الكتاب: عوالي اللئالي
المؤلف: ابن أبي جمهور الأحسائي
الجزء: ٣
الوفاة: ن ٨٨٠
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: تحقيق : الحاج آقا مجتبى العراقي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٠٤ - ١٩٨٤ م
المطبعة: سيد الشهداء - قم
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية
1

الطبعة الأولى المحققة
حقوق الطبع والاوفست للمحقق
1404 ه‍ - 1984 م
مطبعة سيد الشهداء (ع)
2

عوالي اللئالي العزيزية
في الأحاديث الدينية
للشيخ المحقق المتتبع محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي
المعروف بابن أبي الجمهور (قدس سره)
تحقيق
البحاثة المتتبع الحاج آقا مجتبى العراقي
المجلد الثالث
3

بسم الله الرحمن الرحيم
4

تقريض
كتاب قد حوى أغلى اللآلئ * تسير بهديه نحو العوالي
ترى فيه من الآراء شتى * تحدث في الحرام أو الحلال
روايات تشع هدى وخيرا * لخير المرسلين وخير آل
إذا استفسرت يوما عن حديث * ولم تظفر بحل للسؤال
فدونك والعوالي فهو كنز * تفرد في لآلئه الغوالي
فكم فيه حديث ضاع ذكرا * وغاب، فلا تراه في مقال
وزاد (المجتبى) فيه كمالا * بتحقيق سما أفق الكمال
ونضد عقده، والعقد يزهو * بتنضيد، جمالا في جمال
ونقب في المصادر وهو جهد * ينوء بحمله متن الجبال
ومن يرجو رضا الرحمن دوما * وخدمة دينه، سهر الليالي
وقدم أجره لأعز شبل * (تقي) حائز أسمى خصال
شباب كالربيع الغض يذوي * شهيدا في ميادين القتال
5

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله بجميع محامده كلها، على جميع نعمه كلها، والصلاة والسلام
على أشرف خليقته وأفضل سفراءه محمد وعلى آله الطيبين الذين أذهب الله
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام
يوم الدين.
وبعد: فهذا الجزء الثالث من كتاب عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث
الدينية للشيخ المحقق المتتبع محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي حسب
تجزئتنا، راجيا من الله تعالى أن يجعله لي ذخرا وذخيرة ليوم فقري وفاقتي
وينفع به الباحثين الكرام انه على ذلك قدير.
المحقق
6

القسم الثاني
في أحاديث أخرى تتعلق بأبواب الفقه
رواها الشيخ الكامل الفاضل خاتمة
المجتهدين، جمال الدين، أبو العباس،
أحمد بن فهد الحلي " قدس الله روحه
العزيزة " (*) مرتبة على ترتيب الشيخ
المحقق المدقق نجم الدين جعفر بن
سعيد الحلي " رحمه الله.

* أحمد بن محمد بن فهد الأسدي الحلي المتولد في سنة 757 والمتوفى سنة 841
والمدفون بكربلاء جنب المخيم الطاهر.
7

باب الطهارة
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " لا صلاة الا بطهور " (1).
(2) وقال صلى الله عليه وآله: " مفتاحها الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها
التسليم " (2).
(3) وروى محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: الحائض
تتطهر يوم الجمعة وتذكر الله؟ قال: (أما الطهر فلا، ولكن تتوضأ وقت كل
صلاة، ثم تستقبل القبلة وتذكر الله) (3) (4).

(1) الفقيه: 1، باب وقت وجوب الطهور، حديث 1، والحديث عن الباقر
عليه السلام ولفظه: (إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة، ولا صلاة الا بطهور).
وسنن أبي داود: 1 باب فرض الوضوء، حديث 59 ولفظه: (لا يقبل الله عز وجل صدقة
من غلول، ولا صلاة بغير طهور).
(2) سنن أبي داود: 1، باب فرض الوضوء، حديث 1. وفى الفقيه: 1 باب
افتتاح الصلاة، عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله.
(3) الفروع: 3، كتاب الحيض، باب ما يجب على الحائض في أوقات الصلاة
حديث 1.
(4) وهذا يدل على أن الوضوء أعم من الطهارة، لأنه يحصل معها وبدونها لأنه
حكم بأن هذا الوضوء ليس طهرا مع تسمية له وضوءا تبرعا، فعرفنا ان الوضوء يجامع
رفع الحدث واستباحة الصلاة ويحصل مع عدمها. وتقييده بيوم الجمعة لتأكيد
الاستحباب فيه، لا لتخصيص الحكم به، لما ورد في حديث آخر انها تتوضأ عند كل
صلاة (معه).
8

(4) وروى الشيخ في الصحيح، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام
قال: سألته عن الدجاجة، والحمامة، وأشباههن تطأ العذرة، ثم تدخل في الماء
أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: (لا، إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء) (1) (2).
(5) وروى الفضل أبو العباس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن فضل الهرة
وغيرها، فلم اترك شيئا الا سألته عنه؟ فقال: (لا بأس)، حتى انتهيت إلى الكلب
فقال: (رجس نجس، لا يتوضأ بفضله، وأصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أول
مرة ثم بالماء) (3) (4).
(6) وروى متواترا عنهم عليهم السلام، قالوا: (الماء طهور لا ينجسه شئ، الا ما
غير لونه أو طعمه أو ريحه) (5) (6).

(1) التهذيب: 1، باب المياه وأحكامها، حديث 45.
(2) وهذا الحديث يدل على أن الماء القليل ينجس بالملاقاة. وان الماء الكثير
هو الكر، وانه لا ينجس بالملاقاة (معه).
(3) التهذيب: 1، باب المياه وأحكامها، حديث 29.
(4) هذا يدل على أن سؤر الحيوانات الطاهرة طاهر. وان سؤر نجس العين
نجس. ودال على أن الماء النجس يجب اراقته. وعلى ان اناء الولوغ يجب غسله
بالتراب أولا، ثم تعقبه بالماء (معه).
(5) قال في السرائر، كتاب الطهارة 8، ما هذا لفظه: (وأيضا قول الرسول صلى
الله عليه وآله المتفق على رواية ظاهرة انه خلق الماء طهورا لا تنجسه شئ الا ما غير
طعمه أو لونه أو رائحته).
(6) وقع النزاع في أن اللام في (الماء) هل هي لام العهد أم لام الجنس؟ وكل
من قال: بتنجيس الماء القليل بالملاقاة جعل اللام للعهد، وقالوا، انه ورد عن سؤال
وقع عن ماء مخصوص، وهو بئر بضاعة. وأما من لم يقل بنجاسة القليل بالملاقاة قال:
اللام للجنس، وجعل هذا الحديث حجة في أن مطلق الماء لا ينجس الا بالتغيير، قليلا
أو كثيرا (معه).
9

(7) وروى عبد الله بن المغيرة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام،
قال: (الكر من الماء نحو حبي هذا) (1).
(8) وروى محمد بن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: (الكر من الماء ألف ومأتا رطل) (2).
(9) وروى محمد بن مسلم في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (الكر
ستماءة رطل) (3).
(10) وروى إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام، قلت: وما الكر؟ قال:
(ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار) (4).
(11) وروى أيضا عنه عليه السلام قال: قلت له: الماء الذي لا ينجسه شئ، ما
حده؟ قال: (ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته) (5).
(12) وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا كان الماء ثلاثة أشبار

(1) الفروع: 3 كتاب الطهارة باب الماء الذي لا ينجسه شئ، حديث 8، وتمام
الحديث (وأشار بيده إلى حب من تلك الحباب التي تكون بالمدينة).
(2) الفروع: 3 كتاب الطهارة، باب الماء الذي لا ينجسه شئ، حديث 6.
(3) الاستبصار: 1، كتاب الطهارة، باب كمية الكر، قطعة من حديث 6.
(4) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب الماء الذي لا ينجسه شئ، قطعة من
حديث 7.
(5) التهذيب: 1، باب آداب الاحداث الموجبة للطهارات، حديث 53.
10

ونصف في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض، فذلك هو الكر) (1) (2).
(13) وروى علي بن يقطين في الصحيح، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته
عن البئر تقع فيه الحمامة أو الدجاجة أو الفأرة أو الكلب أو الهرة؟ فقال: (يجزيك
أن تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها إن شاء الله تعالى) (3).
(14) وروى محمد بن إسماعيل قال: كتبت إلى رجل أساله أن يسأل أبا
الحسن الرضا عليه السلام عن ماء البئر؟ فقال: (ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن
يتغير ريحه أو طعمه، فينزح منها حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، لان له
مادة) (4).
(15) وروى علي بن جعفر عن الحسن، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته
عن بئر وقع فيه زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة، أو زنبيل من سرقين، أيصلح
الوضوء منها؟ قال: (لا بأس) (5) (6).

(1) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب الماء الذي لا ينجسه شئ، حديث 5.
(2) أما روايات الوزن فيمكن التطبيق بينها، بأن يحمل الرواية الصحيحة على
أرطال مكة، لان السائل مكي. ورطل مكة، رطلان عراقيان، فيوافق رواية ابن أبي
عمير، ولا يخالفها رواية الحب، لجواز أن يكون الحب يسع ذلك المقدار. وأما روايات
المساحة، فالجمع بينها مشكل. وأما روايتا إسماعيل وجابر فهما غير معلومتي السند. ورواية أبي بصير من المشاهير (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 17.
(4) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 7.
(5) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 40.
(6) رواية ابن يقطين دلت على النجاسة من وجهين:
أحدهما، قوله: (يجزيك) والاجزاء إنما يستعمل في الواجب، فيكون جواز
استعمالها موقوفا على النزح، فلو لم يكن واجبا، لتعلق الواجب الجائز.
الثاني قوله: (فان ذلك طهرها) فإنه دال على النجاسة قبل النزح، والا يلزم
تحصيل الحاصل واجتماع الأمثال، ولا يجوز حمله على اللغوي الذي هو إزالة التغير
لوجوب الحمل على الحقيقة الشرعية مع وجودها.
وأما رواية ابن بزيع، فدلت على الطهارة مع عدم التغيير، ووجوب النزح معه.
وكون نهايته زوال التغيير، فمتى زال التغير، حصلت الطهارة. وفيه تعليل بالمادة، وإذا
علل الحديث كان راجحا على غير المعلل.
وهل دلالته على الطهارة من باب الظاهر أو من باب النص؟ قيل: بالثاني لان
نفى الفساد نفى للنجاسة، ونفى النجاسة يستلزم الطهارة، وقيل: بالأول، لان نفى الافساد
أعم من النجاسة، لجواز حصوله بالتعطيل وعدم الانتفاع، والأعم لا يدل عل الأخص.
ومن هذا أرجحت الرواية الأولى على هذه، ومن حيث إنها تشتمل على المكاتبة، وهي
أضعف في الحجة من المشافهة.
وأما رواية علي بن جعفر، فلا تعارض الأولى، لأنها من الحسن، وإذا اجتمع
الحسن والصحيح كان الترجيح للصحيح (معه).
11

(16) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " المؤمن لا ينخبث " (1).
(17) وقال الرضا عليه السلام: (ماء الحمام لا ينخبث) (2) (3).

(1) لم نعثر على حديث بهذه الألفاظ، ولكن روى ما بمعناه أصحاب الصحاح
والسنن. راجع صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب (لا يقل خبثت نفسي)، وصحيح
مسلم، كتاب الألفاظ من الأدب (4)، باب كراهة قول الانسان خبثت نفسي، حديث 16
وسنن أبي داود: 4 كتاب الأدب، باب لا يقال خبثت نفسي، حديث 4978، ومسند
أحمد بن حنبل 6: 51 و 66 و 209 و 231 و 281، ولفظ الحديث (ان رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: " لا يقولن أحدكم خبثت نفسي، وليقل: لقست نفسي ".
(2) المستدرك، كتاب الطهارة، باب 7 من أبواب الماء المطلق، حديث 1 نقلا
عن عوالي اللئالي عن ابن فهد.
(3) معنى هذا الحديث والذي قبله. ان المؤمن لا يصير في نفسه خبيثا، أي
نجسا، وإن كان قد يعرض له النجاسة في بدنه. وكذا ماء الحمام فإنه لا يخبث، بمعنى انه
ليس هو في نفسه نجسا، وإن كان قد يعرض له النجاسة بأمر خارج. وحينئذ يصير معنى
قوله: في رواية ابن بزيع (لا يفسد) أي لا يصير في نفسه فاسدا، وإن كان قد يعرض له
الفساد باعتبار أمر عارض، فذلك لا يخرجه عن جواز نجاسته بالملاقاة (معه).
12

(18) وروى عطاء بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" كل مسكر خمر " (1) (2).
(19) وروى زرارة، عن الباقر عليه السلام، قلت: بئر قطر فيه قطرة دم أو خمر؟
قال: (الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كله واحد، ينزح منه
عشرون دلوا) (3).
(20) وروى كردويه، عن أبي الحسن عليه السلام في البئر يقع فيها دم أو نبيذ أو
مسكر أو بول أو خمر؟ قال: (ينزح منها ثلاثون دلوا) (4) (5).
(21) وروى ابن سنان صحيحا، عن الصادق عليه السلام: (ان مات فيها ثور، أو

(1) الفروع: 6، كتاب الأشربة حديث 3 ولفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: كل مسكر حرام وكل مسكر خمر).
(2) وإنما ذكر هذا الحديث هاهنا لان الخمر لما كان وقوعه في البئر، موجبا
لنجاسته، وجب أن يكون كل مسكر كذلك بهذا الحديث، لصدق اسم الخمر على كل
مسكر بهذا الحديث، وإذا صدق اسمه عليها ثبت لها حكمه (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 28.
(4) لم نعثر على حديث لكردويه من غير تقييد بقطرة دم، وسيأتي المقيد عن
قريب.
(5) رواية زرارة مقيدة بالقطرة ورواية كردويه مطلقة، وجاز الجمع بينهما بحمل
المطلق على المقيد، فيحكم بالثلاثين في القطرة. ورواية ابن سنان مقيدة بالصب، وهو
ظاهر في الكثرة عرفا، فلا يحمل على القطرة، لوجوب الحمل على الحقيقة العرفية مع
وجودها فتختص في موضعها بنزح الماء كله (معه).
13

صب فيها خمر، نزح الماء كله) (1).
(22) وروى هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن الفقاع؟
فقال: (لا تشربه فإنه خمر مجهول) (2) (3).
(23) وروى عمر بن سعيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته، حتى بلغت
الحمار والجمل والبغل؟ قال: (كر من ماء وإن كان كثيرا) (4) (5).
(24) وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن العذرة تقع في
البئر؟ قال: (ينزح منها عشر دلاء، فان ذابت فأربعون أو خمسون) (6).
(25) وروى كردويه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن البئر يقع فيها قطرة

(1) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 26.
(2) الفروع: 6، كتاب الأشربة، باب الفقاع، قطعة من حديث 7.
(3) إنما ذكر هذا الحديث هنا ليستدل به على أن الفقاع حكمه في النزح حكم
الخمر. لان الحديث دال على أنه خمر، فيجب أن يكون له حكمه، تحقيقا للمماثلة،
ففي الصب ينزح الكل، وفى القطرة ينزح ثلاثون أو العشرون كما تقدم (معه).
(4) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 10، ولفظ الحديث
(قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما يقع البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة، فقال:
كل ذلك يقول: (سبع دلاء) قال: حتى بلغت الحمار والجمل، فقال: (كر من ماء).
(5) هذه الرواية سندها ضعيف، وطعن فبها بالتسوية بين الجمل والحمار والبغل
مع ورود الرواية بنزح الكل في الجمل.
وأجيب أما عن السند فبأنه وإن كان كذلك، الا أنها تأيدت بالشهرة وعمل الأصحاب
عليها، فلم يردها أحد منهم. وأما عن ادخال الجمل، فان معارضة الرواية لها في الجمل
لا يستلزم طرح العمل بها في الثاني، لعدم المعارضة فيه (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 33.
14

دم، أو نبيذ مسكر، أو بول، أو خمر؟ قال: (ينزح منها ثلثين دلوا) (1) (2).
(26) وروى علي بن جعفر في الحسن، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته
عمن ذبح شاة، فاضطربت ووقعت في بئر ماء، وأوداجها تشخب دما، هل يتوضأ
من تلك البئر؟ قال: (ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين دلوا، ثم يتوضأ
منها).
وعن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقع الدم في بئر، هل يصلح أن يتوضأ
منها؟ قال: (ينزح منها دلاء يسيرة، ثم يتوضأ منها) (3).
(27) وروى زرارة، عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن بئر قطر فيه قطرة دم
أو خمر؟ قال: (الدم والخمر والخنزير في ذلك كله واحد، ينزح منها عشرون
دلوا) (4) (5).
(28) وروى محمد بن إسماعيل في الصحيح: قال: كتبت إلى رجل يسأل
أبا الحسن الرضا عليه السلام عن البئر تكون في المنزل، فيقع فيها قطرات من بول،
أو من دم، أو يسقط فيها شئ من العذرة كالبعرة ونحوها، ما الذي يطهرها حتى
يحل الوضوء منها للصلاة؟ فوقع عليه السلام في كتابي بخطه، قال: (ينزح منها

(1) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 29.
(2) إنما أعاد هذه الرواية لان فيها قيد القطرة ولم يكن في الرواية الأولى ذلك
بل كانت مطلقة، فيكون رواية كردويه جاءت بوجهين (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الطهارة باب البئر وما يقع فيها، حديث 8.
(4) لم نظفر على رواية زرارة عن الصادق عليه السلام بهذه العبارة.
(5) إنما ذكر هذه الرواية لمخالفتها الأولى في المروى عنه. وفى عدم ذكر الميت
فيها. وذكر الخنزير فيها بالجملة، لا اللحم، ولأنها معارضة لرواية علي بن جعفر في
تعيين العدد الواجب في الدم (معه).
15

دلاءا) (1) (2).
(29) وروى الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
(والسنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون، والكلب وشبهه) (3) (4).
(30) وروى إسحاق بن عمار، عن جعفر عن أبيه، (ان عليا عليه السلام كان يقول:
الدجاجة ومثلها تموت في البئر ينزح منها دلوان أو ثلاثة، فإذا كانت شاة وما
أشبهها، فتسعة أو عشرة) (5) (6).
(31) وروى عمرو بن سعيد (سبع دلاء) (7).
(32) وروى سماعة عن الصادق عليه السلام قال: (وإن كان سنورا أو أكبر منه
نزحت منها ثلاثين أو أربعين دلوا) (8) (9).

(1) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب البئر وما يقع فيها، حديث 1.
(2) هذه الرواية معارضة لما رواه أولا، ان ماء البئر واسع، فإنها دالة على
النجاسة قبله، والا لزم تحصيل الحاصل، ومعارضة لرواية علي بن جعفر في الدم، فإنه
لم يعين فيه العدد، ولكن يمكن حمل المطلق هنا على المقيد هناك، فلا يقع التعارض
(معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 11.
(4) التخيير الواقع فيها، بل وفى كل روايات البئر، يحمل على الأكثر. والمراد
بالشبه، المماثلة في الحجم، وقدر الجسمية (معه).
(5) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 14.
(6) هذه الرواية في الشاة معمول بها، لا الثانية لأنها مقطوعة (معه).
(7) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 10، ولا يكون الخبر
مقطوعا، فراجع.
(8) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 12.
(9) هذه الرواية موافقة لرواية حسين بن سعيد في السنور وشبهه. ولا بأس بترك
العشرين فيها (معه).
16

(33) وروى الحسين بن سعيد، عن القاسم عن علي بن أبي حمزة، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن السنور؟ قال: (أربعون) (1) (2).
(34) وروى عمر بن سعيد بن هلال قال: سألت الباقر عليه السلام عما يقع في
البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة؟ فقال: (في كل ذلك سبع دلاء) حتى بلغت
الحمار والجمل؟ قال: (كر من ماء) (3) (4).
(35) وروى الشيخ في الصحيح. عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله عليه السلام في
الفارة، والسنور، والدجاجة، والطير، والكلب؟ قال: (إذا لم ينفسخ، أو
يتغير طعم الماء، فيكفيك خمس دلاء. وان تغير الماء فخذ منه حتى يذهب
الريح) (5).
(36) وروى أبو أسامة وأبو يوسف، يعقوب بن عيثم، عن الصادق عليه السلام قال:
(إذا وقع في البئر الطير، والدجاجة، والفارة، فانزح منها سبع دلاء) (6).
(37) وروى سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في البئر،
أو الطير؟ قال: (ان أدركته قبل أن ينتن، نزحت منها سبع دلاء) (7).
(38) وروى أبو سعيد المكاري، عن الصادق عليه السلام: (إذا وقعت الفارة في

(1) المعتبر، كتاب الطهارة: 16، والحديث كما في المتن سندا ومتنا.
(2) هذه الرواية كما تقدم في السنور، ولكنها معينة للأربعين (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 10.
(4) هذه الرواية معارضة لما تقدم، والعمل على ما تقدم (معه).
(5) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب البئر وما يقع فيها حديث 3.
(6) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 5.
(7) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 12.
17

البئر، فتفسخت، فانزح منها سبع دلاء) (1) (2).
(39) وروى معاوية بن عمار في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الفارة، والوزغة تقع في البئر؟ قال: (ينزح منها ثلاث دلاء) (3) (4).
(40) وروى ابن سنان، عنه عليه السلام مثله (5).
(41) وروى أبو خديجة، عن الصادق عليه السلام: (في الفارة أربعين) (6) (7).
(42) وروى أبو أسامة، عن الصادق عليه السلام في الفارة، والكلب والسنور،
والدجاجة مع عدم التفسخ وعدم التغيير خمس دلاء (8).
(43) وروى معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام في البئر يبول فيها الضبي
ويصب فيها بول أو خمر؟ قال: (ينزح الماء كله) (9).
(44) وروى علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن بول

(1) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 22، وفيه (فتسلخت)
بدل (فتفسخت).
(2) هذه الرواية فيها قيد التفسخ، فتحمل الروايتان المتقدمتان عليها (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 19.
(4) هذه الرواية حملت على عدم التفسخ في الفارة، لتوافق ما تقدم. وأما
الوزغة فيبقى فيها على حاله، مع التفسخ وبدونه، والامر بالنزح فيها ليس من باب
النجاسة، لان الوزغة ليست بذي نفس سائلة، بل يحترز من ضرر سمها (معه).
(5) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 20.
(6) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 23.
(7) هذه الرواية مطروحة لمعارضتها بما هو أقوى منها (معه).
(8) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 15.
(9) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 27.
18

الصبي الفطيم يقع في البئر؟ قال: (دلوا واحدا) قلت: بول الرجل؟ قال: (ينزح
منها أربعون دلوا) (1) (2).
(45) وروى سيف بن عميرة، عن منصور، قال: حدثني عدة من أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ينزح منها سبع دلاء إذا بال فيها الصبي، أو وقعت
فيها فارة أو نحوها) (3).
(46) وروى معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (فان أنتن غسل
الثوب، وأعاد الصلاة ونزحت البئر) (4) (5).
(47) وروى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (وان أنتن حتى يوجد ريح
النتن في الماء، نزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء) (6) (7).
(48) وروى الحسين بن أبي العلا وأبي إسحاق، عن أبي عبد الله عليه السلام في
البول يصيب الجسد؟ قال: (يصب عليه الماء مرتين) (8).

(1) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 31.
(2) الرواية الأولى مطروحة، والثانية معمول عليها للشهرة (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 32.
(4) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 1.
(5) وهذا يدل على أنه إذا تغير البئر بالنجاسة لم يصح استعمالها حتى ينزح.
وان استعمالها قبله موجب لإعادة كل ما فعلها بها من الطهارات وإزالة النجاسات من حين
وجود ذلك فيها (معه).
(6) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، قطعة من حديث 12.
(7) يجمع بين هذه الرواية وبين ما مضى من المقدرات، بأنه متى حصل التغير،
وجب الأمران، وهو زوال التغير واستيفاء المقدر، ليكون عاملا بالجميع (معه).
(8) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 1 و 3.
19

(49) وروى الحلبي، عنه عليه السلام في بول الصبي؟ قال: (تصب عليه
الماء) (1) (2).
(50) وروي عن الصادق عليه السلام في المني (إذا عرفت مكانه فاغسله، والا
فاغسل الثوب كله) (3) (4).
(51) وروى حكم بن حكيم الصيرفي، عن الصادق عليه السلام، قلت: لا أصيب
الماء وقد أصاب يدي البول، فأمسحه بالحائط والتراب، ثم يعرق يدي فأمسح
وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟ قال: (لا بأس) (5) (6).
(52) وروى غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن علي عليه السلام
قال: (لا بأس أن يغسل الدم بالبزاق) (7) (8).

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث 2.
(2) والجمع بين الروايتين انه متى اجتمع الخاص والعام، حمل العام على
الخاص، فيعمل بالخاص في مورده وبالعام فيما عدى مورد الخاص. فصب الماء مرتين
إنما يكون في غير بول الصبي (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 12، 14
و 15 و 16 باختلاف يسير في الألفاظ.
(4) وهذا يدل على نجاسة المنى ووجوب غسله، وانه متى اشتبه الطاهر بالنجس
وجب غسل الكل (معه).
(5) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 7.
(6) أي لا بأس بالصلاة في ذلك البدن والثوب ما دامت الضرورة باقية، فهو من
باب الرخصة (معه).
(7) التهذيب: 1، أبواب الزيادات، باب تطهير البدن والثياب من النجاسات
حديث 23.
(8) بهذه الرواية وما تقدم عليها، قال السيد المرتضى: سندا للأصل، ان
الواجب إنما هو إزالة النجاسة بكل ما هو مزيل، سواء كان ماءا مطلقا، أو غيره من
المزيلات. والروايتان لا حجة فيهما.
أما الأول: فمطروحة العمل، إذ الاتفاق واقع على عدم العمل بمضمونها.
وأما الثانية: فلان غياث بن إبراهيم بتري فاسد المذهب، فلا يعمل على ما ينفرد
به (معه).
20

(53) وروى عنهم عليهم السلام. (أن الماء يطهر ولا يطهر) (1) (2).
(54) وروى عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (الماء الذي يغسل به
الثوب، أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ به) (3) (4).
(55) وروى الأحول، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أخرج من
الخلاء وأستنجي بالماء فيقع ثوبي في الماء الذي استنجيت به؟ فقال:

(1) التهذيب: 1، باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما لا يجوز،
حديث 1، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله. والفقيه: 1، باب المياه
وطهرها ونجاستها، حديث 2، والحديث عن الصادق عليه السلام. والمحاسن: 570
عن علي عليه السلام.
(2) أي جنس الماء يطهر غيره، وليس غير جنسه يطهره. وبهذا استدل على جواز
استعمال المستعمل وإن كان في الأكبر، لأنه علق الطهورية على اسم الماء، وهو حاصل
في المستعمل (معه).
(3) التهذيب: 1، باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما لا يجوز، قطعة
من حديث 13.
(4) وفى هذا الحديث دلالة ظاهرة على المنع من استعمال المستعمل في رفع
الحدث الأكبر، في طهارة أخرى. للمساواة بينه وبين المستعمل في إزالة النجاسة. وفيه
دلالة على نجاسته أيضا ان قلنا بنجاسة المستعمل في إزالة النجاسة، لان المنع فيه إنما
هو لنجاسة، فإذا كان في المنع في الأول لذلك كان الثاني مثله.
ويحتمل الطهارة فيهما، لان الثاني طاهرة بالاتفاق، فيكون الأول مثله، ومنع
الوضوء بهما لا يستلزم نجاستهما لجواز أن يكون لمجرد الاستعمال. وبه يستدل على أن
الغسالة لا ينجس (معه).
21

(لا بأس) (1).
(56) وروى عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
يقع ثوبه في الماء الذي استنجى به، أينجس ذلك ثوبه؟ فقال: (لا بأس) (2) (3).
(57) وروى علي بن جعفر في الصحيح، عن أخيه موسى عليه السلام قال:
سألته عن رجل امتخط، فصار الدم قطعا فأصاب إناءه، هل يصح الوضوء منه؟
فقال: (إن لم يكن شئ يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئا بينا فلا
يتوضأ منه) (4).
(58) وروى أيضا صحيحا عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن رجل رعف،
وهو يتوضأ، فتقطر قطرة في إناءه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: (لا) (5) (6).

(1) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب اختلاط ماء المطر بالبول وما يرجع في
الاناء من غسالة الجنب، والرجل يقع ثوبه على الماء الذي يستنجى به، حديث 5.
(2) الوسائل، كتاب الطهارة، باب (13) من أبواب الماء المضاف، حديث 5
والتهذيب: 1، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه، حديث 77.
(3) وبهاتين يستمسك على أن المستعمل في الاستنجاء لا يجرى الخلاف فيه كما
يجرى في المستعمل في إزالة النجاسة، بل هو مستثنى من الخلاف الواقع في ماءه. ولكن
هل يدل على طهارته، أو على العفو؟ تمسك جماعة في طهارته بهذين الحديثين، وليس فيهما
ما يدل صريحا على ذلك، لان نفى البأس ليس صريحا في الطهارة، فجاز أن يكون
للعفو، فالعفو محتمل، بل هو الظاهر من لفظ لا بأس (معه).
(4) الاستبصار: 1، باب الماء القليل يحصل فيه شئ من النجاسة، حديث 12.
والفروع: 3، كتاب الطهارة، باب النوادر، حديث 16.
(5) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب النوادر، ذيل حديث 16.
(6) بالرواية الأولى تمسك الشيخ ومن تبعه في أن ما لا يدركه الطرف من الدم لو
وقع في الماء لا ينجسه. وهذا التمسك لا يفهم من الرواية.
أما أولا: فليس فيها تصريح بإصابة الماء، وإنما فيها تصريح بإصابة الاناء، ولا
يلزم منه إصابة الماء.
فان قلت: فما فائدة السؤال حينئذ؟
قلت: فائدته حصول الشك في أنه لما أصاب الاناء، هل أصاب الماء منه شئ أم
لا؟ فسأل ان عند الشك في نجاسة الماء، هل يصح استعماله أم لا؟ فأجاب الإمام عليه السلام
، بأنه إذا لم يظهر في الماء شئ من النجاسة، كان الأصل الطهارة، فلا يصار
عنه للشك. لان الأصل إنما ينفى بيقين النجاسة، واليقين إنما يحصل بظهور النجاسة
للحس، فعلق الحكم على استبانة الدم في الماء وعدمه. ففي الثاني يبنى على الأصل،
وفى الأول ينتقل عنه، فلا يتوضأ منه. والحديث الثاني يؤيد ما قلناه.
وأما على مذهب الشيخ، فالجمع بينهما أن يحمل الأول على عدم الاستبانة، وفى
الثاني على الاستبانة فيكون الحكم بالمنع والجواز معلقا بالاستبانة وعدمها على
المذهبين (معه).
22

(59) وروى ابن أبي عمير في الصحيح، عن غير واحد من أصحابنا، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: (ليس في المذي من الشهوة، ولا من الانعاظ، ولا من
القبلة، ولا من مس الفرج، ولا من المضاجعة وضوء، ولا يغسل منه الثوب،
ولا الجسد) (1).
(60) وروى عمار بن موسى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الرجل
يتوضأ، ثم يمس باطن دبره؟ فقال: (نقض وضوءه. وان مس باطن إحليله،
فعليه أن يعيد الوضوء. وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ ويعيد الصلاة.
وان فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة) (2) (3).

(1) التهذيب: 1، باب الاحداث الموجبة للطهارة، حديث 47.
(2) الاستبصار: 1، أبواب ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه، باب القبلة ومس
الفرج، حديث 8.
(3) الرواية الأولى صحيحة، والثانية موثقة، والموثق لا يعارض الصحيح،
وإن أردت التوفيق بينهما، فاحمل الثاني على الاستحباب أو على استصحاب ناقض عند
المس (معه).
23

(61) وروى الشيخ عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه عن جده، عن
علي عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخلت المخرج، فلا تستقبل القبلة ولا
تستدبرها، ولكن شرفوا أو غربوا) (1).
(62) وروى محمد بن إسماعيل قال: دخلت دار أبي الحسن الرضا عليه السلام
وفي منزله كنيف مستقبل القبلة (2) (3).
(63) وروى زرارة بن أعين في الصحيح قال: حكى لنا أبو جعفر وضوء
رسول الله صلى الله عليه وآله، (فدعا بقدح من ماء، فأدخل يده اليمنى، فأخذ كفا من ماء،
فأسدلها على وجهه) الحديث.
ثم قال: (قال رسول الله لما أكمل الوضوء: (هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة
الا به) (4)

(1) التهذيب: 1، باب آداب الاحداث الموجبة للطهارات، حديث 3.
(2) التهذيب: 1، باب آداب الاحداث الموجبة للطهارات، حديث 5.
(3) هذه الرواية لا تعارض الأولى، لأنه ليس فيها ما يدل على منافاة الأولى.
وإنما هي حكاية حال فعل واقع، وليس هو حجة في الشرعيات، خصوصا إذا لم يعلم
وقوعه من الامام ما كان محتملا لوقوعه من غيره كموضع الرواية (معه).
(4) التهذيب: 1، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه،
حديث 6، والحديث طويل فلاحظ، وليس فيه ما نقله في ذيل الحديث (ثم قال: إلى
آخره).
نعم رواه ابن ماجة في سننه: 1، كتاب الطهارة وسننها (47) باب ما جاء في
الوضوء مرة ومرتين وثلاثا حديث (419) و (420) ولفظ الثاني (عن أبي بن كعب ان
رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم دعا بماء فتوضأ مرة مرة فقال: " هذا وظيفة
الوضوء " أو قال: " وضوء من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة الحديث ". وفي المستدرك
كتاب الطهارة، باب (28) من أبواب الوضوء، حديث 7 عن القطب الراوندي مثله.
وقال في المختلف: كتاب الطهارة: 21 ما هذا لفظه (ان الجمهور نقلوا انه عليه
السلام توضأ مرة مرة ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به).
24

(64) وروى حماد بن عثمان في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا
بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا) (1) (2).
(65) وروى الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير ابني أعين عن أبي
جعفر عليه السلام، أنه قال في المسح: (تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك
وإذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف
الأصابع، فقد أجزأك) (3).
(66) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح، عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال: سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ (فوضع كفه على
الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم)، فقلت: جعلت فداك لو أن رجلا
قال: بإصبعين من أصابعه؟ قال: (لا يكفه) (4) (5).

(1) التهذيب: 1، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه،
حديث 10.
(2) وبهذا تمسك القائلون بجواز النكس في المسح، وهذه الرواية صحيحة،
الا انها يعارضها الوضوء البياني، لان الفعل أقوى من القول، ولا يمكن أن يكون
بالنكس، والا تعين الوجوب قطعا، ولم يقل به أحد، والسيد حمله على الغسل وجوز
النكس فيه، وهو أبعد من الأول (معه).
(3) التهذيب: 1، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنة والفضيلة فيه، حديث
86.
(4) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب مسح الرأس والقدمين، حديث 6.
(5) هذا الحديث لا يعارض الأول، بل يجب الجمع بينهما، بأن يحمل المطلق
على المقيد، فيكون الثاني مبينا للأول، فيتعين الثاني للوجوب (معه).
25

(67) وروى ابن بابويه في الصحيح عن حريز، عن الصادق عليه السلام أنه قال:
(إذا كان الرجل يقطر منه البول أو الدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا، وجعل
فيه قطنا، ثم علقه عليه، وأدخل ذكره فيه، ثم صلى، يجمع بين صلاتي الظهر
والعصر بوضوء، ويؤخر الظهر ويعجل العصر، بأذان وإقامتين، ويؤخر المغرب
ويعجل العشاء بأذان وإقامتين، ويفعل ذلك في الصبح) (1) (2).
(68) وروى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (صاحب البطن الغالب
يتوضأ ويبني على صلاته) (3).
(69) وروى الفضيل بن يسار قال: قلت للباقر عليه السلام: أني أكون في الصلاة
فأجد غمضا في بطني، أو أذى، أو ضربانا؟ فقال: (انصرف، ثم توضأ، وابن علي
ما مضى من صلاتك، ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا، فان تكلمت ناسيا فلا
شئ عليك، وهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا)، قلت: وان قلب وجهه عن
القبلة؟ قال: (وان قلب وجهه عن القبلة) (4) (5).

(1) الفقيه: 1، باب ما ينقض الوضوء، حديث 10.
(2) وهذا يدل على أن صاحب السلس يجب عليه التحفظ، كما يجب على
المستحاضة وانه يراعى الجمع بين الصلاتين، وفيه أنه لا يجب عليه تكرار الوضوء
لكل صلاة، بل يجوز له أن يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد (معه).
(3) الفقيه: 1، باب صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون والشيخ
الكبير وغير ذلك، حديث 11.
(4) الفقيه: 1، باب صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون والشيخ
الكبير وغير ذلك، حديث 28.
(5) أما الرواية الأولى فدالة على أن صاحب البطن إذا كان له فترة لا تسع
الصلاة، وفجأت الحدث في أثنائها، فإنه يتوضأ ويبنى على ما مضى من صلاته. وهذا
الحكم مختص بصاحب البطن، دون السلس.
وأما الرواية الثانية فتمسك بها السيد المرتضى على أن الغمز والأذى والقرقرة
الحاصلة في البطن لأجل الريح، ناقضة للوضوء، وانه لو عرض ذلك في الصلاة، أبطل
الطهارة ولم يبطل الصلاة، بل يتوضأ في أثناء الصلاة ويبنى على ما فعل منها، ولا يضره
الانقلاب عن القبلة والاستدبار لها، لأجل تحصيل الطهارة، وإنما يضره الكلام متعمدا،
فأما لو وقع نسيانا لم يضره أيضا.
وأما الأصحاب فحملوها أيضا على صاحب البطن الذي لا يمكنه مسك بطنه، لشدة
الوجع، فإنه يجوز له الحدث والوضوء والبناء على ما يوافق الرواية الأولى، دفعا
للضرر والحرج (معه).
26

(70) وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عمن قرأ في
المصحف، وهو على غير وضوء؟ قال: (لا بأس، ولا يمس الكتاب) (1) (2).
(71) وروى أحمد بن محمد البرقي، رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام. (إذا أتى
الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما، وان أنزل فعليه الغسل ولا
غسل عليها) (3) (4).
(72) وروى الشيخ في الصحيح، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام
قال: سألته متى يجب الغسل على الرجل والمرأة؟ قال: (إذا أدخله فقد وجب

(1) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب الجنب يأكل ويشرب ويقرأ ويدخل المسجد
ويختضب ويدهن ويطلى ويحتجم، حديث 5.
(2) وهذا يدل على أن مس المصحف للمحدث جائز، الا كتابته، وانه يجوز قراءة
القرآن بغير وضوء، لان نفى البأس يستلزم الجواز (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة،
حديث 8.
(4) وهذا يدل على أن الوطء في الدبر ليس مما يجب فيه الغسل الا مع
الانزال كما ذهب إليه جماعة، ومستمسكهم هذه الرواية (معه).
27

الغسل) (1) (2).
(73) وروى جميل في الحسن قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب
يجلس في المساجد؟ قال: (لا، ولكن يمر فيها كلها الا المسجد الحرام ومسجد
الرسول عليه السلام) (3) (4).
(74) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: (نعم، ولكن لا
يضعان في المسجد شيئا) (5) (6).
(75) وروى حفص بن سوقه عمن أخبره، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن

(1) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة،
حديث 1، وتمامه (والمهر والرجم).
(2) عموم هذا الحديث دل على عكس ما دل عليه الأول، لأنه علق الغسل على
مجرد الادخال، سواء أنزل أو لا، وسواء كان من قبل أو دبر. لان مسمى الادخال متحقق
في الجميع، وهذا الحديث صحيح الطريق فيبقى على عمومه، ولا يختص بالأول، لأنه
ليس من الصحيح (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب الجنب يأكل ويشرب ويدخل المسجد
ويختضب ويدهن ويطلى ويحتجم، حديث 4.
(4) هذا الحديث وإن كان حسنا، إلا أنه لم يعارضه غيره، فالعمل بمقتضاه
واجب (معه).
(5) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب الجنب يأكل ويشرب ويدخل المسجد
ويختضب ويدهن ويطلى ويحتجم، حديث 8.
(6) اللام في المسجد هنا لام الجنس، فيعم المساجد كلها، فيحرم وضع شئ
فيها، ولا يحرم الاخذ منها، حتى في المسجدين، لكنه فيهما مشروط بما لا يستلزم الدخول
(معه).
28

الرجل يأتي أهله من خلفها؟ قال: (هو أحد المأتيين، فيه الغسل) (1) (2).
(76) وروى محمد بن أبي عمير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (كل غسل
قبله وضوء الا غسل الجنابة) (3) (4).
(77) وروى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (الغسل يجزي عن
الوضوء، وأي وضوء أطهر من الغسل) (5) (6).
(78) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل " (7).

(1) الاستبصار: 1، أبواب الجنابة وأحكامها، باب الرجل يجامع المرأة فيما
دون الفرج، فينزل هو دونها، حديث 4،
(2) هذا الحديث وإن كان مرسلا، إلا أن عموم صحيح محمد بن مسلم يعضده،
فيكون كالمفصل لاجماله (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب صفة الغسل والوضوء قبله وبعده، حديث 13.
(4) هذا بطريق العموم يدخل فيه غسل الميت، ويستلزم وجوب الوضوء فيه.
ومنهم من يقيده بغسل الحي (معه).
(5) الاستبصار: 1، باب سقوط فرض الوضوء عند الغسل من الجنابة، حديث 2.
(6) إذا كان اللام في (الغسل) لام الجنس، كان معارضا لما قبله وموجبا لسقوط
الوضوء في كل الأغسال وبه استدل السيد المرتضى، على أن كل غسل يجزى عن الوضوء
حتى غسل الجمعة.
وأما من جعل اللام للعهد، فلا يعارض ما تقدمه، ويصير تقديره، غسل الجنابة
يجزى عن الوضوء، انكارا على من يوجب الوضوء معه، كما هو مذهب العامة (معه).
(7) السنن الكبرى للبيهقي 1: 163، باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين،
والحديث عن أبي هريرة. وفى التهذيب: 1، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها،
حديث 2، والحديث عن محمد بن إسماعيل عن الرضا عليه السلام. وتمامه (قلت:
التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ قال: نعم).
29

(79) وقال عليه السلام: " أنما الماء من الماء " (1) (2).
(80) وروي ان أم سليم امرأة أبي طلحة قالت: يا رسول الله ان الله لا
يستحي عن الحق، هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال: " نعم، إذا رأت
الماء " (3).
(81) وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (أتت نساء إلى بعض نساء
النبي صلى الله عليه وآله فحدثتهن، فقالت احدى نساء رسول الله: ان هؤلاء نسوة جئن
يسألنك عن شئ يستحيين من ذكره؟ فقال عليه السلام: " ليسألن، فان الله لا يستحي
من الحق " قالت: يقلن: ما ترى في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، هل
عليها غسل؟ قال: " نعم، عليها الغسل. لان لها ماء كماء الرجل، ولكن الله ستر
ماءها وأظهر ماء الرجل فإذا ظهر ماءها على ماء الرجل، ذهب شبه الولد إليها
وإذا ظهر ماء الرجل على مائها، ذهب شبه الولد إليه. وان اعتدل الماء إن كان

(1) سنن الدارمي: 1، كتاب الصلاة والطهارة، باب الماء من الماء.
(2) حديث التقاء الختانين ناسخ للحصر في (إنما الماء من الماء) توفيقا بينهما
ليتم العمل بالدليلين (معه).
(3) سنن الدارمي: 1، كتاب الصلاة والطهارة، باب في المرأة ترى في منامها
ما يرى الرجل، وفيه (ان أم سليم أم بنى أبى طلحة) وسنن أبي داود: 1، كتاب الطهارة
باب في المرأة ترى ما يرى الرجل، حديث 237، ولفظ الحديث (عن عائشة ان أم
سليم الأنصارية - وهي أم أنس بن مالك - قالت: يا رسول الله، ان الله عز وجل لا
يستحى من الحق أرأيت المرأة إذا رأت في النوم ما يرى الرجل أتغتسل أم لا؟ قالت
عائشة: فقال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: " نعم فلتغتسل إذا وجدت الماء " قالت
عائشة: فأقبلت عليها فقلت: أف لك، وهل ترى ذلك المرأة؟ قأقبل على رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم فقال: " تربت يمينك يا عائشة ومن أين يكون الشبه ".
30

الشبه بينهما. وإذا ظهر منها ما يظهر من الرجل، فلتغتسل " (1).
(82) وروى حماد بن عثمان، عن أديم بن الحر، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، عليها غسل؟ قال: (نعم، ولا تحدثوهن
فيتخذهن علة) (2).
(83) وروى نوح بن شعيب، عمن رواه، عن عبيد بن زرارة قال: قلت له
هل على المرأة غسل من جنابتها إذا لم يأتها الرجل؟ قال: (لا، وأيكم يرضى
أو يصبر على ذلك أن يرى ابنته أو أخته، أو أمه، أو زوجته، أو احدى من قرابته
قائمة تغتسل، فنقول: مالك؟ فتقول: احتلمت وليس لها بعل،) ثم قال: (لا،
ليس عليهن ذلك، قد وضع الله ذلك عليكم، فقال: " وان كنتم جنبا فاطهروا "
ولم يقل ذلك لهن) (3) (4).
(84) وروى صفوان في الصحيح قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى
ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام أتصلي؟ قال: (تمسك عن الصلاة) (5).
(85) وروى السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: (قال النبي صلى الله عليه وآله

(1) المستدرك، كتاب الطهارة، باب (4) من أبواب الجنابة، حديث 6، نقلا
عن ابن فهد.
(2) التهذيب: 1، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، حديث 10.
(3) التهذيب: 1، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، حديث 23.
(4) هذا الحديث لا يصلح معارضا لما سبقه، لأنه متروك ومشتمل على إرسال وقطع
فلا يصلح أن يكون معارضا للأحاديث الصحيحة الدالة بالدلالة الواضحة الطريق، فلا
عمل على مقتضى هذا الحديث. والآية لا دلالة فيها أيضا على ما ذكره، لان التذكير فيها
للتغليب، والا لزم أن يرتفع أكثر الاحكام عن النساء، لان أغلبها جاءت بلفظ التذكير
(معه).
(5) التهذيب، أبواب الزيادات. باب الحيض والاستحاضة والنفاس، حديث 16.
31

" ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل ") (1) (2).
(86) وروى الحسين بن نعيم الصحاف في الصحيح قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: ان أم ولد لي ترى الدم وهي حامل، كيف تصنع بالصلاة؟ قال:
فقال: " إذا رأت الدم الحامل بعد ما يمضي لها عشرون يوما من الوقت الذي
كانت ترى الدم فيه من الشهر الذي كانت تقعد فيه، فان ذلك ليس من الرحم
ولا من الطمث، فلتتوضأ وتحتشي بكرسف وتصلي. وان رأته قبل الوقت
الذي كانت ترى الدم فيه بقليل أو فيه فهو من الحيضة، فلتمسك عن الصلاة عدد
أيامها التي كانت تقعد في أيام حيضها، فان انقطع الدم عنها قبل ذلك، فلتغتسل
ولتصل، وإن لم ينقطع الا بعد مضي الأيام التي كانت ترى فيه الدم بيوم أو
يومين، فلتغتسل وتحتشي وتستثفر وتصلي) (3) (4).
(87) وروى معاوية بن عمار في الصحيح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (ان
دم الاستحاضة والحيض لا يخرجان من مكان واحد، ان دم الاستحاضة بارد،

(1) التهذيب، أبواب الزيادات. باب الحيض والاستحاضة والنفاس، حديث
19.
(2) وهذان الحديثان متعارضان، إلا أن الثاني رواية السكوني، وفيه ضعف،
والضعيف لا يعارض الصحيح (معه).
(3) التهذيب، أبواب الزيادات، باب الحيض والاستحاضة والنفاس، قطعة من
حديث 20.
(4) وفى هذا الحديث مع صحته، تفصيل، يشهد له النظر، وفيه جمع بين الحديثين
السابقين. وعلم منه ان الدم إذا تأخر عن أيام العادة في الحامل بالمقدار الذي ذكره،
فإنه يكون استحاضة، فلتعمل عمل المستحاضة. وأما إذا رأته قبل العادة، أو فيها أو
بعدها قبل مضى العشرين، فإنه يكون حيضا، فتحيض بقدر عادتها، فإذا زادت عليها شيئا
ولو يوما أو يومين كانت استحاضة (معه).
32

وان دم الحيض حار) (1).
(88) وروى حفص بن البختري في الحسن، قال: دخلت على أبي عبد الله
عليه السلام امرأة، فسألته عن المرأة يستمر بها الدم، فلا تدري حيض هو أو
غيره، قال: فقال لها: (ان دم الحيض حار عبيط أسود، له دفع وحرارة. ودم
الاستحاضة أصفر بارد. فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة). قال:
فخرجت وهي تقول: والله لو كان امرأة ما زاد على هذا (2) (3).
(89) وروى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة ترى الدم أول
النهار في شهر رمضان، أتفطر، أو تصوم؟ قال: (تفطر، إنما فطرها من
الدم) (4) (5).
(90) وروي من طرق عنهم عليه السلام: (ان المرأة إذا طمثت في رمضان،

(1) الفروع: 3، باب معرفة دم الحيض من دم الاستحاضة، حديث 2.
(2) الفروع: 3، باب معرفة دم الحيض من دم الاستحاضة، حديث 1.
(3) هذان الحديثان يدلان على تعريف الحيض وتعريف الاستحاضة بصفاتهما
الخاصة اللازمة لكل واحد منهما. والثاني أكثر صفاتا من الأول، فيدل على ما دل عليه
الأول، وزيادة (معه).
(4) التهذيب: 1، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك،
قطعة من حديث 7.
(5) وهذا يدل على أن المرأة إذا رأت الدم، جاز لها ترك العبادة بنفس رؤيته،
سواء كانت ذات عادة أو لا، ولا يجب عليها الارتقاب حتى تتيقن الحيض. وفيه دلالة على أن
الحيض مبطل للصوم بنفسه. وان اسم المفطر ليس مختصا بالأكل والشرب، بل هو
صادق على كل ما هو مانع فيه. ولكن ينبغي تقييد ذلك الدم، أن يكون بصفات الحيض.
والحديث الثاني دال على هذا القيد، لان الطمث هو الحيض، والحيض لا يقع اسما
شرعا الا بحصول صفاته المتلقاة من الشرع (معه).
33

قبل أن تغيب الشمس تفطر) (1).
(91) وروى منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (أي ساعة رأت
الصائمة الدم تفطر) (2) (3).
(92) وروى علي بن رئاب صحيحا، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سألت
أبا جعفر عليه السلام عن الطامث تسمع السجدة؟ قال: (ان كانت من العزائم فلتسجد
إذا سمعتها) (4).
(93) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن الحائض تقرأ القرآن، وتسجد السجدة إذا سمعت السجدة؟ قال: (تقرأ
ولا تسجد) (5) (6).
(94) وروى الفضيل وزرارة، عن أحدهما عليهما السلام: (النفساء

(1) الاستبصار: 1، باب المرأة تحيض في يوم من أيام شهر رمضان، حديث 2.
(2) الاستبصار: 1، باب المرأة تحيض في يوم من أيام شهر رمضان، حديث 3.
(3) ولا بد من تقييد هذا الحديث بكون الدم بصفة الحيض كما تقدم (معه).
(4) التهذيب: 1، باب حكم الجنابة وصفة الطهارة منها، حديث 44.
(5) المختلف 1: 34، في الفصل الثالث من باب الغسل من كتاب الطهارة،
وقال العلامة قدس الله روحه في توجيه الحديث ما هذا لفظه: (لكنه محمول على المنع
من قراءة العزائم، فكأنه عليه السلام قال: تقرأ القرآن ولا تسجد، ولا تقرأ العزيمة التي
تسجد فيها).
(6) والظاهر أن بين الحديثين تعارض، وبالثاني استمسك الشيخ على أنه لا
يجوز للحائض أن تسجد لاشتراطه عنده بالطهارة. والحديث الأول صريح بجواز السجود
لها، بل بوجوبه عليها، لصيغة الامر المؤكد باللام، والامر للوجوب، مع كونه صحيحا
فيكون أرجح في العمل (معه).
34

تكف عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها، ثم تغتسل وتعمل ما تعمله
المستحاضة) (1) (2).
(95) وروى زرارة قال: قلت له: النفساء متى تصلي؟ قال: (تقعد قدر
حيضها، وتستظهر بيومين، فان انقطع الدم، والا اغتسلت واحتشت واستثفرت
وصلت) قال: قلت: والحائض؟ قال: (مثل ذلك) (3) (4).
(96) وروى محمد بن مسلم في الصحيح قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
النفساء كم تقعد؟ فقال: (ان أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تغتسل
لثمانية عشر يوما. ولا بأس أن تستظهر بيوم أو يومين) (5) (6).

(1) التهذيب: 1، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك
حديث 67، و 76.
(2) وهذا يدل على أن ذات العادة في الحيض، أكثر نفاسها كعادتها في الحيض
فتقعد في نفاسها عن العبادة بعدد أيام أقرائها في الحيض، وبعد انقضائها تكون
كالمستحاضة (معه).
(3) التهذيب: 1، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك
قطعة من حديث 68.
(4) هذه الرواية دلت على ما دلت عليها الأولى. وزاد فيها جواز الاستظهار
لها، أو وجوبه أو ندبه على الخلاف إذا زاد على العادة، وبعد يومى الاستظهار تعمل
عمل المستحاضة. ودلت على أن الحائض لها ذلك الاستظهار، إذا زاد الدم على العادة
(معه).
(5) التهذيب: 1، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس والطهارة من ذلك،
حديث 83.
(6) وهذه الرواية تحمل على المبتدأة، ليجمع بينها وبين أتقدم، لان ما تقدم
نص في ذات العادة، وهذه مجملة، فوجب حمله على ما ليس بمذكور هناك وهو المبتدأة
عملا بالدليلين (معه).
35

(97) وروى معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الميت؟
فقال: (استقبل بباطن قدميه القبلة) (1).
(98) وروى سليمان بن خالد عنه عليه السلام قال: (إذا مات لا حدكم ميت،
فسجوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسل) (2).
(99) وروي عن علي عليه السلام قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من
ولد عبد المطلب، وهو في السوق وقد وجه إلى غير القبلة! فقال: " وجهوه
إلى القبلة، فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة " (3) (4).
(100) وروى الشيخ في الصحيح عن حريز، قال: أخبرني أبو عبد الله
عليه السلام قال: (الميت يبدء بفرجه، ثم يوضأ وضوء الصلاة) (5).
(101) وروى أبو خيثمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (يبدء يغسل يديه، ثم
يوضيه وضوء الصلاة) (6) (7).

(1) التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين، وتوجيههم عند الوفاة، حديث 2.
(2) التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة، حديث 3.
(3) الفقيه: 1، باب غسل الميت، حديث 7.
(4) وهذه الروايات الثلاث دالة على أن حالة الاحتضار لا بد فيها من توجيه
الميت إلى القبلة. وكلها جاءت بلفظ الامر الذي هو حقيقة في الوجوب. الا ان الثانية
فيها ذكر ذلك أيضا في حالة الغسل، كما في حالة الاحتضار وفى الثالثة زيادة التعليل
باقبال الملائكة بذلك التوجه. وفيه دلالة على أن الامر ليس للوجوب، لما عرفت أن
الامر المعلل لعلة خارجة عن الحكم لا يدل على الوجوب، فيكون دالا على الاستحباب،
وحينئذ يجب حمل الروايتين الأولتين عليه ليتم العمل بالأدلة (معه).
(5) الاستبصار: 1، باب تقديم الوضوء على غسل الميت، حديث 2.
(6) الاستبصار: 1، باب تقديم الوضوء على غسل الميت، قطعة من حديث 5.
(7) هذان الحديثان متوافقان على الامر بالوضوء ومتخالفان فيما يبدء به، ففي
الحديث الأول يبدء بالفرج وفى الثاني يبدء بغسل اليدين، ويمكن الجمع بينهما بأن
البدء بغسل اليدين عند إرادة الوضوء، يعنى يغسل يديه قبل أن يوضيه، والبدءة بالفرج
عند إرادة الغسل، يعنى إذا أراد أن يغسله يبدء بالفرج فلا منافاة حينئذ. وهل الامر بالوضوء
دال على وجوبه، قال بعض الأصحاب: بذاك، أخذا بظاهرهما (معه).
36

(102) وروى عنه عليه السلام أنه قال: (في كل غسل وضوء الا غسل الجنابة) (1).
(103) وروى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (غسل الميت مثل
غسل الجنب) (2) (3).
(104) وروى علي بن إبراهيم، قال: (إذا لم تقدر على جريدة النخل،
فاجعل بدلها عود الرمان) (4).
وفى رواية أخرى. (عود رطب) (5).
(105) وروى سهل بن زياد، عن غير واحد من أصحابنا، قالوا: قلنا:
جعلنا فداك، إن لم نقدر على الجريدة؟ فقال: (عود السدر)، قلت فإن لم

(1) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب صفة الغسل والوضوء قبله وبعده، حديث
13، وفي التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة، حديث 49،
ولفظ الحديث (في كل غسل وضوء الا الجنابة).
(2) الاستبصار: 1، باب تقديم الوضوء على غسل الميت، حديث 7.
(3) ولا تعارض بين الحديثين، لاحتمال أن يقيد حديث الغسل في الأول بالحي
فيقال: كل غسل الحي فيه الوضوء الا الجنابة. والحديث الثاني يفيد المماثلة فيه بالهيئة
ولا يلزم مساواته في كل الاحكام، إذ الاتفاق في بعض الوجوه كاف في الحكم بالمماثلة.
وحينئذ لا دلالة في الحديثين الأولين على الوضوء بحال (معه).
(4) الفروع: 3، كتاب الجنائز، باب الجريدة، حديث 12.
(5) الفقيه: 1، باب المس، حديث 5، ولفظ الحديث (يجوز من شجر آخر
رطب).
37

نقدر على السدر؟ قال: (عود الخلاف) (1).
(106) وروى أحمد بن أشيم، عن يونس، قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل
تكون له الجارية اليهودية أو النصرانية حملت منه، ثم ماتت والولد في بطنها
ومات الولد، أيدفن معها على النصرانية، أو يخرج منها فيدفن على فطرة الاسلام؟
فكتب: (يدفن معها) (2) (3).
(107) وروى علي بن يقطين قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن المرأة
تموت وولدها في بطنها؟ قال: (يشق بطنها، ويخرج ولدها) (4).
(108) وروى إسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: سألته عن المرأة تموت، ويتحرك الولد في بطنها، أيشق بطنها
ويستخرج الولد؟ قال: (نعم) (5).
(109) وروى الشيخ، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة: (يخرج الولد ويخاط

(1) الفروع: 3، كتاب الجنائز، باب الجريدة، حديث 10.
(2) التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة، حديث 148.
(3) هذه الرواية يذكرها الأصحاب دليلا على فتواهم بأن ولد المسلم من الذمية
إذا مات مع أمه، تدفن أمه في مقبرة المسلمين لحرمة ابنها، ويراعى في دفنها صورته، لا
صورتها، فتستدبر بها القبلة، ليكون مستقبلا.
والظاهر أن هذه الرواية ليس فيها حجة على ما ادعوه، اما أولا: فلان الراوي ابن
أشيم، وهو ضعيف، واما ثانيا: فلان الرواية ليس فيها دلالة على أكثر من دفنه معها، ولم
تدل على موضع دفنها، ولا كيفيته. فدفنها بالهيئة التي ذكروها ليس في الرواية ما يدل
عليها صريحا ولا فحوى (معه).
(4) التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة، حديث 173.
(5) التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة، حديث 174.
38

بطنها) (1) (2).
(110) وروى زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن السقط
إذا استوت خلقته، يجب عليه الغسل والتكفين واللحد؟ قال: (نعم كل ذلك
يجب إذا استوى) (3).
(111) وروى الترمذي، عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: " الطفل لا يصلى عليه ولا
يرث ولا يورث حتى يستهل " (4) (5).
(112) وروى حريز صحيحا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (من غسل ميتا،
فليغتسل. وان مسه ما دام حارا فلا غسل عليه، فإذا برد ثم مسه، فليغتسل)
قلت فمن أدخله القبر؟ قال: (لا غسل عليه، إنما يمس الثياب) (6) (7).

(1) التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة، حديث 175.
(2) وفى هذا الحديث الأخير زيادة، ولا بأس بالعمل به، لما فيه من استدراك
المثلة الواقعة بالشق، والحفظ من التبدد وخروج الأمعاء. وبعض الأصحاب لا يوجب
الخياطة، لأصالة البراءة، وإباحة الشق، بل وجوبه لاستخراج الولد الحي الواجب
اخراجه الذي لا يتم الا بالشق، مع أن الراوي ابن أذينة وهو ضعيف، لكن العمل بالخياطة
أحوط (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة، حديث 130.
(4) سنن الترمذي، كتاب الجنائز (43) باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين
حتى يستهل، حديث 1032.
(5) هذا الحديث حجة على من يقول بوجوب الصلاة على السقط. وفيه دلالة على أن
الإرث مشروط بالاستهلال، بل فيه دلالة على أن الولد لو كان تاما، لا يصلى عليه،
وتقييده بالصفة المتعقبة للجملتين، لا يجب رجوعه إليهما، لجواز أن يكون قيدا للأخيرة
فيبقى نفى الصلاة على اطلاقه، ويصير الإرث واجبا مع الاستهلال (معه).
(6) التهذيب: 1، باب الأغسال المفترضات والمسنونات، حديث 15.
(7) في هذه الرواية دلالة على أن مس الميت بعد برده، موجب للغسل. وان
المغسل يجب عليه الغسل، لاستلزامه المس، ومنه يعلم أن صاحب الماء ليس هو المغسل
والا لوجب عليه الغسل، فعلمنا ان صدق الغسل إنما يتم مع المس.
ويدل أيضا على أن مس من لم يبرد، لا يوجب الغسل، وان حكم بنجاسته. وكذلك
من مس الميت عند ادخاله القبر لا يجب عليه الغسل، وتعليله بأنه إنما يمس الثياب لفائدة
انه لو لم يكن مغسلا وكفن بلا غسل سواء تيمم أو لا وأدخله المدخل القبر، لا يجب على
مدخله الغسل، لحصول حائل الكفن بينه وبين جلده فلا يتحقق المسح.
ومنه يعلم أن المس الموجب للغسل، إنما يكون مع عدم الحائل، وأما الغسل فلا
يجب بمسه الغسل، وهو معلوم لا من هذا الحديث، بل من حيث إن المغسل محكوم بطهارته ومس
الطاهر لا يوجب الغسل ولا غسل اليد (معه).
39

(113) ورى سعد بن أبي خلف في الصحيح، عن الصادق عليه السلام، قال:
سمعته يقول: (الغسل في أربعة عشر موطنا، واحد فريضة والباقي سنة) (1) (2).
(114) وروى سماعة، عن الصادق عليه السلام، قال: سألته عن غسل الجمعة؟
قال: (واجب في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر، لقلة الماء) (3).
(115) وروى علي بن يقطين في الحسن قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن
الغسل في الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: (سنة، وليس بفريضة) (4).
(116) وحدث المولى السيد المرتضى، العلامة بهاء الدين، علي بن

(1) التهذيب: 1، باب الأغسال المفترضات والمسنونات، حديث 21.
(2) وهذا الحديث لا يدل على نفى موجبات الغسل غير الجنابة. لان مراده بالفريضة
ما فرضه الله تعالى في كتابه، والمراد بالسنة، ما علم وجوبه من السنة النبوية وليس مذكورا
في الكتاب، لأنه ليس من الأغسال المصرح بها في القرآن غير غسل الجنابة، وفى
الحيض إيماء على قراءة التشديد. وأما ذكر الأربعة عشر، فليس للحصر، وإنما خصها
لتأكدها، دون باقي الأغسال الأخرى (معه).
(3) التهذيب: 1، باب الأغسال المفترضات والمسنونات، حديث 2.
(4) التهذيب: 1، باب الأغسال المفترضات والمسنونات، حديث 27.
40

عبد الحميد النسابة، باسناده إلى المعلى بن خنيس، عن الصادق عليه السلام: (ان
يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ فيه النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام العهد بغدير
خم، فأقروا فيه بالولاية، فطوبى لمن ثبت عليها، والويل لمن نكثها.
وهو اليوم الذي فيه وجه رسول الله صلى الله عليه وآله عليا إلى وادي الجن، فأخذ
عليهم العهود والمواثيق.
وهو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان، وقتل ذي الثدية.
وهو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الامر، ويظفره الله بالدجال
فيصلبه على كناسة الكوفة. وما من يوم نيروز الا ونحن نتوقع فيه الفرج،
لأنه من أيامنا، حفظه الفرس وضيعتموه.
ثم إن نبيا من أنبياء بني إسرائيل سأل ربه أن يحيي القوم الذين خرجوا من
ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فأماتهم الله فأوحى إليه أن صب الماء عليهم
في مضاجعهم، فصب عليهم الماء في هذا اليوم، فعاشوا وهم ثلاثون ألفا،
فصار صب الماء في يوم النيروز سنة ماضية، لا يعرف سببها الا الراسخون
في العلم. وهو أول يوم من سنة الفرس) (1).
(117) وروي عن المعلى أيضا قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام في صبيحة
يوم النيروز، فقال: (يا معلى أتعرف هذا اليوم؟) قلت لا، ولكنه يوم يعظمه
العجم وتتبارك فيه، قال: (كلا، والبيت العتيق الذي ببطن مكة، ما هذا
اليوم الا لامر قديم أفسره لك حتى تعلمه) فقلت: لعلمي هذا من عندك أحب
إلي من أن أعيش أبدا ويهلك الله أعدائكم، قال: (يا معلى يوم النيروز، وهو
اليوم الذي أخذ الله فيه ميثاق العباد أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئا وأن يدينوا فيه

(1) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (48) من أبواب بقية الصلوات المندوبة،
حديث 2، نقلا عن أحمد بن فهد في كتاب المهذب. وتمام الحديث (قال المعلى:
وأملى على ذلك، فكتبت من إملائه).
41

برسله وحججه وأوليائه، وهو أول يوم طلعت فيه الشمس، وهبت فيه الرياح
اللواقح، وخلقت فيه زهرة الأرض، وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح
على الجودي، وهو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم " الذين خرجوا من ديارهم
وهم ألوف حذر الموت، فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم. " وهو اليوم الذي هبط
فيه جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله، وهو اليوم الذي كسر فيه إبراهيم أصنام قومه،
وهو اليوم الذي حمل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام على منكبيه حتى
رمى أصنام قريش من فوق بيت الحرام فهشمها) (1).
(118) وروى صفوان، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل احتاج
إلى وضوء الصلاة وهو لا يقدر على الماء، فوجد قدر ما يتوضأ به بمائة درهم
أو بألف درهم، وهو واجد لها، أيشترى ويتوضأ، أو يتيمم؟ قال: (بل يشتري
قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت، وما يشترى بذلك مال كثير) (2) (3).
(119) وروى يعقوب بن سالم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
لا يكون معه الماء، والماء عن يمين الطريق أو يساره غلوتين أو نحو ذلك؟
قال: (لا آمره أن يغرر بنفسه، فيعرض له لص أو سبع) (4) (5).

(1) الوسائل، كتاب الصلاة، باب 48 من أبواب بقية الصلوات المندوبة، حديث 3،
نقلا عن أحمد بن فهد عن المهذب.
(2) التهذيب: 1، أبواب الزيادات، باب التيمم وأحكامه، حديث 14.
(3) وبهذا قال السيد المرتضى، فذهب إلى وجوب الشراء مع وجود الثمن وان
كثر بغير تحديد، ومضمون هذه الرواية دال عليه، وبهذا أيضا عمل الشيخ إلا أنه قيدها
بعدم الضرر في الحال، وتبعه أكثر الأصحاب (معه).
(4) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 2.
(5) وهذا الحديث يدل على أن طلب الماء مع الخوف من الضرر على النفس أو
المال غير واجب، بل غير جائز، مع تحققه، أو غلبة الظن به. وظاهر الرواية دال على أن
الماء الذي عن يمين الطريق أو يساره معلوم الحصول، إلا أن الخوف يعرض دونه،
فلم يأمر بالرواح إليه (معه).
42

(120) وروى يعقوب بن يقطين صحيحا قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل
تيمم وصلى، فأصاب بعد صلاته ماءا أيتوضأ ويعيد الصلاة أم تجوز صلاته؟
قال: (إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضأ وأعاد الصلاة، وان مضى
الوقت فلا إعادة عليه) (1) (2).
(121) وروى زرارة في الصحيح، عن الباقر عليه السلام قال: قلت لأبي جعفر
عليه السلام: فان أصاب الماء وقد صلى بتيمم، وهو في وقته؟ قال: (تمت
صلاته ولا إعادة عليه) (3).
(122) وروى زرارة صحيحا عن الباقر عليه السلام قال: قلت: من أين كان
المسح ببعض الرأس؟ فقال: (أمر الله به، وسنه رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنه تعالى
لما قال: " اغسلوا وجوهكم وأيديكم " علمنا أن المأمور به مجموع الوجه
واليدين، ثم فصل تعالى بين الكلامين، فقال: " وامسحوا برؤوسكم " فعرفنا

(1) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 33.
(2) هذا يدل على أن صلاة المتيمم في سعة الوقت جائزة وأما أمره بالإعادة إذا
وجد الماء قبل فوات الوقت فمحمول على عدم الطلب، لأنه لو كان قد طلب الماء وصلى
لم تجب عليه الإعادة على الأصل، ويدل على هذا القيد انه في الرواية الثانية حكم فيها
بعدم الإعادة، ولم يقيد بشئ، فوجب حملها على الطلب كما قيدت الأولى بعدم الطلب،
ليتم العمل بهما (معه).
(3) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 36.
43

حين قال: " برؤوسكم " أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء) (1) (2).
(123) وروى أيضا صحيحا عنه عليه السلام، (قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم
لعمار في سفر له: " قد بلغنا عنك انك أجنبت، فكيف صنعت؟ " فقال:
تمرغت يا رسول الله في التراب، قال فقال: " كذلك يفعل الحمار، أفلا صنعت
هكذا، ثم أهوى بيديه إلى الأرض، فوضعهما على الصعيد، ثم مسح جبينه
بأصابعه، وكفيه أحداهما بالأخرى " (3).
(124) وروى سماعة قال: سألته كيف التيمم؟ (فوضع يده على الأرض
فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين) (4).
(125) وروى الشيخ في الموثق عن زرارة، قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام
عن التيمم؟ فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما، ثم مسح بهما جبهته وكفيه
مرة واحدة) (5).
(126) وروى زرارة صحيحا، عن أبي جعفر عليه السلام، قلت: كيف التيمم؟
قال: (هو ضرب واحد للوضوء والغسل من الجنابة، تضرب بيديك مرتين ثم

(1) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب مسح الرأس والقدمين، حديث 4، والفقيه: 1
باب التيمم، حديث 1، والاستبصار: 1، باب مقدار ما يمسح من الرأس والرجلين،
حديث 5، والتهذيب: 1، باب صفة الوضوء، حديث 17 والحديث طويل، ولعل ما في
المتن قطعة منه.
(2) وفى هذه الرواية دلالة على أن المسح ببعض الرأس معلوم من نص الكتاب،
لنصه على أن الباء يفيد التبعيض (معه).
(3) الفقيه: 1، باب التيمم، حديث 2، وتمام الحديث (ثم لم يعد ذلك).
(4) الاستبصار: 1، باب كيفية التيمم، حديث 5.
(5) التهذيب: 1، باب صفه التيمم وأحكام المحدثين، حديث 4.
44

تنفضهما، مرة للوجه، ومرة لليدين) (1).
(127) وروى زرارة صحيحا عن الباقر عليه السلام، وقد ذكر التيمم وما صنع
عمار، (فوضع أبو جعفر عليه السلام كفيه في الأرض ثم مسح بهما جبهته وكفيه، ولم
يمسح الذراعين بشئ) (2).
(128) وروى زرارة موثقا، عن الباقر عليه السلام في التيمم، قال: (تضرب
بكفيك الأرض، ثم تنفضهما وتمسح وجهك ويديك) (3).
(129) وروى عمرو بن أبي المقدم حسنا، عن الصادق عليه السلام، انه وصف
التيمم (فضرب بيديه على الأرض، ثم رفعهما فنفضهما، ثم مسح جبينيه وكفيه
مرة واحدة) (4).
(130) وروى إسماعيل بن همام الكندي في الحسن، عن الرضا عليه السلام قال:
(التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين) (5) (6).

(1) التهذيب: 1، باب صفة التيمم وأحكام المحدثين، حديث 14.
(2) التهذيب: 1، باب صفة التيمم وأحكام المحدثين، حديث 6.
(3) التهذيب: 1، باب صفة التيمم وأحكام المحدثين، حديث 18.
(4) التهذيب: 1، باب صفة التيمم وأحكام المحدثين، حديث 17.
(5) التهذيب: 1، باب صفة التيمم وأحكام المحدثين، حديث 12.
(6) وهذه الروايات الثمان كلها مشتملة على ذكر كيفية التيمم، وعدد ضرباته،
وفيها تعارض، ففي الرواية
الأولى: انه ضرب واحد ومسح جبهته بأصابعه.
والثانية: مثلها في العدد، مخالفة لها في الكيفية بادخال المرفقين لكنها من مفردات
سماعة ولا يعمل بما ينفرد هو به.
والثالثة: كالأولى الا ان فيها ذكر المسح بهما. والضمير عائد إلى اليل ين. ويمكن
حملها على الأولى بأن يحمل اليدين على الأصابع.
والرابعة: مخالفة لما تقدمها في العدد، لذكره الضرب مرتين، للوجه مرة ولليدين
أخرى. ويمكن حملها على الغسل، وحمل ما تقدمها على الوضوء، ليتم العمل بالجميع.
والخامسة: كما تقدم، إلا أن فيها النص على عدم مسح الذراعين، فهي أولى
بالعمل من رواية سماعة، لأنها صحيحة فلا تعارض بالضعيف، والكيفية المذكورة فيها،
انه مسح جبهته بكفيه، ويمكن حمل الرواية الأولى على هذا المعنى، لاتحاد الراوي
والمروى عنه، والقضية والطريق، فيكون الأصابع المذكورة هناك بمعنى الكف، تسمية
للشئ باسم بعضه.
والسادسة: مثل ما تقدم من غير زيادة، إلا أنه قال: " امسح وجهك ويديك " ولا يدل
على التعميم، وإن كان الظاهر ذلك، لجواز الحمل على ما تقدم، فيكون المراد بالوجه
الجبهة وباليدين الكفين، تسمية للشئ باسم جملته.
والسابعة: فيها تخصيص الضربة بالمرة، وأما في الكيفية فكما تقدم فيحمل على
الوضوء لئلا يخالف ما تقدمها.
والثامنة: ليس فيها ذكر الكيفية، وإنما هي نص في عدد الضربات فيحمل على
الغسل، فظهر ان هذه الأحاديث لا تعارض فيها، الا في شئ يسير لا يعتد به (معه).
45

(131) وروي عن أحمد بن محمد، عن علي بن أحمد مرفوعا إلى أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن مجدور أصابته جنابة؟ قال: (إن كان قد أجنب هو
فليغتسل، وإن كان قد احتلم فليتيمم) (1).
(132) وروى جعفر بن بشير، عن عبد الله بن سنان أو غيره، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل أصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه
التلف ان اغتسل؟ قال: (يتيمم، فإذا أمن البرد أغتسل وأعاد الصلاة) (2).
(133) وروى ابن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله. ان فلانا أصابته جنابة وهو
مجدور، فغسلوه فمات! فقال عليه السلام: " قتلوه، ألا سألوا؟ ألا يمموه؟ ان شفاء

(1) التهذيب 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 48.
(2) التهذيب 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 41.
46

العي السؤال " (1).
(134) وروي ان أبا ذر أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله هلكت،
جامعت على غير ماء! قال: فأمر النبي صلى الله عليه وآله بمحمل وماء فاستتر نابه، واغتسلت
أنا وهي، ثم قال: " يا أبا ذر، يكفيك الصعيد عشر سنين " (2) (3).
(135) وروى العيص في الصحيح، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل

(1) الفقيه: 1، باب التيمم، حديث 8.
(2) الفقيه: 1، باب التيمم، حديث 11.
(3) أما الحديث الأول فدال على أن في تعمد الجنابة لا يصح التيمم وان خشي
الضرر، بل يجب عليه الغسل، وليس كذلك المحتلم، فإنه يتيمم مع خوف الضرر.
وبمضمون هذه الرواية عمل المفيد والراوي مجهول عندنا، والعمل بالمجهول غير جائز
لان العلم بالعدالة شرط، والجهل بالراوي جهل بعدالته، والشيخ المفيد الشرط عنده
عدم العلم بالفسق، والمجهول غير معلوم الفسق، فصح العمل بروايته.
وأما الحديث الثاني فدال على أن الجنب لا يصح له التيمم الا مع خوف التلف،
فمع خشيته يتيمم، فإذا زال ما خشيه أعاد الصلاة، ولم يفرق في الجنابة بين كونها عن
عمد، أو عن احتلام، ولا في إعادة الصلاة بين أن يكون في الوقت أو في خارجه، وبمضمون
هذه الرواية عمل الشيخ. وهذه الرواية سبيلها كالأول في جهالة الراوي، فإنه غير معلوم
العدالة عندنا.
وأما الحديث الثالث والرابع فدالان على جواز التيمم لذي الجنابة مطلقا، إذا
خاف الضرر، وإن لم يخش، عملا بعمومها، بل في الرابع تصريح بتعمد الجنابة، ولم
ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وآله على أبي ذر، فدل على جوازه، ودل على أن التيمم كاف
عند تعذر استعمال الماء، وان طالت المدة، ولا يجب إعادة الصلاة. والحديثان وإن لم
يكونا من الصحاح، الا انهما موافقان للأصل، ويعضدهما صحيحة عيص المذكورة
بعدهما، فإنه حكم فيها بإعادة الغسل دون الصلاة، ولم يسأل عن الجنب انه كان عن
تعمد، أو عن احتلام. وعموم المقال، مع قيام الاحتمال، دليل على عموم السؤال (معه).
47

يأتي الماء وهو جنب، وقد صلى بالتيمم؟ قال: (يغتسل ولا يعيد الصلاة) (1).
(136) وروى محمد بن مسلم في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام، وقد
سأله عن رجل أجنب وتيمم وصلى بالصعيد، ثم وجد الماء؟ فقال: (لا يعيد
ان رب الماء ورب الصعيد واحد، فقد فعل أحد الطهورين) (2) (3).
(137) وروى السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام، انه سئل عن
رجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة، أو يوم عرفة، ولا يستطيع الخروج
من المسجد من كثرة الناس؟ قال: (تيمم ويصلي معهم، ويعيد إذا انصرف) (4) (5).
(138) وروى محمد بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
رجل تيمم ثم دخل في الصلاة، وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه، ثم يؤتى
بالماء حين يدخل في الصلاة؟ قال: (يمضي في الصلاة) (6).
(139) وروى عبد الله بن عاصم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل

(1) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 43 و 44.
(2) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 45.
(3) وهذه الرواية دالة بالصريح على ما ذكرناه من أن الجنب المتيمم لا يعيد الصلاة
عند وجدان الماء، وهو عام في الجنب بالاحتلام وغيره. وفيه مع صحته تعليل مؤكد
للحكم، فإنه جعل التيمم أحد الطهورين، فكما لا تعاد الصلاة مع الغسل، فكذا مع
التيمم أخذا بالمساواة في صدق اسم الطهارة عليهما (معه).
(4) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 8.
(5) هذه الرواية فيها شرط الإعادة بعدم استعمال الماء للزحام، وعدم التمكن من
استعماله بسبب مشقة الخروج، أما لو كان لخوف فوت الصلاة، لم يكن عذرا. والظاهر أنها
مخالفة للأصل، من حيث إنه مأمور بالتيمم فيجزيه. وبمضمون هذه الرواية عمل
الشيخ، وسند الرواية لا يخلو عن ضعف، لضعف السكوني، لأنه عامل المذهب (معه).
(6) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 46.
48

لا يجد الماء فيتيمم ويقوم في الصلاة، فجاء الغلام فقال هو ذا الماء؟ فقال: (إن كان
لم يركع فلينصرف وليتوضأ، وإن كان قد ركع فليمض في صلاته) (1).
(141) وروى زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح قال: قلت له: في
رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة، فيتيمم ويصلي ركعتين، ثم أصاب الماء
أينقض الركعتين، أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي؟ قال: (لا، ولكنه يمضي
في صلاته، ولا ينقضهما، لمكان انه دخلها وهو على طهور بتيمم)، قال زرارة:
قلت له: دخلها وهو متيمم فصلى ركعة واحدة فأصاب ماءا؟ قال: (يخرج
ويتوضأ، فيبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم) (2) (3).
(142) وروى عبد الرحمان بن أبي نجران في الصحيح، انه سأل أبا الحسن
عليه السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر، أحدهم جنب، والثاني ميت، والثالث

(1) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 65.
(2) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 69.
(3) وهذه الروايات الثلاث ظاهرها التعارض. فان الأولى دالة على أن مطلق
الدخول مانع عن الالتفات، وهي موافقة للأصل، من حيث إنه دخل في الصلاة دخولا
مشروعا، فيمنع من قطعها لعموم النهى عن ابطال العمل.
والثانية فيها تقييد بالركوع، وبمضمونها أفتى جماعة، ووجهه ان الدخول في
الصلاة لا يتم الا بالركعة، والركعة إنما يصدق بالركوع.
وأما الثالثة فهي مع صحتها مخالفة لهما في شيئين: أحدهما انه إذا تمت الركعتان
لم يصح القطع، والاخر انه إذا لم يكمل الركعتين، بل كان قد صلى ركعة لا غير، فإنه
لا ينقض الصلاة لكنه يتوضأ ويبنى على الركعة.
والعلة في وجوب الوضوء مع مضى الركعة، وعدم وجوبه مع مضى الركعتين،
غير معلومة، بل المعلوم مما علله في الحديث من قوله: (لا ينقضها لمكان انه دخلها وهو
على طهر) ثابت في الركعة أيضا، فالفرق بين الركعة والركعتين مشكل، والامام أعلم بما
قال: وهي مع صحتها لم يعمل بها أحد من الأصحاب غير ابن الجنيد (معه).
49

على غير وضوء، وحضرت الصلاة، ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم، من
يأخذ الماء؟ وكيف يصنعون؟ قال: (يغتسل الجنب، ويدفن الميت بتيمم،
ويتيمم الذي على غير وضوء، لان الغسل من الجنابة فريضة، وغسل الميت
سنة، والتيمم للأخير جائز) (1).
(143) وروى محمد بن علي عن بعض أصحابنا، قلت: الميت والجنب
يتفقان في مكان واحد، ولا يكون الماء الا بقدر كفاية أحدهما، أيهما أولى؟
قال: (يتيمم الجنب، ويغسل الميت) (2) (3).
(144) وروى زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح، عن أحدهما عليهما السلام،
قال: قلت له: رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة، ثم أحدث
فأصاب الماء؟ قال: (يخرج ويتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى
بالتيمم) (4).
(145) وروى زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح قال: قلت له: رجل
لم يصب الماء وحضرت الصلاة، فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء،
أينقض الركعتين؟ أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي؟ قال: (لا، ولكنه يمضي

(1) الفقيه: 1، باب التيمم، حديث 12.
(2) التهذيب، 1، باب الأغسال المفترضات والمسنونات، حديث 20.
(3) العمل بالرواية الأولى أولى، لان الثانية مرسلة مقطوعة، والأولى صحيحة
فلا يصلح العمل بالثانية لمعارضتها. وقوله: (فريضة) يعنى وجوبه معلوم من نص القرآن
وقوله: (غسل الميت سنة) يعنى معلوم من السنة لا من القرآن، وليس المراد بمعنى الندب
وإنما قال: (الأخير جائز فيه التيمم)، لأنه إذا كان مرجوحا بالنسبة إلى الأولين، صار
مرتبة التيمم الذي هو جائز له بالأصل عند فقد الماء، وهو هنا فاقد، لرجحان غيره عليه
(معه).
(4) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه، حديث 68.
50

في صلاته، ولا ينقضهما، لمكان انه دخلها وهو على طهور تيمم) (1).
(146) وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل صلى ركعة
على تيمم، ثم جاء رجل ومعه قربتان من ماء؟ قال: (يقطع الصلاة، ويتوضأ
ثم يبني على واحدة) (2) (3).
(147) وروى محمد الحلبي في الحسن، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره؟ قال: (يصلي فيه، وإذا وجد الماء

(1) الظاهر أنه قطعة من الحديث الذي قدمناه آنفا، راجع التهذيب: 1، باب
التيمم وأحكامه، حديث 69.
(2) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه من أبواب الزيادات، حديث 1.
(3) وهذه الروايات الثلاثة ظاهرها مخالف للأصول المسلمة والاجماع. والشيخان
نزلا الرواية الأولى، على وقوع الحدث نسيانا فكأنهما لم يبطلا الصلاة الا بتعمد
الحدث، وأما الطهارة فأبطلاها بالحدث، فأوجبا الوضوء للمتمكن منه بوجود الماء،
ويبنى على الماضي من صلاته.
وقال بعض: ان هذا الحدث ليس كالحدث الواقع بعد الطهارة المائية. لأنها
رافعة للحدث، والترابية غير رافعة له. فإذا وقع الحدث رفع الاستباحة، وقد تجدد
بوجدان الماء، فوجبت الطهارة الرافعة للحدث لباقي الصلاة.
وأما الرواية الثانية فان فيها حكم بالفرق بين الركعة والركعتين في وجدان الماء، فلا
ينقض الركعتان بوجدانه، وينقض الواحدة بوجدانه. وحملها العلامة تارة على أن
الركعة بمعنى الدخول في الصلاة تسمية للشئ باسم بعضه، وتارة حملها على الاستحباب.
والرواية الثالثة دالة على قطع الصلاة بوجدان الماء كيف ما كان، لكنها ضعيفة
السند، فلا تعارض الأصول المتقدمة.
وأما الروايتان الأولتان فمن الصحاح، فتعين العمل بهما، الا انه يتضمن اشكالا،
من حيث مخالفتهما الاجماع. وخبر الواحد إذا تعارض المقطوع فالعمل بالمقطوع أولى، وما نزله
الشيخان من حكم النسيان فضعيف أيضا، وما ذكره العلامة من الحمل فبعيد (معه).
51

غسله) (1).
(148) وروى أبي أسامة في الحسن، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الجنب يعرق في ثوبه، أو يغتسل فيعانق امرأته أو يضاجعها وهي جنب، أو
حائض، فيصيب جسده من عرقها؟ قال: (هذا كله ليس بشئ) (2) (3).
(149) وروى هشام بن سالم في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(لا تأكلوا لحوم الجلالة، وان أصابك من عرقها فاغسله) (4) (5).
(150) وروى عبد الحميد بن سعيد قال: سألت أبا إبراهيم عن عظام
الفيل، يحل بيعه وشراءه، والذي يجعل منه الأمشاط؟ قال: (لا بأس، كان لأبي
مشط، أو أمشاط) (6) (7).

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 86.
(2) الفروع: 3، كتاب الطهارة، باب الجنب يعرق في الثوب، أو يصيب جسده
ثوبه وهو رطب، حديث 1.
(3) وفى هذه الرواية رد على من يقول: بنجاسة عرق الجنب وعرق الحائض.
فان فيها تصريح بان ذلك ليس شيئا، فهي دالة على اباحته ورفع الحرج عنه (معه).
(4) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 55.
(5) ظاهر هذه الرواية دال على أن الجلال نجس عينا، للحكم بنجاسة عرقه،
لان عرق غير نجس العين ليس بنجس، ولا يؤمر بغسله. والذي تحقق في الروايات
الكثيرة، إنما هو تحريمها، ولا يستلزم ذلك نجاسة أعيانها، فيحمل الامر هنا بالغسل على
الاستحباب، ليوافق الأصول (معه).
(6) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب جامع فيما يحل الشراء والبيع منه، وما لا
يحل، حديث 1.
(7) في هذه الرواية دلالة على طهارة الفيل وعظمه، وجواز استعماله وبيعه
وشرائه، واتخاذ الآلات منه. ومنها يستدل على طهارة باقي المسوخ، لمساواته لها في
هذه الصفة، فلا تكون هذه الصفة مستلزمة للنجاسة، للبقاء على الأصل، إلا أن يرد فيها
نص (معه).
52

(151) وروى محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن
فارس، قال: كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج، تجوز الصلاة فيه؟
فكتب:. (لا) (1).
(152) وروى وهب بن أبي وهب، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: (لا
بأس بخرء الدجاج والحمام يصيب الثوب) (2).
(153) وروى زرارة في الحسن، انهما قالا: (لا تغسل ثوبك من بول كل
شئ يؤكل لحمه) (3) (4).
(154) وروى يونس عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
سألته هل يجوز أن يمس الثعلب، والأرنب، أو شيئا من السباع حيا أو ميتا؟
قال: (لا يضره، لكن يغسل يده) (5) (6).
(155) وروى الفضل أبو العباس في الصحيح، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن فضل الهرة، والشاة، والبقر، والإبل، والحمار، والبغال، والوحش،

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 69.
(2) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 118.
(3) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 56.
(4) أما الرواية الأولى فمقطوعة السند، لان المروى عنه فيها غير معلوم، فلا
تصلح معارضة لما بعدها، مع مخالفتها للأصل، وموافقة ما بعدها له. وفى الثالثة دليل
على عموم كل ما يؤكل لحمه، والدجاج داخل فيه، ولم يفرق أحد بين البول والغائط
فيما يؤكل وفيما لا يؤكل (معه).
(5) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 50 و 103.
(6) هذه الرواية دالة على أن ملامسة الحيوانات التي هي غير مأكولة اللحم، إذا
كانت غير نجسة العين، أو كانت كذلك مع عدم الرطوبة، سواء الحي منها أو الميت، لا
يستلزم نجاسة اللامس، الا انه في الميت يستحب غسل اليد (معه).
53

والسباع، فلم أترك شيئا الا سألته عنه؟ فقال: (لا بأس)، حتى انتهيت إلى
الكلب؟ فقال: (رجس نجس) (1).
(156) وروى معاوية بن عمار في الصحيح، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الفأرة والوزغة تقع في البئر؟ قال: (ينزح منها ثلاث دلاء) (2).
(157) وروى عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام في حديث طويل، وسأل
عن الكلب والفأرة إذا أكلا من الخبز وشبهه؟ قال: (يطرح ويؤكل الباقي).
وعن العظاية تقع في اللبن؟ قال: (يحرم اللبن) وقال: (ان فيها السم) (3) (4).
(158) وروى محمد بن مسلم في الحسن قال له: الدم يكون في الثوب
علي وأنا في الصلاة؟ قال: (ان رأيته وعليك ثوب غيره، فاطرحه وصل.
وأن لم يكن عليك غيره، فامض في صلاتك ولا إعادة عليك، وما لم يزد على
مقدار الدرهم من ذلك فليس بشئ، رأيته أو لم تره، فإذا كنت قد رأيته وهو
أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلوات كثيرة، فأعد ما صليت

(1) التهذيب: 1، باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به وما لا يجوز، حديث
29.
(2) التهذيب: 1، باب تطهير المياه من النجاسات، حديث 19.
(3) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث
119.
(4) إنما شرك في الفأرة والكلب، من حيث اتفاقهما في السمية، إلا أن في
الكلب زيادة النجاسة العينية، فيطرح ما باشره للامرين معا. وأما الفأرة فطرحه ليس
لنجاسة ما يلاقيه، وإنما هو للتحرز عن الضرر. وحينئذ الظاهر من الامر، الوجوب، وكذا
الكلام في العظاية، وتعليله بذلك للسم، ليبين ان تحريم اللبن لا لنجاسته وإنما هو تحرز
من الضرر. ويعلم منه ان ضرر النجاسة وضرر السم واجبا الإزالة، أحدهما لحفظ الدين
والاخر لحفظ النفس (معه).
54

فيه (1) (2).
(159) وروى عبد الله بن أبي يعفور صحيحا عن أبي عبد الله عليه السلام، قلت:
الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به، ثم يعلم فينسى أن يغسله، فيصلي،
ثم يذكر بعد ما صلى، أيعيد صلاته؟ قال: (يغسله: ولا يعيد صلاته، إلا أن
يكون مقدار الدرهم مجتمعا، فيغسله ويعيد الصلاة) (3) (4).
(160) وروى صفوان بن يحيى في الحسن عن أبي الحسن عليه السلام قال:
كتبت إليه أسأله عن رجل كان معه ثوبان، فأصاب أحدهما بول، ولم يدر أيهما
هو، وحضرت الصلاة، وخاف فوتها، وليس عنده ماء، كيف يصنع؟ قال:
(يصلي فيهما جميعا) (5)
(161) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (ان أصاب ثوب الرجل
الدم، وصلى فيه وهو لا يعلم، فلا إعادة عليه، وان علم قبل أن يصلي فنسي وصلى

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 23.
(2) هذه الرواية دالة على وجوب الصلاة في الثوب النجس إذا لم يجد غيره،
سواء كان من ضرورة أو لا. وفيه دلالة على تقديم الشرط على إزالة المانع إذا تعارضا
فإنه رجح الصلاة في الساتر مع النجاسة على العرى (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث
27.
(4) العمل على الحديث الثاني، لان الحديث الأول حسن والثاني صحيح،
والعمل بالصحيح مقدم. وأيضا فان الأول مشتمل على قطع، لعدم ذكر المروى عنه فيه
وعدالة الراوي لا تكون حجة فيه، لان ما لا لبس فيه ولا اشتباه، أولى بالعمل بما فيه لبس
واشتباه (معه).
(5) الفقيه: 1، باب ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع،
حديث 8.
55

فيه فعليه الإعادة) (1).
(162) وروى سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرى بثوبه
الدم فينسى أن يغسله حتى يصلي؟ قال: (يعيد صلاته، كي يهتم بالشئ إذا
كان في ثوبه، عقوبة لنسيانه) (2) (3).
(163) وروى الحسن بن محبوب في الحسن، عن العلا، عن أبي،
عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن رجل يصيب ثوبه الشئ ينجسه، فينسى أن يغسله
فيصلي فيه، ثم يذكر أنه لم يكن غسله، أيعيد الصلاة؟ قال: (لا يعيد قد
مضت الصلاة وكتبت له) (4).
(164) وروى علي بن مهزيار قال: كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره انه
بال في ظلمة الليل، وانه أصاب كفه برد نقط من البول، لم يشك انه أصابه
ولم يره، وانه مسحه بخرقة، ثم نسي أن يغسله وتمسح بدهن فمسح به كفه
ووجهه ورأسه، ثم توضأ وضوء الصلاة، فصلى؟ فأجابه بجواب قرأته بخطه
: (أما ما توهمت مما أصاب يدك فليس بشئ الا ما تحقق، فان تحققت ذلك كنت
حقيقا أن تعيد الصلوات التي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه، ما كان منهن

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 24.
(2) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 25.
(3) حديث أبي بصير وسماعة يدلان على عدم اعذار الناسي، وحديث ابن
محبوب على اعذاره. فإذا أريد الجمع حملت الأولتان على الامر بالإعادة في الوقت،
ويحمل الحسنة على أن الامر بعدم الإعادة مع خروج الوقت، ورواية ابن مهزيار دالة
على هذا الجمع صريحا، مع موافقة ذلك للأصل. وهذا الجمع موجب للعمل بالروايات
وعدم رد شئ منها (معه).
(4) التهذيب: 1، باب تطهير البدن والثياب من النجاسات من أبواب الزيادات
حديث 18.
56

في وقتها. وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها، من قبل أن الرجل إذا كان ثوبه
نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت. وإذا كان جنبا أو على غير وضوء أعاد
الصلوات اللواتي فاتته، لان الثوب خلاف الجسد، فاعمل على ذلك أن شاء
الله تعالى) (1).
(165) وروى حفص بن غياث عن، جعفر عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال:
(ما أبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم) (2).
(166) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب، أيعيد صلاته؟ قال:
(إن كان لم يعلم فلا يعيد) (3).
(167) وروى العيص عنه عليه السلام مثله سواء (4).
(168) وروى وهب بن عبد ربه عن أبي عبد الله عليه السلام في الجنابة تصيب
الثوب ولا يعلم بها صاحبه، فيصلي فيه ثم يعلم بعد؟ قال: (يعيد إذا لم يكن
علم) (5) (6).

(1) التهذيب: 1، باب تطهير البدن والثياب من النجاسات من أبواب الزيادات
حديث 28.
(2) الاستبصار: 1، باب الرجل يصلى في ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم،
حديث 1.
(3) الاستبصار: 1، باب الرجل يصلى في ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم،
حديث 2.
(4) الظاهر أن المراد ما رواه في الاستبصار: 1، باب الرجل يصلى في ثوب
فيه نجاسة قبل أن يعلم، حديث 3.
(5) الاستبصار: 1، باب الرجل يصلى في ثوب فيه نجاسة قبل أن يعلم،
حديث 7.
(6) لا تعارض بين الحديثين الأولين وبين الثالث، لاحتمال حمل الثالث على أن
الامر بالإعادة لأجل الحدث، لا لأجل النجاسة، ولا شك ان الصلاة مع الحدث موجب
لإعادتها مع الجهل والعلم، وتبقى الروايتان الأولتان على الأصل (معه).
57

(169) وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل ليس
معه الا ثوب واحد، ولا تحل الصلاة فيه، وليس معه ماء يغسله، كيف يصنع؟
قال: (يتيمم ويصلي، فإذا أصاب ما أغسله وأعاد الصلاة) (1).
(170) وروى محمد الحلبي في الحسن قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره؟ قال: (يصلي فيه، وإذا وجد الماء
غسله) (2).
(171) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجل
عريان وحضرت الصلاة، فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله، أيصلي فيه، أو يصلى عريانا؟
قال: (أن وجد ماءا غسله، وإن لم يجد ماءا صلى فيه، ولم يصل عريانا) (3).
(172) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن رجل يجنب في ثوبه، وليس معه غيره ولا يقدر على غسله؟ قال:
(يصلي فيه) (4) (5).

(1) التهذيب: 1، باب التيمم وأحكامه من أبواب الزيادات، حديث 17.
(2) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 86.
(3) الفقيه: 1، باب ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع،
حديث 7.
(4) الفقيه: 1، باب ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع،
حديث 5.
(5) هذه الروايات الثلاث متطابقة على جواز الصلاة في الثوب النجس إذا
تعذر الطاهر، وانه أولى من الصلاة عاريا، ولم يقيد فيها بتعذر نزعه، أو بالاضطرار
إلى لبسه، بل جاءت مطلقة في الرخصة من غير تقييد بشئ وبهذه الروايات تمسك القائل
بأن الصلاة في الساتر النجس متعينة، لان فيها دلالة على أرجحية تحصيل الشروط على
إزالة المانع (معه).
58

(173) وروى عمار الساباطي، عن الصادق عليه السلام قال: سئل عن الشمس
هل تطهر الأرض؟ قال: (إذا كان الموضع قذرا من البول وغير ذلك فأصابته
الشمس ثم يبس الموضع، فالصلاة على الموضع جائزة) (1) (2).
(174) وروى أبو بكر عن الصادق عليه السلام، قال: (يا أبا بكر ما أشرقت عليه
الشمس فقد طهر) (3) (4).
(175) وروى زرارة في الصحيح، عن الباقر عليه السلام، انه سئل عن البول
يكون على السطح، أو في المكان الذي يصلى فيه؟ قال: (إذا جففته الشمس
فصل عليه فهو طاهر) (5).

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث
89.
(2) هذه الرواية وان كانت من الموثقات، الا انها لم يعارضها شئ. وليس فيها
تصريح بأن الشمس مطهرة للبول بتجفيفه، وإنما صرح فيها بجواز الصلاة على ذلك
الموضع الذي جف بالشمس، ويلزمها طهارته من وجهين:
الأول: انه أطلق جواز الصلاة عليه ولم يفصل في أن هناك رطوبة في المصلى
يتعدى إلى الموضع أو لا، ولولا طهارة الموضع لوجب التفصيل.
الثاني: ان الصلاة فيه مشتملة على السجود عليه وموضع السجود مشروط بالطهارة
قطعا مع التعدي وبدونه، فلو لا ان الموضع طاهر لما أمر بالصلاة عليه على الاطلاق،
لان الامر بها، أمر بجميع أجزائها، فهي دالة على أن الشمس مطهرة بالالتزام (معه).
(3) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 91.
(4) هذه الرواية نص في الباب، الا ان الراوي مجهول (معه).
(5) الفقيه: 1، باب المواضع التي تجوز الصلاة فيها، والمواضع التي لا
تجوز فيها، حديث 9.
59

(176) وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألته عن الأرض والسطح
يصيبه البول أو ما أشبهه، هل تطهره الشمس من غير ماء؟ قال: (كيف تطهر
من غير ماء) (1) (2).
(177) وروي في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في النعلين يصيبهما الأذى:
(فليمسحهما، وليصل فيهما) (3).
(178) وقال عليه السلام: (إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه، فان التراب له
طهور) (4).
(179) وقال الباقر عليه السلام في العذرة يطأها برجله: (يمسحها حتى يذهب
أثرها) (5) (6).

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، حديث 92.
(2) هذه الرواية صحيحة ولا يضرها القطع، لان الراوي ممن لا شك فيه، فقطعه
اتصال، وهو من رجال الرضا عليه السلام، فالرواية عن الرضا البتة، وهي صريحة في أن
الشمس غير مطهرة، وليس يعارضها ما تقدمها من الروايات الدالة على جواز الصلاة،
لان الصلاة لا ينافي سلب الطهارة، لجواز كونه من باب العفو، الا انها يعارض رواية أبى
بكر المصرحة بالطهارة (معه).
(3) لم نعثر على حديث بهذه الألفاظ، نعم يدل عليه وعلى الحديث التالي ما
يأتي.
(4) سنن أبي داود: 1، كتاب الطهارة، باب الأذى يصيب الذيل، حديث 385
ولفظه: (إذا وطئ أحدكم بنعليه الأذى فان التراب له طهور) وحديث 386 ولفظه: (إذا
وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب)، ورواهما الحاكم في المستدرك 1: 166 فلاحظ.
ورواهما في مستدرك الوسائل: 1، كتاب الطهارة، باب (24) من أبواب الأواني
والنجاسات، حديث 4، نقلا عن عوالي اللئالي.
(5) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث
96.
(6) هذه الروايات الثلاث دالة على أن الأرض من المطهرات في النعلين
60

(180) وروى أنس قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره
الناس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وآله فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه (1).
(181) وروى عبد الله بن سنان صحيحا عن الصادق عليه السلام قال: (لا بأس
أن يشرب الرجل في القدح المفضض واعزل فاك عن موضع الفضة) (2) (3).
(182) وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: (لا تأكلوا في آنية من فضة
ولا في آنية مفضضة) (4).

والخفين والرجلين وصريح الطهارة في الرواية الوسطى والرواية الأولى دلت على
جواز الصلاة الذي هو أعم من الطهارة، لجواز العفو. والرواية الثالثة قيد فيها المسح
بزوال أثر النجاسة، وجعله غاية الطهارة، فهو قيد الكل، لأن النجاسة ما دام أثرها
باقيا، لم تحصل الإزالة، فلا بد في ازالتها من ذهاب أثرها. وأراد بالآثار الاعراض
الباقية في المحل بعد زوال العين كاللون والرطوبة والزوجة والرائحة (معه).
(1) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، (30) باب وجوب غسل البول وغيره من
النجاسات إذا حصلت في المسجد، وان الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها
حديث 99 و 100. وسنن أبن ماجة، كتاب الطهارة وسننها (78) باب الأرض يصيبها
البول كيف تغسل، حديث 528.
(2) التهذيب: 9، باب الذبائح والأطعمة، وما يحل من ذلك وما يحرم منه، حديث
127.
(3) هذا الحديث مر مرسلا، وجاء هنا مسندا من الصحاح، وغاير ما تقدم في بعض
ألفاظه، والمعنى واحد، وحديث الحلبي يعارضه، فان فيه دلالة على النهى عن استعمال
الآنية المفضضة، كآنية الفضة. ويمكن الجمع بأن يحمل الثاني على الأكل من موضع
الفضة، فان في الحديث الأول دلالة على منع ذلك، لامره بعزل الفم عن موضع الفضة،
فوجب اجتناب موضع الفضة في الشرب والأكل، عملا بالدليلين (معه).
(4) التهذيب: 9، باب الذبائح والأطعمة وما يحل من ذلك وما يحرم منه،
حديث 121.
61

(183) وروي في الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله انكسر قدحه فاتخذ مكان
الشعب سلسلة من فضة (1) (2).
(184) وروى بريدة عن الصادق عليه السلام انه كره الشرب في آنية الفضة
وفي القداح المفضضة) (3) (4).
(185) وروى سماعة قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال:
(أما لحوم السباع والسباع من الطير والدواب فانا نكرهه. وأما الجلود فاركبوا
عليها، ولا تلبسوا منها شيئا تصلون فيه) (5) (6).

(1) صحيح البخاري، كتاب الأشربة، باب الشرب من قدح النبي وآنيته، ولفظ
ما رواه (عن عاصم الأحول قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم عند أنس
ابن مالك وكان قد انصدع فسلسله بفضة، قال: وهو قدح جيد عريض من نضار، قال:
قال أنس: لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في هذا القدح أكثر من كذا
وكذا).
وفى صحيح البخاري أيضا، باب فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي
صلى الله عليه (وآله) وسلم وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه، ولفظه (عن أنس بن مالك رضي الله عنه
ان قدح النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، قال
عاصم: رأيت القدح وشربت فيه).
(2) هذا الحديث يدل على جواز اتخاذ الفضة في الاناء كالحلقة والسلسلة. ولا
يحمل ذلك على الحاجة، لأنهم لو أرادوا شعب القدح بغير الفضة لأمكنهم، فاختيار
الفضة إنما كان لأشرفيتها على غيرها، فيكون دالا على جواز استعمالها في الآنية على
نحو ذلك اختيارا (معه).
(3) الفقيه: 3، باب الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وغير ذلك من
آداب الطعام، حديث 3.
(4) يمكن حمل الكراهية هنا على التحريم ويصير التقدير ان الأكل من القداح
المفضضة مع عدم عزل الفم عن موضع الفضة حرام، ليطابق ما تقدم (معه).
(5) التهذيب: 9، باب الذبائح والأطعمة، حديث 73.
(6) وهذا دال على جواز استعمال الجلود ومالا يؤكل لحمه في غير الصلاة، إذا
كانت مما تقع عليها الذكاة معها. وأما استعمالها في الصلاة فغير جائز. وعموم الرواية دال
على أنه لا فرق بين المدبوغ منها وغيره (معه).
62

(186) وروى علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليه السلام قال:
سألته عن خنزير شرب في اناء كيف يصنع به؟ قال: (يغسل سبع مرات) (1).
(187) وروى عمار بن موسى عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الدن
يكون فيه الخمر، هل يصلح أن يكون فيه الخل أو كامخ أو زيتون، أو يكون
فيه ماء؟ قال: (ان غسل فلا بأس) (2) (3).
(188) وروى عمار أيضا عنه عليه السلام قال: سألته عن الاناء والكوز يكون
نجسا كيف يغسل؟ وكم مرة يغسل؟ قال: (ثلاث مرات، يصب فيه الماء
ويحرك فيه، ثم يفرغ منه ذلك الماء، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم
يفرغ منه ذلك الماء، ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه وقد
طهر) (4) (5).

(1) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث
47.
(2) التهذيب: 9، باب الذبائح والأطعمة، قطعة من حديث 236.
(3) هذا يدل على أن الآنية المستعملة في الخمر تطهر بالغسل، سواء كانت
خزفا أو غيره (معه).
(4) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث
119.
(5) هذه الرواية صريحة في كيفية الغسل. وفى الامر بالثلاث. وعامة في جميع
النجاسات، لأنه لم يستفصل عن أنواعها الا انها موثق الطريق، فسندها غير صحيح، فلا يعارض
بها أصالة براءة الذمة، فيحمل على الاستحباب (معه).
63

باب الصلاة
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " إنما مثل الصلاة في الدين مثل العمود من
الفسطاط، إذا قام العمود ارتفعت الاطناب والأوتاد، وإذا سقط العمود لم
تنفع الأوتاد " (1).
(2) وقال عليه السلام: (بني الاسلام على خمس الصلاة والزكاة والصوم والحج
والولاية) (2) (3).
(3) وقال عليه السلام: (خمس صلوات افترضهن الله على عباده، فمن جاء
بهن لم ينقص منهن شيئا، جعل الله له عهدا يوم القيامة أن يدخله الجنة) (4).

