الكتاب: خلاصة عبقات الأنوار
المؤلف: السيد حامد النقوي
الجزء: ١
الوفاة: ١٣٠٦
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٥
المطبعة: خيام
الناشر: مؤسسة البعثة - قسم الدراسات الإسلامية - طهران - ايران
ردمك:
ملاحظات: عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار لحجة التاريخ والبحث والتحقيق الإمام السيد حامد حسين الكهنوي

كلمة الناشر
هذا الكتاب الذي بين يديك يعتبر من أقوم الكتب إحكاما
وأكثرهم استدلالا على أحقية إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه الصلاة والسلام.
لقد طبع من هذا الكتاب أولا في الهند وفي حياة المؤلف
أربعة عشر مجلدا بقطع الرحلي وفي ألف نسخة. ثم أبدى فريق
من العلماء في قم وإصفهان عناية وهمة بطبع المجلدات الخاصة
من الكتاب بحديث الغدير. ثم أهمل الكتاب بعد ذلك في زاوية
النسيان ولم يلتفت إليه أحد، حتى انبرى السيد الجليل حجة
الاسلام والمسلمين السيد علي الميلاني، فشمر عن ساعد الجد و
قام مشكورا بترجمة الكتاب كله وبتلخيصه إلى اللغة العربية، وأضاف
إليه بعضا من التحقيقات، فأحيا بذلك موات هذا الأثر المنسي.
طبعت هذه النسخة في أربعة مجلدات منفردات في إيران و
بيروت، إلا ان الظلم الذي حاق بهذا الأثر الكبير، الفريد في بابه
حمل قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة - وهي التي تصرف
همها الأكبر لنشر الثقافة الإسلامية على مختلف الأصعدة وبشتى
اللغات - على أن تعقد العزم، متوجهة إلى أعتاب المولى سبحانه
ومستمدة العون من أرواح المعصومين الطيبة الطاهرة، على أن تسعى
أول الأمر إلى طبع الترجمة العربية الكاملة لهذا الكتاب النفيس،
ومن ثم تباشر بنشر أصل الكتاب المكتوب باللغة الپارسية، سائلة
العلي القدير أن يوفقها لتحقيق هذا الهدف العظيم.
قسم الدراسات الإسلامية
في مؤسسة البعثة
كلمة الناشر 1

عبقات الأنوار
في إمامة الأئمة الأطهار
حديث الثقلين - السند
(1)
تأليف
حجة التاريخ والبحث والتحقيق الإمام
السيد حامد حسين اللكهنوي
1246 - 1306
دراسات 1

تاريخ الطبع: 1405 هجرية.
دراسات 2

خلاصة
عبقات الأنوار
في إمامة الأئمة الأطهار
(حديث الثقلين - السند - 1)
بقلم
علي الحسيني الميلاني
دراسات 3

إهداء
إلى حامل لواء الإمامة الكبرى والخلافة
العظمى، ولي العصر المهدي المنتظر
الحجة ابن الحسن العسكري أرواحنا فداه
" يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر
وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف
لنا الكيل وتصدق علينا إن
الله يجزي المتصدقين "
علي
دراسات 5

دراسات
في كتاب العبقات
السيد علي الحسيني الميلاني
دراسات 7

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعنة على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
وبعد: فإن الاعتقادات أشرف الموضوعات، وأهمها الإمامة، فإن من
العدل نصب الإمام على العباد كي يعبد به الله تعالى، وتتبع سنن النبي صلى الله
عليه وآله، ويصلح أمر المعاد.
وكتاب " عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار " أجل ما كتب في الإمامة
من صدر الاسلام إلى الآن، ولم يكتب مثله في بابه في السلف والخلف، ومن
كتب بعده فيها فعيال عليه، وناسج على منواله، وسالك في سبيله..
وقد من الله تعالى علي أن وفقني لتعريبه وتهذيبه ومراجعة مصادره وتحقيقه
منذ عام 1385، وبعد أن شرعت بدراسة العلوم الإسلامية في الحوزات العلمية..
فكان كلما سنحت لي فرصة انتهزتها لخدمته، وكلما حصلت في الدروس عطلة
صرفتها في كتابته.. حتى تم إعداد عدة مجلدات منه، وطبع أربعة منها في
دراسات 9

الفترة ما بين سنة 1398 وسنة 1401.. بمدينة قم المشرفة، باسم " خلاصة
عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ".
وقد كانت لي مذكرات كتبتها في خلال العمل حول الكتاب وأساليبه في
ردوده واستدلالاته، وما يتوفر عليه من فوائد وتحقيقات لم يسبق إليها في سائر
المؤلفات، وإضافات على ما كتبته في حياة المؤلف وأسرته والتعريف بكتابه
ومكتبته.
فلما عزمنا - بحول الله وقوته، ورعاية سيدنا الإمام المهدي عجل الله فرجه
وعنايته - على إعادة طبع تلك المجلدات والاستمرار في طبع ما بقي منها،
دونت تلك المذكرات، وجعلتها في أبواب تتقدمها تمهيدات، فالباب الأول في
بيان التزام المؤلف بقواعد البحث وآداب المناظرة، والثاني: في أسلوبه في
الاستدلال، والثالث: في أسلوبه في الرد، والرابع: في بحوث وتحقيقات
في كتاب العبقات، والخامس: في التعريف بالكتاب، والسادس: في ترجمة
المؤلف ومشاهير أسرته، والسابع: في التعريف بمكتبة الأسرة، والثامن:
في التعريف بكتاب التحفة الاثني عشرية، والتاسع: في ترجمة مؤلف التحفة
الاثني عشرية، والعاشر: في بيان عملنا في الكتاب.
وقد سميت هذه المجموعة باسم (دراسات في كتاب العبقات).
والله أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يتقبلها بأحسن
قبول، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى. إنه سميع مجيب.
قم المشرفة 1 / محرم الحرام / 1405 علي الحسيني الميلاني
دراسات 10

تمهيدات
(1)
لبى النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعوة ربه.. لكن شريعته خاتمة الشرائع
ولا نبي بعده... فلا بد له من وصي يقوم بأمره، وخليفة يخلفه في أمته.
وهذا أمر لا خلاف فيه ولا كلام.
إنما الكلام في شخص الخليفة عن رسول الله، فأصحابه صلى الله عليه
وآله وسلم كثيرون عددا، وفيهم المهاجرون والأنصار، القرشيون وغيرهم،
والأقارب والأباعد..
فمن الخليفة من بعده؟
وما الطريق إلى معرفته؟
يقول الله عز وجل: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم
ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " 1.
ويقول سبحانه: "... فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " 2.

1) سورة النساء: 69.
2) سورة النساء: 63.
دراسات 11

ويقول تعالى: " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة " 1.
ويقول: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم
الخيرة من أمرهم " 2.
و (الإمامة) " شئ " تنازعت الأمة فيه، وأمر " شجر " بينهم، فيجب ردها
إلى " الله والرسول ".. وهم... - وربك - لا يؤمنون حتى يحكموا النبي
صلى الله عليه وآله وسلم فيها، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضى، ولا
يكون لهم الخيرة، ويسلموا تسليما..
والعقل يرى أن أقرب الطرق وأوثقها إلى معرفة " الوصي " هو الرجوع
إلى نفس " النبي ".. هذا النبي الذي " ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي
يوحى " 3.. ولو فرض أنه قد فوض إليه أمر تعيين الخليفة من بعده، فإنه
أعرف الناس بأصحابه، وأحرصهم على أمته..
فلنرجع إلى الله والرسول، أي: إلى الكتاب والسنة.
(2)
في القرآن الكريم طوائف من الآيات لها علاقة بمسألة الإمامة والخلافة:
1) الآية الواردة في خصوص مسألة الإمامة، وهي قوله تعالى: " وإذ ابتلى
إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن. قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال
لا ينال عهدي الظالمين " 4.
إذن: " الإمامة " لا تنال: " الظالمين ".

1) سورة القصص: 68.
2) سورة الأحزاب: 36.
3) سورة النجم: 3.
4) سورة البقرة: 119.
دراسات 12

2) الآيات التي تعطينا الملاك العام للأفضلية والتقدم، كقوله تعالى:
" إن أكرمكم عند الله أتقاكم " 1.
" يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات " 2.
" فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " 3.
فملاك التقدم في هذه الآيات هو " التقوى " و " العلم " و " الجهاد ".
3) الآيات النازلة في قضايا ومواطن خاصة، في حق أشخاص من الصحابة
يستدل بها على الأولوية بالإمامة، كقوله تعالى:
" إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون " 4.
فقد جعل الله سبحانه في هذه الآية " الولاية " لمن آمن وأقام الصلاة وآتى
الزكاة وهو راكع.
إلا أن المرجع في تعيين من نزلت في حقه هو " السنة ".
وفي السنة أيضا طوائف من الأحاديث لها علاقة بموضوع الإمامة والخلافة
أهمها طائفتان:
الأولى: النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خصوص
موضوع الإمامة والخلافة.
والثانية: النصوص الواردة في تفسير الآيات المتعلقة بالإمامة المشار
إليها...
ونحن يمكننا معرفة " الوصي " على ضوء النصوص من الطائفة الأولى،

1) سورة الحجرات: 13.
2) سورة المجادلة: 13.
3) سورة النساء: 98.
4) سورة المائدة: 60.
دراسات 13

كما يمكننا معرفته بمراجعة نصوص الطائفة الثانية، والنظر في كلمات المفسرين
وأخبار المؤرخين حول نزول تلك الآيات.
وإذا تم ذلك وجب العمل والاتباع عقلا ونقلا - كما أشرنا - وبذلك
يرتفع " التنازع " و " التشاجر ".. " فلا وربك لا يؤمنون حتى.. يسلموا
تسليما ".
وإن إمكان تعيين الخليفة على ضوء تلك الأحاديث، يتوقف على ثبوتها
سندا ودلالة، أي: لا بد أولا من الوثوق بصدور الحديث من النبي صلى الله
عليه وآله، فإذا ثبت صدوره عنه نظرنا في مدلوله ومفاده، فإن دل على معنى
- من غير معارض له في ذلك - أخذنا به وقلنا: هذا ما قضى الله ورسوله به
وصدق الله ورسوله.
وهذه هي الطريقة التي يتبعها الفقهاء بالنسبة إلى نصوص الفروع الفقهية
والمسائل الشرعية، فلماذا لا تتبع في نصوص مسألة الإمامة؟
(3)
نشأت الطائفة الشيعية في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كما دلت
الأحاديث المتفق عليها - والشيعي من شايع عليا 1 وتابعه ووالاه. وقد عرف
بهذه الصفة عدة من خيار صحابة النبي، اعتقدوا إمامته عليه السلام للأمة وخلافته
بعد النبي " ص ". وانحازوا إليه بعد وفاته " ص "، ولم يفارقوه حين فارقه
الناس، ولم يعرضوا عنه حين أعرض عنه الجمهور..
وتطورت هذه الفرقة، وامتدت جذورها إلى جميع الأقطار، وانتشرت
عقائدها في كل مكان، واعتنقها طائفة كبيرة من التابعين فمن بعدهم، رجعوا

1) القاموس المحيط " شاع ".
دراسات 14

إلى أئمة أهل البيت فيما أشكل عليهم من الكتاب والسنة، وعندهم درسوا،
وعنهم أخذوا. فكان فيهم المفسرون، والفقهاء، والمحدثون، والزهاد،
والعلماء..
حتى جاء دور الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، فأصل الأصول
وشيد الأركان، فعرف مذهب هذه الفرقة ب‍ " المذهب الجعفري ".
(4)
واشتغل الشيعة في مسألة " الإمامة " منذ وفاة النبي صلى الله عليه وآله
وسلم بجد وجهد، لأنها عندهم " زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا،
وعز المؤمنين ".
" إن الإمامة أس الإسلام النامي، وفرعه السامي ".
" بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفئ
والصدقات، وإمضاء الحدود والأحكام، ومنع الثغور والأطراف " 1.
فدافعوا عنها، وضحوا من أجلها، واستسهلوا المشاق في سبيلها، ولم تثن
عزائمهم السياط ولا السجون، وحتى استشهد من لا يحصي عددهم إلا الله.
قالوا: " الخليفة " بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو " علي بن أبي
طالب " لا سواه.. واستدلوا - منذ اليوم الأول - لما قالوا بالكتاب والسنة..
فإنه " ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة " 2.. وهما المرجع في كل شئ، ولا يكون
المؤمن مؤمنا حتى يسلم لما جاءا به تسليما...
ثم ألفوا في ذلك الكتب، ونظموا الأشعار.. في ظروف قاسية وأيام

1) الكافي 1 / 200.
2) المصدر نفسه 1 / 59.
دراسات 15

صعبة، يتتبعهم الجواسيس، وتلاحقهم السلطات..
ومع ذلك كله تراهم - إذا نظرت أحوالهم وسبرت أخبارهم - لا يعتمدون
في بحوثهم إلا على الكتاب والسنة، يطلبون الحق، وينشدون الحقيقة، رائدهم
الدين الصحيح، والاصلاح ما استطاعوا، بهدوء ووقار، ونقاش متين، وأدب
رفيع، وجدال بالتي هي أحسن..
(5)
ويعتقد الشيعة الإمامية بأن مسألة " الإمامة " بعد النبي صلى الله عليه وآله
هي مسألة أصولية كالنبوة 1. وبأن في النصوص الواردة عنه " ص " في تعيين الإمام
من بعده غنى عن أي دليل آخر. وهم - وإن كان اعتمادهم في السنة على ما ورد
عنه " ص " بطريق أهل بيته المعصومين - يحتجون في هذه المسألة بالنصوص
الواردة عن طريق خصومهم، والمسطورة في أسفار مخالفيهم.. هذا من حيث
السند.
وأما من حيث الدلالة.. فقد صدرت تلك الأقوال من النبي الكريم صلى
الله عليه وآله وسلم " بلسان عربي مبين ". وكما يرجع في فهم كلماته والألفاظ

1) ويستدلون على ذلك أيضا بالكتاب والسنة كما لا يخفى على من راجع كتبهم في
الإمامة. ومن النصوص النبوية الدالة على ذلك الحديث المشهور المتفق عليه: " من مات
وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " وله ألفاظ أخرى في مختلف الكتب، هذا بالنسبة
إلى أصل الإمامة.
قالوا: والمراد إمامة علي وأولاده، واستدلوا على هذا بنصوص كذلك، منها ما أخرجه
الحاكم والطبراني وأبو نعيم وغيرهم عنه " ص " أنه قال: " من أحب أن يحيى حياتي ويموت
موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من
هدى ولن يدخلكم في ضلالة ".
دراسات 16

الصادرة عنه في مسائل الصلاة، والصيام، والحج، والجهاد، والبيع، والشراء،
والنكاح، والطلاق.. وأمثالها.. إلى العرف واللغة.. كذلك يرجع الشيعة
في فهم مداليل ألفاظه في مسألة الإمامة والخلافة إلى اللغة والعرف، وإلى سائر
الأحاديث النبوية، لأن " الحديث يفسر بعضه بعضا ".
وفي هذا المقام أيضا يحتج الشيعة بكلمات علماء أهل السنة في التفسير واللغة
والأدب وغير ذلك...
هذه طريقة الشيعة في الاستدلال بالنصوص على إمامة أمير المؤمنين عليه
السلام، وهي طريقة واضحة لا غموض فيها ولا اعوجاج ولا اضطراب..
وقال أهل السنة بأن " الخليفة " بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو
" أبو بكر ".. وقد اختلف استدلالهم على هذا الاعتقاد، واضطربت كلماتهم..
فتارة: يستدلون بالنصوص التي يروونها في فضل أبي بكر مثل: " لو كنت
متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر ". وأخرى: يستدلون بالأفضلية. فقالوا بأن
" الأتقى " في قوله تعالى: " وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما له عند
أحد من نعمة تجزى " هو " أبو بكر " و " الأتقى " هو " الأفضل " لقوله تعالى:
" إن أكرمكم عند الله أتقاكم " فأبو بكر هو الأفضل. ولا تنعقد ولاية المفضول
عند وجود " الأفضل ". وثالثة: يستدلون بالاجماع.
وأجاب الشيعة ببطلان الحديث المذكور سندا ودلالة.
وبأن المرجع في تعيين المراد من " الأتقى " في الآية هو السنة.
وبأن الإجماع غير منعقد على خلافة أبي بكر.
(6)
وأنكر أهل السنة النص على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، وألفوا الكتب
دراسات 17

في الرد على الشيعة، إلا أنها - في الأكثر - مشحونة بالبغضاء والشحناء، والسب
والإهانة والكذب والبهتان..
لينظر المنصف إلى ما كتبه العلامة الحلي المتوفى سنة 726 مثل كتاب " منهاج
الكرامة في الإمامة " وكتاب " نهج الحق ".. ليرى هناك الاحتجاج بصحاح أهل
السنة، وسائر كتبهم المعتمدة في الفنون المختلفة، بأسلوب متين، لا تعصب فيه
ولا تعسف.. ثم لينظر إلى كتاب " منهاج السنة " 1) الذي كتبه أحمد بن عبد الحليم
المعروف بابن تيمية في الرد على " منهاج الكرامة " (1... وما كتبه فضل الله بن
روزبهان الخنجي في الرد على " نهج الحق " وهو الكتاب الذي أسماه ب‍ " إبطال
نهج الباطل " (2.
فهل قابلاه بالمثل استدلال وأدبا ومتانة؟
ثم إن أقل ما يجده المنصف المتتبع لكتب أهل السنة هو التعصب وإنكار
الحقيقة... ولنذكر لذلك مثالا:
يقول الشيعي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم غدير خم:
" ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعلي
مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
فيقول رجل من أهل السنة: هذا كذب لم يقله رسول الله.
فيجيب الشيعي قائلا: أخرجه فلان وفلان من أهل السنة.
فإذا رأى السني أن لا جدوى لإنكار أصل القضية قال:

1) رد عليه أحد أعلام الشيعة في القرن الثامن بكتاب: " الانصاف في الانتصاف
لأهل الحق من الإسراف ".
2) رد عليه القاضي نور الله التستري الشهيد ببلاد الهند بكتاب: " إحقاق الحق
وإزهاق الباطل " وعمد الشيخ محمد حسن المظفر إلى تأليف كتاب " دلائل الصدق لنهج
الحق " تتميما لما كتبه القاضي المذكور. وقد أعاد سيدنا النجفي المرعشي طبع " إحقاق
الحق " مع تعليقات كثيرة جدا، صدر منه حتى الآن 17 جزءا.
دراسات 18

وأين كان علي في ذاك اليوم؟ كان باليمن..
فيعود الشيعي ليقول: روى قدومه من اليمن فلان وفلان.. من أهل السنة.
وإذا انتهى دور المكابرة في السند. قال:
صدر الحديث: " ألست أولى.. " من وضع الشيعة.
فأجاب الشيعي: رواه فلان وفلان من أهل السنة..
فيدعي إنكار أهل اللغة مجئ (المولى) بمعنى (الأولى).
فيخرج له الشيعي قائمة بأسماء اللغويين الذين نصوا على ذلك وهم من
أهل السنة.
ومثال آخر:
يقول الشيعي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أنا مدينة العلم
وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ".
فأول ما ينكر السني صدور هذا الحديث عنه " ص ".
فإذا رأى أسماء رواته من كبار علماء طائفته قال:
فأبو بكر و.. أبواب كذلك.
فإذا أثبت له الشيعي جهل هؤلاء بأبسط المسائل على ضوء كتب أهل السنة
قال:
ليس " علي " في الحديث علما، بل هو وصف للباب بمعني " مرتفع ".
لماذا هذا التلاعب بالنصوص النبوية؟ وهلا فعلوا ذلك بلفظ " الصلاة "
و " الحج " و " الوضوء " و " الغسل " وأمثالها؟
(7)
وقد شكلت كتب الردود قسما كبيرا من مؤلفات الإمامية في مسائل الإمامة،
دراسات 19

كما لا يخفى على من لاحظ فهارس المؤلفات.
والسبب في ذلك هو أن أهل السنة لا بضاعة لهم إلا الكذب والانكار، فمن
السهل عليهم أن يقولوا حديث: " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح فمن
ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك " كذب موضوع. أو أن حديث: " اللهم ائتني
بأحب خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي فأكل
معه " لم يروه أحد من أصحاب الصحاح ولا صححه أئمة الحديث. أو حديث:
" خلقت أنا وعلي من نور واحد " موضوع بإجماع أهل السنة.
أو يقولوا في جواب: " من كنت مولاه فعلي مولاه " لم يقل أحد من أهل
العربية بمجئ (المولى) بمعنى (الأولى). أو أن " علي " في " أنا مدينة العلم
وعلي بابها " هو من " العلو " أي مرتفع، أو أن المراد من " بأحب خلقك إليك
وإلى رسولك يأكل معي.. " هو " الأحب في الأكل مع النبي "..
إن كل واحد من هذه الأقاويل سطر واحد أو سطران، لكن الجواب عنه
يستدعي فصلا كبيرا من البحث، وربما يشكل كتابا برأسه، كما هو واضح.
فمن هنا ترى كثرة كتب الرد - كما وكيفا - عند الشيعة قديما وحديثا:
فألف عمرو بن بحر الجاحظ كتاب " العثمانية ". ورد عليه جماعة من أعلام
الشيعة بردود اشتهرت ب‍ " نقص العثمانية "، كما رد عليه أبو جعفر الإسكافي من
المعتزلة.
وألف السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي كتاب " الشافي في الإمامة "
ردا على كتاب " المغني " للقاضي عبد الجبار بن أحمد، ثم لخصه تلميذه الشيخ
محمد بن الحسن الطوسي، واشتهر كتابه ب‍ " تلخيص الشافي ".
وألف شهاب الدين الشافعي الرازي 1) من بني مشاط كتاب " بعض فضائح
الروافض ".

1) قال في الذريعة: هو وإن لم يصرح في الكتاب باسمه لكنه يعرف بإشاراته كما
ذكره القزويني المذكور في نقضه.
دراسات 20

فرد على الشيخ نصير الدين عبد الجليل بن أبي الحسين بكتاب " بعض
مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض ".
وألف يوسف الأعور الشافعي الواسطي كتاب " الرسالة المعارضة في الرد
على الرافضة ". فرد عليه: الشيخ عز الدين الحسن بن شمس الدين المهلبي الحلي
بكتاب " الأنوار البدرية في كشف شبه القدرية " قال فيه: " التزمت فيه على
أن لا أستدل من المنقول عن الرسول صلى الله عليه وآله إلا بما ثبت من طريق
الخصم ولا أفعل كما فعل الناصب في كتابه ". والشيخ نجم الدين خضر بن
محمد الحبلرودي الرازي بكتاب " التوضيح الأنور في دفع شبه الأعور ".
وألف شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي المكي كتاب " الصواعق المحرقة
في الرد على أهل البدع والزندقة ". فرد عليه القاضي نور الله الشهيد بكتاب
" الصوارم المهرقة في رد الصواعق المحرقة " وكذا السيد مير محمد القزويني
المعاصر.
.. وهكذا.. توالت كتب التهجم على الشيعة حتى زماننا، فألف كتاب
من أهل السنة في هذا العصر " الصراع بين الوثنية والإسلام " و " الوشيعة في
رد عقائد الشيعة " و " الخطوط العريضة " و " مسائل موسى جار الله ".. و و..
وصدرت كتب الردود عليها من قبل علماء الشيعة..
(8)
وكان لعلماء الهند من الفريقين السهم الوافر والدور البارز في هذا الباب،
فالهند بلاد واسعة يقطنها الملايين من المسلمين، أنجبت في كل فرقة علماء ورجالا
تركوا آثارا خالدة في مختلف العلوم الإسلامية. ومن الطبيعي أن تدعو كل
فرقة إلى نفسها، وتستغل كافة الوسائل في سبيل نشر عقائدها، وقد ساعد على ذلك
ما في بلاد الهند من حرية الفكر والقول والتأليف والنشر.
دراسات 21

وقد بلغ النشاط الفكري والصراع العقائدي ذروته في الهند في القرنين
الثاني عشر والثالث عشر.. فقد نبغ بين الشيعة الفقيه المجاهد الكبير السيد
دلدار علي بن معين الدين النقوي المولود سنة 1166 والمتوفى سنة 1235،
الذي انتشرت بفضل جهوده تعاليم المذهب الجعفري في تلك الارجاء، وانتظمت
على يده أمور الطائفة، بعد أن كانوا متفرقين ليست لهم دعوة إلى مذهبهم، وما
كانت لهم جامعة تجمعهم، واشتغل طيلة أيام حياته الشريفة بترويج الدين ونشر
الأحكام بإقامة الشعائر وتأليف الكتب وتربية العلماء.
ولما وصل خبره إلى حسن رضا خان - من وزراء حكومة " أوده " في لكهنو
استدعاه للإقامة بلكنهو، فهاجر إليها، وانصرف إلى بث تعاليم الدين وإقامة
الشعائر. وكان العلامة المولى محمد علي الكشميري الشهير بپادشاه (1 نزيل
فيض آباد قد ألف في تلك الأيام رسالة في فضل صلاة الجمعة، حث فيها السلطان
آصف الدولة ابن شجاع بن صدر جنك سلطان مملكة " أوده " في لكهنو على
إقامة الجمعة، وذكر من هو أهل لإمامة الجماعة، وهم: السيد دلدار علي
وتلميذاه الميرزا محمد خليل والأمير السيد مرتضى، فأمر السلطان بإقامتها،
ورشح السيد لها. فأقامها ابتداء من ظهر اليوم الثالث عشر من رجب - يوم ولادة
أمير المؤمنين عليه السلام - سنة 1200.
ثم أقيمت الجمعة في السابع والعشرين منه، يوم مبعث النبي صلى الله عليه
وآله وسلم، وكانت أول صلاة جماعة للشيعة تقام في تلك الديار.
ثم استمرت الجماعة والخطب، وانتشرت أندية الذكر ومجالس الوعظ،
واهتم السلطان لترويج الشريعة، وتشييد الدين، وكثر طلاب العلم، وأخذوا
يتواردون على السيد من كل صوب 2).

1) توجد ترجمته في: أعلام الشيعة، نزهة الخواطر 7 / 456.
2) أعلام الشيعة الكرام البررة 2 / 519.
دراسات 22

قال السيد عبد الحي اللكهنوي المحقق السني: ثم إنه بذل جهده في إحقاق
مذهبه وإبطال غيره من المذاهب، لا سيما الأحناف والصوفية والأخبارية،
حتى كاد يعلم مذهبه في بلاد " أوده " ويتشيع كل الفرق (1.
أقول: ولعل هذا الذي ذكر السبب في تأليف معاصره المولوي عبد العزيز
ابن ولي الله العمري الدهلوي الحنفي المولود 1159 والمتوفى سنة 1239
كتاب " التحفة الاثنا عشرية في الرد على الإمامية ".. ألفه ليكون سدا أمام
تقدم المذهب الجعفري في الأقطار الهندية وتشيع كل الفرق..
وهذا هو دأب أهل السنة في كل صقع.. فقد قال ابن حجر المكي في
أول كتاب " الصواعق المحرقة " ما نصه: " فإني سئلت قديما في تأليف كتاب
يبين حقية خلافة الصديق وإمارة ابن الخطاب، فأجبت إلى ذلك مسارعة في
خدمة هذا الباب، فجاء بحمد الله أنموذجا لطيفا ومنهاجا شريفا ومسلكا منيفا.
ثم سئلت في اقرائه في رمضان سنة خمسين وتسعمائة بالمسجد الحرام،
لكثرة الشيعة والرافضة ونحوهما الآن بمكة المشرفة أشرف بلاد الإسلام، فأجبت
إلى ذلك رجاء لهداية بعض من زل به قدمه عن أوضح المسالك.. ".
فهذا دأب القوم، وليتهم أخذوا بالنزاهة في البحث والتزموا بجانب
الانصاف، وعملوا بقواعد المناظرة. لكن صاحب " التحفة " نسج على منوال
أسلافه من صاحب " الصواعق " وأمثاله.. فأكثر من التهجم على الشيعة، ونسب
إليهم العقائد الباطلة التي هم منها براء، وحاول الحط عليهم بالأكاذيب
والافتراءات..
وما أن انتشر كتاب " التحفة " حتى انبرى له جماعة من علماء الشيعة - وعلى

1) نزهة الخواطر 7 / 167.
دراسات 23

رأسهم السيد دلدار على نفسه - بالرد والنقد، وسنذكر أسماء تلك الكتب
فيما بعد.
وظلت مواضيع الباب السابع المتعلق بمباحث الإمامة من كتاب " التحفة "
موضع الأخذ والرد، والنقض والابرام، وحديث المجالس والأندية، حتى
صدر كتاب " عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ".
دراسات 24

دراسات
في كتاب العبقات
و " عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار " كتاب ألفه " السيد مير حامد
حسين " في الرد على " التحفة الاثني عشرية ".. وقد كان صاحب التحفة قد زعم
في باب الإمامة من كتابه انحصار أدلة الشيعة على إمامة علي عليه السلام في
ستة آيات واثني عشر حديثا فقط. ثم إنه أجاب بزعمه عن الاستدلال بالآيات
والروايات.. فجعل السيد صاحب العبقات كتابه في منهجين، المنهج الأول
في الآيات، وهي:
1 - إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم راكعون.
2 - إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
3 - قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.
4 - فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم
دراسات 25

ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين.
5 - إنما أنت منذر ولكل قوم هاد.
6 - والسابقون السابقون أولئك المقربون.
والمنهج الثاني في الأحاديث، وهي:
1 - يا معشر المسلمين ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا. بلى. قال:
من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
2 - قوله لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبي بعدي.
3 - إن عليا مني وأنا من علي، وهو ولي كل مؤمن من بعدي.
4 - كان عند النبي طائر قد طبخ له أو أهدي إليه. فقال: اللهم أئتني بأحب
الناس إليك يأكل معي هذا الطير. فجاءه علي.
5 - أنا مدينة العلم وعلي بابها..
6 - من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم
في حلمه وإلى موسى في بطشه وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي
طالب.
7 - من ناصب عليا الخلافة فهو كافر.
8 - كنت أنا وعلي بن أبي طالب نورا بين يدي الله قبل أن يخلق آدم
بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزئين فجزء أنا وجزء
علي بن أبي طالب.
9 - قوله " ص " يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه.
10 - رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار.
دراسات 26

11 - قوله لعلي: إنك تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله.
12 - إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما
أعظم من الآخر كتاب الله وعترتي. وقد بحث في ذيله حول حديث: " مثل أهل
بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق ".
ولما كانت " التحفة " بالفارسية كان من الطبيعي أن يؤلف " العبقات " بالفارسية
أيضا.
وإن هذا التراث العلمي الخالد بحاجة ماسة إلى مقدمة علمية تتوفر على
دراسته، لا سيما بعد أن أصبح الباحثين المحققين في القرن الرابع عشر
في مجال الصراع العقائدي.. وإليك ذلك في أبواب:
الباب الأول
الالتزام بآداب المناظرة وقواعد البحث
ويلوح للناظر في كتاب العبقات - قبل كل شئ - التزام مؤلفه العملاق
بآداب المناظرة وقواعد البحث، فإن هذه الظاهرة متجلية للناظر فيه لأول وهلة
ومثله سائر علماء الشيعة في كل ما كتبوا في الاحتجاج على أهل السنة، لكن
القوم لم يلتزموا بشئ من هذه الآداب والقواعد.
لقد كان صاحب العبقات على جانب عظيم من الحلم والصبر وضبط النفس
فهو يقابل السباب بالأدب، والتعدي بالرفق، والظلم بالعدل والانصاف.
ومن قواعد البحث: أن ينقل المخاصم كلام خصمه حول المسألة
المبحوث عنها، من دون زيادة أو نقصان، وبكل دقة وأمانة، فإذا انتهى من
إيراد كلامه بجميع جوانبه على أحسن ما يرام، وقرره أتقن تقرير، شرع في
جوابه وبيان مواضع الإشكال والنظر فيه.. ليكون البحث بحثا موضوعيا نزيها
دراسات 27

ينير الدرب للأجيال، ويوقفهم على ما يقوله الطرفان، فيستمعون إليه وينظرون
فيه فيتبعون أحسنه..
وكذلك فعل علماء الشيعة في بحوثهم.. وصاحب العبقات.. فإنه يصدر
بحثه بعد خطبة الكتاب بنص عبارة الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشرية، فينقلها
كاملة غير منقوصة ولا مبتورة، بل يتعرض لما أضافه الدهلوي في هامش كلامه
من نفسه أو نقلا عن غيره، من دليل وحجة، أو توضيح وبيان..
ثم يأخذ رحمه الله في إبطاله وتفنيده، بالأساليب المختلفة، من نقض أو
معارضة أو جواب حلي..
لكن القوم لم يلتزموا بهذه القاعدة.. فترى الدهلوي يريد الجواب عن
الاستدلال بحديث الثقلين: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل
بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " لا يتطرق إلى وجه استدلال
الشيعة بهذا الحديث أصلا. وفي حديث النور: " خلقت أنا وعلي من نور واحد "
يقول: " لا دلالة لهذا الحديث على ما يدعيه الإمامية " ولكن أين وجه الاستدلال
به على ما يدعونه؟ ويقول بالنسبة إلى حديث السفينة: " مثل أهل بيتي فيكم مثل
سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق " يقول: " لا يدل إلا على
الفلاح والهداية الحاصلين من حبهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلف عن
حبهم موجب للهلاك ".. فهذا صحيح.. ولكن كيف يستدل به الشيعة على الإمامة
والخلافة؟
ومن قواعد البحث: أن يحتج المخاصم بما يرويه خصمه ويراه حجة،
لا بما يرويه هو ويعتمد عليه.
وهذا مما التزم به صاحب العبقات وطبقه في بحوثه - كما عليه سائر علمائنا
الذين كتبوا في الاحتجاج على أهل السنة - فهو في مقام الاستدلال في كل باب
دراسات 28

يحتج بكتب أهل السنة، ويستدل بأقوال كبار حفاظهم ومشاهير علمائهم في
مختلف العلوم والفنون، وسنشير إلى هذه الجهة باختصار عن قريب.
لكن القوم ما التزموا بهذه القاعدة، فإن ادعوا الالتزام بها لم يعملوا بها..
وقد نبه صاحب العبقات رحمه الله على مواضع كثيرة خالف فيها الدهلوي هذه
القاعدة المقررة، فتراه يتمسك بحديث: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين من بعدي وعضوا عليها بالنواجذ " في مقابلة حديث الثقلين، فيجيب
السيد عنه قبل كل شئ بأن هذا الحديث مما تفرد به أهل السنة، وأن الاحتجاج
به ينافي الالتزام بالقاعدة.
ومن قواعد البحث: أن يقال بالحق ويعترف بالحقيقة في كلا مقامي
الاحتجاج والرد على السواء.
وكذلك فعل صاحب العبقات، فإنه كما يسند الحديث الذي يريد الاحتجاج
به إلى مخرجيه من أعلام أهل السنة، كذلك يسند الحديث الذي يحتج به الخصم
إلى مخرجيه وإن كانوا كثرة، فلا يكتم الحقيقة، ولا يكتفي بالإسناد والنقل عن
واحد أو اثنين ليقلل من شأن الحديث، بل يعترف بالواقع، وينقله عمن رواه
بجميع أسانيده وطرقه، ثم يجيب عنه نقضا وحلا.
فهو حيث يريد الجواب عن تمسك الدهلوي بما رووه عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " في مقابلة حديث
الطائر: " اللهم ائتني بأحب خلقك.. " لا ينكر أن هذا الحديث يرويه أهل السنة
عن خمسة من الصحابة، بل لا يسكت عن ذلك، بل يعترف بروايتهم إياه عنهم
وهم: حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وأنس بن مالك
وعبد الله بن عمر.. ثم ينقل نصوص أحاديثهم عن أهم مصادرهم كالمصنف لابن
أبي شيبة، والمسند لأحمد، وصحيح الترمذي، والمستدرك للحاكم. ثم يشرع
في إبطال الحديث المذكور سندا ومتنا بوجوه كثيرة جدا.
دراسات 29

لكن القوم لم يلتزموا بهذه القاعدة.. فترى الدهلوي حيث يريد الجواب
عن حديث الثقلين يقول: " رواية زيد بن أرقم عن النبي " ص " إني تارك فيكم
الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله
وعترتي ".
فتجاهل أن هذا الحديث مروي عن أكثر من عشرين صحابيا، منهم:
أمير المؤمنين علي عليه السلام.
جابر بن عبد الله الأنصاري.
زيد بن أرقم.
أبو سعيد الخدري.
حذيفة بن أسيد.
خزيمة بن ثابت.
زيد بن ثابت.
سهل بن سعد.
ضميرة الأسلمي.
عامر بن ليلى الغفاري.
عبد الرحمن بن عوف.
عبد الله بن عباس.
عبد الله بن عمر.
عدي بن حاتم.
عقبة بن عامر.
أبو ذر الغفاري.
أبو رافع الأنصاري.
دراسات 30

أبو شريح الخزاعي.
أبو قدامة الأنصاري.
أبو هريرة.
أبو الهيثم بن التيهان.
أم سلمة أم المؤمنين.
أم هاني بنت أبي طالب.
وهذا العدد فوق التواتر بكثير.
ثم إن اللفظ الذي أورده الدهلوي مبتور، فالحديث في (صحيح الترمذي)
و (مسند أحمد) وغيرهما من مصادر الحديث عند أهل السنة بعد " وعترتي "
جملة: " أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ".
الباب الثاني
أسلوبه في الاستدلال
وعلى ضوء ما تقدم نتمكن من معرفة أسلوب صاحب " عبقات الأنوار "
في استدلالاته. فإن كتابه هو " في إثبات إمامة الأئمة الأطهار " من الكتاب
والسنة. وقد وقع البحث في هذا الكتاب عن عدة من النصوص يعتقد الشيعة
دلالتها على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد رسول الله بلا فصل، وقد
أشرنا سابقا إلى أن في النصوص الواردة في السنة النبوية غنى عن أي دليل آخر
في هذا الباب.
إلا أن إثبات دلالة هذه النصوص على المذهب الحق يتوقف - كما أشرنا
سابقا - إلى ثبوتها من حيث السند أولا، ودلالتها على المطلوب ثانيا.
وقد ذكرنا أن من قواعد البحث - بل عمدتها - هو الاحتجاج والاستدلال
دراسات 31

بما يسلم به الخصم ويعتمده ويراه حجة.
وهكذا كان بحث صاحب العبقات.
1 - البحث السندي
فقدم السيد البحث حول أسانيد النصوص على البحث حول الدلالة، إذ
لا بد أولا من " تثبيت العرش " ثم " النقش " عليه. فلا يجوز الاحتجاج - في
الأصول وفي المسائل الفرعية من الواجبات والمحرمات - بأحاديث لا أصل
لها، أو مراسيل، أو ضعيفة سندا.. فكيف بمسألة " الإمامة " التي هي أهم المسائل
الإسلامية..
إلا أنه يشترط في باب الإمامة أن يكون الخبر المحتج به - بالإضافة إلى
اعتباره - معلوم الصدور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتواتر أو بالقرائن
والشواهد والمؤيدات المفيدة للعلم. أما الخبر الواحد المجرد عن كل قرينة
مفيدة للعلم فلا يكفي للاستدلال على الإمامة وإن كان حجة.
وهذا الذي ذكرناه مما تسالم عليه الطرفان، وهو من أسسهم المعتمدة في
البحث، فترى ابن تيمية يقول في رده لحديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها "
يقول: " وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن " ومن المعلوم عدم كفاية الظن
في المسائل الاعتقادية. لا سيما الإمامة. والسيد صاحب العبقات يرد على المعارضة
بالحديث " قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار موالي دون الناس كلهم
ليس لهم موالي دون الله ورسوله " وبعض الأحاديث الأخرى بوجوه. منها:
إنه خبر واحد.
إذن.. لا بد من إثبات اعتبار الحديث وصدوره عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم. وهذا أول ما يهتم به السيد المؤلف. فيذكر أولا أسماء الصحابة..
دراسات 32

ثم التابعين.. ثم الرواة والمخرجين للحديث في الطبقات المختلفة، منذ القرن
الثاني حتى القرن الثالث عشر.. من حفاظ أهل السنة وكبار علمائهم ومشاهير
أعلامهم..
ثم يورد نصوص الأخبار والروايات عن أمهات المصادر، ابتداء بالصحاح
فالمسانيد فالكتب الحديثية المعتبرة..
وحينئذ يتبين عدد الرواة للحديث من الصحابة والتابعين والمحدثين من
كل طبقة، فإن تحقق بذلك شرط التواتر فلا حاجة إلى ذكر الشواهد ونصوص
عبارات أعلام القوم الصريحة بتواتره، ومن هنا لم يذكر شيئا منها في (حديث
الثقلين) لا سيما وأنه مخرج في أحد الصحيحين.
وقد يتحقق شرط التواتر بأضعاف مضاعفة، ولكن أهمية البحث تستدعي
التعرض لبعض ذلك، كما هو الحال في (حديث الغدير) فإنه روي عن أكثر من
مائة وعشرين رجل وامرأة من الصحابة، ولكن هذا الحديث أهم الأحاديث
التي يستدل بها الشيعة على الإمامة. ولذا تراه يذكر - بعد نصوص الحديث،
وإخراجه بأسانيد أهل السنة - طائفة من المؤلفين في هذا الحديث، وينقل عن
الحافظ ابن كثير عن إمام الحرمين الجويني: " إنه كان يتعجب ويقول: شاهدت
مجلدا ببغداد في يد صحاف، فيه روايات هذا الخبر، مكتوبا عليه المجلدة
الثامنة والعشرون من طرق من كنت مولاه فعلي مولاه، ويتلوه المجلد التاسع
والعشرون ". ثم يورد نص جماعة من الحفاظ كالذهبي وابن الجزري والسيوطي
وغيرهم.. على تواتر حديث الغدير.
وقد يتحقق شرط التواتر، ويذكر - مع ذلك - طائفة من شواهد الحديث.
(كحديث السفينة) الذي رواه أئمة أهل السنة عن عدة من الصحابة، كسيدنا
أمير المؤمنين، وسيدتنا فاطمة الزهراء، وابن عباس، وأبي ذر، وأبي سعيد
دراسات 33

الخدري... و (كحديث أنا مدينة العلم) الذي رواه عشرات الأعلام من أهل
السنة، عن عدة من الصحابة، كأمير المؤمنين، والإمام الحسن، والإمام الحسين
وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر
وعمرو بن العاص، وحذيفة بن اليمان، وأنس بن مالك.. فقد ذكر عدة من
شواهده، مثل:
" أنا دار الحكمة وعلي بابها ".
" أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ".
" أنا دار العلم وعلي بابها ".
" أنا ميزان العلم وعلي كفتاه ".
" أنا مدينة الجنة وعلي بابها ".
" أنا مدينة الفقه وعلي بابها ".
" علي باب علمي ويبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي ".
" علي بن أبي طالب باب حطة ".
" لا يؤدي عني إلا أنا أو علي ".
وغيرها من الأحاديث المعتبرة التي رواها مشاهير أئمة أهل السنة في كتبهم
المعتبرة.
وقد يتحقق شرط التواتر كما هو الحال في (حديث المنزلة) الذي رواه
أكثر من عشرين صحابي وصحابية عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخرجه
عنهم الأئمة والحفاظ من أهل السنة في كل القرون وجميع الطبقات. لكنه
يضيف إلى ذلك ثلاثة فصول:
الأول: في كثرة طرق حديث المنزلة.
فأورد فيه نصوص عبارات جماعة من مشاهير القوم في صحة هذا الحديث
وكثرة طرقه، كالحافظ ابن عبد البر، والحافظ المزي، والحافظ ابن كثير،
دراسات 34

والحافظ ابن حجر العسقلاني، وغيرهم.
والثاني: في تواتر حديث المنزلة.
فأورد فيه عبارة ابن حجر المكي الصريحة في تحقق التواتر لحديث ورد
من حديث ثمانية من الصحابة، وعبارة الحافظ ابن حزم الصريحة في تحققه
لخبر أربعة من الصحابة.. فيكون (حديث المنزلة) الوارد عن أكثر من عشرين
من الصحابة متواترا بالأولوية القطعية. ثم نقل نصوص عبارات جماعة اعترفوا
بتواتر هذا الحديث الشريف.
والثالث: في قطعية صدور أحاديث الصحيحين.
فأورد فيه نصوص كثيرة عن مشاهير الأئمة الصريحة في أن ما أخرج في
الصحيحين مقطوع الصدور. وقد بحث عن ذلك من جهة أن (حديث المنزلة)
مخرج في كلا الصحيحين.
توثيق الرواة:
ولما كان اعتبار الخبر وحجيته باعتبار رواته ووثاقتهم، كان أسلوب السيد:
1 - ذكر أسماء الرواة والمخرجين للحديث، مع سني وفياتهم قلوا أو
كثروا.
2 - ثم الشروع بإيراد نصوص روايتهم بأسانيدها من الأول إلى الأخير،
نقلا عن كتبهم ومؤلفاتهم رأسا، أو عن كتاب معتبر وقع الرجل في طريق روايته،
أو نسب إليه فيه رواية الحديث.
3 - ثم يأتي بنصوص علماء الجرح والتعديل وأصحاب التراجم والسير،
مراعيا في ذلك طبقاتهم أيضا، حيث ينقل عبارة الأسبق فالأسبق.. في توثيق
الراوي والثناء عليه ومدح مصنفاته.. وربما يوثق الموثق أيضا.
دراسات 35

ولقد توفرت بحوثه رحمه الله في هذه الناحية على فوائد جمة ومباحث
قيمة وتحقيقات ثمينة.. من تحقيق حال رجال مشاهير، وتحقيق حال كتب
معروفة.. سنشير إلى طرف من ذلك فيما سنذكره تحت عنوان " بحوث
وتحقيقات ".
2 - البحث الدلالي
وعندما ينتهي رحمه الله من بحث السند، يأخذ في بيان وجوه دلالة الحديث
على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام..
وقد التزم في هذه الجهة أيضا بقواعد البحث والمناظرة التزاما تاما، ويمكن
ترسيم الخطوط العامة لأسلوبه في البحث الدلالي على النحو التالي:
1 - الاحتجاج بأخبار أهل السنة لا بأخبار الشيعة
وهذا من قواعد البحث - بل أهمها -. فالسيد في جميع بحوثه ملتزم بهذه
القاعدة، إذ تراه يحتج بأخبار أهل السنة حتى في السيرة وحوادث التاريخ.
وهذه ظاهرة غير خافية على من ألقى نظرة واحدة على هذا الكتاب من أوله إلى
آخره، فلا نطيل..
2 - الرجوع إلى كتب أهل السنة في كل فن
وهو مع ذلك لا ينقل أخبار أهل السنة عن طريق كتب الشيعة، بل ينقلها عن
كتب أهل السنة أنفسهم - إلا ما شذ وندر -، فلا يقول مثلا: أخرج المرتضى
عن أحمد في مسنده عن... بل يرجع إلى نفس مسند أحمد، أو ينقل خبره عن
واحد أو أكثر من أهل السنة عنه...
دراسات 36

وليس كل كتاب في الأخبار والأحاديث ينقل عنه ويعتمد عليه، بل أكثر
نقله واعتماده على أهم كتب أهل السنة وأشهرها في الحديث، أمثال 1:
1 - الصحاح الستة وشروحها.
2 - الموطأ وشروحه.
3 - الجمع بين الصحيحين.
4 - الجمع بين الصحاح الستة.
5 - معاجم الطبراني.
6 - المستدرك على الصحيحين.
7 - المسانيد المعتبرة، وأشهرها مسند أحمد.
8 - كتب السنن..
9 - المشكاة وشروحها.
10 - جامع الأصول.
11 - الجامع الصغير وشروحه.
12 - كنز العمال.
هذا بالنسبة إلى الأخبار والأحاديث.
وأما بالنسبة إلى العلوم الأخرى، فإنه يرجع إلى كتب أهل السنة في كل علم
وفن، ففي التفسير مثلا إلى:
1 - تفسير القرآن العظيم لابن كثير الدمشقي.
2 - تفسير الجلالين.
3 - مفاتيح الغيب - التفسير الكبير - للفخر الرازي.
4 - غرائب القرآن لنظام الدين النيسابوري.

1) لسنا بصدد إعطاء قائمة بمصادر المؤلف، فإن لذلك مجالا آخر سنقوم به بإذن
الله تعالى.
دراسات 37

5 - تفسير القرآن لمحمد بن جرير الطبري.
6 - الكشاف لجار الله الزمخشري.
7 - التفسير الوسيط لأبي الحسن الواحدي.
8 - تفسير القرآن لابن عربي الأندلسي.
9 - البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي.
10 - أنوار التنزيل، تفسير القاضي البيضاوي.
11 - السراج المنير للخطيب الشربيني.
12 - الدر المنثور لجلال الدين السيوطي.
13 - الدر اللقيط من البحر المحيط لتاج الدين القيسي.
14 - التفسير الحسيني - المواهب العلية. للحسين الكاشفي.
15 - روح المعاني، تفسير - لشهاب الدين الآلوسي.
16 - فتح البيان لصديق حسن خان القنوجي.
17 - الكشف والبيان لأبي إسحاق الثعلبي.
18 - لباب التأويل لعلاء الدين الخازن.
19 - معالم التنزيل للبغوي.
20 - تفسير شاهي لمحمد محبوب العالم.
21 - النهر الماد من البحر المحيط لأثير الدين أبي حيان.
هذا بالإضافة إلى أبواب التفسير في كتب الحديث.
وفي السيرة وفضائل الأئمة إلى:
1 - السيرة النبوية المعروفة بسيرة ابن هشام.
2 - إنسان العيون لنور الدين الحلبي.
دراسات 38

3 - السيرة النبوية لأحمد زيني دحلان.
4 - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للدمشقي.
5 - الروض الأنف في شرح السيرة للسهيلي.
6 - الشفا في تعريف حقوق المصطفى وشروحه.
7 - المواهب اللدنية بالمنح المحمدية وشرحه للزرقاني.
8 - الخصائص الكبرى لجلال الدين السيوطي.
9 - فضائل أمير المؤمنين علي لأحمد بن حنبل.
10 - الإتحاف بحب الأشراف لعبد الله الشبراوي.
11 - إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي.
12 - استجلاب ارتقاء الغرف لشمس الدين السخاوي.
13 - إسعاف الراغبين لمحمد الصبان المصري.
14 - جواهر العقدين لنور الدين السمهودي.
15 - خصائص علي بن أبي طالب للنسائي.
16 - ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى لمحب الدين الطبري.
17 - الرياض النضرة لمحب الدين الطبري.
18 - كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للكنجي الشافعي.
19 - المناقب للفقيه ابن المغازلي.
20 - المناقب لموفق بن أحمد الخوارزمي.
وغيرها. بالإضافة إلى أبواب السير والفضائل في كتب الحديث.
وفي الفقه إلى:
1 - المبسوط لشمس الدين السرخسي.
دراسات 39

2 - بدائع الصنائع للكاشاني.
3 - الهداية وشروحها.
4 - نيل الأوطار للشوكاني.
5 - إحكام الأحكام في شرح عمدة الأحكام لعماد الدين الحلبي.
6 - المحلى لابن حزم الأندلسي.
وفي أصول الفقه إلى:
1 - المختصر لابن الحاجب وشروحه.
2 - الأصول للسرخسي.
3 - الأصول للبزودي وشروحه.
4 - المنار وشروحه.
5 - مسلم الثبوت وشروحه.
6 - المحصول للفخر الرازي.
7 - التلويح في شرح التنقيح للتفتازاني.
8 - التحرير لابن همام وشروحه.
9 - الاحكام في أصول الأحكام للآمدي.
10 - الاحكام في أصول الأحكام لابن حزم.
11 - إرشاد الفحول للشوكاني.
12 - نهاية العقول للفخر الرازي.
وفي معرفة الصحابة إلى:
1 - الإستيعاب لابن عبد البر.
دراسات 40

2 - الإصابة لابن حجر.
3 - أسد الغابة لابن الأثير.
4 - تجريد أسماء الصحابة للذهبي.
وفي معرفة الأحاديث الموضوعة والمشتهرة والمتواترة من غيرها إلى:
1 - الموضوعات لابن الجوزي.
2 - اللآلي المصنوعة للسيوطي.
3 - التعقيبات على الموضوعات للسيوطي.
4 - الموضوعات لمحمد طاهر الفتني.
5 - الموضوعات لعلي القاري.
6 - تذكرة الموضوعات لعبد الحق الهندي.
7 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي.
8 - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة لابن عراق.
9 - مختصر تنزيه الشريعة لرحمة الله الهندي.
10 - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني.
11 - الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي.
12 - المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة للسخاوي.
13 - الدرر المتناثرة في الأحاديث المتواترة للسيوطي.
وإلى غيرها من الكتب.
وفي معرفة الضعفاء والوضاعين والمدلسين إلى:
1 - الضعفاء والمتروكين للبخاري.
دراسات 41

2 - الضعفاء والمتروكين للنسائي.
3 - كشف الأحوال في الرجال لعبد الوهاب المدراسي.
4 - الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث لسبط ابن العجمي.
5 - التبيين لأسماء المدلسين لسبط ابن العجمي.
6 - تمييز الطيب من الخبيث للشيباني.
7 - المغني في الضعفاء للذهبي.
وفي معرفة رجال الحديث إلى:
1 - تهذيب الكمال للمزي.
2 - تذهيب التهذيب للذهبي.
3 - تهذيب التهذيب لابن حجر.
4 - تقريب التهذيب لابن حجر.
5 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للخزرجي.
6 - الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني المقدسي.
7 - الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني المقدسي.
8 - الكاشف عن أسماء رجال الصحاح الستة للذهبي.
9 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي.
10 - لسان الميزان لابن حجر العسقلاني.
11 - الثقات لابن حبان.
12 - أسماء رجال المشكاة للخطيب التبريزي وغيره.
وفي الدراية وقواعد التحديث إلى:
1 - علوم الحديث لابن الصلاح.
دراسات 42

2 - التقييد والايضاح للزين العراقي.
3 - التقريب للنووي.
4 - تدريب الراوي للسيوطي.
5 - شرح ألفية الحديث للزين العراقي.
وفي الكلام إلى:
1 - شرح المقاصد للتفتازاني.
2 - شرح المواقف للجرجاني.
3 - شرح التجريد للقوشچي.
وفي تراجم العلماء إلى:
1 - إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد المكي.
2 - أخبار الأخيار لعبد الحق الدهلوي.
3 - الأنساب للسمعاني.
4 - التاج المكلل لصديق حسن القنوجي.
5 - أخبار أصبهان لأبي نعيم الحافظ.
6 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.
7 - التدوين بذكر علماء قزوين للرافعي.
8 - تذكرة الحفاظ للذهبي.
9 - تراجم الحفاظ للبدخشاني.
10 - تهذيب الأسماء واللغات للنووي.
11 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي.
دراسات 43

12 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر.
13 - دول الإسلام للذهبي.
14 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.
15 - سبحة المرجان في علماء هندوستان للبلكرامي.
16 - سير أعلام النبلاء للذهبي.
17 - طبقات الحفاظ للسيوطي.
18 - طبقات الشافعية للسبكي والأسنوي وابن قاضي شهبة الأسدي.
19 - طبقات الصوفية للسلمي.
20 - طبقات القراء لابن الجزري.
21 - طبقات المفسرين للداودي.
22 - الطبقات لمحمد بن سعد.
23 - العبر في خبر من غبر للذهبي.
24 - العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين للفاسي.
25 - فوات الوفيات لابن شاكر.
26 - كتائب أعلام الأخيار للكفوي.
27 - لواقح الأنوار في طبقات الأخيار للشعراني.
28 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي.
29 - مرآة الجنان لليافعي.
30 - معجم الأدباء لياقوت الحموي.
31 - إتحاف النبلاء المتقين لصديق حسن خان.
32 - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني.
33 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي.
دراسات 44

34 - وفيات الأعيان لابن خلكان.
35 - الوافي بالوفيات للصفدي.
36 - النور السافر في أعيان القرن العاشر للعيدروسي.
37 - سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر لمحمد خليل المرادي.
وفي التاريخ إلى:
1 - تاريخ الطبري.
2 - تاريخ ابن الأثير.
3 - تاريخ ابن خلدون.
4 - تاريخ اليعقوبي.
5 - مروج الذهب للمسعودي.
6 - تاريخ المظفري لابن أبي الدم.
7 - تاريخ الخلفاء للسيوطي.
8 - تاريخ الخميس للديار بكري.
9 - تاريخ أبي الفداء - المختصر في أخبار البشر.
10 - روضة المناظر لابن الشحنة.
11 - النجوم الزاهرة لابن تغري بردى.
12 - حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي.
13 - مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.
14 - عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان للعيني.
15 - فتوح البلدان للبلاذري.
وفي غريب الحديث وعلوم العربية إلى:
1 - النهاية لابن الأثير.
دراسات 45

2 - الفائق للزمخشري.
3 - مجمع البحار للفتني.
4 - المفردات في غريب القرآن للراغب.
5 - الصحاح للجوهري.
6 - المخصص لابن سيدة.
7 - القاموس المحيط للفيروز آبادي.
8 - تاج العروس للزبيدي.
9 - لسان العرب لابن منظور.
10 - النثير في مختصر نهاية ابن الأثير للسيوطي.
11 - أساس البلاغة للزمخشري.
12 - منتهى الإرب للصفي پوري.
13 - تهذيب اللغة للأزهري.
14 - المزهر في علوم اللغة للسيوطي.
15 - المغني في علم النحو لابن هشام.
16 - الأشباه والنظائر في اللغة للسيوطي.
17 - التصريح في شرح التوضيح لخالد الأزهري.
18 - مفتاح العلوم للسكاكي.
19 - المطول في علم البلاغة للتفتازاني.
20 - الكافية لابن الحاجب وشروحها.
وفي معرفة البلدان إلى:
1 - معجم البلدان لياقوت الحموي.
دراسات 46

2 - مراصد الاطلاع للبغدادي.
.. وهكذا.. في كتب الأخلاق، والتصوف، والسلوك، وحتى في كتب
المحاضرات والطرائف والقصص والأدب... كل ذلك يرجع فيه إلى كتب
أهل السنة..
هذا، وفي كثير من الأحايين يؤكد على اعتبار الكتاب الذي ينقل عنه
أو يستشهد بما جاء فيه، وأسلوبه في ذلك هو:
1 - ذكر كلام كاشف الظنون. وبذلك يثبت اسم الكتاب واسم مؤلفه
وصحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
2 - ذكر رواية العلماء للكتاب في كتب الإجازات والأسانيد.
3 - ذكر من نقل عن الكتاب واعتمد عليه.
4 - ذكر من جعل الكتاب من مصادر كتابه ونص على ذلك في خطبة مؤلفه.
5 - خطبة الكتاب المشتملة على التزام مؤلفه بالنقل عن الكتب المعتبرة
وإيراد الأخبار المعتمدة.
ولا يخفى ما لهذا الأسلوب من الأثر في بلوغ المرام وكفاية الخصام.
- " تنبيه " -
قد ذكرنا أن احتجاج الشيعة بأخبار أهل السنة ورجوعهم إلى كتب أولئك
هو من قواعد البحث وقوانين المناظرة.. لكن بعض متعصبي أهل السنة جهلوا
أو تجاهلوا، فقالوا بأن ذلك دليل على أن الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية
ولا علماء، فهم في كل ما يدعونه عيال على أهل السنة.. قال ابن روزبهان في
الرد على العلامة الحلي:
" العجب من هذا الرجل، لا ينقل حديثا إلا من جماعة أهل السنة، لأن
دراسات 47

الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية ولا علماء مجتهدون مستخرجون للأخبار، فهو
في إثبات ما يدعيه عيال على أهل السنة ".
والسيد رحمه الله غير غافل عن هذا التوهم أو التجاهل، فأورد في بحثه
حول بعض الأحاديث (كحديث النور) ألفاظا منه بطرق الشيعة الإمامية عن
أئمتهم الأطهار عن النبي المختار صلى الله عليه وآله ردا على كلام ابن روزبهان
ومن لف لفه..
3 - الاستناد إلى فهم الأصحاب
ومن أساليبه في الاستدلال على ما يذهب إليه هو الرجوع إلى فهم الأصحاب
فإن فهم الصحابة - لا سيما من خالف منهم عليا عليه السلام - يكون حجة
ومرجعا لدى الخصومة والنزاع في معنى الحديث النبوي، وذلك:
1 - لأنهم عدول عند المشهور بين أهل السنة.
2 - لأنهم عاصروا النبي صلى الله عليه وآله وحضروا الوقائع وشهدوا
صدور الحديث المتنازع فيه وسمعوه ووعوه.
3 - ولأنهم أهل اللسان.
فمن الحري بنا أن نرجع إلى فهمهم، وهذا ما صنعه السيد في مواضع
من بحوثه، نذكر هنا بعضها من باب التمثيل:
1 - في معنى " من كنت مولاه فعلي مولاه "
لقد فهم الأصحاب مما قاله النبي صلى الله عليه وآله في يوم غدير خم
نفس المعنى الذي تقول به الشيعة:
1 - ناشد أمير المؤمنين عليه السلام الناس عن (حديث الغدير) وطلب ممن
دراسات 48

حضر ذلك اليوم وسمع النبي " ص " أن يقوم فيشهد.
أترى أنه عليه السلام كان يفهم من الحديث غير الإمامة؟
2 - ولو كان المراد من (حديث الغدير) غير " الإمامة " من معاني " الولاية "
فلماذا كتم جماعة من الأصحاب الشهادة بذلك؟ ولماذا دعا عليه السلام على
من كتم؟
3 - ولماذا " سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين ليس له دافع ".. أليس
قد فهم " الإمامة " من الخطبة؟ ألم يقل للنبي: "... ثم لم ترض بذلك حتى
رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه.. "
4 - وقال حسان بن ثابت الأنصاري في شعره في يوم الغدير:
" رضيتك من بعدي إماما وهاديا ".
5 - واستنكر أبو الطفيل (حديث الغدير). قال: " فخرجت وفي نفسي
شئ ".
6 - وقال أبو أيوب الأنصاري وجماعة من الأصحاب دخلوا على أمير المؤمنين
عليه السلام: " السلام عليك يا مولانا. فقال عليه السلام: وكيف أكون مولاكم
وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله " ص " يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه
فعلي مولاه ".
7 - وهنأ أبو بكر وعمر وسائر الصحابة وأزواج النبي صلى الله عليه وآله
وسلم عليا يوم الغدير قائلين: " ليهنئك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن
ومؤمنة.. "
8 - وقال عمر - في جواب من قال له: تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد
من أصحاب رسول الله " ص " - قال: " إنه مولاي ".
9 - وقال لمن استنكف من قضاء علي:
" ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ".
دراسات 49

10 - وقال ابن حجر المكي في (الصواعق) في وجوه الجواب عن حديث
الغدير: " ثالثها: سلمنا أنه أولى، لكن لا نسلم أن المراد أنه الأولى بالإمامة،
بل بالاتباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين
اتبعوه. ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال. بل هو الواقع، إذ هو
الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما في الحديث، فإنهما لما سمعاه قالا له:
أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني. وأخرج
أيضا أنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي
" ص ". فقال: إنه مولاي ".
2 - في معنى حديث الطائر
قال الدهلوي: إن المراد من " الأحب " في قوله صلى الله عليه وآله: " اللهم
ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطائر " هو " الأحب
في الأكل ".
وقد أجاب السيد رحمه الله عن هذه الدعوى ب‍ " 70 " وجها، ومنها الرجوع
إلى فهم الأصحاب، فإنهم قد فهموا من هذا اللفظ ما تقوله الشيعة وتفهمه..
فمن ألفاظ الحديث عن مالك بن أنس قال:
" أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام.
فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي. وقالت حفصة: اللهم اجعله أبي. قال أنس:
فقلت أنا: اللهم اجعله سعد بن عبادة. قال أنس: سمعت حركة الباب فسلم فإذا
علي. فقلت: إن رسول الله على حاجة. فانصرف. ثم سمعت حركة الباب
فسلم علي وسمع رسول الله فقال: أنظر من هذا. فخرجت فإذا علي فجئت إلى
دراسات 50

رسول الله فأخبرته فقال: ائذن له فأذنت له فدخل - فقال رسول الله: إلي إلي ".
فليت شعري هل كان هذا الشوق من عائشة وحفصة وأنس لأن يكون
" الأحب في الأكل " غير علي؟ وما ضرهم لو كان علي " الأحب في الأكل "؟ وهل
يرتكب أنس بن مالك كبيرة الكذب لأمر صغير كهذا؟
ثم إن هذه القضية لتذكر الإنسان بقضية أمر النبي صلى الله عليه وآله في
أيام مرضه بأن يدعو له الحاضرون عليا عليه السلام لأجل الوصية إليه، ولأن يأمره
بالصلاة في مقامه.. ففي الحديث عن الأرقم بن شرحبيل قال: " سألت ابن
عباس: أوصى رسول الله " ص "؟ قال: لا. قلت: فكيف كان ذلك؟ قال:
قال رسول الله " ص ": ابعثوا إلى علي فادعوه. فقالت عائشة: لو بعثت
إلى أبي بكر. وقالت حفصة: لو بعثت إلى عمر، فاجتمعوا عنده جميعا. فقال
رسول الله " ص ": انصرفوا فإن تك لي حاجة أبعث إليكم. فانصرفوا.. "
وفيه: عن عائشة قالت " قال رسول الله " ص " - وهو في بيتها لما حضره
الموت - ادعوا لي حبيبي. فدعوت له أبا بكر، فنظر إليه ثم وضع رأسه،
ثم قال: ادعوا لي حبيبي. فدعوت له عمر، فنظر إليه ثم وضع رأسه، ثم قال:
ادعوا لي حبيبي. فقلت: ويلكم ادعوا له عليا فوالله ما يريد غيره. فلما رآه أفرج
الثوب الذي كان عليه ثم أدخله معه. فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه 1 ".
3 - في معنى ثلاثة أحاديث
ورووا عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم معاوية في بعض حجاته فدخل

1) بحث الحافظ ابن الجوزي مسألة صلاة أبي بكر في مرض النبي صلى الله عليه
وآله وسلم في رسالة له اسمها (آفة أصحاب الحديث). فأثبت فيها خروج النبي عند ذاك
إلى المسجد وإقامته تلك الصلاة بنفسه الشريفة، وقد نشرنا هذه الرسالة لأول مرة سنة
1398. مكتبة نينوى الحديثة - طهران - مع مقدمة أثبتنا فيها كون خروج أبي بكر بأمر
من عائشة لا من النبي " ص " وذكرنا فيها مطالب جليلة، وأضفنا إلى تلك الرسالة فوائد
علمية وتعاليق هامة لا تخفى قيمتها على الباحثين.
دراسات 51

على سعد، فذكروا عليا، فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت
رسول الله " ص " يقول له ثلاث خصال لئن تكون له واحدة منهن أحب إلي من
الدنيا وما فيها.
سمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه.
وسمعته يقول: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله.
وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "
فما الذي فهم من " الولاية " و " الحب " و " المنزلة " وتمنى حصوله له مرجحا
إياه على الدنيا وما فيها؟!
4 - في معنى حديث المنزلة
وفهم معاوية من حديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي " أعلمية الإمام عليه السلام، فقد قال ابن حجر المكي وغيره واللفظ له:
" أخرج أحمد أن رجلا سأل معاوية عن مسألة، فقال: اسأل عنها عليا فهو أعلم.
فقال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب إلي من جواب علي. فقال: بئسما
قلت لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغزره بالعلم غزرا. ولقد قال له: أنت
مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وكان عمر إذا أشكل عليه شئ
أخذ منه.
وقد أخرجه آخرون بنحوه، لكن زاد بعضهم: قم لا أقام الله رجليك،
ومحا اسمه من الديوان. ولقد كان عمر يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدته إذا أشكل
عليه شئ قال: ههنا علي؟ ".
دراسات 52

5 - في معنى حديث التشبيه
وفهم أبو بكر من حديث التشبيه ما يفهمه الإمامية، ففي الحديث عن حارث
الأعور قال: بلغنا أن رسول الله " ص " كان في جمع من أصحابه فقال: أريكم
آدم في علمه ونوحا في فهمه وإبراهيم في حكمته.
فلم يكن بأسرع من أن طلع علي.
فقال أبو بكر: يا رسول الله أقست رجلا بثلاثة من الرسل؟! بخ بخ لهذا
الرجل، من هو يا رسول الله؟
قال النبي " ص ": ألا تعرفه يا أبا بكر.
قال: الله ورسوله أعلم.
قال: أبو الحسن علي بن أبي طالب.
قال أبو بكر: بخ بخ لك يا أبا الحسن، وأين مثلك يا أبا الحسن؟! "
4 - الاستدلال بالقواعد المقررة
ثم إن في كل علم من العلوم قواعد مقررة مقبولة عند علماء ذاك العلم،
وكل استدلال يجب أن لا يتنافى مع قاعدة من تلك القواعد، بل لا بد من أن
ينطبق عليها، وإلا فلا يتم الاستدلال ولا ينتج المطلوب.
وأنت لا تجد في استدلال من استدلالات صاحب العبقات مخالفة لشئ
من القواعد المسلمة في علم من العلوم، بل الأمر بالعكس، فإنك ترى - في
كل مقام اقتضى البحث - الاستدلال المتين بالقواعد العلمية المتفق عليها بين
العلماء، وهو حيث يستدل بقاعدة يستشهد لاعتبارها بموارد من استدلال كبار
علماء القوم بها في كتبهم المختلفة، ونحن نشير هنا إلى بعض تلك القواعد:
دراسات 53

1 - قاعدة " تقدم المثبت على النافي "
وهذه قاعدة عامة استند إليها السيد في الجواب عن مناقشة الفخر الرازي
لحديث الغدير، فكان مما ذكر الرازي أن البخاري ومسلما.. لم يخرجوا
حديث الغدير، فأجاب عن كل جملة جملة من كلامه في فصل خاص يتوفر على
مطالب جليلة ومباحث مهمة ووجوه كثيرة..
وكان من تلك الوجوه: تقديم قول الرواة المثبتين لحديث الغدير على
قول النافين له - فضلا عن الساكتين عن روايته - استنادا إلى قاعدة " تقدم
المثبت على النافي "، وهي قاعدة استند إليها المحدثون والفقهاء والأصوليون
والأدباء..
ففي (السيرة الحلبية) في البحث عن أنه هل صلى رسول الله صلى الله عليه
وآله في الكعبة يوم فتح مكة أولا: " فبلال رضي الله عنه مثبت للصلاة في الكعبة
وأسامة رضي الله عنه ناف، والمثبت مقدم على النافي ".
وفي (زاد المعاد في هدي خير العباد) - في كيفية جلوس النبي صلى الله
عليه وآله في الصلاة، وأنه هل كان يحرك إصبعه عندما يشير بإصبعه إذا دعا
فيها أولا ذكر حديثين أحدهما لأبي داود عن عبد الله بن الزبير وفيه: " لا يحركها "
والآخر لأبي حاتم عن وائل بن حجر وفيه: " ويحركها ". فأجاب عن الأول
بوجوه، منها قوله: " وأيضا فليس في حديث أبي داود أن هذا كان في الصلاة،
فلو كان في الصلاة لكان نافيا، وحديث وائل مثبتا، وهو مقدم ".
وفي (الفتح الوهبي) في تحقيق أنه هل في لفظ " المشورة " لغة واحدة
أو لغتان؟ فنقل عن بعض اللغويين أنها لغة واحدة لا غير، وعن بعض لغتان. وقال
مرجحا للقول الثاني: " والمثبت مقدم على النافي، ومن حفظ حجة على من
لم يحفظ ".
دراسات 54

2 - قاعدة " عدم حمل الاستثناء على المنفصل ما أمكن المتصل "
وهذه قاعدة أصولية نص عليها كبار الأصوليين، استند إليها السيد في
الاستدلال بحديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "
في جواب دعوى الدهلوي الضرورة على كون الاستثناء في هذا الحديث منقطعا.
فأثبت أنه لا وجه للحمل على الانفصال وحمله على الاتصال ممكن، والأصل
هو الحمل على الاتصال مهما أمكن، لأن الاستثناء المتصل حقيقة، والمنقطع
مجاز، ومهما أمكن حمل الاستثناء على الحقيقة وجب حمله عليها، إذ الأصل
في الكلام هو الحقيقة.
وقد أورد هناك نصوص عدة من الأصوليين على هذه القاعدة عن المتون
الأصولية الشهيرة وشروحها، كالمختصر لابن الحاجب، والمنهاج للبيضاوي،
والتلويح للتفتازاني، وكشف الأسرار في شرح أصول البزودي لعبد العزيز
البخاري. وغيرها.
3 - قاعدة " الحمل على المعنى "
وهي قاعدة أدبية، استند إليها السيد في حديث المنزلة قائلا بأن " إلا أنه
لا نبي بعدي " محمول على " إلا النبوة " عملا بقاعدة " الحمل على المعنى ".
ثم ذكر رحمه الله نظائر لهذا الحمل عملا بتلك القاعدة عن كتاب (الأشباه
والنظائر) للسيوطي.
4 - قاعدة " الحديث يفسر بعضه بعضا "
وهي قاعدة حديثية. استند إليها في بعض بحوثه وهو بصدد الاستدلال بحديث
دراسات 55

أو الرد على كلام. فمن الأول: استدلاله على دلالة " المولى " في (حديث
الغدير) على معنى " الأولوية بالتصرف " بالألفاظ المختلفة الأخرى الأوضح
دلالة على المعنى المذكور، فتكون تلك الألفاظ مفسرة للفظ " المولى " في لفظ
" من كنت مولاه فهذا مولاه ".
ومن الثاني: استدلاله بشواهد ومؤيدات (حديث أنا مدينة العلم) - والتي
ذكرنا نصوص طائفة منها - على إبطال تأويل يوسف الواسطي لفظ " علي "
في الحديث بأن المراد منه هو " العلو والارتفاع ".
وقد استند إلى هذه القاعدة كبار علماء الحديث كالحافظ ابن حجر العسقلاني
في فتح الباري - في شرح الأحاديث وبيان معانيها.
5 - قاعدة " لزوم حمل اللفظ المشترك عند فقد المخصص على
جميع معانيه "
استند إلى هذه القاعدة في دلالة حديث: " إن عليا مني وأنا من علي وهو
ولي كل مؤمن من بعدي ".. فإن لفظ " ولي " يحمل هنا على جميع معانيه ومنها
" الأولى بالتصرف " بعد التنزل عن تبادر هذا المعنى منها بالخصوص في هذا
الحديث الشريف.
الباب الثالث
أسلوبه في الرد
وتتجلى عظمة المؤلف، ودقته في النظر، وإحاطته بالعلوم، وتتبعه للأقوال،
وأمانته في النقل، والتزامه العملي بقواعد البحث.. في أساليبه في الرد على
الاشكالات أو النقد للاستدلالات..
لقد قطع رحمه الله بأقوى الحجج وأمتن البراهين كافة الطرق والذرائع،
دراسات 56

ودفع جميع الشكوك والشبهات، حتى لم يبق للخصوم أي طعن في المذهب،
أو قدح في دليل، أو تضعيف لحديث.. إلا ودفعه بالتي هي أحسن، ورد عليه
الرد الجميل: " بتحقيقات أنيقة، وتدقيقات رشيقة، واحتجاجات برهانية،
وإلزامات نبوية، واستدلالات علوية، ونقوض رضوية " مستندا في ذلك كله إلى
كتب أهل السنة، ومستدلا بأقوال أساطين علمائهم في مختلف العلوم والفنون.
لقد تناول كل كلمة جاءت في " التحفة " رادا عليها أو منتقدا لها.
وكثيرا ما يرد كلمات صاحب " التحفة " بما ذكره هو في نفس الكتاب أو
غيره من كتبه، وطالما يفندها بكلمات والده وغيره من شيوخه وأساتذته. " حتى
عاد الباب من التحفة الاثني عشرية خطابات شعرية، وعبارات هندية، تضحك
منها البرية ".
وقد يناقش كلمات شيخه ووالده " ولي الله الدهلوي " وكلمات تلامذته
ولا سيما محمد رشيد الدين خان الدهلوي، وحيدر علي الفيض آبادي.
بل لقد تناول بالرد والبحث كل ما ذكره أولئك المتعصبون المنكرون
للحقائق طعنا في مذهب أهل البيت، أمثال أبناء تيمية والجوزي وحجر وكثير..
فتراه في حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " الذي بحث فيه في مجلدين
كبيرين - يخصص المجلد الأول منهما باثبات الحديث سندا ثم بيان وجوه
دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله
بلا فصل.. كل ذلك ردا على المولوي عبد العزيز صاحب " التحفة ".. وبه
يتم البحث إثباتا وردا، ثم يخصص المجلد الثاني للبحث مع الذين ناقشوا
في الاستدلال بهذا الحديث على الإمامة بالطعن في سنده أو دلالته.. من علماء
أهل السنة.. من المتقدمين والمتأخرين... من الهنود وغيرهم.. كما سيأتي.
وبذلك أصبح هذا الكتاب موسوعة عقائدية علمية تاريخية.. ومن أهم
وأوسع الكتب المؤلفة في مجال الصراع العقيدي.. وإليك بعض الجوانب
دراسات 57

المهمة من خصائص الكتاب في أسلوبه في النقاش العلمي:
1 - نقل كلام الخصم كاملا
قد ذكرنا أن من عادة علماء الشيعة في الرد هو نقل كلام الخصم بصورة
كاملة، وبلفظه الوارد في كتابه، فلا ينقصون منه شيئا ولا ينقلونه بالمعنى..
وهكذا كان دأب السيد صاحب العبقات.. فإنه يورد كلام الدهلوي وغيره ثم يرد
عليه جملة جملة تحت عنوان " قوله - أقول "..
2 - الاستيعاب الشامل
واستوعب هذا الكتاب جميع جوانب البحث حول كل موضوع من
مواضيعه.. فهو حينما يأخذ بالرد على استدلال الخصم بحديث من الأحاديث،
أو بكلام له في الطعن على استدلال الإمامية.. لا يغفل عن جانب من جوانب
البحث فيه، ولا يكتفي بالرد عليه من ناحية أو ناحيتين، بل يعالجه علاجا جذريا،
ويهدم ما تفوه به من الأساس هدما كليا..
فتراه حينما يرد على قدح ابن الجوزي في حديث الثقلين بإيراده في كتابه
" العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " قائلا: " حديث في الوصية لعترته:
أنبأنا عبد الوهاب الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: نا أحمد بن محمد
العتيقي قال: حدثنا يوسف بن الدخيل قال: حدثنا أبو جعفر العقيلي قال: نا
أحمد بن يحيى الحلواني قال: نا عبد الله بن داهر قال: نا عبد الله بن عبد القدوس
عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله " ص ":
إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وإنهما لن يفترقا جميعا حتى يردا
علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
قال المصنف: هذا حديث لا يصح. أما عطية فقد ضعفه أحمد ويحيى وغيرهما.
دراسات 58

وأما ابن عبد القدوس فقال يحيى: ليس بشئ رافضي خبيث. وأما عبد الله بن
داهر فقال أحمد ويحيى: ليس بشئ ما يكتب منه إنسان فيه خير ".
يرد عليه بمائة وست وخمسين وجها.. توفرت هذه الوجوه على الرد في
هذا الكلام من جهات:
1 - النقض برواية أصحاب الصحاح والمسانيد وغيرهم إياه وتصحيح
آخرين له..
2 - البحث حول " عطية " و " ابن عبد القدوس " و " عبد الله بن داهر ".
3 - استنكار جماعة من علماء أهل السنة كلام ابن الجوزي، وإيراده
الحديث في " العلل المتناهية ". فأورد كلام سبط ابن الجوزي في الرد على جده
قائلا: " والعجب كيف خفي على جدي ما روى مسلم.. " وكلام الحافظ السخاوي
حيث يقول: " وتعجبت من إيراد ابن الجوزي له في العلل المتناهية، بل أعجب
من ذلك قوله أنه حديث لا يصح " والحافظ السمهودي القائل: " ومن العجيب
ذكر ابن الجوزي له في العلل المتناهية، فإياك أن تغتر به... " وابن حجر المكي:
" وذكر ابن الجوزي لذلك في العلل المتناهية وهم أو غفلة.. " والمناوي:
" ووهم من زعم ضعفه كابن الجوزي ".
فهل ترى لابن الجوزي من باقية؟
وتراه حينما يرد على معارضة الخصم حديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها "
بما وضعوه عن النبي صلى الله عليه وآله: " ما صب الله شيئا في صدري إلا
وصببته في صدر أبي بكر " يرد عليه باثني عشر وجها.. توفرت هذه الوجوه
على الرد عليه من جهات، أهمها:
1 - مصادمته للواقع.
2 - تصريح العلماء ببطلانه ووضعه، كابن الجوزي، والطيبي، وابن قيم
الجوزية، ومجد الدين الفيروزآبادي، ومحمد بن طاهر الفتني، والشيخ
دراسات 59

علي القاري، والشيخ عبد الحق الدهلوي، والشوكاني..
قال القاري نقلا عن ابن القيم: " ومما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنية
في فضل الصديق حديث: إن الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ولأبي بكر
خاصة. وحديث: ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر،
وحديث: كان إذا اشتاق إلى الجنة قبل شيبة أبي بكر.. ".
3 - التتبع الهائل
وتتبع السيد رحمه الله جميع الأقوال الواردة في كل موضوع بحثه، فلم
يترك قولا لم يتعرض له، بل يذكر ما يمكن أن يقال أيضا..
فهو عندما ينتهي من الرد على خصمه الدهلوي يشرع في البحث مع الآخرين،
وقد يقدم الرد على كلام غيره - لاقتضاء البحث ذلك - ثم يدخل في مناقشة
كلمات " التحفة ".
فمن الثاني ما صنعه في حديث: " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح.. "
الذي رد الدهلوي على الاستدلال به على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من
جهة الدلالة، ولم يتعرض إلى جهة السند.. فذكر السيد رحمه الله أسماء طائفة
من المخرجين لهذا الحديث الشريف وهم 92 رجلا، ابتداء بالشافعي فأحمد
فمسلم بن الحجاج.. وانتهاء بالمعاصرين له.. ثم نصوص رواياتهم.. لما
ذكرنا سابقا من أن البحث عن السند مقدم على البحث الدلالي. وقد دعاه
إلى ذلك طعن ابن تيمية في هذا الحديث بقوله: " أما قوله: مثل أهل بيتي مثل
سفينة نوح. فهذا لا يعرف له إسناد أصلا، صحيح ولا ضعيف، ولا هو في
شئ من كتب الحديث التي يعتمد عليها، وإن كان قد رواه من يروي أمثاله من
حطاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا مما يزيده وهنا وضعفا ".
دراسات 60

وقد ذكرنا في مقدمة قسم حديث السفينة:
" فإذا لم يكن (فضائل علي لأحمد بن حنبل) و (المستدرك للحاكم)
و (تهذيب الآثار لابن جرير الطبري) و (مسند أبي يعلى) و (مسند البزار)
و (المعجم الصغير للطبراني) و (مشكاة المصابيح) و (المطالب العالية لابن حجر)
وأمثالها " من كتب الحديث التي يعتمد عليها " فأي كتاب عندهم يعتمدون عليه؟
وإذا كان (الأعمش) و (أبو إسحاق السبيعي) و (مسلم) و (الشافعي)
و (الطبراني) و (الدارقطني) و (أبو داود) و (أحمد) و (البزار) و (الطبراني)
و (الحاكم) و (أبو نعيم) و (الخطيب) و (ابن حجر) وأمثالهم " من حطاب
الليل الذين يروون الموضوعات " فمن هو المحدث الذي يعتمدون عليه؟! "
ومنه ما صنعه في حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " هذا الحديث
المتواتر قطعا، والمخرج في الصحيحين، والذي نص أكابر الأئمة على أنه
من أصح الأحاديث وأثبتها.. فإنه تعرض لجهة السند فيه في فصول عديدة..
ليرد على الآمدي ومن تبعه من المتعصبين القائلين بأنه غير صحيح..
ومن الواضح أنه لو لم يتعرض إلى هذه الناحية بالنسبة إلى هذين الحديثين
لم يعترض عليه، لعدم تعرض الدهلوي المردود عليه لها.. لكن " عبقات الأنوار "
الذي ألف " في إثبات إمامة الأئمة الأطهار " لا بد وأن يتعرض للرد على هذه
الكلمة الكبيرة التي خرجت من أفواه هؤلاء.. وليثبت للملأ العلمي مدى
تعصب القوم، وتجريهم على الافتراء والكذب..
ومن الأول: ما صنعه في حديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " حيث أثبت
الحديث سندا، وذكر وجوه دلالته على الإمامة، ورد على مناقشات خصمه
الدهلوي.. ثم عاد ليرد في مجلد ضخم آخر كلمات كل من ناقش في الاستدلال
بهذا الحديث، بالطعن في سنده أو دلالته.. وهم: العاصمي، والطيبي، وابن
دراسات 61

تيمية، ويوسف الأعور الواسطي، والسخاوي، والسمهودي، وابن روزبهان،
وابن حجر المكي، والقاري، والبنباني، والشيخاني القادري، وعبد الحق
الدهلوي، وولي الله الدهلوي، والاورنك آبادي، والقاضي پاني پتي.
وقد توفر هذا المجلد على بحوث جليلة ومطالب قيمة، لا تجدها في أي
كتاب آخر، كما أنك لو اطلعت عليه لعرفت مدى جهالة هؤلاء القوم، وشدة
تعصبهم للباطل.
4 - الكشف عن الجذور
ومن أساليبه في هذا الباب: أنه رحمه الله حيث يورد كلام الخصم.. يرجع
إلى أصله، ويكشف عن جذوره.. لما في ذلك من الفوائد العلمية، والآثار
المهمة في كشف الحق. ومن ذلك:
1 - انتحال الدهلوي لبحوث الآخرين
فأول شئ يقصد السيد إبانته هو أن لا جديد عند الدهلوي، بل إن جميع
ما جاء به مذكور في كتب السابقين عليه، بل حقق السيد رحمه الله وأثبت أن كتاب
" التحفة الاثنا عشرية " منحول من كتاب " الصواقع لنصر الله الكابلي " مع زيادات
من أقاويل والده وحسام الدين السهار نبورى صاحب " المرافض "، وأن كتاب
" بستان المحدثين لعبد العزيز الدهلوي " منحول من كتاب " كفاية المتطلع
لتاج الدين الدهان ".. وهذه فائدة جليلة..
2 - نسب لا أصل لها
ويظهر من الرجوع إلى الجذور والكشف عنها ما في كلمات القوم في المناقشة
دراسات 62

مع الإمامية من النسب التي لا أصل لها ولا واقعية، فكثيرا ما ينبه في مطاوي البحوث
على ما وقع منهم من هذا القبيل، وإليك نماذج من ذلك:
1 - قال جماعة في الجواب عن حديث الطائر: " أورده ابن الجوزي
في الموضوعات ". وهذه النسبة كاذبة..
2 - ونسب إلى الحافظ يحيى بن معين أنه قال في حديث أنا مدينة العلم:
" لا أصل له " وهذه النسبة باطلة جدا..
3 - ونسب إلى الترمذي أنه قال في حديث " أنا مدينة العلم " منكر غريب.
وهذه النسبة لا أصل لها.
4 - ونسبوا القدح في حديث أنا مدينة العلم إلى شمس الدين ابن الجزري.
وهي نسبة مكذوبة.
5 - وعزا ابن تيمية حديثا استدل به إلى الصحيحين قائلا:
" ألا ترى إلى ما ثبت في الصحيحين من قول النبي " ص " في حديث الأسارى
لما استشار أبا بكر، فأشار بالفداء، واستشار عمر فأشار بالقتل. قال: سأخبركم
عن صاحبيكم، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم إذ قال: فمن تبعني فإنه مني ومن
عصاني فإنك غفور رحيم. ومثل عيسى إذ قال: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن
تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم. ومثلك يا عمر مثل نوح إذ قال: رب لا تذر
على الأرض من الكافرين ديارا. ومثل موسى إذ قال: ربنا اطمس على أموالهم
واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ".
لكن لا وجود لهذا الحديث في الصحيحين.
6 - وأنكر بعضهم رواية البيهقي لحديث الأشباه: " من أراد أن ينظر
إلى آدم في علمه وإلى.. فلينظر إلى علي بن أبي طالب " ردا على العلامة الحلي
الذي استدل برواية البيهقي إياه. فأجاب السيد عن هذا الانكار بالتفصيل..
7 - وادعى الفخر الرازي عدم رواية ابن إسحاق حديث الغدير، وأن عدم
دراسات 63

روايته له دليل على ضعفه. وهذه الدعوى باطلة، فابن إسحاق غير معرض عن
حديث الغدير، بل هو من رواته، وقد رواه عنه جماعة..
8 - ونسب الشيخ علي القاري وولي الله الدهلوي الحديث الموضوع:
" اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " إلى الصحيحين، وهذه النسبة باطلة
مكذوبة، وقد نص الحاكم حيث أخرجه في مستدركه على أنهما " لم يخرجاه ".
3 - تحريفات وتصرفات
ومن فوائد هذا الأسلوب هو الوقوف على طرف من تصرفات القوم في
الأحاديث، وفي نصوص عبارات العلماء.. وهذا باب واسع لو جمع لكان
كتابا برأسه... ولا بأس بذكر موارد منه:
فمن تصرفات القوم في الأحاديث: ما كان في حديث أخرجه البخاري في
مواضع من صحيحه يختلف لفظه في كل موضع عن غيره، اختلافا فاحشا لا يكون
إلا عن عمد، ولأغراض معينة لا تخفى على أحد.. وإليك الحديث:
في كتاب الجهاد باب حكم الفئ، عن مالك بن أوس، أن عمر قال
مخاطبا لعلي والعباس:
" فلما توفي رسول الله قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله، فجئتما تطلب
ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته عن أبيها. فقال أبو بكر: قال
رسول الله " ص ": لا نورث ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا،
والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفي أبو بكر وكنت أنا ولي
رسول الله " ص " وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم
إني لصادق بار راشد تابع للحق ".
هذا هو الحديث.
دراسات 64

وأخرجه في باب فرض الخمس: "... فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل
رسول الله " ص " والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله
أبا بكر فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، اعمل فيها بما عمله
رسول الله وبما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم أني فيها لصادق بار راشد تابع
للحق ".
حذف منه الفقرتين: " فرأيتماه.. " و " فرأيتماني... ".
وأخرجه في كتاب المغازي في حديث بني النضير: " فقبضه أبو بكر، فعمل
فيه بما عمل رسول الله " ص ". فقال - وأنتم حينئذ. فأقبل على علي وعباس
وقال - تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان، والله يعلم أنه فيه لصادق بار راشد
تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر، فقبضته سنتين من أمارتي اعمل فيه بما عمل
فيه رسول الله وأبو بكر، والله يعلم إني فيه صادق بار راشد تابع للحق ".
فحذف فقرة " فرأيتماه.. " وجعل مكانها " تذكران أن أبا بكر فيه كما
تقولان "، وحذف الفقرة الثانية.
وأخرجه في كتاب النفقات باب حبس نفقة الرجل قوت سنته:
" فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله " ص " وأنتما حينئذ -
وأقبل على علي وعباس - تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا، والله يعلم إنه فيها صادق
بار راشد تابع للحق. ثم توفى الله أبا بكر، فقلت: أنا ولي رسول الله وأبي
بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر "
فحذف الفقرة الأولى، وجعل مكانها: " تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا "،
وحذف الفقرة الثانية.
وأخرجه في كتاب الفرائض باب قول النبي " ص ": لا نورث ما تركناه
صدقة: " فتوفى الله نبيه فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله " ص " فقبضها فعمل
دراسات 65

بما عمل به رسول الله " ص "، ثم توفى الله أبا بكر فقلت: أنا ولي رسول الله " ص "
فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله " ص " وأبو بكر ".
فحذف الفقرتين.
وفي كتاب الاعتصام باب ما يكره من التعمق والتنازع:
" ثم توفى الله نبيه فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله، فقبضها أبو بكر فعمل
فيها بما عمل فيها رسول الله. وأنتما حينئذ - وأقبل على علي وعباس فقال -
تزعمان أن أبا بكر فيها كذا، والله يعلم إنه فيها صادق بار راشد تابع للحق. ثم
توفى الله أبا بكر فقلت: أنا ولي رسول الله وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل
فيها بما عمل به رسول الله وأبو بكر ".
فحذف الفقرة الأولى ووضع مكانها: " تزعمان أن أبا بكر فيها كذا " وحذف
الفقرة الثانية.
فممن هذا التلاعب؟ أمن البخاري؟ أم من الرواة؟
وستطلع في باب " بحوث وتحقيقات " حيث نذكر " أحاديث موضوعة "
على أمثلة من تصرفاتهم وتحريفاتهم في خصوص أحاديث مناقب أمير المؤمنين
عليه السلام.
ومن تصرفات القوم التي تنكشف عن طريق التحقيق في العبارات الصادرة
عنهم: قول الدهلوي في حديث: " خلقت أنا وعلي من نور واحد.. " ما نصه:
" وهذا حديث موضوع بإجماع أهل السنة، وفي إسناده محمد بن خلف
المروزي. قال يحيى بن معين: كذاب. وقال الدارقطني: متروك ولم يختلف
أحد في كذبه، ويروى من طريق آخر وفيه: جعفر بن أحمد وكان رافضيا غاليا
وضاعا، وكان أكثر ما يضع في قدح الأصحاب وسبهم.. "
هذا كلا (الدهلوي) وقد أخذ هذا - على عادته - من (نصر الله الكابلي)
دراسات 66

