الرواية بذلك الاعلام.
(فيقول: (أعلمنا) ونحو (1) ذلك). وقد تقدم التفصيل فتدبر.
الطريق (السابع: الوجادة)
بالكسر وهي من اللغات المولدة لأصحاب الدراية تميزا عن سائر مصادر وجد
يجد.
وهو (بأن يجد) الراوي الحديث (المروي) لشيخه (مكتوبا) ويعلم أنه من
خط شيخه أو من روايته، كما إنا نعلم أن الكتب الأربعة (2) من مصنفات ومرويات
المحمدين الثلاث (3) (من غير اتصال على أحد الأنحاء السابقة لكاتبه (4)) وصاحبه
وراويه.
وهي أنزل وجوه التحمل حتى قيل إن الذي جعلوه من القدح في محمد بن سنان (5) -
المشهور - أنه روى بعض الأخبار بالوجادة.
(عبارات الأداء لمن روى بالوجادة)
(فيقول) الراوي (وجدت) أو قرأت (بخط فلان أو في كتاب أخبرني فلان أنه
خط فلان)

(1) في (و): (ونحوه) بدل (ونحو ذلك).
(2) الكافي، كتاب من لا يحضره الفقيه، التهذيب، الاستبصار.
(3) محمد بن يعقوب الكليني (328 / 329 ه‍)، محمد بن علي بن الحسين الصدوق (381 ه‍)، محمد بن الحسن
الطوسي (460 ه‍).
(4) في (و): (يكاتبه).
(5) من أصحاب الكاظم والرضا والجواد عليهم السلام (انظر رجال الشيخ الطوسي: 361 / 39، 386 / 7،
405 / 3).
468

وهو منقطع مرسل، ولكن فيه شوب اتصال، لقوله: (وجدت بخط فلان).
وإذا وجد حديثا في كتاب شخص قال: (ذكر فلان)، فهو منقطع لا شوب فيه، إذا لم
يعلم أنه رواه، وإن علم فهو من الأول. وكذا إن وثق أنه خطه، وإن لم يثق فليقل: (بلغني عن
فلان) أو قرأت في كتاب، أخبرني فلان أنه بخط فلان، أو أظن أنه خطه، أو ذكر كاتبه أنه
خطه، أو تصنيف فلان.
وإذا نقل من كتاب، لا يقول: (قال) إلا إذا وثق أنه صحيح النسخة، وإلا فليقل
بلغني عن فلان، أو وجدت في نسخة من كتاب فلان.
وبالجملة عليه التحري ولا يجزم إلا بعده.
(حكم الوجادة)
(وفي) جواز (العمل بها قولان): جوزه أكثر المحققين (1) ومنعه أكثر (2) العامة.
(وأما الرواية) بالوجادة (فلا) خلاف بينهم في المنع عنها، لعدم الاخبار فيها.
(أدلة القائلين بجواز العمل بالوجادة)
واستدل على جواز العمل بها والاكتفاء بها في مقام الرواية:
(أولا) بعموم الجواب الواقع في جواب سؤال أحمد بن عمر الحلال من أبي الحسن
الرضا عليه السلام المتقدم قال: قال عليه السلام:
(إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه) (3).

(1) نقل جواز العمل عن الشافعي وطائفة من أصحابه جواز العمل بها، بل وقال ابن الصلاح (المقدمة: 180)
وقطع بعض المحققين من أصحابه (الشافعي) في الأصول بوجوب العمل به عند حصول الثقة به.
ثم قال: وهذا هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة لتعذر شروط الرواية في هذا الزمان.
وقد تبع ابن الصلاح على ذلك النووي في التقريب والسيوطي (انظر تدريب الراوي إلى تقريب النووي:
284).
وانظر الباعث الحثيث: 142.
(2) نقله النووي عن معظم المحدثين المالكية: (انظر التدريب: 284).
(3) الكافي: 1: 52 / 6.
469

(ثانيا) وباستقرار عمل الأصحاب على النقل من الكتب المعلومة الانتساب إلى
مؤلفيها من غير نظر منهم في رجال السند إليها، ولا تمهيد لبيان المشيخة الواقعة بين الناقل
وبينها، وبخصوص الحديث الذي رواه في الكافي في الصحيح عن محمد بن الحسن بن أبي
خالد قال: قلت لأبي جعفر (1) الثاني عليه السلام: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي
جعفر عليه السلام، وأبي عبد الله عليه السلام، وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم، فلم
ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا. فقال:
(حدثوا بها فإنها حق) (2).
وفي الموثق كالصحيح عن عبيد بن زرارة (3) قال:
قال لي (4) أبو عبد الله عليه السلام:
(اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن مت فأورث كتبك بينك، فإنه يأتي على الناس
زمان هرج لا يأنسون (5) فيه إلا بكتبهم).
بل قال بعضهم: إن هذا الخبر كما يظهر من عمومه العمل بالوجادة يدل على رجحان
الكتابة والنقل، إما على الوجوب كما هو الظاهر من الامر أو على الاستحباب على احتمال.
ونقل جدي في الدراية عن الشافعي وأصحابه جواز العمل بها، ووجهوه (بأنه لو
توقف العمل فيها على الرواية، لا نسد باب العمل بالمنقول، لتعذر شرط الرواية فيها) (6).
وهو حسن.
(وحجة المانع واضحة حيث لم يحدث به لفظا ولا معنى) (7).

(1) محمد بن علي الجواد عليه السلام.
(2) الكافي: 1: 53 / 15، باب رواية الكتب والحديث. وسند الحديث هكذا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن
محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شنولة.
(3) في الكافي المطبوع 1: 52 / 11، هكذا سند الحديث: (عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي،
عن بعض أصحابنا، عن أبي سعيد الخيبري، عن المفضل بن عمر...
(4) (لي) ساقطة من المتن.
(5) في المتن: (لا يأمنون) والصحيح ما أثبتناه كما عن الكافي.
(6) الدراية: 109.
(7) الدراية: 109.
470

وفيه: أن هذا يمنع الرواية بها لا جواز العمل كما لا يخفى.
وقد دلس بعضهم فذكر الذي وجده بخطه وقال فيه: عن فلان، وقال فلان، وهو
قبيح إن أوهم سماعه.
وجازف بعضهم فأطلق في الوجادة (حدثنا) و (أخبرنا) وأنكر عليه ذلك
المتحرجون لأنه تدليس قبيح في الرواية.
فرع
لو اقترنت الوجادة بالإجازة، بأن كان الموجود خطه حيا وأجازه، أو أجاز غيره
عنه، ولو بوسائط، فلا ريب في جواز الرواية أيضا، حيث يجوز العمل بالإجازة.
تتميم (متى يصح التحمل)
يصح التحمل قبل الاسلام كما يصح سماعه، للأصل والاجماع.
قال جدي في الدراية:
(وتظهر الفائدة إذا أسلم وقد وقع ذلك في قريب من عصرنا وحصل بها (1)
النفع) (2).
وكذا يجوز للفاسق والمبتدع بطريق أولى، فرجاء زوال فسق المؤمن أقرب.
ورواية المبتدع تقبل على بعض الوجوه.
الطريق الثامن: الوصية
وهي أن يوصي عند موته أو عند سفره بكتاب يرويه فلان بعد موته.
قال والد المصنف: (وقد جوز بعض السلف للموصى له الرواية، ومنعه بعضهم ولا

(1) في الدراية: (به) بدل (بهما).
(2) الدراية: 98.
471

بأس به إذ هو تعليق) (1).
أقول: قد تقدم قول أبي عبد الله (ع) لعبيد بن زرارة (فإن مت فأورث كتبك بينك)
فإنه يدل على رجحان الوصية بذلك، وجواز النقل.
هذا، مضافا إلى إشعار الوصية بالاذن في الرواية، فتدبر.
تذييل
قال بعض الأفاضل:
(إن جماعة من علماء العامة (2) قالوا:
يستحب أن يبتدئ بسماع الحديث بعد ثلاثين سنة.
وقيل: بعد عشرين سنة.
وقال جمع: والصواب في هذه الأزمان التبكير به من حين يصح سماعه، ويكتبه
ويقبل حين يتأهل له. ويختلف باختلاف الاشخاص.
ونقل القاضي عياض، إن أهل هذه الصنعة حددوا أول زمن يصح فيه السماع بخمس
سنين.
وقال بعضهم:
(وعلى هذا استقر العمل).
والصواب اعتبار التميز، فإن فهم الخطاب ورد الجواب كان مميزا صحيح السماع، وإلا فلا.
وقال بعض (3) فضلائهم:
(والذي استقر عليه عمل أصحابنا المتأخرين أن يكتبوا لابن خمس: (سمع)، ولمن
دونه (حضر) و (أحضر). ولا متحاشون من كتابة الحضور لمن حضر من الصغار، ولو كان
ابن يوم أو ابن سنة أو أكثر حتى يبلغ سن السماع).

(1) وصول الأخيار: 143.
(2) انظر متن التقريب من كتاب التدريب: 236.
(3) قال مضمون هذا الكلام ابن الصلاح في علوم الحديث: 130.
472

وقال بعضهم:
(يعتبر كل صغير بحاله، فمتى كان فهيما للخطاب ورد الجواب صححنا سماعه وإن
كان له دون خمس، وإن لم يكن كذلك لم يصح سماعه وإن كان ابن خمسين).
وهذا هو الأصح.
وقد ذكر بعض المؤرخين (1) أن صبيا ابن أربع سنين حمل إلى المأمون وقد قرأ القرآن
ونظر في الرأي غير (أنه) إذا جاع يبكي.
وأما حديث محمود (2) فيدل على سنة لمن هو مثله، لا على تقية عمن دونه مع جودة
التمييز، أو ثبوته (3) لمن هو في سنه ولم يميز تمييزه.
هذا ولا يخفى عليك أن حديث محمود إشارة إلى قصة محمود بن الربيع الذي ترجم
البخاري فيه باب: (يصح سماع الصغير) قيل كان ابن خمس أو أربع سنين.
وكيف كان، فإن المعتبر في التمييز والفهم القوة لا الفعل.
وقد ذكر بعضهم من المتأخرين، قال:
(قال علماؤنا ينبغي في هذه الأزمان أن لا ينكر بإسماع الصغير من أول زمان يصح
فيه سماعه، لان الملحوظ إبقاء سلسلة الاسناد، لذلك يتبادر باحضار الصغار والأطفال،
ويسرع بالاستجازة لهم، فلا يتكاسل في ذلك، فإنه تفوت الفرصة، ولا ينفع الندم على
الظفر بذلك).
انتهى.

(1) نسبه ابن الصلاح في علوم الحديث: 130 إلى إبراهيم بن سعيد الجوهري.
(2) قال ابن الصلاح: 130:
وأخبرني الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي، عن أبي محمد عبد الله بن محمد الاشيري، عن
القاضي الحافظ عياض بن موسى السبتي اليحصبي قال:
(وقد حدد أهل الصنعة في ذلك أن أقله سن محمود بن الربيع)
وذكر رواية البخاري في صحيحه بعد أن ترجم (متى يصح سماع الصغير؟) بإسناده عن محمود بن الربيع،
قال:
(عقلت من النبي صلى الله عليه وآله وسمل مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو)
وفي رواية أخرى أنه كان ابن أربع سنين.
(3) أي ولا يدل على ثبوت صحة التحمل لمن هو في سن محمود ولم يميز تمييزه.
473

الفصل السادس
في آداب كتابة الحديث وضبطه ونقله
475

(فصل)
هو السادس
(في آداب كتابة الحديث) وضبطه وآداب نقله
أما الأول:
فقد نقل فضلاؤنا وجمع من علماء العامة أن معرفة ذلك من الأمور المهمة، فينبغي:
(1) (تبيين الخط)، وتحقيقه، شكلا، ونقطا، وتبيينا لحروفه.
(2) (وعدم ادماج بعضه في بعض)، بل يكتبه على وجه يؤمن من اللبس معه، ولا
سيما شكل الملتبس ونقطه فإنه أهم.
(3) (وإعراب ما يخفي وجهه) فقد قال أبو عبد الله عليه السلام:
(أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء) (1).
فتأمل.
ونقل بعضهم (2) عن أهل العلم كراهة الاعراب والاعجام إلا في الملتبس.
وقيل: يشكل الجميع.
وقالوا: ينبغي اعتناؤه في ضبط الملتبس من الأسماء أكثر.
ويستحب ضبط الشكل في نفس الكتاب، وكتبه مضبوطا واضحا في الحاشية
قبالته.

(1) الكافي: 1: 52 / 13. باب رواية الكتب والحديث.
(2) انظر تدريب الراوي: 287.
477

وهكذا ينبغي الاعتناء بضبط ما اختلف فيه أسماء الرواة أو من (طبعات) (1) متن
الحديث على أي نحو كان الاختلاف.
وضبط مختلف الروايات، وتمييزها، فيجعل كتابه على رواية، ثم ما كان في غيرها من
زيادة ألحقها في الحاشية. أو نقص، أعلم عليه. أو خلاف (2) كتبه معينا في كل ذلك من رواه
بتمام اسمه لا رمزا.
(4) (وعدم الاخلال بالصلاة والسلام بعد اسم النبي صلى الله عليه وآله والأئمة
صلوات الله وسلامه عليهم، وليكن صريحا من غير رمز). ولا يسأم من تكرره ولو في
سطر واحد. ومن أغفله حرم حظا عظيما. والظاهر أن ذلك مما كانت عليه سيرة الأقدمين
والأواسط من أهل الحديث، كما نقله بعض الأفاضل. وروى عن طريق العامة أن رسول
الله قال:
(من صلى علي في كتاب لم يزل الملائكة يصلون عليه ما دام اسمي في ذلك الكتاب) (3).
وهذه السيرة جارية في اسم الله تعالى أيضا فإذا كتب اسم الله تعالى أتبعه بالتعظيم
كعز وجل ونحوه.
ثم ينبغي الترضي والترحم عل المشايخ والرواة من أصحاب الأئمة عليهم السلام،
ولم أر أشد مواظبة على كل ذلك مثل السيد الأواه السيد جمال الدين علي بن طاوس طاب
ثراه.
وقال بعض العامة (4): (ويكره الرمز بالصلاة، والترضي في الكتابة، كما يفعله غير
أهل الحديث. وقد صرح جمع منهم بأنه يكره الاقتصار على الصلاة دون التسليم) (5).

(1) في المتن: (طات) والصحيح ما أثبتناه.
(2) في المتن: (خلافيه) والصحيح ما أثبتناه.
(3) كنز العمال 1: 507 / 2243 وفيه (من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك
الكتاب). راجع تدريب الراوي: 292.
(4) انظر علوم الحديث 189، كما نقله في التدريب (ص: 294) عن شرح مسلم.
(5) انظر علوم الحديث: 189، وتدريب الراوي: 294.
478

قال بعض الأفاضل:
إن تصلية العامة وتسليمهم على النبي صلى الله عليه وآله من قبيل الصلاة البتراء،
لأنهم لا يذكرون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، فلا فائدة في مثل ذلك، فقد قال
الصادق عليه السلام:
(سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت وهو يقول: اللهم صل على محمد. فقال له أبي:
لا تبترها يا عبد الله (1). لا تظلمنا حقنا. قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته) (2) الحديث.
(5) وينبغي أن (تكتب (3) عند تحول السند (حاء) (4) بين المحول والمحول إليه).
(6) وإذا كان المستتر في (قال) أو (يقول) عائدا إلى المعصوم عليه السلام فليمد اللام
ويضيف إلى ذلك من التصلية أو التسليم.
(7) (ويفصل بين الحديثين بدائرة صغيرة من غير لون الأصل).
قال بعض العامة (5):
(إن الفصل بين كل حديثين بدائرة قد نقل عن جماعات من المتقدمين. وعن
بعضهم (6) يستحب أن تكون غفلا (7)، فإذا قابل نقط وسطها).
وذكر جمع منهم:
(أنه يكره في مثل عبد الله وعبد الرحمن بن فلان كتابة عبد آخر السطر، واسم الله
تعالى ابن فلان أول السطر الاخر. وكذا يكره رسول آخره، والله صلى الله عليه وآله أوله،
وكذا ما أشبه) (8).

(1) في الكافي: (يا عبد الله لا تبترها) بدل (لا تبتر يا عبد الله).
(2) الكافي: 2: 495 / 21.
وسند الحديث هكذا: (عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبي القداح، عن أبي عبد
الله عليه السلام...).
(3) في (و): (يكتب).
(4) كذا في (و) وفي كتب الدراية الأخرى وفي المتن (جاء).
(5) القائل هو النووي في التقريب: انظر متن التقريب من التدريب: 291.
(6) نسبه في التدريب إلى الخطيب: 291.
(7) في المتن: (نقلا) والصحيح (غفلا) كما أثبتناه أي تكون الدائرة فارغة.
(8) المقدمة لابن الصلاح: 187.
479

انتهى.
(8) (وإن وقع سقط).
(وان وقع سقط):
(فإن كان يسيرا، كتب على تحت (1) السطر).
(أو كثيرا فإلى أعلى الصفحة يمينا أو يسارا إن كان سطرا واحدا).
(وإلى أسفلها (2) يمينا، وأعلاها يسارا إن كان أكثر).
وقد يقال إن الساقط يكتب في الحاشية اليمنى ما دام في السطر بقية، وإن لم يكن بقية،
بأن خرج من أواسطه لا من آخره ففي اليسرى.
وذكر جمع منهم (3) في تخريج الساقط وهو (اللحق بفتح اللام والحاء): أن يخط من
موضع سقوطه في السطر خطا صاعدا قليلا معطوفا بين السطرين عطفة يسيرة إلى جهة
اللحق. وقيل يمد العطفة إلى أول اللحق ثم يكتب اللحق قبالة العطفة في الحاشية اليمنى إن
اتسعت، إلا أن يسقط في آخر السطر فيخرجه إلى الشمال، ويكتبه صاعدا إلى أعلى الورقة
لا نازلا إلى أسفل، لاحتمال تخريج آخر بعده، وليكن رأس حرف اللحق إلى جهة اليمين، فإن
زاد اللحق على سطر ابتدأ سطوره من أعلى إلى أسفل، فإن كان في يمين الورقة انتهت إلى
باطنها، وإن كان في الشمال فإلى طرفها ثم يكتب في انتهاء اللحق (صح).
وقيل: يكتب مع صح (رجع).
وقيل: يكتب الكلمة المتصلة به داخل الكتاب.
وليس بمرضى لأنه تطويل يوهم.
وأما الحواشي من غير الأصل، كشرح وبيان غلط أو اختلاف رواية أو نسخة فقال
بعضهم (4): لا يخرج لذلك خط. وحكم بعضهم (5) باستحباب التخريج له من وسط الكلمة
المخرج لأجلها.

(1) في (و): (سمت) بدل (تحت).
(2) في المتن ههنا عبارة: (إن كانت) زائدة.
(3) علوم الحديث: 193، النووي في التقريب وتبعه السيوطي في التدريب، 296.
(4) هو القاضي عياض كما حكى ذلك النووي، (انظر التدريب: 298).
(5) ابن الصلاح، والنووي وغيرهما. انظر المقدمة: 196، التدريب: 298.
480

ثم إن وقع في الكتاب ما ليس منه فلا بد من نفيه بالضرب أو الحلت أو المحور أو غيره.
(9) (والزيادة اليسيرة تنفى بالحك مع أمن الخرق).
(وبدونه بالضرب عليها ضربا ظاهر. لا بكتابة (لا) وحرف (الزاي) في أولها
وكتابة (1) (إلى) في آخرها، فإنه ربما يخفى على الناسخ).
(وإذا (2) وقع تكرار فالثاني أحق بالحك أو الضرب إلا أن يكون أبين خطا أو آخر
في السطر).
وقيل: يضرب على الثاني مطلقا.
وقيل: يبقى أحسنها صورة وأبينهما.
وقيل: إن كان أول سطر ضرب على الثاني، أو آخره فعلى الأول، أو أول سطر وآخر
فعلى آخر السطر. فإن تكرر المضاف أو الموصوف أو الصفة ونحوه روى اتصالها.
وأما الحك والكشط والمحو فقد ذكر جمع أنها كرهها أهل العلم لان الحك والكشط مما
يحتمل التغير، وربما أفسد الورقة وما ينفذ إليه، والمحو مسود للقرطاس.
(التصحيح والتضبيب والتمريض)
ثم لا يخفى عليك أن بعض الأفاضل نقل عنهم أنهم ذكروا أن التصحيح والتضبيب
والتمريض من شأن المتقين.
فالتصحيح:
كتابة لفظة (صح) على كلام صح رواية ومعنى ولكنه عرضه الشك أو الخلاف.

(1) (وكتابة) غير موجودة في (و).
(2) في المتن ههنا عبارة (وأما الضرب) زائدة.
481

والتضبيب ويسمى (التمريض):
أن يمد خط أوله كرأس الضاد (1) ولا يلزق بالممدود عليه، يدل على ثابت نقلا،
فاسد لفظا أو معنى، أو ضعيف، أو ناقص. ومن الناقص موضع الارسال أو الانقطاع.
وربما اقتصر بعضهم على (الصاد) في علامة الصحيح، فاشتبهت الضبة.
ويوجد في بعض الأصول القديمة في الاسناد الجامع جماعة معطوفا بعضهم على
بعض علامة تشبه الضبة بين أسمائهم وليست ضبة وكأنها علامة اتصال.
(الرموز المستعملة في كتب الأصحاب)
هذا، وأنت خبير بأن ما ذكروه في هذا المقام لم يتداول في كتب أصحابنا. نعم،
الموجودة في جملة كثيرة منها، ولا سيما في الكافي والتهذيب والاستبصار والفقيه، الايماء
والرموز إلى حال السند فيشار:
إلى الصحيح: بحرف الصاد الشبيهة بلفظة (صح).
وإلى الحسن بالحاء هكذا: (ح).
والى الحسن كالصحيح هكذا: (ح كصح).
وإلى الموثق بالقاف هكذا: (ق).
وإلى المرسل باللام هكذا: (ل).
وإلى المرفوع بالعين هكذا: (ع).
وإلى ما فيه مجهول أو مهمل بالميم: هكذا (م).
وإلى ما فيه من نص بضعفة بالضاد هكذا: (ض).
وقد يجمع بين حرفين أو ثلاثة بإيماء إلى أحوال عديدة.

(1) في هامش المتن رسمها هكذا (ح‍). انظر هامش الصفحة: 192 من متن نسخة الكتاب.
482

(رموز الكتب الحديثية عند العامة)
وقال بعض الأفاضل:
(ذكر جم غفير منهم - يعني من العامة - أنه قد غلب على كتاب الأحاديث الاقتصار
على الرمز في (حدثنا) و (أخبرنا)، وشاع بحيث لا يخفى على أحد منهم، فيكتبون:
من حدثنا: (ثنا) أو (دنا).
ومن أخبرنا: (انا) أو (بنا) أو (دنا).
وأما كتبة (ح) في (حدثنا)، و (خ) في (أخبرنا) فما أحدثه بعض العجم وليس من
اصطلاح أهل الحديث).
ثم قال: (ثم ذكروا أنه إذا كان للحديث إسنادان أو أكثر كتبوا عند الانتقال من إسناد إلى
إسناد (ح) ولم يعرف بيانها عمن تقدم. وكتب جماعة من الحفاظ موضعها (صح) فيشعر
بأنها رمز (صح).
وقيل: هي من التحول من إسناد إلى إسناد.
وقيل: لأنها تحول بين الاسنادين فلا تكون من الحديث، فلا يلفظ عندها الشئ.
وقيل: هي رمز إلى قولنا الحديث).
انتهى.
والأظهر أنها من التحول من إسناد إلى إسناد في العرض والمقابلة.
فائدة
ينبغي معرفة صفة عرض الكتاب، وهو: مقابلته مع الشيخ المستمع، أو مع ثقة، أو مع
نفسه شيئا فشيئا.
وهكذا صفة سماعه، بأن لا يشاغل بما يخل به من نسخ، أو حديث، أو نعاس، أو
نحو ذلك.
483

صفة إسماعه: كذلك، وأن يكون من أصله الذي سمع فيه، أو من فرع قوبل على
أصله، فإن تعذر فليجبره بالإجازة لما خالف ما حفظه.
وقد يقرر مطلب المقابلة في كلام جمع هكذا: (عليه مقابلة كتابه بأصل شيخه) وإن
كان إجازة.
وأفضلها أن يمسك هو وشيخه كتابهما حال السماع، ويستحب أن ينظر معه من لا نسخة
معه، لا سيما إن أراد النقل من نسخة.
وقيل: لا يجوز أن يروى من غير أصل الشيخ إلا أن ينظر فيه بنفسه حال السماع.
قال بعض الأفاضل:
والصواب الذي قاله الجماهير أنه لا يشترط نظره، ولا مقابلته بنفسه، بل يكفي
مقابلة ثقة، أي وقت كان، ويكفي مقابلته بفرع قوبل بأصل الشيخ، ومقابلته بأصل الشيخ
المقابل به أصل الشيخ.
فإن لم يقابل أصلا، فقد أجاز الرواية عنه جمع، إن كان الناقل صحيح النقل، قليل
السقط، ونقل من الأصل، وبين حال الرواية أنه لم يقابل، ويراعي في كتاب شيخه مع من
فوقه ما ذكرنا في كتابه، ولا يروي كتابا سمعه من أي نسخة اتفقت.
ثم إنه إذا وجد في كتابه كلمة مهملة وأشكلت عليه جاز أن يعتمد في ضبطها
ورواياتها على خبر أهل العلم بها. فإن كانت فيها لغات أو روايات، بين الحال، واحترز عند
الرواية.
تذييل: (ما ينبغي على السامع فعله عند الكتابة)
حكى بعض الأفاضل أن جمعا غفيرا قد صرحوا بأنه ينبغي أن يكتب بعد البسملة
اسم الشيخ، ونسبه، وكنيته، ثم يسوق ما سمعه منه، ويكتب فوق البسملة أسماء السامعين
وتاريخ السماع، ويكتبه في الحاشية أول ورقة أو آخر الكتاب، أو حيث لا يخفي منه. وينبغي
أن يكون بخط ثقة معروف الخط، ولا بأس عند هذا بأن لا يصحح الشيخ (1) عليه، ولا

(1) أي يكتب الشيخ عليه تصحيحه.
484

بأس أن يكتب سماعه بخط نفسه إذا كان ثقة كما فعله الثقات.
وعلى كاتب السماع:
التحري، وبيان السامع، والمستمع، والمسموع بلفظ غير محتمل، ومجانبة التساهل
فيما يثبته. والحذر من إسقاط بعض السامعين لغرض فاسد.
وإذا لم يحضر مجلسا فله أن يعتمد في حضورهم خبر الشيخ أو خبر ثقة حضر.
ومن ثبت سماع غيره في كتابه قبيح به كتمانه (1)، ومنعه (2) نقل سماعه أو نسخ
الكتاب، فإن كان سماعه مثبتا برضى صاحب الكتاب لزمه (3) اعارته (4)، ولا يبطئ عليه،
وإلا فلا يلزمه كذلك.
هكذا ذكر حذقة الفن (5)، وخالف فيه بعضهم، والصواب هو الأول، لان ذلك
كشهادة تعينت له عند فعلية أدائها وبذل نفسه للمشي إلى مجلس الحكم.
ثم إذا نسخ الكتاب فلا ينقل سماعه إلا بعد المقابلة المرضية بالمسموع، إلا أن يبين
عند النقل كون النسخة غير مقابلة، أو ينبه على كيفية الحال.
وإذا قابل كتابه علم على مواضع وقوفه.
وإذا وقع في نسخه خلل فلا يتعداه حتى يصححه أو ينبه عليه إن كان كثيرا، أو
ضاق المجلس فيصلحه بعد الفراغ.

