الكتاب: المستجاد من الإرشاد (المجموعة)
المؤلف: العلامة الحلي
الجزء:
الوفاة: ٧٢٦
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤٠٦
المطبعة: الصدر
الناشر: مكتب آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية / اسم المجموعة : مجموعه نفيسه / بإهتمام : السيد محمود المرعشي

المستجاد
من كتاب الارشاد
تأليف
العلامة جمال الحق والدين حسن بن المطهر الحلي
قدس سره
متوفى 726
1

المستجاد من كتاب الارشاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عظيم الشأن قوى السلطان ذي النعم والاحسان
والكرم والامتنان الذي هدانا بسيد الأنبياء وأعظم
الأزكياء وأعلى الأصفياء محمد المصطفى أكرم
الخلايق أجمعين وصفوة رب العالمين ووقانا
بخير الأولياء وأشرف الأوصياء وامام الأتقياء
على المرتضى أمير المؤمنين وأفضل الصديقين
صلى الله عليهما صلاة أبد الآبدين ودهر الداهرين
2

وعلى آلهما أئمة الدين وهداة المسلمين وعلى أصحابهما
أكارم الأمجدين والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين
اما بعد فهذا كتاب مشتمل على أسماء أئمة الهدى عليهم السلام
وتاريخ أعمارهم وذكر مشاهدهم وأسماء أولادهم وذكر
طرف من اخبارهم المفيدة لعلم أحوالهم ليقف الطالب
على ذلك وقوف العارف بهم ويظهر له فرق ما بين الدعوى
والاعتقاد موسوم بالمستجاد من كتاب الارشاد.
والله الموفق للسداد المكافى يوم المعاد باب
ذكر الخبر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أول أئمة
المؤمنين وولاة المسلمين وخلفاء الله تع في الدين بعد
رسول الله الصادق الأمين محمد بن عبد الله
خاتم النبيين صلوات الله عليه وآله الطاهرين اخوه
3

وابن عمه ووزيره على امره وصهره على ابنته فاطمة
سيدة نساء العالمين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف سيد الوصيين
على أفضل الصلاة والتسليم كنيته أبو الحسن
ولد بمكة في البيت الحرام في يوم الجمعة لثلاث عشر من
رجب سنه 30 ثلاثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولا
بعده مولود في بيت الله تع سواه اكراما من الله تعالى
له بذلك واجلالا لمحله في التعظيم وأمه فاطمة
بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها و
كانت كالأم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ربى في حجرها وكان شاكرا لبرها وآمنت به صلى الله عليه وآله
وسلم في الأولين وهاجرت معه في جملة
4

المهاجرين ولما قبضها الله تع إليه كفنها النبي صلى الله عليه وآله
وسلم بقميصه ليدرء به عنها هو أم الأرض
وتوسد في قبرها لتأمن بذلك من ضغطة القبر و
لقنها الاقرار بولاية ابنها أمير المؤمنين صلوات الله
عليه لتجيب به عند المسائلة بعد الدفن فخصها بهذا
الفضل العظيم لمنزلتها من الله ومنه عليه السلام والخبر
بذلك مشهور وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
واخوته عليهم السلام أول من ولد من هاشم مرتين وحان
بذلك مع النشو في حجر رسول الله صلى الله عليهما
والهما وسلم والتأدب به الشرفين وهو أول من
آمن بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم
من أهل البيت والأصحاب وأول ذكر دعاه النبي ص
5

إلى الاسلام فأجاب ولم يزل ينصر الدين ويجاهد المشركين
ويذب عن الايمان ويقتل أهل الزيغ والطغيان وينشر
معالم السنة والقرآن ويحكم بالعدل ويأمر بالاحسان
وكان مقامي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد
البعثة ثلاثا وعشرين سنة منها ثلاث عشرة سنة بمكة
قبل الهجرة مشاركا له في محنة كلها متحملا عنه أكثر
أثقالها وعشر سنين بعد الهجرة بالمدينة يكافح عنه
المشركين ويجاهد دونه الكافرين ولقيه بنفسه من
أعدائه في الدين إلى أن قبضه الله تع إلى جنته ورفعه
في عليين فمضى ع ولأمير المؤمنين عليه السلام يومئذ ثلاث
وثلاثون سنة فاختلف الأمة في إمامته يوم وفاة
رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت شيعته وهم
6

بنو هاشم كافة وسلمان وعمار وأبو ذر والمقداد وخزيمة
بن ثابت ذو الشهادتين وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن
عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأمثالهم من أجلة
المهاجرين والأنصار انه كان الخليفة بعد رسول الله
صلى الله عليه وآله والامام لفضله على كافة الأنام
بما اجتمع له من خصال الفضل والكمال من سبقه الجماعة
إلى الايمان والتبريز عليهم في العلم والاحكام والتقدم
لهم في الجهاد والبينونة منهم بالغاية في الورع والزهد
والصلاح واختصاصه من النبي صلى الله عليهما في
القربى بما لم يشركه فيه أحد من ذوي الأرحام ثم لنص الله
جل اسمه على ولايته في القرآن حيث يقول: *
إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين
7

يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون
ومعلوم انه لم يزك في حال ركوعه غيره عليه السلام وما قد ثبت
في اللغة ان الولي هو الأولى بلا اختلاف وإذا كان
أمير المؤمنين عليه السلام بحكم القرآن أولى بالناس من أنفسهم
لكونه وليهم بالنص في التبيان وجبت طاعته على كافتهم
بجلي البيان كما وجبت طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله
عليه وآله وسلم وبما تضمنه الخبر عن ولايتهما للخلق
من في هذه الآية بواضح البرهان وبقول النبي ص
يوم الدار وقد جمع بنى عبد المطلب خاصة فيها للانذار
وهم أربعون رجلا يومئذ يزيدون رجلا أو ينقصون
رجلا فيما ذكره الرواة، يا بنى عبد المطلب ان الله بعثني
إلى الخلق كافة وبعثني إليكم خاصة فقال عز من قايل
8

وأنذر عشيرتك الأقربين وانا أدعوكم إلى كلمتين
خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون
بهما العرب والعجم وتنقاد لكم بهما الأمم وتدخلون بهما
الجنة وتنجون بهما من النار شهادة ان لا إله إلا الله
وانى رسول الله فمن يجيبني إلى هذا الامر ويوازرني على
القيام به يكن أخي ووصيي ووزيري ووارثي من بعدي
فلم يجب منهم أحد فقام أمير المؤمنين عليه السلام من بينهم بين
يديه وهو أصغرهم يومئذ سنا وأحمشهم ساقا و
أرمصهم عينا فقال انا يا رسول الله أوازرك على هذا
الامر فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله اجلس فأنت
أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي وهذا
صريح القول في الاستخلاف وبقوله صلى الله عليه وآله
9

يوم غدير خم وقد جمع الأمة لسماع الخطاب: الست
أولى بكم منكم بأنفسكم فقالوا اللهم بلى فقال لهم على
النسق من غير فصل بين الكلام فمن كنت مولاه
فعلى مولاه فأوجب له عليهم من فرض الطاعة والولاية
ما كان له عليهم مما قررهم به من ذلك فلم يناكروه ويتناكروه
هذا أيضا ظاهر في النص عليه بالإمامة والاستخلاف
له في المقام وبقوله عليه السلام له عند توجهه إلى
تبوك أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا
نبي بعدي فأوجب له الوزارة والتخصص بالمودة و
الفضل على الكافة والخلافة عليهم في حياته وبعد وفاته
لشهادة القرآن بذلك كله لهارون من موسى على نبينا
وعليهما السلام قال الله عز وجل مخبرا عن موسى عليه السلام
10

واجعل لي وزيرا من إلى هارون أخي اشدد به
أزري وأشركه في امرى كي نسبحك كثيرا ونذكرك
كثيرا انك كنت بنا بصيرا قال قد أوتيت سؤلك
يا موسى فثبت لهارون على نبينا وعليه السلام شركة موسى عليهما السلام
في النبوة ووزارته على تأدية الرسالة وشد إزره
في النصرة وقال في استخلافه له أخلفني في قومي
أصلح ولا تتبع سبيل المفسدين فثبت له خلافة
بمحكم التنزيل فلما جعل رسول الله لأمير المؤمنين
صلى الله عليهما جميع منازل هارون من موسى عليهما السلام في
الحكم له منه الا النبوة وجبت له وزارة الرسول
عليه واله السلام وشد الازر بالنصرة والفضل والمحبة
لما يقتضيه هذه الخصال من ذلك في الحقيقة ثم الخلافة
11

في الحياة بالصريح وبعد النبوة بتخصيص الاستثناء
لما خرج منها بذكر البعد وأمثال هذه الحجج مما يطول
بذكره الكتاب والحمد لله وكانت امامة أمير المؤمنين
بعد النبي صلى الله عليهما ثلاثين سنة منها أربع و
عشرين سنة وأشهر ممنوعا من التصرف في احكامها مستعملا
للتقية والمداراة ومنها خمس سنين وأشهر ممتحنا بجهاد
المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين ومضطهدا
بفتن الضالين كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ثلث عشر سنة من نبوته ممنوعا من احكامها خايفا و
محبوسا وهاربا ومطرودا لا يتمكن من جهاد الكافرين
ولا يستطيع دفعا عن المؤمنين ثم هاجروا قام بعد الهجرة
عشر سنين مجاهد للمشركين ممتحنا بالمنافقين إلى أن
12

قبضه الله ثم إليه وأسكنه جنات النعيم وكانت
وفاة أمير المؤمنين عليه السلام قبل الفجر ليلة الجمعة ليلة
إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة
قتيلا بالسيف قتله ابن ملجم المرادي لعنه الله في
مسجد الكوفة وقد خرج عليه السلام يوقظ الناس لصلاة الصبح
ليلة تسعة عشر من شهر رمضان وقد كان ارتصده
من أول الليل لذلك فلما مر به في المسجد وهو مستخف
بأمره مماكر باظهار النوم في جملة النيام ثار إليه فضربه
على أم رأسه بالسيف وكان مسموما فمكث يوم تسع عشرة
دليلة عشرين ويومها وليلة إحدى وعشرين إلى نحو
الثلث الاخر من الليل ثم قضى نحبه صلوات الله
عليه شهيدا ولقى ربه مظلوما وقد كان عليه السلام يعلم دللت
13

قبل أوانه ويخبر به الناس قبل زمانه وتولى غسلة وتكفينه
ابناه الحسن والحسين عليهما السلام بأمره وحملاه إلى الغري من
نجف الكوفة فدفناه هناك وعفيا موضع قبره بوصية
كانت منه إليهما عليهم السلام في ذلك لما كان يعلمه صلوات الله
عليه من دولة بنى أمية من بعده واعتقادهم في عداوة وما
ينتهون إليه بسوء النيات فيه من قبيح الفعال والمقال
ما تمكنوا من ذلك فلم يزل قبره عليه السلام مخفيا حتى دل
عليه الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام في الدولة العباسية
وزاره عند وروده إلى أبى جعفر المنصور وهو بالحيرة
فعرفته الشيعة واستأنفوا إذ ذاك زيارته صلى الله عليه
وعلى ذريته الطاهرين وكان سنه عليه السلام يوم وفاته مثلثا
وستين سنة فصل فمن الاخبار التي جاءت
14

بذكره عليه السلام الحادث قبل كونه وعلمه به قبل حدوثه ما أخبر
به علي بن المنذر الطريفي عن أبي الفضل العبدي عن فطر
عن أبي الطفيل عامر بن واثلة رحمة الله عليه قال جمع
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الناس للبيعة فجاء
عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله فرده مرتين أو ثلثا
ثم بايعه وقال عند بيعته ما يحبس أشقاها فوالذي نفسي
بيده لتخضبن هذه من هذا ويوضع يده على لحيته ورأسه ع
فلما ادبر ابن ملجم لعنه الله عنه منصرفا قال عليه السلام: *
اشدد حيازيمك للموت * فان الموت لاقيك
ولا تجزع من القتل * إذا حل بواديك
وروى الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي إسحاق السبيعي
عن الأصبغ بن نباته قال اتى ابن ملجم لعنه الله إلى أمير المؤمنين ع
15

فبايعه فيمن بايع ثم ادبر عنه فدعاه أمير المؤمنين عليه السلام
فتوثق منه وتوكد عليه الا يغدر ولا ينكث ففعل ثم ادبر
عنه فدعاء الثانية فتوثق منه وتوكد عليه الا يغدر ولا
ينكث ففعل ثم ادبر عنه فدعاء الثالثة فتوثق منه وتوكد
عليه الا يغدر ولا ينكث فقال ابن ملجم لعنه الله والله يا
أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري فقال
أمير المؤمنين عليه السلام: * -
أريد حياته ويريد قتلى غديرك من خليلك من مرادي
امض يا بن ملجم فوالله ما أرى انك تفي بما قلت وروى
سليمان الضبيعي عن المعلى بن زياد قال جاء عبد الرحمن بن
ملجم عليه اللعنة إلى أمير المؤمنين عليه السلام يستحمله فقال يا
أمير المؤمنين احملني فنظر إليه أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال
16

أنت عبد الرحمن بن ملجم المرادي فقال نعم قال أنت عبد
الرحمن بن ملجم المرادي قال نعم قال يا غزوان أحمله على
الأشقر فجاء بفرس أشقر فركبه ابن ملجم على اللعنة واخذ
بعنانه فلما ولى قال أمير المؤمنين عليه السلام: *
أريد حياته ويريد قتلى عذيرك من خليلك من مرادي
قال فلما كان من امره ما كان وضرب أمير المؤمنين عليه السلام
قبض عليه وقد خرج من المسجد فجيئ به إلى أمير المؤمنين عليه السلام
فقال والله لقد كنت اصنع بك ما اصنع وانا اعلم انك قاتلي
ولكن كنت افعل ذلك بك لاستظهر بالله عليك.
وروى عبد الله بن موسى عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري
قال سهر علي بن أبي طالب عليه السلام في الليلة التي قتل في صبيحتها
ولم يخرج إلى المسجد لصلاة الليل على عادته فقالت لم ابنته
17

أم كلثوم رحمة الله عليها ما هذا الذي قد أسهرك فقال إني
مقتول لو قد أصبحت واتاه ابن النباح فآذنه بالصلاة
فمشى غير بعيد ثم رجع فقالت له أم كلثوم مر جعدة فليصل
بالناس قال نعم مروا جعدة فليصل بالناس ثم قال لا مفر
من الاجل فخرج إلى المسجد فإذا هو بالرجل قد سهر ليلته
كلها يرصده فلما برد السحر نام فحركه أمير المؤمنين عليه السلام
برجله وقال له الصلاة فقام إليه فضربه وروى في
حديث آخر ان أمير المؤمنين عليه السلام أسهر في تلك الليلة
وأكثر الخروج والنظر إلى السماء وهو يقول والله ما كذبت
ولا كذبت وانها الليلة التي وعدت بها ثم يعاود مضجعه
فلما طلع الفجر شد ازاره وخرج وهو يقول: * -
اشدد حيازيمك للموت * فان الموت لاقيك
18

ولا تجزع من القتل * إذا حل بواديكا
فلما خرج إلى صحن الدار استقبله الإوز فصحن في
وجهه فجعلوا يطردونهن فقال دعوهن فإنهن صوايح
يتبعها نوايح ثم خرج فأصيب عليه السلام فصل ومن
الأخبار الواردة بسبب قتله عليه السلام وكيف كان الامر في
ذلك ما رواه جماعة من أهل السير منهم أبو مخنف لوط بن
يحيى وإسماعيل بن راشد وغيرهما ان نفرا من الخوارج
اجتمعوا بمكة فتذاكروا الامر فعابوهم وعابوا أعمالهم
عليهم وذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم فقال بعضهم
لبعض لو انا شرينا أنفسنا لله عز وجل فاتينا أئمة الضلال
فطلبنا عزتهم فأرحنا منهم العباد والبلاد وثارنا بإخواننا
الشهداء بالنهروان فتعاهدوا عند انقضاء الحجج على ذلك
19

فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله انا أكفيكم
عليا وقال البرك بن عبد الله التميمي انا أكفيكم معاوية
وقال عمرو بن بكر التميمي انا أكفيكم عمرو بن العاص و
تعاهدوا على ذلك وتواثقوا عليه وعلى الوفاء به واتعدوا
لشهر رمضان في ليلة تسعة عشر ثم تفرقوا فاقبل ابن ملجم
لعنه الله وكان عداده في كندة حتى قدم الكوفة فلقى بها أصحابه
وكتمهم خبره امره مخافة ان ينتشر منه شئ فبينا هو في ذلك إذ
زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف
عنده قطام بنت الأخضر التيمية وكان أمير المؤمنين
عليه السلام قتل أباها وأخاها بالنهروان وكانت من أجمل
نساء أهل زمانها فلما رآها ابن ملجم شغف بها واشتد
اعجابه بها فسأل في نكاحها وخطبها فقالت ما الذي تسمى
20

في تحريض قطام ابن ملجم على قتل علي عليه السلام
لي من الصداق فقال لها احتكمي فقالت انا محتكمة عليك
ثلاثة آلاف درهم ووصيفا وخادما وقتل علي بن أبي طالب
فقال لها لك جميع ما سألت ووصفت فاما قتل علي بن أبي طالب
فانى لي بذلك فقالت تلتمس غربة فان أنت قتلته شفيت
نفسي وهناك العيش معي وان قتلت فما عند الله خير
لك من الدنيا وما فيها فقال لها اما والله ما أقدمني هذا
المصر وقد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله الا ما سألتني
من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت قالت وانا طالبه
لك بعض من يساعدك ويقويك على ذلك فبعثت إلى
وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر وسألته
معونة ابن ملجم لعنه الله فاحتمل لها ذلك وخرج ابن ملجم
لعنه الله فاتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة
21

فخبره الخير وسئل منه المساعدة على قتل علي بن أبي طالب ع
وكان شبيب على رأى الخوارج فاجابه إلى ذلك واقبل
ابن ملجم لعنه الله ومعه الاثنين ليلة الأربعاء لتسع عشر
خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة فدخلوا
على قطام وهي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت
عليها قبة فقالوا لها قد أجمع رأينا على قتل هذا الرجل
فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم وتقلدوا
أسيافهم ومضوا فجلس المقابل السدة التي كان يخرج
منها أمير المؤمنين عليه السلام إلى الصلاة وقد كانوا ألقوا إلى
الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير
المؤمنين عليه السلام إلى الصلاة وقد كانوا ألقوا إلى
الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير
المؤمنين عليه السلام وواطأهم على وحضر الأشعث بن قيس
في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه فلما كان
22

الثلث الاخر من الليل اقبل أمير المؤمنين عليه السلام
ينادى الصلاة فسبق إليه ابن ملجم لعنه الله فضربه
على أم رأسه بالسيف وكان مسموما وضربه شبيب لعنه
الله فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق وهرب القوم
نحو أبواب المسجد فقال علي عليه السلام لا يفوتنكم الرجل وتبادر
الناس لأخذهم فاما شبيب بن بجرة عليه اللعنة فاخذه
رجل فصرعه وجلس على صدره واخذ السيف من يده
ليقتله به فرأى الناس يقصدون نحوه فخشي ان يعجلوا
عليه ولا يسمعوا منه فوثب عن صدره وخلاه وطرح السيف
من يده ومضى شبيب هاربا حتى دخل منزله ودخل
عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره فقال له ما هذا
لعلك قتلت أمير المؤمنين عليه السلام فأراد ان يقول لا فقال
23

نعم فذهب ابن عمه فاشتمل على سيفه ودخل على فضربه
حتى قتله واما ابن ملجم لعنه الله فان رجلا من همذان لحقه
وطرح عليه قطيفة كانت في يده ثم صرعه واخذ السيف
من يده وجاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأفلت الثالث
فانسل بين الناس فلما ادخل ابن ملجم لعنه الله على
أمير المؤمنين عليه السلام نظر إليه ثم قال النفس بالنفس
ان انا مت فاقتلوه كما قتلني وان عشت رأيت فيه رأيي
فقال ابن ملجم لعنه الله لقد ابتعته بألف وسممته بألف
فان خانني فابعده الله فاخرج من بين يدي أمير المؤمنين
عليه السلام وان الناس ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع
وهم يقولون يا عدو الله ماذا فعلت أهلكت أمة محمد
وقتلت خير الناس وانه لصامت ما ينطق فذهب به إلى
24

الحبس وجاء الناس إلى أمير المؤمنين عليه السلام ان عشت رأيت
فيه رأيي وان هلكت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي
اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار قال فلما قضى أمير
المؤمنين عليه السلام نحبه وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن بن علي
عليهما السلام وامر ان يؤتى بابن ملجم لعنه الله فجيئ به فلما وقف
بين يديه قال له يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين وأعظمت
الفساد في الدين ثم أمر به فضربت عنقه واستوهبت
أم الهيثم بنت الأسود النخعية جثته منه لتتولى احراقها
بالنار فوهبها لها فأحرقها بالنار وفى أمر قطام وقتل
أمير المؤمنين عليه السلام يقول الشاعر. * -
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من غنى ومعدم
ثلاثة آلاف عبد وقينة * وضرب على ع بالحسام المصمم
25

فلا مهر أغلى من على ع وان غلا * ولا فتك الا دون فتك ابن ملجم لع
واما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم لعنهم الله أجمعين
على قتل معاوية وعمرو بن العاص فان أحدهما ضرب معاوية
وهو راكع فوقعت ضربته في أليته ونجى منها واخذ وقتل
من وقته واما الاخر فإنه وافى عمر وافى تلك الليلة و
قد وجد علة فاستخلف رجلا يصلى بالناس يقال له
خارجة بن أبي حبيبة العامري فضربه بسيفه وهو بظن
انه عمرو بن العاص فاخذ وأتى به عمرو فقتله ومات
خارجة في اليوم الثاني فصل ومن الاخبار
التي جاءت بموضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام وشرح الحال في
دفنه ما رواه عباد بن يعقوب الرواجني قال حدثنا حيان
بن علي الغنوي قال حدثني مولى لعلي بن أبي طالب عليه السلام
26

قال لما حضرت أمير المؤمنين صلوات الله عليه الوفاة قال
للحسن والحسين عليهما السلام إذا أنا مت فاحملاني على سرير ثم أخرجاني
واحملا مؤخر السرير فإنكما تكفيان مقدمه ثم إتياني الغريين
فإنكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرا فيها فإنكما
تجدان فيها ساجة فادفناني فيها قال فلما مات أخرجناه
وجعلناه نحمل مؤخر السرير ونكفى مقدمه وجعلنا نسمع
دويا وحفيفا حتى اتينا الغريين فإذا صخرة بيضاء تلمع نورا
فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها هذه مما ادخرها نوح
لعلي بن أبي طالب عليه السلام فدفناه فيها وانصرنا ونحن
مسرورون باكرام الله تع لأمير المؤمنين عليه السلام فلحقنا قوم
من الشيعة لم يشهد والصلاة عليه فأخبرناهم بما جرى و
باكرام الله تع أمير المؤمنين عليه السلام فقالوا نحب ان نعاين
27

من امره ما عاينتم فقلنا لهم ان الموضع قد عفى اثره
بوصية منه عليه السلام فمضوا وعادوا إلينا فقالوا انهم
احتفروا فلم يروا شيئا وروى محمد بن عمارة قال حدثني أبي
عن جابر بن يزيد قال سئلت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام
أين دفن أمير المؤمنين عليه السلام قال دفن بناحية الغرتين
ودفن قبل طلوع الشمس ودخل قبره الحسن والحسين و
محمد بنو على وعبد الله بن جعفر رضوان الله عليهم.
وروى يعقوب بن يزيد عن أبي عمير عن رجاله قال قيل للحسين
والحسن عليهما السلام أين دفنتم أمير المؤمنين عليه السلام قال خرجنا به
ليلا على مسجد الأشعث حتى خرجنا به إلى الظهر يجنب الغرتين
فدفناه هناك وروى محمد بن زكريا قال حدثنا عبد الله
بن محمد عن أبي عايشة قال حدثني عبد الله بن حازم قال
28

خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفة نتصيد فصرنا إلى ناحية
الغريين والثوية فرأينا ظباء فأرسلنا عليها الصقور و
الكلاب فحاولتها ساعة ثم لجأت الظباء إلى اكمة فوقفت
عليها فسقطت الصقور ناحية ورجعت الكلاب فعجب
الرشيد من ذلك ثم إن الظباء هبطت من الأكمة فهبطت
الصقور والكلاب ففعلن ذلك مرارا ثلاثا عليا فقال هارون
اركضوا فمن لقيتموه فاتوني به فاتينا بشيخ من بنى أسد
فقال له هارون اخبرني ما هذه الأكمة فقال إن جعلت لي
الأمان أخبرتك فقال لك عهد الله وميثاقه ان لا أهيجك
ولا أوذيك قال حدثني أبي عن آبائه انهم كانوا يقولون إن
في هذه الأكمة قبر علي بن أبي طالب عليه السلام وقد جعله الله
حرما لا يأوى إليه شئ الا امن فنزل هارون ودعا بماء فتوضأ
29

وصلى عند الأكمة وتمرغ عليها وجعل يبكى ثم انصرفنا
قال محمد بن عيسى فكان قلبي لا يقبل ذلك فلما كان
بعد ذلك حججت إلى مكة فرأيت بها ياسرا رحال الرشيد
وكان يجلس معنا إذا طفنا فجرى الحديث إلى أن قال
قال لي الرشيد ليلة من الليالي وقدمنا من مكة فنزلنا
الكوفة يا ياسر قل لعيسى بن جعفر ليركب فركبا جميعا و
كنت معهما حتى إذا صرنا إلى الغريين فاما عيسى فطرح نفسه
فنام واما الرشيد فجاء إلى الأكمة فصلى عندها وكلما
صلى ركعتين دعا وبكى وتمرغ على الأكمة ثم يقول يا بن
عم انا والله اعرف فضلك وسابقتك وبك والله
جلست مجلسي الذي انا فيه وأنت أنت ولكن ولدك
يؤذونني ويخرجون على ثم يقوم فيصلى ثم يعيد هذا
30

الكلام ويدعو ويبكى حتى إذا كان وقت السحر قال لي
يا ياسر أقم عيسى فأقمته فقال له يا عيسى قم فصل
عند قبر ابن عمك فقال له وأي ابن عمومتي هذا قال
هذا قبر علي بن أبي طالب عليه السلام فتوضأ عيسى وقام يصلى
فلم يزالا كذلك حتى طلع الفجر فقلت يا أمير المؤمنين
أدركك الصبح فركبنا ورجعنا إلى الكوفة باب
طرف من اخبار أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله ومناقبه
والمروى من معجزاته وبيناته فمن ذلك ما جاءت
به الاخبار في تقدم ايمانه بالله ورسوله عليه واله
السلام وسبقه به كافة المكلفين من الأنام اخبرني
أبو الجيش المظفر بن محمد البلخي قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد
بن أبي الثلج قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن القاسم
31

البرقي قال حدثني عبد السلام بن صالح الأزدي قال
حدثنا سعيد بن خثيم قال حدثني أسد بن عبيدة عن يحيى
بن عفيف عن أمية قال كنت جالسا مع العباس بن
عبد المطلب رضي الله عنه بمكة قبل ان يظهر أمر النبي ص
فجاء شاب فنظر إلى السماء حتى تخلقت الشمس ثم استقبل
الكعبة فقام يصلى ثم جاء غلام فقام عن يمينه ثم جاءت
امرأة فقامت خلفهما فركع الشاب فركع الغلام والمرأة
ثم رفع الشاب رأسه فرفعا ثم سجد الشاب فسجدا فقلت
يا عباس أمر عظيم فقال العباس أمر عظيم أتدري من هذا
الشاب: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي
أتدري من هذا الغلام هذا علي بن أبي طالب ابن أخي
أتدري من هذه المرأة هذه خديجة بنت خويلد ان ابن أخي هذا
32

حدثني ان ربه رب السماوات والأرض امره بهذا الدين
الذي هو عليه ولا والله ما على ظهر الأرض على هذا الدين
غير هؤلاء الثلاثة اخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي
قال حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج عن أحمد بن القاسم
البرقي عن أبي صالح سهل بن صالح وكان قدحان مائة سنة
قال سمعت بالمعمر عباد بن عبد الصمد يقول سمعت انس
بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
صلت الملائكة على وعلى على سبع سنين وذلك أنه
لم يرفع إلى السماء شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
الله الامني ومن على وبهذا الاسناد عن أحمد بن
القاسم البرقي قال حدثنا إسحاق قال حدثنا نوح بن قيس
قال حدثنا سليمان بن علي الهاشمي أبو فاطمة قال سمعت
33

معاذة العدوية تقول سمعت عليا عليه السلام على منبر البصرة
يقول انا الصديق الأكبر آمنت قبل ان يؤمن أبو بكر و
أسلمت قبل ان يسلم اخبرني أبو نصر محمد بن أبي الحسن
المقرى البصير الشيرواني قال حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج
قال حدثنا أبو محمد النوفلي عن محمد بن عبد الحميد عن عمرو بن
عبد الغفار الفقيمي قال اخبرني إبراهيم بن حيان عن أبي عبد الله
مولى بني هاشم عن أبي بجيلة قال خرجت انا وعمار حاجين
فنزلنا عند أبي ذر رحمه الله تع فأقمنا عنده ثلاثة أيام فلما
دنا منا الخفوف قلنا له يا أبا ذر انا لا نراه وقدرنا اختلاط
من الناس فما ترى قال الزم كتاب الله وعلي بن أبي طالب عليه السلام
فاشهد على ورسول الله ص أنه قال على أول من آمن بي وأول من
يصافحني يوم القيمة وهو الصديق الأكبر والفاروق بين
34