الأخذ أكثر ما ذكره من (ابن روزبهان). وهذه عبارة ابن روزبهان في الجواب
عن الاستدلال بالحديث المذكور:
" ذكر ابن الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات وقال:
هذا الحديث موضوع على رسول الله " ص "، والمتهم به في الطريق الأول محمد
ابن خلف المروزي. قال يحيى بن معين: كذاب. وقال الدارقطني متروك.
وفي الطريق الثاني المتهم به جعفر بن أحمد، وكان رافضيا كذابا يضع الحديث
في سب أصحاب رسول الله ".
فهذه عبارة ابن روزبهان.
وقال الكابلي: " وهو باطل لأنه موضوع بإجماع أهل الخبر، وفي إسناده
محمد بن خلف المروزي. قال يحيى بن معين هو كذاب. وقال الدارقطني
متروك ولم يختلف أحد في كذبه. ويروى من طريق آخر وفيه: جعفر بن أحمد
وكان رافضيا غاليا كذابا وضاعا، وكان أكثر ما يضع في قدح الأصحاب وسبهم ".
فزاد الكابلي " لأنه موضوع بإجماع أهل الخبر ".
وعبارة (ابن الجوزي) في (كتاب الموضوعات) واردة في حديث آخر
غير حديث النور الذي يتمسك به الإمامية - ومن هنا قال ابن روزبهان " بمعناه "
- وفيها فوارق كثيرة مع عبارات القوم، وإليك نص عبارته بعينها ليتضح واقع
الأمر وتنكشف تصرفاتهم فيها:
" الحديث الأول فيما خلق منه علي بن أبي طالب
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني
علي بن الحسن بن محمد الدقاق قال: ثنا محمد بن إسماعيل الوراق قال: ثنا
إبراهيم بن الحسين بن داود القطان قال: ثنا محمد بن خلف المروزي ثنا موسى
ابن إبراهيم، ثنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده قال قال رسول الله " ص ": خلقت أنا
دراسات 67

وهارون بن عمران ويحيى بن زكريا وعلي بن أبي طالب من طينة واحدة.
هذا حديث موضوع على رسول الله " ص " والمتهم به: المروزي، قال يحيى
ابن معين: هو كذاب. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: كان مغفلا
يلقن فيتلقن فاستحق الترك.
وقد روى جعفر بن أحمد بن بيان عن محمد بن عمر الطائي عن أبيه عن
سفيان عن داود بن أبي هند عن الوليد بن عبد الرحمن عن نمير الحضرمي عن أبي ذر
قال قال رسول الله " ص ": خلقت أنا وعلي من نور واحد. وكنا عن يمين
العرش قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، ثم خلق الله آدم، فانقلبنا في أصلاب
الرجال، ثم جعلنا في صلب عبد المطلب، ثم اشتق أسماءنا من اسمه، فالله محمود
وأنا محمد، والله الأعلى وعلي علي.
قال المصنف: هذا وضعه جعفر بن أحمد وكان رافضيا يضع الحديث.
قال ابن عدي: كان يتقين أنه يضع ". فعلم من هذا التحقيق:
1 - إن دعوى وقوع " محمد بن خلف المروزي " في طريق حديث النور
كاذبة.
2 - لقد رمى ابن الجوزي " جعفر بن أحمد " بوضع الحديث، وابن
روزبهان أضاف " في سب أصحاب رسول الله " ص ".
3 - إن ابن روزبهان أضاف كلمة " كذابا ".
4 - إن الكابلي أضاف إلى ما تقدم " غاليا وضاعا ".
5 - إن الكابلي أضاف كلمة " وكان أكثر ما يضع في قدح الأصحاب وسبهم ".
6 - إن الكابلي أضاف إلى ذلك كله أيضا كلمة: " ولم يختلف أحد في
كذبه ".
فهذه زيادات أربع من الكابلي، واثنتان من ابن روزبهان شاركه فيهما
دراسات 68

الكابلي... وليس لها وجود في كلام ابن الجوزي.
7 - وابن روزبهان نقل عن ابن الجوزي الاتهام بأن " محمد بن خلف "
كان وضاعا للحديث، لكن الكابلي لم يذكر ابن الجوزي لئلا يتعقب عليه.
8 - والكابلي نسب الاتهام بالوضع إلى " إجماع أهل الخبر " بدل أن
ينسبه إلى ابن الجوزي.
9 - والدهلوي ذكر " إجماع أهل السنة " بدل " إجماع أهل الخبر ".
وروى الترمذي حديث: " أنا دار الحكمة وعلي بابها " وقال: " حسن غريب ".
هكذا نقل عنه المحب الطبري في (الرياض النضرة) - فأسقط بعضهم كلمة
" حسن " وترك كلمة " غريب " على حالها... كما في (المشكاة) و (تاريخ ابن كثير)
و (فيض القدير).
وأبدل بعضهم لفظة " غريب " - بعد إسقاط لفظة " حسن " - بلفظة " منكر "
... كما في (تهذيب الأسماء واللغات) و (المقاصد الحسنة).
وجمع بعضهم - بعد حذف " حسن " - بين لفظتي " غريب " و " منكر "...
كما في (قرة العينين).
وقال الترمذي بعد حديث: " أنا دار الحكمة وعلي بابها ": " لا نعرف هذا
الحديث عن أحد من الثقات غير شريك " فحرفه بعضهم وجعل كلمة " عن " في
مكان كلمة " غير "... أنظر (المرقاة في شرح المشكاة).
ومن تحريفاتهم إسقاطهم حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " من (صحيح
الترمذي) ومن (مصابيح السنة للبغوي).
أما (صحيح الترمذي)... فقد روى عنه الحديث المذكور جماعة منهم:
1 - ابن الأثير في (جامع الأصول).
2 - محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤل).
دراسات 69

3 - السيوطي في (تاريخ الخلفاء).
4 - ابن حجر المكي في (الصواعق المحرقة).
5 - الزرقاني المالكي في (شرح المواهب اللدنية).
وأما (المصابيح) فقد نقل عنه الحديث المذكور جماعة منهم:
1 - المحب الطبري في (الرياض النضرة) و (ذخائر العقبى).
2 - القاري في (المرقاة في شرح المشكاة).
3 - أحمد بن الفضل المكي في (وسيلة المآل).
وأخرج الترمذي حديث: " إن عليا مني وأنا من علي وإنه ولي كل مؤمن
من بعدي ".
فاسقط البغوي منه كلمة " بعدي " وعزاه إلى الترمذي، وقد تبع البغوي
على ذلك جماعة منهم السهار نفوري صاحب المرافض، المولوي حسن علي
المحدث تلميذ المولوي عبد العزيز الدهلوي.
بل زعم محمد بن معتمد خان البدخشي في رسالة له أسماها ب‍ (رد البدعة)
أن كلمة " بعدي " في هذا الحديث موضوعة.
والشاة ولي الله الدهلوي روى الحديث عن الترمذي في موضع من (إزالة
الخفاء) باللفظ الكامل. لكنه حرفه عندما تصدى للجواب عنه، فوضع كلمة
" أنا " في مكان " أنه " وحذف كلمة " بعدي " كما فعل البغوي ومن تبعه.
(5) - التنبيه على موارد مخالفة الالتزامات:
وينبه السيد رحمه الله في كثير من الموارد على مخالفة الدهلوي لقواعد
البحث، ولما التزم به في كتابه (التحفة)...
لقد كان من جملة ما التزم به الدهلوي في كتابه:
1 - لا يصلح الاحتجاج إلا بأحاديث الصحاح
دراسات 70

ذكر الدهلوي في كتابه: " إن القاعدة المقررة لدى أهل السنة هي أن كل
حديث ورد في كتاب لم يلتزم صاحبه فيه بالصحة - كما فعل البخاري ومسلم
وسائر أرباب الصحاح في كتبهم - فإنه غير صالح للاحتجاج ".
2 - ما لا سند له لا يصغى إليه
وقال في الجواب عما طعن به أبو بكر من تخلفه عن جيش أسامة - وقد
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة -:
" إن الحديث المعتبر لدى أهل السنة هو ما أخرج في كتب المحدثين المسندة مع
الحكم عليه بالصحة، وأما الحديث العاري عن السند فلا يصغون إليه أبدا ".
3 - الاحتجاج على الشيعة بأخبارهم
والتزم الدهلوي في تحفته بالنقل عن كتب الشيعة والاحتجاج بأخبارهم
في كتبهم المعتبرة. قال: " لأن أخبار كل فرقة لا تكون حجة على الفرقة الأخرى ".
4 - عدم جواز الاحتجاج بأحاديث أهل السنة على الشيعة
والدهلوي يتبع شيخه ووالده (ولي الله الدهلوي) في جميع بحوثه ويعتقد
به الاعتقاد الراسخ... لكنه يخالف ما نص عليه والده في أحد كتبه قائلا:
" لا تصح المناظرة مع الإمامية والزيدية بأحاديث الصحيحين فضلا عن غيرها ".
5 - أخبار أهل السنة مقدوحة عند الشيعة
وكيف يجوز احتجاج أهل السنة بأحاديثهم على الشيعة مع أن الشيعة تقدح
في أحاديث أهل السنة ولا تعتقد بها؟ ومن هنا قال محمد رشيد الدهلوي تلميذ
صاحب التحفة: " بأن كل فرقة تذعن بالأخبار المروية عن طرقها وتقدح في
الأخبار المروية من طرق الفرقة المخالفة لها ".
إذن لا يجوز الاحتجاج على الشيعة بما يرويه أهل السنة، وإن كان حديثا مسندا
صحيحا عندهم.
فهذه أمور التزم بها بالخصوص الدهلوي وشيخه وتلميذه في بحوثهم،
دراسات 71

ولكنا وجدناهم لا يوفون بما عاهدوا عليه، كما لم يلتزموا بالأصول العامة للبحث
والمناظرة...
والسيد رحمه الله ينبه على مخالفة الدهلوي لهذه الالتزامات في مختلف
البحوث... لئلا يغتر القارئون لكتابه ولا ينخدع العوام.
(6) - رد بعضهم ببعض
وطالما يرد السيد رحمه الله كلام الدهلوي بكلامه هو في موضع آخر من
كتابه، أو بكلام والده وبالعكس، وهكذا الأمر بالنسبة إلى كلام غيرهما من
علماء أهل السنة...
ففي (حديث التشبيه): " من أراد أن ينظر... " يرد على إنكار الدهلوي
دلالته على المساواة بكلمات للدهلوي نفسه قالها في الجواب عن حديث المنزلة
" أنت مني بمنزلة هارون من موسى... " وبما قاله في الجواب عن حديث
السفينة: " مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح... "
وفي (حديث الغدير) ذكر الدهلوي بأن الاستدلال بهذا الحديث يتوقف
على كون " المولى " فيه بمعنى " الأولى " فزعم أن اللغويين ينكرون مجئ
اللفظ المذكور بهذا المعنى. ثم نقض بأنه لو كان " المولى " بمعنى " الأولى "
لجاز أن يقال " مولى منك " كما يقال: " أولى منك ".
فأجاب السيد عن الانكار المذكور وعن النقض بوجوه عديدة، منها -
ما ذكره الدهلوي نفسه في جواب " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " حيث
قال بأن الولاية هذه بمعنى المحبة.
قال السيد فأذن " الأولى " في تلك الفقرة بمعنى " الأحب " مع أنه لا يقال:
" أولى إليه " كما يقال: " أحب إليه ".
ثم إن السيد ذكر أن هذا النقض مأخوذ من كلام الفخر الرازي في كتابه
دراسات 72

(نهاية العقول)، فأورد نص كلام الرازي، وشرع في الجواب عنه بوجوه
كثيرة منها كلام الرازي نفسه في كتابه (المحصول)... حيث أذعن فيه بأن
الترادف لا يلازم جواز استعمال أحد المترادفين في مقام الآخر.
وأجاب السيد عن دعوى ابن حجر المكي عدم مجئ " المولى " بمعنى
" الأولى " بما ذكره هو من أن أبا بكر وعمر فهما من " المولى " في حديث
الغدير معنى " الأولى بالاتباع " وأضاف بأن هذا هو الواقع وناهيك بهما في
فهم الحديث!!
وذكر السيد في (حديث التشبيه) إنكار ولي الله الدهلوي - تبعا لابن
تيمية - انتهاء سلاسل الصوفية إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام... ومن وجوه
الرد عليه كلام ولده الدهلوي الصريح في تلك الحقيقة... وقد أورد نصه في
مبحث (حديث السفينة).
واعترف الدهلوي بدلالة حديث المنزلة " أنت مني بمنزلة... " على إمامة
أمير المؤمنين عليه السلام - وتبعه على ذلك تلميذه محمد رشيد الدهلوي -
وذكر الدهلوي إن من أنكر ذلك فهو ناصبي. وهنا تعرض السيد إلى نفي والده
شاه ولي الله الدهلوي تبعا لجماعة من أعلام السنة كالتوربشتي، وأبي الشكور
السالمي الحنفي، وعلي القاري، وشمس الدين الخلخالي، والنووي، والكرماني
وابن حجر العسقلاني، والقسطلاني، ومحب الدين الطبري... وغيرهم -
دلالة هذا الحديث الشريف على الإمامة والخلافة...
وأما رد كلام بعضهم بكلام البعض الآخر فكثير جدا...
فقد رأيت كيف يبطل قدح ابن الجوزي لحديث الثقلين بكلمات مشاهير
علماء أهل السنة...
وفي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " يرد على ذكر ابن الجوزي إياه
في (الموضوعات) بوجوه، منها: رد أعلام الحفاظ ومشاهير العلماء عليه:
دراسات 73

1 - كصلاح الدين العلائي.
2 - وبدر الدين الزركشي.
3 - وابن حجر العسقلاني.
4 - وشمس الدين السخاوي.
5 - وجلال الدين السيوطي.
6 - ونور الدين السمهودي.
7 - وابن عراق الكناني.
8 - وابن حجر المكي.
9 - ومجد الدين الفيروزآبادي.
10 - وعلي المتقي الهندي.
11 - وعلي القاري الهندي.
12 - وعبد الرؤف المناوي.
13 - وعبد الحق الدهلوي.
14 - والزرقاني المالكي.
15 - وقاضي القضاة الشوكاني.
واستدل الدهلوي في الجواب عن (حديث الثقلين) بما نسب بعضهم
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " خذوا شطر دينكم عن هذه
الحميراء ".
فرد عليه السيد بنصوص كبار الأئمة والحفاظ على بطلان هذا الحديث:
1 - كجمال الدين المزي.
2 - وشمس الدين الذهبي.
3 - وابن قيم الجوزية.
4 - وتاج الدين السبكي.
دراسات 74

5 - وابن كثير الدمشقي.
6 - وسراج الدين ابن الملقن.
7 - وابن حجر العسقلاني.
8 - وابن أمير الحاج الحنفي.
9 - وأمير بادشاه البخاري.
10 - وشمس الدين السخاوي.
11 - وجلال الدين السيوطي.
12 - وعلي القاري الهندي.
13 - ومحب الله البهاري.
14 - وقاضي القضاة الشوكاني.
واستدل بحديث: " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " في مقابلة
(حديث الثقلين). فأجاب عنه السيد بقدح كبار الأئمة والعلماء لهذا الحديث
وتصريحهم بوضعه:
1 - كأبي حاتم الرازي.
2 - وأبي عيسى الترمذي.
3 - وأبي بكر البزار.
4 - وأبي جعفر العقيلي.
5 - وأبي بكر النقاش.
6 - وأبي الحسن الدارقطني.
7 - وابن حزم الأندلسي.
8 - والعبري الفرغاني.
9 - وشمس الدين الذهبي.
10 - وابن حجر العسقلاني.
دراسات 75

واستدل بعضهم في مقابلة حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بحديث طويل
في فضل جماعة من الأصحاب، أوله: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر... ".
وقد بحث عنه السيد سندا ودلالة بالتفصيل، فذكر بالتالي كلمات بعض
الأعلام من أهل السنة في قدح هذا الحديث، بين مضعف له وبين قائل بأنه
موضوع:
1 - كابن تيمية الحراني.
2 - وابن عبد الهادي.
3 - وعبد الرؤف المناوي.
(7) - النظر في أسانيد الأحاديث
قد ذكرنا سابقا أنه يشترط في جواز الاستدلال بالخبر اعتبار سنده أولا
وتمامية دلالته على المدعى ثانيا... وعلى هذا الأساس فإن النظر في أسانيد
الأحاديث التي يستدل بها الخصم يشكل جانبا مهما من ردود السيد المؤلف
ومناقشاته للأدلة... والخطوط الرئيسية لأسلوبه في النظر في الأسانيد هي:
1 - نقل الحديث بسنده - أو بطرقه إن كان له طرق متعددة - عن المصادر
الأولية.
2 - النظر في حال من عليه مدار هذا الحديث في مختلف طرقه وأسانيده.
3 - النظر في حال من وقع في كلا الطريقين أو جميع الطرق.
4 - النظر في حال سائر رجاله على ضوء كلمات أئمة الجرح والتعديل
من أهل السنة.
5 - التنبيه على ما في السند من خلل كالإرسال ونحوه.
ثم إنه إن وجد الحديث مرويا عندهم بلفظ آخر مشابه للفظ المستدل به...
أتى به وأبطله بالنظر في سنده... وإن لم يكن الخصم مستدلا به...
دراسات 76

ولا يخفى على ذوي الفضل ما تنطوي عليه هذه البحوث من فوائد جليلة
من علوم الحديث والرجال والتاريخ والدراية... ولنذكر نموذجا واحدا لهذا
الأسلوب:
لقد عارض العاصمي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بما رووه عن
رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم
في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام
معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة
أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ".
فبحث السيد عن هذا الحديث بصورة تفصيلية جدا، فذكر أنه منسوب
إلى عدة من الأصحاب... فأورد نصوص الحديث عنهم واحدا واحدا وتكلم
عليها... ونحن نكتفي هنا بما ذكره حول حديث أنس بن مالك.
فقد أورد حديثه عن الترمذي وابن ماجة قائلا: قال الترمذي: " مناقب معاذ
ابن جبل وزيد بن ثابت وأبي وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم. حدثنا
سفيان بن وكيع حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن داود العطار عن معمر عن قتادة
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله... هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث
قتادة إلا من هذا الوجه.
وقد رواه أبو قلابة عن أنس عن النبي " ص " نحوه: حدثنا محمد بن بشار
نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن
أنس بن مالك قال قال رسول الله... "
وقال ابن ماجة: " حدثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد
ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك أن رسول الله " ص " قال:
أرحم أمتي بأمتي أبو بكر...
دراسات 77

حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة،
مثله ".
ثم قال:
أولا: مدار الطرق الأربعة على " أنس " وعداؤه لأمير المؤمنين عليه
السلام معلوم.
وثانيا: مدار الطريق الثاني للترمذي وكلا طريقي ابن ماجة على " أبي
قلابة " وهو مجروح جدا.
وثالثا: في الطريق الثاني عند الترمذي وكلا الطريقين عند ابن ماجة
" خالد الحذاء ". وقد جرحه شعبة، وابن علية، وحماد بن زيد، وسليمان التيمي
وأبو حاتم، وأبو جعفر العقيلي...
ورابعا: في الطريق الثاني للترمذي والأول لابن ماجة " عبد الوهاب بن
عبد المجيد الثقفي ". فذكر كلمات القوم في قدحه.
وخامسا: في الطريق الثاني للترمذي " محمد بن بشار " وهو مقدوح.
وسادسا: في أول طريقي ابن ماجة: " محمد بن المثنى العنزي " قال يحيى
ابن معين: " كذاب " وقال أبو حاتم: " ذاهب الحديث ".
وسابعا: في ثاني طريقي ابن ماجة " سفيان الثوري " وهو مقدوح
ومجروح.
وثامنا: في ثاني طريقي ابن ماجة " وكيع بن الجراح " وقد جرحه أحمد
وغيره.
وتاسعا: في أول طريقي الترمذي: " قتادة " وله قوادح ومثالب عظيمة...
وعاشرا: في أول طريقي الترمذي: " داود بن عبد الرحمن العطار " قال
يحيى بن معين: " ضعيف الحديث " وقال الأزدي: " يتكلمون فيه ".
والحادي عشر: في أول طريقي الترمذي: " سفيان بن وكيع " قال
دراسات 78

البخاري: " يتكلمون فيه " وقال أبو زرعة: " يتهم بالكذب " وقال أبو حاتم
" لين " وامتنع أبو داود من التحديث عنه، وقال الذهبي " ضعيف ".
والثاني عشر: هذا الحديث مرسل. قال ابن الحجر الحافظ في فتح الباري
بشرح حديث " وإن لكل أمة أمينا... ": " تنبيه - أورد الترمذي وابن حبان
هذا الحديث من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء بهذا الاسناد
مطولا. وأوله: أرحم أمتي... وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن
الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري. والله أعلم ".
وقال بشرح قول عمر: " أقرؤنا أبي ": " كذا أخرجه موقوفا، وقد أخرجه
الترمذي وغيره من طريق أبي قلابة عن أنس مرفوعا في ذكر أبي. وفيه ذكر
جماعة. وأوله: أرحم أمتي... وصححه. لكن قال غيره: إن الصواب
إرساله ".
وهكذا قال غيره من العلماء ذكرهم السيد.
ثم أورد السيد رحمه الله نصوص عدة من علماء الحديث والدراية كابن
الصلاح والنووي والسيوطي على أن " المرسل حديث ضعيف لا يحتج به عند
جماهير المحدثين ".
ثم إنه نبه على رواية العاصمي الحديث عن أبي قلابة عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم رأسا.
وعلى أن بعضهم رواه - كما في المصابيح والمشكاة وفتح الباري - عن
قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وآله رأسا.
وهذان مرسلان بلا كلام.
(8) - النظر في شأن صدورها
من أساليبه: النظر في متون الأحاديث من حيث ظروف صدورها... ولا
يخفى على أهل الفضل ما في ذلك من الأثر البالغ في كشف الحقائق والوصول
دراسات 79

إلى الواقع... ونحن نكتفي بمثالين من هذا القبيل...
لقد عارض الدهلوي حديث: " إني تارك فيكم الثقلين... " بما رووه
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضل عبد الله بن مسعود: " رضيت لكم
ما رضي به ابن أم عبد ".
فمن نظر في هذا الحديث رآه مفيدا لرضى النبي " ص " بما رضي به
ابن مسعود على الإطلاق... وبذلك ربما يمكن مقابلة حديث الثقلين به...
ولكن السيد رحمه الله رجع إلى متن الحديث فوجده مقرونا بما يخرجه عن
الإطلاق ويسقطه عن الصلاحية للمعارضة المذكورة.
فالحديث في مستدرك الحاكم بإسناده عن جعفر بن عمرو بن حريث عن
أبيه قال: قال النبي " ص " لعبد الله بن مسعود: " اقرأ. قال: اقرأ وعليك أنزل؟ قال:
إني أحب أن أسمع من غيري. قال: فافتتح سورة النساء حتى بلغ: (فكيف إذا
جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) فاستعبر رسول الله " ص "
وكف عبد الله. فقال له رسول الله " ص ": تكلم، فحمد الله في أول كلامه
وأثنى على الله، وصلى على النبي " ص "، وشهد شهادة الحق وقال:
رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله.
فقال رسول الله " ص ": رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد ".
ومن وجوه الجواب عن حديث أبي بردة: " صلينا المغرب مع رسول
الله " ص " ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء. قال: فجلسنا، فخرج علينا
فقال: ما زلتم ههنا؟ قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى
نصلي معك العشاء. قال: أحسنتم - أو: أصبتم - قال: فرفع رأسه إلى السماء
- وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء - فقال:
النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة
لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب
أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ".
دراسات 80

إن هذا الحديث محرف، ففي المستدرك: "... إنه خرج ذات ليلة وقد
أخر صلاة العشاء حتى ذهب من الليل هنيهة - أو: ساعة - والناس ينتظرون
في المسجد. فقال: ما تنتظرون؟ فقالوا: ننتظر الصلاة. فقال: انكم لن تزالوا
في صلاة ما انتظرتموها. ثم قال: أما إنها صلاة لم يصلها أحد ممن قبلكم من
الأمم. ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: النجوم أمان لأهل السماء فإذا طمست
النجوم أتى السماء ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي فإذا قبضت أتى أصحابي
ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون ".
(9) - النظر في متونها
ومنها: النظر في متون الأحاديث التي يروونها في فضل الأصحاب ويعارضون
بها فضائل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام... من حيث التأمل في سير من
رويت في حقهم، وفي سير الآخرين من الصحابة معهم... ونحن نشير إشارة
سريعة إلى بعض تلك الأحاديث، وخلاصة البحوث المتعلقة بها من هذه الناحية:
1 - لقد عارض عبد العزيز الدهلوي حديث الثقلين بحديث: " اهتدوا بهدى
عمار ". فذكر السيد رحمه الله أن عمارا من شيعة علي عليه السلام، وأنه قد
تخلف عن بيعة أبي بكر... هذا هدى عمار فلماذا لم يهتدوا بهداه؟
ثم إن عمر بن الخطاب قد أعرض عن هدى عمار، وعثمان اعتدى عليه
وعبد الرحمن بن عوف خالفه، وسعد بن أبي وقاص كان يبغضه، وطلحة والزبير
ومن معهما خرجوا على علي وعمار معه، وعمرو بن العاص خرج لقتله، ومعاوية
سر بمقتله...
2 - وعارض الحديث المذكور بما رووه في حق ابن مسعود عن رسول
الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " رضيت لكم ما رضي لكم ابن أم عبد ". فذكر
السيد صنائع عثمان مع ابن مسعود.
3 - وعارضه بحديث: " أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل " كما
دراسات 81

عارض به العاصمي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
فذكر السيد رحمه الله ما كان من معاذ بن جبل من الجهل بأحكام الشرع
المبين، والتصرف الباطل في أموال المسلمين...
4 - وعارضه بحديث " أصحابي كالنجوم... ".
فذكر السيد في جوابه موارد كثيرة من جهل الصحابة بالقرآن والأحكام
الشرعية، وارتكاب بعضهم المحرمات كالربا، وبيع الخمر، وبيع الأصنام،
والكذب الصريح...
5 - وعارضه أيضا بحديث " إنما الشورى للمهاجرين والأنصار ".
فذكر السيد ما كان من أمير المؤمنين عليه السلام ومن تبعه وغيرهم من
الأصحاب من الخلاف والاعتراض على خلافة الخلفاء الثلاثة، فهي كانت من
غير مشورة من المهاجرين والأنصار.
6 - وعارض العاصمي حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بحديث " أرحم
- أو: أرف - أمتي بأمتي أبو بكر " فذكر السيد قضايا من سيرة أبي بكر تكذب
ذلك بكل وضوح.
7 - وعارضه بحديث: " لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ". فذكر
السيد قضايا من تاريخ أبي عبيدة تنافي الأمانة بكل صراحة.
8 - وعارض عبد العزيز الدهلوي الحديث المذكور بحديث: " ما صب
الله شيئا في صدري إلا وصببته في صدر أبي بكر " فذكر السيد جهل أبي بكر
بأبسط المعارف الإلهية والأمور الشرعية... بل حتى بمفاهيم بعض الألفاظ
القرآنية...
9 - وعارضه بحديث: " لو كان بعدي نبي لكان عمر ".
فذكر السيد في وجوه بطلانه أن المسبوق بالكفر لا يكون نبيا...
دراسات 82

(10) - النقض
ومنها: النقض... وقد كان رحمه الله ذا يد طولى في هذه الجهة كسائر جهات
البحث... وكتابه مشحون بأنواع النقوض القوية التي لا يمكن الجواب عنها...
فمما قال عبد العزيز الدهلوي في الجواب عن حديث الغدير: إنه لو كان
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد الإمامة والخلافة لجاء بلفظ صريح في الدلالة
حتى لا يكون فيه خلاف ونزاع.
فنقض عليه السيد رحمه الله بحديث: " الأئمة من بعدي اثنا عشر ". الذي
حار القوم في معناه، وذكروا له وجوها عديدة... حتى قال بعضهم بأن الأولى
ترك الخوض في البحث عنه...
ذكر السيد كلماتهم حوله... لأجل النقض... ثم قال بأن التحقيق وضوح
دلالة هذا الحديث على مذهب الإمامية، وإنما زعم القوم إجماله وأطنبوا في
توجيهه حتى يصرفوه على الدلالة عن المعنى الظاهر فيه.
واستدل بعضهم على خلافة أبي بكر بحديث " خوخة أبي بكر "... قال:
يدل على ذلك بمعونة القرائن.
فنقض عليه بأن حديث "... من كنت مولاه فعلي مولاه... " أحرى بأن
يكون دالا على الإمامة ولو بمعونة القرائن....
وأنكر ابن كثير معنى حديث أبي هريرة في فضل صوم يوم الغدير بأن " صيام
شهر رمضان بعشرة أشهر، فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا؟
هذا باطل ".
فأبطل هذا الكلام بذكر فضل صيام أيام من السنة بأحاديث أهل السنة أنفسهم
كيوم السابع والعشرين من رجب، وصوم أيام من شهر رجب، وصوم يوم عرفة...
وأنكر ابن روزبهان أن يكون أمير المؤمنين قد دعا على أنس بن مالك،
دراسات 83

والبراء بن عازب، وجرير بن عبد الله البجلي.... الذين كتموا الشهادة بحديث
الغدير قائلا: " لم يكن من أخلاق أمير المؤمنين أن يدعو على صاحب رسول
الله... ".
فأبطله بذكر موارد من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين
عليه السلام والصحابة...
ولو أردنا أن نذكر نماذج أخرى للنقض في الكتاب لطال بنا المقام، وفيما
ذكرناه كفاية.
(11) - المعارضة
ومنها - المعارضة... وهي أمتن أساليبه في الجواب... فقد عارض السخاوي
حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " بما وضعوه على لسان أمير المؤمنين عليه
السلام وأخرجه البخاري بسنده عن محمد بن الحنفية قال:
" قلت لأبي: أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر.
قال قلت: ثم من؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنت؟ قال:
ما أنا إلا رجل من المسلمين ".
فأجاب عنه السيد مكذبا إياه بحديث أخرجه البخاري نفسه عن مالك بن
أوس عن عمر بن الخطاب في حديث طويل، أنه قال مخاطبا عليا والعباس:
فلما توفي رسول الله " ص " قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله " ص " فجئتما
تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها. فقال أبو بكر
قال رسول الله " ص ": لا نورث ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذبا آثما غادرا
خائنا، والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق.
ثم توفي أبو بكر فكنت أنا ولي رسول الله " ص " وولي أبو بكر فرأيتماني
كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق ".
دراسات 84

فمن كان يرى أبا بكر وعمر كاذبين آثمين غادرين خائنين كيف يراهما خير
الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟!
وعارض المولوي عبد العزيز الدهلوي حديث مدينة العلم بما رووه عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " لو كان بعدي نبي لكان عمر ".
فأجاب السيد هذه المعارضة بوجوه كذب فيها الحديث المذكور، وكان
من جملة الوجوه: إن هذا الحديث يدل على أفضلية عمر من أبي بكر، فهو
معارض بما استدلوا به من الأخبار - واجمعوا عليه - على أفضلية أبي بكر من
عمر بن الخطاب فالحديث باطل، فالمعارضة ساقطة.
وعارض عبد العزيز حديث: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي
أهل بيتي... " بحديث: " أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهديتم ".
فأبطل السيد هذا الحديث وأثبت وضعه في بحث طويل وفي وجوه كثيرة...
منها: - المعارضة بالأحاديث الواردة في ذم الأصحاب، المخرجة في الصحاح
والمسانيد... كحديث الذود عن الحوض ونحوه...
(12) - الالزام
ومنها - إلزام القوم بما ألزموا به أنفسهم، فطالما يرد على دليل أو مناقشة
للدهلوي أو غيره من أهل السنة بما التزم به من دليل أو حديث أو قاعدة...
وإن من أهم موارد الالزام موضوع الصحاح الستة والصحيحين منها
بالخصوص...
ففي حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " عقد فصلا عنوانه
" قطعية أحاديث الصحيحين " ذكر فيه أن ذلك مذهب ابن الصلاح، وأبي إسحاق
الأسفرائيني، وأبي حامد الأسفرائيني، والقاضي أبي الطيب، والشيخ أبي إسحاق
الشيرازي، وأبي عبد الله الحميدي، وأبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق،
دراسات 85

والسرخسي الحنفي، والقاضي عبد الوهاب المالكي، وأبي يعلى الحنبلي، وابن
الزاغوني الحنبلي، وابن فورك، ومحمد بن طاهر المقدسي، والبلقيني، وابن
تيمية، وابن كثير، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وعبد الحق الدهلوي
وولي الله الدهلوي... وغيرهم.
بل عن بعضهم أنه وقف تجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
" فقلت: يا رسول الله كلما رواه البخاري عنك صحيح؟ فقال: صحيح. فقلت
له: أرويه عنك يا رسول الله؟ قال: اروه عني ".
وعن بعضهم: أنه ذكر صحيح مسلم أيضا.
وعن جماعة كالعسقلاني والنووي وابن حجر المكي الإجماع على أن
صحيحيهما أصح الكتب بعد القرآن...
ومع ذلك قدح الآمدي، ومحمود بن عبد الرحمن الاصفهاني، وابن حجر
المكي، وإسحاق الهروي... في حديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "
المخرج في الصحيحين....
وقدح البخاري، وابن الجوزي، وابن تيمية.. في حديث: " إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي... " المخرج في صحيح مسلم.
وأبطل السهارنفوري وعبد العزيز الدهلوي حديث هجر فاطمة الزهراء عليها
السلام أبا بكر.... وهو في باب فرض الخمس وغيره - من صحيح البخاري...
الذي جاء فيه: " فغضبت فاطمة بنت رسول الله " ص " فهجرت أبا بكر، فلم
تزل مهاجرته حتى توفيت... ".... وأخرجه مسلم في باب حكم الفئ من
كتاب الجهاد.
وأبطل المولوي حيدر علي الفيض آبادي حديث: " ايتوني بكتف ودواة... "
المخرج في سبعة مواضع من البخاري، وبثلاثة طرق عند مسلم بن الحجاج...
دراسات 86

فقدح هؤلاء في هذه الأحاديث... مردود بما نص عليه أئمتهم من قطعية
صدور الصحيحين... وإنهما أصح الكتب بعد القرآن... والاجماع على صحة
ما روي فيهما...
هذا الرد عليهم هو من باب الالزام.
ومن ذلك إلزامهم بما يروونه في حق بعض الأشخاص من علمائهم وعرفائهم
أو في شأن بعض كتبهم في الحديث أو غيره... من الكرامات...
فقد ذكروا في فضل " عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي " نزول قلنسوة من
السماء إليه...
وفي حق الثعلبي قال القشيري: رأيت رب العزة في المنام وهو يخاطبني
وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب: أقبل الرجل الصالح. فالتفت فإذا
الثعلبي مقبل.
وهكذا غير ما ذكرنا من الكرامات.. التي لا يجوز الاعتقاد بها قطعا، إلا
أن التمسك بها جائز لإلزام الخصم بها في البحوث العلمية.. وهذا باب واسع
نكتفي منه بهذا المقدار.
الباب الرابع
بحوث وتحقيقات في كتاب العبقات
ومن يدرس كتاب " عبقات الأنوار " يجد فيه إلى جانب " إثبات إمامة الأئمة
الأطهار " والرد على إشكالات المخالفين على أدلة الإمامية في باب الإمامة..
بحوثا وتحقيقات علمية قيمة، بحيث لو أخرج كل واحد منها لكان كتابا لطيفا
في موضوعه.
في هذا الكتاب بحوث علمية من أصول العقائد، والتفسير، والحديث،
دراسات 87

والدراية، والتاريخ، والرجال، والأدب.. يتطرق إلى كل بحث منها لمناسبة
يقتضيها المقام حيث يريد المؤلف رحمه الله إتمام الكلام على المسألة الخلافية
من شتى جوانبها..
ونحن نذكر هنا طرفا من هذه البحوث تحت عناوين وضعناها لها، معترفين
بعدم وفاء مذكراتنا لجميع بحوث الكتاب، آملين التوفيق لا تمامها في فرصة
أخرى بإذن الله تعالى.
1 - أحاديث موضوعة
لقد وردت في حق علي عليه السلام أحاديث لا تعد ولا تحصى عن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم.. تناقلتها الصحابة والتابعون، وأثبتها الأئمة
والحفاظ في أسفارهم ومعاجمهم، موثقين رجالها، مصححين طرقها، فأما ما
لم يصل إلينا من تلك الأحاديث.. فالله أعلم بها وبعددها.
ولما رأى المخالفون لأمير المؤمنين عليه السلام تلك الأحاديث وكثرتها
عددا ووضوحها في الدلالة على إمامته.. عمدوا إلى التصرف فيها وتحريفها
زيادة أو نقيصة وإلى وضع فضائل لأبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وغيرهم من
الصحابة، والصحابة بصورة عامة..
وقد راج سوق هذا الوضع والتزوير - كما يحدثنا التاريخ - في زمن
معاوية، وشاعت هذه الأحاديث وانتشرت، ووصفها بعض علماء السنة بالصحة
عمدا أو جهلا..
ومع ذلك لم تخف حقيقة الحال على ذوي العلم والبصيرة، بل لقد نص
عليها وصرح بها بعض المتعصبين من علماء الحديث كابن الجوزي في كتاب
الموضوعات.. وأورد ابن أبي الحديد بعض الأحاديث التي وضعتها " البكرية "
دراسات 88

في مقابلة أحاديث من فضائل أمير المؤمنين..
وجاء علماء الكلام وأصحاب الكتب في الإمامة منهم، فعارضوا بهذه
الموضوعات الأحاديث الصحاح في فضل علي عليه السلام.. الأمر الذي استدعى
البحث عن تلك المفتريات والكشف عن حالها بالنظر في أسانيدها ومداليلها
على ضوء آراء علماء الجرح والتعديل من أهل السنة في كتاب " عبقات الأنوار "..
وكان من جملة هذه الأحاديث المحرفة أو الموضوعة رأسا في مقابل فضيلة من
الفضائل:
1 - لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن الله اتخذ صاحبكم
خليلا.
2 - سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر.
3 - ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر.
4 - لو كان بعدي نبي لكان عمر.
5 - لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.
6 - ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر.
7 - ابن عمر: سمعت رسول الله " ص " قال: بينا أنا نائم أتيت بقدح
لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج من أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر
ابن الخطاب. قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم.
8 - أبو سعيد الخدري: قال رسول الله " ص ": بينا أنا نائم رأيت الناس
يعرضون علي وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك. وعرض
علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره. قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟
قال: الدين.
9 - أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.
دراسات 89

10 - اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
11 - خلقني الله من نوره، وخلق أبا بكر من نوري، وخلق عمر من نور
أبي بكر، فخلق أمتي من نور عمر، وعمر سراج أهل الجنة.
12 - عمرو بن العاص: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت: من
الرجال؟ قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: عمر. فعد رجالا. فسكت مخافة
أن يجعلني في آخرهم.
13 - خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء.
14 - عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا
بها وعضوا عليها بالنواجذ.
15 - أرحم - أو: أرف - أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر
وأصدقهم حياءا عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل،
وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه
الأمة أبو عبيدة الجراح.
16 - من أحب أن ينظر إلى إبراهيم في خلته فلينظر إلى أبي بكر في سماحته
ومن أحب أن ينظر إلى نوح في شدته فلينظر إلى عمر بن الخطاب في شجاعته
ومن أحب أن ينظر إلى إدريس في رفعته فلينظر إلى عثمان في رحمته، ومن
أحب أن ينظر إلى يحيى بن زكريا في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب في
طهارته.
17 - أنا مدينة العلم، وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها
وعلي بابها.
18 - أنا مدينة العلم وعلي بابها وأبو بكر وعمر وعثمان حيطانها وأركانها.
19 - أنا مدينة العلم وأساسها أبو بكر وجدرانها عمر وسقفها عثمان وبابها
علي.
دراسات 90

20 - أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها.
21 - أنا مدينة العلم وعلي بابها وأبو بكر محرابها.
22 - أنا مدينة الصدق وأبو بكر بابها، وأنا مدينة العدل وعمر بابها، وأنا
مدينة الحياء وعثمان بابها، وأنا مدينة العلم وعلي بابها.
23 - لا تقولوا في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إلا خيرا.
24 - أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.
25 - ابن عمر: كنا في زمن النبي " ص " لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر
ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي لا نفاضل بينهم.
26 - محمد بن الحنفية: قلت لأبي أي الناس خير بعد النبي؟ قال: أبو بكر.
قال قلت: ثم من؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت: ثم أنت؟ قال:
ما أنا إلا رجل من المسلمين.
2 - عدالة الصحابة
ومن البحوث المهمة ذات الأثر الكبير في جميع المسائل الإسلامية " مسألة
عدالة الصحابة أجمعين " فعن بعض الفرق القول بكفر الصحابة جميعا. والمشهور
بين أهل السنة هو القول بأن الصحابة كلهم عدول ثقات. وقد نسب هذا القول
إلى أكثرهم.
والحق أن " الصحبة " لا توجب " العصمة " لأحد. والصحابة فيهم العدول
وغير العدول، وبهذا صرح جمع من أعلام أهل السنة كالتفتازاني والمارزي
وابن العماد والشوكاني، وتبعهم: الشيخ محمد عبدة وبعض تلامذته وآخرون
من الكتاب والعلماء المعاصرين.
وقد توفر كتاب " عبقات الأنوار " على جوانب من سير مشاهير الأصحاب
دراسات 91

ومشايخهم.. لا يظن بقاء أحد على القول بعدالة الصحابة أجمعين بعد مراجعتها..!
3 - الحسن والقبح العقلان
ومن المباحث المهمة في علم الكلام بحث الحسن والقبح العقليين، الذي
يثبته العدلية وينكره الأشاعرة، ويترتب عليه آثار جليلة وكثيرة، وتعرض
السيد لهذا البحث في قسم حديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسى). والذي
يهمنا إيراده هنا ما ذكره من أن جمعا كثيرا وجما غفيرا من أكابر نحارير أهل السنة
يثبتون الحسن والقبح العقليين. فذكر كلمات القوم وحاصلها أن القول بثبوت
الحسن والقبح العقليين مذهب:
1 - أبي بكر القفال الشاشي.
2 - أبي بكر الصيرفي.
3 - أبي بكر الفارسي.
4 - القاضي أبي حامد.
5 - الحليمي.
6 - علاء الدين السمرقندي صاحب (ميزان الأصول في نتائج العقول).
7 - عبد العزيز البخاري صاحب (كشف الأسرار - شرح أصول البزودي).
8 - أبي المظفر السمعاني صاحب (القواطع في أصول الفقه).
9 - أبي شكور الكشي صاحب (التمهيد).
10 - أبي حامد الغزالي في (اقتصاد الاعتقاد).
11 - عبيد الله بن مسعود صاحب (التوضيح في حل غوامض التنقيح).
12 - نظام الدين الشاشي صاحب (كتاب الخمسين في أصول الحنفية).
13 - الملا علي القاري في (شرح الفقه الأكبر).
14 - ابن قيم الجوزية في (زاد المعاد).
دراسات 92

15 - كمال الدين السهالي في (العروة الوثقى).
16 - صالح بن مهدي المقبلي في (ملحقات الأبحاث المسددة) وفي
(العلم الشامخ).
وقد نسب هذا القول إلى كثير من أصحاب أبي حنيفة وعلى الخصوص
العراقيين منهم. وذكر القاري عن الحاكم الشهيد في المنتقى أنه قال أبو حنيفة
لا عذر لأحد في الجهل بخالقه لما يرى من خلق السماوات والأرض وخلق نفسه
وغيره. وفي المسايرة لابن الهمام الحنفي: قالت الحنفية قاطبة بثبوت الحسن
والقبح على الوجه الذي قالته المعتزلة. وفيه عن بعض أكابر الأشاعرة إنه لا يتم
استحالة النقص على الله إلا على رأي المعتزلة. وفيه عن أبي منصور الماتريدي
وعامة مشايخ سمرقند: من مات ولم يؤمن ولم تبلغه دعوة رسول يخلد في النار.
4 - موقف أهل السنة من أئمة أهل البيت
وقد يدعي بعض المؤلفين من أهل السنة - كعبد العزيز الدهلوي - أنهم
هم المتبعون لأهل البيت - عليهم السلام - الراكبون لسفينتهم والمقتدون بهم
يقولون هذا إزراءا بالشيعة وطعنا في دينهم..
وهذا ما دعا السيد رحمه الله إلى إيراد طرف من كلماتهم الشائنة لأئمة أهل
البيت عليهم السلام كشفا عن الحقيقة، ولكي يعلن للملأ العلمي أن كل ما يحاوله
أهل السنة هو الرد على الشيعة ومعتقداتهم سواء كان بمدح أهل البيت ودعوى
محبتهم والانقياد لهم، أو كان بالطعن فيهم وتكذيبهم والحط عليهم والعياذ بالله.
دراسات 93

فتلك كلمات ولي الله الدهلوي في أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه
(إزالة الخفاء عن سيرة الخلفاء) و (قرة العينين في فضائل الشيخين).
وكلمات ابن تيمية فيه وفي بعض أئمة أهل البيت في (منهاج السنة).
وكلمات ابن العربي وابن خلدون في سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما
السلام.
وكلمات عبد القادر الجيلاني في أنه ينبغي أن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح
وسرور لا يوم مصيبة وحزن..
وقول بعضهم في حق الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام " في نفسي
منه شئ ".
وقول بعضهم في حق الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: " يروي
عن أبيه عجائب يهم ويخطئ ".
5 - حول الصحيحين
لقد حف القوم الصحيحين بكل قداسة، ووضعوهما في هالة من النور
والعظمة، ووضعوا لهما الكرامات الباهرة..
إنهما كتابان ألفهما محدثان من المحدثين شرطا فيهما على أنفسهما شروطا
خاصة.. ومن حق الباحث أن يبحث عن تلك الشروط، وأن يسأل عن توفر
ما اشترطاه في كل واحد واحد من أحاديث الكتابين.
ثم إن البخاري ومسلما بشران كسائر أفراد البشر يعرضهما الخطأ والسهو
والنسيان، وهل الالتزام بما اشترطاه على أنفسهما قد أوجب لهما العصمة عن
الخطأ والنسيان، وبلغ بكتابيهما إلى حد القرآن؟
وإذا كان لما اشترطاه هذا الأثر فلماذا لا يعتقدون هذا الاعتقاد فيما ألف على
شرطهما كالمستدرك وغيره؟
دراسات 94

هذه - وغيرها - أمور جديرة بالبحث والتحقيق، ولا يجوز لنا أن نمر عليها
مر الجهلة والمتعصبين، الذين ينزلون الكتابين منزلة الوحي المبين...
ليس كل ما في الكتابين بصحيح
لقد انتهى بنا البحث وأرشدتنا الأدلة إلى أنه ليس كل ما روي في الكتابين
بصحيح، وأهم تلك الأدلة هي الوجوه التالية:
1 - طعن أكابر الأئمة المعاصرين للبخاري ومسلم في الكتابين ومؤلفيهما
وتركهم لحديثهما والمنع من مجالستهما.. كما لا يخفى على من راجع تراجم
الرجلين في (سير أعلام النبلاء) وغيره.
2 - قدح علماء الجرح والتعديل في كثير من رجالهما.. كما لا يخفى على
من راجع (هدى الساري في مقدمة فتح الباري) وغيره.
3 - آراء كبار العلماء في الرجلين وكتابيهما، الصريحة في وجود الأحاديث
الباطلة فيهما، وأن الذي حمل القوم على القول بصحة كل ما أخرجاه هو
التعصب.. وتجد نصوص عبارات بعض هؤلاء العلماء في قسم حديث الغدير
من كتاب (عبقات الأنوار).
4 - وجود الأحاديث الكثيرة المقدوحة سندا ودلالة من قبل أساطين المحققين
من أهل السنة كالإسماعيلي، ومغلطاي، وابن حزم، وابن الجوزي، والدمياطي
والغزالي، وإمام الحرمين، وابن عبد البر، والنووي، وابن حجر، والكرماني
والداودي، والحميدي، وابن القيم.. وغيرهم.. في هذين الكتابين، وتجد
نصوص طائفة من هذه الأحاديث وكلمات هؤلاء الأعلام في قسم حديث الغدير
من كتاب (عبقات الأنوار).
دراسات 95

ليس كل ما ليس في الكتابين بغير صحيح
ثم ما الدليل على أن كل ما لم يخرجاه فليس بصحيح، حتى إذا أرادوا
رد حديث أو الطعن فيه قالوا: ليس في أحد الصحيحين؟!
قال النووي: " لم يلتزما استيعاب الصحيح، بل صح عنهما تصريحهما
بأنهما لم يستوعباه، وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف
في الفقه جمع جملة من مسائله ".
وقال القاضي الكتاني: " لم يستوعبا كل الصحيح في كتابيهما ".
وقال العلقمي: ليس بلازم في صحة الحديث كونه في الصحيحين ولا
في أحدهما ".
وقال ابن القيم: " هل قال البخاري قط: إن كل حديث لم أدخله في كتابي
فهو باطل، أوليس بحجة، أو ضعيف؟ وكم قد احتج البخاري بأحاديث خارج
الصحيح وليس لها ذكر في صحيحه؟ وكم صحح من حديث خارج عن صحيحه؟ ".
تعصب المؤلفين في الإمامة والمناقب
ومما ذكرنا يظهر تعصب بعض المؤلفين في الإمامة والكلام، وأصحاب
الكتب في الفضائل والمناقب.. كالفخر الرازي حيث يطعن في سند حديث
الغدير من جهة عدم إخراج البخاري ومسلم إياه، وكابن تيمية يرد على حديث
" ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " قائلا بأنه " ليس في الصحيحين "
وكالبدايوني الهندي القائل في جواب جملة " كرار غير فرار " من حديث
" سأعطي الراية غدا رجلا.. " بأنها " غير مذكورة في الصحيحين ".
ومنهم من يطعن في بعض الأحاديث المخرجة فيهما أو في أحدهما غير مكترث
بالذين ذهبوا إلى قطعية صدور جميع أحاديثهما، ذكرهم السيد في قسم حديث
دراسات 96

المنزلة وابن تيمية وابن الجوزي الذين قدحوا في حديث: " إني تارك فيكم
الثقلين.. " وهو في صحيح مسلم؟!
وكالامدي ومن لف لفه الذين أبطلوا حديث: " أنت مني بمنزلة هارون
من موسى " وهو في الصحيحين!!
وكالدهلوي الذي أبطل حديث هجر الزهراء عليها السلام أبا بكر حتى توفيت..
وهو في الصحيحين!!
وفي هذا القدر كفاية لمن طلب الرشاد والهداية.
6 - تحقيق حال رجال
وفي كتاب " عبقات الأنوار " ترجمة المئات من الأعلام من الصحابة والتابعين
والرواة وكبار العلماء والمؤلفين في مختلف العلوم والفنون.. ذكر السيد
تراجمهم لأغراض مختلفة أهمها إثبات ثقتهم والاعتماد عليهم... أو جرحهم
وإسقاطهم عن درجة الاعتبار.. فهو يعطيك قائمة بأسماء الثقات وقوائم بأسماء
الوضاعين، والضعفاء، والمدلسين، ومن تكلم فيهم من الرواة والمحدثين.
وقد يستدعي الأمر التوسع في بيان حال الرجل توثيقا أو تجريحا، ومن
هنا فقد حقق حال رجال تحقيقا شاملا يتوفر على فوائد تاريخية ورجالية لا تخفى
قيمتها على ذوي الفضل وأهل التحقيق، ولنذكر هنا بعض الأمثلة على ذلك:
تحقيق حال عباد بن يعقوب الرواجني
لقد أثبت وثاقة عباد بن يعقوب الرواجني بعشرة وجوه:
1 - كونه من مشايخ البخاري.
2 - كونه من مشايخ الترمذي.
دراسات 97

3 - كونه من مشايخ ابن ماجة.
4 - رواية كبار الأئمة كأبي حاتم والبزار وابن خزيمة عنه.
5 - توثيق أبي حاتم الرازي.
6 - توثيق ابن خزيمة النيسابوري.
7 - قول الدارقطني: صدوق.
8 - قول بعض أعلامهم: لولا رجلان من الشيعة ما صح لهم حديث: عباد
ابن يعقوب وإبراهيم بن محمد بن ميمون.
9 - قول الحافظ ابن حجر: " بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك ".
10 - قول الحافظ ابن حجر: " رافضي مشهور إلا أنه كان صدوقا ".
وقد ظهر أنه لا ذنب للرواجني إلا " التشيع " و " أنه يشتم السلف " كعثمان
وطلحة والزبير كما في " تهذيب التهذيب " وغيره. ولعل الذي جعله " يستحق
الترك " ما رواه من أن أبا بكر أمر خالد بن الوليد أن يقتل عليا، ثم ندم فنهاه
عن ذلك... رواه السمعاني في " الأنساب ".
تحقيق حال ابن عقدة
وصنف أبو العباس ابن عقدة كتابا بطرق حديث: " من كنت مولاه فهذا
علي مولاه " رواه فيه من مائة وخمس طرق ثم ذكر ثمانية وعشرين رجلا من
الصحابة لم يذكر أسمائهم. قال السيد ابن طاوس " والكتاب عندي الآن " وقد
ذكر هذا الكتاب لابن عقدة جماعة من حفاظ وأعلام أهل السنة كابن حجر وابن
تيمية والسمهودي والمناوي وغيرهم.
وقد طعن عبد العزيز الدهلوي تبعا لنصر الله الكابلي في أبي العباس ابن
عقدة، قال الكابلي فيما زعمه من مكائد الإمامية: " التاسع والتسعون: نقل ما
يؤيد مذهبهم عن كتاب رجل يتخيل أنه من أهل السنة وليس منهم، كابن عقدة
دراسات 98

كان جاروديا رافضيا، فإنه ربما ينخدع منه كل ذي رأي غبين، ويميل إلى مذهبهم
أو تلعب به الشكوك ".
وقد أثبت السيد صاحب العبقات وثاقة ابن عقدة وجلالته عن الدارقطني وأبي
علي الحافظ وحمزة السهمي والسمعاني والسيوطي وسبط ابن الجوزي والفتني
والبدخشاني..
وإنه قد روى عنه الأكابر من الحفاظ كالطبراني والدار قطني وأبي نعيم وابن
عدي، وكان الدارقطني يقول: أجمع أهل الكوفة على أنه لم ير من زمن عبد
الله بن مسعود إلى زمن أبي العباس ابن عقدة أحفظ منه. وعده السبكي في طبقاته
من حفاظ هذه الشريعة، ونقل السيوطي آراءه في تدريب الراوي وابن الجوزي
في معرفة الصحابة، والذهبي في الجرح والتعديل.
فظهر أنه لا ذنب لابن عقدة إلا ما ذكره السيوطي بقوله: " وعنده تشيع "
وأنه - كما قال سبط ابن الجوزي -: " كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر
عليها، ولا يتعرض للصحابة بمدح ولا بذم فنسبوه إلى الرفض ". ومن قال
الفتني: " وما ضعفه إلا عصري متعصب ".
تحقيق حال الأجلح بن عبد الله
وطعن الدهلوي في سند حديث الولاية: " إن عليا مني وأنا من علي وهو
ولي كل مؤمن من بعدي " قائلا: " في أسناده الأجلح وهو شيعي متهم في حديثه ".
فأجاب السيد عنه بثلاثين وجه منها:
توثيق يحيى بن معين، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، ومدح أحمد، وقول
الفلاس وابن عدي: " مستقيم الحديث صدوق " وتصحيح الحاكم حديثا هو
في طريقه، وفي التقريب: " صدوق شيعي ". وهو من رجال أبي داود والترمذي
والنسائي وابن ماجة.
دراسات 99

فظهر أنه لا ذنب له إلا " التشيع ".
تحقيق حال سبط ابن الجوزي
وتعرض السيد لحال سبط ابن الجوزي فأشبع الموضوع بحثا وتحقيقا،
وذلك لأنه اعتمد عليه في نقل رواية أحمد بن حنبل لحديث النور: " خلقت
أنا وعلي من نور واحد " فكان من الضروري بيان ثقته والاعتماد عليه.
فذكر مدح أبي المؤيد الخوارزمي وابن خلكان وقطب الدين البعلبكي
وأبي الفداء وابن الوردي والذهبي والداودي واليافعي والقاري وغيرهم وتعظيمهم
إياه.. وقد وصفه الخوارزمي في (جامع مسانيد أبي حنيفة) ب‍ " الإمام الحافظ "
وقال هؤلاء كلهم بأنه " كان له القبول التام عند الخاص والعام ".
واعتمد على تاريخه (مرآة الزمان) من تأخر عنه من المؤرخين كابن
خلكان والصفدي، والحلبي في سيرته، كما اعتمد عليه جماعة من علماء الكلام
كالكابلي في (صواقعه) والدهلوي في (تحفته).
نعم طعن فيه وفي تاريخه الذهبي في (ميزان الاعتدال) فقال: " يأتي
بمناكير الحكايات وما أظنه بثقة، بل يحيف ويجازف ثم إنه يترفض ".
وقد أجابوا عن ذلك.. ففي (كشف الظنون): " قال في الذيل: هذا
من الحسد، فإنه في غاية التحرير، ومن أرخ بعده فقد تطفل عليه، لا سيما
الذهبي والصفدي، فإن نقولهما منه في تاريخهما ".
فظهر أنه لا ذنب له إلا " الترفض " وسببه تأليف كتاب " تذكرة الخواص
من الأمة في ذكر مناقب الأئمة ".
تحقيق حال الجاحظ
وتمسك الفخر الرازي بصدد الطعن في حديث الغدير بعدم نقل الجاحظ إياه.
دراسات 100

فانبرى السيد للجواب عنه في وجوه:
الأول: إنه من النواصب، كما نص عليه (الدهلوي)، وصاحب كتاب
المروانية كما نص عليه ابن تيمية.
والثاني: إن له أباطيل وأضاليل حول مناقب أمير المؤمنين عليه السلام
وفضائله لم يرتضها حتى بعض أهل نحلته كالإسكافي.
والثالث: قول الحافظ الخطابي: الجاحظ ملحد.
والرابع: قول ثعلب: ليس ثقة ولا مأمونا.
والخامس: قول الذهبي في الميزان: " كان من أئمة البدع ". وفي (سير
أعلام النبلاء): " كان ما جنا قليل الدين " قال: " يظهر من شمائل الجاحظ أنه
يختلق " وقد أورده في (المغني في الضعفاء).
والسادس: قول الخطيب: كان لا يصلي.
والسابع: ما ذكره أبو الفرج الأصبهاني من أنه كان يرمى بالزندقة وأنشد
في ذلك أشعارا.
والثامن: قول ابن حزم: كان أحد المجان الضلال.
والتاسع: قول الأزهري: " إن أهل العلم ذموه وعن الصدق دفعوه ".
والعاشر: قول ثعلب: " كان كذابا على الله وعلى رسوله وعلى الناس ".
فهل يليق بالرازي الاستدلال بعدم رواية الجاحظ لحديث الغدير؟!
7 - تحقيق حال كتب
ومن الفوائد في كتاب " عبقات الأنوار " معرفة الكتب والفنون، فهو
يعطيك أسامي آلاف الكتب في مختلف العلوم والفنون مع أسماء مؤلفيها..
بحيث لو جمعت لشكلت كتابا مفردا في هذا الفن يقع في مجلدات عديدة.
دراسات 101

ومن هذه الكتب ما ينقل عنها في بحوثه، وهي أهم الكتب وأشهرها في
كل فن.. وقد ذكرنا سابقا أسلوبه في النقل والاستدلال.
وربما تعرض لحال بعض تلك الكتب فأثبت نسبتها إلى أصحابها، أو أكد
اعتبار ما جاء فيها أو بالعكس.. وإليك نماذج من تحقيقاته في هذا المجال:
1 - تحقيق حول مسند أحمد
لقد وقع الخلاف بين علماء أهل السنة - حتى الحنابلة منهم - حول أحاديث
مسند أحمد بن حنبل، فقال جماعة بأن ما أودعه أحمد مسنده قد احتاط فيه
إسنادا ومتنا ولم يورد فيه إلا ما صح سنده عنده، فأمر بالرجوع إليه وجعله أصلا
يعرف به الصحيح والسقيم، وما ليس فيه فلا أصل له، وأنكر آخرون أن يكون
المسند بهذه المثابة عند أحمد.
وقد بحث السيد رحمه الله هذا الموضوع مؤيدا القول الأول ومحققا إياه
أحسن تحقيق.
فحديث الثقلين: " إني تارك فيكم الثقلين.. " الذي أخرجه في المسند
بطرق عديدة صحيح عنده، فبطل قول البخاري: " قال أحمد في حديث عبد
الملك عن عطية عن أبي سعيد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم
الثقلين. أحاديث الكوفيين هذه مناكير ".
2 - تحقيق حول الموضوعات لابن الجوزي
وألف الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي كتاب الموضوعات.. ولكن كم
من حديث صحيح أو غير موضوع أدرجه في هذا الكتاب.. وهذا ما نص
عليه جماعة كبيرة من الأكابر..
قال ابن الصلاح: " ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات
دراسات 102

في نحو مجلدين، فأودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه، وإنما حقه أن يذكر
في مطلق الأحاديث الضعيفة ".
وقال ابن جماعة الكناني: " وصنف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتابه
في الموضوعات فذكر كثيرا من الضعيف الذي لا دليل على وضعه ".
وقال الطيبي: " وقد صنف ابن الجوزي في الموضوعات مجلدات قال
ابن الصلاح: أودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه.. ".
وقال ابن كثير: " أدخل فيه ما ليس منه، وأخرج عنه ما كان يلزمه ذكره
فسقط عليه ولم يهتد إليه ".
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد إثبات حديث سدوا الأبواب
إلا باب علي:
" وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات.. وأخطأ في
ذلك خطأ شنيعا، فإنه سلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة.. ".
وقال في القول المسدد بعد الحديث المذكور: " قول ابن الجوزي في
هذا الحديث: أنه باطل وأنه موضوع. دعوى لم يستدل عليها إلا بمخالفة
الحديث الذي في الصحيحين. وهذا إقدام على رد الأحاديث الصحيحة بمجرد
التوهم.. ".
وقال السخاوي: " ربما أدرج فيها الحسن والصحيح مما هو في أحد
الصحيحين فضلا عن غيرهما.. ولذا انتقد العلماء صنيعه.. ".
وقال السيوطي: ".. أكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحط إلى
رتبة الوضع، بل ومن الحسن ومن الصحيح.. ".
وقال محمد بن يوسف الشامي: " قد نص ابن الصلاح في علوم الحديث
وسائر من تبعه على أن ابن الجوزي تسامح في كتابه الموضوعات.. ".
دراسات 103

3 - كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة
أثبت السيد رحمه الله صحة نسبة كتاب (الإمامة والسياسة) إلى (ابن قتيبة)
بنقل جماعة من مشاهير القوم عن الكتاب المذكور قائلين: وفي الإمامة
والسياسة لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. أو: قال أبو محمد عبد الله بن
مسلم بن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة، ومنهم:
عمر بن فهد المكي في كتاب إتحاف الورى بأخبار أم القرى.
وعز الدين عبد العزيز بن عمر بن فهد المكي في غاية المرام بأخبار سلطنة
البلد الحرام.
وتقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي في العقد الثمين في أخبار البلد
الأمين.
وأبو الحجاج يوسف بن محمد البلوى في كتاب ألف باء.
ومحمد محبوب العالم في تفسيره المشهور بتفسير شاهي، الذي اعتمد
عليه صاحب التحفة ومن تبعه.
4 - كتاب سر العالمين للغزالي
ونقل السيد في قسم حديث الغدير كلاما لأبي حامد الغزالي في الحديث
المذكور عن كتابه سر العالمين.
ثم أورد نص الكلام عن كتاب تذكرة خواص الأمة لسبط ابن الجوزي
حيث نقله عن سر العالمين للغزالي.. وبذلك أثبت كون الكتاب للغزالي وأن
الكلام المذكور هو للغزالي في سر العالمين.
ثم أضاف إلى ذلك ما جاء في (ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي) بترجمة
الحسن بن الصباح، حيث قال: " قال أبو حامد الغزالي في كتاب سر العالمين:
شاهدت قصة الحسن بن الصباح.. ".
دراسات 104

فيكون الكتاب المذكور لأبي حامد الغزالي قطعا.
8 - تحقيق حول انتشار العلوم في البلاد الإسلامية
لقد زعم ابن تيمية في كلام له في القدح في حديث " أنا مدينة العلم وعلي
بابها " أن العلوم انتشرت في البلاد الإسلامية من غير علي عليه السلام.. قال:
" فإن جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي، أما أهل
المدينة ومكة فالأمر فيهم ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا
يروون عن علي إلا شيئا قليلا، وإنما كان غالب علمه في الكوفة. ومع هذا فأهل
الكوفة كانوا تعلموا القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان فضلا عن علي وفقهاء
أهل المدينة تعلموا الدين في خلافة عمر. وتعليم معاذ بن جبل لأهل اليمن
ومقامه فيهم أكثر من علي، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل أكثر مما
رووا عن علي. وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ بن جبل.
ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضيا، وهو وعبيدة السلماني تفقها على
غيره. فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم علي الكوفة ".
فانبرى السيد للرد على هذه الدعوى محققا لهذا الموضوع تحقيقا شاملا
ومثبتا لانتشار علوم الإسلام في البلاد الإسلامية بواسطة باب مدينة العلم وأمير
المؤمنين علي عليه السلام، فقال في الجواب ما ملخصه:
أما المدينة المنورة فقد قضى فيها الإمام الشطر الأعظم من حياته المباركة
وعمره الشريف، وقد كان فيها المرجع الوحيد لكبار الصحابة في المسائل
والمعضلات.. وهذه حقيقة اعترف بها أعلام الحفاظ.. قال النووي: " وسؤال
كبار الصحابة له ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل
المعضلات مشهور ".
وأما مكة المكرمة فقد عاش فيها الإمام منذ ولادته حتى الهجرة، وسافر إليها
دراسات 105

بعد الاستيطان بالمدينة مرات عديدة، ولا ريب في أخذ أهل مكة العلم منه في
خلال هذه المدة.
على أن تلميذه الخاص - وهو عبد الله بن العباس - كان بمكة مدة مديدة
ينشر العلم، ويفسر القرآن، ويعلم المناسك، ويدرس الفقه:
قال الذهبي بترجمته من (تذكرة الحفاظ): " الأعمش عن أبي وائل قال:
استعمل علي ابن عباس على الحج فخطب يومئذ خطبة لو سمعها الترك والروم
لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور فجعل يفسرها ".
وفي (طبقات ابن سعد) عن عائشة: " أنها نظرت إلى ابن عباس ومعه
الخلق ليالي الحج وهو يسأل عن المناسك. فقالت: هو أعلم من بقي بالمناسك "
وفي (الاستيعاب) بترجمته: " روينا أن عبد الله بن صفوان مر يوما بدار
عبد الله بن عباس بمكة فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه... ".
وقد اعترف ابن تيمية نفسه بهذه الحقيقة... ففي (الاتقان للسيوطي):
" قال ابن تيمية: أعلم الناس بالتفسير أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس رضي
الله عنهما كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وسعيد بن جبير
وطاوس وغيرهم ".
وأما الشام: فقد انتشر العلم فيه عن أبي الدرداء، وهو تلميذ عبد الله بن
مسعود، وابن مسعود من تلامذة الإمام، فانتهى إليه عليه السلام علم أهل الشام...
روى الحافظ محب الدين الطبري في (الرياض النضرة): " عن أبي الزعراء
عن عبد الله قال: علماء الأرض ثلاثة: عالم بالشام وعالم بالحجاز وعالم بالعراق
فأما عالم أهل الشام فهو أبو الدرداء، وأما عالم أهل الحجاز فعلي بن أبي
طالب، وأما عالم أهل العراق فأخ لكم. وعالم أهل الشام وعالم أهل العراق
يحتاجان إلى عالم أهل الحجاز، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج إليهما. أخرجه
الحضرمي ".
دراسات 106

وأما البصرة فقد ورد إليها الإمام عليه السلام بنفسه وتلك خطبه ومواعظه
فيها مدونة في كتب التاريخ.
وأيضا فقد أخذ أهل البصرة وتفقهوا على ابن عباس حيث كان واليا على
البصرة من قبل الإمام، وهو من أشهر تلاميذه وملازميه بلا كلام.. قال الحافظ
ابن حجر في (الإصابة): " إن ابن عباس كان يعشى الناس في رمضان وهو
أمير البصرة، فما ينقضي الشهر حتى يفقههم ".
وأما الكوفة فقد تعلم أهلها القرآن والسنة منه عليه السلام مباشرة مدة بقائه
بها.. ولو كانوا قد تعلموا شيئا من ذلك قبل وروده إليها فمن عبد الله بن مسعود
وعمار بن ياسر وهما من تلامذته عليه الصلاة والسلام.
وأما اليمن فقد روى الكل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بعثه إلى
اليمن قاضيا - والقضاء هو الفقه، فهو أفقه الأمة لقوله " ص " فيما رواه الفريقان:
أقضاكم علي -... فهو الذي فقه أهل اليمن وعلمهم، وقد قال " ص " حين بعثه
" اللهم اهد قلبه وثبت لسانه ".. فهذا بعث علي عليه السلام إلى اليمن، وهذا
شأنه في العلم والفقه.. فانتشر العلم في تلك البلاد عنه عليه السلام.
وأما معاذ فقد بعثه النبي صلى الله عليه وآله إلى طائفة من اليمن " ليجبره "
بعد أن " أغلق ماله من الدين.. فباع النبي " ص " ماله كله في دينه حتى قام
معاذ بغير شئ ".. رواه الحافظ ابن عبد البر في (الاستيعاب). وهذا بعث
معاذ إلى طائفة من اليمن. وأما شأنه في العلم والفقه فلا يقاس بالامام عليه السلام
- كما لا يقاس به غيره - بل في نفس خبر بعثه إلى اليمن ما يدل على فسقه أو
جهله بأدنى الأحكام الشرعية.. فراجع الاستيعاب وغيره.
وبهذا عرفت أنه قد انتشر علم الإسلام في جميع المدائن عن علي عليه
السلام.
دراسات 107

9 - تحقيق حول سلاسل الصوفية
" إلى من تنهي؟ علي أو أبي بكر؟)
اعترف عبد العزيز الدهلوي بانتهاء سلاسل الصوفية إلى الإمام علي المرتضى
عليه السلام.. وأنكر ذلك والده الدهلوي تبعا لابن تيمية الحراني.
وقد انتصر المولوي حسن زمان صاحب كتاب (القول المستحسن في فخر
الحسن) للحق، فرد على ابن تيمية الرد القاطع.. وأثبت انتهاء سلاسل الصوفية
ورجال الطريقة إلى سيد الأولياء أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
وإن شئت تفصيل ذلك فراجع قسم حديث التشبيه من كتاب (عبقات الأنوار).
الباب الخامس
(كتاب عبقات الأنوار)
1 - في سبيل التأليف
إن إخراج كتاب مثل " عبقات الأنوار " إلى عالم الوجود يتطلب بذل جميع
الطاقات بشتى أشكالها في سبيل توفير المصادر الأصلية للبحوث، ثم استخراج
المواضيع المطلوبة وتنسيقها.. فإن هذين العنصرين أهم العناصر المتوقف
عليها إنجاز هذه المهمة.
وبالفعل فإن السيد المؤلف لم يدخر شيئا مما كان بوسعه، فلم يأل جهدا
في طريق تحصيل المصادر اللازمة، من مختلف المكتبات العامة والخاصة، في
داخل الهند وخارجه.
فمن المصادر ما كان في مكتبة والده الموقوفة، مثل كتاب (زاد المسير
للسيوطي). ومن هنا يعلم أن والده العلامة السيد محمد قلي هو المؤسس الأول
دراسات 108

لمكتبة الأسرة المعروفة ب‍ (المكتبة الناصرية) التي سنتحدث عنها.
ومنها: ما اشتراه في بعض أسفاره، مثل (كتاب ألف باء في المحاضرات
للبلوي) قال: اشتريته من (الحديدة) ونسخة من كتاب (تهذيب الكمال للمزي)
نسخت من خط المزي وقرئت عليه، قال: اشتريتها في (الحديدة) يوم الأربعاء
8 محرم سنة 1283 لدى رجوعي من الحج.
ومنها: ما أرسل إليه من البلاد المختلفة بطلب منه، (كالأربعين في فضائل
أمير المؤمنين لأبي عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي) قال: حصلت
عليه بعد جهد بذله بعض العلماء الأعلام أدامهم الله المنعام. و (استجلاب ارتقاء
الغرف بحب أقرباء الرسول ذوي الشرف للمزي) قال: نسخة عتيقة حصلت
عليها بسعي من أحد العلماء.
ومنها: ما رآه واستفاد منه في المكتبات العامة وغيرها في بعض أسفاره..
ففي الحجاز استفاد من مكتبة الحرم النبوي الشريف من عدة من الكتب (كالنور
السافر عن أخبار القرن العاشر للعيدروس) قال: هي نسخة الأصل، وعليها خط
المصنف وتصحيحه، رآها ونقل منها، ثم ذكر أنه قد حصل على نسخة عتيقة
منه بعد سعي كثير.. وكتاب (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للمرادي).
ومن مكتبة الحرم المكي الشريف.. كتاب (عجالة الراكب وبلغة الطالب
لعبد الغفار بن إبراهيم العلوي) و (كنز البراهين الكسبية والأسرار الوهبية
الغيبية لشيخ بن علي الجفري باعلوي) قال: وهو مطبوع مصر. و (الإعلام
بأعلام بيت الله الحرام) قال: رأيته في الهند أيضا، وهو مطبوع بلندن. و (رسالة
الأسانيد للشيخ أحمد النخلي) وذكر أنه قد حصل على نسخة منه بعد ذلك.
وفي العراق حصل على كتب منها (المجالس لأبي الليث نصر بن محمد)
وكتاب (كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب للكنجي الشافعي) و (التبر
المذاب في بيان ترتيب الأصحاب لأحمد بن محمد الحافي الحسيني الشافعي)
دراسات 109

و (الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة للمطيري) رآه في
النجف الأشرف سنة 1283.
ومنها: ما وقف عليه في بعض المكتبات الخاصة.. ومن له أقل إلمام
بنفسيات أصحاب المكتبات الخاصة يعلم مدى صعوبة الاستفادة من كتب
المكتبات الخاصة، لا سيما إذا كان صاحبها من المخالفين.. وهناك قضايا نادرة
تنقل حول كيفية استفادة السيد المؤلف من هذه المكتبات.
فهذا طرف من متاعبه وجهوده في سبيل تحصيل مصادر كتابه.
وأما ما تحمله رحمه الله في سبيل استخراج مطالبه من المصادر، وتأليف
كتابه وكتابته.. فلسنا مبالغين إن قلنا بأنه قد ضحى بنفسه الشريفة في هذا السبيل
فقد كتب بيده اليمنى حتى عجزت عن الكتابة، فأضحى يكتب باليسرى، وكان
إذا تعب من الجلوس اضطجع وكتب، وإذا تعب استلقى على ظهره ووضع
الكتاب على صدره وأملى.
لقد كان هذا دأبه ليلا ونهارا.. ولا يقوم عن مقامه إلا لحاجة ملحة، ولا
يأكل ولا ينام إلا بقدر الضرورة. وحتى العبادات والأعمال الشرعية لم يعمل
إلا بالفرائض منها.. إلى أن مرض.. فلم يتمكن إلا من الاملاء... ولم يتركه
حتى آخر لحظة من حياته.
وقد حكى لنا آية الله السيد شهاب الدين النجفي المرعشي دام ظلة نقلا عن
السيد ناصر حسين أنه لما وضع السيد على المغتسل لوحظ أثر عميق على شكل
خط أفقي على صدره الشريف كان موضع الكتاب الذي اعتاد على وضعه على
صدره للإملاء.
2 - أثر الكتاب
أ - في أوساط الهند
إن الغرض من تأليف هذا الكتاب هو الرد على كتاب (التحفة الاثنا عشرية)
دراسات 110

الذي ألفه (المولوي عبد العزيز الدهلوي)، محاولة منه للحيلولة دون تطور
المذهب الشيعي، وفي ظروف قام الشيعة فيها بالنشاط الفكري من جديد في
بلاد الهند، وأسسوا فيها مراكز علمية جعلوها منطلقا لترويج مذهبهم ونشر
عقائدهم... حتى كادت تتشيع سائر الفرق.
وكتاب التحفة - وإن كان في الأغلب تكرارا لما قاله أبناء تيمية وحجر
وروزبهان وكثير والجوزي... والفخر الرازي.. وغيرهم من متعصبي أهل
السنة السابقين، في مؤلفاتهم التي رد عليها علماء الشيعة المعاصرون لهم أو
المتأخرون عنهم.. إلا أن من الطبيعي أن يحدث فتنة عظيمة بين المسلمين في
تلك الأقطار، وأن يحسب العوام والجهلة من أهل السنة أن قد نجح هذا الكتاب
في الهدف الذي لأجله ألف، وهو الصد عن تقدم المذهب الشيعي.
لكن الشيعة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر وبقلوب مطمئنة صدور الرد بل
الردود العديدة عليه من قبل فطاحل العلماء الذين قيضهم الله عز وجل للذب عن
الدين الحنيف والدفاع عن المذهب الحق.
حتى انبرى له جماعة من فحول الطائفة - سيأتي ذكر أسمائهم - وكتبوا
ردودهم عليه لا سيما الباب السابع منه المتعلق بمباحث الإمامة والخلافة.
ذكر صاحب كتاب علماء معاصرين ص 30 أن العالم الجليل الشيخ عباس
الهندي الشرواني ألف كتابا باسم سواطع الأنوار في تقريظات عبقات الأنوار
وإنه قد طبع مع كتاب زينة الانشاء بمطبعة بستان مرتضوي ببلدة لكهنو سنة 1303.
وإن من يقف على كتاب (عبقات الأنوار) الذي ألف في النصف الثاني
من القرن الثالث عشر يمكنه - بسهولة - تقدير الأثر الذي تركه هذا الكتاب
في زمن صدوره وانتشاره في الأوساط العلمية وغيرها من بلاد الهند.
لقد شفى هذا الكتاب غليل الشيعة، ورفع رؤوسهم، وأثلج صدورهم،
دراسات 111

فكان برهانا لامعا لإعلان الحق، والدعوة إلى سبيل الله، وتبليغ رسالاته، وسيفا
قاطعا على الأعداء والخصوم.. وأصبح نبراسا يضئ طريق الحق للسائرين
ورائدا لمن جاء بعده من الباحثين.. وإن في ما ذكرناه في (الدراسات) في
الدلالة على ما قلناه كفاية.. والحمد لله رب العالمين.
ب - في الأوساط الأخرى
وقد ترك هذا الكتاب آثارا بالغة في الأوساط الإسلامية الأخرى.. يتجلى
ذلك بوضوح لمن يدقق النظر في التقاريظ والرسائل الموجهة إلى المؤلف
وأسرته وكبار رجالات الطائفة في الهند.. فقد جاء في رسالة لآية الله المازندراني
أنه يهتدي ببركة هذا الكتاب في كل عام جمع كثير وجم غفير من أهل السنة في
بغداد ومكة وشام وحلب بالإضافة إلى بلاد الهند نفسها.
وفي رسالة للسيد المجدد الشيرازي الحكم بلزوم قراءة هذا الكتاب على
كل مسلم، والأمر بوجوب نشره وترويجه بكل طريق ممكن.
وفي رسائل عديدة من جماعة من أعلام علماء الوقت طلب المزيد من
نسخ الكتاب لأجل استفادة العلماء والفضلاء منه في الحوزات العلمية، والتأكيد
على السيد المؤلف في مواصلة العمل لأجل إنجاز بقية مجلدات الكتاب.
ومن هنا فقد صدر الحكم من آية الله الشيخ زين العابدين المازندراني
الحائري إلى مقلديه في الهند بالمبادرة في أسرع وقت إلى طبع أجزاء الكتاب
بمجرد خروجها من السواد إلى البياض وأن من الواجب المحتم عليهم أن يضعوا
كافة قدراتهم المالية وغيرها تحت تصرف السيد ممتثلين جميع أوامره...
3 - تقاريظ الكتاب
ولما وصل كتاب (عبقات الأنوار) إلى الأقطار الإسلامية كالعراق وإيران..
دراسات 112

واطلع عليه كبار الفقهاء، ووقف عليه رجالات الحديث والكلام، والعلماء في
مختلف العلوم الإسلامية.. أكبروه غاية الإكبار، وأثنوا عليه وعلى مؤلفه الثناء
البالغ والمدح العظيم، وأرسلوا إلى السيد المؤلف رسائل التقريظ والتبجيل
شاكرين الله تعالى على هذه النعمة، ومعبرين عن غاية سرورهم واعتزازهم بهذه
الموهبة.
وقد جمعت نصوص تلك التقاريض في كتاب سمي ب‍ (سواطح الأنوار
في تقريضات عبقات الأنوار) حوى المختار منه 1، منها 27 تقريضا، وهي من
كبار فقهاء ومحدثي عصر المؤلف.. قد وجه بعضها إلى المؤلف في حياته
وبعضها الآخر إلى نجله السيد ناصر حسين... ونحن نكتفي هنا بذكر نصوص
بعضها:
(1)
تقريظ سيد الطائفة في عصره المجدد السيد الميرزا الشيرازي 2:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أبدع بقدرته على وفق إرادته فطرة الخليقة، وأولى كلا

1) طبع في الهند سنة 1359.
2) هو السيد الميرزا محمد حسن الحسيني الشيرازي النجفي، أعظم علماء عصره
وأشهرهم وأعلى مراجع الإمامية في الأقطار الإسلامية في زمانه، حضر على الشيخ محمد
تقي صاحب حاشية المعالم والسيد حسن المدرس والشيخ محمد إبراهيم الكلباسي في أصفهان
وفي النجف الأشرف على الشيخ صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري والشيخ حسن آل كاشف
الغطاء وكان أيام زعامته مقيما في سامراء المشرفة، وقصة (التنباك) وفتواه بتحريمه مشهورة.
ولد سنة 1230 وتوفي سنة 1312 (أعلام الشيعة).
دراسات 113

بحسب قابليته ما يليق به من صبغة الحقيقة، فعلم آدم الأسماء، واصطفى أكابر
ذريته، وخلص صفوته للبحث عن حقائق الأشياء، والاطلاع على ما في بطون
الأنبياء فألهمهم علوم حقائقه، وأعلمهم نوادر دقائقه، وجعلهم مواضع ودائع
أسراره وطالع طوالع أنواره، فاستنبطوا وأفادوا، واستوضحوا وأجادوا،
والصلاة والسلام على من حبه خير وأبقى، وآله الذين من تمسك بهم فقد
استمسك بالعروة الوثقى.
أما بعد: فلما وقفت بتأييد الله تعالى وحسن توفيقه على تصانيف ذي الفضل
الغزير، والقدر الخطير، والفاضل النحرير، والفائق التحرير، والرائق التعبير،
العديم النظير، المولوي السيد حامد حسين، أيده الله في الدارين وطيب بنشر
الفضائل أنفاسه، وأذكى في ظلمات الجهل من نور العلم نبراسه.
رأيت مطالب عالية، تفوق روائح تحقيقها الغالية، عباراتها الوافية دليل
الخبرة وإشاراتها الشافية محل العبرة، وكيف لا؟ وهي من عيون الأفكار الصافية
مخرجة، ومن خلاصة الاخلاص منتجة، هكذا هكذا وإلا فلا، العلم نور يقذفه
الله في قلب من يشاء من الأخيار، وفي الحقيقة افتخر كل الافتخار، ومن دوام
العزم وكمال الحزم وثبات القدم وصرف الهمم في إثبات حقية أهل بيت الرسالة
بأوضح مقالة أغار، فإنه نعمة عظمي وموهبة كبرى، ذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء.
أسأل الله أن يديمك لإحياء الدين ولحفظ شريعة خاتم النبيين صلوات الله
عليه وآله أجمعين.
فليس حياة الدين بالسيف والقنا * فأقلام أهل العلم أمضى من السيف
والحمد لله على أن قلمه الشريف ماض نافع، ولا لسنة أهل الخلاف حسام
قاطع، وتلك نعمة من الله بها عليه، وموهبة ساقها إليه.
وإني وإن كنت أعلم أن الباطل فاتح فاه من الحنق إلا أن الذوات المقدسة
دراسات 114

لا يبالون في إعلاء كلمة الحق، فأين الخشب المسندة من الجنود المجندة، وأين
ظلال الضلالة من البدر الأنور، وظلام الجهالة من الكوكب الأزهر.
أسأل الله ظهور الحق على يديه، وتأييده من لديه، وأن يجعله موفقا منصورا
مظفرا مشكورا، وجزاه الله عن الإسلام خيرا.
والرجاء منه الدعاء مدى الأيام، بحسن العاقبة والختام، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته. حرره الأحقر محمد حسن الحسيني
في ذي الحجة الحرام سنة 1301
(الختم المبارك)
(2)
تقريظ خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري 1:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خصنا من بين الفرق بالفلج، وأيدنا ما دونهم بأوضح الحجج
والصلاة على من اصطفاه لدين قيم غير ذي عوج، وعلى آله الذين نشروا لواء
الحق ولو بسفك المهج، وأحضوا على العلم ولو بخوض اللجج، عجل الله
لهم النصر والفرج، وصلى الله عليهم ما مدحت الثغور بالبلج، ووصفت الحواجب
بالزجج.

1) هو إمام أئمة الحديث والرجال في الأعصار المتأخرة، مؤلفاته تربو على العشرين
أشهرها وأهمها (المستدرك) استدرك فيه على كتاب (وسائل الشيعة) وهو أحد المجاميع
الثلاثة المتأخرة، في ثلاثة مجلدات كبار تشتمل على زهاء (23000) حديث، وقد ختمها
بخاتمة ذات فوائد جليلة، وله في بعض مؤلفاته آراء لم يوافقه عليها سائر العلماء.
ولد سنة 1254 وتوفي سنة 1320 " أعلام الشيعة ".
دراسات 115

وبعد: فإن العلم مشرع سلسال، لكن على أرجائه ضلال، وروض مسلوف
لكن دونه قلل الجبال، دونهن حتوف، وإن من أجل من اقتحم موارده،
وارتاد آنسه وشارده، وعاف في طلابه الراحة، ورأى في اجتلاء أنواره مروحة
وراحة، حتى فاز منه بالخصل، بل وأدرك الفرع منه والأصل: السيد السديد
والركن الشديد، سباح عيالم التحقيق، سياح عوالم التدقيق، خادم حديث
أهل البيت، ومن لا يشق غباره الأعوجي الكميت، ولا يحكم عليه لو ولا كيت
سائق الفضل وقائده وأمير الحديث ورائده، ناشر ألوية الكلام، وعامر أندية
الإسلام، منار الشيعة، مدار الشريعة، يافعة المتكلمين، وخاتمة المحدثين،
وجه العصابة وثبتها، وسيد الطائفة وثقتها، المعروف بطنطنة الفضل بين ولايتي
المشرقين، سيدنا الأجل حامد حسين، لا زالت الرواة تحدث من صحاح مفاخره
بالأسانيد مما تواتر من مستفيض فضله المسلسل كل معتبر عال الأسانيد.
ولعمري لقد وفى حق العلم بحق براعته، ونشر حديث الإسلام بصدق لسان
يراعته، وبذل من جهده في إقامة الأود وإبانة الرشد ما يقصر دونه العيوق فأنى
يدرك شأوه المسح السابح السبوق!! فتلك كتبه قد حبت الظلام وجلت الأيام،
وزينت الصدور وأخجلت المدور، ففيها (عبقات) أنوار اليقين و (استقصاء)
شاف في تقدير نزهة المؤمنين، وظرائف طرف في إيضاح خصائص الارشاد
هي غاية المرام من مقتضب الأركان، وعمدة وافية في إبانة نهج الحق لمسترشد
الصراط المستقيم إلى عماد الإسلام ونهج الإيمان، وصوارم في استيفاء إحقاق
الحق هي مصائب النواصب، ومنهاج كرامة كم له في إثبات الوصية بولاية
الانصاف من مستدرك مناقب، ولوامع كافية لبصائر الأنس في شرح الأخبار،
تلوح منها أنوار الملكوت، ورياض مونقة في كفاية الخصام من أنوارها المزرية
بالدر النظيم تفوح نفحات اللاهوت.
دراسات 116

فجزاه الله عن آبائه الأماجد خير ما جزى به ولدا عن والد، وأيد الله أقلامه
في رفع الأستار عن وجه الحق والصواب، وأعلى ذكره في الدين ما شهد
ببارع فضله القلم والكتاب، وملأت بفضائله صدور المهارق وبطون الدفاتر،
ونطقت بمكارمه ألسنة الأقلام، وأفواه المحابر.
آمين آمين لا أرضى بواحدة * حتى أضيف إليها ألف أمينا
وصلى الله على سيدنا محمد والميامين من عترته وسلم تسليما.
كتب بيمناه الداثرة الخاثرة العبد المذنب المسئ حسين بن محمد تقي
النوري الطبرسي.
في ليلة الثاني عشر من شهر الصيام، في الناحية المقدسة
سر من رأى، سنة 1303 حامدا مصليا
(3)
تقريظ الفقيه الكبير الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري 1:
".. چون متدرجا مجلدات كتب مؤلفات ومصنفات آنجناب سامي صفات
كه عبارت از (استقصاء الافحام) (وعبقات) بوده باشد در أين صفحات به
دست علماء وفضلاى أين عتبات عرش درجات ملحوظ ومشاهد افتاد به اضعاف
مضاعف آنچه شنيده مى شد ديده شد " كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن
حكيم خبير " از صفحاتش نمودار " كتاب مرقوم يشهده المقربون " از اوراقش
پديدار، از عناوينش " آيات محكمات هن أم الكتاب " پيدا، واز مضامينش

1) من كبار الفقهاء ومراجع التقليد، درس في النجف الأشرف ثم انتقل إلى كربلاء
المقدسة واشتغل بالتدريس والتصنيف حتى توفي في 16 ذي القعدة سنة 1309 ودفن في
الصحن الحسيني الشريف.
دراسات 117

" هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنه الحق وليذكر أولو الألباب " هويدا
از فصولش عالمي را تاج تشيع واستبصار بر سر نهاده، واز أبوابش بسوى
" جنات عدن تجري من تحتها الأنهار " بابها گشاده. كلماتش " وجعلناها رجوما
للشياطين " كلامش " ألا لعنة الله على القوم الظالمين ". مفاهيمش " ألم أعهد
إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين " مضامينش در لسان
حال اعدا " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين وبئس القرين ". دلائلش " هذا
بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين " براهينش " كتاب أنزل إليك فلا يكن في
صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ".
برأي دفع يأجوج ومأجوج مخالفين دين مبين سدى است متين، واز جهت
قلع وقمع زمره معاندين مذهب وائين چون تيغ أمير المؤمنين، سيمرغ سريع
النقل عقل از طيران بسوى شرف اخبارش عاجز، هماي تيزپاى خيال از وصول
بسوى غرف آثارش قاصر. كتبي به أين لياقت ومتانت واتقان تا الان از بنان
تحرير نحريرى سر نزده، وتصنيفي در اثبات حقيت مذهب وايقان تا أين
زمان از بيان تقرير حبر خبيرى صادر وظاهر نگشته.
از عبقاتش رائحة تحقيق وزان، واز استقصايش استقصا بر جميع دلائل
قوم عيان، ولله در مؤلفها ومصنفها:
" أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا
أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين.. ".
(4)
تقريظ سماحة العلامة الحجة الفقيه السيد محمد حسين الشهرستاني 1:

1) من أئمة العلم ومراجع التقليد في كربلاء المقدسة، وقد انتهت إليه الرياسة في
التدريس والزعامة في الأمور بعد وفاة أستاذه المحقق الأردكاني، إلى أن توفي ليلة الخميس
الثالث من شوال سنة 1315. وخلف آثارا جليلة تنيف على الثمانين.
دراسات 118

" بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي نصر الدين المبين بالعلماء
الراسخين، ونفى بهم عنه بدع المبتدعين وانتحال المبطلين، وفضل مدادهم
على دماء الشهداء في الدين، ولم يخل الأرض منهم في آن ولا حين، والصلاة
على سيد العالمين والنبي قبل الماء والطين، وآله الذين هم لمعات أنواره،
وعبقات أزهاره، سيما وصيه ومعدن أسراره، الذي شبهه النبي صلى الله عليه
بالأنبياء فكان موجبا لافتخارهم لا لافتخاره، وبعد:
فإني قد نظرت في كتاب عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار عليهم
صلوات الله وسلامه ما بقي الليل والنهار، للمولى الجليل والعالم النبيل، الذي
علا علاه الفرقدين، وسما سناؤه النيرين، المبرأ من كل شين والمحلى بكل
زين، مجمع البحرين جامع الفضلين المولوي السيد حامد حسين لا زال محبورا
بكل ما يقر به العين، مشكور السعي في النشأتين، فرأيته كتابا متينا متقنا حاويا
للتحقيقات الرشيقة التي يهتز لها الناظر، جامعا للتدقيقات التي يطرب بها الخاطر
كم من عنق من الباطل به مكسور، وكم من عرق للضلالة به مبتور، قد أدحض
به أباطيل المبطلين، وأوضح به الحجج والبراهين على الحق المبين وأرغم
أنوف المعاندين، فلله دره من فاضل ما أفضله، وعالم ما أكمله، وبارع ما أفهمه
ودقيق ما أتقنه، قمع رؤس المشككين بمقامع الحديد، وأذاب قلوبهم بشراب
الصديد، ولم يدع لهم ركنا إلا هدمه، ولا بابا إلا ردمه، ولا عرقا إلا قلعه،
ولا شكا إلا رفعه، ولا ريبا إلا منعه، ولا دليلا إلا صدعه، ولا قولا إلا دفعه،
ولا قرنا إلا صرعه، ولا مذهبا إلا نقضه، ولا رئيسا إلا رفضه، ولا كيدا إلا دمره
ولا نقضا إلا سمره.
فجزاه الله عن الدين وأهله خير جزاء الصالحين، وأعطاه بكل حرف بيتا
دراسات 119

في الجنة كما وعد به على لسان الصادقين، وحشره مع المجاهدين في زمن
أجداده الطاهرين.
ونرجو من المؤلف دام بقاه أن يمن على أهل هذه النواحي ببعث سائر
المجلدات من هذا الكتاب المبارك، ونشره في هذه الأصقاع، عسى أن ينفع
به من طابت سريرته وحسنت سيرته، وسبقت له من الله العناية بسعادته، ولم
يستحق الخذلان والحرمان بشقاوته. والله المستعان وعليه التكلان. وأن لا ينسانا
من الدعوات في مظان الإجابة وموارد الاستجابة، والسلام هو الختام. وقد قلت
مرتجلا:
عبقات فاحت من الهند طيبا * عطست منه معطس الحرمين
فأشار الحسين بالحمد منه * ودعا شاكرا لحامد حسين
حرره الجاني الفاني محمد حسين الشهرستاني عفي عنه وعن والديه بالنبي
والوصي 26 جمادى الأولى سنة 1303 في أرض كربلاء المشرفة على
مشرفها ألف ألف سلام وتحية. آمين والحمد لله رب العالمين
4 - بعض ما قيل في الكتاب
ثم ضع يدك على أي كتاب شئت من كتب التراجم وفهارس المصنفات وغير
ذلك تجد فيه كلمات جليلة من أكابر العلماء في حق كتاب العبقات... ونحن
نكتفي كذلك بذكر بعض تلك الكلمات، وعليها فقس ما سواها:
1 - الميرزا أبو الفضل الطهراني:
"... عبقات الأنوار تصنيف السيد الجليل، المحدث العالم العامل، نادرة
الفلك وحسنة الهند، ومفخرة لكهنو وغرة العصر، خاتم المتكلمين، المولوي
الأمير حامد حسين المعاصر الهندي اللكهنوي قدس سره وضوعف بره، الذي
دراسات 120

اعتقد أنه لم يصنف مثل هذا الكتاب المبارك منذ بداية تأسيس علم الكلام حتى
الآن في مذهب الشيعة، من حيث إثبات الاتفاق في النقل، وكثرة الاطلاع
على كلمات الأعداء، والإحاطة بالروايات الواردة من طرقهم في باب الفضائل.
فجزاه الله عن آبائه الأماجد خير جزاء ولد عن والده، ووفق خلفه الصالح لإتمام
هذا الخير الناجح " 1.
2 - السيد محسن الأمين العاملي:
" عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار بالفارسية، لم يكتب مثله في بابه في
السلف والخلف، وهو في الرد على باب الإمامة من (التحفة الاثني عشرية) للشاه
عبد العزيز الدهلوي، فإن صاحب التحفة أنكر جملة من الأحاديث المثبتة إمامة أمير
المؤمنين علي عليه السلام، فأثبت المترجم تواتر كل واحد من تلك الأحاديث
من كتب من تسموا بأهل السنة، وهذا الكتاب يدل على طول باعه وسعة اطلاعه
وهو في عدة مجلدات، منها مجلد في حديث الطير، وقد طبعت هذه المجلدات
ببلاد الهند، وقرأت نبذا من أحدها فوجدت مادة غزيرة وبحرا طاميا، وعلمت
منه ما للمؤلف من طول الباع وسعة الاطلاع.
وحبذا لو انبرى أحد لتعريبها وطبعها بالعربية، ولكن الهمم عند العرب
خامدة.. " 2.
3 - وقال شيخنا الحجة الطهراني:
" وهو أجل ما كتب في هذا الباب من صدر الإسلام إلى الآن " 3.
وقال أيضا:

1) شفاء الصدور 99 - 100.
2) أعيان الشيعة 18 / 371. والحمد لله الذي وفقنا لتلبية هذا النداء.
3) أعلام الشيعة 1 / 348.
دراسات 121

" هو من الكتب الكلامية التاريخية الرجالية، أتى فيه بما لا مزيد لأحد من
قبله " 1.
4 - وقال المحدث الكبير الشيخ القمي ما تعريبه:
" لم يؤلف مثل كتاب (العبقات) من صدر الإسلام حتى يومنا الحاضر،
ولا يكون ذلك لأحد إلا بتوفيق وتأييد من الله تعالى ورعاية من الحجة عليه
السلام " 2.
5 - وقال المحقق الشيخ محمد على التبريزي ما تعريبه:
" ويظهر لمن راجع كتاب (عبقات الأنوار) أنه لم يتناول أحد منذ صدر
الإسلام حتى عصرنا الحاضر علم الكلام - لا سيما باب الإمامة منه - على هذا
المنوال.. وظاهر لكل متفطن خبير أن هذه الإحاطة الواسعة لا تحصل لأحد إلا
بتأييد من الله تعالى وعناية من ولي العصر عجل الله فرجه " 3.
5 - الأحاديث التي تم البحث عنها
قد ذكرنا أن المؤلف جعل كتابه في منهجين:
(الأول) في الآيات التي تعرض لها صاحب التحفة وهي ستة، ذكرناها
سابقا. وهذا المنهج - كما في بعض مجلدات الكتاب - مؤلف كلا أو بعضا لكن
في الذريعة: إن هذا المنهج تام ومخلوط في المكتبة الناصرية، ويوجد في
غيرها أيضا 4.