(1) في المتن: (كتابه) والصحيح ما أثبتناه.
(2) أي وقبيح به منعه نقل سماعه...
(3) لزم صاحب الكتاب.
(4) في المتن: (اعادية) والصحيح ما أثبتناه.
(5) انظر النووي في تقريبه (التدريب: 305).
485

تذنيب: (صفة رواية الحديث)
(أولا) قالوا (1): شدد قوم في الرواية وأفرطوا، وتساهل آخرون ففرطوا.
فالمشددون قالوا: لا حجة إلا فيما رواه من حفظه، ومنهم من جوزها من كتابه الا إذا
أخرج من يده.
والمتساهلون، من قال: يجوز من نسخ غير مقابلة بأصولهم.
والصواب: ما عليه الأكثر من أنه إذا قام في التحمل (و) المقابلة بما تقدم جازت
الرواية منه وإن غاب، إذا كان الغالب سلامته من التغير، لا سيما إن كان ممن لا يخفى عليه
بالتغير غالبا.
(ثانيا) ثم إنه إذا أراد الرواية من نسخة ليس فيها سماعه، ولا هي مقابلة به، لكن
سمعت على شيخه، أو فيها سماع شيخه، أو كتبت عن شيخه، وسكنت نفسه إليها لم يجز
الرواية منها عند عامة المحدثين من العامة. وهو تشدد فاحش، تدفعه السيرة القطعية،
مضافا إلى أنه ينحصر الامر على القراءة على الشيخ والسماع منه وهو خلاف التحقيق كما
عرفت، وخلاف ما عليه الأكثر. قد اعترف بذلك جماعة منهم فقالوا:
(إنه متى عرف أن هذه الأحاديث هي التي سمعها من الشيخ جاز أن يرويها إذا
سكنت نفسه إلى صحتها وسلامتها) (2).
هذا إذا لم يكن له إجازة عامة لمروياته أو لهذا الكتاب، فإن كانت، جازت الرواية
منها، وله أن يقول: (حدثنا) و (أخبرنا) من غير بيان الإجازة، والامر في ذلك قريب يقع
مثله في محل التسامح، ولا غنى في كل سماع عن الإجازة ليقع ما يسقط عن الكلمات سهوا أو
غيره مرويا بالإجازة، وإن لم يكن لفظا، فهذا تيسير حسن، لمسيس الحاجة إليه في أكثر
الأزمنة.
وإن كان في النسخة سماع شيخ شيخه، أو كانت مسموعة عليه، فيحتاج ذلك إلى أن

(1) انظر تدريب الراوي: 307.
(2) نسب هذا القول في التقريب إلى الخطيب. (انظر التدريب: 309).
486

يكون له إجازة شاملة من شيخه، ولشيخه مثلها من شيخه.
(ثالثا) ثم إنه إذا وجد في كتابه خلاف حفظه، فإن كان حفظه منه قالوا: ارجع إليه،
وإن كان قد حفظ من فم الشيخ أعتمد حفظه إن لم يشك، وحسن أن يجمعها فيقول: (حفظي
كذا، وفي كتابي كذا).
وإن خالفه غيره قال: (حفظي كذا، وقال: فيه غيري أو فلان كذا).
وإذا وجد سماعه في كتابه ولم يذكره (1)، فعن جمع (2) أنه لا يجوز روايته. والصواب
هو الجواز. وشرطه أن يكون سماعه بخطه أو خط من يثق به، والكتاب مصون يغلب على
الظن سلامته من التغير وتسكن إليه النفس، وإن شك لم يجز.
فائدة
وينبغي للراوي أن لا يروي بقراءة لحان أو مصحف.
قالوا:
وعلى طالب الحديث أن يتعلم من اللغة والنحو والصرف ما يسلم به من اللحن
والتصحيف.
وذكروا: أن طريق السلامة من التصحيف الاخذ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق.
وإذا وقع في روايته لحن أو تحريف، فقال جمع:
يلزمه أن يرويه كما سمعه.
وآخرون وهم الأكثر عليه: روايته على الصواب.
وأما إصلاحه في الكتاب، فجوزه بعضهم، وقال آخرون:
الصواب تقريره في الأصل على حاله، مع التضبيب عليه، وبيان الصواب في
الحاشية.
ثم الأولى في السماع أن يقرأه على الصواب ثم يقول: في روايتنا أو عند شيخنا أو من

(1) أي نسيه.
(2) أبو حنيفة وبعض الشافعية.
487

طريق فلان كذا، وله أن يقرأ ما في الأصل ثم يذكر الصواب.
وأحسن الاصلاح بما جاء في رواية وحديث آخر، فإن كان الاصلاح بزيادة ساقط
فإن لم يغاير معنى الأصل فهو على ما سبق، وإن غاير تأكد الحكم بذكر الأصل مقرونا
بالبيان، فإن علم أن بعض الرواة أسقطه وحده فله أيضا أن يلحقه في نفس الكتاب مع كلمة
(يعني).
هذا إذا علم أن شيخه رواه على الخطاء، وأما إن رواه في كتاب نفسه، وغلب على
ظنه أنه (1) من كتابه لا من شيخه. فيتجه اصلاحه في كتابه وروايته. كما إذ درس من كتابه
بعض الاسناد أو المتن فإنه يجوز استداركه من كتاب غيره، إذا عرف صحته، وسكنت نفسه
إلى أن ذلك هو الساقط. وعلى هذا قامت السيرة، فلا وجه لمنع بعضهم ذلك.
وقيل: إن بيانه حال الرواية أولى. وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من
كتاب غيره أو حفظه. فإذا وجد كلمة من غريب العربية أو غيرها، وهي غير مضبوطة،
وأشكلت عليه جاز أن يسأل عنها أهل العلم بها، ويرويها على نحو ما يخبرونه.
(حكم رواية الحديث بالمعنى)
ثم اعلم أن من ليس عالما بالألفاظ، ومعانيها، ومساقها، والمراد منها، لا يجوز له
الرواية بالمعنى إجماعا من المسلمين، بل يتعين عليه رواية اللفظ الذي سمعه.
وقيل: لا يجوز النقل بالمعنى وإن كان عالما بذلك، وجوزه بعضهم في غير حديث
النبي صلى الله عليه وآله.
والحق جوازه للعالم الخبير. وقد تضافر النقل به عن المعصومين عليه السلام،
وتفصيل القول فيه يطلب من كتب أصول الفقه.
فائدة
قال جمع من أهل هذا الفن: إن الحديث إذا كان عن اثنين أو أكثر واتفقا في المعنى دون

(1) أي الساقط.
488

اللفظ، فله أن يجمعهما في الاسناد، ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما فيقول:
(أخبرنا فلان وفلان، واللفظ لفلان، أو هذا لفظ فلان).
قال: (أو قالا أخبرنا فلان) ونحوه من العبارات.
وعن جماعة (1) منهم (2)، أن المسلم (3) من هذا الباب عبارة حسنة، كقوله:
(حدثنا أبو بكر وأبو سعد كلاهما عن أبي خالد، قال أبو بكر: حدثنا أبو خالد عن
الأعمش).
فظاهره أن اللفظ لأبي بكر.
فإن لم يخص، فقال:
(أخبرنا (فلان وفلان) وتقاربا في اللفظ، قالا (4) (حدثنا فلان).
جاز على جواز الرواية بالمعنى.
فإن لم يقل تقاربا، فلا بأس به على جواز الرواية بالمعنى. وإن كان هذا قد عيب به
جمع منهم.
وإذا سمع من جماعة مصنفا فقابل نسخته بأصل بعضهم ثم رواه عنهم، وقال: (اللفظ
لفلان) احتمل بعض الجواز، وآخرون المنع. والوجه الجواز.
وقال بعضهم: يحتمل تفصيل آخر، وهو: النظر إلى الطرق، فإن كانت مباينة
بأحاديث مستقلة لم يجز. وإن كان تفاوتها في ألفاظ ولغات، وفي اختلاف وضبط جاز.
ولا يخفى إن صورة المباينة خارجة عن محل الكلام، فلا وجه لادخالها، مع أن عدم
الجواز أول الكلام فتأمل.
(ما ينبغي على من كان في سماعه وهن أو ضعف)
ثم اعلم أنه إذا كان في سماعه بعض الوهن، فقد قالوا: عليه بيانه حال الرواية، ومنه

(1) منهم النووي في التقريب (انظر التدريب: 321).
(2) من العامة.
(3) في التدريب: (أن لمسلم عبارة في هذا الباب).
(4) في المتن: (قال) والصحيح ما أثبتناه.
489

مما أحدثه من حفظه في المذاكرة، فليقل: حدثنا مذاكرة.
وعن جماعة المنع عن الحمل عنهم حالة المذاكرة، وهو غير وجيه.
وإذا كان الحديث عن ثقة ومجروح، أو عن ثقتين فالأولى أن يذكرهما لاحتمال انفراد
أحدهما بشئ، فإن اقتصر ثقة واحد في الصورتين جاز.
ثم إذا سمع بعض حديث من شيخه، وبعضه عن آخر، جاز، كما نقل عن الزهري أنه
فعله في حديث الإفك، فإنه رواه - كما قيل - عن أبي المسيب وعروة وعبيد الله بن عبد الله
بن عتبه وعلقمة بن وقاض، عن عايشة. وقال:
(وكل حدثني عن طائفة من الحديث)، قالوا: قالت عائشة. وساق الحديث إلى
آخره.
ثم ما من شئ من ذلك الحديث لا يحتمل روايته عن كل واحد منهما وحده حتى
لو كان أحدهما مجروحا لم يجز الاحتجاج بشئ منه، وما لم يبين أنه عن الثقة.
ولا يجوز بعد الاختلاط أن يسقط أحد الروايتين بل يجب ذكرهما مبينا أن بعضه عن
أحدهما وبعضه عن الاخر.
وهذا كله فيما كان من حكاية واحدة أو حديث واحد. وأما إذا اختلفت الأحاديث
والاخبار فلا يجوز خلط شئ منها في شئ من غير تمييز، فتدبر.
كذا أفاده بعض الأفاضل، فتأمل.
فائدة
منع بعضهم رواية بعض الحديث الواحد دون بعض، بناء على منع الرواية بالمعنى
وإن كان الرواي عارفا فاضلا.
ومنعه آخر، مع تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا.
وجوزه بعضهم مطلقا.
والوجه التفصيل.
وجوازه من العارف إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل المعنى ولا
490

تختلف الدلالة بتركه، سواء جوزناه بالمعنى أم لا، وسواء رواه قبل هذا تاما أم لا.
وقد يقال إن هذا إن ارتفعت منزلته عن التهمة، فأما من رواه تاما فخاف إن رواه
ناقصا ثانيا إن يتهم بزيادة أولا، أو بنسيان لغفلة وقلة ضبط ثانيا، فلا يجوز له النقصان ثانيا
ولا ابتداء إن تعين عليه أداؤه. وفيه نظر ظاهر.
(حكم تقطيع الحديث)
وأما تقطيع المصنف الحديث في الأبواب فلا محذور فيه، وقطعوا بجوازه، لأنه مما
قامت عليه السيرة بين الخاصة والعامة. قال بعض الأفاضل:
(أن بعض العامة قد كرهها، وهو مردود بالسيرة من جميع المسلمين، مضافا إلى
الأصل، وعدم الدليل عليه).
انتهى فتأمل.
تنبيه: (جواز تقديم المتن على السند)
ذكروا أنه إذا قدم المتن على الاسناد فقال: (قال النبي صلى الله عليه وآله كذا)، أو قدم
بعض السند، ك‍ (قال أبو ذر عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وآله كذا) ثم يقول أخبرنا به
فلان عن فلان حتى يتصل صح وكان متصلا، فلو قدم سامعه جميع السند على المتن جاز.
وعن بعض العامة من إنه ينبغي فيه الخلاف، وأنه مبني على الرواية بالمعنى، وهو وهم كما لا
يخفى.
ولو روى حديثا بإسناد ثم أتبعه إسنادا، وقال في آخره (مثله)، فأراد سامعه رواية
المتن بالاسناد الثاني، فالأظهر جوازه. ومنعه جمع من العامة (1). واستظهر بعضهم الجواز (2)
(عندما) يكون السامع متحفظا مميزا بين الألفاظ.
وقيل: إن جماعة من العلماء إذا روى أحدهم - مثلا - هذا ذكر الاسناد ثم قال: مثل

(1) منهم شعبة (انظر تدريب الراوي: 327).
(2) الثوري وابن معين.
491

حديث قبله، متنه كذا.
وأنت خبير بما في هذه التعسفات.
(الفرق بين لفظة (مثله) و (نحوه))
ثم لا فرق بين لفظة (مثله) ولفظة (نحوه) في هذا الباب، ولا سيما إذا لوحظ جواز
الرواية بالمعنى. كذا قيل، فتأمل (1).
وقال بعضهم (2): يلزم المحدث المتقن أن يفرق بين (مثله) و (نحوه)، فلا يجوز أن
يقول (مثله) إلا إذا اتفقا في اللفظ، ويجوز (نحوه) إذا كان بمعناه. وهذا تكلف بلا وجه
واضح، والأصح ما قلناه.
وحكى بعض الأفاضل عن بعض (3) أنه إذا ذكر الاسناد وبعض المتن ثم قال (4):
(وذكر الحديث)، فأراد السامع روايته بكماله، فهو أولى بالمنع من (مثله) و (نحوه).
وأجازه البعض (5) إذا عرف المحدث والسامع ذلك الحديث، ثم قال:
(وإنما يتجه على تقدير شموله بالإجازة، ويكون على مذهب من أجاز في القول في
المجاز (أخبرنا) و (حدثنا). والاحتياط أن يقتصر على المذكور ثم يقول: قال، وذكر
الحديث هو كذا، أو يسوقه بكماله.
وإذا قلنا بجوازه فهو على التحقيق بطريق الإجازة القوية فيما لم يذكره الشيخ، ولا
يفتقر إلى إفراده بالإجازة).

(1) انظر متن التقريب من التدريب: 328.
(2) هو الحاكم، كما قال ذلك في التقريب (التدريب: 328).
(3) حكاه النووي عن أبي إسحاق الأسفرايني.
(4) بعد ما ذكر بعض المتن فقط.
(5) وهو الإسماعيلي كما حكاه في التقريب (انظر التدريب: 329).
492

تتميم
نقل عن بعض العامة (1) أنه لا يجوز تغيير قال النبي صلى الله عليه وآله أو قال
رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عكسه.
قال بعضهم:
يجوز تغيير النبي صلى الله عليه وآله إلى الرسول ولا يجوز العكس، لان في الرسول
معنى زائدا على النبي صلى الله عليه وآله وهو الرسالة فإن كل (رسول) نبي ولا عكس.
وكل هذا في غير محله، وتكلف بارز، والوجه ظاهر، أعني الجواز، لأنه لا يتغير به
المعنى.

(1) هو ابن الصلاح.
493

في آداب المستجيز
فائدة: في جملة من الآداب
منها: أن يبدأ من أرجح شيوخ بلده عقلا، وورعا، وزهدا وعلما، ودينا، وعملا،
فإذا أفرغ مهماتهم فليرحل على عادة المحدثين المبرزين، ولا يحملنه الاعجاب بما عنده على
التساهل في التحمل والاتقان، والاكمال، فيخل بشئ من شروطه.
وينبغي أن يستعمل ما يسمعه من أحاديث الاعتقادات والعبادات ومكارم الأخلاق
ولا سيما الأحاديث الواردة في فضائل آل محمد، ومناقبهم، وهكذا ما ورد في ذم
أعدائهم، فإن استعمال ذلك مما يؤكد التوفيق، وهو من حق (1) الله تعالى، وزكاة الحديث،
وما يوجب حفظه.
ومنها: وهو أحسن الآداب المرضية، أن يعظم أهل العلم والحديث، ولا سيما
الشيوخ، خصوصا شيوخه، ومن سمع منهم، وليتحر رضاهم. ولا يطول عليهم بحديث
يضجرهم. ويستشيرهم في أموره، وما يشتغل فيه، وكيفية اشتغاله.
وينبغي له إذا ظفر بسماع أن يرشد إليه غيره، ولا يكتمه، فإن كتمه من الأمور
القبيحة، ولعلها تورث عدم الانتفاع بالمسموع، فإن من بركة الحديث إفادته ونشره.
وليحذر كل الحذر من أن يمنعه الحياء أو العجب والكبر من السعي التام في التحصيل، وأخذ

(1) في المتن ههنا كلمة: (ألا) زائدة.
495

العلم من دونه في نسب أو سن أو غير ذلك. وقد فاتت فوائد العلم على أكثر أبناء العلماء في
عصرنا، لان جل أهل العلم والفضل العجم، ولا يصبرون على الأذى في طلب العلم، مع
أنهم قالوا: ينبغي لطالب العلم أن يصبر على جفاء الشيخ، وشتمه، والاعراض عنه، وطرده.
ثم ينبغي في الحديث الاكثار من الشيوخ، كما كانت عليه عادة السلف، فإن فوائد
الاستكثار كثيرة، وبركاته وفيرة حتى في أمثال الإجازات العامة، والمكاتبات والمناولات،
ولم يبق في هذا الزمان غيرها، بل أهل زماننا لا يعتنون بذلك، ويستنقصون الاخذ في ذلك،
حتى صار علم الحديث في هذا الزمان من العلوم المتروكة، لا أثر له ولا رسم، مع أنه علم
شريف جليل من علوم الآخرة. من حرمه حرم خيرا عظيما، ومن رزقه رزق فضلا
جسيما.
قال والد المصنف:
(قال بعض العلماء: (لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد).
وقال بعضهم:
(ليس في الدنيا مبدع إلا وهو يبغض أهل الحديث. وإذا ابتدع الرجل نزعت (1)
حلاوة الحديث من قبله).
وقال بعض الفضلاء:
(ليس أثقل على أهل الالحاد ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته) (2)).
والواجب على مريده:
وحاصله:
ملازمة التقوى، ومكارم الأخلاق، والتواضع، ومحاسن الشيم، وتصحيح النية،
وتطهير القلب من نجس المباهات والمماراة. فقد روينا بطرقنا عن محمد بن يعقوب، عن
محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عمن

(1) في وصول الأخيار: بزغت.
(2) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 121.
496

حدثه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال عليه السلام:
(من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف وجوه الناس
إليه، فليتبوء مقعده من النار) (1).
وروينا بالطرق عنه، عن علي بن إبراهيم، رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال:
(طلبة العلم ثلاثة، فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم:
صنف يطلبه للجدل والمراء.
وصنف يطلبه للاستظهار (2) والختل.
وصنف يطلبه للفقه والعقل.
فصاحب الجدل والمرء:
مؤذ، حمار، متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم، قد تسربل
بالخشوع، وتخلى من الورع، فدق الله تعالى من هذا خيشومه، وقطع منه حيزومه.
وصاحب الاستطالة والختل:
ذو حب وملق، يستطيل على مثله من أشباهه، ويتواضع للأغنياء من دونه، فهو
لحلوائهم هاضم، ولدينهم حاطم، فأعمى الله تعالى على هذا خبره، وقطع من آثار العلماء
أثره.
وصاحب الفقه والعقل:
ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحنك في برنسه، وقام الليل في حندسه، يعمل ويخشى
وجلا، داعيا، مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه،
فشد الله تعالى من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيمة أمانه) (3) الحديث.
وينبغي لأهل العلم حفظ هذا الحديث الشريف، ومذاكرته في كل يوم، فلعل الله
يرحمهم، ويجعلهم من أهل الفقه والعقل.

(1) الكافي: 1: 47 / 6 باب المستأكل بعلمه والمباهي به. وتوجد في آخر الحديث إضافة: (... إن الرئاسة لا تصلح
إلا لأهلها).
(2) في الكافي: للاستطالة.
(3) الكافي: 1: 49 / 5. باب نادر.
497

تنبيه
قال بعض الأفاضل:
(إن في تتبع كتب الأحاديث من العامة فوائد كثيرة، وعوائد وفيرة، من إلزامهم
وإفحامهم، وزيادة البصيرة في أمر السلف، ونحو ذلك، ولم يذق حلاوة ذلك إلا النطس (1)
الندس (2)، ذو تتبع عريض.
وهم في هذا الباب يقدمون الصحيحين، البخاري ومسلم، ثم سنن أبي داود
والترمذي والنسائي، ثم سنن الكبير، ويحثون ويحرصون عليه ويقولون لم يصنف مثله.
ثم من المسانيد: مسند أحمد بن حنبل وغيره. من العلل: كتابه وكتاب الدارقطني.
ومن الأسماء: تاريخ البخاري وابن أبي هيتمة وكتاب ابن أبي حاتم.
ومن ضبط الأسماء: كتاب ان مأكولا.
وليعتبرن بكتب غريب الحديث، وشرحه، وليكن الاتقان من شأنه، وليذاكر
بمحفوظ، ويباحث أهل المعرفة والفطانة، وأصحاب الأذهان الثاقبة والأفكار الصائبة).
انتهى.
ويأمر بمراجعة كتب هؤلاء للالزام والافحام وإلا ينبئك مثل خبير بأنها كتب
ضلال وغواية. وأذكر لك شرح حال أصحها عندهم بل لا يعرفون بعد كتاب الله أصح منه،
فتعرف حال الباقي، وحقيقة حالها.
(صحيح البخاري)
وصحيح محمد بن إسماعيل البخاري الذي شرط فيه أن لا يروي إلا عمن اتفقت
العلماء على عدالته في جميع سلسلة السند إلى أن ينتهي إلى صحابي مشهور، وأنه ما نقل

(1) النطس: العالم بالأمور، الحاذق (أنظر لسان العرب 6: 232).
(2) الندس: قال في لسان العرب 6: 229: ورجل ندس وندس وندس أي فهم... فطن... هو العالم وبالأمور
والاخبار.
498

حديثا إلا أغتسل وصلى ركعتين قبل نقله. ونقل في كشف الظنون عنه أنه:
(ما أخرجت في كتابي حديثا إلا بعد اليقين بصحته) (1).
ومع هذا الاتقان والتعهد قد شحنه من الرواية عن المجاهيل، والضعفاء، والخوارج،
والنواصب، والمتهمين. كل ذلك مصرح به في كتب رجالهم حتى قالوا: (قل حديث يسلم
من ذلك هنا).
ابن يسع في كتاب معرفة أصول الحديث يقول:
(إن البخاري احتج بأكثر من مائة مجهول، وروى عنهم. وقد صح عند العلماء أنه
روى عن ألف ومائتين من الخوارج الذين هم كفرة عند الفريقين).
وقال ابن الصلاح في مقدمته المعروفة في أصول الحديث:
(احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم، كعكرمة مولى ابن عباس،
وكإسماعيل بن أبي أويس، وعاصم بن علي، وعمرو بن مرزوق، وغيرهم.
واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم، وهكذا فعل أبو داود
السجستاني) (2).
انتهى موضع الحاجة.
وقال له أحمد بن حنبل لم سميت كتابك بالصحيح وأكثر رواته عن الخوارج؟
وقاضي بخارا كان قد حبس محمد بن إسماعيل البخاري وقال له: لم نقلت عن
الخوارج؟
فقال: لأنهم كانوا ثقات لا يكذبون.

(1) كشف الظنون: 1: 541 (الجامع الصحيح البخاري).
(2) علوم الحديث: 106.
وقد قال ابن الصلاح قبل هذا الكلام:
(... وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب، لان الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح، فيطلق
أحدهم الجرح بناء على أمر اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الامر، فلا بد من بيان سببه لينظر فيه أهو
جرح أم لا، وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله، وذكر الخطيب الحافظ أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث
ونقاده، مثل البخاري، ومسلم، وغيرهما. ولذلك...).
499

(أسماء الخوارج الذين روى عنهم البخاري)
وقد ضبط جماعة منهم أسماء كثير من الخوارج الذين روى عنهم البخاري. وممن
تصدى لضبط ذلك ابن حجر صاحب المصالت، وعبد الحق الدهلوي شارح مشكاة
المصابيح. وأنا أذكر بعضهم حتى تعرف صحة ما قاله بعضهم (إنه كاذب البخاري):
منهم: عكرمة مولى ابن عباس
كما صرح به امام الجرح والتعديل عندهم يحيى بن معين، ونقله عنه ابن حجر في
التقريب (1) وأنه كان مذهبه مذهب الصفرية.
وقال أبو سعيد بن يونس في تاريخ الغرباء:
(إن في المغرب قوما من الأباضية يقولون: إنهم أخذوا هذا الدين من عكرمة مولى
عبد الله بن عباس).
وقال (2) يحيى (3):
(عكرمة جاء إلى مصر وذهب، إلى المغرب، والخوارج الذين في المغرب أخذوا منه
ذلك الدين) (4).
ونقل عن ابن عمر أنه قال:
(لنافع يكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس) (5).
وروى جبير (6) بن عبد الحميد عن (7) زياد أنه قال:

(1) في تقريب التهذيب: 2: 30 / 277:
عكرمة بن عبد الله، مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا
يثبت عنه بدعة، من الثالثة، مات سنة سبع ومائة، وقيل بعد ذلك.
(2) يحيى بن بكير، انظر مقدمة فتح الباري: 597.
(3) في المتن ههنا: (بن) زائدة.
(4) مقدمة فتح الباري: 597.
(5) انظر مقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري: 596.
(6) في مقدمة فتح الباري جرير.
500

دخلت على علي بن عبد الله بن عباس فرأيت عكرمة مقيدا فسألته عن ذلك فقال: إنه
يكذب على أبي) (8).
وكل ما ذكرناه قد صرح به ابن حجر العسقلاني في مقدمة شرح البخاري المسمى
بفتح الباري.
والأباضية: هم أصحاب عبد الله الأباضي (9). والصفرية: أصحاب زياد بن
الأصفر (10). وهم الفرقتان من الخوارج الذين هم أهل المذاهب المنكرة، يكفرون عليا عليه
السلام، وعثمان وطلحة، والزبير، ومعاوية، ومالك الأشتر رضي الله عنه، وعائشة، وعمرو
بن العاص (11).
وصرح بان خلكان بأن عكرمة كان يرى رأي الخوارج (12). وصاحب الملل
الشهرستاني لما عدد الخوارج ابتدأ بعكرمة مولى عبد الله بن عباس (13)، وعمران بن
خطان الشاعر (14).
قال في فتح الباري:
(إنه يرى رأي الخوارج، وكان عمران داعية إلى مذهبه، وهو الذي رثى عبد الرحمن
بن ملجم المرادي لعنه الله قاتل علي عليه السلام بتلك الأبيات السائرة، وقد وثقه
العجلي) (15).
وقال السمعاني في الأنساب: (إنه كان مفتي الخوارج).
وقال عبد الحق الدهلوي في رجال مشكاة المصابيح في ترجمته:

(7) في مقدمة فتح الباري: يزيد بن أبي زياد.
(8) انظر مقدمة فتح الباري: 596 مع اختلاف في اللفظ.
(9) انظر كتاب الملل والنحل: 1: 121.
(10) انظر كتاب الملل والنحل: 1: 123.
(11) الملل والنحل: 1: 106.
(12) انظر وفيات الأعيان 3: 265 / 421.
(13) ذكره الشهرستاني أول اسم تحت عنوان: (ولنختم المذاهب بذكر تتمة رجال الخوارج) 1: 123: حيث قال:
من المتقدمين: عكرمة،....
(14) أول اسم ذكره الشهرستاني عندما عد شعراء الخوارج (انظر 1: 123).
(15) مقدمة فتح الباري: 597.
501

كان من الخوارج ومدح ابن ملجم لعنه الله وروى عن عمرو، وأبي موسى، وأبي ذر
رضي الله عنه. وروى عن البخاري، وأبو داود، والنسائي، وهو القائل في مدح ابن ملجم
يا ضربة من تقي ما أراد بها * إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما وأحسبه * أوفى البرية عند الله ميزانا
ومنهم: نجدة الحروري
الذي ينقل عنه البخاري في كتاب الجهاد.
قال الجزري في جامع الأصول:
(حرورا قرية في ظهر الكوفة كان أول اجتماع الخوارج فيها، وكان رئيس الخوارج
فيها نجدة الحروري).
ومنهم: جرير بن عثمان الحمصي
المعروف بالنصب، والعداوة، والسب لعلي أمير المؤمنين عليه السلام، وهو القائل لا
أحب عليا، قتل آبائي في صفين، وهو القائل: لنا إمامنا - يعني معاوية لعنه الله - ولكم
إمامكم - يعني أمير المؤمنين عليه السلام.
قال الذهبي في لسان الميزان (1).
(هو من رجال البخاري، وهو ثقة، وقالوا إنه ناصبي. ويزيد بن هارون، رأى الله
تعالى في منامه وقال له: لا يكتب حديث جرير بن عثمان كيف يسب عليا) (2).
ومنهم سمرة بن جندب
قال في رجال المشكاة:

(1) لسان الميزان لابن حجر وأما كتاب الذهبي فهو ميزان الاعتدال.
(2) لا يوجد في كلا المصدرين.
502

(كان حروريا خارجيا).
ومنهم: المغيرة بن شعبة
وحاله أعرف ما يكون، شريب، فاسق، معلن بالفسق، من أعداء أهل البيت
عليه السلام.
ومنهم: الوليد بن كثير المدني (1)، وإسحاق بن سويد العدوي (2) والحصين
الواسطي (3)، وعبد الله بن سالم الأشعري (4)، وقيس بن أبي حازم (5).
وكل هؤلاء من النواصب والخوارج، كما نص عليه جماعة، منهم ابن حجر في
التقريب وفتح الباري فراجع.
ومنهم: أبو موسى الأشعري
المعروف بالكذب.
وقد روى مسلم في صحيحه (6) في باب (الاستئذان ثلاثا) بطرق عديدة أن عمر لم
يقبل روايته وطلب منه البينة على إخباره.

