الكتاب: بحار الأنوار
المؤلف: العلامة المجلسي
الجزء: ٨٧
الوفاة: ١١١١
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد إبراهيم الميانجي ، محمد الباقر البهبودي
الطبعة: الثالثة المصححة
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة:
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

بحار الأنوار
الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار
تأليف
العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى
الشيخ محمد باقر المجلسي
(قدس الله سره)
الجزء السابع والثمانون
مؤسسة الوفاء
بيروت - لبنان
تعريف الكتاب 1

كافة الحقوق محفوظة مسجلة
الطبعة الثانية المصححة
1403 ه‍ - 1983 م
مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان - صرب: 1457 - هاتف: 386868
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
5 (باب)
* " (نوافل يوم الجمعة وترتيبها وكيفيتها وأدعيتها) " *
1 - المتهجد (1) وجمال الأسبوع (2) وغيرهما: ثم تصلي نوافل
الجمعة على ما وردت به الرواية عن الرضا عليه السلام قال: تصلى ست ركعات بكرة وست
ركعات بعدها اثنتي عشرة وست ركعات بعد ذلك ثمان عشرة وركعتين عند الزوال.
وينبغي أن تدعو بين كل ركعتين بالدعاء المروي عن علي بن الحسين عليهما السلام إنه كان
يدعو به بين الركعات.
الدعاء بعد الركعتين الأولتين: اللهم إني أسئلك بحرمة من عاذ بك منك و
لجأ إلى عزك واعتصم بحبلك، ولم يثق إلا بك، يا واهب العطايا، يا من سمى
نفسه من جوده الوهاب، صل على محمد وآل محمد المرضيين بأفضل صلواتك وبارك
عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله
وبركاته، اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا و
ارزقني حلالا طيبا مما شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت.

(1) مصباح الشيخ: 242.
(2) جمال الأسبوع: 370.
1

زيادة في هذا الدعاء من رواية أخرى: اللهم قلبي يرجوك لسعة رحمتك ونفسي
تخافك لشدة عقابك فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تؤمنني مكرك وتعافيني
من سخطك، وتجعلني من أولياء طاعتك، وتفضل على برحمتك ومغفرتك وتسرني
بسعة فضلك عن التذلل لعبادك وترحمني من خيبة الرد وسفع نار الحرمان.
ثم تقوم وتصلي ركعتين وتقول: اللهم كما عصيتك واجترأت عليك، فاني
أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لما وأيت به على نفسي ولم
أف به وأستغفرك للمعاصي التي قويت عليها بنعمتك، وأستغفرك لكل ما خالطني
من كل خير أردت به ما ليس لك فإنك أنت أنت وأنا أنا.
زيادة اللهم صل على محمد وآل محمد وعظم النور في قلبي وصغر الدنيا في عيني
واحبس لساني بذكرك عن النطق بما لا يرضيك واخرس نفسي من الشهوات، واكفني
طلب ما قدرت لي عندك حتى أستغني به عما في أيدي عبادك.
ثم تقوم وتصلي الركعتين الثالثة وتقول اللهم إني أدعوك وأسألك بما دعاك
به ذو النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا
أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبت له فإنه دعاك وهو عبدك وأنا أدعوك وأنا
عبدك وسألك وأنا أسألك ففرج عنى كما فرجت عنه، وأدعوك اللهم بما دعاك به
أيوب إذ مسها الضر فنادى أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ففرجت عنه،
فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك ففرج عني
كما فرجت عنه، وأدعوك بما دعاك به يوسف إذ فرقت بينه وبين أهله، وإذ هو
في السجن ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك
وأنا أسألك، فاستجب لي كما استجبت له وفرج عني كما فرجت عنه.
وأدعوك اللهم وأسئلك بما دعاك به النبيون فاستجبت لهم، فإنهم دعوك و
هم عبيدك وسألوك وأنا أسألك، أن تصلي على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك وأن
تبارك عليهم بأفضل بركاتك، وأن تفرج عني كما فرجت عن أنبيائك ورسلك و
عبادك الصالحين.
2

زيادة اللهم صل على محمد وآل محمد، وأغنني باليقين، وأعني بالتوكل،
واكفني روعات القنوط، وافسح لي في انتظار جميل الصنع، وافتح لي باب الرحمة
إليك، والخشية منك، والوجل من الذنوب، وحبب إلى الدعاء، وصله منك
بالإجابة.
ثم تخر ساجدا وتقول في سجودك: سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم
الباقي، سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقه، وحق له أن يسجد، سجد وجهي
لمن خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين، سجد وجهي الحقير
الذليل لوجهك العزيز الكريم، سجد وجهي اللئيم الذليل لوجهك الكريم
الجليل.
ثم ترفع رأسك وتدعو بهذا الدعاء اللهم صل على محمد وآله، واجعل النور
في بصري، واليقين في قلبي، والنصيحة في صدري، وذكرك بالليل والنهار على
لساني، ومن طيب رزقك يا رب غير ممنون ولا محظور فارزقني، ومن ثياب الجنة
فاكسني، ومن حوض محمد صلى الله عليه وآله فاسقني، ومن مضلات الفتن فأجرني، ولك يا رب
في نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، وإليك يا رب فحببني، وبذنوبي فلا
تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني وبعملي فلا تبسلني، وغضبك فلا تنزل بي، أشكو
إليك غربتي وبعد داري وطول أملى واقتراب أجلى وقلة معرفتي فنعم المشتكى إليه
أنت يا رب، ومن شر الجن والإنس فسلمني، إلى من تكلني يا رب المستضعفين
إلى عدو ملكته أمري، أو إلى بعيد فيتجهمني؟
اللهم إني أسئلك خير المعيشة معيشة أقوى بها على جميع حاجاتي، وأتوصل
بها إليك في حياة الدنيا وفي آخرتي، من غير أن تترفني فيها فأطغى، أو تقترها على
فأشقى، وأوسع علي من حلال رزقك، وأفض على من حيث شئت من فضلك، وانشر
على من رحمتك، وأنزل علي من بركاتك، نعمة منك سابغة وعطاء غير ممنون، و
لا تشغلني عن شكر نعمتك علي باكثار منها تلهيني عجايب بهجته، وتفتنني زهرات
نضرته، ولا باقلال علي منها فيقصر بعملي كده، ويملأ صدري همه، وأعطني
3

من ذلك يا إلهي غنى عن شرار خلقك، وبلاغا أنال به رضوانك، وأعوذ بك يا إلهي
من شر الدنيا وشر أهلها، وشر ما فيها، ولا تجعل الدنيا لي سجنا، ولا فراقها على
حزنا، أجرني من فتنتها مرضيا عنى، مقبولا فيها عملي إلى دار الحيوان ومساكن
الأخيار وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية.
اللهم إني أعوذ بك من أزلها وزلزالها وسطوات سلطانها، ومن شر شياطينها
وبغي من بغى علي فيها، اللهم من كادني فصل على محمد وآله وكده، ومن أرادني
فصل على محمد وآله وأرده، وفل عنى حد من نصب لي حده وأطفأ عنى نار من
شب لي وقوده، واكفني هم من أدخل علي همه، وادفع عنى شر الحسدة، و
أعصمني من ذلك بالسكينة، وألبسني درعك الحصينة، واحبنني في سترك الواقي،
وأصلح لي حالي للم عيالي، وصدق مقالي بفعالي، وبارك لي في أهلي وولدي
ومالي.
اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم
بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآله واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني حلالا
طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث
شئت كما شئت.
فان أراد أن يصلي الست ركعات الثانية فليصل ركعتين ويقول بعدهما أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أن
الدين كما شرع، والاسلام كما وصف، والقول كما حدث، ذكر الله محمدا وآل محمد
بخير وحياهم بالسلام اللهم صل على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك.
اللهم أردد على جميع خلقك مظالمهم التي قبلي صغيرها وكبيرها في يسر منك
وعافية، وما لم تبلغه قوتي ولم تسعه ذات يدي ولم يقو عليه بدني فأده عني من
جزيل ما عندك من فضلك، حتى لا تخلف علي شيئا منه تنقصه من حسناتي يا أرحم
الراحمين، وصل على محمد وآل محمد المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل
4

بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، و
ارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا
ما شئت حيث شئت كما شئت.
زيادة، اللهم صل على محمد وآله، واستعلمني بطاعتك، وقنعني بما رزقتني
وبارك لي فيما أعطيتني، وأسبغ نعمك على، وهب لي شكرا ترضى به عنى، وحمدا
على ما ألهمتني، وأقبل بقلبي إلى ما يقربني إليك، واشغلني عما يباعدني عنك
وألهمني خوف عقابك، وازجرني عن المنى لمنازل المتقين بما يسخطك من العمل،
وهب لي الجد في طاعتك.
ثم تقوم فتصلي الركعتين الخامسة وتقول بعدهما: يا من أرجوه لكل خير، و
يا من آمن عقوبته عند كل عثرة، ويا من يعطي الكثير بالقليل، ويا من أعطى
الكثير بالقليل، ويا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة، ويا من أعطى من لم
يسأله ومن لم يعرفه ومن لم يؤمن به تفضلا منه، وكرما، صل على محمد وآل محمد،
وأعطني بمسألتي إياك من جميع خير الدنيا والآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت
وزدني من فضلك إني إليك راغب، وصل على محمد وأهل بيته الأوصياء المرضيين
بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم
وأجسادهم ورحمة الله وبركاته.
اللهم صل على محمد وآله، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني
حلالا طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت
حيث شئت كما شئت.
زيادة: اللهم صل على محمد وآله واجعل لي قلبا طاهرا، ولسانا صادقا، ونفسا
سامية إلى نعيم الجنة، واجعلني بالتوكل عليك عزيزا، وبما أتوقعه منك غنيا
وبما رزقتني قانعا راضيا، وعلى رجائك معتمدا، وإليك في حوائجي قاصدا، حتى
5

لا أعتمد إلا عليك، ولا أثق فيك إلا بك.
ثم تقوم فتصلى الركعتين السادسة وتقول بعدهما: اللهم إنك تعلم سريرتي
فصل على محمد وآل محمد، واقبل سيدي ومولاي معذرتي، وتعلم حاجتي فصل على
محمد وآله، وأعطني مسئلتي، وتعلم ما في نفسي فصل على محمد وآله واغفر لي ذنوبي
اللهم من أرادني بسوء فصل على محمد وآله واصرفه عني، واكفني كيد عدوي
فان عدوي عدو آل محمد، وعدو آل محمد عدو محمد، وعدو محمد عدوك، فأعطني سؤلي
يا مولاي في عدوي عاجلا غير آجل، يا معطى الرغايب، صل على محمد وآل محمد،
وأعطني فيما سألتك في عدوك يا ذا الجلال والاكرام.
يا إلهي إلها واحدا لا إله إلا أنت صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
وأرني الرخاء والسرور عاجلا غير آجل، وصل على محمد وأهل بيته المرضيين
بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم
وأجسادهم ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل لي من لدنك
فرجا ومخرجا، وارزقني حلالا طيبا واسعا مما شئت وأنى شئت وكيف شئت
فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت كما شئت.
زيادة: إلهي ظلمت نفسي، وعظم عليها اسرافي، وطال في معاصيك انهماكي،
وتكاثفت ذنوبي، وتظاهرت عيوبي، وطال بك اغتراري، ودام للشهوات اتباعي
فأنا الخائب إن لم ترحمني، وأنا الهالك إن لم تعف عنى، فصل على محمد وآل
محمد، واغفر لي وتجاوز عن سيئاتي، وأعطني سؤلي واكفني ما أهمنى ولا تكلني
إلى نفسي طرفة عين، فتعجز عنى، وأنقذني برحمتك من خطاياي، وأسعدني بسعة
رحمتك سيدي.
فإذا أراد أن يصلى الست الركعات الباقية فليقم وليصل ركعتين، فإذا سلم
بعدهما قال: اللهم أنت آنس الآنسين لأودائك، وأحضرهم لكفاية المتوكلين عليك
تشاهدهم في ضمائرهم، وتطلع على سرائرهم، وتحيط بمبالغ بصائرهم، وسري
لك اللهم مكشوف، وأنا إليك ملهوف، فإذا أوحشتني الغربة آنسني ذكرك، وإذا
6

كثرت على الهموم لجأت إلى الاستجارة بك علما بأن أزمة الأمور بيدك، ومصدرها
عن قضائك خاضعا لحكمك، اللهم إن عميت عن مسئلتك أو فههت عنها فلست ببدع
من ولايتك، ولا بوتر من أناتك.
اللهم إنك أمرت بدعائك وضمنت الإجابة لعبادك، ولن يخيب من فزع إليك
برغبته، وقصد إليك بحاجته، ولم ترجع يد طالبة صفرا من عطائك، ولا خالية من
نحل هباتك، وأي راحل أمك فلم يجدك قريبا، أو وافد وفد إليك فاقتطعته عوائق
الرد دونك، بل أي مستجير بفضلك لم ينل من فيض جودك، وأي مستنبط لمزيدك
أكدى دون استماحة عطيتك، اللهم وقد قصدت إليك بحاجتي، وقرعت باب فضلك
يد مسئلتي وناجاك بخشوع الاستكانة قلبي، وعلمت ما يحدث من طلبتي قبل أن
يخطر بفكري أو يقع في صدري، فصل على محمد وآله، وصل اللهم دعائي إياك
بإجابتي، واشفع مسئلتي إياك بنجح حوائجي يا أرحم الراحمين، وصل على
محمد وآله.
ثم تصلي ركعتين وتقول بعدهما: يا من أرجوه لكل خير وآمن سخطه عند كل
عثرة، يا من يعطى الكثير بالقليل، يا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة يا من
أعطى من لم يسأله ولم يعرفه تفضلا منه وكرما، صل على محمد وآل محمد، وأعطني
بمسئلتي إياك جميع سؤلي من جميع خير الدنيا والآخرة، فإنه غير منقوص ما أعطيت
واصرف عنى شر الدنيا والآخرة، ويا ذا المن ولا يمن عليك، يا ذا المن والجود
والطول والنعم صل على محمد وآل محمد وأعطني سؤلي، واكفني جميع المهم من أمر
الدنيا والآخرة.
ثم تصلي ركعتين وتقول بعدهما: يا ذا المن لا من عليك، يا ذا الطول لا إله
إلا أنت، يا أمان الخائفين، وظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، إن كان في أم
الكتاب عندك أنى شقى أو محروم أو مقتر على رزقي فامح من أم الكتاب شقائي
وحرماني وإقتار رزقي، واكتبني عندك سعيدا موفقا للخير موسعا على في رزقي
فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى الله عليه وآله " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده
7

أم الكتاب " وقلت " ورحمتي وسعت كل شئ " وأنا شئ فلتسعني رحمتك يا
أرحم الراحمين، اللهم صل على محمد وآله ومن على بالتوكل عليك والتسليم
لأمرك والرضا بقدرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت
يا رب العالمين (1).
توضيح
قال الجوهري: سفعته النار والسموم إذا أنفحته نفحا يسيرا فغيرت لون
البشرة، والسوافع لوافح السموم، وقال: الوأي الوعد " لكل ما خالطني من كل
خير " لعل المعنى في كل خير كما سيأتي في رواية أخرى وفي بعض النسخ " أردت
به ما ليس لك " ولعله أظهر، وكذا في المصباح الصغير أيضا " أنت أنت " أي أنت الغنى
المطلق المعروف بالجود والكرم، وأنا اللئيم الضعيف المحتاج إلى العفو والرحمة
" وهو عبدك " أي سبب الرحمة والعفو هو العبودية والافتقار والاضطرار، وهي
مشتركة بيني وبينه، بل أنا أحوج إلى ذلك منه.
وقال الجوهري يقال: فرج الله غمك تفريجا وكذلك أفرج الله غمك، و
الروعة الفزعة " وافسح لي " الفسحة السعة أي لا تعاجلني بالعقوبة، واجعل لي
سعة أنتظر فيها جميل صنعك وأتوسل إليه بالتوبة والإنابة " وجهي البالي " أي الذي
هو في معرض البلى والاندراس، والعفر بالتحريك التراب وعفره في التراب يعفره عفرا
وعفره تعفيرا أي مرغه ذكره الجوهري وقال: أبسلت فلانا إذا أسلمته للهلكة.
" غربتي وبعد داري " إذا قرأه غير الغريب يقصد غربته في الدنيا وبعده عن
دار القرار، فان المؤمن في الدنيا غريب، ووطنه الأصلي محال القدس، فلذا يطلبها
ويصرف همته إليها " إلى عدو " أي أتكلني إلى هذا العدو؟ والمراد الشيطان
وسلاطين الجور، وقال الجوهري: رجل جهم الوجه أي كالح الوجه، تقول منه جهمت
الرجل وتجهمته إذا كلحت في وجهه.
" سجنا " في بعض النسخ شجنا بالشين المعجمة وهو بالتحريك الحزن، والأزل

(1) مصباح المتهجد: 250، جمال الأسبوع: 384.
8

بالفتح الضيق، وزلزل الله الأرض زلزلة وزلزالا بالكسر فتزلزلت هي، والزلزال
بالفتح الاسم، والزلازل الشدايد ذكره الجوهري ويقال: فله فانفل أي كسره فانكسر
وحد كل شئ شباته وطرفه، وحد الرجل بأسه والوقود بالفتح الحطب، وبالضم
الاتقاد " واعصمني من ذلك " من شر الحسد " بسكينة القلب " بذكرك أو حال كوني
مع السكينة غير أشر ولا بطر، ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى الحسد، ودرع
الله الحصينة حفظه وحمايته " واجنني " أي استرني، وفي بعض النسخ واخبأني
بمعناه.
" للم عيالي " أي جمعهم وإصلاح أحوالهم، والضمير في " شرع ووصف وحدث "
راجع إلى الله أو إلى محمد صلى الله عليه وآله " وحياهم بالسلام " أي بأن يسلم عليهم أو يسلمهم
من الآفات " وازجرني عن المنى " أي من أن أتمنى الوصول إلى منازل المتقين بالاعمال
المبتدعة التي توجب سخط الله أو مع الاعمال السيئة الموجبة لذلك كما هو شأن أكثر
الناس من اتكالهم في ذلك على الأماني.
" ويا من آمن عقوبته " أي مع التوبة واحتمل العفو رجاء للرحمة " ويا من
أعطى الكثير بالقليل " هذا تأكيد والأول للمستقبل، والثاني للماضي. وفي بعض
النسخ في الثاني " بلا قليل " فيكون أبعد من التكرار، والفقرة الثانية ليست في منهاج
الصلاح.
" سامية " أي مرتفعة عالية والاسراف على النفس مجاوزة الحد في الضرر
عليها بالمعصية، والانهماك في الامر الجد والالحاح فيه " وتكاثفت ذنوبي " أي
أي غلظت واجتمع بعضها على بعض " وتظاهرت عيوبي " أي عاون بعضها بعضا " و
طال بك اغتراري " أي غفلتي منك أو جرأتي عليك أو انخداعي من إمهالك " وأحضرهم "
الضمير راجع إلى الآنسين وإرجاعه إلى الناس بعيد، والملهوف المظلوم يستغيث
" ومصدرها " أي مرجعها.
" خاضعا " في بعض النسخ خضعا، فيكون حالا عن الأمور، وكان الأنسب
خاضعة " أو فههت عنها " بكسر الهاء أي عييت " فلست ببدع " البدع بالكسر البديع كقوله
9

تعالى " ما كنت بدعا من الرسل " (1) أي إن عرض لي عمى وجهالة وعي عن سؤالك
وكيفية عرض الحاجة إليك وآدابه، فليس ولايتك وحبك ونصرنك لمثلي من
العاجزين أمرا مبتدعا ولا أناتك وحلمك عن مثلي أمرا غريبا بل كثيرا ما فعلت
ذلك بأمثالي.
و " الصفر " الخالي " عوائق الرد " أي الموانع الموجبة للرد " دونك " أي قبل
الوصول إليك، والاستنباط استخراج الماء، وقال الجوهري: الكدية الأرض الصلبة
وأكدى الحافر إذا بلغ الكدية، فلا يمكنه أن يحفر، وقال: المايح الذي ينزل
البئر فيملأ الدلو، واستمحته سألته العطاء، والسجال جمع السجل وهو الدلو إذا
كان فيه ماء.
واعلم أن الشيخ أورد الست الركعات الأخيرة بين الصلاتين وأورد الدعوات
من قوله اللهم أنت آنس الآنسين إلى آخر الأدعية نحوا مما مر بأدنى تغيير.
2 - جمال الأسبوع (2): روي في دعاء صلاة نوافل يوم الجمعة لمن يقدمها
قبل الزوال رواية يقارب هذه الرواية لكنها أخصر ألفاظا في الدعاء والابتهال، ونحن
نذكرها الان باسنادها وألفاظها كما وقفنا عليها بحيث إن كان وقت الانسان ضيقا
قبل زوال نهار يوم الجمعة عن الدعاء عقيب صلاة نافلته بالأدعية المشار إليها فيدعو
بين الركعات بهذه الأدعية المختصرات، فهذا كله أوردناه احتياطا لتحصيل العمل
بالعبادات، وهذه الرواية حدث أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمدي عن أبي
الحسين أحمد بن محمد بن سعيد الكاتب عن أبي العباس أحمد بن سعيد الهمداني ابن
عقدة، عن أحمد بن يحيى بن المنذر بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن عمرو بن
ثابت، عن أبي يحيى الصنعاني عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام أنه قال كان
أبي علي بن الحسين عليهما السلام يصلي يوم الجمعة عشرين ركعة يدعو بين كل ركعتين
بدعاء من هذه الأدعية، ويواظب عليه، فكان يصلي ركعتين فإذا سلم يقول:

(1) الأحقاف: 9.
(2) جمال الأسبوع: 384.
10

اللهم إني أسئلك بحرمة من عاذ بك ولجأ إلى عزك، واعتصم بحبلك، ولم
يثق إلا بك، يا وهاب العطايا، يا مطلق الأسارى، يا من سمى نفسه من جوده الوهاب
صل على محمد وآل محمد المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك،
والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على
محمد وآل محمد، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني حلالا طيبا سايغا
مما شئت وكيف شئت وأنى شئت، فإنه لا يكون إلا ما شئت حيث شئت.
ثم يقوم فيصلي ركعتين فإذا سلم قال: اللهم فكما عصيتك، واجترأت عليك
فاني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لما وأيت به على نفسي
ثم لم أف لك به، وأستغفرك للمعاصي التي قويت عليها بنعمتك، وأستغفرك لكل
ما خالطني في كل خير أردت به وجهك فأنت أنت وأنا أنا.
ثم يقوم فيصلي ركعتين فإذا سلم قال: اللهم إني أسئلك بما سألك ذو النون
إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن تقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك
إني كنت من الظالمين، ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك، وأنا أدعوك وأنا
عبدك، وسألك وأنا أسألك، ففرج عني يا رب كما فرجت عنه، وأدعوك اللهم
بما دعاك به أيوب إذ مسه الضر ففرجت عنه، فإنه دعاك وهو عبدك وأنا أدعوك وأنا عبدك
وسألك وأنا أسألك، ففرج عني يا رب كما فرجت عنه، وأدعوك بما دعاك به
يوسف إذ فرق بينه وبين أهله إذ هو في السجن، ففرجت عنه فإنه دعاك وهو عبدك
وأنا أدعوك وأنا عبدك، وسألك وأنا أسألك، أن تصلي على محمد وآل محمد بأفضل
صلواتك، وأن تبارك عليهم بأفضل بركاتك، وأن تفرج عني كما فرجت عن أنبيائك
ورسلك وعبادك الصالحين.
ثم تخر ساجدا وتقول في سجودك: سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم
الباقي الكريم، سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقه، وحق له أن يسجد، سجد
وجهي لمن خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين، سجد
وجهي الحقير الذليل لوجهك الكبير الجليل، سجد وجهي اللئيم لوجهك العزيز
11

الكريم.
ثم ترفع رأسك وتدعو بهذا الدعاء: اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل
النور في بصري، واليقين في قلبي، والنصيحة في صدري، وذكرك بالليل والنهار
على لساني، ومن طيب رزقك يا رب غير ممنون ولا محذور فارزقني، ومن مضلات
الفتن فأجرني، ولك يا رب في نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، وإليك
فحببني، وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني، وغضبك فلا تنزل بي، أشكو
إليك غربتي وبعد داري وطول أملي واقتراب أجلي وقلة حيلتي، فنعم المشتكى
إليه أنت ربي، ومن شر الجن والإنس فسلمني، إلى من تكلني يا رب إلى المستضعفين
لي أم إلى عدو ملكته أمري، أو إلى بعيد فيتجهمني؟
اللهم إني أسئلك خير المعيشة معيشة أقوى بها علي طاعتك، وأبلغ بها
جميع حاجاتي، وأتوصل بها إليك في الحياة الدنيا وفي الآخرة من غير أن تترفني
فيها فأطغى، أو تقترها على فأشقى، وأوسع على من حلال رزقك، وأفض على من
حيث شئت من فضلك، وانشر على من رحمتك، وأنزل على من بركاتك، نعمة منك
سابغة وعطاء غير ممنون، ولا تشغلني عن شكر نعمتك على باكثار منها تلهيني
عجايب بهجته، وتفتنني زهرات نضرته، ولا باقلال على منها يقصر بعملي كده
ويملؤ صدري همه، أعطني يا إلهي من ذلك غنى عن شرار خلقك، وبلاغا أنال به
رضوانك.
وأعوذ بك يا إلهي من شر الدنيا وشر أهلها وشر ما فيها، ولا تجعل الدنيا لي سجنا
ولا تجعل فراقها على حزنا، أخرجني من فتنتها واجعل عملي مقبولا وأوردني دار الحيوان
ومساكن الأخيار، وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية، اللهم إني أعوذ بك من
أزلها وزلزالها وسطوات سلطانها، ومن شر شياطينها وبغي من بغى فيها، إلهي من كادني
فصل على محمد وآل محمد [وكده ومن أرادني فصل على محمد وآل محمد] وأرده، وفل
عني حد من نصب لي حده وأطفأ عني نار من شب لي وقوده، واكفني هم من
أدخل على همه وادفع عني شر الحسدة، واعصمني من ذلك بالسكينة، وألبسني
12

درعك الحصينة، وأحيني في سترك وأصلح لي حالي، وصدق مقالي بفعالي، وبارك
لي في أهلي ومالي.
اللهم صل على محمد وآل محمد المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك على محمد و
آل محمد بأفضل بركاتك يا رب العالمين.
ثم تصلي ركعتين وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله، وأن الدين كما شرع، وأن الاسلام كما وصف، والقول كما
حدث، ذكر الله محمدا وآل محمد بخير، وحياهم بالسلام، اللهم صل على محمد وآل
محمد بأفضل صلواتك، اللهم واردد إلى جميع خلقك مظالمهم التي قبلي، صغيرها و
كبيرها في يسر منك وعافية، وما لم تبلغه قوتي ولم تسعه ذات يدي ولم يقو عليه
بدني فأده عنى من جزيل ما عندك من فضلك، حتى لا تخلف على شيئا تنقصه من
حسناتي يا أرحم الراحمين، وصل على محمد وأهل بيته المرضيين بأفضل صلواتك
وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.
ثم يصلي ركعتين ويقول: اللهم إنك تعلم سريرتي، فصل على محمد وآل محمد،
واقبل سيدي ومولاي معذرتي، وتعلم حاجتي فصل على محمد وآله واغفر لي ذنوبي
اللهم من أرادني بسوء فصل على محمد وآل محمد واصرفه عنى، واكفني كيد عدوى فان
عدوي عدو آل محمد، وعدو آل محمد عدو محمد وعدو محمد عدوك فأعطني سؤلي يا مولاي في عدوي
عاجلا غير آجل، يا معطى الرغايب صل على محمد وآل محمد، وأعطني رغبتي فيما
سألتك يا ذا الجلال والاكرام يا إلهي إلها واحدا لا إله إلا أنت صل على محمد و
آل محمد الطيبين الطاهرين، وأرني الرخاء والسرور عاجلا غير آجل يا رب
العالمين.
ويصلى ركعتين ويقول: اللهم إن قلبي يرجوك لسعة رحمتك، ونفسي خائفة
لشدة عقابك فوفقني لما يؤمنني مكرك، وعافني من سخطك، واجعلني من أولياء
طاعتك، وتفضل على برحمتك ومغفرتك، واسترني بسعة رحمتك وفضلك
وأغنني عن التردد إلى عبادك، وارحمني من خيبة الرد وسوء الحرمان، يا أرحم
13

الراحمين.
ويصلي ركعتين ثم يقول: اللهم عظم النور في قلبي، وصغر الدنيا في عيني
وأطلق لساني بذكرك، واحرس نفسي من الشهوات، واكفني طلب ما قدرته لي
عندك حتى أستغني عما في يد عبادك يا أرحم الراحمين.
ثم صل ركعتين وقل: اللهم أغنني باليقين، واكفني بالتوكل عليك، واكفني
روعات القلوب، وافتح لي في انتظار جميل الصنع، وافتح لي يا رب باب الرغبة
إليك والخشية منك والوجل من الذنوب، وحبب إلى الدعاء وصله لي بالإجابة يا
أرحم الراحمين.
اللهم لا تؤيسني من روحك، ولا تقنطني من رحمتك، ولا تؤمني مكرك،
فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الظالمون، ولا يقنط من رحمتك إلا القوم
الضالون، ولا يأمن مكرك إلا القوم الخاسرون، اللهم صل على محمد وآل محمد
وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، واجعلني من ورثة جنة نعيم، ولا تخزني
يوم يبعثون، يا من هو على كل شئ قدير.
قال: وكان صلوات الله عليه إذا فرغ من هذه الركعات المشروحة قام فصلى ركعتي
الزوال تتمة العشرين ركعة ثم ينهض منها إلى الفريضة (1).
بيان: لعله سقط من الرواة أو من النساخ الدعاء بعد الركعتين الخامسة
كما يظهر من أعداد الركعات، ومن الرجوع إلى الأدعية السابقة فينبغي للعامل
بهذه الرواية أن يقرأ عقيب التسليم الخامس ما في الرواية السالفة.
3 - جمال الأسبوع (2): باسنادي إلى الكليني عن علي بن محمد وغيره،
عن سهل بن زياد، عن البزنطي قال: قال أبو الحسن عليه السلام: الصلاة النافلة يوم الجمعة
ست ركعات بكرة، وست ركعات صدر النهار، وركعتان إذا زالت الشمس، ثم

(1) جمال الأسبوع: 393.
(2) جمال الأسبوع: 394.
14

صل الفريضة وصل بعدها ست ركعات (1).
وباسنادنا إلى الكليني عن جماعة، عن أحمد بن عيسى، عن الحسين
ابن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن علي بن عبد العزيز
عن مراد بن خارجة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أما أنا فإذا كان يوم الجمعة وكانت
الشمس من المشرق مقدارها ومن المغرب وقت صلاة العصر، صليت ست ركعات فإذا
انتفخ النهار صليت ستا فإذا زاغت أو زالت صليت ركعتين ثم صليت الظهر، ثم صليت
بعدها ستا (2) وقد روى هذين الحديثين جدي أبو جعفر الطوسي في كتاب تهذيب الأحكام
(3).
وباسنادنا إلى جدي السعيد أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه فيما رواه في
كتاب تهذيب الأحكام عن الحسين بن سعيد، عن يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح
عليه السلام قال: سألته عن التطوع في يوم الجمعة، فقال: إذا أردت أن تتطوع في
يوم الجمعة في غير سفر صليت ست ركعات ارتفاع النهار، وست ركعات قبل نصف
النهار، وركعتين إذا زالت الشمس قبل الجمعة، وست ركعات بعد الجمعة (4).
وقال السيد - ره - ومما ينبه على أن هذا الترتيب في النافلة في يوم الجمعة
يكون لمن كان له عذر في أول نهار الجمعة عن صلاة النافلة جميعها، إما لكثرة عباداته
أو مهماته، وما يكون أرجح من نافلته في ميزان مراقباته أو لغير ذلك من أعذار
العبد وضروراته أن الرواية التي يأتي ذكرها الان في ترتيب الأدعية فيها أن الدعاء
بينها يقوله مسترسلا كعادة المستعجل لضرورات الأزمان، ولان ألفاظ أدعيتها
مختصرات كأنه على قاعدة من يكون قد ضاق عليه حكم الأوقات.
فمن الرواية بذلك ما رويناه باسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله
عنه باسناده عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في

(1) راجع الكافي ج 3 ص 427.
(2) راجع الكافي ج 3 ص 428.
(3) التهذيب ج 1 ص 248.
(4) التهذيب ج 1 ص 248.
15

ترتيب نوافل الجمعة أن تصلي ست ركعات بعد طلوع الشمس، وستا قبل الزوال
تفصل ما بين كل ركعتين بالتسليم، وركعتين بعد الزوال وست ركعات بعد
الجمعة (1).
قال جدي أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه: والدعاء في دبر الركعات روى
جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في عمل الجمعة قال: تصلي ركعتين وتقول مسترسلا: اللهم
صل على محمد وآل محمد وأجرني من السيئات، واستعملني عملا بطاعتك، وارفع
درجتي برحمتك، وأعذني من نارك وسخطك، اللهم إن قلبي يرجوك لسعة رحمتك
ونفسي تخافك لشدة عقابك، فوفقني لما يؤمنني مكرك ويعافيني من سخطك، و
اجعلني من أوليائك، وتفضل علي بمغفرتك ورحمتك، واسترني بسعة فضلك من
التذلل لعبادك، وارحمني من خيبة الرد وسفع نار الحرمان، اللهم أنت خير مأتي
وأكرم مزور، وخير من طلبت إليه الحاجات، وأجود من أعطى وأرحم من استرحم
وأرأف من عفا وأعز من اعتمد، اللهم ولي إليك فاقة ولى عندك حاجات، ولك
عندي طلبات من ذنوب أنا بها مرتهن، قد أوقرت ظهري وأوبقتني، وإلا ترحمني
وتغفرها لي أكن من الخاسرين.
ثم تخر ساجدا وتقول: اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك، وأتشفع
إليك بمحمد عبدك ورسولك، وأتوسل إليك بملائكتك المقربين، وأنبيائك
المرسلين أن تقيلني عثرتي، وتستر على ذنوبي، وتغفرها لي، وتقلبني بقضاء حاجتي
ولا تعذبني بقبيح ما كان منى، يا أهل التقوى وأهل المغفرة يا بر يا كريم أنت أبر
بي من أبي وأمي ومن نفسي ومن الناس أجمعين، بي إليك فاقة وفقر وأنت غني
عنى، فصل على محمد وآل محمد واستجب دعائي وكف عنى أنواع البلاء، فان عفوك
وجودك يسعني.
ثم ترفع رأسك ثم تصلي ركعتين وتقول: اللهم صل على محمد وآله، واستعملني
بطاعتك وارفع درجتي وأعذني من نارك وسخطك، اللهم عظم النور في قلبي، وصغر

(1) مصباح المتهجد: 250 وتراه في السرائر: 471.
16

الدنيا في عيني، وأطلق لساني بذكرك، واحرس نفسي من الشهوات، واكفني
طلب ما قدرته لي عندك، حتى أستغني به عما في أيدي الناس.
ثم تصلي ركعتين وتقول: اللهم صل على محمد وأجرني من السيئات، واستعملني
عملا بطاعتك، وأرفع درجتي برحمتك، وأعذني من نارك وسخطك، اللهم أغنني
بالتقوى وأعزني بالتوكل، واكفني روعة القنوط، وافسح لي في انتظار جميل الصنع
وافتح لي باب الرحمة، وحبب إلى الدعاء، وصله منك بالإجابة.
ثم تصلي ركعتين وتقول: اللهم صل على محمد وآله، وأجرني من السيئات
واستعملني بطاعتك، وأرفع درجتي برحمتك، وأعذني من نارك وسخط اللهم
استعملني بما علمتني ومتعني بما رزقتني وبارك لي في نعمك على وهب لي شكرا
ترضي به عني وحمدا على ما ألهمتني، وأقبل بقلبي إلى ما يرضيك عني، وأشغلني
عما يباعدني منك، وألهمني خوف عقابك، وازجرني عن المنى لمنازل المتقين
بما يسخطك، وهب لي الجد في طاعتك يا أرحم الراحمين.
ثم تصلي ركعتين وتقول: اللهم صل على محمد وآل محمد وأجرني من السيئات،
واستعملني عملا بطاعتك، وأرفع درجتي برحمتك وأعذني من نارك وسخطك اللهم
صل على محمد وآله واجعل لي قلبا طاهرا ولسانا صادقا ونفسا سامية إلى تعيم الجنة
واجعلني بالتوكل عليك عزيزا، وبما أتوقعه منك غنيا، وبما رزقتنيه قانعا راضيا
وعلى رجائك معتمدا، وإليك في حوائجي قاصدا حتى لا أعتمد إلا عليك، ولا
أثق فيها إلا بك.
ثم تصلي ركعتين وتقول: اللهم صل على محمد وآل محمد، وأجرني من السيئات
واستعملني عملا بطاعتك، وأرفع درجتي برحمتك، وأعذني من نارك وسخطك، اللهم
ظلمت نفسي وعظم عليها إسرافي، وطال في معاصيك انهماكي، وتكاثفت ذنوبي، و
تظاهرت عيوبي، وطال بك اغتراري، وتظاهرت سيأتي، ودام للشهوات اتباعي
فأنا الخائب إن لم ترحمني، وأنا الهالك إن لم تعف عني فاغفر لي ذنوبي، وتجاوز
عن سيئاتي، وأعطني سؤلي، واكفني ما أهمني، ولا تكلني إلى نفسي فتعجز عني
17

وأنقذني برحمتك من خطاياي سيدي.
وأما وقت ركعتي الزوال فقد روى أنه قبل أن تزول الشمس من يوم الجمعة،
وروى بعد زوالها والأول أظهر (1).
وأما التعقيب بعدهما فمن ذلك ما رواه أبو المفضل الشيباني عن أحمد بن زياد
عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول
من قال بعد الركعتين قبل الفريضة يوم الجمعة " سبحان ربي وبحمده وأستغفر ربي
وأتوب إليه " مائة مرة بنى الله تعالى له مسكنا في الجنة.
ومن ذلك ما حدث به هارون بن موسى - ره - عن محمد بن الحسن بن الوليد
عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن
عيسى بن عبد الله القمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا فرغ
من صلاة الزوال قال: اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك وأتقرب إليك بمحمد
عبدك ورسولك، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، اللهم بك
الغنى عني وبي الفاقة إليك، أنت الغنى وأنا الفقير إليك، أقلتني عثرتي وسترت
علي ذنوبي، فاقض اليوم حاجتي، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم مني، فان عفوك و
جودك يسعني.
ثم يخر ساجدا ويقول: يا أهل التقوى وأهل المغفرة، يا بر يا رحيم، أنت
أبر بي من أبي وأمي ومن جميع الخلايق، اقلبني بقضاء حاجتي، مجابا دعوتي
مرحوما صوتي، قد كشفت أنواع البلاء عني.
أقول: في كتاب الاستدراك ذكر الدعاء بعد ركعتي الزوال إلى قوله: " فان
عفوك وجودك يسعني " رجعنا إلى رواية السيد.
ومن ذلك ما أرويه باسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي قال رضي الله عنه: وروي عنه
يعنى جعفر بن محمد عليهما السلام عقيب الركعتين إلا أنه قال قبل الزوال: اللهم إني أتقرب
إليك بجودك وكرمك، وأتشفع إليك بمحمد عبدك، ورسولك وأسألك أن تصلي

(1) جمال الأسبوع: 400.
18

على محمد عبدك ورسولك، وأسألك أن تصلي على ملائكتك المقربين، وأن تقيلني
عثرتي، وتستر على ذنوبي، وتغفرها لي، وتقضي اليوم حاجتي، ولا تعذبني بقبيح
عملي، فان عفوك وجودك يسعني.
ثم تسجد وتقول: يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة أنت خير لي من أبي وأمي
ومن الناس أجمعين، وبي إليك حاجة وفقر وفاقة فأنت غني عن عذابي أسألك
أن تقيلني عثرتي، وأن تقلبني بقضاء حاجتي، وتستجيب لي دعائي، وترحم صوتي
وتكف أنواع البلاء عني برحمتك يا أرحم الراحمين.
وقل: " أستجير بالله من النار " سبعين مرة فإذا رفعت رأسك من السجود فقل
يا شارعا لملائكته دين القيمة دينا، ويا راضيا به منهم لنفسه، ويا خالقا من سوى
الملائكة من خلقه للابتلاء بدينه، ويا مستخصا من خلقه لدينه رسلا إلى من دونهم
ومجازي أهل الدين بما عملوا في الدين، اجعلني بحق اسمك الذي فيه تفصيل
الأمور كلها من أهل دينك المؤثرين له بالزامكهم حقه وتفريغك قلوبهم للرغبة في
أداء حقك إليك، لا تجعل بحق اسمك الذي فيه تفصيل الأمور وتفسيرها شيئا سوى
دينك عندي أثيرا ولا إلى أشد تحببا ولا بي لاصقا ولا أنا إليه أشد انقطاعا منه،
وأغلب بالي وهواي وسريرتي وعلانيتي بأخذك بناصيتي إلى طاعتك ورضاك
في الدين.
أقول: فقد روي لنا بعدة طرق أن من قال ذلك تقبل الله جل جلاله منه
النوافل والفرائض وعصمه فيها من العجب وحبب إليه طاعته.
ذكر تعقيب لركعتي الزوال إلا أن الرواية فيه تضمنت أن ذلك يكون
بعد الزوال.
أقول: ولعل الرواية في تأخير ركعتي الزوال إلى بعد زوال الشمس لمن
كان له عذر عن تقديمها قبل الزوال، وهو ما رويته باسنادي إلى جدي أبي جعفر
الطوسي رضي الله عنه قال روي عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: كان علي بن الحسين
عليهما السلام إذا زالت الشمس صلي ثم. دعا ثم صلي على النبي صلى الله عليه وآله فقال: اللهم
19

صل على محمد شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعدن العلم،
وأهل بيت الوحي، اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة
يأمن من ركبها ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق، واللازم
لهم لاحق، اللهم صل على محمد الكهف الحصين، وغياث المضطرين، وملجأ الهاربين
ومنجي الخائفين، وعصمة المعتصمين، اللهم صل على محمد وآل محمد، صلاة كثيرة
تكون لهم رضا، ولحق محمد وآل محمد أداء وقضاء بحول منك وقوة يا رب
العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد الذين أوجبت حقهم ومودتهم، وفرضت طاعتهم
وولايتهم، اللهم صل على محمد وآل محمد، واعمر قلبي بطاعتك، ولا تخزه بمعصيتك
وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك مما وسعت علي من فضلك، ونشرت
على من عدلك، الحمد لله على كل نعمة، وأستغفر الله من كل ذنب، ولا حول ولا
قوة إلا بالله من كل هول.
قال السيد - رحمة الله عليه - قد جعلنا هذه الرواية بتعقيب ركعتي الزوال
في آخر الروايات، ليكون التعقيب بها في الساعة الأولى التي تختص بإجابة
الدعوات (1).
بيان: روى الشيخ - ره - في المتهجد (2) برواية أبي بصير عن حماد كما
رواه السيد عنه ورواية جابر مع الأدعية إلى قوله من خطاياي سيدي، ثم قال:
ثم تصلي ركعتي الزوال وتقول بعدهما " سبحان ربي وبحمده أستغفر الله ربي و
أتوب إليه " مائة مرة، ثم قال: وروى عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال كان علي
ابن الحسين عليهما السلام إذا زالت الشمس صلى ودعا ثم صلى على النبي صلى الله عليه وآله فقال:
اللهم صل على محمد وآل محمد، شجرة النبوة إلى آخره، ولا يظهر منه اختصاص
بالنافلة ولا بيوم الجمعة، ولعله كان في الرواية ما يدل عليهما فأسقطه اختصارا و

(1) جمال الأسبوع: 407.
(2) مصباح المتهجد: 250.
20

كذا قوله: " يا شارعا لملائكته " أورده بعد سجود الشكر بعد نافلة الزوال وهو من
أدعية السر، وليس في روايته اختصاص بهذا الموضع كما عرفت في أبواب
التعقيب.
" وانتفاخ النهار " ارتفاع الضحى و " قيام الشمس " قريب من الزوال، قال
في القاموس: النفخ ارتفاع الضحى، والترديد في زاغت أو زالت من أحد الرواة أو
هما بمعنى.
وأما استدلال السيد بلفظ الاسترسال على الاستعجال، فلا دلالة فيه عليه، مع
أن في أكثر النسخ التي عندنا مترسلا والترسل التأني والتؤدة قال في القاموس:
الرسل بالكسر الرفق والتؤدة كالرسلة والترسل والترسيل في القراءة الترتيل، و
استرسل أي قال: أرسل الإبل إرسالا، وإليه انبسط واستأنس، وترسل في
قراءته اتأد.
" الفلك الجارية " إشارة إلى قوله صلى الله عليه وآله مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من
ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ولجة الماء معظمه، والغمر الماء الكثير، وقد
غمره الماء يغمره أي علاه، والغمرة الزحمة من الناس والماء، وركوبها كناية عن
اتباعهم وولايتهم، والمارق الخارج من الدين من قولهم مرق السهم من
الرمية أي خرج من الجانب الآخر، وبه سميت الخوارج مارقة والزاهق الباطل
المضمحل.
4 - مجالس الشيخ: عن جماعة، عن أبي المفضل، عن حميد، عن القاسم
ابن إسماعيل، عن زريق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبو عبد الله عليه السلام ربما يقدم
عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار، فإذا كان عند زوال الشمس أذن وجلس جلسة
ثم قام وصلى الظهر، وكان لا يرى صلاة عند الزوال يوم الجمعة إلا الفريضة، ولا
يقدم صلاة بين يدي الفريضة إذا زالت الشمس، وكان يقول: هي أول صلاة فرضها الله
على العباد صلاة الظهر يوم الجمعة مع الزوال.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل صلاة، أول وآخر لعلة تشغل سوى صلاة الجمعة
21

وصلاة المغرب وصلاة الفجر وصلاة العيدين فإنه لا يقدم بين يدي ذلك نافلة.
قال: وربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات إذا ارتفع النهار، وبعد ذلك
ست ركعات اخر، وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذن وصلى ركعتين
فلا يفرغ إلا. مع الزوال، ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر، ويصلي بعد الظهر أربع
ركعات ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي العصر (1).
ومنه: بالاسناد المقدم عن زريق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طلع الفجر
فلا نافلة، وإذا زالت الشمس يوم الجمعة فلا نافلة، وذلك أن يوم الجمعة يوم
ضيق، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يتجهزون للجمعة يوم الخميس لضيق
الوقت (2).
بيان: الاذان للعصر في يوم الجمعة المذكور في الرواية الأولى خلاف المشهور
وقد تقدم القول فيه، وكذا تقديم الاذان على الزوال وعلى الركعتين مخالف لساير
الاخبار، ويمكن حمل الركود على أول الزوال وساير ذلك على بيان الجواز أو على ما
إذا لم يصل الجمعة.
5 - المقنع: إن استطعت أن تصلي يوم الجمعة إذا طلعت الشمس ست ركعات
وإذا انبسطت ست ركعات، وقبل المكتوبة ركعتين، وبعد المكتوبة ست ركعات
فافعل وإن قدمت نوافلك كلها يوم الجمعة قبل الزوال أو أخرتها بعد المكتوبة فهي
ست عشر ركعة وتأخيرها أفضل من تقديمها في رواية زرارة بن أعين وفي رواية أبي
بصير تقديمها أفضل من تأخيرها (3).
بيان: حمل الشيخ أخبار التقديم على التقديم على الزوال، وأخبار التأخير
على أن بعد الزوال يبدء بالفريضة ويؤخر النوافل، وهو حسن، ويشهد له
بعض الأخبار.

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 306.
(2) أمالي الطوسي ج 2 ص 307.
(3) المقنع: 45.
22

6 - قرب الإسناد: عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر، عن
أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الزوال يوم الجمعة ما حده؟ قال: إذا قامت الشمس
صل الركعتين، فإذا زالت الشمس فصل الفريضة وإذا زالت الشمس قبل أن تصلي
الركعتين فلا تصلهما وابدء بالفريضة واقض الركعتين بعد الفريضة (1).
قال: وسألته عن ركعتي الزوال يوم الجمعة قبل الاذان أو بعده؟ قال:
قبل الاذان (2).
7 - السرائر: نقلا عن جامع البزنطي صاحب الرضا عنه عليه السلام مثله في السؤالين
معا إلا أنه زاد بعد قوله فصل الفريضة قوله ساعة تزول (3).
8 - قرب الإسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البزنطي قال: كان
أبي يغتسل يوم الجمعة عند الزوال، وقال في النوافل يوم الجمعة ست ركعات بكرة
وست ركعات ضحوة، وركعتين إذا زالت الشمس وست ركعات بعد الجمعة (4).
9 - العلل والعيون: عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، عن علي بن محمد
ابن قتيبة عن الفضل بن شاذان فيما رواه من العلل عن الرضا عليه السلام قال: فان قال فلم
زيد في صلاة الستة يوم الجمعة أربع ركعات؟ قيل تعظيما لذلك اليوم، وتفرقة بينه
وبين ساير الأيام (5).
10 - فقه الرضا عليه السلام: لا تصل يوم الجمعة بعد الزوال غير الفرضين، و
النوافل قبلهما أو بعدهما، وفي نوافل يوم الجمعة زيادة أربع ركعات تتمها عشرين
ركعة يجوز تقديمها في صدر النهار وتأخيرها إلى بعد صلاة العصر، فان استطعت أن تصلي

(1) قرب الإسناد: 98 ط حجر.
(2) قرب الإسناد: 98 ط حجر.
(3) السرائر: 469.
(4) قرب الإسناد: 79 ط حجر.
(5) علل الشرايع ج 1: 253، عيون الأخبار ج 2 ص 112.
23

يوم الجمعة إذا طلعت الشمس ست ركعات، وإذا انبسطت ست ركعات وقبل المكتوبة
ركعتين وبعد المكتوبة ست ركعات، فافعل، وإن صليت نوافلك كلها يوم الجمعة قبل
الزوال أو أخرتها بعد المكتوبة أجزأك وهي ست عشر ركعة وتأخيرها أفضل من تقديمها
وإذا زالت الشمس في يوم الجمعة فلا تصلي إلا المكتوبة.
11 - السرائر: نقلا من جامع البزنطي، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان
ابن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أيما أفضل أقدم الركعتين يوم الجمعة
أو أصليهما بعد الفريضة؟ قال: تصليهما بعد الفريضة (1).
وذكر أيضا عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الركعتين اللتين
قبل الزوال يوم الجمعة، قال أما أنا فإذا زالت الشمس بدأت بالفريضة (2)
ومنه: عن البزنطي أيضا عن عبد الله بن عجلان قال: قال أبو جعفر
عليه السلام: إذا كنت شاكا في الزوال فصل ركعتين، فإذا استيقنت أنها قد زالت بدأت
بالفريضة (3).
ومنه: نقلا من كتاب حريز قال: قال أبو بصير: قال أبو جعفر عليه السلام: إن
قدرت أن تصلي يوم الجمعة عشرين ركعة فافعل، ستا بعد طلوع الشمس، وستا قبل
الزوال إذا تعالت الشمس، وافصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم، وركعتين
قبل الزوال، وست ركعات بعد الجمعة (4).
بيان: اعلم أن الاخبار في عدد نوافل الجمعة وأوقاتها وكيفية تفريقها مختلفة
اختلافا كثيرا فالمشهور أن عددها عشرون ركعة زيادة عن كل يوم بأربع ركعات، و
قد وقع الخلاف في مواضع.
الأول: ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف وجماعة من المتأخرين
إلى استحباب تقديم نوافل الجمعة كلها على الفريضة، بأن يصلي ستا عند انبساط

(1) السرائر: 465.
(2) السرائر: 465.
(3) السرائر 465.
(4) السرائر: 471.
24

الشمس، وستا عند ارتفاعها، وستا قبل الزوال، وركعتين بعد الزوال، والظاهر
من كلام السيد وابن أبي عقيل وابن الجنيد استحباب ست منها بين الظهرين، ونقل
عن الصدوق استحباب تأخير الجميع، وكلامه في المقنع غير دال على ذلك، فإنه
نقل روايتين ولم يرجح أحدهما، والظاهر أنه مخير بين تقديم الجميع أو تأخير
ست منها إلى بين الصلاتين، وأكثر الأصحاب على الأول، وأكثر الاخبار على
الثاني.
وفي صحيحة سعد بن سعد (1) عن الرضا عليه السلام ست ركعات بكرة، وست بعد ذلك
وست ركعات بعد ذلك، وركعتان بعد الزوال، وركعتان بعد العصر، فهذه ثنتان و
عشرون ركعة، قال في المعتبر: وهذه الرواية انفردت بزيادة ركعتين وهي نادرة
ويظهر من رواية سعيد الأعرج (2) أنها ست عشرة سواء فرق أو جمع، فإذا جمع
فبين الصلاتين وإذا فرق فست في صدر النهار، وست نصف النهار، وأربع بين
الصلاتين.
قال في الذكرى: تزيد النافلة يوم الجمعة أربعا في المشهور ويجوز تقديمها
بأسرها على الزوال لرواية علي بن يقطين (3) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن
النافلة التي تصلى يوم الجمعة قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال: قبل الجمعة وروى
سعد بن سعد عن الرضا عليه السلام ست ركعات بكرة، وستا بعد ذلك وستا بعد ذلك،
وركعتان بعد الزوال، وركعتان بعد العصر، فهذه اثنتان وعشرون ركعة.
وبهذا الترتيب عمل المفيد في الأركان والمقنعة، وعبارة الأصحاب مختلفة
بحسب اختلاف الرواية، فقال المفيد لا بأس بتأخيرها إلى بعد العصر وقال الشيخ
يجوز تأخير جميع النوافل إلى بعد العصر، والأفضل التقديم، قال: ولو زالت ولم

(1) التهذيب ج 1 ص 323، مصباح المتهجد: 243.
(2) التهذيب ج 1 ص 323، الاستبصار ج 1 ص 207.
(3) التهذيب ج 1 ص 248.
25

يكن صلى منها شيئا أخرها إلى بعد العصر، وقال ابن أبي عقيل يصلي إذا
تعالت الشمس ما بينها وبين الزوال أربع عشر ركعة وبين الفرضين ستا، كذلك فعله
رسول الله صلى الله عليه وآله، فان خاف الامام بالتنفل تأخير العصر عن
وقت الظهر في ساير الأيام صلى العصر بعد الفراغ من الجمعة، وتنفل بعدها ست
ركعات كما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان ربما يجمع بين صلاة الجمعة
والعصر.
وابن الجنيد ست ضحوة وست ما بينهما وبين انتصاف النهار وركعتا الزوال
وثمان بعد الفرضين، وقد روى سليمان بن خالد (1) عن أبي عبد الله عليه السلام النافلة
يوم الجمعة ست ركعات قبل زوال الشمس، وركعتان عند زوالها، وبعد الفريضة
ثماني ركعات.
وقال الجعفي ست عند طلوع الشمس وست قبل الزوال إذا تعالت الشمس
وركعتان قبل الزوال وست بعد الظهر، ويجوز تأخيرها إلى بعد العصر وابنا بابويه
ست عند طلوع الشمس وست عند انبساطها، وقبل المكتوبة ركعتان، وبعدها بست
وإن قدمت كلها قبل الزوال أو أخرت إلى بعد المكتوبة فهي ست عشرة وتأخيرها
أفضل من تقديمها انتهى.
الثاني: أن المشهور أن ابتداء الست الأولى عند انبساط الشمس، والثانية
عند ارتفاعها، ويظهر من كلام ابن أبي عقيل وابن الجنيد أنه يصلي الست الأولى
عند ارتفاعها وقال ابنا بابويه عند طلوع الشمس.
الثالث: الركعتان ذكر جماعة أنه يصليهما بعد الزوال وجعلهما ابن أبي عقيل
مقدمة على الزوال، وظاهر أكثر الاخبار أنه يصليهما في الوقت المشتبه كما ذكره
المفيد في المقنعة وهو أولى وأحوط، قال في الذكرى: المشهور صلاة ركعتين عند
الزوال يستظهر بهما في تحقق الزوال قاله الأصحاب.
الرابع: المشهور أن عدد النوافل عشرون، وقال ابن الجنيد والمفيد اثنتان

(1) التهذيب ج 1 ص 248.
26

وعشرون، وقال ابنا بابويه: زيادة الأربع ركعات للتفريق، فان قدمتها أو أخرتها
أو جمعت بينها فهي ست عشرة ركعة كساير الأيام كما في فقه الرضا عليه السلام، ولا بأس
بالعمل به، وفي عدد الركعات وكيفيتها الظاهر جواز العمل بكل من الأخبار الواردة
فيها.
27

6 - (باب)
* " (صلاة الحوائج والأدعية لها يوم الجمعة) " *
1 - البلد الأمين والمتهجد وغيرهما: روى محمد بن مسلم الثقفي قال:
سمعته يقول: يعني أبا جعفر الباقر عليه السلام - ما يمنع أحدكم إذا أصابه شئ من غم الدنيا
أن يصلي يوم الجمعة ركعتين ويحمد الله تعالى ويثني عليه ويصلي على محمد وآله و
يمد يده ويقول:
اللهم إني أسئلك بأنك ملك وأنك على كل شئ قدير مقتدر وأنك ما
تشاء من أمر يكون وما شاء الله من شئ يكون وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة
محمد صلى الله عليه وآله يا رسول الله إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك لينجح بك طلبتي ويقضي
بك حاجتي، اللهم صل على محمد وآل محمد وأنجح طلبتي واقض حاجتي بتوجهي
إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله.
اللهم من أرادني من خلقك ببغي أو عنت أو سوء أو مساءة أو كيد من جنى أو
إنسي من قريب أو بعيد صغير أو كبير فصل على محمد وآل محمد، وأحرج صدره وأفحم
لسانه وقصر يده واسدد بصره وادفع في نحره وأقمع رأسه وأوهن كيده وأمته بدائه
وغيظه، واجعل له شاغلا من نفسه، واكفنيه بحولك وقوتك وعزتك وعظمتك
وقدرتك وسلطانك ومنعتك، عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك ولا حول ولا قوة
إلا بك يا الله إنك على كل شئ قدير.
اللهم صل على محمد وآل محمد والمح من أرادني بسوء منك لمحة توهن بها كيده
وتغلب بها مكره، وتضعف بها قوته، وتكسر بها حدته، وترد بها كيده في نحره
يا ربي ورب كل شئ.
28

وتقول ثلاث مرات: اللهم إني أستكفيك ظلم من لم تعظه المواعظ ولم تمنعه
مني المصائب ولا الغير اللهم صل على محمد وآل محمد واشغله عني بشغل شاغل في
نفسه وجميع ما يعانيه إنك على كل شئ قدير، اللهم إني بك أعوذ وبك ألوذ وبك
أستجير من شر فلان - وتسميه فإنك تكفاه إنشاء الله وبه الثقة (1).
بيان: وأمته بدائه أي لا يشفى غيظه مني حتى يموت أو يصير سببا لموته
وقال الجوهري لمحه وألمحه إذا أبصره بنظر خفيف والاسم اللمحة وفي النهاية في
حديث الاستسقاء من يكفر الله يلقى الغير أي تغير الحال وانتقالها عن الصلاح إلى
الفساد والغير الاسم من قولك غيرت الشئ فتغير وفي النهاية معاناة الشئ ملابسته و
مباشرته والقوم يعانون مالهم أي يقومون عليه.
2 - المتهجد (2) وغيره صلاة أخرى للحاجة روى عاصم بن حميد قال: قال
أبو عبد الله عليه السلام: إذا حضرت أحدكم الحاجة فليصم يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم
الجمعة فإذا كان يوم الجمعة اغتسل ولبس ثوبا نظيفا ثم يصعد إلى أعلى موضع في
داره فيصلي ركعتين ثم يمد يده إلى السماء ويقول: اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي
بوحدانيتك وصمدانيتك، وأنه لا قادر على قضاء حاجتي غيرك، وقد علمت يا
رب أنه كلما شاهدت نعمك علي اشتدت فاقتي إليك، وقد طرقني يا رب من مهم
أمري ما قد عرفته قبل معرفتي لأنك عالم غير معلم فأسئلك بالاسم الذي وضعته على
السماوات، فانشقت، وعلى الأرضين فانبسطت، وعلى النجوم فانتثرت، وعلى
الجبال فاستقرت، وأسئلك بالاسم الذي جعلته عند محمد وعلي وعند الحسن والحسين
وعند الأئمة كلهم صلوات الله عليهم أجمعين أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقضي
لي يا رب حاجتي وتيسر لي عسيرها، وتكفيني مهمها، وتفتح لي قفلها، فان فعلت
ذلك فلك الحمد، وإن لم تفعل فلك الحمد غير جائر في حكمك، ولا متهم في قضائك
ولا حائف في عدلك.

(1) البلد الأمين: 151، مصباح المتهجد: 225.
(2) مصباح المتهجد: 226.
29

ثم تبسط خدك الأيمن على الأرض، وتقول: اللهم إن يونس بن متى عبدك
ونبيك دعاك في بطن الحوت بدعائي هذا فاستجبت له، وأنا أدعوك فاستجب لي بحق
محمد وآل محمد عليك.
ثم تقول: اللهم إني أسئلك حسن الظن بك، والصدق في التوكل عليك،
وأعوذ بك أن تبتليني ببينة تحملني ضرورتها على ركوب معاصيك، وأعوذ بك من
أن أقول قولا ألتمس به سواك، وأعوذ بك أن تجعلني عظة لغيري، وأعوذ بك أن
يكون أحد أسعد بما آتيتني مني، وأعوذ بك أن أتكلف طلب ما لم تقسم لي، و
ما قسمت لي من قسم أو رزقتني من رزق فأتني به في يسر منك وعافية حلالا طيبا،
وأعوذ بك من كل شئ يزحزح بيني وبينك، أو يباعد بيني وبينك، أو يصرف
بوجهك الكريم عنى.
وأعوذ بك أن تحول خطيئتي وظلمي وجوري واتباع (1) هواي، واستعجال (2)
شهوتي دون مغفرتك ورضوانك وثوابك ونائلك وبركاتك ووعدك الحسن الجميل
على نفسك يا جواد يا كريم.
اللهم إني أتقرب إليك بنبيك وصفيك وحبيبك وأمينك ورسولك وخيرتك
من خلقك الذاب عن حريم المؤمنين، القائم بحجتك المطيع لأمرك المبلغ لرسالتك
الناصح لامته حتى أتاه اليقين، إمام الخير وقائد الخير، وخاتم النبيين وسيد
المرسلين، وإمام المتقين وحجتك على العالمين، الداعي إلى صراطك المستقيم الذي
بصرته سبيلك، وأوضحت له حجتك وبرهانك، ومهدت له أرضك وألزمته حق
معرفتك، وعرجت به إلى سماواتك، فصلى بجميع ملائكتك، وغيبته في حجبك
فنظر إلى نورك ورآى آياتك، وكان منك كقاب قوسين أو أدنى فأوحيت إليه بما
أوحيت، وناجيته بما ناجيت، وأنزلت عليه بوحيك (3) طاوس الملائكة الروح

(1) اتباعي خ ل.
(2) استمهال خ ل.
(3) أنزلت وحيك على طاوس خ ل. أنزلت عليه وحيك على لسان طاوس خ.
30

الأمين رسولك يا رب العالمين فأظهر الدين لأوليائك المتقين، فأدى حقك، و
فعل ما أمرت به في كتابك بقولك " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك و
إن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " ففعل صلى الله عليه وآله وبلغ رسالاتك (1)
وأوضح حجتك فصل اللهم عليه أفضل ما صليت على أحد من خلقك أجمعين، و
اغفر لي وارحمني وتجاوز عنى، وارزقني وتوفني على ملته، واحشرني في زمرته
واجعلني من جيرانه في جنتك إنك جواد كريم.
اللهم وأتقرب إليك بوليك وخيرتك من خلقك، ووصى نبيك مولاي
ومولى المؤمنين والمؤمنات، قسيم النار، وقائد الأبرار، وقاتل الكفرة والفجرة
ووارث الأنبياء، وسيد الأوصياء، والمؤدي عن نبيه، والموفي بعهده، والذائد
عن حوضه، المطيع لأمرك، عينك في بلادك وحجتك على عبادك، زوج البتول سيدة نساء
العالمين، ووالد السبطين الحسن والحسين ريحانتي رسولك، وشنفى عرشك، و
سيدي شباب أهل الجنة، مغسل جسد رسولك وحبيبك الطيب الطاهر، وملحده
في قبره.
اللهم فبحقه عليك وبحق محبيه من أهل السماوات والأرض، اغفر لي و
لوالدي وأهلي وولدي وقرابتي وخاصتي وعامتي وجميع إخواني المؤمنين و
المؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات، وسق إلي رزقا واسعا
من عندك تسد به فاقتي وتلم به شعثي وتغني به فقري، يا خير المسؤولين، ويا خير
الرازقين، وارزقني خير الدنيا والآخرة يا قريب يا مجيب.
اللهم وإني أتقرب إليك بالولي البار التقى الطيب الزكي الإمام ابن الإمام
السيد بن السيد الحسن بن علي وأتقرب إليك بالقتيل المسلوب المظلوم قتيل
كربلاء الحسين بن علي، وأتقرب إليك بسيد العابدين وقرة عين الصالحين علي
ابن الحسين، وأتقرب إليك بباقر العلم صاحب الحكمة والبيان ووارث من كان

(1) رسالتك خ، رسالته خ.
31

قبله محمد بن علي، وأتقرب إليك بالصادق الخير (1) الفاضل جعفر بن محمد وأتقرب
إليك بالكريم الشهيد الهادي المولى (2) موسى بن جعفر، وأتقرب إليك بالشهيد
الغريب المدفون بطوس علي بن موسى وأتقرب إليك بالزكي التقي محمد بن علي و
أتقرب إليك بالطهر الطاهر النقي علي بن محمد، وأتقرب إليك بوليك الحسن بن
علي، وأتقرب إليك بالبقية الباقي المقيم بين أوليائه الذي رضيته لنفسك الطيب
الطاهر الفاضل الخير نور الأرض وعمادها، ورجاء هذه الأمة وسيدها (3) الامر
بالمعروف والناهي عن المنكر، الناصح الأمين المؤدي عن النبيين، وخاتم الأوصياء
النجباء الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين.
اللهم بهؤلاء أتوسل إليك بهم وأتقرب إليك وبهم اقسم عليك فبحقهم عليك
إلا غفرت لي (4) ورحمتني ورزقتني رزقا واسعا تغنيني به عمن سواك.
يا عدتي عند كربتي يا صاحبي عند شدتي، يا وليي عند نعمتي، يا عصمة
الخائف المستجير يا رازق الطفل الصغير، يا مغنى البائس الفقير، يا مغيث الملهوف
الضرير، يا مطلق المكبل الأسير، ويا جابر العظم الكسير، يا مخلص المكروب
المسجون، أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني رزقا واسعا تلم به
شعثي، وتجبر به فاقتي، وتستر به عورتي، وتغني به فقري، وتقضى به ديني،
وتقر به عيني، يا خير من سئل ويا أوسع من جاد وأعطى، ويا أرأف من ملك،
ويا أقرب من دعي، ويا أرحم من استرحم، أدعوك لهم لا يفرجه إلا أنت، ولكرب
لا يكشفه غيرك، ولهم لا ينفسه سواك، ولرغبة لا تنال إلا منك، اللهم إني أسئلك
بحق من حقك عليهم عظيم، وبحق من حقهم عليك عظيم، أن تصلي على محمد وآله
وأن ترزقني العمل بما علمتني من معرفة حقك، وأن تبسط علي ما حظرت من

(1) الحبر خ ل.
(2) الولي خ ل.
(3) سندها خ ل.
(4) أن تغفر لي وترحمني وترزقني خ ل.
32

رزقك يا قريب يا مجيب يا أرحم الراحمين (1).
3 - جمال الأسبوع: صلاة للحاجة اختارها شيخنا المفيد، وجدنا السعيد
أبو جعفر الطوسي وأبو الفرج بن أبي قرة وغيرهم فمن رواية أبي الفرج حدث
العياشي عن الحسين بن أشكيب، عن موسى بن القاسم البجلي، عن صفوان بن يحيى
ومحمد بن سهل، عن أشياخه وعدة من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا
حضرت لك حاجة مهمة إلى الله عز وجل، فصم ثلاثة أيام متوالية أربعا وخميسا
وجمعة، فإذا كان يوم الجمعة إنشاء الله فاغتسل، والبس ثوبا جديدا نظيفا، ثم
اصعد إلى أعلا موضع في دارك، فصل فيه ركعتين، وارفع يديك إلى السماء
وقل:
اللهم إني حللت بساحتك، لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك، وأنه لا
قادر على قضاء حاجتي غيرك، وقد علمت يا رب أنه كلما تظاهرت نعمتك على
اشتدت فاقتي إليك، وقد طرقني هم كذا وكذا، وأنت بكشفه عالم غير معلم، واسع غير
متكلف، فأسئلك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت، ووضعته على السماوات فانشقت
وعلى النجوم فانتشرت، وعلى الأرض فسطحت، وأسئلك بالحق الذي جعلته عند محمد
وآل محمد، وعند فلان وفلان - وتذكر الأئمة واحدا واحدا عليهم السلام - أن تصلي على
محمد وأهل بيته، وأن تقضي لي حاجتي، وتيسر لي عسيرها، وتكفيني مهمها
فان فعلت فلك الحمد، وإن لم تفعل فلك الحمد، غير جائر في حكمك، ولا متهم في
قضائك، ولا حائف في عدلك.
ثم يلصق خده بالأرض ويقول: اللهم إن يونس بن متى عبدك دعاك في بطن
الحوت وهو عبدك فاستجبت له، وأنا عبدك أدعوك فاستجب، لي قال أبو عبد الله عليه السلام:
ربما كانت لي الحاجة فأدعو بها فأرجع وقد قضيت.
ثم قال السيد وفي رواية جدي دعاء طويل بعد هذا لم يروه المفيد، ولا أبو

(1) مصباح الشيخ: 230.
33

الفرج تركناه لئلا يكون صارفا لمن وقف عليه عن العمل بمقتضاه (1).
المكارم: مرسلا مثله (2).
المتهجد: عن موسى بن القاسم مثله (3).
بيان: هذه الصلاة والدعاء رواه في الفقيه (4) بسنده الصحيح عن موسى بن
القاسم مثل رواية أبي الفرج، والشيخ أيضا رواه في التهذيب (5) بهذا السند هكذا،
وهذه الرواية عندي صحيحة لان مراسيل صفوان في حكم المسانيد لا سيما وقد قال
في هذه الرواية عن مشايخه وعدة من أصحابه، وكذا رواية المتهجد لان طريقه في
الفهرست إلى كتاب عاصم صحيح وكذا إلى كتاب موسى بن القاسم.
ثم اعلم أن الدعاء الطويل إنما أورده الشيخ بعد رواية عاصم (6) وأورد
رواية موسى بن القاسم ولم يذكر بعده الدعاء طويل، ولذا أورد الرواية مع
تشابهها مرتين.
قوله عليه السلام: " إلى أعلا موضع " وفي التهذيب والفقيه والمتهجد في رواية موسى
ابن القاسم إلى أعلى بيت فيحتمل أن يراد سطح بيت أو سطح أعلا البيوت في الدار،
والأخير أظهر " بساحتك " أي بساحة رحمتك مجازا أو بفضاء من أرضك، والأول
أظهر، وساحة الدار الموضع المتسع منها " وصمدانيتك " أي كونك مصمودا إليه
مقصودا في الحوائج " كلما تظاهرت " أي توالت وتتابعت " وقد طرقني " أي نزل بي
" واسع " أي واسع القدرة أو الكرم " غير متكلف " أي لا يشق عليك " فنسفت " أي قلعت قال
الوالد قدس سره أي تضعه عند القيامة على الجبال أي تقرؤه عليها فتصير كالعهن

(1) جمال الأسبوع:
(2) مكارم الأخلاق: 375.
(3) مصباح المتهجد: 370.
(4) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 350.
(5) التهذيب ج 1 ص 307 ط حجر ج 3 ص 184 ط نجف.
(6) المصباح ص 226.
34

المنفوش، والتعبير بلفظ الماضي لبيان تحقق الوقوع كما قال تعالى " وإذا الجبال
نسفت " (1) أو في الدنيا وصارت رملا منهالا كما ورد في الخبر في قصة موسى عليه السلام
عند سؤال الرؤية، وكذا في البواقي وعلى الأخير يكون المراد بانشقاق السماء
انشقاقها لعروج نبينا وعيسى وإدريس عليهم السلام وغيرهم، وبانتشار النجوم انقضاض
الشهب وبتسطيح الأرض دحوها أو انبساطها حسا.
أقول: ويحتمل أن يكون المراد بانشقاق السماء جعلها سبعا وفصل بعضها
عن بعض، كما هو إحدى محتملات قوله تعالى " ألم تر أن السماوات والأرض كانتا
رتقا ففتقناهما " (2) وبانتشار النجوم انتشارها وتفرقها في السماء.
" ولا حائف " بالمهملة أي ولا جائر، وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو تصحيف
قوله عليه السلام: " وأنا عبدك " لعل المعنى أن علة الإفاضة العبودية والاحتياج والتوسل
والاضطرار والافتقار وهو مشترك والمبدأ فياض، فلا يرد أن مقايسة الداعي نفسه
ودعاءه بنبي عظيم الشأن لا يناسب مقام التذلل، ولذا ترى رحماته العامة الدنيوية
فائضة على البر والفاجر بل على الأشرار أكثر، لان الله تعالى يريد أن يكون معظم
ثواب الأخيار في الآخرة، وكذا إجابة الدعاء والفوز إلى المطالب العاجلة مشتركة
بين المؤمن والكافر، بل في الكفار أغزر فعلى هذا يمكن أن يكون المقايسة على
الأولوية أيضا وعلى ما في المصباح من قوله: " بدعائي هذا " يظهر وجه آخر وهو
أن هذا الدعاء لما جعلته سببا للإجابة، وسن ذلك نبيك يونس عليه السلام فاستجب
به دعائي.
والصدق في التوكل: أي لا أدعى التوكل عليك ثم أتوسل بغيرك، فأكون
كاذبا في هذه الدعوى " عظة لغيري " أي ابتلى ببلية بسبب خطاياي فيتعظ غيري بذلك
" أسعد بما آتيتني " من الدين والعلم والمال وغير ذلك أو بعينها بأن ينتفع مثلا
بعلمي غيري أو بمالي وارثي أو غيره ولا أنتفع به " يزحزح " أي يباعد وما بعده مؤكد

(1) المرسلات: 10.
(2) الأنبياء: 30.
35

له، وصرف الوجه كناية عن منع اللطف أو المراد بالوجه التوجه والنايل العطاء
" إلى نورك " أي بقلبه أو نور عرشك.
" عينك " أي شاهدك ومن جعلته رقيبا على عبادك، وفي النهاية في حديث عمر
أن رجلا كان ينظر في الطواف إلى حرم المسلمين فلطمه علي عليه السلام فاستعدى عليه
فقال ضربك بحق أصابتك عين من عيون الله أراد خاصة من خواصه ووليا من أوليائه،
وقال: الشنف من حلي الاذن وجمعه شنوف، وقيل هو ما يعلق في أعلاها والولي الأولى
بأمر الأمة الذي يجب عليهم طاعته، والزكي الطاهر عن العيوب والمعاصي، أو
النامي في العلوم والكمالات، والحبر بالحاء المهملة المكسورة العالم أو الصالح وفي
بعض النسخ الخير بالخاء المعجمة والياء المشددة.
وقال الجوهري الكبل القيد الضخم يقال كبلت الأسير وكبلته إذا قيدته فهو
مكبول ومكبل.
4 - المتهجد وغيره: صلاة أخرى روى ميسر بن عبد العزيز قال: كنت عند
أبي عبد الله عليه السلام فدخل بعض أصحابنا فقال: جعلت فداك إني فقير فقال له أبو عبد الله
عليه السلام: استقبل يوم الأربعاء فصمه واتله بالخميس والجمعة ثلاثة أيام، فإذا
كان في ضحى يوم الجمعة فزر رسول الله صلى الله عليه وآله من أعلا سطحك أو في فلاة من الأرض
حيث لا يراك أحد، ثم صل مكانك ركعتين، ثم اجث على ركبتيك وأفض بهما إلى
الأرض وأنت متوجه إلى القبلة يدك اليمنى فوق اليسرى وقل:
" اللهم أنت أنت انقطع الرجاء إلا منك، وخابت الآمال إلا فيك، يا ثقة
من لا ثقة له، لا ثقة لي غيرك، اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وارزقني من
حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب ". ثم اسجد على الأرض وقل: " يا مغيث اجعل لي
رزقا من فضلك " فلن يطلع عليك نهار يوم السبت إلا برزق جديد.
قال أحمد بن مابنداد راوي هذا الحديث: قلت لأبي جعفر محمد بن عثمان
ابن سعيد العمري رضي الله عنه: إذا لم يكن الداعي بالرزق في المدينة كيف يصنع؟
قال: يزور سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عند رأس الامام الذي يكون في بلده، قلت:
36

فإن لم يكن في بلده قبر إمام؟ قال: يزور عند بعض الصالحين أو يبرز إلى الصحراء
ويأخذ فيها على ميامنه ويفعل ما أمر به، فان ذلك منجح إن شاء الله (1).
المكارم: عن ميسر مثله إلى قوله إلا برزق جديد (2).
قال: وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله: يا أهلاه صلوا
صلوا (3).
بيان: لعله لم يكن في رواية أحمد من أعلا سطحك أو فلاة، وإلا لم يكن
يحتاج إلى السؤال، وما ذكره العمري لعله على الفضل لا التعيين لدلالة صدر الرواية
على التعميم.
5 - المتهجد (4) والبلد وغيرهما: صلاة أخرى للحاجة روى عبد الملك
ابن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صم يوم الأربعا والخميس والجمعة فإذا كان عشية
يوم الخميس تصدقت على عشرة مساكين مدا مدا من طعام، فإذا كان يوم الجمعة
اغتسلت وبرزت إلى الصحراء فصل صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام واكشف ركبتيك
والزمهما الأرض وقل: يا من أظهر الجميل وستر على القبيح، ويا من لم يؤاخذ
بالجريرة ولم يهتك الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا
باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، ومنتهى كل شكوى، يا مقيل
العثرات، يا كريم الصفح، يا عظيم المن، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها، يا رباه
يا رباه يا رباه عشرا يا الله يا الله عشرا يا سيداه يا سيداه عشرا يا مولاه يا مولاه عشرا
يا رجاءاه عشرا يا غياثاه عشرا يا غاية رغبتاه عشرا يا رحمان عشرا يا رحيم عشرا
يا معطي الخيرات عشرا - صل على محمد وآل محمد كثيرا طيبا مباركا كأفضل ما صليت

(1) مصباح المتهجد ص 230.
(2) مكارم الأخلاق ص 383.
(3) مكارم الأخلاق ص 384.
(4) مصباح المتهجد ص 231.
37

على أحد من خلقك عشرا - وتسأل حاجتك (1).
6 - البلد: بعد أن تتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، وفي رواية
أخرى: ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل مائة مرة: يا محمد يا علي يا علي يا
محمد اكفياني فإنكما كافيان، انصراني فإنكما ناصران. ثم ضع خدك الأيسر وقل مائة
مرة: أدركني أدركني أدركني، ثم تقول: الغوث الغوث حتى ينقطع النفس.
7 - المتهجد (2) والبلد وغيرهما: صلاة أخرى للحاجة روي عن الصادق
عليه السلام أنه قال: صم يوم الأربعا والخميس والجمعة فإذا كان يوم الجمعة اغتسل والبس
ثوبا جديدا ثم اصعد إلى أعلا موضع في دارك أو ابرز مصلاك في زاوية من دارك
وصل ركعتين تقرأ في الأولى الحمد وقل هو الله أحد، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها
الكافرون، ثم ارفع يديك إلى السماء وليكن ذلك قبل الزوال بنصف ساعة وقل:
اللهم إني ذخرت (3) توحيدي إياك، ومعرفتي بك وإخلاصي لك وإقراري
بربوبيتك، وذخرت (4) ولاية من أنعمت على بمعرفتهم من بريتك محمد وآله صلى الله عليه وآله
ليوم فزعي إليك عاجلا وآجلا، وقد فزعت إليك وإليهم يا مولاي في هذا اليوم وفي
موقفي هذا، وسألتك مادتي (5) من نعمتك وإزاحة ما أخشاه من نقمتك، والبركة
لي في جميع ما رزقتنيه، وتحصين صدري من كل هم وجائحة، ومصيبته في ديني و
دنياي يا أرحم الراحمين.
ثم تصلي ركعتين تقرء في الأولى الحمد مرة وخمسين مرة قل هو الله أحد
وفي الثانية الحمد مرة وستين مرة إنا أنزلناه في ليلة القدر، ثم تمد يديك
وتقول:
اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك، وأنه لا يقدر

(1) البلد الأمين ص 152.
(2) مصباح المتهجد ص 231.
(3) ذكرت خ ل.
(4) ذكرت خ ل.
(5) ما دنى خ ل.
38

على قضاء حوائجي (1) غيرك وقد علمت يا رب أنه كلما تظاهرت نعمتك (2) على
اشتدت فاقتي إليك، وقد طرقني هم كذا وكذا وأنت تكشفه، وأنت عالم غير معلم و
واسع غير متكلف، فأسئلك باسمك الذي وضعته على الجبال فاستقرت، ووضعته على
السماء فارتفعت، وأسئلك بالحق (3) الذي جعلته عند محمد وآل محمد، وعند الأئمة
علي والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة أن
تصلي على محمد وأهل بيته، وأن تقضي حاجتي وتيسر عسيرها وأن تكفيني مهماتها، فان
فعلت فلك الحمد والمنة، وإن لم تفعل فلك الحمد غير جائر في حكمك وغير (4) متهم
في قضائك، ولا حائف في عدلك.
وتلصق خدك الأيمن بالأرض وتخرج ركبتيك حتى تلصقهما بالمصلى الذي
صليت عليه، وتقول: اللهم إن يونس بن متى عبدك ونبيك دعاك في بطن الحوت
وهو عبدك فاستجبت له، وأنا عبدك فاستجب لي كما استجبت له يا كريم يا حي يا
قيوم يا لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث فأعني (5) الساعة الساعة الساعة يا كريم.
ثم تجعل خدك الأيسر على الأرض وتفعل مثل ذلك ثم ترد جبهتك وتدعو
بما شئت ثم اجلس من سجودك وادع بهذا الدعاء.
اللهم أسدد فقري بفضلك، وتغمد ظلمي بعفوك، وفرغ قلبي لذكرك، اللهم
رب السماوات السبع وما بينهن ورب الأرضين السبع وما فيهن ورب السبع المثاني
والقرآن العظيم، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب الملائكة أجمعين ورب
محمد خاتم النبيين والمرسلين ورب الخلق أجمعين أسئلك باسمك الذي به تقوم السماوات
والأرضون وبه ترزق الأنبياء وبه أحصيت عدد الجبال وكيل البحار، وبه ترسل

(1) حاجتي خ ل.
(2) نعمك خ ل.
(3) بالاسم خ ل.
(4) ولا متهم خ ل.
(5) فأغثني خ ل.
39

الرياح وبه ترزق العباد وبه أحصيت عدد الرمال، وبه تفعل ما تشاء وبه تقول لكل
شئ كن فيكون أن تستجيب لي دعائي وأن تعطيني سؤلي وأن تعجل لي الفرج من
عندك برحمتك في عافية وأن تؤمن خوفي في أتم نعمة وأعظم عافية، وأفضل الرزق
والسعة والدعة ما لم تزل تعودنيها يا إلهي وترزقني الشكر على ما أبليتني وتجعل ذلك
تاما أبدا ما أبقيتني حتى تصل (1) ذلك بنعيم الآخرة.
اللهم بيدك مقادير الدنيا والآخرة، وبيدك مقادير الموت والحياة، وبيدك
مقادير الليل والنهار، وبيدك مقادير الخذلان والنصر، وبندك مقادير الغنى والفقر
وبيدك مقادير الخير والشر، فبارك لي في ديني ودنياي، وبارك لي في جميع
أموري (2).
اللهم لا إله إلا أنت وعدك حق ولقاؤك حق والساعة حق والجنة حق و
أعوذ بك من نار جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من شر المحيا وشر
الممات، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من الكسل والعجز، وأعوذ بك من
البخل والهرم، وأعوذ بك من مكاره الدنيا والآخرة.
اللهم قد سبق مني ما قد سبق من زلل قديم، وما قد جنيت على نفسي وأنت
يا رب تملك مني ما لا أملك لنفسي (3) وخلقتني يا رب وتفردت بخلقي ولم أك شيئا
إلا بك، ولست أرجو الخير إلا من عندك، ولم أصرف عن نفسي سوءا قط إلا
ما صرفته عني، أنت علمتني يا رب ما لم أعلم، ورزقتني يا رب ما لم أملك ولم أحتسب
وبلغت بي يا رب ما لم أكن أرجو، وأعطيتني يا رب ما قصر عنه أملي، فلك الحمد
كثيرا، يا غافر الذنب اغفر لي وأعطني في قلبي من الرضا ما يهون (4) على بوائق
الدنيا.

(1) يتصل خ ل.
(2) الأمور خ ل.
(3) من نفسي خ ل.
(4) تهون خ ل.
40

اللهم افتح لي اليوم يا رب الباب الذي فيه الفرج والعافية والخير كله، اللهم
افتح لي بابه وهيئ لي سبيله ولين لي مخرجه، اللهم وكل من قدرت له علي مقدرة
من خلقك، فخذ عني بقلوبهم وألسنتهم وأسماعهم وأبصارهم ومن فوقهم ومن تحتهم
ومن بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ومن حيث شئت وكيف شئت
وأنى شئت حتى لا يصل إلي واحد منهم بسوء، اللهم واجعلني في حفظك وسترك و
جوارك، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك.
اللهم أنت السلام ومنك السلام أسألك يا ذا الجلال والاكرام فكاك رقبتي من
النار، وأن تسكنني دار السلام، اللهم إني أسئلك من الخير كله عاجله وآجله
ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسئلك خير ما أرجو وأعوذ بك من شر ما أحذر
وأسألك أن ترزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب.
اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، ماض في
حكمك، عدل في قضاؤك، أسئلك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في
شئ من كتبك، أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن
تصلي على محمد النبي الأمي عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك، وعلى آل محمد، و
أن تبارك على محمد وآل محمد كما صليت وترحمت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد.
وأن تجعل القرآن نور صدري (1) وربيع قلبي، وجلاء حزني، وذهاب غمي
واشرح لي به صدري ويسر به أمري، واجعله نورا في بصري ونورا في مخي ونورا
في عظامي ونورا في عصبي ونورا في قصبي ونورا في شعري ونورا في بشري ونورا
من فوقي ونورا من تحتي ونورا عن يميني ونورا عن شمالي ونورا في مطعمي ونورا في
مشربي ونورا في محشري ونورا في قبري ونورا في حياتي ونورا في مماتي ونورا في
كل شئ منى حتى، تبلغني به إلى الجنة.
يا نور يا نور السماوات والأرض أنت كما وصفت نفسك في كتابك، وعلى لسان

(1) بصرى خ ل.
41

نبيك وقولك الحق، تباركت وتعاليت، وقلت وقولك الحق " الله نور السماوات
والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب
دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه
نار، ونور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل
شئ عليم " اللهم فاهدني لنورك، واهدني بنورك، واجعل لي في القيمة نورا من بين
يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي تهديني به إلى دار السلام يا ذا الجلال
والاكرام.
اللهم إني أسألك العفو والعافية في نفسي وأهلي ومالي وولدي وكل ما أحب
أن تلبسني فيه العفو والعافية، اللهم أقل عثرتي وآمن روعتي واحفظني من بين يدي
ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقى ومن تحتي، وأعوذ بك أن اغتال من
تحتي، اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء
وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير ورحمان الدنيا والآخرة و
رحيمهما، ارحمني واغفر لي ذنبي، واقض لي جميع حوائجي، وأسئلك بأنك ملك
وأنك على كل شئ قدير، وأنك ما تشاء من أمر يكون، اللهم إني أسئلك إيمانا
صادقا ويقينا ليس بعده كفر ورحمة أنال بها شرف الدنيا والآخرة.
بيان: قال الجوهري: المادة الزيادة المتصلة وقال: الجوح الاستيصال ومنه
الجائحة وهي الشدة تجتاح المال من سنة أو فتنة قوله عليه السلام ما لم أزل لعله بدل أو
بيان لقوله أتم نعمة والاغتيال ان يقتل خدعة في موضع لا يراه أحد.
8 - المتهجد (1) والبلد (2) وغيرهما: صلاة أخرى للحاجة روى أبان بن
تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كانت لك حاجة فصم الأربعا والخميس والجمعة
وصل ركعتين عند زوال الشمس تحت السماء وقل:

(1) مصباح المتهجد ص 235.
(2) البلد الأمين ص 152 - 153.
42

اللهم إني حللت بساحتك بمعرفتي (1) بوحدانيتك وصمدانيتك، وأنه لا قادر
على خلقه (2) غيرك، وقد علمت أنه كلما تظاهرت نعمتك على اشتدت فاقتي إليك
وقد طرقني من هم كذا وكذا ما أنت أعلم به مني وأنت بكشفه عالم لأنك عالم
غير معلم واسع غير متكلف، فأسئلك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت وعلى
السماء فانشقت، وعلى النجوم فانتثرت، وعلى الأرض فسطحت، وبالاسم الذي
جعلته عند محمد صلواتك ورحمتك عليه وعلى آله، وعند علي والحسن والحسين و
علي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة عليهم السلام أن تصلي
على محمد وآل محمد، وأن تقضي لي حاجتي، وتيسر لي عسيرها، وتفتح لي قفلها، و
تكفيني همها (3) فان فعلت فلك الحمد غير جائر في حكمك، ولا متهم في قضائك، و
لا حائف في عدلك.
ثم تسجد وتقول: اللهم إن يونس بن متى عبدك ورسولك دعاك في بطن
الحوت فاستجبت له وفرجت عنه، فاستجب كما استجبت له، وفرج عني كما
فرجت عنه.
ثم تضع خدك الأيمن على الأرض وتقول: يا حسن البلاء عندي، يا كريم
العفو عني، يا من لا غنى لشئ عنه، يا من لابد لشئ منه، يا من مصير كل شئ
إليه، يا من رزق كل شئ عليه، تولني ولا تولني أحدا من شرار خلقك، وكما
خلقتني فلا تضيعني.
ثم تضع خدك الأيسر على الأرض وتقول: الله الله ربي ولا أشرك به شيئا
عشر مرات، وتعود إلى السجود وتقول: اللهم أنت لها ولكل عظيمة، وأنت لهذه
الأمور التي قد أحاطت بي واكتنفتني فاكفنيها وخلصني منها، إنك على كل

(1) لمعرفتي خ ل.
(2) خلقك خ ل.
(3) مهمها خ ل.
43

شئ قدير (1).
9 - المتهجد والبلد (2) وجمال الأسبوع (3): صلاة أخرى للحاجة
روى يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كانت له حاجة
مهمة فليصم الأربعا والخميس والجمعة ثم يصلي ركعتين قبل الركعتين اللتين يصليهما
قبل الزوال، ثم يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسئلك باسمك بسم الله الرحمن
الرحيم الذي لا إله إلا هو لا تأخذه سنة ولا نوم، وأسئلك باسمك بسم الله الرحمن
الرحيم الذي خشعت له الأصوات وعنت له الوجوه وذلت له النفوس ووجلت له
القلوب من خشيتك وأسئلك بأنك مليك، وأنك مقتدر وأنك ما تشاء من أمر يكون
وأنك الله الماجد الواجد الذي لا يحفيك سائل ولا ينقصك نائل ولا يزيدك كثرة
الدعاء إلا كرما وجودا، لا إله إلا أنت الحي القيوم، ولا إله إلا أنت الخالق الرازق
لا إله إلا أنت المحيى المميت، ولا إله إلا أنت البدئ البديع، لك الفخر ولك
الكرم ولك المجد ولك الحمد ولك الامر، وحدك لا شريك لك، يا أحد يا صمد
يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي
كذا وكذا... وهو دعاء الدين أيضا (4).
دعاء بغير صلاة: روي عن الحسن العسكري عليه السلام عن أبيه، عن آبائه
عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: من عرضت له حاجة إلى الله تعالى صام الأربعاء
والخميس والجمعة، ولم يفطر على شئ فيه روح، ودعا بهذا الدعاء قضى الله
حاجته.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي به ابتدعت عجائب الخلق في غامض العلم بجود

(1) المصباح: 236.
(2) البلد الأمين: 153.
(3) جمال الأسبوع:.
(4) مصباح المتهجد: 236.
44

جمال وجهك في عظيم (1) عجيب خلق أصناف غريب أجناس الجواهر، فخرت الملائكة
سجدا لهيبتك من مخافتك، فلا إله إلا أنت، وأسألك باسمك الذي تجليت به
للكليم على الجبل العظيم، فلما بدا شعاع نور الحجب العظيمة (2) أثبت معرفتك في
قلوب العارفين بمعرفة توحيدك فلا إله إلا أنت وأسألك باسمك الذي تعلم به خواطر
رجم الظنون بحقايق الايمان، وغيب عزيمات اليقين وكسر الحواجب وإغماض
الجفون وما استقلت به الاعطاف وإدارة لحظ العيون والحركات والسكون (3)
فكونته مما شئت أن يكون مما إذا لم تكونه فكيف يكون فلا إله إلا أنت، و
أسألك باسمك الذي فتقت به رتق عقيم غواشي جفون حدق عيون قلوب الناظرين فلا
إله إلا أنت، وأسألك باسمك الذي خلقت به في الهواء بحرا معلقا عجاجا مغطمطا (4)
فحبسته في الهواء على صميم تيار اليم الزاخر في مستفحلات (5) عظيم تيار أمواجه
على ضحضاح صفاء الماء، فعزلج الموج فسبح ما فيه لعظمتك فلا إله إلا أنت، و
أسئلك باسمك الذي تجليت به للجبل فتحرك وتزعزع واستقزل (6) ودرج الليل
الحلك ودار بلطفه الفلك فهمك فتعالى ربنا فلا إله إلا أنت وأسئلك باسمك يا نور
النور يا من برئ الحور كدر منثور بقدر مقدور لعرض النشور لنقرة الناقور، فلا
إله إلا أنت، وأسألك باسمك يا واحد يا مولى كل أحد يا من هو على العرش
واحد أسئلك باسمك يا من لا ينام ولا يرام ولا يضام، ويا من به تواصلت الأرحام
أن تصلي على محمد وأهل بيته... ثم تسأل حاجتك فإنها تقضى إنشاء الله (7).

(1) عظم خ
(2) من حجاب العظمة خ نور حجب العظمة ح ل.
(3) حركات السكون خ
(4) معظما خ.
(5) مستعلى خ مستحفل خ ل.
(6) واستفرخ استقرخ استقزك خ ل.
(7) مصباح المتهجد: 237، البلد الأمين، 156، جمال الأسبوع:
45

بيان: " بحقايق الايمان " أمله متعلق بالظنون أي تعلم رجم ظنون ضعفاء الايمان
وما غاب عن الخلق من عزيمات يقين الكاملين، فقوله غيب وكسر وما بعدهما معطوف
على رجم إذ في أكثر النسخ على النصب وفي بعضها كلها على الجر فالباء في " بحقايق "
بمعني مع، وما بعده معطوف عليه " وما استقلت به الاعطاف " أي يعلم ما يستقر
في نواحي الأرض وعطفا كل شئ جانباه، أو كناية عن الأشخاص بأن يكون جمع
عطاف بمعنى الرداء، أو يكون جمع العطف بالفتح بمعنى الشفقة أي أسبابه، و
دواعيه ومكملاته.
" رتق عقيم غواشي جفون " أي ترفع الغواشي والسواتر العظيمة التي غطت
عيون قلوب المتفكرين عن إدراك حقايق الأمور، والوصف بالعقم على الاستعارة
والغطمطة اضطراب موج البحر والغطماط بالكسر الموج المتلاطم، وصميم الشئ
خالصه ومن البرد والحر أشده والتيار بالتشديد موج البحر الذي ينضح والزاخر
الممتلي، واستفحل الامر تفاقم وعظم والضحضاح مارق من الماء أو الكثير ولعل
المراد هنا الصافي، وقال الكفعمي عزلج التطم ولم أجده فيما عندنا من كتاب اللغة وفي
القاموس عذلج السقاء ملاه والمعذلج الممتلئ الناعم الحسن الخلق انتهى.
واستقزل كذا في أكثر نسخ المتهجد بالقاف والزاي والقزل محركة أسوء
العرج أو دقة الساق وأن يمشى مشية المقطوع الرجل، وفي البلد الأمين وجمال
الأسبوع بالفاء والراء المهملة والكاف، وقال الكفعمي استفرك أي انماث وصار
كالهباء وفي القاموس فرك الثوب والسنبل دلكه فانفرك، وأفرك الحب أي حان أن
يفرك واستفرك في السنبلة سمن واشتد، وقال درج مشى والقوم انقرضوا وفلان لم
يخلف نسلا أو مضى لسبيله، وفي أكثر النسخ برفع الليل وفي نسخة الكفعمي بالنصب
وقال ودرج الليل أي في الليل فحذف الجار وأوصل الفعل والحلك أي الأسود، و
حلك الشئ أي اشتد سواده، واحلولك مثله، وقال وهمك الفلك أي جد ولج في
دورانه انتهى وفي القاموس الحلك محركة شدة السواد حلك كفرح فهو حالك وحلكوك
وقال همكه في الامر فانهمك لججه فلج.
46

10 - المتهجد وغيره: دعاء آخر للحاجة بعد صلاة الجمعة روي عن
أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا كانت لك حاجة فصم ثلاثة أيام الأربعاء والخميس
والجمعة، فإذا صليت الجمعة فادع بهذا الدعاء.
اللهم إني أسئلك ببسم الله الرحمن الرحيم الحي الذي لا إله إلا هو ملء
السماوات وملء الأرض، وأسئلك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، الذي لا إله
إلا هو الحي القيوم الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الابصار وأذنت له النفوس
أن تصلي على محمد وآل محمد، ثم تدعو بما بدا لك تجاب إنشاء الله تعالى (1).
بيان: " وأذنت له النفوس " لعله بمعنى استمع يقال: أذن له أي استمع أو
بمعنى الحب والشهوة يقال: أذن لرايحة الطعام أي اشتهاه أو بمعنى الإباحة أي
رضيت بكل ما يأتي به إليها، والظاهر ذلك كما في بعض النسخ، وقد مر مثله في
رواية يونس وفي رواية أخرى " وجلت القلوب من خشيته ".
11 - المتهجد والجمال (2) وغيرهما: صلاة أخرى للحاجة يوم الجمعة
روي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: من كانت له حاجة قد ضاق بها ذرعا
فلينزلها بالله تعالى جل اسمه، قلت: كيف يصنع؟ قال فليصم يوم الأربعاء والخميس
والجمعة، ثم ليغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة، ويلبس أنظف ثيابه ويتطيب
بأطيب طيبه، ثم يقدم صدقة على امرئ مسلم بما تيسر من ماله، ثم يبرز إلى
أفق السماء ولا يحتجب، ويستقبل القبلة ويصلي ركعتين يقرأ في الأولة فاتحة
الكتاب وقل هو الله أحد خمس عشر مرة، ثم ليركع ويقرأها خمس عشر مرة ثم
يرفع رأسه فيقرأها خمس عشر مرة ثم يسجد فيقرأها خمس عشر مرة ثم يرفع رأسه
فيقرأها خمس عشر مرة ثم يسجد ثانية فيقرأها خمس عشر مرة، ثم ينهض فيقول
مثل ذلك في الثانية، فإذا جلس للتشهد قرأها خمس عشر مرة ثم يتشهد ويسلم
ويقرأها بعد التسليم خمس عشر مرة، ثم يخر ساجدا فيقرأها خمس عشر مرة ثم

(1) مصباح المتهجد ص 238.
(2) جمال الأسبوع:
47

يضع خده الأيمن على الأرض فيقرأها خمس عشر مرة ثم يضع خده الأيسر على
الأرض فيقرء مثل ذلك ثم يعود إلى السجود فيقرأها خمس عشر مرة ثم يقول و
هو ساجد يبكى:
يا جواد يا ماجد يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن
له كفوا أحد، يا من هو هكذا لا هكذا غيره، أشهد أن كل معبود من لدن عرشك
إلى قرار أرضك باطل إلا وجهك جل جلالك، يا معز كل ذليل ويا مذل كل عزيز
تعلم كربتي فصل على محمد وآله، وفرج عني.
ثم تقلب خدك الأيمن وتقول ذلك ثلاثا ثم تقلب خدك الأيسر وتقول
مثل ذلك.
قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: فإذا فعل العبد ذلك يقضي الله حاجته، وليتوجه
في حاجته إلى الله تعالى بمحمد وآله عليه وعليهم السلام، ويسميهم عن
آخرهم (1).
البيان: للشهيد عن النبي صلى الله عليه وآله مثله.
توضيح
قد ضاق بها ذرعا قال الجوهري يقال: ضقت بالامر ذرعا إذا لم تطقه ولم تقو
عليه وأصل الذرع إنما هو بسط اليد، فكأنك تريد: مددت يدي إليه فلم تنله
انتهى، ولا يحتجب أي عن آفاق السماء بسقف ولا جدار ولا خباء.
12 - المتهجد وجمال الأسبوع (2): روى يعقوب بن يزيد الكاتب
الأنباري عن أبي الحسن الثالث العسكري عليه السلام قال: إذا كانت لك حاجة مهمة فصم
يوم الأربعا والخميس والجمعة، واغتسل يوم الجمعة في أول النهار وتصدق على
مسكين بما أمكن، واجلس في موضع لا يكون بينك وبين السماء سقف ولا ستر
من صحن دار أو غيرها، تجلس تحت السماء وتصلي أربع ركعات تقرأ في الأولى

(1) مصباح المتهجد: 238.
(2) جمال الأسبوع:
48

الحمد ويس، وفي الثانية الحمد وحم الدخان، وفي الثالثة الحمد وإذا وقعت الواقعة
وفي الرابعة الحمد وتبارك الذي بيده الملك فإن لم تحسنها فاقرأ الحمد ونسبة الرب
تعالى: قل هو الله أحد، فإذا فرغت بسطت راحتيك إلى السماء وتقول:
اللهم لك الحمد حمدا يكون أحق الحمد بك (1) وأرضى الحمد لك، وأوجب
الحمد لك، وأحب الحمد إليك، ولك الحمد كما أنت أهله وكما رضيت لنفسك
وكما حمدك من رضيت حمده من جميع خلقك، ولك الحمد كما حمدك به جميع
أنبيائك ورسلك وملائكتك وكما ينبغي لعزك وكبريائك وعظمتك، ولك الحمد
حمدا تكل الألسن عن صفته ويقف القول (2) عن منتهاه ولك الحمد حمدا لا يقصر
عن رضاك ولا يفضله شئ من محامدك.
اللهم لك الحمد في السراء والضراء والشدة والرخاء والعافية والبلاء و
السنين والدهور، ولك الحمد على آلائك ونعمائك على وعندي وعلى ما أوليتني
وأبليتني وعافيتني ورزقتني وأعطيتني وفضلتني وشرفتني وكرمتني وهديتني
لدينك حمدا لا يبلغه وصف واصف، ولا يدركه قول قائل.
اللهم لك الحمد حمدا فيما أتيته إلى من إحسانك عندي وإفضالك على و
تفضيلك إياي على غيري، ولك الحمد على ما سويت من خلقي وأدبتني فأحسنت
أدبي منا منك على لا لسابقة كانت منى، فأي النعم يا رب لم تتخذ عندي، وأي
الشكر (3) لم تستوجب مني، رضيت بلطفك لطفا، وبكفايتك من جميع الخلق
خلفا.
يا رب أنت المنعم على المحسن المتفضل المجمل ذو الجلال والاكرام والفواضل
والنعم العظام، فلك الحمد على ذلك يا رب، لم تخذلني في شديدة، ولم تسلمني

(1) منك خ
(2) لفظ القول خ.
(3) أي شكر خ.
49

بجريرة، ولم تفضحني بسريرة، لم تزل نعماؤك على عامة عند كل عسر ويسر، أنت حسن
البلاء (1) ولك عندي قديم العفو (2) أمتعني (3) بسمعي وبصري وجوارحي وما أقلت
الأرض مني.
اللهم وإن أول ما أسئلك من حاجتي وأطلب إليك من رغبتي وأتوسل إليك
به بين يدي مسئلتي وأتفرج به إليك بين يدي طلبتي الصلاة على محمد وآل محمد و
أسألك أن تصلي عليه وعليهم كأفضل ما أمرت أن يصلي عليهم كأفضل ما سألك أحد
من خلقك وكما أنت مسؤول له ولهم إلى يوم القيامة.
اللهم فصل عليهم بعدد من صلى عليهم، وبعدد من لم يصل عليهم، وبعدد
من لا يصلي عليهم صلاة دائمة تصلها بالوسيلة والرفعة والفضيلة، وصل على جميع
أنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين، وصل اللهم على محمد وآله وسلم عليهم
تسليما كثيرا.
اللهم ومن جودك وكرمك أنك لا تخيب من طلب (4) إليك وسألك ورغب
فيما عندك، وتبغض من لم يسألك وليس أحد كذلك غيرك، وطمعي يا رب في رحمتك
ومغفرتك، وثقتي باحسانك وفضلك، حداني على دعائك والرغبة إليك وإنزال
حاجتي بك وقد قدمت أمام مسئلتي التوجه بنبيك الذي جاء بالحق والصدق من
عندك ونورك وصراطك المستقيم، الذي هديت به العباد وأحييت بنوره البلاد و
خصصته بالكرامة وأكرمته بالشهادة وبعثته على حين فترة من الرسل صلى الله عليه وآله اللهم
إني مؤمن بسره وعلانيته، وسر أهل بيته الذين أذهبت (5) عنهم الرجس وطهرتهم
تطهيرا وعلانيتهم.