الحق والباطل وانه يعسوب المؤمنين والمال يعسوب
الظلمة قال الشيخ المفيد رحمة الله عليه والاخبار في
هذا المعنى كثيرة وشواهد هاجمة فصل
ومن ذلك ما جاء في فضله عليه السلام على الكافة في العلم
اخبرني أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي النحوي قال حدثنا
محمد بن القاسم المحاربي البزاز قال حدثنا هشام بن يونس
النهشلي قال حدثنا عابد بن حبيب عن أبي الصباح الكناني
عن محمد بن عبد الرحمن السلمى عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب
اعلم أمتي وأقضاهم فيما اختلفوا فيه من بعدى اخبرني أبو بكر
عن أبي الحسين محمد بن المظفر البزاز قال حدثنا أبو مالك
كثير بن يحيى قال حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد السرى قال
35

حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس عن سعيد الكتاني
عن الأصبغ بن نباته قال لما بويع أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام بالخلافة خرج إلى المسجد معتما بعمامة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم لابسا بردته فصعد المنبر
فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وأنذر ثم جلس متمكنا وشبك
بين أصابعه ووضعها أسفل سرته ثم قال يا معشر الناس
سلوني قبل ان تفقدوني سلوني فان عندي علم الأولين و
الآخرين اما والله لو ثني لي الوسادة لحكمت بين أهل التورية
بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم
وبين أهل القرآن بقرآنهم حتى ينهى كل كتاب من هذه الكتب
ويقول يا رب ان عليا قضا بقضائك والله انى لاعلم
بالقرآن وتأويله من كل مدع علمه ولولا آية في كتاب الله تع
36

لأخبرتكم بما يكون إلى يوم القيمة ثم قال سلوني قبل ان تفقدوني
فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو سألتموني عن آية آية لأخبرتكم
بوقت نزولها وفيما نزلت وأنبأكم بناسخها من منسوخها
وخاصها من عامها ومحكمها من متشابهها ومكيها من مدنيها
والله ما فئة تضل أو تهدى الا وانا اعرف قايدها وسايقها وناعقها
إلى يوم القيمة وأمثال هذه الأخبار مما يطول به الكتاب
فصل ومن ذلك ما جاء في فضله عليه السلام اخبرني
أبو الحسن محمد بن المظفر البزاز قال حدثنا عمر بن عبد الله
ابن عمران قال حدثنا أحمد بن بشير قال حدثنا عبيد الله
بن موسى عن قيس بن أبي هارون قال اتيت أبا سعيد الخدري
رحمه الله فقلت هل شهدت بدرا فقال نعم قلت فهل
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لفاطمة عليها السلام
37

وقد جاءت ذات يوم تبكى وتقول يا رسول الله عيرتني نساء
قريش بفقر على فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم
اما ترضين يا فاطمة انى زوجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما
ان الله تبارك وتعالى اطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختار
منهم أباك فجعله نبيا واطلع عليهم ثانية فاختار منهم بعلمك
فجعله وصيا وأوحى إلى أن أنكحك إياه هو اما علمت يا فاطمة
انك لكرامة الله إياك زوجتك أعظمهم حلما وأكثرهم علما
وأقدمهم سلما فضحكت فاطمة واستبشرت فقال رسول الله ص
ان لعلى ثمانية أضراس قواطع لم يحصل الاحد من الأولين و
الآخرين هو اخى في الدنيا والآخرة وليس ذلك لغيره من الناس
وأنت يا فاطمة سيدة نساء أهل الجنة زوجته وسبطا الرحمة
سبطاني ولداه واخوه المزين بالجناحين يطير مع الملائكة
38

حيث يشاء وعنده علم الأولين والآخرين وهو أول من
آمن بي وآخر الناس عهدا بي وهو وصيتي ووارث الوصيين
فصل ومن ذلك ما جاء من في الخير بان محبته
عليه السلام علم على الايمان وبغضه علم على النفاق حدثنا
أبو بكر محمد بن عمر المعروف بابن الجعابي الحافظ قال حدثنا
محمد بن سهل بن الحسن قال حدثنا أحمد بن عمر الدهقان قال
حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا إسماعيل بن مسلم قال حدثنا
عمر الأعمش عن عدى بن ثابت عن زيد بن حبيش قال رأيت
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر فسمعته يقول
والذي فلن الحبة وبرء النسمة انه لعهد النبي صلى الله عليه و
آله وسلم إلى أنه لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق فصل ومن ذلك ما جاء في أنه عليه السلام
39

وشيعته هم الفائزون اخبرني أبو عبد الله محمد بن عمران
المرزباني قال حدثني علي بن محمد بن عبيد الله الحافظ قال حدثني
علي بن الحسين بن عبيد الكوفي قال حدثنا إسماعيل بن ابان
عن سعد بن طالب عن جابر بن يزيد عن محمد بن علي الباقر ع
عليهما السلام قال سئلت أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله
وسلم عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن عليا وشيعتهم الفائزون
فصل ومن ذلك ما جاءت به الاخبار في أن
فصل ومن ذلك ما جاءت به الاخبار في أن
ولايته عليه السلام علم على طيب المولد وعداوته علم على خبثه
اخبرني أبو الجيش المظفر بن محمد البلخي قال حدثنا أبو بكر محمد
ابن أحمد بن أبي الثلج قال حدثنا جعفر بن محمد العلوي قال
حدثنا أحمد بن عبد المنعم قال حدثنا عبد الله بن محمد الفزاري
40

عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي بن
أبي طالب عليه السلام الا أسرك الا امنحك الا أبشرك قال بلى
يا رسول الله بشرني قال فانى خلقت انا وأنت من طينة واحدة
ففضلت عنها فضلة فخلق الله منها شيعتنا فإذا كان
يوم القيمة دعى الناس بأسماء أمهاتهم سوى شيعتنا فإنهم
يدعون بأسماء آبائهم لطيب مواليدهم وبالاسناد
السابق عن محمد بن أبي الثلج قال حدثنا محمد بن مسلم الكوفي
قال حدثنا عبيد الله بن كثير قال حدثنا جعفر بن محمد بن
الحسين الزهري قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل
عن أبي حصين عن عكرمة عن ابن عباس ان رسول الله ص
صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا كان يوم القيمة دعى الناس
41

كلهم بأسماء أمهاتهم ما خلا شيعتنا فإنهم يدعون بأسماء ابائهم
لطيب مواليدهم اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد القمي
قال حدثنا علي بن محمد بن همام بن سهيل سهل الإسكافي قال حدثنا
جعفر بن محمد بن مالك قال حدثنا محمد بن نعمة السلولي قال
حدثنا عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن جبلة عن أبيه
قال سمعت جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري يقول
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم جماعته
من الأنصار فقال لنا يا معشر الأنصار ربوا أولادكم بحب
علي بن أبي طالب ع فمن أحبه فاعلموا انه لرشده ومن أبغضه
فاعلموا انه لغيه فصل ومن ذلك ما جاءت
به الاخبار في تسمية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا
عليه السلام بأمره المؤمنين في حياته اخبرني أبو الجيش المظفر
42

ابن محمد البلخي قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج
قال اخبرني الحسين بن أيوب عن محمد بن غالب عن علي بن الحسين
عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي إسحاق السبيعي
عن بشير الغفاري عن انس بن مالك قال كنت خادم رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما كانت ليلة أم جيبة بنت أبي
سفيان اتيت رسول الله صلى الله عليه وآله بوضوء
فقال لي يا انس بن مالك يدخل عليك من هذا الباب الساعة
أمير المؤمنين وسيد الوصيين أقدم الناس سلما وأكثرهم علما
وأعظمهم حلما فقلت اللهم اجعله من قومي قال فلم البث
ان دخل علي بن أبي طالب عليه السلام من الباب ورسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ فرد رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم الماء على وجه أمير المؤمنين عليه السلام حتى امتلأت
43

عيناه منه فقال علي عليه السلام يا رسول الله أحدث في حدث
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما حدث فيك الا
خيرا أنت منى وانا منك تؤدى عنى وتفي بذمتي وتغسلني
وتواريني في لحدي وتسمع الناس عنى وتبين لهم من بعدى
فقال علي عليه السلام يا رسول الله أو ما بلغت قال بلى ولكن تبين
لهم ما يختلفون فيه من بعدى اخبرني أبو الجيش المظفر بن محمد
البلخي عن أحمد بن أبي الثلج قال حدثني جدي قال حدثنا
عبد الله بن داهر قال حدثني أبي داهر بن يحيى الأحمري المقرئ
عن الأعمش عن عباية الأسدي عن ابن عباس ان النبي صلى الله
عليه وآله وسلم قال لام سلمة اسمعي واشهدي هذا على أمير المؤمنين
وسيد الوصيين وبهذا الاسناد عن محمد بن أبي الثلج
قال حدثني جدي قال حدثنا عبد السلام بن صالح قال حدثني
44

يحيى بن اليمان قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي الجحاف
عن معاوية بن ثعلبة قال قيل لأبي ذر رضي الله عنه أوص
قال قد أوصيت قيل إلى من قال إلى أمير المؤمنين قيل إلى
عثمان قال لا ولكن أمير المؤمنين حقا علي بن أبي طالب عليه السلام
انه لزر الأرض وربى هذه الأمة لو فقدتموه لأنكرتم الأرض
ومن عليها وحديث بريدة بن الخضيب الأسلمي وهو
مشهور معروف بين العلماء بأسانيد يطول بشرحها قال إن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم امرني وانا سابع سبعة فيهم
أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير فقال سلموا على على ع
بإمرة المؤمنين فسلمنا عليه بذلك ورسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم حي بين أظهرنا في أمثال هذه الأخبار يطول
بها الكتاب فصل فاما مناقبه الغنية لشهرتها
45

وتواتر النقل بها واجماع العلماء عليها عن ايراد أسانيد الاخبار
بها كثيرة يطول بشرحها الكتاب وفى رسمنا منها طرفا كفاية عن
ايراد جميعها في الفرض الذي وضعا له هذا الكتاب انشاء الله
فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع خاصة
أهله وعشيرته في ابتداء الدعوة إلى الاسلام فعرض عليهم
الايمان واستنصرهم على أهل الكفر والعدوان وضمن لهم
على ذلك الحظوة في الدنيا والشرف وثواب الجنان فلم يجبه
أحد منهم الا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فنحله بذلك
تحقيق الاخوة والوزارة والوصية والوراثة والخلافة وأوجب
له بذلك الجنة وذلك في حديث الدار الذي أجمع على صحته
نقاد الاخبار حين جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بنى عبد المطلب في دار أبي طالب رحمه الله وهم أربعون رجلا
46

يومئذ يزيدون أو ينقصون رجلا فيما ذكره الرواة و
أمر ان يصنع لهم طعاما فخذ شاة مع مد من البر وعليه يعدلهم
صاع من اللبن وقد كان الرجل منهم معروفا بأكل الجدعة
في مقام واحد ويشرب الغرق من الشراب في ذلك المقام
وأراد عليه السلام باعداد قليل الطعام والشارب لجماعتهم اظهار
الآية لهم في شبعهم وريهم مما كان لا يشبع الواحد منهم
ولا يرويه ثم أمر بتقديمه إليهم فأكلت الجماعة كلها من
ذلك اليسير حتى تملوا منه ولم يبن ما أكلوه منه وشربوه
منه فبهرهم بذلك وتبين لهم آية نبوته وعلامة صدقه
ببرهان الله تع فيه ثم قال لهم بعد أن شبعوا من الطعام
ورووا من الشراب يا بنى عبد المطلب ان الله بعثني إلى
الخلق كآفة وبعثني إليكم خاصة فقال عز من قائل:
47

وانذر عشيرتك الأقربين وانا أدعوكم كلمتين
خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون بهما العرب
والعجم وتنقاد لكم بهما الأمم وتدخلون بهما الجنة وتنجون بهما
من النار شهادة ان لا إله إلا الله وانى رسول الله فمن
يجيبني إلى هذا الامر ويوازرني على القيام به يكن اخى ووصيي
ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدى فلم يجب أحد منهم فقال
أمير المؤمنين عليه السلام فقمت من بينهم بين يديه وانا إذ ذاك
أصغرهم سنا وأحمشهم حمش ساقا وأرمصهم عينا فقلت انا
يا رسول الله أوازرك على هذا الامر فقال ص اجلس ثم أعاد
القول على القوم ثانية فاصمتوا فقمت انا وقلت مثل مقالتي
الأولى فقال اجلس ثم أعاد القول على القوم ثالثة فاصمتوا
ولم ينطق أحد منهم بحرف فتمت وقلت انا أوازرك يا رسول الله
48

على هذا الامر فقال اجلس فأنت اخى ووصيي ووزيري
ووارثي وخليفتي من بعدى فنهض القوم وهم يقولون
لأبي طالب يا أبا طالب ليهنك اليوم ان دخلت في دين
ابن أخيك فقد جعل ابنك أميرا عليك فصل
وهذه منقبة جليلة اختص بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام ولم يشركه فيها أحد من المهاجرين ولا الأنصار ولا أحد
من أهل الاسلام وليس لغيره عدل لها من الفضل ولا مقارب
على حال وفى الخبر بها ما يفيدان به عليه السلام تمكن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم من تبليغ الرسالة واظهار الدعوة والصدع
بالاسلام ولولاه لم تثبت الملة ولا استقرت الشريعة و
لا ظهرت الدعوة فهو ع ناصر الدين ووزير الداعي إليه من
قبل الله عز وجل وبضمانه لنبي الهدى عليهما السلام النصرة ثم له
49

في النبوة ما أرادوا في ذلك من الفضل مالا توازنه الجبال
فضلا ولا تعادله الفضائل كلها محلا وقدرا فصل
ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر بالهجرة
عند اجتماع الملا من قريش على قتله فلم يتمكن عليه واله السلام
مظاهرتهم بالخروج عن مكة وأراد الاستسرار بذلك وتعمية
خبره عنهم ليتم له الخروج على السلامة منهم القى خبره إلى
أمير المؤمنين عليه السلام واستكتمه إياه وكلفه الدفاع عنه بالمبيت
على فراشه من حيث لا يعلمون انه هو البائت على الفراش
ويظنون انه النبي ص بايتا على حاله التي كان يكون عليها
فيما سلف من الليالي فوهب أمير المؤمنين عليه السلام نفسه
لله تع وشراها في الله تع في طاعته وبذلها دون نبيه ع
لينجو به من كيد الأعداء ويتم له بذلك السلامة والبقاء
50

وينتظم له به الفرض في الدعاء إلى الملة وإقامة الدين واظهار
الشريعة فبات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
متسترا بإزاره وجاءه القوم الذين تمالئوا أي اجتمعوا على قتل النبي
صلى الله عليه وآله وسلم فأحدقوا به وعليهم السلام يرصدون
طلوع الفجر ليقتلوه ظاهرا فيذهب دمه هدرا بمشاهدة بني هاشم
قاتليه من جميع القبايل ولا يتم لهم الاخذ بثاره منهم
لاشتراك الجماعة في دمه وقعود كل قبيل عن قبال رهطه و
مباينة أهله فكان ذلك سبب نجاة رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وحفظ دمه وبقائه حتى صدع بأمر ربه
ولولا أمير المؤمنين عليه السلام وما فعله من ذلك لما تم لرسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم التبليغ والأداء ولا استدام
له العمر والبقاء ولظفر به الحسدة والأعداء فلما أصبح
51

القوم وأرادوا الفتك به عليه السلام ثار إليهم فتفرقوا عنه حين
عرفوه وانصرفوا وقد ضلت حيلتهم في النبي ص وانتقض
ما بنوه من التدبير في قتله وخابت ظنونهم وبطلب آمالهم
فكان بذلك انتظام الايمان وارغام الشيطان وخذلان
أهل الكفر والعدوان ولم يشرك أمير المؤمنين عليه السلام في هذه
المنقبة أحد من أهل الاسلام ولا اختص احبط بنظير لها على حال
ولا مقارب لها في الفضل بصحيح الاعتبار وفى أمير المؤمنين
عليه السلام ومبيته على الفراش انزل الله تع ومن الناس
من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف
بالعباد فصل ومن ذلك أن النبي صلى
الله عليه وآله وسلم كان امين قريش على ودايعهم فلما
فجأه من الكفار ما أحوجه إلى الهرب من مكة بغتة لم يجد
52

في قومه وأهله من يأتمنه على ما كان مؤتمنا عليه سوى
أمير المؤمنين عليه السلام فاستخلفه في رد الودايع إلى أهلها و
قضاء ما كان عليه من دين لمستحقيه وجمع بنائه ونساء
أهله وأزواجه والهجرة بهم إليه ولم ير ان أحدا يقوم مقامه
في ذلك من كافة الناس فوثق بأمانته وعول على نجدته
وشجاعته واعتمد في الدفاع عن أهله وحامته على بأسه
وقدرته واطمأن إلى ثقته على أهله وحرمه وعرف من ورعه
وعصمته ما تسكن النفس معه إلى أمانته اتمانه على ذلك فقام ع
به أحسن القيام ورد كل وديعة إلى أهلها وأعطى كل ذي
حق حقه وحفظ بنات نبيه عليه وآله السلام وحرمه
وهاجر بهم ماشيا على قدميه يحوطهم من الأعداء ويكلأهم
من الخصماء ويرفق بهم في المسير حتى أوردهم عليه المدينة
53

على أتم صيانة وحراسة ورفق ورأفة وحسن تدبير فأنزله
النبي صلى الله عليه وآله عند وروده المدينة داره وأحله
قراره وخلطه بحرمه وأولاده ولم يميزه من خاصة نفسه ولا
احتشمه في باطن امره وسره وهذه منقبة توحد بها
أمير المؤمنين عليه السلام من كافة أهل بيته وأصحابه ولم يشركه
فيها أحد من اتباعه وأشياعه ولم يحصل لغيره من الخلق
فضل سواها يعادلها ولا يقاربها على الامتحان وهي مضافة
إلى ما قدمناه من مناقبه الباهر فضلها القاهر شرفها
قلوب العقلاء فصل ومن ذلك ما جاء
في قصة براءة وقد دفعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم
إلى أبى بكر لينبذ بها عهد المشركين إليهم فلما سار غير بعيد
نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
54

فقال له ان الله يقرئك السلام ويقول لك لا يؤدي
عنك الا أنت أو رجل منك فاستدعى رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام وقال له اركب ناقتي
الغضباء والحق أبا بكر فخذ براءة من يده وامض
بها إلى مكة فانبذ بها عهد المشركين إليهم وخير أبا بكر
بين ان يسير مع ركابك أو يرجع إلى فركب أمير المؤمنين
عليه السلام ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغضباء
وسار حتى لحق أبا بكر فلما رآه فزع من لحوقه به واستقبله
وقال فيم جئت يا أبا الحسن أسائر أنت مع أم لغير ذلك
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله
امرني ان ألحقك فاقبض منك الآيات من براءة
وانبذ بها عهد المشركين إليهم وأمرني ان أخيرك بين
55

فيما جاء في قصة براءة
ان تسير معي أو ترجع إليه فقال بل ارجع إليه وعاد
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما دخل عليه قال
يا رسول الله انك أهلتني لأمر طالت الا عناق فيه إلى
فلما توجهت له رددتني عنه مالي انزل في قرآن فقال النبي
صلى الله عليه وآله وسلم لا ولكن الأمين هبط إلى عن
الله تع بأنه لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك وعلى منى
وانا من على ولا يؤدى عنى الا على في حديث مشهود
فكان نبذ العهد مختصا بمن عقده أو من يقوم مقامه
في فرض الطاعة وجلالة القدر وعلو الرتبة وشرف
المقام ومن لا يرتاب بفعاله ولا يعترض في مقاله و
من هو كنفس العاقد وأمره امره وإذا احكم بحكم مضى
وامن الاعتراض فيه وكان ينبذ العهد قوة الاسلام
56

وكمال الدين وصلاح أمر المسلمين وفتح مكة واتساق
أحوال الصلاح فأحب الله تع ان يجعل ذلك على يد
من ينوه باسمه ويعلى ذكره وينبه على فضله ويدل
على علو قدره ويبينه ممن سواه فكان ذلك أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يكن لاحد من القوم فضل
يقارب الفضل الذي وصفناه ولا شركه فيه أحد منهم على
ما بيناه وأمثال ما عددناه كثير ان عملنا على ايراده
طال به الكتاب واتسع به الخطاب وفيما أثبتناه منه
في الفرض الذي قصدناه كفاية لذوي الألباب.
فصل فاما الجهاد الذي ثبت به قواعد
الاسلام واستقرت بثبوتها شرايع الملة والاحكام
فقد تخصص منه أمير المؤمنين عليه السلام بما أشهر ذكره
57

في الأنام واستفاض الخبر به بين الخاص والعام ولم يختلف
فيه العلماء ولا تنازع في صحته الفهماء ولا شك فيه الا
غفل لم يتأمل الاخبار ولا دفعه أحد ممن نظر في الآثار
الا معاند بهات لا يستحيى من العار. فمن ذلك
ما كان منه عليه السلام في غزاة بدر المذكورة في القرآن وهي أول
حرب كان به الامتحان وملأت رهبته صدور المعدودين
من المسلمين في الشجعان فراموا التأخر عنها لخوفهم منها و
كراهتهم لها على ما جاء به محكم الذكر في التبيان حيث يقول
جل اسمه فيما قص به من شأنهم نبائهم على الشرح له والبيان:
كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا
من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما
تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون في الآي
58

المتصل بذلك إلى قوله تع ولا تكونوا كالذين خرجوا
من ديارهم بطرا ورياء الناس ويصدون عن سبيل
الله والله بما تعملون محيط بل إلى آخر السورة فان الخبر
عن أحوالهم فيما يتلو بعضه بعضا وان اختلفت ألفاظه و
اتفقت معاينه فكان من جملة خبر هذه الغزاة ان المشركين
حضروا بدرا مصرين على القتال مستظهرين فيه بكثرة
الأموال والعدد والعدة والرجال والمسلمون إذ ذاك نفر
قليل عددهم هناك حضرته طوائف منهم بغير اختيار و
شهدته على الكراهة منها له والاضطرار فتحديهم قريش بالبر إن
ودعتهم إلى المصافة والنزال واقترحت في اللقاء منه
الأكفاء وتطاولت الأنصار لمبارزتهم فمنعهم النبي صلى
الله عليه وآله وسلم من ذلك وقال لهم ان القوم دعوا الأكفاء
59

منهم ثم أمر عليا أمير المؤمنين عليه السلام بالبروز إليهم ودعا حمزة
بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث رحمهما الله وأمرهما ان
يبرزا معه فلما اصطفوا للقوم لم يثبتهم القوم لأنهم كانوا
قد تغفروا فسألوهم من أنتم فانتسبوا لهم فقالوا كفاء كرام
ونشبت الحرب بينهم وبارز الوليد بن عتبة أمير المؤمنين
عليه السلام فلم يلبثه حتى قتله وبارز عتبة حمزة رضي الله عنه
فقتله حمزة وبارز شيبة عبيدة رضي الله عنه فاختلفت
بينهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبيدة فاستنقذه
أمير المؤمنين عليه السلام بضربة بدر بها شيبة فقتله وشركه
في ذلك حمزة رضي الله عنه فكان قتل هؤلاء الثلاثة أول
وهن لحق المشركين وذل دخل عليهم ورهبة اعتراهم بها الرعيب
من المسلمين وظهر بذلك امارات نصر المؤمنين ثم بارز
60

أمير المؤمنين عليه السلام العاص بن سعيد بن العاص بعد أن
أحجم عنه من سواه فلم يلبثه ان قتله وبرز إليه حنظلة بن أبي
سفيان فقتله وبرز إليه طعيمة بن عدي فقتله وقتل بعده
نوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش ولم يزل يقتل
واحدا بعد واحد حتى اتى شطر المقتولين منهم وكانوا سبعين
قتيلا تولى كافة من حضر بدرا من المسلمين مع ثلاثة آلاف
من الملائكة المسومين قتل الشطر منهم وتولى أمير المؤمنين
عليه السلام قتل الشطر الاخر وحده لمعونة الله وتوفيقه وتأييده
ونصره وكان الفتح له بذلك وعلى يديه وختم الامر بمناولة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفا من الحصى فرمى في
وجوههم وقال لهم: شاهت الوجوه فلم يبق أحد منهم
الأولى الدبر لذلك منهزما وكفى الله المؤمنين القتال
61

بأمير المؤمنين عليه السلام وشركائه في نصرة الدين من خاصة ال
الرسول عليه وآله السلام ومن أيدهم به من الملائكة الكرام
كما قال الله جل اسمه: وكفى الله المؤمنين القتال و
كان الله قويا عزيزا فصل وقد أثبت رواة
العامة والخاصة معا أسماء الذين تولى أمير المؤمنين عليه السلام
قتلهم ببدر من المشركين على اتفاق فيما نقلوه من ذلك
واصطلاح فكان ممن سموه: الوليد بن عتبة كما
قدمناه وكان شجاعا جريئا فاتكا وقاحا تهابه الرجال الابطال
والعاص بن سعيد بن العاص وكان هؤلاء عظيما تهابه
الابطال وطعيمة بن عدي بن نوفل وكان من رؤس أهل
الضلال ونوفل بن خويلد وكان من أشد المشركين
عداوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت قريش
62

تقدمه وتعظمه وهو الذي قرن أبا بكر بطلحة قبل الهجرة بمكة
وأوثقهما بحبل وعذبهما يوما إلى الليل حتى سئل في أمرهما و
لما عرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حضوره بدرا
سئل الله عز وجل ان يكفيه امره، فقال: اللهم
اكفني نوفل بن خويلد فقتله أمير المؤمنين صلوات الله
عليه وزمعة بن الأسود والحرث بن زمعة والنضر بن
الحارث بن عبد الدار وعمير بن عثمان بن كعب بن تيم عم
طلحة ابن عبيد الله وعثمان ومالك ابنا عبيد الله أخو
طلحة ابن عبيد الله ومسعود بن أبي أمية بن المغيرة و
قيس بن الفاكة بن المغيرة وحذيفة بن أبي حذيفة بن
المغيرة وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وحنظلة بن أبي
سفيان وعمرو بن مخزوم والوليد بن أبي رفاعا و
63

منبه بن الحجاج السهمي والعاص بن منبه وعلقمة
ابن كلدة وأبو العاص بن قيس بن عدي ومقوية بن المغيرة
بن أبي العاص ولوذان بن ربيعة وعبد الله بن المنذر
بن أبي رفاعة ومسعود بن أبي أمية بن المغيرة وحاجب بن
السائب بن عويمر وأوس بن المغيرة بن لوذان وزيد بن
مليص وعاصم بن أبي عوف ومعبد بن وهب حليف
بنى عامر ومعوية بن عامر بن عبد القيس وعبد الله بن
جميل بن زهير بن الحارث بن أسد والسائب بن مالك
وأبو الحكم بن الأخنس وهشام بن أمية بن المغيرة.
فذلك خمسة ستة وثلاثون رجلا سوى من اختلف فيه أو شرك
أمير المؤمنين عليه السلام فيه غيره وهم أكثر من شطر المقتولين
ببدر على ما قدمناه فصل ثم تلت بدرا
64

غزاة أحد فكانت راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
بيد أمير المؤمنين عليه السلام فيها كما كانت بيده يوم بدر فصار
اللواء إليه يومئذ فصار صاحب الراية واللواء جميعا فانهزم
الناس كلهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الا علي بن
أبي طالب وحده ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
نفر يسير أولهم عاصم بن ثابت وأبو دجانة وسهل بن
حنيف فقال ولحقهم طلحة بن عبيد الله فقلت له وأين
كان أبو بكر وعمر قال كانا ممن تنحى قال قلت وأين كان عثمان
قال جاء بعد ثلاثة من الوقعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقد ذهبت فيها عريضة وتعجبت الملائكة
من ثبات علي عليه السلام فقال جبرئيل عليه السلام وهو يعرج إلى السماء
لا سيف الا ذو الفقار * ولا فتى الا على ع
65

وقتل علي عليه السلام أكثر المشركين في هذه الغزاة وكان الفتح له
في هذه الغزاة كما كان له ببدر واختص بحسن البلاء فيها
والصبر وثبوت القدم عندما زلت من غيره الاقدام و
قتل الله لسيفه رؤس أهل الشرك والضلال وفرج به
الكرب عن نبيه عليه واله السلام وخطب بفضله
في ذلك المقام جبرئيل عليه السلام في ملائكة الأرض والسماء
وابان نبي الهدى عليه واله السلام من اختصاصه به
ما كان مستورا عن عامة الناس فصل
وقد ذكر أهل السير قتلى أحد من المشركين فكان جمهورهم
قتلى أمير المؤمنين عليه السلام فروى عبد الملك بن هشام قال
حدثني زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال كان صاحب
لواء قريش طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن
66

عبد الله قتله علي بن أبي طالب عليه السلام وقتل ابنه أبا سعيد
بن طلحة وقتل أخاه كلدة بن أبي طلحة وعبد الله بن حميد بن
زهير زهرة بن الحارث بن أسد بن عبد العزى والحكم بن الأخنس
ابن شريق الثقفي والوليد بن أبي حذيفة بن المغيرة و
قتل أخاه أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وقتل أرطأة بن
شرحبيل وهشام بن أمية وعمرو بن عبد الله الجمحي و
بشر بن مالك وقتل صوابا مولى بنى عبد الدار وكان الفتح
له ورجوع الناس من هزيمتهم إلى النبي صلى الله عليه وآله
بمقامه يذب عنه دونهم وتوجه العقاب من الله تع
إلى كافتهم يهزيمتهم يومئذ سواه فصل
وفيما كان من أمير المؤمنين عليه السلام في غزاة بنى النضير وقتله
اليهودي الذي رمى قبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
67