(1) تقريب التهذيب: 2: 335 / 84. قال: (... رمي برأي الخوارج...)
وانظر مقدمة فتح الباري: 627.
(2) تقريب التهذيب: 1: 58 / 404. قال: (... تكلم فيه للنصب...)
وانظر مقدمة فتح الباري: 550.
(3) تقريب التهذيب: 1: 184 / 524. قال: (... رمي بالنصب...)
وانظر مقدمة فتح الباري (حصين بن نمير الواسطي): 561.
(4) تقريب التهذيب: 1: 417 / 322. قال: (... رمي بالنصب...)
وانظر مقدمة فتح الباري: 580.
(5) تقريب التهذيب: 2: 127 / 132. قال: (... ويقال له رؤية...)
وانظر مقدمة فتح الباري: 609.
(6) صحيح مسلم ب 7 - طبعة دار الفكر: 2: 339 / 2153 - 2154.
503

ومنهم: أحمد بن صالح المقرئ (1)
الذي أكثر عنه البخاري. قال النسائي:
سألت يحيى بن معين عن حال أحمد بن صالح المقرئ قال:
(إنه كان كذابا) (2).
وقال أسيد بن زيد بن نجيح بن معين:
(كان يحدث بالأحاديث الكاذبة) (3).
ومنهم: إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري (4)
قال ابن معين:
(لم يكن بشئ، ونقل الطعن فيه من البخاري، ومع ذلك قد استشهد البخاري
بروايته).
انتهى كلام ابن معين.
ومنهم: إبراهيم بن عبد الرحمن الكوفي السكسكي
ضعفه أحمد بن حنبل.
وقال النسائي: لم يكن به قوة (5).
وقال بعضهم: لا ينقل عنه شئ أصلا.
وضعفه أحمد بن بشير الدارقطني (6).

(1) في مقدمة فتح الباري 545. أحمد بن صالح المصري أبو جعفر بن الطبري. وقد نقل رأي النسائي الوارد فيه.
(2) المجموع في الضعفاء والمتروكين - النسائي - 61 / 69.
(3) قال في تقريب التهذيب: 1: 16 / 58. قال: (... تكلم فيه النسائي بسبب أوهام له قليلة، ونقل عن ابن معين
تكذيبه...).
(4) ضعفه ابن حجر في تقريب التهذيب (انظر: 1: 32 / 170).
(5) انظر المجمع - النسائي 46 - 18.
(6) انظر مقدمة فتح الباري: 548، حيث نقل جميع ما ورد فيه من جرح.
504

ومنهم: أحمد بن أبي الطيب البغدادي المعروف بالمروزي
نص أبو حاتم على ضعفه (1).
ومنهم: إسماعيل بن إدريس (2).
ضعفه النسائي، وقال: كان (يسرق الحديث) (3).
ومنهم: عبد الله بن المثنى بن عبد الله
ضعفه ابن حجر في التقريب وقال:
(هو من رجال البخاري وإن كان قد طعن فيه) (4).
ومنهم: الحسين بن محمد الهروي.
ضعفه أبو حاتم.
ومنهم: طلحة بن نافع
ضعفه ابن معين (5).
ومنهم: عاصم بن علي بن عاصم
قال ابن معين:

(1) الجرح والتعديل 2: 52 / 58.
(2) قال ابن حجر في تقريب التهذيب: 1: 66 / 484: مجهول.
(3) لم نعثر عليه.
(4) ما قاله ابن حجر في التقريب: 1: 445 / 584 هكذا: (عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك
الأنصاري، أبو المثنى البصري، صدوق، كثير الغلط، من السادسة).
(5) انظر مقدمة فتح الباري: 577.
505

لم يكن شيئا. وقد قال أحمد بن حنبل: كل عاصم ضعيف (1).
ومنهم: محمد بن طلحة
ضعفه ابن معين، وأبو كامل (2).
ومنهم: نعيم بن حماد بن عدي (3).
قالوا كان يضع الحديث.
ومنهم: يحيى بن عبد الله بن ضحاك
ضعفه جماعة (4).
ومنهم: - أيضا - أحمد بن يزيد بن إبراهيم
ضعفه أبو حاتم، وضعفه ابن حجر في التقريب (5).
(من نص على ضعفه من رجال البخاري)
ومن المنصوص على ضعفهم - أيضا - جماعة من رجال البخاري وهم:
أبي بن العباس بن سهل بن سعد الساعدي (6).

(1) انظر مقدمة فتح الباري: 578 حيث نقل تضعيف ابن معين والنسائي له.
(2) ذكره ابن حجر في مقدمة فتح الباري: 613، وذكر ما ورد فيه من جرح.
(3) ذكره ابن حجر في مقدمة فتح الباري: 624، باسم نعيم بن حماد الخزاعي المروزي، ونقل تضعيف النسائي
له.
(4) في تقريب التهذيب: 2: 351 / 109 الضحاك وليس ابن الضحاك وقد ضعفه ابن حجر صراحة.
(5) نقل في التقريب: 1: 28: 142 تضعيفه عن أبي حاتم.
(6) قال بان حجر في التقريب 1: 48 / 319: فيه ضعف، وفي مقدمة فتح الباري (أبي بن عباس بن سهل بن
سعد الساعدي): 549، قال: ضعفه احمد وابن معين.
506

وأبو اليسع أسباط البصري (1).
واسعد بن زيد بن نجيح.
وشعث بن سواد الكندي.
وبشر بن رافع الحارثي (2).
وحارث بن عمران الجعفري (3). واتهمه ابن حبان (4) أيضا بالوضع.
وحريث بن أبي مطرقة الأزدي.
وأبان بن أبي قائد المصري.
وسعيد المرزبان (5).
وسلمة بن قيس البصري.
وعبد الله بن مسلم بن هرمز.
وعبد الله بن مؤمل (6).
وعبد الرحمن بن رافع التنوخي (7).
وعبد الكريم بن أبي المخارق (8).
وعبد الله بن سعيد بن مسلم قائد الأعمش.
وعبد الله بن الوليد (9).
وصافي العجلي.
وأبو عبد الرحيم الضرير الكوفي.

(1) ضعفه ابن حجر في التقريب: 1: 53 / 363، وانظر مقدمة فتح الباري: 549.
(2) قال عنه ابن حجر في تقريب التقريب: 1: 99 / 54: ضعيف الحديث.
(3) ضعفه ابن حجر في التقريب التهذيب: 1: 143 / 53 وقال: رماه ابن حبان بالوضع.
(4) كذا في تقريب التهذيب وفي المتن: ابن حبان. انظر المجروحين لابن حبان 1: 325.
(5) في تقريب التهذيب: 1: 305 / 252 - 253: سعيد بن مربان، وليس المرزبان مشترك بين الصدوق،
والضعيف.
(6) في تقريب التهذيب:: 454 / 673، عبد الله بن المؤمل بن هبة، قال: ضعيف الحديث.
(7) ضعفه في تقريب التهذيب: 1: 479 / 928.
(8) ضعفه في تقريب التهذيب: 1: 516 / 1285، وانظر مقدمة فتح الباري: 590.
(9) عبد الله بن الوليد مشترك في تقريب التهذيب بين ثلاثة: 1: 459.
507

وأبو هشام محمد بن يزيد بن محمد الكوفي قاضي المدائن، نقل ابن حجر عن
البخاري فيه أنه قال رأيت العلماء مجمعة على ضعفه، ومع ذلك قد روى عنه (1).
و (أبو) يحيى واصل بن صائب البصري (2).
ويزيد بن أبي زياد (3).
وكل هؤلاء من رجال البخاري، نص في التقريب على ضعفهم،
(الضعفاء من رجال البخاري الذين ذكرهم ابن حجر في مقدمة فتح الباري)
وقد أشار أيضا الشيخ ابن حجر العسقلاني في مقدمة شرح البخاري الس ضعفاء
رجال البخاري منهم:
أيوب اليمامي (4)
وضعفه أيضا ابن عبد البر، وأبو روح البصري، وعده العقيلي من الضعفاء.
وحسن بن ذكوان (5)
ضعفه احمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي (6)، وابن سعد.

(1) انظر تقريب التهذيب: 2: 219 / 828، وانظر مقدمة فتح الباري: 617.
(2) ضعفه في تقريب التهذيب:: 2: 328 / 6.
(3) انظر تقريب التهذيب: 2: 365 / 254.
(4) انظر مقدمة فتح الباري: 599، ضعفه احمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، وابن المديني،
وانظر الجرح والتعديل 3: 13 / 43.
(6) قال النسائي 86 / 152 (المجموع): (ليس بالقوي).
508

ومنهم: زياد بن عبد الله بن طفيل
ضعفه علي بن مبارك، والنسائي، وابن سعد (1).
ومنهم: سلمة بن رجاء
ضعفه النسائي (2). وقال العقيلي: حديثه مضطرب.
ومنهم: سليمان بن كثير
ضعفه ابن معين (3).
سعيد بن داود
ضعفه أبو داود، والنسائي (4)، وابن نمير، وابن معين.
ومنهم: عمر بن سلمة الدمشقي صاحب الأوزاعي (5)
ضعفه ابن معين والساجي.
ومنهم: كليب بن وائل البكري صاحب (6) ابن عمر
ضعفه أبو زرعة (7)

(1) انظر مقدمة فتح الباري: 568، الموجود في (المجموع - النسائي) 45 / 226) والموجود البكائي، وقال: ضعيف.
(2) انظر مقدمة فتح الباري: 572، وانظر المجموع - النسائي 114 / 242.
(3) انظر مقدمة فتح الباري: 573.
(4) لم نعثر عليه في رجال النسائي.
(5) في مقدمة فتح الباري: 603 عمر بن أبي سلمة التنيسي الدمشقي. وقد نقل ابن حجر تضعيف ابن معين
والساجي له.
(6) انظر مقدمة فتح الباري: 610.
(7) في المتن: (أبو ذرعة) والصحيح ما أثبتناه.
509

ومنهم: نعيم بن حماد (المروزي)
ضعفه (1) النسائي، ونسبه أبو بشر إلى الوضع (2).
ومنهم: يزيد بن أبي يزيد الضبعي (3) ضعفه ابن معين.
وذكر ابن حجر في التقريب أكثر من ثمانمائة من المجاهيل من رجال الصحاح الستة لا
يناسب المقام ذكرهم.
(أسماء القدرية والمرجئة الذين روى عنهم البخاري)
وقد روى البخاري عن جماعة من القدرية والمرجئة مثل:
إبراهيم بن ظهان (4).
وأيوب بن عائد (5) الطائي.
وداود بن عبد الله العرسي.
وسالم بن عجلان (6).
وسبابة بن سواد.
وعبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى الصمائي (7).

(1) في المتن ههنا كلمة (مروزي) زائدة، وانظر (المجموع - النسائي 226 / 589).
(2) انظر مقدمة فتح الباري: 624.
(3) انظر مقدمة فتح الباري 632.
(4) في تقريب التهذيب: 1: 36 / 215، إبراهيم بن طهمان وليس ظهان
قال: تكلم فيه الارجاء، ويقال رجع عنه، والارجاء يطلق على المرجئة.
(5) في تقريب التهذيب: 1: 90 / 700، (عائذ) وليس (عائد)، قال: رمي بالارجاء.
(6) انظر في تقريب التهذيب: 1: 281 / 18، قال: رمي بالارجاء.
قال: رمي بالارجاء.
(7) في تقريب التهذيب: 1: 469 / 825، (الحماني) وليس (الصماني)
قال: ورمي بالارجاء.
510

وعثمان بن غياث البصري (1).
وعمرو بن ذرين (2) عبد الله بن زرارة الهمداني (3).
وعمر بن مرة بن عبد الله بن طارق.
ومحمد بن حازم (4).
هؤلاء من المرجئة.
ومن القدرية روى عن:
ميسر بن البر.
ويصرب بن يزيد الحمصي.
وحسان بن المطيب بن المحارني.
والحسن بن ذكوان (5).
وداود بن حصين (6).
وسالم بن كلام.
وسالم بن مسكين الأزدي.
وأبو روح (7).
وشبل بن عباد المكي (8).
وشريك بن عبد (9) الله بن أبي نمر (10).

(1) في تقريب التهذيب: 2: 13 / 102، قال: رمي بالارجاء.
(2) في المتن ههنا: (ين) بعدها (و) والصحيح ما أثبتناه.
(3) في تقريب التهذيب: 2: 55 / 420، عمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني... قال: رمي بالارجاء.
(4) في مقدمة فتح الباري: 612، (محمد بن خازم) وليس (ابن حازم).
(5) في تقريب التهذيب: 1: 166 / 272. قال: ورمي بالقدر، وكان يدلس.
(6) انظر تقريب التهذيب: 1: 231 / 5.
(7) شبيب بن نعيم. انظر تقريب التهذيب: 1: 346 / 17.
(8) قال ابن حجر في التقريب: 1: 346 / 10: رمي بالقدر.
(9) في المتن: (عباد) والصحيح ما أثبتناه.
(10) انظر تقريب التهذيب: 1: 351 / 65.
511

وعبد الله بن عمرو (1).
وأبو معمر (2).
وعبد الله بن لبيد المشرقي (3).
وعبد الله بن نجيح المكي (4).
وعبد الاعلى بن عبد الأعلى البصري (5).
وعبد الوارث بن سعيد الثوري (6).
وعطاء بن ميمون (7).
وعمرو بن أبي زائدة (8).
وعمران بن مسلم القصري.
وعوف الاعرابي البصري (9).
وقتادة (10).
وكهمش بن منهال (11).
ومحمد بن موال البصري.
وهارون بن موسى (12).

(1) مشترك في تقريب التهذيب بين كثير فيهم من رمي بالقدر: 1: 436 - 438 / 499 - 516.
(2) أبو معمر في تقريب التهذيب مشترك بين ثلاثة، لكن الذي رمي بالقدر هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج
التيمي، انظر: 1: 436 / 501.
(3) في تقريب التهذيب: 1: 443 / 571، عبد الله بن أبي لبيد المدني وليس عبد الله بن لبيد المشرقي. قال: رمي
بالقدر.
(4) في تقريب التهذيب: 1: 456 / 690، عبد الله بن أبي نجيح وليس عبد الله بن نجيح. قال: رمي بالقدر.
(5) كذا في تقريب التهذيب: 1: 465 / 784 وفي المتن الابصري.
(6) في تقريب التهذيب: 1: 527 / 1394، البصري وليس الثوري، قال ابن حجر: ورمي بالقدر.
(7) في تقريب التهذيب: 1: 23 / 200، عطاء بن أبي ميمون وليس بن ميمون. قال: رمي بالقدر.
(8) في تقريب التهذيب: 2: 70 / 582، عمرو بن زائدة وليس بن أبي زائدة، لكن لم يذكره بشئ.
(9) انظر تقريب التهذيب: 2: 89 / 793.
(10) قتادة مشترك بين أربعة أسماء لم يرم أحدهم بالقدر. انظر تقريب التهذيب: 2: 123 / 81 - 84.
(11) في تقريب التهذيب: 2: 137 / 75: كهمش بن المنهال، قال: رمي بالقدر.
(12) الظاهر هو الأزدي، قال في تقريب التهذيب 2: 313 / 29: إلا أنه رمي بالقدر.
512

وهشام بن أبي عبد الله الأسوائي (1).
ووهب بن منبه (2) اليماني.
ويحيى بن حمزة الحضرمي (3).
وكيف روى عن هؤلاء مع قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (ليس لهم نصيب في
الاسلام)، كما رواه الترمذي. وروى أبو داود أنه قال صلى الله عليه وآله:
(إن القدرية مجوس هذه الأمة، لا تعودوا مرضاهم، ولا تشيعوا جنائزهم).
وكيف اعتقد صدقهم وعدالتهم، واستراب في أحاديث الصادق أبي عبد الله جعفر
بن محمد عليه السلام، كما قال أحمد بن عبد السلام بن تيمية في المنهاج ما لفظه:
(فهؤلاء الأربعة، ليس منهم من أخذ عنه - يعني الصادق عليه السلام - من قواعد
الفقه، لكن رووا عنه الأحاديث، كما رووا عن غيره، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه،
وليس بين حديث الزهري وحديثه نسبة لا في القوة ولا في الكثرة، وقد استراب البخاري
في بعض أحاديثه لما بلغه عن يحيى بن سعيد فيه كلام، فلم يخرج له، ويمتنع أن يكون حفظه
للحديث كحفظ من يحتج بهم البخاري).
انتهى.
وأما البخاري إلا كهذا الناصب العنيد، الذي رجح من يحتج بهم البخاري من
الخوارج والقدرية والمرجئة على الإمام الصادق عليه السلام. هل هذا الا الالحاد؟
ولا أطيل في بيان حال هذا الكتاب ونقصه عن رتبة الاعتبار على أصولهم
وقواعدهم.
وقد استدرك عليه جماعة:
منهم: الدارقطني، مائة وعشرة أحاديث بين مضطرب، ومعلل، ومدرج، ومرسل،
ووهم في الرواي.

(1) في تقريب التهذيب: 2: 319 / 89: الدستوائي وليس الاسوائي. قال: وقد رمي بالقدر.
(2) انظر تقريب التهذيب: 2: 329 / 126.
(3) انظر تقريب التهذيب: 2: 346 / 49. قال: رمي بالقدر.
513

وقال المعاصر الحنفي في ظفر الأماني في مبحث المهمل:
(ومثل ذلك في صحيح البخاري كثير، ولهذا اعترض عليه بعضهم بأنه يروي
أحاديثا عن شيوخ لا يظهر حالهم، وقام بعض الحفاظ كالحاكم والبلاذري والجبائي لبيان
مهملات البخاري، لكن لم يتيسر لهم الاستيعاب، واستوعبه الحافظ ابن حجر في مقدمة
فتح الباري بما لا مزيد عليه).
انتهى.
أبعد هذا كله يقولون ليس بعد كتاب الله تعالى أصح منه!.
ويا أخي: إذا كان (هذا) حال أصح كتبهم، فكيف الحال في الباقي؟ ووالله تعالى لولا
خوف الخروج عن عنوان المسطور، لأطلقت عنان السطور ببيان ما اشتملت عليه تلك
الجوامع من السقطات والخرافات والزندقات.
وإنها (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) (1).

(1) سورة النور: 29.
514

الخاتمة
خاتمة في التنبيه على أمرين مهمين
.
515

(الامر) الأول
(طرق الشيعة في الرواية)
إن (جميع أحاديثنا)، المروية في طريقتنا الحقة، من طريق أهل البيت عليهم
السلام إلا ما ندر من الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله من غير طريق الأئمة، كما روى في
آخر الفقيه (1): الوصية لأمير المؤمنين عليه السلام والنصايح، وغير ذلك مما يرسله
أصحابنا عنه، وإلا فأحاديثنا في المذهب (تنتهي إلى أئمتنا الاثني عشر، وهم) أهل البيت
عليهم السلام، (ينتهون فيها إلى النبي صلى الله عليه وآله، فإن علومهم مقتبسة من تلك
المشكاة)، لا من كل صحابي وتابعي.
(و) اعلم أن (مما تضمنته كتب الخاصة من الأحاديث المروية عنهم عليهم
السلام تزيد على) ستة آلاف وستمائة كتاب على ما ضبطها الشيخ الحر صاحب الوسائل.
وإن واحدا منها، وهو المهذب الصافي، أعني الجامع الكبير المسمى بالكافي، يزيد على (ما في
الصحاح الستة للعامة)، كما صرح به الشهيد في الذكرى (2)، لان أحاديث الكافي (ستة
عشر ألف وتسعة وتسعين)، وأحاديث البخاري ومسلم كل (أربعة آلاف) غير المكررات،
وباقي الصحاح لا تبلغ صحيح البخاري.

(1) كتاب من لا يحضره الفقيه: 4: 310 / 5920، قال:
(وروى المعلى بن محمد البصري، عن جعفر بن سلمة، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله:...).
(2) ذكرى الشيعة: 6.
517

(تاريخ تدوين الحديث)
وتوضيح هذه الجملة إنا قد سبقناهم في كتابة الحديث وجمعه عن أهل البيت
عليهم السلام (بكثير) من الزمان (كما يظهر لمن تتبع أحاديث الفريقين) من الصدر
الأول. فقد صرح جماعة منهم كابن الصلاح في المقدمة، وابن حجر في مقدمة فتح الباري،
ومسلم في أول صحيحه: (إن السلف اختلفوا في كتابة الحديث، فكرهها طائفة، منهم: عمر
بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبو سعيد الخدري في جماعة آخرين من الصحابة
والتابعين. وأباحها طائفة أخرى، كأمير المؤمنين عليه السلام علي بن أبي طالب
عليه السلام، وابنه الحسن عليه السلام، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص. ثم أجمع أهل
العصر الثاني على جوازه. ثم انتشر تدوين الحديث وجمعه، وأجمع عليه الأئمة المقتدى بهم،
وظهرت فوائد ذلك ونفعه) (1).
انتهى.
وعلل ابن حجر ذلك بأمرين قال:
(أحدهما: إنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك، كما ثبت في صحيح مسلم،
خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن (2).
(وثانيهما) (3): ولسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، ولان أكثرهم كانوا لا يعرفون
الكتابة، ثم حدث في أواخر عصر التابعين (تدوين الآثار وتبويب) (4) الاخبار (لما
انتشر العلماء في الأمصار) (5) وكثر الابتداع (6)) (7).
ثم ذكر أن أول من جمع الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة، إلى أن قام كبار الطبقة

(1) صحيح مسلم 1: 6 - 7، المقدمة: 181، مقدمة فتح الباري: 6.
(2) في فتح الباري ههنا زيادة: (العظيم).
(3) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(4) ما بين القوسين ساقط من المتن، والموجود بدله كلمة (فوق الاخبار).
(5) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(6) في المتن: (وكثرة الابتداء) والصحيح كما في شرح الباري ما أثبتناه.
(7) فتح الباري في شرح صحيح البخاري - المقدمة): 6.
518

الثالثة، فصنف مالك الموطأ، ومزجه بأقوال التابعين والصحابة ومن بعدهم.
ثم عد جماعة نهجوا منهج مالك، ثم قال:
(إلى أن رأى بعض الأئمة أن يفرد حديث رسول الله صلى الله عليه وآله (1)، وذلك
على رأس المائتين).
ثم عدد من جمع المسند، ثم قال:
(ولما رأى البخاري أن الكثير منها يشتمل على الضعيف فحرك همته لجمع الحديث
الصحيح).
انتهى موضع الحاجة.
(تاريخ تدوين الحديث عند الشيعة)
وجمع فيه منا من أهل العصر الأول جماعة ذكرهم النجاشي في أول كتاب (فهرست
أسماء مصنفي الشيعة)، منهم:
أبو رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، وصاحب بيت مال أمير المؤمنين
عليه السلام.
(له) كتاب (السنن والاحكام والقضايا) (2) ورواه عن علي أمير المؤمنين عليه
السلام. كانوا يعظمونه ويعلمونه.
ومنهم: ربيعة بين سميع
روى عن أمير المؤمنين عليه السلام. له كتاب في زكاة النعم (3).

(1) في فتح الباري ههنا زيادة: (خاصة).
(2) رجال النجاشي: 4 / 1.
(3) رجال النجاشي: 7 / 3.
519

ومنهم: سليم بن قيس الهلالي
من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وخاصته. ذكر النجاشي (1) أن له كتاب، ثم
رواه عنه بسنده.
وناهيك بهذا الكتاب النفيس ما قاله الشيخ الثقة العدل الجليل أبو عبد الله محمد بن
إبراهيم النعماني، صاحب كتاب الغيبة تلميذ ثقة الاسلام الكليني رحمه الله في شأن هذا
الكتاب، في باب ما جاء في الإمامة والوصية (2) من كتاب الغيبة، بعد ذكر جملة من الأخبار الدالة
على إمامة الأئمة عليهم السلام الاثني عشر من كتاب سليم ما لفظه:
(وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أن
كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من كتب (3) الأصول التي رواها أهل العلم، وحملة (4)
حديث أهل البيت، وأقدمها) إلى أن قال:
(وهو من الأصول التي يرجع (5) الشيعة إليها ويعول عليها) (6).
ومنهم: الأصبغ (7) بن نباته
وكان من خاصة شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، روى عن أمير المؤمنين
عليه السلام عهده إلى الأشتر، ووصيته إلى ابنه محمد ثم رواها النجاشي عنه بطريقه إليه.

(1) رجال النجاشي: 8 / 4.
(2) ليس كذلك وإنما في باب (ما روي في أن الأئمة اثنا عشر إماما) فراجع.
(3) في كتاب الغيبة: (أكبر) بدل (كتب).
(4) كذا في كتاب الغيبة وفي المتن (جملة).
(5) في كتاب الغيبة (ترجع).
(6) كتاب الغيبة: 101 - 102.
(7) في المتن الإصبع والصحيح ما أثبتناه. انظر النجاشي 8 / 5.
520

ومنهم عبيد الله (1) بن الحر الفارس
له نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وذكر النجاشي عن أبي العباس أن البخاري (ذكر) (2) ذلك.
ويظهر من ابن شهرآشوب أن لسلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري رحمهما الله مصنفا
فيه (3). وفيه (4) - أيضا - قال عند حكايته عن الغزالي (إن أول كتاب صنف في الاسلام
كتاب ابن جريح في الآثار عن مجاهد وعطاء بمكة، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن،
ثم كتاب الموطأ لمالك بن أنس، ثم جامع سفيان الثوري) ما لفظه:
(بل الصحيح إن أول من صنف فيه أمير المؤمنين عليه السلام، جمع كتاب الله تعالى،
ثم سلمان الفارسي رضي الله عنه، ثم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، ثم الأصبغ بن نباته، ثم
عبيد الله (5) بن أبي رافع، ثم الصحيفة الكاملة عن زين العابدين عليه السلام (6).
أقول: ولا تنافي بين ما ذكره الغزالي وما ذكره ابن شهرآشوب، فإنما يريد الغزالي أول
من صنف في الاسلام من أسلافهم الآخذين عن كل صحابي وتابعي لا الآخذين عن أهل
بين النبوة، ومعارف التنزيل، وإلا لذكر كتاب الديات لأمير المؤمنين عليه السلام،
المعروف في تلك الأزمان، ورواه البخاري في باب كتابة العلم، وصاحب المشكاة في باب
حرم المدينة، وفي باب الصيد والذبائح، وصاحب الصواعق عن مسلم.
ولا ينطق بمثل الغزالي قلة التتبع فليس إلا ما ذكرنا، وهو يؤيد ما ذكرنا من تقدمنا
في جمع الحديث وتأخرهم، وأنه لم يكن لهم فيه شئ في الاحكام قبل جمع الموطأ.
ثم إن السيد رحمه الله في العدة وجه عد ابن شهرآشوب جمع القرآن المجيد في

(1) كذا في النجاشي 9 / 6 وفي المتن عبد الله.
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) أي في العصر الأول.
(4) أي في كتاب معالم العلماء.
(5) في المتن: (عبد الله، والصحيح ما أثبتناه.
(6) معالم العلماء: 2.
521

التصنيف (بأنه أراد بالتصنيف مطلق التأليف أو (1) لأنه عليه السلام لم يقتصر فيما جمع
وجاءهم به على التنزيل بل ضم إليه البيان والتأويل، فكان أعظم مصنف) (2).
انتهى.
والظاهر إرادته مطلق التأليف.
وكان الأولى ذكر كتاب أمير المؤمنين عليه السلام (في الديات)، وفي بعض الأخبار
أنه كان معلقا على سيفه، وهو كتاب معروف إلى الان، وقد أورده ابن سعيد في آخر كتابه
المسمى بالجامع بإسناده. وقد عرفت رواية المخالفين له فضلا عن الأصحاب. وكذلك كان
الأولى ذكر مصحف فاطمة عليه السلام، فتأمل.
والعجب أنه لم يذكر كتاب سليم بن قيس الهلالي.
(تدوين الحديث في العصر الثاني)
ثم اعلم أن أقصى ما تم في العصر الثاني ما عد (3) الغزالي وما حكاه ابن الجوزي عن
ابن حنبل أنه جمع المسند من سبعمائة ألف وخمسين ألف حديث، ونقل عن البخاري أنه
خرجه من ستمائة ألف حديث، فقد فسره ابن الجوزي بما لفظه:
(إن المراد بهذا العدد الطرق لا المتون).
انتهى، فلا تتوهم.
وأين يقع هذا مما (قد روى راو واحد وهو أبان بن تغلب عن إمام واحد، أعني
الامام أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ثلاثين ألف حديث كما ذكره علماء
الرجال) (4).
وناهيك في ذلك ما عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة أنه قال:

(1) في العدة: (و).
(2) العدة: 11.
(3) في المتن: (ما عدوه) والصحيح ما أثبتناه.
(4) رجال النجاشي: 8 / 7.
522

(أحفظ مائة وعشرين ألف حديث بأسانيدها وأذاكر بثلاثمائة ألف حديث
بأسانيدها).
وحكاه الشيخ الطوسي عن جماعة سمعهم يحكون ذلك عنه (1).
وعن الدارقطني أنه قال:
(أجمع أهل الكوفة انه لم يرها من زمن ابن مسعود الصحابي إلى زمن ابن عقدة
المذكور من هو احفظ منه. وانه ادعى في مجلس مناظرة له أنه يجيب بثلاثمائة ألف حديث من
أحاديث أهل البيت عليه السلام، وانه كان يعلم ما عند الناس، ولا يعلم الناس ما عنده.
ويحكى ان هذا الشيخ كان يجلس في جامع براثا بالكوفة ويحدث الناس بمثالب الشيخين،
ولذا تركت رواياته، وإلا فلا كلام لاحد في صدقه وثقته).
انتهى.
وذكره العلامة في الخلاصة قال:
(ان امره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يذكر (2). وكان زيديا،
جاروديا، وعلى ذلك مات، وإنما ذكرناه في (جملة) (3) أصحابنا لكثرة روايته عنهم،
وخلطه (4) بهم، وتصنيفه لهم، روى جميع كتب أصحابنا، وصنف لهم وذكر أصولهم) (5).
وذكر النجاشي ذلك أيضا (وأضاف) (ومداخلته إياهم، وعظم محله، وثقته،
وأمانته) (6)، وله كتب منها: كتاب (أسماء الرجال) الذين رووا عن الصادق عليه السلام،
أربعة آلاف رجل، وأخرج كل رجل الحديث الذي رواه كما في الخلاصة) (7).