(1) الفقيه: 1، باب فضل الصلاة، حديث 18.
(2) الأصول: 2، باب دعائم الاسلام، حديث 1 و 3 و 5 و 7 و 8. وتمامه (ولم
يناد بشئ كما نودي بالولاية)
(3) يعنى بالولاية هنا الإمامة، لان الجهاد مشروط بها، لأنه لا يصح الا مع تمكن
الامام وبسط يده (معه).
(4) سنن البيهقي 1: 361، كتاب الصلاة، باب الفرائض الخمس. ولفظ
الحديث: " خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على عباده فمن واف بهن ولم يضيعهن كان
له عند الله عهد أن يغفر له وأن يدخله الجنة ".
64

(4) وقال عليه السلام: (ليس مني من استخف بصلاته، لا يرد على الحوض،
لا والله. ليس مني من شرب مسكرا لا يرد على الحوض، لا والله) (1) (2).
(5) وقال عليه السلام: (أول ما ينظر في عمل العبد يوم القيامة في صلاته، فان
قبلت نظر في غيرها من عمله، وإن لم تقبل لم ينظر في عمله بشئ) (3).
(6) قال الصادق عليه السلام: (شفاعتنا لا تنال مستخفا بصلاته) (4).
(7) وروى الفضيل بن يسار، والفضل بن عبد الملك، وبكير بن أعين
قالوا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي من التطوع
مثلي الفريضة، ويصوم من التطوع مثلي الفريضة) (5) (6).
(8) وروى إسماعيل بن سعد الأحوص القمي قال: قلت للرضا عليه السلام:
كم الصلاة من ركعة؟ قال: (احدى وخمسون ركعة) (7).
(9) وروى الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (الفريضة والنافلة

(1) الفقيه: 1، باب فرض الصلاة، حديث 18.
(2) والاستخفاف. اما بمعنى عدم المعرفة بالأركان والأفعال والشرائط، واما بعدم
مراعاة الاتيان بها على وجوهها الشرعية. واما بمعنى عدم المحافظة على الأوقات الأولى
بأن يجعلها في آخر الوقت عادة. واما بمعنى عدم حضور القلب ومراعاة الخشوع الذي
روحها والمقصود الذاتي منها (معه).
(3) التهذيب: 2، أبواب الزيادات، باب فضل الصلاة والمفروض منها والمسنون
قطعة من حديث 5 بتفاوت يسير.
(4) الفقيه: 1، باب فرض الصلاة، حديث 19.
(5) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 3.
(6) باعتبار مجموع الفرض ومجموع النفل، فان الفرض مجموعه سبعة عشر
ركعة، ومجموع النفل أربع وثلاثون ركعة وهو مثلاه. وأما الصوم فإنه يصوم في كل
شهر ستة أيام، ثلاثة أيام البيض، وثلاثة أيام العشر، ولا اعتبار بالزائد قليلا (معه).
(7) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 1.
65

احدى وخمسون ركعة، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدان بركعة هو قائم،
الفريضة منها سبع عشرة ركعة، والنافلة أربع وثلاثون) (1).
(10) وروى الحرث بن مغيرة النضري قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
(صلاة النهار ست عشرة ركعة، ثمان إذا زالت الشمس، وثمان بعد الظهر،
وأربع ركعات بعد المغرب، يا حارث لا تدعهن في سفر ولا حضر، وركعتان
بعد عشاء الآخرة، كان أبي يصليهما وهو قاعد وأنا أصليهما وأنا قائم، وكان
يصلي رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث عشرة ركعة من الليل) (2).
(11) وروى سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (صلاة النافلة
ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر، وست ركعات بعد الظهر،
وركعتان قبل العصر، وأربع ركعات بعد المغرب، وركعتان بعد عشاء الآخرة
تقرأ فيهما مائة آية قائما أو قاعدا، والقيام أفضل، ولا تعدهما من الخمسين،
وثمان ركعات من آخر الليل ب‍ " قل هو الله أحد " و " قل يا أيها الكافرون "
في الركعتين الأولتين، وتقرأ في سايرها ما أحببت، ثم الوتر ثلاث ركعات،
تقرأ فيها جميعا " قل هو الله أحد " وتفصل بينهن بتسليم، ثم الركعتان اللتان
قبل الفجر، تقرأ في الأولى منهما " قل يا أيها الكافرون " وفي الثانية " قل هو الله
أحد ") (3).
(12) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام
ان أصحابنا يختلفون في صلاة التطوع، بعضهم يصلي أربعا وأربعين، وبعضهم
يصلي خمسين، فأخبرني بالذي تعمل أنت عليه، حتى أعمل مثله؟ فقال: (أصلي

(1) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 2.
(2) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 5.
(3) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 8.
66

واحدة وخمسين ركعة)، ثم قال: (امسك) وعقد بيده: (الزوال ثمانيا، وأربعا
بعد الظهر، وأربعا قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل العشاء
الآخرة، وركعتين بعد العشاء الآخرة تصليها من قعود، تعدان بركعة من قيام،
وثمان صلاة الليل، والوتر ثلاثا، وركعتي الفجر، والفرائض سبعة عشرة
فذلك احدى وخمسون ركعة) (1) (2).
(13) وروى يحيى بن حبيب قال: سألت الرضا عليه السلام عن أفضل ما يتقرب
به العباد إلى الله تعالى من الصلاة؟ فقال: (ستة وأربعون ركعة فرائضه ونوافله)
قلت: هذه رواية زرارة؟ قال: (أو ترى أحدا كان أصدع بالحق منه؟) (3).
(14) وروى أبو بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التطوع بالليل والنهار؟
فقال: (الذي يستحب أن لا يقصر عنه، ثمان ركعات عند زوال الشمس، وبعد
الظهر ركعتان، وقبل العصر ركعتان، وبعد المغرب ركعتان، وقبل العتمة
ركعتان، ومن السحر ثمان ركعات، ثم يوتر، والوتر ثلاث ركعات مفصولة،
ثم ركعتان قبل صلاة الفجر، وأحب صلاة الليل إليهم آخر الليل) (4) (5).
(15) وروى الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن
زرارة، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام اني رجل تاجر أختلف وأتجر، فكيف لي
بالزوال والمحافظة على صلاة الزوال؟ وكم أصلي؟ قال: (تصلي ثمان ركعات
إذا زالت الشمس، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، فهذه اثنتي عشرة

(1) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 14.
(2) هذا الحديث دل على ما دل عليه السابق من غير زيادة (معه).
(3) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 10.
(4) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 11.
(5) علم من هذه الرواية ان الناقص في رواية يحيى بن حبيب، هو أربع من
نوافل العصر والوتيرة (معه).
67

ركعة، وتصلي بعد المغرب ركعتين، وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة
منها الوتر ومنها ركعتا الفجر، فتلك سبع وعشرون ركعة سوى الفريضة) (1).
(16) وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان، قال: سأل عمرو
ابن حريث أبا عبد الله عليه السلام وأنا جالس، قال: أخبرني جعلت فداك عن صلاة
رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي ثمان ركعات الزوال، وأربعا
الأولى، وثمان بعدها وأربعا العصر، وثلاثا المغرب وأربعا بعد المغرب والعشاء
الآخرة أربعا، وثماني صلاة الليل، وثلاثا الوتر، وركعتي الفجر وصلاة الغداة
ركعتين. فقلت: جعلت فداك، وإن كنت أقوى على أكثر من هذا يعذبني الله
على كثرة الصلاة؟ فقال: لا ولكن يعذب على ترك السنة) (2) (3).
(17) وروى عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر
والعصر؟ فقال: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا، إلا أن
هذه قبل هذه، ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس) (4).
(18) وروى في الصحيح عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: لكل صلاة وقتان، وأول الوقت أفضله وليس لاحد أن يجعل آخر

(1) التهذيب: 2، باب المسنون من الصلوات، حديث 13.
(2) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب صلاة النوافل، حديث 5.
(3) الرواية الأولى موافقة لما مر آنفا من صلاة أربع وأربعين. والرواية الثانية
موافقة لما مر من قوله: يصلى خمسين، ولكن الأشهر من الروايات ما اشتمل على احدى
وخمسين. وقوله: (ولكن يعذب على ترك السنة) اللام في السنة، لام العهد، أي سنة
الصلاة، ان حملنا العذاب على معنى حرمان الثواب. وان حملنا اللام على الجنس، كان
العذاب على ترك السنة أجمع، فان ترك السنة أجمع من الكبائر التي يعذب عليها،
ويكون العذاب على الحقيقة (معه).
(4) التهذيب: 2، باب أوقات الصلاة، وعلامة كل وقت منها، حديث 19.
68

الوقتين وقتا الا في عذر من غير علة) (1) (2).
(19) وروى زيد الشحام في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت
المغرب؟ فقال: (ان جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله لكل صلاة بوقتين غير صلاة
المغرب، فان وقتها واحد. ووقتها وجوبها) (3).
(20) وروى داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا
زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلى المصلي أربع
ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس
مقدار ما يصلي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقي
وقت العصر حتى تغيب الشمس) (4).
(21) وبالاسناد عنه عليه السلام قال: (إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب
حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل
وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي
المصلي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك، خرج وقت المغرب وبقي وقت
العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل) (5).
(22) وروى في الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه السلام قال: (إذا زالت الشمس
دخل الوقتان، الظهر والعصر، وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء

(1) التهذيب: 2، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها، حديث 75.
(2) وهذه الرواية صريحة في مذهب الشيخ، من أن أول الوقت، وقت من لا عذر
له، وان آخره وقت من له عذر (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب وقت المغرب والعشاء الآخرة، حديث 8.
(4) التهذيب: 2، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها، حديث 21.
(5) التهذيب: 2، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها، حديث 33.
69

الآخرة) (1) (2).
(23) وقال الصادق عليه السلام: (مكنوا الأوقات) (3) (4).
(24) وقال عليه السلام: (لئن تصليها في وقت العصر خير لك من أن تصليها قبل

(1) التهذيب: 2، باب أوقات الصلاة وعلامة كل وقت منها، حديث 5.
(2) وجه الجمع بين هذه الروايات أن يحمل ما فيه الاشتراك على ما بعد الاختصاص
ليوافق الروايات الواردة بالامرين. وذلك لان الاختصاص المذكور ليس له قدر معين
وحد لا يجوز تعديه، بل قد يزيد وينقص باعتبار حال الصلاة الواقعة فيه هيأتها في
الكمية والكيفية، وباعتبار حال المصلى في بطؤ الحركات وسرعتها، وتطويل القراءة
والأذكار وقصرها، وباعتبار الأحوال المانعة للمصلى عن استيفاء الأفعال. فلما كان
الاختصاص في الأحاديث الدالة عليه، لاحد له ولا مقدر، عبر عنه بالاشتراك في الأحاديث
الأخرى. فالأحاديث معا دلت على معنى واحد وان اختلفت العبارات.
وأما الحديث الذي فيه أن الوقت وقتان، وقت من له عذر، ووقت من لا عذر له
فيحمل على الفضيلة لا الاجزاء، ليوافق الروايات الأخرى الدالة على اتحاد الوقت.
وأما الحديث المختص بالمغرب من أنها ليست ذات وقتين، فمحمول على تأكيد
الاستعجال بها وكراهية تأخيرها عن أول الوقت الممكن فيه فعلها جمعا بينه وبين الأحاديث
الدالة على أنها كغيرها من الصلوات. وصح العمل بمجموع الأحاديث، ولم يترك شئ
منها (معه).
(3) المهذب البارع، كتاب الصلاة، قال في بيان موارد جواز تأخير الصلاة عن
أول وقتها ما هذا لفظه: (من كان في يوم غيم أو محبوسا أخر احتياطا - إلى أن قال: -
لقول الصادق عليه السلام: (مكنوا الأوقات الخ).
(4) الامر للوجوب، ومعنى التمكين هو تحقيق الوقت، ليصير من الامكان الوقوعي
لا من الامكان العقلي الذي هو استواء الطرفين. فيصير المعنى، لا تصلوا ما لم يحصل لكم
العلم اليقيني بدخول الوقت. وفيه دلالة على أن الظن بدخول الوقت لا يكفي في صحة
الصلاة مع التمكن من العلم (معه).
70

أن تزول) (1).
(25) وروى إسماعيل بن رياح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا صليت وأنت
ترى انك في وقت ولم يدخل الوقت، فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد
أجزأت عنك) (2) (3).
(26) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام: (من صلى في وقت فلا صلاة
له) (4).
(27) وروى محمد الحجال، عن بعض رجاله، عن الصادق عليه السلام، أنه قال:

(1) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة، من المفروض والمسنون
وما يجوز فيها وما لا يجوز، حديث 7، ولفظ الحديث: (إياك أن تصلى قبل أن تزول فإنك
تصلى في وقت العصر خير لك أن تصلى قبل أن تزول).
(2) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون
وما يجوز فيها وما لا يجوز، حديث 8.
(3) هذه الرواية مخالفة للأصل، من حيث إن الصلاة يجب أن يكون مجموعها
في الوقت، فخلو أولها عن الوقت، وكون بعضها واقعا في غيره مخالف لما اقتضاه
الأصل، وهذا إنما يتصور مع الظن، حيث لا طريق إلى العلم، ثم ينكشف فساد الظن بوقوع
بعض الصلاة قبل الوقت، فينبغي ترك العمل بها. هذا مع أن راويها مجهول الحال،
فاطرحت بالكلية.
قال العلامة في المختلف بعد ما أورد هذه الرواية، وهذه الرواية لا تعرف الا من
جهة إسماعيل بن رباح، وأنا الآن لا أعرف حاله، فإن كان عدلا تعين العمل بمضمونها
لأنها نص يجب العمل به، والا وجب طرحها أو الرجوع إلى الأصل.
قلت: الأصل قطعي وهذه الرواية وان صح طريقها، فهي خبر واحد لم يعضده
غيره، فلا يعارض القطعي (معه).
(4) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون
وما يجوز فيها ومالا يجوز، حديث 5.
71

(ان الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم
وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا) (1) (2).
(28) وروى عبد السلام بن صالح، عن الرضا عليه السلام في الذي تدركه
الصلاة وهو فوق الكعبة؟ فقال: (ان قام لم يكن له قبلة ولكنه يستلقي على قفاه
ويفتح عينيه إلى السماء ويقصد بقلبه إلى القبلة في السماء البيت المعمور
ويقرأ، فإذا أراد أن يركع غمض عينيه، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع
فتح عينيه. والسجود على نحو ذلك) (3) (4).
(29) وروى المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التحريف لأصحابنا
ذات اليمين؟ وعن السبب فيه؟ فقال: (ان الحجر الأسود لما أنزله الله سبحانه
من الجنة، ووضع في موضعه، جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور،
نور الحجر، فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال، وعن يسارها ثمانية أميال،
كلها اثني عشر ميلا. فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة،
لقلة أنصاب الحرم، وإذا انحرف ذات اليسار، لم يكن خارجا عن حد
الكعبة) (5) (6).

(1) التهذيب: 2، باب القبلة، حديث 7.
(2) هذه الرواية مرسلة فلا يعتمد على مضمونها (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب باب الصلاة، الصلاة في الكعبة وفوقها وفى البيع
والكنائس المواضع التي تكره الصلاة فيها، حديث 21.
(4) هذه الرواية متروكة العمل، لان راويها أبو الصلت الهروي، وقد طعن فيه
أصحابنا بأنه عامي المذهب، فلا يعملون بما ينفرد به (معه).
(5) التهذيب: 2، باب القبلة، حديث 10.
(6) هذه الرواية مبنية على الرواية السابقة من أن الحرم قبلة لأهل الدنيا، ولا
عمل على الأولى، فلا عمل على هذه (معه).
72

(30) وروى عمار الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى على
غير القبلة، فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته؟ قال: (إن كان
متوجها فيما بين المشرق والمغرب، فليحول وجهه إلى القبلة حين يعلم. وإن كان
متوجها إلى دبر القبلة، فليقطع الصلاة ثم يحول وجهه إلى القبلة، ثم
يفتتح الصلاة) (1) (2).
(31) وروى سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون
في قفر من الأرض في يوم غيم، فيصلي إلى غير القبلة، ثم يضحى فيعلم انه
صلى إلى غير القبلة، كيف يصنع؟ قال: (إن كان في وقته فليعد صلاته، وإن كان
قد مضى الوقت، فحسبه اجتهاده) (3) (4).
(32) وروى علي بن راشد في الصحيح قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول
في الفراء، أي شئ يصلى فيه؟ قال: (أي الفراء؟) قلت: الفنك والسنجاب
والسمور؟ قال: (فصل في الفنك والسنجاب، أما السمور فلا تصل فيه) (5).
(33) وروى مقاتل بن مقاتل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في

(1) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون
وما يجوز فيها وما لا يجوز، حديث 13.
(2) هذه الرواية من الموثقات لم يعارضها شئ، ولم يخالفها أصل، فوجب
العمل بمضمونها (معه).
(3) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون
وما يجوز فيها وما لا يجوز، حديث 11.
(4) هذه الرواية دالة بعمومها على أن بعد خروج الوقت لا تعاد الصلاة لمخالفة
الجهة إذا كان عن ظن واجتهاد سواء كانت المخالفة في الاستدبار، أو اليمين واليسار
وان الإعادة إنما هي في الوقت خاصة فيهما (معه).
(5) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه، ومالا
تكره، قطعة من حديث 14.
73

السمور والسنجاب والثعالب؟ فقال: (لا خير في ذلك كله، ما خلا السنجاب،
فإنه دابة لا تأكل اللحم) (1).
(34) وروى ابن بكير في الموثق، قال: سأل زرارة أبا عبد الله عليه السلام عن
الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر؟ فأخرج كتابا زعم أنه
إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله: (ان الصلاة في كل شئ حرام أكله، فالصلاة في شعره
ووبره وجلده وبوله وروثه، وكل شئ منه فاسدة، لا يقبل الله تلك الصلاة
حتى يصلى في غيره مما أحل الله أكله - ثم قال: - يا زرارة هذا عن رسول الله
صلى الله عليه وآله فاحفظ ذلك. يا زرارة فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في
وبره وبوله وشعره وروثه وجلده وألبانه وكل شئ منه جائز، إذا علمت أنه
ذكى قد ذكاه الذبح. وإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله، أو حرم عليك
أكله، فالصلاة في كل شئ فاسدة ذكاه الذبح أو لم يذكه) (2).
(35) وروى ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته
عن الصلاة في جلود الثعالب؟ فقال: (إذا كانت ذكية فلا بأس) (3).
(36) وروى جميل عن الحسن بن شهاب عنه عليه السلام مثله سواء (4).

(1) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه، ومالا
تكره حديث 16.
(2) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه، ومالا
تكره، حديث 1.
(3) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة
فيه من ذلك، حديث 17، وسند الحديث في الوسائل عن ابن أبي عمير عن جميل بن
دراج كما في المتن، وليس في التهذيب ابن أبي عمير فراجع.
(4) التهذيب: 2، أبواب الزيادات، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان
وما لا يجوز، حديث 59.
74

(37) وروى محمد بن إبراهيم قال: كتبت إليه أسأله عن الصلاة في جلود
الأرانب؟ فكتب: (مكروهة) (1).
(38) وروى محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله
هل يصلى في قلنسوة عليها وبر مالا يؤكل لحمه، أو تكة حرير محض، أو تكة
من وبر الأرانب؟ فكتب: (لا تحل الصلاة في الحرير المحض، وإن كان الوبر
ذكيا حلت الصلاة فيه أن شاء الله تعالى) (2) (3).
(39) وروى محمد بن عبد الجبار قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله
هل يصلى في قلنسوة حرير محض، أو قلنسوة ديباج؟ فكتب: (لا تحل الصلاة
في حرير محض) (4).
(4) وروى زرارة، عن الباقر عليه السلام انه سمعه ينهى عن لباس الحرير للرجال
والنساء، الا ما كان حريرا مخلوطا بخز، لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن.

(1) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان ومال لا يجوز الصلاة
فيه من ذلك، حديث 12.
(2) التهذيب: 2 باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة
فيه من ذلك، حديث 18.
(3) هذه الروايات السبع لم يكن فيها ما هو مقبول بين الأصحاب الا رواية ابن
بكير الموثقة، لموافقتها لإجماعهم. فإنهم أجمعوا على أن كلما حرم أكله لم يصح الصلاة
في شئ منه. وان ما حل أكله صحت الصلاة في كل شئ منه ما خلا دمه ومنيه وميتته، ولم
يخلفوا هذه القاعدة لا في الخز، فإنه مستثنى باجماعهم أيضا. وما سوى ذلك مما ورد في
هذه الروايات وإن كان فيها ما هو صحيح، الا انها متعارضة، وفيها ما هو غير معلوم الصحة
فوجب طرحها إلى المتيقن (معه).
(4) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه وما لا تكره،
حديث 10.
75

وإنما يكره الحرير المحض للرجال والنساء (1) (2).
(41) وروى الحلبي عن الصادق عليه السلام قال: (كلما لا تجوز الصلاة فيه
وحده، فلا بأس بالصلاة فيه، مثل التكة الإبريسم، والقلنسوة، والخفين،
والزنار يكون في السراويل، ويصلى فيه) (3) (4).
(42) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الفراش
الحرير ومثله من الديباج، والمصلى الحرير ومثله من الديباج، هل يصلح
للرجال النوم عليه والتكاءة والصلاة؟ قال: (يفرشه ويقوم عليه ولا يسجد
عليه) (5).

(1) التهذيب: 3، أبواب الزيادات، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان
وما لا يجوز، حديث 56.
(2) كان الكراهة قدر مشترك بين التحريم والكراهة، فمطلق الكراهية شامل لهما
والا لو حمل على الكراهة المشهورة المستعملة شرعا لا تنقض في الرجال، لتحريم الحرير
المحض عليهم قطعا. وان حمل على الكراهية بمعنى التحريم، انتقض في النساء لجوازه
لهن. اللهم إلا أن نقول بمذهب ابن بابويه في تحريم الحرير عليهن في الصلاة، وحينئذ
يحتاج الكلام إلى تخصيص الحكم بالصلاة ويكون حجة لابن بابويه في تحريمه عليهن
في الصلاة (معه).
(3) التهذيب: 3، أبواب الزيادات، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان
وما لا يجوز، حديث 10.
(4) هذه الرواية لا تعارض ما تقدمها، لأنها من الضعيف، لان في طريقها أحمد بن
هلال، وهو من الغلاة، ويتعين العمل بالرواية السابقة (معه).
(5) الفروع: 6، كتاب الزي والتجمل، باب الفرش، حديث 8. والتهذيب 2،
أبواب الزيادات، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز، قطعة من
حديث 85.
76

(43) وروي عن الصادق عليه السلام قال: (عورة المؤمن قبله ودبره، والدبر
مستور بالأليتين، فان سترت القضيب والبيضتين، فقد سترت العورة) (1) (2).
(44) وروى عبد الله بن بكير عن الصادق عليه السلام: (لا بأس بالمرأة المسلمة
أن تصلي مكشوفة الرأس) (3).
(45) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام، قال: (والمرأة
تصلي في الدرع والمقنعة) (4) (5).
والدرع هو القميص، والمقنعة تزاد للرأس.
(46) وروى علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام، قال: سألته
عن الرجل يصلي وفرجه خارج لا يعلم به، هل عليه إعادة؟ أو ما حاله؟ قال:

(1) الفروع: 6، كتاب الزي والتجمل، حديث 26، نقلا عن أبي الحسن الماضي
عليه السلام، ولفظ ما رواه: (العورة عورتان القبل والدبر، فأما الدبر مستور بالأليتين
فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة). ورواه في المهذب البارع، كتاب
الصلاة، في الفصل الأول فيما يجب ستره على المصلى، كما في المتن.
(2) وإنما خص الستر بالقضيب والبيضتين للاهتمام بهما، من حيث إنهما بأديان،
والدبر مستور. ويكون التقدير انك لو لم تجد الا ما يستر القضيب والبيضتين فكأنك قد
وجدت الساتر. وفيه دلالة على أرجحية سترهما على ستر الدبر مع المعارض (معه).
(3) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة
فيه من ذلك، حديث 66.
(4) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز فيه
من ذلك، قطعة من حديث 63.
(5) ولا تعارض بين هاتين الروايتين، لأنا نحمل الأولى على الأمة، ونحمل الثانية
على الحرة، فيتم العمل بهما معا، وينتفى التعارض (معه).
77

(لا إعادة عليه، وقد تمت صلاته) (1) (2).
(47) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (النورة سترة) (3) (4).
(48) وروى أيوب بن نوح، عن الصادق عليه السلام قال: (العاري الذي ليس
له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها، فسجد فيها وركع) (5).
(49) وروى عمار عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يصلي وبين
يديه امرأة تصلي؟ قال: (لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع
وان كانت عن يمينه أو يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك. وان كانت تصلي
خلفه فلا بأس) (6).
(50) وروى جميل عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي والمرأة بحذاه؟

(1) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز فيه
من ذلك، حديث 59.
(2) وفى هذه الرواية دلالة على أن الستر شرط مع العلم والاختيار، لا مطلقا كما
هو مذهب المحقق وجماعة من الأصحاب. وأما على قول من يجعله شرطا مطلقا، فهذه
الرواية تخالف مذهبه، فهي المستمسك للمذهب الأول. وأما المذهب الثاني، فتمسكه
الأصل. وليس الرواية من الصحاح، فلا حجة فيها (معه).
(3) الفقيه: 1، باب غسل يوم الجمعة ودخول الحمام وآدابه وما جاء في التنظيف
والزينة قطعة من حديث 26.
(4) وهذه الرواية دالة على أن المعتبر في الساتر إنما هو ستر اللون، لا الحجم
فلو ستر اللون وكان حجم الأعضاء يبدو من ورائه فلا بأس (معه).
(5) التهذيب: 3، باب صلاة العراة، حديث 3.
(6) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة
فيه من ذلك، قطعة من حديث 119.
78

قال: (لا بأس) (1) (2).
(51) وروى ياسر الخادم قال: مر بي أبو الحسن عليه السلام وأنا أصلي على
الطبري، وقد ألقيت عليه شيئا أسجد عليه! فقال لي: (مالك لا تسجد عليه؟
أليس هو من نبات الأرض) (3).
(52) وروى داود الصرمي قال: سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام. هل يجوز
السجود على القطن والكتان من غير تقية؟ فقال: (جائزة) (4) (5).
(53) وروى حريز عن محمد بن مسلم قال: سألته عن رجل نسي الأذان
حتى أقام الصلاة؟ قال: (لا يضره. ولا يقام الصلاة في المسجد الواحد
مرتين، فإن كان في غير مسجده وأتى قوما قد صلوا، فأرادوا أن يجمعوا
الصلاة، فعلوا) (6).

(1) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة
فيه من ذلك، حديث 120.
(2) لا تعارض بين الحديثين، لأنا نحمل الأول على الكراهية، والثاني على الإباحة
(معه).
(3) التهذيب: 2، باب ما يجوز الصلاة فيه من اللباس والمكان وما لا يجوز الصلاة
فيه من ذلك، حديث 135.
(4) التهذيب: 2، أبواب الزيادات، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من
ذلك والمسنون، حديث 102.
(5) أما الرواية الأولى فجاز حملها على التقية، لان راوي الحديث كان في
مجلس التقية، فأمره الامام بها. وأما الرواية الثانية فجاز حملها على الضرورة من حر
وشبهة، وإن لم يكن هناك تقية. ويحتمل أن يراد بالقطن والكتان أنفسهما قبل الغزل
والنسج، لعدم صدق اسم الملبوس عليهما حينئذ، فلا منع (معه).
(6) المهذب البارع، كتاب الصلاة، في شرح قول المصنف (ولو صلى في مسجد
جماعة، ثم جاء آخرون) قال: ما هذا لفظه: (ولا يبدوا لهم الامام لئلا يتكرر الصلاة
الواحدة روى حريز عن محمد بن مسلم الحديث) كما في المتن.
79

(54) وروى زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: دخل رجلان
المسجد وقد صلى الناس فقال لهما علي عليه السلام: (ان شئتما فليؤم أحدكما
صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم) (1).
(55) وروى الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد، عن أبي علي
قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه رجل فقال: جعلت فداك صلينا في المسجد
الفجر وانصرف بعضنا وجلس بعضنا في التسبيح، فدخل علينا رجل المسجد،
فأذن، فمنعناه، ودفعناه عن ذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام: (أحسنت ادفعه عن
ذلك، وامنعه أشد المنع) فقلت: فان دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة؟
قال: (يقومون في ناحية المسجد ولا يبرز لهم امام) (2) (3).
(56) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام: (أقل المجزي من الأذان
أن يفتتح الليل بأذان وإقامة، والنهار بأذان وإقامة، ويجزيك في سائر الصلوات
إقامة بغير أذان) (4).
(57) وروي عن الصادق عليه السلام (ان النبي صلى الله عليه وآله جمع المغرب والعشاء

(1) التهذيب: 2، باب الأذان والإقامة، حديث 21.
(2) الفقيه: 1، باب الجماعة وفضلها، حديث 125.
(3) وهذه الروايات الثلاث دالة على المنع من الأذان والإقامة للجماعة الثانية
في المسجد الواحد، بل وللمنفرد أيضا. وحملها على الكراهة أولى باعتبار الأصل،
الا انها مشروطة ببقاء الجماعة الأولى، فلو تفرقوا انتفى المنع (معه).
(4) الفقيه: 1، باب الأذان والإقامة وثواب المؤذنين، حديث 22.
80

بمزدلفة بأذان واحد وإقامتين) (1) (2).
(58) وروى الحضرمي وكليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام، حين حكى
لهما الأذان: (أن يجعل التكبير في آخر الأذان كأوله، ومساواة الإقامة
للأذان) (3).
(59) وروى صفوان بن مهران عنه عليه السلام: (أن فصولهما كلها مثنى مثنى) (4).
(60) وروى عبد الله بن سنان عنه عليه السلام: (أن الإقامة مرة مرة الا التكبير
فيها فإنه مثنى) (5).
(61) وروى معاوية بن وهب عنه عليه السلام: (أن الأذان مثنى مثنى، والإقامة
واحدة واحدة) (6) (7).

(1) الفقيه: 1، باب الأذان والإقامة وثواب المؤذنين ذيل حديث 22، نقلا عن أبي
جعفر عليه السلام. ورواه في التهذيب: 5، باب نزول المزدلفة، حديث 7، نقلا عن أبي
عبد الله عليه السلام.
(2) وهذه الرواية تدل على أن كل موضع جمع فيه بين الفرضين في وقت واحد
يسقط فيه الأذان في الثانية، سواء كان الجمع في وقت الأولى أو في وقت الثانية (معه).
(3) رواه في الفقيه: 1، باب الأذان والإقامة وثواب المؤذن، حديث 35، كما
هو المشهور من كون التكبيرات أول الأذان أربعا. ورواه في المهذب البارع كما في
المتن، فقال في فصول الأذان والإقامة ما هذا لفظه: (وإنما الخلاف في الروايات وهي
على أنحاء، الأول انهما على اثنان وأربعون، بجعل التكبير في آخر الأذان كأوله، ومساواة
الإقامة الأذان، وهو في رواية الحضرمي وكليب الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام
حين حكى لهما الأذان الخ.
(4) التهذيب: 2، باب عدد فصول الأذان والإقامة ووصفهما، حديث 10.
(5) التهذيب: 2، باب عدد فصول الأذان والإقامة ووصفهما، حديث 8.
(6) التهذيب: 2، باب عدد فصول الأذان والإقامة ووصفهما، حديث 7.
(7) الروايات الثلاث كلها مخالفة للمشهور، فلا اعتماد عليها، فان العمل بالمشهور
أولى (معه).
81

(62) وروى جميل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام. ما حد المريض الذي يصلي
قاعدا؟ قال: (ان الرجل ليوعك ويحرج، ولكنه أعلم بنفسه، إذا قوى
فليقم) (1).
(63) وروي عن الباقر عليه السلام، أنه قال: (" بل الانسان على نفسه بصيرة "
ذلك إليه، هو أعلم بنفسه) (2) (3).
(64) وروى سليمان بن حفص المروزي، قال الفقيه عليه السلام: (المريض
إنما يصلي قاعدا إذا صار إلى الحال التي لا يقدر فيها إلى المشي مقدار صلاته
إلى أن يفرغ قائما) (4) (5).
(65) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (لا صلاة الا بفاتحة الكتاب). (6).
(66) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن
الذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته؟ قال: (لا صلاة له إلا أن يقرءها في

(1) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون،
حديث 131.
(2) الفروع: 4، كتاب الصيام، باب حد المرض الذي يجوز للرجل أن يفطر
فيه، قطعة من حديث 2، والحديث عن أبي عبد الله عليه السلام.
(3) هاتان الروايتان دالتان على عدم تحديد العجز الذي يصح معه القعود في
الشرع، بل إن ذلك راجع إلى رأى الانسان ومعرفته بنفسه (معه).
(4) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (6) من أبواب القيام، حديث 4.
(5) هذه الرواية دالة على تحديد العجز بما ذكره، ولكن المشهور بين الأصحاب
هو الأول (معه).
(6) صحيح مسلم: 1، كتاب الصلاة (11) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل
ركعة، وانه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، حديث 34،
ولفظ الحديث: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).
82

جهر أو اخفات) (1).
(67) وروى محمد بن مسلم أيضا في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام: (أن
الله فرض الركوع والسجود، والقراءة سنة، فمن ترك القراءة متعمدا أعاد
الصلاة. ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته، ولا شئ عليه) (2) (3).
(68) وروى منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أني صليت
المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلها؟ فقال: (أليس قد أتممت الركوع
والسجود؟) فقلت: بلى، قال: (تمت صلاتك) (4).
(69) وروى حمران بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال: (كان أبي عليه السلام إذا
صلى جالسا تربع، وإذا ركع يثني رجليه في حال ركوعه) (5) (6).
(70) وروى محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكسل،
أو يضعف، فيصلي التطوع جالسا؟ قال: (يضعف ركعتين بركعة، ويتربع

(1) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب قراءة القرآن، قطعة من حديث 28، وفيه
(إلا أن يبدأ بها) بدل (أن يقرأها)
(2) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب السهو في القراءة، حديث 1.
(3) هذان الحديثان مخصصان لعموم الحديثين المتقدمين، فالنكرة المنفية
هناك مخصوصة بالعمد. أي لا صلاة لمن ترك فاتحة الكتاب عمدا (معه).
(4) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب السهو في القراءة، حديث 3.
(5) الفقيه: 1، باب صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون والشيخ
الكبير وغير ذلك، حديث 17.
(6) هذه حكاية حال. وحكاية الحال لا تدل على الوجوب، بل هي أعم، فجاز
حمل ذلك على الندب (معه).
83

في حال قرائته، ويثني رجليه في حال ركوعه) (1) (2).
(71) وروى منصور بن حازم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (لا يقرء في
المكتوبة أقل من سورة ولا أكثر) (3) (4).
(72) وروى علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
(فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة) (5) (6).
(73) وروى الحلبي في الصحيح مثله سواء (7).
(74) وروى علي بن يقطين في الصحيح قال: سألت أبا الحسن الأول عليه السلام

(1) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون
حديث 113، وليس من قوله (ويتربع الخ) في هذا الحديث.
(2) هذه الرواية دلت على ما دلت عليه الأولى من بيان هيئة المصلى جالسا، إلا أن فيها زيادة
أمرين. أحدهما: جواز صلاة النافلة جالسا وإن كان مختارا، والثاني إذا صلى جالسا
استحب له أن يجعل كل ركعتين مكان ركعة، مع أنه يسلم على كل ركعتين جالسا، لكنه
يجعلهما في حساب العدد كذلك (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب قراءة القرآن، حديث 12.
(4) هذه الرواية تدل على ثلاثة أشياء، الأول: وجوب السورة في المكتوبة.
الثاني: عدم جواز التبعيض فيها. الثالث: تحريم القرآن بين سورتين في كل ركعة.
ويصدق القرآن بقراءة بعض سورة أخرى، وإن لم يكملها (معه).
(5) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعه
وترتيبها والقراءة. حديث 27 و 28.
(6) لا يعارض هذان الحديثان ما تقدمهما، لجواز حملهما على الضرورة، لضيق
الوقت والمرض، أو جهل السورة وعدم امكان التعلم (معه).
(7) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 29، ولفظ الحديث: (لا بأس أن يقرء الرجل في الفريضة بفاتحة
الكتاب في الركعتين الأولتين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا).
84

عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة، بغير سورة الجمعة متعمدا؟ قال: (لا بأس
بذلك) (1).
(75) وروى محمد بن مسلم في الحسن عن الباقر عليه السلام قال: (أن الله
أكرم بالجمعة المؤمنين، فسنها رسول الله صلى الله عليه وآله بشارة لهم، والمنافقين توبيخا
لهم، فلا ينبغي تركهما، فمن تركهما متعمدا فلا صلاة له) (2) (3).
(76) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إنما هي التكبير والتسبيح وقراءة القرآن " (4).
وقال صلى الله عليه وآله: " صلوا كما رأيتموني أصلي " (5).

(1) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث 19.
(2) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب القراءة يوم الجمعة وليلتها في الصلوات
حديث 4.
(3) هذه الرواية لما كانت حسنة، لم يصح أن تكون معارضة للصحيح لما تقرر
ان الصحيح مقدم على الحسن في العمل مع التعارض، فيحمل حينئذ الحسن على سلب
الفضيلة، يعنى فلا صلاة فاضلة، لا على نفى الصحة (معه).
(4) صحيح مسلم: 1، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، (7) باب تحريم الكلام
في الصلاة ونسخ ما كان من اباحته، حديث 330، ولفظ الحديث: (عن معاوية بن الحكم
السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إذ عطس رجل من
القوم فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم؟
تنظرون إلى. فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني، لكني
سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله
ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا
يصلح فيها شئ من كلام الناس. إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن).
(5) صحيح البخاري: 1، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة
والإقامة وكذلك بعرفة وجمع. ولفظ الحديث (عن أبي قلابة قال: حدثنا مالك، أتينا
إلى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة
وكان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم رحيما رفيقا، فلما ظن انا قد اشتهينا أهلنا،
أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا؟ فأخبرناه قال: " ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم
وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي، فإذا
حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم).
85

(77) وروى أبو حميد الساعدي قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله
قالوا: أعرض علينا؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إذا قام
إلى الصلاة " يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، " ثم وصف، إلى أن قال:
" ثم يركع " (1).
(78) وروى عبد الكريم، عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته، أقول إذا قرأت فاتحة الكتاب، آمين؟ قال: (لا) (2).
(79) وروى جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الناس جماعة
حين يقرأ فاتحة الكتاب، آمين؟ قال: (ما أحسنها، واخفض الصوت بها) (3).

(1) سنن ابن ماجة: 1، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (15) باب رفع اليدين
إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، حديث 862 و 863، ولفظ الأول محمد بن
عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي، قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول
الله صلى الله عليه (وآله) وسلم. كان إذا قام في الصلاة اعتدل قائما (ورفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: " الله أكبر " وإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي
بهما منكبيه، فإذا قال: " سمع الله لمن حمده " رفع يديه فاعتدل، فإذا قام من الثنتين
كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة).
(2) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 44.
(3) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 45.
86

(80) وروى أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله، إذا قال الامام: " غير المغضوب
عليهم ولا الضالين " فقولوا " آمين " (1).
(81) وروى وائل بن حجر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا قال: " ولا
الضالين " قال: " آمين " ورفع بها صوته (2).
(82) وفي حديث عن الصادق عليه السلام وسأله معاوية بن وهب، أقول (آمين)
إذا قال الامام: " غير المغضوب عليهم ولا الضالين "؟ قال: (هم اليهود
والنصارى) (3) (4).

(1) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب جهر المأموم بالتأمين. وتمامه (فإنه
من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
(2) سنن ابن ماجة: 1، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (14) باب الجهر بآمين،
حديث 855، ولفظه (عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: صليت مع النبي صلى الله
عليه (وآله) وسلم فلما قال " ولا الضالين " قال " آمين " فسمعناها).
(3) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 46، وتمام الحديث (ولم يجب في هذا).
(4) أما الحديث الأول: فهو صريح في المنع منها. لأنه دال على النهى، والنهى
للتحريم.
وأما الحديث الثاني: فإنه محمول على التقية، ويدل عليه قول الراوي: (أخفض
الصوت بها) ويصير الجواب. انى ما أحسن القول بها. وإذا كان الإمام عليه السلام لا
يحسن قولها، دل على قبحها. وذلك صريح في التحريم. ولكن الجواب فيه تمويه على
السامعين، لأنه كان في محل التقية.
وأما الحديث الثالث: فهو غير صحيح السند. فان أبا هريرة كذاب، اتفق له مع
عمر واقعة شهد بها عليه بأنه عدو الله وعدو المسلمين، وحكم عليه بالخيانة، وأغرمه عشرة
آلاف دينار لولايته البحرين، وخيانته بيت مال المسلمين. ومن هذا حاله لا يعتمد على
روايته، لعدم عدالته وظهور فسقه بالخيانة. وضربه عمر بالدرة مرة أخرى، وقال: لقد
أكثرت الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، ومنعه من الرواية، فلم يرو في زمانه
شيئا حتى مات عمر.
وقيل لعائشة: ان أبا هريرة إذا روى حديثا يقول: قال لي خليلي رسول الله،
وقلت لخليلي رسول الله! فقالت عائشة متى كان خليله، وهو عليه السلام يقول: لو كنت
متخذا غير ربى خليلا، لاتخذت أبا بكر، فهو لم يتخذ خليلا، فقد كذب أبو هريرة فيما
ادعاه. والله انه ليروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أشياءا ما كنا نعرفها ولا يعرفها
أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله.
راجع العقد الفريد: 1، كتاب اللؤلؤة في السلطان: 25 (ما يأخذ به السلطان من
الحزم والعزم) وراجع أيضا إلى ما كتبه العلامة آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين
الموسوي العاملي قدس الله نفسه في كتاب " أبو هريرة ".
وأما الحديث الرابع: فهو مثل حديث أبي هريرة في الطعن على سنده، من حيث إن
راويه غير معلوم العدالة، مع أنه ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله (كان
يرفع بها صوته) ولو كان الامر كذلك لما خفى على المسلمين، ولاشتهر ذلك بينهم، فلا
يصح انفراده بالنقل فيما يعم به البلوى.
وأما الحديث الخامس: فهو دال على أن ذلك غير جائز، ولهذا فان الإمام عليه السلام
عدل عن التصريح بالجواب، إلى قوله (هم اليهود والنصارى تمويها على
السائل، لان المسؤول عنه غير جائز. وان المغضوب عليهم ولا الضالين، هم اليهود
والنصارى، فيكون الجواب غير مطابق للسؤال، لما كان الجواب عن السؤال غير ممكن
لمراعاة التقية. ويحتمل أن يكون المراد. ان الذين يقولون ذلك هم اليهود والنصارى
فيكون نصا في عدم جوازها (معه).
87

(83) وروى زيد الشحام قال: صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام الفجر، فقرأ الضحى
وألم نشرح في ركعة واحدة (1).
(84) وروى البزنطي في جامعه عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام

(1) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 34.
88

يقول: (لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة الا الضحى وألم نشرح،
والفيل ولإيلاف قريش) (1) (2).
(85) وروى الحلبي عن الصادق عليه السلام قال: (إذا قمت في الأخيرتين لا تقرأ
فيهما، فقل: الحمد لله وسبحان الله والله أكبر) (3) (4).
(86) وروى زرارة في الصحيح قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يجزي من
القول في الركعتين الأخيرتين؟ قال: (تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر وتركع) (5).

(1) المعتبر: 178، كتاب الصلاة في المسألة الثانية من المسائل الأربع في
القراءة وأحكامها.
(2) هذا الحديث دال على أن القرآن غير جائز، واستثنى من ذلك، الضحى وألم
نشرح والفيل والايلاف، فإنه لابد فيهما من القرآن. ولعله لا يسمى قرآنا من حيث إنهما
كالسورة الواحدة، فلهذا اختلف في وجوب التسمية بينهما، فمنع الشيخ منها، لئلا يلزم
القرآن، وباقي الأصحاب قالوا: لابد منها، اتباعا للمصحف، ولا يلزم تعددهما، كما
في سورة النمل (معه).
(3) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة،
وترتيبها والقراءة، حديث 140.
(4) رواية الحلبي سندها مجهول. وقوله (لا تقرأ فيهما) بمعنى النفي، لا بمعنى
النهى، فكأنه قال: وإذا قمت غير قارئ، فقل كذا، ويدل عليه قوله: (فقل) بالفاء. وأما
رواية زرارة فتعين العمل عليها، لأنها صحيحة الطريق، صريحة الدلالة، لا اجمال فيها.
وأما روايتا عبيد وحنظلة، فلم يعمل بمضمونهما أحد من الأصحاب. وإنما ترك العمل بهما
لما فيهما من الاجمال المبين بالرواية الأولى، فتحمل المجمل على المبين، ليتم العمل
بالدليلين (معه).
(5) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 135.
89

(87) وروى عبيد بن زرارة صحيحا قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الركعتين الأخيرتين من الظهر؟ قال: (تسبح وتحمد الله وتستغفره لذنبك) (1).
(88) وروى حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن الركعتين
الأخيرتين ما أصنع فيهما؟ قال: (إن شئت فأقرأ فاتحة الكتاب، وإن شئت فاذكر
الله) (2).
(89) وروى محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام، أيما أفضل،
القراءة في الركعتين الأخيرتين، أو التسبيح؟ فقال: (القراءة أفضل) (3).
(90) وروى محمد بن عمران عن الصادق عليه السلام قال: (وصار التسبيح أفضل
من القراءة في الأخيرتين! لان النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى
من عظمة الله، فدهش، فقال: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ") (4).
(91) وروى حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين
ما أصنع فيهما؟ فقال: (إن شئت فاقرء فاتحة الكتاب، وإن شئت فاذكر الله،
فهو سواء) قلت: وأي ذلك أفضل؟ قال: (هما والله سواء إن شئت سبحت وإن شئت
قرأت) (5).

(1) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 136 وتمام الحديث (وإن شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد
ودعاء).
(2) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 137، وللحديث تتمة سيأتي.
(3) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 138.
(4) الفقيه: 1، في وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها، قطعة من حديث 10.
(5) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 137.
90

(92) وروى منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا كنت اماما
فاقرأ في الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب، وإن كنت وحدك فيسعك فعلت
وإن لم تفعل) (1) (2).
(93) وروى محمد بن مسلم، عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الذي لا يقرأ
بفاتحة الكتاب في صلاته؟ قال: (لا صلاة له إلا أن يقرءها في جهر أو
اخفات) (3).
(94) وروى حسين بن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أسهو عن
القراءة في الركعة الأولى؟ قال: (اقرأ في الثانية)، قلت: أسهو في الثانية؟
قال: (اقرأ في الثالثة)، قلت: أسهو في صلاتي كلها؟ قال: (إذا حفظت
الركوع والسجود فقد تمت صلاتك) (4) (5).

(1) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 139.
(2) هذه الروايات فيها تعارض في أفضلية القراءة والتسبيح بالنسبة إلى المنفرد
والامام. وبكل واحد منهما قال فريق من الأصحاب، وليس فيها شئ من الصحاح،
ليرجح به، ولا ثمرة مهمة في تحقيق ذلك. وإنما استفيد من هذه الروايات تواتر التخيير
بين الحمد والتسبيح في الأخيرتين للامام والمنفرد، وما زاد على ذلك لا حاجة إليه (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب قراءة القرآن، حديث 28.
(4) الفقيه: 1، باب أحكام السهو في الصلاة، حديث 21.
(5) وإنما ذكر هاتين الروايتين عقيب روايات التسبيح، لان من نسي الفاتحة في
الأولتين، هل يبقى له التخيير، بين التسبيح والقراءة؟ أو يتعين عليه الفاتحة؟ وفيهما دليل
على تعيين الفاتحة، ويمكن الجواب عنهما، أما عن الأول فلما عرفت من انا خصصنا
العموم فيها بحالة العمد، فلا يكون حجة في السهو. وأما في الثانية، فبمنع سندها
فان راويها غير معلوم حاله. ولو سلمنا السند قلنا: إن الامر بالقراءة لا ينافي التخيير.
91

(95) وروى في الصحيح عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قلت له: يجزى أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود: لا إله إلا الله
والحمد لله والله أكبر؟ فقال: (نعم، كل هذا ذكر الله) (1).
(96) وروى هشام بن سالم صحيحا عنه عليه السلام مثله سواء (2).
(97) وروى هشام بن سالم أيضا قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التسبيح في
الركوع والسجود؟ فقال: (تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي
السجود سبحان ربي الأعلى. الفريضة من دلك تسبيحة، والسنة ثلاث، والأفضل
سبع) (3).
(98) وروى أبو بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: تقول: (سبحان ربي
العظيم وبحمده، ثلاثا في الركوع، وثلاثا في السجود، فمن نقص واحدة،
فقد نقص ثلث صلاته. ومن نقص اثنين فقد نقص ثلثي صلاته. ومن لم يسبح
فلا صلاته له) (4) (5).

(1) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون،
حديث 73.
(2) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون،
حديث 74.
(3) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وشرح الإحدى وخمسين ركعة وترتيبها
والقراءة، حديث 50.
(4) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب أدنى ما يجزى من التسبيح في الركوع
والسجود وأكثر، حديث 1.
(5) هذه الروايات كلها دالة على استحباب تكرير الذكر، وانه من السنن
الوكيدة، وان من تركه متعمدا بطلت صلاته، فهي دالة على وجوبه في الجملة. وان
سبحان ربى العظيم، وسبحان ربى الأعلى كافية من دون وبحمده. وانه ان أضاف وبحمده
جاز أيضا، فيكون وجوبها تخييرا (معه).
92

(99) وروى أبان بن تغلب قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، وهو
يصلي، فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة (1).
(100) وروى حمزة بن حمران قال: كنا نصلي مع أبي عبد الله عليه السلام،
فعددت له في ركوعه " سبحان ربي العظيم " أربعا، أو ثلاثا وثلاثين تسبيحة (2).
(101) وروى محمد بن يعقوب عن الصادق عليه السلام انه كان يجمع نساءه
وخدمه، ويقول: (اتقين الله ان تقلن في ركوعكن وسجودكن أقل من ثلاث
تسبيحات) (3).
(102) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها
التكبير، وتحليلها التسليم) (4).
(103) وفي الأحاديث الصحيحة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول: " التسليم المخرج
من الصلاة عقيب كل صلاته " وانه كان يواظب عليه، وكذلك فعل الأئمة
عليهم السلام (5).

(1) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب أدنى ما يجزى من التسبيح في الركوع
والسجود وأكثره، حديث 2.
(2) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب أدنى ما يجزى من التسبيح في الركوع
والسجود وأكثره، حديث 3، مع اختلاف يسير.
(3) رواه في المهذب البارع، في ذكر الركوع والسجود، في البحث عن كمية
التسبيح في الركوع والسجود (مخطوط).
(4) سنن ابن ماجة: 1، كتاب الطهارة وسننها، (3) باب مفتاح الصلاة الطهور
حديث 275 و 276.
(5) قال في المهذب في مقام الاستدلال على وجوب التسليم ما هذا لفظه: (ب:
فعله صلى الله عليه وآله ومواظبته عليه، وكذا الصحابة والتابعين). ويؤيد ذلك الصلوات
البيانية من قوله عليه السلام: في حديث حماد (فلما فرغ من التشهد سلم، فقال: " يا حماد
هكذا أصل ". الفروع: 3، باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، وما يقال عند ذلك
حديث 8 وغير ذلك من الأحاديث المبسوطة في تضاعيف الأبواب.
93

(104) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إنما صلاتنا هذه تكبير وقراءة وركوع
وسجود " (1).
ولم يذكر التسليم.
(105) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن رجل
يصلي، ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم؟ قال: (تمت صلاته) (2).
(106) وروى زرارة وبكير في الحسن، عن الباقر عليه السلام قال: (إذا استيقن
انه زاد في الصلاة المكتوبة لم يعتد بها، واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد
استيقن يقينا) (3) (4).
(107) وروى زرارة في الصحيح، عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن رجل
صلى الظهر خمسا؟ قال: (إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد، فقد تمت
صلاته) (5) (6).

(1) صحيح مسلم: 1، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (7) باب تحريم الكلام
في الصلاة ونسخ ما كان من اباحته، حديث 33.
(2) الاستبصار: 1، كتاب الصلاة (198) باب ان التسليم ليس بفرض،
حديث 1.
(3) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب من سهى في الأربع والخمس ولم يدر
زاد أو نقص، أو استيقن انه زاد، حديث 2.
(4) هذا يدل على أن الشك غير معتد به في الزيادة والنقصان (معه).
(5) التهذيب: 2، باب أحكام السهو وما يجب منه إعادة الصلاة، حديث 67
وليس فيه كلمة (الظهر).
(6) الحديثان الأولان يدلان على التسليم المخرج من الصلاة. والحديثان
الأخيران في ظاهرهما المعارضة لهما، من حيث إن (إنما) للحصر، فيخرج التسليم عن
أفعال الصلاة الواجبة. ويمكن حمله على أن المراد أفعال الصلاة الداخلة فيها، لا
المخرجة منها. والتسليم لما كان مخرجا منها، لم يكن من أفعالها الداخلة فيها، لان
المخرج من الشئ ليس داخلا فيه، ولا يلزم من ذلك عدم وجوبه في الجملة.
وأما حديث زرارة فلا دلالة فيه أيضا على عدم وجوب التسليم، لان القائل
بوجوبه، لا يقول بأنه ركن من الأركان حتى يبطل الصلاة بتركه عمدا أو سهوا، فجاز
تنزيل الرواية على السهو، بأن نسي التسليم ثم أحدث بعد نسيانه، وذلك لا يضر الصلاة
بناءا على القاعدة (معه).
94

(108) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام، قلت له: الرجل يضع
في الصلاة اليمنى على اليسرى؟ فقال: (ذلك التكفير، لا تفعله) (1) (2).
(109) وروى سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أنني أبيت
فأريد الصوم، فأكون في الوتر فأعطش، فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب،
وأكره أن أصبح وأنا عطشان، وبين يدي قلة، وبيني وبينها خطوتان أو ثلاثة؟
قال: (تسعى إليها وتشرب منها حاجتك، وتعود في الدعاء) (3) (4).

(1) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها وشرح الإحدى وخمسين ركعة
وترتيبها والقراءة، حديث 78.
(2) النهى للتحريم، فيبطل الصلاة بفعله من غير ضرورة، لان النهى يستلزم الفساد
في العبادات. وتقييده بوضع اليمنى على اليسرى، ليس لان العكس جائز، بل لان الذي
يفعله. يجعله بهذه الهيئة، وفى الأصل لا فرق بينهما، فيبطل الصلاة بالصورتين، سواء
كان بين اليدين حاجزا أم لا، وسواء كان ذلك فوق السرة أم تحتها، لعموم النهى (معه).
(3) التهذيب: 2، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون،
حديث 210.
(4) دلت هذه الرواية على جواز الشرب خاصة، في صلاة الوتر خاصة، إلا أنه
لا فرق بين أن يكون الوتر واجبا، أو مندوبا. وقيد في الرواية ذلك الجواز بأمور.
الأول: أن يكون مريد الصوم، ولا فرق بين أن يكون واجبا أو مندوبا.
95

(110) وروى مصادف عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى صلاة فريضة،
وهو معقوص الشعر؟ قال: (يعيد صلاته) (1) (2).
(111) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " أن الله كتب عليكم الجمعة، فريضة إلى يوم
القيامة " (3).
(112) وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا أدركت الامام،
وقد كبر وركع، فكبرت وركعت قبل أن يرفع رأسه، فقد أدركت الصلاة،
وان رفع رأسه قبل أن تركع، فقد فاتتك) (4).
(113) وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: (تجب الجمعة
على سبعة نفر من المسلمين، ولا تجب على أقل منهم. الامام، وقاضيه،

الثاني: أن يكون في دعاء الوتر.
الثالث: أن يكون عطشانا، فلا يصح الاستظهار.
الرابع: أن يكون خائفا طلوع الفجر قبل الفراغ.
الخامس: أن يكن الماء لا يحتاج الوصول إليه إلى فعل كثير، أكثر من خطوتين
أو ثلاث.
السادس: أن لا يكون مخالفا لجهة القبلة. فإذا تمت هذه الشرائط صح الشرب،
ويغتفر الفعل الكثير به، إلا أن الراوي سعيد الأعرج، وفيه قول (معه).
(1) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب الرجل يصلى وهو متلثم أو مختضب، أو لا
يخرج يديه من تحت الثوب في صلاته، حديث 5.
(2) هذه الرواية لم يروها غير مصادف، وفيه قول، فلا اعتما عليها، نعم لو منع
ذلك من السجود كان مبطلا بالأصل (معه).
(3) الوسائل: 5، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها،
حديث 22.
(4) المعتبر: 202 في المقصد الثاني في بقية الصلوات (منها الجمعة) في أنه لو لم
يدرك الخطبة وأدرك الصلاة فقد أدرك الجمعة.
96

والمدعي حقا، والمدعى عليه، والشاهدان، والذي يضرب الحدود بين يدي
الامام) (1).
(114) وروى أبو العباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (أدنى ما يجب في
الجمعة سبعة، أو خمسة أدناه) (2).
(115) وروى منصور بن حازم صحيحا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (يجمع
القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد، فان كانوا أقل من خمسة فلا جمعة
لهم) (3).
(116) وروى معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (يخطب وهو
قائم، ثم يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها) (4).
(117) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حين تزول الشمس على قدر شراك، ويخطب
في الظل الأول، فيقول جبرئيل عليه السلام: يا محمد قد زالت الشمس، فأنزل
فصل) (5) (6).

(1) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث 75.
(2) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث 76.
(3) التهذيب: 3، باب الزيادات، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث
18، وتمام الحديث: (والجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيها الا خمسة،
المرأة والمملوك والمسافر والمريض والصبي).
(4) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، قطعة من حديث 74.
ولفظ الحديث: (ثم قال: الخطبة وهو قائم، خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها،
قدر ما يكون فصل ما بين الخطبتين).
(5) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، قطعة من حديث 42.
(6) هذا يدل على أن الخطبة يجب تقديمها على الزوال، وان الجمعة يقع في
أول الزوال والى هذا ذهب جماعة من الأصحاب (معه).
97

(118) وروى محمد بن مسلم في الحسن قال: سألته عن الجمعة؟ فقال:
(بأذان وإقامة، يخرج الامام بعد الأذان، فيصعد المنبر ويخطب، ولا يصلي
الناس ما دام الامام على المنبر) (1) (2).
(119) وروى يعقوب بن يقطين، عن العبد الصالح عليه السلام قال: (وركعتين
إذا زالت الشمس قبل الجمعة) (3) (4).
(120) وروى ابن سنان صحيحا عن الصادق عليه السلام أنه قال: (وإنما
جعلت الجمعة ركعتين، من أجل الخطبتين، وهي صلاة إلى أن ينزل الامام)
(5) (6).

(1) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب تهيئة الامام للجمعة وخطبته والانصات، قطعة
من حديث 7.
(2) وهذه الرواية تدل على ثلاثة أشياء: الأول وجوب الأذان والإقامة. الثاني
كونهما سابقا على الخطبة. والظاهر أن السابق على الخطبة ليس إلا الأذان، وأما الإقامة
فيجب للصلاة. الثالث ان الصلاة لا تكون الا بعد الفراغ من الخطبة (معه).
(3) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، قطعة من حديث 36.
(4) هذه الرواية دالة على استحباب ركعتي الزوال، وانهما بعد الزوال قبل
الجمعة، الا انه ينبغي المحافظة على وقوعهما في أول الزوال، وأن لا يطولهما، لان
وقت الجمعة يجب المحافظة عليه أيضا في أول الزوال (معه).
(5) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، قطعة من حديث 42.
(6) هذا الحديث دالة على أن الخطبتين بدل من الركعتين من الظهر. وعلى
تثنية الخطبة. وعلى انهما بحكم الصلاة في وجوب مالها من الشرائط، فعلى هذا يجب
أن يكونا بعد الزوال، والطهارة فيها، والستر، ووجوب استماعهما، وعدم جواز التكلم
في أثنائهما. وان نزول الخطيب بمنزلة التسليم من الركعتين، فلا يحرم الكلام بعده قبل
الصلاة. والحديث الذي يليه دل على مثل ذلك وكذا الثالث، إلا أن فيه أن سماع
القراءة ليس شرطا في صحة الصلاة (معه).
98

(121) وروي ان أبا الدرداء سأل أبيا عن " تبارك " متى أنزلت؟ والنبي
يخطب، فلم يجبه، ثم قال أبي: ليس لك من صلاتك ما لغوت، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله
فقال: " صدق أبي " (1).
(122) وروى محمد بن مسلم في الصحيح، عن أحدهما عليهما السلام قال: (إذا
خطب الامام يوم الجمعة، فلا ينبغي لاحد أن يتكلم حتى يفرغ الامام من
خطبته، فإذا فرغ الامام من خطبته تكلم ما بينه وبين ان تقام الصلاة، فان سمع
القراءة أو لم يسمع أجزأه) (1).
(123) وقد روي في الأحاديث الصحيحة ان النبي صلى الله عليه وآله قام يخطب فقام
إليه رجل فسأله عن الساعة؟ فقال عليه السلام: (ما أعددت لها؟) فقال: حب الله
ورسوله، فقال: " انك مع من أحببت " (3).
(124) وروى حفص بن غياث، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام، قال: (الأذان
الثالث يوم الجمعة بدعة) (4) (5).
(125) وروى الفضيل وزرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام: (أن رسول
الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين) (6).

(1) سنن ابن ماجة: 1، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (86) باب ما جاء في
الاستماع للخطبة والانصات لها، حديث 1111.
(2) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث 71 و 73.
(3) سفينة البحار 1: 201، رواه عن أنس باختلاف مع ما في المتن. ورواه البيهقي
في السنن الكبرى مجملا 3: 221، كتاب الجمعة، باب الإشارة بالسكوت دون التكلم
فلاحظ.
(4) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث 67.
(5) وهو الأذان الذي يقال قبل أن يقوم الخطيب على المنبر لصلاة النافلة (معه).
(6) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث 66، وتمام
الحديث (وجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين).
99

(126) وروى زرارة صحيحا قال: حثنا أبو عبد الله عليه السلام على صلاة الجمعة
حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه! فقلت له: نغدوا عليك؟ قال: (لا، إنما عنيت
عندكم) (1).
(127) وروى زرارة في الموثق عن عبد الملك، عن الباقر عليه السلام قال: قال:
(مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله؟!) قال: قلت: كيف نصنع؟ قال:
قال: (صلوا جماعة) يعنى صلاة الجمعة (2) (3).
(128) وروى حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في رجل
أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس، فكبر مع الامام وركع، فلم يقدر على السجود
وقام الامام والناس في الركعة الثانية، وقام هذا معهم، فركع الامام ولم يقدر
هو على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود، كيف
يصنع؟ قال أبو عبد الله عليه السلام (أما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامه،

(1) التهذيب: 3، باب الزيادات، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث
17.
(2) التهذيب: 3، باب الزيادات، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث
20.
(3) واستدل جماعة من الأصحاب بهذين الحديثين على استحباب الاجتماع وإن لم
يكن الامام حاضرا، والصلاة جمعة إذا اجتمعوا مع الامن وعدم الضرر. ولا يلزم منه
أن يكون تلك في الجمعة مستحبة، لان النفل لا يجزى عن الفرض، بل المراد ان
الاجتماع نفسه مستحب، فإذا حصل كان سببا في وجوب الجمعة، فيكون وجوبها مشروطا
بحصول الاجتماع.
والظاهر أنه لا دلالة في الروايتين على ما ادعوه، إذ لا نزاع في أنه مع اذن الامام
يتحقق الوجوب، وإنما النزاع في وجوب ذلك إذا لم يحصل الإذن الصريح من الامام
لتعذر اذنه بالغيبة المنقطعة (معه).
100

فلما لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن له ذلك، ولما سجد
في الثانية، فإن كان قد نوى ان هذه السجدة هي للركعة الأولى، فقد تمت
له الأولى، وإذا سلم الامام قام فصلى ركعة يسجد فيها، ثم يتشهد ويسلم. وإن كان
لم ينو أن تكون تلك السجدة للركعة الأولى، لم تجز عنه للأولى ولا
للثانية، وعليه أن يسجد سجدتين وينوى انهما للركعة الأولى، وعليه بعد ذلك
ركعة ثانية يسجد فيها) (1).
(129) وروى يعقوب بن يقطين صحيحا قال: سألت العبد الصالح عليه السلام
عن التكبير في العيدين أقبل القراءة أو بعدها؟ وكم عدد التكبير في الأولى
وفي الثانية والدعاء بينهما، وهل فيهما قنوت أم لا؟ فقال: (تكبير العيدين
للصلاة قبل الخطبة، يكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة، ثم تقرأ، ثم تكبر خمسا
وتدعوا بينهما، ثم تكبر أخرى تركع بها، فذلك سبع تكبيرات بالتي افتتح
بها، ثم قال: وتكبر في الثانية خمسا، تقوم فتقرأ، ثم تكبر أربعا ويدعو
بينهن ثم يكبر التكبير الخامسة (2).
(130) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح، عن الصادق عليه السلام قال:
(التكبير في العيدين في الأولى سبع قبل القراءة، وفي الأخيرة خمس بعد
القراءة) (3).
(131) وروى يعقوب بن يقطين، ومعاوية بن عمار، عن أحدهما عليهما السلام في
صفة صلاة العيد: (ان التكبير والقنوت داخل في هيئتها) (4).

(1) التهذيب: 3، باب العمل في ليلة الجمعة ويومها، حديث 78.
(2) التهذيب: 3، باب صلاة العيدين، حديث 19.
(3) التهذيب: 3، باب صلاة العيدين، حديث 16.
(4) الظاهر أنه إشارة إلى روايتين عن يعقوب بن يقطين، وعن معاوية بن عمار.
ويرشد إلى ذلك ما ذكره العلامة قدس سره في المختلف، في صلاة العيدين من كتاب
الصلاة: 112، في الاستدلال على وجوب القنوت بقوله: (لنا قوله صلى الله عليه وآله
صلوا كما رأيتموني أصلى، ولا شك في أنه قنت. وما رواه يعقوب بن يقطين في الصحيح
قال: سألت العبد الصالح عن التكبير في العيدين الحديث). التهذيب: 3، باب صلاة
العيدين، حديث 19.
والفروع: 3، كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين والخطبة فيهما، حديث 3.
101

(132) وروى زرارة في الصحيح ان عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر
عليه السلام عن الصلاة في العيدين؟ فقال: (الصلاة فيهما سواء. يكبر الامام
تكبيرة الصلاة قائما، كما يصنع في الفريضة، ثم يزيد في الركعة الأولى ثلاث
تكبيرات، وفي الأخرى ثلاثا، سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود،
ان شاء ثلاثا، وان شاء خمسا وسبعا بعد أن يلحق ذلك إلى وتر) (1).
(133) وروى محمد بن مسلم في الصحيح، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته
عن الكلام الذي يتكلم به فيما بين التكبيرتين في العيدين؟ قال: (ما شئت من
الكلام الحسن) (2).
(134) وروى يعقوب بن يقطين في الصحيح قال: سألت العبد الصالح عليه السلام
عن صلاة العيدين؟ إلى أن قال: (ثم يكبر خمس تكبيرات، ثم يكبر ويركع،
فيكون قد ركع بالسابعة، ويسجد سجدتين، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل
أتاك حديث الغاشية، ثم يكبر أربع تكبيرات ويسجد سجدتين ويتشهد) (3) (4).

(1) التهذيب: 3، باب صلاة العيدين، حديث 23.
(2) التهذيب: 3، باب صلاة العيدين من أبواب الزيادات، حديث 19.
(3) المهذب البارع، في البحث عن صلاة العيدين، في شرح قول المصنف
طاب ثراه في التكبير الزائد هل هو واجب أم لا؟ وكذا القنوت قال ما هذا لفظه: (وإذا
قام إلى الركعة الثانية قام بغير تكبير لصحيحة يعقوب بن يقطين الحديث).
(4) أما الروايتان الأولتان فبينهما تعارض من حيث إن الأولى دلت على أن
التكبير الزائد بعد القراءة في الركعتين. وانه في الأولى خمسة غير تكبير الركوع وغير
تكبير الاحرام، وفى الثانية أربع غير تكبير الركوع.
والثانية دلت على أن التكبير في الركعة الأولى قبل القراءة، وان عدده سبع،
منها تكبيرة الاحرام وانه في الأخيرة بعد القراءة وجعله خمسا.
والمشهور بين الأصحاب العمل بالرواية الأولى وتفرد ابن الجنيد بالعمل بالثانية
والأكثرون قالوا إنها غير دالة على محل النزاع، لكون السابعة بعد القراءة بالاجماع،
لأنها للركوع وإذا احتمل الواحدة احتمل غيرها وهو ان بعضها قبل القراءة، فيحمل
على تكبيرة الاحرام، وآخرون منهم حملوها على التقية لموافقتها لمذهب العامة.
وأما الرواية الثالثة فدالة على أن صفة صلاة العيد داخل في ماهيتها التكبير
والقنوت، وفيها دلالة على وجوبهما فيها. وكذلك الرواية الرابعة، فان قوله: (كما
تصنع في الفريضة ثم يزيد) كذا، دال على أنه داخل في الفريضة.
وأما تخييره بين الثلاث والخمس والسبع، فإنه دال على أن التكبير الزائد يصح
أن يعمل فيه بأي الأنواع الثلاثة، لكن هذا التخيير معارض بالتعيين المذكور في
الروايات السابقة، والعمل به أولى، لشهرته، ولموافقته الاحتياط لدخول الأول تحت
الأكثر.
وأما الرواية الخامسة فدالة على أن القنوت الذي بين التكبير لا يتعين بلفظ، بل
لا بد من ذكر الله تعالى بأي شئ سبح.
والرواية السادسة دالة على ما دلت عليه الأولى من غير فرق الا ان فيها زيادة
قراءة " هل أتاك حديث الغاشية " وليس هو على الوجوب للاجماع على استحبابه، وفيها
دلالة زائدة على الأولى، وهي انه إذا قام إلى الثانية لا يكبر عند بل ينهض بغير تكبير
لأنه عقب قراءه الفاتحة بعد القيام بالفاء المقتضية لنفى الواسطة بينهما، وهو مذهب
الأكثر من الأصحاب، اعتمادا على الأصل، واعتضادا بهذه الرواية (معه).
102

(135) وروى محمد بن مسلم، وزرارة في الصحيح قالا: قلنا لأبي جعفر
عليه السلام: هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى لها؟ فقال: (كل أخاويف
السماء من ظلمة أو ريح أو فزع، فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن) (1).

(1) التهذيب: 3، باب صلاة الكسوف، حديث 2.
103

(136) وروى ابن أبي يعفور، عن الصادق عليه السلام، قال: (إذا كسفت الشمس
أو القمر، فكسف كلها، فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى الامام، فيصلي بهم.
وان انكسف بعضه، فإنه يجزي الرجل أن يصلي وحده) (1) (2).
(137) وروى علي بن فضال الواسطي قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام، إذا
انكسفت الشمس أو القمر وأنا راكب لا أقدر على النزول؟ فكتب إلي: (صل
على مركبك الذي أنت عليه) (3).
(138) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام، وقد سأله
عن الصلاة في شهر رمضان؟ فقال: (ثلاثة عشر ركعة، منها الوتر، وركعتان
قبل الفجر، كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي) (4).
(139) وروى أبو خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) التهذيب: 3، باب صلاة الكسوف من أبواب الزيادات، حديث 8، وتمام
الحديث: (وصلاة الكسوف عشر ركعات وأربع سجدات، كسوف الشمس أشد على
الناس والبهائم).
(2) ظاهر هذه الرواية ان الكسوف المستوعب، لا بد فيه من الجماعة، وان غير
المستوعب يصح فيه الانفراد، وبها احتج جماعة على وجوب الجماعة فيها إذا استوعب
الاحتراق. والأكثرون حملوا ذلك على الاستحباب، لان لفظ (ينبغي) ليس صريحا في
الوجوب.
فان قلت: الاستحباب ثابت في غير المستوعب أيضا.
قلت: إن الاستحباب في المستوعب آكد، فلذا خصه بالذكر (معه).
(3) التهذيب: 3، باب صلاة الكسوف من أبواب الزيادات، حديث 5.
(4) التهذيب: 3، باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زيادة على النوافل
المذكورة في سائر الشهور، حديث 27، وتمام الحديث (ولو كان فضلا لكان رسول الله
صلى الله عليه وآله، أعمل به وأحق).
104

إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة، وأنا أزيد، فزيدوا) (1) (2).
(140) وروى سفيان بن السمط، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (تسجد للسهو
في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان) (3).
(141) وروى عبد الله بن علي الحلبي في الصحيح، عن الصادق عليه السلام:
(إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا، أو زدت أو نقصت، فتشهد وسلم واسجد سجدتي
السهو بغير ركوع ولا قراءة تتشهد فيهما تشهدا خفيفا) (4) (5).

(1) التهذيب: 3، باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زيادة على النوافل
المذكورة في سائر الشهور، حديث 7.
(2) لا تعارض بين هذا الحديث والمتقدم عليه، لجواز حمل الرواية الأولى على
السؤال عن الراتبة في شهر رمضان، فأجاب الإمام عليه السلام بأن شهر رمضان كغيره
في الراتبة، فلا زيادة فيه على غيره من الشهور فيها. وحمل الرواية الثانية على أن
الزيادة في النوافل المطلقة. ولا شك ان أكثر الأصحاب أطبقوا على زيادة ألف ركعة
في شهر رمضان مقسمة على لياليه كما ذكروا في كتبهم (معه).
(3) التهذيب: 2، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة من المفروض والمسنون
وما يجوز فيها وما لا يجوز، حديث 66، وتمام الحديث: (ومن ترك سجدة فقد نقص).
(4) الفقيه: 1، باب أحكام السهو في الصلاة، حديث 36.
(5) استدل جماعة من الأصحاب بهاتين الروايتين على وجوب سجدتي السهو
لكل ما يلحق المصلى من زيادة ونقصان في صلاته. وفى الاستدلال بهما على هذا المطلوب
شك.
أما الأولى: فللجهل بالراوي.
وأما الثانية: فهي وان كانت صحيحة، الا انه يحتمل أن يكون قوله: (زدت أو
نقصت) راجعا إلى قوله: (إذا لم تدر أربعا صليت) أو نقصتها، زدت الخامسة أو نقصها
فسجود السهو فيها راجع إلى الشك بين الأربع والخمس، لا إلى مطلق الزيادة والنقصان
فلا حجة فيها على ما ادعوه. وعلى رواية زدت أو نقصت، يكون مفيدا للتأسيس وهو
كون الزيادة والنقصان في الأفعال، ويكون دالا على مدعى الأصل (معه).
105

(142) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال في سجدتي السهو: (هما قبل التسليم
فإذا سلمت ذهب حرمة صلاتك) (1).
(143) وروي عن علي عليه السلام أنه قال: (سجدتا السهو بعد السلام وقبل
الكلام) (2).
(144) وروي عن الرضا عليه السلام أنه قال فيهما: (ان نقصت فقبل التسليم.
وان زدت فبعده) (3).
(145) وروى عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إذا لم تدر صليت
أربعا أو خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك، ثم سلم بعدها) (4) (5).
(146) وروى عمار الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن سجدتي
السهو، هل فيهما تسبيح أو تكبير؟ فقال: (لا، إنما هما سجدتان فقط، فإن كان
الذي سها هو الامام، كبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه، ليعلم من خلفه انه سها

(1) التهذيب: 2، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة،
حديث 71، والحديث عن أبي جعفر عليه السلام.
(2) التهذيب: 2، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة،
حديث 69.
(3) التهذيب: 2، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة.
حديث 70.
(4) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب من سهى في الأربع والخمس ولم يدر
زاد أو نقص، أو استيقن انه زاد، حديث 3.
(5) هذه الروايات الأربع فيها تعارض، فان الأولى دلت على أن السجدتين قبل
التسليم، والثانية والرابعة دلتا على أنهما بعده، والثالثة دلت على التفصيل. والثلاث الأول
مرسلات، فلا اعتماد على العمل بها، والرواية الرابعة مسندة ومشهورة، فالعمل عليها
بين الأصحاب (معه).
106

وليس عليه أن يسبح فيهما، ولا فيهما تشهد بعد السجدتين) (1) (2).
(147) وروى عبيد الله الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في سجدتي
السهو: (بسم الله وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (3).
(148) وروى مرة أخرى قال: سمعته مرة أخرى يقول فيهما: (بسم الله
وبالله وصلى الله على محمد وعلى آل محمد) (4).
(149) وروى الصدوق عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة
ان الصادق عليه السلام قال: (إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث، فهو ممن
يكثر عليه السهو) (5).
(150) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته " (6).
(151) وروى الشيخ باسناده إلى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الرجل يصلي بقوم، وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلي

(1) التهذيب: 2، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة،
حديث 72.
(2) هذه الرواية راويها ضعيف، لان راويها الساباطي وهو واقفي، فلا اعتماد
على ما ينفرد به، فالعمل على روايتي الحلبي أولى، والطعن فيهما بأنهما يستلزمان سهو
الامام، فيكونان مخالفين للأصل، ضعيف، إذ ليس فيهما تصريح بأنه قال ذلك في سهو
سها، في صلاته، فيحمل على أنه قال ذلك على سبيل الفتوى والتعليم لمن سها في صلاته،
ففيه اضمار (معه).
(3) التهذيب: 2، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة حديث 74.
(4) التهذيب: 2، باب أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة حديث 74.
(5) الفقيه: 1، باب أحكام السهو في الصلاة، حديث 7.
(6) رواه أحمد بن فهد الحلي في المهذب، في بحث القضاء، في ترتيب الفوائت
اليومية مع أنفسها، (مخطوط).
107

فيه؟ فقال: (إن كان الامام على شبه الدكان، أو في موضع أرفع من موضعهم،
لم يجز صلاتهم) (1).
(152) وروى زرارة في الحسن عن الباقر عليه السلام قال: (إذا صلى قوم وبينهم
وبين الامام ما لا يتخطى، فليس ذلك الامام لهم بامام) (2).
(153) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (إذا صليت
خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه، سمعت قراءته أم لم تسمع، إلا أن تكون صلاة
يجهر فيها، ولم تسمع قراءته فاقرأ) (3).
(154) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن الصلاة خلف الامام، أقراء خلفه؟ فقال: (اما الذي يجهر فيها
فإنما آمر بالجهر لينصت من خلفه، فان سمعت فانصت، وإن لم تسمع
فاقرأ) (4).
(155) وروى محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: كان أمير المؤمنين
عليه السلام يقول: (من قراء خلف امام يأتم به فمات بعث على غير

(1) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب الرجل يخطو إلى الصف أو يقوم خلف
الصف وحده، أو يكون بينه وبين الامام ما لا يتخطى، قطعة من حديث 9.
(2) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب الرجل يخطو إلى الصف أو يقوم خلف
الصف وحده، أو يكون بينه وبين الامام ما لا يتخطى، قطعة من حديث 4.
(3) الفروع: 3، باب الصلاة خلف من يقتدى به والقراءة خلفه، وضمانه الصلاة
حديث 2.
(4) الفروع: 3، باب الصلاة خلف من يقتدى به، والقراءة خلفه، وضمانه
الصلاة، قطعة من حديث 1.
108

الفطرة) (1) (2).
(156) وروى أبو المغرا عن الصادق عليه السلام في المصلي يصلي خلف امام،
فيسلم قبل الامام؟ قال: (ليس بذلك بأس) (3).
(157) وروي عن الرضا عليه السلام في الرجل يكون خلف الامام، فيطيل
التشهد فتأخذه البول، أو يخاف على شئ أو مرض كيف يصنع؟ قال: (يسلم
وينصرف ويدع الامام) (4) (5).
(158) وروى الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (وفي المغرب
يقوم الامام وتجئ طائفة فيقومون خلفه، ويصلي بهم ركعة، ثم يقوم ويقومون
فيتمثل الامام قائما، ويصلون الركعتين) (6).
(159) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: (إذا كان صلاة
المغرب في الخوف فرقهم فرقتين، فيصلي بفرقة ركعتين، ثم يجلس بهم، ثم
أشار إليهم بيده، فقام كل انسان منهم، فيصلي ركعة، ثم سلموا فقاموا مقام

(1) الفروع: 3، باب الصلاة خلف من يقتدى به، والقراءة خلفه، وضمانه
الصلاة، حديث 6.
(2) هذه الرواية معارضة للروايتين السابقتين، لتضمنها النهى عن القراءة خلف الإمام
المرضى، سواء كان في جهرية أو غيرها، والعمل بها أولى، لموافقتها للأصل
(معه).
(3) التهذيب: 3، باب أحكام الجماعة وأقل الجماعة وصفة الامام ومن يقتدى به
ومن لا يقتدى به، والقراءة خلفهما، وأحكام المؤتمين وغير ذلك ومن أحكامها، حديث 101.
(4) الفقيه: 1، باب الجماعة وفضلها، حديث 101، والحديث عن علي بن جعفر
عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام.
(5) وهذه الرواية دلت على حال الضرورة، وانه يجوز التسليم لأجلها قبل الامام
فيحمل الأولى على ذلك أيضا لينتفي التعارض بينهما (معه).
(6) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب صلاة الخوف، قطعة من حديث 1.
109

أصحابهم، وجاءت الطائفة الأخرى، فكبروا ودخلوا في الصلاة) (1) (2).
(160) وروى أبو بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: في كم يقصر الرجل؟
قال: (في بياض يوم أو بريدين) (3) (4).
(161) وروى إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الذين
يكرون الدواب يختلفون كل الأيام، أعليهم التقصير إذا كانوا في سفر؟ قال:
(نعم) (5) (6).
(162) وروى إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: (سبعة
لا يقصرون في الصلاة: الجابي يدور في جبايته، والأمير الذي يدور في
امارته، والتاجر الذي يدور في تجارته، من سوق إلى سوق، والراعي،
والبدوي الذي يطلب الفطر والشجر، والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا
والمحارب الذي يقطع السبيل) (7).

(1) التهذيب: 3، باب صلاة الخوف، قطعة من حديث 8.
(2) دلت الأولى على أن الركعة الأولى للطائفة الأولى، وان للطائفة الثانية
الأخيرتين. ودلت الثانية على عكس ذلك، فدلتا معا على جواز كل من القسمين، والخيار
إلى الامام (معه).
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب حكم المسافر والمريض في الصيام،
حديث 26.
(4) البريد أربع فراسخ والبريدين ثمانية فراسخ (معه).
(5) التهذيب: 3، باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات من كتاب الصلاة،
حديث 41.
(6) يحمل السفر أما على سفر يكون بعد إقامة عشرة، أو على سفر يكون مخالفا
لصنعتهم، فان الأصحاب متفقون على أن ذا الصنعة إذا أشاء سفرا يخالف صنعته قصر
(معه).
(7) الفقيه: 1، باب الصلاة في السفر، حديث 17.
110

(163) وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: (المكاري إذا لم
يستقر في منزل الا خمسة أيام أو أقل، قصر في سفره بالنهار وأتم بالليل، وعليه
صوم شهر رمضان. فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو
أكثر، وينصرف إلى منزله، ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر، قصر في سفره
وأفطر) (1) (2).
(164) وروى الصدوق في من لا يحضره الفقيه، عن إسماعيل بن جابر،
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يدخل علي وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي
حتى أدخل أهلي؟ فقال: (صل وأتم الصلاة) قلت: فيدخل علي الوقت وأنا
في أهلي وأريد السفر فلا أصلي حتى أخرج؟ فقال: (صل وقصر، فإن لم تفعل
فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله) (3).
(165) وروى منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
(إذا كان الرجل في سفر ودخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله) قال:
(ان شاء قصر وان شاء أتم، والاتمام أحب إلي) (4) (5).

(1) الفقيه: 1، باب الصلاة في السفر، حديث 13.
(2) وهذه الرواية أفتى بمضمونها الشيخ في النهاية، وباقي الأصحاب لم يعملوا
بمضمونها لمخالفتها الأصل (معه).
(3) الفقيه: 1، باب الصلاة في السفر، حديث 23.
(4) الاستبصار: 1، باب المسافر يدخل عليه الوقت فلا يصلى حتى يدخل إلى
أهله، والمقيم يدخل عليه الوقت فلا يصلى حتى يخرج، حديث 7.
(5) الرواية الأولى دلت على أن الاعتبار في القصر والاتمام بحال الفعل لا بحال
الوجوب، والرواية الثانية دلت على أنه لا ترجيح لأحدهما فيتخير المكلف بين التمام
والقصر، وهما معا مخالفتان للأصل، لان الذي يقتضيه الأصل ان الاعتبار في الذهاب
بحال الوجوب، وفى الإياب بحال الفعل، مراعاة لجانب التمام في الموضعين، احتياطا
للصلاة (معه).
111

(166) وروي عن ابن عمر، ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا جد به السير جمع
بين المغرب والعشاء (1).
(167) وروى مسلم، ان النبي صلى الله عليه وآله إذا عجل عليه السير يؤخر الظهر
إلى وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء
(2) (3).

(1) سنن الدارقطني: 1، باب الجمع بين الصلاتين في السفر، قطعة من حديث 8.
ولفظ ما رواه: (ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كان إذا جد به السير
جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق ساعة، وكان يصلى على راحلته أين توجهت
به، السبحة في السفر ويخبرهم ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصنع ذلك)،
وصحيح مسلم: 1، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، (5) باب جواز الجمع بين الصلاتين
في السفر، حديث 42. كما في المتن.
(2) صحيح مسلم: 1، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، (5) باب جواز الجمع
بين الصلاتين في السفر، حديث 48، ولفظ ما رواه: (عن أنس عن النبي صلى الله عليه
(وآله) وسلم إذا عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر
المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء، حتى يغيب الشفق).
(3) هاتان الروايتان تدلان على أن الجمع في السفر، فعله النبي صلى الله عليه
وآله، فتحمل على الاستحباب. لان أفعاله في الغالب أما الوجوب أو الاستحباب.
وذلك يدل بمفهوم المخالفة على أن الجمع في الحضر غير مستحب، ولا يدل على كراهته
وفيها إشارة إلى أن التفريق في الحضر أفضل من الجمع (معه).
112

" باب الزكاة "
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " ما نقص مال من زكاة " (1).
(2) وقال عليه السلام: " الصدقة مثراة للمال " (2).
(3) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الله فرض عليكم الزكاة، كما فرض الصلاة، زكوا
أموالكم تقبل صلاتكم " (3) (4).

(1) المهذب في مقدمة كتاب الزكاة. وبمعناه ما في الفقيه: 2، باب علة وجوب
الزكاة من أبواب الزكاة، حديث 8.
(2) المهذب في مقدمة كتاب الزكاة.
(3) الفقيه: 2، باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة، قطعتان من حديث 1،
وفى المستدرك، باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة، حديث 19، نقلا عن عوالي
اللئالي.
(4) ومعنى القبول هنا حصول الثواب لها، فإنه مشروط بأداء الزكاة، بمعنى انه
إذا كان مصليا ومزكيا، حصل له ثواب الواجبين، وان صلى ولم يزك لم يحصل له ثواب
الصلاة. فعلم منه ان الزكاة شرط في حصول الثواب بالصلاة دون العكس. وليس المراد
بالقبول ما يفهم من ظاهر اللفظ انه بمعنى الاجزاء الشرعي، لان المعلوم من الشريعة ان
الزكاة ليست شرطا في اجزاء الصلاة، ومعنى الاجزاء سقوط التعبد بها (معه).
113

(4) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله أخرج خمسة من المسجد، وقال: " لا تصلون
فيه وأنتم لا تزكون " (1).
(5) وفي حديث آخر انه صلى الله عليه وآله لما بعث معاذا إلى اليمن قال: " وأعلمهم
ان الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم " (2) (3).
(6) وقال الصادق عليه السلام: (وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة على تسعة أشياء:
الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والذهب، والفضة، والإبل، والبقر،
والغنم) (4).
(7) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " فيما سقت السماء العشر " (5).
(8) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: (مال اليتيم ليس
عليه في العين والصامت شئ. وأما الغلات فان عليها الصدقة واجبة) (6).

(1) الفقيه: 2، باب ما جاء في مانع الزكاة، حديث 11. وفى المستدرك، باب
(4) من أبواب ما تجب فيه الزكاة، حديث 7، نقلا عن عوالي اللئالي، فلاحظ.
(2) سنن أبي داود: 2، كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، قطعة من حديث
1584.
(3) ومن هذا يعلم أنه لا يجوز نقل الصدقة الواجبة عن بلدها مع وجود المستحق
فيه. أما مع عدمه فالنقل جائز (معه).
(4) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب ما وضع رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل
بيته الزكاة عليه، حديث 2، وتمام الحديث: (وعفا عما سوى ذلك).
(5) سنن الترمذي، كتاب الزكاة (14) باب ما جاء في الصدقة فيما يسقى بالأنهار
وغيره، حديث 639، ولفظه: (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فيما سقت
السماء والعيون العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر).
(6) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب زكاة مال اليتيم، حديث 5.
114

(9) وقال الصادق عليه السلام: (ليس في مال اليتيم زكاة) (1) (2).
(10) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يتم بعد احتلام " (3).
(11) وقال عليه السلام: " هاتوا ربع عشر أموالكم " (4).
(12) وروى درست، عن الصادق عليه السلام قال: (ليس في الدين زكاة إلا أن
يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره، فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه
زكاة حتى يقبضه) (5).

(1) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب زكاة مال اليتيم، حديث 6.
(2) الحديث الثاني عام يوجب نفى الزكاة عن مال الطفل مطلقا، وهو موافق
للأصل، من حيث اشتراط التكليف الشرعي بالبلوغ، والزكاة تكليف شرعي، فيكون
البلوغ مشروطا فيها.
وأما الحديث الأول ففيه تفصيل دال على أن الغلات مستثناة من العموم، وان
الزكاة واجبة فيها، ولا معارضة بين الحديثين، لأنه متى تعارض العام والخاص، وجب
حمل العام على الخاص، فيعمل بالعام في ما عدى مورد الخاص، فتخصص المال بما
عدى الغلات، ويبقى الحكم في الغلات بحاله، ويبقى التعارض بينها وبين الأصل من
حيث إن مقتضاه اشتراط البلوغ في الكل، والعمل بالأصل هنا أقوى، لان احدى الروايتين
مرسلة، والأخرى غير معلومة الطريق (معه).
(3) سنن أبي داود: 3، كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليتم، حديث
2873، ولفظ الحديث: (قال علي بن أبي طالب: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم " لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل).
(4) سنن الدارقطني: 2، كتاب الزكاة، باب وجوب زكاة الذهب والفضة
والماشية والثمار والحبوب، حديث 3، ولفظ الحديث: (عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم).
(5) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب زكاة المال الغائب والدين والوديعة،
حديث 3.
115

(13) وروى إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الدين عليه
زكاة؟ قال: (لا حتى يقبضه) قلت: فإذا قبضه عليه زكاة؟ قال: (لا حتى يحول
عليه الحول في يديه) (1) (2).
(14) وروى زرارة قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام وليس عنده غير
ابنه جعفر، فقال: يا زرارة ان أبا ذر رضي الله عنه وعثمان تنازعا على عهد رسول
الله صلى الله عليه وآله، فقال عثمان: كل مال من ذهب أو فضة يدار به ويعمل به ويتجر به،
ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول، فقال: أبو ذر رضي الله عنه أما ما أتجر به أو يدار
أو عمل به فليس فيه زكاة، إنما الزكاة فيه إذا كان ركازا أو كنزا موضوعا، فإذا
حال عليه الحول فعليه الزكاة، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: القول ما
قال أبو ذر) (3).
(15) وروى أبو الربيع الشامي، عن الصادق عليه السلام في رجل اشترى متاعا،
فكسد عليه متاعه، وقد كان زكى ماله قبل أن يشتري به، هل عليه زكاة؟ أو
حتى يبيعه؟ قال: (إن كان أمسكه لالتماس الفضل على رأس ماله، فعليه

(1) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب زكاة مال الغائب والدين والقرض، حديث 11.
(2) العمل على الحديث الثاني، لأنه أصح طريقا، ويمكن الجمع بينهما بأن
يحمل الأول على أن يكون التأخير من صاحب الدين بالامتناع عن قبضه بعد أن بذله
المدين وعزله عن ماله وعينه وأشهد عليه ووضعه في الحرز وحال عليه الحول، فان
زكاته يجب على الممتنع لموافقته الأصول (معه).
(3) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب حكم أمتعة التجارات في الزكاة، حديث 8
وتمام الحديث: فقال أبو عبد الله عليه السلام لأبيه: ما تريد إلى أن تخرج مثل هذا فكيف
الناس أن يعطوا فقرائهم ومساكينهم!؟ فقال أبوه عليه السلام: إليك عنى لا أجد منها
بدا).
116

الزكاة) (1) (2).
(16) وروى زرارة، ومحمد بن مسلم، وبريد، وأبو بصير، والفضيل عنهما
عليهما السلام، قالا: (ثم ليس فيها شئ أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة، ففيها
مثل ذلك ثلاث شياة فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتى تبلغ أربعمائة،
فإذا بلغت أربعمائة كان على كل مائة شاة) (3).
(17) وروى محمد بن قيس عن الصادق عليه السلام قال: (ليس فيما دون الأربعين
من الغنم شئ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت
واحدة ففيها شاتان إلى المأتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى
ثلاثمائة، فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة) (4) (5).

(1) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب حكم أمتعة التجارات في الزكاة،
حديث 1.
(2) ظاهر هذا الحديث دال على وجوب زكاة التجارة وانها لا تنافى المالية،
لكن بشرط أن يكون الشراء لا للقنية، بل للاسترباح والزيادة. وهذا الحديث معارض
لحديث أبي ذر وعثمان السابق، فيحمل على الاستحباب، للتوفيق بين الحديثين (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب صدقة الغنم، قطعة من حديث 1.
(4) التهذيب: 4، كتاب الزكاة باب زكاة الغنم، حديث 2.
(5) بين هذا الحديث والسابق عليه تعارض، فان الأول دال على أن نصب الغنم
إنما تستقر على المائة إذا بلغت أربعمائة، فيؤخذ من كل مائة شاة دائما. والثاني دال
على أن الاستقرار يحصل بثلاثمائة، لأنه قال: (إذا كثرت الغنم) يعنى زادت على ثلاثمائة
والزيادة يحصل ولو بالواحدة، فإذا حصلت الزيادة أخذ من كل مائة شاة، فعلى هذا
الحديث في الثلاثمائة ثلاث شياة، لكن بشرط الزيادة عليها، فالزائد يكون شرطا في
وجوب الثلاث، وفى استقرار النصب عليها، ولا دخل لها في النصاب.
وعلى الحديث الأول في ثلاثمائة أربع شياة، لكن مع زيادة الواحدة، فالزيادة
لها مدخل في وجوب الأربع، فيكون جزءا من النصاب. والعمل بالحديث الأول أقوى
لأنه من المستفيض والمشهور، والحديث الثاني من الآحاد المحض، وإذا تعارض
المشهور والآحاد تعين العمل بالمشهور (معه).
117

(18) وروى محمد بن مسلم، وأبو بصير، والفضيل عنهما عليهما السلام قالا: (في
الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال، وليس في أقل من أربعين مثقالا شئ) (1).
(19) وروى يحيى بن أبي العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (في عشرين
دينارا نصف مثقال) (2) (3).
(20) وروى حماد بن عثمان، عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا بأس
بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين) (4).
(21) وروى معاوية بن عمار في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت
له: الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم؟ قال:
(لا بأس)، قلت: فإنها لا تحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟
قال: (لا بأس) (5).
(22) وروى يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا حال الحول

(1) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب زكاة الذهب، قطعة من حديث 17.
(2) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب زكاة الذهب، حديث 2، ولفظ الحديث:
(في عشرين دينارا نصف دينارا).
(3) العمل على هذه الرواية لاشتهار الفتوى بمضمونها بين الأصحاب وعمل
أغلبهم على ما دلت عليه. والرواية الأولى وان اشتهرت في الرواية، الا أنها متروكة
العمل بين الأصحاب، فلم يعمل بها أحد منهم الا ابن بابويه (معه).
(4) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من
الأوقات، حديث 5. وليس فيه (عن رجل).
(5) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من
الأوقات، حديث 3.
118

فأخرجها من مالك ولا تخلطها بشئ ثم أعطها كيف شئت) (1).
(23) وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعجل
زكاة قبل المحل؟ قال: (إذا مضت خمسة أشهر فلا بأس) (2).
(24) وروى زرارة في الصحيح قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أيزكى
الرجل ماله إذا مضى عليه ثلث السنة؟ قال: (لا، أيصلي الأولى قبل الزوال؟) (3).
(25) وروى عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: الرجل عنده
المال، أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال: (لا، ولكن حتى يحول عليه
الحول وتحل عليه، انه ليس لأحد أن يصلي صلاة الا لوقتها، وكذلك الزكاة
ولا يصوم شهر رمضان الا في شهره، الا قضاءا، فكل فريضة إنما تؤدى إذا
حلت) (4) (5).

(1) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب أوقات الزكاة، قطعة من حديث 3.
(2) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من
الأوقات، حديث 6. وفيه (ثمانية) بدل (خمسة).
(3) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من
الأوقات، حديث 2.
(4) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من
الأوقات، حديث 1.
(5) العمل على الروايتين الأخيرتين، لأنهما من الصحاح، وموافقتين للأصل،
والروايات السابقة ليس فيها صحيح الا رواية معاوية بن عمار، مع مخالفتها للأصل،
لان العبادة الموقتة بمقتضى الأصل لا يصح تقديمها على وقتها ولا تأخيرها عنه.
ويمكن التوفيق بين هذه الروايات، بأن تحمل الروايات التي فيها التعجيل والتأخير
على أن التعجيل على سبيل القرض، لأنه قد يعرض للفقير حاجة في وسط السنة، فيعجل
لها الزكاة بجعلها دينا في ذمته، ليسد بها خلتها الحاضرة ويحسبها الدافع عليه من الزكاة
عند حلول الأجل، فيحصل الفائدة للاثنين، وتحصل فائدة أخرى للمعطى، وهو ثواب
القرض.
ويحمل التأخير على عدم حضور المستحق، أو لأجل البسط على الأصناف، أو
لانتظار الأفضل كأهل العلم والديانة والصلاح وذوي الرحم، لكن مع العزل، ويحمل
الروايات الأخرى المانعة من ذلك على الأصل، فينتفى التعارض (معه).
119

(26) وروى أبو بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام، قول الله عز وجل:
(إنما الصدقات للفقراء والمساكين) (1)؟ قال: (الفقير الذي لا يسأل الناس
والمسكين أجهد منه، والبائس أجهدهم) (2).
(27) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا تحل الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب " (2).
(28) وروى سماعة عنه عليه السلام قال: (قد تحل الصدقة لصاحب سبعمائة،
وتحرم على صاحب الخمسين درهما) فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: (إذا كان
صاحب سبعمائة له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم تكفه، فليعف عنها نفسه
وليأخذها لعياله. وأما صاحب الخمسين درهما فإنه تحرم عليه إذا كان وحده،
وهو محترف يعمل بها ويصيب منها ما يكفيه إن شاء الله) (4).

(1) التوبة: 60.
(2) الفروع: 4، كتاب الزكاة، باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق
حديث 16.
(3) سنن الدارقطني، كتاب الزكاة، باب لا تحل الصدقة لغنى ولا لذي مرة سوى،
حديث 7، ولفظ الحديث: (عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أخبرني رجلان انهما أتيا
النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في حجة الوداع يسألانه مما بيده من الصدقة، فرفع
فيهما البصر وخفضه، فرأهما جلدين، فقال: ان شئتما أعطيتكما منها " ولاحظ فيها لغنى
ولا لقوى مكتسب ". وفى الوسائل، كتاب الزكاة، باب (8) من أبواب المستحقين للزكاة
حديث 8 ما بمعناه.
(4) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب من يحل له أن يأخذ الزكاة ومن لا يحل له
ومن له المال القليل، حديث 9.
120

(29) وروى علي بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليه السلام قال: (الغارمون
قوم قد وقعت عليهم ديون قد أنفقوها في طاعة الله من غير إسراف) (1).
(30) وعن علي بن إبراهيم أيضا قال: فسر العالم، إلى أن قال: وفي
سبيل الله، قوم يخرجون إلى الجهاد وليس عندهم ما ينتفعون به، أو قوم من
المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به، أو في جميع سبيل الخير، فعلى الامام
أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقوموا على الحج والجهاد (2).
(31) وروى يعقوب بن شعيب، عن العبد الصالح قال: (إذا لم يجد العارف
دفعها إلى من لا ينصب) (3).
(32) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " على كل ذي كبد حرى أجر " (4).
(33) وقال عليه السلام: " اعط من وقعت له الرحمة في قلبك " (5).
(34) وروى الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان جدي عليه السلام يعطي
فطرته الضعفاء، ومن لا يتوالى، ويقول: هي لأهلها إلا أن لا تجدهم، فإن لم
تجدهم فلمن لا ينصب) (6).

(1) التهذيب: 4، باب أصناف أهل الزكاة، قطعتان من حديث 3.
(2) التهذيب: 4، باب أصناف أهل الزكاة، قطعتان من حديث 3.
(3) التهذيب: 4، باب تعجيل الزكاة وتأخيرها عما تجب فيه من الأوقات،
حديث 12، وتمام الحديث (قلت: فغيرهم؟ قال: ما لغيرهم الا الحجر).
(4) مسند أحمد بن حنبل 2: 222، ولفظ الحديث: (ان رجلا جاء إلى النبي
صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال: انى أنزح في حوضي حتى إذا ملأته لأهلي ورد على
البعير لغيري، فسقيته، فهل لي في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
" في كل ذات كبد حرى أجر ".
(5) المهذب البارع، كتاب الزكاة في شرح قول المصنف (وفى صرفها إلى
المستضعف مع عدم العارف تردد)، نقلا عن النبي صلى الله عليه وآله.
(6) التهذيب: 4، باب مستحق الفطرة وأقل ما يعطى الفقير منها، حديث 8.
121

(35) وروى إسماعيل بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الزكاة
هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: (لا، ولا زكاة الفطرة) (1).
(36) وروى عنهما عليهما السلام انهما قالا: (الزكاة لأهل الولاية، قد بين الله لكم
موضعها في كتابه) (2) (3).
(37) وروى داود الصرمي، قال: سألته عن شارب الخمر يعطي من الزكاة
شيئا؟ قال: (لا) (4).
(38) وروى عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أخرج
زكاة ماله فلم يجد لها موضعا، فاشترى بها مملوكا فأعتقه، هل يجوز ذلك؟
قال: (نعم لا بأس بذلك) قلت له: انه اتجر واحترف فأصاب مالا، ثم مات،
من يرثه؟ قال: (يرثه الفقراء الذين يستحقون الزكاة، إنما اشترى من
ما لهم) (5) (6).

(1) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب الزكاة لا تعطى غير أهل الولاية، حديث 6.
(2) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب مستحق الزكاة للفقر والمسكنة من جملة
الأصناف، حديث 6.
(3) العمل على الروايتين الأخيرتين لموافقتهما للأصل والشهرة، والعمل بهما بين
الأصحاب. والروايات الأولى أكثرها ضعيفة السند مع مخالفتها للأصل، فلا عمل عليها
(معه).
(4) التهذيب: 4، كتاب الزكاة، باب مستحق الزكاة للفقر والمسكنة من جملة
الأصناف، حديث 9.
(5) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب الرجل يحج من الزكاة أو يعتق، حديث 3،
وفيه اختلاف يسير في بعض الألفاظ، فراجع.
(6) أما صدر الرواية فموافق للأصل، فلا بأس بالعمل به، وأما آخرها الدال على أن
ميراث المعتق يكون لأرباب الزكاة فمخالف للأصل، لان المال الذي اشترى به
وإن كان من الزكاة، إلا أنه لم يتعين في مصرفهم، والعبد المعتق والمشترى منه هو أحد
المصارف الشرعية، فيكون المعتق سائبة فلا ولاء لأرباب الزكاة عليه، بل ميراثه يكون
للامام (معه).
122

(39) وروى أبو ولاد الحناط في الصحيح، عن الصادق عليه السلام قال: سمعته
يقول: (لا يعط أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم) (1).
(40) وروى معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا يجوز في
دفع الزكاة أقل من خمسة دراهم، فإنه أقل الزكاة) (2).
(41) وروى عبد الكريم بن عتبه الهاشمي في الصحيح، عن الصادق عليه السلام
قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقه أهل البوادي في أهل البوادي، وصدقه
أهل الحضر في أهل الحضر، ولا يقسمها بينهم بالسوية، وإنما يقسمها على قدر
ما يحضره منهم. وقال: ليس في ذلك شئ موقت) (3).
(42) وروى محمد بن سلم، وبريد بن معاوية، والفضيل بن يسار، وزرارة
وبكير بن أعين في الصحيح عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام قالا: (يعطي يوم
الفطر قبل الصلاة فهو أفضل، وهو في سعة أن يعطيها من أول يوم من شهر
رمضان) (4) (5).

(1) الفروع: 3، كتاب الزكاة، باب أقل ما يعطى من الزكاة وأكثر، قطعة من
حديث 1.
(2) التهذيب: 4، باب ما يجب أن يخرج من الصدقة وأقل ما يعطى، حديث 2.
(3) الفروع: 3، باب الزكاة تبعث من بلد إلى بلد أو تدفع إلى من يقسمها
فتضيع، حديث 8.
(4) التهذيب: 4، باب وقت زكاة الفطرة، قطعة من حديث 4.
(5) وإنما جاز اعطائها من أول الشهر لان السبب في وجوبها هو الصوم والفطر
فيجوز فعلها عند أحد السببين، لكن تأخيرها حتى يتحقق السبب الثاني أفضل.
وأما رواية ابن ميمون فضعيفة، لان المشهور بين الأصحاب انها لا تسقط بخروج
العيد حتى تكون صدقة، بل المشهور عندهم وجوب اخراجها بعده قضاءا (معه).
123

(43) وروى إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (الفطرة ان
أعطيته قبل أن تخرج إلى العيد، فهي فطرة. وإن كان بعد ما تخرج إلى العيد فهي
صدقة) (1).