(1) حسن البلاء عندي ح.
(2) ولك قديم العفو عنى خ.
(3) أمتعتني خ
(4) انك تحب من طلب إليك خ.
(5) أذهب الله خ
50

اللهم فصل على محمد وآله، ولا تقطع بيني وبينهم في الدنيا والآخرة، و
اجعل عملي بهم متقبلا (1) اللهم دللت عبادك على نفسك، فقلت تباركت وتعاليت
" وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " وقلت " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا
من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " وقلت: " ولقد
نادينا نوح فلنعم المجيبون " أجل يا رب ونعم الرب أنت، ونعم المجيب، وقلت:
" قل ادعوا الله، أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى " وأنا أدعوك
اللهم بأسمائك التي إذا دعيت بها أجبت، وإذا سئلت بها أعطيت، وأدعوك متضرعا
إليك مسكينا (2) دعاء من أسلمته الغفلة، وأجهدته الحاجة، أدعوك دعاء من استكان
واعترف بذنبه ورجاك لعظيم مغفرتك وجزيل مثوبتك (3).
اللهم إن كنت خصصت أحدا برحمتك طائعا لك فيما أمرته وعجل (4) لك
فيما له خلقته فإنه لم يبلغ ذلك إلا بك وبتوفيقك، اللهم من أعد واستعد لوفادة
مخلوق (5) رجاء رفده وجوائزه، فإليك يا سيدي كان استعدادي، رجاء رفدك و
جوائزك، فأسئلك أن تصلي على محمد وآله، وأن تعطيني مسئلتي وحاجتي.
ثم تسأل ما شئت من حوائجك ثم تقول:
يا أكرم المنعمين، وأفضل المحسنين صل على محمد وآله، ومن أرادني بسوء من
خلقك فأحرج صدره، وأفحم لسانه واسدد بصره وأقمع رأسه واجعل له شغلا في نفسه
واكفنيه بحولك وقوتك، ولا تجعل مجلسي هذا آخر العهد من المجالس التي أدعوك بها
متضرعا إليك، فان جعلته فاغفر لي ذنوبي كلها مغفرة لا تغادر لي بها ذنبا، واجعل

(1) مقبولا خ.
(2) مستكينا خ.
(3) ثوابك خ.
(4) عمل لك خ.
(5) لوفادة إلى مخلوق، خ.
51

دعائي في المستجاب وعملي في المرفوع المتقبل عندك، وكلامي فيما يصعد إليك
من العمل الطيب، واجعلني مع نبيك وصفيك والأئمة صلواتك عليهم أجمعين
فيهم اللهم إليك أتوسل وإليك بهم أرغب فاستجب دعائي يا أرحم الراحمين، وأقلني
من العثرات ومصارع العبرات.
ثم تسأل حاجتك وتخر ساجدا وتقول:
لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب
السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم، اللهم إني أعوذ
بعفوك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك، لا أبلغ مدحتك ولا
الثناء عليك، وأنت كما أثنيت على نفسك، اجعل حياتي زيادة لي من كل خير و
اجعل وفاتي راحة من كل سوء واجعل قرة عيني في طاعتك.
ثم تقول: يا ثقتي ورجائي لا تحرق وجهي بالنار بعد سجودي لك، يا سيدي
من غير من مني عليك، بل لك المن بذلك علي، فارحم ضعفي ورقة جلدي واكفني
ما أهمني من أمر الدنيا والآخرة وارزقني مرافقة النبي وأهل بيته عليه وعليهم السلام
في الدرجات العلى من الجنة.
ثم تقول: يا نور النور يا مدبر الأمور يا جواد يا ماجد يا واحد يا أحد يا
صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد يا من هو هكذا ولا يكون
هكذا غيره يا من ليس في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى إله سواه، يا معز
كل ذليل ومذل كل عزيز قد وعزتك وجلالك عيل صبري فصل على محمد وآل
محمد وفرج عني كذا وكذا - وتسمي الحاجة وذلك الشئ بعينه - الساعة الساعة
يا أرحم الراحمين.
تقول ذلك وأنت ساجد ثلاث مرات ثم تضع خدك الأيمن على الأرض و
تقول الدعاء الأخير ثلاث مرات، ثم ترفع رأسك وتتخضع وتقول وا غوثاه بالله و
برسول الله وبآله صلى الله عليه وآله عشر مرات ثم تضع خدك الأيسر على الأرض وتقول الدعاء
52

الأخير وتتضرع إلى الله تعالى في مسائلك فإنه أيسر مقام للحاجة إنشاء الله وبه
الثقة (1).
بيان: " فإن لم تحسنها " أي جميع السور، والرجوع إلى الأخير فقط بعيد
ويقال للتوحيد نسبة الرب لأنها نزلت حين قالت اليهود انسب لنا ربك، وفي القاموس
الفواضل الأيادي الجسيمة أو الجميلة تصلها " بالوسيلة " أي تكون الصلاة مستمرة
إلى أن تعطيهم تلك الأمور أو تصير سببا، والفترة ما بين الرسولين من رسل الله تعالى
في الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة.
" فاني قريب " أي فقل لهم إني قريب روي أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وآله
أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت " أجيب " تقرير للقرب ووعد للداعي
بالإجابة " فليستجيبوا لي " أي إذا دعوتهم للايمان والطاعة كما أجبتهم إذا دعوني
لمهاتهم أو في الدعاء " وليؤمنوا بي " قيل أي فليثبتوا على الايمان، وفي الاخبار
فليوقنوا بالإجابة أو بأني قادر على إعطائهم ما سألوه.
" لعلهم يرشدون " أي لعلهم يصيبون الحق ويهتدون إليه " أسرفوا على أنفسهم "
أي أفرطوا في الجناية عليها بالاسراف في المعاصي " ولقد نادانا نوح " أي دعانا حين
أيس من قومه " فلنعم المجيبون " أي فأجبناه أحسن الإجابة، فوالله لنعم المجيبون
نحن، والجمع للتعظيم أو بانضمام الملائكة المأمورين بذلك.
" قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن " أي سموا الله بأي الاسمين شئتم، فإنهما
سيان في حسن الاطلاق، والمعني بهما واحد " أياما ما تدعوا فله الأسماء الحسني "
أي أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم فهو حسن، فوضع موضعه " فله الأسماء الحسني "
للمبالغة والدلالة على ما هو الدليل عليه، فإنه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان
الاسمان، لأنهما منها.
قيل: نزلت حين سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا الله يا رحمن، فقال
إنه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلها آخر، وقيل: قالت له اليهود إنك لتقل

(1) مصباح المتهجد: 243 - 239.
53

ذكر الرحمن وقد أكثره الله في التوراة، فنزلت.
" من أسلمته الغفلة " أي وكلته إلى العذاب والخزي والندامة " وأجهدته "
أي أوقعته في الجهد والمشقة، ويقال: قمع رأسه أي ضربه بالمقمعة " ومصارع العبرات "
أي المساقط والمهالك التي توجب العبرة والبكاء مني ومن غيري " واجعل قرة
عيني " أي اجعلني أحب طاعتك وأسر بها أو اجعلها سبب قرة عيني في الآخرة " عيل
صبري " أي عجز وضعف يقال عالني الشئ أي غلبني وثقل علي.
13 - فقه الرضا والمقنع: إذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى تصوم ثلاثة
أيام الأربعا والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة فأبرز إلى الله قبل الزوال و
أنت على غسل فصل ركعتين تقرء في كل ركعة منها الحمد وخمس عشر مرة قل هو الله
أحد، فإذا ركعت قرأت قل هو الله أحد عشر مرات، فإذا استويت من ركوعك قرأتها
عشرا فإذا سجدت قرأتها عشرا ثم نهضت إلى الركعة الثانية بغير تكبير وصليتها مثل
ذلك، على ما وصفت لك، واقنت فيها، فإذا فرغت منها حمدت الله كثيرا وصليت
على محمد وعلى آل محمد، وسئلت ربك حاجتك للدنيا والآخرة.
فإذا تفضل الله عليك بقضائها فصل ركعتين شكرا لذلك تقرأ الحمد وقل هو الله
أحد، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وتقول في الركعة الأولى في ركوعك الحمد لله
شكرا وفي سجودك شكرا لله وحمدا، وتقول في الركعة الثانية في الركوع وفي السجود
الحمد لله الذي قضاء حاجتي وأعطاني سؤلي (1) ومسئلتي.
الفقيه: قال أبي في رسالته إلى: ثم ذكر الصلاتين وفي آخره وأعطاني
مسئلتي (2).
14 - جمال الأسبوع: رأيت بخط حسن بن طحال - ره - وفي كتب
لأصحابنا كذا ذكر جماعة عن وهب بن منبه والحسن البصري وجعفر بن محمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: وجدت هذه

(1) المقنع: 47 و 48.
(2) الفقيه ج 1 ص 354.
54

الأسماء في لوح من نور ليلة اسرى بي، وليس بين اللوح والعرش حجاب، فقال
جبرئيل عليه السلام: لولا أن تطغى أمتك لأخبرتك بشأن هذه الأسماء فان الله عز وجل
يقول من تكلم في يوم جمعة مرة بها ثم كاد أهل السماوات والأرض لم يقدروا له
على مساءة، ومن تكلم بها كل يوم الجمعة مرة أو مرتين لم يزل في أمان الله وجواره
ولم يقدر له أحد على مكروه.
قال الحسن البصري لقد دخلت على أناس ست مرات فأذهب الله أبصارهم فلم
يروني، ولقد دخلت على الحجاج وقد أراد قتلي فقربني وأدناني.
وقال علي عليه السلام ولقد دعا بها إبراهيم عليه السلام فنجاه الله من نار نمرود بن كنعان
ولقد دعا بها موسى عليه السلام لما دخل على فرعون بها فلم يقدر عليه.
قال كعب الأحبار: ولقد دعا بها الخضر عليه السلام فوقع في عين الحياة وتكلم بها
إسماعيل فنجاه الله وفداه بذبح عظيم.
وقال علي عليه السلام: ما دعا بها مكروب إلا فرج الله عنه كربته، ولا مغموم إلا ونفس الله
غمه، ولا لحاجة إلا قضيت له من حوائج الدنيا والآخرة.
وقال كعب الأحبار: وجدت في التوراة من قرأها في كل جمعة مرة واحدة
كانت له قبولا وهيبة وبهاء وعظمة وجلالا ورتبة عند الملوك والعظماء
والاشراف.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من أصابته مصيبة أو نزلت به نازلة من أهوال الدنيا
والآخرة ثم تكلم بهذه الأسماء فرج الله عنه وقضى حوائجه وأذهب غمه ونصره
الله على عدوه.
وقال كعب الأحبار: فمن أراد أن يتكلم بهذه الأسماء فليكن طاهرا وليدع
بها في كل جمعة، ويسأل الله فيما يشاء من أمر الدنيا والآخرة، فان الله قضى و
حكم وأوجب أن لا يرد من تكلم بها كائنا من كان، ولقد دعا بها النبي صلى الله عليه وآله
يوم الجمعة يوم الأحزاب فنصره الله على أعدائه، وهي أسماء الله المقدسة المباركة
وهي هذا الدعاء المبارك:
55

بسم الله وبالله، أخذت الأولين وأخذت الآخرين وأخذت القائمين وأخذت
القاعدين، تغشى أبصارهم ظلمة وترسل السماء عليهم لهبا والأرض شهبا فأغشيناهم
فهم لا يبصرون الله يرعاني ويقويني على الخلق، بنور الله أستبصر وبقوة الله القدوس
أستعين، الله يعطيني والله الملك الجبار يرفعني على أجنحة الكروبيين والصديقين
والصافين والمسبحين.
لك الله أدعو وأنت الله أرحم الراحمين، لك الله أدعو إله الشمس والقمر لك الله
أدعو إله الكواكب، لك الله أدعو إله المشارق والمغارب، لك الله أدعو إلها مقدسا
أنت الله العزيز الجبار المتكبر الرحمن الرحيم، الواسعة رحمته الخالق كرسي
عظمته العزيز العظيم الجليل تبارك اسم الله ملك الملوك تكون أسماؤك هذه لي عضدا
ونصرا وفتحا وهيبة ونورا وعظمة أبدا ما أبقيتني ويكون لي حفظا وخلاصا
ونجاحا.
أنا عبدك وابن عبدك تغشاني رحمتك، ويغشاني عقابك بعزتك وهيبتك نجني
من الآفات كما نجيت إبراهيم خليلك من النار، وكما كبس موسى كليمك فرعون
وبأسمائك هذه فنجني بها، وكما الأرض مكبوسة تحت السماء وكما بنو آدم
مكبوسون تحت السماء وتحت ملك الموت وكما ملك الموت مكبوس بين يدي الله رب
العالمين، كذلك يكون الخلائق مكبوسين تحت قدمي أبدا ما أحييتني.
يا ناصر المسلمين ويا صريخ المستصرخين يا أرحم الراحمين، أنت لي حرز
من جميع خلقك ومن بني آدم وبنات حواء وأتباعهم، ومن شر الجن والإنس
أن لا يسطو علي أحد منهم.
عز جارك لا إله إلا أنت تمسكت بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها التي لا
يجاوزها بر ولا فاجر، اعتصمت بحبل الله المتين، أعوذ بالله من شر فسقة العرب و
العجم، ومن شر الجن والإنس، ومن شر من يريد بي سوءا أو يريد بي شرا
توكلت على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل
شئ قدرا.
56

حسبي الله بسم الله وبالله أؤمن وبالله أثق وبه أتعوذ وبالله أعتصم وبالله
العظيم أستجير من الشيطان الرجيم، أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزها بر
ولا فاجر مما ذرأ وبرأ ومن شر كل ما يطرق بالليل والنهار إلا طارقا يطرق
بخير برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها،
ومن شر كل عين ناظرة واذن سامعة ومن شر كل مارد وجبار عنيد.
اللهم إني ألجأت ظهري إليك وتوكلت في أموري عليك، أنت وليي
ومولاي إلهي فلا تسلمني ولا تخذلني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا تؤاخذني
بذنوبي وإسرافي على نفسي، وأعني على شكر نعمتك، يا محسن يا جبار،
اجعلني عبدا شكورا، لا إله إلا أنت العلي العظيم، عليك توكلت أنت الرب العرش
العظيم.
لا إله إلا أنت الحليم الكريم، سبحان الله رب العالمين، رب السماوات
السبع وما فيهن وما فوقهن وما بينهن ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين
اللهم حببني إلى جميع خلقك حتى لا يكون لي في قلب أحد من خلقك غلظة ولا
يعارضوني واجعلهم يستقبلوني بوجوه بسيطة ويقضون حوائجي ويطلبون مرضاتي،
ويخشون سخطي.
باسمك القدوس العظيم الأعظم أدعوك يا الله، يا نورا في نور، ونورا إلى نور
ونورا فوق نور، ونورا تحت نور، يضئ به كل نور وكل ظلمة، ويطفا به شدة
كل شيطان وسلطان، باسمك الذي تكلم به الملائكة فلا يكون للموج عليهم سبيل،
وبه يذل كل جبار عنيد، يكون تحت قدمي، باسمك الذي سميت به نفسك و
استقررت به على عرشك وعلى كرسيك، باسمك العظيم الأعظم يكون لي نورا و
هيبة عند جميع الخلق، بأسمائك المقدسة المباركة، أنت الجواد الكريم العزيز
الجبار المتكبر العظيم، لا إله إلا أنت يا رب كل شئ ووارثة، يا الله أنت المحمود
في كل فعاله.
57

يا أرحم الراحمين لا إله إلا أنت الرفيع في جلاله، يا الله يا أرحم الراحمين
يا رحمن كل شئ وراحمه، يا مميت كل شئ ووارثه، يا حي حين لا حي في
ديمومية ملكه وبقائه، يا رافع المرتفع فوق سمائه بقدرته، يا قيوم لا يفوته شئ
من خلقه، يا آخر يا باقي يا أول كل شئ وآخره، يا دائم بغير فناء ولا زوال
لملكه، يا صمد من غير شبيه فلا شئ كمثله، يا مبدئ كل شئ ومعيده، يا من
لا يصف الواصفون كنه جلاله في ملكه وعزه وجبروته.
يا كبير أنت الذي لا تهتدي العقول لصفته في عظمته، يا باعث يا منشئ بلا مثال
يا زاكي الطاهر من كل آفة، يا كافي المتوسع لما خلق من عطايا فضله الذي لا ينفد
يا نقي من كل سوء لم يخالطه فعاله، يا جبار أنت الذي وسعت كل شئ رحمته، يا
حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام أنت الذي قد عم الخلائق منه وفضله.
يا ديان العباد، وكل يقوم خاضعا لهيبته، يا خالق ما في السماوات
والأرضين، وكل إليه ميعاده، يا رحيم كل صريخ ومكروب، يا صادق الوعد
فلا تصف الألسن جلال ملكه وعزه، يا مبدئ البدايع لم يبتغ في إنشائها عون
أحد من خلقه، يا عالم الغيوب فلا يفوته شئ من خلقه، يا معيد ما أفنى إذا برز
الخلايق لدعوته، يا حليما ذا أناة فلا شئ يعادله من خلقه، يا حميد الفعال في خلقه
بلطفه، يا عزيز الغالب على أمره فلا شئ يعادله، يا ظاهر البطش الشديد الذي لا
يطاق انتقامه، يا عالي القريب في علوه وارتفاعه، يا حنان يا منان فلا شئ يقهر
سلطانه.
يا نور كل شئ وهداه أنت الذي أضاءت الظلمة بنوره، يا قدوس الطاهر
فلا شئ كمثله، يا قريب المجيب المتداني دون كل شئ، يا عالي الشامخ في السماء
فوق كل شئ علوه وارتفاعه، يا بديع البدائع ومعيدها بعد فنائها بقدرته، يا
متكبر! يا من العدل أمره والصدق وعده، يا محمودا في أفعاله فلا تبلغ الأوهام كنه
جلاله في ملكه وعزه، يا كريم العفو أنت الذي ملا كل شئ عدله وفضله، يا
58

عظيم المفاخر والكبرياء فلا يدرك عز ملكه، يا عجيب فلا تنطق الألسن بكل
آلائه وثنائه.
أسئلك يا الله أمانا من عقوبتك في الدنيا والآخرة، وأسئلك نورا ونصرا ورفعة
عند جميع خلقك من بني آدم وبنات حوا، رب الأرواح الفانية والأجساد البالية و
الأرواح المرتفعة.
وأسألك بطاعة العروق الملتئمة إلى أماكنها، وبطاعة القبور المتشققة عن أهلها
وبدعوتك الصادقة فيهم وأخذك الحق منهم إذا برز الخلائق فهم من مخافتك وشدة
سلطانك ينتظرون قضاءك ويخافون عذابك ويرجون رحمتك، اجعلني من المقربين
الفائزين وألق على محبة ونورا ونعمة وهيبة واجعلني ممن يسمع قولي ويرفع
أمري على كل أمر، أنا عبدك وابن عبدك الفقير إلى رحمتك، اجعلني اللهم عاليا
متعاليا، يا نور النور يا مصباح النور، أدرأ بك في نحورهم وأستعيذ بك من شرورهم
وأستعين بك عليهم، فاكفني أمرهم بلا حول ولا قوة إلا بك.
يا الله العلي العظيم إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها
خاضعين، إنا رسل ربك لن يصلوا إليك، يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين
كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز.
اللهم بعزتك يا دائم البقاء أسئلك بالاسم الذي أحطته بحجاب النور، نور
السماوات والأرض تضئ به أبصار الناظرين، عذت بربوبيتك يا الله وباسمك
الذي تقول للشئ كن فيكون إلا قضيت حاجتي وأنجحت طلبتي ويسرت أمري و
سترت عورتي وآمنت روعتي، ورزقتني نورا وعزا وهيبة وقبولا ورفعة عند جميع
خلقك، بحولك وقوتك وباسمك الذي وسع كل شئ وهو أوسع منه، يا دائم
البقاء أدم ما أنا فيه من نعمتك وعافيتك، واجعل أموري أولها صلاحا وآخرها
فلاحا برحمتك يا أرحم الراحمين ثم ادع بما أحببت فإنه يستجاب إنشاء الله (1).

(1) جمال الأسبوع:
59

بيان: قال الفيروزآبادي: كبس البئر والنهر طمهما بالتراب، ورأسه في
ثوبه أخفاه وأدخله، وداره هجم عليه واحتاط، والمكبس من يقتحم الناس
فيكبسهم. " لم يخالطه " الضمير راجع إلى السوء أو إليه تعالى أي لم يخلط به
مصنوعاته " وهو أوسع منه " أي من كل شئ أو المعنى الله أوسع من الاسم على سبيل
الالتفات.
60

7 - (باب)
* " (أدعية زوال يوم الجمعة وآداب التوجه إلى) " *
* " (الصلاة وأدعيته وما يتعلق بتعقيب صلاة) " *
* " (الجمعة من الأدعية والأذكار والصلوات) " *
1 - جمال الأسبوع والمتهجد، نروي عن النبي صلى الله عليه وآله في الساعة التي
يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة يقول: سبحانك لا إله إلا أنت، يا حنان يا
منان، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والاكرام. ثم يدعو بما يليق
بالتوفيق (1).
2 - الجمال: ذكر رواية يدعى به عند زوال الشمس وقال بعض أصحابنا عند
زوال الشمس يوم الجمعة وبين الأذان والإقامة: حدث أبو المفضل الشيباني عن
أحمد بن محمد بن الحسين العلوي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن أبي عبد الله
جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر عليه السلام قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ستر (2) قل ما عثر
عليه، وذكر تمام الحديث وفيه: يا محمد ومن أحب من أمتك رحمتي وبركاتي و
رضواني وتعطفي وقبولي وولايتي وإجابتي، فليقل حين تزول الشمس أو يزول
الليل: اللهم ربنا لك الحمد كله جملته وتفسيره إلى آخر ما مر في باب نوافل الزوال
ولم نعده هنا لعدم الاختصاص باليوم (3).
3 - المتهجد والجمال: فإذا زالت الشمس فليدع بما رواه محمد بن مسلم، عن
أبي جعفر عليه السلام: لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله الذي لم يتخذ

(1) مصباح المتهجد: 284، جمال الأسبوع.
(2) سر خ ل.
(3) جمال الأسبوع:، وقد مر في أدعية السر ج 95 ص 318.
61

ولدا لم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا
ثم يقول: يا سابغ النعم، يا دافع النقم، يا بارئ النسم، يا علي الهمم،
يا مغشي الظلم، يا ذا الجود والكرم، يا كاشف الضر والألم، يا مؤنس المستوحشين
في الظلم، يا عالما لا؟ لم، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله، يا
من اسمه دواء، وذكره شفاء، وطاعته غناء ارحم من رأس ماله الرجاء، وسلاحه
الدعاء، سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان، يا بديع السماوات
والأرض، يا ذا الجلال والاكرام (1).
بيان: " يا مغشي الظلم " على بناء الفاعل من باب الافعال أي ساتر الظلم
الصورية والمعنوية بالأنوار الظاهرة والباطنة، أو بناء المفعول من المجرد كمرمي
أي الظلم مستورة بنوره فيرجع إلى الأول ونسبة الظلم إليه لأنها من مخلوقاته
سبحانه " يا بديع السماوات والأرض " أي مبدعهما ومنشئهما من كتم العدم أو الوصف
بحال المتعلق أي بديع سماواته وأرضه.
4 - المتهجد: فإذا توجه إلى المسجد فالأفضل أن يكون ماشيا (2) ثم
ذكر - ره - أدعية دخول المسجد كما مر في بابها (3).
5 - المتهجد وجمال الأسبوع: في رواية عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: من قرء يوم الجمعة حتى يسلم الحمد سبع مرات، وقل أعوذ برب
الفلق سبع مرات، وقل هو الله أحد سبع مرات، وقل يا أيها الكافرون سبع مرات
وقل أعوذ برب الناس سبع مرات، وآخر براءة " لقد جاءكم رسول من أنفسكم "
وآخر الحشر والخمس آيات من آخر آل عمران " إن في خلق السماوات والأرض "
إلى قوله: " إنك لا تخلف الميعاد " كفي ما بين الجمعة إلى الجمعة (4).

(1) مصباح المتهجد: 252، جمال الأسبوع:
(2) مصباح المتهجد: 198.
(3) راجع ج 84 ص 19 - 27.
(4) مصباح المتهجد: 257.
62

6 - الجمال: ومن ذلك رواية أخرى يزيد وينقص في بعض ما ذكرناه أرويها
باسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه مما ذكره في تهذيب الأحكام عن
محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال بعد الجمعة حتى ينصرف جالسا من قبل أن يركع
الحمد مرة وقل هو الله أحد سبعا وقل أعوذ برب الفلق سبعا وقل أعوذ برب الناس سبعا
وآية الكرسي وآية السخرة وقوله: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " إلى آخرها
كان كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة (1).
ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد مثله (2)
وليس فيه جالسا من قبل أن يركع.
7 - الجمال: ومن ذلك رواية أخرى أرويها باسنادي إلى جدي أبي جعفر
الطوسي، عن علي بن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الشيخ جعفر بن
سليمان القمي فيما رواه في كتابه كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى الصادق عليه السلام قال:
من قرأ يوم الجمعة بعد فراغه من صلاة الجمعة وقبل أن يثني رجليه الحمد سبع مرات
وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات وقل أعوذ برب الناس سبع مرات لم ينزل به
بلية، ولم تصبه فتنة إلى يوم الجمعة الأخرى، فان قال: " اللهم اجعلني من أهل
الجنة التي حشوها بركة، وعمارها الملائكة، مع نبينا محمد صلى الله عليه وآله وأبينا إبراهيم "
جمع الله عز وجل بينه وبين إبراهيم في دار السلام، صلى الله على محمد وإبراهيم وعلى
آلهما الطاهرين.
ومن ذلك رواية أخرى من أصل الشيخ المتفق على علمه وورعه وصلاحه محمد
ابن أبي عمير رضي الله عنه فقال: ما هذا لفظه: عبد الله بن المغيرة عمن رواه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من قرأ يوم الجمعة حين يسلم وقبل أن يتربع الحمد سبع مرات
وقل هو الله أحد سبع مرات وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات وقل أعوذ برب

(1) جمال الأسبوع:، تهذيب الأحكام ج 1 ص 250.
(2) ثواب الأعمال ص 35.
63

الناس سبع مرات وآية الكرسي مرة، وآية السخرة التي في الأعراف مرة، وآخر
براءة وآخر الحشر كفي ما بين الجمعة إلى الجمعة.
أقول: وهذا ابن أبي عمير مراسيله يعمل بها كما يعمل بمسانيد غيره
من الثقات.
ومن ذلك رواية الأبناء عن الاباء من آل رسول الله صلى الله عليه وآله من قرأ في دبر
صلاة الجمعة بفاتحة الكتاب مرة وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات لم ينزل به بلية
ولم تصبه فتنة إلى الجمعة الأخرى فان قال: " اللهم اجعلني من أهل الجنة التي
حشوها بركة وعمارها ملائكة مع حبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وأبينا إبراهيم " جمع الله بينه و
بين محمد وإبراهيم عليهما السلام في دار السلام.
ومن ذلك رواية أخرى حدث أبو الحسين محمد بن هارون التلعكبري عن أبيه
عن حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي، عن العياشي، عن الحسين بن أشكيب، عن
الحسين بن يزيد النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأ في عقيب صلاة الجمعة فاتحة الكتاب مرة وقل
هو الله أحد سبع مرات وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات وفاتحة الكتاب بمرة
وقل أعوذ برب الناس سبع مرات لم ينزل به بلية ولم تصبه فتنة إلى الجمعة
الأخرى.
وزادنا بعض أصحابنا أنه يقرء بعد الذي ذكر آية الكرسي ويقول:
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على
العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره
ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب
المعتدين فلا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب
من المحسنين، واخر التوبة " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم
حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت
وهو رب العرش العظيم.
64

فان قال: اللهم إني تعمدت إليك بحاجتي وأنزلت بك اليوم فقري وفاقتي و
مسكنتي، وأنا لرحمتك أرجا منى لعملي، ولمغفرتك، ورحمتك أوسع من ذنوبي،
فتول يا رب قضاء كل حاجة هي لي بقدرتك عليها، وتيسر ذلك عليك فاني لم أصب
خيرا قط إلا منك، ولم يصرف عني أحد سوء غيرك، وليس أرجو لآخرتي ودنياي
سواك، ولا ليوم فقري وتفردي في حفرتي إلا أنت، صل على محمد وآل محمد، و
أعطني خير الدنيا وخير الآخرة، واصرف عني شر الدنيا وشر الآخرة اللهم
اجعلني من أهل الجنة التي حشوها بركة وعمارها الملائكة، مع نبينا محمد وإبراهيم عليهما السلام
جمع الله بين محمد وإبراهيم عليهما السلام في دار السلام.
قال: ويستحب أن يصلى على النبي صلى الله عليه وآله وآله فيقول: اللهم اجعل صلواتك
وصلاة ملائكتك وأنبيائك على محمد وآله، فمن قال ذلك لم يكتب عليه ذنب سنة
قال برواية أخرى قال. يقول اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
فمن قال ذلك لم يمت حتى يدرك صاحب الامر عليه السلام (1).
8 - اعلام الدين: عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام من قال: عقيب الظهر
يوم الجمعة ثلاث مرات " اللهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك ورسلك على محمد و
آل محمد كانت له أمانا بين الجمعتين، ومن قال أيضا عقيب الجمعة سبع مرات: اللهم
صل على محمد وآل محمد وعجل فرج آل محمد. كان من أصحاب القائم عليه السلام.
9 - مجالس الصدوق: عن الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، عن محمد بن
أحمد بن حمدان القشيري، عن أحمد بن عيسى الكلابي، عن موسى بن إسماعيل بن
موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: من قرأ في دبر صلاة الجمعة بفاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد
سبع مرات وفاتحة الكتاب مرة وقل أعوذ برب الفلق سبع مرات وفاتحة الكتاب
مرة وقل أعوذ برب الناس سبع مرات لم تنزل به بلية ولم تصبه فتنة إلى يوم
الجمعة الأخرى، فان قال: " اللهم اجعلني من أهل الجنة التي حشوها بركة وعمارها

(1) جمال الأسبوع: 445.
65

ملائكة مع نبينا محمد صلى الله عليه وآله وأبينا إبراهيم عليه السلام " جمع الله
عز وجل بينه وبين محمد وإبراهيم في دار السلام، صلى الله على محمد وإبراهيم وعلى
آلهما الطاهرين (1).
ثواب الأعمال: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي،
عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله
مثله (2).
جنة الأمان: مرسلا مثله (3).
المتهجد: السور والدعاء من غير ذكر فضل (4).
اعلام الدين: مرسلا مثله مع فضله.
10 - جنة الأمان: في السفينة البغدادية للسلفي عن ابن عباس أنه من قرأ
التوحيد سبعا بعد صلاة الجمعة حفظ من الجمعة إلى مثلها.
وفي فضايل القرآن لابن الضريس أنه من قرأ يوم الجمعة الفاتحة والمعوذتين
سبعا سبعا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وفي مسند أبي حنيفة عن النبي صلى الله عليه وآله من قرأ التوحيد والمعوذتين بعد صلاة
الجمعة وهو في مجلسه سبعا سبعا حفظ إلى مثله.
وفي جامع ابن وهب مرفوعا أنه من قرأ عند تسليم الامام يوم الجمعة قبل أن
يثنى رجليه ويتكلم: التوحيد والمعوذتين سبعا سبعا حفظه الله في دينه ودنياه وأهله
وولده (5).
وفي جامع البزنطي عن الصادق عليه السلام من صلى على محمد وآله فيما بين الظهرين

(1) أمالي الصدوق: 196.
(2) ثواب الأعمال: 35.
(3) مصباح الكفعمي: 422.
(4) مصباح المتهجد: 257.
(5) مصباح الكفعمي: 421.
66

عدل سبعين ركعة.
وعنه عليه السلام من قرأ يوم الجمعة بعد تسليمه من الظهر الحمد سبعا والقلاقل
سبعا وآخر براءة لقد جاءكم رسول من أنفسكم السورة وخمس آيات من آل عمران
إن في خلق السماوات والأرض إلى قوله: لا تخلف الميعاد. كفي ما بين الجمعة
إلى الجمعة (1).
ومما يختص عقيب الجمعة أن يصلي بهذه الصلوات اللهم صل على محمد وآل
محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم وبارك على محمد وآل محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم و
سلم على محمد وآل محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم وارحم محمدا وآل محمد حتى لا تبقى رحمة.
ورأيت هذه الصلوات برواية أخرى وهي: اللهم صل على محمد وآل محمد حتى
لا يبقى من صلواتك شئ، وارحم محمدا وآل محمد حتى لا يبقي من رحمتك شئ،
وبارك على محمد وآل محمد حتى لا يبقى من بركاتك شئ، وسلم على محمد وآل محمد حتى
لا يبقى من سلامك شئ (2).
ثم قال - رحمة الله عليه - في الرواية الأولى: روي عن الصادق عليه السلام
أنه من صلى على النبي وآله بهذه الصلوات محيت خطاياه، واعين على عدوه
وهيئ له أسباب الخير، وأعطي أمله، وبسط في رزقه، وكان من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله
في الجنة، وذكرها أبو القاسم الطبراني في كتاب الدعوات وملخص قصتها أن النبي صلى الله عليه وآله
اتي برجل اتهم بسرقة بعير، فحن البعير من ساعته ورغا فقال النبي صلى الله عليه وآله: البعير
قد شهد ببراءته لأجل ما صلى على بهذه الصلوات.
وأما الرواية الثانية فذكرها صاحب كتاب الوسايل إلى المسايل وملخص
قصتها أن النبي صلى الله عليه وآله قد اتي برجل قد شهد عليه جماعة أنه قد سرق ناقة، فهم
النبي صلى الله عليه وآله بقطعه فقال هذه الصلوات فتكلمت الناقة ببراءته وقالت إنه برئ
من سرقتي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لما قال هذه الصلاة نظرت إلى الملائكة يخرقون
سكك المدينة يحولون بيني وبينه، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: لتردن على الصراط ووجهك

(1) مصباح الكفعمي: 422، وقد مرت الإشارة إلى الحديث الأخير.
(2) مصباح الكفعمي: 423.
67

أضوء من القمر ليلة البدر (1).
11 - المتهجد: روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرء
يوم الجمعة بعد صلاة الامام قل هو الله أحد مائة مرة، وصلى على محمد وآله مائة
مرة، وقال سبعين مرة: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن
سواك، قضى الله له مائة حاجة ثمانين من حوائج الآخرة، وعشرين من حوائج الدنيا
وروي عكسه (2).
الجنة: مثله إلا أن في الأول أيضا أغنني (3).
12 - المتهجد والجمال روى جابر عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين عليهم السلام من
عمل يوم الجمعة الدعاء بعد الظهر:
اللهم اشتر مني نفسي الموقوفة عليك المحبوسة لأمرك بالجنة مع معصوم
من عترة نبيك صلى الله عليه وآله مخزون لظلامته، منسوب بولادته، تملأ به الأرض عدلا
وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، ولا تجعلني ممن تقدم فمرق أو تأخر فمحق، واجعلني
ممن لزم فلحق، واجعلني شهيدا سعيدا في قبضتك.
يا إلهي سهل لي نصيبا جزلا وقضاء حتما لا يغيره شقاء، واجعلني ممن هديته
فهدى، وزكيته فنجا، وواليت فاستثنيت (4) فلا سلطان لإبليس عليه ولا سبيل له
إليه، وما استعملتني فيه من شئ فاجعل في الحلال مأكلي ومطعمي وملبسي ومنكحي
وقنعني (5) يا إلهي بما رزقتني وما رزقتني من رزق فأرني فيه عدلا حتى أرى قليله كثيرا
وأبذله فيك بذلا، ولا تجعلني ممن طولت له في الدنيا أمله وقد انقضى أجله وهو مغبون
عمله.

(1) مصباح الكفعمي: 424 في الهامش.
(2) مصباح المتهجد: 258.
(3) مصباح الكفعمي: 422.
(4) فاستثبت خ ل.
(5) ونعمنى خ ل.
68

أستودعك يا إلهي غدوى ورواحي ومقيلي وأهل ولايتي من كان منهم هو أو
كائن زيني وإياهم بالتقوى واليسر، واطرد عني وعنهم الشك والعسر، وامنعني وإياهم
من ظلم الظلمة وأعين الحسدة، واجعلني وإياهم ممن حفظت، واسترني وإياهم
فيمن سترت، واجعل آل محمد عليه وعليهم السلام أئمتي وقادتي، وآمن روعتهم و
روعتي، واجعل حبي ونصرتي وديني فيهم ولهم، فإنك إن وكلتني إلى نفسي زلت
قدمي.
ما أحسن ما صنعت بي يا رب أن هديتني للاسلام، وبصرتني ما جهله غيري،
وعرفتني ما أنكره غيري، وألهمتني ما ذهلوا عنه، وفهمتني قبيح ما فعلوا وصنعوا حتى
شهدت من الامر ما لم يشهدوا، وأنا غائب، فما نفعهم قربهم ولا ضرني بعدي، وأنا
من تحويلك إياي عن الهدى وجل، وما تنجو نفسي إن نجت إلا بك، ولن يهلك
من هلك إلا عن بينة.
رب نفسي غريق خطايا مجحفة، ورهين ذنوب موبقة، وصاحب عيوب جمة
فمن حمد عندك نفسه فاني عليها زار ولا أتوسل إليك باحسان، ولا في جنبك سفك
دمي، ولم ينحل الصيام والقيام جسمي، فبأي ذلك أزكى نفسي وأشكرها عليه و
أحمدها به، بل الشكر لك اللهم لسترك على ما في قلبي، وتمام النعمة على في ديني
وقد أمت من كان مولده مولدي، ولو شئت لجعلت مع نفاد عمره عمري.
ما أحسن ما فعلت بي يا رب: لم تجعل سهمي فيمن لعنت ولا حظي فيمن أهنت
إلى محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام ملت بهواي وإرادتي ومحبتي، ففي مثل سفينة
نوح فاحملني، ومع القليل فنجني، وفيمن زحزحت عن النار فزحزحني، وفيمن
أكرمت بمحمد وآل محمد عليه وعليهم السلام فأكرمني، وبحق محمد وآل محمد صلواتك
ورحمتك ورضوانك عليهم من النار فأعتقني.
ثم اسجد سجدة الشكر التي بعد الظهر في كل يوم وقل فيها ما تقدم ذكره
من الدعاء (1).

(1) مصباح المتهجد: 263، جمال الأسبوع: 433.
69

بيان: " مع معصوم " أي حال كوني في الجنة معه، أو اشتر نفسي كما
اشتريت نفسه (1) " منسوب بولادته " أي كان مذكورا بنسبه مشهورا عند ولادته
لاخبار آبائه به عليهم السلام ولعله كان مستورا بولادته " فمرق " أي خرج من الدين
" فمحق " على بناء المفعول أي أبطل ومحي ذكره واسمه، أو على بناء الفاعل أي
محى الدين وشرائطه " ممن لزم " أي أئمة الدين " فلحق " في منازل السعادة بهم في
الدنيا والآخرة.
" في قبضتك " أي كائنا بحيث لم تخلني من يدك ولم تكلني إلى غيرك " والجزل "
الكبير من كل شئ، والشقاء نقيض السعادة " وزكيته " أي طهرته من الذنوب أو
أثنيت عليه وقبلت عمله " فاستثنيت " أي ممن للشيطان عليه سبيل، وفي بعض النسخ
" فاستثبت " أي أردت ثباته على الدين.
وقال الجوهري: وأجحف به أي ذهب به، وسيل جحاف بالضم إذا جرف كل
شئ وذهب به " فاني عليها " أي على نفسي " زار " أي عاتب ساخط " ففي مثل
سفينة نوح " أي ولاء أهل البيت عليهم السلام ومتابعتهم كما قال النبي صلى الله عليه وآله: مثل أهل بيتي
كمثل سفينة نوح، وزحزحه عن كذا نحاه وباعده.
13 - المتهجد (2) والجمال: وروى عنهم عليهم السلام أنه من صلى الظهر يوم الجمعة

(1) يريد الاشتراء الذي ذكر في قوله تعالى عز وجل: " ان الله اشترى من المؤمنين
أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون " الآية، ولما كان الدعاء
معمولا لأيام غيبة امامنا بقية الله في الأرضين، ولم يجز على مذهبنا المقاتلة مع الكفار
الا باذن الامام، أشار بقوله " مخزون لظلامته منسوب بولادته تملأ به الأرض عدلا وقسطا
كما ملئت ظلما وجورا " إلى أن ولى تلك المقاتلة وصاحب الامر فيها هو المهدى
المنتظر عليه السلام فكأنه دعا أن يعجل الله عز وجل في فرجه وخروجه حتى يقاتل تحت
لوائه فيقتل ويقتل حتى يتم صفقة الشراء أو يحييه الله عز وجل في الرجعة فيقاتل في
سبيله كأنهم بنيان مرصوص.
(2) مصباح المتهجد ص 264.
70

وصلى بعدها ركعتين يقرء في الأولى الحمد وقل هو الله أحد سبع مرات وفي الثانية
مثل ذلك، وقال بعد فراغه: اللهم اجعلني من أهل الجنة التي حشوها بركة، و
عمارها الملائكة مع نبينا محمد صلى الله عليه وآله وأبينا إبراهيم لم تضره بلية ولم تصبه فتنة
إلى الجمعة الأخرى، وجمع الله بينه وبين محمد وإبراهيم عليهما السلام (1).
14 - المتهجد وغيره: روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من
أراد أن يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود ويقول
بعدهما: اللهم إني أسئلك بما سألك به زكريا عليه السلام إذ ناداك رب لا تذرني فردا وأنت
خير الوارثين، اللهم فهب لي ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، اللهم باسمك استحللتها
وفي أمانتك أخذتها، فان قضيت في رحمها ولدا فاجعله غلاما مباركا زكيا ولا تجعل
للشيطان فيه نصيبا ولا شركا (2).
الجمال: عن هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي بن همام، عن عبد الله
ابن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن ابن بطة، عن محمد بن مسلم
مثله (3).
15 - الجنة والبلد الأمين: من كتاب دفع الهموم والأحزان روي أن من
كانت له حاجة فليصم يوم الأربعا والخميس والجمعة، فإذا كان يوم الجمعة تطهر
وراح وتصدق بصدقة قلت أو كثرت بالرغيف إلى ما دون ذلك في أكثر وأقل، فإذا
صلى الجمعة قال:
اللهم إني أسألك بسمك بسم الله الرحمن الرحيم، الذي لا إله إلا هو عالم
الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا
نوم، الذي ملأت عظمته السماوات والأرض وأسئلك بسم الله الرحمن الرحيم، الذي
لا إله إلا هو، الذي عنت له الوجوه وخشعت له الابصار ووجلت القلوب من خشيته

(1) جمال الأسبوع:
(2) مصباح المتهجد ص 264.
(3) جمال الأسبوع ص
71

أن تصلي على محمد وآله، وأن تقضى في كذا وكذا ".
قال: ولا تعلموها سفهاءكم فيدعوا بها فيستجاب لهم، ولا يدعوا بها في مأثم
ولا قطيعة رحم (1).
بيان: قال الكفعمي: لم يرد بقوله راح الرواح الذي هو آخر النهار، بل
المراد خف وسار إلى المكان الذي يصلي فيه الجمعة قاله الهروي.

(1) مصباح الكفعمي ص 397.
72

8 - (باب)
* " الاعمال والدعوات بعد صلاة العصر يوم الجمعة " *
1 - جمال الأسبوع: ذكر دعاء الشعرات وأنه من المهمات بعد صلاة العصر
يوم الجمعة، وسبب لقضاء الحاجات. ورد في الروايات أنه لا يدعا به إلا على طهارة
مستقبل القبلة.
قال السيد قدس سره: إني وقفت على خمس روايات بدعاء العشرات نختلف
روايتها في النقصان والزيادات، وها أنا أذكر ما لعله أصلح في الروايات.
روينا ذلك باسنادنا إلى جدي السعيد أبي جعفر الطوسي باسناده إلى أبي العباس
أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن
ثعلبة بن ميمون، عن صالح بن الفيض، عن أبي مريم، عن عبد الله بن عطا قال:
حدثني أبو جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن
علي، عن أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين أنه قال:
يا بني إنه لابد أن يمضى الله عز وجل مقاديره وأحكامه على ما أحب وقضا
وسينفذ الله قضاءه وقدره وحكمه فيك، فعاهدني يا بني أنه لا تلفظ بكلمة مما أسر به
إليك حتى أموت وبعد موتى باثني عشر شهرا، فاني أخبرك بخبر أصله من الله تعالى
تقوله غدوة وعشية فيشتغل ألف ألف ملك يعطى كل ملك منهم قوة ألف ألف كاتب في
سرعة الكتابة.
ويوكل بالاستغفار لك ألف ألف ملك يعطى كل منهم قوة ألف ألف مستغفر،
ويبنى لك في الفردوس ألف ألف قصر في كل قصر ألف ألف بيت تكون فيها جار جدك
عليه السلام، ويبنى لك في دار السلام بيت تكون فيه جار أهلك ويبنى لك في جنة عدن
ألف مدينة، ويحشر معك من قبرك كتاب ناطق بالحق يقول: إن هذا لا سبيل
73

للفزع ولا للخوف ولا لمزلة الصراط ولا للعذاب عليه، ولا تموت إلا وأنت شهيد.
وتكون حياتك ما حييت وأنت سعيد، ولا تصيبك فقر أبدا ولا فزع ولا جنون
ولا بلوى أبدا، ولا تدعو الله عز وجل بدعوة في يومك ذلك في حاجة من حوائج الدنيا
والآخرة إلا أتتك كائنة ما كانت بالغة ما بلغت في أي نحو شئت، ولا تطلب إليه حاجة
لك ولا لغيرك من أمر الدنيا والآخرة إلا سبب لك قضاؤها، ويكتب لك في كل يوم
بعدد أنفاس أهل الثقلين بكل نفس ألف ألف حسنة، ويمحى عنك ألف ألف سيئة،
وترفع لك ألف ألف درجة.
ويوكل بالاستغفار لك العرش والكرسي والفردوس، حتى تقف بين يدي الله
عز وجل، فعاهدني يا بني أن لا تعلم هذا الدعاء لاحد إلى محل منيتك.
فعاهده الحسين عليه السلام على ذلك فقال علي عليه السلام: فإذا بلغ محل منيتك فلا تعلمه
أحدا إلا أهل بيتك وشيعتك ومواليك، فإنك لم تفعل ذلك وعلمته كل أحد
طلبوا الحوائج إلى ربهم تعالى في كل نحو فقضاها لهم، وإني لأحب أن يتم ما أنتم
عليه، فتحشرون ولا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، ولا تدعو به إلا وأنت طاهر،
ووجهك مستقبل القبلة، فان فعلت ذلك في يوم الجمعة بعد صلاة العصر كان أفضل.
فعاهده الحسين على ذلك فقال علي عليه السلام: يا بني إذا أردت ذلك فقل وذكر
الدعاء.
قال: وقال أبو العباس بن سعيد: وحدثني يعقوب بن يوسف بن زياد الضرير
قال: حدثني الفيض بن الفضل عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم، عن عبد الله بن عطاء
عن أبي جعفر عليه السلام قال أبو العباس: وحدثني الحسين بن الحكم الخيبري قال: حدثنا
حسن بن حسين العرني، عن أبي مريم، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر عليه السلام.
الدعاء:
بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله بالله وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحان الله آناء الليل و
أطراف النهار، سبحان الله بالغدو والآصال، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون
74

وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت
ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون، سبحان ربك
رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الذي لا ينبغي التسبيح إلا له
سبحان من أحصى كل يوم علمه، سبحان ذي الطول والفضل، سبحان ذي المن
والنعم، سبحان ذي القدرة والكرم، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي
الكبرياء والعظمة والجبروت، سبحان الملك الحي الذي لا يموت، سبحان الملك
الحي المهيمن القدوس، سبحان القائم الدائم، سبحان الله الحي القيوم، سبحان
ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى، سبحانه وتعالى، سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة
والروح، سبحان الدائم غير الغافل، سبحان العالم بغير تعلم، سبحان خالق ما يرى
وما لا يرى، سبحان الذي يدرك الابصار ولا تدركه الابصار وهو اللطيف الخبير.
اللهم إني أصحبت وأمسيت منك في نعمة وخير وبركة وعافية، فصل على محمد
وآله، وأتمم على نعمتك وخيرك وبركاتك وعافيتك بنجاة من النار، وارزقني
شكرك وعافيتك وفضلك وكرامتك أبدا ما أبقيتني، اللهم بنورك اهتديت وبفضلك
استغنيت وفي نعمتك أصبحت وأمسيت.
اللهم إني أصبحت أشهدك وكفى بك شهيدا واشهد ملائكتك وحملة عرشك
وسكان سمواتك وأرضك وأنبيائك ورسلك وورثة أنبيائك والصالحين من عبادك وجميع
خلقك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا صلواتك
عليه وآله عبدك ورسولك وأنك على كل شئ قدير، تحيي وتميت وتميت وتحيي
وأشهد أن الجنة حق وأن النار حق وأن النشور حق وأن القبور حق وأن الساعة
آتية لا ريب فيها وأنك تبعث من في القبور.
وأشهد أن علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي
وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن
ابن علي والخلف الصالح الحجة القائم المنتظر صلواتك يا رب عليه وعليهم السلام
75

أجمعين هم الأئمة الهداة المهتدون غير الضالين ولا المضلين، وأنهم أولياؤك المهتدون
المصطفون، وحزبك الغالبون، وصفوتك من خلقك، وخيرتك من بريتك، ونجباؤك
الذين انتجبتهم لولايتك، واختصصتهم من خلقك واصطفيتهم على عبادك، وجعلتهم حجة
على العالمين صلواتك عليهم والسلام ورحمة الله وبركاته.
اللهم صل على محمد وآله واكتب لي هذه الشهادة عندك حتى تلقننيها يوم
القيمة وأنت عني راض إنك على كل شئ قدير، اللهم لك الحمد حمدا كما أنت
أهله حمدا تضع له السماء كنفيها وتسبح لك الأرض ومن عليها، اللهم لك الحمد
حمدا يصعد أوله ولا ينفد آخره، اللهم لك الحمد حمدا يزيد ولا يبيد.
اللهم لك الحمد حمدا سرمدا دائما أبدا لا انقطاع له ولا نفاد، ولك ينبغي
وإليك ينتهى، حمدا يصعد أوله ولا ينفد آخره، ولك الحمد على ومعي وفي
وقبلي وأمامي وفوقي وتحتي ولدي وإذا مت وقبرت وبقيت فردا وحيدا ثم فنيت
ولك الحمد إذا نشرت وبعثت يا مولاي.
اللهم لك الحمد ولك الشكر بجميع محامدك كلها على جميع نعمائك كلها
حتى ينتهى الحمد إلى ما تحب وترضى، اللهم لك الحمد على كل عرق ساكن ولك
الحمد على كل عرق متحرك ولك الحمد على كل نومة ويقظة، ولك الحمد على كل
أكلة وشربة ونفس وبطشة وقبضة وبسطة وعلى كل موضع شعرة وعلى كل حال
اللهم لك الحمد كله ولك الشكر كله ولك المجد كله ولك الملك كله ولك
الجود كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الامر كله، علانيته وسره، وأنت منتهى
الشأن كله.
اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك، ولك الحمد حمدا لا منتهى له
دون علمك، ولك الحمد حمدا لا أمد له دون مشيتك، ولك الحمد حمدا لا أجر
لقائله إلا رضاك، اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد، على عفوك
بعد قدرتك.
اللهم لك الحمد باعث الحمد، ولك الحمد وارث الحمد ولك الحمد بديع
76

الحمد، ولك الحمد مبتدع الحمد، ولك الحمد منتهى الحمد، ولك الحمد ولي
الحمد، ولك الحمد مبتدأ الحمد، ولك الحمد صادق الوعد وفي العهد عزيز الجند
قديم المجد، ولك الحمد رفيع الدرجات، مجيب الدعوات، منزل الآيات من فوق
سبع سماوات، عظيم البركات، مخرج النور من الظلمات، ومخرج من في الظلمات
إلي النور مبدل السيئات حسنات، وجاعل الحسنات درجات، اللهم لك الحمد
غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذا الطول لا إله إلا أنت إليك المصير.
اللهم لك الحمد في الليل إذا يغشى، ولك الحمد في النهار إذا تجلى، ولك
الحمد في الآخرة والأولى، اللهم لك الحمد عدد كل نجم في السماء، ولك الحمد
عدد كل ملك في السماء، ولك الحمد عدد كل قطرة نزلت من السماء، ولك الحمد
عدد كل قطرة في البحار، ولك الحمد عدد ما في جوف الأرضين وأوزان مياه البحار
ولك الحمد على عدد ما على وجه الأرض، ولك الحمد على عدد ما أحصى كتابك
ولك الحمد عدد ما أحاط به علمك، ولك الحمد عدد الورق والشجر والحصى و
النوى والثرى، ولك الحمد عدد الإنس والجن والبهائم والسباع والهوام
حمدا كثيرا مباركا فيه كما تحب وترضى، وكما ينبغي لكرم وجهك وعز جلالك
من الحمد مباركا فيه أبدا.
ثم تقول عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى
ويميت ويميت ويحيى وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير.
ثم تقول عشرا الحمد لله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو اللطيف
الخبير، ثم تقول عشرا يا الله يا الله، وتقول عشرا يا رحمن يا رحمن، وتقول
عشرا يا رحيم يا رحيم، وتقول عشرا يا حنان يا منان، وتقول عشرا يا
حي يا قيوم، وتقول: عشرا يا منير يا منير، وتقول عشرا يا قدوس يا قدوس
وتقول عشر يا بديع السماوات والأرض، وتقول عشرا يا ذا الجلال والاكرام
وتقول عشرا يا حي لا إله إلا أنت، وتقول عشرا لا إله إلا أنت، وتقول عشرا
بسم الله الرحمن الرحيم، وتقول عشرا قل هو الله أحد، وتقول عشرا اللهم اصنع
بي ما أنت أهله ولا تصنع بي ما أنا أهله فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة وأنا أهل
77

الذنوب والخطايا فارحمني يا مولاي، وأنت أرحم الراحمين، وتقول عشرا آمين
آمين ثم تسأل حاجتك فإنك تجاب إنشاء الله (1).
أقول: وجدت في أصل قديم من أصول أصحابنا هذا الدعاء بهذا السند
أخبرنا محمد بن محمد بن سعيد، عن جعفر بن محمد بن مروان الغزال عن أبيه، عن إسماعيل
ابن إبراهيم التمار، عن محمد بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي
ابن أبي طالب عليه السلام وساق الحديث والدعاء مثله، وقد تقدم في أدعية الصباح و
المساء، وإنما كررنا للاختلاف سندا ومتنا.
2 - المتهجد (2) وجمال الأسبوع (3) والبلد الأمين وغيرها:
روى جابر، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين عليهم السلام في عمل يوم الجمعة بعد
العصر.
اللهم إنك أنهجت سبيل الدلالة عليك بأعلام الهداية بمنك على خلقك، و
أقمت لهم منار القصد إلى طريق أمرك بمعادن لطفك، وتوليت أسباب الإنابة إليك
بمستوضحات من حججك، قدرة منك على استخلاص أفاضل عبادك، وحضا لهم
على أداء مضمون شكرك، وجعلت تلك الأسباب لخصايص من أهل الاحسان عندك و
ذوي الحباء لديك تفضيلا لأهل المنازل منك وتعليما أن ما أمرت به من ذلك مبرء
من الحول والقوة إلا بك، وشاهدا في إمضاء الحجة على عدلك وقوام وجوب
حكمك.
اللهم وقد استشفعت المعرفة بذلك إليك، ووثقت بفضيلتها عندك، وقدمت
الثقة بك وسيلة في استنجاز موعودك، والاخذ بصالح ما ندبت إليه عبادك، وانتجاعا
بها محل تصديقك والانصات إلى فهم غباوة الفطن عن توحيدك، علما مني بعواقب
الخيرة في ذلك، واسترشادا لبرهان آياتك، واعتمدتك حرزا واقيا من دونك، و

(1) جمال الأسبوع: 471.
(2) مصباح المتهجد ص 276.
(3) جمال الأسبوع: 465.
78

استنجدت الاعتصام بك كافيا من أسباب خلقك، فأرني مبشرات من إجابتك تفي بحسن
الظن بك، وتنفي عوارض التهم لقضائك، فإنه ضمانك للمجتدين (1) ووفاؤك
للراغبين إليك.
اللهم ولا أذلن على التعزز بك، ولا أستقفين نهج الضلالة عنك، وقد أمتك
ركائب طلبتي، وأنيخت (2) نوازع الآمال مني إليك، وناجاك عزم البصائر لي فيك
اللهم ولا أسلبن عوايد مننك غير متوسمات (3) إلى غيرك، اللهم وجدد لي صلة
الانقطاع إليك، واصدد قوى سببي عن سواك، حتى أفر عن مصارع الهلكات إليك،
وأحث الرحلة إلى إيثارك باستظهار اليقين فيك، فإنه لا عذر لمن جهلك بعد
استعلاء الثناء عليك، ولا حجة لمن اختزل عن طريق العلم بك مع إزاحة اليقين
مواقع (4) الشكوك فيك، ولا يبلغ إلى فضائل القسم إلا بتأييدك وتسديدك، فتولني
بتأييد من عونك، وكافني عليه بجزيل عطائك.
اللهم اثنى عليك أحسن الثناء لان بلاءك عندي أحسن البلاء: أوقرتني نعما
وأوقرت نفسي ذنوبا، كم من نعمة أسبغتها على لم اؤد شكرها، وكم من خطيئة
أحصيتها على أستحيى من ذكرها وأخاف جزاءها، إن تعف لي عنها فأهل ذلك أنت
وإن تعاقبني عليها فأهل ذلك أنا اللهم فارحم ندائي إذا ناديتك، وأقبل على إذا ناجيتك
فاني أعترف لك بذنوبي، وأذكر لك حاجتي، وأشكو إليك مسكنتي وفاقتي و
قسوة قلبي وميل نفسي، فإنك قلت " فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " وها أنا
ذا يا إلهي قد استجرت بك وقعدت بين يديك، مستكينا متضرعا إليك راجيا لما
عندك، تراني وتعلم ما في نفسي وتسمع كلامي وتعرف حاجتي ومسكنتي (5) وحالي

(1) في مطبوعة الكمباني: للمجتهدين.
(2) وانتحت، انتحيت خ.
(3) مترسمات خ.
(4) مواضع خ.
(5) مسئلتي خ.
79

ومنقلبي ومثواي وما أريد أن ابتدئ فيه من منطقي، والذي أرجو منك في عاقبة
أمري وأنت محص لما أريد التفوه به من مقالي.
جرت مقاديرك بأسبابي وما يكون مني في سريرتي وعلانيتي، وأنت متمم
لي ما أخذت عليه ميثاقي، وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصاني، وأحق ما أقدم
إليك قبل الذكر لحاجتي والتفوه بطلبي، شهادتي بوحدانيتك، وإقراري
بربوبيتك التي ضلت عنها الآراء وتاهت فيها العقول وقصرت دونها الأوهام
وكلت عنها الأحلام فانقطع دون كنه معرفتها منطق الخلائق، وكلت الألسن عن غاية
وصفها، فليس لأحد أن يبلغ شيئا من وصفك ويعرف شيئا من نعتك إلا ما حددته
ووصفته ووقفته عليه وبلغته إياه، وأنا مقر بأني لا أبلغ ما أنت أهله من تعظيم
جلالك وتقديس مجدك وتمجيدك وكرمك والثناء عليك والمدح لك والذكر
لآلائك.
والحمد لك على بلائك، والشكر لك على نعمائك، وذلك ما تكل الألسن
عن صفته وتعجز الأبدان عن أداء شكره (1) وإقراري لك بما احتطبت على نفسي
من موبقات الذنوب التي قد أوبقتني وأخلقت عندك وجهي، ولكبير خطيئتي، وعظيم
جرمي هربت إليك ربي وجلست بين يديك مولاي وتضرعت إليك سيدي، لأقر
لك بوحدانيتك وبوجود ربوبيتك، فاثنى عليك بما أثنيت على نفسك، وأصفك بما
يليق بك من صفاتك، وأذكر ما أنعمت به علي من معرفتك، وأعترف لك بذنوبي
وأستغفرك لخطيئتي، وأسئلك التوبة منه إليك، والعود منك علي بالمغفرة لها، فإنك
قلت " استغفروا ربكم إنه كان غفارا " وقلت: " ادعوني أستجب لكم إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ".
إلهي إليك اعتمدت لقضاء حاجتي، وبك أنزلت اليوم فقري وفاقتي التماسا
مني لرحمتك ورجاء مني لعفوك، فاني لرحمتك وعفوك أرجى مني لعلمي ورحمتك
وعفوك أوسع من ذنوبي، فتول اليوم قضاء حاجتي بقدرتك على ذلك، وتيسر ذلك

(1) أدنى شكره خ.
80

عليك فاني لم أر خيرا قط إلا منك، ولم يصرف عني سوءا قط أحد غيرك، فارحمني
سيدي يوم يفردني الناس في حفرتي وأفضى إليك بعملي، فقد قلت سيدي " ولقد
نادانا نوح فلنعم المجيبون ".
أجل وعزتك سيدي لنعم المجيب أنت ولنعم المدعو أنت، ولنعم المستعان أنت ولنعم
الرب أنت ولنعم القادر أنت ولنعم الخالق أنت ولنعم المبتدء أنت ولنعم المعيد أنت ولنعم المستغاث
أنت ولنعم الصريخ أنت، فأسئلك يا صريخ المكروبين، يا غياث المستغيثين، ويا
ولي المؤمنين، والفعال لما يريد، يا كريم يا كريم يا كريم، أن تكرمني في مقامي هذا و
فيما بعده كرامة لا تهينني بعدها أبدا، وأن تجعل أفضل جائزتك اليوم فكاك رقبتي من
النار، والفوز بالجنة، وأن تصرف عني شر كل جبار عنيد، وشر كل شيطان
مريد، وشر كل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر كل قريب أو بعيد، وشر
كل من ذرأته وبرأته وأنشأته وابتدعته، ومن شر الصواعق والبرد والريح و
المطر، ومن شر كل ذي شر، ومن شر كل دابة صغيرة أو كبيرة بالليل والنهار
أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم (1).
بيان: قال الجوهري استوضحته الامر أو الكلام إذا سألته أن يوضحه لك
" مضمون شكرك " أي شكرك المضمون اللازم، الاستنجاز الاستعانة، والمجتدي طالب
الجدوى، وهي العطية، والاستقفاء الاستتباع، والنهج بالسكون الطريق الواضح
" وقد أمتك " أي قصدتك، " والركائب " جمع الركاب واحدتها راحلة " غير متوسمات "
أي حال كون العوائد لا يتوسم ولا يتفرس حصولها من غيرك، وفي بعض النسخ
بالراء ومعناه قريب من الواو، والفتح فيهما أظهر، والاختزال الانقطاع ويقال: فاه
بالكلام وتفوه به أي فتح فاه به وتكلم.
3 - جمال الأسبوع (2) والمتهجد وغيرهما (3): روي عن أبي عبد الله

(1) البلد الأمين ص 77.
(2) جمال الأسبوع: 471.
(3) البلد الأمين: 72.
81

عليه السلام أنه قال: ويستحب أن تصلي على النبي صلى الله عليه وآله بعد العصر يوم الجمعة
بهذه الصلاة.
الجمال: ورويت هذه الصلاة باسنادي إلى أبي العباس أحمد بن عقدة من
كتابه الذي صنفه في مشايخ الشيعة فقال: أنبأنا محمد بن عبد الله بن مهران قال حدثني
أبي عن أبيه أن أبا عبد الله جعفر بن محمد دفع إلى محمد بن الأشعث كتابا فيه دعاء و
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله دفعه جعفر بن محمد الأشعث إلى ابنه مهران، وكانت الصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله التي فيه:
اللهم إن محمدا صلى الله عليه وآله كما وصفته في كتابك حيث تقول: " لقد
جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم "
فأشهد أنه كذلك وأنك لم تأمر بالصلاة عليه إلا بعد أن صليت عليه أنت وملائكتك
وأنزلت في محكم قرآنك (1) " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " لا لحاجة إلى صلاة أحد من المخلوقين بعد صلواتك
عليه، ولا إلى تزكيتهم إياه بعد تزكيتك، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلى ذلك
لأنك جعلته بابك الذي لا تقبل ممن أتاك إلا منه، وجعلت الصلاة عليه قربة منك
ووسيلة إليك وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة
لديك وكرامة عليك، ووكلت بالمصلين عليه ملائكتك يصلون عليه ويبلغونه صلاتهم
وتسليمهم.
اللهم رب محمد فاني أسئلك بما عظمت به من أمر محمد صلى الله عليه وآله وأوجبت من حقه
أن تطلق لساني من الصلاة عليه بما تحب وترضى، وبما لم تطلق به لسان أحد من
خلقك، ولم تعطه إياه، ثم تؤتيني على ذلك مرافقته حيث أحللته على قدسك وجنات
فردوسك ثم لا تفرق بيني وبينه.
اللهم إني أبدء بالشهادة له ثم بالصلاة عليه وإن كنت لا أبلغ من ذلك رضى
نفسي ولا يعبره لساني عن ضميري، ولا الام على التقصير مني لعجز قدرتي عن بلوغ

(1) محكم كتابك خ.
82

الواجب علي منه، لأنه حظ لي وحق علي وأداء لما أوجبت له في عنقي أن قد
بلغ رسالاتك غير مفرط فيما أمرت، ولا مجاوز لما نهيت، ولا مقصر فيما أردت
ولا متعد لما أوصيت، وتلا آياتك على ما أنزلت إليه وحيك، وجاهد في سبيلك مقبلا
غير مدبر، ووفى بعهدك وصدق وعدك وصدع بأمرك، لا يخاف فيك لومة لائم، و
باعد فيك الأقربين وقرب فيك الأبعدين، وأمر بطاعتك وائتمر بها سرا وعلانية
ونهى عن معصيتك وانتهى عنها سرا وعلانية، ودل على محاسن الأخلاق وأخذ
بها، ونهى عن مساوي الأخلاق ورغب عنها، ووالى أولياءك بالذي تحب أن يوالوا
به قولا وعملا، ودعا إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدك مخلصا
حتى أتاه اليقين.
فقبضته إليك تقيا نقيا زكيا قد أكملت به الدين، وأتممت به النعيم، وظاهرت
به الحجج، وشرعت به شرايع الاسلام، وفصلت به الحلال عن الحرام، ونهجت
به لخلقك صراطك المستقيم وبينت به العلامات والنجوم الذي به يهتدون، ولم
تدعهم بعده في عمياء يهيمون، ولا في شبهة يتيهون، ولم تكلهم إلى النظر لأنفسهم في
دينهم بآرائهم ولا التخير منهم بأهوائهم، فيتشعبون في مدلهمات البدع، ويتحيرون
في مطبقات الظلم، وتتفرق بهم السبل في ما يعلمون وفيما لا يعلمون.
وأشهد أنه تولى من الدنيا راضيا عنك مرضيا عندك محمودا عند ملائكتك
المقربين وأنبيائك المرسلين وعبادك الصالحين المصطفين، وأنه غير مليم ولا ذميم
وأنه لم يكن من المتكلفين، وأنه لم يكن ساحرا ولا سحر له، ولا كاهنا ولا
تكهن (1) له، ولا شاعرا ولا شعر له، ولا كذابا، وأنه كان رسولك وخاتم النبيين،
جاء بالحق من عندك الحق وصدق المرسلين.
وأشهد أن الذين كذبوه ذائقوا العذاب الأليم، وأشهد أن ما أتانا به من
عندك وأخبرنا به عنك أنه الحق اليقين (2) لا شك فيه من رب العالمين.

(1) ولا كهن له خ.
(2) الحق المبين خ ل.
83

اللهم فصل على محمد عبدك ورسولك ونبيك ووليك ونجيك وصفيك وصفوتك و
خيرتك من خلقك، الذي انتجبته لرسالاتك واستخلصته لدينك واسترعيته عبادك
وائتمنته على وحيك، علم الهدى وباب النهى والعروة الوثقى فيما بينك وبين خلقك
الشاهد لهم المهيمن عليهم، أشرف وأفضل وأزكى وأطهر وأنمى وأطيب ما صليت
على أحد من خلقك وأنبيائك ورسلك وأصفيائك والمخلصين من عبادك.
اللهم واجعل صلواتك وغفرانك ورضوانك ومعافاتك وكرامتك ورحمتك
ومنك وفضلك وسلامك وشرفك وإعظامك وتبجيلك وصلوات ملائكتك ورسلك
وأنبيائك والأوصياء والشهداء والصديقين من عبادك الصالحين وحسن أولئك
رفيقا، وأهل السماوات والأرضين وما بينهما وما فوقهما وما تحتهما، وما بين
الخافقين وما بين الهواء والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب
وما سبح لك في البر والبحر وفي الظلمة والضياء بالغدو والآصال وفي آناء الليل
وأطراف النهار وساعاته على محمد بن عبد الله سيد المرسلين وخاتم النبيين وإمام
المتقين ومولى المؤمنين وولي المسلمين وقائد الغر المحجلين ورسول رب
العالمين من الجن والإنس والأعجمين، والشاهد البشير والأمين النذير والداعي
إليك باذنك السراج المنير.
اللهم صل على محمد وآل محمد في الأولين، وصل على محمد وآل محمد في الآخرين،
وصل على محمد وآل محمد يوم الدين، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد كما استنقذتنا به، اللهم صل على محمد كما كرمتنا
به، اللهم صل على محمد كما كثرتنا به، اللهم صل على محمد كما ثبتنا به، اللهم
صل على محمد كما أنعشتنا به، اللهم صل على محمد كما أحييتنا به، اللهم صل على
محمد كما شرفتنا به، اللهم صل على محمد كما أعززتا به، اللهم صل على محمد
كما فضلتنا به، اللهم صل على محمد كما رحمتنا به اللهم اجز نبينا محمدا صلى الله عليه وآله أفضل
ما أنت جاز يوم القيامة نبيا عن أمته ورسولا عمن أرسلته إليه، اللهم اخصصه
بأفضل قسم الفضائل، وبلغه أعلا شرف المكرمين من الدرجات العلى في أعلا عليين في
84

جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر
اللهم أعط محمدا صلى الله عليه وآله حتى يرضى وزده بعد الرضا، واجعله أكرم خلقك منك
مجلسا وأعظمهم عندك جاها وأوفرهم عندك حظا في كل خير أنت قاسمه بينهم.
اللهم أورد عليه من ذريته وأزواجه وأهل بيته وذوي قرابته وأمته من
تقر به عينه، وأقرر عيوننا برؤيته، ولا تفرق بيننا وبينه، اللهم صل على محمد وآل
محمد وأعطه من الوسيلة والفضيلة والشرف والكرامة ما يغبط به الملائكة المقربون
والنبيون والمرسلون والخلق أجمعون.
اللهم بيض وجهه وأعل كعبه وأفلج حجته وأجب دعوته، وابعثه المقام
المحمود الذي وعدته، وأكرم زلفته وأجزل عطيته وتقبل شفاعته وأعطه سؤله
وشرف بنيانه وعظم برهانه ونور نوره وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه و
تقبل صلاة أمته عليه، واقصص بنا أثره واسلك بنا سبيله وتوفنا على ملته واستعملنا
بسنته وابعثنا على منهاجه واجعلنا ندين بدينه ونهتدي بهداه ونقتدي بسنته، و
نكون من شيعته ومواليه وأوليائه وأحبائه وخيار أمته ومقدم زمرته وتحت
لوائه، نعادي عدوه ونوالي وليه حتى توردنا عليه بعد الممات مورده غير خزايا و
لا نادمين، ولا مبدلين ولا ناكثين.
اللهم وأعط محمدا صلى الله عليه وآله مع كل زلفة زلفة ومع كل قربة قربة ومع كل
وسيلة وسيلة ومع كل فضيلة فضيلة ومع كل شفاعة شفاعة، ومع كل كرامة كرامة ومع
كل خير خيرا، ومع كل شرف شرفا، وشفعه في كل من يشفع له من أمته وغيرهم من
الأمم، حتى لا يعطى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد مصطفى إلا دون ما أنت معطيه
محمدا صلى الله عليه وآله يوم القيامة.
اللهم واجعله المقدم في الدعوة والمؤثر به في الأثرة، والمنوه باسمه في الدنيا
والآخرة في الشفاعة، إذا تجليت بنورك وجئ بالكتاب والنبيين والصديقين و
الشهداء والصالحين وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون وقيل الحمد لله رب العالمين
ذلك يوم التغابن، ذلك يوم الحسرة، ذلك يوم الآزفة، وذلك يوم لا تستقال فيه
85

العثرات ولا تبسط فيه التوبات ولا يستدرك فيه ما فات.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد كأفضل ما صليت ورحمت
وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم وامنن على محمد وآل محمد كما مننت على موسى وهارون اللهم صل و
سلم على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وسلمت على نوح في العالمين، اللهم صل على
محمد وآل محمد وعلى أئمة المسلمين الأولين منهم والآخرين اللهم صل على محمد و
آل محمد وعلى إمام المسلمين اللهم واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن
شماله ومن فوقه ومن تحته وافتح له فتحا يسيرا وانصره نصرا عزيزا واجعل له من
لدنك سلطانا نصيرا.
اللهم عجل فرج آل محمد وأهلك أعداءهم من الجن والإنس، اللهم صل
على محمد وأهل بيته وذريته وأزواجه الطيبين الأخيار الطاهرين المطهرين الهداة
المهتدين غير الضالين ولا المضلين الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا.
اللهم صل على محمد وآل محمد في الأولين، وصل عليهم في الآخرين، وصل
عليهم في الملا الاعلى، وصل عليهم أبد الآبدين، صلاة لا منتهى لها ولا أمد دون
رضاك آمين آمين رب العالمين.
اللهم العن الذين بدلوا دينك وكتابك، وغيروا سنة نبيك عليه سلامك
وأزالوا الحق عن موضعه، ألفي ألف لعنة مختلفة غير مؤتلفة، والعنهم ألفي ألف
لعنة مؤتلفة غير مختلفة، والعن أشياعهم وأتباعهم ومن رضي بفعالهم من الأولين
والآخرين.
اللهم يا بارئ المسموكات، وداحي المدحوات، وقاصم الجبابرة، ورحمن
الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطي منهما ما تشاء وتمنع منهما ما تشاء، أسألك بنور وجهك و
بحق محمد صلى الله عليه وآله أعط محمدا حتى يرضى وبلغه الوسيلة العظمى اللهم، اجعل محمدا
في السابقين غايته وفي المنتجبين كرامته، وفي العالمين ذكره، وأسكنه أعلى غرف
الفردوس في الجنة التي لا تفوقها درجة ولا يفضلها شئ.
86

اللهم بيض وجهه وأضئ نوره وكن أنت الحافظ له، اللهم اجعل محمدا وآل
محمد أول قارع لباب الجنة، وأول داخل وأول شافع وأول مشفع، اللهم صل
على محمد وآل محمد الولاة السادات الكفاة الكهول الكرام القادة القماقم الضخام الليوث
الابطال، عصمة لمن اعتصم بهم وإجارة لمن استجار بهم، والكهف الحصين والفلك
الجارية في اللجج الغامرة، والراغب عنهم مارق والمتأخر عنهم زاهق، واللازم
لهم لاحق، ورماحك في أرضك [وصل على عبادك في أرضك (1)] الذين أنقذت
بهم من الهلكة، وأنرت بهم من الظلمة، شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف
الملائكة ومعدن العلم صلى الله عليه وعليهم أجمعين آمين آمين رب العالمين.
اللهم إني أسئلك مسألة المسكين المستكين، وأبتغي إليك ابتغاء البائس الفقير
وأتضرع إليك تضرع الضعيف الضرير، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الخاطي، مسألة
من خضعت لك نفسه، ورغم لك أنفه، وسقطت لك ناصيته، وانهملت لك دموعه،
وفاضت لك عبرته، واعترف بخطيئته، وقلت عنه حيلته، وأسلمته ذنوبه.
أسألك الصلاة على محمد وآله أولا وآخرا، وأسألك حسن المعيشة ما أبقيتني
معيشة أقوى بها في جميع حالاتي، وأتوصل بها في الحياة الدنيا إلى آخرتي عفوا لا
تترفني فأطغى، ولا تقتر علي فأشقى، وأعطني من ذلك غنى عن جميع خلقك، و
بلغه إلى رضاك، ولا تجعل الدنيا علي سجنا ولا تجعل فراقها علي حزنا أخرجني
منها ومن فتنتها مرضيا عني مقبولا فيها عملي إلى دار الحيوان ومساكن
الأخيار.
اللهم إني أعوذ بك من أزلها وزلزالها وسطوات سلطانها وسلاطينها وشر
شيطانها وبغي من بغى على فيها.
اللهم من أرادني فأرده ومن كادني فكده وافقأ عني عيون الكفرة واعصمني
من ذلك بالسكينة وألبسني درعك الحصينة، واجعلني في سترك الواقي وأصلح حالي

(1) ما بين العلامتين لا يوجد في المصباح.
87

وبارك لي في أهلي ومالي وولدي وحزانتي ومن أحببت فيك وأحبني اللهم اغفر لي
ما قد قدمت وما أخرت وما أعلنت وما أسررت وما نسيت وما تعمدت، اللهم
إنك خلقتني كما أردت فاجعلني كما تحب يا أرحم الراحمين (1).
بيان: " من أنفسكم " أي من جنسكم من البشر ثم من العرب ثم من بني
إسماعيل، وقرئ شاذا من أنفسكم بفتح الفاء أي أشرفكم وأفضلكم قيل هي قراءة
فاطمة والنبي صلى الله عليه وآله " عزيز عليه ما عنتم " أي عنتكم، والعنت المشقة أي ما
يلحقكم من الضرر بترك الايمان " حريص عليكم " أي يود أن لا يخرج أحد منكم
عن الاستسعاد به وبدينه الذي جاء به " بالمؤمنين رؤوف رحيم " قيل أي بالمذنبين، و
قيل رؤوف رحيم بأوليائه وقيل رؤوف بمن رآه رحيم لمن لم يره.
" ليزدادوا بها أثرة " قال الكفعمي أي فضلا ومنه قوله تعالى " لقد آثرك الله
علينا " (2) أي فضلك وله عليه أثرة أي فضل، ومآثر العرب مكارمها التي تؤثر
عنها انتهى.
" غير مليم " بضم الميم أي غير داخل في الملامة أو آت بما يلام عليه أو مليم
نفسه أو بالفتح مبنيا من لئم كمشيب في مشوب، والذميم المذموم، والمهيمن الشاهد
والرقيب والحافظ والمؤتمن والخافقان أفقا المشرق والمغرب.
وفي النهاية فيه أمتي الغر المحجلون، الغر جمع الأغر من الغرة بياض
الوجه، والمحجل من الخيل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز
الأرساغ ولا يجاوز الركبتين أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والاقدام، استعار
أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للانسان من البياض الذي يكون في وجه
الفرس ويديه ورجليه.
وقال الكفعمي: ويريد بالأعجمين الذين لا يفصحون لا العجم الذين هم
خلاف العرب لان العجم من الانس والأعجمي الذي لا يفصح سواء كان من العرب

(1) مصباح المتهجد ص 271.
(2) يوسف: 91.
88

أو العجم لآفة بلسانه لا يتبين كلامه وفي الحديث جرح العجماء، جبار، وكل من
لا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم انتهى.
" ونهر " قيل أي أنهار اكتفي باسم الجنس أو سعة أو ضياء من النهار " في مقعد
صدق " أي مكان مرضي " عند مليك مقتدر " أي مقربين عند من تعالى أمره في الملك
والاقتدار.
وفي النهاية فيه لا يزال كعبك عاليا، هو دعاء بالشرف، والعلو، والفلج الظفر
والفوز والغلبة، والزلفة القرب " وقص أثره " أي تتبعه، والزمرة الجماعة من
الناس " في الأولين " أي معهم إذا صليت عليهم، أو بسببهم فإنه سبب الرحمة على
جميع الخلق والأول أظهر، وكذا البواقي " مختلفة " أي في الأنواع " مؤتلفة " أي
في الشدة " والفعال " بالكسر جمع وبالفتح مصدر والمسموكات المرفوعات كالسماوات
والمدحوات الأرضون " غايته " أي منتهى أمره أو رايته، والكفاة جمع الكفي
وهو الذي يكفيك الشرور والآفات، وفي بعض النسخ الكماة وهو جمع الكمي
وهو الشجاع.
والقماقم جمع القمقام وهو السيد ويقال سيد قماقم بالضم لكثرة خيره، ذكره الجوهري
والابطال جمع البطل وهو الشجاع " عفوا " أي بقدر الكفاية أو زايدا أو طيبا قال في النهاية:
فيه أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس هو السهل المتيسر وفي القاموس
العفو أحل المال وأطيبه، وخيار الشئ وأجوده، والفضل والمعروف انتهى،
وأترفته النعمة أطغته، والتقتير التضييق فأشقى أي أتعب أو أصير شقيا بعدم الصبر، و
الشجن التحريك الحزن، والأزل الضيق والشدة، وزلزالها بلاياها ومصائبها
وقد مر شرح سائر أجزاء الدعاء.
ووجدت هذا الدعاء في نسخة قديمة من مؤلفات قدماء أصحابنا تاريخ كتابتها
سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة مرويا عن ابن عقدة، عن محمد بن المفضل بن
إبراهيم الأشعري، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن أبيه، عن أبيه أن أبا عبد الله
عليه السلام دفع إلى جعفر بن محمد الأشعث كتابا فيه دعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
89

فدفعه جعفر بن محمد الأشعث إلى ابنه مهران ثم ساق الدعاء إلى قوله صلاة لا منتهى
له ولا أمد آمين رب العالمين، وكانت فيه اختلافات وزيادات ألحقنا بعضها منها
قوله ودل على محاسن الأخلاق إلى قوله وأشهد أنه قد تولى من الدنيا راضيا عنك
فان هذه الزيادة لم تكن في ساير الكتب ووجودها أولى، وأوردناها بهذا السياق و
السند في كتاب الدعاء.
4 - جمال الأسبوع: قال حدث الحسين بن بابويه، عن ماجيلويه، عن
البرقي، عن بعض أصحابنا، عن منصور بن يونس، عن أبي إسماعيل الصيقل قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: من صلى على محمد وآله عليه وعليهم السلام حين يصلي العصر
يوم الجمعة قبل أن ينفتل من صلاته عشر مرات يقول: " اللهم صل على محمد وآل
محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، وعليه وعليهم السلام
وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته " صلت عليه الملائكة من تلك الجمعة
إلى الجمعة المقبلة في تلك الساعة (1).
ومنه: باسناده عن هارون بن موسى، عن حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي
عن محمد بن مسعود العياشي، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن يحيى، عن ابن
سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا صليت العصر يوم الجمعة فقل: اللهم صل على
محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، و
عليه وعليهم السلام وعلى أرواحهم، وأجسادهم ورحمة الله وبركاته تقول ذلك
سبعا (2).
ومنه: بأسانيده عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن صالح الساوي، عن
أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان،
عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بعد
العصر يوم الجمعة تقول: اللهم صل على محمد وآل محمد، وارفع محمدا وآل محمد، وارحم محمدا وآل
محمد الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا (3).

(1) جمال الأسبوع: 447 - 445.
(2) جمال الأسبوع: 447 - 445.
(3) جمال الأسبوع: 447 - 445.
90

ومنه: بأسانيده عن أبي المفضل الشيباني، عن عصمة بن نوح، عن أحمد
ابن محمد بن عيسى، عن البزنطي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا كان يوم القيامة بعث الله تعالى الأيام ويبعث الجمعة أمامها كالعروس ذات كمال
وجمال تهدى إلى ذي دين ومال، فتقف على باب الجنة والأيام خلفها فيشفع لكل
من أكثر الصلاة فيها على محمد وآل محمد عليهم السلام.
قال ابن سنان فقلت: كم الكثير في هذا وفي أي زمان أوقات يوم الجمعة أفضل
قال: مائة مرة، وليكن ذلك بعد العصر، قال: وكيف أقولها، قال: تقول: " اللهم
صل على محمد وآل محمد، وعجل فرجهم " مأة مرة (1).
وعنه باسناده، عن أحمد بن محمد الكوفي، عن ابن عقدة، عن جعفر بن عبد الله
المحمدي، عن ابن أبي عمير، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال أفضل الأعمال
يوم الجمعة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بعد العصر، قال: قيل له كيف نقول؟
قال: تقولون صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد
والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وعلى أجسادهم ورحمة الله وبركاته يقولها
مائة مرة (2).
ومنه: باسناده إلى محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار
عن محمد بن حسان، عن أبي عمران موسى بن زنجويه الأرمني، عن عبد الله بن الحكم
عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إذا صليت العصر يوم الجمعة فقل " اللهم اجعل
صلواتك وصلوات ملائكتك وأنبيائك ورسلك على محمد النبي الأمي وعلى أهل بيته
وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته " مأة مرة ثم ذكر تمام الحديث (3)
ومنه: عن هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن
سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن علي بن عطية وذبيان
بن حكيم الأودي، عن موسى بن أكيل النميري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من
يستغفر الله تعالى يوم الجمعة بعد العصر سبعين مرة يقول: أستغفر الله وأتوب إليه

(1) جمال الأسبوع: 451 - 448.
(2) جمال الأسبوع: 451 - 448.
(3) جمال الأسبوع: 451 - 448.
91

غفر الله عز وجل له ذنبه فيما سلف، وعصمه فيما بقي، فإن لم يكن له ذنب غفر
له ذنوب والديه (1).
ومنه: باسناده عن محمد بن علي بن سعيد، عن إسماعيل بن محمد بن سليمان
العقيلي، عن جعفر الفزاري، عن محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن الحسن، عن
أبي محمد العبدي، عن فضيل بن عياض، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله بن مسعود
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الجمعة بعد صلاة العصر ركعتين يقرء في الأولى
فاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل أعوذ برب الناس خمسا وعشرين مرة، وفي
الثانية فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الناس خمسا وعشرين مرة
فإذا فرغ منها قال خمس مرات: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لم يخرج
من الدنيا حتى يريه الله في منامه الجنة ويرى مكانه منها.
قال السيد: وهذه الصلاة ذكرها جدي أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه في عمل
يوم الجمعة في المصباح (2) الكبير، ولم يذكر إسنادها على عادته في الاختصار أو لغير
ذلك من الاعذار إلا أنه ذكر في الركعة الأولى وفاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل
أعوذ برب الفلق خمسا وعشرين مرة، ولعله أقرب إلى الصواب وذكر باقي الرواية
كما ذكرناه في الصفة والثواب (3).
5 - مجالس الصدوق: عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانة، عن علي بن
إبراهيم، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن زكريا المؤمن، عن ابن ناجية، عن داود
ابن النعمان، عن ابن سيابة، عن ناجية قال: قال أبو جعفر إذا صليت العصر يوم الجمعة
فقل: " اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك وبارك عليهم
بأفضل بركاتك والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته " فان
من قالها بعد العصر كتب الله عز وجل له مائة ألف حسنة ومحا عنه مائة ألف سيئة

(1) جمال الأسبوع:
(2) مصباح المتهجد ص 222.
(3) جمال الأسبوع: 529.
92

وقضى له بها مائة ألف حاجة، ورفع له بها مائة ألف درجة (1).
ثواب الأعمال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن اليقطيني مثله (2).
مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن
الصدوق مثله (3).
الكافي: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد رفعه مثله وفيه: والسلام عليه
وعليهم (4).
اعلام الدين مرسلا مثله.
6 - المحاسن: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان أنه سأل أبا
عبد الله عليه السلام قال: أخبرنا عن أفضل الأعمال؟ فقال الصلوات على محمد وآل محمد مائة مرة
بعد العصر، وما زدت فهو أفضل (5).
7 - ثواب الأعمال: عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين
السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير مثله
إلا أن فيه مائة مرة، ومرة بعد العصر (6).
ثم قال: قال أحمد بن أبي عبد الله وفي رواية عبد الله بن سيابة وأبي إسماعيل
عن ناجية عن أحدهما عليهما السلام قال: إذا صليت يوم الجمعة فقل وذكر مثل حديث ناجية
الذي أخرجناه من المجالس وفيه " والسلام عليه وعليهم " وفيه " كتب الله لك "
وكذا في الجميع بصيغة الخطاب.