1) مصفى المقال في مصنفي علم الرجال 149.
2) هدية الأحباب في المعروفين بالكنى والألقاب 177. وانظر الفوائد الرضوية
91 - 92.
3) ريحانة الأدب في المعروفين بالكنية واللقب 3 / 432.
4) الذريعة إلى تصانيف الشيعة 15 / 214.
دراسات 122

(والثاني) في الأحاديث التي تعرض لها الدهلوي، وهي اثنا عشر حديثا،
ذكرنا نصوصها على الترتيب سابقا.
وقد كمل البحث عن الأحاديث التالية منها:
1 - حديث الغدير.
2 - حديث المنزلة.
3 - حديث الولاية.
4 - حديث الطير.
5 - حديث الباب.
6 - حديث التشبيه.
7 - حديث المناصبة.
8 - حديث النور.
9 - حديث الثقلين - ومعه حديث السفينة.
10 - حديث خبير. المجلد الأول منه (1).
وقد وقع البحث عن كل واحد من هذه الأحاديث في جهتين:
(الأولى): في سند الحديث، فأثبت تواتره من كتب العامة، بأسلوب
لطيف، إذ يورد الحديث ثم يذكر رواته من الصحابة عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ومن رواه عنهم من التابعين، ثم من رواه عن التابعين من تابعيهم
ثم من أخرجه في كتابه.. كل ذلك حسب سني وفياتهم، مع ترجمة كل واحد
منهم مثبتا وثاقته وجلالته لدى تلك الطائفة.
(الثانية): في دلالة الحديث: فأثبت دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليه
السلام بالأدلة العقلية والنقلية من مختلف كتب العامة المعتبرة... وإذا ثبتت إمامته
بلا فصل ثبتت لولده الأحد عشر عليهم السلام كما هو واضح.

(1) ذكر ذلك لنا الحجة المرحوم السيد محمد سعيد حفيد المؤلف.
دراسات 123

6 - مؤلفو هذه المجلدات وما طبع منها
ثم إنه قد اشترك في إنجاز البحث في تلك المجلدات السيد حامد حسين
وولده وحفيده، فأنجز السيد المؤلف - السيد حامد حسين - من هذه المهمة
البحث عن:
1 - حديث الغدير، سندا ودلالة.
2 - حديث المنزلة، سندا ودلالة.
3 - حديث الولاية، سندا ودلالة.
4 - حديث التشبيه، سندا ودلالة.
5 - حديث النور، سندا ودلالة.
وهذه المجلدات كلها مطبوعة.
ولما لم يمهله الأجل لإكمال سائر الأحاديث، أخذ ولده - السيد ناصر حسين
- يكمل هذا المنهج متبعا أسلوب والده المرحوم وخطته المرسومة فكتب:
1 - حديث الطير، سندا ودلالة.
2 - حديث الباب، سندا ودلالة.
3 - حديث الثقلين - ومعه حديث السفينة، سندا ودلالة.
وقد طبعت هذه أيضا، وأعيد طبع المجلد الأول من مجلدتي حديث الغدير
للمرة الثانية في إيران، وكذا حديث الثقلين في ستة أجزاء مع فهارس باهتمام
العلامة الروضاتي وزملائه في أصفهان.
وجاء حفيده - السيد محمد سعيد - فأكمل:
1 - حديث المناصبة، سندا ودلالة.
2 - حديث خيبر، سندا فقط.
ولم يطبع منهما شئ، فالمجلدات المطبوعة من هذه الموسعة هي (16)
دراسات 124

مجلدا حول (8) أحاديث باعتبار أن كل حديث في مجلدين أحدهما للسند
والآخر للدلالة، ولم يكتب من الأحاديث الاثني عشر:
1 - حديث الحق.
2 - حديث خيبر، القسم الثاني منه (1).
والجدير بالذكر: إن السيد ناصر حسين وولده قد جعلا ما ألفاه وأكملاه
من (العبقات) باسم السيد حامد حسين تجليلا له وتقديرا لجهوده، ولأنه رحمة
الله تعالى عليه قد رسم الخطوط لجميع هذه الأحاديث الاثني عشر، وفهرس
رؤوس أقلامها وأمهات مطالبها، وأشر على المصادر الموجودة لديه في أوائلها
تسهيلا لإخراج ما يريد منها...
7 - استفادة المؤلفين من الكتاب
وقد أصبح هذا الكتاب من أهم الموسوعات العلمية، وأمهات مصادر الإمامة
والكلام والعلوم الإسلامية، منذ صدوره حتى يومنا هذا، إذ اعتمد عليه كبار
العلماء الأعلام ومشاهير المؤلفين والكتاب، من معاصري المؤلف فمن بعدهم
بين ناقل عنه ومحيل إليه، في شتى بحوثهم ومختلف مؤلفاتهم، ومنهم:
1 - العلامة المحدث الكبير الحاج ميرزا حسين النوري في (مستدرك
الوسائل ومستنبط المسائل) وبعض مؤلفاته الأخرى.
2 - آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في (أصل الشيعة وأصولها).
3 - العلامة المحقق الميرزا أبو الفضل الطهراني في (شفاء الصدور في
شرح زيارة العاشور).
4 - العلامة المحدث الشيخ عباس القمي في بعض تآليفه.

(1) أخذنا هذا من العلامة الحجة السيد محمد سعيد، وذكر أن ما كتبه هو باللغة
العربية.
دراسات 125

5 - العلامة الشيخ نجم الدين العسكري في جملة من مؤلفاته.
6 - العلامة الشيخ قوام الدين الوشنوي في (حديث الثقلين).
7 - العلماء الأفاضل المؤلفون لكتاب (جامع أحاديث الشيعة) تحت إشراف
زعيم الطائفة في عصره السيد حسين الطباطبائي البروجردي رحمه الله.
8 - العلامة السيد سبط الحسن الهندي اللكنهوي رحمه الله في كتاب (حديث
الغدير) بلغة أردو.
9 - العلامة السيد مرتضى حسين الفتحپوري في كتاب (تفسير التكميل)
في آية: اليوم أكملت لكم دينكم... النازلة في واقعة غدير خم.
10 - العلامة السيد صديق حسن خان القنوجي، من مشاهير المؤلفين من
أهل السنة، المعاصرين لصاحب العبقات في الهند، في كتابه (أبجد العلوم).
11 - العلامة الحجة المجاهد الشيخ عبد الحسين الأميني في أثره الخالد
(الغدير) فقد قال رحمه الله: " السيد مير حامد حسين ابن السيد محمد قلي
الموسوي الهندي اللكهنوي المتوفى سنة 1306 عن 60 سنة. ذكر حديث
الغدير وطرقه وتواتره ومفاده في مجلدين ضخمين، في ألف وثمان صحائف
وهما من مجلدات كتابه الكبير العبقات.
وهذا السيد الطاهر العظيم - كوالده المقدس - سيف من سيوف الله المشهورة
على أعدائه، وراية ظفر الحق والدين، وآية كبرى من آيات الله سبحانه، قد
أتم به الحجة وأوضح المحجة.
وأما كتابه العبقات فقد فاح أريجه بين لابتي العالم، وطبق حديثه المشرق
والمغرب، وقد عرف من وقف عليه أنه ذلك الكتاب المعجز المبين الذي لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وقد استفدنا كثيرا من علومه المودعة في هذا السفر القيم، فله ولوالده
دراسات 126

الطاهر منا الشكر المتواصل، ومن الله تعالى لهما أجزل الأجور " (1)
8 - ترجمته إلى اللغات
لم ينتشر إلى الآن - حسبما نعلم - كتاب بعنوان ترجمة كتاب عبقات الأنوار
بلغة من اللغات، وإن كنا وجدنا بعض المؤلفات باللغة العربية كل مطالبه أو جلها
من كتاب العبقات... لكن لا ريب في تصدي بعض العلماء والفضلاء لتعريب
الكتاب أو ترجمته إلى اللغة الأردوية... ملخصا أو غير ملخص... في خلال
هذه المدة المديدة... ومن ذلك:
1 - فيض القدير في حديث الغدير. للعلامة المحدث الشيخ عباس القمي
رحمه الله فإنه ملخص من مجلد حديث الغدير من عبقات الأنوار... وهو موجود
لدى نجل المؤلف حفظه الله.
2 - الثمرات للسيد محسن نواب بن السيد أحمد النواب اللكهنوي فإنه
تعريب وتلخيص لمجلدات من كتاب العبقات. ذكره صاحب الذريعة.
3 - حديث مدينة العلم. لحفيد المؤلف السيد محمد سعيد - وسنترجم
له - لخص فيه مجلد حديث مدينة العلم. وهذا مطبوع بالنجف الأشرف.
9 - فشل القوم في الرد عليه
قد أشرنا سابقا إلى أن نشاط الإمام السيد دلدار على النقوي هو السبب في
تأليف " التحفة الاثني عشرية " وأن ذلك كان بداية فصل جديد للصراع العقائدي
بين الطائفتين على صعيد المؤلفات في الردود والمناقشات... فأول من رد على
" التحفة " هو السيد دلدر علي نفسه، حيث رد عليها بكتاب " الصوارم الإلهيات

(1) الغدير 1 / 156.
دراسات 127

في قطع شبهات عابدي العزى واللات " وكتاب " صارم الإسلام ". فرد عليه
رشيد الدين الدهلوي تلميذ صاحب التحفة بكتاب " الشوكة العمرية ". فرد
عليه حكيم باقر علي خان بكتاب " الحملة الحيدرية ".
ورد الميرزا محمد الكامل على " التحفة " بكتاب " النزهة الاثنا عشرية "
فرد عليه أحد العامة بكتاب أسماه " رجوم الشياطين "، فرد عليه السيد جعفر
الموسوي بكتاب " معين الصادقين في رد رجوم الشياطين ".
ورد السيد محمد قلي والد صاحب العبقات على التحفة ب‍ " الأجناد الاثنا
عشرية المحمدية ". فرد عليه محمد رشيد الدهلوي، فعاد السيد محمد قلي ورد
عليه بكتاب " الأجوبة الفاخرة في الرد على الأشاعرة ".
إذن بقيت مواضيع كتاب " التحفة " موضع الأخذ والرد بين الطرفين،
فإن كلا من السيد دلدار علي وصاحب التحفة أسس لمذهبه مدرسة وقاد حركة
وتزعم أسرة علمية وربى تلامذة...
حتى جاء دور صاحب عبقات الأنوار، فألف كتابه العظيم في ظروف لا
يصدر عن الشيعة شئ إلا وقد رد عليه من قبل تلامذة الدهلوي والمدافعين عن
تحفته، كحيدر علي الفيض آبادي، ومحمد رشيد الدين الدهلوي، وغيرهما من
مشاهير المعاصرين له من علماء أهل السنة...
ولكن لم نسمع حتى الآن صدور كتاب في الرد على عبقات الأنوار، مما
يدل على عجز القوم عن الرد عليه... فإن عدم الرد هنا كاف في الدلالة على
العجز.
أضف إلى ذلك ما ذكره المحقق السني عبد الحي اللكهنوي المتوفى سنة
1341 في كتابه " نزهة الخواطر " بترجمة المولوي أمير حسن السهسواني المتوفى
سنة 1291 قائلا: " وإني سمعت بعض الفضلاء يقول: إن مولانا حيدر علي
دراسات 128

الفيض آبادي استقدمه إلى حيدر آباد ورتب له ثلاثمائة ربية شهريا ليعينه في الرد
على " عبقات الأنوار ". لأن أوقاته لا يفرغ لذلك لكثرة الخدمات السلطانية. فأبى
قبوله وقال: إني لا أرضى بأن أحتمل هم ثلاثمائة ربية، أين أضعها؟ وفيهم
أبذلها؟ " (1).
أترى أن حيدر علي كان يهتم بالخدمات السلطانية أكثر من الرد على العبقات؟
أترى أن المانع للسهسواني عن قبول الدعوة عدم تمكنه من تحمل هم
الربيات أين يضعها وفيم يبذلها؟
الحقيقة هي العجز عن الرد... وإلا لترك الفيض آبادي الخدمات السلطانية
حتى الانتهاء من الرد على " العبقات "، كما فعل السيد حامد حسين حيث
اعتزل الناس والشؤون الاجتماعية حتى وفق للرد على " التحفة ".
ولو كان السهسواني قادرا على الرد على العبقات للبى الدعوة وأخذ الربيات
بل استحق الأكثر من الثلاثمائة بأضعاف مضاعفة...
ولو كان صادقا في العذر الذي ذكره لحضر إلى حيدر آباد وأعان الفيض
آبادي في تلك المهمة... ثم اعتذر عن قبول الربيات...
الحقيقة هي العجز عن الرد... وكذلك كتاب العبقات... لا يمكن الرد
عليه... فكان القول الفصل، والكلام الحاسم في النزاع والصراع بين أنصار
" التحفة " والرادين عليها... وهذا من خصائص هذا الكتاب... لأنه الكتاب
المعجز المبين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... فلا جرم أن
أجمع علماء الشيعة على أنه لم يكتب مثله في بابه بين السلف والخلف... فلله
دره وعليه أجره.

(1) نزهة الخواطر 7 / 79.
دراسات 129

الباب السادس
ترجمة مشاهير بيت صاحب العبقات (1)
(1)
ترجمة السيد محمد قلي
هو: السيد محمد قلي ابن السيد محمد حسين المعروف بالسيد الله كرم ابن
السيد حامد حسين ابن السيد زين العابدين ابن السيد محمد المعروف بالسيد
البولاقي ابن السيد محمد المعروف بالسيد مدا ابن السيد حسين المعروف بالسيد
ميئهر ابن السيد جعفر ابن السيد علي ابن السيد كبير الدين ابن السيد شمس
الدين ابن السيد جمال الدين ابن السيد شهاب الدين أبي المظفر حسين الملقب
بسيد السادات المعروف بالسيد علاء الدين أعلى بزرك ابن السيد محمد المعروف
بالسيد عز الدين ابن السيد شرف الدين أبي طالب المعروف بالسيد الأشرف
ابن السيد محمد الملقب بالمهدي المعروف بالسيد محمد المحروق ابن حمزة
ابن علي بن أبي محمد بن جعفر بن مهدي بن أبي طالب بن علي بن حمزة بن

(1) قال شيخنا الحجة الطهراني رحمه الله: " إن هذا البيت الجليل من البيوت التي
غمرها الله برحمته، فقد صب سبحانه وتعالى على أعلامه المواهب، وأمطر عليهم المؤهلات
وأسبل عليهم القابليات وغطاهم بالإلهام، وأحاطهم بالتوفيق، فقد عرفوا قدر نعم الله عليهم
فلم يضيعوها. بل كرسوا حياتهم وبذلوا جهودهم وأفنوا أعمارهم في الذب عن حياض
الدين، وسعوا سعيا حثيثا في تشييد دعائم المذهب الجعفري، فخدماتهم للشرع الشريف
وتفانيهم دون إعلان كلمة الحق غير قابلة للحد والاحصاء، ولذا وجب حقهم على جميع
الشيعة الإمامية ممن عرف قدر نفسه واهتم لدينه ومذهبه... " أعلام الشيعة - الكرام البررة -
2 / 148.
دراسات 130

أبي القاسم حمزة ابن الإمام أبي إبراهيم موسى الكاظم ابن الإمام أبي عبد الله جعفر
الصادق ابن الإمام أبي جعفر محمد الباقر ابن الإمام أبي محمد علي زين العابدين
ابن السبط الشهيد الإمام أبي عبد الله الحسين ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (1).
كان: متكلما، محققا، كثير التتبع، جامعا بين المعقول والمنقول، جدليا
حسن المناظرة، ومن كبار علماء الإمامية في بلاد الهند، وكان له الاهتمام البالغ
في الرد على المخالفين، وقد قام بذلك أحسن قيام.
ولادته:
ولد السيد محمد قلي يوم الاثنين الخامس من شهر ذي القعدة سنة 1188
في بلدة كنتور (2).
أساتذته:
لم يذكر المترجمون له من أساتذته سوى: الإمام الأكبر السيد دلدار علي
النقوي، ولعله لم يأخذ إلا منه ولم يحضر على غيره، إذ به الكفاية في جميع
العلوم كما يظهر من تراجم العلماء له (3).

(1) تكملة نجوم السماء 2 / 25. الفضل الجلي ص 2 عن تذكرة ناصر الملة.
(2) الفضل الجلي.
(3) هو: من أعاظم علماء الشيعة في عصره وكبار فحول علماء الهند، وهو الذي
نشر عقائد الشيعة هناك، عبر عنه الشيخ صاحب الجواهر بكلمات قلما جاءت في حق أحد
من الشيخ رحمه الله ومن غيره، قرأ في الهند، وهاجر إلى العراق فحضر في كربلاء المقدسة
على الوحيد البهبهاني وصاحب الرياض والميرزا الشهرستاني، وفي النجف الأشرف على
السيد بحر العلوم، ثم سافر إلى مشهد الرضا، فحضر هناك على الشهيد السيد محمد مهدي
ابن هداية الله الخراساني، ثم رجع إلى بلاده حاملا الإجازات والشهادات الثمينة، وخلف
آثارا جليلة في الفقه والأصول والفلسفة والكلام، وأولادا علماء أبرار ستأتي تراجم بعضهم
ولد سنة 1166، وتوفي سنة 1235.
ريحانة الأدب 4 / 230، أعلام الشيعة الترجمة رقم 948
دراسات 131

مؤلفاته:
1 - تطهير المؤمنين عن نجاسة المشركين (1).
2 - تكميل الميزان في علم الصرف (2).
3 - رسالة في التقية (3).
4 - تقريب الأفهام في تفسير آيات الأحكام (4).
5 - الشعلة الظفرية (5) في الرد على الشوكة العمرية لرشيد الدين الدهلوي.
6 - حكم أحاديث الصحيحين.
7 - الفتوحات الحيدرية، في الرد على كتاب الصراط المستقيم لعبد الحق
الدهلوي (6).
8 - أحكام العدالة العلوية (7).
9 - الحواشي والمطالعات (8).
10 - رسالة في الكبائر (9).

(1) الذريعة 4 / 202.
(2) المصدر 4 / 416.
(3) المصدر 4 / 405.
(4) المصدر 4 / 466.
(5) المصدر 14 / 199.
(6) المصدر 16 / 116.
(7) المصدر 1 / 299.
(8) القول الجلي.
(9) الذريعة 17 / 259.
دراسات 132

11 - الأجوبة الفاخرة في رد الأشاعرة (1).
وذكروا في مؤلفاته " نقاق الشيخين " لكن في نزهة الخواطر: " نفاق
الشيخين بحكم أحاديث الصحيحين " فيكون كتابا واحدا.
هذا بالإضافة إلى كتبه التي رد بها على أبواب من (التحفة الاثنا عشرية)
والتي سنوافيك بأسمائها.
وفاته:
وتوفي في 4 محرم سنة 1260 رحمة الله تعالى عليه (2). وقد أرخه العلامة
السيد محمد عباس التستري بقوله كما في (أحسن الوديعة): " لموته هو إقبال
يوم عاشورا ".
(2)
ترجمة السيد حامد حسين
هو: السيد حامد حسين ابن السيد محمد قلي المذكور...
كلمات العلماء في حقه:
1 - قال الحجة الأمين العاملي:
" كان من أكابر المتكلمين الباحثين عن أسرار الديانة، والذابين عن بيضة
الشريعة وحوزة الدين الحنيف، علامة نحريرا ماهرا بصناعة الكلام والجدل،

(1) المصدر 2 / 677.
(2) مصادر الترجمة: ريحانة الأدب 4 / 55، أعيان الشيعة 46 / 161. الفضل الجلي
في ترجمة السيد محمد قلي.
دراسات 133

محيطا بالأخبار والآثار، واسع الاطلاع، كثير التتبع، دائم المطالعة، لم ير مثله
في صناعة الكلام والإحاطة بالأخبار والآثار في عصره بل وقبل عصره بزمان
طويل وبعد عصره حتى اليوم.
ولو قلنا: إنه لم ينبغ مثله في ذلك بين الإمامية بعد عصر المفيد والمرتضى
لم نكن مبالغين، يعلم ذلك من مطالعة كتابه (العبقات) وساعده على ذلك ما
في بلاده من حرية الفكر والقول والتأليف والنشر، وطار صيته في الشرق والغرب
وأذعن لفضله عظماء العلماء.
وكان جامعا لكثير من فنون العلم، متكلما، محدثا، رجاليا، أديبا، قضى
عمره في الدرس والتصنيف والتأليف والمطالعة " (1).
2 - وقال شيخنا الحجة الطهراني ما ملخصه:
" من أكابر متكلمي الإمامية وأعاظم علماء الشيعة المتبحرين في أوليات هذا
القرن، كان كثير التتبع، واسع الاطلاع والإحاطة بالآثار والأخبار والتراث
الاسلامي، بلغ في ذلك مبلغا لم يبلغه أحد من معاصريه ولا المتأخرين عنه،
بل ولا كثير من أعلام القرون السابقة، أفنى عمره الشريف في البحث عن أسرار
الديانة والذب عن بيضة الإسلام وحوزة الدين الحنيف، ولا أعهد في القرون
المتأخرة من جاهد جهاده وبذل في سبيل الحقائق الراهنة طارفه وتلاده، ولم
تر عين الزمان في جميع الأمصار والأعصار مضاهيا له في تتبعه وكثرة اطلاعه
ودقته وذكائه وشدة حفظه وضبطه.
قال سيدنا الحسن الصدر في (التكلمة): كان من أكابر المتكلمين، وأعلام
علماء الدين وأساطين المناظرين المجاهدين، بذل عمره في نصرة الدين وحماية
شريعة سيد المرسلين والأئمة الهادين، بتحقيقات أنيقة وتدقيقات رشيقة،

(1) أعيان الشيعة 18 / 371.
دراسات 134

واحتجاجات برهانية، وإلزامات نبوية، واستدلالات علوية، ونقوض رضوية
حتى عاد الباب من (التحفة الاثني عشرية) خطابات شعرية وعبارات هندية
تضحك منها البرية، ولا عجب:
فالشبل من ذاك الهزبر وإنما * تلد الأسود الضاريات أسودا " (1).
3 - وقال المحقق الشيخ محمد على التبريزي ما تعريبه:
" حجة الإسلام والمسلمين، لسان الفقهاء والمجتهدين، ترجمان الحكماء
والمتكلمين علامة العصر مير حامد حسين، من ثقات وأركان علماء الإمامية،
ووجوه وأعيان فقهاء الاثني عشرية، كان جامعا للعلوم العقلية والنقلية، بل من
آيات الله وحجج الفرقة المحقة، ومن مفاخر الشيعة بل الأمة الإسلامية، وبالأخص
فإنه يعد من أسباب افتخار قرننا على سائر القرون... " (2).
4 - وقال العلامة المحدث القمي ما تعريبه:
" السيد الأجل العلامة والفاضل الورع الفهامة، الفقيه المتكلم المحقق
والمفسر المحدث المدقق، حجة السلام والمسلمين آية الله في العالمين، وناشر
مذهب آبائه الطاهرين، السيف القاطع والركن الدافع والبحر الزاخر والسحاب
الماطر، الذي شهد بكثرة فضله العاكف والبادي، وارتوى من بحار علمه الضمآن
والصادي:
هو البحر لا بل دون ما علمه البحر * هو البدر لا بل دون طلعته البدر
هو النجم لا بل دونه النجم طلعة * هو الدر لا بل دون منطقه الدر
هو العالم المشهور في العصر والذي * به بين أرباب النهى افتخر العصر
هو الكامل الأوصاف في العلم والنقى * فطاب به في كل ما قطر الذكر

(1) أعلام الشيعة 1 / 347.
(2) ريحانة الأدب 2 / 432.
دراسات 135

محاسنه جلت عن الحصر وازدهى * بأوصافه نظم القصائد والنثر
وبالجملة: فإن وجوده كان من آيات الله وحجج الشيعة الاثني عشرية، ومن
طالع كتابه (العبقات) يعلم أنه لم يصنف على هذا المنوال في الكلام - لا سيما
في مبحث الإمامة - من صدر الإسلام حتى الآن... " (1).
5 - وقال عمر رضا كحالة:
".. أمير، متكلم، فقيه، أديب... " (2).
6 - وقال صاحب تكملة نجوم السماء:
" آية الله في العالمين وحجته على الجاحدين، وارث علوم أوصياء خير البشر
المجدد للمذهب الجعفري على رأس المائة الثالثة عشر، مولانا ومولى الكونين
المقتفي لآثار آبائه المصطفين جناب السيد حامد حسين أعلى الله مقامه وزاد في
الخلد إكرامه.
بلغ في علو المرتبة وسمو المنزلة مقاما تقصر عقول العقلاء وألباب الألباء
عن دركه، وتعجز ألسنة البلغاء وقرائح الفصحاء عن بيان أيسر فضائله... " (3).
7 - وقال صاحب المآثر والآثار:
" مير حامد حسين اللكهنوي آية من الآيات الإلهية، وحجة من حجج
الشيعة الاثني عشرية، جمع إلى الفقه التضلع في علم الحديث والإحاطة بالأخبار
والآثار وتراجم رجال الفريقين، فكان في ذلك المتفرد بين الإمامية، وهو صاحب
المقام المشهود والموقف المشهور بين المسلمين في فن الكلام - ولا سيما
مبحث الإمامة - ومن وقف على كتابه عبقات الأنوار علم أنه لم يصنف على
منواله في الشيعة من الأولين والآخرين.. ومن الأمارات على كونه مؤيدا من

(1) الفوائد الرضوية 91 - 92.
(2) معجم المؤلفين.
(3) تكملة نجوم السماء 2 / 24.
دراسات 136

عند الله ظفره بكتاب الصواقع لنصر الله الكابلي الذي انتحل الدهلوي كله... " (1).
8 - وقال صاحب أحسن الوديعة:
" لسان الفقهاء والمجتهدين، وترجمان الحكماء والمتكلمين، وسند
المحدثين مولانا السيد حامد حسين... كان رحمه الله من أكابر المتكلمين
الباحثين في الديانة، والذابين عن بيضة الشريعة وحوزة الدين الحنيف، وقد
طار صيته في الشرق والغرب، وأذعن بفضله صناديد العجم والعرب، وكان
جامعا لفنون العلم، واسع الإحاطة، كثير التتبع، دائم المطالعة، محدثا رجاليا
أديبا أريبا، وقد قضى عمره الشريف في التصنيف والتأليف، فيقال إنه كيف
بيمناه حتى عجزت بكثرة العمل، فأضحى يكتب باليسرى.
وله مكتبة كبيرة في لكهنو، وحيدة في كثرة العدد من صنوف الكتب،
ولا سيما كتب المخالفين.
وبالجملة، فهو في الديار الهندية سيد المسلمين حقا وشيخ الإسلام صدقا
وأهل عصره كلهم مذعنون لعلو شأنه في الدين والسيادة وحسن الاعتقاد وكثرة
الاطلاع وسعة الباع ولزوم طريقة السلف (2) ".
أساتذته:
قرأ قدس سره المقدمات ومبادئ العلوم والكلام على والده العلامة، وأخذ
الفقه والأصول عن السيد حسين (3) بن السيد دلدار علي المذكور سابقا والمعقول

(1) المآثر والآثار: 168.
(2) أحسن الوديعة في تراجم علماء الشيعة: 103.
(3) من مشاهير علماء الشيعة في الهند، لقب ب‍ (سيد العلماء) نشأ عن أبيه وإخوته
بلغ رتبة الاجتهاد في سن الشباب، نبغ نبوغا باهرا وذاع صيته وقصده الطلاب. وله خدمات
جليلة في العتبات المقدسة، ومصنفات ثمينة منها:
دراسات 137

عن السيد مرتضى (1) بن السيد محمد بن السيد دلدار علي، والأدب عن المفتي
السيد محمد عباس (2).
وهؤلاء كلهم من أعاظم الوقت واشهر مشاهير ذلك العصر.
تصانيفه:
قال شيخنا العلامة الطهراني: " وله تصانيف جليلة نافعة، تموج بمياه
التحقيق والتدقيق، وتوقف على ما لهذا الحبر من المادة الغزيرة وتعلم الناس
بأنه بحر طام لا ساحل له " (3) وهي (عدا العبقات):
1 - استقصاء الافحام واستيفاء الانتقام في رد منتهى الكلام لحيدر على الفيض
آبادي، كتبه في الرد على الإمامية (4).

1 - مناهج التحقيق ومعارج التدقيق، فقه.
2 - روضة الأحكام في مسائل الحلال والحرام.
3 - الإفادات الحسينية في تصحيح العقائد الدينية، في الرد على مقالات الشيخ
أحمد الأحسائي.
4 - طرد المعاندين.
ولد سنة 1211 - وتوفي سنة 1273. أعلام الشيعة (الكرام البررة) الترجمة
رقم 793.
(1) كان عارفا بالعلوم العقلية وتوفي شابا في حياة والده، وكان عالما كاملا أريبا،
وأما والده (السيد محمد) فكان من كبار مجتهدي الشيعة ومن أعاظم متكلميهم في الهند،
لقب ب‍ (سلطان العلماء).. أحسن الوديعة 1 / 43، ريحانة الأدب، وغيرهما.
(2) هو العالم الشقير أديب الهند الكبير المفتي محمد عباس التستري من العلماء الأعلام.
(الكرام البررة في ترجمة السيد حسين النقوي).
(3) أعلام الشيعة - ترجمته.
(4) الذريعة 2 / 31.
دراسات 138

2 - أسفار الأنوار عن حقائق أفضل الأسفار، شرح فيه وقائع سفره إلى
بيت الله الحرام وزيارة الأئمة الطاهرين عليهم السلام (1) والظاهر أنه (الرحلة
المكية والسوانح السفرية) الذي ذكره كحالة (2).
3 - الشريعة الغراء، فقه كامل (3).
4 - الشعلة الجوالة، بحث فيه إحراق المصاحف على عهد عثمان (4).
5 - شمع المجالس، قصائد له في رثاء الحسين سيد الشهداء عليهم السلام (5).
6 - الطارف، مجموعة ألغاز ومعميات (6).
7 - صفحة الألماس في أحكام الارتماس (7).
8 - العشرة الكاملة، حل فيه عشرة مسائل مشكلة (8).
9 - إفحام أهل المين في رد إزالة الغين (9) وهو لحيدر علي الفيض آبادي.
10 - شمع ودمع، شعر فارسي (10).
11 - الظل الممدود والطلح المنضود (11).

(1) الذريعة 2 / 60.
(2) معجم المؤلفين.
(3) الذريعة 14 / 187.
(4) المصدر 14 / 198.
(5) المصدر 14 / 231.
(6) المصدر 15 / 133.
(7) المصدر 15 / 47.
(8) ولعله نفس كتاب كشف المعضلات في حل المشكلات الذي جاء في تكملة نجوم
السماء 2 / 31.
(9) الذريعة 2 / 257.
(10) المصدر 14 / 233.
(11) المصدر 15 / 201.
دراسات 139

12 - العضب البتار في مبحث آية الغار (1).
13 - الدرر السنية في المكاتيب والمنشآت العربية (2).
14 - الذرائع في شرح الشرائع (3).
15 - شوارق النصوص (4).
16 - درة التحقيق (5).
قال المحقق التبريزي: " وقد صرح بعض الأكابر ببلوغ مؤلفاته المائتين
مجلدا " (6).
وفي (أعلام الشيعة): " الأمر العجيب أنه ألف هذه الكتب النفائس
والموسوعات الكبار وهو لا يكتب إلا بالحبر والقرطاس الاسلاميين، لكثرة
تقواه وتورعه، وأمر تحرزه عن صنائع غير المسلمين مشهور متواتر " (7).
وفاته:
توفي بلكهنو في 18 صفر سنة 1306 ودفن في حسينية له هناك.
وقد كانت ولادته سنة 1246.
رثاؤه:
وقد رثاه جماعة من شعراء عصره بقصائد طبعت في مجموعة باسم (القصائد

(1) المصدر 15 / 277.
(2) تكملة نجوم السماء 2 / 31.
(3) المصدر.
(4) ذكره في مجلد حديث الطير.
(5) ذكره في مجلد حديث مدينة العلم كما في ترجمة المؤلف في حديث الثقلين طبعة أصفهان.
(6) ريحانة الأدب 3 / 432.
(7) أعلام الشيعة (نقباء البشر) 1 / 347.
دراسات 140

المشكلة في المراثي المثكلة). احتوت هذه المجموعة على قصائد من:
1 - الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ محمود سعيد نائب سادن الروضة
الحيدرية.
2 - السيد حسين الواعظ اليزدي الطباطبائي الحائري.
3 - الشيخ جعفر العرب.
4 - السيد كلب مهدي الجائسي الهندي.
5 - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي.
6 - قصيدة أخرى للشيخ محمد سعيد.
7 - قصيدة أخرى للسيد حسين الواعظ.
8 - قصيدة ثالثة للسيد حسين الواعظ.
9 - قصيدة للسيد محمد حسين ابن السيد جعفر آل بحر العلوم الطباطبائي.
10 - قصيدة السيد مهدي ابن السيد طاهر القزويني.
11 - قصيدة الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محسن الحائري.
12 - قصيدة للسيد حسن اليزدي الحائري.
13 - قصيدة أخرى للشيخ محمد حسين الحائري.
14 - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي الهندي.
15 - قصيدة أخرى للشيخ محمد سعيد.
16 - قصيدة أخرى للسيد محمد حسين آل بحر العلوم.
17 - قصيدة أخرى للسيد كلب مهدي.
(3)
ترجمة السيد إعجاز حسين
هو: السيد إعجاز حسين ابن السيد محمد قلي المذكور، وكان عالما
دراسات 141

متبحرا خبيرا بالعلوم والأخبار، ومن كبار رجالات الشيعة في الهند ومن أعاظم
علمائهم.
ولع - بالوراثة عن والده - بالتتبع والتنقيب والبحث والتحقيق، ولا سيما
فيما يعود إلى مسائل الخلاف بين الطائفتين الشيعة والسنة، وكان من جلالة
القدر وعظم الشأن بمكان.
قال عبد الحي بترجمته: " أحد العلماء المشهورين في مذهب الشيعة الإمامية
ولد بمدينة ميرته لتسع بقين من رجب سنة 1240 " (1).
أساتذته:
نشأ على أبيه وأخيه السيد حامد حسين وناهيك بها نشأة علمية عالية.
مؤلفاته:
له تآليف ثمينة وآثار جليلة منها:
1 - كشف الحجب والأستار عن وجه الكتب والأسفار (2) قال شيخنا الحجة
الطهراني: " فهرس لمؤلفات الشيعة، لم يحتو إلا على نزر قليل، فإنه لم يزد
فيه على ما في خزانة كتبهم الجليلة إلا قليلا، ولذا منعه شيخنا العلامة الأكبر
الحجة الميرزا حسين النوري المتوفى 1320 من طبعه ونشره، مخافة أن يظن
الأجانب انحصار مؤلفات الشيعة بذلك المقدار، وقد أهدى نسخته بخطه لشيخنا
المذكور، وذلك حين تشرفه للزيارة في النجف الأشرف مع أخيه العلامة السيد
حامد حسين مؤلف عبقات الأنوار، وقد كان عازما على طبعه، ولما منعه الأستاذ

(1) نزهة الخواطر 7 / 66 - 31 -
(2) الذريعة 18 / 27.
دراسات 142

أهداه إليه، وهو الآن في مكتبة سبط الأستاذ المذكور. وقد طبع في الهند
أخيرا في سنة 1333 بإشراف بعض أحفاده " (1).
2 - شذور العقيان في تراجم الأعيان (2).
3 - القول السديد (3).
4 - مناظرته مع المولى محمد جان اللاهوري (4).
5 - رسالة في أحوال الميرزا محمد الدهلوي مؤلف (النزهة الاثني
عشرية) (5).
وفاته:
توفي رحمة الله عليه بلكنهو في 17 شوال سنة 1286 (6).
(4)
ترجمة السيد سراج حسين
هو السيد سراج حسين ابن السيد محمد قلي.
كلمات العلماء في حقه:
1 - قال شيخنا الحجة الطهراني: " عالم كبير، وحكيم فاضل " (7).

(1) أعلام الشيعة (الكرام البررة) 302.
(2) المصدر.
(3) الذريعة 17 / 210.
(4) أعلام الشيعة (الكرام البررة) ترجمته.
(5) المصدر.
(6) ريحانة الأدب 4 / 55، الكرام البررة 2 / 148.
(7) الكرام البررة - الترجمة رقم 1072.
دراسات 143

2 - وقال صاحب نجوم السماء " الفاضل الجليل، حكيم عصره وفيلسوف
دهره... " (1).
3 - وقال عبد الحي: " الشيخ الفاضل... أحد علماء الشيعة... برع وفاق
أقرانه في كثير من العلوم والفنون، وولى التدريس في المدرسة الإنجليزية " (2).
أساتذته:
قرأ على والده المرحوم، وأخيه الأكبر السيد حامد حسين، والسيد حسين
ابن دلدار علي.
ولم يذكر له فيما نعلم شئ من الآثار والمؤلفات.
وفاته:
توفي رحمه الله في سنة 1282.
(5)
ترجمة السيد ناصر حسين
هو: السيد ناصر حسين ابن السيد حامد حسين ابن محمد قلي... المولود
في 19 جمادى الثانية سنة 1284.
بعض الكلمات في حقه:
1 - قال السيد الحجة الأمين:

(1) نجوم السماء.
(2) نزهة الخواطر 7 / 195.
دراسات 144

" إمام في الرجال والحديث، واسع التتبع، كثير الاطلاع، قوي الحافظة
لا يكاد يسأله أحد عن مطلب إلا ويحيله إلى مظانه من الكتب مع الإشارة إلى
عدد الصفحات، وكان أحد الأساطين والمراجع في الهند، وله وقار وهيبة في
قلوب العامة واستبداد في الرأي ومواظبة على العبادات، وهو معروف بالأدب
بالفارسية والعربية معدود من أساتذتهما وإليه يرجع في مشكلاتهما، وخطبه
مشتملة على عبارات جزلة وألفاظ مستطرفة، وله شعر جيد " (1).
2 - وقال العلامة المحدث القمي - في ذيل ترجمة السيد حامد حسين -
ما تعريبه:
" وجناب السيد مير ناصر حسين خلفه في جميع الملكات والآثار ووارث
ذاك البحر الزخار، وهو مصداق قوله:
إن السري إذا سرى فبنفسه * وابن السرى إذا سرى أسراهما
ولم يترك جهود والده تذهب سدى، بل اشتغل بتتميم عبقات الأنوار
وأخرج إلى البياض حتى الآن عدة مجلدات وطبعت، أدام الباري بركات وجوده
الشريف وأعانه لنصرة الدين الحنيف " (2).
3 - وقال المحقق العلامة الشيخ التبريزي ما تعريبه ملخصا:
" السيد ناصر حسين الملقب ب‍ (شمس العلماء) - كان عالما متبحرا فقيها
أصوليا محدثا رجاليا كثير التتبع واسع الاطلاع دائم المطالعة، من أعاظم علماء
الإمامية في الهند والمرجع في الفتيا لأهالي تلك البلاد " (3).
4 - وقال المحقق الشيخ محمد هادي الأميني:
" إمام في الفقه والحديث والرجال والأدب " (4).

(1) أعيان الشيعة 49 / 107 - 108.
(2) هدية الأحباب 177.
(3) ريحانة الأدب 4 / 144 - 145.
(4) معجم رجال الفكر والأدب 390.
دراسات 145

5 - وقال العلامة السيد محمد مهدي الاصفهاني:
" شمس العلماء السيد ناصر حسين. عارف بالرجال والحديث، واسع
التتبع، كثير الاطلاع، دائم المطالعة، وهو أحد مراجع أهالي هند. ولد سلمه
الله في 19 جمادى الثانية 1284 " (1).
6 - وقال العلامة السيد مرتضى حسين اللاهوري:
" هذا السيد العظيم شبل من ذاك الأسد، آية من آيات الله، قد أتم به الحجة
وأوضح المحجة، كان فقيها محدثا رجاليا متضلعا، أديبا متطلعا، خطيبا مفوها
عالي الهمة، نبيه المنزلة، واسع العطاء، كريم الأخلاق، لين الجانب، ذا
فكرة وقادة، حصيف الرأي، مرجع الأمور، نافذ الأمر، ومع أعمال المرجعية
وأشغاله الكثيرة كان ضابطا للأوقات، مثابرا على التحقيق والبحث، عاكفا على
التصنيف والتأليف، حتى في أضيق الأحوال والمرض والأسقام، يروح ويغدو
دائما في المكتبة ويجلس طول النهار، فكتب وأكثر وصنف وأفاض، فأتم قسما
هاما من تأليف عبقات الأنوار. ونشر كتب والده، ووسع في المكتبة، إلى أن
صارت تلك الخزانة من أكبر خزائن الكتب للشيعة وأشهرها في العالم " (2).
أساتذته:
قرأ العلوم الدينية على والده المرحوم والمفتي محمد عباس، وغيرهما.
مؤلفاته:
ذكر مترجموه الكتب التالية له (عدا ما كتبه من عبقات الأنوار):

(1) أحسن الوديعة: 104،
(2) الفضل الجلي.
دراسات 146

1 - نفحات الأزهار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام.
2 - ديوان شعر (1).
3 - كتاب المواعظ.
4 - ديوان الخطب (2).
5 - كتاب الانشاء (3).
6 - إسباغ النائل بتحقيق المسائل (4).
7 - مسند فاطمة بنت الحسين عليهما السلام (5).
8 - ما ظهر من الفضائل لأمير المؤمنين عليه السلام يوم خيبر (6).
9 - نفحات الأنس في وجوب السورة (7).
10 - إثبات رد الشمس لأمير المؤمنين (ع) ودفع ما أورد عليه من
الشبهات (8).
11 - سبائك الذهبان في الرجال والأعيان (9).
12 - فهرست أنساب السمعاني (10).
هذا وقد طبع له أخيرا كتاب " إفحام الأعداء والخصوم " في نفي تزويج عمر

(1) الذريعة 9 / 1154.
(2) المصدر 7 / 186.
(3) المصدر 2 / 395.
(4) الذريعة 2 / 3.
(5) الفضل الجلي.
(6) الذريعة 19 / 22.
(7) الفضل الجلي.
(8) الذريعة 1 / 95.
(9) الفضل الجلي في حياة السيد محمد قلي.
(10) المصدر.
دراسات 147

بأم كلثوم، حققه وقدم له العلامة الشيخ محمد هادي الأميني، إلا أنه لم يذكر
من نسبه إليه من مترجميه، ونحن كذلك لم نجد ذلك فيما كان بأيدينا من المصادر
بل لم يذكره له الأميني حيث ترجم للسيد ناصر حسين في مجلة المكتبة الصادرة
عن مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام بالنجف الأشرف.
وفاته:
توفي - كما في الفضل الجلي - في غرة رجب سنة 1361، ودفن عند
مرقد القاضي التستري الشهيد قدس سره بمدينة (آگره) بالهند حسب وصيته.
(6)
ترجمة السيد ذاكر حسين
هو: السيد ذاكر حسين ابن السيد حامد حسين، وكان من كبار العلماء
البارزين في بلاد الهند، وكان أديبا شاعرا (1).
أساتذته:
لم نقف له إلا على السيد ناصر حسين، ولعله قرأ على غيره أيضا.
مؤلفاته:
قال شيخنا العلامة الطهراني:
" له آثار: منها: (الأدعية المأثورة)، طبع في الهند وعليه تقريض أخيه
العلامة السيد ناصر حسين المتوفى سنة 1361 وتصديقه باعتبارها كما ذكرناه
في الذريعة 1 / 399.

(1) ريحانة الأدب 4 / 144.
دراسات 148

وكان معين أخيه المذكور في تتميم مجلدات (العبقات).
وله (ديوان شعر) بالفارسية والعربية معا.
وله (حواشي على عبقات) والده " (1).
(7)
ترجمة السيد محمد سعيد
هو: السيد محمد سعيد ابن السيد ناصر حسين، وكان عالما فاضلا مجتهدا
متكلما محققا مؤلفا.
ولادته:
ولد السيد محمد سعيد في 8 محرم 1333 في لكهنو.
أساتذته.
شب وترعرع في أحضان العلماء في لكهنو، وعلى رأسهم والده العلامة
ثم هاجر إلى النجف الأشرف، وحضر على كبار العلماء حتى بلغ الدرجات
العالية والمقامات السامية، وكان من أشهر أساتذته في المرحلة الأخيرة من
دراساته: سيد الطائفة في عصره السيد أبو الحسن الأصفهاني، وشيخ المحققين
الأستاذ الشيخ آغا ضياء الدين العراقي.
شخصيته العلمية والاجتماعية:
بعد ما فرغ من الدروس وبرزت شخصيته ولمع نجمه، عاد إلى بلده

(1) أعلام الشيعة 714.
دراسات 149

(لكهنو) حيث تولى شؤون الرئاسة العلمية والدينية بجدارة، وكانت له هيبة
في قلوب العامة ومكانة لدى جميع الطبقات.
زار العتبات المقدسة مرارا وحل ضيفا بكربلاء في دار والدنا آية الله السيد
نور الدين الميلاني، فكنا مسرورين مبتهجين بمجلسه، مستفيدين من علومه
ومعلوماته، ومنه أخذنا جملة من معلوماتنا حول (عبقات الأنوار)، ولقد كان
على جانب عظيم من الأخلاق الكريمة والسجايا الفاضلة.
مؤلفاته:
ألف كتبا تحقيقية كثيرة الفائدة، وهي (عدا ما كتبه من أحاديث العبقات):
1 - الإمام الثاني عشر، ألفه حينما كان في النجف الأشرف ردا على كلمات
جاءت في كتاب (سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب للسويدي) " وإنما
توجد كلماته المردودة في الطبع الأول من السبائك، فإن الطبع الثاني أسقطت
عنه تلك الكلمات " (1) وقد طبع بالنجف الأشرف سنة 1345 (2).
2 - مسانيد الأئمة عليهم السلام (3).
3 - الإيمان الصحيح " كتاب تحقيقي علمي يبحث فيه عن العقائد الصحيحة
تحت أشعة القرآن الشريف " (4).
4 - معراج البلاغة، جمع فيه خطب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
5 - مدينة العلم، بحث فيه حديث الباب (5).

(1) الذريعة 2 / 319.
(2) وفي سنة 1393 للمرة الثانية مع تعليقات وإضافات منا.
(3) رأيناه في المكتبة الناصرية، وهو كتاب كبير.
(4) الذريعة 2 / 514.
(5) الذريعة 20 / 251. رد به على (ابن عاشور) شيخ الإسلام بتونس، وله مقدمة
دراسات 150

6 - آية التطهير (1).
7 - آية الولاية (2).
8 - شرح خطبة الزهراء عليها السلام (3).
هذا... بالإضافة إلى ما كتبه من (عقبات الأنوار).
وفاته:
توفي رحمه الله بالهند في 12 جمادى الثانية سنة 1378 وقد أقيمت مجالس
الفاتحة على روحه الطاهرة، ودفن إلى جنب والده المرحوم في صحن السيد
التستري الشهيد، وأعقب الخطيب الفاضل السيد على ناصر (4).
(8)
ترجمة السيد محمد نصير
هو: السيد محمد نصير ابن السيد ناصر حسين المولود سنة 1317 كان
رحمه الله عالما كبيرا وأستاذا جليلا.. درس في النجف الأشرف وتخرج على
كبار العلماء، ثم لما عاد إلى بلاده اقتضت الظروف الخاصة والمصلحة العامة
للمسلمين أن يدخل الحقل السياسي، فدخل المجلس النيابي منتخبا من قبل
الشيعة الإمامية.

(1) بقلم المرحوم الحجة السيد هبة الدين الشهرستاني.
(1) الفضل الجلي.
(2) المصدر.
(3) المصدر.
(4) مصادر الترجمة: الذريعة، معجم رجال الفكر 390، مؤلفين كتب چاپى 3 / 23
الفضل الجلي في حياة السيد محمد قلي، معلومات شخصية.
دراسات 151

مؤلفاته:
1 - ديوان شعر.
2 - مجمع الآداب.
3 - التطهير.
4 - ترجمة وجوب السورة في الصلاة إلى الأردوية.
وفاته:
توفي في (لكهنو) سنة 1386 وحمل نعشه إلى العراق فدفن في كربلاء
في الصحن الشريف بمقبرة شيخ الطائفة في عصره الزعيم المجاهد الميرزا
الشيرازي قدس سره، وأقيمت على روحه مجالس الفاتحة في كل مكان (1).
منها: المجلس الذي أقامه سيدي الوالد آية الله السيد نور الدين الميلاني
بكربلاء.
الباب السابع
المكتبة الناصرية
ومن آثار هذه الأسرة وخدماتهم للعلم والطائفة: المكتبة العظيمة التي خلفتها
في مدينة لكهنو، هذه المكتبة التي كانت كتب العلامة السيد محمد قلي نواة
لها، ثم ضم إليها نجله السيد حامد حسين كلما حصل إليه من الكتب، ولا سيما
ما كان يفحص عنه وحصل عليه في البلاد المختلفة من أمهات المصادر في مختلف

(1) مصادر الترجمة: معجم رجال الفكر 390 الفضل الجلي - معلومات شخصية.
دراسات 152

العلوم والفنون لأجل كتابه عبقات الأنوار... ثم سعى نجله السيد ناصر حسين
في تطويرها وتوسعتها فاشتهرت بالمكتبة الناصرية...
لقد كانت في زمن السيد حامد حسين تحتوي على ثلاثين ألف كتاب،
قال شيخنا الطهراني بترجمته: " وللمترجم خزانة كتب جليلة وحيدة في لكهنو
بل في بلاد الهند، وهي إحدى مفاخر العالم الشيعي، جمعت ثلاثين ألف كتاب
بين مخطوط ومطبوع، من نفائس الكتب وجلائل الآثار، ولا سيما تصانيف
أهل السنة من المتقدمين والمتأخرين.
حدثني شيخنا العلامة الميرزا حسين النوري أن المترجم كتب إليه من لكهنو
يطلب منه إرسال أحد الكتب إليه، فأجابه الأستاذ بأنه من العجيب خلو مكتبتكم
من هذا الكتاب على عظمها واحتوائها. فأجابه المترجم بأن من المتيقن لدي
وجود عدة نسخ من هذا الكتاب، ولكن التفتيش عنه والحصول عليه أمر يحتاج
إلى متسع من الوقت، والكتاب الذي ترسله إلي يصلني قبل وقوفي على الكتاب
الذي هو في مكتبتي التي أسكنها. انتهى.
فمن هذا يظهر عظم المكتبة واتساعها. وحدثني بعض فضلاء الهند أن أحد
أهل الفضل حاول تأليف فهرس لها وفشل في ذلك.
وقد أهدي إلى بعض أجلاء الأصدقاء صورة جانب واحد من جوانبها
الأربع وهو كتب التفاسير، وقد زرناه فأدهشنا. وبالجملة فإن مكتبة هذا الإمام
الكبير من أهم خزائن الكتب في الشرق " (1)
وقال السيد محسن الأمين: " ومكتبته في لكهنو وحيدة في كثرة العدد من
صنوف الكتب، ولا سيما كتب غير الشيعة. ويناهز عدد كتبها الثلاثين ألفا ما
بين مطبوع ومخطوط... فيما كتبه الشيخ محمد رضا الشبيبي في مجلة العرفان

(1) أعلام الشيعة - نقباء البشر 1 / 348.
دراسات 153

ما صورته: من أهم خزائن الكتب الشرقية في عصرنا هذا: خزانة كتب المرحوم
السيد حامد حسين اللكهنوي - نسبة إلى لكهنو من بلاد الهند - صاحب كتاب
عبقات الأنوار الكبير في الإمامة، من ذوي العناية بالكتاب والتوفر على جمع
الآثار، أنفق الأموال الطائلة على نسخها ووراقتها، وفي كتابه عبقات الأنوار
المطبوع في الهند ما يشهد على ذلك.
وقد اشتملت خزانة كتبه على ألوف من المجلدات فيها كثير من نفائس
المخطوطات القديمة " (1).
وفي (أحسن الوديعة) بترجمته: " وله مكتبة كبيرة في لكهنو وحيدة في
كثرة العدد من صنوف الكتب، ولا سيما كتب المخالفين ".
وجاء في (صحيفة المكتبة) الصادرة عن مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام
في النجف الأشرف في ذكر المكتبات التي زارها العلامة الحجة المجاهد
صاحب الغدير في مدينة لكهنو بالهند ما نصه: " مكتبة الناصرية العامة. تزدهر
هذه المكتبة العامرة بين الأوساط العلمية وحواضر الثقافة في العالم الاسلامي
بنفائسها الجمة، ونوادرها الثمينة، وما تحوي خزانتها من الكتب الكثيرة في
العلوم العالية من: الفقه وأصوله، والتفسير، والحديث، والكلام، والحكمة
والفلسفة، والأخلاق، والتاريخ، واللغة، والأدب. إلى معاجم ومجاميع
وموسوعات في الجغرافيا، والتراجم، والرجال، والدراية، والرواية.
وهي نتيجة فكرة ثلاثة من أبطال العلم والدين، جمعت يمنى كل منهم قسما
من هذه الثروة الإسلامية الطائلة في حياته السعيدة، فأسدى بها إلى أمة القرآن
الكريم خدمة كبيرة، تذكر وتشكر مع الأبد، ولم يكتف أولئك الفطاحل بذلك

(1) أعيان الشيعة - بترجمة السيد حامد حسين.
دراسات 154

إلى أن وقف كل منهم ماله عليه وقفا. فغدت يقضي بها كل عالم مأربه، ويسد
بها كل ثقافي حاجته.
وكانت النواة لها مكتبة السيد محمد قلي الموسوي... ثم حذا حذوه وضم
كتبه إليها نجله القدوة والأسوة السيد حامد حسين... ثم شفعت تلك المكتبة
بمكتبة شبله السيد ناصر حسين...
وهذه المكتبة العامرة تسمى باسمه، يناهز عدد كتبها اليوم ثلاثين ألفا من
المطبوع والمخطوط، يقوم بإدارة شؤونها شقيقي الفضيلة: السيد محمد سعيد
العبقاتي، والزعيم المحنك السيد محمد نصير العبقاتي، وقد شيدت لها حين
كنا في تلكم الديار بهمتهما القعساء بناية فخمة تقع في أهدء مكان، قد خصصت
لها الإدارة المحلية لمتصرفية لكهنو، والإدارة المركزية للشئون الثقافية للحكومة
الهندية منحة مالية سنوية لإدارة شؤونها، وتسديد رواتب موظفيها، وهي وإن
كانت جل ذلك فضلا عن الكل، إلا أنها مساعدة تحمد عليها وتقدر ".
ثم ذكر الكاتب أسماء نفائس من هذه الخزانة مما وقف عليه العلامة الأميني
وغيره...
ونحن نضيف إلى تلك الأسماء قائمة بأسماء جملة من الكتب التي ذكرها
صاحب العبقات في ثنايا الكتاب، ونص على وجود النسخ العتيقة الثمينة منها
عنده:
1 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي.
2 - بغية الطالبين - رسالة الأسانيد للشيخ أحمد النخلي.
3 - قصص الأنبياء لأبي الحسن محمد بن عبد الله الكسائي.
4 - نقاوة الملل وطراوة النحل لعبد الوهاب الروداوري.
5 - ألف باء في المحاظرات للبلوي.
دراسات 155

6 - زاد المسير لجلال الدين السيوطي.
7 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال لأبي الحجاج المزي.
8 - العلل (الجزء الثالث منه) لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني.
9 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال لشمس الدين الذهبي. عنده ثلاث
نسخ منه.
10 - المنح المكية في شرح القصيدة الهمزية لابن حجر المكي. نسخة
مستنسخة عن أصل نسخة الشارح.
11 - الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير للعلقمي.
12 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين السخاوي. النسخة
بخط عبد العزيز بن فهد المكي، عليها خط المصنف وإجازته لابن فهد المذكور.
13 - الفصول المهمة في معرفة الأئمة لنور الدين ابن الصباغ المالكي.
عنده منه نسختان.
14 - المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة لشمس الدين
السخاوي. عنده منه نسخ عديدة.
15 - لواقح الأنوار في طبقات السادة الأخيار لعبد الوهاب الشعراني.
عنده منه ثلاث نسخ، واحدة منها محشاة بخط الميرزا محمد بن معتمد خان
البدخشاني.
16 - النور السافر عن أخبار القرن العاشر. للعيدروس.
17 - غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام. لابن فهد المكي. نسخة
مكتوبة في حياة مؤلفه.
18 - العرائس في قصص الأنبياء لأبي إسحاق الثعلبي.
19 - الأربعين في فضائل أمير المؤمنين لعطاء الله بن فضل الله المحدث
الشيرازي.
دراسات 156

20 - ملحقات الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة لصالح بن مهدي
المقبلي الصنعاني.
21 - التاريخ الصغير لمحمد بن إسماعيل البخاري.
22 - الموضوعات لابن الجوزي.
23 - شرح منهاج البيضاوي لبرهان الدين عبيد الله بن محمد العبري.
الفرغاني.
24 - شرح منهاج البيضاوي لكمال الدين محمد بن محمد ابن إمام الكاملية.
نسخة مقروة على المصنف وعليها خطه.
25 - الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد.
26 - اقتصاد الاعتقاد لأبي حامد الغزالي.
27 - خصائص أمير المؤمنين عليه السلام للنسائي. عنده منه نسختان إحداهما
مصححة من قبل بعض الأفاضل.
28 - المسند لأحمد بن حنبل.
29 - المنمق لابن حبيب البغدادي.
30 - الثقات لابن حبان البستي.
31 - نوادر الأصول للحكيم الترمذي.
32 - المعجم الصغير للطبراني.
33 - المفاتيح في شرح المصابيح لشمس الدين محمد بن المظفر الخلخالي.
34 - المنتقى في سيرة المصطفى لسعيد الدين محمد بن مسعود الكازروني.
35 - إحياء الميت بفضائل أهل البيت لجلال الدين السيوطي. عنده منه
نسختان في إحداهما أربعون حديثا وفي الأخرى ستون حديثا.
36 - حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني.
دراسات 157

الباب الثامن
كتاب التحفة الاثنا عشرية
هو كتاب انتشر في أوائل القرن الثالث عشر الهجري في بلاد الهند باللغة
الفارسية، وكان في طبعته الأولى عليه اسم مستعار هو " غلام حليم " وهذا الاسم
هو مادة تاريخ ولادة مؤلفه عبد العزيز الدهلوي - ثم وضع اسمه الصريح في
طبعته الثانية.
وموضوع هذا الكتاب استعراض عقائد الشيعة - ولا سيما الاثني عشرية -
في التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد - وغيرها ثم نقدها والرد عليها، ولقد ذكر
صاحبه في أوله ومواضع عديدة منه التزامه بنقل ما هو المسلم والمتفق عليه،
إلا أنه ملأ الكتاب بأشياء تخالف الواقع وتنافي الحقيقة، ولا سيما في باب
الإمامة، حيث أنكر الأحاديث ودلالة الآيات على إمامة علي أمير المؤمنين عليه
السلام، وشحنه بأكاذيب ومفتريات لم يأت بها أحد من قبله.
وهذا ما دعا علماء الشيعة - ولا سيما صاحب العبقات - إلى الرد عليه وبيان
ما هو الواقع والصحيح، فأثبتوا الأحاديث سندا ودلالة، وظهور دلالة الآيات
الكريمة في عقيدة الشيعة الإمامية، على ضوء كتب العامة وكلمات علمائهم.
ولم يكن عبد العزيز الدهلوي يقصد من تأليف هذا الكتاب ونشره إلا
إشاعة الفتنة بين الطوائف الإسلامية وضرب بعضها ببعض.
والجدير بالذكر: أنه قد ثبت لدى المحققين أن (التحفة) هذه مسروقة
من كتاب (الصواقع) لنصر الله الكابلي، وقد ترجمة (الدهلوي) إلى الفارسية.
دراسات 158

أ - فهرس هذا الكتاب
ولقد جاء ذكر الأحاديث الاثني عشر التي أجاب عنها في الباب السابع
حيث بحث فيه الإمامة، وكان رد (صاحب العبقات) على حسب ترتيبه، ابتداءا
بحديث الغدير، وانتهاءا بالثقلين.
هذا ولمزيد الفائدة نذكر عناوين أبواب التحفة:
الباب الأول: في ذكر فرق الشيعة وبيان كيفية حدوث مذهب التشيع.
الباب الثاني: في ذكر مكائد الشيعة.
الباب الثالث: في ذكر أسلاف الشيعة وعلمائهم وتصانيفهم.
الباب الرابع: في أخبار الشيعة ورواتهم.
الباب الخامس: في الإلهيات.
الباب السادس: في النبوات.
الباب السابع: في الإمامة.
الباب الثامن: في المعاد.
الباب التاسع: في مسائل فقهية.
الباب العاشر: في مطاعنهم في الخلفاء الثلاثة وغيرهم.
الباب الحادي عشر: في ما يختص به الشيعة ولم يوجد عند غيرهم من
فرق الإسلام.
الباب الثاني عشر: في التولي والتبري.
ب - طبعاته:
والظاهر أن (التحفة) طبعت أكثر من مرة كما مر، وأما ترجمتها إلى اللغة
العربية فقد طبعت مرارا كما سيأتي.
دراسات 159

ج - ترجمته إلى مختلف اللغات:
لقد ترجم " الحافظ غلام محمد بن الشيخ محي الدين بن الشيخ عمر المدعو
بالأسلمي " تلميذ المولوي عبد العلي بن نظام الدين التحفة إلى العربية وسماها
بالترجمة العبقرية والصولة الحيدرية للتحفة الاثنا عشرية " (1) وجاء في مقدمة كتاب
(المنحة الإلهية في مختصر التحفة الاثني عشرية) أنه قد اختصره من (ترجمة
العالم العلامة والنحرير الفهامة الشيخ غلام محمد الأسلمي الهندي). وعلى هذا
فالترجمة الأولى (للتحفة) كانت إلى اللغة العربية ومن قبل غلام محمد المذكور.
ثم جاء محمود شكري الآلوسي فهذب ألفاظ تلك الترجمة واختصرها
باسم (المنحة الإلهية تلخيص ترجمة التحفة الاثني عشرية) وقدمه إلى السلطان
عبد الحميد العثماني قائلا:
" وقدمته لأعتاب خليفة الله في أرضه ونائب رسوله عليه الصلاة والسلام
في سنته وفرضه، الذي راعى رعاياه بجميل رعايته ودبرهم بصائب تدبيره وواسع
بدايته، وسلك أحسن المسالك في استقامة أمورهم وصيانة نفوسهم وحراسة
جمهورهم، وخص من بينهم علماء دولته وصلحاء ملته بحسن ملاحظته وفضل
محافظته، تمييزا لهم بالعناية، وتخصيصا بما يجب من الرعاية ووضعا للأمور
مواضعها وإصابة بها مواقعها، وهو أمير المؤمنين الواجب طاعته على الخلق
أجمعين سلطان البرين وخاقان البحرين السلطان ابن السلطان، السلطان الغازي
عبد الحميد خان ابن السلطان الغازي عبد المجيد خان.
اللهم أيده بنصرك وانصره لتأييد ذكرك، واطمس شر سويداء قلوب أعدائه
وأعدائك، ودق أعناقهم بسيوف قهرك وسطوتك.. ".

(1) هكذا جاء في عبقات الأنوار، قسم حديث الغدير عند النقل عنه.
دراسات 160

وقسم الآلوسي ترجمته هذه إلى تسعة أبواب وهذا تفصيلها:
الباب الأول: في ذكر فرق الشيعة وبيان أسلافهم ونبذة من مكايدهم.
الباب الثاني: في بيان أقسام الشيعة وأحوال رجال أسانيدهم.
الباب الثالث: في الإلهيات.
الباب الرابع: في النبوة.
الباب الخامس: في الإمامة (وفيه الآيات والأحاديث والدلائل العقلية التي
يستند إليها الشيعة على إمامة الأمير بلا فصل).
الباب السادس: في بعض العقائد الإمامية المخالفة لعقائد أهل السنة.
الباب السابع: في الأحكام الفقهية.
الباب الثامن: في المطاعن.
الباب التاسع: في ذكر ما اختص بهم ولم يوجد عند غيرهم من فرق الإسلام.
ولقد طبع هذا الكتاب في " بمبئ " سنة 1301، ثم طبع ثانية في مصر
من قبل مدير مجلة (الأزهر)، وطبع مرة أخرى مع تعاليق المدعو بمحب
الدين الخطيب.
هذا.. وقد جاء في بعض فهارس (لاهور) أنه قد طبع مترجما إلى اللغة
الأردوية أيضا.
5 - الردود عليه
لقد رد على (التحفة) جماعة من كبار علماء الشيعة، وهذه أسماؤهم (عدا
العبقات):
1 - أبو أحمد محمد بن عبد النبي بن عبد الصانع الأخباري النيسابوري
دراسات 161

المقتول سنة 1232، وقد سماه ب‍ (السيف المسلول على مخربي دين الرسول) (1).
2 - السيد دلدار علي النقوي المتقدمة ترجمته، وهو في أربعة مجلدات
رد بها على أبواب (التحفة) الخامس والسادس والسابع والثاني عشر، وقد
سمى كل مجلد باسم... وبعض هذه المجلدات مطبوع.
3 - الميرزا محمد بن عناية أحمد خان الكشميري الملقب ب‍ (الكامل)
والمتوفى سنة 1235 مسموما، وقد سماه ب‍ (النزهة الاثنا عشرية)، وقد ترجم
له السيد إعجاز حسين في رسالة خاصة كما تقدم، كما ذكره السيد محسن الأمين
رحمه الله (2).
4 - السيد محمد قلي المتقدم ذكره، وقد سماه ب‍ (الأجناد الاثنا عشرية
المحمدية) وهو في مجلدات رد بها على الأبواب: الأول والثاني والسابع والعاشر
والحادي عشر من (التحفة) وهذه كلها مطبوعة، وقد سمى رده على الباب العاشر
ب‍ (تشييد المطاعن) وهو في ثلاثة أجزاء ضخام.
5 - الشيخ سبحان علي خان الهندي المتوفى بعد عام 1260، وقد سماه
ب‍ (الوجيزة في الأصول).
6 - السيد محمد ابن السيد دلدار علي النقوي المتوفى سنة 1284 وقد
سماه ب‍ (الإمامة) (3) باللغة العربية، وهو رد على الباب السابع، كما أن له
عليه ردا آخر بالفارسية سماه ب‍ (البوارق الإلهية) (4).
7 - السيد جعفر الموسوي الدهلوي، وقد رد على البابين: السابع والعاشر
من (التحفة).

(1) الذريعة 12 / 288.
(2) أعيان الشيعة 46 / 208.
(3) الذريعة 2 / 335.
(4) المصدر 3 / 97.
دراسات 162

8 - المولوي خير الدين محمد الإله آبادي وقد سماه ب‍ (هداية العزيز)
وهو رد على باب الرابع من (التحفة).
9 - السيد المفتي محمد عباس التستري المتوفى سنة 1306، وقد سماه
ب‍ (الجواهر العبقرية) وهو رد على ما ذكره في (التحفة) في باب السابع حول
غيبة المهدي عليه السلام، وهو مطبوع (1).
هذا ولقد رد على المنحة الإلهية - تلخيص مختصر التحفة الاثني عشرية -
المذكور سابقا علمان من أعلام الطائفة الشيعية وهما:
1 - الحجة الكبير المجاهد الشيخ محمد مهدي الخالصي الكاظمي المتوفى
سنة 1343 وقد سماه ب‍ (تصحيف المنحة الإلهية عن النفثة الشيطانية) في ثلاثة
مجلدات (2).
2 - العلامة الحجة الآية الشيخ ميرزا فتح الله شيخ الشريعة المتوفى سنة
1339 (3)
الباب التاسع
ترجمة صاحب التحفة
هو الشيخ المحدث عبد العزيز بن ولي الله بن عبد الرحيم العمري (ينتهي
نسبه إلى عمر بن الخطاب) الدهلوي.
ولادته: ولد ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان سنة 1159.

(1) الذريعة 5 / 271.
(2) المصدر 3 / 633.
(3) أعيان الشيعة 42 / 259.
دراسات 163

أساتذته: أخذ العلم عن والده، ولما توفي أبوه أخذ عن تلامذته وهم جماعة منهم:
1 - الشيخ نور الله البرهانوي.
2 - الشيخ محمد أمين الكشميري الدهلوي.
3 - الشيخ محمد عاشق الفلتي.
تلامذته:
وقد قرأ عليه جماعة من علماء أسرته وغيرهم، ومنهم:
1 - أخوه عبد القادر.
2 - أخوه رفيع الدين.
3 - أخوه عبد الغني.
4 - ختنه عبد الحي بن هبة الله البرهانوي.
5 - المفتي إلهي بخش الكاندهلوي.
6 - السيد قمر الدين السوني پتني.
7 - الشيخ غلام علي بن عبد اللطيف الدهلوي.
8 - المولوي حيدر علي الفيض آبادي.
9 - المولوي محمد رشيد الدين الدهلوي.
جهوده وآثاره:
وكما ذكرنا سابقا فقد كان المولوي عبد العزيز الدهلوي قائد حركة علمية
ورائد نشاط في سبيل نشر المذهب السني، فأصبح تلامذته الذين ذكرناهم
دراسات 164

وغيرهم مشايخ وأساتذة... وبذلك يكون قد أسس حوزة علمية لأهل السنة في
مدينة دهلي، ثم بنى مدرسة تولى بنفسه زعامتها والتدريس فيها، ثم خلفه أخواه
في ذلك، كما خلف هو أباه.
ولهذا الأمور وغيرها وأهمها التهجم على الشيعة في الإمامة والمسائل الكلامية
لقبه قومه ب‍ (سراج الهند).
مؤلفاته:
قال عبد الحي: " للشيخ عبد العزيز مؤلفات كلها مقبولة عند العلماء، محبوبة
إليهم، يتنافسون فيها ويحتجون بترجيحاته وهو حقيق بذلك، وفي عبارته قوة
وفصاحة وسلاسة، تعشقها الاسماع وتلتذ بها القلوب... " ثم ذكر له مصنفات
ورسائل أشهرها:
1 - تفسير القرآن المسمى بفتح العزيز.
2 - الفتاوى في المسائل المشكلة.
3 - التحفة الاثنا عشرية.
4 - بستان المحدثين.
5 - العجالة النافعة. رسالة في أصول الحديث.
6 - ميزان البلاغة.
7 - السر الجليل في مسألة التفضيل. رسالة في تفضيل الصحابة بعضهم
على بعض.
8 - سر الشهادتين. رسالة في شهادة الحسنين عليهما السلام.
وفاته:
وتوفي في 7 شوال سنة 1239.
دراسات 165

كلماتهم في ترجمته:
هذا وقد بالغ القوم في مدح الدهلوي ووصفه كما هو شأنهم ودأبهم بالنسبة
إلى علمائهم عامة وإلى المتعصبين منهم على الشيعة خاصة -:
1 - قال أحمد الأنصاري الشرواني: " سلطان إقليم المعاني، ومالك أزمة
البيان وبديع الزمان الثاني، وهو مؤيد مذهب النعمان، مصنفاته لا تحصى،
ومؤلفاته تجل عن تعداد الرمل والحصى... " (1).
2 - وقال محسن بن يحيى الترهتي: " بلغ من الكمال والشهرة بحيث
ترى الناس في مدن أقطار الهند يفتخرون باعتزائهم إليه، بل بانسلاكهم في
سمط من ينتمي إلى أصحابه...
ومن سجاياه الفاضلة الجميلة التي لا يدانيه عامة أهل زمانه قوة عارضته،
لم يناضل أحدا إلا أصاب غرضه وأصمى رميته وأحرز خصله. ومن ذلك براعته
في تحسين العبارة وتحبيرها... ومنها فراسته التي أقدره الله بها على تأويل
الرؤيا... " (2).
3 - وقال عبد الحي بترجمته حيث عنونه: " سراج الهند، حجة الله،
الشيخ عبد العزيز الدهلوي. الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة المحدث عبد
العزيز بن ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، سيد علماءنا في زمانه وابن
سيدهم... وكان أحد أفراد الدنيا بفضله وآدابه وعلمه وذكائه وسرعة فهمه.
اشتغل بالدرس والإفادة وله خمس عشرة سنة، فدرس وأفاد حتى صار في الهند

(1) حديقة الأفراح لإزالة الأتراح: 166.
(2) اليانع الجني: 73.
دراسات 166

العلم المفرد، وتخرج عليه الفضلاء، وقصدته الطلبة من أغلب الارجاء، وتهافتوا
عليه تهافت الظمآن على الماء... " (1).
وقد استغرقت هذه الترجمة ثمان صحائف، ذكر فيها فضائله وآثاره
ومصنفاته ونموذجا من نظمه... والذي يجلب الانتباه في هذه الترجمة ما ذكره
من أن الشيخ عبد العزيز الدهلوي قد مرض بأنواع الأمراض من الجذام والبرص
والعمى واختلال الحواس وهو ابن خمس وعشرين سنة إلى أن مات.
ترجمة والده:
وأما والده وشيخه ولي الله الدهلوي فهذه خلاصة ما جاء بترجمته في نزهة
الخواطر:
" شيخ الإسلام ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي.
الشيخ الإمام الهمام حجة الله بين الأنام إمام الأئمة قدوة الأمة علامة العلماء
وارث الأنبياء، آخر المجتهدين، أوحد علماء الدين، زعيم المتضلعين بحمل
أعباء الشرع المبين، محيي السنة ومن عظمت به الله علينا المنة شيخ الإسلام
قطب الدين أحمد ولي الله بن عبد الرحيم بن وجيه الدين العمري الدهلوي.
العالم الفاضل النحرير أفضل من * بث العلوم فأروى كل ظمآن
ولد يوم الأربعاء لأربع عشرة خلون من شوال سنة 1114، واشتغل بالدرس
نحوا من اثنتي عشرة سنة، وحصل له الفتح العظيم في التوحيد والجانب الواسع
في السلوك، ونزل على قلبه العلوم الوجدانية فوجا فوجا، وخاض في بحار
المذاهب الأربعة وأصول فقههم خوضا بليغا، ونظر في الأحاديث التي هي
متمسكاتهم في الأحكام وارتضى من بينها بإمداد النور الغيبي طريق الفقهاء المحدثين

(1) نزهة الخواطر 7 / 268 - 275.
دراسات 167

واشتاق إلى زيارة الحرمين الشريفين، فرحل إليها سنة 1143 فأقام بالحرمين
عامين كاملين، وصحب علماء الحرمين صحبة شريفة، وعاد إلى الهند سنة 1145.
ومن نعم الله تعالى عليه أنه خصه بعلوم لم يشرك معه فيها غيره، والتي أشرك
فيها معه غيره من سائر الأئمة كثيرة لا يحصيها البيان.
ومن نعم الله تعالى عليه أن أولاه خلعة الفاتحية وألهمه الجمع بين الفقه
والحديث وأسرار السنن ومصالح الأحكام وسائر ما جاء به النبي من ربه عز وجل.
حتى أثبت عقائد أهل السنة بالأدلة والحجج، وطهرها من قذى أهل المعقول.
وقد أثنى عليه الأجلة من العلماء.
وقال السيد صديق حسن القنوجي في الحطة بذكر الصحاح الستة في ذكر
من جاء بعلم الحديث في الهند: ثم جاء الله سبحانه وتعالى من بعدهم بالشيخ
الأجل والمحدث الأكمل، ناطق هذه الدورة وحكيمها، ونائق تلك الطبقة
وزعيمها، الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي المتوفى سنة 1176. وكذا
بأولاده الأمجاد وأولاد أولاده أولي الارشاد، المشمرين في هذا العلم عن ساعد
الجد والاجتهاد.
وقال القنوجي المذكور في أبجد العلوم: كان بيته في الهند بيت علم الدين
وهم كانوا مشايخ الهند في العلوم النقلية بل والعقلية. أصحاب الأعمال الصالحات
وأرباب الفضائل الباقيات، لم يعهد مثل علمهم بالدين علم بيت واحد من المسلمين
في قطر من أقطار الهند " (1).
الباب العاشر
في عملنا في الكتاب
لقد وقفت على جانب من عظمة كتاب العبقات.

(1) نزهة الخواطر 6 / 398 - 415.
دراسات 168

وعلى أنه لم يكتب مثله في بابه من السلف والخلف، وأنه ذلك الكتاب
المعجز المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... كما في كلمات
أعلام الطائفة.
وعلى أنه لم ينتشر حتى الآن باللغة العربية مطلقا... بالرغم من انتشار
تلخيص التحفة الاثني عشرية باللغة العربية منذ أكثر من قرن... وقد قال السيد
محسن الأمين: يا حبذا لو ينبري أحد من العرب لتعريبه...
نعم ليته ترجم إلى اللغة العربية ونشر قبل أن ينتشر تعريب التحفة، أو بعده
بقليل في الأقل... لكن هذا الواجب المحتم ترك، والفراغ بقي، ولم تتحقق
هذه الأمنية... عن قصور أو تقصير...
وشاء الله أن يكتب التوفيق لهذا العبد لأن يلبي هذا النداء بعد قرن وربع
قرن تقريبا...
ولم يكن تعريبا فقط... وإن كان تعريبه فقط عملا جبارا ومشروعا ضخما...
فقد وفقت لتعريبه، وتحقيقه، وتلخيصه، وتنظيمه، والتعليق عليه ووضع
الفهارس له...
ولا أقول إنه كتاب جديد كما قيل، أو مؤلف مستقل كما عليه عرف المؤلفين
في عصرنا...
في طريق العمل
لقد شرعت في هذا العمل في سنة 1385، وواصلته بشوق مستلهم من
ولائي لآبائي، جنبا إلى جنب دراساتي في الحوزات العلمية، واشتغالي بتأليف
أخرى في بعض العلوم الإسلامية، وكنت أعلم منذ البدء أن الوصول إلى الغاية
في هذا العمل - لا سيما مع الحرص على الدراسات الحوزوية - لا يكون
دراسات 169

بسهولة، بل يستدعي بذل الطاقة، وترك الراحة، وتحمل المصاعب والمتاعب
واستسهال المشاق، وعدم الحضور في المجالس والقضايا الاجتماعية...
شرعت في العمل في مدينة كربلاء المقدسة في قسم السند من حديث
الغدير، حتى إذا انتهيت منه وأخرجته إلى البياض واجهت مشكلة مصادر التحقيق
إذ لم تكن متوفرة في مكتبات كربلاء... فكنت كلما سافرت إلى النجف
الأشرف أخذت معي ملزمة لتحقيق مصادرها في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام
العامة ومكتبة آية الله الحكيم العامة...
ثم شرعت في حديث الثقلين - ولم يكن عندي آنذاك قسم الدلالة من حديث
الغدير - ففرغت منه ومن حديث النور وحديث التشبيه أو الأشباه.
ولما انتقلت إلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف للحضور على أكابر
العلماء والأساتذة في الفقه والأصول تمكنت في خلال ذلك من مراجعة بعض
المصادر.
حتى انتقلنا إلى إيران ونزلت مدينة قم المقدسة، حيث الحوزة العلمية
ومكتبة آية الله النجفي المرعشي العامة... وقد نجزت في هذه المكتبة مهمة
التحقيق للنصوص الواردة في المجلدات المذكورة... وقد طبع ما طبع من
الكتاب وما زال العمل مستمرا ولله الحمد ومنه التوفيق.
فهذا موجز ما كان في طريق العمل. وأما أسلوبنا في العمل في الكتاب
فإليك بيانه بإيجاز كذلك:
1 - الأسلوب في التعريب
لم يكن تعريب كتاب عبقات الأنوار بالأمر الهين... فقد جمع هذا الكتاب
بين الدقة العلمية والابداع في الأساليب والعذوبة في الألفاظ، فحاولنا جهد
دراسات 170

المستطاع أن نحافظ على دقائق عباراته ولطائف إشاراته، وإن استدعى ذلك
في بعض الأحيان اتباع طريقة الترجمة الحرفية.
2 - الأسلوب في التحقيق
وفي مجال تحقيقه فإن من عادة صاحب العبقات أنه حيث يورد نصا أو ينقل
كلاما لأحد يسنده إلى راويه وقائله، ذاكرا اسم المصدر - وربما يذكر عنوان
الباب والفصل ونحو ذلك أيضا - وهذا الأمر يسهل كما هو معلوم الرجوع إلى
المصدر واستخراج المطلب منه.
لقد راجعت مصادر الكتاب مع تطبيق العبارات المنقولة عنها بقدر الامكان
ووضعت في الهامش موضع المطلب برقم صفحة الكتاب ورقم الجزء إن كان
له أجزاء.
هذا كله بالنسبة إلى المصادر المطبوعة التي حصلنا عليها في المكتبات،
وأما المخطوطة منها فقد اكتفينا بوضع كلمة " مخطوط " في مقابلها.
وهناك مصادر لم يظهر لنا هل هي مطبوعة أو لا، ولم نقف عليها، وهي
- في الأكثر - المصادر الهندية، فتركناها على حالها حتى يتبين لنا الأمر في
المستقبل، فنراجعها للطبعات اللاحقة للكتاب إن شاء الله تعالى.
3 - الأسلوب في التلخيص
وكان من الضروري أن يخرج عملنا أصغر حجما من كتاب العبقات لجهات:
1 - إن العبقات باللغة الفارسية، وكلما ورد فيه نص عربي ترجم معناه إلى
الفارسية... وإذا سقطت هذه الترجمة - والنصوص العربية مستغرقة لقسط وافر
من العبقات - من كل مجلد قل حجم الكتاب بكثير.
دراسات 171

2 - يذكر صاحب العبقات أسماء الأشخاص ومؤلفاتهم بصورة كاملة فيقول
مثلا: قال مجد الدين مبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري الشافعي
في جامع الأصول. وقال أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي
الشهير بالشاطبي في كتاب الموافقات في أصول الأحكام. وقال علاء الدين علي
ابن محمد بن إبراهيم البغدادي المعروف بالخازن في تفسيره لباب التأويل...
ونحن نقول: قال ابن الأثير في جامع الأصول، وقال الشاطبي في الموافقات
وقال الخازن في لباب التأويل... لأن هذه الكتب أصبحت في عصرنا معروفة
بفضل المطابع، وأصحابها علماء مشهورون بألقابهم أو كناهم.
3 - من دأب صاحب العبقات في بعض المجلدات وصف الرواة والعلماء
بأوصاف تستغرق عدة من السطور، قبل ذكر نصوص عبارات المترجمين وبعدها،
كقوله بعد إيراد رواية الأعمش: " ولا يخفى أن الأعمش من أكابر الموثقين
ذوي المراتب الرفيعة، ومن أعاظم المبجلين أولي المناقب الغزيرة، ومن أجلة
الناسكين الزهاد وأفاخم الخاشعين العباد عند أهل السنة " ثم قال بعد ترجمته
عن عدة من المصادر: " فهذا سليمان بن مهران الأعمش قد أغاظ بروايته
قلوب أهل البغي وأحمش، وأسبل على أبصارهم ظلاما تحندس في أيهمه
وأغطش، وذر القذى في أعين كل معتام منهم أعشى أو أخفش، فانقشعت بحمد
الله تلميعات كل من نمق لضلاله وبرقش، وانحسرت تخديعات كل من نمنم
بتزويره ورقش، وانقطعت آمال كل من وكم الشيطان في صدره فعشش، وانخزلت
أغمال كل من وغر الشنآن في قلبه فأفحش ".
وقال بعد رواية المحاملي: " والعلامة المحاملي من أفاخم الحفاظ المتبحرين
وأعاظم النقاد المتمهرين من أهل السنة. ولا تخفى محامده الشامخة ومحاسنه
الباذخة على من نظر في كتبهم الرجالية والتاريخية مثل... " ثم قال: " فهذا
دراسات 172

المحاملي الحامل لراية الصناعة بين الماهرين الأفاضل، والمقدم على تلك الجماعة
عند الكابرين الأماثل، قد روى هذا الحديث الشريف الفاضل في أماليه المبهرة
المزهرة الفواضل، فأثبته دفعا لريب كل معاند محائد لدود متجاهل، وصححه
رغما لأنف كل مكابر مباهت عنود متحامل، فلا يحيد عنه غب هذا إلا اللجوج
الماحك الماحل، الذي هو عن صوب الصواب ناكب مائل، ولا يصدف عنه
أثر هذا إلا الحيود الافين الفائل الذي هو إلى كسر الخسار آئب آئل ".
وهكذا إلى أمثال هذه العبارات في حق كبار المحدثين من أهل السنة، وهي
كما ترى تنبئ عن قدرته الفائقة وبراعته وتضلعه في الأدب الفارسي والعربي،
لكنا حذفناها لغرض الاختصار.
4 - وحيث يذكر السيد تراجم العلماء - وهي في الأغلب في قسم السند
من كل حديث - يورد نصوص عبارات المترجمين كاملة، وقد كان أسلوبنا في
التلخيص في هذه الجهة هو الاقتصار على الاسم وتاريخ الوفاة وكلمات الموثقين
فإن هذا القدر هو المقصود بالذات والمحتاج إليه كما هو واضح، وأما أسامي
مؤلفات المترجم وأولاده وتلامذته وعدد أسفاره وزوجاته وغير ذلك مما يذكر
عادة في الترجمة... فهذه كلها فوائد لا علاقة لها بالموضوع.
وبالنسبة إلى كلمات الموثقين أيضا... فإن هذه الكلمات تتكرر، لأن
المتأخر كابن حجر العسقلاني حيث يترجم الراوي يتعرض لكلمات الذين من
قبله كالذهبي وابن حبان... والمفروض أن كلمات أولئك مذكورة في الكتاب
فلا وجه لتكرارها. وقد يذكر الرجالي الراوي في جميع كتبه بعبارة واحدة
كالذهبي يعبر عن الرجل في العبر والكاشف بنفس العبارة التي قالها في حقه في
تذكرة الحفاظ... فنكتفي بنقل عبارته في هذا الأخير ونقول: وكذا في العبر
والكاشف.
دراسات 173

5 - وفي قسم الدلالة، لاحظنا أن كثيرا من الوجوه التي يذكرها السيد
- في مقام الرد على دعوى أو الاستدلال على موضوع - متشابهة في مفادها، ويمكن
دمج بعضها ببعض، فلم نكرر المطلب، بل أدخلنا بعض الوجوه في بعض بجعل
عناوين جامعة، مع عدم الاخلال بشئ من جوانب البحث.
4 - الأسلوب في التعليق
وقد أضفنا إلى الكتاب فوائد في هوامشه - وربما في المتن - وإلى قسم
السند في كل مجلد ملحقا بأسماء طائفة أخرى من رواة الحديث المبحوث عنه
فيه، وقفنا على روايتهم من النظر في الأسانيد أو مراجعة بعض الكتب والمصادر
الأخرى، وقد كان ملحق حديث الثقلين بقلم العلامة المحقق السيد عبد العزيز
الطباطبائي.
5 - الأسلوب في التنظيم
ولو ألقيت نظرة في كتاب العبقات لعرفت قيمة تنظيمه والجهود المبذولة
في هذا السبيل، فقد فصلنا كل موضوع منه عن غيره بعنوان يخصه، ولكل بحث
من بحوث الموضوع عنوان، وكذا لكل وجه من الوجوه المذكورة في كل
بحث... وهكذا... مع الأرقام والعلائم الفنية المختلفة... إلى غير ذلك مما
يتطلبه الذوق في عصرنا الحاضر.
وبالنسبة إلى الفهارس فقد وضعنا في آخر كل حديث ثلاثة فهارس: أحدها
للموضوعات، والثاني للأعلام المترجمين، والثالث للمصادر. وأما مصادر
التحقيق فسننشرها في آخر المجلدات في جزء خاص.
هذا ولم التزم في العمل والنشر بترتيب العبقات، بل نباشر بطبع كل ما
يتم إعداده وينجز العمل فيه.
دراسات 174

ووضعت كلمة (الدهلوي) رمزا لصاحب (التحفة الاثني عشرية).
وجعلت اسم الكتاب (خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار)
حرصا على عنوان كتاب العبقات وتخليدا لاسم مؤلفه وجهوده.
وفي الختام أشكر إدارة مكتبة آية الله النجفي المرعشي العامة في قم، لا سيما
العلامة السيد محمود النجفي المرعشي، والأخ المكرم حيدر الواعظي الحائري
على تفضلهم بتسهيل مهمة التحقيق ومراجعة المصادر.
والعلامة الجليل المحقق الحاج السيد عبد العزيز الطباطبائي... فقد استفدت
كثيرا من معلوماته العلمية وإرشاداته القيمة، ومن مكتبته الخاصة العامرة.
وأصحاب مطبعة سيد الشهداء ومطبعة الخيام، والعاملين فيهما على عنايتهم
في إخراج الكتاب بالصورة اللائقة.
والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يجعل أعمالنا خالصة
لوجهه الكريم، وأن يكتب هذا العمل في صحيفة ولائنا للنبي وأهل بيته الطاهرين
إنه سميع مجيب.
قم المقدسة - إيران علي الحسيني الميلاني
(تصحيح)
جاء في ص 111: " ذكر صاحب كتاب علماء معاصرين... سنة 1303 ".
هذه الأسطر الثلاثة تتعلق بالهامش رقم 1 في ص 113.
دراسات 175

خلاصة
عبقات الأنوار
(حديث الثقلين)
بقلم
علي الحسيني الميلاني
1

كلمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين
الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
وبعد: فهذا هو المجلد الأول من مجلدات هذه الموسوعة العلمية
العقائدية الخالدة، قد بحث فيه عن حديث الثقلين سندا ودلالة، وهو في بعض
ألفاظه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إني تارك فيكم الثقلين ما إن
تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود
من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض،
فانظروا كيف تخلفوني فيهما ".
رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أكثر من ثلاثين صحابيا، وما لا يقل
عن ثلاثمائة عالم من كبار علماء أهل السنة، في مختلف العلوم والفنون، وفي
جميع الأعصار والقرون، بألفاظ مختلفة وأسانيد متعددة، وفيهم أرباب الصحاح
والمسانيد وأئمة الحديث والتفسير والتاريخ.
فهو حديث صحيح متواترة بين المسلمين، ودلالته على إمامة أمير المؤمنين
3