(1) التهذيب: 4، باب وقت زكاة الفطرة، حديث 3.
124

" باب الخمس "
(1) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصدقة أو ساخ الناس، فأكرم الله نبيه ومحاويج
ذريته عن التلبس بأوساخ أمته، لشرف منصبه وعلو درجته، فعوضه عنها
بالخمس، وزاد فيه " (1).
(2) وقال صلى الله عليه وآله: " كلما لم يكن في طريق مأتي، أو قرية عامرة، ففيه
وفي الركاز الخمس " (2).
(3) وروى عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس
الهلالي، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعته يقول: (وأعظم من ذلك سهم
ذي القربى الذين قال الله تعالى فيهم " ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا
يوم الفرقان يوم التقى الجمعان " (3) فنحن والله الذين عنى الله بذي القربى والذين

(1) رواه في المهذب البارع، في مقدمة كتاب الخمس.
(2) المهذب البارع، في مقدمة كتاب الخمس. ورواه في المستدرك، كتاب
الخمس، باب (4) من أبواب ما يجب فيه الخمس، حديث 5، نقلا عن عوالي اللئالي.
وفى مسند أحمد بن حنبل 2: 203 ما هذا لفظه: (قال يا رسول الله: ما يوجد في الخراب
العادي؟ قال: فيه وفى الركاز الخمس).
(3) الأنفال: 41.
125

قرنهم الله بنفسه وبنبيه، فقال: " فان لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى
والمساكين وابن السبيل " (1) منا خاصة، ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا
أكرم الله نبيه وأكرمنا ان يطعمنا أو ساخ أيدي الناس) (2).
(4) وروى محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي
جعفر الثاني عليه السلام أخبرني في الخمس أعلى جميع ما يستفيده الرجل، من
قليل وكثير، من جميع الضروب، وعلى الضياع؟ فكتب بخطه: (الخمس بعد
المؤنة) (3) (4).
(5) وفي رواية علي بن مهزيار. وقد اختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا:
يجب على الضياع الخمس بعد المؤنة مؤنة الضيعة وخراجها لا مؤنة الرجل
وعياله!؟ فكتب وقرأ علي بن مهزيار - (عليه الخمس بعد المؤنة ومؤنة عياله
وبعد خراج السلطان) (5).
(6) وروى محمد بن زيد الطبري قال: كتب رجل من تجار فارس، من
بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الاذن في الخمس؟ فكتب إليه:
(بسم الله الرحمن الرحيم، ان الله واسع كريم، ضمن على العمل الثواب

(1) الأنفال: 41.
(2) الروضة من الكافي: 63، قطعة من خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام، ورواه
في الأصول: 1، باب الفئ والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه، حديث 1،
مع تقديم وتأخير لبعض الجملات، فراجع.
(3) التهذيب: 4، باب الخمس والغنائم، حديث 9.
(4) وهذا يدل على عموم وجوب الخمس على جميع أنواع التكسبات مما يعد
استفادة وغنيمة، لكن ذلك الوجوب مشروط باخراج المؤنة قبله، وان الخمس إنما يجب
فيما فضل عنها (معه).
(5) التهذيب: 4، باب الخمس والغنائم، قطعة من حديث 11.
126

وعلى الخلاف العقاب، لا يحل مال الا من وجه أحله الله، ان الخمس عوننا
على ديننا وعلى عيالنا وموالينا، وما نبذ له ونشترى من اعراضنا ممن يخاف
سطوته، فلا تزووه عنا، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه، فان أخرجه
مفتاح رزقكم، وتمحيص ذنوبكم، وما تمهدون لأنفسكم يوم فاقتكم، فالمسلم
من يفي بما عاهدا الله عليه، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب
والسلام) (1) (2).
(7) وروى محمد بن زيد قال: قدم من خراسان على أبي الحسن الرضا
عليه السلام قوم سألوه أن يجعلهم في حل من الخمس؟ فقال: (ما أحل هذا
تمحضونا بالمودة بألسنتكم، وتزوون عنا حقنا، وقد جعله الله لنا، وهو الخمس
لا نجعل أحدا منكم في حل) (3).
(8) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: (ان أشد ما فيه الناس
يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس، فيقول: يا رب خمسي، وقد طيبنا ذلك

(1) الأصول: 1، باب الفئ والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه،
حديث 25.
(2) وفى هذا دلالة على أن وجوب الخمس على من وجب عليه لمن وجب له
ليس كوجوب الدين، يسقط باسقاط من له الدين، بل وجوبه على حد وجوب سائر
العبادات المتعلقة بالمال، فكما أن الزكاة لا تسقط باسقاط المستحق لها من وجب عليه
كذلك الخمس لا يسقط باسقاط مستحقة، ولهذا قال الإمام عليه السلام: " لا يحل مال الا
من وجه أحله الله " بمعنى انك أيها السائل تريد أن نجعل المال الذي هو الخمس لك
حلالا من جهتنا، وليس الحلال الا ما أحله الله، فلا يحل لك بتحليلنا، والله لا يحله لك،
بل ولا يحل لك ما لم يحله الله لك، فيكون القول من السائل خطاءا (معه).
(3) الأصول: 1، باب الفئ والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه،
حديث 26.
127

لشيعتنا ليطيب ولادتهم وليزكوا أولادهم) (1) (2).
(9) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألت أبا الحسن
الرضا عليه السلام عما أخرج المعدن من قليل أو كثير، هل فيه شئ؟ قال: (ليس فيه
شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا) (3).
(10) وروى ربعي بن عبد الله بن الجارود في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أتاه المغنم أخذ صفوه، وكان ذلك له، ثم يقسم
ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين
قاتلوا عليه، ثم يقسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس، يأخذ خمس الله
عز وجل لنفسه، ثم قسم الأربعة الأخماس بين ذوي القربى واليتامى و
المساكين وأبناء السبيل، يعطى كل واحد منهم جميعا. وكذلك الامام يأخذ كما
يأخذ الرسول صلى الله عليه وآله) (4).
(11) وروى أحمد بن محمد، رفع الحديث، إلى أن قال: فأما الخمس
فيقسم على ستة أسهم، كما تضمنته الآية (5) (6).

(1) الأصول: 1، باب الفئ والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه،
حديث 20.
(2) وهذا مخصوص من العموم السابق، وهو مختص بالنكاح. لان طيب الولادة
وزكاتها المعلل به الطيب دليل على أنه مخصوص بهذا النوع، فعلمنا ان المناكح مستثناة
لكن مخصوص بحال الغيبة، لا حال الظهور، فهو من باب الرخصة المضطر إليها (معه).
(3) التهذيب: 4، باب الزيادات من باب الخمس والغنائم، حديث 13.
(4) التهذيب: 4، باب قسمة الغنائم، حديث 1.
(5) التهذيب: 4، باب تمييز أهل الخمس ومستحقه ممن ذكر الله في القرآن،
قطعة من حديث 5.
(6) العمل على الحديث الثاني أولى، لشهرته بين الأصحاب، وفتوى أكثرهم
على ما تضمنه. وأما الحديث السابق عليه فهو وإن كان صحيحا إلا أنه لم يعمل به أحد من
الأصحاب.
وحمل الشيخ في الاستبصار والعلامة في المختلف على أنه رضا من النبي صلى الله
عليه وآله بدون حقه وليس ذلك بلازم في القسمة، إذ ليس في الحديث ما يدل على
ذلك، لأنه حكاية حال فعله عليه السلام، فاحتمال رضائه بهذه القسمة لا يستلزم كون القسمة
دائما كذلك.
واعترض عليه بأنه قال في آخر الحديث: (والامام يأخذ كما يأخذ الرسول) فهو
خبر بمعنى الامر، فيكون ذلك واجبا، إلا أن شهرة الحديث الأخير، ومطابقته للآية،
يوجب ترك العمل بهذا الحديث، ويدل عليه الحديث الثالث. وهو كون وجوب كون
الاخذ بما اشتهر بين الأصحاب وترك ما ندر بينهم، وان صح طريقه. وذكره هنا لهذه
الفائدة (معه).
128

(12) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (خذ ما اشتهر بين أصحابك، ودع
ما ندر) (1).
(13) وروى حماد بن عيسى قال: روى لي بعض أصحابنا عن العبد الصالح
أبي الحسن الأول عليه السلام: (ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش،
فان الصدقة تحل له، وليس له في الخمس شئ، لان الله تعالى يقول: " ادعوهم
لابائهم " (2) (3).
(14) وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: للحسن

(1) جامع أحاديث الشيعة: 1، باب ما يعالج به تعارض الروايات من الجمع
والترجيح وغيرهما، قطعة من حديث 2، نقلا عن عوالي اللئالي، عن العلامة قدس سره
مرفوعا إلى زرارة بن أعين. ورواه في المهذب مرسلا عن الصادق عليه السلام في كتاب
الخمس في شرح قول المصنف (وتقسم ستة أقسام على الأشهر).
(2) سورة الأحزاب: 5.
(3) التهذيب: 4، باب قسمة الغنائم، قطعة من حديث 2.
129

والحسين عليهما السلام " هذان ابناي امامان قاما أو قعدا " (1) (2).
(15) وروى البزنطي في الموثق عن أبي الحسن عليه السلام، وقد قيل له: أرأيت
إن كان صنف أكثر من صنف، وصنف أقل من صنف كيف يصنع به؟ فقال:
(ذلك إلى الامام، أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يصنع، إنما كان يعطي على
ما يرى وكذلك الامام) (3).
(16) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، ان الله قد
جعل لهم في الخمس ما فيه كفايتهم فجعله عوضا عنها " (4).
(17) وروى العياش الوراق، عن رجل سماه عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

(1) علل الشرايع 1: 21، باب (159) العلة التي من أجلها صالح الحسن بن علي
صلوات الله عليه معاوية بن أبي سفيان وداهنه ولم يجاهده، حديث 2.
(2) بهذه الرواية المشهورة في حق الحسن والحسين عليهما السلام استدل السيد
المرتضى على أن ابن البنت ابن لأبيها، لان الأصل في الاطلاق الحقيقة وباقي الأصحاب
على خلافه اعتمادا على العرف، واطلاق أهل اللغة، والآية، وهي قوله تعالى " ادعوهم
لابائهم " واعتضادا برواية حماد المذكورة، وهي وان كانت مرسلة، الا انها مع
الأدلة السابقة مرجحة يجب المصير إليه، خصوصا وهي معللة بالآية الموافقة للعرف
واللغة (معه).
(3) الأصول: 1، باب الفئ والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه،
قطعة من حديث 7.
(4) رواه في المهذب عن النبي صلى الله عليه وآله في كتاب الخمس في شرح
قول المصنف: (وفى اعتبار الايمان تردد واعتباره أحوط). وفى كنز العمال 6: 458
في بيان مصرف الصدقة، حديث (16530)، ولفظه: (لا يحل لكم أهل البيت من
الصدقات شئ ولا غسالة الأيدي ان لكم في خمس الخمس لما يغنيكم أو يكفيكم) وحديث
(16531)، ولفظه (يا أبا رافع ان الصدقة حرام على محمد وعلى آل محمد، وان
مولى القوم من أنفسهم).
130

(إذا غزى قوم بغير إذن الإمام فغنموا، كانت الغنيمة كلها للامام. وان غزوا
بأمره كان للإمام الخمس) (1) (2).

(1) رواه في المهذب، كتاب الخمس في شرح قول المصنف: (وقيل: إذا غزى
قوم بغير اذنه فغنمهم له).
(2) هذه الرواية وان كانت مرسلة، الا أنها تأيدت بشهرتها بين الأصحاب في
العمل، فلا يضرها الارسال لتأييدها بعملهم عليها (معه).
131

" باب الصوم "
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " شهر رمضان شهر فرض الله عز وجل صيامه، فمن
صامه احتسابا وايمانا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " (1).
(2) وقال عليه السلام: " قال الله تعالى: الصوم لي وأنا أجزي به " (2).
(3) وقال عليه السلام: " الصوم جنة من النار " (3).
(4) وقال الباقر عليه السلام: (بني الاسلام على خمس: الصلاة، والزكاة، والصوم
والحج، والولاية) (4).
(5) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا صيام لمن لا يبيت الصيام بالليل " (5).

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب فرض الصيام، حديث 4.
(2) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب فرض الصيام حديث 3.
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب فرض الصيام، قطعة من حديث 1 و 2.
(4) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب فرض الصيام، حديث 1.
(5) سنن الدارقطني 2: 172، تبييت النية من الليل، حديث 2، ولفظه: (لا
صيام لمن لم يفرضه قبل الفجر) أو (لمن لم يفرضه من الليل).
132

(6) وفي حديث آخر: " من لم يبيت الصيام بالليل فلا صيام له " (1) (2).
(7) وروى هشام بن سالم صحيحا عن أبي عبد الله عليه السلام، قلت له: الرجل
يصبح ولا ينوي الصوم، فإذا تعالى النهار حدث له رأي في الصوم؟ فقال:
(ان هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه، وان نواه بعد الزوال
حسب له من الوقت الذي نواه) (3) (4).
(8) وروى عبد الرحمان بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل
يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما، وكان عليه يوم من شهر رمضان،
أله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار؟ قال: (نعم، له أن يصوم،
ويعتد به من شهر رمضان) (5).

(1) رواه في المهذب، كتاب الصوم، في وقت النية للمندوب. ورواه البيهقي
في السنن الكبرى 4: 202، كتاب الصيام، باب الدخول في الصوم بالنية، فلاحظ.
(2) لا بد في هذين الحديثين من الاضمار لعدم استقامة الكلام من دونه، وتقديره
لا صيام صحيحا لمن لم ينوه بالليل، فدل على أن النية شرط في صحته، وان وقتها الليل
وهو وإن كان عاما، لأنه نكرة في سياق النفي، وهي للعموم كما قرر في الأصول، إلا أنه
دخله التخصيص بالناسي، فإنه يجوز له تجديد النية إلى قبل الزوال (معه).
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 11.
(4) هذا الحديث يحمل على النافلة، والا فهو مخالف للأصل. وعموم الحديث
الأول ينافيه. واحتج بهذا الحديث بعضهم على أن الواجب لا يصح نيته بالنهار، لان
قوله: وان نواه بعد الزوال لم يحسب له الا من وقت النية، لم يجز ذلك في الفرض،
لان الفرض، الواجب فيه يوم كامل فلا يجزى بعض يوم فيه، فعلى هذا يكون دالا على أن
النية في الفرض يجوز إلى ما قبل الزوال لكن ينبغي تخصيصه بالنسيان، وحينئذ يكون
موافقا لعموم حديث التبيت (معه).
(5) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 9.
133

(9) وروى البزنطي عمن ذكره عنه عليه السلام قلت له: الرجل يكون عليه
القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل إلى العصر، أيجوز له أن يجعله قضاءا
من شهر رمضان؟ قال: (نعم) (1) (2).
(10) وروى عبد الرحمان بن صالح، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: قلت له:
رجل جعل لله عليه صيام شهر، فيصبح وهو يريد الصوم، ثم يبدوا له فيفطر.
ويصبح وهو لا ينوي الصوم فيبدو له فيصوم؟ فقال: (هذا كله جائز) (3).
(11) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح قال: سألته عن الرجل
يبدو له بعد ما أصبح ويرتفع النهار أن يصوم ذلك اليوم ويقضيه من رمضان،
وإن لم يكن نوى ذلك من الليل؟ قال: (نعم، يصومه ويعتد به إذا لم يحدث
شيئا) (4).
(12) وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عليه
أيام من شهر رمضان يريد أن يقضيها، متى ينوي القضاء؟ قال: (هو بالخيار
إلى أن تزول الشمس، فإذا زالت، فإن كان نوى الصوم فليصم، وإن كان نوى

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 12.
(2) وهاتان الروايتان احتج بهما ابن الجنيد واتباعه على تسويغ النية بعد
الزوال، في الفرض والنفل، والعمد والنسيان أخذا بعمومها. وأجاب الباقون بأنها إنما
وردا في القضاء فيختصان به، ولا يجوز تعدية الحكم من المنصوص إلى غيره، لان ذلك
نوع قياس، فلا يكون ذلك عاما في كل المفروض، بل يختص بغير المعين كالقضاء، لان
صاحبه غير عاص بالمخالفة ولا بالترك أول النهار، لعدم تعيينه، فيكون كالساهي في المعين
فجاز التجديد، ولا يصح تعديته إلى غيره (معه).
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 6، والحديث عن
صالح بن عبد الله.
(4) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، قطعة من حديث 5.
134

الافطار فليفطر). سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم له أن ينوي الصوم بعد ما
زالت الشمس؟ قال: (لا) (1).
(13) وروى هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام. قلت: الرجل يصبح لا ينوي
الصوم، فإذا تعالى النهار حدث له رأى في الصوم؟ قال: (ان هو نوى قبل
الزوال حسب له يومه) (2).
(14) وروى هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (وان نواه
بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى) (3) (4) (5).
(15) وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان أمير المؤمنين
عليه السلام يدخل على أهله، فيقول: عندكم شئ؟، والا صمت، فإن كان عندهم

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب قضاء شهر رمضان وحكم من أفطر فيه على
التعمد والنسيان ومن وجب عليه صيام شهرين متتابعين وأفطر فيهما، أو كان عليه نذر في
صيام، حديث 20.
(2) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 11 و 16.
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 11 و 16.
(4) تقدم الحديث آنفا تحت رقم 7 وقد تكرر أيضا ذكره في التهذيب: 4،
باب نية الصيام، برقم 11 و 16، كما أشير إلى تكراره في ذيل صفحة 189 من الطبعة
الجديدة للتهذيب.
هذا ولكن الغالب على الظن عدم التكرار، لأن الظاهر أن يكون لفظ احدى
الروايتين (وان نواه عند الزوال) وعلى هذا يكون كلمة (بعد) غلطا من النساخ، والله
العالم.
(5) هذه الرواية احتج بها من جعل وقت نية الصوم المندوب إلى ما قبل الزوال،
وقال: انه بعد الزوال لا يصح نيته. والظاهر أنه لا دلالة فيها على ما ادعوه، لأنه لم ينفى
الصوم، بل إنما قال: حسب له من ذلك الوقت، فجاز أن يريد به في الثواب لا في
الصوم، لأنه لا يتبعض، فلا يوصف ما لا يسمى صوما انه محسوب منه، ولم يتعرض في
الرواية لفساد الصوم (معه).
135

شئ أتوه، والا صام) (1).
(16) ورواه العامة أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله (2).
(17) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام انه سئل عن الصائم المتطوع
تعرض له الحاجة؟ قال: (هو بالخيار ما بينه وبين العصر، فان مكث إلى حين
العصر ثم بدا له أن يصوم، ولم يكن نوى ذلك، فله أن يصوم ذلك اليوم ان
شاء) (3) (4).
(18) وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان بدا له أن

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 14.
(2) سنن ابن ماجة: 1، كتاب الصيام (26) باب ما جاء في فرض الصوم من
الليل حديث 1701، ولفظه: (عن عائشة قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه (وآله)
وسلم، فقال: " هل عندكم شئ؟ " فنقول: لا، فيقول: " انى صائم " فيقيم على صومه
ثم يهدى لنا شئ فيفطر، قالت: وربما صام وأفطر).
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، حديث 4.
(4) هذه الرواية والتي قبلها احتج بهما من جوز نية صوم المندوب وإن كان بعد
الزوال. والرواية الأولى لا دلالة فيها على ذلك، لجواز أن يكون قوله: " عندكم شئ
والا صمت " قبل الزوال، فلا دلالة فيها لأنه أعم من المدعى.
وأما الرواية الثانية فطعن فيها العلامة بأن في طريقها سماعة وهو واقفي، فتكون
ضعيفة السند، ثم قال: ولو سلمنا السند فلا دلالة فيها على المدعى، لان السؤال فيها عن
الصائم، والصائم هو الناوي، فتكون دالة على أن الصائم الناوي من أول النهار
يتخير في الافطار إلى العصر، فإذا بدا له بعد العصر أن يتم الصوم بعد أن كان نوى
الافطار، كان له أن يجدد نية الصوم لباقي اليوم، فبالجملة لا دلالة فيها على أن النية
وقعت بعد الزوال (معه).
136

يصوم بعد ما ارتفع النهار، فليصم، فإنه يحسب له من الساعة التي نوى فيها)
(1) (2).
(19) وروى سعد، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عمرو
ابن سعيد المدائني، عن مصدق بن صدقة، عن عمار بن موسى الساباطي قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل وهو صائم فيجامع أهله؟ قال: (يغتسل ولا شئ
عليه) (3) (4).
(20) وروى علي بن الحكم عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا أتى
الرجل المرأة في دبرها وهي صائمة، لم ينتقض صومها، وليس عليها غسل)
(5) (6).

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب نية الصيام، قطعة من حديث 7.
(2) هذه الرواية مختصة أيضا بحال المندوب، وقد احتج بها جماعة على جواز
نيته وإن كان بعد الزوال، وانه يحسب له صيام ذلك اليوم أجمع، لان قوله: " فليصم
فإنه يحسب له " الضمير عائد إلى الصوم، أي يحصل له من أي ساعة نوى من النهار.
وجماعة نفوا ذلك وقالوا: ان النية في المندوب لا يزيد على حكم الواجب،
فيجب أن يكون قبل الزوال. ورواية هشام بن سالم دالة على ذلك، وانه إذا وقعت النية
بعده، لم يكن صوم ذلك اليوم محسوبا له (معه).
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب الكفارات في اعتماد افطار يوم من شهر
رمضان، حديث 9.
(4) طريق هذه الرواية ضعيف جدا فلا اعتماد على ما تضمنت، ان اخذت عامة
للعامد والناسي لمخالفتها لما هو المشهور، بل المتواتر من وجوب الكفارة بالوطء مع
العمد. أما لو حملت على النسيان لم يكن لها معارض، ولا تكون مخالفا لما هو المشهور
(معه).
(5) التهذيب: 4، باب الزيادات من كتاب الصيام، حديث 45.
(6) هذه الرواية مرسلة فلا اعتماد عليها، مع أنها مخالفة للأصل، ولم ينقل عن أحد
من الأصحاب القول بمضمونها، فهي متروكة العمل (معه).
137

(21) وروى أبو بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وضع يده
على شئ من جسد امرأته، فأدفق؟ قال: (كفارته أن يصوم شهرين متتابعين، أو
يطعم ستين مسكينا، أو يعتق رقبة) (1).
(22) وروى سماعة عنه عليه السلام مثله سواء (2) (3).
(23) وروي عن الرضا عليه السلام (ان الكفارة تتكرر بتكرر الوطي) (4) (5).
(24) وروى إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
سألته عن الرجل يجعل لله عز وجل عليه صوم يوم مسمى؟ قال: (يصومه أبدا
في السفر والحضر) (6).
(25) وروى علي بن مهزيار قال: كتب بندار مولى إدريس: يا سيدي
نذرت أن أصوم كل يوم سبت، فان أنا لم أصمه ما الذي يلزمني من الكفارة؟

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب الزيادات، حديث 49.
(2) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب الزيادات، حديث 48.
(3) هذه الرواية احتج بها جماعة كثيرة من الأصحاب على أن الملاعبة والملامسة
مع الانزال موجبة للقضاء والكفارة، وإن لم يكن مع قصد الانزال، لعموم الرواية
وتصريحها بوجوب الكفارة، فمن قال بعدم وجوب الكفارة، لأنه إنما قصد الملاعبة،
وهي ليست سببا تاما في الانزال فيكون الانزال حاصلا من غير قصد، ضعيف، لأنه
اجتهاد في مقابل النص، فلا يكون مسموعا (معه).
(4) المختلف: 57، كتاب الصوم، الفصل الثالث في الكفارة.
(5) هذه الرواية أستدل بها على أن تكرر الكفارة بتكرر المفطر مختص بالجماع، فأما
غيره من المفطرات، فلا يتكرر به لان الأصل عدم التكرار، لمصادفة الثاني لصوم غير
صحيح، فيعمل بهذا الأصل فيما عدا الوطء، لخروجه بالنص، لكن الرواية مرسلة
(معه).
(6) الفروع: 4، كتاب الصيام، باب من جعل على نفسه صوما معلوما، ومن نذر
أن يصوم في شكر، حديث 9.
138

فكتب عليه السلام وقرأته: (لا تتركه الا من علة، وليس عليك صومه في سفر ولا مرض،
إلا أن تكون نويت ذلك) (1) (2).
(26) وروى زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان أمي جعلت عليها نذرا،
ان رد الله عليها بعض ولدها من شئ كانت تخاف عليه، أن تصوم ذلك اليوم
الذي يقدم فيه ما بقيت، فخرجت معنا مسافرة إلى مكة، فأشكل علينا الامر،
أتصوم أو تفطر؟ فقال: (لا تصوم، وضع الله عز وجل عنها حقه وتصوم هي ما
جعلته على نفسها). قلت: فما ترى ان هي رجعت إلى المنزل أتقضيه؟ قال:
(لا)، قال: قلت: أفتترك ذلك؟ قال: (لا، لأني أخاف أن ترى في الذي نذرت
فيه ما تكره) (3).
(27) وروى القاسم بن أبي القاسم الصيقل عنه عليه السلام مثله سواء (4).

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب حكم المسافر والمريض في الصيام،
حديث 64.
(2) احتج جماعة بالرواية الأولى على أن النذر يصح صومه في السفر والحضر
والشيخ حمل الرواية على كون النذر مشروطا فيه ذلك، محتجا على هذا الحمل بالرواية
الثانية، لأنها مصرحة بذلك.
لكن الرواية الثانية ضعيفة، أما أولا: فلأنها مكاتبة. وأما ثانيا: فلأنها مقطوعة.
وإذا كانت الرواية الثانية ضعيفة، كانت الأولى، أولى بالضعف، لمخالفتها للأصل،
ولان طريقها غير معلوم حاله (معه).
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب حكم المسافر والمريض في الصيام،
حديث 62.
(4) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب حكم المسافر والمريض في الصيام،
حديث 61.
139

(28) وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (صم لرؤية الهلال
وافطر لرؤيته فان شهد عندك شاهدان مرضيان انهما رأياه، فاقضه) (1).
(22) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (صم لرؤية الهلال وافطر لرؤيته،
فان شهد عندك عدلان مرضيان انهما رأياه، فصم) (2).
(30) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من صدق كاهنا أو منجما، فقد كفر بما أنزل على
محمد " (3) (4)
(31) وروى يعقوب بن الأحمر قال: قلت للصادق عليه السلام: شهر رمضان تمام
أبدا؟ قال: (لا، بل شهر رمضان من الشهور) (5).
(32) وقال عليه السلام: (شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور، من الزيادة و

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
دخوله، حديث 8.
(2) المهذب البارع، كتاب الصيام، في شرح قول المصنف: (وقيل تقبل الواحد
احتياطا للصوم خاصة).
(3) المعتبر: 311، كتاب الصوم، فيما يثبت به شهر رمضان.
(4) بهذا الحديث استدل على أنه لا اعتبار بقول المنجمين في الأهلة، بل ولا
في غيرها من الاحكام التي رتبوها على حسابهم من الأمور الواقعة في الوجود، باعتبار
مناظرات الكواكب بعضها لبعض، فان ذلك قد نهيت عنه الشريعة. لأنه أولا: يوهم
اسناد التأثير إليها، وذلك عين الشرك. وثانيا: انه توهم الدخول في علم الغيب " فلا
يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول " فعلم أن الغيب مختص بالله لا يشاركه فيه
أحد الا من ارتضاه من رسله وأوليائه، فيظهر هم منه على ما تقتضيه المصلحة في تدبير
الخلق، واظهار الأمور الغيبية الا من قبل الله تعالى مخالف للمصلحة التي أراد الله تعالى
اخفائه، فالنهي عن التنجيم لأجل ذلك، والمراد به أحكام النجوم (معه).
(5) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
دخوله، حديث 42.
140

النقصان، وان تغيمت السماء، فأتموا العدة) (1).
(33) وروى حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (شهر رمضان
ثلاثون يوما لا ينقص أبدا) (2) (3).
(34) وروي في الآثار عنهم عليهم السلام قالوا: (صوموا رمضان للرؤية وافطروا
للرؤية، وان غم فأكملوا العدة من رجب تسعة وخمسين يوما، ثم الصيام من
الغد) (4) (5).

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
ودخوله، حديث 7.
(2) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
ودخوله، حديث 51.
(3) هذه الرواية موافقة لمذهب الحشوية من أن شهر رمضان تام أبدا، وشهر
شعبان ناقص أبدا، والى ذلك ذهب شذوذ من أصحابنا استنادا إلى هذه الرواية. وهي
رواية شاذة لم يعمل بها أحد من مشاهير الأصحاب، لما ورد من الروايات الصحيحة
الكثيرة المشهورة، ان شهر رمضان حكمه حكم سائر الشهور في التمام والنقص (معه).
(4) رواه في المهذب، كتاب الصيام، في شرح قول المصنف: (ولا اعتبار
بالجدول ولا بالعدو الخ) قال ما هذا لفظه (د: عد تسعة وخمسين من رجب) وهو مذهب
الحسن، قال: قد جاءت الآثار عنهم عليهم السلام: (أن صوموا رمضان للرؤية وافطروا
للرؤية، فان غم فأكملوا العدة من رجب تسعة وخمسين يوما، ثم الصيام من الغد). وفى
الفقيه: 2، باب الصوم للرؤية والفطر للرؤية، حديث 11، ولفظه: قال الصادق عليه
السلام: (إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما، وصم يوم الستين).
(5) هذه الرواية هي نوع من أنواع العدد الذي يعتبره بعض الناس في معرفة هلال
رمضان إذا غم، واليه ذهب الحسن بن أبي عقيل، وهو قول متروك بين الأصحاب.
والرواية التي احتج بها، لم يعلم طريقها، ولهذا قال: في الآثار، تجهيلا لطريق الرواية
ومع عدم العلم بالطريق لا يكون حجة (معه).
141

(35) وروى عمران الزعفراني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انا نمكث في
الشتاء اليوم واليومين لا نرى شمسا ولا نجما فأي يوم نصوم؟ قال: (انظر إلى
الذي صمت من السنة الماضية وعد منه خمسة أيام، وصم اليوم الخامس) (1) (2)
(36) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (إذا غاب الهلال قبل الشفق، فهو
لليلته، وإذا غاب بعد الشفق، فهو لليلتين) (3) (4).
(37) وروى حماد بن عثمان حسنا، وعبيد بن زرارة موثقا عن أبي عبد الله
عليه السلام: قال: (إذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال. وإذا
رؤي بعد الزوال فهو من شهر رمضان) (5).
(38) وروى محمد بن عيسى قال: كتبت إليه عليه السلام، جعلت فداك، ربما غم
علينا شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال، وربما رأيناه بعد الزوال،
فترى ان نفطر قبل الزوال إذا رأيناه، أم لا؟ وكيف تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السلام

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
دخوله، حديث 69.
(2) هذه الرواية راويها مجهول الحال في العدالة، فلا اعتماد على ما ينفرد به،
ولكن العلامة في المختلف عمل بها، لا اعتمادا على الرواية وحدها، بل باعتضادها
بمجارى العادات، فان العادة جارية في تفاوت شهور السنة بهذا القدر، ثم قال: وهذا
الحكم في السنة التي لا تكون كبيسة، فأما الكبيسة فيصام يوم السادس. ولا بأس به مع
عدم طريق آخر غيره (معه).
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
دخوله، حديث 66.
(4) هذه الرواية مرسلة، سندها غير معلوم، وإذا لم يعلم السند، لم يعتمد على ما
تضمنته (معه).
(5) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
دخوله، حديث 60 و 61.
142

: (تتم إلى الليل، فإنه إن كان تاما رؤي قبل الزوال) (1).
(39) وروى جراح المدائني عن الصادق عليه السلام مثله سواء (2) (3).
(40) وروى أبو بصير في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن
امرأة مرضت في رمضان وماتت في شوال، فأوصتني ان أقضي عنها؟ فقال:
(هل برعت من مرضها؟) قلت: لا، ماتت فيه، قال: (لا تقضي عنها، فان الله لم
يجعله عليها) قلت: فاني أشتهي أن أقضي عنها فقد أوصتني بذلك؟ فقال:
(وكيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله عليها، فان اشتهيت أن تصوم لنفسك،
فصم) (4) (5).

(1) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
دخوله، حديث 64.
(2) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل
دخوله، حديث 64.
(3) هذه الروايات الأربع متعارضة شديدة التعارض، تردد في العمل بأيها كثير
من الأصحاب كالمحقق والعلامة، فان المحقق في المعتبر توقف، والعلامة في المختلف
عمل بالاحتياط للصوم، فعمل بالروايتين الأخيرتين إذا كانت الرؤية لشهر رمضان، وإذا
كانت في هلال شوال عمل بالروايتين الأولتين احتياطا للصوم (معه).
(4) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب من أسلم في شهر رمضان وحكم من بلغ
الحلم فيه ومن مات.. حديث 11.
(5) وفى هذه الرواية وجوه:
الأول: سؤاله عليه السلام عن البرء، فلما قال: لا اسقط القضاء، ليعلم ان البرء
موجب للقضاء، والا لم يكن للسؤال فائدة.
الثاني: انه علل عدم القضاء، بعدم الوجوب، فيكون عدم الوجوب علة في سقوط
القضاء، فالوجوب علة للصوم.
الثالث: تعجبه عليه السلام بقوله: كيف يقضى شيئا لم يجعله الله عليها. فيه دلالة
على أن القضاء من الغير تابع للوجوب الثابت في ذمة ذلك الغير، وانه يجوز القضاء عنه،
على تقدير تحقق الوجوب عليه. وفيه دلالة على أن ابراء ذمة المكلف أمر مطلوب للشارع
لاقتضاء حكمته له لطفا منه ورحمة. وان قضاء الولي مقتضى لتفريغ ذمة الميت.
الرابع: ان القضاء على الولي واجب وإن كان في المرأة، كما أنه في الرجل
كذلك (معه).
143

(41) وروى الحلبي في الصحيح قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل
أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان؟ قال: (عليه
ان يقضي الصلاة والصيام) (1) (2)
(42) وروى زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، عن رجل قتل خطاءا في الشهر
الحرام؟ قال: (تغلظ عليه الدية، وعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين من
الأشهر الحرم، أو اطعام). قلت: فيدخل فيه العيد وأيام التشريق؟ قال: (يصوم
فإنه حق لزمه) (3) (4).

(1) التهذيب: 4، باب الزيادات من كتاب الصيام، حديث 111، والحديث عن
إبراهيم بن ميمون، وفى الوسائل، كتاب الطهارة، باب (39) من أبواب الجنابة،
حديث 1، عن الحلبي فلاحظ.
(2) العمل بمضمون هذه الرواية قوى، لصحة سندها، ولأنها نص في الباب،
فالاجتهاد في مقابلتها اجتهاد في مقابله النص وهو غير جائز، بل استفيد منها ان الصوم
كالصلاة في اشتراط الطهارة، فكما انها في الصلاة شرط عمدا وسهوا كذلك في الصيام
من غير فرق (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القاتل في الشهر الحرام والحرم،
حديث 3 بتفاوت يسير في بعض الألفاظ. ورواه في المهذب، كما في المتن، كتاب
الصيام في شرح قول المصنف: (وقيل: القاتل في أشهر الحرم يصوم شهرين منها ولو
دخل فيها العيد وأيام التشريق).
(4) هذا خبر شاذ في غاية الشذوذ، ونادر لم يعمل عليه أحد من الأصحاب، فلا
يصح أن يكون مخصصا لما وقع عليه الاجماع من تحريم صوم العيد والتشريق (معه).
144

(43) وروى معاوية بن عمار، عن الصادق عليه السلام، المنع من صيام أيام التشريق
مقيدا بمن كان بمنى (1).
(44) وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا سافر الرجل
في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار، عليه صيام ذلك اليوم، ويعتد به من
شهر رمضان) (2).
(45) وروى محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (الشيخ
الكبير والذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ويتصدقان
كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام، ولا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا
شئ عليهما) (3).
(46) وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصيبه العطش
حتى يخاف على نفسه؟ قال: (يشرب بقدر ما يمسك رمقه، ولا يشرب حتى
يروى) (4).

(1) الفقيه: 2، باب النوادر من كتاب الصيام، حديث 7، ولفظ الحديث: (عن
معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صيام أيام التشريق؟ قال: إنما نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله عن صيامها بمنى. فأما بغيرها فلا بأس).
(2) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب حكم المسافر والمريض في الصيام، قطعة
من حديث 47.
(3) التهذيب: 4، كتاب الصيام، باب العاجز عن الصيام، حديث 4.
(4) الفروع: 4، كتاب الصيام، باب الشيخ والعجوز يضعفان عن الصوم،
حديث 6.
145

" باب الاعتكاف "
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين " (1)
(2) وقال الصادق عليه السلام: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان عشر الأواخر
أعتكف في المسجد، وضربت له فيه قبة من شعر، وشمر الميزر، وطوى
فراشه) (2).
(3) وقال عليه السلام: (كانت وقعة بدر في شهر رمضان، فلم يعتكف رسول الله
صلى الله عليه وآله، فلما كان من قابل، اعتكف عشرين، عشرا لعامه، وعشرا
قضاءا لما فاته) (3).
(4) وقال الصادق عليه السلام: (كل شئ مطلق حتى يرد فيه منع) (4) (5).

(1) الفقيه: 2، باب الاعتكاف، حديث 16.
(2) الفقيه: 2 باب الاعتكاف، حديث 2.
(3) الفقيه: 2، باب الاعتكاف، حديث 3.
(4) المهذب البارع، أورده في مقدمة كتاب الاعتكاف.
(5) وإنما ذكر هذا الحديث هنا وإن كان نافعا في سائر الأحكام، لان جماعة
قالوا: ان المعتكف يحرم عليه جميع محرمات الاحرام. ولما كان هذا المذهب ليس
معتبرا عند الأكثر، ذكر هذا الحديث ليحتج به على دفع ذلك المذهب. وفيه دلالة على أن
الأصل في الأشياء الحل. وان الأصل عدم لحوق الاحكام للذمة حتى يرد ما يزيل ذلك
من الشرع، فالمكلف قبل الاعتكاف لا يحرم عليه شئ من محرمات الاحرام، فبعده
يكون كذلك رجوعا إلى الاطلاق، حتى يرد المنع، ولم يرد في النص ما يدل على
تحريمها، فبقي على الأصل (معه).
146

(5) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام في المعتكفة إذا طمثت، قال:
(ترجع إلى بيتها، فإذا طهرت رجعت، فقضت ما عليها) (1).
(6) وقال الباقر عليه السلام: (من أراد أن يتصدق قبل الجمعة، فليؤخره إلى
الجمعة) (2) (3).
(7) وروى عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام. سئل ما نقول في الاعتكاف
ببغداد في بعض مساجدها؟ قال: (لا تعتكف الا في مسجد صلى فيه امام عدل
جماعة. ولا بأس أن تعتكف بمسجد الكوفة، والبصرة، ومسجد المدينة،

(1) الفقيه: 2، باب الاعتكاف، حديث 21.
(2) المهذب البارع، أورده في مقدمة كتاب الاعتكاف. وفى ثواب الأعمال
(ثواب الصدقة) حديث 23 ما بمعناه، ولفظ الحديث: (عن عبد الله بن سنان قال: أتى
سائل أبا عبد الله عليه السلام عشية الخميس، فسأله فرده، ثم التفت إلى جلساءه فقال:
أما عندنا ما نتصدق عليه، ولكن الصدقة يوم الجمعة تضاعف أضعافا).
(3) وجه مناسبة هذا الحديث لموضعه. ان المعتكف الذي منعه العذر عن تمام
الاعتكاف، ولو كان في شهر رمضان لا يجب أن يؤخره إلى رمضان آخر، لعموم قوله في
الحديث السابق: (قضت ما عليها) ولا يلزم من تأخير النبي صلى الله عليه وآله إلى
رمضان آخر، انه لا يجوز قبله، بل طلبا للأفضلية، فان الأفعال الواقعة في الزمان الأشرف
يزداد ثوابها، ولهذا ان المتصدق يستحب له تأخير الصدقة إلى الجمعة طلبا للأفضلية
وكثرة الثواب، وهو عام في الواجبة والمندوبة. ومنه يعلم أن قضاء الاعتكاف ليس فوريا
فيصح تقديمه وتأخيره (معه).
147

ومسجد مكة) (1).
(8) وروي أن الحسن عليه السلام صلى في مسجد المدائن (2).
(9) وروى داود بن سرحان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (لا تخرج
من المسجد الا لحاجة لا بد منها، ولا تقعد تحت الظلال حتى تعود إلى
مجلسك) (3) (4).
(10) وروى أبو عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (من
اعتكف ثلاثة أيام، فهو يوم الرابع بالخيار، ان شاء زاد يوما آخر، وان شاء ان
يخرج خرج من المسجد، فان أقام يومين بعد الثلاثة، فلا يخرج حتى يستكمل
ثلاثة) (5) (6).
(11) وقال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: (واشترط على ربك في

(1) الفقيه: 2، باب الاعتكاف، حديث 4.
(2) المهذب البارع، أورده في شرح قول المصنف: (والمكان وهو كل مسجد
جامع). والفقيه: 2، باب الاعتكاف، حديث 5، ولفظه: (وقد روى في مسجد المدائن).
(3) الفقيه: 2، باب الاعتكاف، حديث 13، وقريب منه حديث 6 من الباب.
(4) وهذه الرواية ليس فيها دلالة على ما ذهب إليه الشيخ من منع المعتكف إذا
خرج من المسجد لحاجة، من المشي تحت الظلال، لان المذكور فيها ليس إلا النهى
عن القعود تحت الظلال، وأما المشي تحته فليس فيها ما يدل عليه (معه).
(5) الفروع: 4، كتاب الصيام، باب أقل ما يكون الاعتكاف، قطعة من
حديث 4.
(6) هذه الرواية يستدل بها من قال بوجوب الثالث في المتبرع به بمضي يومين
كالشيخ وأتباعه، وهذه الرواية مخالفة للأصل، لان المندوب لا تجب بالشروع فيه الا ما
نص عليه من الحج، مع أن هذه الرواية لا تبلغ أن يكون حجة على مخالفة الأصل،
لأنها غير صحيحة الطريق (معه).
148

اعتكافك، كما تشترط عند احرامك. ان لك في اعتكافك ان تخرج عند عارض
ان عرض لك، من علة تنزل بك، من أمر الله) (1) (2).

(1) التهذيب: 4، باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام، حديث 10.
(2) الامر للاستحباب، لأصالة البراءة من الوجوب (معه).
149

" باب الحج "
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله،
وأقام الصلاة، وايتاء الزكاة، والحج، وصيام شهر رمضان " (1).
(2) وقال الصادق عليه السلام: (من مات ولم يحج حجة الاسلام، ولم يمنعه من
ذلك حاجة تجحف به، ولا مرض لا يطيق فيه، ولا سلطان يمنعه، فليمت يهوديا
أو نصرانيا) (2).
(3) وروي عنه عليه السلام، أنه قال في تفسير قوله تعالى: (ففروا إلى الله) (3)
(انه يريد الحج) (4).

(1) صحيح البخاري، كتاب الايمان، باب دعائم ايمانكم. وصحيح مسلم: 1
كتاب الايمان (5) باب بيان أركان الاسلام ودعائمه العظام، حديث 19 و 20 و 21 و 22
باختلاف يسير في بعض ألفاظها.
(2) الفروع: 4، كتاب الحج، باب من سوف الحج وهو مستطيع، حديث 1 و 5
وفى سنن الدارمي: 2، كتاب المناسك، باب من مات ولم يحج ما يقرب منه.
(3) سورة الذاريات: 50.
(4) الفروع: 4، كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة وثوابهما، حديث 21،
وفيه قال: (حجوا إلى الله عز وجل).
150

(4) وعنه عليه السلام: (من مات ولم يحج وهو صحيح موسر، فهو ممن قال الله
تعالى (ونحشره يوم القيامة أعمى) (1) أعماه الله عن طريق الجنة) (2).
(5) وروى أبو الربيع الشامي قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل
(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (3)) فقال: ما يقول الناس؟
قال: فقلت له: الزاد والراحلة، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: (قد سئل أبو جعفر
عليه السلام عن هذا؟ فقال: هلك الناس إذا، لئن كان من كان له زاد وراحلة
قدر ما يقوت عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليه، فيسلبهم إياه، فقد
هلكوا اذن! فقيل: فما السبيل؟ فقال: السعة في المال، وهو أن يحج ببعض
ويبقى بعضا يقوت به عياله، أليس قد فرض الله الزكاة، فلم يجعلها الا على من
ملك مأتي درهم؟) (4).
(6) وروى بريدة عن ابن عباس، ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وآله فقالت: ان
أمي ماتت ولم تحج؟ فقال: " حجي عن أمك " (5) (6).

(1) سورة طه: 124.
(2) الفروع: 4، كتاب الحج، باب من سوف الحج وهو مستطيع، حديث 6،
وزاد فيه (قال: قلت: سبحان الله أعمى! قال: نعم، ان الله عز وجل).
(3) سورة آل عمران: 97.
(4) الفروع: 4، كتاب الحج، باب استطاعة الحج، حديث 3.
(5) سنن البيهقي 4: 335، كتاب الحج، باب الحج عن الميت وان الحجة
الواجبة من رأس المال، وتمام الحديث: (أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته
قالت: نعم، قال: اقضوا الله فان الله أحق بالوفاء).
واعلم أن هنا حديثان، الأول: عن بريدة بن حصيب عن رسول الله صلى الله عليه
وآله. والثاني: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله
فلاحظ.
(6) هذا يدل على أنه يجب القضاء عمن وجب عليه الحج. وانه يجب القضاء
عن الأم كما يجب عن الأب (معه).
151

(7) وروي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن الرجل يموت وعليه حجة
الاسلام ولم يوص بها، وهو موسر؟ قال: (يحج عنه من صلب ماله، لا يجوز
عنه غيره) (1) (2).
(8) وروى رفاعة، عن أبي عبد الله عليه السلام: (ان من نذر الحج، فحج حجة
الاسلام بنية النذر، أجزأت عنهما) (3) (4).
(9) وروى رفاعة بن موسى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نذر أن
يمشي إلى بيت الله؟ قال: (فليمش) (5).
(10) وروي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن الركوب أفضل أم المشي؟
فقال: (الركوب أفضل، لان رسول الله صلى الله عليه وآله ركب) (6).
(11) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما تقرب إلى الله بشئ أفضل من المشي إلى

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب وجوب الحج، حديث 41.
(2) هذه الرواية دلت على أمور:
أ - أن لا يسقط بالموت إذا كان الميت موسرا، مستطيعا قبل الموت.
ب - انه يجب القضاء عنه، سواء أوصى أو لا، وذلك لان الحج تعلق بعد موته
بالمال، كالدين، وكما يجب قضاء الدين وإن لم يوص كذلك الحج.
ج - أجرة الحج يخرج من أصل المال، لا من الثلث مقدما على الميراث كالدين
والمتولي لذلك، ان قام به بعض الورثة أو كلهم، فهم أولى، والا تولاه الحاكم أو من
يأمره (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب وجوب الحج، حديث 35.
(4) هذه الرواية مخالفة للأصل، لان الأصل عدم تداخل المسببات، عند تعدد
أسبابها، فلا يبلغ أن تكون هذه الرواية مخرجة عن هذا الأصل، لأنها من المراسيل (معه).
(5) الفروع: 7، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النذور، حديث 19.
وتمامه (فإذا تعب فليركب).
(6) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب وجوب الحج، حديث 31.
152

بيت الله على القدمين " (1).
(12) وروي عنه عليه السلام انهم سألوه أي شئ أحب إليك؟ نمشي أو نركب؟
فقال: (تركبون أحب إلي، فان ذلك أقوى على الدعاء والعبادة) (2) (3).
(13) وروى السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه، ان عليا عليه السلام سئل عن
رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله، فمر على المعبر؟ قال: (فليقم في المعبر قائما
حتى يجوز) (4).
(14) وروى الحلبي فيمن نذر أن يحج ماشيا، فعجز. (أنه يحج راكبا
ويسوق بدنة) (5).
(15) وروى عنبسة بن مصعب: (انه يركب ولا يسوق) (6) (7).

(1) الفقيه: 2، كتاب الحج، باب فضائل الحج، حديث 59.
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب وجوب الحج، حديث 32.
(3) وجه الجمع بين هذه الأحاديث، أن نحمل الروايات الواردة بأفضلية الركوب
على من يضعفه المشي عن العبادة والدعاء، أو يلقى به مشقة شديدة، فان الركوب لهذا
أفضل. وتحمل الأحاديث الدالة على أفضلية المشي على من لم يحصل بسببه مشقة تمنعه من
العبادة والدعاء. ولا يحصل له به ضرر بدني في الحال ولا في المال، فالمشي لهذا أفضل
(معه).
(4) التهذيب: 5، باب الزيادات في فقه الحج، حديث 339.
(5) التهذيب: 5، باب وجوب الحج، حديث 36، ولفظ الحديث: (قال:
فليركب وليسق بدنة، فان ذلك يجزى عنه إذا عرف الله منه الجهد) والظاهر أن الحديث
منقول بالمعنى.
(6) السرائر: 474، في نقل ما استطرفه من نوادر أحمد بن محمد أبى نصر البزنطي
والحديث طويل، والظاهر أنه نقل بمضمونه، فلاحظ.
(7) يمكن الجمع بينهما بحمل الأولى على الندب، وحمل الثانية على عدم
الوجوب (معه).
153

(16) وروى حريز بن عبد الله في الصحيح عن الصادق عليه السلام، قال: سألته
عن رجل أعطى رجلا يحج عنه من الكوفة، فحج عنه من البصرة؟ قال:
(لا بأس، إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه) (1) (2).
(17) وروى بريد العجلي في الصحيح، عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
رجل استودعني ما لا فهلك. وليس لولده شئ، ولم يحج حجة الاسلام؟ قال:
(حج عنه، وما فضل فأعطهم) (3) (4).

(1) الفروع: 4، كتاب الحج، باب من يعطى حجة مفردة فيتمتع، أو يخرج
من غير الموضع الذي يشترط، حديث 2.
(2) اطلاق هذه الرواية يدل على أن الطريق لا اعتبار به، لأنه وسيلة، فالمقصود
بالذات إنما هو المتوسل إليه، فلا يلزم شرطه في الاستيجار، لكن لو شرط فخالف
الأجير فحج من غيره، أجزأت الحجة قطعا، ولا يرجع إليه بالتفاوت، لاطلاق الرواية
وسواء تعلق بالطريق غرض أم لا، لأنه المفهوم من اطلاقها، وبهذا الاطلاق عمل الشيخ.
وقال العلامة انه يرجع بالتفاوت، وانه إذا تعلق بالطريق غرض، بطل المسمى
ويرجع إلى أجرة المثل، الا انهم اتفقوا على اجزاء الحج كيف كان (معه).
(3) الفروع: 4، كتاب الحج، باب الرجل يموت صرورة أو يوصى بالحج،
حديث 6.
(4) هذه الرواية اتفق الأصحاب على العمل بمضمونها، لصحتها ولموافقتها
للأصل، لكن بشرط علم المستودع ان الورثة لا يؤدون الحج، ويراد به هنا الظن الغالب
بذلك. وأن لا يخاف من وقوع ضرر به أو لغيره. وأن لا يتمكن من الحاكم، فإنه لو
تمكن منه وجب استيذانه، لأنه الولي. ويجوز له الاستيجار والحج بنفسه والجعالة لغيره
والحج من أقرب الأماكن.
واختلفوا في أنه يطرد في غيره حجة الاسلام، كالنذر بل والى غير الحج من الحقوق
المالية كالزكاة والخمس، الظاهر الاطراد، للاطلاق في العلة. وهل يسرى إلى غير
الوديعة كالدين والأمانة، بل والغصب، الأقرب السريان والامر هنا للوجوب، لأنه من
باب الحسبة، وهو وجوب فورى (معه).
154

(18) وروى ضريس بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل عليه
حجة الاسلام، ونذر في شكر ليحجن رجلا، فمات الذي نذر قبل أن يحج
حجة الاسلام وقبل أن يفي الله بنذره؟ فقال: (ان ترك مالا، يحج عنه حجة
الاسلام من جميع ماله، ويخرج من ثلثه ما يحج عنه النذر. وإن لم يكن ترك
مالا الا بقدر حجة الاسلام، حج عنه حجة الاسلام مما ترك، وحج عنه وليه
النذر، فإنما هو دين عليه) (1) (2).
(19) وروى زرارة في الصحيح، ومعاوية بن عمار في الحسن، عن الباقر
والصادق عليهما السلام انهما قالا: (أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة) (3) (4).
(20) وروى جميل بن دراج في الصحيح عنه عليه السلام: (له المتعة إلى زوال
عرفة، وله الحج إلى زوال النحر) (5).

(1) الفقيه: 2، باب من يموت وعليه حجة الاسلام، وحجة في نذر عليه،
حديث 1.
(2) هذه الرواية موافقة للأصل الا في أمرين، أحدهما: ان حج النذر يخرج
من الثلث، مع أن الأصل انه لا فرق بينه وبين حجة الاسلام، لتعلق الكل بالمال.
الثاني: انه مع عدم المال يكون حج النذر على الولي، وقد علم أن الولي لا يتحمل
الحقوق المالية، لان الأصل براءة الذمة، فحمل العلامة كون حج النذر من الثلث على
كون النذر وقع في مرض الموت، لأنه تصرف مصادف للمال في المرض، وكلما هو
كذلك فهو من الثلث. وحمل الشيخ حج الولي على الاستحباب (معه).
(3) الفروع: 4، كتاب الحج، باب أشهر الحج، حديث 1 و 2.
(4) المراد بالأشهر المذكورة في الرواية، انها الأشهر التي يقع فيها أفعال
الحج، لا الأشهر التي يقع فيها ادراك المتعة (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الاحرام للحج، حديث 15، ولفظ
الحديث: (قال: المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، وله الحج إلى
زوال الشمس من يوم النحر).
155

(21) وروى العيص صحيحا: (توقيت المتعة إلى غروب الشمس يوم
التروية) (1).
(22) وفي صحيحة زرارة: (اشتراط ادراك اختياري عرفه والمشعر في
صحة المتعة) (2) (3).
(23) وروى حريز بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا كانت بدن
كثيرة فأراد أن يشعرها، دخل بين كل بدنتين، فأشعر هذه من الشق الأيمن،
وهذه من الشق الأيسر، ولا يشعرها حتى يتهيأ للاحرام) (4) (5).
(24) وروى يونس بن يعقوب، عمن أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام: (ان
المفرد والقارن إذا طافا قبل الوقوف بعرفات، ان المفرد إن لم يلب بعد طوافه

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الاحرام للحج، حديث 20، والحديث نقل
بالمعنى، فراجع.
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الاحرام للحج، حديث 31، والحديث نقل
بالمعنى أيضا، فراجع.
(3) الرواية الأولى محمولة على الوجوب الذي هو أقل زمان يدرك به المتعة
اضطرارا. وتحمل الثانية على الاستحباب، لأنها أوسع وقتا، لأنه يدرك بها اختياري
المشعر. وتحمل الثالثة على الاستحباب لادراك الاختياريين معا (معه).
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب ضروب الحج، حديث 57، وتمام الحديث
(فإنه إذا أشعر وقلد وجب عليه الاحرام، وهو بمنزلة التلبية).
(5) الامر هنا للاستحباب اجماعا (معه).
156

أحل دون القارن) (1) (2).
(25) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجل
كان مستمتعا خرج إلى عرفات، وجهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى
رجع إلى بلده، ما حاله؟ قال: (إذا قضى المناسك كلها فقد تم حجه) (3).
(26) وروى جميل، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السلام، عن رجل
نسي أن يحرم، أو جهل وقد شهد المناسك كلها وطاف وسعى؟ قال: (تجزيه
نيته إذا كان قد نوى ذلك، وقد تم حجه وإن لم يهل) (4) (5).

(1) بعد التتبع الشاق والجهد المضي لم نعثر على هذا الحديث في مظانه، نعم
قد أشار إليه في المهذب البارع، عند شرح قول المصنف: ويجوز للمفرد والقارن الطواف
قبل المضي إلى عرفات لكن تجدد ان التلبية عند كل طواف لئلا يحلا، وقيل إنما يحل
المفرد الخ قال ما هذا لفظه: (وفيه رواية ثالثة يوجبها على المفرد دون القارن وهي رواية
يونس بن يعقوب عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام) ولم ينقل الحديث برمته. ونقل
في المختلف (كتاب الحج: 92 في بيان أنواع الحج) حديثا بمعناه، ولفظه هكذا
وعن يونس بن يعقوب عمن أخبره عن أبي الحسن عليه السلام قال: (ما طاف بين هذين
الحجرين، الصفا والمروة أحد الا أحل، الا سايق الهدى).
(2) هذه الرواية لا اعتماد عليها، لأنها مرسلة، مع مخالفتها للأصل (معه).
(3) التهذيب: 5، باب الاحرام للحج، قطعة من حديث 32.
(4) الفروع: 4، كتاب الحج، باب من جاوز ميقات أرضه بغير احرام، أو
دخل مكة بغير احرام، حديث 8.
(5) هاتان الروايتان معا مخالفتان للأصل، لان الاحرام هو الذي ينعقد به جميع
أفعال الحج، أو يصح الاتيان بجميعها معه، لانعقاد الاجماع على عدم جوازها من المحل
فإذا لم يفعل الاحرام وتركه الحاج جاهلا أو ناسيا لم يتحقق شئ من أفعال الحج،
فكيف يكون قد تم حجه. هذا مع أن الأولى مجهولة الطريق، والثانية مرسلة فلا يكون
فيها حجة على الأصل.
ويمكن حملها على كون المتروك هو التلبية، لا نفس نية الاحرام، وفى رواية
جميل ما يدل على هذا الحمل، فان في قوله: (يجزيه نيته وإن لم يهل) دلالة ظاهرة
على أن المنسى ليس هو نية الاحرام، وإنما هو الاهلال، والمراد به رفع الصوت بالتلبية
فيصير المراد وإن لم يلب، لان التلبية ليست جزءا من نية الاحرام، وإنما هي واجب
فيه، فلا يخرج عن حقيقتها بتركها (معه).
157

(27) وروى هشام بن سالم قال: أرسلنا إلى أبي عبد الله عليه السلام ونحن جماعة
ونحن بالمدينة، انا نريد أن نودعك، فأرسل الينا (أن اغتسلوا بالمدينة، فاني
أخاف أن يعز عليكم الماء بذي الحليفة، فاغتسلوا بالمدينة، وألبسوا ثيابكم
التي تحرمون منها، ثم تعالوا فرادى أو مثنى) (1) (2).
(28) وروى الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عن الذي يغتسل المدينة للاحرام،
أيجزيه عن غسل ذي الحليفة؟ قال: (نعم) (3).
(29) وروى أبو بصير عنه عليه السلام مثله (4) (5).
(30) وروى معاوية بن عمار في الصحيح، عن الصادق عليه السلام، أنه قال
: (التلبية أن تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان

(1) الفروع: 4، كتاب الحج، باب ما يجزى من غسل الاحرام وما لا يجزى،
حديث 7.
(2) هذا يدل على جواز تقديم غسل الاحرام على الميقات لمن يخاف عوز الماء
فيه، وانه إذا قدم الغسل ينبغي أن يتشبه بالمحرمين في لبس ثياب الاحرام، وأن لا يفعل
شيئا من محرمات الاحرام بعده، لأنها كالحدث المبطل له (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب صفة الاحرام، حديث 9.
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب صفة الاحرام، حديث 8.
(5) ونحمل هاتان الروايتان على الأولى، وهو مع خوف عوز الماء، لينتفي
التعارض (معه).
158

الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) (1) (2).
(31) وروى العيص في الصحيح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (المرأة المحرمة
تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين) (3) (4).
(32) وروى يعقوب بن شعيب في الصحيح قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
المرأة تلبس القميص تزره عليها، وتلبس الخز والحرير والديباج؟ قال: (نعم،
لا بأس به وتلبس الخلخالين والمسك) (5) المسك بفتح الميم وحركة السين.
(33) وروى إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الرجل

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب صفة الاحرام، حديث 108.
(2) وفى رواية أخرى صحيحة أيضا مشهورة بين الأصحاب (لبيك اللهم لبيك،
ان الحمد والنعمة والملك لك، لا شريك لك لبيك) ويجوز العمل بكل واحدة من
الروايتين (معه).
(3) الفروع: 4، كتاب الحج، باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحلي
وما يكره لها من ذلك، حديث 1.
(4) القفازين ثوبان معمولان بينهما قطن تلبسهما المرأة في الكفين. والروايتان
متعارضتان، فان الأولى دلت على تحريم الحرير على المرأة، والثانية دلت على جوازه
وهما معا صحيحتان.
ودلت الثانية على جواز لبس الخلخال والمسك، فتحمل الأولى على كون القفازين
من الحرير. لان الغالب انهما يعملان منه. وتحمل الثانية على الحلي المعتاد. لأن المرأة
إذا كانت من عادتها لبس الخلخالين والمسك قبل الاحرام فلا بأس باستصحابهما حالته.
وأما ما لا يكون معتادا من الحلي، فالظاهر منعها منه وقت الاحرام.
وأما التطبيق بين الروايتين في الحرير، فبأن تحمل رواية المنع منه على الكراهية
وتحمل الرواية الأخرى على الإباحة. وإذا عملنا بالاحتياط، كان الرجحان لرواية المنع
لحصول اليقين بصحة الاحرام على تقديرها (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب صفة الاحرام، حديث 54.
159

يتمتع فينسى أن يقصر حتى يهل بالحج؟ فقال عليه السلام: (عليه دم يهريقه) (1).
(34) وروى معاوية بن عمار في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجل أهل بالعمرة، ونسي أن يقصر حتى دخل في الحج؟ قال: (يستغفر الله
ولا شئ عليه، وتمت عمرته) (2).
(35) وروى ليث المرادي صحيحا، عن الصادق عليه السلام قال: (المتمتع إذا
طاف وسعى، ثم لبى بالحج قبل أن يقصر، فليس له أن يقصر، وليس له
متعة) (3) (4).
(36) وروى يعقوب بن شعيب، عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: المرأة
تلبس القميص تزره عليها وتلبس الخز والحرير والديباج؟ قال: (نعم، لا بأس
به) (5).
(37) وروى العيص صحيحا عن الصادق عليه السلام قال: (المرأة المحرمة تلبس ما شاءت

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الخروج إلى الصفا، حديث 52.
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الخروج إلى الصفا، حديث 53.
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الخروج إلى الصفا، حديث 54.
(4) وهذه الرواية الثالثة معارضة للمتقدمتين معا، لاشتمالهما على القول بصحة
المتعة، وإنما الفرق بينهما في وجوب الدم وعدمه، ففي الرواية الأولى يجب الدم، وفى
الرواية الثانية لا دم، فإذا حملنا الرواية الأولى على الاستحباب انتفت المعارضة، ويبقى
التعارض بينهما وبين الثالثة، فإذا حملنا الثالثة على المتعمد وجعلنا بطلان المتعة مخصوصا
بمن أدخل احرام الحج قبل التقصير منها متعمدا، لان رواية عمار مخصوصة بالناسي،
فانتفى التعارض حينئذ من الكل (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب صفة الاحرام، حديث 54. قد مضى هذا
الحديث آنفا تحت رقم (31)، ولعل التكرار لما أفاده في الهامش من جواز لبس
المخيط للنساء.
160

من الثياب) (1) (2).
(38) وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام قال: (إذا اضطر المحرم إلى لبس
ما يستر ظهر القدم، فليلبس ويشقه) (3).
(39) وروى رفاعة عنه عليه السلام جوازه بغير شرط الشق (4) (5).
(40) وروى معاوية بن عمار، وزرارة في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال:
(ولا يكتحل المحرم بالسواد) (6).
(41) وروى حماد صحيحا عن الصادق عليه السلام قال: (لا تنظر المرأة في
المرآة للزينة وهي محرمة) (7) (8).
(42) وروى الصيقل ويونس بن يعقوب عنه عليه السلام، المنع من الحجامة
للمحرم (9).

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب صفة الاحرام حديث 51.
(2) وهاتان الروايتان دلتا معا على جواز لبس المخيط للنساء (معه).
(3) الفقيه: 2، باب ما يجوز الاحرام فيه وما لا يجوز، حديث 23. ولفظ الحديث:
في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل؟ قال: (نعم، ولكن يشق ظهر القدم).
(4) الفقيه: 2، باب ما يجوز الاحرام فيه وما لا يجوز، حديث 22. والحديث
منقول بالمعنى.
(5) وتحمل رواية الشق على الاستحباب، فينتفى التعارض (معه).
(6) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه،
حديث 21 و 22.
(7) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه
حديث 28. والحديث عن معاوية بن عمار.
(8) والنهى في الروايتين للتحريم (معه).
(9) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه
حديث 42 و 43.
161

(43) وروى حريز عن الصادق عليه السلام قال: (لا بأس للمحرم أن يحتجم ما لم
يحلق أو يقطع الشعر) (1) (2).
(44) وروى الحلبي عنه عليه السلام المنع من ذلك الجسد للمحرم إذا أدمى (3).
(45) وقال الصادق عليه السلام (الوقوف بالمشعر فريضة، وبعرفة سنة) (4).
(46) وقال عليه السلام: (إذا فاتتك المزدلفة، فاتك الحج) (5).
(47) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الحج عرفة) (6) (7).

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه
حديث 44.
(2) تحمل رواية المنع على حالة الاختيار، وتحمل الثانية على الاضطرار،
فيرتفع التعارض (معه).
(3) لم نعثر على رواية الحلبي بهذا المضمون، وقال في المهذب في شرح قول
المصنف: وفى الاكتحال بالسواد - إلى قوله: - وذلك الجسد ولبس السلاح الا مع الضرورة
قولان: أشبههما الكراهة. ما هذا لفظه (السادسة ذلك الجسد على وجه الا دماء، قال
المصنف بكراهته وهو قول الشيخ في الجمل، وللشيخ قول آخر بالتحريم واختاره
العلامة لصحيحة الحلبي وللاحتياط ولا خلاف في الكراهة إذا لم يدم).
(4) التهذيب: 2، باب فرائض الحج، حديث 1، وتمام الحديث: (وما سوى
ذلك من المناسك سنة).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب تفصيل فرائض الحج، حديث 28.
(6) سنن ابن ماجة: 2، كتاب المناسك (57) باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة
جمع، حديث 3015. وسنن الدارمي، من كتاب المناسك، باب بما يتم الحج.
(7) أما الحديث الأول فضعيف وتعلق به جماعة على تفضيل المشعر على عرفة،
حتى أنهم قالوا: بفوات المزدلفة يفوت الحج، وفوات عرفة لا يوجب فواته أخذا بظاهر
الحديث الثاني. والحديث الثالث دل على عكس ذلك، وان الاعتبار في الحج إنما هو
باعتبار ادراك عرفة.
والظاهر أن الحديثين الأخيرين لا تعارض بينهما، لدلالة كل واحد منهما على أن
عرفة ومزدلفة كلاهما من أركان الحج. فأما الحديث الأول، فان حمل السنة على معنى
المندوب كان مخالفا للأصول المقررة، بل مخالفا للاجماع من الكل، لانعقاده منهم على أنه
من واجبات الحج. ولعل المراد بالسنة هنا التأكيد في فريضته (معه).
162

(48) وروى الحسن العطار، عن الصادق عليه السلام قال: (إذا أدرك الحاج
عرفات قبل طلوع الفجر، فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع، ووجدهم
قد أفاضوا، فليقف قليلا بالمشعر الحرام ويلحق الناس بمنى، ولا شئ عليه) (1).
(49) وروى محمد بن سنان قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الذي إذا أدركه
الانسان فقد أدرك الحج؟ فقال عليه السلام: (إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام
قبل طلوع الشمس، فقد أدرك الحج ولا عمرة له، وان أدرك جمعا بعد طلوع
الشمس، فهي عمرة مفردة، ولا حج له) (2).
(50) وروى عبد الله بن المغيرة في الصحيح قال: جاءنا رجل بمنى فقال:
اني لم أدرك الناس بالموقفين جميعا؟ فقال له عبد الله بن المغيرة: فلا حج لك.
وسأل إسحاق بن عمار فلم يجبه. فدخل إسحاق على أبي الحسن عليه السلام فسأله عن
ذلك؟ فقال: (إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد
أدرك الحج (3) (4).

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب تفصيل فرائض الحج، حديث 27.
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب تفصيل فرائض الحج، حديث 21.
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب تفصيل فرائض الحج، حديث 26.
(4) حاصل الحديث الأول ان الحج يدرك بادراك الاضطراريين من الموقفين.
وحاصل الحديث الثاني ان الحج يدرك بادراك اختياري المشعر، وانه إذا فات اختياري
المشعر الحرام لم يدرك الحج، ووجب عليه العمرة. وحاصل الحديث الثالث انه يدرك
الحج أيضا بادراك اضطراري المشعر وحده، فلا تعارض بين هذه الأحاديث الثلاثة،
لتعلق كل واحد منها بقسم.
ويمكن أن يقال: ان حديث ابن سنان يعارضهما معا، لأنه نفى ادراك الحج الا
بادراك اختياري المشعر، فيعارض الادراك بالاضطراريين في الحديث الأول، ويعارض
الادراك باضطراري المشعر في الحديث الثاني. والأقوى العمل بالحديث الثاني لموافقته
للأصل (معه).
163

(51) وقال الصادق عليه السلام: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضحى بكبش أقرن فحل
ينظر في سواد ويمشي في سواد) (1) (52) وروى أبو بصير عنه عليه السلام قال: (لا تضحي الا بما عرف به) (2) (3).
(53) وروى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام (إذا ذبحت أو نحرت فكل
وأطعم، كما قال تعالى: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} (4)) (5) (6).
(54) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (القانع الذي يطلب، والمعتر
صديقك) (7).
(55) وروى حريز وغيره عنهم عليهم السلام: (ان واجد ثمن الهدي إذا لم يجد
ما يشتريه، يخلف الثمن عند ثقة يشتريه طول ذي الحجة ويذبحه عنه) (8).
(56) وروى حريز صحيحا عنه عليه السلام (ان الحاج مخير بين الحلق

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الذبح، حديث 24.
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الذبح، حديث 30.
(3) الحديث الأول حكاية حال، فلا يدل على الوجوب، نعم تمام الخلقة شرط
اجماعا. وأما الحديث الثاني فالنهي فيه للكراهية (معه).
(4) سورة الحج: 36.
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الذبح، حديث 90.
(6) الامر للوجوب هنا (معه).
(7) رواه بهذه العبارة في المهذب، في شرح قول المصنف: (وقيل يجب الأكل
منه).
(8) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب ضروب الحج، حديث 38 و 39.
164

والتقصير (1).
(57) وروى علي بن يقطين في الصحيح عن الكاظم عليه السلام: (ان من ترك
الطواف على وجه جهالة، أعاد الحج وعليه بدنة) (2).
(58) وروى العيص صحيحا، ومعاوية حسنا عنهم عليهم السلام: (ان من نسي
طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله وواقع، يجب مع القضاء، الكفارة)
(3) (4).
(59) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (استكثروا من الطواف، فإنه أقل شئ يوجد

(1) لعل مراده من ذلك ما رواه في التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الحلق،
حديث 15، ولفظ ما رواه: (عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: يوم الحديبية " اللهم اغفر للمحلقين " مرتين، قيل: وللمقصرين يا
رسول الله؟ قال: " وللمقصرين ".
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الطواف، حديث 92، بتفاوت يسير في
الألفاظ.
(3) قال العلامة قدس سره في المختلف (كتاب الحج: 122) ما هذا لفظه:
(مسألة: لو نسي طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله، وجب عليه بدنة والرجوع إلى
مكة وقضاء طواف الزيارة، قال الشيخ في النهاية والمبسوط - إلى قوله -: وللشيخ أن
يحتج بما رواه معاوية بن عمار في الحسن قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن متمتع
وقع على أهله ولم يزر؟ قال: (ينحر جزورا، وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان
عالما، وإن كان جاهلا فلا بأس عليه) - إلى قوله -: وروى العيص بن القاسم في الصحيح
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن يزور البيت؟
قال: يهريق دما الخ).
(4) ويحمل قوله: (وواقع) على أن المواقعة وقعت بعد الذكر، ليوافق الأصل
(معه).
165

في صحائفكم يوم القيامة) (1).
(60) وقال صلى الله عليه وآله: " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي " (2).
(61) وقال عليه السلام: (اسكتوا عما سكت الله) (3) (4).
(62) وروى الحسين بن سعيد، عن صفوان عن يزيد بن خليفة قال: رآني
أبو عبد الله عليه السلام أطوف حول الكعبة وعلى برطلة! فقال لي بعد ذلك: (قد رأيتك
تطوف حول الكعبة وعليك برطلة، فلا تلبسها حول الكعبة، فإنها من زي
اليهود) (5) (6).

(1) رواه في المهذب، كتاب الحج، في شرح قول المصنف: (قيل: لا يجوز
الطواف وعليه برطلة).
(2) الفقيه: 1، أبواب الصلاة وحدودها، باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى
خاتمتها، حديث 22.
(3) رواه في المهذب، كتاب الحج، في شرح قول المصنف: قيل: (لا يجوز
الطواف وعليه برطلة).
(4) إنما ذكر هذين الحديثين ليرد بهما على مذهب من يقول: لا يجوز الطواف
في البرطلة، وانه يبطل الطواف بلبسها فيه. وأطلقوا القول بذلك في كل طواف حتى في
المندوب، فيرد عليهم بهذين الحديثين، وهو في الحقيقة رجوع إلى الأصل، إذ الأصل
الإباحة، فالاطلاق متحقق حتى يرد النهى، والأصل عدم الحكم، فيجب السكوت عنه
كما سكت الله عنه، لان الحكم مع عدم الإذن من الله فيه، تقديم بين يدي الله ورسوله
وهو منهى عنه بالآية. فتحمل الرواية الواردة بالنهي عنه على طواف العمرة خاصة،
لاستلزامه للستر المنهى عنه في طواف العمرة، والنهى في العبادة يستلزم الفساد (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الطواف، حديث 115.
(6) وهذه الرواية إذا عممنا حكمها، وجب حملها على الكراهة، لان التعليل
الحاصل فيها دال عليها. فأما بطلان طواف العمرة بلبسها فليس لكونها برطلة، بل
لأجل الستر، سواء كان بالبرطلة أو بغيرها إذا وقع في طواف العمرة أبطله، لوجوب
كشف الرأس فيه (معه).
166

(63) وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام
في امرأة نذرت أن تطوف على أربعة؟ قال: تطوف أسبوعا ليديها، وأسبوعا
لرجليها) (1) (2).
(64) وروى عبد الله بن مسكان في الموثق قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط، وهو يظن أنه سبعة، فيذكر بعد ما
أحل وواقع انه إنما طاف ستة أشواط؟ فقال: (عليه دم بقرة يذبحها، ويطوف
شوطا آخر) (3).
(65) وروى سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل مستمتع
سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط، ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنه قد
فرغ منه، فقلم أظفاره وأحل، ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط؟ فقال: (إن كان
يحفظ انه سعى ستة أشواط، فليعد وليتم شوطا، وليرق دما) فقلت: دم ماذا؟
قال: (دم بقرة) (4) (5).

(1) الفروع: 4، كتاب الحج، باب نوادر الطواف، حديث 18.
(2) هذه الرواية لم يروها غير السكوني وهو ضعيف، فلا اعتماد على ما ينفرد به
(معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الخروج إلى الصفا، حديث 30.
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الخروج إلى الصفا، قطعة من حديث 29.
(5) هاتان الروايتان دلتا على تساوى حكم الجماع والتقليم في الكفارة، لكن
الرواية الثانية دلت على أن السعي المنسى فيه الشوط إنما كان سعى العمرة، فنحمل
الرواية الأولى عليه، لأن المطلق يحمل على المقيد. وهما معا يخالفان الأصل في وجوب
الكفارة على الناسي، وهو يخالف ما اشتهر عن القوم، عن انه لا كفارة على الناسي الا
في الصيد. وفى ان الواجب في التقليم البقرة، مع أن المشهور منهم ان الواجب فيه
الشاة. وفى مساواة التقليم والجماع، مع أن الواجب في الجماع بدنة على ما هو
المشهور بينهم. لكن اتباع النص أولى، فيجب ترك الاعتراض.
ثم اختلفوا في أن البقرة الواجبة في التقليم، هل يتعلق بجميع الأظفار، أو
يجب بالواحد. ظاهر العلامة الثاني، لأنه جعل الأظفار في الحديث للجنس، وهو
يصدق على الواحد. وقال الأكثر: انه إنما يتعلق بالمجموع، لأنه جمع مضاف، وهو
من ألفاظ العموم، فيفد الاستغراق (معه).
167

(66) وروى معاوية بن عمار في الصحيح، عن الصادق عليه السلام قال: (وان
خرجت من منى بعد نصف الليل فلا يضرك أن تبيت في غير منى) (1).
(67) وروى محمد بن مسلم في الحسن، عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
قول الله عز وجل: (واذكروا الله في أيام معدودات) (2)؟ قال: (التكبير
في أيام التشريق) (3).
(68) وروى معاوية في الصحيح، ويونس بن يعقوب: (انه لا تصح عمرتين
في شهر) (4).
(69) وروى علي بن أبي حمزة: (ان أقل ما بين العمرتين عشرة أيام) (5).
(70) وروى الحلبي في الصحيح، وزرارة عن الصادق عليه السلام والباقر عليه السلام:

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب زيارة البيت، قطعة من حديث 28.
(2) البقرة: 203.
(3) الفروع: 4، كتاب الحج، باب التكبير أيام التشريق، قطعة من حديث 1.
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، حديث 153
و 155 و 156، ولفظ الحديث: (في - لكل - شهر عمرة).
(5) الفقيه: 2، باب العمرة في كل شهر وفى أقل ما يكون، حديث 2، ولفظ
الحديث: لكل شهر عمرة قال: فقلت له: أيكون أقل من ذلك؟ قال: لكل عشرة أيام
عمرة).
168

: (انه لا يكون في السنة عمرتان) (1) (2).
(71) وروي في الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله قال: (العمرة إلى العمرة كفارة
ما بينهما) (3).
(72) وروى معاوية بن عمار في الصحيح، عن الصادق عليه السلام قال: سألته ما
بال النبي صلى الله عليه وآله حيث رجع إلى المدينة حل له النساء، ولم يطف بالبيت؟ فقال:
(ان النبي صلى الله عليه وآله كان مصدودا) (4).
(73) وروى معاوية، عن الصادق عليه السلام قال: (لا يحل المصدود الا
بالهدي) (5) (6).

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، حديث 157
و 158.
(2) هذه الأحاديث الأربعة متعارضة، والى القول بكل واحد منها ذهب بعض
أصحابنا، ويمكن الجمع بينها. فأما الحديث الأول: فيحمل على الكراهية. وأما
الحديث الثاني: فراويه ضعيف، ويمكن حمله على الاستحباب. وأما الثالث: فيحمل
على عمرة الاسلام الواجبة بالأصل، فإنها لا يكون في السنة مرتين. وأما الرابع:
فيحمل على الجواز، وهو هنا مطلق الأرجحية، فانتفى التعارض بينها (معه).
(3) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب العمرة.
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، قطعة من حديث
111 والحديث طويل.
(5) قال في المهذب في شرح قول المصنف: وفى وجوب الهدى على المصدود
قولان أشبههما الوجوب. ما هذا لفظه (ج - وجوبه مطلقا - إلى قوله - واختاره المصنف
والعلامة لصحيحة معاوية) ولم نعثر على رواية عن معاوية بهذه العبارة، وقال في السرائر:
151 (وأما المصدود، فهو الذي يصده العدو عن الدخول إلى مكة، أو الوقوف
بالموقفين، فإذا كان ذلك ذبح هديه في المكان الذي صد فيه سواء كان في الحرم أو
خارجه، لان الرسول صلى الله عليه وآله صده المشركون بالحديبية الخ).
(6) الحديث الأول دال على أن المصدود يحل من كل شئ أحرم منه حتى
النساء، والحديث الثاني دال على أن تحلله مشروط بالهدى فلا يهل بدونه (معه).
169

(74) وروى الشيخ المفيد في المقنعة مرسلا عن الصادق عليه السلام: (ان
المحصر في حجة الاسلام يبقى على احرامه حتى يبلغ الهدى محله، ويجوز
له التحلل في الحال في حج التطوع) (1) (2).
(75) وروى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (فان ردوا
عليه الدراهم، ولم يجدوا هديا ينحرونه، وقد أحل، لم يكن عليه شئ، ولكن
يبعث من قابل، ويمسك أيضا) (3) (4).
(76) وروى معاوية بن عمار صحيحا عنه عليه السلام: (وإن كان في عمرة، فإذا برء
فعليه العمرة واجبة) (5).
(77) وروى رفاعة عن الصادق عليه السلام قال: خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد
ساق بدنة حتى انتهى السقيا فبرسم، فحلق رأسه ونحرها مكانها، ثم أقبل حتى

(1) المقنعة: 70 ولفظه: (وقال عليه السلام: المحصور بالمرض إن كان ساق
هديا أقام على احرامه حتى يبلغ الهدى محله، ثم يحل ولا يقرب النساء حتى يقضى
المناسك من قابل. هذا إذا كان في حجة الاسلام، فأما حجة التطوع فإنه ينحر هديه وقد
حل مما كان أحرم منه، فإن شاء حج من قابل، وإن لم يشاء لم يجب عليه الحج).
(2) هذا الحديث مرسل فلا اعتماد على الفرق المذكور فيه (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، قطعة من حديث
111.
(4) حمل ما ذكره من البعث والامساك على الوجوب، تمسكا بالرواية. وحمل
الامساك على الندب دون البعث، فرق لا يفهم من الرواية معناه. والمراد بالامساك.
الامساك عن محرمات الاحرام في القابل حتى يذبح الهدى (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، قطعة من حديث
111.
170

جاء فضرب الباب فقال علي عليه السلام: (ابني ورب الكعبة، افتحوا له، وكانوا قد
حموا له الماء، فأكب عليه وشرب منه، ثم اعتمر بعد) (1) (2).
(78) وروى محمد بن مسلم، ورفاعة معا في الصحيح عن الصادق عليه السلام
انهما قالا له: (القارن يحصر، وقد قال: واشترط، فحلني حيث حبستني؟ قال:
(يبعث بهديه) قلنا: فهل يتمتع من قابل؟ قال: (لا، ولكن يدخل بمثل ما خرج
منه) (3) (4).
(79) وروى معاوية بن عمار في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل يبعث بالهدي تطوعا وليس بواجب؟ قال: (يواعد أصحابه يوما فيقلدونه
فيه، فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنب المحرم إلى يوم النحر
فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه) (5).
(80) وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: (ما يمنع أحدكم أن يحج كل سنة؟)

(1) الفقيه: 2، باب المحصور والمصدود، حديث 4.
(2) هذا يدل على أن المحصر يجوز له أن ينحر ما ساقه مكان الحصر، ويتحلل،
لكنه مخصوص بالسائق. فأما من لم يسق الهدى فلا بد له من بعث الهدى إلى مكة.
ودلت أيضا على أن العمرة يجب قضائها كما خرج منها سواء كانت واجبة أو مندوبة.
وان قضائها ليس مخصوصا بالشهر الذي لم يقع فيه الأولى، لأنه قال: (ثم اعتمر بعد)
وهو أعم من أن يكون في ذلك الشهر أو بعده، والرواية الأولى مصرحة بذلك أيضا،
فإنه عقب البرء بوجوب العمرة بفاء التعقيب الدالة على وقوع ذلك في شهر الاعتمار، فلا
يجب الارتقاب إلى الشهر الداخل (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، حديث 114.
(4) هذه الرواية دالة على أن المحصر إذا قضى حجه الذي أحصر فيه، يجب أن
يراعى نوعه، فإن كان قرانا فليقضه كذلك، وإن كان تمتعا فيتمتع، وبمضمونها أفتى
الشيخ، والباقون، حملوها أما على التعيين أو على الاستحباب (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، حديث 118.
171

فقيل له: لا تبلغ أموالنا ذلك، قال: (أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث
معه ثمن أضحية ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه، فإذا كان
يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد ولا يزال في الدعاء حتى تغرب
الشمس) (1).
(81) وروى هارون بن خارجة عنه في الصحيح مثله (2).
(82) وروى عبد الله بن سنان مثله وزاد: (اجتناب المحرمات والتكفير وعدم
التلبيات) (3).
(83) ورواه أيضا الصدوق في كتابه (4).
(84) وروى أبو سعيد المكارى قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل قتل أسدا
في الحرم؟ قال: (عليه كبش يذبحه) (5) (6).
(85) وروى حريز صحيحا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (كلما يخاف
المحرم من السباع والحيات وغيرها فليقتله، وإن لم يرده فلا ترده) (7).

(1) الفقيه 2، باب الرجل يبعث بالهدى ويقيم في أهله، حديث 2.
(2) الفروع: 4، كتاب الحج، باب الرجل يبعث بالهدى تطوعا ويقيم في أهله،
حديث 4 والحديث طويل.
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الزيادات في فقه الحج، حديث 119.
(4) تقدم آنفا عن الفقيه.
(5) الفروع: 4، كتاب الحج، باب صيد الحرم وما يجب فيه الكفارة، حديث
26.
(6) هذه الرواية مخالفة للأصل، لان السباع لا كفارة فيها، فيحمل على الاستحباب
(معه).
(7) الفروع: 4، كتاب الحج، باب ما يجوز قتله وما يجب عليه فيه الكفارة،
حديث 1.
172

(86) وروى سليمان بن خالد في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (في
كتاب علي عليه السلام في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام) (1) (2).
(87) وروى سليمان بن خالد، ومنصور بن حازم، عن الصادق عليه السلام قال:
سألته عن محرم وطئ بيض القطاة فشدخه؟ قال: (يرسل الفحل في مثل عدة
البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدة البيض من الإبل) (3).
(88) وروى سليمان بن خالد، قال: (في كتاب علي عليه السلام. من أصاب قطاة
أو حجلة، أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم) (4).
(89) وروى معاوية صحيحا قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: محرم قتل غطاية؟
قال: (كف من طعام) (5).
(90) وروى علي بن جعفر في الصحيح، عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته
عن رجل رمى صيدا، فكسر يده أو رجله وتركه، فرعى الصيد؟ قال: (عليه
ربع الفداء) (6).

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 153.
(2) يعنى ان بيض القطاة يجب فيها الكفارة مع التحرك، ومع عدمه يجب الارسال
كما في بيض النعام (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 150.
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 104.
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 107.
(6) التهذيب: 5، كتاب الحج باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط،
حديث 160.
173

(91) وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن محرم رمى صيدا
فأصاب يده فعرج؟ فقال: (إن كان الظبي مشى عليها ورعى وهو ينظر إليه، فلا
شئ عليه) (1) (2).
(92) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام، قلت: فان فقاءت عينه؟ قال:
عليه (قيمته) (3).
(93) وروى أبو بصير أيضا عنه عليه السلام قلت: ما تقول: في محرم كسر أحد
قرني الغزال في الحل؟ قال: (عليه ربع قيمة الغزال). قلت: فان كسر قرنيه؟
قال: (عليه نصف قيمته يتصدق به) (4) (5).
(94) وروى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام فيمن ضرب بطير على الأرض
حتى قتله؟ قال: (عليه ثلاث قيم) (6).
(95) وبطريق آخر روى معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول
في محرم اصطاد صيدا في الحرم فضرب به الأرض فقتله؟ فقال: (عليه ثلاث

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
قطعة من حديث 158.
(2) هذه الرواية لا تعارض الأولى أعني السابقة عليها، لأنها من الصحاح، فلا
يعارضها ما ليس بصحيح (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
قطعة من حديث 267.
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
قطعة من حديث 267.
(5) هذه الرواية طعن العلامة فيها بضعف السند، فلا تكون حجة في المطلوب،
وقال: ان الواجب فيها الأرش، اعتمادا على الأصل (معه).
(6) لم نعثر على رواية لمعاوية بن عمار بهذه العبارة الا ما يأتي.
174

قيم) (1) (2).
(96) وروى أبو عبيدة قال: سألت الباقر عليه السلام عن رجل محل اشترى لرجل
محرم بيض نعام، فأكله المحرم، فما على الذي أكله؟ فقال: (على الذي
اشتراه فداء كل بيضة درهم، وعلى المحرم لكل بيضة شاة) (3) (4).
(97) وروى منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن محرم اضطر
إلى أكل الصيد والميتة؟ قال: (أيهما أحب إليك أن تأكل من الصيد أو الميتة؟)
قلت: الميتة، لان الصيد محرم على المحرم، فقال: (أيهما أحب إليك أن تأكل
من مالك أو الميتة؟) قلت: آكل من مالي. قال: (فكل الصيد وافد) (5).
(98) وروى عبد الغفار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم إذا اضطر

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 203.
(2) وهاتان الروايتان لا يعلم صحة طريقهما، فيرجع في ذلك إلى الأصل، وهو
ان الواجب دم وقيمتان، دم لقتله وقيمة للحرام وقيمة لاستصغاره (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 148.
(4) وهذه الرواية مشهورة بين الأصحاب وعليها عملهم الا أنهم يقيدون بكون البيض
أما فضخا أو مكسورا، إذ لو كان نيا غير مكسور لكان أكله مستلزما لكسره، وقد تقرر
عندهم ان الكسر يجب له مع عدم التحرك للفرخ إرسال الفحولة بعدد البيض (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 195.
175

إلى ميتة ووجدها ووجد الصيد؟ قال: (يأكل الميتة ويترك الصيد) (1) (2).
(99) وروى علي بن جعفر في الصحيح قال: سألت أخي موسى عليه السلام عن
حمام الحرم يصاد في الحل؟ فقال: (لا يصاد حمام الحرم حيث كان، إذا علم أنه
من حمام الحرم) (3).
(100) وروى زياد الواسطي (ان قيمة حمام الحرم يشترى به علف
لحمامه) (4).
(101) وفي رواية حماد بن عثمان: (وليكن قمحا) (5).
(102) وروى محمد بن الفضيل: التخيير بين الصدقة وشراء العلف (6) (7).

(1) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 199.
(2) ظاهر هاتين الروايتين التعارض، ويمكن التوفيق بينهما بما اختاره العلامة في
التذكرة. من أن الصيد إن كان حيا، رجح الأكل من الميتة، لتحقق التحريمين في الصيد
وهو القتل والأكل. وإن كان الصيد مذبوحا، رجح الأكل من الصيد لتساويهما معا في
تحريم الأكل، وتحريم الصيد عارض، وتحريم الميتة أصل، والعارض أخف. فتجمع
بين الروايتين بهذا المعنى، بأن تحمل الأولى على كون الصيد مذبوحا، وتحمل الثانية
على كون الصيد حيا فينتفى التعارض (معه).
(3) التهذيب: 5 كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط،
حديث 122.
(4) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط،
قطعة من حديث 130.
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط،
قطعة من حديث 141.
(6) الفقيه: 2، باب تحريم صيد الحرم وحكمه، قطعة من حديث 4.
(7) رواية التخيير ضعيفة السند، والامر في قوله: (وليكن) للوجوب (معه).
176

(103) وروى يزيد بن خليفة: (ان البيض كذلك يشترى به العلف) (1).
(104) وروي عن علي بن الحسين عليهما السلام انه نظر إلى حمام مكة، فقال:
(أتدرون ما سبب كون هذا الحمام في الحرم؟) قالوا: وما هو يا بن رسول الله؟
قال: (كان في أول الزمان رجل له دار فيها نخلة قد آوى إلى خرق من جذعها
حمام، فإذا أفرخ صعد الرجل فأخذ فراخه، فذبحها، فأقام كذلك دهرا طويلا،
لا يبقى له نسل، فشكى ذلك الحمام إلى الله عز وجل ما ناله من الرجل، فقيل
له: ان رقى إليك بعدها فاخذ لك فرخا صدع من النخلة، فمات، فلما كبرت
فراخ الحمام رقى إليها الرجل، ووقف الحمام لينظر ما يصنع به، فلما توسط
الجذع وقف سائل بالباب فنزل فأعطاه شيئا، ثم ارتقى فأخذ الفراخ ونزل بها
وذبحها ولم يصبه شئ، فقال الحمام: ما هذا يا رب؟ فقيل: ان الرجل تلافى
بالصدقة، فدفع عنه، وأنت فسوف يكثر الله نسلك ويجعلك وإياهم بموضع
لا يهاج منهم شئ إلى أن تقيم الساعة، وأوتى به إلى الحرم فجعل فيه) (2).
(105) وقال الصادق عليه السلام: (ولا تحرم واحد ومعه شئ من الصيد، حتى
يخرجه عن ملكه) (3) (4).
(106) وروى عن جميل انه سأل الصادق عليه السلام عن الصيد يكون عند الرجل من

(1) الاستبصار: 2، كتاب الحج، باب المحرم يكسر بيض الحمام، قطعة من
حديث 1.
(2) المستدرك، كتاب الحج، باب (13) من أبواب كفارات الصيد وتوابعها،
حديث 2، رواه عن دعائم الاسلام مجملا. ورواه في المهذب، كما في المتن، في ضمن
فائدة في شرح قول المصنف: (وفى تحريم حمام الحرم في الحل تردد أشبهه الكراهية).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
قطعة من حديث 170.
(4) النهى للتحريم، لان الصيد مانع ولا بد من إزالة المانع قبل الاحرام (معه).
177

الوحش في أهله أو من الطير، فيحرم وهو في منزله؟ قال: (لا بأس، لا يضره) (1).
(107) وروي ان الحكم بن عتبة سأل الباقر عليه السلام ما تقول: في رجل أهدي له
حمام أهلي، وهو في الحرم من غير الحرم؟ فقال: (اما إن كان مستويا خليت
سبيله) (2) (3).
(108) وفي الحديث ان صعب بن جثامة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حمارا
وحشيا، فرده، وقال: " انا لم نرده عليك الا انا حرم " (4).
(109) وروى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: (إذا وقع الرجل بامرأته
دون المزدلفة أو قبل أن يأتي المزدلفة، فعليه الحج من قابل) (5).
(110) وروى زرارة في الصحيح قال: سألته عن رجل غشى امرأته، إلى
أن قال: قلت فأي الحجتين لهما؟ قال: (الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا،
والأخرى عليهما عقوبة) (6).

(1) الفروع: 4، كتاب الحج، باب النهى عن الصيد وما يصنع به إذا أصابه
المحرم والمحل في الحل والحرم، حديث 9.
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
قطعة من حديث 120.
(3) أي وإن كان صار مستأنسا بحيث يمكن استعماله، فإنه يجب تخلية سبيله.
وفيه دليل على أن الوحش لو تأنس لا يخرج عن كونه صيدا. وفى الروايتين معا دلالة
على أن الصيد لا يدخل في الملك بنوع ما (معه).
(4) صحيح مسلم، كتاب الحج، (8) باب تحريم الصيد للمحرم، حديث 50.
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 12.
(6) الفروع: 4، كتاب الحج، باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضى مناسكه
أو محل يقع على محرمة، قطعة من حديث 1.
178

(111) وروى زرارة في الصحيح قال: سألته عن محرم غشى امرأته وهي
محرمة؟ فقال: (جاهلين أو عالمين؟) قال: قلت: أجنبي عن الوجهين جميعا
فقال: (ان كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما، وليس عليهما شئ
وان كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه، وعليهما بدنة، وعليهما
الحج من قابل، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه، فرق بينهما حتى يقضيا مناسكهما
ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا). قلت: فأي الحجتين لهما؟ قال:
(الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا، والأخرى عقوبة) (1).
(112) وروى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام، قال: (ويفرق بينهما
حتى يقضيا المناسك، ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا، وعليهما
الحج من قابل) (2).
(113) وروى إسحاق بن عمار في الحسن، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام
قال: قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟ قال: (أرى عليه مثل ما على
من أتى أهله وهو محرم، بدنة والحج من قابل) (3).
(114) وروى إسحاق بن عمار في الصحيح عن الكاظم عليه السلام قال: سألته
عن رجل محرم وقع على أمة له محرمة؟ (قال موسر أو معسر؟) قلت أجبني
عنهما. قال: (هو أمرها بالاحرام، أو لم يأمرها وأحرمت من قبل نفسها؟)

(1) الفروع: 4، كتاب الحج، باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضى مناسكه
أو محل يقع على محرمة، حديث 1.
(2) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
قطعة من حديث 8.
(3) الفروع: 4، كتاب الحج، باب المحرم يقبل امرأته وينظر إليها بشهوة أو
غير شهوة أو ينظر إلى غيرها، حديث 6.
179

قلت: أجبني عنهما. قال: (إن كان موسرا وكان عالما انه لا ينبغي له، وكان هو
الذي أمرها بالاحرام، فعليه بدنة، وان شاء بقرة، وان شاء شاة، وإن لم يكن
أمرها بالاحرام، فلا شئ عليه موسرا كان أو معسرا. وإن كان أمرها وهو معسر
فعليه دم شاة أو صيام) (1).
(115) وروى علي بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام في رجل نسي طواف
النساء؟ قال: (إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه، وله أن
يقرب النساء إذا زاد على النصف) (2).
(116) وروى حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل كان عليه
طواف النساء وحده وقد طاف منه خمسة أشواط بالبيت، ثم غمزه بطنه، فخاف
أن يبدره، فخرج إلى منزله، فنقض، ثم غشى جاريته؟ قال: (يغتسل، ثم
يرجع فيطوف بالبيت تمام ما بقي عليه من طوافه، ثم يستغفر الله ربه ولا
يعود) (3).
(117) وروى الشيخ في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: (لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما يعلم أنه لا يحل له). قلت:
فان فعل فدخل بها المحرم؟ قال: (ان كانا عالمين كان على كل واحد منهما

(1) الفروع: 4، كتاب الحج، باب المحرم يواقع امرأته قبل أن يقضى مناسكه
أو محل يقع على محرمة، حديث 6.
(2) الفقيه: 2، باب حكم من نسي طواف النساء، حديث 4.
(3) الفروع: 4، كتاب الحج، باب المحرم يأتي أهله وقد قضى بعض مناسكه،
قطعة من حديث 6.
180

بدنة) (1) (2).
(118) وروى محمد بن عيسى، عن عدة من أصحابنا، عن رجل من أهل
خراسان، أن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شئ، فحرم
قلع ضرسه؟ فكتب: (يهريق دما) (3) (4).
(119) وروى محمد بن حمران صحيحا، وحريز بن عبد الله صحيحا عن
الصادق عليه السلام قال: (يخلى عن البعير يرعى في الحرم كيف شاء) (5).

(1) الفروع: 4، كتاب الحج، باب المحرم يتزوج أو يزوج ويطلق ويشترى
الجواري، قطعة من حديث 5.
(2) علم من قوله: (فدخل بها) ان العقد المجرد عن الدخول لا يوجب الكفارة
على واحد منهما، وإنما يجب البدنة على كل منهما بشرط الدخول والعلم (معه):
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 257.
(4) هذه الرواية ضعيفة، لاشتمالها على الارسال والقطع فلا اعتماد عليها (معه).
(5) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب الكفارة عن خطاء المحرم وتعديه الشروط
حديث 241 و 242، والظاهر أن الحديث نقل بالمعنى والله العالم.
181

" باب الجهاد "
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " غدوة في سبيل الله، أو روحة خير من الدنيا وما
فيها " (1).
(2) وقال عليه السلام: " ان جبرئيل أخبرني بأمر قرت به عيني وفرح به قلبي.
قال: يا محمد من غزا غزاة في سبيل الله من أمتك، فما أصابته قطرة من السماء أو
صداع الا كانت له شهادة يوم القيامة " (2).
(3) وروى عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عن أبيه عن آبائه عليهم السلام،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " للشهيد سبع خصال من الله عز وجل. أول قطرة
من دمه مغفور له كل ذنب، والثانية يقع رأسه في حجر زوجته من الحور العين
وتمسحان الغبار عن وجهه، تقولان: مرحبا بك، ويقول هو مثل ذلك لهما.
والثالثة ويكسى من كسوة الجنة. والرابعة تدره خزنة الجنان إليه بكل ريح طيبة أيهم

(1) صحيح مسلم، كتاب الامارة (30) باب فضل الغدوة والروحة، حديث 112
و 113 و 114. وسنن ابن ماجة، كتاب الجهاد، (2) باب فضل الغدوة والروحة في
سبيل الله عز وجل، حديث 2755.
(2) الفروع: 5، كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد، حديث 3 و 8.
182

يأخذه معه، والخامسة انه يرى منزله، والسادسة يقال لروحه: اسرح في الجنة
حيث شئت، والسابعة انه ينظر في وجه الله، وانها لراحة لكل نبي وشهيد) (1).
(4) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " للجنة باب يقال له باب المجاهدين يمضون إليها، فإذا
هو مفتوح، وهم متقلدون بسيوفهم، والجمع في الموقف، والملائكة ترحب بهم فمن
ترك الجهاد ألبسه الله ذلا وفقرا في معيشة ومحقا في دينه، ان الله عز وجل أغنى أمتي
بسنابك خيلها ومراكز رماحها " (2)
(5) وقال عليه السلام: " من بلغ رسالة غاز، كان كمن أعتق رقبة، وهو شريكه
في ثواب غزوته " (3).
(6) وقال الصادق عليه السلام: (مجاهد العدو فرض على جميع الأمة، ولو
تركوا الجهاد لأتاهم العذاب) (4).
(7) وعنه عليه السلام: رباط ليلة في سبيل الله، خير من صيام شهر وقيامه، فان
مات جرى عليه الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه) (5).
(8) وروى علي بن مهزيار قال: كتب رجل من بني هاشم إلى أبي جعفر
الثاني عليه السلام. اني كنت نذرت نذرا منذ سنتين ان أخرج إلى ساحل من سواحل
البحر إلى ناحيتنا مما يرابط فيه المتطوعة، نحو مرابطهم بجده وغيرها من

(1) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الامام، باب فضل الجهاد وفروضه،
حديث 3.
(2) الفروع: 5، كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد، حديث 2.
(3) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الامام، باب فضل الجهاد وفروضه،
حديث 9.
(4) الفروع: 5، كتاب الجهاد، باب وجوه الجهاد، قطعة من حديث 1.
(5) صحيح مسلم، كتاب الامارة، (50) باب فضل الرباط في سبيل الله عز وجل
حديث 163، وتمام الحديث (وأمن من الفتان).
183

سواحل البحر، أفترى جعلت فداك، انه يلزمني الوفاء به، أو لا يلزمني؟، أو
أفتدي الخروج إلى ذلك الموضع بشئ من البر لا صير إليه إن شاء الله
تعالى؟
فكتب إليه بخطه وقرأته: (إن كان سمع منك نذرك أحد من المخالفين
فالوفاء به ان كنت تخاف شنعته، والا فاصرف ما نويت في ذلك في أبواب البر
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى) (1) (2).
(9) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " المسلم أخو المسلم، لا يحل له دمه وماله الا بطيبة
من نفسه " (3).
(10) وفي الحديث ان عليا عليه السلام لم يقسم أموال أهل البصرة، وانه رد ما
وجد منها إلى أربابها، فلما عوتب على ذلك قال: (أيكم يأخذ عائشة في
سهمه) (4).
(11) وروى أبو قيس ان عليا عليه السلام نادى (من وجد ماله فليأخذه)، فمر بنا

(1) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب المرابطة في
سبيل الله عز وجل، حديث 4.
(2) هذه الرواية عمل بها الشيخ، وباقي الأصحاب عملوا بالأصل، وهو ان
الوفاء بالنذر واجب، والمرابطة لا يجب فيها اذن الامام، لأنها لا تتضمن جهادا، وإنما
يتضمن حفظا واعلاما، فيجب الوفاء بالنذر المتعلق بها، عملا بالأصل. والرواية مشتملة
على المكاتبة، وهي لا تبلغ أن تكون حجة على الأصل، لما فيها من الاحتمال (معه).
(3) رواه في المهذب، كتاب الجهاد في شرح قول المصنف: (وهل يؤخذ ما
حواه العسكر مما ينقل فيه قولان) فقال ما هذا لفظه: فيه للأصحاب ثلاثة أقوال، الأول:
لا يقسم ويجب رده على أربابه لو أخذ، وهو قول السيد، محتجا بقوله عليه السلام:
(المسلم أخو المسلم الخ).
(4) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب سيرة الامام،
حديث 4.
184

رجل فصرف قدرا يطبخ فيها، فسألناه أن يصبر حتى ينضح، فلم يفعل، ورماه
برجله فأخذها (1).
(12) وروى زرارة في الصحيح قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حد الجزية
على أهل الكتاب، وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي أن يجوزوا إلى
غيره؟ قال: (ذلك إلى الامام، يأخذ من كل انسان منهم ما يشاء على قدر ماله) (2)
(13) وروى عن الصادق عليه السلام، قال: (ان الله تعالى يقول: (حتى يعطوا
الجزية عن يد وهم صاغرون) (3) وللامام أن يأخذهم بما لا يطيقون، حتى
يسلموا، والا فكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث بما يؤخذ منه فيألم لذلك
فيسلم) (4).
(14) وروى محمد بن مسلم في الصحيح قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
أرأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من أرض الجزية، ويأخذون من الدهاقين
جزية رؤسهم أما عليهم في ذلك شئ موظف؟ فقال: (كان عليهم ما اختاروا
على أنفسهم وليس للامام أكثر من الجزية، ان شاء الامام وضع ذلك على
رؤسهم وليس على أموالهم شئ. وان شاء فعلى أموالهم وليس على رؤسهم
شئ). فقلت فهذا الخمس؟ فقال: (إنما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول الله
صلى الله عليه وآله) (5).