ومجيئه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم برؤس التسعة
النفر الذين كانوا معه، يقول حسان بن ثابت الأنصاري
لله أي كريهة أبليتها * ببنى قريظة والنفوس تطلع
اروى رئيسهم وأب بتسعة * طورا يشلهم وطورا يدفع
وكان ذلك سبب فتح حصون بنى النضير والمنة لله
فصل وكانت غزاة الأحزاب بعد بنى النضير
فأقبلت الأحزاب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهال
المسلمون أمرهم وارتاعوا من كثرتهم وجمعهم فنزلوا ناحية
من الخندق وأقاموا بمكانهم بضعا وعشرين ليلة لم يكن
بينهم حرب الا الرمي بالنبل والحصى ثم قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم في المسلمين يدعوهم إلى جهاد
العدو يشجعهم ويعدهم النصر وانتدبت فوارس من قريش
68

للبراز، منهم عمرو بن عبد ود العامري وعكرمة بن أبي
جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب
ومرداس الفهري فلبسوا للقتال ثم خرجوا على خيلهم حتى
مروا بمنازل بنى كنانة فقالوا تهيؤا يا بنى كنانة للحرب ثم
اقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق ثم عبروا
من مضيق في الخندق وجعلوا يجيلون خيلهم في السبخة
بين الخندق وسليع والمسلمون وقوف لا يقدم أحد
منهم عليهم وجعل عمرو بن عبد ود يدعو إلى البراز ويعرض
بالمسلمين وفى كل ذلك يقوم علي بن أبي طالب عليه السلام
من بينهم ليبارزهم فيأمره رسول الله صلى الله عليه وآله
بالجلوس انتظارا منه لتحرك غيره والمسلمون كان على
رؤسهم الطير لمكان عمرو بن عبد ود والخوف منه وممن
69

معه ووراءه فلما طال نداء عمرو بالبراز وتتابع قيام على
أمير المؤمنين قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ادن منى يا علي فدنا منه فنزع عمامته عن رأسه وعممه
بها وأعطاه سيفه وقال له امض لشأنك ثم قال اللهم
أعنه فسعى نحو عمر ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري
رحمة الله عليه لينظر ما يكون منه ومن عمرو فلما انتهى
أمير المؤمنين عليه السلام إليه قال يا عمرو انك كنت تقول في الجاهلية
لا يدعوني أحد إلى ثلث الا قبلتها أو واحدة منها فقال اجل
قال فانى أدعوك إلى شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله وان تسلم لرب العالمين فقال عمرو يا بن الأخ
اخر هذه عنى فقال له أمير المؤمنين عليه السلام اما انها خير لك
لو اخذتها ثم قال فهيهنا أخرى قال وما هي قال ترجع من حيث
70

جئت قال لاتحدث نساء قريش بهذا ابدا قال فهيهنا أخرى
قال وما هي قال تنزل فتقاتلني فضحك عمرو وقال إن هذه
الخصلة ما كنت أظن أحدا من العرب يرو منى مثلها انى لاكره
ان اقتل الرجل الكريم مثلك وقد كان بيني وبين أبيك خلة
قال علي عليه السلام لكني أحب ان أقتلك فأنزل ان شئت فأسف أي غضب
ونزل وضرب وجه فرسه حتى رجع قال جابر رحمة الله عليه
فثارت بينهما قترة أي الغبار فما رأيتهما فسمعت التكبير تحتها فعلمت
ان عليا عليه السلام قد قتله وانكشف أصحابه حتى طفرت أي وثبت خيولهم
الخندق وتبادر المسلمون حين سمعوا التكبير ينظرون
ما صنع القوم فوجدوا نوفل بن عبد الله في جوف الخندق
لم ينهض به فرسه فجعلوا يرمونه بالحجارة فقال لهم قتلة
أجمل من هذه ينزل إلى بعضكم أقاتله فنزل إليه أمير المؤمنين ع
71

فضربه حتى قتله ولحق هبيرة فأعجزه وضرب قربوس سرجه
وسقطت درع كانت عليه وفر عكرمة وهرب ضرار بن
الخطاب فقال جابر رحمه الله فما شبهت قتل على عمروا
الا بما قص الله تع من قصة داود ع وجالوت حيث يقول
جل اسمه فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت
فصل وكان الظفر بيني قريظة وفتح الله تع
على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام وما كان من قتله من قتل منهم وما ألقاه
الله عز وجل في قلوبهم من الرعب منه وماثلت هذه الفضيلة
ما تقدمها من فضائله عليه السلام شابهت هذه المنقبة ما
سلف ذكره من مناقبه ع فصل ثم كان من بلائه
عليه السلام ببنى المصطلق ما أشهر عند العلماء وكان الفتح له ع
72

في هذه الغزاة بعد أن أصيب بومئذ ناس من بنى عبد المطلب
فقتل أمير المؤمنين عليه السلام رجلين من القوم وهما مالك وابنه
وأصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم سبيا
كثيرا فقسمه في المسلمين وكان ممن أصيب من السبايا جويرية
بنت الحارث بن أبي ضرار وكان الذي سبى جويرية أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله
فاصطفاها النبي عليه واله السلام فصل
ثم تلى بنى للمصطلق الحديبية فكان اللواء يومئذ إلى أمير المؤمنين
عليه السلام كما كان إليه في المشاهد قبلها وكان من بلائه في ذلك
اليوم عند صف القوم في الحربي القتال ما ظهر خبره واستفاض
ذكره وذلك بعد البيعة التي اخذها النبي صلى الله عليه وآله
على أصحابه والعهود عليهم في الصبر فصل ثم تلت الحديبية خيبر
73

وكان الفتح فيها لأمير المؤمنين عليه السلام بلا ارتياب وظهر
من فضله عليه السلام في هذه الغزاة ما أجمع على نقله الرواة وتفرد
فيها من المناقب بما لم يشركه فيه أحد من المسلمين وكان مثل ذلك ما كان في يوم خيبر من
انهزام من انهزم وقد أهل الجليل المقام بحمل الراية فكان
بانهزامه من الفساد ما لا خفاء به على الألباء ثم اعطى صاحبه
الراية من بعده مكان من انهزامه مثل الذي سلف من الأول و
خيف في ذلك على الاسلام وشأنه ما كان من الرجلين في
الانهزام فأكبر ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
واظهر النكير له والمسائة به ثم قال معلنا لأعطين الراية
غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كرار
غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فأعطاها أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام فكان الفتح على يديه ودل فحوى كلامه ع
74

على خروج الفرارين من الصفة التي أوجبها لأمير المؤمنين عليه السلام
كما خرجنا بالضرار من صفة الكر والثبوت للقتال وفى تلافى أمير
المؤمنين عليه السلام بخيبر ما فرط من غيره دليل على توحده من الفضل
فيه بما لم يشركه فيه من عداه وفى ذلك يقول حسان بن ثابت الأنصاري
وكان على أرمد العين ينبغي * دواء فلما لم يحس مداويا
شفاه رسول الله منه بتقلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا
وقال سأعطى الراية اليوم صارما * كيا محبا للرسول مواليا
يحب الا له والا له يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا
فأصفى بهارون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المواخيا
فصل ثم تلت غزاة خيبر مواقف لم تجر مجرى
ما تقدمها فنعمد نقصه لذكرها وأكثرها كان بعوثا لم يشهدها
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا كان الاهتمام
75

بها كالاهتمام بما سلف لضعف العدو فيها وغناء بعض
المسلمين عن غيرهم فيها فاضربنا عن تعدادها وإن كان
لأمير المؤمنين عليه السلام في جميعها حظ وافر من قول أو عمل ثم
كانت غزاة الفتح وهي التي توطد أمر الاسلام بها وتمهد الدين
بما من الله سبحانه على نبيه عليه واله فيها وكان الوعد
بها تقدم في قول الله عز وجل إذا جاء نصر الله والفتح
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا إلى آخر السودة
وقوله عز وجل قبلها بمدة طويلة لتدخلن المسجد
الحرام انشاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين
لا تخافون فكانت الأعين إليها ممتدة والرقاب إليها
متطاولة ودبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الامر
فيها بكتمان مسيره إلى مكة وستر عزيمته على مراد باهلها
76

وسئل الله عز وجل ان يطوى خبره عن أهل مكة حتى
يبغتهم بدخولها فكان المؤتمن على هذا السر والمودع له
من بين الجماعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكان
الشريك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الرأي ثم
أنماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جماعة بعد واستتب
الامر فيه على أحوال كان أمير المؤمنين عليه السلام في جميعها متفردا
من الفضل بما لم يشركه فيه غيره من الناس فصل
وكان عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسلمين
عند توجهه إلى مكة الا يقتلوا بها الامن قاتلهم وآمن
من تعلق بأستار الكعبة سوى نفر كانوا يؤذونه ص منهم
مقيس بن صبابة وابن خطل وابن أبي سرح وقينتان كانتا
يغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
77

وبمراثي أهل بدر فقتل علي بن أبي طالب عليه السلام إحدى
القينتين وأفلتت الأخرى حتى استؤمن لها بعد فضربها
فرس بالأبطح في امارة عمر بن الخطاب فقتلها وقتل
علي بن أبي طالب عليه السلام الحويرث بن نفيل بن كعب وكان ممن
نودي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة وبلغه ع
ان أخته أم هاني رحمة الله عليها قد آوت أناسا من بنى
مخزوم منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب فقصد ع
نحو دارها مقنعا بالحديد فنادى اخرجوا من أو يتم قال
فجعلوا يذرقون والله كما تذرق الحبارى خوفا منه فخرجت
إليه أم هاني وهي لا تعرفه فقالت يا عبد الله انا أم هاني
بنت عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخت
علي بن أبي طالب عليه السلام انصرف عن دارى فقال أمير المؤمنين
78

علي بن أبي طالب عليه السلام أخرجوهم فقالت والله لأشكونك
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزع المغفر عن
رأسه فعرفته فجائت تشتد حتى التزمته وقالت فديتك
حلفت لأشكونك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فقال لها اذهبي فأبري قسمك فإنه بأعلى الوادي قالت أم هاني
فجئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في قبة
يغتسل وفاطمة عليها السلام تستره فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم كلامي قال مرحبا بأم هاني واهلا قلت
بابى أنت وأمي أشكو إليك اليوم ما لقيت من علي بن أبي طالب ع
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد اجرت ومن
اجرت فقالت فاطمة عليها السلام إنما جئت يا أم هاني تشكين عليا
في أنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله فقال رسول الله ص
79

قد شكر الله لعلى سعيه وأجرت من أجارت أم هاني
لمكانها من علي بن أبي طالب ع ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله
المسجد وجد فيه ثلاثمائة وستين صنما بعضها
مشدود إلى بعض بالرصاص فقال لأمير المؤمنين عليه السلام
اعطني يا علي كفا من الحصى فقبض له أمير المؤمنين عليه السلام
كفا فناوله فرماها به وهو يقول: وقل جاء الحق و
زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا فما بقي منهم
صنم الاخر لوجهه ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وطرحت
وكسرت فصل وفيما ذكرناه من اعمال أمير المؤمنين
صلوات الله عليه في قتل من قتل من أعداء الله سبحانه
بمكة وأخافته من أخاف ومعونة رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم على تطهير المسجد من الأصنام وشده
80

بأسه في الله تع وقطع الأرحام في طاعة الله عز وجل
أدل دليل على تخصصه من الفضائل بما لم يكن لاحد منهم
سهم فيه حسب ما قدمناه فصل ثم كانت غزاة
حنين استظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فيها بكثرة الجموع فخرج ص متوجها إلى القوم في عشرة آلاف
من المسلمين فظن أكثرهم انهم لن يغلبوا لما شاهدوه
من جمعهم وكثرة عدتهم وسلاحهم فاعجب أبو بكر الكثرة
يومئذ فقال لن يغلب اليوم من قلة وكان الامر في ذلك
بخلاف ما ظنوه وعانهم فهو عاين إذا اصابه بالعين أبو بكر بعجبه بهم فلما التقوا مع
المشركين لم يلبثوا حتى انهزموا بأجمعهم فلم يبق منهم مع
النبي صلى الله عليه وآله وسلم الا عشرة أنفس تسعة من
بني هاشم خاصة وعاشرهم أيمن بن أم أيمن فقتل أيمن رحمة الله عليه
81

وثبتت التسعة الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم من كان انهزم فرجعوا أولا
فأولا حتى تلاحقوا وكانت لهم الكرة على المشركين وفى
ذلك انزل الله سبحانه وفى اعجاب أبى بكر بالكثرة: *
ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا
وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين
ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين
يعنى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ومن ثبت معه
من بني هاشم رحمة الله عليهم يومئذ ثمانية نفر تاسعهم
أمير المؤمنين والعباس بن عبد المطلب عن يمين رسول
الله ص والفضل بن العباس عن يساره وأبو سفيان بن
الحارث ممسك بسرجه عند ثفر بغلته وأمير المؤمنين عليه السلام
82

بين يديه بالسيف ونوفل بن الحارث وربيعة بن الحارث
وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب وعتبة ومعتب ابنا
أبى لهب حوله وقد ولت الكافة مدبرين سوى من ذكرناه
وفى ذلك يقول مالك بن عبادة الغافقي: * -
لم يواس النبي غير بنى... هاشم عند السيوف يوم حنين
هرب الناس غير تسعة رهط * فهم يهتفون بالناس أين
ثم قاموا مع النبي على الموت * فأبوا زينا لنا غير شين
وثوى أيمن الأمين من ألقوا * شهيدا فاعتاض قرة عين
ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هزيمة القوم
عنه قال للعباس وكان رجلا جهوريا صيتا ناد بالقوم
وذكرهم العهد فنادى العباس بأعلى صوته يا أهل بيعة الشجرة
يا أهل سورة البقرة إلى ابن تفرون اذكروا العهد الذي عاهدكم
83

عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقوم على
وجوههم قد ولوا مدبرين وكانت ليلة ظلماء ورسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم في الوادي والمشركون قد خرجوا
عليه من شعاب الوادي وجنباته ومضايقه مصلتين سيوفهم
وعمدهم وقسيهم قالوا فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى الناس ببعض وجهه فأضاء كالقمر ليلة البدر ثم نادى
المسلمين أينما عاهدتم الله عليه فاسمع أولهم وآخرهم فلم
يسمعها رجل الا رمى بنفسه إلى الأرض فانحدروا إلى حيث
كانوا من الوادي حتى لحقوا بالعدو فقاتلوه قالوا واقبل
رجل من هوازن على جمل له احمر بيده راية سوداء في رأس
رمح طويل امام القوم إذا أدرك ظفرا من المسلمين أكب
عليهم وإذا فاته الناس دفعه لمن وراه من المشركين فاتبعوه
84

وهو يرتجز ويقول: * -
انا أبو جرول لأبراح * حتى نبيح اليوم أو نباح
فصمد له أمير المؤمنين عليه السلام فضرب عجز بعيره فصرعه ثم
ضربه فقتله ثم قال: * -
قد علم الناس لدى الصاح * انى في الهيجاء ذو نصاح
فكانت هزيمة القوم المشركين يقتل أبى جرول لعنه الله ثم التأم
المسلمون وصفوا للعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم اللهم انك أذقت أول قريش نكالا
فأذق آخرها وبالا نوالا. وتجالد المسلمون والمشركون ساعة
فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام في ركابي سرجه
حتى أشرف على جماعتهم وقال: * -
الان حمى الوطيس انا النبي لا كذب * انا بن عبد المطلب
85

مما كان بأسرع من أن ولى القوم ادبارهم وجئ بالأسرى
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكتفين ولما
قتل أمير المؤمنين عليه السلام أبا جرول وخذل القوم بقتله
وضع المسلمون سيوفهم فيهم وأمير المؤمنين عليه السلام يقدمهم
حتى قتل أمير المؤمنين عليه السلام أربعين رجلا من القوم ثم كانت
الهزيمة والأسر حينئذ وكان أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية
في هذه الغزاة فانهزم في جملة من انهزم من المسلمين.
فروى عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال لقيت أبى منهزما مع
بنى أمية من أهل مكة فصحت به يا بن حرب والله ما صبرت
مع ابن عمك ولا قاتلت عن دينك ولا كففت هؤلاء
الاعراب عن حريمك فقال من قلت معاوية قال ابن هند
قلت نعم فقال بابى وأمي ثم وقف واجتمع معه أناس من
86

أهل مكة وانضمت إليهم ثم حملنا على القوم فضعضعناهم
وما زال المسلمون يقتلون المشركين ويأسرون منهم حتى ارتفع
النهار فامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالكف
ونادى ان لا يقتل أسير من القوم وكانت هذيل بعثت رسولا
يقال له ابن الأكوع أيام الفتح عينا على النبي صلى الله عليه وآله
حتى علم علمه فجاء إلى هذيل بخبره فاسر يوم حنين
فمر به عمر بن الخطاب فلما رآه اقبل على رجل من الأنصار
وقال عدو الله الذي كان عينا علينا هو أسير فاقتله فضرب
الأنصاري عنقه وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله
فكرهه وقال لم آمركم الا تقتلوا أسيرا وقتل بعده جميل بن
معمر بن زهير وهو أسير فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم إلى الأنصار وهو مغضب فقال ما حملكم
87

على قتله وقد جائكم الرسول الا تقتلوا أسيرا فقالوا إنما
قتلناه بقول عمر فاعرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم
حتى كلمه عمير بن وهب في الصفح عن ذلك فصل
ولما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غنايم حنين اقبل
رجل طويل قد أحنى بين عينيه اثر السجود فلم ولم يخص
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال قد رأيتك وما صنعت
في هذه الغنائم قال وكيف رأيت قال لم ارك عدلت فغضب
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال ويلك إذا لم يكن
العدل عندي فعند من يكون فقال المسلمون الا فقتله قال
دعوه فإنه سيكون له اتباع يمرقون من الدين كما يمرن
السهم من الرمية يقتلهم الله على يد أحب الخلق إليه من
بعدى فقتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فيمن قتل يوم
88

النهروان من الخوارج فصل فانظر الان ولى
مناقب أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الغزاة وتأملها وتفكر
في معانيها تجده عليه السلام قد تولى كل فضل كان فيها واحتص
من ذلك بما لم يشركه فيه أحد من الأمة وذلك أنه عليه السلام
ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند انهزام كافة
الناس الا النفر الذين كان ثبوتهم بثبوته عليه السلام وذلك انا قد
أحطنا علما بتقدمه ع في الشجاعة والبأس والصبر والنجدة
على العباس والفضل ابنه وأبى سفيان بن الحارث والنفس
الباقين لظهور امره في المقامات التي لم يحضرها أحد منهم
واشتهار خبره في منازلة الاقران وقتل الابطال ولم يعرف
لاحد من هؤلاء مقام من مقاماته ولا قتيل عزى إليهم
بالذكر فعلم بذلك ان ثبوتهم كان به عليه السلام ولولاه كانت
89

الجناية على الدين لا تتلافى وان بمقامه ذلك المقام وصبره
مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان رجوع المسلمين
إلى الحرب تشجعهم في لقاء العدو ثم كان من قتله أبا جرول
متقدم المشركين ما كان هو السبب في هزيمة القوم وظفر
المسلمين بهم وكان من قتله عليه السلام الأربعين الذين تولى
قتلهم الوهن على المشركين وسبب خذلانهم وهلعهم شدة الجزع
وظفر المسلمين بهم وكان من بلية المتقدم عليه في مقام
الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان عان
المسلمين باعجابه بالكثرة فكانت هزيمتهم بسبب ذلك
أو كان أحد أسبابها ثم كان من صاحبه في قتل الاسرى من
القوم وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قتلهم
ما ارتكب به عظيم الخلاف لله سبحانه ولرسوله حتى أغضبه
90

ذلك وآسفه وانكره واكبره ثم جعل رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم الحكم على المعترض في قضاء أمير المؤمنين ع
علما على حق أمير المؤمنين عليه السلام في فعاله وصوابه في حروبه
ونبه على وجوب طاعته وخطر معصيته وان الحق في حيز
وجنبيه وشهد له بأنه خير الخليقة وهذا يباين ما كان
من خصومه الغاصبين لمقامه من الفعال ويضاد ما
كانوا عليه من الأعمال ويخرجهم من الفضل إلى النقص الذي
يوبق صاحبه أو يكاد فضلا عن سموه على اعمال المخلصين
في تلك الغزاة وقربهم بالجهاد الذي تولوه فبانوا مما ذكرناه
بالتقصير الذي وصفناه فصل وفى غزاة الطائف
حين سار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه
فحاصرهم أياما وانفذ أمير المؤمنين عليه السلام في خيل وأمره
91

ان يطأ ما يجد ويكسر كل صنم وجده فخرج حتى لقيته خيل
خثعم في جمع كثير فبرز له رجل يقال له شهاب في غبش الصبح
فبرز إليه أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول: *
ان على كل رئيس حقا * ان يروى الصعدة أو تدقا
ثم ضربه فقتله ومضى في تلك الخيل حتى كسر الأصنام وعاد
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو محاصر أهل
الطائف فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم كبر
للفتح واخذ بيده فخلا به وناجاه طويلا فروى أن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم لما خلا بعلى بن أبي طالب عليه السلام
يوم الطائف اتاه عمر بن الخطاب اتناجيه دوننا وتخلو به
دوننا فقال يا عمر ما انا انتجيته ولكن الله انتجاه ثم خرج
من حصن الطائف نافع بن غيلان بن معتب في خيل
92

من ثقيف فلقيه أمير المؤمنين عليه السلام ببطن و ج فقتله
وانهزم المشركون ولحق القوم الرعب فنزل منهم جماعة
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاسلموا وكان حصار
النبي ص الطائف بضعة عشر يوما فصل
وفى هذه الغزاة مما خص الله تع أمير المؤمنين عليه السلام بما
انفرد به من كافة الناس وكان الفتح فيها على يده وحصل
من المناجاة التي أضافها رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى الله عز اسمه ما ظهر به من فضله وخصوصيته من الله تع
بما بان به من كافة الخلق وكان من عدوه فيها ما دل
على باطنه وكشف الله ثم به حقيقة سره وضميره في
ذلك عبرة لأولي الألباب فصل ثم كانت غزاة
تبوك فأوحى الله عز اسمه إلى نبيه عليه واله السلام
93

ان يسير إليها بنفسه ويستفر الناس للخروج معه
واعلمه انه لا يحتاج فيها إلى حرب لا يبلى بقتال عدو
وان الأمور تنقاد له بغير سيف لما أراد النبي
صلى الله عليه وآله وسلم الخروج استخلف أمير المؤمنين
عليه السلام في أهله وولده وأزواجه ومهاجره وقال له يا علي
ان المدينة لا تصلح الابي أو بك فاستخلفه استخلافا
ظاهرا ونص عليه بالإمامة من بعده نصا جليا وذلك
فيما تظاهرت به الرواية ان أهل النفاق لما علموا باستخلاف
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام
على المدينة حسدوه لذلك وعظم عليهم مقامه فيها بعد
خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلموا انها تتحرس به
ولا يكون فيها للعدو مطمع فساهم ذلك وكانوا يؤثرون
94

خروجه معه لما يرجونه من وقوع الفساد والاختلاط
عند نأى النبي صلى الله عليه وآله عن المدينة وخلوها
من مرهوب مخوف يحرسها وغبطوه ع على الرفاهية و
الدعة السعة في العيش بمقامه في أهله وتكلف من خرج منهم المشاق
بالسفر بالخطر فارجفوا به عليه السلام وقالوا لم يستخلفه رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم اكراما واجلالا ومودة
وإنما خلفه استثقالا له فبهتوا بهذا الارجاف كبهت قريش
للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة تارة وبالشعر أخرى
وبالسحر مرة وبالكهانة أخرى وهم يعلمون ضد ذلك و
نقيضه كما علم المنافقون ضد ما أرجفوا به على أمير المؤمنين
صلوات الله عليه وخلافه وان النبي صلى الله عليه وآله
كان أخص الناس بأمير المؤمنين عليه السلام وكان هو أحب
95

الناس إليه وأسعدهم عنده وأفضلهم لديه فلما بلغ
أمير المؤمنين عليه السلام ارجاف للمنافقين أراد تكذيبهم واظهار
فضيحتهم فلحق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له
يا رسول الله ان المنافقين يزعمون انك إنما خلفتني
استثقالا ومقتا فقال له النبي صلى الله عليه وآله
ارجع يا أخي إلى مكانك فان المدينة لا تصلح الابي أو بك
فأنت خليفتي في أهلي ودار هجرتي وقومي اما ترضى أن تكون
منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبى بعدى فتضمن هذا
القول من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصه عليه
بالإمامة وإبانته من الكافة بالخلافة ودل به على فضل
لم يشركه فيه أحد سواه وأوجب له ع به جميع منازل هارون
من موسى الا ما خصه العرف من الاخوة واستثناه هو من
96

النبوة وهذه فضيلة لم يشرك فيها أحد من الخلق أمير المؤمنين ع
ولا ساواه في معناها ولا قاربه فيها على حال فصل
في غزاة بنى زبيد لقيهم أمير المؤمنين عليه السلام بواد يقال له
كسر فلما رآه بنو زبيد قالوا لعمرو بن معدى كرب كيف أنت
يا أبا ثور إذا لقيك هذا الغلام القرشي فاخذ منك الإتاوة أي الخروج
فقال سيعلم ان لقيني قال وخرج عمرو فقال من يبارز
فنهض إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فصاح
به صيحة فانهزم عمرو وقتل اخوه وابن أخيه واخذت امرأته
ريحانة بنت سلامة وسبى منهم نسوان وانصرف أمير المؤمنين ع
وخلف على بنى زبيد خالد بن سعيد بن العاص رحمه الله
ليقبض صدقاتهم ويؤمن من عاد إليه من هرابهم مسلما
وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد اصطفى من السبي جارية
97

فبعث خالد بن الوليد وقد كان من جملة السرية التي كان
أمير المؤمنين عليه السلام أميرا عليهم بريدة الأسلمي رحمه الله
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له تقدم الجيش
إليه فاعلمه بما فعل علي بن أبي طالب عليه السلام من اصطفائه الجارية
من الخمس لنفسه وقع فيه فسار بريدة حتى انتهى إلى باب
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلقيه عمر بن الخطاب
فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه فأخبره انه إنما
جاء ليقع في علي عليه السلام وذكر له اصطفاء الجارية من الخمس
لنفسه فقال له عمر امض لما جئت له فإنه سيغضب
لابنته مما صنع على ع فدخل بريدة الأسلمي على النبي صلى الله عليه وآله
ومعه كتاب خالد بما ارسل به بريدة فجعل يقرأه
ووجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتغير فقال
98

بريدة يا رسول الله انك ان رخصت للناس في مثل هذا
ذهب فيئهم فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم
ويحك يا بريدة أحدثت نفاقا ان علي بن أبي طالب عليه السلام
يحل له من الفئ مثل ما يحل لي ان علي بن أبي طالب عليه السلام
خير الناس لك ولقومك وخير من اخلف بعدى لكافة
أمتي يا بريده احذر ان تبغض عليا ع فيبغضك الله قال
بريدة فتمنيت ان الأرض انشقت لي فسخت فيها و
قلت أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله يا رسول
الله استغفر لي فلن أبغض عليا ابدا ولا أقول فيه الا
خيرا فاستغفر له النبي صلى الله عليه وآله فصل
وفى هذه الغزاة من المنقبة لأمير المؤمنين عليه السلام مالا
تماثلها منقبة لاحد سواه والفتح فيها كان على يديه ع
99

خاصة وظهر من فضله ومشاركته للنبي صلى الله عليه و
آله وسلم فيما أحله الله له من الفئ واختصاصه من ذلك
بما لم يكن لغيره من الناس وبان أي ظهر من مودة رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وتفضيله إياه ما كان خفيا على
من لاعلم له بذلك وكان من تحذيره بريدة وغيره من
بغضه وعداوته وحثه له على مودته وولايته ورد كيد أعدائه
في نحورهم ما دل على أنه أفضل البرية عند الله وعنده ص
واحقهم بمقامه من بعده وأخصهم به في نفسه واثرهم عنده
فصل ثم كانت غزاة السلسلة وذلك أن أعرابيا
جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجثا بين يديه
وقال له جئتك لأنصح لك قال ع وما نصيحتك قال قوم
من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل وعملوا على أن يبيتوك بالمدينة
100

ووصفهم له فامر النبي صلى الله عليه وآله ان ينادى بالصلاة
جامعة فاجتمع المسلمون فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال أيها الناس ان هذا عدو الله وعدوكم قد عمل على أن
يبيتكم فمن لهم فقام جماعة من أهل الصفة فقالوا نحن نخرج
إليهم يا رسول الله فول علينا من شئت فاقرع بينهم فخرجت
القرعة على ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم فاستدعى أبا بكر
فقال له خذ اللواء وامض إلى بنى سليم فإنهم قريب من الحرة
فمضى أبو بكر ومعه القوم حتى قارب أرضهم وكانت كبيرة
الحجارة وهم ببطن الوادي والمنحدر إليه صعب فلما صار أبو بكر
إلى الوادي وأراد الانحدار خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من المسلمين
جمعا كثيرا وانهزم أبو بكر بالقوم فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقده لعمر بن الخطاب وعثه إليهم فكمنوا له
101