بعد النبي صلى الله عليهما وآلهما في غاية الوضوح كما سيرى القارئ المنصف،
حيث سنثبت في الجزء الأول تواتر هذا الحديث وقطيعة صدوره، ودلالته على
المطلوب المذكور في تالييه، بالأدلة القاطعة والقواعد المسلمة، ثم دحض كل
ما قيل أو يمكن أن يقال في هذا الباب.
ومن هذا المنطلق ندعو كافة المسلمين إلى نبذ الخلافات، وترك التعصب
للهوى، بالرجوع إلى أقوال النبي الكريم صلى الله عليه وآله الثابتة عنه،
والتمسك بما أمر بالتمسك به من بعده، ليرجعوا بذلك إلى رشدهم، ويستعيدوا
مجدهم، والله ولي التوفيق والهداية.
والله أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يتقبلها بقبول حسن،
إنه سميع مجيب.
قم 10 رجب 1404 علي الحسيني الميلاني
4

كلمة السيد صاحب العبقات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي دعانا بمنه الجميل إلى التمسك بالثقلين، ووقانا بلطفه
الجزيل عن الارتباك في العمة والغين.. هو الذي كشف عن قلوبنا سجوف
الريب والرين، وأنقذنا بولاء أهل البيت عليهم السلام من غمرات الردى والحين،
ونجانا بلطفه وكرمه من شفا جرف الزيغ القائد إلى الزور والمين، وصاننا
بإيضاح السبل وإرسال الرسل عن الركون إلى الشنار والشين.
وصلى الله على من أرسل على طول هجعة من الأمم واعترام من الفتن المقبلة
بالمذل والأين.
وآله الكرام الأطهار، وحامتة العظام الأخيار، الناهجين للقم الصواب
والزين، لا سيما أخيه وصهره أفضل الخليفتين، المصلح لذات البين، كريم
الأبوين، شريف الوالدين، ابن العلمين، أمثل من ولد بين هاشميين، أكمل
الأفخرين، ذاكي الأصغرين، وعالي الأكبرين، وواقد الأصمعين، ومحرز
الأنفسين، وباسط الأفضلين، وماضي الأقطعين، ووارث المشعرين، وقائد
5

العسكرين، المبجل بالأبطحين، المفخم في الحرمين، المهاجر بالهجرتين،
المبايع بالبيعتين، والمصلي إلى القبلتين، الذي لم يكفر بالله طرفة عين، المفرق
جمع الورق والعين، واللاطم وجه النضار واللجين، المعرض المشيح بوجهه
عن الحجرين، مبسوط الراحتين، المؤدي للطاعتين، السابق بالشهادتين،
المجرد للسيف تارتين، كاسر الصنمين، وجاذ الوثنين، وقاتل العمرين، وآسر
العمرين، وهازم الفيلقين، ومفرق الجحفلين، راسخ القدمين، الطاعن
بالرمحين، الحامل على قوسين، المتهجد ليلة الهرير بين الصفين، أسمح كل
ذي كفين، وأفصح كل ذي شفتين، وأسمع كل ذي أذنين، وأبصر كل ذي عينين،
وأهدى كل من تأمل النجدين، أنشب من في الأخشبين، وأعلم من بين اللابتين
وأقضى من في الحرتين، صاحب الكرتين، الذي ردت له الشمس مرتين،
القاسم للفريقين، المميز بين الحزبين، حجة الله على المشرقين والمغربين،
وآيته العظمى بين النشأتين، إمام الحرمين، ونظام الخافقين، صنو سيد الكونين،
ونفس رسول الثقلين، ونور سراج الدارين، وشاهد الشاهد على أهل العالمين،
منجز الوعد وقاضي الدين، وصاحب الكنز وذي القرنين، أول الحجج
المجتبين، وأقدم الأئمة المصطفين، ووالد الريحانتين، وأبي السبطين الحسن
والحسين عليهما السلام.
صلاة ناجحة نافعة شافعة عند الحشر والنشر والبعث والقيام والموتتين
والنفختين، خالدة آبدة دائمة باقية بدوام الملوين، واختلاف العصرين، وكر
الجديدين، وتعاقب الفئتين، وتوالي الحرسين، وطلوع النيرين، ولموع
القمرين، وسفور الأزهرين، واصطحاب الفرقدين، وارتفاق النسرين، وجري
الرافدين، ووكوف الهاطلين.
6

وبعد: فيقول العبد القاصر العاثر " حامد حسين ابن العلامة السيد محمد
قلي " عفا عنهما الرب الغافر: هذا هو المجلد الثاني عشر من مجلدات المنهج
الثاني من كتاب " عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار " نقضت فيه كلام
" عبد العزيز بن ولي الله الدهلوي صاحب التحفة " على حديث الثقلين،
وقد جعله الحديث الثاني عشر من الأحاديث الدالة على إمامة علي عليه السلام
وأتى في جوابه بما يحير الأفهام حبا لتزويج ملفقات أسلافه الأعلام، وشغفا
بمخالفة طريقة أهل البيت عليهم السلام، وولها بالعدول والجنوح عن جادة
الحق المعتام.
ومن الله الملك المنعام المفضل بالنعم الجسام أستمد في البدء والختام
والأخذ والاتمام.
7

كلام الدهلوي حول حديث الثقلين
الحديث الثاني عشر: رواية زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وآله
إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم
من الآخر: كتاب الله وعترتي.
وهذا الحديث لا علاقة له بالمدعى أصلا، لأنه يلزم أن يكون المتمسك
به صاحب الزعامة الكبرى. وعلى فرض التسليم بذلك، فهناك حديث صحيح
يعارضه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ". وعلى فرض عدم
المعارضة، فإن العترة في اللغة بمعنى الأقارب، فإن دل وجوب التمسك على
الإمامة لزم أن يكون جميع أقارب النبي صلى الله عليه وآله أئمة تجب إطاعتهم
خصوصا أمثال: عبد الله بن عباس، ومحمد بن الحنفية، وزيد بن علي، والحسن
المثنى، وإسحاق بن جعفر الصادق، وغيرهم من أهل البيت.
وقد ورد في الحديث الصحيح أيضا: خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء "
مشيرا إلى عائشة، وقوله: " اهتدوا بهدي عمار " و " تمسكوا بعهد ابن أم عبد "
و " رضيت لكم ما رضي به ابن أم عبد " و " أعلمكم بالحلال والحرام معاذ
ابن جبل " وأمثال ذلك كثيرة، خصوصا قوله: " اقتدوا باللذين من بعدي،
8

أبي بكر وعمر " حيث بلغ درجة الشهرة والتواتر بالمعنى، فاللازم أن يكون
هؤلاء كلهم أئمة.
وإذا دل هذا الحديث على إمامة العترة، فكيف يصح الحديث الصحيح
المروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام بصورة متواترة عند الشيعة، يقول
فيه: " إنما الشورى للمهاجرين والأنصار " وكذلك حديث: " مثل أهل بيتي فيكم
مثل سفينة نوح، من ركبها نجى، ومن تخلف عنها غرق " فإنه لا يدل إلا على
الفلاح والهداية الحاصلين من حبهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلف عن
حبهم موجب للهلاك.
وهذا المعنى - بفضل الله تعالى - يختص به أهل السنة من بين الفرق
الإسلامية كلها، لأنهم متمسكون بحبل وداد أهل البيت جميعهم حسب ما يريد
القرآن: " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " وموقفهم من ذلك كموقفهم
من الأنبياء " لا نفرق بين أحد من رسله " فلا يؤمنون ببعضهم ويعادون غيرهم.
بخلاف الشيعة لا يوجد من بينهم فرقة تحب أهل البيت جميعا، فبعضهم
يوادون طائفة ويكرهون الباقين، والبعض الآخر على العكس، وأما أهل السنة
فليسوا كذلك، بل يروون أحاديث جميعهم ويستندون إليها، كما تشهد بذلك
كتبهم في التفسير والحديث والفقه، وإذا كان الشيعة لا يعتبرون كتب أهل السنة
فبماذا يجيبون عن الأحاديث الواردة عن الشيعة - سواء في العقائد الإلهية
والفروع الفقهية - الموافقة لأهل السنة كما سيأتي في هذا الكتاب؟
ولبعض علماء الشيعة في هذا المقام تأويل خداع، لا بد من ذكره وتفنيده
حيث يقول: إن تشبيه أهل البيت بالسفينة في هذا الحديث يقتضي أن لا يكون
حب جميع أهل البيت وأتباعهم ضروريا في النجاة والفلاح، فإن من يستقر في
زاوية واحدة من السفينة ينجو من الغرق بلا ريب، بل إن التنقل من مكان إلى
9

آخر فيها ليس أمرا مألوفا. فالشيعة لتمسكهم ببعض أهل البيت ناجون، ولا يرد
عليهم طعن أهل السنة في ذلك.
أما الجواب على هذا الكلام فيكون على نحوين:
الأول بطريق النقض:
فالإمامية في هذه الصورة يجب ألا يعتبروا الزيدية والكيسانية والناووسية
والفطحية منحرفين، بل مهتدون. لأن كلا منهم قد استقر في زاوية من هذه السفينة
الكبيرة، ويكفي الاستقرار في زاوية منها للنجاة من الغرق. بل إن النص على
الأئمة الاثني عشر يبطل على هذا أيضا، لأن كل زاوية من السفينة كافية في الانجاء
من أمواج البحر، ومعنى الإمام هو أن اتباعه يوجب النجاة في الآخرة. فبهذا
يبطل مذهب الاثني عشرية بل الإمامية بأسرها.
وإذا ادعى الزيدية ذلك أجيبوا بنفس الجواب، فلا يصح لأي فرقة من فرق
الشيعة التقيد بمذهب معين، ولازمه اعتبار جميع المذاهب على صواب، في
حين أن التناقض قائم بين هذه المذاهب، وأن اعتبار كلا الجانبين المتناقضين
حقا يؤدي إلى اجتماع النقيضين في غير الاجتهاديات، وهو مستحيل قطعا.
الثاني بطريق الحل:
فإن الاستقرار في زاوية من السفينة، يضمن النجاة من الغرق في البحر
بشرط أن لا يثقب الزاوية الأخرى منها، فإذا اقترن الجلوس في زاوية مع الأثقاب
في الزاوية الأخرى، فإن ذلك سوف يؤدي إلى الغرق حتما، وما من فرقة من
فرق الشيعة إلا وهي مستقرة في زاوية وتثقب الزاوية الأخرى.
أجل: فإن أهل السنة مهما تنقلوا في الزوايا المختلفة فإن سفينتهم عامرة
فإنهم لم يثقبوا في أية زاوية منها أصلا ليتسرب الموج من ذلك الجانب ويؤدي
10

بهم إلى الغرق، والحمد لله.
وبهذا يتم لأهل السنة إلزام النواصب في إنكارهم لهذين الحديثين، حيث
ناقشوا في صحتهما بالدليل العقلي، فقالوا: إن مفاد هذين الحديثين هو التكليف
بما يمتنع عقلا وهو محال بالبداهة، ذلك أنه إذا وجب التمسك بأهل البيت
جميعهم - مع ما هم عليه من الاختلاف في العقائد والفروع - فذلك يستلزم
التكليف بالجمع بين النقيضين، وهو محال.
وإذا وجب التمسك ببعضهم فإما أن يكون ذلك مع التعيين أو بدونه،
فعلى الأول يلزم الترجيح بلا مرجح، خصوصا مع وجود الاختلاف بين
القائلين بذلك في تأكيد النص لصالحهم، وعلى الثاني يلزم تجويز العقائد
المختلفة والشرائع المتفاوتة ومنهاجا " صريحة في خلاف ذلك، مضافا إلى استحالته
بضروريات الدين.
ولا تستطيع أية فرقة من فرق الشيعة أن تخدش في دليل هؤلاء الأشقياء إلا
باتباع مذهب أهل السنة.
11

الرد:
أقول مستعينا بلطف الملهم الخبير:
لا يخفى على ذوي الأفكار الصائبة، وطالبي الحق والحقيقة أن حديث
الثقلين من أصح الأدلة الباهرة والبراهين القطعية على خلافة علي عليه السلام
بلا فصل، وكذلك الأئمة الطاهرين من ولده عليهم السلام.
ولقد حاول (الدهلوي) أن يسير في طرق ملتوية ومسالك معوجة، لينقض
دلالة هذا الحديث المتواتر على إمامة أهل البيت، فابتدع الأساليب المختلفة
البعيدة عن الحق والصواب، والمؤدية إلى الخطأ وسوء العقاب، وأتى بما
يحير العقول، وسنأخذ - بإذن الله - ببيان تلك التلفيقات واحدة تلو الأخرى،
مستدلين على ما نقول بما رووه هم في كتبهم وصحاحهم ومسانيدهم، ليكون
الأثر بالغا والرد نزيها.
1 - بالرغم من أن حديث التمسك بالثقلين، مروي بطرق مختلفة وأسانيد
معتبرة عن أكثر من عشرين صحابيا، حتى أنه بلغ أعلى درجات التواتر، فإن
صاحب (التحفة) اكتفى بذكره عن طريق (زيد بن أرقم) فقط، ليسهل معارضته
بالروايات الآحاد الموضوعة في مقابل هذا الحديث، ولكيلا يكلف نفسه كثيرا
في الرد عليه.
12

2 - لم يذكر شيئا عن تواتر هذا الحديث أصلا - كما هو مقتضى الحال -
والحال أنه من أشهر المتواترات، وأجلى القطعيات، كما سنثبت ذلك في بحوثنا
القادمة إن شاء الله تعالى.
3 - ولا أقل من كون هذا الحديث مستفيضا في نظره - إن لم يكن متواترا -
فلماذا لم يتطرق إلى ذكر استفاضته أيضا؟!
4 - ولم يكتف بتجاهل مكانة هذا الحديث بين الأحاديث بالإعراض عن
ذكر تواتره أو استفاضته، لا في مقام بيان دليل الإمامية، ولا في مقام الرد.
وسيمر عليك إثبات تعدد طرق روايته، وتنوع أسانيده عن كتب أعاظم الجماعة
وأساطينهم.
5 - وطبيعي أن لا يتطرق إلى ثبوت هذا الحديث وصحته لا في مقام بيان
استدلال الإمامية ولا في مقام الرد.
6 - هب أنه لم يقتنع بتواتر الحديث واستفاضته وتعدد أسانيده، فلا أقل
من كونه (حسنا) ومع ذلك كله فقد تحرز عن الاذعان لذلك، ولم يدع مجالا
- ولو أضيق من كفة حابل - لدرء شبهة تعمد الاخفاء عنه.
7 - إنه حذف من الحديث، الفقرة التي تفسر العترة ب‍ (أهل البيت)،
كما ورد ذلك التفسير عن (صحيح الترمذي) الذي هو من أشهر كتب الحديث
وفي غيره من كتب الحديث، وبهذا يتمكن من تفسير العترة بالا قارب - لعدم
وجود قرينة مخصصة - فيشمل جميع الأقارب، ويلزم منه عدم ثبوت إمامة
بزعمه.
8 - حذف الفقرة الآتية من الحديث: " وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض " الدالة بصراحة على عصمة أهل البيت عليهم السلام، مع أنها مذكورة
13

في (مسند أحمد) و (صحيح الترمذي) وغيرهما من الكتب المعتبرة.
9 - إنه أغفل ذكر بقية الجمل الموجودة في الطرق الكاملة لهذا الحديث
الشريف عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، الدالة على كمال عظمة منزلة
أهل البيت عليهم السلام بصورة عامة وأمير المؤمنين عليه السلام بصورة خاصة
وبذلك أثبت تماديه في غمط الحق. ولا يصح منه الاعتذار بعدم الاطلاع عليها
مع ادعاء طول الباع في هذه المسائل، الذي يدعيه أتباع (الدهلوي) وأشياعه
تبعا له، وإن كان الأمر كذلك في الواقع.
10 - لم يذكر استدلال أهل الحق المتضمن لدلالة هذا الحديث الشريف
على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بالوجوه العديدة، ولم يشر إليها - ولو
إجمالا -.
أما منهجنا في إثبات الحديث فيكون أولا بذكر أسماء جماعة من أساطين
العلماء والمعتمدين عند أهل السنة، الذين ذكروا هذا الحديث في كتبهم، ثم
نذكر ألفاظ روايتهم بنصوصها، لنبين مدى رصانة الحديث ورسوخه وصحته.
فنقول: لقد روى هذا الحديث عدة من النقاد المشاهير، والعلماء النحارير
في كتبهم، ننقل أسماءهم أولا من القرن الثاني الهجري حتى الثالث عشر.
14

أسماء الرواة والمخرجين
لحديث الثقلين
15

القرن الثاني
1 - سعيد بن مسروق الثوري سنة 126.
2 - الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري - أبو الربيع الكوفي سنة 131.
3 - أبو حيان يحيى بن سعيد بن حيان التيمي الكوفي سنة 145.
4 - عبد الملك بن أبي سليمان ميسرة العرزمي سنة 145.
5 - سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي المعروف بالأعمش سنة 147.
6 - محمد بن إسحاق بن يسار المدني سنة 151.
7 - إسرائيل بن يونس السبيعي أبو يوسف الكوفي سنة 160.
8 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي المسعودي سنة 160
9 - محمد بن طلحة بن مصرف اليامي الكوفي سنة 167.
10 - أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزاز سنة 175.
11 - شريك بن عبد الله القاضي سنة 177.
12 - حسان بن إبراهيم بن عبد الله الكرماني سنة 176.
13 - جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي سنة 188.
14 - أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف
بابن علية سنة 193.
17

15 - أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان الصبي الكوفي سنة 194.
16 - عبد الله بن نمير الهمداني سنة 199.
القرن الثالث
17 - محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري الحبال سنة 203.
18 - أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي سنة 204.
19 - الأسود بن عامر شاذان الشامي سنة 208.
20 - يحيى بن حماد بن أبي زياد الشيباني سنة 215.
21 - أبو جعفر محمد بن حبيب الهاشمي البغدادي سنة 225.
22 - أبو عبد الله محمد بن سعد الزهري البصري سنة 230.
23 - أبو محمد خلف بن سالم المخرمي المهلبي، مولاهم السندي سنة 231.
24 - زهير بن حرب بن شداد أبو خثيمة النسائي سنة 234.
25 - أبو الفضل شجاع بن مخلد الفلاس البغوي سنة 235.
26 - أبو بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة سنة 235.
27 - محمد بن بكار بن الريان الهاشمي سنة 238.
28 - أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم مطر الحنظلي
المعروف بابن راهويه سنة 238.
29 - أبو محمد وهبان بن بقية بن عثمان الواسطي سنة 239.
30 - أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني سنة 241.
31 - نصر بن عبد الرحمن بن بكار الناجي الكوفي الوشاء سنة 248.
32 - أبو محمد عبد بن حميد الكسي سنة 249.
33 - عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي سنة 250.
18

34 - نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي سنة 250.
35 - محمد بن المثنى أبو موسى العنزي سنة 252.
36 - أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي السمرقندي
سنة 255.
37 - علي بن المنذر الطريقي الكوفي سنة 256.
38 - مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري سنة 261.
39 - أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني سنة 273.
40 - أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني سنة 275.
41 - أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي البصري سنة 276.
42 - أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي العوام بن يزيد بن دينار الرياحي
التميمي سنة 276.
43 - أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي سنة 279.
44 - أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس الأموي البغدادي
المعروف بابن أبي الدنيا سنة 281.
45 - أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي سنة 285.
46 - أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل المعروف بابن أبي عاصم
الشيباني سنة 287.
47 - أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني سنة 290.
48 - أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني البغدادي المعروف بثعلب سنة
291.
49 - أبو بكر أحمد بن عمر بن عبد الخالق البزار سنة 292.
50 - أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني سنة 292.
19

القرن الرابع
51 - أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي سنة 303.
52 - أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى التميمي الموصلي سنة
307.
53 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة 310.
54 - أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي سنة 310.
55 - أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري سنة 311.
56 - أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان بن الحارث الباغندي الواسطي
البغدادي سنة 312.
57 - أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن زيد النيسابوري ثم
الأسفرائيني سنة 316.
58 - أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي سنة 317.
59 - أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي سنة 328.
60 - أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار المعروف بابن الأنباري
سنة 328.
61 - أبو عبد الله حسين بن إسماعيل بن محمد الضبي المحاملي سنة 230.
62 - أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة سنة 332.
63 - أبو محمد دعلج بن أحمد بن دعلج السجزي المعدل سنة 351.
64 - أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم التميمي المعروف بابن الجعابي
سنة 355.
65 - أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني سنة 360.
20

66 - أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب القطيعي سنة 368.
67 - أبو منصور محمد بن أحمد بن طلحة الأزهري اللغوي سنة 370.
68 - أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى البغدادي سنة 379.
69 - أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني سنة 385.
70 - أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص الذهبي سنة 393.
71 - أبو محمد سليمان بن داود البغدادي.
القرن الخامس
72 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري سنة 405.
73 - أبو سعيد عبد الملك بن محمد الواعظ النيسابوري الخركوشي سنة
407.
74 - أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي سنة 427.
75 - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني سنة 430.
76 - أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي.
77 - أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي سنة 458.
78 - أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي المعروف بابن بشران
سنة 462.
79 - أبو عمر يوسف بن عبد الله المعروف بابن عبد البر النمري القرطبي
سنة 463.
80 - أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي سنة 463.
81 - أبو محمد حسن بن أحمد بن موسى الغندجائي سنة 467.
82 - أبو الحسن علي بن محمد بن الطيب الجلابي المعروف بابن
المغازلي سنة 483.
21

83 - أبو عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله بن حميد بن يصل الأزدي
الحميدي سنة 488.
84 - أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني سنة 489.
القرن السادس
85 - أبو علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي سنة 507.
86 - أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي الشيباني المقدسي المعروف بابن
القيسراني سنة 507.
87 - أبو شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنا خسرو الديلمي
الهمداني سنة 509.
88 - أبو محمد حسين بن مسعود الفراء البغوي المعروف عندهم بمحيي
السنة سنة 516.
89 - أبو الحسين رزين بن معاوية العبدري سنة 535.
90 - أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي البغدادي
سنة 538.
91 - القاضي أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي سنة 544.
92 - أبو محمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي.
93 - أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي المعروف بأخطب خوارزم سنة
568.
94 - أبو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن عساكر سنة
571.
95 - محمد بن عمر بن أحمد بن عمر الأصبهاني المعروف بأبي موسى
المديني سنة 581.
22

96 - أبو عبد الله محمد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي.
97 - سراج الدين أبو محمد علي بن عثمان بن محمد الأوشي الفرغاني
الحنفي سنة 596.
القرن السابع
98 - أبو الفتح أسعد بن محمود بن خلف العجلي الاصفهاني سنة 600.
99 - المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير
الجزري سنة 606.
100 - فخر الدين محمد بن عمر الرازي سنة 606.
101 - أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي البغدادي سنة 611.
102 - أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير
سنة 630.
103 - ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي سنة 643.
104 - أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن
النجار سنة 642.
105 - رضي الدين حسن بن محمد الصغاني سنة 650.
106 - أبو سالم محمد بن طلحة القرشي النصيبي الشافعي سنة 652.
107 - شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي
سنة 654.
108 - أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي سنة 658.
109 - أبو الفتح محمد بن محمد بن أبي بكر الأبيوردي الشافعي سنة 667.
110 - أبو زكريا يحيى بن شرف النووي سنة 676.
23

111 - محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري المكي الشافعي
سنة 694.
112 - سعيد الدين محمد بن أحمد الفرغاني سنة 699.
113 - نظام الدين حسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري المعروف
بالنظام الأعرج.
القرن الثامن
114 - جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم الأنصاري الأفريقي المصري
سنة 711.
115 - صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموئي
سنة 722.
116 - نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن مكي بن ياسين القمولي
سنة 727.
117 - علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي المعروف بالخازن
سنة 741.
118 - فخر الدين الهانسوي.
119 - ولي الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب.
120 - أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي سنة 742.
121 - حسن بن محمد الطيبي سنة 743.
122 - شمس الدين محمد بن المظفر الشاهرودي الخلخالي سنة 745.
123 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي سنة 748.
124 - جمال الدين محمد بن يوسف بن الحسن الزرندي المدني الأنصاري
بضع و 750.
24

125 - سعيد الدين محمد بن مسعود بن محمد الكازروني سنة 758.
126 - إسماعيل بن كثير بن ضوء القرشي الدمشقي سنة 774.
127 - السيد علي بن شهاب الدين الهمداني سنة 786.
128 - السيد محمد الطالقاني.
129 - سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني سنة 791.
130 - حسام الدين أبو عبد الله حميد بن أحمد المحلي.
القرن التاسع
131 - نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي سنة 807.
132 - مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي الشيرازي سنة 817.
133 - محمد بن محمود الحافظي البخاري النقشبندي المعروف بخواجه
پارسا سنة 822.
134 - ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي
سنة 849.
135 - نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ المالكي سنة 855.
القرن العاشر
136 - أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي سنة 902.
137 - حسين بن علي الكاشفي سنة 910.
138 - جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي سنة 911.
139 - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي سنة 911.
140 - الفضل بن روزبهان الخنجي الشيرازي.
25

141 - شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني الشافعي سنة 923.
142 - شمس الدين محمد العلقمي سنة 929.
143 - عبد الوهاب بن محمد بن رفيع الدين البخاري سنة 932.
144 - شمس الدين محمد بن يوسف الدمشقي الصالحي سنة 942.
145 - محمد بن أحمد الشربيني الخطيب سنة 968.
146 - شهاب الدين أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي المكي
سنة 973.
147 - علي بن حسام الدين المتقي سنة 975.
148 - محمد طاهر الفتني الكجراتي سنة 986.
149 - عباس بن معين الدين الشهير بميرزا مخدوم الجرجاني ثم الشيرازي
سنة 988.
150 - الشيخ ابن عبد الله بن شيخ عبد الله العيدروس اليمني سنة 990.
151 - كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي.
152 - محمد بن أحمد بن مصطفى بن إبراهيم الصوفي المدعو ببدر الدين
الرومي.
153 - عطاء الله بن فضل الله الشيرازي المعروف بجمال الدين المحدث
سنة 1000.
القرن الحادي عشر
154 - علي بن السلطان محمد الهروي المعروف بعلي القاري سنة 1013.
155 - عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي سنة 1031.
156 - الملا يعقوب البنباني اللاهوري.
26

157 - نور الدين علي بن إبراهيم بن علي الحلبي الشافعي سنة 1033.
158 - أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي سنة 1037.
159 - محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري المدني.
160 - السيد محمد بن السيد جلال ماه عالم البخاري.
161 - الشيخ عبد الحق الدهلوي سنة 1052.
162 - شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري الحنفي
سنة 1069.
163 - علي بن أحمد بن محمد بن إبراهيم العزيزي البولاقي الشافعي سنة
1070.
القرن الثاني عشر
164 - صالح بن مهدي بن علي المقبلي الصنعاني سنة 1108.
165 - أحمد أفندي الشهير بالمنجم باشي سنة 1113.
166 - محمد بن عبد الباقي بن يوسف الأزهري الزرقاني المالكي سنة
1122.
167 - حسام الدين بن محمد بايزيد بن بديع الدين السهارنپوري.
168 - الميرزا محمد بن معتمد خان الحارثي البدخشي.
169 - رضي الدين بن محمد بن علي بن حيدر الحسيني الشامي الشافعي
سنة 1142.
170 - محمد صدر العالم.
171 - ولي الدين بن عبد الرحيم الدهلوي سنة 1176.
172 - محمد معين بن محمد أمين السندي.
27

173 - محمد بن إسماعيل الأمير اليماني الصنعاني سنة 1182.
174 - محمد بن علي الصبان.
175 - أبو الفيض محب الدين محمد مرتضى الواسطي الزبيدي الحنفي.
176 - أحمد بن عبد القادر بن بكر العجيلي الشافعي سنة 1182.
القرن الثالث عشر
177 - محمد مبين بن محب الله اللكهنوي سنة 1220.
178 - محمد إكرام الدين بن محمد نظام الدين بن محب الحق الدهلوي.
189 - جمال الدين أبو عبد الله محمد بن علي العلي المعروف بميرزا حسن
علي المحدث اللكهنوي.
180 - عبد الرحيم بن عبد الكريم الصفي پوري.
181 - ولي الله بن حبيب الله اللكهنوي سنة 1270.
182 - رشيد الدين خان الدهلوي.
183 - عاشق علي خان اللكهنوي.
184 - الشيخ حسن العدوي الحمزاوي.
185 - الشيخ سليمان بن إبراهيم المعروف بخواجه كالان الحسيني البلخي
القندوزي.
186 - المولوي صديق حسن خان القنوچي.
187 - المولوي حسن الزمان.
28

سند حديث الثقلين
29

{1}
رواية سعيد بن مسروق الثوري
لقد أورد الحديث مسلم فقال: " حدثنا محمد بن بكار بن الريان، حدثنا: حسان
يعني ابن إبراهيم، عن سعيد وهو ابن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم.
قال: دخلنا عليه فقلنا له: لقد رأيت خيرا لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وآله
وصليت خلفه. وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان غير أنه قال: ألا وإني تارك
فيكم الثقلين [ثقلين] أحدهما كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه
كان على الضلالة. وفيه: فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا [و] أيم الله،
إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها،
أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده " (1).
ترجمته:
1 - المقدسي: " سعيد بن مسروق بن عدي الثوري، من ثور بن عبد مناة
ابن أدة بن طابخة التميمي الكوفي، والد سفيان الثوري، سمع عباية بن رفاعة،

(1) صحيح مسلم 2 / 238.
31

وعبد الرحمن بن أبي نعيم عندهما. ومنذرا الثوري عند البخاري، وأبا الضحى
وسلمة بن كهيل والشعبي ويزيد بن حيان وخثيمة عند مسلم. روى عنه: ابنه
سفيان وشعبة وأبو الأحوص عندهما وأبو عوانة وعمر [و] بن عبيد البخاري
وحسان بن إبراهيم وابنه عمر بن سعيد، وإسماعيل بن مسلم وزائدة عند مسلم
قال أحمد بن حنبل: بلغني أنه مات سنة ثمان وعشرين ومائة " (1).
2 - الذهبي: " سعيد بن مسروق الثوري، عن أبي وائل والشعبي، وعنه
ابناه وأبو عوانة، ثقة، توفي سنة 126 " (2).
3 - ابن حجر العسقلاني: " سعيد بن مسروق الثوري روى عن إبراهيم
التيمي، وخيثمة بن عبد الله، وسعيد بن عمرو بن أشوع [أشرع] وسلمة بن
كهيل، وأبي وائل والشعبي، وعباية بن رفاعة، وعبد الرحمن بن أبي نعيم،
وأبي الضحى، ومنذر الثوري، ويزيد بن حيان [وعكرمة]، وعون بن أبي
حجيم وعدة. وعنه: الأعمش وهو من أقرانه، وأولاده: سفيان وعمرو المبارك
وشعبة، وأبو الأحوص، وزائدة وربعي بن علية وأبو عوانة وجماعة. وقال ابن
معين وشعبة بن الحجاج وأبو حاتم والعجلي والنسائي: ثقة. وقال ابن أبي
عاصم: مات سنة 126. وقال أحمد: بلغني أنه مات سنة 128. قلت: وأرخه
ابن قانع سنة سبع، ذكره ابن حبان في الثقات وأرخه سنة ثمان ونقل ابن خلفون
توثيقه عن ابن المديني " (3).
4 - العسقلاني أيضا: " ع سعيد بن مسروق الثوري، والد سفيان، ثقة
من السادسة، مات سنة ست وعشرين، وقيل بعدها " (4).

(1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 1169.
(2) الكاشف 1 / 272.
(3) تهذيب التهذيب 4 / 82.
(4) تقريب التهذيب 1 / 350.
32

{2}
رواية الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري
ذكر الحديث أحمد بالسند الآتي: " حدثنا الأسود بن عامر، ثنا شريك،
عن الركين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء
والأرض، أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض " (1).
وسنذكر رواية أحمد بن حنبل عن غير طريق ركين لهذا الحديث الشريف
في محله.
ترجمته:
1 - ابن حبان: " الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري الكوفي، يروي
عن ابن الزبير وابن عمر، روى عنه الثوري وشريك، مات سنة إحدى وثلاثين
ومائة " (2).
2 - المقدسي: " الركين بن الربيع بن عميلة أبو الربيع الفزاري الكوفي
سمع أباه في الأدب، روى عنه معتمر بن سليمان، وجرير بن عبد الحميد " (3).
3 - السمعاني: " والركين بن الربيع بن عميلة الفزاري الكوفي، يروى
عن ابن عمر وابن الزبير، روى عنه الثوري وشريك. مات سنة 131 " (4).

(1) مسند أحمد 5 / 181 - 182.
(2) الثقات - مخطوط.
(3) أسماء رجال الصحيحين 1 / 141.
(4) الأنساب - الفزاري.
33

4 - الذهبي: " ركين بن ربيع بن عميلة الفزاري، عن أبيه وابن عمر،
عنه حفيده الربيع بن سهل وشعبة ومعتمر. وثقة أحمد " (1).
5 - ابن حجر العسقلاني: " ركين بن الربيع بن عميلة الفزاري أبو
الربيع الكوفي. روى عن أبيه وابن عمر، وابن الزبير، وأبي الطفيل، وحصين
ابن قبيصة، وقيس بن مسلم، وعدي بن ثابت، ويحيى بن معتمر وغيرهم.
وعنه: حفيده الربيع بن سهل بن الركين، وإسرائيل، وزائدة وشعبة، والثوري
ومسعر، وجرير بن عبد الحميد، وشريك، وعبيدة بن حميد، ومعتمر بن سليمان
وعدة. قال أحمد وابن معين والنسائي: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح. قالت:
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مات سنة 131. وكذا أرخه الهيثم وابن
قانع. وقال يعقوب بن سفيان: كوفي " (2).
6 - العسقلاني أيضا: " ركين، بالتصغير، ابن الربيع بن عميلة، بفتح
المهملة الفزاري أبو الربيع الكوفي. ثقة من الرابعة، مات سنة إحدى وثلاثين
بخ م ع " (3).
{3}
رواية أبي حيان يحيى بن سعيد التيمي
وسيأتي ذكر الحديث عن طريق مسند أحمد وصحيح مسلم إن شاء الله.
ترجمته:
1 - ابن حبان: " يحيى بن سعيد بن حيان التميمي من أهل الكوفة، يروي

(1) الكاشف 1 / 313.
(2) تهذيب التهذيب 3 / 286.
(3) تقريب التهذيب 1 / 252.
34

عن الشعبي. روى عنه الأعمش والثوري والكوفيون. مات سنة 145، وقد
قيل: يحيى بن سعيد بن التيمي سحيم، والأول أصح " (1).
2 - المقدسي: " يحيى بن سعيد بن حيان أبو حيان التميمي، تيم الرباب
الكوفي، سمع أبا زرعة والشعبي عندهما ويزيد بن حيان. روى عنه: إسماعيل بن عيلة
وأبو أسامة ووهيب بن خالد عندهما، وابن المبارك، ويحيى القطان، ومحمد
ابن [أبي] عبيد عند البخاري، ومحمد بن بشر، وعلي بن مسهر، وعبد الرحيم
ابن سليمان، وجرير بن عبد الحميد، وأيوب السختياني، ومحمد بن فضيل،
وعبد الله بن نمير، وسفيان الثوري، وعيسى بن يونس، وعبد الله بن إدريس
عند مسلم " (2).
3 - الذهبي: " يحيى بن سعيد بن حيان أبو حيان التيمي... كان الثوري
يعظمه ويوثقه. قال أحمد بن عبد الله العجلي: ثقة، صالح، مبرز، صاحب سنة.
وقال ابن حبان: مات سنة خمس وأربعين ومائة " (3).
4 - الذهبي: عند ترجمة محمد بن سوقة: " وقال ابن عيينة: بالكوفة
ثلاثة لو قيل لأحدهم، إنك تموت غدا. لم يقدر أن يزيد في عمله: محمد بن
سوقة، وأبو حيان التيمي، وعمر بن قيس الملائي " (4).
5 - الذهبي أيضا: " يحيى بن سعيد بن حيان أبو حيان التيمي، عن أبي
زرعة والشعبي، وعنه يحيى القطان وأبو أسامة، إمام ثبت، مات سنة 145 " (5).

(1) الثقات - مخطوط.
(2) أسماء رجال الصحيحين 3 / 561.
(3) تذهيب التهذيب - مخطوط.
(4) نفس المصدر.
(5) الكاشف 3 / 256.
35

6 - الذهبي أيضا: " وفيها يحيى بن سعيد التيمي، مولى تيم الرباب
الكوفي، وكان ثقة إماما صاحب سنة، روى عنه الشعبي ونحوه " (1).
7 - اليافعي: " وفيها يحيى بن سعيد التيمي الكوفي، وكان ثقة إماما،
صاحب سنة " (2).
8 - العسقلاني: " ع يحيى بن سعيد بن حيان بمهملة وتحتانية، أبو حيان
التيمي الكوفي، ثقة، عابد من السادسة، مات سنة خمس وأربعين " (3).
9 - الشيخ عبد الحق الدهلوي [أسماء رجال المشكاة]: " يحيى بن سعيد
ابن حيان أبو حيان التيمي الكوفي، من تيم الرباب. قال يحيى: ثقة، وقال
العجلي: ثقة صالح، مبرز، صاحب سنة. وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان
في الثقات. وقال محمد بن فضيل: حدثنا وكان صدوقا، يروي عن أبيه وعن
أبي زرعة والشعبي، وعنه يحيى القطان وحماد بن سلمة والثوري وغيرهم. كان
إماما ثبتا. مات سنة خمس وأربعين ومائة ".
{4}
رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي
وقد أوردها أحمد بسند عبد الملك: " ثنا: ابن نمير. ثنا: عبد الملك،
يعني ابن أبي سليمان، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر.
كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ألا

(1) العبر 1 / 205.
(2) مرآة الجنان 1 / 301.
(3) تقريب التهذيب 2 / 348.
36

أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (1).
وروى عبد الملك بن أبي سفيان هذا الحديث أيضا بألفاظ أخرى، كما يظهر
ذلك للناظر في (مسند أحمد) و (المناقب) له و (التفسير) للثعلبي، وستأتي عبارات
هذه الكتب مستوفاة في ما بعد إن شاء الله، فانتظر.
ترجمته:
1 - ابن حبان: " عبد الملك بن أبي سفيان العرزمي، مولى فزارة، عم
محمد بن عبد الله العزرمي، واسم أبي سليمان ميسرة، وكنية عبد الملك أبو
عبد الله، يروي عن سعيد بن جبير وعطاء. روى عنه الثوري وشعبة وأهل العراق
وربما أخطأ. حدثني محمد بن المنذر سمعت أبا زرعة، سمعت أحمد بن حنبل
ويحيى بن معين يقولان: عبد الملك بن أبي سليمان ثقة.
قال أبو حاتم: كان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب
على من يحفظ ويحدث أن يهم، وليس من الانصاف ترك حديث شيخ صحت
عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري
وابن جريح والثوري وشعبة، لأنهم أهل حفظ واتقان وكانوا يحدثون من حفظهم
ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في
مثل هذا قبول ما يروي الثبت من الروايات، وترك ما صح أنه وهم فيها ما لم يفحش
ذلك حتى يغلب على صوابه، فإذا كان كذلك استحق الترك حينئذ.
ومات عبد الملك سنة [خمس و] أربعين ومائة. حدثني محمد بن إسحاق
الثقفي، قال: سمعت محمد بن عبد العزيز بن أبي زرعة، قال سمعت علي بن
الحسين بن شقيق، يقول: سمعت عبد الله بن المبارك، يقول: سئل سفيان الثوري

(1) مسند أحمد 3 / 26.
37

عن عبد الملك بن أبي سليمان، فقال: ميزان " (1).
2 - المقدسي: " عبد الملك بن أبي سليمان الفزاري العرزمي الكوفي،
يكنى أبا عبد الله، واسم أبي سليمان ميسرة عم محمد بن عبيد الله مولى فزارة
ويقال: عرزم، إنسان أسود مولى النخع. سمع سعيد بن جبير، وعطاء بن
أبي رباح، وأبا الزبير، وسلمة بن كهيل، وعبيد الله بن عطاء المكي، وأنس بن
سيرين، وعبد الله مولى أسماء، ومسلم بن نياق [يناق]. روى عنه يحيى القطان
وابن المبارك، وابن أبي زائدة، وابن نمير، وعبد الرزاق، وإسحاق بن يوسف
وهشيم، وخالد بن عبد الله، وعيسى بن يونس، ويزيد بن هارون، وعلي بن
مسهر، وحفص بن غياث، وعبد الرحيم بن سليمان " (2).
3 - السمعاني: " أبو عبد الله عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، مولى
فزارة... وثقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. قال أبو حاتم ابن حبان: كان
عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم.. قال ابن ماكولا: أبو عبد الله
العرزمي، مولى بني فزارة، نزل جبانة عرزم بالكوفة، فنسب إليها. روى عن
أنس بن مالك وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وسلمة بن كهيل، وأنس
ابن سيرين وغيرهم. روى عنه سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، ويحيى بن
سعيد، وعبد الله بن المبارك، وخالد بن عبد الله الطحان، وحريز بن عبد الحميد
وإسحاق بن يوسف الأزرق، وعبدة بن سليمان، ويزيد بن هارون، ويعلى بن
عبيد وغيرهم.
قال سفيان الثوري: حفاظ الناس إسماعيل بن خالد، وعبد الملك بن أبي
سليمان العرزمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري. وكان شعبة يعجب من حفظه.

(1) الثقات لابن حبان - مخطوط.
(2) أسماء رجال الصحيحين 1 / 316.
38

قال أبو داود السجستاني: قلت لأحمد: عبد الملك بن أبي سليمان، قال:
ثقة. قلت: يخطئ؟ قال: نعم، وكان شعبة يعجب من حفظه، من أحفظ أهل
الكوفة. إلا أنه رفع أحاديث من عطاء " (1).
4 - عبد الغني المقدسي: " روى عن أنس بن مالك، وعطاء بن أبي
رباح، وسعيد بن جبير، وأنس بن سيرين، وسلمة بن كهيل، وأبي الزبير،
وعبد الله بن عطاء المكي، وعبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر، ومسلم بن يناق.
روى عنه سفيان الثوري، وشعبة، وعبد الله بن مبارك، ويحيى بن سعيد القطان
وخالد بن عبد الله الطحان، وهشيم بن بشير، وجرير بن عبد الحميد، وإسحاق
ابن يوسف الأزرق، وعبدة بن سليمان، ويزيد بن هارون، ويعلى بن عبيد
الطنافسي، وعبد الله بن إدريس، قال سفيان: هو ثقة متقن فقيه، وقال يعقوب
ابن سفيان فزاري من أنفسهم ثقة. وقال سفيان الثوري هو من الحفاظ. وقال
صالح بن أحمد بن حنبل: قال أبي: هو من الحفاظ إلا أنه كان يخالف ابن
جريح في إسناد أحاديث، وابن جريح أثبت منه عندنا. وقال عبد الله بن أحمد
ابن حنبل: قال أبي: ثقة " (2).
5 - المقدسي أيضا: " وقال أحمد بن عبد الله: ثقة، ثبت في الحديث.
ويقال إن سفيان الثوري كان يسميه: الميزان " (3).
6 - الذهبي: " عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي الكوفي الحافظ
الكبير، حدث عن أنس بن مالك، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح وطائفة.
وعنه جرير الضبي، وإسحاق الأزرق، وحفص بن غياث، ويحيى القطان،

(1) الأنساب - العرزمي.
(2) الكمال في أسماء الرجال - مخطوط.
(3) الكمال للمقدسي - مخطوط.
39

وابن نمير، وعبد الرزاق وخلق. وكان من الحفاظ الاثبات. وقال عبد الرحمن
ابن مهدي: كان شعبة يتعجب من حفظ عبد الملك. وقال أحمد بن حنبل: ثقة،
وكذا وثقه النسائي. وأما البخاري فلم يحتج به بل استشهد به. توفي سنة خمس
وأربعين ومائة، وقد شاخ " (1).
7 - الذهبي أيضا: " عبد الملك بن أبي سليمان الكوفي، عن أنس وسعيد
ابن جبير وعطاء، وعنه القطان، ويعلى بن عبيد. قال أحمد: ثقة يخطئ،
من أحفظ أهل الكوفة، ورفع أحاديث عن عطاء، توفي 145 " (2).
8 - الذهبي أيضا: " وفيها عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي الكوفي
الحافظ أحد المحدثين الكبار. وكان شعبة مع جلالته يتعجب من حفظ عبد
الملك، وروى عن أنس فمن بعده " (3).
9 - اليافعي: " وعبد الملك بن أبي سليمان الكوفي أحد المحدثين الكبار.
كان شعبة مع جلالته يتعجب من حفظ الملك " (4).
10 - ابن حجر العسقلاني: " خ. ت. م. د، عبد الملك بن أبي سليمان
واسمه: ميسرة، أبو محمد، ويقال: أبو سليمان، وقيل: أبو عبد الله العرزمي.
روى عن أنس بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير... وقال ابن
مهدي: كان شعبة يعجب من حفظه. وقال ابن المبارك عن سفيان: حفاظ الناس
إسماعيل بن أبي خالد وعبد الملك بن أبي سليمان، وذكر جماعة. وقال ابن
عيينة عن الثوري: حدثني الميزان عبد الملك ابن أبي سليمان. وقال ابن المبارك:

(1) تذكرة الحفاظ 1 / 155.
(2) الكاشف 2 / 209.
(3) العبر 1 / 204.
(4) مرآة الجنان 1 / 300.
40

عبد الملك ميزان. وقال أبو داود: كاف عن أحمد. وقال الحسن بن حبان:
سئل يحيى بن معين عن حديث عطاء عن جابر في الشفعة، فقال: هو حديث
لم يحدث به أحد إلا عبد الملك وقد أنكره الناس عليه، ولو أتى عبد الملك بآخر
مثله لرميت بحديثه. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: هذا حديث منكر
وعبد الملك ثقة صدوق. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: عبد الملك من الحفاظ
إلا أنه كان يخالف إن جريح، وابن جريح أثبت منه عندنا. وقال الميموني
عن أحمد: عبد الملك من أعيان الكوفيين. وقال أمية بن خالد: قلت لشعبة:
مالك لا تحدث عن عبد الملك بن أبي سفيان وقد كان حسن الحديث؟ قال: من
حسنها فررت! وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أحمد ويحيى يقولان عبد الملك
ابن أبي سليمان ثقة. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ضعيف وهو
أثبت في عطاء من قيس بن أبي سعيد. وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين:
أيما أحب إليك عبد الملك بن أبي سليمان أو ابن جريح؟ قال: كلاهما ثقة.
وقال ابن عمار الموصلي: ثقة حجة. وقال العجلي ثقة، ثبت في الحديث.
وقال يعقوب بن سفيان أيضا: عبد الملك فزاري من أنفسهم ثقة. وقال النسائي:
ثقة. قال أبو زرعة لا بأس به. قال الهيثم بن عدي: مات في ذي الحجة سنة
145 وفيها أرخه غير واحد. قلت: منهم ابن سعد. وقال: كان ثقة مأمونا
ثبتا. وقال الساجي: صدوق روى عنه يحيى بن سعيد القطان جزء ضخما. وقال
الترمذي: ثقة مأمون لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة. وقال: قد كان حدث شعبة
عنه ثم تركه. ويقال: إنه تركه لحديث الشفعة الذي تفرد به. وذكره ابن حبان
في الثقات وقال: ربما أخطأ، وكان من خيار أهل الكوفة.. " (1).
والخلاصة أن وثاقة عبد الملك بن أبي سليمان راوي هذا الحديث محل

(1) تهذيب التهذيب 6 / 396.
41

وفاق بين علماء السنة جميعا، عدا تشكيك بسيط من شعبة، مردود عندهم.
{5}
رواية سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش
لقد أثبتها كثير من العلماء الأجلاء في كتبهم، ولكننا نقتصر هنا على رواية
الترمذي وهذا نصها: " حدثنا علي بن منذر الكوفي. نا: محمد بن فضيل. نا:
الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت، عن
زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن
تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود
من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض
فانظروا كيف تخلفوني فيهما. هذا حديث حسن غريب " (1).
ترجمته:
1 - ابن حبان: " سليمان بن مهران الأعمش مولى بني كاهل، كنيته أبو
محمد. كان أبوه من سبي دنياوند، رأي أنس بن مالك بواسطة ومكة. روى
عنه شبيها بخمسين حديثا، ولم يسمع منه إلا أحرفا معدودة. وكان مدلسا،
أخرجناه في هذه الطبقة لأن له لقى وحفظا، وإن لم يصح له سماع المسند من
أنس. ولد في السنة التي قتل فيها الحسين بن علي عليه السلام سنة إحدى وستين
وقد قيل: إنه ولد قبل مقتل الحسين عليه السلام بسنتين، وكان فيه دعابة. مات
سنة ثمان وأربعين ومائة، وقد قالوا سنة سبع وأربعين، وقد قيل سنة خمس
وأربعين " (2).

(1) صحيح الترمذي 2 / 220.
(2) الثقات - مخطوط.
42

2 - المقدسي: " سليمان بن مهران الكاهلي، أبو محمد الأعمش الأسدي
مولاهم الكوفي. ويقال: أصله من طبرستان من قرية يقال لها دباوند، جاء به
أبوه حميلا إلى الكوفة فاشتراه رجل من بني كاهل من بني أسد فأعتقه. سمع
أبا صالح ذكوان، وأبا وائل، وإبراهيم النخعي، ومجاهدا، ومسلما البطين،
والشعبي، وسعيد بن جبير، وزيد بن وهب عندهما، وأبا سفيان، وإسماعيل بن
رجاء، وعدي بن ثابت، وعبد الله بن مرة، وأبا ظبيان حصينا، وسليمان بن مسهر
وأبا حازم، وإبراهيم التيمي... روى عنه شعبة، والثوري، وابن عيينة، وأبو
معاوية محمد، وأبو عوانة، وجرير، وحفص بن غياث عندهما، وشيبان بن
عبد الرحمن وعيسى بن يونس وجرير وعلي بن مسهر، وعبد الله بن نمير... " (1).
3 - السمعاني: " الكاهلي هذه النسبة إلى بني كاهل، والمنتسب إليه أبو
محمد سليمان بن مهران الأعمش الكاهلي من أئمة الكوفة، كان أبوه من سبي
دنباوند، رأى أنس بن مالك بواسط ومكة. روى عنه شبيها بخمسين حديثا
ولم يسمع منه إلا أحرفا معدودة " (2).
4 - عبد الغني المقدسي: " سليمان بن مهران أبو محمد الأسدي الكاهلي
الكوفي الأعمش، وكاهل هو ابن أسد بن خزيمة... حدثني محمد بن خلف
التيمي، قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: كنا نسمي الأعمش " سند
المحدثين " وكنا نجئ إليه إذا فرغنا من الدوران فيقول: عند من كنتم؟ فنقول:
عند فلان، فيقول، طبل مخرق، ويقول عند من؟ فنقول: عند فلان، فيقول:
طير طيار. ويقول: عند من؟ فنقول: عند فلان، فيقول دف.. وقال العجلي:

(1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 179.
(2) الأنساب - الكاهلي.
43

مات سنة تسع وأربعين ومائة، وكان ثقة ثبتا في الحديث " (1).
5 - ابن خلكان: " أبو محمد سليمان بن مهران، مولى بني كاهل من ولد
أسد المعروف بالأعمش الكوفي الإمام المشهور، كان ثقة عالما فاضلا... روى
عنه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج، وحفص بن غياث وخلق كثير من جلة
العلماء، وكان لطيف الخلق مزاحا، جاءه [بعض] أصحاب الحديث يوما
ليسمعوا عليه فخرج إليهم، وقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم
ما خرجت إليكم!...
ويقال إن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه عاده يوما في مرضه فطول القعود
عنده فلما عزم على القيام قال له: ما كأني إلا ثقلت عليك، فقال: والله إنك لثقيل
علي وأنت في بيتك.
وقال أبو معاوية الضرير: بعث هشام بن عبد الملك إلى الأعمش أن أكتب
لي مناقب عثمان ومساوئ علي. فأخذ الأعمش القرطاس وأدخلها في فم شاة
فلاكتها، وقال لرسوله: قل له: هذا جوابك! فقال له الرسول: إنه قد آلى
أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل عليه بإخوانه، فقالوا له: يا أبا محمد،
نجه من القتل، فلما ألحوا عليه كتب له:
" بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد يا أمير المؤمنين: فلو كانت لعثمان رضي
الله عنه مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كان لعلي رضي الله عنه مساوئ أهل
الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك. والسلام "!.
قال زائدة بن قدامة: تبعت الأعمش يوما فأتى المقابر فدخل في قبر محفور
فاضطجع فيه، ثم خرج منه وهو ينفض التراب عن رأسه ويقول: وأضيق

(1) الكمال - مخطوط.
44

مسكناه... " (1).
6 - الذهبي: " الأعمش الحافظ الثقة شيخ الإسلام أبو محمد سليمان بن
مهران الأسدي الكاهلي... قال ابن المديني: له نحو من ألف وثلاثمائة حديث
وقال ابن عيينة: كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله واحفظهم للحديث وأعلمهم
بالفرائض، وقال الفلاس: كان الأعمش يسمى المصحف من صدقة، وقال يحيى
القطان الأعمش علامة الإسلام، وقال الحربي ما خلف الأعمش اعبد منه لله.
وقال وكيع: بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. وسيرة
الأعمش يطول شرحها وهي مذكورة في (تاريخ الكبير) وفي (طبقات القراء)
ويقع عواليه في (صحيح البخاري) وفي (جزء ابن عرفة) وابن الفرات و (الغيلانيات)
وكان رأسا في العلم النافع والعمل الصالح " (2).
7 - الذهبي: " سليمان بن مهران أبو محمد الكاهلي الأعمش، أحد الأعلام
قال ابن المديني: له ألف وثلاثمائة حديث " (3).
8 - الذهبي أيضا: " وفي ربيع الأول توفي الإمام أبو محمد سليمان بن
مهران الأسدي الكاهلي.. كان أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بالفرائض واحفظهم
للحديث " (4).
9 - اليافعي: " الإمام محدث الكوفة وعالمها أبو محمد سليمان بن مهران
الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش... كان ثقة عالما فاضلا، وقال السمعاني: كان
يقارن بالزهري في الحجاز... " (5).

(1) وفيات الأعيان 2 / 136.
(2) تذكرة الحفاظ 1 / 154.
(3) الكاشف 1 / 401.
(4) العبر 1 / 209.
(5) مرآة الجنان 1 / 305.
45

10 - ولي الدين الخطيب: " الأعمش اسمه: سليمان بن مهران الكاهلي
الأسدي... وهو أحد الأعلام المشهورين بعلم الحديث والقراءة، وعليه مدار
أكثر الكوفيين، روى عنه خلق كثير " (1).
11 - ابن حجر العسقلاني: " سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي... قال شعبة:
ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش.. وقال العجلي كان ثقة ثبتا في
الحديث وكان محدث أهل الكوفة في زمانه، ولم يكن له كتاب، وكان دائبا
في القراءة عسرا سئ الخلق عالما بالفرائض، وكان لا يلحن حرفا وكان فيه
تشيع.. وقال ابن معين: ثقة. وقال النسائي: ثقة ثبت " (2).
12 - جلال الدين السيوطي: " سليمان بن مهران الأعمش الأسدي
الكاهلي، أحد الأعلام، رأى أنسا وأبا بكرة وروى عن عبد الله بن أبي وافى..
قال ابن المديني: حفظ العلم على أمة محمد صلى الله عليه وآله بالكوفة أبو
إسحاق السبيعي والأعمش. وقال العجلي: كان ثقة ثبتا في الحديث... " (3).
13 - الشيخ عبد الحق الدهلوي: " الأعمش هو أبو محمد سليمان بن
مهران الأعمش الكاهلي الأسدي الكوفي... رأى أنس بن مالك ويقال: إنه
سمع منه شيئا. وقال يحيى: ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل...
وقال ابن خلف: كان سيد المحدثين. وقال النسائي: ثقة ثبت، وله مناقب
رحمه الله ".
وبهذا تظهر جلالة منزلة الأعمش عند الرواة والعلماء، وأنه بروايته لهذا

(1) الاكمال. مطبوع مع الجزء الثالث من المشكاة.
(2) تهذيب التهذيب 4 / 222.
(3) طبقات الحفاظ: 67.
46

الحديث الشريف قد أزال سحب العناد واللجاجة من سماء المنكرين له، والمحاولين
إطفاء نوره.
{6}
رواية محمد بن إسحاق بن يسار المدني
لقد ذكر هذه الرواية العلامة ابن منظور بقوله: " وقال الأزهري رحمه الله:
وفي حديث زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم
الثقلين خلفي، كتاب الله وعترتي فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
وقال: قال محمد بن إسحاق: هذا حديث صحيح ورفعه عن [نحو] زيد بن أرقم
وأبي سعيد الخدري. وفي بعضها: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي
أهل بيتي، فجعل العترة أهل البيت " (1).
ترجمته:
1 - ابن حبان: " محمد بن يسار، مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة القرشي
من أهل المدينة كنيته أبو بكر، وكان جده من سبي عين التمر، وهو أول سبي
دخل المدينة من العراق. يروي عن الزهري ونافع. روى عنه الثوري وشعبة
والناس... وتكلم في ابن إسحاق رجلان: هشام بن عروة ومالك بن أنس.
فأما هشام بن عروة فحدثني زياد الزيادي. ثنا ابن أبي شيبة. ثنا علي بن
المديني، قال: سمعت يحيى القطان يقول: قلت لشهام بن عروة: إن ابن
إسحاق يحدث عن فاطمة بنت المنذر. قال: وهل كان يصل إليها؟.
قال أبو حاتم: هذا الذي قال هشام ليس مما يجرح به الإنسان في الحديث

(1) لسان العرب 4 / 538.
47

وذلك أن التابعين مثل الأسود وعلقمة من أهل العراق وأبي سلمة وعطاء ودونهما
من أهل الحجاز قد سمعوا من عائشة من غير أن ينظروا إليها بعد أن سمعوا
صوتها، وقبل الناس أخبارهم من غير أن يصل أحدهم إليها حتى ينظر إليها
عيانا، فكذلك ابن إسحاق كان يسمع من فاطمة والستر بينهما مسبل أو بينهما
حائل من حيث يسمع كلامها، فهذا سماع صحيح، والقادح فيه غير منصف.
وأما مالك فإنه كان ذلك منه مرة ثم عادله إلى ما يجب، وذاك أنه لم يكن
بالحجاز أحد أعلم بأنساب الناس وأيامهم من محمد بن إسحاق، وكان يزعم
أن مالك من موالي بني أصبح وكان مالك يزعم أنه من أنفسهم فوقع بينهما
لهذا مفاوضة، فلما صنف مالك الموطأ قال ابن إسحاق: إيتوني به فإني بيطاره!
فنقل ذلك لي مالك فقال: لا يسكت هذا دجال من الدجاجلة! يروي عن اليهود
وكان بينهم ما يكون بين الناس. حتى عزم محمد بن إسحاق على الخروج إلى
العراق فتصالحا حينئذ وأعطاه مالك عند الوداع خمسين دينارا ثمن تمرته تلك
السنة. ولم يكن يقدح مالك فيه من أجل الحديث، إنما كان ينكر عليه تتبعه
غزوات النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد اليهود الذين أسلموا وحفظوا قصة
خيبر وقريضة والنضير وما أشبهها من الغزوات عن أسلافهم. وكان ابن إسحاق
يتتبع هذا عنهم ليعلم من غير أن يحتج بهم. وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن
متقن صدوق فاضل يحسن ما يروي ويدري ما يحدث.
حدثني محمد بن عبد الرحمن الدغلوي [الدغولى] ثنا ابن فهر [فهر] ثنا
علي بن الحسين بن واقد، قال: دخلت على ابن المبارك وإذا هو وحده فقلت
يا أبا عبد الرحمن كنت أشتهي أن ألقاك على هذه الحالة. قال: هات. قلت:
ما تقول في محمد بن إسحاق؟ قال: إنا وجدناه صدوقا ثلاث مرات.
سمعت محمد بن إسحاق الثقفي بقول: سمعت المفضل بن غسان الغلابي
48

يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان محمد بن إسحاق ثبتا في الحديث.
قال أبو حاتم: لم يكن أحد بالمدينة يقارن محمد بن إسحاق ولا يوازنه
في علمه وجمعه. وكان شعبة وسفيان يقولان: محمد بن إسحاق آية المحدثين
أو: آية المؤمنين في الحديث، وهو من أحسن الناس سياقا للأخبار وأحسنهم
حفظا لمتونها، وقد أتى ما أتى لأنه كان يدلس عن الضعفاء فوقع المناكير في
روايته من قبل أولئك، فأما إذا بين السماع فيما يرويه فهو ثبت يحتج بروايته " 1.
2 سبط ابن الجوزي: بعد ذكر حديث وفاة الصديقة فاطمة الزهراء
عليها السلام: " فإن قيل: الحديث ضعيف، في إسناده ابن إسحاق كذبه مالك. وفيه
أيضا علي بن عاصم متروك، ثم الغسل إنما يكون لحدث الموت فكيف يصح
قبله؟
و " الجواب ": قد أخرجه أحمد في الفضائل.
وأما ابن إسحاق فقد قال أحمد: يقبل قوله في المغازي والسير، وأثنى
عليه جماعة من العلماء وكان إماما كبيرا. وإنما طعن ما لك لأنه لما صنف " الموطأ "
قال: أروني إياه فأنا بيطاره، فبلغ ذلك مالكا فشق عليه... " 2.
3 ابن خلكان: " وكان محمد المذكور ثبتا في الحديث عند أكثر العلماء
وأما في المغازي والسير فلا تجهل إمامته. قال ابن شهاب الزهري: من أراد
المغازي فعليه بابن إسحاق، وذكره البخاري في تاريخه.. ويحكى عن الزهري
أنه خرج إلى قرية له فاتبعه طلاب الحديث فقال لهم: أين أنتم من الغلام الأحوال؟
أوقد خلفت فيكم الغلام الأحول يعني ابن إسحاق، وذكر الساجي أن أصحاب
الزهري كانوا يلجأون إلى محمد بن إسحاق فيما شكوا فيه من حديث الزهري

1) الثقات لابن حبان مخطوط.
2) تذكرة خواص الأمة: 318.
49

ثقة منهم بحفظه " 1.
4 المزي: " قال يحيى: ثقة، وكان حسن الحديث. وقال ابن المديني:
مدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ستة، فذكرهم ثم قال: صار
علم الستة عند اثني عشر، أحدهم ابن إسحاق... وقال ابن المديني: سمعت
سفيان وسئل عن ابن إسحاق قيل له: لم يرو عنه أهل المدينة، فقال: سفيان جالسته
منذ بضع وسبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة ولا يقول فيه شئ. وقال
أحمد: حسن الحديث ".
وقال أيضا: " قال شعبة: ابن إسحاق أمير المحدثين بحفظه، وقال أبو زرعة
الدمشقي: ابن إسحاق رجل قد اجتمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه
منهم السفيانان والحمادان وشعبة وابن المبارك، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا
خيرا وصدقا مع مدحة ابن شهاب له. وكلام مالك فيه ليس للحديث إنما هو
لأنه اتهمه بالقدر. وقال ابن المديني: حديثه عندي صحيح " 2.
6 الذهبي: " محمد بن إسحاق بن يسار، رأى أنسا وروى عن عطاء
وطبقته... وكان من بحور العلم صدوقا وله غرائب في سعة ما روى، واختلف
في الاحتجاج، وحديثه فوق الحسن وقد صححه جماعة " 3.
7 عبد الوهاب السبكي عند ذكر حديث ضمام بن ثعلبة: " محمد بن
إسحاق قال شعبة: هو أمير المؤمنين في الحديث. وقال أحمد بن حنبل:
حسن الحديث. قلت: والعمل على توثيقه وأنه إمام معتمد، ولا اعتبار بخلاف

1) وفيات الأعيان 3 / 405.
2) تهذيب الكمال مخطوط.
3) الكاشف 3 / 19.
50

ذلك " 1.
8. اليافعي: " والإمام محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم المدني،
صاحب السيرة. وكان بحرا من بحور العلم، ذكيا، حافظا، طلابة للعلم،
أخباريا، نسابة، ثبتا في الحديث عند أكثر العلماء، وأمسا في المغازي والسير
فلا يجهل إمامته " 2.
[7]
رواية إسرائيل بن يونس السبيعي
ذكر الرواية أحمد بالسند الآتي: " ثنا: أسود بن عامر. ثنا: إسرائيل:
عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة، قال: لقيت زيد بن أرقم وهو داخل
على المختار أو خارج من عنده فقلت له [أ] سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: إني تارك فيكم الثقلين؟ قال: نعم " 3.
كما ذكر هذه الرواية ابن الجوزي في " التذكرة " نقلا عن " كتاب الفضائل "
لأحمد، على الوجه الذي سيأتي إن شاء الله.
ترجمته:
1 المقدسي: " روى عنه يحيى بن آدم، والنضر بن شميل، وعبيد الله
ابن موسى، ومحمد بن يوسف الفريابي عندهما، وشبابة عند البخاري، ووكيع
وإسحاق بن منصور ومصعب بن المقدام ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وأبو

1) طبقات الشافعية 1 / 85.
2) مرآة الجنان 1 / 313.
3) مسند أحمد 4 / 371.
51

أحمد الزبيري وأبو نعيم الملائي وعثمان بن عمر عند مسلم " 1.
2 المزي: " قال " س ": لا بأس به، وقال أحمد مرة: ثبت الحديث،
كان يحيى القطان يحمل عليه في حال أبي يحيى القتات. وقال يعقوب بن شيبة:
صالح الحديث في حديثه لين... وقال يحيى والعجلي: ثقة، وقال أبو حاتم:
ثقة صدوق من أتقن أصحاب أبي إسحاق، وقال: إسرائيل أصح حديثا من
شريك " 2.
3 الذهبي: " وكان حافظا صالحا خاشعا من أوعية العلم، ولا عبرة
بقول من لينه فقد احتج به الشيخان.. قال يحيى بن معين: إسرائيل ثقة " 3.
4 الذهبي أيضا: " إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن
جده وزياد بن علاقة وآدم بن علي، وعنه يحيى بن آدم، وابن مهدي، ومحمد
ابن كثير، وأمم. قال: أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة، وقال أحمد:
ثقة، وتعجب من حفظه، وقال أبو حاتم: هو من أتقن أصحاب أبي إسحاق،
وضعفه ابن المديني " 4.
5 ابن حجر العسقلاني: " وقال علي بن المديني عن يحيى القطان:
إسرائيل فوق أبي بكر بن عياش. وقال حرب عن أحمد بن حنبل: كان شيخا
ثقة، وجعل يتعجب من حفظه. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: إسرائيل عن
أبي إسحاق: فيه لين، سمع منه بآخر. وقال أبو طالب: سئل أحمد أيهما
أثبت: شريك أو إسرائيل؟ قال: إسرائيل كان يؤدي ما سمع، كان أثبت من
.

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 42.
2) تهذيب الكمال مخطوط.
3) تذكرة الحفاظ 1 / 214.
4) الكاشف 1 / 116.
52

شريك. قلت: من أحب إليك يونس أو إسرائيل في أبي إسحاق؟ قال: إسرائيل
لأنه كان صاحب كتاب. وقال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: إسرائيل إذا
انفرد بحديث يحتج به؟ قال: إسرائيل ثبت الحديث، كان يحيى يحمل عليه
في حال أبي يحيى القتات... وقال أبو حاتم: ثقة صدوق من أتقن أصحاب
أبي إسحاق. وقال العجلي: كوفي ثقة. وقال يعقوب بن شيبة: صالح الحديث
وفي حديثه لين. وقال في موضع آخر: ثقة صدوق وليس في الحديث بالقوي
ولا بالساقط.
وقال عيسى بن يونس: كان أصحابنا سفيان وشريك وعد قوما إذا اختلفوا
في حديث أبي إسحاق يجيئون إلى أبي فيقول: اذهبوا إلى ابني إسرائيل فهو
أروى عنه مني وأتقن لها مني، هو كان قائد جده.
وقال أبو عيسى الترمذي: إسرائيل ثبت في أبي إسحاق، حدثني محمد
ابن المثنى، سمعت ابن مهدي يقول: ما فاتني الذي فاتني من حديث الثوري
عن ابن إسحاق إلا لما اتكلت به على إسرائيل لأنه كان يأتي به أتم. وطول ابن
عدي في ترجمته وسرد له أحاديث أفرادا. وقال: هو ممن يحتج به. وذكره
ابن حبان في الثقات... " 1.
6 ابن حجر أيضا: " إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني.
أبو يوسف الكوفي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من السابعة مات سنة ستين وقيل
بعدها / ع " 2.

1) تهذيب التهذيب 1 / 261.
2) تقريب التهذيب 1 / 64.
53

[8]
رواية عبد الرحمن الكوفي المسعودي
وستأتي روايته في عبارة " المعجم الصغير " للطبراني إن شاء الله.
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود
الهذلي الكوفي، سمع مسروقا، روى عنه ابنه معن عندهما.. " 1.
2 عبد الغني المقدسي: " قال أبو بكر الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل
عن أبي عميس والمسعودي أيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما ثقة، المسعودي
عبد الله من أكثرهما حديثا. قال: حديث عبد الرحمن كثير. قلت: هو أخوه؟
قال: نعم هو أخوه. قلت له: هما من ولد عبد الله بن مسعود أو من ولد عتبة؟
فقال لي: هما من ولد عبد الله بن مسعود. وقال يحيى بن معين: المسعودي ثقة
إذا حدث عن عاصم، وسلمة بن كهيل، وكان حديثه يصحح عن القاسم، ومعن
ابن عبد الرحمن " 2.
3 الذهبي: " المسعودي الإمام الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله
ابن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي.. وثقه أحمد بن حنبل، وابن معين،
وابن المديني " 3.
4 اليافعي حوادث سنة 160: " وفيها توفي المسعودي عبد الرحمن

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 285.
2) تهذيب الكمال مخطوط.
3) تذكرة الحفاظ 1 / 197.
54

ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي... قال أبو حاتم كان أعلم زمانه بحديث
ابن مسعود " 1.
5 - ابن حجر العسقلاني: " خت عو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن
مسعود الكوفي المسعودي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وأبي إسحاق الشيباني
والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود..
قلت: علم عليه المصنف علامة تعليق البخاري، ولم أر له في صحيح
البخاري شيئا معلقا، نعم له في الاستسقاء زيادة رواها عنه سفيان، ويتبين من
سياق الحديث أنها ليست معلقة. قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا:
سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، سمع عباد بن تميم، عن عمه: خرج النبي
صلى الله عليه وسلم إلى المعلى يستسقي واستقبل القبلة وصلى ركعتين وقلب
رداءه. قال سفيان، وأخبرني المسعودي في جملة الحديث موصول عنده عن
عبد الله بن محمد عن سفيان، وهذا ظاهر واضح من سياقه. والظاهر أن البخاري
لم يقصد التخريج له وإنما وقع اتفاقا، وقد وقع لغير ذلك في عمرو بن عبيد
المعتزلي، وعبد الكريم بن أبي المخارق، وغيرهما " 2.
[9]
رواية محمد بن طلحة اليامي الكوفي
ذكر روايته لحديث الثقلين في كل من (مسند أحمد) و (المناقب لابن
المغازلي) و (فرائد السمطين للحموئي) على ما سيأتي إن شاء الله.

1) مرآة الجنان 1 / 341.
2) تهذيب التهذيب 6 / 210.
55

ترجمته:
1 - المقدسي في [الكمال مخطوط].
2 - المزي في [تهذيب الكمال - مخطوط].
3 - الذهبي في [تذهيب التهذيب - مخطوط].
4 - العسقلاني في [تهذيب التهذيب] و [تقريب التهذيب].
ويكفي لعظم شأنه وعلو منزلته أن أصحاب " الصحاح الست " أخذوا جميعا
برواياته وأثبتوها فيها.
[10]
رواية أبي عوانة اليشكري
وستظهر روايته لحديث الثقلين من (خصائص النسائي) و (المستدرك على
الصحيحين) للحاكم، و (المناقب) للخوارزمي.
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " الوضاح أبو عوانة يقال: ابن عبد الله
اليشكري، ويقال: الكندي مولى يزيد بن عطاء البزاز، سمع عبد الملك بن
عمار وقتادة وغير واحد عندهما، روى عنه قتيبة وحامد بن عمر ويحيى بن
حماد عندهما، وموسى بن إسماعيل، وعبد الرحمن بن المبارك، وعارم،
ومسدد عند البخاري، وغير واحد عند مسلم. قال عبد الله بن أبي الأسود: مات
سنة 176 " 1.

1) أسماء رجال الصحيحين 3 / 545.
56

2 المزي: " قال أبو طالب: سئل أحمد: أيهما أثبت، أبو عوانة أو
شريك؟ فقال: إذا حدث أبو عوانة من كتاب فهو أثبت، وإذا حدث من غير كتابه
فربما وهم. وقال أبو حاتم: كتبه صحيحة وإذا حدث من حفظه غلط كثيرا،
وهو ثقة صدوق. وقال أحمد ويحيى: ما أشبه حديثه بحديث الثوري وشعبة " 1.
3 - الذهبي: ع / الوضاح بن عبد الله، أبو عوانة اليشكري الواسطي
أحد الأعلام... قال هشام بن عبيد الله، سألت ابن المبارك: من أروى الناس
عن مغيرة وأحسنهم حديثا؟ قال: أبو عوانة. وقال عبد الرحمن بن مهدي: كتاب
أبي عوانة أثبت من حفظ هشام. وقال مسدد: سمعت يحيى القطان [يقول]:
ما أشبه حديث أبي عوانة بحديثهما، يعني سفيان وشعبة. وقال عفان: كان أبو
عوانة صحيح الكتاب، كثير العجم والنقط، كان ثبتا وهو في جميع حاله أصح
حديثا عندنا من شعبة. وقال ابن معين: حديث أبي عوانة جائز وحديث مولاه
يزيد بن عطاء ضعيف. وقال أبو زرعة: ثقة إذا حدث من كتابه. وقال أبو حاتم:
كتبه صحيحة وإذا حدث من حفظه غلط كثيرا، وهو ثقة، وهو أحفظ من حماد
ابن سلمة. وقال ابن عدي: كان مولاه قد خيره بين الجزية وبين كتابة الحديث
فاختار الحديث على الجزية، وكان مولاه قد فوض إليه التجارة فجاءه سائل
فقال: درهمين فإني أنفعك. قال: وما تنفعني؟ قال: سيبلغك؟ فأعطاه. فدار
السائل على رؤساء البصرة وقال: بكروا على يزيد بن عطاء فإنه أعتق أبا عوانة.
فاجتمع إليه الناس فأنف من أن ينكر قوله، فأعتقه حقيقة. قال: وكان أمينا
ثقة، وكان من إتقانه يفزع من سعة فأخطأ سبعة من حديث الوضوء. وقال عن
مالك بن عرفة وإنما هو خالد بن علقمة فتابعه أبو عوانة... " 2.

1) تهذيب الكمال مخطوط.
2) تذهيب التهذيب مخطوط.
57

4 الذهبي أيضا: " أبو عوانة الوضاح بن عبد الله مولى يزيد بن عطاء
اليشكري الواسطي البزاز الحافظ، أحد الثقات، رأى الحسن، وابن سيرين،
وحدث عن قتادة... قال عفان هو أصح حديثا عندنا من شعبة. وقال أحمد بن
حنبل: هو صحيح الكتاب وإذا حدث من حفظه ربما يهم. قال عفان: كان كثير
الضبط والنقط. وقال يحيى القطان: ما أشبه حديثه بحديث شعبة وسفيان.
وقال عفان: قال لنا شعبة: إن حدثكم أبو عوانة عن أبي هريرة فصدقوه. قال
تمتام: سمعت ابن معين يقول: كان أبو عوانة يقرأ ولا يكتب. وقال عباس عن
ابن معين: كان أبو عوانة أميا يستعين بمن يكتب له وكان يقرأ الحديث. وقال
حجاج بن محمد: قال لي شعبة: إلزم أبا عوانة. وقال جعفر بن أبي عثمان:
سئل ابن معين: من لأهل البصرة مثل سفيان؟ قال: شعبة. قيل: من لهم مثل
زائدة؟ قال: أبو عوانة.. " 1.
5 - الذهبي أيضا: " وضاح بن عبد الله الحافظ أبو عوانة اليشكري...
ثقة متقن الكتابة " 2.
6 - ابن حجر العسقلاني: " وضاح بتشديد المعجمة ثم مهملة ابن عبد الله
اليشكري... ثقة ثبت من السابعة.. ع / " 3.
7 - السيوطي: " أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، روى
عن الأعمش، وابن المنكدر، وأبي الزبير، وسماك بن حرب، وخلق. وعنه
شعبة وأين مهدي، وابن المبارك، وخلق. قال عفان: كان صحيح الكتاب كثير
العجم والتقط، ثبتا " 4.

1) تذكرة الحفاظ 1 / 236.
2) الكاشف 3 / 235.
3) تقريب التهذيب 2 / 331.
4) طبقات الحفاظ: 100.
58

[11]
رواية شريك القاضي
لقد علمت روايته لحديث الثقلين من النص الذي تقدم عن (مسند أحمد).
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " شريك بن عبد الله بن سنان بن أنس.
ويقال: شريك بن عبد الله بن أبي شريك، يكنى أبا عبد الله، سمع زياد بن علاقة
وعماد الدهني، وهشام بن عروة، وسعيدا، ويعلى بن عطاء، و عبد الملك بن
عمير، وعمارة بن القعقاع، وعبد الله بن شبرمة. روى عنه ابن أبي شيبة، وعلي
ابن حكيم، ويونس بن محمد، والفضل بن موسى، ومحمد بن الصباح، وعلي
ابن حجر... " 1.
2 - عبد الغني المقدسي: " شريك بن عبد الله بن انس. ويقال: شريك
ابن عبد الله بن أبي شريك. وهو أوس بن الحرث بن الأزهر بن وهبيل، وقيل:
سهل بن سعد بن ملك بن النخع الكوفي، أبو عبد الله ولد بخراسان نيسابور،
ويقال: ببخارا، مقتل قتيبة بن مسلم سنة خمس وسبعين. أدرك عمر بن عبد العزيز،
وسمع أبا إسحاق السبيعي، وعبد الملك بن عمير، وسماك بن حرب، وإسماعيل
ابن أبي خالد، وسلمة بن كهيل، والأعمش، وحبيب بن أبي ثابت..
أخبرنا زيد بن الحسن، أنبأ عبد الرحمن بن محمد بن منصور، أنبأ أحمد
ابن علي بن ثابت الحافظ، أنبأ الأزهري، أنبأ عبيد الله بن عثمان بن يحيى،
أنبأ مكرم بن أحمد، حدثني يزيد بن الهيثم البلدي، قال: قلت ليحيى بن معين:

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 214.
59

زعم إسحاق بن أبي إسرائيل أن شريكا أروى من الكوفيين من سفيان وأعرف
بحديثهم، فقال: ليس يقاس بسفيان أحد، ولكن شريك أروى منه في بعض
المشايخ، الركين والعباس بن ذريح وبعض مشايخ الكوفيين، يعني أكثر
كتابا. قلت ليحيى: فروى يحيى بن سعيد القطان عن شريك؟ قال: لم يكن
شريك عند يحيى بشئ وهو ثقة ثقة. وقال يزيد بن الهيثم: سمعت يحيى يقول:
شريك ثقة وهو أحب السي من أبي الأحوص وجرير، ليس يقاسون هؤلاء
بشريك، وهو يروي عن قوم لم يرو عنهم سفيان. وقال أبو يعلى أحمد بن علي
المثنى الموصلي: قلت ليحيى بن معين: أيما أحب إليك جرير أو شريك؟
قال: جرير، فقيل له: أيما أحب إليك: شريك أو أبو الأحوص؟ فقال: شريك
أحب إلي. ثم قال: شريك ثقة إلا أنه لا ينقد ويغلط ويذهب بنفسه على سفيان
وشعبة.
قال فضل بن الضائع: إن شريكا حدث بواسط أحاديث بواطيل، فقال
أبو زرعة: لا تقل بواطيل! وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كوفي ثقة، وكان
حسن الحديث، وكان أروى الناس عن إسحاق بن يوسف الأزرق الواسطي،
سمع منه سبعة آلاف حديث، وقال ابن عدي أيضا: سمعت ابن حماد يقول:
قال السعدي: شريك سئ الحفظ مضطرب الحديث، مائل.. روى له الجماعة
إلا البخاري، روى له مسلم في المتابعات " 1.
3 - ابن خلكان: " أبو عبد الله شريك بن أبي شريك النخعي، وهو الحارث بن
أوس بن الحارث بن الأذهل بن وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع، وبقية النسب
في ترجمة إبراهيم النخعي في أول الكتاب. تولى القضاء بالكوفة أيام المهدي
ثم عزله موسى الهادي. وكان عالما فقيها فهما ذكيا فطنا. جرى بينه وبين مصعب

1) الكمال في أسماء الرجال مخطوط.
60

ابن عبد الله الزبيري كلام بحضرة المهدي فقال له مصعب: أنت تنتقص أبا بكر
وعمر (رض)؟ فقال القاضي شريك: والله ما أنتقص جدك وهو دونهما!
وذكر معاوية بن أبي سفيان عنده ووصف بالحلم، فقال شريك: ليس بحليم
من سفه الحق، وقاتل علي بن أبي طالب " رض ".
وخرج شريك يوما إلى أصحاب الحديث ليسمعوا عليه فشموا منه رائحة
النبيذ، فقالوا له: لو كانت هذه الرائحة منا لاستحيينا، فقال: لأنكم أهل
ريبة.
ودخل يوما على المهدي فقال له: لا بد أن تجيبني إلى خصلة من ثلاث
خصال، قال وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: إما أن تلي القضاء، أو تحدث
ولدي وتعلمهم، أو تأكل عندي أكلة - وذلك قبل أن يلي القضاء - فأفكر ساعة
ثم قال: الأكلة أخفها على نفسي، فأجلسه وتقدم إلى الطباخ أن يصلح له ألوانا
من المخ المعقود بالسكر الطبرزد والعسل وغير ذلك، فعمل ذلك وقدمه إليه
فأكل، فلما فرغ من الأكل قال له الطباخ: والله يا أمير المؤمنين ليس يفلح
الشيخ بعد هذه الأكلة أبدا.
قال الفضل بن الربيع: فحدثهم والله شريك بعد ذلك، وعلم أولادهم،
وولي القضاء لهم، ولقد كتب له برزقه على الصير في فضايقه في النقد فقال له
الصيرفي: إنك لم تبع به بزا! فقال له شريك: بل والله بعت به أكثر من البز،
بعت به ديني!
وحكى الحريري في كتاب " درة الغواص " أنه كان لشريك المذكور جليس
من بني أمية، فذكر شريك في بعض الأيام فضائل علي بن أبي طالب " رض "،
فقال ذلك الأموي: نعم الرجل علي! فأغضبه ذلك وقال: العلي يقال نعم الرجل
61

ولا يزاد على ذلك؟ فأمسك حتى سكن غضبه ثم قال: يا أبا عبد الله ألم يقل الله
في الإخبار عن نفسه " فقدرنا فنعم القادرون " وقال في أيوب " إنا وجدناه صابرا
نعم العبد إنه أواب "؟ وقال في سليمان " ووهبنا لداود سليمان نعم العبد ". أفلا
ترضى لعلي بما رضي الله به لنفسه ولأنبيائه؟ فتنبه شريك عند ذلك لوهمه،
وزادت مكانة ذلك الأموي من قبله... " 1.
4 - الذهبي: ".. ذكر إسحاق الأزرق أنه أخذ عنه تسعة آلاف حديث
وقال ابن المبارك: هو اعجل بحديث أهل بلده من سفيان. وقال النسائي: ليس
به بأس. وقال عيسى بن يونس: ما رأيت أحدا قط أورع في علمه من شريك.
وقال أبو إسحاق الجوزجاني: كان شريك سئ الحفظ. قلت: كان شريك
حسن الحديث إماما فقيها ومحدثا مكثرا ليس هو في الاتقان كحماد بن زيد،
وقد استشهد به البخاري وخرج له مسلم متابعة، ووثقه يحيى بن معين.. " 2.
5 الذهبي أيضا: " وثقه ابن معين، وقال غيره: سئ الحفظ. وقال
النسائي: لا بأس به وهو أعلم بحديث الكوفيين من الثوري " 3.
6 - الذهبي أيضا: " وفيها شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي
بو عبد الله، أحد الأعلام عن نيف وثمانين سنة، روى عن سلمة بن كهيل والكبار
سمع منه إسحاق الأزرق سبعة آلاف حديث. قال ابن المبارك هو أعلم بحديث
بلده من سفيان الثوري. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال غيره: فقيه إمام
لكنه يغلط " 4.
7 - اليافعي: " شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي أحد الأعلام

1) وفيات الأعيان 2 / 169.
2) تذكرة الحفاظ 1 / 232.
3) الكاشف 2 / 10.
4) العبر 1 / 270.
62

وله نيف وثمانون سنة " 1.
8 - السيوطي: " شريك النخعي بن عبد الله بن أبي شريك العاصمي النخعي
أبو عبد الله الكوفي، أحد الأعلام، روى عن زياد بن علاقة، وبيان بن بشر،
وحبيب بن ثابت، وأبي إسحاق السبيعي، وخلق.. قال ابن معين: صدوق،
ثقة، إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا منه " 2.
[12]
رواية حسان بن إبراهيم الكرماني
أورد روايته لحديث الثقلين كل من مسلم في (صحيحه) والحاكم في
(المستدرك على الصحيحين) على ما سيأتي إن شاء الله.
ترجمته:
1 المقدسي: " حسان بن إبراهيم العنزي الكرماني أبو هشام، سمع
يونس بن يزيد عندهما، وسعيد بن مسروق عند مسلم، روى عنه علي بن المديني،
ومحمد بن أبي يعقوب عند البخاري، وسعيد بن منصور، وعلي بن حجر،
ومحمد بن بكار عند مسلم " 3.
2 الذهبي: " ح. م. د. حسان بن إبراهيم الكرماني العنزي قاضي
كرمان.. ثقة. قال النسائي: ليس بالقوي... " 4.
3 - الذهبي أيضا كذلك 5.

1) مرآة الجنان 1 / 310.
2) طبقات الحفاظ: 98.
3) أسماء رجال الصحيحين 1 / 94.
4) الكاشف 1 / 215.
5) العبر 1 / 293.
63

4 - ابن حجر العسقلاني: " ح. م. د. حسان بن إبراهيم بن عبد الله
الكرماني. قال حرب الكرماني: سمعت أحمد يوثق حسان بن إبراهيم ويقول:
حديثه حديث أهل الصدق، وقال عثمان الدارمي وغيره عن ابن معين: ليس
به بأس. وقال المفضل الغلابي عن ابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة لا بأس به.
وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: قد حدث بأفراد كثيرة وهو عندي
من أهل الصدق إلا أنه يغلط في الشئ ولا يتعمد. وقال العقيلي: في حديثه
وهم. وقال ابن المديني: كان ثقة وأشد الناس في القدر. وقال ابن حبان في
الثقات: ربما أخطأ... " 1.
[13]
رواية جرير الضبي الكوفي
لقد أورد مسلم في [صحيحه] حديث الثقلين برواية إسماعيل، ثم قال: " حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة. ثنا: محمد بن فضيل (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم،
أنا: جرير، كلاهما عن أبي حيان بهذا الاسناد نحو حديث إسماعيل وزاد في
حديث جرير: كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به كان على
الهدى ومن أخطأه ضل " 2.
وستظهر روايته لهذا الحديث أيضا من عبارة المستدرك على الصحيحين.
ترجمته:
1 محمد بن طاهر المقدسي: " جرير بن عبد الحميد بن جرير بن قرط

1) تهذيب التهذيب 3 / 245.
2) وفيات الأعيان 2 / 169.
64

ابن هلال بن أنس الضبي أبو عبد الله الرازي، أصله من الكوفة سمع سليمان
الأعمش، ومغيرة، ومنصورا، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبا إسحاق الشيباني
عندهما، وعمارة بن القعقاع، وسهيلا، وهشام بن عروة، والحسن بن عبد
[عبيد] الله، والمختار بن فلفل، وعبد الملك بن عمير، وهشام بن حسان،
وسليمان التيمي، وموسى بن [أبي] عائشة، ومحمد بن شيبة، وحصينا، وإبراهيم
ابن محمد بن المنتشر، وعبد العزيز بن رفيع، ويحيى بن سعيد، وبيان بن
بشر، وفضيل بن غزوان، ومطرفا، وأبا فروة الهمداني، وعاصما الأحول،
وأبا حيان التيمي، وركين بن الربيع، وطلق بن معاوية، والعلاء بن المسيب
عند مسلم.
روى عنه قتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى، وعثمان بن أبي شيبة عندهما،
وعلي بن المديني، ومحمد بن سلام عند البخاري، وأبو خيثمة، وإسحاق،
وعلي بن حجر، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو غسان محمد بن عمرو، عند
مسلم... " 1.
2 - المزي: " قال ابن سعد: كان ثقة كثير العلم يرحل إليه. وقال محمد
ابن حماد: كان حجة وكانت كتبه صحاحا. وسئل أبو خيثمة: أكان جرير يدلس؟
قال: لا. وقال أبو حاتم: ثقة يحتج به. ولد سنة سبع ومائة وقيل: سنة عشر.
وقال العجلي: كوفي ثقة نزل الري. وقال (س): ثقة " 2.
3 - الذهبي: "... رحل إليه المحدثون لثقته وحفظه وسعة علمه. قال
ابن معين: سمعته يقول: عرض علي بالكوفة ألفا درهم يعطوني مع القراء فأبيت
ثم جئت أطلب ما عندهم. قال يحيى بن معين: طلب جرير الحديث عشر سنين

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 74 75.
2) تهذيب الكمال مخطوط.
65

فقط... وحديثه عال في جزء ابن عرفة " 1.
4 - الذهبي أيضا: ". له مصنفات مات 188 " 2.
5 - الذهبي أيضا في [العبر] كذلك 3.
6 اليافعي أيضا في [مرآة الجنان] 4.
7 - ابن حجر العسقلاني: ".. وقال يوسف بن عمار الموصلي: حجة
كانت كتبه صحاحا. وقال محمد بن عمرو زنيح [زينج] سمعت جريرا قال:
رأيت ابن أبي نجيح وجابرا الجعفي وابن جريح فلم اكتب عن واحد منهم.
فقيل له: ضيعت يا أبا عبد الله. فقال: لا، أما جابر فكان يؤمن بالرجعة، وأما
ابن نجيح فكان يرى القدر، وأما ابن جريح فكان يرى المتعة. وقيل لسليمان
ابن حرب: أين كتبت عن جرير؟ قال: بمكة أنا وعبد الرحمان، يعني ابن مهدي
وشاذان.
وقال علي بن المديني: كان جرير صاحب ليل. وقال أبو خيثمة: لم يكن
يدلس. وقال حنبل: سئل أبو عبد الله: من أحب إليك جرير أو شريك؟ فقال:
جرير أقل سقطا من شريك، وشريك كان يخطئ. وكذا قال ابن معين نحوه
وقال العجلي: كوفي ثقة نزل الري. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي
الأحوص وجرير في حديث حصين، فقال: كان جرير أكيس الرجلين، جرير
أحب إلي. قلت: يحتج بحديثه؟ قال: نعم، جرير ثقة وهو أحب إلي في هشام
ابن عروة من يونس بن بكير.