(1) رواه في المهذب، كتاب الجهاد، في شرح قول المصنف: (وهل يؤخذ ما
حواه العسكر مما ينقل فيه قولان) وهو أيضا من أدلة السيد في عدم تقسيم الأموال.
(2) التهذيب: 4، باب مقدار الجزية، قطعة من حديث 1.
(3) التوبة: 29.
(4) التهذيب: 4، باب مقدار الجزية، قطعة من حديث 1.
(5) الفقيه: 2، باب الخراج والجزية، ذيل حديث 4.
185

(15) وروى السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام: (ان النبي صلى الله عليه وآله
نهى أن يرمى السم في بلاد المشركين (1) (2).
(16) وروى حفص بن غياث قال: كتب إلي بعض إخواني ان أسأل أبا
عبد الله عليه السلام عن مسائل من السير - إلى أن قال: - كيف تقسم الغنيمة بينهم؟ قال:
(للفارس سهمان وللراجل سهم) (3).
(17) وروى إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه. (ان عليا عليه السلام كان يجعل
للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهما) (4) (5).
(18) وروى عبد الكريم الهاشمي في الحسن قال: كنت قاعدا عند أبي
عبد الله عليه السلام بمكة، إذ دخل عليه ناس من المعتزلة، وفيهم عمرو بن عبيد - إلى أن
قال -: أرأيت الأربعة أخماس تقسمتها بين جميع من قاتل عليها؟ قال عمرو: نعم
قال له الصادق عليه السلام: (فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في سيرته، بيني وبينك فقهاء
المدينة ومشيختهم، فسلهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون ان رسول الله صلى الله عليه وآله
إنما صالح الاعراب على أن يدعهم في ديارهم، ولا يهاجروا، على أن دهمه
من عدوه دهم ان يستفزهم ويقاتل بهم، وليس لهم في الغنيمة شئ ولا نصيب

(1) الفروع: 5، كتاب الجهاد، باب وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير
المؤمنين عليه السلام في السرايا، حديث 2.
(2) النهى للتحريم، وذلك لان السم يقتل من لا يستحق قتله، الا انه مخصوص
بحال الضرورة، وهو أن يتوقف الفتح عليه (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب الجهاد، باب قسمة الغنيمة، قطعة من حديث 2.
(4) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، حديث 3.
(5) وجه التوفيق بين هذين الحديثين أن يحمل الفارس في الأخير، على ذوي
الأفراس، ويحمل في الأول على ذي الواحد (معه).
186

وأنت تقول: بين جميعهم، فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما قلت في سيرته
من المشركين) (1) (2).
(19) وروى علي بن رئاب حسنا عن أبي جعفر عليه السلام. فيمن ظهر أن ما أخذه
من سهمه من الغانمين، من أموال المسلمين؟ (إن كان بعد تفرق الغانمين،
رجع على الامام) (3).
(20) وروى حماد بن يحيى في الحسن، عن الصادق عليه السلام قال: (قال
رسول الله صلى الله عليه وآله، يوم بدر: لا تواروا الا من كان كميشا) يعنى من كان ذكره
صغيرا (4) (5) (21) وروى السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام، ان النبي صلى الله عليه وآله
حين حاصر أهل الطائف قال: " أيما عبد خرج الينا قبل مولاه فهو حر، وأيما

(1) الفروع: 5، كتاب الجهاد، باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي
عبد الله عليه السلام، قطعة من حديث 1.
(2) في هامش النسخة المطبوعة من الفروع ما هذا مختصره: (قال علم الهدى
في الأمالي: عمرو بن عبيد يكنى أبا عثمان. وكان عبيد شرطيا وكان عمرو متزهدا،
فكانا إذا اجتازا معا على الناس، قالوا: هذا شر الناس أبو خير الناس). ومناظرة هشام
بن الحكم معه معروف.
(3) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب المشركون
يأسرون أولاد المسلمين ومماليكهم، ثم يظفر بهم المسلمون فيأخذونهم، حديث 5، والظاهر أن
الحديث نقل بالمعنى.
(4) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب النوادر حديث
14.
(5) هذه الرواية وان كانت من الحسان، الا أنها مخالفة للأصل، فالرجوع إلى
الأصل أولى. وهو ان دفن المسلم واجب، ولا يتم الا بدفن الجميع، فيجب دفن الجميع
(معه).
187

عبد خرج الينا بعد مولاه فهو عبد " (1) (2).
(22) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهو
عن المنكر، وتعاونوا على البر والتقوى فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات
وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء " (3).
(23) وقال صلى الله عليه وآله: " من طلب مرضاة الناس بما يسخط الله، كان حامده
من الناس ذاما، ومن أثر طاعة الله عز وجل بما يغضب الناس، كفاه الله عز وجل
عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغي كل باغ، وكان الله عز وجل له
ناصرا وظهيرا " (4).
(24) وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (من ترك انكار المنكر بقلبه ويده ولسانه
فهو ميت الاحياء) (5).
(25) وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال (يكون في آخر الزمان قوم يتبع
فيهم قوم مراؤون يتقرؤون وينتكسون، حدثاء سفهاء، لا يوجبون أمرا بالمعروف

(1) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب حكم عبيد أهل
الشرك، حديث 1.
(2) المراد بالخروج هنا، الخروج المعنوي وهو الخروج من دين الكفر إلى دين الاسلام
أعم من أن يكون مع ذلك خرج من البلد أم لا؟ ويعضده قوله تعالى: " ولن يجعل الله
للكافرين على المؤمنين سبيلا " (معه).
(3) التهذيب 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 22.
(4) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 15.
(5) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 23.
188

ولا نهيا عن منكر الا إذا آمنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير،
يتبعون زلات العلماء والافساد عليهم يقبلون على الصلاة والصيام ما لم يضر بهم
في نفس أو مال، ولو أضرت الصلاة بساير ما يعملون بأموالهم وأبنائهم لرفضوها
كما رفضوا أتم الفرائض وأشرفها.
ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض
هنالك يتم غضب ربهم عليهم، فيعمهم بعقابه، فيهلك الأبرار في ديار الفجار
والصغار في ديار الكبار. ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء
ومناهج الصالحين، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل
المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم
الامر، فأنكروا بقلوبكم، والفظوا بألسنتكم، وصكوا بها جباههم، ولا تخافوا
في الله لومة لائم، فان اتعظوا والى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم (إنما السبيل
على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب
أليم) (1) فجاهدوهم بأيديكم وابغضوهم بقلوبكم، غير طالبين سلطانا، ولا باغين
مالا، ولا مريدين بالظلم ظفرا، حتى تفيئوا إلى أمر الله، ويمضوا على طاعته) (2).
(26) وقال الصادق عليه السلام: (ما قدست أمة لم تأخذ لضعيفها من قويها بحقه
غير متصنع) (3).
(27) وقال عليه السلام: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق

(1) سورة الشورى: 42.
(2) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 21.
(3) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 20.
189

الله تعالى، فمن نصرهما أعزه الله تعالى، ومن خذلهما خذله الله تعالى) (1).
(28) وقال الكاظم عليه السلام: (لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر، أو ليستعملن
الله عليكم شراركم فتدعوا خياركم فلا يستجاب لهم) (2).
(29) وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (أدنى الانكار أن تلقى أهل المعاصي بوجوه
مكفهرة) (3).
(30) وقال الصادق عليه السلام: (حسب المؤمن عزا إذا رأى المنكر أن يعلم
الله من نيته انه له كاره) (4).
(31) وقال عليه السلام: (إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ،
أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سوط وسيف فلا) (5).
(32) وقال عليه السلام لمفضل بن يزيد: (يا مفضل من تعرض لسلطان جائر فأصابته
بلية، لم يؤجر عليها، ولم يرزق الصبر عليها) (6) (7).

(1) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 6.
(2) لتهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 1.
(3) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 5.
(4) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 10.
(5) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 11.
(6) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 12.
(7) هذا يدل على وجوب التقية، وان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا
يجبان الا مع عدم علم الضرر، فلو علم أو ظن حصول ضرر سقط الوجوب عنه (معه).
190

(33) وعن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (لا ينبغي للمؤمن
أن يذل نفسه!) قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: (لا يدخل في شئ يعتذر منه) (1).
(34) وروى عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لما
نزلت هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا) (2) جلس
رجل من المسلمين يبكي، وقال: أنا عجزت عن نفسي كلفت أهلي؟! فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عما تنهى عنه
نفسك ") (3).
(35) وروى سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل
(قوا أنفسكم وأهليكم) (4) قلت له: كيف أقيهم؟ قال: (تأمرهم بما أمر
الله عز وجل، وتنهاهم عما نهى الله عز وجل فان أطاعوك، كنت قد وقيتهم،
وان عصوك كنت قد قضيت ما عليك) (5).
(36) وروى محمد بن عرفه قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: (لتأمرن
بالمعروف ولتنهن عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم، فيدعوا خياركم

(1) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 17، ولفظ الحديث: (قال: يتعرض لما لا يطيق).
(2) سورة التحريم، الآية: 6.
(3) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 13.
(4) سورة التحريم الآية: 6.
(5) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 14.
191

فلا يستجاب لهم) (1).
(37) وروى عمر بن حنظلة، عن الصادق عليه السلام، قال: (انظروا إلى رجل
منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فلترضوا به
حكما، فاني قد جعلته عليكم حاكما. فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنما
بحكم الله استخف وعلينا رد، والراد علينا راد على الله، وهو على حد الشرك
بالله عز وجل) (2).

(1) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، حديث 1.
(2) التهذيب: 6، باب الزيادات في القضايا والاحكام، قطعة من حديث 52.
192

" باب التجارة "
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله " ملعون ملعون من ضيع من يعول " (1).
(2) وقال الصادق عليه السلام (إذا أعسر أحدكم، فليضرب في الأرض يبتغي من
فضل الله ولا يغم نفسه وأهله) (2).
(3) وسأله رجل أن يدعوا الله له أن يرزقه في دعة؟ فقال: لا أدعو لك،
وأطلب ما أمرت به) (3).
(4) وقال عليه السلام (ينبغي للمسلم أن يلتمس الرزق حتى يصيبه حر الشمس) (4)
(5) وسأل الصادق عليه السلام عن معاذ بياع الكرابيس؟ فقيل له: ترك التجارة.

(1) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 65.
(2) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب المكاسب، حديث 30.
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الحث على الطلب والتعرض للرزق،
حديث 3.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة عليهم السلام
في التعرض للرزق، حديث 13، ولفظه: (انى أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في
طلب المعيشة).
193

فقال: (عمل عمل الشيطان، من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله، أما علم أن
رسول الله صلى الله عليه وآله لما قدمت عير من الشام، فاشترى منها واتجر وربح فيها ما
قضى دينه) (1).
(6) وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (ما غدوة أحدكم في سبيل الله بأعظم من
غدوة يطلب فيها لولده وعياله ما يصلحهم) (2).
(7) وقال عليه السلام: (الشاخص في طلب الرزق الحلال كالمجاهد في
سبيل الله) (3).
(8) وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وقف بغزوة تبوك بشاب جلد، يسوق أبعرة
سمانا! فقال أصحابه: يا رسول الله لو كان قوة هذا وجلده وسمن أبعرته في
سبيل الله لكان أحسن، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " أرأيت أبعرتك هذا، أي
شئ تعالج عليها؟ " قال: يا رسول الله لي زوجة وعيال، وأنا اكتسب بها ما
أنفقه على عيالي، فأكفهم عن الناس، وأقضي دينا علي، قال: " لعل غير ذلك؟ "
قال: لا. فلما انصرف قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لئن كان صادقا. ان له لأجرا مثل
أجر الغازي، وأجر الحاج وأجر المعتمر " (4).
(9) وقال صلى الله عليه وآله: " تحت ظل العرش يوم القيامة، يوم لا ظل الا ظله،

(1) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب فضل التجارة وآدابها وغير ذلك مما
ينبغي للتاجر أن يعرفه وحكم الربا، حديث 11.
(2) دعائم الاسلام: 2، كتاب البيوع والاحكام فيها، فصل (1) ذكر الحض على
طلب الرزق، حديث 9.
(3) دعائم الاسلام: 2، كتاب البيوع والاحكام فيها، فصل (1) ذكر الحض على
طلب الرزق، ذيل حديث 9.
(4) دعائم الاسلام: 2، كتاب البيوع والاحكام فيها، فصل (1) ذكر الحض على
طلب الرزق، حديث 7.
194

رجل ضارب في الأرض يطلب من فضل الله ما يكف به نفسه، ويعود به على
عياله " (1) (2).
(10) وعن الرضا عليه السلام قال: (أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله بدينارين فقال: يا رسول
الله أريد أن أحمل بهما في سبيل الله. قال: " ألك والدان أو أحدهما؟ " قال: نعم، قال:
" اذهب فأنفقهما على والديك، فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله " فرجع
ففعل، وأتاه بدينارين آخرين فقال: قد فعلت، وهذه ديناران أريد أن أحمل بهما
في سبيل الله، قال: " ألك ولد؟ " قال: نعم، قال: " فأنفقهما على ولدك، فهو خير لك
من أن تحمل بهما في سبيل الله " فرجع ففعل، وأتاه بدينارين آخرين، وقال: يا
رسول الله قد فعلت، وهذان الديناران أحمل بهما في سبيل الله، قال: " ألك
زوجة؟ " قال: نعم، قال: " انفقهما على زوجتك، فهو خير لك من أن تحمل بهما
في سبيل الله " فرجع وفعل، وأتاه بدينارين آخرين، وقال يا رسول الله قد فعلت،
وهذان ديناران أريد أن أحمل بهما في سبيل الله، فقال: " ألك خادم؟ " قال: نعم،
قال: " فاذهب فأنفقهما على خادمك، فهو خير لك من أن تحمل بهما في سبيل الله "
ففعل، واتاه بدينارين آخرين، وقال: يا رسول الله أريد أن أحمل بهما في سبيل
الله، فقال: " احملهما، واعلم أنهما ليسا بأفضل من دنانيرك ") (3) (4).

(1) دعائم الاسلام: 2، كتاب البيوع والاحكام فيها، فصل (1) ذكر الحض على
طلب الرزق، حديث 8.
(2) ظاهر هذا الحديث يدل على أن هذه الدرجة للضارب في الأرض مشروط
بكون طلبه لما ذكره أن يكون نيته لذلك لا للجمع ولا التكاثر، ولا الادخار والكنز، ولا
لطلب مراتب الدنيا. وقوله: (ويعود به على عياله) سواء كان بقصد التوسعة عليهم على
قدر حالهم، أو ما يكفيهم به عن الحاجة إلى الغير (معه).
(3) التهذيب: 6، كتاب الجهاد وسيرة الإمام عليه السلام، باب النوادر،
حديث 8.
(4) علم من هذا الحديث ان الانفاق في سبيل الله ليس بأفضل من الانفاق على
العيال الواجبي النفقة، بل هما متساويان، خصوصا إذا كانا معا في رتبة الوجوب،
وظاهر الحديث ذلك. وأمر النبي صلى الله عليه وآله عند كل دينارين بقوله: انفقهما في
كذا، يعلم منه ان حال هذا الشخص لم يكن قائما بنفقة عياله على ما ينبغي، فعرفه النبي
صلى الله عليه وآله، بأن النفقة على العيال مقدم على النفقة في سبيل الله، وهو موافق
للأصل، من حيث إن النفقة على العيال حتى الادمي، والنفقة على الجهاد حق الله، ومع
تعارضهما يقدم حق الادمي.
وأما تقديم الانفاق على الوالدين وبعدهما على الولد وبعده الزوجة وبعده الخادم،
فليس دالا على أن هذا الترتيب متعين عند التعارض، بل ليعرفه على أن الانفاق على
الكل واجب، والكل بالنسبة إلى هذا المأمور في مرتبة واحدة. ليمكنه على الانفاق
على الكل. ولا شك انه مع التمكن لا مشاحة في التقديم والتأخير، لوجوب الكل على
السوية، نعم مع التعارض يظهر للتقديم والتأخير الفائدة، وإنما يكون ذلك مع التمكن
من البعض، وباب الترجيح حينئذ لا يفهم من هذا الحديث، فيرجع إلى القواعد الفقهية
(معه).
195

(11) وروى إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: (جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله علمت ابني هذا الكتابة، ففي أي شئ أسلمه
فقال: " سلمه لله أبوك " ولا تسلمه في خمس: لا تسلمه سباءا، ولا صائغا، ولا قصابا
ولا حناطا، ولا نخاسا " فقال: يا رسول الله وما السباء؟ قال: " الذي يبيع الأكفان
ويتمنى موت أمتي، والمولود من أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وأما
الصائغ، فإنه يعالج زين أمتي، وأما القصاب فإنه يذبح حتى تذهب الرحمة
من قلبه، وأما الحناط، فإنه يحتكر الطعاما على أمتي، ولئن يلقى الله العبد
سارقا أحب إلي من أن يلقاه وقد احتكر طعام أربعين يوما، وأما النخاس،
فإنه أتاني جبرئيل فقال: يا محمد، شرار أمتك الذين يبيعون الناس " (1) (2).

(1) التهذيب: 6، في المكاسب، حديث 159.
(2) النهى في هذه المواضع الخمسة للكراهية لتعليلها بما ذكره، الا انها كراهية
مغلظة لتغليظ عللها لأنها قد تفضى إلى محرم (معه).
196

(12) وروى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كسب الأمة، فإنها إن لم تجده
زنت، الا أمة عرفت بصنعة. وعن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة،
فإنه إن لم يجد سرق) (1).
(13) وروي أن الصادق عليه السلام أوصى بعض أصحابه، فقال: (لا تكن دوارا
في الأسواق، ولا تلي دقائق الأشياء بنفسك، فإنه لا ينبغي للمرء المسلم ذي الدين
والحسب أن يلي شراء دقائق الأشياء بنفسه الا ثلاثة أشياء: العقار، والإبل،
والرقيق) (2) (3).
(14) وقال عليه السلام: (باشر كبار أمورك بنفسك، وكل ما صغر منها إلى
غيرك) (4) (5).
(15) وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أردت بيع إبلي
هذه فبعها لي، فقال: " اني لست ببائع في الأسواق " قال: فأشر علي، قال: " بع
هذا بكذا، وهذا بكذا " (6).

(1) التهذيب: 6، في المكاسب، حديث 178.
(2) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب مباشرة الأشياء بنفسه، حديث 2.
(3) النهى هنا أيضا للتنزيه الا الثلاثة المستثناة، فإنه لا كراهة فيها (معه).
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب مباشرة الأشياء بنفسه، حديث 1، وفيه بدل
(ما صغر) (ما شف).
(5) هذا الحديث عام في كل الأمور. والكبير ما غلا ثمنه كالجواهر والخيل والحلي
وكلما دل على كبر الهمة وعلوها كسقي الفرس وعلفها ومعالجة السلاح وشراءه، والصغير
ما يدل على خساسة الهمة ودناءة النفس، خصوصا إذا كان المقصود به الأمور الدنيوية
(معه).
(6) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب النوادر، حديث 54، وتمام الحديث:
(حتى وصف له كل بعير منها فخرج الاعرابي إلى السوق: فباعها، ثم جاء إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال: والذي بعثك بالحق ما زادت درهما ولا نقصت درهما مما قلت
لي، فاستهدني يا رسول الله، قال: " لا " قال: بلى يا رسول الله، فلم يزل يكمله حتى
قال له: " اهد لنا ناقة، ولا تجعلها ولها ").
197

(16) وروى أبو عمرو الخياط، عن إسماعيل الصيقل الرازي قال: دخلت
على أبي عبد الله عليه السلام، ومعي ثوبان، فقال: (يا أبا إسماعيل يجيئني من قبلكم
أثواب كثيرة وليس يجيئني مثل هذين الذين تحملهما أنت!؟) فقلت جعلت
فداك، تغزلها أم إسماعيل وأنسجهما أنا، فقال لي (حائك؟) قلت: نعم، قال:
(لا تكن حائكا) قلت: فما أكون؟ قال: (كن صيقلا). وكان معي مأتي درهم
فاشتريت بها سيوفا ومرايا عتقا وقدمت بها إلى الري وبعتها بربح كثير) (1).
(17) وروى محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لما هاجرن النساء
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله هاجرت فيهن امرأة يقال لها أم حبيب، وكانت خافضة تخفض
الجواري، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله قال لها: " يا أم حبيب، العمل الذي كان في
يدك، هو اليوم في يدك؟ " قالت: نعم يا رسول الله إلا أن تكون حراما فتنهاني
عنه؟ قال: " لا بل حلال، وأدني مني حتى أعلمك " قال: فدنت منه فقال لها:
" يا أم حبيب فإذا أنت فعلت، فلا تنهكي - أي فلا تستأصلي - واشمي، فإنه أشرق
للوجه وأحظى عند الزوج ".
قال: وكان لام حبيب أخت يقال لها أم عطية، وكانت مقنية - يعنى ماشطة -
فلما انصرفت أم حبيب إلى أختها، أخبرتها بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبلت
أم عطية إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته بما قالت لها أختها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله:
" ادن منى يا أم عطية إذا أنت قنيت الجارية، فلا تغسلي وجهها بالخرقة، فان

(1) التهذيب: 6، في المكاسب، حديث 163.
198

الخرقة تذهب بماء الوجه " (1).
(18) وحكي عن داود عليه السلام انه كان يتوخى من تلقاه من بني إسرائيل
فيسأله عن حاله؟ فيثني عليه، حتى لقي رجلا، فقال: (نعم العبد لولا خصلة فيه)
فقال: وما هي؟ قال: (انه يأكل من بيت المال) فبكى داود وعلم أنه قد اتي،
فأوحى الله عز وجل إلى الحديد. ان لن لعبدي داود، فألان الله له الحديد فكان
يعمل كل يوم درعا يبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة وستين درعا، فباعها بثلاثمائة
وستين ألفا، فاستغنى عن بيت المال (2).
(19) وفي الحديث انه حمل إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله ميت ليصلى عليه،
فقال عليه السلام: " هل على ميتكم دين؟ " قالوا: نعم درهمين يا رسول الله) قال:
" تقدموا فصلوا على ميتكم "، فقال علي عليه السلام: (ضمنتهما عنه يا رسول الله) فقال:
" فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك " ثم تقدم فصلى عليه (3).
(20) وقال صلى الله عليه وآله: " الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل الله " (4).

(1) التهذيب: 6، في المكاسب، حديث 156.
(2) رواه في المهذب، كتاب التجارة في ذيل أقسام المكاسب، كما في المتن.
ورواه في الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة عليهم السلام
في التعرض للرزق، حديث 5، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (أوحى الله عز وجل
إلى داود عليه السلام الخ) وفيه (فبكى داود عليه السلام أربعين صباحا).
(3) سنن الدارقطني 3: 47، كتاب البيوع، حديث 194، وصفحة 78 حديث 291
و 292.
(4) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 66،
نقلا عن النبي صلى الله عليه وآله، وفى الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب من كد على
عياله، حديث 1، نقلا عن أبي عبد الله عليه السلام.
199

(21) وقال عليه السلام: " من بات كالا في طلب الحلال غفر الله له " (1).
(22) وروى الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن
عليه السلام يعمل في أرض له، وقد استنقعت قدماه في العرق، فقلت له: جعلت
فداك أين الرجال؟ فقال: (يا علي عمل باليد من هو خير مني ومن أبي في أرضه)
فقلت: ومن هو؟ قال: (رسول الله وأمير المؤمنين وآبائي كلهم عملوا بأيديهم
وهو من عمل النبيين والمرسلين والصالحين) (2).
(23) وعن الفضل بن أبي قرة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، وهو
يعمل في حائط له، فقلنا له: جعلنا فداك دعنا نعمله لك، أو يعلمه بعض الغلمان؟
فقال: (لا، دعوني فاني أشتهي أن يراني الله أعمل بيدي وأطلب الحلال في
أذى نفسي) (3).
(24) وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخرج في الهاجرة في الحاجة،
قد كفيها، يريد أن يراه الله عز وجل يتعب نفسه في طلب الحلال (4).
(25) وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان أمير المؤمنين
عليه السلام يحتطب ويستقي ويكنس، وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن
وتخبز) (5).

(1) الوسائل، كتاب التجارة، باب (4) من أبواب مقدماتها، حديث 16، نقلا
عن الأمالي. ولفظ الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من بات كالا من طلب
الحلال بات مغفورا له).
(2) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 28.
(3) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 30.
(4) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 31،
(5) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 75.
200

(26) وقال الكاظم عليه السلام: (ان الله ليبغض العبد الفارغ) (1).
(27) وروى عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يتجر، وان هو
آجر نفسه أعطي أكثر مما يصيب في تجارته؟ قال: (لا يؤاجر نفسه، ولكن
يسترزق الله عز وجل ويتجر، فإنه إذا آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق) (2).
(28) وروى إسحاق بن عمار قال: شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الحرفة
قال: " انظر بيوعا، فاشترها ثم بعها، فما ربحت فيها فألزمه " (3).
(29) وروى سدير الصيرفي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي شئ على
الرجل في طلب الحلال؟ فقال: (يا سدير إذا فتحت بابك، وبسطت بساطك
فقد قضيت ما عليك) (4).
(30) وروي ان رجلا قال لأمير المؤمنين عليه السلام: يا أمير المؤمنين اني أريد التجارة؟
فقال: (أفقهت في دين الله؟) قال: يكون بعض ذلك. قال: (ويحك ثم المتجر
فإنه من باع واشترى ولم يسأل عن حلال وحرام، ارتطم في الربا ثم ارتطم) (5).
(31) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الفقه ثم المتجر، فمن اتجر بغير فقه فقد ارتطم
في الربا ثم ارتطم " (6).

(1) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 70،
وصدره: (ان الله تعالى ليبغض العبد النوام).
(2) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 91.
(3) الفقيه 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 72.
(4) الفقيه: 3، باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات، حديث 42، وفيه
(في طلب الرزق) بدل (في طلب الحلال).
(5) المستدرك: 2، باب (2) من أبواب آداب التجارة، حديث 1، نقلا عن
دعائم الاسلام.
(6) المستدرك: 2، باب (2) من أبواب آداب التجارة، حديث 4، نقلا عن
دعائم الاسلام.
201

ومعنى (ارتطم) ارتبك عليه أمره فلم يقدر على الخروج منه.
(32) وقال عليه السلام: (من اتجر بغير فقه تورط في الشبهات) (1).
مأخوذ من الورطة، وهي الأرض المطمسة التي لا طريق فيها.
(33) وقال صلى الله عليه وآله في حجة الوداع: " اني والله لا أعلم عملا يقر بكم إلى الجنة
الا وقد نبأتكم عنه، ولا أعلم عملا يقر بكم إلى النار الا وقد نهيتكم عنه. وان
روح الأمين نفث في روعي ان نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها، فأجملوا
في الطلب، انه ليس عبد من عباد الله الا وله رزق بينه وبينه حجاب، ان صبر
آتاه الله به حلالا، وإن لم يصبر وهتك الحجاب فأكل حراما قوصص به من
رزقه وحوسب عليه، فلا تحملن أحدكم استبطاء شئ من الرزق ان يطلبه من
غير حله، انه لا ينال ما عند الله الا بطاعة الله " (2).
(34) وقال الصادق عليه السلام: (من بات ساهرا في كسب ولم يعط العين حفظها
من النوم، فكسبه ذلك حرام) (3).
(35) وقال عليه السلام: (الصناع إذا سهر والليل كله فهو سحت) (4) (5).

(1) المستدرك: 2، باب (2) من أبواب آداب التجارة، حديث 5، نقلا عن
دعائم الاسلام.
(2) رواه في المهذب، كتاب التجارة، في بحث الاجمال في الطلب، كما في
المتن. ورواه في الكافي في ضمن حديثين، لاحظ الأصول: 2، كتاب الايمان والكفر،
باب الطاعة والتقوى، حديث 2، والفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الاجمال في الطلب
حديث 1.
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب السحت، حديث 6.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب السحت، حديث 7.
(5) التعبير بالحرام والسحت في الحديثين، لشدة الكراهية، من حيث إن الفعل
مكروه كراهية شديدة، تقارب التحريم، فعبر عنها بالحرام من باب تسمية الشئ باسم
ما يقاربه (معه).
202

(36) وروي في الحديث أنه صلى الله عليه وآله مر بالتجار، وكانوا يسمون يومئذ
السماسرة. فقال لهم: " اما أنا لا اسمكم السماسرة، ولكن أسميكم التجار
والتاجر فاجر، والفاجر في النار ". فغلقوا أبوابهم وامسكوا عن التجارة فخرج
رسول الله صلى الله عليه وآله عن غد، فقال: " أين الناس؟ " فقالوا: لما قلت بالأمس ما قلت
أمسكوا! قال: " وأنا أقوله اليوم، الا من أخذ الحق وأعطاه " (1).
(27) وقال عليه السلام: " بعثني ربي رحمة، ولم يجعلني تاجرا ولا زارعا. ان
شرار هذه الأمة التجار والزارعون الا من شح على دينه " (2).
(38) وروى علي بن بلال عن الحسين الجمال، قال: شهدت إسحاق بن
عمار قد شد كيسه وهو يريد أن يقوم، فجاء انسان يطلب دراهم بدنانير، فحل
الكيس وأعطاه دراهم بدنانير. فقلت سبحان الله ما كان فضل هذا الدينار!؟
فقال إسحاق: ما فعلت هذا رغبة في الدنيا، ولكن سمعت الصادق عليه السلام يقول: (من
استقل قليل الرزق حرم الكثير) (2).
(39) وروى سيابه ان رجلا سأل الصادق عليه السلام، اسمع قوما يقولون: ان
الزراعة مكروهة؟ فقال: (ازرعوا واغرسوا، فلا والله ما عمل الناس عملا أحل
ولا أطيب منه، والله ليزرعن وليغرسن النخل بعد خروج الدجال) (4).
(40) وسال هارون بن يزيد الواسطي الباقر عليه السلام عن الفلاحين؟ فقال:

(1) رواه في المهذب، في مقدمات كتاب التجارة، كما في المتن. ورواه في
الفقيه: 3، باب التجارة وآدابها وفضلها وفقهها، حديث 13، ولفظه: (قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: التاجر فاجر والفاجر في النار الا من أخذ الحق وأعطى الحق).
(2) رواه في المهذب، في التنبيه الثالث من مقدمات كتاب التجارة.
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب النوادر، حديث 30.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب فضل الزراعة، حديث 3.
203

(هم الزارعون، كنوز الله في أرضه، وما في الاعمال أحب إلى الله من الزراعة
وما بعث الله نبيا الا كان زارعا، الا إدريس فإنه كان خياطا) (1).
(31) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (إذا دخلت السوق فقل: اللهم إني
أسألك من خيرها وخير أهلها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها، اللهم إني أعوذ
بك ان أظلم أو اظلم، أو أبغي أو يبغي علي، أو أعتدي أو يعتدى علي، اللهم إني
أعوذ بك من شر إبليس وجنوده وشر فسقة العرب والعجم حسبي الله لا إله إلا هو
عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) (2).
(32) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (إذا اشتريت شيئا من متاع أو غيره
فكبر، ثم قل: اللهم إني اشتريته الشمس فيه فضلك فاجعل لي فيه فضلا اللهم إني
اشتريته ألتمس فيه رزقك فاجعل لي فيه رزقا، اللهم إني اشتريته ألتمس
فيه بركتك فاجعل لي فيه بركة) (3).
(33) وقال عليه السلام: (إذا اشتريت دابة أو رأسا فقل: اللهم ارزقني أطولها
حياة، وأكثرها منفعة، وخيرها عاقبة) (4).

(1) رواه في المهذب في التنبيه الثالث من مقدمات كتاب التجارة. وفى المستدرك
كتاب التجارة، باب (9) من أبواب مقدمات التجارة، حديث 2، نقلا عن كتاب الغايات
لجعفر بن أحمد القمي ما هذا لفظه (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما في الاعمال شئ
أحب إلى الله تعالى من الزراعة، وما بعث الله نبيا الا زارعا، الا إدريس فإنه كان خياطا).
(2) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب من ذكر الله تعالى في السوق، حديث 2.
(3) الفقيه: 3، باب الدعاء عند شراء المتاع، حديث 1، وليس فيه (اللهم إني
اشتريته التمس فيه بركتك إلى آخره)، وزاد في آخره (ثم أعد كل واحدة منها ثلاث
مرات).
(4) التهذيب: 7، باب فضل التجارة وآدابها وغير ذلك مما ينبغي للتاجر أن
يعرفه، وحكم الربا، ذيل حديث 34.
204

(34) وروى الوليد العماري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن ثمن الكلب
الذي لا يصيد؟ فقال: (سحت، وأما الصيود فلا بأس به) (1).
(35) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح قال: سألته عن رجل
أعطاه رجلا مالا ليقسمه في المحاويج أو مساكين، وهو محتاج، أيأخذ منه
لنفسه ولا يعلمه؟ قال: (لا يأخذ منه شيئا حتى يأذن له صاحبه) (2).
(36) وروي عن عروة بن الجعد البارقي، ان النبي صلى الله عليه وآله أعطاه دينارا
ليشتري به شاة، فاشترى به شاتين، ثم باع أحديهما بدينار في الطريق. قال:
فأتيت النبي صلى الله عليه وآله بالدينار والشاة، فأخبرته، فقال عليه السلام: " بارك الله لك في صفقة
يمينك " (3).
(37) وروى عمر بن شبيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال:
" لا طلاق الا فيما تملكه، ولا عتق الا فيما تملكه، ولا بيع الا فيما تملكه " (4).
(38) وروى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: (لا بأس أن يشتري
الانسان سمك الآجام إذا كان فيها القصب) (5) (6).

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب السحت، حديث 5.
(2) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب المكاسب، حديث 121.
(3) سنن الترمذي: 3، كتاب البيوع، باب (34)، حديث 1258، ورواه في
المستدرك: 2، كتاب التجارة، باب (18) من أبواب عقد البيع وشروطه، حديث 1،
نقلا عن ثاقب المناقب لأبي جعفر محمد بن علي الطوسي.
(4) سنن الدارقطني: 4، كتاب الطلاق والخلع والايلاء وغيره، حديث 41،
ولفظه: (لا يجوز طلاق ولا عتاق ولا بيع ولا وفاء نذر فيما لا يملك).
(5) التهذيب: 7، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما يجوز من ذلك وما
لا يجوز، حديث 21.
(6) وهذه الرواية يمكن العمل بها إذا كان المقصود بالبيع، انا هو القصب،
والسمك تابع. فأما إذا كان المقصود بالبيع هو السمك، فلا يجوز، لأنه من باب بيع
المجهول. وهو ممنوع بالأصل. فإذا حملت الرواية على المعنى الأول لم يكن مخالفة
الأصل وصح العمل بها (معه).
205

(39) وروى سماعة قال: سألته عن رجل يشتري العبد وهو آبق عن أهله؟
فقال: (لا يصلح إلا أن يشتري معه شيئا آخر، فيقول: اشتري منك هذا الشئ
وعبدك الآبق بكذا وكذا، فإن لم يقدر على العبد، كان ثمنه الذي نقد، في
الشئ) (1).
(40) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يبيعن حاضر لباد " (2).
(41) وروى عروة بن عبد الله عن الباقر عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" لا يتعلق أحدكم تجارة خارجا من المصر، ولا يبيعن حاضر لباد، ذروا المسلمين
يرزق الله بعضهم من بعض ") (3) (4).

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب شراء الرقيق، حديث 3.
(2) صحيح مسلم: 3، كتاب البيوع (6) باب تحريم بيع الحاضر للبادي،
حديث 18 و 19 و 20.
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب التلقي، حديث 1.
(4) ظاهر هذين الحديثين التحريم، إذ النهى المطلق ظاهر فيه، أو حقيقة على
الخلاف، والى ذلك ذهب جماعة من أصحابنا. وقال الأكثر انه هنا للكراهية، لان
الأصل تسلط المسلم على ماله، ولتعليله في الحديث الثاني بقوله: ذروا الناس في
غفلاتهم، فهو دال على أن المقصود من النهى التوسعة على الناس بحصول الاسترباح
فسبب تغالب بعضهم مع بعض في الملاقيات والمعاملات.
واختلف في معنى هذا النهى فقال بعضهم: معناه أن يكون الحاضر وكيلا للبادي
في البيع، وأطلق. وقال آخرون: معنى ذلك أن يكون للناس حاجة إلى ما مع البادى،
فلا نهى مع عدم الحاجة، أو فيما لا يحتاج الناس إليه، أوما يحمل من بلد إلى بلد
للاستقصاء في ثمنه. فأما مع عدم ذلك فالنهي فيه بحيث لا يكون سمسارا ولا وكيلا، وهذا
المعنى هو الأقوى (معه).
206

(42) وقال عليه السلام: (ليس منا من غش) (1) (2).
(43) وروى إسماعيل بن زياد، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه الباقر عليه السلام قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يحتكر الطعام الا خاطئ) (3).
(44) وعن ابن القداح، عن الصادق عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
الجالب مرزوق والمحتكر ملعون) (4).
(45) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الرجل
يحتكر - إلى أن قال -: (وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس، فإنه يكره أن
يحتكر الطعام، ويترك الناس ليس لهم طعام) (5).
(46) وروى غياث بن إبراهيم في الموثق عن الصادق عليه السلام قال: (ليس
الحكرة الا في الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والسمن) (6).

(1) مسند أحمد بن حنبل 2: 242، ولفظ الحديث: (عن أبي هريرة ان رسول
الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مر برجل يبيع طعاما، فسأله كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحى
إليه أدخل يدك فيه، فأدخل يده فإذا هو مبلول! فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله)
وسلم: ليس منا من غش)، وفى الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الغش، حديث 7
نحوه، وفى حديث (1) من تلك الباب عن أبي عبد الله عليه السلام: (ليس منا من غشنا).
(2) استدلوا بهذا الحديث على تحريم كلما يحصل معه الغرر من المشترى، لان
الغش هو إظهار الجيد واخفاء الردى ومنه حرم النجش لأنه غش أيضا، لان معناه الزيادة
في السلعة لا لقصد الشراء، بل ليحرص المشترى ويرغبه في الشراء، وقد اتفق الكل
على تحريمه، سواء كان بمواطاة البايع أو لا (معه).
(3) التهذيب: 7، باب التلقي والحكرة، حديث 6.
(4) الفروع: 5، باب الحكرة، حديث 6، ورواه في التهذيب: 7، باب
التلقي والحكرة، حديث 7، عن أبي العلا.
(5) الفروع: 5، باب الحكرة، حديث 5.
(6) الفروع: 5، باب الحكرة، حديث 1.
207

(47) وروى السكوني ان حد الاحتكار في الرخص إلى أربعين يوما، وفي
الغلا إلى ثلاثة أيام (1).
(48) وروى الحلبي في الحسن ان حده حبس الأطعمة مع حاجة أهل البلد
إليها، وضيق الامر عليهم فيها (2).
(49) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الناس مسلطون على أموالهم " (3).
(50) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله أمر المحتكرين أن يخرجوا حكرتهم إلى
بطون الأسواق بحيث ينظر الابصار إليها، فقيل له: لو قومت عليهم؟ فغضب
عليه السلام حتى عرف الغضب في وجهه، وقال: " أنا أقوم عليهم، إنما السعر
إلى الله، يرفعه إذا شاء، ويخفضه إذا شاء " (4) (5).

(1) الفروع: 5، باب الحكرة، حديث 7. وفيه (وفى الشدة والبلاء ثلاثة
أيام).
(2) الفقيه: 3، باب الحكرة والأسعار، حديث 3، ولفظ الحديث: (إنما الحكرة
أن تشترى طعاما وليس في المصر غيره فتحتكره، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره
فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل)، والظاهر أن الماتن نقل الحديث بالمعنى.
(3) رواه العلامة قدس الله روحه في التذكرة 1: 489، كتاب البيع، في أحكام
الشروط في ضمن العقد، في مسألة (ان كل شرط ينافي مقتضى العقد فهو باطل) واستدل
به في المهذب في شرح قول المصنف في كتاب التجارة (الاحتكار وهو حبس الأقوات)
فقال في مقام الاستدلال على كراهية الاحتكار: ولان الانسان مسلط على ماله الخ.
(4) الفقيه: 3، باب الحكرة والأسعار، حديث 2.
(5) هذه الأحاديث الثمانية متعلقة بالاحتكار. وظاهر كلها دال على تحريمه، وليس
فيها ما يقع فيه اشتباه الا قوله: فإنه يكره. وليس المراد هنا الكراهية مقابل المندوب
بل المراد بها التحريم، لان المحرم يسمى مكروها أيضا.
فأما حديث غياث فدال على اختصاص الاحتكار بالخمسة المذكورة فيه، وان
غيرها لا يقع فيها الاحتكار، لان فيه معنى الحصر.
وحديث السكوني فيه دلالة على تحديده بالنسبة إلى الغلاء والرخص. وحديث
الحلبي يعارضه، من حيث إنه لم يجعل له حد، بل هو معتبر بالحاجة وعدم الباذل غير
ذلك المحتكر، فلا يتقيد بزمان معين، وهو أولى لكونه من الحسان، وحديث السكوني
ليس كذلك، فلا يصلح لمعارضته.
وأما الحديث الذي فيه تسلط الناس على أموالهم، فالمقصود منه هنا الاستدلال
على أنه لا يجوز التسعير على المحتكر، بل على الوالي أن يجبره على البيع، وأما السعر
فهو إلى الله، فيبيع كيف يشاء.
والحديث الذي يليه دال على ذلك صريحا، فان النبي صلى الله عليه وآله لم
يسعر عليهم، وإنما أمر باخراج ما احتكروا إلى السوق، ليبيعونه كيف شاءوا، إلا أن
بعض الأصحاب قال: لو طلب المالك ما يجحف بالناس، يسعر عليه، ومرجعه في ذلك
ليس إلى الحديث، بل الأصل. وهو قوله صلى الله عليه وآله: " لا ضرر ولا اضرار في
الاسلام " (معه).
208

(51) وقال صلى الله عليه وآله: " البيعان بالخيار ما لم يفترقا " (1).
(52) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (في الحيوان كل
شرط ثلاثة أيام للمشتري، وهو بالخيار ان اشترط أولم يشترط) (2).
(53) ورى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (البايعان
بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان، وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا) (3) (4).

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب التجارات، (17) باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا
حديث 2182 و 2183، وفى الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الشرط والخيار في
البيع، حديث 6، نقلا عن أبي عبد الله عليه السلام.
(2) التهذيب: 7، باب عقود البيع، حديث 18.
(3) التهذيب: 7، باب عقود البيع، حديث 16.
(4) وبين هاتين الصحيحتين تعارض ظاهر، لان الأولى دلت على اختصاص خيار
الحيوان بالمشترى، وسقوط خيار البايع، لكن لا بالنص، بل بطريق المفهوم. والثانية
دالة على ثبوته لكل واحد منهما. ويمكن الجمع بينهما بأن يحمل الثانية على أن المبيعين
معا حيوان، فيصير التقدير. البايعان بالخيار إذا كان مبيعا نهما معا حيوان، وتكون الأولى
مختصة بكون الثمن ليس حيوانا. فيختص المشترى بالخيار. لان خيار الثلاثة مختص
بالحيوان بالاجماع، وحينئذ لا تعارض (معه).
209

(54) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا ضرر ولا اضرار في الاسلام " (1) (2).
(55) وروى الشيخ، عن مثنى الحناط، عن منهال القصاب، عن أبي عبد
الله عليه السلام قال: (لا تلق ولا تشتري ما يتلقى ولا تأكل منه) (3) (4).
(56) وروي عن الباقر عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يتلقى أحدكم
تجارة خارجا من المصر، ولا يبيع حاضر لباد، ذروا المسلمين يرزق الله بعضهم

(1) مسند أحمد بن حنبل 1: 313.
(2) إنما ذكر هذا الحديث لان يستدل به على ثبوت خيار الغبن، فان الأصحاب
اشتهر بينهم ثبوته، خصوصا عند المتأخرين، ولا دليل لهم الا عموم هذا الخبر، فان المغبون
متضرر قطعا، ونفى الضرر واجب بالحديث، ولا يمكن نفى الضرر عنه الا بثبوت الخيار
له، فيكون واجبا له (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب التلقي، حديث 2.
(4) إنما ذكر هذا الحديث لان يستدل به على ثبوت خيار الغبن أيضا، لان النهى
عن التلقي إنما كان لامكان حصول الضرر، لان الركب القاصد للبلد لا يكون عالما بسعر
البلد، فإذا اشترى منه قبل ذلك أمكن حصول الضرر له، لوقوع الشراء بدون سعر البلد
لان ظاهر المتلقى انه إنما تلقى لهذه الفائدة، فمتى ثبت الضرر ثبت الخيار، وقد
عرفت أن هذا النهى يحتمل فيه التحريم والكراهية، وعلى كل حال فمع ثبوت الغبن
يثبت الخيار (معه).
210

من بعض، فان تلقى متلق فاشترى، فصاحبه بالخيار إذا قدم السوق) (1) (2).
(57) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام قال: قلت له: الرجل يشتري من الرجل
المتاع، ثم يدعه عنده يقول: حتى آتيك بثمنه؟ قال: (ان جاءه فيما بينه وبين
ثلاثة أيام، وإلا فلا بيع له) (3).
(58) وروى علي بن يقطين في الصحيح قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن
الرجل يبيع المبيع، فل يقبضه صاحبه ولا قبض الثمن؟ قال: (الاجل بينهما ثلاثة
أيام، فان قبض بيعه، وإلا فلا بيع بينهما) (4) (5).

(1) رواه أئمة الحديث إلى قوله: يرزق الله بعضهم من بعض، لاحظ الفروع: 5
كتاب المعيشة، باب التلقي، حديث 1. والفقيه: 3، باب التلقي، حديث 1. والتهذيب:
7، باب التلقي والحكرة، حديث 2. وروى العلامة قدس سره الجزء الأخير من الحديث
في التذكرة 1: 585 فقال بعد نقل الحديث ما هذا لفظه: (وصورته أن يرد طائفة إلى
بلد بقماش ليبيعوه فيه فيخرج الانسان يتلقاهم فيشتريه منهم قبل قدوم البلد ومعرفة سعره،
فان اشترى منهم من غير معرفة منهم بسعر البلد صح البيع، لان النهى لا يعود إلى معنى في
البيع، وإنما يعود إلى ضرب من الخديعة والاضرار، لان في الحديث " فان تلقاه متلق
فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا قدم السوق إلى آخره).
(2) هذا الحديث صريح بثبوت الخيار بعد علم البايع إذا قدم السوق بان ما
باع لم يكن على سعر البلد. فدلالته على أن الغبن إنما يثبت مع عدم علم البايع أو
المشترى بقيمة السلعة، فيبيع بالأنقص، أو يشترى بالأزيد. وفيه إشارة إلى أن التلقي
المذكور ليس بحرام، وإنما هو مكروه، ووجه كراهته من حيث جواز ادخال الضرر
على المسلم (معه).
(3) الفقيه: 3، باب الشرط والخيار في البيع، حديث 6.
(4) التهذيب: 7، باب عقود البيع، حديث 9.
(5) هذان الحديثان يدلان على وجوب خيار التأخير، ولا خلاف بين الأصحاب
في العمل بمقتضاهما في ثبوت الخيار مدة الثلاثة، وإنما يختلفون في أنه بعد الثلاثة
هل يبطل البيع من الأصل، أو يثبت الخيار للبايع وظاهر الروايتين الأول، ولكن معظم
الأصحاب حملوا ذلك على اللزوم، لا على نفى الصحة، ويصير المعنى فلا بيع لازم بينهما
(معه).
211

(59) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " كل مبيع تلف قبل قبضه، فهو من مال بايعه " (1).
(60) وروى عقبة بن خالد عن الصادق عليه السلام في رجل اشترى متاعا من
رجل وأوجبه، غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه، وقال: آتيك غدا إن شاء الله
، فسرق المتاع عنده، من مال من؟ قال: (من مال صاحب المتاع الذي هو
في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع
ضامن لحقه حتى يرد إليه ماله) (2) (3).
(61) وروى محمد بن يعقوب مرفوعا إلى محمد بن أبي حمزة، أو غيره،
عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام فيمن يشتري ما يفسد من يومه ويتركه حتى
يأتيه بالثمن: (فان جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن، وإلا فلا بيع له) (4).
(62) وروى السكوني عن جعفر عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام
قضى في رجل باع بيعا، وشرط شرطين، بالنقد كذا، فأخذ المتاع على ذلك

(1) المهذب: قال في شرح قول المصنف: (من باع ولم يقبض الثمن ولا قبض
المبيع الخ) ما هذا لفظه انه (أي التلف) من البائع قاله الشيخ: لعموم قوله عليه السلام:
" كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه " ورواه في المستدرك: 2، باب (9) من
أبواب الخيار، حديث 1، نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الشرط والخيار في البيع، حديث 12.
(3) هذا الحديث والذي قبله، لا خلاف بين الأصحاب أيضا في العمل بمضمونها
وفيها دلالة على أن المبيع المؤخر في مدة الثلاثة لو تلف كان تلفه من مال البايع،
لان المشترى لم يقبضه، فضمانه من مال البايع بمضمون الحديثين (معه).
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الشرط والخيار في البيع، حديث 15.
212

الشرط؟ فقال: (هو بأقل الثمنين وأبعد الأجلين) (1) (2).
(63) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: انه نهى عن بيعين في بيعة (3).
(64) وروى خالد بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بعته
طعاما بتأخير إلى أجل مسمى، فلما جاء الاجل أخذته بدراهمي، فقال: (ليس
عندي دراهم، ولكن عندي طعام فاشتره مني؟ فقال: لا تشتره، فإنه لا خير
فيه (4).
(65) وروى عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل باع طعاما
بدراهم إلى أجل، فلما بلغ الاجل، تقاضاه، فقال: ليس عندي درهم، خذ مني
طعاما؟ قال: (لا بأس به، إنما له دراهمه يأخذ بها ما شاء) (5) (6).
(66) وروى هشام بن الحكم في الحسن عن الصادق عليه السلام في الرجل يشتري
المتاع إلى أجل؟ فقال: (ليس له ان يبيعه مرابحه الا إلى الاجل الذي اشتراه

(1) التهذيب: 7، باب البيع بالنقد والنسيئة، حديث 30.
(2) رواية السكوني مخالفة للأصل، لان شرط البيع حصول الجزم، وعدم
تجهيل الثمن، وهما معا معدومان في هذا البيع، مع أن الرواية الثانية معارضة لها،
فان ذلك من المنهى عنه، لأنه بيعان في بيعة والنهى دليل الفساد، خصوصا إذا كان
المنهى عنه من لوازم العقد، وهو هنا كذلك، لان تعيين الثمن من أركان البيع. وأكثر
الأصحاب على المنع من العمل برواية السكوني (معه).
(3) الفقيه: 4، باب ذكر حمل من مناهي النبي صلى الله عليه وآله. والموطأ،
كتاب البيوع، (33) باب النهى عن بيعتين في بيعة، حديث 72.
(4) التهذيب: 7، باب بيع المضمون، حديث 25.
(5) التهذيب: 7، باب بيع المضمون، حديث 24.
(6) وجه الجمع بين هذين الحديثين ان تحمل الرواية الثانية على الجواز،
لأنها صريحة فيه، ويحمل الأولى على الكراهية، لأنه علله بقوله: (لا خير فيه) ولا شك
ان المكروه لا خير فيه (معه).
213

إليه، فان باعه مرابحة ولم يخبره، كان للذي اشتراه من الاجل مثل ماله) (1) (2).
(67) وروى محمد وعبيد الحلبيان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: قدم
لأبي عبد الله عليه السلام متاع من مصر، فصنع طعاما ودعى التجار، فقالوا: نأخذ
منك بده دوازده، فقال أبو عبد الله عليه السلام: (وكم يكون ذلك؟) فقالوا: في كل
عشرة آلاف ألفين، فقال: (اني أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألفا) (3).
(68) وروى العلاء في الصحيح عن الصادق عليه السلام، قال الراوي: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: الرجل يريد أن يبيع المبيع فيقول: أبيعك بده دوازده، أو ده
يازده؟ فقال: (لا بأس، إنما هذه المراوضة. فإذا جمع البيع جعله جملة
واحدة) (4).
(69) وروى محمد في الصحيح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (أني أكره
بيع عشرة بأحد عشر، وعشرة باثني عشرة ونحو ذلك من البيع، ولكني أبيعك
كذا وكذا مساومة. وقال: أتاني طعام من مصر فكرهت أن أبيعه كذلك، وعظم

(1) التهذيب: 7، باب البيع بالنقد والنسيئة، حديث 3.
(2) هذه الرواية عمل بها الشيخ في النهاية، وألزم البايع الاجل للمشترى، كما
له على البايع الأول بمضمون الرواية ونصها. وأكثر الأصحاب على ترك العمل بها
لمخالفتها للأصل، وانها ليست من الصحاح لتكون لها من القوة ما يوجب العدول عن
الأصل. فتعين الرجوع إليه لأنه أقوى منها، وذلك لان هذا البيع لم يقع فيه أجل،
وغاية ما فيه أنه تدليس بسبب عدم ذكر الاجل الذي له قسط من الثمن، والتدليس إنما
يثبت به الخيار، لا التأجيل، والذي ثبت لهذا المشترى ليس إلا الخيار في الفسخ أو
امضائه بالثمن نقدا، لانتفاء الضرر بالنسبة إليه بثبوت خياره (معه).
(3) التهذيب: 7، باب البيع بالنقد والنسيئة، حديث 34.
(4) التهذيب: 7، باب البيع بالنقد والنسيئة، حديث 35.
214

علي فبعته مساومة) (1).
(70) وروى جراح المدايني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (اني أكره بيع
ده يازده، وبيع ده دوازده، ولكني أبيعك بكذا وكذا) (2) (3).
(71) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام أنه قال في
رجل قال لرجل: بع ثوبي بعشرة دراهم فما فضل فهو لك؟ قال: (ليس به
بأس) (4).
(72) وروى زرارة في الصحيح عنه عليه السلام قال: قلت له: رجل يعطي المتاع
فيقول: ما ازددت على كذا، فهو لك؟ فقال: (لا بأس) (5) (6).
(73) وروى محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت إلى أبي الحسن العسكري

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب بيع المرابحة، حديث 4.
(2) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب بيع المرابحة، حديث 3.
(3) هذه الروايات الأربع كلها دالة على الكراهية دون التحريم باتفاق الأصحاب
(معه).
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب بيع المتاع وشراءه، حديث 2.
(5) التهذيب: 7، باب البيع بالنقد والنسيئة، حديث 32.
(6) هاتان الروايتان مخالفتان للأصل، من حيث تجهيل مال الجعالة فيهما،
ولهذا طرح العمل بهما بعض الأصحاب وقالوا: ان ما زاد للمالك وعليه أجرة المثل
للدلال، لأنها جعالة فاسدة، فثبت فيها مع فعل المجعول عليه، أجرة المثل للعامل.
والعلامة في المختلف والشيخ ومن تبعهما أوجبوا العمل بمضمونهما، لأنهما من الصحاح
ودلالتهما على الجواز صريحة، فلا يصلح طرحهما. وتجهيل مال الجعالة لا يضر هنا، لان
الممنوع من تجهيله ما يفضى إلى التنازع، وهنا ليس كذلك، لتراضي المالك والعامل
على أن ما فضل على قدر المسمى، فهو للعامل ورضى المالك بما سماه، فلا يفضى إلى
التنازع. ولو لم تحصل زيادة على ما سماه لم يكن للعامل شئ لرضائه بذلك، فكان فعله
كالمتبرع مع عدم الزيادة، وهذا هو الأقوى (معه).
215

عليه السلام في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة، وفيها الزرع
والنخل وغيرهما من الشجر،، ولم يذكر النخل ولا الزرع، ولا الشجر في كتابه
وذكر فيه أنه اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها، أيدخل النخل
والأشجار والزرع في حقوق الأرض أم لا؟ فوقع عليه السلام: (إذا ابتاع الأرض بحدودها
وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها إن شاء الله) (1).
(74) وروى معاوية بن وهب في الصحيح قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
الرجل يبيع المبيع قبل أن يقبضه؟ قال: (ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى
تكيله أو تزنه، إلا أن يوليه بالذي قام عليه) (2).
(75) وروى عقبة بن خالد عن الصادق عليه السلام في رجل اشترى متاعا من آخر
وأوجبه، غير أنه ترك المتاع ولم يقبضه وقال: آتيك غدا إن شاء الله، فسرق
المتاع، من مال من هو؟ قال: (يكون من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته
حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه
حتى يرد إليه ماله) (3) (4).
(76) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجل

(1) التهذيب: 7، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما يجوز من ذلك وما لا
يجوز، حديث 84.
(2) التهذيب: 7، باب بيع المضمون، حديث 34.
(3) تقدم آنفا برقم 60.
(4) هاتان الروايتان تدلان على القبض شرط في تمامية البيع. وان القبض في
المكيل والموزون، هو الكيل أو الوزن، والقبض في غيرهما هو الامساك باليد. ودلت
الأولى على أن التصرف في المبيع قبل القبض بنوع البيع غير جائز الا بطريق التولية.
ودلت الثانية على أن المبيع ما لم يقبضه المشترى فهو مال البايع وفى دركه. وفيه دلالة
على أن تمامية الملك إنما يتم مع الايجاب والقبول والقبض (معه).
216

يشتري الطعام، أيصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال: (إذا ربح لم يصلح حتى يقبض
وإن كان يوليه فلا بأس) (1) (2).
(77) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " المؤمنون عند شروطهم " (3) (4).
(78) وقال عليه السلام: " الولاء لمن أعتق " (5) (6).
(79) وفي الحديث ان عايشة اشترت بريرة بشرط أن تعتقها ويكون ولائها

(1) التهذيب: 7، باب بيع المضمون، حديث 41.
(2) هذه الرواية مخصصة لرواية معاوية بن وهب، لان فيها العموم لكل مكيل وموزون
فيخصص ذلك بالطعام (معه).
(3) رواه في التهذيب: 7، باب المهور والأجور وما ينعقد من النكاح من ذلك
وما لا ينعقد، حديث 66 كما في المتن. وروى تلك الرواية في الفروع: 5، كتاب النكاح
باب الشرط في النكاح وما يجوز منه وما لا يجوز حديث 8، وفيه (فان رسول الله صلى الله
عليه وآله قال: " المسلمون عند شروطهم " وفى التذكرة 1: 490 في مسألة (ومن الشروط
الجائزة عندنا ان يبيعه شيئا ويشترط في متن العقد ان يشترى منه شيئا) ما هذا لفظه: لقوله
صلى الله عليه وآله: " المؤمنون عند شروطهم ". ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام
المسلمون عند شروطهم إلى آخره، فلاحظ.
(4) إنما ذكر هذا الحديث هنا ليستدل به على جواز الشرط في البيع إذا لم
يكن الشرط مخالفا لمقتضى العقد، أو موجبا لتجهيل الثمن أو المثمن. ودليل جوازه مع
عدم ذلك عموم هذا الحديث (معه).
(5) سنن أبي داود: 3، كتاب الفرائض، باب في الولاء، حديث 2915، ولفظ
الحديث (عن ابن عمران عايشة رضي الله عنها أم المؤمنين أرادت أن تشترى جارية تعتقها
فقال أهلها: نبيعكها على أن ولائها لنا، فذكرت عايشة ذلك لرسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم، قال: " لا يمنعك ذلك، فان الولاء لمن أعتق ").
(6) إنما ذكر هذا الحديث ليستدل به على أن من باع عبدا بشرط العتق على أن
يكون الولاء للبايع، لا يكون ذلك صحيحا، لأنه صلى الله عليه وآله جعل الولاء للمعتق،
وهو المباشر للعتق، والمباشر هو المشترى، فلا يصح جعله للبايع (معه).
217

لمواليها، فأجاز النبي صلى الله عليه وآله البيع وأبطل الشرط (1) (2).
(80) وروى الشيخ في أماليه، والعلامة في تذكرته، عن عبد الغفار بن
سعيد قال: دخلت مكة، فوجدت فيها ثلاثة فقهاء كوفيين: أبو حنيفة وابن أبي
ليلى وابن شبرمة. فصرت إلى أبي حنيفة فسألته عمن باع بيعا وشرط شرطا؟
فقال: البيع والشرط فاسدان. فأتيت ابن أبي ليلي، فسألته؟ فقال: البيع
جائز والشرط فاسد. وأتيت ابن شبرمة فسألته؟ فقال: الشرط والبيع جائزان.
فرجعت إلى أبي حنيفة فقلت: ان صاحبيك خالفاك! فقال، لست أدري ما قالا:
حدثني عمرو بن شعيب عن جده ان النبي صلى الله عليه وآله " نهى عن بيع وشرط ".
ثم أتيت ابن أبي ليلى فقلت: ان صاحبيك خالفاك! فقال: لست أدري
ما قالا: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عايشة انها قالت: لما اشتريت بريرة
جارتي شرط على مواليها أن أجعل ولائها لهم إذا أعتقتها، فجاء النبي صلى الله عليه وآله
وقال: " الولاء لمن أعتق " فجاز البيع وأفسد الشرط.
فأتيت ابن شبرمة فقلت له: ان صاحبيك خالفاك! فقال ما أدري ما قالا:
حدثني مسعر عن جابر قال: ابتاع النبي صلى الله عليه وآله مني بعيرا بمكة، فلما نقدني
الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة، فأجاز النبي البيع

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب العتق (3) باب المكاتب، حديث 2521، والحديث
طويل وفى آخره (الولاء لمن أعتق).
(2) وفى هذا دلالة على أن الشرط الفاسد بأصله لا يبطل به البيع المشتمل عليه
بل يختص البطلان بالشرط دون البيع (معه).
218

والشرط (1) (2).
(81) وروى صفوان عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله عن الشرط في
الإماء، الاتباع ولا تورث ولا توهب؟ فقال: (يجوز ذلك غير الميراث، فإنها
تورث، لان كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل) (3) (4).
(82) وروى عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام في رجل باع أرضا على أن
فيها عشرة أجربة، فاشترى المشتري منه بحدوده، ونقد الثمن، وأوقع صفقة
البيع وافترقا، فلما مسح الأرض فإذا هي خمسة أجربة؟ قال: (ان شاء استرجع

(1) رواه في التذكرة في القسم الرابع من أحكام الشروط في ضمن العقد، بعد
ما نقل عن الجمهور ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن بيع وشرط، عن عبد الوارث
بن سعيد صفحة 490.
(2) هذه الأحاديث الثلاثة المذكورة في هذه القضية كل واحد منهما معمول به في محله.
أما الحديث الأول فدل على النهى عن بيع وشرط إذا كان ذلك الشرط مخالفا لمقتضى
البيع، أو مغير الشئ من أركانه، فان البيع والشرط يبطلان معا.
والحديث الثاني دل على أن الشرط إذا كان خارجا عن البيع، ويكون البيع تاما
في نفسه وبدنه، ويكون الشرط مخالفا لمقتضى الكتاب والسنة، فان البيع يكون في نفسه
صحيحا، ويختص البطلان بالشرط.
والحديث الثالث دل على أنه إذا كان الشرط خارجا عن البيع وليس مخالفا
لمقتضى الكتاب والسنة، فإنهما يكونان معا صحيحين (معه).
(3) التهذيب: 7 باب ابتياع الحيوان، حديث 3.
(4) هذه الرواية مخالفة للأصل، من حيث إن مقتضى البيع الملك المستلزم لثبوت
التصرفات للمالك كيف شاء، فشرط عدم البيع أو الهبة يكون مخالفا لمقتضى العقد،
وكل ما خالف مقتضى العقد من الشروط فهو باطل، فالاعتماد على الأصل أولى، لان
الرواية ليست من الصحاح، فلا يبلغ أن يكون محيلة عن الأصل المقطوع به، بل والظاهر أن
البيع المشتمل على هذا الشرط يبطل أيضا (معه).
219

ماله وأخذ الأرض، وان شاء رد المبيع وأخذ ماله كله، إلا أن يكون بجنب تلك
الأرض له أيضا أرض فليوفيه ويكون البيع لازما وعليه الوفاء له بتمام البيع،
فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع، فإن شاء المشترى أخذ الأرض
واسترجع فضل ماله، وان شاء رد الأرض وأخذ المال كله) (1) (2).
(83) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (كل رباء أكله الناس بجهالة ثم
تابوا، فإنه يقبل منهم إذا عرفت منهم التوبة) (3) (4).
(84) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إنما الرباء في النسيئة " (5).
(85) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما كان من طعام

(1) التهذيب: 7، في أحكام الأرضين، حديث 24.
(2) هذه الرواية أيضا مخالفة للأصل، من حيث إن البيع إنما وقع على الأرض
المعينة، فالزام البايع التوفية من أرض أخرى مخالف بما اقتضاه العقل، فلا يصار إلى
الرواية، لأنها ليست من الصحاح ليحمل على الأصل وما يقتضيه، بل العمل على ما يقتضيه
الأصل أولى، وهو انه لما ظهر نقص المبيع كان الخيار إلى المشترى في الفسخ وأخذ
كل الثمن، أو في امضاء الموجود بحصته من الثمن، واسترجاع حصة ما نقص من الثمن
(معه).
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة باب الربا، حديث 4.
(4) يحتمل أن يراد بالجهالة، جهل الحكم. يعنى انه لم يعلم تحريم الربا. ويحتمل
أن يراد جهالة كون الشئ الذي باعه أو اشتراه مما يقع فيه الربا، بأن يكون غير عالم
بالشرائط التي يتحقق بها حصول الربا، وإن كان عالما بتحريم الربا في الجملة على
الاطلاق. ولا يلزم من التقييد بالجهالة عدم قبول توبة العالم، لان مفهوم المخالفة ليس
بحجة. نعم لا بد من رد الربا في الحالين، لقوله تعالى " فان تبتم فلكم رؤس أموالكم "
(معه).
(5) سنن ابن ماجة: 2، كتاب التجارات (49) باب من قال لا ربا الا في النسيئة
حديث 2257.
220

مختلف أو متاع أو شئ من الأشياء يتفاضل، فلا بأس ببيعه مثلين بمثل يدا بيد،
فأما نظرة فلا يصلح) (1).
(86) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " (2).
(87) وروى سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البعير بالبعيرين
يدا بيد ونسية؟ قال: (لا بأس) (3).
(88) وروى منصور بن حازم عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الشاة
بالشاتين، والبيضة بالبيضتين؟ قال: (لا بأس ما لم يكن كيل أو وزن) (4) (5).
(89) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (لا يصلح التمر
اليابس بالرطب، من أجل ان التمر يابس، والرطب رطب، فإذا يبس
نقص) (6) (7).

(1) التهذيب: 7، باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك، وما يجوز منه وما
لا يجوز، حديث 2.
(2) صحيح مسلم: 3، كتاب المساقاة (15) باب الصرف وبيع الذهب بالورق
نقدا، حديث 81، ولفظ الحديث (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان
يدا بيد).
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب المعاوضة في الحيوان والثياب وغير ذلك
حديث 4.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب المعاوضة في الحيوان والثياب وغير ذلك
حديث 8.
(5) وجه الجمع بين هذه الأحاديث أن تحمل الروايات الواردة من منع التفاضل
في النسيئة على الكراهية، لان الأصل في تحريم الربا اتحاد الجنس سواء كان نقدا أو
نسيئة، وحمل الروايات الأخرى على الجواز موافقة للأصل، فيتم العمل بالكل (معه).
(6) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب المعاوضة في الطعام حديث 12.
(7) والذي يدل على أن قوله: (لا يصلح) هنا للتحريم، قوله صلى الله عليه وآله
وقد سئل أيجوز بيع الرطب بالتمر؟ فقال عليه السلام: " أينقص إذا جف؟ " قالوا: نعم
فقال عليه السلام: " فلا اذن " والنهى للتحريم. والسؤال عن الجفاف إنما كان للتنبيه
على العلة، كما علله في الرواية.
وهل يسرى في كل رطب مع يابسه كالعنب والزبيب؟ اشكال، ومنشؤه ان العلة
المنصوصة هل يجب تعديتها أم لا؟ وتحقيقه في الأصول (معه).
221

(90) وروى الصدوق عن الصادق عليه السلام قال: (ليس بين المسلم والذمي
ربا، ولا بين المرأة وزوجها ربا) (1).
(91) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الذهب والفضة يباعان يدا بيد " (2).
(92) وروى إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يكون للرجل
عندي الدراهم، فيلقاني فيقول: كيف سعر الوضح اليوم؟ فأقول: كذا وكذا
ألف درهم وضحا؟ فأقول: نعم فيقول: حولها لي دنانير بهذا السعر، وأثبتها لي
عندك، فما ترى في هذا؟ قال: (إذا كنت قد استقصيت السعر يومئذ، فلا بأس
بذلك).
فقلت: انى لم أوازنه ولم أناقده، وإنما كان كلاما مني ومنه، فقال:
(أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك؟) قلت: بلى قال: (فلا بأس) (3).

(1) الفقه: 3، باب الربا، حديث 12.
(2) الظاهر أن الحديث نقل بالمعنى، وفى صحيح مسلم: 3، كتاب المساقاة
(16) باب النهى عن بيع الورق بالذهب دينا حديث 86، ما لفظه (عن أبي المنهال
قال: باع شريك لي ورقا بنسيئة إلى الموسم، أو إلى الحج، فجاء إلى فأخبرني، فقلت
هذا أمر لا يصلح، قال: قد بعته في السوق فلم ينكر ذلك على أحد، فأتيت البراء بن
عازب فسألته. فقال: قدم النبي صلى الله عليه (وآله) المدينة ونحن نبيع هذا البيع فقال:
" ما كان يدا بيد فلا بأس به وما كان نسيئة فهو ربا " وائت زيد بن أرقم فإنه أعظم تجارة
منى. فأتيته فسألته، فقال مثل ذلك).
(3) التهذيب: 7، باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك وما يجوز منه وما لا يجوز
حديث 47.
222

(93) وروى عبد الرحمان بن الحجاج قال: سألته عن السيوف المحلاة
فيها الفضة تباع بالذهب إلى أجل مسمى؟ فقال: (ان الناس لم يختلفوا في
النساء انه الربا، وإنما اختلفوا في اليد باليد) قال: فقلت له: إذا كانت الدراهم
التي تعطى أكثر من الفضة التي فيها؟ فقال: (كيف لهم بالاحتياط بذلك)،
فقلت: انهم يزعمون أنهم يعرفون ذلك؟ فقال: (ان كانوا يعرفون فلا بأس
والا فإنهم يجعلون معه العرض أحب إلي) (1).
(94) وروى منصور الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن السيف
المفضض يباع بالدراهم؟ فقال: (إذا كان فضة أقل من النقد فلا بأس، وإن كان
أكثر فلا يصلح) (2) (3).
(95) وروى عمار عن الصادق عليه السلام، سئل عن الفاكهة متى يحل بيعها؟
قال: (إذا كانت فاكهة كثيرة في موضع واحد فأطعم بعضها، فقد حل بيع
الفاكهة كلها، فإذا كانت نوعا وحدا فلا يحل بيعه حتى يطعم، فإن كان أنواعا
متفرقة فلا يباع منها شئ حتى يطعم كل نوع منها وحده، ثم تباع تلك الأنواع)
(4) (5).

(1) التهذيب: 7، باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر من ذلك وما يجوز منه وما لا يجوز
حديث 93.
(2) التهذيب: 7، باب بيع الواحد بالاثنين وأكثر مع ذلك وما يجوز منه وما لا يجوز
حديث 94.
(3) وهذان الحديثان دلا على أنه لا يجوز بيع المحلى الا بجنس غير الحلية. فان
باعه بجنس الحلية لا بد وأن يكون قدر الحلية معلوما. ليبيعه بما قابله من الثمن مع زيادة
في الثمن يقابل المحلى. وإن لم يعلم قدر الحلية لم يصح بيعه بجنس الحلية إلا أن يضم
معه عرض آخر (معه).
(4) التهذيب: 7، باب بيع الثمار، حديث 34.
(5) دلت هذه الرواية على أنه لا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها. وانه لا يصح
بيع الأنواع المتفرقة إذا بدا صلاح نوع منها دون الاخر إلا أن يكون من نوع واحد.
وبمضمونها عمل الشيخ، وأكثر الأصحاب حملوها على تعدد العقود، وأما إذا كان العقد
واحدا وأدرك ثمرة بعض أنواع البستان جاز بيع الباقي منضما إليه وإن لم يدرك، لأنهم
يجوزون بيع مطلق الثمرة قبل بدو صلاحها مع الضميمة (معه).
223

(96) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن المحاقلة والمزابنة) قلت: وما هو؟ قال: (أن يشترى
حمل النخل بالتمر، والزرع بالحنطة) (1).
(97) ومثله رواية عبد الرحمان البصري عنه عليه السلام قال: (نهى رسول الله
صلى الله عليه وآله عن المحاقلة والمزابنة، قال: (والمحاقلة بيع ثمر النخل
بالتمر، والمزابنة بيع السنبل بالحنطة) (2).
(98) وروى ابن أبي عمير في الصحيح، عن بعض أصحابه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمر، أفيجوز أن
يأكل منه، من غير اذن صاحبها من ضرورة أو غير ضرورة؟ قال: (لا بأس) (3).
(99) وروى محمد بن مروان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أمر بالثمرة
فآكل منها؟ فقال: (كل ولا تحمل منها) قلت: جعلت فداك ان التجار قد
اشتروها ونقدوا أموالهم؟ قال: (اشتروا ما ليس لهم) (4).

(1) التهذيب: 7، باب بيع الماء والمنع منه والكلأ والمرعى وحريم الحقوق
وغير ذلك، حديث 18.
(2) التهذيب: 7، باب بيع الماء والمنع منه والكلأ والمرعى وحريم الحقوق
وغير ذلك، حديث 20.
(3) التهذيب: 7، باب بيع الثمار، حديث 36.
(4) التهذيب: 7، باب بيع الثمار، حديث 37.
224

(100) وروى يونس مثله (1).
(101) وروى الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين بن علي بن
يقطين، عن علي بن يقطين في الصحيح قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل
يمر بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر والمباطخ وغير ذلك من الثمر،
أيحل له أن يتناول منه شيئا ويأكل من غير اذن صاحبه، وكيف حاله ان نهاه
صاحب الثمرة، أو أمره القيم وليس له، وكم الحد الذي يسعه أن يتناول منه؟
فقال: (لا يحل له أن يتناول منه شيئا) (2).
(102) وروى مروك بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قلت: الرجل يمر على قراح الزرع يأخذ منه السنبلة؟ قال: (لا) قلت: أي
شئ السنبلة؟ قال: (لو كان كل من يمر يأخذ سنبلة، كان لا يبقى شئ) (3) (4).
(103) وقال النبي صلى الله عليه وآله " الشرط جائز بين المسلمين " (5) (6).
(104) وروى رفاعة في الصحيح قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل
شارك رجلا في جارية له، وقال: ان ربحنا فيها لك نصف الربح، وإن كان

(1) التهذيب: 6، باب المكاسب، حديث 256.
(2) التهذيب: 7، باب بيع الثمار، حديث 35.
(3) التهذيب، 6، باب المكاسب، حديث 261.
(4) هذه الروايات قد تقدم الكلام عليها، فلا حاجة لإعادته (معه).
(5) المهذب، كتاب التجارة، أورده في شرح قول المصنف: (لو باع واستثنى
الرأس والجلد).
(6) ولكن بشرط أن لا يكون مخالفا للكتاب والسنة. وإنما ذكر هذا الحديث هنا
ليستدل به على جواز كون أحد الشريكين في الابتياع يشترط شريكه زيادة في المبيع
أو صفة من صفاته، بحيث لا يخالف مقتضى البيع أو مقتضى الشركة، فإنه جايز لعموم هذا
الحديث (معه).
225

وضيعة، فليس عليك شئ؟ فقال: (لا أرى بهذا بأسا إذا طابت نفس صاحب
الجارية) (1) (2).
(105) وروي عن الصادق عليه السلام، أنه قال في المملوك: (إذا أدى إلى سيده
ما كان فرض عليه، فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك) (3).
(106) وروى عمر بن يزيد انه يصح أن يعتق (4) (5).
(107) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا تقتلوا أولادكم غيلة " (6) (7).

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب شراء الرقيق، حديث 16.
(2) هذه الرواية من الصحاح لم يضرها مخالفتها للأصل، فيتعين العمل بمقتضاها
(معه).
(3) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المملوك يعتق وله مال،
قطعة من حديث 1.
(4) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المملوك يعتق وله مال،
قطعة من حديث 1.
(5) هاتان الروايتان دلتا على أن العبد يملك فاضل الضريبة، وانه يصح له التصرف
في ذلك الفاضل بدون اذن السيد بعتق وغيره، وبمضمونهما أفتى الشيخ. وأكثر الأصحاب
على المنع من العمل بهما، وترجيح العمل بظاهر الآية من نفى القدرة للعبد في قوله
تعالى " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ " وقوله تعالى " هل لكم مما ملكت
أيمانكم الآية " (معه).
الظاهر أنهما حديث واحد فراجع.
(6) مسند أحمد بن حنبل 6: 457. ولفظ الحديث (عن المهاجر قال: سمعت
أسماء بنت يزيد تقول: سمعت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: لا تقتلوا أولادكم
سرا، فوالذي نفسي بيده انه ليدرك الفارس فيد عثره، قالت: قلت: ما يعنى؟ قال: الغيلة
يأتي الرجل امرأته وهي ترضع).
(7) إنما ذكر هذا الحديث ليستدل به على أن وطئ الحامل لا يصح لغير صاحب
الحمل، لأن الماء يؤثر في مزاج المرأة وفى لبنها كيفية توجب التغيير، فدل على أن
للوطء تأثير في الولد، فيكون هذا الوطء قد غذى هذا الولد بنطفته، واستدل على ذلك
بهذا الحديث. والنهى عن وطء المرضعة للكراهية (معه).
226

قالوا معناه: لا تجامعوا المرضعات، فان الجماع يثير الطمث ويفسد اللبن.
(108) وروى الحسن بن محبوب، عن رفاعة بن موسى قال: سألت أبا
الحسن عليه السلام قلت: اشتري الجارية فتمكث عندي الأشهر، لا تطمث وليس ذلك
من كبر، قلت: وأريها النساء فيقلن ليس بها حمل، أفلي أن أنكحها في فرجها؟
قال: فقال: (ان الطمث قد يحبسها الريح من غير حمل، فلا بأس أن تمسها
في فرج). قلت: فإن كان حملا فمالي منها ان أردت؟ فقال: (لك ما دون
الفرج) (1).
(109) وروى محمد بن يعقوب في كتابه باسناده إلى إسحاق بن عمار
قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية حاملا، وقد استبان حملها،
فوطئها؟ قال: (بئس ما صنع) قلت: ما تقول فيه؟ فقال: (أعزل عنها أم لا؟)
قلت: أجبني على الوجهين. قال: (إن كان عزل عنها فليتق الله ولا يعود، وإن كان
لم يعزل عنها، فلا يبيع ذلك الولد، ولا يورثه، ولكن يعتقه ويجعل له شيئا
من ماله يعيش به، فإنه قد غذاه بنطفته) (2).
(110) وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله: " ان نطفتك قد غذت سمعه وبصره
ولحمه ودمه " (3).
(111) وروي عن الصادق عليه السلام. (انه شارك فيه الماء تمام الولد) (4).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الأمة يشتريها الرجل وهي حبلى، حديث 2.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الرجل يشترى الجارية الحامل فيطؤها
فتلد عنده، حديث 1.
(3) المصدر السابق، حديث 2.
(4) المصدر السابق، حديث 3.
227

(112) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في غزاة أوطاس لمناديه: " ناد في
الناس: ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن، ولا الحيالى حتى يستبرئن بحيضة " (1).
(113) وروى معاوية بن عمار في الحسن قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
(أتى رسول الله صلى الله عليه وآله سبي من اليمن، فلما بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم، فباعوا
جارية من السبي كانت أمها معهم، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله سمع بكائها!
فقال: " ما هذه؟ " قالوا: يا رسول الله احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها، فبعث بثمنها وأتي
بها، وقال: " بيعوها، أو امسكوها ") (2).
(114) وروى هشام بن الحكم في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: اشتريت
له جارية من الكوفة، قال: فذهبت لتقوم في الحوائج فقالت: يا أماه، فقال لها
أبو عبد الله عليه السلام: (ألك أم؟) قالت: نعم، فأمر بردها، وقال: (ما آمنت ان لو
حبستها ان أرى في ولدي ما أكره) (3) (4).
(115) وروى سماعة قال: سألته عن مملوكين أخوين هل يفرق بينهما؟

(1) سنن أبي داود: 2، كتاب النكاح، باب في وطئ السبايا، حديث 2157،
ولفظ الحديث " لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة ".
(2) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب التفرقة بين ذوي الأرحام من المماليك،
حديث 1.
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب التفرقة بين ذوي الأرحام من المماليك،
حديث 3.
(4) الامر في الرواية الأولى للوجوب، ويحتمل كون الولد صغيرا. ففي الابن
إلى الحولين وفى البنت سبع سنين. وأما الرواية الثانية فتدل على الكراهة للتفرقة مطلقا
وإن كان بعد المدة المذكورة. للتعليل المذكور فيها (معه).
228

وعن المرأة وولدها؟ قال: (لا، هو حرام، إلا أن يريدوا ذلك) (1) (2).
(116) وروى مسكين السمان عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل اشترى جارية
سرقت من أرض الصلح؟ قال: (فليردها على الذي اشتراها منه، ولا يقربها، ان قدر
عليه، أو كان موسرا) قلت: جعلت فداك انه قد مات ومات عقبه؟ قال: (فليستسعها) (3).
(117) وروى موسى بن أشيم عن الصادق عليه السلام في عبد مأذون له، دفع إليه
مال ليشتري نسمة فيعتقها ويحج ببقية المال، فاشترى أباه وأعتقه وأعطاه باقي المال،
فحج به، فتخالف مولاه ومولى الأب وورثة الامر، فكل يقول: ان العبد اشتري
بما لي! فقال عليه السلام: (يرد المعتق على مواليه رقا، ثم أي الفريقين أقام البينة
حكم له) (4) (5).
(118) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن رجل اشترى
من رجل عبدا، وكان عنده عبدان، فقال للمشتري: اذهب بهما واختر أيهما
شئت ورد الاخر. وقد قبض المال، فذهب بهما المشتري فابق أحدهما من عنده
قال: (فليرد الذي عنده منهما، ويقبض نصف الثمن مما أعطى من المبيع،
ويذهب في طلب الغلام، فان وجده يختار أيهما شاء ويرد النصف الذي أخذ.
وإن لم يجده كان العبد بينهما نصفه للبايع ونصفه للمبتاع) (6) (7).

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب التفرقة بين ذوي الأرحام من المماليك،
حديث 2.
(2) هذه الرواية مقطوعة، فلا اعتماد على ما تضمنته (معه).
(3) التهذيب: 7، باب ابتياع الحيوان، حديث 69.
(4) التهذيب: 7، باب الزيادات، تلخيص من حديث 43.
(5) هاتان الروايتان تقدم الكلام عليهما فلا وجه لإعادته (معه).
(6) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب نادر، حديث 1.
(7) هذه الرواية أفتى الشيخ بمضمونها. وأكثر الأصحاب توقفوا في العمل بها
من حيث مخالفتها للأصل. لان مبناها على الشركة، والأصل عدمها هنا. وعلى ان المقبوض
للمشترى غير مضمون عليه، وهو خلاف الأصل أيضا، لان المقبوض بالسوم مضمون
على المشترى فإذا أريد تصحيح العمل بها نزلت على مقدمات:
إحداها: تساوى العبدين في القيمة.
والثانية: تطابقهما في الوصف.
والثالثة: انحصار حقه فيهما.
والرابعة: عدم ضمان المشترى بالقبض، كحاله في مدة الخيار، فان تلفه من مال
البايع وإن كان بعد القبض، فكذلك هنا، بل أولى، لأن المبيع متعين هناك وغير متعين
هنا. وحينئذ يكون بهذه المقدمات شريكا للبايع، وهلاك بعض مال الشركة من جميع
الشركاء إذا كان بغير تفريط واحد منهم، والإباق هنا لم يكن عن تفريط، فكان الحكم
ما ذكره في مضمون الرواية.
فاما إذا لم ننزلها على هذه المقدمات، لم يتعين الحكم بها، بل يرجع فيه إلى
الأصل، وهو ضمان المقبوض بالسوم، فيضمن التالف بقيمته، ويطالب بما اشتراه إن لم
يكونا بالصفة، وان كانا بها تعين حقه في التالف ورد الحاضر. وإن كان الذي بالصفة
هو التالف فكذلك. وإن كان هو الحاضر أخذه وضمن التالف. وبهذا قال الأكثر
(معه).
229

(119) وروى الشيخ عن أبي خديجة عن الصادق عليه السلام في رجلين مملوكين
مفوض إليهما، يشتريان ويبيعان بأموالهما، فكان بينهما كلام، فخرج هذا
يعدو إلى مولى هذا، وهذا إلى مولى هذا وهما في القوة سواء، فاشترى هذا
من مولى هذا العبد، واشترى هذا من مولى هذا العبد الاخر، وانصرفا إلى
مكانهما، فتشبث كل منهما بصاحبه، وقال: أنت عبدي اشتريتك من سيدك؟
قال: (يحكم بينهما من حيث افترقا، يذرع الطريق، فأيهما كان أقرب فهو
الذي سبق الذي هو أبعد. وان كانا سواء فهما رد على مواليهما، جاء سواء
وافترقا سواء، إلا أن يكون أحدهما سبق صاحبه فالسابق هوله، ان شاء باع وان
230

شاء أمسك وليس له ان يضربه) (1) (2).
(120) وروى عجلان عن الصادق عليه السلام في رجل أعتق عبدا له وعليه دين؟
قال: (دينه عليه، لم يزد بالعتق الا خيرا) (3).
(121) وروى أبو بصير عن الباقر عليه السلام قال: قلت: الرجل يأذن مملوكه
في التجارة، فيصير عليه دين؟ قال: (إن كان أذن له أن يستدين، فالدين
على مولاه، وإن لم يكن أذن له أن يستدين فلا شئ على المولى يستسعي العبد
في الدين) (4) (5).

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب نادر، حديث 3.
(2) هذه الرواية وقع فيها الاشكال بين الأصحاب، فعمل بمضمونها جماعة.
وموضوعها على اشتباه السبق، وتساوى الطريقين، والتساوي في القوة. وفيها دلالة على أن
العبد يملك. وانه يصح الشراء لنفسه. وان الحكم بالذرع موقوف على عدم علم
السبق، لأنه مع علمه يحكم للسابق كيف كان. وان مسح الطريق عند اعتبار التساوي في
القوة من باب الحكم بالظاهر، فان الظاهر أنه مع تساويهما في الإرادة الجازمة، وتساويهما
في القوة المنبعثة عن الإرادة الموجبة للحركة، موجب لتساوي الحركتين، فلا تفاوت
فيها الا بتفاوت الطريق.
فإذا نزلت الرواية على هذه الأمور تعين العمل بمضمونها، والشيخ في الاستبصار
عدل عنها وحكم بالقرعة، اعتمادا على حصول الاشكال في السبق وعدم الطريق إلى معرفته
وعموم قوله عليه السلام: (في كل مشكل القرعة). وحكم العلامة هنا بالبطلان مصيرا إلى
الأصل، من حيث أن كل واحد من العقدين دافع للاخر، ولا ترجيح لأحدهما، فإذا تدافعا
بطلا، وإذا بطلا رجع كل ملك إلى مالكه، لأصالة عدم الانتقال (معه).
(3) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب الرجل يعتق عبدا له وعلى العبدين
حدث 2.
(4) التهذيب: 6، كتاب الديون باب الديون وأحكامه، حديث 70.
(5) عموم الرواية الأولى يحمل على التفصيل المذكور في الثانية، لكن قوله
في الثانية: يستسعى في الدين إذا لم يأذن السيد فيه اشكال، من حيث إن الاستسعاء
اضرار بالمولى لنفع غيره من غير سبب منه، فكيف صح استسعاء عبده في دين لم يأذن
فيه، فهو مخالف للأصل، فالذي يوافق الأصل انه يتبع به بعد العتق (معه).
231

(122) وروى يونس قال: (إذا أسلم رجل وله خمر خنازير ثم مات وهي
في ملكه وعليه دين. يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خنازيره وخمره، فيقضى
دينه، وليس له أن يبيعه وهو حي، ولا يمسكه) (1) (2).
(123) وروى محمد بن الفضيل قال: قلت للرضا عليه السلام رجلا اشتري دينا
على رجل ثم ذهب إلى صاحب الدين فقال له: ادفع إلي ما لفلان عليك، فقد
اشتريته منه، فكيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال: (يدفع إليه قيمة ما رفع إلى
صاحب الدين، ويبرء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه) (3).
(124) وروى أبو حمزة عن الباقر عليه السلام قال: سئل عن رجل كان له على
رجل دين، فجاء رجل اشترى منه بعرض، ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال
له: أعطني ما لفلان عليك فاني قد اشتريته منه، فكيف يكون القضاء في ذلك؟
فقال أبو جعفر عليه السلام: (يرد عليه الرجل الذي عليه الدين، ماله الذي اشتراه به

(1) التهذيب: 7، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما يجوز من ذلك وما لا يجوز
قطعة من حديث 83.
(2) هذه الرواية مخالفة للأصل، من حيث إن المسلم لا يملك الخمر والخنزير.
وأيضا فإنه كما لا يصح له بيعهما مباشرة، كذلك لا يصح تولية، لان يد الوكيل يد الموكل
مع أن الرواية مقطوعة غير مسنده إلى الامام، فجاز أن يكون الحاكم بذلك غير الامام
فلا تكون حجة، مع قبولها للتأويل بأن يقال: ان الورثة كانوا كفارا، فجاز لهم البيع
وقضاء الدين منها (معه).
(3) التهذيب: 6، كتاب الديون والكفالات والحوالات والضمانات والوكالات،
باب الديون وأحكامها، حديث 35.
232

من الذي عليه له الدين) (1) (2).

(1) التهذيب: 6، كتاب الديون والكفالات والحوالات والضمانات والوكالات،
باب الديون وأحكامها، حديث 26.
(2) هاتان الروايتان لا معارض لهما، وإنما يعارضهما الأصل، من حيث إن البيع
إن كان صحيحا أوجب انتقال المبيع بجملة إلى المشترى، فلا يبرء الا بتسليم جميعه
إليه. وإن كان فاسدا لم يثمر شيا ويبقى الملك لصاحبه. وحملهما بعض الأصحاب على
باب الضمان، بان يكون قد ضمن عنه ما عليه بسؤاله وادى عنه ما رضى المضمون له،
والضامن لو أدى دون القدر المضمون فإنه لا يرجع على المضمون عنه الا بقدر ما أداه
ويبرء ذمته من الباقي، وأطلق البيع والشراء عليه بنوع من المجاز، لحصول مطلق المعاوضة
في الضمان، لكن لا اشعار في الرواية بأن الضمان كان باذن المضمون عنه، ولا اشعار
فيها أيضا بكون الضمان وقع بغير اذنه، فوجب حملها على ما لا ينافي الأصل
ويحتمل وجه آخر: وهو ان البيع وقع فاسدا، وحينئذ إنما يجب على المديون
أن يدفع إلى المشترى ما يساوى ما دفع بسبب الاذن الصادر من صاحب الدين ويحصل
الابراء من المشترى لامن البايع، فيدفع الباقي من الدين إلى البايع، لكن تمشية ذلك
على الرواية الأول مشكل، من حيث إنه صرح في براءة المديون من جميع ما بقي عليه
وذلك لا يتصور من التنزيل على الضمان بالنسبة إلى الرواية الأولى، نعم يتمشى في الرواية
الثانية (معه).
233

باب الرهن
(1) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله. أنه قال: " لا يغلق الرهن، الرهن من صاحبه الذي
رهنه، له غنمه وعليه غرمه " (1).
(2) وقال عليه السلام: " الرهن محلوب ومركوب، وعلى الذي يحلب ويركب
النفقة " (2).
(2) وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه عليها السلام ان النبي صلى الله عليه وآله رهن درعه
عند أبي السمحة اليهودي على شعير أخذه لأهله (3).
(4) وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل
يرهن جاريته، أيحل له أن يطأها؟ قال: (ان الذين ارتهنوها يحولون بينه

(1) سنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع، حديث: 125 - 133.
(2) سنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع، حديث: 136.
(3) الوسائل: 3، أبواب الدين والقرض، باب جواز الاستدانة مع الحاجة إليها
حديث 9، نقلا عن قرب الإسناد. ورواه ابن ماجة في سننه: 2 كتاب الرهون، حديث
2436، و 2437 و 2438 و 2439، ورواه الدارمي في سننه: 2 باب في الرهن
فلاحظ.
234

وبينها) قلت: أرأيت ان قدر عليها خاليا، ولم يعلم الذين ارتهنوها؟ قال: (نعم
لا أرى بهذا بأسا) (1) (2).
(5) وروى عبد الله بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أفلس
وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهون، وليس عند بعضهم، فمات، ولا يحيط
ماله بما عليه من الديون؟ قال: (يقسم جميع ما خلف من الرهون وغيرها
على أرباب الدين بالحصص) (3) (4).
(6) وروى أبو ولاد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة
والبعير رهنا لملكه، أله أن يركبهما؟ فقال: (إن كان يعلفهما فله أن يركبهما، وان

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الرهن، حديث 20.
(2) هذه الرواية مخالفة لما عليه المشهور من الرهن والمرتهن ممنوعان من التصرف
في الرهن، فهذه الرواية مخالفة للأصل، من حيث إن الوطء تصرف قد يوجب الاخراج
من الرهن، لأنه على تقدير الولد تصير أم ولد، فيمتنع البيع فيبطل الرهن.
وبعض الأصحاب قال: لو قلنا بجواز ذلك، وجب أن نقول: ببقاء الرهن وان حصل
الحمل، لسبق حق الرهانة على حق الاستيلاد حكما بالاستصحاب، إلا أن يكون الوطء
بإذن المرتهن، وهذا أقوى، ويمكن تنزيل الرواية عليه (معه).
(3) الفقيه: 3، باب الرهن، حديث 7.
(4) هذه الرواية مخالفة للأصل، إذ الأصل ان الرهن وثيقة لدين المرتهن ليستوفى
منه، فإذا كان بالموت يتساوى الديان في التركة لم يظهر للرهن مزية، فينتفى حكمه.
ويمكن أن يعضد الرواية بأن الحي ليس كالميت، فإنه وقت الحياة له ذمة متحققة يمكن
استيفاء الدين منها، فأما بعد الموت فلا ذمة، فيضيع الديون، وتتعلق الكل بالتركة،
فيستوى ذو الرهن وغيره في التعلق بها، فيتساويان فيها، وهو ضعيف لان تعلق الديون
بالتركة بعد الموت، وتعلق حق المرتهن بالرهن زمان الحياة فلا يتساوى التعلقان لتقدم
تعلق الأول. هذا مع أن سند الرواية ضعيف، فلا اعتماد على مضمونها (معه).
235

كان الذي ارتهنما يعلفهما، فليس له أن يركبهما) (1).
(7) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام في رجل يرهن عند
صاحبه رهنا لا بينة بينهما فيه، وادعى الذي عنده الرهن بأنه ألف درهم، وقال
صاحب الرهن انه بمائة؟ قال: (البينة على الذي عنده الرهن انه بألف درهم،
فإن لم تكن بينة فعلى الراهن اليمين) (2).
(8) وروى عبيد بن زرارة موثقا عن الصادق عليه السلام مثله سواء (3).
(9) وروى السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام في رهن اختلف فيه
الراهن والمرتهن، فقال الراهن: هو بكذا، وقال المرتهن: هو بأكثر. فقال
علي عليه السلام: (يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمينه) (4) (5).
(10) وروى ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال: (إذا اختلفا في الرهن،
فقال أحدهما: هو رهن وقال الآخر: هو وديعة؟ فقال: (على صاحب الوديعة البينة
فإن لم يكن بينة حلف صاحب الرهن) (6).
(11) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام في رجل رهن عند
صاحبه رهنا، فقال الذي عنده الرهن: ارتهنه عندي بكذا وكذا، وقال الآخر:
هو عندك وديعة؟ فقال: (البينة على الذي عنده الرهن انه بكذا، فإن لم يكن له

(1) الفقيه: 3، باب الرهن، حديث 5.
(2) التهذيب 7، باب الرهون، قطعة من حديث 26.
(3) التهذيب: 7، باب الرهون، حديث 27.
(4) التهذيب: 7، باب الرهون، حديث 31.
(5) هذه الرواية سندها ضعيف، مع مخالفتها للأصل، فالاعتماد على ما سبق،
لموافقتها للأصل، ولكونها من الصحاح (معه).
(6) التهذيب: 7، باب الرهون، ذيل حديث 28.
236

عليه بينة، فعلى الذي له الرهن اليمن) (1) (2).

(1) التهذيب: 7، باب الرهون، ذيل حديث 26.
(2) يمكن الجمع بين هاتين الروايتين. بان تحمل الأولى على أن التنازع إنما كان
في الرهانة وعدمها دون الدين. وتحمل الثانية على أن منكر الرهانة منكر للدين أيضا،
فان الأول يرجح فيه قول صاحب اليد ترجيحا للظاهر على الأصل، وتقدم في الثانية
قول المالك ترجيحا للأصل على الظاهر ويتم العمل بهما (معه).
237

باب الحجر
(1) ورى حمزة بن حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام متى يجب على الغلام
أن تؤخذ منه الحدود التامة: قال: (إذا خرج عنه اليتم) قلت: لذلك حد؟ قال:
(إذا احتلم وبلغ خمسة عشر سنة، أو أشعر وأنبت قبل ذلك، أقيمت عليه الحدود)
قلت: فالجارية؟ قال: (إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين) (1).
(2) وروى أبو حمزة الثمالي عن الباقر عليه السلام قال: قلت له جعلت فداك: في كم
تجري الاحكام على الصبيان؟ قال: (في ثلاث عشرة سنة إلى أربعة عشرة سنة)
قلت: فإن لم يحتلم فيها؟ قال: (وإن لم يحتلم فان الاحكام تجري عليه) (2).
(3) وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا بلغ الغلام أشده
ثلاث عشر سنة ودخل في الرابعة عشر، وجب عليه ما وجب على المحتلم، احتلم
أو لم يحتلم كتبت عليه السيئات وكتبت له الحسنات، وجاز له كل شئ إلا أن يكون

(1) الوسائل: 1، كتاب الطهارة، باب (4) من أبواب مقدمة العبادات، قطعة
من حديث 2، والحديث طويل.
(2) التهذيب: 6، باب الزيادات في القضايا والاحكام، حديث 63.
238

سفيها أو ضعيفا) (1).
(4) وفي طريق آخر. فقال: وما السفيه؟ قال: (الذي يشتري الدرهم بأضعافه)
قال: وما الضعيف؟ قال: (الأبله) (2).
(5) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام قال: (إذا أتى على الغلام عشر سنين فإنه تجوز
وصيته في ماله ما أعتق وتصدق وأوصى على حد معروف وحق فهو جائز) (3).
(6) وروى ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (يجوز طلاق الصبي إذا بلغ
عشر سنين) (4) (5).

(1) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب الوصي يدرك أيتامه فيمتنعون من أخذ
مالهم، ومن يدرك ولا يؤنس منه الرشد، وحد البلوغ حديث 7، رواه إلى قوله (إلا أن
يكون سفيها أو ضعيفا).
(2) الوسائل: 13، كتاب الوصايا، باب (44) من أحكام الوصايا، قطعة من
حديث 8.
(3) الفروع: 7 كتاب الوصايا، باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك
وما يجوز منها ولا يجوز، حديث 1.
(4) التهذيب: 8، باب أحكام الطلاق، حديث 173.
(5) المشهور بين الأصحاب والذي عليه عمل أكثرهم، هو الرواية الأولى. وأما
رواية أبى حمزة ورواية عبد الله بن سنان، فعمل بمضمونها ابن الجنيد ولم يعمل بهما
غيره من الأصحاب. وأما رواية الوصية عند بلوغ العشر ورواية الطلاق في العشر فهما
من الروايات المشهورة، وقد عضدهما روايات كثيرة مصرحة بذلك عند بلوغ العشر،
الا أنها ليست صريحة في الدلالة على البلوغ، ولم يقل أحد من الأصحاب بأن ذلك بلوغ
بل إنما قالوا: انها تدل على رفع الحجر عن الصبي في ذلك، ولا يلزم من رفع الحجر
عنه في المذكور فيها رفعه عنه مطلقا، ولكن أكثر الأصحاب على ترك العمل بها (معه).
239

(7) وروي عنهم عليهم السلام. (شارب الخمر سفيه) (1) (2).

(1) الوسائل: 13، كتاب الوصايا، باب (46) من أحكام الوصايا، قطعة من
حديث 2 نقلا عن العياشي في تفسيره، ولفظ الحديث (قال: قلت: وما السفيه الضعيف؟
قال: السفيه الشارب الخمر).
(2) استدل جماعة من الأصحاب بهذه الرواية على أن العدالة شرط في الرشد،
فحكموا بأن الفاسق سفيه فينبغي الحجر عليه ثابتا حتى يرتفع الفسق. وأكثر الأصحاب
لا يعتبرون في الرشد سوى اصلاح المال، وإن كان فاسقا، ويحملون قولهم عليهم السلام:
(ان شارب الخمر سفيه) على السفيه بمعنى الفسق، فان الفسق غاية السفاهة، فأطلق عليه
اسم الفسق، ولا يراد به السفه المقابل للرشد المعتبر فيه اصلاح الأحوال الدنيوية (معه).
240

باب الضمان
(1) روى أبو أمامة الباهلي ان النبي صلى الله عليه وآله خطب يوم فتح مكة، فقال:
" العارية مردودة والمنحة مردودة، والدين مقضى، والزعيم غارم " (1) (2).
(2) وروى أبو سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في جنازة فلما
وضعت قال: " على صاحبكم من دين؟ " فقالوا: نعم، درهمان، فقال: " صلوا على
صاحبكم " فقال علي عليه السلام: (هما علي يا رسول الله وأنالهما ضامن) فقام رسول الله
صلى الله عليه وآله فصلى عليه، ثم أقبل على علي عليه السلام وقال: " جزاك الله عن الاسلام خيرا وفك
رهانك كما فككت رهان أخيك " (3).
(3) وروى البرقي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (مكتوب في التوراة

(1) مسند أحمد بن حنبل 5: 267 عن أبي أمامة الباهلي، وفى: 293 عن
سعيد بن أبي سعيد.
(2) المنحة: هي الناقة أو البقرة أو الشاة يدفعها المالك إلى غيره، لينتفع بحلبها
ويتصرف في اللبن والزبد، والعين لمالكها (معه).
(3) تقدم هذا الحديث في باب التجارة تحت رقم (11) ونقلناه عن سنن الدارقطني
3: 47، كتاب البيوع، حديث: 194، وصفحة: 78: حديث 291 و 292. ورواه الشيخ
في الخلاف، كتاب الضمان، في دليل مسألة: 3.
241

كفالة، ندامة غرامة) (1).
(4) وروي في الحسن عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يحيل على الرجل بمال كان
له على رجل آخر، فيقول له الذي احتال: برءت من مالي عليك، قال: (إذا أبرأه
فليس له أن يرجع عليه، وإن لم يبرءه فله أن يرجع على الذي أحاله) (2) (3).
(5) وروى عقبة بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحيل
الرجل بمال على الصيرفي، ثم يتغير حال الصيرفي، أيرجع على صاحبه إذا احتال
ورضى؟ قال: (لا) (4).
(6) وروى أبو العباس عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل تكفل بنفس
رجل إلى أجل، فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهما؟ قال: (ان جاء به إلى الاجل
فليس عليه مال، وهو كفيل بنفسه أبدا إلا أن يبدأ بالدراهم، فان بدأ بالدراهم
فهو لها ضامن ان يم يأت به إلى الاجل الذي آجله) (5).

(1) التهذيب: 6، باب الكفالات والضمانات، حديث 9.
(2) التهذيب: 6، باب الحوالات، حديث 1.
(3) مضمون هذه الحسنة دال على أن الحوالة بنفسها غير ناقلة للمال من ذمة المحيل
الا بشرط الابراء، فإذا لم يحصل الشرط كان للمحتال الرجوع على المحيل، وبهذا
أفتى الشيخ وجماعة من الأصحاب. وقال ابن إدريس والمحقق والعلامة: انه لا رجوع
للمحتال على المحيل بعد الحوالة، ويرجعون في ذلك إلى عموم الرواية الثانية، فكأنهم
جعلوا الحوالة ناقلة كالضمان، فلا يحتاج إلى شرط الابراء.
ويمكن الجمع بين الروايتين بأن تحمل المطلقة على المقيدة، خصوصا والمقيدة
حسنة ولا معارض لها الا هذه المطلقة، ولا تصلح للمعارضة، لان الاطلاق يحتمل القيد فلا
يتعارضان (معه).
(4) التهذيب: 6، باب الحوالات حديث 6.
(5) التهذيب: 6، باب الكفالات والضمانات، حديث 5.
242

باب الصلح
(1) روي أن النبي صلى الله عليه وآله، قال لبلال بن الحارث: " اعلم أن الصلح
جائز بين المسلمين الا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا " (1).

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الأحكام: (23) باب الصلح، حديث 2353.
والحديث عن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده.
243

باب الشركة
(1) روى جابر بن عبد الله قال: نحرنا بالحديبية سبعين بدنة، كل بدنة عن
سبعة (1).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: " يشترك البقر في الهدي " (2) (3).
(2) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من كان له شريك في ريع أو حائط، فلا يبيعه
حتى يأذن شريكه، فان رضى أخذه، وان كره تركه " (4) (5).

(1) المستدرك للحاكم 4: 230، ولفظ الحديث: (عن جابر رضي الله عنه قال:
نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة، البدنة عن عشرة).
(2) المستدرك للحاكم 4: 230، ولفظ الحديث: (وقال رسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم ليشترك البقر في الهدى).
(3) هذان الحديثان يحملان على الشركة في الأضحية المندوبة، لا في الهدى
الواجب (معه).
(4) رواه في المهذب كما في المتن، في المقدمة الخامسة من كتاب الشركة،
ورواه الدارمي في سننه: 2، باب الشفعة: ولفظ ما رواه: (عن جابر قال: قضى رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم، ربعة أو حائط، لا يحل له أن
يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وان شاء ترك، فان باع فلم يؤذنه فهو أحق به).
(5) وهذا النهى نهى تنزيه لا نهى تحريم، لعموم قوله عليه السلام: (الناس
مسلطون على أموالهم، وإنما هذا من مكارم الأخلاق) (معه).
244

(3) وروي عن أبي المنهال أنه قال: كان زيد بن أرقم والبراء بن عازب شريكين
فاشتريا فضة بنقد ونسيئة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله. فأمرهم فقال: " أما ما كان من
نقد فأجيزوه. وأما ما كان من نسيئة فردوه " (1) (2).
(4) وروى السائب بن أبي السائب قال: كنت شريكا للنبي صلى الله عليه وآله في الجاهلية،
فلما قدم يوم فتح مكة قال: " أتعرفني؟ " قلت: نعم، أنت شريكي، وأنت خير
شريك، كنت لا تداريني ولا تماريني (3) (4).
(5) وقال عليه السلام: " يد الله على الشركين ما لم يتخاونا " (5) (6).
(6) وعنه صلى الله عليه وآله: " قال يقول الله تعالى: " أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما
صاحبه، فإذا خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما " (7).

(1) المنتقى من أخبار المصطفى: 2، كتاب الشركة والمضاربة، حديث:
3025.
(2) هذا يدل على أن الشركة جائزة. وعلى أن النسية في الصرف غير جائزة
(معه).
(3) المنتقى من أخبار المصطفى: 2، كتاب الشركة والمضاربة، حديث:
3022.
(4) هذا من مكارم أخلاق الشريكين، بمعنى انه ينبغي لكل واحد منهما أن لا يكتم
عن شريكه شيئا ولا يخالفه في شئ (معه).
(5) سنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع، حديث: 140، وتمام الحديث: (فإذا
خان أحدهما صاحبه رفعها عنهما).
(6) أي نعمت الله وقدرته عليهما بامدادهما على الخير والسعة والفايدة، ما لم
يخن كل واحد منهما صاحبه، فإذا خان كل صاحبه ارتفعت تلك اليد عنهما (معه).
(7) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب في الشركة، حديث: 3383.
245

باب المضاربة
(1) روى إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام قال: سألته عن مال المضاربة؟
قال: (الربح بينهما والوضيعة على المال) (1).
(2) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (2) (3).
(3) وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: (من ضمن تاجرا فليس
له الا رأس ماله وليس له من الربح شئ) (4) (5).

(1) التهذيب: 7، باب الشركة والمضاربة، حديث: 15.
(2) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الصدقات (5) باب العارية، حديث: 2400.
(3) فائدة ذكره هنا، الاستدلال على أن قول العامل في رد رأس مال المضاربة
لا يقبل الا بينة، لان المال تحت يده، فعليه تأديته إلى المالك، لعموم الخبر، والأصل
عدم التأدية، فمدعيها يحتاج إلى البينة عملا بالأصل وعموم الخبر (معه).
(4) التهذيب: 7، باب الشركة والمضاربة، قطعة من حديث: 25.
(5) يحتمل في صيغة التضمين صورتان، إحداهما أن يقول: خذ هذه مضاربة أو
قراضا وضمانه عليك. وهنا هل يفسد العقد ويكون للعامل الأجرة لا غير، ولرب المال
الربح. أو يكون قرضا ويكون الربح للعامل، والرواية دالة على الثاني.
والثانية أن يقول: خذه واتجر به وعليك ضمانه، وهذا يكون قرضا اجماعا،
لحصول معنى القرض فيه، ويكون الربح للعامل (معه).
246

(4) وروى الشيخ مرفوعا إلى الكاهلي عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت: رجل
سألني أن أسألكم ان رجلا أعطاه ما لا مضاربة يشتري به ما يرى من شئ فقال: اشتري
جارية تكون معك، والجارية إنما هي لصاحب المال. إن كان فيها وضيعة، فعليه
وإن كان فيها ربح فله. فللمضارب أن يطأها؟ قال: (نعم) (1) (2).

(1) التهذيب: 7، باب الشركة والمضاربة، حديث: 31.
(2) هذه الرواية في طريقها سماعة، وهو واقفي، فلا اعتماد على ما تضمنته، مع
مخالفتها للأصل، لان إباحة الوطء من مالك الجارية سابق على ملكه بها، والملك شرط
في الإباحة، فيجب تأخرها عنه، لاستحالة تقدم المشروط على الشرط (معه).
247

باب المزارعة والمساقات
(1) روى عبد الله بن عمران النبي صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها
من ثمر أو زرع (1) (2).
(2) وروى يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
المزارعة؟ قال: (النفقة منك والأرض لصاحبها، فما أخرج الله من شئ قسم على
الشرط. وكذلك قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبرا، فأعطاهم إياها على أن يعمروها على
أن لهم نصف ما أخرجت، فلما بلغ التمر أمر عبد الله بن رواحة، فخرص عليهم
النخل، فلما فرغ منه خيرهم فقال، قد خرصت هذا النخل بكذا صاعا، فان شئتم
فخذوه وردوا علينا نصف ذلك، وان شئتم أخذناه وأعطيناكم ذلك، فقالت اليهود
بهذا: قامت السماوات والأرض) (3).
(3) وقال الصادق عليه السلام: (لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس) (4).
(4) وروى محمد وعبيد الحلبيين في الصحيح عن الباقر والصادق عليهم السلام جواز

(1) صحيح مسلم: 3، كتاب المساقاة (1) باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر
والزرع، حديث: 1.
(2) هذه الرواية والتي بعدها دالتان على مشروعية المزارعة والمساقاة (معه).
(3) التهذيب: 7، باب المزارعة، حديث: 2.
(4) التهذيب: 7، باب المزارعة، حديث: 17.
248

الخرص وتقبيل العامل في المساقاة والمزارعة بالحصة بقدرها من الخرص (1) (2).
(5) وروى يعقوب بن شعيب في الصحيح مثله (3).
(6) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما قال: سألته عن الرجل يمضى ما
خرص عليه من النخل؟ قال: (نعم) قلت: أرأيت إن كان أفضل مما خرص عليه
الخارص أيجزيه ذلك؟ قال: (نعم) (4).
(7) وروى يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
الرجل يعطي الرجل أرضه فيها الرمان والنخل والفاكهة، فيقول: اسق هذا من
الماء واعمر ولك نصف ما خرج؟ قال: (لا بأس) (5).