(1) أمالي الصدوق: 240.
(2) ثواب الأعمال: 35 و 143.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 55.
(4) الكافي ج 3 ص 429، وتراه في المحاسن: 59.
(5) المحاسن: 59.
(6) ثواب الأعمال: 143.
93

المحاسن: عن ابن سيابة وأبي إسماعيل مثله (1).
8 - السرائر: نقلا من جماع البزنطي عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: الصلاة على محمد وآل محمد فيما بين الظهر والعصر تعدل سبعين حجة، ومن قال
بعد العصر يوم الجمعة اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك
وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وعلى أجسادهم ورحمة
الله وبركاته، كان له مثل ثواب عمل الثقلين في ذلك اليوم (2).
جنة الأمان: نقلا من جامع البزنطي مثله (3).
9 - المتهجد: في الاعمال بعد العصر من يوم الجمعة قال: تقول: اللهم صل
على محمد وأهل بيته الأئمة المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك
والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته، تقول ذلك مائة مرة
ثم تقول سبعين مرة أستغفر الله وأتوب إليه (4).
أقول: ثم أورد - رحمه الله - روايتين مشتملتين، على الصلوات الكبيرة على
رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته صلوات الله عليهم، وكذا أورد دعوات متعلقة بزمان
الغيبة ولما لم يكن في شئ منها دلالة على الاختصاص بيوم الجمعة أوردناها في أبوابها
من كتاب الدعاء.
10 - مجالس الصدوق: عن علي بن أحمد بن موسى، عن محمد بن جعفر
الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن موسى
ابن جعفر عليه السلام قال: إن لله يوم الجمعة ألف نفحة من رحمته، يعطي كل عبد منها
ما شاء، فمن قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر بعد العصر يوم الجمعة مأة مرة، وهب الله

(1) المحاسن: 59.
(2) السرائر ص 470.
(3) مصباح الكفعمي: 422 في الهامش.
(4) مصباح المتهجد: 276.
94

له تلك الألف ومثلها (1).
جمال الأسبوع: باسناده، عن علي بن محمد بن السندي، عن محمد بن الحسن
ابن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي
مثله (2).
بيان: نفح الريح هبوبها، ونفح الطيب فاح، شبه رحمته سبحانه بنسيم
الريح أو شميم الطيب وأثبت له النفح، ومنه الحديث إن لربكم في أيام دهركم
نفحات ألا فتعرضوا لها.
11 - فقه الرضا: قال عليه السلام: قل بعد العصر سبع مرات: اللهم صل على محمد
وآل محمد المصطفين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام على أرواحهم
وأجسادهم ورحمة الله وبركاته، وإن قرأت إنا أنزلناه بعد العصر عشر مرات كان
في ذلك ثواب عظيم.
12 - المتهجد: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه يقول في الساعة التي يستجاب
فيها الدعاء يوم الجمعة: سبحانك لا إله إلا أنت يا حنان يا منان، يا بديع السماوات
والأرض يا ذا الجلال والاكرام (3).
ومنه: يستحب أن يقرأ يوم الجمعة بعد العصر مائة مرة إنا أنزلناه في ليلة
القدر، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ما قدر عليه فان تمكن من ألف مرة فعل، وإلا
فمائة مرة (4).
أقول: ثم أورد أنواع الصلوات التي أوردناها بأسانيدها برواية السيد رحمة
الله عليهما، فلا نعيدها.
ووجدت بخط الشيخ الأجل شمس الدين محمد بن علي الجبعي جد شيخنا
العلامة البهائي قدس الله روحهما ما هذا لفظه:

(1) أمالي الصدوق ص 361.
(2) جمال الأسبوع:.
(3) مصباح المتهجد: 269.
(4) مصباح المتهجد: 270.
95

دعاء السمات
وهو المعروف بدعاء الشبور ويستحب الدعاء به في آخر ساعة من نهار الجمعة
رواه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش الجوهري قال: حدثني أبو الحسين عبد العزيز
بن أحمد بن محمد الحسني قال: حدثني محمد بن علي بن الحسن بن يحيى الراشدي من
ولد الحسين بن راشد قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن عمر بن الصباح قال حضرت
مجلس الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري قدس الله روحه فقال بعضنا
له: يا سيدي ما بالنا نرى كثيرا من الناس يصدقون شبور اليهود على من سرق منهم
وهم ملعونون على لسان عيسى بن مريم ومحمد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال لهذا علتان ظاهرة
وباطنة، فأما الظاهرة فإنها أسماء الله ومدائحه إلا أنها عندهم مبتورة وعندنا صحيحة
موفورة عن سادتنا أهل الذكر، نقلها لنا خلف عن سلف، حتى وصلت إلينا، وأما
الباطنة فانا روينا عن العالم عليه السلام أنه قال: إذا دعا المؤمن يقول الله عز وجل:
صوت أحب أن أسمعه اقضوا حاجته واجعلوها معلقة بين السماء والأرض حتى
يكثر دعاؤه شوقا مني إليه، وإذا دعا الكافر يقول الله عز وجل: صوت أكره
سماعه اقضوا حاجته وعجلوها له حتى لا أسمع صوته، ويشتغل بما طلبه عن
خشوعه.
قالوا: فنحن نحب أن تملي علينا دعاء السمات الذي هو للشبور حتى ندعو به
على ظالمنا ومضطهدنا، والمخاتلين لنا والمتعززين علينا؟ قال: حدثني أبو عمر
عثمان بن سعيد قال: حدثني محمد بن راشد قال: حدثني محمد بن سنان قال: حدثني
المفضل بن عمر الجعفي أن خواصا من الشيعة سألوا عن هذه المسألة بعينها أبا عبد الله
عليه السلام فأجابهم بمثل هذا الجواب، قال: وقال أبو جعفر باقر علم الأنبياء
لو يعلم الناس ما نعلمه من علم هذه المسائل وعظم شأنها عند الله وسرعة إجابة الله
لصاحبها مع ما ادخر له من حسن الثواب، لاقتتلوا عليها بالسيوف، فان الله يختص
96

برحمته من يشاء ثم قال: أما إني لو حلفت لبررت أن الاسم الأعظم قد ذكر فيها
فإذا دعوتم فاجتهدوا في الدعاء بالباقي، وارفضوا الفاني، فان ما عند الله خير و
أبقى، الخبر بتمامه، ثم قال: هذا هو من مكنون العلم ومخزون المسائل المجابة
عند الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعظم الأعظم الأعز الأجل الأكرم
الذي إذا دعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت، وإذا دعيت به على
مضايق أبواب الأرض للفرج انفرجت، وإذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت،
وإذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت، وإذا دعيت به على كشف البأساء و
الضراء انكشفت، وبجلال وجهك الكريم أكرم الوجوه وأعز الوجوه، الذي عنت
له الوجوه، وخضعت له الرقاب، وخشعت له الأصوات، ووجلت له القلوب من
مخافتك، وبقوتك التي تمسك السماء أن تقع على الأرض إلا باذنك، وتمسك
السماوات والأرض أن تزولا، وبمشيتك التي دان لها العالمون، وبكلمتك التي خلقت
بها السماوات والأرض، وبحكمتك التي صنعت بها العجائب، وخلقت بها الظلمة
وجعلتها ليلا وجعلت الليل مسكنا (1) وخلقت بها النور وجعلته نهارا، وجعلت
النهار نشورا مبصرا، وخلقت بها الشمس وجعلت الشمس ضياء، وخلقت بها القمر
وجعلت القمر نورا، وخلقت بها الكواكب وجعلتها نجوما وبروجا ومصابيح وزينة
ورجوما، وجعلت لها مشارق ومغارب، وجعلت لها مطالع ومجاري، وجعلت
لها فلكا ومسابح، وقدرتها في السماء منازل فأحسنت تقديرها، وصورتها فأحسنت
تصويرها، وأحصيتها بأسمائك إحصاء، ودبرتها بحكمتك تدبيرا، فأحسنت تدبيرها
وسخرتها بسلطان الليل وسلطان النهار والساعات، وعدد السنين والحساب، و

(1) سكنا خ ل.
97

جعلت رؤيتها لجميع الناس مرئى واحدا.
وأسئلك اللهم بمجدك الذي كلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران في
المقدسين فوق إحساس الكروبيين، فوق غمائم النور، فوق تابوت الشهادة، في
عمود النور، وفي طور سيناء، وفي جبل حوريث في الوادي المقدس في البقعة المباركة من
جانب الطور الأيمن من الشجرة، وفي أرض مصر بتسع آيات بينات، ويوم فرقت
لبني إسرائيل البحر، وفي المنبجسات التي صنعت بها العجائب في بحر سوف، وعقدت
ماء البحر في قلب الغمر كالحجارة، وجاوزت ببني إسرائيل البحر، وتمت كلمتك
الحسنى عليهم بما صبروا وأورثتهم مشارق الأرض ومغاربها التي باركت فيها للعالمين
وأغرقت فرعون وجنوده ومراكبه في اليم.
وباسمك العظيم الأعظم الأعظم الأعظم الأعز الأجل الأكرم، وبمجدك
الذي تجليت به لموسى كليمك في طور سيناء، ولإبراهيم خليلك من قبل في مسجد
الخيف، ولإسحاق صفيك في بئر شيع، وليعقوب نبيك في بيت إيل، وأوفيت لإبراهيم
عليه السلام بميثاقك، ولإسحاق عليه السلام بحلفك، وليعقوب عليه السلام بشهادتك، وللمؤمنين
بوعدك، وللداعين بأسمائك فأجبت، وبمجدك الذي ظهر لموسى بن عمران على قبة
الرمان وبآياتك التي وقعت على أرض مصر بمجد العزة والغلبة بآيات عزيزة،
وبسلطان القوة، وبعزة القدرة، وبشأن الكلمة التامة، وبكلماتك التي تفضلت بها
على أهل السماوات والأرض وأهل الدنيا والآخرة، وبرحمتك التي مننت بها على
جميع خلقك، وباستطاعتك التي أقمت بها العالمين، وبنورك الذي قد خر من فزعه
طور سيناء، وبعلمك وجلالك وكبريائك وعزتك وجبروتك التي لم تستقلها
الأرض وانخفضت لها السماوات، وانزجر لها العمق الأكبر، وركدت لها البحار
والأنهار، وخضعت لها الجبال، وسكنت لها الأرض بمناكبها، واستسلمت لها
الخلائق كلها، وخفقت لها الرياح في جريانها، وخمدت لها النيران في أوطانها، و
بسلطانك الذي عرفت لك الغلبة دهر الدهور، وحمدت به في السماوات والأرضين
وبكلمتك كلمة الصدق التي سبقت لأبينا آدم وذريته بالرحمة.
98

وأسئلك بكلمتك التي غلبت كل شئ، وبنور وجهك الذي تجليت به للجبل
فجعلته دكا وخر موسى صعقا، وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك
ورسولك موسى بن عمران، وبطلعتك في ساعير، وظهورك في جبل فاران بربوات
المقدسين، وجنود الملائكة الصافين، وخشوع الملائكة المسبحين، وببركاتك
التي باركت فيها على إبراهيم خليلك عليه السلام في أمة محمد صلواتك عليه وآله، وباركت
لإسحاق صفيك في أمة عيسى عليه السلام وباركت ليعقوب عليه السلام إسرائيلك في أمة موسى
عليه السلام وباركت لحبيبك محمد صلى الله عليه وآله وعترته وذريته
وأمته، وكما غبنا عن ذلك ولم نشهده، وآمنا به - ولم نره - صدقا وعدلا أن
تصلي على محمد وآل محمد، وأن تبارك على محمد وآل محمد، وترحم على محمد وآل محمد
كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد،
فعال لما تريد، وأنت على كل شئ قدير.
ثم تذكر ما تريد ثم قل:
يا حنان يا منان، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والاكرام،
يا أرحم الراحمين، اللهم بحق هذا الدعاء، وبحق هذه الأسماء التي لا يعلم تفسيرها
ولا يعلم باطنها غيرك، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا.... وانتقم لي من
فلان بن فلان، واغفر لي ذنوبي ما تقدم منها وما تأخر، ووسع علي من حلال
رزقك، واكفني مؤنة إنسان سوء، وجار سوء، وسلطان سوء، إنك على ما تشاء
قدير، وبكل شئ عليم، آمين رب العالمين (1).
قال الشيخ أحمد بن فهد رضي الله عنه في العدة: ويستحب أن يقول عقيب دعاء
السمات " اللهم إني أسئلك بحرمة هذا الدعاء، وبما فات منه من الأسماء، وبما
يشتمل عليه من التفسير والتدبير، الذي لا يحيط به إلا أنت، أن تفعل بي
كذا وكذا....
المتهجد والبلد الأمين والجنة والاختيار: يستحب الدعاء بهذا

(1) مصباح المتهجد: 292 - 295.
99

الدعاء آخر ساعة من نهار يوم الجمعة وهو دعاء السمات مروي عن العمرى - ره -
وذكروا الدعاء إلى قوله: وأنت على كل شئ قدير ثم تذكر ما تريد.
وفي بعض نسخ المتهجد (1) ثم تقول: يا الله يا حنان - إلى قوله - صل على محمد وآل محمد
وافعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله، وانتقم لي ممن يؤذيني، واغفر لي
من ذنوبي - إلى قوله - واكفني من جميع مهمات الدنيا والآخرة، واكفني مؤنة
إنسان سوء وجار سوء وقوم سوء، وسلطان سوء إلى آخر الدعاء.
وقال الكفعمي روح الله روحه (2) قال مولانا الصدر السعيد ضياء الدين قدس
الله سره: قرأت في بعض نسخ دعاء السمات في آخره اللهم بحق هذا الدعاء - إلى قوله -
آمين رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم.
جمال الأسبوع (3): باسناده عن الحسين بن محمد بن هارون بن موسى
التلعكبري قال: نسخت هذا الدعاء من كتاب دفعه إلى الشيخ الفاضل أبو الحسن
خلف بن محمد بن خلف الماوردي بسر من رأى بحضرة مولانا أبي الحسن علي بن محمد
وأبي محمد الحسن صلوات الله عليهما في شهر رمضان سنة أربع مائة، وجدت فيه نسخ
هذا الحديث من أبي علي بن عبد الله ببغداد هكذا حدثني محمد بن علي بن الحسن بن
يحيى قال: حضرنا مجلس محمد بن عثمان بن سعيد العمري ثم قال بعد كلام ذكره:
حدثني أبو عمرو محمد بن سعيد العمري، عن محمد بن أسلم، عن محمد بن سنان، عن
المفضل بن عمرو روى الدعاء عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وقال: في هذه
الرواية: ويستحب أن يدعا به آخر نهار يوم الجمعة.
الاختيار تقول بعد دعاء السمات " اللهم بحق هذا الدعاء، وبحق هذه
الأسماء التي لا يعلم تفسيرها ولا تأويلها ولا باطنها ولا ظاهرها غيرك أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن ترزقني خير الدنيا والآخرة، وافعل بي كذا وكذا، وافعل

(1) لا يوجد في المصباح المطبوع.
(2) البلد الأمين: 91.
(3) جمال الأسبوع:
100

بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله، وانتقم لي من فلان بن فلان، واغفر لي
من ذنوبي ما تقدم منها وما تأخر، ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات، و
وسع على من حلال رزقك، واكفني مؤنة إنسان سوء، وجار سوء، وسلطان سوء
وقرين سوء، ويوم سوء، وساعة سوء، وانتقم لي ممن يكيدني وممن يبغي على
ويريد بي وبأهلي وأولادي وإخواني وجيراني وقراباتي من المؤمنين والمؤمنات
ظلما إنك على ما تشاء قدير، وبكل شئ عليم، آمين يا رب العالمين.
ويقول: اللهم بحق هذا الدعاء تفضل على فقراء المؤمنين والمؤمنات بالغناء
والثروة، وعلى مرضى المؤمنين والمؤمنات بالشفاء والصحة، وعلى أحياء المؤمنين
والمؤمنات باللطف والكرامة، وعلى أموات المؤمنين والمؤمنات بالمغفرة والرحمة
وعلى مسافري المؤمنين والمؤمنات بالرد إلى أوطانهم سالمين غانمين، برحمتك يا
أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعترته الطاهرين، وسلم
تسليما كثيرا.
ووجدت في نسخة أخرى قرئ أمير المؤمنين عليه السلام عقيب دعاء السمات هذه الكلمات:
يا عدتي عند كربتي، ويا غياثي عند شدتي، ويا وليي في نعمتي، يا منجحي
في حاجتي، ويا مفزعي في ورطتي، ويا منقذي من هلكتي، ويا كالئي في وحدتي
صل على محمد وآل محمد، وأغفر لي خطيئتي ويسر لي أمري، واجمع لي شملي،
وأنجح لي طلبتي، وأصلح لي شأني، واكفني ما أهمني، واجعل لي من أمري
فرجا ومخرجا ولا تفرق بيني وبين العافية، أبدا ما أبقيتني، وعند وفاتي إذا
توفيتني، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد يا رب العالمين.
توضيح وتبيين
أقول: هذا الدعاء من الدعوات التي اشتهرت بين أصحابنا غاية الاشتهار،
وفي جميع الأعصار والأمصار، وكانوا يواظبون عليها، وقال الشيخ إبراهيم بن علي
الكفعمي طيب الله تربته في كتاب صفوة الصفات (1): روي عن الإمام الباقر عليه السلام

(1) وقد نقل شطر من ذلك في هامش البلد الأمين ص 89.
101

أنه قال: لو حلفت أن في هذا الدعاء الاسم الأعظم لبررت، فادعوا به على ظالمنا
ومضطهدنا، والمتعززين علينا.
ثم قال عليه السلام: إن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام لما حارب العماليق، و
كانوا في صور هائلة ضعفت نفوس بني إسرائيل عنهم، فشكوا إلى الله عز وجل فأمر الله
تعالى يوشع عليه السلام أن يأمر الخواص من بني إسرائيل أن يأخذ كل واحد منهم في
القرن هذا الدعاء لان لا يسترق السمع بعض شياطين الجن والإنس، فيتعلموه، ثم
يلقون الجرار في عسكر العماليق آخر الليل ويكسرونها، ففعلوا ذلك فأصبح العماليق
كأنهم أعجاز نخل خاوية، منتفخي الأجواف موتى، فاتخذوه على من اضطهدكم
من سائر الناس، ثم قال: هذا من عميق مكنون العلم، ومخزونه، فادعوا به ولا
تبذلوه للنساء السفهاء، والصبيان، والظالمين والمنافقين.
ثم قال الكفعمي: وهو مروي عن الصادق عليه السلام أيضا بعينه إلا أنه ذكر أن
محاربة العمالقة كانت مع موسى عليه السلام روى ذلك عنه عثمان بن سعيد العمروي قال محمد
ابن علي الراشدي: ما دعوت به في مهم ولا ملم إلا ورأيت سرعة الإجابة، ويستحب
أن يدعى بها عند غروب الشمس من يوم كل جمعة وليلة السبت أيضا ويقال: إن
من اتخذ هذا الدعاء في كل وجه يتوجه أو كل حاجة يقصدها أو يجعله أمام خروجه
إلى عدو يخافه أو سلطان يخشاه، قضيت حاجته، ولم يقدر عليه عدوه، ومن
لم يقدر على تلاوته فليكتبه في رقعة ويجعله في عضده أو في جيبه، فإنه يقوم
مقام ذلك.
ثم قال - ره - دعاء السمات بكسر السين أي العلامات، والسمة العلامة، كأن
عليه علامات الإجابة، وسمي أيضا دعاء الشبور قال الجوهري في صحاحه وهو البوق
قلت: وفيه المناسبة للقرون المثقوبة كما مر أو يكون مأخوذا من الشبر باسكان الباء
وتحريكها، وهو العطاء يقال شبرت فلانا وأشبرته أي أعطيته، فكأنه دعاء العطاء
من الله تعالى، وقيل بالعبرانية دعاء يوم السبت، وقال بعضهم اسمه سمة ومعني
سمة الاسم الأعظم انتهى.
102

وفي النهاية في حديث الاذان: ذكر له الشبور جاء تفسيره في الحديث أنه
البوق وفسروه أيضا بالقنع واللفظة عبرانية انتهى.
" إذا دعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة، انفتحت، وإذا دعيت
به على مضايق أبواب الأرض للفرج انفرجت " لا يخفى ما في الفقرتين من الاستعارات
اللطيفة واللطائف البديعة اللفظية والمعنوية، قال الكفعمي: الضمير في " به " راجع
إلى الاسم الأعظم، والمغالق جمع مغلاق وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح، ويقال: للمغلاق
أيضا الغلق، وفتح المغالق هنا مجاز أو المراد أن بهذا الاسم يستفتح الاغلاق، ويستمنح
الأعلاق، وهو السبيل الموصل إلى المسؤول، والدليل الدال على المأمول والمضايق جمع
مضيق والمعنى أن هذا الاسم يفتح الفرج في المضايق ويثبت القدم في المزالق.
وفي الفقرتين أنواع من البديع، المناسبة اللفظية من مغالق ومضايق، و
انفتحت وانفرجت، والمطابقة - وهو الجمع بين المتضادين - بين السماء والأرض
ولام العلة في للفتح وللفرج.
والتوشيح وهو أن يكون معنى أول الكلام دالا على آخره إذا عرف الروي
وائتلاف اللفظ مع اللفظ للملائمة بين المغالق والأبواب والفتح والانفتاح، وبين
المضايق والأبواب، والفرج والانفراج، والبسط أي الاتيان باللفظ الكثير للمعنى
القليل إذ كان يمكنه عليه السلام أن يقول لو ترك الاطناب " مغالق السماء لانفتحت بالرحمة
ومضايق الأرض لانفرجت بالرحمة " والفوائد في الاطناب ظاهرة.
والتكرار، وهو أن يكرر الكلمة بلفظها ومعناها لتأكيد الوصف أو المدح
وهنا كرر ذكر الرحمة والأبواب للتأكيد بحصول الرحمة وكشف العذاب وتفريج
المضايق وفتح الأبواب.
والإشارة وهي أن يشير المتكلم إلى معان كثيرة بكلام قليل، وفي الفقرتين
أشار بذكر الرحمة السماوية والأرضية إلى رفع الاعمال، ونزول الأرزاق والآجال
وزوال الكرب وبلوغ الآمال، إلى غير ذلك مما لا يستقصى.
والمجاز في الأبواب والمغالق، والانسجام وهو انحدار الكلام كانحدار
103

الماء بسهولة سبكه وعذوبة لفظه، ليكون له في القلوب موقع، والابداع وهو أن
يأتي في البيت الواحد أو الفقرة عدة ضروب من البديع وقد عرفت اجتماع تلك الوجوه
في فقرتي الدعاء.
" وإذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت " قال ره: العسر ضد اليسر، ويجوز
ضم السين فيهما وإسكانها، قال ابن قتيبة: إذا توالت الضمتان في حرف كان لك أن
تخفف وتثقل مثل رسل ورسل، وقال الجوهري: البأساء والضراء الشدة، وهما
اسمان مؤنثان وفي جوامع الطبرسي البأساء الفقر والشدة، والضراء المرض والزمانة
وفي الغريبين: البأساء في الأموال وهو الفقر، الضراء في الأنفس وهو القتل والبؤس
شدة الفقر.
" وبجلال وجهك الكريم " قال - رحمه الله -: جلال الله عظمته، قاله الجوهري
" أكرم الوجوه " أي أجلها وأعظمها، وقد يكون أكرم بمعنى أعز كقولهم فلان
أكرم من فلان، أي أعز منه، ومنه قوله: " إنه لقرآن كريم " (1) أي عزيز، وقد
يكون أكرم بمعنى أجود، والكريم هو الجواد المفضال، ورجل كريم أي جواد سخي.
وفي نزهة العشاق فرق بين السخي والكريم بأن السخي الذي يأكل ويطعم
والكريم الذي لا يأكل ويطعم، وقد يكون بمعنى أكثر خيرا، والكرم في اللغة
كثرة الخير، والعرب تسمي الذي يكثر خيره ويدوم نفعه ويسهل تناوله كريما
ونخلة كريمة إذا طاب حملها وكثر، ومن كرمه أنه يبتدء بالنعمة من غير استحقاق
ويغفر الذنب ويعفو عن المسئ، وقد يكون أكرم بمعنى أكرم من أن يوصف والكريم
الصفوح، والكريم المعبود.
" وأعز الوجوه " أي أمنعها وأغلبها ومنه قوله تعالى " أيبتغون عندهم (2)
العزة " أي المنعة وشدة الغلبة، وقد يكون أعز بمعنى عدم المثل والنظير، و
عز الشئ إذا صار عزيزا لا يوجد، والعز خلاف الذل والمراد بوجهه تعالى

(1) الواقعة: 77.
(2) النساء: 139.
104

ذاته، والعرب تذكر الوجه وتريد صاحبه، فيقولون أكرم الله وجهك: أي
أكرمك الله.
" الذي عنت له الوجوه " الضمير في " له " فيه وفيما بعده إلى الجلال المتقدم
آنفا، وعنت أي خضعت وذلت، وقيل المراد بالوجوه الرؤساء والملوك، أي صاروا
كالعناة، وهم الأسارى " وخشعت له الأصوات " أي خفضت وخفيت إشارة إلى قوله
سبحانه " وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا " (1) والوجل الخوف " أن
تقع " المعنى أن لا تقع وأن لا تزولا " إلا باذنك " أي بمشيتك وأمرك.
" وبمشيتك التي دان لها العالمون " قال ره مشية الله تعالى إرادته، ودان
أي ذل وأطاع، وفي بعض النسخ " كان له العالمون " من التكون، هو الوجود و
العالم اسم لأولي العلم من الملائكة والثقلين، وقيل هو اسم لما يعلم به الصانع من
الجواهر والاعراض، وقيل العالمون أصناف الخلق.
" وبكلمتك التي خلقت بها السماوات والأرض " قال ره: أي مشيتك وأمرك
والكلمة ترد كناية عن معان كثيرة.
" وبحكمتك التي صنعت بها العجائب " قال صاحب كتاب الحدود: الحكمة
تستعمل في العلم، فإذا استعملت في الفعل فالمراد به كل فعل حسن وقع من العالم
لحسنه، والحكيم من تكون أفعاله محكمة، والاحكام كون الفعل مطابقا للنفع
المطلوب منه، والعجائب جمع عجيبة والأعاجيب جمع أعجوبة.
وقال المقداد في لوامعه: الفرق بين الصانع والخالق والبارئ أن الصانع
هو الموجد للشئ المخرج له من العدم إلى الوجود، والخالق هو المقدر للأشياء
على مقتضى حكمته سواء خرج إلى الوجود أم لا، والبارئ هو الموجد لها من غير
تفاوت، والمميز لها بعضا عن بعض بالصور والاشكال، وقال: الجعل هنا بمعنى

(1) طه: 108.
105

الصيرورة ومنه " إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " (1) أي صيرناهم،
ويكون جعل بمعنى عمل وهيأ كقوله: جعلت الشئ بعضه فوق بعض، ويكون
بمعنى الوصف، ومنه قوله تعالى " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " (2)
أي وصفوهم بذلك، وبمعنى الخلق كقوله: " وجعلنا من الماء كل شئ حي " (3)
وبمعنى الرؤية، وبمعنى الحكم والاعتقاد، وبمعنى الانشاء والحدوث كقوله " وجعل
الظلمات والنور " (4) والضياء هو أعظم من النور.
وفي شرح النهج للشيخ مقداد أن الضوء ما كان عن ذات الشئ كالنار والشمس
والنور ما كان مكتسبا من غيره كاستنارة الجدار بالشمس، ومنه قوله " جعل الشمس
ضياء والقمر نورا " (5).
" وخلقت بها الكواكب - إلى قوله - ورجوما " هذا في علم البديع يسمى التقسيم
وهو استيفاء أقسام الشئ فإنه عليه السلام قسم الكواكب إلى النجوم والبروج والمصابيح
والزينة والرجوم، فاستوفى أقسامها، فان قيل إن من الكواكب ما يهتدى بها لقوله
تعالى " وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها " (6) ومنها ما يحفظ بها من
استراق السمع لقوله تعالى: " وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا " (7) ولم
يذكر هذان في قسم الكواكب؟ قلت: الأولى داخلة في لفظي النجوم والمصابيح، و
الثانية في لفظ الرجوم.
" وجعلت لها مشارق ومغارب " أي مختلفة بحسب الفصول والأيام فتخص

(1) الأعراف: 27.
(2) الزخرف: 19.
(3) الأنبياء: 30.
(4) الانعام: 1.
(5) يونس: 5.
(6) الانعام: 97.
(7) فصلت: 12.
106

السيارة أو الأعم فتعم، وقال الكفعمي: المراد بها هنا السيارة التي تطلع كل يوم
من مشرق وتغرب في مغرب وإنما ابتدأ بذكر المشارق اتباعا للفظ التنزيل في قوله
" فلا اقسم برب المشارق والمغارب " (1) ولان الشروق قبل الغروب، وقوله:
" رب المشرقين ورب المغربين " (2) المشرقان مشرقا الصيف والشتاء فمشرق الشتاء
مطلع الشمس في أقصر يوم من السنة، ومشرق الصيف مطلعها في أطول يوم من السنة
والمغربان على نحو ذلك، ومشارق الأيام ومغاربها في جميع السنة من هذين المشرقين
والمغربين انتهى وفيه ما لا يخفى، والمقصود ظاهر.
" وجعلت لها مطالع ومجاري، وجعلت لها فلكا ومسابح " المسابح هي
المجاري، وكرر لضرب من التأكيد واختلاف اللفظين، قال الشاعر وألفى قولها كذبا
ومينا، ومسبح الفرس جريه وقوله تعالى " كل في فلك يسبحون " (3) أي يجرون
والفلك مدار النجوم الذي يضمها يسمى فلكا لاستدارته، ومنه فلكة المغزل، و
الفلكة أيضا القطعة المستديرة من أرض أو رمل انتهى.
وأقول: يمكن أن يكون الجاري إشارة إلى الحركة اليومية، والمسابح إلى
الحركات الخاصة، فلا يكون تأكيدا وكذا تكرير المشارق والمطالع يحتمل أن
يكون لذلك.
" وقدرتها في السماء منازل " اقتباس من قوله تعالى " والقمر قدرناه منازل " (4)
أي قدرنا مسيره منازل أي سيره ومنازل إشارة إلى المنازل المعروفة للقمر وهي ثمانية
وعشرون، فالمعنى أنك قدرت تلك الكواكب لقربها وبعدها، والاشكال الحاصلة
منها منازل للقمر، والتصوير إما لكل كوكب بحسب صغره وكبره ونوره وشكله
أو لمجموع الصور الحاصلة من انضمام بعضها على بعض على ما هو المقرر عند أصحاب

(1) المعارج: 40.
(2) الرحمن: 17.
(3) الأنبياء: 33.
(4) يس: 39.
107

الهيئة ولعله أظهر.
" وأحصيتها بأسمائك " أي بالأسماء التي عينت لكل منها أو بأسمائك التي
تدل على علمك بالأشياء كالعليم والخبير.
" وسخرتها بسلطان الليل " أي بالسلطنة التي لك على الليل والنهار، أو بالتسلط الذي
جعلته لليل والنهار، أو بأن سلطتها على الليل والنهار، فإنهما يحصلان بسبب طلوع
بعضها وغروبه.
قال الكفعمي - ره -: أي أجريتها ودبرتها بقوة الليل والنهار و
قهرهما، وإنما أضاف السلطان الذي هو القهر والقوة هنا - وهو لله تعالى -
إلى الملوين تفخيما لأمرهما، ولكونهما العلة في معرفة الساعات والسنين والحساب
والمعنى أنه تعالى سخر الكواكب والنيرين لمعرفة الليل والنهار، ومعرفة
الساعات، وعدد السنين والحساب، قال تعالى: " فمحونا آية الليل وجعلنا آية
النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب " (1) أي
فمحونا آية الليل التي هي القمر حيث لم نخلق له شعاعا كشعاع الشمس، وجعلنا
الشمس ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شئ لتتوصلوا ببياض النهار إلى التصرف في
معايشكم وطلب أرزاقكم، ولتعلموا باختلاف الليل والنهار عدد السنين والشهور
وجنس الحساب وآجال الديون وغير ذلك، ولولاهما لم يعلم شئ من ذلك، و
لتعطلت الأمور، والمراد عدد سني الاعمار وآجال الديون والتواريخ، ونحو ذلك
لا عدد سني العالم لان الناس لا يحصونها.
" وجعلت رؤيتها لجميع الناس مرئى واحدا " أي في كل صقع وناحية لأهلها
أو لجنس الكواكب، ولو على سبيل البدلية.
وقال الكفعمي - ره -: هذا الكلام ليس على إطلاقه على ما هو مشهور بين
العلماء، فيكون المراد بالمرئى الواحد لجميع الناس بعد ارتفاع الكواكب والنيرين
في مطالعها ومجاريها، وأما قبل ذلك فليس المرئى واحدا لان النيرين في بلاد الهند

(1) أسرى: 12.
108

والسند والصين يطلعان على أهل تلك البلاد قبل طلوعها على أهل إفريقية وأهل
جزيرة الأندلس وبلاد النوبة، وعكس ذلك في غروبها.
وقال ابن قتيبة في أدبه: وسهيل كوكب أحمر منفرد عن الكواكب ومطلعه
على يسار مستقبل القبلة العراقية، وهو لا يرى في شئ من بلاد أرمينية وبنات نعش
تغرب في بلاد عدن ولا تغرب في شئ من أرمينية، والنسر يطلع على أهل الكوفة
قبل قلب العقرب بسبع، وبين رؤية سهيل بالحجاز وبين رؤيته بالعراق بضع عشر ليلة:
والمرئي الرؤية.
" في المقدسين " بفتح الدال في الملائكة الذين قدستهم وطهرتهم من
الذنوب والعيوب.
" فوق أحساس الكروبيين " المضبوط بخط الشيخ شمس الدين بفتح الهمزة
جمع الحس، وفي نسخ المصباح وكتابي الكفعمي بكسر الهمزة، لكن يظهر من
شرحه أنه بالفتح.
قال: فوق نقيض تحت قال تعالى: " والذين اتقوا فوقهم يوم القيمة " (1)
أي أعلى منزلة عند الله تعالى، وأحساس الكروبيين أصواتهم والحس والحسيس
الصوت الخفي، والمعنى أن كلامه سبحانه أعلى من كل شئ وفوق كل شئ
لأنه فوق أصوات الكروبيين، والكروبيون هم القريبون منه تعالى، من قولك كرب
كذا أي قرب، وكربت الشمس قريب للمغيب، وكل دان قريب فهو كارب، والمراد
بقربهم منه تعالى شرف منزلتهم عنده وجلالة محلهم منه، ومنه حديث أبي العالية
الكروبيون هم سادة الملائكة والكروبيون بالتشديد وروى التخفيف سليمان الطائي
انتهى وفي القاموس الكروبيون مخففة الراء سادة الملائكة.
أقول: ويمكن أن يكون المراد بفوق أحساس الكروبيين أن المكان
الذي حدث فيه ذلك الصوت كان فوق أمكنتهم، أو كان ذلك الصوت أخفى
من أصواتهم، فالمراد فوقها في الخفاء كما قيل في قوله تعالى سبحانه " بعوضة فما

(1) البقرة: 222.
109

فوقها " (1).
" فوق غمائم النور " قال الكفعمي قدس سره: الغمائم جمع غمامة، وهي
السحائب البيض سميت غمامة لسترها لأنها تغم الماء في أجوافها أي تستره " فوق
تابوت الشهادة " قد مر ذكر تابوت بني إسرائيل وأحواله مفصلا في المجلد الخامس
وكذا تفسير أكثر ما سيأتي في هذا الدعاء.
وقال الكفعمي: التابوت هو صندوق التوراة وفي كتاب الزبدة عن الباقر عليه السلام هذا
التابوت هو الذي أنزله الله تعالى على أم موسى فوضعته فيه فألقته في البحر، فلما
حضرت موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آثار النبوة، وأودعه
وصيه يوشع بن نون فلم يزل بنو إسرائيل يتبرك به وهم في عز وشرف حتى استخفوا
به فكانت الصبيان تلعب به فرفعه الله تعالى عنهم.
قيل كان في أيدي العمالقة حتى غلبوهم فرده الله عليهم، وقيل إن هذا التابوت
انزل على آدم عليه السلام وفيه صور الأنبياء عليهم السلام فتوارثته أولاده إلى أن وصل إلى
بني إسرائيل فكانوا يستفتحون به على عدوهم.
وعن علي عليه السلام كانت فيه ريح هفافة من الجنة لها وجه كوجه الانسان، وعند
أهل الكتاب أن التابوت حمل إلى ناحية كرزيم من ناحية طور سيناء فكانت تظله بالنهار
غمامة ويشرق عليه بالليل عمود من نار، وكان يدلهم على الطريق ليلا.
وقال الطبرسي: كان الغمام يظل بني إسرائيل من حر الشمس ويطلع بالليل
عمودا من نور يضئ لهم.
" وفي طور سيناء وفي جبل حوريت " قال الجوهري طور سيناء جبل بالشام،
وهو طورا ضيف إلى سيناء، وهي شجرة وكذلك طور سينين، قال وقرئ سيناء بكسر
السين، قيل وفتح السين أجود.
وقال الكفعمي: قال ابن خالويه في كتاب ليس: ليس في كلام العرب صفة على
فعلاء إلا طور سيناء، قال الطور الجبل والسيناء والسينين الحشيش، وجبل حوريث

(1) البقرة: 26.
110

هو جبل بأرض مدين خوطب عليه موسى عليه السلام أول خطابه، ومدين قال صاحب
كتاب تلخيص الآثار: هي مدينة قوم شعيب وهي تجاه تبوك بين المدينة والشام، بها البئر
التي استقى منها موسى لابنة شعيب.
وفي جوامع الطبرسي أن مدين مسيرة ثمانية أيام عن مصر، وقال السيد بن
طاوس - ره - رأيت في بعض تفسير كلمات هذا الدعاء أن جبل حوريث وقيل حوريثا
هو الجبل الذي خاطب الله جل جلاله موسى عليه السلام عليه في أول خطابه، وتابوت
يوسف عليه السلام حمل إلى ناحية حوريثا من ناحية طور سيناء.
" في الوادي المقدس في البقعة المباركة من جانب الطور الأيمن من الشجرة ".
أما الوادي فقال صاحب تلخيص الآثار: هو بقرب بيت المقدس، وهو واد
طيب كثير الزيتون، قيل إن موسى عليه السلام قبض فيه.
وأما الشجرة، فقال بعضهم هي عصاة هارون، وذلك أنه وقع بين بعض الأسباط
مشاجرة، فقالوا استخلفت أخاك حبا له وايثارا، فقال موسى عليه السلام إنما فعلته عن أمر الله
تعالى ثم أخذ موسى عصى الأسباط جميعها وكتب على كل واحدة اسم صاحبها، فلما
كان من الغد أورقت عصاة هارون، وكانت من لوز وانعقد عليها اللوز.
قلت: هذا ليس بصحيح بل الشجرة هي المشار إليها في التنزيل بقوله تعالى:
" فلما أتيها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى
إني أنا الله رب العالمين " (1) قال ابن عباس وجد النار في شجرة عناب، وقيل من
العوسج، وقيل من العليق تتوقد بضياء مع شدة خضرة الشجرة من أسفلها إلى أعلاها
لم تكن الخضرة تطفئ النار ولا النار، تطفئ الخضرة، ورأي نورا عظيما وسمع تسبيح
الملائكة فعلم أنه لأمر عظيم.
" وفي أرض مصر بتسع آيات " هذا عطف على ما تقدم، أي وبمجدك الذي كلمت به
موسى ابن عمران بأرض مصر بتسع آيات، ومصر هي المملكة المشهورة، قال عبد الرشيد

(1) القصص: 30.
111

ابن صالح الباكوتي في كتاب تلخيص الآثار: مصر ناحية مشهورة أرضها أربعون ليلة في
مثلها طولها من العريش إلى أسوان، وعرضها من برقة إلى أيلة سميت بمصر بن
مصرائيم بن حام بن نوح عليه السلام وهي أطيب الأرض ترابا وأبعدها خرابا ولا تزال البركة
بها ما دام على وجه الأرض إنسان، ولا يصيبها المطر.
" ويوم فرقت لبني إسرائيل البحر " فرقت أي فلقت، قال المطرزي يقال:
فرق بين الشيئين وفرق بين الأشياء وقال الأزهري يقال: فرقت بين الكلام أفرق
بالضم والتخفيف، وفرقت بين الاقسام أفرق بالكسر والتشديد.
" وفي المنبجسات التي صنعت بها العجائب في بحر سوف " هذا عطف على ما
تقدم من القسم عليه سبحانه بمجده، فكأنه قال: وبمجدك يوم فرقت لبني إسرائيل
البحر، وبمجدك في يوم المنبجسات، وهي العيون الجارية من الحجر وإليه الإشارة
في التنزيل بقوله: " فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتي عشرة عينا " (1)
وفي آية أخرى " فانبجست منه اثنتي عشرة عينا " (2) والانبجاس والانفجار واحد
وبجست الماء فجرته، قال الطبري الانبجاس هو الانفتاح بسعة وكثرة، وبحر سوف
قيل هو بالعبرانية يمسوف كأنه يم سوف، قيل ومعناه بحر بعيد القعر، قلت كأنه
أخذ من المسافة، قال الجوهري وهو البعد، وسماه الهروي في الغريبين إساف قال:
وهو الذي غرق فيه فرعون قلت: وهذا البحر هو بحر القلزم قال السيد بن طاوس
وبحر سوف بلسان العبرانية يم سوف أي بحر بعيد.
" وعقدت ماء البحر في قلب الغمر كالحجارة " قلب الشئ باطنه، والغمرة الماء
الكثير الذي يغمر صاحبه سميت الشدة غمرة لأنها تغمر القلب أي تغطيه، مأخوذ
من غمرة الماء، ومنه رجل غمر العطاء أي يفضل عطاؤه فيغمر ما سواه، وفي حديث
عمر أنه جعل على كل جريب عامرا وغامرا درهما وقفيزا، والغامر ما لم يزرع
مما يحتمل الزراعة، وإنما فعل ذلك لئلا يقصر الناس في المزارعة ويسمى

(1) البقرة: 60.
(2) الأعراف: 160.
112

غامرا لأن الماء يغمره والمعني أنه سبحانه عقد ماء البحر في باطنه كما يعقد الحجارة
وجعله قناطير، وكأنه إشارة إلى الكوى التي تراءى قوم موسى في البحر منها.
" وتمت كلمتك الحسنى عليهم بما صبروا وأورثتهم مشارق الأرض ومغاربها
التي باركت فيها للعالمين " الحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة يعني تمت على بني
إسرائيل أي مضت عليهم، من قولك تم على الامر إذا مضى عليه واستمر، وقوله
تعالى: " بما صبروا " أي بسبب صبرهم، وأورثهم أرض مصر والشام بعد العمالقة
فانصرفوا في نواحيها الشرقية والغربية كيف شاؤوا، وبارك لهم فيها بأنواع الخضر
من الزرع والثمار والعيون والأنهار.
" ومواكبه في اليم " مواكبه جمع موكب، قال الجوهري الموكب ركوب القوم
للزينة، والمراد هنا جيوشه وعساكره، وفي بعض النسخ " ومراكبه " جمع مركب
وهي الأفراس وغيرها مما يركب وأركب المهر: حان أن يركب، وليس المراد المراكب
التي هي السفن، واليم البحر وقديم الرجل إذا القي في اليم.
" ومسجد الخيف " بمنى معروف وقال - ره - في كتاب لمع البرق في معرفة
الفرق للكفعمي عفى الله عنه أن الفرق بين الخليل والصديق أن الخليل لا يقتضي
أن يكون من جنس من هو خليله، ولهذا قالت العرب سيفي خليلي، والصديق لا
يكون إلا من جنس من يصادقه، ويكون رتبته قريبة منه، فلا يقال لرجل ذمي أنه
صديق الأمير، وقوله: " صفيك " أي اخترته والصفي الصافي وصفو الشئ خالصه
مثلثة الصاد، وأما بئر شيع فرقمه الشهيد - ره - بخطه بالشين المعجمة والياء
المثناة من تحت، وقد ذكر أنها بئر طمها عمال ملك اسمه أبو مالك فسأله إسحاق
عليه السلام أن تعاد وتكنس، ففعل أبو مالك ذلك ورمى بقمامتها، فيكون معناه
مأخوذا من قولك شاعت الناقة إذا رمت ببولها، ويجوز أن يكون المعنى مأخوذا من
الشيع وهي الأصحاب الأعوان لتشايعهم على حفرها وكنسها، ومنه قوله تعالى:
" في شيع الأولين " (1) أي أصحابهم، ورقمه بعضهم بالسين المهملة والباء المفردة

(1) الحجر: 10.
113

ومعناه أن إسحاق بن إبراهيم كاتب عليها ملكا يقال له: أبو مالك وتعاهد على
البئر بسبعة من الكباش فسميت لذلك بئر سبع.
أقول: يظهر من التوراة أنه بئر سبع بالسين المهملة والباء الموحدة، و
ذكر قصتها في موضعين أحدهما عند ذكر قصة إسماعيل وهاجر، حيث قال: فلما
رأت سارة أن ابن هاجر المصرية يلعب مع إسحاق ابنها، قالت لإبراهيم أخرج هذه
الأمة وابنها، لان ابن هذه الأمة لا يرب مع ابني إسحاق.
فصعب على إبراهيم لموضع ابنه، وقال الله له: فلا يصعبن عليك من أجل الصبي
ومن أجل أمتك مهما قالت لك سارة اسمع منها، لأنه في إسحاق يدعى لك الزرع
وابن الأمة أيضا فإنه سأجعله لشعب عظيم لأنه زرعك، فقام إبراهيم بالغداة وأخذ
خبزا وسقاء من ماء، ووضع ذلك على عاتقها وأعطاها الصبي وأطلقها.
فلما مضت كانت تائهة في برية بئر سبع وفرع الماء من السقاء، فطرحت
الصبي تحت شجرة هناك، ومضت، فجلست بإزائه من بعيد نحو رمية سهم لأنها
قالت لا أرى الصبي يموت، وجلست قبالته ورفعت صوتها بالبكاء فسمع الله صوت الصبي
ونادى ملاك الله هاجر من السماء: مالك يا هاجر؟ لا تخشي إنه قد سمع الله صوت
الصبي من حيث هو قومي فخذي الصبي وأمسكي بيده فاني أجعله لشعب عظيم،
وفتح الله عينها فنظرت بئرا من ماء وانطلقت فملأت السقاء، وسقت الصبي، وكان
الله معه، ونمى وسكن في البرية وصار شابا يرمى بالسهام وسكن برية فاران و
أخذت له أمه امرأة من أرض مصر في ذلك الزمان.
قال أبو مالك وفيكال رئيس جيشه لإبراهيم: الله معك في كل ما تعمل، فالآن
احلف بالله أنك لا تؤذيني ولا لخلفائي وذريتي، بل كحسب رحمة فعلت معك تفعل
معي ومع الأرض التي سكنتها، فقال إبراهيم: أنا أحلف لك وكلم إبراهيم أبا مالك
من أجل بئر الماء التي غالب عليها عبيده، فقال أبو مالك: لا علم لي بمن فعل هذا، و
أنت فلم تخبرني بشئ وأنا لم أسمع سوى اليوم.
وأخذ إبراهيم غنما وبقرا وأعطى أبا مالك وجعل بينهما ميثاقا وأقام إبراهيم
114

عليه السلام سبع نعاج من الضأن ناحية، فقال إبراهيم: لتأخذ مني هذه السبع نعاج
لكي تكون لي شهادة أني أنا احتفرت هذا البئر، فمن أجل ذلك دعى الموضع بئر
سبع، ونهض أبو مالك وفيكال ورجعا إلى أرض فلسطين، وغرس إبراهيم حقلا
عند بئر سبع، ودعا هناك باسم الرب الاله الأزلي وسكن بأرض فلسطين أياما
كثيرة.
ثم ذكر عند ذكر قصة إسحاق عليه السلام أنه وقع مجاعة في الأرض فذهب إسحاق
إلى أبي مالك ملك فلسطين فتراءى له الرب وقال له: لا تنحدر إلى مصر لكن أسكن
الأرض التي أقول لك وانتج عليها، فأكون معك وأباركك، فاني لك أعطي جميع
هذه الأرض، ولنسلك، وأتم القسم الذي وعدته لإبراهيم وأكثر نسلك كنجوم السماء
وأعطى خلفاءك جميع هذه البلدان، ويتبارك بنسلك جميع شعوب الأرض، وساق
الكلام إلى أنه عليه السلام ذهب إلى وادي جرارة وحفر هناك آبارا كثيرة إلى أن انتهى إلى
بئر سبع فخاصمه أصحاب أبي مالك فصالحهم ووقع الحلف بينهم، وسمى القرية بئر
سبع إلى يومنا هذا انتهى، فظهر أن شيع بالمعجمة تصحيف.
ثم قال الكفعمي - ره - وأما بيت إيل فقال العماد الأصبهاني هو بيت المقدس
ويجوز أن يكون معناه بيت الله لان إيل بالعبرانية الله، قال الطبرسي ومعنى جبرئيل
عبد الله، وميكائيل عبيد الله، لان جبر عبد وميك عبيد، وإيل هو الله.
أقول: في التوراة أن إسحاق أمر يعقوب عليه السلام أن ينطلق إلى بئر بين نهري
سورية ويتزوج من بنات خاله لابان، فخرج يعقوب عليه السلام من بئر سبع ماضيا إلى
حران وأتى إلى موضع وبات هناك فأخذ حجرا من حجارة ذلك الموضع، ووضعه
تحت رأسه ونام هناك فنظر في الحلم سلما قائما على الأرض ورأسه يصل إلى السماء
وملائكة الله يصعدون ويهبطون فيه، والرب كان ثابتا على رأس السلم، وقال أنا
الرب إله إبراهيم وإله إسحاق فالأرض التي أنت عليها راقد أعطيها لك ولنسلك،
ويكون نسلك مثل رمل الأرض، وتتسع إلى المشرق والمغرب، وتتبارك بك و
بزرعك جميع قبايل الأرض، وأحفظك حيث ما انطلقت، وأعيدك إلى أهل هذه
115

الأرض، ولا أخليك حتى أعمل جميع ما قلته لك، فاستيقظ يعقوب من نومه وقال:
حقا إن الرب في هذا المكان وأنا لم أكن أعلم، وقال ما أخوف هذا الموضع ما
هذا إلا بيت الله، وباب السماء، وقام يعقوب بالغداة، وأخذ الحجر الذي كان
توسد به وأقامه وسكب عليه دهنا ودعا اسم المدينة بيت إيل التي أولا كانت تدعي
نوراء، إلى آخر ما ذكر فيه.
والمعنى أنه عليه السلام أقسم على الله سبحانه بمجده الذي تجلى به لهذه الأنبياء
الأربعة في هذه الأماكن الأربعة، والتجلي سيأتي تفسيره إنشاء الله.
" وأوفيت لإبراهيم بميثاقك، ولإسحاق بحلفك، وليعقوب بشهادتك، و
للمؤمنين بوعدك، وللداعين بأسمائك فأجبت " قال - ره - أما ميثاق إبراهيم فالظاهر
أنه ما واثقه به من البشارة بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، والوراء ولد
الولد، وعن الباقر عليه السلام أن هذه البشارة كانت بإسماعيل عليه السلام من هاجر، و
يحتمل أن يراد بالميثاق الإمامة وإليها الإشارة بقوله تعالى: " وجعلها كلمة باقية
في عقبه " (1).
وعن السدي: هم آل محمد عليهم السلام، والميثاق قال الجوهري هو العهد، والجمع مواثق
ومياثق ومياثيق، وقوله تعالى: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين " (2) أي أخذ العهد بأن
يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وآله قال الهروي: وأخذ الميثاق هنا بمعنى الاستحلاف، ومنه قوله:
" حتى تؤتوني موثقا من الله " (3).
وأما الحلف المضاف إلى إسحاق فمعناه قريب من معنى الميثاق المتقدم آنفا
وقال بعضهم: معناه أن الله عاهد إسحاق أن لا تنجلي الغمامة عن نسله، وقال بعضهم
معناه أن الله آلى أن لا يسلم ولد إسحاق إلى هلكة لمكان صبره على الذبح.
قلت: وهذا ليس بصحيح لتظافر روايات أئمتنا عليهم السلام بأن الذبيح إسماعيل عليه السلام.
وروي أن عمر بن عبد العزيز بعث إلى عالم مسلم بالشام كان يهوديا فسأله عن

(1) الزخرف: 28.
(2) آل عمران: 81.
(3) يوسف: 66.
116

الذبيح فقال إسماعيل، ثم قال: إن اليهود تعلم ولكنهم يحسدونكم لأنه أبوكم،
ويزعمونه إسحاق، لأنه أبوهم، قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلا عنه،
فقال أين ذهب عقلك متى كان إسحق بمكة، وإنما كان إسماعيل، والمنحر بمكة
لا شك.
وأما الشهادة المنسوبة إلى يعقوب: لما احتضر جمع ولده وأراد أن يخبرهم
بما يأتي من الحوادث وبما يصيبهم من الشر فقال الله تعالى: لا تعلمهم ذلك، فان
ذلك للنبي صلى الله عليه وآله القائم في آخر الزمان وأنا أعطيك درجة الشهادة، ويحتمل
أن يكون معنى " وأوفيت ليعقوب بشهادتك " أي باخبارك إياه أن ولده يوسف عليه السلام
حي فأمل الاجتماع به، قال الجوهري الشهادة خبر قاطع، وأشهد بكذا أي أحلف
وروي أن يعقوب عليه السلام رأى ملك الموت فسأله هل قبضت روح يوسف؟ فقال: لا،
فعلم أنه حي وأما إيفاؤه بوعد المؤمنين فهو ما أوصله إليهم من الآجال والأرزاق
والأولاد، وغير ذلك من النعم التي لا تحصى في الدنيا، وفي الآخرة بالجنة، و
قوله: " وفي السماء رزقكم وما توعدون " (1) الرزق المراد به المطر لأنه سبب
الأقوات، وما توعدون الجنة، وقوله: " الشيطان يعدكم الفقر " أي يخوفكم به، فيحملكم
على منع الزكاة، ويحتمل أن يراد بالوعد هنا العهد، ومنه قوله تعالى: " ما أخلفنا
موعدك بملكنا " (2) أي عهدك، ومثله " أخلفتم موعدي " (3) أي عهدي قال الهروي
يقال: وعدته خيرا ووعدته شرا وإذا لم تذكر الخير والشر قلت في مكان الخير وعدته
وفي الشر أوعدته، قال:
وإني إذا واعدته أو وعدته * لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فان أدخلوا الباء في الشر أتوا بالألف فقالوا أوعد بالشر.

(1) الذاريات: 22
(2) طه: 87.
(3) طه: 86.
117

وروى أن عمرو بن عبيد جاء إلى أبي عمرو بن العلا، فقال: يا أبا عمر أيخلف الله
ما وعد؟ قال: لا، قال أين أنت عمن أوعده الله على عمله عقابا أيخلف الله ما أوعده
فيه؟ فقال أبو عمرو: من العجمة اتيت يا أبا عثمان، إن الوعد غير الوعيد إن العرب
لا تعد عارا ولا خلفا أن تعد شرا ثم لا تفعله، ترى ذلك كرما وفضلا، وإنما
الخلف أن تعد خيرا ثم لا تفعله، قال فأوجدني هذا في كلام العرب! فأنشده البيت
المتقدم.
وعن الصادق عليه السلام: يا من إذا وعد وفا، وإذا توعد عفا.
وأما استجابته للداعين بأسمائه، فهو عطف على ما تقدم، وأنه تعالى وفى
لهم بالإجابة لما دعوه فقال: " ادعوني أستجب لكم " (1) وقال سبحانه: " وإذا
سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " (2).
إن قلت: إنا نرى كثيرا لا يجاب دعاؤهم؟ قلت: ذكر الطبرسي في مجمعه أن
الدعاء وقع لا على وجه الحكمة، إذ شرطه عدم المفسدة، إن قيل ما فيه حكمة إن
الله يفعله فلا حاجة إلى الدعاء، قلنا الدعاء في نفسه عبادة يتعبد الله بها، لما فيها من
إظهار الخضوع والافتقار إليه تعالى، ويجوز كون المطلوب مصلحة عند الدعاء
لا قبله.
وفي كتاب الدرر والغرر أن المراد بقوله: " أجيب دعوة الداعي " أي أسمعها و
لذا يقال للرجل: دعوت من لا يجيب، أي من لا يسمع، وقد يكون أيضا يسمع
بمعنى يجيب كما كان يجيب بمعنى يسمع يقال: سمع الله لمن حمده أي أجاب الله
من حمده.
أقول: وذكر في ذلك فصلا طويلا (3) نورده إنشاء الله تعالى في كتاب
الدعاء.

(1) غافر: 60.
(2) البقرة: 186.
(3) راجع الغرر ج 1 ص 306.
118

" وبمجدك الذي ظهر لموسى بن عمران عليه السلام على قبة الزمان "
أقول: قبة الزمان بالزاي المعجمة قد تكرر ذكرها في التوراة وهي القبة
التي بناها موسى وهارون في التيه بأمره تعالى فكان معبدا لهم كما مر ذكره في المجلد
الخامس، قال الكفعمي: وأما قبة الزمان فهو بيت المقدس، وقال المطرزي: القبة
كل بناء مدور والجمع قباب.
وقال بعضهم: قبة الزمان هو الفلك، وإنما سميت قبة بيت المقدس بذلك
لشرفها وعظم محلها، كما أن الشمس إذا كانت في قبة الفلك تكون في أوج السعادة
وكذلك بيت المقدس من كان فيه كان في أوج السعاة، وقيل: المراد بها بيوت الأنبياء
وقيل: المساجد.
وقال بعضهم: قبة الرمان في هذا الدعاء بالراء المهملة، قال: ومعناه أنها
قبة يتعبد فيها موسى وهارون، فدخلها ابنا هارون وهما سكرانان فجاءت نار
فأحرقتهما فخاف بنو إسرائيل من ذلك فعملوا جبة وفرجية وعلقوا في ذيلها جلاجل
من ذهب ورمانا من ذهب، وربطوا فيها بسلسلة من داخل المكان إلى خارج فمن
دخل ذلك المكان لبس تلك الجبة والفرجية، فان أصابه شئ تحركت تلك الجلاجل
والرمان فجروه بالسلسلة انتهى.
وأقول: قصة الرمان والجلاجل مذكورة في توراتهم الان لكن لا على هذا
الوجه، بل فيه في وصف قبة الرمان ودخول هارون عليه السلام وأولاده فيها أن الله تعالى
أوحى إلى موسى عليه السلام أن يصنع قميصا لهارون ويصنع في أسافله باستدارته مثل
الرمان والجلاجل، فيكون رمانة من ذهب، وبعدها جلجل من ذهب، وليلبسه
هارون عند خدمة بيت المقدس فيسمع صوته إذا دخل وإذا خرج، وأن يتخذ لبني
هارون أقمصة من كتان ومناطق للكرامة والمجد. وأن يلبس هذه كلها وهارون
وبنيه معه! ليكونوا لله أحبارا، وأن يصنع تبانين من كتان ليغطوا بها عورة
أجسادهم، فتكون على هارون وبنيه إذا ما دخلوا قبة الرمان، وإذا هم اقتربوا إلى
المذبح ليخدموا القدس، لكيلا يقبلوا خطيئة فيموتوا، سنة دائمة إلى الأبد لهارون
ولنسله من بعده انتهى.
119

واعلم أنه لما كان سدانة بيت المقدس وتعمير بيوت الله في بني إسرائيل
لهارون وأولاده عليه السلام، فكذا كانت الإمامة والخلافة وسدانة بيوت الله لأمير المؤمنين
وأولاده عليهم السلام لأنه كان من رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى باتفاق الخاص
والعام فتفطن.
وأما الآيات التي وقعت على أرض مصر، فهي معروفة، وقد مر ذكرها في
محلها.
" وبرحمتك التي مننت بها " أي أنعمت بها، ومن عليه بكذا أي أنعم، و
الفرق بين الخلق والخليقة أن الخلق الناس، والخليقة البهائم والدواب، وفي
حديث ذي الثدية " هو شر الخلق والخليقة ".
" وباستطاعتك التي أقمت بها العالمين " الاستطاعة هنا القدرة والمشية، وأقمت
بها العالمين أي صورتهم وأحسنت نظامهم " لم تستقلها الأرض " أي لم تطق حملها
والمراد عظم شأن الخمسة المتقدمة وجلالة قدرها أي لو كانت أجساما لكانت الأرض
عاجزة عن حملها إذ لو ظهر شئ من آثارها وأنوارها على الأرض لتقطعت.
" وانخفضت لها السماوات وانزجر لها العمق الأكبر " قال الكفعمي - ره -:
الانخفاض الانحطاط، وهنا كناية عن الذلة والاذعان والانقياد، والزجر المنع،
والعمق الأكبر باسكان الميم وضمها إشارة إلى تخوم الأرض، قال الجوهري: العمق
والعمق قعر البئر والفج والوادي، وهو أيضا ما بعد من أطراف المفاوز، وعمق النطر
في الأمور أي أبعد.
ويجوز أن يكون المعنى وانخفض لتلك الأمور ما في السماوات وانزجر
لها ما في الأرض وتخومها، كقولك إن السهل والجبل للسلطان أي ما في السهل
وما في الجبل، وتكون المطابقة بين السماء والأرض حاصلة معنا إن لم تكن لفظا
لان الجمع بينهما أنبأ عن القدرة وأدل على الإلهية، كما جمع في الأسماء الحسنى
بين الرافع والخافض، والمعز والمذل، والمحيي والمميت، والأول والاخر
ونحو ذلك لأنك مثلا إذا ذكرت القابض مفردا عن الباسط كنت كأنك قد قصرت
120

على المنع والحرمان، وإذا وصلت أحدهما بالاخر فقد جمعت بين الصفتين.
ويمكن أن يراد بالمزجور في العمق الأكبر الريح، فعن الباقر عليه السلام أن
لله تعالى بيت ريح مقفل لو فتح لاذرت ما بين السماء والأرض، وما أرسل الله تعالى
على قوم عاد إلا قدر الخاتم، فكانت تدخل على أفواههم وتخرج من أدبارهم فتقطعهم
عضوا عضوا، ونقول في الماء المزجور في العمق الأكبر كماء الطوفان ما قلناه في
الريح، فإنه لولا زجر الله سبحانه إياه لاغرق الخلق.
وقال بعضهم: العمق الأكبر: الملك الأكبر، وهذا التفسير فيه ما فيه، لأنه لم يرد
العمق بمعنى الملك لغة ولا عرفا.
" وركدت لها البحار والأنهار " أي ذلت البحار والأنهار واستقرت في
مجاريها وانقادت وأذعنت لعلمه وجلاله وكبريائه وعزته وجبروته، ولم يرد
بالركود السكون ضد الحركة لأنها غير ساكنة، اللهم إلا أن يراد ركودها ليلة
القدر لأنه قيل إن في ساعتها تسكن أمواج البحار، وتسجد الأشجار، وتقف
مياه الأنهار.
" وخضعت لها الرياح " بخط جد الشيخ البهائي رحمهما الله وأكثر نسخ
المصباح " خفقت " أي اضطربت وتحركت وتصوتت " في جريانها " بفتح الراء، و
إسكانها وهم.
" وخمدت لها النيران " أي سكن لهبها " في أوطانها " أي في أماكنها، وقال
الكفعمي: يحتمل أن يكون نار الخليل التي أوقدها نمرود، وكذا القول في نار
فارس التي أخمدها الله سبحانه ليلة مولد النبي صلى الله عليه وآله، وكان لها ألف عام من قبل
ذلك لم تخمد.
ويحتمل أن يكون المراد بالنيران المخمدة نيران اليهود، وإليها الإشارة
في القرآن بقوله تعالى: " كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " (1) أي كلما أرادوا
محاربة النبي صلى الله عليه وآله غلبوا، ولم يكن لهم ظفر قط، ثم قال: أقول في ذكر انزجار

(1) المائدة: 64.
121

العمق الأكبر الذي تحت التخوم الأرضية وذكر ركود البحار والأنهار وخضوع
الرياح وخمود النيران له تعالى دليل على كمال جماله وجمال كماله.
وفي اللوامع أن هذه المذكورة هي البسائط الأربع: النار والهواء والماء والأرض
وكل منها محيط بالاخر والمركبات تخلق عن امتزاجها.
واعلم أن العمق الأكبر إشارة إلى العنصر الترابي والبحار والأنهار إلى
المائي، والرياح إلى الهوائي، والنيران إلى الناري، وهذا يسمى في علم البديع
بالترتيب، وهو أن يعمد الشاعر أو الناثر إلى أوصاف شتى وموصوف واحد، فيوردها
على ترتيبها في الخلقة الطبيعة.
" وبسلطانك الذي عرفت لك به الغلبة دهر الدهور " قال: السلطان مأخوذ
من السلاطة وهي القهر، وهو فعلان يذكر ويؤنث ويجمع، والسلطان أيضا الحجة
والبرهان وهو المعنى المراد هنا ولم يجمع لاجرائه مجرى المصدر، وكل
سلطان في القرآن فمعناه الحجة النيرة، واشتقاقه قيل من السليط وهو دهن الزيت
لإضاءته، والمراد بدهر الدهور هنا هو الأبد الذي لا ابتداء له ولا نهاية، والمعنى
أنه عليه السلام أقسم عليه سبحانه بحجته وبرهانه الغالبة أبد الدهر.
" تجليت به للجبل " قال: التجلي هنا عبارة عن ظهور اقتداره تعالى للجبل،
وتصدي أمره وإرادته " فجعلته دكا " أي مدكوكا وهو مصدر بمعنى مفعول، وقال
العزيزي دكا أي مدكوكا أي مستويا مع وجه الأرض، ومنه يقال ناقة دكاء إذا كانت
مستوية السنام، وأرض دكاء أي ملساء، وقرئ دكاء بالمد والهمزة من غير تنوين
والدكاء الربوة الناشزة من الأرض لا تبلغ أن تكون جبلا، وأصل الدك الكسر.
" وخر موسى صعقا " أي خر مغشيا عليه غشية كالموت من هول ما رأى
وفي الدرر والغرر أنه لما ظهر نوره تعالى للجبل جعله دكا أي مستويا من الأرض
وقيل ترابا وقيل ساخ في الأرض، وقيل بقي أربع قطع واحدة بالمشرق وأخرى
بالمغرب وواحدة بالبحر وأخرى صارت رملا، وقيل صارت ستة أجبل بالمدينة ثلاثة:
أحد وورقان ورضوي، وبمكة ثلاثة: ثور وثبير وحرى، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله.
122

" وبمجدك الذي ظهر - إلى قوله - في جبل فاران " قال أما طور سينا فقد مر
شرحه عند ذكر جبل حوريث، وفي التكرار دلالة على تعظيم شأنه، وساعير جبل
بالحجاز يدعى جبل الشرات، كان عيسى عليه السلام يناجي الله عليه وعنده إجابة الدعاء
وقيل ساعير قبة كانت مع موسى كما يقال تخت الملك كرسيه وعندها إجابة
الدعاء.
وأما فاران فهو جبل كان نبينا محمد صلى الله عليه وآله يناجي الله تعالى عليه، وهو قريب
من مكة وقال الطبرسي في الاحتجاج: بين فاران وبين مكة يومان وطلعة الله تعالى
في ساعير وظهوره في جبل فاران عبارة عن ظهور وحيه وأمره، وبروز إرادته
واقتداره.
قال الشهرستاني صاحب الملل والنحل: قد ورد في التوراة أنه تعالى جاء من
طور سيناء وظهر على ساعير وعلن بفاران، ولما كانت الاسرار الإلهية والأنوار
الربانية في الوحي والتنزيل والمناجاة والتأويل على مراتب ثلاثة مبدء ووسط
وكمال والمجئ أشبه بالمبدء، والظهور بالوسط، والاعلان بالكمال، عبر عن
طلوع شريعة التوراة بالمجئ من طور سيناء، وعن طلوع شريعة عيسى بالظهور على
ساعير، وعن البلوغ إلى درجة الكمال والاستواء وهي شريعة المصطفى صلى الله عليه وآله
بالاعلان على فاران.
" بربوات المقدسين - إلى قوله - المسبحين " قال: الربوات مواضع نزول الوحي
على موسى عليه السلام، ومن قال: إن الربوات بنو إسرائيل فليس بشئ وهي جمع ربوة
مثلثة الراء، وهي ما ارتفع من الأرض وكذا الرابية، وفي الحديث: الفردوس ربوة
الجنة أي أرفعها، وكل شئ زاد وارتفع فقد ربا يربو فهو راب، والجنود هي الأعوان
والملائكة مشتقة من الألوكة وهي الرسالة، والصافين أي تصف صفوفا في السماء
أو تصف أقدامها في السماء كما تصف المؤمنون أو أجنحتها في الهواء منتظرين أمر
الله، أو أجنحتها حول العرش، قيل: ولما نزل قوله تعالى: " وإنا لنحن
123

الصافون " (1) اصطفت المسلمون في صلاتهم، وليس يصطف أحد من أهل الملل
في صلاتهم غير المسلمين، والخشوع كالخضوع، والمسبحون المصلون، وسبح يعني
صلى، والسبحة النافلة، وقيل المسبحين أي المنزهين الله، ويحتمل أن يراد به
الذاكرين الله، قال الطبرسي في قوله تعالى: " فلو لا أنه كان من المسبحين " (2) أي
الذاكرين الله كثيرا بالتسبيح والتقديس، وقال في قوله سبحانه: " وإنا لنحن
الصافون وإنا لنحن المسبحون " أي المصلون والمنزهون.
" وببركاتك - إلى قوله - في أمة موسى عليه السلام " قال: أقسم عليه سبحانه ببركاته التي
بارك فيها على إبراهيم عليه السلام في أمة نبينا صلى الله عليه وآله، والأمة هم أتباع الأنبياء، والبركة
لغة النماء والزيادة، والتبريك الدعاء بالبركة، وتبركت بكذا أي تيمنت وإنما
نسب بركات إبراهيم إلى محمد صلى الله عليه وآله لان النبي صلى الله عليه وآله من ولد إسماعيل بن إبراهيم،
ولان آل إبراهيم هم آل محمد صلى الله عليهم وإنما نسب بركات إسحاق إلى أمة
عيسى لأنه من ولده ولأنه أقرب إليه من موسى.
أقول: كذا في النسخ ولا أعرف له معنى، ولعل تخصيص إبراهيم بأمة
محمد صلى الله عليه وآله لكثرة ثناء الله عليه في القرآن، وأن النبي صلى الله عليه وآله مع كونه أشرف منه كان
ينتمي إليه ويقول: أنا على ملة إبراهيم، ولاتمام ما فعله من كسر الأصنام، ولذكره
مع النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة عليه، كما يقال " كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم "
ولكونه أشبه الناس به خلقا وخلقا، ولغير ذلك من الروابط المعنوية، وتخصيص
إسحاق بعيسى ويعقوب بموسى لبعض المشابهات والمناسبات الصورية والمعنوية التي
خفيت علينا ولأنه أخذ من إبراهيم نزولا ومن محمد صلى الله عليه وآله صعودا فكان الأنسب
بالترتيب ما ذكر فتفطن، ويمكن أن يكون ذكر عيسى مع إسحاق لكون أحدهما
أول الأنبياء من تلك الشعبة، والاخر آخرهم.
" وباركت لحبيبك في عترته " أي في فضلهم وقربهم وكمالاتم ودرجاتهم

(1) الصافات: 166.
(2) الصافات: 163.
124

" وذريته " لأنهم صاروا أكثر من ذرية جميع من كان في عصره " وأمته " لأنهم
ضعف جميع الأمم كما ورد في الاخبار.
" وكما غبنا عن ذلك " الظاهر أن اسم الإشارة والضمائر راجعة إلى
النبي صلى الله عليه وآله " وبعثته ورسالته، وقال الكفعمي: الضمير في ذلك وفي " به " راجع إلى
الاقسام والعزائم والأنبياء المذكورين وهذا الدعاء، أي مثل ما غبنا عن ذلك ولم
نحضره وهو في معنى الشرط وجوابه أن تصلي - الخ.
وقال: وينبغي الوقوف على " لم نره " ثم يبتدء ويقول: " صدقا وعدلا "
لئلا يشتبه المعنى بغيره لان المقصود وآمنا به صدقا وعدلا ولم نره. كما أمرت
العلماء بالوقوف في مواضع كثيرة من القرآن كقوله: " فبهت الذي كفر " (1) فيقف
القاري هن ثم يبتدئ ويقول: " والله لا يهدي القوم الظالمين " وقوله: " وطعامكم
حل لكم " (2) فيقف ثم يقول: " والمحصنات من المؤمنات " وأمثلة ذلك كثيرة
وقوله: " صدقا وعدلا " منصوبان على الحال.
وقال - رحمه الله - آخذا من كتاب ابن خالويه وغيره: الصلاة تقال على
تسعة معان:
الأول الصلاة المعروفة بالركوع والسجود.
الثاني الدعاء كقوله تعالى: " وصل عليهم " (3) ومنه الحديث إذا دعي
أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليصل. أي فليدع
لأرباب الطعام بالمغفرة والبركة.
الثالث الرحمة التي هي صلاة الله، قال السيد بهاء الدين بن عبد الحميد
والشيخ مقداد أنها الرضوان تفصيا من التكرار في قوله تعالى: " أولئك عليهم

(1) البقرة: 258.
(2) المائدة: 5.
(3) براءة: 103.
125

صلوات من ربهم ورحمة " (1) وقال ابن خالويه: العطف لاختلاف اللفظين.
رابع التبريك كقوله تعالى: " إن الله وملائكته يصلون على النبي (2) صلى الله عليه وآله "
أي يباركون عليه.
الخامس الغفران لقوله تعالى: " أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة "
وقال ابن عباس: المؤمن إذا سلم الامر لله، ورجع واسترجع عند المصيبة، كتب
له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله وهي المغفرة، والرحمة، وتحقيق
سبيل الهدى.
السادس الدين والمذهب قال تعالى حكاية عن قول شعيب " قالوا يا شعيب أصلاتك
تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا " (3) أي دينك.
السابع الاصلاح والتسوية قال الجوهري صليت العصا بالنار إذا لينتها وقومتها
وصليت الرجل نارا أدخلته إليها وجعلته يصلاها.
الثامن بيت النصارى ومنه قوله تعالى: " لهدمت صوامع وبيع وصلوات " (4)
ويقال لهذا البيت أصلاة قاله ابن خالويه.
التاسع إحدى صلوي الدابة وهما ما اكتنف الذنب من يمين وشمال.
وقال: " الحميد ": هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله في جميع
الأحوال سرائها وضراءها " والمجيد " هو الواسع الكرم، وقال: " الشهيد " هو
الشريف ذاته الجميل فعاله.
أقول: إنما بسطنا الكلام في شرح هذا الدعاء زائدا على غيره لتصدي الكفعمي
قدس سره لشرحه فأخذنا منه بعض فوائده، ولكونه من الأدعية المشهورة، وقد
اشتمل على ألفاظ غريبة تحتاج إلى الشرح والبيان والله المستعان.

(1) البقرة: 157.
(2) الأحزاب: 56.
(3) هود: 87.
(4) الحج: 40.
126

9 - باب
* " (أعمال الأسبوع وأدعيتها وصلواتها) " *
1 - المتهجد والبلد الأمين (1) والاختيار - دعاء ليلة الجمعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ربنا كنت ولم يكن قبلك شئ وأنت تكون حين لا يكون غيرك
شئ، لا يعلم أحد كنه عزتك، ولا يستطيع أحد أن ينعت عظمتك، ولا يعلم أحد
أين مستقرك، أنت فوق كل شئ وأنت وراء كل شئ ومع كل شئ وأمام كل
شئ.
خلقت يا ذا الجلال والاكرام العزة لوجهك واختصصت (2) الكبرياء والعظمة
لنفسك، وخلقت القوة والقدرة بسلطانك، فسبحانك ربنا ولك الحمد على عظمة
ملكك وجلال وجهك الذي ملاء نوره كل شئ، وهو حيث لا يراه شئ يسبح بحمده
فسبحانك ربنا وبحمدك.
اللهم ربنا ولك الحمد تسلطت فلا أحد من العباد وصفك (3) تسلطت بعزتك و

(1) البلد الأمين: 70.
(2) في المصدرين: وأخلصت.
(3) في البلد: فلا أحد من العباد يحد وصفك.
127

تعززت بجبروتك، وتجبرت بكبريائك، وتكبرت بملكك، وتملكت بقدرتك،
وقدرت بقوتك فلا يستطيع أحد من العباد وصفك ولا يقدر أحد قدرك ولا يسبق أحد
من قضائك.
سبحانك ربنا ولك الحمد على جلال وجهك، وعظمة ملكك الذي به قامت
السماوات والأرض، سبحانك ربنا (1) ولك الحمد ملأت كل شئ عظمة
وخلقت كل شئ بقدرة، وأحطت بكل شئ [علما، وأحصيت كل شئ
عددا] (2)، وحفظت كل شئ [كتابا ووسعت كل شئ] (3) رحمة، وأنت
أرحم الراحمين.
فسبحانك ربنا ولك الحمد على عزة سلطانك الذي خشع له كل شئ من
خلقك، وأشفق منه كل عبادك، وخضعت له كل خليقتك.
اللهم صل على محمد وآله واجزه أفضل الجزاء وأفضل ما أنت جاز أحدا من أنبيائك
على حفظه دينك، وإبلاغه كتابك، واتباعه وصيتك وأمرك، حتى تشرفه يوم
القيامة بتفضيلك إياه على جميع رسلك يا ذا الجلال والاكرام.
اللهم كما استنقذتنا بما انتجبت محمدا صلى الله عليه وآله، وهديتنا بما بعثته، وبصرتنا بما
أوصيته من العمل، فصل عليه وعلى آله، واجزه عنا أفضل الجزاء وأفضل ما
جزيت (4) نبيا من أنبيائك ورسلك، وأجمع (5) لي به خير الدنيا والآخرة، إنك
ذو فضل كريم يا ذا الجلال والاكرام (6)

(1) في البلد: اللهم ربنا.
(2) ما بين العلامتين ساقط من الأصل.
(3) ما بين العلامتين ساقط من الأصل.
(4) جازيت خ.
(5) أن تجمع لي خ.
(6) مصباح المتهجد: 342.
128

دعاء يوم الجمعة (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أحمدك وأنت للحمد أهل بمحامدك الكثيرة الطيبة التي استوجبتها
على بحسن صنيعك إلى في الأمور كلها، فإنك قد اصطنعت عندي بأن أحمدك كثيرا
وأسبحك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا، وفي الأمور كلها واقيا، وعني مدافعا، تواترني
بالنعم والاحسان أن (2) عزمت خلقي إنسانا من نسل آدم الذي كرمت وفضلت جل
ثناؤك وتعالى ذكرك.
وإذ استنقذتني من الأمم التي أهلكت حتى أخرجتني من الدنيا أسمع وأعقل
وابصر، وإذ جعلتني (3) من أمة محمد صلى الله عليه وآله المرحومة (4) المثاب عليها، وربيتني
على ذلك صغيرا ولم تغادر من إحسانك إلى شيئا، فتحمدك نفسي بحسن الفعال في
المنازل كلها على خلقي وصورتي وهدايتي ورفعك إياي منزلة حتى بلغت بي هذا
اليوم من العمر ما بلغت مع جميع نعمك والأرزاق التي أنت عندي بها محمود مشكور
لا إله إلا أنت.
وعلى ما جعلته لي بمنك قوة في بقية المدة وعلى ما رفعت عني من
الاضطرار، واستجبت لي من الدعاء في الرغبات، وأحمدك على حالي هذه كلها وما
سواها مما أحصي ومما لا أحصى.
هذا ثنائي عليك مهللا مادحا تائبا مستغفرا متعوذا ذاكرا لتذكرني بالرضوان (5)
جل ثناؤك ولك الحمد كما توليت الحمد بقدرتك، واستخلصت الحمد لنفسك، و

(1) البلد الأمين: 83، مصباح المتهجد: 343.
(2) في مصباح المتهجد: إذ عزمت.
(3) في المصباح: خلقتني.
(4) المرحومة المثابة خ.
(5) لتذكرني والرضوان ح ل.
129

جعلت الحمد من خاصتك، ورضيت بالحمد من عبادك، وفتحت (1) بالحمد كتابك،
وختمت بالحمد قضاءك، ولم يعدل إلى غيرك ولم يقصر الحمد دونك، فلا مدفع للحمد
عنك ولا مستقر للحمد إلا عندك، ولا ينبغي الحمد إلا لك.
حمدا، عدد ما أنشأت وملء ما ذرأت وعدد ما حمدك به جميع خلقك، و
كما رضيت به لنفسك ورضيت به عمن حمدك، وكما حمدت نفسك واستحمدت
إلى خلقك، وكما رضيت لنفسك وحمدك جميع ملائكتك يا أرحم الراحمين.
حمدا يكون أرضى الحمد لك، وأكثر الحمد عندك، وأطيبه لديك حمدا
يكون أحب الحمد إليك وأشرف الحمد عندك، وأسرع الحمد إليك.
حمدا عدد كل شئ خلقته، وملء كل شئ خلقته، ووزن كل شئ خلقته
ولك الحمد مثله ومعه أضعافا مضاعفة، كل ضعف منه عدد كل شئ أحاط به علمك
وملء كل شئ أحاط به علمك، وزنة كل شئ أحاط به علمك، يا ذا العلم العليم
والملك القديم، والشرف العظيم، والوجه الكريم.
حمدا دائما يدوم ما دام سلطانك، ويدوم ما دام وجهك، ويدوم ما دامت
جنتك، ويدوم ما دامت نعمتك، ويدوم ما دامت رحمتك، حمدا مداد الحمد و
غايته ومعدنه ومنتهاه وقراره ومأواه، حمدا مداد كلماتك وزنة عرشك وسعة رحمتك
وزنة كرسيك ورضى نفسك وملء برك وبحرك، وحمدا سعة علمك ومنتهاه وعدد
خلقك ومقدار عظمتك وكنه قدرتك ومبلغ مدحتك.
حمدا يفضل المحامد كفضلك على جميع خلقك، وحمدا عدد خفقان أجنحة
الطير في الهواء، وعدد نجوم السماء والدنيا منذ كانت، وإذ عرشك على الماء
حين لا أرض ولا سماء، وحمدا يصعد ولا ينفد يبلغك أوله ولا ينقطع آخره حمدا
سرمدا لا يحصى عددا ولا ينقطع أبدا حمدا كما تقول وفوق ما نقول، حمدا كثيرا
نافعا طيبا واسعا مباركا فيه حمدا يزداد كثرة وطيبا.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وترحم على محمد

(1) في مصباح المتهجد: ففتحت.
130

وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأعطه اليوم أفضل الوسائل وأشرف
الاعاطي وأعظم الحباء وأكرم المنازل وأسرع الجدود وأقر الأعين، اللهم أعط
محمدا صلى الله عليه وآله الوسيلة والفضيلة والزكاية والسعادة والرفعة والغبطة وشرف المنتهى
والنصيب الأوفى والغاية القصوى والرفيق الاعلى، وأعطه حتى يرضى وزده
بعد الرضا.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك الأمي الذي خلقته لنبوتك و
أكرمته برسالتك وبعثته رحمة لخلقك، وعلى آل محمد، اللهم أقبل عليه راضيا بوجهك
وأظله في ظل عرشك، واجعله في المحل الرفيع من جنتك.
اللهم صل على محمد وآل محمد نبي الرحمة وقائد الخير وإمام الهدى والداعي
إلى سبيل الاسلام، ورسولك يا رب العالمين، وخاتم النبيين وسيد المرسلين وإمام
المتقين ونجي الروح الأمين ورضى المؤمنين وصفي المصطفين.
اللهم صل على محمد وآل محمد كما تلا آياتك وبلغ رسالاتك وعمل بطاعتك
وصدع بأمرك ونصح لعبادك وجاهد في سبيلك ودب عن حرماتك وأقام حدودك و
أظهر دينك ووفى بعهدك، وأوذي في جنبك ودعا إلى كتابك، وعبدك مخلصا حتى
أتاه اليقين وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأكرمه كرامة تبدو فضيلتها على جميع الخلايق
وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، اللهم اجعل محمدا صلى الله عليه وآله
أحب خلقك حبا وأفضلهم عندك شرفا وأوفرهم لديك نصيبا وأعظمهم عندك زلفى
وأقرهم برؤيتك عينا وأطلقهم لسانا وأكرمهم مقاما وأدناهم منك مجلسا وأقربهم
إليك وسيلة وأكثرهم تبعا وأشرقهم وجها وأتمهم نورا وأنجحهم طلبة وأعلاهم
كعبا وأوسعهم في الجنة منزلا إله الحق المبين.
اللهم اجعل في المنتجبين كرامته، وفي الأكرمين محبته، وفي الأعلين
131

ذكره، وفي الأفضلين منزلته، وفي المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي
عليين داره، وأعطه أمنيته وغايته ورضا نفسه ومنتهاها.
اللهم صل على محمد وآل محمد وشرف بنيانه وعظم برهانه وثقل ميزانه
وكرم نزله وأحسن مآبه وأجزل ثوابه وتقبل شفاعته وقرب وسيلته وبيض وجهه
وأتم نوره وارفع درجته وأحينا على سنته وتوفنا على ملته وتجربنا منهاجه (1)
ولا تخالف بنا عن سبيله، واجعلنا ممن يليه واحشرنا في زمرته وعرفنا وجهه كما
عرفتنا اسمه، وأقرر عيوننا برؤيته كما أقررتها بذكره، وأوردنا حوضه كما آمنا
به، واسقنا بكأسه واجعلنا معه وفي حزبه ولا تفرق بيننا وبينه، واجعلنا ممن
تناله شفاعته صلى الله عليه وآله كلما ذكر السلام، فعلى نبينا وآله منا رحمة وسلام.
اللهم إني أسئلك بوجهك الكريم الحسن الجميل الذي ليس كمثله شئ نور
السماوات والأرض ذو الجلال والاكرام، وكلماتك التي لا يجاوزهن بر ولا
فاجر، وبسلطانك العظيم وقرآنك الحكيم وفضلك الكبير ومنك الكريم وملكك
القديم وخلقك العظيم، وبمغفرتك ورحمتك الواسعة، وباحسانك ورأفتك البالغة
وبعظمتك وكبريائك وجبروتك، وبفخرك وجلالك ومجدك وكرمك وبركاتك
وبحرمة محمد وآل محمد، وبحرمة عبادك الصالحين، فإنك أمرت بالدعاء وضمنت
الإجابة، وإنك لا تخلف الميعاد.
وأدعوك لذلك إلهي وأرغب إليك لذلك إلهي إني لا أبرح من مقامي هذا ولا
تنقضي مسئلتي حتى تغفر لي كل ذنب أذنبته وكل شئ تركته مما أمرتني به و
كل شئ أتيته مما نهيتني عنه، وكل شئ كرهت من أمري وعملي، وكل شئ
تعديته من أمرك وحدودك، وكل شئ وعدت فأخلفت وكل شئ عهدت فنقضت
وكل ذنب فعلته، وكل ظلم ظلمته وكل جور جرته وكل زيغ زغته وكل سفه
سفهته وكل سوء أتيته قديما أو حديثا صغيرا أو كبيرا دقيقا أو جليلا مما أعلم ومما
لا أعلم.

(1) في المصباح: وخذ بنا على منهاجه، وفى البلد: وتحربنا منهاجه.
132

وما نظر إليه بصري وأصغى إليه سمعي أو نطق به لساني أو ساغ في حلقي أو
ولج في بطني أو وسوس في صدري أو ركن إليه قلبي أو بسطت إليه يدي أو مشت إليه
رجلاي أو باشره جلدي أو أفضى إليه فرجي أو لان له طوري، أو قلبت له شيئا من
أركاني مغفرة عزما جزما لا تغادر بعدها ذنبا ولا أكتسب بعدها خطيئة ولا إثما، مغفرة
تطهر بها قلبي، وتخفف بها ظهري وتجاوز بها عن إصري وتضع بها عني وزري
وتزكي بها عملي وتجاوز بها عن سيئاتي وتلقنني بها عند فراق الدنيا حجتي
وأنظر بها إلى وجهك الكريم يوم القيامة، وعلى منك نور وكرامة.
يا فعال الخير والنعماء، يا مجلي عظايم الأمور، ويا كاشف الضر يا مجيب
دعوة المضطرين يا راحم المساكين، صل على محمد وآل محمد وإليك جأرت نفسي وأنت
منتهى حيلتي ومنتهى رجائي وذخري، وإليك منتهى رغبتي، أنت الغني وأنا الفقير
وأنت السيد وأنا العبد، وإنما يسئل العبد سيده، إلهي فلا ترد دعائي ولا تقطع
رجائي ولا تجبهني برد مسئلتي، واقبل معذرتي وتضرعي، ولا تهن عليك شكواي
فبك اليوم أنزلت حاجتي ورغبتي، وإليك وجهت وجهي، لا إله إلا أنت رب
العرش العظيم، أنت خير من سئل وأوسع من أعطى وأرحم من قدر وأحق من رحم
وغفر وعفى وتجاوز، أنت أحق من تاب علي وقبل العذر والملق، وأنت أحق
من أعاذ وخلص ونجى وأنت أحق من أغاث وسمع واستجاب، لأنه لا يرحم
رحمتك أحد، ولا ينجي نجاتك أحد.
اللهم فأرشدني وسددني ووفقني لما تحب وترضى من الاعمال برحمتك يا
أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله أجمعين، أستلطف الله العلي العظيم اللطيف
لما يشاء في تيسير ما أخاف عسره، فان تيسير العسير على الله سهل يسير وهو على
كل شئ قدير (1).
2 - المتهجد وجنة الأمان (2) وما الحق الشهيد - ره - بالصحيفة

(1) البلد الأمين: 87. مصباح المتهجد: 348.
(2) مصباح المتهجد: 348، جنة الأمان: 96
133

الكاملة: دعاء آخر للسجاد عليه السلام وهو من أدعية الأسبوع.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الأول قبل الأشياء، والاحياء، والاخر
بعد فناء الأشياء، العليم الذي لا ينسى من ذكره ولا ينقص من شكره ولا يخيب من
دعاه ولا يقطع رجاء من رجاه.
اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا واشهد جميع ملائكتك ورسلك وسكان
سمواتك وحملة عرشك ومن بعثت من أنبيائك ورسلك، وأنشأت من أصناف خلقك
أنى أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ولا عديل، ولا خلف
لقولك ولا تبديل، وأن محمدا صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك أدى ما حملته إلى العباد و
جاهد في الله عز وجل حق الجهاد وأنه بشر بما هو حق من الثواب، وأنذر بما
هو صدق من العقاب.
اللهم ثبتني على دينك ما أحييتني، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي
من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، صل على محمد وآل محمد، واجعلني من أتباعه
وشيعته، واحشرني في زمرته، ووفقني لأداء فرض الجمعات، وما أوجبت على فيها
من الطاعات، وقسمت لأهلها من العطاء في يوم الجزاء، إنك أنت العزيز
الحكيم (1).
3 - المتهجد والبلد والجنة (2) والاختيار ومنهاج الصلاح:
دعاء آخر للكاظم عليه السلام وهو من أدعية الأسبوع: مرحبا بخلق الله الجديد، وبكما
من كاتبين وشاهدين اكتبا بسم الله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله، وأن الاسلام كما وصف، والدين كما شرع، وأن الكتاب
كما أنزل، والقول كما حدث، وأن الله هو الحق المبين.
حيا الله محمدا بالسلام وصلوات الله وبركاته وشرايف تحياته وسلامه على
محمد وآله.

(1) البلد الأمين: 87.
(2) مصباح الكفعمي: 97 - 96.
134

أصبحت في أمان الله الذي لا يستباح، وفي ذمة الله التي لا تخفر وفي جوار الله
الذي لا يضام، وكفنه الذي لا يرام، وجار الله آمن محفوظ، ما شاء الله كل نعمة فمن
الله، ما شاء الله لا يأتي بالخير إلا الله، ما شاء الله نعم القادر الله، ما شاء الله توكلت
على الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت
وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير.
اللهم اغفر لي كل ذنب يحبس رزقي ويحجب مسئلتي أو يقصر بي عن بلوغ
مسئلتي أو يصد بوجهك الكريم عني، اللهم اغفر لي وارزقني وارحمني واجبرني
وعافني واعف عني، وارفعني واهدني وانصرني، وألق في قلبي الصبر والنصر
يا مالك الملك فإنه لا يملك ذلك غيرك.
اللهم وما كتبت على من خير فوفقني فيه، واهدني له، ومن على به كله
وأعني وثبتني عليه، واجعله أحب إلى من غيره وآثر عندي مما سواه، وزدني
من فضلك اللهم إني أسألك رضوانك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار،
وأسئلك النصيب الأوفر في جنات النعيم، اللهم طهر لساني من الكذب، وقلبي
من النفاق، وعملي من الرياء، وبصري من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين و
ما تخفي الصدور، اللهم إن كنت عندك محروما مقترا علي رزقي فامح حرماني وتقتير
رزقي، واكتبني عندك مرزوقا موفقا للخيرات، فإنك قلت تبارك وتعاليت " يمحو
الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " اللهم وصل على محمد وآله وإنك حميد
مجيد (1).
4 - المتهجد والبلد والجنة والاختيار: تسبيح يوم الجمعة: بسم الله
الرحمن الرحيم، سبحان من لبس العز والوقار وتأزر به سبحان من تعطف بالمجد
وتكرم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان من أحصى كل شئ بعلمه،
سبحان ذي الطول والفضل، سبحان ذي المن والنعم، سبحان ذي القدرة
والكرم.

(1) مصباح المتهجد: 350 البلد الأمين: 87.
135

اللهم إني أسئلك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، و
باسمك الأعظم وذكرك الاعلى، وبكلماتك التامة وتمت كلماتك صدقا وعدلا
لا مبدل لكلماتك إنك أنت العزيز الكريم.
يا ذا الجلال والاكرام، أسئلك بما لا يعد له شئ من مسائلك، أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وأن توسع على رزقي
في يسر منك وعافية، سبحان الحي الحليم، سبحان الحليم الكريم، سبحان الباعث
الوارث، سبحان الله العلي العظيم سبحانه وبحمده.
اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم
إنك حميد مجيد (1).
عوذة يوم الجمعة
5 - المتهجد (2): أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثنا أبو أحمد
عبد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، عن أبيه، عن عبد العظيم ابن عبد الله الحسنى
رضي الله عنه أن أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام كتب هذه العوذة لابنه أبي الحسن عليه السلام
وهو صبي في المهد وكان يعوذه بها يوما فيوما.
البلد (3) والجنة والاختيار: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم رب الملائكة والروح والنبيين والمرسلين،
وقاهر من في السماوات والأرضين، وخالق كل شئ ومالكه، كف عني بأس
أعداءنا ومن أراد بنا سوء من الجن والإنس، وأعم أبصارهم وقلوبهم، واجعل
بيننا وبينهم حجابا وحرسا ومدفعا إنك ربنا، ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله
عليه توكلنا وإليه أنبنا وهو العزيز الحكيم، ربنا وعافنا من شر كل سوء ومن
شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، ومن شر ما سكن في الليل والنهار، ومن شر
كل سوء، ومن شر كل ذي شر.

(1) البلد الأمين: 88، جنة الأمان: 97 مصباح المتهجد: 348
(2) مصباح المتهجد، 348
(3) البلد الأمين: 88.
136

رب العالمين وإله المرسلين، صل على محمد وآله أجمعين وخص محمدا وآله بأتم
ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بسم الله، وبالله أومن، وبالله أعوذ وبالله أعتصم، وبالله أستجير، وبعزة الله
ومنعته أمتنع من شياطين الإنس والجن، ومن رجلهم وخيلهم وركضهم وعطفهم
ورجعتهم وكيدهم وشرهم وشر ما يأتون به تحت الليل وتحت النهار، من البعد
والقرب، ومن شر الغائب والحاضر والشاهد والزائر أحياء وأمواتا، أعمى و
بصيرا، ومن شر العامة والخاصة ومن شر نفسي ووسوستها، ومن شر الدناهش
والحس واللمس واللبس ومن عين الجن والإنس، وبالاسم الذي اهتز له عرش
بلقيس، وأعيذ ديني وجميع ما تحوطه عنايتي من شر كل صورة وخيال أو بياض
أو سواد، أو تمثال أو معاهد أو غير معاهد ممن سكن الهواء والسحاب، والظلمات
والنور، والظل والحرور، والبر والبحور، والسهل والوعور، والخراب و
العمران، والآكام والآجام، والمغايض والكنايس، والنواويس والفلوات، و
الجبانات، من الصادرين والواردين ممن يبدو بالليل وينتشر بالنهار، وبالعشي
والابكار، والغدو والآصال، والمريبين والأسامرة والأفاترة والفراعنة والأبالشة
ومن جنودهم وأزواجهم وعشايرهم وقبايلهم، ومن همزهم ولمزهم ونفثهم
ووقاعهم وأخذهم وسحرهم وضربهم وعبثهم ولمحهم واحتيالهم وأخلاقهم ومن
شر كل ذي شر من السحرة والغيلان وأم الصبيان وما ولدوا وما وردوا، ومن
شر كل ذي شر داخل وخارج وعارض ومتعرض وساكن ومتحرك وضربان
عرق وصداع وشقيقة وأم ملدم والحمى والمثلثة والربع والغب والنافضة و
الصالبة والداخلة والخارجة، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إنك على
صراط مستقيم، وصلى الله على محمد وآل محمد وسلم تسليما كثيرا (1).
6 - طب الأئمة: باسناده عن الصادق عليه السلام عوذة يوم الجمعة:

(1) جنة الأمان (مصباح الكفعمي): 99، وفى هامشه شرح بعض المشكلات من
اللغة، وقد مر الدعاء بشرحه وتوضيحه في ج 94 ص 204 و 362.
137

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله، العلي العظيم، الله رب
الملائكة والروح والنبيين والمرسلين، وقاهر من في السماوات والأرضين، و
خالق كل شئ ومالكه، كف بأسهم وأعم أبصارهم وقلوبهم، واجعل بيننا وبينهم
حرسا وحجابا ومدفعا إنك ربنا لا حول ولا قوة إلا بك، عليك توكلنا وإليك
أنبنا وأنت العزيز الحكيم، عاف فلان بن فلانة من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها
ومن شر ما سكن في الليل والنهار، ومن شر كل سوء آمين يا رب العالمين، و
صلى الله على محمد نبي الرحمة وآله الطاهرين (1).
7 - البلد (2): دعاء عظيم يدعى به يوم الجمعة وهو من أدعية الأسبوع
لعلي عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي لا من شئ كان، ولا من شئ كون
ما قد كان " مستشهد بحدوث الأشياء على أزليته، وبما وسمها به من العجز على قدرته
وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك بأينيته، ولا له
شبح مثال فيوصف بكيفية، ولم يغب عن شئ فيعلم بحيثيته.
مبائن لجميع ما أحدث في الصفات، وممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصرف
الذوات، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات، محرم على بوارع
ناقبات الفطن تحديده، وعلى عوامق ثاقبات الفكر تكييفه، وعلى غوائص سابحات
النظر تصويره، ولا تحويه الأماكن لعظمته، ولا تذرعه المقادير لجلاله، ولا تقطعه
المقاييس لكبريائه.
ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه، وعن الافهام أن تستغرقه، وعن الأذهان أن
تمثله، قد يئست عن استنباط الإحاطة به طوامح العقول، ونضبت عن الإشارة إليه
بالاكتناه بحار العلوم، ورجعت بالصغر من السمو إلى وصف قدرته لطائف
الخصوم.