تحت الحجارة والشجر فلما ذهب ليهبط خرجوا إليه فهزموه
فسآء ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال
له عمرو بن العاص ابعثني يا رسول الله إليهم فان الحرب خدعة
ولعلى خدعهم فانفذه مع جماعة منهم أبو بكر وعمر فلما
صار إلى الوادي خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من أصحابه جماعة
فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام فعقد له ثم قال أرسلته كرارا
غير فرار ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم ان كنت تعلم
انى رسولك فاحفظني فيه وافعل به وافعل فدعا له ما شاء
الله وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام وخرج رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم ليشيعه وبلغ معه إلى مسجد الأحزاب
وانفذ معه فيمن انفذ أبا بكر وعمرو عمرو بن العاص فسار بهم
102

نحو العراق متنكبا للطريقة ثم اخذ بهم على محجة غامضة
فسار حتى استقبل الوادي من فمه فلما قرب منهم أمر أصحابه
ان يعكموا رؤس الخيل ووقفهم مكانا وقال لا تبرحوا و
انتبذ امامهم وأقام ناحية منهم حتى أحس ع الفجر فكبس أي هم عليهم من كل جانب
القوم وهم غارون أي غافلون فامكنه الله تع منهم ونزلت على النبي
صلى الله عليه وآله وسلم والعاديات ضبحا إلى آخر السورة
فبشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بالفتح وأمرهم
ان يستقبلوا أمير المؤمنين عليه السلام فاستقبلوه والنبي
صلى الله عليه وآله وسلم يقدمهم فقاموا له صفين فلما بصر ع
بالنبي صلى الله عليه وآله ترجل عن فرسه فقال له النبي
صلى الله عليه وآله اركب فان الله ورسوله عنك راضيان
فبكى أمير المؤمنين عليه السلام فرحا فقال له النبي صلى الله عليه وآله
103

يا علي لولا انني أشفق ان تقول فيك طوائف من أمتي
ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم عليه السلام لقلت فيك
مقالا لا تمر بملاء من الناس الا اخذ والتراب من تحت
قدميك للبركة فصل فكان الفتح في هذه الغزاة
لأمير المؤمنين عليه السلام خاصة بعد أن كان من غيره فيها من
الفساد ما كان واختص عليه السلام من مديح النبي صلى الله عليه وآله
وسلم فيها بفضايل لم يحصل منها شئ لغيره
فصل ولما انتشر الاسلام بعد الفتح وما وليه
من الغزوات المذكورة وقوى سلطانه وفد إلى النبي
صلى الله عليه وآله الوقود فمنهم من أسلم ومنهم من استأمن
فكان ممن وفد عليه أبو حادثة أسقف نجران في ثلثين رجلا
من النصارى منهم العاقب والسيد وعبد المسيح فقدموا
104

المدينة عند صلاة العصر وعليهم لباس الديباج و
الصلب فلما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم العصر
توجهوا إليه يقدمهم الأسقف فقال يا محمد ما تقول في
السيد المسيح عيسى بن مريم فقال النبي صلى الله عليه وآله
عبد الله اصطفاه وانتجبه فقال الأسقف أتعرف يا محمد
له أبا ولده فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن عن نكاح
فيكون له والد قال فكيف قلت إنه مخلوق وأنت لم تر عبدا
مخلوقا الا عن نكاح وله والد فأنزل الله سبحانه وتع الآيات
من سورة آل عمران: ان مثل عيسى عند الله
كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون
الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك
فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا
105

ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم
وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله
على الكافرين فتلاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم
على النصارى ودعاهم إلى المباهلة وقال إن الله عز وجل
اخبرني والعذاب ينزل على المبطل عقيب المباهلة ويبين
الحق من الباطل بذلك فاجتمع الأسقف مع عبد المسيح و
العاقب على المشورة واتفق رأيهم على استنظاره إلى صبيحة
غد من يومهم ذلك فلما رجعوا إلى رجالهم فقال لهم الأسقف
انظروا محمدا في غد فان غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلة
وان غدا بأصحابه فباهلوه فإنه على غير شئ فلما كان من الغد
جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم آخذا بيد أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام يمشيان بين يديه
106

وفاطمة عليها السلام تمشى خلفه وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم فلما
رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد اقبل بمن معه سئل
عنهم فقيل هذا ابن عمه علي بن أبي طالب ع وهو صهره وأبو ولديه
وأحب الخلق إليه وهذان الطفلان ولدا ابنته من علي عليه السلام
وهما من أحب الخلق إليه وهذه الجارية بنته فاطمة عليها السلام
أعز الناس عليه وأقربهم إلى قلبه فنظر الأسقف إلى العاقب
والسيد وعبد المسيح وقال لهم انظروا إليه قد جاء بخاصة
من ولده وأهله ليباهل بهم واثقا بحقه والله ما جاء بهم
وهو يتخوف الحجة عليه فاحذروا مباهلة والله لولا مكان
قيصر لاسلمت له ولكن صالحوه على ما يتفق بينكم وبينه
وارجعوا إلى بلادكم وارتاؤا لأنفسكم فقالوا له رأينا لرأيك
تبع فقال الأسقف يا أبا القاسم انا لا نباهلك ولكنا
107

نصالحك فصالحنا على ما ننهض به فصالحهم النبي صلى الله عليه وآله
وسلم على الفي حلة من حلل الا وافى قيمة كل حلة
أربعون درهما جيادا فما زاد أو نقص كان بحساب ذلك و
كتب لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتابا بما صالحهم
عليه واخذ القوم الكتاب وانصرفوا فصل وفى قصة
أهل نجران بيان فضل أمير المؤمنين عليه السلام وان الله تعالى
حكم في آية المباهلة لأمير المؤمنين عليه السلام بأنه نفس رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم كاشفا بذلك عن بلوغه نهاية
الفضل ومساواته للنبي سلام الله عليه وآله في الكمال و
العصمة من الآثام وان الله سبحانه جعله وزوجته و
ولديه مع تقارب سنهما حجة لنبيه ص وبرهانا على دينه
ونص على الحكم بان الحسن والحسين أبناؤه وان فاطمة عليها السلام
108

نسائه المتوجه إليهن الذكر والخطاب في المباهلة والاحتجاج
وهذا فضل لم يشركهم فيه أحد من الأمة ولا قاربهم فيه و
لأماثلهم في معناه وهو لاحق بما تقدم من مناقب أمير المؤمنين
عليه السلام الخاصة له على ما ذكرناه فصل فاما
الاخبار التي جاءت بالباهر من قضاياه عليه السلام في الدين
واحكامه التي افتقر إليه في علمها كافة المسلمين بعد الذي
أثبتناه من جملة الوارد في تقدمه في العلم وتبريزه على الجماعة
بالمعرفة والفهم وفزع علماء الصحابة إليه فيما أعضل من
ذلك والتجائهم إليه وتسليمهم له القضاء به فهي أكثر من أن
تحصى وأجل من أن تتعاطى وانا مورد منها جملة تدل
على ما بعدها انشاء الله تع * فمن ذلك ما رواه نقلة
الآثار من العامة والخاصة من قضاياه ورسول الله ص حي
109

فصوبه وحكم له بالحق فيما قضى به ودعا له بخير وأثنى عليه به
وابانه بالفضل في ذلك من الكافة ودل به على استحقاقه
الامر من بعده ووجوب تقدمه على من سواه في مقام الإمامة
كما تضمن ذلك التنزيل فيما دل على معناه وعرف به ما حواه
من التأويل حيث يقول الله عز اسمه: أفمن يهدى
إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى
فما لكم كيف تحكمون وقوله سبحانه وتع في قصة طالوت
وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا
قالوا انى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك
منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه
عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتى
ملكه من يشاء والله واسع عليم فجعل جهة حقه في
110

التقدم عليهم ما زاده الله من البسطة في العلم والجسم
واصطفائه إياه على كافتهم بذلك وكانت هذه الآيات
موافقة لدلائل العقول في أن الأعلم أحق بالتقدم في محل
الإمامة ممن لا يساويه في العلم ودلت على وجوب تقدم أمير المؤمنين
عليه السلام على كافة المسلمين في خلافة الرسول صلى الله عليه وآله
وامامة الأمة لتقدمه ع عليهم في العلم والحكمة وقصورهم عن
منزلته في ذلك فصل فمما جاءت به الرواية
في قضاياه عليه السلام والنبي صلى الله عليه وآله حي موجود
انه لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقليده
قضاء اليمن وانفاذه إليهم ليعلمهم الاحكام ويبين لهم
الحلال من الحرام يحكم فيهم باحكام القرآن قال له
أمير المؤمنين عليه السلام تندبني يا رسول الله للقضاء وانا
111

شاب ولاعلم لي بكل القضاء فقال له ادن منى فدنا منه
فضرب على صدره وقال اللهم اهد قلبه وثبت لسانه
قال أمير المؤمنين عليه السلام فما شككت في قضاه بين اثنين
بعد ذلك المقام ولما استقرت به الدار باليمن ونظر
فيما ندبه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من القضاء
والحكم بين المسلمين رفع إليه رجلان بينهما جارية يملكان
رقها على السوآء قد جهلا حظر وطيئها الخطر المنع فوطئاها معا في
طهر واحد على ظن منهما جواز ذلك لقرب عهدهما بالاسلام
وقلة معرفتهما بما تضمنته الشريعة من الاحكام فحملت
الجارية ووضعت غلاما فاختصما إليه فاقرع بينهما على
الغلام باسميهما فخرجت القرعة لأحدهما فالحق الغلام
به والزمه نصف قيمة الولد لو كان عبدا لشريكه وقال لو علمت
112

انكما أقدمتما على ما فعلتما بعد الحجة عليكما بحظره لبالغت
في عقوبتكما وبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
هذه القضية فأمضاها وأقر الحكم بها في الاسلام و
قال الحمد لله الذي جعل منا أهل البيت من يقضى على
سنن داود عليه السلام وسبيله في القضاء يعنى به القضاء
بالالهام الذي هو في معنى الوحي ونزول النص به ان لو
نزل على التصريح. وجائت الآثار ان رجلين اختصما
إلى النبي ص في بقرة قتلت حمارا فقال أحدهما يا رسول
الله بقرة هذا الرجل قتلت حماري فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم اذهبا إلى أبى بكر فلاه القضاء في ذلك
فجاء إلى أبى بكر وقصا عليه قصتهما فقال كيف تركتما رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم وجئتماني فقالا هو أمرنا
113

بذلك فقال لهما بهيمة قتلت بهيمة لا شئ على ربها فعادا
إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبراه بذلك فقال لهما
امضيا إلى عمر بن الخطاب فقصا عليه قصتكما فقال لهما
كيف تركتما رسول الله صلى الله عليه وآله وجئتماني فقالا
انه أمرنا بذلك قال فكيف لم يأمر كما بالمصير إلى أبى بكر قالا
قد أمرنا بذلك فصرنا إليه فقال ما الذي قال لكما في هذه
القضية قالا له قال كبت وكيت قال ما أرى فيهما الا ما رأى
أبو بكر فعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخبراه
الخبر قال فاذهبا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ليقضى بينكما
فذهبا إليه فقصا عليه قصتهما فقال عليه السلام ان كانت البقرة
دخلت على الحمار في مأمنه فقتلته فعلى ربها قيمة الحمار
لصاحبه وإن كان الحمار دخل على البقرة في مأمنها فقتلته
114

فلا عزم على صاحبها فعادا إلى النبي صلى الله عليه وآله
فأخبراه بقضيته بينهما فقال ص لقد قضى علي بن أبي طالب ع
بينكما بقضاء الله عز اسمه ثم قال الحمد لله الذي جعل فينا
أهل البيت من يقضى على سنن داود في القضاء. *
فصل في ذكر مختصر من قضاياه في امارة أبى بكر
ابن أبي قحافة. فمن ذلك ما جاء به الخبر عن رجال من
العامة والخاصة ان رجلا رفع إلى أبى بكر وقد شرب الخمر
فأراد ان يقيم عليه الحد فقال له انني شربتها ولاعلم لي بتحريمها
لأني نشأت بين قوم يستحلونها ولم اعلم بتحريمها حتى الان
فارتج على أبى بكر الامر بالحكم عليه ولم يعلم وجه القضاء
فيه فأشار عليه بعض من حضره ان يستخبر أمير المؤمنين عليه السلام
عن الحكم في ذلك فأرسل إليه من سأله عنه فقال أمير المؤمنين عليه السلام
115

مر رجلين ثقتين من رجال المسلمين يطوفان به على
مجالس المهاجرين والأنصار ويناشد انهم هل فيهم أحد
تلا عليه آية التحريم أو اخبره بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فان شهد بذلك رجلان منهم فأقم
الحد عليه وان لم يشهد أحد بذلك فاستتبه وخل سبيله
ففعل ذلك أبو بكر فلم يشهد بذلك من المهاجرين و
الأنصار انه تلا عليه آية التحريم ولا اخبره عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فاستتابه أبو بكر وخلا
سبيله وسلم لعلى في القضاء. ورووا ان أبا بكر
سئل عن قوله تع وفاكهة وأبا فلم يعرف معنى الأب
من القرآن وقال أي سماء تظلني أم أي ارض تقلني أم
كيف اصنع ان قلت في كتاب الله بما لا أعلم اما الفاكهة
116

فنعرفها واما الأب فالله اعلم به فبلغ أمير المؤمنين عليه السلام
مقاله ذلك فقال ع يا سبحان الله اما علم أن الأب
هو الكلأ والمرعى وان قوله تع وفاكهة وأبا اعتداد من
الله بانعامه على خلقه بما غذاهم به وخلقه لهم ولانعامهم
مما تحيى به أنفسهم وتقوم به أجسادهم. * -
وله مثل ذلك في امارة عمر بن الخطاب
فمن ذلك ما جاءت به الرواية، مجنونة على عهد عمر بن
الخطاب فجر بها رجل فقامت البينة عليها بذلك
فامر عمر بجلدها الحد فمر بها على أمير المؤمنين عليه السلام
لتجلد فقال ما بال مجنونة آل فلان تقتل فقيل له
ان رجلا فجربها وهرب وقامت البينة عليها بذلك
فامر عمر بجلدها فقال لهم ردوها إليه وقولوا له اما علمت
117

ان هذه مجنونة ال فلان وان النبي صلى الله عليه وآله
قال رفع القلم عن المجنون حتى يفيق انها مغلوبة على عقلها
ونفسها فردت إلى عمر وقيل له ما قال أمير المؤمنين عليه السلام
فقال فرج الله عنه لقد كدت ان أهلك في جلدها ودرأ
عنها الحد ثم قال لولا على لهلك عمر. * -
ورووا انه انى بحامل قد زنت فامر برجمها فقال
له أمير المؤمنين عليه السلام هب لك سبيل عليها أي سبيل لك
على ما في بطنها والله تع يقول ولا تزر وازرة وزر أخرى
فقال عمر لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن
ثم قال ما اصنع بها قال احتفظ عليها حتى تلد فإذا
ولدت ووجدت لولدها من يكفله فأقم الحد عليها
فسرى بذلك عن عمر وعول في الحكم على أمير المؤمنين عليه السلام
118

وله مثل ذلك في امره عثمان بن عفان. فمن ذلك
ما رواه نقلة الاخبار من العامة والخاصة ان امرأة
نكحها شيخ كبير فحملت فزعم الشيخ انه لم يصل إليها وأنكر
حملها فالتبس الامر على عثمان وسئل المرأة هل افتضك
الشيخ وكانت بكرا فقالت لا فقال عثمان أقيموا الحد
عليها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ان للمرأة سمين سم أي الثقب
المحيض وسم البول فلعل الشيخ كان ينال منها فسال
ماؤه في سم المحيض فحملت منه فاسئلوا الرجل عن ذلك
فسئل فقال قد كنت انزل الماء في قبلها من غير وصول
إليها بالافتضاض فقال أمير المؤمنين عليه السلام الحمل له
والولد ولده وارى عقوبته على الانكار فصار عثمان
إلى قضائه بذلك ورووا ان رجلا كانت له سرية
119

فأولدها ثم اعتزلها وأنكحها عبدا له ثم توفى السيد فعشقت
بملك ابنها لها نورث ولدها زوجها ثم توفى الا بن
فورثت من ولدها زوجها فارتفعا إلى عثمان يختصمان
بقول هذا عبدي ويقول هي امرأتي ولست مفرجا عنها فقال
عثمان هذه قضية مشكلة وأمير المؤمنين عليه السلام حاضر
فقال سلوها هل جامعها بعد ميراثها له فقالت لا فقال
لو اعلم ذلك لعذبته اذهبي فإنه عبدك ليس له عليك
سبيل ان شئت ان تسترقيه أو تعتقيه أو تبيعيه فذلك
لك فصار عثمان إلى قضائه بذلك وغير ذلك مما يطول
بذكره الكتاب وفيما أثبتناه من قضاياه في امارة من تقدم
ذكره كفاية فيما قصدناه انشاء الله فصل رجاء
من قضاياه بعد بيعة العامة له ومضى عثمان بن عفان
120

ما رواه أهل النقل والآثار ان امرأة ولدت على فراش زوجها
ولد له بدنان ورأسان على حقو واحد فالتبس الامر على
أهله أهو واحد أم اثنان فصار والى أمير المؤمنين عليه السلام
يسئلونه عن ذلك ليعرفوا الحكم فيه فقال لهم أمير المؤمنين
عليه السلام اعتبروه إذا نام ثم انبهوا أحدا لبدنين والرأسين
فان انتبها جميعا معافى حالة واحدة فهما انسان وان
استيقظ أحدهما والاخر نائم فهما اثنان وحفظهما من الميراث
حق اثنين وروى الحسن بن محبوب قال حدثني عبد
الرحمان بن الحجاج قال سمعت ابن أبي ليلى يقول قضى
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بقضية ما سبعة إليها
أحد وذلك أن رجلين اصطحبا في سفر فجلسا يتغذيان
فاخرج أحدهما خمسة أرغفة واخرج الاخر ثلاثة فمر بهم ثالث
121

فسلم فقالا له الغذاء فجلس معهما يأكل فلما فرغ من اكله
رمى إليهما ثمانية دراهم وقال لهما هذه عوض مما اكلت من
طعامكما فاختصما وقال صاحب المثلثة هذه نصفان
بيننا وقال صاحب الخمسة بل لي خمسة ولك ثلاثة فارتفعا
إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقصا عليه القصة فقال لهما هذا
أمر فيه دنائة والخصومة غير جميلة والصلح أحسن فقال
صاحب الثلاثة الأرغفة لست ارضى الا بمر القضاء قال
أمير المؤمنين عليه السلام فإذا كنت لا ترضى الا بمر القضاء فان
لك واحد من ثمانية ولصا حبك سبعة فقال سبحان الله
كيف صار هذا هكذا فقال له أخبرك أليس كان لك
ثلاثة أرغفة فقال بلى قال ولصاحبك خمسة قال بلى قال
فهذه أربعة وعشرون ثلثا اكلت أنت ثمانية وصاحبك
122

ثمانية والضيف ثمانية فلما أعطاكم الثمانية الدراهم كان
لصاحبك سبعة ولك واحد فانصرف الرجلان على
بصيرة من أمرهما في القضية فصل ومن آيات
الله الباهرة فيه ع والخواص التي أفرده الله بها ودل
بالمعجز منها على إمامته ووجوب طاعته وثبوت حجته ما
هو من جملة الجرايح التي ابان الله بها الأنبياء والرسل
عليهم السلام وجعلها اعلاما لهم على صدقهم. فمن ذلك
ما استفاض عنه عليه السلام من اخباره بالغائبات والكائن
قبل كونه فلا يحزم من ذلك شيئا ويوافق المخبر منه خبره
حتى يتحقق الصدق فيه وهذا من أبهر معجزات الأنبياء
عليهم السلام الا ترى إلى قوله تع فيما ابان به المسيح عيسى بن مريم
عليه السلام من المعجز الباهر والآية العجيبة الدالة على نبوته
123

وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم
وجعل مثل ذلك من عجيب آيات رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فقال عند غلبة فارس الروم: *
ألم غلبت في أدنى الأرض وهم من بعد عليهم
سيغلبون في بضع سنين فكان الامر في ذلك كما
قال الله عز وجل وقال تع في أهل بدر قبل الوقعة:
سيهزم الجمع ويولون الدبر فكان الامر كما قال من غير
اختلاف في ذلك فحقق ذلك خبره وابان به عن صدقه
ودل به على نبوته عليه واله السلام في أمثال ذلك مما يطول
باثباته الكتاب فصل والذي كان من أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام من هذا الجنس مالا يستطاع
انكاره الا مع الغباوة والجهل والبهت والعناد الا ترى
124

إلى ما تظاهرت به الاخبار وانتشرت به الآثار ونقلته
الكافة عنه عليه السلام من قوله قبل القتال الفرق الثلاثة
بعد بيعته أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين
فقاتلهم عليه السلام وكان الامر فيما خبر به على ما قال ع. *
وقال عليه السلام الطلحة والزبير حين استأذناه في الخروج
إلى العمرة لا والله ما تريد ان العمرة وإنما تريد ان البصرة
وكان الامر كما قال ع وقال عليه السلام لابن عباس وهو يخبره
عن استيذانهما له في العمرة انني أذنت لهما مع علمي بما قد
انطويا عليه من الغدر واستظهرت بالله عليهما وان
الله سيرد كيدهما ويظفرني بهما فكان الامر كما قال ع.
وقال عليه السلام بذى موضع قرب البصرة قار وهو جالس لاخذ البيعة يأتيكم
من قبل الكوفة الف رجل لا يزيدون رجلا ولا ينقصون
125

رجلا يبايعوني على الموت قال ابن عباس فجزعت لذلك
وخفت ان ينقص القوم أو يزيدوا عليه فيفسد الامر
علينا فلم أزل مهموما وأبى احصاء القوم حين ورد أوائلهم
فجعلت أحصيهم فاستوفيت عددهم تسعمائة وتسع و
تسعين رجلا ثم انقطع مجيئ القوم فقلت انا لله وانا
إليه راجعون ماذا حمله على ما قال فبينما انا مفكر في ذلك
إذ رأيت شخصا قد اقبل حتى دنى منى فإذا هو رجل عليه قباء
صوف معه سيفه وترسه وادواته فقرب من أمير المؤمنين
عليه السلام فقال له امدد يدك أبايعك فقال له أمير المؤمنين
عليه السلام وعلى م تبايعني قال أبايعك على السمع والطاعة
والقتال بين يديك حتى أموت أو يفتح الله عليك فقال
له ما اسمك قال أويس قال أنت أويس القرني قال نعم قال
126

الله أكبر اخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله
انى أدرك رجلا من أمته يقال له أويس القرني يكون من
حزب الله ورسوله يموت على الشهادة يدخل في شفاعة
مثل ربيعة ومضر قال ابن عباس فسرى والله عنى والاخبار
في هذا المعنى كثيرة يطول بها الكتاب وفيما أثبتناه منها
كفاية فصل ومن اعلامه الباهرة ما أبانه
الله تع به من القدرة وخصه به من القوة وحزن العادة
بالأعجوبة فيه فمن ذلك ما جاءت به الاخبار و
تظاهرت به الآثار واتفق عليه العلماء وسلم له المخالف
والمؤالف من قصة خيبر وقلع أمير المؤمنين عليه السلام باب
الحصن بيده ودحوه أي رميه به على الأرض وكان من الثقل بحيث
لا يحمله أقل من خمسين رجلا وقد ذكر ذلك عبد الله بن
127

أحمد بن حنبل فيما رواه عن مشيخته فقال حدثنا إسماعيل
بن إسحاق القاضي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا
عبد العزيز بن محمد عن حزام عن أبي عتيق عن جابر ان
النبي صلى الله عليه وآله وسلم دفع الراية إلى علي بن أبي طالب
عليه السلام في يوم خيبر بعد أن دعا له فجعل علي عليه السلام يسرع السير
وأصحابه يقولون له ارفق حتى انتهى إلى باب الحصن
فاجتذب بابه فألقاه بالأرض ثم اجتمع عليه منا سبعون
رجلا وكان جهدهم ان أعادوا الباب وهذا مما خصه الله
به من القوة وخرق به العادة وجعله علما معجزا كما قدمنا
فصل ومن ذلك ما رواه أهل السيرة وأشهر
الخبر به في العامة والخاصة حتى نظمته الشعراء وخطبت
به البلغاء ورواه الفهماء والعلماء من حديث الراهب
128

بأرض كربلا والصخرة وشهرته تغنى عن تكلف ايراد الاسناد له
وذلك أن الجماعة روت ان أمير المؤمنين عليه السلام لما توجه إلى
صفين لحق أصحابه عطش شديد ونفد ما كان عندهم
من الماء فاخذوا يمينا وشمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا
له اثرا فعدل بهم أمير المؤمنين عليه السلام من الجادة وسار
قليلا فلاح أي ظهر لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه حتى إذا
صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم فنادوه
فاطلع فقال له أمير المؤمنين عليه السلام هل قرب قائمك هذا
من ماء يتغوث أي يستسقى به هؤلاء القوم فقال هيهات بيني و
بين الماء أكثر من فرسخين وما بالقرب منى شئ من الماء
ولولا انني اوتى بماء يكفيني كل شهر على التقتير لهلكت
عطشا فقال أمير المؤمنين عليه السلام أسمعتم ما قال الراهب
129

قالوا نعم أفتأمرنا بالمسير إلى حيث اومأ إليه لعلنا ندرك الماء
وبنا قوة فقال أمير المؤمنين عليه السلام لا حاجة لكم إلى ذلك
ولوى أي عطفه عنق بغلته نحو القبلة وأشار بهم إلى مكان يقرب من
الدير فقال لهم اكشفوا الأرض في هذا المكان فعدل منهم
جماعة إلى الموضع فكشفوه بالمساحي فظهرت لهم صخرة عظيمة
تلمع فقالوا يا أمير المؤمنين هيهنا صخرة لا تعمل فيها
المساحي فقال لهم ان هذه الصخرة على الماء فان زالت عن
موضعها وجدتم الماء فاجتهدوا في قلعها فاجتمع القوم و
راموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا واستصعب عليهم
فلما رآهم ع قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة واستصعبت عليهم
فلما رآهم ع قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة واستصعبت
عليهم لوى رجله عن سرجه حتى صار على الأرض ثم حسر عن
ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها ثم
130

قلعها بيده ورمى بها أذرعا كثيرة فلما زالت عن مكانها
ظهر لهم بياض الماء فبادروا إليه فشربوا منه فكان أعذب
ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه فقال لهم تزودوا
وارثوا ففعلوا ذلك ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده و
وضعها حيث كانت فامر ان يعفى اثرها بالتراب ففعلوا
والراهب ينظر من فوق ديره فلما استوفى علم ما جرى نادى
يا معشر الناس انزلوني انزلوني فاحتالوا في انزاله فوقف
بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام فقال له يا هذا أنت نبي مرسل
قال لا قال فملك مقرب قال لا قال فمن أنت قال انا وصى رسول الله
محمد بن عبد الله خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم
قال ابسط يدك أسلم الله تبارك وتعالى على يديك فبسط
أمير المؤمنين عليه السلام يده وقال له اشهد الشهادتين فقال
131

اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله واشهد انك وصى رسول
الله وأحق الناس بالامر من بعده فاخذ أمير المؤمنين
عليه السلام عليه شرائط الاسلام ثم قال له ما الذي دعاك الان
إلى الاسلام بعد طول مقامك في هذا الدير على الخلاف
قال أخبرك يا أمير المؤمنين ان هذا الدير بنى على طلب قالع
هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها وقد مضى عالم قبلي فلم
يدركوا ذلك وقد رزقنيه الله عز وجل انا نجد في كتاب
من كتبنا وناش عن علمائنا ان في هذا الصقع والناحية عينا عليها
صخرة لا يعرف مكانها الا نبي أو وصى نبي وانه لابد
من ولى الله يدعو إلى الحق آيته معرفة مكان هذه الصخرة
وقدرته على قلعها وانى لما رأيتك قد فعلت ذلك
132

تحققت ما كنا ننتظره وبلغت الأمنية منه فانا اليوم
مسلم على يديك ومؤمن بحقك ومولاك فلما سمع
ذلك أمير المؤمنين عليه السلام بكى حتى اخضلت لحيته
من الدموع ثم قال الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيا
احمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا ثم دعا الناس فقال
لهم اسمعوا ما يقول أخوكم المسلم فسمعوا مقاله وكثر
حمدهم لله وشكرهم على النعمة التي أنعم بها عليهم في معرفتهم
بحق أمير المؤمنين عليه السلام ثم ساروا والراهب بين يديه
في جملة أصحابه حتى لقى أهل الشام فكان الراهب من
جملة من استشهد معه فتولى ع الصلاة عليه ودفنه
وأكثر من الاستغفار له وكان إذا ذكره يقول ذاك مولاي
وفى هذا الخبر ضروب من المعجز: أحدها علم الغيب
133