(1) رجال الطوسي - فيمن لم يرو عن الأئمة عليهم السلام: 441 / 30.
(2) الموجود في الخلاصة: (جليل القدر، عظيم المنزلة، وكان...)، وأما قول: (إن أمره في الثقة، والجلالة، وعظم
الحفط، أشهر من يذكر) فغير موجودة في النسخة المطبوعة (منشورات الرضي - قم).
(3) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(4) في الخلاصة: (خلطته) بدل (خلطه).
(5) رجال العلامة الحلي (الخلاصة) - القسم الثاني - باب أحمد: 203 / 13.
(6) رجال النجاشي: 94 / 233.
(7) الخلاصة: 203 - 204 / 13.
523

(من روى عن الإمام الصادق عليه السلام)
وقد تضافر النقل من الأصحاب بأن الذين رووا عن الصادق عليه السلام من
مشهوري أهل العلم، أربعة آلاف انسان، وصنف، من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب
معروفة، تسمى الأصول، رواها أصحابه، وأصحاب ابنه موسى (عليه السلام).
كذا قال الطبرسي في كتاب إعلام الورى (1).
وقال المحقق رحمه الله في المعتبر:
(روى عن الصادق عليه السلام (2)، ما يقارب أربعة آلاف رجل، وبرز بتعليمه من
الفقهاء الأفاضل جم غفير) إلى أن قال:
(حتى كتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف، لأربعمائة مصنف سموها أصولا) (3).
وقال المفيد رحمه الله في الارشاد عند ذكره الإمام الصادق عليه السلام ما لفظه:
(ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر ذكره في البلدان، ولم ينقل
العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقل عنه، فان أصحاب الحديث، نقلوا أسماء الرواة عنه من
الثقات، على اختلافهم في الآراء (4) والمقالات، وكانوا أربعة آلاف رجل) (5).
وقال الشهيد في الذكرى:
(كتب من أجوبة مسائل أبي عبد الله عليه السلام (6) الصادق أربعمائة مصنف،
لأربعمائة مصنف، ودون من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل، من أهل العراق، والحجاز،
وخراسان، والشام.
وكذلك عن مولانا الباقر عليه السلام) (7).

(1) إعلام الورى بأعلام الهدى: 410.
(2) ههنا في المعتبر زيادة: (من الرجال).
(3) المعتبر: 1 / 26.
(4) كذا في الارشاد وفي المتن: (الأداء).
(5) الارشاد للشيخ المفيد: 270 - 271.
(6) في الذكرى: (من أجوبة مسائله).
(7) الذكرى: 6.
524

أقول: وكذلك بعد الصادقين عليهما السلام كثر الجمع والرواية عن باقي الأئمة
عليهم السلام.
وقد قال الشهيد في الذكرى بعد ذلك بلا فصل:
(ورجال الباقين (1) مشهورون، أولوا مصنفات مشهورة).
انتهى.
وقال المحقق في المعتبر.
(وكان من تلامذة الجواد عليه السلام فضلاء، كالحسين بن سعيد وأخيه الحسن،
وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي، وشاذان (2) أبي
الفضل القمي (3)، وأيوب بن نوح (4)، وأحمد بن محمد بن عيسى، وغيرهم ممن يطول
تعدادهم، وكتبهم إلى (5) الان منقولة بين الأصحاب، دالة على العلم العزيز (6)) (7).
(الكتب التي رويت عن الأئمة عليهم السلام)
أقول: وكتب ابني سعيد ثلاثون كتابا (8).
وللبزنطي الجامع الكبير المعروف بجامع البزنطي (9).
وكتب أحمد بن محمد بن خالد البرقي، تزيد على مائة كتاب (10).

(1) في الذكرى: (ورجال باقي الأئمة عليهم السلام معروفون).
(2) في المتن ههنا: (و) زائدة.
(3) كذا في المعتبر وفي المتن: (العمي).
(4) في المعتبر ههنا زيادة: (ابن دراج).
(5) (إلى) غير موجودة في المعتبر.
(6) في المعتبر: (الغزير) بدل العزيز.
(7) المعتبر: 1 / 26.
(8) قاله الطوسي في الفهرست: 58 / 220، والنجاشي: 58 / 136 - 237.
(9) قاله في الفهرست: 19 / 253، والنجاشي: 75 / 180.
(10) انظر الفهرست: 20 / 55، والنجاشي: 76 / 182.
525

والكتب في الحديث لا تكاد تحصى، مثل:
كتب محمد بن سنان (1).
وكتب علي بن مهزيار، وهي ثلاثة وثلاثون (2).
وكتب الحسن بن محبوب (3).
وكتب الحسن بن محمد بن سماعة (4).
وكتب صفوان بن يحيى، وهي نحو كتب الحسين بن سعيد، ثلاثون كتابا (5). روى
صفوان عن أربعين من أصحاب الصادق عليه السلام.
وكتب علي بن يقطين (6).
وكتب علي بن فضال، وهي نحو كتب الحسين، ثلاثون كتابا (7).
وكتب ابنه (8).
وكتب الطاطري (9).
وكتب عبد الرحمن بن (أبي) (10) نجران (11)،
وكتب الفضل بن شاذان، وهي على ما ببالي مائتا كتاب (12).

(1) قاله في الفهرست: 143 / 609: (له كتب... وكتبه مثل كتب الحسين على عددها، وله كتاب النوادر).
(2) قاله في الفهرست: 88 / 369، وقال النجاشي 253 / 664: (وصنف الكتب المشهورة وهي مثل كتب
الحسين بن سعيد وزيادة).
(3) قال الطوسي في الفهرست (46 / 151): (وله كتب كثيرة...).
(4) قال الطوسي في الفهرست (51 / 182): (... وله ثلاثون كتابا...).
(5) انظر الفهرست: 83 / 346، والنجاشي: 197 / 524.
(6) الفهرست: 90 / 378، النجاشي: 273 / 715.
(7) الفهرست: 92 / 381، النجاشي: 257 / 676.
(8) الحسن بن علي بن فضال. انظر الفهرست: 47 / 153، النجاشي: 34 / 72.
(9) علي بن الحسن الطاطري: انظر الفهرست: 92 / 380، النجاشي 254 / 667.
(10) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(11) الفهرست: 109 / 464، النجاشي: 235 / 622.
(12): 124 / 552، وقال النجاشي: 306 / 840: (وذكر الكشي أنه صنف مائة وثمانين كتابا...).
526

وكتب محمد بن مسعود العياشي، وهي كثيرة تزيد على مائتي كتاب (1).
وكتب محمد بن أبي عمير، روي أنها تنيف على تسعين (2).
ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى (3)، وروي عنه كتب مائة رجل من رجال أبي
عبد الله عليه السلام.
وكتب الصفار (4).
وكتب صاحب نوادر الحكمة (5).
وكتب محمد بن علي بن محبوب (6).
وكتب يونس بن عبد الرحمن، وهي نحو كتب الحسين بن سعيد (7). وكتاب نوادر
الحكمة، كتاب كبير في الأصول والفروع (8).
وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي (9).
وكتاب (10) طلحة بن زيد (12).
ونوادر علي بن النعمان (13).
وكتب الحسين بن عبيد الله (14).

(1) قاله الطوسي في الفهرست: 136 / 593.
(2) قاله في الفهرست: (142 / 607): (وذكر ابن بطة أن له أربعة وتسعين كتابا).
(3) الفهرست: 25 / 65، النجاشي: 81 / 198.
(4) محمد بن الحسن الصفار، قال في الفهرست: (143 / 611): (له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد).
(5) محمد بن أحمد بن يحيى، انظر الفهرست: 144 / 612، النجاشي: 348 / 939.
(6) الفهرست: 145 / 613، النجاشي: 349 / 940.
(7) الفهرست: 181 / 789، النجاشي: 446 / 1208.
(8) لم يذكر هذا الكتاب ضمن كتبه في الفهارس.
(9) الفهرست: 106 / 455، النجاشي: 230 / 612.
(10) في المتن ههنا كلمة (طلحة) زائدة.
(11) الفهرست: 86 / 362، النجاشي: 207 / 550.
(12) الفهرست: 117 / 515، النجاشي: 290 / 779.
(13) الفهرست: 96 / 405، النجاشي: 274 / 719.
(14) في المتن: (الحسين بن عبد الله) والظاهر أن مراده (الحسين بن عبيد الله الغضائري). انظر النجاشي:
69 / 166.
527

وكتاب أحمد بن عبد الله بن مهران المعروف بابن خانه (1).
وكتاب صدقة بن بندار القمي (2).
ومنها ما عرض على الإمام عليه السلام، ككتاب:
عبد الله بن علي الحلبي الذي عرضه على الصادق عليه السلام وصححه واستحسنه
وقال عند قراءته:
(أترى لهؤلاء مثل هذا الكتاب) (3).
وكتاب أبي عمر الطبيب (4) عبد الله بن سعيد الذي عرضه على أبي الحسن الرضا
عليه السلام (5).
وكتاب يونس بن عبد الرحمن الذي عرضه على العسكري عليه السلام.
ثم إن الشيخ صاحب الوسائل بعد أن ذكر في الخاتمة من الكتب التي روى منها كتابه،
وظفر بما ما يزيد على ثمانين، ومن الكتب التي روى منها بالواسطة، ممن روى عنهم
وصرحوا بأسمائها ما ينيف على السبعين من كتب المتقدمين، كأبان بن تغلب، ومعاوية بن
عمار، وموسى بن بكير، وهشام بن سالم، والحلبي، وحريز واليسار بن داود بن عثمان،
والعلاء بن رزين، ويونس، والبزنطي، والحسين بن سعيد، وابن محبوب، وابن عيسى،
وغيرهم، قال:
(وأما ما نقلوا منه ولم يصرحوا باسمه فكثير جدا، مذكور في كتب الرجال، يزيد على
ستة آلاف وستمائة كتاب، على ما ضبطناه) (6).

(1) الفهرست: 26 / 69.
(2) في المتن: (صدقة بن المنذر القمي) والصحيح ما أثبتناه في المتن كما عن النجاشي: 204 / 544.
(3) انظر النجاشي: 230 - 231 / 612.
(4) في المتن ههنا زيادة (و) وهو خطأ لاتحاد أبي عمر مع عبد الله بن سعيد.
(5) انظر النجاشي: 217 / 565.
(6) الوسائل: 20: 49. اخر الفائدة الرابعة من الخاتمة.
528

(الفرق بين الكتاب والأصل)
ومن هنا ظهر أن الكتاب في الاصطلاح أعم من الأصل، لما تقدم نقله متظافرا من
أن الأصول أربعمائة، وأنها لرجال الصادق عليه السلام.
نعم قال السيد رحمه الله في العدة:
(وقال الشيخ المفيد على ما حكى غير واحد (1): صنفت الامامية من عهد أمير
المؤمنين عليه السلام إلى عهد أبي محمد العسكري عليه السلام أربعمائة كتاب، تسمى
الأصول. فهذا معنى قولهم: له أصل) (2).
انتهى.
ولا أدري أن لفظة: (فهذا الخ) من المحكي عن الشيخ المفيد أو من كلام السيد المقدس
رحمه الله.
وكيف كان الذي ظهر لي بعد التتبع أن معنى قولهم: (له أصل)، أن ما جمع من
الروايات عن الإمام عليه السلام بلا واسطة، أو مع الواسطة، لكن لا عن كتاب، كان يسمى
أصلا، بمعنى أنه يأخذ منه، وهو ليس مأخوذا من كتاب اخر، فالمجموع أولا من كتاب بل من
الصدور بالرواية بلا واسطة، أو معها كذلك، فهو الأصل. والكتاب أعم من ذلك.
وذكر الشيخ في الفهرست في ترجمة الحسين بن أبي العلاء: (أن له كتابا يعد في
الأصول) (3)، وفي حريز (أن له كتبا (4) تعد في الأصول) (5)، ولزرارة وإخوته وأولادهم:
(روايات كثيرة، أصولا ومصنفات) (6)، وقال في زرارة (إن له (7) مصنفات) (8).

(1) انظر معالم العلماء: 3.
(2) العدة: 12.
(3) الفهرست: 54 / 194.
(4) في المتن: (كتابا) والصحيح ما أثبتناه.
(5) الفهرست: 62 / 239.
(6) الفهرست: 74 / 302، لكن فيه: (ولهم روايات كثيرة وأصول وتصانيف).
(7) في الفهرست: (تصنيفات) بدل (مصنفات).
(8) الفهرست: 74 / 302.
529

(التصنيف)
وكان المصنف هو: الكتاب المؤلف، المرتب على عناوين وأبواب، رواه الراوي بلا
واسطة، أو مع الواسطة، ولو من أصل من الأصول. والكتاب أيضا أعم من ذلك على ما
يظهر لي.
وكثيرا ما يقال له كتاب يراد أصلا، باعتبار أنه من الكتب التي يعول عليها، ويرجع
إليها، ويؤخذ منها، كما لحماد بن عثمان الناب (1) وحفص بن غياث (2)، وجماعات يروون
عنهم الاجلاء، كابن أبي عمير (3) وأمثاله.
وقال الشيخ رحمه الله في ترجمة حريز بن عبد الله:
(إن له كتبا، منها كتاب الصلاة، وكتاب الزكاة، وكتاب النوادر)، قال: (وتعد كلها في
الأصول) (4).
وربما كانت لأهل الأصول كتب، كما كان لابان بن تغلب (5)، هو من أهل الأصول،
له أصل، وله أيضا كتاب الفضائل (6) كما لو كان لابان بن عثمان أصل وله كتاب (7) في المبدأ
والمبعث.
فالكتاب شئ والأصل شئ آخر، وربما أطلق أحدهما على الاخر باعتبار بعض
الوجوه كما عرفت.
ولكن لا كلام إن للأصحاب كتبا غير الأصول، ولا تعد في الأصول أيضا، وهي
كثيرة لا تكاد تحصر كما عرفت.
وبالجملة، المصنفات التي ذكروها لأصحاب الأئمة الاثني عشر لا تنحصر، وكذلك
وبالجملة، المصنفات التي ذكروها لأصحاب الأئمة الاثني عشر لا تنحصر، وكذلك

(1) كذا في الفهرست: 60 / 230 وفي المتن: (النائب).
(2) الفهرست: 61 / 232.
(3) الفهرست: 142 / 607.
(4) الفهرست: 62 / 239.
(5) الفهرست: 17 / 51.
(6) كذا في الفهرست وفي المتن: (الفاضل).
(7) الفهرست: 18 / 52.
530

كتب المغازي، والوفيات، والسقيفة، والرد. وبالجملة، فلا تنحصر بالأصول الأربعمائة،
وربما يوهمه ما حكى عن الشيخ المفيد: (صنفت الامامية من عهد أمير المؤمنين إلى عهد أبي
محمد العسكري عليه السلام أربعمائة كتاب، تسمى الأصول) لما قد عرفت، ضرورة أن
كتب الطائفة مما تزيد على ذلك أضعافا كثيرة إلى زمن الكليني، وقد ضبطها الشيخ الثقة
الضابط محمد بن الحسن الحر بما عرفت، فلعله يريد المصنفات من تلك الكتب مما عولوا
عليه منها ورجعوا إليها. فتأمل.
وعليه يحمل قول المصنف وكان (قد جمع قدماء محدثينا ما وصل إليهم من أحاديث
أئمتنا عليه السلام في أربعمائة كتاب تسمى الأصول)، والا فقد عرفت أن أربعمائة مصنف
لأربعمائة مصنف من أصحاب الصادق عليه السلام فقط.
531

التنبيه الثاني
في بيان ما جمع من تلك الكتب والأصول في زمن الغيبة، ثم فوائد الجمع وكيفيته، وأسماء الجوامع
فاعلم أنه (قد تصدى جماعة) من شيوخ الحديث المتضلعين في فنون العلم (من
المتأخرين) عن زمن الأئمة (شكر الله تعالى سعيهم لجمع تلك الكتب) والأصول
الجامعة لاقسام العلوم الإلهية وترتيبها على جميع فنون الأحاديث (تقليلا للانتشار).
فقد ذكر الشيخ في الفهرست: (أن تصانيف أصحابنا، وأصولهم، لا تكاد تنضبط،
لانتشار أصحابنا في البلدان، وأقاصي الأرض) (1)، ولذا تراه في التهذيب أضاف الزيادات
بعد ظفره بها، وجعل لها بابا سماه باب الزيادات والنوادر، فيذكر فيه الاخبار المناسبة
للأبواب السابقة.
وترى الكليني رحمه الله مع قرب عصره، وشدة حرصه في جمع آثار الأئمة عليهم
السلام، وبذل جهده في مدة عشرين سنة، ومسافراته إلى البلدان والأقطار في طلب تلك
الكتب والآثار، وكثرة ملاقاته ومصاحبته مع شيوخ الحديث والماهرين في معرفة
الأحاديث، ونهاية قدره وشهرته في ترويج المذهب، يعتذر عن قلة ما جمعه من كتاب
الحجة في الكافي بعدم وسعه من ذلك إلا القليل، ويأمل التوفيق لتصنيف كتاب في الحجة
أوسع وأكمل إن تأخر به الاجل.
بالجملة، من أعظم فوائد الجمع المتأخر حفظها عن التلف والضياع، فضلا عن كونه

(1) الفهرست: 3.
532

بالجملة، من أعظم فوائد الجمع المتأخر حفظها عن التلف والضياع، فضلا عن كونه
تقليلا للانتشار و (تسهيلا على طالبي) (1) فنون (تلك الأخبار).
فقد أجاد بعض الاعلام من متأخر المتأخرين حيث قال:
(إن الله تعالى جعل بحكمته رغبة القدماء في جمع (2) الحديث، إذ لو لم يجمعوه
لا ندرس بعد زمان الغيبة).
ويؤيد ما ذكره هذا الرباني أنا لا نجد اليوم من تلك الأصول الألوف مائة.
قال عمي السيد صدر الدين قدس سره في رسالة (حجية المظنة) (3):
(وقد وقعنا على جملة من الكتب القديمة، لا يكاد يصدق عليها لصغر حجمها اسم
الكتاب، وأكبر ما وقع إلينا منها حجما بصائر الدرجات ومحاسن البرقي، والفقه فيها قليل).
أقول: والذي وقع لي أيضا مع ذلك:
كتاب زيد الزراد (4).
وكتاب زيد النرسي (5).
وكتاب عباد العصفري (6).
وكتاب عاصم بن حميد الحناط (7).
وكتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي (8).
وكتاب محمد بن المثنى الحضرمي (9).

(1) كذا في (و): وفي المتن (طالب).
(2) في المتن: (جميع) والصحيح ما أثبتناه.
(3) انظر الذريعة 6: 278 / 1516.
(4) كذا في النجاشي وغيره وفي المتن (الزرار).
انظر الفهرست 71 / 290 والنجاشي 175 / 461.
(5) ذكر النجاشي 174 / 460، وقال: له كتاب يرويه جماعة، وانظر الفهرست 17 / 289.
(6) قال في الفهرست: 120 / 530: يكنى أبا سعيد، وله كتاب، وانظر النجاشي 293 / 793.
(7) انظر الفهرست 120 / 532، والنجاشي: 301 / 821.
(8) الفهرست: 43 / 137.
(9) انظر معجم رجال الحديث 17: 184 / 11664 و 185 / 11667.
533

وكتاب عبد الملك بن حميد (1).
وكتاب المثنى بن الوليد الحناط (2).
وكتاب خلاد السندي (3).
وكتاب حسين بن عثمان (4).
وكتاب عبد الله بن يحيى الحلبي (5).
وكتاب سلام بن أبي عميرة (6)، وفي آخره بعض نوادر علي بن أسباط (7).
والمجموع ثلاثة عشر أصلا، وكلها روايات غير مرتبة، ولا مبوبة، ولا يبلغ مجموعها
مقدار كتاب الصحيفة الكاملة.
والحاصل، قد من الله تعالى على الأنام بهؤلاء المشايخ العظام، (فألفوا كتبا) في
فنون الحديث، (مبسوطة مبوبة).
وكانت تلك الكتب غالبا غير مبوبة ولا مرتبة، فترى أخبار الطهارة في الجهاد،
والمواريث في النكاح، بل ترى أخبار الديات في الطلاق، والإجارة في الحدود، ونحو ذلك.
وهؤلاء المشايخ رتبوا على أبواب الفقه ما جمعوا فيه.
(و) من جمع في الأصول جمع (أصولا مضبوطة مهذبة)، بترتيب في ثبوت،
وتحرير في تهذيب، قد ضم كل خبر منها إلى مثله، ورد كل فرع إلى أصله، (مشتملة على
الأسانيد المتصلة بأصحاب العصمة عليهم السلام، كالكافي، وكتاب من لا يحضره الفقيه،
والتهذيب، والاستبصار، ومدينة العلم، والخصال، والأمالي، وعيون الأخبار، وغيرها)

(1) لا يوجد هذا الاسم في كتب الرجال ولعله عبد الملك بن حكيم. انظر الفهرست 110 / 474 والنجاشي
293 / 636.
(2) انظر الفهرست: 167 / 736، ورجال النجاشي 414 / 1106.
(3) كذا في المتن وفي الفهرست: 66 / 261 لكن محقق الفهرست قال في الهامش عن نسخة أخرى: (السدي)،
وفي النجاشي 154 / 405: (خلاد السدي).
(4) مشترك بين الأحمسي والرواسي والعامري.
(5) الحلبي غير موجود في كتب الرجال وإنما الموجود: الحضرمي والكاهلي، والعقيلي، والكندي، والمنقري.
(6) في النجاشي: 189 / 502: سلام بن أبي عمرة.
(7) قال النجاشي: 252 / 663: (... وله كتاب نوادر مشهود).
534

من مجاميع الاخبار، كالوسائل، والوافي، والبحار.
فما لم تجده من روايات المسألة في بابها من الكافي، تجده في التهذيب أو الوافي، وما
فقدته من الفقيه أو الاستبصار، ظفرت به في الوسائل أو البحار.
(والأصول الأربعة الأولى هي التي عليها المدار في هذه الاعصار) كالشمس
وضحاها، والثلاثة الأخيرة بعدها، كالقمر إذا تلاها، ويسر الله تعالى بهاتي النعمة سرعة
الوقوف على الموافق، والمعارض، والمقيد، والمخصص، والمبين، والوقوف على تعاضد
الاخبار.
.
535

(فوائد حول الكتب الأربعة)
537

ثم هنا فوائد تتعلق بالكتب الأربعة، وكيفية جمعها، ومختصات كل واحد منها،
وأحوال جامعيها في الجملة.
(أما): الفائدة الأولى: ففي (الكافي):
(1 - كتاب الكافي)
(فهو) المنهل العذب الصافي، فقد وصفه جماعات من الاعلام بأنه لم يعمل
للأصحاب مثله. وقد (قال) جدي الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن الشهيد
الثاني في كتاب الدر المنظوم (1):
(هذه حواشي يسرة على كتاب أصول الكافي، والمهل العذب الصافي) إلى أن قال:
(فلعمري لم ينسج ما نسج على منواله).
وقال المحقق الكركي في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى:
(وقد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشرعية والاسرار الدينية ما لم يوجد في
غيره).
وقال بعض الأفاضل:
(اعلم أن الكتاب الجامع للأحاديث في جميع فنون العقائد، والأخلاق، والآداب،
والفقه، من أوله إلى آخره، مما لم يوجد في كتب أحاديث العامة. وأنى لهم بمثل الكافي في جميع

(1) كذا في الذريعة: 8: 79 / 283 وفي المتن: (الدار المنظوم).
وقد نقل صاحب الذريعة عن الكتاب المذكور
العبارة الواردة في المتن، فراجع.
539

فنون الأحاديث، وقاطبة أقسام العلوم الإلهية الخارجة من بيت العصمة ودار الرحمة).
وقال صاحب (شذور العقيان في تراجم الأعيان) (1) في وصف الكافي:
(إنه كتاب جليل، عظيم النفع، عديم النظير، فائق على جميع كتب الحديث، بحسن
الترتيب، وزيادة الضبط والتهذيب، وجمعه الأصول والفروع، واشتماله على أكثر الأخبار الواردة
عن الأئمة الأطهار عليهم السلام).
(تاريخ تأليف الكتاب)
وقد اتفق تصنيفه في الغيبة الصغرى بين أظهر السفراء في مدة عشرين سنة، كما
صرح به النجاشي (2). ويقال إن هذا الكتاب عرض على القائم فاستحسنه.
(عدد روايات الكتاب)
وقد عدت أخباره في ستة عشر ألف ومائة وتسعة وتسعين حديثا، كما وجد ذلك
منقولا من خط العلامة قدس سره.
وقال الشهيد في الذكرى:
(إن ما في الكافي من الأحاديث يزيد على ما في الصحاح الستة للجمهور) (3).
انتهى.
وحكاية العرض على القائم عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام وهم من المولى
خليل القزويني في شرحه عليه. نعم: ذكر السيد ابن طاوس قدس سره في كتاب الوصايا،
وهو كشف الحجة، بعد كلام يأتي نقله عن قريب، ما لفظه:
(فتصانيف هذا الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله ورواياته في زمن الوكلاء

(1) كذا في الذريعة 13: 43 / 141 وفي المتن (شذور العقيبان في تراجم الأعيان). وهو للسيد إعجاز حسين بن
المير محمد قلي الكنتوري اللكنهوي، كما ذكر ذلك صاحبه الذريعة.
(2) النجاشي: 377 / 1026.
(3) الذكرى: 6.
540