(1) طب الأئمة: 44 - 45 ط نجف.
(2) البلد الأمين: 92.
138

واحد لا من عدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد، ليس بجنس فتعادله الأجناس
ولا بشبح فتضارعه الأشباح، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات، قد ضلت العقول في
أمواج تيار إدراكه، وتحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته، وحصرت الافهام
عن استشعار وصف قدرته، وغرقت الأذهان في لجج أفلاك ملكوته.
مقتدر بالآلاء، ممتنع بالكبرياء، ومتملك على الأشياء، فلا دهر يخلقه،
ولا وصف يحيط به، قد خضعت له رقاب الصعاب في محل تخوم قرارها، وأذعنت له
رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها، مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته،
وبعجزها على قدرته، وبفطورها على قدمته، وبزوالها على بقائه، فلا لها محيص
عن إدراكه إياها، ولا خروج عن إحاطته بها، ولا احتجاب عن إحصائه لها، ولا
امتناع من قدرته عليها، كفى باتقان الصنع له آية، وبتركيب الطبع عليه دلالة،
وبحدوث الفطر عليه قدمة، وبإحكام الصنعة عليه عبرة، فلا إليه حد منسوب، ولا
له مثل مضروب، ولا شئ عنه بمحجوب، تعالى عن ضرب الأمثال له، والصفات
المخلوقة علوا كبيرا.
وسبحان الله الذي خلق الدنيا للفناء والبيود، والآخرة للبقاء والخلود
وسبحان الله الذي لا ينقصه ما أعطى فأسنى، وإن جاز المدى في المنى، وبلغ
الغاية القصوى، ولا يجور في حكمه إذا قضى، وسبحان الله الذي لا يرد ما قضى، و
لا يصرف ما أمضى، ولا يمنع ما أعطى، ولا يهفو ولا ينسى، ولا يعجل بل يمهل،
ويعنو ويغفر، ويرحم ويصبر، ولا يسئل عما يفعل وهم يسألون.
ولا إله إلا الله الشاكر للمطيع له، المملي للمشرك به، القريب ممن دعاه
على حال بعده، والبر الرحيم لمن لجأ إلى ظله واعتصم بحبله، ولا إله إلا
الله المجيب لمن ناداه بأخفض صوته، السميع لمن ناجاه لأغمض سره، الرؤف بمن
رجاه لتفريج همه القريب ممن دعاه لتنفيس كربه وغمه، ولا إله إلا الله الحليم
عمن ألحد في آياته، وانحرف عن بيناته، ودان بالجحود في كل حالاته، والله
139

أكبر القاهر للأضداد، المتعالى عن الأنداد، والمتفرد بالمنة على جميع العباد،
والله أكبر المحتجب بالملكوت والعزة المتوحد بالجبروت والقدرة، المتردي بالكبرياء
والعظمة، الله أكبر المتقدس بدوام السلطان، والغالب بالحجة والبرهان،
ونفاذ المشية في كل حين وأوان.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وأعطه اليوم أفضل الوسائل وأشرف
العطاء، وأعظم الحباء والمنازل، وأسعد الجدود وأقر الأعين، اللهم صل على محمد
وآل محمد وأعطه الوسيلة والفضيلة والمكان الرفيع والغبطة وشرف المنتهى والنصيب
الأوفى والغاية القصوى والرفيع الاعلى حتى يرضى وزده بعد الرضى.
اللهم صل على محمد وآل محمد الذين أمرت بطاعتهم، وأذهبت عنهم الرجس
وطهرتهم تطهيرا، اللهم صل على محمد وآل محمد الذين ألهمتهم علمك، واستحفظتهم
كتابك، واسترعيتهم عبادك، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وحبيبك وخليلك وسيد
الأولين والآخرين من الأنبياء والمرسلين، والخلق أجمعين وعلى آله الطيبين
الذين أمرت بطاعتهم وأوجبت علينا حقهم ومودتهم.
اللهم إني أقدمهم بين يدي مسئلتي وحاجتي، وأستشفع بهم عندك أمام طلبتي
وأسئلك اللهم سؤال وجل من انتقامك، حاذر من نقمتك، فزع إليك منك، لم يجد
لفاقته مجيرا غيرك، ولا لخوفه أمنا غير فنائك، وتطولك يا سيدي ومولاي على
مع طول معصيتي لك أقصد إليك وإن كانت سبقتني الذنوب، وحالت بيني وبينك،
لأنك عماد المعتمد، ورصد المرتصد، لا تنقصك المواهب ولا تغيضك المطالب،
فلك المنن العظام والنعم الجسام.
يا كثير الخير، يا دائم المعروف، يا من لا تنقص خزائنه، ولا يبيد ملكه
ولا تراه العيون، ولا تعزب منه حركة ولا سكون، لم تزل ولا تزال، ولا يتوارى
عنك متوار في كنين أرض ولا سماء ولا تخوم ولا قرار تكفلت بالأرزاق، يا رزاق
وتقدست عن أن تتناولك الصفات، وتعززت عن أن يحيط بك تصاريف اللغات، و
لم تكن مستحدثا فتوجد متنقلا عن حالة إلى حالة، بل أنت الفرد الأول والاخر
140

والباطن والظاهر، ذو العز القاهر، جزيل العطاء، جليل الثناء، سابغ النعماء، دائم
البقاء أحق من تجاوز وعفى عمن ظلم وأساء بكل لسان.
إلهي تمجد وفي كل الشدائد عليك يعتمد، فلك الحمد والمجد لأنك المالك
الأبد والرب السرمد أتقنت إنشاء البرايا فأحكمتها بلطف التقدير، وتعاليت في
ارتفاع شأنك عن أن ينفذ فيك حكم التغيير، أو يحتال منك بحال يصفك بها الملحد
إلى تبديل، أو يوجد في الزيادة والنقصان مساغ في اختلاف التحويل، أو
تلتثق سحائب الإحاطة بك في بحور همم الأحلام، أو تمثل لك منها جبلة تصل إليك
فيها رويات الأوهام.
فلك مولاي انقاد الخلق مستخدمين باقرار الربوبية، ومعترفين خاضعين
بالعبودية، سبحانك ما أعظم شأنك وأعلى مكانك وأنطق بالصدق برهانك وأنفذ أمرك
وأحسن تقديرك: سمكت السماء فرفعتها ومهدت الأرض ففرشتها، وأخرجت منها ماء
ثجاجا ونباتا رجراحا فسبحك نباتها وجرت بأمرك مياهها، وقاما على مستقر
المشية كما أمرتهما.
فيا من تعزز بالبقاء وقهر عباده بالفناء، أكرم مثواي، فإنك خير منتجع
لكشف الضر، يا من هو مأمول في كل عسر ومرتجى لكل يسر، بك أنزلت اليوم
حاجتي وإليك أبتهل فلا تردني خائبا مما رجوت، ولا تحجب دعائي عنك إذ
فتحته لي فدعوت، وصل على محمد وآل محمد، وسكن روعتي واستر عورتي و
ارزقني من فضلك الواسع رزقا واسعا سائغا حلالا طيبا هنيئا مريئا لذيذا
في عافية.
اللهم اجعل خير أيامي يوم ألقاك، واغفر لي خطاياي فقد أوحشتني وتجاوز
عن ذنوبي فقد أوبقتني، فإنك مجيب مثيب رقيب قريب، قادر غافر قاهر، رحيم كريم
قيوم، وذلك عليك يسير، وأنت أحسن الخالقين.
اللهم إنك افترضت علي للآباء والأمهات حقوقا فمظمتهن وأنت أولى من
حط الأوزار وخففها وأدى الحقوق عن عبيده، فاحتملهن عني إليهما، واغفر
141

لهما كما رجاك كل موحد مع المؤمنين والمؤمنات والاخوة والأخوات وألحقنا
وإياهم بالابرار، وأبح لنا ولهم جناتك مع النجباء الأخيار، إنك سميع
الدعاء، وصلى الله على النبي محمد وعترته الطيبين وسلم تسليما (1).
أقول: روى محمد بن هارون التلعكبري هذا الدعاء مع ساير أدعية الأسبوع المروية
عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب مجموع الدعوات بسندين أحدهما قال:
حدث أبو الفتح غازي بن محمد الطرايفي بدمشق سلخ شعبان سنة تسع وتسعين
وثلاثمائة، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله الميموني قال حدثني أبو الحسين
محمد بن علي بن معمر، قال حدثني علي بن يقطين بن موسى الأهوازي قال: كنت
رجلا أذهب مذاهب المعتزلة، وكان يبلغني من أمر أبي الحسن علي بن محمد عليهم السلام
ما أستهزئ به ولا أقبله، فدعتني الحال إلى دخول سر من رأى للقاء السلطان فدخلتها
فلما كان يوم وعد السلطان الناس أن يركبوا إلى الميدان ركب الناس في غلايل
القصب (2) بأيديهم المراوح، وركب أبو الحسن عليه السلام في زي الشتاء وعليه لبادة (3)
برنس وعلى سرجه تجفاف (4) طويل، وقد عقد ذنب دابته والناس يهزؤون به،

(1) البلد الأمين ص 94.
(2) الغلائل جمع الغلالة بالكسر وهي شعار ناعم تلبس تحت الثوب، والقصب
محركة ثياب من كتان، ناعمة جدا، والمراوح جمع المروح: آلة يحرك بها الريح
ليتبرد به عند اشتداد الحر، وإنما كانوا لبسوا تلك الغلائل من دون دثار فوقها لشدة
الحر.
(3) اللبادة - بالضم وتشديد الباء ما يلبس من اللبود وقاية من المطر، وهي قباء
طويل من صوف متلبد يسمى بالفارسية نمد، أو برنس ضخيم من الشعر المتلبد (برك)
يحشى قطنا أو خزا ليصير ناعما وقوله " لبادة برنس " يعين الثاني، والبرنس ثوب واسع
يشتمل به وعليه قلنسوة متصل به يسمى اليوم الممطر (شنل - بارانى).
(4) التجفاف بالكسر درع للفرس يسمى بالفارسية برگستوان وهو أيضا في الأغلب
من لبود الصوف أو الجلود الضخيمة، إنما يلبس ليقيه من المطر والبرد، أو يجففه
من عرقه.
142

وهو يقول: " ألا إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب " (1).
فلما توسطوا الصحراء وجازوا بين الحائطين ارتفعت سحابة وأرخت السماء
عزاليها (2) وخاضت الدواب إلى ركبها في الطين، ولوثتهم ذنابها، فرجعوا في أقبح
زي ورجع أبو الحسن عليه السلام في أحسن زي، ولم يصبه شئ مما أصابهم، فقلت:
إن كان الله عز وجل أطلعه على هذا السر فهو حجة، وجعلت في نفسي أن أسأله
عن عرق الجنب فقلت: إن هو أخذ البرنس عن رأسه وجعله على قربوس سرجه ثلاثا
فهو حجة.
ثم إنه لجأ إلى بعض السقائف فلما قرب نحى البرنس وجعله على قربوس
سرجه ثالث مرات ثم التفت إلى وقال: إن كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال
وإن كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام، فصدقته وقلت بفضله ولزمته عليه السلام.
فلما أردت الانصراف جئت لوداعه فقلت: زودني بدعوات، فدفع إلى هذا
الدعاء " اللهم إني أسئلك سؤال " وليس فيه التحميد.
وثانيهما حدث غازي بن محمد الطرائفي أيضا عن علي بن الحسن بن صالح بن
الوضاح النعماني قال: أخبرني أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع وأبو عبد الله
محمد بن إبراهيم النعماني من خطه قالا: أخبرنا أبو علي محمد بن همام عن جعفر بن
مالك الفزاري قال: حدثني أحمد بن مدبر من ولد الأشتر عن محمد بن عثمان، عن
أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الدعاء

(1) هود: 81 في قصة قوم لوط.
(2) العزالى جمع العزلاء وهو مصب الماء من الرواية ونحوها، يقال: أنزلت
السماء عزاليها، أو أرخت: كناية عن شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه المزادة
إذا أرخت عزلاءها.
143

الصغير لأمير المؤمنين عليه السلام وذكر في أوله التحميد وبعده " اللهم " وقد جمعت بين
الروايتين ورواية الكفعمي.
8 - المتهجد (1) والبلد (2) والجنة والاختيار تسبيح ليلة السبت
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحانك ربنا ولك الحمد وأنت الحي القيوم الأول الكائن، ولم يكن شئ
من خلقك أو يعاين (3) شئ من ملكك أو يتدبر في شئ من أمرك أو يتفكر في شئ
من قضائك، قائم بقسطك مدبر لأمرك، قد جرى فيما هو كائن قدرك ومضى فيما
أنت خالق علمك، خلقت السماوات والأرض فراشا وبناء، فسويت السماء منزلا
رضيته (4) لجلالك ووقارك وعزك وسلطانك، ثم جعلت فيها كرسيك وعرشك ثم
سكنتها ليس فيها شئ غيرك متكبرا في عظمتك، متعظما في كبريائك متوحدا في
علوك متمكنا (5) في ملكك، متعاليا في سلطانك، محتجبا في علمك، مستويا على
عرشك، فتباركت وتعاليت وعلا هناك بهاؤك ونورك وعزتك وسلطانك وقدرتك و
حولك وقوتك ورحمتك وقدسك وأمرك ومخافتك وتمكينك المكين وكبرك
الكبير وعظمتك العظيمة، وأنت الله الحي قبل كل حي والقديم قبل كل قديم
والملك بالملك العظيم الممتدح الممدح اسمك في السماوات والأرض وخالقهن
ونورهن وربهن وإلههن وما فيهن فسبحانك وبحمدك ربنا وجل ثناؤك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك، واجزه بكل خير أبلاه وشر

(1) مصباح المتهجد: 298.
(2) البلد الأمين: 96.
(3) أن يعاين شيئا خ.
(4) وصفته خ
(5) متملكا خ ل.
144

جلاه ويسر أتاه وضعف (1) قواه ويتيم آواه ومسكين رحمه وجاهل علمه ودين
بصره (2) وحق نصره (3) الجزاء الأوفى والرفيق الاعلى والشفاعة الجائزة والمنزل
الرفيع (4) في الجنة عندك آمين يا رب العالمين.
اجعل له منزلا مغبوطا ومجلسا رفيعا وظلا ظليلا ومرتفعا (5) جسيما جميلا
ونظرا إلى وجهك يوم تحجبه عن المجرمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد واجعله لنا فرطا، واجعل حوضه لنا موردا،
ولقاءه لنا موعدا يستبشر به أولنا وآخرنا وأنت عنا راض في دارك ودار السلام من
جنانك جنات النعيم آمين إله الحق رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأسألك باسمك الذي هو نور من نور ونور
فوق كل نور ونور تضئ به كل ظلمة وتكسر به قوة كل شيطان مريد وجبار
عنيد وجني عتيد، وتؤمن به خوف كل خائف، وتبطل به سحر كل ساحر، و
حسد كل حاسد، ويتضرع لعظمته البر والفاجر.
وباسمك الأكبر الذي سميت به نفسك واستويت به على عرشك واستقررت
به على كرسيك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفتح لي الليلة يا رب باب كل
خير فتحته لاحد من خلقك وأوليائك وأهل طاعتك، ثم لا تسده عني أبدا حتى
ألقاك وأنت عني راض، أسئلك ذلك برحمتك وأرغب إليك فيه بقدرتك، فشفع
الليلة يا رب رغبتي وأكرم طلبتي ونفس كربتي وارحم عبرتي وصل وحدتي وآنس
وحشتي واستر عورتي وآمن روعتي واجبر فاقتي ولقني حجتي وأقلني عثرتي و
استجب الليلة دعائي، وأعطني مسئلتي وأعظم من مسئلتي، وكن بدعائي حفيا وكن

(1) ضعيف خ ل
(2) نصره خ ل
(3) دين بصره وحق نصره خ.
(4) المنزل الكريم خ ل.
(5) مرتفقا خ
145

بي رحيما ولا تقنطني ولا تؤيسني من روحك ولا تخذلني وأنا أدعوك، ولا تحرمني
وأنا أسئلك، ولا تعذبني وأنا أستغفرك، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد
النبي وأهل بيته أجمعين (1).
9 - البلد الأمين ومجموع الدعوات: دعاء يوم السبت لعلي
عليه السلام.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي قرن رجائي بعفوه، وفسح أملي بحسن
تجاوزه وصفحه، وقوي منتي وظهري وساعدي وبدني بما عرفني من جوده و
كرمه، ولم يخلني مع مقامي على معصيته وتقصيري في طاعته، وما يحق علي من
اعتقاد خشيته واستشعار خيفته من تواتر مننه وتظاهر نعمه، وسبحان الله الذي
يتوكل كل مؤمن عليه ويضطر كل جاحد إليه، لا يستغنى أحد إلا بفضل ما لديه
ولا إله إلا الله المقبل على من أعرض عن ذكره، التواب على من تاب إليه من عظيم
ذنبه، الساخط على من قنط من واسع رحمته ويئس من عاجل روحه، والله أكبر خالق
كل شئ ومالكه ومبيد كل شئ ومهلكه.
اللهم صل على محمد عبدك وأمينك ونبيك وشاهدك التقي النقي، وعلى آل
محمد الطيبين الطاهرين، اللهم إني أسئلك سؤال معترف بذنبه نادم على اقتراف تبعته
وأنت أولى من اعتمد وعفا، وجاد بالمغفرة على من ظلم وأساء، فقد أوبقتني الذنوب
في مهاوي الهلكة وأحاطت بي الآثام وبقيت غير مستقل بها، فأنت المرتجى وعليك
المعول في الشدة والرخاء، وأنت ملجأ الخائف الغريق وأرأف من كل شفيق
إليك قصدت سيدي وأنت منتهى القصد للقاصدين، وأرحم من استرحم في تجاوزك
عن المذنبين.
اللهم أنت الذي لا يتعاظمك غفران الذنوب وكشف الكروب وأنت علام
الغيوب وساتر العيوب، لأنك الباقي الرحيم الذي تسربلت بالربوبية وتوحدت

(1) جنة الأمان (مصباح الكفعمي) 99 - 100.
146

بالإلهية وتنزهت عن الحيثوثية، فلم يحدك واصف محدودا بالكيفوفية، ولم تقع
عليك الأوهام بالمائية والحينونية، فلك الحمد عدد نعائمك على الأنام، ولك الشكر
على كرور الليالي والأيام.
إلهي بيدك الخير وأنت وليه متيح الرغائب وغاية المطالب، أتقرب إليك
بسعة رحمتك التي وسعت كل شئ، وقد ترى يا رب مكاني وتطلع على ضميري وتعلم
سري ولا يخفى عليك أمري وأنت أقرب إلى من حبل الوريد، فتب على
توبة لا أعود بعدها فيما يسخطك واغفر لي مغفرة لا أرجع معها إلى معصيتك يا أكرم
الأكرمين.
إلهي أنت الذي أصلحت قلوب المفسدين فصلحت باصلاحك إياها، فأصلحني
باصلاحك، وأنت الذي مننت على الضالين فهديتهم برشدك عن الضلالة وعلى الجائرين
عن قصدك فسددتهم وقومت منهم عثر الزلل، فمنحتهم محبتك وجنبتهم معصيتك
وأدرجتهم درج المغفور لهم وأحللتهم محل الفائزين، فأسئلك يا مولاي أن تلحقني بهم
يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن ترزقني رزقا واسعا حلالا
طيبا في عافية وعملا يقرب إليك يا خير مسؤول، اللهم إني أتضرع إليك ضراعة مقر
على نفسه بالهفوات وأتوب إليك يا تواب، ولا تردني خائبا من جزيل عطائك يا
وهاب، فقديما جدت على المذنبين بالمغفرة، وسترت على عبادك قبيحات الفعال،
يا جليل يا متعال، أتوجه إليك بمن أوجبت حقه عليك إذ لم يكن لي من الخير ما
أتوجه إليك به، وحالت الذنوب بيني وبين المحسنين، وإذ لم يوجب لي عملي
مرافقة المتقين، فلا ترد سيدي توجهي بمن توجهت به إليك أتخذلني ربي وأنت أملي
أم تردني صفرا من العفو وأنت منتهى رغبتي.
يا من هو مأمول في الشدائد موصوف معروف بالجود والخلق له عبيد وإليه
مرد الأمور صل على محمد (1) [وآل محمد وجد علي باحسانك الذي فيه الغنى عن

(1) من هنا إلى ص 157 ساقط من طبعة الكمباني.
147

القريب والبعيد، والأعداء والاخوان والأخوات، وألحقني بالذين غمرتهم بسعة
تطولك وكرامتك وجعلتهم أطايب أبرار أتقياء أخيارا ولنبيك صلى الله عليه وآله في دارك جيرانا
واغفر للمؤمنين والمؤمنات مع الاباء والأمهات والاخوة والأخوات يا أرحم
الراحمين (1).
10 - المتهجد (1) والبلد:
دعاء آخر ليوم السبت:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ربنا لك الحمد أنت الذي ليس كمثله شئ وأنت السميع البصير
ملكت الملوك بقدرتك واستعبدت الأرباب بعزتك وعلوت السادة بمجدك وسدت
العظماء بجودك ودوخت المتكبرين بجبروتك وتسلطت على أهل السلطان بربوبيتك
وذلك الجبابرة بعزة ملكك وابتدأت الأمور بقدرة سلطانك.
كل شئ سواك قام بأمرك وحسن العز والاستكبار بعظمتك وضفا الفخر و
الوقار بعزتك وتكبرت بجلالك وتجللت بكبريائك وجل المجد والكرم بك وأقام
الحمد عندك وقصمت الجبابرة بجبروتك، واصطفيت الفخر لعزتك والمجد والعلاء
لنفسك فتفردت بذلك كله وتوحدت في الملك وحدك واستبقيت الملك والجلال
لوجهك وخلص البقاء والاستكبار لك.
فكنت كما أنت أهله بمكانك وكما تحب وينبغي لك فلا مثل لك ولا عدل
لك ولا شبه لك ولا خطير لك ولا يبلغ شئ مبلغك ولا يقدر شئ قدرتك ولا يدرك
شئ أثرك ولا ينزل شئ منزلتك ولا يستطيع شئ مكانك ولا يحول شئ دونك ولا
يمتنع منك شئ أردته ولا يفوتك شئ طلبته.

(1) البلد الأمين: 96 - 97.
(1) المتهجد: 300 - 305.
148

خالق الخلق ومبتدعه وبارئ الخلق ووارثه، أنت الجبار تعززت بجبروتك
وتجبرت بعزتك وتملكت بسلطانك وتسلطت بملكك وتعظمت بكبريائك وتكبرت
بعظمتك وافتخرت بعلوك وعلوت بفخرك واستكبرت بجلالك وتجللت بكبريائك
وتشرفت بمجدك وتكرمت بجودك وجدك بكرمك وقدرت بعلوك وتعاليت
بقدرتك.
أنت بالمنظر الاعلى حيث لا تدركك الابصار وليس فوقك منظر بديع الخلق
فتم ملكك وملكت قدرتك وجرت قوتك وقدمت عزك وأنفذت أمرك بتسليطك وتسلطت
بقدرتك وقربت في نأيك ونأيت في قربك ولنت في تجبرك وتجبرت في لينك واتسعت
رحمتك في شدة نقمتك واشتدت نقمتك في سعة رحمتك وتهيبت بجلالك وتجاللت
في هيبتك.
فظهر دينك وتم نورك وفلجت حجتك واشتد بأسك وعلا كبرك وغلب مكرك
وعلت كلمتك ولا يستطاع مضادتك ولا يمتنع من نقماتك ولا يجار من بأسك ولا
ينتصر من عقابك ولا ينتصف إلا بك ولا يحتال لكيدك ولا تدرك حيلتك ولا يزول
ملكك ولا يعاز أمرك ولا ترام قدرتك ولا يقصر عزك ولا يذل استكبارك ولا تبلغ
جبروتك ولا ينال كبرياؤك ولا تصغر عظمتك ولا يضمحل فخرك ولا يهون جلالك ولا
يتضعضع ركنك ولا تضعف يدك ولا تسفل كلمتك ولا يخدع خادعك ولا يغلب من
غالبك.
بل قهر من عازك وغلب من حاربك وذل من كايدك وضعف من ضادك و
خاب من اغتر بك وخسر من ناواك وذل من عاداك وهزم من قاتلك واكتفيت بعزة
قدرتك وتعاليت بتأييد أمرك وتكبرت بعدد جنودك عمن صد وتولى عنك وامتنعت
بعزتك وعززت بمنعك وبلغت ما أردت وأدركت حاجتك وأنجحت طلبتك و
قدرت على مشيتك وكل شئ لك وبنعمتك وبمقدار عندك ولك خزائنك وما ملكت
يمينك وخلقك وبريتك وبدعتك.
ابتدعتهم بقدرتك وعمرت بهم أرضك وجعلتها لهم مسكنا عارية إلى أجل
149

مسمى منتهاه عندك ومنقلبهم في قبضتك وذوائب نواصيهم بيدك أحاط بهم علمك و
أحصاهم حفظك ووسعهم كتابك.
فخلقك كلهم يهاب جلالك ويرعد من مخافتك فرقا منك ويسبح بحمد قدسك
لهيبة جلال عزك تسبيحا وتقديسا لقديم عز كبريائك إنك أهل الكبرياء ولا ينبغي
إلا لك ومحل الفخر ولا يليق إلا بك ومدوخ المردة وقاصم الجبابرة ومبير
الظلمة.
رب الخلق ومدبر الامر ذو العز الشامخ والسلطان الباذخ والجلال القادر
والكبرياء القاهر والضياء الفاخر كبير المتكبرين وصغار المعتدين ونكال الظالمين
وغاية المتنافسين وصريخ المستصرخين وصمد المؤمنين وسبيل حاجة الطالبين المتعالى
قدسك المقدس وجهك.
تباركت بعلو اسمك وعلا عز مكانك وفخمت كبرياء عظمتك وعزة عزتك
لكرامتك وجلالك فأشرق من نور الحجب نور وجهك وأغشى الناظرين بهاؤك و
استنار في الظلمات نورك وعلا في السر والعلانية أمرك وأحاط بالسرائر علمك و
حفظ كل شئ إحصاؤك.
ليس شئ يقصر عنه علمك ولا يفوت شئ حفظك تعلم وهم النفوس ونية
القلوب ومنطق الألسن ونقل الاقدام وخائنة الأعين وما تخفي الصدور والسر
وأخفى والاستعلان والنجوى وما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت
الثرى إليك منتهى الأنفس ومعاد الخلائق ومصير الأمور.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك وشاهدك وصفيك وخيرتك
من خلقك النبي الأمي الراشد المهدي الموفق التقي الذي آمن بك وبملائكتك
وبلغ رسالاتك وتلا آياتك وجاهد عدوك وعبدك مخلصا حتى أتاه اليقين وكان
بالمؤمنين رؤوفا رحيما صلى الله عليه وآله تسليما.
اللهم شرف بنيانه وكرم مقامه وثقل ميزانه وبيض وجهه وأفلج حجته
وأعطه الوسيلة والشرف والرفعة والفضيلة يوم القيامة.
150

اللهم اجعل محمدا أحب الأولين والآخرين إليك حبا وأقربهم منك مجلسا
وأعظمهم عندك برهانا وأشرفهم لديك مكانا.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأوردنا حوضه واحشرنا في زمرته واسقنا بكأسه
واجعلنا من رفقائه ولا تفرق بيننا وبينه أبدا.
اللهم إني أسألك بلا إله إلا أنت الذي اعترفت لك بها الملائكة وخضعت
لك بها الجبابرة وعنت لك بها الوجوه وخشعت لك منها الابصار والركب والأصلاب
والاحشاء وأجساد الأولين والآخرين وبتقليبك القلوب وعلمك بالغيوب وبتدبيرك
الأمور وبعلمك ما قد كان وما هو كائن وبمعدود إحسانك ومذكور بلائك وسوابغ
نعمائك وفضائل كراماتك خير الدعاء وخير الإجابة وخير الأجل وخير المسألة
وخير العطاء وخير العمل، وخير الجزاء وخير الدنيا وخير الآخرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد ونعوذ بك يا رب من الضلالة بعد الهدى ومن
الكفر بعد الايمان ومن النفاق بعد الاسلام ومن الشك بعد اليقين ومن الهوان
بعد الكرامة، ونعوذ بك يا رب من أن نرضى لك سخطا أو نسخط لك رضى أو نوالي
لك عدوا أو نعادي لك وليا أو ننتهك لك محرما أو نبدل نعمتك كفرا أو نتبع هوى
بغير هدى منك.
ونسألك اللهم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل الايمان في قلوبنا ما أحييتنا و
الزيادة في عبادتك ما أبقيتنا والبركة فيما آتيتنا والمعافاة في محيانا ومماتنا والسعة
في أرزاقنا والنصر على عدونا والتوفيق لرضوانك والكرامة كلها في الدنيا
والآخرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تحرمنا فضلك ولا تنسنا ذكرك ولا تكشف
عنا سترك ولا تصرف عنا وجهك ولا تحلل علينا غضبك ولا تنزع منا كرامتك ولا
تباعدنا من جوارك ولا تحظر علينا رزقك ورحمتك ولا تكلنا إلى أنفسنا ولا تؤاخذنا
بجهلنا ولا تهنا بعد إذ أكرمتنا ولا تضعنا بعد إذ رفعتنا ولا تذلنا بعد إذ أعززتنا، و
لا تخذلنا بعد إذ نصرتنا ولا تفرقنا بعد إذ جمعتنا ولا تشمت بنا الأعداء ولا تجعلنا
151

مع القوم الظالمين.
واجعلنا من الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون واجعلنا من المصطفين
الأخيار ومن الرفقاء الأبرار واجعل كتابنا في عليين واسقنا من رحيق مختوم و
زوجنا من الحور العين وأخدمنا من الولدان واجعلنا من أصفيائك الذين أنعمت
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا آمين
رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني
صغيرا واجزهما بأحسن ما عملا إلى اللهم أكرم مثواهما ونور لهما في قبورهما
وافسح لهما في لحديهما وبرد عليهما مضاجعهما وأدخلهما جنتك وحرمهما على
النار وأعتقني وإياهما منها، وعرف بيني وبينهما في مستقر رحمتك وجوار
نبيك صلى الله عليه وآله وأدخل عليهما من بركة دعائي لهما ما تنفعهما به وتأجرني
عليه آمين رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات الاحياء منهم والأموات.
اللهم إني أسألك العافية ودوام العافية وشكر العافية والمعافاة في الدنيا و
الآخرة من كل سوء وأسئل الله العفو والعافية والمعافاة في الدنيا والآخرة من كل
سوء والحمد لله كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم (1).
11 - البلد والجنة والاختيار ومجموع الدعوات:
دعاء آخر للسجاد عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله كلمة المعتصمين ومقالة المتحرزين وأعوذ بالله من جور الجائرين

(1) البلد الأمين: 100 - 97.
152

وكيد الحاسدين وبغي الطاغين وأحمده فوق حمد الحامدين.
اللهم أنت الواحد بلا شريك والملك بلا تمليك لا تضاد في حكمك ولا تنازع
في ملكك أسألك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وأن توزعني من شكر نعمائك
ما يبلغني في غاية رضاك وأن تعينني على طاعتك ولزوم عبادتك واستحقاق مثوبتك
بلطف عنايتك وترحمني بصدي عن معاصيك ما أحييتني وتوفقني لما ينفعني ما أبقيتني
وأن تشرح بكتابك صدري وتحط بتلاوته وزري وتمنحني السلامة في ديني
ونفسي ولا توحش بي أهل انسى وتمم إحسانك فيما بقي من عمري كما أحسنت
فيما مضى منه يا أرحم الراحمين (1).
دعاء آخر للكاظم عليه السلام
مرحبا بخلق الله الجديد وبكما من كاتبين وشاهدين اكتبا: بسم الله، أشهد أن
لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن الاسلام كما وصف وأن الدين
كما شرع وأن الكتاب كما أنزل والقول كما حدث وأن الله هو الحق المبين و
صلوات الله وسلامه على محمد وآله.
أصبحت اللهم في أمانك أسلمت إليك نفسي ووجهت إليك وجهي وفوضت
إليك أمري وألجأت إليك ظهري رهبة منك ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجي منك إلا
إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ورسولك الذي أرسلت اللهم إني فقير إليك فارزقني
بغير حساب إنك ترزق من تشاء بغير حساب.
اللهم إني أسألك الطيبات من الرزق وترك المنكرات وحب المساكين و
أن تتوب على.
اللهم إني أسألك بكرامتك التي أنت أهلها أن تجاوز عن سوء ما عندي
بحسن ما عندك وأن تعطيني من جزيل عطائك أفضل ما أعطيته أحدا من عبادك اللهم
إني أعوذ بك من مال يكون على فتنة ومن ولد يكون لي عدوا.

(1) البلد الأمين: 97 - 98. الجنة: 101 - 102.
153

اللهم قد ترى مكاني وتسمع دعائي وكلامي وتعلم حاجتي أسألك بجميع
أسمائك أن تقضي لي كل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة.
اللهم إني أدعوك دعاء عبد ضعفت قوته واشتدت فاقته وعظم جرمه وقل عذره
وضعف عمله دعاء من لا يجد لفاقته سادا غيرك ولا لضعفه عونا سواك أسألك جوامع
الخير وخواتمه وسوابقه وفوايده وجميع ذلك بدوام فضلك وإحسانك ومنك و
رحمتك فارحمني وأعتقني من النار يا من كبس الأرض على الماء ويا من سمك
السماء بالهواء ويا واحدا قبل كل أحد ويا واحدا بعد كل شئ ويا من لا يعلم
ولا يدري كيف هو إلا هو ويا من لا يقدر قدرته إلا هو.
يا من كل يوم هو في شأن يا من لا يشغله شأن عن شأن ويا غوث المستغيثين
يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
رب ارحمني رحمة لا تضلني ولا تشقيني بعدها أبدا إنك حميد مجيد وصلى الله على
محمد وآله وسلم (1).
تسبيح يوم السبت.
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الاله الحق سبحان القابض الباسط سبحان الضار النافع سبحان القاضي
بالحق سبحانه وبحمده سبحان العلي الاعلى سبحان من علا في الهواء سبحانه وتعالى
سبحان الحسن الجميل سبحان الرؤف الرحيم سبحان الغني الحميد سبحان الخالق
البارئ سبحان الرفيع الاعلى سبحان العظيم الأعظم سبحان من هو هكذا ولا يكون
هكذا غيره.
سبوح قدوس لربي الحق الحليم سبحان الله العظيم وبحمده سبحان من هو
دائم لا يسهو سبحان من هو قائم لا يلهو سبحان من هو غني لا يفتقر سبحان من
تواضع كل شئ لعظمته سبحان من ذل كل شئ لعزته سبحان من استسلم كل

(1) المتهجد: 351، مصباح الكفعمي: 102 البلد الأمين: 100 - 101.
154

شئ لقدرته سبحان من خضع كل شئ لملكه سبحان من انقادت له الأمور
بأزمتها.
عوذة يوم السبت من عوذ أبى جعفر عليه السلام
أعيذ نفسي بالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم
له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه يعلم ما بين
أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات
والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم.
ثم تقرء الحمد والمعوذتين والتوحيد وتقول: كذلك الله ربنا وسيدنا ومولينا
لا إله إلا هو نور النور ومدبر الأمور نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة
فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة
زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله
لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم.
الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله
الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير الذي خلق سبع
سماوات طباقا ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ
قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا من شر كل ذي
شر معلن به أو مسر ومن شر الجنة والبشر ومن شر من يظهر بالليل ويكمن
بالنهار ومن شر طوارق الليل والنهار ومن شر ما ينزل الحمامات والخشوش و
الخرابات والأودية والصحاري والغياض والشجر وما يكون في الأنهار.
أعيذ نفسي ومن يعنيني أمره بالله مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع
الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شئ
155

قدير يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج
الميت من الحي ويرزق من يشاء بغير حساب، له مقاليد السماوات والأرض يبسط
الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم خلق الأرض والسماوات العلى الرحمن
على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى و
إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى.
الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى له الخلق والامر منزل التورية والإنجيل
والزبور والفرقان العظيم من شر كل طاغ وباغ ونافث وشيطان وسلطان وساحر
وكاهن وباطر وطارق ومتحرك وساكن ومتكلم وساكت وناطق وصامت ومتخيل
ومتمثل ومتلون ومحتقر ومتجبر ونستجير بالله حرزنا وناصرنا ومونسنا وهو
يدفع عنا لا شريك له ولا معز لمن أذل ولا مذل لمن أعز وهو الواحد القهار
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما.
عوذة أخرى ليوم السبت
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم رب الملائكة والروح و
النبيين والمرسلين وقاهر من في السماوات والأرضين كف عني بأس الأشرار وأعم
أبصارهم وقلوبهم واجعل بيني وبينهم حجابا إنك ربنا ولا قوة إلا بالله توكلت
على الله توكل عائذ به من شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها ومن شر ما سكن في
الليل والنهار ومن شر كل سوء وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما (1).

(1) المتهجد: 305: الجنة: 103، البلد: 101 - 103.
156

10 - المتهجد (1) والبلد (2) والاختيار:
دعاء ليلة الأحد (3)،
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ربنا لك الحمد ولك الملك وبيدك الخير وأنت على كل شئ قدير
سبحانك لك التسبيح والتقديس والتهليل والتكبير والتمجيد والتحميد والكبرياء
والجبروت والملكوت والعظمة والعلو والوقار والجمال والعزة والجلال والغاية
والسلطان والمنعة والحول والقوة والدنيا والآخرة والخلق والامر.
تباركت رب العالمين وتعاليت سبحانك، لك الحمد ولك البهجة والجمال
والبهاء والنور والوقار والكمال والعزة والجلال والفضل والاحسان والكبرياء
والجبروت، بسطت الرحمة والعافية ووليت الحمد] (4) لا شريك لك أنت الله لا شئ
مثلك فسبحانك ما أعظم شأنك وأعز سلطانك وأشد جبروتك وأحصى عددك وسبحانك
يسبح الخلق كلهم لك وقام الخلق كلهم بك، وأشفق الخلق كلهم منك، وضرع
الخلق كلهم إليك، وسبحانك تسبيحا ينبغي لك ولوجهك، ويبلغ منتهى علمك،
ولا يقصر دون أفضل رضاك، ولا يفضله شئ من محامد خلقك.
سبحانك خلقت كل شئ وإليك معاده، وبدأت كل شئ وإليك منتهاه، و
أنشأت كل شئ وإليك مصيره، وأنت أرحم الراحمين، بأمرك ارتفعت السماء و
وضعت الأرضون وأرسيت الجبال وسجرت البحور، فملكوتك فوق كل ملكوت،

(1) مصباح المتهجد: 307 - 310.
(2) البلد الأمين: 103.
(3) في الكتب أدعية أخرى ليوم السبت من أرادها فليراجعها
(4) من ص 147 ساقط إلى هنا:
157

تباركت برحمتك وتعاليت برأفتك وتقدست في مجلس وقارك، لك التسبيح بحلمك
ولك التمجيد بفضلك، ولك الحول بقوتك ولك الكبرياء بعظمتك، ولك الحمد
والجبروت بسلطانك، ولك الملكوت بعزتك، ولك القدرة بملكك، ولك الرضا بأمرك
ولك الطاعة على خلقك.
أحصيت كل شئ، عددا وأحطت بكل شئ علما، ووسعت كل شئ رحمة
وأنت أرحم الراحمين، عظيم الجبروت عزيز السلطان قوي البطش ملك السماوات و
الأرض رب العالمين ذو العرش العظيم والملائكة المقربين يسبحون الليل والنهار
لا يفترون.
فسبحان الله الذي لا يموت أبد الأبد، وسبحان رب العزة أبد الأبد، و
سبحان القدوس رب العزة أبد الأبد، وسبحان الله رب الملائكة والروح سبحان ربي الأعلى
سبحان ربي وتعالى، سبحان الذي في السماء عرشه وفي الأرض قدرته
وسبحان الذي في البحر سبيله، وسبحان الذي في القبور قضاؤه، وسبحان الذي في
الجنة رضاه، وسبحان الذي في جهنم سلطانه، سبحان الذي سبقت رحمته غضبه،
سبحان من له ملكوت كل شئ، سبحان الله بالعشي وسبحان الله بالابكار، سبحانه
وبحمده.
عز وجهه ونصره عبده وعلا اسمه وتبارك وتقدس في مجلس وقاره وكرسي
عرشه، يرى كل عين ولا تراه عين ويدرك كل شئ، ولا تدركه الابصار وهو
اللطيف الخبير.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك أمرا اختصصتنا به دون من عبد غيرك وتولى
سواك، وصل اللهم عليه بما انتجبته له من رسالتك، وأكرمته به من نبوتك، ولا
تحرمنا النظر إلى وجهه والكون معه في دارك ومستقر من جوارك.
اللهم كما أرسلته فبلغ وحملته فأدى حتى أظهر سلطانك وآمن بك لا شريك
لك فضاعف اللهم ثوابه وكرمه بقربه منك كرامة يفضل بها على جميع خلقك ويغبطه
به الأولون والآخرون من عبادك، واجعل مثوانا معه فيما لا ظعن له منه يا أرحم
158

الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأسئلك بجودك وكرمك وقربك وطولك
ومنك وعظيم ملكك وجلال ذكرك وكبر مجدك وعظيم سلطانك ولطف جبروتك
وتجبر عظمتك وحلم عفوك وتحنن رحمتك وتمام كلماتك ونفاذ أمرك وربوبيتك
التي دان لك بها كل ذي ربوبية وأطاعك بها كل ذي طاعة وتقرب إليك بها كل
ذي رغبة في مرضاتك ويلوذ بها كل ذي رهبة من سخطك أن ترزقني فواتح الخير
وخواتمه وذخائره وجوائزه وفواضله وفضائله وخيره ونوافله.
اللهم صل على محمد وآل محمد واهد باليقين معلننا وأصلح باليقين سرائرنا
واجعل قلوبنا مطمئنة إلى ذكرك وأعمالنا خالصة لك، اللهم صل على محمد وآل محمد
وأسئلك الربح من التجارة التي لا تبور والغنيمة من الاعمال الخالصة الفاضلة
في الدنيا والآخرة، والذكر الكثير لك والعفاف والسلامة من الذنوب والخطايا.
اللهم ارزقنا أعمالا زاكية متقبلة ترضى بها عنا وتسهل لنا سكرة الموت
وشدة هول يوم القيامة، اللهم إنا نسألك خاصة الخير وعامته لخاصنا وعامنا،
والزيادة من فضلك في كل يوم وليلة، والنجاة من عذابك والفوز برحمتك.
اللهم حبب إلينا لقاءك وارزقنا النظر إلى وجهك، واجعل لنا في لقائك
نضرة وسرورا، اللهم صل على محمد وآل محمد وأحضرنا ذكرك عند كل غفلة، وشكرك
عند كل نعمة، والصبر عند كل بلاء، وارزقنا قلوبا وجلة من خشيتك خاشعة
لذكرك منيبة إليك.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا ممن يوفي بعهدك ويؤمن بوعدك
[ويعمل بطاعتك ويسعى في مرضاتك ويرغب فيما عندك ويفر إليك منك] و
يرجو أيامك ويخاف سوء حسابك، ويخشاك حق خشيتك، واجعل ثواب أعمالنا
جنتك برحمتك، وتجاوز عن ذنوبنا برأفتك، وأعذنا من ظلمة خطايانا بنور وجهك
وتغمدنا بفضلك وألبسنا عافيتك وهنئنا كرامتك وأتمم علينا نعمتك، وأوزعنا
أن نشكر نعمتك آمين إله الحق رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين
159

وآله الطاهرين (1).
11 - البلد ومجموع الدعوات دعاء يوم الأحد لعلي عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على حلمه وأناته، والحمد لله على علمي بأن ذنبي وإن كبر صغير
في جنب عفوه، وجرمي وإن عظم حقير عند رحمته، وسبحان الذي رفع السماوات
بغير عمد وأنشأ جنات المأوى بلا أمد، وخلق الخلائق بلا ظهر ولا سند، ولا إله
إلا الله المنذر من عند عن طاعته وعتا عن أمره، والمحذر من لج في معصيته و
استكبر عن عبادته، والمعذر إلى من تمادى في غيه وضلالته لتثبيت حجته عليه و
علمه بسوء عاقبته.
والله أكبر الجواد الكريم الذي ليس لقديم إحسانه وعظيم امتنانه على جميع
خلقه نهاية، ولا لقدرته وسلطانه على بريته غاية.
اللهم صل على محمد وصل على أهل بيته كأفضل ما صليت وباركت على إبراهيم
وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم إني أسئلك سؤال مذنب أوبقته معاصيه في
ضيق المسلك، وليس له مجير سواك، ولا أمل غيرك ولا مغيث أرأف به منك ولا
معتمد يعتمد عليه غير عفوك أنت مولاي الذي جدت بالنعم قبل استحقاقها وأهلتها بتطولك
غير مؤهليها، ولم يعزك منع ولا أكداك إعطاء ولا أنفد سعتك سؤال مالح بل أدرت
أرزاق عبادك تطولا منك عليهم، وتفضلا منك لديهم.
اللهم كلت العبارة عن بلوغ مدحتك، وهفا اللسان عن نشر محامدك وتفضلك
وقد تعمدتك بقصدي إليك وإن أحاطت بي الذنوب وأنت أرحم الراحمين وأكرم
الأكرمين وأجود الأجودين وأنعم الرازقين وأحسن الخالقين، الأول والاخر
والظاهر والباطن، أجل وأعز وأرأف وأكرم من أن ترد من أملك ورجاك و
طمع فيما قبلك، فلك الحمد يا أهل الحمد إلهي إني جرت على نفسي في النظر لها و

(1) البلد الأمين: 105.
160

سالمت الأيام باقتراف الآثام، وأنت ولي الانعام، ذو الجلال والاكرام، فما بقي
لها إلا نظرك فاجعل مردها منك بالنجاح، وأجمل النظر منك لها بالفلاح، فإنك
المعطي النفاح ذو الآلاء والنعم والسماح يا فالق الاصباح امنحها سؤلها وإن لم
تستحق يا غفار.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي تمضى به المقادير، وبعزتك التي تتم بها
التدابير أن تصلي على محمد وآله وترزقني رزقا واسعا حلالا طيبا من فضلك، وأن لا
تحول بيني وبين ما يقربني منك يا حنان، وأدرجني فيمن أبحت له عفوك
ورضوانك وأسكنته جنابك برأفتك وطولك وامتنانك.
إلهي أنت أكرمت أولياءك بكرامتك فأوجبت لهم حياطتك، وأظللتهم برعايتك
من التتابع في المهالك وأنا عبدك فأنقذني برحمتك من ذلك، وألبسني العافية، وإلى
طاعتك فمل بي وعن طغيانك ومعاصيك فردني، فقد عجت إليك الأصوات
بضروب اللغات، يسألونك الحاجات، ترتجى لمحق العيوب وغفران الذنوب، يا علام
الغيوب.
اللهم إني أستهديك فاهدني وأعتصم بك فاعصمني، وأدعني حقوقك على إنك
أهل التقوى وأهل المغفرة، واصرف عني شر كل ذي شر إلى خير ما لا يملكه
أحد سواك، واحتمل عني مفترضات حقوق الاباء والأمهات، واغفر لي
وللمؤمنين والمؤمنات، والاخوة والأخوات والقرابات، يا ولي البركات وعالم
الخفيات (1).
14 - المتهجد (2) والبلد والاختيار دعاء آخر ليوم الأحد:
بسم الله الرحمن الرحيم سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الله الحي الأول
الكائن قبل جميع الأمور، والمكون لها بقدرتك والعالم بمصادرها كيف تكون، أنت
الذي سموت بعرشك في الهواء لعلو مكانك وسددت الابصار عنه بتلألؤ نورك، واحتجبت

(1) البلد الأمين: 106.
(2) مصباح المتهجد: 310 - 312.
161

عنهم بعظيم ملكك، وتوحدت فوق عرشك بقهرك وسلطانك، ثم دعوت السماوات
إلى طاعة أمرك فأجبن مذعنات إلى دعوتك، واستقرت على غير عمد من خيفتك،
وزينتها للناظرين وأسكنتها العباد المسبحين، وفتقت الأرضين فسطحتها لمن فيها
مهادا وأرسيتها بالجبال أوتادا، فرسخ سنخها في الثرى وعلت ذراها في الهواء،
فاستقرت على الرواسي الشامخات، وزينتها بالنبات وحففت متنها بالاحياء والأموات
مع حكيم من أمرك يقصر عنه المقال، ولطيف من صنعك في الفعال، قد أبصره العباد
حين نظروا وفكر فيه الناظرون فاعتبروا.
فتباركت منشئ الخلق بقدرتك، وصانع صور الأجساد بعظمتك، ونافخ النسيم
فيها بعلمك، ومحكم أمر الدنيا والآخرة بحكمتك وأنت الحامد نفسه بما أنت أهله
المجلل رداء الرحمة خلقه، المسبغ عليهم فضله الموسع عليهم رزقه، لم يكن قبلك
يا رب رب ولا معك يا إلهي إله، لطفت في عظمتك دون اللطفاء من خلقك، وعظمت
على كل عظيم بعظمتك، وعلمت ما تحت أرضك كعلمك ما فوق عرشك، تبطنت
للظاهرين من خلقك ولطفت للناظرين في قطرات أرضك، فكانت وساوس الصدور
كالعلانية عندك، وعلانية القول كالسر في علمك، فانقاد كل شئ لعظمتك، وخضع
كل سلطان لسلطانك، وقهرت ملك الملوك بملكك، وصار أمر الدنيا والآخرة
بيدك.
يا لطيف اللطفاء في أجل الجلالة، ويا أعلى الأعلين في أقرب القرب، أنت
المغشي بنورك حدق الناظرين، والمحير في النظر أطرف الطارفين، والمطل
شعاعه أبصار المبصرين، فحدق الابصار حسر دون النظر إليك، وأناسي العيون
خاشعة لربوبيتك، لم تبلغ مقل حملة العرش منتهاك، ولا المقائيس قدر علوك،
لا يحيط بك المتفكرون، فسبحانك وبحمدك، تباركت ربنا جل ثناؤك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، ونبيك نبي الرحمة البر بالأمة الواعظ
بالحكمة، والدليل على كل خير وحسنة إمام الهدى وخاتم الأنبياء وافتح مذخور
الشفاعة، الامر بالمعروف والناهي عن المنكر، ومحل الطيبات ومحرم الخبائث
162

وواضع الآصار وفكاك الاغلال التي كانت على أهل التوراة والإنجيل.
اللهم وكما أحللت وحرمت بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الهدى، فاجزه خير
الجزاء، وصل عليه وعلى أهل بيته أفضل الصلوات، وابعثه المقام المحمود الذي
وعدته مقاما يغبطه به الأولون والآخرون، ويبدو فضله فيه على جميع العالمين
وأعطه حتى يرضى وزده بعد الرضا، وامنن عليه كما مننت على موسى وهارون
آمين إله الحق رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد [وبارك على محمد وآل محمد] وترحم على محمد
وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد.
اللهم إني أسئلك باسمك العظيم المترحم به يا متملكا بالملك العظيم، المتعالي
المقتدر البرهان العظيم، العزيز المتعزز الرحمن الذي به تقوم السماوات والأرض جميعا
وباسمك المكنون المخزون في نفسك الذي لا يرام ولا ينال، وباسمك الأعز الأكرم
الأجل الأعظم المصطفى، وذكرك الاعلى وكلماتك التامة وبأسمائك الحسنى كلها
التي إذا دعيت بها أجبت وإذا سئلت بها أعطيت وإذا سميت بها رضيت أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تقسم لي اليوم سهما وافيا ونصيبا جزيلا من كل خير ينزل من
السماء إلى الأرض في هذا اليوم، وفي هذا الشهر وفي هذه السنة، إنك على كل
شئ قدير وبكل شئ عليم.
اللهم وما رزقتني فأتني به في يسر وعافية، وبارك لي فيه، وبلغني فيه
أملي وأملي فيك اليوم، وأطل في الخير بقائي، وأمتعني بسمعي وبصري واجعلهما
الوارثين مني، واخصصني منك بالنعمة وأعظم لي العافية، واجمع لي اليوم لطف
كرامة الدنيا والآخرة، واحفظ لي اليوم أمري كله الغائب منه والشاهد، والسر
منه والعلانية.
وأسئلك يا ولي المسألة والرغبة، أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن ترزقني
الرغبة إله الأرض وإله السماء، وأن تتم لي ما قصرت عنه رغبتي من أمر دنياي و
163

آخرتي برحمتك ورضوانك، إنك أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي جميعا وارحمهما كما ربياني
صغيرا واجزهما عني خيرا، اللهم اجزهما بالاحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا،
وافعل ذلك بكل من ولدني من المؤمنين، أستودع الله العلي الاعلى الذي لا تضيع
ودائعه ديني ونفسي وخواتيم عملي وولدي وأهلي ومالي وأهل بيتي وقراباتي و
إخواني وأهل حزانتي وما ملكته يميني وجميع نعمه عندي، وأستودع الله نفسي المرهوب
المخوف المتضعضع لعظمته كل شئ.
اللهم اجعلنا في كنفك وفي حفظك وفي جوارك وفي حرزك وفي منعك، عز
جارك وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك ولا إله غيرك، اللهم إني أسئلك العافية و
دوام العافية وشكر العافية، اللهم إني أسئلك حسن العافية والمعافاة في الدنيا و
الآخرة من كل سوء، توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ
ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا والحمد
لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا (1).
15 - البلد والجنة (2) والملحقات دعاء آخر للسجاد (ع):
بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الذي لا أرجو إلا فضله، ولا أخشى إلا عدله
ولا أعتمد إلا قوله ولا أتمسك إلا بحبله، بك أستجير يا ذا العفو والرضوان من
الظلم والعدوان ومن غير الزمان وتواتر الأحزان وطوارق الحدثان ومن انقضاء
المدة قبل التأهب والعدة، وإياك أسترشد لما فيه الصلاح والاصلاح، وبك
أستعين فيما يقترن به النجاح والانجاح، وإياك أرغب في لباس العافية وتمامها،
وشمول السلامة ودوامها، وأعوذ بك يا رب من همزات الشياطين، وأحترز
بسلطانك من جور السلاطين، فتقبل ما كان من صلاتي وصومي، واجعل غدي وما
بعده أفضل من ساعتي ويومي، وأعزني في عشيرتي وقومي، واحفظني في يقظتي و

(1) البلد الأمين: 109 - 106.
(2) مصباح الكفعمي: 108.
164

ونومي، فأنت الله خير حافظا وأنت أرحم الراحمين.
اللهم إني أبرء إليك في يومي هذا وما بعده من الآحاد من الشرك والالحاد
وأخلص لك دعائي تعرضا للإجابة، وأقهر نفسي على طاعتك رجاء للإثابة، فصل
على محمد وآله خير خلقك الداعي إلى حقك وأعزني بعزك الذي لا يضام،
واحفظني بعينك التي لا تنام، واختم بالانقطاع إليك أمري، وبالمغفرة عمري، إنك
أنت الغفور الرحيم (1).
16 - المتهجد (2) والبلد (3) والجنة والاختيار والمنهاج:
دعاء آخر للكاظم عليه السلام: مرحبا بخلق الله الجديد وبكما من كاتبين وشاهدين، اكتبا
بسم الله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وأشهد أن السلام كما وصف، وأن الدين كما شرع، وأن الكتاب كما أنزل، و
القول كما حدث، وأن الله هو الحق المبين.
حيا الله محمد بالسلام، وصلى الله عليه كما هو أهله وعلى آله، أصبحت و
أصبح الملك والكبرياء والعظمة والخلق والامر والليل والنهار وما يكون فيهما
لله وحده لا شريك له.
اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحا، وأوسطه نجاحا وآخره فلاحا، و
أسئلك خير الدنيا والآخرة، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته
ولا دينا إلا قضيته ولا غائبا إلا حفظته وأديته ولا مريضا إلا شفيته وعافيته، و
لا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضا ولي فيها صلاح إلا قضيتها.
اللهم تم نورك فهديت، وعظم حلمك فعفوت، وبسطت يدك فأعطيت، فلك
الحمد، وجهك خير الوجوه وعطيتك أنفع العطية، فلك الحمد تطاع ربنا فتشكر، و
تعصى ربنا فتغفر، تجيب المضطر وتكشف الضر وتشفي السقيم وتنجي من الركب

(1) البلد الأمين: 109.
(2) مصباح المتهجد: 352.
(3) البلد الأمين: 109.
165

العظيم، لا يجزي بآلائك أحد ولا يحصي نعماءك أحد، رحمتك وسعت كل شئ، و
أنا شئ، فارحمني ومن الخيرات فارزقني، وتقبل صلواتي، واسمع دعائي، ولا
تعرض عني يا مولاي حين أدعوك، ولا تحرمني إلهي حين أسئلك من أجل خطاياي
ولا تحرمني لقاءك، واجعل محبتي وإرادتي محبتك وإرادتك واكفني هول المطلع.
اللهم إني أسئلك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة محمد صلى الله عليه وآله في
أعلا جنة الخلد، اللهم وأسئلك العفاف والتقى والعمل بما تحب وترضى والرضا
بالقضاء والنظر إلى وجهك الكريم، اللهم لقني حجتي عند الممات، ولا ترني
عملي حسرات.
اللهم اكفني طلب ما لم تقدر لي من رزق، وما قسمت لي فأتني به في يسر منك
وعافية، اللهم إني أسئلك توبة نصوحا تقبلها مني تبقى على بركتها، وتغفر بها ما
مضى من ذنوبي، وتعصمني بها فيما بقي من عمري، يا أهل التقوى وأهل المغفرة،
وصلى الله على محمد وآل محمد إنك حميد مجيد (1).
17 - المتهجد (2) والبلد (3) والجنة والاختيار: تسبيح يوم الأحد:
بسم الله الرحمن الرحيم، سبحان من ملا الدهر قدسه سبحان من يغشى الأبد
نوره، سبحان من أشرق كل شئ ضوؤه، سبحان من يدان (4) بدينه كل دين ولا
يدان بغير دينه، سبحان من قدر بقدرته كل قدر ولا يقدر أحد قدره، سبحان من
لا يوصف علمه، سبحان من لا يعتدي على أهل مملكته، سبحان من لا يأخذ أهل

(1) مصباح الكفعمي: 108 - 109 وفى هامشه قال: نصوحا: أي صادقة ونصحته
أي صدقته. وقيل نصوحا أي بالغة في النصح مأخوذ من النصح وهو الخياطة كأن العصيان
يخرق، والتوبة النصوح ترقع: والنصاح: الخيط، أي يخاط به، ويقال للمخيط أيضا
النصاح مثل ازار ومئزر، وقيل: نصوحا أي خالصة قاله الهروي.
(2) المتهجد: 313.
(3) البلد الأمين 110
(4) دان خ ل.
166

الأرض بألوان العذاب، سبحان الرؤف الرحيم، سبحان من هو مطلع على خزائن
القلوب، سبحان من يحصى عدد الذنوب، سبحان من لا تخفى عليه خافية في
الأرض ولا في السماء، سبحان ربي الودود، سبحان الفرد الوتر، سبحان العظيم
الأعظم.
عوذة يوم الأحد وهي من عوذ أبى جعفر الجواد عليه السلام.
بسم الرحمن الرحيم الله أكبر الله أكبر، استوى الرب على العرش، وقامت
السماوات والأرض بحكمته، وزهرت النجوم بأمره، ورست الجبال باذنه، لا
يجاوز اسمه من في السماوات والأرض، الذي دانت له الجبال وهي طائعة، و
انبعثت له الأجساد وهي بالية، وبه أحتجب عن كل غاو وباغ وطاغ وجبار
وحاسد.
وبسم الله الذي جعل به بين البحرين حاجزا، وأحتجب بالله الذي جعل في
السماء بروجا، وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وزينها للناظرين وحفظها من
كل شيطان رجيم وجعل في الأرض رواسي وجبالا أوتادا أن يوصل إلى سوء أو فاحشة
أو بلية حم حم حم تنزيل من الرحمن الرحيم حم حم حم عسق كذلك يوحي
إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم وصلى الله على محمد وسلم تسليما (1)
الطب: عن الصادق عليه السلام عوذة يوم الأحد: بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر
الله أكبر الله أكبر وذكر نحوه (2).
18 - المتهجد والبلد والاختيار عوذة أخرى ليوم الأحد:
بسم الله الرحمن الرحيم: يقرء الحمد إلى آخرها وقل أعوذ برب الفلق إلى
آخرها وقل أعوذ برب الناس إلى آخرها وأعوذ بالله الواحد الأحد الصمد إلى آخرها
ثم يقول:

(1) مصباح الكفعمي ص 110.
(2) طب الأئمة عليه السلام، 42.
167

أعيذ نفسي بالله الذي لا إله إلا هو نور السماوات والأرض الذي خلق السماوات
والأرض بالحق له الحمد وله الملك يوم ينفخ في الصور، عالم الغيب والشهادة
وهو الحكيم الخبير، الذي خلق سبع سماوات طباقا ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر
بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، و
وأحصى كل شئ عددا، من شر كل ذي شر ومن شر الجنة والبشر، ومن شر
ما يصفر بالليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار ومن شر ما ينزل الحمامات
والخرابات والأودية والصحاري والأشجار والأنهار.
وأعيذ نفسي وأهلي وإخواني وجميع قراباتي بالله مالك الملك تؤتي الملك
من تشاء إلى آخر الآية (1) ومنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم
من شر كل طاغ وباغ وسلطان وشيطان وساحر وكاهن وناطق ومتحرك
وساكن.
نستجير بالله حرزنا وناصرنا ومونسنا من كل شر وهو يدفع عنا لا شريك
له ولا معين ولا معز لمن أذل ولا مذل لمن أعز وهو الواحد القهار، وصلى
على محمد وآله الطاهرين (2)
دعاء ليلة الاثنين
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الله القائم على عرشك أبدا أحاط بصرك بجميع
الخلق، والخلق كلهم على الفناء، وأنت الباقي الكريم القائم الدائم بعد فناء كل

(1) وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على
كل شئ قدير.
(2) المتهجد 314 ولم نجده في البلد.
168

شئ، الحي الذي لا يموت بيدك ملكوت السماوات والأرض أبد الآبدين ودهر
الداهرين.
أنت الذي قصمت بعزتك الجبارين، وأطقت في قبضتك الأرضين، وأغشيت
بضوء نورك الناظرين، وأشبعت بفضل رزقك الآكلين، وعلوت بعرشك على العالمين
وأعمرت سمواتك بالملائكة المقربين، وعلمت تسبيحك الأولين والآخرين، و
انقادت لك الدنيا والآخرة بأزمتها، وحفظت السماوات والأرضين بمقاليدها و
أذعنت لك بالطاعة ومن فوقها، وأبت حمل الأمانة من شفقتها، وقامت بكلماتك
في قرارها، واستقام البحران مكانهما، واختلف الليل والنهار كما أمرتهما، و
أحصيت كل شئ منهما عددا، وأحطت بهما علما.
خالق الخلق ومصطفيه ومهيمنه ومنشئة وبارئه وذارئه، كنت وحدك لا
شريك لك إلها واحدا، وكان عرشك على الماء من قبل أن تكون أرض ولا سماء أو
شئ مما خلقت فيهما بعزتك، كنت قديما بديعا مبتدعا كينونا كائنا مكونا كما
سميت نفسك.
ابتدعت الخلق بعظمتك، ودبرت أمورهم بعلمك، فكان عظيم ما ابتدعت من
خلقك وقدرت عليه من أمرك عليك هينا يسيرا، لم يكن لك ظهير على خلقك،
ولا معين على حفظك، ولا شريك لك في ملكك، وكنت ربنا تبارك أسماؤك و
جل ثناؤك على ذلك عليا غنيا فإنما أمرك لشئ إذا أردته أن تقول له كن فيكون،
ولا يخالف شئ منه محبتك، فسبحانك وبحمدك وتباركت ربنا وجل ثناؤك و
تعاليت على ذلك علوا كبيرا.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وعلى أهل بيته كما سبقت إلينا
به رحمتك وقرب إلينا به هداك وأورثتنا به كتابك ودللتنا به على طاعتك وأصبحنا
مبصرين بنور الهدى الذي جاء به، ظاهرين بعز الدين الذي دعا إليه، ناجين بحجج
الكتاب الذي نزل عليه.
169

اللهم فآثره بقرب المجلس منك يوم القيامة وأكرمه بتمكين الشفاعات عندك
تفضيلا منك له على الفاضلين، وتشريفا منك له على المتقين.
اللهم وامنحنا من شفاعته نصيبا نرد به مع الصادقين جنانه، وننزل به مع
الآمنين فسحة رياضه، غير مرفوضين عن دعوته، ولا مردودين عن سبيل ما بعثته به
ولا محجوبة عنا مرافقته ولا محظورة عنا داره آمين إله الحق رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأسألك باسمك العظيم الذي لا يعلمه أحد غيرك
والذي سخرت به الليل والنهار وأجريت به الشمس والقمر والنجوم، وبه أنشأت
السحاب والمطر والرياح والذي به تنزل الغيث وتذرئ المرعى وتحيي العظام
وهي رميم والذي به ترزق من في البر والبحر وتكلؤهم وتحفظهم، والذي هو في
التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم، والذي فلقت به البحر لموسى عليه السلام
وأسريت بمحمد صلى الله عليه وآله وبكل اسم هو لك مخزون مكنون، وبكل اسم دعاك به
ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مصطفى أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل
راحتي في لقائك، وخاتم عملي في سبيلك، وحج بيتك الحرام واختلاف إلى
مساجدك، ومجالس الذكر، واجعل خير أيامي يوم ألقاك.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن
يميني وعن شمالي ومن فوقى ومن تحتي وأسفل مني واحفظني من السيئات
ومحارمك كلها ومكن لي في ديني الذي ارتضيت لي وفهمني فيه واجعله لي نورا
ويسر لي اليسر والعافية، واعزم على رشدي كما عزمت على خلقي وأعنى على
نفسي ببر وتقوى وعمل راجح وبيع رابح وتجارة لن تبور.
اللهم إني أسئلك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من خون
الأمانة وأكل أموال الناس بالباطل، ومن التزين بما ليس في، ومن الآثام والبغي
بغير الحق وأن أشرك بك ما لم تنزل به سلطانا، وأجرني من مضلات الفتن ما ظهر
منها وما بطن، ومن محيطات الخطايا ونجني من الظلمات إلى النور واهدني
سبيل الاسلام، واكسني جلل الايمان، وألبسني لباس التقوى، واسترني بستر
170

الصالحين، وزيني بزينة المؤمنين، وثقل عملي في الميزان، واكفني منك بروح
وريحان آمين يا رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما (1).
19 - البلد (2) ومجموع الدعوات دعاء: يوم الاثنين لعلى عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي هداني للاسلام وأكرمني بالايمان
وبصرني في الدين، وشرفني باليقين، وعرفني الحق الذي عنه يؤكفون، والنبأ
العظيم الذي هم فيه مختلفون، وسبحان الله الذي يرزق القاسط العادل والعاقل و
الجاهل ويرحم الساهي والغافل، فكيف الداعي السائل، ولا إله إلا الله اللطيف
بمن شرد عنه من مسرفي عباده، ليرجع عن عتوه وعناده، الراضي من المنيب المخلص
بدون الوسع والطاقة، والله أكبر الحليم العليم الذي له في كل صنف من غرائب فطرته
وعجائب صنعته آية بينة توجب له الربوبية، وعلى كل نوع من غوامض تقديره
وحسن تدبيره دليل واضح وشاهد عدل يقضيان له بالوحدانية.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقنا من كل خير خيره ومن كل فضل
أفضله، اللهم إني أسئلك يا من يصرف البلايا ويعلم الخفايا ويجزل العطايا سؤال
نادم على اقتراف الآثام وسالم على المعاصي من الليالي والأيام، إذ لم يجد مجيرا
سواك لغفرانها ولا موئلا يفزع إليه لارتجاء كشف فاقته إلا إياك.
يا جليل أنت الذي عم الخلائق منك، وغمرتهم سعة رحمتك، وشملتهم
سوابغ نعمك، يا كريم المآب والجواد الوهاب، والمنتقم ممن عصاه بأليم العذاب
دعوتك مقرا بالإساءة على نفسي إذ لم أجد ملجا ألجأ إليه في اغتفار ما اكتسبت، يا
خير من استدعى لبذل الرغائب وأنجح مأمول لكشف اللوازب، لك عنت الوجوه
فلا تردني منك بحرمان إنك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد.
إلهي وسيدي ومولاي أي رب أرتجيه سواك؟ أم أي إله أقصده إذا ألم بي

(1) مصباح المتهجد للشيخ الطوسي: 314 - 316 -، البلد الأمين: 111،
مصباح الكفعمي (جنة الأمان الواقية): 110 - 113.
(2) البلد الأمين: 112.
171

الندم، وأحاطت بي المعاصي، وتكاءب خوف النقم، وأنت ولى الصفح ومأوى
الكرم.
إلهي أتقيمني مقام التهتك، وأنت جميل الستر، وتسألني عن اقترافي على
رؤس الاشهاد وقد علمت مخبيات السر. فان كنت إلهي مسرفا على نفسي مخطئا
عليها بانتهاك الحرمان، ناسيا لما اجترمت من الهفوات فأنت لطيف تجود على المسرفين
برحمتك، وتتفضل على الخاطئين بكرمك، فارحمني يا أرحم الراحمين، فإنك تسكن
بتحننك روعات قلوب الوجلين، ومحقق بتطولك أمل الآملين، وتفيض سجال
عطاياك على غير المستأهلين، فآمني برجاء لا يشوبه قنوط وأمل لا يكدره بأس، يا
محيطا بكل شئ علما، وقد أصبحت سيدي وأمسيت على باب من أبواب منحك
سائلا، وعن التعرض لسواك بالمسألة عادلا، وليس من جميل امتنانك رد سائل
مأسور ملهوف، ومضطر لانتظار خيرك المألوف.
إلهي أنت الذي عجزت الأوهام عن الإحاطة بك، وكلت الألسن عن نعت
ذاتك، فبآلائك وطولك صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ذنوبي، وأوسع على من
فضلك الواسع رزقا واسعا حلالا طيبا في عافية، وأقلني العثرة يا غاية أمل الآملين،
وجبار السماوات والأرضين، والباقي بعد فناء الخلق أجمعين، وديان يوم الدين
وأنت مولاي ثقة من لم يثق بنفسه لا فراط حاله، وأمل من لم يكن له تأميل لكثرة
زلله، ورجاء من لم يرتج لنفسه بوسيلة عمله.
إلهي فأنقذني برحمتك من المهالك، وأحلني دار الأخيار، واجعلني مرافق
الأبرار، واغفر لي ذنوب الليل والنهار، يا مطلعا على الاسرار، واحتمل عنى
يا مولاي أداء ما افترضت على للآباء والأمهات والاخوان والأخوات بلطفك وكرمك
يا علي الملكوت، وأشركنا في دعاء من استجيب له من المؤمنين والمؤمنات، إنك
عالم جواد كريم وهاب، وصلى الله على محمد وعترته الطاهرين (1).

(1) البلد الأمين: 114.
172

20 - المتهجد (1) والبلد والاختيار دعاء آخر ليوم الاثنين:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد أهل الكبرياء والعظمة، ومنتهى الجبروت ومالك الدنيا
الآخرة، اللهم لك الحمد عظيم الملكوت شديد الجبروت عزيز القدرة لطيفا لما
يشاء، اللهم لك الحمد مدبر الأمور مبدئ الخفيات عالم السرائر تحيي الموتى ملك
الملوك ورب الأرباب وإله الآلهة وجبار الجبابرة وأول كل شئ وآخره و
بديع كل شئ ومنتهاه، ومرد كل شئ ومصيره، ومبدئ كل شئ
ومعيده.
الله خشعت لك الأصوات وحارت دونك الابصار وأفضت إليك القلوب،
والخلق كلهم في قبضتك والنواصي كلها بيدك والملائكة مشفقون من خشيتك، و
كل من كفر بك عبد داخر لك، لا يقضى في الأمور إلا أنت، ولا يدبر مصادرها (2)
غيرك، ولا يقصر منها شئ دونك، ولا يصير شئ إلا إليك.
اللهم كل شئ خاضع لك وكل شئ مشفق منك وكل شئ ضارع إليك
أنت القادر الحكيم وأنت اللطيف الجليل وأنت العلى القريب، لك التسبيح والعظمة
ولك الملك والقدرة ولك الحول والقوة ولك الدنيا والآخرة، أحاط بكل
شئ ملكك ووسع كل شئ حفظك وقهر كل شئ جبروتك وخاف كل شئ
وطأتك (3).
اللهم لك الحمد تباركت أسماؤك وتعالى ذكرك وقهر سلطانك وتمت كلماتك
أمرك قضاء وكلامك نور ورضاك رحمة وسخطك عذاب، تقضي بعلم وتعفو بحلم و
تأخذ بقدرة وتفعل ما تشاء، واسع المغفرة شديد النقمة قريب الرحمة شديد العقاب
أنت قوة كل ضعيف وغنى كل فقير وحرز كل ذليل ومفزع كل ملهوف ومطلع

(1) مصباح المتهجد: 317.
(2) مصادرك خ مقادرك خ.
(3) سلطانك خ ل.
173

على كل خفية وشاهد كل نجوى ومدبر كل أمر عالم سرائر الغيوب.
اللهم لك الحمد نور النور مدبر الأمور ديان العباد، ملك الآخرة والدنيا
العظيم شأنه العزيز سلطانه العلى مكانه النير كتابه، الذي يجير ولا يجار عليه
ويمتنع به ولا يمتنع منه ويحكم ولا معقب لحكمه ويقضى فلا راد لقضائه، الذي
من تكلم سمع كلامه ومن سكت علم بما في نفسه ومن عاش فعليه رزقه ومن مات
فإليه مرده، ذو التمجيد والتحميد والتهليل والتفضيل والكبرياء والعزة
والسلطان.
اللهم لك الحمد على ما مضى وعلى ما بقي وعلى ما تبدي وعلى ما تخفى و
على ما قد كان وعلى ما هو كائن، ولك الحمد على حلمك بعد علمك وعلى عفوك
بعد قدرتك وعلى أناتك بعد حجتك وعلى صفحك بعد إعذارك.
اللهم لك الحمد على ما تأخذ وتعطى وعلى ما تبلى وتبتلي وعلى ما تميت وتحيى
وعلى كل شئ من أمرك يا أرحم الراحمين، وعلى الموت والحياة والنوم و
اليقظة، وعلى الذكر والغفلة وعلى الدنيا والآخرة، ولك الحمد على ما تقضي
فيما خلقت وعلى ما تحفظ فيما قدرت وعلى ما ترتب فيما ابتدعت وعلى بقائك بعد خلقك.
حمدا يملؤ ما خلقت ويبلغ حيث أردت وتضعف السماوات عنه وتعرج الملائكة
به، حمدا يكون أرضى الحمد لك وأفضل الحمد عنك وأحق الحمد لديك و
أحب الحمد إليك حمدا لا يحجب عنك ولا ينتهى دونك ولا يقصر عن أفضل رضاك
ولا يفضله شئ من محامدك من خلقك.
حمدا يفضل حمد من مضى ويفوت حمد من بقي ويكون فيما يصعد إليك و
ما ترضى به لنفسك، حمدا عدد قطر المطر وورق الشجر وتسبيح الملائكة وما في
البر والبحر، وحمدا عدد أنفاس خلقك وطرفهم ولفظهم وأظلالهم وما عن أيمانهم
وما عن شمائلهم وما فوقهم وما تحتهم.
حمدا عدد ما قهر ملكك، ووسع حفظك، وملا كرسيك، وأحاطت به
قدرتك، وأحصاه علمك، حمدا عدد ما تجري به الرياح، وتحمل السحاب، و
174

يختلف به الليل والنهار، وتسير به الشمس والقمر، حمدا يملا السماوات والأرض
وما بينهن وما أنت أعلم به منى مما فوقهن وما تحتهن وما يفضل عنهن.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وعلى آل محمد، واجعله أوجه المقربين
وأعلى الأعلين وأفضل المفضلين اللهم صل على محمد وآل محمد، واسمع كلامه إذا
دعاك، وأعطه إذا سألك، وشفعه إذا شفع.
اللهم صل على محمد وآل محمد وآت محمدا وآله صلى الله عليه وعليهم من كل
خير خيره، ومن كل فضل أفضله، ومن كل عطاء أجزله، ومن كل كرامة أكرمها
ومن كل جنة أعلاها في الرفيق الاعلى الأكرم المقرب.
اللهم إني أسئلك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، و
ما ذكرت من عظمتك، وخير ما عندك وعظمة وقارك وطيب خيرك وصدق حديثك
وبمحامدك التي اصطنعت لنفسك وكتبك التي أنزلت على أنبيائك وبقدرتك على
جميع خلقك وجزيل عطائك (1) عند عبادك أن تقبل منى حسناتي وتكفر عنى
سيئاتي وتجاوز عنى في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقني رزقا واسعا حلالا طيبا نؤدي به
أماناتنا ونستعين به على زماننا وننفق منه في طاعتك وفي سبيك، اللهم صل على
محمد وآل محمد وأصلح لنا قلوبنا وأعمالنا وأمر دنيانا وآخرتنا كله وأصلحنا بما
أصلحت به الصالحين.
اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى، وهيئ لنا من أمرنا رشدا ومرفقا
اللهم صل على محمد وآل محمد واحفظ لنا أنفسنا وديننا وأماناتنا بحفظ الايمان و
استرنا بستر الايمان.
اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز عنها ولا تنزع منا
صالحا أعطيتناه ولا تردنا في سوء استنقذتنا منه، واجعل غنانا في أنفسنا وانزع
الفقر من بين أعيننا، اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلنا نتلو كتابك حق تلاوته

(1) من جزيل عطاياك خ.
175

ونعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه، ونرد علمه إليك.
اللهم صل على محمد وآل محمد وبصرنا في دينك وفهمنا (1) كتابك ولا تردنا
ضلالا ولا تعم علينا هدى، اللهم صل على محمد وآل محمد وهب لنا من اليقين يقينا
تبلغنا به رضوانك والجنة وتهون علينا به هموم الدنيا والآخرة وأحزانهما، ولا
تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا دنيانا أكبر همنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، و
بارك لنا فيها ما صحبناه وفي الآخرة إذا أفضينا إليها وإذا جمعت الأولين والآخرين
فاجعلنا في خيرهم جماعة، وإذا فرقت بينهم فاجعلنا في الأهدين سبيلا.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك لنا في الموت واجعله خير غائب ننتظره
وبارك لنا بعده من القضاء، واجعلنا في جوارك وذمتك وكنفك ورحمتك.
اللهم فصل على محمد وآل محمد ولا تغير ما بنا من نعمتك وإن غيرنا، وكن
بنا رحيما وكن بنا لطيفا، والطف لحاجتنا من أمر الدنيا والآخرة، فإنك عليها
قادر وبها عليم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واختم أعمالنا بأحسنها واجعل ثوابها رضوانك
والجنة، اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحمنا فقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب
لنا كما وعدتنا واجعل دعاءنا في المستجاب من الدعاء وأعمالنا في المرفوع المتقبل
إله الحق آمين رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم
تسليما (2).
19 - البلد والجنة (3) والملحقات: دعاء آخر للسجاد عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لم يشهد أحدا حين فطر السماوات والأرض، ولا اتخذ
معينا حين برئ النسمات، لم يشارك في الإلهية ولم يظاهر في الوحدانية، كلت

(1) وألهمنا خ كما في المصباح.
(2) البلد الأمين: 114 - 116.
(3) مصباح الكفعمي: 113.
176

الألسن عن غاية صفته، والعقول عن كنه معرفته وتواضعت الجبابرة لهيبته، وعنت
الوجوه لخشيته، وانقاد كل عظيم لعظمته، فله الحمد متواترا متسقا، ومتواليا
مستوسقا، وصلواته على رسوله أبدا وسلامه دائما سرمدا.
اللهم اجعل أول يومى هذا صلاحا وأوسطه نجاحا وآخره فلاحا، وأعوذ
بك من يوم أوله فزع وأوسطه جزع وآخره وجع.
اللهم إني أستغفرك لكل نذر نذرته وكل وعد وعدته وكل عهد عاهدته
ثم لم أف به، وأسئلك في حمل مظالم العباد عنا فأيما عبد من عبيدك أو أمة من
إمائك كانت له قبلي مظلمة ظلمتها إياه في نفسه أو في عرضه أو في ماله أو في أهله وولده
أو غيبة اغتبته بها أو تحامل عليه بميل أو هوى أو أنفة أو حمية أو رياء أو عصبية،
غائبا كان أو شاهدا، حيا كان أو ميتا، فقصرت يدي وضاق وسعى عن ردها إليه
والتحلل منه، فأسئلك يا من يملك الحاجات وهي مستجيبة بمشيته ومسرعة إلى
إرادته أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن ترضيه عنى بم شئت، وتهب لي من عندك
رحمة إنه لا تنقصك المغفرة ولا تضرك الموهبة يا أرحم الراحمين.
اللهم أولني في كل يوم اثنين نعمتين منك ثنتين سعادة في أوله بطاعتك، ونعمة
في آخره بمغفرتك، يا من هو الاله ولا يغفر الذنوب سواه (1).
20 - المتهجد (2) والبلد (3) والجنة والاختيار والمنهاج:
دعاء آخر للكاظم عليه السلام
مرحبا بخلق الله الجديد وبكما من كاتبين وشاهدين، اكتبا بسم الله أشهد أن
لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أن الاسلام كما وصف وأن
الدين كما شرع وأن القول كما حدث، وأن الكتاب كما أنزل، وأن الله هو

(1) البلد الأمين: 116 - 117.
(2) مصباح الشيخ: 353.
(3) البلد الأمين: 117.
177

الحق المبين.
حيا الله محمدا بالسلام، وصلى الله عليه وعلى آله.
اللهم ما أصبحت فيه من عافية في ديني ودنياي فأنت الذي أعطيتني ورزقتني
ووفقتني له وسترتني، فلا حمد لي يا إلهي فيما كان منى من خير ولا عذر لي فيما كان
مني من شر، اللهم إني أعوذ بك أن أتكل إلى ما لا حمد لي فيه أو مالا عذر لي فيه
اللهم إنه لا حول ولا قوة لي على جميع ذلك إلا بك، يا من بلغ أهل الخير الخير
وأعانهم عليه بلغني الخير وأعنى عليه.
اللهم أحسن عاقبتي في الأمور كلها، وأجرني من مواقف الخزي في الدنيا
والآخرة إنك على كل شئ قدير، اللهم إني أسئلك موجبات رحمتك وعزائم
مغفرتك، وأسئلك الغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، وأسئلك الفوز بالجنة
والنجاة من النار.
اللهم رضني بقضائك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت
علي اللهم أعطني ما أحببت واجعله خيرا لي اللهم ما أنسيتني فلا تنسني ذكرك، وما
أحببت فلا أحب معصيتك، اللهم امكر لي ولا تمكر علي، وأعنى ولا تعن علي
وانصرني ولا تنصر علي، واهدني ويسر الهدى لي وأعنى على من ظلمني حتى
أبلغ فيه مأربي.
اللهم اجعلني لك شاكرا لك ذاكرا لك محبا لك راهبا، واختم لي منك بخير
اللهم إني أسئلك بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أن تحييني ما كانت
الحياة خيرا لي، وأن تتوفاني إذا كانت الوفاة خيرا لي، وأسئلك خشيتك في السر
والعلانية والعدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر، وأن تحبب إلى
لقاءك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، واختم لي بما ختمت به لعبادك الصالحين
إنك حميد مجيد، وصلى الله على محمد وآله وسلم (1).

(1) مصباح الكفعمي: 114.
178

21 - المتهجد والبلد والجنة والاختيار: تسبيح يوم الاثنين:
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله (1) المنان الجواد، سبحان الله الكريم الأكرم، سبحان الله البصير
العليم، سبحان السميع الواسع، سبحان الله على إقبال النهار وإقبال الليل،
سبحان الله على إدبار النهار وإدبار الليل، لا إله إلا الله في آناء الليل وآناء
النهار، وله الحمد والمجد والعظمة والكبرياء مع كل نفس وكل طرفة وكل
لمحة سبق في علمه، سبحانك عدد ذلك سبحانك زنة ذلك، وما أحصى كتابك،
سبحانك زنة عرشك، سبحانك سبحانك سبحان ربنا ذي الجلال والاكرام.
سبحان ربنا تسبيحا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، سبحان ربنا تسبيحا
مقدسا مزكى كذلك فعل ربنا، سبحان الحي الحليم، سبحان الذي كتب على
نفسه الرحمة، سبحان الذي خلق آدم وأخرجنا من صلبه، سبحان الذي يحيى
الأموات ويميت الاحياء.
سبحان من هو رحيم لا يعجل، سبحان من هو قريب لا يغفل، سبحان من هو
جواد لا يبخل، سبحان من هو حليم لا يجهل، سبحان من جل ثناؤه وله المدحة
البالغة في جميع ما يثنى عليه من المجد، سبحان الله الحليم، وصلى الله على محمد وآله
الطاهرين (2).
عوذة يوم الاثنين وهي من عوذ أبي جعفر عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيذ نفسي بربي الأكرم مما يخفى وما يظهر، ومن شر كل اثنى وذكر
ومن شر ما رأت الشمس والقمر، قدوس قدوس، رب الملائكة والروح، أدعوكم

(1) سبحان الحنان المنان خ كما في المصادر.
(2) مصباح المتهجد للشيخ الطوسي: 320، مصباح الكفعمي (جنة الأمان): 115
البلد الأمين: 118.
179

أيها الجن إن كنتم سامعين مطيعين، وادعوكم أيها الانس إلى اللطيف الخبير، و
أدعوكم أيها الجن والإنس إلى الذي ختمته بخاتم رب العالمين، وخاتم جبرئيل
وميكائيل وإسرافيل، وخاتم سليمان بن داود عليهم السلام، وخاتم محمد سيد المرسلين
والنبيين صلى الله عليه وعليهم، وأجر عن فلان بن فلان كل ما يغدو ويروح من ذي سم
حية أو عقرب أو ساحر أو شيطان رجيم أو سلطان عنيد.
أخذت عنه ما يرى ومالا يرى، وما رأت عين نائم أو يقظان بإذن الله اللطيف
الخبير، لا سلطان لكم على الله لا شريك له، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي
وآله الطاهرين وسلم تسليما (1).
الطب: عن الصادق عليه السلام عوذة يوم الاثنين: البسملة - أعيذ فلان بن فلانة
بربي الأكبر (2).
22 - المتهجد والبلد والجنة والاختيار: عوذة أخرى ليوم الاثنين:
بسم الله الرحمن الرحيم
الله أكبر - ثلاثا - استوى الرب على العرش، وقامت السماوات والأرض
بحكمته، ومدت النجوم بأمره، وسيرت الجبال وهي طائعة، ونصبت له الأجساد
وهي بالية، وقد احتجبت من ظلم كل باغ، واحتجبت بالذي جعل في السماء
بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وزينها للناظرين وحفظا من كل شيطان
رجيم، وجعل في الأرض أوتادا أن يوصل إلى أو إلى أحد من إخواني بسوء أو فاحشة
أو بكيد حم حم حم تنزيل من الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد و
آله الطاهرين (3).

(1) مصباح الكفعمي: 115 - 116 البلد الأمين 118 - 119، مصباح الشيخ
الطوسي: 321.
(2) طب الأئمة ص 43.
(3) مصباح المتهجد: 321.
180

دعاء ليلة الثلاثاء
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحانك اللهم وبحمدك أنت الله الملك الحق، وأنت الله ملك لا ملك معك
ولا شريك لك، ولا إله دونك، واعترف لك الخلائق، ربنا لك الحمد ولك الملك
العظيم الذي لا يزول، والغنى الكبير الذي لا يعول (1) والسلطان العزيز الذي لا
يضام، والعز المنبع الذي لا يرام، والحول الواسع الذي لا يضيق، والقوه المتينة
التي لا تضعف، والكبرياء العظيم الذي لا يوصف، والعظمة الكبيرة.
فحول أركان عرشك النور والوقار من قبل أن تخلق السماوات والأرض، و
كان عرشك على الماء وكرسيك يتوقد نورا وسرادقك سرادق النور والعظمة
والإكليل المحيط به هيكل السلطان والعزة والمدحة، لا إله إلا أنت رب العرش
العظيم والبهاء والنور والحسن والجمال والعلى والعظمة والكبرياء والجبروت
والسلطان والقدرة، وأنت الكريم القدير العزيز على جميع ما خلقت، ولا يقدر
شئ قدرك ولا يضعف شئ عظمتك، خلقت ما أردت بمشيتك فنفذ فيما خلقت علمك
وأحاط به خبرك وأتى على ذلك أمرك، ووسعه حولك وقوتك، لك الخلق والامر
والأسماء الحسنى والأمثال العليا والآلاء والكبرياء، ذو الجلال والاكرام،
والنعم العظام، والعزة التي لا ترام، سبحانك وبحمدك تباركت ربنا وجل
ثناؤك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك خاتم النبيين المقفى (2) على
آثارهم، والمحتج به على أممهم، والمهيمن على تصديقهم، والناصر لهم من ضلال
من ادعى من غيرهم دعوتهم وسار بخلاف سيرتهم، صلاة تعظم بها نوره على

(1) في المصباح: لا يعوز.
(2) المقتفى خ ل.
181

نورهم وتزيده بها شرفا على شرفهم، وتبلغه بها أفضل ما بلغت نبيا منهم وعلى
أهل بيته.
اللهم فزد محمدا صلى الله عليه وآله مع كل فضيلة فضيلة، ومع كل كرامة كرامة، حتى تعرف
بها فضيلته وكرامته أهل الكرامة عندك يوم القيامة، وهب له صلى الله عليه وآله من الرفعة أفضل
الرفعة، ومن الرضا أفضل الرضا، وارفع درجته العليا، وتقبل شفاعته الكبرى
وآته سؤله في الآخرة والأولى آمين إله الحق رب العالمين.
اللهم إني أسئلك باسمك الأكبر العظيم المخزون الذي تفتح به أبواب
سمواتك ورحمتك، وتستوجب رضوانك الذي تحب وتهوى وترضى عمن دعاك
به، وهو حق عليك ألا تحرم سائلك، وبكل اسم دعاك به الروح الأمين والملائكة
المقربون والحفظة الكرام الكاتبون وأنبياؤك المرسلون والأخيار المنتجبون، و
جميع من في سمواتك وأقطار أرضك والصفوف حول عرشك تقدس لك، أن تصلي
على محمد وآل محمد، وأن تنظر في حاجتي إليك وأن ترزقني نعيم الآخرة وحسن
ثواب أهلها في دار المقامة من فضلك، ومنازل الأخيار في ظل أمين، فإنك أنت
برأتني وأنت تعيدني لك أسلمت نفسي وإليك فوضت أمري وإليك ألجأت ظهري،
وعليك توكلت وبك وثقت.
اللهم إني أدعوك دعاء ضعيف مضطر، ورحمتك يا رب أوثق عندي من دعائي
اللهم فأذن الليلة لدعائي أن يعرج إليك، واذن لكلامي أن يلج إليك، واصرف
بصرك عن خطيئتي.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعوذ بك أن أضل في هذه الليلة فاسقا (1)
أو أن اغوى ناسكا أو أن أعمل بما لا تهوى، فأنت رب السماوات العلى وأنت ترى و
لا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى فالق الحب والنوى.

(1) ناشئا خ وفى مصباح الشيخ: أن أضل في هذه الليلة فأشقى وأن أدعوني
ناسكا، وهو تصحيف.
182

اللهم إني أسئلك الليلة أفضل النصيب في الانصباء وأتم النعمة في النعماء،
وأفضل الشكر في السراء، وأحسن الصبر في الضراء، وأفضل الرجوع إلى أفضل
دار المأوى.
اللهم صل على محمد وآله وأسئلك المحبة لمحابك، والعصمة لمحارمك
والوجل من خشيتك، والخشية من عذابك، والنجاة من عقابك، والرغبة في حسن
ثوابك، والفقه في دينك، والفهم في كتابك، والقنوع برزقك، والورع عن محارمك
والاستحلال لحلالك، والتحريم لحرامك، والانتهاء عن معاصيك، والحفظ لوصيتك
والصدق بوعدك، والوفاء بعهدك، والاعتصام بحبلك، والوقوف عند موعظتك،
والازدجار عند زواجرك، والاصطبار على عبادتك، والعلم بجميع أمرك يا
أرحم الراحمين.
وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى عترته المهديين، والسلام
عليهم ورحمة الله وبركاته (1).
23 - البلد والمجموع دعاء يوم الثلاثا لعلي عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي من على باستحكام المعرفة والاخلاص بالتوحيد له ولم يجعلني
من أهل الغواية والغباوة والشك والشرك ولا ممن استحوذ الشيطان عليه فأغواه
وأضله واتخذ إلهه هواه، وسبحان الله الذي يجيب المضطر ويكشف السوء والضر و
يعلم السر والجهر ويملك الخير والشر ولا إله إلا الله الذي يحلم عن عبده إذا
عصاه ويتلقاه بالاسعاف والتلبية إذا دعاه، والله أكبر البسيط ملكه، المعدوم
شركه، المجيد عرشه، الشديد بطشه، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين،
وسلم تسليما.
اللهم إني أسئلك سؤال من لم يجد لسؤاله مسؤولا سواك، وأعتمد عليك اعتماد

(1) مصباح المتهجد: للشيخ الطوسي: 322 - 324، مصباح الكفعمي: 116 -
118، البلد الأمين، له: 119 - 120.
183

من لم يجد لاعتماده معتمدا غيرك، لأنك الأول الذي ابتدأت الابتداء فكونته باديا
بلطفك فاستكان على مشيتك منشأ كما أمرت بإحكام التقدير، وحسن التدبير، وأنت
أجل وأعز من أن تحيط العقول بمبلغ وصفك، وأنت العالم الذي لا يعزب عنك
مثقال الذرة في الأرض ولا في السماء، والجواد الذي لا يبخلك إلحاح الملحين
فإنما أمرك لشئ إذا أردته أن تقول له كن فيكون.
أمرك ماض، ووعدك حتم، وحكمك عدل، وقولك فصل، لا يعزب عنك
شئ ولا يفوتك شئ، وإليك مرد كل شئ وأنت الرقيب على كل شئ احتجبت
بآلائك فلم تر، وشهدت كل نجوى، وتعاليت على العلى، وتفردت بالكبرياء، و
تعززت بالقدرة والبقاء، وذلت لك الجبابرة بالقهر والفناء، فلك الحمد في الآخرة
والأولى ولك الشكر في البدء والعقبى.
أنت إلهي حليم قادر رؤوف غافر وملك قاهر ورازق بديع مجيب سميع،
بيدك نواصي العباد ونواحي البلاد، حي قيوم جواد ماجد رحيم كريم.
أنت إلهي المالك الذي ملكت الملوك فتواضع لهيبتك الأعزاء ودان لك بالطاعة
الأخلاء، واحتويت بإلهيتك على المجد والثناء، ولا يؤدك حفظ خلقك، ولا قلت
عطاياك بمن منحته سعة رزقك، وأنت علام الغيوب، سترت على عيوبي وأحصيت
علي ذنوبي، وأكرمتني بمعرفة دينك ولم تهتك عني جميل سترك يا حنان، ولم
تفضحني يا منان، أسئلك أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن توسع علي من فضلك
الواسع رزقا حلالا طيبا هنيئا مريئا صبا صبا، وأسئلك يا إلهي أمانا من عقوبتك
وأسئلك سبوغ نعمتك ودوام عافيتك، ومحبة طاعتك واجتناب معصيتك، وحلول
جنتك إنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.
إلهي إن كنت اقترفت ذنوبا حالت بيني وبينك باقترافي لها فأنت أهل أن تجود
على بسعة رحمتك، وتنقذني من أليم عقوبتك، وتدرجني درج المكرمين، وتلحقني
مولاي بالصالحين، مع الذين تتوفاهم الملائكة طيبين، يقولون سلام عليكم ادخلوا
الجنة بما كنتم تعملون، بصفحك وتغمدك يا رؤوف يا رحيم.
184

يا رب أسئلك الصلاة على محمد وآله، وأن تحتمل عنى واجب حقوق
الاباء والأمهات، وأد حقوقهم عني، وألحقني معهم بالأبرار والاخوان والأخوات
والمؤمنين والمؤمنات، واغفر لي ولهم جميعا إنك قريب مجيب وصلى الله على
النبي محمد وآله أجمعين (1).
24 - المتهجد والبلد والاختيار: دعاء آخر ليوم الثلاثا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الله أكبر الله أكبر أهل الكبرياء والعظمة، وأهل السلطان والعزة والقدرة
وأهل البهاء والمجد، ولي الدنيا والآخرة، خلق الخلق بقدرته، وأعلى الأعلين
بعزته، وأعظم العظماء بمجده، والذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته
والطير صافات بأمره، كل قد علم صلاته وتسبيحه، له الأسماء الحسنى والأمثال
العليا، ولا شئ أعلم منه (2) ولا شئ أجل منه ولا شئ أعز منه.
سبحان الذي بعزته رفع السماء ووضع الأرض ونصب الجبال وسخر
النجوم والذي بعزته أظلم الليل وأشرق النهار، وأسرج الشمس وأنار القمر سبحان
الذي بعزته يثير (3) السحاب وأنزل المطر، وأخرج الثمر وأعظم البركة، سبحان
الذي ملكه دائم وكرسيه واسع وعرشه رفيع وبطشه شديد، سبحان الذي عذابه
أليم وعقابه سريع وأمره مفعول، سبحان الذي كلمته تامة وعهده وفي وعقده
وثيق.
سبحان الذي عزه قاهر وكبرياؤه مانع وأمره غالب، سبحان الذي مقامه مخوف
وسلطانه عظيم وبرهانه مبين وبقاؤه حق، سبحان الذي حجته بالغة وحفظه محفوظ
وكيده متين، سبحان الذي قوله صادق ومحاله شديد وطلبه مدرك وسبيله قاصد،
سبحان الذي بيده رزق كل شئ وناصية كل دابة، يعلم مستقرها ومستودعها

(1) البلد الأمين: 121.
(2) أعظم منه خ كما في المصباح.
(3) تنشئ خ. تسير خ.
185

كل في كتاب مبين.
سبحان ذي العلى والجبروت، سبحان ذي الكبرياء والعظمة، سبحان ذي
الملك والعزة، سبحان ذي السلطان والقدرة، سبحان ذي الاحسان والمهابة،
سبحان ذي الحول والقوة، سبحان ذي الفضل والسعة، سبحان ذي الطول والمنعة
سبحان ذي الجلال والاكرام، سبحان ذي الجود والسماحة، سبحان ذي الثناء و
المدحة، سبحان ذي الأيادي والبركة، سبحان ذي الشرف والرفعة، سبحان ذي
العفو والمغفرة، سبحان ذي المن والرحمة، سبحان ذي الوقار والسكينة، سبحان
ذي الكرم والكرامة، سبحان ذي النور والبهجة، سبحان ذي الرجاء والثقة، سبحان
رب الآخرة والأولى.
سبحان الذي لا يبلى مجده، ولا يعثر جده، ولا يزول ملكه، ولا يبدل قوله
ولا معقب لحكمه، له الحكم وإله ترجعون.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وعلى أهل بيته أفضل صلواتك التي
بفضل بها على أنبيائك، وابعثه يوم القيامة مقاما محمودا في أفضل كرامتك وقربه من
مجلسك، وفضله على جميع خلقك، ثم عرف بيننا وبينه في ذلك المقام من كرامتك
ونحن آمنون راضون بمنزلة السابقين من عبادك، واجمع بيننا وبينه في أفضل مساكن
الجنة التي يفضل بها أنبياؤك وأحباؤك من خلقك.
اللهم إني أسئلك بجلالك وجمالك وخيرك المبسوط وطاعتك المفروضة و
ثوابك المحمود، وبسترك الفائض ورزقك الدائم وفضلك الواسع، ومعروفك العام
وثوابك الكريم، وأمرك الغالب، ومنك القديم، وحصنك المنيع، ونصرك الكبير
وحبلك المتين، وعهدك الوفي، ووعدك الصادق على نفسك، وذمتك التي لا تخفر
وعزتك التي أذللت بها الخلائق ودان لك بها كل شئ، مع أني لا أسألك بشئ
أعظم منك يا الله يا رحمن يا رحيم.
وأسئلك بكل اسم هو لك وبكل دعوة دعوتك بها أو لم أدعك بها أن تصلي
على محمد وآل محمد، وأن تجعل الاسلام والصيام والقيام والصبر والصلاة والهدى والتقوى
والحلم والعلم والحكم والتوفيق والتصديق والسكينة والوقار والرأفة والرقة في قلوبنا
186

وأسماعنا وأبصارنا وفي لحومنا ودمائنا، واجعله همنا وهوانا في محيانا
ومماتنا.
اللهم إني أسئلك من فضلك قلوبا سليمة، وألسنة صادقة، وأزواجا صالحة
وإيمانا ثابتا، وعلما نافعا، وبرا ظاهرا، وتجارة ربيحة، وعملا نجيحا، وسعيا
مشكورا، وذنبا مغفورا، وتوبة نصوحا لا يغيرها سراء ولا ضراء، وارزقنا اللهم
دينا قيما، وشكرا دائما، وصبرا جميلا، وحياة طيبة، ووفاة كريمة وفوزا
عظيما، وظلا ظليلا، والفردوس نزلا، ونعيما مقيما، وملكا كبيرا، وشرابا
طهورا، وثياب سندس خضرا واستبرقا وحريرا.
اللهم واجعل غفلة الناس لنا ذكرا وذكرهم لنا شكرا، واجعل نبينا صلى الله عليه وآله
لنا فرطا وحوضه لنا موردا، واجعل الليل والنهار والدنيا والآخرة علينا بركة
وارزقنا علما وايمانا وهدى وإسلاما وإخلاصا وتوكلا عليك ورغبة إليك و
رهبة منك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (1).
25 - البلد والجنة والملحقات: دعاء آخر للسجاد عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والحمد حقه كما يستحقه حمدا كثيرا، وأعوذ به من شر نفسي
إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي وأعوذ به من شر الشيطان الذي يزيدني
ذنبا إلى ذنبي، وأحترز به من كل جبار فاجر وسلطان جائر وعدو قاهر.
اللهم اجعلني من جندك فان جندك هم الغالبون، واجعلني من حزبك فان
حزبك هم المفلحون، واجعلني من أوليائك فان أولياءك لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون.
اللهم أصلح لي ديني فإنه عصمة أمري، وأصلح لي آخرتي فإنها دار مقري
وإليها من مجاورة اللئام مفري، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والوفاة
راحة لي من كل شر.