والثاني القوة التي خرق العادة بها وتميز بخصوصيتها
من الأنام مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الأولى
وذلك مصداق قوله تع * ذلك مثلهم في التورية
ومثلهم في الإنجيل وفى مثل ذلك يقول السيد
إسماعيل بن محمد الحميري رحمه الله في قصيدته البائية المذهبة
ولقد سرى فيما يسير بليلة * بعد العشاء بكربلا في موكب
حتى اتى متبتلا في قائم * القى قواعده بقاع مجذب أي قطع عنه المطر
يأتيه ليس بحيث يلقى عامرا * غير الوحوش وغير أصلع أشيب
فدنى فصاح به فأشرف ماثلا أي قائما * كالنصر فوق شظية من مرقب
هل قرب قائمك الذي يؤتيه * ماء يصاب فقال مامن مشرب
الا بغاية فرسخين ومن لنا * بالماء بين نقى وقى سبسب أي قفر
فثنى ان عطف الا عنة نحو وعث فاجتلى * ملساء تلمع كاللجين المذهب
134

قال اقلبوها انكم ان تقلبوا * ترووا ولا تروون ان لم تقلب
فاعصوصبوا في قلعها فتمنعت * منهم تمنع صعبة لم تركب
حتى إذا أعيتهم اهوى لها * كفا متى ترد المغالب تغلب
فكأنها كرة بكف خزور الغلام * عبل الذراع دحى بها في ملعب
فسقاهم من تحتهم متسلسلا * عذبا يزيد على الا لذا الأعزب
حتى إذا شربوا جميعا ردها * ومضى فخلت مكانها لم يقرب
أعني ابن فاطمة الوصي ومن تقل في فضله وفعاله لم تكب
فصل ومما أظهره الله تع من الاعلام الباهرة
على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ما استفاضت
به الاخبار ورواة علماء السيرة والآثار ونظمت فيه
الشعراء الاشعار رجوع الشمس له ع مرتين في حياة النبي
صلى الله عليه وآله وسلم مرة وبعد وفاته ص أخرى.
135

وكان من حيث رجوعها عليه في المرة الأولى ما روته أسماه
بنت عميس وأم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري رحمة الله
عليهم وجماعة من الصحابة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم
كان ذات يوم في منزله وعلي عليه السلام بين يديه إذ جاء جبرئيل
عليه السلام يناجيه عن الله سبحانه وتع فلما تغشاه الوحي توسد
فخذ أمير المؤمنين عليه السلام فلم يرفع رأسه عنه حتى غابت
الشمس فاضطر أمير المؤمنين عليه السلام لذلك إلى صلاة العصر
جالسا يؤمى بركوعه وسجوده ايماء فلما افاق من غشيته ص
قال لأمير المؤمنين أفاتتك صلاة العصر قال لم أستطع
ان أصيبها قائما لمكانك يا رسول الله والحال التي كنت
عليها من استماع الوحي فقال له ادع الله ليرد عليك الشمس
136

لتصليها قائما في وقتها كما فاقتك فان الله يجيبك لطاعتك
لله ولرسوله فسئل أمير المؤمنين عليه السلام الله عز وجل في رد
الشمس فردت عليه حتى صارت في موضعها من السماء وقت
العصر فصلى أمير المؤمنين عليه السلام صلاة العصر في وقتها ثم
غربت الشمس فقالت أسماء بنت عميس أم والله لقد سمعت
لها عند غروبها صريرا كصرير المنشار في الخشب. *
وكان رجوعها عليه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
انه لما أراد ان يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه
بتعبير دوابهم ورحالهم وصلى عليه السلام بنفسه في طائفة معه
العصر فلم يفرع الناس من عبورهم حتى غربت الشمس ففاتت
الصلاة كثيرا منهم وفات الجمهور فضل الاجتماع معه فتكلموا
في ذلك فلما سمع كلامهم سئل الله عز وجل رد الشمس عليه
137

ليجتمع كافة أصحابه على صلاة العصر في وقتها فاجابه الله تع
في ردها عليه فكانت في الأفق على الحال التي يكون عليه وقت
العصر فلما سلم بالقوم غابت الشمس فسمع لها وجيب الوجيب سقوط الشئ
شديد هال الناس ذلك وأكثروا من التسبيح والتهليل
والاستغفار والحمد لله على نعمته التي ظهرت فيهم وسار
خبر ذلك في الآفاق وانتشر ذكره في الناس. * -
وفى ذلك يقول السيد إسماعيل بن محمد الحميري رحمه الله
ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
حتى تبلج نورها في وقتها * للعصر ثم هوت أي سقطت هوى الكوكب
وعليه قد ردت ببابل مرة موضع بالعراق * أخرى وماروت لخلق معرب ناطق مفصح
الا ليوشع أوله من بعده * ولردها تأويل أمر معجب
باب في ذكر أولاد أمير المؤمنين عليه السلام وعددهم
138

وأسمائهم ومختصر من اخبارهم، فأولاد أمير المؤمنين
عليه السلام سبعة وعشرون ولدا، ذكرا وأنثى: الحسن و
الحسين ع وزينب الكبرى وزينب الصغرى المكناة بأم
كلثوم أمهم فاطمة البتول سيدة نساء العالمين بنت سيد
المرسلين وخاتم النبيين محمد النبي صلى الله عليه وآله
ومحمد المكنى بابى القاسم أمه خولة بنت جعفر بن قيس
الحنفية وعمر ورقية كانا توأمين أمهما أم حبيب بنت
ربيعة والعباس وجعفر وعثمان وعبد الله الشهداء
مع أخيهم الحسين عليه السلام بطف كربلا أمهم أم البنين بنت
حزام بن خالد بن جعفر بن دارم ومحمد الأصغر المكنى بابى بكر
وعبيد الله الشهيدان مع أخيهما الحسين عليه السلام بالطف أمهما
ليلى بنت مسعود الدارمية ويحيى أمه أسماء بنت عميس
139

الخثعمية رضي الله عنها وأم الحسن ورملة أمهما أم سعيد
بنت عروة بن مسعود الثقفي ونفيسة وزينب الصغرى
ورقية الصغرى وأم هاني وأم الكرام وجمانة المكناة
أم جعفر وامامة وأم سلمة وميمونة وخديجة وفاطمة
رحمة الله عليهن لأمهات شتى وفى الشيعة من يذكر ان
فاطمة صلوات الله عليها أسقطت بعد النبي صلى الله عليه وآله
وسلم ذكرا كان سماه رسول الله ص وهو حمل محسنا
فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين عليه السلام ثمانية
وعشرون ولدا والله أعلم واحكم تم الجزء الأول من
من كتاب الارشاد إلى معرفة
حجج الله على العباد
الحمد لله على نعمائه
140

بسم الله الرحمن الرحيم
باب في ذكر الامام بعد أمير المؤمنين عليه السلام و
تاريخ مولده ودلايل إمامته ومدة خلافته ووقت وفاته
وموضع قبره وعدد أولاده وطرف من اخباره: *
الامام بعد أمير المؤمنين عليه السلام ابنه الحسن
من سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد سيد المرسلين
صلى الله عليه وآله الطاهرين. * -
كنيته أبو محمد ولد بالمدينة ليلة النصف
من شهر رمضان سنه 3 ثلاث من الهجرة وجاءت به أمه
فاطمة عليها السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم السابع
من مولده في خرقة من حرير الجنة كان جبرئيل عليه السلام نزل
بها إلى النبي صلى الله عليه وآله فسماه حسنا وعق عنه كبشا
141

وروى ذلك جماعة منهم أحمد بن صالح التميمي عن عبد الله
ابن عيسى عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام وكان الحسن
أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خلقا
وهديا وسؤددا وروى ذلك جماعة منهم معمر عن الزهري
عن انس بن مالك لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم من الحسن بن علي عليهما السلام. وروى
إبراهيم بن علي الرافعي عن أبيه عن جده شبيب بن أبي
رافع عمن حدثه قال أتت فاطمة عليها السلام بابنيها الحسن و
الحسين عليهما السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في شكواه
التي توفى فيها فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما
شيئا فقال اما الحسن فان له هيبتي وسؤددي واما
الحسين فان له جودي وشجاعتي وكان الحسن بن علي ع
142

وصى أبيه أمير المؤمنين عليه السلام على أهله وولده وأصحابه
ووصاه بالنظر في وقوفه وصدقاته وكتب إليه عهدا
مشهورا ووصيته ظاهرة في معالم الدين وعيون
الحكمة والآداب وقد نقل هذه الوصية جمهور العلماء
واستبصر بها في دينه ودنياه كثير من الفقهاء. *
ولما قبض أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس الحسن
وذكر حقه فبايعه أصحاب أبيه ع على حرب من حارب وسلم
من سالم وروى أبو مخنف لوط بن يحيى قال حدثني
أشعث بن سوار عن أبي إسحاق السبيعي وغيره قالوا:
خطب الحسن بن علي عليهما السلام في صبيحة الليلة التي قبض
فيها أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال لقد قبض في
143

هذه الليلة رجل ثم يسبقه الأولون بعمل ولا يلحقه
الآخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم فيقيه بنفسه وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن
يمينه وميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله
على يديه ولقد توفى ع في الليلة التي عرج فيها عيسى بن
مريم عليه السلام وفيها قبض يوشع بن نون وصى موسى وما
خلف صفراء ولا بيضاء الا سبعمائة درهم فضلت من
عطائه أراد ان يبتاع بها خادما لأهله ثم خنقته العبرة
فبكى ع وبكى الناس معه ثم قال انا ابن البشير انا
ابن النذير انا ابن الداعي إلى الله باذنه انا ابن السراج
المنير انا من أهل بيت اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
144

انا من أهل بيت افترض الله حبهم في كتابه فقال الله تع
قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى
ومن يقترف حسنة تزد له فيها حسنا فالحسنة
مودتنا أهل البيت ثم جلس فقام عبد الله بن عباس
رحمه الله بين يديه فقال معاشر الناس هذا ابن نبيكم
ووصى امامكم فبايعوه فاستجاب له الناس وقالوا ما
أحبه إلينا وأوجب حقه علينا وبادروا إلى البيعة له بالخلافة
وذلك في يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان
سنه 40 أربعين من الهجرة فرتب العمال وامر الامراء
وانفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة ونظر في الأمور
ولما بلغ معاوية بن أبي سفيان وفاة أمير المؤمنين عليه السلام
وبيعة الناس لابنه الحسن ع دس رجلا من حمير إلى الكوفة
145

ورجلا من بنى القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالاخبار
ويفسدا على الحسن عليه السلام الأمور فعرف ذلك الحسن ع
فامر باستخراج الحميري من عند حجام بالكوفة فاخرج
وامر بضرب عنقه وكتب إلى البصرة فاستخرج القيني
من بنى سليم وضربت عنقه وكتب الحسن عليه السلام إلى معاوية
اما بعد فإنك دسست الرجال للاحتيال والاغتيال
وأرصدت العيون كأنك تحب اللقاء وما أوشك ذلك
فتوقعه انشاء الله تع وبلغني انك شمت بما لم يشمت
ذو الحجمى وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول: *
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تجهز الأخرى مثلها فكان قد
فانا ومن قد مات منا لكالذي * يروح فيمسي في المبيت ليغتدي
فصل فمن الاخبار التي جاءت بسبب وفاة
146

الحسن بن علي عليهما السلام ما رواه عيسى بن مهران عن عبيد الله
ابن الصباح عن جرير عن مغيرة قال لما تمت لمعوية لع
عشر سنين من امارته وعزم على البيعة لابنه يزيد ارسل
إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس انى مزوجك ابني يزيد
على أن تسمى الحسن وبعث إليها مائة ألف درهم،
ففعلت وسمت الحسن عليه السلام فسوغها المال ولم يزوجها
من يزيد فخلف عليها رجل من ال طلحة فأولدها فكان
إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيروهم فقالوا
يا بنى مسمة الأزواج وروى عبد الله بن إبراهيم المخارقي
قال لما حضرت الحسن بن علي عليهما السلام الوفاة استدعى
الحسين بن علي عليهما السلام فقال يا أخي انى مفارقك ولاحق
بربي عز وجل وقد سقيت السم ورميت بكبدي في الطشت
147

وانى لعارف لمن سقاني ومن أين ذهبت وانا أخاصمه
إلى الله عز وجل فبحقي عليك ان تكلمت في ذلك بشئ
وانتظر ما يحدث الله في فإذا قضيت فغمضني وغسلني
وكفني واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم لاجدد به عهدا ثم ردني إلى قبر جدتي
فاطمة رحمة الله عليها فادفني هناك وستعلم يا بن أم
ان القوم سيظنون انك تريدون دفني عند رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم فيجلبون في منعكم عن ذلك
وبالله أقسم عليك ان تهريق في امرى محجمة دم ثم وصى
عليه السلام إليه باهله وولده وتركاته وما كان وصى به إليه
أمير المؤمنين عليه السلام حين استخلفه وأهله لمقامه و
دل شيعته على استخلافه ونصبه لهم علما من بعده فلما
148

مضى ع لسبيله غسله الحسين عليه السلام وكفنه وحمله على
سريره ولم يشك مروان ومن معه من بنى أمية انهم سيدفنونه
عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتجمعوا ولبسوا
السلاح فلما توجه به الحسين عليه السلام إلى قبر جده رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم ليجدد به عهدا اقبلوا إليهم في جمعهم
ولحقتهم عايشة على بغل وهي تقول مالي ولكم تريدون
ان تدخلوا بيتي من لا أحب وجعل مروان يقول:
يا رب هيجا هي خير من دعة أيدفن عثمان في أقصى
المدينة ويدفن الحسن مع النبي صلى الله عليه وآله
لا يكون ذلك ابدا وانا احمل السيف وكادت الفتنة
تقع بين بني هاشم وبنى أمية فبادر ابن عباس إلى
مروان فقال هل ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما
149

نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله
لكنا نريد ان نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة ع
فندفنه عندها بوصيته بذلك ولو كان وصى بدفنه
عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلمت انك
اقصر باعا من ردنا عن ذلك لكنه ع كان اعلم بالله و
برسوله ومجرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك
على غيره ودخل بيته بغير اذنه ثم اقبل على عايشة فقال
لها وا سوأتاه يوما على بغل ويوما على جمل تريدين ان تطفئ
نور الله وتقاتلين أولياء الله ارجعي فقد كفيت الذي
تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لأهل هذا البيت
ولو بعد حين وقال الحسين عليه السلام لولا عهد الحسن إلى
بحقن الدماء وان لا أهريق في امره محجمة دم لعلمتم كيف
150

تأخذ سيوف الله منكم مآخذها وقد نقضتم العهد
بيننا وبينكم وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسكم و
مضوا بالحسن عليه السلام فدفنوه عند جدته فاطمة بنت
أسد بن هاشم بن مناف رضي الله عنها وأسكنها جنات
النعيم وكان وفاة الحسن بن علي عليهما السلام في 28 صفر سنه 50
خمسين من الهجرة وله يومئذ ثمان وأربعون سنة
وكانت خلافته عشر سنين وتولى اخوه ووصيه الحسين
عليه السلام غسله وكفنه ودفنه عند جدته فاطمة بنت أسد
رضي الله عنها باب ذكر ولد الحسن بن علي
عليهما السلام وعددهم وأسمائهم أولاد الحسن بن علي عليهما السلام،
خمسة عشر ولدا ذكرا وأنثى زيد بن الحسن وأختاه
أم الحسن وأم الحسين انهم أم بشير بنت أبي مسعود
151

عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجية والحسن المثنى أمه
خولة بنت منظور الفزارية وعمر واخواه القاسم وعبد الله
أمهم أم ولد وعبد الرحمن أمه أم ولد والحسين الملقب
بالأثرم واخوه طلحة وأختهما فاطمة بنت الحسن أمهم
أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي وأم عبد الله
وفاطمة وأم سلمة ورقية لأمهات شتى باب
في ذكر الامام بعد الحسن بن علي عليهما السلام وتاريخ مولده
ودلايل اقامته ومبلغ سنه ومدة خلافته ووقت وفاته
وسببها وموضع قبره وعدد أولاده والامام
بعد الحسن بن علي عليهما السلام اخوه الحسين بن علي عليهما السلام بنص
أبيه وجده ووصية أخيه الحسن عليه السلام إليه. * -
كنيته أبو عبد الله ولد بالمدينة لخمس ليال
152

خلون من شعبان سنه 4 أربع من الهجرة وجاءت به أمه
فاطمة عليها السلام إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فاستبشر به وسماه حسينا وعق عنه كبشا وهو واخوه
بشهادة النبي صلى الله عليه وآله سيدا شباب أهل الجنة
بالاتفاق الذي لامرية فيه سبطا نبي الرحمة وكان الحسن
يشبه بالنبي من صدره إلى رأسه والحسين يشبه من
صدره إلى رجليه وكانا جيبي رسول الله صلى الله عليه وآله
وريحانتيه من بين جميع أهله وولده. * -
وروى زاذان عن سلمان رضي الله عنه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في الحسن والحسين عليهما السلام
اللهم إني أحبهما فاحبهما وأحب من أحبهما وقال ص:
من أحب الحسن والحسين أحببته ومن أحببته أحبه الله
153

ومن أحبه الله عز وجل ادخله الجنة ومن أبغضهما أبغضته
ومن أبغضته أبغضه الله ومن أبغضه الله عز وجل خلده
في النار وقال ص ان ابني هذين ريحانتاي من الدنيا
وروى زر بن جيش عن ابن مسعود قال كان النبي
صلى الله عليه وآله وسلم يصلى فجاء الحسن والحسين عليهما السلام
فارتد فاه فلما رفع رأسه اخذهما اخذا رفيقا فلما عاد
عادا فلما انصرف اجلس هذا على فخذه الأيمن وهذا على
فخذه الأيسر وقال من أحبني فليحب هذين وكانا عليهما السلام
جهتي الله لنبيه في المباهلة وحجتي الله بعد أبيهما أمير
المؤمنين عليه السلام على الأمة في الدين والملة. * -
وروى محمد بن أبي عمير عن رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام
قال قال الحسن بن علي عليهما السلام لأصحابه ان لله مدينتين
154

إحديهما في المشرق والأخرى في المغرب فيهما خلق الله تع
لم يهموا بمعصية له قط والله ما فيهما وبينهما حجة لله على
خلقه غيري وغير اخى الحسين عليه السلام وجائت الرواية
بمثل ذلك عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال لأصحاب
يوم الطف مالكم تناصرون على أم والله لئن قتلتموني
لتقتلن حجة الله عليكم لا والله ما بين جابلقا وجابرسا
ابن نبي احتج الله به عليكم غيري يعنى بجابلقا وجابرسا
المدينتين اللتين ذكرهما الحسن عليه السلام وكان من برهان
كمالهما عليهما السلام وحجة اختصاص الله لهما بعد الذي ذكرناه
من مباهلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهما بيعة
رسول الله صلى الله عليه وآله لهما ولم يبايع صبيا في
ظاهر الحال غيرهما ونزول القران بايجاب ثواب الجنة
155

لهما على عملهما مع ظاهر الطفولية فيهما ولم ينزل بذلك
في مثلهما قال الله تع في سورة هل اتى: * -
ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما
وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء
ولا شكورا انا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا
فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا
وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا فعمهما هذا القول مع
أبيهما وأمهما عليه السلام وتضمن الخبر نطقهما في ذلك وضميرهما
الدالين على الآية الباهرة فيهما والحجة العظمى على الخلق
بهما كما تضمن الخبر على نطق المسيح عليه السلام في المهد وكان
حجة لنبوته واختصاصه من الله بالكرامة الدالة على
محله عنده في الفضل ومكانه وقد صرح رسول الله ص
156

بالنص على إمامته وامامة أخيه بقوله ابناي هذان امامان
قاما أو قعدا ودلت وصية الحسن عليه السلام على إمامته كما دلت
وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن عليه السلام على إمامته
بحسب مادلت وصية رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى أمير المؤمنين عليه السلام على إمامته من بعده فصل
وكانت امامة الحسين بن علي عليهما السلام بعد وفاة أخيه ثابتة
وطاعته لجميع الخلق لازم وان لم يدع لنفسه للتقية التي
كان عليها والهدنة الحاصلة بينه وبين معاوية بن أبي
سفيان والتزم الوفاء بها وجرى في ذلك مجرى أبيه
أمير المؤمنين عليه السلام في ثبوت حجته بعد النبي صلى الله عليه وآله
مع الصموت وامامة أخيه الحسن عليه السلام بعد
الهدنة مع الكف والسكوت وكانوا في ذلك على سنن
157

نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في الشعب محصور
وعند خروجه من مكة مهاجرا مستخفيا في الغار وهو
من أعدائه مستور فلما مات معاوية وانقضت
مدة الهدنة التي كانت تمنع الحسين عليه السلام من الدعوة
إلى نفسه أظهر امره بحسب الامكان وابان عن حقه
للجاهلين به حالا بعد حال إلى أن اجتمع له في الظاهر
الأنصار فدعى ع إلى الجهاد وشمر للقتال وتوجه
بولده وأهل بيته من حرم الله وحرم رسول الله صلى الله
نحو العراق للاستنصار بمن دعاه من شيعته على الأعداء
وقدم امامه ابن عمه مسلم بن عقيل رضي الله عنه وارضاه
للدعوة إلى الله تع والبيعة له على الجهاد فبايعه أهل الكوفة
على ذلك وعاهدوه ثم لم تطل المدة بهم حتى نكثوا بيعته
158

وخذلوه وأسلموه فقتل بينهم ولم يمنعوه وخرجوا إلى حرب
الحسين عليه السلام فحصروه ومنعوه المسير إلى بلاد الله و
اضطروه إلى حيث لا يجد ناصرا ولا مهربا منهم وحالوا
بينه وبين ماء الفرات حتى تمكنوا منه فقتلوه فمضى ع
ظمأن مجاهدا صابرا محتسبا مظلوما قد نكثت بيعته
وانتهكت حرمته ولم يوف له بعهد ولا رعيت فيه ذمة
عقد شهيدا على ما مضى عليه أبوه واخوه عليهم السلام وذلك
في يوم السبت العاشر من المحرم سنه 61 إحدى وستين
من الهجرة بعد صلاة الظهر قتيلا مظلوما ظمآنا صابرا
محتسبا وسنه يومئذ ثمان وخمسون سنة أقام فيها
مع جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع
سنين ومع أبيه أمير المؤمنين عليه السلام سبع وثلثين سنة
159

ومع أخيه الحسن عليه السلام سبع وأربعين سنة وكانت مدة
خلافته بعد أخيه أحد عشر سنة وقد جاءت روايات كثيرة
في فضل زيارته ع بل في وجوبها فروى عن الصادق عليه السلام
أنه قال زيارة الحسين بن علي عليه السلام واجبة على كل من يقر
للحسين ع بالإمامة من الله تع وقال ع زيارة الحسين بن علي
عليهما السلام تعدل مائة حجة مبرورة ومائة عمرة مقبولة وقالت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من زار الحسين عليه السلام
بعد موته فله الجنة والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى
باب في ذكر ولد الحسين بن علي عليهما السلام وكان
للحسين عليه السلام ستة أولاد علي بن الحسين الأكبر
كنيته أبو محمد وأمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد،
وعلي بن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف وقد تقدم
160

ذكره فيما سلف وأمه ليلى بنت أبي قرة بن عروة بن مسعود
الثقفية وجعفر بن الحسين لا بقية له وأمه قضاعية
وكانت وفاته في حياة الحسين عليه السلام وعبد الله قتل مع
أبيه صغيرا بالطف جاءه سهم وهو في حجر أبيه فذبحه
وسكينة بنت الحسين عليه السلام أمها الرباب بنت امره
القيس بن عدي كلبية وفاطمة أمها أم اسحق بنت طلحة
ابن عبيد الله تيمية باب في ذكر الامام بعد
الحسين بن علي عليهما السلام وتاريخ مولده ودلايل إمامته و
مبلغ سنه ومدة خلافته ووقت وفاته وسببها وموضع
قبره وعدد أولاده وأسمائهم ومختصر من اخباره. *
الامام بعد الحسين بن علي عليهما السلام ابنه أبو محمد
علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام وكان يكنى أيضا
161

أبا الحسن وأمه شاه زنان بنت كسرى ويقال شهربانويه
وكان أمير المؤمنين عليه السلام ولى حريث بن جابر الحنفي جانبا
من المشرق فبعث إليه ابنتي يزدجرد بن شهريار بن كسرى
فنحل ابنه الحسين عليه السلام شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين
عليه السلام ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر فهما ابنا خالة وكان مولد
علي بن الحسين عليهما السلام بالمدينة سنة 38 ثمان وثلثين من الهجرة
فبقي مع جده أمير المؤمنين عليه السلام سنتين ومع عمه
الحسن عليه السلام اثنتي عشرة سنة ومع أبيه الحسين عليه السلام
ثلاثا وعشرين سنة وبعد أبيه أربع وثلثين سنة
وتوفى بالمدينة سنة خمس وتسعين من الهجرة وله
يومئذ سبع وخمسون سنة وكانت إمامته أربع
وثلاثون سنة ودفن بالبقيع مع عمه الحسن بن علي عليهما السلام
162

وثبت له الإمامة من وجوده أحدها انه كان أفضل خلق
الله تع بعد أبيه علما وعملا والإمامة للأفضل دون
المفضول بدلايل العقول ومنها انه كان أولى بأبيه
الحسين عليه السلام وأحق بمقامه من بعده بالفضل والنسب
والأولى بالامام الماضي أحق بمقامه من غيره بدلالة آية
ذوي الأرحام وقصة زكريا عليه السلام ومنها وجوب الإمامة
عقلا في كل زمان وفساد دعوى كل مدع للإمامة في أيام
علي بن الحسين عليهما السلام أو مدع لها سواه فثبتت فيه لاستحالة
خلو الزمان من الامام ومنها ثبوت الإمامة أيضا
في العترة خاصة بالنظر والخبر عن النبي صلى الله عليه وآله
وفساد قول من ادعاها لمحمد بن الحنفية رضي الله عنه
لتعريه من النص عليه بها فثبتت انها في علي بن الحسين عليهما السلام
163

إذ لا مدعا له الإمامة من العترة سوى محمد بن الحنفية
وخروجه عنها بما ذكرناه ومنها نص رسول الله
صلى الله عليه وآله بالإمامة عليه فيما روى من حديث
اللوح الذي رواه جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي
صلى الله عليه وآله وسلم ورواه محمد بن علي الباقر عن
أبيه عن جده عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله
ونص جده أمير المؤمنين عليه السلام في حياة أبيه
الحسين عليه السلام بما ضمن ذلك من الاخبار ووصية أبيه
الحسين عليه السلام إليه وايداعه أم سلمة ما قبضه على من بعده
وقد كان جعل التماسه من أم سلمة علامة على امامة الطالب
له من الأنام وهذا باب يعرفه من تصفح الاخبار ولم
نقصد في هذا الكتاب إلى القول في معناه فنستقصيه على التمام
164

باب في ذكر طرف من اخبار علي بن الحسين
عليهما السلام روى أبو معمر عن عبد العزيز بن أبي حازم قال
سمعت أبي يقول ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن
الحسين عليهما السلام اخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى
قال حدثني جدي قال حدثني أبو محمد الأنصاري قال
حدثني محمد بن ميمون البزاز قال حدثنا الحسن بن علوان
عن أبي علي بن زياد بن رستم عن سعيد بن كلثوم قال كنت
عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فذكر أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام فأطراه ومدحه بما هو أهله ثم قال
والله ما اكل علي بن أبي طالب عليه السلام من الدنيا حراما قط
حتى مضى لسبيله وما عرض له أمران قط هما لله رضا
الا اخذ بأشدهما عليه في دينه وما نزلت برسول الله ص
165

نازلة قط الا دعاه ثقة به وما أطاق عمل رسول الله
صلى الله عليه وآله من هذه الأمة غيره وإن كان ليعمل
عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار يرجو ثواب هذه
ويخاف عقاب هذه ولقد أعتق من ماله الف مملوك في
طلب وجه الله والنجاة من النار مما كد بيديه ورشح منه
جبينه وكان يقوت أهله بالزيت والخل والعجوة وما
كان لباسه الا الكرابيس إذا فضل شئ عن يده من كمه
دعى بالجلم فقصه وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته
أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه من علي بن الحسين
عليهما السلام ولقد دخل ابنه أبو جعفر فإذا هو قد بلغ من العبادة
ما لم يبلغه أحد فرآه قد اصفر لونه من السهر ورمصت
عيناه من البكاء ودبرت أي قرح جبهته وانحزم انفه من السجود
166

وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة قال
أبو جعفر عليه السلام فلم أملك حين رايته بتلك الحال البكاء
فبكيت رحمة عليه وإذا هو يفكر فالتفت على بعد هنيئة
من دخولي فقال يا بنى اعطني بعض تلك الصحف التي
فيها عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام فأعطيته فقراء فيها
شيئا يسيرا ثم تركها من يديه تضجرا وقال من يقوى
على عبادة علي عليه السلام اخبرني أبو محمد الحسن بن محمد عن
جده عن عمار بن ابان عن عبد الله بن بكير عن زرارة بن
أعين قال سمع سائل في جوف الليل وهو يقول: أين
الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة فهتف به
هاتف من ناحية البقيع يسمع صوته ولا يرى شخصه ذلك
علي بن الحسين عليهما السلام باب في ذكر ولد علي بن الحسين عليهما السلام
167

ولد علي بن الحسين عليهما السلام خمسة عشر ولدا محمد المكنى
بابى جعفر الباقر عليه السلام أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي ع
بن أبي طالب عليهم السلام وعبد الله والحسن والحسين أمهم
أم ولد وزيد وعمر لام ولد والحسين الأصغر و
عبد الرحمن وسليمان لام ولد وعلى وكان أصغر
ولد علي بن الحسين عليهما السلام وخديجة أمهما أم ولد ومحمد
الأصغر أمه أم ولد وفاطمة وعلية وأم كلثوم امهن أم ولد
باب في ذكر الامام بعد علي بن الحسين عليهما السلام
وتاريخ مولده ودلائل إمامته ومبلغ سنه ومدة خلافته
ووقت وفاته وسببها وموضع قبره وعدد أولاده و
مختصر من اخباره. * -
كان الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
168