1) تذكرة الحفاظ 1 / 272.
2) الكاشف 1 / 182.
3) العبر 1 / 299.
4) مرآة الجنان 1 / 420.
66

وقال النسائي: ثقة وقال ابن خراش، صدوق وقال أبو القاسم اللالكائي:
مجمع على ثقته. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن بالذكي، اختلط عليه حديث
أشعث وعاصم الأحول حتى قدم عليه نمير (في النسخة بهز) فعرفه، نقله العقيلي
وقد قيل ليحيى بن معين عقب هذه الحكاية: كيف تروي عن جرير؟ فقال:
ألا تراه قد بين لهم أبرها؟
وقال البيهقي في (السنن): نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ. وذكر
صاحب الحافل عن أبي حاتم أنه تغير قبل موته بسنة فحجبه أولاده، وهذا ليس
بمستقيم، فإن هذا إنما وقع لجرير بن حازم، فكأنه اشتبه على صاحب الحافل.
وقال ابن حبان في (الثقات): كان من العباد الخشن وقال أبو أحمد الحاكم:
هو عندهم ثقة وقال الخليلي في (الارشاد): ثقة متفق عليه وقال قتيبة: ثنا جرير
الحافظ المقدم، لكني سمعته يشتم معاوية علانية " 1.
8 - ابن حجر أيضا في [تقريب التهذيب] ووثقه 2.
[14]
رواية ابن علية البصري
وسيأتي روايته لحديث الثقلين عند تخريج حديث أحمد في (المسند) ومسلم
في (الصحيح).
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " إسماعيل بن إبراهيم بن سهم بن مقسم
الأسدي البصري مولى بني أسد بن خزيمة، يكنى أبا بشر وأمه علية مولاة لبني

1) تهذيب التهذيب 2 / 75.
2) تقريب التهذيب 1 / 127.
67

أسد، سمع أيوب، وعبد العزيز، وروح بن القاسم عندهما، ويحيى بن سعيد
التيمي، وابن أبي عروبة، وخالد الحذاء [والجريري سعيدا] ومنصور بن عبد
الرحمن، ويونس بن عبيد، وداود بن أبي هند، وغير واحد عند مسلم. روى
عنه علي بن المديني وصدقة وقتيبة عند البخاري، وابن أبي شيبة، وزهير وعلي
ابن حجر، وغير واحد عند مسلم. ولد سنة 110 وتوفي سنة 193 أو 194
ببغداد " 1.
2 - المزي: " قال شعبة: هو ريحانة الفقهاء. وقال أحمد: إليه المنتهى
في التثبت بالبصرة. وقال ابن مهدي: هو أثبت من هشيم. وقال القطان: هو
أثبت من وهيب. وقال (د): ما أحد من المحدثين إلا قد أخطأ إلا ابن علية وبشر
ابن المفضل. وقال عفان عن داود بن سلمة: كنا نشبه ابن علية بثوير بن عبيد.
وقال غندر: نشأت في الحديث وليس أحد يقدم في الحديث على ابن علية،
وقال يعقوب بن شيبة عن الهيثم بن خالد، قال: اجتمع حفاظ البصرة وحفاظ
الكوفة فقال لهم أهل الكوفة نحوا عنا إسماعيل وهاتوا من شئتم، وقال زياد بن
أيوب: ما رأيت لابن علية كتابا قط. قال عمر بن زرارة: صحبت ابن علية
أربع عشرة سنة فما رأيته ضحك فيها وصحبته سبع سنين فما رأيته يتبسم فيها
قال ابن معين: كان ثقة مأمونا صدوقا مسلما ورعا تقيا. وقال (س): ثقة ثبت " 2.
3 - الذهبي: " قال يونس بن بكير: سمعت شعبة يقول: ابن علية سيد
المحدثين، وكان حماد بن سلمة يشبه شمائل ابن علية بشمائل يونس بن عبيد.
وقال يزيد بن هارون: دخلت البصرة وما بها خلق يفضل على ابن علية في الحديث
وقال زياد بن أيوب: ما رأيت لابن علية كتبا قط، وقد ولي ابن علية القضاء فبعث

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 23.
2) تهذيب الكمال مخطوط.
68

ابن المبارك بأبيات يعنفه على الولاية، وقيل إنه دخل على الأمين فشتمه وهم به
لكونه قال كلمة يفهم منها أنه يقول بخلق القرآن، فإنه سئل عن حديث (تجئ
البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما) فقيل: ألهما لسان؟ قال: نعم، فقالوا:
قال بخلق القرآن. وإنما غلط في التعبير وتاب مما قال " 1.
4 - أيضا: " إمام حجة " 2.
5 - الذهبي أيضا في [العبر] كذلك 3.
6 - اليافعي في [مرآة الجنان] 4.
7 - ابن حجر العسقلاني: " وقال عفان: كنا عند حماد بن سلمة فأخطأ
في حديث - وكان لا يرجع إلى قول أحد قد خولف فيه - فقيل له: قد حذلفت
فيه. فقال: من؟ قالوا: حماد بن زيد، فلم يلتفت، فقال له إنسان: ابن علية
يخالفك، فقام فدخل ثم خرج فقال: القول ما قال إسماعيل. وقال أحمد: إليه
المنتهى في التثبت بالبصرة، وقال أيضا: فاتني مالك فأخلف الله علي سفيان
وفاتني حماد بن زيد فأخلف الله علي إسماعيل بن علية. وقال أيضا: كان حماد
ابن زيد لا يعبأ إذا خالفه الثقفي ووهيب، وكان يفرق من إسماعيل بن علية إذا
خالفه... وقال النسائي: ثقة ثبت. وقال ابن سعد: كان ثقة ثبتا في الحديث
حجة، وقد ولي صدقات البصرة وولي ببغداد المظالم في آخر خلافة هارون.
وقال أحمد بن سعيد الدارمي: لا يعرف لابن علية غلط إلا في حديث جابر
في المدبر، جعل اسم الغلام اسم المولى، واسم المولى اسم الغلام. وقال

1) تذكرة الحفاظ 1 / 323
2) الكاشف 1 / 118.
3) العبر 1 / 310.
4) مرآة الجنان 1 / 443.
69

ابن وضاح: سألت أبا جعفر البستي عنه، فقال: بصري ثقة، وهو أحفظ من
الثقفي...
وقال العيشي: ثنا الحماد أن ابن المبارك كان يتجر ويقول: لولا خمسة ما
اتجرت، السفيانان وفضيل وابن السماك وابن علية فيصلهم فقدم سنة فقيل له:
قد ولي ابن علية القضاء فلم يأته ولم يصله، فركب ابن علية إليه فلم يرفع له
رأسا فانصرف. فلما كان من غد كتب إليه رقعة يقول: قد كنت منتظرا لبرك
وجئتك فلم تكلمني فما رأيته مني؟! فقال ابن المبارك: يأبى هذا الرجل إلا أن
تقشر له العصا، ثم كتب إليه:
يا جاعل العلم له بازيا * يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها * بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما * كنت دواءا للمجانين
ابن رواياتك فيما مضى * عن ابن عوف وابن سيرين
أين رواياتك في سردها * في ترك أبواب السلاطين
إن قلت: أكرهت، فذا باطل * زل حمار العلم في الطين
فلما وقف على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء فوطئ بساط الرشيد
وقال: الله؟ الله؟ ارحم شيبتي فإني لا أصبر على القضاء. قال: لعل هذا المجنون
أغراك؟ ثم أعفاه ووجه إليه ابن المبارك بالبصرة. وقيل إن ابن أبي المبارك إنما
كتب إليه هذه الأبيات لما ولي صدقات البصرة، وهو الصحيح.
وقال علي بن خشرم: قلت لوكيع: رأيت ابن علية يشرب النبيذ حتى يحمل على الحمار يحتاج مسن يرده. فقال وكيع: إذا رأيت البصري يشرب
النبيذ فاتهمه وإذا رأيت الكوفي يشرب فلا تتهمه. قلت: وكيف ذاك؟ قال:
الكوفي يشربه تدينا والبصري يتركه تدينا.
70

وقال الفضل بن زياد: سألت أحمد بن حنبل عن وهيب وابن علية، قال:
وهيب أحب إلي، ما زال ابن علية وضيعا من الكلام الذي تكلم به إلى أن مات.
قلت: أليس قد رجع وتاب على رؤوس الناس؟ قال: بلى إلى أن قال:
وكان لا ينصف بحديث الشفاعات.
وذكره ابن حبان في الثقات " 1.
8 - السيوطي: " قال شعبة: ابن علية سيد المحدثين وريحانة الفقهاء،
وقال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، وقال غنذر: ليس أحد يقدم في
الحديث عليه، وقال ابن معين: كان ثقة مأمونا صدوقا ورعا تقيا، وقال قتيبة:
كانوا يقولون: الحفاظ أربعة، ابن علية وعبد الوارث ويزيد بن زريع ووهيب
وقال أبو داود: ما أحد من المحدثين إلا قد أخطأ إلا ابن علية وبشر بن المفضل
مات ببغداد سنة 193، ومولده سنة 115 " 2.
[15]
رواية محمد بن الفضيل الضبي الكوفي
ظهرت رواية محمد بن فضيل من عبارة (صحيح مسلم) و (صحيح
الترمذي) السابقتين. وستأتي عند ذكر عبارة (أسد الغابة) لابن الأثير إن شاء الله.
ترجمته:
1 ذكره ابن حبان في [الثقات] وأضاف: " وكان يغلو في التشيع " 3.

1) تهذيب التهذيب 1 / 275.
2) طبقات الحفاظ: 133.
3) الثقات مخطوط.
71

2 - محمد بن طاهر المقدسي: " محمد بن فضيل بن غزوان أبو عبد الرحمن
الضبي، مولاهم الكوفي، سمع إسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وأباه،
وغير واحد عندهما، روى عنه محمد بن نمير، وإسحق الحنظلي، وابن أبي
شيبة، ومحمد بن سلام، وقتيبة وعمران بن ميسرة، وعمرو بن علي عند البخاري
وعبد الله بن عامر، وأبو كريب، ومحمد بن طريف، وواصل بن عبد الأعلى
وزهير، وأبو سعيد الأشج، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن يزيد أبو هشام
الرفاعي، وأحمد الوكيعي، وعبد العزيز بن عمر بن أبان عند مسلم، قال أبو
عيسى: مات سنة 194. وقال ابن نمير مثله " 1.
3 - المزي: " قال يحيى: ثقة، وقال أبو زرعة: صدوق من أهل العلم،
وقال (د): كان شيعيا محترقا، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال (س): ليس به
بأس، وذكره ابن حبان في " كتاب الثقات " وقال: كان يغلو في التشيع " 2.
4 - - الذهبي: " قال أحمد كان يتشيع وكان حسن الحديث. وقال عثمان
الدارمي عن ابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة: صدوق من أهل العلم. وقال
أبو داود: كان شيعيا محترقا. وقال النسائي: ليس به بأس... " 3.
5 - الذهبي أيضا: "... وكان من علماء هذا الشأن وثقة يحيى بن معين.
وقال: أحمد حسن الحديث شيعي. قلت: كان متواليا فقط، قرأ القرآن على
حمزة وقد دخل على منصور ليسمع منه فوجده مريضا. قال أبو داود: كان شيعيا
محترقا " 4.

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 447.
2) تهذيب الكمال - مخطوط.
3) تذهيب التهذيب مخطوط.
4) تذكرة الحفاظ 1 / 315.
72

6 - الذهبي أيضا كذلك 1.
7 - ابن حجر العسقلاني: " صدوق عارف رمي بالتشيع " 2.
8 - السيوطي: محمد بن فضيل بن غزوان الضبي قال أحمد: كان يتشيع
وكان حسن الحديث " 3.
[16]
رواية عبد الله بن نمير
ظهرت روايته لحديث الثقلين من عبارة (مسند أحمد) السابقة حيث
رواه عن عبد الملك بن أبي سليمان، كما سيأتي ذكر روايته لهذا الحديث من
عبارة (المسند) الآتية و (كتاب المناقب) لأحمد.
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " عبد الله بن نمير أبو هشام الخارفي
- من خارف همدان - سمع إسماعيل بن أبي خالد، وهشام بن عروة، وعبد الله
ابن عمر، وغير واحد عندهما، روى عنه ابنه محمد عندهما، وأبو قدامة
السرخسي، وزكريا البلخي، وعلي بن مسلم، وإسحاق غير منسوب عند
البخاري، وأحمد بن حنبل، وأبو كريب، وزهير، وغير واحد عند مسلم " 4.
2 - المزي: " قال عثمان الدارمي: قلت ليحيى: ابن إدريس أحب إليك

1) الكاشف 3 / 89.
2) تقريب التهذيب 2 / 201.
3) طبقات الحفاظ: 130.
4) أسماء رجال الصحيحين 1 / 260.
73

في الأعمش أو ابن نمير؟ قال: كلاهما ثقة. وقال أبو حاتم: كان مستقيم
الأمر " 1.
3 - الذهبي: " عبد الله بن نمير الحافظ الإمام أبو هشام الهمداني، ثم
الخارفي الكوفي والد الحافظ الكبير محمد. حدث عن هشام بن عروة، والأعمش
وأشعث بن سوار، وإسماعيل بن أبي خالد، ويزيد بن أبي زياد، وعبيد الله بن
عمر، وعدة. وعنه أحمد وابن معين وابن المديني وإسحاق الكوسج، وأحمد
ابن الفرات، والحسن بن علي بن عفان، وخلق. وثقة يحيى بن معين وغيره،
وكان من كبار أصحاب الحديث، توفي في سنة 199 وله أربع وثمانون سنة " 2.
4 - الذهبي في [الكاشف] كذلك 3.
5 - الذهبي: في [العبر] كذلك 4.
6 - ابن حجر العسقلاني: " قال أبو نعيم: سئل سفيان عن أبي خالد
الأحمر، فقال: نعم الرجل عبد الله بن نمير، وقال عثمان الدارمي: قلت ليحيى
ابن معين: ابن إدريس أحب إليك في الأعمش أو ابن نمير؟ فقال: كلاهما ثقة،
وقال أبو حاتم: كان مستقيم الأمر.. قلت: وذكره ابن حبان في الثقات، وقال
العجلي: ثقة، صالح الحديث، صاحب سنة. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير
الحديث صدوقا " 5.
7 ابن حجر أيضا: " ثقة صاحب حديث من أهل السنة من كبار التاسعة: 6.

1) تهذيب الكمال - مخطوط.
2) تذكرة الحفاظ 1 / 327.
3) الكاشف 2 / 127.
4) العبر 1 / 330.
5) تهذيب التهذيب 6 / 56.
6) تقريب التهذيب 1 / 457.
74

8 - السيوطي: " عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي أبو هشام الكوفي،
روى عن الأعمش، وهشام بن عروة، ويحيى الأنصاري، وخلق. وعنه ابنه
محمد، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المديني، وأبو كريب، وخلق " 1.
[17]
رواية أبي أحمد الزبيري الحبال
أورد روايته لحديث الثقلين أحمد بالنحو الآتي " حدثنا أحمد الزبيري،
ثنا شريك، عن الركين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت. قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي أهل
بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض جميعا " 2.
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " محمد بن عبد الله بن الزبير أبو أحمد
الأسدي مولاهم الكوفي، ويقال: الزبيري ينسب إلى جد، هذا، سمع الثوري
وإسرائيل عندهما، ومسعرا وعمرو بن سعيد وعيسى بن طهمان عند البخاري
وشيبان بن عبد الرحمن وقيس بن سليم وحمزة [بن] الزيات وسعيد بن حسان
وعمار بن رزين [رزيق] ومالك بن مغول ومحمد بن [عبد العزيز و] الوليد بن
جميع عند مسلم.
روى عنه أبو بكر بن أبي شيبة ونصر بن علي عندهما، و [أبو] عبد الله
المسندي ومحمود بن غيلان ومحمد بن عبد الرحيم وأبو موسى ويوسف القطان
عند البخاري، ومحمد بن رافع وحجاج بن الشاعر، وزهير وعمرو الناقد

(1) طبقات الحفاظ: 137.
2) مسند أحمد 5 / 189.
75

وعبيد الله القواريري ومحمد بن عمرو بن جبلة عند مسلم " 1.
2 المزي: " قال ابن نمير: صادق وهو في الطبقة الثالثة من أصحاب
الثوري، ما علمت منه إلا خيرا، مشهور بالطلب، ثقة، صحيح الكتاب. وقال
نصر بن علي: سمعت الزبيري يقول: لا أبالي أن يسرق مني كتاب سفيان،
إني أحفظه كله. وقال أحمد: كان كثير الخطأ في حديث سفيان. وقال يحيى:
ثقة. وقال العجلي: كوفي ثقة وكان يتشيع، وقال أبو حاتم: حافظ للحديث
عابد مجتهد، له أوهام. وقال أبو زرعة وابن خراش: صدوق. وقال (س):
ليس به بأس " 2.
3 - الذهبي: " أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير الحافظ
الثبت الأسدي الزبيري.. قال بندار: ما رأيت رجلا قط أحفظ من أبي أحمد
وقال العجلي: ثقة يتشيع، وقال أبو حاتم: حافظ عابد مجتهد له أوهام، وقيل:
كان يصوم الدهر " 3.
4 - الذهبي أيضا: " قال أبو أحمد الزبيري: لا أبالي أن يسرق مني كتاب
سفيان، إني أحفظه كله، وقال أحمد بن خيثمة عن ابن معين: ثقة، وقال العجلي:
الكوفي ثقة يتشيع، وقال بندار: ما رأيت رجلا قط أحفظ من أبي أحمد
الزبيري، وقال أبو حاتم: حافظ للحديث عاقل مجتهد، له أوهام، وقال النسائي
وغيره: ليس به بأس، وقال ابن أبي خيثمة عن محمد بن زيد: كان محمد بن
عبد الله الأسدي يصوم الدهر وكان إذا تسحر برغيف لم يصدع، وإذا تسحر
بنصف رغيف صدع من نصف النهار إلى آخره وإن لم يتسحر صدع يومه

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 441.
2) تهذيب الكمال - مخطوط.
3) تذكرة الحفاظ 1 / 357.
76

أجمع. قال أحمد بن حنبل: مات بالأهواز سنة 203 " 1.
5 - الذهبي أيضا في [الكاشف] و [العبر] كذلك 2.
6 - اليافعي كذلك 3.
7 - ابن حجر العسقلاني: " ثقة ثبت إلا أنه قد يخطئ في حديث
الثوري " 4.
8 - السيوطي كذلك 5.
[18]
رواية أبي عامر العقدي
وسيأتي من عبارة (المناقب) لابن المغازلي ما يظهر روايته لحديث الثقلين.
ترجمته:
1 محمد بن طاهر المقدسي: " عبد الملك بن عمرو بن قيس أبو عامر
العقدي القيسي البصري، نسب إلى العقد وهو مولى الحارث بن عباد من بني
قيس بن ثعلبة. سمع سليمان بن بلال وقرة بن خالد وشعبة وغير واحد عندهما.
روى عنه أبو قدامة عبيد الله بن سعيد ومحمد بن المثنى عندهما. وعبد الله
المسندي وإسحاق الحنظلي وبندار عند البخاري. وعبد بن حميد وأبو أيوب
سليمان الغيلاني وعتبة بن مكرم وأحمد بن خراش ومحمد بن عمرو بن جبلة

1) تذهيب التهذيب - مخطوط.
2) الكاشف 3 / 60، العبر 1 / 341.
3) مرآة الجنان 2 / 8.
4) تقريب التهذيب 2 / 176.
5) طبقات الحفاظ: 152.
77

وحسن الحلوائي وأبو بكر بن نافع وأبو معن عند مسلم. قال محمد بن سعد:
مات سنة 204 " 1.
2 - السمعاني: " والمشهور بهذا الانتساب أبو عامر عبد الملك بن عمرو
العقدي، يروي عن شعبة وابن المبارك " 2.
3 - عبد الغني المقدسي: " سئل عنه أبو حاتم، فقال: صدوق، وقال
أبو زكريا الأعرج: كان إسحاق بن راهويه إذا حدث عنه قال: ثنا أبو عامر
الثقة الأمين، وقال سليمان بن داود القزاز: قلت لأحمد بن حنبل: أريد البصرة
عمن اكتب؟ قال: عن أبي عامر العقدي ووهب بن جرير. قال أبو داود: مات
سنة 205 وقيل 204 روى له الجماعة " 3.
4 - المزي: " قال يحيى: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال (س):
ثقة مأمون. قال السراج: والعقد قوم من قيس وهم صنف من أزد، وكان لا
يخضب... " 4.
5 - الذهبي: " والعقدي الحافظ الإمام الثقة أبو عامر عبد الملك بن عمرو
القيسي... قال النسائي: ثقة مأمون، وقال غيره: كان أحد حفاظ البصرة " 5.
6 - العسقلاني: " قال سليمان بن داود القزاز: قلت لأحمد: أريد البصرة
عمن اكتب؟ قال: عن أبي عامر العقدي ووهيب بن جرير. وقال عثمان الدارمي
عن ابن معين: صدوق. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ثقة مأمون.

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 314.
2) الأنساب - العقدي.
3) الكمال - مخطوط.
4) تهذيب الكمال مخطوط.
5) تذكرة الحفاظ 1 / 347.
78

وقال ابن مهدي: كتبت حديث ابن أبي ذئيب عن أوثق شيخ أبي عامر العقدي.
ورواه أبو العباس السراج عن محمد بن يونس، عن سليمان بن الفرج عن أبي
مهدي.. وقال ابن سعد: كان ثقة. وذكره ابن حبان في " الثقات ". وقال ابن
شاهين في " الثقات: قال عثمان الدارمي: أبو عامر ثقة عاقل " 1.
7 - ابن حجر أيضا: " ثقة من التاسعة " 2.
8 - السيوطي بنحو ما مر 3.
[19]
رواية الأسود بن عامر الشامي
تقدمت روايته لحديث الثقلين من عبارة (مسند أحمد).
ترجمته:
1 - ابن حبان: " الأسود بن عامر أبو عبد الرحمن، ولقبه شاذان، أصله
من الشام، وسكن بغداد يروي عن حماد بن يزيد وشريك، روى عنه ابن أبي
شيبة وأهل العراق، مات ببغداد أول سنة 208 " 4.
2 - محمد بن طاهر المقدسي بنحو ما مر 5.
3 - المزي: " قال أحمد وابن المديني: ثقة، وقال يحيى: لا بأس به،
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: صدوق صالح. وقال بن سعيد: صالح الحديث " 6.

1) تهذيب التهذيب 6 / 409.
2) تقريب التهذيب 1 / 521.
3) طبقات الحفاظ: 114.
4) الثقات مخطوط.
5) أسماء رجال الصحيحين 1 / 37.
6) تهذيب الكمال - مخطوط.
79

4 - الذهبي: " الحافظ شاذان أحد الاثبات، حدث عن هشام بن حسان
وطلحة بن عمرو وشعبة والثوري وجرير بن حازم وطبقتهم، وعنه أحمد وعلي
وأبو ثور وأحمد بن الخليل البرجلاني والحارث بن أبي أسامة وأبو محمد
الدارمي وخلق. وثقه علي وغيره وقد روى عنه بقية بن الوليد مع تقدمه.. " 1.
5 - الذهبي أيضا في [الكاشف] بنحو ما مر، وفي [العبر] كذلك 2.
6 - العسقلاني: " روى عنه بقية وهو أكبر منه. قال ابن معين: لا بأس به.
وقال ابن المديني: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق صالح، وقال ابن سعد:
صالح الحديث، مات سنة 208. قلت: وذكره ابن حبان في الثقات.. " 3.
7 - ابن حجر أيضا " ثقة من التاسعة " 4.
8 - السيوطي: " كان ثقة صالحا صدوقا " 5.
[20]
رواية يحيى بن حماد الشيباني
وستأتي روايته لحديث الثقلين من كتاب (الخصائص) للنسائي و (المستدرك
على الصحيحين) للحاكم، وكتاب (المناقب) للخوارزمي... فانتظر.
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " يحيى بن حماد الشيباني مولاهم

1) تذكرة الحفاظ 1 / 360.
2) الكاشف 1 / 131، العبر 1 / 354.
3) تهذيب التهذيب 1 / 340.
4) تقريب التهذيب 1 / 76.
5) طبقات الحفاظ: 155.
80

البصري يكنى أبا بكر، سمع أبا عوانة عندهما، وشعبة وعبد العزيز بن المختار
عند مسلم، روى عنه البخاري في ذكر الخواص [الحوض] وغير موضع وروى
عن الحسن بن مدرك عنه في الحيض والرقاق. وروى مسلم عن أبي موسى
وبندار وإبراهيم بن دينار وإسحاق، لحنظلي، وإسحاق بن منصور في مواضع
قال البخاري: حدثني الحسن بن مدرك، قال: مات سنة 215 " 1.
2 - المزي: " قال محمد بن سعد: ثقة كثير الحديث، وقال أبو حاتم:
ثقة. وذكره ابن حبان في كتاب (الثقات) وقال محمد بن النعمان بن عبد السلام:
لم أر أعبد من يحيى بن حماد وأظنه لم يضحك " 2.
3 - الذهبي: " خ. م. خد. ت. س. ق... وثقه أبو حاتم وغيره. قال
محمد بن النعمان بن عبد السلام: لم أر أعبد من يحيى بن حماد، وأظنه لم
يضحك. قيل توفي سنة 215 " 3.
4 - الذهبي أيضا " ثقة متأله.. " 4.
5 - الذهبي بنحو ما مر 5.
6 - اليافعي كذلك 6.
7 - ابن حجر: ثقة عابد من صغار التاسعة... " 7.

1) أسماء رجال الصحيحين 2 / 559.
2) تهذيب الكمال - مخطوط.
3) تذهيب التهذيب - مخطوط.
4) الكاشف 3 / 253.
5) العبر 1 / 368.
6) مرآة الجنان 2 / 63.
7) تقريب التهذيب 2 / 346.
81

[21]
رواية محمد بن حبيب البغدادي
روى حديث الثقلين في كتاب المنمق قائلا: " وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: تركت فيكم كتاب الله وعترتي، لن تضلوا ما تمسكتم بهما " 1.
ترجمته:
ترجم له السيوطي بقوله: " محمد بن حبيب أبو جعفر. قال يا قوت: من
علماء بغداد، عارف باللغة والشعر والأخبار والأنساب،، ثقة، مؤدب... (إلى
أن قال السيوطي): وقال ثعلب حضرت مجلسه فلم يمل، وكان حافظا صدوقا
وكان يعقوب أعلم منه، وكان هو أحفظ للأنساب والأخبار، وله من التصانيف:
(النسب) (الأنساب على أفعل) أخبار قريش ويسمى (المنمق) (غريب الحديث)
(الأنواء) (المشجر) (الموشي) (المختلف والمؤتلف في أسماء القبائل) (طبقات
الشعراء) (نقائض جرير والفرزدق) (تاريخ الخلفاء) (كنى الشعراء) مقاتل
الفرسان) (أنساب الشعراء) (الخيل) (النبات) (من استجيب دعوته) (ألقاب القبائل
كلها) (شعر لبيد) (شعر ابن الصمة) (شعر الأقيسر) وغير ذلك. مات بسامراء
في ذي الحجة سنة 215 " 2.
هذا، وإن علماء السنة يعتمدون على مؤلفات محمد بن حبيب هذا في
كتبهم كثيرا، نذكر منهم على سبيل التمثيل: الخوارزمي حيث يقول: " الصفات:
عن أبي إسحاق قال: لقد رأيت عليا عليه السلام أبيض الرأس واللحية ضخم البطن

1) المنمق: 9.
2) بغية الوعاة: 29، 30.
82

ربعة من الرجال.
وذكر ابن مندة أنه كان شديد الأدمة ثقيل العينين عظيمهما، وذا بطن، أجلح
أصلع، وهو إلى القصر أقرب، أبيض الرأس واللحية.
وزاد محمد بن حبيب البغدادي صاحب المحبر الكبير في صفاته: آدم
اللون حسن الوجه، ضخم الكراديس والباقي سواء " 1.
والسيوطي حيث يقول ".. وقد أخرج ابن حبيب في تاريخه عن ابن عباس
رضي الله عنهما. قال: كان عدنان ومعد وربيعة ومضر وخزيمة وأسد على دين
إبراهيم عليه السلام فلا تذكر وهم إلا بخير " 2.
[22]
رواية محمد بن سعد الزهري
أورد السيوطي حديث الثقلين عن طريقه، فقال: " وأخرج ابن سعد
وأحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: أيها الناس، إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، أمرين
أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل الله ممدود ما بين السماء والأرض
وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " 3.
ترجمته:
1 - السمعاني: " وكان من أهل الفضل والعلم وصنف كتابا كبيرا في طبقات

1) المناقب: 13.
2) مسالك الحنفا: 33.
3) الدر المنثور 2 / 60.
83

الصحابة والتابعين والصالحين إلى وقته فأجاد فيه وأحسن.
روى عنه الحارث بن أبي أسامة والحسين بن فهم وأبو بكر بن أبي الدنيا،
وحكى عن يحيى بن معين أنه رماه بالكذب، ونقل الناقل غلط أو وهم، لأنه
من أهل العدالة وحديثه يدل على صدقه فإنه يتحرى في كثير من الروايات. وقال
ابن أبي حاتم الرازي: سألت أبي عن محمد بن سعد، فقال: لصدق روايته
جاء إلى القواريري، وسأله عن أحاديث فحدثه. وحكى إبراهيم الحربي
قال: [كان] أحمد بن حنبل يوجه في كل جمعة بحنبل بن إسحاق إلى ابن سعد
يأخذ منه جزئين من حديث الواقدي ينظر فيهما إلى الجمعة الأخرى ثم يردها
ويأخذ غيرها. قال إبراهيم: ولو ذهب وسمعها كان خيرا له " 1.
2 - ابن خلكان: " أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الزهري كاتب
الواقدي، كان أحد الفضلاء النبلاء الأجلاء، صحب الواقدي المذكور قبله
زمانا... وكان صدوقا وثقة، ويقال اجتمعت كتب الواقدي عند أربعة أنفس:
أولهم كاتبه محمد بن سعد المذكور، وكان كثير العلم، غزير الحديث والرواية
كثير الكتب، كتب الحديث والفقه وغيرهما. وقال الحافظ أبو بكر الخطيب
صاحب تاريخ بغداد في حقه: محمد بن سعد عندنا من أهل العدالة، وحديثه
يدل على صدقه... " 2.
3 - الذهبي: " حدث عنه ابن أبي الدنيا، وأحمد بن يحيى البلاذري،
والحارث بن أبي أسامة، والحسين بن فهم، وآخرون. قال ابن فهم: كان
كثير العلم كثير الكتب، كتب الحديث والفقه والغريب " 3.

1) الأنساب - الكاتب.
2) وفيات الأعيان 3 / 473.
3) تذكرة الحفاظ 2 / 425.
84

4 - الذهبي أيضا: " الإمام الحبر أبو عبد الله محمد بن سعد الحافظ كاتب
الواقدي وصاحب " الطبقات " و " التاريخ " ببغداد في جمادى الآخرة وله اثنتان
وسبعون سنة. روى عن سفيان بن عيينة وهشيم وخلق كثير. قال أبو حاتم:
صدوق " 1.
5 - الذهبي أيضا بنحو ما مر 2.
6 - ابن حجر العسقلاني: " صدوق فاضل من العاشرة " 3.
7 - السيوطي: " محمد بن سعد بن منيع البصري الحافظ، كاتب الواقدي
قال الخطيب: كان من أهل العلم والفضل وصنف كتابا كبيرا في طبقات الصحابة
والتابعين ومن بعدهم إلى وقته فأجاد وأحسن " 4.
8 - القنوجي: بنحو ما مر 5.
[23]
رواية خلف بن سالم المهلبي
ذكر روايته لحديث الثقلين كل من الحاكم في (المستدرك على الصحيحين)
والخوارزمي في (المناقب) على ما سيأتي إن شاء الله.
ترجمته:
1 ابن حبان: " خلف بن سالم [المخرمي] كنيته أبو محمد يروي عن

1) العبر 1 / 407.
2) الكاشف 3 / 46.
3) تقريب التهذيب 2 / 163.
4) طبقات الحفاظ: 183.
5) التاج المكلل: 123.
85

يحيى القطان وابن مهدي. ثنا عنه أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الضبيعي
الصوفي. مات في آخر رمضان سنة 231 وكان من الحفاظ المتقنين " 1.
2 - السمعاني بنحو ما مر 2.
3 - الذهبي في [تذكرة الحفاظ]: " خلف بن سالم الحافظ أبو محمد
السندي مولى المهلب من أعيان الحفاظ ببغداد. يروي عن هشيم وأبي بكر بن
عياش وعبد الرزاق والطبقة. وعنه أحمد بن خيثمة والحسن بن علي المعمري
وأبو القاسم البغوي وآخرون، وأخرج النسائي عن رجل عنه، مات سنة 231.
وكان يتتبع الغرائب، قال المروزي: سألت أبا عبد الله عنه، فقال: ما أعرفه
بكذب، نقموا عليه تتبعه هذه الأحاديث. وقال يحيى بن معين: صدوق. وقال
يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتا أثبت من مسدد والحميري ".
4 - الذهبي أيضا في [الكاشف] بنحو ما تقدم 3.
5 - ابن حجر العسقلاني ". قال الاجري عن أبي داود: سمعت من خلف
ابن سالم خمسة أحاديث سمعها من أحمد. قال: وكان أبو داود لا يحدث عن
خلف. وقال علي بن سهل بن المغيرة عن أحمد: لا يشك في صدقه. قال المروزي
عن أحمد: نقموا عليه تتبعه هذه الأحاديث. قلت: هو صدوق؟ قال: ما أعرفه
بكذب مع أنه قد دخل مع الأنصاري في شئ.
وقال عبد الخالق بن منصور عن يحيى بن معين: صدوق. قلت: إنه كان
يحدث بمساوئ الصحابة. قال: قد كان يجمعها وإما أن يحدث بها فلا. وقال
ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس بالمسكين بأس لولا أنه سفيه. وقال يعقوب

1) الثقات - مخطوط.
2) الأنساب - المخرمي.
3) الكاشف 1 / 82.
86

ابن شيبة: كان ثقة ثبتا، وذكره في موضع آخر في حديث خالفه فيه الحميدي
ومسدود، فقال يعقوب: وكان خلف أثبت منهما. وقال النسائي: ثقة ذكره ابن حبان
في " الثقات " وقال كان من الحذاق المتقنين. وقال حمزة الكناني: خلف بن سالم
ثقة مأمون من نبلاء المحدثين " 1.
6 - السيوطي في [طبقات الحفاظ] بنحو ما تقدم 2.
[24]
رواية أبي خيثمة النسائي
أورد مسلم رواية زهير بن حرب أبي خيثمة لحديث الثقلين على النحو
التالي: " حدثني زهير بن حرب، وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية. قال
زهير: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثني أبو حيان [حدثني يزيد بن حيان]
قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا
إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد
خيرا كثيرا. حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي
من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسا حدثتكم فاقبلوه [فاقبلوا]، وما لا فلا
تكلفونيه. ثم قال:
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة
والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس،

1) تهذيب التهذيب 3 / 152.
2) طبقات الحفاظ: 207.
87

فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين [ثقلين]
أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث
على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم
الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ومن أهل بيته
يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من
حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر،
وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم " 1.
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " زهير بن حرب [بن شداد الشامي]
النسائي، يكنى أبا خيثمة سكن بغداد، سمع جرير بن عبد الحميد، ويعقوب
ابن إبراهيم بن سعد، ومحمد بن فضيل، ووهب بن جرير عندهما، ووكيعا،
وابن عيينة، وابن علية، ويزيد بن هارون، وعمرو بن يونس، ويحيى بن
سعيد القطان، وعبد الصمد بن هاشم بن القاسم، وأبا الوليد الطيالسي، وعفان
[بن الأزرق] وإسحاق الأزرق، وحجين بن المثنى، وعبد الله بن نمير، وروح
ابن عبادة، وأبا معاوية، ومعاذ بن هشام، وأبا عامر العقدي، وعبيد [عبد] الله
المقري، وابن مهدي، وأبا عاصم، وشبابة، ومروان، وأبا أحمد الزبيري،
وحسين بن محمد، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن عبيد، وعلي بن حفص،
وحجاج بن محمد، وعبدة بن سليمان، والحسن بن موسى، والوليد بن مسلم
وعثمان بن عمرو، وهشيما، وإسحاق بن عيسى، وإسماعيل بن أبي أويس،
ومحمد بن حميد المعمري، ومعن بن عيسى، وزيد بن الحباب، وحميد بن

1) صحيح مسلم 2 / 237 238.
88

عبد الرحمان الرواسي، وحباب بن هلال، وعمرو بن عاصم، ويونس بن محمد،
وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبا نعيم الفضل، وبشر بن السري، ومعلى بن
منصور [والقاسم] بن مالك عند مسلم.
مات أبو خيثمة في ربيع الآخر سنة 234 وهو ابن أربع وسبعين سنة، وكان
متقنا ضابطا، روى عنه البخاري ومسلم " 1.
2 - السمعاني: " كان ثقة ثبتا حافظا متقنا مكثرا من الحديث. قال الفريابي:
سألت محمد بن عبد الله بن نمير: أيما أحب إليك أبو خيثمة أو أبو بكر بن
أبي شيبة؟ فقال: أبو خيثمة، وجعل يطري أبا خيثمة ويضع من أبي بكر " 2.
3 المزي -: " قال أبو حاتم: صدوق. وقال يحيى: ثقة. وقال (س):
ثقة مأمون. وقال الحسين بن فهم: ثقة ثبت. وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة
ثبتا حافظا متقنا " 3.
4 - الذهبي: " وثقه ابن معين وغيره، وقال يعقوب بن شيبة: هو أثبت
من أبي بكر بن أبي شيبة. وقال النسائي: ثقة مأمون " 4.
5 - وكذا في [الكاشف] 5.
6 - الذهبي أيضا في [العبر] بنحو ما تقدم 6.
7 - ابن حجر العسقلاني: " زهير بن حرب بن شداد الحرشي، أبو خيثمة

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 153 154.
2) الأنساب - النسائي.
3) تهذيب الكمال - مخطوط.
4) تذكرة الحفاظ 2 / 437.
5) الكاشف 1 / 326.
6) العبر 1 / 416.
89

النسائي، نزيل بغداد، مولى بني الحريش بن كعب، وكان اسم جده اشتال
فعرب شدادا، وروى عن عبد الله بن إدريس وابن عيينة وحفص بن غياث وحميد
ابن عبد الرحمن الرواسي وجرير بن عبد الحميد وابن علية وعبد الله بن نمير
وعبد الرزاق وعبدة بن سليمان وعمرو بن يونس اليمامي ومروان بن معاوية
ومعاذ بن هشام وهشيم القطان وأبي النصر وخلق.
وعنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، وروى له: النسائي
بواسطة أحمد بن علي بن سعيد المروزي، وابنه أبو بكر بن أبي خيثمة، وأبو
زرعة، وأبو حاتم، وبقي بن مخلد، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هارون،
وابن أبي الدنيا ويعقوب بن شيبة، وأبو يعلى الموصلي، وجماعة. قال معاوية
عن ابن معين: ثقة، وقال علي بن جنيد عن ابن معين: يكفي قبيلة، وقال أبو
حاتم: صدوق، وقال يعقوب بن شيبة: زهير أثبت من عبد الله بن أبي شيبة،
وكان في عبد الله تهاون بالحديث، لم يكن يفصل هذه الأشياء يعني الألفاظ
وقال جعفر الفريابي: قلت لابن نمير: أيهما أحب إليك؟ فقال: أبو خيثمة
حجة، وجعل يطري ويضع من أبي بكر، وقال الاجري: قلت لأبي داود:
كان أبو خيثمة حجة في الرجال؟ قال: ما كان حسن علمه. وقال النسائي: ثقة
مأمون، وقال الحسين بن فهم: ثقة ثبت. وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتا
حافظا متقنا، قال محمد بن عبد الله الحضرمي وغيره: مات سنة 234. وقال
أبو بكر: ولد أبي سنة 165، ومات ليلة الخميس لسبع خلون من شعبان وهو
ابن أربع وثمانين سنة.
قلت: وحكى الخطيب عن أبي غالب علي بن أحمد الناظر: إنه توفي سنة
اثنتين وثلاثين. قال الخطيب: هذا وهم والصواب سنة: أربع. وقال أبو القاسم
البغوي: كتب عنه، وقال ابن قانع: كان ثقة ثبتا. وقال صاحب الزهرة:
90

روى عنه مسلم ألف حديث ومائتي حديث وإحدى وثمانين حديثا. وقال ابن أبي
حاتم في الجرح والتعديل: سئل عنه أبي، فقال: ثقة صدوق. وقال ابن وضاح:
ثقة عن ثقات، لقيته ببغداد. وقال ابن حبان: [في الثقات] كان متقنا ضابطا من
أقران يحيى بن معين " 1.
8 - ابن حجر في [تقريب التهذيب] مثله 2.
9 - السيوطي في [طبقات الحفاظ] بمثل ما تقدم 3.
[25]
رواية شجاع بن مخلد الفلاس أبو الفضل البغوي
روى مسلم حديث الثقلين عن أبي خيثمة عنه، فهذا الرجل شجاع بن
مخلد - من رواة حديث الثقلين. وقد تقدم نص الحديث عند مسلم.
ترجمته:
1 - محمد بن طاهر المقدسي: " شجاع بن مخلد البغوي، سكن بغداد
يكنى أبا الفضل سمع يحيى بن زكريا، وإسماعيل بن علية وحسينا الجعفي،
مات سنة خمس وثلاثين ومائتين. روى عنه مسلم " 4.
2 - عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي: ". قال عبد الله بن أحمد بن
حنبل (عن أبيه ظ) سألت عنه يحيى بن معين، قال: اعرفه ليس به بأس، نعم
الشئ، أو: نعم الرجل، ثقة. وقال صالح بن محمد: هو صدوق، وقال الحسين

1) تهذيب التهذيب 3 / 342.
2) تقريب التهذيب 1 / 264.
3) طبقات الحفاظ: 191.
4) أسماء رجال الصحيحين 1 / 213.
91

ابن فهم: هو من أبناء أهل خراسان من الغز (الغور، ظ) وهو ثبت ثقة. توفي
ببغداد لعشر خلون من صفر سنة خمس وثلاثين ومائتين وحضره بشر كثير ودفن
في مقبرة باب التين.
وأخبرنا زيد بن الحسن، أنبأ عبد الرحمن بن محمد أبو منصور، أنبأ
أحمد بن علي، أنبأ أحمد بن أبي جعفر، ثنا محمد بن العباس الحرار، أنبأ
أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب، قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول:
حدثني شجاع بن مخلد - ولم نكتب ههنا عن أحد خير منه قال لقيني بشر
ابن الحرث وأنا أريد مجلس منصور بن عمار فقال: وأنت أيضا يا شجاع،
ارجع ارجع، فرجعت " 1.
3 - المزي وأضاف: " وذكره ابن حبان في الثقات " 2.
4 - الذهبي: " حجة خير، مات 235 " 3.
5 - ابن حجر العسقلاني: " وذكره ابن حبان في الثقات، وقال هارون
الجمال ولد سنة 155، وقال الحسين بن فهم: ثقة ثبت توفي ببغداد في صفر
سنة 235، وفيها أرخه مطين قلت: وابن قانع وقال: ثقة ثبت، وقال أبو زرعة:
ثقة، وقال أحمد: كان ثقة وكان كتابه صحيحا حكاه اللالكائي، وقال الخطيب:
له تفسير " 4.

1) الكمال - مخطوط.
2) تهذيب الكمال - مخطوط.
3) الكاشف 2 / 5.
4) تهذيب التهذيب 4 / 312.
92

[26]
رواية أبي بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبي شيبة
قال الميرزا محمد البدخشاني ما نصه: وأخرجه ابن أبي شيبة والخطيب
في المتفق والمفترق عنه - أي عن جابر - بلفظ: إني تركت فيكم ما لن تضلوا
بعدي إن اعتصمتم به: كتاب الله وعترتي أهل بيتي " 1.
وقد روى ابن أبي شيبة حديث الثقلين عن زيد بن أرقم أيضا كما علمت
سابقا من رواية مسلم وسيأتي أيضا إن شاء الله.
ترجمته:
1 - المقدسي: " عبد الله بن محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم بن عثمان
العبسي الكوفي أبو بكر، أخو عثمان والقاسم سمع أبا أسامة وسفيان بن عيينة
وجعفر بن عون وجماعة عندهما روى عنه البخاري ومسلم. قال البخاري:
مات يوم الخميس لثمان خلون من المحرم سنة خمس وثلاثين ومائتين " 2.
2 - الذهبي: " الإمام العلم سيد الحفاظ، وصاحب الكتب الكبار المسند
المصنف، والتفسير، أبو بكر العبسي مولاهم الكوفي، أخو الحافظ عثمان
ابن أبي شيبة، والقاسم بن أبي شيبة الضعيف، فالحافظ إبراهيم بن أبي بكر
هو ولده، والحافظ أبو جعفر محمد بن عثمان هو ابن أخيه. فهم بيت
علم وأبو بكر أجلهم، وهو من أقران أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه
وعلي بن المديني في السن والمولد والحفظ، ويحيى بن معين أسن منهم
بسنوات.

1) مفتاح النجا - مخطوط.
2) أسماء رجال الصحيحين 1 / 259.
93

وكان بحرا من بحور العلم، وبه يضرب المثل في قوة الحفظ، حدث
عنه الشيخان وأبو داود وابن ماجة. وروى النسائي عن أصحابه، ولا شئ له
في جامع أبي عيسى، وروى عنه أيضا: محمد بن سعد الكاتب ومحمد بن يحيى
وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة وأبو بكر بن أبي عاصم وبقي بن مخلد ومحمد
ابن وضاح محدثا الأندلس والحسن بن سفيان وأبو يعلى الموصلي.. وأمم
سواهم.
قال يحيى بن عبد الحميد الحماني: أولاد ابن أبي شيبة: من أهل العلم
كانوا يزاحمونا عند كل محدث. وقال أحمد بن حنبل: أبو بكر صدوق وهو
أحب إلي من أخيه عثمان. وقال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أبو بكر ثقة
حافظا للحديث، وقال عمرو بن علي الفلاس: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي بكر
ابن أبي شيبة قدم علينا مع علي بن المديني، فسرد الشيباني أربع مائة حديث
حفظا وقام وقال الإمام أبو عبد الله: انتهى الحديث إلى أربعة وأبو بكر بن أبي
شيبة أسدهم له، وأحمد بن حنبل أفقههم فيه، ويحيى بن معين أجمعهم له،
وعلي بن المديني أعلمهم به. قال محمد بن عمرو بن العلاء الجرجاني: سمعت
أبا بكر بن أبي شيبة وأنا معه في جبانة كندة، فقلت له: يا أبا بكر سمعت من
شريك وأنت ابن كم؟ قال: وأنا ابن أربع عشرة سنة، وأنا يومئذ أحفظ
للحديث مني اليوم. قلت: صدقت والله وأين حفظ المراهق من حفظ من هو
في عشر الثمانين. قال الجرجاني: فسألت يحيى بن معين عن سماع أبي بكر
ابن أبي شيبة من شريك، فقال: أبو بكر عندنا صدوق وما يحمله على أن يقول
وجدت في كتاب أبي بخطه. وقال: وحدث عن روح بن عبادة بحديث الرجال
وكنا نظنه سمعه من أبي هشام الرفاعي. قال عبدان الأهوازي: كان أبو بكر يقعد
إلى الأسطوانة وأخوه ومشكدانة وعبد الله بن البراد وغيرهم سكوت إلا أبو بكر
94

فإنه يهدر. قال ابن عدي: هي الأسطوانة التي كان يجلس إليها ابن عقدة.
وقال لي ابن عقدة: هذه هي أسطوانة عبد الله بن مسعود، جلس إليها بعده علقمة
وبعده إبراهيم وبعده منصور وبعده سفيان الثوري وبعده وكيع وبعده أبو بكر
ابن ابن شيبة وبعده مطين. وقال صالح بن محمد الحافظ جزرة: أعلم من
أدركت بالحديث وعلله علي بن المديني، وأعلمهم بتصحيف المشايخ يحيى
ابن معين، واحفظهم عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة. قال الحافظ أبو العباس
ابن عقدة: سمعت عبد الرحمن بن خراش يقول: سمعت أبا زرعة يقول: ما رأيت
أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة. فقلت: يا أبا زرعة فأصحابنا البغداديون؟ قال:
دع أصحابك فإنهم أصحاب مخاريت، ما رأيت أحفظ من أبي بكر بن أبي شيبة.
قال الخطيب: كان أبو بكر متقنا حافظا...
أنبأنا ابن علان، أنبأنا الكندي، أنبأنا القزاز، أنبأنا أبو بكر الخطيب،
أنبأنا أحمد بن علي المحتسب، عن محمد بن عمران الكاتب، حدثني عمر بن
علي، أنبأنا أحمد بن محمد بن المربع، سمعت أبا عبيدة يقول: ربانيو الحديث
أربعة: فأعلمهم بالحلال والحرام أحمد بن حنبل، وأحسنهم سياقة للحديث
وأداءا علي بن المديني، وأحسنهم وصفا للكتاب أبو بكر بن أبي شيبة، وأعلمهم
بصحيح الحديث وسقيمه يحيى بن معين. قال البخاري ومطين: مات أبو بكر
في المحرم سنة خمس وثلاثين ومائتين.
قلت: آخر من روى عنه أبو عمر يوسف بن يعقوب النيسابوري " 1.
[27]
رواية محمد بن بكار الريان الهاشمي
ظهر من عبارة مسلم في (الصحيح) المتقدمة في رواية سعيد بن مسروق

1) سير أعلام النبلاء - مخطوط.
95

أن محمد بن بكار - هذا - ممن روى حديث الثقلين.
ترجمته:
1 - المقدسي: " محمد بن بكار بن الريان البغدادي يكنى أبا عبد الله،
سمع محمد بن طلحة بن مصرف وإسماعيل بن أبي زكريا وحسان بن إبراهيم
وأبا عاصم النبيل، روى عنه مسلم.
قال السراج: ولد سنة خمس وأربعين ومائة، وتوفي سنة ثمان وثلاثين
ومائتين، لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة،
سمعت ابنه يقول ذلك " 1.
2 - المزي: " قال يحيى: شيخ لا بأس به، وقال مرة ثقة. وقال الدارقطني:
ثقة. وقال صالح بن محمد البغدادي: صدوق يحدث عن الضعفاء. وذكره ابن
حبان في " الثقات " 2.
3 - الذهبي: " وثقوه، مات 238 " 3.
4 - الذهبي: أيضا في [العبر] كذلك 4.
5 - ابن حجر العسقلاني: " ثقة من العاشرة " 5.

1) أسماء رجال الصحيحين 2 / 469.
2) تهذيب الكمال - مخطوط.
3) الكاشف 3 / 24.
4) العبر 1 / 428.
5) تقريب التهذيب 2 / 147.
96

[28]
رواية أبي يعقوب إسحاق بن مخلد المعروف بابن راهويه
روى حديث الثقلين في (مسنده) عن أمير المؤمنين عليه السلام، فقد قال
العلامة السخاوي في سياق طرق هذا الحديث الشريف: " وأما حديث علي فهو
عند إسحاق بن راهويه في (مسنده) من طريق كثير بن زيد عن محمد بن علي
ابن أبي طالب عن أبيه عن جده علي رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله سببه بيده وسببه
بأيديكم، وأهل بيتي. وكذا رواه الدولابي في (الذرية الطاهرة) " 1.
ومثله قال السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط].
وأحمد بن الفضل بن محمد با كثير في [وسيلة المآل - مخطوط].
ولا يخفى أن ابن راهويه روى هذا الحديث عن زيد بن أرقم أيضا، كما
هو ظاهر لمن راجع عبارة (صحيح مسلم) التي أسلفناها فيما مضى، وسيأتي
فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ترجمته:
1 - ابن حبان: " إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم الحنظلي أبو
يعقوب المروزي الذي يقال له راهويه، يروي عن ابن عيينة، مات بنيسابور
ليلة السبت لأربع عشرة خلت من شهر شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وهو
ابن سبع وسبعين، وقبره مشهور يزار. وكان من سادات أهل زمانه فقها وعلما
وحفظا ونظرا ممن صنف الكتب، وفرع الفروع على السنن وذب عنها وقمع

1) استجلاب ارتقاء الغرف مخطوط.
97

من خالفها " 1.
2 - المقدسي: " سمع ابن عيينة ووكيعا والنضر وجرير بن عبد الحميد
والوليد بن مسلم وغير واحد عندهما. روى عنه البخاري ومسلم " 2.
3 - ابن خلكان: " جمع بين الحديث والفقه والورع، وكان أحد أئمة
الإسلام، ذكره الدارقطني فيمن روى عن الشافعي رضي الله عنه، وعده البيهقي
من أصحاب الشافعي. وكان قد ناظر الشافعي في جواز بيع دور مكة، وقد استوفى
الشيخ فخر الدين الرازي صورة ذلك المجلس الذي جرى بينهما في كتابه الذي
سماه مناقب الإمام الشافعي رضي الله عنه، فلما عرف فضله نسخ كتبه وجميع
مصنفاته بمصر. قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: إسحاق عندنا إمام من أئمة
المسلمين، وما عبر الجسر أفقه من إسحاق. وقال إسحاق: أحفظ سبعين ألف
حديث، وأذاكر بمائة ألف حديث، وما سمعت شيئا قط إلا حفظته، ولا حفظت
شيئا قط فنسيته، وله مسند مشهور. وسمع منه البخاري ومسلم والترمذي. " 3.
4 - المزي: " وقال أحمد بن حنبل: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل
إسحاق. وقال أيضا: ما أعلم لإسحاق في العراق نظيرا. قال س: ثقة مأمون،
سمعت سعيد بن ذؤيب يقول: ما على وجه الأرض مثل إسحاق. وقال إسحاق:
ما سمعت شيئا قط إلا حفظته، ولا حفظت شيئا فنسيته. وقال أبو زرعة: ما رؤي
أحفظ من إسحاق. وقال القباني: مات ليلة شعبان 238. قال خ عاش 77. وقال
أبو علي الحسين بن علي الحافظ: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول:
والله لو أن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي كان في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه

1) الثقات - مخطوط.
2) أسماء رجال الصحيحين 1 / 28.
3) وفيات الأعيان 1 / 179.
98

وفقهه، ومناقبه طويلة عريضة " 1.
5 - الذهبي: " إسحاق بن إبراهيم الإمام الحافظ الكبير... نزيل نيسابور
وعالمها، بل شيخ أهل المشرق.. قال محمد بن أسلم الطوسي - وبلغه موت
إسحاق -: ما أعلم أحدا كان أخشى لله من إسحاق، يقول الله " إنما يخشى الله
من عباده العلماء "، وكان أعلم الناس، ولو كان الحمادان والثوري في الحياة
لاحتاجوا إليه. وعن أحمد قال: لا أعلم لإسحاق بالعراق نظيرا. وقال النسائي:
إسحاق ثقة مأمون إمام. وقال أبو داود الخفاف: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن
راهويه يقول: كأني أنظر إلى مائة ألف حديث في كتبي وثلاثين ألف أسردها.
قال: وأملى علينا إسحاق من حفظه أحد عشر ألف حديث ثم قرأها علينا فما زاد
حرفا ولا نقص حرفا. وقال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ من إسحاق. وقال أبو
حاتم: العجب من إتقانه وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ. وقال أبو
عبد الله بن أحمد بن شنبويه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسحاق لم نلق
مثله. " 2.
6 - الذهبي في [الكاشف] بمثل ما تقدم 3.
7 - الذهبي أيضا: " إسحاق بن راهويه، وهو الإمام عالم المشرق،
أبو يعقوب. الحافظ صاحب التصانيف.. " 4
8 - اليافعي: " الإمام عالم المشرق المحدث إسحاق بن راهويه.
جمع بين الحديث والفقه والورع " 5.

1) تهذيب الكمال - مخطوط.
2) تذكرة الحفاظ 2 / 433.
3) الكاشف 1 / 106.
4) العبر 1 / 426.
5) مرآة الجنان 2 / 121.
99

9 السبكي: " أحد أئمة الدين وأعلام المسلمين وهداة المؤمنين،
الجامع بين الفقه والحديث والورع والتقوى. قال نعيم بن حماد: إذا رأيت
الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه.
قلت: إنما قيد الكلام بالخراساني لأن أهل إقليم مرو هم الذين بحيث لو
كان فيه كلام لتكلموا فيه، فكأنه يقول: من تكلم فيه من أهل إقليمه فهو متهم
بالكذب لأنه لا يتكلم بالحق، غير أنه مما يشينه في دينه.. وقال الدارمي: ساد
إسحاق أهل المشرق والمغرب لصدقه. وقال محمد بن عبد الوهاب: كنت مع
يحيى بن يحيى وإسحاق نعود مريضا، فلما جازينا الباب تأخر إسحاق وقال
ليحيى تقدم، فقال يحيى لإسحاق بل أنت تقدم، فقال يا أبا زكريا أنت أكبر
مني، قال نعم أنا أكبر منك ولكنك أعلم مني. قال: فتقدم إسحاق. وقال
أبو بكر محمد بن النضر الجارودي: ثنا شيخنا وكبيرنا ومن تعلمنا منه وتجملنا
به أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم رضي الله عنه. وقال الحاكم: هو إمام عصره
في الحفظ والفتوى. وقال أبو إسحاق الشيرازي: جمع بين الحديث والفقه
والورع. وقال الخليلي في الارشاد: وكان يسمى شهنشاه الحديث... " 1.
10 - ابن حجر العسقلاني: " إسحاق خ. م. د. ن. س. أحد الأئمة " 2.
11 - وفي هدى الساري عند الكلام على السبب الذي دعا البخاري إلى
تصنيف (الصحيح) بكلام له:
" فلما رأى البخاري رضي الله عنه هذه التصانيف ورواها وانتشق رياها
واستجلى محياها، وجدها بحسب الوضع جامعة، بينما تدخل تحت التصحيح
والتحسين، والكثير منها يشمله التضعيف، فلا يقال لغثه سمين. فحرك همته

1) طبقات الشافعية 2 / 83.
2) تهذيب التهذيب 1 / 216.
100

لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين، وقوى عزمه على ذلك ما
سمعه من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه إسحاق بن إبراهيم
الحنظلي المعروف بابن راهويه، وذلك فيما أخبرنا به أبو العباس أحمد بن
عمر اللؤلؤي عن الحافظ أبي الحجاج المزي، قال أخبرنا يوسف بن يعقوب،
قال أخبر أبو اليمن الكندي، قال أخبرنا أبو منصور القزاز، قال أخبرنا
الحافظ أبو بكر الخطيب، قال أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب، قال أخبرنا
محمد بن نعيم، قال سمعت خلف بن محمد البخاري بها، يقول سمعت إبراهيم
ابن معقل النسفي، يقول قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كنا عند
إسحاق بن راهويه فقال: لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة النبي صلى الله
عليه وسلم. قال: فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح ".
[29]
رواية أبي محمد وهبان بن بقية بن عثمان الواسطي
وستتضح روايته لحديث الثقلين من كتاب (المناقب) لابن المغازلي إن
شاء الله.
ترجمته:
1 - المقدسي: " وهب بن بقية الواسطي، ولقبه وهبان، يكنى أبا محمد،
سمع خالد بن عبد الله في الجهاد، روى عنه مسلم، قال السراج: مات سنة
تسع وثلاثين ومائتين " 1.
2 - المزي: " قال يحيى: ثقة. وقال العجلي: الكوفي تابعي ثقة. وقال

1) أسماء رجال الصحيحين 2 / 542.
101

س: مجهول. وذكره ابن حبان في الثقات " 1.
3 - الذهبي: " وهب. م. د. س. ابن بقية. وثقه أبو زرعة وغيره " 2.
4 - أيضا في [الكاشف 3 / 243] و [العبر 1 / 431] بمثله.
5 - ابن حجر: " ثقة من العاشرة... " 3.
[30]
رواية أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
فقد روى حديث الثقلين في (المسند بطرق عديدة وأسانيد مختلفة وألفاظ
متفرقة..
قال: " حدثني أسود بن عامر، أخبرنا أبو إسرائيل يعني إسماعيل بن
إسحاق الملائي - عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود
من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي
الحوض " 4.
وقال: " ثنا أبو النضر، ثنا محمد يعني ابن طلحة عن الأعمش، عن
عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني
أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل وعترتي،
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف

1) تهذيب الكمال - مخطوط.
2) تذهيب التهذيب - مخطوط.
3) تقريب التهذيب 2 / 337.
4) مسند أحمد 3 / 14.
102

الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بما تخلفوني
فيهما " 1.
وقال: " ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان - عن عطية،
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد تركت
فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من
السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي
الحوض " 2.
وقال: " ثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطية العوفي،
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد تركت
فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب
الله حبل ممدود من أسماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا
حتى يردا علي الحوض " 3.
وقال: " ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي حيان التيمي، حدثني يزيد بن
حيان التيمي قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم إلى زيد بن
أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت معه، لقد لقيت
[رأيت] يا زيد خيرا كثيرا. حدثنا [يا زيد] ما سمعت من رسول الله صلى الله
عليه وسلم. قال: يا ابن أخي والله لقد كبر [ت] سني وقدم عهدي ونسبت بعض
الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوه وما لا
فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله يوما خطيبا فينا بماء يدعى خما بين مكة

1) مسند أحمد 3 / 17.
2) المصدر نفسه 3 / 26.
3) المصدر نفسه 3 / 59.
103

والمدينة، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد [ألا] أيها
الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي [يأتيني] رسول ربي عز وجل فأجيب، وإني
تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله [عز وجل] فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب
الله تعالى واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه وقال: وأهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال:
إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟
قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس. قال: أكل هؤلاء حرم
الصدقة؟ قال: نعم ".
ورواه عن زيد بن أرقم [4 / 371] وزيد بن ثابت أيضا [5 / 181 - 182]
بألفاظ مختلفة فراجعه.
هذا، ولقد روى أحمد حديث الثقلين في كتابه [مناقب أمير المؤمنين
مخطوط] أيضا بطرق عديدة.
وقال سبط ابن الجوزي: " قال أحمد في (الفضائل) ثنا أسود بن عامر،
ثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة قال: لقيت زيد بن
أرقم فقلت له: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تركت فيكم
الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر؟ قال: نعم سمعته يقول: تركت فيكم الثقلين،
كتاب الله حبل ممدود بين أسماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا إنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض. ألا فانظروا كيف تخلفوني فيهما " 1.
هذا بالإضافة إلى أن أحمد قد روى حديث الثقلين عن أبي الطفيل عن زيد

1) تذكرة خواص الأمة: 322.
104

ابن أرقم، وستطلع على ذلك فيما سننقل من كتاب (المستدرك) للحاكم إن
شاء الله.
[31]
رواية نصر بن عبد الرحمن بن بكار الباجي الكوفي الوشاء
قال الترمذي في (الصحيح) ما نصه: " حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي،
نا زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء
يخطب، فسمعته يقول: أيها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا،
كتاب الله وعترتي أهل بيتي. وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم
وحذيفة بن أسيد. هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد
روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم ".
كما يظهر من (نوادر الأصول) للحكيم الترمذي روايته هذا الحديث الثقلين
الشريف.
[32]
رواية أبي محمد عبد بن حميد الكسي
روى حديث الثقلين في (مسنده)، فقد قال الحافظ السيوطي: " الحديث
السابع: أخرج عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إني تارك ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي
أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " 1.
.

1) إحياء الميت بذكر فضائل أهل البيت: 12.
105

وقال نور الدين السمهودي ما نصه: " عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم خليفتين، كتاب الله عز وجل حبل ممدود
ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. أخرجه أحمد في مسنده، وعبد بن حميد بسند
جيد ولفظه: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل
وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " 1.
ومثله قال الشيخاني القادري في [الصراط السوي] والميرزا محمد خان
البدخشي في [مفتاح النجا - مخطوط] في ذكر طرق الحديث.
هذا وقد روى عبد بن حميد هذا الحديث عن زيد بن أرقم أيضا، فقد قال
الحافظ السيوطي ما نصه: " أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي
رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور
من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضل، فخذوا بكتاب الله
تعالى واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله
في أهل بيتي (حم) وعبد بن حميد (م) عن زيد بن أرقم " 2.
وقد ذكر الملا علي المتقي رواية عبد بن حميد لحديث الثقلين هذا في
(كنز العمال).
ترجمته:
1 - المقدسي: " عبد بن حميد بن نصر، أبو حميد الكسي، وكان اسمه
عبد الحميد في الأصل، سمع عثمان بن عمر عند البخاري، وأبا عاصم وعبد

1) جواهر العقدين - مخطوط.
2) الجامع الصغير - بشرح المناوي 2 / 174 175.
106

الرزاق ويعقوب بن إبراهيم وأبا عامر العقدي وجعفر بن عون ويونس المؤدب
وأبا نعيم وسعيد بن عامر وأحمد بن إسحاق وعمر بن يونس والحسن بن موسى.
روى عنه مسلم وأكثر. وقال البخاري: وقال عبد الحميد [عبد بن حميد] ذكره
بغير سماع... " 1.
2 - السمعاني: " الكسي بكسر الكاف وتشديد السين المهملة، هذه النسبة
إلى بلدة بما وراء النهر يقال لها كس، غير أن المشهور كش بفتح الكاف والشين
المنقوطة، ويعرف بنخشب. والمعروف من هذه البلدة: أبو محمد عبد الحميد
ابن حميد بن نصر الكسي، وهو المعروف بعبد بن حميد، إمام جليل القدر،
ممن جمع وصنف. وكانت إليه الرحلة من أقطار الأرض، مات في شهر رمضان
249 " 2.
3 - الميرزا محمد البدخشاني مثله 3.
4 - عبد الغني المقدسي: " وروى عنه مسلم فأكثر، وقال البخاري في
حنين الجذع: وزاد عبد الحميد عن عثمان بن عمر، قيل إنه عبد بن حميد،
روى عنه الترمذي " 4.
5 - الذهبي: " عبد بن حميد بن نصر، الإمام الحافظ أبو محمد الكسي،
مصنف المسند الكبير والتفسير وغير ذلك. وكان من الأئمة الثقات، وقع
المنتخب من مسنده لنا ولصغار أولادنا بعلو، مات سنة 249 " 5.

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 337 - 338.
2) الأنساب الكسي.
3) تراجم الحفاظ - مخطوط.
4) الكمال - مخطوط.
5) تذكرة الحفاظ 2 / 534.
107

6 الذهبي أيضا في [الكاشف 2 / 222] و [العبر 1 / 454] بنحو ما مر.
7 - اليافعي: " عبد الحميد الحافظ، أبو محمد، صاحب المسند
والتفسير " 1.
8 - ابن حجر العسقلاني: " قال البخاري في دلائل النبوة عقيب حديث
ابن عمر: شيخ ثقة، قال عبد الحميد، حدثنا عثمان بن عمر حدثنا معاذ بن العلاء،
عن نافع هذا، فقيل إنه عبد بن حميد هذا. وقال أبو حاتم بن حبان في الثقات:
عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشي، وهو الذي يقال له عبد بن حميد، وكان
ممن جمع وصنف... " 2.
9 - ابن حجر أيضا: " ثقة حافظ من الحادية عشرة " 3.
10 - وترجم له الجلال السيوطي معيرا عنه ب‍ (الحافظ) ومترجما له
بنحو ما مر 4.
[33]
رواية عباد بن يعقوب الرواجني الأسدي
قال الحافظ الطبراني ما نصه: " حدثنا الحسن بن محمد بن مصعب
الأشناني الكوفي، حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، حدثنا عبد الرحمن المسعودي
عن كثير النواء، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب

1) مرآة الجنان 2 / 155.
2) تهذيب التهذيب 6 / 455.
3) تقريب التهذيب 1 / 529.
4) طبقات الحفاظ: 234.
108

الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما
لن يتفرقا [يفترقا] حتى يردا علي الحوض، لم يروه عن كثيرا النواء إلا المسعودي " 1.
[34]
رواية نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي
فقد قال الحكيم الترمذي ما نصه: " حدثنا نصر بن علي، قال حدثنا زيد
ابن الحسن، قال حدثنا معروف بن خربوذ المكي، عن أبي الطفيل عامر بن
واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه
وسلم من حجة الوداع خطب فقال: أيها الناس إنه قد نبأني اللطيف الخبير
إنه لن يعمر نبي الأمثل نصف عمر الذي يليه من قبل، وإني أظن أن يوشك
أن أدعى فأجيب، وإني فرطكم على الحوض، وإني سائلكم حين تردون علي
عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه
بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي،
فإني قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " 2.
ترجمته:
1 - المقدسي: " نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي الأزدي البصري
يكنى أبا عمرو، والد علي، سمع أباه وعبد الأعلى وأبا أحمد الزبيري عندهما
وغير واحد، روى عنه البخاري ومسلم. قال أبو العباس السراج: مات سنة 250
[بالبصرة]، وقال البخاري: في شهر ربيع الأول [الآخر] من هذه السنة " 3.

1) المعجم الصغير 1 / 131.
2) نوادر الأصول: 68 - 69.
3) أسماء رجال الصحيحين 2 / 531.
109

2 - السمعاني: " قاضي البصرة، من العلماء المتقنين، كان ثقة ثبتا حجة " 1.
3 - الذهبي: " كان أحد الحفاظ والأئمة بالبصرة. قال عبد الله بن أحمد:
سألت أبي عنه فرضيه وقال ما به بأس. وقال أبو حاتم: هو أحب إلي من الفلاس
وأوثق وأحفظ. وقال ابن خراش وغيره: ثقة. وقال آخر: كان من نبلاء
الناس " 2.
4 - الذهبي: " الحافظ العلامة... قال أحمد: ما به بأس. وقال أبو حاتم:
هو أحب إلي من الفلاس وأحفظ وأوثق. وقال النسائي: ثقة.. " 3.
5 - الذهبي أيضا: " الحافظ أحد أوعية العلم... " 4.
6 - اليافعي كذلك 5.
7 - السيوطي: " روى عن أبيه وابن عيينة ويزيد بن زريع وخلق، وعنه
الأئمة الستة وأبو حاتم وخلق، مات سنة 250 " 6.
[35]
رواية محمد بن المثنى العنزي
بعلم روايته لحديث الثقلين من عبارة (الخصائص) للنسائي الآتية.

1) الأنساب الجهضمي.
2) تذهيب التهذيب - مخطوط.
3) تذكرة الحفاظ 2 / 519.
4) العبر 1 / 457.
5) مرآة الجنان 2 / 156.
6) طبقات الحفاظ: 227.
110

ترجمته:
1 - المقدسي: " محمد بن المثنى بن عبد قيس أبو موسى العنزي، يعرف
بالزمن، من أهل البصرة، سمع ابن عيينة وغندرا وجماعة عندهما. روى عنه
البخاري ومسلم وأكثرا عنه " 1.
2 - السمعاني: " روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وأبو عيسى والنسائي،
كان من الثقات " 2.
3 - المزي: " قال محمد بن يحيى النيسابوري: حجة، وقال صالح بن
محمد الحافظ: صدوق اللهجة وكان في عقله شئ وكنت أقدمه على بندار.
وقال (س): لا بأس به كان يغير في كتابه. وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال:
كان صاحب كتاب لا يقرأ إلا من كتابه " 3.
4 - الذهبي: " قال يحيى بن محمد الذهلي: حجة. وقال أبو حاتم:
صدوق.. وقال ابن خراش: كان من الاثبات، وقال الخطيب: كان صدوقا
ورعا فاضلا ثقة قدم بغداد وحدث بها " 4.
5 - الذهبي أيضا في [تذكرة الحفاظ 2 / 512] و [العبر 2 / 4].
6 وفي [الكاشف]: " ثقة، ورع " 5.
7 - العسقلاني: " ثقة ثبت، من العاشرة " 6.

1) أسماء رجال الصحيحين 1 / 451.
2) الأنساب العنزي.
3) تذهيب الكمال - مخطوط.
4) تذهيب التهذيب - مخطوط.
5) الكاشف 3 / 93.
6) تقريب التهذيب 2 / 204.
111

8 - السيوطي بنحو ما تقدم 1.
[36]
رواية أبي محمد الدارمي
لقد قال السخاوي بعد أن أورد حديث الثقلين عن صحيح مسلم: " وفي
لفظ: قيل لزيد رضي الله عنه: من أهل بيته: نساؤه؟ فقال: لا أيم الله إن المرأة
تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أمها. وفي رواية
غيره: إلى أبيها وأمها. أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
أخرجه مسلم أيضا وكذا النسائي باللفظ الأول، وأحمد، والدارمي في
مسنديهما وابن خزيمة في صحيحه وآخرون كلهم من حديث أبي حيان التيمي
يحيى بن سعيد بن حيان عن يزيد بن حيان " 2.
ترجمته:
1 - المقدسي: " عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي السمرقندي، يكنى
أبا محمد، سمع أبا اليمان الحكم بن نافع، ويحيى بن حسان، ومحمد بن
عبد الله الرقاشي ومروان، ومحمدا وأبا المغيرة، وعبد الله بن جعفر الرقي،
وحجاج بن منهال، والفريابي، وأبا نعيم، وعفان، وأبا علي عبد [عبيد] الله
الحنفي، وأبا معمر [و] عبد الله بن عمر المقري، وأبا الوليد الطيالسي، ومحمد
ابن المبارك، ومسلم بن إبراهيم، ومحمد بن كثير، وحبان بن هلال، وموسى
ابن خالد ختن الفريابي، روى عنه مسلم " 3.

1) طبقات الحفاظ: 222.
2) استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.
3) أسماء رجال الصحيحين 1 / 270.
112

2 - السمعاني: " أحد الرحالين في الحديث، والموصوفين بجمعه وحفظه
والاتقان له، مع الثقة والصدق والورع والزهد. واستقضي على سمرقند فأبى
فألح عليه السلطان حتى يقلده [تقلده] وقضى قضية واحدة ثم استعفى فأعفي،
وكان على غابة غاية العقل وفي نهاية الفضل، يضرب به المثل في الديانة والحلم
والرزانة والاجتهاد والعبادة والتقلل والزهادة، وصنف (المسند) و (التفسير)
و (الجامع)..، " 1.
3 عبد الغني المقدسي بنحو ما تقدم 2.
4 المزي: " وسأل إنسان أحمد عن أبي المنذر، فقال: لا أعرفه، قد
طالت غيبة إخواننا عنا لكن أين أنت عن عبد الله بن عبد الرحمن؟ عليك بذاك
السيد، عليك بذاك السيد، عليك بذاك السيد، فقال عثمان بن أبي شيبة: أمره
ظاهر من الصبر والحفظ وصيانة النفس عافاه الله.
وقال بندار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بن الحجاج
بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.
وقال أبو حاتم بن حبان: كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين،
ممن حفظ وجمع وتفقه وصنف وحدث، وأظهر السنة في بلده ودعا إليها وذب
عن حريمها وقمع من خالفها " 3.
5 - الذهبي: " الدارمي - الإمام الحافظ شيخ الإسلام بسمرقند...
صاحب المسند العالي الذي في طبقته منتخب مسند عبد بن حميد " 4.

1) الأنساب - الدارمي.
2) الكمال - مخطوط.
3) تهذيب الكمال - مخطوط.
4) تذكرة الحفاظ 2 / 535
113

6 - الذهبي أيضا: " قال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه " 1.
7 - في [العبر 2 / 8] نحوه.
8 - اليافعي [مرآة الجنان 2 / 161].
9 - ولي الدين الخطيب [أسماء رجال المشكاة] بنحو ما تقدم.
10 - العسقلاني [تهذيب التهذيب 5 / 294].
11 - العسقلاني أيضا: " الحافظ صاحب المسند، ثقة فاضل متقن من
الحادية عشر " 2.
12 - السيوطي [طبقات الحفاظ] والداودي [طبقات المفسرين 1 / 235]
الملا علي القاري [المرقاة 1 / 23] بنحو ما تقدم.
[37]
رواية علي بن المنذر الطريقي
تتضح روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة (صحيح الترمذي) في رواية
الأعمش المتقدمة، ومن رواية ابن الأثير في (أسد الغابة).
ترجمته:
1 السمعاني [الأنساب - الطريقي].
2 - المزي: " قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي، وهو صدوق ثقة،
وسئل أبي عنه فقال: حج خمسا وخمسين حجة ومحله الصدق، وذكره ابن حبان
في (الثقات) وقال ابن نمير: ثقة صدوق " 3.

1) الكاشف 1 / 103.
2) تقريب التهذيب 1 / 429.
3) تهذيب الكمال مخطوط.
114

3 - الذهبي: " قال (س): شيعي محض، ثقة مات 256 " 1..
4 - ولي الدين الخطيب [أسماء رجال المشكاة] بنحو ما تقدم.
5 - العسقلاني: " صدوق يتشيع من العاشرة " 2.
6 - الشيخ عبد الحق الدهلوي [أسماء رجال المشكاة] بنحو ما تقدم.
[38]
رواية مسلم بن الحجاج القشيري
لقد أورد حديث الثقلين بطرق عديدة، وأسانيد كثيرة، فقال:
" حدثني زهير بن حرب، وشجاع بن مخلد جميعا عن ابن علية، قال زهير:
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثني أبو حيان، حدثني يزيد بن حيان، قال:
انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر [و] بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا
إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا
كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: يا ابن أخي والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي
كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوه [فاقبلوا]
ومالا فلا تكلفونيه.
ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما
بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا
يا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم

1) الكاشف 2 / 296.
2) تقريب التهذيب 2 / 44.
115

ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به،
فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ومن
أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ فقال: نساؤه من أهل بيته ولكن
أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل،
وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا: محمد بن فضيل (ح) وحدثنا إسحاق
ابن إبراهيم، أنا جرير، كلاهما عن أبي حيان بهذا الاسناد نحو حديث إسماعيل
وزاد في حديث جرير: كتاب الله فيه الهدى والنور من استمسك به وأخذ به
كان على الهدى ومن أخطأه ضل.
حدثنا محمد بن بكار بن الريان، ثنا حسان، يعني ابن إبراهيم، عن سعيد
وهو ابن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: دخلنا عليه
فقلنا له: لقد رأيت خيرا، لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت
خلفه. وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان، غير أنه قال: الأواني تارك فيكم
الثقلين [ثقلين] أحدهما كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه
كان على الضلالة. وفيه: فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، [و] أيم الله
إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها.
أهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعد. " 1.
ترجمته:
1 - ابن خلكان: " أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري،

1) صحيح مسلم 2 / 237 - 238.
116

صاحب (الصحيح) أحد الأئمة الحفاظ وأعلام المحدثين، رحل إلى الحجاز والعراق
والشام ومصر، وسمع يحيى بن يحيى النيسابوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق
ابن راهويه، وعبد الله بن مسلمة القعنبي وغيرهم. وقدم بغداد غير مرة فروى
عنه أهلها وآخر قدومه إليها في سنة 259. وروى عنه الترمذي، وكان من
الثقات.
وقال محمد الماسرخسي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنفت هذا
المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، وقال الحافظ أبو علي
النيسابوري ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. وقال
الخطيب البغدادي كان مسلم يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد
ابن يحيى الذهلي بسببه.
وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لما استوطن البخاري نيسابور
أكثر مسلم من الاختلاف إليه فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع
في مسألة اللفظ ونادى عليه ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر وخرج
من نيسابور في تلك المحنة قطعه أكثر الناس غير مسلم فإنه لم يتخلف عن زيارته
فأنهي إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا وأنه
عوتب على ذلك بالحجاز والعراق ولم يرجع عنه. فلما كان يوم مجلس محمد
ابن يحيى قال في آخر مجلسه: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا
فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رؤوس الناس وخرج من مجلسه وجمع
كل ما كتب منه وبعث به على ظهر حمال إلى باب محمد بن يحيى فاستحكمت
بذلك الوحشة وتخلف عنه وعن زيارته " 1.
2 الذهبي: " قال أبو عمرو حمدان: سألت ابن عقدة: أيهما أحفظ،

1) وفيات الأعيان 4 / 280.
117

البخاري أو مسلم؟ فقال: كان محمد عالما ومسلم عالما. فأعدت عليه مرارا،
فقال: يقع لمحمد الغلط في أهل الشام وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها فربما
ذكر الرجل بكنيته ويذكره في موضع آخر يظنهما اثنين. وأما مسلم فقل
ما يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع والا المراسيل " 1.
3 - وفي [الكاشف 3 / 140] و [العبر 1 / 23] كذلك.
4 - اليافعي: ثم ذكر المقارنة التالية: " وقد اختلف أئمة الحديث
المتأخرون في تفضيل الصحيحين، فالأكثرون منهم فضلوا صحيح البخاري
على صحيح مسلم وبعضهم فضلوا صحيح مسلم، حتى قال أبو علي النيسابوري
ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم في علم الحديث. قلت: والمعروف
أن كتاب البخاري أفقه وكتاب مسلم أحسن سياقا للروايات " 2.
5 - ابن الوردي [تتمة المختصر في أخبار البشر 1 / 327].
6 - الملا علي القاري [المرقاة 1 / 16 - 17].
7 - الشيخ عبد الحق الدهلوي [أسماء رجال المشكاة]: " أحد الأئمة
الحفاظ من المتقنين المبرزين وأستاذ علماء الحديث وقدوتهم وعمدتهم، رحل
في طلب الحديث إلى أقطار العالم وأكنافه وأمصار الإسلام... ".
[39]
رواية ابن ماجة القزويني
ذكر الكنجي بعد روايته لحديث الثقلين بسنده ما يلي: " أخرجه مسلم في
صحيحه كما أخرجناه، ورواه أبو داود وابن ماجة القزويني في كتابيهما " 3.

1) تذكرة الحفاظ 2 / 588 - 590.
2) مرآة الجنان 2 / 174.
3) كفاية الطالب: 53.
118

ترجمته:
في [وفيات الأعيان 3 / 407] و [تهذيب الكمال مخطوط] و [أسماء رجال
المشكاة 3 / 804] و [تذكرة الحفاظ 2 / 636] و [سير النبلاء] و [العبر في خبر من
غبر 2 / 51] و [الكاشف 3 / 110] و [مرآة الجنان 3 / 188] و [المختصر في أخبار
البشر 2 / 54] و [تتمة المختصر 1 / 332] و [تهذيب التهذيب 9 / 530] و [تقريب
التهذيب 2 / 220] و [طبقات الحفاظ 278] وغيرها من كتب الرجال والسير.
وهنا نكتفي بترجمته عن ابن خلكان، فإنه قال: " أبو عبد الله محمد بن
يزيد بن ماجة الربعي بالولاء، القزويني، الحافظ المشهور، مصنف كتاب
(السنن) في الحديث، كان إماما في الحديث عارفا بعلومه وجميع ما يتعلق به،
ارتحل إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة وشام ومصر والري لكتب
الحديث، وله تفسير القرآن الكريم وتاريخ مليح. وكتابه في الحديث أحد
الصحاح الستة... ".
[40]
رواية أبي داود السجستاني
لقد ظهر لك روايته لحديث الثقلين من عبارة الحافظ الكنجي المتقدمة،
كما يظهر ذلك أيضا من كلام سبط ابن الجوزي حيث يقول: " وقد أخرجه
أبو داود في سننه، والترمذي وعامة المحدثين، وذكره رزين في الجمع بين
الصحاح " 1.

1) تذكرة خواص الأمة: 322.
119

ترجمته:
1 - السمعاني: " أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وحفظا ونسكا وورعا واتقانا
ممن جمع وصنف وذب عسن السنن وقمع من خالفها وانتحل ضدها، توفي
بالبصرة في شوال 275 " 1.
2 - ابن خلكان: " قال إبراهيم الحربي لما صنف أبو داود كتاب السنن:
ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد، وكان يقول: كتب عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خمس مائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا
الكتاب، يعني (السنن) جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث ذكرت
الصحيح وما يشبهه ويقاربه. ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث:
أحدها قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) والثاني قوله صلى الله
عليه وسلم (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) والثالث قوله صلى الله عليه
وسلم (لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه) والرابع
قوله صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات) " 2.
3 - المزي في [تهذيب الكمال) بنحو ما تقدم.
4 - الذهبي: " أبو داود الإمام الثبت سيد الحفاظ: 3.
5 - وأيضا: " ثبت حجة إمام عامل، مات في شوال 275 " 4.
6 - وفي العبر]: " وكان رأسا في الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع

1) الأنساب - السجستاني.
2) وفيات الأعيان 2 / 138.
3) تذكرة الحفاظ 2 / 591.
4) الكاشف 1 / 390.
120

حتى كان يشبه بشيخه الإمام أحمد بن حنبل " 1.
7 - اليافعي [مرآة الجنان 2 / 189].
8 السبكي: " وقال أحمد بن محمد بن ياسين الهروي في تاريخ هراة:
أبو داود كان أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلله
وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان الحديث.
وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة.
وقال أبو بكر الخلال: أبو داود الإمام المقدم في زمانه، لم يسبق إلى معرفته
بتخريج العلوم وبصره بمواضعه، رجل ورع مقدم.
وقال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي، حدثني أبو بكر بن
جابر خادم أبي داود قال: كنت مع أبي داود ببغداد فصليت المغرب فجاء الأمير
أبو أحمد الموفق فدخل، فأقبل عليه أبو داود وقال: ما جاء بالأمير في مثل هذا
الوقت؟ فقال: خلال ثلاث. قال: وما هي؟ قال: تنقل إلى البصرة فتتخذها
وطنا لترحل إليك طلبة العلم فتعمر بك فإنها قد خربت وانقطع عنها الناس لما
جرى عليها من محنة الزنج. قال: هذه واحدة. قال: وتروي لأولادي (السنن)
فقال: نعم، هات الثالث؟ قال: وتفرد لهم مجلسا فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع
العامة. قال: أما هذه فلا سبيل إليها لأن الناس في العلم سواء: قال ابن جابر:
فكانوا يحضرون ويقعدون وبينهم وبين العامة ستر " 2.
9 - القاري: " قال الخطابي شارحه: لم يصنف في علم الدين مثله، وهو
أحسن وضعا وأكثر فقها من الصحيحين. وقال أبو داود: ما ذكرت فيه حديثا
أجمع الناس على تركه. وقال ابن الأعرابي: من عنده القرآن وكتاب أبي

1) العبر 2 / 54.
2) طبقات الشافعية 2 / 295.
121

داود لم يحتج معهما إلى شئ من العلم البتة، وقال الناجي: كتاب الله أصل
الإسلام وكتاب أبي داود عيد الإسلام.
ومن ثم صرح حجة الإسلام الغزالي باكتفاء المجتهد به في الأحاديث،
وتبعه أئمة الشافعية على ذلك " 1.
10 - عبد الحق الدهلوي [أسماء رجال المشكاة] بنحو ما تقدم.
11 - الثعالبي: [مقاليد الأسانيد] " هو الإمام الأوحد الحجة الحافظ النقاد
سليمان بن الأشعث بن إسحاق... وكان إليه المنتهى في الحفظ والاتقان وكان
في الدرجة العالية من النسك والعفاف والصلاح والورع... ".
[41]
رواية عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري
تظهر روايته لحديث الثقلين من عبارة الحاكم في (المستدرك) الآتية.
ترجمته:
1 - السمعاني: " أبو محمد عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي كان
يكنى أبا محمد فكني بأبي قلابة، وغلبت عليه. سمع أباه ويزيد بن هارون
وعبد الله بن بكر السهيمي، وأبا داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوارث،
وروح بن عبادة، وبشر بن عمر الزهراني، وأبا عامر العقدي، واشهل بن حاتم،
وحجاج بن منهال، والقعنبي، ومعلى بن أسد.
روى عنه محمد بن إسحاق الصغاني، ويحيى بن محمد بن صاعد، والقاضي
المحاملي، ومحمد بن مخلد، وأبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصير في

1) المرقاة في شرح المشكاة 1 / 22.
122

المروزي، وأبو عمرو بن السماك، وأبو بكر أحمد بن سلمان النجاد، وأبو
سهل بن زياد القطان وجماعة آخرهم: أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي..
كان مذكورا بالصلاح والخير وكان سمج الوجه. وقال الدارقطني: هو
صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون " 1.
2 - عبد الغني المقدسي: " ذكره ابن حبان في الثقات فقال: كان يحفظ
أكثر حديثه، ويقال: إنه حدث من حفظ ستين ألف حديث. وقال أبو داود
السجستاني: رجل صدوق أمين مأمون " 2.
3 - المزي [تهذيب الكمال] بنحو ما مر.
4 - الذهبي [تذكرة الحفاظ 2 / 580] بمثل ذلك.
5 وأيضا في [العبر 2 / 56].
6 - وفي [دول الإسلام حوادث سنة 276].
7 - اليافعي [مرآة الجنان 2 / 190].
8 - السيوطي [طبقات الحفاظ 258].
[42]
رواية ابن أبي العوام التميمي
لقد أثبت روايته لحديث الثقلين ابن المغازلي في (المناقب) فليراجع.
ترجمته:
السمعاني: " أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي العوام بن يزيد بن دينار

1) الأنساب - الرقاشي.
2) الكمال مخطوط.
123

الرياحي التميمي، من أهل بغداد. سمع يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن
عطاء، وقريش بن أنس، وأبا عامر العقدي، وعبد العزيز بن أبان القرشي
وغيرهم.
روى عنه القاضي أبو عبد الله المحاملي، وأبو العباس ابن عقدة الكوفي،
وإسماعيل بن محمد الصفار، ومحمد بن عمرو الرزاز، وأبو عمرو بن السماك،
وأحمد بن سلمان النجاد، وأحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي، وأبو بكر الشافعي،
ومحمد بن جعفر بن الهيثم وهو آخر من حدث عنه. وقال أبو الحسن الدارقطني:
هو صدوق، ومات في شهر رمضان سنة 276 " 1.
[43]
رواية محمد بن عيسى الترمذي
لقد أورد حديث الثقلين بالسند الآتي: " حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي،
ثنا: زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله،
قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته
القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس، إني تركت فيكم ما إن أخذتم
به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
وفي الباب عن أبي ذر، وأبي سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد.
هذا حديث حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان
وغير واحد من أهل العلم " 2.
وقد روى هذا الحديث بسند آخر فقال: " حدثنا علي بن المنذر الكوفي،

1) الأنساب الرياحي.
2) صحيح الترمذي 2 / 219.
124

ثنا: محمد بن فضيل، ثنا: الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد، والأعمش،
عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم
من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي
ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما. هذا حديث
حسن غريب " 1.
ترجمته:
في كافة معاجم التراجم، وهو أحد أرباب الصحاح الستة المعول عليهم
في الحديث.. فهو غني عن الإشارة إلى فضله وبيان منزلة عند القوم.
[44]
رواية ابن أبي الدنيا
لقد أورد حديث الثقلين بسنده فقال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وقرابتي " 2.
ترجمته:
1 - الذهبي: " ابن أبي الدنيا المحدث العالم الصدوق... قال ابن
أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق. وقال الخطيب: أدب غير واحد
من أولاد الخلفاء. قال ابن كامل: هو مؤدب المعتضد " 3.

1) صحيح الترمذي 2 / 220.
2) فضائل القرآن - مخطوط.
3) تذكرة الحفاظ 2 / 677.
125

2 - وفي [العبر]: " وكان صدوقا أديبا أخباريا كثير العلم، روى عن خالد
ابن خداش وسعيد بن سليمان سعدويه وطبقتهما " 1.
3 - اليافعي [مرآة الجنان 2 / 193].
4 - السيوطي: " وثقه ابن أبي حاتم وغيره " 2.
5 - صلاح الدين الكتبي: " وكان يؤدب المكتفي بالله في حداثته،
وهو أحد الثقات المصنفين للأخبار والسير، وله كتب كثيرة تزيد على مائة
كتاب " 3.
[45]
رواية محمد بن علي الحكيم الترمذي
لقد أورد حديث الثقلين بسند جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: " الأصل
الخمسون حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء، قال: حدثنا زيد بن الحسن
الأنماطي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصوى يخطب
فسمعته يقول: أيها الناس، قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب
الله وعترتي أهل بيتي " 4.
وقال بسند آخر: " حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا زيد بن الحسن،
قال: حدثنا معروف بن خربوذ المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة،
عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من

1) العبر 2 / 65.
2) طبقات الحفاظ: 294.
3) فوات الوفيات 2 / 228.
4) نوادر الأصول: 68.
126

حجة الوداع خطب فقال: أيها الناس، إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لن يعمر
نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه من قبل، وأني أظن أن يوشك أن أدعى فأجيب،
وأني فرطكم على الحوض، وأني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا
كيف تخلفونني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم
فاستمسكوا ولا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه [فإني] قد نبأني
اللطيف الخبير أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " 1.
كما يعلم روايته لهذا الحديث من مراجعة (فرائد السمطين) و (مفتاح النجا).
ترجمته:
الكلاباذي [التعرف لمذهب التصوف] ومحمد بن الحسين السلمي [طبقات
الصوفية 217] وأبو نعيم [حلية الأولياء 10 / 233] والغزنوي [كشف المحجوب
لأرباب القلوب] والعطار [تذكرة الأولياء 2 / 75] والجامي [نفحات الأنس]
وشيخ الإسلام [أحكام الدلالة على تحرير الرسالة] والشعراني [لواقح الأنوار
1 / 106] والمناوي [فيض القدير] وغيرهم.
[46]
رواية ابن أبي عاصم الشيباني
لقد أخرج حديث الثقلين بسند زيد بن ثابت في [كتاب السنة] على ما يذكره
السيوطي في كتابه [البدور السافرة عن أمور الآخرة] فقال: " أخرج ابن أبي
عاصم في (السنة) عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إني تارك فيكم الثقلين الخليفتين من بعدي كتاب الله وعترتي، فإنهما لن يفترقا

1) نوادر الأصول: 68 - 69.
127

حتى يردا علي الحوض ".
كما أخرجه بسند الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،
على ما يرويه المتقي حيث يقول: " عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه
وسلم حضر الشجرة بخم ثم خرج آخذا بيد علي فقال [يا] أيها الناس ألستم
تشهدون أن الله ربكم؟ قالوا: بلي. قال: ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى
بكم من أنفسكم وأن الله ورسوله مولاكم؟ قالوا: بلي. قال: فمن كان الله
ورسوله مولاه فإن هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده
كتاب الله سبب [سببه] بيده وسببه بأيديكم، وأهل بيتي. ابن راهويه وابن جرير
وابن أبي عاصم والمحاملي في أماليه وصحح " 1.
ترجمته:
1 - الذهبي: " قال ابن أبي حاتم: صدوق، وقد ولي قضاء أصبهان
ستة عشرة سنة وعزل لشئ وقع بينه وبين علي بن متويه، وقيل: ذهبت كتبه
بالبصرة في فتنة الزنج فأعاد من حفظه خمسين ألف حديث " 2.
2 وفي [العبر]: " وكان إماما، فقيها، ظاهريا، صالحا، ورعا، كبير
القدر، صاحب مناقب " 3.
3 - اليافعي [مرآة الجنان 2 / 215].
4 - السيوطي [طبقات الحفاظ 280].

1) كنز العمال 15 / 122.
2) تذكرة الحفاظ 2 / 640.
3) العبر 2 / 79.
128

[47]
رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل
لقد جاء حديث الثقلين في (المستدرك) بالسند الآتي: " حدثنا أبو الحسين
محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد، ثنا: أبو قلابة عبد الملك بن محمد
الرقاشي، ثنا: يحيى بن حماد. وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه،
وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني
أبي، ثنا: يحيى بن حماد، وثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، ثنا:
صالح بن محمد الحافظ البغدادي، ثنا: خلف بن سالم المخرمي، ثنا: يحيى
ابن حماد، ثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش، قال: ثنا حبيب بن أبي ثابت
عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: لما رجع رسول الله
صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن،
قال [فقال] كأني قد دعيت فأجبت أني [قد] تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر
من الآخر، كتاب الله [تعالى] وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن
يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا ولي [مولى]
كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت وليه [مولاه] فهذا
وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وذكر الحديث بطوله.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، شاهده حديث
سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضا صحيح على شرطهما " 1.
كما قال البلخي: " وفي زيادات المسند، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل
حدثني أبي، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا إسرائيل، عن عثمان بن المغيرة،

1) المستدرك على الصحيحين 3 / 109.
129

عن علي بن ربيعة قال: لقيت زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج
من عنده، فقلت له: أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني
تارك فيكم الثقلين؟ قال: نعم.
عبد الله بن أحمد في (زيادات المسند) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا
أسود بن عامر قال: حدثنا شريك عن الركين عن القاسم بن حسان، عن زيد
ابن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض.
أيضا رواه عبد الله بن أحمد، عن أبي سعيد الخدري، وعن زيد بن أرقم " 1.
ترجمته:
في [الكمال - مخطوط] و [تهذيب الكمال مخطوط] و [تذهيب التهذيب
مخطوط] و [تذكرة الحفاظ 2 / 665] و [العبر 2 / 86] و [الكاشف 2 / 71] و [مرآة
الجنان 2 / 218] و [تهذيب التهذيب 5 / 141] و [تقريب التهذيب 1 / 401] و [طبقات الحفاظ 288]... وغير ذلك من الكتب، لكنا سنكتفي هنا بترجمته
الواردة في [تذكرة الحفاظ] وقد قال ما نصه:
" عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الحافظ الحجة أبو عبد الرحمن
محدث العراق ولد إمام العلماء أبي عبد الله الشيباني المروزي الأصل البغدادي
ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين، وسمع من أبيه فأكثر، ومن يحيى بن عبد ربه
صاحب شعبة، والهيثم بن خارجة، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وشيبان بن
فروخ وطبقتهم، ومنعه أبوه السماع من علي بن الجعد.
.