المذكورين، (يعني الأبواب الأربعة) (1) في وقت (2) يجد طريقا إلى تحقيق منقولاته،
وتصديق مصنفاته) (3).
انتهى.
(مؤلف الكتاب)
(فتأليف ثقة الاسلام، أبي جعفر، محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله)، بضم
الكاف، وإمالة اللام المفتوحة، ثم ياء ساكنة، نسبة إلى كلين، كزبير، قرية بالري، فيها قبر
والده الشيخ يعقوب الرازي عطر الله مرقده.
(مميزات الكتاب)
الجامع الكافي يمتاز بأمور:
(1) منها: ما تقدم نقله من أنه كان في زمن السفراء، ووكلاء المهدي عليه السلام.
(2) ومنها: ما تقدم - أيضا - من أنه لم يصنف مثله جامعا لجميع فنون العلوم
(الإلهية، أصولا وفروعا، وأنه من أضبط الأصول، وأحسنها (4) وأجمعها، وأحسن مؤلفات
الفرقة الناجية، وأعظمها).
نص ذلك كله العلامة المجلسي في أول شرحه المسمى بمرآة العقول (5).
(3) ومنها: إنه يزيد على ما في الصحاح الستة، كما صرح به الشهيد في الذكرى
وغيره في كثير من كتب الإجازة، وذلك إنه قد حصرت أحاديثه في ستة عشر ألف ومائة
وتسعة وتسعين حديثا، وجملة ما في البخاري سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا

(1) هذا من كلام المؤلف.
(2) (في وقت) غير موجودة في كشف المحجة.
(3) كشف المحجة لثمرة المهجة، تأليف رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس
(المتوفى عام 664 ه‍): 159.
(4) في مرآة العقول: (أجمعها وأحسنها) بدل (أحسنها وأجمعها).
(5) مرآة العقول للمجلسي (دار الكتب الاسلامية): 1: 3.
541

بالمكررة وبحذف المكررة أربعة آلاف.
وصحيح مسلم بإسقاط المكررة نحو أربعة آلاف.
وموطأ مالك مختصر جدا، وهو مع صحيحي الترمذي والنسائي لا يبلغان عدد
صحيح مسلم.
(4) ومنها: إنه عطر الله مرقده ألفه وبذل جهده (في عشرين سنة) كما صرح
به في الخلاصة (1) ورجال النجاشي (2) و (ابن طاوس) وجماعات من الأعاظم. وسافر إلى
البلدان والأقطار في جمعه.
قال الوحيد بعد بيان إن كثيرا ما يضعف كل واحد منهم أو من المشايخ المتقدمين
الأحاديث التي صححها الاخر، فكيف يحصل لنا في أمثال زماننا القطع بصدور الأحاديث،
ما نصه:
(ألا ترى أن الكليني رحمه الله مع بذل جهده في مدة عشرين سنة، ومسافرته إلى
البلدان والأقطار، وحرصه في جمع (3) آثار الأئمة عليهم السلام، وقرب عصره إلى الأصول
الأربعمائة، والكتب المعول عليها، وكثرة ملاقاته ومصاحبته مع شيوخ الإجازات،
والماهرين في معرفة الأحاديث، ونهاية شهرته في ترويج المذهب وتأسيسه، ولم يورد في
الكافي جميع ما صححه وعمل به غيره من المشايخ وغيرهم، وكذلك الصدوق، لم يورد جميع
ما صححه الكليني والشيخ وغيرهما، مع أن الكافي كان عنده، وربما كان يأخذ منه، ولم
يأخذ الكل).
انتهى.
(5) ومنها: اشتماله على الثلاثيات، فإنه يروي عن علي بن إبراهيم بن هاشم (عن
أبيه)، عن أبي جعفر الجواد عليه السلام حديث الخمس (4)، وعن (5) الهادي عليه السلام

(1) الخلاصة للعلامة الحلي القسم الأول: 145 / 36.
(2) رجال النجاشي: 377 / 1026.
(3) في المتن: (جميع).
(4) الكافي: 1: 548 / 27.
(5) أي ويروي.
542

والعسكري عليه السلام كثيرا.
ويروي الكليني رحمه الله عن محمد بن محبوب (1)، عن محمد بن أحمد العلوي، عن علي
بن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، عن أخيه الكاظم عليه السلام، (بل لم يزد
الصدوق على رواية سبعة أحاديث عن الكليني رحمه الله، كما يستفاد من شرح المشيخة
للتقي المجلسي رحمه الله، فافهم) (2):
(6) ومنها: إنه قدس سره التزم أن يذكر في كل حديث إلا نادرا جميع سلسلة السند
بينه وبين المعصوم عليه السلام، وقد يحيل بعض السند على ذكره قريبا، وهذا في حكم
المذكور، مثاله:
(عدة من، أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة
ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام).
ويذكر الحديث، ثم يقول بعده، وبهذا الاسناد عن أبيه، والضمير لأحمد بن محمد
البرقي، وهذا في الحقيقة كالمذكور، وهي طريقة معروفة بين القدماء، كما نص عليه جدي في
المنتقى، قال:
(والعجب أن الشيخ ربما غفل عن مراعاتها، فأورد الاسناد من الكافي بصورته،
ووصله بطريقه عن الكليني من غير ذكر الواسطة (3) المتروكة، فيصير الاسناد في رواية
الشيخ له منقطعا، ولكن مراجعة الكافي تفيد وصله) (4).
انتهى.
وكذا قال الشيخ عبد اللطيف، علي بن أحمد بن أبي جامع، في رجاله، في ترجمة
ثقة الاسلام:
(وهو يروي عن أحمد بن محمد بن عيسى بواسطة. ففي قوله - أي الشيخ - عنه - أي
الكليني - ظاهرا: عن أحمد بن محمد مبني على السهو، وأخذ السند كما هو من الكافي، مع

(1) إذا كان المراد هو محمد بن علي بن محبوب فبينهما واسطة، لكن لم تثبت روايته عنه.
(2) ما بين القوسين ليس له علاقة بالموضوع كما لا يخفى.
(3) في المنتقى: (للواسطة) بدل (الواسطة).
(4) منتقى الجمان: 1: 24 (الفائدة الثالثة).
543

أنه بناه في الكافي على الاسناد السابق، وكذلك ما في الاستبصار، في باب الحجامة للصائم
من قوله: عنه علي بن النعمان وحماد بن عيسى سهو. وضمير عنه في الكافي راجع إلى أحمد
بن محمد بن عيسى في السند السابق، أو إلى الحسين بن سعيد على توهم ذكره، فأخذه الشيخ
بصورة، وظاهره إرجاعه إلى الكافي، وأنه من كلام الشيخ، مع أنه حكاية لفظ الكافي).
انتهى، فاغتنم.
(بيان (العدة) الواقعة في أسانيد روايات الكافي)
وأما قوله في أول كثير من الطرق: (عدة من أصحابنا)، فكذلك في حكم المذكور،
لان النجاشي حكى عنه أنه قال:
(كل ما كان في كتابي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى فهم: محمد بن
يحيى، وعلي بن موسى الكمنداني، وداود بن كورة، وأحمد بن إدريس، وعلي بن إبراهيم بن
هاشم).
وحكى ذلك العلامة في الخلاصة أيضا، وزاد عليه أنه قال:
(وكل ما (ذكرته) (1) في كتابي المشار إليه عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن
خالد البرقي فهم: علي بن إبراهيم، وعلي بن محمد بن عبد الله بن أذينة (2)، وعلي بن
الحسن) (3).
انتهى.
قال جدي رحمه الله في المنتقى:
(ويستفاد من كلامه في الكافي أن محمد بن يحيى أحد العدة، وهو كاف في المطلوب،
وقد اتفق هذا البيان في أول حديث ذكره في الكتاب، وظاهره أنه أحال الباقي عليه.
ومقتضى ذلك عدم الفرق بين كون رواة (4) العدة عن أحمد بن محمد بن عيسى (5)، أو أحمد

(1) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(2) في المتن: (اابينه) والصحيح ما أثبتناه.
(3) الخلاصة - الفائدة الثالثة: 271 - 272.
(4) في المنتقى: (رواية) بدل (رواة).
544

بن محمد بن خالد، وإن كان البيان إنما وقع في محل الرواية عن ابن عيسى، فإنه روى عن
العدة عن ابن خالد بعد البيان بجملة يسيرة من الاخبار، ويبعد مع ذلك كونها مختلفة، بحيث
لا يكون محمد بن يحيى في العدة عن ابن خالد، ولا يتعرض مع ذلك للبيان في أول روايته
عنه، كما بين في أول روايته عن ابن عيسى) (6).
انتهى.
ولقد أجاد، وأفاد، وسهل طريق السداد.
(7) ومنها: إنه غالبا لا يورد الاخبار المعارضة، بل يقتصر على ما يدل على الباب
الذي عنونه، وربما دل ذلك على ترجيحه لما ذكر على ما لم يذكر.
(8) ومنها: ما نقله السيد الفاضل الخوانساري الأصفهاني المعاصر في روضات
الجنات في أحوال العلماء والسادات عن بعض محققينا الاعلام:
(إن طريقة الكليني رحمه الله، وضع الأحاديث المخرجة على الأبواب على الترتيب
بحسب الصحة والوضوح، ولذلك أحاديث أواخر الأبواب، في الأغلب لا تخلوا من إجمال
وخفاء. فاغتنم بهذه الفائدة ولا تغفل) (7).
انتهى.
تذنيب
قال والد المصنف رحمه الله:
(ما يرويه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله في الكافي بقوله: (محمد بن يحيى)
مثلا، فالمراد حدثنا محمد بن يحيى أو أخبرنا قراءة أو إجازة و (8) نحو ذلك. أو المراد رويت
عن محمد بن يحيى بنوع من أنواع الرواية. فإذا قال بعد ذلك: (عن فلان) فكأنه قال: (إن
محمدا - مثلا - قال: رويت عن فلان بنوع من أنواع الرواية)، كما قلناه، فحذف القول

(5) في المنتقى: (و) بدل (أو).
(6) المنتقى: 1: 33 (الفائدة الحادية عشرة).
(7) روضات الجنات 6: 116.
(8) في وصول الأخيار: (أو).
545

ومقوله (1) وبقى متعلق المقول اختصارا) (2).
انتهى.
ثم إن الشيخ المحدث صاحب اللؤلوة، حكى عن بعض مشايخنا المتأخرين: أن جميع
أحاديث الكافي، حصرت في ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثا:
الصحيح منها على اصطلاح من تأخر: خمسة آلاف واثنان وسبعون حديثا (3).
والموثق: مائة حديث وألف (4) وثمانية عشر حديثا.
والقوي منها: اثنان وثلاثمائة.
والضعيف منها: أربعمائة وتسعة آلاف وخمسة وثمانون حديثا) (5).
انتهى موضع الحاجة.
فيكون المجموع على هذا: ستة عشر ألف وأربعمائة وسبعة وسبعون حديثا، فيزيد
على الحصر الأول مائتين وسبعة وثمانين حديثا.
تتميم في حال صاحب الكافي
ولكن حاله لا يحتاج إلى تعريف، إذ هو (شيخ أصحابنا في وقته بالري، ووجههم).
(النجاشي (6) والخلاصة (7)).
وقال العلامة المجلسي رحمه الله في أول شرح الكافي ما صورته:
(وبابتدائي بكتاب الكافي للشيخ الصدوق، ثقة مقبول طوائف الأنام، ممدوح
الخاص والعام، محمد بن يعقوب الكليني، حشره الله تعالى مع الأئمة الكرام، لأنه كان من

(1) كذا في وصول الأخيار وفي المتن: (نحوله).
(2) وصول الأخيار إلى أصول الاخبار: 158.
(3) في اللؤلؤة ههنا زيادة: (والحسن مائة وأربعة وأربعين حديثا).
(4) في اللؤلؤة ههنا زيادة: (حديث).
(5) لؤلؤه البحرين (طبعة طهران): 2: 237.
(6) رجال النجاشي: 377 / 1026.
(7) الخلاصة: 145 / 36 (القسم الأول - حرف الميم).
546

أضبط الأصول) (1) إلى آخره. وقد تقدم وصفه للكافي.
وقال سيد النقباء علي بن طاوس رحمه الله في كشف المجة:
(واعلم يا ولدي محمد ضاعف الله جل جلاله عنايته بك، ورعايته لك، أن (2) قد
روى الشيخ المتفق على ثقته وأمانته، محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله تغمده الله جل
جلاله برحمته، رسالة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام) إلى أن قال:
(وهذا الشيخ محمد بن يعقوب رحمه الله، كانت حياته في زمن وكلاء مولانا (3)
المهدي عليه السلام، عثمان بن سعيد العمري، وولده أبي جعفر محمد، وأبي القاسم الحسين
بن روح، وعلي بن محمد السمري:
وتوفى محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد السمري رضي (الله) عنه، لان علي
بن محمد السمري توفى في شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وهذا محمد بن يعقوب
الكليني رحمه الله توفى ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فتصانيف هذا الشيخ - محمد بن
يعقوب - ورواياته في زمن الوكلاء المذكورين في وقت (4) يجد طريقا إلى تحقيق منقولاته،
وتصديق مصنفاته (5)) (6).
انتهى.
وفي فوائد السيد بحر العلوم، بعد وصفه والثناء عليه، وذكر كتبه، وأن له غير الكافي
كتاب الرد على القرامطة، وكتاب تعبير الرؤيا، وكتاب الرجال، وكتاب رسائل الأئمة عليهم
السلام، وكتاب ما قيل فيهم من الشعر، قال:
توفي رضي الله عنه في شهر شعبان من سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، سنة تناثر
النجوم، وهي السنة التي توفي فيها أبو الحسن علي بن محمد السمري آخر السفراء الأربعة.

(1) مرآة العقول: 1: 3.
(2) (ان) غير موجودة في كشف المحجة.
(3) (مولانا) غير موجودة في كشف المحجة.
(4) (في وقت) غير موجودة في كشف المحجة.
(5) (وتصديق مصنفاته) غير موجودة في كشف المحجة.
(6) كشف المحجة: 158 - 159.
547

وفي كتاب كشف المحجة لابن طاوس رحمه الله أنه توفي سنة ثمان وعشرين،
واحتملها العلامة، وابن داود، والمصنف حيث قال: (وتوفي ببغداد سنة ثمان أو تسعة
وعشرين وثلاثمائة).
ثم قال السيد في الفوائد:
(وكانت وفاته في بغداد، وصلى عليه محمد بن جعفر الحسيني (1) أبو قيراط، ودفن
بباب الكوفة) في مقبرتها.
قال الشيخ (2):
(قال ابن عبدون: و (3) رأيت قبره في صراط (4) الطائي، وعليه لوح مكتوب عليه
اسمه واسم أبيه) (5). وقال النجاشي:
(قال ابن عبدون كنت أعرف قبره، وقد درس).
قلت (6): ثم جدد، وهو إلى الان مزار (7) معروف بيان الجسر، وهو باب الكوفة،
وعليه قبة، عظيمة).
ثم قال:
(وقد علم من تاريخ وفاة هذا الشيخ أن طبقته من السادسة والسابعة، وأنه قد توفي
بعد وفاة العسكري عليه السلام بتسع وستين سنة، فإنه عليه السلام قبض سنة مائتين
وستين، فالظاهر أنه أدرك تمام الغيبة الصغرى بل بعض أيام العسكري عليه السلام) (8).
انتهى.

(1) كذا في فوائد بحر العلوم وفي المتن: (الحسني). انظر فهرست الشيخ 500 / 57.
(2) الشيخ الطوسي.
(3) (و) غير موجودة في الفوائد.
(4) في الفهرست: (صراة الطائي) بدل (صراط الطائي).
(5) الفهرست: 135 - 136 / 591.
(6) كذا في الفوائد وفي المتن: (قلب).
(7) كذا في الفوائد وفي المتن: (مزاد).
(8) رجال السيد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية: 3: 325 - 336.
548

وقال الطيبي في شرح مصابيح البغوي:
(وعن الجرزي في جامع الأصول أنه قال:
(أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي، الامام على مذهب أهل البيت عليهم السلام،
عالم في مذهبهم، كبير، فاضل عندهم مشهور، وله ذكر فيمن كانوا على رأس المائة الثالثة).
وعن كتابه أيضا بهذه الصدورة. (ثم قال):
(ومن خواص الشيعة أن لهم على رأس كل مائة سنة من يجدد مذهبهم، وكان يجدده،
على رأس المائتين علي بن موسى الرضا عليه السلام، وعلى المائة الثالثة محمد بن يعقوب
الكليني رحمه الله، وعلى المائة الرابعة علي بن الحسين المرتضى).
وقال الطيبي في شرح مصابيح البغوي (1):
(في الثالثة من أولي المقتدر بالله، ومن الفقهاء فلان)، إلى أن قال: (وأبو جعفر
الرازي الامامي).
وعن ابن حجر في التقريب:
(أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله من رؤساء فضلاء الشيعة في أيام
المعتمد.)
ومن هنا قال المصنف:
(ولجلالة شأنه عده جماعة من علماء العامة، كابن الأثير في كتاب (جامع الأصول)
من المجددين لمذهب الامامية على رأس المائة الثالثة، بعد ما ذكر أن سيدنا وإمامنا أبا الحسن
علي بن موسى الرضا عليه السلام هو المجدد لذلك المذهب على رأس المائة الثانية).
والفضل ما شهدت به الأعداء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

(1) كذا في كشف الظنون: 4: 489 وفي المتن: (الغوي).
549

(2 - كتاب من لا يحضره الفقيه)
وأما الفائدة الثانية: ففي (كتاب من لا يحضره الفقيه).
(فهو تأليف رئيس المحدثين، حجة الاسلام أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي
قد الله تعالى روحه)، ثاني الأصول الأربعة، التي عليها المدار في هذه الاعصار.
(وصف الكتاب)
وأحسن ما يوصف به هذا الكتاب ما ذكره مؤلفه الصدوق رحمه الله في أوله، قال:
(أما بعد:
فإنه لما ساقني القضاء إلى بلاد الغربة، وحصلني القدر منها بأرض بلخ من قصبة
إيلاق، وردها الشريف الدين أبو عبد الله المعروف بنعمة).
إلى أن قال:
(فذاكرني بكتاب صنفه محمد بن زكريا المتطيب الرازي، وترجمه بكتاب (من لا
يحضره الطبيب)، وذكر أنه شاف في معناه، وسألني أن أصنف له كتابا بالفقه وبالحلال
والحرام، والشرايع والاحكام، موفيا على جميع ما صنف في معناه، وأترجمه ب‍ (كتاب من لا
يحضره الفقيه) ليكون إليه مرجعه وعليه معتمده، وبه أخذه، ويشترك في أجره من ينظر
فيه، وينسخه ويعمل بمودعه، هذا مع نسخه لأكثر ما صحبني من مصنفاتي وسماعه لها
.
550

(مني) (1)، ورايتها، (عني) (2) ووقوفه على جميع (3) جملتها، وهي مائتا كتاب وخمسة
وأربعون كتابا.
فأجبته أدام الله توفيقه إلى ذلك، لأني وجدته أهلا له، وصنفت (له) (4) هذا الكتاب
بحذف الاسناد، لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده، ولم أقصد فيه قصد المصنفين في إيراد
جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به، وأحكم بصحته، وأعتقد فيه أنه حجة فيما
بيني وبين ربي - تقدس ذكره وتعالت قدرته -
وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول، واليها المرجع، مثل: كتاب
حريز بن عبد الله السجستاني، وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي، وكتب علي بن مهزيار
الأهوازي، وكتب الحسين بن سعيد، ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى، وكتاب نوادر الحكمة
تصنيف محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، وكتاب الرحمة لسعد بن عبد الله،
وجامع شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه، ونوادر محمد بن أبي عمير، وكتب
المحاسن لأحمد بن أبي عبد الله البرقي، ورسالة أبي رضي الله عنه إلي. وغيرها من الأصول
والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرسي الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي
رضي الله عنهم وبالغت في ذلك جهدي، مستعينا بالله، ومتوكلا عليه، ومستغفرا من
التقصير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وأليه أنيب، وهو حسبي ونعم الوكيل) (5).
انتهى.
(عدد روايات الكتاب)
وجمع الأحاديث المسندة في الفقيه على ما نقل في لؤلؤة البحرين عن بعض مشايخنا
المتأخرين ثلاثة ألاف حديث وتسعمائة حديث وتسعمائة وثلاثة عشر حديثا. والمراسيل ألفان وخمسون

(1) (منى): غير موجودة في الفقيه.
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) (جميع): غير موجودة في الفقيه.
(4) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(5) كتاب من لا يحضره الفقيه: 1: 12 - 14.
551

حديثا.
والذي نقله الفاضل الدربندي: أن أحاديث الفقيه سبعة آلاف وينقص شئ.
والمنقول عن المصنف أنها ستة آلاف حديث وتسعمائة وأربعة وأربعون حديثا وهو
يؤيد ما نقله الدربندي.
ويظهر من التقي المجلسي رحمه الله في اللوامع، أن المراسيل أقل مما ذكر، وذلك إنه بعد
ما عدد الذين روى عنهم في الكتاب، ولم يذكرهم في الفهرست، وهم أزيد من مائة
وعشرين رجلا، قال:
وأخبارهم تزيد على ثلاثمائة، والكل محسوب من المراسيل عند الأصحاب، لكنا
بينا أسانيدها، إما من الكافي (1) أو من كتبه أو كتب الحسين بن سعيد، بل ذكرنا أكثر أسانيد
مراسيله، وهي تقرب من خمسمائة (2) بل (3) ذكرنا لكل خبر مرسل أخبارا أسانيد، ما ذكره
من نفسه فتوى لا خبرا، وهي تقرب من خمسمائة، بل ذكرنا لكل خبر مرسل أخبارا مسانيد
تقويه) (4).
فتدبر واغتنم.
ثم اعلم أنه يظهر من التقي في اللوامع والروضة - وهما شرحي الفقيه العربي
والفارسي - أن الذين روى عنهم الصدوق في الفقيه تقرب من خمسمائة وعشرة رجال،
وذلك. إنه ذكر في الروضة في أول الجلد الأول: أن الذين ذكر روايته عنهم في الفهرست
أربعمائة رجل إلا ثلاثة أو أربعة، وذكر في آخر المجلد الأخير من اللوامع - وهو شرح
الفهرست - أن الذين روى عنهم الصدوق في الفقيه عشرة.
(أسماء من أكثر الصدوق الرواية عنهم)
ثم الذين أكثر الرواية عنهم جماعة، فإنه روى عن:

(1) في روضة المتقين (من الكليني) بدل (من الكافي).
(2) في روضة المتقين: (من ألفي خبر) بدل (من خمسمائة).
(3) هكذا العبارة في روضة المتقين: (بل ذكرنا أسانيد ذكرها من نفسه فتوى لا خبرا...).
(4) روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه للمجلسي: 14: 350.
552

ابن محبوب يقرب من أربعمائة حديث.
وعن زرارة يقرب من مائة خبر وعشرة.
وعن محمد بن مسلم يقرب من مائة وعشرين كمعاوية بن عمار.
وكذا عن عبد الله بن علي الحلبي فإن جميع ما ذكره الحلبي مطلقا ينصرف إليه.
وعن حماد عن الحلبي يقرب من مائة، فان جميع ما ذكره الحلبي مطلقا ينصرف إليه.
وعن حماد عن الحلبي يقرب من مائة، والمراد من حماد، ابن عثمان.
وعن الحلبي كما يظهر من التتبع، وعن أبان بن عثمان يقرب من مائتين.
وكذا عن سماعة وعبد الله ن سنان، وعن عبد الله بن مسكان يقرب من ستين.
وعن العلاء بن رزين يقرب من ثمانين.
وعن عمار يقرب من خمسين.
وعن صفوان بن يحيى يقرب من مائة.
وعن السكوني يقرب من مائة وعشرين، وكذا عن محمد بن أبي عمير.
وعن إسحاق بن عمار يقرب من ستين، وكذا عن حريز بن عبد الله وجميل بن دراج.
وعن أبي بصير يقرب من تسعين.
وعن علي بن جعفر يقرب من أربعين، كحماد بن عيسى والحسن بن علي بن فضال
وهشام بن سالم.
والذين روى عنهم ثلاثين حديثا:
عبد الله بن المغيرة.
وعلي بن ثابت.
ومحمد بن قيس.
والذين يروي عنهم من واحد وعشرين حديثا إلى خمسة وعشرين حديثا:
حفص بن البختري.
وعبد الرحمن بن عبد الله.
.
553

وعبد الرحمن بن الحجاج.
وعلي بن حمزة.
وعلي بن مهزيار.
وعمر بن أذينة.
وعمر بن يزيد.
ومنصور بن حازم.
وفضيل بن يسار.
وعبد الله بن بكير.
والذين روى منهم سبعة عشر حديثا إلى العشرين حديثا فهم:
أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي.
والحسين بن سعيد.
وحنان بن سدير.
ومحمد بن أحمد بن يحيى.
ومحمد بن إسماعيل بن بزيع.
وهشام بن الحكم.
ويونس بن يعقوب.
وزرعة بن محمد الحضرمي.
وعلي بن الحكم.
ومحمد بن الحسن الصفار.
والذين روى عنهم خمسة عشر حديثا أو ستة عشر فهم:
أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار.
وجابر بن يزيد الجعفي.
554

ومعاوية بن وهب البجلي.
وأبو أيوب الخراز.
وإبراهيم بن عثمان.
ومحمد بن سنان.
والذين روى عنهم ثلاثة عشر حديثا أو أربعة عشر فهم:
الحسن بن علي الوشاء.
وسعيد الأعرج.
وسليمان بن داود المنقري.
وصفوان بن مهران الجمال.
وعبيد بن زرارة.
وعيسى بن القاسم.
وعمرو بن شمر.
والنضر بن سويد.
وأبو الختري وهب بن وهب القرشي (1).
والذين روى عنهم أحد عشر حديثا أو اثنى عشر فهم:
إبراهيم بن هاشم.
وبكر بن محمد الأزدي.
وجعفر بن بشير الوشاء.
وداود بن الحسين.
وزيد الشحام أبو أسامة.

(1) عطف في المتن: وهب بن وهب على أبي البختري والصحيح اتحادهما.
555

وعلي بن أسباط بن سالم.
وأبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي.
ومحمد الحلبي.
ويعقوب بن شعيب.
والذين روى عنهم تسعة أحاديث أو عشرة فهم.
أحمد بن محمد بن عيسى.
وأصبغ بن نباتة.
والحسن بن زياد الصيقل.
وعبد الله بن ميمون القداح.
ومحمد بن علي بن محبوب.
ومسمع بن مالك.
وبان عبد الملك كردين.
وأبو جميلة المفضل بن صالح.
والذين روى عنهم سبعة أحاديث أو ثمانية فهم:
بكير بن أعين.
وداود بن سرحان.
وأبو خديجة سالم بن مكرم الجمال.
وطلحة بن زيد.
وعبد الله بن أبي يعفور.
وعبد الله بن جعفر الحميري.
عبد الله بن يحيى الكاهلي.
وعلي بن نعمان.
556

وعلي بن يقطين.
وفضالة بن أيوب.
والفضل بن شاذان.
ومحمد بن خالد البرقي.
ومحمد بن سنان (1).
ومحمد بن يعقوب.
ومسعدة بن صدقة الربعي.
والمفضل بن عمر.
والذين روى عنهم خمسة أحاديث. أو ستة:
فأبان بن تغلب.
وإبراهيم بن عبد الحميد.
وإسماعيل بن جابر.
وجراح المدائني.
والحسين بن مختار.
وأبو ولاد (2) حفص بن سالم.
وداود الرقي (3).
وربعي بن عبد الله.
ورفاعة (4) بن موسى.
وسعد بن طريف الإسكافي.
وسعد بن يسار.