(1) مصباح الشيخ: 324 - 326، البلد الأمين: 122 - 123.
187

اللهم صل على محمد خاتم النبيين، وتمام عدة المرسلين، وعلى آله
الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، وهب لي في الثلاثاء ثلاثا: لا تدع لي ذنبا إلا
غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا هما إلا أذهبته ولا عدوا إلا دفعته، ببسم الله خير الأسماء
بسم الله رب الأرض والسماء، أستدفع كل مكروه أوله سخطه، وأستجلب كل
محبوب أوله رضاه، فاختم لي منك بالغفران يا ولي الاحسان (1).
26 - المتهجد (2) والبلد والجنة والاختيار والمنهاج:
دعاء آخر للكاظم عليه السلام
مرحبا بخلق الله الجديد، وبكما من كاتبين وشاهدين اكتبا: بسم الله، أشهد
أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أن الاسلام كما وصف و
أن الدين كما شرع، وأن الكتاب كما أنزل، والقول كما حدث، وأن الله هو
الحق المبين، حيا الله محمدا بالسلام، وصلى الله عليه وآله أصبحت أسألك العفو والعافية
في ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي وولدي.
اللهم استر عوراتي وأجب دعواتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن
يميني وعن شمالي.
اللهم إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني، وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني،
اللهم لا تجعلني للبلاء غرضا ولا للفتنة نصبا، ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء فقد ترى
ضعفي وقلة حيلتي وتضرعي، وأعوذ بك من جميع خلقك فأعذني، وأستجير بك
من جميع عذابك فأجرني، وأستنصرك على عدوي فانصرني، وأستعين بك فأعني
وأتوكل عليك فاكفني، وأستهديك فاهدني، وأستعصمك فاعصمني، وأستغفرك
فاغفر لي، وأسترحمك فارحمني، وأسترزقك فارزقني.
فسبحانك من ذا يعلم ما أنت ولا يخافك، ومن ذا يعرف قدرتك ولا يهابك،

(1) البلد الأمين: 123، مصباح الكفعمي: 118.
(2) مصباح الشيخ: 354 - 355.
188

سبحانك ربنا اللهم إني أسئلك إيمانا دائما وقلبا خاشعا وعلما نافعا ويقينا صادقا
وأسئلك دينا قيما، وأسئلك رزقا واسعا.
اللهم لا تقطع رجاءنا ولا تخيب دعاءنا ولا تجهد بلاءنا وأسئلك العافية و
الشكر على العافية، وأسئلك الغنى عن الناس أجمعين يا أرحم الراحمين ويا منتهى
همة الراغبين والمفرج عن المهمومين، ويا من إذا أراد شيئا فحسبه (1) أن
يقول له كن فيكون.
اللهم إن كل شئ لك وكل شئ بيدك، وكل شئ إليك يصير، وأنت
على كل شئ قدير، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ميسر لما عسرت
ولا معسر لما يسرت، ولا معقب لما حكمت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، و
لا قوة إلا بك، ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن، اللهم فما قصر عنه عملي ورأيي
ولم تبلغه مسئلتي من خير وعدته أحدا من خلقك وخير أنت (2) معطيه أحدا من
خلقك فاني أسئلك وأرغب إليك فيه، يا أرحم الراحمين، اللهم وصل على محمد
وآله الطيبين الطاهرين (3).
27 - المتهجد (4) والبلد والاختيار: تسبيح يوم الثلاثا:
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان من هو في علوه دان، سبحان من هو في دنوه عال، سبحان من هو
في إشراقه منير، سبحان من هو في سلطانه قوي، سبحان الحكيم الجميل (5) سبحان
الغنى الحميد، سبحان الواسع العلي، سبحان الله وتعالى، سبحان من يكشف الضر
وهو الدائم الصمد الفرد القديم، سبحان من علا في الهواء، سبحان الحي الرفيع،
سبحان الحي القيوم، سبحان الدائم الباقي الذي لا يزول، سبحان الذي لا تنقص

(1) فبحسبه خ كما في المتمهجد.
(2) وخير ما أنت خ وفى هامش المتهجد أنه بخط ابن إدريس وابن السكون.
(3) البلد الأمين: 124. الجنة: 119.
(4) مصباح المتهجد: 326.
(5) الحليم الجليل خ.
189

خزائنه سبحان من لا ينفد ما عنده، سبحان من لا تبيد معالمه، سبحان من لا يشاور
في أمره أحدا، سبحان من لا إله غيره.
سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده، سبحان ذي العز الشامخ المنيف،
سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذي الجلال الفاخر القديم، سبحان من هو
في علوه دان، وفي دنوه ل، وفي إشراقه منير وفي سلطانه قوي، وفي ملكه دائم
وصلى الله على رسوله سيدنا محمد نبيه وأهل بيته الطاهرين (1).
عوذة يوم الثلاثا من عوذ أبى جعفر عليه السلام.
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيذ نفسي بالله الأكبر رب السماوات القائمات بلا عمد، وبالذي خلقها في
يومين، وقضي في كل سماء أمرها، وخلق الأرض في يومين، وقدر فيها أقواتها،
وجعل فيها جبالا أوتادا، وجعلها فجاجا سبلا، وأنشأ السحاب الثقال وسخره،
وأجرى الفلك وسخر البحر وجعل في الأرض رواسي وأنهارا، من شر ما يكون
في الليل والنهار، وتعقد عليه القلوب وتراه العيون من الجن والإنس، كفانا الله
كفانا الله كفانا الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله، صلى الله عليه وآله الطاهرين
وسلم تسليما (2).
الطب: عن الصادق عليه السلام عوذة يوم الثلاثاء وذكر مثل الدعاء (3).
28 - المتهجد والجنة والبلد (4) والاختيار: عوذة أخرى ليوم الثلاثا:
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيذ نفسي بربي الأكبر مما يخفى ويظهر ومن شر كل أنثى وذكر، ومن
شر ما رأت الشمس والقمر، قدوس قدوس رب الملائكة والروح، أدعوكم أيها

(1) البلد الأمين: 124 - 125 الجنة: 120.
(2) مصباح الكفعمي: 121. البلد الأمين ص: 125 - مصباح الشيخ ص 327.
(3) طب الأئمة ص 43.
(4) لم نجده في كتاب الكفعمي.
190

الجن إن كنتم سامعين مطيعين، وأدعوكم أيها الإنس والجن بالذي دانت له الخلائق
أجمعون، وختمت بعزة الله رب العالمين، وبجبرئيل وميكائيل وإسرافيل
خاتم سليمان بن داود عليه السلام، وخاتم محمد صلى الله عليه وآله وعليهم
أجمعين (1).
دعاء ليلة الأربعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم سبحانك ربنا ولك الحمد، أنت الله الغني الدائم الملك، أشهد أنك
إله لا تخترم الأيام ملكك، ولا تغير الأنام عزك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك
لك، ولا رب سواك، ولا خالق غيرك، أنت خالق كل شئ وكل شئ خلقك
وأنت رب كل شئ وكل شئ عبدك، وأنت إله كل شئ وكل شئ يعبدك،
ويسبح بحمدك ويسجد لك.
فسبحانك وبحمدك، تباركت أسماؤك الحسنى كلها إلها معبودا في جلال عظمتك
وكبريائك، وتعاليت ملكا جبارا في وقار عزة ملكك، وتقدست ربنا منعوتا في
تأييد منعة سلطانك وارتفعت إلها قاهرا فوق ملكوت عرشك، وعلوت كل شئ
بارتفاعك، وأنفذت كل شئ بصرك، ولطف بكل شئ خبرك، وأحاط بكل
شئ علمك، ووسع كل شئ حفظك، وحفظ كل شئ كتابك، وملا كل شئ
نورك، وقهر كل شئ ملكك، وعدل في كل شئ حكمك، وخاف كل شئ من
سخطك، ودخلت في كل شئ مهابتك.
إلهي من مخافتك وتأييدك قامت السماوات والأرض وما فيهن من شئ
طاعة لك وخوفا من مقامك وخشيتك، فتقار كل شئ في قراره، وانتهى كل
شئ إلى أمرك، ومن شدة جبروتك وعزتك انقاد كل شئ لملكك، وذل كل
شئ لسلطانك، ومن غناك وسعتك افتقر كل شئ إليك، فكل شئ يعيش من

(1) مصباح المتهجد: 327.
191

رزقك، ومن علو مكانك وقدرتك.
علوت كل شئ من خلقك، وكل شئ أسفل منك، وتقضي فيهم بحكمك
وتجري المقادير فيهم بمشيتك، ما قدمت منها لم يسبقك، وما أخرت منها لم
يعجزك، وما أمضيت منها أمضيته بحكمك وعلمك، سبحانك وبحمدك، تباركت
ربنا وجل ثناؤك.
اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك ونبيك، وآثره بصفو كرامتك على جميع
خلقك، واخصصه بأفضل الفضائل منك، وبلغ به أفضل محل المكرمين، وأشرف
رحمتك في شرف المقربين، والدرجة العليا من الأعلين.
اللهم بلغ به الوسيلة من الجنة في الرفعة منك والفضيلة، وأدم بأفضل
الكرامة زلفته حتى تتم النعمة عليه، ويطول ذكر الخلايق له واجعلنا من رفقائه
على سرر متقابلين مع أبينا إبراهيم آمين إله الحق رب العالمين.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي أنزلته على موسى في الألواح، وباسمك الذي
وضعته على السماوات فاستقلت، وعلى الأرض فاستقرت، وعلى الجبال فأرست، و
بحق محمد صلى الله عليه وآله نبيك وإبراهيم خليلك، وموسى نجيك، وعيسى كلمتك و
روحك، وأسئلك بتوراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود وقرآن محمد صلى الله عليه وآله وعليهم السلام
وعلى جميع أنبيائك وبكل وحي أوحيته وقضاء قضيته وكتاب أنزلته يا إله الحق المبين
والنور المنير أن تتم النعمة علي وتحسن لي العاقبة في الأمور كلها، فإنما أنا عبدك
وابن عبدك، ناصيتي بيدك أتقلب في قبضتك غير معجز ولا ممتنع، عجزت عن نفسي
وعجز الناس عني، ولا عشيرة تكفيني ولا مال يفديني، ولا عمل ينجيني ولا قوة
لي فأنتصر، ولا أنا برئ من الذنوب فأعتذر، وعظم ذنبي فليسع عفوك لمغفرتي
الليلة بما وأيت على نفسك، وارزقني القوة ما أبقيتني والاصلاح ما أحييتني و
العون على ما حملتني، والصبر على ما أبليتني، والشكر فيما آتيتني، والبركة
فيما رزقتني.
اللهم لقني حجتي يوم الممات، ولا ترني عملي حسرات، ولا تفضحني بسريرتي
192

يوم ألقاك، ولا تخزني بسيئاتي وببلائك عند قضائك، وأصلح ما بيني وبينك
واجعل هواي في تقواك، واكفني هول المطلع، وما أهمني وما لم يهمني مما
أنت أعلم به مني من أمر دنياي وآخرتي، وأعني على ما غلبني وما لم يغلبني،
فكل ذلك بيدك يا رب، واكفني واهدني وأصلح بالي، وأدخلني الجنة وعرفها
لي، وألحقني بالذين هم خير مني، وارزقني مرافقة النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا، أنت إله الحق رب العالمين، وصلى الله على
سيدنا رسوله محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما (1).
29 - البلد والمجموع: دعاء يوم الأربعا لعلي عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي مرضاته في الطلب إليه والتماس ما لديه، وسخطه في ترك
الالحاح في المسألة عليه، وسبحان الله شاهد كل نجوى بعلمه، ومباين كل جسم
بنفسه، ولا إله إلا الله الذي لا يدرك بالعيون والابصار، ولا يجهل بالعقول
والألباب، ولا يخلو من الضمير ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والله
أكبر المتجلل عن صفات المخلوقين، المطلع على ما في قلوب الخلائق أجمعين.
اللهم إني أسئلك سؤال من لا يمل دعاء ربه، وأتضرع إليك تضرع غريق
يرجو كشف كربه، وأبتهل إليك ابتهال تائب من ذنوبه، وأنت الرؤف الذي ملكت
الخلايق كلهم، وفطرتهم أجناسا مختلفات الألوان والاقدار على مشيتك، وقدرت
آجالهم وأدررت أرزاقهم، فلم يتعاظمك خلق خلق حتى كونته كما شئت مختلفا
مما شئت، فتعاليت وتحبرت عن اتخاذ وزير، وتعززت من مؤامرة شريك و
تنزهت عن اتخاذ الأبناء، وتقدست عن ملامسة النساء فليست الابصار بمدركة

(1) البلد الأمين: 125 - 127. مصباح الكفعمي: 121 - 123، مصباح
المتهجد للشيخ الطوسي: 327 - 329.
193

لك، ولا الأوهام واقعة عليك، وليس لك شريك ولا ند ولا عديل ولا شبيه
ولا نظير.
أنت الفرد الواحد الدائم الأول الاخر والعالم الأحد الصمد القائم الذي
لم تلد ولو تولد ولم يكن لك كفوا أحد، ولم توصف بوصف ولم تدرك بوهم، ولا
يغيرك في مر الدهور صرف، كنت أزليا لم تزل ولا تزال، وعلمك بالأشياء في الخفاء كعلمك
بها في الاجهار والاعلان، فيا من ذل لعظمته العظماء وخضعت لعزته الرؤساء، ومن
كلت عن بلوغ ذاته ألسن البلغاء، ومن أحكم تدبير الأشياء، واستعجمت عن إدراكه
عبارة علوم العلماء، أتعذبني بالنار وأنت أملي أو تسلطها على بعد إقراري لك بالتوحيد
وخضوعي وخشوعي لك بالسجود، أو تلجلج لساني في الموقف وقد مهدت لي
بمنك سبل الوصول إلى التحميد والتسبيح والتمجيد؟
فيا غاية الطالبين وأمن الخائفين وعماد الملهوفين وغياث المستغيثين وجار
المستجيرين وكاشف ضر المكروبين ورب العالمين وديان يوم الدين وأرحم
الراحمين، صل على محمد وآل محمد وتب علي وألبسني العافية، وارزقني من فضلك
رزقا واسعا واجعلني من التوابين.
اللهم وإن كنت كتبتني شقيا عندك فاني أسألك بمعاقد العز من عرشك و
بالكبرياء والعظمة التي لا يقاومها متكبر ولا عظيم أن تصلي على محمد وآل محمد و
أن تحولني سعيدا فإنك تجري الأمور على إرادتك، وتجير ولا يجار عليك يا قدير
وأنت على كل شئ قدير، وأنت الرؤف الرحيم الخبير تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما
في نفسك، إنك أنت علام الغيوب فالطف بي فقديما لطفت بمسرف على نفسه غريق في
بحور خطيئته أسلمته للحتوف كثرة زلله، وتطول علي يا متطولا على المذنبين بالعفو
والصفح، فإنك لم تزل آخذا بالفضل والصفح على العاثرين، ومن وجب له باجترائه
على الآثام حلول دار البوار.
يا عالم الخفيات والاسرار يا جبار يا قهار وما ألزمتنيه مولاي من فرض
الاباء والأمهات وواجب حقوقهم من الاخوان والأخوات فاحتمل ذلك
194

عي إليهم وأده يا ذا الجلال والاكرام، واغفر للمؤمنين والمؤمنات، إنك على
كل شئ قدير (1).
30 - المتهجد والبلد والاختيار: دعاء آخر ليوم الأربعا:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد قبل كل شئ، خلقت كل شئ وأنت بعد كل شئ، و
أنت وارث كل شئ، أحصى علمك كل شئ، وأحاطت قدرتك بكل شئ، فليس
يعجزك شئ ولا يتوارى منك شئ، خشع كل شئ لاسمك، وذل كل شئ لملكك
واعترف كل شئ بقدرتك.
اللهم لا يقدر أحد قدرك، ولا يشرك أحد حق شكرك، ولا تهتدي العقول (2)
لصفتك، لا يدري شئ كيف أنت غير أنك كما نعت نفسك حارت الابصار دونك،
وكلت الألسن عنك، وانتهت العقول دونك، وضلت الأحلام فيك، تعاليت بقدرتك
وعلوت بسلطانك، وقدرت بجبروتك، وقهرت عبادك اللهم وأدركت الابصار و
أحصيت الاعمال وأخذت بالنواصي ووجلت دونك القلوب (3).
اللهم فأما الذي نرى من خلقك فيهولنا من ملكك، ويعجبنا من قدرتك،
وما نصف من سلطانك فدليل فيما يغيب عنا منه، وقصر فهمنا عنه، وانتهت عقولنا
دونه، وحالت الغيوب بيننا وبينه.
اللهم أشد خلقك خشية لك أعلمهم بك وأفضل خلقك بك علما أخوفهم لك
وأطوع خلقك لك أقربهم منك وأشد خلقك لك إعظاما أدناهم إليك، لا علم إلا
خشيتك ولا حلم (4) إلا الايمان بك، ليس لمن لم يخشك علم ولا لمن لم يؤمن بك
حلم، وكيف لا تعلم ما خلقت وتحفظ ما قدرت وتفهم ما ذرأت وتقهر ما ذللت و

(1) البلد الأمين: 127 - 128.
(2) القول خ.
(3) في المصباح: وجلت دون القلوب، وما في المتن جعله نسخة في الهامش.
(4) حكم خ ل وهكذا فيما يأتي.
195

تقدر على ما تشاء وبدء كل شئ منك ومنتهى كل شئ إليك وقوام كل شئ بك
ورزق كل شئ عليك، ولا ينقص سلطانك من عصاك، ولا يزيد في ملكك من
أطاعك، ولا يرد أمرك من سخط قضاءك، ولا يمتنع منك من تولى غيرك.
كل سر عندك علانية وكل غيب عندك شهادة تعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور
وتحيي الموتى وتميت الاحياء نور السماوات والأرض ملك الدنيا والآخرة ليس
يمنعك عز سلطانك، ولا عظم شأنك ولا ارتفاع مكانك، ولا شدة جبروتك من
أن تحصي كل شئ وتشهد كل نجوى، وتعلم ما في الأرحام وتطلع على ما في
القلوب.
اللهم لم يكن قبلك شئ وأمر كل شئ بيدك ولا يفعل ما يشاء غيرك، وكل
شئ هالك إلا وجهك، رحيم في قدرتك، عال في دنوك، قريب في ارتفاعك، لطيف في
جلالك، ليس يشغلك شئ عن شئ ولا يستتر عنك شئ، علمك في السر كعلمك في
العلانية، وقدرتك على ما تقضي كقدرتك على ما قضيت، وسعت كل شئ رحمة
وملأت كل شئ عظمة، وأخذت كل شئ بقدرة، وما قضيت فهو الحق المبين
يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تسبق إن طلبت، ولا تقصر إن أردت منتهى دون ما تشاء ولا تقصر
قدرتك عما تريده، علوت في دنوك، ودنوت في علوك، ولطفت في جلالك، و
جللت في لطفك، ولا نفاد لملكك، ولا منتهى لعظمتك، ولا مقياس لجبروتك، ولا
استحراز من قدرتك.
اللهم فأنت الأبد بلا أمد، والمدعو فلا منجى منك والمنتهى فلا محيص
عنك، والوارث فلا مقصر دونك (1) أنت الحق المبين، والنور المنير، والقدوس
العظيم، وارث الأولين والآخرين حياة كل شئ، ومصير كل شئ ميت، وشاهد
كل غائب وولي تدبير الأمور.
اللهم بيدك ناصية كل دابة وإليك مرد كل نسمة، وباذنك تسقط كل

(1) لا مقصود خ ل.
196

ورقة ولا يعزب عنك مثقال ذرة.
اللهم فتت أبصار الملائكة وعلم النبيين وعقول الإنس والجن وفهم خيرتك
من عبادك في معرفة ذاتك وحقيقة صفاتك، اللهم صل على محمد عبدك ونبيك وخيرتك
من خلقك، القائم بحجتك، والذاب عن حرمك، والناصح لعبادك فيك، والصابر
على الأذى والتكذيب في جنبك، والمبلغ رسالاتك، فإنه قد أدى الأمانة ومنح
النصيحة وحمل على المحجة وكابد العسرة والشدة فيما كان يلقى من جهال
قومه.
اللهم فأعطه بكل منقبة من مناقبه وكل ضريبة من ضرائبه وحال من أحواله
ومنزلة من منازله رأيته لك فيها ناصرا وعلى مكروه بلائك صابرا خصائص من
عطائك وفضائل من حبائك، تسر بها نفسه وتكرم بها وجهه وترفع بها مقامه و
تعلي بها شرفه على القوام بقسطك والذابين عن حرمك (1) والدعاة إليك والادلاء
عليك من المنتجبين الكرام من جميع خلقك من ولد آدم، حتى لا تبقى مكرمة (2)
ولا حباء من حبائك جعلتهما منك نزلا لملك مقرب مفضل أو نبي مرسل إلا خصصت
محمدا صلى الله عليه وآله من ذلك بمكارمه بحيث لا يلحقه لا حق ولا يسمو إليه سام، ولا يطمع أن
يدركه الطالب.
وحتى لا يبقى ملك مقرب مكرم مفضل، ولا نبي مرسل، ولا مؤمن صالح
ولا فاجر طالح، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفته منزلة
محمد صلواتك عليه وعلى أهل بيته منك وكرامته عليك وخاصته لديك، ثم جعلت
خالص الصلوات منك ومن ملائكتك المقربين والمصطفين من رسلك والصالحين
من عبادك على محمد وآل محمد صلوات الله عليه وعليهم والسلام عليه وعليهم ورحمة
الله وبركاته.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وترحم على محمد

(1) عن حريمك خ ل.
(2) تكرمة خ كما في المصباح.
197

وآل محمد، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد، وامنن على محمد وآل محمد كما مننت على موسى وهارون وسلم على محمد
وآل محمد كما سلمت على نوح في العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأورد عليه من ذريته وأزواجه وأهل بيته
وأصحابه وأمته من تقر به عينه، واجعلني اللهم منهم وممن تسقيه بكأسه و
توردنا حوضه وتحشرنا في زمرته وتحت لوائه، وتدخلنا في كل خير أدخلت فيه محمدا
وآل محمد، وتخرجنا من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد، صلواتك عليه و
عليهم والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، واجعلني معهم في كل عافية وبلاء
واجعلني معهم في كل شدة ورخاء واجعلني معهم في كل مثوى ومنقلب.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأحيني محياهم وأمتني مماتهم، واجعلني
معهم في المواطن كلها والمواقف كلها والمشاهد كلها، وأفنني خير الفناء إذا أفنيتني
على موالاتك وموالاة أوليائك ومعاداة أعدائك والرغبة إليك والرهبة منك
والخشوع لك والوفاء بعهدك والتصديق بكتابك والاتباع لسنة نبيك صلى الله عليه وآله.
اللهم صل على محمد وآل محمد صلاة تبلغهم بها رضوانك والجنة وتدخلنا معهم
في كرامتك وتنجينا بهم من سخطك والنار، يا حابس يدي إبراهيم عن ذبح ابنه
وهما يتناجيان ألطف الأشياء يا بني ويا أبتاه، يا مقيض الركب ليوسف في البلد
القفر وغيابة الجب وجاعله بعد العبودية نبيا ملكا، يا من سمع الهمس من ذي
النون في بطن الحوت في الظلمات الثلاث: ظلمة الليل، وظلمة قعر البحر، وظلمة
بطن الحوت، يا كاشف ضر أيوب، يا راحم عبرة داود، يا راد حزن يعقوب صلوات
الله عليهم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا منفس هم المهمومين صل على محمد وآل
محمد واكشف عنا كل ضر، ونفس عنا كل هم، وفرج عنا كل غم، واكفنا
كل مؤنه، وأجب لنا كل دعوة، واقض لنا كل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ذنبي ووسع لي في رزقي وخلقي
وطيب لي كسبي وقنعني بما رزقتني، ولا تذهب بنفسي إلى شئ صرفته عني، اللهم
198

إني أعوذ بك من النسيان والكسل (1) والتواني في طاعتك والفشل، ومن عذابك
الأدنى عذاب القبر وعذابك الأكبر، ولا تجعل فؤادي فارغا مما أقول، واجعل
ليلك ونهارك بركات منك علي واجعل سعيي عندك مشكورا أسئلك من صالح ما
في أيدي العباد من الأمانة والايمان والتقوى والزكاة والمال والولد يا حي
يا قيوم.
اللهم مثبت القلوب (2) ثبت قلبي على دينك (3) واجعل وسيلتي إليك و
رغبتي فيما عندك واجعل ثواب عملي رضاك، وأعط نفسي سؤلها ومناها، وزكها
أنت خير (4) من زكاها وأنت وليها ومولاها.
اللهم صل على محمد وآل محمد واستر عورتي وآمن روعتي واقض ديني واغفر
لي ذنبي ووسع لي في قبري وبارك لي فيما رزقتني
اللهم صل على محمد وآل محمد وأسئلك الهدى والتقوى واليقين و
العفاف والغنى والعمل بما تحب وترضى، وأسألك الشكر والمعافاة في الدنيا
والآخرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأسئلك أن تجعلني من خير عبادك عملا و
خيرهم أملا وخيرهم حياة وخيرهم موتا ومن استعملتهم برحمتك (5) وتوفيتهم
برحمتك ورضوانك.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأسئلك العفو والرحمة والعافية في ديني و
دنياي وآخرتي وأهلي ومالي وولدي.
اللهم إني أسئلك الطيبات من الرزق، وترك المنكرات، وحب المساكين،

(1) والشك خ ل.
(2) مقلب القلوب خ.
(3) دينك ودين نبيك واجعله خ.
(4) فأنت خير خ ل.
(5) من الذين استعملتهم بطاعتك خ.
199

وأن تغفر لي وترحمني وتتوب على وإذا أنزلت بالأرض فتنة فاقلبني (1) غير مفتون
اللهم إني أسئلك من الخير كله عاجله وآجله، وأعوذ بك من الشر كله عاجله و
آجله، وافتح لي بخير واختم لي بخير، وآتني في الدنيا حسنة وفى الآخرة
حسنة وقني عذاب النار، يا أرحم الراحمين، إنك على كل شئ قدير، واغفر لي
ولوالدي إنك أنت الغنى الحميد، وصلى الله على محمد وآله أجمعين (2).
31 - البلد والجنة (3) والملحقات: دعاء آخر للسجاد عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا،
لك الحمد أن بعثتني من مرقدي ولو شئت جعلته سرمدا، حمدا دائما لا ينقطع
أبدا، ولا يحصى له الخلايق عددا، اللهم لك الحمد أن خلقت فسويت
وقدرت وقضيت وأمت وأحييت وأمرضت وشفيت وعافيت وأبليت، وعلى العرش
استويت، وعلى الملك احتويت أدعوك دعاء من ضعفت وسيلته، وانقطعت حيلته و
اقترب أجله وتدانى في الدنيا أمله، واشتدت إلى رحمتك فاقته، وعظمت لتفريطه
حسرته، وكثرت زلته وعثرته، وخلصت لوجهك توبته، فصل على محمد خاتم النبيين
وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وارزقني شفاعة محمد صلى الله عليه وآله ولا تحرمني صحبته
إنك أنت أرحم الراحمين، اللهم اقض لي في الأربعاء أربعا: اجعل قوتي في طاعتك
ونشاطي في عبادتك، ورغبتي في ثوابك، وزهدي فيما يوجب لي أليم عقابك، إنك
لطيف لما تشاء (4).

(1) فأفلتني خ.
(2) مصباح المتهجد: 334 - 329. البلد الأمين 131 - 128.
(3) مصباح الكفعمي: 123.
(4) البلد الأمين: 131.
200

32 - المتهجد (1) والبلد والجنة والاختيار والمنهاج:
دعاء آخر للكاظم عليه السلام
مرحبا بخلق الله الجديد، وبكما من كاتبين وشاهدين، اكتبا بسم الله أشهد أن
لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، وأشهد أن الاسلام كما وصف
وأن الدين كما شرع وأن الكتاب كما أنزل والقول كما حدث وأن الله هو الحق
المبين، حيا الله محمدا بالسلام صلى الله عليه وآله اللهم اجعلني من أفضل عبادك نصيبا في كل خير
تقسمه في هذا اليوم من نور تهدي به أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو بلاء تصرفه أو
شر تدفعه أو رحمة تنشرها أو مصيبة تصرفها.
اللهم اغفر لي ما قد سلف من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني
عملا ترضى به عنى.
اللهم إني أسئلك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في شئ من
كتبك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أو علمته أحدا من خلقك أن تجعل القرآن
ربيع قلبي وشفاء صدري ونور بصري وذهاب همى وحزني، فإنه لا حول ولا قوة
إلا بك.
اللهم رب الأرواح الفانية ورب الأجساد البالية، أسئلك بطاعة الأرواح
البالغة إلى عروقها وبطاعة القبور المنشقة عن أهلها، وبدعوتك الصادقة فيهم وأخذك
الحق بينهم وبين الخلايق، فلا ينطقون من مخافتك، يرجون رحمتك ويخافون
عذابك، أسئلك النور في بصري، واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، وذكرك
على لساني أبدا ما أبقيتني.
اللهم ما فتحت لي باب طاعة فلا تغلقه عني أبدا، وما أغلقت عنى من
باب معصية فلا تفتحه علي أبدا، اللهم ارزقني حلاوة الايمان، وطعم المغفرة، ولذة
الاسلام وبرد العيش بعد الموت، إنه لا يملك ذلك غيرك.

(1) مصباح المتهجد 355،
201

اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أذل أو أذل أو أظلم أو أظلم أو
أجهل أو يجهل على أو أجور أو يجار على، أخرجني من الدنيا مغفورا لي ذنبي، و
مقبولا عملي، وأعطني كتابي بيميني، واحشرني في زمرة النبي محمد وآله صلى
الله عليه وآله وسلم كثيرا (1).
تسبيح يوم الأربعاء
33 - المتهجد والبلد والجنة والاختيار:
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان من تسبح له الانعام بأصواتها يقولون سبوحا قدوسا، سبحان الملك
الحق المبين، سبحان من تسبح له البحار بأمواجها، سبحانك ربنا وبحمدك،
سبحان من تسبح له ملائكة السماوات بأصواتها، سبحان الله المحمود في كل مقالة
سبحان الذي يسبح له الكرسي وما حوله وما تحته، سبحان الملك الجبار الذي
ملا كرسيه السماوات السبع والأرضين السبع.
سبحان الله بعدد ما سبحه المسبحون، والحمد لله بعدد ما حمده الحامدون،
ولا إله إلا الله بعدد ما هلله المهللون، والله أكبر بعدد ما كبره المكبرون، وأستغفر الله
بعدد ما استغفره المستغفرون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بعدد ما مجده
الممجدون، وبعدد ما قاله القائلون، وصلى الله على محمد وآل محمد بعدد ما صلى
عليه المصلون.
سبحانك لا إله إلا أنت تسبح لك الدواب في مراعيها، والوحوش في مظانها
والسباع في فلواتها، والطير في وكورها، سبحانك لا إله إلا أنت تسبح لك البحار
بأمواجها والحيتان في مياهها والمياه على مجاريها والهوام في أماكنها، سبحانك
لا إله إلا أنت الجواد الذي لا يبخل، الغني الذي لا يعدم، الجديد الذي لا
يبلى.

(1) الجنة: 124، البلد الأمين: 132.
202

الحمد لله الباقي الذي تسربل بالبقاء، الدائم الذي لا يفنى، العزيز الذي لا يذل،
الملك الذي لا يزول، سبحانك لا إله إلا أنت القائم الذي لا يعيى، الدائم الذي لا
يبيد، العليم الذي لا يرتاب، البصير الذي لا يضل، الحليم الذي لا يجهل، سبحانك
لا إله إلا أنت الحكيم الذي لا يحيف الرقيب الذي لا يسهو، المحيط الذي لا يلهو،
الشاهد الذي لا يغيب، سبحانك لا إله إلا أنت القوي الذي لا يرام، العزيز الذي لا
يضام، السلطان الذي لا يغلب، المدرك الذي لا يدرك الطالب الذي لا يعجز (1).
الطب: البسملة أعيذك يا فلان بن فلانة بالأحد الصمد من شر ما نفث
وعقد ومن شر أبي مرة وما ولد أعيذك بالواحد الاعلى مما رأت عين ومما لم
تر، وأعيذك بالفرد الكبير من شر من أرادك بأمر عسير، أنت يا فلان بن فلانة في
جوار الله العزيز الجبار الملك القدوس القهار، السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار
عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، هو الله لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته (2).
34 - المتهجد والبلد والجنة والاختيار: عوذة يوم الأربعا من
عوذ أبى جعفر عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيذ نفسي بالأحد الصمد من شر النفاثات في العقد ومن شر ابن فترة وما
ولد أستعيذ بالله الواحد الأحد الاعلى من شر ما رأت عيني وما لم تره أستعيذ بالله
الواحد الفرد الكبير الاعلى من شر من أرادني بأمر عسير.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني في جوارك وحصنك الحصين العزيز
الجبار الملك القدوس القهار السلام المؤمن المهيمن الغفار عالم الغيب والشهادة
الكبير المتعال، هو الله هو الله هو الله لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) مصباح المتهجد: 334، البلد الأمين: 133، مصباح الكفعمي: 125 - 126
(2) طب الأئمة: 44.
203

تسليما كثيرا دائما (1).
عوذة أخرى ليوم الأربعاء:
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيذ نفسي بالله الأكبر الأكبر الأكبر رب السماوات القائمات بلا عمد، و
بالله خالقها في يومين وخالق الأرض في يومين وقدر فيها أقواتها وجعل فيها جبالا
أوتادا وفجاجا سبلا، وأنشأ السحاب وأجرى الفلك، وسخر البحرين، وجعل
في الأرض رواسي وأنهارا في أربعة أيام سواء للسائلين، من شر ما يكون في الليل
والنهار، وتعقد عليه القلوب، وشرار الجن والإنس، كفانا الله كفانا الله كفانا الله
لا إله إلا الله محمد رسول الله، صلى الله عليه وآله تسليما (2).
دعاء ليلة الخميس
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الذي بكلمتك خلقت جميع خلقك، فكل مشيتك
أتتك بلا لغوب وأثبت (3) مشيتك ولم تأن فيها لمؤنة، ولم تنصب فيها لمشقة،
وكان عرشك على الماء، والظلمة على الهواء، والملائكة يحملون عرشك عرش النور
والكرامة، ويسبحون بحمدك، والخلق مطيع لك خاشع من خوفك، لا يرى فيه
نور إلا نورك، ولا يسمع فيه صوت إلا صوتك، حقيق بما لا يحق إلا لك.
خالق الخلق ومبتدعه، توحدت بأمرك وتفردت بملكك، وتعظمت
بكبريائك (4) وتعززت بجبروتك، وتسلطت بقوتك، وتعاليت بقدرتك، فأنت
بالمنظر الاعلى فوق السماوات العلى، كيف لا يقصر دونك علم العلماء، ولك العزة
أحصيت خلقك ومقاديرك لما جل من جلال ما جل من ذكرك، ولما ارتفع من رفيع

(1) مصباح الكفعمي: 126، البلد الأمين: 133، مصباح المتهجد: 335
(2) مصباح الكفعمي: 126، البلد الأمين: 133، مصباح المتهجد: 335
(3) وأتيت خ.
(4) بكرامتك خ كما في المتهجد.
204

ما ارتفع من كرسيك، علوت على علو ما استعلى من مكانك، كنت قبل جميع خلقك
لا يقدر القادرون قدرك، ولا يصف الواصفون أمرك.
رفيع البنيان، مضئ البرهان، عظيم الجلال، قديم المجد، محيط العلم،
لطيف الخير، حكيم الامر، أحكم الامر صنعك، وقهر كل شئ سلطانك، و
توليت العظمة بعزة ملكك، والكبرياء بعظم جلالك، ثم دبرت الأشياء كلها
بحكمك (1) وأحصيت أمر الدنيا والآخرة كلها بعلمك، وكان الموت والحياة
بيدك، وضرع كل شئ إليك، وذل كل شئ لملكك، وانقاد كل شئ لطاعتك
فتقدست ربنا وتقدس اسمك وتباركت ربنا وتعالى ذكرك، وبقدرتك على خلقك
ولطفك في أمرك لا يعزب عنك مثقال ذرة في السماوات والأرض ولا أصغر من
ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين فسبحانك وبحمدك، تباركت ربنا وجل ثناؤك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك أفضل ما صليت على أحد من
خلقك من بيوتات المسلمين صلاة تبيض بها وجهه وتقر بها عينه، وتزين بها مقامه
وتجعله خطيبا بمحامدك، ما قال صدقته، وما سأل أعطيته، ولمن شفع شفعته، واجعل
له من عطائك عطاء تاما وقسما وافيا ونصيبا جزيلا واسما عاليا على النبيين و
الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي إذا ذكر اهتز له عرشك، وتهلل له نورك، و
استبشر له ملائكتك، والذي إذا ذكر تضعضعت له السماوات والأرض والجبال و
الشجر والدواب، والذي إذا ذكر تفتحت له أبواب السماء وأشرقت الأرض، وسبحت له
الجبال، والذي إذا ذكر تصدعت له الأرض وقدست له الملائكة والانس وتفجرت
له الأنهار، والذي إذا ذكر ارتعدت منه النفوس ووجلت منه القلوب وخشعت له
الأصوات، أن تغفر لي ولوالدي، وارحمهما كما ربياني صغيرا، وارزقني ثواب
طاعتهما ومرضاتهما، وعرف بيني وبينهما في جنتك.
أسئلك لي ولهما الاجر يوم القيامة، والعفو يوم القضاء، وبرد العيش عند

(1) بحكمتك خ ل.
205

الموت، وقرة عين لا تنقطع، ولذة النظر إلى وجهك، وشوقا إلى لقائك.
اللهم إني ضعيف فقو في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل
الاسلام منتهى رضاي، واجعل البر أكبر أخلاقي، والتقوى زادي، وارزقني الظفر
بالخير لنفسي، وأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وبارك لي في دنياي التي فيها
بلاغي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل دنياي زيادة في كل خير، و
اجعل آخرتي عافية من كل شر، وهيئ لي الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن
دار الغرور، والاستعداد للموت قبل أن ينزل بي.
اللهم لا تأخذني بغتة ولا تقتلني فجأة ولا تعجلني عن حق ولا تسلبنيه، و
عافني من ممارسة الذنوب بتوبة نصوح، ومن الأسقام الدوية بالعفو والعافية، و
توف نفسي آمنة مطمئنة راضية بما لها مرضية، ليس عليها خوف ولا حزن ولا
جزع ولا فزع ولا وجل ولا مقت منك، مع المؤمنين الذي سبقت لهم منك الحسنى فهم عن
النار مبعدون.
اللهم صل على محمد وآل محمد، ومن أرادني بحسن فأعنه عليه، ويسره لي
فانى لما أنزلت إلى من خير فقير ومن أرادني بسوء أو حسد أو بغى عداوة وظلما فانى
أدرء بك في نحره وأستعين بك عليه فاكفنيه بم شئت، واشغله عنى بم شئت فإنه لا
حول ولا قوة إلا بك.
اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم ومن مغاويه واعتراضه وفزعه ووسوسته
اللهم فلا تجعل له على سلطانا ولا تجعل له في مالي وولدي شركا ولا نصيبا وباعد
بيننا وبينه كما باعدت بين المشرق والمغرب حتى لا يفسد شيئا من طاعتك علينا،
وأتمم نعمتك عندنا بمرضاتك عنا يا أرحم الراحمين، وصلى الله على النبي محمد وآله
الطاهرين وسلم تسليما (1).

(1) مصباح المتهجد: 338، البلد الأمين: 135، الجنة: 129.
206

35 - البلد والمجموع: دعاء يوم الخميس لعلي عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي في كل نفس من الأنفاس وخطرة من الخطرات منا منن لا
تحصى وفى كل لحظة من اللحظات نعم لا تنسى، وفى كل حال من الحالات عائدة
لا تخفى، وسبحان الله الذي يقهر القوي وينصر الضعيف ويجبر الكسير ويغنى الفقير
ويقبل اليسير ويعطى الكثير، وهو على كل شئ قدير، ولا إله إلا الله السابغ
النعمة البالغ الحكمة الدامغ الحجة الواسع الرحمة المانع العصمة، والله أكبر
ذو السلطان المنيع والبنيان الرفيع والانشاء البديع والحساب السريع، وصلى الله على
محمد خير النبيين وآله الطيبين وسلم تسليما.
اللهم إني أسئلك سؤال الخائف من وقفة الموقف، الوجل من العرض،
المشفق من الحساب، المستعيذ من بوائق القيامة، المأخوذ على الغرة، النادم على
خطيئته، المسؤول المحاسب المثاب المعاقب الذي لم يكنه عنك مكان، ولا وجد مفرا
إليك سواك متنصل من سيئ عمله مقر قد أحاطت به الهموم، وضاقت عليه رحائب
التخوم، موقن بالموت مبادر بالتوبة قبل الفوت، أنت مننت بها عليه وعفوت
عنه.
فأنت إلهي رجائي إذ ضاق عنى الرجاء، وملجأي إذ لم أجد فناء للالتجاء
توحدت سيدي بالعز والعلاء، وتفردت بالوحدانية والبقاء، وأنت المتعزز الفرد
المتعال، ذو المجد، فلك رب الحمد لا يواري منك مكان، ولا يغيرك زمان.
تألفت بلطفك الفرق، وفلقت بقدرتك الفلق، وأنرت بكرمك دياجى الغسق
وأجريت الامواه من الصم الصياخيد عذبا وأجاجا، وأنهرت من المعصرات ماء
ثجاجا، وجعلت الشمس للبرية سراجا وهاجا، والقمر والنجوم أبراجا من غير
أن تمارس فيما ابتدأت لغوبا ولا علاجا، وأنت إله كل شئ وخالقه، وجبار كل
مخلوق ورازقه، فالعزيز من أعززت، والذليل من أذللت، والسعيد من أسعدت،
207

والشقي من أشقيت، والغنى من أغنيت، والفقير من أفقرت.
أنت وليي ومولاي وعليك رزقي، وبيدك ناصيتي، فصل على محمد وآل محمد،
وافعل بي ما أنت أهله، وعد بفضلك على عبد غمره جهله، واستولى عليه التسويف
حتى سالم الأيام فاعتقد المحارم والآثام، فاجعلني سيدي عبدا يفزع إلى التوبة
فإنها مفزع المذنبين، وأغنني بجودك الواسع عن المخلوقين، ولا تحوجني إلى شرار
العالمين، وهب لي عفوك في موقف يوم الدين، فإنك أرحم الراحمين، وأجود
الأجودين وأكرم الأكرمين.
يا من له الأسماء الحسنى والأمثال العليا وجبار السماوات والأرضين إليك
قصدت راجيا فلا تردني عن سنى مواهبك صفرا، إنك جواد مفضال.
يا رؤوفا بالعباد ومن هو لهم بالمرصاد أسئلك أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن
تجزل ثوابي وتحسن مآبي وتستر عيوبي وتغفر ذنوبي، وأنقذني مولاي بفضلك من
أليم العذاب إنك كريم وهاب، فقد ألقتني السيئات والحسنات بين عقاب وثواب،
وقد رجوتك أن تكون بلطفك تتغمد عبدك المقر بفوادح العيوب، المعترف بفضائح
الذنوب، وتصفح بجودك وكرمك يا غافر الذنوب عن زلله، فليس لي سيدي رب
أرتجيه غيرك، ولا إله أسأله جبر فاقتي ومسكنتي سواك، فلا تردني منك بالخيبة
يا مقيل العثرات، وكاشف الكربات واسترني فانى لست بأول من سترته يا ولى النعم
وشديد النقم ودائم المجد والكرم.
واخصصني منك بمغفرة لا يقارنها شقاء، وسعادة لا يدانيها أذى وألهمني تقاك
ومحبتك، وجنبني موبقات معصيتك، ولا تجعل للنار علي سلطانا، إنك أهل
التقوى وأهل المغفرة، وقد دعوتك كما أمرتني وتكفلت بالإجابة فلا تخيب سائليك
ولا تخذل طالبيك ولا ترد آمليك يا خير مأمول، أكرمني برأفتك ورحمتك وفرد انبتك
وربوبيتك إنك على كل شئ قدير وبكل شئ محيط.
واكفني ما أهمنى من أمر دنياي وآخرتي، فإنك سميع الدعاء لطيف لما
تشاء وأدرجني درج من أوجبت له حلول دار كرامتك مع أصفيائك وأهل اختصاصك
208

بجزيل مواهبك في درجات جناتك، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وما افترضت على يا إلهي فاحتمله
عني إلى من أوجبت حقوقه من الاباء والأمهات والاخوة والأخوات، واغفر لي
ولهم من المؤمنين والمؤمنات، إنك قريب مجيب واسع البركات، وذلك عليك يسير
وصلى الله على النبي محمد وآله أجمعين وسلم تسليما (1).
36 - المتهجد (2) والبلد والاختيار: دعاء آخر ليوم الخميس:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ربنا لك الحمد والثناء الحسن كله، ولك الحمد حمدا ترضى به و
تقبله، ولك الحمد حمدا يقوم أجره وكرامته، ولك الحمد حمدا كثيرا كما تظاهرت
علينا نعمك، وسبحان الله ربنا الذي نعمته أفضل من شكرنا، وسبحان الله ربنا
الذي رحمته أنفع لنا من أعمالنا، وسبحان الله ربنا الذي إحسانه خير من إحساننا،
وسبحان الله ربنا الذي مغفرته أعظم من ذنوبنا، وسبحان الله ربنا الذي رزقه أوسع
لنا من كسبنا، وسبحان الله ربنا الذي تعليمه لنا أفقه من أحلامنا وسبحان الله ربنا
الذي مغفرته أكفى لنا من فعلنا.
وسبحانك يا إلهي ما أعظم شأنك وأعز جبروتك وأكرم قدرتك وأفضل عفوك
وأسبغ نعمتك وأكبر منك وأوسع رحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحانك لا تستطيع الألسن وصفك، ولا تصف العقول قدرتك، ولا تخطر
على القلوب عظمتك، ولا تبلغ الاعمال شكرك، ولا يطيق العاملون صنعك، تحيرت
الابصار دونك.
سبحانك أمرك قضاء وكلامك نور ورضاك رحمة وسخطك عذاب ورحمتك
حياة وطاعتك نجاة وعبادتك حرز وأخذك أليم وأنت أرحم الراحمين.
وسبحانك صفت لك الملائكة وخشعت لك الأصوات وانتشرت بك الأمم و
أذعن لك الخلائق وقام بك الخلق، وصفا لك الملك والامر، وطلبت إليك

(1) البلد الأمين: 135 - 137.
(2) مصباح الشيخ: 338 - 340.
209

الحوائج، ورفعت إليك الأيدي وطمحت نحوك الابصار، وقرت بك الأعين،
وأشرقت بنورك الأرض، وحييت بك البلاد، وانحلت لك الأجساد وتناهت إليك
الأرواح، وتاقت إليك الأنفس، وعنت لك الوجوه، واطمأنت بك الأفئدة، و
اقشعرت منك الجلود، وأفضيت إليك القلوب واطلعت على السرائر، وأخذت
بالنواصي والاقدام يا أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين
الطاهرين، اللهم وأكرمه كرامة تبدو فضيلتها يوم القيامة على جميع العالمين، اللهم
وصل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد وعلينا بركة تفضلنا بها على من
باركت من المسلمين، وعرف بيننا وبينه تحت عرشك ونحن في عافية مما فيه من
حضر الحساب من المجرمين، وأجمعنا وإياه في خير مساكن الجنة التي تفضل بها
الأنبياء والصالحين، صلوات الله عليهم أجمعين.
اللهم واختم ذلك لنا برضوان منك ومحبة مع رضوان تقربنا بها مع المقربين
اللهم وقربنا منك يومئذ قربى قريبة لا تجعل بها أحدا من المؤمنين، وأسألك اللهم
بما ألبستني إلهي من محامدك وتعظيمك، والصلاة على محمد عبدك ورسولك ونبيك
يا ذا الجلال والاكرام، والجبروت والملكوت والسلطان والقدرة والاكرام والنعم
العظام والعزة التي لا ترام.
أسئلك بأفضل مسائلك كلها وأنجحها وأعظمها التي لا ينبغي للعباد أن يسألوك
إلا بها، وبك يا الله يا رحمن يا رحيم، وبعزتك القديمة، وبملكك يا ملك الدنيا
والآخرة وبنعمائك التي لا تحصى وبأحب أسمائك إليك وأكرمها عليك وأشرفها
لديك منزلة وأقربها إليك وسيلة وأجز لها عندك ثوابا وأسرعها منك إجابة.
وأدعوك دعاء من اشتدت فاقته وعظم جرمه وضعف كدحه وأشرفت على الهلكة
نفسه ولم يجد لفاقته مغيثا ولا لكسره جابرا ولا لذنبه غافرا غيرك، وأدعوك
دعاء فقير إلى رحمتك إلهي غير مستنكف ولا مستكبر، دعاء بائس فقير خائف
مستجير.
وأدعوك بأنك الحنان المنان بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والاكرام.
210

عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، أن تقلبني اليوم لرضاك عني، وعتق رقبتي
من النار عتقا لا رق بعده، وتجعلني من طلقائك ومحرريك، وتشهد على ذلك
ملائكتك وأنبياءك ورسلك في كتاب لا يبدل ولا يغير حتى ألقاك وأنت عني راض
وأنا لديك مرضى وأن تعافيني في كل موطن، وتنصرني على كل عدو وتولاني
في كل مقام وتنجيني من كل عدو وتفرج عني كل كرب وتهون لي كل سبيل
وترزقني كل بركة، وأن تسمع لي إذا دعوت وتغفر لي إذا سهوت وتتقبل مني
إذا صليت وتستجيب لي إذا دعوت وتتجاوز عني إذا لهوت، ولا تعاقبني فيما أتيت
وهب لي صالح ما نويت، وهب لي من الخير فوق الذي سميت، وتقبل منى وتجاوز
عني وعافني واغفر لي، وامنن علي وارحمني وتب على وارض عني ووفقني لما
ينفعني، واصرف عني ما يضرني، واكفني ما أهمني، ولا تمقتني ولا تعاقبني
ولا تخزني، وأكرمني ولا تهني، وأصلحني وهب لي كل شئ يصلحني، وأعظم
أجرى وأحسن ثوابي وبيض وجهي وأكرم مدخلي وقربتي منك وأكرمني برحمتك
آمين رب العالمين.
وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الأخيار الأبرار الذين لا خوف
عليهم ولا هم يحزنون (1).
37 - البلد والجنة والملحقات: دعاء آخر للسجاد عليه السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أذهب الليل مظلما بقدرته، وجاء بالنهار مبصرا برحمته،
وكساني ضياءه وأنا في نعمته، اللهم فكما أبقيتني له فأبقني لأمثاله، وصل على
النبي محمد وآله، ولا تفجعني فيه وفي غيره من الليالي والأيام بارتكاب المحارم، و
اكتساب المآثم، وارزقني خيره وخير ما فيه وخير ما بعده، واصرف عنى شره وشر
ما فيه وشر ما بعده.
اللهم إني بذمة الاسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، و

(1) البلد الأمين: 137 - 139.
211

محمد المصطفى صلى الله عليه وآله أستشفع لديك، فاعرف اللهم ذمتي التي رجوت
بها قضاء حاجتي، يا أرحم الراحمين.
اللهم اقض لي في الخميس خمسا لا يتسع لها إلا كرمك، ولا يطيقها إلا
نعمك: سلامة أقوى بها على طاعتك، وعبادة أستحق بها جزيل مثوبتك، وسعة في
الحال من الرزق الحلال، وأن تؤمنني في مواقف الخوف بأمنك، وتجعلني من طوارق
الهموم والغموم في حصنك، وصل على محمد وآل محمد، واجعله لي شافعا واجعل توسلي
يوم القيامة نافعا، إنك أنت أرحم الراحمين (1).
38 - المتهجد (2) والبلد والجنة والاختيار والمنهاج:
دعاء آخر للكاظم عليه السلام
مرحبا بخلق الله الجديد، وبكما من كاتبين وشاهدين اكتبا: بسم الله، أشهد
أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أن الاسلام كما وصف و
الدين كما شرع، والقول كما حدث، والكتاب كما أنزل، وأن الله هو الحق
المبين، حيا الله محمدا بالسلام، وصلى الله عليه وآله أصبحت أعوذ بوجه الله الكريم
واسم الله العظيم وكلماته التامة من شر السامة والهامة والعين اللامة، ومن شر
ما خلق وذرأ وبرء ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها إن ربي على صراط
مستقيم.
اللهم إني أعوذ بك من جميع خلقك، وأتوكل عليك في جميع أموري فاحفظني
من بين يدي ومن خلفي ومن فوقي ومن تحتي، ولا تكلني في حوائجي إلى عبد من
عبادك فيخذلني، أنت مولاي وسيدي فلا تخيبني من رحمتك.
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحويل عافيتك، استعنت بحول الله
وقوته من حول خلقه وقوتهم، وأعوذ برب الفلق من شر ما خلق، حسبي الله

(1) مصباح الكفعمي ص 129، البلد الأمين ص 139.
(2) مصباح المتهجد: 356 - 357.
212

ونعم الوكيل، اللهم أعزني بطاعتك وأذل أعدائي بمعصيتك واقصمهم يا قاصم كل
جبار عنيد، يا من لا يخيب من دعاه، ويا من إذا توكل العبد عليه كفاه اكفني
كل مهم من أمر الدنيا والآخرة.
اللهم إني أسألك عمل الخائفين وخوف العاملين وخشوع العابدين وعبادة
المتقين وإخبات المؤمنين وإنابة المخبتين وتوكل الموقنين وبشرى المتوكلين
وألحقنا بالاحياء المرزوقين، وأدخلنا الجنة وأعتقنا من النار، وأصلح لنا
شأننا كله.
اللهم إني أسئلك إيمانا صادقا يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمير
الصامتين، إنك بكل خير عالم غير معلم، وأن تقضي لي حوائجي وأن تغفر لي
ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم و
الأموات، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله إنك حميد مجيد (1).
39 - المتهجد والبلد والجنة والاختيار: تسبيح يوم الخميس:
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحانك لا إله إلا أنت الواسع الذي لا يضيق، البصير الذي لا يضل، النور الذي
لا يخمد، سبحانك لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت القيوم الذي لا يهن، الصمد الذي
لا يطعم، سبحانك لا إله إلا أنت ما أعظم شأنك وأعز سلطانك وأعلى مكانك
سبحانك لا إله إلا أنت ما أبرك وأرحمك وأحلمك وأعظمك وأعلمك وأسمحك
وأجلك وأكرمك وأعزك وأعلاك وأقواك وأسمعك وأبصرك.
سبحانك لا إله إلا أنت ما أكرم عفوك وأعظم تجاوزك، سبحانك لا إله إلا
أنت ما أوسع رحمتك وأكثر فضلك، سبحانك لا إله إلا أنت ما أنعم آلاءك وأسبغ
نعماءك، سبحانك لا إله إلا أنت ما أفضل ثوابك وأجزل عطاءك، سبحانك لا إله إلا
أنت ما أوسع حجتك وأوضح برهانك، سبحانك لا إله إلا أنت ما أشد أخذك وأوجع
عقابك، سبحانك لا إله إلا أنت ما أشد مكرك وأمتن كيدك، سبحانك لا إله إلا

(1) البلد الأمين: 139، الجنة: 129 - 130.
213

أنت تسبح لك السماوات السبع والأرضون السبع.
سبحانك لا إله إلا أنت القريب في علوك، المتعالى في دنوك، المتدانى دون
كل شئ من خلقك، سبحانك لا إله إلا أنت القريب قبل كل شئ، والدائم
مع كل شئ، والباقي بعد فناء كل شئ، سبحانك لا إله إلا أنت تصاغر كل شئ
لجبروتك، وانقاد كل شئ لسلطانك، وذل كل شئ لعزتك، وخضع كل شئ
لملكك، واستسلم كل شئ لقدرتك.
سبحانك لا إله إلا أنت ملكت الملوك بعظمتك، وقهرت الجبابرة بقدرتك
وذللت العظماء بعزتك، سبحانك لا إله إلا أنت تسبيحا يفضل على تسبيح المسبحين
كلهم من أول الدهر إلى آخره، وملء السماوات والأرضين وملء ما خلقت و
ملء ما قدرت.
سبحانك لا إله إلا أنت تسبح لك السماوات بأقطارها والشمس في مجاريها
والقمر في منازله والنجوم في سيرانها والفلك في معارجها سبحانك لا إله إلا أنت
يسبح لك النهار بضوئه، والليل بدجاه، والنور بشعاعه، والظلمة بغموضها،
سبحانك لا إله إلا أنت تسبح لك الرياح في مهبها والسحاب بأمطارها والبرق
بأخطافه والرعد بارازمه، سبحانك لا إله إلا أنت تسبح لك الأرض بأقواتها،
والجبال بأطوادها والأشجار بأوراقها والمراعى في منابتها، سبحانك وبحمدك لا إله
إلا أنت وحدك لا شريك لك، عدد ما سبحك من شئ وكما تحب يا رب أن تحمد
وكما ينبغي لعظمتك وكبريائك وعزك وقدرتك وقوتك، وصلى الله على رسوله
محمد خاتم النبيين وآله أجمعين (1).
عوذة يوم الخميس من عوذ أبى جعفر عليه السلام:
أعيذ نفسي برب المشارق والمغارب، ومن كل شيطان مارد، وقائم وقاعد
وعدو وحاسد ومعاند، وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم
رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام، اركض برجلك هذا مغتسل

(1) المتهجد: 340. البلد: 140، الجنة: 131.
214

بارد وشراب وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا
أنعاما وأناسي كثيرا، الان خفف الله عنكم ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، يريد
الله أن يخفف عنكم، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، لا إله إلا الله والله غالب
على أمره، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله تسليما (1)
طب الأئمة: باسناد الآخرين عن الصادق عليه السلام مثله وفي أوله أعيذ نفسي أو
فلان بن فلانة (2).
40 - المتهجد والجنة والبلد والاختيار: عوذة أخرى له:
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيذ نفسي بقدرة الله، وعزة الله، وعظمة الله، وسلطان الله، وجلال الله،
وكمال الله، وبجمع الله، وبرسول الله صلى الله عليه وآله الطيبين، وبولاة أمر
الله، من شر ما أخاف وأحذر، وأشهد أن الله على كل شئ قدير، ولا حول و
قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما، وحسبنا الله
ونعم الوكيل (3).
41 - البلد (4) والجمال والمتهجد والاختيار:
ويستحب أن يستغفر الله تعالى هذا الاستغفار آخر نهار الخميس فيقول " أستغفر
الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه توبة عبد خاضع مسكين مستكين
لا يستطيع لنفسه صرفا ولا عدلا ولا نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا
وصلى الله على محمد وعترته الطيبين الأخيار الطيبين الأبرار وسلم تسليما.
ثم يقول: " اللهم يا خالق نور النبيين، ومرزغ قبور العالمين، وديان

(1) مصباح المتهجد: 341، البلد الأمين: 141، مصباح الكفعمي: 132.
(2) طب الأئمة ص 44.
(3) المتهجد 342: البلد: 141. الجنة: 132.
(4) البلد الأمين: 141 - 142، الجنة: 132 - 133.
215

حقائق يوم الدين، والمالك لحكم الأولين والآخرين، والمسبحين، والعالم بكل
تكوين، أشهد بعزتك في الأرض والسماء، وحجابك المنيع على أهل الطغيان
يا خالق روحي ومقدر قوتي، والعالم بسري وجهري، لك سجودي وعبودي و
لعدوك عنودي يا معبودي، أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك
لك، عليك توكلت وإليك أنيب، وأنت حسبي ونعم الوكيل.
ويستحب أن يقرء فيه سورة المائدة، وأن يقرأ القدر ألف مرة ويصلي على
النبي كذلك ويقول: اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم، وأهلك عدوهم
من الجن والإنس من الأولين والآخرين.
ومن كانت له حاجة فليباكر فيها لقوله صلى الله عليه وآله " اللهم بارك لامتي في بكورها "
فإذا توجه قرأ الحمد والمعوذتين والاخلاص والقدر وآية الكرسي والخمس آيات
من آخر آل عمران، ثم يقول: مولاي! انقطع الرجاء إلا منك، وخابت الآمال
إلا فيك أسئلك إلهي بحق من حقه عليك واجب ممن جعلت له الحق عندك أن
تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي حاجتي (1).
تبيان: ولنعد إلى شرح تلك الأدعية من أولها، وإيضاح ما يحتاج منها
إلى توضيح (2).
" يسبح بحمده " (3) صفة لشئ " من قضائك " (4) أي فارا منه.
" ولم تغادر " (5) أي ولم نترك، والفعال بالكسر جمع وبالفتح مصدر ويكون
بمعنى الكرم " في المنازل كلها " أي في أحوالي المختلفة من مراتب الخلق والتقدير
" مهللا " أي موحدا قائلا لا إله إلا الله، أو رافعا صوتي بالثناء أو فرقا خائفا من

(1) مصباح الشيخ الطوسي: 178 و 179.
(2) لما كانت الأدعية طويلة لا بد وأن نشير إلى تلك المواضع.
(3) دعاء ليلة الجمعة ص 127.
(4) الدعاء المذكور ص 128.
(5) دعاء يوم الجمعة ص 129.
216

عدم القبول، قال الفيروزآبادي: استهل رفع صوته بالبكاء كأهل وكذا كل متكلم
رفع صوته وهلل قال لا إله إلا الله، ونكص وجبن وفر، والهلل محركة الفرق
" كما توليت الحمد بقدرتك " تولية الحمد بما ذكره في كتبه وبما ألهم به أنبياءه و
حججه وأولياءه، وبما سطر في كتاب الوجود من العرش إلى الثرى مما يدل على
وجوده وعلمه وقدرته وحكمته وسائر كمالاته، فهو سبحانه كما أثنى على نفسه و
قد حققنا ذلك في الفرائد الطريفة " واستخلصت الحمد لنفسك " يقال استخلصه لنفسه
أي استخصه، والحمد هنا يحتمل الحامدية والمحمودية، وحمل هذا على الحامدية
وقوله: " وجعلت الحمد من خاصتك " على المحمودية لعله أولى.
" وختمت بالحمد قضاءك " (1) أي في القيامة إشارة إلى قوله سبحانه " وقضى
بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " (2) " ولم يعدل " أي الحمد " إلى غيرك "
أي لا يستحقه غيرك " ولم يقصر الحمد دونك " أي ليس شئ من المحامد لا تستحقه
" وكما استحمدت إلى خلقك " أي طلبت الحمد منهم بتضمين معنى الانهاء كما يقال
أحمد إليك الله وإلى بمعنى " من " ويحتمل أن يكون بمعنى الامتنان يقال فلان
يتحمد إلى فلان أي يمتن عليه.
" ووزن كل شئ خلقته " من قبيل تشبيه المحسوس بالمعقول " يا ذا العلم
العليم " الوصف للمبالغة كقولهم ليل أليل " والوجه الكريم " أي الذات المكرم أو
ذي الجود والكرم أو التوجه المشتمل على اللطف والرحمة، أو الأنبياء والحجج
عليهم السلام الذين بهم يتوجه إليك.
" حمدا مداد الحمد " أي ما دام يمتد الحمد أو قدر ما يكال المحامد بالمد
تشبيها بالمحسوس أو قدر ما يمد ويزاد الحمد من الله والملائكة وساير الخق أو
عدد المحامد أو كثرتها أو قدر المداد الذي يكتب به محامده.

(1) الدعاء المذكور ص 130، السطر الثاني.
(2) الزمر: 75.
217

قال في القاموس: المداد النفس، وما مددت به السراج من زيت ونحوه، والمثال
والطريقة، والمد بالضم مكيال والجمع مداد، قيل ومنه " سبحان الله مداد كلماته "
" وسبحان الله مداد السماوات " أي عددها وكثرتها.
وفي النهاية فيه " سبحان الله مداد كلماته " أي مثل عددها وقيل قدر ما يوازيها
في الكثرة عياره لكيل أو وزن أو عدد أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير، وهذا
تمثيل يراد به التقدير، لان الكلام لا يدخل في الكيل والوزن وإنما يدخل في
العدد، والمداد مصدر كالمد يقال: مددت الشئ مدا ومدادا، وهو ما يكثر به
ويزاد، ومنه حديث الحوض ينبعث فيه ميزابان مدادهما أنهار الجنة، أي تمدهما
أنهارها انتهى وقيل " مداد كلماته " أي لا ينتهى كما لا ينتهي كلماته.
" وكنه قدرتك " أي حمدا يناسب ويوازي حقيقة قدرتك " ويبلغ مبلغ مدحتك "
أي ما تستحقه من ذلك.
وقال الجوهري: خفق الطاير أي طار، وأخفق إذا ضرب بجناحيه " والدنيا "
أي عدد نجوم الدنيا وهم الأنبياء والأوصياء والعلماء، أو هو معطوف على النجوم
أي عدد الدنيا أي ما كان فيها أو أيامها وساعاتها ودقايقها " ومنذ كانت " متعلق
بالدنيا أو بالجميع " يصعد " إلى السماء أو إلى درجات القبول.
" والأعاطي " (2) كأنه جمع عطية أو جمع أعطية جمع عطا، ولم يصرح به في
كتب اللغة و " أسرع الجدود " هو جمع الجد بالفتح أي الحظ والنصيب، وفي
بعض النسخ " وأشرع " بالشين المعجمة أي أفتحه وأوسعه وفي النهاية فيه " وآت
محمدا الوسيلة " هي في الأصل ما يتوسل به إلى الشئ ويتقرب به، وجمعها وسائل
يقال: وسل إليه وسيلة وتوسل، والمراد في الحديث القرب من الله تعالى، وقيل:
هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل هي منزل من منازل الجنة، كذا جاء في الحديث
انتهى وقد مر معنى الوسيلة في كتاب المعاد
" والركانة " بالفتح الوقار، وجبل ركين له أركان عالية، وفي بعض النسخ

(2) دعاء يوم الجمعة ص 131.
218

" الزكاية " أي النمو والطهارة أو المدح ولم يرد هذا البناء، والأول أولى " وشرف
المنتهى " أي الشرف الذي يظهر عند انتهاء أمور الدنيا في القيامة، وفي النهاية في
حديث الدعاء " وألحقني بالرفيق الاعلى " الرفيق جماعة الأنبياء الذين يسكنون
أعلى عليين، وهو اسم جاء على فعيل، ومعناه الجماعة كالصديق والخليط يقع على
الواحد والجمع.
نبي الرحمة " أي المبعوث لها والمقرون بها " وقائد الخير " يقوده إلى
الأمة " وإمام الهدى " أي يتبعه الهداية أو إمام فيها " ونجي الروح الأمين " أي
من كان يناجيه جبرئيل ويسر إليه وسمي روحا لأنه سبب لحياة الخلق بما ينزل
به من العلوم، وأمينا لكونه أمينا على الوحي " وصفي المصطفين " أي اصطفاه الله
من بينهم أو اصطفوه.
" وصدك بأمرك " أي جهر به وأظهره " وذب عن حرماتك " أي دفع ومنع
الناس عن أن ينتهكوا حرمات الله، وهي ما جعله الله محترما كدينه وكتابه وبيته
وأوامره ونواهيه " في جنبك " أي قربك وطاعتك.
" والمقام المحمود " مقام الشفاعة " حبا " أي لحبة لك أو تأكيد، والزلفى
القرب " واردة " أي الطوايف الذين يردون عليه طلبا للشفاعة أو الألطاف الواردة
عليه منه تعالى، وأشرق وجهه: أي أضاء وتلألأ حسنا، والنجح والنجاح الظفر
بالحوايج.
وقال في النهاية فيه " لا يزال كعبك عاليا " هو دعاء له بالشرف والعلو و
الأصل فيه كعب القناة وهو أنبو بها، وما بين كل عقدتين منها كعب، وكل شئ
علا وارتفع فهو كعب انتهى.
أقول: ويحتمل أن يكون من كعب الرجل بأن يكون أعداؤه تحت قدميه
" في المنتجبين كرامته " أي يكون معروفا عندهم بالكرامة، أو يكون أكرم منهم،
والأول أوفق بما بعده.
وفي النهاية عليون (1) اسم للسماء السابعة، وقيل اسم لديوان الملائكة

(1) دعاء يوم الجمعة ص 132 شرح قوله " وفى عليين داره ".
219

الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد، وقيل: أراد أعلى الأمكنة وأشرف
المراتب وأقربها من الله تعالى في الدار الآخرة، وتعرب بالحروف والحركات كقنسرين
وأشباهها على أنه جمع أو واحد " وغايته " أي مقصوده أو غاية أمنيته " وشرف
بنيانه " أي اجعل بناء دينه وشريعته مشرفا عاليا " وعظم برهانه " أي حجته في
الدارين، والنزل بالضم وبضمتين ما يهيؤ للضيف، والمآب المرجع والمنقلب
وبياض الوجه كناية عن السرور وظهور الحجة، وكذا إتمام النور كناية عن
مزيد رواج دينه وشريعته في الدنيا ورفع درجاته في الآخرة، وظهور ذلك
على الخلق.
" وتحربنا منهاجه " أي اجعلنا متحرين طالبين منهاجه " ولا تخالف بنا سبيله "
أي لا تجعلنا مخالفين له معرضين عن سبيله " ممن يليه " أي يقر به ويدنو منه في
القيامة أو يواليه ويحبه، والأول أظهر، والزمرة الجماعة " وعرفنا وجهه " أي
أرناه في القيمة وعند الموت على وجه نحبه ويحتمل أن يكون المراد معرفة ذاته؟ و
كمالاته، وحزب الرجل أصحابه.
" وقرآنك الحكيم " أي المحكم المتقن الذي لا يتطرق إليه بطلان ولا نقص
أو المشتمل على الحكمة الناطق بها " البالغة " أي الكاملة، والزيغ الميل إلى الباطل
" مما أعلم " أي قبحه أو صدر مني عمدا أو أعمله وأذكره في هذا الوقت.
" أو وسوس " (1) في أكثر النسخ على بناء المعلوم وكأنه على المجهول أنسب
" أو ركن إليه " أي مال أو سكن، ويقال أفضى الرجل إلى امرأته أي باشرها وجامعها
" أو لان له طوري " أي طبعي وحالي قال في المصباح المنير الطور الحال والهيئة،
وتعدى طوره أي حاله التي تليق به، وفي بعض النسخ طودي بالدال المهملة وهو
الجبل، ولعله استعير هنا لما صلب من عزمه على خلافه، أو لأركان بدنه، والإصر
بالكسر الذنب " إلى وجهك " أي إلى ثوابك وكرامتك أو إلى وجوه أوليائك.

(1) الدعاء ص 133.
220

وقال الجوهري جأر الرجل إلى الله أي تضرع بالدعاء " وذخري " أي ذخيرتي
وفي بعض النسخ وذخري بعد قوله " وزعبتى " والأول أنسب، ويقال: جبهته أي
صككت جبهته، وجبهة بالمكروه إذا استقبلته به.
" لأداء فرض الجمعات " (1) فيه دلالة ما على استمرار وجوب الجمعة بما
مر من التقريب.
وقال الكفعمي " مرحبا " (2) أي لقيت رحبا وسعة وطريق رحب أي واسع.
" لا يستباح " (3) أي لا يعد نقض ذلك الأمان مباحا كناية عن عدم جرأة أحد
على نقضه، ويقال استباحوهم أي استأصلوهم، والذمة العهد، والخفر نقضه، قال
الكفعمي: خفر العهد وفا به وأخفره إذا نقضه، والمعنى هنا أن ذمة الله تعالى لا
تنقض، وأخفرت فلانا إذا نقضت عهده، وخفرته كنت له خفيرا انتهى.
والجوار بالضم والكسر الأمان، والجار من أمنته، والضيم الظلم، و
الكنف (4) بالتحريك الجانب والناحية، وكلما ستر من بناء أو حظيرة فهو كنف
ذكره الجزري، وفي القاموس أنت في كنف الله محركة أي في حرزه وستره، وهو
الجانب والظل والناحية " لا يرام " أي لا يقصد بسوء.
" ما شاء الله " أي كان أو كائن " وصد عنه صدودا " أعرض " واجبرني " أي
أصلح كسر أحوالي، وفي القاموس الجبر خلاف الكسر، وجبر العظم والفقير جبرا
وجبورا وأجبره فتجبر أحسن إليه أو أغناه بعد فقر، والنصر أي ما يصير سببا
لغلبتي ونصرتي على الأعادي الظاهرة والباطنة، والايثار الاختيار " محروما " أي
من الرزق وخيرات الدنيا أو الأعم منها ومن خيرات الآخرة، والتقتير التضييق و
قال الكفعمي: " تعطف بالمجد " أي تردى به، والعطاف الرداء سمي به لوقوعه على

(1) دعاء السجاد عليه السلام ص 134.
(2) دعاء آخر للكاظم عليه السلام 134.
(3) الدعاء ص 135.
(4) في قوله " وكنفه الذي لا يرام ".
221

عطفي الرجل؟ وهما ناحيتا عنقه ومنكب الرجل عطفه.
وقال الهروي " وتمت كلماتك " (1) أي القرآن أو علومه تعالى أو تقديراته
أو شرائعه ودينه أو حجج، وبراهينه، وكلها صدق لا يشوبها كذب، وعدل لا يخلطه
ظلم لا يقدر على تبديلها؟؟ حد، والقرآن والشرايع محفوظة عند حملتها وحافظيها
من الأئمة عليهم السلام.
" سبحان الباعث " الذي يبعث الخلق ويحييهم بعد الموت يوم القيامة " الوارث "
الذي يرث الخلايق ويبقى بعد فنائهم، والحرس بالتحريك حراس السلطان الواحد
حرسي " أنت آخذ بناصيتها " أي مالك قادر عليها تصرفها إلى ما تريد بها، والاخذ
بالنواصي تمثيل لذلك، فان من أخذ بناصية دابة فهي مقهورة له.
وقال الجوهري فلان في عز ومنعة بالتحريك (2)، وقد يسكن عن ابن السكيت
ويقال: المنعة جمع مانع مثل كافر وكفرة، أي هو في عز ومن يمنعه من عشيرته،
وقال: الراجل خلاف الفارس والجمع رجل ورجالة ورجال، وقال الركض تحريك
الرجل وركضت الفرس برجلي إذا استحثثته ليعدو، ثم كثر حتى قيل ركض الفرس
إذا عدا، وقال عطفت أي ملت، وعطف عليه أي كر " أحياء وأمواتا " أي مشرفين
على الموت أو لميتهم أيضا أثر في الشر " أعمى وبصيرا " اعتبر في الأول الجميع و
في هذا كل واحد، فلذا أفرد ويمكن أن يقال لما كان تعميم الأخير بالنسبة إلى
الشاهد فقط، أتى بالمفرد.
" ومن شر الدناهش " قال الكفعمي الدناهش جنس من أجناس الجن ولم
أره في اللغة، وفي بعض النسخ الدياهش بالياء، وفي القاموس دنقش بينهم أفسد، و
الحس في بعض النسخ بالحاء المهملة وفي بعضها بالجيم، وقال الكفعمي الحس و
الحسيس الصوت الخفي والحس برد يحرق الكلاء والحس القتل، ومنه قوله

(1) تسبيح يوم الجمعة ص 136، في قوله: " وتمت كلماتك صدقا وعدلا لا مبدل
لكلماتك.
(2) عوذة يوم الجمعة ص 137 " وبعزة الله ومنعته.
222

تعالى: " تحسونهم باذنه " (1) أي تقتلونهم قتلا ذريعا، وحس البرد الجراد قتله
انتهى، والجس المس باليد.
وقال الكفعمي اللبس الاختلاط " وجميع ما تحوطه " أي تجمعه أو ترعاه و
تكلاؤه " عنايتي " أي اهتمامي " ومن شر كل صورة " ترى أو تفزع " وخيال " يتخيل
أو يرى في المنام " أو بياض أو سواد " تدهش مشاهدتهما.
وقال الكفعمي التمثال الصورة والمعاهد الذي حصل منه الأمان.
أقول: هذا إذا قرئ على بناء اسم الفاعل، وفي بعض النسخ على بناء اسم
المفعول.
" والوعور " جمع الوعر وهو ضد السهل، وقال الكفعمي: الآكام جمع أكمة،
وهي الرابية، والآجام جمع أجمة وهي منبت القصب والشجر الملتف والآجام الخيس
أيضا أي موضع الأسد والمغائض جمع غيضة وهي الأجمة وهي مغيض ماء يجتمع
فينبت فيه الشجر.
أقول: كأنه جمع مغيض أو مغيضة بمعنى الغيضة، وفي بعض النسخ بالفاء أي
محال فيض الماء أي كثرته.
والكنايس جمع الكنيسة وهي معبد النصارى، وفي المغرب الناووس على فاعول
مقبرة النصارى، وقال الكفعمي النواويس مقابر النصارى انتهى، والفلوات جمع الفلاة
وهي القفر أو المفازة لا ماء فيها والجبانة المقبرة أو الصحراء.
" والمريبين " أي الذين يوقعون الناس في الريب من ظاهر أحوالهم من السراق
وقطاع الطريق والخائنين في أموال الناس أو الذين يشككون في دينهم، وقال
الكفعمي المريبين الذين يأتون بالريبة، والريبة التهمة والشك، وريب المنون
حوادث الدهر.
" والأسامرة " الذين يتحدثون ليلا وسمر فلان تحدث ليلا انتهى، والمعروف
السمير السامرة والسامر وهما اسما جمع والسامرة أيضا قوم من اليهود " والأفاتنة "

(1) آل عمران: 152.
223

لعله من الفتنة، وفي بعض النسخ الأفاترة ولعل المعنى ما يوجب فتور الجسد وضعفه،
وفي نسخ الكفعمي الأقاترة بالقاف وقال هي الأبالسة وابن قترة حية خبيثة، وقال
الفراعنة العتاة، وكل عات فرعون.
والأبالسة هم الشياطين وهم ذكور وإناث يتوالدون ولا يموتون بل يخلدون
في الدنيا كما خلد إبليس، وإبليس هو أبو الجن والجن ذكور وإناث يتوالدون و
يموتون وأما الجان فهو أبو الجن وقيل هو إبليس وقيل إنه مسخ الجن كما أن
القردة والخنازير مسخ الانسان، والكل خلقوا قبل آدم عليه السلام، والعرب تنزل الجن
مراتب، فإذا ذكروا الجنس قالوا جن، وإن أرادوا أنه يسكن مع الناس قالوا عامر و
الجمع عمار، فإن كان ممن يتعرض للصبيان قالوا أرواح; فان خبث وتعزم قالوا
شيطان; فان زاد على ذلك قالوا مارد، فان زاد على القوة قالوا عفريت، وروي
أن النبي صلى الله عليه وآله قال: خلق الله الجن خمسة أصناف: صنف حيات وصنف عقارب; و
صنف حشرات الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف كبني آدم عليه الحساب
والعقاب.
والهمز واللمز واحد، وهمزه ضربه ودفعه وكذا لمزه، النفث شبيه
بالنفخ، وقوله " ووقاعهم " أي قتالهم وبلاياهم " وأخذهم " أي سحرهم والأخذة
بالضم رقية كالسحر " وعبثهم " أي لعبهم بالانسان ومن قرأ " عيثهم " بالياء المثناة
أراد فسادهم، والعيث الفساد، والغيلان سحرة الجن، وأم الصبيان ريح تعرض لهم
والعارض والمتعرض الذي يتعرض للبشر، وأم ملدم بالكسر كينة الحمى بالدال
والذال، والمثلثة التي تأتي في اليوم الثالث والربع الذي تأتي في اليوم الرابع و
" النافضة " التي تحصل لصاحبها من أجلها رعدة، والصالبة التي تشتد حرارتها وليس
معها برد، وباقي الألفاظ ظاهرة، وهذه الحاشية لخصتها من كتاب صحاح الجوهري
وغريبي الهروي وسر اللغة للثعالبي والمغرب للمطرزي وحدقة الناظر للكفعمي،
وحياة الحيوان للدميري انتهى كلام الكفعمي ره.
224

والوقاع القتال أو الغيبة، واللمح اختلاس النظر " وأخلاقهم " وفي بعض
النسخ " وأحلافهم " بالحاء المهملة والفاء جمع حلف بالكسر الصديق يحلف
لصاحبه أن لا يغدر به، وضرب العرق ضربا وضربانا بالتحريك إذا تحرك بقوة، و
الشقيقة كسفينة وجع يأخذ نصف الرأس والوجه، المعروف في كنية الحمى أم
ملدم بالدال المهملة.
" والداخلة والخارجة " أي الداخلة في العروق، والخارجة منها، أو الأمراض
الظاهرة وأمراض الجوف.
" لا من شئ كان " (1) أي ليس وجوده مستندا إلى علة ولا مادة
" ولا من شئ كون " يدل على عدم مسبوقية الحوادث بالمواد " مستشهد " على بناء
الفاعل أي جعل حدوث الأشياء شاهدا على كونه أزليا غير محتاج إلى علة لما مر
من لزوم التسلسل وغيره، أو على بناء المفعول أي يستشهد الناس عليه بذلك.
" وبما وسمها به من العجز " أي استشهد بما جعل فيها من سمة العجز وعلامته
وهي في الأصل الكي " على قدرته " لان إمكانهم وعجزهم عن إيجاد ذواتهم وصفاتهم
وتنقلهم من حال إلى حال ومن شأن إلى شأن دليل على أن لهم خالقا ومربيا
ومدبرا، وكذا فناؤهم يدل على أن لهم صانعا لا يتطرق إليه الزوال والفناء،
وإلا لكان مثلهم محتاجا إلى خالق آخر.
" فيدرك بأبنيته " أي بأنه ذو أين أو بأنه في أي مكان، وذلك لان المكاني
إذا حصل في مكان يخلو منه مكان آخر " ولا له شبح مثال " الشبح بالتحريك وقد يسكن
الشخص، والمثال الشبيه، أي ليس له مثال يشبهه لا في الخارج ولا في الذهن فيكون
ذا كيفية وصفات زائدة " بحيثيته " أي بمكانه لان الغيبة من شأن ذي المكان " بما
ابتدع من تصرف الذوات " أي بما أوجد من غير مادة ومثال من الذوات المتصرفة
المتنوعة.
" بالكبرياء " أي بسبب الكبرياء والعظمة " من جميع تصرف الحالات " أي

(1) دعاء يوم الجمعة ص 138.
225

تغيرها، والحاصل أنه ليس للحوادت والتغيرات [أن يتطرق إلى ذاته المقدسة] (1).
والبوارع جمع البارعة وهي الفائقة، وفي القاموس برع براعة وبروعا فاق أصحابه
في العلم وغيره، أوتم في كل فضيلة وجمال فهو بارع، وهي بارعة، وبرع صاحبه
غلبه، وأمر بارع جميل.
وقال النقب الثقب، والعوامق جمع العميقة، وقال الثقب الخرق النافذ و
ثقب الكوكب أضاء، ورأيه نفذ، وهو مثقب كمنبر نافذ الرأي، واثقوب دخال في
الأمور، والنجم الثاقب المرتفع على النجوم " وتحديده " أي بيان كنهه والوصول
إلى حقيقة ذاته أو إثبات الحدود الجسمانية له، وكذا " تكييفه " بيان كنه صفاته
أو إثبات الصفات الزائدة أو الكيفية الجسمانية له، والغائصات جمع الغائصة من
الغوص وهو معروف ويقال غاص على الامر علمه، والسباحة معروفة " وتصويره "
إثبات صورة له.
" لعظمته " أي لكونه أعظم من أن يكون جسما أو جسمانيا فيحل في المكان
ويقال: ذرع الثوب كمنع أي قاسه بالذراع أي لا يقاس بالمقادير الجسمانية لأنه
أجل من ذلك، وكذا القطع كناية عن التحديد " أن تكتنهه " أي تصل إلى كنه
حقيقته " أن تستغرقه " أي تستوعبه كناية عن الإحاطة بمعرفته ويحتمل " تستعرفه "
من المعرفة.
والطوامح جمع طامحة وهي المرتفعة، ونضب الماء نضوبا غار، والاكتناه
بلوغ الكنه، وفي القاموس الصغر كعنب خلاف العظم، صغر ككرم وفرح صغارة و
صغرا كعنب وصغرا محركة فهو صغير والصاغر الراضي بالذل، وقد صغر ككرم صغرا
كعنب وصغرا بالضم " لطائف الخصوم " أي نفوسهم فإنه مما لطف من الانسان يقال
قدس الله لطيفه أو عقولهم اللطيفة واللطيف العالم بخفايا الأمور ودقايقها.
" لا من عدد " (2) أي ليست وحدته وحدة عددية يكون له ثان من جنسه

(1) ما بين العلامتين زيادة منا.
(2) الدعاء ص 139.
226

" لا بأمد " أي غاية فيكون بمعنى كثرة المدة أو امتداد زمان فإنه ليس بزماني،
والعمد بفتحتين وضمتين جمع العماد وهو ما يعتمد عليه " لا بشبح " أي شخص
مرئي " فتقع عليه الصفات " أي الزائدة أو توصيفات الواصفين.
والتيار مشددة موج البحر الذي ينضح ولجته، والحصر العي في المنطق
وحسر البصر حسورا كل وانقطع من طول مدى، والاستشعار هذا لعله بمعنى طلب
الشعور والعلم، ويقال استشعر فلان خوفا أضمره، واستشعر لبس الشعار وهو الثوب
الملاصق للشعر، ولجة البحر معظمه، والملكوت كرهبوت العزة والسلطان و
المملكة، وله ملكوت العراق أي ملكها، ويطلق غالبا على السماويات و
الروحانيات.
" مقتدر بالآلاء " أي عليها أو أظهر قدرته بما أنعم على عباده " ممتنع " عن أن
يصل إليه أحد بسوء بكبريائه وعظمته الذاتية، التملك صيرورته مالكا وعدي
بعلي لتضمين معنى القهر والاستيلاء.
" رقاب الصعاب " من إضافة الموصوف إلى الصفة أو رقاب الأشخاص الصعاب
والصعب خلاف الذلول، والتخوم جمع التخم بالفتح وهو منتهى كل قرية أو أرض
" رواصن الأسباب " أي الحبال الثابتة، قال الجوهري الرصين المحكم الثابت و
السبب الحبل، وقال شهق ارتفع، والشاهق الجبل المرتفع " بكلية الأجناس " أي
بجميعها فإنها مشتركة في الامكان والحاجة إلى الصانع أو بكونها كلية فإنه تستلزم
التركيب المستلزم للامكان، فدل على أنه ليس له سبحانه مهية كلية.
وفي بعض النسخ " باختلاف كلية الأجناس " أي بحقايقها المختلفة أي إنها
مع اختلاف حقايقها مشتركة في الدلالة على صانعها أو أن اختلافها دليل على الحاجة
إلى الموجد إما بناء على أن زيادة الوجود دليل الامكان ولا يمكن أن يكون عينا
لتلك الحقايق المختلفة، أو أنها مع اختلافها لا يمكن استلزام جميعها للوجود كما
يشهد به الذوق السليم " وبفطورها " أي مخلوقيتها " فلا لها محيص " أي محيد
ومهرب.
227

" عن إدراكه إياها " أي علمه بها وقدرته عليها " عن إحاطته بها " أي علما
وقدرة " عن إحصائه لها " أي علما " له آية " أي دلالة على وجوده وقدرته وحكمته
" وبتركيب الطبع " أي الطبايع التي ركبها في الممكنات وفي بعض النسخ " بمركب "
المصنوع " أي المصنوعات المركبة، فان التركيب دليل الامكان.
والفطر جمع الفطرة بمعنى الخلقة " عبرة " هي الاسم من الاعتبار " فلا إليه حد "
أي ليس له حد ينسب إليه " ولا له مثل " أي ليس للخلق أن يضربوا له الأمثال وله
الأمثال العليا ضربها لنفسه تفهيما لخلقه.
وقال الجوهري: باد الشئ يبيد بيدا وبيودا هلك، " فأسنى " أي جعله سنيا
رفيعا " وإن جاز المدى " أي الغاية " في المنى " أي وإن كان ما أعطاه أكثر من
غاية أماني الخلق فإنه لا ينقص خزائنه، والهفوة الزلة، والاملاء الامهال.
وقال الجوهري: فلان يعيش في ظل فلان أي في كنفه " واعتصم بحبله " أي
بدينه أو طاعته أو القرآن فإنه حبل ممدود من السماء إلى الأرض أو ولاية أهل
البيت عليهم السلام كما مر في الاخبار " عمن ألحد في آياته " أي حاد عن الطريق فيها و
لم يجعلها دليلا عليه ويحتمل أن يراد بها الأئمة عليهم السلام كما ورد في الاخبار أو آيات
القرآن المجيد والالحاد فيها عدم الايمان بها أو تحريفها لفظا أو معنى " وانحرف
عن بيناته " عن حججه الواضحات فلا يقبلها ولا تصير سببا لايمانه، والضمير في " حالاته "
إما راجع إلى الله أو إلى الموصول.
" عن الأنداد " (1) أي الأمثال والأشباه " المحتجب بالملكوت والعزة " أي
احتجابه عن الخلق إنما هو لسلطنته وعزته وعلو شأنه وكونه أعلى من أن يصل
إليه مدارك الخلق، لا بحجاب كالمخلوقين " المتردي بالكبرياء والعظمة " أي هما
رداؤه كناية عن الاختصاص به " المتقدس بدوام السلطان " أي منزه بسبب وجوب
وجوده ودوام سلطنته عن أن يتطرق إليه نقض أو زوال.
والحباء بالكسر العطاء، والغبطة بالكسر حسن الحال وأن تتمنى مثل حال
(هامش) * (1) الدعاء ص 140. (*)
228

المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه " واسترعيتهم " أي طلبت منهم ووكلت إليهم
رعاية عبادك من قولهم رعى الأمير رعيته رعاية، والرصد والترصد الترقب، و
الرصد بالتحريك أيضا الذي أعد للحفظ " ولا تغيضك " أي لا تنقصك والغيض يكون
لازما ومتعديا، ومن الثاني قوله تعالى: " وما تغيض الأرحام " (1).
" ولا تعزب " أي ولا تغيب " في كنين أرض " أي مستورها من الكن بمعنى
الستر، وفي بعض النسخ كفير من الكفر بمعنى الستر أيضا والكفر أيضا القبر و
ظلمة الليل والكافر الليل المظلم " تصاريف اللغات " أي اللغات المختلفة المتنوعة
" مستحدثا " على بناء اسم المفعول من قولهم استحدثت خبرا أي وجدت خبرا جديدا.
" أو يحتال " (2) أي تعاليت عن أن يحتال الملحد أن يجد منك حالا تستلزم
اتصافك بالتبديل والتغيير.
وفي بعض النسخ " أن يلاقيك بحال يصفك بها الملحد بتبديل " فالملحد فاعل
لقوله " يلاقيك ويصفك " على التنازع، والأول أيضا يحتمل ذلك إن قرئ يحتال
على بناء الفاعل " أو يوجد " أي تعاليت عن أن يوجد بسبب زيادة ونقصان يعتريانك
" مساغ " أي طريق ومحل تجويز في أن يقال فيك باختلاف التحويل من حال إلى
حال، وفي مجموع الدعوات " أو يوجد للزيادة والنقصان فيك مساغ باختلاف التحويل "
ولعله أنسب ومرجعهما إلى واحد.
" أو تلتثق " أي تبتل سحائب الإحاطة بكنه ذاتك وصفاتك " في بحور همم العقول "
أي لا تبتل منها بشئ فضلا عن أن تأخذ ماء.
قال الجوهري: اللثق بالتحريك البلل وقد لثق الشئ بالكسر والتثق وألثقه
غيره، وطائر لثق أي مبتل " أو تمتثل " وفي بعض النسخ تمثل " لك " أي بسببك
" منها " أي من الأحلام " جبلة " أي خلقة والمراد بها الحقيقة " تصل إليك فيها "
أي بسبب تلك الجبلة، ويحتمل تعلقه بالرويات والحاصل أنه لا تقدر العقول على

(1) الرعد: 8.
(2) الدعاء ص 141.
229

أن تنتزع منك حقيقة ومهية تتفكر فيها الأوهام فتصل إلى معرفتك وفي بعض النسخ
" تضل فيها " أي لا تقدر على انتزاع شئ تتفكر وتتحير فيها فضلا عن أن تضل
إليك بها.
ويقال: استخدأ له أي خضع وتذلل " وسمكت السماء " أي رفعتها " فرفعتها "
أي بالرفعة المعنوية أو رفعتها كثيرا، والمراد بالسمك الضخامة " ماء ثجاجا " أي
منصبا بكثرة يقال ثجه وثج بنفسه " ونباتا رجراجا " أي متحركا مضطربا ناميا
قال الجوهري: الرجرجة الاضطراب، وترجرج الشئ أي جاء وذهب، وامرأة
رجراجة يترجرج عليها لحمها، وفي بعض النسخ " خراجا " أي كثير الخروج
من الأرض.
" فسبحك نباتها " أي دل على تنزهك عن الحدوث والتغير ومشابهة الممكنات
" وقاما " أي السماء والأرض " على مستقر المشية " أي على المستقر الذي شئت
لهما، وفي بعض النسخ " فأقامت على مستقر المشية كما أمرتها " أي الأرض أو المياه.
" يا من تعزز " أي صار عزيزا " بالبقاء " واستحالة الفناء أو أظهر عزته بذلك
وقال الجوهري النجعة بالضم طلب الكلاء في موضعه تقول منه: انتجعت فلانا إذا
أتيته تطلب معروفه والمنتجع المنزل في طلب الكلاء.
" فراشا وبناء " (1) لف ونشر على خلاف الترتيب، قال تعالى: " الذي جعل
لكم الأرض فراشا والسماء بناء " (2) ومعنى جعلها فراشا أن جعل بعض جوانبها
بارزا عن الماء وصيرها متوسطة بين الصلابة واللطافة حتى صارت مهيأة لان يقعدوا
ويناموا عليها، كالفراش المبسوط، والسماء بناء أي قبة مضروبة على الأنام، و
السماء اسم جنس يقع على الواحد والمتعدد " ثم جعلت فيها " أي عليها " ثم سكنتهما "
أي أجريت حكمك وتدبيرك في خلقك فيهما وأظهرت آثار قدرتك منهما كأنك سكنتهما.
قال الكفعمي رحمه الله " المنزل عبارة عن مقار عظمة الله وسلطانه

(1) تسبيح ليلة السبت ص 144.
(2) البقرة: 22.
230

وعلمه، والكرسي والعرش عبارة عن الملك والعلم، ومنه قوله تعالى:
" وسع كرسيه السماوات والأرض " (1) والمراد بالتسوية على العرش الاستيلاء و
الإحاطة على ملكه لعظمته وجلاله، ومنه قوله تعالى " الرحمن على العرش
استوى " (2) أي استولى على عرشه وهو ملكه، والاسكان هو القرار في الموضع، و
القار المشغول بالتحيز القابل للانتقال، وهذا من لوازم الممكن والجسم أما في حقه
تعالى فإنه منزه عن الجسمية والحلول، وكلما كان في الأدعية من هذا الباب بلفظ
المنزل والاسكان، فإنه كناية عن مواطن العظمة والقدرة والاستيلاء والإحاطة
والسماء مواطن العلو ومواطن بركاته تعالى من الأمطار، والشمس والقمر والنجوم
والأفلاك، ومهابط الوحي ومساكن ملائكته، فسبحان من استوى على ملكه بعظمته
ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين انتهى.
" متكبرا في عظمتك " أي مظهرا للكبرياء بسبب عظمتك الذاتية أو كائنا
فيها " محتجبا في علمك " أي فيما تعلم من الحجب المعنوية أو مع علمك لم تطلع
عليه إلا من شئت " وعلا هناك " أي في درجتك المعنوية " بهاؤك " أي حسنك وكمالك
" وقدسك " أي تنزهك " وتمكينك " أي إقدارك امناءك من الملائكة فيما أمرتهم
به كما قال تعالى: " مطاع ثم أمين " (3) بذلك التمكين مكين أي ذو مكانة ومنزلة
" أبلاه " أي أنعمه.
" وشر جلاه " (4) بالجيم مخففا أي أذهبه أو كشفه يقال جلوتهم عن
أوطانهم أي أخرجتهم وجلوت أي أوضحت وكشفت وفى بعض النسخ بالخاء المعجمة
مخففا وفي بعضها مشددا، أي تركه يقال خليت الخلي أي جززته وقطعته، وخليت
سبيله بالتشديد وخلا عنه " الجايزة " أي المقبولة أو المأذون فيها، والمرتفق بفتح

(1) البقرة: 255.
(2) طه: 7.
(3) التكوير: 21.
(4) التسبيح ص 145.
231

الفاء محل الارتفاق وهو الاتكاء على المرفق أو المخدة، وفي بعض النسخ مرتفعا
بالفتح أيضا أي محل ارتفاع " إلى وجهك " قال الكفعمي أي إلى رضوانك وثوابك و
ما يتقرب به إليك قال:
استغفر الله ذنبا لست محصيه * رب العباد إليه الوجه والعمل
ومنه قوله تعالى: " كل شئ هالك إلا وجهه " (1) أي ما يتقرب به إليه
وقوله: " ويبقى وجه ربك " (2) أي ويبقى ربك الظاهر بأدلته ظهور الانسان
بوجهه، والوجه يعبر به عن الجملة والذات وقوله " كل شئ هالك إلا
وجهه " أي إلا إياه، والعرب تذكر الوجه تريد به صاحبه فتقول أكرم الله وجهك، أي
أكرمك الله.
" واجعله لنا فرطا " قال: أي أجرا يتقدمنا، ومنه الحديث في الدعاء للطفل
الميت: اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا يتقدمنا، وفي الحديث أنا فرطكم على الحوض
أي أنا أتقدمكم إليه، وفرطت القوم أي تقدمتهم وسرت أولهم إلى الماء لتهيئة
الدلاء والرشا، قاله الهروي في الغريبين " العتيد " الحاضر المهيا.
" واستويت به " لعل المراد بالاسم هنا مدلوله من الصفات الكمالية " فشفع
الليلة " أي اقبل شفاعتي في رغبتي أو اقبل شفاعة رغبتي في حاجتي أو اجعل رغبتي
شفعا بالإجابة، وفي بعض النسخ " برغبتي " أي اقبل الشفاعة فيها " وصل وحدتي "
أي صلني في وحدتي ففيه مجازان، استعارة في الوصل ومجاز في الاسناد، فان من
يحسن إلى أحد فكأنه يصل ما بينه وبينه من العلايق، والمجاز الثاني جار في أكثر
ما سيأتي.
" وكن بدعائي حفيا " قال الكفعمي أي مبالغا في إلطافي وإجابة مسئلتي، وفي
حديث عمر أنه نزل به أويس القرني فاحتفاه أي بالغ في إلطافه وتكرمته، يقال:

(1) القصص: 88.
(2) الرحمن: 27.
232

أحفى بصاحبه وتحفى به وحفى به إذا بالغ في بره ومنه قوله تعالى: " وكان بي
حفيا " (1) أي بارا رحيما انتهى.
" من روحك " (2) أي رحمته، والفسحة الوسعة (3) والمنة بالضم القوة
" وما يحق " أي يجب عطف على " طاعته "، " واستشعار خيفته " أي جعلها شعاري
وملازما لي أو إخفائها فان الشعار مستور تحت الدثار " من تواتر " متعلق بقوله " لم
يخلني " " إلا بفضل ما لديه " أي إلا بمزيد ما عنده من النعم.
وأوبقه أهلكه، والمهاوي المساقط والمهواة ما بين الجبلين أو نحو ذلك " غير
مستقل بها " أي ثقلت علي ولم أطق حملها من قولهم استقل الحمل أي حمله و
رفعه، ويقال استقل الجمل بحمله أي قام " وأنت ملجأ الخائف " وفي بعض النسخ
لجأ بالتحريك، وهما بمعنى محل الالتجاء.
وقال الجوهري " لا يتعاظمه شئ " أي لا يعظم عنده شئ، والتسربل لبس
السربال وهو القميص، وهنا كناية عن الاختصاص وعدم المشاركة.
" عن الحيثوثية " (4) أي الحاجة إلى المكان أو العلة " بالكيفوفية " أي بالاتصاف
بالكيفيات الجسمانية أو بالصفات الزائدة أو بالوصول إلى كنه ذاتك وصفاتك
" بالماهية " وفي بعض النسخ " بالمائية " أي بما يجاب عن السؤال بما هو وهو كنه
الحقيقة " والحينونية " أي جعل حين وزمان لك أو لأول وجودك، وظاهره نفي
الزمان مطلقا.
" وأنت وليه " أي أولى بالخير ومتوليه وموصله إلى العباد " متيح الرغائب "
أي مقدر المطالب من قولهم تاح له الشئ وأتيح له أي قدر له، والرغائب جمع
الرغيبة وهي العطاء الكثير.

(1) مريم: 47.
(2) التسبيح ص 146.
(3) دعاء يوم السبت ص 146.
(4) الدعاء ص 147.
233

" وأدرجتهم درج المغفور لهم " أي جعلتهم مثلهم ورفعتهم إلى منازلهم و
سلكت بهم مسالكهم، والدرج بالتحريك جمع الدرجة وهي المرقاة، والمدرجة
أيضا المذهب والمسلك، ودرج مشى، والصفر بالكسر الخالي يقال بيت صفر من
المتاع، ورجل صفر اليدين ذكره الجوهري.
وقال: داخ البلاد (1) يدوخها قهرها واستولى على أهلها وكذلك دوخ البلاد
وداخ الرجل يدوخ ذل ودوخته أنا " وحسن العز والاستكبار " أي منك
" لعظمتك " وأما غيرك فلا يستحقهما ويقبحان منه، " وصفا الفخر " أي خلص لك
واختص بك بسبب عزتك أو خلص لها " وتكبرت " أي أظهرت الكبرياء " وتجللت "
أي أظهرت جلالتك أو علوت على من سواك من قولهم تجلله أي علاه أو عممت جميع
الخلق فضلا وكرما وقدرة وعلما أو صرت أجل من أن يشبهك غيرك، والأول
أظهر.
" وأقام الحمد عندك " أي لا يتجاوزك إلى غيرك، لأنه لا يستحقه إلا أنت
إذ النعم كلها ترجع إليك، والقصم الكسر " واصطفيت الفخر " أي اخترته واستبددت
به، والعلى بالضم والعلاء بالفتح الرفعة والشرف، وخلص الشئ كنصر خلوصا
أي صار خالصا.
" بمكانك " أي بمنزلتك الرفيعة " ولا خطر لك " بالتحريك وفي بعض النسخ
" ولا خطير " وقال الجوهري الخطر الاشراف على الهلاك، وخطر الرجل قدره و
منزلته، وهذا خطر لهذا وخطير له أي مثله في القدر " مبلغك " أي ما بلغت من الكمال
والشرف " ولا يقدر شئ قدرتك " أي لا يصفها ولا يعرف كنهها قال الله سبحانه:
" وما قدروا الله حق قدره " (2).