1) ينابيع المودة: 32
130

حدث عنه النسائي، وابن صاعد، وأبو بكر النجاد، ودعلج، وإسحاق
الكاذي، وأبو علي بن الصواف، وأبو بكر الشافعي، وأحمد بن محمد البناني
وأبو بكر القطيعي وخلائق.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا فهما. وقال أحمد بن المنادي في " تاريخه ":
لم يكن أحد أروى في الدنيا عن أبيه من عبد الله بن أحمد لأنه سمع منه المسند
وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة وعشرون ألفا، سمع ثلثيه والباقي وجادة،
وسمع منه التاريخ، والناسخ والمنسوخ، وحديث شعبة، والمقدم والمؤخر
من كتاب الله، والقرآن والمناسك الكبير، وغير ذلك وحديث الشيوخ. وما
زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون لعبد الله بمعرفة الرجال ومعرفة علل الحديث
والأسماء والمواظبة على الطلب، حتى أفرط بعضهم وقدمه على أبيه في الكثرة
والمعرفة، قال إسماعيل بن محمد بن حاجب سمعت صهيب بن سليم يقول:
سألت عبد الله بن أحمد قلت: كم سمعت من أبيك؟ قال: مائة ألف وبضعة عشر
ألفا. ويروى عن أبي زرعة [قال] قال لي أحمد: ابني محفوظ من علم الحديث
لا يذاكرني إلا بما لا أحفظ. قال عباس الدوري: قال لي أبو عبد الله [يا عباس]
قد وعى عبد الله علما كثيرا.
وقال أبو علي بن الصواف عنه، قال: كل شئ أقول قال أبي، قد سمعته
منه مرتين أو ثلاثة وأقله مرة. قلت: مات عبد الله في سن أبيه في شهر جمادى
الآخرة سنة 290، وكانت جنازته مشهودة، رحمه الله تعالى ".
[48]
رواية أبي العباس ثعلب الشيباني
لقد أورد الأزهري رواية ثعلب، وأنه قال في معنى الحديث: " سميا ثقلين
131

لأن الأخذ بهما ثقيل والعمل ثقيل. قال: وأصل الثقيل أن العرب تقول
لكل شئ نفيس خطير مصون: ثقل. فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيما
لشأنهما " 1.
ترجمته:
توجد ترجمته في أكثر المعاجم الرجالية، ونحن نكتفي هنا بما ذكره
السيوطي في حقه، وهذا نصه: " ثعلب، العلامة المحدث شيخ اللغة والعربية،
أبو العباس أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم البغدادي المقدم في نحو
الكوفيين، ولد سنة 200 وابتدأ الطلب سنة 216 حتى برع في علم الحديث،
وإنما أخرجته في هذا الكتاب لأنه قال: سمعت من عبد الله بن عمر القواريري
مائة ألف حديث، وقال الخطيب: كان ثقة ثبتا حجة صالحا مشهورا بالحفظ، مات
في جمادى الآخرة سنة 291 " 2.
[49]
رواية أبي بكر البزار
لقد أخرج حديث الثقلين في (مسنده) بطريقين على ما ينقله السيوطي بقوله:
" الحديث الثاني والعشرون - أخرج البزار عن أبي هريرة، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إني [قد] خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما، كتاب
الله ونسبي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
الحديث الثالث والعشرون - أخرج البزار عن علي عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني مقبوض وإني قد تركت فيكم الثقلين كتاب

1) تهذيب اللغة 9 / 78.
2) طبقات الحفاظ: 290.
132

الله تعالى وأهل بيتي، وإنكم لن تضلوا بعدهما " 1.
وقد جاءت روايته بهذين الطريقين في (جواهر العقدين) و (استجلاب ارتقاء
الغرف) و (وسيلة المآل) و (الصراط السوي).
ترجمته:
وقد ترجمنا لأبي بكر البزار في بعض مجلدات الكتاب، وذكرنا هناك
كلمات بعض الأعاظم في حقه.
[50]
رواية أبي نصر القباني
ذكر الحاكم في رواية أبي نصر لحديث الثقلين فقال: " ثنا: أبو نصر
أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، ثنا: صالح بن محمد الحافظ، ثنا خلف بن
سالم المخرمي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا: أبو عوانة، عن سليمان الأعمش،
قال: ثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: لما
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات
فقممن، قال: كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر
من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا ولي كل
مؤمن. ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم
وال من والاه وعاد من عاداه وذكر الحديث بطوله.
هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله " 2.

1) إحياء الميت: 19.
2) المستدرك 3 / 109.
133

ترجمته:
ويكفي في وثاقة الرجل واعتبار رواياته اعتماد الحاكم عليه في (المستدرك
على الصحيحين) كثيرا، ذاكرا إياه بالتعظيم والاجلال، فقد قال في بعضها:
" سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني إمام عصره ببخارى يقول... ".
[51]
رواية أبي عبد الرحمن النسائي
1 - أورد حديث الثقلين في كتاب [الخصائص] حيث قال: " أخبرنا محمد
ابن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: أخبرنا أبو عوانة، عن سليمان
قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: لما
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ونزل غدير خم أمر
بدوحات فقممن ثم قال: كأني دعيت فأجبت وأني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما
أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما،
فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل
مؤمن، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه
وسلم؟ قال: وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه بأذنيه " 1.
2 - ويفهم من عبارة المزي أن النسائي روى هذا الحديث الشريف عن
زيد بن أرقم بلفظ آخر مساوق للفظ الأول من (صحيح مسلم) فقد قال في مسند
زيد بن أرقم:

1) الخصائص: 93.
134

" يزيد بن حيان التيمي الكوفي عم أبي حيان التيمي، عن زيد بن أرقم
حديث (م، س): انطلقت أنا وحصين بن سبرة، وعمر [و] بن مسلم، إلى
زيد بن أرقم، قال له حصين: يا زيد لقد لقيت خيرا كثيرا، رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم. الحديث بطوله. وفيه إني تارك فيكم الثقلين " 1.
3 - كما ورد ذكر رواية النسائي لحديث الثقلين في عبارة [استجلاب ارتقاء
الغرف للسخاوي - مخطوط] حيث يقول:
" وتعجبت من إيراد ابن الجوزي له في (العلل المتناهية) بل أعجب من
ذلك قوله: إنه حديث لا يصح؟ مع ما سيأتي من طرقه التي بعضها في (صحيح
مسلم)... وكذا النسائي باللفظ الأول، وأحمد، والدارمي في مسنديهما.. ".
ترجمته:
ترجم له كبار الحفاظ والمؤرخين، وهذه قائمة بأسماء طائفة من مصادر
ترجمته:
1 - وفيات الأعيان 2 / 59.
2 - تتمة المختصر 2 / 351.
3 - مرآة الجنان 2 / 240.
4 - العبر 2 / 123.
5 - طبقات السبكي 3 / 14.
6 - طبقات الأسنوي 2 / 480.
7 - تهذيب التهذيب 1 / 36.
8 - تهذيب الكمال [مخطوط].
9 - تراجم الحفاظ [مخطوط].

1) تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للحافظ المزي.
135

[52]
رواية أبي يعلى الموصلي
1 - أخرج روايته لحديث الثقلين، السيوطي بقوله: " الحديث الثامن،
أخرج أحمد وأبو يعلى، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " 1.
2 - السخاوي في ذكر طرق هذا الحديث الشريف: " وحديث أبي سعيد
عند أحمد في مسنده من حديث الأعمش وكذا من حديث أبي إسرائيل الملائي
إسماعيل بن خليفة و عبد الملك بن أبي سليمان. ورواه الطبراني في الأوسط
من حديث كثير النواء، أربعتهم عن عطية ورواه أبو يعلى وآخرون " 2.
3 - السمهودي بعد نقل حديث الثقلين بلفظ الترمذي وأحمد " وأخرجه
أيضا الطبراني في الأوسط، وأبو يعلى، وغيرهما وسنده لا بأس به " 3.
4 - أحمد بن الفضل بن باكثير بعد ذكر حديث الثقلين عن أبي سعيد
الخدري: " أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، والطبراني في الأوسط وأبو
يعلى وغيرهم، وسنده لا بأس به " 4.
5 - والبدخشاني: " وأخرج أبو يعلى والطبراني في الكبير عن أبي سعيد

1) إحياء الميت: 12.
2) استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.
3) جواهر العقدين - مخطوط.
4) وسيلة المآل - مخطوط.
136

الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، إني تارك
فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي أمرين: أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله
حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يتفرقا حتى يردا
علي الحوض " 1.
ترجمته:
ترجم له كبار القوم مع الاجلال والتعظيم، كما يظهر ذلك من مراجعة
كتب الرجال مثل:
1 - تذكرة الحفاظ 2 / 707.
2 - العبر 2 / 134.
3 - الوافي بالوفيات 7 / 241.
4 - مرآة الجنان 2 / 249.
5 - طبقات الحفاظ 306.
[53]
رواية ابن جرير الطبري
1 - ذكر روايته لحديث الثقلين، الملا علي المتقي بقوله: " فضائل علي
رضي الله عنه مسند زيد بن أرقم، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة [عن زيد بن
أرقم - ظ]، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع
فنزل غدير خم أمر بدوحات فقممن، ثم قام فقال: كأني قد دعيت فأجبت وأني
قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء

1) مفتاح النجا مخطوط.
137

إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض. ثم قال: الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد
علي فقال: من كنت وليه فعلي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
فقلت لزيد: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما كان في
الدوحات أحد إلا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه. ابن جرير.
أيضا عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، مثل ذلك ابن جرير " 1.
2 - كما ذكره أيضا بقوله " عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أنشدكم الله في أهل بيتي مرتين. ابن جرير.
أيضا عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: قام فينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه
ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، أيها الناس! إني أنتظر أن يأتيني رسول ربي
فأجيب وأنا تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله فيه الهدى والصدق فاستمسكوا
بكتاب الله وخذوا به، فرغب في كتاب الله وحث عليه ثم قال: وأهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي، ثلاث مرات. فقيل لزيد: ومن أهل بيته؟ ألسن
[أليس] نساؤه من أهل بيته؟ فقال زيد: إن نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته
من حرم الصدقة بعده. قيل: ومن هم؟ قال: هم آل العباس وآل علي وآل
جعفر وآل عقيل. قيل: أكل هؤلاء يحرم الصدقة؟ قال: نعم. ابن جرير.
أيضا، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم... ابن جرير " 2.
ولقد روى ابن جرير هذا الحديث عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام،
بالإضافة إلى روايته عن زيد بن أرقم، وأبي سعيد الخدري، كما سبق آنفا من
عبارة المتقي في (كنز العمال).

1) كنز العمال 15 / 91.
2) كنز العمال 16 / 252 - 253.
138

ترجمته:
ترجم له كبار الحفاظ والأئمة ووصفوه بما يفوق الحد والوصف، وقد
ذكرنا شطرا من مآثره في بعض مجلدات الكتاب نقلا عن عدة من معاجم الرجال
مثل:
1 - تاريخ بغداد 2 / 162.
2 - الوافي بالوفيات 2 / 284.
3 - تذكرة الحفاظ 2 / 710.
4 - تهذيب الأسماء واللغات 1 / 78.
5 - مرآة الجنان 2 / 261.
6 - طبقات السبكي 3 / 120.
7 - طبقات الحفاظ 307.
8 - طبقات المفسرين 2 / 106.
9 - تتمة المختصر 1 / 356.
10 - الإعلام بأعلام البلد الحرام.
11 - طبقات ابن قاضي شهبة [مخطوط].
12 - النجوم الزاهرة 3 / 205.
[54]
رواية أبي بشر الدولابي
1 - أخرج روايته لحديث الثقلين السخاوي حيث قال: " وأما حديث علي
فهو عند إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق كثير بن زيد عن محمد بن عمر
139

ابن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده علي رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله سببه بيده
وسببه بأيديكم وأهل بيتي.
وكذا رواه الدولابي في - الذرية الطاهرة " 1.
2 - السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط] بعد ذكره الحديث عن
طريق كثير بن زيد (وهو سند جيد) وكذا رواه الدولابي في (الذرية الطاهرة).
3 - وأشار أحمد بن فضل بن با كثير في [وسيلة المآل - مخطوط] إلى رواية
الدولابي لحديث الثقلين.
4 - الشيخاني القادري في [الصراط السوي - مخطوط] عند ذكر هذا
الحديث.
ترجمته:
1 - السمعاني: " سمع محمد بن بشار بندار البصري، وأحمد بن أبي
شريح الرازي، وأبا أسامة عبد الله محمد بن أبي أسامة الحلبي، وأحمد بن
عبد الجبار العطاردي، وأبا الأشعث أحمد بن المقدام العجلي، ويونس بن
عبد الأعلى الصدفي، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقري، ومحمد بن حميد
الرازي، وأبا بكر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، وإبراهيم بن سعيد
الجوهري، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وعثمان بن عبد الله بن خرزاذ،
وأبا جعفر أحمد بن يحيى الأدوي، وأبا جعفر محمد بن عوض بن سفيان الطائي
وإبراهيم بن يعقوب البصري نزيل مصر، وجماعة كثيرة سواهم من أهل العراقين
والحجاز والشام وديار مصر.

1) استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.
140

روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم المقري وأبو القاسم سليمان بن أحمد
ابن أيوب الطبراني، وأبو محمد الحسن بن رشيق العسكري، وأبو حاتم
محمد بن حبان التميمي البستي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني
وغيرهم " 1.
2 - ابن خلكان: " كان عالما بالحديث والأخبار والتواريخ، سمع الأحاديث
بالشام والعراق. واعتمد عليه أرباب هذا الفن في النقل، وأخبروا عنه في كتبهم
ومصنفاتهم المشهورة، وبالجملة فقد كان من الأعلام في هذا الشأن ممن يرجع
إليه وكان حسن التصنيف " 2.
[55]
رواية ابن خزيمة النيسابوري
لقد أورد حديث الثقلين في (صحيحه) على ما نقله السخاوي فقال: " أخرجه
مسلم، وكذا النسائي باللفظ الأول وأحمد والدارمي في مسنديهما، وابن خزيمة
في صحيحه وآخرون، كلهم من حديث أبي حيان التيمي يحيى بن سعيد بن
حيان عن يزيد بن حيان " 3.
ترجمته:
1 - الذهبي: " ابن خزيمة، الحافظ الكبير إمام الأئمة شيخ الإسلام
أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي

1) الأنساب الدولابي.
2) وفيات الأعيان 3 / 474.
3) استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.
141

النيسابوري... حدث عنه الشيخان خارج صحيحيهما، ومحمد بن عبد الله بن
عبد الحكم أحد شيوخه، وأحمد بن المبارك المستملي، وإبراهيم بن أبي طالب
وأبو علي النيسابوري، وإسحاق بن سعيد النسوي، وأبو عمرو بن حمدان،
وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن مهران المقري،
ومحمد بن أحمد بن بصير، وحفيده محمد بن الفضل بن محمد وخلق لا يحصون
قال أبو علي النيسابوري: لم أر مثل ابن خزيمة، وقال أبو أحمد حسنك:
سمعت إمام الأئمة أبا بكر يحكي عن علي بن خشرم عن ابن راهويه أنه قال:
أحفظ سبعين ألف حديث. فقلت لأبي بكر: فكم يحفظ الشيخ؟ فضربني على
رأسي، وقال: ما أكثر فضولك؟ ثم قال: يا بني ما كتبت سوادا في بياض إلا
وأنا أعرفه، وقال أبو علي النيسابوري: كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من
حديثه كما يحفظ القارئ السورة.
قلت: هذا الإمام كان فريد عصره فأخبرني الحسن بن علي، أنا ابن اللتي
أنا أبو الوقت، أنا: أبو إسماعيل الأنصاري، أنا: عبد الرحمن بن محمد بن
محمد بن صالح، أنا أبي، أنا أبو حاتم بن حبان التميمي، قال: ما رأيت على
وجه الأرض من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها حتى
كأن السنن بين عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة فقط...
قال الدارقطني: كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير... " 1.
2 - الذهبي أيضا في العبر في خبر من غبر [2 / 149].
3 - اليافعي في مرآة الجنان [2 / 264].
4 - السبكي: " المجتهد المطلق البحر العجاج، والحبر الذي لا يخاير
في الحجى ولا يناظر في الحجاج، جمع أشتات العلوم وارتفع مقداره فتقاصرت

1) تذكرة الحفاظ 2 / 720.
142

عنه طوالع النجوم، وأقام بمدينة نيسابور إمامها حيث الضراغم مزدحمة، وفردها
الذي رفع بين الأفراد علمه، والوفود تفد على ربعه لا يتجنبه منهم إلا الأشقى،
والفتاوى تحمل منه برا وبحرا وتشق الأرض شقا... وكيف لا وهو إمام
الأئمة...
وقال الحاكم في (علوم الحديث): فضائل ابن خزيمة مجموعة عندي في
أوراق كثيرة ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين كتابا سوى المسائل، والمسائل
المصنفة أكثر من مائة جزء، وله (فقه حديث بريرة) في ثلاثة أجزاء " 1.
5 - الأسنوي: " قال شيخه الربيع: استفدنا من أبي خزيمة أكثر مما
استفاد منا. وكان متقللا، له قميص واحد دائما فإذا جدد آخر وهب ما كان
عليه " 2.
6 - السيوطي: " ابن خزيمة الحافظ الكبير الثبت إمام الأئمة شيخ الإسلام
حدث عنه الشيخان خارج صحيحهما... " 3.
7 - القنوجي بنحو ما تقدم 4.
[56]
رواية الباغندي الواسطي
أخرج روايته لحديث الثقلين ابن المغازلي قائلا: " أخبرنا أبو طالب محمد
ابن أحمد بن عثمان الأزهري المعروف بابن الصيرفي البغدادي: قدم علينا

1) طبقات الشافعية 3 / 109.
2) طبقات الشافعية 1 / 462.
3) طبقات الحفاظ: 310.
4) التاج المكلل: 298.
143

واسطا سنة أربعين وأربعمائة، قال: نا أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن يعقوب
ابن البواب، نا: محمد بن محمد بن سليمان الباغندي نا: وهبان وهو ابن
بقية الواسطي، ثنا خالد بن عبد الله، عن الحسن بن عبد الله، عن أبي الضحى،
عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " 1.
ترجمته:
1 - السمعاني: " كان حافظا عارفا بالحديث، رحل إلى الأمصار البعيدة،
وعني به العناية العظيمة وأخذ من الحفاظ والأئمة. ومات في ذي الحجة سنة
اثنتي عشرة وثلاثمائة " 2.
2 - الذهبي: " الحافظ الأوحد محدث العراق. قال القاضي أبو بكر
الأبهري، سمعت أبا بكر ابن الباغندي يقول: أجبت في ثلاثمائة ألف مسألة
في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الخطيب: رأيت كافة شيوخنا يحتجون به ويخرجونه في الصحيح.
وقال محمد بن أحمد بن زهير: هو ثقة لو كان بالموصل لخرجتم إليه ولكنه
ينطرح عليكم... " 3.
3 - وأيضا في العبر في خبر من غبر [2 / 153].

1) المناقب: 234.
2) الأنساب - الباغندي.
3) تذكرة الحفاظ 2 / 736.
144

[57]
رواية أبي عوانة الأسفراييني
أورد حديث الثقلين في كتابه (المسند الصحيح) على ما ينقله الشيخ محمود
الشيخاني القادري قائلا: " وأخرج أبو عوانة، عن أبي الطفيل، عن زيد بن
أرقم رضي الله عنه، قال: لما رجع رسول الله عليه وسلم من حجة
الوداع، ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن. ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت،
إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني
فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله مولاي وأنا
ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: من كنت مولاه فهذا
وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه بأذنه.
قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح " 1.
ترجمته:
1 - السمعاني: " فمن مشاهير المحدثين: أبو عوانة يعقوب بن إسحاق
ابن إبراهيم بن يزيد الأسفراييني الحافظ، أحد حفاظ الدنيا ومن رحل في طلب
الحديث وعنى بجمعه وتعب في كتابته، وكانت له رحل عدة إلى العراق والشام
والحجاز وديار مصر وفارس واليمن، وصنف: (المسند الصحيح) على
(صحيح مسلم بن الحجاج القشيري) وأحسن، وكان زاهدا عفيفا متعبدا متقللا " 2.

1) الصراط السوي - مخطوط.
2) الأنساب - الأسفراييني.
145

2 - ابن خلكان: " كان أبو عوانة أحد الحفاظ الجوادين والمحدثين
المكثرين... قال أبو عبد الله الحاكم: أبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم
ومن الرحالة في أقطار الأرض لطلب الحديث...
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: حدثني الشيخ الصالح الأصيل أبو
عبد الله محمد بن محمد بن عمر الصفار الأسفراييني: إن قبر أبي عوانة بأسفراين
مزار العالم ومتبرك الخلق...
سمعت جدي الإمام عمر بن الصفار رحمه الله تعالى ونظر إلى القبور حول
قبر الإمام الأستاذ أبي إسحاق، وأشار إلى المشهد، وقال: قد قيل هاهنا من
الأئمة والفقهاء على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه أربعون إماما، كان كل
واحد منهم لو تصرف في المذهب وأفتى برأيه واجتهاده (يعني على مذهب
الشافعي) لكان حقيقا بذلك.
وكان جدي إذا وصل إلى مشهد الأستاذ لا يدخله احتراما بل كان يقبل عتبة
المشهد، وهي مرتفعة بدرجات ويقف ساعة على هيئة التعظيم والتوقير، ثم يعبر
عنه كالمودع لعظيم الهيبة، وإذا وصل إلى مشهد أبي عوانة كان أشد تعظيما له
وإجلالا وتوقيرا، ويقف أكثر من ذلك. رحمهم الله تعالى أجمعين " 1.
3 - الذهبي بنحو ما تقدم 2.
4 - وأيضا في [العبر في خبر من غبر 2 / 165].
5 - واليافعي في [مرآة الجنان 2 / 269]. 6 - السبكي: " وهو أول من أدخل مذهب الشافعي إلى إسفراين، أخذه
عن المزني والربيع. سمع محمد بن يحيى، ومسلم بن الحجاج، ويونس بن
عبد الأعلى، وعمر بن شبة، وعلي بن حرب، وعلي بن أشكاب، وسعدان بن

1) وفيات الأعيان 5 / 436.
2) تذكرة الحفاظ 2 / 779.
146

نصر وخلقا سواهم " 1.
7 - الأسنوي: " كان إماما كبيرا عالما حافظا رحلا إلى الآفاق... " 2.
8 - الثعالبي: " صحيح أبي عوانة الأسفراييني وهو مستخرج على صحيح
مسلم، وزاد فيه طرقا في الإشارة، وقليلا من المتون " 3.
9 - القنوجي بنحو ما تقدم 4.
[58]
رواية عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي
لقد أخرج روايته لحديث الثقلين الحموي بقوله: " أخبرتنا الشيخة الصالحة
زينب بنت القاضي عماد الدين أبي صالح نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ قطب
وقته عبد القادر، سماعا عليها بمدينة السلام بغداد عصر يوم الجمعة السادس
والعشرين من صفر سنة اثنتين وسبعين وستمائة، قيل لها: أخبرك الشيخ أبو الحسن
علي بن محمد بن علي بن السقا، قراءة عليه وأنت تسمعين في خامس رجب
سنة سبع عشرة وستمائة بالمدرسة القادرية؟ قالت: نعم؟ قال: أنبأنا أبو القاسم
سعيد بن أحمد بن البناء، وأبو محمد المبارك بن أحمد بن بركة الكندي في جمادى
الأولى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، قالا: أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد
الريسي [الزينبي]، قال: أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن
المخلص، قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، أنبأنا بشر

1) طبقات الشافعية 3 / 487.
2) طبقات الشافعية 1 / 203.
3) مقاليد الأسانيد للثعالبي.
4) التاج المكلل: 150.
147

ابن الوليد الكندي، أنبأنا محمد بن طلحة عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد
الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني
تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي
أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض،
فانظروا ما تخلفوني فيهما " 1.
ترجمته:
وقد ترجم لأبي القاسم البغوي المذكور كبار علماء وحفاظ أهل السنة،
ذكرنا طرفا من ترجمته في مجلد حديث الطير نقلا عن:
1 - تذكرة الحفاظ 2 / 737.
2 - العبر 2 / 107.
3 - طبقات الحفاظ 312.
[59]
رواية ابن عبد ربه القرطبي
لقد أخرج حديث الثقلين في (العقد الفريد) ضمن خطبة النبي صلى الله
عليه وآله وسلم، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ترجمته:
وتوجد ترجمة ابن عبد ربه في كثير من كتب التاريخ والرجال المشهورة،
وقد ذكرنا له ترجمة مفصلة في مجلد حديث الطير عن:

1) فرائد السمطين 2 / 272.
148

1 - وفيات الأعيان 1 / 92.
2 - المختصر 2 / 87.
3 - تتمة المختصر 1 / 377.
4 - مرآة الجنان 2 / 295.
5 - بغية الوعاة 161.
[60]
رواية ابن الأنباري
1 - لقد أخرج حديث الثقلين في كتاب (المصاحف) على ما ينقله السيوطي
قائلا: " وأخرج الترمذي وحسنه وابن الأنباري في (المصاحف) عن زيد بن أرقم
رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن
تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود
من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض،
فانظروا كيف تخلفوني فيهما " 1.
2 - وأخرجه برواية زيد بن ثابت أيضا، على ما ينقله البدخشاني عند ذكر
طرق هذا الحديث الشريف بقوله: " ولفظه عند الحافظين أبي محمد عبد الله
ابن حميد الكشي وأبي بكر محمد بن القاسم المعروف بابن الأنباري، عن
زيد بن ثابت: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي
أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " 2.

1) الدر المنثور 6 / 7.
2) مفتاح النجا - مخطوط.
149

ترجمته:
1 - السمعاني: " كان صدوقا فاضلا دينا خيرا من أهل السنة، وصنف كتبا
كثيرة في علم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على
من خالف مصحف العامة. وكان يملي وأبوه حي، يملي هو في ناحية من المسجد
وأبوه في ناحية أخرى، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن، وكان
يملي من حفظ، وما كتب عنه الاملاء قط إلا من حفظه " 1.
2 - ابن خلكان: "... وكان صدوقا ثقة دينا خيرا من أهل السنة... ذكره
الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه. قيل: إنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا
للقرآن بأسانيدها.
وحكى أبو الحسن الدارقطني أنه حضر في مجلس إملائه يوم جمعة،
فصحف اسما أورده في إسناد حديث، إما كان (حيان) فقال (حبان) أو (حبان)
فقال (حيان). قال الدارقطني: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته
وهم، وهبت أن أوقفه على ذلك، فلما انقضى الاملاء تقدمت إلى المستملي
فذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت، ثم حضرت الجمعة
الثانية في مجلسه، فقال أبو بكر: عرف جماعة الحاضرين إنا صحفنا الاسم
الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على
الصواب، وهو كذا، وعرف ذلك الشاب إنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما
قال... " 2.
3 - اليافعي كما تقدم 3.

1) الأنساب - الأنباري.
2) وفيات الأعيان 3 / 463.
3) مرآة الجنان 2 / 294.
150

[61]
رواية أبي عبد الله الضبي المحاملي
لقد أخرج حديث الثقلين في (أماليه) وصرح بصحته، كما ينقل ذلك الملا
علي المتقي حيث يقول: " عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وسلم
حضر الشجرة بخم، ثم خرج آخذا بيد علي فقال: أيها الناس ألستم تشهدون
إن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم وإن الله ورسوله مولاكم؟ قالوا: بلي!
قال: فمن كان الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم
به لن تضلوا بعدي: كتاب الله سببه بيده وسببه بأيديكم وأهل بيتي.
ابن جرير، وابن أبي عاصم، والمحاملي في أماليه وصحح " 1.
ترجمته:
وترجم المحاملي أكثر أصحاب الكتب الرجالية والمؤرخين، أنظر:
1 - الأنساب - المحاملي.
2 - الكامل 8 / 139.
3 - العبر 2 / 222.
4 - مرآة الجنان 2 / 297.
5 - طبقات الحفاظ 343.
6 - تاريخ بغداد 8 / 19.
قال الذهبي: " المحاملي، القاضي الإمام العلامة الحافظ، شيخ بغداد
ومحدثها أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي البغدادي... قال

1) كنز العمال 15 / 122 123.
151

الخطيب: كان فاضلا دينا صادقا شهد عند القضاة وله عشرون سنة، ولي قضاء
الكوفة ستين سنة، وقال ابن جميع الغساني: عند المحاملي سبعون نفسا من
أصحاب سفيان بن عيينة، وقال أبو بكر الداودي: كان يحضر مجلس المحاملي
عشرة آلاف رجل، واستعفى من القضاء قبل عشرين وثلاثمائة وكان محمودا
في ولايته " 1.
[62]
رواية أحمد بن محمد بن سعيد (ابن عقدة)
لقد أخرج حديث الثقلين في (كتاب الولاية) المعروف ب‍ (كتاب الموالاة)
أيضا بثمان طرق، كما ينقل ذلك السخاوي في [استجلاب ارتقاء الغرف -
مخطوط].
ولقد أوردها السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط] وابن باكثير المكي
في [وسيلة المآل - مخطوط] أيضا. أما الشيخاني القادري فقد أورد في [الصراط السوي - مخطوط] روايتين
منها فقط.
ترجمته:
ترجم له أرباب المعاجم الرجالية مع الاجلال والتكريم، وقد ذكرنا له
ترجمة مفصلة في مجلد حديث الغدير...

1) تذكرة الحفاظ 3 / 824.
152

[63]
رواية دعلج السجزي
أخرج روايته لحديث الثقلين الحاكم بعد ذكر الحديث عن طريق زيد
ابن أرقم، حيث قال: " شاهده: حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل أيضا
صحيح على شرطهما. حدثنا [ه] أبو بكر بن إسحاق، ودعلج بن أحمد السجزي،
قالا: أنبأ محمد بن أيوب، ثنا الأزرق بن علي، ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني،
ثنا محمد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أنه سمع
زيد بن أرقم رضي الله عنه يقول: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة
والمدينة عند سمرات [شجرات] خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت
السمرات [الشجرات]، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية فصلى ثم
قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول، ثم
قال: أيها الناس، إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموها، وهما كتاب
الله وأهل بيتي عترتي، ثم قال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ثلاث
مرات، قالوا: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي
مولاه " 1.
ترجمته:
1 - الذهبي: " كان من أوعية العلم وبحور الرواية، روى عنه: الدارقطني،
والحاكم، وابن زرقويه، وأبو إسحاق الأسفراييني، وأبو القاسم بن بشران
وعدد كثير، قال الحكام: أخذ دعلج عن ابن خزيمة المصنفات، قال: وكان

1) المستدرك على الصحيحين 3 / 109 - 110.
153

يفتي بمذهبه وكان شيخ أهل الحديث، وله صدقات جارية على أهل الحديث
بمكة والعراق وسجستان. قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: صنف دعلج
(المسند الكبير) ولم أر في مشايخنا أثبت منه. وسمعت عمر البصري يقول:
ما رأيت ببغداد من انتخبت عليهم أصح كتبا منه ولا أحسن سماعا " 1.
2 - وأيضا في العبر في خبر من غبر [6 / 291] بمثل ما مر.
3 - وكذا اليافعي في مرآة الجنان [2 / 347].
4 - السبكي: " قال الحاكم: سمعت الدارقطني يقول: صنفت لدعلج
(المسند الكبير) فكان إذا شك في حديث ضرب عليه، ولم أر في مشايخنا أثبت
منه. قال الحاكم اشترى دعلج بمكة دار العباسية بثلاثين ألف دينار قال: ويقال:
لم يكن في الدنيا من التجار أيسر من دعلج، وقال الخطيب: بلغني أنه بعث
بالمسند إلى ابن عقدة لينظر فيه وجعل في الأجزاء بين كل ورقتين دينارا " 2.
5 - السيوطي: " دعلج بن أحمد بن دعلج، الإمام الفقيه محدث بغداد
سمع البغوي ومنه الدارقطني والحاكم، وكان من أوعية العلم وبحور الرواية
وشيخ أهل الحديث. صنف (المسند الكبير) ومات في جمادى الآخرة سنة 351
وخلف ثلاثمائة ألف دينار " 3.
[64]
رواية ابن الجعابي
1 أخرج روايته لحديث الثقلين، العلامة السخاوي بقوله: " ورواه

1) تذكرة الحفاظ 3 / 881.
2) طبقات الشافعية 3 / 291.
3) طبقات الحفاظ: 360.
154

الجعابي من حديث عبد الله بن موسى، عن أبيه عن عبد الله بن حسن، عن أبيه،
عن جده، عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني
مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل طرفه بيد الله وطرفه
بأيديكم وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " 1.
2 - السمهودي حيث قال: " ورواه الجعابي في الطالبيين من حديث عبد الله
ابن موسى الخ " 2.
ترجمته:
ترجم له أعلام المؤرخين، وقد ذكرنا ترجمة مفصلة له في مجلد حديث
مدينة العلم، فلا حاجة إلى إعادتها هنا...
[65]
رواية سليمان بن أحمد الطبراني
لقد أخرج حديث الثقلين في معاجمه الثلاثة بطرق عديدة، وألفاظ
مختلفة:
1 - ففي (المعجم الصغير) برواية أبي سعيد الخدري: " حدثنا الحسن بن
محمد بن مصعب الأشاني [الأشنان] الكوفي، حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي،
حدثنا عبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء، عن عطية العوفي، عن أبي
سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين
أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله عز وجل، حبل ممدود من السماء إلى الأرض

1) استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.
2) جواهر العقدين - مخطوط.
155

وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا [يفترقا] حتى يردا علي الحوض. لم يروه
عن كثير النواء إلا المسعودي ".
2 - وأيضا في (المعجم الصغير) برواية أبي سعيد بسند آخر 1.
3 - وأخرجه في (المعجم الأوسط) كما ذكر السخاوي والسمهودي.
4 - وفي (المعجم الكبير) كما ذكر البدخشاني في (مفتاح النجا في مناقب
آل العبا).
5 - وتجد روايته لحديث الثقلين في (الدر المنثور 2 / 60) و (إحياء
الميت 27، 30) وفي (كنز العمال) و (الصواعق) و (السيرة الحلبية) وغيرها.
ترجمته:
وقد ترجم الطبراني وأثنى عليه كبار الأئمة وكافة أرباب الكتب الرجالية،
مثل:
ابن خلكان في وفيات الأعيان [2 / 215].
والسمعاني في الأنساب [الطبراني].
والذهبي في تذكرة الحفاظ [3 / 912] والعبر [2 / 315].
واليافعي في مرآة الجنان [2 / 372].
وابن الجزري في [طبقات القراء].
والقنوجي في التاج المكلل [54].
ولغرض الاختصار نقتصر على ما ورد من ترجمته في طبقات الحفاظ للسيوطي
حيث يقول:
" الطبراني الإمام العلامة الحجة، بقية الحفاظ أبو القاسم سليمان بن أحمد

1) المعجم الصغير 1 / 135.
156

ابن أيوب بن مطير اللخمي الشامي. مسند الدنيا وأحد فرسان هذا الشأن.
ولد بعكا في صفر سنة 260، وسمع في سنة 273، بمدائن الشام والحجاز
واليمن ومصر وبغداد والكوفة والبصرة وأصبهان والجزيرة وغير ذلك، وحدث
عن ألف شيخ أو يزيدون.
صنف (المعجم الكبير) وهو المسند، ولم يسبق فيه من مسند المكثرين
إلا ابن عباس وابن عمر، فأما أبو هريرة، وأنس وجابر، وأبو سعيد، وعائشة
فلا بد، ولا حديث جماعة من المتوسطين، لأنه أفرد لكل مسندا فاستغنى عن
إعادته. وله (المعجم الأوسط) على شيوخه، فأتى عن كل شيخ بما له من الغرائب
فهو نظير (الأفراد) للدار قطني، وكان يقول: هذا الكتاب روحي، فإنه تعب
عليه. و (المعجم الصغير) وهو عن كل شيخ له حديث...
قال أبو العباس الشيرازي: كتبت عن الطبراني ثلاثمائة ألف حديث،
وهو ثقة.
قال الذهبي في (الميزان): ومع سعة روايته لم ينفرد بحديث " 1.
[66]
رواية أبي بكر القطيعي
أخرج روايته لحديث الثقلين الحاكم بالسند الآتي:
" حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد، ثنا: أبو
قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا: يحيى بن حماد، وحدثني أبو بكر
محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز، قالا: ثنا: عبد الله
ابن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا: يحيى بن حماد، وثنا: أبو نصر أحمد

1) طبقات الحفاظ: 372.
157

ابن سهل الفقيه ببخارى، ثنا: صالح بن محمد الحافظ البغدادي، ثنا: خلف
ابن سالم المخرمي، ثنا: يحيى بن حماد، ثنا: أبو عوانة، عن سليمان الأعمش
قال: ثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه
قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم
أمر بدوحات فقممن، فقال: كأني قد دعيت فأجبت، إني تارك فيكم الثقلين
أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما
فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: الله عز وجل مولاي وأنا ولي
كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه، فقال: من كنت وليه فهذا وليه،
اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه " 1.
ترجمته:
1 - السمعاني: " المحدث المشهور أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان
ابن مالك بن شبيب القطيعي - من قطيعة الدقيق محلة في أعلى غربي بغداد
يروي عن إسحاق وإبراهيم الحربيين والكديمي وأبي مسلم الكشي، وكان يروي
عن عبد الله بن أحمد بن حنبل (المسند) عن أبيه، وكان مكثرا، يروي عنه: أبو
عبد الله الحافظ ابن البيع، وأبو نعيم الحافظ الأصبهاني، في جماعة كثيرة
آخرهم أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، ومات في ذي الحجة سنة ثمان
وستين وثلاثمائة " 2.
2 - الذهبي: " وكان شيخا صالحا " 3.

1) المستدرك على الصحيحين 3 / 109.
2) الأنساب القطيعي.
3) العبر 2 / 346.
158

[67]
رواية الأزهري اللغوي
1 - لقد أورد حديث الثقلين في كتاب (تهذيب اللغة) في مادة (عترة) على
ما ذكره العلامة ابن منظور حيث قال:
" قال الأزهري رحمه الله: وفي حديث زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين خلفي، كتاب الله وعترتي فإنهما
لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. وقال: قال محمد بن إسحاق: وهذا حديث
صحيح، رفعه نحو زيد بن أرقم وأبو سعيد الخدري، وفي بعضها: إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فجعل العترة أهل البيت " 1.
2 - وأورده في مادة (ثقل) من كتابة قائلا: " التهذيب: وروى عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال في آخر عمره: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي، فجعلهما كتاب الله عز وجل وعترته. وقد تقدم ذكر العترة. وقال ثعلب:
سميا ثقلين لأن الأخذ بهما ثقيل، والعمل بهما ثقيل. قال: وأصل الثقل أن
العرب تقول لكل شئ نفيس خطير مصون ثقل، فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما
وتفخيما لشأنهما، وأصله في بيض النعام المصون، وقال ثعلبة بن صغير المازني
يذكر الظليم والنعامة:
فتذكرا ثقلا رشيدا بعد ما * ألقت ذكاء يمينها في كافر
ويقال للسيد العزيز ثقل من هذا، وسمى الله تعالى الجن والإنس الثقلين
سميا ثقلين، لتفضيل الله تعالى إياهما على سائر الحيوان المخلوق في الأرض
بالتمييز والعقل الذي خصا به " 2.

1) لسان العرب 4 / 538.
2) المصدر نفسه 11 / 88.
159

3 - وأورده في مادة (حبل) قائلا: " وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
أوصيكم بكتاب الله وعترتي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من
السماء إلى الأرض. قال أبو منصور: وفي هذا الحديث اتصال كتاب الله عز وجل
وإن كان يتلى في الأرض وينسخ ويكتب، ومعنى الحبل الممدود نور هداه،
والعرب تشبه النور بالحبل والخيط. قال الله: حتى يتبين لكم الخيط الأبيض
من الخيط الأسود. فالخيط الأبيض هو نور الصبح إذا تبين للأبصار وانفلق،
والخيط الأسود دونه في الإنارة لغلبة سواد الليل عليه، ولذلك نعت بالأسود
ونعت الآخر بالأبيض، والخيط والحبل قريبان من السواء " 1.
ترجمته:
1 - ابن خلكان: " كان فقيها شافعي المذهب، غلبت عليه اللغة فاشتهر بها،
كان متفقا على فضله وثقته ودرايته وورعه... وكان... جامعا لشتات اللغة مطلعا
على أسرارها ودقائقها، وصنف في اللغة كتاب (التهذيب) وهو من الكتب
المختارة، يكون أكثر من عشر مجلدات، وله تصنيف في غريب الألفاظ التي
استعملها الفقهاء في مجلد واحد، وهو عمدة الفقهاء في تفسير ما يشكل عليهم من
اللغة المتعلقة بالفقه، وكتاب التفسير " 2.
2 - الذهبي: " روى عن البغوي ونفطويه وأتى ابن السراج، وترك
الأخذ عن ابن دريد تورعا لأنه رآه سكران، وقد بقي الأزهري في أسرا القرامطة
مدة طويلة " 3.

1) لسان العرب 11 / 137.
2) وفيات الأعيان 3 / 458.
3) العبر 2 / 356.
160

3 - اليافعي بنحو ما تقدم 1.
4 - وكذا ابن الوردي 2.
5 - السبكي: " كان إماما في اللغة، بصيرا بالفقه، عارفا بالمذهب، عالي
الاسناد، ثخين الورع، كثير العبادة والمراقبة، شديد الانتصار لألفاظ الشافعي،
متحريا في دينه " 3.
6 - الأسدي: " كان فقيها صالحا غلب عليه علم اللغة وصنف كتاب (التهذيب)
الذي جمع فيه فأوعى في عشر مجلدات.. نقل الرافعي عنه مواضع تتعلق
باللغة في ضبط السنة " 4.
7 - السيوطي: بنحو ما تقدم 5.
[68]
رواية محمد بن المظفر البغدادي
لقد أخرج روايته لحديث الثقلين ابن المغازلي بقوله: " أخبرنا أبو طالب
محمد بن أحمد بن عثمان، أنا: أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن
عيسى الحافظ إذنا، نا: محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، نا: سويد،
ثنا: علي بن مسهر، عن أبي حيان التيمي، حدثني يزيد بن حيان، قال: سمعت
زيد بن أرقم يقول: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا فقال: أما
بعد، أيها الناس! إنما أنا بشر يوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين،

1) مرآة الجنان 2 / 395.
2) تتمة المختصر 1 / 423.
3) طبقات الشافعية 3 / 63.
4) طبقات الشافعية مخطوط.
5) بغية الوعاة: 8.
161

وهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على
كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي قالها
ثلاث مرات " 1.
ترجمته:
1 - الذهبي: " محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ الإمام
الثقة أبو الحسين البغدادي محدث العراق... قال الخطيب: كان ابن المظفر
فهما حافظا صادقا، وقال البرقاني: كتب الدارقطني عن ابن المظفر ألوف
حديث... قال السلمي: سألت الدارقطني عن ابن المظفر، فقال ثقة،
مأمون. فقلت: يقال أنه يميل إلى تشيع؟ فقال: قليلا بمقدار ما لا يضر إن
شاء الله " 2.
2 وفي [العبر في خبر من غبر] بنحو ما تقدم 3.
3 - الصفدي: " رحل إلى الأمصار وبرع في علم الحديث ومعرفة الرجال
وتوفي في جمادى الأولى سنة 279، وسمع الطبري وغيره. وروى عنه الدارقطني
وغيره، واتفقوا على فضله وصدقه وثقته " 4.
4 - السيوطي: " قال الخطيب: كان حافظا صادقا. قال ابن أبي الفوارس:
سألت ابن المظفر من حديث الباغندي عن أبي زيد الحزازي عن عمرو بن عاصم
فقال: ما هو عندي، قلت: لعله عندك! قال: لو كان عندي لكنت أحفظه،
عندي عن الباغندي مائة ألف حديث ما هذا منها! وكان الدارقطني يجله ويعظمه

1) المناقب: 236.
2) تذكرة الحفاظ 3 / 980.
3) العبر 3 / 12.
4) الوافي بالوفيات 5 / 34.
162

ولا يستند بحضرته. وقال فيه: ثقة مأمون يميل إلى التشيع قليلا. وقال أبو الوليد
الباجي: حافظ فيه تشيع، مات يوم الجمعة في جمادى الأولى سنة 379 " 1.
[69]
رواية أبي الحسن الدارقطني
لقد ذكر روايته لحديث الثقلين، ابن باكثير المكي بعد ذكر هذا الحديث
عن طريق أم سلمة، قال: " وأخرجه محمد بن جعفر البزاز عنها بلفظ: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة
من أصحابه، قال: أيها الناس، يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد
قدمت القول معذرة إليكم! ألا إني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل
بيتي. ثم أخذ بيد علي فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان
حتى يردا علي الحوض، فأسألهما عما خلقت فيهما أخرجه الدارقطني " 2.
ترجمته:
له ترجمة في كتب التراجم جميعها، ولكنا نقتصر هنا على ترجمته في
بعضها:
1 - الذهبي: " الدارقطني أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي
الحافظ المشهور، صاحب التصانيف، في ذي القعدة وله ثمانون سنة، روى
عنه البغوي وطبقته، ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم
والورع، وإماما في القراء والنحاة صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات

1) طبقات الحفاظ: 389.
2) وسيلة المآل مخطوط.
163

يطول ذكرها. وقال الخطيب: كان فريد عصره، وفزيع دهره، ونسيج وحده،
وإمام وقته. انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع الصدوق
وصحة الاعتقاد والاضطلاع من علوم سوى علم الحديث، منها: القراءة وقد
صنف فيها مصنفات، ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، وبلغني أنه درس فقه الشافعي
على أبي سعيد الإصطخري، ومنها المعرفة بالأدب والشعر فقيل: إنه كان يحفظ
دواوين جماعة. وقال أبو ذر الهروي: قلت للحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟
فقال: هو إمام لم ير مثل نفسه فكيف أنا! وقال البرقاني: كان الدارقطني يملي
على العلل من حفظه. وقال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين
في الحديث " 1.
2 - الأسدي: " قال ابن ماكولا: رأيت في المنام كأني أسأل عن حال
الدارقطني في الآخرة، فقيل لي: ذاك يدعى في الجنة بالامام؟ نقل عنه في
- الروضة - في أثناء كتاب القضاء في الكلام على الرواية بالإجازة " 2.
3 - القنوجي: " كان عالما حافظا فقيها على مذهب الإمام الشافعي وانفرد
بالإمامة في علم الحديث في عصره، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه وكان
عارفا باختلاف الفقهاء " 3.
وانظر: [وفيات الأعيان 1 / 331] و [تذكرة الحفاظ 3 / 991] و [طبقات
القراء 1 / 558] و [طبقات السبكي 3 / 462] و [الكامل 9 / 43] و [طبقات
الحفاظ 393] و [الأنساب الدارقطني] وغيرها.

1) العبر 3 / 28.
2) طبقات الشافعية - مخطوط.
3) التاج المكلل 82.
164

[70] رواية محمد بن عبد الرحمن المخلص الذهبي
تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة الحموي حيث يقول: " أخبرتنا
الشيخة الصالحة زينب بنت القاضي عماد الدين أبي صالح نصر بن عبد الرزاق
ابن الشيخ قطب وقته عبد القادر، سماعا عليها بمدينة السلام بغداد عصر يوم
الجمعة السادس والعشرين من صفر سنة اثنتين وسبعين وستمائة. قيل لها:
أخبرك الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن السقاء، قراءة عليه وأنت
تسمعين في خامس رجب سنة سبع عشرة وستمائة بالمدرسة القادرية؟ قالت:
نعم؟ قال: أنبأنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن البناء، وأبو محمد بن المبارك
ابن أحمد بن بركة الكندي في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
قالا: أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن الريسي قال: أنبأنا أبو طاهر محمد بن
عبد الرحمن بن العباس المخلص قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن
عبد العزيز البغوي، أنبأنا بشر بن الوليد الكندي، أنبأنا محمد بن طلحة، عن
الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل
حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير
أخبرني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ما تخلفوني فيهما " 1.
ترجمته:
قال السمعاني: " وكان ثقة صدوقا صالحا مكثرا من الحديث " 2.

1) فرائد السمطين 2 / 272.
2) الأنساب المخلص.
165

[71]
رواية محمد بن سليمان بن داود البغدادي
لقد روى حديث الثقلين بسنده: " عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: قد تركت ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله عز وجل
وعترتي أهل بيتي " 1.
[72]
رواية الحاكم النيسابوري
أخرج حديث الثقلين في كتابه في باب مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه
السلام بقوله: " حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد،
ثنا: أبو قلامة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا: يحيى بن حماد. وحدثني
أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز. قالا:
ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا: يحيى بن حماد، وثنا: أبو
نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، ثنا: صالح بن محمد الحافظ البغدادي،
ثنا: خلف بن سالم المخرمي، ثنا: يحيى بن حماد، ثنا: أبو عوانة، عن سليمان
الأعمش، قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم
رضي الله عنه، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع
ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال: كأني قد دعيت فأجبت، إني [قد]
تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى وعترتي، فانظروا
كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: الله

1) مناقب أهل البيت - مخطوط.
166

عز وجل مولاي وأنا ولي [مولى] كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه،
فقال: من كنت وليه [مولاه] فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه...
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، شاهده: حديث
سلمة بن كهيل... " 1.
كما أخرج الحديث من طريق آخر 2.
ترجمته:
1 - الذهبي: " الحاكم الحافظ الكبير، إمام المحدثين أبو عبد الله محمد
ابن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف
بابن البيع صاحب التصانيف.
ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في ربيع الأول، طلب الحديث من
الصغر باعتناء أبيه وخاله فسمع سنة ثلاثين، ورحل إلى العراق وهو ابن عشرين
وحج ثم جال في خراسان وما وراء النهر فسمع بالبلاد من ألقي شيخ أو نحو
ذلك " 3.
2 - القنوجي: " إمام أهل الحديث في عصره، والمؤلف فيه الكتب التي
لم يسبق إلى مثلها. كان عالما عارفا واسع العلم، تفقه ثم طلب الحديث وغلب
عليه فاشتهر به وسمعه من جماعة لا يحصون كثرة، فإن معجم شيوخه يقرب من
ألفي رجل، حتى روى عمن عاش بعده لسعة روايته وكثرة شيوخه. وصنف في
علومه ما يبلغ ألفا وخمسمائة جزء... ناظر الحفاظ وذاكر الشيوخ وكتب

1) المستدرك 3 / 109.
2) المصدر 3 / 174.
3) تذكرة الحفاظ 10. 93 / 3.
167

عنهم أيضا وباحث الدارقطني فرضيه، وتقلد القضاء بنيسابور في سنة 359 في
أيام الدولة السامانية " 1.
3 - البدخشي: " الحاكم لقب به جماعة من أهل الحديث، فمنهم من
لقب به لأجل رياسة دنيوية كالحاكم الشهيد... ومنهم من لقب به لأجل الرياسة
في الحديث، وهما رجلان فاقا أهل عصرهما في معرفة الحديث، أحدهما الحاكم
أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري وليس له ذكر في
هذا الكتاب وهو الأكبر. والثاني: الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن
محمد بن حمدويه النيسابوري صاحب (المستدرك على الصحيحين) و (تاريخ
نيسابور) وغير ذلك من المصنفات وهو الأشهر " 2.
وانظر: [وفيات الأعيان 3 / 408] و [المختصر 2 / 144] و [تتمة المختصر
1 / 453] و [مرآة الجنان 3 / 14] و [طبقات الأسنوي 1 / 405] و [طبقات السبكي
4 / 155] و [العبر 3 / 91].
[73]
رواية عبد الملك الخركوشي
أخرج حديث الثقلين في كتابه المسمى ب‍ [شرف النبوة] على ما جاء في
[مناقب السادات]: " الحديث الثالث في (المشارق) و (المصابيح) و (شرف
النبوة) و (الدرر) و (تاج الأسامي) وغير ذلك: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي فإن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي " 3.

1) التاج المكلل 114.
2) تراجم الحفاظ - مخطوط.
3) مناقب السادات لشهاب الدين الدولت آبادي.
168

ترجمته:
وتوجد ترجمة الخركوشي في كثير من كتب التراجم والتواريخ مثل
[الأنساب الخركوشي] و [تذكرة الحفاظ 3 / 253] و [العبر 3 / 96] و [طبقات
السبكي 5 / 222] و [طبقات الأسنوي 1 / 477] ونقتصر هنا بخلاصة ما وصفه به
السبكي، قال:
" وكان فقيها زاهدا من أئمة الدين وأعلام المؤمنين، ترتجى الرحمة بذكره
قال فيه الحاكم: إنه الواعظ الزاهد ابن الزاهد، وإنه تفقه في حداثة سنه وتزهد
وجالس الزهاد والمجردين إلى أن جعله الله خلف الجماعة ممن تقدمه من العباد
المجتهدين والزهاد القانعين " 1.
[74]
رواية أبي إسحاق الثعلبي
لقد أورد حديث الثقلين في تفسيره عند تفسير قوله تعالى " واعتصموا
بحبل الله جميعا " فقال: " حدثنا الحسن بن محمد بن حبيب المفسر، قال:
وجدت في كتاب جدي بخطه نا: أحمد بن الأحجم القاضي المرندي، نا،
الفضل بن موسى الشيباني، أنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطية العوفي
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
يا أيها الناس إني قد تركت فيكم خليفتين إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي،
أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي
أهل بيتي، ألا وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " 2.
كما ذكر الحديث عند تفسير قوله تعالى: " سنفرغ لكم أيها الثقلان ".

1) طبقات الشافعية 5 / 222.
2) الكشف والبيان - مخطوط.
169

ترجمته:
1 - السبكي: " وكان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب (العرائس)
في قصص الأنبياء عليهم السلام " 1.
2 - الأسنوي: " ذكره ابن الصلاح والنووي من الفقهاء الشافعية، وكان
إماما في اللغة والنحو.. " 2.
3 - الداودي: " كان أوحد أهل زمانه في علم القرآن حافظا للغة، بارعا
في العربية، واعظا، موثقا " 3.
وانظر [وفيات الأعيان 1 / 61] و [الوافي بالوفيات 7 / 307] و [العبر 3 / 161]
و [مرآة الجنان 3 / 46] و [تتمة المختصر 1 / 477] و [المختصر 2 / 160] و [وبغية
الوعاة 154] وغيرها.
[75]
رواية أبي نعيم الأصبهاني
1 - أخرج حديث الثقلين في كتاب (منقبة المطهرين) بطرق عديدة وألفاظ
كثيرة، عن أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم وأنس بن مالك والبراء بن عازب
وعن جبير بن مطعم.
2 - كما أخرج الحديث في (حلية الأولياء) على ما في كلام العلامة
السخاوي في [استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط وكذلك في كلام العلامة

1) طبقات الشافعية 4 / 58.
2) طبقات الشافعية 1 / 429.
3) طبقات المفسرين 1 / 65.
170

السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط] حيث يقول:
" عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه، أو زيد بن أرقم رضي الله عنه
قال: لما صدر رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء
متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهن فقم ما تحتهن من الشوك وعمد
إليهن فصلى تحتهن. ثم قام فقال: يا أيها الناس: إني قد نبأني اللطيف الخبير
أنه لن يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن
أدعى فأجيب وأني مسؤول وأنكم مسؤلون، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك
قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا. فقال: أليس تشهدون أن لا إله
إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن جنته حق، وناره حق، وأن الموت
حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث
من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك؟ قال: اللهم اشهد؟ ثم قال: يا أيها
الناس إن الله مولاي وأنا ولي المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت
مولاه فهذا مولاه - يعني عليا اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. ثم قال:
يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما بين
بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن
الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه
بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي
فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض.
أخرجه الطبراني في (الكبير) والضياء في (المختارة) من طريق سلمة بن
كهيل عن أبي الطفيل وهما من رجال (الصحيح) عنه بالشك في صحابيته،
وأخرجه أبو نعيم في الحلية... ".
171

ترجمته:
1 - الذهبي: " قال أحمد بن محمد بن مردويه: كان أبو نعيم في وقته
مرحولا إليه، لم يكن في أفق من الآفاق أحد أحفظ منه ولا أسند منه، كان
حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده وكل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد إلى قريب
الظهر، فإذا قام إلى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزؤ، لم يكن له غذاء
سوى التسميع والتصنيف.
وقال حمزة بن العباس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي الحافظ
أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد لا شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه ولا أحفظ
منه " 1.
2 - الصفدي: " تاج المحدثين وأحد أعلام الدين، له العلو في الرواية
والحفظ والفهم والدراية، وكانت الرحال تشد إليه. أملى في فنون الحديث
كتبا سارت في البلاد وانتفع به العباد وامتدت أيامه حتى لحق الأحفاد بالأجداد
وتفرد بعلو الاسناد " 2.
3 - القنوجي: " الحافظ المشهور صاحب كتاب حلية الأولياء. كان من
الأعلام المحدثين وأكابر الحفاظ، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به
وكتابه الحلية من أحسن الكتب " 3.
وانظر [العبر 3 / 170] و [وفيات الأعيان 1 / 75] و [طبقات السبكي 3 / 7]
و [مرآة الجنان 3 / 52] و [طبقات الأسنوي 2 / 474] و [طبقات الحفاظ 423]

1) تذكرة الحفاظ 3 / 1091.
2) الوافي بالوفيات 7 / 81.
3) التاج المكلل 31.
172

و [طبقات ابن قاضي شهبة - مخطوط] و [والمختصر 2 / 162] و [تتمة المختصر
1 / 480] و [البداية والنهاية 12 / 45] و [النجوم الزاهرة 5 / 30] و [شذرات الذهب]
3 / 245] وغيرها.
[76]
رواية أبي نصر العتبي
لقد أشار إلى حديث الثقلين في صدر كتابه (التاريخ اليميني) حيث يقول
"... إلى أن قبضه الله جل ذكره إليه مشكور السعي والأثر، ممدوح النصر
والظفر، مرضي السمع والبصر، محمود العيان والخبر، فاستخلف في أمته
الثقلين كتاب الله وعترته اللذين يحميان الأقدام أن تزل، والأحلام أن تضل،
والقلوب أن تمرض، والشكوك أن تعرض، فمن سلك بهما فقد سلك الخيار
وأمن العثار وربح اليسار، ومن صدف عنهما فقد أساء الاختيار وركب الخسار
وارتدف الادبار، أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى، فما ربحت تجارتهم
وما كانوا مهتدين ".
ترجمته:
قال الثعالبي: " أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي، هو لمحاسن الأدب
وبدائع النثر ولطائف النظم ودقائق العلم كالينبوع للماء والزند للنار، يرجع
معها إلى أصل كريم وخلق عظيم. وكان فارق وطنه الري في اقتبال شبابه وقدم
خراسان على خاله أبي نصر العتبي وهو من وجوه المال بها وفضلائهم، فلم
يزل عنده كالولد العزيز عند الوالد الشفيق إلى أن مضى أبو نصر لسبيله، وتنقلت
بأبي النصر أحوال وأسفار في الكتابة للأمير أبي علي، ثم للأمير أبي منصور
173

سبكتكين مع أبي الفتح البستي، ثم النيابة بخراسان لشمس المعالي واستوطن
نيسابور وأقبل على خدمة الآداب والعلوم " 1.
[77]
رواية أبي بكر البيهقي
ذكر روايته لحديث الثقلين الخوارزمي في مناقبه بقوله " وبهذا الاسناد
عن أحمد بن الحسين هذا [هو أبو بكر البيهقي، حيث قال قبل ذلك: وأخبرنا
الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرني شيخ
القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرني أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي].
قال: أخبرنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى
قال: حدثنا صالح بن محمد الحافظ، قال: حدثنا خلف بن سالم، قال:
حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش، قال: حدثنا
حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول
الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن
ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر
من
الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن
يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل
مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه. فقلت: أنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال:
ما كان في الدوحات أحد إلا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه " 2.

1) يتيمة الدهر 4 / 397.
2) المناقب 93.
174

كما تظهر روايته لهذا الحديث من عبارة الحموئي نقلا عن ابن عمه نظام
الدين الحموي، والقاضي البتاكشي 1.
ترجمته:
قال الذهبي: " البيهقي الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان أبو بكر
الحسين أحمد بن علي بن موسى الخسروجردي البيهقي، صاحب التصانيف...
قال عبد الغافر في تاريخه: كان البيهقي على سيرة العلماء قانعا باليسير متجملا
في زهده وورعه. وعن إمام الحرمين أبي المعالي قال: ما من شافعي إلا وللشافعي
عليه منة إلا أبا بكر البيهقي فإن له المنة على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه
قال أبو الحسن عبد الغافر في (ذيل تاريخ نيسابور): أبو بكر البيهقي الفقيه
الحافظ الأصولي الدين الورع، واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الاتقان
والضبط، من كبار أصحاب الحاكم ويزيد عليه بأنواع من العلوم، كتب
الحديث وحفظه من صباه وتفقه وبرع وأخذ في الأصول، وارتحل إلى العراق
والجبال والحجاز، ثم صنف وتواليفه تقارب ألف جزء لم يسبقه إليه أحد، جمع
بين علم الحديث والفقه وبيان علل الحديث ووجه الجمع بين الأحاديث " 2.
وانظر: [الأنساب - البيهقي] و [معجم البلدان 2 / 346] و [وفيات الأعيان
1 / 57] و [الكامل 10 / 18] و [مرآة الجنان 3 / 81] و [طبقات السبكي 4 / 8]
و [طبقات الأسنوي 1 / 198] و [طبقات ابن قاضي شهبة - مخطوط] و [المختصر
2 / 185] و [تتمة المختصر 1 / 516] و [طبقات الحفاظ 433] و [التاج المكلل 28]
وغيرها.

1) فرائد السمطين 2 / 233.
2) تذكرة الحفاظ 3 / 1132.
175

[78]
رواية أبي غالب النحوي
لقد أخرج روايته لحديث الثقلين، ابن المغازلي في [المناقب] بالسند الآتي:
" أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي، ثنا: أبو عبد الله محمد بن
علي السقطي، ثنا أبو محمد عبد الله بن شوذب، ثنا: محمد بن أبي العوام الرياحي
ثنا: أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمر، ثنا: محمد بن طلحة، عن الأعمش،
عن عطية بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله حبل
ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف أخبرني أنهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ماذا تخلفوني فيهما ".
ترجمته:
توجد في كثير من الكتب المعتبرة... كما أوردنا ترجمته في مجلد حديث
الطير عن [العبر 4 / 250] و [الجواهر المضية 2 / 11 - 12] و [مرآة الجنان
3 / 86] وغيرها.
[79]
رواية ابن عبد البر القرطبي
ذكر الشاه ولي الله في (إزالة الخفا) خطبة الغدير المتضمنة لفضائل الإمام
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال: " أخرج الحاكم، وأبو عمرو وغيرهما
- وهذا لفظ الحاكم - عن زيد بن أرقم: لما رجع رسول الله صلى الله عليه
176

وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال: كأني قد دعيت
فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى
وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض، ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد
علي فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ".
ترجمته:
قال الذهبي: " كان فقيها عابدا متهجدا، قال الحميدي: أبو عمر فقيه
حافظ مكثر عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع
ويميل في الفقه إلى أقوال الشافعي. وقال أبو علي الغساني: لم يكن أحد ببلدنا
في الحديث مثل قاسم بن محمد، وأحمد بن خالد الجناب، ثم قال أبو علي:
ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلفا عنهما.
قلت: كان إماما دينا ثقة متقنا علامة متبحرا صاحب سنة وأتباع، وكان أولا
أثريا ظاهريا فيما قيل، ثم تحول مالكيا مع ميل بين إلى فقه الشافعي في مسائل
ولا ينكر له ذلك فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين. ومن نظر في مصنفاته
بأن له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن، وكل أحد يؤخذ من قوله
ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا
ينبغي لنا أن ننسى محاسنه ونغطي معارفه بل نستغفر الله له ونعتذر عنه.
قال ابن بشكوال: ابن عبد البر إمام عصره، وواحد دهره يكنى أبا عمر.
قال أبو علي بن سكرة: سمعت أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس
مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث، وهو أحفظ أهل المغرب " 1.
وانظر: [الأنساب - القرطبي] و [وفيات 2 / 348] و [تذكرة الحفاظ

1) سير أعلام النبلاء - مخطوط.
177

3 / 1128] و [والعبر 3 / 255] و [المختصر 2 / 187] و [تتمة المختصر 1 / 521]
و [طبقات الحفاظ 436] و [التاج المكلل 153] وغيرها.
[80]
رواية الخطيب البغدادي
تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة البدخشاني حيث يقول:
" أخرجه ابن أبي شيبة، والخطيب في (المتفق والمفترق) عنه أي عن جابر
بلفظ: إني تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به، كتاب الله وعترتي
أهل بيتي ".
ترجمته:
قال الذهبي: " الخطيب الحافظ الكبير الإمام محدث الشام والعراق...
كان من كبار الشافعية، تفقه بأبي الحسن بن المحاملي وبالقاضي أبي الطيب...
قال ابن ماكولا: كان أبو بكر الخطيب آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظا
واتقانا وضبطا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفننا في علله وأسانيده
وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحه...
قال أبو سعد السمعاني: كان الخطيب مهيبا وقورا ثقة متحريا، حسن الخط،
كثير الضبط، فصيحا ختم به الحفاظ...
قال أبو الحسن الهمذاني: مات هذا العلم بوفاة الخطيب، وقد كان
رئيس الرؤساء، تقدم إلى الوعاظ والخطاب أن لا يرووا حديثا حتى يعرضوه
على أبي بكر، وأظهر بعض اليهود كتابا بإسقاط النبي صلى الله عليه وسلم الجزية
عن الخيابرة، وفيه شهادة الصحابة. فعرضه الوزير على أبي بكر، فقال: هذا
178

مزور؟ قيل من أين قلت هذا؟: فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح بعد
خيبر؟ وفيه شهادة سعيد بن معاذ ومات قبل خيبر بسنين.
قال شباع الذهلي: والخطيب إمام مصنف حافظ لم يدرك مثله... " 1.
وانظر: [الأنساب - الخطيب] و [الكامل 10 / 25] و [وفيات الأعيان 1 / 27]
و [العبر 3 / 253] و [دول الإسلام 1 / 211] و [المختصر 2 / 187] و [تتمة المختصر
1 / 520] و [مرآة الجنان 3 / 87] و [طبقات السبكي 4 / 29] و [طبقات الأسنوي
1 / 201] و [طبقات الحفاظ 434] و [التاج المكلل 32] وغيرها من المصادر
التاريخية والرجالية.
[81]
رواية أبي محمد الحسن الغندجاني
أورد الحديث ابن المغازلي في كتاب المناقب بالسند الآتي: " أخبرنا الحسن
ابن أحمد بن موسى الغندجاني ثنا: أحمد بن محمد، ثنا، علي بن محمد المصري،
ثنا: محمد بن عثمان، ثنا: مصرف بن عمر، ثنا: عبد الرحمن بن محمد بن
طلحة، عن أبيه، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي، فانظروا ماذا تخلفوني فيهما " 2.
ترجمته:
قال السمعاني: " أبو محمد الحسن بن موسى الغندجاني، كان شيخا ثقة
.

1) تذكرة الحفاظ 3 / 1135.
2) المناقب: 235.
179

صدوقا سكن واسط بآخره، سمع ببغداد مع ابن عمه أبا طاهر المخلص،
وأبا حفص الكناني وأبا أحمد الفرضي وأبا عبد الله بن دوست العلاف.
روى لي عنه أبو عبد الله محمد بن علي بن الجلابي الثقة، وكانت ولادته
في شوال سنة 282، ووفاته في جمادى الأولى سنة 467 " 1.
[82]
رواية علي بن محمد الطيب - ابن المغازلي
أخرج حديث الثقلين في كتابه بعدة طرق نقتصر هنا على واحد منها:
" أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بابن الصير في البغدادي
قدم علينا واسطا سنة أربعين وأربعمائة، قال: نا أبو الحسين عبيد الله بن أحمد
ابن يعقوب بن البواب، نا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، نا: وهبان -
وهو ابن بقية الواسطي ثنا: خالد بن عبد الله، عن الحسن بن عبد الله، عن أبي
الضحى، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني
تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض " 2.
ترجمته:
ترجم له كبار علماء أهل السنة في كتبهم المعتمدة، وقد ذكرنا ترجمته في
بعض مجلدات هذا الكتاب.

1) الأنساب - الغندجاني.
2) المناقب 234 - 236.
180

[83]
رواية محمد بن فتوح الحميدي
لقد أخرج حديث الثقلين بالسند الآتي: " عن يزيد بن حيان، قال: انطلقت
أنا وحصين بن سبرة، وعمرو بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال
حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم. قال: يا ابن أخي؟ والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت
بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوه،
وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا
بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم
قال: أما بعد، أيها الناس؟ فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب،
وأنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم
الله في أهل بيتي. فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل
بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. وزاد في
حديث جرير: كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على
الهدى ومن أخطأه ضل.
وفي حديث سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان، نحوه... غير أنه قال:
ألا وإني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله وهو حبل الله، من اتبعه كان على
الهدى ومن تركه كان على الضلالة. وفيه فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال:
لا، أيم الله أن المرأة تكون مع الرجل العصر ثم الدهر ثم يطلقها فترجع إلى
أبيها وقومها. أهل بيته: أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده " 1.

1) الجمع بين الصحيحين - مخطوط.
181

ترجمته:
1 - السمعاني: " أحد حفاظ عصره، صنف التصانيف وجمع الجموع،
فنسب إلى جده الأعلى... " 1.
2 - ابن خلكان: " الحافظ المشهور... كان موصوفا بالنباهة والمعرفة
والاتقان والدين والورع، وكانت له نغمة حسنة في قراءة الحديث " 2.
3 - الذهبي: " الحميدي الحافظ الثبت القدوة حدث عن ابن حزم فأكثر،
وعن أبي عبد الله القضاعي، وأبي عمرو بن عبد البر، وأبي زكريا عبد الرحيم
البخاري وأبي القاسم الجياني الدمشقي وعبد الصمد بن المأمون وأبي بكر
الخطيب وأبي جعفر بن مسلمة وأبي غالب بن بشران اللغوي، ولم يزل يسمع
ويكثر ويجد حتى كتب عن أصحاب الجوهري وابن المذهب...
قال الأمير ابن ماكولا: لم أر مثل صديقنا الحميدي في نزاهته وعفته وتشاغله
بالعلم...
وقال يحيى بن إبراهيم السلماسي قال أبي: لم تر عيناي مثل الحميدي
في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم. قال: وكان ورعا ثقة إماما
في الحديث وعلله ورواته، متحققا في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب
الحديث بموافقة الكتاب والسنة، فصيح العبارة، متبحرا في علم الأدب
والعربية والترسل " 3.
4 - الصفدي: " كان من كبار الحفاظ ثقة متدينا بصيرا بالحديث عارفا

1) الأنساب - الحميدي.
2) وفيات الأعيان 3 / 410.
3) تذكرة الحفاظ 4 / 1218.
182

بفنونه، حسن النعمة بالقراءة، مليح النظم، ظاهري المذهب " 1.
وانظر: [مرآة الجنان 3 / 149] و [تتمة المختصر 2 / 12] و [طبقات الحفاظ
447] و [تراجم الحفاظ - مخطوط] وغيرها.
[84]
رواية أبي المظفر السمعاني
أورد حديث الثقلين في [الرسالة القوامية] المعروفة بفضائل الصحابة بالسند
الآتي: " عن طلحة بن مصرف، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني
تارك فيكم الثقلين: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل
بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ".
ترجمته:
ترجم له مشاهير علماء أهل السنة في كتبهم الرجالية والتاريخية، وقد ذكرنا
ترجمته في مجلد حديث الطير. ونذكر هنا طرفا منها:
1 - ابن خلكان: " عند ترجمة حفيده صاحب الأنساب: وكان جده المنصور
إمام عصره بلا مدافعة، أقر له بذلك الموافق والمخالف، وكان حنفي المذهب،
متعينا عند أئمتهم، فحج في سنة 462 وظهر له بالحجاز مقتضى انتقاله إلى مذهب
الشافعي (رض) فلما عاد إلى (مرو) لقي بسبب انتقاله محنا وتعصبا شديدا فصبر
على ذلك، وصار إمام الشافعية بعد ذلك يدرس ويفتي. وصنف في مذهب الإمام
الشافعي وفي غيره من العلوم تصانيف كثيرة " 2.

1) الوافي بالوفيات 4 / 317.
2) وفيات الأعيان 2 / 380.
183

2 - الداودي: " تفقه على والده حتى برع في فقه أبي حنيفة وصار من
فحول النظر، ومكث كذلك ثلاثين سنة، ثم صار إلى مذهب الشافعي وأظهر
ذلك في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، فاضطرب أهل مرو لذلك وتشوش العوام،
فخرج منها وخرج معه طائفة من الفقهاء وقصد نيسابور... " 1.
وانظر [الأنساب - السمعاني] و [العبر 3 / 326] و [مرآة الجنان 3 / 151]
و [طبقات السبكي 5 / 235] و [طبقات الأسنوي 2 / 29] و [دول الإسلام 2 / 13]
وغيرها.
[85]
رواية إسماعيل بن أحمد البيهقي
تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة كتاب (المناقب) للخوارزمي.
ترجمته:
1 - السبكي: " إسماعيل بن أحمد بن الحسين الخسروجردي، شيخ
القضاة أبو علي ولد الإمام الجليل الحافظ أبي بكر البيهقي، تفقه على أبيه
وتخرج به في الحديث وسافر الكثير، ودخل خوارزم فسكن بها مدة، وولي
بها الخطابة وتدريس الشافعية والقضاء من وراء جيحون الذي كان برسم أصحاب
الشافعي، ثم سافر إلى بلخ وأقام بها مدة، ثم عاد إلى بيهق بعد ما غاب عنها
نحو ثلاثين سنة " 2.
2 - الأسنوي بعد ذكر أبي بكر البيهقي: " وكان له فقيه محدث يقال
له أبو علي إسماعيل، ويلقب شيخ القضاة. تولي القضاء والتدريس والخطابة

1) طبقات المفسرين 2 / 339.
2) طبقات الشافعية 7 / 44.
184

بما وراء النهر " 1.
3 - ابن الوردي: " إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي الإمام ابن الإمام
ببيهق، ومولده سنة 428 " 2.
[86]
رواية محمد بن طاهر المقدسي
تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة ترجمته في [المقفى] للمقريزي،
حيث يقول في ضمن مؤلفاته: "... وكتاب طريق حديث: إني تارك فيكم
الثقلين ".
ترجمته:
1 - ابن خلكان: " أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي
الحافظ المعروف بابن القيسراني، كان أحد الرحالين في طلب العلم والحديث
سمع بالحجاز والشام ومصر والثغور والجزيرة والعراق والجبال وفارس وخوزستان
وخراسان واستوطن همذان. وكان من المشهورين بالحفظ والمعرفة بعلوم
الحديث. وله في ذلك مصنفات ومجموعات تدل على غزارة علمه وجودة
معرفته " 3.
2 - الذهبي: " قال ابن عساكر: سمعت محمد بن إسماعيل الحافظ يقول:
أحفظ من رأيت ابن طاهر. وقال أبو زكريا ابن مندة: كان ابن طاهر أحد

1) طبقات الشافعية 1 / 200.
2) تتمة المختصر 2 / 31.
3) وفيات الأعيان 3 / 415.
185

الحفاظ، حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، صدوقا عالما بالصحيح والسقيم، كثير
التصانيف، لازما للأثر... قال ابن مسعود عبد الرحيم الحاجي: سمعت ابن
طاهر يقول: بلت الدم في طلب الحديث مرتين، مرة ببغداد ومرة بمكة. كنت
أمشى حافيا في الحر فحلقني ذلك، وما ركبت دابة قط في طلب الحديث،
وكنت أحمل كتبي على ظهري، وما سألت في حال الطلب أحدا، كنت أعيش
على ما يأتي... " 1.
3 - والذهبي في [العبر في خبر من غبر 4 / 14].
4 - واليافعي في [مرآة الجنان 3 / 195] بمثل ما تقدم.
5 - المقريزي في [التاريخ المقفى]: " كان ثقة صدوقا، حافظا وعالما
بالصحيح والسقيم، حسن المعرفة بالرجال والمتون، كثير التصانيف، جيد
الخط لازما للأثر، بعيدا من الفضول والتعصب، خفيف الروح، قوي السير
في السفر، كثير الحج والعمرة ".
6 - السيوطي في [طبقات الحفاظ 452] بنحو ما تقدم.
[87]
رواية شيرويه الديلمي
أخرج حديث الثقلين باللفظ الآتي: " زيد بن أرقم: إني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله فيكم منه حبل، من اتبعه كان على الهدى، ومن ترك كان على الضلالة
وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض
يعني: الأخذ بهما ثقيل " 2.

1) تذكرة الحفاظ 4 / 1242.
2) فردوس الأخبار - مخطوط.
186

ترجمته:
وتوجد ترجمة شيرويه الديلمي في [تذكرة الحفاظ 4 / 53] و [مرآة الجنان
3 / 198] و [طبقات الشافعية للسبكي 4 / 229] و [الأسنوي 2 / 104] و [طبقات
الحفاظ 482] وغيرها من كتب التراجم المشهورة.
[88]
رواية البغوي - محيي السنة
1 - لقد أخرج حديث الثقلين في كتاب [المصابيح] عند ذكر الأحاديث
الصحاح عن زيد بن أرقم قال: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا بماء
يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال:
أما بعد، أيها الناس: إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا
تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا
به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم
الله في أهل بيتي " 1.
2 - كما أورد الحديث في نفس الكتاب عند ذكر الأحاديث الحسان عن
جابر 2.
3 - وأخرج الحديث أيضا عند تفسير آية المودة 3.
4 - كما أخرجه عند تفسير قوله تعالى " سنفرغ لكم أيها الثقلان " 4.

1) مصابيح السنة بشرح القاري 5 / 593.
2) المصدر نفسه 5 / 600.
3) معالم التنزيل 6 / 101.
4) المصدر 7 / 6.
187

5 - وأخرجه في (شرح السنة) أيضا على ما ستأتي الإشارة إليه في عبارة
الخلخالي في (المفاتيح).
ترجمته:
وقد ترجم للبغوي في جميع المعاجم المعتبرة، مثل: [جامع الأصول]
و [مشكاة المصابيح 1 / 4] و [تذكرة الحفاظ 4 / 1281] و [العبر حوادث 535]
و [دول الإسلام 2 / 39] و [مرآة الجنان 3 / 263] و [المرقاة] و [أشعة اللمعات]
وغيرها.
[89]
رواية رزين العبدري
أخرج حديث الثقلين باللفظ الآتي: " عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي،
أحدهما أعظم من الآخر، وهو كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض،
وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني
فيهما " 1.
ورواه عنه أيضا بلفظ آخر، كما ستعلم روايته لهذا الحديث من تصريح
سبط ابن الجوزي.
ترجمته:
ترجم له كبار علماء أهل السنة في كثير من كتب التراجم والحديث

1) الجمع بين الصحاح الستة - مخطوط.
188

وتجدها في الكتب التالية أسماؤها:
[العبر 4 / 37] و [تذكرة الحفاظ 4 / 1257] و [دول الإسلام 2 / 30] و
[مرآة الجنان 3 / 213] و [طبقات السبكي 7 / 75] و [طبقات الأسنوي] و
[طبقات الحفاظ 457] و [طبقات المفسرين 1 / 205] و [الخميس 2 / 361]
و [التاج المكلل 41] وغيرها.
[90]
رواية عبد الوهاب الأنماطي
تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارتي ابن الجوزي وسبطه.
ترجمته:
1 - الذهبي: " قال السمعاني: هو الحافظ، ثقة متقن، واسع الرواية
دائم البشر، سريع الدمعة عند الذكر، حسن المعاشرة، جمع الفوائد وخرج
التخاريج، قلما بقي من جزء مروي إلا قد قرأه وحصل نسخته، ونسخ الكتب
الكبار مثل الطبقات لابن سعد وتاريخ الخطيب. كان متفرغا للحديث، إما
أن يقرأ عليه أو ينسخ شيئا، وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة، وصنف في ذلك.
قال السلفي: كان عبد الوهاب رفيقنا حافظا ثقة، لديه معرفة جيدة.
قال ابن ناصر: كان بقية الشيوخ، سمع الكثير، وكان يفهم، مضى مستورا
وكان ثقة، ولم يتزوج قط " 1.
2 - وكذلك في [العبر في خبر من غبر 4 / 104].
3 - واليافعي في [مرآة الجنان 3 / 268].

1) تذكرة الحفاظ 4 / 1282.
189

4 - السيوطي " الأنماطي الحافظ العالم، محدث بغداد، أبو البركات
عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد البغدادي... قال أبو سعد: حافظ متقن
جامع، واسع الرواية، جمع وخرج، وكان لا يجوز الإجازة على الإجازة " 1.
[91]
رواية القاضي عياض اليحصبي
1 - أخرج حديث الثقلين في [الشفاء بتعريف حقوق المصطفى]. حيث
قال: " وقال عليه الصلاة والسلام: إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا
كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " 2.
2 - كما قال في نفس الكتاب: " وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم المغفور
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قد طلب التنصل في مرضه ممن كان له عليه مال
أو حق في بدن، وأقاد من نفسه وماله، وأمكن من القصاص منه على ما ورد في
حديث الفضل وحديث الوفاة، وأوصى بالثقلين بعده كتاب الله عز وجل وعترته،
وبالأنصار عيبته " 3.
ترجمته:
1 - ابن خلكان: " كان إمام وقته في الحديث وعلومه، والنحو واللغة
وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم. وصنف التصانيف المفيدة " 4.

1) طبقات الحفاظ: 464.
2) الشفاء بشرح القاري 485.
3) المصدر 657 - 658.
4) وفيات الأعيان 3 / 152.
190

2 - الذهبي: " قال ابن بشكوال: هو من أهل العلم واليقين والذكاء
والفهم، استقضى ببسته مدة طويلة حمدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء
غرناطة فلم تطل مدته بها، وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه " 1.
3 - وفي [العبر 4 / 122].
4 - واليافعي في [مرآة الجنان 3 / 282] بمثل ما مر.
5 - ابن الوردي: " القاضي عياض بن موسى بن عياض البستي بمراكش
ومولده بسبتة سنة 476، أحد الأئمة الحفاظ المحدثين الأدباء، وتآليفه وأشعاره
شاهدة بذلك " 2.
6 - السيوطي: " كان إمام الحديث في وقته وأعلم الناس بعلومه، والنحو
واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم... " 3.
7 - الداودي [طبقات المفسرين 2 / 18] ترجمة طويلة.
8 - والثعالبي في [مقاليد الأسانيد].
9 - والقنوجي في [التاج المكلل 95].
[92]
رواية أبي محمد العاصمي
أخرج حديث الثقلين في كتابه [زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط]
وذلك في سياق طرق حديث السفينة بقوله:
" أخبرني شيخي الإمام رحمة الله عليه، قال: أخبرنا الشيخ أبو إسحاق

1) تذكرة الحفاظ 4 / 1304.
2) تتمة المختصر 2 / 72.
3) طبقات الحفاظ: 468.
191

إبراهيم بن جعفر الشورميني رحمة الله عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن علي
ابن يونس بن الهياج الأنصاري، قال: حدثنا الحسين بن عبد الله، وعمران بن
عبد الله، وعيسى بن علي، وعبد الرحمن النسائي، قالوا: حدثنا عبد الرحمن
ابن صالح، قال حدثنا علي بن عابس، عن أبي إسحاق، عن حنش قال: رأيت
أبا ذر متعلقا بباب الكعبة وهو يقول: من يعرفني فليعرفني، ومن لم يعرفني فأنا
أبو ذر. قال حنش: فحدثني بعض أصحابي أنه سمعه يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما
لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ألا وإن أهل بيتي فيكم مثل باب بني إسرائيل
ومثل سفينة نوح " 1.
كما ذكر الحديث بسند زيد بن أرقم في سياق طرق حديث الغدير أيضا
في الكتاب المذكور.
[93]
رواية الموفق بن أحمد (أخطب خوارزم)
أورد حديث الثقلين في كتابه [المناقب] بالسند الآتي:
" أخبرني الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن محمد [أحمد] العاصمي
الخوارزمي [قال] أخبرنا [أخبرني] [الشيخ] شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد
الواعظ [قال] أخبرنا [أخبرني] أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي... وبهذا
الاسناد عن أحمد بن الحسين - هذا [قال] أخبرنا [أخبرني] أبو عبد الله قال:
وحدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى [قال] حدثنا صالح بن محمد
الحافظ [قال] حدثنا [حدثني خلف بن سالم [قال] حدثنا [حدثني] يحيى بن

1) تاريخ بن كثير 5 / 208.
192

حماد، [قال] حدثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش. قال: حدثنا [حدثني]
حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول
الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن
ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت وإني تارك [قد تركت] فيكم الثقلين أحدهما
أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروني [فانظروا] كيف
تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: إن الله
عز وجل مولاي [ولي] كل مؤمن [ومؤمنة] ثم أخذ بيد علي عليه السلام فقال:
من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت: أنت سمعت
[ذلك] من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: [نعم] ما كان في الدوحات
أحد إلا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه ".
ترجمته:
وتوجد ترجمة الخوارزمي في [شذرات الذهب - حوادث 568] و [الجواهر
المضية في طبقات الحنيفة] و [بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة] و [العقد
الثمين في تاريخ البلد الأمين] وستأتي ترجمته عن المصادر المذكورة وغيرها
في قسم (حديث التشبيه).
[94]
رواية ابن عساكر الدمشقي
أخرج حديث الثقلين ابن كثير في [تاريخه] عند ذكر طرق حديث الغدير
وقال في نهاية رواية معروف بن خربوذ المكي ما يلي:
" رواه ابن عساكر من طوله بطريق معروف كما ذكرناه " 1.

1) تاريخ ابن كثير 5 / 208.
193

كما يظهر لك رواية ابن عساكر لهذا الحديث عن زيد بن أرقم من عبارة
الحافظ الكنجي من (كفاية الطالب).
ترجمته:
وقد ترجم لابن عساكر كافة أصحاب التراجم والرجال وأثنوا عليه الثناء
البالغ.
أنظر [معجم البلدان 2 / 470] و [وفيات الأعيان 2 / 471] و [العبر 4 / 212]
و [دول الإسلام 2 / 62] و [مرآة الجنان 3 / 393] و [طبقات السبكي 7 / 215]
و [طبقات الأسنوي 2 / 216] و [المختصر 3 / 59] و [تتمة المختصر 2 / 124]
و [طبقات الحفاظ 474] و [الخميس 2 / 366] و [التاج المكلل 84] وغيرها.
ونكتفي هنا بما ورد في حقه في [تذكرة الحفاظ 4 / 1328] وهذا نصه:
" ابن عساكر الإمام الحافظ الكبير، محدث الشام، فخر الأئمة، ثقة الدين
أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي،
صاحب التصانيف... عدد شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ، ونيف وثمانون امرأة
قال السمعاني: أبو القاسم حافظ، ثقة متقن، دين، خير، حسن السمت، جمع
بين معرفة المتن والإسناد، وكان كثير العلم، غزير الفضل، صحيح القراءة،
متثبتا، رحل وتعب وبالغ في الطلب، وجمع ما لم يجمعه غيره وأربى على
الاقران.
قال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، انتهت إليه الرياسة
في الحفظ والاتقان والنقل والمعرفة التامة، وبه ختم هذا الشأن... وكان مع
ذلك فقيها أديبا سنيا، جزاه الله خيرا وكثر في الإسلام مثله ".
194

[95]
رواية أبي موسى المديني
1 - أخرج حديث الثقلين في (تتمة معرفة الصحابة) الذي هو ذيل كتاب
أبي نعيم الاصفهاني، عن طريق عامر بن ليلى بن ضمرة، وحذيفة بن أسيد
الغفاري، كما يظهر لك من عبارة السخاوي في [استجلاب ارتقاء الغرف -
مخطوط] المتقدمة.
2 - كما نقل روايته لحديث الثقلين السمهودي في [جواهر العقدين -
مخطوط] حيث قال: " ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى المديني في
الصحابة ".
3 - كما نقل ذلك ابن الأثير في (أسد الغابة).
4 - وابن حجر العسقلاني في (الإصابة).
ترجمته:
1 - الذهبي: " الحافظ شيخ الإسلام الكبير... قال الزينبي: عاش أبو
موسى حتى صار وحيد وقته وشيخ زمانه إسنادا وحفظا. قال السمعاني: سمعت
منه وكتب عني، وهو ثقة، صدوق " 1.
2 - السبكي: " قال ابن النجار: انتشر علمه في الآفاق وكتب عنه الحفاظ
واجتمع له ما لم يجتمع لغيره من الحفظ والعلم والثقة والاتقان والدين والصلاح
وسديد الطريقة وصحة الضبط والنقل وحسن التصانيف " 2.

1) تذكرة الحفاظ 3 / 1334.
2) طبقات الشافعية 6 / 161.
195

3 والسيوطي في [طبقات الحفاظ 475] بنحو ما تقدم.
4 - الثعالبي [مقاليد الأسانيد]: " كان واسع الدراية في معرفة الحديث
وعلله وأبوابه ورجاله وفنونه، ولم يكن في وقته أعلم ولا أحفظ ولا أعلى سندا
منه ".
5 - والقنوجي في [التاج المكلل 117] بمثل ما مر.
وانظر: [وفيات الأعيان 3 / 414] و [العبر 4 / 246] و [مرآة الجنان 3 / 423]
و [تتمة المختصر 2 / 1360] و [طبقات الأسنوي 2 / 439] وغيرها.
[96]
رواية محمد بن مسلم بن أبي الفوارس
أخرج حديث الثقلين في [كتاب الأربعين في فضائل الإمام أمير المؤمنين -
مخطوط] وقال فيه:
" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل
بيتي، فهما خليفتان بعدي، أحدهما أكبر من الآخر، سبب موصول من السماء
إلى الأرض، فإن استمسكتم بهما لن تضلوا، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي
الحوض يوم القيامة، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلكوا ولا تقصروا عنهم
فتذهبوا، فإن مثلهم فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك،
ومثلهم فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له، ألا وإن أهل بيتي
أمان أمتي، فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمتي ما يوعدون، ألا وإن الله عصمهم من
الضلالة وطهرهم من الفواحش واصطفاهم على العالمين، ألا وإن الله أوجب
محبتهم وأمر بمودتهم... ".
196

[97]
رواية سراج الدين الفرغاني الحنفي
أخرج حديث الثقلين في (كتابه نصاب الأخبار لتذكرة الأخيار) على ما ينقل
عنه ملك العلماء الدولت آبادي في (هداية السعداء).
ترجمته:
وقد ترجم له عبد القادر القرشي بقوله: " علي بن عثمان الأوسي الإمام
العلامة المحقق سراج الدين، له القصيدة المشهورة في أصول الدين ستة وستون
بيتا... " 1.
[98]
رواية أبي الفتوح العجلي
أخرج حديث الثقلين في كتاب (فضائل الخلفاء) على ما ظهر من عبارة
السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط] المتقدمة. كما قال ابن با كثير المكي
في [وسيلة المآل - مخطوط] بعد ذكر الحديث: "... وأورده الحافظ أبو الفتوح
العجلي في فضائل الخلفاء ".
ترجمته:
1 - ابن خلكان: " الفقيه الشافعي الواعظ، كان من الفقهاء الفضلاء
الموصوفين بالعلم والزهد مشهورا بالعبادة والنسك والقناعة... " 2.
2 - الأسنوي: " كان فقيها مكثرا من الروايات زاهدا ورعا... " 3.

1) الجواهر المضية 1 / 367.
2) وفيات الأعيان 1 / 188.
3) طبقات الشافعية 2 / 196.
197

3 - والأسدي في [طبقات الشافعية مخطوط] كذلك.
وقد أوردنا ترجمته بالتفصيل عن مختلف الكتب في مجلد (حديث الغدير).
[99]
رواية ابن الأثير الجزري
1 - أورد حديث الثقلين بالسند الآتي: " جابر بن عبد الله، قال: رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم عرفة وهو على ناقته القصواء
يخطب فسمعته يقول: إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله
وعترتي أهل بيتي. أخرجه الترمذي " 1.
2 - ورواه عن مسلم عن زيد بن أرقم 2.
3 - كما أورد الحديث في مادة (ثقل) من (النهاية).
4 - وأورده أيضا في مادة (عترة) منها.
ترجمته:
وقد ترجم له في كتب التراجم المشهورة وغيرها، فهي جميعها تشيد بفضله
ووثاقته وبراعته في الفقه والصرف والحديث والنحو واللغة والتفسير.
أنظر: [الكامل 12 / 120] و [المختصر 3 / 112] و [طبقات الأسدي - مخطوط]
و [دول الإسلام 2 / 84] و [مرآة الجنان 4 / 11] و [تتمة المختصر 2 / 182]
و [طبقات السبكي 5 / 153] و [طبقات الأسنوي 1 / 130] و [بغية الوعاة 385 386] و [التاج المكلل 100].