عليهم السلام من بين اخوته خليفة أبيه علي بن الحسين ووصيه
والقائم بالإمامة من بعده وبرز على جماعتهم بالفضل
في العلم والزهد والسودد وكان أنبههم ذكرا واجلهم في
العامة والخاصة وأعظمهم قدرا ولم يظهر عن أحد من ولد
الحسن والحسين عليهما السلام من علم الدين والآثار والسنة
وعلم القران والسيرة وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر
عليه السلام وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين
ورؤساء فقهاء المسلمين وصار بالفضل علما لأهله
تضرب به الأمثال وتسير بوصفه الآثار والاشعار
وفيه يقول القرظي: * -
يا باقر العلم لأهل التقى * وخير من لبى على الا جبل
وقال مالك بن أعين الجهني يمدحه عليه السلام:
169

إذا طلب الناس علم القران * كان قريش عليه عيالا
وان قيل أين ابن بنت النبي * نلت بذاك فروعا طوالا
نجوم تهلل للمدلجين * جبال تورث علما حبالا
وولد عليهم السلام بالمدينة سنه 57 سبع وخمسين من الهجرة
وقبض بها سنه 114 أربع عشرة ومائة وكانت سنه يومئذ
سبع وخمسون سنة وهو هاشمي من هاشميين علوي
من علويين ودفن بالبقيع من مدينة الرسول صلى
الله عليه وآله وسلم وروى ميمون القداح عن جعفر بن
محمد عن أبيه قال دخلت على جابر بن عبد الله رحمه الله
فسلمت عليه فرد على السلام ثم قال لي من أنت وذلك
بعد ما كف بصره فقلت محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام
فقال يا بنى ادن منى فدنوت منه فقبل يدي ثم اهوى
170

إلى رجلي فقبلها فتنحيت عنه ثم قال لي ان رسول
الله السلام ورحمة الله وبركاته وكيف ذلك يا جابر
فقال كنت معه ذات يوم فقال لي يا جابر لعلك تبقى
حتى تلقى رجلا من ولدى يقال له محمد بن علي بن الحسين
عليهم السلام يهب الله له النور والحكمة فاقرأه منى السلام و
كان في وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى ولده ذكر محمد بن علي
بن الحسين والوصائة به وسماه رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم وعرفه بباقر العلوم على ما رواه أصحاب
الآثار وروت الشيعة في خبر اللوح الذي هبط به
جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
من الجنة فأعطاه فاطمة عليها السلام وفيه أسماء الأئمة عليهم السلام
171

من بعده وكان فيه محمد بن علي الامام بعد أبيه. *
وروت أيضا ان الله عز وجل انزل إلى نبيه ص كتابا
مختوما باثني عشر خاتما وأمره ان يدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام
ويأمره ان يفض أول خاتم فيه ويعمل بما تحته ثم يدفعه عند
حضور وفاته إلى ابنه الحسن عليه السلام ويأمره ان يفض الخاتم
الثاني ويعمل بما تحته ثم يدفعه عند وفاته إلى أخيه الحسين
عليه السلام ويأمره ان يفض الخاتم الثالث ويعمل بما تحته ثم
يدفعه الحسين عليه السلام عند وفاته إلى ابنه علي بن الحسين
الأكبر ويأمره بمثل ذلك ثم يدفعه علي بن محمد بن الحسين على إلى عند وفاته ولده جعفر إلى أبى
حتى ينتهى إلى آخر الأئمة ورووا أيضا نصوصا كثيرة
عليه بالإمامة بعد أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وعن أمير المؤمنين وعن الحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام
172

وقد روى الناس من فضائله ومناقبه ما يكثر بن الخطب
ان أثبتناه وفيما نذكره منه كفاية فيما نقصده في معناه انش
وكانت مدة إمامته وقيامه بعد أبيه في خلافة الله تع
على العباد تسعة عشر سنة باب في ذكر طرف
من اخبار أبى حعفر عليه السلام اخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد عن جده
قال حدثنا محمد بن القاسم الشيباني قال حدثنا
عبد الرحمن بن صالح الأزدي عن أبي مالك الجهني عن عبد الله
بن عطاء المكي قال ما رأيت العلماء عند أحد قط
أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام
ولقد رأيت الحكم بن عيينة مع جلالته في قومه بين
يديه كالصبي بين يدي معلمه وكان جابر بن يزيد الجعفي
إذا روى عن محمد بن علي عليهما السلام شيئا قال حدثني وصى الأوصياء
173

ووارث علوم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام
والاخبار عنه أكثر من أن تحصى باب في ذكر
ولد الامام أبى جعفر عليه السلام وعددهم وأسمائهم وولد
أبى جعفر عليه السلام ثمانية نفر: أبو عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام وكان به يكنى وعبد الله بن محمد عليه السلام أمهما أم فروة
بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وإبراهيم وعبيد الله درجا
أمهم أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة الثقفية وعلى و
زينب لام ولد وأم سلمة لام ولد ولم يعتقد في أحد من
ولد أبى جعفر عليه السلام الإمامة الا في أبى عبد الله جعفر بن محمد
عليهما السلام خاصة وكان اخوه عبد الله يشار إليه والفضل والصلاح
باب في ذكر الإمام القائم بعد أبي جعفر عليه السلام
وتاريخ مولده ودلايل إمامته ومبلغ سنه ومدة خلافته
174

ووقت وفاته وسببها وموضع قبره وعدد أولاده وأسمائهم
ومختصر من اخباره وكان الصادق جعفر بن
محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام من بين اخوته خليفة أبيه
ووصيه والقائم بالإمامة من بعده وبرز على جماعتهم
بالفضل وكان أنبههم ذكرا وأعظمهم قدرا واجلهم في
الخاصة والعامة ونقل الناس عنه من العلوم ما سارق
به الركبان وانتشر ذكره في البلدان ولم ينقل عن أحد
من أهل بيته العلماء ما نقل عنه ولا لقي أحد منهم من
أهل الآثار ونقلة الاخبار ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي
عبد الله عليه السلام فان أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة
عنه من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا
أربعة آلاف رجل وكان له ع من الدلايل الواضحة
175

في إمامته ما بهرت القلوب واخر ست المخالف عن الطعن
فيها بالشبهات وكان مولده ع بالمدينة سنه 83 ثلاث
وثمانين ومضى ع في شوال من سنه 148 ثمان وأربعين و
مأة وله يومئذ خمس وستون سنة ودفن بالبقيع
مع أبيه وجده وعنه الحسن عليهم السلام وأمه أم فروة بنت
القاسم بن محمد بن أبي بكر وكانت إمامته ع أربعا وثلثين
سنة ووصى إليه أبوه أبو جعفر عليه السلام وصية ظاهرة و
نص عليه بالإمامة نصا جليا وروى أبان بن عثمان
عن أبي الصباح الكناني قال نظر أبو جعفر عليه السلام إلى ابنه
أبي عبد الله عليه السلام فقال الا ترى هذا هذا من الذين قال الله
عز وجل: ونريد ان نمن على الذين استضعفوا
في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين
176

وروى هشام بن سالم عن جابر بن يزيد الجعفي قال سئل
أبو جعفر عليه السلام عن أبي عبد الله عليه السلام فقال هذا والله
قائم ال محمد وروى علي بن الحكم عن طاهر صاحب
أبى جعفر عليه السلام قال كنت عنده فاقبل جعفر عليه السلام فقال
أبو جعفر عليه السلام هذا خير البرية وقد جاءت الرواية
التي قدمنا ذكرها في خبر اللوح بالنص عليه من الله تع
بالإمامة ثم الذي قدمنا من دلايل العقول على أن الامام
لا يكون الا الأفضل يدل على إمامته عليه السلام لظهور فضله
في العلم والزهد والعمل على كافة اخوته وبنى عمه وساير
الناس من أهل عصره ثم الذي يدل على فساد امامة
من ليس بمعصوم كعصمة الأنبياء وليس بكامل في العلم
وظهور تعرى من سواه ممن ادعى له الإمامة في وقته
177

عن العصمة وقصورهم عن الكمال في علم الدين يدل على إمامته ع
إذ لابد من امام معصوم في كل زمان حسب ما قدمناه
ووصفناه وقد روى الناس من آيات الله الظاهرة
على يديه ع ما يدل على إمامته وحقه وبطلان مقال من
ادعى الإمامة لغيره باب في ذكر طرف من
اخبار أبى عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: *
روى أبو بصير قال دخلت المدينة وكانت معي
جويرية لي فأصبت منها ثم خرجت إلى الحمام فلقيت
أصحابنا الشيعة وهم متوجهون إلى جعفر بن محمد عليهما السلام
فخفت ان يسبقوني ويفوتني الدخول إلى فمشيت معهم
حتى دخلت الدار فلما مثلث بين يدي أبي عبد الله عليه السلام
نظر إلى ثم قال يا أبا بصير اما علمت أن بيوت الأنبياء
178

وأولاد الأنبياء لا يدخلها الجنب فاستحييت وقلت
له يا بن رسول الله انى لقيت أصحابنا فخشيت ان يفوتني
الدخول معهم ولا أعود إلى مثلها وخرجت وجاءت
الرواية عنه مستفيضة بمثل ما ذكرناه من الآيات
والاخبار بالغيوب مما يطول تعداده. * -
باب في ذكر ولد أبى عبد الله جعفر بن محمد
عليه السلام وعددهم وأسمائهم وطرف من اخبارهم وكان
لأبي عبد الله عليه السلام عشرة أولاد إسماعيل وعبد الله
وأم فروة أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين
بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وموسى عليه السلام واسحق ومحمد
لام ولد والعباس وعلى وأسماء وفاطمة لأمهات
شتى وكان إسماعيل أكبر الاخوة وكان أبو عبد الله ع
179

شديد المحبة له والبر به والاشفاق عليه وكان قوم من
الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه والخليفة له من بعده
إذ كان أكبر اخوته سنا ولميل أبيه إليه واكرامه له فمات
في حياة أبيه بالعريض وحمل على رقاب الرجال إلى
أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع وروى أن أبا عبد الله
عليه السلام جزع عليه جزعا شديدا وحزن عليه حزنا عظيما
وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء وامر بوضع سريره على
الأرض قبل دفنه مرارا كثيرة وكان يكشف عن وجهه
وينظر إليه ويريد بذلك تحقيق وفاته عند الظانين
خلافته له من بعده وإزالة الشبهة عنه في حياته
ولما مات إسماعيل رحمه الله انصرف عن القول بإمامته
بعد أبيه من كان يظن ذلك فيعتقده من أصحاب أبيه
180

وأقام على إمامته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه ع ولامن
الرواة عنه بل كانوا من الأباعد والأطراف. *
فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول
بامامة موسى بن جعفر عليه السلام بعد أبيه ع وافترق الباقون
فريقين فريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا
بامامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنهم ان الإمامة كانت
في أبيه وان الابن أحق بمقام الإمامة من الأخ
وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل وهم اليوم شذاذ لا
يعرف منهم أحد يومى إليه وهذان الفريقان يسميان
الإسماعيلية والمعروف الان منهم من يزعم أن
الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان
باب في ذكر الإمام القائم بعد أبي عبد الله ع
181

من ولده وتاريخ مولده ودلائل إمامته ومبلغ سنه ومدة خلافته ووقت وفاته وسببها وموضع قبره
وعدد أولاده ومختصر من اخباره. * -
وكان الامام بعد أبي عبد الله عليه السلام ابنه أبا الحسن
موسى بن جعفر العبد الصالح عليه السلام لاجتماع خلال جمع الحلة الفضل
فيه ولنص أبيه بالإمامة عليه واشارته بها إليه.
وكان مولده عليه السلام بالابواء سنه 128 ثمان وعشرين ومائة
وقبض ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست
خلون من رجب سنه 183 ثلث وثمانين ومائة وله يومئذ
خمس وخمسون سنة وأمه أم ولد يقال لها حميدة
البربرية وكانت مدة خلافته ومقامه في الإمامة بعد
أبيه ع خمسا وثلثين سنة وكان يكنى أبا إبراهيم وأبا الحسن
182

وأبا على ويعرف بالعبد الصالح وينعت أيضا بالكاظم ع
فصل في النص عليه بالإمامة من أبيه عليه السلام
فمن روى صريح النص بالإمامة من أبي عبد الله ع
على ابنه أبى الحسن موسى عليه السلام من شيوخ أصحاب أبي
عبد الله وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين
رحمة الله عليهم المفضل بن عمر الجعفي ومعاذ بن كثير
وعبد الرحمن بن الحجاج والفيض بن المختار وغيرهم
ممن يطول بذكره الكتاب فروى موسى الصيقل عن
المفضل بن عمر رحمه الله قال كنت عند أبي عبد الله
عليه السلام فدخل أبو إبراهيم موسى عليه السلام وهو غلام فقال لي
أبو عبد الله عليه السلام استوص به وضع امره عند من تثق
به من أصحابك وروى ثبيت شبيت عن معاذ بن كثير
183

عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت اسئل الله الذي رزق
أباك منك هذه المنزلة ان يرزقك من عقبك قبل
الممات مثلها فقال قد فعل الله ذلك قلت من هو
جعلت فداك فأشار إلى العبد الصالح وهو راقد أي نائم فقال
هذا الراقد وهو يومئذ غلام وروى أبو علي
الا رجائي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال دخلت على
جعفر بن محمد عليهما السلام في منزله فإذا هو في بيت كذا من داره
في مسجد له وهو يدعو وعلى يمينه موسى بن جعفر عليهما السلام
يؤمن على دعاءه فقلت له جعلني الله فداك قد عرفت
انقطاعي إليك وخدمتي لك فمن ولى الامر بعدك
قال ع يا عبد الرحمن ان موسى قد ليس الدرع واستوت
عليه فقلت له الاحتاج بعدها إلى شئ. * -
184

وروى عبد الاعلى عن الفيض بن المختار قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام خذ بيدي من النار من لنا بعدك
قال فدخل أبو إبراهيم وهو يومئذ غلام فقال هذا صاحبكم
فتمسك به والأدلة في ذلك أكثر من أن تحصى.
باب في ذكر طرف من دلايل أبى الحسن
موسى عليه السلام وآياته وعلاماته ومعجزاته: *
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن
محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم قال
كنا بالمدينة بعد وفاة أبى عبد الله عليه السلام انا ومحمد بن النعمان
صاحب الطاق والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر
انه صاحب الامر بعد أبيه فدخلنا عليه والناس
185

مجتمعون عنده فسئلناه عن الزكاة في كم تجب فقال
في مائتي درهم خمسة دراهم فقلنا له في مائة درهم فقال
درهمان ونصف قلنا والله لا تقول المرجئة هذا فقال
والله ما ادرى ما تقول المرجئة قال مخرجنا ضلالا لا
ندري إلى أين نتوجه انا وأبو جعفر الأحول فقعدنا في
بعض أزقة المدينة باكيين لا ندري أين نتوجه والى
من نقصد نقول إلى المرجئة أم إلى الزيدية أم إلى
المعتزلة أم إلى القدرية فنحن كذلك إذا رأيت رجلا
شيخا لا أعرفه يومى إلى بيده فخفت أن يكون عينا
من عيون أبى جعفر المنصور وذلك أنه كان له بالمدينة
جواسيس على من يجتمع الناس عنده بعد جعفر فيؤخذ
فيضرب عنقه فخفت أن يكون منهم فقلت للأحول تخ
186

فانى خائف على نفسي وعليك وإنما يريدوني ولا يريدوك
فتخ عنى لا تهلك فتعين على نفسك فتنحى عنى بعيدا
وتبعت الشيخ وذلك انى ظننت انى لا أقدر على التخلص
منه فما زلت اتبعه وقد عزمت على الموت حتى ورد بي
على باب أبى الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى فإذا خادم
بالباب فقال لي ادخل رحمك الله فدخلت فإذا
أبو الحسن موسى عليه السلام فقال لي ابتداء منه إلى إلى لا إلى المرجئة
ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا
إلى الخوارج قال قلت جعلت فداك مضى أبوك قال
نعم قال مضى موتا قال نعم قلت فمن لنا من بعده قال إن
شاء الله ان يهديك هداك قلت جعلت فداك
ان عبد الله أخاك يزعم أنه الامام من بعد أبيه فقال
187

عبد الله يريد ان لا يعبد الله قال قلت جعلت فداك
فمن لنا بعده فقال إن شاء الله ان يهديك هداك
قلت جعلت فداك فأنت هو قال لا أقول ذلك فقلت
في نفسي لم احسب طريق المسألة ثم قلت له جعلت فداك
عليك امام قال لا قال فدخلني شئ لا يعلمه الا الله
اعظاما له وهيبة ثم قلت له جعلت فداك أسئلك
كما كنت اسئل أباك قال سل تخبر لا تذع الإذاعة فان أذعت الافشاء
فهو الذبح قال فسئلته فإذا هو بحر لا ينزف قلت جعلت
فداك شيعة أبيك ضلال فالقى إليهم هذا الامر و
ادعوهم إليك فقد اخذت على الكتمان قال من انست
منهم رشدا فالق إليه وخذ عليه الكتمان فإذا أذاع فهو
الذبح وأشار بيده إلى حلقه قال فخرجت من عنده فلقيت
188

أبا جعفر الأحول فقال لي ما وراءك قلت الهدى وحدثته
بالقصة قال ثم لقينا زرارة وأبا بصير فدخلا عليه و
سمعا كلامه وسئلاه وقطعا عليه ثم لقينا الناس
أفواجا فكل من دخل عليه قطع عليه الا طائفة منهم
عمار الساباطي وبقى عبد الله لا يدخل إليه من الناس
الا القليل باب في ذكر السبب في وفاة
أبى الحسن موسى عليه السلام وكان السبب في قبض الرشيد و
حبسه وقتله ما ذكره أحمد بن عبيد الله بن عمار عن
علي بن محمد النوفلي عن أبيه وأحمد بن محمد بن سعيد وأبو
محمد الحسن بن محمد بن يحيى عن مشايخهم قالوا كان السبب
في اخذ موسى بن جعفر عليهما السلام ان الرشيد جعل ابنه في حجر
جعفر بن محمد بن الأشعث فحسده يحيى بن خالد عن ذلك
189

وقال إن أفضت إليه الخلافة زالت دولتي ودولة ولدى
فاحتال على جعفر بن محمد وكان يقول بالإمامة حتى داخله
وانس إليه وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على امره
ويرفعه إلى الرشيد ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه
ثم قال يوما لبعض ثقاته أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب
ليس بواسع الحال فيعرفني ما احتاج إليه فدل على
علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد ويصله ويبره ثم
انفذ إليه يحيى بن خالد يرغبه في قصد الرشيد ويعده
بالاحسان إليه فعمل على ذلك وأحس به موسى عليه السلام فدعاه
فقال له أبى ابن يا بن اخى قال إلى بغداد قال وما تصنع
قال على دين وانا مملق فقال له موسى عليه السلام فانا اقضي
دينك وافعل بك واصنع فلم يلتفت إلى ذلك وعمل
190

الخروج فاستدعاه أبو الحسن عليه السلام وقال له أنت خارج
قال نعم لابد لي من ذلك فقال له انظر يا بن اخى واتق
الله ولا تؤتم أولادي وامر له بثلاث مأة دينار وأربعة
آلاف درهم فلم قام بين يديه قال أبو الحسن موسى عليه السلام
لمن حضره والله ليسعين في دمى وليؤتمن أولادي فقالوا
له جعلنا الله فداك فأنت تعلم هذا من حاله وتعطيه و
تصله قال لهم نعم حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله ص
صلى الله عليه وآله ان الرحم إذا قطعت فوصلت فقطعت
قطعها الله وانى أردت ان أصله بعد قطعه لي حتى إذا
قطعني قطعه الله قالوا فخرج علي بن إسماعيل حتى اتى يحيى بن
خالد فتعرف منه خبر موسى بن جعفر عليهما السلام فرفعه إلى الرشيد
وزاد فيه ثم أوصله إلى الرشيد فسئله عن عمه فسعى به
191

إليه قال له ان الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب
وانه اشترى ضيعة سماها اليسير اسم موضع بثلثين ألف دينار فقال
له صاحبها وقد احضره المال لا آخذ هذا النقد ولا آخذ
الا نقد كذا وكذا فامر بذلك المال فرد وأعطاه ثلثين
ألف دينار من النقد الذي سئل بعينه فسمع ذلك منه
الرشيد وامر له بمأتي ألف درهم يسبب بها على بعض النواحي
فاختار بعض كور المشرق ومضت رسله لقبض المال
وأقام وصوله فدخل في بعض تلك الأيام إلى الخلاء
فزحر زحرة خرجت منها حشوته كلها فسقط وجهدوا
في ردها فلم يقدروا فرفع لما به وجاءه المال وهو ينزع
فقال ما اصنع به وانا في الموت وخرج الرشيد في تلك
السنة إلى الحج وبدأ بالمدينة فقبض فيها على أبى الحسن
192

موسى عليه السلام ويقال انه لما ورد المدينة استقبله موسى عليه السلام
في جماعة من الاشراف وانصرفوا من استقباله فمضى
أبو الحسن عليه السلام إلى المسجد على رسمه فقام الرشيد إلى الليل
فصار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال
يا رسول الله انى اعتذر إليك من شئ أريد ان افعله
أريد ان احبس موسى بن جعفر فإنه يريد التشتيت بين أمتك
وسفك دمائها ثم أمر به فاخذ من المسجد فادخل عليه
فقيده واستدعى قبتين فجعله في إحديهما على بغل
وجعل القبة الأخرى على بغل آخر وخرج البغلان من
داره عليهما القبتان مستورتان ومع كل واحد منهما
خيل فافترقت الخيل فمضى بعضها مع إحدى القبتين
على طريق البصرة والأخرى على طريق الكوفة وكان
193

أبو الحسن عليه السلام في القبة التي مضى ها على طريق البصرة
وإنما فعل ذلك الرشيد ليعمى الناس الامر في باب
أبى الحسن عليه السلام وامر القوم الذين كانوا مع قبة أبى الحسن
عليه السلام ان يسلموه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور وكان على
البصرة حينئذ فسلم إليه فحبه عنده سنة وكتب إليه
الرشيد في دمه فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خاصته
وثقاته فاستشارهم فيما كتب إليه الرشيد في دمه فأشاروا
إليه بالتوقف عن ذلك والاستعفاء منه فكتب عيسى بن
جعفر إلى الرشيد يقول له لقد طال أمر موسى بن جعفر
ومقامه في حبسي وقد اختبرت حاله ووضعت عليه العيون
طول هذه المدة فما وجدته يفتر عن العبادة ووضعت
من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعى عليك ولا على
194

ولا ذكرنا بسوء وما يدعو لنفسه الا بالمغفرة والرحمة
فان أنت أنفذت إلى من يتسلمه منى والا خليت سبيله
فانى متحرج أي واقع في الحرج من حبسه وروى أن بعض عيون عيسى
بن جعفر رفع إليه انه يسمعه كثيرا يقول في دعائه وهو
محبوس عنده: اللهم انك تعلم انى كنت أسئلك
ان تفر غنى لعبادتك اللهم وقد فعلت فلك الحمد
قال فوجه الرشيد من تسلمه من عيسى بن جعفر المنصور
وصير به إلى بغداد فسلم إلى الفضل بن الربيع فبقي عنده
مدة طويلة فأراده الرشيد على شئ من امره فأبى فكتب
إليه بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلمه منه وجعله في
بعض حجر دوره ووضع عليه الرصد وكان عليه السلام.
مشغولا بالعبادة يحيى الليل كله صلاة وقراءة القرآن
195

ودعاء واجتهادا ويصوم النهار في أكثر الامام ولا يصرف
وجهه عن المحراب فوسع الفضل بن يحيى وأكرمه فاتصل
ذلك بالرشيد فهو في الرقة فكتب إليه ينكر عليه توسعة
على موسى عليه السلام ويأمره بقتله فتوقف عن ذلك ولم يقدم
عليه فاغتاظ الرشيد لذلك ودعى مسرور الخادم فقال
له اخرج على البريد في هذا الوقت إلى بغداد وادخل من
فورك على موسى بن جعفر فان وجدته في دعة ورفاهية
فأوصل هذا الكتاب إلى العباس بن محمد فقدم مسرور
فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدرى أحد ما يريد ثم دخل
على موسى عليه السلام فوجده على ما بلغ الرشيد فمضى من فوره إلى
العباس بن محمد فدعى العباس بسياط وعقابين وامر
بالفضل فجرد وضربه السندي بين يديه مائة سوط وخرج
196

متغير اللون خلاف ما دخل وجعل يسلم الناس يمينا وشمالا
وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد فامر بتسليم موسى عليه السلام إلى السندي
بن شاهك وجلس الرشيد مجلسا حافلا وقال أيها الناس
ان الفضل بن يحيى قد عصاني وخالف طاعتي ورأيت أن
العنه فالعنوه فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج أي اضطرب البيت
والدار بلعنه وبلغ يحيى بن خالد الخبر فركب إلى الرشيد
فدخل من غير الباب الذي يدخل الناس منه حتى جاءه من
خلفه وهو لا يشعر به ثم قال له التفت يا أمير المؤمنين
إلى فأصغى إليه فزعا فقال إن الفضل حدث وانا أكفيك
ما تريد فانطلق وجهه وسروا قبل على الناس فقال إن
الفضل كان قد عصاني في شئ فأصنته وقد تاب وأناب
إلى طاعتي فتولوه فقال نحن أولياء من واليت وأعداء
197

من عاديت وقد توليناه ثم خرج يحيى بن خالد على البريد
حتى وافى بغداد فماج الناس وأرجفوا بكل شئ واظهر انه
ورد لتعديل السواد والنظر في أمور العمال وتشاغل ببعض
ذلك أياما ثم دعى السندي بن شاهك فأمره فيه بأمره
فامتثله وكان الذي تولى به السندي قتله ع سما جعله في
طعام قدمه إليه ويقال انه جعله في رطب فاكل منه فأحس
بالسم ولبث ثلثا بعده موعوكا منه أي محموما ثم مات في اليوم الثالث
ولما مات موسى عليه السلام ادخل السندي بن شاهك عليه
الفقهاء ووجوه أهل بغداد وفيهم الهيثم بن عدي وغيره
فنظروا إليه لا اثر به من جراح ولا خنق وأشهدهم على أنه
مات حتف انفه فشهدوا على ذلك واخرج ووضع على
الجسر ببغداد ونودى عليه هذا موسى بن جعفر عليهما السلام قد مات
198

فانظروا إليه فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت
وقد كان قوم زعموا في أيام موسى عليه السلام انه هو القائم
المنتظر وجعلوا حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم فامر
يحيى بن خالد ان ينادى عليه عند موته هذا
موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه هو القائم لا
يموت فانظروا إليه فنظر الناس إليه ميتا ثم حمل
ودفن في مقابر قريش في باب التين وكانت هذه
المقبرة لبنى هاشم والاشراف من الناس قديما
وروى أنه لما حضرته الوفاة سئل السندي بن شاهك
ان يحضره مولى له مدنيا ينزل عند دار العباس بن محمد
في مشرعة القصب ليتولى غسله وتكفينه ففعل ذلك
قال السندي فكنت سئلته في الاذن لي ان أكفنه فأبى
199

وقال انا أهل بيت مهور نسائنا وحج صرورتنا وأكفان
موتانا من طاهر أموالنا وعندي كفني وأريد ان يتولى
غسلي وجهازي مولاي فلان فتولى ذلك منه. *
باب في ذكر ولد أبى الحسن موسى عليه السلام
وعددهم وأسمائهم وكان لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام
سبعة وثلاثون ولدا ذكرا وأنثى منهم علي بن موسى الرضا عليه السلام
وإبراهيم والعباس والقاسم لأمهات أولاد وإسماعيل
وجعفر وهارون والحسن لام ولد واحمد ومحمد و
حمزة لام ولد وعبد الله واسحق وعبيد الله وزيد
والحسين والفضل وسليمان لأمهات أولاد و
فاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى ورقية وحكيمة و
أم أبيها ورقية الصغرى وأم جعفر ولبابة وزينب
200

وخديجة وعلية وأمنة وحسنة وبريهة وعائشة
وأم سلمة وميمونة وأم كلثوم لأمهات أولاد
باب في ذكر الإمام القائم بعد أبي الحسن
موسى عليه السلام من ولده وتاريخ مولده ودلايل إمامته
ومبلغ سنه ومدة خلافته ووقت وفاته وسببها
وموضع قبره وعدد أولاد ومختصر من اخباره: *
وكان الامام بعد أبي الحسن موسى عليه السلام ابنه أبا الحسن
علي بن موسى الرضا عليهما السلام لفضله على جماعة اخوته
وأهل بيته وظهور علمه وورعه واجتماع الخاصة و
العامة على ذلك فيه ومعرفتهم به منه ولنص أبيه عليه السلام
على إمامته من بعده واشارته إليه بذلك دون جماعة
اخوته وأهل بيته وكان مولده في المدينة سنه 148 ثمان
201