(1) جاء في المتن بعد كلمة (محمد بن سنان كلمة): (ومكاتبة).
(2) في المتن أبو ولاد بن حفص بن سالم، والصحيح ما أثبتناه. انظر النجاشي: 135 / 347.
(3) في المتن: (داود البرقي) والصحيح ما أثبتناه انظر النجاشي 156 / 410.
(4) في المتن: (دفاعة بن موسى) والصحيح ما أثبتناه. انظر النجاشي 166 / 438.
557

وصالح بن عقبة.
وعبد العظيم بن عبد الله الحسني.
وعمران الحلبي.
ومحمد بن عمران.
ومحمد بن سهل.
ومحمد بن نعمان.
ومرازم بن حكيم.
ومعاوية بن شريح - الذي هو معاوية بن ميسرة وإن ذكره مرتين -
ووهب بن حفص.
وهارون بن حمزة العلوي.
وأبو الربيع الشامي.
وأبو ولاد الحناظ حفص بن سالم.
والذين روى عنهم ثلاثة أو أربعة.
فإبراهيم بن أبي البلاد.
وإبراهيم بن أبي زياد الكرخي.
وإبراهيم بن عمر اليماني.
وإبراهيم بن مهزيار.
وأحمد بن عائذ.
وأبو همام.
وإسماعيل بن الفضل.
وأيوب بن الحر.
وأيوب بن نوح.
وبشير النبال.
558

وثعلبة بن ميمون،
و (جاء نفر من اليهود)، وإن كان المجموع خبرا واحدا وفرقه في الفقيه.
وجابر بن عبد الله الأنصاري.
وحذيفة بن محمد مع منصور والحسن بن علي الكوفي.
والحسين بن يزيد.
وحفص بن غياث.
وحمزة بن حمران.
وحميد بن المثنى.
ودرست بن المنصور.
وذريح المحاربي.
وزياد بن مروان القندي.
وسليمان بن جعفر الجعفري.
وسليمان بن خالد.
وسيف بن عميرة.
وشهاب بن عبد ربه.
وعامر بن جذاعة.
والعباس بن عامر.
والعباس بن معروف.
وعبد الحميد بن الأزدي.
وعبد الحميد الطائي.
وعبد الكريم بن عمر.
وعبد الله بن جبلة.
وعبد الملك بن عتبة.
وعبد الملك بن عمرو.
559

وعبد الواحد بن عبدوس النيشابوري.
والعلاء بن سبابة.
وعمرو بن أبي المقدام.
وعمر بن حنظلة.
والفضل بن أبي قرقرة.
والفضل بن عبد الملك.
وفضيل بن عثمان الأعور.
والقاسم بن سليمان.
وكليب بن معاوية الأسدي - هو كليب الأسدي وإن ذكره الصدوق مرتين.
ومثنى بن عبد السلام.
ومحمد بن حكيم.
ومحمد بن حمران النهدي.
ومحمد بن حمران.
ومحمد بن يحيى الخثعمي.
والمعلى بن خنيس.
ومعمر بن خلاد.
ومنصور بن يونس.
وموسى بن القاسم البجلي.
والوليد بن صبيح.
وهارون بن خارجة.
ويحيى بن أبي العلاء.
ويعقوب بن يزيد.
وأبو بكر الحضرمي.
والجارود بن أبي العراء أحمد بن المثنى.
560

وأبو هاشم الحضرمي.
وأبو همام إسماعيل بن همام.
والذين روى عنهم خبرا أو خبرين:
إبراهيم بن أبي محمود.
وإبراهيم بن أبي يحيى المدني.
وإبراهيم بن سفيان.
وإبراهيم بن محمد الثقفي.
وإبراهيم بن محمد الهمداني.
وإبراهيم بن ميمون.
وأحمد بن أبي عبد الله.
وأحمد بن هلال.
وإسحاق بن يزيد.
وأسماء بنت عميس.
وإسماعيل الجعفي.
وإسماعيل بن رياح.
وإسماعيل بن عيسى.
وإسماعيل بن مهران.
وأمية بن عمر.
وأنس (1) بن محمد.
وأيوب بن أعين.
وبحر السقا.
وبزيع المؤذن.

(1) هكذا في روضة المتقين 14: 343 وفي المتن (وواسى).
561

وبشار بن يسار.
وبكار بن كردم.
وبكر بن صالح.
وبلال.
وثوير (بن) (1) أبي فاختة.
وجابر بن إسماعيل.
وجعفر بن عثمان.
وجعفر بن القاسم.
وجعفر بن محمد بن يونس.
وجعفر بن ناجية.
وجريرية بن مسهر.
وجهم بن أبي جهم.
والحارث بياع الأنماط.
والحارث بن المغيرة.
وحديث: سليمان بن داود.
والحسين بن الجهم.
والحسن بن راشد.
والحسن بن زياد.
والحسن بن السرى.
والحسن بن علي بن أبي حمزة.
والحسن بن علي بن النعمان.

(1) في المتن: (ثور أبي فاخته) والصحيح ما أثبتناه.
562

والحسن بن قارون.
والحسن بن هارون.
والحسين بن حماد.
والحسن بن سالم.
والحسين بن محمد القمي.
والحكم بن الحكم.
وحماد النوى.
وحمدان بن الحسين.
وحمدان الديراني.
وخالد بن أبي العلاء.
وخالد بن ماد القلانسي.
وخالد بن نجيح.
وداود بن أبي يزيد.
وداود بن إسحاق.
وداود بن البصري.
وروح بن عبد الرحيم.
ورومي بن زرارة.
والريان بن الصلت.
وزكريا بن مالك.
وزكريا النقاص.
والزهري.
وزياد بن سوقة.
(و) زيد بن علي عليه السلام.
وسعد بن عبد الله.
563

وسعدان بن مسلم.
وسعيد النقاش.
وسلمة بن الخطاب.
وسليمان بن حفص المروزي.
وسليمان الديلمي.
وسليمان بن عمر.
وسويد بن العلاف.
وسهل بن اليسع.
وسيف التمار.
وشعيب بن واقد.
وصالح بن الحكم.
وعائذ الأحمسي.
وعامر بن نعيم.
والعباس بن هلال.
وعبد الاعلى مولى سام (آل سام) (1).
وعبد الرحمن بن أبي نجران.
وعبد الرحمن بن كثير الهاشمي.
وعبد الصمد بن بشير.
وعبد الله بن جندب.
وعبد الله بن الحكم.
وعبد الله بن حماد.
وعبد الله بن سليمان.
وعبد الله بن فضال.

(1) كذا في رجال الطوسي 238 / 237 وفي المتن: (سالم).
564

وعبد الله بن القاسم.
وعبد الله بن لطيف.
وعبد الله بن محمد الجعفي.
وعبد الله بن الوليد الوصافي.
وعبد الله بن أعين.
وعبيد الله المرافقي.
وعثمان بن زياد.
وعطاء بن السائب.
وعلي بن أحمد بن أشكيم.
وعلي بن إدريس.
وعلي بن إسماعيل.
وعلي بن بجيل.
وعلي بن بلال.
وعلي بن حسان.
وعلي بن الريان.
وعلي بن سويد.
وعلي بن عبد العزيز.
وعلي بن عطية.
وعلي بن الغراب.
وعلي بن الفضيل الواسطي.
وعلي بن محمد الحصيني.
وعلي بن محمد النوفلي.
وعلي بن مطر.
565

وعلي بن ميسرة.
وعمر بن أبي شعبة.
وعمرو بن قيس.
وعمرو بن ثابت.
وعمر بن خالد.
وعمر بن سعيد الساباطي.
وعيسى بن أبي منصور.
وعيسى بن أعين.
وعيسى بن عبد الله الهاشمي.
وعيسى بن يونس.
والقاسم بن يزيد.
والقاسم بن عروة.
وكردويه الهمداني.
ومالك الجهني.
ومحمد بن أسلم البجلي.
ومحمد بن إسماعيل البرمكي.
ومحمد بن بجيل.
ومحمد بن حسان.
ومحمد بن خالد القرى.
ومحمد بن عبد الله بن مهران.
ومحمد بن عثمان العمري.
ومحمد بن عذافر.
ومحمد بن عمران العجلي.
ومحمد بن عمرو بن أبي المقدام.
566

ومحمد بن الفيض.
ومحمد بن الفضيل التميمي.
ومحمد بن القاسم بن الفضيل.
ومحمد بن مسعود العياشي.
ومحمد بن منصور.
ومحمد بن الوليد المشهور بالكرماني - فان الظاهر في الموصوف بالكرماني أنه هو.
وفي المطلق انصرافه إلى البجلي الموثق -
(و) مروان بن مسلم.
ومسعدة بن زياد.
ومصادف.
ومصعب بن يزيد الأنصاري.
ومعاوية بن حكم.
والمعلى بن محمد البصري.
ومعمر بن يحيى.
ومنذر بن جيفير.
ومنصور الصيقلي.
ومنهال القصاب.
وموسى بن عمر بن بزيع.
وميمون بن مهران.
وماجية بن حبيب.
والنعمان الرازي.
والنعمان بن سعيد (1).

(1) أي إضافة إلى ذلك روى النعمان بن سعيد حديث (وصية النبي صلى الله عليه وآله وصية أمير المؤمنين عليه
السلام).
567

و (وصية النبي صلى الله عليه وآله وصية أمير المؤمنين عليه السلام).
وهاشم الخياط.
وهشام بن إبراهيم.
وياسر الخادم.
وياسين الضرير.
ويحيى الأزرق.
ويحيى بن عبادة المكي.
ويعقوب بن عيثم.
ويوسف الطاطري.
ويونس بن عمار.
وأبو الأغر النحاس.
وأبو بكر بن أبي سماك.
وأبو تمامة.
وأبو جرير بن إدريس.
وأبو الحسن النهدي.
وأبو زكريا الأعور.
وأبو سعيد الخدري.
وأبو عبد الله الخراساني.
وأبو عبد الله الفراء.
وأبو كهمش.
وأبو النمير مولى الحارث بن المغيرة النضري.
وأبو الورد.
وإذا وقفت على هذا الاستقصاء الذي يسره الله جل جلاله له بفضله وكرمه يظهر
لك أن الصدوق رحمه الله لم يف بما وعده في أول كتابه، من أنه مستخرج من كتب مشهورة،
568

عليها المعول، وإليها المرجع، لأنه روى عن جماعات غير مشهورين، ولا كتبهم مشهورة،
وقد رأيت التقي المجلسي قدس سره قد تفطن لذلك. قال:
(والذي يخطر بالبال دائما أن قول المصنف في أول الكتاب: (إن جميع ما فيه
مستخرج) إلى آخره، أنه كان في باله أولا أن يذكر في هذا الكتاب الاخبار المستخرجة
منها، ثم آل القول إلى أن ذكر فيه من غير ذلك الاخبار أيضا، لأنه ذكر عن جماعة ليس
بمشهورين ولا كتبهم. أو يكون المراد بالجميع الأكثر، لكنها سوء ظن بالمصنف بل بأكثر
الأصحاب: فإنهم ذكروا مراسيله، وذكروا أن الصدوق ظن صحة جميع ما في كتابه بل
الظاهر أن الجماعة الذين ليسوا بمشهورين عندنا كانوا مشهورين عنده وعند سائر القدماء،
لكن ذكر بعض الأصحاب أن هذه العبارة تدل على أن الكتب التي ينقل عنها كانت من
الأصول الأربعمائة، وهو خلاف الظاهر فإن الشيخ ذكر كثيرا منهم ليسوا بهذه الجماعة. نعم:
يمكن أن يكون أكثرهم هؤلاء، والله أعلم).
انتهى.
ولقد أجاد غير أن استظهاره أن الجماعة الذين ليسوا بمشهورين عندنا كانوا
مشهورين عنده وعند سائر القدماء في غير محله كما لا يخفى على البصير بطريقة الصدوق،
فإن مدار اعتماده إنما كان على رواية شيخه ابن الوليد كما صرح به في خبر المسمعي. قال:
(كان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد سئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي
راوي هذا الحديث، وإنما أخرجت هذا الحديث لأنه كان في كتاب الرحمة، وقد قرأته عليه
فلم ينكره) (1).
وذكر نحو ذلك في خبر أحمد بن هلال على ما ببالي.
وأما أنه روى في الفقيه من غير الأصول والكتب المشهورة فواضح. وناهيك
بتصريح نفسه في باب (ما يجب على من أفطر وجامع في شهر رمضان) عند إيراد خبر
المفضل، قال:

(1) عيون أخبار الرضا - ب 3: 2 / 45.
569

(لم أجد ذلك في شئ من الأصول وإنما إنفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم) (1).
وبالجملة لا ريب أنه لا يروي إلا ما يعتمده، وتسكن نفسه إليه، بعد بذل جهده،
لكن ربما أعتقد فيما ليس بصحيح أنه صحيح، وجعله حجة فيما بينه وبين الله عز وجل، وليس
عليه في ذلك من بأس إذا كان قد أبلى عذره، وأنفذ وسعه، كما أعتقد صحة ما جاء في
الطهارة بماء الورد، مع مخالفته الكتاب والسنة ومذهب الطائفة، وغير ذلك مما هو كثير في
كتابه. فتدبر.
(من روى عنهم الصدوق ولم يذكرهم في المشيخة)
ثم اعلم أنا قد أشرنا سابقا ما يفهم منه أن الصدوق عمل في آخر كتاب الفقيه فهرسا
ممن روى عنهم فيه، وأوصل إسناده ممن روى عنه، فخرج الحديث بذلك عن الارسال،
ودخل في المسانيد، لكن بقي من مراسيل الفقيه نوعان:
الأول: أحاديث من روى عنهم فيه ولم يذكرهم في الفهرس حتى يعلم اتصال
إسناده، فيبقى الحديث على ارساله، وأشرنا إلى أنهم يزيدون على مائة وعشرين رجلا، وأن
أحاديثهم تبلغ ثلاثمائة حديث.
والنوع الثاني: وهم الذين أرسل عنهم، أو ذكر الخبر مرسلا عن المعصوم عليه
السلام.
وهذا كله ظاهر لا يخفى على الخبير، لكن الذي يصعب تحصيله على أهل العلم هو
حصر أسماء أولئك الذين روى عنهم في الفقيه ولم يذكرهم في الفهرست، فإن في الوقوف
عليهم فوائد لا تخفى على الخبير، فلا بأس بعدهم هنا: وإني لا أعرف أحدا عدهم
وحصرهم قبل التقي المجلسي رحمه الله في شرحه. وأنا أذكرهم على ترتيب حروف المعجم
أيضا، وتظهر فائدة ذلك عند الاحتياج، وهم:
ابن أبي سعيد المكاري.
وابن أبي يعلى.

(1) كتاب من لا يحضره الفقيه 2: 78 / 1889.
570

وأبو إسحاق السبيعي عن الحسي الأعور.
وأبو سعيد المكاري.
وأبو الصباح الكناني.
وأبو الصلت الهروي.
وأبو عبيد الحذاء.
وأبو العلاء لا
وأبو مالك المغربي.
وأبو هاشم البصري.
وأحمد بن النظر.
والأرقط.
وإسحاق بن جرير.
وإسماعيل بن سعد.
والأعمش سليمان بن مهران.
وأيوب بن راشد.
وبريد بن معاوية العجلي.
وأبو جعفر بن رزق الله.
وجميل بن صالح.
والحجال.
وحديد بن حكيم.
وحسان الجمال.
والحسن التفليسي.
والحسن بن عطية.
والحسن بن موسى الخشاب.
والحسين الأحمسي ابن عثمان.
571

والحسين بن بشار.
والحسين بن عبد الله الأرجاني.
والحسين بن زيد.
والحسين بن كثير.
وحفص بن عمرو.
والحكيم بن سليمان.
وحماد اللحام.
وحمران بن أعين.
وحمزة بن محمد.
وخالد بن الحجاج.
وزكريا بن عبد الله المؤمن.
وزياد بن المنذر.
وسدير الصيرفي.
والسرور.
وسعد بن إسماعيل.
وسعد بن الحسن.
وسعد بن سعد.
وسعيد بن المسيب.
وسلمة بن تمام.
وسليم الفراء.
وسليم بن قيس.
وسهل بن زياد.
وشريف بن سابق التفليسي.
وشعيب بن يعقوب.
572

وصالح بن ميثم.
وصباح المزني.
وضريس الكناسي.
والطالقاني شيخ الصدوق.
وظريف بن سنان.
وظريف ناصح.
وعباد بن كثير البصري.
وعباس بن بكار.
وعبد الرحمن بن أبي هاشم.
وعبد الرحمن بن أعين.
وعبد الرحمن بن أبي سبابة.
وعبد السلام بن صالح الهروي.
وعبد الصمد، على احتمال تقدم.
(و) عبد الله بن عباس.
وعبد الله بن عجلان السكوني.
وعبد الواحد بن المختار الأنصاري.
وعثمان بن عيسى.
وعقبة بن خالد.
والعلاء بن الفضل.
وعلي بن أحمد الدقاق.
وعلي بن الحسن بن فضال.
وعلي بن راشد.
وعلي بن سعيد.
وعلي بن عبد الله الوراق.
573

وعلي بن ميمون الصائغ.
وعمرو بن إبراهيم.
وعمر بن عثمان.
وعمر بن صاحب السابري، وكأنه ابن يزيد.
وكذا عمر صاحب الكرابيس.
وعنبسة بن مصعب.
والقاسم بن محمد الجوهري.
وكامل (1).
وليث المرادي، وإن تقدم أنه كثيرا ما يروي عن أبي بصير ومراده ليث بن البختري.
ومثنى بن الوليد الحناط.
ومحمد بن أبي حمزة.
ومحمد بن أحمد السنائي.
ومحمد بن يحيى بن عمار.
ومحمد بن بحر الشيباني.
ومحمد بن الحكم بن زياد.
ومحمد الطيار.
ومحمد بن سليمان الديلمي.
ومحمد بن عبد الله بن هلال.
ومحمد بن عطية.
ومحمد بن علي الكوفي.
ومحمد بن عمرو بن سعيد.
ومحمد بن الفضل الهاشمي.
ومحمد بن الفضيل.

(1) مشترك بين ستة.
574

ومحمد بن مارد.
ومحمد بن مرازم.
ومحمد بن مروان.
ومحمد بن ميسرة.
ومحمد بن الوليد الخزاز.
ومحمد بن يحيى الخزاز.
وموسى بن بكر الواسطي.
ونشيط بن صالح.
ونصر الخادم.
والنصر بن شعيب.
ووهب بن عبد ربه.
وهارون بن مسلم.
وهشام بن المثنى.
وهلقام بن أبي هلقام (1).
واليسع بن عبد الله القمي.
ويونس الكناسي.
ويوسف بن محمد بن إبراهيم.
ويونس بن ظبيان.
ويونس بن عبد الرحمن.

(1) هكذا في المتن، ولكن الموجود في رجال الطوسي - أصحاب الباقر عليه السلام - باب الهاء (139 / 1) فقط:
(هلقام) من دون (ابن أبي هلقام) فلعله غيره إلا أنه غير موجود في كتب الرجال.
575

(منزلة الشيخ الصدوق)
ثم اعلم أن هذا الشيخ الجليل قد أخبر الإمام المهدي (عجل الله فرجه وصلى الله
بنفعه وبركته) قبل أن يولد. قال في كتابه كمال الدين:
(حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الأسود، قال: سألني علي بن الحسين بن بابويه أن
أسأل أبا القاسم الروحي رحمه الله أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو
الله عز وجل أن يرزقه ولدا ذكرا قال: فسألته. فأنهى ذلك ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه
قد دعى لعلي بن الحسين، وأنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله عز وجل به، وبعده أولاد.
قال أبو جعفر: وسألته في أمر نفسي أن يدعو الله تعالى لي أن أرزق ولدا ذكرا، فلم
يجبني إليه، وقال: ليس إلى هذا سبيل.
قال: فولد لعلي بن الحسين في تلك السنة ابنه محمد (1)، وبعده أولاد، ولم يولد لي.
قال مصنف هذا الكتاب:
كان أبو جعفر محمد بن الأسود رضي الله عنه كثيرا ما يقول لي إذا رآني اختلف إلى
مجلسي شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد وأرغب في طلب (2) العلم وحفظه: ليس
بعجب أن يكون لك هذه الرغبة في العلم، وأنت ولدت بدعاء الإمام عليه السلام.
ورواه الشيخ عنه، وعن أخيه أبي عبد الله الحسين بن علي بن بابويه، وقال: قال ابن
نوح: حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سورة، عن علي بن الحسن الصائغ القمي ومحمد
بن أحمد الصيرفي المعروف بابن الدلال وغيرهما من مشايخ أهل قم: أن علي بن الحسين بن
بابويه كانت تحته بنت عمه محمد بن موسى، فلم يرزق منها ولدا، فكتب إلى الشيخ أبي
القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه أن يسأل الحضرة أن يدعو الله عز وجل أن يرزقه
أولادا فقهاء. فجاء الجواب: إنك ترزق من هذه، وستملك جارية ديلمية، وترزق منها

(1) في كمال الدين ههنا زيادة: (ابن علي رضي الله عنه).
(2) في كمال الدين: (في كتابه) بدل (في طلب).
كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ب 45 (التوقيعات الواردة عن القائم): 503 / 31.
576

ولدين فقيهين.
قال، وقال لي أبو عبد الله بن سورة: ولأبي الحسن بن بابويه ثلاثة أولاد، محمد
والحسين فقيهان باهران في الحفظ، لهما أخ اسمه الحسن، مشغول بالعبادة والزهد، وهذا أمر
مستفيض في أهل قم).
انتهى.
قال الطوسي (1) رحمه الله:
والعلامة رحمه الله لم ير في القميين مثله في حفظه و (كثرة (2) علمه) (3).
أقول: إن (له مؤلفات أخرى سواه) في فنون الحديث (تقارب ثلاثمائة كتاب).
ذكر النجاشي أكثرها بعد أن قال فيه:
(شيخنا، وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان، وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسين
وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن) (4) ثم عدد كتبه ثم قال:
(أخبرنا بجميع كتبه، وقرأت بعضها على والدي علي بن أحمد بن العباس النجاشي
رضي الله عنه، وقال لي: أجازني جميع كتبه لما سمعنا منه ببغداد) (5).
قال عمي العلامة السيد صدر الدين في حواشي منتهى المقال:
(ذكر الصدوق في الباب الحادي عشر من العيون - أنه سمع من محمد بن بكران
النقاش بالكوفة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
وفي الباب السادس والعشرين: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي
بالكوفة سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهو يؤيد ما ذكر من التاريخ. لكن في الباب السادس:
حدثنا أبو الحسن علي بن ثابت الردانسي بمدينة السلام - يعني بغداد - سنة اثنتين وخمسين

(1) في المتن قال: (قال النجاشي) لكن الصحيح أن قائل هذه العبارة هو الشيخ الطوسي وليس الشيخ النجاشي.
لذلك أثبتناه.
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
() 3) الفهرست: 156 / 695.
(4) النجاشي: 389 / 1049.
(5) النجاشي: 329 / 1049.
577

وثلاثمائة. وفي عدة أبواب: حدثنا عبد الواحد بن عبدون بنيسابور في شعبان (1) سنة اثنتين
وخمسين وثلاثمائة فكأنه رحل عن نيسابور بعد هذا الحديث إلى بغداد في تلك السنة ثم
خرج عنها وعاد إليها سنة خمس وخمسين، لكن لعل التاريخ اثنتين وخمسين أوثق بعبارة
حدث السن، فتأمل كونه حدث السن لا يلائم روايته عن أبيه، وقد ملئت كتبه، لان أباه
رضي الله عنه مات سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ولا أقل من أن يكون عمر الصدوق رحمه
الله خمس عشرة سنة فصاعدا، وهذا يقتضي أن يكون عمره وقت قدومه بغداد نيفا
وأربعين سنة، ولمثله لا يقال حدث السن).
انتهى.
أقول: الظاهر إن مراد النجاشي أنه كان بالنسبة إلى شيوخ الطائفة الذين سمعوا منه
حدث السن، وبعبارة أخرى سمع منه شيوخ الطائفة مع أنه أصغر سنا، والغالب أن يكون
السامع أحدث بالنسبة إلى الشيخ لا العكس، وإلا لو أريد أنه كان حدث السن في نفسه
كيف يلائم ما نقله عن والده من إجازة الصدوق له جميع كتبه لما سمع منه ببغداد، ولا يعقل
أن يكون صنف جميع كتبه التي عدها النجاشي ورواها عن أبيه عن الصدوق في حداثة
السن بل في سنين الأربعين والخمسين. كيف، وهي نحو مائتين كتاب، أحدها كتاب
المصابيح وهو جامع لجميع ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الاثني عشر
عليهم السلام، وهذا وحده يحتاج إلى سنين طويلة.
(تاريخ وفاة الشيخ الصدوق)
وكيف كان (توفى بالري سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة). وقبره إلى الان مزار عليه
قبة عظيمة عمرها السلطان فتحي علي شاه سنة 1338، من جهة أنه في قبره ثلمة من كثرة
المطر، فوجده لم يبل بل ولا كفنه، وكانت أعظم كرامة له.

(1) في المتن: (في شيعيان) والظاهر أنها مصحفة من (في شعبان).
578

3 - التهذيب
4 - الاستبصار
وأما الفائدة الثالثة ففي: (التهذيب والاستبصار).
مدار فقه الاحكام في هذه الاعصار، وفيهما الغنية عن جميع كتب الاخبار.
(هما) (1) من أحسن (تأليفات شيخ الطائفة) المحقة، ورافع أعلام الشريعة الحقة، إمام
الفرقة بعد الأئمة المعصومين عليهم السلام، وعماد الشيعة الإمامية في كل ما يتعلق بالمذهب
والدين، (أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي (2) الطوسي نور الله تعالى ضريحه)، وإن كان
له (تأليفات أخرى سواهما) في فنون العلم (من (3) التفسير والأصول والفروع وغيرها
لا نظير لها أيضا في كتب علماء الاسلام، إلا أن لهذين الأصلين المزية الظاهرة باستقصاء ما
يتعلق بالفروع من الاخبار، وخصوصا التهذيب، فإنه كان للفقيه فيما يبتغيه من روايات
الاحكام عما سواه في الغالب، ولا يغني عنه غيره في هذا المرام، مضافا إلى ما اشتمل عليه
الكتابان من الفقه والاستدلال، والتنبيه على الأصول والرجال، والتوفيق بين الاخبار،
والجمع بينها بشاهدي النقل والاعتبار.
أقول: وقد عرض على الصادق عليه السلام كتاب عبد الله بن علي بن أبي شعبة
فاستحسنه، وقال عند قراءته:
(ليس لهؤلاء - يعني المخالفين - في الفقه مثله).
فليته قد عرض عليه التهذيبان في الفقه، فلقد جلا تعاقب الانظار على هذه الأخبار

(1) (و): (فهما).
(2) (علي) غير موجودة في: (و).
(3) في (و): (في) بدل (من).
579

صدى القرض وبث عقد جمانها، وأبرز من درها المكنون ما أخطأ بحجية كثير من الأولين، و
رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
(ثناء العلماء على الشيخ الطوسي)
وقد ذكر الشيخ قدس سره كل من تأخر عنه من علماء الشيعة وفقهائهم، وأكثروا
الثناء والاطراء عليه وعلى كتبه، قال النجاشي المعاصر له:
(محمد بن الحسن بن علي الطوسي رحمه الله، أبو جعفر، جليل (1) في أصحابنا، ثقة،
عين، من تلامذة شيخنا أبي عبد الله - يعني المفيد رحمه الله -) (2) ثم ذكر كتبه ومصنفاته.
وقال العلامة رحمه الله بعد ذكر اسمه الشريف:
(هو (3) شيخ الامامية رئيس الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة، ثقة، صدوق،
عين، عارف بالاخبار والرجال والفقه والأصول والكلام والأدب (و) (4) جميع الفضائل
تنسب إليه. صنف في كل فنون الاسلام، وهو المهذب للعقائد في الأصول والفروع، والجامع
لكلمات النفس في العلم والعمل) (5).
وقال السيد بحر العلوم رحمه الله بعد ذكر اسمه الشريف:
(محقق الأصول والفروع، (و) (6) مهذب فنون المعقول والمسموع، شيخ الطائفة على
الاطلاق، ورئيسها الذي تلوى إليه الأعناق، صنف في جميع علوم الاسلام (7):

(1) في النجاشي: (من أصحابنا).
(2) رجال النجاشي: 403 / 1068.
(3) (هو) غير موجودة في الخلاصة.
(4) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(5) الخلاصة - القسم الأول - باب محمد: 148 / 46.
(6) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(7) في الفوائد ههنا زيادة: (وكان القدوة في كل ذلك والامام).
580

أما (1) التفسير:
فله فيه كتاب التبيان الجامع لعلوم القرآن، وهو كتاب جليل كبير، عديم النظير في
التفاسير، وشيخنا الطبرسي - إمام التفسير - في كتبه إليه يزدلف، ومن بحره يغترف، وفي
صدر كتابه الكبير بذلك يعترف، و (قد) (2) قال فيه:
(إنه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق، ويلوح منه رواء الصدق، قد تضمن من
المعاني الاسرار البديعة، واختص من (3) الألفاظ باللغة الوسيعة، ولم يقنع بتدوينها ولا
بتنميقها دون تحقيقها (4)، وهو القدوة المستضئ (5) بأنواره، وأطأ مواقع أثاره).
والشيخ المحقق (6) محمد بن إدريس العجلي مع كثرة وقائعه على (7) الشيخ في أكثر
كتبه، يقف عند تبيانه، ويعرف بعظم شأن هذا الكتاب واستحكام بنيانه.
وأما الحديث:
فإليه تشد الرحال، وبه تبلغ رجاله (8) منتهى الآمال، وله فيه من الكتب الأربعة
التي هي أعظم كتب الحديث منزلة، وأكثرها منفعة: كتاب التهذيب، وكتاب الاستبصار)،
ووصفهما نحو ما وصفناهما (9). ثم قال:

(1) كذا في الفوائد وفي المتن: (أم).
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) في الفوائد: (واحتضن من الألفاظ اللغة الوسيعة).
(4) في الفوائد: ولم يقنع بتدوينها دون تبينها ولا بتنميقها).
(5) في الفوائد: (استضئ).
(6) في الفوائد ههنا زيادة (المدقق).
(7) في الفوائد: (مع) بدل (على).
(8) في الفوائد: (غاية).
(9) يوجد في الفوائد ههنا كلام طويل في المدح والثناء.
581

وأما الفقه:
فهو خريت هذه الصناعة، والملقى إليه زمام الانقياد، وكل من تأخر عنه من الفقهاء
الأعيان قد تفقه على كتبة، (و) (1) استفاد من نهاية إربه، ومنتهى مطلبه، وله رحمه الله تعالى
في هذا العلم: كتاب (النهاية) الذي (2) ضمنه متون الاخبار. وكتاب (المبسوط) الذي وسع
فيه التفريع (3)، وأودعه دقائق الانظار. وكتاب (الخلاف) الذي ناظر فيه المخالفين، وذكر
(فيه) (4) ما أجمعت عليه الفرقة من مسائل الدين.
وله كتاب (الجمل والعقود) في العبارات، و (الاقتصاد) فيها وفي العقائد الأصولية،
و (الايجاز) (5) في الميراث، وكتاب يوم وليلة في العبادات اليومية.
وأما علم الأصول والرجال:
فله في الأول كتاب العدة، وهو حسن، كتاب صنف في الأصول، وفي الثاني كتاب
الفهرست (6).
ثم عدد كتبه في الرجال والكلام والعقائد وسائر ما ذكره النجاشي وغيره.
(تاريخ ولادته ووفاته)
ولقد أجاد الشيخ ابن داود حيث قال بعد ذكر اسمه الشريف ونعته شيخنا شيخ
الطائفة وعمدتها قدس الله تعالى روحه ما لفظه:
(أوضح من أن يوضح حاله، ولد في شهر رمضان من سنة خمس وثمانين وثلاثمائة،

(1) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(2) كذا في الفوائد وفي المتن (التي).
(3) في الفوائد: (التفاريع).
(4) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(5) انظر الذريعة: 2: 486 / 1905.
(6) الفوائد لبحر العلوم: 3: 227 - 231.
582

وقدم العراق في سنة ثمان وأربعمائة، وتوفي ليلة الاثنين، ثاني عشر المحرم من سنة ستين
وأربعمائة بالمشهد الشريف الغروي ودفن بداره) (1).
انتهى.
وذكر العلامة رحمه الله في الخلاصة تاريخ كل ذلك، كما ذكره ابن داود إلا في أيام شهر
الوفاة، قال:
(توفى رضي الله عنه ليلة الاثنين الثاني والعشرين من المحرم) (2).
وعن معالم ابن شهرآشوب أنه توفى في آخر المحرم سنة ثمان وخمسين وأربعمائة (3)،
فهو يخالف ما في الخلاصة ورجال بن داود في تاريخ الشهور وسنين الوفاة.
ورأيت العلامة المجلسي رحمه الله في الجزء الأول من المجلد الخامس والعشرين من
كتاب بحار الأنوار نقل من خط محمد بن علي الجبعي جد شيخنا المصنف، نقل عن خط
شيخنا الشهيد رحمه الله ما صورته:
(قد ولد (4) الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي في رمضان سنة
خمس (5) وثمانين وثلاثمائة، وقدم العراق سنة ثمان وأربعمائة، وتوفى ليلة الاثنين (الثاني) (6)
والعشرين من المحرم سنة ستين وأربعمائة) (7)، وهذا يوافق ما نقله العلامة من تاريخ أيام
الشهور وسنين الوفاة.
وقال السيد بحر العلوم:
(والأثبت وفاته عام ستين وأربعمائة (8)) (9).