1) جامع الأصول 1 / 187.
2) المصدر 10 / 102 - 103.
198

[100]
رواية فخر الدين الرازي
أخرج حديث الثقلين عند تفسير قوله تعالى: " واعتصموا بحبل الله جميعا "
حيث يقول: " وروي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله تعالى حبل ممدود من السماء إلى الأرض
وعترتي أهل بيتي " 1.
ترجمته:
1 - ابن خلكان: " فريد عصره، ونسيج وحده، فاق أهل زمانه في علم
الكلام والمعقولات وعلم الأوائل... وكان العلماء يقصدونه من البلاد وتشد
إليه الرحال من الأقطار " 2.
2 - وترجم له الداودي ترجمة طويلة تشيد بعظم منزلته عند القوم 3.
[101]
رواية ابن الأخضر الجنابذي
أخرج حديث الثقلين في (معالم العترة النبوية) كما يذكر ذلك السمهودي
في [جواهر العقدين - مخطوط] وابن باكثير المكي في [وسيلة المآل -
مخطوط].

1) مفاتيح الغيب 7 / 173.
2) وفيات الأعيان 3 / 381 - 385.
3) طبقات المفسرين 2 / 213.
199

ترجمته:
1 - الذهبي: " كان ثقة صالحا عفيفا دينا " 1.
2 - وفي [العبر]: " حصل الأصول الكثيرة وجمع وخرج مع الثقة والجلالة ".
3 - واليافعي في [مرآة الجنان 4 / 21].
4 - والسيوطي في [طبقات الحفاظ 488] بمثل ما مر.
5 - ابن الوردي: " من فضلاء المحدثين " 2.
[102]
رواية عز الدين ابن الأثير
أخرج حديث الثقلين بترجمة عبد الله بن حنطب إذ قال: " وروى عنه ابنه
أيضا أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجحفة قال: ألست أولى
بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال إني سائلكم عن اثنتين عن
القرآن وعن عترتي " 3.
وبترجمة سيدنا الحسن بن علي السبط عليه السلام عن الترمذي عن زيد
ابن أرقم 4.
ترجمته:
1 - السبكي: " الحافظ المؤرخ، قال ابن خلكان: كان بيته في الموصل

1) تذكرة الحفاظ 4 / 1383.
2) تتمة المختصر 2 / 190.
3) أسد الغابة 3 / 147.
4) المصدر 2 / 12.
200

مجمع الفضلاء، اجتمعت به بحلب فوجدته مكملا في التواضع وكرم الأخلاق " 1.
2 - والذهبي في [تذكرة الحفاظ 4 / 1399] و [دول الإسلام 2 / 102].
3 - وابن خلكان في [وفيات الأعيان 3 / 33].
4 - واليافعي في [مرآة الجنان 4 / 70].
5 - والأسنوي في [طبقات الشافعية 1 / 132].
6 - والسيوطي في [طبقات الحفاظ 492].
7 - والقنوجي في [التاج المكلل 93].
[103]
رواية ضياء الدين المقدسي
أخرج حديث الثقلين في كتاب (المختارة) كما يظهر ذلك من عبارة ابن
باكثير المكي في [وسيلة المآل مخطوط] حيث يقول: بعد ذكر الحديث عن
حذيفة: " أخرجه الطبراني في الكبير، والضياء في المختارة من طريق سلمة
ابن كهيل عن أبي الطفيل، وهما من رجال الصحيح ".
ترجمته:
1 - الكتبي: " الحافظ ضياء الدين المقدسي محمد بن عبد الواحد بن
عبد الرحمن بن إسماعيل الحافظ الحجة الإمام ضياء الدين " 2.
2 - والذهبي في [العبر 5 / 179] و [تذكرة الحفاظ 4 / 1405].
3 - والثعالبي عن الذهبي: " هو الإمام العالم الحافظ الحجة محدث

1) طبقات الشافعية 8 / 299.
2) فوات الوفيات 3 / 426.
201

الشام شيخ السنة في هذا الشأن، شيخ وقته ونسيج وحده، علما وحفظ وثقة
ودينا، كان شديد التحري في الرواية مجتهدا في العبادة، كثير الذكر منقطعا
متواضعا. سئل الزكي البرزاني عنه فقال: ثقة جليل حافظ. وقال ابن النجار:
حافظ متقن، عالم بالرجال، ورع تقي... " 1.
[104]
رواية ابن النجار
أخرج حديث الثقلين على ما جاء في كتاب (كفاية الطالب) للكنجي.
ترجمته:
1 - الذهبي: " ابن النجار الحافظ الإمام البارع مؤرخ العصر مفيد
العراق محب الدين، أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن
محاسن بن النجار البغدادي صاحب التصانيف... ألف كتاب القمر المنير في المسند
الكبير وذكر كل صحابي وماله من الحديث وكتاب كنز الإمام في السنن والأحكام
وكتاب المؤتلف والمختلف ذيل به على ابن ماكولا. وكتاب المعجم وكتاب
أنساب المحدثين إلى الآباء والبلدان وكتاب العوالي وكتاب المتفق والمفترق
وكتاب جنة الناظرين في معرفة التابعين وكتاب العقد الفائق وكتاب الكمال في
الرجال وقرأت عليه ذيل التاريخ عمله في ستة عشر مجلدا وله كتاب الدرر الثمينة
في أخبار المدينة وكتاب روضة الأوليا في إيليا وكتاب نزهة الورى في ذكر
أم القرى وكتاب الأزهار في أنواع الأشعار وكتاب عيون الفوائد ستة أسفار،
وكتاب مناقب الشافعي... " 2.

1) مقاليد الأسانيد للثعالبي.
2) تذكرة الحفاظ 4 / 1428.
202

2 - وابن شاكر في [فوات الوفيات 4 / 36].
3 - والصفدي في [الوافي بالوفيات 5 / 9].
[105]
رواية رضي الدين الصغاني
أخرج حديث الثقلين حيث قال: " م. زيد بن أرقم. أما بعد: أيها الناس
فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين،
أولهما كتاب الله فيه النور والهدى فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي
أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي... " 1.
ترجمته:
1 - ابن شاكر: " الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي العلامة
رضي الدين، أبو الفضائل القرشي العدوي العمري، المحدث الفقيه الحنفي
اللغوي النحوي الصاغاني... قال الدمياطي: كان شيخا صالحا صموتا عن
فضول الكلام، صدوقا في الحديث، إماما في اللغة والفقه والحديث، قرأت
عليه وحضرت دفنه بداره... " 2.
2 - الذهبي: " وكان إليه المنتهى في معرفة اللغة، له مصنفات كبار في
ذلك، وله بصر بالفقه والحديث مع الدين والأمانة، توفي في شعبان وحمل إلى
مكة فدفن بها " 3.

1) مشارق الأنوار بشرح ابن الملك 3 / 157.
2) فوات الوفيات 1 / 358.
3) العبر 5 / 205.
203

3 - ابن شحنة في حوادث سنة 50 6: " وفيها توفي العلامة أبو الفضائل
جار الله الحسن بن محمد الصاغاني الحنفي إمام اللغة، وكان مولده سنة سبع
وسبعين وخمسمائة، ومن مؤلفاته مجمع البحرين في اللغة اثنى عشر مجلدا
والعباب عشرة ولم يكمل، والشوارد ومشارق الأنوار في الحديث وشرح
البخاري والمفصل وغير ذلك " 1.
4 - اليافعي: " له بصر في الفقه والحديث مع الدين والأمانة " 2.
5 - والسيوطي في [بغية الوعاة 227].
[106]
رواية ابن طلحة الشافعي
روى حديث الثقلين حيث قال: " وقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن
يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم إلى زيد بن
أرقم، فلما جلسنا إليه قال [له] حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا: رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد
لقيت [يا زيد] خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه
وسلم. قال: يا ابن أخي، لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت
أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوه وما لا فلا تكلفونيه
ثم قال: قام [فينا] رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيبا بماء يدعى خما
بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد [ألا]
يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم

1) روضة المناظر - هامش الكامل.
2) مرآة الجنان 4 / 121.
204

ثقلين [الثقلين] أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا
به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي [أذكركم الله في أهل بيتي] فقال له حصين: ومن
أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه بأهل بيته؟ قال: لا، أهل بيته من حرم الصدقة
عليه بعده " 1.
ترجمته:
ترجم له بكل اطراء في [مرآة الجنان 4 / 128] و [العبر 5 / 213] و [طبقات
الأسنوي 2 / 503] و [طبقات السبكي 5 / 26] و [طبقات الأسدي - مخطوط] وغيرها.
كما عبر عنه الكنجي في [كفاية الطالب 231] في حديث رواه عنه ب‍ " شيخنا
حجة الإسلام شافعي الزمان... " وهذا كاف في حقه.
والبدخشي في [مفتاح النجا - مخطوط] في ذكر أولاد الإمام الحسن عليه
السلام عند النقل عنه ب‍ " الشيخ العالم... ".
واعتمد على أقواله محمد محبوب عالم في [تفسير شاهى] وهو الكتاب
الذي يستند إليه (الدهلوي) وتلميذه في كتابيهما كما لا يخفى.
وقد ذكرنا نبذا من شواهد اعتماده عليه في مجلد (حديث التشبيه).
[107]
رواية سبط ابن الجوزي
لقد روى حديث الثقلين وتكلم عليه ما يؤدي حقه وأثبت سنده وصححه
وحققه 2.

1) مطالب السئول: 8.
2) تذكرة خواص الأمة: 322 - 323.
205

ترجمته: ترجم له جماعة كبيرة من أعيان العلماء، ونقل عنه آخرون معتمدين عليه،
منهم:
1 - الكنجي في [كفاية الطالب].
2 - ابن خلكان في [وفيات الأعيان].
3 - القطب البعلبكي في [ذيل مرآة الزمان].
4 - أبو الفداء في [المختصر 3 / 206].
5 - ابن الوردي في [تتمة المختصر 2 / 286].
6 - الذهبي في [العبر 5 / 220].
7 - الصفدي في [الوافي بالوفيات.
8 - اليافعي في [مرآة الجنان 4 / 136].
9 - الأسدي في [طبقات الشافعية - مخطوط].
10 - السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط].
11 - الداودي في [طبقات المفسرين 2 / 283].
12 - الحلبي في [السيرة] حيث ينقل عنه.
13 - ابن حجر في [لسان الميزان 6 / 338].
14 - ابن كثير في [البداية والنهاية 13 / 194].
15 - الذهبي في [ميزان الاعتدال 14 / 471].
16 - ابن تغرى بردى في [النجوم الزاهرة 7 / 39].
17 - ابن العماد في [شذرات الذهب 5 / 266].
206

[108] رواية الكنجي الشافعي
روى حديث الثقلين عن الصحاح والمسانيد في باب جعله الأول من الكتاب
وعنونه ب‍ (في بيان صحة خطبته بماء يدعى خما).
ترجمته:
ترجم له في كثير من المصادر، ولقد ذكر ناله ترجمة بالتفصيل في المجلدات.
[109]
رواية أبي الفتح الأبيوردي
أخرج حديث الثقلين كما يظهر ذلك من عبارة السيوطي حيث قال: " الحديث
الخامس والخمسون، أخرج الباوردي عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم به لن تضلوا
كتاب الله سبب طرفه بأيديكم وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا
علي الحوض " 1.
وهكذا قال البدخشي في [مفتاح النجا - مخطوط].
ترجمته:
1 - الذهبي: " الإمام المحدث الحافظ المفيد.. " 2.

1) إحياء الميت: 30.
2) تذكرة الحفاظ 4 / 1476.
207

2 - الذهبي أيضا: " والأبيوردي الحافظ زين الدين أبو الفتح محمد
ابن أبي بكر الصوفي الشافعي. سمع وهو ابن أربعين سنة من كريمة وابن
قميرة فمن بعدهما حتى كتب عن أصحاب محمد بن عماد، وشرع في المعجم
وحرص وبالغ فما أفاق من الطلب إلا والمنية قد فاجأته، وكان ذا دين وورع،
توفي بخانكاه سعيد السعداء في جمادى الأولى وله شعر " 1.
3 - السيوطي: " الأبيوردي الإمام المحدث الحافظ المفيد زين الدين
أبو الفتح، محمد بن محمد بن أبي بكر الصوفي الشافعي نزيل القاهرة، ولد
سنة 601 وطلب الحديث كهلا، فسمع من السخاوي والضياء الحافظ، وكان
من أهل الدين والصلاح وله فهم ويقظة، خرج معجمه، ومات في حادي عشر
جمادى الأولى سنة 667 " 2.
4 - السيوطي أيضا: " الإمام المحدث الحافظ زين الدين.. " 3.
[110]
رواية أبي زكريا النووي
روى حديث الثقلين في ترجمة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وبيان
فضائله. فقال: " وفي صحيح مسلم أيضا عن زيد بن أرقم في جملة حديث
طويل قال:
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة
والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس

1) العبر حوادث - 667.
2) طبقات الحفاظ: 511.
3) حسن المحاضرة 1 / 306.
208

إنما أنا بشر يوشك أن يأتي [يأتيني] رسول ربي فأجيب، وأنا تارك‍ فيكم ثقلين
أولهما كتاب الله تعالى فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به،
فحث على كتاب الله ورغب فيه، قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي [أذكركم الله في أهل بيتي]. فقيل: ومن أهل بيته
يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من
حرم الصدقة بعد [ه] قال: ومن هم؟ قال: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل
عباس " 1.
ترجمته:
1 - الذهبي في [تذكرة الحفاظ] مفصلا نقتطف منها جملا. قال:
" النواوي الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء محيي الدين،
أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الحوراني الشافعي، صاحب
التصانيف النافعة... ولازم الاشتغال والتصنيف ونشر العلم والعبادة والأوراد،
والصيام والذكر والصبر على المعيشة الخشنة في المأكل والملبس كلية لا مزيد
عليها، ملبسه ثوب خام وعمامته سبجانية صغيرة، تخرج به جماعة من العلماء
منهم: الخطيب الصدر سليمان الجعفري، وشهاب الدين أحمد بن جعوان،
وشهاب الدين الأربدي، وعلاء الدين ابن العطار، وحدث عنه ابن أبي الفتح،
والمزي، وابن العطار... فمن تصانيفه: شرح صحيح مسلم ورياض الصالحين
والأذكار والأربعين والارشاد في علوم الحديث والتقريب مختصره وكتاب
المهمات وتحرير الألفاظ والعمدة وتصحيح النسبة والايضاح والمناسك مجلد.
وله ثلاثة مناسك سواه، والتبيان في آداب حملة القرآن والروضة... وقال

1) تهذيب الأسماء واللغات 1 / 347.
209

الشيخ شمس الدين بن الفخر الحنبلي: كان إماما بارعا حافظا متقنا ".
2 - السيوطي: " النووي الإمام الفقيه الحافظ الأوحد القدوة، شيخ
الإسلام علم الأولياء... كان إماما بارعا حافظا متقنا، أتقن علوما شتى، وبارك
الله في علمه وتصانيفه لحسن قصده، وكان شديد الورع والزهد، آمرا بالمعروف
ناهيا عن المنكر، تهابه الملوك، تاركا لجميع ملاذ الدنيا... أفرزت ترجمته
بالتأليف " 1.
وانظر: [مرآة الجنان 4 / 182] و [تتمة المختصر 2 / 322] و [النجوم
الزاهرة 7 / 278] و [طبقات الأسنوي 2 / 476] و [طبقات السبكي 5 / 165]
وغيرها.
[111]
رواية محب الدين الطبري
روى حديث الثقلين حيث قال: " الباب الخامس في فضل أهل البيت
والحث على التمسك بهم وبكتاب الله عز وجل والخلف فيهما [بخير]: عن
زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين
ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل
ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أخرجه الترمذي. وقال: حديث
غريب.
وعنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، فحمد الله وأثنى
عليه ثم قال: أما بعد يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه،

1) طبقات الحفاظ: 510.
210

وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسكوا بكتاب
الله عز وجل وخذوا به، وحث عليه ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم
الله عز وجل في أهل بيتي، ثلاث مرات. فقيل لزيد: من أهل بيته؟ أليس نساؤه
من أهل بيته؟ قال: بلى، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة عليهم، قيل: ومن
هم؟ قال: هم آل جعفر وآل علي وآل عقيل وآل العباس. قيل: أكل هؤلاء
قد حرم عليهم الصدقة؟ قال: نعم. أخرجه مسلم.
وعند أحمد بمعناه من حديث أبي سعيد ولفظه أنه قال: إني أوشك أن أدعى
فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض
وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض، فانظروا بما تخلفوني فيهما " 1.
ترجمته:
وتوجد ترجمة محب الدين الطبري في كثير من المصادر المعتبرة، منها:
1 - [تذكرة الحفاظ 4 / 1474].
2 - [العبر 5 / 382].
3 - النجوم الزاهرة [8 / 74].
4 - البداية والنهاية [13 / 340].
5 - طبقات السبكي [5 / 8].
6 - طبقات الأسنوي [2 / 179].
7 - الوافي بالوفيات [7 / 135].
8 - طبقات الحفاظ [510].

1) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: 16.
211

9 - مرآة الجنان [4 / 224].
10 - تتمة المختصر [2 / 343].
11 - دول الإسلام [2 / 153].
[112]
رواية النظام الأعرج
روى حديث الثقلين في تفسيره بتفسير قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله
جميعا.. " قال ما نصه: " وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم:
إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله حبل متين ممدود من السماء إلى الأرض،
وعترتي أهل بيتي " 1.
ترجمته:
ترجم له كبار العلماء، وقد ذكرنا ترجمته والكلام على اعتبار تفسيره واعتماد
أبناء السنة عليه، في مجلد (حديث الغدير).
[113]
إثبات سعيد الدين محمد بن أحمد الفرغاني
فقد قال في الشرح الفارسي ل‍ [تائية ابن الفارض] بشرح قوله:
[وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا * علي بعلم ناله بالوصية]:
" لقد وضح وشرح علي ما كان مشكلا ومخفيا من القرآن والسنة لغيره من
الصحابة، وبالأخص عمر، ولذلك قال " لولا علي الهلك عمر ". ولقد كان

1) غرائب القرآن 1 / 349.
212

بيانه لتلك المشكلات بعلم ورثه من المصطفى صلى الله عليه وسلم، بالإضافة
إلى الوصية حيث قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي - ثلاثا - وقال أيضا: أنت مني بمنزلة هارون من
موسى غير أنه لا نبي بعدي. مع قوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
ترجمته:
1 - الذهبي في [العبر في خبر من غير وفيات سنة 699].
2 - والجامي في [نفحات الأنس 559].
3 - والكفوي في [كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار].
ولقد أوردنا ترجمته مفصلة في مجلد (حديث مدينة العلم).
[114]
رواية محمد بن مكرم الأنصاري الأفريقي
روى حديث الثقلين في كتابه [لسان العرب] كما تقدم في تخريج رواية
ابن إسحاق والأزهري.
وقال أيضا في مادة " حبل " نقلا عن الأزهري ما نصه: " وفي حديث النبي
صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بكتاب الله وعترتي، أحدهما أعظم من الآخر،
وهو كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض أي نور ممدود. قال أبو
منصور: في هذا الحديث اتصال كتاب الله عز وجل وإن كان يبقى في الأرض
وينسخ ويكتب، ومعنى الحبل الممدود نور هداه، والعرب تشبه النور الممتد
بالحبل والخيط. قال الله تعالى " حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط
الأسود من الفجر "، يعني نور الصبح من ظلمة الليل، فالخيط الأبيض هو نور
213

الصبح إذا تبين للأبصار وانفلق. والخيط الأسود دونه في الإنارة لغلبة سواد
الليل عليه، ولذلك نعت بالأسود ونعت الآخر بالأبيض، والخيط والحبل قريبان
من السواد. وفي حديث آخر: وهو حبل الله المتين، أي نور هداه، وقيل عهده
وأمانه الذي يؤمن من العذاب، والحبل العهد والميثاق " 1.
ترجمته:
1 - الصفدي: " محمد بن مكرم - بتشديد الراء - ابن علي بن أحمد
الأنصاري الرويفعي الأفريقي ثم المصري، القاضي جمال الدين أبو الفضل،
من ولد رويفع بن ثابت الصحابي. ولد أول سنة ثلاثين، وسمع من يوسف
ابن الخيلي وعبد الرحمن بن الطفيل ومرتضى بن حاتم وابن المقير وطائفة،
وتفرد وعمر وكبر وأكثروا عنه، وكان فاضلا، وعنده تشيع بلا رفض، مات في
شعبان سنة إحدى عشرة وسبعمائة " 2.
2 - وابن شاكر الكتبي في [فوات الوفيات 4 / 39].
3 - ابن حجر العسقلاني: " عمر وكبر وحدث فأكثروا عنه، وكان مغرى
باختصار كتب الأدب المطولة، اختصر الأغاني والعقد والذخيرة ونشوار المحاضرة
ومفردات ابن البيطار والتواريخ الكبار، وكان لا يمل من ذلك. قال الصفدي:
لا أعرف في الأدب وغيره كتابا مطولا إلا وقد اختصره. قال: أخبرني ولده قطب
الدين أنه ترك بخطه خمسمائة مجلدة. ويقال: إن الكتب التي علقها بخطه من
مختصراته خمسمائة مجلدة.
قلت: وجمع في اللغة كتابا سماه (لسان العرب) جمع فيه بين التهذيب

1) لسان العرب 11 / 137.
2) الوافي بالوفيات 5 / 54.
214

والمحكم والصحاح والجمهرة والنهاية وحاشية الصحاح، وجوده ما شاء ورتبه
ترتيب الصحاح، وهو كبير. وخدم في ديوان الانشاء طول عمره، وولي قضاء
طرابلس، وكان عنده تشيع بلا رفض... " 1.
4 - الجلال السيوطي: " وكان رئيسا فاضلا في الأدب مليح الانشاء،
روى عنه السبكي والذهبي. وقال: تفرد بالعوالي، وكان عارفا بالنحو واللغة
والتاريخ والكتابة. " 2.
[115]
رواية الحموئي
روى حديث الثقلين بسنده عن زيد بن أرقم قال: " قام فينا ذات يوم رسول
الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها
الناس، إنما (فإنما - ظ) أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وأني
تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فاستمسكوا بكتاب الله
وخذوا به، فحث على كتاب الله عز وجل ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم
الله في أهل بيتي ثلاث مرات. فقال له حصين يا زيد من أهل بيته؟ أليس
نساؤه من أهل بيته؟ قال: بلى إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم
الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: آل علي وآل جعفر وآل عباس وآل عقيل،
فقال: كل هؤلاء يحرم الصدقة؟ قال: نعم " 3.
وروى عنه أيضا بسنده فقال: " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

1) الدرر الكامنة 4 / 262.
2) بغية الوعاة 106 - 107.
3) فرائد السمطين 2 / 268.
215

ألا قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما كتاب الله عز وجل من تبعه كان على الهدى
ومن تركه كان على الضلالة، ثم أهل بيتي -، أذكركم الله في أهل بيتي ثلاث
مرات. قلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، أهل بيته عصبته الذين حرموا
الصدقة بعده، آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل " 1.
وروى بسنده " عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل حبل
ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني
أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا ما تخلفوني فيهما " 2.
وروى بسند - فيه الحكيم الترمذي " عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال:
لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع خطب، قال: أيها
الناس أنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي يليه
من قبل، وإني أظن أني موشك أن أدعى فأجيب، وإني فرطكم على الحوض،
وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل
الأكبر كتاب الله، طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فاستمسكوا ولا تضلوا ولا
تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى
يردا علي الحوض " 3.
ترجمته:
1 - الذهبي في [العبر في خبر من غبر وفيات سنة 722].

1) فرائد السمطين 2 / 250.
2) فرائد السمطين 2 / 272.
3) المصدر نفسه 274.
216

2 - وجمال الدين الأسنوي في [طبقات الشافعية].
وقد أكثر النقل عنه جماعة من العلماء منهم:
1 - الزرندي في [نظم درر السمطين].
2 - نور الدين السمهودي في [جواهر العقدين].
[116]
رواية نجم الدين القمولي
روى حديث الثقلين بتفسير قوله تعالى " سنفرغ لكم أيها الثقلان " فقال:
" والثقل: الأمر العظيم، قال عليه السلام: إني تارك فيكم الثقلين " 1.
ترجمته:
1 - الأسنوي: " الشيخ نجم الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي
الحرم المكي القمولي، تسربل بسربال الورع والنقوي، وتعلق بأسباب الرقي
فارتقى، وخاص مع الأولياء فركب في فلكهم ولزمهم حتى انتظم في سلكهم.
كان إماما في الفقه، عارفا بالأصول والعربية، صالحا سليم الصدر، كثير التلاوة
متواضعا متوددا كريما كثير المروءة. شرح (الوسيط) شرحا مطولا، أقرب
تناولا من شرح ابن الرفعة وإن كان كثير الاستعداد منه، وأكثر فروعا منه أيضا،
بل لا أعلم كتابا في المذهب أكثر مسائل منه، وسماه البحر المحيط في شرح
الوسيط، ثم لخص أحكامه خاصة كتلخيص الروضة من الرافعي سماه جواهر
البحر، وشرح مقدمة ابن الحاجب في النحو شرح مطولا، وشرح الأسماء
الحسنى في مجلد، وأكمل تفسير ابن الخطيب، تولى تدريس الفخرية بالقاهرة

1) تكملة تفسير الرازي.
217

ونيابة الحكم بها، وتدريس الفائزية بمصر " 1.
2 - تقي الدين الأسدي: " الشيخ العلامة نجم الدين أبو العباس القمولي
المصري، اشتغل إلى أن برع، ودرس وأفتى وصنف. قال السبكي في الطبقات
الكبرى: كان من الفقهاء المشهورين والصلحاء المتورعين... وكان الشيخ صدر
الدين ابن الوكيل يقول فيما نقل لنا عنه: ليس بمصر أفقه من القمولي. وقال
الكمال جعفر الأدفوي قال: لي أربعين سنة أحكم ما وقع لي حكم خطأ ولا
مكتوب فيه خلل مني، وكان مع جلالته في الفقه عارفا بالنحو والتفسير.. " 2.
3 - وابن حجر العسقلاني بمثل ما تقدم 3.
4 - الجلال السيوطي: " قال الأدفوي: كان من الفقهاء الأفاضل والعلماء
المتقدمين والصلحاء المتورعين... " 4.
5 - الجلال السيوطي أيضا في ذكر من كان بمصر من الفقهاء الشافعية:
" كان إماما في الفقه، عارفا بالأصول والعربية، صالحا متواضعا.. " 5.
6 - والداودي باعتبار أنه مفسر، لأنه كمل تفسير الفخر الرازي 6.
[117]
رواية فخر الدين الهانسوي
روى حديث الثقلين في كتابه [دستور الحقائق]، فقد قال مالك العلماء

1) طبقات الشافعية 2 / 332.
2) طبقات الشافعية - مخطوط.
3) الدرر الكامنة 1 / 324.
4) بغية الوعاة: 168.
5) حسن المحاضرة 1 / 424.
6) طبقات المفسرين 1 / 87.
218

الدولت آبادي ما نصه: " وفي دستور الحقائق للإمام فخر الدين الهانسوي ما روي
عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع
ونزل غدير خم - وهو اسم موضع بين مكة والمدينة - فأمر أن يجمع رحال
الإبل، فجعلها كالمنبر فصعد عليها وقال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي، إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي " 1.
ترجمته:
ترجم له كبار العلماء ورجال التاريخ، وقد ذكرنا ترجمته بالتفصيل في مجلد
(حديث الطير).
[118]
رواية علاء الدين الخازن
روى حديث الثقلين في تفسيره بتفسير قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا "
فقال: " واعتصموا بحبل الله جميعا، أي تمسكوا بحبل الله، والحبل هو السبب
الذي يتوصل به إلى البغية، وسمي الأمان حبلا لأنه سبب يتوصل به إلى زوال
الخوف، وقيل: حبل الله هو السبب الذي به يتوصل إليه. فعلى هذا اختلفوا
في معاني الآية، فقال ابن عباس: معناه تمسكوا بدين الله، لأنه سبب يوصل
إليه. وقيل: حبل الله هو القرآن، لأنه أيضا سبب يوصل إليه. وفي أفراد مسلم
من حديث زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإني تارك
فيكم ثقلين، أحدهما كتاب الله هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن
تركه كان على الضلالة الحديث " 2.

1) هداية السعداء - مخطوط.
2) لباب التأويل 1 / 328.
219

وقال في تفسير آية المودة: " م عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: إني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا
بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال:
وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له
حصين: من أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته،
ولكن أهل بيته من حرمت عليه الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي
وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس " 1.
وقال في تفسير قوله تعالى " سنفرغ لكم أيها الثقلان ": " وأراد بالثقلين
الإنس والجن، سميا ثقلين لأنهما ثقلا الأرض أحياءا وأمواتا، وقيل: كل شئ
له قدر ووزن ينافس فيه فهو ثقل، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. فجعلهما ثقلين إعظاما لقدرهما " 2.
ترجمته:
1 - ابن حجر العسقلاني: " اشتغل كثيرا، وجمع تفسيرا كبيرا سماه (لباب
التأويل لمعالم التنزيل) وشرح (العمدة)، وهو الذي صنف (مقبول المنقول)
في عشر مجلدات، جمع فيه بين مسند الشافعي وأحمد والستة والموطأ والدار قطني
فصارت عشرة كتب، رتبها على الأبواب، وجمع سيرة نبوية مطولة، وكان
حسن التحبب والبشر والتودد... " 3.
2 - واعتمد أحمد بن عبد القادر العجيلي على تفسير الخازن في كتابه (ذخيرة

1) المصدر 6 / 102.
2) لباب التأويل 7 / 6.
3) الدرر الكامنة 3 / 79.
220

المآل) معبرا عنه ب‍ " الإمام ".
3 - وكذا الشبلجني في كتابه (نور الأبصار) في مواضع منه.
4 - وذكر الكاتب الجلبي القسطنطيني تفسيره في [كشف الظنون 1540].
هذا ومن الجدير بالذكر أن الخازن هذا من جملة شيوخ مشايخ (ولي الدين
الدهلوي. والد الدهلوي) السبعة، الذين يفتخر ويتباهى باتصال سنده بهم،
ويصرح بأنهم من الأئمة الأعلام، والمشايخ المشهورين في الحرمين، المجمع
على فضلهم من بين الخافقين.
[119]
رواية الخطيب التبريزي
روى حديث الثقلين فقال: " وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة،
فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر
يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب
الله عز وجل فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب
الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله
في أهل بيتي، وفي رواية: كتاب الله هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى،
ومن تركه كان على الضلالة. رواه مسلم " 1.
وقال فيه: " عن جابر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصوى يخطب، فسمعته يقول: يا أيها
الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

1) مشكاة المصابيح 3 / 255.
221

رواه الترمذي.
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر،
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، لن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. رواه الترمذي " 1.
ترجمته:
ترجم له وأثنى على (مشكاته) كبار علماء الرجال وأئمة الحديث، وقد ذكرنا
بعض ذلك في مجلد (حديث الطير).
[120]
رواية أبي الحجاج المزي
روى حديث الثقلين بطرق عديدة وألفاظ مختلفة في كتابه (تحفة الأشراف
بمعرفة الأطراف) عن الترمذي ومسلم والنسائي.
فقال في مسند جابر تحت عنوان: " جعفر بن محمد بن علي الهاشمي الصادق
عن أبيه محمد بن علي عن جابر:
حديث ت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حجته في عرفة وهو على
ناقته القصواء يخطب. الحديث ت في المناقب عن نصر بن عبد الرحمن الكوفي
عن زيد بن الحسن عنه به وقال: حسن غريب ".
وقال في مسند زيد بن أرقم: " حبيب بن أبي ثابت الأسدي الكوفي عن

1) مشكاة المصابيح 3 / 258.
222

زيد بن أرقم حديث ت: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا. الحديث
ت في المناقب عن علي بن المنذر عن ابن فضيل عن الأعمش عنه به. وعن
عطية عن أبي سعيد به. وقال: حسن غريب ".
وقال فيه: " عامر بن واثلة أبو الطفيل الليثي الكناني، وله رؤية، عن زيد
ابن أرقم: حديث ت س: من كنت مولاه فعلي مولاه. ت في المناقب عن محمد
ابن يسار عن غندر عن شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدث
عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - فذكره وقال: حسن غريب. س
فيه عن محمد بن مثنى عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن سليمان عن حبيب
ابن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم به أتم من الأول لما رجع
ونزل غدير خم... الحديث ".
وقال فيه: " يزيد بن حيان التيمي الكوفي عن أبي حيان التيمي عن زيد بن
أرقم. حديث م س: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم إلى زيد بن
أرقم قال له حصين: يا زيد لقد رأيت خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم - الحديث بطوله وفيه: إني تارك فيكم الثقلين. م في الفضائل عن
زهير بن حرب وشجاع بن مخلد كلاهما عن إسماعيل بن علية. وعن أبي بكر
ابن أبي شيبة عن محمد بن فضيل وعن إسحاق بن إبراهيم عن جرير، ثلاثتهم
عن أبي حيان التيمي وعن محمد بن بكار عن حسان بن إبراهيم عن سعيد بن
مسروق كلاهما عنه به. س في المناقب عن زكريا بن يحيى السجزي عن إسحاق
ابن إبراهيم به ".
وقال فيه في مسند أبي سعيد الخدري تحت عنوان سليمان بن مهران
الأعمش عن عطية عن أبي سعيد: " حديث ت إني تارك فيكم ما إن تمسكتم
به لن تضلوا بعدي. الحديث في ترجمة حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم ".
223

ترجمته:
1 - الذهبي في [تذكرة الحفاظ 4 / 1496] و [تذهيب التذهيب - مخطوط]
وغيرهما.
2 - وابن الوردي في [تتمة المختصر 2 / 474].
3 - وتاج الدين السبكي في [طبقات الشافعية].
4 - وجمال الدين الأسنوي في [طبقات الشافعية 2 / 464].
5 - وتقي الدين الأسدي في [طبقات الشافعية - مخطوط].
6 - وابن تغرى بردى في [النجوم الزاهرة 9 / 271].
7 - وابن حجر العسقلاني في [الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 1 / 154].
8 - وابن الشحنة في [روضة المناظر في تاريخ الأوائل والأواخر حوادث
سنة 742].
9 - الجلال السيوطي في [طبقات الحفاظ 517].
10 - والشوكاني في [البدر الطالع لمحاسن من بعد القرن السابع 2 / 352].
وهنا نكتفي بما ذكره الشوكاني، وهذا نصه:
" يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن
علي بن أبي الزاهر الحلبي الأصل المزي، أبو الحجاج جمال الدين، الإمام
الكبير الحافظ، صاحب التصانيف. ولد في ربيع الآخر سنة 654 وطلب فأكثر
عن أحمد بن أبي الخير ومسلم بن علان والفخر بن البخاري ونحوهم من
أصحاب ابن طبرزد والكندي، وسمع الكتب الطوال والأجزاء، ومشايخه نحو
224

ألف شيخ، ومن مشايخه النووي، وأسمع بالشام والحرمين ومصر وحلب
والإسكندرية وغيرها.
وأتقن اللغة والتصريف، وتبحر في الحديث، ودرس بمدارس منها دار
الحديث الأشرفية، ولما ولي تدريسها قال ابن تيمية: لم يلها من حين بنيت
إلى الآن أحق بشرط الواقف منه. قال الذهبي: ما رأيت أحدا في هذا الشأن
أحفظ منه.
ومن مصنفاته (تهذيب الكمال)، اشتهر في زمانه وحدث به خمس مرات،
و (كتاب الأطراف) وهو كتاب مفيد جدا.
وقد أخذ عنه الأكابر وترجموا له وعظموه جدا. قال ابن سيد الناس في
ترجمته: إنه أحفظ الناس للتراجم وأعلمهم بالرواة الأعارب والأعاجم. وأطال
الثناء عليه ووصفه بأوصاف ضخمة وقال: إنه في اللغة إمام، وله في الفرائض
معرفة وإلمام.
وقال الصفدي: سمعنا صحيح مسلم على السيد المنبجي وهو حاضر، فكان
يرد على القارئ فيقول القارئ: ما عندي إلا ما قرأت، فيوافق المزي بعض
من حضر ممن بيده نسخة، إما بأن يوجد فيها كما قال أو يوجد مظننا عليه أو
في الحاشية، ولما كثر منه ذلك قلت له: ما النسخة الصحيحة إلا أنت. قال:
ولم أر بعد أبي حيان مثله في العربية مثله خصوصا التصريف، ولم يكن مع
توسعه في معرفة الرجال يستحضر تراجم غير المحدثين، لا من الملوك ولا من
الوزراء والقضاة والأدباء.
وقال الذهبي: كان خاتم الحفاظ، وناقد الأسانيد والألفاظ، وهو صاحب
معضلاتنا ومرجع مشكلاتنا. قال: وفيه حياء وكرم وسكينة واحتمال وقناعة،
وترك للتجمل وانجماع عن الناس، ومات يوم السبت ثاني عشر صفر سنة
744 ".
225

[121] إثبات شرف الدين الطيبي
أثبت حديث الثقلين في [شرح المشكاة] حيث قال:
" السادس زيد، قوله الثقلين، الثقل المتاع المحمول على الدابة، وإنما
قيل للإنس والجن الثقلان لأنهما قطان الأرض فكأنهما ثقلاها. وقد شبه بها
الكتاب والعترة لأن الدين يستصلح بهما ويعمر كما عمرت الدنيا بالثقلين. وقيل:
سماهما ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، وقيل: في تفسير قوله تعالى
" إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " أي أوامر الله ونواهيه، لأنه لا تؤدى إلا بتكليف
ما ثقيل. وقيل قولا ثقيلا: أي له وزن. وسمي الجن والإنس ثقلين لأنهما فضلا
بالتمييز على سائر الحيوان، وكل شئ له وزن وقدر يتنافس فيه فهو ثقل. قوله
" أذكركم الله في أهل بيتي " أي أحذركم الله في شأن أهل بيتي وأقول لكم
لا تؤذوهم واحفظوهم، والتذكير بمعنى الوعظ، يدل عليه قوله " ووعظ
وذكر ".
وقال فيه أيضا: " الفصل الثاني الأول جابر، قوله " وعترتي أهل بيتي "
عترة الرجل أهل بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة
بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين
وأزواجه.
الثاني زيد، قوله " ما إن تمسكتم به " ما الموصولة، والجملة الشرطية
صلتها، وإمساك الشئ التعلق به وحفظه، قال تعالى " ويمسك السماء أن تقع
على الأرض ". استمسك الشئ: إذا تحرى الامساك به، ولهذا لما ذكر
التمسك عقبه بالمتمسك به صريحا، وهو الحبل في قوله " كتاب الله حبل ممدود
226

من السماء إلى الأرض "، وفيه تلويح إلى معنى قوله تعالى " ولو شئنا لرفعناه
به ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ".
والتمسك بالعترة: محبتهم والاهتداء
بهديهم وسيرتهم.
وقوله " إني تارك فيكم " إشارة إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وأنه يوصي الأمة بحسن المعاشرة معهما وإيثار حقهما على
أنفسهم، كما يوصي الأب المشفق لأولاده. ويعضده الحديث السابق في الفصل
الأول " أذكركم الله في أهل بيتي "، كما يقول الأب المشفق: الله الله في حق أولادي.
ومعنى كون أحدهما أعظم من الآخر: أن القرآن مؤساة للعترة، وعليهم الاقتداء
به، وهم أولى الناس بالعمل بما فيه.
ولعل السر في هذه الوصية والاقتران بالقرآن إيجاب محبتهم، لقوله تعالى
" قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " فإنه تعالى جعل شكر إنعامه
وإحسانه بالقرآن منوطا بمحبتهم على سبيل الحصر، وكأنه صلى الله عليه وسلم
يوصي الأمة بقيام الشكر وقيد تلك النعمة به ويحذرهم عن الكفران، فمن قام
بالوصية وشكر تلك الصنيعة بحسن الخلافة بينهما لن يتفرقا، فلا يفارقانه في
مواطن القيامة ومشاهدها حتى يردا الحوض فيشكرا صنيعه عند رسول الله،
فحينئذ هو بنفسه يكافيه والله يجازيه الجزاء الأوفى، ومن أضاع الوصية وكفر
النعمة فحكمه بالعكس.
وعلى هذا التأويل حسن موقع قوله " أنظروا كيف تخلفوني فيهما "، والنظر
بمعنى التأمل والتفكر، أي تفكروا واستعملوا الرواية في استخلافي إياكم، هل
تكونون خلف صدق أو خلف سوء. وإن استغربت قولي لا يفارقانه في مواقف
الحشر حتى يردا علي الحوض تمسكت بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم " اقرأوا الزهراوين - إلى قوله - يحاجان عن صاحبهما ". إن استبعدت
227

قولي أنشدت لك قول الأعشى... " 1.
ترجمته:
1 - ابن حجر العسقلاني: " الحسن بن محمد بن عبد الله الطيبي، الإمام
المشهور، صاحب شرح المشكاة وغيره. قرأت بخط بعض الفضلاء: كان ذا
ثروة من الإرث والتجارة، فلم يزل ينفق ذلك في وجوه الخيرات إلى أن كان
في آخر عمره فقيرا. قال: وكان كريما متواضعا حسن المعتقد، شديد الرد على
الفلاسفة والمبتدعة، مظهرا فضائحهم مع استيلائهم في بلاد المسلمين حينئذ،
شديد الحب لله ولرسوله، كثير الحياء ملازما لإشغال الطلبة في العلوم الإسلامية
بغير طمع، بل يجديهم ويعينهم ويعير الكتب النفيسة لأهل بلده وغيرهم من أهل
البلدان من يعرف ومن لا يعرف، محبا لمن عرف منه تعظيم الشريعة، مقبلا
على نشر العلم، آية في استخراج الدقائق من القرآن والسنن. شرح الكشاف
شرحا كبيرا. وصنف في المعاني والبيان التبيان وشرحه، وأمر بعض تلامذته
باختصار المصابيح على طريقة نهجها له وسماه المشكاة وشرحها هو شرحا
حافلا، ثم شرع في جمع كتاب في التفسير وعقد مجلسا عظيما لقراءة كتاب
البخاري... ".
2 - الجلال السيوطي: " الإمام المشهور العلامة في المعقول والعربية
والمعاني والبيان، قال ابن حجر: كان آية... " 3.
3 - والشمس الداودي بمثل ما تقدم 4.

1) الكاشف في شرح المشكاة - مخطوط.
2) الدرر الكامنة 2 / 68.
3) بغية الوعاة 228.
4) طبقات المفسرين 1 / 143.
228

4 - الشوكاني: " الإمام المشهور، صاحب شرح المشكاة وحاشية الكشاف
وغيرهما. له إقبال على استخراج الدقائق من الكتاب والسنة، وحاشيته على
الكشاف هي أنفس حواشيه على الإطلاق، مع ما فيها من الكلام على الأحاديث
في بعض الحالات إذا اقتضى ذلك على طريقة المحدثين، مما يدل على ارتفاع
طبقته في علمي المعقول والمنقول " 1.
5 - القنوجي: " إمام مشهور وعالم مبرور... " 2.
[122]
إثبات شمس الدين الخلخالي
أثبت حديث الثقلين حيث قال: " قوله بماء يدعى خما " أي سمي ذلك الماء
خما، بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم. قوله " يوشك أن يأتيني رسول ربي
فأجيب " أخبر النبي عليه السلام الناس عن وفاته " الثقلين " قال في شرح السنة:
قيل سماهما ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، لأن الكتاب عظيم القدر
والعمل بمقتضاه ثقيل، وكذا محافظة أهل بيته واحترامهم وانقيادكم لهم إذا
كانوا خلفاء بعدي " 3.
وقال فيه: " قوله: على ناقته القصوى "، قيل إنها ناقة تلقب بالجدعاء وتارة
بالعضباء وأخرى بالقصوى على حسب ما خيل للناظرين. قوله " كتاب الله
وعترتي "، بيان " ما " في ما أخذتم به أو بدل، " أهل بيتي " بيان عترتي.
يريد بأهل بيتي نسله وعصابته الأدنين وأزواجه. وقوله " من السماء إلى الأرض "

1) البدر الطالع 1 / 229.
2) التاج المكلل: 373.
3) المفاتيح في شرح المصابيح - مخطوط.
229

المراد من السماء الربوبية وبالأرض الخلق. و " لن يتفرقا " أي كتاب الله
وعترتي " 1.
ترجمته:
1 - الأسنوي: " كان إماما في العلوم النقلية والعقلية ذا تصانيف كثيرة
مشهورة، منها (شرح المصابيح) و (مختصر ابن الحاجب) و (المفتاح) و (التلخيص
في علم البيان) وصنف أيضا في المنطق " 2.
2 - وتقي الدين الأسدي في [طبقات الشافعية - مخطوط].
3 - والجلال السيوطي في [بغية الوعاة 106].
4 - وابن حجر العسقلاني في [الدرر الكامنة 4 / 260] بمثل ما تقدم.
[123]
تصحيح شمس الدين الذهبي
قال الشيخاني القادري ما نصه: " وأخرج أبو عوانة عن أبي الطفيل عن
زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من
حجة الوداع ونزل غدير خم [أمر بدوحات] فقممن، ثم قال: كأني قد دعيت
فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا
كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن
الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت
مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد: سمعته من

1) المصدر نفسه.
2) طبقات الشافعية 1 / 505.
230

رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه
وسمعه بأذنه. قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح " 1.
ترجمته:
1 - ابن شاكر الكتبي في [فوات الوفيات 3 / 315].
2 - وتاج الدين السبكي في [طبقات الشافعية 5 / 216].
3 - وجمال الدين الأسنوي في [طبقات الشافعية 1 / 558].
4 - وتقي الدين الأسدي في [طبقات الشافعية - مخطوط].
5 - وابن حجر العسقلاني في [الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 4 / 426].
6 - والجلال السيوطي في [طبقات الحفاظ 517].
7 - وغياث الدين المدعو خواند مير في [حبيب السير].
8 (الدهلوي) في [بستان المحدثين] و [التحفة].
9 - والقنوجي في [التاج المكلل 413].
ونكتفي هنا بما ذكره الشوكاني وهذا نصه: " محمد بن أحمد بن عثمان
ابن قايماز بن عبد الله التركماني الأصل، الفارقي ثم الدمشقي، أبو عبد الله شمس
الدين الذهبي، الحافظ الكبير المؤرخ، صاحب التصانيف السائرة في الأقطار
ولد ثالث شهر ربيع الآخر سنة 673، وأجاز له في سنة مولده جماعة بعناية
أخيه من الرضاع، وطلب بنفسه بعد سنة 690 فأكثر عن ابن عساكر وطبقته،
ثم رحل إلى القاهرة وأخذ عن الدمياطي وابن الصواف وغيرهما وخرج لنفسه
ثلاثين بلدا، ومهر في فن الحديث وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة. قال
ابن حجر: حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا، وجمع (تاريخ الإسلام) فأربى

1) الصراط السوي - مخطوط.
231

فيه على من تقدمه بتحرير أخبار المحدثين خصوصا انتهى.
أي لا باعتبار تحرير غيرهم، فإن غيره أبسط منه. واختصر منه مختصرات
كثيرة منها (النبلاء) و (العبر) و (تلخيص التاريخ) و (طبقات الحفاظ) و (طبقات
القراء). ولعل (تاريخ الإسلام) في زيادة على عشرين مجلدا وقفت منه على
أجزاء، و (النبلاء) في نحو العشرين مجلدا وقفت منه على أجزاء، وهو مختصر
من (تاريخ الإسلام) باعتبار أن الأصل لمن لم ينبل في الغالب و (النبلاء)
ليس إلا لمن نيل، لكنه أطال تراجم النبلاء فيه بما لم يكن في تاريخ الإسلام.
ومن مصنفاته (الميزان في نقد الرجال) جعله مختصا بالضعفاء الذين قد تكلم
فيهم متكلم [وإن كانوا غير ضعفاء في الواقع، ولهذا ذكر فيه مثل ابن معين
وعلي بن المديني باعتبار أنه قد تكلم فيهما متكلم] وهذا كتاب مفيد في ثلاث
مجلدات كبار.
وله كتاب (الكاشف) المعروف، ومختصر (سنن البيهقي) الكبرى، ومختصر
(تهذيب الكمال) لشيخه المزي، وخرج لنفسه (المعجم الكبير) و (الصغير)
و (المختص بالمحدثين)، فذكر فيه غالب الطلبة من أهل ذلك العصر، وعاش
الكثير منهم بعده إلى نحو أربعين سنة، وخرج لغيره من شيوخه وأقرانه
وتلامذته.
وجميع مصنفاته مقبولة مرغوب فيها، رحل إليه الناس لأجلها، وأخذوها
عنه وتداولوها وقرأوها وكتبوها في حياته وطارت في جميع بقاع الأرض،
وله فيها تعبيرات رائقة وألفاظ رشيقة غالبا، لم يسلك فيها مسلكه أهل عصره
ولا من قبلهم ولا من بعدهم. وبالجملة فالناس في التاريخ من أهل عصره فمن
بعدهم عيال عليه، ولم يجمع أحد في هذا الفن كجمعه ولا حرره كتحريره.
قال البدر النابلسي في (مشيخته): كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم
232

جيد الفهم ثاقب الذهن، وشهرته تغني عن الاطناب فيه انتهى " 1.
[124]
رواية جمال الدين الزرندي المدني الأنصاري
روى حديث الثقلين في كتاب [نظم درر السمطين] حيث قال: " ذكر وصاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل بيته وفضل مودتهم وأن محبتهم من الإيمان
بالله ورسوله: روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحبوا
الله لما يغدوكم من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي.
وعن عبد الرحمن بن عوف " رض " قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
أوصيكم بعترتي خيرا، وإن موعدكم الحوض.
وعن زيد بن أرقم " رض " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني
تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب
الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى
يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
وورد عن عبد الله بن زيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من
أحب أن ينسأ له في أجله وأن يمتع بما خوله الله فليخلفني في أهلي خلافة
حسنة، فمن لم يخلفني فيهم بتك عمره، وورد علي يوم القيامة مسودا وجهه.
وفي رواية عن زيد بن أرقم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا
بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال:
أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم
ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به،

1) البدر الطالع 2 / 110.
233

وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم
الله في أهل بيتي.
وفي رواية: كتاب الله هو حبل من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان
على الضلالة.
قوله صلى الله عليه وسلم " وأنا تارك فيكم ثقلين " سماهما ثقلين لأن الأخذ
بهما والعمل بهما والمحافظة على رعايتهما ثقيل، وقد جعلهما ثقلين لأن كل
نفيس وخطير ثقيل، ومنه الثقلان الإنس والجن، لأنهما فضلا بالتمييز والعقل
على سائر الحيوان، وكل شئ له وزن وقدر يتنافس فيه فهو ثقل، وسماهما
بذلك إعظاما لقدرهما. وفسروا قوله تعالى " إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " أن
أوامر الله تعالى وفرائضه ونواهيه لا يؤدي إلا بتكلف ما يثقل، وقيل أي له وزن.
قال زيد بن أرقم رضي الله عنه: أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة
بعده: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي،
أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض، وعترتي
أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض غريب.
وعن جابر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في
حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس،
إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
ورواه بلفظ آخر عن زيد بن أرقم أيضا " 1.

1) نظم درر السمطين 231 232.
234

وقال نور الدين السمهودي ضمن طرق الحديث: " روى الحافظ جمال
الدين محمد بن يوسف الزرندي المدني في كتابه (نظم درر السمطين) حديث
زيد من غير إسناد ولا عزو، ولفظه: روى زيد بن أرقم قال: أقبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: إني فرطكم على الحوض وإنكم
تبعي، وإنكم توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم عن ثقلي كيف خلفتموني
فيهما. فقام رجل من المهاجرين فقال: ما الثقلان؟ قال: الأكبر منهما كتاب
الله سبب طرفه بيد الله وسبب طرفه بأيديكم فتمسكوا به، والأصغر عترتي، فمن
استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فليستوص بهم خيرا. أو كما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، وإني قد سألت
لهم اللطيف الخبير فأعطاني أن يردوا علي الحوض كتين أو قال كهاتين
فأشار بالمسبحتين، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي،
وعدوهما لي عدو.
وقال الحافظ جمال الدين المذكور، وورد عن عبد الله بن زيد عن أبيه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن ينسأله في أجله وأن يمتع بما
خوله الله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة، فمن لم يخلفني فيهم بتر عمره وورد
علي يوم القيامة مسودا وجهه " 1.
ترجمته:
ترجم له وأثنى عليه ونقل عنه جماعة من كبار العلماء، منهم:
1 - شمس الدين الكرماني في [الكواكب الدراري في شرح صحيح
البخاري].

1) جواهر العقدين - مخطوط.
235

2 - وابن حجر العسقلاني في [الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 4 / 295].
3 - وشهاب الدين أحمد في [توضيح الدلائل - مخطوط].
4 - وابن الصباغ المالكي في [الفصول المهمة].
5 - ونور الدين السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط].
6 - ومحمد بن يوسف الشامي في [سبل الهدى والرشاد في سيرة خير
العباد].
7 وأحمد بن محمد الفضل بن باكثير المكي في [وسيلة المآل مخطوط].
8 - وميرزا محمد خان البدخشاني في [مفتاح النجا - مخطوط].
9 - وأحمد العجيلي في [ذخيرة المآل - مخطوط].
وبمراجعة هذه المصادر وغيرها يتبين شأن هذا الرجل واعتماد أبناء
السنة عليه.
[125]
رواية سعيد الدين الكازروني
روى حديث الثقلين في كتابه [المنتفى في سيرة المصطفى] وهذا نص
كلامه:
" ومن توقيره صلى الله عليه وسلم بره وبر آله وذريته وأمهات المؤمنين،
قال رسول الله: أنشدكم الله في أهل بيتي ثلاثا. قال الراوي: قلنا لزيد: من
أهل بيته؟ قال: آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس.
وقال صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب
الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ".
وقال فيه أيضا: " ومن طعن في نسب شخص من أولاد فاطمة رضي الله عنها
236

بأن قال: أفنى الحجاج بن يوسف ذريتها ولم يبق أحد منهم وليس في الناس
أحد يصح نسبه إليها. فقد ظلم وكذب وأساء، فإن تعمد ذلك بعد ما نشأ في بلاد
علماء الدين كاد يكون كافرا، لأنه يخالف ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
على ما ثبت في الترمذي عن زيد بن أرقم أنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم
من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي،
ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. وقد تقدم
في حديث المباهلة قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم هؤلاء أهل بيتي.
قال مؤلف هذا الكتاب سعيد بن مسعود الكازروني - جعله الله ممن دخل
في العلم من طريق الباب حتى يفوز بالسداد والصواب: فما دام القرآن باقيا
فأولاد فاطمة باقون، لظاهر الحديث الصحيح ".
ترجمته:
1 - ابن حجر العسقلاني: " محمد بن مسعود بن محمد ابن خواجة إمام
مسعود بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الشيخ أبي علي
الدقاق البلياني الكازروني.
ذكره ابن الجزري في (مشيخة الجنيد البلياني).. ثم قال: كان سعيد
الدين محدثا فاضلا سمع الكثير، وأجاز له المزي صاحب (تهذيب الكمال)
وجماعة، وخرج (المسلسل) وألف (المولد النبوي) فأجاد، ومات في
أواخر جمادى الآخرة سنة 758 " 1.
2 - محيي الدين محمد بن الخطيب القاسم: في [حاشية روض

1) الدرر الكامنة 4 / 255.
237

الأخبار المنتخب من ربيع الأبرار - مخطوط]: " كان شيخا محدثا في وقته،
كتب إجازة بعض تلامذته سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة [سبعمائة ظ] بهراة،
وروى عنه الشيوخ، منهم الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن محمد
الجزري الشافعي، وكان الجزري شيخ المحدثين في أوانه وإمام القراء في
زمانه ".
3 - وترجم له محمد بن أحمد بن محمد السمرقندي في مقدمة كتابه
[ترجمة المنتقى] ترجمة مفصلة.
وهذا المقدار باختصار يكفي لمعرفة عظمة سعيد الدين الكازروني.
[126]
رواية ابن كثير الدمشقي
روى حديث الثقلين في تفسير قوله تعالى " إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا "، رواه في تفسير هذه الآية عن مسلم
بسنده عن زيد بن أرقم 1.
ورواه في تفسير آية المودة عن أحمد بن حنبل بسنده عن زيد أيضا، ثم
قال بعده: " وهكذا رواه مسلم في [الفضائل] والنسائي من طرق [عن] يزيد
ابن حيان به ".
" ورواه أيضا عن الترمذي كذلك ثم قال: " وفي الباب عن أبي ذر وأبي
سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهم " 2.
وقال أيضا: " وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

1) تفسير ابن كثير 5 / 457.
2) المصدر 6 / 200.
238

في خطبته بغدير خم: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وإنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض " 1.
هذا، وقد تقدم في ابن عساكر أن ابن كثير قد روى حديث الثقلين في (تاريخه)
أيضا.
ترجمته:
1 - الذهبي في [المعجم المختص مخطوط].
2 - وابن حجر العسقلاني في [الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة
1 / 399].
3 - وتقي الدين الأسدي في [طبقات الشافعية مخطوط].
4 - وجلال الدين السيوطي في [طبقات الحفاظ 529].
5 - والداودي المالكي في [طبقات المفسرين 1 / 110].
وللاختصار نكتفي بما يلي:
قال الداودي: " إسماعيل بن عمر بن كثير... كان قدوة العلماء والحفاظ،
وعمدة أهل المعاني والألفاظ، تفقه على الشيخين برهان الدين الفزاري وكمال
الدين ابن قاضي شهبة، ثم صاهر الحافظ أبا الحجاج المزي ولازمه وأخذ عنه
وأقبل على علم الحديث، وأخذ الكثير عن ابن تيمية، وقرأ الأصول على
الاصفهاني، وسمع الكثير وأقبل على حفظ القرآن ومعرفة الأسانيد والعلل
والرجال والتاريخ حتى برع في ذلك وهو شاب، وصنف في صغره كتاب
الأحكام على أبواب التنبيه والتاريخ المسمى بالبداية والنهاية والتفسير وكتابا
في جمع المسانيد العشرة واختصر تهذيب الكمال وأضاف إليه ما تأخر في الميزان

1) تفسير ابن كثير 6 / 199.
239

سماه التكميل وطبقات الشافعية ومناقب الإمام الشافعي وخرج الأحاديث الواقعة
في مختصر ابن الحاجب وسيرة صغيرة، وشرع في أحكام كثيرة حافلة كتب منها
مجلدات إلى الحج، وشرح قطعة من البخاري وقطعة كبيرة من التنبيه، وولي
مشيخة أم الصالح بعد موت الذهبي، وبعد موت السبكي مشيخة دار الحديث
الأشرفية مدة يسيرة، ثم أخذت منه.
وذكره شيخه الذهبي في المعجم المختص فقال: فقيه متفنن ومحدث متقن
ومفسر نقاد.
وقال تلميذه الحافظ شهاب الدين ابن حجر: كان أحفظ من أدركناه لمتون
الأحاديث، وأعرفهم بتخريجها ورجالها وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه
وشيوخه يعترفون له بذلك، وكان يستحضر شيئا كثيرا من الفقه والتاريخ،
قليل النسيان، وكان فقيها جيد الفهم صحيح الذهن، ويحفظ (التنبيه) إلى آخر
وقت، ويشارك في العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر، وما أعرف أني اجتمعت
به مع كثرة ترددي إليه إلا واستفدت منه.
وقال غيره: كانت له خصوصية بالشيخ تقي الدين ابن تيمية ومناضلة عنه
واتباع له في كثير من آرائه، وكان يفتي برأيه في مسألة الطلاق، وامتحن
بسبب ذلك وأوذي. مات في يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان سنة
أربع وسبعين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية ".
وقال القنوجي في [أبجد العلوم]: " الفقيه الشافعي الحافظ عماد الدين
ابن الخطيب شهاب الدين المعروف بالحافظ ابن كثير، ولد سنة سبعمائة وقدم
دمشق وله نحو سبع سنين مع أخيه بعد موت أبيه.. وذكره الذهبي في معجمه
المختص فقال: الإمام المحدث المفتي البارع ووصفه بحفظه المتون وسمع
من ابن عساكر وغيره. وصنف التصانيف الكثيرة في التفسير والتاريخ والأحكام.
240

وقال ابن حبيب فيه: إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل، سمع
وجمع وصنف وأطرب الاسماع بأقواله وشنف، وحدث وأفاد وطارت أوراق
فتاواه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتحت إليه رئاسة العلم في التاريخ
والحديث والتفسير... ".
[127]
رواية السيد علي الهمداني
روى حديث الثقلين في كتابه [المودة في القربى] حيث قال ما نصه: " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني
تارك فيكم الثقلين، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وأهل بيتي
ويروى عترتي لم [لن - ظ] يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
وقال فيه: " وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ألست بوليكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إني أوشك أن
أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله ربي وعترتي أهل بيتي، فانظروا
كيف تخلفوني فيهما ".
ترجمته:
ترجم له، في كثير من المصادر، واعتمد عليه، مما يدل على جلالته،
نذكر من ذلك ما يلي:
1 - [خلاصة المناقب - مخطوط] لنور الدين جعفر البدخشاني.
2 - [نفحات الأنس 447] لعبد الرحمن الجامي.
3 - [كتاب أعلام الأخيار - مخطوط] للكفوي.
241

4 - [جامع السلاسل - مخطوط] لمجد الدين البدخشاني.
5 - [توضيح الدلائل مخطوط] لشهاب الدين أحمد.
6 - [الفواتح] لحسين الميبدي.
7 - [السمط المجيد] للقشاشي.
8 - [الانتباه] لولي الله الدهلوي (والد الدهلوي).
9 - [إيضاح لطافة المقال] للفاضل الرشيد الدهلوي (تلميذ الدهلوي).
[128]
إثبات السيد محمد الطالقاني
في كتابه (رسالة قيافه نامه) على ما نقل عنه مجد الدين البدخشاني في
كتابه [جامع السلاسل - مخطوط] بترجمة السيد علي الهمداني.
قال في كلام له في معنى " حبل الله ": " وقال بعضهم: إن المراد من حبل
الله هو عترة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب
الله وعترتي، ألا فتمسكوا بهما، فإنهما حبلان لا ينقطعان إلى يوم القيامة ".
ترجمته:
ترجم له مجد الدين البدخشاني في كتابه [جامع السلاسل - مخطوط]،
وقد أثنى عليه الثناء البالغ، ووصفه بالأوصاف الجميلة التي قلما يصفون
أحدا بها.
[129]
إثبات سعد الدين التفتازاني
أثبت حديث الثقلين حيث قال ما نصه:
242

" فإن قيل: قال الله تعالى " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا ". وقال عليه الصلاة والسلام: إني تركت فيكم ما إن أخذتم
به لن تضلوا، كتاب الله تعالى وعترتي أهل بيتي. وقال عليه السلام: إني تارك
فيكم الثقلين، كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به
وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. ومثل هذا
يشعر بفضلهم على العالم وغيره.
قلنا: لاتصافهم بالعلم والتقوى وشرف النسب، ألا ترى أنه عليه الصلاة
والسلام قرنهم بكتاب الله تعالى في كون التمسك بهما منقذا عن الضلالة، ولا
معنى للتمسك بالكتاب إلا الأخذ بما فيه من العلم والهداية. فكذا في العترة،
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أبطأ به علم لم يسرع به نسبه " 1.
ترجمته:
وقد ترجم للتفتازاني جماعة من أعيان العلماء، أمثال:
1 - الجلال السيوطي في [بغية الوعاة 391].
2 - وابن حجر العسقلاني في [الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 5 / 119].
3 - والداودي في [طبقات المفسرين 2 / 319].
4 - والقنوجي في [التاج المكلل 471].
5 - والشوكاني في [البدر الطالع 2 / 303] وهذا نص كلام الشوكاني:
" مسعود بن عمر التفتازاني، الإمام الكبير، صاحب التصانيف المشهورة
المعروف بسعد الدين ولد بتفتازان في صفر سنة 722، وأخذ عن أكابر أهل
العلم في عصره كالعضد وطبقته، وفاق في النحو والصرف والمنطق والمعاني

1) شرح المقاصد 2 / 221.
243

والبيان والأصول والتفسير والكلام وكثير من العلوم، وطار صيته واشتهر ذكره
ورحل إليه الطلبة، وشرح في التصنيف وهو في ست عشرة سنة، فصنف
الزنجانية وفرغ منها في شعبان سنة 738، وفرغ من شرح التلخيص الكبير
في صفر سنة 748 بهراة، وعن مختصره سنة 756، وعن شرح التوضيح في
ذي القعدة سنة 758 بكاشان، ومن شرح العقائد في شعبان سنة 768، ومن
حاشية العضدي في ذي الحجة سنة 770، ومن رسالة الارشاد سنة 774، كلها
بخوارزم، ومن المقاصد وشرحه في ذي القعدة سنة 748 بسمرقند، ومن
تهذيب الكلام في رجب منها، ومن شرح المفتاح في شوال سنة 789 بسمرقند
أيضا.
وشرع في فتاوى الحنفية يوم الأحد التاسع من ذي القعدة سنة 769 بهراة،
وفي تأليف مفتاح الفقه سنة 772، وفي شرح تلخيص المفتاح سنة 786 كليهما
بسرخس، وفي حاشية الكشاف في ثامن ربيع الآخر سنة 789 بظاهر سمرقند.
هكذا ذكر ملا زادة تاريخ ما فرغ منه من مؤلفاته وما شرع فيه ولم يكمل
وقال في أول الترجمة ما لفظه: أستاذ العلماء المتأخرين وسيد الفضلاء المتقدمين
مولانا سعد الملة والدين، معدل ميزان المعقول والمنقول، منقح أغصان الفروع
والأصول، أبي سعيد مسعود ابن القاضي الإمام فخر الملة والدين عمر ابن
المولى الأعظم سلطان العارفين الغازي التفتازاني..
وبالجملة، فصاحب الترجمة متفرد بعلومه في القرن الثامن، لم يكن له في
أهله نظير فيها، وله من الحظ والشهرة والصيت في أهل عصره فمن بعدهم ما لا
يلحق به غيره ".
244

[130]
رواية حسام الدين حميد المحلى
روى حديث الثقلين في كتابه (محاسن الأزهار في تفصيل مناقب العترة
الأخيار الأطهار) كما ذكره العلامة محمد بن إسماعيل الأمير في [الروضة الندية]
في سياق طرق حديث الغدير حيث قال ما نصه:
" وذكر الخطبة بطولها الفقيه العلامة حميد المحلى في (محاسن الأزهار)
في شرح قول الإمام المنصور بالله:
أيهما نص بها أجملا * له على المكي واليثربي
بسنده إلى زيد بن أرقم قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم في حجة
الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بدوحات فقم ما تحتهن
من شوك، ثم نادى الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في يوم شديد الحر، إن منا من يضع بعض ردائه على رأسه وبعضه على قدمه
من شدة الرمضاء، حتى أتينا إلى رسول الله، فصلى بنا الظهر، ثم انصرف
إلينا فقال:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى، وأشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد، أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا النصف من عمر الذي
قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد شرعت في العشرين
ألا وإني يوشك أن أفارقكم، ألا وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فهل بلغتكم
فماذا أنتم قائلون؟
245

فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبد الله ورسوله،
قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين،
جزاك الله عنا خيرا ما جزى نبيا عن أمته.
فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة
حق والنار حق وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى.
فقال: إني أشهد أن صدقتكم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وأنتم تبعي
توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني
فيهما.
قال: فأعضل علينا ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين قال:
بأبي وأمي أنت يا رسول الله وما الثقلان؟ قال: الأكبر منهما كتاب الله، سبب
طرف بيد الله وطرف بأيديكم، تمسكوا به ولا تزلوا ولا تضلوا، والأصغر منهما
عترتي، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا
عنهم، فإني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني، وناصرهما لي ناصر وخاذلهما
لي خاذل ووليهما لي ولي وعدوهما لي عدو، ألا فإنها لن تهلك أمة قبلكم حتى
تدين بأهوائها وتظاهر على نبيها وتقتل من قام بالقسط.
ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ورفعها وقال: من كنت مولاه
فهذا مولاه، ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
ترجمته:
وترجم له جماعة من العلماء، ومما يدل على عظمته وجلالته استناد العلامة
الأمير إلى كتابه [محاسن الأزهار]، ونقله عنه كثيرا في كتابه [الروضة الندية]،
مع وصفه ب‍ " العلامة الفقيه " وتارة " الفقيه العلامة حميد الشهيد رحمه الله ".
246

وكذا رواية القاضي الشوكاني لكتابه المذكور، فإنه يعد بذلك من جملة
مشايخ الشوكاني في الإجازة، قال الشوكاني: " محاسن الأزهار لحميد الشهيد،
أرويها بالإسناد المتقدم في الديباج إلى الداودي عن القاسم بن أحمد بن حميد
عن المؤلف " 1.
[131]
رواية نور الدين الهيثمي
روى الهيثمي حديث الثقلين في كتابه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد) -
وهو الكتاب الذي جمع فيه زوائد الكتب الستة من (مسند أحمد) و (مسند البزار)
و (مسند أبي يعلى) و (المعاجم الثلاثة للطبراني) على ما نص عليه المناوي إذ
قال في شرح الحديث: " قال الهيثمي رجاله موثقون، ورواه أيضا أبو يعلى
بسند لا بأس به، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر، وزاد أنه قال في حجة الوداع،
ووهم من زعم ضعفه كابن الجوزي. قال السمهودي: وفي الباب ما يزيد على
عشرين من الصحابة " 2.
ترجمته:
1 - شمس الدين السخاوي: " علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر
ابن عمر بن صالح، نور الدين أبو الحسن الهيثمي القاهري الشافعي الحافظ،
ويعرف بالهيثمي، كان أبوه صاحب حانوت بالصحراء، فولد له هذا في رجب
سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، فنشأ فقرأ القرآن، ثم صحب الزين العراقي

1) إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر: 78.
2) فيض القدير - شرح الجامع الصغير 3 / 15 وانظر: مجمع الزوائد 9.
247

وهو بالغ، ولم يفارقه سفرا وحضرا حتى مات.. وهو مكثر سماعا وشيوخا،
ولم يكن الزين يعتمد في شئ من أموره إلا عليه، حتى أنه أرسله مع ولده
الولي لما ارتحل بنفسه إلى دمشق، وزوجه ابنته خديجة ورزق منها عدة أولاد.
وكتب الكثير من تصانيف الشيخ، بل قرأ عليه أكثرها، وتخرج به في
الحديث، بل دربه في أفراد زوائد كتب كالمعاجم الثلاثة للطبراني والمسانيد
وأحمد والبزار وأبي يعلى على الكتب الستة. وابتدأ أولا بزوائد أحمد فجاء
في مجلدين، وكل واحد من الخمسة الباقية في تصنيف مستقل إلا الطبراني
الأوسط والصغير منهما في تصنيف، ثم جمع الجميع في كتاب واحد محذوف
الأسانيد سماه (مجمع الزوائد). وكذا أفرد زوائد صحيح ابن حبان على
الصحيحين، ورتب أحاديث الحلية لأبي نعيم على الأبواب، ومات عنه مسودة
فبيضه وأكمله شيخنا في مجلدين، وأحاديث الغيلانيات والخلقيات وفوائد أبي
تمام والأفراد للدار قطني أيضا على الأبواب في مجلدين. ورتب كلا من ثقات
ابن حبان والعجلي على الحروف...
وكان عجبا في الدين والتقوى والزهد والاقبال على العلم والعبادة والأوراد،
وخدمة الشيخ وعدم مخالطة الناس في شئ من الأمور، والمحبة في الحديث
وأهله، وحدث بالكثير رفيقا للزين، بل قل أن حدث الزين بشئ إلا وهو معه،
وكذلك قل أن حدث هو بمفرده، لكنهم بعد وفاة الشيخ أكثروا عنه، ومع
ذلك فلم يغير حاله ولا تصدر وتمشيخ...
وقد ترجمه ابن خطيب الناصرية في ذيل تاريخ حلب، والتقي الفاسي في
ذيل التقييد، وشيخنا في معجمه وأنبائه ومشيخة البرهان الحلبي، والغرس خليل
الأقفهسي في معجم ابن ظهيرة، والتقي ابن فهد في معجمه وذيل الحفاظ وخلق
كالمقريزي في عقوده.
248

قال شيخنا في معجمه: وكان خيرا ساكنا لينا سليم الفطرة، شديد الانكار
للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده، محبا في الحديث وأهله...
وقال في أنبائه: إنه صار كثير الاستحضار للمتون جدا لكثرة الممارسة،
وكان هينا لينا دينا خيرا محبا في أهل الخير، لا يسأم ولا يضجر من خدمة
الشيخ وكتابة الحديث، سليم الفطرة كثير الخير والاحتمال والأذى، خصوصا
عن جماعة الشيخ، وقد شهد لي بالتقدم في الفن جزاه الله عني خيرا.
وقال البرهان الحلبي: إنه كان من محاسن القاهرة.
وقال التقي الفاسي: كان كثير الحفظ للمتون والآثار صالحا خيرا...
وقال الأقفهسي: كان إماما عالما حافظا زاهدا متواضعا متوددا إلى الناس،
ذا عبادة وتقشف وورع انتهى.
والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدا، بل هو في ذلك كلمة
اتفاق، وأما في الحديث فالحق ما قاله شيخنا... " 1.
2 - الجلال السيوطي: " الهيثمي الحافظ.. قال الحافظ ابن حجر:
كان خيرا ساكنا صينا لينا سليم الفطرة شديد الانكار للمنكر لا يترك قيام الليل،
مات في تاسع عشرين رمضان سنة 807 " 2.
3 - الجلال السيوطي أيضا في ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث
ونقاده، كما تقدم 3.
4 - والشوكاني بمثل ما تقدم 4.

1) الضوء اللامع 5 / 200.
2) طبقات الحفاظ: 541.
3) حسن المحاضرة 1 / 362.
4) البدر الطالع 1 / 44.
249

[132]
رواية المجد الفيروزآبادي
روى حديث الثقلين قائلا: " والثقل محركة متاع المسافر وحشمه وكل
شئ نفيس مصون، ومنه الحديث: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " 1.
ترجمته:
1 - تقي الدين ابن قاضي شبهة الأسدي في [طبقات الشافعية مخطوط].
2 - وتقي الدين الفاسي في [العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين].
3 - والسخاوي في [الضوء اللامع لأهل القرن التاسع 10 / 79].
4 - والجلال السيوطي في [بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة
117 - 118].
5 - والشوكاني في [البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 2 / 280].
6 - والقنوجي في [التاج المكلل 817] وغيرهم.
وبملاحظة هذه المصادر يتبين شأن المجد الشيرازي الفيروزآبادي لدى
أبناء السنة.
[133]
رواية الحافظ البخاري المعروف ب‍ (خواجة بارسا)
روى حديث الثقلين في كتابه [فصل الخطاب] فقد قال فيه ما نصه:
" وقال الشيخ الإمام العارف الولي أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم

1) القاموس المحيط 3 / 343.
250

الترمذي قدس الله تعالى روحه في كتاب (نوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول)
في الأصل الموفي خمسين: حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء، قال حدثنا
زيد بن الحسن الأنماطي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه رضي الله عنهما، عن
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيها الناس
قد تركت ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
حدثنا نصر، قال حدثنا زيد بن الحسن، قال حدثنا معروف بن خربوذ
المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله
عنه قال: لما صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع خطب
فقال: يا أيها الناس إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف
عمر الذي يليه من قبل، وإني أظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني فرطكم
على الحوض، إني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف
تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله سبحانه
وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا. وعترتي أهل بيتي، فإني
قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ".
وقال فيه نقلا عن جامع الأصول: " وقال زيد بن أرقم رضي الله عنه: قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة
فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس
إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما
كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث
على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي. أخرجه مسلم رحمه الله تعالى.
251

قال زيد رضي الله عنه: أهل بيته صلى الله عليه وسلم من حرم الصدقة بعده،
آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم. قيل لزيد: أليس
نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته أهله وعصبته
الذين حرموا الصدقة بعده كذا أخرجه مسلم رحمه الله ".
ترجمته:
1 - الكفوي: " محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري المعروف
بخواجه محمد پارسا. أعز خلفاء الشيخ الكبير خواجة بهاء الدين نقشبند
قدس الله أرواحهما. كان من نسل حافظ الدين الكبير تلميذ شمس الأئمة الكردري
قد نص عليه في ذكر محمود الأنجير الماضي في قلب الكتيبة الحادي عشر.
ولد سنة ست وخمسين وسبعمائة، وقرأ العلوم على علماء عصره، وقد
كان قد بهر على أقرانه في دهره، وحصل الفروع والأصول، وبرع في المعقول
والمنقول، وكان شابا.
أخذ الفقه عن قدوة وبقية أعلام الهدى الشيخ الإمام الشيخ العارف الولي
أبو الطاهر محمد بن الحسن بن علي الطاهر، ووقع منه الإجازة في أواخر شعبان
سنة ست وسبعين وسبعمائة في بخارى. وروي عن خواجة محمد پارسا أنه قال:
أجازني بقية أعلام الهدى أبو الطاهر إني أروي عنه ما قرأت عليه وما سمعت
من الفروع والأصول، وأدرس ما أحرزته من المعقول والمنقول على الشرط
المشروط عند النقلة والرواة، وقد أكملت في تلك السنة عشرين، وذلك في
أواخر شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة.
وأخذ أبو الطاهر عن الشيخ الإمام مولانا صدر الشريعة عبيد الله البرهاني
المحبوبي، ووقع الإجازة منه في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
252

وهو أخذ عن جده تاج الدين محمود بن صدر الشريعة أحمد بن جمال الدين
عبيد الله المحبوبي، عن أبيه أحمد عن أبيه جمال الدين، عن الشيخ الإمام المفتي
إمام زاده صاحب الشرعة، عن العماد الزرنجري عن أبيه شمس الأئمة الزرنجري
عن شمس الأئمة السرخسي، عن شمس الأئمة الحلواني عن أبي علي النسفي
عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن أبي الفضل، عن عبد الله السدموني عن أبي
عبد الله عن أبي حفص الكبير، عن أبيه عن محمد بن أبي حنيفة رحمة الله عليهم
أجمعين.
وأخذ الفروع والأصول عنه المولى العالم الكامل الياس بن يحيى بن حمزة
الرومي، وأجازه ببخارى يوم الجمعة الحادي والعشرين من شعبان سنة إحدى
وعشرين وثمانمائة، وأخذ عنه أيضا ولده المولى العارف الرباني حافظ الدين
محمد بن محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري الشهير بخواجه أبو نصر
پارسا " 1.
2 - غياث الدين المدعو ب‍ (خواند مير) في تاريخه [حبيب السير في
أخبار أفراد البشر]: " كان من أولاد عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنهما،
توجه في محرم سنة 822 لأداء فريضة الحج وزيارة قبر خير الأنام عليه الصلاة
والسلام.. وكلما دخل بلدة أو قرية تلقاه أهلها وعلماؤها بالإكرام والإعزاز،
وعند ما وصل مكة وفرغ من المناسك ابتلي بمرض شديد حتى أنه طاف الطواف
الأخير وهو محمول. ثم إنه توجه إلى المدينة على ما هو عليه من الضعف
والمرض، فبينما هو في بعض الطريق إذ أمر أحد أصحابه بكتابة هذه الكلمات:
بسم الله الرحمن الرحيم. جاءني سيد الطائفة الجنيد قدس الله سره في
ضحوة يوم السبت التاسع عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة

1) كتائب أعلام الأخيار.
253

عند انصرافنا من مكة المكرمة زادها الله تعالى تكريما، ونحن نسير مع الركب
وأنا بين النوم واليقظة، فقال لي: زيارة وبشارة، القصد مقبول. فحفظت هذه
الكلمة وسررت بها، ثم استيقظت من الحالة الواقعة بين النوم واليقظة، والحمد
لله على ذلك.
حتى وصل المدينة المنورة يوم الأربعاء في الثالث والعشرين من الشهر
نفسه، فتوفي يوم الخميس، فصلى عليه مولانا شمس الدين الفناري، وأهل
الركب ليلة الجمعة، ودفن في تلك الليلة بجوار العباس رضي الله عنه.
ومن مؤلفات الخواجة محمد پارسا كتاب (فصل الخطاب) وهو الكتاب
الذي لا ينظر إليه علماء الشيعة بنظر الاعتبار ".
3 - ومجد الدين البدخشاني في [جامع السلاسل - مخطوط].
4 - وعبد الرحمن الجامي كما تقدم 1.
وهذا المقدار كاف لمعرفة عظمة الرجل...
[134]
رواية ملك العلماء شهاب الدين الدولت آبادي
روى حديث الثقلين بطرق عدة من الكتب المعتبرة في الأخبار والسنة،
مع بيانات له تؤكد معنى الحديث وتصريح بما هو الحق الذي لا ريب فيه.
قال في الجلوة الأولى فيما جاء في تمسكهم: " وفي (دستور الحقائق) للإمام
فخر الدين الهانسوي رحمه الله: روى عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن حجة الوداع ونزل عند غدير خم وهو اسم
موضع بين مكة والمدينة - فأمر أن يجمع رحال الإبل، فجعلها كالمنبر فصعد

1) نفحات الأنس: 392.
254

عليها وقال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، إن تمسكتم بهما لن
تضلوا من بعدي.
وفيه أيضا: من أراد أن يتمسك بالحبل المتين فليحب عليا وذريته.
وفي (المشارق) في باب أما و (المصابيح) عن زيد بن أرقم قال: قام
رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا بماء يسمى خما بين مكة والمدينة،
فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد يا أيها الناس، إنما أنا بشر
مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله
في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي.
وفي (العمدة) و (الدرر) و (تاج الأسامي): إني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله وعترتي، ولن تضلوا أبدا إن تمسكتم بهما.
وفي (الأربعين عن الأربعين) و (كتاب الشفاء) و (نصاب الأخبار)
و (المصابيح) و (مشكاة الأنوار) و (النسائية): أنا محمد بن المثنى، قال
نبأ يحيى [بن حماد، قال أنا أبو عوانة، عن سليمان، قال ثنا حبيب] بن أبي
ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن ثم قال: إني
دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر وأكبر،
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن
يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
وفي (المصابيح) في الحسان: عن جابر رضي الله عنه قال: رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناقة القصواء يخطب فسمعته يقول:
255

يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي " 1.
ثم إنه تكلم على هذا الحديث وأحاديث أخرى بما لا مزيد عليه، إذ شرحها
شرحا يكشف عن أسرارها ويوضح مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من تلك
الأقوال، كلمة كلمة.
ثم إنه رواه في الجلوة الثالثة والخامسة والسادسة من كتابه المذكور.
كما رواه في كتابه الآخر (مناقب السادات).
ترجمته:
1 - الشيخ عبد الحق الدهلوي في [أخبار الأخيار].
2 - ومحمد محبوب عالم في [تفسير شاهي] حيث ينقل عنه.
3 - وولي الله الدهلوي (والد الدهلوي) في [المقدمة السنية].
4 - والكاتب الجلبي في [كشف الظنون] حيث ذكر كتبه.
5 - وغلام علي آزاد في [سبحة المرجان في علماء هندوستان 39].
6 - ورشيد الدين خان الدهلوي في [إيضاح لطافة المقال] و [غرة
الراشدين].
وهذا تعريب ما ذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي في ترجمة الدولت آبادي:
" القاضي شهاب الدين الدولت آبادي، أوصافه أشهر من أن تذكر، فإنه
وإن كان في عصره علماء وأساتذة كثيرون اشتهر من بينهم ونال القبول التام
في أهل زمانه دونهم.
ومن تصانيفه (حواشي الكافية) وهو في غاية اللطافة والمتانة، وقد اشتهر
في زمانه وانتشر في الأقطار، و (الارشاد) في النحو، وقد التزم فيه التمثيل

1) هداية السعداء - مخطوط.
256

في ضمن التعبير، رتبه ترتيبا جيدا، وهو أيضا فريد من نوعه، و (بديع
البيان) في علم البلاغة، وقد تقيد فيه بالسجع، و (البحر المواج) وهو
تفسير للقرآن الكريم بالفارسية... وله (شرح أصول البزودي) إلى مباحث
الأمر... ورسائل وكتب أخرى بالعربية والفارسية. وله رسالة في تقسيم
العلوم، وأخرى في (الصنائع) بالفارسية. وكان ينظم الشعر أيضا.
توفي في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة، وقبره في مدينة (جونبور).
وللقاضي شهاب الدين رسالة تسمى ب‍ (مناقب السادات) ذكر فيها
وجوب محبة أهل البيت عليهم السلام، وأسأله تعالى أن يسعده في الآخرة
ببركاتها " 1.
[135]
رواية ابن الصباغ المالكي
روى حديث الثقلين حيث قال:
" وروى الترمذي أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه. هذا اللفظ بمجرده رواه الترمذي
ولم يزد عليه.
وزاد غيره - وهو الزهري - ذكر اليوم والزمان والمكان، قال: لما حج
رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وعاد قاصدا المدينة قام بغدير خم
- وهو ما بين مكة والمدينة - وذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام
وقت الهاجرة وقال: أيها الناس إني مسؤول وأنتم مسؤولون، هل بلغت
ونصحت؟ قالوا: نشهد أنك بلغت ونصحت. ثم قال: وأنا أشهد أني قد بلغت

1) وتوجد ترجمته في نزهة الخواطر 3 / 19.
257

ونصحت. ثم قال: أيها الناس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قالوا:
نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال: وأنا أشهد مثل ما شهدتم. ثم
قال صلى الله عليه وسلم أيها الناس قد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا
بعدي كتاب الله وأهل بيتي، ألا وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يتفرقا حتى
يردا علي الحوض، وسعة حوضي ما بين بصرى وصنعاء، عدد آنيته عدد
النجوم، إن الله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه وفي أهل بيتي. ثم قال: أيها
الناس من أولى الناس بالمؤمنين؟ قالوا: الله ورسوله أولى بالمؤمنين يقول ذلك
ثلاث مرات. ثم قال في الرابعة - وأخذ بيد علي رضي الله عنه -: من كنت
مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - يقولها ثلاث مرات -
ألا فليبلغ الشاهد الغائب " 1.
ترجمته:
وقد ترجم له ونقل عنه معتمدا عليه جماعة من مشاهير العلماء منهم:
1 - نجم الدين عمر بن فهد المكي في [إتحاف الورى بأخبار أم
القرى].
2 - وشمس الدين السخاوي في [الضوء اللامع لأهل القرن التاسع 5 / 283].
3 - ونور الدين السمهودي في [جواهر العقدين - مخطوط].
4 - ونور الدين الحلبي في [السيرة الحلبية].
5 - والشيخاني القادري في [الصراط السوي - مخطوط].
6 - وعبد الرحمن الصفوري في [نزهة المجالس].
7 - ومحمد محبوب عالم في [تفسير شاهي].