وأربعين ومائة وقبض عليه السلام بطوس من ارض خراسان
في صفر سنه 203 ثلاث ومأتين وله يومئذ وخمس وخمسون
سنة وأمه أم ولد يقال لها أم البنين وكانت مدة إمامته
وقيامه بعد أبيه ع عشرين سنة باب في ذكر
طرف من النص على أبى الحسن الرضا علي بن موسى الرضا
عليهما السلام فمن روى النص على الرضا علي بن موسى عليهما السلام بالإمامة
من أبيه والإشارة إليه منه بذلك من خاصته وثقاته
وأهل العلم والورع والفقه من شيعته: داود بن
كثير الرقي ومحمد بن إسحاق بن عمار وعلي بن يقطين
ونعيم القابوسي وغيرهم ممن يطول بذكره الكتاب.
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن
يعقوب عن أحمد بن مهران عن محمد بن علي بن محمد بن سنان
202

وإسماعيل بن غياث القصرى جميعا عن داود الرقي قال قلت
لأبي إبراهيم عليه السلام جعلت فداك انى قد كبرت وصرت شيخا
فخذ بيدي وانقذني من النار فمن صاحبنا بعدك قال
فأشار إلى ابنه أبى الحسن عليه السلام فقال هذا صاحبكم من بعدى
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب
علي بن محمد عن ابن جمهور عن إبراهيم بن عبد الله عن أحمد بن
عبيد الله عن الغفاري قال كان لرجل من آل أبي رافع
مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال له فلان
على حق دين فتقاضاني والح على فلما رأيت ذلك صليت
الصبح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ثم توجهت نحو الرضا عليه السلام وهو يومئذ بالعريض فلما
قربت من بابه فإذا هو قد طلع على حمار وعليه قميص ورداء
203

فلما نظرت إليه استحييت منه فلما لحقني وقف ونظر
إلى فسلمت عليه وكان شهر رمضان فقلت له جعلت
فداك ان لمولاك فلان على حقا وقد والله شهرني
وانا والله أظن في نفسي انه يأمره بالكف عنى ووالله ما
قلت له كم له على ولا سميت له شيئا فأمرني بالجلوس إلى
رجوعه فلم أزل حتى صليت الغرب وانا صائم فضاق
صدري واردت ان انصرف فإذا هو قد طلع على وحوله
الناس وقد قعد له السؤال وهو يتصدق عليهم فمضى وقد دخل فدخل
بيته ثم خرج ودعاني فقت إليه ودخلت معه فجلس و
جلست معه فجعلت أحدثه عن ابن المسيب وكان كثيرا
ما أحدث عنه فلما فرغت قال ما أظنك أفطرت بعد
فقلت لا فدعى لي بطعام فوضع بين يدي وامر الغلام
204

ان يأكل معي فأصبت انا والغلام من الطعام فلما فرغنا
قال ارفع الوسادة وخذ ما تحتها فرفعتها فإذا دنانير
فاخذتها ووضعتها في كمي وامر أربعة من عبيده ان يكونوا
معي حتى يبلغوني منزلي فقلت جعلت فداك ان طائف
ابن المسيب يقعد وأكره ان يلقاني ومعي عبيدك فقال
أصبت أصاب الله بك الرشاد وأمرهم ان ينصرفوا
إذا رددتهم فلما دنوت من منزلي وآنست رددتهم وصرت إلى منزلي ودعوت السراج ونظرت
إلى الدنانير فإذا هي ثمانية وأربعون دينارا وكان حق الرجل
على ثمانية وعشرون دينارا وكان فيها دينار يلوح فأعجبني
حسنه فاخذته وقربته من السراج فإذا عليه نقش واضح
حق الرجل عليك ثمانية وعشرون دينارا وما بقي فهو لك
ولا والله ما كنت عرفت ماله على على التحديد. *
205

والاخبار في ذلك كثيرة يطول بشرحها الكتاب
باب ذكر وفاة الرضا علي بن موسى الرضا عليه السلام
وسببها وطرف من الاخبار في ذلك وكان الرضا علي بن
موسى عليهما السلام يكثر وعظ المأمون إذا خلا به ويخوفه بالله و
يقبح ما يرتكبه من خلافه فكان المأمون يظهر قبول ذلك
منه ويبطن كرامته واستثقاله ودخل الرضا عليه السلام يوما
فرآه يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء فقال عليه السلام
لا تشرك بعبادة ربك أحدا فصرف المأمون الغلام و
تولى تمام وضوئه بنفسه وزاد ذلك في غيظه ووجده
وكان الرضا عليه السلام يزرى على الحسن والفضل ابني سهل
عند المأمون إذا ذكرهما ويصف لهما مساويهما وينهاه عن
الاصغاء إلى قولهما وعرفا ذلك منه فجعلا يحظيان عليه
206

عند المأمون ويذكر ان له عنه ما يعبده منه ويخوفانه من
حمل الناس عليه فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه وعمل
على قتله فاتفق انه اكل هو والمأمون يوما طعاما فاعتل
منه الرضا عليه السلام واظهر المأمون تمارضا فذكر محمد بن علي
بن حمزة عن منصور بن بشير عن أخيه عبد الله بن بشير
أنه قال امرني المأمون ان أطول أظفاري عن العادة
فلا أظهر لاحد ذلك ففعلت ثم استدعاني فاخرج إلى
شيئا شبه التمر الهندي وقال لي اعجن هذا بيدك جميعا ففعلت
ثم قام وتركني فدخل على الرضا عليه السلام فقال له ما خبرك قال
أرجو ان أكون صالحا قال له المأمون انا اليوم بحمد الله
أيضا صالح فهل جائك أحد من المترفقين في هذا اليوم
قال لا فغضب المأمون وصاح على غلمانه ثم قال خذ ماء
207

الرمان الساعة فإنه مما لا يستغنى عنه ثم دعاني فقال:
ائتنا برمان فاتيته به فقال لي اعصره بيديك ففعلت
وسقاه المأمون الرضا عليه السلام بيده فكان ذلك سبب
وفاته ولم يلبث الا يومين حتى مات عليه السلام. *
وذكر عن أبي الصلت الهروي أنه قال دخلت على
الرضا عليه السلام وقد خرج المأمون من عنده فقال لي يا أبا الصلت
قد فعلوها وجعل يوحد الله ويمجده وروى عن محمد بن
الجهم أنه قال كان الرضا عليه السلام يعجبه العنب فاخذ له
منه شئ فجعل في مواضع أقماعه الابر أياما ثم نزعت منه
وجئ به إليه فاكل منه وهو في علته التي ذكرناها فقتله
وذكر ان ذلك من الطف السموم ولما توفى الرضا عليه السلام
كتم المأمون موته يوما وليلة ثم انفذ إلى محمد بن جعفر
208

الصادق عليه السلام وجماعة من آل أبي طالب الذين كانوا
عنده فلما حضروه نعاه إليهم وبكى واظهر حزنا شديدا
وتوجعا واراهم إياه صحيح الجسد وقال يعز على يا
اخى ان أراك في هذه الحال قد كنت أؤمل ان أقدم
قبلك فأبى الله الا ما أراد ثم أمر بغله وتكفينه
وتخيطه وخرج مع جنازته يحملها حتى انتهى إلى الموضع
الذي هو مدفون فيه الان فدفنه والموضع دار حميد بن
قحطبة في قرية يقال لها سناباد على دعوة أي على قرب من نوقان
بأرض طوس وفيها قبر هارون الرشيد وقبر أبى الحسن
عليه السلام بين يديه في قبلته. ومضى علي بن موسى عليهما السلام
ولم يترك ولدا نعلمه الا ابنه الامام بعده أبا جعفر محمد بن علي
عليهما السلام وكانت سنه يوم وفاة أبيه سبع سنين وأشهر
209

باب في ذكر الامام بعد أبي الحسن علي بن موسى
الرضا عليه السلام وتاريخ مولده ودلائل إمامته ومدة خلافته
ومبلغ سنه وذكر وفاته وسببها وموضع قبره وعدد ولده
وأسمائهم ومختصر من اخباره. وكان الامام بعد
علي بن موسى الرضا عليهما السلام ابنه محمد بن علي الرضا
عليهم السلام بالنص عليه والإشارة من أبيه إليه وتكامل الفضل
فيه وكان مولده ع في شهر رمضان سنة خمس وتسعين
ومائة بالمدينة وقبض ببغداد في ذي القعدة سنه 220
عشرين ومأتين وله يومئذ خمس وعشرون سنة *
وكانت مدة خلافته لأبيه وامامته من بعده سبع عشرة ثمانية عشرة
سنة وأمه أم ولد يقال لها سبيكة وكانت نوبية
باب ذكر طرف من النص على أبى جعفر محمد بن
210

على عليهما السلام بالإمامة والإشارة بها من أبيه إليه فمن
روى النص عن أبي الحسن الرضا على ابنه أبى جعفر عليه السلام بالإمامة
علي بن جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام وصفوان بن يحيى
ومعمر بن خلاد والحسن بن الجهم وجماعة كثيرة
ممن يطول بذكرهم الكتاب اخبرني أبو القاسم جعفر بن
محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم بن
هاشم عن أبيه عن علي بن محمد القاساني جميعا عن زكريا
بن يحيى بن النعمان البصري قال سمعت علي بن جعفر بن
محمد يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال
في حديثه لقد نصر الله أبا الحسن الرضا عليه السلام لما بنى
عليه اخوته وعمومته وذكر حديثا طويلا حي انتهى إلى قوله
فقمت وقبضت على يد أبى جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام
211

وقلت اشهد انك امامي عند الله فبكى الرضا عليه السلام
ثم قال يا عم ألم تسمع أبى وهو يقول قال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم بابى ابن خيرة الإماء النوبية
الطيبة يكون من ولده الطريد الرشيد الموتور بأبيه
وجده صاحب الغيبة فيقال مات أو هلك أو أي راد
سلك فقلت صدقت جعلت فداك وبالاسناد
عن صفوان بن يحيى قال قلت للرضا عليه السلام قد كنا نسئلك
قبل ان يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول يهب الله لي
غلاما فقد وهبه الله لك وأقر عيوننا به فلا أرانا الله
يومك وإن كان كون فإلى من فأشار بيده إلى أبى جعفر
وهو قائم بين يديه فقلت له جعلت فداك هذا ابن ثلث
سنين قال وما يضره من ذلك قد قام عيسى بالحجة وهو
212

ابن أقل من ثلاث سنين وبالاسناد عن معمر بن
خلاد قال سمعت الرضا عليه السلام وذكر شيئا فقال ما حاجتكم
إلى ذلك هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيرته مكاني
وقال ع انا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة
بالقذة وبالاسناد عن أحمد بن محمد بن مهران عن
محمد بن علي عن الحسن بن الجهم قال كنت مع أبي الحسن عليه السلام
جالسا فدعا بابنه أبى جعفر وهو صغير فأجلسه في حجري
وقال لي جرده وانزع قميصه فنزعته فقال لي انظر بين
كتفيه قال فنظرت فإذا في إحدى كتفيه شبه الخاتم داخل
في اللحم ثم قال لي أترى هذا مثله في هذا الموضع كان من
أبى عليه السلام باب في ذكر طرف من الاخبار
عن مناقب أبى جعفر عليه السلام ودلايله ومعجزاته وقد روى
213

أكثر الناس انه لما توجه أبو جعفر عليه السلام من بغداد منصرفا
من عند المأمون ومعه أم الفضل ابنة المأمون قاصدا
بها المدينة صار إلى شارع باب الكوفة ومعه الناس
يشيعونه فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس نزل
ودخل الشمس وكان في صحته نبقة لم تحمل بعد فدعا بكوز
فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة وقام ع وصلى بالناس
صلاة المغرب فقرأ في الأول منها الحمد وإذا جاء نصر الله
وقرأ في الثانية الحمد وقل هو الله وقنت قبل ركوعه فيها
وصل الثالثة وتشهد وتسلم ثم جلس هنيهة يذكر الله
جل اسمه وقام من غير أن يعقب فصلى النوافل أربع ركعات
وعقب تعقيبها وسجد سجدتي الشكر ثم خرج فلما
انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا حسنا،
214

فتعجبوا من ذلك واكلوا منها فوجدوها نبقا حلوا
لا عجم له وودعوه ومضى من وقته إلى المدينة فلم
يزل بها إلى أن اشخصه المعتصم في أول سنة خمس
وعشرين ومأتين إلى بغداد فأقام بها حتى توفى في آخر
ذي القعدة من هذه السنة فدفن في ظهر جده
أبى الحسن موسى عليه السلام باب ذكره وفاة
أبى جعفر عليه السلام وسببها وطرف من الاخبار في ذلك
وموضع قبره وذكر ولده وقد تقدم القول في
مولد أبى جعفر عليه السلام وذكرنا انه ولد بالمدينة وانه
قبض ببغداد وان سبب وروده إليها اشخاص لاحضاره
المعتصم له من المدينة فورد بغداد لليلتين بقيتا
من المحرم سنه 220 عشرين ومأتين وتوفى بها في ذي القعدة
215

من هذه السنة وقيل إنه مضى مسموما ولم يثبت عند
مصنف الارشاد بذلك خبر يشهد به ودفن في
مقابر قريش في ظهر جده أبى الحسن موسى بن جعفر عليهم السلام
وكان له يوم قبض خمس وعشرون سنة وأشهر وكان
منعوتا بالمنتجب والمرتضى وخلف بعده من الولد
عليا ابنه الامام من بعده وموسى وفاطمة وامامة
ابنتيه ولم يخلف ذكرا غير من سميناه. *
باب ذكر الإمام القائم بعد أبي جعفر عليه السلام
وتاريخ مولده ودلايل إمامته ومبلغ سنه ومدة
خلافته وذكر وفاته وسببها وموضع قبره وعدد
ولده ومختصر من اخباره وكان الامام
بعد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ابنه أبا الحسن علي بن محمد ع
216

عليهما السلام لاجتماع خصال الإمامة فيه وتكامل فضله وانه
لا وارث لمقام أبيه سواه وثبوت النص عليه بالإمامة
والإشارة إليه من أبيه بالخلافة وكان مولده بصريا
بمدينة الرسول للنصف من ذي الحجة سنه 212 اثنتي عشرة
ومأتين وتوفى بسر من رأى في رجب سنه 254 أربع وخمسين
ومأتين وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر و
كان المتوكل قد اشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من
المدينة إلى سر من رأى فأقام بها حتى مضى سبيله وكانت
مدة إمامته ثلثا وثلثين سنة وأمه أم ولد يقال لها سمانة
باب طرف من الخبر في النص عليه بالإمامة
والإشارة إليه بالخلافة من أبيه عليه السلام اخبرني أبو القاسم
جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم
217

عن أبيه عن إسماعيل بن مهران قال لما خرج أبو جعفر من
المدينة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خرجته قلت له
عند خروجه جعلت فداك انى أخاف عليك في هذا الوجه
فإلى من الامر بعدك قال فكر إلى بوجهه ضاحكا وقال لي
ليس حيث كما ظننت في هذه السنة فلما استدعى به إلى
المعتصم صرت إليه فقلت له جعلت فداك أنت خارج
فإلى من هذا الامر من بعدك فبكى حتى اخضلت أي ابتلت لحيته
ثم التفت إلى فقال عند هذه يخاف على الام من بعدى
إلى ابني على ع وبالاسناد عن الحسين بن محمد عن الخيراني
عن أبيه أنه قال كنت الزم باب أبى جعفر عليه السلام للخدمة التي
وكلته بها وكان أحمد بن محد بن عيسى الأشعري يحيى في
السحر من آخر كل ليلة ليتعرف خبر علة أبى جعفر عليه السلام
218

وكان الرسول الذي يختلف بين أبى جعفر وبين الخيراني
إذا حضر قام احمد وخلا به الرسول قال الخيراني فخرج
ذات ليلة وقام أحمد بن محمد بن عيسى عن المجلس وخلا
بي الرسول واستدار احمد فوقف حيث يسمع الكلام
فقال الرسول ان مولاك يقرأ عليك السلام ويقول
لك انى ماض والامر صائر إلى ابني على وله عليكم بعدى
ما كان لي عليكم بعد أبي ثم مضى الرسول ورجع احمد إلى
موضعه فقال لي ما الذي قال لك قلت خيرا قال قد
سمعت ما قال وأعاد على ما سمع فقلت له قد حرم الله
عليك ما فعلت لان الله يقول ولا تجسسوا فإذا
سمعت فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوما
وإياك ان تظهرها إلى وقتها قال وأصبحت وكتبت
219

نسخة الرسالة في عشر رقاع وختمتها ودفعتها إلى عشرة
من وجوه أصحابنا وقلت إن حدث بي حدث الموت
قبل ان أطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها فلما مضى
أبو جعفر عليه السلام لم اخرج من منزلي حتى عرفت ان رؤساء
العصابة قد اجتمعوا عند محمد بن الفرج يتفاوضون
في الامر فكتب إلى محمد بن الفرج يعلمني باجتماعهم عنده
ويقول لولا مخافة الشهرة لصرت معهم إليك فأحب ان
تركب إلى فركبت وصرت إليه فوجدت القوم مجتمعين
عنده فتجارينا في الباب فوجدت أكثرهم قد شكوا فقلت
لمن عنده الرقاع وهم حضور اخرجوا الرقاع فأخرجوها
فقلت لهم هذا ما أمرت به فقال بعضهم قد كناه نحب أن يكون
معك في هذا الامر آخر ليتأكد هذا القول فقلت لهم
220

قد اتاكم الله بما تحبون هذا أبو جعفر الأشعري يشهد لي
بسماع هذه الرسالة فاسئلوه فسئله القوم فتوقف عن
الشهادة فدعوته إلى المباهلة فخاف منها وقال قد
سمعت ذلك وهي مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من
العرب فاما مع المباهلة فلا طريق إلى كتمان الشهادة
فلم يبرح القوم حتى سلموا لأبي الحسن عليه السلام والاخبار
في هذا الباب كثيرة جدا ان علمنا على اثباتها طال بها
الكتاب وفى اجتماع العصابة على امامة أبى الحسن عليه السلام
وعدم من يدعيها سواه في وقته ممن يلتبس الامر فيه
غنى عن ايراد الاخبار بالنصوص على التفصيل. *
باب ذكر طرف من دلايل أبى الحسن علي بن
محمد عليهما السلام واخباره وبراهينه وبيناته: *
221

اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن
يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء
عن خيران الأسباطي قال قدمت على أبى الحسن علي بن
عليهما السلام المدينة فقال لي ما خبر الواثق عندك قلت جعلت
فداك خلفته في عافية انا من أقرب الناس عهدا به
عهدي به منذ عشرة أيام قال فقال لي ان أهل المدينة يقولون إنه
قد مات فقلت انا أقرب الناس به عهدا قال فقال لي
ان الناس يقولون إنه مات فلما قال لي ان الناس يقولان
علمت أنه يعنى نفسه سكت ثم قال لي ما فعل جعفر قلت
تركته أسوء الناس حالا في السجن قال فقال لي اما انه صاحب
الامر ثم قال ما فعل ابن الزيات قلت الناس معه والامر
امره فقال اما انه شوم عليه قال ثم إنه سكت وقال لي لابد
222

ان تجرى مقادير الله واحكامه يا خير ان مات الواثق و
قد قعد جعفر المتوكل وقد قتل ابن الزيات قلت متى جعلت
فداك فقال بعد خروجك بستة أيام والاخبار في ذلك
كثيرة وشواهد هاجمة باب ذكر ورود
أبى الحسن علي بن محمد عليهما السلام من المدينة إلى العسكر و
وفاته بها وسبب ذلك وعدد أولاده وطرف من اخباره
وكان سبب شخوص أبى الحسن عليه السلام إلى سر من رأى أن
عبد الله بن محمد كان يتولى الحرب والصلاة بمدينة الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم فسعى بابى الحسن عليه السلام إلى المتوكل
وكان يقصده بالأذى وبلغ أبا الحسن عليه السلام سعايته به
فكتب إلى المتوكل يذكر تحامل عبد الله بن محمد عليه وكذبه
فيما سعى به فتقدم المتوكل بإجابته عن كتابه ودعائه فيه
223

إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول فلما وصل
الكتاب إلى أبى الحسن عليه السلام تجهز للرحيل وخرج معه يحيى بن
هرثمة حتى وصل إلى سر من رأى فلما وصل إليها تقدم المتوكل
بان يحجب عنه في يومه فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك
وأقام فيه يومه ثم تقدم التوكل بافراد دار له فانتقل إليها
وأقام أبو الحسن عليه السلام مدة مقامه بسر من رأى مكرما
في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في ايقاع حيلة به ولا يتمكن من
ذلك وله معه أحاديث يطول بذكرها الكتاب فيها
آيات له وبينات ان قصدنا لا يراد ذلك خرجنا عن الغرض
فيما نحوناه وتوفى أبو الحسن عليه السلام في رجب سنه 254
أربع وخمسين ين ومأتين ودفن في داره بسر من رأى
وخلف من الولد أبا محمد الحسن عليه السلام ابنه هو الامام من بعده
224

والحسين ومحمد وجعفر وابنته عايشة وكان مقامه
بسر من رأى إلى أن قبض عشر سنين وأشهر. * -
باب ذكر الامام بعد أبي الحسن علي بن محمد
عليهما السام وتاريخ مولده ودلايل إمامته والنص عليه من
أبيه ومبلغ سنه ومدة خلافته وذكر وفاته وسببها
وموضع قبره وعدد ولده وطرف من اخباره. *
وكان الامام بعد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام ابنه
أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام لاجتماع خلال الفضل فيه وتقدمه
على كافة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقتضي له الرياسة
من العلم والزهد وكمال العقل والعصمة والشجاعة والكرم
وكثرة الأعمال المقربة إلى الله جل اسمه ثم لنص أبيه عليه
واشارته بالخلافة إليه وكان مولده بالمدينة في شهر ربيع الاخر
225

من سنة 232 اثنين وثلثين ومأتين وقبض عليه السلام يوم الجمعة
لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول سنه 260 ستين و
مأتين وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ودفن في داره
بسر من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه عليهما السلام وأمه أم ولد
يقال لها حديثة وكانت مدة خلافته ست سنين.
باب ذكر طرف من الخبر الوارد بالنص عليه
من أبيه ع والإشارة إليه بالإمامة من بعده: * -
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب
عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن يحيى بن يسار الغبرى
قال أوصى أبو الحسن علي بن محمد ع إلى ابنه الحسن عليه السلام قبل
مضيه بأربعة أشهر وأشار إليه بالامر من بعده وأشهدني
على ذلك وجماعة من الموالي وبالاسناد عن علي بن عمرو
226

النوفلي قال كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره فمر بنا
محمد ابنه فقلت جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك فقال
لا، صاحبكم من بعدى الحسن عليه السلام وبهذا الاسناد
عن علي بن مهزيار قال قلت لأبي الحسن عليه السلام إن كان كون
وأعوذ بالله فإلى من قال عهدي إلى الأكبر من ولدى
يعنى الحسن عليه السلام وبهذا الاسناد عن جماعة من بني هاشم
منهم الحسن بن الحسين الأفطس انهم حضروا يوم
توفى محمد بن علي بن محمد دار أبي الحسن عليه السلام وقد بسط له
في صحن داره والناس جلوس حوله فقالوا قدرنا أن يكون
حوله من آل أبي طالب وبنى العباس وقريش مأة وخمسون
رجلا سوى مواليه وساير الناس إذ نظر إلى الحسن بن علي
عليهما السلام وقد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه
227

فنظر إليه أبو الحسن بعد ساعة من قيامه ثم قال له يا بنى
أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا فبكى الحسن عليه السلام
واسترجع فقال الحمد لله رب العالمين وإياه اسئل تمام
نعمه علينا وانا لله وانا إليه راجعون فسئلنا عنه فقيل
لنا هذا الحسن بن علي ابنه وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين
سنة ونحوها فيومئذ عرفناه وعلمنا انه قد أشار إليه بالإمامة
واقامه مقامه باب ذكر طرف من اخبار أبى محمد الحسن بن علي
عليه السلام ومناقبه وآياته ومعجزاته روى إسحاق بن محمد
النخعي قال حدثني أبو هاشم الجعفري قال شكوت إلى أبى محمد عليه السلام
ضيق الحبس وكلب القيد فكتب إلى أنت تصلى اليوم الظهر
في منزلك فأخرجت وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال
وكنت مضيقا فأردت ان اطلب منه معونة في الكتاب الذي
228

كتبته إليه فاستحييت فلما صرت إلى منزلي وجه إلى بمأة
دينار وكتب إلى إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم
واطلبها تأتك على ما تحب انشاء الله والاخبار في ذلك
مما يطول به الكتاب باب ذكر وفاة أبى محمد الحسن
بن علي عليهما السلام وموضع قبره وذكر ولده ومرض أبو محمد
الحسن بن علي عليهما السلام في أول شهر ربيع الأول سنه 260 ستين
ومأتين ومات في يوم الجمعة لثمان ليال خلون من هذا
الشهر في السنة المذكورة وله يوم وفاته ثمان وعشرون سنة
ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه من دارهما بسر من رأى
وخلف ابنه المنتظر لدولة الحق وكان قد اخفى مولده
وستر امره لصعوبة الوقت وشدة طلب سلطان الزمان
له واجتهاده في البحث عن امره ولما شاع من مذهب الشيعة
229

الامامية فيه وعرف من انتظارهم له فلم يظهر ولده عليه السلام
في حياته ولا عرفه الجمهور بعد وفاته وتولى جعفر بن علي
أخو أبى محمد عليه السلام اخذ تركته وسعى في حبس جواري أبى محمد عليه السلام
واعتقال حلايله وشنع على أصحابه بانتظارهم ولده وتطعهم
بوجوده والقول بإمامته واغرى بالقوم حتى أخافهم وشردهم
وجرى على مخلفي أبي محمد عليه السلام بسبب ذلك كل عظيمة من اعتقال
وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذل ولم يظفر السلطان
منهم بطايل وحاز جعفر ظاهرا تركة أبى محمد عليه السلام واجتهد في
القيام عند الشيعة مقامه ولم يقبل أحد منهم ذلك ولا اعتقده
فيه فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه وبذل مالا
جليلا وتقرب بكل ما ظن أنه يتقرب به فلم ينتفع بشئ من
ذلك ولجعفر اخبار كثيرة في هذا المعنى رأيت الاضراب إلى الاعراض عن
230

ذكرها لأسباب لا يحتمل الكتاب شرحها وهي مشهورة
عند الإمامية ومن عرف اخبار الناس وبالله نستعين
باب ذكر القائم بعد أبي محمد الحسن عليه السلام
وتاريخ مولده ودلايل إمامته وذكر طرف من اخباره
وغيبته وسيرته عند قيامه ومدة دولته. *
وكان الامام بعد أبي محمد الحسن عليه السلام ابنه المسمى
باسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المكنى بكنيته
ولم يخلف أبوه ولدا ظاهرا ولا باطنا غيره وخلفه غائبا
مستترا على ما قدمنا ذكره وكان مولده عليه السلام ليلة النصف
من شعبان سنه 255 خمس وخمسين ومأتين وأمه أم ولد
يقال لها نرجس وكان سنه عند وفاه أبيه عليه السلام خمس
سنين آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب وجعله آية
231

للعالمين واتاه الحكمة كما اتاها ليحيى صبيا وجعله إماما
في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم ع في المهد
نبيا وقد سبق النص عليه في ملة الاسلام من نبي الهدى
عليه السلام ثم من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ونص عليه
الأئمة واحدا بعد واحد إلى أبيه الحسن عليهم السلام ونص أبوه عليه
عند ثقاته وخاصة شيعته وكان الخبر بغيبته ثابتا
قبل وجوده وبدولته مستفيضا قبل غيبته وهو
صاحب السيف من أئمة الهدى عليهم السلام والقائم بالحق
المنتظر لدولة الايمان وله قبل قيامه غيبتان:
إحديهما أطول من الأخرى كما جاءت بذلك الاخبار فاما
القصرى منهما منذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه
وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة واما الطولى
232

فهي بعد الأولى وفى اخرها يقوم بالسيف قال الله عز وجل
ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم
أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون
وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون وقال جل اسمه
ولقد كتبنا في الزبور بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي
الصالحون وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لن
تنقضي الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي
يواطئ يوافق اسمه اسمى يملاها قسطا عدلا كما ملئت ظلما وجورا وقال
لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى
يبعث فيه رجلا من ولدى يواطئ يوافق اسمه امسى يملاها قسطا
وعدلا كما ملئت ظلما وجورا باب في ذكر
طرف من الدلايل على امامة القائم بالحق ابن الحسن عليهما السلام
233

ومن الدلايل على ذلك ما يقتضيه العقل بالاستدلال
الصحيح على وجود امام معصوم كامل غنى عن رعاياه في الاحكام
والعلوم في كل زمان لاستحالة خلو المكلفين من سلطان
يكونون بوجوده أقرب إلى الصلاح وابعده من الفساد و
حاجة الكل من ذوي النقصان إلى مؤدب للجناة مقوم للعصاة
رادع للغواة معلم للجهال منبه للغافلين محذر للضلال
مقيم للحدود منفذ للأحكام فاصل بين أهل الاختلاف
ناصب للاسواء سار للثغور حافظ للأموال حام عن
بيضة الاسلام جامع للناس في الجمعات والأعياد و
قيام الأدلة على أنه معصوم من الزلات لغناه بالاتفاق
عن امام واقتضى ذلك له العصمة بلا ارتياب ووجوب النص
على من هذه سبيله من الأنام وظهور المعجز عليه لتمييزه
234