(1) دعاء آخر ليوم السبت ص 148 شرح لقوله: " ودوخت المتكبرين "
في السطر العاشر، وهو من الأدعية التي سقطت من طبعة الكمباني ألحقناها بقرينة هذه
التوضيحات.
(2) الانعام: 91.
234

" أثرك " أي لا يعرف آثار قدرتك ومراتب خلقك، ويحتمل أن يكون
كناية عن الوصول إلى معرفته أو إلى درجة كماله، فان من يلحق أحدا يصل إلى أثر
قدمه " مكانك " أي الوصول إلى مكانتك ومنزلتك " ولا يحول شئ دونك " أي لا
يمنع من أن تعلم شيئا أو تقدر عليه.
" وتملكت بسلطانك " (1) أي ملكت الأشياء بسلطنتك وقدرتك الذاتية
لا بالجنود والأعوان " وتكرمت " أي أظهرت الكرم الذاتي بما جدت على
خلقك.
" أنت بالمنظر الاعلى " المنظر المرقب والموضع العالي المشرف، وهنا إما
كناية عن اطلاعه سبحانه على الخلق أو ارتفاعه عن أن تصل إليه عقول الخلق و
أفهامهم، أو الأعم منهما، والأوسط هنا أظهر، وقد مر الكلام فيه، والابصار تشمل
أبصار القلوب أيضا كما مر في الاخبار.
" وجرت قوتك " وفي بعض النسخ " وحزت قوتك " أي جمعت القدرة على
جميع الممكنات فلم يخرج شئ منها، قال الجوهري: الحوز الجمع وكل من
ضم إلى نفسه شيئا فقد حازه حوزا " وقدمت عزك " أي كان عزك قديما قبل
الأشياء.
" وتم نورك " أي ظهورك أو كمالك " وغلب مكرك " قال الكفعمي أي عذابك
وعقوبتك وقوله تعالى " أفأمنوا مكر الله " (2) أي عقوبته وعذابه، وقوله تعالى:
" قل الله أسرع مكرا " (3) أي أقدر على مكركم وعقوبتكم إن شاء وقوله تعالى:
" إذا لهم مكر في آياتنا " (4) أي يحتالون لما رأوا من الآيات بالتكذيب، ويقولون
سحر وأساطير الأولين، وقوله تعالى: " ومكروا ومكر الله " (5) المكر من الخلايق

(1) الدعاء ص 149.
(2) الأعراف: 99.
(3) يونس: 21.
(4) يونس: 21.
(5) آل عمران: 54.
235

خداع ومنه تعالى مجازاة للماكر، ويجوز أن يكون استدراجه إياهم من حيث لا
يعلمون، قاله الهروي.
" ولا ينتصر " أي ينتقم، وقال الفيروزآبادي: انتصف منه استوفى حقه منه
كاملا حتى صار كل على النصف سواء، وتنصف السلطان سأله أن ينصفه وتناصفوا
أنصف بعضهم بعضا.
والمعازة المغالبة، واضمحل ذهب وانحل، وتضعضع خضع وذل
وافتقر، وضعضعه هدمه حتى الأرض ذكره الفيروزآبادي، وقال الركن
بالضم الجانب الأقوى، والامر العظيم وما يقوى به من ملك وجند وغيره، والعز
والمنعة.
وقال: اليد القوة والقدرة والسلطان والنعمة والاحسان، وقال: الأيد
القوة.
" ولا يخدع خادعك " قال الكفعمي: أي من خادعك لا يقدر على خدعك و
خدعه أي ختله ومكر به، والخدعة المرة، وبالضم ما تخدع به وبفتح الدال الخداع
قاله المطرزي، والحرب خدعة وخدعة أي يمكر فيها ويحتال، وقوله تعالى:
" يخادعون الله " (1) أي أولياءه لان الله تعالى لا يخفى عليه شئ، قاله الجوهري.
وقيل: يخادعون الله بمعنى يخدعون أي يظهرون غير ما في نفوسهم، والخداع
يقع منهم بالاحتيال والمكر، والخداع يقع من الله تعالى بأن يظهر لهم من الاحسان
ويعجل لهم من النعيم في الدنيا خلاف ما يغيب عنهم ويستر من عذاب الآخرة
لهم، فجمع الفعلان لتشابههما من هذه الجهة، وقيل: الخدع في كلام العرب
الفساد قال:
أبيض اللون لذيذ الطعم * طيب الريق إذا الريق خدع
أي فسد فمعنى " يخادعون الله وهو خادعهم " (2) أي يفسدون ما يظهرون من

(1) البقرة: 9.
(2) النساء: 142.
236

الايمان بما يضمرون من الكفر كما أفسد الله عليهم نعمهم في الدنيا بما صار إليهم من
عذاب الآخرة.
وقال الشيخ ابن بابويه - ره - في كتاب الاعتقاد: معنى قوله تعالى: " ومكروا
ومكر الله " وقوله تعالى: " يخادعون الله وهو خادعهم " وقوله تعالى: " الله يستهزئ
بهم " (1) وقوله تعالى: " سخر الله منهم " (2) وقوله تعالى: " نسوا الله فنسيهم " (3)
أي أنه تعالى يجازيهم على المكر والمخادعة والاستهزاء والسخرية، وجزاء
النسيان هو أن ينسيهم أنفسهم لا أنه في الحقيقة يمكر ويخادع أو يستهزئ أو يسخر
أو ينسي، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
" من اغتر بك " أي انخدع بامهالك أو بالاتكال على أعماله الناقصة لك والمناوءة
بالهمز المعاداة، وربما لم يهمز وأصله الهمز ذكره الجوهري " وتكبرت "
أي أظهرت أنك أكبر ممن صد وأعرض وتولى عنك بما خلقت من جنودك السماوية
والأرضية، أو تكبرت بالاعراض عنهم في الدنيا مع عدد جنودك التي لا تتناهى،
ولعله كان في الأصل " تكرمت ".
" وبمقدار عندك " إشارة إلى قوله سبحانه: " وكل شئ عنده بمقدار " (4)
أي بقدر لا يجاوزه ولا ينقص منه بحسب المصالح أو بتقدير كما في الاخبار " وبدعتك "
أي مبتدعك ومخلوقك الذي اخترعته من غير مثال.
" إلى أجل مسمى " (5) أي عند الموت أو القيامة " منتهاه عندك " أي نهاية ذلك
الأجل في علمك لا يعلمها غيرك " ومنقلبهم " أي انقلابهم في أحوالهم المختلفة " في
قبضتك " أي قدرتك وتدبيرك، والذوائب جمع الذؤابة بالهمز وهي القطعة من الشعر

(1) البقرة: 15.
(2) براءة: 79.
(3) براءة: 67.
(4) الرعد: 8.
(5) الدعاء ص 150.
237

إذا كانت مرسلة " ووسعهم كتابك " أي القرآن أحكامه أو اللوح تقديراته.
" ويرعد " على بناء المعلوم أو المجهول أي يخاف في القاموس ارتعد اضطرب و
الاسم الرعدة بالضم والكسر وأرعد بالضم أخذته، والرعديد الجبان " ومبير الظلمة "
أي مهلكهم، والشامخ والباذخ الرفيع، والصغار الذل والحمل على المبالغة،
وكذا النكال وهو التعذيب الذي يوجب عبرة الغير، " وغاية المتنافسين " التنافس
والمنافسة المغالبة في الشئ المرغوب أي إنما ينبغي المبادرة والمغالبة في قربك
وطاعتك وثوابك، والصمد المقصود.
" تباركت " أي ثبت الخير عندك وفي خزائنك أو تعظمت واتسعت رحمتك
أو تقدست، وقد مر " بعلو اسمك " أي صفاتك التي دلت عليها أسماؤك.
" فأشرق من نور الحجب نور وجهك " أي ظهر جلال نور ذاتك من أنوار حجبك
المخلوقة لك، ويحتمل أن يكون المراد بالحجب الأئمة عليهم السلام أي ظهر من أنوار
علومهم وكمالاتهم نور ذاتك أو وجوه المعارف التي تصل إليها عقول الخلق، فإنها
تدل على الذات وليس بكنهها، أو المعنى أشرق من بين أنوار الحجب نور ذاتك،
أو المراد بالوجه النبي والأئمة عليهم السلام والحجب جميع الأنبياء والأوصياء أو يكون
الكلام مبنيا على القلب أي أشرق من نور وجهك أنوار الحجب ويخطر بالبال هنا
دقايق لا تجري على الأقلام وتأبى عنه أكثر الافهام.
" وأغشى الناظرين " أي جعل أبصارهم في غشاء فلا يطيقون النظر إليك لشدة
شعاع بهائك وكمالك " واستنار في الظلمات " أي ظلمات عالم الامكان " نورك " فان
كل نور وظهور منك.
" حفظك " أي علما أو إبقاء وتربية، والسر ما أظهرته لغيرك بالنجوى، و
أخفى ما لم تظهره، أو السر ما أضمرته في نفسك وأخفى ما خطر ببالك ثم نسيته، أو
السر ما تعلم من نفسك ولا يعلم غيرك وأخفى ما لم تعلم أنت أيضا " ما في السماوات "
بالجزئية أو الظرفية والمحلية وما في الأرض كذلك " وما تحت الثرى " أي
238

التراب الندي، وقيل هي الطبقة الطينية، وفي الاخبار عند ذلك ضل علم العلماء
وقد مر تحقيق ذلك مرارا.
" إليك منتهى الأنفس " أي انتهاؤها تعلم أسرارها وإليك ترجع بعد مفارقتها
أبدانها، وعليك ثوابها وعقابها وحسابها، ومصير الأمور علما وتقديرا وجزاء
وحسابا.
" عبدك " أي الكامل في العبودية وذاك منتهى الفخر والشرف، " الأمي "
المنسوب إلى أم القرى ولم يتعلم الخط والكتابة من أحد ليكون في الحجة أقوى
والفلج الظفر والغلبة بالحجة.
والخشوع الخضوع (1) وخشع ببصره أي غضه " وبتقليبك " عطف على قوله
" بلا إله " وقوله: " خير الدعاء " مفعول السؤال، وتقليب القلوب صرفها من إرادة
إلى أخرى من غير علة ظاهرة، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: " عرفت الله بفسخ العزايم "
وخير الدعاء التوفيق لايقاعه بشرائطه وطلب ما هو خير واقعا " وخير الأجل "
أي الموت أو الأعم.
" بعد الجماعة " (2) أي بعد الدخول في جماعة أهل الحق، وانتهاك المحارم
المبالغة في إتيانها " أو نبدل نعمتك " تلميح إلى قوله تعالى: " ألم تر إلى الذين بدلوا
نعمة الله كفرا " (3) أي بدلوا مكان شكره كفرانا، وعنهم عليهم السلام نحن والله نعمة الله
التي أنعم بها على عباده، وفي خبر الصحيفة: ونعمة الله محمد وأهل بيته، حبهم إيمان
يدخل الجنة وبغضهم كفر ونفاق يدخل النار.
والبركة أي الزيادة أو البقاء والثبات أو الأعم، والمعافاة أي من البلاء و

(1) الدعاء ص 151 في قوله وخشعت لك منها الابصار.
(2) شرح لقوله الجماعة في قوله: " ومن الفرقة بعد الجماعة، ومن الاختلاف بعد
الألفة، ومن الذلة بعد العزة، ومن الهوان الخ " وقد كانت الجملات الثلاث ساقطة من الأصل الذي
نقلناه وهو كتاب البلد الأمين، استدركناها ههنا.
(3) إبراهيم: 28.
239

العذاب " لرضوانك " أي لما يوجبه " وجهك " أي رحمتك، وصرف الوجه
كناية عن السخط " من جوارك " أي مجاورة رحمتك وقربك المعنوية في الدنيا
والآخرة.
" وهم لها سابقون " (1) أي إليها أو لأجلها سابقون إلى الجنة " واجعل كتابنا "
إشارة إلى قوله سبحانه: " كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين " (2) أي كتابهم الذي
تثبت فيه أعمالهم ترفع إلى عليين أي مراتب عالية محفوفة بالجلالة، وقيل: هي السماء
السابعة; وقيل سدرة المنتهى، وقيل: الجنة، وقيل: لوح من زبرجدة خضراء معلق
تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه، ويظهر من بعض الأخبار أن كتابهم أرواحهم المنتقشة
فيها علومهم ومعارفهم.
وقال تعالى في وصف الأبرار " يسقون من رحيق مختوم " (3) قيل: أي خمر
صافية من كل غش " مختوم " أي له ختام وعاقبة أو مختوم في الآنية بالمسك وهو
غير الخمر التي تجرى في الأنهار، وقيل هو مختوم أي ممنوع من أن تمسه يد حتى
يفك ختمه للأبرار.
" بأحسن ما عملا " أي بأحسن من عملهما، واللحد بفتح اللام وقد يضم و
سكون الحاء الشق في جانب القبر، وفي بعض النسخ بفتح الحاء كما جرى على الألسن
ولم نر فيما عندنا من كتب اللغة، وفتحه المراد عدم الضغطة أو الفسحة والراحة فيما
يكون فيه الروح في البرزخ " مضاجعهما " أي قبورهما سميت بذلك لأنه تضجع
فيها الموتى، يقال ضجع الرجل أي وضع جنبه بالأرض، وكذا اضطجع، العرب
تعبر عن الراحة بالبرد.
قال الجزري فيه: سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، فالعفو محو الذنوب، و
العافية السلامة من الأسقام والبلايا، وهي الصحة ضد المرض، والمعافاة أن

(1) الدعاء ص 152.
(2) المطففين ص 18.
(3) المطففين: 25.
240

يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك، أي يغنيك عنهم ويغنيهم عنك، ويصرف
أذاهم عنك وأذاك عنهم، وقيل هو من العفو وهو أن يعفو عن الناس ويعفوا
عنه.
" كلمة المعتصمين " المضبوط في النسخ الرفع أي التسمية كلمة المعتصمين بالله
يفتتحون بها في كل أمر، ويحتمل أن يكون خبر " بسم الله " من غير تقدير، وهو
بعيد، ولعل الجر أظهر صفة للاسم " ومقالة المتحرزين " أي عن البلايا والآفات
" بلا تمليك " (1) أي من غيرك إياك " وأن توزعني " قال الكفعمي أي تلهمني واستوزعت
الله شكره أي استلهمته فألهمني، والنعمى جمع نعمة وهي المنفعة الواصلة إلى الغير
على جهة الاحسان، إن ضممت النون قصرت وكتبتها بالياء، وإن فتحت مددت وكتبتها
بالألف انتهى والظاهر من كلام الجوهري وغيره أن النعمى بالضم أيضا مفرد
كالنعماء.
والعناية - بالكسر - الاهتمام بحاجة الغير، والمنح العطاء منحه يمنحه و
يمنحه.
" ولا توحش بي أهل انسى " الوحشة الهم والخلوة أي لا تجعل أهل انسى
مهتمين بسبب بلية عرضت لي، أو لا تجعلهم مستوحشين مني لفقر أو مذلة عرضت لي
أو لا تفرق بيني وبينهم فيستوحشوا بذلك.
" أسلمت إليك نفسي " أي انقادت في أوامرك ونواهيك أو لما علمت أني لا أعلم
خيري من شري ولا أقدر بالاستقلال على جلب نفع ولا دفع ضرر لنفسي وكلتها
إليك وسلمتها، ورضيت بكل ما تأتي إليها، أو جعلتها في حفظك وحراستك و
أودعتها إياك.
" وألجأت إليك ظهري " أي اعتمدت عليك في أموري كما يعتمد الانسان بظهره
إلى ما يستند إليه " رهبة " مفعول لأجله، وكذا " رغبة " ويحتملان الحالية،
والمنجا المخلص والمهرب " بغير حساب " قال الكفعمي فيه أقوال: الأول أن معناه

(1) دعاء آخر للسجاد عليه السلام ص 153.
241

أنه تعالى يعطيهم الكثير الواسع الذي لا يدخله الحساب من كثرته.
الثاني أنه لا يرزق الناس في الدنيا على مقابلة أعمالهم وإيمانهم وكفرهم،
فلا يدل بسط الرزق للكافر على منزلته عنده تعالى، وإن قلنا إن المراد به في
الآخرة فمعناه أنه تعالى لا يثيب المؤمنين في الآخرة على قدر أعمالهم بل يزيدهم
من فضله.
الثالث أنه تعالى يعطي من يشاء عطاءه لا يأخذه به أحد ولا يسأله عنه سائل،
ولا يطلب عليه جزاء ولا مكافاة.
الرابع أنه يعطي العدد من شئ لا يضبط بالحساب ولا يأتي عليه العدد، لان
ما يقدر تعالى عليه غير متناه ولا محصور، فهو يعطي الشئ لا من عدد أكبر منه فينقص
منه كمن يعطي الألف من الألفين والعشرة من المائة.
الخامس أنه يعطي أهل الجنة ما لا يتناهى ولا يأتي عليه الحساب.
" يكون على فتنة " أي سببا لافتتاني ووقوعي في الاثم والعقاب بسبب حبه و
جمعه وكسبه " يكون لي عدوا " أي ظاهرا أو واقعا أيضا بأن يكون حبه موجبا لعقابي
وإن كان يحبني.
" جوامع الخير " (1) أي الخيرات الجامعة لأنواع الخير كحبه سبحانه و
الايمان والتقوى، أو جميعها " وخواتمه " أي يكون ختم أموري وعاقبتي بالخير
" وسوابقه " أي ما يسبق الخير من الأسباب أو ما سبق فيه منه " وجميع ذلك " أي
الخير أو ما ذكر تأكيدا " بدوام فضلك " أي بسببه أو مقرونا به " يا من كبس الأرض
على الماء " أي أدخلها فيه من قولهم كبس رأسه في ثوبه أي أخفاه وأدخله، أو جمعها
فيه كما في الحديث " إنا نكبس السمن والزيت نطلب فيه التجارة " والكبس الطم
يقال: كيست النهر كبسا طممته بالتراب.
" كل يوم هو في شأن " قال الكفعمي أي في كل وقت وحين يحدث أمورا
ويجدد أحوالا من إهلاك وإنجاء، وحرمان وإعطاء، وغير ذلك، وقيل: نزلت

(1) الدعاء ص 154.
242

في اليهود حين قالوا إنه لا يقضي يوم السبت شيئا، وقيل: إن الدهر كله عنده تعالى
يومان أحدهما مدة أيام الدنيا، والاخر يوم القيامة، فشأن يوم الدنيا الاختيار
بالأمر والنهي، والاحياء والإماتة، ونحو ذلك، وشأن يوم القيامة الجزاء و
الحساب، والثواب والعقاب، وقيل: شأنه جل ذكره أن يخرج كل يوم وليلة ثلاثة
عساكر: عسكرا من أصلاب الاباء إلى الأرحام وعسكرا من الأرحام إلى الدنيا و
عسكرا من الدنيا إلى القبر، ثم يصيرون إليه جميعا.
وقال: التسبيح التنزيه والسبوح المنزه عن كل سوء، وسبح قال سبحان الله
وسبح أيضا بمعنى صلى، ومعنى سبحانك اللهم وبحمدك أي سبحتك بجميع آلائك
وبحمدك سبحتك انتهى.
" من علا في الهواء " أي ظهر آثار قدرته فيه أو علا عن أن يكون في الهواء و
الفضاء وشئ من المكان، " بأزمتها " (1) أي بأسبابها " نور النور " أي منور كل
نور ومظهره، وقد مر تفسير آية النور " بالحق " أي قائما بالحق والحكمة.
" ويوم يقول كن فيكون قوله الحق " قيل جملة اسمية قدم فيها الخبر أي
" قوله الحق يوم يقول " كقولك: القتال يوم الجمعة، والمعنى أنه الخالق للسموات
والأرضين وقوله الحق نافذ في الكاينات، وقيل يوم منصوب بالعطف على السماوات
أو الهاء في " واتقوه " في الآية السابقة أو بمحذوف دل عليه الحق، وقوله الحق
مبتدء وخبر، أو فاعل يكون على معنى " وحين يقول لقوله الحق " أي لقضائه
" كن فيكون " والمراد به حين يكون الأشياء ويحدثها، أو حين تقوم القيامة،
فيكون التكوين حشر الأموات وإحياؤها.
" وله الملك يوم ينفخ في الصور " هو كقوله " لمن الملك اليوم لله الواحد
القهار " (2) " سبع سماوات طباقا " لفظة " طباقا " ليست في الآية التي في آخر سورة

(1) تسبيح يوم السبت ص 155، وما بعده يشرع في شرح عوذة أبى جعفر عليه السلام
(2) غافر: 16.
243

الطلاق (1) وإنما هي في سورة الملك (2) فكأنه عليه السلام جمع بين مضمون الآيتين أو
زيدت من النساخ " ومن الأرض مثلهن " أي في العدد سبعا كما مر تحقيقه " يتنزل
الامر بينهن " أي يجري أمر الله وقضاؤه بينهن وينفذ حكمه فيهن " لتعلموا "
علة لخلق أو يتنزل أو الأعم فان كلا منهما يدل على كمال قدرته وعلمه، وقوله
" وأحصى " ليس في تتمة تلك الآيات.
" من شر " متعلق باعيذ وإن طال الفصل والاعتراض، أو مقدر هنا بقرينة
ما سبق والطارق الآتي بالليل لاحتياجه إلى دق الباب، ثم استعمل اتساعا في جميع
النوازل بالليل والنهار، والحشوش بالضم جمع الحش مثلثة والفتح أكثر وهو
المخرج وأصله البستان، وإنما سمي بذلك لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين
وصحاري بفتح الراء وكسرها جمع الصحراء والغياض الآجام.
" له مقاليد السماوات " (3) هو جمع مقليد أو مقلاد، وقيل جمع اقليد معرب
اكليد على الشذوذ، والمعنى مفاتيحهما، أي لا يملك أمرهما ولا يتمكن من التصرف
فيهما غيره، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها وفيها مزيد دلالة على الاختصاص لان
الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها.
" يبسط الرزق " أي يوسع الرزق ويضيق على وفق مشيته " إنه بكل شئ
عليم " فيفعله على ما ينبغي " ونافث " أي في العقد أو موسوس في القلب " ومتلون "
أي متشكل بالاشكال المختلفة كما هو شأن أكثر الجن " ومحتفز " في بعض النسخ
بالفاء والزاي أي من يجلس على قدميه كالمستعجل، وفي بعضها بالفاء والراء من
احتفار الأرض أي حفرها، وفي بعضها بالقاف والراء من الاحتقار.
" والغاية " (4) أي نهاية العز والكمال، والغاية يكون بمعنى الراية أيضا

(1) الطلاق: 12.
(2) الملك: 3.
(3) عوذة أبى جعفر عليه السلام ص 156.
(4) دعاء ليلة الأحد ص 157.
244

" وأحصى عددك " أي ما أشد إحصاءك لعدد الأشياء " وضرع " بتثليث الراء أي خضع
وذل واستكان.
" في مجلس وقارك " (1) أي في المنزلة الرفيعة التي ظهر فيها وقارك وحلمك
" قضاؤه " أي حكمه بالثواب والعقاب " من له ملكوت كل شئ " أي ملكه وله
التصرف فيه على أي وجه أراد.
" لا تدركه الابصار " قال الكفعمي ره: أي لا تراه العيون لان الادراك متى
قرن بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية كما أنه إذا قرن بآلة السمع فقيل أدركته باذني
لم يفهم منه إلا السماع، وكذلك إذا أضيف إلى كل واحد من الحواس أفاد ما تلك
الحاسة آلة فيه، مثل أدركته بفمي أي وجدت طعمه، وأدركته بأنفي أي وجدت
رايحته، والمعنى لا تدركه ذووا الابصار وهو يدرك ذوي الابصار أي المبصرين أي
أنه يرى ولا يرى، وبهذا خالف سبحانه جميع الموجودات، لان منها ما يرى
ويرى كالاحياء; ومنها ما يرى ولا يرى كالجمادات والاعراض المدركة (2) فالله
تعالى خالف جميعها وتفرد بأن يرى ولا يرى، وتمدح سبحانه بمجموع الامرين
كما تمدح في الآية الأخرى بقوله: " هو يطعم ولا يطعم " (3).
وروي أن ذا الرياستين الفضل بن سهل سأل الرضا عليه السلام عما اختلف الناس
فيه من الرؤية، فقال عليه السلام: من وصف الله تعالى بخلاف ما وصف به نفسه فقد أعظم
الفرية على الله، لا تدركه الابصار أي الابصار التي في القلوب وليست هي الأعين
أي لا يقع عليه الأوهام ولا يدرك كيف هو؟ قاله الطبرسي في مجمع البيان (4).
" أمرا " لعله حال عن محمد أو عن نبيك أو هو معمول مقدر أي كانا أمرا " فيما

(1) الدعاء ص 158.
(2) زاد في هامش الجنة ص 106: ومنها ما لا يرى ولا يرى كالاعراض غير
المدركة.
(3) الانعام: 14.
(4) مجمع البيان ج 4 ص 344 في آية الانعام: 103.
245

لا ظعن له منه " أي في مكان لا يسير ولا يتحرك منه إلى غيره أي جنات الخلد.
والكبر (1) بالكسر العظمة وكعنب يطلق غالبا في السن " وفواضله " أي رحماته
الفاضلة " وخيره " أي من الخيرات ما هو أخير وأفضل " ونوافله " أي زوائده و
النافلة العطية المستحبة، والبوار الهلاك، وبار المتاع كسد، وبار عمله بطل، وسكرة
الموت شدته والنضرة: الحسن والرونق.
" أيامك " أي الأيام التي وعدتهم النصر فيها من أيام ظهور القائم عليه السلام و
الرجعة وفي بعض النسخ أمانك " وأتمم علينا نعمتك " قال الكفعمي: روي أن
النبي صلى الله عليه وآله مر برجل يدعو ويقول " أتمم علينا نعمتك " فقال صلى الله عليه وآله تمام النعمة
العتق من النار، والفوز بالجنة.
" أوبقته معاصيه في ضيق المسلك " (2) أي أهلكته بسبب أن ضاقت عليه
المسلك إلى عفوك لكثرتها " ولم يعزك منع " في بعض النسخ بالعين المهملة والزاي
المشددة أي لم يغلبك منع أي ليس منعك لاضطرار وفاقة بل لعدم المصلحة في العطاء
أي لم يشتد عليك منع بأن لا تقدر عليه ويؤخذ منك قهرا، وفي بعضها " لم يعززك "
بفك الادغام.
وفي بعضها " لم يعرك " بضم الراء المهملة المخففة أي لم يغشك منع بأن تكون
محتاجا إلى غيرك فيمنعك أو تمنع غيرك خيرا فان ما تمنعه لا يكون خيرا وإنما
تمنع ما يكون شرا للمعطى، قال الكفعمي من قرأ ولم يعزك بالتشديد أراد يغلبك
يقال عز عليه و " من عز بز " أي من غلب سلب، وقوله تعالى: " أيبتغون عندهم
العزة " (3) أي المنعة وشدة الغلبة وقوله تعالى: " أخذته العزة بالاثم " (4) أي

(1) الدعاء ص 259.
(2) دعاء يوم الأحد ص 160.
(3) النساء ص 139.
(4) البقرة: 206.
246

الامتناع والغلبة، وسمى ملك يوسف عزيزا لأنه غلب أهل مملكته، وقوله
تعالى: " وعزني في الخطاب " (1) أي غلبني في الاحتجاج ومن قرأ " ولم يعرك "
بالراء المهملة والتخفيف أراد يمسك ويغشاك، وعراه كذا واعتراه إذا مسه
وغشيه، وقوله تعالى: " إلا اعتريك بعض آلهتنا بسوء " (2) أي مسك بجنون و
خبل انتهى.
أقول: الأصوب " لم يفرك " بالفاء المكسورة والراء الساكنة أي لا يصير
منعك سببا لوفور مالك كما في المخلوقين فتصح المقابلة ويؤيده ما في بعض خطبه عليه السلام
" الحمد لله الذي لا يفره المنع ولا يكديه الا عطاء ".
قوله: " ولا أكداك إعطاء " أي منعك وردك، وأكديت الرجل من كذا منعته
ورددته، وأكدى الرجل قل خيره، وقوله تعالى: " وأعطى قليلا وأكدى " (3)
أي قطع عطيته ويئس من خيره مأخوذة من كدية الركية وهو أن يحفر الحافر
فيبلغ إلى الكدية وهي الصلابة من حجر أو غيره فلا يعمل معوله فيه، فييئس
فيقطع الحفر انتهى.
" في النظر لها " أي في التفكر فيما يوجب صلاحها والنظر أيضا الإعانة " و
سالمت الأيام " (4) أي صالحتها ووافقتها وعملت بمقتضى الزمان وموافقة أهله في
العصيان " فما بقي لها " أي لنفسي " إلا نظرك " أي لطفك وكرمك كما ورد في خلافه
" لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ".
" مردها منك " أي رجوعها من بابك و " بالنجاح " أي مقرونا بالظفر بالمطلوب
وقال الكفعمي " النفاح " هو ذو الآلاء الظاهرة والنعماء المتكاثرة، ونفحت الريح

(1) ص: 23.
(2) هود: 54.
(3) النجم: 34.
(4) الدعاء ص 161.
247

هبت ونفح الطيب فاح، وناقة نفوح يخرج لبنها من غير حلب، ونفحه أعطاه، والنافح
المعطي، وكرر هنا لاختلاف اللفظ.
قال: أقوى وأقفر بعد أم الهيثم *
وقال: وألفى قولها كذبا ومينا * انتهى.
والسماح بالفتح والكسر الجود " وأدرجني فيمن أبحت " وفي بعض النسخ
" درج من أبحت " أي أمتني فيه واجعلني بعد الموت منهم أو اسلكني مسلكهم يقال
درج أي مشى أو مات، والدرج بالتحريك الطريق.
" من التتابع " في بعض النسخ بالباء الموحدة، وفي بعضها بالياء المثناة التحتانية
قال الكفعمي التتايع بالياء المثناة من تحت التهافت، وقال الهروي، وفي الحديث كما
يتتايع في النار أي يتهافت وقال أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه تقويم اللسان يقال:
تتايعت المصائب لا بالباء المفردة لان التتايع في الشر والتتابع في الخير.
" إليك الأصوات " أي ذو الأصوات " إلى خير " أي كوني منتهيا إلى أفضل
أمور لا يملكها غيرك، ويحتمل أن تكون الإضافة للبيان وربما يقرأ بالتنوين فيكون
الابهام للتفخيم " سموت بعرشك " أي رفعته.
" ثم دعوت السماوات " (1) تلميح إلى قوله سبحانه " ثم استوى إلى السماء
وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " (2) وقد مر
أن الكلام مبنى على التمثيل، شبه سبحانه نفاذ قدرته ومشيته فيهما بأمر المطاع
وإجابة المطيع كما قيل في قوله تعالى: " كن فيكون " وكذا الخيفة هنا محمولة
على الاستعارة.
" وفتقت الأرضين " إشارة إلى قوله سبحانه " أو لم ير الذين كفروا أن السماوات
والأرض كانتا رتقا ففتقناهما " (3) قيل: أي كانت السماوات واحدة فقتقت في التحريكات

(1) الدعاء ص 162.
(2) فصلت ص 11.
(3) الأنبياء: 30.
248

المختلفة حتى صارت أفلاكا، وكانت الأرض واحدة فجعلت باختلاف كيفياتها و
أحوالها طبقات وأقاليم، وقيل كانت بحيث لا فرجة بينهما ففرج، وقيل كانتا رتقا
لا تمطر ولا تنبت ففتقنا بالمطر والنبات، ولعل الأوسط هنا أنسب.
" فرسخ " أي ثبت " سنخها " أي أصلها " ذراها " أي أعاليها " فاستقرت " أي
الأرض " على الرواسي " أي بسببها " وخففت عنها بالاحياء والأموات " (1) لعل
المعنى خلقت منها الحيوانات والنباتات والجمادات، فالمراد بالأموات الأخيرتين
أو الأخيرة، فلما اخذت منها فكأنها خففت عنها وإن كان ثقلها عليها أيضا أو خففت
عنها بسبب الاحياء والأموات لغذائهم ولباسهم وأكفانهم ومساكنهم، أو بالاحياء
فيموتون أو بالأموات فيصيرون رفاتا ورميما وفي بعض النسخ بالحاء المهملة من
حفت المرأة وجهها من الشعر أي أذهب المياه والجبال عن بعض وجه الأرض لانتفاع
الاحياء والأموات والأول أيضا يحتمل هذا المعنى.
" مع حكيم " أي محكم متقن " من أمرك " أي تقديرك وتدبيرك " ونافخ
النسيم " أي الروح كما في بعض النسخ لأنها تتحرك وتجري في البدن كالنسيم " لطفت
في عظمتك " أي كنت لطيفا مع نهاية عظمتك أي مجردا وأنت ألطف من جميع اللطفاء
وتجردك أكثر من الجميع أو لطفك بالنسبة إلى العباد مع نهاية عظمتك واستغنائك
أكثر من جميع اللطفاء، وكذا " لطفت للناظرين " يحتمل الوجهين.
" تبطنت " أي علمت بواطنهم أو استخفيت منهم للظاهرين من خلقك أي لكل
من دخل في الوجود منهم، والقطرات كأنه جمع قطرة بمعنى الناحية " منتهاك "
أي منتهى خلقك أو عرشك " وأن ترزقني الرغبة " أي ما رغبت فيه إليك وسألتك
" ما قصرت عنه رغبتي " أي لم أسألكه لجهلي أو نسياني أو غفلتي.
" في الملك " (2) أي في الألوهية " ولي من الذل " أي ولي يوليه من أجل

(1) والأظهر: حففت متنها كما مر، والمعنى ظاهر.
(2) تتمة الدعاء ص 164، في قوله ولم يكن له شريك في الملك.
249

مذلة به ليدفعها عنه بموالاته " ولا أخشى إلا عدله " أي لا أخاف منه أن يظلمني
بل أخاف أن يعاملني بالعدل ولا يعاملني بالفضل.
وفي القاموس: غير الدهر كعنب أحداثه المغيرة، والتأهب الاستعداد لما فيه
الصلاح أي صلاح نفسي " والاصلاح " أي إصلاح أموري أو إصلاح غيري أو إصلاح
الله لي ولأموري به " النجاح " أي الظفر بالحوايج " والانجاح " أي قضاء حوائج الخلق
ويحتمل التأكيد يقال أنجح أي صار ذا نجح أو يكون أحدهما الظفر بالحوائج من
الله والاخر من الخلق والعافية من البلايا والسلامة من الذنوب أو الأول من
الأمراض والثاني من شر الأعادي، ويحتمل العكس فيهما، والتأكيد أيضا
بتعميمها.
" وهمزات الشيطان " خطراته التي يخطرها بقلب الانسان.
" حافظا " (1) تميز أو حال " واختم بالانقطاع إليك أمري " أي اختم أموري
بالانقطاع عن الخلق متوجها إليك ومتوسلا بك " ولا ترني عملي حسرات " (2)
أي لا تجعل أعمالي بحيث تكون موجبة لحسراتي في القيامة بل وفقني للأعمال
المقبولة التي توجب مسراتي، فقوله: " حسرات ثالث مفاعيل ترني إن كان من
رؤية القلب، وإلا فحال، والجمع باعتبار إرادة العموم من العمل.
" توبة نصوحا " قال الكفعمي أي صادقة ونصحته أي صدقته وقيل نصوحا أي
بالغة في النصح مأخوذ من النصح، وهو الخياطة، كأن العصيان يخرق
والتوبة النصوح ترقع، وقيل نصوحا أي خالصة، ونصح الشئ خلص قاله
الهروي انتهى.
" يا أهل التقوى " أي أنت أهل لان تتقى لقدرتك وشدة عذابك، وأهل
لان تغفر لسعة رحمتك " قدسه " آي آثار قدسه وشواهده من مصنوعاته الدالة على
تنزهه عن أن يكون شبيهها.

(1) دعاء آخر للسجاد عليه السلام ص 165.
(2) دعاء آخر للكاظم عليه السلام ص 166.
250

" من أشرق كل شئ " أي في كل شئ.
" لا يجاوز اسمه " (1) أي لا يخرج عن تأثير اسمه أو عن مدلول بعض أسمائه
كالرحمن والقادر والعالم، والغي الضلال والخيبة، والبغي التعدي والظلم، و
الطاغي العاتي المتكبر " بروجا " أي الاثني عشر " سراجا " أي الشمس " أن يوصل "
متعلق باحتجب أي من أن يوصل والحواميم لعلها كانت سبعا بعدد القرآن.
" قصمت بعزتك " (2) وفي بعض النسخ " بصوتك " أي بصيت جلالك أو بالأصوات
القوية التي أهلك الله بها بعض القرون السالفة، وأضفت " أي جمعت جميعها في
قبضتك أي قدرتك، وفي بعض النسخ " أطقت " أي قويت عليها وتصرفت فيها يقال
أطقت الشئ إطاقة وهو في طوقي أي في وسعي.
" بضوء نورك " أي بضوء سطع من نورك فكيف إذا كان أصل نورك، وقال
الكفعمي: الفرق بين الضوء والنور أن الضوء ما كان من ذات الشئ كالنار والشمس،
والنور ما كان مكتسبا من غيره كاستنارة الجدار بالشمس، ومنه قوله تعالى: " جعل
الشمس ضياء والقمر نورا " (3) وقال ابن الأثير قوله تعالى: " ذهب الله بنورهم " (4)
أبلغ من ذهب بضوئهم لان الضوء أخص من النور، واستعمال العام في النفي أبلغ
من استعماله في الاثبات عكس استعمال الخاص لاستلزام نفي الحيوانية نفي الانسانية
وإثبات الانسانية إثبات الحيوانية دون عكسهما انتهى.
والأزمة والمقاليد كنايتان عن الأسباب والعلل " وأذعنت " أي السماوات
والأرضون " وأبت حمل الأمانة " إشارة إلى قوله سبحانه: " إنا عرضنا الأمانة
على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان

(1) عوذة يوم الأحد من عوذ أبى جعفر عليه السلام ص 167.
(2) دعاء ليلة الاثنين: 169.
(3) يونس: 5.
(4) البقرة: 17.
251

إنه كان ظلوما جهولا " (1) وقيل الأمانة التكليف والأوامر والنواهي، وقيل
أمانات الناس والوفاء بالعهود، وقيل المراد بالعرض عليها العرض على أهلها، و
عرضها عليهم هو تعريفه إياهم أن في تضييع الأمانة الاثم العظيم، فبين جرأة الانسان
على المعاصي وإشفاق الملائكة من ذلك، وحمل الأمانة إما قبولها أو تضييعها
والخيانة فيها.
قال الزجاج: كل من خان الأمانة فقد حملها، ومن لم يحمل الأمانة فقد
أداها وكذلك كل من أثم فقد احتمل الاثم، وقيل معنى عرضنا عارضنا وقابلنا،
والمعنى أن هذه الأمانة في جلالة موقعها بحيث لو قيست السماوات والأرض والجبال
بها لكانت أرجح، ومعنى " فأبين أن يحملنها " ضعفن عن حملها كذلك " وأشفقن
منها " أي خفن، وهذه الأمانة التي من صفتها أنها أعظم من هذه الأشياء العظيمة
تقلدها الانسان فلم يحفظها، بل حملها وضيعها لظلمه على نفسه، ولجهله بمبلغ
الثواب والعقاب.
وقيل: إنه على وجه التقدير أي لو كانت تلك الأشياء عاقلة ثم عرضت الأمانة
عليها وهي وظائف الدين أصولا وفروعا لاستثقلت ذلك، ولامتنعت من حملها خوفا
من القصور عن أداء حقها، ثم حملها الانسان مع ضعف جسمه ولم يخف الوعيد
لظلمه وجهله.
وقيل: المراد بالأمانة العقل والتكليف وبعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلى
استعدادهن وبإبائهن الاباء الطبيعي الذي هو عدم اللياقة والاستعداد، وبحمل
الانسان قابليته واستعداده لها وكونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوة الغضبية
والشهوية.
وفي كثير من الاخبار أن الأمانة هي الخلافة الكبرى، وحملها ادعاؤها
بغير حقها، ولم يجترء السماوات والأرض والجبال على ذلك وفعلها الانسان وهو أبو بكر
ومن تبعه في ذلك لأنه كان ظلوما لنفسه في غاية الجهل، وقد مر الكلام في ذلك

(1) الأحزاب: 72.
252

في مواضع.
" وقامت بكلماتك " أي بتقديراتك وإرادتك " في قرارها " أي في المحال
التي قدرت وعينت لها، والكينون أيضا الكائن مع مبالغة " محبتك " أي محبوبك
ومرادك " ظاهرين " أي غالبين.
" غير مرفوضين " (1) أي متروكين " وأعني على نفسي " أي في الغلبة عليها
فإنها تدعو إلى شهواتها، والخون بالفتح الخيانة " ومن التزين " أي ادعاء ما لم
أتصف به من الخير " بغير الحق " صفته كاشفة ومثله قوله: " ما لم تنزل به " " ومن
محبطات الخطايا " أي الخطايا المحبطة للأعمال الصالحة، وفي بعض النسخ " محيطات "
من الإحاطة تلميحا إلى قوله تعالى: " وأحاطت به خطيئته " (2) أي استولت عليه
وشملت جملة أحواله.
وقال الكفعمي - رحمه الله - الروح طيب (3) نسيم الروح، والريحان
الرزق، ومن قرأ فروح أي فحياة الأموات فيها، وقال الجوهري " فروح وريحان "
أي رحمة ورزق.
وقال الطبرسي (4) فروح أي فراحة واستراحة من تكاليف الدنيا ومشاقها
وقيل: الروح الهواء تلذه النفس وتزيل عنها الهم، وريحان يعني الرزق في الجنة
وقيل: هو الريحان المشموم من ريحان الجنة يؤتى به عند الموت فيشمه، وقيل:
الروح النجاة من النار، والريحان الدخول في دار القرار، وقيل: روح في القبر
وريحان في القيامة، وبضم الراء فمعناه فرحمة، لان الرحمة كالحياة
للمرحوم، وقيل: هو البقاء أي فحياة لا موت فيها، أي فهذان له معا وهو الخلود
مع الرزق.

(1) الدعاء ص 170.
(2) البقرة: 81.
(3) تتمة الدعاء ص 171.
(4) مجمع البيان ج 9 ص 228.
253

وقال الهروي في قوله تعالى " وأيدهم بروح منه " (1) أي برحمة، وكذا
قوله تعالى في عيسى عليه السلام " وروح منه " (2) وقوله: " ولا تيأسوا من روح الله " (3)
أي من رحمته، وفي الحديث الولد من ريحان الله أي من رزقه، وقولهم سبحان
الله وريحانة: يريدون تنبها له واسترزاقا ونصبهما على المصدر انتهى.
وقال الجوهري: أفكه يأفكه إفكا أي قلبه وصرفه عن الشئ والنبأ أي
الخبر والمشهور أنه نبأ البعث والنشور الذي أنكرته الكفار، وفي الاخبار أنه
نبأ ولاية أمير المؤمنين عليه السلام الذي اختلف فيه المؤمنون والمنافقون، ويقال: شرد
البعير أي نفر.
" وسالم على المعاصي " أي سؤال من كان سالما " من الليالي والأيام " أي
شرورهما مع كونه مصرا على المعاصي أو سالما عن المعاصي في الليالي والأيام لانابته
منها وتركها وهو بعيد، أو سالم الزمان وأهله في ارتكاب المعاصي كما مر.
" لغفرانها " أي بسببه أو استعير المجير للمفزع " يا كريم المآب " أي من المآب
والمرجع إليه كريم حسن، أو رجوعه على عباده بالاحسان بمحض الكرم، والأول
أظهر، واللوازب البلايا اللازمة المزمنة، واللزوب اللصوق والثبوت، واللزبة
الشدة والقحط.
" لك عنت " أي خضعت وذلت، والعاني الأسير " إذا ألم " أي نزل.
والنكبة (4) بالفتح المصيبة، ونكبه الدهر نكبا ونكبا بلغ منه أو
أصابه بنكبته، وفى بعض النسخ " وكآبة " والاكتياب الانكسار من شدة الهم

(1) المجادلة: 22.
(2) النساء: 171.
(3) يوسف: 87.
(4) شرح لقوله: " ونكائب خوف الفتن " وقد كان في ط الكمباني " تكاءب " كما
مر ص 172 س 1.
254

والحزن، والمخبيات المستورات وأصله الهمز " وتفيض سجال " قال الكفعمي
- رحمه الله: هذه استعارة والسجال جمع السجل، وهو الدلو ملئ ماء، ومنه أنه
صلى الله عليه وآله أمر بصب سجل من ماء على بول الاعرابي، وأصل السجل الصب
وسجل فلان على فلان ماء أي صبه عليه، قال الهروي.
ورأيت في كتاب تقويم اللسان لابن الجوزي أنه يقال: فلان أهل لكذا، و
مستأهل غلظ إنما المستأهل متخذ من الإهالة، وهي ما يؤتدم به من السمن و
الودك، وكذا قاله الجوهري في صحاحه والحريري في درته:
قال الصنعاني في تكملته:
قال الأزهري خطأ بعضهم من يقول فلان يستأهل كذا بمعنى يستحق قال:
ولا يكون الاستيهال إلا من الإهالة، قال الأزهري: أما أنا فلا أنكره ولا أخطي
قائله لأني سمعت أعرابيا فصيحا أسديا يقول لرجل شكر عنده يدا " أولها تستأهل
بأبا حازم ما أوليت " وحضر ذلك جماعة من الاعراب فما أنكروا قوله.
قلت: والصحيح ما ذكره الأزهري بدليل قول سيد الوصيين وحجة رب
العالمين في هذا الدعاء، وكذا قوله في مناجاته إلهي إن كنت غير مستأهل لما أرجو
من رحمتك فأنت أهل أن تجود على المذنبين بسعة رحمتك " فيبطل حينئذ (1) ما
قاله ابن الجوزي والجوهري.
وقال - ره - في قوله: " خشعت لك الأصوات " (2) أي خفيت وانخفضت،
وقوله: " وترى الأرض خاشعة " (3) أي ساكنة مطمئنة وقوله تعالى: " والذين هم
في صلاتهم خاشعون (4) أي خاضعون وقيل خائفون، والخشوع السكون والتذلل
والخشوع قريب المعنى من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن والخشوع في البدن

(1) راجع في ذلك ج 87 ص 301 و 339.
(2) دعاء يوم الاثنين ص 173.
(3) فصلت: 39.
(4) المؤمنون: 2.
255

والبصر والصوت، قاله الهروي انتهى.
" مصادرها " أي محال صدورها وعللها " ضارع إليك " أي متذلل ومتوسل
والحول الحيلة والقوة " وطأتك " أي بطشك وعذابك، قال في النهاية الوطئ في
الأصل الدوس بالقدم، فسمي به الغزو والقتل لان من يطأ على الشئ فقد استقصى
في هلاكه وإهانته، ومنه الحديث: اللهم اشدد وطأتك على مضر، أي خذهم أخذا
شديدا انتهى.
" أمرك قضاء " أي حكم وحتم أشار إلى قوله سبحانه: " إنما أمره إذا أراد
شيئا أن يقول له كن فيكون " (1) " وكلامك نور " يبين الحق وينور القلب
" ورضاك رحمة " أي ليس رضاك وسخطك كالمخلوقين بتغير في ذاتك بل إنما تطلق
تلك الصفات عليك باعتبار غاياتها.
" ولا معقب لحكمه " (2) أي إذا حكم حكما فأمضاه لا يتعقبه أحد بتغيير
ولا نقض، يقال: عقب الحاكم على حكم من كان قبله إذا حكم بعد حكمه بغيره
" بعد إعذارك " أي قطعك عذرهم باتمام الحجة عليهم، والاظلال جمع الظل
كالضلال.
" اصطنعت لنفسك " (3) أي اخترته لها " يسرنا لليسرى " أي هيئنا للخلة
التي تؤدي إلى يسر وراحة كدخول الجنة من يسر الفرس إذا هيأه للركوب بالسرج
واللجام " وجنبنا العسرى " أي الخلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار
" ومن أمرنا " أي من جملة أمورنا " رشدا " أي ما نصير به راشدين مهتدين أو اجعل
أمرنا كله رشدا كقولهم: رأيت منك أسدا، قيل وأصل التهيئة إحداث هيئة الشئ
والرشد بالتحريك، وبالضم خلاف الغي.

(1) يس: 82.
(2) الدعاء ص 174 س 4.
(3) الدعاء ص 175 س 11.
256

والمرفق بكسر الميم وفتح الفاء ما يرفق به أي ينتفع به، وكذا المرفق بفتح
الميم وكسر الفاء وهو مصدر جاء شاذا كالمرجع والمحيض، فان قياسه الفتح، و
فيه تلميع إلى قوله سبحانه في قصة أصحاب الكهف " وهيئ لنا من أمرنا رشدا " (1)
وقوله: " ويهيئ لكم من أمركم مرفقا " (2) وقرء نافع وابن عامر بفتح الميم
وكسر الفاء والباقون بالعكس.
" وأماناتنا " أي طاعاتنا فإنها أمانة الله عندنا، أو عهودنا أو ما ائتمننا
الناس عليها، أو بالعكس، أو الأعم، أو كوننا امناء، وقد مر تأويل الأمانة
في الآية.
قال في النهاية: الأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان،
وقد جاء في كل منها حديث، ومنه أستودع الله دينك وأمانتك أي أهلك ومن
تخلفه بعدك منهم، وما تودعه وتستحفظه أمينك ووكيلك.
" بحفظ الايمان " أي معه أو بما تحفظ به المؤمنين أو بحفظ يقتضيه الايمان و
كذا " بستر الايمان " أي بما تستر به المؤمنين لا المنافقين، فإنهم مستورون بستر الله
لكن على وجه الاستدراج والامهال والغضب، أو بستر يقتضيه الايمان
أي ستر كامل وقد مر بعض الوجوه للفقرة السابقة " وانزع الفقر من بين أعيننا "
أي اجعلنا بحيث لا ننظر بالرغبة إلى ما متع به الأغنياء والمترفون فهي مؤكدة
للفقرة السابقة " ونرد علمه " (3) أي المتشابه " إذا أفضينا إليها " أي وصلنا " في
جوارك " بالكسر أي أمانك أو بالضم أي قربك ومجاورتك على المجاز " والطف لحاجتنا "
أي الطف لنا في حاجتنا وأوصلها إلينا بلطف.
والاتساق " الانتظام (4) ويقال: استوسقت الإبل أي اجتمعت والوثيق المحكم

(1) الكهف: 10.
(2) الكهف: 16.
(3) الدعاء ص 176 س 1.
(4) شرح لقوله " متواترا متسقا " ص 177 س 2.
257

واستوثق منه أخذ الوثيقة والسرمد الدائم " صلاحا " أي مشتملا على ما يوجب
صلاح أمور دنياي " فلاحا " أي مشتملا على ما يوجب فوزي ونجاتي في الآخرة
" نجاحا " أي مشتملا على ما يوجب ظفري بحوائج الدنيا والآخرة.
والنذر والعهد مع الله والوعد مع المخلوقين وفيه إشعار بوجوب الوفاء بالوعد
والمظلمة بكسر اللام ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما أخذ منك " أو غيبة " بالرفع
عطف على " مظلمة " أو بالجر عطف على " نفسه " وكذا تحامل يحتمل الوجهين و
الأول أظهر فيهما.
وقال الجوهري: تحامل عليه أي مال وتحاملت على نفسي إذا تكلفت الشئ
بمشقة وقال الفيروزآبادي تحامل عليه كلفه ما لا يطيقه " بميل " إلى خصمه " أو
هوى " لنفسي في الحكم عليه " أو أنفة " أي استنكاف عن رعاية الحق فيه " أو حمية "
أي رعاية لقبيلتي وعشيرتي " أو رياء " أي أحكم عليه لمراءاة الناس وطلب مدحهم
" أو عصبية " أي عداوة لغير قبيلتي وعشيرتي.
" من مواقف الخزي " أي مواقف تشتمل على خزيي ومذلتي كالوقوف في
الدنيا عند ظالم على وجه العقوبة وفي الآخرة بالفضيحة على رؤس الاشهاد " وعزائم
مغفرتك " (1) أي لوازمها " والعدل في الرضا والغضب " أي لا يصير رضاي عن أحد
سببا للميل إليه، ولا غضبي للميل عنه وعدم رعاية الحق فيه، والقصد التوسط
بين الاسراف والتقتير، وقد مر في التعقيبات شرح سائر الفقرات.
" على إقبال النهار " (2) أي انزهه لذلك أو عنده " وله الحمد والمجد "
أي يستحق التحميد والتعظيم والتكبير مع كل نفس، والطرف إطباق الجفن و
اللمحة الابصار بنظر خفيف.
" كتب على نفسه الرحمة " قيل أي أوجب على نفسه الانعام على خلقه أو الثواب
لمن أطاعه أو إنظار عباده وإمهاله إياهم ليتداركوا ما فرطوا فيه، ويتوبوا عن معاصيهم

(1) الدعاء ص 178 س 8.
(2) الدعاء ص 179 س 4.
258

أو الرحمة لامة محمد صلى الله عليه وآله بأن لا يعذبهم عند التكذيب كما عذب من قبلهم، بل
يؤخرهم إلى يوم القيامة، والتعميم أولى أي أوجب على نفسه الرحمة لمستحقها
" ما رأت الشمس " استعيرت الرؤية للاشراق لمشابهات كثيرة.
" إلى الذي ختمته " (1) يعني نفسه أو حوزها وحراستها، والختم كناية عن
الاستيثاق، وقال الجوهري الحية تكون للذكر والأنثى وإنما دخلته الهاء لأنه
واحد من جنس كبطة وزجاجة، على أنه قد روي عن العرب رأيت حيا على حية أي
ذكرا على أنثى انتهى " أخذت عنه " أي منعت.
" لا يعول " (2) وفي بعض النسخ لا يعوز قال الجوهري عال في الحكم أي جار
ومال، وعالني الشئ يعولني أي غلبني وثقل علي، وعال الامر أي اشتد وتفاقم
وفي القاموس عال أي كثر عياله، وقال: العوز بالتحريك الحاجة عوز الشئ كفرح
لم يوجد، والرجل افتقر كأعوز، والامر اشتد وإذا لم تجد شيئا فقل عازني، و
المعوز الثوب الخلق.
وقال: الإكليل بالكسر التاج، وشبه عصابة تزين بالجوهر، والسحاب تراه كان
غشاء ألبسه، وقال الكفعمي: السرادق ما يدار حول الخيمة من شقق بلا سقف، قاله
المطرزي، وقال الجوهري: السرادق ما يمد فوق صحن الدار، وكل بيت من كرسف
فهو سرادق.
والهيكل البناء المشرف، والكبرياء الملك، لأنه أكبر ما يطلب من أمور
الدنيا ومنه قوله تعالى: " ويكون لكما الكبرياء في الأرض " (3) أي الملك و
أكثر الألفاظ في هذا المعنى تمثيل لعظمة الله عز وجل وعجايب مخلوقاته السماوية
التي لا يحاط بكنهها انتهى. " أهل الكرامة " (4) مفعول تعرف " الذي تحب ":

(1) الدعاء ص 180 س 2.
(2) دعاء ليلة الثلاثاء ص 181 س 5.
(3) يونس: 78.
(4) الدعاء ص 182 س 4.
259

صفة لاسمك.
" والصدق بوعدك " (1) أي التصديق به فان من يصدق وعد الله فهو صادق
أو يصدق الناس في الاخبار بوعده تعالى فيؤديه إليهم كما هو الحق، وقرئ " و
الذي جاء بالصدق وصدق به " (2) بالتخفيف، أو الصدق في وعدك أي في ما
أعدك به.
" والوقوف عند موعظتك " أي التوقف وعدم ارتكاب ما وعظتني بتركه أو التأمل
والتدبر فيها والعمل " والاصطبار " الصبر بكلفة.
وقال الكفعمي - ره - " العترة " ولد الرجل وذريته من صلبه، ولذلك
سميت ذرية النبي صلى الله عليه وآله من فاطمة وعلي عليه السلام عترة محمد صلى الله عليه وآله.
والعترة البلدة والبيضة فهم عليهم السلام بلدة الاسلام وبيضته وأصوله.
والعترة صخرة عظيمة يتخذ الضب جحره عندها يهتدي بها لئلا يضل عنه،
وهم عليهم السلام الهداة للخلق على معنى الصخرة.
والعترة أصل الشجرة المقطوعة التي تنبت من أصولها، وهم عليهم السلام أصل
الشجرة المقطوعة لأنهم وتروا وقطعوا وظلموا فنبتوا من أصولهم لم يضرهم قطع
من قطعهم.
والعترة شجرة صغيرة كثيرة اللبن بتهامة وهم عليهم السلام ينابيع العلم على معنى
كثرة اللبن.
والعترة شجرة تنبت على باب وجار الضبع، وهم عليهم السلام الشجرة التي
النبي صلى الله عليه وآله أصلها وعلى فرعها، والأئمة عليهم السلام أغصانها، و
شيعتهم ورقها.
والعترة قطع المسك الكبار في النافجة، وهم عليهم السلام من بين بني هاشم ومن بين
بني طالب كقطع المسك الكبار في النافجة.

(1) الدعاء ص 183 س 8.
(2) الزمر: 33.
260

والعترة العين النابعة العذبة، وعلومهم لا شئ أعذب منها عند أهل الحكمة
والعقل.
والعترة الذكور من الأولاد وهم عليهم السلام ذكور غير إناث.
والعترة الريح وهم جند الله تعالى وحزبه كما أن الريح جند الله.
والعترة نبت ينبت متفرقا مثل المرزنجوش وهم عليهم السلام أصحاب المشاهد المتفرقة
وبركاتهم منبثة في المشرق والمغرب.
والعترة قلادة تعجن بالمسك والأفاويه وهم عليهم السلام أولياء الله المتقون وعباده
المخلصون (1).
والعترة الرهط وهم عليهم السلام رهط رسول الله صلى الله عليه وآله، ورهط الرجل
قومه وقبيلته.
إذا عرفت ذلك فجميع ما قلناه من الألفاظ في معنى العترة التي اختلف العلماء
فيها، فهي كناية عنهم عليهم السلام ذكر ذلك محمد بن بحر الشيباني في كتابه عن ثعلب عن
ابن الاعرابي.
و " الغواية " بالفتح الضلال، والغباوة قلة الفطانة، وقال الجوهري استحوذ
عليه الشيطان أي غلب وهذا جاء بالواو على أصله كما جاء استروح واستصوب انتهى
" إلهه هواه " أي أطاعه وبنى عليه دينه لا يسمع حجة ولا يبصر دليلا.
وأبخلته (2) نسبته إلى البخل أو وجدته بخيلا " فصل " أي فاصل بين الحق
والباطل " وتعاليت على العلا " أي ارتفعت على حقيقة العلو والشرف " ولا يؤدك "
أي لا يثقلك.

(1) وزاد في المصباح ص 118 في الهامش: قال:
فهم ذوو النسب القصير وطفلهم * باد على الكبراء والاشراف
والخمران قيل ابنة العنب اكتفت * بأب من الألقاب والأوصاف
(2) شرح قوله: " لا يبخلك الحاح الملحين " ص 184 س 4.
261

" يسبح الرعد بحمده " (1) قيل أي يسبح سامعوه ومتلبسين بحمده، ويصيحون
بسبحان الله والحمد لله، أو يدل الرعد بنفسه على وحدانية الله وكمال قدرته متلبسا
بالدلالة على فضله ونزول رحمته، وروي أن الرعد ملك موكل بالسحاب معه
مخاريق من نار يسوق بها السحاب، وهذا الصوت تسبيحه.
" والملائكة من خيفته " أي من خوف الله وإجلاله، وقيل الضمير للرعد
وهو بعيد " والطير " أي يسبح الطير " صافات " باسطات أجنحتها في الهواء " بأمره "
أي بقدرته " كل " منها " قد علم " الله " صلاته " أي دعاءه وتسبيحه أي تنزيهه
اختيارا أو طبعا، وقيل الضمير في علم راجع إلى الكل وقيل الصلاة للانسان و
التسبيح لغيره، وقيل: تسبيحها ما يرى عليها من آثار الحدوث، وفي بعض الأخبار
أن المراد بالطير الملائكة المخلوقة بصورها، فالصلاة والتسبيح وقوله " بأمره " على
حقيقة معناها.
" وكبرياؤه مانع " أي عن أن يوصل إليه بسوء " والمحال " ككتاب الكيد
وروم الامر بالحيل والتدبير والمكر والقدرة والحبال والعذاب والعقاب " والقصد "
استقامة الطريق.
" يعلم مستقرها " أي مأواها على وجه الأرض " ومستودعها " أي مدفنها
أو موضع قرارها ومسكنها، ومستودعها حيث كانت مودعة فيه من أصلاب الاباء وأرحام
الأمهات، أو مستقرها في بطون الأمهات ومستودعها في أصلاب الاباء أو مستقرها
على ظهر الأرض في الدنيا ومستودعها عند الله في الآخرة، أو من استقر فيه الايمان
ومن استودعه، وقد مر مرارا.
والكتاب المبين (2) اللوح أو القرآن " ولا يعثر جده " أي ليس مثل عظماء
الخلق فان لهم إقبالا وإدبارا فإذا أدبرت الدنيا عنهم يقال عثر جده، أي زل
وأخطأ بخته، بل عظمته دائمة وقدرته سرمدية " من كرامتك " بيان للمقام أو علة

(1) دعاء آخر ليوم الثلاثاء ص 185 س 9.
(2) شرح لقوله: " كل في كتاب مبين " ص 186 س 1.
262

للتعريف أو من للتبعيض أي هذا المقام من جملة كرامتك له.
" بمنزلة السابقين " إما خبر بعد خبر أو متعلق براضون " وبسترك الفائض "
أي السابغ الكامل، وأصل الفيض كثرة الماء " والحكم " أي الحكمة.
" واجعله همنا " (1) أي جميع ما ذكر، بتأويل المدعو أو كل واحد، وفي
بعض النسخ " واجعل " أي اجعل قصدنا وهوانا مصروفة في إصلاح أمر حياتنا وموتنا
وما ينفعنا فيهما لا في الشهوات الباطلة.
وقال الفيروزآبادي النجيح الصواب من الرأي، والمنجح من الناس، والشديد
من السير، ونجح أمره تيسر وسهل فهو ناجح.
" وظلا ظليلا " قال الطبرسي - ره - (2) أي كنينا ليس فيه حر ولا برد
بخلاف ظل الدنيا، وقيل ظلا دائما لا تنسخه الشمس، وقيل ظلا متمكنا قويا
كما يقال يوم أيوم وليل أليل يصفون الشئ بمثل لفظه إذا أرادوا المبالغة وقال في
النهاية فيه من كان عصمة أمره لا إله إلا الله أي ما يعصمه من المهالك يوم القيامة
والعصمة المنعة والعاصم المانع الحامي، والاعتصام الامتساك بالشئ
والثلاثا (3) صححه في الصحاح بفتح الثاء والألف بعد اللام ومد آخره، وكذا
في القاموس، لكن قال ويضم، وفي بعض النسخ بالضم كذلك وفي بعضها بفتح اللام
من غير ألف بعدها، وضميرا " سخطه ورضاه " راجعان إلى الله، والعورة كل ما
يستحي منه.
" من بين يدي " أي من جميع جهاتي أو من بين يدي أي من البلايا التي أعلم
وأقدر التحرز عنها، ومن خلفي من حيث لا أعلم ولا أقدر، وعن يميني وعن
شمالي من حيث يمكنني أن أعلم وأتحرز ولم أفعل، والأول أظهر، وإنما عدي

(1) الدعاء ص 187 س 1.
(2) مجمع البيان ج 3 ص 62 في سورة النساء الآية 57.
(3) شرح قوله: " وهب لي في الثلاثاء ثلاثا " ص 188 س 2.
263

الفعل في الأولين بحرف الابتداء لأنه منهما متوجه إليه، وإلى الآخرين بحرف
المجاوزة لان الآتي منهما كالمنحرف عنه المار على عرضه، ونظيره قوله جلست
عن يمينه.
والغرض الهدف الذي يرمى إليه أي لا تجعلني هدف بلاء، والنصب بالتحريك
وسكون الوسط العلم المنصوب وهو قريب من الأول.
" قيما " (1) بفتح القاف وكسر الياء المشددة أي مستقيما وفي بعض النسخ
بكسر القاف وفتح الياء المخففة على أنه مصدر نعت به، وقرئ في الآية بهما، و
المعنى واحد وفي الصحاح الجهد المشقة يقال: جهد دابته وأجهدها إذا حمل عليها
في السير فوق طاقتها، وجهد الرجل فهو مجهود من المشقة.
" ولا ينفع ذا الجد " قال الكفعمي الجد الحظ والاقبال في الدنيا، والجد
والحظ والبخت بمعنى، ومنه قوله عليه السلام في الدعاء ولا ينفع ذا الجد منك الجد
أي من كان ذا حظ وبخت في الدنيا لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة لقوله تعالى " يوم
لا ينفع مال ولا بنون " (2) انتهى.
وقال في النهاية أي لا ينفع ذا الغناء منك غناؤه، وإنما ينفعه الايمان و
الطاعة انتهى وبعضهم حمل الجد على أب الأب والام أي لا ينفعه النسب في الآخرة
وربما يقرءان بالكسر أي لا ينفعه الجد في الطاعة عندك، وهما بعيدان.
وقال ابن هشام في المغني في بيان معاني كلمة " من " الخامس البلد نحو " أرضيتم
بالحياة الدنيا من الآخرة " (3) ولا ينفع ذا الجد منك الجد أي ذا الحظ حظه
من الدنيا بذلك أي بدل طاعتك أو بدل حظك أي بدل حظه منك، وقيل ضمن
ينفع معنى يمنع، ومتى علقت من بالجد انعكس المعنى (4).

(1) قوله: " وأسألك دينا قيما " ص 189 س 2.
(2) الشعراء: 88.
(3) براءة: 38.
(4) مغنى اللبيب ج 1 ص 320 ط القاهرة.
264

" من لا تبيد معالمه " (1) أي لا يهلك ولا يفنى ما يصير سببا للعلم بذاته
وصفاته ما بقي مخلوق يستحق العلم، فان جميع الموجودات من معالمه، أو معالمه
كتبه ودينه وشرايعه، وقال الكفعمي الشامخ والباذخ قريبان من السواء، وشرف
باذخ عال، والبواذخ الجبال العالية، والشوامخ الجبال الشامخة.
" وقضى في كل سماء أمرها " إشارة إلى قوله سبحانه: " فقضيهن سبع سماوات
في يومين وأوحى في كل سماء أمرها " (2) وقيل أي شأنها وما يتأتى منها بأن حملها
عليه طبعا واضطرارا أو أوحى إلى أهلها بأوامره.
" وخلق الأرض في يومين " قيل أي في مقدار يومين أو بنوبتين لأنه لم يكن
يوم قبل خلق السماوات، وقيل المراد بالأرض ما في جهة السفل من الاجرام
البسيطة ومن خلقها في يومين أن خلق لها أصلا مشتركا ثم خلق لها صورا صارت
بها أنواعا.
و " قدر فيها أقواتها " أي أقوات أهلها بأن عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش
به في يومين آخرين إشارة إلى قوله سبحانه " وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة
أيام " (3) أي في تتمة أربعة أيام " سواء " (4) قيل أي استوت سواءا بمعنى استواء،
والجملة صفة " أيام " أو حال من الضمير في " أقواتها " أو " فيها ". " للسائلين " قيل

(1) تسبيح يوم الثلاثاء ص 190 س 1.
(2) فصلت: 12.
(3) فصلت: 10.
(4) قوله تعالى سواء للسائلين أي كان هذا الجواب " تقدير خلق السماوات والأرض
إلى ستة أيام على ذاك التفصيل " جوابنا لكل سائل سئل منا فأوحينا إلى كل نبي من الأنبياء
أن يجيب أمته بذلك الجواب، لئلا يختلف الوحي وأما حقيقة ذلك التقدير فمستور عنهم
لسذاجة عقولهم وأفهامهم، وإنما يعلم حقيقته من وحينا إلى خاتم الأنبياء حيث أشرنا إليه:
" وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ".
265

متعلق بمحذوف تقديره هذا الحصر للسائلين عن مدة خلق الأرض وما فيها، أو بقدر
أي قدر فيها الأقوات للطالبين.
" وسخر البحر " قال الكفعمي بالخاء المعجمة أي ذلل والتسخير التذليل، و
سفن سواخر طابت لها الريح، ومنه قوله تعالى: " وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه
لحما طريا " (1) ومن قرأ وسجر بالجيم فمعناه ملأه، وسجر التنور أحماه و
النهر ملأه، ومنه قوله تعالى: " والبحر المسجور " (2) أي المملو انتهى.
" وتعقد عليه القلوب " من العقايد الباطلة والأوهام والافزاع والخيالات
الموحشة.
وقال الجوهري: اخترمهم الدهر وتخرمهم (3) أي اقتطعهم واستأصلهم " و
كل شئ يعبدك " أي يطيعك اختيارا أو اضطرارا، والخبر بالضم العلم " وحفظ
كل شئ " أي علمه " من مقامك " أي قيامك بأمور خلقك أو منزلتك الرفيعة.
" لم يسبقك " (4) أي ليس تقدمه لأنه سبق إرادتك ووقع قبلها، وما أخرت
منها ليس التأخير لأنك لم تكن قادرا عليه قبل ذلك، بل كل ذلك بمشيتك لاقتضاء
المصلحة ذلك " وآثره " أي اختره على جميع خلقك " بصفو كرامتك " أي بخالص
إكرامك له " وبلغ به " كذا في النسخ في الموضعين، والظاهر وأبلغ به أو بلغه، و
كان الباء زائدة أو المعنى بلغ بسببه أهل بيته وخواص أمته.
وفي القاموس رسا رسوا ورسوا ثبت كأرسى، ولعل الوضع في المواضع كناية
عن تعلق مدلوله ومقتضاه بخلق هذه الأشياء واستقرارها، وعيسى عليه السلام كلمة الله
لأنه انتفع به وبكلامه أو يعبر عن الله أو خلق بكلمة كن من غير أب وهو روح الله
لأنه كان يحيي الأموات أو القلوب الميتة بالعلم والحكمة، أو هو ذو روح صدر منه

(1) النحل: 14.
(2) الطور: 6.
(3) شرح قوله: " لا تخترم الأيام ملكك " في دعاء ليلة الأربعاء ص 191.
(4) الدعاء ص 192 س 3.
266

تعالى لا بتوسط ما يجري مجرى الأصل والمادة له، والوأي الوعد.
" عند قضائك " (1) أي الموت أو الأعم " وعرفها لي " إشارة إلى قوله تعالى
" ويدخلهم الجنة عرفها لهم " (2) قيل أي وقد عرفها لهم في الدنيا حتى اشتاقوا
إليها فعملوا ما استحقوها به، أو بينها لهم بحيث يعلم كل واحد منزله ويهتدي إليه
كأنه كان ساكنه مذ خلق، أو طيبها لهم من العرف وهو طيب الرايحة، أو حددها
لهم بحيث يكون لكل جنة مقررة.
" ولا يخلو من الضمير " لعله على القلب أي لا يخلو ضمير منه، أو المراد به
ما يضمر في النفس أي هو عالم بكل معلوم.
وصرف الدهر (3) حدثانه ونوائبه.
وقال الكفعمي: استعجمت عجزت، وفي الحديث جرح العجماء جبار أي
البهيمة جرحها جبار أي هدر، سميت عجماء لأنها لا تتكلم وكل من لا يقدر على
الكلام أو لا يفصح به فهو أعجم ومستعجم، وصلاة النهار عجماء أي لا جهر فيها
بالقراءة، والأعجم من الموج الذي لا يتنفس أي لا ينضح الماء ولا يسمع له صوت
وباب معجم أي مقفل واستعجم الكلام أي استبهم ولسان أعجمي وكتاب أعجمي،
ولا تقل رجل أعجمي فتنسبه إلى نفسه وفي لسانه عجمة أي عدم إفصاح بالعربية، و
العجم جمع العجمي، وهو خلاف العربي وإن كان فصيحا، والأعجمي الذي في لسانه
عجمة، وإن كان عربيا من الغريبين والصحاح والمغرب انتهى واللجلجة والتلجلج
التردد في الكلام.
" غير أنك " (4) أي إلا أنهم يصفونك بهذا الوجه كما قال صلى الله عليه وآله
أنت كما أثنيت على نفسك " دونك " أي قبل الوصول إليك " إلا خشيتك " أي معه و

(1) الدعاء ص 193 س 1.
(2) الدعاء ص 194 س 4.
(3) شرح قوله: " ولا يغيرك في مر الدهور صرف " ص 194 س 5.
(4) دعاء آخر ليوم الأربعاء ص 195 س 10.
267

ما يوجبه، وكذا الفقرة التالية.
" وبدء كل شئ " (1) الواو للحال عن فاعل الجملة الأخيرة أو الجميع " ولا
تفعل ما تشاء " بصيغة الخطاب أي لم تشأ جبرا واضطرارا، وفي بعض النسخ بصيغة
الغيبة، فقوله: " غيرك " فاعل للفعل والمشية على التنازع.
" إلا وجهك " أي ذاتك أو دينك وشريعتك أو أنبياؤك وحججك، فالهلاك
بمعنى البطلان أو كل شئ فان وفي معرض الهلاك إلا من جهة انتسابه إليك، فان
وجودهم وظهورهم وكمالهم بتلك الجهة.
" على ما تقضى " أي بعد ذلك " لا تسبق " على بناء المجهول أي ما طلبته لا
يسبقك فلا تدركه " ولا تقصر " كتنصر قال الجوهري قصرت عن الشئ قصورا عجزت
عنه ولم أبلغه " منتهى دون " أي عن منتهى و " دون " بمعنى عند أو يقرأ منتهى
بالتنوين، ولعله كان " دون منتهى " فوقع فيه التقديم والتأخير " ولا استحراز من
قدرتك " أي لا يتحرز ولا يمتنع منه.
" فلا مقصر دونك " قال الكفعمي أي غاية، وفي الحديث من شهد الجمعة و
لم يوذ أحدا بقصره أي بحسبه وغايته يقال: قصرك أن تفعل كذا، وقصارك وقصاراك
أي غايتك.
وقوله قبل ذلك " فلا تقصر إن أردت " ليس معناه الغاية كما ذكرناه هنا، بل
ذلك يحتمل معنيين: الأول الكف يعني ولا تكف إن أردت، ومنه قوله تعالى:
" ثم لا يقصرون " (2) أي لا يكفون وقصر وأقصر إذا كف، والثاني أن يكون
بمعنى العجز والضعف، فالمعنى لا تعجز إن أردت أو لا تضعف، والقصور
العجز، وقصر عنه أي عجز قاله الهروي وكذا الكلام في قوله: " ولا تقصر قدرتك "
انتهى.
وقال الجوهري: رضي فلان بمقصر مما كان يحاول بكسر الصاد أي بدون

(1) الدعاء ص 196 س 1.
(2) الأعراف: 202.
268

ما كان يطلب.
" اللهم فتت " (1) الفت الكسر يقال: فت عضدي وهد ركني، ثم إنه كان
فيما عندنا من نسخ الدعاء " وفيهم خيرتك من خلقك القائم بحجتك " ولا يستقيم
المعنى وكان سقط من الكلام شئ فألحقت من دعاء آخر يقاربه في المضامين ما سقط
من بين ذلك، لينتظم الكلام.
قال الجوهري والضريبة الطبيعة والسجية، تقول فلان كريم الضريبة ولئيم
الضريبة.
" في كل مثوى " (2) أي محل إقامة " ومنقلب " أي محل انقلاب وحركة
" محياهم " أي كحياتهم " ألطف الأشياء " أي بألطفها أو كألطفها، وقوله: " يا
بني يا أبتاه " بيان له.
وفي الصحاح قيض الله فلانا لفلان أي جاءه به وأتاحه له، وقال: غيابة
الجب قعره، وقال الهمس الصوت الخفي " يا راد حزن يعقوب " أي سبب حزنه و
هو يوسف عليه السلام أو المراد بالرد الكشف والدفع.
" ومن عذابك الأدنى " (3) تلميح إلى قوله تعالى " ولنذيقنهم من العذاب
الأدنى
دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون " (4) ويدل على أن المراد بالأدنى
عذاب القبر، والمشهور بين المفسرين أن المراد به عذاب الدنيا كما يدل عليه
قوله " لعلهم يرجعون " إلا أن يحمل " لعلهم يرجعون " على الرجعة قبل القيمة كما
يدل عليه بعض الأخبار.
ويحتمل أن يكون الغرض محض موافقة اللفظ وتوضيحه بعذاب القبر لعدم
توهم كون المقصود ما هو المقصود في الآية، وفي اختيار ابن الباقي " عذاب القبر "

(1) الدعاء ص 197 س 2.
(2) الدعاء: 198 س 9.
(3) الدعاء ص 199 س 2.
(4) السجدة: 21.
269

فيوافق ظاهر الآية، " مشكورا " أي مجزيا مقبولا والزكاة أي الطهارة من الرذايل
أو النمو في الصالحات.
" واجعل وسيلتي " أي قربي أو توسلي بالوسايل إليك لا إلى غيرك " فيما
عندك " أي من الدرجات والمثوبات " وزكها " إشارة إلى قوله تعالى: " قد أفلح
من زكيها " (1) أي أنماها بالعلم والعمل أو طهرها من الذنوب والأخلاق الردية
" وليها " أي أولى بها " وموليها " أي مالكها " وبارك لي " أي زده وأدمه " وأسألك
الشكر " أي توفيقه.
" لباسا " (2) أي غطاء يستر بظلمته من أراد الاختفاء " سباتا " أي قطعا عن
الاحساس والحركة استراحة للقوى الحيوانية وإزاحة لكلالتها، أو موتا لأنه أحد
التوفيين، ومنه المسبوت للميت وأصله القطع.
وقال الكفعمي: سؤال إذا كان السبات هو النوم فكأنه تعالى قال (3) " جعلنا
نومكم نوما " والجواب أن المراد بالسبات هنا الراحة والدعة، وقيل المراد إنا
جعلنا نومكم سباتا ليس بموت لان النائم قد يفقد من علومه وقصوده أشياء كثيرة
يفقدها الميت، فأراد سبحانه أن يمتن علينا بان جعل نومنا الذي يضاهي فيه بعض
أحوالنا أحوال الميت ليس بموت على الحقيقة، ولا بمخرج لنا عن الحياة والادراك
فجعل التوكيد بذكر المصدر قائما مقام ذكر الموت، سادا مسد قوله تعالى: " وجعلنا
نومكم ليس بموت " قاله السيد المرتضى ره في درره (4) انتهى.
وقال الجوهري نشر الميت ينشر نشورا أي عاش بعد الموت " فسويت " إشارة إلى
قوله تعالى: " خلق فسوى " قال الطبرسي أي سوى بينهم في الاحكام والاتقان و
قيل: خلق كل ذي روح فسوى يديه وعينيه ورجليه، وقيل خلق الانسان فعدل
قامته ولم يجعله منكوسا كالبهايم، وقيل خلق الأشياء على موجب إرادته لحكمته

(1) الشمس: 8.
(2) دعاء آخر للسجاد عليه السلام ص 200.
(3) يعنى قوله عز وجل: " وجعلنا نومكم سباتا ".
(4) ج 1 ص 338.
270

فسوى صنعها لتشهد على وحدانيته.
" وتدانى في الدنيا أمله " أي قصرت آماله في الدنيا ودنى انصرامها وانقضاؤها
لقرب أجله، والأصح والأشهر في الأربعاء كسر الباء، وربما يفتح ويضم.
" وأخذك الحق بينهم " (1) أي في القيامة أو الأعم " وبين الخلائق " أي و
بين غيرهم أو المراد غير الانسان وقال الجوهري عدمت الشئ بالكسر أعدمه عدما
بالتحريك على غير قياس أي فقدته، وأعدم الرجل افتقر فهو معدم وعديم.
وفي النهاية فيه تعوذوا بالله من قترة وما ولد (2) هو بكسر القاف وسكون
التاء اسم إبليس، وفي القاموس ابن قترة بالكسرحية خبيثة إلى الصغر وأبو قترة
إبليس لعنه الله أو قترة علم للشيطان انتهى والمضبوط في النسخ ابن فترة.
" وسخر البحرين " (3) العذب والمالح كما مر " ولم تأن " أي لم تتأن و
لم تؤخر ما شئت لمؤنة ومشقة قال الجوهري تأنى في الامر أي ترفق وتنظر، ونصب
الرجل بالكسر نصبا تعب " حقيق " أي وأنت حقيق.
" وتهلل " (4) أي تلالا " يوم القضاء " أي القيامة كما قال تعالى: " وقضي
بينهم بالحق " (5).
وقال الكفعمي وإنما قال عليه السلام برد العيش لان كل محبوب عندهم بارد،
ومنه قولهم اللهم برد مضجعه، والبارد السهل، وفي الحديث أنه عليه السلام قال لبريدة
الأسلمي: من أنت؟ قال: بريدة الأسلمي، قال: بك برد أمرنا أي سهل، ومنه الحديث
الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة أي لا تعب فيه ولا مشقة، وأما حديثه بردوا بالظهر
فالابراد انكسار الوهج، وقيل أي صلوها في أول وقتها، وبرد النهار أوله.

(1) دعاء آخر للكاظم عليه السلام ص 201 س 17.
(2) عوذة يوم الأربعاء ص 203 س 16.
(3) عوذة أخرى ص 204 س 6.
(4) دعاء ليلة الخميس ص 205 س 16.
(5) الزمر: 69.
271

وقوله عليه السلام: " وقرة عين " (1) كناية عن السرور والرضا، وقولهم أقر
الله عينك أي سرك الله لان دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة، والقر و
القرة البرد.
وقيل أقر الله عينك أي صادف فؤادك ما يرضيك فتقر عينك من النظر إلى
غيره، وقيل أقر الله عينك أي أنامها، وقرت عينه نقيض سخنت، قررت به عينا
وقررت بفتح الراء وكسرها، قال المطرزي وفي الحديث لا تبردوا على الظالم أي
لا تخففوا عنه وتسهلوا عليه عقوبة ذنبه، وقال الجوهري لا تبرد على من ظلمك أي
لا تشتمه تنقص من إثمه انتهى.
" وخذ إلى الخير " أي خذ بناصيتي جاذبا لي إلى الخير " فيها بلاغي " أي
ما يبلغني إلى الآخرة، قال الراغب البلاغ الانتهاء إلى أقصى المقصد " الإنابة إلى دار
الخلود " أي الرجوع إليها بمعنى السعي في تحصيلها وإصلاحها.
والتجافي التباعد ومنه قوله تعالى: " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " (2) و
" دار الغرور " الدنيا لان أهلها يغترون بها والبغتة والفجأة بالضم والمد بمعنى
" ولا تعجلني عن حق " أي بأن تأخذني بموت أو بلاء قبل الاتيان به.
" والأسقام الدوية " أي الموجبة لا دواء آخر أو المزمنة العسرة العلاج، قال
الكفعمي أي ذوات الداء، والداء واحد الأدواء ورجل دوى فاسد الجوف من داء
ودوي بالكسر أي مرض وأدواه أمرضه " بالعفو " لان الأمراض أكثرها من ثمرات
المعاصي " بمالها " أي من المثوبات " مرضية " عند الله.
وقال الكفعمي ره: الوجل والخوف واحد، وإنما كرر للتأكيد واختلاف
اللفظ، يقال وجل يوجل وييجل ويأجل، والمقت البغض ومقته أبغضه، والمقت
أشد البغض قوله تعالى: " إنه كان فاحشة " أي زنا " ومقتا " (3) أي بغضا يورث

(1) الدعاء ص 206 س 1.
(2) السجدة: 16.
(3) النساء: 22.
272

بغض الله.
وقال: الحسنى هي الخصلة المفضلة في الحسن وهي السعادة، وقيل هي البشارة
بالجنة انتهى " مع المؤمنين " أي حال كونها معهم ملحقة بهم، وهو إشارة إلى قوله
تعالى " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " (1) " ومن مغاويه "
أي غواياته أو محال غوايته.
وقال الجوهري: شئ سابغ (2) أي كامل واف، وسبغت النعمة تسبغ بالضم
سبوغا اتسعت، وأسبغ الله عليه النعمة أي أتمها، وقال دمغه دمغا شجه حتى بلغت
الشجة الدماغ.
أقول: أي حجته تدمغ الباطل وتهلكه، كما قال تعالى " بل نقذف بالحق
على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " (3).
" المانع العصمة " أي عصمته مانعة من أن يوصل إلى صاحبها سوء، ومن أن
يرتكب معصية، والغرة بالكسر الغفلة، وقال الجوهري: كننت الشئ سترته وصنته
من الشمس وأكننته في نفسي أسررته، وقال أبو زيد كننته وأكننته بمعنى، في الكن
وفي النفس جميعا.
وقال تنصل فلان من ذنبه تبرأ، وقال الرحب بالضم السعة ورحائب التخوم
سعة أقطار الأرض وقد مر شرح بعض الفقرات في دعاء الصباح (4) والأبراج جمع
البرج بالتحريك وهو الجميل الحسن الوجه أو المضئ البين المعلوم ذكره الفيروزآبادي،
غمره أي شمله وأحاط به.
" فاعتقد المحارم " (5) أي اكتسبها واقتناها، في القاموس اعتقد ضيعة ومالا
اقتناهما، وفي بعض النسخ واحتقب من الحقيبة وهي الوعاء الذي يجمع الرجل فيه

(1) الأنبياء: 101.
(2) شرح قوله: " السابغ النعمة " ص 207 س 6.
(3) الأنبياء: 18.
(4) راجع ج 94 ص 247.
(5) دعاء يوم الخميس ص 208 س 4.
273

زاده فيعلقه خلفه على راحلته، قال الجوهري الحقيبة واحدة الحقائب، واحتقبه
واستحقبه بمعنى أي احتمله ومنه قيل احتقب فلان الاثم.
وقال الكفعمي قوله تعالى: " إن ربك لبالمرصاد " (1) أي الطريق ممرك
عليه، والمرصد والمرصاد الطريق عند العرب، وأرصدت الشئ أعددته، ومنه
قوله تعالى: " إن جهنم كانت مرصادا " (2) أي معدة والرصد كالحرس والرصيد
الأسد يرصد ولا يكون إرصاد إلا في السر، قال ابن الاعرابي رصدت له وأرصدت
بمعنى، ورصد الشئ بمعنى رقبه.
وقال الجوهري: قال الأخفش " سوى " إذا كان بمعنى غير أو بمعنى العدل
يكون فيه ثلاث لغات إن ضممت السين أو كسرتها قصرت فيهما جميعا، وإن
فتحت مددت.
" ورحمتك حياة " (3) أي موجب لحياة الخلق صورة ومعني " وصفا " أي
خلص بلا شركة شريك.
" وطمحت " (4) أي ارتفعت " وانجلت لك الأجساد " أي خرجوا عن ديارهم
إلى ما شئت من الحج والزيارات وغيرها أو إلى قبورهم، كذا في أكثر النسخ، و
الظاهر " وانحلت " بالحاء المهملة كما في بعضها من النحول بمعنى الهزال، وقد
نحل جسمه ينحل بالفتح فيهما، وقد يكسر الماضي، وأنحله الهم.
" واطمأنت " تلميح إلى قوله سبحانه: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (5)
وأفضيت إليك القلوب " أي أسرارها من قولهم أفضى إليه سره، وفي بعض النسخ
أفضت وقد مرت فيه وجوه.

(1) الفجر: 14.
(2) النبأ: 21.
(3) دعاء آخر ليوم الخميس ص 209 س 20
(4) الدعاء ص 210 س 1
(5) الرعد: 28.
274

" وأخذت " إشارة إلى قوله تعالى: " يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ
بالنواصي والاقدام " (1) قيل أي مجموعا بينهما، وقيل يؤخذون بالنواصي تارة
وبالاقدام أخرى، تأخذهم الزبانية في القيمة، وهنا يحتمل أن يكون المراد ذلك
عبر عنه بالماضي لتحقق الوقوع، أو هو كناية عن كونهم تحت يده وفي قبضته وعدم
امتناعهم عن حكمه كما في قوله: " وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها " (2).
" بما ألبستني " أي وفقتني للتلبس به والالباس مجاز، والباء للقسم أو
للسببية " أسألك " تأكيد للسؤال الأول وكذا " أدعوك " في المواضع، والمسؤول
قوله: " أن تقلبني " والكدح العمل والسعي.
" مدخلي " (3) أي في جميع الأمور أو في القبر أو في الجنة " مبصرا " أي
مضيئا يبصرون فيه قال الطبرسي ره: وإنما قال: " والنهار مبصرا " (4) وإنما يبصر
فيه، تشبيها ومجازا واستعارة في صفة الشئ بسببه على وجه المبالغة، كما يقال:
سر كاتم، وليل نائم، قال رؤبة: قد نام ليلى وتجلى همي وقال الجوهري المبصرة
المضيئة " ومنه قوله تعالى: " ولما جاءتهم آياتنا مبصرة " (5) قال الأخفش إنها
تبصرهم أي تجعلهم بصراء.
" بذمة الاسلام " أي حرمته أو العهد الذي جعلته للمسلمين بسبب إسلامهم،
قال في النهاية الذمة والذمام بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحق و
في دعاء المسافر: اقلبنا بذمة أي ارددنا إلى أهلنا آمنين، ومنه الحديث فقد برأت منه
الذمة أي إن لكل أحد من الله عهدا بالحفظ والكلاءة، فإذا فعل ما حرم عليه
خذلته ذمة الله.

(1) الرحمن: 41.
(2) هود: 56.
(3) الدعاء ص 211 س 12
(4) يونس: 67، راجع مجمع البيان ج 5 ص 121
(5) النمل: 13
275

" فاعرف " (1) في بعض النسخ فأخفر وفي الصحاح خفرت الرجل أخفره بالكسر
خفرا إذا أجرته وكنت له خفيرا تمنعه، وأخفرته إذا نقضت عهده وغدرت " استعنت
بحول الله وقوته من حول خلقه " أي معرضا ومستغنيا من حولهم، وفي بعض نسخ
منهاج الصلاح " امتنعت " وهو أنسب.
والاخبات (2) الخشوع، وقال الكفعمي: المخبتين أي المتواضعين لله تعالى
وقيل هم الخاشعون، وقيل هم الذين اطمأنوا إلى ذكر الله، وقيل هم المتضرعون
التائبون، والخبت ما اطمأن من الأرض، وأناب إلى الله أقبل انتهى " لا يهن " من
الوهن بمعنى الضعف.
" دون كل شئ " (3) أي عنده، وقال الكفعمي " المتعالي في دنوك " أي
في قربك وقوله " المتداني دون كل شئ " دون هنا بمعنى فوق، وهو تقصير عن
الغاية، وهذا دون ذاك أي أقرب منه، ودون بمعنى غير وقوله تعالى " وتمنعهم
من دوننا " (4) أي من عذابنا " في سيرانها " أي سيرها وفي بعض النسخ سيراتها جمع
سيرة، والدجى الظلمة، والغموض الخفاء، والخطف الاستلاب، والبرق الخاطف
هو الذي يستلب نور الابصار، قال تعالى: " يكاد البرق يخطف أبصارهم " (5).
" بارزامه " بكسر الهمزة، وفي بعض النسخ بفتحها، قال الجوهري الرزمة
بالتحريك صوت الناقة تخرجه من حلقها لا تفتح به فاها، وذلك على ولدها حين تر أمه
والارزام أيضا صوت الرعد، ورزمة السباع أصواتها، والرزيم الزئير، وقال الطود
الجبل العظيم، والعوذة بالضم الرقية، والمارد العاتي.

(1) الدعاء ص 212 س 1.
(2) شرح قوله: " واخبات المؤمنين " ص 213 س 5.
(3) تسبيح يوم الخميس ص 214 س 2
(4) الأنبياء: 43
(5) البقرة: 20
276

" ليطهركم " (1) أي من الحدث والجنابة " ويذهب عنكم رجز الشيطان "
أي الجنابة لأنه من تخييل الشيطان أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش " وليربط
على قلوبكم " بالوثوق على لطف الله بهم " ويثبت به الاقدام " أي بالمطر حتى
لا يسوخ في الرمل أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة والآية نزلت في وقعة
بدر كما مر.
" اركض برجلك " (2) أي اضرب برجلك الأرض والمخاطب به أيوب
عليه السلام كما مر، فضرب فنبعت عين فقيل له: " هذا مغتسل " أي تغتسل به
وتشرب منه.
" ماء طهورا " (3) أي مطهرا " لنحيي به بلدة ميتا " بالنبات وتذكير
" ميتا " لان البلدة في معنى البلد " وأناسي كثيرا " قيل يعنى أهل البوادي الذين
يعيشون بالمطر، ولذلك نكر الانعام والاناسي، وتخصيصهم لان أهل المدن و
القرى يقيمون بقرب الأنهار والمنابع، فبهم وبما حولهم من الانعام غنية عن سقيا
السماء " أناسي " جمع إنسي أو إنسان على أن أصله أناسين.
" وبجمع الله " أي جمعه للكمالات أو بحزب الله وجنوده " ومرزغ قبور
العالمين " بتقديم المهملة على المعجمة والغين المعجمة أخيرا وفي النهاية قيل أما
جمعت فقال منعنا هذا الرزغ هو الماء والوحل وقد أرزغت السماء فهي مرزغة، و
منه الحديث: إن لم ترزغ الأمطار غيثا وقال الجوهري الرزغة بالتحريك الوحل
وأرزغ المطر الأرض إذا بلها بالغ ولم يسل، ويقال احتفر القوم حتى أرزغوا
أي بلغوا الطين الرطب انتهى.
وأقول: لعل المقصود أمطار سحائب الرحمة والمغفرة كما هو الجاري على
ألسن الخاصة والعامة، وقال الكفعمي - ره - كأنه إشارة إلى المطر الذي ذكره

(1) الأنفال: 11.
(2) ص: 42.
(3) عوذة يوم الخميس ص 215 س 1، والآية في الفرقان: 49.
277

الصادق عليه السلام عند قيام القائم عليه السلام قال: إذا آن قيامه عليه السلام مطر الناس جمادى الآخرة
وعشرة أيام من رجب مطرا لم ير الخلايق مثله، فينبت الله تعالى لحوم المؤمنين و
أبدانهم، فكأني أنظر إليهم من قبل جهينة ينفضون شعورهم من التراب، ويجوز أن
يراد بالمطر هنا الأربعة وعشرين مطرة المروية في كتب الاخبار التي تكون قبل
قيام الساعة، فينبت الله تعالى عليها أجساد العالمين ليقفوا في موقف العرض والجزاء
يوم الدين انتهى.
" وحجابك المنيع " (1) أي الذي سترت به عيوبهم وخطاياهم أو حجبتهم من
شر أعاديهم مع طغيانهم.
42 - جمال الأسبوع: قال: حدث الشريف زيد بن جعفر العلوي، عن
الحسين بن جعفر الحميري، عن الحسين بن أحمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن موسى
السلامي، عن علي بن إبراهيم البغدادي، عن عبد الله بن محمد القرشي قال: سمعت أبا
الحسن العلوي يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن علي العلوي وهو الذي تسميه
الامامية المؤدي يعنى صاحب العسكر الاخر عليه السلام يقول: قرأت من كتب آبائي
عليهم السلام: من صلى يوم السبت أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب و
قل هو الله أحد وآية الكرسي كتبه الله عز وجل في درجة النبيين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقا.
صلاة يوم الأحد:
بالاسناد المتقدم عن الحسن بن علي العسكري عليه السلام قال: ومن صلى
يوم الأحد أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة الملك بوأه الله في
الجنة حيث يشاء.
صلاة يوم الاثنين:
وبالاسناد المذكور قال: من صلى يوم الاثنين عشر ركعات يقرء في كل
ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشرا جعل الله له يوم القيامة نورا يضئ منه

(1) خاتمه الدعاء ص 216 س 2.
278

الموقف حتى يغبطه به جميع من خلق الله في ذلك اليوم.
صلاة يوم الثلاثا:
وباسناده أيضا قال: ومن صلى يوم الثلاثا ست ركعات يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب " وآمن الرسول " (1) إلى آخرها، وإذا زلزلت مرة واحدة غفر الله
له ذنوبه حتى يخرج منها كيوم ولدته أمه.
صلاة يوم الأربعا:
وباسناده أيضا قال: من صلى يوم الأربعا أربع ركعات يقرء في كل ركعة الحمد
والاخلاص وسورة القدر مرة واحدة، تاب الله عليه من كل ذنب وزوجه بزوجة
من الحور العين.
صلاة يوم الخميس:
باسناده المذكور أيضا قال: من صلى يوم الخميس عشر ركعات يقرء في كل
ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشرا، قالت له الملائكة: سل تعط.
صلاة يوم الجمعة:
وبالاسناد المذكور عن مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام أنه
قال: من صلى يوم الجمعة أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وتبارك
الذي بيده الملك وحم السجدة أدخله الله تعالى جنته وشفعه في أهل بيته ووقاه ضغطة
القبر وأهوال يوم القيامة.
قال: فقلت للحسن بن علي عليه السلام في أي وقت أصلي هذه الصلاة؟ فقال: ما
بين طلوع الشمس إلى زوالها (2).