(1) رجال ابن داود (طبعة جامعة طهران): 306 / 1327.
(2) الخلاصة 148 / 46.
(3) معالم العلماء: 114 / 766.
(4) في البحار وفي المتن: (خمسين).
(6) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(7) البحار: 107: 18.
(8) (وأربعمائة) غير موجودة في الفوائد.
(9) الفوائد: 3: 237.
583

والمصنف أيضا على أنه (توفي طيب الله مضجعه سنة ستين وأربعمائة بالمشهد
المقدس الغروي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام).
وقد أخذ هؤلاء الاعلام تاريخ وروده إلى بغداد من كتابه في الغيبة عند تعرضه
لأحوال مولانا عثمان بن سعيد العمري نور الله ضريحه المقدس، قال الشيخ:
(فكنا ندخل إلى قبره ونزوره مشاهرة، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد سنة ثمان
وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة).
ثم ذكر أن محمد بن فرج أبرز القبر وعمل صندوقا، وهو تحت سقف يدخل إليه
من يزوره، ويتبرك بزيارته، وهو إلى يومنا هذا سنة أربع وأربعين وأربعمائة.
أقول وبقى الشيخ في بغداد بعد هذا التاريخ أربع سنين ثم ارتحل إلى مجاورة النجف
الأشرف، وذلك لفتنة وقعت بين الشيعة والعامة في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة واحترقت
كتبه وداره في باب الكرخ، فيكون مقامه ببغداد أربعين سنة، خمس منها مع شيخه المفيد
المتوفى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وثمان وعشرين منها مع السيد علم الهدى رحمه الله،
المتوفى سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وكان في الباقي وحده في بغداد.
ويعلم من تاريخ الانتقال إلى النجف وتاريخ الوفاة أن بقاءه في النجف الأشرف
يقرب من اثنتي عشرة سنة، ومن تاريخ التولد والورود إلى بغداد أنه وردها وهو ابن ثلاث
وعشرين سنة، ومن تاريخ التولد والوفاة أنه عمر خمسا وسبعين سنة.
ثم إن السيد بحر العلوم نور الله ضريحه بعد أن ذكر أن الشيخ دفن في داره في المشهد
الغروي قال:
(وقبره مزار معروف، وداره ومسجده وآثاره باقية إلى الان، وقد جدد مسجده في
حدود سنة ثمان وتسعين من المائة الثانية بعد الألف، فصار من أعظم المساجد في الغري
المشرف، وكان ذلك بترغيبنا بعض الصلحاء من أهل السعادة) (1).
انتهى.
أقول: قبره الشريف إلى اليوم - كما ذكر - مزار معروف غير أنه واقع اليوم في نفس

(1) رجال بحر العلوم: 3: 239.
584

المسجد، وكان بعض دار الشيخ قد أضيفت إلى المسجد الشريف، فصار قبره جزء المسجد،
والبعض الاخر صار إلى ملك السيد بحر العلوم وجعله مقبرة لنفسه وأهل بيته، وصحنا
لذلك المسجد الشريف. وقد دفن هناك وعليه قبة عظيمة. وإذا دخلت المسجد اليوم ترى
قبر الشيخ في المسجد على يمينك، وبنية السيد على يسارك متصلة بصحن المسجد، ويدخل
إليها منه.
(مسلك الشيخ في الاسناد)
ثم اعلم أن للشيخ مسلكا في الاسناد لا بد من بيانه:
أما مسلكه في التهذيب:
فهو الذي ذكره في أول مشيخة التهذيب. قال:
(إنه اقتصر فيه (1) من إيراد الخبر على الابتداء بذكر المصنف الذي أخذ الحديث من
كتابه أو صاحب الأصل الذي أخذ الحديث من أصله). ثم قال:
(وحيث (2) وفق الله تعالى الفراغ من هذا الكتاب فنحن (3) نذكر الطرق التي بها
نتوصل (4) إلى رواية هذه الأصول والمصنفات (ونذكرها على غاية ما يمكن) (5) لتخرج (6)
(الاخبار) (7) بذلك عن حد المراسيل وتلحق بباب المسندات) (8)، ثم أخذ في ذكر مشيخته
ثم قال في آخر المشيخة:

(1) في مشيخة التهذيب: (اقتصرنا من إيراد...).
(2) في المشيخة: (فحيث).
(3) في المشيخة: (نحن).
(4) في التهذيب: (التي يتوصل بها).
(5) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(6) في المتن: (ليخرج) والصحيح ما أثبتناه.
(7) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(8) مشيخة التهذيب: 10: 4 - 5.
585

(و (1) قد أوردت جملا (من الطرق) (2) إلى هذه المصنفات والأصول، ولتفصيل
ذلك شرح يطول هو مذكور في الفهارس المصنفة في هذا الباب للشيوخ رحمهم الله، من أراده
أخذه من هناك إن شاء الله، وقد ذكرنا نحن مستوفى في كتاب (فهرست الشيعة) (3).
انتهى.
وإما مسلكه في الاستبصار:
فهو الذي ذكره في أول مشيخته، وذكر فيه ترتيب هذا الكتاب، وذكر أسانيده،
وعدد أبوابه ومسائله. قال قدس سره:
(قد أجبتكم - أيدكم الله تعالى - إلى ما سألته (4) من تجريد الاخبار المختلفة وترتيبها
على ترتيب كتب الفقه التي أولها (كتاب) (5) الطهارة وآخرها كتاب الديات، وأفردت كل
باب منه بما يخصه، وأوردت ما فيه، ولم أخل بشئ قدرت عليه، وبذلت سعي وطاقتي في
ذلك، وأنا أرجو من الله تعالى ألا أكون أخللت بأحاديث مختلفة تعرف إلا وقد أوردت ألا
شاذا نادرا، فإني لا ادعي إني أحيط العلم بجميعه ما روي في هذا الفن، لان كتب أصحابنا
رضي الله عنهم المصنفة، والأصول المدونة في هذا الباب كثيرة جدا، وربما يكون شذ منها
شئ لم أظفر به، فإن وقع عليها إنسان لم ينسبني إلى التقصير أو التعمد، فإن على كل إنسان
ما يقدر عليه ويبلغ جهده وطاقته (وقدرته) (6)، وقد أوردت في كل باب عقدته إما جميع
ما روي فيه إن كانت الأحاديث (7) قليلة، وإن كان ما يتعلق بذلك الباب كثيرا، (8) فقد
أوردت منه طرقا مقنعا، وأحلت الباقي على الكتاب الكبير.

(1) (و) غير موجودة في التهذيب.
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) مشيخة التهذيب: 10: 8.
(4) في الاستبصار: (سألتم).
(5) ساقط من المتن.
(6) ساقط من المتن.
7 - في الاستبصار: (الاخبار) بدل (الأحاديث).
8 - في الاستبصار ههنا زيادة: (جدا).
586

وكنت سلكت في أول الكتاب إيراد الأحاديث بأسانيدها، وعلى ذلك اعتمدت في
الجزء الأول والثاني، ثم اختصرت في الجزء الثالث، وعولت على الابتداء بذكر الراوي الذي
أخذت الحديث من كتابه أو أصله، على أن أورد عند الفراغ من الكتاب جملة من الأسانيد
يتوصل بها إلى هذه الكتب والأصول حسب ما عملته في كتاب (تهذيب الأحكام).
وأرجوا من الله سبحانه أن تكون هذه الكتب الثلاثة التي سهل الله الفراغ منها لا يحتاج معها
إلى شئ من الكتب والأصول، لان الكتاب الكبير الموسوم ب (تهذيب الأحكام) يشتمل
على جميع أحاديث الفقه المتفق عليه منه والمختلف فيه.
وكتاب النهاية يشتمل على تجريد الفتاوى (1) في جميع أبواب الفقه وذكر جميع ما
روى فيه على وجه يصغر حجمه وتكثر فائدته ويصلح للحفظ.
وهذا الكتاب يشتمل على (جميع) (2) ما روي من الاخبار المختلفة وبيان وجه
التأويل فيها والجمع بينها.
والله تعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه إنه قريب مجيب) (3).
ثم ابتدأ بذكر مشيخته إلى أخرها ثم قال:
(قال مصنف هذا الكتاب: قد (4) أوردت جملا من الطرق إلى هذه المصنفات
والأصول، ولتفصيل ذلك شرح يطول، و (5) هو مذكور في الفهارس للشيوخ، فمن أراده
وقف عليه من هناك)، ثم قال:
(واعلم - أيدك الله تعالى - وأني جزأت هذا الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول
والثاني يشتملان على ما يتعلق بالعبادات، والجزء الثالث يتعلق بالمعاملات وغيرها من
أبواب الفقه.
والأول: يشتمل على ثلاثمائة باب يتضمن جميعها ألفا وثمانمائة وتسعة وتسعين

(1) كذا في الاستبصار وفي المتن: (الفتوى).
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) الاستبصار: 4: 304 - 305.
(4) في الأصل: (فقد).
(5) (و) غير موجودة في الاستبصار.
587

حديثا.
والثاني: يشتمل (على) (1) مائتين وسبعة عشر بابا، يتضمن (2) ألفا ومائة وسبعة
وسبعين حديثا.
والثالث: يشتمل على ثلاثمائة وثمانية وتسعين بابا يشتمل جميعها على ألفين
وأربعمائة وخمسة وخمسين حديثا.
أبواب الكتاب تسعمائة وخمسة وعشرون بابا، تشتمل على خمسة آلاف وخمسمائة
وأحد عشر حديثا، حصرتها لئلا يقع فيها زيادة أو نقصان، والله تعالى الموفق للصواب،
وهو حسبنا ونعم الوكيل) (3).
إذا عرفت هذا فهنا تنبيهان:
(تنبيهان)
(التنبيه) الأول: إنه علم من كلامه المتقدم انه ربما يؤثر الطرق العالية فيما ذكره في مشيخته
من طرق حديثه في الكتابين، فيورد الاسناد في المشيخة على غاية ما يمكن الاختصار،
لمحض أن يخرج الاخبار عن الارسال، وتلحق بالمسانيد، كما نص عليه في كلامه المتقدم.
ولا
بأس بعد إعطائه قدس سره القاعدة في الاهتداء إلى الطرق الصحيحة الواضحة في
الفهرست، فإذا رأيت من الشيخ حديثا غير واضح الصحة فعليك بمراجعة ما للشيخ من
الطرق في الفهرست تجد طريقه إلى ما توهمت ضعفه صحيحا، وأنه عدل في التهذيب
والاستبصار عن ذلك السند المتضح إلى غيره للاختصار، واعتمادا على طريقه الصحيح في
الفهرست.
وربما كان العدول لا لطلب العلو والاختصار، بل لعدم الفرق عنده - قدس سره -،
بعلمه بحال رجال السلسلة، أو تحققه لروايتهم لها بقرائن عرف ذلك منها، فكان يعتمد

(1) ساقط من المتن.
(2) كذا في الاستبصار وفي المتن (متضمن).
(3) الاستبصار: 4: 342 - 343.
588

عليها، وإن تعذر اليوم الوقوف عليها لبعد العهد، فربما التبس عليها أمر من لم يكن للشيخ في
شأنه شك.
وأما وقوع العدول منه في الطرق المعضلة، وذلك حيث يورد تمام إسناد الحديث،
فموجب للاشكال إذا كانت لغير من إليه الطريق من ساير رجال السند أو بعضهم كتب، فإنه
يحتمل حينئذ أخذ الحديث من كتب هذا وذاك إلى آخر رجال السند الذين لهم تصنيف،
فبتقدير وجود الطريق الواضح يكون باب الاطلاع عليه مسندا.
وربما أفاد التتبع العلم بالمأخذ في كثير من الصور.
قال جدي رحمه الله في المنتقى:
(إن من هذا الباب رواية الشيخ عن الحسين بن سعيد، بالطريق المشتمل على
الحسين بن الحسن بن أبان، فإن حال الحسين هذا ليس بذاك المتضح، لان الشيخ ذكره في
كتاب الرجال مرتين، أحدهما (1): في أصحاب أبي محمد العسكري عليه السلام. والثانية: في
باب من لم يرو عن واحد من الأئمة عليهم السلام، ولم يتعرض له في الموضعين بمدح ولا
غيره، كما هو الغالب من طريقته. وصورة كلامه في الموضع الأول هكذا:
(الحسين بن الحسن بن أبان، أدركه ولم اعلم أنه روى عنه. وذكر ابن قولويه أنه
قرابة (2) الصفار وسعد (3) بن عبد الله، وهو أقدم منهما: لأنه روى عن الحسين بن سعيد،
وهما لم يرويا عنه) (4).
وقال في الموضع الاخر:
(الحسين بن الحسن (بن) (5) أبان، روى عن الحسين بن سعيد كتبه كلها، (و) (6)
روى عنه ابن الوليد) (7).

(1) في المنتقى: (إحديهما).
(2) كذا في المنتقى وفي المتن: (قراءته).
(3) في المتن: (سعيد) والصحيح ما أثبتناه.
(4) رجال الشيخ الطوسي: 430 / 8.
(5) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(6) في المنتقى: (وروى).
(7) رجال الشيخ الطوسي: 469 / 44.
589

ولم يتعرض له النجاشي في كتابه إلا عند حكايته لروايته كتاب (1) الحسن بن سعيد
ولم يذكر من حاله شيئا.
ثم إن كون الحديث المروي عنه مأخوذا من كتب الحسين بن سعيد فيعول في
تصحيحه على الطريق الصحيح الواضح إليه إنما يظهر مع تعليق السند والابتداء باسم
الحسين بن سعيد على ما هي قاعدة الشيخ، وأما مع ذكر الاسناد بتمامه فيحتمل كون الاخذ
من كتب غيره، فلا يعلم (2) روايته الحديث عنه بالطريق الصحيح. ولكن قرائن الحال
تشهد بأن كل رواية يرويها الشيخ عن الحسن بن أبان (عن الحسين بن سعيد) (3) فهي من
كتب الحسين بن سعيد، إذ لا يعهد لابن أبان رواية لغير كتب ابن سعيد (4)، ولا له كتب
يحتمل الاخذ منها، ولا في باقي الوسائط من يحتمل في نظر الممارس أن يكون الاخذ من
كتبه، ولان الشيخ يتفق له كثيرا رواية الحديث في أحد الكتابين متصل الاسناد بطريق ابن
أبان، ويرويه بعينه في الكتب (5) الأخرى معلقا مبدوا بالحسين بن سعيد، أو متصلا بطريق
آخر من طرقه إليه، بل ربما وقع ذلك في الكتاب الواحد، حيث يكرر ذلك الحديث لغرض
و (6) اتفاق، ونحن نبين ذلك في مواضعه، ولا ريب أن هذه القرائن تفيد (7) القطع بالحكم،
وله نظائر يعرفها الماهر) (8).
أقول: قال العلامة السيد صدر الدين:
(مات الحسين بن سعيد في بيت الحسين بن الحسن بن أبان، وأوصى له بكتبه، وفي
ذلك مدح له في الجملة، وكانت وفاة ابن سعيد في قم، وله ولد اسمه أحمد مات بقم أيضا،

(1) في المنتقى: (لرواية كتب).
(2) في المنتقى: (لرواية كتب).
(3) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(4) في المنتقى ههنا توجد زيادة: (ومحمد بن أورمه، وحيث إن كتب ابن أورمه متروكة بين الأصحاب، فالطرق
خالية من روايته عنه، وليس لابن أبان كتب يحتمل الاخذ...).
(5) في المنتقى: (الكتاب).
(6) في المنتقى: (أو).
(7) في المنتقى: (يفيد).
(8) منتقى الجمان: 1: 42 (الفائدة العاشرة).
590

لكن لم أعرف تاريخ وفاته، فإن كان يوم وفاة أبيه حيا ففي الوصية بالكتب إما مدح لان
أبان أو قدح في أحمد).
انتهى.
أقول: كيف كان هو مدح عظيم لابن أبان ولا يستلزم القدح في أحمد على تقدير
وجوده حال الوصية بالكتب. غايته أن ابن أبان في نظر الحسين بن سعيد أولى من غيره.
وهكذا الظن بمثل ابن سعيد في أمثال ذلك ولا تأخذه رعاية الرحمية، عطر الله تعالى مرقده.
التنبيه الثاني:
قال في المنتقى:
(وقد رأيت في نسخة التهذيب التي عندي بخط الشيخ عدة مواضع سبق فيها القلم
إلى اثبات كلمة (عن) في موضع الواو، ثم وصل بين طرفي (العين) وجعلها على صورتها
واوا، والتبس ذلك على بعض النساخ فكتبها بالصورة الأصلية في بعض مواضع الاصلاح،
وفشا ذلك في النسخ المتجددة، ولما راجعت خط الشيخ فيه تبينت الحال. وظاهر أن إبدال
الواو ب‍ (عن) (1) يقتضي الزيادة التي ذكرناها (يعني تزداد به طبقات الرواية لها) (2) فإذا كان
الرجل ضعيفا ضاع به الاسناد، فلا بد من استفراغ الوسع في ملاحظة أمثال ذلك (3)، وعدم
القناعة بظواهر الأمور.
ومن المواضع التي اتفق فيها هذا الغلط (4) رواية الشيخ عن سعد بن عبد الله، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، وعلي بن حديد، والحسين بن
سعيد، فقد وقع بخط الشيخ في عدة مواضع منها (5) إبدال أحد واوي العطف (6) بكلمة

(1) كذا في المنتقى وفي المتن: (بعين).
(2) ما بين القوسين ليس من كلام المنتقى.
(3) في المنتقى: (هذا).
(4) في المنتقى ههنا زيادة (مكررا).
(5) في المتن (عنها) والصحيح ما أثبتناه.
(6) كذا في المنتقى وفي المتن: (المعطوف).
591

(عن) مع أن ذلك ليس موضع (1) شك أو احتمال بكثرة (2) تكرر هذا الاسناد في كتب
الحديث والرجال، وسيأتي في بعض هذه الفوائد (3) ما يتضح لك به حقيقة الحال.
وقد اجتمع الغلط بالنقيصة، وغلط الزيادة الواقع في رواية سعد عن الجماعة
المذكورين بخط الشيخ رحمه الله في (4) إسناد حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
(فيمن صلى بالكوفة ركعتين) ثم ذكر وهو بمكة أو غيرها) أنه قال: (يصلي ركعتين) فإن
الشيخ رواه بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن ابن أبي نجران، عن الحسين بن سعيد، عن
حماد، مع أن سعدا إنما يروي عن ابن أبي نجران بواسطة أحمد بن محمد بن عيسى، وابن أبي
نجران يروي عن حماد بغير واسطة، كرواية الحسين بن سعيد عنه. ونظائر هكذا (5) كثير
وسنوضحها في محلها إن شاء الله) (6).
انتهى.
ومما أوضحه، ما وقع في التهذيب في كتاب الحج، من إيراد سند فيه رواية صفوان بن
يحيى، عن بن أبي عمير، قال:
(لا ريب أن فيه غلط، والصواب إما عطف ابن أبي عمير على صفوان، أو وجه آخر
غير رواية أحدهما عن الاخر، لأنها غير معروفة) كذا في منتهى المقال نقلا عن صاحب
المشكاة عن المنتقى، وموافقته فيما حكم به من الغلط، لكن في حاشية عمي العلامة السيد
صدر الدين على المنتهى في المقام (قال):
(ما صورته هنا قدر جامع لمنع القطع على السهو فيما يذكر الجماعة، وهو أنا لم نجد قلم
الشيخ ولا أحدا من هؤلاء سها إلى أمر غير ممكن، كأن يوجد مثلا محمد بن يحيى العطار
عن محمد بن مسلم أو زرارة مثلا، والمفروض أن الشيخ - مثلا - ينقل الأسانيد نقلا،

(1) في المنتقى: (بموضع).
(2) في المنتقى: (لكثرة).
(3) كذا في المنتقى وفي المتن: (الفرايد).
(4) في المنتقى: (وفي).
(5) في المنتقى: (هذا).
(6) منتقى الجمان: 46.
592

ويضيف إليها شيئا يسيرا، وهو ما بينه وبين الكتاب المنقول عنه، فليس ما يدعون عليه
من السهو نوع غلط في الاجتهاد، بل من سبق القلم إلى ما لا يريد الكاتب، والقلم قد سبق
إلى فصل مهمل فضلا عن المستعمل، فكيف اتفق أن ما سبق إليه قلم الشيخ كله كان مما لا
وجه له، ومما لا إرادة له غير مخالفة العادة، ولكن صاحب المنتقى فتح للناس فاتبعوه
وزادوا. ومما نقل في المنتقى، أنه وقف على نسخة للتهذيب بخط الشيخ، فوجده غير أسانيد
كثيرة، في كثير منها كتب (عن) بدل الواو وبالعكس، فلم أدري كيف قطع رفع الله درجته
على أن هذا التغير قد كان بقلم الشيخ؟ ولعل آخر مثلك من المجتهدين قطع على كون ذلك
غلطا فغيره، بل يجوز أن يكون من بعض التلامذة سمع من أستاذه شيئا وقطع بأنه صواب
فغير النسخة).
انتهى كلامه.
ومثله من ينتصر للشيخ وإن كان صاحب المنتقى جده من قبل الأمهات.
تذييل
قد ذكر الشيخ في أول المشيخة ما ينكشف به وجه أبواب الزيادات الواقعة في
التهذيب. قال نور الله ضريحه:
(كنا شرطنا في أول هذا الكتاب، أن نقتصر على إيراد شرح ما تضمنته الرسالة
المقنعة)، إلى أن قال:
(إنا رأينا أن تخرج (1) بهذا البسط عن الغرض، ويكون (2) هذا الكتاب مبتورا غير
مستوف فعدلنا عن هذه الطريقة إلى إيراد أحاديث أصحابنا المختلف فيه والمتفق، ثم رأينا
بعد ذلك أن استيفاء ما يتعلق بهذا المنهاج أولى من الاطناب في غيره فرجعنا وأوردنا من
الزيادات ما كنا أخللنا به) (3).