(1) التهذيب: 7، باب المزارعة، حديث: 1.
(2) ولا يدخل هذا في باب المحاقلة والمزابنة. لان ذلك مخصوص بالشريكين
ويسمى تقبيلا، لا بيعا، وهو نوع صلح فيكون لازما إلا أن يفوت الزرع أو الثمرة بآفة
سماوية. ولا تضر الزيادة والنقص إذا لم يكونا من غلط من الخارص، أو بآفة، أو يكون
مجحفة، ورواية محمد بن مسلم مصرحة بذلك. وتفيد إباحة التصرف، واستقلال من
خرص عليه به، وملك الزيادة وضمان النقص. لكن لا يجوز ذلك الا بعد بلوغ الزرع
أو الثمرة (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم،
ذيل حديث: 2.
(4) التهذيب: 7، باب المزارعة، حديث: 51.
(5) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب مشاركة الذمي وغيره في المزارعة والشروط
بينهما، قطعة من حديث: 2.
249

باب الوديعة
(1) روى أنس بن مالك، وأبي بن كعب، وأبو هريرة كل واحد على الانفراد
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك " (1).
(2) وكان عنده صلى الله عليه وآله ودايع بمكة، فلما أراد أن يهاجر، ودعها أم أيمن، وأمر
عليا عليه السلام بردها على أصحابها (2) (3).

(1) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده
حديث: 3534 و 3535. وسنن الترمذي: 3، كتاب البيوع، باب (38)، حديث:
1254، ومسند أحمد بن حنبل 3: 414.
(2) الكامل لابن الأثير 2: 103 ذكر هجرة النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم،
وتاريخ الطبري 2: 378، ولفظه: (فأما علي بن أبي طالب، فان رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدى عن رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم الودائع التي كانت عنده للناس الخ)، ورواه في المهذب في
مقدمة كتاب الوديعة كما في المتن.
(3) هذا الحديث يدل على أن المستودع إذا أراد السفر، جاز له أن يودع من
الثقة كما فعله النبي صلى الله عليه وآله (معه).
250

(3) وروى سمرة عنه عليه السلام أنه قال: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي (1) (2).
(4) وروي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: (لو أن قاتل الحسين عليه السلام ائتمنني على
السيف الذي قتل به الحسين عليه السلام لرددته إليه) (3).
(5) وروى إسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل استودع رجلا
ألف درهم، فضاعت. فقال الرجل: كانت عندي وديعة، وقال الآخر: إنما كانت
عليك قرضا؟ قال: (المال لازم له إلا أن يقيم البينة انها كانت وديعة) (4).
(6) وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله: (ان الماعون المذكور في الآية
الكريمة، هو العواري من الدلو والقدر والميزان) (5).
(7) وروى جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " ما من صاحب إبل لا يفعل
حقها فيها الا جاءت يوم القيامة أكبر ما كانت بقاع قرقر (6) وتشتد عليه بقوائمها

(1) قد مر آنفا في باب المضاربة تحت رقم (2)، ورواه الترمذي في سننه: 3
كتاب البيوع (39) باب ما جاء في أن العارية مؤداة، حديث: 1266.
(2) وإنما ذكر هذا الحديث هنا ليستدل به على أنه إذا اختلف المستودع والمودع
فقال أحدهما: هي وديعة، وقال المالك: هي دين عليك، وذلك عند تلف العين.
فالأول ينفى عن نفسه الضمان، لان الوديعة غير مضمونة مع التلف بغير تفريط. والثاني
يدعى الضمان، لانكاره الوديعة وادعاءه أنها في ذمته. فعموم هذا الحديث دال على أن
القول، قول المالك، لان الأصل في اليد الضمان. ورواية إسحاق بن عمار الآتية
مصرحة بذلك (معه).
(3) الأمالي للشيخ الطوسي. المجلس الثالث والأربعون: 103.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب ضمان العارية والوديعة، حديث: 8.
(5) الدر المنثور للسيوطي 6: 400، ورواه في مجمع البيان في تفسير سورة
الماعون.
(6) القاع: المكان المستوى الواسع من الأرض، يعلوه ماء السماء فيمسكه،
وجمعه قيعة وقيعان، مثل جار وجيرة وجيران. والقرقر المستوى من الأرض الواسع.
251

وأخفافها " قال رجل: يا رسول الله ما حق الإبل؟ قال: " حلمها إلى الماء وإعارة دلوها،
وإعارة فحلها " (1).
(8) وروى أبو أمامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال في خطبته الوداع: " العارية مؤداة،
والمنحة مردودة، والدين مقضى، والزعيم غارم " (2).
(9) وروى أنس ان النبي صلى الله عليه وآله استعار من أبي طلحة فرسا فركبه (3).
(10) واستعار من ابن أمية يوم حنين درعا، فقال: أغصبا يا محمد؟ فقال: " بل
عارية مضمونة مؤداة " (4).

(1) رواه العلامة قدس الله سره في كتاب العارية من التذكرة عن أبي هريرة. وفيه
(قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله: وما حقها؟ قال: إعارة دلوها، واطراق فحلها،
ومنحة لبنها يوم دردها).
(2) تقدم في باب الضمان تحت رقم (1) فراجع.
(3) مسند أحمد بن حنبل 3: 180، ولفظ الحديث: (عن أنس قال: كان بالمدينة
فزع فاستعار النبي صلى الله عليه وآله فرسا لأبي طلحة يقال له مندوب فركبه الحديث).
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب ضمان العارية والوديعة، حديث: 10،
والفقيه: 3، باب العارية، حديث: 4، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 6: 465.
252

باب الإجارة
(1) روى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " اعط الأجير أجره قبل أن يجف
عرقه " (1) (2).
(2) وروى أبو سعيد الخدري وأبو هريرة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من استأجر
أجيرا فليعلمه أجره " (3) (4).
(3) وروى ابن عمر، ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل
باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره، ورجل

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 120، كتاب الإجارة، باب لا تجوز الإجارة حتى
تكون معلومة، وتكون الأجرة معلومة وباب أثم من منع الأجير أجره: 121.
(2) الامر هنا للوجوب، والوجوب فورى (معه).
(3) السنن الكبرى للبيهقي 6: 120، كتاب الإجارة، باب لا تجوز الإجارة حتى
تكون معلومة، وتكون الأجرة معلومة. عن أبي هريرة كما في المتن. ولفظ ما عن أبي
سعيد الخدري: (ان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم نهى عن استئجار الأجير
يعنى حتى يبين له أجره).
(4) أي قبل الشروع في العمل، والامر للاستحباب (معه).
253

أعطاني صفقة ثم غدر " (1).
(4) وفي الحديث ان عليا عليه السلام آجر نفسه من يهودي ليستقي الماء كل دلو بتمرة
وجمع التمرات وحمله إلى النبي صلى الله عليه وآله فأكل منه (2).
(5) وروى محمد بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الإجارة؟ فقال:
(صالحة، لا بأس بها إذا نصح قدر طاقته. وقد آجر نفسه موسى بن عمران واشترط
فقال: إن شئت ثماني وإن شئت عشرا، فانزل الله عز وجل فيه " على أن تأجرني ثماني
حجج، فان أتممت عشرا فمن عندك ") (3) (4).
(6) وروى محمد بن عمر بن أبي المقدام عن عمار الساباطي قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام: الرجل يتجر، وان هو آجر نفسه أعطي أكثر ما يصيب في تجارته: قال
(لا يواجر نفسه، ولكن يسترزق الله عز وجل ويتجر، فإنه من آجر نفسه فقد حظر
على نفسه الرزق) (5).
(7) وروى محمد الحلبي في الموثق قال: كنت قاعدا عند قاض من القضاة
وعنده أبو جعفر عليه السلام جالس، فأتاه رجلان فقال: أحدهما اني تكاريت إبل هذا
الرجل ليحمل متاعا إلى بعض المعادن، واشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم
كذا وكذا، لأنها سوق أتخوف أن يفوتني، فان احتبست عن ذلك حططت من

(1) صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب أثم من منع أجر الأجير. وسنن ابن
ماجة: 2، كتاب الرهون، (4) باب أجر الاجراء، حديث: 2442.
(2) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الرهون (6) باب الرجل يستقى كل دلو بتمرة
ويشترط جلدة، حديث: 2446. وفى السنن الكبرى للبيهقي 6: 119، كتاب الإجارة
باب جواز الإجارة، وفيه أيضا حديث آخر مثله.
(3) سورة القصص: 27.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب كراهية إجارة الرجل نفسه، حديث: 2.
(5) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب كراهية إجارة الرجل نفسه، حديث: 3.
254

الكري لكل يوم احتبسه كذا وكذا وانه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا
يوما؟ فقال القاضي: هذا شرط فاسد، وفه كراه، فلما قام الرجل أقبل إلي
أبو جعفر عليه السلام فقال (شرطه هذا جائز، ما لم يحط بجميع كراه) (1).
(8) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سمعته يقول:
(كنت جالسا عند قاض من قضاة المدينة فأتاه رجلان فقال أحدهما: اني تكاريت
إبل هذا يوافي بي السوق يوم كذا وكذا، وانه لم يفعل، قال: فقال: ليس لك
كراء قال: فدعوته فقلت له: يا عبد الله ليس لك أن تذهب بحقه. وقلت للاخر
وليس لك أن تأخذ كل الذي عليه اصطلحا فترادا بينكما) (2).

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الرجل يكترى الدابة فيجاوز بها الحد أو
يردها قبل الانتهاء إلى الحد، حديث 5.
(2) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الرجل يكترى الدابة فيجاوز بها الحد أو
يردها قبل الانتهاء إلى الحد، حديث 4.
255

باب الوكالة
(1) روي عن جابر بن عبد الله أنه قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمت عليه، وقلت: اني أريد الخروج إلى خيبر، فقال: " إذا أتيت
وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا. فان ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته "
(1) (2).
(2) وروي انه صلى الله عليه وآله وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة،
وكانت بالحبشة (3).
(3) ووكل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحارث الهلالية خالة عبد الله

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 80، كتاب الوكالة، باب التوكيل في المال
وطلب الحقوق وقضائها وذبح الهدايا وقسمها، وسنن الدارقطني 4: 154، باب الوكالة
حديث 1.
(2) هذا يدل على مشروعية الوكالة، وعلى أن الوكيل يجوز له دفع مال الموكل
إلى من يأمره بالقبض منه، بالعلامة التي عرفها منه وقررها عنده، وإن لم يكن لذلك
المأمور بينة (معه).
(3) السنن الكبرى للبيهقي 7: 139، كتاب النكاح، باب الوكالة في النكاح.
256

ابن العباس (1).
(4) ووكل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الأضحية (2).
(5) ووكل السعاة في قبض الصدقات (3).
(6) وروي ان عليا عليه السلام وكل أخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمر، وقال:
(هذا عقيل فما قضى عليه فعلي، وما قضى له فلي) (4).
(7) ووكل عبد الله بن جعفر في مجلس عثمان (5) (6).

(1) رواه في المهذب البارع، مقدمة كتاب الوكالة.
(2) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب في المضارب يخالف، حديث:
3384، وجامع الأصول لابن الأثير: 12 (حرف الواو) الكتاب الثالث في الوكالة،
حديث 9231، ورواه في مستدرك الوسائل: 2، كتاب التجارة، باب (18) من
أبواب ما عقد البيع وشروطه، حديث: 1 نقلا عن ثاقب المناقب للشيخ أبى جعفر محمد
ابن علي الطوسي.
(3) قال تعالى " والعاملين عليها " سورة التوبة: 60، وفى " الجامع لاحكام
القرآن " للقرطبي 8: 177 ما هذا لفظه: قوله تعالى: " والعاملين عليها " يعنى السعاة
والجباة الذين يبعثهم الامام لتحصيل الزكاة بالتوكيل على ذلك، روى البخاري عن أبي
حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم رجلا من الأسد على
صدقات بنى سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه).
(4) السنن الكبرى للبيهقي 6: 81، كتاب الوكالة، باب التوكيل في الخصومات
مع الحضور والغيبة، ولفظ الحديث: (كان علي بن أبي طالب يكره الخصومة، فكان
إذا كانت له خصومة وكل فيها عقيل بن أبي طالب).
(5) السنن الكبرى للبيهقي 6: 81، كتاب الوكالة، باب التوكيل في الخصومات
مع الحضور والغيبة، ولفظ الحديث: (عن رجل من أهل المدينة يقال له جهم عن علي
رضي الله عنه انه وكل عبد الله بن جعفر بالخصومة. فقال: ان للخصومة قحما).
(6) هذا يدل على أنه ينبغي لذوي المروات أن لا تركبوا المخاصمات بأنفسهم،
بل يوكلوا من ينازع عنهم (معه).
257

(8) وروى هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام، ومعاوية بن وهب عنه عليه السلام (ان من
وكل رجلا على امضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا، حتى يعلم بالخروج منها
كما اعلمه بالدخول فيها) (1).
(9) وروى العلا بن سيابه عنه عليه السلام ان عليا عليه السلام قضى بذلك (2) (3).
(10) وروى سماعة عن الصادق عليه السلام قال: (لا تجوز الوكالة في الطلاق)
(4) (5).
(11) وروى عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام: (ان من ادعى الوكالة عن رجل
فزوجه بامرأة ثم أنكر الرجل الوكالة، ان مدعى الوكالة يلزمه نصف مهرها) (6) (7).

(1) الفقيه: 3، باب الوكالة، حديث: 1.
(2) الفقيه: 3، باب الوكالة، حديث: 3. والحديث طويل.
(3) هذا يدل على أن فعل الوكيل ماض على الموكل وإن كان بعد عزله له حتى،
يعلم بالعزل. فكلما يفعله قبل علمه بالعزل ماض عليه، سواء كان في عقد أو ايقاع. والى
هذا ذهب جماعة من أصحابنا (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب الوكالة في الطلاق، حديث: 6.
(5) هذه الرواية تحمل على الحاضر، لإجماعهم في الغائب على جواز التوكيل
منه، وبه وردت أحاديث مطلقة دالة على جواز التوكيل في الطلاق، فحملت على الغائب
ليصح العمل باطلاق الروايتين، كما هو مذهب الشيخ، وأكثر الأصحاب رجحوا
الروايات الواردة بجواز الوكالة في الطلاق وأبقوها على اطلاقها، استضعافا لسند رواية
سماعة في اطلاق المنع من الوكالة في الطلاق. مع أنها دالة على المنع مطلقا، وهو
غير معمول به اجماعا، فما يدل عليه الرواية لم يذهب إليه أحد، وما قيدها به الشيخ لا
تدل عليه الرواية، فوجب ترك العمل بها (معه).
(6) الفقيه: 3، باب الوكالة، حديث: 4. والحديث طويل.
(7) هذه الرواية مخالفة للأصل، من حيث إن انكار الموكل للوكالة موجب
لبطلان العقد في الظاهر، وكل موضع يبطل العقد قبل الدخول، لا مهر فيه، فلا يلزم
الوكيل شئ، لا كل المهر ولا نصفه. فلا اعتماد على ما تضمنته الرواية. فإنها مع مخالفتها
لهذا الأصل، غير معلومة السند (معه).
258

(12) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من أحيا أرضا ميتة فهي له، قضاء من
الله ورسوله " (1) (2).

(1) الفقيه: 3، باب احياء الموات والأرضين، حديث: 2، وصدر الحديث:
(من غرس شجرا بديا أو حفر واديا لم يسبقه إليه أحد الخ)، وسنن أبي داود: 3، كتاب
الخراج والامارة والفئ، حديث: 3073 و 3074، بدون ذكر الجملة الأخيرة.
(2) إنما ذكر هذه الرواية هنا وإن كان الأليق ذكرها في باب احياء الموات،
ليستدل بها على عدم جواز التوكيل في المباحات، لأنه لا يحتاج في تمليكها إلى النية
وظاهر الرواية المذكورة هنا، عدم اشتراط النية، فان قوله: (فهي له، قضاء من الله
ورسوله) حكم بالملك من غير اشتراط شئ غير الاحياء، فلم يكن النية شرطا، وحينئذ
من اعتبر النية جوز التوكيل، فحكم بالملك للموكل بحيازة الوكيل. ومن لم يعتبرها
حكم بأن الملك للوكيل، لأنه أثبت يده على الحيازة، فتكون الوكالة لاغية (معه).
259

باب الوقف وما يتبعه
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاثة: ولد صالح
يدعو له، وعلم ينتفع به بعد موته، وصدقة جارية " (1).
قال العلماء: المراد بالصدقة الجارية الوقف.
(2) وقال الصادق عليه السلام: (ليس يتبع الرجل بعد موته الا ثلاث خصال: صدقة
أجراها في حياته فهي تجرى بعد موته إلى يوم القيامة، موقوفة لا تورث، أو سنة
هدى سنها فكان يعمل بها وعمل بها من بعده، أو ولد صالح يستغفر له) (2).
(3) وعنه عليه السلام (ستة تلحق المؤمن بعد وفاته: ولد يستغفر له، ومصحف يخلفه،
وغرس يغرسه، وبئر يحفره، وصدقة يجريها، وسنة يؤخذ بها من بعده) (3).

(1) الجامع الصغير للسيوطي: 1، حرف الهمزة، نقلا عن البخاري وصحيح
مسلم.
(2) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب ما يلحق الميت بعد موته، حديث: 2
بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
(3) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب ما يلحق الميت بعد موته، حديث: 5.
260

(4) وروى أن فاطمة عليها السلام وقفت حوائطها بالمدينة (1).
(5) وروي عن جابر أنه قال: لم يكن من الصحابة ذو مقدرة الا وقف وقفا (2).
(6) وقال العسكري عليه السلام: (الوقوف بحسب ما يوقفها أهلها إن شاء الله) (2).
(7) وروى محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت إلى أبي محمد الحسن العسكري
عليه السلام في الوقف؟ فوقع عليه السلام: " الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء الله) (4).
(8) وروى الشيخ ان إسماعيل بن الفضيل سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يتصدق
ببعض ماله في حياته في كل وجه من وجوه البر، وقال: ان احتجت إلى شئ من مالي
فأنا أحق به. ترى ذلك له؟ وقد جعله لله أن يكون له في حياته، فإذا هلك يرجع ميراثا
أو يمضي صدقة؟ قال: (يرجع ميراثا على أهله) (5) (6).
(9) وروى جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجلا تصدق على
ولده بصدقة وهم صغار، أله أن يرجع فيها؟ قال: (لا، الصدقة لله عز وجل) (7).
(10) وروى عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق عليه السلام في الرجل يجعل لولده

(1) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب صدقات النبي صلى الله عليه وآله وفاطمة
والأئمة عليهم السلام ووصاياهم، حديث: 5.
(2) رواه في المهذب في مقدمة كتاب الوقف.
(3) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب ما يجوز من الوقف والصدقة والنحل والهبة
والسكنى والعمرى والرقبى وما لا يجوز من ذلك على الولد وغيره، حديث: 34.
(4) الفقيه: 4، باب الوقف والصدقة والنحل، حديث: 1.
(5) التهذيب: 9، باب الوقوف والصدقات، حديث: 15.
(6) هذا الحديث يدل على أن شرط الوقف اخراجه عن ملك الواقف، وعلى أنه
لو شرط عوده إليه بطل الوقف وصار ميراثا (معه).
(7) التهذيب: 9، باب الوقوف والصدقات، حديث: 17.
261

شيئا وهم صغار، ثم يبدوا له أن يجعل معهم غيرهم من ولده؟ قال: (لا بأس) (1) (2).
(11) وروى علي بن مهزيار في الصحيح قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام ان
الرجل كتب ان بين من وقف بقية هذه الضيعة عليهم اختلافا شديدا، وانه ليس
يأمن ان يتفاقم ذلك بينهم بعده، فإن كان ترى أن يبع هذا الوقف ويدفع إلى
كل انسان منهم ما كان وقف عليه من ذلك امرته؟ فكتب بخطه إلي واعلمه ان رأيي:
(إن كان قد علم الاختلاف بين أصحاب الوقف، ان بيع الوقف أمثل، فإنه ربما جاء
في الاختلاف تلف الأموال والنفوس) (3) (4).
(12) وروى علي بن راشد قال: سألت أبا لحسن عليه السلام قلت جعلت فداك:
اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم، فلما وفرت المال خبرت ان الأرض
وقف؟ فقال: (لا يجوز شراء الوقف، ولا تدخل الغلة في مالك، ادفعها إلى من
أوقف عليه) فقلت: لا أعرف لها ربا؟ قال: (تصدق بغلتها) (5) (6).

(1) التهذيب: 9، باب الوقوف والصدقات، حديث: 19.
(2) يمكن حمل هذا الحديث على أنه جعل لهم ذلك في نيته من غير أن يوقع عقدا
يوجب لهم الملك، فإنه لو كان كذلك لم يصح نقله عنهم إلى غيرهم، لان هبة الرحم لا
يجوز الرجوع فيها بحال (معه).
(3) التهذيب: 9، باب الوقوف والصدقات، ذيل حديث: 4.
(4) هذا الحديث يدل على أنه إذا حصل الاختلاف بين أصحاب الوقف، وخشي
من ذلك الاختلاف وقوع الضرر بهم، بأن يتلف بسببه شئ من الأموال والنفوس، وعلم أنه
لا يندفع الضرر الا ببيع الوقف، صح بيعه، دفعا للضرر، لعموم لا ضرر ولا اضرار
في الاسلام، لكن يجب شراء ما يصلح للوقف بدله بقيمته لا يكون فيه ذلك الاختلاف (معه).
(5) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب ما يجوز من الوقف والصدقة والنحل
والهبة والسكنى والعمرى والرقى وما لا يجوز من ذلك على الولد وغيره، حديث: 35.
(6) ولا يتوهم من هذه الرواية أنها تعارض السابقة عليها، لان بيع الوقف هناك
مشروط بحصول الضرر، فيقيد المنع هنا بعدم حصوله، فيتم العمل بهما (معه).
262

(13) وروى جعفر بن حيان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أوقف عليه
ثم على قرابته من أبيه وقرابته من أمه. فللورثة من قرابة الميت ان يبيعوا الأرض إذا
احتاجوا ولم يكفهم ما خرج من الغلة؟ قال: (نعم، إذا رضوا كلهم وكان البيع
خيرا لهم، باعوا) (1) (2).
(14) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: (الهبة والنحلة
يرجع فيهما صاحبهما، حيزت أو لم تحز الا لذي رحم فإنه لا يرجع فيها) (3).
(15) وروى جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال: (أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه، فإنها هي
للذي، يعطاها، ولا ترجع إلى الذي أعطاها، فإنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث) (4).
(16) وروى إبراهيم بن عبد الحميد عن الصادق عليه السلام قال: (أنت بالخيار في
الهبة ما دامت في يدك، فإذا خرجت إلى صاحبها فليس لك أن ترجع فيها)
(5) (6).

(1) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب ما يجوز من الوقف والصدقة والنحل
والهبة والسكنى والعمرى والرقبى، وما لا يجوز من ذلك على الولد وغيره، ذيل حديث: 29.
(2) ويحمل هذه الرواية على أن الوقف على أناس معين بأشخاصهم لا يتعدى منهم
إلى غيرهم، فيصير بمعنى الحبس، واطلاق اسم الوقف عليه من باب المجاز، وقد
عرفت أن الحبس يرجع إلى الوارث بعد انقراض المحبس عليه، فإذا كان من حبس
عليه هو الوارث واتفقوا على البيع وعرفوا المصلحة فيه، لم يكن ثمة مانع منه، وحينئذ
لا تخالف ما تقدمها من الروايات مع هذا الحمل (معه).
(3) الفروع، كتاب الوصايا، باب ما يجوز من الوقف والصدقة والنحل والهبة
والسكنى والعمرى والرقبى وما لا يجوز من ذلك على الولد وغيره، ذيل حديث: 7.
(4) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب من قال فيه ولعقبه، حديث: 3553.
(5) الاستبصار:، كتاب الوقوف والصدقات، باب الهبة المقبوضة، حديث: 2.
(6) وهذه الرواية تحمل على غير ذي الرحم، على التصرف من المتهب، فإنه
متى تصرف فيما وهب لم يكن للواهب الرجوع بعده (معه).
263

(17) وروى صحيحا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ولا يرجع الرجل فيما يهبه
لزوجته، ولا المرأة فيما تهبه لزوجها، حيزت أو لم تحز، أليس الله تعالى يقول:
" ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا " (1).
وقال: " فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا " (2) (3).

(1) البقرة: 229.
(2) النساء: 4.
(3) الاستبصار: 4، كتاب الوقوف والصدقات، باب الهبة المقبوضة، ذيل
حديث: 17.
264

باب السبق والرماية
(1) روى ابن أبي ذويب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال
: " لا سبق الا في نصل أو خف أو حافر " (1).
وروي سبق بسكون الباء وتحريكها (2).
(2) وروى أبو لبيد قال: سئل ابن مالك هل كنتم تتراهنون على عهد رسول الله
صلى الله عليه وآله؟ فقال: نعم، راهن رسول الله على فرس له، فسبق فسر بذلك
وأعجبه (3).
(3) وروى الزهري عن سعيد بن المسيب قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ناقة يقال
لها العضباء إذا تسابقنا، سبقت. فجاء اعرابي على بكر فسبقها، فاغتم المسلمون
فقيل: يا رسول الله سبقت العضباء فقال: " حقا على الله أن لا يرفع شيئا الا وضعه " (4).

(1) سنن أبي داود: 3، كتاب الجهاد، باب السبق، حديث: 2574.
(2) السبق بفتح الباء: ما يجعل من المال رهنا على المسابقة، وبالسكون: مصدر
سبقت أسبق سبقا، وقال الخطابي: الرواية الصحيحة بفتح الباء. النهاية لان الأثير.
(3) سنن الدارقطني: 4، كتاب السبق بين الخيل، حديث: 10. ومسند أحمد بن
حنبل 3: 160 و 256.
(4) سنن الدارقطني: 4، كتاب السبق بين الخيل، حديث: 14.
265

(4) وفي رواية أخرى: " لا يرفع شيئا في الناس الا وضعه " (1).
(5) وروي انه صلى الله عليه وآله مر بقوم من الأنصار يترامون. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " انا في
الحزب الذي فيه ابن الأدرع، فأمسك الحزب الاخر، وقالوا: لن يغلب حزب فيه
رسول الله قال: ارموا فاني أرمي معكم، فرمى مع كل واحد رشقا، فلم يسبق بعضهم
بعضا، فلم يزالوا يترامون وأولادهم وأولاد أولادهم، لا يسبق بعضهم بعضا (2).
(6) وروي عنهم عليهما السلام: " ان الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ما عدى
الحافر والخف والنصل والريش " (3).
فيدخل تحت الحافر الخيل، والبغال، والحمير. وتحت الخف الإبل، والفيل
وتحت النصل والريش النشاب، والسهام، والمزاريق، والرماح، والسيوف.
(7) ورووا عن عايشة قالت: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزاة فقال للقوم:
" تقدموا "، فتقدموا فقال: " تعالي أسابقك "، فسابقته برجلي، فسبقته. فلما كان
في غزاة أخرى فقال للقوم: " تقدموا " فتقدموا وقال: " تعالي أسابقك "، فسابقته
فسبقني، فقال: " يا عايشة هذه بتلك ": وكنت قد نسيت فندمت (4) (5).

(1) سنن الدارقطني: 4، كتاب السبق بين الخيل، حديث: 12.
(2) رواه في كتاب المهذب البارع في مقدمة كتاب السبق والرماية كما في المتن
ورواه ابن الأثير في جامع الأصول 6: 28، كتاب السبق والرمي، حديث: 3043،
وفيه: (ارموا وأنا مع بنى فلان)، ورواه في المستدرك: 2، كتاب السبق والرماية،
باب (2) حديث: 3، 4، نقلا عن عوالي اللئالي ودرر اللئالي.
(3) الوسائل، كتاب السبق والرماية، باب استحباب اجراء الخيل وتأديبها
والاستباق، حديث: 6.
(4) مسند أحمد بن حنبل 6: 264 وليس فيه (فسابقته برجلي). وسنن أبي داود: 3
كتاب الجهاد، باب في السبق على الرجل، حديث: 2578، وفيه (انها كانت مع النبي
في سفر).
(5) هذا الحديث احتج به الجمهور على جواز المسابقة بالأرجل، لان النبي
صلى الله عليه وآله فعله، كما زعموا. ولم يرد ذلك في روايات أهل البيت عليهم
السلام، فلا اعتماد على ما رووا فيقتصر على ما ورد به النص فيما تقدم (معه).
266

(8) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله خرج إلى الأبطح فرأى بريد بن ركانة يرعى أعنزا له،
فقال للنبي صلى الله عليه وآله: هل لك أن تصار عني؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: " ما تسبق لي؟ " فقال: شاة
فصارعه فصرعه! فقال للنبي صلى الله عليه وآله: هل لك في العود؟ فقال النبي: " ما تسبق لي؟ "
فقال: شاة، فصارعه فصرعه، فقال للنبي صلى الله عليه وآله: أعرض علي الاسلام، فما أحد
وضع جنبي على الأرض فعرض عليه السلام ورد عليه غنمه (1) (2).

(1) رواه في المهذب البارع في البحث عن أقسام المسابقة، كما في المتن،
وسنن أبي داود: 4، كتاب اللباس، باب في العمائم، حديث: 4078، وفيه أن ركانة
صارع النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فصرعه النبي صلى ا لله عليه (وآله) وسلم. وليس
فيه السبق ولا الاسلام.
(2) استدل الجمهور أيضا بهذه الرواية على جواز المسابقة بالمصارعة احتجاجا
يفعل النبي صلى الله عليه وآله لها. وما ذكر في هذه الرواية قصة في واقعة فعلها النبي صلى
الله عليه وآله لغرض مقصود بها، فلا يجب تعديه إلى غيرها، بل يقتصر بها على ذلك
المحل، لان الغرض كان اسلام ذلك الكفار (معه).
267

باب الوصايا
(1) روي عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " ما حق امرء مسلم له شئ يوصي
به يبيت ليلتين الا ووصيته تكون عنده " (1) (2).
(2) وروى أبو هريرة عن عامر بن سعد عن أبيه انه مرض بمكة مرضة أشفي منها
فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله: ليس يرثني الا البنت أفأوصي بثلثي مالي؟
فقال: " لا " قال: أفاوصي بنصف مالي - وفى رواية بشطر مالي؟ - فقال: " لا "، فقال:
أفأوصي بثلث مالي؟ فقال صلى الله عليه وآله: " بالثلث والثلث كثير ". وقال: " انك ان تدع
أولادك أغنياء خيرا من أن تدعهم عاله يتبلبون الناس " (3).

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الوصايا (2) باب الحث على الوصية، حديث:
2699، وسنن الترمذي، كتاب الوصايا، (3) باب ما جاء في الحث على الوصية،
حديث: 2118.
(2) هذا يدل على شدة التأكيد في استحباب الوصية قبل ظهور امارة الموت.
أما عند ظهور امارته فهي واجبة لمن عليه حق أو له (معه).
(3) سنن الدارمي: 2، ومن كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث. وسنن الترمذي
كتاب الوصايا (1) باب ما جاء في الوصية بالثلث، حديث: 2116، وسنن ابن ماجة
كتاب الوصايا (5) باب الوصية بالثلث، حديث 2708، وتمام الحديث في بعضها:
(وانك لا تنفق نفقة الا أجرك الله فيها حتى ما تجعل في في امرأتك).
268

(3) وروى أبو قتادة ان النبي صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور
فقيل يا رسول الله انه قد هلك وقد أوصى لك بثلث ماله، فقبل رسول الله ثم رده على
ورثته (1).
(4) وروى الصدوق عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إلى أبي الحسن
عليه السلام. رجل كتب كتابا بخطه، ولم يقل لورثته هذه وصيتي، ولم يقل اني
أوصيت، إلا أنه كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصي به، هل يجب على ورثته القيام
بما في الكتاب بخطه، ولم يأمرهم بذلك؟ فكتب عليه السلام: (إن كان ولده ينفذون
شيئا منه، وجب عليهم أن ينفذوا، وكل شئ يجدون في كتاب أبيهم في وجه
البر وغيره) (2) (3).
(5) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله صحيحا عن الصادق عليه السلام قال: (إذا

(1) الإصابة للعسقلاني: 1، حرف الباء، رقم 622.
(2) الفقيه: 4، باب الوصية بالكتب والايماء، حديث: 3.
(3) هذه الرواية دلت على أن العمل بمجرد الكتابة غير واجب على الورثة إلا أن
يعملوا ببعض منه، فإنهم متى عملوا بشئ منه لزمهم العمل بباقيه، نظرا إلى أن الكل
بالنسبة إلى الكتاب متساو، فترجيح بعضه بالعمل دون بعض غير جائز، فعملهم بالبعض
تصديق للجميع فيجب عليهم العمل بالكل.
وبمضمون هذه الرواية أفتى جماعة من الأصحاب، والأكثرون على أنه لا يجب
عليهم العمل بالباقي وان عملوا بالبعض، اعتمادا على أصالة البراءة. ويمكن حمل
الرواية على اعترافهم بصحة الكتاب عند عملهم ببعضه وحينئذ يلزمهم العمل بالباقي
بمقتضى الرواية (معه).
269

بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته) (1).
(6) وروى زرارة صحيحا عن الباقر عليه السلام قال: (إذا أتى على الغلام عشر سنين
فإنه تجوز وصيته في ماله ما أعتق وتصدق وأوصى على حد معروف وحق فهو
جائز) (2).
(7) وروى أبو بصير صحيحا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا بلغ الغلام عشر
سنين وأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته. وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى
بشئ من ماله في حق جازت وصيته) (3) (4).
(8) وروى أبو ولاد عن الصادق عليه السلام: (انه إذا جرح نفسه بما فيه هلاكها،
ثم أوصى لم تقبل وصيته. ولو أوصى ثم جرح نفسه قبلت) (5).

(1) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك
وما يجوز منها ومالا يجوز، حديث: 3.
(2) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك
وما يجوز منها وما لا يجوز، حديث: 1.
(3) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب وصية الغلام والجارية التي لم تدرك،
وما يجوز منها ومالا يجوز، حديث: 4.
(4) بمضمون هذه الروايات أفتى الشيخ رحمه الله، وينبغي العمل على ذلك،
لأنها صحيحة الطريق صريحة الدلالة فهي نص بالباب، الا أنها تعارضها الروايات
الأولى الدالة على أن البلوغ إنما يكون بخمسة عشر، وهي أيضا روايات صحيحة
صريحة الدلالة تقتضي ان التصرفات المالية وغيرها لا تعتبر قبل البلوغ، مع أن العمل
بها أشهر بين الأصحاب، فيرجح تلك الروايات، فهي أولى بالاعتماد عليها رجوعا إلى
الشهرة. ولو عمل عامل بهذه الروايات واستثنى من ذلك العموم الوصية، لم يكن ذلك
العمل خارجا عن طريق أهل البيت عليهم السلام.
(5) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب من لا تجوز وصيته من البالغين، حديث، 1
والفقيه: 4 باب وصية من قتل نفسه متعمدا، حديث: 1، والتهذيب: 9، كتاب
الوصايا. باب وصية من قتل نفسه أو قتله غيره، حديث 1. والظاهر أن الحديث
نقل بالمعنى، ورواه في المهذب كما في المتن في شرح قول المصنف: (ولو جرح نفسه
بما فيه هلاكها ثم أوصى لم تقبل).
270

(9) وروي عنه عليه السلام انه سئل عن وصية قاتل نفسه؟ قال: (ان أوصى بعد أن
أحدث الحدث في نفسه ومات، لم تجز وصيته) (1).
(10) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم السلام في رجل أوصى بمال في
سبيل الله؟ فقال: أعطه لمن أوصى له به، وإن كان يهوديا أو نصرانيا، ان الله تعالى
يقول: " فمن بدله بعد ما سمعه فإنما اثمه على الذين يبدلونه ان الله سميع عليم "
(2) (3) (4).
(11) وروى الحسن بن صالح عن الصادق عليه السلام في رجل أوصى المملوك
له بثلث ماله؟ قال: فقال: (يقوم المملوك بقيمة عادلة، ثم ينظر ما ثلث
الميت. فإن كان الثلث أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعى العبد في ربع
القيمة وإن كان الثلث أكثر من قيمة العبد دفع إليه ما فضل من الثلث بعد
القيمة) (5) (6).

(1) رواه في المهذب البارع نقلا عن دعائم الاسلام في شرح قول المصنف (ولو
جرح نفسه بما فيه هلاكها الخ).
(2) سورة البقرة: 181.
(3) الفقيه: 4، باب وجوب إنفاذ الوصية والنهى عن تبديلها، حديث: 1.
(4) هذه الرواية صريحة في جواز الوصية للذمي رحما كان أو غيره، ولا يلزم
منها جواز الوصية لمطلق الكافر، لاختصاص الحكم باليهودي والنصراني، فيبقى الباقي
على الأصل وهو ان مودة الكافر وتوليه غير جائز بنص القرآن في قوله تعالى: " إنما
ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين " الآية (معه).
(5) الاستبصار: 4، كتاب الوصايا، باب من أوصى للمملوكة بشئ، حديث: 1.
(6) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ وقال: ان العبد إذا كان ما أوصى له أقل
من قيمته بقدر سدسه أو ربعه أو ثلثه استسعى في الباقي. وان كانت القيمة أكثر بالضعف
بأن يكون بقدر الوصية مرتين بطلت الوصية وذلك أنه علق الحكم على وصف هو كون
قيمة العبد بقدر ربع الوصية، وتعليق الحكم على الوصف. تقتضي عدمه عند عدمه قضية
للتعليق، فأمره للاستسعاء عند نقص القيمة بقدر الربع يوجب عدمه عند الزيادة.
وأكثر الأصحاب على صحة الوصية مطلقا، وانه متى نقصت الوصية عن قيمة العبد
عتق منه بقدرها واستسعى في الباقي كائنا ما كان، ولم يلتفتوا إلى الرواية، اما أولا:
فلضعف سندها، فان راويها الحسن بن صالح بن حي، وهو من أركان الزيدية، واليه
ينسب الصالحية منهم، فلا اعتماد على ما انفرد به. واما ثانيا: فإنها إنما تدل على ما ذكره
الشيخ بطريق المفهوم ودلالة المفهوم ضعيفة كما قرر في الأصول (معه).
271

(12) وروى عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق عليه السلام في حديث طويل
قلت: رجل مات وترك عبدا ولم يترك مالا غيره، وقيمة العبد ستمائة درهم ودينه
خمسمائة درهم فأعتقه عند الموت كيف فيه؟ قال: (يباع فيأخذ الغرماء خمسمائة
درهم ويأخذ الورثة مائة درهم). قال: قلت: فان كانت قيمته ستمائة درهم ودينه
أربعمائة درهم؟ قال: (كذا يباع فيأخذ الغرماء أربعمائة ويأخذ الورثة مأتين،
ولا يكون للعبد شئ) قال: قلت: فإن كان قيمة العبد ستمائة درهم ودينه ثلاثمائة؟
فضحك، ثم قال بعد كلام: (فالآن يوقف العبد ويستسعى، فيكون نصفه للغرماء
ويكون ثلثه للورثة ويكون له السدس) (1).
(13) وروى الحلبي في الحسن قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل قال:
إذا مت فعبدي حر وعلى الرجل دين؟ فقال: (ان توفى وعليه دين قد أحاط
بثمن الغلام بيع العبد. وإن لم يكن أحاط بثمن العبد استسعى في قضاء دين

(1) الفروع: كتاب الوصايا، باب من أعتق وعليه دين، حديث: 1 والحديث
طويل.
272

مولاه، وهر حر إذا أوفاه) (1) (2).
(14) وروى أبو عبيدة في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
كان له أم ولد، وله منها غلام، فلما حضرته الوفاة أوصى لها بألفي درهم أو
بأكثر، للورثة ان يسترقوها؟ قال: فقال: (لا، بل تعتق من ثلث الميت، وتعطى
ما أوصى لها به) (3) (4).
(15) وروى الصدوق في الصحيح، ومحمد بن يعقوب في الحسن، وروى

(1) التهذيب: 9، باب وصية الانسان لعبده وعتقه له قبل موته، حديث: 7.
(2) بمضمون الرواية الأولى أفتى الشيخ والمحقق لأنها من الصحاح وصريحة
الدلالة، فيكون نصا في بابها.
والعلامة قال: بتقديم حق الديان وعتق العبد من ثلث الباقي وان قل ويستسعى
العبد فيما يختص الديان والوراث كائنا ما كان ولم يقيد ذلك بكون قيمة العبد مرتين أو
أقل أو أكثر مصيرا إلى الرواية الثانية الحسنة، فان فيها دلالة على أن الدين إذا لم
يحط بثمن العبد يستسعى في الدين ويتحرر إذا أوفاه، ولم يقيد فيها بكون الدين أقل
من القيمة أو أكثر، فيلزم من هذا ترك العمل بالرواية السابقة مع صحتها. والشيخ عمل
بالصحيحة تقديما لها على الحسنة.
وأما المحقق فحمل الصحيحة على كون العتق منجزا، لان مضمونها ان مولى العبد
أعتقه عند الموت فيكون من باب منجزات المريض وحمل الحسنة على كون العتق موصى
بها معلقا بالموت، لان مضمون الحسنة ذلك، فاعتمد في كل واقعة على ما ورد فيها من
النص، وهذا أقوى لما فيه من العمل بالروايتين (معه).
(3) الفروع، كتاب الوصايا، باب الوصية لأمهات الأولاد، حديث: 4.
(4) هذه الرواية وان كانت صحيحة الا أنها مخالفة للأصل، من حيث إنه حكم
بعتقها من ثلث الميت ولا وجه له، لأنه ملك لسيدها إلى حين الموت، فهي من جملة
أمواله، فعتقها من ثلثه بدون وصية لا وجه له في الأصول المقررة. وحينئذ يبقى الكلام
على وجهين، وهو أما أن يعتق من الوصية، أو من نصيب ولدها ويملك الوصية. والى
كل من الوجهين ذهب جماعة.
ووجه الأول تقديم الوصية على الميراث بالأصل.
ووجه الثاني انتقال التركة حين الموت إلى الورثة فيملك الولد جزءا منها،
فيعتق عليه ويسرى الباقي في نصيبه.
وفيه نظر من حيث إن انتقال التركة إلى الورثة لا يكون سابقا على الوصية، لأنه
لا ميراث الا بعد الوصية، فعتقها من الوصية أقوى. نعم يمكن تنزيل الرواية على أن
المراد بثلث الميت هنا ما أوصى لها به، لأنه لابد أن يكون خارجا من ثلثه، إذ لو لم يكن
كذلك لكانت الوصية باطلة. ويكون التقدير، تعتق مما أوصى لها به من ثلث الميت.
وقوله: (وتعطى ما أوصى لها به) يعنى ما نقص عن قيمتها مما أوصى لها به، لان الوصية
كانت بألفي درهم وقيمتها ربما لا تبلغ هذا المقدار فتعطى الزائد. فإذا حملت على
هذا المعنى لم تخالف الأصل، وصح العمل بهما معا (معه).
273

الشيخ في الضعيف عن زرارة عن الباقر عليه السلام في رجل أوصى بثلث ماله في
أعمامه وأخواله؟ فقال: (لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث) (1) (2).
(16) وروى الصدوق والمفيد عن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال:
(قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أوصى لاخر والموصى له غائب، فتوفى
الذي أوصى له قبل الموصى، قال: الوصية لوارث الذي أوصى له، إلا أن
يرجع في وصيته قبل موته) (3).

(1) الفقيه: 4، باب الوصية للأقرباء والموالي، حديث: 1. والفروع: 7،
باب من أوصى لقراباته ومواليه كيف يقسم بينهم، حديث: 3. والتهذيب، كتاب الوصايا
باب الوصية المبهمة، حديث: 22.
(2) وإنما كان طريق الشيخ ضعيفا، لأنه وقع فيه سهل بن زياد، وهو ضعيف.
وفيها دلالة على أن الوصية للأعمام والأخوال تنزل منزلة الميراث وبمضمونها أفتى
الشيخ. والمشهور بين الأصحاب أن الوصية تحمل على التسوية ما لم ينص فيها على
التفضيل، ولعل الرواية كان فيها ذلك بأن يكون الميت نص على التفضيل (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب من أوصى بوصية فمات الموصى له قبل
الموصى أو مات قبل أن يقبضها، حديث: 1.
274

(17) وروى أبو بصير ومحمد بن مسلم معا في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال: سئل عن رجل أوصى لرجل، فمات الموصى له قبل الموصى؟ قال: (ليس
بشئ) (1).
(18) وروى منصور بن حازم في الموثق عنه عليه السلام مثله سواء (2) (3).
(19) وروى منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام، ومحمد
ابن مسلم في الحسن عنه عليه السلام في رجل أوصى بوصية وورثته شهود، فأجازوا
ذلك، فلما مات الرجل نقضوا الوصية، هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟
قال: (ليس لهم ذلك، الوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته) (4).
(20) وروى خالد بن بكر الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة
فقال: يا بني اقبض مال اخوتك واعمل به وخذ نصف الربح وأعطهم النصف،
وليس عليك الضمان. إلى أن قال: فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقصصت
عليه قصتي، فقال عليه السلام: (أما فيما بينك وبين الله فليس عليك ضمان) (5).
(21) وروى محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل أوصى
إلى رجل بولده وبمال لهم، فأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال ويكون
الربح بينه وبينهم؟ فقال: (لا بأس من أجل أن أباه قد أذن له، وهو حي) (6).
(22) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح قال: إن امرأة أوصت إلي

(1) الاستبصار: 4، كتاب الوصايا، باب الموصى له يموت قبل الموصى حديث: 4 و 5.
(2) الاستبصار: 4، كتاب الوصايا، باب الموصى له يموت قبل الموصى حديث: 4 و 5.
(3) الروايتان الأخيرتان أصح طريقا، لان محمد بن قيس مجهول، فلا اعتماد
على ما يتفرد به فالعمل بمقتضى الأخيرتين أقوى (معه).
(4) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب. حديث: 1، وذيله.
(5) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب النوادر، حديث: 16. بتلخيص.
(6) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب النوادر، حديث 19.
275

وقالت: ثلثي تقضي به ديني، وجزء منه لفلانة! فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى؟
فقال: ما أرى لها شيئا، ما أدري ما الجزء؟ فسألت أبا عبد الله عليه السلام بعد ذلك،
وأخبرته كيف قالت المرأة، وما قال ابن أبي ليلي، فقال: (كذب ابن أبي ليلى،
لها العشر من الثلث، ان الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام وقال: (اجعل على كل جبل
منهن جزءا) (1) وكانت الجبال عشرة، فالجزء هو العشر من الشئ) (2).
(23) وروى أبان بن تغلب في الحسن عن الباقر عليه السلام: (الجزء واحد من
عشرة، لان الجبال عشرة، والطير أربعة) (3).
(24) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح قال. سألت
أبا الحسن عليه السلام عن رجل أوصى بجزء من مال؟ فقال: (واحد من سبعة،
ان الله تعالى يقول: (لها سبعة أبواب لكل باب منها جزء مقسوم) (4)) (5).
(25) وروى الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل
أوصى بجزء من ماله؟ قال: (سبع ثلثه) (6) (7).
(26) وروى السكوني في الموثق عن الصادق عليه السلام انه سئل عن رجل
يوصى بسهم من ماله؟ فقال: (السهم واحد من ثمانية) (8).

(1) سورة البقرة: 260.
(2) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب من أوصى بجزء من ماله، حديث: 1.
(3) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب من أوصى بجزء من ماله، حديث: 3.
(4) سورة الحجر، 44.
(5) الاستبصار: 4، كتاب الوصايا، باب من أوصى بجزء من ماله، حديث: 5.
(6) الاستبصار: 4، كتاب الوصايا، باب من أوصى بجزء من ماله، حديث: 8.
(7) هذه الروايات المتعلقة بالجزء قد تقدم البحث فيها، فلا حاجة إلى اعادته
(معه).
(8) الفروع: 7، كتاب الوصايا، باب من أوصى بسهم من ماله، حديث: 1.
276

(27) وروى طلحة بن زيد عن الباقر عليه السلام قال: (من أوصى بسهم من
ماله، فهو سهم من عشرة) (1) (2).
(28) وروى محمد بن ريان قال: كتبت إليه - يعني علي بن محمد عليه السلام -
أسأله عن انسان يوصي بوصيته فلم يحفظ الوصي الا بابا واحدا منها كيف
يصنع في الباقي؟ فوقع عليه السلام: (الأبواب الباقية اجعلها في البر) (3).
(29) وروى عقبة بن خالد عن الصادق عليه السلام عن رجل قال: هذه
السفينة لفلان، ولم يسم ما فيها، وفيها طعام، أيعطاها الرجل وما فيها؟
قال: (هي للذي أوصى له بها، إلا أن يكون صاحبها، متهما وليس للورثة
شئ) (4).
(30) وروى أبو جميلة عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل أوصى لرجل
بسيف كان في جفن وعليه حلية. فقال له الورثة: إنما لك النصل وليس لك
المال، قال: فقال: (لا، بل السيف بما فيه له) فقال: قلت: رجل أوصى لرجل
بصندوق وكان فيه مال، فقال الورثة: إنما لك الصندوق وليس لك المال
قال: فقال أبو الحسن عليه السلام: (الصندوق بما فيه له) (5).
(31) وروى عقبة بن خالد عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل قال:
هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها؟ قال: (هي للذي أوصى له بها، إلا أن يكون

(1) الاستبصار: 4، كتاب الوصايا، باب من أوصى بسهم من ماله، حديث: 3.
(2) العمل على الرواية الأولى لان راوي الثانية بتري (معه).
(3) التهذيب: 9، كتاب الوصايا، باب الوصية المبهمة - حديث: 21.
(4) التهذيب: 9، كتاب الوصايا، باب الوصية المبهمة، حديث 15.
(5) التهذيب: 9، كتاب الوصايا، باب الوصية المبهمة، حديث: 14.
277

صاحبها استثنى مما فيها، وليس للورثة شئ) (1) (2).
(32) وروى الصدوق في كتابه عن وصي علي بن السري قال: قلت لأبي
الحسن عليه السلام: ان علي بن السري توفى وأوصى إلى، فقال: (رحمه الله) قلت:
وان ابنه جعفر وقع على أم ولد له فأمرني أن أخرجه من الميراث؟ فقال لي:
(أخرجه، فان كنت صادقا فيصيبه خبل) قال: فرجعت فقدمني إلى أبي يوسف
القاضي، فقال له: أصلحك الله أنا جعفر بن علي السري وهذا وصي أبي، فمره
فليدفع إلي ميراثي فقال لي: ما تقول:؟ فقلت: نعم هذا جعفر بن علي
السرى، وأنا وصي علي بن السري، قال: فادفع إليه ماله، فقلت له: أريد أن

(1) الفقيه: 4، باب الرجل يوصى لرجل سيف أو صندوق أو سفينة، حديث: 2.
(2) رواية عقبة بن خالد بالطريقين المذكورين دالة على معنى واحد، وهو دخول
الطعام في الوصية بالسفينة إذا كان الطعام فيها حال الوصية، إلا أن في الطريق الأول
استثنى التهمة. وفيه دلالة على أنه إذا كان متهما على الورثة، فإنه لا تنفذ الوصية في
الطعام. ولعل الوصية كانت بصيغة الاقرار ليصح دخول التهمة فيها، لان بناء الوصية
على المحاباة.
وأما في الطريق الثاني فذكر فيها قوله: (إلا أن يكون صاحبها استثنى ما فيها)
وفيه دلالة على دخول ما فيها في الوصية، إذ لولاه لما كان ثمة طريق إلى دخول ما فيها،
لأنه لم يصرح بدخوله في الجواب، وإنما قال: (هي للذي أوصى له بها) والضمير
في (هي) إنما يعود إلى السفينة لا إلى الطعام، فلما قال: (إلا أن يكون صاحبها استثنى
ما فيها) علم أن ضمير (هي) راجع إلى السفينة وما فيها. فدلالته على دخول ما فيها،
ليس هو من باب النص، بل من باب الفحوى.
وأما رواية أبى جميلة في دخول حلية السيف وجفنه ودخول المال في الوصية
بالصندوق إذا كان فيه حال الوصية، فلا معارض لها وقد اشتهر بين الأصحاب العمل
بمضمونها، وإن كان قد قال جماعة برجوع ذلك إلى قرائن الأحوال، لطعنهم في أبى
جميلة بأنه كذاب ملعون، فالرواية ضعيفة، لكن جبر ضعفها اشتهارها بينهم (معه).
278

أكلمك، قال: فادن مني، فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي، فقلت له: هذا
وقع على أم ولد لأبيه، فأمرني أبوه وأوصى إلي أن أخرجه من الميراث ولا
أورثه شيئا، فأتيت موسى بن جعفر عليه السلام في المدينة فأخبرته وسألته، فأمرني أن
أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا، فقال: الله قسما ان أبا الحسن أمرك؟ فاستحلفني
ثلاثا، ثم قال: ما أمرك فالقول، قوله: قال الوصي: فأصابه الخبل بعد ذلك.
قال أبو محمد: الحسن بن علي الوشا: رأيته بعد ذلك وبه الخبل (1) (2).

(1) الفقيه: 4، باب اخراج الرجل ابنه من الميراث لاتيانه أم ولد أبيه،
حديث: 1.
(2) هذه الرواية وقع في العمل بها بين الأصحاب نزاع، فالأكثر على عدم العمل
بمضمونها، وقالوا: انها خبر واحد خالف الأصل المقطوع، وهو اخراج الولد من
الميراث الثابت له شرعا. وحكم آخرون بمضمون الرواية لعدالة الراوي، وأمر الامام
باخراجه بمضمون وصية الأب، وجاز مخالفة الأصل للنص. والصدوق عمل بها بشرط
أن يكون الحدث من الوارث هو المذكور فيها، أما لو أوصى باخراج الوارث بغير
ذلك من الأسباب، أو لا بسبب، لم يصح، اعتمادا على الأصل وعملا بمضمون النص.
والشيخ قال: هذا حكم في واقعة فلا يتعدى إلى غيرها، اقتصارا بالنص على مورده.
ثم إذا قلنا ببطلان الوصية، هل يؤثر ذلك شيئا أم لا؟ قيل بالأول فيحرم من قدر
الثلث ويعطى من الباقي، وهو اختيار العلامة، لان الوصية باخراجه مستلزم للوصية
بالتركة لباقي الورثة فينفذ ذلك في الثلث. وقال الباقون بالثاني، لأنه كلام مخالف
للشرع فوجوده كعدمه فلا يؤثر شيئا (معه).
279

باب النكاح
(1) روى الصدوق باسناده إلى زرارة بن أعين أنه سأل أبو عبد الله عليه السلام عن
خلق حواء؟ إلى أن قال: (ان الله تعالى لما خلق آدم من طين، وأمر الملائكة
فسجدوا له، ألقى عليه السبات فنام، ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع
النقرة التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبع الرجل، فأقبلت تتحرك،
فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها نظر إلى خلق
يشبه صورته الا أنها أنثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ فقالت:
خلق خلقني الله كما ترى.
فقال آدم: عند ذلك يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسي قربه
والنظر إليه؟ فقال الله تبارك وتعالى: " يا آدم هذه حواء أمتي، أفتحب أن تكون
معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك؟ " فقال: نعم يا رب، ولك علي
يا رب بذلك الحمد والشكر ما بقيت. فقال عز وجل له: " فاخطبها إلي فإنها
أمتي وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة " وألقى الله عز وجل عليه الشهوة وقد
علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ. فقال: يا رب اني أخطبها إليك فما رضاك
لذلك؟ فقال عز وجل: " أن تعلمها معالم ديني ". قال: ذلك لك علي يا رب ان
280

شئت ذلك لي. فقال عز وجل: " قد شئت ذلك، وقد زوجتكها فضمها إليك ".
فقال لها آدم: فاقبلي. فقالت له: بل أنت فاقبل، فأمر الله تعالى آدم أن يقبل
إليها، ولولا ذلك لكان النساء يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن) (1).
(2) وروى الصادق عليه السلام عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال: " من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بالله، ان الله تعالى
يقول: (ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) (2)) (3).
(3) وروى هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله
فشكى إليه الحاجة فقال له: " تزوج " فتزوج فوسع الله عليه) (4).
(4) وروى إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الحديث الذي
يرويه الناس حق. أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فشكى إليه الحاجة فأمره بالتزويج،
ففعل، ثم أتاه فشكى إليه الحاجة، فأمره بالتزويج، حتى أمره ثلاث مرات؟
فقال أبو عبد الله عليه السلام: (نعم هو حق. ثم قال: الرزق مع النساء والعيال) (5).
(5) وروى معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
(وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) (6) قال:
(يتزوجون حتى يغنيهم الله من فضله) (7) (8).

(1) الفقيه: 3، باب بدء النكاح وأصله، حديث: 1.
(2) سورة النور: 32.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان التزويج يزيد في الرزق، حديث: 5.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان التزويج يزيد في الرزق، حديث: 2.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان التزويج يزيد في الرزق، حديث: 4.
(6) سورة النور: 33.
(7) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان التزويج يزيد في الرزق، حديث: 7.
(8) الاستعفاف هو النكاح، فمعنى قوله: " وليستعفف " أي يتزوج، وقوله: " لا
يجدون نكاحا " أي لا يجدون ما يكون مسببا عن النكاح، وهو المهر والنفقة. فإنه إذا نكح
فتح الله عليه باب الرزق فيغنيه من فضله ما يؤدى به حقوق النكاح، ولا يجوز أن يترك
النكاح لخوف لزوم الحق لأنه إساءة الظن بالله كما مر في الحديث السابق (معه).
281

(6) وروى ابن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (جاء رجل إلى أبي،
فقال له: هل لك من زوجة؟ فقال: لا فقال أبي: (ما أحب ان الدنيا وما فيها لي
وأنا أبيت ليلة ليس لي زوجة) ثم قال: (الركعتان يصليهما متزوج أفضل من رجل
أعزب يقوم ليلة ويصوم نهاره). ثم أعطاه أبي سبعة دنانير قال: (تزوج بها)
ثم قال أبي: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " اتخذوا الأهل فإنه أرزق لكم ") (1).
(7) وروي في الحديث ان الله تعالى لما بشر عيسى عليه السلام بظهور نبينا صلى الله عليه وآله
قال له في صفته: " واستوص بصاحب الجمل الأحمر والوجه الأقمر،
نكاح النساء، ولا يذكر من الأوصاف في معرض المدح والتكرمة الا أوصاف
الكمال " (2).
(8) وروي ان سليمان بن داود عليه السلام كان له ثلاثمائة زوجة وسبعمائة سرية (3).
(9) وقال الصادق عليه السلام: (من أخلاق الأنبياء حب النساء) (4).
(10) وروى معمر بن خلاد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (ثلاث من
سنن المرسلين: العطر، واخفاء الشعر، وكثرة الطروقة) (5) (6).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهة العزبة، حديث: 6.
(2) رواه في المهذب البارع، في المقدمة الثالثة من مقدمات كتاب النكاح، في
الترغيب في النكاح والحث عليه.
(3) دعائم الاسلام، كتاب النكاح، قصل (1) ذكر الرغائب في النكاح، حديث:
695.
(4) التهذيب: 7، كتاب النكاح، باب اختيار الأزواج، حديث: 19.
(5) الفقيه: 3، باب فضل التزويج، حديث: 2.
(6) المراد باخفاء الشعر المداومة على ستره بأي وجه كان. والطروقة هي
النكاح،: يقال: طرق الفحل الناقة إذا لقحها، والمراد بالكثرة، الكثرة بالنسبة
إلى طبيعته وشبقه (معه).
282

(11) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (من أحب سنتي فان من سنتي التزويج " (1).
(12) وقال عليه السلام: " من رغب عن سنتي فليس مني، وان من سنتي النكاح " (2).
(13) وقال عليه السلام: " أراذل موتاكم العزاب " (3).
(14) وقال عليه السلام: " شرار موتاكم العزاب " (4).
(15) وقال عليه السلام: " لو خرج العزاب من أمواتكم إلى الدنيا، لتزوجوا " (5).
(16) وروي عنه صلى الله عليه وآله وأنه قال: من عال بيتا من المسلمين فله الجنة " (6)
(17) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا عن ثلاث: علم ينتفع
به بعد موته، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له " (7).
(18) وقال صلى الله عليه وآله: " من قبل ولده كتب الله له حسنة، ومن فرحه فرحه الله
يوم القيامة " (8).

(1) الجامع الصغير للسيوطي: 2، حرف الميم، ولفظ الحديث: (من أحب
فطرتي فليستسن بسنتي وان من سنتي النكاح) ورواه في المستدرك، باب (1) من أبواب
مقدمات النكاح، حديث: 1، نقلا عن الجعفريات.
(2) رواه في المهذب البارع، في المقدمة الثالثة من مقدمات كتاب النكاح،
في الترغيب في النكاح والحث عليه.
(3) الفقيه: 3، باب فضل المتزوج على العزب، حديث: 3.
(4) رواها في المهذب البارع، في المقدمة الثالثة من مقدمات كتاب النكاح في الترغيب في النكاح والحث عليه.
(5) رواها في المهذب البارع، في المقدمة الثالثة من مقدمات كتاب النكاح في الترغيب في النكاح والحث عليه.
(6) الجامع الصغير للسيوطي: 2، حرف العين المهملة. ولفظ الحديث: (من
عال أهل بيت من المسلمين يومهم وليلتهم غفر الله له ذنوبه).
(7) مسند أحمد بن حنبل 2: 372.
(8) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب بر الأولاد، حديث 1. وتمام الحديث:
(ومن علمه القرآن دعى بالأبوين فيكسيان حلتين يضئ من نورهما وجوه أهل الجنة).
283

(19) وقال عليه السلام: " من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، كنت أنا وهو
في الجنة كهاتين "، وشبك بين إصبعيه، السبابة والوسطى. فقيل: يا رسول الله
واثنتين؟ قال: " واثنتين ". قيل: وواحدة؟ قال: " وواحدة " (1).
(20) وقال الصادق عليه السلام: (ميراث الله تعالى من عبده المؤمن إذا مات
ولد يعبده) ثم تلى آية زكريا (فهب لي من لدنك وليا يرثني) (2) (3).
(21) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة،
صبر أو لم يصبر " (4).
(22) وروي ان عيسى عليه السلام مر بقبر وهو يعذب، ثم مر به في عام آخر فوجده
لا يعذب! فقال الحواريون: يا روح الله مررنا بهذا القبر عام أول وهو يعذب
ومررنا به الآن وهو لا يعذب؟ فقال عليه السلام: (انه كان له ولد صغير فبلغ الغلام،
فأصلح طريقا وآوى يتيما، فغفر الله لأبيه بما كان منه) (5).
(23) وروى ابن أبي عمير، عن محمد بن مسلم قال: كنت جالسا عند

(1) رواه (كما في المتن) في المهذب البارع في المقدمة الثالثة من كتاب النكاح
وفى الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث: 12. ومسند أحمد بن حنبل 3: 148
بأدنى تفاوت في الألفاظ.
(2) سورة مريم: 5 و 6.
(3) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث 2. إلى قوله: (ولد يعبده) وفى
الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب فضل الولد، قطعة من حديث 12 كما في المتن.
(4) الفروع: 3، كتاب الجنائز، باب المصيبة بالولد، حديث: 8 والحديث
مروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
(5) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب فضل الولد، حديث: 12 وفيه أن عيسى
عليه السلام قال: (يا رب مررت بهذا القبر الخ).
284

أبي عبد الله عليه السلام إذا دخل يونس بن يعقوب، فرأيته يئن! فقال أبو عبد الله عليه السلام
مالي أراك تئن؟ قال: طفل لي تأذيت به الليل أجمع. فقال له أبو عبد الله عليه السلام
يا يونس حدثني أبي محمد بن علي عن آبائه عليهم السلام عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
ان جبرئيل نزل عليه ورسول الله وعلي عليهما السلام يئنان! فقال جبرئيل: يا حبيب الله
مالي أراك تئن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله طفلان لنا تأذينا ببكائهما. فقال جبرئيل:
مه يا محمد، فإنه سيبعث لهؤلاء القوم شيعة إذا بكى أحدهم فبكائه لا إله إلا الله
إلى أن يأتي عليه سبع سنين، فإذا جاز السبع فبكائه استغفار لوالديه إلى أن
يأتي على الحد، فإذا جاز الحد فما أتى من حسنة فلوالديه، وما أتى من سيئة
فلا عليهما) (1).
(24) وروى حمدان بن إسحاق قال: كان لي ابن، وكان تصيبه الحصاة.
فقيل لي: ليس له علاج الا ان تبطه فبططته فمات، فقالت الشيعة: شركت
في دم ابنك! فكتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام، فوقع صلوات
الله عليه: (يا أحمد ليس عليك فيما فعلت شئ، إنما التمست الدواء، وكان
أجله فيما فعلت) (2).
(25) وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: في المرض يصيب الصبي
(انه الكفارة لوالديه) (3).
(26) وروى عبد الله بن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " لرجل أصبحت صائما؟ " قال: لا، قال: " أفأطعمت مسكينا؟ " قال: لا

(1) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب النوادر، حديث: 5.
(2) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب النوادر، حديث: 6.
(3) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب النوادر، حديث: 1.
285

قال: " فارجع إلى أهلك فإنه منك عليهم صدقة ") (1).
(27) وقال الصادق عليه السلام: (أبى الله أن يجري الأشياء الا على الأسباب) (2) (3).
(28) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (لو لم يكن الشاهد دليلا على
الغائب، لما كان للخلق طريق إلى اثباته تعالى) (4).
(29) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " تناكحوا تكثروا فاني أباهي بكم الأمم
يوم القيامة حتى بالسقط " (5).
(30) وقال عليه السلام: " والمولود في أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " (6).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية الرهبانية وترك الباه، حديث: 2.
(2) الأصول، كتاب الحجة، باب معرفة الامام والرد إليه، حديث: 7 وتمام
الحديث (فجعل لكل شئ سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علما وجعل لكل
علم بابا ناطقا عرفه من عرفه وجهله من جهله ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن).
(3) قال بعض العلماء: هذا واجب في الحكمة الإلهية، ليعرف بذلك انه تعالى
لا سبب له، فيكون ذلك لطفا في معرفته. ألا ترى إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام:
(وبمضادته بين الأشياء عرف أن لا ضد له) ومثل هذا الحديث الذي يليه. وإنما ذكر
هذا الحديث هنا ليستدل بذلك على أن ما اشتمل عليه تدبير الله تعالى من خلق الشهوة
الموكلة بالفحل الباعثة على اخراج البذر، وبالأنثى في التمكن من قبول الحرث،
ليكون ذلك سببا في اقتناص الولد بسبب وقاع، كمن بث الحب في الشبكة ليصيد الطير
ثم ألقى فيها الرأفة والمحبة حتى ير بيانه، إظهارا لقدرته ولطيف حكمته، ليتوقف
بذلك على دقايق معرفته وتوحيده وواضح نعمه وآلائه، ليعلم بذلك ان السبب الأهم في
النكاح إنما هو تحصيل الولد (معه).
(4) رواه في المهذب، كتاب النكاح في الفائدة الأولى من المقدمة الرابعة في
فوائد النكاح.
(5) الجامع الصغير للسيوطي: 1، حرف التاء حديث: 3366.
(6) رواه في المهذب، كتاب النكاح، في الفائدة الثانية من المقدمة الرابعة في
فوائد النكاح.
286

(31) وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: (قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل: " تزوجها سواء ولودا، ولا تزوجها حسناء جميلة عاقرا
فاني مباه بكم الأمم يوم القيامة ") (1).
(32) وفي حديث آخر عنه عليه السلام: " أما علمتم اني أباهي بكم الأمم يوم
القيامة حتى بالسقط يظل مخبنطأ - أي ممتليا غيظا وغضبا - على باب الجنة،
فيقول الله عز وجل: ادخل الجنة، فيقول: لا حتى يدخل أبواي قبلي، فيقول
الله تبارك وتعالى لملك من الملائكة آتيني بابويه، فيأمر بهما إلى الجنة، فيقول:
هذا بفضل رحمتي ") (2).
(33) وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان الله تبارك وتعالى كفل
إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذونهم بشجر في الجنة لها اخلاف كاخلاف
البقر في قصر من درة، فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم
فهم ملوك في الجنة مع آبائهم. وهو قول الله تعالى: (والذين آمنوا واتبعتهم
ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذرياتهم) (3)) (4).
(34) وفي حديث آخر: (ان الأطفال يجمعون في موقف القيامة عند عرض
الخلايق للحساب، فيقال للملائكة: اذهبوا بهؤلاء إلى الجنة، فيقفون على باب الجنة
فيقال لهم: مرحبا بذراري المسلمين ادخلوا، لا حساب عليكم، فيقولون: أين
آبائنا وأمهاتنا؟ فيقول الخزنة: ان آبائكم وأمهاتكم ليسوا مثلكم، انهم كانت
لهم ذنوب وسيئات، فهم يحاسبون ويطلبون بها، قال: فيتصايحون ويضجون

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية تزويج العاقر، حديث: 4.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب فضل الابكار، حديث: 1.
(3) سورة الطور: 21.
(4) الفقيه: 3، باب حال من يموت من أطفال المؤمنين، حديث: 2.
287

على باب الجنة ضجة واحدة، فيقول الله سبحانه: وهو أعلم ما هذه الضجة؟
فيقولون: أطفال المسلمين قالوا: لا ندخل الجنة الا مع آبائنا، فيقول الله:
تخللوا الجمع فخذوا بأيدي آبائكم فادخلوهم الجنة) (1).
(35) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما يمنع المؤمن ان يتخذ أهلا، لعل الله يرزقه
نسمة، تثقل الأرض بلا إله إلا الله " (2).
(36) وروى أن يوسف قال لأخيه: كيف استطعت أن تتزوج النساء بعدي؟
فقال: ان أبي أمرني وقال: ان استطعت أن تكون لك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح
فافعل (3).
(37) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما من شئ أحب إلى الله من بيت يعمر في الاسلام
بالنكاح، وما من شئ أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الاسلام بالفرقة "
يعني الطلاق (4).
(38) وقال عليه السلام: " تناكحوا تناسلوا " (5).
(39) وقال عليه السلام: " حصير ملفوف في زاوية البيت خير من امرأة لا تلد " (6).

(1) المستدرك: 1، كتاب الطهارة، باب (60) من أبواب الدفن، حديث: 9
نقلا عن البحار.
(2) الفقيه: 3، باب فضل التزويج، حديث: 1.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهة العزبة، حديث: 4.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب في الحض على النكاح، قطعه من حديث: 1.
(5) التذكرة 2: 565، كتاب النكاح. رواه في المقدمة الثالثة من مقدمات
النكاح.
(6) التذكرة 2: 569، كتاب النكاح. رواه في المقدمة السادسة من مقدمات
النكاح نقلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله. ورواه في كنز العمال: 16، حرف النون
حديث 45589، ولفظه (عن ابن عمر ان عمر امرأة تزوج فأصابها شمطاء، وقال: حصير
في بيت خير من امرأة لا تلد).
288

(40) وقال صلى الله عليه وآله: " اعلموا ان أحدكم يلقي سقطه محبنطاءا على باب الجنة
حتى إذا رآه أخذه بيده حتى يدخله الجنة. وان ولد أحدكم إذا مات، آجر
فيه، وان بقي استغفر له بعد موته " (1).
(41) وقال عليه السلام: " من مات له ابنان من الولد، فقد احتصر بحصار من
النار " (2).
(42) وقال عليه السلام: " من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث أدخله الله الجنة
بفضل رحمته وإياهم " فقيل يا رسول الله: واثنان؟ قال: " واثنان " (3).
(43) وقال عليه السلام: " من تزوج فقد أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف
الباقي " (4).
(44) وقال عليه السلام: " معاشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج.
ومن لم يستطع فعليه بالصوم فان الصوم له وجاء " (5).
والوجاء رض الخصيتين.

(1) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث 15.
(2) لم نعثر على حديث بهذا المضمون.
(3) رواه في ثواب الأعمال، ثواب من قدم أولادا يحتسبهم الله عند الله عز وجل
حديث: 3، إلى قوله: (بفضل رحمته). وفى المستدرك، كتاب الطهارة، باب (60)
من أبواب الدفن وما يناسبه، حديث: 6 نقلا عن دعائم الاسلام، وفيه: (فقيل يا رسول
الله: واثنان؟ قال: واثنان). ورواه في المهذب (في المقدمة الرابعة من فوائد النكاح)
كما في المتن.
(4) الفقيه: 3، باب فضل التزويج، حديث: 3 و 4.
(5) صحيح مسلم، كتاب النكاح، (1) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه
ووجد مؤنة، واشتغال من عجز عن المؤنة بالصوم، حديث: 3.
289

(45) وقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يتم نسك الناسك حتى
يتزوج " (1) (2).
قال بعض العلماء: لا يفرغ قلبه من شهوة النكاح الا بالتزوج، ولا يتم النسك
الا بفراغ القلب.
(46) وعن علي صلوات الله عليه أنه قال: (لم يكن أحد من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج الا قال له رسول الله: " كمل دينه ") (3).
(47) وعنه عليه السلام: " إذا نظر أحدكم إلى امرأة فليلتمس أهله، فإنما هي امرأة
كامرأته ". (4).
(48) وروى مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا
نظر أحدكم إلى المرأة الحسناء فليأت أهله، فان الذي معها مثل الذي مع تلك "
فقام رجل فقال يا رسول الله: فإن لم يكن له أهل فما يصنع؟ قال: " فليرفع

(1) رواه في المهذب، كتاب النكاح في الوجوه المترتبة على الفائدة الرابعة من
فوائد النكاح.
(2) إنما ذكر هذا الحديث هنا ليستدل به على أن تزويج النساء نافع للقلوب.
فان ترويح النفس وايناسها بالمحادثة والنظر والملاعبة، راحة للقلب وتقوية له. لان
النفس ملول عن الحق نفور، فإذا كلفت المداومة بالاكراه، جمحت وتأبت، فإذا زوجت
باللذات في بعض الأوقات، قويت ونشطت ورأس ذلك الاستيناس بالنساء، فان في
الاستيناس بهن ما يزيل الكرب ويروح القلب (معه).
(3) المستدرك، كتاب النكاح، باب (1) من أبواب مقدمات النكاح، حديث: 8
نقلا عن دعائم الاسلام.
(4) نهج البلاغة، القسم الثاني، في غريب كلامه عليه السلام المحتاج إلى التفسير،
تحت رقم 420 وفيه: (فليلامس أهله).
290

بصره إلى السماء ليراقبه وليسأله من فضله ") (1).
(49) وقال الصادق عليه السلام: (من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو
غمض بصره لم يرتد إليه بصره حتى يزوجه الله من الحور العين) (2).
(50) وفي خبر آخر: (لم يرتد إليه بصره حتى يعقبه الله ايمانا يجد طعمه) (3).
(51) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله: " خمسة من السعادة " وعد منها الزوجة
الصالحة (4).
(52) وجاء إليه رجل فقال: يا رسول الله، ان لي زوجة إذا دخلت تلقتني
وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموما، قالت: ما يهمك؟ ان كنت تهتم
لرزقك، فقد تكفل به غيرك، وإن كنت تهتم لامر آخرتك، فزادك الله هما،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان لله عز وجل عمالا، وهذه من عماله ولها نصف أجر
الشهيد " (5).
(53) وجاء في الحديث ان عثمان بن مظعون كان من زهاد الصحابة وأعيانها،
حكي ان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بوضع جنازته عن أكتاف المشيعين وقبله مرارا
ونزل إلى قبره وألحده بيده، ثم سوى قبره بيده، فجاء يوما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: يا رسول الله قد غلبني حديث النفس ولم أحدث شيئا حتى أستأمرك

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان النساء أشباه، حديث: 2.
(2) الفقيه: 3، باب النوادر في النكاح، حديث: 41.
(3) الفقيه: 3، باب النوادر في النكاح، حديث: 42.
(4) المستدرك: 2، كتاب النكاح، باب (8) من أبواب مقدمات النكاح،
حديث: 7، نقلا عن دعائم الاسلام، ولفظ الحديث: (قال صلى الله عليه وآله: خمسة
من السعادة. الزوجة الصالحة، والبنون الأبرار، والخلطاء الصالحون، ورزق المرء في
بلده، والحب لآل محمد عليهم السلام).
(5) الفقيه: 3، باب ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء وصفاتهن، حديث: 8.
291

فقال عليه السلام: " بم حدثتك نفسك يا عثمان "؟ قال: هممت أن أسيح في الأرض؟
قال: " فلا تسح فيها، فان سياحة أمتي في المساجد ".
قال هممت أن أحرم اللحم على نفسي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " فلا تفعل فاني
أشتهيه وآكله، ولو سألت الله أن يطعمنيه كل يوم، لفعل "، قال: وهممت أن أجب
نفسي؟ قال: " يا عثمان، من فعل ذلك ليس منا، أعني بنفسه أحد؟ لا تفعل.
ان وجاء أمتي الصيام ". قال: وهممت أن أحرم خولة على نفسي؟ - يعني
امرأته - قال: لا تفعل فان العبد المؤمن إذا أخذ بيد زوجته كتب له عشر حسنات
ومحى عنه عشر سيئات، فان قبلها، كتب الله له مائة حسنة ومحى عنه عشر
سيئات. فان ألم بها كتب الله له ألف حسنة ومحى عنه ألف سيئة وحضرتهما
الملائكة. فان اغتسلا لم يمر الماء على شعرة منهما الا كتب الله لهما مائة حسنة
ومحى عنهما مائة سيئة. فإن كان ذلك في ليلة باردة قال الله عز وجل لملائكته:
انظروا إلى عبدي هذين يغتسلان في هذه الليلة الباردة علما اني ربهما، أشهدكم
أني قد غفرت لهما. فإن كان لهما في مواقعتهما تلك ولد، كان لهما وصيف في
الجنة ". ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بيده على صدر عثمان، وقال: يا عثمان،
لا ترغب عن سنتي فان من رغب عن سنتي عرضت له الملائكة يوم القيامة
وصرفت وجهه عن حوضي " (1).
(54) وعنه صلى الله عليه وآله: " إذا أقبل الرجل المؤمن على امرأته المؤمنة، اكتنفه
ملكان، وكان كالشاهر سيفه في سبيل الله، فإذا فرغ منها تحاتت عنه الذنوب
كما يتحاتت ورق الشجر، وإذا هو اغتسل انسلخ من الذنوب ". فقالت امرأة
بأبي أنت وأمي يا رسول الله هذا للرجل، فما للنساء؟ قال: " إذا هي حملت

(1) المستدرك: 2، كتاب النكاح، باب (37) من أبواب مقدمات النكاح،
حديث: 1، نقلا عن دعائم الاسلام.
292

كتب الله لها أجر الصائم القائم. فإذا أخذها الطلق لم يدر مالها من الاجر الا
الله الواحد القهار. فإذا وضعت كتب الله لها بكل مصة - يعني من الرضاع -
حسنة ومحى عنها سيئة. وقال: النفساء إذا ماتت من النفاس، جاءت يوم القيامة
بغير حساب، لأنها تموت بغمها " (1).
(55) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: " خمسة من السعادة، الزوجة
الصالحة، والبنون الأبرار، والخلطاء الصالحون، ورزق المرء في بلده،
والحب لآل محمد " (2).
(56) وقال عليه السلام: " تزوجوا فاني مكاثر بكم يوم القيامة " (3).
(57) وقال: " خير النساء الولود الودود " (4).
(58) وقال: " ولا تنكحوا الحمقى، فان صحبتها بلاء وولدها ضياع " (5).
(59) وروى محمد بن سنان عن بعض رجاله قال: قال أبو عبد الله عليه السلام
(خير نسائكم الطيبة الريح الطيبة الطبيخ، التي ان أنفقت أنفقت بمعروف،
وان أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمال الله، وعامل الله لا يخيب

(1) رواه في دعائم الاسلام: 191، كتاب النكاح، فصل (1) ذكر الرغائب في
النكاح، حديث: 690. ورواه في الفروع، كتاب النكاح، باب كراهية الرهبانية وترك
الباه، قطعة من حديث: 4، وهو حديث الحولاء العطارة، إلى قوله عليه السلام: (انسلخ
من الذنوب).
(2) تقدم آنفا تحت رقم (4) ونقلناه بتمامه في الهامش.
(3) الفقيه: 3، باب فضل التزويج، قطعة من حديث: 6.
(4) الفقيه: 3، باب ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء وصفاتهن، قطعة من
حديث: 6.
(5) الفروع، كتاب النكاح، باب كراهية تزويج الحمقاء والمجنونة، حديث: 1
والحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام.
293

ولا يندم) (1).
(60) وروي: " ان المؤنة تنزل على قدر المعونة " (2).
(61) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من عال بنتا من المسلمين فله الجنة " (3).
(62) وقال عليه السلام: " من بات كالا في طلب الحلال غفر الله له " (4).
(63) وقال عليه السلام: " من عال ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، وجبت له الجنة "
فقيل: يا رسول الله، واثنين؟ فقال: " واثنتين " قيل: يا رسول الله وواحدة؟ قال:
" وواحدة " (5).
(64) وروى حمزة بن حمران باسناده قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وآله، وعنده
رجل فأخبره بمولود له فتغير لون الرجل. فقال له النبي صلى الله عليه وآله: " مالك؟ "
قال: خير قال: " قل " قال: خرجت والمرأة تمخض، فأخبرت انها ولدت جارية!
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: " الأرض تقلها، والسماء تظلها، والله يرزقها، وهي ريحانة
تشمها ". ثم أقبل على أصحابه وقال: " من كانت له ابنة واحدة فهو مقروح،
ومن كانت له اثنتان فيا غوثاه، ومن كانت له ثلاث وضع عنه الجهاد وكل
مكروه، ومن كانت له أربع فيا عباد الله أعينوه، ويا عباد الله أقرضوه، ويا عباد الله
ارحموه " (6).

(1) الفروع، كتاب النكاح، باب خير النساء، حديث: 6.
(2) الوسائل: 15، باب (23) من أبواب النفقات، حديث: 7، ولفظ الحديث:
(ينزل الله المعونة من السماء إلى العبد بقدر المؤنة).
(3) تقدم تحت رقم (16).
(4) الوسائل، كتاب التجارة، باب (4) من أبواب مقدماتها، حديث: 16،
نقلا عن الأمالي، ولفظ الحديث (من بات كالا في طلب الحلال بات مغفورا له).
(5) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب فضل البنات، حديث: 10.
(6) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب فضل البنات، حديث: 6.
294

(65) وقال الصادق عليه السلام: (من عال ابنتين أو أختين أو عمتين أو خالتين،
حجبتاه من النار) (1).
(66) وقال عليه السلام: (إذا أصاب الرجل ابنة بعث الله عز وجل إليها ملكا فأمر
جناحه على رأسها وصدرها، وقال: ضعيفة خلقت من ضعيف، المنفق عليها
معان) (2).
(67) وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (ان للقلوب اقبالا وادبارا، فإذا أقبلت
فاحملوها على النوافل، وإذا أدبرت فاقصروها على الفرائض، فان القلب إذا
اكره عمى) (3) (4).
(68) وقال الصادق عليه السلام: (ما تلذذ الناس في الدنيا ولا في الجنة بشئ
أشهى عندهم من النساء، لا طعام ولا شراب) (5).
(69) وعنه عليه السلام أنه قال: (ثلاثة فيها راحة: دار واسعة تواري عورته وسوء
حاله من الناس، وامرأة صالحة تعينه على أمر الدنيا، وابنة يخرجها اما بموت
أو بتزويج) (6).

(1) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث: 13.
(2) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث 14.
(3) رواه في الوسائل، باب (16) من أبواب اعداد الفرائض ونوافلها،
حديث: 8 نقلا عن الفروع، وحديث: 11 نقلا عن نهج البلاغة بتفاوت يسير في
ألفاظهما. وفى نهج البلاغة، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام، رقم
193، ولفظه: (ان للقلوب شهوة واقبالا وادبارا، فأتوها من قبل شهوتها واقبالها، فان
القلب إذا اكره عمى).
(4) راجع ما كتب في هامش حديث: 42.
(5) الفروع: 5 كتاب النكاح، باب حب النساء، قطعة من حديث: 10.
(6) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب من وفق له الزوجة الصالحة. حديث: 6.
295

(70) وعن علي عليه السلام (روحوا قلوبكم، فإنها إذا أكرهت عميت) (1).
(71) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا الا
في ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم " (2).
(72) وعنه صلى الله عليه وآله: " وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي
فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها لمطعمه ومشربه، وهذه
عون على تلك الساعتين " (3).
(73) وقال عليه السلام: (لكل عامل شرة، ولكل شرة فترة. فمن كانت فترته
إلى سنتي فقد اهتدى) (4).
والشرة: بالشين المعجمة والراء المهملة، شدة الجد والمكابدة بجد وقوة.
والفترة: الوقوف للاستراحة.
(74) وقال عليه السلام: " حبب إلي من دنياكم هذه ثلاث: الطيب، والنساء، وقرة
عيني في الصلاة " (5).
(75) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " النكاح بغير خطبة كاليد الجذماء " (6).

(1) رواه في المهذب، في الفائدة السادسة من المقدمة الرابعة، من مقدمات
النكاح.
(2) الفقيه: 2، باب ما جاء في السفر إلى الحج وغيره من الطاعات، حديث: 1
و 4: 257، باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب، حديث: 1.
(3) الوسائل: 11، كتاب الجهاد، باب (96) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه
حديث: 4، نقلا عن معاني الأخبار والخصال، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
(4) رواه في المهذب، في الفائدة السادسة من المقدمة الرابعة، من مقدمات
النكاح.
(5) مسند أحمد بن حنبل 3: 128.
(6) دعائم الاسلام، كتاب النكاح، فصل (3) ذكر اختطاب النساء، حديث:
742.
296

(76) وروي عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال: (إذا حمد الله فقد خطب) (1).
(77) وروى معاوية بن حكيم قال: خطب الرضا عليه السلام بهذه الخطبة: (الحمد
لله الذي حمد في الكتاب نفسه، وافتتح بالحمد كتابه، وجعل الحمد أول جزاء
محل نعمته، وآخر دعوى أهل جنته. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
شهادة أخلصها له وأدخرها عنده، وصلى الله على محمد خاتم النبوة وخير
البرية، وعلى آله آل الرحمة، وشجرة النعمة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة.
والحمد لله الذي كان في علمه السابق، وكتابه الناطق، وبيانه الصادق، ان
أحق الأسباب بالصلة والأثرة، وأولى الأمور بالرغبة فيه سبب أوجب سببا، وأمر
أعقب غنى، فقال عز وجل: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا
وكان ربك قديرا) (2) وقال: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم
وإمائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (2).
ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ولا سنة متبعة ولا أثر مستفيض،
لكان فيما جعل الله من بر القريب، وتقريب البعيد، وتأليف القلوب وتشبيك
الحقوق، وتكثير العدد، وتوفير الولد لنوائب الدهر وحوادث الأمور، ما يرغب
في دونه العاقل اللبيب، ويسارع إليه الموفق المصيب، ويحرص عليه الأديب
الأريب. فأولى الناس بالله من اتبع أمره، وأنفذ حكمه، وأمضى قضاءه، ورجا
جزاءه.
وفلان بن فلان من قد عرفتم حاله وجلاله، دعاه رضا نفسه، وأتاكم ايثارا
لكم، واختيارا لخطبة فلانة بنت فلان كريمتكم، وبذل لها من الصداق كذا

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب التزويج بغير خطبة، قطعة من حديث: 2.
(2) الفرقان: 56.
(3) النور: 32.
297

وكذا، فتلقوه بالإجابة، وأجيبوه بالرغبة، واستخيروا الله في أموركم، يغرم لكم
على رشدكم إن شاء الله.
نسأل الله أن يلحم ما بينكم بالبر والتقوى، ويؤلفه بالمحبة والهوى، ويختمه
بالموافقة والرضا، انه سميع الدعاء لطيف لما يشاء) (1).
(78) وروي محمد بن يعقوب، يرفعه إلى عبد الرحمان بن كثير، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: (لما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتزوج خديجة بنت خويلد،
أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخل على ورقة بن نوفل
عم خديجة، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال: الحمد لرب هذا البيت، الذي جعلنا
من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل، وأنزلنا حرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس،
وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه.
ثم إن ابن أخي هذا - يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله - ممن لا يوزن برجل من
قريش الا رجح به، ولا يقاس به رجل الأعظم عنه، ولا عدل له في الخلق وإن كان
مقلا في المال فان المال رفد جار، وظل زائل، وله في خديجة رغبة، ولها
فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر علي في مالي
الذي سألتموه عاجله وآجله. وله ورب هذا البيت حظ عظيم ودين شائع
ورأي كامل.
ثم سكت أبو طالب، وتكلم عمها وتلجج، وقصر عن جواب أبي طالب
وأردكه القطع والبهر، وكان رجلا من القسيسين، فقالت خديجة مبتدئة: يا
عماه انك وإن كنت أولى بنفسي مني في الشهود، فلست أولى بي من نفسي،
قد زوجتك يا محمد نفسي والمهر علي في مالي، فأمر عمك فلينحر ناقة فليولم
بها، وادخل على أهلك.

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب خطب النكاح، حديث: 7.
298

قال أبو طالب: اشهدوا عليها بقبولها محمدا، وضمانها المهر في مالها.
فقال بعض قريش: يا عجباه المهر على النساء للرجال، فغضب أبو طالب غضبا
شديدا، وقام على قدميه. وكان ممن يهابه الرجال ويكره غضبه، فقال: إذا كانوا
مثل ابن أخي هذا، طلبت الرجال بأغلى الأثمان وأعظم المهر، وإذا كانوا
أمثالكم لم يزوجوا الا بالمهر الغالي، ونحر أبو طالب ناقة، ودخل رسول
الله صلى الله عليه وآله بأهله) (1).
(79) وروى يحيى بن عمران عن الصادق عليه السلام قال: (الشجاعة في أهل
خراسان، والباه في أهل بربر، والسخاء والحسد في العرب، فتخيروا لنطفكم) (2).
(80) وروى إسماعيل بن عبد الخالق عن حمدويه قال: شكوت إلى أبي
عبد الله عليه السلام قلة ولدي، وانه لا يولد لي فقال: (إذا أتيت العراق فتزوج امرأة،
ولا عليك أن تكون سوءاء، قلت: جعلت فداك وما السوءاء؟ قال: المرأة فيها
قبح، فإنهن أكثر أولادا) (3).
(81) وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " اعلموا ان المرأة إذا كانت سوداء ولودا،
أحب إلي من الحسناء العاقر) (4).
(82) وروى بكر بن صالح عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال
: (من سعادة الرجل أن يكشف الثوب عن امرأة بيضاء) (5).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب خطب النكاح، حديث: 9.
(2) الفقيه: 3، باب النوادر، حديث: 33.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية تزويج العاقر. حديث: 3.
(4) الفقيه: 3، باب المذموم من أخلاق النساء وصفاتهن، حديث: 9.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستدل به من المرأة على المحمدة،
حديث: 7.
299

(83) وروى مالك بن أشيم عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(قال أمير المؤمنين عليه السلام: تزوجها عيناء سمراء مربوعة عجزاء، فان كرهتها
فعلي الصداق) (1).
(84) وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد نكاح امرأة بعث إليها من
ينظرها وقال لها: (شمي ليتها، فإذا طاب ليتها طاب عرفها، وانظري كعبها، فإذا
درم كعبها عظم كعثبها) (2) (3).
(85) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (تزوجوا الرزق، فان فيهن اليمن) (4).
(86) وقال الصادق عليه السلام: (نكاح المرأة الحبلى يقطع البلغم) (5).
(87) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (لا خيل أنقى من الدهم، ولا امرأة كابنة العم) (6).
(88) وروى عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال: سمعته يقول:
(عليكم بذوات الأوراك، فإنهن أنجب) (7).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستدل به من المرأة على المحمدة،
حديث: 8.
(2) الفقيه: 3، باب ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء وصفاتهن، حديث: 2.
(3) الليت، خلف الاذن، والعرف الرائحة، ودرم كعبها أي كثر لحمها، والكعثب
الفرج (معه).
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستدل به من المرأة على المحمدة،
حديث: 6.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نادر، حديث: 1، وفيه: (المرأة الجميلة)
بدل (المرأة الحبلى) وفى المهذب أيضا (الجميلة).
(6) دعائم الاسلام: فصل (12) ذكر من يستحب أن ينكح ومن يرغب عن نكاحه، حديث:
711، ورواه في المهذب في القسم الأول من المقدمة السادسة من مقدمات النكاح.
(7) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستدل به من المرأة على المحمدة،
حديث: 1.
300

(89) وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا تزوج الرجل
المرأة لجمالها أو لمالها وكل إلى ذلك، وان تزوجها لدينها رزقه الله المال
والجمال) (1).
(90) وروى إسحاق بن عمار عنه عليه السلام: (من تزوج امرأة يريد مالها،
ألجأه الله إلى ذلك المال) (2).
(91) وقال سيد العابدين عليه السلام: (من تزوج لله عز وجل ولصلة الرحم،
توجه الله تاج الملك " (3).
(92) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إياكم وخضراء الدمن " قالوا:
وما خضراء الدمن؟ قال: " المرأة الحسناء في منبت السوء " (4).
(93) وقال الصادق عليه السلام: (ليس للمرأة خطر، لا لصالحتهن ولا لطالحتهن.
اما صالحتهن فليس خطرها الذهب والفضة بل هي خير من الذهب والفضة. وأما
طالحتهن فليس التراب خطرها، بل التراب خير منها) (5).
(94) وقال عليه السلام: (تخيروا لنطفكم، فان الخال أحد الضجيعين) (6).
(95) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إياكم وتزويج الحمقاء، فان

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب فضل من تزوج ذات دين وكراهة من
تزوج للمال، حديث: 3.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب فضل من تزوج ذات دين وكراهة من تزوج
للمال، حديث: 2.
(3) الفقيه: 3، باب من تزوج لله عز وجل ولصلة الرحم، حديث: 1.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب اختيار الزوجة، حديث: 4.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب اختيار الزوجة، حديث: 1.
(6) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب اختيار الزوجة، حديث: 2.
301

صحبتها بلاء وولدها ضياع " (1).
(96) وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (إياكم ونكاح الزنج، فإنه
خلق مشوه) (2).
(97) وروى أبو الربيع الشامي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: (لا تشتروا
من سودان أحدا، وإن كان فلا بد فمن النوبة، فإنهن من الذين قال الله تعالى:
(الذين قالوا انا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به) (3) انهم سيدركون
ذلك الحظ. وسيخرج مع القائم منا عصابة منهم. ولا تنكحوا من الأكراد،
فإنهن جنس من الجن كشف عنهم الغطاء) (4).
(98) وروى علي بن داود الحذاء عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا تنكحوا
الزنج والخزر، فان لهم أرحا ما تدل على غير الوفاء قال: والسند والهند والقند
ليس فيهم نجيب) يعنى القندهار (5).
(99) وروى الصدوق باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لزيد بن ثابت:
" تزوجت؟ " قال: لا، قال: " تزوج تستعفف مع عفتك، ولا تزوج خمسا " قال
زيد: من هن يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وآله: " لا تزوجن شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية تزويج الحمقاء والمجنونة، حديث: 1
والحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب من كره مناكحته من الأكراد والسودان
وغيرهم، حديث: 1.
(3) المائدة: 14.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب من كره مناكحته من الأكراد والسودان
وغيرهم، حديث: 2.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب من كره مناكحته من الأكراد والسودان
وغيرهم، حديث: 3.
302

ولا هيدرة ولا لفوتا " قال زيد: يا رسول الله ما عرفت مما قلت شيئا، واني بأمرهن
لجاهل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ألستم عربا؟ أما الشهبرة فالزرقاء البذية،
وأما اللهبرة فالطويلة المهزولة، وأما النهبرة فالقصيرة الذميمة، أما الهيدرة
فالعجوز المدبرة، وأما اللفوت فذات الولد من غيرك " (1).
(100) وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام:
أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما) (2).
(101) وروى سماعة بن مهران عن الصادق عليه السلام أنه قال: (من زوج
عزبا كان ممن ينظر الله إليه يوم القيامة) (3).
(102) وروي عن زين العابدين عليه السلام قال: (من زوج عزبا توجه الله بتاج
الملك) (4).
(103) وروى الحسن بن علي الوشا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
سمعته يقول في التزويج: (من السنة التزويج بالليل، لان الله جعل الليل سكنا
والنساء إنما هن سكن) (5).
(104) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: زفوا عرايسكم بالليل وأطعموا
ضحى) (6).
(105) وقال الباقر عليه السلام لميسر بن عبد العزيز: (يا ميسر، تزوج بالليل فان

(1) معاني الأخبار، باب معنى الشهبرة واللهبرة والنهبرة والهيدرة واللفوت،
حديث: 1.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب من سعى في التزويج، حديث: 1.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب من سعى في التزويج، حديث: 2.
(4) رواه في المهذب في المقدمة السابعة من مقدمات كتاب النكاح.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستحب من التزويج بالليل، حديث: 1.
(6) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستحب من التزويج بالليل، حديث: 2.
303

الله جعله سكنا، ولا تطلب حاجة بالليل، فان الليل مظلم). قال: ثم قال: (ان
للطارق لحقا عظيما، وان للصاحب لحقا عظيما) (1).
(106) وروى ضريس بن عبد الملك قال: أبلغ أبا جعفر عليه السلام ان رجلا
تزوج في ساعة حارة عند نصف النهار، أو نصف النهار! فقال أبو جعفر عليه السلام:
(ما أراهما يتفقان، فافترقا) (2).
(107) وروى عبيد بن زرارة، وأبو العباس قالا: قال أبو عبد الله عليه السلام: (ليس
للرجل أن يدخل بامرأته ليلة الأربعاء) (3).
(108) وروى مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول:
وقد سئل عن التزويج في شوال؟ فقال: (ان النبي صلى الله عليه وآله تزوج عايشة في شوال
وقال: إنما كره الناس ذلك في شوال، لان أهل الزمان الأول يكرهونه، وذلك
لان الطاعون كان يقع فيهم في الابكار والمملكات فيه، فكرهوه لذلك لا
لغيره) (4).
(109) وروى علي بن أسباط عن إبراهيم بن محمد بن حمران عن أبيه عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: (من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى) (5).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستحب من التزويج بالليل، حديث: 3.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الوقت الذي يكره فيه التزويج،
حديث: 1.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الوقت الذي يكره فيه التزويج،
حديث: 3.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر، حديث: 29. ورواه في المهذب
في الفائدة الثالثة من المقدمة السابعة من مقدمات كتاب النكاح.
(5) الفقيه: 2، باب الأيام والأوقات التي يستحب فيها السفر والأيام والأوقات
التي يكره فيها السفر، حديث: 13، ورواه أيضا في: 3، باب الوقت الذي يكره فيه
التزويج، حديث: 1، بحذف كلمة (سافر).
304

(110) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (لا يجامع الرجل امرأته، ولا
جاريته وفي البيت صبي، فان ذلك مما يورث الزنا) (1).
(111) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (والذي نفسي بيده لو أن رجلا
غشي امرأته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ما أفلح أبدا، إن كان
غلاما كان زانيا، أو جارية كانت زانية " (2).
(112) وروي ان زين العابدين عليه السلام كان إذا أراد أن يغشى أهله أغلق الباب
وأرخى الستور وأخرج الخدم (3).
(113) وروى السكوني ان عليا عليه السلام مر على بهيمة وفحل يسفدها على
ظهر الطريق، فأعرض عنه بوجهه، فقيل: لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال:
(انه لا ينبغي أن تصنعوا مثل ما يصنعون، وهو من المنكر، إلا أن تواريه حيث
لا يراه رجل ولا امرأة) (4).
(114) وروى عبد الرحمان بن كثير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فذكر
شرك الشيطان فعظمه حتى أفزعني، قلت: جعلت فداك فما المخرج من ذلك؟
فقال: (إذا أردت الجماع فقل: بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو بديع
السماوات والأرض، اللهم ان قضيت مني في هذه الليلة خليفة فلا تجعل
للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ولا حظا، واجعله مؤمنا مخلصا مصفى من الشيطان

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية أن يواقع الرجل أهله وفى البيت
صبي، حديث: 1.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية أن يواقع الرجل أهله وفى البيت
صبي، حديث: 2.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية أن يواقع الرجل أهله وفى البيت
صبي، ذيل حديث: 2.
(4) الفقيه: 3، باب النوادر، حديث: 40.
305

ورجزه، جل ثناءك) (1).
(115) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (ان الشيطان ليجئ حتى يقعد
من المرأة كما يقعد الرجل، ويحدث كما يحدث، وينكح كما ينكح) قلت فبأي
شئ تعرف ذلك؟ قال: (بحبنا وبغضنا، فمن أحبنا كان من نطفة العبد، ومن
أبغضنا كان من نطفة الشيطان) (2).
(116) وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (إذا جامع أحدكم فليقل
" بسم الله وبالله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني " قال: فان قضى
الله بينهما ولدا، لا يضره الشيطان بشئ أبدا) (3).
(117) وروى هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، في النطفتين اللتين
للآدمي والشيطان إذا اشتركا. فقال أبو عبد الله عليه السلام: (ربما خلق من أحدهما
وربما خلق منهما جميعا) (4).
(118) وروي عنهم عليهم السلام (ان الجماع ليلة الاثنين، يكون الولد حافظا
للقرآن، راضيا بالمقسوم. وليلة الثلاثاء، يكون سهلا رحيم القلب، سخى اليد
طيب النكهة، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان. وليلة الخميس، يكون

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان
حديث: 4.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان
قطعة من حديث: 2.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان
حديث: 3.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب القول عند الباه وما يعصم من مشاركة الشيطان
حديث: 6.
306

حاكما أو عالما. ويومه عند الزوال، الشيطان لا يقربه حتى يشيب، ويكون فهما
سالما. وليلة الجمعة، يكون خطيبا قوالا مفوها. وبعد عصرها يكون مشهورا
عالما. وليلتها بعد عشاء الآخرة يرجى أن يكون بدلا من الابدال) (1).
(119) وروي ان وطي الحائض يورث الحول في الولد، والحول من
الشيطان (2).
(120) وروى الصدوق بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجنونا أوبه برص فلا يلو من الا نفسه " (3).
(121) وعنهم عليهم السلام: (أكثر هؤلاء المشوهين من الذين يأتون نسائهم في
الطمث) (4).
(122) وروي ان الجماع بشهوة غيرها يورث تخنيث الولد. ومجامعتها
من قيام يورث فيه البول في الفراش (5).
(123) وروي ان الجماع ليلة الفطر يورث عدم الولد في الولد الا في
كبر السن. وليلة الأضحى يورث زيادة الإصبع أو نقصانها في الولد. وتحت
الأشجار المثمرة يورث في الولد أن يكون جلادا عريفا. وبين الأذان و

(1) الفقيه: 3، باب النوادر، قطعة من حديث: 1.
(2) رواه في المهذب في الفائدة السابعة من المقدمة السابعة من مقدمات كتاب
النكاح.
(3) الفقيه: 1، باب غسل الحيض والنفاس، حديث: 10.
(4) الفقيه: 1، باب غسل الحيض والنفاس، حديث: 11.
(5) رواه والأربعة التي بعده في الفقيه: 3، باب النوادر، حديث: 1، في ما
أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام على ما رواه أبو
سعيد الخدري. ورواه في كتاب علل الشرايع: 2، باب (289) علل نوادر النكاح،
حديث: 5.
307

الإقامة يورث كونه حريصا على اهراق الدماء. ومع استقبال الشمس بدون
ستر يورث فقر الولد وبؤسه حتى يموت. والجماع بغير وضوء يورث بخل
الولد وعمى قلبه. وعلى سقوف البنيان يورث النفاق والرياء والبدعة. وفي
أول ساعة من الليل يورث فيه أن يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة. وفي
آخر شهر شعبان بحيث لا يبقى منه يومان يورث فيه أن يكون كذابا.
(124) وفي رواية أخرى، ان من جامع امرأته بشهوة غيرها جاء ولده
عشارا عونا لكل ظالم، وتهلك قبيلة من الناس على يده.
(125) وروي انهما إذا تمسحا بخرقة واحدة ورث العداوة بينهما.
(126) وروي ان العروس عند دخولها ينبغي أن تغسل رجليها ويصب
ذلك الماء من باب الدار إلى أقصاها، فإنه يخرج بذلك سبعين لونا من الفقر
ويدخل عليه سبعين لونا من البركة، وينزل عليه سبعين رحمة ترفرف على
رأس العروس حتى ينال بركتها كل زاوية في البيت وتأمن العروس من
الجنون والجذام والبرص ما دامت في تلك الدار.
(127) وروي عن سيد العابدين عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: (قل لطلب
الولد: " رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين واجعل لي من لدنك وليا
يرثني في حياتي ويستغفر لي بعد وفاتي، واجعله خلقا سويا، ولا تجعل للشيطان
فيه نصيبا، اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك انك أنت التواب الرحيم " سبعين
مرة، فإنه من أكثر من هذا القول رزقه الله ما تمنى من مال وولد، ومن خير
الدنيا والآخرة. فإنه يقول: (استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم
مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) (5)) (6).