ممن سواه وعدم هذه الصفات من كل أحد سوى من أثبت
اقامته أصحاب الحسن بن علي عليهما السلام وهو ابنه المهدى ع
على ما بيناه وهذا أصل لا يحتاج معه في الإمامة إلى رواية
النصوص وتعداد ما جاء فيها من الاخبار لقيامه بنفسه
في قضية العقول وصحته بثابت الاستدلال ثم قد جاءت
روايات في النص على ابن الحسن عليه السلام من طرق ينقطع به
الاعذار وانا بمشية الله مورد طرف منها على السبيل الذي
سلف من الاختصار باب ما جاء من النص
على امامة صاحب الزمان الثاني عشر من الأئمة صلوات الله
عليهم أجمعين في مجمل ومفسر على البيان: * -
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن
يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن محمد بن
235

الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إن
الله عز اسمه ارسل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجن والإنس
وجعل من بعده اثنى عشر وصيا منهم من سبق ومنهم من
بقي وكل وصى جرت به سنة فالأوصياء الذين هم من بعد
محمد صلى الله عليه وآله على سنة أوصياء عيسى عليه السلام وكانوا
اثنى عشر وكان أمير المؤمنين على سنة المسيح عليه السلام
وبهذا الاسناد عن الحسن بن العباس عن أبي جعفر الثاني
عن ابائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم امنوا بليلة القدر فإنه ينزل فيها أمر السنة
وان لذلك الامر ولاة من بعدى علي بن أبي طالب واحد عشر
من ولده وبهذا الاسناد قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
لابن عباس رضي الله عنه ان ليلة القدر في كل سنة وانه
236

ينزل في تلك الليلة أمر السنة ولذلك الامر ولاة من بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له ابن عباس من هم؟
قال انا واحد عشر من صلبي أئمة محدثون. * -
وبهذا الاسناد عن أبي الجارود عن أبي جعفر محمد بن علي
عليهما السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال دخلت على فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وبين يديها لوح فيه
أسماء الأوصياء والأئمة من ولدها فعددت أحد عشر اسما
آخرهم القائم من ولد فاطمة ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم على
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن
يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق عن أبي هاشم الجعفري
قال قلت لأبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام جلالتك تمنعني عن
مسئلتك فتأذن لي ان أسئلك فقال سل قلت يا سيدي
237

هل لك ولد قال نعم فقلت فان حدث بك حدث فأين
اسئل عنه قال ع بالمدينة وبهذا الاسناد عن عمرو
الأهوازي قال أراني أبو محمد الحسن بن علي ابنه عليهم السلام قال
هذا صاحبكم بعدى وبهذا الاسناد عن حمدان القلانسي
عن العمرى قال مضى أبو محمد عليه السلام وخلف ولدا له. *
وبهذا الاسناد عن داود بن القاسم الجعفري قال
سمعت أبا الحسن علي بن محمد يقول الخلف من بعدى الحسن
فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف قلت ولم جعلني الله
فداك فقال إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه
فقلت فكيف نذكره قال قولوا الحجة من آل محمد عليهم السلام.
وهذا طرف يسير مما جاء في النصوص على الثاني عشر
من الأئمة عليهم السلام والروايات في ذلك كثيرة قد دونها أصحاب
238

الحديث من هذه العصابة واثبتوها في كتبهم المصنفة،
فممن أثبتها على الشرح والتفصيل محمد بن إبراهيم المكنى
أبا عبد الله النعماني في كتابه الذي صنفه في الغيبة فلا حاجة
بنا مع ما ذكرناه إلى اثباتها على التفصيل في هذا المكان
باب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر عليه السلام
وطرف من دلايله وبيناته ومعجزاته ومناقبه: *
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن
يعقوب عن علي بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر
عليهما السلام وكان أسن شيخ من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله
بالعراق قال رأيت ابن الحسن بن علي بن محمد عليهم السلام بين
المسجدين وهو غلام وبهذا الاسناد عن موسى بن محمد
بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قال حدثني حكيمة بنت
239

محمد بن علي وهي عمة الحسن عليه السلام انها رأت القائم ليلة
مولده وبعد ذلك اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد
بن قولويه عن محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن فتح مولى
الزراري قال سمعت أبا علي بن مطهر يذكر انه رآه ووصف
له قده اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن
محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن محمد بن شاذان بن نعيم
عن خادمة لإبراهيم بن عبدة النيسابوري وكانت من الصالحات
انها قالت كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء صاحب
الامر عليه السلام حتى وقف معه وقبض على كتاب مناسكه وحدثه
بأشياء وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله بن صالح انه
رآه بحذاء الحجر والناس يتجاذبون عليه وهو يقول ما بهذا أمروا
وبهذا الاسناد عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه
240

بن محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن أحمد بن إبراهيم بن
إدريس عن أبيه أنه قال رأيته عليه السلام بعد مضى أبى محمد حين
أيفع أي ارتفع وقبلت يده ورأسه اخبرني أبو القاسم جعفر بن
محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن عبد الله
بن صالح قال أحمد بن النصر عن العنبري قال جرى حديث جعفر
بن علي فذمه فقلت فليس غيره قال بلى فقلت فهل رأيته
قال فلم أره ولكن رآه غيري قلت من غيرك قال قد رآه جعفر
مرتين وبهذا الاسناد عن الحسن بن علي النيسابوري
عن إبراهيم بن محمد عن أبي نصر طريف الخادم انه رآه عليه السلام.
وأمثال هذه الأخبار في معنى فاذكرنا كثيرة والذي اقتصرنا
عليه منها كاف فيما قصدناه إذا العمدة في وجوده وامامته عليه السلام
ما قدمناه والذي يأتي من بعده زيادة في التأكيد لو لم نورده
241

لكان غير فحل بما شرحناه والمنة لله باب ذكر
طرف من دلايل صاحب الزمان عليه السلام وبيناته ومعجزاته:
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن
يعقوب عن علي بن محمد عن محمد بن حمويه عن محمد بن إبراهيم
بن مهزيار قال شككت بعد مضى أبى محمد الحسن بن علي
عليهما السلام واجتمع عند أبي قال جليل فحمله وركبت معه
مشيعا له فوعك وعكا شديدا فقال ابني ردني فهو
الموت وقال لي اتق الله في هذا المال وأوصى إلى ومات بعد
ثلاثة أيام فقلت في نفسي لم يكن أبى ليوصي بشئ فيه صحيح احمل
هذا المال إلى العراق وأكثري دارا على الشط ولا أخبر أحدا
بشئ فان وضح لي شئ كوضوحه في أيام أبى محمد عليه السلام نفذته
ولا أنفقته في ملاذي وشهواتي فقدمت العراق واكتريت
242

وارا على الشط وبقيت أياما فإذا انا برقعة مع رسول فيها
يا محمد معك كذا وكذا حتى قص على جميع ما معي وذكر في جملته
لم أحط به علما فسلمته إلى الرسول وبقيت أياما لا يرفع
لي رأس فاغتمت فخرج إلى قد أقمناك مقام أبيك
فاحمد الله وروى محمد بن أبي عبد الله السياري
قال أوصلت أشياء للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهب
فقبلت ورد على السوار فأمرت بكسره فكسرته فإذا في وسطه
مثاقيل حديد ونحاس وصفر فأخرجته فأنفذت الذهب
بعد ذلك فقبل علي بن محمد قال أوصل رجل من أهل
السواد فرد عليه وقيل له اخرج حق ولد عملت منه وهو
أربع مائة درهم وكان الرجل في يده ضيعة الولد عمه
فيها شركة قد حبسها منهم فنظر فإذا الذي لولد عمه من ذلك
243

المال أربع مأة درهم فاخرجها وانفذ الباقي فقبل.
القاسم بن العلا قال ولد لي عدة بنين فكنت
اكتب واسئل الدعاء لهم فلا يكتب إلى بشئ من أمرهم
فماتوا كلهم فلما ولد إلى الحسين ابني كتبت اسئل الدعاء
وأجبت وبقى والحمد لله علي بن محمد عن أبي عبد الله
بن صالح قال خرجت سنة من السنين إلى بغداد فاستأذنت
في الخروج فلم يؤذن لي فأقمت اثنين وعشرين يوما بعد
خروج القافلة إلى النهروان ثم اذن لي بالخروج يوم
الأربعاء وقيل لي اخرج فيه فخرجت وانا آيس من القافلة
ان الحقها فوافيت النهروان والقافلة مقيمة فما كان الا
ان علفت جملي حتى رحلت القافلة فرحلت وقد دعى
إلى بالسلامة فلم الق سوء والحمد لله علي بن محمد عن
244

نصر بن صباح البلخي عن محمد بن يوسف الشاشي قال
خرج بي ناسور فأريته الأطباء وأنفقت عليه مالا فلم
يصنع الدواء فيه شيئا فكتبت رقعة اسئل الدعاء
فوقع إلي ألبسك الله العافية وجعلك معنا في الدنيا
والآخرة فما آتت على جمعة حتى عوفيت وصار الموضع مثل
راحتي الراحة بطن إليه فدعوت طبيبا من أصحابنا واريته إياه فقال
ما عرفنا لهذا دواء وما جائتك العافية الا من قبل الله
بغير احتساب علي بن محمد عن علي بن الحسين اليماني
قال كنت ببغداد فتهيأت قافلة لليمانيين فأردت
الخروج معها فكتبت التمس في ذلك فخرج لا
تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة وأقم بالكوفة
قال فأقمت وخرجت القافلة فخرجت عليهم بنو حنظلة
245

فاجتاحتهم قال فكتبت استأذن في ركوب الماء فلم
يؤذن لي فسئلت عن المراكب التي خرجت تلك السنة
في البحر فعرفت انه لم يسلم منها مركب خرج عليها قوم يقال
لهم البوارح فقطعوا عليها علي بن الحسين قال
وردت العسكر فاتيت الدرب مع المغيب ولم أكلم أحدا
ولم أتعرف إلى أحد فانا اصلى في المسجد بعد فراغي من الزيارة
فإذا الخادم قد جائني فقال لي قم فقلت له إلى أين فقال إلى
المنزل قلت ومن انا لعلك أرسلت إلى غيري فقال لا
ما أرسلت الا إليك أنت علي بن الحسين وكان معه
غلام فساره فلم أدر ما قال له حتى اتاني بجميع ما احتاج إليه
وجلست عنده ثلاثة أيام فاستأذنته في الزيارة من
داخل الدار فاذن لي فزرت ليلا علي بن محمد عن
246

محمد بن صالح قال لما مات أبى وصار الامر إلى كان لأبي
على الناس سفاتج من مال الغريم يعنى صاحب الامر عليه السلام
قال الشيخ المفيد رحمه الله وهذا رمز كانت الشيعة
تعرفه قديما بينها ويكون خطابها عليه عليه السلام للتقية
قال فكتبت إليه اعلمه وكتب إلى طالبهم واستقض
عليهم فقضاني الناس الا رجل واحد وكان عليه سفتجة
بأربعمأة دينار فجئت إليه اطلبه فمطلني واستخف
بي ابنه وسفه أي شتم على فشكوته إلى أبيه فقال وكان ماذا
فقبضت لحيته واخذت برجله فسحبته إلى وسط الدار
فخرج ابنه مستغيثا باهل بغداد يقول قمي رافضي
قد قتل والدي فاجتمع على منهم خلق كثير فركبت دابتي
وقلت أحسنتم يا أهل بغداد تميلون مع الظالم على القريب
247

المظلوم انا رجل من أهل همدان من أهل السنة وهذا
ينسبني إلى قم ويرميني بالرفض ليذهب بحقي و
مالي قال فمالوا عليه فأرادوا ان يدخلوا إلى حانوته حتى
سكنتهم وطلب إلى صاحب السفتجة ان اخذ مالها
وحلف بالطلاق ان يوفيني مالي في الحال فاستوفيته منه
علي بن محمد قال حدثني بعض أصحابنا قال ولد لي
ولد فكتبت استأذن في تطهيره يوم السابع فورد
لا تفعل فمات يوم السابع أو الثامن ثم كتبت بموته
فورد ستخلف غيره وغيره ضم الأول احمد ومن بعد
احمد جعفر فجاء كما قال ع. قال وتهيأت للحج وودعت
الناس وكتبت استأذن في الخروج فورد نحن لذلك
كارهون والامر إليك قال غضبان صدري واغتمت
248

وكتبت انا مقيم على السمع والطاعة غير انى مغتم بتخلفي
عن الحج فوقع لا يضيقن صدرك فإنك ستحج قابلا
انشاء الله قال فلما كان من قابل كتبت استأذن فورد
الاذن وكتبت انى قد عادلت محمد بن العباس وانا واثق
بديانته وصيانته فورد الأسدي نعم العديل فان قدم
فلا تختر عليه فقدم الأسدي وعادلته اخبرني
أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب عن
علي بن محمد عن الحسن بن عيسى العريضي قال لما مضى
أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام ورد رجل من أهل مصر بمال
إلى مكة لصاحب الامر عليه السلام فاختلف عليه وقال بعض
الناس ان أبا محمد عليه السلام قد مضى من غير خلف وقال آخرون
الخلف من بعده جعفر وقال آخرون الخلف من بعده ولده
249

فبعث رجلا يكنى أبا طالب إلى العسكر يبحث عن الامر وصحته
ومعه كتاب فصار الرجل إلى جعفر وسئله عن برهان فقال
له جعفر لا يتهيأ لي في هذا الوقت فصار الرجل إلى الباب
وانفذ الكتاب إلى أصحابنا الموسومين بالسفارة فخرج إليه
آجرك الله في صاحبك فقد مات وأوصى بالمال الذي كان
معه إلى ثقة يعمل فيه بما يحب وأجيب عن كتابه به وكان الامر
كما قيل له وبهذا الاسناد عن علي بن محمد قال حمل رجل
من أهل آبة شيئا يوصله ونسي سيفا بآبة كان أراد
حمله فلما وصل الشئ كتب إليه بوصوله وقيل في الكتاب
ما خبر السيف الذي نسيته وبهذا الاسناد عن علي بن
محمد بن شاذان النيسابوري قال اجتمع عندي خمسمأة درهم
ينقص عشرون درهما فلم أحب ان أنفذها ناقصة فوزنت
250

من عندي عشرين درهما وبعثتها إلى الأسدي ولم اكتب مالي
فيها فورد الجواب وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما
الحسن بن محمد الأشعري قال كان يرد كتاب أبى محمد
عليه السلام في الاجراء على الجنيد قاتل فارس بن حاتم بن ماهويه
وأبى الحسن واخى ولما مضى أبو محمد عليه السلام ورد استيناف من
الصاحب بالاجراء لأبي الحسن وصاحبه ولم يرد في أمر
الجنيد شئ قال فاغتممت لذلك فورد نعى أي موت الجنيد بعد
ذلك علي بن محمد عن أبي عقيل عيسى بن نصر قال
كتب علي بن زياد الصيمري يسئل كفنا فكتب إليه انك
تحتاج إليه في سنة ثمانين فمات فس سنة ثمانين وبعث إليه
بالكفن قبل موته علي بن محمد عن محمد بن هارون
بن عمران الهمداني قال كان للناحية على خمسمأة دينار
251

فضقت بها ذرعا ثم قلت في نفسي لي حوانيت اشتريتها بخمس
مائة وثلثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار
ولم أنطق بذلك فكتب إلى محمد بن جعفر اقبض الحوانيت
من محمد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه *
اخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب
عن علي بن محمد قال خرج نهى عن زيارة مقابر قريش والحاير
على ساكنيهما السلام فلما كان بعد أشهر دعى الوزير الباقطاني
فقال له الق بنى الفرات والبرسيين وقل لهم لا تزوروا
مقابر قريش فقد أمر الخليفة ان يفتقد كل من زاره
فيقبض عليه والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي موجودة
في الكتب المصنفة المذكورة فيها اخبار القائم عليه السلام وان ذهبت
إلى ايراد جميعها قال بذلك وفيما أثبت منها مقنع والمنة لله
252

باب ذكر قيام القائم عليه السلام مدة أيام ظهوره
وشرح سيرته وطريقة احكامه وطرف مما يظهر في دولته
وقد جاءت الآثار الاخبار بذكر علامات لزمان قيام القائم
المهدي عليه السلام وحوادث تكون امام قيامه وآيات ودلالات
فمنها خروج السفياني وقتل الحسنى واختلاف
بنى العباس في الملك الدنياوي وكسوف الشمس في النصف
من شهر رمضان وخسوف القمر في آخره على خلاف
العادات وخسف البيداء والمشرق والمغرب وركود
الشمس من عند الزوال إلى وسط أوقات العصر وطلوعها
من المغرب وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين
من الصالحين وذبح رجل هاشمي بين ركن والمقام
وهدم حائط مسجد الكوفة واقبال رايات سود من قبل
253

خراسان وخروج اليماني وظهور المغربي بمصر وتملكه من
الشامات ونزول ترك بالجزيرة ونزول الروم الرملة،
وطلوع نجم بالمشرق يضئ كما يضيئ القمر ثم ينعطف حتى
يلتقى طرفاه وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها ونار
تظهر بالمشرق طولا وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام
وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد وخروجها عن سلطان
العجم وقتل أهل مصر أميرهم وخراب الشام واختلاف
ثلاثة رايات فيه ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر
ورايات كندة إلى خراسان وورود خيل من قبل المغرب
حتى تربط بفناء الحياة واقبال رايات سود من قبل المشرق
نحوها وتبق في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة وخروج
ستين كذابا كلهم يدعى النبوة وخروج اثنى عشر من آل أبي طالب
254

كلهم يدعى الإمامة لنفسه واحراق رجل عظيم القدر من شيعة
بنى العباس بين جلولا وخانقين وعقد الجسر مما يلي الكرخ
بمدينة بغداد وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار،
وزلزلة حتى ينخسف كثير منها وخوف يشمل العراق وبغداد
وموت ذريع أي كثير سريع فيه ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
وجراد يظهر في أوانه وغير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات
وقلة ريع لما يزرعه الناس واختلاف صنفين من العجم
وسفك دماء كثيرة فيما بينهم وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم
وقتلهم مواليهم ومسخ لقوم من اله البدع حتى يصيروا
قردة وخنازير وغلبة العبيد على بلاد السادات ونداء
من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كلهم أهل كل لغة بلغتهم
ووجه وصدر يظهر ان من السماء للناس في عين الشمس
255

وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها
ويتزاورن ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل
فتحيى بها الأرض بعد موتها وتعرف بركاتها ويزول بعد
ذلك كل عامة من معتقدي الحق من شيعة المهدي عليه السلام
فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة ويتوجهون نحوه لنصرته
كما جاءت بذلك الاخبار ومن جملة هذه الاحداث مخوفة
ومنها مشترطة والله أعلم بما يكون وإنما ذكرناها على حب
ما تثبت في الأصول وتضمنها الآثار المنقولة وبالله نستعين
وإياه نسئل التوفيق اخبرني أبو الحسن علي بن هلال
المهلبي قال حدثني محمد بن جعفر المؤدب عن أحمد بن إدريس
عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن إسماعيل
بن الصباح قال سمعت شيخا من أصحابنا يذكر عن سيف بن
256

عميرة لابد من مناد ينادى من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب
فقلت جعلت فداك يا أمير المؤمنين تروى هذا قال اوى الذي
نفسي بيده السماع اذني له فقلت له يا أمير المؤمنين ان هذا
الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا قال يا سيف انه لحق فإذا
كان فنحن أول من يجيبه اما ان النداء إلى رجل من بنى عنا
فقلت رجل من ولد فاطمة عليها السلام فقال نعم يا سيف لولا انني
سمعت من أبى جعفر محمد بن علي يحدثني به وحدثني به أهل
الأرض كلهم ما قبلته منهم ولكنه محمد بن علي عليهما السلام. *
وروى يحيى بن أبي طالب عن علي بن عاصم عن عطا بن
السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمير قال قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لا تقوم الساعة حتى يخرج المهدى ع
من ولدى ولا يخرج المهدى حتى يخرج ستون كذا بأكلهم يقولون
257

آنا نبي حدثني الفضل بن شاذان عمن رواه عن أبي
حمزة الثمالي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام خروج السفياني من
المحتوم؟ قال نعم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من
مغربها من المحتوم واختلاف بنى العباس في الدولة من
المحتوم وقتل النفس الزكية محتوم وخروج القائم من
آل محمد صلى الله عليه وآله محتوم قلت وكيف يكون النداء
قال ينادى من السماء أول النهار الا ان الحق مع علي ع
وشيعته ثم ينادى إبليس في آخر النهار من الأرض الا ان الحق
مع عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون. *
الحسن بن الوشاء عن أحمد بن العائذ عن أبي خديجة
عن أبي عبد الله عليه السلام وقال لا يخرج القائم حتى يخرج قبله اثنى عشر
من بني هاشم كلهم يدعو لنفسه محمد بن أبي البلاد عن
258

علي بن محمد الأزدي عن أبيه عن جده قال قال أمير المؤمنين عليه السلام
بين يدي القائم عليه السلام موت احمر وموت ابيض وجراد من حينه
وجراد في غير حينه كألوان الدم فاما الموت الأحمر فالسيف
واما الموت الأبيض فالطاعون الحسن بن محبوب عن
عمرو بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال
الزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات اذكرها
لك وما أراك قدرك ذلك اختلاف بنى العباس و
منادى ينادى من السماء وخسف قرية من قرى الشام تسمى
الجابية ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة و
اختلاف كثير عند ذلك في كل ارض حتى يخرب الشام ويكون
سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها راية الأصهب و
راية الأبقع وراية السفياني وهب بن حفص عن
259

أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قوله تع ان نشأ
ننزل عليهم من السماء اية فظلت أعناقهم لها خاضعين
قال سيفعل الله ذلك لهم قلت ومن هم قال بنو أمية و
شيعتهم قلت وما الآية قال ركود الشمس ما بين زوال الشمس
إلى وقت العصر وخروج صدر رجل ووجهه في عين الشمس
يعرف بحسبه ونسبه وذلك في زمان السفياني وعندها
يكون بواره وبواد قومه عبد الله بن بكير عن عبد الملك
بن إسماعيل عن أبيه عن سعيد بن جبير قال إن السنة التي
يقوم فيها المهدي عليه السلام تمطر الأرض أربعا وعشرين مطرة
ترى اثارها وبركاتها الفضل بن شاذان عن أحمد بن
محمد بن أبي نصر عن ثعلبة الأزدي قال قال أبو جعفر عليه السلام آيتان
تكونان قبل القائم عليه السلام كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان
260

وخسوف القمر في آخره قال قلت يا بن رسول الله تكسف
الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف فقال أبو جعفر عليه السلام
انا اعلم بما قلت إنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام.
وفى حديث محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول إن قدام القائم عليه السلام بلوى من الله قلت وما هو؟
جعلت فداك فقرأ ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع
ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين
ثم قال الخوف من ملوك بنى فلان والجوع من غلاء الأسعار
ونقص الأموال من كساد التجارات وقلة الفضل فيها و
نقص الأنفس بالموت الذريع ونقص الثمرات بقلة ريع
الزرع وقلة بركة الثمار ثم قال وبشر الصابرين عند ذلك
بتعجيل خروج القائم عليه السلام الحسين بن سعيد عن
261

منذر الجوزي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول يزجر الناس
قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم بنار تظهر في السماء وحمزة
تجلل السماء وخسف ببغداد وخسف ببلدة البصرة ودماء
تسفك بها وخراب وودها وفناء يقع في أهلها وشمول
أهل العراق خوفا لا يكون لهم معه قرار فصل
فاما السنة التي يقوم فيها القائم عليه وعلى آبائه السلام
واليوم بعينه فقد جاءت فيه آثار روى عن الصادقين عليهما السلام
روى الحسن بن محبوب عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يخرج القائم عليه السلام الا في وتر من
السنين سنة إحدى أو ثلث أو خمس أو سبع أو تسع *
الفضل بن شاذان عن محمد بن علي الكوفي عن وهب بن
حفص عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام ينادى
262

باسم القائم عليه السلام في ليلة ثلاث وعشرين ويقوم في يوم عاشوراء
وهو اليوم الذي قتل الحسين بن علي عليهما السلام لكأني في يوم السبت
العاشر من المحرم قائما بين الركن والمقام جبرئيل عليه السلام عن
يمينه ينادى البيعة لله فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض
تطوى لهم طيا حتى يبايعوه فيملا الله به الأرض قسطا عدلا كما ملئت
ظلما وجورا فصل وقد جاء الأثر بأنه عليه
وعلى ابائه السلام يسير من مكة حتى يأتي الكوفة فينزل على
بخفها أي المرتفع من الأرض ثم يفرق الجنود منها في الأمصار وروى الحجال
عن ثعلبة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال كأني بالقائم
عليه السلام على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من
الملائكة جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون
بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد وفى رواية عمرو بن شمر
263

عن أبي جعفر عليه السلام قال ذكر المهدي عليه السلام فقال يدخل الكوفة وبها
ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له ويدخل حتى يأتي المنبر
فلا يدري الناس ما يقول من البكاء فإذا كانت الجمعة الثانية
سئله الناس ان يصلى بهم الجمعة فيأمر ان يخط له مسجد على
الغري ويصلى بهم هناك ثم يأمر من يحفر من ظهر مشهد
الحسين عليه السلام نهرا يجرى إلى الغريين حتى ينزل الماء في النجف و
يعمل على فوهته القناطير والارحاء فكأني بالعجوز على رأسها
مكتل فيه بر تأتى تلك الأرحاء فتطحنه بلا كرى وفى رواية
صالح بن أبي الأسود عن أبي عبد الله عليه السلام قال ذكر مسجد السهلة
فقال إنه منزل صاحبنا إذا قدم باهله وفى رواية المفضل
بن عمر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا قام قائم آل محمد عليه السلام
بنى في ظهر الكوفة مسجدا له الف باب واتصلت بيوت أهل الكوفة
264

بنهري كربلا فصل وقد وردت الاخبار بمدة ملك الإمام
القائم عليه السلام وايمه واحمال شيعته فيها وما تكون عليه
الأرض ومن عليها من الناس روى عبد الكريم الجعفي الخثعمي
قال قلت لأبي عبد الله كم يملك القائم عليه السلام قال سبع سنين
تطول له الأيام حتى يكون السنة من سنينه مقدار عشر
سنين من سنيكم فيكون سنو ملكه سبعين سنة من سنيكم
هذه وإذا آن قيامه سطر الناس جماد الآخرة وعشرة أيام
من رجب مطرا لم ير الخلايق مثله فينبت الله لحوم المؤمنين
وأبدانهم في قبورهم فكأني انظر إليهم مقبلين من قبل جهينة
ينفضون شعورهم من التراب وروى المفضل بن عمر
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن قائمنا إذا قام أشرقت
الأرض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وذهب الظلمة
265

ويعمر الرجل في ملكه حتى يولد له الف ولد ذكر لا يولد له
فيهم أنثى وتظهر الأرض من كنوزها حتى يراها الناس
على وجهها ويطلب الرجل منكم من يصله بما له ويأخذ
منه ذكوته فلا يجد أحدا يقبل منه ذلك واستغنى الناس
بما رزقهم الله من فضله فصل وقد جاءت
الآثار بصفة القائم عليه السلام وحيلته فروى عمرو بن شمر
عن جابر الجعفي قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول سئل عمر بن
الخطاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال اخبرني عن المهدى ما اسمه
فقال اما اسمه فان حبيبي رسول الله عليه السلام عهد إلى الا أحدث به حتى
يبعثه الله قال اخبرني عن صفته قال هو شاب مربوع
حسن الوجه حسن الشعر يسيل شعره إلى منكبيه و
يعلو نور وجهه سواد شعر لحيته ورأسه بابى ابن خيرة الإماء
266

واما سيرته عند قيامه وطريقة عند قيامه وطريقة احكامه وما يبينه الله ع
من آياته عليه السلام روى المفضل بن عمر الجعفي قال سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا اذن الله تع للقائم الخروج
صعد المنبر ودعا الناس إلى نفسه وناشدهم بالله ودعاهم
إلى حقه وان يسير فيهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله
ويعمل فيهم بعمله فيبعث الله جل جلاله جبرئيل عليه السلام حتى
يأتيه فينزل على الحطيم فيقول إلى أي شئ تدعو فيخبره القائم
عليه السلام فيقول جبرئيل انا أول من يبايعك ابسط يدك فيمسح
على يده وقد وافاه ثلث مائة وبضعة عشر رجلا فيبايعونه
ويقيم بمكة حتى يتم أصحابه عشرة آلاف نفس ثم يسير منها
إلى المدينة وروى محمد بن عجلان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا قام القائم عليه السلام دعى الناس إلى الاسلام جديدا
267

وهداهم إلى أمر قد دثر وضل عنه الجمهور وإنما سمى القائم
مهديا لأنه يهدى إلى أمر قد ضلوا عنه وسمى بالقائم ع
لقيامه بالحق ثم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه
وافق الفراغ من تعليقه اخر النهار الاثنين رابع عشرين
ربيع الأول سنه 682 اثنين وثمانين وستمائة المصطفوية
* (الهجرية النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتحية) *
وحرر ذلك في 11 شهر صفر ختم بالخير والظفر
لسنه 982 اثنين وثمانين وتسعمائة
نمقه أقل خدام أهل البيت
أبو الخير محمود بن عيسى بن
رفيع الامامي
كتبه أقل خدمة أهل العلم الحاج عبد الرحيم بن المرحوم أبى الفضل الأفشاري
الزنجاني في المنتصف من شهر شعبان 1393
1352 ش
268