(1) البقرة: 285، ولفظها: " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون
كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا
غفرانك ربنا واليك المصير ".
(2) جمال الأسبوع ص 41 - 42.
279

ذكر الرواية الثانية: بالصلوات للأسبوع بالليل والنهار التي روينا
أنا وجدناها مروية عن قدوة الأطهار صلوات الله عليه وعليهم صلاة دائمة
الاستمرار.
صلاة ليلة السبت:
وهي ركعتان تقرء في كل ركعة منهما الحمد وسبح اسم ربك الاعلى وآية
الكرسي وإنا أنزلناه في ليلة القدر مرة مرة.
صلاة أخرى ليلة السبت:
روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة السبت ركعتين يقرء في الأولى
منهما فاتحة الكتاب مرة وإنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات، وفي الثانية
الفاتحة مرة وإذا زلزلت الأرض ثلاث مرات، فإذا فرغ من صلاته استغفر الله مرة
وصلى على النبي وآله مائة مرة لم يقم من مكانه حتى يغفر الله له.
صلاة أخرى ليلة السبت:
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة السبت ثماني ركعات يقرء في
كل ركعة فاتحة الكتاب والكوثر مرة مرة وقل هو الله أحد سبع مرات، فإذا فرغ
من صلاته استغفر الله سبعين مرة، كان كمن حج، وكأنما اشترى ألف رجل من
المشركين فأعتقهم، وغفر له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر ورمل عالج وعدد
قطر المطر وورق الشجر، وجاز على الصراط كالبرق اللامع، ويدخل الجنة
بغير حساب.
صلاة أخرى ليلة السبت:
روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة السبت أربع ركعات يقرء في كل ركعة
الحمد مرة وقل هو الله أحد سبع مرات، كتب الله له ثواب كل ركعة سبعمائة حسنة
وأعطاه الله عز وجل مدائن في الجنة.
صلاة أخرى ليلة السبت:
روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة السبت ركعتين يقرء في كل ركعة
280

الحمد مرة وقل هو الله أحد وسبح خمسا وعشرين ختمة الختمة أربع كلمات،
كلمة سبحان الله، وكلمة الحمد لله، وكلمة لا إله إلا الله، وكلمة الله أكبر غفر الله
له ذنوبه، وخرج منها كيوم ولدته أمه.
صلاة أخرى ليلة السبت:
وهي ركعتان تقرء في كل واحدة منهما الحمد وسبح اسم ربك الاعلى و
آية الكرسي وإنا أنزلناه في ليلة القدر مرة مرة (1).
دعاء ليلة السبت
سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد، وأنت الله الحي القيوم الأول القديم لا
إله غيرك ولا معبود سواك، خلقت السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن بقدرتك
ومشيتك، فأنت الله الحي قبل كل حي، ذو الملك العظيم، والسلطان القديم،
سبحانك وبحمدك، تباركت وتعاليت، سبحانك ربنا وجل ثناؤك، اللهم صل على
محمد عبدك ورسولك وأجزه بكل خير أبلاه، وشر جلاه، ويسر آتاه وضعيف قواه
ويتيم آواه، ومسكين رحمه، وجاهل علمه، ودين نصره، وحق أظهره الجزاء
الأوفى في الرفيع الاعلى إنك سميع الدعاء.
اللهم صل على محمد رسولك، واجعله لنا فرطا، واجعل حوضه لنا موردا،
ولقاءه لنا موعدا، يستبشر به أولنا وآخرنا حيث أنت راض عنا في دار السلام من
جنات النعيم آمين رب العالمين.
اللهم إني أسئلك باسمك العظيم، ونبيك الكريم أن تصلي على محمد وآله
الطاهرين، وأن تفتح لي الليلة يا رب خير ما فتحته لاحد من خلقك، ثم لا تسده
عني أبدا حتى ألقاك وأنت عنى راض، شفع الليلة يا رب رغبتي وأكرم طلبتي
ونفس كربتي، وارحم عبرتي، وصل وحدتي، وآنس وحشتي، واستر عورتي
وآمن روعتي، واجبر فاقتي ولقني حجتي، وأقلني عثرتي، واستجب الليلة دعائي

(1) جمال الأسبوع: 44.
281

وأعطني مسئلتي، وكن بي رحيما ولا تخذلني، وأنا أدعوك، ولا تحرمني وأنا
أسئلك، ولا تعذبني وأنا أستغفرك، يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله
الطاهرين (1).
الصلاة في يوم السبت:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى يوم السبت عند الضحى عشر ركعات يقرء في كل
ركعة الحمد مرة وثلاث مرات قل هو الله أحد، فكأنما أعتق ألف ألف رقبة من ولد
إسماعيل، وأعطاه الله ثواب ألف شهيد وألف صديق.
دعاء يوم السبت
يقرء الاخلاص والمعوذتين وبعده.
بسم الله الرحمن الرحيم ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، كهيعص
ذكر رحمة ربك عبده زكريا، فان تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت
وهو رب العرش العظيم.
اللهم إني أحمدك بجميع محامدك كلها وأشكرك شكر مقر بأياديك، و
أسئلك سؤال متذلل بين يديك وأضرع إليك ضراعة خائف من عقوبتك، حذر من
سطوتك، اللهم فبقدرتك التي سطحت بها الأرض، ورفعت بها السماء، صل على
محمد وآله، صلاة من اختصصته بالنبوة وائتمنته على الرسالة.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، الذي هدانا من الضلالة إلى سبيل طاعتك
وعلمنا سنن العبادة لك، وعلى آل محمد الطاهرين الأئمة الأكرمين.
اللهم إني أصبحت متقلبا في قبضتك لا أملك من نفسي ضرا ولا نفعا إلا بمشيتك
فأسئلك يا مالك كل نفس ويا قادرا على كل شئ أن تحفظي فيه من أسباب الزلل
وتوفقني لصالح العمل، اللهم إني عبدك وأعبدك وأقدسك وأصلي لك وأسجد
لك وأمرغ صفحتي في التراب تذللا لك، كي ترحم مخافتي منك، وتغفر السالف
من ذنبي وعصياني لك، رب واشقوتي إن كنت للنار خلقتني رب واذلي إن كنت

(1) جمال الأسبوع: 46
282

للانتقام أمهلتني.
اللهم إن هذا يوم قد أقبل ولا أعلم ما تقضي فيه على فأسئلك يا رب العرش
أن تجعلني فيه ممن استعصمك فعصمته، وسألك فأعطيته واستهداك فهديته، واستوفقك
فوفقته، وضرع لك فما خيبته، رب أنت المعبود وأنت المسؤول، وأنت المطاع
وأنت المرجو وأنت المخوف، إلهي دعوتك وأنا مقر بخطائي معترف بزللي، فأجب
يا سيدي دعائي، ولا تؤاخذني بذنبي إنك الرحيم الغفور.
ما يدعا به بعد ذلك في شكر النعمة:
اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت قلت في كتابك " ما يفتح الله للناس من رحمة
فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم " وبك آمنت
وصدقت وأشهد أنه لا ممسك لما تفتحه من رحمتك فأسئلك يا سيدي أن تصلي
على محمد وآله وأن تمسك لي ومعي وعلي ما ابتدأتني به من نعمتك بالقدرة التي
تمسك السماوات والأرض أن تزولا، فإنك ولي توفيقي وبيدك أمري وناصيتي يا
حي يا قيوم (1).
عوذة يوم السبت
أعيذ نفسي وديني وجميع إخواني المؤمنين والمؤمنات وما رزقني ربي
بالحمد لله رب العالمين - إلى آخرها، وبقل أعوذ برب الناس - إلى آخرها، وبقل
أعوذ برب الفلق - إلى آخرها. وبقل هو الله أحد - إلى آخرها، وكذلك الله ربنا
وسيدنا لا إله إلا هو، نور النور ومدبر النور، نور السماوات والأرض، مثل
نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة
مباركة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله
لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم الذي خلق السماوات
والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق، وله الملك يوم ينفخ في الصور
عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير، إن ربكم الله الذي خلق السماوات و

(1) جمال الأسبوع: 48.
283

الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا و
الشمس والقمر، والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك الله رب
العالمين.
وأعيذ نفسي وجميع إخواني المؤمنين والمؤمنات بالله الذي خلق سبع سماوات
طباقا ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير
وأن الله قد أحاط بكل شئ علما، وأحصى كل شئ عددا، من شر كل ذي شر
معلن به أو مسر، ومن شر الجنة والبشر، ومن شر ما يطير بالليل ويسكن
بالنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار، ومن شر ما يسكن الحمامات والخرابات
والأودية والصحاري والغياض والأشجار، ومن شر ما يكون في الأنهار، ومن شر
ما يكون في الآجام والبحار.
وأعيذ نفسي وجميع ما رزقني ربي ومن يعنيني أمره من المؤمنين والمؤمنات
بالله مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل
من يشاء بيده الخير وهو على كل شئ قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار
في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، ويرزق من يشاء بغير
حساب، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، له مقاليد السماوات والأرض يبسط
الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم.
أعيذ نفسي وديني وإخواني بالله الذي خلق الأرض والسماوات العلى الرحمن
على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى
وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ألا
له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين، ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب
المعتدين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله
قريب من المحسنين.
أعيذ نفسي وما رزقني ربي وجميع إخواني المؤمنين والمؤمنات بالله المنزل
التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم من شر كل باغ وطاغ ونافث وناكس
284

وشيطان وسلطان وساحر وكاهن وظاهر وباطن وناطق وطارق ومتحرك وساكن
ومتخيل ومتكون ومخيف وسبحان الله حرزي وناصري ومونسي وهو يدفع عنى
لا شريك له ولا معز لمن أذل ولا مذل لمن أعز وهو الواحد القهار، وصلى الله
على محمد وآله أجمعين (1).
الصلاة في ليلة الأحد:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الأحد أربع ركعات يقرء في كل ركعة
الحمد مرة وآية الكرسي إحدى عشر مرة حفظه الله في الدنيا والآخرة، وغفر له
ذنوبه، فان توفي وهو مخلص لله أعطاه الله الشفاعة يوم القيامة فيمن أخلص لله و
أعطاه الله أربع مداين في الجنة.
صلاة أخرى ليلة الأحد:
وعنه صلى الله عليه وآله من صلى هذه الصلاة أعطاه الله عز وجل ثلاثين ملكا يحفظونه
من المعاصي في الدنيا وعشرة يحفظونه من أعدائه، فان مات فضله الله تعالى على ثواب
ثلاثين شهيدا، فإذا خرج من قبره يوم القيامة حضره مائة ملك من الملائكة من حوله
بالتسبيح والتهليل حتى يدخل الجنة.
صلاة أخرى ليلة الأحد:
روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة الأحد ست ركعات يقرء في كل
ركعة بفاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد سبع مرات أعطاه الله تعالى ثواب الشاكرين
وثواب الصابرين وأعمال المتقين، وكتب له عبادة أربعين سنة، ولا يقوم من مقامه
إلا مغفورا له، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة، ويراني في منامه
ومن يراني في منامه وجبت له الجنة.
صلاة أخرى ليلة الأحد:
وعنه صلى الله عليه وآله من صلى ليلة الأحد أربع ركعات يقرء في كل ركعة الحمد
مرة وقل هو الله أحد خمسين مرة حرم الله جسده على النار، وأعطاه قصرا في الجنة

(1) جمال الأسبوع: 50.
285

كأوسع دينة في الدنيا.
صلاة أخرى ليلة الأحد:
وقال صلى الله عليه وآله من صلى ليلة الأحد ركعتين يقرء في كل ركعة الحمد مرة وآية
الكرسي وشهد الله مرة مرة (1).
دعاء ليلة الأحد
اللهم ربنا لك الحمد، ولك الملك، بيدك الخير إنك على كل شئ قدير
سبحانك لا شريك لك أنت الله الذي ليس كمثله شئ، سبحانك ما أعظم شأنك وأعز
سلطانك، وأشد جبروتك وأنفذ قدرتك، سبح الخلق كلهم لك، وأشفق الخلق
كلهم منك، وضرع الخلق كلهم إليك، خلقت كل شئ وإليك معاده، وبدأت كل
شئ وإليك منتهاه، وأنشأت كل شئ وإليك مصيره، ووسعت كل شئ رحمة
وأنت أرحم الراحمين.
سبحان الله ذي العرش العظيم، ورب الملائكة المقربين، الذين يسبحون
الليل والنهار لا يفترون، سبحان الله بالعشي والابكار، سبحان الله آناء الليل و
أطراف النهار لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار.
اللهم صل على محمد وآل محمد، عبدك الذي انتجبته لرسالتك، وأكرمته بآياتك
اللهم لا تحرمنا الكون معه في قرار رحمتك، اللهم كما أرسلته فبلغ وحملته
فأدى فضاعف اللهم ثوابه، وأكرمه بقربه منك كرامة يفضل بها على جميع خلقك،
ويغبطه بها الأولون والآخرون من عبادك، واجعل مثوانا معه يا أرحم الراحمين
اللهم صل على محمد وعلى آله الطاهرين، وذريته الأكرمين.
اللهم أصلح باليقين سرائرنا، وتلق بالقبول أعمالنا، اللهم اجعل قلوبنا
مطمئنة إلى عفوك، آنسة بذكرك، واجعل نياتنا مختصة لرحمتك، وأعمالنا
خالصة لك دون غيرك، اللهم إني أسئلك الربح من التجارة التي لا تبور، والغنيمة
من الأعمال الصالحة للدنيا والدين، اللهم سهل على سكرة الموت وشدة أهوال

(1) كذا في جمال الأسبوع: 54 وفى المستدرك: صل ليلة الأحد ركعتين تقرء الخ
286

يوم البعث، وأسئلك النجاة من عذابك، والفوز برحمتك.
اللهم ارزقني الشكر عند كل نعمة، والصبر والتسليم عند كل بلاء ومحنة
اللهم اجعلني ممن يوفي بعهدك، ويؤمن بوعدك، ويعمل بطاعتك، ويسعى في مرضاتك
ويرغب فيما عندك، ويرجو ثوابك، ويخاف حسابك، اللهم ألبسني عافيتك، و
اشملني بكرامتك، وأتم على نعمتك آمين رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد
رسولك وآله الطاهرين (1).
الصلاة في يوم الأحد:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى يوم الأحد عند الضحى ركعتين يقرء في الركعة
الأولى الحمد مرة وإنا أعطيناك الكوثر ثلاث مرات، وفي الركعة الثانية الحمد
مرة وثلاث مرات قل هو الله أحد، أعفي من النار، وأعطي براءة من النفاق وأمانا
من العذاب، وكأنما تصدق على كل مسكين وكأنما حج عشر حجاب، وأعطي
بكل نجم في السماء درجة في الجنة.
صلاة أخرى ليوم الأحد:
وعنه صلى الله عليه وآله من صلى يوم الأحد عند الضحى أربع ركعات يقرء في كل ركعة
الحمد مرة وآية الكرسي مرة وثلاث مرات قل هو الله أحد أعطاه الله في الجنة
أربع بيوت كل بيت أربع طبقات كل طبقة بها سرير على كل سرير حورية بين
يدي كل حورية وصائف وولدان، وأنهار وأشجار.
صلاة أخرى ليوم الأحد:
وعنه صلى الله عليه وآله من صلى يوم الأحد أربع ركعات يقرء في كل ركعة منهن فاتحة
الكتاب وآخر سورة البقرة: لله ما في السماوات وما في الأرض، فإذا فرغت من الصلاة
فاقرأ آية الكرسي وصل على محمد وآله والعن النصارى مائة مرة وسل الله حوائجك
كتب الله له بكل يهودي ويهودية عبادة سنة، وأعطاه الله ثوابك ألف نبي ويكتب

(1) جمال الأسبوع: 55.
287

له بكل نصراني ونصرانية ألف غزوة وفتح الله له ثمانية أبواب الجنة (1).
دعاء يوم الأحد
اللهم إني أسئلك سؤال مذنب أوبقته ذنوبه ومعاصيه في ضيق المسالك، و
ليس له مجير سواك ولا أمل غيرك ولا مغيث أرأف منك ولا معتمد يعتمد عليه غير
عفوك، أنت مولاي الذي جدت بالنعم قبل استحقاقها وأهلتها بتطولك غير مؤهلها، لم
يعازك منع ولا أكداك إعطاء، ولا أنفذ سعتك سؤال ملح بل أدررت أرزاق عبادك منا منك
وتطولا عليهم وتفضلا.
اللهم كلت العبارة عن بلوغ صفتك، وهدأ اللسان عن نشر محامدك وتفضلك
وقد تعمدتك بقصدي إليك وإن أحاطت بي الذنوب فأنت علام الغيوب أسئلك أن
تصلي على محمد وآل محمد وأن تهبني لنبيك محمد صلى الله عليه وآله وتوجب لي الجنة برحمتك
فأنت أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وأجود الأجودين وأحسن الخالقين الأول
والاخر والظاهر والباطن.
أنت إلهي أعز وأكرم وأجل وأرأف من أن ترد من أملك ورجاك وطمع
فيما قبلك، فلك الحمد. إلهي إني جرت على نفسي في النظر لها، وسالمت الأيام
باقتراف الآثام، وأنت ولى الانعام يا ذا الجلال والاكرام، وما بقي لها يا رب
إلا تطولك صل يا رب على محمد وآل محمد، وأجمل لها منك النظر، واجعل مردها
منك بالنجاح، يا فالق الاصباح، فإنك المعطي النفاح، ذو الآلاء والنعم، وامنحها
سؤلها وإن لم تستحق يا غفار.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي تمضي به الأمور والمقادير، وبعزتك التي
تنجز بها التدبير أن تحول بيني وبين ما يبعدني منك يا حنان يا منان، ولا تحول
بيني وبين ما يقرب منك، وأن تجعلني ممن أبحته عفوك ورضوانك، وأسكنته
جنتك برأفتك وطولك وامتنانك.
اللهم أنت أكرمت أولياءك بكرامتك وأوجبت لهم حياطتك، وظللتهم برعايتك

(1) جمال الأسبوع: 58.
288

من؟؟ تابع في المهالك، وأنا عبدك فصل على محمد وآله، وأنقذني برحمتك من
ذلك، وإلى طاعتك وما يقرب منك فمل بي، وعن طغياني وعصياني لك
فردني، فقد عجت إليك الأصوات أترجى محو العيوب وغفران الذنوب يا
علام الغيوب.
اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقني رزقا واسعا حلالا طيبا هنيئا مريئا
في يسر منك وعافية إنك على كل شئ قدير، اللهم إني أستهديك فاهدني، و
أستعصمك فاعصمني، وأدعني حقوقك على إليك إنك أهل التقوى وأهل المغفرة
فاصرف عنى شر كل ذي شر إلى خير ما لا يملكه أحد سواك، وتحمل عني
مفترضات حقوق الاباء والأمهات والاخوة والأخوات واغفر لنا ولهم وللمؤمنين
والمؤمنات يا ولي البركات، وعالم الخفيات، عليك توكلنا وأنت رب العرش
العظيم.
وبعده في شكر النعمة:
اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت قلت في كتابك " وما بكم من نعمة فمن الله ثم
إذا مسكم الضر فإليه تجارون " فبك آمنت وصدقت وإليك سيدي جأرت وأنا
متقلب فيما لا أحصيه من نعمك، مستجير بك من أن يمسني ضر، فلك الحمد يا
حي يا قيوم (1).
عوذة يوم الأحد
بسم الله الرحمن الرحيم، الله أكبر الله أكبر وأعز من خلقه جميعا، وأحكم و
أجل وأعظم مما أخاف وأحذر، وأعوذ بالذي يمسك السماء أن تقع على الأرض
إلا باذنه من شر كل ذي شر ومن شر كل دابة صغيرة أو كبيرة ربي آخذ بناصيتها إن
ربي على صراط مستقيم، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، الله أكبر استوى
الرب على العرش، وقامت السماوات والأرض بحكمته، وزهرت النجوم بأمره
ورست الجبال باذنه، ولا يجاوز اسمه من في السماوات والأرض الذي ذلت به الجبال

(1) جمال الأسبوع: 59.
289

وهي طائعة، وانبعثت له الأجساد وهي بالية، به أحتجب من كل طاغ وباغ وعاد
وضار وحاسد، وببأس الله وباذن الله وبمن جعل بين البحرين حاجزا، وجعل في
السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وأعوذ بمن زينها للناظرين، و
حفظها من كل شيطان رجيم وأعوذ بمن جعل في الأرض رواسي وجبالا أوتادا أن
يوصل إلى بسوء أو بلية أو إلى أحد من إخواني أو إلى أحد من أهل عنايتي حم
حم حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم حم حم
حم تنزيل من الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله (1).
الصلاة في يوم الاثنين:
وتعرف بصلاة جبرئيل عليه السلام روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من صلى ليلة الاثنين أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب سبع مرات وإنا
أنزلناه في ليلة القدر مرة واحدة، ويفصل بينهما بتسليمة، فإذا فرغ يقول مائة مرة
اللهم صل على محمد وآل محمد، ومائة مرة، اللهم صل على جبرئيل، ويلعن الظالمين
مائة مرة، ويقرأ آية الكرسي، ثم ضع خدك الأيمن على الأرض مكان سجودك
وقل: هو الله ربي حقا حقا حتى ينقطع النفس ثم قل: لا أشرك به شيئا ولا أتخذ
من دونه وليا، اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، وبموضع الرحمة من
كتابك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا... وتسأل حاجتك.
صلاة أخرى ليلة الاثنين:
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة الاثنين ركعتين يقرء في كل
ركعة فاتحة الكتاب خمس عشرة، وقل هو الله أحد خمس عشرة، وقل أعوذ برب
الفلق خمس عشرة مرة، وقل أعوذ برب الناس خمس عشر مرة، فإذا فرغ من
صلاته يقرء آية الكرسي خمس عشرة جعل الله اسمه من أهل الجنة، وإن كان من
أهل النار وغفر له ذنوب العلانية، ويكتب له بكل آية قرأها حجة وعمرة وكأنما
أعتق رقبتين من ولد إسماعيل ومات شهيدا.

(1) جمال الأسبوع: 62.
290

صلاة أخرى عنه صلى الله عليه وآله من صلى ليلة الاثنين اثنتي عشرة ركعة بفاتحة الكتاب
وآية الكرسي مرة مرة، فإذا فرغ من صلاته قرأ قل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة
واستغفر الله اثنتي عشرة مرة، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله اثنتي عشرة مرة، نادى مناد
يوم القيامة: أين فلان بن فلان؟ فليقم وليأخذ ثوابه من الله تعالى تمام الخبر.
صلاة أخرى ليلة الاثنين:
وعنه صلى الله عليه وآله من صلى ليلة الاثنين ركعتين يقرء في كل ركعة الحمد مرة وسبع
مرات قل هو الله أحد فإذا سلم يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبع مرات، أعطاه الله من الثواب ما شاء
وكتب له ثواب خاتم القرآن.
صلاة أخرى ليلة الاثنتين
وقال صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الاثنين ركعتين يقرء في كل ركعة الحمد مرة وآية
الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين مرة مرة فإذا فرغ من صلاته استغفر الله عشر
مرات، كتب الله له عشر حجج وعشر عمر للمخلص لله (1).
الدعاء في ليلة الاثنين
سبحانك ربنا فلك الحمد أنت الله القائم الدائم الباقي بعد فناء كل شئ،
الحي الذي لا يموت، بيده ملكوت السماوات والأرض، قاصم الجبارين ومبيد
المتكبرين، وإله الأولين والآخرين، ابتدعت الخلق بقدرتك، ودبرت أمورهم
بعلمك وحكمتك، لم يكن لك ظهير ولا مشير ولا معين لك على حكمك ولا شريك
تباركت أسماؤك وجل ثناؤك، سبحانك وبحمدك لا إله غيرك واحدا أحدا لم يتخذ
صاحبة ولا ولدا.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما سبقت إلينا به رحمتك، وأنقذنا به
هداك وآتيتنا به كتابك ودللتنا به على طاعتك، اللهم فامنحه قرب المجلس منك
يوم الساعة، وأكرمه بقبول الشفاعة، اللهم واجعل لنا من شفاعته نصيبا نرد به

(1) جمال الأسبوع: 63
291

مع الفائزين حياضه، وننزل به مع الآمنين خيامه آمين رب العالمين، اللهم صل
على محمد وآله الطيبين الطاهرين الأئمة الراشدين، واحفظني من بين يدي ومن
خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ومن تحتي، واحفظني من السيئات و
وفقني لاكتساب الحسنات.
اللهم يسر لي العسير، ومن على بحسن العافية في جميع الأمور، واعزم لي
على رشدي، وأعني على نفسي ببر وتقوى وعمل راجح وهدى، اللهم إني أسئلك
الجنة وما قرب منها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من
قول أو عمل وأعوذ بك من الخيانة وتضييع الأمانة، وأكل أموال الناس بالباطل،
ونصرة المحال الزائل، وأعوذ بك أن أشرك بك ما لم تنزل به سلطانا، وأن أدعى
في دينك ضلالا وبهتانا، وأعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم
اهدني سبل السلامة، واكسني حلل الانعام، واسترني بستر الصالحين، وزيني
بزينة المؤمنين، وثقل عملي في الميزان، ولقني منك الروح والريحان، آمين
رب العالمين (1).
الصلاة في يوم الاثنين:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الاثنين عند ارتفاع النهار أربع ركعات يقرأ
في الركعة الأولى الحمد مرة وآية الكرسي مرة وفي الثانية الحمد وقل هو الله
أحد وفي الثالثة الحمد وقل أعوذ برب الفلق وفي الرابعة الحمد وقل أعوذ برب
الناس، وإذا فرغ من صلاته استغفر الله عشر مرات، غفر الله له ذنوبه كلها، وأعطاه
الله قصرا في جنات الفردوس من درة بيضاء في جوف ذلك القصر سبع بيوت، طول
كل بيت ثلاثة آلاف ذراع، عرضه مثل ذلك البيت الأول من فضة، والثاني من
ذهب والثالث من لؤلؤ والرابع من زبرجد والخامس من ياقوت والسادس من در
والسابع من نور يتلألؤ، وأبواب البيوت من العنبر على كل باب ستر من الزعفران في كل
بيت ألف سرير على كل سرير ألف فراش، فوق كل فراش حوراء جعلها الله من طيب

(1) جمال الأسبوع: 66.
292

الطيب من لدن أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران، ومن لدن ركبتيها إلى
ثدييها من المسك، ومن لدن ثدييها إلى رقبتها إلى مفرق رأسها من الكافور
الأبيض، على كل واحدة منهن سبعون ألف حلة من حلل الجنة كأحسن
من رآهن إذا أقبلت إلى زوجها كأنها الشمس بدت للناظرين لكل واحدة منهم
ثلاثون ذؤابة من مسك في روض الجنة بين مسك وزعفران بين يدي كل حورية ألف
وصيفة، ذلك الثواب لأولياء الله جزاء بما كانوا يعملون.
صلاة أخرى ليوم الاثنين:
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى في هذا اليوم عند الضحى اثنتي عشرة ركعة يقرء
في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي مرة وإذا فرغ من صلاته فليقرأ قل هو الله أحد اثنتي
عشرة مرة، ويستغفر الله اثنتي عشرة مرة فأول ما يعطى من الثواب يوم القيمة
ألف حلة ويتوج ألف تاج ويقال له مر مع الصديقين والشهداء فيدخل الجنة
فيستقبله مائة ألف ملك، بيد كل ملك أكواب وشراب فيسقونه من ذلك الشراب،
ويأكل من تلك الهدية، ثم يمرون به على ألف قصر من نور في كل قصر ألف حديقة
في كل حديقة قبة بيضاء في كل قبة ألف سرير على كل سرير حورية بين يدي كل
حورية ألف خادم (1).
صلاة أخرى ليوم الاثنين:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الاثنين بعد ارتفاع النهار أربع ركعات يقرء
في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد والمعوذتين مرة مرة أعطاه الله أربع بيوت في
الجنة، كل بيت انتصابه ألف ذراع كل بيت أربع طبقات كل طبقة بها سرير من
ياقوت وحورية من الحور العين، ووصايف وولدان وأشجار وأثمار.
صلاة أخرى ليوم الاثنين:
قال صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الاثنين عند ارتفاع النهار أربع ركعات يقرء في كل
ركعة الحمد وآية الكرسي مرة مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، ووهب ثوابها

(1) جمال الأسبوع: 68.
293

لوالديه أعطاه الله قصرا كأوسع مدينة في الدنيا.
صلاة أخرى في يوم الاثنين:
وقال صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الاثنين عند ارتفاع النهار ركعتين يقرء في كل
ركعة الحمد مرة وخمس عشرة مرة المعوذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي مرة
مرة، جعل الله عز وجل اسمه مع أهل الجنة وأعطاه الله قصرا في الجنة كأوسع
مدينة في الدنيا.
صلاة أخرى ليوم الاثنين: وهي أربع ركعات تقرء في كل ركعة الحمد وآية
الكرسي مرة مرة، وإنا أعطيناك الكوثر مائة مرة، ثم تسلم وتخر ساجدا و
تقول في سجودك " يا حسن التقدير، يا لطيف التدبير، يا من لا يحتاج إلى تفسير، يا
حنان يا منان، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ما أنت أهله فإنك أهل التقوى
وأهل الرحمة، وولي الرضوان والمغفرة.
صلاة أخرى ليوم الاثنين: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى يوم
الاثنين أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة، وإنا أعطيناك
الكوثر مرة، وقل هو الله أحد مرة واستغفر لوالديه عشر مرات، كتب الله له الحسنات،
وبنى له قصرا في الجنة من درة بيضاء فيها سبع بيوت طول كل بيت سبع مائة ذراع البيت
الأول من فضة، والثاني من ذهب، والثالث من لؤلؤ، والرابع من زبرجد،
والخامس من ياقوت، والسادس من در، والسابع من نور يتلألؤ، ترابها من عنبر
أشهب وأبوابها في كل بيت سرير عليه ألوان الفرش فوق ذلك جارية من جاءها أفلح
وبين رأسها إلى رجليها من الزعفران الرطب، ويداها من المسك الأذفر، ومن
ثدييها إلى عنقها من عنبر أشهب، ومن فوق ذلك من الكافور الأبيض عليها الحلي
والحلل (1).
صلاة أخرى ليوم الاثنين: روى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من
صلى يوم الاثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب سبع مرات، وإنا

(1) جمال الأسبوع: 68.
294

أنزلناه في ليلة القدر مرة، ويفصل بينهما بتسليمة، فإذا فرغ يقول مائة مرة اللهم
صل على محمد وآل محمد ومائة مرة اللهم وصل على جبرئيل، ويلعن الظالمين مائة
مرة، وقرأ آية الكرسي ثم يضع خده الأيمن على الأرض مكان سجوده، ويقول
الله ربي حقا حقا حتى ينقطع النفس، ثم يقول لا أشرك به شيئا ولا أتخذ من
دونه وليا، اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، وموضع الرحمة من كتابك
أن تصلي على محمد وآله، وأن تفعل بي كذا وكذا، ويسأل حاجته ثم يقلب خده
الأيسر على الأرض ويقول يا محمد يا علي يا جبرئيل بكم أتوسل إلى الله ثم يسجد
ويكرر هذا القول ويسأل حاجته، أعطاه الله تعالى حورية من الحور العين، ووصايف
وولدان، وأشجار وأثمار.
صلاة أخرى ليوم الاثنين:
قال صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الاثنين عند ارتفاع النهار أربع ركعات يقرء في كل
ركعة الحمد وآية الكرسي مرة مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، ووهب ثوابها
لوالديه، أعطاه الله قصرا كأوسع مدينة في الدنيا.
صلاة أخرى في يوم الاثنين:
وقال صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الاثنين عند ارتفاع النهار ركعتين يقرء في كل ركعة
الحمد مرة، وخمس عشرة مرة المعوذتين، وقل هو الله أحد وآية الكرسي مرة
مرة، جعل الله عز وجل اسمه مع أهل الجنة، وأعطاه الله قصرا في الجنة كأوسع
مدينة في الدنيا.
صلاة أخرى في يوم الاثنين:
وهي أربع ركعات تقرء في كل ركعة الحمد وآية الكرسي مرة مرة وإنا
أعطيناك الكوثر، مائة مرة، ثم تسلم وتخر ساجدا وتقول في سجودك " يا حسن
التقدير، يا من لا يحتاج إلى تفسير، يا حنان يا منان صل على محمد وآل محمد،
وافعل بي ما أنت أهله " أعطاه الله سبعين ألف قصر في الجنة، في كل قصر سبعون
295

ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف جارية (1).
الدعاء في يوم الاثنين
اللهم إني أسألك يا من يصرف البلايا، ويعلم الخطايا، ويجزل العطايا،
سؤال نادم على اقترافه الآثام إذ لم يجد مجيرا سواك لغفرانها، ولا مؤملا يفزع إليه
لارتجاء كشف فاقته غيرك، يا جليل أنت الذي عم الخلائق منك، وغمرتهم
سعة رحمتك، وشملتهم سوابغ نعمتك، يا كريم المتاب والجواد الوهاب، والمنتقم
ممن عصاه بأليم العذاب.
دعوتك يا إلهي مقرا بالإساءة على نفسي إذ لم أجد ملجأ ألجأ إليه في اغتفار
ما اكتسبت من الذنوب سواك، يا خير من استدعى لبذل الرغائب، وأنجح مأمول
لكشف الكربات اللوازب، لك عنت الوجوه فلا تردني منك بحرمان، إنك تفعل
ما تشاء وتحكم ما تريد.
إلهي وسيدي ومولاي أي رب أرتجيه أم أي إله أقصده غيرك، إذا ألم بي
الندم، وأحاطت بي المعاصي بكآبة خوف النقم، وأنت ولي الصفح ومأوى
الكرم.
إلهي أتقيمني مقام التهتك وأنت جميل الستر، وتسألني عن اقترافي على رؤس
الاشهاد وقد علمت منى مخبيات السر فان كنت يا إلهي مسرفا على نفسي بانتهاك
الحرمات، ناسيا لما أجرمت من الهفوات، فأنت لطيف تجود برحمتك على المسرفين
وتتفضل بكرمك على الخاطئين، فصل على محمد وآل محمد، وارحمني يا أرحم الراحمين
فإنك إلهي تسكن بتحننك روعات قلوب الوجلين، وتحقق بتطولك أمل الآملين، و
تفيض بجودك سجال عطاياك على غير المستأهلين.
إلهي أم بي إليك رجاء لا يشوبه قنوط، وأمل لا يكدره يأس، يا محيطا
بكل شئ علما، وقد أصبحت سيدي وأمسيت على باب من أبواب منحك سائلا
وعن التعرض لسواك وعن غيرك بالمسألة عادلا وليس من جميل امتنانك رد سائل

(1) جمال الأسبوع: 70.
296

ملهوف، ومضطر لانتظار خيرك المألوف.
إلهي أنت الذي عجزت الأوهام عن الإحاطة بك، وكلت الألسن عن نعت
ذاتك، فبآلائك وطولك صل على محمد وآل محمد، وارزقني من فضلك الواسع رزقا
حلالا طيبا هنيئا مريئا في يسر منك وعافية، إنك على كل شئ قدير.
يا غاية الآملين، وجبار السماوات والأرضين، والباقي بعد فناء الخلائق
أجمعين وديان يوم الدين، وأنت مولاي ثقة من لم يثق بنفسه لافراط عمله،
اللهم فصل على محمد وآله، وأنقذني برحمتك من المهالك واحللني دار الأخيار
واجعلني مرافقا للأبرار، واغفر لي ذنوب الليل والنهار، يا مطلعا على الاسرار
وتحمل عني يا مولاي أداء ما افترضت على للآباء والأمهات والاخوة والأخوات
واكفني ما أهمني بلطفك وكرمك يا عالي الملكوت، وأشركني في دعاء من استجبت
له من المؤمنين والمؤمنات، واغفر لنا ولهم ولا بائنا وأمهاتنا إنك كريم جواد
منان وهاب.
وبعده من الدعاء في شكر النعمة:
اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت قلت في كتاب من يهن الله فماله من مكرم
فبك آمنت وصدقت، ولم تهني يا سيدي إذا ابتدأتني بكرمك، وغذوتني بنعمتك
من غير استحقاق مني لها، ولا مهين لي وأنت تكرمني فبك أعتز فأعزني وبكرمك
ألوذ فلا تهني فلك الحمد يا حي يا قيوم (1).
عوذة يوم الاثنين:
أعيذ نفسي وديني وجميع إخواني المؤمنين والمؤمنات بربي الأكبر مما
يخفى ويظهر، وبالله الأعز الأكرم الأكبر، من شر كل أنثى وذكر، ومن شر
كل ما رأت الشمس والقمر. قدوس قدوس، رب الملائكة والروح، أدعوكم أيها
الجن إن كنتم سامعين مطيعين وأدعوكم أيها الانس إلى اللطيف الخبير، وأدعوكم
أيها الجن والإنس إلى الذي دانت له الخلائق أجمعون.

(1) جمال الأسبوع: 72.
297

ختمت بخاتم رب العالمين وخاتم جبرئيل وخاتم ميكائيل وإسرافيل وخاتم
سليمان بن داود وخاتم محمد خاتم النبيين والمرسلين صلى الله عليه وآله أجمعين وعلى جميع
النبيين زجرت عني وعن والدي وولدي وديني ونفسي وعن جميع إخواني المؤمنين
والمؤمنات كل تابع وتابعة من جني وعفريت أو ساحر مريد أو شيطان رجيم أو
سلطان عنيد، زجرت عنى وعنهم ما يرى وما لا يرى، وما رأت عين نائم أو يقظان
بإذن الله اللطيف الخبير، لا سلطان لهم على الله، الله الله لا أشرك به، وحسبنا الله
ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله (1).
الصلاة في ليلة الثلاثا:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الثلاثا ركعتين يقرء في الركعة الأولى الحمد
وإنا أنزلناه في ليلة القدر مرة مرة، ويقرء في الثانية الحمد مرة وسبع مرات قل
هو الله أحد، يغفر الله له، ويرفع له الدرجات، ويؤتى من لدن الله في الجنة خيمة
من درة كأوسع مدينة في الدنيا.
صلاة أخرى ليلة الثلاثا: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الثلاثا عشر ركعات
يقرء في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي ثلاث مرات، وقل هو الله أحد عشر
مرات وقل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات، لا يخرج من الدنيا حتى يرضى الله
عنه، ويدخله الجنة ويعطيه من الثواب عن كل ركعة مثل رمل عالج، وقطر الأمطار
وورق الأشجار ويقوم يوم القيامة في صف الأنبياء، ويركب على نجيب من در و
ياقوت، لباسها السندس والإستبرق، وهو ينادي بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يدخل الجنة، ويستقبله سبعون ألف ملك، يقولون: هذه
هدية من الملك الجبار، وهذا جزاء من صلى هذه الصلاة.
صلاة أخرى ليلة الثلاثا: وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة الثلاثا أربع
ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون أربع مرات، ويقول
بعد التسليم " يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والاكرام، يا وهاب يا تواب " سبع مرات

(1) جمال الأسبوع: 76.
298

ناداه مناد من تحت العرش يا عبد الله استأنف العمل، فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك
وما تأخر، وكأنما أدرك النبي صلى الله عليه وآله فأعانه بماله ونفسه، ورفع من يومه
عبادة سنة.
صلاة أخرى ليلة الثلاثا: وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة الثلاثا ركعتين
يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد، وشهد الله، و
إنا أنزلناه في ليلة القدر مرة مرة أعطاه الله ما سأل (1).
الدعاء في ليلة الثلاثا
سبحانك ربنا وبحمدك أنت الله رب العالمين، الملك الحق المبين، لا شريك
لك ولا إله معبود معك، ذو السلطان الذي لا يضام، والعز الذي لا يرام، والكبرياء
والعظمة والجود والرحمة، لا إله إلا أنت رب العرش العظيم، لك الأسماء الحسنى
والكبرياء والآلاء، سبحانك وبحمدك، تباركت ربنا وجل ثناؤك.
اللهم صل على محمد وآل محمد عبدك ورسولك وخاتم النبيين وسيد المرسلين
وعلى آله الطاهرين الطيبين الأئمة الميامين، اللهم زد محمدا مع كل فضيلة فضيلة
ومع كل كرامة كرامة، حتى يرقى أعلى الدرجات عندك في دار المقامة، اللهم
تقبل شفاعته وآته في الآخرة والأولى سؤله آمين رب العالمين.
اللهم إني أسئلك باسمك الأكبر العظيم الذي ترضى به عمن دعاك، ولا
تحرم من سألك ورجاك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني عافية العاجلة،
والسلامة من محنها، ونعيم الآخرة وحسن ثواب أهلها.
اللهم لك أسلمت نفسي، وإليك فوضت أمري وإلى كرمك ألجأت ظهري و
عليك توكلت في سري وجهري، اللهم إني أدعوك دعاء ضعيف ومضطر، ورحمتك
يا رب أوثق عندي من دعائي، فصل على محمد وآله وتقبل منى.
اللهم إني أعوذ بك أن أضل هذه الليلة فأشقى، وأن أغوى فأردى، وأن
أعمل بما لا ترضى، رب السماوات العلى أنت ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الاعلى

(1) جمال الأسبوع: 77.
299

فالق الحب والنوى.
اللهم إني أسئلك الليلة أفضل النصيب في الانصباء; وأتم النعمة في النعماء،
وأفضل الشكر في السراء، وأحسن الصبر في الضراء، وأكرم الرجوع إلى نعيم
دار المأوى، أسئلك المحبة لطاعتك، والعصمة من محارمك، والوجل من خشيتك
والخشية من عذابك، والنجاة من عقابك، والفوز بحسن ثوابك، أسئلك الفقه
في دينك، والتصديق لوعدك، والوفاء بعهدك، والاعتصام بحبلك والوقوف عند
موعظتك، والصبر على عبادتك، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله
الطاهرين (1).
الصلاة يوم الثلاثا:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى يوم الثلاثا عند ارتفاع النهار أربع ركعات يقرء
في الركعة الأولى الحمد مرة وإذا زلزلت الأرض ثلاث مرات ويس وفى الثانية
الحمد مرة وإذا زلزلت ثلاث مرات وحم السجدة، وفى الثالثة الحمد مرة وإذا
زلزلت الأرض ثلاث مرات وحم الدخان، وفى الرابعة الحمد مرة وإذا زلزلت
الأرض ثلاث مرات وتبارك الذي بيده الملك مرة، وأية سورة لا يقرأها من الأربع
سور من يس وحم السجدة وحم الدخان وتبارك يقرء في كل ركعة الحمد مرة وإذا زلزلت
الأرض ثلاث مرات، وقل هو الله أحد خمسين مرة. رفع الله له عمل نبي ممن
بلغ رسالة ربه، وكأنما أعتق ألف رقبة من ولد إسماعيل، وكأنما أنفق ملء الأرض
ذهبا في سبيل الله، وله ثواب ألف عبد، وكتب له عبادة سبعين سنة، وكأنما حج
ألف حجة وألف عمرة (2).
صلاة أخرى يوم الثلاثا: وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى يوم الثلاثا عند
ارتفاع النهار عشر ركعات يقرء في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي مرة، و
سبع مرات قل هو الله أحد، لم تكتب عليه خطيئة إلى سبعين يوما، وغفر له ذنوب

(1) جمال الأسبوع: 79.
(2) جمال الأسبوع: 82.
300

سبعين سنة فان مات إلى تسعين مات شهيدا وكتب له بكل قطره تقطر في تلك السنة
ألف حسنة، ويناله بكل ورقة مدينة في الجنة، وكتب له بكل شيطان عبادة سنة
وغلقت عنه أبواب جهنم، وفتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء، و
كتب له مائة ألف تاج، وتلقاه ألف ملك بيد كل ملك شراب وهدية، ويشرب من
ذلك الشراب ويأكل من تلك الهدية، ويخرج مع الملائكة حتى يطوف به على
مداين من نور في كل مدينة داران من نور، في كل دار ألف حجرة من نور في
كل حجرة ألف بيت في كل بيت ألف فراش وعلى كل فراش حورية بين يدي كل
حورية وصيفة.
صلاة أخرى في يوم الثلاثا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الثلاثا ركعتين يقرء
في كل ركعة فاتحة الكتاب والتين والزيتون وقل هو الله أحد مرة مرة، و
المعوذتين مرة مرة، كتب الله له بكل قطرة من الماء عشر حسنات، وكتب الله له
بكل شيطان مريد مدينة من ذهب، وأغلق الله عنه سبعة أبواب جهنم، وأعطاه من
الثواب مثل ما يعطي آدم وموسى وهارون وأيوب وفتح له ثمانية أبواب الجنة
يدخل من أيها شاء.
صلاة أخرى ليوم الثلاثا: بعد انتصاف النهار عشرين ركعة يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة مره وقل هو الله أحد ثلاث مرات، لم تكتب عليه
خطيئة إلى سبعين يوما تمام الخبر.
صلاة أخرى ليوم الثلاثا: وهي اثنا عشر ركعة تقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب وما تيسر لك من سور القرآن، وتسأل الله تعالى عقيبها ما أحببت (1)
دعاء يوم الثلاثا
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أسئلك سؤال من لا يجد لسؤاله مسؤولا سواك، وأعتمد عليك
اعتماد من لا يجد لاعتماده معتمدا غيرك، لأنك الأول الذي ابتدأت الابتداء، و

(1) جمال الأسبوع: 83.
301

كونته بأيدي تلطفك، واستكان على مشيتك فشاء كما أردت بإحكام التقدير، وأنت
أجل وأعز من أن تحيط العقول بمبلغ وصفك، وأنت العالم الذي لا يعزب عنك
مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وأنت الذي لا يبخلك إلحاح الملحين، وإنما
أمرك للشئ إذا أردت تكوينه أن تقول له كن فيكون.
أمرك ماض، ووعدك حتم، وحكمك عدل، لا يعزب عنك شئ وأنت
الرقيب على كل شئ، واحتجبت بآلائك فلم تر، وشهدت كل نجوى، وتعاليت
على العلى، وتفردت بالكبرياء، وتعززت بالقدرة والبقاء، وأذللت الجبابرة بالقهر
والفناء، فلك الحمد في الآخرة والأولى.
أنت إلهي حليم قادر رؤوف غافر ملك قاهر ورازق بديع ومجيب سميع،
بيدك نواصي العباد، ونواصي البلاد، حي قيوم، وجواد كريم ماجد رحيم.
اللهم أنت الملك الذي ملكت الملوك بقدرتك فتواضع لهيبتك الأعزاء، ودانت
لك بالطاعة الأولياء، واحتويت بإلهيتك على المجد والثناء، ولا يؤدك حفظ خلقك
ولا قلة عطاء لمن منحته سعة رزقك، وأنت علام الغيوب، إلهي سترت علي عيوبي،
وأحصيت علي ذنوبي، وأكرمتني بمعرفة دينك، ولم تهتك عني جميل سترك، يا
حنان، ولم تفضحني يا منان أسئلك أن تصلى على محمد وآل محمد، وأسئلك إلهي أمانا
من عقوبتك، وسبوغ نعمتك، ودوام عافيتك، ومحبة طاعتك، واجتناب معصيتك
وحلول جنتك، ومرافقة نبيك، صلواتك عليه وآله إنك تمحو ما تشاء وتثبت
وعندك أم الكتاب.
اللهم إن كنت اقترفت ذنوبا حالت بيني وبينك باقترافي لها، فأنت أهل أن
تجود على بسعة رزقك ورحمتك، وتنقذني من أليم عقوبتك، وتدرجني درج
المكرمين، وتلحقني مولاي بالصالحين بصفحك وتغمدك، يا رؤوف يا رحيم، و
ارزقني من فضلك الواسع رزقا واسعا هنيئا مريئا في يسر منك وعافية إنك على كل
شئ قدير.
وأسألك يا رب أن تصلي على محمد وأهل بيته، وأن تحمل عني ما افترضت
302

على للآباء والأمهات وواجبهم وأدعني حقوقهم قبلي، وألحقني وإياهم بالأبرار
واغفر لنا ولهم وللمؤمنين والمؤمنات، إنك قريب مجيب، وصلى الله على سيدنا
محمد النبي وعترته الطاهرين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وبعده في شكر النعمة.
اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت قلت في كتابك وإذا أنعمنا على الانسان أعرض
ونآ بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض، وها أنا ذا خاضع لنعمتك مستجير مستكين
حين نآى بجانبه الكافر إعراضا عنها، وإني أتضرع إليك سيدي لتتمها على فإنك
وليها، فاحفظها علي فلا حافظ لها إلا أنت فلك الحمد يا حي يا قيوم (1).
عوذة يوم الثلاثا
بسم الله الرحمن الرحيم
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حسبنا
الله ونعم الوكيل أعيذ نفسي ووالدي وولدي وجميع ما رزقني ربي ومن يعنيني
أمره وجميع إخواني من المؤمنين والمؤمنات، بالله رب السماوات القائمات، والأرضين
الباسطات، ورب السماوات المسخرات، ورب النجوم الجاريات، والجبال
الراسيات، والبحار الزاخرات، ورب الملائكة المسبحين، ورب ما خلق و
ذرأ وبرئ.
وأعيذ نفسي بالله الذي خلق السماوات والأرض، وأوحى في كل سماء أمرها
وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم، وأعيذ نفسي ووالدي
وولدي وإخواني المؤمنين والمؤمنات، بالله رب السماوات القائمات بلا عمد، و
بالذي خلقها في يومين وقضى في كل سماء أمرها، وخلق الأرض في يومين وقدر
فيها أقواتها وجعل فيها جبالا أوتادا وفجاجا سبلا وأنشأ السحاب وسخره، وأجرى
الفلك وسخر البحرين وجعل في الأرض رواسي وأنهارا، من أن يوصل إلى أو إلى
أحد منهم بسوء أو بلية.

(1) جمال الأسبوع: 84.
303

وأعيذ نفسي ووالدي وذريتي وجميع إخواني المؤمنين والمؤمنات ومن
يعنيني أمره من شر ما يكون في الليل والنهار، ومن شر النفاثات في العقد، ومن
شر حاسد إذا حسد، ومن الجن والإنس، وكفى بالله وكيلا، وكفى بالله شهيدا
من شر ما تراه العيون، وتعقد عليه القلوب، ومن الجن والإنس، وكفى بالله و
كفى بالله وكفى بالله، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين و
سلم تسليما (1).
الصلاة في ليلة الأربعا:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الأربعاء أربع ركعات يقرء في كل ركعة
الحمد وإذا السماء انشقت، وإذا بلغ السجدة سجد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه
وكتب الله له بكل آية من القرآن عبادة سنة.
صلاة أخرى ليلة الأربعا: وقال صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الأربعا ثلاثين ركعة
يقرء في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي مرة، وسبع مرات قل هو الله أحد
أعطاه الله يوم القيامة ثواب أيوب الصابر، وثواب يحيى بن زكريا، وثواب عيسى
ابن مريم، وبنى الله له في جنة الفردوس ألف مدينة من لؤلؤ شرفها من ياقوت أحمر
في كل مدينة ألف قصر من نور في كل قصر ألف دار من نور، في كل دار ألف سرير
من نور على كل سرير حجلة في كل حجلة حورية من نور، عليها سبعون ألف حلة
من نور، هذا جزاء من صلى هذه الصلاة.
صلاة أخرى ليلة الأربعا: وهي ركعتان تقرء في كل ركعة منها الحمد مرة
وآية الكرسي وإنا أنزلناه في ليلة القدر، وإذا جاء نصر الله والفتح مرة مرة،
وسورة الاخلاص ثلاث مرات.
صلاة أخرى في ليلة الأربعا: تروى عن مولاتنا فاطمة عليها السلام قالت علمني رسول
الله صلى الله عليه وآله صلاة ليلة الأربعا فقال: من صلى ست ركعات يقرء في كل ركعة الحمد وقل

(1) جمال الأسبوع: 87.
304

اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء - إلى قوله بغير حساب، فإذا فرغ من صلاته
قال: جزى الله محمدا ما هو أهله، غفر الله له كل ذنب إلى سبعين سنة وأعطاه من
الثواب ما لا يحصى (1).
دعاء ليلة الأربعاء
سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الله الغني الدائم، ذو الملك الباقي، لا تغير
الأيام ملكك، ولا تضعضع الدهور عزك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، ولا
رب سواك، ولا خالق غيرك، سبحانك اللهم وبحمدك، تباركت أسماؤك وتعالى
ثناؤك ودام بقاؤك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وصفوتك من بريتك وعلى آله الطيبين
السادة الأكرمين، اللهم اخصص نبينا محمدا بأفضل الفضائل وارفعه إلى أسنى المنازل
اللهم أنزله الوسيلة الشريفة، واجعله من جوارك في المرتبة المنيعة، واجعلنا من الناجين
به، والمتعلقين بحجزته، والفائزين بشفاعته.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي أنزلته على موسى بن عمران في الألواح، و
بأسمائك الجليلة العظام، وبحق محمد نبيك وإبراهيم خليلك وموسى نجيك وعيسى
روحك وأسئلك بتوراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود وفرقان محمد صلى الله عليه وآله، و
كل وحي أوحيته وقضاء قضيته وكتاب أنزلته أن تتم على النعمة وتشملني العافية
وتحسن لي في الأمور كلها العاقبة، وأنا عبدك وابن عبدك، وناصيتي بيدك أتقلب
في قبضتك وأتصرف في تدبيرك.
إلهي غمرتني ذنوبي وليس لي غير مغفرتك ورأفتك ورحمتك، اللهم ارزقني
التقوى ما أبقيتني، والصلاح ما أحييتني، والصبر على ما أبليتني، والشكر على
ما آتيتني، والبركة فيما رزقتني، اللهم لقني حجتي يوم الممات، ولا تجعل عملي
علي حسرات.

(1) جمال الأسبوع ص 89.
305

اللهم أصلح سريرتي وأطب علانيتي، واجعل هواي في تقواك، وخير أيامي
يوم ألقاك، واكفني ما أهمني وما لم يهمني، وما أنت أعلم به مني في أمر دنياي
وآخرتي، وألحقني بالذين هم خير مني، وارزقني مرافقة النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا إله الحق رب العالمين، وصلى الله على
محمد وآله الطاهرين (1).
الصلاة في يوم الأربعا:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى يوم الأربعا عند ارتفاع النهار ركعتين يقرء
في كل ركعة الحمد مرة وقل يا أيها الكافرون مرة وقل هو الله أحد والمعوذتين
مرة مرة، استغفر له سبعون ألف ملك يوم القيامة، وأعطاه الله في الجنة قصرا كأوسع
مدينة في الدنيا.
صلاة أخرى ليوم الأربعا:
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الأربعا ركعتين يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب وإذا زلزلت الأرض مرة مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات، رفع الله
عنه ظلمة القبر إلى يوم القيامة، وأعطاه الله تعالى بكل آية مدينة، وأعطاه الله
ألف ألف نور، وكتب له عبادة سنة، ويبيض وجهه وأعطاه كتابه بيمينه.
صلاة أخرى ليوم الأربعا:
قال صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الأربعا اثنتي عشرة ركعة يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، والمعوذتين ثلاث مرات كل واحدة
نادى مناد من عند العرش: يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر تمام الخبر.
صلاة أخرى ليوم الأربعا:
وهي عشرون ركعة تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من

(1) جمال الأسبوع ص 90
306

الصلاة فسبح الله تعالى واحمده وهلله كثيرا (1).
الدعاء في يوم الأربعا
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسئلك سؤال ملح لا يمل دعاء ربه، و
أتضرع إليك تضرع غريق يرجوك لكشف كربه، وأبتهل إليك ابتهال تائب من ذنوبه
وأنت الرؤف الذي ملكت الخلائق كلهم، وفطرتهم أجناسا مختلفات الألوان على
مشيتك، وقدرت آجالهم وقسمت أرزاقهم فلم يتعاظمك خلق خلق حتى كونته بما
شئت مختلفا كما شئت، فتعاليت وتجبرت عن اتخاذ وزير، وتعززت عن مؤامرة
شريك، وتنزهت عن اتخاذ الأبناء، وتقدست من ملامسة النساء فليست الابصار
بمدركة لك ولا الأوهام بواقعة عليك، وليس لك شبيه ولا عديل ولا ند ولا نظير،
وأنت الفرد الواحد الدائم الأول الاخر العالم الأحد الصمد القائم الذي لم يلد ولم
يولد ولم يكن له كفوا أحد.
لا تنال بوصف ولا تدرك بحس، ولا تغيرك من الدهور صروف زمان، أزلي
لم تزل ولا تزال علمك بالأشياء في الخفاء كعلمك بها في الاجهار والاعلان، فيا من
ذل لعظمته العظماء، وخضعت لعزته الرؤساء، ومن كلت عن بلوغ ذاته ألسن
البلغاء، ومن استحكم بتدبير الأشياء، واستعجمت عن إدراكه عبارة علوم العلماء،
أتعذبني بالنار وأنت أملي، وتسلطها علي بعد إقراري لك بالتوحيد، وخضوعي و
خشوعي لك بالسجود، وتلجلج لساني بالتوقيف، وقد مهدت لي منك سبيل الوصول
إلى رجاء المتحيرين بالتحميد والتسبيح.
فيا غاية الطالبين، وأمان الخائفين، وعماد الملهوفين، وغياث المستغيثين، و
جار المستجيرين، وكاشف الضر عن المكروبين ورب العالمين وأرحم الراحمين، صل
يا رب على محمد وآله الطاهرين، واجعلني من الأوابين الفائزين.
إلهي إن كنت كتبتني شقيا عندك فاني أسئلك بمعاقد العز والكبرياء و

(1) جمال الأسبوع: 92.
307

العظمة التي لا يقاومها عظيم ولا متكبر، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تحولني
سعيدا فإنك تجري الأمور على إرادتك، وتجير ولا يجار عليك، يا قدير، و
أنت رؤوف رحيم، خبير بصير، عليم حكيم، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، و
أنت علام الغيوب.
والطف لي يا رب فقديما لطفت لمسرف على نفسه، غريق في بحور خطيئته
قد أسلمته للحتوف كثرة زلله، وتطول على يا متطولا على المذنبين بالعفو والصفح
فلم تزل آخذا بالصفح والفضل على المسرفين ممن وجب له باجترائه على الآثام حلول
دار البوار.
يا عالم السر والخفيات، يا قاهر، صل على محمد وآل محمد وارزقني من
فضلك الواسع رزقا واسعا حلالا طيبا سائغا هنيئا مريئا في يسر منك وعافية إنك على
كل شئ قدير، وما ألزمتنيه يا إلهي من فرض الاباء والأمهات والاخوة والأخوات
ومن واجب حقوقهم، فصل يا رب على محمد وآله، وتحمل ذلك عني إليهم وأده يا
ذا الجلال والاكرام، واغفر لي ولهم وللمؤمنين والمؤمنات، إنك على كل شئ
قدير، وصلى الله على محمد وآله أجمعين.
وبعده في شكر النعمة:
اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت قلت في كتابك " ذلك بأن الله لم يك مغيرا
نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فبك آمنت وصدقت، فمن ذا الذي
يحفظ ما بنفسه، ويمنع من التغيير بحوله وقوته إن أنت لم تعصمه، فصل حبل
عصمتي بكرمك حتى لا أغير ما بنفسي من طاعتك فيغير ما بي من نعمتك، فلك الحمد
يا حي يا قيوم، وصل على سيدنا محمد النبي وعترته وسلم تسليما (1).
عوذة يوم الأربعاء:
بسم الله الرحمن الرحيم أعيذ نفسي وديني ودنياي وذريتي وإخواني المؤمنين
والمؤمنات وجميع ما رزقني ربي بالله الواحد الأحد الصمد إلى آخرها، وبرب

(1) جمال الأسبوع: 93 - 96.
308

الفلق إلى آخرها وبرب الناس إلى آخرها، وبالواحد الاعلى من شر ما خلق
وما رأت عيني، وما لم تر وأعوذ بالفرد الأكبر من شر من أرادني بسوء أو
بأمر عسير.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني في جوارك المنيع، وحصنك الحصين
يا عزيز يا جبار، الله الله الله لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه وآله أنا في جوار الله، والله
الواحد القهار، هو الله الفرد الوتر الجبار به وبأسمائه أحرزت نفسي وإخواني وما
أنعم به علي ربي، ونحن في جوار الله، والله العزيز الجبار الملك القدوس القهار
السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الغفار عالم الغيب والشهادة الكبير
المتعال، هو الله، هو الله، هو الله لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه وآله
أجمعين (1).
الصلاة في ليلة الخميس:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الخميس ست ركعات يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل يا أيها الكافرون مرة مرة وقل هو الله أحد ثلاث
مرات، فإذا سلم قرأ آية الكرسي ثلاث مرات فإن كان مكتوبا عند الله شقيا بعث الله
ملكا ليمحو شقوته، ويكتب مكانه سعادته، وذلك قوله: " يمحو الله ما يشاء ويثبت
وعنده أم الكتاب "
صلاة أخرى ليلة الخميس:
روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة الخميس بين المغرب
والعشاء الآخرة ركعتين يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مائة مرة ويروى مرة
واحدة وآية الكرسي خمس مرات، وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد و
المعوذتين كل واحدة منها خمس عشر مرة، فإذا فرغ من صلاته استغفر الله تعالى
خمس عشر مرة، وجعل ثوابه لوالديه فقد أدى حق والديه، ويقول اللهم اجعل
ثوابها لوالدي.

(1) جمال الأسبوع: 97.
309

فإذا فعل ذلك أدى حقها وأعطاه الله ما أعطى الشهداء، وإذا مر على الصراط
كان ملك عن يمينه، وملك عن شماله، ويشيعونه من بين يديه بالتكبير والتهليل
حتى يدخل الجنة وينزل في قبة بيضاء فيها بيت من زمرد أخضر سعة ذلك البيت
كأوسع مدينة في الدنيا سبع مرات، في كل بيت سرير من نور قوائم ذلك السرير
من العنبر الأشهب، على ذلك السرير ألف فراش من الزعفران، فوق ذلك الفراش
حوراء من نور عليها سبعون ألف حلة من نور، يرى النور من جسمها من وراء ذلك
الحلل، على رأسها ذوايب قد جللتها بالدر والياقوت.
إذا تبسمت مع زوجها خرج من فيها نور يتعجب من ذلك أهل الجنة حتى
يقولون ما هذا النور لعله اطلع علينا الباري سبحانه، فينادي من فوقهم يا أهل الجنة
قد تبسمت جارية فلان مع زوجها في بيتها - على رأس كل ذوابة جلجل من ذهب
حشوها المشك والعنبر إذا حركت رأسها خرج من وسط الجلجل أصوات لا يشبه بعضها
بعضا، على رأسها تاج من نور قد زينت أصابعها بالخواتيم يعطي الله تعالى هذا الثواب
لمن يصلي هذه الصلاة، ويجعل ثوابها لوالديه، وله مثل ذلك ولا ينقص من أجره
شئ وكتب له بكل ركعة عشرة آلاف ألف صلاة، وأعطاه الله بكل شعرة على جسده
نورا هذا جزاء الله لأوليائه.
صلاة أخرى ليلة الخميس:
أربع ركعات تقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل يا أيها الكافرون أربعين
مرة فكأنما أعتق ألف ألف رقبة مؤمنة، وأعطاه الله قصرا كأوسع مدينة في الدنيا
في الجنة.
صلاة أخرى روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الخميس
أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب سبع مرات وإنا أنزلناه في ليلة القدر
مرة فيفصل بينهما بتسليم، فإذا فرغ يقول مائة مرة اللهم صل على محمد وآل
محمد ومائة مرة اللهم صل على جبرئيل ولعن الظالمين مائة مرة أعطاه الله
310

.... تمام الخبر (1).
دعاء ليلة الخميس
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحانك ربنا ولك الحمد خالق الخلق ومبتدعه ومنشؤه ومخترعه على غير
مثال احتذاه ولا شبه حكاه، تفردت يا ربنا بملكك، وتعززت بجبروتك، وتسلطت
بعزتك، وتعاليت بقوتك، وأنت بالمنظر الاعلى حيث يقصر دونك علم العلماء،
لا يقدر القادرون قدرتك، ولا يصف الواصفون عظمتك، رفيع الشأن، مضئ البرهان
عظيم الجلال، عظيم لطيف عليم دبرت الأشياء كلها بحكمتك، وأحصيت أمر الدنيا
والآخرة بعلمك، ضرع كل شئ إليك، وذل كل شئ لملكك، وانقاد كل شئ
لطاعتك وأمرك، لا يعزب عنك مثقال حبة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من
ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين.
اللهم صل على محمد وآل محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك أفضل ما صليت
على أحد ممن اصطفيته من خلقك صلاة تبيض بها وجهه وتقر بها عينه وتزين بها
مقامه اللهم أعطه ما سأل وشفعه فيمن شفع، واجعل له من عطائك أوفر نصيب و
أجزل قسم اللهم ارفعه باكرامك له على جميع النبيين والصديقين، وساير المرسلين
والملائكة المقربين.
اللهم إني أسئلك باسمك الذي إذا ذكر وجلت منه النفوس، وارتعدت منه
القلوب، وخشعت له الأصوات، وذلت له الرقاب أن تغفر لي ولوالدي وارحمهما كما
ربياني صغيرا، وعرف بيني وبينهما في جنتك، وأسئلك لي ولهما الامن يوم
القيامة والعفو يوم الطامة.
اللهم إني ضعيف فقو في مرضاتك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي واجعل
الاسلام منتهى رضاي، والبر أخلاقي والتقوى زادي، وأصلح لي ديني الذي هو

(1) جمال الأسبوع ص 98 - 100.
311

عصمتي وبارك لي في دنياي التي بها بلاغي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي،
واجعل دنياي زيادة في كل خير، واجعل آخرتي عافية من كل شر، ووفقني
للاستعداد للموت قبل أن ينزل بي، وتمهيد حالي في دار الخلود قبل نقلتي.
اللهم لا تأخذني بغتة ولا تمتني فجأة، وعافني من ممارسة الذنوب بتوبة
نصوح، ومن الأسقام الردية بحسن العافية والسلامة، وتوف نفسي آمنة مطمئنة
راضية بما لها مرضية ليس عليها خوف ولا وجل ولا جزع ولا حزن لتخلط بالمؤمنين
الذين سبقت لهم منك الحسنى وهم عن النار مبعدون.
اللهم صل على محمد وآل محمد ومن أرادني بخير فأعنه ويسره لي فانى لما
أنزلت إلى من خير فقير، ومن أرادني بسوء أو حسد أو بغي فاني أدرؤك في نحره
وأستعين بك عليه، فاكفنيه بما شئت، واشغله عني بما شئت، فإنه لا حول ولا
قوة إلا بك.
اللهم إني أعوذ بك من الشيطان ووسوسته، ولا تجعل له على سلطانا،
وباعد بيني وبينه برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله
الطاهرين (1).
الصلاة في يوم الخميس:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الخميس ركعتين يقرء في الركعة الأولى
الحمد مرة وثلاثمائة مرة قل هو الله أحد، وفي الركعة الثانية الحمد مرة ومأتي مرة قل
هو الله أحد بنى الله له ألف ألف مدينة في جنة الفردوس ما لا عين رأت ولا اذن سمعت
ولا خطر على قلوب المخلوقين، وخلق الله له سبعين ألف ألف ملك في ذلك اليوم
يمحون عنه السيئات ويثبتون له الحسنات ويرفعون له الدرجات في ذلك اليوم إلى
أن يحول الحول (2).
43 - البلد الأمين: عن الصادق عليه السلام من صلى هذه الصلاة يوم الخميس

(1) جمال الأسبوع: 101.
(2) جمال الأسبوع: 104.
312

كتب الله له تعالى مثل من صام رجب وشعبان وشهر رمضان، ويعطي بعدد حرف
القرآن حور عين (1).
43 - جمال الأسبوع: صلاة أخرى ليوم الخميس روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال:
من صلى يوم الخميس بين الظهر والعصر أربع ركعات يقرء في الركعة الأولى الحمد
مرة وقل هو الله أحد مائة مرة، وفي الثانية مثل ذلك، وفي الثالثة الحمد مرة و
مائة مرة آية الكرسي، وفي الرابعة الحمد مرة وقل هو الله أحد فإذا سلم يقول:
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا
يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير " أعطاه الله تعالى أجر من صام رجب و
شعبان وشهر رمضان، وكتب الله له حجة وعمرة، وكتب الله له خمسين صلاة و
أعطاه الله بكل آية ثواب عابد، وكتب الله له بكل كافر مدينة في الجنة، وزوجه
الله بكل آية من القرآن مأتي ألف زوجة، وكأنما اشترى أمة محمد صلى الله عليه وآله وأعتقهم
ولا يخرج من الدنيا حتى يرى في منامه مكانه في الجنة.
صلاة أخرى ليوم الخميس:
معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الخميس ركعتين يقرء
في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وإذا جاء نصر الله والفتح خمس مرات وإنا أعطيناك
الكوثر خمس مرات، ويقرء في يومه بعد العصر قل هو الله أحد أربعين مرة، و
يستغفر الله أربعين مرة، أعطاه الله يوم القيامة بعدد ما في الجنة والنار حسنات، وأعطاه
الله مدينة في الجنة ورزقه مائة زوجة من الحور العين، وكتب الله له بعدد كل ملك
عبادة سنة، وأعطاه الله بكل آية ثواب ألف شهيد.
صلاة أخرى ليوم الخميس:
روى ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى في هذا اليوم ما بين الظهر
والعصر ركعتين يقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مائة مرة وفي
الثانية فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مائة مرة فإذا فرغ من صلاته استغفر الله

(1) البلد الأمين لم نجده.
313

مائة مرة وصلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة لا يقوم من مقامه حتى يغفر الله
له البتة (1).
صلاة أخرى ليوم الخميس: وهي صلاة الحاجة روى أحمد بن محمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن سنان بن
عيسى المكتب في كتابه إلى وإجازته لي قال حدثني أبي عن محمد بن سنان عن المفضل
ابن عمر وحدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الطوسي ره، عن محمد بن علي الرازي،
عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن
المفضل بن عمر قال كنت أنا وإسحاق بن عمار وداود بن كثير الرقي وداود بن
أحيل وسيف التمار والمعلى بن خنيس وحمران بن أعين عند أبي عبد الله عليه السلام
إذ دخل رجل يقال له إسماعيل بن قيس الموصلي ونحن نتكلم، والصادق عليه السلام
ساجد، فلما رفع رأسه نظر إليه فقال: ما هذا الغم والنفس؟ فقال: يا مولاي جعلت
فداك قد وحقك بلغ مجهودي وضاق صدري، قال عليه السلام: أين أنت عن صلاة الحوائج؟
قال: وكيف أصليها جعلت فداك; قال إذا كان يوم الخميس بعد الضحى فاغتسل وأت
مصلاك، وصل أربع ركعات تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وإنا أنزلناه في ليلة
القدر عشر مرات، فإذا سلمت فقل مائة مرة اللهم صل على محمد وآل محمد، ثم ارفع
يديك نحو السماء وقل يا الله يا الله عشر مرات ثم تحرك سبحتك وتقول يا رب يا
رب حتى تنقطع النفس، ثم تبسط كفيك وترفعهما تلقاء وجهك، وتقول يا الله
يا الله عشر مرات، وقل:
يا أفضل من رجي، ويا خير من دعي، ويا أجود من سمح، وأكرم من سئل
يا من لا يعزب عليه ما يفعله، يا من حيث ما دعى أجاب، أسئلك بموجبات رحمتك
وعزائم مغفرتك، وأسألك بأسمائك العظام، وبكل اسم هو لك عظيم، وأسألك بوجهك
الكريم، وبفضلك العظيم، وأسئلك باسمك العظيم العظيم، ديان الدين محيي
العظام وهي رميم، وأسألك بأنك الله لا إله إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد،

(1) جمال الأسبوع: 105.
314

وأن تقضى لي حاجتي، وتيسر لي من أمري، فلا تعسر على، وتسهل لي مطلب
رزقي من فضلك الواسع، يا قاضي الحاجات، يا قديرا على ما لا يقدر عليه غيرك يا
أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين قال الصادق عليه السلام فقلها مرات.
فلما كان بعد حول وكنا في دار أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل علينا داود ثم أخرج
من كمه كيسا فقال: جعلت فداك هذه خمس مائة دينار وجبت على ببركتك، و
بما علمتني من الخير فتح الله على، وزاد الطوسي: حتى كان لي على رجل مال
وقد حبسه على وحلف عليه عند بعض الحكام فجاءني بعد ذلك وما صليت إلا
ثلاث مرات وحمل إلى ما كان لي عليه، وسألني أن أجعله في حل مما دفعني
ففعلت ذلك، فقال الصادق عليه السلام احمد ربك ولا يشغلك عن عبادة ربك أحد و
تفقد إخوانك (1).
صلاة أخرى في يوم الخميس للحاجة:
من كانت له حاجة مهمة فليغتسل يوم الخميس عند ارتفاع النهار قبل
الزوال، وليصل ركعتين يقرأ في الأولى منهما الحمد وآية الكرسي وفي الثانية
الحمد وآخر الحشر وإنا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا سلم يأخذ المصحف فيرفعه فوق
رأسه ثم يقول: بحق من أرسلته به إلى خلقك، وبحق كل آية لك فيه وبحق
كل مؤمن مدحته فيه، وبحقك عليك، ولا أحد أعرف بحقك منك، يا سيدي
بالله عشر مرات، بحق محمد عشر مرات، بحق على عشرا، وبحق فاطمة عشرا ثم
تعد كل إمام عشر مرات حتى تنتهي إلى إمام زمانك، اصنع بي كذا وكذا تقضى
حاجتك إنشاء الله.
صلاة أخرى للحاجة في يوم الخميس:
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى يوم الخميس أربع ركعات يقرأ في الأولى منهن
الحمد مرة وإحدى عشر مرة قل هو الله أحد، وفي الثانية الحمد مرة وإحدى

(1) جمال الأسبوع: 108.
315

وعشرين مرة قل هو الله أحد، وفي الثالثة الحمد مرة وإحدى وثلاثين مرة قل
هو الله أحد، وفي الرابعة الحمد مرة وإحدى وأربعين مرة قل هو الله أحد، كل
ركعتين بتسليم، فإذا سلم في الرابعة قرأ قل هو الله أحد إحدى وخمسين مرة، وقال:
اللهم صل على محمد وآل محمد إحدى وخمسين مرة، ثم يسجد ويقول في سجوده يا
الله يا الله مائة مرة، وتدعو بما شئت.
وقال صلى الله عليه وآله: إن من صلى هذه الصلاة وقال هذا القول: لو سأل الله في
زوال الجبال لزالت أو في نزول الغيث لنزل، إنه لا يحجب ما بينه وبين الله وإن
الله تعالى ليغضب على من صلى هذه الصلاة ولم يسأل حاجته (1).
دعاء يوم الخميس
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أسئلك سؤال الخائف من وقفة الموقف، الوجل من العرض، المشفق
من الخشية لبوائق القيامة، المأخوذ على الغرة، النادم على خطيئته، المسؤول المحاسب
المثاب المعاقب الذي لم يكنه عنك مكان، ولا وجد مفرا منك إلا إليك، متنصلا
من سيئ عمله مقرا، فقد أحاطت به الهموم، وضاقت عليه رحائب التخوم، موقنا
بالموت، مبادرا بالتوبة قبل الفوت، إن مننت على بها وعفوت عني فأنت رجائي
إذا ضاق عني الرجاء، وملجأي إذا لم أجد فناء الالتجاء.
توحدت بالعز وتفردت بالبقاء، فأنت المنفرد الفرد المتفرد بالمجد لا يواري
منك مكان ولا يغيرك زمان، فألفت بلطفك الفرق، وفلقت بقدرتك الفلق، ودبرت
بحكمتك دواجي الغسق، وأخرجت المياه من الصم الصياخيد عذبا وأجاجا وأهمرت
من المعصرات ماء ثجاجا، وأخرجت من الأرض نباتا رجراجا، وجعلت الشمس
للبرية سراجا والقمر النجوم أبراجا، من غير أن تمارس فيما ابتدأت لغوبا و
لا علاجا فأنت إله كل شئ وخالقه، وجبار كل شئ ورازقه، فالعزيز من أعززت

(1) جمال الأسبوع: 110.
316

والشقي من أذللت، والغني من أغنيت، والفقير من أفقرت.
أنت وليي ومولاي عليك رزقي وبيدك ناصيتي فصل على محمد وآله وافعل
بي ما أنت أهله، وعد بفضلك على عبد غمره جهله، واستولى عليه التسويف حتى
سالم الأيام واحتقب المحارم والآثام، فصل على محمد وآل محمد واجعلني سيدي
عبدا يفزع إلى التوبة فإنها مفزع المذنبين، وأعنى بجودك الواسع عن لوم المخلوقين
ولا تحوجني إلى شرار العالمين، وهب لي عفوك في موقف يوم الدين.
يا من له الأسماء الحسنى والأمثال العليا جبار السماوات والأرضين إليك
قصدت راغبا، فلا تردني عن سني مواهبك صفرا، إنك جواد كريم، مفضال.
يا رؤوفا بالعباد، ومن هو لهم بالمرصاد، صل على محمد وآل محمد، وأكرم
مآبي وأجزل ثوابي، واستر عورتي، وأنقذني بفضلك من أليم العذاب، إنك كريم
وهاب، فقد ألقتني السيئات والحسنات بين ثواب وعقاب، وقد رجوتك يا إلهي أن
تكون بلطفك تتغمد عبدك المقر بفوادح الذنوب بالعفو والمغفرة، يا غفار الذنوب
وتصفح عن زلله يا ستار العيوب، فليس لي رب أرتجيه غيرك، ولا ملك يجبر
فاقتي سواك، فلا تردني منك بالخيبة.
يا كاشف الكربة، ومقيل العثرة، صل على محمد وآل محمد وسرني فاني لست
بأول من سررته يا ولي النعم وشديد النقم ودائم المجد والكرم، صل يا رب
على محمد وآل محمد، واخصصني بمغفرة لا يقاربها شقاء وسعادة لا يدانيها أذى، وألهمني
تقاك ومحبتك وجنبني موبقات معصيتك، ولا تجعل للنار على سلطانا إنك أهل
التقوى وأهل المغفرة، فقد دعوتك يا إلهي وتكفلت بالإجابة ولا ترد سائليك ولا
تخيب آمليك.
يا خير مأمول برأفتك ورحمتك، وفردانيتك في ربوبيتك، صل على محمد و
آل محمد واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي إنك على كل شئ قدير، وأنت
سميع فأدرجني درج من أوجبت له حلول دار كرامتك مع أصفيائك وأهل اختصاصك
بجزيل مواهبك في درجات جناتك مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين
317

والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم وما افترضت للآباء والأمهات والاخوة والأخوات، فصل على محمد
وآل محمد، واحتمله عنهم؟ إليهم، واغفر لنا ولهم وللمؤمنين والمؤمنات، إنك قريب
مجيب، وذاك عليك يسر؟، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين.
وبعده في شكر النعمة:
اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت، قلت في كتابك ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة
مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع
والخوف بما كانوا يصنعون، فبك آمنت وصدقت، فلا تجعل هذا مثلي في نعمتك
يا سيدي، ولا تجعلني مغترا بالطمأنينة إلى رغد العيش آمنا من مكرك لأنك
قلت في كتابك ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، وأنا أبرء إليك من الحول و
القوة، معترف باحسانك، مستجير بكرمك، من أن تذيقني لباس الجوع والخوف
بعد الامن والنعمة وصل على محمد وآله، واجبرني ولا تخذلني، وأستغفرك لذنبي
فاغفر لي، واجعلني ممن سبقت له منك الحسنى، فأسعدته في الآخرة والأولى
وأسئلك يا سيدي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تستجيب دعائي، وتحقق بفضلك
أملى ورجائي يا الله فلك الحمد يا حي يا قيوم (1).
عوذة يوم الخميس
بسم الله الرحمن الرحيم
أعيذ نفسي ووالدي وولدي وجميع ما رزقني ربى وما أنعم به على وعلى
جميع إخواني المؤمنين والمؤمنات، بالله الأعز الأكبر وأعيذها بالله الأعز الأعظم
وأعيذها بالله الأجل الا رفع وأعيذها بالله رب المشارق والمغارب، من شر كل
شيطان مارد، وقائم وقاعد، وحاسد ومعاند.
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان و

(1) جمال الأسبوع: 111 - 115.
318

ليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام، اركض برجلك هذا مغتسل بارد و
شراب، وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما
وأناسي كثيرا، الان خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا، ذلك تخفيف من ربكم
ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم يريد الله أن يخفف عنكم وخلق
الانسان ضعيفا فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، والله غالب على أمره، ولكن
أكثر الناس لا يعلمون، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وحسبنا الله ونعم
الوكيل (1).
أقول: ثم ذكر السيد ره بعد ذلك أعمال ليلة الجمعة ويومها وسنذكرها
في بابها (2) ولم يورد ره دعاء يوم الجمعة من أدعية الأسبوع بهذه الرواية وذكر أدعية
أخرى ولعله على الغفلة والنسيان.
ثم قال: ذكر الرواية الثانية في صلاة الأسبوع التي اختارها جدي أبو جعفر
الطوسي في المصباح نذكرها باسنادها الذي حذفه أو اختصر بعضه.
حدث محمد بن عبد الله القطان، عن جده عبد الله بن الهيثم، عن أبيه، عن محمد
ابن حماد الرازي، عن ابن مبارك عن الشعب بن رافع، عن سعيد بن أبي سعيد
المقري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تصلى ليلة السبت أربع ركعات
تقرأ في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي ثلاث مرات، وقل هو الله أحد مرة
فإذا سلم قرء في دبر هذه الصلاة آية الكرسي ثلاث مرات، غفر الله تبارك وتعالى له و
لوالديه، وكان ممن يشفع له محمد رسول الله صلى الله عليه وآله.
ومن صلى يوم السبت أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وثلاث
مرات قل يا أيها الكافرون، فإذا فرغ منها قرأ آية الكرسي مرة كتب الله تعالى له
بكل يهودي ويهودية عبادة سنة قيام ليلها وصيام نهارها، وكأنما اشترى كل
يهودي ويهودية وعتقهم، وكأنما قرأ التوراة والإنجيل والفرقان وأعطاه الله تعالى

(1) جمال الأسبوع: 116
(2) بل قدر مر في ج 89 الباب 96 و 97 ص 287 - 384.
319

بكل يهودي ويهودية ثواب ألف شهيد، وأنزل الله تعالى في قبره ألف نور، وألبسه
الله تعالى ألف حلة، وكان يوم القيامة تحت ظل العرش، ويدخل الجنة بغير حساب
وزوجه الله تعالى بكل حرف حوراء، وأعطاه الله تعالى ثواب الصديقين، وأعطاه
الله تعالى بكل سورة ثواب ألف رقبة (1).
ليلة الأحد ركعتان:
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الأحد ركعتين يقرأ في كل ركعة
فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وسبح اسم ربك الاعلى مرة وقل هو الله
أحد مرة جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ومتعه الله تعالى بعقله حتى
يموت.
يوم الأحد أربع ركعات:
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الأحد أربع ركعات يقرء في كل
ركعة فاتحة الكتاب مرة وآمن الرسول إلى آخر السورة، كتب الله تعالى له بكل
نصراني ونصرانية ألف حسنة وأعطاه الله تعالى ثواب ألف نبي وكتب الله تعالى بكل
نصراني ونصرانية ألف غزوة وألف حجة وألف عمرة، وكتب له بكل ركعة
ألف صلاة وكأنما اشترى كل نصراني ونصرانية وعتقها (2).
ليلة الاثنين أربع ركعات:
أبو الحسن محمد بن أحمد الفامي، عن أحمد بن الحسن، عن محمد بن الحسين
الاجري، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن البلخي، عن عبد الله بن المبارك، عن أبي
حفص، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى
ليلة الاثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب سبع مرات وإنا أنزلناه
في ليلة القدر مرة واحدة، ويفصل بينهما بتسليمة، فإذا فرغ يقول مائة مرة اللهم

(1) جمال الأسبوع 134.
(2) جمال الأسبوع: 135.
320

صل على محمد وآل محمد، ومائة مرة اللهم صل على جبرئيل أعطاه الله تعالى بكل
ركعة سبعين ألف قصر في الجنة في كل قصر سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت
في كل بيت سبعون ألف جارية.
ركعتان أخراوان:
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الاثنين ركعتين يقرء فيهما بفاتحة
الكتاب خمس عشر مرة وقل هو الله أحد خمس عشر مرة، وقل أعوذ برب الفلق
خمس عشر مرة; وقل أعوذ برب الناس خمس عشر مرة، ويقرأ بعد التسليم آية
الكرسي خمس عشرة مرة واستغفر الله تعالى خمس عشر مرة ويقرأ بعد التسليم آية
الكرسي جعل الله تعالى اسمه في أصحاب الجنة، وإن كان من أصحاب النار، وغفر
له ذنوب العلانية، وكتب الله تعالى له بكل آية قرأها حجة وعمرة، وكأنما أعتق
نسمتين من ولد إسماعيل عليه السلام وإن مات ما بين ذلك مات شهيدا.
اثنتا عشرة ركعة فيها:
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الاثنين اثنتي عشر ركعة يقرأ في
كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة واحدة واستغفر الله اثنتي عشر مرة،
وصلى على النبي صلى الله عليه وآله اثنتي عشر مرة، نادى مناد يوم القيامة: أين فلان بن فلان
فليقم وليأخذ ثوابه من الله تعالى، قال: فأول ما يعطى من الثواب ألف حلة ويتوج بمائة
تاج ويقال له ادخل الجنة، فيستقبله مائة ألف ملك مع كل ملك شراب وهدية فيشرب
من ذلك الشراب ويطوفون معه حتى يدور في ألف قصر من نور يتلألؤ في كل قصر ألف
دار في وسط كل دار حديقة في وسط كل حديقة قبة خضراء في كل قبة ألف سرير
على كل سرير ألف فراش، فوق كل فراش ألف حوراء بين يدي كل حوراء ألف
خادم، وعلى رأسها ألف ذؤابة، وعليها ألف حلة. طوبى لمن عانقها (1).
يوم الاثنين:
أبو الحسن بن أحمد بن شاذان، عن أحمد بن الحسن، عن محمد بن الحسين

(1) جمال الأسبوع: 136.
321

الاجري إلى آخر السند المتقدم، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
صلى يوم الاثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب سبع مرات وإنا
أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة، ويفصل بينهما بتسليمة، فإذا فرغ يقول مائة مرة
اللهم صل على محمد وآل محمد، ومائة مرة اللهم صل على جبرئيل، أعطاه الله
تعالى سبعين ألف قصر في الجنة في كل قصر سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف
بيت في كل بيت سبعون ألف جارية.
ركعتان أخراوان:
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الاثنين عند ارتفاع النهار ركعتين يقرء
في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وقل هو الله أحد مرة والمعوذتين
مرة مرة، فإذا فرغ من صلاته استغفر الله تعالى عشر مرات، وصلى على النبي عشر
مرات، غفر الله له ذنوبه كلها، وأعطاه الله قصرا في جنة الفردوس من درة بيضاء،
في ذلك القصر سبعة بيوت، طول كل بيت ألف ذراع، وعرضه مثل ذلك: الأول من
فضة، والثاني من ذهب، والثالث من لؤلؤ، والرابع من زمرد، والخامس
من زبرجد، والسادس [من در والسابع] من نور يتلألؤ، وأبواب البيوت من عنبر
في كل بيت سرير من زعفران على كل سرير ألف فراش على كل فراش حوراء خلقها
من أطيب الطيب (1).
ليلة الثلاثا:
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الثلاثا ركعتين يقرأ في كل ركعة
فاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد وشهد الله مرة مرة، أعطاه الله
ما سأل.
يوم الثلاثا:
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الثلاثا عند انتصاف النهار عشرين ركعة
يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وقل هو الله أحد ثلاث

(1) جمال الأسبوع: 138.
322

مرات; لم يكتب عليه خطيئة إلى سبعين يوما، وغفر له ذنوبه سبعين سنة، فان مات
مات شهيدا وكتب له بكل قطرة قطرت من السماء تلك السنة ألف حسنة، وبنى
الله تعالى له بكل ورقة نبتت على وجه الأرض مدينة ويكتب له بكل ركعة عبادة
سنة، وفتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء بغير حساب (1).
ليلة الأربعا:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الأربعا ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة
الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد وإنا أنزلناه في ليلة القدر مرة مرة غفر الله
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
يوم الأربعا:
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الأربعا اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل
ركعة بفاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، وقل أعوذ برب الفلق ثلاث
مرات، وقل أعوذ برب الناس ثلاث مرات، نادى مناد من عند العرش: يا عبد الله
استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويدفع الله تعالى عنه
عذاب القبر وضيقه وظلمته، وأدخل فيه النور ويدفع عنه شدائد يوم القيامة، وكتب
الله تعالى له بكل ركعة عبادة ألف سنة، وقضى الله تعالى له سبعين ألف حاجة أدناها
المغفرة، ولا يصيبه عطش ولا جوع (2).
ليلة الخميس:
أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد البردآبادي، عن محمد بن حيدر بن محمد، عن
محمد بن أبي عبد الله الأنصاري، عن محمد بن عبد الله ماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي
عن علي بن الحسن، عن أبي محمد العبدي، عن فضيل، عن إبراهيم النخعي، عن ابن
مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الخميس بين المغرب وعشاء الآخرة
ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي خمس مرات وقل يا

(1) جمال الأسبوع: 140.
(2) جمال الأسبوع: 141.
323

أيها الكافرون وقل هو الله أحد والمعوذتين كل واحد منها خمس مرات، فإذا فرغ
من صلاته استغفر الله تعالى خمس عشر مرة، وجعل ثوابه لوالديه، فقد أدى حق
والديه.
أربع ركعات اخر:
محمد بن أحمد بن علي بن الحسن، عن أحمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن
الاجري إلى آخر السند المتقدم، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من
صلى ليلة الخميس أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب سبع مرات وإنا
أنزلناه في ليلة القدر مرة، ويفصل بينهما بتسليمة، فإذا فرغ يقول مائة مرة " اللهم
صل على محمد وآل محمد " ومائة مرة " اللهم صل على جبرئيل " أعطاه الله تعالى سبعين
ألف قصر في الجنة، في كل قصر سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت في كل
بيت سبعون ألف حوراء.
يوم الخميس:
وفيما رويناه باسنادنا عن جدي أبي جعفر الطوسي قال رضوان الله عليه: ومن
صلى هذه الصلاة يوم الخميس كان له هذا الثواب.
محمد بن علي بن شاذان القزويني عن علي بن أحمد بن موسى، عن حمزة بن
الحسين العباسي الرازي، عن جعفر بن مالك الفزاري، عن محمد بن علي الصيرفي
عن علي بن الحسين، عن أبي محمد العبدي، عن فضيل بن عياض، عن إبراهيم النخعي
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الخميس ما بين الظهر والعصر
ركعتين يقرء في أول ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مائة مرة وفي الركعة الثانية
فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مائة مرة، فإذا فرغ من صلاته استغفر الله تعالى مائة
مرة، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة لا يقوم من مكانه حتى يغفر الله له البتة (1).
أقول: هذه الصلوات أوردها الشيخ في المتهجد (2) لكن مع اختصار في الاسناد

(1) جمال الأسبوع: 142 - 144.
(2) مصباح الشيخ ص 175 - 178.
324

والمثوبات، وأوردها الراوندي أيضا في دعواته ثم ذكر السيد ره صلوات ليلة الجمعة
ويومها على ما سبق ذكرها في بابها.
ثم قال: ذكر رواية رابعة في صلوات ليالي الأسبوع وأيامه.
وجدنا في كتب عبادات وصلوات عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليه وعليهم
أفضل الصلوات.
صلاة ليلة الأحد:
عشرون ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد خمسين مرة
والمعوذتين مرة مرة ثم يستغفر الله تعالى مائة مرة ويستغفر الله لنفسه ولوالديه مائة
مرة، ويصلي على النبي مائة مرة، ويتبرأ من حوله وقوته ويلتجئ إلى حول الله
وقوته، ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن آدم صفوة
الله تعالى وقدرته وإبراهيم خليل الله وموسى كليم الله وعيسى روح الله ومحمد رسول
الله صلى الله عليه وآله.
صلاة يوم الأحد:
وعنه عليه السلام: من صلى يوم الأحد أربع ركعات يقرأ في ركعة بفاتحة الكتاب
" وآمن الرسول " مرة كتب الله له بعدد كل نصراني ونصرانية حسنات، وأعطاه
الله تعالى ثواب ألف نبي وكتب له ألف حجة وعمرة وكتب له بكل ركعة ألف
صلاة وأعطاه الله في الجنة بكل حروف مدينة من مسك أذفر (1).
صلاة ليلة الاثنين:
ذكر من نقلت من خطه هذه الرواية أنه أسقط إسناد هذه الصلاة وما ورد
فيها من الثواب والوعود المتضاعفات، قال صلى الله عليه وآله: يصلي أربع ركعات يقرأ في الأولى
الحمد وقل هو الله أحد عشر مرات وفي الركعة الثانية الحمد وقل هو الله أحد
عشرين مرة، وفي الركعة الثالثة الحمد وقل هو الله أحد ثلاثين مرة، وفي الركعة
الرابعة الحمد مرة وقل هو الله أحد أربعين مرة ثم يتشهد ويسلم ويقرأ قل هو

(1) جمال الأسبوع: 154.
325

الله أحد خمسا وسبعين مرة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله خمسا وسبعين مرة،
ويستغفر لنفسه ولوالديه خمسا وسبعين مرة، ثم يسأل الله حاجته.
صلاة يوم الاثنين:
عند ارتفاع النهار ركعتين يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية
الكرسي مرة وقل هو الله أحد مرة والمعوذتين مرة مرة، فإذا سلم استغفر الله
عز وجل عشر مرات، وصلى على النبي وآله عشر مرات.
صلاة أخرى يوم الاثنين:
عن النبي صلى الله عليه وآله اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي
مرة فإذا فرغ من صلاته قرأ قل هو الله أحد اثنتي عشر مرة، واستغفر الله تعالى
اثنتي عشر مرة (1).
صلاة ليلة الثلاثا:
اثنتي عشر ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وإذا جاء نصر الله و
الفتح خمس عشر مرة.
صلاة يوم الثلاثا:
عن النبي صلى الله عليه وآله في يوم الثلاثا عشر ركعات عند انتصاف النهار وفي لفظ عند
ارتفاع النهار يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وقل هو
الله أحد ثلاث مرات.
صلاة ليلة الأربعا:
ركعتان يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب مرة وقل أعوذ برب الفلق عشر مرات
وفي الثانية فاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الناس عشر مرات.
صلاة يوم الأربعا:
عن النبي صلى الله عليه وآله اثنتي عشر ركعة عند ارتفاع النهار يقرأ في كل ركعة فاتحة

(1) جمال الأسبوع: 155.
326

الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين ثلاث مرات (1).
صلاة ليلة الخميس:
ما بين المغرب والعشاء ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية
الكرسي خمس مرات وقل هو الله أحد خمس مرات والمعوذتين خمس مرات، فإذا
فرغ استغفر الله خمس عشر مرة، وجعل ثوابه لوالديه فقد أدى حقهما.
صلاة يوم الخميس:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم الخميس بين الظهر والعصر ركعتين يقرأ
في الركعة الأولى فاتحة الكتاب مرة ومائة مرة آية الكرسي وفي الركعة الثانية فاتحة
الكتاب مرة ومائة مرة قل هو الله أحد ويصلي على النبي مائة مرة (2).
أقول: ثم ذكر صلاة ليلة الجمعة ويومها على ما سنذكره (3) ثم قال:
صلاة ليلة السبت:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة السبت بين المغرب والعشاء اثنتي عشر
ركعة بني له قصر في الجنة، وكأنما تصدق على كل مؤمن، وكان حقا على الله
أن يغفر له.
صلاة يوم السبت:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى يوم السبت أربع ركعات يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب مرة وقل يا أيها الكافرون ثلاث مرات، فإذا فرغ وسلم قرأ آية
الكرسي كتب الله عز وجل له بكل حرف ثواب شهيد، وكان تحت ظل عرشه مع
النبيين والشهداء (4).

(1) جمال الأسبوع: 156
(2) جمال الأسبوع: 157
(3) بل قد مر سابقا في أواخر ج 89 وأوائل هذا المجلد.
(4) جمال الأسبوع 160.
327

43 - المتهجد (1) والبلد والجمال والاختيار: قالوا دعاء ليلة
السبت مروي عن علي عليه السلام تعلمه من جبرئيل عليه السلام حيث رآه يدعو به ليلة السبت
فلم يعرفه فقال له النبي صلى الله عليه وآله ذاك جبرئيل عليه السلام.
يا من عفا عن السيئات، فلم يجاز بها، ارحم عبدك، أيا الله نفسي نفسي ارحم
عبدك أي سيداه عبدك بين يديك أيا رباه أي إلهي بكينونيتك أي أملاه أي رجاياه
أي غياثاه أي منتها رغبتاه أي مجري الدم في عروقي، عبدك عبدك بين يديك أي
سيدي أي مالك عبده هذا عبدك أي سيداه يا أملاه يا مالكاه أيا هو أيا هو يا رباه
عبدك لا حيلة لي ولا غنا بي عن نفسي ولا أستطيع لها ضرا ولا نفعا ولا أجد من
أصانعه تقطعت أسباب الخدائع عني واضمحل عنى كل باطل وأفردني الدهر
إليك فقمت هذا المقام بين يديك.
إلهي تعلم هذا كله فكيف أنت صانع بي ليت شعري ولا أشعر كيف تقول لدعائي
أتقول لدعائي نعم، أو تقول لا، فان قلت لا فياويلي يا ويلي يا ويلي يا عولي يا
عولي يا عولي يا شقوني يا شقوتي، يا ذلي يا ذلي يا ذلي إلى من أو عند من
أو كيف أو لماذا أو إلى أي شئ ألجأ ومن أرجو ومن يعود علي حيث ترفضني يا
واسع المغفرة، وإن قلت نعم كما الظن بك فطوبى لي، أنا السعيد طوبى لي أنا الغني
طوبى لي أنا المرحوم، أي متراحم أي مترائف أي متعطف أي متملك أي متجبر أي
متسلط، لا عمل لي أبلغ به نجاح حاجتي.
فأنا أسألك باسمك الذي أنشأته من كلك واستقر في غيبك فلا يخرج منك
إلى شئ سواك، أسئلك به هو ثم لم يلفظ به ولا يلفظ به أبدا أبدا، وبه وبك لا
شئ غير هذا ولا أجد أحدا أنفع لي منك أي كبير أي على أي من عرفني نفسه أي
من أمرني بطاعته أيا من نهاني عن معصيته أيا من أعطاني مسؤولي أي مدعو أي مسؤول
أي مطلوبا إليه.
إلهي رفضت وصيتك ولم أطعك ولو أطعتك لكفيتني ما قمت إليك فيه قبل

(1) المتهجد ص 295.
328

أن أقوم، وأنا مع معصيتي لك راج فلا تحل بيني وبين ما رجوت، واردد يدي
علي ملآى من خيرك وفضلك وبرك وعافيتك ومغفرتك ورضوانك وبحقك يا
سيدي (1).
44 - المتهجد والبلد والاختيار: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يتبع هذا
الدعاء بهذه الكلمات: يا عدتي عند كربتي ويا غياثي عند شدتي، يا ولي نعمتي يا
منجحي في حاجتي، يا مفزعي في ورطتي، يا منقذي من هلكتي، يا كالئي في وحدتي
صل على محمد وآل محمد، واغفر لي خطيئتي ويسر لي أمري، واجمع لي شملي وأنجح
لي طلبتي، وأصلح لي شأني واكفني ما أهمني، واجعل لي من أمري فرجا
ومخرجا، ولا تفرق بيني وبين العافية أبدا ما أبقيتني، وعند وفاتي إذا توفيتني
يا أرحم الراحمين (2).
45 - المتهجد والجمال والاختيار: روي عن الصادق عليه السلام أنه صام
يوم الأربعا والخميس والجمعة وصلى ليلة السبت ما شاء ثم قال: يا رب يا رب
ثلاث مائة مرة ثم قال يا رب إنه ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا ينجي من
عقابك إلا عفوك، ولا يخلص منك إلا رحمتك والتضرع إليك، فهب لي يا إلهي
فرجا بالقدرة التي تحيى بها أموات العباد، وبها تنشر ميت البلاد، ولا تهلكني، و
عرفني يا رب إجابتك لي، وأذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي، يا رب ارفعني
ولا تضعني، واحفظني وانصرني ولا تخذلني.
يا رب إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني، وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني
وقد علمت يا إلهي أن ليس في حكمك ظلم، ولا في عقوبتك عجلة، وإنما يعجل
من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف وقد تعاليت عن ذلك سيدي
علوا كبيرا، فلا تجعلني للبلاء غرضا، ولا لنقمتك نصبا، ومهلني ونفسي، وأقلني
عثرتي، ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي، وتمرغي

(1) جمال الأسبوع: 162.
(2) المتهجد: 296.
329

وتضرعي إليك.
يا رب أعوذ بك في هذه الليلة وهذا اليوم من كل سوء فأعذني، وأستجير بك
فأجرني وأستتر بك من شر خلقك فاسترني، وأستغفرك من ذنوبي فاغفر لي، فإنه
لا يغفر العظيم إلا العظيم، وأنت العظيم العظيم العظيم، أعظم من كل عظيم (1).
ومن عمل ليلة السبت لمن يدهمه خوف من سلطان أو من غيره روي عن
الصادق عليه السلام أنه قال: من دهمه أمر من سلطان أو من عدو حاسد فليصم يوم الأربعا
والخميس والجمعة، وليدع عشية الجمعة ليلة السبت وليقل في دعائه:
أي رباه أي سيداه أي سيداه أي أملاه أي رجاياه أي عماداه أي كهفاه أي حصناه
أي حرزاه أي فخراه، بك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت، وبابك قرعت و
بفنائك نزلت وبحبلك اعتصمت وبك استغثت، وبك أعوذ وبك ألوذ وعليك أتوكل
وإليك ألجأ وأعتصم، وبك أستجير في جميع أموري، وأنت غياثي وعمادي وأنت
عصمتي ورجائي.
وأنت الله ربي لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي
فصل على محمد وآله واغفر لي وارحمني، وخذ بيدي وأنقذني ووفقني واكفني و
أكلاني وارعني في ليلي ونهاري، وإمسائي وإصباحي، ومقامي وسفري، يا أجود
الأجودين ويا أكرم الأكرمين ويا أعدل الفاضلين ويا إله الأولين والآخرين، و
يا مالك يوم الدين، ويا أرحم الراحمين.
يا حي يا قيوم، يا حيا لا يموت، يا حي لا إله إلا أنت بمحمد يا الله،
بعلى يا الله، بفاطمة يا الله، بالحسن يا الله، بالحسين يا الله، بعلى يا الله، بمحمد
يا الله.
قال الحسن بن محبوب فعرضته على أبى الحسن عليه السلام فزادني فيه:
بجعفر يا الله، بموسى يا الله، بعلى يا الله، بمحمد يا الله، بعلى يا الله،

(1) مصباح المتهجد ص 296 و 297، جمال الأسبوع 163.
330

بالحسن يا الله، بحجتك وخليفتك في بلادك يا الله، صل على محمد وآل محمد وخذ
بناصية من أخافه - ويسميه باسمه - وذلل لي صعبه، وسهل لي قياده، ورد عنى نافرة
قلبه، وارزقني خيره واصرف عنى شره، فانى بك اللهم أعوذ وألوذ، وبك أثق
وعليك أعتمد وأتوكل فصل على محمد وآل محمد، واصرفه عنى فإنك غياث المستغيثين
وجار المستجيرين، ولجاء اللاجئين وأرحم الراحمين (1).
ومن ذلك ما روي عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام قال أبو الحسن موسى عليه السلام: رأيت
النبي صلى الله عليه وآله ليلة الأربعا في النوم فقال لي يا موسى أنت محبوس مظلوم ويكرر ذلك
ثلاثا ثم قال: لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، أصبح غدا صائما وأتبعه بصيام الخميس
والجمعة، فإذا كان وقت العشائين من عشية الجمعة فصل بين العشائين اثنتي عشرة
ركعة تقرء في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله اثنتي عشر مرة فإذا صليت أربع
ركعات فاسجد وقل في سجودك: اللهم يا سابق الفوت، ويا سامع الصوت، ويا محيي
العظام بعد الموت، وهي رميم، أسئلك باسمك العظيم الأعظم أن تصلى على محمد وآل
محمد عبدك ورسولك، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، تعجل لي الفرج مما
أنا فيه.
ففعلت ذلك فكان ما رأى (1).
46 - جمال الأسبوع: ذكر رواية بهذه الصلاة والدعاء ليلة السبت بشرح
وتفصيل وزيادة في دعائها الجميل، وجدناها في كتب أمثالها من العبادات مروية عن
مولانا موسى بن جعفر عليه أفضل الصلوات وهذا لفظها.
حدثنا الشريف أبو جعفر أحمد بن إبراهيم العلوي الموسوي النقيب بالحائر
على ساكنه السلام قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن الحسن بن إسماعيل الإسكاف يرفعه
باسناده إلى الربيع قال: استدعاني الرشيد ليلا فقال لي: اذهب إلى موسى بن جعفر
عليهما السلام وكان محبوسا في حبسه، فأطلقه واحمل إليه من المال كذا وكذا، و

(1) البلد الأمين: 154، مصباح المتهجد: 397 - 398.
(2) مصباح المتهجد: 298، البلد الأمين: 154، جمال الأسبوع: 165.
331

من الحملان والثياب مثل ذلك، فراجعته واستفهمته دفعات فقال يا ويلك تريد أن
أنقض العهد؟ فقلت: يا أمير المؤمنين وما العهد؟ قال: بينما أنا نائم إذا أنا بأسود
أعظم ما يكون من السودان، قد ساورني فركب صدري ثم قال لي: موسى بن
جعفر فيما حبسته؟ فقلت أنا أطلقه وأحسن إليه، فأخذ علي العهد والميثاق بذلك
ثم قام من صدري، وقد كادت نفسي تذهب.
فوافيت إلى موسى بن جعفر عليهما السلام فوجدته قائما يصلي فجلست إلى أن فرغ
من صلاته فقلت له: ابن عمك يقرئك السلام وقد أمرني أن أحمل إليك من المال
كذا وكذا، ومن الحملان مثل ذلك، وما هو على الباب، فقال: إن كنت أمرت
بغير هذا فافعله، قلت: لا وحق الله وحق جدك رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أمرت إلا
بهذا، فقال أما المال والحملان فلا حاجة لي فيها إذا كانت حقوق الأمة فيها، فقلت
أقسمت عليك إلا قبلته، فاني أتخوف عليك أن يغتاظ، فقال عليه السلام افعل ما ترى.
فلما أراد الانصراف قلت له بحق الله وبحق جدك رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ما
أخبرتني ما كان هذا، فقد وجب حقي عليك لموضع بشارتي، قال عليه السلام: نمت ليلة
الأربعاء بعد صلاة الليل وقد هومت عيناي، فرأيت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وهو
يقول: يا موسى أنت محبوس مظلوم، قلت: نعم يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله: إن أدرى
لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، أصبح غدا صائما وأتبعه الخميس والجمعة، فإذا
كان بعد صلاة العشاء من ليلة السبت تصلي اثنتي عشر ركعة تقرأ في كل ركعة
الحمد وقل هو الله أحد اثنتي عشر مرة فإذا فرغت من الصلاة فاجلس بعد التسليم
وقل:
" اللهم يا سابق الفوت، ويا سامع الصوت، ويا محيي العظام بعد الموت و
هي رميم، أسئلك باسمك العظيم الأعظم الأعظم أن تصلى على محمد وآل محمد عبدك
ورسولك، وعلى آل بيته الطاهرين، وتعجل لي الفرج مما أنا ممنو به وصال بحره
يا رب العالمين ".
332

فقلت ذلك فكان ما رأيت (1).
ومن وظايف يوم الخميس صلاة بعد ضاحي نهاره لدفع الغم والهم وقضاء
الديون، وقد تقدم ذكرها في الرواية الثانية من عمل الأسبوع، وبين الروايتين
تفاوت.
حدث أبو الحسن علي بن أحمد الطوسي، عن أحمد بن علي الرازي، عن محمد بن
إسماعيل عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن المفضل بن عمر قال: كنت وإسحاق
ابن عمار وداود بن كثير الرقى وجماعة عند سيدنا أبى عبد الله عليه السلام فدخل إسماعيل
ابن قيس فشكا الغم والهم وكثرة الدين، فقال له عليه السلام: إذا كان يوم الخميس بعد
الضحى فاغتسل وأت مصلاك وصل أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و
عشر مرات إنا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا سلمت تقول مائة مرة اللهم صل على محمد
وآل محمد، ثم ترفع يديك نحو السماء وتقول: يا الله يا الله يا الله، عشر مرات;
ثم تحرك سبابتيك وتقول: يا رب يا رب حتى تنقطع النفس، ثم تبسط يديك
تلقاء وجهك وتقول: يا الله يا الله عشر مرات، وتقول:
يا أفضل من رجي ويا خير من دعي، ويا أجود من أعطى، ويا أكرم من
سئل، ويا من لا يعز عليه ما يفعله، يا من حيث ما دعى أجاب، اللهم إني أسئلك
بموجبات رحمتك، وأسمائك العظام، وبكل اسم لك عظيم، وأسئلك بوجهك
الكريم، وبفضلك القديم، وأسئلك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به
أعطيت، وأسألك باسمك العظيم العظيم، ديان يوم الدين، محيي العظام وهي
رميم، وأسئلك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت أن تصلى على محمد وآل محمد، وأن تيسر
لي أمري ولا تعسر على وتسهل لي مطلب رزقي من فضلك الواسع يا قاضى
الحاجات يا قديرا على ما لا يقدر عليه أحد غيرك، يا أرحم الراحمين وأكرم
الأكرمين.
قال السيد: أقول: وزاد فيه أبو الفرج محمد بن أبي قرة رحمهما الله: اللهم إني

(1) جمال الأسبوع: 167.
333

أسئلك بقوتك وقدرتك وبعزتك وما أحاط به علمك، أن تيسر لي من فضلك وحلال
رزقك أوسعه وأعمه فضلا، وخيره عاقبة، يا رب (1).
47 - المتهجد: روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من كان له إلى الله تعالى
حاجة فليصل يوم الخميس أربع ركعات بعد الضحى بعد أن يغتسل، يقرأ في كل
ركعة فاتحة الكتاب مرة وعشرين مرة إنا أنزلناه وساق الحديث نحو ما مر إلى
قوله وأكرم الأكرمين (2).
48 - البلد الأمين: نقل من كتاب الأغسال لابن عياش قال: رواها إسحاق
ابن عمار وداود بن كثير وداود بن زميل والمفضل بن عمر وسيف التمار والمعلى
ابن خنيس وحماد بن عثمان كلهم اجتمعوا في روايتها وأن إسماعيل بن قيس
الموصلي شكا الإضافة إلى الصادق عليه السلام فأمره بهذه الصلاة، وأن يفعلها مرارا، ففعل
ذلك وكثر ماله، ودفع إلى الصادق عليه السلام كيسا فيه خمس مائة دينار وأمره عليه السلام
أن يتفقد أمور إخوانه، ثم أورد نحو ما في المتهجد إلا أن فيه " ثم يحرك
سبابتيه ويقول يا الله يا الله عشرا ثم يقول " يا رب يا رب حتى ينقطع النفس " وفى
المتهجد وفيه " يا من لا يعز عليه ما فعله " وفيهما " موجبات " بدون الباء، وفيه
" باسمك العظيم الأعظم ".
بيان: " في قرار رحمتك " (3) القرار المستقر من الأرض أي في محل
استقرار رحمتك، أو في محل استقرار منسوب إلى رحمتك مقرون بها " وبموضع
الرحمة من كتابك " (4) أي بالموضع الذي ذكرت فيه رحمتك أو تلاوته سبب لرحمتك

(1) جمال الأسبوع: 169.
(2) مصباح المتهجد: 179.
(3) المؤلف قدس سره يشرح ويوضح ألفاظ الأدعية التي نقلت بطولها عن كتاب
جمال الأسبوع ويقتصر منها على ما لم يشرحه في بيانه السابق لهذه الأدعية نقلا من البلد
والمنهاج، وبيانه هذا يتعلق بدعاء ليلة الأحد ص 286 س 16.
(4) الصلاة في يوم الاثنين ودعاؤه ص 290 س 15 وص 295 س 5.
334

والكتاب يحتمل اللوح أيضا والمحال (1) المتغير من أحاله إذا غيره، والمحال من
الكلام بالضم أيضا ما عدل عن وجهه، وجرم (2) وأجرم واجترم كلها اكتساب
الخطا " أم بي إليك " (3) أي جعلني قاصدا إليك، وفي بعض النسخ بصيغة الامر،
و " عالج " موضع بالبادية بها رمل كثير " أعرض " (4) أي عن الشكر " ونآى بجانبه "
أي انحرف عنها أو ذهب بنفسه وتباعد عنه بكليته، أو الجانب مجاز عن النفس كالجنب
في قوله: " في جنب الله " (5) " فذو دعاء عريض " أي كثير مستعار مما له عرض متسع
للاشعار بكثرته واستمراره، وهو أبلغ من الطويل إذا الطول أطول الامتدادين، فإذا
كان عرضه كذلك فما ظنك بطوله " وزخر الوادي " امتد جدا وارتفع.
" وزينا السماء الدنيا بمصابيح " قيل لان الكواكب كلها ترى كأنها تتلألأ
عليها، وقد مر الكلام فيه " وحفظا " أي وحفظناها من الآفات أو من المسترقة
حفظا وقيل مفعول له على المعنى كأنه قال: وخصصنا السماء الدنيا بمصابيح زينة
وحفظا " ذلك تقدير العزيز العليم " البالغ في القدرة والعلم.
وفي النهاية (6) فيه أن الرحم أخذت بحجزة الرحمن أي اعتصمت به والتجأت
إليه مستجيرة، أصل الحجزة موضع شد الإزار، ثم قيل للازار حجزة للمجاورة،
فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسك بالشئ والتعلق به، ومنه الحديث الاخر:
با ليتيني آخذ بحجزة الله أي بسبب منه انتهى.
ويقال أشملهم خيرا أي عمهم به.
" بالتوقيف " (7) أي بسبب إيقافي عندك للسؤال والحساب أو عنده وفي الموقف

(1) في دعاء ليلة الاثنين ص 292 س 9.
(2) دعاء ليلة الاثنين 296 س 17 و 21.
(3) دعاء ليلة الاثنين 296 س 17 و 21.
(4) في دعاء يوم الثلاثا ص 303 س 5 وبعده س 15 وبعده س 18.
(5) الزمر: 56.
(6) شرح قوله: " المتعلقين بحجزته " دعاء ليلة الأربعاء ص 305 س 12.
(7) شرح قوله: " وتلجلج لساني بالتوقيف " دعاء يوم الأربعاء ص 307 س 17.
335

أظهر كما مر " مغيرا نعمة " (1) أي مبدلا إياه بالنقمة " حتى يغيروا ما
بأنفسهم " أي يبدلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوء، والجلجل (2) بالضم الجرس
الصغير.
والطامة (3) من أسماء القيامة لأنها تطم وتغلب على ساير الدواهي، قال
الجوهري: كل شئ كثر حتى ملا وغلب فقد طم يطم يقال فوق كل طامة طامة، ومنه
سميت القيامة طامة، والنقلة (4) بالضم الاسم من الانتقال من موضع إلى آخر.
وقال الفيروزآبادي (5) تألف فلانا داراه وقاربه ووصله حتى يستميله إليه
والدواجي موافق للقاعدة في جمع داجية، والمعروف في خصوص هذا البناء الدياجي
بالياء، قال الجوهري كأنه جمع ديجاة وقد مر برواية أخرى بالياء، وأكثر
النسخ هنا بالواو " وأهمرت " أي أجريت وعلى ما في كتب اللغة كان الأنسب همرت
على بناء المجرد، في القاموس همره ويهمره يهمره صبه فهمر هو وانهمر وانهمر الماء
انسكب وسال.
" ضرب الله مثلا قرية " (6) أي جعلها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة
فكفروا فأنزل الله بهم نقمته، أو لمكة كما قيل كانت آمنة مطمئنة لا يزعج أهلها خوف
" يأتيها رزقها " أي أقواتها " رغدا " أي واسعا " من كل مكان " من نواحيها " فأذاقها
الله " استعار الذوق لادراك أثر الضرر واللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الخوف
والجوع، وأوقع الإذاقة عليه بالنظر إلى المستعار له " بما كانوا يصنعون " اي
بصنيعهم.