(1) في التهذيب: (أنه يخرج).
(2) في التهذيب ههنا زيادة: (مع).
(3) التهذيب: ج 10 (المشيخة) ص 4.
593

انتهى.
ولا حاجة بعد هذا ما فسره السيد الجزائري في شرحه على التهذيب في ذيل
حديث ذكره الشيخ في باب الزيادات بعد أن (عاب) على الشيخ في إيراده، وأنه لا مناسبة
تقتضي إيراده هنا، قال:
(ولكن مثل هذا كثير، وكنت كثيرا ما أبحث عن السبب فيه حتى عثرت به، وهو أن
الشيخ قدس الله روحه كان رزق الحظ الأوفر في مصنفاته، واشتهارها بين العلماء، وإقبال
الطلبة على نسخها، وكان كل كراس يكتبه يبادر الناس إلى نسخه وقراءته عليه، وتكثر
النسخ من ذلك الكراس وكتابته على اختبار يناسب الأبواب السابقة، ولكنه لم يتمكن من
إلحاقها بها ليسبق الطلبة إلى كتابته وقراءته، فهو طاب ثراه تارة يذكر هذا الخبر في أبواب
غير مناسبة، وتارة أخرى يجعل له بابا ويسميه باب الزيادات أو النوادر، وينقل فيه
الاخبار المناسبة للأبواب السابقة).
انتهى، فتأمل.
ثم اعلم أن ما يرويه الشيخ في الكتابين وغيره، عمن لم يلقه قطعا، نحو قوله: الحسين
بن سعيد، فالمراد حدثنا الحسين بن سعيد، أو أخبرنا، أو روى لنا بنوع من أنواع الرواية،
ولكن بوسائط رجال السند المتصل به الذي قد تقرر، وهذا الاصطلاح من خواص
أصحابنا، وإنما اعتمدوا ذلك لكثرة أحاديثنا، وكون المقصود اتصال سند الرواية بأي نوع
اتفق، فأتوا بلفظ يندرج تحته الجميع ردما للاختصار، وإن كان تبين وجه المأخذ في كل راو
أحسن كما يفعلونه في كثير من المواضع.
ولنكتفي فيما ذكرناه من الفوائد الثلاث.
فهؤلاء المحمدون الثلاثة هم أئمة أصحاب الحديث من متأخري علماء الفرقة الناجية
الامامية.
594

(الجوامع الحديثية)
وقد من الله تعالى أيضا على الأنام بالمحمدين الثلاثة الأواخر، أصحاب الجوامع
الثلاثة العظام، (الوسائل)، و (الوافي)، و (البحار).
فكانت الجوامع الأول كالشمس وضحاها، والثلاثة بعدها كالقمر إذا تلاها. وأنا
أشير إلى مسلك كل واحد منهم، واصطلاحاته في كتابه، ووضع جمعه.
(1 - كتاب وسائل الشيعة)
أما وضع الشيخ الأعظم محمد بن الحسن الحر قدس (الله) نفسه الزكية في وسائل
الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، وهي ستة مجلدات، فتشتمل على جميع أحاديث
الأحكام الشرعية الموجودة في الكتب الأربعة وسائر الكتب المعتمدة، أكثر من سبعين
كتابا.
جعل لكل مسألة بابا على حدة بقدر الامكان، واستقصى ما ورد فيها، إلا إذا كانت
المسألة من المسائل الضرورية والآداب الشرعية فإنه لا يستقصي فيه النقل.
ولم يتعرض للأحاديث التي لا تتضمن شيئا من الاحكام، تاركا أيضا للاخبار
المشتملة على الأدعية الطويلة، والزيارات والخطب المنقولة، مستقصيا للفروع الفقهية،
والاحكام المروية، والسنن الشرعية، والآداب الدينية.
ويبدأ باسم من نقل الحديث من كتابه، ويذكر طرقه إلى الكتب في آخر كتابه. وإذا
نقل عن غير كتب الأربعة، صرح باسم الكتاب الذي نقل منه. وقد اشتملت خاتمته على
595

المهم من مطالب علم الرجال.
ثم اعلم أن كثيرا ما يقول: (وقد تقدم ما يدل على ذلك، ويأتي ما يدل على ذلك)
فإذا كان مكانها قريبا ظاهرا، كأن كان في الباب المتقدم على الباب الذي يذكر فيه ذلك، أو
بعده بباب أو بابين، أو قبله كذلك، لم يصرح حينئذ بمكانها للاختصار، وإن كان بعيدا أو
خفيا صرح به لزيادة الاحتياط والاستظهار، فجزاه الله خير الجزاء في تسهيل الاخذ
بالحديث، فإن من طالع كتب الحديث، واطلع على ما فيها من الأحاديث، وكلام مؤلفيها،
وجدها لا تخلو من صعوبة التحصيل، وتشتت الاخبار، وكثرة التكرار، واشتمال الموسومة
منها بالفقه على ما يتضمن شيئا من الاحكام الفقهية، وخلوه من كثير من أحاديث المسائل
الشرعية، وإن كان جملتها كافية لأولي الألباب، نافية للشك والارتياب، وافية بمهمات
مقاصد ذوي الأفهام، شافية في تحقيق مهمات الاحكام ألا أن هذا الشيخ سهل ما كان
صعبا، وجمع ما كان متشتتا وبوب كل مسألة بابا، ورتب كتابه نهج كتب الفروع، بل على
أحسنها ترتيبا، ك‍ (شرائع) المحقق، تسهيلا للطالب، وتحرير المطالب، حتى التزم ذكر
أحاديث الزي والتجميل في باب لباس المصلي بعنوان (أبواب الملابس).
وذكر أحاديث
المساكن في أبواب (مكان المصلي). وذكر أحاديث القرآن في باب (القراءة في الصلاة).
وأحاديث الدعاء بعد أبواب (التعقيب). وذكر أحاديث العشرة في كتاب الحج بعد أبواب
(أحكام الدواب) وأبواب (آداب السفر). وأحاديث الدفاع ذكرها في كتاب الحدود بعد
أبواب (نكاح البهائم ووطئ الأموات والاستمناء). فاغتنم.
(كتاب مستدرك الوسائل)
ثم جاء بعده ثالث المجلسيين، ثقة الاسلام، عماد الشيعة، في كل ما يتعلق بالمذهب
والدين في هذا الزمان أبو محمد شرف الحاج مولانا وشيخنا الأواه الحاج ميرزا حسين
الطبري النوري أدام الله تعالى ظله وبقاه، فزاد على أبواب الوسائل ما كان أغفله الشيخ
الحر في الكتب التي نقل عنها، أو ما لم يعثر عليه من الكتب المعتبرة، أو عثر عليه ولم ينقل
عنه، لعدم معرفته بجامعة، وعرفه شيخنا دام بقاه، ودل على ذلك في خاتمة الكتاب، وسماه
596

مستدرك الوسائل، فكان أعظم مصنف في المذهب.
(2 - كتاب بحار الأنوار)
وأما كتاب بحار الأنوار، لشيخ الاسلام، وعلامة الأنام، محمد باقر بن محمد التقي بن
مقصود علي، الشهير بالمجلسي، نور الله ضريحه المقدس. قد جمع فيه جميع العلوم، وهو
يشتمل على خمسة وعشرين كتابا:
(1) كتاب العقل والعلم والجهل.
(2) كتاب التوحيد.
(3) كتاب العدل والمعاد.
(4) كتاب الاحتجاجات والمناظرات وجوامع العلوم.
(5) كتاب قصص الأنبياء عليهم السلام.
(6) كتبا تاريخ نبينا صلى الله عليه وآله.
(7) كتاب الإمامة، وفيه جوامع أحوالهم عليهم السلام.
(8) كتاب الفتن، وما جرى بعد النبي من غصب الخلافة، وغزوات أمير المؤمنين
عليه السلام.
(9) كتاب تاريخ أمير المؤمنين عليه السلام، وفضائله وأحواله.
(10) كتاب تاريخ فاطمة الزهراء عليها السلام، والحسن عليه السلام، والحسين
عليه السلام وفضائلهم ومعاجزهم.
(11) كتاب تاريخ علي بن الحسين عليه السلام، ومحمد بن علي الباقر عليه السلام،
وجعفر بن محمد الصادق عليه السلام، وموسى بن جعفر الكاظم عليه السلام،
وفضائلهم، ومعجزاتهم.
(12) كتاب تاريخ علي بن موسى الرضا عليه السلام، ومحمد بن علي الجواد عليه السلام،
وعلي بن محمد الهادي عليه السلام، والحسن بن علي العسكري عليه السلام،
وأحوالهم، ومعجزاتهم.
597

(13) كتاب الغيبة، وأحوال الحجة القائم عليه السلام.
(14) كتاب السماء والعالم وهو يشتمل على أحوال العرش والكرسي والأفلاك، والعناصر
والمواليد والملائكة والجن، والانس والوحوش والطيور وسائر الحيوانات، وفيه
أبواب الصيد والذباحة، وأبواب الطب.
(15) وكتاب الايمان والكفر، ومكارم الأخلاق.
(16) كتاب الآداب والسنن، والأوامر والنواهي، والكبائر (1) والمعاصي، وفيه أبواب
الحدود.
(17) وكتاب الروضة والمواعظ والحكم والخطب.
(18) كتاب الطهارة والصلاة.
(19) كتاب القرآن والدعاء.
(20) كتاب الزكاة والصوم، وفيه أعمال السنة.
(21) كتاب الحج.
(22) كتاب المزار (2). (23) كتاب العقود والايقاعات.
(24) كتاب الأحكام.
(25) كتاب الإجازات وهو آخر الكتب، وهو يشتمل على إجازات العلماء الأعلام وما
يناسبها، وعلى أسانيد طرقه إلى جميع الكتب.
وقد وفق الله تعالى طبع أكثرها في هذه الأيام، كما وفقني للوقوف على جملة مما لم
يطبع أيضا.
ثم أعلم أن تسعة منها لم تخرج في حياة مصنفها العلامة من السواد إلى البياض، وإنما
أخرجها بعده تلميذه الفاضل المتبحر الميرزا عبد الله الأصفهاني، الشهير بالأفندي،
صاحب (رياض العلماء) والصحيفة الثالثة، وهي خالية عن البيان والتوضيح.

(1) في المتن: (الكبائر) والصحيح ما أثبتناه.
(2) في المتن: (المزاد) والصحيح ما أثبتناه.
598

وعن صهره الأوحد المير محمد صالح بن المير عبد الواسع الحسيني أن الكتاب الأول:
اثنا عشر ألف بيت.
والثاني: ستة عشر ألف بيت.
والثالث: ثلاثون ألف بيت.
والرابع: ستة عشر ألف بيت.
والخامس: أربعون ألف بيت.
والسادس: سبعة وستون ألف بيت.
والسابع: واحد وثلاثون ألف بيت.
والثامن: واحد وستون ألف بيت.
والتاسع: خمسة وخمسون ألف بيت.
والعاشر: ثلاثة وعشرون ألف بيت.
والحادي عشر: ثمانية عشر ألف بيت.
والثاني عشر: اثنا عشر إلف بيت.
والثالث عشر:: (مجلد الغيبة) واحد وعشرون ألف بيت.
والرابع عشر: ثمانون ألف بيت.
ومجلد الطهارة والصلاة: مائتا ألف بيت وألف وخمسمائة ألف بيت، وهو كتاب الثاني
والعشرون.
وكتاب المزار ثلاثون ألف بيت.
هذا ما وقفت عليه.
ثم اعلم أنه لم ينقل عن الكتب الأربعة المشهورة فيما جمعه في أبواب الفقه، لكونها
مشهورة في أيدي الناس، وصرح باسم الكتاب الذي أخذ الحديث منه.
وقد وقفت على جميع ما يتعلق بالفقه أيضا، فوجدت كتاب الطهارة والصلاة
مشحونة بالتحقيقات الفقهية، والبيانات الشافية الوافية.
وأما كتاب الزكاة والصوم، وكتاب العقود والايقاعات، فليس فيه إلا التبويب،
.
599

وجمع الحديث فقط، وكأنها من التي كانت مسودة، وخرجت إلى البياض بعد وفاته قدس
سره، فلم يهمله الاجل لبياناتها.
وأما رموز الكتاب التي ينقل عنها فلا حاجة إلى ذكرها هنا بعد ذكرها في ظهر أغلب
المجلدات المطبوعة منه، لان غرضنا في هذا الكتاب التنبيه على ما يصعب الوقوف عليه
غالبا.
(3 - كتاب الوافي)
وأما وضع كتاب الوافي للشيخ الفاضل في المعقول والمنقول، والمصنف في جميع
الفنون، محمد بن مرتضى المدعو بمحسن، الشهير بالفيض القاشاني، فهو أنه جمع ما تضمنته
أصولنا الأربعة المشهورة.
قال:
(حداني إلى تأليف (1) ما رأيت من قصور كل من الكتب الأربعة عن الكفاية،
وعدم وفائها (2) بجميع (3) الأخبار الواردة للهداية، وتعسر الرجوع إلى المجموع، لاختلاف
أبوابها في العناوين (4)، وتباينها في مواضع الروايات، وطولها المنبعث عن الزيادات (5).

(1) في الوافي: (تأليفه).
(2) في الوافي (وفائه).
(3) في الوافي (بمهمات).
(4) في الوافي (العنوانات).
(5) في الوافي: (المكررات).
600

أما الكافي:
فهو وإن كان أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها، لاشتماله على الأصول من بينها،
وخلوها من الفضول ونشينها إلا أنه أهمل كثيرا من الاحكام، ولم يأت بأبوابها على التمام،
وربما اقتصر على أحد طرفي الخلاف من الاخبار الموهمة للتنافي، ولم يأت بالمنافي. ثم إنه لم
يشرح المهمات (1) والمشكلات، وأخل بحسن الترتيب (2)، وربما أهمل العنوان لأبوابه، وربما
أخل بالعنوان لما يستدعيه، وربما عنون ما يقتضيه.
وأما الفقيه:
فهو كالكافي في أكثر ذلك، مع خلوه من الأصول، وقصوره عن كثير من الأبواب
والفصول.
وربما يشتبه الحديث فيه بكلامه ويشتبه (3) كلامه في ذيل الحديث بتمامه، وربما
يرسل الحديث إرسالا، ويهمل الاسناد إهمالا.
وأما التهذيب:
فهو وإن كان جامعا للأحكام، موردا لها قريبا من التمام، إلا أنه كالفقيه في الخلو من
الأصول، مع اشتماله على تأويلات بعيدة، وتوفيقات غير سديدة، وتفريق لما ينبغي أن
يجمع، وجميع ما ينبغي أن يفرق، ووضع الكثير (4) من الاخبار في غير موضعها، وإهمال
الكثير (5) منها في موضعها، وتكرارات مملة، وتطويلات للأبواب مع عنوانات قاصرة مخلة.

(1) في الوافي: (المبهمات).
(2) في الوافي ههنا زيادة: (في بعض الكتب والأبواب والروايات. وربما أورد حديثا في غير بابه).
(3) في الوافي: (يشبه).
(4) في الوافي: (لكثير) بدل (الكثير).
(5) في الوافي: (الكثير).
601

وأما الاستبصار:
فهو بضعة من التهذيب: أفردها منه مقتصرا على الاخبار المختلفة، والجمع بينها
بالقريب والغريب.
وبالجملة، فالمشايخ الثلاثة، شكر الله مساعيهم، وإن بذلوا جهدهم فيما أرادوا، وسعوا
في نقد الأحاديث وجمع شتاتها وأجادوا، إلا أنهم لم يأتوا فيها بنظام تام، ولا وفى كل واحد
منهم بجميع الأصول والاحكام، ولم يشرحوا المبهمات منها شرحا شافيا، ولم يكشفوا كثيرا
مما كان منها خافيا، ولم يتعاطوا حل غوامضه، ولا تفرغوا لتفسير مغامضه، ولكن الانصاف
إن الجمع بين ما فعلوا وبين ما تركوا أمر غير ميسر، بل خطب لا تبلغه مقدرة البشر، فهم قد
فعلوا ما كان عليهم وإنما بقي ما لم يكن موكولا إليهم. فكم من سرائر بقيت تحت السواتر،
وكم ترك الأول للاخر، فجزاهم الله عنا خير الجزاء بما بلغوا إلينا، وأسكنهم الجنان في العقبي
لما تلوا علينا.
ولم أر أحدا تصدى لتتميم هذا الامر إلى الان، ولا صدع به أحد من مشائخنا في
طول هذا (1) الزمان مع إن الأفئدة في الاعصار والأدوار هاوية إليه، والأكباد في الأقطار
والأمصار هائمة عليه.
وإني وإن كنت في هذا الشأن لقليل البضاعة، غير ممتط ظهر الخطر في بوادي هذه
الصناعة، إلا أن الدهر لما كان عن إبراز الرجال في وسن (2)، ولم يكن لمعضلات القضايا أبو
الحسن (3) وكانت آمال جماعة من الاخوان متوجهة إلي، ووجوه قلوبهم مقبلة علي،
اضطرني ذلك إلى الخوض في هذا الخطب الشريف، والاخذ في هذا الجمع والتأليف،
والاتيان من المباني والمعاني بالتليد (4) والطريف (5).

(1) (هذا) غير موجودة في الوافي.
(2) في الوافي: (النوم) بدل (وسن).
(3) في الوافي: (علي).
(4) التليد: القديم.
(5) الطريف: الحادث.
602

فشرعت فيه مستعينا بالله عز وجل، وجمعته جمعا وتدوينا، ونظمته نظما
وترقينا (1)، وهذبته تهذيبا، ورتبته ترتيبا، وفصلته تفصيلا، وسهلت طريق تناوله
تسهيلا، وبذلت جهدي في أن لا يشذ عنه حديث ولا إسناد تشتمل عليه الكتب الأربعة ما
استعطفت إليه سبيلا، وشرحت منه ما لعله يحتاج إلى بيان شرحا مختصرا في غير طول.
وأوردت بتقريب الشرح أحاديث مهمة من غيرها من الكتب والأصول، ووفقت
بين أكثر ما يكاد يكون متنافيا منه توفيقا سديدا، وأولت بعضه إلى بعض تأويلا غير بعيد،
ليكون قانونا يرجع إليه أهل المعرفة والهدى من الفرق الناجية) (2). إلى أن قال:
(وقد وضعت لكل من الأصول الأربعة علامة (3)، وعلامة الكافي: (كا).
وعلامة الفقيه: (يه).
وعلامة التهذيب: (يب).
وعلامة الاستبصار: (صا).
وعنوان ما يتعلق بشرح الحديث: (بيان).
والله المستعان) (4). إلى أن قال:
(فربما فرقت حديثا واحدا يشتمل على حكمين في بابين، وكررت الاسناد رعاية
لمناسبة العنوان، وهذا مما يفعله أرباب الحديث كثيرا.
وربما أوردت طائفة من الأخبار الواردة في حكم واحد في باب، وذكرت سائرها في
باب آخر، مع الإشارة إلى ذلك في كل منهما لكون هذه أربط بهذا، وذاك بذاك. وكل حديث
يناسب بابين أو أكثر أو كتابين أو أكثر أوردته في الأقدم، ثم أحلت عليه فيما تأخر، وربما
عكست الامر إذا كان بالمتأخر أربط، وربما كررت فجاء بحمد الله قريبا مما أردت) (5).
(وكل حديث يحتاج إلى شرح، فإن وجدت شرحه من حديث آخر ولو من غير

(1) ترقين الكتاب: تحسينه.
(2) الوافي - مقدمة المصنف (منشورات أمير المؤمنين - أصفهان): 1: 4 - 7.
(3) في الوافي: (فعلامة).
(4) الوافي 1: 39.
(5) الوافي 1: 40.
603

الكتب الأربعة شرحته به، ولو بذكره في جنبه إذا كان منها، وإلا فإن تعرض لشرحه أحد
المشايخ الثلاثة ولو نادرا و (1) ألفيته في كلام غيرهم من أهل العلم أو أئمة اللغة ولو أحيانا
نقلته عنهم، وإلا شرحته بعقلي بمقدار فهمي القاصي (2) فإن أصبت فمن الله عز وجل وله
الحمد والمنة على ذلك، وإن أخطأت (3) فمن نفسي والله غفور رحيم.
وأما الوفيق والجمع بين الاخبار المختلفة ظاهرا بالتأويل، مما (4) وجدت منه في
الفقيه - ولو على الشذوذ - نقلته عنه، وكذا ما ذكره في (التهذيب والاستبصار) مما كان قريبا
معبرا عنهما معا ب‍ (التهذيبين)، وما كان بعيدا فربما لم أتعرض له، وربما أشرت إلى بعده من
غير ذكر له، ثم إن خطر لي فيه تأويل غير بعيد ذكرته، وإلا فإن أمكن الترجيح بحسب
الاسناد أو موافقة القرآن والسنة، أو مخالفة العامة بالحمل على التقية أشرت إليه، وإلا تركته
على حاله ليكون من المتعارضات التي يكون الحكم فيها التخيير) (5).
إلى أن قال:
(تمهيد:
قد رتبت هذا الكتاب على أربعة عشر جزءا وخاتمة، وكل جزء كتاب على حدة،
هذا فهرسه:
كتاب العقل والعلم والتوحيد
كتاب الحجة
كتاب الايمان والكفر
كتاب الطهارة والتزئين (6)
كتاب الصلاة والدعاء والقرآن
كتاب الزكاة والخمس والميراث (7)
كتاب الصيام والاعتكاف والمعاهدات
كتاب الحج والعمرة والزيارات

(1) في الوافي: (أو) بدل (و).
(2) في الوافي زيادة: (وعلى مبلغ علمي الناصر).
(3) كذا في الوافي وفي المتن (خطأت).
(4) في الوافي: (فمما).
(5) الوافي: 1: 40 - 41.
(6) في الوافي: (التزيين).
(7) في الوافي: (المبرات).
604

كتاب الحسبة والاحكام والشهادات
كتاب المعايش والمكاسب والمعاملات
كتاب المطاعم والمشارب والتجملات
كتاب النكاح والطلاق والولايات (1)
كتاب الجنائز والفرائض والوصيات
كتاب الروضة الجامعة للمتفرقات
وأما الخاتمة:
فتذكر فيها ما ترك في كل من (الفقيه والتهذيبين) من صدر الاسناد، واستدرك في
آخر الكتاب (بالايراد) (2).
ويندرج الميراث: (القرض والعتق والمكاتبة والوقف والهبات).
وفي الحسبة: (الحدود والجهاد والقصاص والديات).
وفي المكاسب والمعاملات: (الصناعات، والتجارات، والزراعات، والإجازات
والديون، والضمانات، والرهن (3) والأمانات)
وفي التجملات: (الملابس والمراكب والمساكن والدواجن (4)).
وجعلت كل كتاب على أبواب، وأفردت كل جملة من أبواب كتاب واحد اشتركت
في معنى بعنوان يخصها، وعنونت الباب الأخير من تلك الجملة بالنوادر: وهي الأحاديث
المتفرقة التي لا يكاد يجمعها معنى واحد حتى تدخل معا تحت عنوان، وأوردت من الآيات
القرآنية في أول كل كتاب ما يناسبه، ثم في أول كل جملة من الأبواب ما يناسبها.
وكررت البيانات اللغوية في الجمل المتعددة من الأبواب لبعد العهد دون الجملة
الواحدة أو ما مر منها في أواخر الجملة السابقة واحتيج إليها في أوائل اللاحقة في كتاب
واحد لقربه. ولم أكرر البيانات (5) المعنوية التي احتاجت إلى بسط في الكلام (6) بل أحلت إلى
موضعه الأول.

(1) في الوافي: (الولادات).
(2) ما بين القوسين ساقط من المتن.
(3) في الوافي: (الرهون).
(4) كذا في الوافي وفي المتن: (الدواجر).
(5) كذا في الوافي وفي المتن: (البيات).
(6) كذا في الوافي وفي المتن: (كلام).
605

وربما تعرضت لتفسير (1) بعض الألفاظ التي يكاد يحتاج إلى التفسير عند المحصل،
لالتماس جماعة من الاخوان لكي يعم نفعه من لم يكن له كثير معرفة بالفنون (2) العربية
ممن خلصت نيته، وصلحت سريرته من الطالبين.
ولم أتعرض (لكشف) (3) غوامض بعض الأحاديث الأصولية وحل رموزاته كما
ينبغي، لقصور أفهام الجمهور عن دركها على ما هي عليه، إذ كانت من العلوم الحقيقية التي
أمرنا بكتمانها.
وبذلت جهدي في أن لا اتنطق في البيانات إلا باصطلاحات أهل ظواهر الشرائع
والديانات ما استطعت دون اصطلاحات أهل السر ممن خفيت مقاصدهم عن أفهام
الجماهير.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) (4).
انتهى كلامه.
وإنا لا ننقم من هذا الفاضل إلا شدة توغله وعشقه لكلام الفلاسفة في الإلهيات،
وشدة تعصبه للأخبارية في الفرعيات، حتى تحامل على أعلام الدين، وحملة علم الأئمة
الطاهرين عليهم السلام، كما لا يخفى على الخبير.
وله في الفقه من المذاهب الغريبة، وفي هذا الكتاب، وخصوصا في أبواب المياه
والطهارات والنجاسات، مما يقضي العجب. وقد تعرضت لتزييف مذاهبه في ذلك في كتابنا
(سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد) فنسأل الله التوفيق لاتمامه.
وقد تفرد بكثير من المسائل، ولم يعبأ بمخالفة المتأخرين، ولا الأوائل. وما يمنعه أن
يكون كالمصنف مع امتلائه من علم الحكمة بأقسامها، تراه على الجادة في أصول الشريعة
وفروعها، معظما لأهل الدين كما تراه يقول:
(وقد وفقني الله سبحانه، وأنا أقل العباد، محمد، المشتهر ببهاء الدين العاملي، عفا

(1) كذا في الوافي وفي المتن: (تفسير).
(2) كذا في الوافي وفي المتن (من الفنون).
(3) ساقط من المتن.
(4) الوافي 1: 42 - 43.
606

الله عنه، للاقتداء بآثارهم - يعني المحمدين الثلاثة - والاقتباس من أنوارهم، فجمعت في
كتاب الحبل المتين، خلاصة ما تضمنته (1) الأصول الأربعة، من الأحاديث: الصحاح،
والحسان، والموثقات، التي منها تستنبط أمهات الاحكام الفقهية، وإليها ترد مهمات المطالب
الفرعية.
وسلكت في توضيح مبانيها، وتحقيق معانيها، مسلكا يرتضيه الناظرون بعين
البصيرة، ويحمده المتناولون (2) بيد غير قصيرة، وأسأل الله التوفيق لاتمامه، والفوز بسعادة
اختتامه، إنه سميع مجيب).
انتهى.
وهو آخر كلامه في هذه الرسالة التي وفقنا الله عز وجل بشرحها بما لم أعرف أحدا
سبقني إلى مثله، في استيفاء الكلام في هذا الفن، والتنبيهات على فوائد لم تجتمع في مصنف،
فأحمد الله جل جلاله، بما علمني من التحميد حمدا كما يليق بعظمة المالك الحميد، وأسأله أن
يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به المؤمنين، بجاه سيد النبيين، وآله الغرر
الميامين، عليهم من الله تعالى أفضل الصلاة والسلام أجمعين.
تنبيه
إذا قلت: (البداية)، أريد بداية الدراية للشيخ زين الدين علي بن أحمد، الشهيد
الثاني رضي الله عنه.
وإذا قلت: (الدراية)، أريد شرحه على تلك البداية
وإذا قلت: (المنتقى)، أريد كتاب (منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان)
لولده المحقق الشيخ حسن بن زين الدين صاحب المعالم.
وإذا قلت: (في شرح الاستبصار) أريد شرح الاستبصار لابن صاحب المعالم المحقق
محمد بن الحسن.

(1) كذا في (و) وفي المتن: (تضمنته).
(2) في المتن: (المناولون).
607

وإذا قلت: (الدر المنظور)، أريد حاشية ولده العلامة الشيخ علي بن محمد بن الحسن
بن زين الدين على أصول الكافي، وهذا الشيخ جدنا من قبل الأمهات، وذلك إن جدتنا
أم السيد العلامة السيد صدر الدين وجدي الأعظم السيد محمد علي، بنت الشيخ علي بن
الشيخ محيي الدين بن الشيخ علي السبط المذكور، ولذا ربما قلت جدي في الدراية أو في
المنتقى أو شرح لهما أو في الدر المنظوم.
وإذا قلت: (الوحيد)، أريد المحقق العلامة الآقا باقر البهبهاني الحائري قدس سره،
وب‍ (فوائد التعليقة) تعليقته النفيسة على كتاب الرجال الكبير للميرزا محمد الأسترآبادي.
وإذا قلت: (الفوائد) أريد فوائد السيد بحر العلوم الرجالية.
وإذا قلت (السيد في العدة) أو (في المحصول) أو (في رسالة الرد)، فهو السيد المقدس
الرباني السيد محمد الأعرجي البغدادي الكاظمي. و (العدة) فوائده الرجالية. و (المحصول)
كتابه في الأصول، وهو محصول شرحه الوافي على (وافية) الملا عبد الله التوني ورسالة
(الرد) حواشيه على مقدمات كتاب (الحدائق) للشيخ المحدث البحراني، رد عليه مقدماته.
وإذا قلت: (اللوامع) و (الروضة)، أريد شرحي الفقيه العربي والفارسي، للشيخ
الأعظم المولى محمد تقي المجلسي قدس سره.
وإذا قلت: (ذكره والد المصنف)، فأريد رسالة (وصول الأخيار إلى أصول الاخبار)
للشيخ والمتبحر الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني والد البهائي.
وإذا قلت: (بعض الأفاضل) أو (بعض أفاضل العصر) أو (المعاصرين) فهو الفاضل
الملا آقا الدربندي في رسالته في علم الاسناد، تعرض فيها في الغالب إلى ضبط
اصطلاحات العامة.
وإذا قلت: في (المشرق) أريد كتاب مشرق الشمسين للشيخ المصنف بهاء الملة
والدين.
وإذا قل نقلي عن شخص، صرحت باسمه، واسم كتابه.
وقد وقع الفراغ من هذا التأليف ليلة السبت الثالث والعشر من شهر شوال من
شهور سنة ألف وثلاثمائة وأربع عشرة من الهجرة المباركة النبوية، على مهاجرها وآله آلاف
608

الصلاة والسلام والتحية، في بلد الكاظمين عليهم السلام، على مشرفها السلام، بيد مؤلفه
العبد الفاني، أبو محمد، الحسن بن أبي الحسن الهادي بن السيد محمد علي آخر السيد صدر
الدين العاملي بن السيد صالح بن محمد بن إبراهيم بن زين العابدين بن نور الدين علي بن
زين العابدين علي المشتهر بابن أبي الحسن وهو عباس الموسوي رضي الله عنه.
وكان ابتداء الشروع فيه: أول ليلة من شهر رمضان، من هذه السنة، فكان جمعه في
أربعة وخمسين يوما.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا
وباطنا، وهو حسبنا ونعم
الوكيل، نعم المولى
ونعم النصير.
609