(1) سورة هود: 52.
(2) الفقيه: 3، باب الدعاء في طلب الولد، حديث: 1.
308

(128) وروي ان أمير المؤمنين عليه السلام قال: (ما كثر شعر رجل قط الا
قلت شهوته (1).
(129) وفي الحديث إذا جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، اني
تائق إلى النكاح ولا أجد الطول؟ فقال عليه السلام: " وفر شعر جسدك، وأدمن الصوم،
فإنه له وجاء " (2).
(130) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نعم الله على العبد أن يشبهه ولده " (3).
(131) وقال الصادق عليه السلام: (ان الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا
جمع كل صورة بينه وبين آدم، ثم خلق على صورة إحداهن، فلا يقولن أحد
لولده: هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي) (4).
(132) وروى الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: " ليس للنساء من سروات الطريق شيئا، ولكنها
تمشي من جانب الحائط والطريق ") (5).
(133) وعنه عليه السلام: (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت من بيتها، فهي تلعن
حتى رجعت إلى بيتها متى ما رجعت) (6).
(134) وقال عليه السلام: (لا ينبغي للمرأة المسلمة أن تنكشف بين يدي اليهودية

(1) الفقيه: 3، باب النوادر، حديث: 34.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر، حديث: 36، بتفاوت يسير في
الألفاظ.
(3) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث: 22.
(4) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث: 23.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب التستر، حديث: 1.
(6) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب التستر، حديث: 2.
309

والنصرانية، فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن) (1).
(135) وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (جاءت امرأة
إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله: ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها: " أن
تطيعه ولا تعصيه. ولا تتصدق من بيته الا باذنه. ولا تصوم تطوعا الا باذنه. ولا
تمنعه نفسها وإن كان على ظهر قتب. ولا تخرج من بيتها الا باذنه، وان خرجت
بغير اذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرحمة
حتى ترجع إلى بيتها " فقالت يا رسول الله: من أعظم الناس حقا على الرجل؟
قال: " والده "، قالت: من أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال: " زوجها ".
قالت: فمالي عليه من الحق مثل ماله؟ قال: " ولا من كل مائة واحد " فقالت:
والذي بعثك بالحق، لا ملكت رقبتي رجلا ابدا) (2).
(136) وروي عنه صلى الله عليه وآله قال: " إنما النكاح رق، فإذا أنكح أحدكم وليته
فقد أرقها، فلينظر أحدكم أين يرق كريمته " (3).
(137) وروي عن الصادق عليه السلام قال: (ان امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وآله لبعض
الحاجة، فقال لها: " لعلك من المسوفات " قالت: وما المسوفات يا رسول الله؟
قال: " المرأة التي يدعوها زوجها لبعض الحاجة فلا تزال تسوفه حتى ينعس
زوجها فينام، وتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها ") (4).
(138) وعنه عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال للنساء: " لا تطولن صلاتكن،

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب التستر، حديث: 5.
(2) الفقيه: 3، باب حق الزوج على المرأة، حديث: 1.
(3) الوسائل: 14، كتاب النكاح، باب (28) من أبواب مقدماته وآدابه،
حديث: 8، نقلا عن الأمالي.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية أن تمنع النساء أزواجهن، حديث: 2.
310

لتمنعن أزواجكن " (1).
(139) وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لولده الحسن عليه السلام: (لا تملك
المرأة من الامر ما يجاوز نفسها، فان ذلك أنعم لحالها وأرخى لبالها وأدوم لجمالها،
فان المرأة ريحانة وليست بقهرمانة. ولا تعد بكرامتها نفسها، واغضض بصرها
بسترك، واكففها بحجابك، ولا تطعمها ان تشفع لغيرها فتميل عليك بمن شفعت
له معها، واستبق من نفسك بقية، فان امساكك عنهن وهن يرين انك ذو اقتدار
خير من أن يرين فيك حالا على انكسار) (2).
(140) وروى عبد الصمد بن بشير قال: دخلت امرأة على أبي عبد الله عليه السلام
فقالت: أصلحك الله اني امرأة متبتلة، فقال: (وما التبتل؟) قالت: لا أتزوج، قال:
(ولم؟) قالت: ألتمس الفضل. فقال: (انصرفي، فلو كان فضلا لكانت فاطمة سلام
الله عليها أحق به منك. انه ليس أحد من النساء لسبقها إلى الفضل) (3).
(141) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: " من كان له صبي فليتصاب له " (4).
(142) وروي ان أفضل ما يطبخ به العقيقة، ماء وملح (5).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية أن تمنع النساء أزواجهن، حديث: 1.
(2) نهج البلاغة، قطعة من وصية له عليه السلام للحسن بن علي عليهما السلام
كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين، بتفاوت يسير في بعض العبارات بالزيادة
والنقصان.
(3) الفروع، 5، كتاب النكاح، باب كراهية أن تتبتل النساء ويعطلن أنفسهن،
حديث: 3.
(4) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث، 21.
(5) الفقيه: 3، باب العقيقة والتحنيك والتسمية والكنى وحلق رأس المولود
وثقب أذنيه والختان، حديث: 11.
311

(143) وروي ان الصبيان إذا زوجوا صغارا لم يكادوا يتآلفون (1).
(144) وروى سهل بن سعد الساعدي ان امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت:
اني قد وهبت نفسي لك يا رسول الله ان يكن لك رغبة، فقال عليه السلام: لا رغبة لي
في النساء، فقامت طويلا، فقام رجل فقال يا رسول الله: زوجنيها إن لم يكن لك
فيها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " هل لك شئ تصدقها إياه؟ " فقال: ما عندي
الا أزاري هذا، فقال النبي: " ان أعطيتها جلست ولا إزار لك فالتمس شيئا "
فقال: ما أجد شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " هل معك شئ من القرآن؟ " قال:
نعم سورة كذا وسورة كذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " زوجتكها على ما معك من
القرآن " (2) (3).
(145) وروى أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام في المتعة، أتزوجك مدة
كذا، فإذا قالت: نعم، فهي امرأتك (4) (5).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان الصغار إذا زوجوا لم يأتلفوا،
حديث: 1.
(2) رواه أئمة الحديث باختلاف يسير في ألفاظه. لاحظ صحيح البخاري، كتاب
النكاح، باب تزويج المعسر. وصحيح مسلم: 2، كتاب النكاح (13) باب الصداق وجواز
كونه تعليم قرآن وخاتم حديد وغير ذلك من قليل وكثير، حديث: 76. وسنن أبي
داود: 2، كتاب النكاح، باب التزويج على العمل يعمل، حديث: 2111 و 2112
و 2113. وسنن ابن ماجة، كتاب النكاح (17) باب صداق النساء، حديث: 1889
والترمذي: 3، كتاب النكاح (23) باب منه. والنسائي، كتاب النكاح، باب التزويج
على سورة من القرآن.
(3) الكلام على هذا الحديث قد مر، فلا وجه لإعادته (معه).
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب شروط المتعة، قطعة من حديث: 3.
(5) وفى هذه الرواية دلالة على أنه يجوز أن يكون القبول بلفظ المضارع، وأن
يكون الايجاب بلفظ، نعم، لمطابقة السؤال. وكلاهما مخالفان للأصل. والرواية غير
صحيحة الطريق، فيجب الرجوع إلى الأصل، فلا عمل عليها (معه).
312

(146) وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن
امرأة ابتليت بشرب النبيذ، فسكرت، فزوجت نفسها رجلا في سكرها، ثم أفاقت
فأنكرت ذلك، ثم ظنت أنه يلزمها، فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج،
أحلال هو لها، أم التزويج فاسد لمكان السكر، ولا سبيل للزوج عليها؟ فقال:
(إذا قامت معه بعد ما أفاقت، فهو رضا منها)، قلت: ويجوز ذلك التزويج عليها؟
قال: (نعم) (1) (2).
(147) وروى حيان بن سدير عن مسلم بن بشير عن أبي جعفر عليه السلام قال:
سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يشهد؟ قال: (اما بينه وبين الله فليس عليه
شئ، ولكن ان أخذه السلطان الجائر عاقبه) (3).
(148) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا نكاح الا بولي مرشد وشاهدي
عدل " (4).
(149) وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ليس للولي مع الثيب

(1) التهذيب، كتاب النكاح، باب عقد المرأة على نفسها النكاح، وأولياء الصبية
وأحقهم بالعقد عليها، حديث: 47.
(2) هذه الرواية مخالفة للأصل. من حيث إن شرط صحة العقد، العقل. فالسكر
المزيل للعقل لا يعتبر فعل صاحبه شرعا. إلا أنه يمكن حمل الرواية على أن السكر المذكور
فيها لم يكن بالغا الحد الذي زال معه العقل، ليصح مطابقتها للأصل ويتم العمل بها.
ومعنى الإفاقة هنا زوال السكر عنها (معه).
(3) الفقيه: 3، باب الولي والشهود والخطبة والصداق، حديث: 5.
(4) سنن الدارقطني: 3، كتاب النكاح، حديث: 11 و 21 و 22. ولفظ الحديث
(لا نكاح الا بولي وشاهدي عدل).
313

أمر " (1).
(150) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من تاقت نفسه إلى نكاح امرأة، فلينظر
منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها " (2).
(151) وروي انه عليه السلام قال لصحابي خطب امرأة. " انظر إلى وجهها
وكفيها " (3).
(152) وروى ابن مسكان، عن الحسن بن السري، عن أبي عبد الله عليه السلام:
(لا بأس بأن ينظر الرجل إلى امرأة أراد أن يتزوجها، ينظر إلى خلفها والى
وجهها) (4).
(153) وروى عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يريد
أن يتزوج المرأة، فيجوز أن ينظر إلى شعرها؟ قال: (نعم، إنما يريد أن يشتريها
بأغلى الثمن) (5).

(1) سنن النسائي، كتاب النكاح (استئمار الأب البكر في نفسها) ولفظ الحديث
(عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: " الثيب أحق بنفسها والبكر
يستأمرها أبوها واذنها صماتها ").
(2) سنن أبي داود: 2، كتاب النكاح، باب الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد
تزويجها، حديث: 2082، ولفظ الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
إذا خطب أحدكم المرأة فان استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل).
(3) سنن النسائي، كتاب النكاح (إباحة النظر قبل التزويج) ولفظ الحديث: (عن أبي
هريرة قال: خطب رجل من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله): هل
نظرت إليها؟ قال: لا، فأمره أن ينظر إليها) وفى آخره (قال: فانظر إليها فإنه أجدر أن
يؤدم بينكما).
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب النظر لمن أراد التزويج، حديث: 3.
(5) الفقيه: 3، باب ما أحل الله عز وجل من النكاح وما حرم منه، حديث: 24.
314

(154) وروى غياث بن إبراهيم عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام في
رجل نظر إلى محاسن امرأة يريد أن يتزوجها؟ قال: (لا بأس إنما هو مستام) (1).
(155) وروى محمد بن يعقوب مرفوعا إلى عبد الله بن الفضل عن أبيه عن
رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أينظر الرجل المرأة يريد تزويجها،
فينظر إلى شعرها ومحاسنها؟ قال: (لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا) (2).
(156) وروى إسماعيل بن همام عن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن
عليه السلام عن الرجل يقبل قبل المرأة؟ قال: (لا بأس) (3).
(157) وروى أبو حمزة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ينظر
إلى فرج امرأته وهو يجامعها؟ قال: (لا بأس) (4).
(158) وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل ينظر إلى
امرأته وهي عريانة؟ قال: (لا بأس، وهل اللذة الا ذلك) (5).
(159) وروى السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام قال: (لا بأس
أن ينظر إلى شعر أمه أو أخته أو ابنته) (6).
(160) وروى عبد الله بن أبي يعفور في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله

(1) التهذيب: 7، باب نظر الرجل إلى المرأة قبل أن يتزوجها وما يحل من ذلك
وما لا يحل، حديث: 2.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب النظر لمن أراد التزويج، حديث: 5.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر، حديث: 4.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر، حديث: 5.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر، حديث: 6.
(6) الفقيه: 3، باب النوادر، حديث: 44.
315

عليه السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها؟ قال: (لا بأس به) (1).
(161) وروى سدير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله
" محاش النساء على أمتي حرام ") (2).
(162) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام، قال: (لا بأس
بالعزل عن الأمة) (3).
(163) وروى أيضا عنه عليه السلام قال: سألته عن العزل عن الحرة؟ فقال: (ذلك
إلى الرجل يصرفه حيث شاء) (4).
(164) وروى بريد العجلي عن الباقر عليه السلام في رجل افتض جارية - يعني
امرأته - فأفضاها؟ قال: (عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين،
فان أمسكها ولم يطلقها فلا شئ عليه، وان دخل بها ولها تسع سنين فلا شئ
عليه ان شاء أمسك وان شاء طلق) (5).
(165) وروى ابن بابويه في كتابه يرفعه إلى حمزة بن حمران عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سئل عن رجل تزوج جارية لم تدرك فأفضاها؟ قال: (إن كان دخل
بها ولها تسع سنين فلا شئ عليه، وان كانت لم تبلغ تسع سنين سنين أو كان لها

(1) التهذيب: 7، باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء وآداب الخلوة
والجماع، حديث: 29 و 34.
(2) التهذيب: 7، باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء وآداب الخلوة
والجماع، حديث: 36. والحديث عن أبي جعفر عليه السلام.
(3) التهذيب: 7، باب السنة في عقود النكاح وزفاف النساء وآداب الخلوة
والجماع، حديث: 43. والحديث منقول بالمعنى.
(4) التهذيب: 7، باب السنة في عقود والنكاح وزفاف النساء وآداب الخلوة
والجماع، حديث: 41. وليس فيه كلمة (الحرة).
(5) الفروع: 7، كتاب الديات، باب ما تجب فيه الدية كاملة من الجراحات التي
دون النفس، وما يجب فيه نصف الدية والثلث والثلثان، حديث: 18.
316

أقل من ذلك فافتضها، فإنه قد أفسدها وعطلها على الأزواج، فعلى الامام أن
يغرمه ديتها، فان أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شئ عليه) (1).
(166) وروى عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الجارية
يريد أبوها أن يزوجها من رجل، ويريد جدها أن يزوجها من رجل آخر،
فقال: (الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا، إن لم يكن الأب زوجها قبله.
ويجوز عليها تزويج الأب والجد) (2).
(167) وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تزوج ذوات
الاباء من الابكار الا باذن أبيها) (3).
(168) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام: (يستأمرها كل أحد ما
عدا الأب) (4).
(169) وروى الفضل بن عبد الملك عن الصادق عليه السلام قال: (ان الجد إذا
زوج ابنة ابنه وكان أبوها حيا وكان الجد مرضيا، جاز) قلنا: وان هوى أبو
الجارية هوى، وهوى الجد هوى، وهما سواء في العدل والرضا؟ قال: (أحب
أن ترضى بقول الجد) (5) (6).

(1) الفقيه: 3، باب ما أحل الله عز وجل من النكاح وما حرم منه، حديث: 79.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الرجل يريد أن يتزوج ابنته ويريد أبوه
أن يزوجها رجلا آخر، حديث: 1.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها
ومن لا يجب عليه، حديث: 1.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها
ومن لا يجب عليه، قطعة من حديث: 2.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الرجل يريد أن يزوج ابنته ويريد أبوه أن
يزوجها رجلا آخر، حديث: 5.
(6) هذه الرواية دلت على ثلاثة أمور:
1 - ان ولاية الجد مشروط ببقاء الأب.
2 - اشتراط العدالة في ولاية الأب والجد.
3 - عدم انفرادهما بالولاية من دون اذن من عليها الولاية.
والى الشرط الأول ذهب الشيخ ومنع من ولاية الجد مع موت الأب اعتمادا على
هذه الرواية. وأما الشرط الثاني فالظاهر أن اشتراط العدالة هنا ليس في محل الضرورة
حتى يكون من الشرايط اللازمة كالعدالة في ولاية اليتيم، بل هي في محل الكمال،
فتحمل على الاستحباب والفضيلة. وأما الشرط الثالث فهو موافق للأصل مع بلوغ المرأة
إذ مع عدم بلوغها لا اعتبار برضاها وعدمه. لكن سند الرواية أصله ضعيف (معه).
317

(170) وروى الكناسي عن الباقر عليه السلام: (ان الغلام إذا زوجه أبوه ولم
يدرك، كان له الخيار إذا أدرك أو بلغ خمسة عشر سنة) (1).
(171) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن
الصبي يتزوج الصبية؟ قال: (إن كان أبواهما اللذان زوجاهما، فنعم جائز لكن
لهما الخيار إذا أدركا، فان رضيا بعد فالمهر على الأب) (2) (3).
(172) وروى منصور بن حازم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (تستأمر

(1) التهذيب: 7، باب عقد المرأة على نفسها النكاح وأولياء الصبية وأحقهم
بالعقد عليها، قطعة من حديث: 20.
(2) التهذيب: 7، باب عقد المرأة على نفسها النكاح وأولياء الصبية وأحقهم
بالعقد عليها، حديث: 19.
(3) أما رواية الكناسي فغير معلومة السند. وأما رواية محمد بن مسلم فهي وان
كانت صحيحة الطريق، لكن ظاهرها مخالف للأصل من حيث إن العقد الصادر عن الولي
الاجباري مقتضاه استقرار حكمه، فلا يكون متزلزلا قابلا للفسخ، لأنه صدر بولاية شرعية
فيقع صحيح في أصله، فلا يقبل الزوال، فيحمل الرواية على حمل الخيار في المهر، فإنه
إذا زوج الصبية بدون مهر المثل، أو زوج الصبي بأزيد من مهر المثل كان الاعتراض
في المهر دون أصل العقد، لان ذلك من الحقوق المالية يجب أن تصادف المصلحة،
فمع فقدها لا ينعقد فكان لهما الخيار فيه (معه).
318

البكر وغيرها، ولا تنكح الا بأمرها) (1) (2).
(173) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام. ان المرأة إذا كانت مالكة أمرها
تبيع وتشتري، وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت، فان أمرها بيدها جائز.
تتزوج ان شاءت بغير إذن وليها. فإن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها الا
بأمر وليها) (3) (4).
(174) وروى ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال: (لا تزوج ذوات الاباء
من الابكار الا باذن أبيها) (5) (6).
(175) وروى سعيد القماط عمن رواه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جارية
بكر بين أبويها تدعوني إلى نفسها سرا من أبويها أفعل ذلك؟ قال: (نعم،
واتق موضع الفرج) قال: قلت: وان رضيت بذلك؟ قال: (وان رضيت بذلك
فإنه عار على الابكار) (7) (8).

(1) التهذيب: 7، باب عقد المرأة على نفسها النكاح وأولياء الصبية وأحقهم
بالعقد عليها، حديث: 11.
(2) لا تعارض بين هذا الحديث وبين ما تقدمه، لان الأول محمول على غير البالغة
وهذا محمول على البالغة (معه).
(3) التهذيب: 7، باب عقد المرأة على نفسها النكاح وأولياء الصبية وأحقهم
بالعقد عليها، حديث: 6.
(4) هذه الرواية دالة على أن ولاية النكاح دائرة مع ولاية المال وجودا وعدما،
وهو المذهب المشهور بين الأصحاب (معه).
(5) تقدم آنفا تحت رقم (164).
(6) يمكن حمل هذه الرواية على غير البالغة حتى توافق ما تقدم (معه).
(7) التهذيب: 7، باب تفصيل أحكام النكاح، حديث: 21.
(8) هذه الرواية دالة على مثل ما تقدم من زوال الولاية مع البلوغ. وأمره
باتقاء الفرج يحل على الندب للتعليل المذكور فيها (معه).
319

(176) وروى صفوان في الموثق قال: استشار عبد الرحمان موسى بن
جعفر عليه السلام في تزويج ابنته لابن أخيه؟ فقال: (افعل ويكون ذلك برضاها، وان
لها في نفسها نصيبا) قال: واستشار خالد بن داود موسى بن جعفر عليه السلام في
تزويج ابنته علي بن جعفر؟ قال: (افعل، ويكون ذلك برضاها، فان لها في
نفسها حظا) (1).
(177) وروى مصدق بن صدقة عن عمار الساباطي قال: سألت أبا الحسن
عليه السلام عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها، يحل لها
أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها. تقول له: وكلتك فاشهد شهودا على تزويجي؟
قال: (لا) قلت له: جعلت فداك، وان كانت ايماءا؟ قال: (وان كانت ايماءا) قلت:
فان وكلت غيرها تزوجها منه؟ قال: (نعم) (2) (3).
(178) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " البكر تستأذن واذنها صماتها، والثيب
تعرب عن نفسها " (4).
(179) وروى داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام في رجل يريد أن يزوج

(1) التهذيب: 7، باب عقد المرأة على نفسها النكاح وأولياء الصبية وأحقهم
بالعقد عليها، حديث: 10.
(2) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان الثيب ولى نفسها، حديث: 5.
(3) هذه الرواية تدل على أن الوكيل لا يصح أن يزوجها من نفسه، سواء كان
باذنها أو بغير اذنها، بناءا على أنه ليس للواحد أن يتولى طرفي العقد. والرواية ضعيفة
السند ولكنها موافقة للأصل من حيث وجوب التعدد بالفعل في العقود، فالعمل بها أحوط
واختيار الأكثر الجواز (معه).
(4) سنن ابن ماجة: 1، كتاب النكاح (11) باب استئمار البكر والثيب، حديث:
1872 ولفظ الحديث: (الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها).
320

أخته؟ قال: (يؤامرها، فان سكتت فهو اقرارها) (1) (2).
(180) وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله. أنه قال: " لا تنكح الأيم حتى
تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. وان سكوتها اذنها " (3).
(181) وروى سيف بن عميرة عن علي بن المغيرة في الصحيح قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتمتع بأمة المرأة من غير اذنها؟ فقال:
(لا بأس) (4) (5).
(182) وروى وليد بياع الأسفاط، قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن
جارية كان لها اخوان زوجها الأكبر بالكوفة وزوجها الأصغر بأرض أخرى؟

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب استيمار البكر ومن يجب عليه استيمارها
ومن لا يجب عليه، حديث: 3.
(2) هذه الرواية محمولة على البكر لتوافق ما تقدم (معه).
(3) سنن ابن ماجة: 1، كتاب النكاح (11) باب استئمار البكر والثيب، حديث:
1871، ولفظ الحديث: (لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن واذنها
الصموت).
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب تزويج الإماء، حديث: 5.
(5) هذه الرواية لم يروها غيره، وهو مضطرب في روايتها فتارة يرويها بغير
واسطة وتارة يرويها بواسطة علي بن المغيرة. مع أنها مخالفة للأصل، من حيث أن
التصرف في ملك الغير بغير اذنه غير جائز قطعا، ومخالفة لعموم قوله: " فانكحوهن باذن
أهلهن " وهو عام في المرأة والرجل، فلا عمل عليها.
ويمكن الجواب عن اضطرابها بأنه قد رواها مرتين، مرة بلا واسطة، ومرة بواسطة
علي بن المغيرة، فيكون ذلك أبلغ في الرواية، لا اضطرابا. وأما مخالفة الأصل فعرفت
انه قد يخالف إذا قام الدليل الذي هو النص. وأما عموم الآية في تخصيصه بها، لجواز
تخصيص الكتاب بخبر الواحد. نعم اتباع المشهور أقوى وأخرى، وترك العمل بمضمونها
أحوط وأبرأ للذمة (معه).
321

قال: (الأول أحق بها إلا أن يكون الأخير قد دخل بها، فان دخل بها فهي
امرأته، ونكاحه جائز) (1) (2).
(183) وروي ان امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله ومعها طفل، فقالت: أيحج
بهذا يا رسول الله؟ قال: " نعم ولمن يحج به أجر " (3) (4).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب المرأة يزوجها وليان غير الأب والجد
كل واحد من رجل آخر، حديث: 2.
(2) حمل الشيخ هذه الرواية في كتابي الاخبار على أن الجارية جعلت أمرها إلى
أخويها معا. وجعل العقد الأكبر عملا بمضمون الرواية وان اتفق العقدان في حالة واحدة
إلا أن يسبق الدخول بعقد الأصغر فلا يصح فسخه، واستحسن العلامة في المختلف هذا
التأويل، قال: ولا أستبعد ذلك الجواز تخصيص الأكبر بمزيد فضيلة وقوة نظر واجتهاد
في معرفة الأصلح، قال: ولا يبعد أيضا أن يجعل لها الخيار في امضاء عقد أيهما، إذ
عقد كل واحد منهما قد قارن زوال ولايته، لأنها حالة عقد الاخر فيبطل اللزوم في كل
واحد منهما ويبقى كأنه فضولي. والمحقق قال: بان تقديم عقد الأكبر تحكم، أي قول
بغير دليل.
وقال الشيخ أبو العباس في مهذبه: ان الاستدلال بهذه الرواية ضعيف، لقصورها
عن إفادة المطلوب لان قوله: (الأول أحق بها) جاز أن يريد به صاحب العقد الأول، لا
الأول في السؤال والذكر، وجاز علمه عليه السلام بالأول، وحمل قوله: (أحق بها) على
سبيل الندب، وحملها على كونهما فضوليين أوضح، لأنه لم يتقدم في الخبر ذكر الوكالة
ولهذا كان الدخول مرجحا لكونه إجازة، ويبقى الحكم على عمومه في التعاقب والاقتران
والخبر محتمل لهما فإذا حملت على الفضوليين بقيت على مقتضاها، ويكون قوله: (الأول
أحق بها) مع عدم الدخول أي أولى على سبيل الأولوية والندبية، ومعناه يستحب لها
إجازة عقده إلا أن يكون الأخير قد دخل، فان اجازته حينئذ قد تقدمته ولا يستقيم ذلك
على تقدير الوكالة (معه).
(3) التهذيب: 5، كتاب الحج، باب وجوب الحج، حديث: 16.
(4) إنما ذكر هذا الحديث لان الشيخ استدل به على أن للأم ولاية الاحرام
بالطفل، وانه لا ولاية لها في غير ذلك. ويدل عليه الحديث الذي يليه، فإنه جعلها
كالفضولي إلا أنه أوجب المهر على الأم، وفيه اشكال من حيث أصالة براءة الذمة.
وحملها العلامة على دعوى الوكالة عنه، فقد فوتت البضع على الزوجة بدعوى
الاذن فيضمن عوضه، واعترض عليه بأن الرواية أعم ولا دلالة للعام على الخاص. وأيضا
فان البضع إنما يضمن بالتفويت لمباشرة الوطء، لا مطلق التفويت (معه).
322

(184) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام انه سأله عن رجل زوجته
أمه وهو غائب؟ قال: " النكاح جائز، ان شاء المتزوج قبل وان شاء ترك، فان ترك
المتزوج تزويجه، فالمهر لازم لامه " (1).
(185) وروى سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قلت
يا رسول الله هل لك في بنت عمك حمزة فإنها أجمل فتاة في قريش؟ فقال:
" أما علمت أن حمزة أخي من الرضاعة، وان الله تعالى حرم من الرضاعة ما
حرم من النسب " (2):
(186) وروى أبو عبيدة في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: " لا تنكح المرأة
على عمتها ولا على خالتها من الرضاع " (3).
(187) وروى علي بن مهزيار في الصحيح: (ان الرضاع المحرم ما وقع

(1) التهذيب: 7، باب المهور والأجور وما ينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد
حديث: 86.
(2) رواه في المهذب، كتاب النكاح، في مقام الاستدلال بأن نشر الحرمة في
الرضاع مستفاد من الكتاب والسنة والاجماع. ورواه في المستدرك، كتاب النكاح، باب
(1) من أبواب ما يحرم من الرضاع، حديث: 4 نقلا عن عوالي اللئالي. وفى الفروع:
5، كتاب النكاح، باب نوادر الرضاع، حديث: 11 مثله.
(3) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب نكاح المرأة على عمتها وخالتها،
حديث: 6.
323

عليه اسم رضعة، بأن يملأ بطن الصبي بالمص " (1) (2).
(188) وروى عن الصادق عليه السلام قال: " لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضع
حولين كاملين " (3).
(189) وروى العلاء بن رزين: (لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضع من
ثدي واحد سنة) (4) (5).
(190) وروى حماد بن عثمان في الموثق قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: (لا رضاع بعد فطام) قلت: جعلت فداك وما الفطام؟ قال: (الحولان

(1) بعد التتبع الشاق والجهد المضي لم نعثر على حديث بهذا المضمون، نعم
نقل العلامة قدس سره في المختلف عن ابن الجنيد: أن كل ما وقع اسم رضعة وهو ما
ملأت بطن الصبي أما بالمص أو بالوجور محرم، ثم قال بعد أسطر ما هذا لفظه: (احتج
ابن الجنيد بعموم الآية وما رواه علي بن مهزيار في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام
انه كتب إليه يسأله عن ما يحرم من الرضاع؟ فكتب: قليله وكثيره حرام)، لاحظ المختلف
2: 70 - 71، كتاب النكاح، في الرضاع.
(2) نفهم من هذه الرواية، الدلالة على معنى الرضعة، وانها لا بد أن يكون رضعة
كاملة حتى يصدق عليها اسم الرضعة عرفا، كما قال بأن يملأ بطن الصبي، ومعناه ريه
حتى يعاف من نفسه. وفهم منه أيضا أن الرضاع إنما يحرم إذا كان الصبي يباشر مص
اللبن من الثدي، فلو احتلب له في اناء، أو حلب من الثدي إلى فمه من غير مباشرة المص
لم يكن محرما، ولا يتوهم منها ان الرضعة وحدها مفيدة للتحريم، بل استفيد منها معنى
الرضعة واشتراط المص لا غير (معه).
(3) الفقيه: 3، باب الرضاع، حديث: 15.
(4) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، أبواب الرضاع، باب مقدار ما يحرم من
الرضاع، حديث: 23.
(5) هذه الرواية مرسلة فلا اعتماد على القدر المذكور فيها (معه).
لا يخفى ان الرواية في الاستبصار عن أبي عبد الله عليه السلام فعلى هذا لا تكون
مرسلة، فالأحسن فيها ما عن الشيخ قدس سره من أن هذا خبر شاذ متروك العمل به بالاجماع.
324

اللذان قال الله عز وجل) (1) (2).
(191) وروى داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام قال: (الرضاع بعد حولين
قبل أن يفطم يحرم) (3).
(192) وروى الفضل بن عبد الملك عن الصادق عليه السلام قال: (الرضاع قبل
الحولين قبل أن يفطم) (4) (5).
(193) وروى داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام قال: (الرضاع بعد
الحولين قبل أن يفطم، يحرم) (6).
(194) وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن غلام
لي وثب على جارية فأحبلها فولدت واحتجنا إلى لبنها، فإذا أحللت لهما ما
صنعا أيطيب لبنها؟ قال: (نعم) (7) (8).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب انه لا رضاع بعد فطام، حديث: 3.
(2) هذه الرواية دلت على أن الرضاع إنما يحرم إذا كان المرتضع في
الحولين، أما لو ارتضع بعدهما لم يؤثر شيئا (معه).
(3) الفقيه: 3، باب الرضاع، حديث: 7.
(4) الوسائل: 14، كتاب النكاح، باب (5) من أبواب ما يحرم بالرضاع،
حديث: 4.
(5) هذه الرواية موافقة لرواية حماد الموثقة، فلا يصلح الرواية التي بعدها
لمعارضتها، اما أولا فللترجيح بالكثرة. واما ثانيا فلأنها غير مشهورة فلا تكون معارضة
لما هو المشهور، وأما ثالثا فلموافقتها لمذهب العامة فجار حملها على التقية (معه).
(6) الفقيه: 3، باب الرضاع، حديث: 7.
(7) التهذيب: 8، باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع وحكمهم بعده
وهم أطفال، حديث: 18.
(8) هذه الرواية تفرد الشيخ بالعمل بها، وقال: ان الكراهية تزول بتحليل
المولى ما فعل أولا، وأطرحها الباقون لمخالفتها للأصل، من حيث أن التحليل المتأخر
عن الزنا لا يؤثر في كونه غير زنا حتى يخرج عن مقتضاه، فوجوده كعدمه (معه).
325

(195) وروى أيوب بن نوح في الصحيح قال: كتب علي بن شعيب إلى
أبي الحسن عليه السلام، امرأة أرضعت بعض ولدي، هل يجوز لي أن أتزوج بعض
ولدها؟ فكتب: (لا يجوز ذلك لان ولدها صارت بمنزلة ولدك) (1) (2).
(196) وروى علي بن مهزيار في الصحيح قال: سأل عيسى بن جعفر، بن
عيسى أبا جعفر الثاني عليه السلام عن امرأة أرضعت لي صبيا هل يحل لي أن أتزوج
بنت زوجها؟ فقال لي: (ما أجود ما سألت، من هنا يؤتى أن يقول الناس حرمت
عليه امرأته من قبل لبن الفحل، هذا هو لبن الفحل لا غيره) فقلت: ان الجارية
ليست بنت المرأة التي أرضعت لي، هي بنت غيرها؟ فقال: (لو كن عشرا
متفرقات ما حل لك شئ منهن، وكن في موضع بناتك) (3) (4).
(197) وروى ابن مهزيار عن أبي جعفر عليه السلام قال: قيل له: ان رجلا تزوج

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان اللبن للفحل، حديث: 9.
(2) هذا التعليل صيرورة ولدها اخوة أولاده، فتنشر الحرمة، لان اخوة الأولاد
بمنزلة الأولاد، وبهذا أفتى الشيخ. وقال ابن إدريس بعدم التحريم: واليه ذهب
جماعة من الأصحاب، لان أخ الأخ إذا لم يكن أخا يحل من النسب، فأولى في الرضاع
لأنه فرع على النسب فإذا لم يتحقق التحريم في الأصل، كان في الفرع أولى، لكن
الرواية من الصحاح، ونص في الباب فلا تعارضها بالاجتهاد، فالعمل بالرواية أقوى (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب صفة لبن الفحل، حديث: 8.
(4) حكم في هذه الرواية بتحريم أخت الابن من الرضاع وجعلها في منزلة
البنت، والبنت تحرم بالنسب فكذا من ينزل منزلتها. وقال العلامة في المختلف: لولا
هذه الرواية لقلت بقول الشيخ، فإنه يقول: بعدم التحريم، لان أم أم الولد من النسب
إنما حرمت بالمصاهرة لا بالنسب، والحديث إنما دل على التحريم بالنسب لا بالمصاهرة
ثم قال العلامة: وقول الشيخ قوى، إلا أن الرواية أقوى، لأنه لا ريب ان أخت أخت
البنت إنما تحرم بالنسب لو كانت بنتا، وبالسبب لو كانت بنت الزوجة، فالتحريم هنا
باعتبار المصاهرة، وجعل الإمام عليه السلام الرضاع كالنسب في ذلك (معه).
326

بجارية صغيرة فأرضعتها امرأته ثم أرضعتها امرأته الأخرى؟ فقال عليه السلام: (حرمت
عليه الجارية وامرأته التي أرضعتها أولا، أما الأخيرة لم تحرم عليه) (1) (2).
(198) وروى إسحاق بن عمار عن الباقر عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول:
(الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد دخلتم بهن، من في الحجور
وغير الحجور سواء والأمهات مبهمات دخل بالبنات أولم يدخل بهن فحرموا
وأبهموا ما أبهم الله) (3).
(199) وروى جميل بن دراج وحماد بن عثمان في الصحيح عن الصادق
عليه السلام قال: (الأم والبنت سواء إذا لم يدخل بها. يعنى إذا تزوج المرأة
ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فإنه إن شاء تزوج بأمها وان شاء ابنتها) (4).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر في الرضاع، حديث: 13.
(2) هذه الرواية عمل بمضمونها الشيخ، ووجهها ان ارضاع الثانية إنما وقع
بعد تحريم المرضعة وانفساخ عقدها وصيرورتها بنتا، فالمرضعة الثانية صارت أم بنته،
وأم البنت لا تحرم، لكن قد ضعف سند الرواية، أما لو كان السند صحيحا لكانت نصا في الباب
فلما ضعف السند وجب الرجوع إلى الأصل. وهو ان الارضاع وقع على من كانت زوجته
وأم الزوجة محرمة. ولان النسب تحرم سابقا ولا حقا، فيجب أن يكون الرضاع كذلك
عملا بالمشابهة. وأيضا فان صدق المشتق لا يشترط فيه بقاء المشتق منه، كما هو مقرر في
الأصول، ومع ذلك يصدق انها أم امرأته، فيدخل في عموم " أمهات نسائكم " (معه).
(3) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع
الاسلام، حديث: 1.
(4) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام
حديث: 4.
327

(200) وروى منصور بن حازم في الصحيح مثله سواء (1) (2).
(201) وروى علي بن جعفر قال: سألت أخي موسى عليه السلام عن الرجل
يتزوج المرأة على عمتها أو خالتها؟ قال: (لا بأس، لان الله عز وجل قال: (وأحل
لكم ما وراء ذلكم) (3)) (4).
(202) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: (لا تزوج
ابنة الأخت على خالتها الا باذنها، وتتزوج الخالة على ابنة الأخت بغير
اذنها) (9).
(203) وروى أبو الصباح الكناني وأبو عبيدة الحذاء عن الصادق عليه السلام:
(لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها) (5) (6).
(204) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام (لا تتزوج الخالة والعمة على

(1) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام
حديث: 5.
(2) رجحت الرواية الأولى على الصحيحتين بكثرة القائل بها وشهرتها بين
المتأخرين، وان كانت محتملة للوجهين (معه).
(3) سورة النساء: 24.
(4) الوسائل: 14، كتاب النكاح، باب (30) من أبواب ما يحرم بالمصاهرة
ونحوها، حديث: 11. نقلا عن المختلف. وفى المختلف 2: 79، كتاب النكاح،
مسألة تحريم نكاح بنت الأخ والأخت على نكاح العمة والخالة الا برضاهما، فلا حظ.
(5) التهذيب: 7، باب نكاح المرأة وعمتها وخالتها وما يحرم من ذلك ومالا يحرم
حديث: 2.
(6) التهذيب: 7، باب نكاح المرأة وعمتها وخالتها وما يحرم من ذلك وما لا يحرم
حديث: 6.
(7) وجه الجمع بين هذه الروايات ان بعضها مطلقة وبعضها مقيدة، فيحمل
المطلق على المقيد فينتفى التعارض (معه).
328

ابنة الأخت وابنة الأخ بغير اذنهما) (1).
(205) وروى أبو بصير قال: سألته عن رجل فجر بامرأة، ثم أراد بعد
أن يتزوجها؟ فقال: (إذا تابت حل له نكاحها) قلت: كيف تعرف توبتها؟ قال:
(يدعوها إلى ما كان عليه من الحرام، فان امتنعت واستغفرت ربها، عرفت
توبتها) (2).
(206) وروى عمار مثله سواء (3).
(207) وروى الحلبي في الصحيح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (أيما رجل
فجر بامرأة حراما، ثم بدا له أن يتزوجها حلالا؟ قال: (أوله سفاح وآخره نكاح
ومثله مثل النخلة أصاب الرجل من تمرها حراما، ثم اشتراها بعد فكان له حلالا) (4).
(208) وروى أبو بصير عنه عليه السلام مثله سواء (5) (6).

(1) قال في المقنع، باب بدو النكاح: 110 ما هذا لفظه (ولا تنكح امرأة على
عمتها ولا على خالتها. ولا على ابنة أختها ولا على ابنة أخيها الخ) وقال في المهذب،
في المحرمات بالمصاهرة من كتاب النكاح ما هذا لفظه: (السابع: المشهور جواز العكس
أي ادخال العمة والخالة على بنت أخيها وأختها، وساوى الصدوق في المقنع بينهما في
التحريم، ومستنده رواية محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام الخ) ثم نقل الرواية كما
في المتن. فتأمل.
(2) التهذيب: 7، باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها أو
يفجر بأمها أو ابنتها قبل أن ينكحها أو بعد ذلك والمرأة تفجر وهي في حبال زوجها هل
يحرمها ذلك عليه أم لا، حديث: 6.
(3) المصدر السابق حديث: 7.
(4) المصدر السابق، حديث: 3.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها، حديث: 3.
(6) العمل على هاتين الروايتين الأخيرتين، لاعتضادهما بعموم حديث النبي صلى
الله عليه وآله الذي يليهما. ويحمل الروايتان الأولتان اللتان فيهما قيد التوبة على
الاستحباب. ولان الرواية الأولى منهما والثانية ضعيفة السند (معه).
329

(209) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (لا يحرم الحرام الحلال) (1).
(210) وروى عباد بن صهيب عن الصادق عليه السلام قال: (لا بأس أن يمسك
الرجل امرأته إذا رآها تزني ولم يقم عليه الحد، فليس عليه من إثمها شئ) (2).
(211) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه سأله رجل فقال: يا رسول الله ما ترى في
امرأة عندي، ما ترد يد لامس؟ قال: " طلقها "، قال: اني أحبها؟ قال: " فامسكها
إن شئت " (3).
(212) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن
رجل يفجر بالمرأة أيتزوج ابنتها؟ قال: (لا، ولكن ان كانت عنده امرأة ثم فجر
بأمها أو أختها لم تحرم عليه الذي عنده) (4).
(213) وروى عيص بن القاسم ومنصور بن حازم في الصحيح عنه عليه السلام
مثله سواء (5).
(214) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " (6)

(1) سنن ابن ماجة: 1، كتاب النكاح: (63) باب لا يحرم الحرام الحلال،
حديث: 2015. وفى التهذيب: 7، باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له
في نكاحها، حديث: 9، ولفظه (ان الحرام لا يحرم الحلال).
(2) التهذيب: 7، باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها،
حديث: 20.
(3) سنن النسائي: 6، كتاب النكاح (تزويج الزانية).
(4) التهذيب: 7، باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها،
أو يفجر بأمها أو ابنتها قبل أن ينكحها، حديث: 10.
(5) التهذيب: 7، باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها،
أو يفجر بأمها أو ابنتها قبل أن ينكحها، حديث: 14 و 15.
(6) مسند أحمد بن حنبل 3: 153. ورواه في الوسائل: 18، كتاب القضاء،
باب (12) من أبواب صفات القاضي، حديث: 38 نقلا عن الفضل بن الحسن الطبرسي
في تفسيره الصغير. وحديث: 56 نقلا عن محمد مكي الشهيد في الذكرى.
330

(215) وروى هاشم بن المثنى قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل
عليه رجل فسأله عن الرجل يأتي المرأة حراما، أيتزوجها؟ قال: (نعم، وأمها
وبنتها) (1).
(216) وروى حيان بن سدير مثله سواء (2) (3).
(217) وروى منصور بن حازم في الصحيح عن الصادق عليه السلام في رجل كان
بنيه وبين امرأة فجورا، هل يتزوج ابنتها؟ قال: (إن كان قبلة أو شبهها، فليتزوج
ابنتها، وإن كان جماعا فلا يتزوج ابنتها، وليتزوجها هي) (4).
(218) وروى محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه السلام وقد سأله عن الرجل

(1) التهذيب: 7، باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها أو
يفجر بأمها أو ابنتها قبل أن ينكحها، حديث: 1.
(2) التهذيب: 7، باب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها أو
يفجر بأمها أو ابنتها قبل أن ينكحها، حديث: 9.
(3) دلت الروايتان الأولتان على تحريم الأم المزني بها وبنتها إذا كان الزنا
سابقا على العقد، أما لو سبق العقد فلا تحريم، كما هو منطوق الرواية ويعضد ذلك الحديث
النبوي صلى الله عليه وآله لما فيه من الاحتياط.
والروايتان الأخيرتان دلتا على عدم التحريم سواء كان الزنا سابقا أو لاحقا أخذا
بعمومهما. ودلت صحيحة منصور على تفصيل ذلك الفجور بأنه لا يحرم الا إذا كان بمعنى
الوطء، أما ما دونه فلا يحرم، فيمكن حمل الروايتين الأخيرتين على هذا التفصيل، بأن
يكون الزنا المذكور فيهما هو الوطء ويتم العمل بالجميع (معه).
(4) التهذيب: 7، باب الزيادات في فقه النكاح، حديث: 98 بتفاوت يسير
في بعض الألفاظ.
331

يكون له الجارية يقبلها، هل تحل لولده؟ فقال: (بشهوة؟) قلت: نعم، فقال:
(ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة - ثم قال ابتداءا منه -: ان جردها فنظر إليها بشهوة
حرمت على ابنه وأبيه) قلت إذا نظر إلى جسدها؟ فقال: (إذا نظر إلى فرجها
وجسدها بشهوة حرمت عليه) (1).
(219) وروى محمد بن مسلم في الصادق عليه السلام مثله (2).
(220) وروى علي بن يقطين في الموثق عن العبد الصالح عليه السلام في الرجل
يقبل الجارية ويباشرها من غير جماع داخل أو خارج، أتحل لابنه وأبيه؟ قال:
(لا بأس) (3) (4).
(221) وروى عيص بن القاسم في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل باشر امرأة وقبل غير أنه لم يفض إليها، ثم تزوج ابنتها؟ قال: (إن لم
يكن أفضى إليها فلا بأس، وإن كان وأفضى فلا يتزوج) (5) (6).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يحرم على الرجل مما نكح ابنه وأبوه
وما يحل له، حديث: 2.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يحرم على الرجل مما نكح ابنه وأبوه
وما يحل له، حديث: 5 و 6.
(3) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرح الاسلام
حديث: 35. والحديث عن أبي عبد الله عليه السلام، ولفظه (عن الرجل تكون له الجارية
أفتحل لابنه؟ قال: (ما لم يكن جماعا أو مباشرة كالجماع، فلا بأس).
(4) هذه الموثقة لا تعارض الصحيحة، لان العمل على الصحيحة أقوى وأرجح
(معه).
(5) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام
حديث: 22، وباب القول في الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في نكاحها، أو يفجر
بأمها أو ابنتها قبل أن ينكحها، حديث: 14.
(6) هذه الصحيحة لا تعارض ما تقدمها من الروايات، لاختصاصها بالعقد، ومعلوم
ان الأم المعقود عليها لا تحرم بنتها بمجرد النظر إليها بعد العقد، بل تحرم بالدخول
الذي هو الوطء (معه).
332

(222) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج
امرأة وابنتها " (1).
(223) وقال صلى الله عليه وآله: " من كشف قناع امرأة حرم عليه ابنتها وأمها " (2) (3).
(224) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته
عن رجل تزوج امرأة، فنظر إلى رأسها والى بعض جسدها، أيتزوج ابنتها؟
قال: (لا، إذا أتى منها ما يحرم على غيره فليس له أن يتزوج ابنتها) (4) (5).
(225) وروى الحلبي موثقا عن الصادق عليه السلام عن رجل كانت
عنده أختان مملو كتان، فوطئ إحداهما ثم وطئ الأخرى؟ قال: (إذا وطئ
الأخرى فقد حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى) قلت: أرأيت أن باعها
أتحل له الأولى؟ قال: (إن كان يبيعها لحاجة ولا يخطر على قلبه من الأخرى
شئ فلا أري بذلك بأسا، وإن كان إنما يبيعها ليرجع إلى الأولى فلا ولا
كرامة) (6).

(1) كنز العمال 16: 517. حرف النون من قسم الأفعال، كتاب النكاح،
محرمات النكاح، حديث: 45705.
(2) الخلاف، كتاب النكاح، مسألة: 82.
(3) المراد بكشف القناع هو الوطء، لتوافق ما تقدم من العموم (معه).
(4) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع
الاسلام، حديث: 23.
(5) وهذه أيضا لا تعارض ما تقدم من أن البنت لا تحرم الا بوطء الأم (معه).
(6) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام
حديث: 53.
333

(226) وروى أبو الصباح الكناني وعلي بن أبي حمزة مثل ذلك (1).
(227) وروى الحلبي عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: الرجل يشترى
الأختين، فيطأ إحداهما ثم يطأ الأخرى بجهالة؟ قال: (إذا وطأ الأخيرة
بجهالة لم تحرم عليه الأولى. وان وطئ الأخيرة وهو يعلم أنها حرام، حرمتا
عليه جميعا) (2).
(228) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (يتزوج الحرة على
الأمة ولا يزوج الأمة على الحرة، ومن تزوج أمة على حرة فنكاحه باطل) (3).
(229) وروى محمد بن مسلم قال، سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يتزوج
المملوكة؟ قال: (إذا اضطر إليها فلا بأس) (4) (5).
(230) وروى حذيفة بن منصور قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
تزوج أمة على حرة، لم يستأذنها؟ قال: (يفرق بينهما) قلت: عليه أدب؟ قال:
(نعم، اثنى عشر سوطا، ونصف ثمن حد الزاني وهو صاغر) (6).

(1) التهذيب: 7، باب من أحل الله نكاحه من النساء وحرم منهن في شرع الاسلام
حديث: 52 و 54.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الجمع بين الأختين من الحرائر والإماء،
حديث: 14.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الحر يتزوج الأمة، حديث: 2.
(4) التهذيب: 7، باب العقود على الإماء وما يحل من النكاح بملك اليمين،
حديث: 2.
(5) المراد بالاضطرار هنا عدم الطول أو خوف العنت. والمراد بالطول مهر
الحرة والمراد بالعنت المشقة من ترك النكاح لخوف الوقوع في الزنا (معه).
(6) التهذيب: 7، باب العقود على الإماء وما يحل من النكاح بملك اليمين،
حديث: 42.
334

(231) وروى سماعة عن الصادق عليه السلام سئل عن رجل تزوج أمة على حرة؟
فقال: (ان شاءت الحرة أن تقيم مع الأمة أقامت. وإن شاءت ذهبت إلى أهلها) (1).
(232) وروى أبو عبيدة في الصحيح عن الباقر عليه السلام في رجل تزوج حرة
وأمتين مملوكتين في عقد واحد؟ قال: (أما الحرة فنكاحها جائز، فإن كان قد
سمى لها مهرا فهو لها. وأما المملوكتان فان نكاحهما في عقد مع الحرة باطل
يفرق بينه وبينهما) (2).
(233) وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة فقدت زوجها أو نعي
إليها، فتزوجت، ثم قدم زوجها بعد ذلك، فطلقها؟ قال: (تعتد منهما جميعا
ثلاثة أشهر عدة واحدة، وليس للأخير أن يتزوجها أبدا) (3).
(234) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " المتلاعنان لا يجتمعان أبدا " (4).
(235) وروى جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام في رجل تزوج خمسا في
عقدة واحدة؟ قال: (يخلي سبيل أيتهن شاء، ويملك الأربع) (5).
(236) وروى جميل أيضا عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام في رجل
تزوج أختين في عقدة واحدة؟ قال: (هو بالخيار أن يمسك أيتهما شاء، ويخلي

(1) التهذيب: 7، باب العقود على الإماء وما يحل من النكاح بملك اليمين قطعة
من حديث: 43.
(2) التهذيب: 7، باب العقود على الإماء وما يحل من النكاح بملك اليمين،
حديث: 45.
(3) التهذيب: 7، باب من يحرم نكاحهن بالأسباب دون الأنساب، حديث: 37.
(4) كنوز الحقائق للمناوي على هامش الجامع الصغير 2: 125، نقلا عن الديلمي.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الذي عنده أربع نسوة فيطلق واحدة ويتزوج
قبل انقضاء عدتها أو يتزوج خمس نسوة في عقدة، حديث: 5.
335

سبيل الأخرى) (1) (2).
(237) وروى أبو بكر الحضرمي في الصحيح قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام
رجل نكح امرأة، ثم أتى أرضا فنكح أختها وهو لا يعلم؟ قال: (يمسك أيتهما
شاء ويخلي سبيل الأخرى) (3) (4).
(238) وروى أبو مريم الأنصاري عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن طعامهم
ونكاحهم؟ - يعني أهل الكتاب - فقال: (نعم، كانت تحت طلحة يهودية) (5) (6).
(239) وروى محمد بن مسلم في الحسن عن الباقر عليه السلام قال: (لا ينبغي
للمسلم أن يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد حرة مسلمة أو أمة) (7).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الجمع بين الأختين من الحرائر والإماء،
حديث: 3.
(2) وهاتان الروايتان مخالفتان للأصل وبمضمونها عمل الشيخ وجماعة، واختار
ابن إدريس البطلان، أخذا بالأصل إذ لا ترجيح لأحدهما حالة العقد فكذا بعده،
فيتدافعان فيبطلان معا وهذا هو الأقوى (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الجمع بين الأختين من الحرائر والإماء،
حديث: 2.
(4) هذه الرواية مخالفة للأصل، من حيث إن العقد الأول سابق، فيبطل العقد
اللاحق. الا انها لما كانت صحيحة الطريق، حملوها على التأويل وان بعد، فقالوا:
معنى قوله: (يمسك أيتهما شاء) أي يمسك بالعقد السابق، ويمسك الثانية ان شاء، بأن
يطلق الأولى ويستأنف العقد على الثانية، فتوافق الأصل حينئذ (معه).
(5) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الكوافر من سائر أصناف
الكفار، حديث: 4.
(6) هذه الرواية ضعيفة الطريق مضطربة الجواب فلا عمل عليها (معه).
(7) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الكوافر من سائر أصناف
الكفار، حديث: 8.
336

(240) وروى أبان بن عثمان عن زرارة قال: سمعته يقول: (لا بأس أن يتزوج
اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة) (1) (2).
(241) وقال النبي صلى الله عليه وآله في حق المجوس: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " (3).
(242) وروى جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام أنه قال
في اليهودي والنصراني والمجوسي: (إذا أسلمت امرأته قبله ولم يسلم، قال:
هما على نكاحهما، ولا يفرق بينهما ولا يترك يخرج بها من بلاد الاسلام إلى
الهجرة) (4).
(243) وروى البزنطي صحيحا قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون
له الزوجة النصرانية، فتسلم، هل يحل أن تقيم معه؟ قال: (إذا أسلمت لم تحل

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الكوافر من سائر أصناف
الكفار، حديث: 10.
(2) تعارض الأصل والقرآن والحديث في هذا الباب، وإذا أريد الجمع حمل
المواضع الدالة على المنع على حال الاختيار، والمواضع الدالة على الجواز على حال
الضرورة، ثم مع الضرورة تحمل على أقل مراتب النكاح مع الامكان، ومع التعذر
فالأعلى منه بمرتبة ثم الأعلى. فيقدم التسري ثم المنقطع ثم الدائم، لأنه حينئذ بكون
من باب الرخصة فوجب الاقتصار منها على الأقل فالأقل، لان به يندفع الضرورة المسوغة
لاستعمال الرخصة (معه).
(3) الموطأ: 1، كتاب الزكاة (24) باب جزية أهل الكتاب والمجوس،
حديث: 42، ولفظ الحديث (عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه، ان عمر بن الخطاب
ذكر المجوس، فقال: ما أدرى كيف أصنع في أمرهم، فقال عبد الرحمان بن عوف: أشهد
لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول " سنوا بهم سنة أهل الكتاب).
ورواه في التذكرة، كتاب النكاح في الصنف الثالث من الفصل الخامس في المحرمات.
(4) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب الرجل والمرأة إذا كانا ذميين فتسلم
المرأة دون الرجل، حديث: 1.
337

له) قلت: جعلت فداك فان الزوج أسلم بعد ذلك أيكون على النكاح؟ قال: (لا
الا بتزويج جديد) (1) (2).
(244) وروى عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل أذن
لعبده في تزويج امرأة، فتزوجها ثم إن العبد أبق من مواليه، فجاءت امرأة العبد
تطلب نفقتها من مولى العبد؟ فقال: (ليس لها على مولاه نفقة، وقد بانت
عصمتها منه، فان أباق العبد طلاق امرأته، وهو بمنزلة المرتد عن الاسلام) قلت:
فان رجع إلى مواليه ترجع إليه امرأته؟ قال: (إن كان قد انقضت عدتها منه، ثم
تزوجت غيره فلا سبيل له عليها، وإن لم تتزوج ولم تنقض عدتها فهي امرأته
على النكاح الأول) (3) (4).
(245) وروى محمد بن الفضيل الهاشمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (الكفؤ
أن يكون عفيفا ويكون عنده يسار) (5) (6).
(246) وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: (ولا يتزوج المستضعف

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب الرجل والمرأة إذا كانا ذميين فتسلم
المرأة دون الرجل، حديث: 2.
(2) الرواية الأولى مرسلة والثانية صحيحة، فلا يصلح لمعارضتها، فالعمل على
الرواية الثانية (معه).
(3) الفقيه: 3، باب أحكام المماليك والإماء، حديث: 16.
(4) هذا الراوي الذي هو عمار، فطحي فلا عمل بما ينفرد به، فسندها ضعيف (معه).
(5) التهذيب: 7، باب الكفاءة في النكاح، حديث: 3.
(6) العفيف بمعنى عدم التظاهر بالفسق. واليسار القدرة على النفقة، سواء كان
بالفعل أو بالقوة (معه).
338

مؤمنة) (1) (2).
(247) وروى محمد بن الفضيل عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(الكفؤ أن يكون عفيفا وعنده يسار) (3).
(248) وروى زرارة عنه عليه السلام قال: (العارفة لا توضع الا عند عارف) (4).
(249) وسئل الصادق عليه السلام عن امرأة مؤمنة عارفة وليس بالموضع أحد
على دينها، هل تتزوج منهم؟ قال: (لا تتزوج الا من كان على دينها، وأنتم فلا بأس
أن تتزوج الرجل منكم المستضعفة البلهاء. وأما الناصبية بنت الناصبية فلا،
ولا كرامة) (5) (6).
(250) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه " (7).
(251) وسأله صلى الله عليه وآله رجل فقال: فمن نزوج؟ قال: " الأكفاء " قال يا رسول الله

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب مناكحة النصاب والشكاك، قطعة من
حديث: 8.
(2) هذا الحديث فيه زيادة على معنى الكفؤ المذكور، وهو أن يكون موصوفا بالايمان
بالنسبة إلى المؤمنة، والنهى للتحريم، فبطريق الأولى في العارفة بالنسبة إلى المخالفين
(معه).
(3) التهذيب: 7، باب الكفاءة في النكاح، حديث: 1.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب مناكحة النصاب والشكاك، قطعة من حديث:
11، والحديث عن الفضيل بن يسار.
(5) المستدرك، كتاب النكاح، باب (9) من أبواب ما يحرم بالكفر، حديث: 8.
نقلا عن دعائم الاسلام.
(6) هذه الأحاديث دالة على أن غير المؤمن لا يصح أن يتزوج بالمؤمنة، سواء
كان عارفا أو مستضعفا. وأما المؤمن فلا يجوز أن يتزوج الناصبية. وأما المستضعفة فلا
بأس ولكنه مكروه (معه).
(7) لم نعثر على هذا الحديث بدون قوله: (الا تفعلوه) الخ.
339

من الأكفاء؟ قال: " المؤمنون بعضهم أكفاء بعض " (1).
(252) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه
فزوجوه، ألا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " (2) (3).
(253) وروى ربعي والفضيل بن يسار جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(ان أنفق عليها ما يقيم حياتها مع كسوة والا فرق بينهما) (4) (5).
(254) وروى محمد بن يعقوب في كتابه مرفوعا إلى علي بن مهزيار
قال: كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر عليه السلام في أمر بناته، وانه لا يجد أحدا
مثله؟ فكتب إليه أبو جعفر عليه السلام: (فهمت ما ذكرت في أمر بناتك وانك لا تجد
أحدا مثلك، فلا تنظر في ذلك رحمك الله، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " إذا جاءكم
من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، ألا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " (6).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يستحب من تزويج النساء عند بلوغهن
وتحصينهن بالأزواج، حديث: 2، ورواه العلامة قدس سره في التذكرة، كتاب النكاح
في البحث السابع في الكفاءة: 603.
(2) سنن ابن ماجة: 1، كتاب النكاح، (46) باب الأكفاء، حديث: 1967.
(3) وهذه الأحاديث الثلاثة دالة على وجوب تزويج الكفؤ مع الطلب، ولا يجوز
منعه، فان منعه الولي أو المرأة كان عاصيا (معه).
(4) الفقيه: 3، باب حق المرأة على الزوج، حديث: 6، وفيه (ما يقيم ظهرها).
(5) إنما ذكر هذه الرواية هنا، لان بعض الأصحاب استدل بها على أنه إذا تجدد
العجز للزوج من النفقة، كان للمرأة التسلط على الفسخ دفعا لضرر الحاصل لها بعدم حصول
المؤنة مع حاجتها إليها، واعتضد بهذه الرواية، فإنه شرط فيها النفقة والكسوة، فان
حصل من الزوج ذلك، والا وجب التفريق بينهما، وكثير من الأصحاب يمنع ذلك، بل
المشهور عدمه تمسكا بالعقد، وعموم قوله: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة
وضعفوا سند الرواية وهو الأشهر (معه).
(6) الفروع: 5، كتاب النكاح (باب آخر منه) من أبواب ان المؤمن كفو المؤمنة
حديث: 2.
340

(255) وروى علي بن حكم عن أبان عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال
(الكفؤ أن يكون عفيفا وعنده يسار) (1).
(256) وقال الصادق عليه السلام: (ان رسول الله صلى الله عليه وآله زوج المقداد بن الأسود
ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب. وكان الزبير أخا عبد الله لأبيه وأمه) (2).
(257) وقال الصادق عليه السلام: (من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع
رحمها) (3).
(258) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (شارب الخمر لا يزوج إذا خطب) (4).
(259) وروى زرارة بن أعين عن الصادق عليه السلام قال: (تزوجوا في الشاكين،
ولا تزوجوهم. فان المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه) (5).
(260) وروى محمد بن يعقوب مرفوعا إلى الفضيل بن يسار قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام ان لامرأتي أختا عارفة على رأينا، وليس على رأينا بالبصرة
الا أناس قليل، أفأزوجها ممن لا يرى رأيها؟ قال: (لا، ولا نعم، ان الله عز وجل
يقول: (لا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) (6)) (7).
(261) وروى جميل بن دراج عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني
أخشى أن لا يحل لي أن أتزوج ممن لم يكن على أمري؟ فقال: (ما يمنعك من البله من

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الكفؤ، حديث: 1.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب آخر منه، من أبواب ان المؤمن كفو المؤمن
قطعة من حديث: 1.
(3) الفروع: 5: كتاب النكاح، باب كراهية أن ينكح شارب الخمر، حديث: 1.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب كراهية أن ينكح شارب الخمر، حديث: 2.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب مناكحة النصاب والشكاك، حديث: 5.
(6) الممتحنة: 10.
(7) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب مناكحة النصاب والشكاك، حديث: 6.
341

النساء؟) قلت: وما البله؟ قال: (هن المستضعفات اللاتي لا ينصبن ولا يعرفن
ما أنتم عليه) (1).
(262) وروى الحلبي في الصحيح في رجل يتزوج المرأة فيقول: انا من
بني فلان، ولا يكون كذلك؟ قال: (تفسخ النكاح، أو قال: ترد) (2) (3).
(263) وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته
عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها انها قد كانت زنت؟ قال: (ان شاء
زوجها أخذ الصداق ممن زوجها، ولها الصداق بما استحل من فرجها، وان
شاء تركها) (4).
(264) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (يرد النكاح من
البرص والجذام والجنون والعقل) (5).
(265) وروى رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السلام انه سأله عن المحدود
والمحدودة، هل ترد من النكاح؟ قال: (لا) (6) (7).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب مناكحة النصاب والشكاك، حديث: 7.
(2) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، قطعة من
حديث: 35.
(3) وإنما يصح الفسخ ان شرط ذلك في نفس العقد، والا فالرواية محمولة على هذا
المعنى (معه).
(4) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 9.
(5) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 4.
(6) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 8.
(7) الرواية الأولى دلت على أن الزنا السابق على العقد مع جهل الزوج به
عيب يثبت به الخيار. والحديثان الأخيران يعارضانه، فان حديث الحلبي فيه حصر
العيوب فيما ذكر، فلا يكون الزنا داخلا فيها.
وحديث رفاعة صريح في عدم رد المحدودة مع أن الزنا قد ثبت بالحد، وإذا
كانت المحدودة لا ترد فغيرها بطريق الأولى. والعمل بهذا أقوى، لما فيه من موافقته
للأصل، إذ الأصل التمسك بالعقد وعدم جريان الفسخ الا بدليل (معه).
342

(266) وروى حفص بن البختري في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (إذا
بقي عليه شئ، وعلم أن لها زوجا، فما أخذته فلها، بما استحل من فرجها،
ويحبس عنها ما بقي) (1) (2).
(267) وروى زرارة في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (لا تكون متعة
الا بأمرين، بأجل مسمى ومهر مسمى) (3).
(268) وروى ابن أبي بكير في الموثق عن الصادق عليه السلام قال: (ان سمى
الاجل فهو متعة، وإن لم يسم الاجل فهو نكاح باق) (4) (5).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب حبس المهر إذا أخلفت، حديث: 2.
(2) هذه الرواية دلت على أنه إذا ظهر فساد العقد في المستمتع بها، يحسب لها
ما أخذت بسبب الوطء، ويمنع ما بقي لظهور البطلان. وقال بعضهم: ان ذلك ينبغي أن
يحمل على جهلها، لأنها إذا كانت عالمة لم يكن لها شئ لأنها زانية، بل يستعاد منها ما
أخذت. فأما مع جهلها فهل لها المسمى أجمع أو مهر المثل.
قال العلامة: يجب لها المهر أجمع، وقال المحقق: يجب لها مهر المثل لبطلان
العقد. ويمكن حمل الرواية على الجهل، فبطلان العقد يوجب بطلان المسمى وحصول
الوطء يوجب مهر المثل فلا يسقط منه شئ ء بسقوط شئ من المدة، نعم لو كان المقبوض
بقدر مهر المثل صح، وأمكن حمل الرواية عليه (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب شروط المتعة، حديث: 1.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب في أنه يحتاج أن يعيد عليها الشرط بعد
عقدة النكاح، حديث: 1 وفيه (فهو نكاح بات).
(5) هذا الحديث يدل على أنه إذا لم يذكر الاجل في العقد انقلب دائما، واليه
ذهب الشيخ اعتمادا على هذه الرواية، لكن الرواية الأولى صحيحة الطريق لا تعارضها
الموثق، وقد صرح في الصحيح بأن ذكر الاجل شرط في المتعة، فالاخلال به موجب
لبطلانها، فانقلاب العقد إلى الدائم على خلاف الأصل. ويمكن حمله على من أراد
الدائم وعقد بلفظ التمتع، جمعا بين الأدلة (معه).
343

(269) وروى ابن فضال عن القاسم بن محمد عن رجل سماه قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة عن فرد واحد؟ قال: (لا بأس، ولكن
إذا فرغ فليحول وجهه) (1) (2).
(270) وروى محمد بن مسلم في الموثق عن الباقر عليه السلام قال: سمعته
يقول: (الرجل يتزوج متعة، انهما يتوارثان إذا لم يشترطا. وإنما الشرط بعد
النكاح) (3).
(271) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر في الحسن عن الرضا عليه السلام
قال: (تزويج المتعة نكاح بميراث ونكاح بغير ميراث، ان اشترط الميراث كان
وإن لم يشترط لم يكن) (4).
(272) وروى سعيد بن يسار عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الرجل
يتزوج المرأة متعة ولم يشترط الميراث؟ قال: ليس بينهما ميراث اشترط أو

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ما يجوز من الاجل، حديث: 5 وفيه (على
عرد واحد).
(2) وهذه الرواية ضعيفة الطريق، مرسلة، مخالفة للأصل، فلا عمل على مقتضاها
(معه).
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الميراث، حديث: 1.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الميراث، حديث: 2.
344

لم يشترط) (1) (2).
(273) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته ما عدة المتمتعة
إذا مات عنها الذي تمتع بها؟ قال: (أربعة أشهر وعشرا. ثم قال: يا زرارة كل
النكاح إذا مات الزوج، فعلى المرأة حرة كانت أو أمة، أو على أي وجه كان النكاح
من متعة أو تزويج أو ملك يمين، فالعدة أربعة أشهر وعشرا. وعدة المطلقة
ثلاثة أشهر، والأمة المطلقة عليها نصف ما على الحرة، وكذلك المتمتعة عليها
ما على الأمة) (3).
(274) وروى علي بن عبد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي عن أبيه عن
رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج امرأة متعة، ثم مات عنها
ما عدتها؟ قال: (خمسة وستون يوما) (4) (5).

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه إذا شرط ثبوت الميراث في المتعة
كان ذلك جائزا أو واجبا، حديث: 3.
(2) الرواية الأولى دلت على أصالة ثبوت الميراث بعقد المتعة وانه لا يسقط إلا أن
يشترط سقوطه. والثانية دلت على أن الأصل عدم ثبوته وإنما ثبت بالشرط. ودلت
الثالثة على أنه غير ثابت وإن كان مع الشرط. والشيخ حمل الرواية الأولى على أن
المراد إذا لم يشترطا الاجل، فإنهما يتوارثان لأنه يصير دائما دون أن يكون المراد
اشتراط الميراث.
والأكثرون ردوا على الشيخ بأن اشتراط الميراث، مع كون الأصل عدمه،
مخالف للأصل، وعموم قوله عليه السلام: (كل شرط يخالف الكتاب والسنة فهو رد)،
فالرواية الثالثة هي الموافقة للأصل، فيكون أولى بالعمل (معه).
(3) الفقيه: 3، باب المتعة، حديث: 25.
(4) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب عدة المتمتع بها إذا مات عنها زوجها،
حديث: 4.
(5) دلت الرواية الأولى على أحكام:
345

(275) وروى جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام قال: (إذا تزوج العبد
الحرة، فولده أحرار، وإذا تزوج الحر الأمة فولده أحرار) (1).
(276) وروى إسحاق بن عمار عنه عليه السلام في مملوك تزوج بحرة؟ قال:
(الولد للحرة)، وفي حر تزوج بأمة مملوكة؟ قال: (الولد للأب) (2).
(277) وروى أبو بصير قال: لو أن رجلا دبر جارية، ثم زوجها من رجل،
كانت جاريته وولدها منه مدبرين. كما لو أن رجلا أتى قوما فتزوج إليهم مملوكتهم،
كان ما ولد لهم مماليك (3) (4).

الأول: ان الاعتداد بأربعة أشهر وعشرة أيام.
الثاني: تعميم هذا الحكم لأقسام النكاح الدائم والمؤجل وملك اليمين.
الثالث: عدة المطلقة ثلاثة أشهر، وحملوه على المسترابة.
الرابع: التنصيف في الأمة في باب الطلاق.
وأما الرواية الثانية فمرسلة، والشيخ حملها على كون الزوجة أمة لقوم تمتع بها رجل
بإذنهم، فان عدتها عدة الأمة شهران وخمسة أيام، إذا لم تكن من أمهات الأولاد،
فعلم أنه لا فرق في عدة المتمتعة بين الحرة والأمة، فتعتد الأمة في غير الموت بقرئين أو
شهر ونصف في المسترابة كالحرة، وفى الوفاة بأربعة أشهر وعشرة أيام كالحرة أيضا،
عملا بعموم الرواية المتقدمة، لأنها من الصحاح (معه).
(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان الولد لاحق بالحر من الأبوين أيهما
كان، حديث: 2.
(2) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان الولد لا حق بالحر من الأبوين أيهما
كان، حديث: 4.
(3) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان الولد لاحق بالحر من الأبوين أيهما
كان، حديث: 5.
(4) هذه الرواية لا تعارض ما تقدمها، لأنها مقطوعة. ولو قلنا بها: جاز حملها على
الشرط. واستدل بهذه الرواية من أصحابنا ابن الجنيد (معه).
346

(278) وروى الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه السلام، في حديث إلى أن
قال: (ولمواليها عشر قيمتها ان كانت بكرا، وان كانت غير بكر فنصف عشر
قيمتها بما استحل من فرجها) (1) (2).
(279) وروى سماعة عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن مملوكة أتت قوما،
وهي تزعم أنها حرة، فتزوجها رجل منهم فأولدها، ثم إن مولاها أتاهم فأقام
عندهم البينة انها مملوكته وأقرت الجارية بذلك؟ قال: (تدفع إلى مولاها
هي وولدها، وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه) قلت:
فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ به ابنه؟ قال: (يسعى أبوه في ثمنه حتى تؤديه ويأخذه).
قلت: فان أبى الأب أن يسعى في ثمن ابنه؟ قال: (فعلى الامام أن يفديه، ولا
يملك ولد حر) (3) (4).

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب الأمة تزوج بغير إذن مولاها، أي شئ
يكون حكم الولد، قطعة من حديث: 2.
(2) هذه الرواية دالة على أن مهر وطء الشبهة في الأمة عشر القيمة في البكر
ونصفه في الثيب (معه).
(3) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب الأمة تزوج بغير إذن مولاها، أي شئ
يكون حكم الولد، حديث: 5.
(4) هذه الرواية دلت على أمور:
الأول: ان الجارية ملك للسيد، بقوله: (يدفع إلى مولاها هي وولدها).
الثاني: لحوق نسب الابن بالأب، بقوله: (ويدفع ولدها إلى أبيه بقيمته).
الثالث: وجوب دفعه إلى الأب على السيد، بقوله: (وعلى مولاها أن يدفع ولدها
إلى أبيه).
الرابع: وجوب القيمة على الأب.
الخامس: ان اعتبار القيمة يوم دفعه إلى الأب.
السادس: وجوب السعي على الأب مع فقره.
السابع: جواز حجر السيد على الولد حتى يأخذ الثمن، بقوله: (حتى يؤديه
ويأخذه).
الثامن: ان الأب إذا أبى السعي فداه الامام.
التاسع: ان ولد الحر، حر.
ويظهر من ذلك أن وجوب القيمة على الأب مشروط بحياة الولد بعد الولادة. فلو
كان حملا أو مات قبل الولادة فلا قيمة عليه. وسبب وجوب القيمة على الأب اتلافه
للولد على السيد بالحرية، فالقيمة متعلقة بذمته، فلو مات كان المولى كسائر الغرماء.
وهذه القيمة يحتمل أن يكون على سبيل الفداء. ويحتمل أن يكون فكا. ومبناه ان الولد
هل هو في الأصل حر؟ أو رق غير مستقر الرقية؟ فعلى الأول القيمة فداء، وعلى الثاني
القيمة فك. والفداء إنما يكون عن يد، الفك إنما يكون عن ملك. ولعل الفداء أقرب
لان وجوب القيمة بسبب الاتلاف كالسراية (معه).
347

(280) وروى محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن جارية بين
رجلين دبراها جميعا، ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه؟ فقال: (هي حلال له) (1) (2).
(281) وروى إبراهيم عن الأسود عن عايشة قالت: خير رسول الله
صلى الله عليه وآله بريرة، وكان زوجها حرا (3).
(282) وروى مثل ذلك أصحابنا عن أئمتهم عليهم السلام (4).
(283) وفي رواية أخرى عنهم ان زوج بريرة كان عبدا (5).

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نكاح المرأة بعضها حر وبعضها رق،
قطعة من حديث: 3 وفيه (محمد بن قيس) والظاهر أنه محمد بن مسلم كما في المتن،
لاحظ هامش هذا الحديث في الكافي.
(2) وفى طريق هذه الرواية ضعف، مع مخالفتها للأصل، لان البضع لا يصح أن
يملك من جهتين مختلفتين (معه).
(3) سنن ابن ماجة 1: 67، كتاب الطلاق (29) باب خيار الأمة إذا أعتقت،
حديث: 2074.
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الأمة تكون تحت المملوك فتعتق أو يعتقان جميعا، حديث: 1 و 3 و 4 و 5 و 6.
(4) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الأمة تكون تحت المملوك فتعتق أو يعتقان جميعا، حديث: 1 و 3 و 4 و 5 و 6.
348

(284) وروى ابن عباس ان زوج بريرة كان عبدا أسود يقال له: مغيث.
كأني انظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تجري على لحيته. فقال النبي صلى الله عليه وآله
للعباس: " يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثا؟
فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: " راجعيه فإنه أبو ولدك " فقالت: يا رسول الله أتأمرني؟ فقال:
" لا، إنما أنا أشفع " فقالت: لا حاجة لي فيه (1).
(285) وروى محمد بن آدم عن الرضا عليه السلام أنه قال: (إذا أعتقت الأمة
ولها زوج خيرت ان كانت تحت حر أو عبد) (2).
(286) وروى زيد الشحام عن الصادق عليه السلام: (إذا أعتقت الأمة ولها زوج
خيرت، ان كانت تحت حر أو عبد) (3).
(287) وروى ابن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام، انه كان لبريرة زوج
عبد، فلما أعتقت قال لها النبي صلى الله عليه وآله: " اختاري " (4) (5).

(1) سنن ابن ماجة 1: 671، كتاب الطلاق (29) باب خيار الأمة إذا أعتقت،
حديث: 2075.
(2) التهذيب: 7، باب العقود على الإماء وما يحل من النكاح بملك اليمين،
حديث: 31.
(3) التهذيب: 7، باب العقود على الإماء وما يحل من النكاح بملك اليمين،
حديث: 32.
(4) التهذيب: 7، باب العقود على الإماء وما يحل من النكاح بملك اليمين،
حديث: 26.
(5) أما الروايات الواردة في زوج بريرة فلا حجة فيها لاحد الطرفين، لورودها
في كل من الجانبين، وحينئذ يبقى الترجيح للروايات الأخرى الدالة على التعميم في
الحر والعبد. لعدم المعارض لها (معه).
349

(288) وفي الحديث الصحيح انه لما أسرت بنت حي بن أخطب من
ولد هارون بن عمران، اصطفاها النبي صلى الله عليه وآله لنفسه من الغنيمة في فتح خيبر،
ثم أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها بعد أن حيضت حيضة (1) (2).
(289) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن رجل
قال لامته: أعتقتك وجعلت مهرك عتقك؟ فقال: (عتقت وهي بالخيار ان شاءت
تزوجته، وإن شاءت فلا. فان تزوجته فليعطها شيئا. وان قال قد تزوجتك وجعلت
مهرك عتقك، فان النكاح واقع ولا يعطيها شيئا) (3).
(290) وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام، قلت له: رجل أعتق
مملوكته وجعل عتقها صداقها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال (مضى عتقها،

(1) الأمالي للطوسي 2: 19، الجزء الرابع عشر. ولفظ الحديث (عن صفية
قالت: أعتقني رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل عتقي صداقي).
(2) هذا الحديث قد أجمع أصحابنا على العمل بمقتضاه، وإنما يختلفون في
وجوب تقديم العتق على التزويج أو العكس، أو انه لا مشاحة في تقديم أيهما. والى كل
ذهب فريق. والمذهب الثاني دلت عليه الرواية الثانية، من حيث إن تقديم العتق مستلزم
للحرية فيتوقف على الرضا في التزويج فيستلزم وجوب مهر آخر.
والحديث الأول يقويه ان التزويج لو تقدم لصادف الملك فلا بد من تقديم
العتق. والثالث هو الأنسب لان الكلام المتصل كالجملة الواحدة فلا يتم أوله الا بآخره،
فلم تملك عتقها الا بجعلها مهرا لنكاحها، ولا يلزم كون العقد على مملوكته لو قدم التزويج
لأنها حينئذ حرة قوة، ولا يلزم عتقها لو قدم العتق لعدم تمام الكلام الذي هو شرط في
العقد، فلا يلزم الدور، لان توقف العقد على المهر بالفعل غير لازم، وان استلزمه في
نفس الامر قوة، فلما جاز جعلها مهرا لغيرها جاز جعلها مهرا لنفسها، لعدم المانع،
وكون المهر ثابتا بالقوة ثابت بالأصل، كما في التفويض (معه).
(3) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان الرجل يعتق أمته ويجعل عتقها
صداقها، حديث: 5.
350

وترد على السيد نصف قيمتها تسعى فيه، ولا عدة عليها) (1).
(291) وروى عباد بن كثير البصري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل
أعتق أم ولده وجعل عتقها صداقها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال:
(يعرض عليها ان تسعى في نصف قيمتها، فان أبت هي فنصفها رق ونصفها
حر) (2) (3).
(292) وروى هشام بن سالم في الصحيح عن أبي بصير قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة، فلما افتضها المشتري
أعتقها من الغد وتزوجها وجعل مهرها عتقها، ثم مات بعد ذلك بشهر؟ فقال
أبو عبد الله عليه السلام: (إن كان للذي اشتراها إلى سنة مال، أو عقدة تحيط بقضاء
ما عليه من الدين في رقبتها، كان عتقه ونكاحه جائزا. وإن لم يملك ما يحيط
بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها، كان عتقه ونكاحه باطلا، لأنه أعتق ما لا يملك
وأرى انها لمولاها الأول) قيل: إن كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوجها؟
فقال: (الذي في بطنها مع أمه كهيئتها) (4) (5).

(1) التهذيب: 7، باب الزيادات في فقه النكاح، حديث: 146.
(2) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان الرجل يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها
حديث: 8.
(3) هذه الرواية لا تعارض ما تقدمها، لان راويها عامي، فالعمل على السابقة (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب نوادر، حديث: 1.
وفيه اختلاف يسير في بعض الألفاظ، فلاحظ.
(5) هذه الرواية مخالفة لأصلين قطعيين. أحدهما ان العتق الواقع بهذه الجارية
عتق صحيح، لوقوعه من أهله في محله. الثاني ان هذا الولد حر، لتولده بين حرين.
فلما كان صريح الرواية منافيا لهذين الأصلين، مع كونها صحيحة الطريق، وجب حملها
على التأويل إن أمكن. وإن لم يمكن فهل يطرح لكون ما نافاها قطعيا، أو يعمل بها
لأنها نص، كلاهما محتمل.
فأما التأويل فقد قال العلامة: ان معنى ذلك أن العتق وقع في مرض الموت،
ومنجزات المريض مع استغراق الدين للتركة لا ينفذ. قيل: عليه لو سلم ذلك فإنما يتم
في الجارية، فأما في الولد فلا، لأنه حر في الأصل فلا ينقلب رقا. وحملها آخرون على
فساد البيع مع كون المشترى عالما به، فيكون زانيا، فيرق ولده.
واعترض عليه بأن ذلك لا يتم، لتضمن الرواية صحة النكاح والعتق على تقدير
وجود ما يقضى منه الدين، وذلك ينافي فساد البيع.
وفخر المحققين قال: إنه ليس في الرواية ما يدل على رقية الولد، لان قوله:
(كهيئتها) أعم من أن يكون كهيئتها في الحرية قبل ظهور العجز أو بعده في الرقية، والعام
لا يدل على الخاص. واعترض عليه الشهيد بأن المفهوم منه ليس إلا أن حكمه حكمها في
مقتضى السؤال. وقد حكم برقيتها، فيدل على رقية الولد بالمطابقة، إذ اللفظ موضوع
لذلك. وحينئذ نقول: ليس في هذه التأويلات ما يطابق الرواية، ليعتمد عليه في الجمع
بينها وبين الأصل المقطوع به، فبقي الامر فيها على أحد الوجهين المتقدمين:
وهو أما تركها بالكلية والعمل بالأصل، لان الظني إذا عارض القطعي وجب
العمل بالقطعي والعمل بها وترك الأصل، لأنها نص والنص الشرعي في الأكثر على خلاف
الأصل، كما هو مذهب الشيخ وابن الجنيد، فإنهما أفتيا بمضمون الرواية. وللشيخ أبو
العباس وجه ثالث، وهو العمل بالأصل وبالرواية معا، فيعمل بالأصل فيما اقتضاه من
الأمور الكلية القطعية، وبالرواية في مورد النص فلا يتعدى بها عن هيئتها، فلا بد من
اشتراط الاجل، وكونه نسية، وكون الجارية بكرا، وكون المشترى لا مال له،
ولا شيئا يحيط بثمنها (معه).
351

(293) وروى محمد بن علي عن أبي الحسن عليه السلام قال: (إذا تزوج المملوك
حرة فللمولى أن يفرق بينهما) (1) (2).

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ان المملوك إذا كان متزوجا بحرة كان
الطلاق بيده، حديث: 5.
(2) هذه الرواية مطعون في سندها، وقد ضعفها المحقق، ونسبها الشهيد إلى
الشذوذ. ووجه ذلك أن في طريقها موسى بن بكر وهو واقفي. ومع ذلك يحتمل أن
يراد بها المملوك تزوج بغير إذن مولاه. فيكون للمولى التفريق، لتوافق نكاح المملوك
على اذن مولاه.
ويحتمل أن يكون المملوك تزوج بمملوكة مولاه، فان التفريق حينئذ بيد المولى
بلا خلاف. ويحتمل أن يفرق بينهما ببيعه، فيتخير المشترى في الفسخ، وهو مبنى على أن
لمشتري العبد فسخ نكاحه كمشترى الأمة، ومن أثبت لمشتريه الخيار احتج بهذه الرواية
وقال: ان معنى قوله: (فللمولى أن يفرق بينهما) ليس بغير البيع، لان الطلاق بيد من
أخذ بالساق.
فالتفريق هنا معناه زوال اللزوم وتعريض العقد لقبول الفسخ، المقتضى للتفريق، فهو من
باب تسمية الشئ باسم ما يؤل إليه، وهو مذهب الشيخ ومنعه ابن إدريس وقال: لا خيار
لمشتريه، لعدم الدليل، والأصل التمسك بالعقد والرواية لا تبلغ أن تكون حجة في فسخه
لعدم صحتها وصراحتها (معه).
352

(294) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل يحل
لأخيه جاريته؟ قال (هي له حلال ما أحل منها) (1).
(295) وروى أبو بصير في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة
أحلت لابنها فرج جاريتها؟ قال: (هي له حلال) قلت: أفيحل له ثمنها؟ قال:
(لا إنما يحل منها من أحلت له) (2).
(296) وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح عن أبي الحسن
عليه السلام مثله (3).

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه يجوز أن يحل الرجل جاريته لأخيه المؤمن
حديث: 1.
(2) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه يجوز أن يحل الرجل جاريته لأخيه
المؤمن، حديث: 5.
(3) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه يجوز أن يحل الرجل جاريته لأخيه
المؤمن، حديث: 7.
353

(297) وروى الحسين بن علي بن يقطين قال: سألته عن الرجل يحل فرج
جاريته؟ قال: (لا أحب ذلك) (1).
(298) وروى عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام في المرأة تقول لزوجها:
جاريتي لك حلال؟ قال: (لا تحل) (2).
(299) وروى علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام انه سئل عن المملوك
أيحل له أن يطأ الأمة من غير تزويج إذا أحل له؟ قال: (لا يحل له) (3) (4).
(300) وروى ضريس بن عبد الملك قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه يجوز أن يحل الرجل جاريته لأخيه
المؤمن، حديث: 8.
(2) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه يجوز أن يحل الرجل جاريته لأخيه
المؤمن، حديث: 10.
(3) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه يجوز أن يحل الرجل جاريته لأخيه
المؤمن، حديث: 11:
(4) الروايات الثلاث الأول صريحة في جواز التحليل، وعليه قول الأكثر بل
هو المشهور. والروايات الثلاث الأخيرة لا تصلح للمعارضة. أما صحيحة علي بن يقطين
فليس فيها تصريح بالمنع، فإنه قوله: (لا أحب ذلك) يحتمل الكراهة والتحريم، ولا
دلالة للعام على الخاص.
وأما رواية عمار فلا حجة فيها، لضعف عمار. وأما رواية ابن يقطين الأخيرة فهي
مختصة بالعبد وهو قد يصح أن يقال فيه: ان العبد لا يصح له التحليل على القول بأن
العبد لا يملك، وان التحليل ملك منفعة. فأما إذا قلنا: إن التحليل عقد متعة كمذهب السيد
لم يكن بينه وبين الحر فرق. ويمكن أن يقال: إن كان التحليل من غير مولاه لم يصح
لوقوع الحجر عليه، وإن كان من مولاه صح على القول بأنه إذا ملكه مولاه ملك. فبالجملة
الرواية لا دلالة فيها على منع الحر من جواز التحليل، فبقي الروايات لا معارض لها
(معه).
354

يحل لأخيه فرج جاريته؟ قال: (هو حلال، فان جاءت بولد منه فهو لمولى
الجارية إلا أن يكون اشترط على مولى الجارية حين أحلها ان جاءت بولد
فهو حر) (1).
(301) وروى الحسن العطار عنه عليه السلام مثله سواء (2).
(302) وروى زرارة في الحسن قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: الرجل يحل
جاريته لأخيه؟ قال (لا بأس). قلت: فان جاءت بولد؟ قال: (يضم إليه ولده
ويرد الجارية على صاحبها) قلت: انه لم يأذن له في ذلك؟ قال: (فد اذن له،
وهو لم يأمن أن يكون ذلك) (3).
(303) وروى إسحاق بن عمار مثله (4) (5).
(304) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: (ترد البرصاء والعمياء
والعرجاء) (6).
(305) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (إنما يرد النكاح

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب حكم ولد الجارية المحللة، حديث: 1.
(2) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب حكم ولد الجارية المحللة، حديث: 2.
(3) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب حكم ولد الجارية المحللة، حديث: 6.
(4) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب حكم ولد الجارية المحللة، حديث: 4.
(5) العمل على الروايتين الأخيرتين أقوى، لموافقتهما للأصل، إذ الأصل في
ولد الحر الحرية، ولان الأصل في العتق انه مبنى على التغليب والسراية، فالولد وان
حصل عن نطفة الرجل والمرأة، إلا أن الرجل إذا كان حرا تحققت الحرية في جزء
من الولد، فيسرى في الولد، لما قلناه من أن العتق مبنى على التغليب والسراية (معه).
(6) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب العيوب الموجبة للرد في عقد النكاح،
حديث: 4.
355

من البرص والجذام والجنون والعقل) (1) (2).
(36) وروى علي بن أبي حمزة قال: سئل أبو إبراهيم عليه السلام عن امرأة
يكون لها زوج، وقد أصيب في عقله بعد ما تزوجها، أو عرض له جنون؟ قال:
(لها أن تنزع نفسها منه إذا شاءت) (3) (4).
(307) وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: (العنين يتربص به
سنة، ثم إن شاءت امرأته تزوجت وإن شاءت أقامت) (5) (6).
(308) وروى أبو الصباح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة ابتلى زوجها
فلا يقدر على الجماع أبدا، أتفارقه؟ قال: (نعم ان شاءت) (7) (8).

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب العيوب الموجبة للرد في عقد النكاح،
حديث: 1.
(2) صحيحة الحلبي لا تصلح لمعارضة الأولى، لان الرواية الأولى دلالتها خاصة
وبطريق المنطوق، ودلالة الأخيرة عامة وبطريق المفهوم، والظاهر أن العام لا يعارض
الخاص، ودلالة المفهوم لا ينفى دلالة المنطوق، فيستدل بكل من الروايتين في موضعه
وينتفى التعارض. والفعل بحركة الفاء والعين المهملة لحم ينبت في فرج المرأة لعارض
يعتريها عند الولادة، فإذا بلغ حد يمنع الوطء كان عيبا (معه).
(3) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 19.
(4) وهذه الرواية تدل على أن الجنون عيب يثبت في الفسخ وإن كان متأخرا
عن العقد والدخول (معه).
(5) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 27.
(6) وهذا يدل على أن الخيار في جميع العيوب على الفور الا في العنن، فإنه
يتوقف على الاجل المذكور، فلا يثبت الفسخ الا بعد انقضائه (معه).
(7) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 28.
(8) هذه الرواية تحمل على المقيد في الرواية الأولى، جمعا بين المطلق والمقيد
(معه).
356

(309) وروى إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان عليا عليهم السلام كان يقول:
(إذا تزوج الرجل امرأة، فوقع عليها ثم أعرض عنها، فليس لها الخيار، لتصبر
فقد بليت، وليس لأمهات الأولاد ولا للإماء ما لم يمسها من الدهر الا مرة
واحدة) (1) (2).
(310) وروى غياث الضبي عن الصادق عليه السلام قال: (إذا علم أنه عنين لا يأتي
النساء، فرق بينهما. وإذا وقع عليها دفعة واحدة لم يفرق بينهما، والرجل لا
يرد بعيب) (3) (4).
(311) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام قال: سألته
عن رجل تزوج امرأة فعلم بعد ما تزوجها انها قد كانت زنت؟ قال: (ان شاء
زوجها أخذ الصداق ممن زوجها، ولها الصداق بما استحل من فرجها) (5).
(312) وروى رفاعة بن موسى عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن المجدور
والمجدورة، هل يرد به النكاح؟ قال: (لا) (6).

(1) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 26.
(2) وهذه الرواية تدل على أن خيار العنن إنما يثبت إذا لم يحصل الجماع من
الرجل مطلقا. أما مع تقدمه ولو مرة واحدة ثم يعرض العنن فلا خيار. وكذا لا يثبت
الخيار لغير الزوجة الدائمة (معه).
(3) التهذيب: 7. باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 25.
(4) أي لا يرد الرجل بشئ من العيوب بعد الجماع الا بالجنون للرواية السابقة
(معه).
(5) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 9
وتمام الحديث: (وان شاء تركها، قال: وترد المرأة من العفل والبرص والجذام والجنون
فأما ما سوى ذلك فلا).
(6) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه ومالا يرد، حديث: 8.
357

(313) وروى داود بن سرحان في الصحيح عن الصادق عليه السلام في الرجل
يتزوج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء؟ قال: (ترد على وليها، ولها
المهر ويرجع به على وليها. وإن كان بها زمانة لا يراها الا النساء أجيز شهادة
النساء عليها) (1) (2).
(314) وروى محمد بن جزك قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن رجل
تزوج جارية بكرا فوجدها ثيبا، هل يجب لها الصداق وافيا، أم ينتقص؟ قال:
(ينتقص) (3) (4).
(315) وروى أحمد بن محمد في القوى عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته
عن الرجل يتزوج المرأة، ويشرط إجارة شهرين؟ فقال: (ان موسى عليه السلام قد
علم أنه سيتم له شرطه، فكيف لهذا بأن يعلم أنه سيبقى حتى يفي، وقد كان الرجل
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوج المرأة على السورة من القرآن وعلى الدرهم
وعلى القبضة من الحنطة) (5).
(316) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام قال: (لا يحل النكاح اليوم في الاسلام

(1) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 5.
(2) وهذه الرواية دالة على جواز شهادة النساء في عيوبهن الباطنة، ويثبت بشهادتهن
الخيار (معه).
(3) التهذيب: 7، باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد، حديث: 17.
(4) ولا بد في هذا من اضمار شئ، أي ينقص من مهرها شئ. قال الراوندي:
ذلك الشئ هو السدس، واعترض عليه، ان الشئ يصدق على القليل والكثير، ولا دلالة
للعام على الخاص. والشئ الذي هو السدس إنما ورد النص به في الوصية. وقيل:
ذلك الشئ هو ما بين مهرها بكرا ومهرها ثيبا. وقيل ذلك الشئ يرجع فيه إلى رأى
الحاكم لعدم تقديره في الشرع (معه).
(5) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب التزويج بالإجارة، قطعة من حديث: 1.
358

بإجارة، بأن يقول: أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوجني أختك أو بنتك
قال: (حرام، لأنه ثمن رقبتها، وهي أحق بمهرها) (1).
(317) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: (جاءت
امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله، إلى قوله: " زوجتكها على ما تحسن من القرآن
فعلمها إياه ") (2).
(318) وقال الرضا عليه السلام: (قد كان الرجل عليه عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يتزوج على
السورة من القرآن وعلى الدرهم وعلى القبضة من الحنطة) (3) (4).
(319) وروى الوشا في الصحيح عن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: (لو
أن رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا، وجعل لأبيها عشرة آلاف،

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب التزويج بالإجارة، حديث: 2.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر في المهر، حديث: 5.
(3) المستدرك، كتاب النكاح، باب (1) من أبواب المهور، حديث: 5.
(4) الأصل في هذه الروايات ان المهر لما كان مشروطا بالمالية وجب أن يكون
مما يصح تملكه للمسلم، دينا كان أو عينا، أو منفعة لكنهم يختلفون في جعل إجارة الزوج
نفسه مهرا مدة معينة، فمنعه جماعة منهم الشيخ اعتمادا على الروايتين. واختاره جماعة
منهم ابن إدريس اعتمادا على الأصل واحتجاجا بالروايتين المتأخرتين.
وأجابوا عما تقدم، اما عن الرواية الأولى فبالحمل على الكراهية، إذ ليس فيها
ما يدل على المنع صريحا، وأما عن الرواية الثانية فإنما منع فيها لكون الإجارة وقعت للمولى
لا للزوجة، والمهر المذكور فيها إنما كان للمولى، والمهر مملوك لها، فلا يصلح شرطه
لغيرها، لأنه من المنسوخ في شرعنا يدل عليه قوله: (لا يحل النكاح اليوم في الاسلام)
فأشار إلى أن هذا الحكم منسوخ، والنسخ إنما ورد على صورة ما فعله موسى عليه السلام
لا أصل الحكم، لان قوله عليه السلام: (هي أحق بمهرها) دال عليه. هذا مع أنهم
ضعفوا سند الرواية الثانية (معه).
359

كان المهر جائزا، والذي جعل لأبيها فاسدا) (1).
(320) وروى المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت:
أخبرني عن مهر المرأة الذي لا يجوز للمؤمن أن يجوزوه؟ فقال: (مهر السنة
المحمدية، خمسمائة درهم، فما زاد على ذلك رد إلى السنة، ولا شئ عليه أكثر
من الخمسمائة) (2).
(321) ورواه الصدوق أيضا في من لا يحضره الفقيه (3) (4).
(322) وروي في الأحاديث ان عمر بن الخطاب قام خطيبا فقال: أيها
الناس بلغني انكم تغالون في مهور بناتكم، فلا أوتين برجل منكم زاد في مهر
ابنته على السنة الا رددته إليها وجعلت الزائد في بيت المال فقامت إليه امرأة
من أخريات الناس فقالت: وما أنت يا ابن الخطاب تمنعها ما أباحه الله لنا؟!
فقال: وأين ذلك في كتاب الله؟ فقالت: قوله تعالى: (وان آتيتم إحديهن
قنطارا فلا تأخذوا منه أتأخذونه بهتانا واثما مبينا) (5) فقال: أيها الناس

(1) التهذيب: 7، باب المهور والأجور وما ينعقد من النكاح من ذلك ومالا ينعقد
حديث: 28.
(2) المصدر السابق، حديث: 27.
(3) لعل مراده من ذلك ما في الفقيه: 3، باب الولي والشهود والخطبة والصداق.
فقال في آخر الباب ما لفظه: (والسنة المحمدية في الصداق خمسمائة درهم فمن زاد على
السنة رد إلى السنة).
(4) هذه الرواية ضعيفة السند، لان في طريقها محمد بن سنان وقد ضعفه الشيخ
جدا، وقال: ان ما يختص بروايته لا يعمل عليه، وعلى تقدير الصحة يجوز حملها على
الاستحباب، فإنه مع الزيادة عليه يستحب الرد إليه، بأن يستحب لها أن تبرأه من الزائد
على مهر السنة (معه).
(5) النساء: 20.
360

على رسلكم، رجل أخطاء وامرأة أصابت) (1).
(323) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام في رجل تزوج
امرأة على حكمها أو على حكمه، فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها؟ قال:
(لها المتعة والميراث ولا مهر لها) (2) (3).
(324) وروى منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام في رجل تزوج
امرأة ولم يفرض لها صداقا؟ قال: (لا شئ لها من الصداق، فإن كان دخل
بها فلها مهر نسائها) (4) (5).

(1) رواه في المستدرك، كتاب النكاح، باب (9) من أبواب المهور، حديث: 3،
نقلا عن رسالة المهر للشيخ المفيد، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر في المهر، قطعة من حديث: 2.
(3) هذه الرواية في حكم مفوضة المهر. وفيها دلالة على أنه إذا كان التفويض في
المهر بعد كونه مذكورا في العقد، والتفويض في قدره موكولا إلى أحدهما أو إلى
ثالث، بأن يزوجها على حكم أحدهما أو على حكم ثالث فمات الحاكم قبل الحكم وقبل
الدخول، فان مضمون الرواية دال على وجوب المتعة لها، واليه ذهب الشيخ اعتمادا
على هذه الرواية لأنها من الصحاح.
وقال آخرون: لها مهر المثل، لأن العقد لم يخل عن المهر بالكلية، فلما تعذر
الرجوع في تعيينه، رجع فيه إلى قيمة البضع، وهو مهر المثل، فرجعوا إلى الدليل
وتركوا الرواية. وابن إدريس قال: لا شئ لها أخذا بالأصل، من حيث إن مهر المثل
يتبع الدخول، والمتعة يتبع الطلاق، ولم يحصل شئ منهما. والعمل بالرواية أقوى
لأنها نص في الباب، مع صحتها، فما ذكروه في معارضتها اجتهادا في مقابل النص،
فلا يسمع (معه).
(4) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه إذا دخل بالمرأة ولم يسم لها مهرا،
كان لها مهر المثل، حديث: 2.
(5) هذه الرواية دالة على حكم مفوضة البضع، وهي التي لم يذكر لها مهرا،
وقال: على أن لا مهر لك. وهذه حكمها انه لو مات أحدهما قبل الدخول لم يجب لها
شئ اجماعا. والرواية التي بعدها صريحة في الحكم، لان المراد بها مفوضة البضع
أيضا، لان معنى قوله: (إن كان فرض لها مهرا) إن كان ذكر لها في العقد، وإن لم
يكن ذكر لها شيئا فلا مهر قطعا الا مع الدخول بها فيكون لها مهر مثلها، كما نص عليه
في هذه الرواية (معه).
361

(325) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام في المتوفى عنها
زوجها قبل الدخول: (إن كان فرض لها مهرا، فلها مهرها الذي فرض لها، وإن لم
يكن فرض لها مهرا فلا مهر لها) (1).
(326) وروى يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام قال: (سمعته يقول:
لا يوجب المهر الا الوقاع في الفرج) (2).
(327) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: سألته متى يجب المهر؟
قال: (إذا دخل بها) (3) (4).

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب انه إذا سمى المهر ثم مات قبل أن
يدخل بها كان عليه المهر كاملا، قطعة من حديث: 4.
(2) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ما يوجب المهر كاملا، حديث: 1.
(3) التهذيب: 7، باب الزيادات في فقه النكاح، حديث: 68.
(4) هاتان الروايتان ظاهرهما دال على أن المهر لا يوجبه العقد منفردا، بل لابد
في وجوبه من الوطء، ويلزمه أنه متى لم يحصل الوطء لم يجب المهر، وقد وقع النزاع
في ذلك. والظاهر أن مذهب الأكثر بل المشهور ان المهر يملك بالعقد إلا أنه ملك غير
مستقر بالنسبة إلى كله، بل متزلزل في بعضه قابل للتغيير، لأنه ينتصف بالطلاق قبل
الدخول اجماعا، فيرجع إلى الزوج نصفه ويستقر ملك المرأة على نصفه بالنص القرآني.
وابن الجنيد عمل بظاهر هاتين الروايتين وقال: ان ملكه لا يتحقق بالعقد والا
لاستقر فلم، يصح زواله. والأكثرون حملوا الروايتين على معنى الاستقرار، جمعا بين
الأدلة، فيصير معنى قوله: (لا يوجب المهر) أي لا يوجبه مستقرا، وكذا قوله: (متى يجب)
وجوبا مستقرا قال: (إذا دخل بها) وهذا الحمل أقوى (معه).
362

(328) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام في الرجل
يموت وتحته امرأة لم يدخل بها؟ قال: (لها نصف المهر، ولها الميراث
كاملا وعليها العدة) (1).
(329) وروى منصور بن حازم في الصحيح عن الصادق عليه السلام انه سأله عن
الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها؟ قال: (لها صداقها كاملا
وترثه وتعتد بأربعة أشهر وعشرا) (2) (3).
(330) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام قال: (إذا تزوج الرجل المرأة، ثم
خلا بها فأغلق عليها بابا أو أرخى سترا، ثم طلقها وجب الصداق، وخلاؤه
بها دخول) (4).
(331) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: الرجل يتزوج

(1) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها ومالها
من الصداق والعدة، حديث: 1.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب انه إذا سمى المهر ثم مات قبل أن يدخل
بها كان عليه المهر كاملا، حديث: 7. وتمام الحديث (كعدة المتوفى عنها زوجها).
(3) التعارض بين هاتين الروايتين صريح، ودلالة كل واحدة منهما على ما تضمنت
دلالة ظاهرة، يوجب كونها نصا لا يقبل التأويل، مع كونهما معا صحيحتين، فلا يمكن الجمع
بينهما في العمل، فلا بد من طلب الترجيح لأحدهما، ولا مرجح من جهة اللفظ، ولا من
جهة الاسناد، ولا من جهة العدالة، لتساويهما في جميع ذلك، ولكنهم رجحوا العمل
بالثانية، ووجه ترجيحها ليس إلا كثرة القائل بها والعامل عليها.
وبعضهم قال: إن النظر أيضا يؤيدها من حيث إن العقد يوجب المهر كاملا وانه
إنما ينتصف بالطلاق دون غيره من الطوارئ. ولا ريب انه مع ثبوت هذين الأصلين يرجح
العمل بها، لكن الاشكال واقع في الأصلين أيضا، لوقوع النزاع فيهما. فالاعتماد
في الترجيح ليس إلا كثرة القائل لا غير (معه).
(4) التهذيب: 7، باب الزيادات في فقه النكاح، حديث: 71.
363

المرأة فيرخى عليها الستر أو يغلق الباب، ثم يطلقها، فتسئل المرأة هل أتاك؟
فتقول: لا، ما أتاني، ويسئل هو، هل أتيتها؟ فيقول: لم آتها؟ قال: فقال:
(لا يصدقان، وذلك لأنها تريد أن تدفع العدة عن نفسها، ويريد هو أن يدفع
المهر) (1).
(332) وروى يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: (لا يوجب
المهر الا الوقاع في الفرج) (2).
(333) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: سألته متى يجب المهر؟
قال: (إذا دخل بها) (3).
(334) وروى حفص بن البختري عنه عليه السلام مثله (4) (5).

(1) التهذيب: 7، باب الزيادات في فقه النكاح، حديث: 73.
(2) تقدم آنفا.
(3) تقدم آنفا. ولعل وجه تكرار الحديثين ما يأتي عن قريب من التحقيق والجمع
بين الروايات.
(4) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ما يوجب المهر كاملا، حديث: 3.
(5) في الروايتين الأولتين تصريح بأن الخلوة التامة بمجردها قائمة مقام الدخول
في استقرار المهر. ولابد في الخلوة أن يكون تامة بارخاء الستر واغلاق الباب، وعدم
حصول مانع من طرف الزوج أو من طرف المرأة. والى هذا ذهب جماعة من الأصحاب
والروايات المتأخرة دالة على عدم اعتبار الخلوة، وان استقرار المهر لا يتم الا بالدخول
الذي هو الوطء، وهو مذهب الأكثر، اعتضادا مع هذه الروايات بالأصل. ولذا حمل
الشيخ الرواية الثانية من الأولتين على تهمة الزوجين بما ذكر في الرواية من الفرضين،
فأما مع عدم التهمة فلا يكون الحكم كذلك، وهو تخصيص للرواية بمقتضى الأصل.
والترجيح للروايات الأخيرة. إلا أنه يمكن الجمع بأن يقال: وجود الخلوة مرجح لقول
المرأة لو ادعت الوطء وأنكره الزوج وأنه لا يحل لها في نفس الامر أكثر من نصف المهر
لو لم تكن صادقة في دعواها ويحكم الحاكم لها بالجميع مع اليمين في الظاهر، فيحمل
الروايات الأول على ذلك. ومع عدم الخلوة يكون القول قول الزوج، ترجيحا للأصل
فان الأصل معارض مع الظاهر، فمع الخلوة يقوى العمل على الظاهر، ومع عدمها يبقى
العمل بالأصل على حاله، فيحمل الروايات على ذلك ويتم العمل بهما (معه).
364

(335) وروى يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل
تزوج امرأة، فأدخلت عليه، وأغلق الباب، وأرخى الستر وقبل ولمس من غير
أن يكون وصل إليها بعد، ثم طلقها على تلك الحال؟ قال: (ليس عليها الا
نصف المهر) (1).
(336) وروى المعلى بن خنيس قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن
رجل تزوج امرأة على جارية له مدبرة قد عرفتها المرأة على ذلك، وطلقها
قبل أن يدخل بها؟ قال: فقال: (أرى ان للمرأة نصف خدمة المدبرة، ويكون
للمرأة يوم للخدمة ويكون لسيدها الذي كان دبرها يوم في الخدمة) قيل له:
فان ماتت المدبرة قبل المرأة والسيد لمن يكون الميراث؟ قال: (يكون نصف
ما تركت للمرأة والنصف الآخر لسيدها الذي دبرها) (2) (3).
(337) وروى سماعة بن مهران عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: رجل جاء
امرأة فسألها أن تزوجه نفسها؟ فقالت: أزوجك نفسي على أن تلتمس مني ما شئت

(1) الاستبصار: 3، كتاب النكاح، باب ما يوجب المهر كاملا، حديث: 12.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب نوادر في المهر، حديث: 3.
(3) هذه الرواية دالة بصريحها على أن الامهار لا يبطل التدبير، بل يمضى في
الخدمة، ويبقى التدبير بحاله، والى هذا ذهب الشيخ وأتباعه اعتمادا على هذه الرواية
واختار ابن إدريس بطلان التدبير بالامهار، من حيث إنه وصيته والامهار تصرف واتلاف
والتصرف في العين الموصى بها موجب لبطلان الوصية فيرجع إلى حالة القن، فإذا
حصل الطلاق قبل الدخول ينتصف بينهما واستقر ملك كل واحد منهما على نصفها قن، والى
هذا ذهب الأكثر استضعافا للرواية واعتمادا على الأصل، من حيث إن الرواية لا يعلم
الا من طريق معلى، وفيه خلاف (معه).
365

من نظر أو التماس وتنال مني ما ينال الرجل من أهله، إلا أنك لا تدخل فرجك
في فرجي، وتتلذذ بما شئت فاني أخاف الفضيحة؟ قال: ليس له الا ما شرط) (1).
(238) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: رجل تزوج
بجارية عاتق على أن لا يفتضها ثم أذنت له بعد ذلك؟ فقال: (إذا أذنت له فلا
بأس) (2) (3).
(339) وروى محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال: (قضى علي عليه السلام في
رجل تزوج امرأة وأصدقها، واشترطت ان بيدها الجماع والطلاق؟ قال:

(1) التهذيب: 7، باب المهور والأجور وما ينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد،
حديث: 58.
(2) المصدر السابق: 59.
(3) الرواية الأولى دالة على أن عقد التزويج قابل لاشتراط عدم الجماع، وان
هذا الشرط ثابت، وان العقد صحيح. والثانية دلت على ما دل عليه الأولى الا ان فيها
زيادة جواز الوطء لو أذنت بعد ذلك، لان المانع ليس إلا مقتضى الشرط، فاذنها مسقط
لشرطها، فإذا زال الشرط زال المانع، والفرض ان العقد صحيح فيلحقه آثاره، لزوال
مانع التأثير، ويصح الوطء. والى هذا ذهب الشيخ.
والرواية الثالثة دلت على بطلان هذا الشرط، لمخالفته للسنة، وان بطلان الشرط
لا يستلزم بطلان العقل، فتكون دالة على بطلان الشرط وصحة العقد، وهو مذهب ابن
إدريس اعتمادا على الأصل واعتضادا بالرواية.
وبعضهم قال: إن هذا الشرط ان وقع في العقد المنقطع صح، وان وقع في الدائم
بطل وأبطل العقد، ومعتمدهم ان المنقطع كالاستجار فمقتضاه قابل للشرط دون الدائم.
وأما العلامة في المختلف فاختار بطلان العقد والشرط معا في النكاحين. أما
الشرط فلمنافاته لمقتضى العقد، ومخالفته الكتاب والسنة، وأما العقد فلتوقفه على الشرط
وعدم الرضا بدونه، وبطلان الشرط مستلزم لبطلان المشروط، ثم إنه طعن في سند
الأحاديث الدالة على جواز هذا الشرط، وأجاب عن عموم قوله: " المؤمنون عند
شروطهم " بأن ذلك مختص بالشروط السايغة (معه).
366

(خالفت السنة وولت الحق من ليس بأهله، قال: فقضى ان على الرجل النفقة
وبيده الجماع والطلاق) (1).
(340) وروى أبو العباس في الصحيح عن الباقر عليه السلام في الرجل يتزوج
المرأة وشرط لها أن لا يخرجها من بلدها؟ قال: يفي (لها بذلك) أو قال: (يلزمه
ذلك) (2).
(341) وروى علي بن رئاب في الحسن عن الكاظم عليه السلام قال: سئل وأنا
حاضر عنده عن رجل تزوج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده،
فإن لم تخرج معه فمهرها خمسون دينارا. ان أبت أن تخرج معه إلى بلاده؟
قال: فقال: (أن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك، فلا شرط له عليها في ذلك،
ولها مائة دينار التي أصدقها إياها، وان أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين
ودار الاسلام، فله ما اشترط عليها، والمسلمون عند شروطهم، وليس له أن يخرجها
إلى بلاده حتى يؤدى لها صداقها، أو ترضى من ذلك بما رضيت، وهو جائز
له) (3) (4).