(1) ما يقال بعد دعاء يوم الأربعاء لشكر النعمة ص 308 س 16.
(2) صلاة يوم الخميس ص 310 س 11.
(3) والعفو يوم الطامة، دعاء ليلة الخميس س 311 س 20.
(4) الدعاء ص 212 س 3.
(5) فألفت بلطفك الفرق دعاء يوم الخميس ص 316 س 18 وما بعده.
(6) دعاء يوم الخميس ص 318 س 6.
336

" ولا غنا بي عن نفسي " (1) أي لا يمكنني مفارقتها وقطع النظر عنها فلا بد
لي من النظر فيما يصلحها ويخلصها من عذابك " والمصانعة " الرشوة قاله الجوهري
وقال: شعرت بالشئ بالفتح أشعر به شعرا أي فطنت له، ومنه قولهم " ليت شعري "
أي ليتني علمت، قال سيبويه أصله شعرة، ولكنهم حذفوا الهاء كما حذفوها من
قولهم ذهب بعذرها وهو أبو عذرها.
" إلى من " هذه الفقرات من باب الاكتفاء ببعض الكلام لظهور المرام أي إلى
من أذهب، أو عند من أطلب، أو كيف أذهب إلى غيرك أو لما ذا أذهب إليه، وهو
لا يقدر على قضاء حاجتي.
" من كلك " أي من نفس ذاتك وكنهه ما يدل عليه، فلذا لم تظهره لغيرك أو
من ذاتك أو جميع صفاتك وهو الاسم الجامع الدال على جميعها.
" لعله فتنة لكم " (2) أي هذا الملك الذي أعطى بنو العباس فتنة وامتحان لهم
" ومتاع " يتمتعون به " إلى حين " أي الموت أو وقت زوال دولتهم وانقراض ملكهم.
" فكان ما رأيت " (3) هذا الكلام كان في جواب الربيع كما سيأتي فلما أسقط
أول الخبر اشتبه المعنى.
والاسكاف (4) بالكسر الخفاف " فيما حبسته " أي بأي سبب حبسته، والتهويم
والتهوم هز الرأس من النعاس، وإسناده إلى العين على المجاز " ممنو به " أي
مبتلى به، ويقال: صلي فلان النار بالكسر يصلى صليا احترق.
ثم اعلم أنا إنما أوردنا الصلوات المنقولة من طرق المخالفين عن أبي هريرة

(1) دعاء تعلمه علي عليه السلام من جبرئيل عليه السلام ص 328.
(2) ما روى عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام من منامه 331.
(3) مر تمام الخبر في ج 48 ص 213 - 215. وسيجئ في باب صلاة الحاجة
ودفع العلل والأمراض تحت الرقم 4.
(4) أبو الحسين محمد بن الحسين بن إسماعيل الإسكاف ص 331.
337

وأنس وابن مسعود وأضرابهم تبعا للشيخ والسيد وغيرهم من أصحابنا، والأجود
العمل بالاخبار المنقولة من أصول أصحابنا المنتمية إلى أئمتنا عليهم السلام فإنه لا يتسع
الوقت لعشر من أعشار ما روي عنهم من الصلوات والأدعية والأذكار، فتركها و
العمل بما روي عنهم مع ضعفها (1) بعيد عن الاعتبار، مجانب لطريقة الناقدين
للاخبار.
48 - البلد الأمين: أدعية الأسبوع لفاطمة عليها السلام دعاء يوم السبت:
اللهم افتح لنا خزاين لنا خزاين رحمتك، وهب لنا اللهم رحمة لا تعذبنا بعدها في الدنيا
والآخرة، وارزقنا من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، ولا تحوجنا ولا تفقرنا إلى
أحد سواك وزدنا لك شكرا وإليك فقرا وفاقة وبك عمن سواك غنا وتعففا.
اللهم وسع علينا في الدنيا، اللهم إنا نعوذ بك أن تزوي وجهك عنا في حال
ونحن نرغب إليك فيه، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعطنا ما تحب واجعله
لنا قوة فيما تحب يا أرحم الراحمين (2).
دعاء يوم الأحد:
اللهم اجعل أول يومى هذا فلاحا وآخره نجاحا وأوسطه صلاحا، اللهم
صل على محمد وآل محمد واجعلنا ممن أناب إليك فقبلته، وتوكل عليك فكفيته،
وتضرع إليك فرحمته (3).
دعاء يوم الاثنين:
اللهم إني أسئلك قوة في عبادتك، وتبصرا في كتابك، وفهما في حكمك،
اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تجعل القرآن بنا ما حلا، والصراط زائلا، و

(1) وخصوصا توقيت الصلوات في أيامها بارتفاع النهار وعند الضحى، وليس في
شرع نبينا المطهر صلاة بعد صلاة الصبح حتى تزول الشمس على ما هو الحق عند الشيعة الإمامية.
(2) البلد الأمين ص 101 في الهامش.
(3) البلد الأمين ص 110 في الهامش.
338

محمدا صلى الله عليه وآله عنا موليا (1).
دعاء يوم الثلاثا:
اللهم اجعل غفلة الناس لنا ذكرا، واجعل ذكرهم لنا شكرا، واجعل صالح
ما تقول بألسنتنا نية في قلوبنا، اللهم إن مغفرتك أوسع من ذنوبنا، ورحمتك أرجى
عندنا من أعمالنا، اللهم صل على محمد وآل محمد، ووفقنا لصالح الاعمال والصواب
من الفعال (2).
دعاء يوم الأربعا
اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، وركنك الذي لا يرام، وبأسمائك العظام
وصل على محمد وآله، واحفظ علينا ما لو حفظه غيرك ضاع، واستر علينا ما لو ستره
غيرك شاع، واجعل كل ذلك لنا مطواعا إنك سميع الدعاء قريب مجيب (3).
دعاء يوم الخميس:
اللهم إني أسئلك الهدى والتقى والعفاف والغنى والعمل بما تحب وترضى
اللهم إني أسئلك من قوتك لضعفنا، ومن غناك لفقرنا وفاقتنا، ومن حلمك
وعلمك لجهلنا، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعنا على شكرك وذكرك، وطاعتك
وعبادتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
دعاء يوم الجمعة
اللهم اجعلنا من أقرب من تقرب إليك وأوجه من توجه إليك، وأنجح
من سألك وتضرع إليك، اللهم اجعلنا ممن كأنه يراك إلى يوم القيامة الذي فيه
يلقاك، ولا تمتنا إلا على رضاك، اللهم واجعلنا ممن أخلص لك بعمله وأحبك في
جمع خلقك.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا مغفرة جزما حتما لا نقترف بعدها
ذنبا، ولا نكتسب خطيئة ولا إثما، اللهم صل على محمد وآل محمد، صلاة نامية
دائمة زاكية متتابعة متواصلة مترادفة برحمتك يا أرحم الراحمين (4)

(1) لم نجدها في هوامش البلد.
(2) لم نجدها في هوامش البلد.
(3) لم نجدها في هوامش البلد.
(4) لم نجدها في هوامش البلد.
339

بيان: التبصر التأمل والتعرف، وفي النهاية فيه القرآن شافع مشفع وما حل
مصدق أي خصم مجادل مصدق، وقيل ساع مصدق من قولهم محل بفلان إذا سعى به
إلى السلطان، يعنى من اتبعه وعمل بما فيه فإنه شافع له مقبول الشفاعة، ومصدق
عليه فيما يرفع من مساويه إذا ترك العمل بما فيه انتهى " والصراط زائلا " أي بنا
أو عنا " نية " أي ذانية صحيحة، والمطواع بالكسر الكثير الا طاعة.
49 - الخصال: عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد
عن محمد بن حسان، عن أبي محمد الرازي، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر
عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قص أظفاره يوم السبت ويوم الخميس
وأخذ من شاربه عوفي من وجع الضرس ووجع العين (1).
50 - ثواب الأعمال: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى، عن
محمد بن أحمد، عن أبي عبد الله الرازي، عن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن عقبة،
عن زكريا، عن أبيه، عن يحيى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قص أظافيره يوم
الخميس وترك واحدة ليوم الجمعة نفى الله عنه الفقر (2).
51 - طب الأئمة: عن أحمد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي
الحسن قال: قال أبو عبد الله: من أخذ من أظفاره كل خميس لم ترمد عينه، و
من أخذها كل جمعة خرج من تحت كل ظفر داء (3).
وعنه عليه السلام أنه كان يقلم أظفاره في كل خميس يبدأ بالخنصر الأيمن ثم
يبدأ بالأيسر، وقال من فعل ذلك كان كمن أخذ أمانا من الرمد (4).
أقول: قد سبقت الاخبار في ذلك في كتاب الآداب والسنن (5).
52 - المتهجد (6) والجمال وغيرهما: يستحب أن يقرأ الانسان في صلاة الصبح

(1) الخصال ج 2 ص 31 ط حجر.
(2) ثواب الأعمال: 41 ط مكتبة الصدوق.
(3) طب الأئمة ص 84 ط نجف.
(4) طب الأئمة ص 84 ط نجف.
(5) راجع ج 76 ص 119 - 125.
(6) مصباح المتهجد: 178.
340

من كل خميس ويوم اثنين بعد الحمد في الركعة الأولى سورة هل أتى، ويستحب
طلب العلم فيهما ويستحب في يوم الخميس زيارة قبور الشهداء وقبور المؤمنين،
ويكره البروز فيه من المشاهد حتى تمضي الجمعة، ويستحب التأهب فيه للجمعة
بقص الأظفار وترك واحدة إلى يوم الجمعة، والاخذ من الشارب ودخول الحمام
والغسل للجمعة، لمن خاف أن لا يتمكن يوم الجمعة، ومن أراد الحجامة يستحب
له يوم الخميس، وروي النهي عن شرب الدواء فيه.
ويستحب الاكثار فيه من بعد صلاة العصر يوم الخميس إلى آخر نهار يوم
الجمعة من الصلوات على النبي صلى الله عليه وآله ويقول: اللهم صل على محمد وآل محمد، و
عجل فرجهم، وأهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين; وإن
قال ذلك مائة مرة كان له فضل كثير ويستحب أن يقرأ فيه من القرآن سورة بني
إسرائيل والكهف والطواسين الثلاث وسجدة لقمان وسورة ص وحم السجدة وحم
الدخان وسورة الواقعة (1):
أقول: حمل السيد كلام الشيخ على استحباب قراءة تلك السور في يوم
الخميس كما يوهمه ظاهر كلامه، لكن ينبغي حمل كلامه على استحباب تلاوتها في
ليلة الجمعة كما تشهد به الاخبار التي وصلت إلينا في ذلك.
53 - جنة الأمان والبلد الأمين: عن الباقر عليه السلام من قرأ سورة القدر ألف
مرة يوم الاثنين وألف مرة يوم الخميس. خلق الله تعالى منها ملكا يدعى القوي
راحته أكبر من سبع سماوات وسبع أرضين، وخلق في جسده في موضع كل ذرة شعرة
وخلق في كل شعرة ألف لسان ينطق كل لسان بقوة الثقلين، يستغفرون لقائلها، و
يضاعف الله تعالى مع استغفارهم ألفي ألف مرة (2).
54 - اختيار ابن الباقي: جاء في الاخبار، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من
أراد أن يستجيب الله دعاءه فليقم يوم الأحد ويتوضأ ويصلي ركعتين بعد الظهر و

(1) جمال الأسبوع: 176.
(2) البلد الأمين: 142، جنة الأمان ص 132 في المتن والهامش.
341

يقول " وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " إحدى عشر مرة، ثم يبدأ في
قراءة سورة الأنعام، فإذا بلغ " ذلك الفوز المبين " يقول ثانية " وأفوض أمري إلى الله "
إحدى عشر مرة، ثم إذا بلغ " وهديناهم إلى صراط مستقيم " يقول " ربنا آتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم إني أسئلك بحق هؤلاء
الأنبياء، وبحق محمد المصطفى صلى الله عليه وآله، يا قاضي الحاجات أن تقضي حاجتي في هذه
الساعة ثم إذا بلغ " إن هو إلا ذكرى للعالمين " يقول: " إياك نعبد وإياك نستعين "
ستا وأربعين مرة، ثم يقول: " صل على محمد وآله " ثم إذا بلغ بين الجلالين " رسل
الله، الله " يقول:
إلهي من ذا الذي دعاك فلم تجبه إلهي من ذا الذي تضرع إليك فلم ترحمه،
إلهي من ذا الذي انقطع إليك فلم تصله، إلهي من ذا الذي استنصرك فلم تنصره، إلهي
من ذا الذي استنجدك فلم تنجده، إلهي من ذا الذي استصرخك فلم تصرخه، إلهي
من الذي استغفرك فلم تغفر له إلهي من الذي استعاذ بك فلم تعذه، إلهي من الذي
توكل عليك فلم تكفه، إلهي من الذي تقرب إليك فلم تقربه، إلهي من الذي استغاث
بك فلم تغثه، إلهي من الذي تقرب إليك فأبعدته وهرب إليك فأسلمته، وا غوثاه
بك يا الله، وا غوثاه وا غوثاه بك يا الله، وا غوثاه وا غوثاه بك يا الله، يا مغيث أغثني
وامح عنى سيئاتي يا غياث المستغيثين، برحمتك يا أرحم الراحمين (1).

(1) اختيار ابن الباقي لم يطبع.
342

10 - * (باب) *
* " (صلاة كل يوم) " *
1 - المتهجد وغيره (1): روى عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: من صلى أربع ركعات في كل يوم قبل الزوال يقرأ في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة وخمسا وعشرين مرة إنا أنزلنا في ليلة القدر لم يمرض مرضا إلا
مرض الموت.
وروى أبو برزة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى في كل يوم اثنتي عشر
ركعة بنى الله له بيتا في الجنة.
وروى أبو الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام
قال: من صلى أربع ركعات عند زوال الشمس يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية
الكرسي عصمه الله تعالى في أهله وماله ودينه ودنياه وآخرته (2).
دعوات الراوندي: مثل الأول والثالث.
2 - مجالس الشيخ: عن جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن رجاء بن
يحيى، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الفضيل بن
يسار، عن وهب بن عبد الله الهنائي، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي، عن أبيه
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا ذر إن الله بعث عيسى
بالرهبانية، وبعثت بالحنيفية السمحة، وحبب إلى النساء والطيب، وجعلت في
الصلاة قرة عيني، يا أبا ذر أيما رجل تطوع في يوم باثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة

(1) مصباح الكفعمي: 407.
(2) مصباح المتهجد: 175.
343

كان له حقا واجبا في الجنة (1).
بيان: الظاهر أن هذا يشمل النوافل المرتبة فيكون موافقا للاخبار الأربع
للعصر أو الست لكل من الظهرين، ويحتمل نسخه بالنوافل المرتبة، ويحتمل أن
يكون المراد سوى المرتبة، ويؤيديه لفظ التطوع.

(1) أمالي الطوسي ج 2 ص 141.
344

" أبواب "
* " (ساير الصلوات الواجبة وآدابها وما يتبعها) " *
* " (من المستحبات والنوافل والفضائل) " *
1 " باب "
* " (وجوب صلاة العيدين وشرائطهما) " *
* " (وآدابهما وأحكامهما) " *
الآيات الاعلى: قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى (1).
الكوثر: فصل لربك وانحر.
تفسير: " قد أفلح من تزكي " قيل أي فاز من تطهر من الشرك، وقيل قد
ظفر بالبغية من صار زاكيا بالأعمال الصالحة والورع عن ابن عباس وغيره، وقيل:
أعطى زكاة ماله عن ابن مسعود، وكان يقول رحم الله امرءا تصدق ثم صلى، ويقرأ
هذه الآية، وقيل: أراد صدقة الفطرة، وصلاة العيد، عن ابن عمر وأبي العالية و
عكرمة وابن سيرين، وروي ذلك مرفوعا وقد ورد في أخبارنا كما سيأتي (2).

(1) الاعلى: 15 و 16.
(2) راجع مجمع البيان ج 10 ص 476: وزاد بعده: ومتى قيل: على هذا
القول كيف يصح ذلك والسورة مكية ولم يكن هناك صلاة عيد ولا زكاة ولا فطرة؟ قلنا
يحتمل أن يكون نزلت أوائلها بمكة وختمت بالمدينة.
أقول: السورة مكية بشهادة سياق آياتها القصيرة، وخصوصا قوله عز وجل فيها
" سنقرئك فلا تنسى " الشاهد على كونها نازلة في أوائل البعثة وقد نقل الطبرسي رحمه الله
في تفسير سورة الدهر ج 10 ص 405 عن ابن عباس أنها ثامنة السور النازلة على الرسول
صلى الله عليه وآله، مع ما فيه من مقابلة الأشقى بالذي يخشى على حد المقابلة في سائر
السور المكية القصار كما في سورة الليل، وفيها مقابلة الأشقى بالأتقى الذي يؤتى ماله
يتزكى.
وأما الزكاة فقد كانت واجبة من أول الاسلام كالصلاة ففي سورة المؤمنون وهي
مكية: " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون و
الذين هم للزكاة فاعلون " وفى سورة النمل وهي مكية: " تلك آيات القرآن وكتاب
مبين * هدى وبشرى للمؤمنين * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم
يوقنون " ومثله في صدر سورة لقمان وهي مكية.
وفى سورة المزمل وهي مكية " علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في
الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا
الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا ".
فالزكاة قد أمرت بها في صدر سورة المؤمنون والنمل ولقمان وكلها مكية من
دون اختلاف خصوصا صدر هذه السور فان اعتبار السورة إنما هو بصدرها، والآيات المدنية
إنما كانت تلحق بأواسط السورة وأواخرها، وأما في سورة المزمل، فالآية تشهد أنها
نزلت قبل أن يتشكل للاسلام جمع فيهم مرضى وآخرون يضربون في الأرض، كيف و
القتال في سبيل الله ولم يؤذن لهم الا بالمدينة، مع ما روى أنها خامسة السور النازلة.
وأما قوله عز وجل في هذه السورة - سورة الاعلى " قد أفلح من تزكى " فالمراد
بالتزكية هنا تزكية الأموال لتكون سببا لتزكية النفوس ولذلك سميت الزكاة زكاة قال الله
عز وجل: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " براءة: 103 وهي من السور
النازلة بالمدينة بعد غزوة تبوك، وقال عز من قائل: " وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله
يتزكى " الليل ": 18 وهي من السور النازلة بمكة بعد سورة الاعلى من دون فصل يعتد به
كما في رواية ابن عباس.
وقال عز وجل " إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى
فإنما يتزكى لنفسه " فاطر: 18 وهي من السور النازلة بمكة، فقوله: " ومن تزكى "
الخ يعادل قوله عز وجل " وآتوا الزكاة " كأنه قال: " وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ".
على حد سائر الآيات.
على أن قوله عز وجل في سورة الاعلى: " بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير
وأبقى " عقيب قوله: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " نص صريح في أن
المراد بالتزكية هنا انفاق المال المعبر عنه بالزكاة، ولولا ذلك لم يكن لهذا الاضراب " بل
تؤثرون الحياة الدنيا " مجال أبدا.
وأما الوجه في تقديم ذكر الزكاة على الصلاة والحال أنها متأخرة عن الصلاة كما
في غير واحد من الآيات، فهو أن الفلاح إنما هو بالايمان الواقعي وتسليم النفس خاشعا
لأوامر الله عز وجل، ولا يظهر ذلك الا بالتزكية تزكية الأموال - حيث زين لهم الشيطان
حبها، ولذلك يصعب عليهم انفاق المال في سبيل الله، وأما الصلاة فليست بهذه المثابة من
حيث الكشف عن الايمان، فكثيرا ما نرى الناس يصلون الصلوات الكثيرة ولا ينفقون في
سبيل الله الا القليل من القليل.
فكأنه قال عز وجل: ما أفلح من ذكر اسم ربه فصلى فقط، وإنما أفلح من تزكى
وذكر اسم ربه فصلى، لكنكم تؤثرون الحياة الدنيا تصلون من دون أن تتزكون، والحال
أن ما عندكم ينفد وما عند الله باق، والآخرة خير وأبقى.
فالقول بأن السورة أو الآيات الأخيرة في ذيلها نزلت بالمدينة والمراد بالزكاة زكاة
الفطر، وبالصلاة صلاة العيد بعدها، فعلى غير محله، خصوصا بقرينة قوله عز وجل " بل
تؤثرون الحياة الدنيا " وليس يصح أن يخاطب بذلك المؤمنون في صاع فطرة يسيرة تافهة
يخرجونها في عام مرة واحدة.
وأما تفكيك السورة بنزول صدرها بمكة وذيلها بالمدينة، فهو خطأ عظيم، حيث إن
ذلك إنما صح في السور المدنية التي كانت تنزل فيها فروع الاحكام المفروضة والمندوبة
فتلحق الآيات النازلة بسورة دون سورة لتناسب موضوعها، وأما في السور المكية التي
تتعقب بسياقها غرضا واحدا وهو تحقيق أصول الدين وقد كانت تلقى على المشركين حجة
ودليلا على صدق الرسالة بما في نظمها وسياق قصصها من الاعجاز الخارق للعادة، فلا معنى
للتفكيك في نزول السور، خصوصا السور القصار كهذه السورة التي مع اتحاد سياقها لا
تبلغ عدد آياتها العشرين وأكثر آياتها تشتمل على ثلاث كلمات فقط، والظاهر أنهم لما
رأوا النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه يقرؤن في صلاة الفطر سورة الاعلى وفيه " قد أفلح من تزكى و
ذكر اسم ربه فصلى " توهموا أن ذلك لأجل نزوله في صلاة الفطر وزكاته، وليس كذلك
بل إنما سن صلى الله عليه وآله قراءة السورة في صلاة الفطر لأجل المناسبة على ما سيأتي بيانه، ولا حول
ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
345

" وذكر اسم ربه فصلى " قيل: أي وحد الله، وقيل: ذكر الله بقلبه في صلاته
346

فرجا ثوابه وخاف عقابه، وقيل: ذكر الله عند دخوله في الصلاة بالتكبير وقيل
بقراءة البسملة.
347

وقال علي بن إبراهيم في تفسيره: " قد أفلح من تزكى " قال: زكاة الفطر إذا
أخرجها قبل صلاة العيد " وذكر اسم ربه فصلى " قال: صلاة الفطر والأضحى (1)
وفي الفقيه: سئل الصادق عليه السلام عن قوله الله عز وجل " قد أفلح من تزكى "
قال: من أخرج الفطرة، فقيل له: " وذكر اسم ربه فصلى " قال: خرج إلى الجبانة
فصلى (2).
أقول: على هذا يمكن أن يكون المراد بذكر اسم الرب التكبيرات في ليلة
العيد (3) ويومه كما سيأتي.
" فصل لربك وانحر " (4) نقل عن جماعة من المفسرين أن المراد بالصلاة

(1) تفسير القمس: 721، وفى ذكر صلاة الأضحى ولا زكاة قبلها، سهو ظاهر.
(2) فيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 323.
(3) التكبيرات إنما يشرع بها من ظهر يوم العيد وعلى ما ذكرنا يكون المراد بذكر
اسم الرب التكبيرات الافتتاحية للصلاة.
(4) المراد بالنحر هذا نحر الإبل عقيقة عن الزهراء سلام الله عليها وبالصلاة، الصلاة
شكرا لما وهبه الله عز وجل كوثرا يزيد وينمو به نسله وإنما كانت صلاته هذه شكرا لما
مر عليك في ج 85 ص 173 أن الصلاة في أوائل الاسلام كانت بلا ركوع يقرأ المصلى بعد
التكبيرات الافتتاحية شطرا من القرآن ثم يقرء سورة من العزائم فإذا بلغ السجدة قرءها
وسجد سجدتين ثم يقوم منتصبا للقراءة وهكذا.
فالمراد بالشانئ الذي ذكر في ثالثة آيات السورة " ان شانئك هو الأبتر " رجل
كان يذكر رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه أبتر بلا عقب سيموت ونستريح منه وهو العاص بن وائل
السهمي على ما في السير، ذكر ذلك حين مات عبد الله بن رسول الله الطيب الطاهر بولادته
بعد ما مات ابنه الاخر القاسم، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله من شياع ذلك في أفواه قريش يعيرونه
به، فأعطاه الله عز وجل فاطمة البتول المرضية ونزلت السورة تسلية له: انا أعطيناك
الكوثر " الخ.
فالكوثر فوعل مبالغة في الكثرة التي تتزايد وتتوفر، وقد يكون نهرا وقد يكون
عينا وقد يكون مالا كما أنه قد يكون نسبا وصهرا، الا أن المراد بقرينة حال النزول
بل وقرينة اللفظ في آخر السورة ثالثة الآيات " ان شانئك هو الأبتر " هو النسب والنسل
ولو كان المراد من الكوثر غير ذلك من المعاني لتناقضت الصدر والذيل واختلف
السياق.
فإذا كان معنى الكوثر هذا وقد كان ولدت حينذاك فاطمة البتول العذراء الصديقة
الطاهرة، كان ذلك وعدا منه تعالى بأنه سيكثر ويتبارك نسله الشريف من ذاك المولود
كما نرى الان انتشار نسله صلى الله عليه وآله ولم يكن ذلك الا من ابنته البتول الزاهرة بعد ما انقطع
نسله من سائر بناته صلى الله عليه وآله.
فلعلك بعد ما أحطت خبرا بما تلوناه عليك لا تكاد ترتاب في صحة ما ذكرناه من
أن الصلاة هو الصلاة شكرا لولادة البتول الزهراء وأن النحر هو العقيقة عنها، فلا مدخل
للسورة وآياتها بصلاة عيد الأضحى، وقد عملنا في تفسير السورة رسالة بالفارسية قد طبع
في جزوة (نور وظلمت) عام 1343 ش، من أراد التفصيل فليراجعها.
348

صلاة العيد، وبالنحر نحر الأضحية، قال أنس: كان النبي صلى الله عليه وآله ينحر قبل أن
349

يصلي فأمره أن يصلي ثم ينحر (1) ويمكن أن يعم الذبح تغليبا، فيشمل
الشاة وغيرها.
وقال المحقق ره في المعتبر: قال أكثر المفسرين المراد صلاة العيد وظاهر الامر
الوجوب، وقد مضت الأقوال الأخر في تفسيرها.
1 - قرب الإسناد: عن الحسن بن طريف، عن الحسين بن علوان، عن
الصادق عليه السلام، عن أبيه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر في
العيدين والاستسقاء في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا ويصلي قبل الخطبة ويجهر
بالقراءة (2).
بيان: لا ريب في أن التكبيرات الزائدة في صلاة العيدين خمس في الأولى
وأربع في الأخيرة، والاخبار به متظافرة، وقد وقع الخلاف في موضع التكبيرات
فأكثر الأصحاب على أن التكبير في الركعتين معا بعد القراءة، وقال ابن الجنيد
التكبير في الأولى قبل القراءة، وفي الثانية بعدها، ونسب إلى المفيد أنه يكبر

(1) يرد على ذلك أن السورة بتمامها - ولا تزيد على ثلاث آيات - إنما نزلت بمكة و
صلاة العيد والأضحية إنما شرعت بالمدينة أواخر أيامه صلى الله عليه وآله، على أن أنس بن مالك إنما
لقى النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة في صغره روى الزهري عن أنس أنه قال: قدم النبي المدينة وأنا
ابن عشر سنين.
ومثل ذلك ما أخرجه البيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال: اغفى رسول الله صلى الله عليه وآله
اغفاءة فرفع رأسه متبسما فقال أنه نزلت على آنفا سورة فقرأ السورة حتى ختمها قال هل
تدرون ما الكوثر قالوا الله ورسوله أعلم قال هو نهر أعطانيه ربى في الجنة الحديث بتمامها
في الدر المنثور ج 6 ص 401، ففي الحديث أنه كان يشهد نزول الوحي بهذه السورة و
قد كانت نزلت بمكة قطعا، وهكذا حال سائر الروايات المنقولة والمأثورة في ذيل السورة
مع ما فيها من التضاد والتهافت، ومخالفة كتاب الله عز وجل، فقد أرادوا أن يطفئوا نور الله
بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون.
(2) قرب الإسناد ص 54 ط حجر.
350

إذا نهض إلى الثانية، ثم يقرء ثم يكبر أربع تكبيرات يركع بالرابعة، ويقنت
ثلاث مرات، وهو المحكى عن السيد والصدوق وأبي الصلاح، والأول أقوى
وإن كان يدل على مذهب ابن الجنيد روايات كثيرة، فإنها موافقة لمذاهب العامة
فينبغي حملها على التقية، ولولا ذلك لكان القول بالتخيير متجها ولم أر رواية تدل
على مذهب المفيد ومن وافقه.
والمشهور وجوب التكبيرات وظاهر المفيد استحبابها وكذا المشهور وجوب
القنوتات، وذهب الشيخ في الخلاف إلى استحبابها والاحتياط في الاتيان بهما.
والظاهر عدم وجوب القنوت المخصوص، وربما ظهر من كلام أبي الصلاح
الوجوب، ولا يتحمل الامام التكبير ولا القنوت واحتمل في الذكرى تحمل القنوت
وهو بعيد.
وأما كون الصلاة قبل الخطبة ههنا فلا خلاف فيه بين الأصحاب، وقد روت
العامة أيضا أن تأخيرها من بدع عثمان، وأما وجوب الخطبتين ففي المعتبر جزم
بالاستحباب، وادعى عليه الاجماع، وقال العلامة في جملة من كتبه بالوجوب ولا
يخلو من قوة للتأسي والأخبار الواردة فيه نعم على القول باستحباب الصلاة في زمان
الغيبة لا يبعد القول بالاستحباب والأحوط عدم الترك مع الايقاع جماعة، وأما مع
الانفراد فالظاهر سقوطهما.
وحكى العلامة في التذكرة والمنتهى إجماع المسلمين على أنه لا يجب استماع
الخطبتين (1) بل يستحب، مع تصريحه فيهما بوجوب الخطبتين.
وأما الجهر بالقراءة فالخبر يدل على رجحانه للامام، وقال في المنتهى و
يستحب الجهر بالقراءة بحيث لا ينتهى إلى حد العلو خلافا لبعض الجمهور، و
استحبه في الذكرى ولم يقيده، والقيد لرواية أظنها محمولة على التقية إلا أن
يريد العلو المفرط فإنه ممنوع في ساير الصلوات أيضا.

(1) قد مر الكلام في ذلك ج 89 ص 130 في قوله عز وجل: " وتركوك
قائما ".
351

2 - قرب الإسناد: عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر،
عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الصلاة في العيدين هل من صلاة قبل الامام أو
بعده؟ قال: لا صلاة إلا ركعتين مع الامام (1).
بيان: قطع الأصحاب بكراهة التنفل في العيدين قبلهما وبعدهما إلى الزوال
إلا بمسجد المدينة، فإنه يصلي ركعتين قبل الخروج، قال في الذكرى: وأطلق ابن
بابويه في المقنع كراهية التنفل، وكذا الشيخ في الخلاف، وألحق ابن الجنيد
المسجد الحرام وكل مكان شريف يجتاز به المصلي، وأنه لا يحب إخلاءه من ركعتين
قبل الصلاة وبعدها، وقدر روى عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يفعل
ذلك في البداءة والرجعة في مسجده (2) وهذا كأنه قياس وهو مردود.
وقال أبو الصلاح: لا يجوز التطوع ولا القضاء قبل صلاة العيد ولا بعدها،
حتى تزول الشمس، وكأنه أراد به قضاء النافلة كما قال الشيخ في المبسوط، إذ من
المعلوم أن لا منع من قضاء الفريضة والفاضلان جوزا صلاة التحية إذا صليت في مسجد
لعموم الامر بالتحية، قلنا الخصوص مقدم على العموم، وابن حمزة وابن زهرة
قالا: لا يجوز التنفل قبلها وبعدها، ويدل على كراهة قضاء النافلة صحيحة
زرارة (3) انتهى.
وقوله - رحمه الله - الخصوص مقدم على العموم محل نظر، لان بينهما
عموما وخصوصا من وجه، وليس أحدهما أولى بالتخصيص من الاخر، والأحوط
ترك غير الواجب مطلقا.
3 - الذكرى: روى ابن أبي عمير في الصحيح عن جماعة منهم حماد بن
عثمان وهشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام أنه قال: لا بأس بأن تخرج النساء بالعيدين

(1) قرب الإسناد: 89 ط حجر.
(2) التهذيب ج 1 ص 292.
(3) التهذيب ج 1 ص 214.
352

للتعرض للرزق (1).
ومنه: قال: روى إبراهيم بن محمد الثقفي في كتابه باسناده إلى علي عليه السلام
أنه قال: لا تحبسوا النساء عن الخروج في العيدين فهو عليهن واجب (2).
4 - قرب الإسناد: بالاسناد عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته
عن النساء هل عليهن صلاة العيدين والتكبير؟ قال: نعم (3).
قال: وسألته عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما على
الرجال؟ قال: نعم (4).
قال: وسئلته عن النساء هل عليهن من التطيب والتزين في الجمعة والعيدين
ما على الرجال؟ قال: نعم (5).
بيان: ظاهر الأصحاب اتفاقهم على سقوط صلاة العيدين عن المرأة وعن ساير من
يسقط عنه الجمعة، ويدل على سقوطهما عن المرأة أخبار، وهذا الخبر وغيره مما
ظاهره الوجوب محمول على الاستحباب جمعا، ويدل على استحباب التكبير على
المرأة أيضا كما ذكره الأصحاب، والمشهور استحباب صلاة العيد لكل من تسقط عنه
إلا الشواب وذوات الهيئة من النساء، فإنه يكره لهن الخروج إليها.
قال في الذكرى: قال الشيخ: لا بأس بخروج العجائز ومن لا هيئة لهن من
النساء في صلاة الأعياد ليشهدن الصلاة، ولا يجوز ذلك لذوات الهيئات منهن
والجمال.
وفي هذا الكلام أمران: أحدهما أن ظاهره عدم الوجوب عليهن، ولعله
لصحيحة ابن أبي عمير إلا أنه لم يختص فيها العجائز وقد روى عبد الله بن سنان (6)
قال: إنما رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء العواتق الخروج في العيدين للتعرض

(1) الذكرى 241.
(2) الذكرى 241.
(3) قرب الإسناد ص 100.
(4) قرب الإسناد ص 100.
(5) قرب الإسناد ص 100.
(6) التهذيب ج 1 ص 334.
353

للرزق، والعواتق الجواري حين يدركن لكنه معارض بما رواه إبراهيم الثقفي،
ولان الأدلة عامة للنساء.
الأمر الثاني أن الشيخ منع خروج ذوي الهيئات والجمال، والحديث دال
على جوازه للتعرض للرزق، اللهم إلا أن يريد به المحصنات أو المملكات كما هو
ظاهر كلام ابن الجنيد حيث قال: وتخرج إليها النساء العواتق والعجائز، ونقله
الثقفي عن نوح بن دراج من قدماء علمائنا انتهى.
وأما التزين والتطيب فالمشهور كراهتهما لهن عند الخروج، ويمكن حمله
على ما إذا لم يخرجن فان التزين والتطيب يستحب لهن في البيوت، قال في
الذكرى: يستحب خروج المصلي بعد غسله والدعاء متطيبا لابسا أحسن ثيابه متعمما
شتاء كان أو قيظا، أما العجائز إذا خرجن فيتنظفن بالماء، ولا يتطيبن لما روي
أنه صلى الله عليه وآله قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات أي غير متطيبات
وهو بالتاء المثناة فوق والفاء المكسورة انتهى، وهذا الخبر وإن كان عاميا لكن
ورد المنع من تطيبهن وتزينهن عند الخروج مطلقا.
5 - ثواب الأعمال: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن بن
أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: لا صلاة في العيدين إلا مع إمام، فان صليت وحدك فلا بأس (1).
ومنه: بالاسناد المتقدم عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حماد بن
عثمان، عن معمر بن يحيى وزرارة قالا: قال أبو جعفر عليه السلام: لا صلاة يوم الفطر
والأضحى إلا مع إمام (2).
بيان: المشهور بين الأصحاب أن شروط الجمعة ووجوبها معتبرة في وجوب
صلاة العيدين، ومنها السلطان العادل أو من نصبه للصلاة، وظاهر كلام الفاضلين
ادعاء الاجماع على اشتراطه هنا كما في الجمعة، وقد عرفت حقيقة الاجماع المدعى
في هذا المقام، وإن لم أر مصرحا بالوجوب العيني في زمان الغيبة في هذه المسألة،

(1) ثواب الأعمال 103 ط مكتبة الصدوق تحقيق الغفاري.
(2) ثواب الأعمال 103 ط مكتبة الصدوق تحقيق الغفاري.
354

والنصوص الدالة على الوجوب شاملة باطلاقها أو عمومها لزمان الغيبة كصحيحة جميل
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صلاة العيدين فريضة (1) وقد ورد مثله في أخبار، وفي
صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في صلاة العيدين: إذا كان القوم خمسة
أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة (2).
واحتجوا على الاشتراط بهاتين الروايتين وأمثالهما وفيه نظر، إذ الظاهر أن
المراد بالامام في هذه الأخبار إمام الجماعة لا إمام الأصل، كما يشعر به تنكير الامام
ولفظة الجماعة في بعض الأخبار، ومقابلة " إن صليت وحدك " مما يعين هذا
وقوله " لا صلاة " يحتمل كاملة كما هو الشايع في هذه العبارة وفي صحيحة عبد الله بن
سنان (3) عن أبي عبد الله عليه السلام من لم يشهد جماعة الناس بالعيدين فليغتسل وليتطيب
بما وجد وليصل وحده كما يصلي في الجماعة.
ويؤيد الوجوب ما دل على وجوب التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله فيما علم صدوره
عنه على وجه الوجوب، والامر هنا كذلك قطعا، وبالجملة ترك مثل هذه الفريضة
بمحض الشهرة بين الأصحاب جرأة عظيمة، مع أنه لا ريب في رجحانه، ونية الوجوب
لا دليل عليها، ولعل القربة كافية في جميع العبادات كما عرفت سابقا.
ثم المشهور بين الأصحاب استحباب هذه الصلاة منفردا مع تعذر الجماعة ونقل
عن ظاهر الصدوق في المقنع وابن أبي عقيل عدم مشروعية الانفراد فيها، مطلقا، و
هو ضعيف لدلالة الأخبار الكثيرة على الجواز.
ثم المشهور بين أصحابنا أنه يستحب الاتيان بها جماعة وفرادى مع اختلال
بعض الشرايط، قاله الشيخ وأكثر الأصحاب، وقال السيد المرتضى إنها تصلى مع
فقد الامام واختلال بعض الشرايط على الانفراد، وقال ابن إدريس ليس معنى قول

(1) التهذيب ج 1 ص 289.
(2) الفقيه ج 1 ص 331.
(3) الفقيه ج 1 ص 320.
355

أصحابنا يصلي على الانفراد يصلي كل واحد منهم منفردا، بل الجماعة أيضا عند
انفرادها من الشرايط سنة مستحبة، بل المراد انفرادها من الشرائط وهو تأويل بعيد
وقال الشيخ قطب الدين الراوندي: من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد
سنة بلا خطبتين، ولكن جمهور الامامية يصلونها جماعة، وعملهم حجة، ونص
عليه الشيخ في الحائريات والمشهور أقوى لدلالة الأخبار الكثيرة عليه، والأحوط
عدم ترك الجماعة عند التمكن منها.
6 - المحاسن: عن رفاعة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال الناس
لعلي عليه السلام: ألا تخلف رجلا يصلي بضعفاء الناس في العيدين، فقال علي عليه السلام لا
أخالف السنة (1).
بيان: ظاهر كثير من الأصحاب اعتبار الوحدة هنا أيضا أي عدم جواز عيدين
في فرسخ كالجمعة، ونقل التصريح بذلك عن أبي الصلاح وابن زهرة، وتوقف فيه
العلامة في التذكرة والنهاية، وذكر الشهيد ومن تأخر عنه أن هذا الشرط إنما
يعتبر مع وجوب الصلاتين لا إذا كانتا مندوبتين أو أحدهما مندوبة، واحتجوا على
اعتبارها بهذا الخبر، ورواه الشيخ (2) في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام
وفي دلالته على المنع نظر، مع أنه يمكن اختصاصه ببلد حضر فيه الامام، وما ذكره
الشهيد وغيره من التفصيل لا شاهد له من جهة النص.
وقال في الذكرى: مذهب الشيخ في الخلاف ومختار صاحب المعتبر أن الامام لا
يجوز له أن يخلف من يصلي بضعفة الناس في البلد ثم أورد صحيحة محمد بن مسلم،
ثم قال: ونقل في الخلاف عن العامة أن عليا عليه السلام خلف من يصلي بالضعفة وأهل
البيت أعرف.
7 - المحاسن: عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن محمد بن سنان، عن العلا بن
الفضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس في السفر جمعة ولا أضحى ولا فطر.

(1) المحاسن: 222.
(2) التهذيب ج 3 ص 137 ط نجف.
356

قال: ورواه أبي عن خلف بن حماد، عن ربعي، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (1).
بيان: اتفق الأصحاب ظاهرا على سقوط صلاة العيد عن المسافر والمشهور
استحبابها له، لصحيحة سعد بن سعد (2) عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن المسافر إلى
مكة وغيرها هل عليه صلاة العيدين الفطر والأضحى؟ قال: نعم إلا بمنى يوم
النحر، بالحمل على الاستحباب جمعا.
8 - دعائم الاسلام: عن علي عليه السلام في القوم لا يرون الهلال فيصبحون صياما
حتى يمضي وقت صلاة العيد من أول النهار، فيشهد شهود عدول أنهم رأوه من
ليلتهم الماضية، قال: يفطرون ويخرجون من غد فيصلون صلاة العيد في أول
النهار (3).
بيان: المشهور بين الأصحاب أنه لو ثبتت الرؤية من الغد، فإن كان قبل
الزوال صليت العيد، وإن كان بعده فاتته الصلاة ولا قضاء عليه، وظاهر المنتهى
اتفاق الأصحاب عليه، وقال في الذكرى: سقطت إلا على القول بالقضاء، ونقل عن
ابن الجنيد أنه إذا تحققت الرؤية بعد الزوال أفطروا وغدوا إلى العيد لما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال فطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون، وعرفتكم
يوم تعرفون، وجه الدلالة أن الافطار يقع في الصورة المذكورة في الغد، فيكون
الصلاة فيه، ويروى أن ركبا شهدوا عنده صلى الله عليه وآله وسلم أنهم رأوا الهلال، فأمرهم أن
يفطروا وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم.
قال في الذكرى: وهذه الأخبار لم تثبت من طرقنا، ولا يخفى أنه قد ورد من
طريق الأصحاب ما يوافق هذه الأخبار، والظاهر كون ذلك مذهبا للكليني والصدوق
قدس الله روحهما حيث قال في الكافي (باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم الرؤية يوم

(1) المحاسن: 372.
(2) التهذيب ج 1 ص 335، ط حجر ج 3 ص 288 ط نجف.
(3) دعائم الاسلام ج 1 ص 187.
357

الفطر بعد ما أصبحوا صائمين) ثم أورد في هذا الباب خبرين:
أحدهما بسند صحيح، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا شهد عند الامام
شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بالافطار في ذلك اليوم، إذا كانا
شهدا قبل زوال الشمس فان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بالافطار ذلك اليوم
وأخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم.
وثانيهما عن محمد بن أحمد بن يحيى رفعه قال: إذا أصبح الناس صياما ولم
يروا الهلال، وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية، فليفطروا وليخرجوا من الغد
أول النهار إلى عيدهم (1).
وقال الصدوق في الفقيه باب ما يجب على الناس إلى آخر ما ذكره الكليني
ثم أورد الخبرين (2).
قال في المدارك: ولا بأس بالعمل بمقتضى هاتين الروايتين لاعتبار سند الأولى
وصراحتها في المطلوب، وهو حسن، ويؤيده خبر الدعائم أيضا.
ثم ظاهر الروايات كونها أداء والعامة اختلفوا في ذلك، فبعضهم ذهبوا إلى
أنه يأتي بها في الغد قضاء، وبعضهم أداء، وبعضهم نفوها مطلقا ولعل الأحوط إذا
فعلها أن لا ينوي الأداء ولا القضاء.
9 - قرب الإسناد: عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن الصادق،
عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: يكره الكلام يوم الجمعة والامام يخطب، وفي الفطر
والأضحى والاستسقاء (3).
ومنه: عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه، عليه السلام قال:
سألته عن رجل صلى العيدين وحده أو الجمعة هل يجهر فيهما بالقراءة؟ قال: لا

(1) الكافي ج 3 ص 169.
(2) الفقيه ج 2 ص 109 ط نجف.
(3) قرب الإسناد ص 70.
358

يجهر إلا الامام (1).
وسألته عن القعود في العيدين والجمعة والامام يخطب كيف أصنع أستقبل
الامام أو أستقبل القبلة؟ قال: استقبل الامام (2).
بيان: يدل على أن الجهر في الجمعة والعيدين مخصوص بالامام، وقد
مضى الكلام في الأول.
وأما الثاني فقال في التذكرة: يستحب الجهر بالقراءة في العيدين إجماعا
ويظهر من دلائله أن مراده الاستحباب للامام، ولا يظهر من الاخبار استحبابه للمنفرد
فالعمل به حسن.
قوله عليه السلام: " استقبل الامام " يشكل بأن استقبال الامام يستلزم استقبال القبلة
ولم يعهد كون الامام مستدبرا إلا أن يراد به انحراف من لم يكن محاذيا للامام
إليه ولم أر به قائلا، ويحتمل أن يراد به من يجئ إلى الامام بعد الصلاة لاستماع
الخطبة، فلا يتهيأ له الدخول في الصفوف فيجلس خلف الامام أو إلى أحد جانبيه،
وهذا ليس ببعيد وضعا وحكما، وإن لم أر به مصرحا.
10 - مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن ابن بسران، عن علي بن محمد
المقري، عن يحيى بن عثمان، عن سعيد بن حماد، عن الفضل بن موسى، عن ابن
جريح، عن عطا، عن عبد الله بن السائب قال: حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عيد فلما
قضى صلاته قال: من أحب أن يسمع الخطبة فليستمع، ومن أحب أن ينصرف
فلينصرف (3).
بيان: استدل به على استحباب استماع الخطبة لكن الخبر عامي.
11 - معاني الأخبار: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن الحسن
عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن يعقوب، عن مروان بن مسلم، عن محمد بن شريح قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن خروج النساء في العيدين فقال: لا إلا العجوز عليها منقلاها

(1) قرب الإسناد: 98.
(2) قرب الإسناد: 98.
(3) أمالي الطوسي ج 2 ص 11.
359

يعني الخفين (1).
توضيح: قال الفيروزآبادي: المنقل كمقعد الخف الخلق، وكذا النعل
كالنقل ويكسر فيهما.
أقول: لعله تأديب بلبس الخف لأنه أنسب بالستر، أو المراد به ترك
الزينة أي لا تغير نعليها وغيرهما، وهو أظهر، ويؤيد ما مر.
12 - العيون: عن أحمد بن زياد الهمداني والحسين بن إبراهيم المكتب و
علي بن عبد الله الوراق جميعا، عن علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم قال: وحدثني
الريان بن الصلت وحدثني أبي عن محمد بن عرفة وصالح بن سعيد كلهم قالوا:
لما استقدم المأمون الرضا عليه السلام وعقد له البيعة وحضر العيد، بعث إلى الرضا عليه السلام
يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ويطمئن قلوب الناس، ويعرفوا فضله، و
تقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة.
فبعث إليه الرضا عليه السلام وقال: قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في
دخولي في هذا الامر، فقال المأمون: إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة و
والجند والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم، ويقروا بما فضلك الله تعالى به،
فلم يزل يراد الكلام في ذلك.
فلما ألح إليه قال: يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي
وإن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وكما خرج أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب عليه السلام قال المأمون: اخرج كما تحب، وأمر المأمون القواد والناس
أن يبكروا إلى باب أبي الحسن عليه السلام.
فقعد الناس لأبي الحسن في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان
واجتمع القواد على باب الرضا عليه السلام فلما طلعت الشمس قام الرضا عليه السلام فاغتسل
وتعمم بعمامة بيضاء من قطن، وألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه، و
تشمر ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت، ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن

(1) معاني الأخبار: 155 ط مكتبة الصدوق.
360

بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق، وعليه ثيابه مشمرة.
فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل
إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه، والقواد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا
السلاح وتهيئوا بأحسن هيئة، فلما طلعنا عليهم بهذه الصور حفاة قد تشمرنا وطلع
الرضا عليه السلام ووقف وقفة على الباب وقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله
أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا، ورفع بذلك صوته
ورفعت أصواتنا.
فتزعزعت مرو من البكاء والصياح، فقالها ثلاث مرات، فسقط القواد عن
دوابهم ورموا بخفافهم لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام وصارت مرو ضجة واحدة
ولم يتمالك الناس من البكاء والصيحة، فكان أبو الحسن عليه السلام يمشي ويقف في كل
عشر خطوات وقفة فيكبر الله أربع مرات فيتخيل أن السماء والأرض والحيطان
تجاوبه.
وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين: يا أمير المؤمنين إن
بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس، فالرأي أن تسأله أن يرجع،
فبعث إليه المأمون فسأله أن يرجع فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه فلبسه ورجع (1).
ارشاد المفيد: قال روى علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم والريان
مثله (2).
بيان: الشاكري الأجير والمستخدم معرب چاكر ذكره الفيروزآبادي، و
القواد امراء الجيوش، والعكاز بالضم والتشديد عصا ذات زج، وقال في الذكرى
يستحب خروج الامام ماشيا حافيا بالسكينة في الأعضاء والوقار في النفس، ولما
خرج الرضا عليه السلام لصلاة العيد في عهد المأمون خرج حافيا ويستحب أن يكون
مشغولا بذكر الله في طريقه كما نقل عن الرضا عليه السلام.

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 150 - 151 في حديث وتراه في الكافي ج 1 ص 488
(2) ارشاد المفيد: 293.
361

13 - مجالس الصدوق: عن محمد بن إبراهيم الطالقاني، عن ابن عقدة الحافظ
عن المنذر بن محمد، عن إسماعيل بن عبد الله الكوفي، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل
عن الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: خطب أمير المؤمنين علي عليه السلام الناس
يوم الفطر فقال: أيها الناس إن يومكم هذا يوم يثاب به المحسنون، ويخسر فيه
المسيئون، وهو أشبه يوم بيوم قيامتكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم
خروجكم من الأجداث إلى ربكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي
ربكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة، أو النار.
واعلموا عباد الله أن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم
من شهر رمضان: أبشروا عباد الله، فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم، فانظروا كيف
تكونون فيما تستأنفون (1).
14 - العلل (2) والعيون: عن عبد الواحد بن عبدوس، عن علي بن محمد
ابن قتيبة في علل الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام:
فان قال: فلم جعل يوم الفطر العيد؟ قيل: لان يكون للمسلمين مجمعا
يجتمعون فيه، ويبرزون إلى الله عز وجل، فيحمدونه على ما من عليهم، فيكون
يوم عيد ويوم اجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ويوم تضرع، ولأنه أول يوم
من السنة يحل فيه الأكل والشرب، لان أول شهور السنة عند أهل الحق شهر
رمضان، فأحب الله عز وجل أن يكون لهم في ذلك اليوم مجمع يحمدونه فيه
ويقدسونه.
فان قال: فلم جعل التكبير فيها أكثر منه في غيرها من الصلوات؟ قيل: لان
التكبير إنما هو تعظيم لله وتمجيد [تحميد] على ما هدى وعافى كما قال الله عز وجل:
" ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم ولعلكم تشكرون " (3).

(1) أمالي الصدوق ص 61 - 62.
(2) علل الشرايع ج 1 ص 256.
(3) البقرة: 185.
362

فان قال: فلم جعل فيها اثنا عشر تكبيرة؟ قيل: لأنه يكون في ركعتين اثنا
عشر تكبيرة، فلذلك جعل فيها اثنا عشر تكبيرة، فان قال: فلم جعل سبع في الأولى و
خمس في الآخرة، ولم يسو بينهما؟ قيل: لان السنة في صلاة الفريضة أن يستفتح
بسبع تكبيرات، فلذلك بدأ ههنا بسبع تكبيرات، وجعل في الثانية خمس تكبيرات
لان التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس تكبيرات، وليكون التكبير في الركعتين
جميعا وترا وترا.
فان قال: فلم جعلت الخطبة يوم الجمعة قبل الصلاة وجعلت في العيدين بعد
الصلاة؟ قيل: لان الجمعة أمر دائم يكون في الشهر مرارا، وفي السنة كثيرا، فإذا
كثر ذلك على الناس ملوا وتركوه ولم يقيموا عليه، وتفرقوا عنه فجعلت قبل
الصلاة ليحتبسوا على الصلاة، ولا يتفرقوا ولا يذهبوا، وأما العيدين فإنما هو
في السنة مرتين وهو أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر، والناس فيه أرغب،
فان تفرق بعض الناس بقي عامتهم، وهو ليس بكثير فيملوا ويستخفوا به (1).
بيان، " على ما من عليهم " أي من توفيق صوم شهر رمضان وغيره من النعم
" ويوم فطر " أي إفطار أو زكاة الفطر، فالزكاة تأكيد له أو هي بمعنى النمو أي
الزيادة في المثوبات " على ما هدى " أي لأجل هدايته " اثنتي عشرة تكبيرة " إذ
تكبيرات الركوع والسجود خمس في كل ركعة، فمع تكبيرتي الاحرام والقنوت
تصير اثنتي عشرة تكبيرة.
15 - ثواب الأعمال: عن محمد بن إبراهيم، عن عثمان بن محمد، عن علي
ابن الحسين، عن محمد بن أحمد الطوسي، عن محمد بن أسلم، عن الحكم، عن سعيد
ابن بشير، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صام رمضان وختمه
بصدقة وغدا إلى المصلى بغسل رجع مغفورا له (2).
ومنه: عن محمد بن إبراهيم، عن عثمان بن محمد وأبي يعقوب القزاز معا عن

(1) عيون الأخبار ج 2 ص 115 - 116.
(2) ثواب الأعمال ص 102.
363

محمد بن يوسف، عن محمد بن شبيب، عن عاصم بن عبد الله، عن إسماعيل بن أبي زياد
عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان رضي الله عنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى أربع ركعات يوم الفطر بعد صلاة الامام قرأ في أولهن
سبح اسم ربك الاعلى، فكأنما قرئ جميع الكتب كل كتاب أنزله الله عز وجل
وفي الركعة الثانية والشمس وضحيها، فله من الثواب ما طلعت عليه الشمس، وفي
الثالثة والضحى فله من الثواب كأنما أشبع جميع المساكين ودهنهم ونظفهم، و
في الرابعة قل هو الله أحد ثلاثين مرة غفر الله له ذنب خمسين سنة مستقبلة وخمسين
سنة مستدبرة.
قال الصدوق رحمة الله عليه:
أقول في ذلك وبالله التوفيق: إن هذا الثواب هو لمن كان إمامه مخالفا
لمذهبه، فيصلي معه تقية ثم يصلي هذه الأربع ركعات للعيد، ولا يعتد بما صلى
خلف مخالفه، فأما إن كان إمامه يوم العيد إماما من الله عز وجل واجب الطاعة
على العباد، فصلى خلفه صلاة العيد، لم يكن له أن يصلي بعد ذلك صلاة حتى تزول
الشمس، وكذلك من كان إمامه موافقا لمذهبه وإن لم يكن مفروض الطاعة وصلى
معه العيد لم يكن له أن يصلي بعد ذلك صلاة حتى تزول الشمس، والمعتمد أنه
لا صلاة في العيدين إلا مع إمام فمن أحب أن يصلي وحده فلا بأس.
وتصديق ذلك ما حدثني به محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان،
عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا
قضاء عليه (1).
بيان: " خمسين سنة مستقبلة " أي فيما يأتي من عمره إن أتى و " المستدبرة "
ما مضى إن مضى، قوله " والمعتمد أنه لا صلاة " أي واجبة أو كاملة، والامام في
كلامه يحتمل إمام الأصل وإمام الجماعة كما في الخبر، والأخير في الخبر أظهر

(1) ثواب الأعمال: 103.
364

كما عرفت.
16 - ثواب الأعمال: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسين بن الحسن
ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان، عن الحلبي
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة العيدين هل قبلهما صلاة أو بعدهما؟ قال: ليس
قبلهما ولا بعدهما شئ (1).
ومنه: بالاسناد المتقدم، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز،
عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفطر والأضحى، قال:
ليس فيهما أذان ولا إقامة، وليس بعد الركعتين ولا قبلهما صلاة (2)
ومنه: بالاسناد عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صلاة العيدين ركعتان (*) ليس قبلهما ولا بعدهما
شئ (3).
ومنه: بالاسناد عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة
عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس يوم الفطر ولا يوم الأضحى أذان ولا
إقامة، أذانهما طلوع الشمس إذا طلعت خرجوا، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة
ومن لم يصل مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه (4).
بيان: لا خلاف في أنه ليس لصلاة العيدين أذان ولا إقامة قال في الذكرى
لا أذان لصلاة العيدين بل يقول المؤذن الصلاة ثلاثا، ويجوز رفعها باضمار خبر أو
مبتدأ، ونصبها باضمار احضروا الصلاة أو ائتوا، وقال ابن أبي عقيل يقول: الصلاة
جامعة، ودل على الأول رواية إسماعيل بن جابر (5) وكون أذانهما طلوع الشمس
لا ينافي ذلك، لجواز بينهما انتهى.
والمشهور بين الأصحاب أن وقتهما من طلوع الشمس إلى الزوال، وادعى

(1) ثواب الأعمال: 103، وهذه الأحاديث تتمة ما استدل بها على أن لا صلاة في
يوم العيد حتى تزول الشمس.
* زاد في التهذيب: بلا أذان ولا إقامة
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(4) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(5) التهذيب ج 1 ص 335، ط حجر.
365

العلامة في النهاية اتفاق الأصحاب عليه، وقال الشيخ في المبسوط: وقت صلاة
العيد إذا طلعت الشمس وارتفعت وانبسطت، وقال المفيد ره إنه يخرج قبل طلوعها
فإذا طلع صبر هنيئة ثم صلى وسيأتي في الاخبار ما ينفيه.
وحكى جماعة من الأصحاب اتفاقهم على تأخير صلاة العيد في الفطر عن
الأضحى لاستحباب الافطار في الفطر قبل خروجه بخلاف الأضحى، ولان الأفضل
إخراج الفطرة قبل الصلاة في الفطر وفي الأضحى تأخير الأضحية، فيستحب تقديم
هذه وتأخير تلك ليتسع الوقت لهما.
" فلا صلاة له " أي كاملة أو مع إمكان حضور الجماعة، وأما عدم وجوب القضاء
مع خروج الوقت فهو المشهور بين الأصحاب، سواء كان فرضا أو نفلا، تركها عمدا
أو نسيانا.
وقال الشيخ في التهذيب: من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب عليه القضاء و
يجوز له أن يصلي إن شاء ركعتين، وإن شاء أربعا من غير أن يقصد بها القضاء.
وقال ابن إدريس يستحب قضاؤها وقال ابن حمزة إذا فات لا يلزم قضاؤها إلا إذا
وصل في حال الخطبة وجلس مستمعا لها، وقال ابن الجنيد من فاتته ولحق الخطبتين
صلاها أربعا مفصولات، يعنى بتسليمتين، ونحوه قال علي بن بابويه إلا أنه قال:
يصليها بتسليمة (1) وهذه الرواية تدل على سقوط القضاء، وربما يحمل على المختار

(1) قد عرفت فيما سبق أن صلاة العيدين سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله تبعا لصلاة الجمعة
لتكون النوافل ضعفي الفريضة كملا: عددا ووصفا، وإذا كانت صلاة العيدين محرمة لعدم
وجود شرائط الوجوب على ما عرفت في أبحاث صلاة الجمعة، كانت الصلاة بدلها أربعا
كالظهر بدل الجمعة، لا أن البدل في يوم الجمعة فرض كأصلها فصارت أربعا متصلة وفى
العيدين سنة كأصلها فصارت أربعا منفصلة بينهما بتسليم، وكما أن المصلى في صلاة ظهر
الجمعة يقرء سورة الجمعة والمنافقين ويجهر فيهما بالقراءة ايذانا بأصلها، فكذلك في
صلاة الفطر يقرء سورة الاعلى والليل أو الشمس وأشباههما مما فيه ذكر الصلاة والزكاة
ويقرء في صلاة الأضحى سورة الغاشية والضحى وأشباههما مما فيه ذكر التضحية
والبدن.
366

جمعا، وروى بسند ضعيف عامي (1) من فاتته العيد فليصل أربعا، ويدل على
مذهب ابن حمزة رواية زرارة (2) وفي سندها جهالة والأحوط بل الأظهر
عدم القضاء.
17 - فقه الرضا: قال عليه السلام: اعلم يرحمك الله أن الصلاة في العيدين واجب
فإذا طلع الفجر من يوم العيد فاغتسل، وهو أول أوقات الغسل، ثم إلى وقت الزوال
والبس أنظف ثيابك وتطيب وأخرج إلى المصلى، وابرز تحت السماء مع الامام
فان صلاة العيدين مع الامام مفروضة، ولا يكون إلا بامام وبخطبة. وقد روى في
الغسل إذا زالت الليل يجزئ من غسل العيدين.
وصلاة العيدين ركعتان وليس فيهما أذان ولا إقامة، والخطبة بعد الصلاة
في جميع الصلوات غير يوم الجمعة، فإنها قبل الصلاة، وقرأ في الركعة الأولى
هل أتيك حديث الغاشية، وفى الثانية والشمس أو سبح اسم ربك، وتكبر في
الركعة الأولى بسبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات، تقنت بين كل
تكبيرتين.
والقنوت أن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وآله اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت وأهل العفو
والمغفرة، وأهل التقوى والرحمة أسئلك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا،
ولمحمد ذخرا ومزيدا أن تصلي عليه وعلى آله، وأسئلك بهذا اليوم الذي شرفته
وكرمته وعظمته وفضلته بمحمد صلى الله عليه وآله أن تغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات
والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك مجيب الدعوات يا
أرحم الراحمين.

(1) التهذيب ج 1 ص 291، عن أبي البختري عن الصادق (ع).
(2) التهذيب ج 1 ص 291.
367

فإذا فرغت من الصلاة فاجتهد في الدعاء ثم ارق المنبر فاخطب بالناس إن
كنت تؤم بالناس، ومن لم يدرك مع الامام الصلاة فليس عليه إعادة.
وصلاة العيدين فريضة واجبة مثل صلاة يوم الجمعة إلا على خمسة: المريض
والمرأة، والمملوك، والصبي، والمسافر، ومن لم يدرك مع الامام ركعة فلا
جمعة له، ولا عيد له، وعلى من يؤم الجمعة إذا فاته مع الامام أن يصلي أربع ركعات
كما كان يصلي في غير الجمعة.
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام صلى بالناس صلاة العيد فكبر في الركعة الأولى
بثلاث تكبيرات، وفي الثانية بخمس تكبيرات، وقرأ فيهما بسبح اسم ربك الاعلى
وهل أتيك حديث الغاشية، وروي أنه كبر في الثانية بخمس وركع بالخامسة،
وقنت بين كل تكبيرتين حتى إذا فرغ دعا وهو مستقبل القبلة ثم خطب.
وقال عليه السلام في موضع آخر: إذا أصبحت يوم الفطر اغتسل وتطيب وتمشط
والبس أنظف ثيابك، وأطعم شيئا من قبل أن تخرج إلى الجبانة، فإذا أردت الصلاة
فأبرز إلى تحت السماء، وقم علي الأرض، ولا تقم على غيرها، وأكثر من ذكر الله
والتضرع إلى الله عز وجل، وسله أن لا يجعل منك آخر العهد.
بيان: إجزاء الغسل بعد صلاة الليل خلاف المشهور، ولا خلاف في استحباب
الاصحار بها والخروج إلى موضع ينظر إلى آفاق السماء، إلا بمكة زادها الله شرفا
إما لشرف البيت أو لعدم صحراء قريب، وألحق بها ابن الجنيد المدينة لحرمة
رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قياس، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخرج
منها إلى البقيع.
وحكى العلامة في التذكرة اتفاق الأصحاب على وجوب قراءة سورة مع الحمد
وأنه لا يتعين في ذلك سورة مخصوصة، واختلفوا في الأفضل فقال الشيخ في الخلاف
والمفيد والسيد وأبو الصلاح وابن البراج وابن زهرة أنه الشمس في الأولى
والغاشية في الثانية، وقال في المبسوط والنهاية، والعلامة والصدوق في الأولى
368

الاعلى، وفي الثانية الشمس، وكلاهما حسن، والأول أصح سندا لصحيحة
جميل (1) قال: سألته ما يقرأ فيهما؟ قال الشمس وضحيها، وهل أتيك حديث الغاشية
وأشباههما، وهي لا تدل على ترتيب فلا ينافي ما في المتن و " أشباههما " يشمل الاعلى
أيضا وفي رواية إسماعيل بن جابر (2) وفي سندها جهالة يقرأ في الأولى سبح اسم
ربك الاعلى وفي الثانية والشمس وضحيها.
وقوله عليه السلام: " بين كل تكبيرتين " على التغليب أو المراد غير تكبيرة الاحرام
والقنوت مخالف لسائر الروايات ففي بعضها في كل تكبيرة قنوت مغاير للأخرى وفي
بعضها قنوت واحد شبيه بما في الخبر.
واستحباب الافطار في الفطر قبل الخروج وفي الأضحى بعد الصلاة من الأضحية
إجماعي.
وقال في الذكرى: قد روينا أنه يستحب مباشرة الأرض في صلاة العيد بلا
حائل.
18 - العياشي: عن المحاملي، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول
الله تعالى: " خذوا زينتكم عند كل مسجد " قال الأردية في العيدين والجمعة (3).
19 - رجال الكشي: عن أحمد بن إبراهيم القرشي، عن بعض أصحابنا قال:
كان المعلى بن خنيس ره إذا كان يوم العيد خرج إلى الصحراء شعثا مغبرا في ذل لهوف
فإذا صعد الخطيب المنبر مد يديه نحو السماء ثم قال: " اللهم هذا مقام خلفائك و
وأصفيائك وموضع امنائك الذين خصصتهم بها، انتزعوها، وأنت المقدر للأشياء
لا يغلب قضاؤك، ولا يجاوز المحتوم من قدرك كيف شئت وأنى شئت، علمك في
إرادتك كعلمك في خلقك، حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مستترين،
يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا، وفرائضك محرفة عن جهات شرائعك وسنن

(1) التهذيب ج 1 ص 289.
(2) التهذيب ج 1 ص 290.
(3) تفسير العياشي ج 2 ص 13.
369

نبيك صلواتك عليه متروكة اللهم العن أعداءهم من الأولين والآخرين، والغادين
والرائحين والماضين والغابرين، اللهم العن جبابرة زماننا وأشياعهم وأتباعهم و
أحزابهم وإخوانهم إنك على كل شئ قدير (1).
بيان: قال الجوهري الشعث انتشار الامر ومصدر الأشعث وهو المغبر الرأس
والذل مضاف إلى اللهوف، وهو الحزين المتحسر ويدل على استحباب إظهار الحزن
في العيدين عند استيلاء أئمة الضلال ومغلوبية أئمة الهدى صلوات الله عليهم، إذ
فعل أجلاء أصحاب الأئمة عليهم السلام حجة في أمثال ذلك، مع أن فيه التأسي بهم
عليهم السلام لما سيأتي من أنه يتجدد حزنهم في كل عيد، لأنهم يرون حقهم في
يد غيرهم، وهو لا يدل على حرمة الصلاة أو عدم وجوبها في زمان الغيبة، لما مر في
صلاة الجمعة.
والضمير في قوله: " بها " راجع إلى الموضع نظرا إلى معناه، فان المراد به
الخلافة، وفي الصحيفة (2) " مواضع " بصيغة الجمع " علمك في إرادتك " لعل المعنى
أنه لا يتغير علمك بالأشياء قبل وقوعها وبعده، وقوله " حتى عاد " غاية للانتزاع
" والغادين والرائحين " أي الذين يخلقون أو يأتون للضرر والعداوة بالغدو
والرواح.
20 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام
قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج السلاح إلى العيدين إلا أن يكون عدو
حاضر (3).
بيان: هذا الخبر رواه الشيخ (4) عن السكوني عن الصادق عليه السلام، وقال في
الذكرى: يكره الخروج بالسلاح لمنافاته الخضوع والاستكانة، ولو خاف عدوا لم يكره

(1) رجال الكشي ص 381 ط المصطفوي، وفيه: في زي ملهوف، وهو الصحيح.
(2) راجع الصحيفة السجادية الدعاء 48 ص 277 ط الآخوندي.
(3) نوادر الراوندي ص 51.
(4) التهذيب ج 1 ص 292.
370

ثم ذكر الخبر.
21 - الاقبال: قال: روى محمد بن أبي قرة باسناده عن الصادق عليه السلام أنه
سئل عن صلاة الأضحى والفطر قال: صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة (1).
22 - مجمع البيان: عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى. " خذوا زينتكم
عند كل مسجد " أي خذوا زينتكم التي تتزينون بها للصلاة في الجمعات
والأعياد (2).
بيان: يمكن تعميم الآية ويكون التخصيص في الخبر لكونه فيها آكد، و
قد مر الكلام فيها.
23 - الاقبال: روى محمد بن أبي قرة في كتابه باسناده إلى سليمان بن حفص
عن الرجل عليه السلام قال: الصلاة يوم الفطر بحيث لا يكون على المصلي سقف إلا
السماء (3).
وباسناده عن محمد بن الحسن بن الوليد باسناده، عن أبي عبد الله عليه السلام أن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخرج حتى ينظر إلى آفاق السماء، قال: لا يصلين يومئذ على
بارية ولا بساط، يعنى في صلاة العدين (4).
وباسناده إلى يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير
المرادي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج بعد طلوع
الشمس (5).
وباسناده عن أبي محمد هارون بن موسى باسناده، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام
وقال: لا تخرج عن بيتك إلا بعد طلوع الشمس (6)

(1) اقبال الاعمال ص 285.
(2) مجمع البيان ج 4 ص 421.
(3) اقبال الاعمال: 285.
(4) اقبال الاعمال: 285.
(5) الاقبال ص 281.
(6) الاقبال ص 281.
371

24 - المقنعة: روي أن الامام يمشي يوم العيد، ولا يقصد المصلى راكبا، و
لا يصلي على بساط، ويسجد على الأرض، وإذا مشى رمى ببصره إلى السماء ويكبر
بين خطواته أربع تكبيرات، ثم يمشي.
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله كان يلبس في العيدين بردا ويعتم شاتيا كان أو
قايظا.
وروى أن أول من غير الخطبة في العيدين فجعلها قبل الصلاة عثمان بن عفان
وذلك أنه لما أحدث أحداثه التي قتل بها كان إذا صلى تفرق عنه الناس وقالوا ما
نصنع بخطبته؟ وقد أحدث ما أحدث؟ فجعلها قبل الصلاة.
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل
وليتطيب بما وجد، وليصل وحده كما يصلي في الجماعة.
وروى عنه عليه السلام في قوله عز وجل " خذوا زينتكم عند كل مسجد " قال:
لصلاة العيدين والجمعة.
وروي أن الزينة هي العمامة والرداء.
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: اجتمع صلاة عيد وجمعة في زمن أمير -
المؤمنين عليه السلام: فقال: من شاء أن يأتي الجمعة فليأت، ومن لم يأت
فلا يضره (1).
25 - الاقبال: روينا باسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري - رحمه الله -
باسناده إلى حريز بن عبد الله، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان
أمير المؤمنين عليه السلام لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ويؤدي الفطرة، وكان
لا يأكل يوم الأضحى شيئا حتى يأكل من أضحيته.
قال أبو جعفر عليه السلام: وكذلك نحن (2).
ومنه: قال: روينا باسنادنا إلى التلعكبري رضي الله عنه باسناده إلى الرضا

(1) المقنعة: 33.
(2) الاقبال: 280.
372

عليه السلام قال: قلت له: يا سيدي إنا نروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان إذا أخذ في
طريق لم يرجع فيه، وأخذ في غيره؟ فقال: هكذا كان نبي الله صلى الله عليه وآله يفعل، وهكذا
أفعل أنا، وهكذا كان أبي عليه السلام يفعل، وهكذا فافعل، فإنه أرزق لك، وكان النبي صلى الله عليه وآله
يقول: هذا أرزق للعباد (1)
26 - كتاب عاصم بن حميد: عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: قال الناس لعلي عليه السلام: ألا تخلف رجلا يصلي بضعفة الناس في العيدين؟ قال:
فقال: لا أخالف السنة.
27 - دعائم الاسلام: عن علي عليه السلام أنه كان يكره أن يطعم شيئا يوم الأضحى
حتى يرجع من المصلى.
وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من استطاع أن يأكل ويشرب قبل أن
يخرج إلى المصلى يوم الفطر فليفعل، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يضحي.
وعنه عليه السلام أنه كان يقول في دعائه في العيدين والجمعة: اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد
أو استعد لوفادة على مخلوق رجاء رفده وجائزته ونوافله، فإليك يا سيدي كان
تهيؤي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك وجائزتك ونوافلك، فاني لم آتك بعمل
صالح قدمته ولا شفاعة مخلوق رجوته، أتيتك مقرا بالذنوب والإساءة على نفسي،
يا عظيم يا عظيم، اغفر لي الذنب العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت، يا عظيم
لا إله إلا أنت.
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: ينبغي لمن خرج إلى العيد أن يلبس أحسن
ثيابه، ويتطيب بأحسن طيبه، وقال [في قول الله] عز وجل " يا بني آدم خذوا
زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " قال ذلك
في العيدين والجمعة.
قال: وينبغي للامام أن يلبس يوم العيد بردا وأن يعتم شاتيا كان أو
صائفا.

(1) الاقبال: 281.
373

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه رخص في إخراج السلاح للعيدين إذا حضر
العدو.
وعن علي عليه السلام أنه كان يمشي في خمس مواطن حافيا ويعلق نعليه بيده اليسرى
وكان يقول إنها مواطن لله فأحب أن أكون فيها حافيا: يوم الفطر، ويوم النحر،
ويوم الجمعة، وإذا عاد مريضا، وإذا شهد جنازة.
وعن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: ولا يصلي في العيدين في السقايف ولا في
البيوت، فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخرج فيها حتى يبرز لأفق السماء ويضع جبهته
على الأرض.
وعن علي عليه السلام أنه قيل له يا أمير المؤمنين لو أمرت من يصلي بضعفاء الناس
يوم العيد في المسجد؟ قال أكره أن أستن سنة لم يستنها رسول الله صلى الله عليه وآله.
وعن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وآله في خروج النساء
العواتق للعيدين للتعرض للرزق يعنى النكاح.
وعنه عليه السلام أنه قال: يستقبل الناس الامام إذا خطب يوم العيد و
ينصتون.
وعنه عليه السلام أنه قال: ليس في العيدين أذان ولا إقامة ولا نافلة، ويبدء
فيهما بالصلاة قبل الخطبة خلاف الجمعة، وصلاة العيدين ركعتان يجهر فيهما
بالقراءة.
وعنه عليه السلام أنه قال: التكبير في صلاة العيد يبدء بتكبيرة يفتتح فيها بالقراءة
وهي تكبيرة الاحرام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب والشمس وضحيها، ويكبر خمس
تكبيرات ثم يكبر للركوع فيركع ويسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب وهل أتيك
حديث الغاشية ثم يكبر أربع تكبيرات ثم يكبر تكبيرة الركوع، ويركع ويسجد
ويتشهد ويسلم، ويقنت بين كل تكبيرتين قنوتا خفيفا.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان إذا انصرف من المصلى يوم العيد لم ينصرف
على الطريق الذي خرج عليه.
374

وعن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه سئل عن الرجل لا يشهد العيد هل
عليه أن يصلي في بيته؟ قال: نعم ولا صلاة إلا مع إمام عدل، ومن لم يشهد من رجل
أو امرأة صلى أربع ركعات ركعتين للعيد وركعتين للخطبة وكذلك من لم يشهد العيد
من أهل البوادي يصلون لأنفسهم أربعا.
وعن علي عليه السلام أنه قال: ليس على المسافر عيد ولا جمعة.
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة فصاعدا
مع إمام في مصر فعليهم أن يجمعوا للجمعة والعيدين.
وعن علي عليه السلام أنه اجتمع في خلافته عيدان في يوم واحد جمعة وعيد فصلى
بالناس صلاة العيد ثم قال قد أذنت لمن كان مكانه قاصيا - يعني من أهل البوادي - أن
ينصرف، ثم صلى الجمعة بالناس في المسجد (1).
بيان: قال في النهاية العاتق الشابة أول ما تدرك، وقيل: هي التي لم تبن
من والديها ولم تزوج، وقد أدركت وشبت، ويجمع على العتق والعوانق،
ومنه حديث أم عطية أمرنا أن نخرج في العيدين الحيض والعتق، وفي الرواية
العواتق انتهى.
قوله: " يعني النكاح " التفسير إن كان من المصنف فلا وجه له، إذ يمكن
حمله على ظاهره، بأن تخرج لاخذ الفطرة ولحم الأضحية وغيرهما، ويمكن أن
يكون ما ذكره داخلا فيه أيضا.
وقال في التذكرة: ويستحب إذ مشى في طريق أن يرجع في غيرها وبه قال
مالك، والشافعي وأحمد لان رسول الله صلى الله عليه وآله فعله إما قصدا لسلوك الابعد في
الذهاب ليكثر ثوابه بكثرة خطواته إلى الصلاة، ويعود في الأقرب لأنه أسهل، و
هو راجع إلى منزله، أو ليشهد الطريقان أو ليساوي بين الطريقين في التبرك بمروره
وسرورهم برؤيته وينتفعون بمسألته، أو ليتصدق على أهل الطريقين من الضعفاء

(1) دعائم الاسلام ج 1 ص 185 - 187.
375

أو ليتبرك الطريقان بوطئه عليهما، فينبغي الاقتداء به لاحتمال بقاء المعنى الذي فعله
من أجله، ولأنه قد يفعل الشئ لمعنى ويبقى في حق غيره سنة مع زوال المعنى
كالرمل والاضطجاع (1) في طواف القدوم؟ فعله هو وأصحابه لاظهار الجلد وبقي سنة
بعد زوالهم انتهى.

(1) كذا في مطبوعة الكمباني وهكذا أصل المؤلف العلامة بخط يده الشريفة،
وهو سهو، والصحيح الاضطباع، قال ابن هشام في السيرة ج 2 ص 371: قال ابن إسحاق
فحدثني من لا أتهم عن ابن عباس قال: صفوا له عند دار الندوة - يعنى في عمرة القضاء -
لينظروا إليه وإلى أصحابه.
فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد، اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى، ثم قال:
رحم الله امرءا أراهم اليوم من نفسه قوة، ثم استلم الركن وخرج يهرول ويهرول أصحابه
معه حتى إذا واراه البيت منهم واستلم الركن اليماني مشى حتى يستلم الركن الأسود
ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف ومشى سائرها.
وقال الجوهري: والاضطباع الذي يؤمر به الطائف بالبيت: أن تدخل الرداء من
تحت إبطك الأيمن وترد طرفه على يسارك وتبدي منكبك الأيمن وتغطى الأيسر، وسمى
بذلك لابداء أحد الضبعين وهو التأبط أيضا، عن الأصمعي.
وقال: الهرولة ضرب من العدو، وهو بين المشي والعدو.
وأما حكم ذلك، فعلى ما في السيرة - سيرة ابن هشام أنه كان ابن عباس يقول:
كان الناس يظنون أنها ليست عليهم، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما صنعها لهذا الحي من
قريش للذي بلغه عنهم حتى إذا حج حجة الوداع فلزمها، فمضت السنة.
أقول: وفى حديث جابر (مشكاة المصابيح ص 224) وقصة حجة وداعه صلى الله عليه وآله أنه
صلى الله عليه وآله " استلم الركن فطاف سبعا: فرمل ثلاثا ومشى أربعا " وأما الرمل بين الحج و
الركن اليماني فقط والاضطباع بالأردية، فهو مخصوص بعمرة القضاء، فعله صلى الله عليه وآله لأجل
قريش على وردت به روايات الفريقين.
ففي العلل عن أبيه، عن سعد بن عبد الله: عن أحمد بن أبي عبد الله; عن ابن فضال
عن ثعلبة، عن زرارة أو محمد الطيار [محمد بن مسلم] خ ل، قال: سألت أبا جعفر
عليه السلام عن الطواف أيرمل فيه الرجل؟ فقال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما أن قدم مكة، و
كان بينه وبين المشركين الكتاب الذي قد علمتم، أمر الناس أن يتجلدوا، وقال: أخرجوا
أعضادكم، وأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله عضديه ثم رمل بالبيت ليريهم أنهم لم يصبهم جهد، فمن
أجل ذلك يرمل الناس، واني لأمشي مشيا؟ وقد كان علي بن الحسين يمشى مشيا.
وروى في العلل أيضا بهذا الاسناد عن ثعلبة عن يعقوب الأحمر قال: قال أبو عبد الله (ع)
كان في غزوة الحديبية وادع رسول الله صلى الله عليه وآله أهل مكة ثلاث سنين (ثلاثة أيام ظ) ثم دخل
فقضى نسكه، فمر رسول الله صلى الله عليه وآله بنفر من أصحابه جلوس في فناء الكعبة فقال: هؤلاء
قومكم على رؤس الجبال لا يرونكم فيروا فيكم صعفا، فقاموا فشدوا أزرهم وشدوا أيديهم
(أرديتهم ظ) على أوساطهم ثم رملوا.
376

وأقول: ويحتمل في حقه صلى الله عليه وآله علة أخرى وهي أن لا يكمنوا له في الطريق
بعد الاياب، فيحتمل اختصاصه بمثله، والتعميم وهو أظهر كما ذكره - رحمه الله -
وقد مر في الخبر التعميم، والتعليل بأنه أرزق.
ونقل في المنتهى اتفاق الأصحاب على اشتراط العدد في وجوب العيد
كالجمعة، والقول بالخمسة والسبعة كما في الجمعة والاكتفاء بالخمسة هنا أظهر
لصحيحة الحلبي (1).
وقال في الذكرى: فرق ابن أبي عقيل رحمه الله في العدد بين العيدين والجمعة
فذهب إلى أن العيدين يشترط فيه سبعة واكتفى في الجمعة بالخمسة (2) والظاهر
أنه رواه لأنه قال: لو كان إلى القياس لكانا جميعا سواء، ولكنه تعبد من الخالق

(1) الفقيه ج 1 ص 331.
(2) قد عرفت في ج 89 ص 777 و 180، أن الخمسة شرط الانعقاد في القرى
وغير ذلك من موارد القلة في العدد وأن السبعة شرط الوجوب بمعنى أن السبعة المذكورة
في الحديث إشارة إلى بسط يد الامام كما قال علي عليه السلام: لا جمعة ولا تشريق الا في
مصر جامع.
377

سبحانه، ولم نقف على روايته، فالاعتماد على المشهور المعتضد بعموم أدلة
الوجوب انتهى.
ثم المشهور بين الأصحاب أنه إذا اجتمع عيد وجمعة تخير من صلى العيد في حضور
الجمعة وعدمه، وقال ابن الجنيد في ظاهر كلامه باختصاص الرخصة بمن كان قاصي
المنزل كما هو ظاهر هذه الرواية، واختاره العلامة، وقال أبو الصلاح قد وردت
الرواية إذا اجتمع عيد وجمعة أن المكلف مخير في حضور أيهما شاء.
والظاهر في المسألة وجوب عقد الصلاتين وحضورهما على من خوطب بذلك
وقريب منه كلام ابن البراج وابن زهرة والأول أظهر كما هو أشهر لصحيحة
الحلبي (1) ويدل على مذهب ابن الجنيد رواية إسحاق بن عمار (2) عن جعفر
عن أبيه أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد
فإنه ينبغي للامام أن يقول للناس في خطبته الأولى إنه قد اجتمع لكم عيدان فأنا
أصليهما جميعا فمن كان مكانه قاصيا وأحب أن ينصرف عن الاخر فقد أذنت له، و
في السند والدلالة ضعف، والأحوط الحضور لهما جميعا مطلقا
وقال في الذكرى: القرب والبعد من الأمور الإضافية (3) فيصدق القاصي على
من بعد بأدنى بعد، فيدخل الجميع إلا من كان مجاورا للمسجد، وربما صار بعض
إلى تفسير القاصي بأهل القرى دون أهل البلد، لأنه المتعارف انتهى، وما ذكره أخيرا
ليس ببعيد، كما حمله صاحب الكتاب على مثله، وإن كان العرف قد يشهد لبعض أهل
البلد أيضا لكن شموله له غير معلوم.
وقال في المنتهى: ويستحب أن يعلم الامام الناس في خطبته وقال المحقق

(1) الفقيه ج 1 ص 323.
(2) التهذيب ج 1 ص 292.
(3) ولعل المراد بالقاصي من جاء من أقصى الفرسخين طلبا للثواب: فيجوز له أن
يرجع من قبل النداء، وأما من جاء من دون الفرسخين، فحكم الجمعة فيه باق على محله
لان السنة لا تغنى عن الفرض.
378

وجماعة: وعلى الامام أن يعلمهم، وظاهره الوجوب، والأحوط ذلك، وإن كان
ظاهر خبر إسحاق الاستحباب، وهل يحب على الامام الحضور حتى إذا اجتمع العدد
صلى الجمعة وإلا الظهر؟ قيل نعم، وهو المشهور وظاهر كلام الشيخ في الخلاف ثبوت
التخيير بالنسبة إلى الامام أيضا ولعل الأول أقرب.
28 - الهداية: واغتسل في العيدين جميعا تطيب وتمشط، والبس أنظف
ثوب من ثيابك، وابرز إلى تحت السماء، وقم على الأرض ولا تقم على غيرها،
وكبر تكبيرات تقول بين كل تكبيرتين ما شئت من كلام حسن من تحميد وتهليل
ودعاء ومسألة، وتقرأ الحمد وسبح اسم ربك الاعلى، وتركع بالسابعة وتسجد
وتقوم وتقرأ الحمد والشمس وضحيها وتكبر خمس تكبيرات وتركع بالخامسة
وتسجد وتتشهد وتسلم.
وإن صليت جماعة بخطبة صليت ركعتين، وإن صليت بغير خطبة صليت أربعا
بتسليمة واحدة.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: من فاته العيد فليصل أربعا.
وقال أبو جعفر عليه السلام من السنة أن يبرز أهل الأمصار من أمصارهم إلى العيدين
إلا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد الحرام.
ومن السنة أن يطعم الرجل في الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى وفي الأضحى
بعد ما ينصرف، ولا صلاة يوم العيد بعد صلاة العيد حتى تزول الشمس (1)
29 - المتهجد: صفة صلاة العيد أن يقوم مستقبل القبلة، فيستفتح الصلاة
؟؟ جه فيها ويكبر تكبيرة الافتتاح، فإذا توجه قرأ الحمد وسبح اسم ربك
الاعلى، ثم يرفع يديه بالتكبير فإذا كبر قال:
اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو و
الرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، أسئلك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين
عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تدخلني

(1) الهداية ص 53 - 54 ط الاسلامية.
379

في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأن تخرجني من كل سوء أخرجت منه
محمدا وآل محمد، صلواتك عليه وعليهم، اللهم إني أسئلك خير ما سألك به عبادك
الصالحون، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك الصالحون.
ثم ذكر الصلاة على المشهور وذكر في الثانية والشمس وضحيها (1)
الاقبال: واعلم أننا وقفنا على عدة روايات في صفات صلاة العيد باسنادنا
إلى ابن أبي قرة وإلى أبي جعفر بن بابويه وإلى أبي جعفر الطوسي وها نحن ذاكرون
رواية واحدة، ثم ذكر رواية المتهجد كما نقلنا (2).
30 - المقنعة: قال في القنوت تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود
والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة أسئلك في هذا اليوم الذي
جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد
كأفضل ما صليت على عبد من عبادك، وصل على ملائكتك ورسلك، واغفر للمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والأموات اللهم إني أسئلك
من خير ما سألك عبادك المرسلون، وأعوذ بك من شر ما عاذ بك منه عبادك
المرسلون (3).
بيان: ما ذكره المفيد ره رواه الشيخ في التهذيب (4) باسناده عن محمد بن علي
ابن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن جابر
عن أبي جعفر عليه السلام وروى أيضا (5) عن علي بن حاتم، عن سليمان الرازي، عن أحمد
ابن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن محمد بن عيسى بن أبي منصور، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال تقول بين كل تكبيرتين في صلاة العيدين، اللهم أهل الكبرياء و

(1) مصباح المتهجد ص 454.
(2) اقبال الاعمال: 289.
(3) المقنعة: 33.
(4) التهذيب ج 1 ص 292.
(5) التهذيب ج 1 ص 292.
380

العظمة إلى آخر ما ذكره المفيد، وأما ما ذكره الشيخ في المصباح فلم أره في رواية (1)
والظاهر أنه مأخوذ من رواية معتبرة عنده اختاره فيه، إذ لا سبيل للاجتهاد
في مثله.
و " أهل التقوى " أي أهل أن تتقي الخلق سطوته وعذابه، والعيد مأخوذ
من العود قلبت واوه ياء لكثرة عوائد الله فيه، أو لعود السرور والرحمة بعوده، و
الذخر بالضم ما يدخره الانسان ويختاره لنفسه " ومزيدا " أي محلا لزيادة الرحمات
والبركات عليه وعلى أمته صلى الله عليه وآله " وأن تدخلني في كل خير " لعل المراد في نوع
كل خير وإن كان قليلا منه، لئلا يكون اعتداء في الدعاء.

(1) الا ما رواه في الاقبال كما مر، وقد استدرك ذلك المؤلف العلامة في هامش نسخة
الأصل راجعه في المقدمة.
381

صورة فتوغرافية من نسخة الأصل الأول صفحة منها تراها في ص 345 من هذا المجلد.
382

صورة فتوغرافية أخرى من نسخة الأصل تراها في صر 380.
383

بسمه تعالى
انتهى الجزء الحادي عشر من المجلد الثامن عشر من كتاب بحار الأنوار وهو الجزء المتمم للتسعين (87) حسب
تجزئتنا في هذه الطبعة النفيسة الرائقة، ويليه في الجزء
88 تتمة كتاب الصلاة إنشاء الله تعالى.
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه وتنميقه ومقابلته فخرج
بحمد الله ومنه نقيا من الأغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ عنه
البصر وحسر عنه النظر لا يكاد يخفى على القراء الكرام
ومن الله العصمة وبه الاعتصام.
السيد إبراهيم الميانجي - محمد الباقر البهبودي
384

كلمة المصحح: -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعترته الطاهرين.
وبعد: فهذا هو الجزء الحادي عشر من المجلد الثامن عشر، من كتاب
البحار وقد انتهى رقمه في سلسلة أجزاء هذه الطبعة النفيسة الرائقة إلى 87 حوى
في طيه سبعة أبواب من كتاب الصلاة، وقد قابلناه على طبعة الكمباني المشهورة بطبع
أمين الضرب، وهكذا على نص المصادر التي استخرجت الأحاديث منها، ومن باب
وجوب صلاة العيدين ص 345 إلى آخر الكتاب على نسخة الأصل التي هي بخط
يد المؤلف العلامة المجلسي - رضوان الله عليه - ترى في الورقي التالي صورتين
فتوغرافيتين منها.
وهذه النسخة لخزانة كتب الفاضل البحاث الوجيه الموفق المرزا فخر الدين
النصيري الأميني زاده الله توفيقا لحفظ كتب السلف عن الضياع والتلف، أودعها
عندنا منذ عهد بعيد للعرض والمقابلة، خدمة للدين وأهله، فجزاه الله عنا وعن
المسلمين أهل الثقافة والعلم خير الجزاء المحسنين.
ومما وفقنا الله العزيز العلام أن أوقفنا على سقط ونقص وقع في طبعة الكمباني
وهو نحو أربع صفحات رحلية (من أدعية الأسبوع)، فألحقناها بموضعها من ص
147 إلى ص 157 من طبعتنا هذه النفيسة، راجع في ذلك ذيل ص 147 وص 157
وهكذا راجع بيان المؤلف العلامة قدس الله سره في شرح هذه الأدعية الساقطة وتوضيح
مشكلاتها، وقد وقع في طبعتنا هذه من ص 234 - 244.
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لاتمام هذه الخدمة المرضية بمنه وحوله وقوته
والله هو الملهم للصواب.
المحتج بكتاب الله على الناصب - محمد الباقر البهبودي
ذو الحجة الحرام عام 1391 ه‍. ق
385