1) الفصول المهمة: 23.
258

8 - وإكرام الدين الدهلوي في [سعادة الكونين].
9 - ومحمد الصبان في [إسعاف الراغبين].
10 - والعجيلي في [ذخيرة المآل - مخطوط].
11 - والعدوي الحمزاوي في [مشارق الأنوار].
12 - والشبلنجي في [نور الأبصار].
والخلاصة: إن الرجل من كبار علماء أهل السنة البارزين الذين اعتمدوا
على كتبهم ونقلوا رواياتهم.
[136]
رواية شمس الدين السخاوي الشافعي
روى حديث الثقلين بطرق وأسانيد متكثرة، فقال في بيان تفسير آية
المودة:
" وإذ قد بان لك الصحيح في تفسير هذه الآية فأقول: قد جاءت الوصية
الصريحة بأهل البيت في غيرها من الأحاديث، فعن سليمان بن مهران الأعمش
عن عطية بن سعيد العوفي وحبيب بن أبي ثابت، أولهما عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه وثانيهما عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم
من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي،
ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أخرجه
الترمذي في جامعه وقال: حسن غريب - انتهى.
وحديث أبي سعيد عند أحمد في مسنده من حديث الأعمش، وكذا من
حديث أبي إسرائيل الملائي إسماعيل بن خليفة وعبد الملك بن سليمان، ورواه
259

الطبراني في الأوسط من حديث كثير النواء أربعتهم عن عطية، ورواه أبو يعلى
وآخرون.
وتعجبت من إيراد ابن الجوزي له في العلل المتناهية، بل أعجب من ذلك
قوله: إنه حديث لا يصح، مع ما سيأتي من طرقه التي بعضها في صحيح مسلم،
فقد أخرج في صحيحه حديث زيد من طريق سعيد بن مسروق وأبي حيان يحيى
ابن سعيد بن حيان كلاهما واللفظ الثاني - عن يزيد بن حيان عم ثانيهما عن
زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا
بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ ثم ذكر ثم
قال: أما بعد أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب،
وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى النور، فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله
في أهل بيتي ثلاثا. فقيل لزيد: من أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال
نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قيل: ومن هم؟
قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم. قيل: كل
هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.
وفي لفظ: قيل لزيد رضي الله عنه: من أهل بيته؟ نساؤه؟ فقال: لا أيم الله
إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أمها. وفي
رواية غيره: إلى أبيها وأمها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
أخرجه مسلم أيضا، وكذلك النسائي باللفظ الأول، وأحمد والدارمي في مسنديهما
وابن خزيمة في صحيحه، وآخرون كلهم من حديث أبي حيان التيمي يحيى بن
سعيد بن حيان عن يزيد بن حيان.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من حيات الأعمش عن حبيب بن أبي
260

ثابت عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.
ومن حديث سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل أيضا.
وحديث أبي الضحى مسلم بن صبيح عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.
وقال عقب كل طريق من الطرق الثلاثة: إنه صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه.
وكذا أخرجه من طريق يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم، وافقه على تخريج
هذه الطريق الطبراني في الكبير.. وأخرجه الطبراني أيضا من حديث حكيم
ابن جبير عن أبي الطفيل عن زيد...
وفي الباب عن جابر، وحذيفة بن أسيد، وخزيمة بن ثابت، وسهل بن
سعد، وضميره، وعامر بن أبي ليلى، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عباس
وعبد الله بن عمر، وعدي بن حاتم، وعقبة بن عامر، وعلي بن أبي طالب، وأبي
ذر، وأبي رافع، وأبي الشريح الخزاعي، وأبي قدامة الأنصاري، وأبي هريرة،
وأبي الهيثم بن التيهان ورجال من قريش، وأم سلمة وأم هاني ابنة أبي طالب
الصحابية رضوان الله عليهم.
أما حديث جابر فرواه الترمذي في (جامعه) من طريق زيد بن الحسن.
ورواه أبو العباس ابن عقدة في (الولاية) من طريق يونس بن عبد الله بن أبي
فروة.
وأما حديث حذيفة بن أسيد الغفاري فرواه الطبراني في (معجمه الكبير)
من طريق سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل عنه وزيد بن أرقم. ومن هذا الوجه
أورده الضياء في (المختارة). ورواه أبو نعيم في (الحلية) وغيره من حديث
زيد بن الحسن الأنماطي عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة
وحده به.
261

وأما حديث خزيمة فهو عند ابن عقدة من طريق محمد بن كثير عن فطر
وأبي الجارود كلاهما عن أبي الطفيل أن عليا رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى
عليه ثم قال: أنشدكم الله من شهد غدير خم إلا قام، ولا يقوم رجل يقول نبئت
أو بلغني إلا رجل سمعت أذناه ووعاه قلبه. فقام سبعة عشر رجل منهم: خزيمة
ابن ثابت وسهل بن سعد وعدي بن حاتم وعقبة بن عامر وأبو أيوب الأنصاري
أبو سعيد الخدري وأبو شريح الخزاعي وأبو قدامة الأنصاري وأبو ليلى وأبو
الهيثم بن التيهان ورجال من قريش، قال علي رضي الله عنه وعنهم: هاتوا
ما سمعتم.
فقالوا: نشهد أنا أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع
حتى إذا كان الظهر خرج رسول الله، فأمر بشجرات شذبن والقي عليهن ثوب
ثم نادى بالصلاة، فخرجنا فصلينا، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها
الناس ما أنتم قائلون؟ قالوا: قد بلغت. قال: اللهم اشهد ثلاث مرات. قال:
إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون. ثم قال: ألا إن
أموالكم ودماءكم حرام كحرمة يومكم هذا وحرمة شهركم هذا، أوصيكم
بالنساء، أوصيكم بالجار، أوصيكم بالمماليك، أوصيكم بالعدل والاحسان.
ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما
لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، نبأني بذلك اللطيف الخبير. وذكر الحديث
في قوله صلى الله عليه وسلم " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
فقال علي رضي الله عنه: صدقتم وأنا على ذلك من الشاهدين.
وأما حديث زيد فرواه أحمد في (مسنده).
وأما حديث سهل فقد تقدم مع خزيمة.
وأما حديث ضميرة الأسلمي فهو في (الموالاة) من حديث إبراهيم بن
262

محمد الأسلمي عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده رضي الله عنه.
وأما حديث عامر فأخرجه ابن عقدة في (الموالاة) من طريق عبد الله بن سنان
عن أبي الطفيل عن عامر بن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهما.
ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى المديني في (ذيله) في الصحابة وقال:
إنه عزيز جدا.
وأما حديث عبد الرحمن بن عوف فهو عند ابن أبي شيبة، وعند أبي يعلى
في (مسنديهما)، وكذا أخرجه البزار في (مسنده) أيضا.
وأما حديث ابن عباس فأشار إليه الديلمي في (مسنده).
وأما حديث ابن عمر فهو في (المعجم الأوسط) للطبراني بلفظ: آخر
ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخلفوني في أهل بيتي.
وأما حديث عدي بن حاتم وعقبة بن عامر فقد تقدم حديثهما في خزيمة.
وأما حديث علي فهو عند إسحاق بن راهويه في (مسنده) من طريق كثير
ابن زيد عن محمد بن عمر بن علي أبي طالب. وكذا رواه الدولابي في
(الذرية الطاهرة). ورواه الجعابي من حديث عبد الله بن موسى عن أبيه عن
عبد الله بن حسن بن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه. ورواه البزار.
وأما حديث أبي ذر فأشار إليه الترمذي في (جامعه)، وأخرجه ابن عقدة
من حديث سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن أبي ذر رضي الله عنه...
وأما حديث أبي رافع فهو عند ابن عقدة أيضا من طريق محمد بن عبيد
الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
وأما حديث أبي شريح وأبي قدامة فقد تقدما في خزيمة.
وأما حديث أبي هريرة فهو عند البزار في (مسنده)..
263

وأما حديث الهيثم ورجال من قريش فقد تقدموا في خزيمة.
وأما حديث أم سلمة فحديثها عند ابن عقدة من حديث هارون بن خارجة
عن فاطمة ابنة علي عن أم سلمة رضي الله عنها...
وأما حديث أم هاني فحديثها عنده أيضا من حديث عمر بن سعيد عن عمر
ابن جعدة بن هبيرة عن أبيه " 1.
ترجمته:
ذكرنا ترجمته مفصلة عن جماعة في مجلد حديث (مدينة العلم)، وهنا نكتفي
بخلاصة ما ذكره هو بترجمة نفسه:
" ولد في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، أدخله أبوه المكتب
بالقرب من الميدان عند المؤدب الشرف عيسى بن أحمد المقسي الناسخ، فأقام
عنده يسيرا جدا، ثم نقله لزوج أخيه الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد الأزهري
أحد أصحاب العارف بالله يوسف الصفي، فقرأ عنده القرآن وصلى به الناس
التراويح في رمضان، ثم توجه به أبوه لفقيهه المجاور لمسكنه المفيد النفاع
القدوة الشمس محمد بن أحمد التحريري الضرير مؤدب البرهان ابن خضر
والجلال ابن الملقن، وابن أسد، وغيرهم من الأئمة، ولزم الأستاذ الفريد
البرهان ابن خضر، وكذا قرأ على أوحد النحاة الشهاب أبي العباس الحناوي،
وأخذ العربية أيضا عن الشهاب الأبدي المغربي، والجمال ابن هشام الحنبلي
حفيد سيبويه وقته الشهير وغيرهما، وحضر عند الشمس الوقائي. وكذا أخذ
اليسير من الفقه عن العلم صالح البلقيني..
وحضر تقسيم البهجة بتمامه عند الشرف المناوي وتقسيم المهذب أو غالبه

1) استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.
264

عند الزين البوتنجي، وتردد إليه في الفرائض وغيرها، بل أخذ عن الشهاب
ابن المجدي، وقرأ الأصول عن الكمال ابن إمام الكاملية، وحضر كثيرا من
دروس التقي الشمني، وأخذ دروسا كثيرة عن الأمين الأقصرائي، وكثير من
التفسير وغيره عن السعد ابن الديري، ومن شرح ألفية العراقي عن الزين
السندبيسي، بل قرأ الشرح بتمامه على الزين العراقي، وأخذ قطعة من القاموس
في اللغة تحريرا واتقانا مع المحب ابن الشحنة، ولزم الشمس الطبنداني الحنفي
إمام مجلس التدرسية فيها أياما، ولبس الخرقة مع التلقين من المحيوي حفيد
الكمال يوسف العجمي، وأبي محمد مدين الأشموني، وأبي الفتح الفوي
وعمر التنيسي في آخرين في هذه العلوم وغيرها كابن الهمام، وأبي القاسم
النويري، والعلاء القلقشندي، والجلال المحلي، والمحب الأقصرائي، وقبل
ذلك كله سمع مع والده الكثير من الحديث على شيخه إمام الأئمة الشهاب ابن
حجر، حتى صار أكثر أهل العصر مسموعا وأوسعهم دراية.
ومن محاسن من أخذ عنه من عنده الصلاح ابن أبي عمر، وابن أميلة،
وابن النجم، وابن الهبل، والشمس ابن المحب، والفخر ابن يسارة، وابن
الخوجي، والمنبجي، والزيتاوي، والبياني، والسوقي والطبقة، ثم من عنده
القاضي العز ابن جماعة، والتاج السبكي، وأخوه البهاء، والجمال الأسنائي،
والشهاب الأذرعي، والكرماني، والصلاح الصفدي، والقيراطي، والحراوي،
ثم الحسين التكريتي، والأميوطي، والباجي، وأبو البقاء السبكي، والنشاوري،
وابن الذهبي، وابن العلائي، والآمدي، والنجم ابن الكشك، وأبو اليمن،
وابن الكويك، وابن الخشاب، وابن حاتم، والمليحي، وابن رزين، والبدر
ابن الصاحب، ثم السراج الهندي، وأكمل الدين البلقيني، وابن الملقن،
والعراقي، والهيثمي، والأبناسي، والبرهان ابن فرحون.
265

وهكذا سمع من أصحاب أبي طاهر ابن الكويك، والعز ابن جماعة،
وابن خير، ثم من أصحاب الولي العراقي، والفوي، وابن الجزري، ثم من
يليهم، والبرهان الزمزمي، والتقي ابن فهد، والزين الأمياطي، والشهاب
الشوابطي، وأبي السعادات، وابن ظهيرة، وابن حامد بن العيناء، والبدر
عبد الله بن فرحون، والشهاب أحمد بن النور المحلي، وابن الفرج المراغي،
والثغر الإسكندري.
ولهذا كله زاد عدد من أخذ عنه من الأعلى والدون والمساوي حتى الشعراء
ونحوهم على ألف ومائتين، والأماكن التي تحمل فيها من البلاد والقرى على
الثمانين.
واجتمع له من المرويات بالسماع والقراءة ما يفوق الوصف. وهي تتنوع
أنواعا:
أحدها: ما رتب على الأبواب الفقهية ونحوها، وهي كثيرة جدا.
ثانيها: ما رتب على المسانيد.
ثالثها: ما هو على الأوامر والنواهي.
رابعها: ما هو على الحروف في أول كلمات الأحاديث.
خامسها: ما هو في الأحاديث الطوال خاصة.
سادسها: ما يقتصر فيه على أربعين حديثا فقط.
سابعها: ما هو على الشيوخ.
ثامنها: ما هو على الرواة.
تاسعها: ما يقتصر فيه على الأفراد والغرائب.
عاشرها: ما لا تقيد فيه بشئ مما ذكر.
حادي عشرها: ما لا إسناد فيه بل اقتصر فيه على المتون مع الحكم عليها.
266

إلى غيرها من المسموعات التي لا تقيد فيها بالحديث كالشاطبية والرائية
في علم القراءة والرسم والألفية في علمي النحو والصرف وجمع الجوامع
في الأصلين والتصوف. كما أنه ليس المراد بما ذكر من الأنواع الحصر، إذ
لو سرد كل نوع منه لطال ذكره وعسر الآن حصره، بل لو سرد مسموعه ومقروه
على شيخه فقط لكان شيئا عجبا. وأعلى ما عنده من المروي ما بينه وبين الرسول
صلى الله عليه وسلم بالسند المتماسك فيه عشرة أنفس.
وشرع في التصنيف والتخريج قبيل الخمسين وهلم جرا. ومما صنفه في
علوم هذا الشأن: فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، والغاية في شرح منظومة
ابن الجزري الهداية في مجلد لطيف، والايضاح في شرح نظم العراقي للاقتراح
في مجلد لطيف أيضا، والنكت على الألفية وشرحها بيض منه نحو ربعه في مجلد
وشرح التقريب للنووي في مجلد، وبلوغ الأمل بتلخيص كتاب الدارقطني في
العلل كتب منه الربع مع زوائد مفيدة، وتكملة تلخيص شيخنا للمتفق والمفترق
ومنه في الشروح تكملة شرح الترمذي للعراقي كتب منه أكثر من مجلدين في
عدة أوراق من المتن، وحاشية في أماكن من شرح البخاري لشيخه وغيره من
تصانيفه، وشرح الشمائل النبوية للترمذي ويسمى أقرب الوسائل كتب منه نحو
مجلد، والقول المفيد في إيضاح شرح العمدة لابن دقيق العيد، والضوء اللامع
لأهل القرن التاسع، والذيل على دول الإسلام للذهبي، والقول المنبي في شرح
ابن عربي في مجلد حافل، واستجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول ذوي
الشرف.
وقرض أشياء من تصانيفه غير واحد من أئمة المذاهب، فمن الشافعية شيخه
والعلاء القلقشندي والجلال المحلي والعلم البلقيني.
وأئمة الأب: منهم الشهاب الحجازي وابن صالح وابن حنطة.
267

ومن الحنفية: العيني وابن الديري والشمني والأقصرائي والكافياجي
والزين قاسم وأبو الوقت المرشدي المكي.
ومن المالكية: البدر ابن النيبسي قاضي مصر، وابن المخلطة قاضي إسكندرية
والحسام ابن جرير قاضي مصر أيضا.
ومن الحنابلة: العز الكتاني.
وأفرد مجموع ذلك ونحوه في تأليف، اجتمع فيه منهم نحو المائتين،
أجلهم شيخه فقرض له على غير واحد من تصانيفه، وكان من دعواته له قوله:
والله المسؤول أن يعينه على الحصول حتى يتعجب السابق من اللاحق، وأثنى
خطا ولفظا بما أثبته في التأليف المشار إليه، وضبط عنه غير واحد من أصحابه
تقديمه على سائر جماعته..
ومنهم الحافظ محدث الحجاز التقي ابن فهد الهاشمي، حيث وصفه بأشياء
منها: زين الحفاظ، وعمدة الأئمة الايقاظ.
وكان ولده الحافظ النجم عمر لا يقدم عليه أحدا، ومما كتبه الوصف:
شيخنا الإمام العلامة الأوحد الحافظ الفهامة المتقن، العلم الزاهر والبحر الزاخر
عمدة الحفاظ وخاتمتهم، من بقاؤه نعمة نعمة الاعتراف بقدرها ومنة لا يقام
شكرها، وهو حجة لا يسع الخصم لها الجحود، وآية تشهد بأنه إمام الوجود،
وكلامه غير محتاج إلى شهود.
والحافظ الرحلة الزين القاسم الحنفي، ومن بعض كتابته الوصف بالواصل
إلى دقائق هذا الفن وجليله والمروي فيه من الصدى جمع غليله.
والعلامة الموفق أبو ذر ابن البرهان الحلبي الحافظ، فوصف بمولانا
وشيخنا العلامة الحافظ الأوحد، قدم علينا حلب فأفاد وأجاد، كان الله له. بل صرح بما هو أعلى منه.
268

والبرهان البقاعي: إن ممن ضرب في الحديث بأوفر نصيب وأوفى سهم
مصيب المحدث البارع الأوحد المفيد الحافظ الأمجد...
والعز الحنبلي، ومنه الوصف بالامام العلامة الحافظ الأستاذ الحجة المتقن
المحقق شيخ السنة حافظ الأمة إمام العصر أوحد الدهر، مفتي المسلمين محيي
سنة سيد الأولين والآخرين، أبقاه الله للمعارف علما ولمعالم العلم إماما مقدما،
وأحيى بحياته الشريفة مآثر شيخه شيخ الإسلام، وجعله خلفا عن السلف الأئمة
الأعلام، ويحرسه من حوادث الزمان وغدر، ويأمنه من كيد العدو ومكره،
برسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
والمعز البليغ البرهان الباعوني شيخ أهل الأدب، فكان مما قال: الشيخ
الإمام الحائز لأنواع الفضل على التمام، الحافظ لحديث النبي، أمتع الله بحياته
وأعاد على المسلمين من بركاته، هو الآن من الأفراد في علم الحديث الذي
اشتهر فيه فضله، وليس بعد شيخ الإسلام ابن حجر فيه مثله، وقد حصل الاجتماع
بخدمته، والفوز ببركته والاقتباس من فوائده، والاستماع بفرائده.
وقاضي القضاة العلم البلقيني، فمن وصفه قوله: الشيخ الفاضل العلامة
الحافظ، جمع فأوعى واهتم بهذا الفن، ولم يزل يرعى وصرح غير مرة
بالانفراد.
وفقيه المذهب الشرف المناوي، ومما كتبه أنه لما أشرف علم الحديث
على الاندراس من التدريس حتى لم يبق منه إلا الأثر والانفصال من التأليف حتى
لم يبق منه الخبر، انتدب لذلك الأخ في الله تعالى الإمام العالم العلامة، والحافظ
الناسك الألمعي الفهامة، الحجة في السنن على أهل زمانه، والمشمر في ذلك
عن ساعد الاجتهاد في سره وإعلانه.
وحافظ المذهب السراج العبادي فقال: هو الذي انعقد على تفرده بالحديث
269

النبوي الإجماع، وإنه في كثرة اطلاعه وتحقيقه لفنونه بلغ ما لا يستطاع، ودونت
تصانيفه واشتهرت وثبتت في هذا الفن النفيس وتقررت، ولم يخالف أحد من
العقلاء في جلالته ووفور ثقته وديانته وأمانته، بل صرحوا بأجمعهم بأنه هو
المرجوع إليه في التعديل والتجريح والتحسين والتصحيح بعد شيخه شيخ مشائخ
الإسلام ابن حجر، حامل راية العلوم والأثر.
والعلامة فريد الأدباء الشهاب الحجازي، فكان مما قاله: الإمام العلامة حافظ
عصره ومسند شامه ومصره، هو بحر طاب موردا وسيد صار لطالبي اتصال متون
الحديث على الحالين سندا " 1.
[137]
رواية الحسين الكاشفي الواعظ
روى حديث الثقلين بقوله: " في فضيلة أهل البيت الكرام الذين هم أئمة
الدين والمقتدون في العلم واليقين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني
تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا
به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. وفي تكراره " أذكركم الله في أهل
بيتي " ثلاثا دليل واضح على وجوب تعظيم أهل البيت ومحبتهم ومتابعتهم،
وأهل بيت الرسول هم علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله تعالى عليهم
أجمعين، يدل على ذلك ما جاء في الصحيحين من أنه لما نزل قوله تعالى
" تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم " جمع النبي
عليا وفاطمة والحسن والحسين فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي " 2.

1) الضوء اللامع 7 / 1 - 32.
2) الرسالة العلية في الأحاديث النبوية: 29 - 30.
270

وقال في تفسيره في تفسير قوله تعالى " سنفرغ لكم أيها الثقلان " قال: " إن
العرب تسمي كل شئ ثقيل ونفيس بثقل " إني تارك فيكم الثقلين " 1.
ترجمته:
ترجم له واعتماد على تفسيره وذكره:
1 - الشيخ أحمد الحنفي الصالحي المعروف ب‍ " ملاجيون " الذي تجد
ترجمته في (سبحة المرجان) في تفسيره [تفسير أحمدي].
2 - والمولوي تراب على في كتابه [التدقيقات الراسخات في شرح
التحقيقات الشامخات].
3 - ومحمد محبوب عالم في مواضع عديدة من [تفسير شاهى].
4 - (الدهلوي) نفسه في كتابه [التحفة] في الجواب عن المطعن الحادي
عشر من مطاعن أبي بكر.
5 - والكاتب الچلبي القسطنطيني في [كشف الظنون 878].
[138]
رواية جلال الدين السيوطي
روى حديث الثقلين في عدة كتب من مصنفاته بطرق عديدة وألفاظ متنوعة
فقد قال في [إحياء الميت]:
" الحديث الخامس: أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذكركم الله في أهل بيتي - الحديث.
الحديث السادس: أخرج الترمذي وحسنه والحاكم عن زيد بن أرقم قال:

1) المواهب العلية - تفسير حسيني 2 / 368.
271

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا
بعدي، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا
كيف تخلفوني فيهما.
الحديث السابع: أخرج عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به
لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا على
الحوض.
الحديث الثامن: أخرج أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري: إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير خبرني أنهما لن يتفرقا
حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " 1.
قال: " الحديث الثاني والعشرون: أخرج البزار عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما،
كتاب الله ونسبي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض " 2.
ورواه أيضا عن البزار عن علي، وهو الحديث الثالث والعشرون 3.
ورواه أيضا عن الترمذي عن جابر، وهو الحديث الأربعون 4.
ورواه أيضا عن الطبراني عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبيه،

1) إحياء الميت بفضائل أهل البيت: 11 - 12.
2) المصدر: 19.
3) المصدر: 19.
4) المصدر: 26.
272

وهو الحديث الثالث والأربعون 1.
ورواه أيضا عن الباوردي عن أبي سعيد، وهو الحديث الخامس والخمسون 2.
ورواه أيضا عن أحمد والطبراني عن زيد بن ثابت، وهو الحديث السادس
والخمسون 3.
ورواه في كتابه [نهاية الافضال] في الحديث التاسع منه عن زيد بن أرقم.
برواية الترمذي التي حسنها أيضا 4.
ورواه في كتابه [الأساس] عن مسلم والنسائي عن زيد بن أرقم كل بلفظه
ثم قال: " رواه الترمذي وقال حديث حسن، والحاكم في المستدرك وقال
صحيح على شرط البخاري ومسلم " ثم روى حديث جابر عن الترمذي، والذي
قال فيه: حديث حسن 5.
هذا، ويقول السيوطي في مقدمة كتابه (الأساس) هذا: " الحمد لله الذي
وعد هذه الأمة المحمدية بالعصمة من الضلالة ما إن تمسكت بكتابه وعترة نبيه،
وخص آل البيت النبوي من المناقب الشريفة ما قامت عليه الأحاديث الصحيحة
لساطع البرهان وجليه و.. ".
ورواه في كتابه [الإنافة] عن الطبراني عن عبد الله بن حنطب 6.
ورواه في [البدور السافرة] عن ابن أبي عاصم عن زيد بن ثابت 7.

1) إحياء الميت: 27.
2) المصدر: 30.
3) المصدر: 30.
4) نهاية الافضال في تشريف الآل - مخطوط.
5) الأساس في فضائل بني العباس - مخطوط.
6) الإنافة في رتبة الخلافة.
7) البدور السافرة أعن مور الآخرة.
273

ورواه في تفسيره بتفسير قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا " عن
أحمد عن زيد بن ثابت، عن الطبراني عن زيد بن أرقم، وعن ابن سعد وأحمد
والطبراني جميعا عن أبي سعيد الخدري 1.
وفيه بتفسير قوله تعالى " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " عن
الترمذي - قال وحسنه - وابن الأنباري عن زيد بن أرقم 2.
ورواه في كتابه [الجامع الصغير]: " أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر
يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله
فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل،
فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي. حم وعبد بن حميد، حم عن زيد بن أرقم، ورواه
فيه عن حم طب عن زيد بن ثابت " 3.
ورواه في كتابه [الخصائص الكبرى] عن الترمذي قال: وحسنه، وعن
الحاكم قال: وصححه عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني
تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي 4.
ورواه في كتابه [النثير] في مختصر نهاية ابن الأثير في " ثقل " قال: إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، سماهما ثقلين لعظم قدرهما، ويقال لكل نفيس
خطير ثقل، أو لأن الأخذ بهما والعمل ثقيل ".

1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 2 / 60.
2) المصدر 6 / 7.
3) الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير.
4) الخصائص الكبرى 2 / 266.
274

ترجمته:
وممن ترجم للسيوطي أو نقل عنه معتمدا عليه وواصفا إياه بالصفات
الجليلة:
1 - الشعراني في [لواقح الأنوار].
2 - والثعالبي في [مقاليد الأسانيد].
3 - والنخلي في [رسالة الأسانيد].
4 - والمقري في [فتح المتعال].
5 - والمناوي في مقدمة [فيض القدير].
6 - والشنواني في [الدرر السنية].
7 - وولي الله الدهلوي في [الارشاد إلى أمهات الاسناد] و [الانتباه في
سلاسل أولياء الله].
8 - والشوكاني في [البدر الطالع 1 / 328].
9 - وحسن زمان في [القول المستحسن].
10 - والقنوجي في [التاج المكلل 349].
11 - و (الدهلوي) نفسه في [بستان المحدثين] و [رسالة في أصول الحديث].
ولقد ترجم السيوطي لنفسه في كتاب [حسن المحاضرة] ترجمة مطولة
نكتفي هنا بشئ مما قال:
" كان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين
وثمانمائة، وحملت في حياة أبي إلى الشيخ محمد المجذوب، ورجل كان من
كبار الأولياء بجوار المشهد النفيسي فبرك علي، ونشأت يتيما، فحفظت القرآن
ولي دون ثمان سنين، ثم حفظت العمدة ومنهاج الفقه والأصول وألفية ابن
مالك.
275

وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهل سنة أربع وستين، فأخذت الفقه
والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضي زمانه
الشيخ شهاب الدين الشارمساجي الذي كان يقال إنه بلغ السن العالية وجاوز
المائة بكثير، والله أعلم بذلك. قرأت عليه في شرحه على المجموع.
وأجزت بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين.
وقد ألفت في هذه السنة، فكان أول شئ ألفته (شرح الاستعاذة والبسملة)
وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا. ولا زمته
في الفقه إلى أن مات ملازمة ولده، وأجازني بالتدريس والافتاء من ست وسبعين
وحضر تصديري، فلما توفي سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدين
المناوي.
ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي
فواظبته أربع سنين، وكتب لي تقريظا على (شرح ألفية ابن مالك) وعلى (جمع
الجوامع) في العربية تأليفي، وشهد لي غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه،
ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات.
ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محيي الدين الكافيجي أربع عشرة
سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك،
وكتب لي إجازة عظيمة.
وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا عديدة في الكشاف
والتوضيح وحاشيته عليه وتلخيص المفتاح والعضد.
وشرعت في التصنيف سنة ست وستين وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة
كتاب سوى ما غسلته ورجعت عنه.
وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب
276

والتكرور، ولما حججت شربت من ماء زمزم لأمور، منها أن أصل في الفقه
إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر.
وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين، وعقدت إملاء الحديث من مستهل
سنة اثنتين وسبعين.
ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو،
والمعاني، والبيان، والبديع - على طريقة العرب والبلغاء لا على طريقة العجم
وأهل الفلسفة. والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم الستة سوى
الفقه، والنقول التي اطلعت عليها فيها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من
أشياخي فضلا عمن هو دونهم، وأما الفقه فلا أقول ذلك فيه.
وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة فكثير، أوردتهم في (المعجم)
الذي جمعتهم فيه وعدتهم نحو مائة وخمسين، ولم أكثر من سماع الرواية
لاشتغالي بما هو أهم وهو قراءة الدراية.
وهذه أسماء مصنفاتي لتستفاد:
فن التفسير وتعلقاته والقراءات: الاتقان في علوم القرآن، الدر المنثور
في تفسير المأثور، ترجمان القرآن في التفسير، المسند، أسرار التنزيل يسمى
" قطف الأزهار في كشف الأسرار " لباب النقول، في أسباب النزول.
فن الحديث وتعلقاته: كشف المغطى في شرح الموطأ، اسعاف المبطأ
برجال الموطأ، التوشيح على الجامع الصحيح، الديباج على صحيح مسلم
ابن الحجاج، مرقاة الصعود على سنن أبي داود، قوت المغتذي على جامع
الترمذي، زهر الربى على المجتبى، مصباح الزجاج شرح ابن ماجة، تدريب
الراوي في شرح تقريب النواوي، شرح ألفية العراقي، عين الإصابة في معرفة
الصحابة، كشف التلبيس عن قلب أهل التدليس، توضيح المدرك في تصحيح
277

المستدرك، اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، البدور السافرة عن أمور
الآخرة، الأساس في مناقب بني العباس.
فن العربية وتعلقاته: شرح ألفية ابن مالك يسمى البهجة المرضية في
شرح الألفية، الفريدة في النحو والصرف والخط، النكت على الألفية، الكافية،
الشافية، الشذور، النزهة، الفتح القريب على مغني اللبيب، شرح شواهد المغني
جمع الجوامع، شرحه يسمى همع الهوامع، شرح اللمحة.
فن الأصول والبيان والتصوف: شرح لمعة الاشراق في الاشتقاق
الكوكب الساطع في نجم جمع الجوامع، شرحه، شرح الكوكب الوقاد،
في الاعتقاد، نكت على التلخيص يسمى الافصاح، عقود الجمان في المعاني
والبيان، شرحه، شرح أبيات تلخيص المفتاح، مختصره، نكت على حاشية المطول
للمقيري رحمه الله تعالى، الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والأبدال،
مختصر الإحياء، المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة.
فن التاريخ والأدب: تاريخ الصحابة وقد مر ذكره، طبقات الحفاظ،
طبقات النحاة الكبرى، والوسطى، والصغرى، طبقات المفسرين، طبقات
الأصوليين، طبقات الكتاب، حلية الأولياء، طبقات شعراء العرب، تاريخ
الخلفاء، تاريخ مصر هذا، تاريخ أسيوط، معجم شيوخي الكبير.. الملتقط
من الدرر الكامنة، تاريخ العمر وهو ذيل على أنباء الغمر. ديوان خطب،
ديوان شعر، المقامات، الرحلة الفيومية، الرحلة المكية، الرحلة الدمياطية،
الوسائل إلى معرفة الأوائل، مختصر معجم البلدان لياقوت، الشماريخ في علم
التواريخ، الجمانة، رسالة في تفسير الألفاظ المتداولة.. " 1.

1) حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1 / 335 - 344.
278

[139]
رواية نور الدين السمهودي
روى حديث الثقلين في كتابه [جواهر العقدين في فضل الشرفين شرف العلم
الجلي والنسب العلي - مخطوط] فقال:
" الذكر الرابع في حثه صلى الله عليه وسلم الأمة على التمسك بعده بكتاب
ربهم وأهل بيت نبيهم، وأن يخلفوه فيهما بخير، وسؤاله من يرد عليه الحوض
عنهما، وسؤال ربه عز وجل الأمة كيف خلفوا نبيهم فيهما، ووصيته بأهل بيته،
وأن الله تعالى أوصاه بهم، وقوله " استوصوا بأهلي خيرا، فإني أخاصمكم عنهم
غدا، ومن أكن خصيمه أخصمه، ومن أخصمه دخل النار "، وحثه على حفظهم
والتجاوز عن مسيئهم ".
ثم روى حديث الثقلين عن الترمذي عن زيد بن أرقم، وعن أحمد عن
أبي سعيد، ثم أشار إلى رواية الطبراني في الأوسط وأبي يعلى وغيرهما فقال:
" وسنده لا بأس به ".
ثم روى عن معالم العترة النبوية للحافظ أبي محمد عبد العزيز بن الأخضر
حديث السفينة وحديث باب حطة ثم قال ما نصه:
" ومن العجيب ذكر ابن الجوزي له في العلل المتناهية، فإياك أن تغتر به،
وكأنه لم يستحضره حينئذ إلا من تلك الطرق الواهية ولم يذكر بقية طرقه، بل
في صحيح مسلم وغيره عن زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ
وذكر ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي
فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا
279

بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في
أهل بيتي.
فقيل لزيد: من أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: بلى إن نساءه
من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قيل: ومن هم؟ قال: هم
آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم. قيل: كل هؤلاء
حرم الصدقة؟ قال: نعم. أخرجه مسلم في صحيحه من طرق ولفظه في أحدها:
قلنا - أي لزيد رضي الله عنه - من أهل بيته، نساؤه؟ فقال: لا أيم الله، إن المرأة
تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته
أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من ثلاث طرق وقال في كل منها: إنه
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وروى الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي المدني في كتابه
نظم درر السمطين حديث زيد من غير إسناد ولا عزو... ".
وقال في (جواهر العقدين) أيضا - بعد أن أورد مؤيدات حديث الثقلين
" وفي الباب عن زيادة على عشرين من الصحابة رضوان الله عليهم " فجعل
يروي رواية كل واحد عن الصحاح والمسانيد والجوامع، كما تقدم في رواية
السخاوي.
ترجمته:
ترجم له أو اعتمد على كتابه وأكثر من النقل عنه:
1 - السخاوي في [الضوء اللامع 5 / 245].
280

2 - وجار الله المكي في [ذيل الضوء اللامع].
3 - وأحمد بن الفضل بن محمد باكثير في [وسيلة المآل - مخطوط].
4 - والشيخاني القادري في [الصراط السوي - مخطوط].
5 - وعبد الحق الدهلوي في [جذب القلوب].
6 - ورضي الدين الشامي في [تنضيد العقود السنية].
7 - والبرزنجي في [النواقض] و [الإشاعة].
8 - والبدخشاني في [مفتاح النجا - مخطوط].
9 - والشوكاني في [البدر الطالع 1 / 470].
10 - والعجيلي في [ذخيرة المآل - مخطوط].
وإليك خلاصة ما ذكره السخاوي:
" ولد في صفر سنة أربع وأربعين وثمانمائة بسمهود ونشأ بها، فحفظ القرآن
والمنهاج، ولازم والده حتى قرأ عليه بحثا مع شرحه للمحلي وشرح البهجة
لكن النصف الثاني منه سماعا وجمع الجوامع وغالب ألفية ابن مالك، بل
سمع عليه جل البخاري ومختصر مسلم للمنذري وغير ذلك، وقدم القاهرة معه
وبمفرده غير مرة، أولها سنة ثمان وخمسين.
لازم أولا الشمس الجوجري في الفقه وأصوله والعربية، وأكثر من ملازمة
المناوي، وقرأ على النجم ابن قاضي عجلون، وعلى الزين زكريا، وعلى
الشمس الشرواني، وحضر عند العلم البلقيني من دروسه في قطعة الأسنائي،
وعند الكمال إمام الكاملية دروسا، وألبسه الخرقة ولقنه الذكر، وقرأ عمدة الأحكام
بحثا على السعد ابن الديري، وأذن له في التدريس هو والبامى والجوجرى،
وفيه وفي الافتاء الشهاب السارمساجي بعد امتحانه له في مسائل ومذاكرته معه،
وفيهما أيضا زكريا وكذا المحلي والمناوي.
281

ثم إنه استوطن القاهرة، وكنت هناك فكثر اجتماعنا، وكتب بخطه مصنفي
الابتهاج وسمعه مني، وكذا سمع مني غيره من تصانيفي، وكان على خير كبير
وفارقه بمكة بعد أن حججنا، ثم توجه منها إلى طيبة فقطنها من سنة ثلاث
وسبعين، ولازم وهو فيها الشهاب الأبشيطي وحضر دروسه، وأكثر من السماع
هناك على أبي الفرج المراغي، بل قرأ على العفيف عبد الله بن القاضي ناصر
الدين ابن صالح أشياء بالإجازة، وألبسه خرقة التصوف بلباسه من عمر الأعرابي،
وكذا كان سمع بمكة على كمالية ابنة محمد بن أبي بكر المرجاني وشقيقها
الكمال أبي الفضل محمد والنجم عمر بن فهد في آخرين.
وصنف في مسألة فرش البسط المنقوشة، ردا على من نازعه، وقرض له
أئمة القاهرة، وكذا عمل للمدينة النبوية تاريخا، وكذا ألف غير ما ذكر، ومن
ذلك حاشيته على الايضاح للنووي في المناسك.
وبالجملة فهو إنسان فاضل متفنن متميز في الفقه والأصلين، مديم للعمل
والجمع والتأليف، متوجه للعبادة وللمباحثة والمناظرة، قوي الجلادة على
ذلك طلق العبارة فيه، مغرم به، مع قوة نفس وتكلف، خصوصا في مناقشات
لشيخنا في الحديث ونحوه ".
وأضاف تلميذه جار الله في ذيله أقول: " وبعد المؤلف عاش نحو عشر
سنين وصار مجمعا عليه فيما يقوله ويؤلفه، واجتمعت به رفقة والدي في عام
تسع وتسعمائة بالمدينة، وسمعت عليه تاريخه (الوفا) وفتاواه المجموعة
وغيرهما من كتب الحديث، وأجاز لي روايتها فاغتبطت. ومات يوم الخميس
ثامن عشر ذي القعدة عام إحدى عشرة وتسعمائة. ولم يخلف بالمدينة مثله ".
282

[140]
رواية الفضل بن روز بهان
روى حديث الثقلين في (شرح عقائده) التي كتبها بالفارسية بأمر عبد الله
خان أوزبك والي بخارا، قال - على ما نقل عنه - " قوله ونعتقد بوجوب
تعظيم آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوب الاقتداء بهم. أقول: أما
تعظيم أهل بيت رسول الله فنعتقد أنه فرض، لورود الأحاديث الصحيحة في
ذلك، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: يا أيها الناس
إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا
بعدي إلى آخره. وقال في حديث آخر: أذكركم الله في أهل بيتي - ثلاث
مرات.
ويستفاد من ذلك وجوب تعظيمهم واحترامهم ورعاية حقوقهم. وكذا من
قوله صلى الله عليه وسلم " ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا " فإنه أمر بالاقتداء
بهم، والمراد من أهل البيت هم الذين حرموا الصدقة ".
ترجمته:
ترجم له أو اعتمد عليه:
1 - السخاوي في [الضوء اللامع 6 / 171].
2 - ورشيد الدهلوي في [غرة الراشدين].
3 - وحيدر علي في [منتهى الكلام]. وغيرهم.
وقد ذكرنا ترجمته بالتفصيل في مجلد حديث الطير.
283

[141]
رواية شهاب الدين القسطلاني
روى حديث الثقلين في [المواهب المدنية] في تحقيق أهل البيت قائلا:
" وعن زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فحمد
الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، أيها الناس إنما بشر مثلكم يوشك أن يأتيني
رسول ربي فأجيبه، وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله عز وجل فيه
الهدى والنور، فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به! وحث ورغب فيه ثم
قال: وأهل بيتي، أذكركم الله عز وجل في أهل بيتي - ثلاث مرات. فقيل لزيد:
من أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: بلى إن نساءه من أهل بيته،
ولكن أهل بيته من حرم عليهم الصدقة بعده. قيل: ومن هم؟ قال: هم آل علي
وآل جعفر وآل عقيل وآل عباس. قيل: كل هؤلاء حرم عليهم الصدقة؟ قال:
نعم. أخرجه مسلم.
والثقل محركة - كما في القاموس - كل شئ نفيس مصون. قال: ومنه
الحديث " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " وهو بكسر المهملة وسكون
المثناة الفوقانية، والأخذ بهذا الحديث أحرى ".
وقال: " وأخرج أحمد عن أبي سعيد معنى حديث زيد بن أرقم السابق
مرفوعا بلفظ: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، كتاب
الله وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا
علي الحوض، فانظروا ما تخلفوني فيهما، وعترة الرجل كما قاله الجوهري
أهله ونسله ورهطه الأدنون، أي الأقارب " 1.

1) المواهب اللدنية. بشرح الزرقاني 7 / 4 8.
284

ترجمته:
1 - السخاوي في [الضوء اللامع 2 / 103].
2 - وجار الله المكي في [ذيل الضوء اللامع].
3 - والشعراني في [المنن الكبرى] و [لواقح الأنوار].
4 - والعيدروسي في [النور السافر].
5 - والثعالبي في [مقاليد الأسانيد - مخطوط].
6 - والشوكاني في [البدر الطالع 1 / 102].
7 - والقنوجي في [إتحاف النبلاء].
8 - و (الدهلوي) نفسه في [بستان المحدثين].
وهذه خلاصة ما ذكره الشوكاني:
" ولد في الثاني عشر من ذي القعدة سنة 851 بمصر ونشأ بها، فحفظ القرآن
والشاطبيتين ونصف الطيبة الجزرية والوردية في النحو، وتلي السبع على السراج
عمر بن قاسم الأنصاري الشناوي، وأخذ الفقه على الفخر المقسمي تقسيما
والشهاب العبادي، وسمع على الملتوني والرضي الأوجاتي والسخاوي، وقرأ
صحيح البخاري بتمامه في خمسة مجالس على الشاوي، وقرأ في الفنون على
جمع.
وجلس للوعظ بالجامع العمري، وكتب بخطه لنفسه ولغيره أشياء، بل
جمع في القراءات العقود السنية في شرح المقدمة الجزرية في التجويد،
والكنز في وقف حمزة وهشام على الهمز، والشرح على الشاطبية وصل فيه إلى
الادغام الصغير وزاد فيه زيادات ابن الجزري مع فوائد غريبة لا توجد في شرح
غيره، وكتب على الطيبة قطعة مزجا، وعلى البردة مزجا أيضا سماه مشارق
285

الأنوار المضية في مدح خير البرية، وتحفة السامع بختم صحيح البخاري. ومن
مؤلفاته المشهورة شرح البخاري المسمى إرشاد الساري على صحيح البخاري
في أربع مجلدات، وشرح صحيح مسلم مثله ولم يكمل، والمواهب اللدنية
بالمنح المحمدية.
وكان متعففا جيد القراءة للقرآن والحديث والخطابة، شجي الصوت،
مشاركا في الفضائل، متواضعا متوددا لطيف العشرة، سريع الحركة مع كثرة
استقامة، واشتهر بالصلاح والتعفف على أهل الفلاح ".
[142]
رواية شمس الدين العلقمي
روى حديث الثقلين برواية زيد بن أرقم، ثم قال:
" قوله: يدعى " خما " بضم المعجمة وتشديد الميم، وهو غدير على ثلاثة
أميال من الجحفة يقال له " غدير خم ". قوله " وأنا تارك فيكم الثقلين " فذكر
كتاب الله وأهل بيته. قال النووي: قال العلماء: سميا ثقلين لعظمهما وكبر
شأنهما، وقيل لثقل العمل بهما. قوله: ولكن أهل بيته من حرم الصدقة، قال
النووي هو بضم الحاء وتخفيف الراء. والمراد بالصدقة الزكاة، وهي حرام
على بني هاشم وبني المطلب، وقال مالك بنو هاشم فقط، وقيل بني قصي،
وقيل قريش كله. قوله: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته، قال:
نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال
آل علي وآل عقيل - إلى آخره.
وفي رواية أخرى لمسلم أيضا بعد الرواية الأولى، فقلنا: من أهل بيته
نساؤه؟ قال: لا وأيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها
286

فترجع إلى أبيها وأمها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
قال النووي: وفي هذه الرواية دليل على إبطال قول من قال قريش كلها، فقد
كان في نسائه قرشيات، وهن عائشة وحفصة وأم سلمة وسودة وأم حبيبة.. " 1.
ترجمته:
1 - شهاب الدين الخفاجي: " ومن بيوت العلم بالقاهرة العلاقمة، فمنهم
شيخنا العلامة إبراهيم العلقمي، وأخوه شمس الملة والدين، أما الشمس صاحب
(الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير) فشيخ الحديث في القديم والحديث
لم تزل سحب أفاد [ا] ته في رياض الفضل ذوارف، حتى صار وهو العلم المفرد
من أعرف المعارف، فهو هضبة مجد، وفي التقى جوهر فرد، قد تحلى بخدمة
الجلال السيوطي كمالا، ورقى إلى سماء المعالي فازداد جمالا " 2.
2 - الشيخ أحمد المقري فوصفه بالشيخ الإمام الحافظ العلقمي 3.
3 - الكاتب الچلبي القسطنطيني حيث ذكر كتابه (الكوكب المنير) 4.
[143]
رواية عبد الوهاب البخاري
روى حديث الثقلين في تفسيره بتفسير آية المودة، حيث قال: " وعن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

1) الكوكب المنير في شرح الجامع الصغير - مخطوط.
2) ريحانة الألباء 2 / 77.
3) فتح المتعال في مدح النعال.
4) كشف الظنون 560.
287

أيها الناس إني تركت فيكم الثقلين خليفتين، إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي
أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي
وهم أهل بيتي، لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. أورده الثعلبي، وذكر الإمام
أحمد بن حنبل في مسنده بمعناه " 1.
ترجمته:
1 - الشيخ عبد الحق الدهلوي في [أخبار الأخيار].
2 - السيد محمد البخاري فوصفه بقوله " تاج الأولياء سيد الأتقياء،
وارث علوم الأنبياء والمرسلين، نظم أمور المؤمنين، بحر العلوم والحقائق،
مستخرج الحكم بالدقائق، جامع جوامع الكمالات، محيي مراسم الخيرات،
معدن أنوار التوفيق، مخزن أسرار التحقيق، المخصوص بعون الله الباري،
قطب الأقطاب حاجي عبد الوهاب البخاري قدس سره " 2.
[144]
رواية شمس الشامي الدمشقي الصالحي
روى حديث الثقلين في كتابه [سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد]
المعروف ب‍ (السيرة الشامية) على ما جاء في " إنسان العيون " للحلبي.
ترجمته:
ترجم له أو نقل عنه مع الاعتماد عليه ووصفه بالأوصاف الجليلة:

1) تفسير انوري - مخطوط.
2) تذكرة الأبرار - مخطوط. وله ترجمة في نزهة الخواطر 4 / 223.
288

1 - الشعراني في [لواقح الأنوار] 2 - وابن حجر المكي في [الخيرات الحسان].
3 - والخفاجي في [ريحانة الألباء 1 / 27].
4 - والمقري في [فتح المتعال].
5 - وأحمد زيني دحلان في [السيرة النبوية] حيث ينقل عنه.
6 - والكاتب الچلبي القسطنطيني في [كشف الظنون / 987].
7 - والدهلوي نفسه في [رسالة أصول الدين].
8 - وحسن زمان في [القول المستحسن].
9 - والمحبى في [خلاصة الأثر 4 / 239].
[145]
رواية الخطيب الشربيني
روى حديث الثقلين في تفسيره بتفسير آية المودة، قائلا: " وروى زيد بن
أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني تارك فيكم كتاب الله وأهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. قيل لزيد بن أرقم: فمن أهل بيته؟ فقال:
هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس " 1.
وقال فيه بتفسير الآية " سنفرغ لكم أيها الثقلان ": " والثقل العظيم الشريف
قال صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ثقلين، كتاب الله عز وجل وعترتي " 2.

1) السراج المنير 3 / 528.
2) المصد 4 / 167.
289

[146]
رواية شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المكي
رواه في [الصواعق] عن الطبراني وغيره بسند صحيح 1.
ورواه أيضا في فصل الآيات الواردة في شأن أهل البيت " ع " فقال عند
الكلام على آية التطهير بعد كلام له: " ومن ثم صح أنه صلى الله عليه وسلم قال:
إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي " 2.
ورواه في الفصل المذكور بعد قوله تعالى " وقفوهم إنهم مسؤلون " عن
مسلم عن زيد بن أرقم، وعن الترمذي وعن أحمد بألفاظ مختلفة.
ثم قال: " وذكر ابن الجوزي لذلك في (العلل المتناهية) وهم أو غفلة
عن استحضار بقية طرقه، بل في مسلم عن زيد بن أرقم. وفي رواية صحيحة:
إني تارك فيكم أمرين له تضلوا إن اتبعتموهما، وهما كتاب الله وعترتي.
... ثم اعلم: أن لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين
صحابيا، ومر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه، وفي بعض تلك الطرق
أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة، وفي أخرى أنه قاله بالمدينة في مرضه وقد
امتلأت الحجرة بأصحابه، وفي أخرى أنه قال ذلك بغدير خم، وفي أخرى
أنه قال لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر.
ولا تنافي إذ لا مانع من أنه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما
بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة. وفي رواية عند الطبراني عن ابن عمر أن
آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم: أخلفوني في أهل بيتي. وفي أخرى
عند الطبراني وأبي الشيخ: إن لله عز وجل ثلاث حرمات فمن حفظهن حفظ

1) الصواعق المحرقة: 25.
2) المصدر 86 - 87.
290

الله دينه ودنياه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله دنياه ولا آخرته. قلت: ما هن؟
قال: حرمة الإسلام، وحرمتي، وحرمة رحمي " 1.
ورواه أيضا في [الصواعق] في تتمته التي تضمنت خلاصة كتاب (المناقب
للحافظ السخاوي) حيث قال: " وقد جاءت الوصية الصريحة بهم في عدة أحاديث
منها حديث " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين أحدهما
أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل
بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ".
قال الترمذي حسن غريب. وأخرجه آخرون. ولم يصب ابن الجوزي في إيراده
في (العلل المتناهية)، كيف وفي صحيح مسلم وغيره.. ولهذا الحديث طرق
كثيرة عن بضع وعشرين صحابيا.. " 2.
ورواه أيضا في كتاب [المنح المكية] بشرح هذا البيت:
" آل بيت النبي إن فؤادي * ليس يسليه عليكم التأساء "
قال: " وفي الحديث أيضا: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا
بعدي، كتاب الله وعترتي. فليتأمل كونه قرنهم بالقرآن في أن التمسك بهما
يمنع الضلال ويوجب الكمال " 3.
ترجمته:
ترجم له أو نقل عنه مع المدح والثناء العظيم:
1 - الشعراني في [لواقح الأنوار].

1) الصواعق المحرقة 89 - 90.
2) المصدر 136.
3) المنح المكية في شرح القصيدة الهمزية.
291

2 - والخفاجي في [ريحانة الألباء 1 / 435].
3 - والعيدروسي في [النور السافر 287].
4 - والشرقاوي في [التحفة البهية].
5 - والجهرمي في [البراهين القاطعة].
6 - والبلخي خليفة السيد علي الهمداني في [شرح المسائل].
7 - والقاري في [المرقاة في شرح المشكاة].
8 - والعجيلي في [ذخيرة المآل - مخطوط].
9 - وسالم بن عبد الله بن البصري في [الإمداد بمعرفة علو الإسناد 17].
10 - و (الدهلوي) نفسه في [رسالة أصول الدين].
[147]
رواية نور الدين علي المتقي
روى حديث الثقلين في [كنز العمال] حيث قال: " أما بعد، ألا أيها الناس
فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين أولهما
كتاب الله تعالى [فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به] وأهل بيتي، أذكركم الله
في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. حم وعبد بن حميد. م. عن زيد
ابن أرقم.
ورواه في موضع آخر عن (طب) وهو رمز الطبراني.
كما أنه قد تقدمت بعض نصوص روايته سابقا.
ترجمته:
1 - عبد القادر بن أحمد الفاكهي في [القول النقي في مناقب المتقي].
292

2 - وعبد الوهاب المتقي القادري في [إتحاف التقي في فضل الشيخ علي
المتقي].
3 - وعبد الحق الدهلوي في [زاد المتقين في سلوك طريق اليقين]
و [أخبار الأخيار].
4 - والعيدروسي في [النور السافر].
5 - وغلام علي آزاد في [سبحة المرجان 43].
6 - والقنوجي في [إتحاف النبلاء] و [أبجد العلوم].
7 - والكاتب الجلبي القسطنطيني في [كشف الظنون] حيث ذكر مصنفاته.
وهذه خلاصة ترجمته في (أبجد العلوم): " كان البكري يقول: للسيوطي
منة على العالمين وللمتقي منة عليه، اشتغل بالتدريس والتأليف، ورتب جمع
الجوامع للسيوطي على أبواب الفقه، تزيد مؤلفاته على المائة، وكان الشيخ
ابن حجر المكي الفقيه الشافعي صاحب الصواعق المحرقة أستاذه، وفي الآخر
تلمذ عليه ولبس الخرقة منه، توفي رحمه الله في سنة 975 " 1.
[148]
رواية محمد طاهر الفتني الكجراتي
روى حديث الثقلين في كتاب [مجمع البحار] في مادة " ثقل " فقال:
فيه " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " سميا به لأن الأخذ بهما والعمل
بهما ثقيل، ويقال لكل شئ خطير نفيس ثقل، فسماهما به إعظاما لقدرهما وتفخيما
لشأنهما ".

1) ووصفه في نزهة الخواطر حيث ترجم له بالشيخ الإمام العالم الكبير المحدث
ثم أورد كلمات صاحب النور السافر، والشعراني في الطبقات الكبرى، وعبد الحق الدهلوي
أنظر 4 / 234 - 244.
293

وقال في " عترة ": " فيه " كتاب الله وعترتي " عترة الرجل أخص أقاربه
وهم بنو عبد المطلب، وقيل أهل بيته الأقربون. وهم أولاده، وعلي وأولاده،
وقيل عترته الأقربون والأبعدون منهم ".
وقال في [تكملة مجمع البحار] في " ثقل ": " فيه تارك فيكم الثقلين "،
هو بفتحتين نحو المتاع ".
ترجمته:
وقد ترجم له أو نقل عنه معتمدا عليه:
1 - العيدروسي في [النور السافر].
2 - وعبد الحق الدهلوي في [أخبار الأخيار].
3 - وغلام علي آزاد في [سبحة المرجان 43].
4 - ورفيع الدين خان المراد آبادي في [حالات الحرمين].
5 - ورشيد الدين خان الدهلوي في [إيضاح لطافة المقال].
6 - وحيدر علي في [إزالة الغين].
7 - والقنوجي في [أبجد العلوم] و [إتحاف النبلاء].
8 - و (الدهلوي) نفسه في [رسالة أصول الحديث].
وهذه خلاصة ما جاء في [أبجد العلوم]: " الشيخ محمد طاهر الفتني
صاحب (مجمع البحار في غريب الحديث) وفتن بلدة من بلاد كجرات -
تلمذ على علماء بلده، وصار رأسا في العلوم الحديثية والأدبية، رحل إلى
الحرمين الشريفين، وأدرك علماءهما ومشايخهما سيما الشيخ علي المتقي، له
(المغني في أسماء الرجال) و (تذكرة الموضوعات).
وقد ذكر الشيخ عبد الحق الدهلوي ترجمته في أخبار الأخيار، وذكرتها
294

أنا في إتحاف النبلاء، وأيضا أفردت ترجمته في رسالة مستقلة ألحقتها في أوائل
مجمع البحار.
قال الشيخ عبد الوهاب المتقي: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الرؤيا فقلت: من أفضل الناس في هذا الزمان يا رسول الله؟ فقال: شيخك ثم
محمد طاهر، ويا لها من رؤيا تفضل على اليقظة.
وكتابه (مجمع البحار) قد طبع بالهند لهذا العهد، واشتهر اشتهار الشمس
في رابعة النهار، وهو كتاب جمع فيه كل غريب الحديث وما ألف فيه، فجاء
كالشرح للصالح الستة، فإن لم يكن عند أحد شرح لكتاب من الأمهات الست
فهذا الكتاب يكفيه لحل المعاني وكشف المباني، وهو كتاب متفق على قبوله
متناول بين أهل العلم منذ ظهر بالوجود. وبالله التوفيق " 1.
[149]
رواية الميرزا مخدوم الجرجاني
روى حديث الثقلين في كتابه [النواقض] حيث قال: " فضائل أهل البيت
عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا بماء يدعى خما
بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد، يا أيها
الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين
أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، وأهل

1) وترجم له في نزهة الخواطر 4 / 298 بالشيخ العالم الكبير المحدث اللغوي
العلامة مجد الدين محمد بن طاهر بن علي الحنفي الفتني الكجراتي، صحاب مجمع بحار
الأنوار في غريب الحديث، الذي سارت بمصنفاته الرفاق، واعترف بفضله علماء الآفاق...
توفي سنة 986.
295

بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في
أهل بيتي. وفي رواية: كتاب الله هو حبل الله، من اتبعه كان على الهدى، ومن
تركه كان على الضلالة - رواه مسلم ".
ثم رواه عن الترمذي عن زيد أيضا.
ترجمته:
وتظهر جلالته وثقته من اعتماد الأعلام عليه، أمثال:
1 - البرزنجي في [النواقض].
2 - والسهارنپوري في [المرافض].
3 - والفاضل رشيد الدين خان في [إيضاح لطافة المقال].
4 - وحيدر علي الفيض آبادي في [إزالة الغين].
5 - وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابه في [كشف الظنون].
[150]
رواية العيدروس اليمني
روى حديث الثقلين حيث قال: " وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن
ابن عوف قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة انصرف إلى الطائف
فحصرها سبع عشرة أو تسع عشرة يوما، ثم قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال: أوصيكم بعترتي خيرا، وأن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده
لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن إليكم رجلا مني - أو كنفسي - يضرب
أعناقكم. ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه ثم قال: هو هذا.
وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته: أيها الناس يوشك
296

أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم، ألا
إني مخلف فيكم كتاب ربي عز وجل وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فرفعها
فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض
فأسألهما ما خلفت فيهما " 1.
ترجمته:
ترجم له أو اعتمد عليه:
1 - ابنه عبد القادر العيدروس في [النور السافر].
2 - والشيخاني القادري في [الصراط السوي - مخطوط].
3 - ومحمد محبوب عالم في [تفسير شاهي] حيث ينقل عنه.
[151]
إثبات فخر الدين الجهرمي
أثبت حديث الثقلين في كتابه [البراهين القاطعة في ترجمة الصواعق المحرقة]
حيث ترجم عبارات ابن حجر المكي المشتملة على حديث الثقلين كما تقدم 2.
[152]
رواية بدر الدين الرومي
روى حديث الثقلين في كتابه [تاج الدرة في شرح البردة]. حيث قال

1) العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.
2) وتوجد ترجمته في نزهة الخواطر 4 / 174. قال: الشيخ الفاضل الكبير كمال
الدين بن فخر الدين الجهرمي البيجاپوري أحد العلماء المشهورين، له البراهين القاطعة
ترجمة الصواعق المحرقة بالفارسية ترجمها سنة 994 بأمر دلاورخان البيجابوري الوزير.
297

بشرح قول البوصيري:
" محمد سيد الكونين والثقلين * والفريقين من عرب ومن عجم "
قال: " والثقل بالتحريك: متاع المسافر وحشمه.. وفي الحديث " تركت
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " والثقلان الإنس والجن ".
وقال بشرح قوله:
" دعا إلى الله فالمستمسكون به * مستمسكون بحبل غير منفصم "
ما نصه: " المعنى: يقول ذلك الحبيب هو الذي دعا أهل التكليف قاطبة
من جن وإنس وعرب وعجم في زمانه وبعده إلى يوم القيامة إلى دين الله وما
فيه رضاه، أو ترجى شفاعته داعيا إلى الله بإذنه، فالمعتصمون بدينه والمجيبون
لدعوته اعتصام حق وإجابة صدق، معتصمون بسبب من الله تعالى متصل إلى
رضوانه الأكبر، من غير أن يطرأ عليه انفصام أصلا، وذلك السبب ليس إلا كتاب
الله تعالى وعترة نبيه من أهل العصمة والطهارة الواجب على غيرهم مودتهم بعد
معرفتهم، إيمانا بقوله " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى "، وتصديقا
لقوله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وفي رواية:
تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي، لن يفترقا
حتى يردا علي الحوض. وهذا نص في المقصود، فمن تمسك بكتاب الله
تمسك بهم ومن عدل منهم عدل عن كتاب الله من حيث لا يدري.. ".
[153]
رواية جمال الدين المحدث الشيرازي
روى حديث الثقلين في كتابه [الأربعين في فضائل أمير المؤمنين - مخطوط]
عن حذيفة بن أسيد الغفاري.
298

وكذا في كتابه [روضة الأحباب في سير النبي والال والأصحاب].
ترجمته:
ترجم له وأثنى عليه واعتمد على أقواله وأخباره:
1 - غياث الدين المدعو خواند مير في [حبيب السير في أخبار أفراد
البشر].
2 - وعبد الحق الدهلوي في [أسماء رجال المشكاة].
3 - وعلي القاري في [المرقاة في شرح المشكاة].
4 - والشنواني في [الدرر السنية].
5 - وأبو علي محمد الملقب بارتضي المعمري في [مدارج الإسناد].
6 - والقنوجي في [الحطة في ذكر الصحاح الستة].
7 - و (الدهلوي) نفسه في [رسالة أصول الحديث].
[154]
رواية علي القاري
روى حديث الثقلين عن مسلم والنسائي عن زيد بن أرقم، وعن الترمذي
عنه، وعن جابر قال: وحسنه. وقد شرح الحديثين وأوضح معانيهما 1.
ورواه عن مسلم عن زيد بن أرقم، وعن أحمد عن أبي سعيد الخدري،
وعن الترمذي عن جابر، وعنه عن زيد بن أرقم 2.
وهذه الأحاديث جميعا رواها شارحا إياها حيث رواها صاحب (الشفاء)

1) شرح الشفاء 485.
2) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 593 - 594. وأيضا 5 / 600 601.
299

وصاحب (المشكاة).
وأضاف إلى رواية صاحب المشكاة بقوله: " ورواه أحمد والطبراني عن زيد
ابن ثابت ولفظه: إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء
والأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
ترجمته:
1 - محمد بن أبي بكر باعلوي في [عقد الجواهر والدرر].
2 - والمحبى في [خلاصة الأثر 3 / 185].
3 - والشوكاني في [البدر الطالع 1 / 445].
4 - ومحمد عابد السندي في [حصر الشارد].
5 - والقنوجي في [إتحاف النبلاء المتقين].
6 - (الدهلوي) نفسه في [رسالة أصول الحديث].
[155]
رواية عبد الرؤف المناوي
روى حديث الثقلين شارحا الروايات التي رواها الجلال السيوطي في
(الجامع الصغير)، ومبينا المعاني الدقيقة التي تفيدها الروايات المذكورة من
القرطبي والسمهودي وغيرهما 1.
وكان الجلال السيوطي قد روى حديث الثقلين عن حم عبد بن حميد م.
عن زيد بن أرقم. وعن حم طب عن زيد بن ثابت. فأضاف المناوي إلى
الرواية الثانية قوله: " الضياء في المختارة. قال الهيتمي: رجاله موثقون. ورواه

1) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 2 / 174 571.
300

أيضا أبو يعلى بسند لا بأس به، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر وزاد أنه في
حجة الوداع.
ووهم من زعم ضعفه كابن الجوزي، قال السمهودي: وفي الباب ما يزيد
على عشرين من الصحابة " 1.
وهكذا رواه في شرحه الآخر [التيسير] حيث شرح الرواية التي رواها
الجلال السيوطي عن حم طب عن زيد بن ثابت، ثم قال: " ورجاله موثقون ".
كما شرح الرواية الأخرى كذلك.
ترجمته:
1 - المحبي في [خلاصة الأثر 2 / 412].
2 - والثعالبي في [مقاليد الأسانيد].
3 - والتاج الدهان في [كفاية المتطلع].
4 - وسالم بن عبد الله البصري في [الإمداد بمعرفة علو الإسناد 14].
5 - وأحمد بن محمد النخلي في [رسالة الأسانيد 56].
6 - ورشيد الدين خان في [غرة الراشدين].
7 - وحيدر علي الفيض الآبادي في [إزالة الغين].
8 - و (الدهلوي) نفسه في [رسالة أصول الحديث].
[156]
إثبات الملا يعقوب البنياني اللاهوري
أثبت حديث الثقلين في رسالة [عقائده] حيث قال: " ثم إن محبة النبي

1) نفس المصدر 3 / 14 - 15.
301

صلى الله عليه وسلم توجب محبة الآل والأصحاب، لقرب منزلة أهل البيت
وقرابتهم بالنبي عليه السلام، حتى قرنوا معه في الصلاة، وقال الله تعالى " قل لا
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " وقوله عليه السلام: إني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. وسئلت عائشة رضي
الله عنها: أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة
رضي الله عنها. فقيل: من الرجال؟ قالت: زوجها ".
ترجمته:
1 - المولوي رزق الله الملقب بحافظ عالم خان في [الأفق المبين في
أحوال المقربين].
2 - ومحمد صالح المؤرخ في [العمل الصالح].
3 - وشاه نوازخان في [مرآة آفتاب نما].
ويكفي دليلا على جلالة الرجل اعتماد (الدهلوي) وتمسكه بأقواله في
(حاشية التحفة) في الجواب عن حديثنا (حديث الثقلين) 1.
[157]
رواية نور الدين علي الحلبي الشافعي
روى حديث الثقلين في [إنسان العيون] حيث قال: " أي ولما وصل صلى
الله عليه وسلم إلى محل بين مكة والمدينة يقال له " غدير خم " بقرب " رابغ "

1) وترجمه في نزهة الخواطر 4 / 285 بقوله: الشيخ العالم المحدث أبو يوسف
يعقوب البنياني اللاهوري، أحد الرجال المشهورين في الفقه والحديث والفنون الحكمية.
ثم نقل عن الأفق المبين، ومرآت آفتاب نما، وذكر مؤلفاته، وأرخ وفاته بسنة 1098.
302

جمع الصحابة وخطبهم خطبة، بين فيها فضل علي كرم الله وجهه وبراءة عرضه
مما تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليهم من
المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وبخلا، والصواب كان معه كرم الله وجهه في
ذلك، فقال " ص ":
أيها الناس إنه قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا نصف عمر الذي
يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وإنكم
مسؤولون، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت فجزاك الله
خيرا. وقال صلى الله عليه وسلم: تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده
ورسوله، وأن جنته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد
الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا:
بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد - الحديث.
ثم حس على التمسك بكتاب الله ووصى بأهل بيته، أي فقال: إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
وقال في حق علي كرم الله وجهه لما كرر عليهم: ألست أولى بكم من أنفسكم
ثلاثا، وهم يجيبونه بالتصديق والاعتراف، ورفع " ص " بد علي كرم الله وجهه
وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب
من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه
حيث دار " 1.
ترجمته:
1 عبد الله بن حجازي الشرقاوي في [التحفة البهية في طبقات الشافعية].

1) إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون 3 / 336.
303

2 - ومحمد بن فضل الله المحبي في [خلاصة الأثر في أعيان القرن
الحادي عشر 3 / 122].
[158]
رواية أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي
روى حديث الثقلين حيث قال: " وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أنه صلى الله عليه وسلم قال: يوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف
الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانطروا بما تخلفوني
فيهما.
أخرجه أحمد بن حنبل في (مسنده) والطبراني في (الأوسط) وأبو يعلى
وغيرهم، وسنده لا بأس به. وأخرجه الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر
في (معالم العترة النبوية) وفيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في
حجة الوداع.
وأخرجه الحاكم في (المستدرك) من ثلاث طرق وقال في كل منها: إنه
صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه ".
ثم رواه عن الترمذي وعن ابن عقدة وعن الضياء وعن الزرندي وعن أبي
الحسن يحيى بن الحسن وعن الجعابي وعن الدولابي وعن البزار وعن أبي
نعيم وعن ابن حجر وعن الدارقطني. بألفاظهم المختلفة وطرقهم المتعددة عن
جمع كثير من الصحابة " 1.

1) وسيلة المآل في عد مناقب الآل - مخطوط.
304

ترجمته:
1 - المحبي في [خلاصة الأثر 1 / 271].
2 ورضي الدين الشامي في [تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة
الحسينية].
[159]
رواية الشيخاني القادري المدني
روى حديث الثقلين عن جمع من رجال الحديث، وقال بعد كلام له:
" والصحيح مما ذكرنا أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: كأني قد دعيت فأجبت
إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني
فيهما، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله مولاي، وأنا
ولي كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه.
والصحيح مما ذكرنا أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: ألست أولى بكل
مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من
والاه وعاد من عاداه. فلقيه عمر رضي الله عنه فقال: هنيئا لك، فأصبحت وأمسيت
مولى كل مؤمن ومؤمنة ".
وبعد أن روى الحديث عن زيد بن أرقم وأبي سعيد قال: " وقد أخطأ ابن
الجوزي حيث ذكر هذا في واهياته على عادته في ذلك، غافلا عما ذكر مسلم
في صحيحه عن زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا..
وأخرجه الحاكم في المستدرك على شرط الشيخين ".
305

ورواه فيه أيضا عن زيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عوف وأبي الطفيل
وأبي هريرة وجابر وحذيفة بن أسيد وغيرهم، عن كبار علماء الحديث كالبزار
وابن عقدة والطبراني وابن سعد والملا والزرندي 1.
[160]
رواية السيد محمد ماه عالم
روى حديث الثقلين بقوله: " الحمد لله الذي شرف السادات بخطاب " إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " وأنزل في حقهم
لتعظيم قدرهم " لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ".
والصلاة والسلام على النبي الأمي الذي ذكر أولاده لعلوهم في الشأن
مساويا بالقرآن حيث قال " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، فإن تمسكتم
بهما لن تضلوا بعدي " 2.
[161]
رواية عبد الحق الدهلوي
روى حديث الثقلين في [اللمعات في شرح المشكاة] حيث شرح حديث
زيد بن أرقم الذي رواه مسلم في صحيحه، وحديث جابر الذي رواه الترمذي
في صحيحه، الواردين في (المشكاة) كما تقدم.
ورواه أيضا في كتابه [مدارج النبوة / 520].

1) الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.
2) تذكرة الأبرار - مخطوط. وقد ترجم له في نزهة الخواطر 5 / 337 ووصفه
بالشيخ الصالح، ونقل في ترجمته عن عدة من الكتب، وأرخ وفاته بسنة 1045.
306

ترجمته:
1 - السيد محمد البخاري في [تذكرة الأبرار مخطوط].
2 - وغلام علي آزاد في [سبحة المرجان / 52].
3 - وشاه نوازخان في [مرآة آفتاب نما].
4 - وتاج الدين الدهان في [كفاية المتطلع].
5 - وولي الله الدهلوي (والد الدهلوي) في [المقدمة السنية].
6 - والقنوجي في [إتحاف النبلاء] 1.
162]
رواية شهاب الدين الخفاجي
روى حديث الثقلين في كتابه [نسيم الرياض] حيث شرح ما رواه القاضي
عياض من روايات حديث الثقلين، فبعد أن شرح حديث زيد بن أرقم الذي
أورده القاضي أضاف:
" وهذا كما رواه مسلم في فضائل آل البيت في خطبة خطبها صلى الله عليه
وسلم، وهو راجع من حجة الوداع في آخر عمره قال فيها: أما بعد أيها الناس
إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيبه، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب
الله فيه الهدى والنور فتمسكوا به، وأهل بيتي. وفيه ما ذكره المصنف رحمه

1) وفي نزهة الخواطر 5 / 201: الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الفقيه شيخ
الإسلام وأعلم العلماء الأعلام وحامل راية العلم والعمل في المشايخ الكرام، أول من نشر
علم الحديث بأرض الهند تصنيفا وتدريسا... وأرخ وفاته بسنة 1052.
307

الله تعالى من تفسيره لأهل بيته بما ذكر. " 1.
ورواه مرة أخرى بلفظ آخر عن مسلم ووصفه بالصحة 2.
ورواه أيضا بشرح قول القاضي: وأوصى بالثقلين بعده كتاب الله وعترته
حيث قال: " وحديث الوصية رواه مسلم، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم خطبهم
وقال: أيها الناس إنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه، وإني
تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فتمسكوا به. وحث
على ذلك، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا. والكلام عليه
مستوفى في شروحه " 3.
ترجمته:
والخفاجي من أعيان علماء أهل السنة ومشاهير أدبائهم، فقد ترجم له:
1 - المحبي: " الشيخ أحمد بن محمد بن عمر. قاضي القضاة الملقب
بشهاب الدين الخفاجي المصري الحنفي صاحب التصانيف السائرة، وأحد أفراد
الدنيا المجمع على تفوقه وبراعته، وكان في عصره بدر سماء العلم، ونير أفق
النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت
أخباره طلوع الشهب في الفلك. وكل من رأيناه أو سمعنا به ممن أدرك وقته
معترفون له بالتفرد في التقرير والتحرير وحسن الانشاء، وليس فيهم من يلحق
شأوه ولا يدعي ذلك، مع أن في الخلق من يدعي ما ليس فيه. وتآليفه كثيرة
ممتعة مقبولة، انتشرت في البلاد ورزق فيها سعادة عظيمة، فإن الناس اشتغلوا

1) نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض 3 / 409.
2) نفس المصدر 4 / 283.
3) نفس المصدر 4 / 324 325.
308

بها، وأشعاره ومنشآته مسلمة لا مجال للخدش فيها.
والحاصل: إنه فاق كل من تقدمه في كل فضيلة، وأتعب من يجئ بعده،
مع ما خوله الله تعالى من السعة وكثرة الكتب ولطف الطبع والنكتة والنادرة.
وقد ترجم نفسه في آخر ريحانته من حين مبدئه.. " 1.
2 - القنوجي: " الشيخ الفاضل والأديب الكامل شهاب الدين أحمد
الخفاجي صاحب ريحانة الألباء وزهرة الحياة الدنيا، حامل علم العلم وناشره
وجالب متاع الفضل وتاجره. كان ممن شرف إليه مسائلة الكمال رحالها، إذ
ورث من سماء المعالي بدرها وهلالها، وحوى طارفها وتليدها، وأرضع من
در الفنون كهلها ووليدها، وسفرت له فرائد العلوم رافعة النقب، وتزينت بمنظومه
ومنثوره صدور المجالس والكتب، حرر لنفسه ترجمة في كتابه الريحانة وقال
ما ملخصه... وكان رحمه الله علامة في العربية ولسان العرب، وحاشيته على
تفسير البيضاوي تدل على علو علومه وسعة فضله وكمال ذكائه وغاية اطلاعه
ونهاية تحقيقه، لم يقم في الحنفية مثله في الزمان ولم يساوه في فضائله ومناقبه
إنسان. ذكر له مدير مطابع مصر ترجمة حافلة في أول تلك الحاشية ويا لها من
ترجمة أنوارها فاشية " 2.
3 - ويدل على عظمة الخفاجي وجلالته أنه أحد شيوخ مشايخ والد (الدهلوي)
السبعة الذين يفتخر ويعتز باتصال سنده إليهم، وذلك لأن الشيخ حسن العجيمي
- وهو أحد السبعة المشار إليهم - يروي شرح الشفاء للخفاجي، نص على
ذلك تاج الدين الدهان في [كفاية المتطلع] الذي جمع فيه مرويات العجيمي
قائلا: [كتاب شرح الشفاء للعلامة شهاب الدين أحمد بن محمد الخفاجي

1) خلاصة الأثر 1 / 331.
2) التاج المكلل 289.
309

رحمه الله تعالى، أخبر به إجازة عن مؤلفه العلامة أحمد بن محمد الخفاجي
رحمه الله ".
4 - والخفاجي من مشايخ الشيخ عبد الله بن سالم البصري - وهو أيضا
أحد المشايخ السبعة المشار إليهم - نص على ذلك ولده سالم بن عبد الله في
[الإمداد] الذي جمع فيه مشايخ والده، حيث قال: " ومنهم الشيخ العلامة
عيسى بن محمد بن أحمد الثعالبي الجعفري المالكي، فإنه أخذ عنه أخذا بينا
وجازه بجميع مروياته ومسموعاته وإجازة عن جماعة. منهم بل أجلهم أبو
الارشاد نور الدين علي بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الأجهوري، عن
نور الدين علي بن أبي بكر العراقي، عن أبي الفضل الحافظ جلال الدين السيوطي
بسنده المعلوم. وأخذ الشيخ عيسى المذكور عن قاضي القضاة شهاب الدين
أحمد بن محمد بن خفاجة المصري الحنفي الشهير بالخفاجي، عن البرهان
إبراهيم بن أبي بكر العلقمي، عن أبي الفضل الحافظ السيوطي بسنده " 1.
5 - وقال الشيخ أحمد النخلي وهو أيضا أحد المشايخ السبعة المذكورين
في [رسالة أسانيده] عند ذكر مشايخ شيخه عيسى المغربي: " ومن أجلهم
قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن محمد بن خفاجة المصري الحنفي عن
البرهان إبراهيم بن أبي بكر العلقمي عن أبي الفضل الحافظ الجلال السيوطي
بسنده " 2.
6 - ودلت العبارتان المتقدمتان على أن الخفاجي من مشايخ الشيخ عيسى
المغربي، فليعلم أن الشيخ عيسى هذا هو أحد المشايخ السبعة المذكورين الذين
مدحهم ولي الله (والد الدهلوي). وذكر في [رسالة الارشاد إلى مهمات

1) الإمداد بمعرفة علو الإسناد 41.
2) رسالة أسانيد النخلي 42.
310

الاسناد] في بيان اتصال سند مشايخه السبعة الممدوحين إلى الشيخ زين الدين
زكريا الأنصاري والجلال السيوطي: " وأما الشيخ عيسى فروى عن جماعة
منهم: أبو الارشاد نور الدين علي بن محمد الأجهوري عن علي بن أبي بكر
العراقي عن الجلال السيوطي. ومنهم شهاب الدين أحمد بن محمد الشهير بالخفاجي
عن البرهان إبراهيم بن أبي بكر العلقمي عن الجلال السيوطي ".
وقال هناك أيضا في ذكر شيوخ محمد بن محمد بن سليمان الرداني، وهو
أحد المشايخ السبعة: " ومنهم أبو الارشاد علي بن محمد الأجهوري، وقاضي
القضاة أحمد بن محمد الخفاجي، كلاهما عن الشمس محمد بن أحمد الرملي
عن الشيخ زكريا ".
7 - وقال (الدهلوي) نفسه في [رسالة أصول الحديث]: " سنن أبي
داود عن شيخنا الشيخ أبي طاهر، عن الشيخ حسن العجيمي، عن الشيخ عيسى
المغربي، عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد الخفاجي، عن بدر الدين
حسن الكرخي - وهو مسند وقته - عن الحافظ أبي الفضل جلال الدين السيوطي -
الخ ".
وبهذا كله يتضح شأن الشهاب الخفاجي..
[163]
رواية العزيزي البولاقي الشافعي
روى حديث الثقلين، حيث شرح ما رواه الحافظ الجلال السيوطي في
(الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير) 1.

1) السراج المنير في شرح الجامع الصغير 1 / 322 و 2 / 51.
311

ترجمته:
ترجم له المحبي في كتابه [خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
3 / 201]. وبمراجعته يظهر أن العزيزي هذا من أكابر أعلام محدثي أبناء السنة...
[164]
رواية المقبلي الصنعاني
روى حديث الثقلين في [ملحقات الأبحاث المسددة] حيث قال: " وأعجب
من ذلك كله ما ادعاه حثالة المتأخرين أنه انعقد الإجماع على تحريم الخروج
على أهل الجور، يعني: وأما وقت الحسين وأهل الحرة ونحوهم فلم يكن
إجماع، فحين لم يشفهم سبهم أخرجوهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم،
لأن كل من صدق عليه أنه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهو معتبر في الإجماع عند من
عقل معناه الشرعي، على أن هؤلاء النوكي يصرحون أن معرفة الكتاب والسنة
قد استحالت، فكيف يكون الإجماع من الجهال، ظلمات بعضها فوق بعض.
إنما أرادوا أن يجيبوه صلى الله عليه وسلم حين قال: " إني تارك فيكم الثقلين
ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما "، ورواياته مع
شواهده متواترة معنى، فأجاب هؤلاء نخلفك فيهما شر خلافة، من قدر على
السيف فيستقيد، ومن لم يقدر فبلسانه وقلبه، ومن تأخر زمانه كتاريخنا تناول
بعداوته الأولين والآخرين، فكان أعمهم جناية، والله المستعان ".
312

ترجمته:
1 - محمد بن إسماعيل الأمير اليماني في [الروضة الندية] و [ذيل
الأبحاث المسددة].
2 - والشوكاني في [البدر الطالع 1 / 288] و [إتحاف الأكابر بإسناد
الدفاتر 112]
3 - وعبد الحق بن فضل الله الهندي ثم المكي في [النكت اللطيفة].
4 - والقنوجي في [التاج المكلل / 376].
[165]
إثبات أحمد أفندي الشهير بالمنجم باشي
هو ممن أثبت حديث الثقلين فقد قال رضي الدين الحسيني بترجمته ما نصه:
" قلت: وقد رأيت له رحمه الله تعليقة على الحديث الشريف، وهو قوله
صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله تعالى حبل ممدود بين
السماء والأرض وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، وإنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض - الحديث. وفي بعض الروايات زيادة: فاعرفوا
كيف تخلفوني فيهما.
قال رحمه الله تعالى: وقد نقلها سيدي الوالد دام فضله ومن خطه رحمه الله
نقلت: لا يخفى أن في هذا الحديث الشريف مواضع ينبغي للناظر المتبصر أن
يقف على ما فيها من النكات والمزايا الخ " 1.

1) تنضيد العقود السنية.
313

ترجمته:
وقد ذكر رضي الدين الحسيني بترجمته: " وفي سنة ثلاث عشرة ومائة
وألف توفي رئيس المحققين وسلطان المدققين العالم العلامة والفاضل الفهامة
أحمد أفندي الشهير بالمنجم باشي، قاله صاحب لسان الزمان، وكان هذا الرجل
أعجوبة من عجائب الدهر وفريدة من فرائد العصر، وهو من الأروام، جد
واجتهد في طلب العلم، وقرأ على يحيى منقاري زادة وغيره من أكابر العلماء
وصارت له يد طولى في علم المعقول والمحكيات والطب، وأما الفلك والتنجيم
فكان فريد دهره ووحيد عصره، وكذلك كانت له اليد الطولى في علم العربية
مثل النحو والصرف والمعاني والبيان، واتساع في الأدب ومعرفة أشعار العرب
وتبحر في علم التاريخ وأخبار الأمم السالفة، واختص بصحبة السلطان محمد
خان بن إبراهيم خان، ولازمه نحوا من عشرين سنة، وكان من خواص جلسائه
وندمائه محترما لديه ومقبولا عنده إلى أن قال:
وكان خفيف الروح، لطيف الشمائل، كثير التواضع، حج في أيام السلطان
محمد، وهو في رئاسة، ورجع إلى إسطنبول ثم عاد مرة ثانية وأقام بالمدينة
المنورة، فأخذ عنه جماعة من أهلها وانتفعوا به، ثم إلى مكة شرفها الله، فصحبته
وجالسته وقرأت عليه بعض الكتب وانتفعت به، وله حواشي كثيرة نفيسة على
علم المعقول والعربية وغير ذلك انتهى ملخصا من لسان الزمان " 1.
[166]
رواية الزرقاني الأزهري المالكي
روى حديث الثقلين حيث شرح الأحاديث التي رواها الشهاب القسطلاني

1) تنضيد العقود السنية.
314

في (المواهب اللدنية) كما تقدم، وأضاف عليه أحاديث من مسلم والترمذي
وغيرهما 1.
ترجمته:
1 - محمد خليل المرادي في [سلك الدرر في أعيان القرن الحادي عشر
4 / 32].
2 - والشرقاوي في [التحفة البهية في الطبقات الشافعية].
3 - ومحمد بن محمد الأزهري في [رسالة الأسانيد].
4 - وزيني دحلان في [السيرة] حيث ينقل عنه.
5 - والكاتب الچلبي في (كشف الظنون) حيث ذكر كتبه [1897].
[167]
رواية حسام الدين السهارنبوري
روى حديث الثقلين في مواضع من [مرافض الروافض]، فرواه عن مسلم
عن زيد بن أرقم ضمن الأحاديث التي رواها في مناقب أهل البيت.
وروى حديثه هناك أيضا عن الترمذي.
وهكذا روى حديث جابر عن الترمذي.
ورواه عند الجواب عن حديث الغدير عن الطبراني وغيره بسند صحيح
كما صرح بذلك.

1) شرح المواهب اللدنية 7 / 4 - 8.
315

[168]
رواية محمد بن معتمد خان البدخشي
روى حديث الثقلين عن مسلم والترمذي والطبراني والحاكم وعبد بن
حميد وابن الأنباري والبارودي والحكيم الترمذي 1..
ورواه في كتابه [نزل الأبرار] عن مسلم عن زيد بن أرقم، وعن الحكيم
الترمذي والطبراني عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد 2..
ترجمته:
ترجم له جماعة من العلماء، وقد ذكرنا ترجمته عنهم بالتفضيل في مجلد
(حديث الغدير) 3.
[169]
رواية رضي الدين الشامي الشافعي
روى حديث الثقلين في كتابه [تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسينية]
كما تقدم آنفا.

1) مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.
2) نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الأطهار.
3) وترجمه في نزهة الخواطر 6 / 259 بالشيخ العالم المحدث محمد بن رستم بن
قباد الحارثي البدخشي، أحد الرجال المشهورين في الحديث والرجال. ثم ذكر كتبه:
تراجم الحفاظ، مفتاح النجا، نزل الأبرار، تحفة المحبين.
316

[170]
رواية محمد صدر عالم
روى حديث الثقلين في سياق طرق حديث الغدير، عن الطبراني والحاكم
عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم. وعن الحكيم الترمذي والطبراني - بسند
صحيح - عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد 1.
ترجمته:
ترجم له ولي الله الدهلوي (والد الدهلوي) في كتابه [التفهيمات الإلهية].
وقد ذكرنا ترجمته في بعض المجلدات بالتفصيل.
[171]
رواية ولي الله والد الدهلوي)
روى حديث الثقلين عن مسلم والحاكم وأبي عمرو 2.
ورواه في كتابه الآخر عن مسلم والترمذي.. 3.

1) معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط. وفي نزهة الخواطر 6 / 113:
الشيخ الفاضل، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ثم ذكر مصنفاته ومنها معارج
العلى، وذكر كلمة ولي الله وقصيدته في تقريظ معارج العلى.
2) إزالة الخفا عن سيرة الخلفا.
3) قرة العينين 119 و 168.
317

ترجمته:
1 - ولي الله نفسه في [الجزء اللطيف] و [التفهيمات الإلهية] و [الفوز
الكبير].
2 - ومحمد أمين بن محمد معين السندي في [دراسات اللبيب في
الأسوة الحسنة بالحبيب].
3 - وارتضاء العمري في [مدارج الاسناد].
4 - ورشيد الدين خان في [غرة الراشدين] و [إيضاح لطافة المقال].
5 - والقنوجي في [أبجد العلوم] و [إتحاف النبلاء].
6 - وولده (الدهلوي) 1.
[172]
رواية محمد معين بن محمد أمين السندي
روى حديث الثقلين في [دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب] كما
سيأتي إن شاء الله 2.
[173]
رواية محمد بن إسماعيل الأمير
روى حديث الثقلين في [الروضة الندية في شرح التحفة العلوية] بشرح

1) وترجم له في نزهة الخواطر 6 / 398 - 415 ترجمة مفصلة جدا، ووصفه
بأوصاف ضخمة، وقد أوردنا طرفا مما ذكره في مقدمة الكتاب.
2) ترجم له في نزهة الخواطر 6 / 351 - 355 ووصفه بالشيخ الفاضل العلامة أحد
للعلماء المبرزين في الحديث والكلام والعربية.
318

البيت التالي:
" فغدت عترته من أجلها * عترة المختار نصا نبويا "
" وغدى السبطان والآل إذا * نسبوهم نبويا علويا "
فروى الحديث عن أحمد والترمذي عن زيد بن أرقم، وعن أبي عمرو الغفاري
عن أياس بن سلمة، وعن أحمد عن علي أمير المؤمنين عليه السلام. ثم قال: " وحديث
الثقلين قد أخرجه أئمة المسانيد عن أكثر من عشرة (عشرين ظ) من الصحابة ".
كما روى حديث الثقلين عن (محاسن الأزهار لحميد المحلي) في سياق طرق
حديث الغدير.
ترجمته:
1 - الشوكاني في [البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع 2 / 133].
2 - والقنوجي في جملة من كتبه منها [التاج المكلل 414].
[174]
رواية محمد بن علي الصبان
روى حديث الثقلين حيث قال: " وعن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله
صلى الله عليه وسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنما أنا بشر
مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل يعني: ملك الموت فأجيبه،
وإني تارك فيكم ثقلين، كتاب الله فيه الهدى والنور، فتمسكوا بكتاب الله عز
وجل وخذوا به وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل
بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. رواه مسلم.
ثم رواه عن أحمد، ورواه عن مسلم والنسائي عن زيد بن أرقم " 1.

1) إسعاف الراغبين 110 - 111.
319

[175]
إثبات محمد مرتضى الزبيدي الحنفي
أثبت حديث الثقلين في [تاج العروس]: [والثقل محركة متاع المسافر
وحشمه] والجمع: أثقال [وكل شئ] خطير [نفيس مصون] له قدر ووزن:
ثقل عند العرب [ومنه] قيل لبيض النعام ثقل لأن آخذه يفرح به وهو قوت،
وكذلك [الحديث إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي] جعلهما ثقلين
إعظاما لقدرهما وتفخيما لهما. وقال ثعلب: سماها ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل
بهما ثقيل " 1.
ترجمته:
ترجم له القنوجي في [أبجد العلوم] بما ملخصه:
" أبو الفيض محمد مرتضى بن محمد الحسيني صاحب (تاج العروس
شرح القاموس) السيد الواسطي البلجرامي نزيل مصر، شريف النجار، عظيم
المقدار، كريم الشمائل، غزير الفواضل والفضائل.
أخذ العلوم النقلية والعقلية في مدينة زبيد على جماعة أعلام، ثم توجه إلى
إقليم مصر، واستكمل فيها العلوم النقلية والعقلية، وبرع في جميع العلوم سيما
علمي الحديث واللغة، وأدرك شيوخا من أهل الأسانيد العالية، وألف التآليف
النافعة الواسعة.
وقد طبع كتابه تاج العروس شرح القاموس لهذا العهد بمصر القاهرة وشاع
في الأمصار، وبلغ إلى الافطار، يتضح من النظر فيه علو كعبه في علم اللغة

1) تاج العروس من جواهر القاموس 7 / 345.
320

وكونه إماما فيه، وشرحه هذا يغني عن حمل جملة الدفاتر المؤلفة في فن اللغة
وقد وقع تأليفه في علم الفقه والحديث وأصولهما والتصوف والسير، وكلها
نافعة مفيدة على اختصار في أكثرها، وعندي منها نحو سبع عشرة رسالة.
استجاز منه الملك الأعظم أبو الفتح نظام الدين عبد الحميد خان سلطان
الروم لكتب الحديث، فكتب له الإجازة وسند الحديث المسلسل المأثور المشهور:
الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، مع غيره من الإجازات.
وقد أفنى رحمه الله عمره في اشتغال العلم والتدريس بمصر، والعلم عند
الله سبحانه وتعالى ".
[176]
رواية أحمد بن عبد القادر العجيلي
روى حديث الثقلين بشرح قوله: " والزم بحبل الله ثم اعتصم " قائلا:
" قال الله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ". وقال صلى الله عليه
وسلم: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: أحدهما
أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي
إن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا
كيف تخلفوني فيهما، وسيأتي تحقيق ذلك ".
ثم روى حديث زيد بن أرقم، رواه بلفظ الطبراني أيضا، مع تحقيق
معنى الحديث وشرحه 1.

1) ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل في مناقب الآل - مخطوط.
321

ترجمته:
1 - أحمد بن محمد الشيرواني في [المناقب الحيدرية].
2 - وعبد الرحمن بن سليمان بن عمر في [النفس اليماني
والروح الريحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني].
3 - والقنوجي وهذه خلاصة ما ذكره: " الشيخ العلامة المشهور، عالم
الحجاز على الحقيقة لا المجاز أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي رحمه
الله، لم يزل مجتهدا في نيل المعالي، وكم سهر في طلبها الليالي، حتى فاز
من ذلك بالقدح المعلى وصلى في محرابها وجلى. أخذ العلوم عن آبائه الكرام
وعن غيرهم من الأعلام، وله مؤلفات في التصوف والتوحيد والعقائد الإلهيات
والنبويات.. " 1.
[177]
رواية محمد مبين اللكهنوي
روى حديث الثقلين في [وسيلة النجاة في مناقب السادات] عن مسلم عن
زيد بن أرقم، وعن المشكاة عن الترمذي عن جابر بن عبد الله، وعن الترمذي
عن زيد بن أرقم، وعن الحاكم عنه.
هذا، وقد صرح في مقدمة كتابه هذا بأنه قد التزم فيه بالرواية عن الكتب
المعتبرة، وبإيراد الأحاديث الصحيحة، معرضا عن الضعاف المتروكة والموضوعات
المطروحة، مقتصرا على ما كان ثابتا وحقا، غير ملتفت إلى ما كان باطلا وضعيفا 2..

1) التاج المكلل: 509.
2) ترجم له في نزهة الخواطر 7 / 403 بقوله: الشيخ الفاضل الكبير مبين بن محب
اللكهنوي أحد الفقهاء الحنفية... ثم ذكر كتابه. ووفاته سنة 1225.
322

[178]
رواية محمد إكرام الدين الدهلوي
روى حديث الثقلين في كتابه [سعادة الكونين في بيان فضائل الحسنين]
عن المشارق والمصابيح وغيرهما، مترجما إياه إلى الفارسية.
ترجمته:
أثنى عليه حيدر علي الفيض آبادي في كتابه [إزالة الغين]، وعده من كبار العلماء
والمحدثين الذين يلعنون يزيد بن معاوية، وعد كتابه (سعادة الكونين) من الكتب
التي ألفها علماء أهل السنة في فضائل أهل البيت عليهم السلام، متوخيا بذلك
إثبات ولائهم لهم ومحبتهم إياهم، وهكذا اعتمد على كتابه المذكور واستند
إليه في مباحث كتابه (إزالة الغين). وهذا المقدار كاف لمعرفة شأن إكرام الدين
الدهلوي واعتبار كتابه 1.
[179]
رواية ميرزا حسن علي المحدث اللكهنوي
روى حديث الثقلين في [تفريح الأحباب في مناقب الآل والأصحاب]
حيث قال: " عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا
خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر
ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب

1) وترجم له في نزهة الخواطر 7 / 69 بقوله: الشيخ العالم المفتي إكرام الدين
أحد العلماء المشهورين ثم ذكر مصنفاته وعد منها: سعادة الكونين.
323

وأنا تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله
في أهل بيتي. وفي رواية: كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن
تركه كان على الضلالة. رواه مسلم ".
ورواه عن الترمذي عن جابر، وعنه عن زيد بن أرقم 1.
[180]
إثبات عبد الرحيم الصفي بوري
أثبت حديث الثقلين في مادة " ثقل " حيث قال ما تعريبه: " والثقل محركة
متاع المسافر وحشمه الجمع أثقال، وكل شئ نفيس محفوظ. ومنه الحديث
" إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " 2.
[181]
رواية ولي الله اللكهنوي
روى حديث الثقلين عن مسلم عن زيد بن أرقم، وعن الصواعق المحرقة
عن الطبراني بسند صحيح.

1) ترجم له في نزهة الخواطر 7 / 136 ووصفه بالشيخ العالم المحدث، أحدا العلماء
المبرزين في الفقه والحديث. وأرخ وفاته بسنة 1255.
2) منتهى الأدب 1 / 143. وتوجد ترجمة الصفي پوري في نزهة الخواطر 7 / 258
قال: الشيخ الفاضل العلامة عبد الرحيم بن عبد الكريم الصفي پوري أحد العلماء المبرزين
في النحو واللغة. توفي 1267.
324

هذا، وقد صرح في مؤلفه المذكور بأنه التزم فيه بالنقل من الكتب المعتبرة
من الصحاح والتواريخ منبها على أسامي الكتب، معرضا عن الضعاف المتروكة
عند علماء الحديث، مقتصرا على ما تواتر من الأحاديث أو اشتهر أو كان من
الحسان 1.
[182]
رواية رشيد الدين خان الدهلوي
روى حديث الثقلين في كتابه [الحق المبين في فضائل أهل بيت سيد
المرسلين] عن الصواعق والشفاء وقرة العينين ونزل الأبرار وأحمد وابن جرير
والحاكم وشرح المقاصد. وقد تقدمت هذه الروايات.
وهكذا رواه في كتابه [إيضاح لطافة المقال] 2.
[183]
إثبات عاشق علي خان اللكهنوي
أثبت حديث الثقلين في [ذخيرة العقبى في ذكر فضائل أئمة الهدى] حيث

1) مرآة المؤمنين - مخطوط وتوجد ترجمة ولي الله هذا في نزهة الخواطر 7 / 527
قال: الشيخ الفاضل العلامة... أحد الأساتذة المشهورين ثم ذكر مصنفاته وعد منها مرآة
المؤمنين. وأرخ وفاته بسنة 1270.
2) وقد ترجم له في نزهة الخواطر 7 / 177 وأثنى عليه الثناء الكبير وذكر تتلمذه
على صاحب التحفة وأخويه حتى صار علما مفردا في العلم معقولا ومنقولا، ونقل عن صاحب
اليانع الجني الثناء عليه وقوله: دأبه الذب عن حمى السنة والجماعة والنكاية في الرافضة
المشائيم، صنف في الرد عليهم ما يعظم موقعه عند الجدليين من أهل النظر! ثم ذكر مصنفاته.
وأرخ وفاته بسنة 1243.
325

قال ما تعريبه: الحق أن مثل هذه الجرأة تختص بهؤلاء حيث لا يتحرجون من
الافتراء، وإلا فإن مما لا شك فيه - وهو كالشمس في الوضوح - أن الفرقة المحقة
لا يفتخرون إلا بركوب سفينة أهل البيت والتمسك بحديث الثقلين، وهو لا يوجد
في غيرهم ".
[184]
رواية حسن العدوي الحمزاوي
روى حديث الثقلين عن ابن حجر عن أحمد في مسنده، وعن السيوطي عن
مسلم والنسائي 1.
هذا وتبين التقاريظ المطبوعة في خاتمة الكتاب في طبعاته المصرية من
أدباء مصر مع كلمات الحمزاوي نفسه، تبين ما لهذا الكتاب من قيمة واعتبار
لدى العلماء ورجال الحديث.
[185]
رواية سليمان البلخي القندوزي
عقد لحديث الثقلين وحديث الغدير فصلا خاصا، فروى حديث الثقلين
برواياته وطرقه المتكثرة عن أساطين الحديث، وأرباب الصحاح والمسانيد،
فرواه عن مسلم والترمذي والثعلبي وأحمد وعبد الله بن أحمد والسمهودي
والخوارزمي والسيد علي الهمداني والزرندي في آخرين. عن كبار الصحابة 2.

1) مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار: 86.
2) ينابيع المودة 27 - 41.
326

[186]
رواية حسن زمان
روى حديث الثقلين في [القول المستحسن في فخر الحسن] حيث قال:
" وقد قال المناوي في شرح الجامع الصغير في حديث " إني تارك فيكم خليفتين
كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض " رواه أحمد والطبراني والضياء في المختارة عن
زيد بن ثابت، قال الهيتمي رجاله موثقون، ورواه أيضا بسند لا بأس به الحافظ
عبد العزيز بن الأخضر، وزاد كونه في حجة الوداع، ووهم من زعم وضعه كابن
الجوزي. قال السمهودي: وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة.
تنبيه: قال الشريف: هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك من
أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمان إلى قيام الساعة، حتى يتوجه الحث
المذكور إلى التمسك به، كما أن الكتاب كذلك، فلذلك كانا أمانا لأهل الأرض
فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض، انتهى بلفظه الشريف ".
[187]
رواية صديق حسن خان
روى حديث الثقلين في كتابه [السراج الوهاج في شرح صحيح مسلم بن
الحجاج] حيث شرح روايات مسلم من روايات حديث الثقلين. كما أنه أضاف
عليها من الترمذي وغيره.
327

ترجمته:
ترجم له جماعة، كما ترجم هو نفسه في الكتب التالية:
1 - الحطة في ذكر الصحاح الستة.
2 - إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين.
3 - أبجد العلوم.
4 التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول
328