(1) التهذيب: 7، باب المهور والأجور وما ينعقد من النكاح من ذلك وما لا ينعقد
حديث: 60.
(2) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الشرط في النكاح وما يجوز منه وما لا يجوز
حديث: 2.
(3) المصدر السابق، حديث: 9.
(4) هاتان الروايتان لا معارض لهما من الروايات، مع أن الأولى صحيحة الطريق
والثانية من الحسان، ودلالتهما على ثبوت هذا الشرط صريحة فيهما، نص في الباب،
فيجب العمل بمقتضاهما. نعم قد يقال: ان الأصل يعارضهما، من حيث إن مقتضى العقد
تسلط الزوج على الاستقلال بالمرأة والانفراد بها من دون الأهل والبلد، فهي تبع له
بمقتضى العقد، فكان له اخراجها من بلدها ومن منزلها بالأصل، فشرط عدم ذلك مخالف
لمقتضى العقد، وما خالف مقتضى العقد من الشروط يكون فاسدا، واليه ذهب ابن إدريس.
واختار الشيخ وجماعة كثيرة من الأصحاب اللزوم تمسكا بالرواية، وأجابوا عما
ذكره من مخالفة الأصل ان الأغراض تتعلق باللبث في المنازل والاستيطان في البلاد التي
هي محل النشوء والتولد، لأنس النفس بها وقرارها فيها، وذلك أمر مطلوب لأكثر
العقلاء، بل سايغ في نظر الشارع، فجاز جعله شرطا في عقد النكاح توصلا إلى حصول
هذه الأغراض المباحة، وتحصيلا لهذه المطالب المهمة السايغة في نظر العقلاء، الغير
المخالفة في ظاهرها للشريعة، فمتى اعتضد ذلك بالنص الصحيح تعين العمل به (معه).
367

(342) وروى إبراهيم الكرخي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل له
أربع نسوة، فهو يبيت عند ثلاث منهن في لياليهن ويمسهن، فإذا نام عند
الرابعة في ليلتها لم يمسها، فهل عليه في هذا اثم؟ قال: (إنما عليه أن يكون
عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد
ذلك) (1) (2).
(343) وروى الصدوق في كتابه عن حفص بن غياث أو غيره قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طلق امرأته وبينهما ولد أيهما أحق به؟ قال: (المرأة

(1) التهذيب: 7، باب القسمة للأزواج، حديث: 11.
(2) هذا الحديث يدل على أن القسمة واجبة ليلا ونهارا، لان قوله: (إنما عليه
أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها) دال على أنه يجب أن يكون في
صبيحة تلك الليلة عند صاحبة الليلة، لان (على) إنما يستعمل في الوجوب.
وأما القسمة في الجماع فغير واجبه، بل له تخصيص ذلك بمن شاء في غير الجماع
الواجب. وأكثر الأصحاب على تخصيص وجوب القسمة بالليل دون النهار، لان النهار
جعل للمعاش وطلب الرزق، فلا تختص به الزوجة، بل هو حق للزوج يضعه حيث شاء،
واستضعفوا سند هذه الرواية، نعم لو كان ممن يشتغل بالليل كالوقاد والدهان وجب أن يعوض
عليه بالنهار (معه).
368

ما لم تتزوج) (1) (2).
(344) ورواه الشيخ عن المنقري عمن ذكره عنه عليه السلام (3).
(345) وروى داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام قال: (والوالدات
يرضعن أولادهن) (4) قال: ما دام الولد في الرضاع هو بين الأبوين بالسوية،
فإذا فطم فالأب أحق به من الأم، فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة. وان
وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم وقالت الأم لا أرضعه الا بخمسة دراهم، فان
له أن ينتزعه منها إلا أن رأى ذلك خيرا له وأرفق به، يتركه مع أمه) (5).
(346) وروى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " الأم أحق بحضانة ابنها ما لم

(1) الفقيه: 3، باب الولد بين والديه أيهما أحق به، حديث: 2.
(2) هذه الرواية دالة على أن الحضانة للأم، وانها أولى من الأب، وان طلقها
ما لم تنكح زوجا غيره. وانها متى نكحت زوجا سقطت حضانتها، لاشتغالها بحقوق
الزوج الثاني. فلو طلقت هل تعود الحضانة؟ قال ابن إدريس: لا، لتعلق حقها بعدم النكاح
فلما نكحت زال حقها، ولا وجه لعوده بعد زواله.
وقال الشيخ: تعود الحضانة، لان الحضانة ثابتة بالأصل، وإنما منع منها حق الزوج.
فمتى زال المانع رجع الحق على حاله لزوال مانعه، هذا قول الأكثر.
وهذه الأحكام لا خلاف فيها، وإنما يختلفون في مدة الحضانة كم قدرها، والمشهور
بين الأصحاب انها في الذكر مدة الرضاع، فمتى فطم صار الأب أحق به. وأما الأنثى
فاضطرب فيه قول الأصحاب: فقال بعضهم: ما لم تتزوج البنت فالحضانة للأم. وقال آخرون:
انها إلى سبع سنين، وعليه قول الأكثر (معه).
(3) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع
وحكمهم بعده وهم أطفال، حديث: 3.
(4) سورة البقرة: 233.
(5) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع
وحكمهم بعده وهم أطفال، حديث: 1.
369

تتزوج " (1).
(347) وروى عبد الله بن عمر ان امرأة قالت يا رسول الله: ان ابني هذا
كانت بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وان أباه طلقني وأراد
أن ينتزعه مني، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " أنت أحق به ما لم تنكحي " (2).
وروى أبو الصباح الكناني عن الصادق عليه السلام قال: (المتوفى عنها ينفق عليها
من مال ولدها الذي في بطنها) (3).
وروى الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (المرأة الحبلى المتوفى
عنها لا نفقة لها) (4) (5).

(1) كنوز الحقائق للمناوي على هامش الجامع الصغير 1: 96، في المحلى بأل من
حرف الهمزة، نقلا عن مسند أحمد بن حنبل ولفظه: (الأم أحق بولدها ما لم تتزوج).
(2) سنن أبي داود: 2، كتاب الطلاق، باب من أحق بالولد، حديث: 2276.
(3) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب عدة الحبلى المتوفى عنها زوجها ونفقتها،
حديث: 10.
(4) المصدر السابق، حديث: 3.
(5) العمل على الرواية الثانية، لموافقتها للأصل، واشتمال الأولى على التصرف
في مال الحمل. والحمل لا يكون له مال مستقر، لان استقرار ملكه مشروط بانفصاله
حيا، فكيف يصح التصرف في هذا المال مع احتمال كونه لغير الحمل (معه).
370

باب الطلاق
(1) روي أن النبي صلى الله عليه وآله طلق زوجته حفصة، ثم راجعها (1).
(2) وروى عروة عن قتادة قال: كان الطلاق في صدر الاسلام بغير عدد،
وكان الرجل يطلق امرأته ما شاء من واحد إلى عشر، فنزل قوله تعالى: (الطلاق
مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) (2) (3).
(3) وروي عن ابن عمر أنه قال: كان لي زوجة فأمرني النبي صلى الله عليه وآله أن

(1) سنن ابن ماجة: 1، كتاب الطلاق (1) باب حدثنا سويد بن سعيد، حديث:
2016.
(2) البقرة: 229.
(3) رواه أصحاب الحديث والتفسير بألفاظ مترادفة ومعاني متقاربة. راجع
أحكام القرآن للجصاص 1: 379. وأحكام القرآن لابن العربي 1: 189. والتفسير
الكبير للفخر عند تفسيره الآية (الطلاق مرتان) والدر المنثور 1: 227 وفيه: اخرج مالك
والشافعي وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن حاتم والبيهقي في سننه عن هشام بن
عروة عن أبيه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك
له وان طلقها ألف مرة الخ.
371

أطلقها فطلقتها (1).
(4) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما أحب الله مباحا كالنكاح، وما أبغض الله
مباحا كالطلاق " (2).
(5) وروي عنه عليه السلام أنه قال: " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير
بأس لم ترح رائحة الجنة " (3).
(6) وروى سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وآله
برجل، فقال: " ما فعلت امرأتك؟ " قال: طلقتها يا رسول الله، قال: " من غير
سوء؟ " قال: من غير سوء. ثم قال: إن الرجل تزوج فمر به النبي صلى الله عليه وآله
فقال: " تزوجت؟ " قال: نعم: ثم مر به فقال: " ما فعلت امرأتك؟ " قال:
طلقتها، قال: " من غير سوء؟ " قال: من غير سوء. ثم إن الرجل تزوج فمر
به النبي صلى الله عليه وآله فقال: " تزوجت؟ " فقال: نعم، ثم قال له بعد ذلك " ما فعلت
امرأتك؟ " قال: طلقتها، قال: " من غير سوء؟ " قال: من غير سوء. فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " ان الله عز وجل يبغض، أو يلعن، كل ذواق من الرجال وكل
ذواقة من النساء " (4).
(7) وروى ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ما من

(1) سنن الكبرى للبيهقي 7: 322، باب إباحة الطلاق.
(2) المهذب البارع، كتاب الطلاق، في أن الطلاق ينقسم أربعة أقسام، قال:
ومكروه كطلاق المريض والصحيح في التئام الأخلاق، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" ما أحب الله إلى آخره ".
(3) سنن ابن ماجة: 1، كتاب الطلاق (21) باب كراهية الخلع للمرأة، حديث:
2055.
(4) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة، حديث: 1
وسنن البيهقي 7: 322 مثله.
372

شئ مما أحله الله تعالى أبغض إليه من الطلاق. وان الله عز وجل يبغض المطلاق
الذواق) (1).
(8) وروى ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (يجوز طلاق الصبي إذا
بلغ عشر سنين) (2).
(9) وروى أبو الصباح الكناني عن الصادق عليه السلام قال: (ليس طلاق الصبي
بشئ) (3) (4).
(10) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن
الرجل يطلق امرأته وهو غائب؟ قال: (يجوز طلاقه على كل حال، وتعتد
امرأته من يوم طلقها) (5) (6).

(1) المصدر السابق، حديث: 2.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب طلاق الصبي، حديث: 1.
(3) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب طلاق الصبيان، حديث: 2.
(4) العمل على الرواية الثانية، لموافقتها للأصل وعمل أكثر الأصحاب عليها
(معه).
(5) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب طلاق الغائب، حديث: 7.
(6) هذه الرواية إلى آخر الرواية الخامسة منها. أما الرواية الأولى فهي مطلقة
يمكن حملها على المقيدة. وأما روايتا الشهر فجاز أن يحمل على أقل ما يكون من المدة
لأنه أقل زمان يقع فيه حيض وطهر يستقيم الحيض في أغلب النساء. وأما روايتا الثلاثة
أشهر فهي أوسط المدة التي يعلم بها حال المسترابة. وأما رواية الخمسة والستة فهي
للاحتياط بامكان الحمل.
والمنع من طلاق الحامل حتى يبين حملها، ولا يحصل البيان التام الا بذلك القدر
فالعمل بجميع الروايات حاصل، لكن يختلف باختلاف المرأة من كونها مستقيمة الحيض
أو مسترابة أو مما يمكن لها الحمل. فبهذا أجمع كثير من الأصحاب بين هذه الروايات،
فقالوا: ان القدر هو أن يعلم انتقالها من طهر إلى آخر، فإذا مضى زمان يمكن فيه
ذلك في علمه، وما حصل له من معرفته بأحوالها، جاز له الطلاق، ويختلف ذلك
باختلاف أحواله في علمه بها بأي حالة من الأحوال المذكورة، وهو قريب إلى الصواب.
ويراد بالعلم هنا الظن الغالب الحاصل من اطلاعه على حالها بسبب المعاشرة (معه).
373

(11) وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (الغائب إذا أراد أن
يطلق امرأته تركها شهرا) (1).
(12) وروى جميل بن دراج في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (الرجل
إذا خرج إلى السفر فليس له أن يطلق حتى يمضي لها ثلاثة أشهر) (2)
(13) وروى إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الغائب الذي
يطلق كم غيبته؟ قال: (خمسة أشهر أو ستة أشهر) قلت: حد دون ذلك؟ قال:
(ثلاثة أشهر) (3).
(14) وروى محمد بن أبي حمزة عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: (الغائب إذا أراد أن يطلق امرأته تركها شهرا) (4).
(15) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام عن علي عليه السلام في الرجل يقال له:
أطلقت امرأتك؟ فيقول: نعم، قال: (قد طلقها حينئذ) (5) (6)
(16) وروى محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام في رجل قال لامرأته: أنت
علي حرام، أو بائنة، أو بته، أو خلية، أو برية؟ فقال: (هذا ليس بشئ، إنما
الطلاق أن يقول لها في قبل عدتها: أنت طالق، ويشهد على ذلك رجلين

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب أحكام الطلاق، حديث، 121.
(2) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب أحكام الطلاق، حديث: 122.
(3) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب أحكام الطلاق، حديث: 123.
(4) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب طلاق الغائب، حديث: 3.
(5) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب أحكام الطلاق، حديث: 30.
(6) قد مر الكلام على هذه الرواية، فلا وجه لإعادته (معه).
374

عدلين) (1) (2).
(17) ورواه أيضا أحمد بن محمد بن أبي نصر في الجامع عن سماعة عن
محمد بن مسلم (3).
(18) ورواه الشيخ أيضا، وزاد (أو اعتدى) (4).
(19) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام: (الطلاق أن يقول لها:
اعتدى، أو يقول لها: أنت طالق) (5) (6).
(20) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام قال: قلت: رجل خير امرأته؟ قال:
(إنما الخيار لهما ما داما في مجلسهما، فإذا تفرقا فلا خيار لهما) (7).

(1) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب ما يجب أن يقول من أراد الطلاق،
حديث: 1.
(2) هذا الحديث يدل على حصر الطلاق، وانه لا يقع الا بصيغة اسم الفاعل،
ولفظ طالق، فلا يصح بغير صيغة اسم الفاعل من الصيغ، ولا بغير لفظ الطلاق من الألفاظ
وفيه دلالة على أن الاشهاد شرط في صحته، وانه لا بد من رجلين عدلين يسمعان الطلاق
حال ايقاعه من المطلق، فلا يقبل فيه شهادة النساء، ولا من ليس بعدل، وانه لو وقع بغير ذلك
لم يكن شيئا معتدا به، بمعنى انه لا يترتب عليه آثاره (معه).
(3) المختلف، كتاب الطلاق: 34، في مسألة ان قيل للرجل هل طلقت فلانة؟
فلاحظ "
(4) التهذيب: 8، باب أحكام الطلاق، حديث: 27 و 28 و 29. ويوجد فيها
قوله: (اعتدى).
(5) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب ما يجب أن يقول من أراد أن يطلق، حديث: 2
والتهذيب، 8، باب أحكام الطلاق، حديث: 28.
(6) هذه الرواية معارضة لما تقدمها في زيادة لفظ (اعتدى) لان إنما كانت للحصر
خرج كل لفظ غير طالق. والعمل بالأولى أقوى، لاشتهارها بين الأصحاب (معه).
(7) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب حكم من خير امرأته فاختارت الطلاق
في الحال أو فيما بعده، حديث: 5.
375

(21) وروى جميل بن دراج في الموثق عن زرارة ومحمد بن مسلم عن
أحدهما عليهما السلام، قال: (لا خيار الا على طهر من غير جماع بشهود) (1).
(22) وروى حمران في الصحيح قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (المتخيرة
تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما، لان العصمة قد زالت بساعة
كان ذلك منها ومن الزوج) (2).
(23) وروى العيص بن القاسم عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل خير
امرأته، فاختارت نفسها، بانت منه؟ قال: (لا، إنما هذا شئ كان لرسول الله صلى الله عليه وآله
خاصة، أمر بذلك ففعل، ولو اخترن أنفسهن، لطلقن) (3).
(24) وروى محمد بن مسلم عنه مثله (4).
(25) وروى زرارة في الموثق عن الباقر عليه السلام قال: قلت له: رجل خير
امرأته - إلى أن قال: - (وهو أحق برجعتها قبل أن تنقضي عدتها) (5).
(26) وروى زرارة أيضا عن أحدهما عليهما السلام قال: (إذا اختارت نفسها فهي
تطليقة بائنة وهو خاطب من الخطاب، وان اختارت زوجها فلا شئ) (6) (7).

(1) المصدر السابق، حديث: 6.
(2) المصدر السابق، حديث: 9.
(3) المصدر السابق، قطعة من حديث: 1.
(4) المصدر السابق، حديث: 2.
(5) المصدر السابق، قطعة من حديث: 10.
(6) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب حكم من خير امرأته فاختارت الطلاق
في الحال أو فيما بعده، حديث: 7.
(7) هذه السبع الروايات المتعلقة بالاختيار مضطربة. فان في بعضها ان التخيير
طلاق بائن إذا اختارت نفسها على الفور بشرائط الطلاق. وفى بعضها هو طلاق رجعي.
وفى بعضها انه من خصائص النبي صلى الله عليه وآله وانه لا يقع الاختيار لغيره.
وأصل هذا الاختيار مأخوذ من الآية، وهي قوله تعالى: " قل لأزواجك ان كنتن تردن
الحياة الدنيا الآية " فأمره الله تعالى بتخيير أزواجه بين أن يخترنه، أو يخترن أنفسهن،
فيخيرهن فاخترن الله ورسوله، ولو اخترن أنفسهن لطلقن.
ومن هنا وقع النزاع فيه من حيث إن فعل النبي صلى الله عليه وآله دال على
مشروعيته قطعا، لكن هذا الجواز هل هو من خصائصه أو تشاركه الأمة فيه؟ ولهذا اضطربت
الروايات. والمعتمد في هذا على الأصل، من أن الطلاق لا يقع الا بلفظ طالق، فكلما
ورد مما يخالف ذلك يجب حمله على التأويل، فيحمل فعله صلى الله عليه وآله على
الاختصاص (معه).
376

(27) وروى أبو حمزة الثمالي في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل قال: اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها، أو اكتب إلى عبدي بعتقه،
يكون ذلك طلاقا وعتقا؟ قال: (لا يكون طلاقا وعتقا حتى ينطق به بلسانه،
أو يكون غائبا عن أهله) (1).
(28) وروى زرارة في الحسن قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل كتب
بطلاق امرأته، أو بعتق غلامه، ثم بدا له، ما حاله؟ قال: (ليس ذلك بطلاق
ولا عتاق حتى يتكلم) (2) (3).

(1) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب الرجل يكتب بطلاق امرأته قطعة من
حديث: 1.
(2) المصدر السابق، حديث، 2.
(3) هذه الرواية معارضة للسابقة عليها، من حيث إن الأولى دلت بظاهرها على أن
الكتابة للحاضر لا يؤثر شيئا ويؤثر في الغائب. والعلامة حمل ذلك على حال الاضطرار
وجعل (أو) للتفصيل لا للتخيير. وأما الثانية فيقتضى اطلاق المنع في الحاضر والغائب
حتى يحصل النطق. فان قيل: المطلق يجب حمله على المقيد ليتم العمل بالروايتين.
قلت الغيبة وعدمها لا تأثير لهما في سببية الحكم، بل السبب فيه إنما هو اللفظ،
فاستوى فيه حالتا الغيبة والحضور، فان كانت الكتابة سببا آخر تساويا فيه أيضا، فلا
معنى للفرق، هذا مع أن الرواية الأخيرة هي الموافقة للأصل المعتضدة بالنظر والشهرة
بين الأصحاب (معه).
377

(29) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام قال: (طلاق الأخرس أن يأخذ
مقنعتها ويضعها على رأسها، ثم يعتزلها) (1).
(30) وروى أبو بصير عنه عليه السلام مثله (2).
(31) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال، سألت الرضا عليه السلام عن
الرجل يكون عنده المرأة فيصمت فلا يتكلم؟ قال: (أخرس؟) قلت: نعم، قال:
(فيعلم منه بغض لامرأته وكراهة لها؟) قلت: نعم، أيجوز أن يطلق عنه وليه؟
قال: (لا، ولكن يكتب ويشهد على ذلك) قلت: أصلحك الله لا يكتب ولا يسمع
كيف يطلقها؟ قال: (بالذي يعرف من فعله مثل ما ذكرت من كراهته لها، أو
بغضه لها) (3) (4).
(32) وروى جميل بن دراج في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته
عن الذي يطلق في حال طهر في مجلس واحد ثلاثا؟ قال: (هي واحدة) (5).
(33) وروى بكير بن أعين في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: (ان طلقها

(1) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب طلاق الأخرس، حديث: 3.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب طلاق الأخرس، حديث: 3.
(3) الاستبصار: 3، كتاب طلاق، باب طلاق الأخرس، حديث: 1.
(4) الروايتان الأولتان ضعيفتا السند، ولو سلمنا أمكن حملهما على ما إذا علم من
ذلك إشارته بالطلاق، فالعمل حينئذ على هذه الرواية الثالثة الدالة على أن الإشارة للأخرس
هي المعتبرة في الطلاق (معه).
(5) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب من طلق ثلاثا على طهر بشهود في مجلس
أو أكثر انها واحدة، حديث: 2.
378

للعدة أكثر من واحدة، فليس الفضل على الواحدة بطلاق) (1).
(34) وروى أبو بصير في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (من طلق ثلاثا
في مجلس واحد فليس بشئ، من خالف كتاب الله، رد إلى كتاب الله) (2) (3).
(35) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: (التي لا تحبل مثلها،
لا عدة عليها) (4).
(36) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الموثق عن الصادق عليه السلام قال:
(ثلاث يتزوج على كل حال. التي لم تحض ومثلها لا تحيض) قال: قلت: وما حدها؟
قال: (إذا أتى لها أقل من تسع سنين. والتي لم يدخل بها. والتي يئست من
المحيض ومثلها لا تحيض) قلت: وما حدها؟ قال: (إذا كان لها خمسون سنة) (5) (6).

(1) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب من طلق لغير الكتاب والسنة، قطعة من
حديث: 17.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب من طلق امرأته ثلاث تطليقات مع
تكامل الشرايط في مجلس واحد، وقعت واحدة، حديث: 10.
(3) العمل بالصحيحتين الأولتين أقوى، لامكان حمل الثالثة، على أن الثلاث لا
يقع، فيصير قوله: (ليس بشئ) يوجب ما قصده. لان كل فعل اختياري صدر عن الحيوان
ولم يحصل غايته يسمونه باطلا، وما هو باطل لا يكون شيئا. ولا يلزم من كون الثلاث من
حيث المجموع باطلا، أن يكون الواحد باطلة (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب طلاق التي لم تبلغ والتي قد يئست من
المحيض، حديث: 3.
(5) المصدر السابق، حديث: 4.
(6) إنما ذكر هاتين الروايتين هنا، ليعلم ان الطلاق البائن كل ما لا يصح معه الرجعة.
وهذه المذكورات هي الآيسة والصغيرة التي لم تحض والتي لم يدخل بها طلاقهن
البائن. بمعنى انه لا يصح لمطلق فيهن الرجعة. وعلة ذلك ما ذكر في الرواية من عدم
وجوب العدة عليهن، لأن عدم وجوب العدة في البينونة، بل قوله: (يتزوجن على كل
حال) صريح في البينونة (معه).
379

(37) وروى الحسن بن محبوب عن عبد الله بن بكير عن زرارة بن أعين
قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (الطلاق الذي يحبه الله، هو الذي يطلقها
الفقيه، وهو العدل بين المرأة والرجل. أن يطلقها في استقبال الطهر بشهادة
الشاهدين، وإرادة من القلب، ثم يتركها حتى يمضي ثلاثة قروء، فإذا رأت
الدم في أول قطرة من الثالثة، وهو آخر القرء، لان الأقراء هي الأطهار، فقد
بانت منه، وهي أملك بنفسها فإن شاءت تزوجته وحلت له بلا زوج. فان فعل
هذا بها مائة مرة، هدم ما قبلها وحلت للأزواج. وان راجعها قبل أن تملك نفسها،
ثم طلقها ثلاث مرات. يراجعها ويطلقها لم تحل الا بزوج) (1) (2).
(38) وروى إسماعيل الجعفي في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: (طلاق
الحامل واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه) (3).
(39) وروى أبو بصير في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (الحبلى تطلق
تطليقة واحدة) (4).
(40) وروى منصور الصيقل عنه عليه السلام في الرجل يطلق امرأته وهي حبلى؟

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب ان من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة
لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، حديث: 24.
(2) هذه الرواية ضعيفة، لان راويها عبد الله بن بكير، وهو فطحي كذاب، قال
الشيخ: لما سئل عبد الله بن بكير عن هذا الحكم؟ قال: هذا مما رزقني الله من الرأي،
فلما رأى أصحابه لا يوافقونه عليه أسنده إلى زرارة نصرة لمذهبه الذي أفتى به. ولا شك
ان ما هو عليه من الغلط من انحرافه عن اعتقاد الحق واعتقاد مذهب الفطحية أعظم من الغلط
في فتيا اعتقدها لشبهة دخلت عليه، وأعظم من اسنادها إلى بعض أصحاب الأئمة عليهم
السلام (معه).
(3) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب طلاق الحامل المستبين حملها، حديث: 3.
(4) المصدر السابق، حديث: 2.
380

قال: (يطلقها)، قلت: فيراجعها؟ قال: (نعم، يراجعها) قلت: فان بدا له بعد
ما راجعها أن يطلقها؟ قال: (حتى تضع) (1).
(41) وروى إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الحامل يطلقها
زوجها، ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها ثم يطلقها الثالثة، قال: (تبين منه ولا تحل
له حتى تنكح زوجا غيره) (2).
(42) وروى إسحاق بن عمار أيضا عنه عليه السلام قال: سألته عن الحبلى تطلق
الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره؟ قال: (نعم) قلت: ألست
قلت لي: إذا جامع لم يكن له أن يطلق؟ قال: (الطلاق لا يكون إلا عن طهر
قد بان، أو حمل قد بان، وهذه قد بان حملها) (3).
(43) وروى يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن طلاق الحبلى؟
قال: (يطلقها واحدة للعدة بالشهود) قلت: فله أن يراجعها؟ قال: (نعم وهي
امرأته) قلت: فان راجعها ومسها ثم أراد أن يطلقها تطليقة أخرى؟ قال:
(لا يطلقها حتى يمضي لها بعد ما مسها شهر) قلت: وان طلقها ثانية وأشهد ثم
راجعها وأشهد على رجعتها ومسها ثم طلقها التطليقة الثالثة وأشهد على طلاقها
لكل عدة شهر، فهل تبين منه كما تبين المطلقة للعدة التي لا تحل لزوجها حتى
تنكح زوجا غيره؟ قال: (نعم) قلت: فما عدتها؟ قال: (عدتها أن تضع ما
في بطنها، ثم حلت للأزواج) (4) (5).

(1) المصدر السابق، حديث: 7.
(2) المصدر السابق، حديث: 6.
(3) المصدر السابق، حديث: 8.
(4) المصدر السابق، حديث: 9.
(5) هذه الروايات الثلاث، الأولى دالة صريحا على أن الحامل لا يصح طلاقها الا
مرة، وانه متى طلقها وراجعها قبل الوضع، ثم أراد طلاقها بائنا، لم يصح له ذلك الا
بعد الوضع. والروايتان اللتان بعدها دلتا على جواز تعدد الطلاق وان حصلت الرجعة
والمسيس.
وبالرواية الأولى قال الصدوق: وبهاتين قال الشيخ: وأجاب عن الرواية السابقة،
بأن المراد بالوحدة، الوحدة الصنفية، أي لا تقع لها من الطلاق الا صنف واحد منه،
وهو الطلاق العدى. ولا يقع لها صنفان أحدهما عدى والاخر سنى، ولهذا قال: لا يصح
طلاقها الا بعد المواقعة، ليكون الطلاق للعدة. والتعدد المذكور في الروايات المتأخرة
هو التعدد الشخصي، فان رواية إسحاق الأولى تضمنت تعداد الطلاق صريحا، وكذلك
الثانية وجعل فيها ان التعدد مشروط ببيان الحمل.
وأما الرواية الأخيرة فمضمونها دال على أن التعدد مع المسيس مشروط بتفريقه
على الشهور، بأن يقع الطلاق في شهر فإذا وقع بعده رجوع وجب في الطلاق الثاني أن
يكون بينه وبين وقت الرجوع شهر. وبمضمون هذه الرواية قال ابن الجنيد.
ويمكن الجمع بين هذه الروايات، بأن يقال: طلاق الحامل جائز أي وقت شاء
لكن إذا وقع رجعيا كان له الرجعة، فان رجع لم يصح أن يطلقها للسنة، لان طلاق
السنة إنما يكون بعد انقضاء العدة، والحامل لا تنقضي عدتها الا بعد الوضع، فالطلاق
الثاني للسنة لا يمكن وقوعه بالحامل، لأنها بالوضع يخرج عن كونها حاملا. فأما ان أراد
أن يطلقها للعدة فهو جائز، لأنها ما دامت حاملا فهي في عدة، فله المراجعة والطلاق ثانيا
سواء كان قبل المسيس أو بعده، لكنه لا يسمى طلاق السنة، إلا أن يؤخذ السنة بالمعنى
الأعم الذي هو في مقابل البدعة.
وحينئذ نقول: الروايات الواردة بالمنع من تعدد الطلاق محمولة على طلاق السنة
لأنه غير ممكن حصوله حالة الحمل. والروايات الواردة بالتعدد، محمولة على طلاق العدة
لأنه الذي يمكن وقوعه. وأما الرواية الأخيرة فقد عارضت المجموع باعتبار قيد الشهر
وتفرد بالعمل بها ابن الجنيد دون الباقين، فكأنها متروكة عندهم (معه).
381

(44) وروى ابن رفاعة موسى النخاس قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل طلق
امرأته تطليقة واحدة فتبين منه ثم يتزوجها آخر فيطلقها على السنة، فتبين منه
ثم يتزوجها الأول، على كم هي عنده؟ قال: (على غير شئ) ثم قال: (يا
382

رفاعة كيف إذا طلقها ثلاثا ثم تزوجها ثانيا استقبل الطلاق فإذا طلقها واحدة
كانت على اثنين) (1).
(45) وروى عبد الرحمان بن عقيل بن أبي طالب ان عمر قضى انها تبقى
على ما بقي من الطلاق، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (سبحان الله أيهدم ثلاثا ولا
يهدم واحدة؟) (2).
(46) وروى الحلبي في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
طلق امرأته تطليقة واحدة، ثم تركها حتى قضت عدتها، فتزوجت زوجا غيره،
ثم مات الرجل أو طلقها فراجعها زوجها الأول؟ فقال: (هي عنده على تطليقتين
باقيتين) (3) (4).
(47) وروى الحسين بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل طلق امرأته
ثلاثا فبانت منه وأراد مراجعتها فقال لها: اني أريد أن أراجعك، فتزوجي
زوجا غيري، قالت: قد تزوجت وحللت لك نفسي، أفيصدقها ويراجعها، أم

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب أحكام الطلاق، حديث: 11.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب ان من طلق امرأة ثلاث تطليقات للسنة
لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قطعة من حديث: 23.
(3) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب أحكام الطلاق، حديث: 12.
(4) هذه الرواية معارضة لما تقدمها، لان ما تقدمها يدل على أن الزوج المتوسط
كما تهدم الثلاث، يهدم الواحدة والاثنين بطريق الأولى، ودلت هذه على أن هدمه مختص
بكونه بعد الثلاث، فأما الواحدة أو الاثنتان فلا تهدمها، بل يبقى معه على الطلاق السابق
ولما كانت هذه الرواية من الصحاح وهي مخالفة للأصل والمشهور، نزلوها على الحمل
وان بعد.
فقال الشيخ: هذه الرواية وما في معناها يجب حملها على أحد أمور ثلاثة. أما
أن يكون الزوج الثاني صغيرا، أو كان لم يدخل بها، أو كان العقد متعة. وحينئذ ينتفى
التعارض بينها وبين ما تقدم ويتم العمل بالجميع (معه).
383

كيف يصنع؟ قال: (إذا كانت المرأة ثقة صدقت في قولها) (1).
(48) وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (طلاق الأخرس أن يأخذ
مقنعتها ويضعها على رأسها) (2) (3).
(49) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (لا يجتمع ماء آن في رحم واحد) (4) (5).
(50) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش: " أقعدي عن الصلاة
أيام أقراءك " (6) والمراد الحيض.
(51) وروى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (عدة التي تحيض ويستقيم

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب أحكام الطلاق، حديث: 24.
(2) تقدم آنفا تحت رقم (29).
(3) إنما أعاد هذه الرواية هنا، لان جماعة من الأصحاب ذهبوا إلى أن رجعة
الأخرس، بأخذ القناع كما أن طلاقه بوضع القناع، ويحتجون على ذلك بهذه الرواية.
فأشار إلى أن هذه الرواية إنما تدل على حكم الطلاق، وأما دلالته على حكم الرجعة
فبعيد، لأنه يكون من باب مفهوم المخالف، وهو ليس بحجة عند أكثر الأصوليين (معه).
(4) رواه في المهذب في المقصد الرابع، من كتاب الطلاق في بيان الأدلة الدالة
على وجوب العدد، فراجع.
(5) إنما ذكر هذا الحديث هنا، ليستدل به على وجوب العدة لكل موطوءة شرعا
لان اجتماع المائين موجب لاختلاط النسب وضياعه، الذي حفظه أحد الضروريات
الخمس التي يجب حفظها، (أي حفظ الدين والمال والنسب والعقل والنفس) وتقديرها
في كل شريعة، ولهذا لم يوجب الشارع العدة على الآيسة والصغيرة لا من الاختلاط (معه).
(6) سنن ابن ماجة 1: 203، كتاب الطهارة وسننها، (115) باب ما جاء في
المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها قبل أن يستمر بها الدم، حديث: 620، ولفظ
الحديث: فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: " إنما ذلك عرق فانظري إذا
أتاك قرؤك فلا تصلى " الحديث. والتهذيب: 1، أبواب الزيادات، باب الحيض
والاستحاضة والنفاس، حديث: 6.
384

حيضها ثلاثة أقراء) وهي ثلاث حيض (1).
(52) وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، الأقراء هي الأطهار (2) (3).
(53) وروى زرارة في الحسن عن الباقر عليه السلام قال: (أمران أيهما سبق
بانت به المطلقة المسترابة تستريب الحيض:
ان مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه، وان مرت بها ثلاث
حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض) (4).
(54) وروى عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام: عن رجل عنده
امرأة شابة وهي تحيض في كل شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة واحدة، كيف
يطلقها زوجها؟ قال: (أمر هذه شديد. هذه تطلق طلاق السنة تطليقة واحدة على
طهر من غير جماع بشهود، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض، متى ما
حاضتها فقد انقضت عدتها) قلت له: فان مضت سنة ولم تحض فيها ثلاث حيض؟

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب ان المرأة تبين إذا رأت الدم من الحيضة
الثالثة، حديث: 9.
(2) المصدر السابق، حديث: 13.
(3) الروايتان الأولتان دلتا على أن الأقراء، هي الحيض، فالعدة تكون بمضي
ثلاث حيض، فالحيضة الثالثة بتمامها جزء من العدة. والرواية الثالثة دلت على أن
الأقراء هي الأطهار، وان العدة هي أطهار ثلاثة، فالحيضة الثالثة دلالة على الخروج لان
بها علم تمام الطهر الثالث، فلا يكون جزءا من العدة، لتمامها بتمام الطهر المعلوم بأول
لحظة من الحيض. والى كل من الوجهين ذهب فريق من أصحابنا، ولكن العمل بالحيض
أحوط، لحصول الأطهار في ضمنها وزيادة تمام الحيضة، فيحصل يقين البراءة، للاجماع
على الخروج بها، فالعمل بموضع الاجماع أولى (معه).
(4) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب ان المرأة إذا حاضت فيما دون الثلاثة
أشهر كانت عدتها بالأقراء، حديث 7.
385

قال: (يتربص بها بعد السنة ثلاثة أشهر، ثم قد انقضت عدتها) قلت: فان
ماتت أو مات زوجها؟ قال: (فأيهما مات ورثه صاحبه ما بينه وبين خمسة عشر
شهرا) (1) (2).
(55) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الموثق عن الصادق عليه السلام قال
(ثلاث يتزوجن على كل حال. التي لم تحض ومثلها لا تحيض) قلت:
وما حدها؟ قال: (إذا أتى بها أقل من تسع سنين، والتي لم يدخل بها، والتي قد
يئست من المحيض ومثلها لا تحيض) قلت وما حدها؟ قال: (إذا كان لها خمسون سنة) (3).
(56) وروى زرارة في الحسن عنه عليه السلام في الصبية التي لا تحيض مثلها،
والتي قد يئست من المحيض؟ قال: (ليس عليها عدة وان دخل بها) (4).
(57) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: (التي لا تحبل مثلها، لا عدة
عليها) (5).

(1) المصدر السابق، حديث: 1.
(2) لا كلام فيما تضمنت هذه الرواية من الاحكام الا في قوله: يتربص بها سنة
فان مدة التربص المقصود فيها ههنا ليس إلا لاستعلام فراغ الرحم من الحمل، فيكون
المقصود بالتربص إلى أقصى مدة الحمل، فكان في الرواية إشارة إلى أن السنة هي
الأقصى. وللأصحاب في ذلك شك، فأكثرهم يقولون: انها تسعة. وآخرون انها عشرة
فتختلف مدة التربص بالاختلاف في أقصى مدة الحمل. والشيخ رحمه الله خصص هذه
الرواية بكون المتأخرة الحيضة الثالثة، فأما إذا كان المتأخرة هو الحيضة الثانية، كان
المدة تسعة أشهر، ولا أعرف وجه الفرق (معه).
(3) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب ان التي لم تبلغ المحيض والآيسة منه
إذا كانتا في سن من لا تحيض لم يكن عليها عدة، حديث: 1. وقد تقدم تحت رقم (36)
ولعل وجه التكرار بيان الجمع التي يأتي عن قريب.
(4) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب ان التي لم تبلغ المحيض والآية منه
إذا كانتا في سن من لا تحيض لم يكن عليهما عدة، حديث: 2.
(5) المصدر السابق، حديث: 3. وقد تقدم تحت رقم (35).
386

(58) وروى محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن
عبد الله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عنه عليه السلام قال: عدة
التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر. والتي قد قعدت عن الحيض ثلاثة أشهر)
(1) (2).
(59) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الموثق عن الصادق عليه السلام،
قلت: المرأة التي يئست من المحيض ومثلها لا تحيض ما حدها؟ قال: (إذا كان لها
خمسون سنة) (3).
(60) وروى الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (المرأة التي يئست من المحيض حدها خمسون
سنة) (4).
(61) وروى محمد بن يعقوب في كتابه بالسند المذكور، قال فيه: وروي

(1) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب طلاق التي لم تبلغ والتي قد يئست من
المحيض، حديث: 6.
(2) الروايات الثلاث الأول صريحة في عدم وجوب العدة على الثلاث المذكورة
والرواية الرابعة فيها تصريح بوجوب العدة على الصغيرة والآيسة كما هو مذهب السيد المرتضى
وهي معارضة بهن، والأكثر على عدم العمل بها.
أما أولا: فلمخالفتها للمشهور.
وأما ثانيا: فللطعن في سندها، فان ابن سماعة وابن جبلة وابن أبي حمزة منحرفون
عن الحق فاسدوا العقيدة.
وأما ثالثا: فلأنها مقطوعة.
وأما رابعا: فلان الروايات الأول أكثر ورودا وأوضح طرقا (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الحيض، باب المرأة يرتفع طمثها ثم يعود، وحد
اليأس من المحيض، حديث: 4.
(4) التهذيب: 1، أبواب الزيادات في أبواب كتاب الطهارة، حديث: 58.
387

ستون سنة (1).
(62) وروى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة، إلا أن تكون
امرأة من قريش) (2) (3).
(63) وروى بريد بن معاوية العجلي في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ فقال: (ما سكتت عنه وصبرت فخل
عنها، وان رفعت أمرها إلى الوالي آجلها أربع سنين، ثم يكتب إلى الصقع
الذي فقد فيه، فيسأل عنه، فان أخبر عنه بحياة صبرت، وإن لم يخبر عنه بحياة
حتى يمضي أربع سنين، دعى ولي الزوج المفقود، فقيل له: هل للمفقود
مال؟، فإن كان له مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته، وإن لم يكن له مال،
قيل له: أنفق عليها، فان فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوج ما أنفق عليها، وان
أبى أن ينفق عليها، أجبره الوالي على أن يطلق تطليقة في استقبال العدة وهي
طاهر، فيصر طلاق الولي طلاق الزوج. فان جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها
من يوم طلقها الولي، فبدا له أن يراجعها، فهي امرأته، وهي عنده على تطليقتين.
وان انقضت العدة قبل أن يجئ أو يراجع، فقد حلت للأزواج ولا سبيل للأول
عليها) (4) (5).

(1) الفروع: 3، كتاب الحيض، باب المرأة يرتفع طمثها ثم يعود، وحد اليأس
من المحيض، حديث: 2.
(2) التهذيب: 1، أبواب الزيادات في أبواب كتاب الطهارة، حديث: 59.
(3) وهذه الرواية خصصت حكم الستين بالقرشية وحملوا الروايات الواردة
بالخمسين على غيرها، ليتم العمل بالجميع (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب المفقود، حديث: 2.
(5) هذه الرواية صحيحة الطريق ولا معارض لها، وجميع الأصحاب متفقون على
العمل بأحكامها، إلا أنه لو امتنع الولي من الطلاق طلقها الوالي. والعدة المذكورة هنا
عدة الوفاة، لأنها تجمع بين العدتين (معه).
388

(64) وروى محمد بن مسلم والحلبي معا في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال: (الأمة إذا توفى عنها زوجها، فعدتها شهران وخمسة أيام) (1).
(65) وروى سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام قال: (عدة المملوكة المتوفى
عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا) (2) (3).
(66) وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن نصرانية كانت تحت
نصراني فطلقها، هل عليها عدة مثل عدة المسلمة؟ فقال: (لا) قلت: فما عدتها
ان أراد المسلم أن يتزوجها؟ قال: (عدتها عدة الأمة، حيضتان أو خمسة وأربعين
يوما) (4) (5).

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب عدة الأمة المتوفى عنها زوجها،
حديث: 4.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب عدة الأمة المتوفى عنها زوجها،
حديث: 7.
(3) ظاهر هذه الرواية معارضة للأولى. ولكن أكثر الأصحاب حملوها على
كون الأمة المتوفى عنها زوجها أم ولد لزوجها وسيدها، فان عدتها كالحرة، لان لها
تشبث بالحرية من جهة الولد، وحملوا الرواية الأولى على القنة، أي التي ليس لها
تشبث بالحرية، ليتم العمل بالحديثين (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب طلاق أهل الذمة وعدتهم في الطلاق
والموت إذا أسلمت، قطعة من حديث: 1.
(5) المشهور بين الأصحاب عدم العمل بهذه الرواية، لعموم وجوب العدة الكاملة
على كل مطلقة، خرجت الأمة بأدلة خاصة فبقي ما عداها داخلا في العموم، والنصرانية
حرة، فيجب العدة عليها كاملة، رجوعا إلى الأصل واستضعافا لهذه الرواية (معه).
389

(67) وروى إسحاق بن عمار في الموثق قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن
الأمة يموت سيدها؟ قال: (تعتد عدة المتوفى عنها زوجها) (1).
(68) وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله لم يجعل لفاطمة بنت قيس لما بتها
زوجها، نفقة ولا سكنى (2).
(69) وقال صلى الله عليه وآله: " ان النفقة والسكنى لمن يملك زوجها رجعتها " (3).
(70) وروي عن ابن عباس ان أدنى ما تخرج به المعتدة عن البيت، أن تؤذي
أهل الرجل، فان ذلك فاحشة (5).
(71) وروى علي بن جعفر قال: سأل المأمون الرضا عليه السلام عن قول الله
عز وجل (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) (6)
قال: (أن تؤذي أهل زوجها) (7).

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الرجل يعتق سرية عند الموت ثم يموت
عنها، حديث: 4.
(2) سنن أبي داود: 2، كتاب الطلاق، باب في نفقة المبتوتة، حديث: 2284
2290.
(3) سنن الكبرى للبيهقي 7: 473، ولفظه: (إنما السكنى والنفقة لمن كانت عليه
الرجعة)، وسنن الدارقطني، كتاب الطلاق، حديث: 54 و 63، ولفظه: (إنما السكنى
والنفقة لمن كان لزوجها عليها رجعة).
(5) الدر المنثور 6: 231، ولفظ الحديث: (عن ابن عباس رضي الله عنهما،
قال: الفاحشة البينة أن تبذوا المرأة على أهل الرجل، فإذا بذت عليهم بلسانها، فقد حل
لهم اخراجها). وفى المهذب، كتاب الطلاق في شرح قول المصنف: وقيل أدناه أن
تؤذى أهله، ما هذا لفظه: (المروى عن ابن عباس أن تؤذى أهل الرجل).
(6) سورة الطلاق 10.
(7) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب عدد النساء، حديث: 55.
390

(72) وروى ابن مسعود ان معناه: أن تزني فتخرج وتحد، ثم ترد إلى
موضعها (1) (2).

(1) رواه في المهذب، كتاب الطلاق، في شرح قول المصنف: وقيل أدناه أن
تؤذى أهله.
(2) العمل بالمجموع واجب، فيصح اخراجها لكل واحد من الامرين (معه).
391

باب الخلع
(1) روي عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمان، ان حبيبة بنت
سهل أجرتها ان كانت عند ثابت بن قيس بن شماس، وان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج
إلى صلاة الصبح، فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه فقال رسول الله: " من هذه؟ "
فقالت: انا حبيبة بنت سهل، لا أنا ولا ثابت فلما جاء ثابت قال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
" هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن يذكر " فقالت حبيبة: يا رسول الله كلما
أعطاني عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لثابت: " خذ منها " فأخذ منها وجلست هي
في أهلها (1).
(2) وفي رواية أخرى ان حبيبة بنت سهل كانت تحت قيس بن ثابت وكان
يحبها وتكرهه، وكان أصدقها حديقة بين يدي النبي صلى الله عليه وآله، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله:
" تعطيه الحديقة التي أصدقك إياها؟ " فقالت: وأزيده، فخلعها قيس على الحديقة.
فلما تم الخلع، قال لها النبي صلى الله عليه وآله: " اعتدي " ثم التفت إلى أصحابه فقال:
" هي واحدة " (2).

(1) سنن ابن داود: 2، كتاب الطلاق، باب في الخلع، حديث: 2227.
(2) كنز العمال: 6، كتاب الخلع، حديث: 15277، وفيه: (فقال النبي صلى
الله عليه (وآله) وسلم اذهبا فهي واحدة).
392

(3) وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال: سألت أبا الحسن
الرضا عليه السلام عن المرأة تباري زوجها، أو تختلع منه بشهادة الشاهدين على
طهر من غير جماع هل تبين بذلك؟ أو هي امرأته حتى يتبعها بالطلاق؟ فقال:
(تبين منه، فإن شاء أن يرد إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعل) قلت: انه قد
روي أنها لا تبين حتى يتبعها بالطلاق، قال: (ليس ذلك إذا خلع) فقلت:
تبين منه؟ قال: (نعم) (1) (2).
(4) وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله، لم يأمر ثابت بن قيس بلفظ الطلاق (3).
(5) وروى موسى بن بكير عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: (المختلعة
يتبعها الطلاق ما دامت في عدتها) (3).
(6) وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر ثابت بن قيس بلفظ الطلاق حين
خالع زوجته حبيبة بين يديه، وقال لها: " اعتدي " ثم التفت إلى أصحابه وقال:

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الخلع، حديث: 12.
(2) هذه الرواية نص في الباب الا أنها ذكر فيه المباراة في السؤال، ومن
المعلوم ان المباراة لا بد من اتباعها بالطلاق، إلا أن الجواب لم يتعرض فيه لذكر
المباراة، وإنما ذكر حكم الخلع، وحكم المباراة مسكوت عنه في الجواب، فيكون
الجواب أخص من السؤال، فيكون عدم الاحتياج إلى الاتباع بالطلاق نصا في الخلع،
ويبقى حكم المباراة راجعا إلى الأصل، لعدم التعرض بذكره، والرواية التي بعدها لا
يصلح لمعارضتها، أما أولا فلأنها ليست من الصحاح، وأما ثانيا فلقبولها التأويل كما مر
(معه).
(3) المهذب البارع، كتاب الخلع، في شرح قول الماتن: (وهل يقع بمجرده؟
قال علم الهدى: نعم، وقال الشيخ: لا، حتى يتبع بالطلاق).
(4) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الخلع، حديث: 9.
393

هي " واحدة " (1) (2).
(7) وقال الصادق عليه السلام: (وكانت معه على طلقتين باقيتين) (3) (4).
(8) وقال عليه السلام: (وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها) (5).
(9) وقال عليه السلام: (وخلعها طلاقها) (6).
(10) وروى زرارة ومحمد بن مسلم في الحسن عن الصادق عليه السلام: (ان
الخلع تطليقة بائنة) (7).
(11) وروى محمد بن مسلم في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: المختلعة
تقول لزوجها: اخلعني وأنا أعطيك ما أخذت منك؟ فقال: (لا يحل له أن يأخذ
منها شيئا حتى تقول: والله لا أبر لك قسما، ولا أطيع لك أمرا، ولأوتين في بيتك
بغير اذنك، ولأوتين فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلمها، حل له
ما أخذ منها وكانت تطليقة بغير طلاق يتبعها، وكانت بائنا بغير طلاق، وكان خاطبا
من الخطاب) (8).

(1) المهذب البارع، كتاب الخلع، في شرح قول الماتن: (ولو تجرد كان طلاقا
عند المرتضى وفسخا عند الشيخ).
(2) يعنى المختلعة تكون بالخلع مطلقة طلقة واحدة، فيبقى تحريمها موقوفا على تطليقتين
(معه).
(3) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الخلع، قطعة من حديث: 5.
(4) يعنى: المختلعة يكون بالخلع مطلقة طلقة واحدة، فيبقى تحريمها موقوفا على
طلقتين مستأنفتين (معه).
(5) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الخلع، قطعة من حديث: 3.
(6) الفقيه: 3، باب الخلع، قطعة من حديث: 2.
(7) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الخلع، قطعة من حديث: 8.
(8) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الخلع، حديث: 3.
394

(12) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (لا يحل خلعها حتى
تقول لزوجها: والله لا أبر لك قسما ولا أطيع لك أمرا، ولا أغتسل لك من جنابة،
ولأوطئن فراشك، ولأوذنن عليك بغير اذنك. وقد كان الناس يرخصون في ما دون
هذا. فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها، حل له ما أخذ منها، وكانت عنده على
تطليقتين باقيتين وكان الخلع تطليقة) (1).
(13) وروى الشيخ في الاستبصار مرفوعا إلى حمران قال: سمعت أبا جعفر
عليه السلام يقول: (ان المبارية تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما،
لان العصمة منهما قد بانت ساعة كان ذلك منها ومن الزوج) (2).
(14) وروى جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (المبارية تبين من غير أن
يتبعها بالطلاق) (3) (4).
(15) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (المرأة تقول لزوجها: لك
ما عليك واتركني. أو تجعل له من قبلها شيئا، فيتركها، إلا أنه يقول: فان رجعت

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب الخلع، حديث: 1.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب حكم المباراة، حديث: 3.
(3) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب حكم المباراة، حديث: 4.
(4) مضمون هاتين الروايتين، مخالف لما هو المشهور بين الأصحاب، بل كان
أن يكون اجماعا. لان المخالف في كون المبارة لا يحتاج إلى الطلاق منقرض القول متروك
العمل. ولهذا قال الشيخ في الاستبصار: أوردنا هذه الأخبار على ما رويت وليس العمل
على ظاهرها. لان المباراة ليس يقع بها فرقة من غير طلاق، وإنما يؤثر في ضرب من
الطلاق في أن يقع بها بائنا لا يملك معه الرجعة، وهو مذهب أصحابنا المتقدمين منهم
والمتأخرين، لا نعلم منهم خلافا في ذلك. والوجه في هذه الأخبار أن نحملها على التقية
لأنها موافقة لمذهب العامة، ولسنا نعمل بها. هذا آخر كلامه رحمه الله. ونعم ما قال (معه).
395

في شئ فأنا أملك ببضعك. فلا يحل لزوجها أن يأخذ منها الا المهر فما دونه) (1).
(16) وروى زرارة في الحسن عنه عليه السلام قال: (المباراة يؤخذ منها دون
الصداق. والمختلعة تأخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر.
وإنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون المهر والمختلعة يؤخذ منها ما شاء؟ لان
المختلعة تعتدي في الكلام وتكلم بما لا يحل لها) (2) (3).

(1) الفروع: 7، كتاب الطلاق، باب المباراة، حديث: 5.
(2) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب المباراة، حديث: 2.
(3) في الرواية الأولى اجمال دال بظاهرها على أن الزائد لا يجوز أخذه، سواء
المبارأة والخلع. والرواية الثانية صريحة بالفرق بينهما، بان المختلعة يجوز أن يأخذ
منها أكثر دون المباراة. ومشتملة على تعليل ذلك بأن المختلعة الكراهة من طرفها، ولهذا
وصفها بأنها تعتدي في الكلام، بخلاف المباراة، فإنها ليست كذلك، لان الاعتداد حاصل من
الجانبين، لاتفاقهما في الكراهية. فيحمل المجمل على المفصل، ويتم العمل بالحديثين
(معه).
396

باب الظهار
(1) روت خولة بنت مالك بن ثعلبة، قالت: تظاهر مني زوجي أوس بن
الصامت، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فشكوت إليه ذلك، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يجادلني
في زوجي أوس، ويقول: " اتقي الله فإنه ابن عمك ". فما برحت حتى نزلت
الآية (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) الآيات (1) فقال النبي صلى الله عليه وآله:
" يعتق رقبة "، فقلت لا يجد، فقال: " يصوم شهرين متتابعين "، فقلت: انه شيخ
كبير ما به من صيام، فقال: " يطعم ستين مسكينا "، فقلت: ماله من شئ. فأتى
بعرق من تمر، فقلت: أضم إليه عرقا آخر وأتصدق به عنه، فقال: " أحسنت
تصدقي به على ستين مسكينا " وارجعي إلى ابن عمك (2).
(2) وروى سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال: كنت رجلا أصيب
من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل رمضان خفت أن أصيبها فيتتابع بي حتى
أصبح، فتظاهرت منها حتى ينسلخ رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذا

(1) سورة المجادلة: 1.
(2) سنن أبي داود، كتاب الطلاق، باب في الظهار، حديث: 2214 وقال في
الهامش: العرق مكتل، وهو زنبيل يسع خمسة عشر صاعا إلى آخره.
397

انكشف شئ منها، فما لبثت أن نزوت عليها، فلما أصبحت أتيت قومي فذكرت
لهم ذلك وسألتهم أن يمشوا معي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالوا:
لا والله، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وذكرت له ذلك فقال: " أعتق
رقبة " فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا، ما أملك رقبة غيرها، وضربت بيدي على
صفحة رقبتي، فقال: " صم شهرين "، فقلت: هل أصبت ما أصبت الا من الصيام،
فقال: " أطعم ستين مسكينا " فقلت: والذي بعثك بالحق نبيا لقد بتنا وحشين (1)
مالنا من طعام. فقال: " اذهب إلى صدقة بني زريق، فليدفع إليك وسقا من تمر،
فأطعم ستين مسكينا، وكل أنت وعيالك الباقي " قال: فرجعت إلى قومي فقلت:
ما وجدت عندكم الا الضيق وسوء الرأي، ووجدت عنه رسول الله صلى الله عليه وآله. السعة
وحسن الخلق، وقد أمرني بصدقتكم (2).
(3) وروى الصدوق عن محمد بن أبي عمير عن أبان وغيره عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: (كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يقال له أوس بن الصامت،
وكانت تحته امرأة يقال لها خولة بنت المنذر، فقال لها ذات يوم: أنت علي
كظهر أمي، ثم ندم من ساعته وقال لها: أيتها المرأة ما أظنك الا وقد حرمت
علي، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله: ان زوجي قال لي:
أنت علي كظهر أمي، وكان هذا القول فيما مضى يحرم المرأة على زوجها؟
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: " أيتها المرأة ما أظنك الا حرمت عليه " فرفعت المرأة
يدها إلى السماء، فقالت: أشكو إلى الله فراق زوجي، فأنزل الله يا محمد: (قد

(1) أي جائعين.
(2) سنن أبي داود: 2، كتاب الطلاق، باب في الظهار: حديث: 2213. وسنن
ابن ماجة: 1، كتاب الطلاق، باب الظهار، حديث: 2062.
398

سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله) الآيات (1).
(4) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الظهار؟ قال:
(هو من كل ذي محرم. اما أو أختا أو عمة أو خالة، ولا يكون في يمين)
قلت كيف هو؟ قال: (يقول الرجل لامرأته، وهي طاهر من غير جماع: أنت
علي حرام مثل ظهر أمي أو أختي، وهو يريد بذلك الظهار) (2).
(5) وروى سدير عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: الرجل يقول لامرأته:
أنت علي لشعر أمي أو ككفها أو كبطنها أو كرجلها؟ قال: (ما عنى؟ ان أراد به
الظهار فهو الظهار) (3) (4).
(6) وروى حريز صحيحا عن الصادق عليه السلام قال: (الظهار ظهاران، فأحدهما
أن يقول: أنت علي كظهر أمي، ثم يسكت، فذلك الذي يكفر قبل أن يواقع
فإذا قال: أنت علي كظهر أمي ان فعلت كذا وكذا، ففعل وجبت عليه الكفارة
حين الحنث) (5).
(7) وروى القاسم بن محمد الزيادات قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:
اني ظاهرت من امرأتي، فقال لي: (كيف قلت؟) قال: قلت: أنت علي كظهر
أمي ان فعلت كذا وكذا قفال: (لا شئ عليك ولا تعد) (6) (7).

(1) الفقيه: 3، كتاب الطلاق، باب الظهار، قطعة من حديث: 4.
(2) الفقيه: 3، كتاب الطلاق، باب الظهار، حديث: 3.
(3) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 4.
(4) هذه الرواية لا عمل عليها، لان في طريقها ضعف، لاشتمالها على سهل بن
زياد، وهو ضعيف، فيقتصر على المتيقن، وهو ما اشتمل عليه الرواية السابقة قبلها (معه).
(5) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، أبواب الظهار حديث: 7.
(6) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 17
(7) وفى طريق هذه أبو سعيد الادمي، وفيه ضعف، فلا تصلح لمعارضته الأولى،
لأنها صحيحة الطريق، فالعمل على ما تضمنته رواية حريز السابقة على هذه (معه).
399

(8) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في المرأة التي لم يدخل
بها زوجها؟ قال: (لا يقع بها إيلاء ولا ظهار) (1).
(9) وروى الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل مملوك
ظاهر من امرأته؟ قال: (لا يلزمه قال: ولا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل
بها) (2) (3).
(10) وروى ابن فضال عمن أخبره عن الصادق عليه السلام قال: (لا يكون الظهار
الا على مثل موضع الطلاق) (4).
(11) وروى إسحاق بن عمار في الموثق عن الكاظم عليه السلام قال: سألته عن
الرجل يظاهر من جاريته؟ قال: (الأمة والحرة في هذا سواء) (5).
(12) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته
عن الظهار على الحرة والأمة؟ قال: (نعم) (6).

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 40.
(2) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 41.
(3) هاتان الروايتان لا معارض لهما من الأحاديث، وان عارضهما عموم القرآن
وهو قوله تعالى: " والذين يظاهرون من نسائهم " " الذين يؤلون من نسائهم " فان
عمومها دال على تعلق الظهار والايلاء بمطلق النساء، وغير المدخول عليها يصدق عليها
ذلك. وقد وقع النزاع في العمل بهما، فذهب بعض الأصحاب إلى العمل بعموم القرآن
وترك العمل بالرواية، لأنها خبر واحد تعارض القطعي.
وذهب آخرون إلى العمل بالرواية جمعا بين العام والخاص، وقالوا: ان العام
وإن كان قطعي الورود، الا أنها غير قطعي الدلالة. والخاص وإن كان ظني الورود فإنه
قطعي الدلالة، فتقابلا، فوجب الجمع عملا بالدليلين، ولا طريق في الجمع الا تخصيص
العام بالخاص، وهذا أقوى (معه).
(4) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 19.
(5) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 51.
(6) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب ان الظهار يقع بالحرة المملوكة، حديث: 3.
400

(13) وروى حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل جعل
جاريته عليه كظهر أمه؟ قال: (يأتيها وليس عليه شئ) (1) (2).
(14) وروى يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام - إلى أن - قال:
(فان راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسا) قلت: فان تركها
حتى يحل أجلها وتملك نفسها، ثم يتزوجها بعد ذلك، هل يلزمه الظهار قبل
أن يمسها؟ قال: (لا قد بانت منه وملكت نفسها) (3).
(15) وروى بريد بن معاوية في الصحيح عنه عليه السلام مثله سواء (4).
(16) وروى علي بن جعفر في الحسن عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته
عن رجل ظاهر من امرأته، ثم طلقها بعد ذلك بشهر أو شهرين، فتزوجت، ثم
طلقها الذي تزوجها، فراجعها الأول، هل عليه كفارة للظهار الأول؟ قال:
(نعم عتق رقبة أو صوم أو صدقة) (5) (6).

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 53.
(2) الرواية الأولى مرسلة، والرابعة في طريقها ابن فضال وفيه ضعف، فتعين
العمل بالروايتين المتوسطتين لعدم المعارض لهما حينئذ (معه).
(3) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، قطعة من حديث: 26.
(4) الفقيه: 3، باب الظهار، قطعة من حديث: 6.
(5) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 27.
(6) قال الشيخ: ان هذه الرواية محمولة على التقية، لأنها موافقة لمذهب العامة.
قال العلامة: ليس بعيدا قوله من الصواب. وأصوب منه حمل النكاح الثاني على الفاسد،
لأنه في الرواية عقب تزويجها بعد طلاقها بشهر أو شهرين، فيكون قد وقع في العدة،
فيكون باطلا.
قال أبو العباس: وما أحسن هذا التأويل، أما أولا: فلان التزويج معقب بالفاء، وهي
تقتضي الفورية، وذلك يقتضى عدم الخروج عن العدة. وأما ثانيا: فلان حكاية الحديث
يشعر به، حيث قال: فراجعها الأول ولم يقل تزوجها الأول كما في رواية الكناسي.
فعلم من ذلك أنه متى حصل التزويج الصحيح كان قاطعا لحكم الظهار الأول، بل ولو لم
يحصل تزويج، بل تحقق الخروج عن العدة وتزوجها زوجها بعقد جديد، فان حكم الظهار
أيضا ينقطع بمضمون نص رواية الكناسي. فأما إذا حصل الرجوع في العدة فان حكم
الظهار لا ينقطع بمضمون الروايتين معا (معه).
401

(17) وروى حفص بن البختري في الحسن عن الصادق والكاظم عليهما السلام في
رجل كان له عشر جوار فظاهر منهن كلهن جميعا بكلام واحد؟ فقال: (عليه
عشر كفارات) (1).
(18) وروى غياث بن إبراهيم، عن الصادق، عن الباقر، عن علي عليهم السلام
في رجل ظاهر من أربع نسوة؟ قال: (عليك كفارة واحدة) (2) (3).
(19) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن
رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر؟ قال: (قال علي عليه السلام: عليه
مكان كل مرة كفارة) (4).
(20) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل
ظاهر من امرأته ثلاث مرات: قال: (يكفر ثلاث) (5).
(21) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح عن الصادق عليه السلام في
رجل ظاهر من امرأته أربع مرات، في كل مجلس واحدا؟ قال: (عليه كفارة

(1) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب الظهار، حديث: 16.
(2) الفقيه: 3، باب الظهار، حديث: 18.
(3) العمل على الرواية السابقة، لأن هذه ضعيفة السند، مع امكان حملها على
الوحدة في الجنس، بمعنى أن الكفارة الواجبة عليه لكل واحد من جنس واحد، بمعنى
العتق، أو الصوم، أو الصدقة. وليس المراد الوحدة الشخصية (معه).
(4) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث: 28.
(5) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب الظهار، حديث: 14.
402

واحدة) (1) (2).
(22) وروى إسحاق بن عمار في الموثق عن الصادق عليه السلام: (ان الظهار
إذا عجز صاحبه عن الكفارة، فليستغفر الله، ولينو أنه لا يعود، قبل أن يواقع،
وليواقع. وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة. فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر به
يوما من الأيام، فليكفر. وان تصدق فأطعم نفسه وعياله، فإنه يجزيه إذا كان
محتاجا، فإن لم يجد ذلك فليستغفر الله ربه، وينوي أنه لا يعود، فحسبه بذلك
والله كفارة) (3) (4).
(23) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (من عجز عن الكفارة التي
تجب عليه، من صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو عهد أو غير ذلك
مما يجب على صاحبه فيه الكفارة، فالاستغفار له كفارة، خلا يمين الظهار،
فإنه إذا لم يجد ما يكفر به حرم عليه أن يجامعها وفرق بينهما إلا أن ترضى المرأة
يكون معها ولا يجامعها) (5).

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، باب حكم الرجل يظاهر من امرأة واحدة
مرات كثيرة، حديث: 5.
(2) هذه الرواية في ظاهرها أنها تعارض السابقتين عليها، الا ان الشيخ حمل
الوحدة المذكورة فيها على الوحدة الجنسية، بمعنى لا يختلف جنس الكفارات مع تعدد
الظهار. وليس المراد أن عليه كفارة واحدة عن المرات الكثيرة، وهذا الحمل وإن كان
فيه بعد، إلا أن اتباعه واجب، ليتم العمل بالصحيحتين (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النوادر، حديث: 6.
(4) يتعين العمل على هذه الموثقة، لان ما بعدها من الروايتين المتأخرتين عنها
ضعيفتي السند، فلا اعتماد على العمل بمضمونهما (معه).
(5) الفروع: 7، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النوادر، حديث: 5
وفيه: (أو قتل) بدل (أو عهد).
403

(24) وروى أبو بصير أيضا عنه عليه السلام قال: سألته عن رجل ظاهر من امرأته،
فلم يجد ما يعتق ولا ما يتصدق، ولا يقوى على الصيام، قال: (يصوم ثمانية عشر
يوما، لكل عشرة مساكين ثلاثة أيام) (1).

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب حكم الظهار، حديث 49.
404

باب الايلاء
(1) روى عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام: (لا إيلاء على الرجل
من المرأة التي تمتع بها) (1).
(2) وروى بريد بن معاوية في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (لا يكون
إيلاء الا إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته ولا يمسها ولا يجتمع رأسه ورأسها،
فهو في سعة ما لم يمض الأربعة الأشهر، فإذا مضت أربعة أشهر وقف، فاما أن
يفئ فيمسها، واما أن يعزم على الطلاق) (2).
(3) وروى الحلبي في الحسن، وبكير، وأبو بصير في الصحيح، كذلك (3).
(4) وروى أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: (من جعل عليه عهدا لله
وميثاقه، في أمر لله طاعة، فحنث، فعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين،

(1) رواه في المهذب، كتاب الايلاء، عند شرح قول المصنف: (وفى وقوعه
بالمتمتع بها قولان).
(2) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب الايلاء، قطعة من حديث: 1.
(3) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب الايلاء، حديث: 2، 3، 4.
405

أو اطعام ستين مسكينا) (1).
(5) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام مثله (2).
(6) وروى عبد الملك بن عمر في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (من
جعل لله عليه أن لا يرتكب محرما سماه، فركبه، فليعتق رقبة، أو ليصم شهرين
متتابعين، أو ليطعم ستين مسكينا) (2).
(7) وروى حفص بن غياث عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن كفارة النذر؟
فقال: (كفارة النذر كفارة اليمين) (4).
(8) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (ان قلت: لله علي،
فكفارته كفارة يمين) (5).
(9) وروى جميل بن صالح في الصحيح عن الكاظم عليه السلام، أنه قال: (كل
من عجز عن نذر نذره، فكفارته كفارة يمين) (6) (7).

(1) الاستبصار: 4، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب كفارة من خالف
النذر أو العهد، حديث: 2.
(2) المصدر السابق، حديث: 4.
(3) المصدر السابق، حديث: 3، وفيه: (ولا أعلمه الا قال:) وحذف كلمة (سماه).
(4) المصدر السابق، حديث: 1.
(5) المصدر السابق، حديث: 8.
(6) المصدر السابق، حديث: 7.
(7) دلت الرواية الأولى بصريحها على أن كفارة خلف النذر، كفارة كبرى مخيرة
ككفارة شهر رمضان وهو مذهب الأكثر، وعارضتها الروايتان المتأخرتان عنها، فإنهما
صريحتان في أن كفارته كفارة يمين، واليه ذهب جماعة اعتمادا عليهما. وبعض الأصحاب
حملهما على العجر، توفيقا بينهما وبين الرواية الرابعة، فإنها صريحة بأن كفارة العجز
كفارة يمين. ومع هذا الحمل ينتفى التعارض بينهما وبين الرواية الأولى. واعترض عليه
بأن مع العجز، لا كفارة، لانحلال النذر. وأجيب بأن هذا مع صحة الرواية، يكون
اجتهادا في مقابل النص، فلا يسمع. أو يقال: أن الكفارة كالفداء في العاجز عن الصوم
وبعض رام الجمع بين هذه الروايات، فحمل ما ورد منها بوجوب الكفارة الكبرى على الصوم
وحمل ما ورد منها بكفارة اليمين على غير الصوم، وهو مذهب السيد المرتضى. والأقوى
العمل بالرواية الأولى، لصحتها، فلا يعارضها ما ليس بصحيح (معه).
406

(10) وروى محمد بن يحيى قال: كتب محمد بن الحسن الصفار إلى
أبي محمد العسكري عليه السلام: رجل حلف بالبراءة من الله ورسوله، وحنث ما
توبته وكفارته؟ فوقع عليه السلام: (يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد، ويستغفر
الله عز وجل) (1) (2).
(11) وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن امرأة تزوجها
رجل، فوجد لها زوجا؟ قال: (عليه الجلد وعليها الرجم، لأنه قد تقدم بغير
علم، وتقدمت هي بعلم. وكفارته إن لم يتقدم إلى الامام أن يتصدق بخمسة
أصيع دقيقا) (3).
(12) وروى الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام في رجل تزوج امرأة ولها زوج؟ فقال: (إذا لم يرفع خبرها إلى

(1) الفروع: 7، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النوادر، حديث: 7.
(2) هذه الرواية دالة على أن الحلف بالبراءة كسائر الايمان الموجبة للكفارة،
واليه ذهب المفيد والصدوق لاعتقادهم انها يمين منعقدة، ووافقهم على ذلك العلامة في
المختلف، وجعل كفارتها ما هو مذكور في الرواية.
وقال الأكثر: انها لا تنعقد يمينا، ولا يلزم لها كفارة، مصيرا إلى قوله صلى الله عليه
وآله: " من كان حالفا فليحلف بالله والا فليصمت " نعم يلزمها الاثم لا غير. قال المحقق:
ما تضمنته هذه الرواية نادر، لأنها مكاتبة، والمكاتبة لا تنهض بالحجة، لما يتطرق إليها
من الاحتمال، مع أن طريقها غير معلوم (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد المرأة التي لها زوج فتتزوج. أو
تتزوج وهي في عدتها، الرجل الذي يتزوج ذات زوج، حديث: 3.
407

الامام، فعليه أن يتصدق بخمسة أصوع من دقيق) (1) (2).
(13) وروى عبد الله بن المغيرة عمن حدثه عن الصادق عليه السلام، في رجل
نام عن العتمة ولم يقم الا بعد انتصاف الليل؟ قال: (يصليها ويصبح صائما)
(3) (4).
(14) وروى خالد بن سدير أخي حيان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(إذا خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أو نتفته. ففي جز الشعر عتق رقبة
أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا) (5) (6).

(1) الفقيه: 3، باب النوادر، حديث: 23، وتمامه: (هذا بعد أن يفارقها).
ورواه في التهذيب: 7، كتاب النكاح، باب الزيادات في فقه النكاح، حديث: 142.
(2) هاتان الروايتان معادلتا على وجوب الكفارة المذكورة فيهما، على أن من
تزوج امرأة في عدتها، أو هي مزوجة. ودلالتهما على الوجوب أظهر، من حيث أن
الامر حقيقة فيه، وعدم المعارض لهما من الروايات، وإنما يعارضهما أصالة البراءة.
لكن الوجوب مقيد بالعلم، لتصريح الرواية الأولى بذلك، ولان الجاهل لا عقوبة
عليه، ولان وجوب الحد عليه لا يكون مع الجهل البتة. وفى الرواية أيضا تنبيه على أن
الكفارة إنما تجب إذا لم يرفع خبره إلى الامام، أما إذا رفع خبره إلى الامام وأخذ
منه الحد سقطت الكفارة، استغناء بإحدى العقوبتين عن الأخرى. وفيه دلالة على أن
الكفارة عقوبة، لأنه علق الحكم على الوصف، وتعليقه عليه مشعر بعلية ذلك الوصف فيه
والا لم يكن للتعليق فائدة (معه).
(3) الفروع: 3، كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو سهى عنها، حديث:
11.
(4) هذه الرواية اشتملت على إرسال، ولم يعضدها اجماع الطائفة على العمل
بمضمونها، فتبقى أصالة البراءة أقوى منها، فحملوها على الاستحباب (معه).
(5) التهذيب: 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب الكفارات، قطعة من
حديث: 23.
(6) المفهوم من هذه الرواية الوجوب، لان (في) هنا للسببية، كما في قوله
عليه السلام: (في خمس من الإبل شاة) و (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) وقال فخر المحققين:
لا تدل هذه الرواية على الوجوب، لا بنص ولا بظاهر فتحمل على الاستحباب (معه).
408

(15) وروى الشيخ في التهذيب عن داود القمي في نوادره، قال: روى
محمد بن عيسى عن أخيه جعفر بن عيسى عن خالد بن سدير، أخي حيان بن
سدير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شق ثوبه على أخيه، أو على أمه، أو
على أخته، أو على قريب له؟ فقال: (لا بأس بشق الجيوب، فقد شق موسى بن
عمران عليه السلام جيبه على أخيه هارون. ولا يشق الوالد على ولده، ولا زوج على
امرأته. وتشق المرأة على زوجها، وإذا شق زوج على امرأته، أو والد على
ولده، فكفارته حنث يمين، ولا صلاة لهما حتى يكفرا ويتوبا من ذلك.
وإذا خدشت المرأة وجهها، أو جزت شعرها، أو نتفته، ففي جز الشعر عتق
رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام ستين مسكينا. وفي خدش الوجه إذا
أدمت، وفي النتف كفارة يمين. ولا شئ من لطم الخدود، سوى الاستغفار
والتوبة. ولقد شققن ولطمن الفاطميات على فقد الحسين بن علي عليهما السلام. وعلى
مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب) (1) (2).
(16) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام في رجل يجعل عليه صياما

(1) التهذيب: 8، كتاب النذور والايمان والكفارات، باب الكفارات، حديث:
23.
(2) هذه الرواية لم يعلم الا من جهة محمد بن عيسى، وقد اختلف الأصحاب فيه.
فقال الشيخ: انه كان يذهب مذهب الغلاة. وكذلك الصدوق ضعفه أيضا. وأما النجاشي
والكشي فقد وثقاه. واختار العلامة توثيقه، وقال: انه الأظهر في أقوال الأصحاب.
وحينئذ على القول بتوثيقه يجب العمل بما تضمنته الرواية من الاحكام (معه).
409

في نذر، ولا يقوى؟ قال: (يعطى من يصوم عنه في كل يوم مدين) (1) (2).
(17) وروى عبد الرحمان في الموثق قال: سألته عن رجل قال لعبده: ان
حدث بي حدث فأنت حر، وعلى الرجل تحرير رقبة، في كفارة يمين أو ظهار.
أله أن يعتق عبده الذي جعل له العتق ان حدث به حدث في كفارة تلك اليمين؟
قال: (لا يجوز الذي جعل له ذلك) (3) (4).
(18) وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام - إلى أن - قال: (فإن لم
يستطع أطعم ستين مسكينا مدا مدا) (5) (6).

(1) التهذيب: 8، كتاب النذور والايمان والكفارات، باب النذور، حديث:
15.
(2) الاستدلال بهذه الرواية لا يخلو من تعسف، أما أولا: فمن الطعن في السند، وأما
ثانيا: فمن عدم الدلالة على المطلوب. وأما ثالثا: فلعدم التصريح فيها بالوجوب، فيمكن
حملها على الاستحباب (معه).
(3) التهذيب: 8، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة، باب التدبير، حديث: 30.
(4) مضمون هذا الحكم ان المدبر قبل تقضى تدبيره هل يصح عتقه في الكفارة؟
ظاهر الرواية المنع من ذلك، واليه ذهب الشيخ عملا بمضمون هذه الرواية، لأنها من
الموثقات ولم يعارضها شئ. وقال الأكثر: انه يجوز لأنه مملوك اعتمادا على الأصل
واستضعافا للرواية، لاشتمالها على القطع، فلا يبلغ أن يكون حجة (معه).
(5) التهذيب: 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب الكفارات، قطعة
من حديث: 12.
(6) هذه الرواية دلت على أن المجزى من الاطعام إذا دفع إلى الفقير مد واحد
واليه ذهب الأكثر. وذهب الشيخ إلى أن الواجب، مدان، اعتمادا على أن الواجب
إنما هو الاطعام، والاطعام إنما يكون بالشبع، والمد لا يحصل به ذلك. قلنا: الشبع
معتبر إذا وضع الطعام وجمعهم عليه، فإنه لا بد أن يضع معهم طعامهم لشبعهم، فأما مع
التفريق عليهم فالاجتزاء بالمد أقوى، اعتمادا على الرواية (معه).
410

باب اللعان
(1) روي في الحديث ان هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن شحماء
فقال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: " البينة، والا حد في ظهرك "، فقال يا رسول
الله: يجد أحدنا مع امرأته رجلا، يلتمس البينة؟ فجعل رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم يقول: " البينة، والا فحد في ظهرك "، فقال: والذي بعثك بالحق
انني لصادق، وسينزل الله ما يبرئ ظهري من الجلد. فنزل قوله تعالى: (والذين
يرمون أزواجهم) (1) الآية (2).
(2) وفي حديث آخر. ان عويم العجلاني. وقيل: عويمر، أتى النبي
صلى الله عليه (وآله) وسلم فقال يا رسول الله: أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا،
أيقتله؟ فيقتلونه، أم كيف يصنع؟ فقال رسول الله: " قد أنزل الله فيك وفي
صاحبتك، فاذهب فأت بها "، فجاء بها، فتلاعنا (3) والآية نزلت في قصة هلال.
(3) وروى ابن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (لا يلاعن الحر

(1) سورة النور: 6.
(2) سنن أبي داود: 2، كتاب الطلاق، باب في اللعان، قطعة من حديث: 2254.
(3) سنن أبي داود: 2، كتاب الطلاق، باب في اللعان، قطعة من حديث: 2245.
411

الأمة، ولا الذمية، ولا الذي تمتع بها) (1).
(4) وروى جميل في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الحر بينه
وبين المملوكة لعان؟ فقال: (نعم. وبين المملوك والحرة، وبين العبد وبين
الأمة، وبين المسلم واليهودية والنصرانية، ولا يتوارثان، ولا يتوارث الحر
والمملوكة) (2).
(5) وروى الشيخ في الاستبصار عن إسماعيل بن زياد، عن الصادق عن
الباقر عليهما السلام. ان عليا عليه السلام قال: ليس بين خمس من النساء وأزواجهن ملاعنة:
اليهودية تكون تحت المسلم فيقذفها، والنصرانية، والأمة تكون تحت الحر فيقذفها،
والحرة تكون تحت العبد، فيقذفها. والمجلود في الفرية، لان الله تعالى يقول:
(ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) (3) والخرساء ليس بينها وبين زوجها لعان، إنما
اللعان باللسان) (4) (5).
(6) وروى أبو بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا يقع اللعان

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، أبواب اللعان، باب ان اللعان يثبت بين
الحر والمملوكة والحرة والمملوك، حديث: 4.
(2) المصدر السابق، حديث: 3.
(3) سورة النور: 4.
(4) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، أبواب اللعان، باب ان اللعان يثبت بين الحر
والمملوكة والحرة والمملوك، حديث: 10.
(5) أما الرواية الأولى فصريحة بعدم ثبوت الملاعنة بين من ذكر فيها مع أنها من
الصحاح. وبمضمونها أفتى المفيد وقال: بمنع اللعان بين الكافرة والمسلم وبين الحرة
والأمة. وفى المستمتع بها. على أن اللعان شهادة، فلا بد من تحقق شرائطها:
والرواية الثانية دالة على ثبوت الملاعنة بين الحر والمملوكة وبين المسلم والذمية
الا انها من الحسان، وبمضمونها أفتى الشيخ والمحقق والعلامة، بناءا على أن اللعان ليس
بشهادة وإنما هو ايمان. وأجابوا عن الرواية الأولى بجواز حملها على كونها مملوكة.
وأما الرواية الثالثة فقد استدل بها الشيخ على الفرق، وهو أن اللعان إن كان لنفى
الولد، صح، وإن كان للقذف لم يصح. لان الرواية مصرحة بذكر القذف، في قوله:
" اليهودية تكون تحت المسلم فيقذفها، والحرة تكون تحت العبد فيقذفها " فقد ذكر
القذف وذكر أنه لا لعان فيه، فدل على أنه لنفى الولد يكون ثابتا، لان نفى الولد
مستلزم لنفى النسب، وحرمة النسب حرمة شديدة، فيثبت اللعان لحرمته.
وأما القذف فإنما يثبت به الحد للفرية لو امتنع عن الملاعنة. والحد لا يثبت بين
المسلم واليهودية، ولا بين الحر والأمة، بل إنما يثبت به التعزير خاصة. وهذا الاستدلال
في ثبوت الملاعنة لنفى الولد، إنما هو بطريق مفهوم المخالفة، وقد عرفت أنه لا حجة
فيه عند الأكثر.
وقال أبو العباس: في هذه الرواية دلالة على أن اللعان شهادة. قلت: من استشهاده
فيها بقوله تعالى: " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ". وقد اشتملت على حكمين آخرين لم
يتعرض لهما الشيخ.
أحدهما: المجلود في الفرية، فإنه حكم فيها انه لا يثبت اللعان بينه وبين زوجته.
الثاني: إذا كانت الزوجة خرساء، فقذفها لم يصح بينهما اللعان، وعلله في الرواية
بأن اللعان إنما يكون باللسان، وهو معتذر في الخرساء. وفى الحكم الأول اشكال، لان
قذفه بغير الزوجة لا وجه له غير الجلد، إلا أن يسقط عن نفسه بإقامة البينة، كما هو منصوص
الآية الكريمة، وأما قذفه لزوجته فعموم آية اللعان شاملة له في أن له اسقاط الحد باللعان
فخروجه من عمومها مخالف للنص. نعم الحكم الثاني لا خلاف فيه (معه).
412

حتى يدخل الرجل بامرأته. ولا يكون اللعان الا لنفي الولد) (1).
(7) وروى محمد بن مضارب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في
رجل لاعن امرأته قبل أن يدخل بها؟ قال: (لا يكون ملاعنا حتى يدخل بها.

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، أبواب اللعان، باب ان اللعان يثبت بادعاء
الفجور وإن لم ينف الولد، حديث: 4.
413

ويضرب حدا، وهي امرأته، ويكون قاذفا) (1) (2).
(8) وروى جميل بن دراج في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال: (نعم) (3).
(9) وروى ابن سنان في الصحيح عنه عليه السلام قال: (لا يلاعن الحر الأمة) (4).
(10) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الحر
يلاعن المملوكة؟ قال: (نعم إذا كان مولاها الذي زوجه إياه) (5) (6).
(11) وروى الحلبي عن الصادق عليه السلام في رجل لاعن امرأته وهي حبلى،
ثم ادعى ولدها بعد ما ولدت، وزعم أنه منه؟ قال: (يرد إليه الولد، ولا يجلد،

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب اللعان، حديث: 51.
(2) ولا تعارض هاتين الروايتين الا عموم الآية، فان قوله تعالى: " والذين
يرمون أزواجهم " عام في المدخول بها وغير المدخول. فالشيخ خصص عموم الآية بهاتين
الروايتين، وبعض الأصحاب عمل بعموم الآية ولم يلتفت إلى ما تضمنته الرواية. وابن
إدريس فصل تفصيلا يكون توفيقا بين الرواية وعموم الآية، فقال: إن كان اللعان لنفى الولد،
كان الدخول شرطا، وإن كان بمجرد القذف لم يكن شرطا. وبه أفتى العلامة وولده،
وهو الأقوى (معه).
(3) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب اللعان، قطعة من حديث: 11.
(4) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب اللعان، قطعة من حديث: 12.
(5) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب اللعان، حديث: 13
(6) دلت رواية جميل وصحيحة ابن مسلم على ثبوت اللعان في المملوكة، وهو
مذهب الشيخ. ودلت صحيحة ابن سنان على المنع، وهو مذهب المفيد. وفصل ابن
إدريس تفصيلا للجمع بينهما، فقال: إن كان لنفى الولد ثبت اللعان، وإلا فلا، فتحمل
الرواية الواردة بنفي اللعان على مجرد القذف، لان قذف الحر الأمة لا يوجب الحد،
وإنما يوجب التعزير. واللعان إنما يكون لاسقاط الحد، وتحمل الرواية الواردة بثبوت
الحد على نفى الولد، لحرمة النسب، فيتم العمل بالروايتين (معه).
414

لأنه قد مضى التلاعن) (1).
(12) وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل
لا عن امرأته، وانتفى من ولدها، ثم أكذب نفسه، هل يرد عليه ولده؟ فقال:
(إذا أكذب نفسه جلد الحد، ورد عليه ابنه، ولا ترجع إليه امرأته أبدا) (2) (3).
(13) وروى علي بن جعفر في الصحيح عن الكاظم عليه السلام قال: سألته عن
رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، فادعت انها حامل؟ قال: (ان أقامت بينة
انه أرخى عليها سترا، ثم أنكر الولد، لا عنها ثم بانت منه وعليه المهر كملا)
(4) (5).

(1) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب اللعان، حديث: 31.
(2) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب اللعان، حديث: 40.
(3) دلت الروايتان معا على أنه إذا أكذب نفسه بعد اللعان بالاعتراف بالولد،
وجب رد الولد إليه، باثبات نسبه. وإنما المعارضة بينهما في وجوب الحد عليه وعدمه،
ففي رواية الحلبي دلالة على عدم وجوب الحد عليه، لان قوله (قد مضى التلاعن) دال
على ذلك، إذ لو وجب الحد لتأخر البيان عن وقت الحاجة. ولان مضيته وصحته تقتضي
ترتب آثاره عليه، ومن جملتها نفى الحد، والولد خرج بالنص، فبقي ما عداه على
الأصل. وبهذا أفتى العلامة في المختلف والشيخ في النهاية.
والرواية الثانية صريحة في اثبات الحد. ودلالتها لا يعارضها دلالة الأولى، لأنها
غير صريحة، وبمضمونها أفتى الشيخ في المبسوط والعلامة في القواعد، وولده في
الشرح. والشيخ في التهذيب حمل الرواية الأخيرة على كون الاكذاب قبل تمام اللعان.
وفى هذا الحمل بعد، لان صريح الخبر يدفعه، لقوله: (ولا ترجع إليه امرأته
أبدا) وذلك إنما تترتب على تمام اللعان. والأقوى العمل بالرواية الثانية إن كان القذف
حق الادمي محضا، والعمل بالرواية الأولى إن كان حق الله محضا (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب الطلاق، باب اللعان، ذيل حديث: 12.
(5) هذه الرواية عمل بمضمونها الشيخ، لأنها صحيحة الطريق لا معارض لها.
وفيها دلالة على أن ارخاء الستر موجب لكون القول قولها في ادعاء الدخول. وفيه
مخالفة للأصل. لان ارخاء الستر وخلوة الصحيح المرأة مظنة الوقاع، فمدعيه يدعى
الظاهر فيكون القول قولها عملا بالظاهر وترجيحا على الأصل، فلهذا احتاج في نفى
الولد إلى اللعان، إذ حصول الظاهر موجب للفراش، فلما ثبت الفراش احتيج في نفيه
إلى اللعان، وإذا حصل اللعان لزم منه نفى النسب، الموجب لامكان لحوق الولد لولا
اللعان، وذلك مستلزم للوطء، فيثبت المهر كملا باللعان كما هو مضمون الرواية.
والعلامة في المختلف قال: لو عمل بهذه الرواية كان وجها، لصحتها، واعتضادها
بالظاهر. وأنكرها ابن إدريس، وقال: لا تأثير للخلوة ولا ارخاء الستر اعتمادا على الأصل
وقال: ان القول قول الزوج، إذ الأصل عدم الوطء، فلا لعان ويثبت نصف المهر، لا غير.
وبه قال المحقق والعلامة في غير المختلف من كتبه. وإنما استشكلوا في وجوب الحد
عليها، من حيث ثبوت الزنا بإنكار الزوج للوطء، لأجل الحمل. ومن عموم قوله عليه
السلام: (ادرؤا الحدود بالشبهات) ودعواها الدخول شبهة في اسقاطه، وهو أقوى (معه).
415

(14) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام فيمن قذف زوجته، ثم ماتت؟
قال: (ان قام رجل من أهلها فلا عنه فلا ميراث له: وان أبى أحد من أوليائها أن
يقوم مقامها، أخذ الميراث زوجها) (1).
(15) وروى عمر بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام في رجل
قذف امرأته، ثم خرج وجاء وقد توفيت؟ قال: يخير واحدا من اثنين. يقال له:
إن شئت الزمت نفسك الذنب، فيقام عليك الحد، وتعطى الميراث. وإن شئت
أقررت فلاعنت أدنى قرابتها إليها، ولا ميراث لك) (2) (3).

(1) التهذيب: كتاب الطلاق، باب اللعان، ذيل حديث: 23.
(2) الفقيه: 3، باب اللعان، حديث: 7.
(3) لا عمل على هاتين الروايتين، لان الأولى مقطوعة السند، والثانية رجالها
زيدية لا يلتفت إلى ما يروونه، فالاعتماد في هذا على الأصل، وهو ان بموت الزوجة سقط
التلاعن (معه).
416

(16) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (لا يقع اللعان حتى يدخل
الرجل بامرأته، ولا يكون لعان الا لنفي الولد) (1) (2).
(17) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح قال: سأل عباد البصري
أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر، كيف يلاعن الرجل، المرأة؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام
: (ان رجل من المسلمين أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله: أرأيت لو أن
رجلا دخل منزله فوجد مع امرأته رجلا يجامعها، ما كان يصنع؟ فأعرض عنه
رسول الله صلى الله عليه وآله، فانصرف الرجل، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من
امرأته، فنزل الوحي من عند الله عز وجل بالحكم فيها، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى الرجل فدعاه، فقال: (أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ " فقال: نعم،
فقال له: " انطلق فأتني بها، فان الله عز وجل قد أنزل فيك وفيها قرآنا " (3) (4).

(1) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، أبواب اللعان، باب أن لا للعان يثبت بادعاء
الفجور وإن لم ينف الولد، حديث: 4.
(2) إنما أعاد ذكر هذه الرواية هنا، لان المشهور بين الأصحاب ان للعان سببين،
أحدهما انكار الولد. والثاني القذف. ولكل منهما غاية مستقلة، ففي الأولى رفع التباس
النسب واختلاطه، ودفع الحد، وزوال الفراش. وفى الثاني زوال الفراش والسلامة
من الحد، والخروج من الفسق، ومن رد الشهادة هذا بالنسبة إلى الزوج.
وأما بالنسبة إلى المرأة، فوضع العار، والحد، وبقاء الفراش. وفى هذه الرواية
دلالة على مخالفة المشهور، مفهومه من قوله: (لا يكون لعان الا لنفى الولد) فهي دالة على
نفى اللعان للقذف، وبها تمسك الصدوق في تخصيصه اللعان بنفي الولد. وهذه الرواية
ضعيفة، لان في طريقها عبد الكريم بن عمر، وهو واقفي، فلا اعتماد على ما ينفرد به (معه).
(3) الاستبصار: 3، كتاب الطلاق، أبواب اللعان، باب ان اللعان يثبت بادعاء
الفجور وإن لم ينف الولد، حديث: 2.
(4) وفى هذه الرواية دلالة على أن اللعان من شرطه ادعاء المشاهدة، فلا يثبت
بدونها (معه).
417

(18) وروى عكرمة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله لما لاعن بين هلال بن
أمية وزوجته قال: " ان أتت به على نعت كذا، فلا أراه الا وقد كذب عليها، وان
أتت به على نعت كذا، فما أراه الا من شريك السمحاء " قال: فاتت به على
النعت المكروه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " لولا الايمان لكان لي ولها شأن، (1) (2).
(19) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم،
فليست من الله في شئ، ولم تدخل جنته. وأيما رجل نفى نسب ولده، وهو
ينظر إليه احتجب الله عنه، وفضحه على رؤوس الخلايق من الأولين
والآخرين " (3).
(20) وروي ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله ان امرأتي أتت
بولد أسود؟ فقال: " هل لك من إبل؟ " فقال: نعم، فقال: " ما ألوانها؟ قال: حمر،
فقال: " هل فيها من أروق؟ " فقال: نعم فقال: " أنى ذلك؟ " قال: لعل أن يكون
عرقا نزع، قال: " وكذلك لعل أن يكون عرقا نزع " (4).
(21) وروى محمد بن يعقوب يرفعه إلى عبد الله بن سنان عن بعض

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الطلاق، باب في اللعان، حديث: 2256.
(2) هذه الرواية تدل على أمرين، أحدهما ان اللعان ايمان، والثاني ان به يسقط
الحد وان طهر كذب الملا عن بعد ذلك. وإن شئت قلت: انه تدل أيضا على أن الوصف
له دخل في التحاق الأنساب، لأنه عليه السلام علق كذب زوجها وصدقه على وصف الولد
فلو لم يكن للوصف دخل لما صح هذا التعليق، لكن هذا الحديث في باب النعت تعارضه
الأحاديث الآتية، فلعله مختص بهذه الواقعة (معه).
(3) سنن أبي داود: 2، كتاب الطلاق، باب التغليظ في الانتفاء، ذيل حديث:
2263.
(4) سنن أبي داود: 2، كتاب الطلاق، باب إذا شك في الولد، حديث: 2260
وفيه: (عسى أن يكون نزعه عرق، قال: " وهذا عسى أن يكون نزعه عرق ").
418

أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام قال (أتى رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال: هذه ابنة عمي وامرأتي، لا أعلم منها الا خيرا، وقد أتتني بولد شديد السواد
منتشر المنخر، جعد قطط، أفطس الانف، لا أعرف شبهه في أخوالي ولا أجدادي!
فقال لامرأته: " ما تقولين؟ " قالت: لا، والذي بعثك بالحق نبيا ما أقعدت مقعده
مني أحدا غيره، قال: فنكس رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه مليا، ثم رفع بصره إلى
السماء، ثم أقبل على الرجل فقال: " يا هذا، انه ليس من أحد الا بينه وبين آدم
تسعة وتسعون عرقا تضرب في النسب، فإذا وقعت النطفة في الرحم اضطربت
تلك العروق، تسأل الله الشبه لها. فهذا من تلك العروق التي لم يدركها أجدادك
ولا أجداد أجدادك خذ إليك ابنك ". فقالت المرأة: فرجت عني يا رسول الله) (1).
(22) روى محمد بن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان الله عز وجل
خلق للرحم أربعة أوعية، فما كان في الأول فللأب، وما كان في الثاني فللأم،
وما كان في الثالث فللعمومة، وما كان في الرابع فللخؤولة) (2).
(23) وروي عن الصادق عليه السلام قال: (إذا أراد الله أن يخلق خلقا جمع كل
صورة بينه وبين آدم، ثم خلقه على صورة إحداهن فلا يقول أحد لولده: هذا
لا يشبهني، ولا يشبه أحدا من آبائي) (3) (4).
(24) وروى محمد بن سليمان عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له: جعلت

(1) الفروع 5، كتاب النكاح، باب نوادر، حديث: 23.
(2) الفروع: 6، كتاب العقيقة، باب أكثر ما تلد المرأة، حديث: 2.
(3) الفقيه: 3، باب فضل الأولاد، حديث: 23.
(4) هذه الأحاديث الأربعة تدل على أن اختلاف الأوصاف لا اعتبار لها في التحاق
الأنساب لأنها إنما تفيد ظنا، والظن لا دخل له في الأنساب، لان النسب إنما يترتب
على الأحكام الشرعية، لا على الظنون العقلية، وأما حديث امرأة شريك فهو ان صح، نقل
حكم في واقعة، فلا يتعدى إلى غيره (معه).
419

فداك، كيف صار الرجل إذا قذف امرأته، كانت شهادته أربع شهادات بالله. وإذا
قذفها غيره، أب أو أخ أو ولد أو غريب جلد الحد، أو يقيم البينة على ما قال؟
قال: (سئل جعفر بن محمد عليهما السلام عن ذلك؟ فقال: ان الزوج إذا قذف امرأته
قال: رأيت ذلك بعيني، كانت شهادته أربع شهادات بالله. وإذا قال: إنه لم يره
بعينه، قيل له أقم البينة على ما قلت: والا كان بمنزلة غيره. وذلك لان الله عز وجل
جعل للزوج مدخلا، لم يجعله لغيره، من والد ولا ولد. يدخل بالليل والنهار
فجاز أن يقول: رأيت. ولو قال غيره: رأيت، قيل وما أدخلك في الحال
الذي ترى هذا فيه وحدك؟ أنت متهم، فلا بد أن يقام عليك الحد الذي أوجبه
الله عليك) (1) (2).

(1) الفقيه: 3، باب اللعان، حديث: 8.
(2) علم من هذا الحديث اشتراط دعوى المشاهدة في قذف الزوج، فلو لم يدعها
أو كانت مستحيلة في حقه، كالأعمى، لم يتحقق اللعان، ولزمه الحد، أو البينة. أما
غيره سواء كان من الأقارب أو الأجانب فالمعتبر في حقه بالقذف، أما الحد أو البينة،
وان ادعى المشاهدة (معه).
420

باب العتق
(1) روى عمر بن عنبسة ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " من أعتق رقبة مؤمنة، كانت
فداءه من النار " (1).
(2) وروى واثلة بن الأسقع وغيره ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " من أعتق رقبة
مؤمنة، أعتق الله بكل عضو منها، عضوا له من النار " (2).
(3) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا عتق الا في ملك " (2).
(4) وروى ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا اشترى الرجل أباه

(1) كنز العمال للمتقى: 10، كتاب العتاق من قسم الأقوال، حديث: 29572.
(2) ما عثرت عليه من حديث واثلة هكذا (أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها
عضوا منه من النار) لاحظ كنز العمال للمتقى: 10، كتاب العتاق من قسم الأقوال، حديث
29575. والمستدرك للحاكم 2: 212، كتاب العتق.
(3) رواه كما في المتن في المهذب، كتاب العتق، عند شرح قول المصنف:
(مال المعتق لمولاه وإن لم يشترطه)، وفى التهذيب، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة،
باب العتق، حديث: 6، ولفظه: (لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك)، وحديث: 7، ولفظه
(لا عتق الا بعد ملك).
421

أو أخاه فملكه، فهو حر الا ما كان من قبل الرضاع) (1).
(5) وروى الحلبي، عن الصادق عليه السلام في بيع الأم من الرضاعة؟ قال: (لا
بأس) (2).
(6) وروى الحلبي وابن سنان معا، عن أبي عبد الله عليه السلام في امرأة أرضعت
ابن جاريتها؟ قال: (تعتقه) (3).
(7) وروى أبان بن عثمان، عن أبي بصير، وأبي العباس، وعبيد كلهم عن
الصادق عليه السلام قال: قلت: يجري في الرضاع مثل ذلك؟ قال: (نعم، يجرى
في الرضاع مثل ذلك) (4) (5).
(8) وروى إسحاق بن عمار وغيره، عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الرجل
يعتق مملوكه ويزوجه ابنته، ويشترط عليه ان هو أغارها ان يرده في الرق؟
قال: (له شرطه) (6) (7).

(1) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب ان من لا يصح ملكه من جهة النسب لا يصح
ملكه من جهة الرضاع، حديث: 9.
(2) المصدر السابق، حديث: 10.
(3) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب ما لا يجوز ملكه من القرابات
حديث: 5.
(4) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب ان من لا يصح ملكه من جهة النسب لا يصح
ملكه من جهة الرضاع، قطعة من حديث: 1.
(5) هذه الأحاديث الأربعة متعارضة في أصل مسألة هي انه: هل يعتق من الرضاع
ما ينعتق بالنسب أم لا؟ فالروايتان الأولتان دالتان على أنه لا ينعتق، وبمضمونها أفتى المفيد
وابن أبي عقيل وابن إدريس. والروايتان المتأخرتان دلتا على العتق، وان حكم الرضاع
حكم النسب فيه، وهو المذهب المشهور، فالعمل على المتأخرين، لاشتهارهما (معه).
(6) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة باب الشرط في العتق،
حديث: 3.
(7) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ والعلامة في القواعد، فقالا: بصحة العتق
والشرط، اعتمادا على الرواية. وقال العلامة في المختلف: ببطلان العتق والشرط،
وأجاب عن الرواية بالطعن في السند أولا، وبالقول بموجبها ثانيا، فإنه إذا ثبت له شرطه
رده في الرق لبطلان العتق. وقال ابن إدريس: ببطلان الشرط وصحة العتق، وصرح به
فخر المحققين في الايضاح، اعتمادا على الأصل. والعمل بالرواية أقوى (معه).
422

(9) وروى الشيخ مرفوعا عن زرارة عن الباقر عليه السلام قال: (إذا أتى على
الغلام عشر سنين فإنه يجوز له من ماله ما أعتق وتصدق على الوجه المعروف،
فهو جائز) (1).
(10) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الولاء لمن أعتق) (2).
(11) وروى سيف بن عميرة، عن الصادق عليه السلام قال: سألته يجوز للمسلم
أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال: (لا) (3).
(12) وروى الحسن بن صالح، عن الصادق عليه السلام (ان عليا عليه السلام أعتق عبدا
نصرانيا، فأسلم حين أعتقه) (4) (5).
(13) وروى يعقوب بن شعيب في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمسين سنة، فأبقت، ثم مات

(1) التهذيب: 8، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة، باب العتق وأحكامه، حديث:
131.
(2) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب الولاء لمن أعتق، حديث: 1.
و 3 و 4. وصحيح مسلم: 2، كتاب العتق (2) باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث: 5 و 6
و 8 و 14 و 15.
(3) التهذيب: 8، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة، باب العتق وأحكامه، حديث:
15.
(4) المصدر السابق، حديث: 16.
(5) تفرد الشيخ بالعمل بهذه الرواية، والباقون على العمل بالأولى، وهو المشهور
(معه).
423

الرجل، فوجدها ورثته، ألهم أن يستخدموها؟ قال: (لا) (1) (2).
(14) وروى الحسن الصيقل، عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل قال:
أول مملوك أملكه فهو حر، فأصاب ستة؟ قال: إنما كان نيته على واحد، فليختر
أيهم شاء شاء، فليعتقه) (2).
(15) وروى الحلبي في الصحيح، عن الصادق عليه السلام في رجل قال: (أول
مملوك أملكه فهو حر، فورث سبعة جميعا؟ قال: يقرع بينهم، ويعتق الذي
يخرج اسمه) (4) (5).
(16) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " المسلم أخو المسلم، لا يحل له ماله، الا من طيب

(1) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب الشرط في العتق، حديث: 2.
(2) هذه الرواية أفتى الشيخ بمضمونها، وقال: انه ليس للورثة عليها سبيل.
وقال ابن إدريس: والأولى ان لهم عليها الرجوع بمثل أجرة تلك المدة، لأنها مستحقة
عليها وقد فوتتها بالإباق، فتضمن اجرتها، والرواية ليس فيها الا نفى الخدمة، ونفى
الاستخدام لا يلزم نفى الأجرة، وقال العلامة: وهذا التأويل حسن (معه).
(3) التهذيب: 8، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة، باب العتق وأحكامه، حديث:
45.
(4) المصدر السابق، حديث: 44.
(5) بمضمون الرواية الأولى أفتى ابن الجنيد والمحقق، وبالرواية الثانية أفتى
الشيخ، وطعن في الرواية السابقة بأن الثانية أصح منها طريقا، لان في طريق الأولى
إسماعيل بن يسار الهاشمي، وهو مذكور بالضعف. لكن هذه الصحيحة يعارضها أصالة
البراءة من وجوب القرعة، لكن الأصل يصار عنه من قيام الدليل على خلافه. وأما قول
ابن إدريس: بأنه لا يجب شئ، فبعيد، من حيث إن شرط النذر قد حصل فوجب الوفاء
به، لان الأولوية متحققة في كل واحد واحد، فالعمل على الثانية (معه).
424

نفس منه " (1) (2).
(17) وروى محمد بن إسماعيل في الصحيح عن الرضا عليه السلام قال: سألته
عن الرجل يأخذ من أم ولده شيئا وهبه لها، من غير طيب نفسها، من خدم
أو متاع، أيجوز ذلك له؟ قال: (نعم: إذا كانت أم ولده) (3).
(18) وقال الصادق عليه السلام: (فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك) (4).
(19) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن رجل أعتق
عبدا له، وللعبد مال، لمن المال؟ فقال: (إن كان يعلم أن له مالا، تبعه ماله،
والا فهو له) (5).
(20) وروى حريز في الصحيح، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قال
لمملوكه أنت حر، ولي مالك؟ قال: (لا يبدأ بالحرية قبل المال. يقول: لي مالك
وأنت حر برضى المملوك) (6).
(21) وروى عمر بن يزيد في الصحيح، عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن

(1) سنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع: حديث: 87.
(2) إنما ذكر هذا الحديث هنا، لان بعض الأصحاب استدل على أن العبد لا يملك
لأنه لو ملك لما جاز للسيد أخذه منه قهرا، والتالي باطل فالمقدم كذلك، وبيان الشرطية
بعموم الحديث. ويدل على بطلان التالي بعد الاجماع الرواية التي بعده، لأنها صريحة
في جواز الاخذ من أم الولد من غير طيب من نفسها، وإذا صح الاخذ من أم الولد بغير
رضاها فمن القن بالطريق الأولى. والرواية من الصحاح فدل على أن العبد لا ملك له (معه).
(3) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب السراري وملك الايمان، حديث: 25.
(4) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المملوك يعتق وله المال
قطعة من حديث: 1.
(5) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب من أعتق مملوكا له مال، حديث: 1.
(6) المصدر السابق، حديث: 4.
425

رجل أراد أن يعتق مملوكا له، وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة، فرضها عليه
في كل سنة، ورضي بذلك المولى، ورضى بذلك المملوك، فأصاب المملوك
في تجارته مالا سوى ما كان يعطيه مولاه من الضريبة؟ قال: فقال: (إذا أدى
إلى سيده ما كان فرض عليه، فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك). ثم قال
أبو عبد الله عليه السلام: (وقد فرض الله عز وجل على العبيد فرائض، فإذا أدوها إليه
لم يسألهم عما سواها). قلت: فما ترى للمملوك أن يتصدق مما اكتسب ويعتق
بعد الفريضة التي كان يؤديها؟ قال: (نعم وأجيز ذلك له)، قلت: فان أعتق
مملوكا مما اكتسب بعد الفريضة، لمن يكون له ولاء المعتق؟ قال: (فيذهب
فيتوالى إلى من أحب، فإذا ضمن جريرته وعقله، كان مولاه وورثه) قلت له:
أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الولاء لمن أعتق "؟ قال: (هذا سائبة، لا يكون
ولاء لعبد مثله)، قلت: فان ضمن العبد الذي أعتقه جريرته وحدثه، أيلزم
ذلك ويكون مولاه ويرثه؟ قال: فقال: (لا يجوز ذلك، ولا يرث عبد حرا) (1).
(22) وروى الصدوق ذلك أيضا في الصحيح (2) (3).

(1) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المملوك يعتق وله المال
حديث: 1.
(2) الفقيه: 3، باب العتق وأحكامه، باب المكاتبة، حديث: 6.
(3) الرواية الأولى دالة على أن العبد يملك ما فضل عن الضريبة من كسبه، لإضافته
إليه بلام الملك.
والرواية الثانية دالة على أنه يملك وان المال يتبعه بعد العتق، إذا علم به السيد،
وإن لم يعلمه فهو له. وبه أفتى الشيخ، وظاهره انه لابد للمولى في ملكية المال عند
العتق، مع علمه من استثنائه، فإن لم يستثنه فهو للعبد، ومنع العلامة من ذلك وابن إدريس
وقالوا: لا يحتاج إلى الاستثناء، لان ملكه على تقديره ملك تصرف، فبالعتق يزول ذلك
التصرف.
والرواية الثالثة دالة على ملكيته أيضا، وفيها زيادة بيان كيفية استثناء المال، بأن
يقدم ذكر المال ثم يتبعه بالحرية، وانه لو عكس حصل له الحرية ولم يملك المال، كما
هو مضمون الرواية، وبه أفتى الشيخ. وقال العلامة: لا فرق بينهما، لان الكلام كالجملة
الواحدة، لا يتم أولها الا بآخرها، مع أن في الرواية شرط رضى المملوك، وهو شئ لم يقل به
الشيخ.
والرواية الرابعة دلت على صحة عتقه وصدقته، وعدم ثبوت الولاء له. وكذا
الخامسة، وبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية، وخالفه الباقون، وقالوا: انه على تقدير
التسليم فملكه ملك التصرف، وحملوا الرواية على جواز ذلك مع رضا السيد لا مطلقا،
جمعا بين الأدلة، وهو الأقوى. نعم في هذا الحمل اشكال من حيث إنه إذا كان العتق
برضا السيد واذنه، وجب ثبوت الولاء له، لأنه كالصادر منه، وقد اشتملت الرواية على أن
العتق يكون سائبة، فبين ما دل عليه مضمون الرواية وبين هذا الحمل منافاة ظاهرة (معه).
426

(23) وروى غياث بن إبراهيم، عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام ان رجلا
أعتق بعض غلامه؟ فقال علي عليه السلام: (هو حر، ليس لله شريك) (1).
(24) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من أعتق شقصا له من مملوكه وله مال، قوم عليه
الباقي " (2).
(25) وفي الحديث ان رجلا أعتق شقصا له من مملوكه، فلم يضمنه النبي
صلى الله عليه وآله قيمته (3) (4).
(26) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام انه سئل عن رجلين كان
بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه؟ فقال: (إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله،

(1) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب من أعتق بعض مملوكه، حديث: 1.
(2) سنن أبي داود: 4، كتاب العتق، باب فيمن أعتق نصيبا له من مملوك، حديث:
3934 و 3935. وفيه: (وغرمه بقية ثمنه) وفى الاخر (فعليه خلاصه).
(3) سنن أبي داود: 4، كتاب العتق، باب فيمن روى أنه لا يستسعى، حديث:
3948.
(4) هذا الحديث محمول على أن المعتق كان معسرا، لتوافق ما تقدم (معه).
427

والا استسعى العبد في النصف الآخر) (1) (2).
(27) وروى يحيى بن القيس عن الباقر عليه السلام قال: (من كان شريكا في
عبد أو أمة، قليلا أو كثيرا، فأعتق حصته وله سعة، فليشتره من صاحبه
فليعتقه كله. وإن لم يكن له سعة من المال ينظر قيمته يوم أعتق منه ما أعتق ثم
يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق) (3).
(28) وروى محمد، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (وان أعتق الشريك مضارا
وهو معسر، فلا عتق له، لأنه أراد أن يفسد على القوم ملكهم، فيرجع على
القوم حصتهم) (4) (5).
(29) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام في رجل أعتق أمة

(1) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المملوك بين شركاء يعتق
أحدهم نصيبه أو يبيع، حديث: 2.
(2) هذه الحسنة دالة على أن عتق الموسر إنما يلزمه السراية بشرط المضارة، فأما
إذا لم يكن مضارا، فلا يقوم عليه، بل يكلف العبد السعي، فان امتنع استقر ملك السيد
على ماله وانعتق منه ما انعتق، وبهذا أفتى الشيخ اعتمادا على هذه الرواية.
والباقون قالوا: يقوم عليه مطلقا عملا بعموم الأخبار المتقدمة، ولان قصد المضارة
ينافي قصد القربة، مع أن العتق مشروط بها، وأجاب العلامة بأن المراد بالاضرار،
التقويم قهرا ومنع المالك من التصرف في ملكه، فلا دخل له في قصد القربة وعدمها (معه).
(3) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب المملوك بين شركاء يعتق أحدهم نصيبه،
حديث: 11.
(4) المصدر السابق، حديث: 10.
(5) هذه الرواية والتي قبلها مختصان بحال المعسر، ودلت الأولى على أن عتقه
جائز مطلقا، وان العبد يسعى في حساب ما بقي من القيمة يوم العتق، والعمل بهذه الرواية
مشهور بين الأصحاب:
والثانية دلت على أنه مع قصد الاضرار لا ينفذ عتقه، وبها أفتى الشيخ في النهاية
ولما كانت مخالفة للمشهور حملوها على أنه لم يكن قاصدا للتقرب، بل الاضرار لا غير،
ولا ريب ان العتق إذا خلا من القربة، كان باطلا (معه).
428

وهي حبلى، فاستثنى ما في بطنها؟ قال: (الأمة حرة وما في بطنها حر، لان ما في
بطنها منها) (1).
(30) وروى الحسن الوشاء في الصحيح عن الرضا عليه السلام في جارية دبرت
وهي حبلى؟ (ان علم به فهو مدبر، والا فهو رق) (2) (3).
(31) وروى النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " إذا أعمى المملوك فلا رق عليه والعبد إذا جذم فلا رق عليه ") (4).
(32) وروى ابن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كل عبد

(1) الفقيه: 3، باب الحرية، حديث: 8.
(2) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المدبر، حديث: 4،
بتفاوت يسير غير مغير في المعنى والألفاظ.
(3) هذه الرواية دالة على أن العتق يسرى في الحمل، كما يسرى في الأشقاص،
وقد عمل بمضمونها جماعة من القدماء من الأصحاب. قال الشهيد: ورواية الوشاء
الصحيحة عاضدة لها أيضا، لأنه شرط كون ما في بطنها غير مدبرة عدم العلم به، فدل على أنه
مع العلم يسرى التدبير إليه، كسراية العتق، فهو قول بالسراية إلى الاشخاص كما في
الأشقاص. وابن إدريس منع من ذلك، وتبعه المحقق والعلامة، وضعفوا الرواية الأولى
بضعف السكوني، مع مخالفتها للأصل، من حيث إن السراية يكون في الأشقاص لا في
الاشخاص وقالوا: ان العتق كالبيع. وأما صحيحة الوشاء فمختصة بالتدبير، فلا يقاس
عليه العتق، وهو الأقوى (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المملوك إذا عمى أو جذم
أو نكل به فهو حر، حديث: 2.
429

يمثل به فهو حر) (1).
(33) وروى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام
فيمن نكل بمملوكه، انه حر لا سبيل له عليه سائبة، يتوالى إلى من أحب) (2).

(1) المصدر السابق، حديث: 1.
(2) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ولاء السائبة، حديث: 9، وتمامه:
(فإذا ضمن جريرته فهو يرثه).
430

" باب التدبير والمكاتبة والاستيلاد "
(1) روى عثمان بن عيسى الكلابي في الموثق عن الكاظم عليه السلام أنه قال:
(إذا كانت المرأة دبرت وبها حبل ولم يذكر ما في بطنها، فالجارية مدبرة والولد
رق) (1).
(2) وروى الحسن بن علي الوشا عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل
دبر جارية حبلى؟ فقال: (ان علم بحبل الجارية، فما في بطنها بمنزلتها. وإن كان
لم يعلم، فما في بطنها رق) (2).
(3) وروى جابر ان رجلا أعتق مملوكا له عن دبر، فاحتاج، فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " من يشتريه مني فباعه من نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم، فدفعها إليه
وقال عليه السلام: " أنت أحوج منه " (3) (4).

(1) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المدبر، ذيل حديث: 5.
(2) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المدبر، حديث: 4.
(3) سنن أبي داود: 4، كتاب العتق، باب في بيع المدبر، حديث: 3957،
وتمام الحديث: (ثم قال: إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى
عياله، فإن كان فيها فضل فعلى ذي قرابته، أو قال: على ذي رحمه، فإن كان فضلا
فههنا وههنا).
(4) وعجز هذه الرواية تدل على أن التدبير يبطل، والا لما كان يحتاج إلى بيان
وجه الترجيح، وإن لم يبعه، لان الحاجة وقت حياة المولى (معه).
431

(4) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام وقد سئل عن رجل
دبر مملوكا، ثم احتاج إلى ثمنه، فقال: (هو مملوكه ان شاء باعه، وان
شاء أعتقه، وان شاء أمسكه حتى يموت، وبموته يتحرر) (1).
(5) وروى محمد بن مسلم أيضا في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام في الرجل
يعتق غلامه أو جاريته عن دبر منه، ثم يحتاج إلى ثمنه، أيبيعه؟ قال: (لا، إلا أن
يشترط على الذي يبيعه إياه، ان يعتقه عند موته) (2).
(6) وروى الحلبي في الصحيح، وأبو بصير، والقاسم بن محمد عن
الصادق عليه السلام مثله وكذا رواه السكوني (3) (4).

(1) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المدبر، حديث: 9،
وفيه: (فإذا مات السيد فهو حر من ثلثه).
(2) الاستبصار: 4، كتاب العتق، أبواب التدبير، باب جواز بيع المدبر، حديث: 7.
(3) المصدر السابق، حديث: 8 و 10 و 11 و 12.
(3) هذه الروايات الواردة في بيع المدبر متعارضة، فبعضها دال على جوازه
وبعضها على منعه، مع أن مجموعها صحاح، فلا بد من التوفيق. فقال الشيخ في التهذيب:
تحمل الأخبار الدالة على جواز بيعه على أنه بمنزلة الوصية يصح الرجوع فيه، فجواز
البيع موقوف على الرجوع عن التدبير ونقضه، لان له ذلك، كما له نقض الوصية، فإذا
نقضه عاد المدبر إلى محض الرق فجاز بيعه.
وتحمل الأخبار الدالة على المنع من بيعه على بيع رقبته، بل يبيع خدمته إذا لم
يسبق الرجوع، قال العلامة: وهذا ليس بجيد، لان التدبير وصية وهي تبطل بالخروج
عن الملك، وبيع المنافع لا يصح لأنها غير معلومة القدر، وليست أعيانا ولا معلومة، والبيع
مشروط بجميع ذلك. بل الوجه في الجمع أن يحمل المنع من البيع على ما إذا كان
التدبير واجبا بنذر وشبهه، فهذا لا يجوز بيعه لما فيه من مخالفة الواجب.
وتحمل الروايات الواردة بجواز البيع على التدبير المتبرع به، ويحمل بيع
الخدمة على الإجارة، فإنها في الحقيقة بيع المنافع مدة معينة، ويصير المعنى من جواز البيع
مدة حياته ان له أن يؤجره مدة معينة، فإذا انقضت جاز له أن يؤجره أخرى. وهكذا
مدة حياته (معه).
432

(7) وروى أبو بصير في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل
دبر غلامه وعليه دين فرارا من الدين؟ قال: (لا تدبير له. وإن كان دبره في
صحة وسلامة فلا سبيل للديان عليه) (1).
(8) وروى علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام مثله (2) (3).
(9) وروى يعقوب بن شعيب في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل يكون له الخادم، فقال: هي لفلان تخدمه ما عاش، فإذا مات فهي حرة،
فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ثم يجدها ورثته.
ألهم أن يستخدموها بقدر ما أبقت؟ فقال: (لا، إذا كان الرجل قد مات فقد
عتقت) (4) (5).

(1) الفقيه: 3، باب التدبير، حديث: 11.
(2) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب جواز بيع المدبر، حديث: 3.
(3) هاتان الروايتان لا يعارضها الا الأصل، من حيث إن التدبير وصية والدين
مقدم على الوصية بالاجماع. ولذا حملهما العلامة على كون التدبير واجبا بالنذر وشبهه
لأنهما لما كانتا صحيحتي الطريق ومخالفتين للأصل، رام الجمع بينهما وبين الأصل. فإنه
إذا كان المدبر سالما من الدين لم يكن للديان عليه سبيل إذا لحقه الدين بعد التدبير،
لان الوجوب الذي قبله تحقق حصوله مع عدم مانع منه، فطريان المانع لا يؤثر في انتفائه
فأما إذا كان الدين سابقا، فنذر التدبير فرارا من الدين، كان النذر غير منعقد، لعدم
قصد القربة. وهذا الحمل حسن (معه).
(4) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب المدبر يأبق فلا يوجد الا بعد موت من دبره
حديث: 2.
(5) هذه الرواية دلت على ثلاثة أحكام، الأول: ان التدبير المعلق بحياة غير
المولى جائز، الثاني: ان الإباق لا يبطل التدبير في هذه الصورة، الثالث: انه ليس
للورثة سبيل على المدبر، وإن كان مورثهم استحق الخدمة علية حال حياته، فليس للورثة
بعد موته استخدام، ولا إلزام العوض، للعلة المذكورة في الرواية، وهي انه بموت الرجل
انعتق، فبالعتق لا سبيل عليه. وبمضمون هذه الرواية أفتى الأصحاب واشتهر بينهم العمل
بمضمونها. الا ابن إدريس فإنه اعترض عليها من وجوه ثلاثة:
الأول: ان التدبير في عرف الشرع العتق المعلق بموت المولى، فالعتق المعلق
بموت غير المولى لا يكون تدبيرا.
الثاني: ان التدبير يلزمه البطلان بالإباق بالاجماع، فلو كان هذا التدبير صحيحا
لبطل بالإباق.
الثالث: ان التدبير من الأحكام الشرعية لا بد في اثباته من دليل شرعي، ولا دليل
الا هذه الرواية، وهي خبر وحد شاذ لا يعتمد عليه.
أجاب العلامة، أما عن الأول فبعدم تسليم كون التدبير في عرف الشرع ما ذكره،
بل هو العتق المؤخر مطلقا، فيشتمل الصورتين.
وعن الثاني بالمنع من الملازمة بين الصحة والبطلان بالإباق، ولئن سلمنا لكن
الفرق متحقق، فان الخدمة المجعولة للمدبر إذا أبق العبد عنه، قابل نعمته بكفرها، فقوبل
بنقيض مقصوده، كمنع ارث القاتل، فأما إذا فعلت لغير المدبر لم يتحقق الكفران، فلم
يتحقق البطلان، لعدم حصول شرطه.
وعن الثالث بأن هذه الرواية دليل شرعي، لأنها صحيحة الطريق تلقاها الأصحاب
بالقبول، لم يخالف مقتضاه أحد سواه، مع اعتضادها بالحكمة التي هي مناط الاحكام،
فلا موجب لردها (معه).
433

(10) وروى سهل بن حنيف ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " من أعان غارما أو غازيا
أو مكاتبا في كتابته أظله الله يوم لا ظل الا ظله " (1).
(11) وروت أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا كان لاحد أكن

(1) السنن الكبرى للبيهقي 10: 320، باب فضل من أعان مكاتبا في رقبته.
434

مكاتبا، فكان عنده ما يؤدى فلتحتجب منه " (1) (2).
(12) وروى معاوية بن وهب في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
مكاتبة أدت ثلثي مكاتبتها، وقد شرط عليها، ان عجزت فهي رد في الرق، ونحن
في حل مما أخذنا منها، وقد اجتمع عليها نجمان؟ قال: (ترد، ويطيب لهم
ما أخذوا، وليس لها أن تؤخر النجم بعد حله شهرا واحدا الا بإذنهم) (3).
(13) وروى ابن وهب في الصحيح عن الصادق عليه السلام، - إلى أن قال -: (فما
حد العجز؟ فقال: (ان قضاتنا يقولون: ان عجز المكاتب أن يؤخر النجم إلى
النجم الاخر، وحتى يحول عليه الحول) قلت: فما تقول أنت؟ قال: (لا، ولا
كرامة ليس له أن يؤخر نجما عن أجله إن كان من شرطه) (4).
(14) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام قال: (ان
عليا عليه السلام كان يقول: إذا عجز المكاتب لم يرد مكاتبة في الرق، ولكن ينتظر
عاما أو عامين، فان قام لمكاتبته، والا رد مملوكا) (5).

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب العتق، باب المكاتب، حديث: 2520.
(2) في هذا الحديث اشكال من وجهين: الأول: انه أمر بالاحتجاب إذا كان عند
المكاتب ما يؤدى ولم يذكر انه أدى والتحرير موقوف على الأداء لا على امكان الأداء. الثاني: ان أمره
بالاحتجاب بعد الأداء إنما هو لعلة الحرية الطارئة المزيلة للملك المستلزم لعدم الحجاب
فيكون دالا على أن المرأة لا يجب عليها الاحتجاب عن مملوكها، وهذا وإن كان موافقا
لظاهر الآية، الا انه ينافي مذهب الأصحاب، من حيث إنهم لا يعملون بظاهر الآية بل
حملوها على التأويل (معه).
(3) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المكاتب، حديث: 8.
(4) المصدر السابق، قطعة من حديث: 1.
(5) الاستبصار: 4، كتاب العتق، أبواب المكاتبين، باب المكاتب المشروط عليه
ان عجز فهو رد في الرق، وما حد العجز في ذلك، حديث: 3.
435

(15) وروى جابر عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن المكاتب يشترط عليه ان
عجز فهو رد في الرق، فعجز قبل أن يؤدي شيئا؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: (لا ترده
في الرق حتى يمضى له ثلاث سنين ويعتق منه بقدر ما أدى، فأما إذا صبروا
فليس لهم أن يردوه في الرق) (1) (2).
(16) وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
(فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا) (3) قال: (الخير أن يشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله، ويكون بيده ما يكتسب به، أو تكون له حرفة) (4) (5).
(17) وروى بريد بن معاوية ومحمد بن قيس صحيحا عنهم عليهم السلام: (ان
المكاتب إذا مات وكان له ورثة أرقاقا، انهم يؤدون مما تركه، ما بقي من مال

(1) المصدر السابق، حديث: 4.
(2) هذه الروايات الأربع متعلقة بأحوال عجز المكاتب، وبمضمون الروايتين
الأولتين أفتى أكثر الأصحاب، بل هو المشهور بينهم. وبمضمون الرواية الثالثة أفتى
الشيخ. وبمضمون الرابعة أفتى الصدوق، وأجيب عنهما بضعف السند، وبالحمل على
الاستحباب (معه).
(3) النور: 33.
(4) الفقيه: 3، باب المكاتبة، حديث: 23.
(5) هذه الرواية تدل على أن مكاتبة الكافر لا تجوز، وبذلك أفتى الشيخ، بناء
على الرواية في تفسيرها للخير المشروط في الآية به الامر بالمكاتبة. والسيد المرتضى
ذهب إلى أن المراد بالخير، الديانة. وقال المحقق والعلامة: ان المراد به المال. وقال
الشيخ وابن الجنيد: هما معا، فعلى قول السيد والشيخ لا يصح كتابة الكافر، وعلى قول
العلامة والمحقق يصح (معه).
436

الكتابة، وما فضل لهم) (1) (2).
(18) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " المشروط رق ما بقي عليه درهم " (3) (4).
(19) وروى بريد بن معاوية العجلي في الصحيح قال: سألته عن رجل
كاتب عبدا له على ألف درهم، ولم يشترط عليه حين كاتبه، ان هو عجز عن مكاتبته
فهو رد في الرق، وان المكاتب أدى إلى مولاه خمسمائة درهم، ثم مات المكاتب
وترك مالا وترك ابنا له مدركا؟ قال: (نصف ما ترك المكاتب من شئ فإنه لمولاه
الذي كاتبه، والنصف لابن المكاتب الذي مات ونصفه حر ونصفه عبد للذي كاتبه
وابن المكاتب كهيئة أبيه نصفه حر ونصفه عبد للذي كاتب أباه، فان أدى إلى
الذي كاتب أباه، ما بقي على أبيه فهو حر لا سبيل لاحد من الناس عليه) (5) (6)

(1) الظاهر أن الحديث منقول بالمعنى، فلا حظ الاستبصار: 4، كتاب العتق،
أبواب المكاتبين، باب ميراث المكاتب، حديث: 1 و 2.
(2) هذه الرواية دلت على أن المكاتب المطلق إذا مات، بطلت المكاتبة، فإن لم
يكن أدى شيئا فلا كلام، وإن كان قد أدى شيئا تحرر منه بقدر ما أدى، وما بقي منه
بطلت المكاتبة فيه. فيكون للسيد من ماله وأولاده بالنسبة مما يخص نصيب الرقية، وما
يخص نصيب الحرية فهو للورثة، فإذا كانوا أرقاقا كان ما بقي منهم مكاتبا، فيؤدون ما بقي
على أبيهم ويعتقون، وهذا هو المشهور بين علمائنا (معه).
(3) لم نعثر على حديث بهذه العبارة. وفى سنن أبي داود: 4، كتاب العتق، باب
في المكاتب يؤدى بعض كتابته، فيعجز أو يموت، حديث: 3926، ما هذا لفظه:
(المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم).
(4) هذا الحديث دال بمضمونه على أن المكاتب المشروط إذا مات بطلت كتابته
وإن كان الذي بقي عنه مقدار درهم، ويحكم عليه بأنه مات رقا، فيجب على سيده تجهيزه
ويكون له ماله، ويرجع أولاده أرقاقا (معه).
(5) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب المكاتب، حديث: 3.
(6) هذه الرواية دلت بمضمونها على بطلان الكتابة في المشروط. والقسمة على
النسبة في المطلق، كما هو المشهور. وهي من الصحاح فالعمل بمضمونها جيد (معه).
437

(20) وروى جميل بن دراج في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته
عن مكاتب يؤدى بعض مكاتبة، ثم يموت ويترك أنبأ له من جارية له؟ فقال:
(إن كان اشترط عليه انه ان عجز فهو رق، رجع ابنه منها مملوكا والجارية،
وإن لم يشترط عليه صار ابنه حرا، ورد على المولى بقية المكاتبة وورث ابنه
ما بقي) (1).
(21) وروى ابن سنان صحيحا عن الصادق عليه السلام في مكاتب يموت وقد
أدى بعض مكاتبته، وله ابن من جاريته؟ قال: (ان اشترط عليه ان عجز فهو
مملوك، رجع ابنه مملوكا والجارية. وإن لم يكن اشترط عليه، أدى ابنه ما
بقي من مكاتبته، وورث ما بقي) (2) (3).
(22) وروى محمد بن قيس صحيحا عن الباقر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين
عليه السلام في مكاتب توفى وله مال؟ قال: (يقسم ماله على قدر ما عتق منه
لورثته، وما لم يعتق يحسب منه لأربابه الذين كاتبوه، هو مالهم) (4) (5).

(1) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب ميراث المكاتب، حديث: 4.
(2) المصدر السابق، حديث: 3.
(3) وبهاتين الروايتين أفتى ابن الجنيد، وقال: انهما دلتا على وجوب قضاء ما
بقي من مال الكتابة، من أصل التركة كالعين، والفاضل للورثة من غير تفصيل. ودلالتهما
على ما ادعاه غير صحيحة، لان فيهما ذكر الاشتراط وتخصيص حالته برجوع الابن
والجارية إلى الرقية معه، وان مع عدمه يكون الحكم أداء ما بقي. فظاهرهما دل على
بطلان الكتابة في المطلق (معه).
(4) التهذيب: 8، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة، باب المكاتب، حديث: 32.
(5) هذه الرواية أفتى بمضمونها الصدوق، وقال: يقسم ما ترك المكاتب على
النسبة بين السيد وأولاد المكاتب من غير تفصيل بين المطلقة والمشروطة. وما استدل به من
هذه الرواية على ما قال لدعواه، لأنه لم يتعرض في الرواية لذكر المشروط ولا المطلق
ويمكن حملها على الروايات المتقدمة، لأن المطلق يجب حمله عليه المقيد (معه).
438

(23) وفى الأحاديث الصحيحة. ان النبي صلى الله عليه وآله فعل التسري. وان مارية
القبطية كانت جارية سرية له عليه السلام، وهي أم ولده إبراهيم عليه السلام، وكان في الملل
السالفة، فان إبراهيم الخليل عليه السلام كان له هاجر، وهي أم إسماعيل، وكانت
جارية سرية له عليه السلام. وكان لسليمان بن داود عليهما السلام سبعمائة سرية (1). وقال النبي صلى الله عليه وآله:
من ملك ذا رحم فهو حر (2) (3).
(24) وروى محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام في وليدة نصرانية أسلمت
وولدت من مولاه غلاما ومات، فأعتقت وتزوجت نصرانيا، وتنصرت وولدت؟
فقال: (ولدها لابنها من سيدها، وتحبس حتى تضع، وتقتل) (4) (5).

(1) المهذب، كتاب المكاتبة والتدبير والاستيلاد. في المقدمة الأولى من ذكر
الاستيلاد.
(2) سنن ابن ماجة: 2، كتاب العتق (5) باب من ملك ذا رحم محرم فهو حر،
حديث: 2524.
(3) إنما ذكر هذا الحديث هنا ليستدل به على أن أم الولد ينعتق على ولدها بموت
سيدها، لانتقالها إليه، فإن كان هو الوارث لا غير، انعتقت بأجمعها، وإن كان معه غيره
عتق منها بقدر نصيبه، ويبقى الباقي منها على الحجر حتى يؤدى قيمته إلى الورثة. ومن
يؤديه؟ قيل: هي تسعى فيه، فتؤدى عن نفسها، وقيل: يقوم على الولد فيؤديه عنها.
وظاهر الحديث دال عليه، لان قوله: (فهو حر) دليل على سراية الحرية فيه أجمع، قال
الشيخ: إن كان موسرا قومت عليه، والا يستحب. والأكثر على أنها لا تقوم عليه وإن كان
موسرا، لان العتق القهري لا سراية فيه. وظاهر الحديث (من ملك ذا رحم) يعنى باختياره
فيخرج القهري (معه).
(4) التهذيب: 8، كتاب الطلاق، باب السراري وملك الايمان، حديث: 67،
والحديث طويل ونقله باختصار.
(5) وهذه الرواية مخالفة للأصل في شيئين. الأول: اشتمالها على استرقاق الحر،
لان ولدها حر، لأنه ولد نصراني محترم، فلا يجوز استرقاقه. الثاني: تحتم القتل عليها
وهو مردود، لان ارتداد المرأة لا يوجب القتل وان كانت عن فطرة، فكيف بهذه. وهي
مرسلة، ومحمد بن قيس مجهول العين لاشتراكه بين جماعة منهم أبو أحمد وهو ضعيف
(معه).
439

(25) وروى أبو بصير، عن الصادق عليه السلام ان أم الولد إذا مات سيدها وعليه
دين يحيط بالتركة، ولم يكن لولدها مال يؤدى منه قيمتها إلى الديان، أو لم
يكن حيا بل مات قبل بلوغه، فإنها تباع في الدين (1).
(26) وروى عمر بن يزيد، عن الكاظم عليه السلام قال: قلت: اتباع أم الولد في
غير ثمن رقبتها من دين؟ قال: (لا) (2) (3).

(1) الاستبصار: 4، كتاب العتق، باب انه إذا مات الرجل وترك أم ولد له
وولدها، فإنها تجعل من نصيب ولدها وتنعتق في الحال، حديث: 2.
(2) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، حديث: 5.
(3) الرواية الأولى دلت على جواز بيع أم الولد في الدين إذا لم يخلف الميت
سواها، وبذلك أفتى جماعة من الأصحاب. ودلت الرواية الثانية على أنه لا يجوز بيعها
لا في الدين ولا في غيره، إلا أن يكون ذلك الدين ثمن رقبتها مع اعسار مولاها، سواء
كان حيا أو ميتا، وهو المشهور بين الأصحاب، فالعمل على الثانية أقوى. وهل يجوز
بيعها في غير هذين الموضعين؟ قال بعضهم: نعم، إذا كان الرهن سابقا على الحمل، لسبق
حق الارتهان على الاستيلاد، وفيه قوة. ويجوز بيعها لحوز الإرث بلا خلاف. وكذا
يجوز بيعها إذا مات ولدها اجماعا منا. أما بيعها بالجناية ففيه قولان والأصح الجواز.
وكذا إذا عسر مولاها بالنفقة. وبيعها على من ينعتق عليه. وبيعها بشرط العتق على خلاف
فيهما والأقرب المنع. أما إذا ارتد ولدها عن فطرة فالأقوى ان حكمه حكم الميت.
وكذا إذا كان كافرا أو قاتلا، وهناك ورثة مسلمون أو غير قتلة (معه).
440

باب الاقرار
(1) روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من أصاب من هذه القاذورات
شيئا، فليستتر عنا بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته، نقم عليه حد الله " (1).
(2) وقال عليه السلام: " أغديا أنيس على امرأة هذا، فان أقرت فارجمها " (2).
(3) وقال عليه السلام لما غر بن مالك: " ألان أقررت أربعا " (3).
(4) وفى الحديث انه عليه السلام رجم الغامدية والجهينية باقرارهما، كما رجم
ما عزا باقراره (4).

(1) الموطأ: 2، كتاب الحدود، (2) باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا
حديث: 12، وصدره: (أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله). والمبسوط:
3، كتاب الاقرار.
(2) صحيح مسلم: 3، كتاب الحدود، (5) باب من اعترف على نفسه بالزنا،
قطعة من حديث: 25.
(3) صحيح مسلم: 3، كتاب الحدود، (5) باب من اعترف على نفسه بالزنا،
حديث: 17 و 19. والمبسوط: 3، كتاب الاقرار.
(4) صحيح مسلم: 3، كتاب الحدود، (5) باب من اعترف على نفسه بالزنا،
حديث: 23 و 24. والمبسوط: 3، كتاب الاقرار.
441

(5) وقال عليه السلام: " اقرار العقلاء على أنفسهم جائز " (1).
(6) وقال عليه السلام: " لا انكار بعد اقرار " (2).

(1) رواه في الوسائل: 16، كتاب الاقرار، باب (2) صحة الاقرار من البالغ
العاقل ولزومه له، حديث: 2، ولفظه: وروى جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الخ). ورواه في المستدرك، تارة في الجزء
الثالث، كتاب الاقرار، باب (2) حديث: 1، نقلا عن عوالي اللئالي عن مجموعة أبى
العباس بن فهد، وأخرى في كتاب التجارة، باب (3)، من أبواب بيع الحيوان، حديث:
1، نقلا عن ابن أبي جمهور في درر اللئالي. ويظهر من مطاوي كلمات العلامة قدس سره
في المختلف. انه من المسلمات عندهم، لاحظ الفصل العاشر من كتاب الديون، في
الاقرار، في مسألة: " إذا أقر بوارثين فصاعدا ": 164، وكتاب القضاء وتوابعه: 174
وغير ذلك من المواضع المختلفة. وقال فخر المحققين قدس سره في إيضاح الفوائد 2:
428، كتاب الاقرار، ما هذا لفظه: (من عموم قوله عليه السلام اقرار العقلاء على أنفسهم
جائز).
ولقد علق أحد المحققين على هذا الحديث في هامش الوسائل 16: 133 بقوله:
(لم نجده في كتب المتقدمين، والظاهر أنه ليس بحديث مع شهرته بين العلماء والفضلاء
لأنه لو كان تمسك به الشيخ وغيره في كتبهم، نعم ذكره بعض المتأخرين كالمحقق الكركي
صاحب كتاب جامع المقاصد).
ولعله خفى عليه ما تمسك به العلامة في المختلف، وولده فخر المحققين في الايضاح
كما نقلناه آنفا.
(2) هذا أيضا كسابقه. رواه في المستدرك: 3، كتاب الاقرار، باب (2)،
حديث: 2، نقلا عن عوالي اللئالي عن مجموعة أبى العباس ابن فهد. وأيضا يظهر من
مواضع من المختلف انه من المسلمات، لاحظ كتاب الديون وما يتعلق بها، وكتاب
الشهادات وغيرهما.
442

باب الايمان
(1) روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " والله لأغزون قريشا، والله لأغزون
قريشا " وفي بعض الروايات ثم قال: " إن شاء الله " (1).
(2) وروى أنه عليه السلام كان كثيرا ما يقول في يمنه ويحلف بهذا اليمين " ومقلب
القلوب والابصار " (2).
(3) وروى أبو أمامة المازني، واسمه اياس بن تغلب: ان النبي صلى الله عليه وآله:
قال: " من اقتطع مال امرء مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار "
قيل: وإن كان شيئا يسيرا؟ قال: " وإن كان سواكا " (3) (4).

(1) سنن البيهقي 10: 47، كتاب الايمان، باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه
سكتة يسيرة لانقطاع صوت أو أخذ نفس.
(2) سنن أبي داود: 3، كتاب الايمان والنذور، باب ما جاء في يمين النبي صلى
الله عليه (وآله) وسلم ما كانت، حديث: 3263. وليس فيه كلمة: (والابصار).
(3) رواه بهذه الألفاظ في المهذب، في مقدمة كتاب الايمان. وفى جامع الأصول
لابن الأثير: 22، حرف الياء، كتاب اليمين، حديث: 9251، نقلا عن مسلم والنسائي
وفيه: (وإن كان قصبا من أراك).
(4) المراد باليمين هنا، اليمين الغموس، لأنها هي الواجبة في الدعاوى. والوعيد
هنا متعلق بكاذبها، لان الدعوى كانت كاذبة، لتعلقها بمال الغير، ثم حلف على مقتضى
دعواه ليأخذ ذلك المال. وهو يدل على أنها من الكبائر، سواء تعلقت بمال يسير أو جزيل
(معه).
443

(4) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من كان حالفا، فليحلف بالله أو ليذر " (1).
(5) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام أنه قال: (ليس لخلقه ان يقسموا
الا به) (2).
(6) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تحلفوا بابائكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا الا بالله ولا تحلفوا
بالله الا وأنتم صادقون " (3).
(7) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله، انه سمع عمر بن الخطاب يحلف بأبيه.
فقال صلى الله عليه وآله: " ان الله ينهاكم ان تحلفوا بابائكم " (4).
(8) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: " من حلف بغير الله فقد أشرك " (5).
(9) وفى بعض الروايات، فقد كفر بالله (6) (7).

(1) صحيح مسلم: 3، كتاب الايمان (1) باب النهى عن الحلف بغير الله تعالى
قطعة من حديث: 3. وفيه (أو ليصمت).
(2) الفروع: 7، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب انه لا يجوز ان
يحلف الانسان الا بالله عز وجل، قطعة من حديث 1:
(3) سنن أبي داود: 3، كتاب الايمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالاباء
حديث: 3248.
(4) سنن أبي داود: 3، كتاب الايمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالاباء
حديث: 3249.
(5) سنن أبي داود: 3، كتاب الايمان والنذور، باب في كراهية الحلف
بالاباء حديث: 3251.
(6) جامع الأصول لابن الأثير، حرف الياء. كتاب اليمين، حديث: 9238
وزاد (وأشرك).
(7) هذه الروايات ظاهرها دال على المنع من الحلف بغير الله، من المحلوف
به، وإن كان من المعظم حرمته كالنبي والأئمة والقرآن والكعبة، وإن كان صادقا، وحمل
بعض الأصحاب النهى فيها على الكراهة الا مع اعتقاد التعظيم واللزوم فإنه محرم، فاما
مع عدم اعتقاد ذلك فالأصل فيه عدم التحريم، فيحمل على الكراهية جمعا بينها وبين
الأصل. وقال ابن الجنيد: لا كراهية ولا تحريم في الحلف بمن عظم الله قدره وحرمته
ان قصد تعظيمه لأجل تعظيم الله تعالى، فالحلف به في الحقيقة راجع إلى الحلف بالله،
فاما مع غيره فلا يجوز الحلف به لأنه مخالف لما أراد الله. وبعض العلماء قال: المراد
باليمين هنا، اليمين التي يجب بها الحنث. ويكون لازمة للحالف حتى يلزم بمخالفتها
الكفارة، فهذه اليمين لا يجوز الا بالله أو بأسمائه الخاصة به. فاما ايمان اللغو، وهي
التي لم يقصد بها شئ من ذلك، بل إنما قصد بها تأكيد اللفظ فلا منع فيها لكنها مكروهة
وقال بعضهم: ان يمين اللغو، التي لم يقصدها صاحبها، حتى لو قيل له انك حلفت؟
قال: لا، وهذه سواء وقعت به أو بغيره، لا اعتبار بها لأنها جارية على اللسان. واما
غيرها فالمنع منها بغير الله وأسمائه الخاصة متحقق كما في الأحاديث. واما ذكر من قوله
(فقد أشرك) أو (كفر)، فقيل في تأويل ذلك وجهان، أحدهما ان المراد بالشرك هنا الحقيقي
وذلك إذا قصد تعظيم ما يحلف به ويعتقده لازما له كاليمين بالله، واعتقاد هذا شرك وكفر
والثاني أن يكون معنى أشرك، أي شارك في اليمين، أي جعل اليمين مشتركه بين الله
وبين غيره، وهذا لا يقتضى الكفر، نعم يبقى قوله: (فقد كفر) لا تأويل له، الا ان يحمل
على التأويل السابق، وعلى كل حال لا كفارة في هذه الايمان، وإنما فيها الاثم لا غير
(معه).
444

(10) وقال صلى الله عليه وآله: " من حلف على شئ ورأي خيرا منه، فليكفر، وليأت
الذي هو خير " (1).
(11) وروى الصدوق في الصحيح، عن عبد الله بن ميمون، عن الصادق عليه السلام
قال: (للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما، إذا نسي، ان رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه
أناس من اليهود، فسألوه عن أشياء، فقال: تعالوا غدا أحدثكم، ولم يستثن،

(1) صحيح سليم: 3، كتاب الايمان (3) باب ندب من حلف يمينا فرأى
غيرها خيرا منها، أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه، حديث: 13.
445

فاحتبس جبرئيل عليه السلام عنه أربعين يوما، ثم أتاه فقال: (ولا تقولن لشئ اني فاعل
ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت (1)) (2) (3).
(12) وروى الصدوق مرفوعا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من حلف سرا
فليستثن سرا، ومن حلف علانية فليستثن علانية " (4) (5).
(13) وروى الشيخ في التهذيب عن الحسين بن سعيد عن سهل بن الحسن

(1) سورة الكهف: 24.
(2) الفقيه: 3، باب الايمان والنذور والكفارات، حديث 12.
(3) هذه الرواية دلت على أن الاستثناء يجوز أن يكون منفصلا عن اليمين، ولا يجب
أن يكون متصلا بها، لكن ذلك الانفصال مقيد بأربعين يوما، فبعد انقضائها لا استثناء
اجماعا، بل يلزمه حكم اليمين. لكن قيد هذا الحكم بكون ترك الاستثناء نسيانا،
فيستدركه في هذه المدة، فاما لو تركه عمدا لزمه حكم اليمين. وبهذا أفتى الصدوق
اعتمادا على الرواية، لأنها من الصحاح. وقال الشيخ وأكثر الأصحاب: انه لا بد في
الاستثناء أن يكون متصلا، اتصالا عاديا. فلو حصل فصل بالتنفس أو بالسعال أو بابتلاع
اللقمة وقذف النخامة، بحيث لا يخرج عن الاتصال العادي لم يضر، بخلاف ما لو تراخى
لا كذلك، فان حكم اليمين، ويلغوا لاستثناء اعتمادا على الأصل وعملا بعادة أهل اللغة
واللسان، فإنهم لا يعتبرون الاستثناء المنفصل، بل يلغونه. وهذا هو المشهور. والعلامة
حمل الرواية على ما إذا كان ذلك في ضميره ونسي التلفظ فجائز له استدراكه إلى هذه
المدة. وحينئذ ينبغي أن لا يتحدد بالأربعين المذكورة، لان الموجب لجوازه ليس هو
لأجل بقاء المدة، بل لأجل النية السابقة، وذلك لا يفتقر إلى تعيين المدة، وحينئذ يكون
ذكرها في الحديث ليس لكونها الحد الذي لا يجوز غيره، بل خرجت فيه مخرج المبالغة.
ووجه هذا الحمل الجمع بين الحديث والأصل (معه).
(4) الفقيه: 3، باب الايمان والنذور والكفارات، حديث: 29.
(5) أفتى الشيخ بمضمون هذه الرواية، وقال: ان الاستثناء تبع لليمين. والعلامة
أجاب عنها بان الامر للوجوب لا للارشاد إلى مصلحة عدم الاهتمام بمخالفة اليمين،
لئلا يحكم عليه بارتكاب المحرم، وهذا الحمل حسن (معه).
446

مرفوعا إلى عيسى بن عطية، عن أبي جعفر عليه السلام فيمن حلف لا يشرب من لبن عنز له
ولا يأكل من لحمها). (انه يحرم عليه لبن أولادها ولحومها، فإنها منها) (1) (2).
(14) وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أعجبته جارية عمته
فخاف الاثم، فحلف بالايمان انه لا يمسها أبدا، فماتت عمته فورث الجارية،
أعليه جناح ان يطؤها؟ فقال عليه السلام: (إنما حلف على الحرام، ولعل الله رحمه
فورثه إياها لما علم من عفته) (3) (4).

(1) التهذيب: 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب الايمان والاقسام
حديث: 74. والحديث منقول بالمعنى.
(2) هذه رواية رواها الشيخ في تهذيبه وأفتى بمضمونها في نهايته، الا انه قيد
ذلك بعدم حاجته، وقال: انه لا يسرى التحريم إلى الأولاد الا بهذا الشرط. والحديث
في طريقه سهل بن الحسن وابن عطية وهما مجهولان، فلا اعتماد على ما تضمنت، مع أن
في الحكم اشكال من حيث إن الأصل الحل، والسريان بعيد (معه).
(3) التهذيب: 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب الايمان والاقسام
حديث: 110.
(4) في هذه الرواية إيماء إلى أن إباحة وطء الجارية بعد ملكه لها وانحلال
اليمين المتعلقة بتحريمها، إنما كان لأجل قصده من اليمين الامتناع من الحرام، فتكون
اليمين مقدرة باني لا أمسها ما دامت حراما، فلما زال سبب اليمين، وجب زوالها. وفيه
دلالة على أن اليمين تتبع النية ويتقيد بها، وان عم لفظا. فاما لو كان الحلف على عدم
وطيها بالاطلاق بحيث لم يخطر بباله قصد الزجر عن المحرم لم ينحل اليمين، فالانتقال
إلى ملكه لتعلقها بعينها فيلزمه حكم اليمين، الا ان يعرض لليمين ما يوجب حلها من خارج
بان يكون الوطء اصلح في الدين أو الدنيا. والظاهر أن هذه الرواية لم يخالف في
مضمونها أحد من الأصحاب (معه).
447

باب النذر
(1) روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من نذر ان يطيع الله فليطعه، ومن نذر
أن يعصي الله فلا يعصيه " (1) (2).
(2) وقال عليه السلام: " لا نذر في معصية، ولا فيما لا يملك ابن آدم " (3) (4).
(3) وفي الحديث ان رجلا من الصحابة اسمه أبو إسرائيل نذر أن يصوم،
ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم، فأسقط النبي صلى الله عليه وآله عنه كلما لا طاعة فيه، وألزمه

(1) سنن ابن ماجة 1، كتاب الكفارات (16) باب النذر في المعصية،
حديث: 2126.
(2) وهذا يدل على وجوب الوفاء بالنذر إذا تعلق بطاعة، سواء كان تلك الطاعة
فعلا أو تركا. فاما إذا تعلق بمعصيته، فإنه لا يجب الوفاء به، بل ولا يصح، سواء كانت
المعصية أيضا فعلا أو تركا (معه).
(3) سنن ابن ماجة: 1، كتاب الكفارات (16) باب النذر في المعصية،
حديث: 2124.
(4) اتفق الكل على أن دلالة المفهوم هنا معتبره، وهي ثبوت النذر مع عدم المعصية
الا ان يتعلق بفعل مكروه أو ترك مندوب. ودل قوله: (فيما لا يملك) على أن النذر لابد
أن يكون مقدورا للناذر، فلا ينعقد نذر ما لا يقدر عليه (معه).
448

بما فيه طاعة، فقال: " مروه فليتكلم وليقعد وليستظل وليتم صومه " (1).
(4) وروى أبو الصباح في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل
قال: علي نذر قال: (ليس النذر بشئ حتى يسمي شيئا لله صياما أو صدقة أو حجا
أو هديا) (2) (3).
(5) وروى علي بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام رجل نذر أن
يصوم يوم الجمعة دائما ما بقي فوافى ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام
التشريق، أو السفر أو مرض هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضائه، أو كيف يصنع
يا سيدي؟ فكتب إليه (قد وضع الله عنه الصيام في هذه الأيام كلها، ويصوم يوما
بدل يوم إن شاء الله) (4) (5).
(6) وروى محمد بن منصور عن الرضا عليه السلام قال: (كان أبي يقول: من عجز

(1) سنن ابن ماجة: 1، كتاب الكفارات (21) باب من خلط في نذره طاعة
بمعصية، حديث: 2136. وفى سنن البيهقي: 751، باب ما يوفى به من النذور
وما لا يوفى.
(2) التهذيب: 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النذور، حديث: 2.
(3) وفى هذا الحديث دلالة على أن نذر التبرع لازم، لأنه لم يتعرض فيه لذكر
التعليق على الشرط، ولو كان ذلك شرطا لوجب ذكره، والا لتأخر البيان عن وقت الحاجة
(معه).
(4) الفروع: 7، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النذور، حديث: 12.
(5) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ بوجوب القضاء، ومنع ذلك ابن إدريس
والعلامة وولده، وقالوا: لا قضاء أيضا، وحملوا الرواية على الاستحباب. ويدل على
ذلك قوله: (إن شاء الله) لأنه لو كان واجبا لم يصح تعليقه بالمشيئة بلفظ (ان) المحتملة
لا المحققة. قال الشيخ: وضع هنا للتبرك لا للشرطية. أجابوا عن ذلك بان الأصل في
الاطلاق الحقيقة، فحمله على التبرك يخالف الأصل. قال أبو العباس: وفيه نظر، لان
المندوب يصح تعلق مشية الله به أيضا، لكونه مطلوبا للشارع. والاستحباب أقوى عملا
بالأصل (معه).
449

عن صوم فمكان كل يوم مد) (1).
(7) وروى الشيخ في التهذيب عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار
عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: قلت له: رجل كانت عليه حجة الاسلام فأراد أن يحج،
فقيل له: تزوج ثم حج، فقال: ان تزوجت قبل أن أحج فغلامي حر، فتزوج
قبل أن يحج؟ فقال: (عتق غلامه) فقلت: لم يرد بعتقه وجه الله؟ فقال: (انه نذر
في طاعة الله والحج أحق من التزويج، فقلت: إن كان الحج تطوعا؟ فقال: (وإن كان الحج تطوعا، فهو طاعة لله تعالى) (2) (3).
(8) وروى الشيخ أيضا في الصحيح عن رفاعة عن الصادق عليه السلام قال:
سألته عن رجل حج عن غيره، ولم يكن له مال، وعليه نذر أن يحج ماشيا،
أيجزى أن يحج عنه عن نذره؟ قال: (نعم) (4) (5).

(1) الفروع: 4، كتاب الصيام، باب كفارة الصوم وفديته، حديث: 2،
وصدر الحديث (قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل نذر نذرا في صيام فعجز؟ فقال
كان الخ).
(2) التهذيب، 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النذور
حديث 9.
(3) في هذه الرواية اشكال في موضعين، الأول انه لم يصرح فيها بصيغة النذر،
لأنه لم يقل لله على، وإن كان في نيته النذر، لان النذر لا ينعقد بالنية المجردة عن اللفظ
الا على قول ابن حمزة: لقوله: ان من قال على كذا ألزمه، ولم يقل بذلك أحد من
الأصحاب، الثاني ان العتق المذكور فيها، عتق معلق على شرط، والعتق المعلق على
الشرط لا تقع عندنا، وحينئذ يسقط الحكم المعلق على هذه الرواية (معه).
(4) التهذيب: 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النذور، حديث: 50.
(5) هذه الرواية عمل بمضمونها الشيخ. والعلامة حملها على ما إذا على ما إذا عجز عن النذر
450

(9) وروى الشيخ في الضعيف عن الحسن بن علي عن أبي الحسن عليه السلام
قال: قلت له: ان لي جارية، ليس لها مني مكان ولا ناحية، وهي تحتمل الثمن الا
اني كنت حلفت فيها يمينا، فقلت: لله علي أن لا أبيعها أبدا، وبي إلى ثمنها حاجة
مع تخفيف المؤنة؟ فقال، (ف لله بقولك) (1) (2).

واستمر عجزه. والمحقق حملها على ما إذا قصد ذلك في نذره، والا فالأصل عدم التدخل
(معه).
(1) التهذيب: 8، كتاب الايمان والنذور والكفارات، باب النذور، حديث: 26.
(2) عمل بمضمون هذه الرواية الشيخ. والمحقق قال: إنها من المراسيل. واعترض
عليه، أي على المحقق، انها من المتصل الا انها ضعيفة الرجال، فقد شاركت المرسل
في ضعف التمسك، بل تضعيفه أضعف من المراسيل، لان الضعيف لا شك في رده، فاما
المرسل فقد لا يرد (معه).
451

" باب الصيد والذبائح "
(1) روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من اقتنى كلبا، الا كلب ماشية أو صيد
أو زرع، فقد انتقص من اجره كل يوم قيراط " (1).
(2) وروى أبو عبيدة الحذاء في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل يسرح كلبه المعلم ويسمى إذا سرحه؟ فقال: (يأكل مما أمسك عليه
فإذا أدركه قبل قتله ذكاه. وان وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه) قلت:
فالفهد؟ قال: (والفهد إذا أدركت ذكاته فكل،) قلت: فليس الفهد بمنزلة الكلب
فقال: ليس شئ مكلب، الا الكلب) (2).
(3) وروي عن أبي ثعلبة قال: قلت يا رسول الله: اني أصيد بكلبي المعلم
وبكلبي الذي ليس بمعلم؟ فقال: ما اخذت بكلبك المعلم فاذكر الله عليه وكله
وما أخذت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل " (3) (4).

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الصيد (2) باب النهى عن اقتناء الكلب الا
كلب صيد أو حرث أو ماشية. حديث: 3204.
(2) الفروع: 6: كتاب الصيد، باب صيد الكلب والفهد، حديث: 4.
(3) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الصيد (3) باب صيد الكلب، قطعة من حديث:
3207.
(4) استفيد من هذا الخبر والسابق عليه أمور الأول: جواز الاصطياد بالكلب وبغيره،
الثاني: كون الكلب الذي يحل اكل صيده بلا تذكية، معلما، فلو لم يكن معلما لم يحل
اكل صيده الا مع ادراك التذكية، الثالث: ان مقتول الكلب المعلم مباح الأكل، لاطلاقه
وعدم تقييده بالتذكية، الرابع: اشتراط التسمية فيه عند الارسال، الخامس: ان جواز
الاصطياد بغيره مشروط بالتذكية، فما لا يدرك ذكاته منه لا يكون حلالا (معه).
452

(4) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الصيد
يضربه الرجل بالسيف، أو يطعنه برمح، أو يرميه بسهم فيقتله وقد سمى حين فعل
ذلك؟ قال: (كل، لا بأس به) (1) (2).
(5) وروى جميل بن دراج في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه، ولا يكون معه سكين فيذكيه بها،
أيدعه حتى يقتله ويأكل منه؟ قال: (لا بأس)، قال الله تعالى: (فكلوا مما أمسكن
عليكم) " (3) (4) (5).

(1) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب الصيد بالسلاح، حديث: 6.
(2) هذا الحديث يدل على أنه لو أبين منه بعضه بالضربة كان كلاهما حلالا، لأنه
عام فيما أبين بعضه أولا. وهو يعم أيضا كل آلة للقتل (معه).
(3) المائدة: 4.
(4) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب صيد الكلب والفهد، حديث: 8.
(5) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ وقال: بأنه إذا تعذرت التذكية وكان
الصيد مستقرة الحياة، جاز الاكتفاء في تذكية بقتل الكلب له عملا بالاستصحاب، ولعموم
الآية المعلل بها الحديث، ووافقه العلامة في المختلف، ومنع من ذلك ابن إدريس
والمحقق لأنه لما لم يقتله الكلب بالارسال وكان مستقر الحياة، فهو غير ممتنع، فكان
كالشاة لا تحل الا بالتذكية، فكما انه لو تعذرت التذكية في الشاة لا تحل بقتل الكلب،
فكذلك هذا الصيد، وقالوا: ان الرواية وان كانت من الصحاح الا انها غير صريحة
للدلالة على هذا المطلوب، لان قوله: فيأخذه، لا تدل على أنه أبطل امتناعه، بل جاز
أن يكون امتناعه باقيا مع إمساكه، فمن قتله في تلك الحالة فقد قتل صيدا ممتنعا، فيكون
حلالا بناءا على الأصل، والكلام ليس في ذلك، وإنما هو فيما إذا أبطل امتناعه الصيد
ولم يبطل حياته وحينئذ لا دلالة في الرواية على حله بقتل الكلب حينئذ، لان العام لا دلالة
له على الخاص، وهذا أحوط (معه).
453

(6) وروى سماعة في الموثق عن الكاظم عليه السلام قال: سألته عن ذبيحة اليهودي
والنصراني؟ فقال: (لا تقربها) (1).
(7) وروى عن قتيبة الأعشى قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده
فقال له: الغنم ترسل فيها اليهودي والنصراني فتعرض فيها العارضة، فيذبح.
أنأكل ذبيحته؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: (لا تدخل ثمنها مالك، ولا تأكلها، فإنما
هو الاسم. لا يؤمن عليها الا مسلم) فقال له الرجل: قال الله تعالى: (اليوم
أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) (2)
فقال: كان أبي عليه السلام يقول إنما هي الحبوب وأشباهها (3).
(8) وروى محمد الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
ذبيحة أهل الكتاب ونسائهم؟ فقال: لا بأس (4).
(9) وروى عبد الملك بن عمرو عنه عليه السلام مثله (5).
(10) وروى حمران في الصحيح قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في
ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني: (لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم
الله) قلت: المجوسي؟ فقال: (نعم إذا سمعته يذكر اسم الله، أما سمعت قول

(1) الفروع: 6، كتاب الذبائح باب ذبائح أهل الكتاب، حديث: 5.
(2) المائدة: 5.
(3) الفروع: 6، كتاب الذبائح، باب ذبائح أهل الكتاب، حديث: 10.
(4) الاستبصار: 4، كتاب الصيد والذبائح، باب ذبائح الكفار، حديث: 24.
(5) الاستبصار: 4، كتاب الصيد والذبائح، باب ذبائح الكفار، حديث: 25.
454

الله عز وجل: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) (1) (2).
(11) وروى زكريا بن آدم قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: (اني أنهاك عن
ذبيحته كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك الا في وقت الضرورة
إليه أو التقية) (3) (4).
(12) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الذبيحة
بالعود والحجر والقصبة؟ قال: (فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: لا يصلح الذبح
الا بالحديدة) (5) (6).
(13) وروى محمد بن مسلم في الحسن عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الذبيحة

(1) الانعام: 121.
(2) الاستبصار، 4، كتاب الصيد والذبائح، باب ذبائح الكفار، حديث: 21.
(3) الاستبصار: 4، كتاب الصيد والذبائح، باب ذبائح الكفار، حديث، 32.
(4) بمضمون الروايتين الأوليتين أفتى أكثر الأصحاب، بل هو المشهور بينهم. فان
المشهور تحريمهم ذبيحة غير المسلم من جميع أنواع الكفار. وبمضمون رواية الحلبي
وعبد الملك أفتى ابن عقيل وابن الجنيد، أما أولا فلأنهما من الصحاح، وأما ثانيا فلموافقتها
للأصل. وبرواية حمران المفصلة أفتى الصدوق، لأنها من الصحاح ويعضدها غيرها
صحاح أخرى، ولما فيها من الجمع بين الروايات. واما الرواية الأخيرة فأفتى بمضمونها
ابن إدريس وابن حمزة، الا ان ابن إدريس قال: بجواز ذباحة المستضعف، وعنى به
هنا، الذي ليس منا ولا من مخالفينا. والمشهور بين الأصحاب الاكتفاء بالاسلام، وحملوا
الرواية المذكورة على الاستحباب، وحملوا الرواية المفصلة على الضرورة، واعتمدوا
على الروايات الأولى المانعة من ذباحة الكافر، وحملوا الروايات المسوغة على حال
الضرورة، جمعا بين الروايات (معه).
(5) الفروع: 6، كتاب الذبائح، باب ما تذكى به الذبيحة، حديث: 2.
(6) الكلام على هذه الرواية والتي بعدها من الروايات المتعلقة بما يصح الذباحة
به من الآلات، وهي تثبت الاذن، ان نقول: الذي علم من هذه الرواية ومن أصول
الأصحاب وأقوالهم. ان التذكية اختيارا لا يكون بغير الحديد، وإن كان من المعادن،
وانه مع الضرورة يجوز بغيره مما يحصل به المقصود. فكل رواية وردت بتخصيص
الحديد، فهي محمولة على حالة الاختيار، وكل رواية وردت بذكره غيره مما يفرى الأوداج
فمحمولة على حال الضرورة، وبهذا تحقق الجمع بين هذه الروايات. والظاهر أنه لا
خلاف بين الأصحاب في هذا الجمع، وإنما يختلفون في السن والظفر، فالشيخ منع
منهما واختاره الشهيد، واجازه ابن إدريس والعلامة في المختلف، والشيخ تمسك بعموم
الروايات الدالة على المنع من غير الحديد، ونحن لما حملناها على حالة الاختيار لم
يبق فيها حجة، إذ الخلاف إنما هو في حالة الضرورة. وتمسك الآخرون بالروايات
الدالة على جواز الذبح بغير الحديد مما يفرى الأوداج من غير تعيين لخصوصية القاطع
وهذا المعنى موجود في السن والظفر، وروايات الأصحاب خالية من ذكرهما على
الخصوص. ورواية رافع بن خديج ليست من طريق الأصحاب، وإنما هي طريق العامة
والسؤال فيها وقع عن حال الاضطرار، وإذا قلنا بجوازهما لم يفرق بين المتصل والمنفصل
خلافا لأبي حنيفة فإنه فرق بينهما، والشافعي وافقنا في عدم الفرق (معه).
455

بالليطة وبالمروة؟ فقال، (لا ذكاة الا بحديدة) (1).
(14) وروى زيد الشحام في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
رجل لم يكن بحضرته سكين، أيذبح بقصبة؟ فقال: (اذبح بالحجر والعظم
والقصبة والعود، إذا لم تصب الحديدة، إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس (2).
(15) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الحسن عن الكاظم عليه السلام قال:
سألته عن المروة والقصبة والعود، أيذبح بهن إذا لم يجدوا سكينا؟ قال:

(1) الفروع، 6، كتاب الذبائح، باب ما تذكى به الذبيحة، حديث: 1.
(2) الفروع، 6، كتاب الذبائح، باب آخر منه في حال الاضطرار، حديث:
3.
456

(إذا فرى الأوداج فلا بأس بذلك) (1).
(16) وروى محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام في الذبيحة بغير حديدة
: (إذا اضطررت إليها، فإن لم تجد حديدة فاذبحها بحجر) (2).
(17) وروى رافع بن خديج، قال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا نرجوا أن نلقى
الصيد غدا وليس معنا مدى، أنذبح بالقصب؟ فقال صلى الله عليه وآله: " ما أبهر الدم وذكر
اسم الله عليه، فكلوا، الا ما كان من سن أو ظفر. وسأحدثكم عن ذلك. أما
السن فعظم من الانسان. وأما الظفر فمدى الحبشة " (3).
(18) وروى زيد الشحام عن الصادق عليه السلام: (إذا قطع الحلقوم وخرج الدم
فلا بأس) (4).
(19) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الحسن عن أبي إبراهيم عليه السلام
قال: (إذا فرى الأوداج فلا بأس) (5) (6).

(1) الفروع، 6، كتاب الذبائح، باب آخر منه في حال الاضطرار، حديث:
2.
(2) الفروع: 6، كتاب الذبائح، باب آخر منه في حال الاضطرار، حديث:
1.
(3) سنن أبي داود: 3، كتاب الأضاحي، باب في الذبيحة بالمروة، قطعة من
حديث: 2821، والحديث طويل.
(4) تقدم آنفا تحت رقم (14).
(5) تقدم آنفا تحت رقم (15).
(6) هاتان الروايتان فيما إشارة إلى كيفية الذبح، والمذكور فيهما ليس إلا
قطع الحلقوم وفرى الأوداج، المستلزم لخروج الدم، ولم يذكر في الروايات شئ غير
ذلك، لكن أقوال أصحابنا ناطقة باشتراط قطع الأعضاء الأربعة، الحلقوم والمرئ
والودجان، وانعقد اجماعهم على ذلك. وهو إنما يكون عن نص (معه).
457

(20) وروى الحسين بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: (إذا كان الرجل الذي
ذبح البقرة حين ذبح، خرج الدم معتدلا، فكلوا وأطعموا. وان خرج خروجا
متثاقلا، فلا تقربوه) (1).
(21) وروى محمد الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
الذبيحة؟ فقال: (إذا تحرك الذنب أو الطرف أو الاذن، فهو ذكى) (2).
(22) وروى رفاعة عنه عليه السلام في الشاة: (إذا طرفت عينها أو حركت ذنبها فهي
ذكية) (3) (4).
(23) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (ولا ينخع ولا يكسر
الرقبة حتى تبرد الذبيحة) (5).
(24) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: (لا ينخع

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، قطعه من حديث:
236.
(2) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث 235.
(3) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 234.
(4) وهذه الروايات الثلاثة اختلف الأصحاب في كيفية العمل بها، فالشيخ عمل
بكل واحدة منها على انفرادها، فجعل الذكاة حاصلة مع أحد الامرين، من خروج الدم
أو الحركة. والمفيد عمل بهما معا، وقال: ان الذكاة لا تحصل الا بالامرين، وهو موافق
للاحتياط، لأنه موضع الاجماع. والصدوق عمل برواية الحركة، واكتفى بها عن خروج
الدم دون العكس، لما فهم من الشرطية في الثانية دون الأول. والأقوى مذهب المفيد
لاشتماله على موضع الاجماع (معه).
(5) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، قطعة من حديث:
251.
458

ولا يقطع الرقبة بعد ما يذبح) (1).
(25) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام انه سئل عن رجل ذبح
طيرا، فقطع رأسه، أيأكل منه؟ قال: (نعم، ولكن لا يتعمد قطع رأسه) (2) (3).
(26) وروى أحمد بن محمد بن يحيى رفعه قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام:
(الشاة إذا ذبحت وسلخت، أو سلخ شئ منها قبل أن يموت، فليس يحل أكلها (4) (5).
(27) وروى حمران بن أعين عن الصادق عليه السلام قال: (لا يقلب السكين بأن
يدخلها تحت الحلقوم ويقطع إلى فوق) (6) (7).
(28) وروى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، قطعة من
حديث: 252.
(2) الفقيه: 3، باب الصيد والذبائح، حديث: 53.
(3) المفهوم من الروايتين السابقتين النهى عن فعل ذلك، والنهى للتحريم، فهما
دالتان على تحريم الفعل. فاما الذبيحة فلا يدلان على تحريمها بذلك الفعل. والرواية
الثالثة صريحة بحلها، وإنما النهى منها عن تعمد ذلك الفعل، ففيها دلالة على أن النهى في
الأولتين إنما هو من الفعل، لا عن الأكل، ليتم العمل بالمجموع. نعم قال العلامة في
المختلف ان الذبيحة تصير مكروهة بذلك الفعل، ولعله مفهوم من تحريم الفعل فيسرى
إلى الذبيحة شئ منه، فلا أقل من أن يكون ذلك الساري هو الكراهة (معه).
(4) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 233.
(5) هذه الرواية مرسلة فلا حجة فيها على التحريم، فتحمل على الكراهية (معه).
(6) الفروع: 6، كتاب الذبائح، باب صفة الذبح والنحر، قطعة من حديث:
4.
(7) هذه الرواية ظاهرها النهى عن الفعل، فغايتها على تقدير صحة سندها تحريم
ذلك الفعل، لا تحريم الذبيحة، ولكن سندها غير معلوم، فتحمل على الكراهة (معه).
459

كان لا يذبح الشاة عند الشاة، ولا الجزور عند الجزور وهو ينظر إليه (1) (2).
(29) وروى سلمة بن حفص عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول:
في صيد السمك: (إذا أدركتها وهي تضطرب وتضرب بيديها وتطرف بعينها
وتحرك ذنبها، فهي ذكاتها) (3).
(30) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (إنما صيد الحيتان
أخذه) (4).
(31) وروى أبو سعيد الخدري قال: سألنا النبي صلى الله عليه وآله، فقلنا: يا رسول الله
انا نذبح الناقة، ونذبح البقرة والشاة وفي بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال:
" كلوه ان شئتم، ذكاة الجنين ذكاة أمه " (5) (6).

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 232.
(2) هذه الرواية لا تدل على التحريم صريحا، لأنها حكاية حال وحكاية الحال لا
تعم، فتحمل على الكراهية (معه).
(3) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 24.
(4) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب صيد السمك، قطعة من حديث: 9.
(5) سنن أبي داود: 3، كتاب الأضاحي، باب في الذبيحة بالمروة، حديث:
2821.
(6) هذه الرواية والروايات التي بعدها إلى آخر الباب متعلقها واحد، فنقول:
هذا الحديث وإن كان من طريق العامة، الا انه من المشهور بين الكل. وروى قرائته
وجهان، الأول بنصب ذكاة الثاني وانتصابه بنزع الخافض، وهو مثل، فيكون تقدير
الكلام. ان ذكاة الجنين مثل ذكاة الأم، فعلى هذا يفتقر إلى تذكية له بانفراده، ولا يبيحه
ذكاة الأم، فلو خرج ميتا أو حيا ولم يتسع الزمان لذبحه، أو تعذر ذبحه حرم. الثاني
برفع ذكاة الثاني، وهو المشهور بين الأصحاب، وعليه عمل المحقق والعلامة وولده.
ومعناه ان ذكاة الجنين هي ذكاة أمه، فهي مبيحة له ونائبة عن تذكيته وكافية في
حله فلا يحتاج إلى تذكية بانفراده، لكن بشرط أن يتم خلقته، وهذا الشرط ليس
بمذكور في متن الحديث، وإنما دلت عليه الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام
فإنها مصرحة بالشرط المذكور، وفيها تصرح بان تمام الخلقة هو الاشعار أو الايبار
وكذا الصوف، فعلى هذا لو لم تتم الخلقة وخرج ميتا، لم يحل بالاتفاق.
أما لو تمت خلقته وخرج ميتا حل أيضا اتفاقا. اما لو خرج حيا فهل يحتاج إلى
التذكية، أو يترك حتى يموت ويكون حلالا، اختلف في ذلك، ومذهب السيد وابن
الجنيد احتياجه إلى التذكية، والظاهر أنه لا يشترط ذلك، لان الروايتين المتأخرتين لم
يشترط ذلك فيهما سوى تمام الخلقة، وجعل تذكية الأم تذكية له مع ذلك الشرط، فلا
يحتاج إلى شئ آخر، والا لتأخر البيان عن وقت الحاجة (معه).
460

(32) وروى ابن مسكان في الصحيح عن الباقر عليه السلام أنه قال في الذبيحة
تذبح وفي بطنها ولد؟: (إن كان تاما فكله، فان ذكاته ذكاة أمه، وإن لم يكن تاما
فلا تأكله) (1).
(33) وروى يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الحوار
تذكى أمه أيؤكل بذكاتها؟ فقال: (إن كان تاما ونبت عليه الشعر، فكل) (2).
(34) وروى محمد بن مسلم في الحسن عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن
قول الله عز وجل: (أحلت لكم بهيمة الأنعام) (3)؟ قال: (الجنين في بطن أمه،
إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أمه فذلك الذي عنى الله عز وجل) (4).

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 243
والحديث عن ابن سنان.
(2) الفروع: 6، كتاب الذبائح، باب الأجنة التي تخرج من بطون الذبائح
حديث: 3.
(3) المائدة: 2.
(4) الفروع: 6، كتاب الذبائح، باب الأجنة التي تخرج من بطون الذبائح،
حديث: 1.
461

باب الأطعمة والأشربة
(1) قال الصادق عليه السلام: (كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي) (1) (2).
(2) وروى عمر بن أذنية في الحسن قال: كتبت إلى الصادق عليه السلام أسأله
عن رجل يبعث له الدواء من ريح البواسير، فيشربه قدرا سكرجة من نبيذ صلب،
ليس يريد به اللذة، وإنما يريد به الدواء؟ فقال: (لا ولا جرعة) وقال: (ان الله
عز وجل لم يجعل في شئ مما حرم دواء ولا شفاء) (3).
(3) وروى معاوية بن عمار قال: سأل رجل الصادق عليه السلام عن دواء عجن
بالخمر نكتحل منها؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: (ما جعل الله عز وجل في حرام شفاء) (4).

(1) الفقيه: 1، باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها، حديث 22.
(2) معناه. ان الأشياء التي لم يعلم فيها ضرر، ولم يرد الشرع بالنهي عن استعمالها
فان الأصل فيها الإباحة وذلك معنى قوله عليه السلام: (كل شئ مطلق) يعنى مباح، لكن
الشئ مخصوص بما لم يعلم ضرره. وبهذا الحديث يستدل الجماعة القائلون بان الأصل
في الأشياء الإباحة (معه).
(3) الفروع: 6، كتاب الأشربة، باب من اضطر إلى الخمر للدواء أو للعطش
أو للتقية، حديث: 2.
(4) المصدر السابق، حديث: 6.
462

(4) وروى عنه عليه السلام أنه قال: (من اكتحل بميل من مسكر كحله الله عز وجل
بميل من نار) (1).
(5) وروى هارون بن حمزة الغنوي عن الصادق عليه السلام، في رجل اشتكى
عينيه، فنعت له كحل يعجن بالخمر؟ فقال: (هو خبيث بمنزلة الميتة، فإن كان
مضطرا فليكتحل به) (2) (3).
(6) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الجريث؟
فقال: (وما الجريث؟) فنعته له فقال: (لا أجد فيما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه
إلا أن يكون ميتة الآية) (4) ثم قال: (لم يحرم الله شيئا من الحيوان في كتابه الا
الخنزير بعينه، ويكره كل شئ من البحر ليس له قشر مثل الورق، وليس بحرام
إنما هو مكروه) (5).
(7) وروى محمد بن مسلم في الصحيح مثله (6).

(1) المصدر السابق، حديث: 7.
(2) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الذبائح والأطعمة، حديث:
228.
(3) اما التداوي بالمحرمات لطلب الصحة ودفع الأمراض، فظاهر الروايات المنع
منه، فإذا خاف التلف جاز استعماله لدفع التلف، لا لطلب الصحة، ولا خلاف بينهم
في ذلك. وإنما الخلاف في التداوي بالخمر أو بشئ من المسكرات للعين، فمنعه ابن
إدريس مطلقا، وأجاز الشيخ والمحقق والعلامة، ومعتمد المانع الروايات الأول، ومعتمد
المجيز الرواية الأخيرة، وعموم الآية في قوله تعالى: " الا ما اضطررتم إليه ". وكذا
ينسحب الحكم في غير العين من الأمراض لكن مقيدا بخوف التلف لولا التداوي، فيكون
الاستعمال لدفع التلف، لا لطلب الصحة، وبهذا يجمع بين الروايات (معه).
(4) سورة الأنعام: 145.
(5) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 15.
(6) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 16.
463

(8) وروى سمرة بن أبي سعيد قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام على بغلة رسول
الله صلى الله عليه وآله فخرجنا معه نمشي حتى انتهينا إلى موضع أصحاب السمك فجمعهم،
وقال: (أتدرون لأي شئ جمعتكم؟) قالوا: لا، قال: (لا تشتروا الجريث ولا
المار ما هي ولا الطافي على الماء ولا تبيعوه) (1).
(9) وروى ابن فضال عن غير واحد من أصحابنا عن الصادق عليه السلام قال:
(الجري والمار ما هي والطافي حرام في كتاب علي عليه السلام) (2) (3).
(10) وروى السكوني في الموثق عن الصادق عليه السلام ان عليا عليه السلام سئل عن
سمكة شق بطنها فوجد فيها سمكة؟ قال: (كلهما جميعا) (4).
(11) وروى أبان عن بعض أصحابه عن الصادق عليه السلام قال: (يؤكلان جميعا) (5) (6).
(12) وروى أيوب بن أعين عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث، 11.
(2) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 12.
(3) المشهور بين الأصحاب تحريم هذه المذكورات، بل واشتهر بينهم تحريم ما
لا قشر له من السموك حتى كاد أن يكون اجماعا، ولهذا حملوا الروايتين الأولتين على
التقية، لأنها موافقة لمذهب العامة. والشيخ في موضع من النهاية أفتى بمضمون الأولتين.
والجري بكسر الجيم والراء المهملة المشددة وكذلك الجريث بمعنى واحد (معه).
(4) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب صيد السمك، حديث: 12.
(5) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب صيد السمك، حديث: 14.
(6) عمل بمضمون هاتين الروايتين جماعة من الأصحاب استنادا إليهما وعملا
بالاستصحاب، إذ الأصل بقاء الحياة واستمرارها إلى حين الاخراج. ومنع ابن إدريس
منه إلا أن يعلم حياتها حال الاخراج. والمحقق اعترض على الروايتين بأن الأول في
طريقها السكوني، وهو ضعيف، والأخرى مرسلة، والأصل في الحيوان عدم الإباحة مع
عدم التذكية، والشرط مجهول وجهل الشرط جهل بالمشروط، وهذا أقوى (معه).
464

ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها وهي حية تضطرب، أفآكلها؟ فقال:
(ان كانت فلوسها قد تسلخت فلا تأكلها، وإن لم تكن تسلخت فكلها) (1) (2).
(13) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يحرم الحرام الحلال " (3).
(14) وروى حماد بن عثمان، عن الحلبي قال: سألته عن الحظيرة من القصب
تجعل في الماء للحيتان، فيدخل فيها الحيتان فيموت فيها بعضها؟ قال: (لا بأس
به، ان تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد فيها) (4).
(15) وروى مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (سمعت أبي يقول:
إذا ضرب صاحب الشبكة فما أصاب فيها من حي أو ميت، فهو حلال) (5).
(16) وروى عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل شئ يكون فيه
حلال وحرام، فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه (6).

(1) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب صيد السمك، حديث: 16.
(2) العمل بهذه الرواية جيد، الا أنها تشترط بأمرين، الأول: كون الحياة مستقرة.
الثاني: امساكها باليد قبل موتها. وأما التسلخ وعدمه فالظاهر أن ذكره في الرواية
للتحرز عن ضرر السم، فإنه مع التسلخ يدل على تأثير الحية في السمك، ومع عدمه يعلم أنه
لا تأثير لها فيها، فالتحريم من حيث التحرز عن الضرر لا من حيثية عدم التذكية، لان
التسلخ وعدمه لا دخل له في ذلك، بل الأصل فيه حصول الحياة المستقرة وعدمها (معه).
(3) سنن ابن ماجة، كتاب النكاح (63) باب لا يحرم الحرام الحلال، حديث: 2015.
(4) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب صيد السمك، ذيل حديث: 9.
(5) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب صيد السمك، حديث: 15، وتمام
الحديث: (ما خلا ما ليس له قشر، ولا يؤكل الطافي من السمك).
(6) الفقيه: 3، باب الصيد والذبائح، حديث: 92. والتهذيب: 9، كتاب
الصيد والذبائح، باب الذبائح والأطعمة، حديث: 72.
465

(17) وقال النبي صلى الله عليه وآله: ما اجتمع الحلال والحرام الا غلب الحرام الحلال
(1) (2).
(18) وروى سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
سألته عن أكل لحوم الدجاج في الدساكر وهم لا يمنعونها من شئ، تمر على
العذرة مخلى عنها وعن اكل بيضهن؟ فقال: (لا بأس به) (3).
(19) وروى محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد
عن الخشاب عن علي بن أسباط عمن روى في الجلالات: (لا بأس بأكلهن إذا
كن يخلطن) (4) (5).

(1) السنن الكبرى للبيهقي 7: 169، كتاب النكاح، باب الزنا لا يحرم الحلال،
ونقلناه أيضا في 2: 236، تحت رقم (7).
(2) الأحاديث الأربعة المتقدمة دلت على أن مع اشتباه الحلال بالحرام، كاشتباه
حي السمك مع ميته، واشتباه الذكي من الحيوان مع ميته وغير ذلك، يغلب الحلال
على الحرام، ويكون الأصل فيه التحليل حتى يعلم الحرام بعينه، فيجتنب، وهو مذهب
جماعة من الأصحاب. والحديث الخامس دال على تغليب الحرام على الحلال، ووجوب
اجتناب الكل، وهو مذهب ابن إدريس بناءا على الاحتياط، خصوصا الأصل في الحيوان
الحياة حتى يعلم ذكاته، لوجوب ما لا يتم الواجب الا به، واجتناب الحرام واجب لا يتم
الا باجتناب الكل. والأقوى الاجتناب في المحصور وعدم الاجتناب في غير المحصور
إلا أن يندر الحلال في بلده ويعم الحرام، فيجب اجتناب الكل (معه).
(3) الفروع: 6، كتاب الأطعمة، باب لحوم الجلالات وبيضهن والشاة تشرب الخمر
حديث: 8.
(4) الفروع: 6، كتاب الأطعمة، باب لحوم الجلالات وبيضهن والشاة تشرب الخمر
حديث: 7.
(5) هاتان الروايتان تدلان على أن الجلال لا يعرض له التحريم بالجلل، الا
إذا كان يغتذى بالعذرة محضا. فأما إذا كان يخلط منه ومن غيره فلا يثبت له حكم الجلل،
والظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في ذلك (معه).
466

(20) وروى زيد الشحام عن الصادق عليه السلام قال: في شاة شربت خمرا حتى
سكرت، ثم ذبحت على تلك الحال؟ (لا يؤكل ما في بطنها) (1) (2).
(21) وروى القاسم بن محمد الجوهري في البقرة الجلالة، ان استبرائها
بعشرين يوما (3).
(22) وروى الصدوق في كتابه عن القاسم بن محمد الجوهري، ان البطة
تستبرء بثلاثة أيام (4).
(23) وروى يونس عن الرضا عليه السلام: (ان السمك الجلال يستبرئ بيوم وليلة) (5).
(24) وروى في من لا يحضره الفقيه انه يستبرئ يوما إلى الليل (6) (7).
(25) وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: اكل الغراب ليس بحرام،
إنما الحرام ما حرمه الله في كتابه، ولكن الأنفس تتنزه عن كثير من ذلك تقززا (8).
(26) وروى علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته

(1) الفروع: 6، كتاب الأطعمة، باب لحوم الجلالات وبيضهن والشاة تشرب الخمر
حديث: 4.
(2) هذه الرواية عمل بمضمونها الأصحاب وقالوا: بتحريم ما في بطنها، الا ابن
إدريس، فإنه قال بالكراهة بناءا على الأصل، والعمل بالرواية أقوى (معه).
(3) الفقيه: 3، باب الصيد والذبائح، قطعة من حديث: 82.
(4) الفقيه: 3، باب الصيد والذبائح، قطعة من حديث: 82، ولفظ الحديث:
(والبطة تربط ثلاثة أيام).
(5) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 48،
ولفظ الحديث: (ينتظر به يوم وليلة).
(6) الفقيه: 3، باب الصيد والذبائح، حديث: 83، ولفظ الحديث: (والسمك
الجلال يربط يوما إلى الليل في الماء).
(7) العمل بالرواية الأولى أحوط (معه).
(8) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث، 72.
467

عن الغراب الأبقع والأسود أيحل أكله؟ فقال: (لا يحل شئ من الغربان زاغ
ولا غير) (1) (2).
(27) وروي عنه النبي صلى الله عليه وآله انه أتى بغراب، فسماه فاسقا، وقال: " والله ما
هو من الطيبات " (3).
(28) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " استوصوا بالعينيات فإنهن لا يؤذين شيئا " (4).:
(29) وفى حديث آخر: " انهن طير انس بالناس " (5).
(30) وروي زرارة في الصحيح قال: والله ما رأيت مثل أبى جعفر عليه السلام
قط قال: سألته قلت: أصلحك الله ما يؤكل من الطير؟ فقال: (كل ما دف
ولا تأكل ما صف) (6).
(31) وروى سماعة بن مهران عن الرضا عليه السلام مثله (7).
(32) وروى عمار بن موسى في الموثق عن الصادق عليه السلام في الرجل يصيب

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث، 73.
(2) برواية زرارة أفتى الشيخ في النهاية والاستبصار، وبرواية علي بن جعفر
أفتى العلامة وولده، ويعضد الأولى الرواية الأخيرة عن النبي صلى الله عليه وآله، لأنه
إذا لم يكن من الطيبات لم يكن من الحلال، لان الخبائث تحرم، وما هو ليس من الطيبات
فهو من الخبائث (معه).
(3) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الصيد، (19) باب الغراب، حديث: 3248
و 3249.
(4) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب الخطاف، حديث: 2.
(5) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب الخطاف، ذيل حديث: 2.
(6) الفروع: 6، كتاب الأطعمة، باب آخر منه وفيه ما يعرف به ما يؤكل من الطير
ومالا يؤكل، قطعة من حديث: 3.
(7) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد والذكاة، حديث: 65
والحديث عن الصادق عليه السلام.
468

خطافا في الصحراء ويصيده، أيأكله؟ فقال: (هو مما يؤكل) وسألته عن الوبر يؤكل
قال: (لا هو حرام) (1).
(33) وروى عمار بن موسى أيضا في كتابه عن الصادق عليه السلام قال: (خرء
الخطاف لا بأس به، وهو ما يحل اكله، ولكن كره اكله لأنه استجار بك) (2).
(34) وروى في منزلك، وكل طيرا استحار بك فاجره (3)
(35) وروى الحسن بن داود الرقي قال: بينا نحن قعود عند أبي عبد الله
عليه السلام إذ مر رجل بيده خطاف مذبوح فوثب إليه أبو عبد الله عليه السلام حتى
اخذه من يده، ثم قال: (أعالمكم امركم بهذا، أو فقيهكم. لقد أخبرني أبي عن
جدي ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل الستة، النحلة والنملة والضفدع والصرد
والهدهد والخطاف) (4) (5).
(36) وروى وهب بن وهب عن الصادق عن الباقر عليهما السلام عن علي عليه السلام انه
سئل عن شاة ماتت، فحلب منها لبن؟ فقال علي عليه السلام: (ذلك الحرام محضا) (6).

(1) الاستبصار: 4، كتاب الصيد والذبائح، باب كراهية لحم الخطاف، حديث: 2.
(2) المختلف، كتاب الصيد وتوابعه: 127، في مسألة: (ويحرم من الطير ما
يصف الخ).
(3) المختلف، كتاب الصيد وتوابعه: 127، في مسألة: (ويحرم من الطير ما
يصف الخ).
(4) الفروع: 6، كتاب الصيد، باب الخطاف، حديث: 1.
(5) ليس في هذه الأحاديث السبعة ما يدل على تحريم الخطاف صريحا، الا ان هذه
الرواية الأخيرة ظاهرها يدل على ذلك، وقد أجابوا عنها بأنه لا دلالة فيها أيضا على
التحريم لان المذكور فيها ليس إلا النهى عن القتل، والنهى عن القتل لا يستلزم تحريم
الأكل، لأنه أعم منه، والأعم لا يدل على الأخص، فيحمل النهى عن القتل على الكراهية
لتوافق ما تقدم (معه).
(6) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الذبائح والأطعمة، حديث: 60.
469

(37) وروى زرارة عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الإنفحة تخرج من
الجدي الميت؟ قال: (لا بأس به) قلت: اللبن في ضرع الشاة وقد ماتت؟ قال:
(لا بأس به) (1) (2).
(38) وروى سعيد الأعرج عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن قدر فيها جزور،
وقع فيها قدر أوقية من الدم، أيؤكل؟ قال: (نعم، فان النار تأكل الدم) (3).
(39) وروى زكريا بن آدم قال: سألت الرضا عليه السلام عن قطرة خمر أو
نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم ومرق كثير؟ قال: (يهراق المرق، أو يطعم
أهل الذمة والكلاب، واللحم اغسله وكله) قلت: فان قطر فيه الدم؟ قال: (الدم
تأكله النار إن شاء الله) (4) (5).

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الذبائح والأطعمة، حديث:
59.
(2) الرواية الثانية معارضة للأولى في اللبن. وأما الإنفحة فاتفق الأصحاب على
اباحتها، والشيخ أفتى بمضمونها في الجميع، ومنع المحقق والعلامة وابن إدريس وقالوا
بتحريم اللبن لنجاسته، لكونه ما يعافى محل النجس، وحملوا الرواية على ما إذا كانت
الشاة مقاربة للموت، فإنه قد يقال لما يقارب الموت، ميت، أو على التقية، لان ذلك
مذهب العامة (معه).
(3) الفروع: 6، كتاب الذبائح، باب الدم يقع في القدر، حديث: 1.
(4) التهذيب: 1، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات، قطعة من حديث:
107.
(5) بمضمون الروايتين أفتى الشيخ، وبمضمون الثانية أفتى المفيد. والعلامة
حمل الدم على ما ليس بنجس كدم السمك تارة، وتارة منع السند، فقال: سعيد الأعرج
لا أعرف حاله، وأما الرواية الثانية ففي طريقها محمد بن موسى فإن كان هو أبو جعفر
السمان، فقد كان ابن الوليد يقول: انه يضع الحديث، فلا اعتماد حينئذ على الخبرين
(معه).
470

(40) وروى الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم عن الصادق عليه السلام قال:
سألته عن مواكلة اليهودي والنصراني؟ فقال: (إن كان من طعامك فتوضأ
فلا بأس) (1).
(41) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى الكاظم عليه السلام قال: سألته عن
مواكلة المجوسي في قصعة واحدة وأرقد معه في فراش واحد وأصافحه؟
فقال: (لا) (2).
(42) وروى هارون بن خارجة قال: سألت الصادق عليه السلام فقلت: اني أخالط
المجوسي فآكل من طعامهم؟ فقال: (لا) (3) (4).
(43) وروى سليمان الإسكاف عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن شعر
الخنزير يخزر به؟ فقال: (لا بأس ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلي) (5).
(44) وروى الشيخ عن برد الإسكاف عن الصادق عليه السلام قال: قلت له:
جعلت فداك اني رجل خزاز لا يستقيم علينا الا بشعر الخنزير نخزر به؟ قال:

(1) الفروع: 6، كتاب الأطعمة، باب طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم،
حديث: 3.
(2) المصدر السابق، حديث:. 7
(3) المصدر السابق، حديث: 8.
(4) بمضمون الرواية الأولى أفتى الشيخ، والباقون منعوا منها. وحملها العلامة
على تعدد الأواني. وفى المختلف حملها على ما لم ينفعل بالملاقات كالفواكه اليابسة
والثمار والحبوب، بل والفواكه الرطبة أيضا إذا أكل ما يليه كالرطب، بل غير الفواكه
مما هو رطب لكن له حالة جمود لا يحصل معها السريان كالجبن والسمك والأرز وأمثاله
وأكل كل واحد من جانبه. وفائدة الامر بغسل اليد، زوال القذر منها، ولزوال النفرة عن
النفس (معه).
(5) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الذبائح والأطعمة، حديث: 92.
471

(خذ منه وبرة، فاجعلها في فخارة، ثم أوقد تحتها حتى يذهب دسمه، ثم
اعمل به) (1).
(45) وروى الشيخ أيضا عن عبد الله بن عكيم قال: أتانا كتاب رسول الله
صلى الله عليه وآله وفيه: " أن لا تنتفع من الميتة باهاب ولا عصب " (2).
(46) وروى شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل دخل قرية فأصاب بها
لحما لم يدر أذكي هو أم ميت؟ قال: (يطرحه على النار، فكلما انقبض فهو ذكى
وكلما انبسط فهو ميتة) (3).
(47) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول:
(إذا اختلط الذكي بغيره، باعه ممن يستحل الميتة) (4).
(48) وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله تعالى إذا حرم شيئا حرم
ثمنه " (5).
(49) وقال صلى الله عليه وآله: " لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا
أثمانها " (6).

(1) التهذيب: 9، كتاب الصيد والذبائح، باب الذبائح والأطعمة، حديث: 90.
(2) رواه في المهذب، كتاب الأطعمة والأشربة في المسألة الثالثة في شرح قول
المصنف: (شعر الخنزير نجس الخ)، نقلا عن الشيخ في المبسوط. ورواه أحمد بن
حنبل في مسنده 4: 310، في حديث عبد الله بن عكيم.
(3) الفروع: 6: كتاب الأطعمة، باب اختلاط الميتة بالذكي، باب آخر منه،
حديث: 1.
(4) الفروع: 6، كتاب الأطعمة، باب اختلاط الميتة بالذكي، حديث: 2.
(5) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة، ذيل
حديث: 3488، ولفظ الحديث: (ان الله إذا حرم على قوم أكل شئ حرم عليهم ثمنه).
وسنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع، حديث: 20، كما في المتن.
(6) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة، حديث:
3488.
472

باب الغصب
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " المسلم أخو المسلم لا يحل ماله إلا عن طيب
نفس منه " (1).
(2) وقال عليه السلام: " مال المسلم ودمه حرام " (2).
(3) وروى أنس عنه صلى الله عليه وآله قال: " لا يحل مال امرء مسلم إلا عن طيب نفس
منه " (3).
(4) وروى ابن مسعود عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " حرمة مال المسلم كحرمة دمه " (4).
(5) وروى عبد الله بن السائب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " لا
يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا لا عبا، من أخذ عصى أخيه فليردها " (5).

(1) سنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع، حديث: 87.
(2) لم نعثر على رواية بهذه العبارة.
(3) سنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع، حديث: 91.
(4) سنن الدارقطني: 3، كتاب البيوع، حديث: 94، وفيه: (المؤمن) بدل
(المسلم).
(5) كنز العمال للمتقى: 10، حرف الغين، كتاب الغصب من قسم الأقوال، حديث:
30341.
473

(6) وروى يعلى بن مرة الثقفي ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " من أخذ أرضا بغير حقها
كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر " (1).
(7) وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوق به
يوم القيامة إلى سبع أرضين " (2).
(8) وروى عنه صلى الله عليه وآله: " ليأتين على الناس زمان لا يبالي الرجل بما يأخذ من
مال أخيه بحلال أو حرام " (3).

(1) كنز العمال للمتقى: 10، حرف الغين، كتاب الغصب من قسم الأقوال،
حديث: 30351.
(2) كنز العمال للمتقى: 10، حرف الغين، كتاب الغصب من قسم الأقوال،
حديث: 30350، وفيه روايات كثيرة متقاربة الألفاظ ومتحدة المعاني.
(3) الجامع الصغير للسيوطي 2: 133، حرف اللام، ولفظ الحديث: (ليأتين
على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام) نقلا عن أحمد
ابن حنبل والبخاري.
474

باب الشفعة
(1) روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الشفعة في كل مشترك، ربع أو حائط،
فلا يحل له أن يبيعه حتى يعرضه على شريكه، فان باعه فشريكه أحق به " (1).
(2) وروى سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمان عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الشفعة فيما لا يقسم، فإذا وقعت الحدود، فلا شفعة " (2).
(3) وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: (إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وآله الشفعة
فيما لا يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) (3).

(1) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب في الشفعة، حديث: 3513،
بتفاوت يسير في بعض الكلمات.
(2) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الشفعة، (3) باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة،
حديث: 2497.
(3) دعائم الاسلام: 2، كتاب البيوع والاحكام فيها، فصل (23) ذكر الشفعة،
حديث: 267، والحديث عن الصادق عليه السلام، ولفظه: (الشفعة جائزة فيما لم تقع
عليه الحدود، فإذا وقع القسم والحدود فلا شفعة الحديث). وفى سنن ابن ماجة: 2.
كتاب الشفعة، (3) باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة، حديث: 2499، كما في المتن عن
جابر بن عبد الله.
475

(4) وروى جابر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا شفعة الا في ربع أو حائط " (1)
(5) وروى سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق " (2).
(6) وروى يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الشفعة
لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ ولمن تصلح؟ وهل يكون في الحيوان شفعة؟
فقال: (الشفعة جائزة في كل حيوان أو أرض أو متاع) (3).
(7) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: في المملوك بين
شركاء يبيع أحدهم نصيبه، فيقول الاخر: أنا أحق، أله ذلك؟ قال: (نعم، إذا كان
واحدا) فقيل: في الحيوان شفعة؟ قال: (لا) (4) (5).

(1) المهذب، كتاب الشفعة، في شرح قول المصنف: (وهل يثبت فيما ينقل
كالثياب والأمتعة الخ).
(2) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الشفعة، حديث: 11، والحديث عن
السكوني.
(3) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، حديث: 7.
(4) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، حديث: 12.
(5) هذه الروايات السبع المتعلقة بالشفعة من أول الباب، ظاهرها التعارض بعضها
مع بعض. فان في بعضها العموم وفى بعضها الخصوص. وبسبب اختلاف الروايات، وقع
الاختلاف بين الأصحاب، فخصص بعضهم الشفعة بما لا ينقل، وهو اختيار المحقق والعلامة
ومستندهم فيه الرواية التي عن الصادق عليه السلام فإنه قال فيها: (إنما جعل) وإنما للحصر.
والحدود إنما يكون في الاملاك. وكذلك رواية جابر فان فيها أيضا دلالة على الحصر،
ورواية سليمان بن خالد. وبعضهم عممها في كل مبيع، منقولا كان أو غيره، وهو مذهب
السيد المرتضى وابن الجنيد وابن إدريس، ورواية يونس دالة عليه، لأنه قال في
آخرها: (الشفعة جائزة في كل حيوان أو أرض أو متاع) وطعن فيها بالارسال أولا،
وانها لا تدل على الوجوب ثانيا، إذ ليس فيها الا ذكر الجواز. لكن هذا لا يرد لان
الجواز هنا كاف في تحققها، إذ لم يقل بوجوبها على الشريك أحد، بل هي حق له،
جائز له مطالبتها وتركها، فإذا كانت جائزة له حصل المقصود. وقال بعض: انها
تثبت في كل ما يمكن قسمته، فيخرج كل ما لا قسمة فيه كالنهر والطريق والحمام والعضايد
الضيقة، وهو مذهب الشيخ في النهاية ومستنده الحديث المروى (ان الشفعة فيما لا يقسم)
ورواية سليمان بن خالد، لا شفعة في سفينة وأمثالها. وقال آخرون: ان غير المنقول،
والعبد خاصة من المنقول تثبت فيه الشفعة، دون غيره من المنقولات، واليه ذهب العلامة
في المختلف ومعتمده صحيحة الحلبي المذكورة. فبسبب هذه الروايات اختلفت الأقوال
والجمع بينها مشكل. وإذا أخذ موضع اليقين، فهو المذهب الأول، مخصصا بامكان
القسمة (معه).
476

(8) وروى طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: لا شفعة
الا لشريك مقاسم) (1).
(9) وروى عن علي عليه السلام أنه قال: (الشفعة تثبت على عدد الرجال) (2) (3).
(10) وروى علي بن رئاب عن الصادق عليه السلام في رجل اشترى دارا برقيق
ومتاع وبر وجوهر؟ قال: (ليس لأحد فيها شفعة) (4).
(11) وروى هارون بن حمزة عنه عليه السلام، إلى أن قال: (هو أحق بها من غيره

(1) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، حديث: 18. وفى الفروع: 5
كتاب المعيشة، باب الشفعة، حديث: 6، عن السكوني، وفيهما: (لا شفعة الا لشريك
غير مقاسم)، ولكن في ثلاث نسخ من العوالي التي عندي أورد الحديث بحذف كلمة
(غير) والله العالم.
(2) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، حديث: 13.
(3) الحديث الأول دل على أن الشفعة لا تكون الا مع الشريك الواحد، واليه
ذهب كثير من الأصحاب. والحديث الثاني دل على ثبوتها مع كثرة الشركاء. وفيه أيضا
دلالة على أنه مع تعدد الشفعاء يكون قسمة الشفعة على عدد رؤس الرجال، لا على قدر
السهام. والظاهر أن العمل بهذه الرواية قوى (معه).
(4) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، حديث: 17.
477

بالثمن) (1) (2).
(12) وروى علي بن مهزيار قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن رجل
طلب شفعة فذهب إلى أن يحضر المال فلم ينض، فكيف يصنع صاحب الأرض
ان أراد بيعها، أبيعها، أو ينتظر صاحب الشفعة؟ فقال عليه السلام: (إن كان معه في
المصر فلينظره إلى ثلاثة أيام، فان أتاه بالمال، والا فليبع وبطلت شفعته في
الأرض) (3).
(13) وروى العامة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الشفعة لمن
يأتيها (4) (5).

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب الشفعة، قطعة من حديث: 5.
(2) دلت الرواية الأولى على أن الثمن إذا لم يكن مثليا لم يتحقق الشفعة، لتعذر
دفع مثل الثمن الواجب بالشفعة دفعه، وهي صريحة بذلك. والرواية الثانية قريبة
الدلالة على هذا المعنى، لان قوله: (بالثمن) إنما يتحقق في المثلى، لان اللام للعهد.
وبمضمون هاتين الروايتين أفتى الشيخ في الخلاف. والمشهور بين الأصحاب ان له الاخذ
بالشفعة في القيمي أيضا، ويثبت عليه قيمة الثمن وقت الاخذ. واعترضوا على الروايتين، أما
الأولى: فلقصر حكمها على الرقيق والمتاع، فلا يتعدى إلى غيره. وأما الثانية: فليست
صريحة، لان قيمة الشئ مماثلة له، فيصدق عليه انها الثمن (معه).
(3) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، قطعة من حديث: 16.
(4) المهذب، كتاب الشفعة، أورده في شرح قول المصنف: (ولو أخر لا لعذر
الخ).
(5) دلت هذه الرواية والتي قبلها على أن حق الشفعة فورى يبطل بعدم المسارعة
إليه، كما هو مذهب الشيخ، وجماعة كثيرة من الأصحاب، وذلك لأنه حكم في الرواية
ببطلان الشفعة بعد مضى ثلاثة أيام، ولو كانت على التراخي لما بطلت سواء طالب أو لا
إذ ليس للمطالبة وعدمها أثر في البطلان والثبوت، لان سبب وجودها البيع وقد حصل
والمطالبة حق ثابت له فلا يؤثر عدمها في نفيه، والفرض انه إذا لم يأت بعد الثلاث فلا
شفعة له بمضمون الرواية. والحديث الثاني صريح أيضا بذلك، فان قوله: (الشفعة لمن
يأتيها) دليل على أنها مشروطة بالمطالبة، ومع عدم الشرط ينفى المشروط، ولولا الفورية
لما انتفى. والسيد المرتضى لم يعتمد على هاتين الروايتين وتبعه ابن إدريس وجماعة،
وقالوا: انها كغيرها من الحقوق لا تسقط الا بالاسقاط، بناءا على الأصل، والعمل على
الرواية أولى (معه).
478

(14) وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال " لا يحل ان يبيع حتى يستأذن شريكه، فان
باع ولم يأذن فهو أحق به " (1) (2).
(15) وروى عن علي عليه السلام أنه قال: لا تورث الشفعة " (3).
(16) وروى طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: " لا تورث
الشفعة " (4) (5).

(1) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب في الشفعة، قطعة من حديث:
3513، وفيه (لا يصلح أن يبيع الخ).
(2) في هذه الرواية دلالة على أن الشفيع إذا نزل عن الشفعة قبل البيع بطلت
شفعته بعده، لأنه عليه السلام علق استحقاقه لها على عدم استيذانه، فدل على أنه مع
الاستيذان واذنه في البيع تنتفى الشفعة، والا لم يبق لهذا الاستيذان فائدة. والشفعة من
باب الارفاق فشرعها لهذا المعنى، فيزول بزواله، فان اذنه في البيع ورضاه به، نفى
لذلك المعنى الذي شرع الاستيذان له. وفى الرواية أيضا دلالة على منع الشريك من
البيع بغير استيذان، وليس ذلك للحجر عليه في ملكه، لأنه لو كان كذلك لبطل البيع بدونه
والحديث مصرح بعدم بطلانه مع عدم الإذن، بل أثبت بسببه حق الشفعة، فكان ذلك
الاستيذان أيضا من باب الارفاق، فقوله عليه السلام: (لا يحل أن يبيع) من باب حسن
المعاملة والمخالطة، وأدب الملاقيات، لان الشركة حق يوجب مراعاة الشريك، وليس
بمعنى التحريم الذي ترتب عليه العقاب والمنع من المتصرفية (معه).
(3) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، ذيل حديث: 18.
(4) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الشفعة، ذيل حديث: 18.
(5) بمضمون هاتين الروايتين أفتى الشيخ. وخالفه المفيد والسيد مصيرا إلى
عموم آية الإرث، وهو مذهب المتأخرين طرحا للرواية واعتمادا على الآية. أما الأولى
فمرسلة. وأما الثانية: ففي رجالها بعض الزيدية فلا اعتماد عليها (معه).
479

باب احياء الموات
(1) في الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " موتان الأرض لله ورسوله، فمن أحيى منها
شيئا فهو له " (1).
(2) وروى هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد بن نفيل ان النبي صلى الله عليه وآله
قال: " من أحيى أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق " (2).
(3) وروى سمرة بن جندب ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " من أحاط حائطا على ارض
فهي له " (3).
(4) وروى عنه صلى الله عليه وآله قال: " من سبق إلى ما لا يسبقه إليه مسلم فهو أحق به " (4).

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 143، كتاب احياء الموات، باب لا يترك ذمي
يحييه لان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جعله لمن أحياها من المسلمين.
(2) السنن الكبرى للبيهقي 6: 142، كتاب احياء الموات، باب من أحيا أرضا
ميتة ليست لاحد ولا في حق أحد، فهي له.
(3) السنن الكبرى للبيهقي 6: 142، كتاب احياء الموات، باب من أحيا أرضا
ميتة ليست لاحد ولا في حق أحد فهي له، ولفظ الحديث: (من أحاط على شئ فهو
أحق به).
(4) السنن الكبرى للبيهقي 6: 142، كتاب احياء الموات، باب من أحيا أرضا
ميتة ليست لاحد ولا في حق أحد فهي له.
480

(5) وروى عنه عليه السلام أنه قال: " عادى الأرض لله ولرسوله، ثم هي
لكم مني " (1) (2).
(6) وروى مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (والطريق
إذا تشاح أهله فحده سبعة أذرع) (3).
(7) وروى السكوني عنه عليه السلام مثله (4).
(8) وروى البقباق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا تشاح قوم في طريق فقال
بعضهم سبع أذرع، وقال بعضهم أربع أذرع؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: (خمس
أذرع) (5) (6).
(9) وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل اشترى

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 143، كتاب احياء الموات، باب لا يترك ذمي يحييه
لان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جعلها لمن أحياها من المسلمين.
(2) هذه الأحاديث من أول الباب إلى هذه الرواية دالة على مشروعية الاحياء،
وان الأرض الميتة يملك به على الخصوص، وان موات الأرض ملك للرسول عليه السلام
ثم بعده للقائم مقامه. وان التملك بالاحياء مشروط باذنه، فكل من أذن له ملكه ملكا
مستقرا. ويثبت هذا الحكم للإمام عليه السلام، ففي زمان الغيبة وتعذر الاذن لا يفيد
الاحياء ملكا، لعدم العلم بالشرط، وإنما يفيد أولويته، بمعنى انه لا يجوز لاحد التصرف
فيها الا الامام، فله أن يرفع يده إذا أراد، ولا أولوية للمحيي إذا كان مخالفا للمذهب (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب جامع في حريم الحقوق، قطعة من حديث: 2.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب جامع في حريم الحقوق قطعة، من حديث: 8:
(5) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما
يجوز من ذلك وما لا يجوز، حديث: 41.
(6) هذه الرواية معارضة لما تقدم عليها من الروايتين الدالتين على تحديده بسبع
وهذه الرواية أوضح طريقا منهما، فيكون أرجح في وجوب العمل عليها (معه).
481

دارا فيها زيادة من الطريق؟ قال: (إن كان ذلك فيما اشترى فلا بأس) (1) (2).
(10) وروى الشيخ مرفوعا إلى إسحاق بن عمار عن عبد صالح، عن
رجل لم يزل في يده ويد آبائه دار، وقد علم أنها ليست لهم، ولا يظن مجيئ
صاحبها؟ قال: (ما أحب أن يبيع ما ليس له ويجوز ان يبيع سكناه) (3) (4).

(1) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما
يجوز من ذلك وما لا يجوز، حديث: 39.
(2) العمل على هذا الحديث متروك لمخالفته للأصل المقطوع به، فان الذي
يقتضيه الأصل ان الطريق إن كان مميزا وجب رده إلى أهله، ثم إن المشترى يتخير في
الفسخ والامضاء بقسط من الثمن، وإن لم يكن متميزا بطل البيع (معه).
(3) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة وما
يجوز من ذلك وما لا يجوز، حديث: 42.
(4) هذه الرواية مخالفة للأصل من وجهين. الأول: تضمنها بيع السكنى وهو
منفعة، والبيع إنما شرع لنقل الأعيان، لا لنقل المنافع. الثاني: ان المتصرف فيها
اعترف انها ليست له، فكيف صح له التصرف فيها ببيع السكنى.
هذا مع أنها ضعيفة من وجهين. الأول: ان في طريقها حسن بن سماعة وهو واقفي.
الثاني: انها مقطوعة، لان اسنادها إلى المعصوم غير معلوم، لأنه إنما وصفه بكونه
عبدا صالحا، وذلك لا يقتضى العصمة. والشيخ نزلها على شخص أحيا أرضا عاطلة لمالك
معلوم باذنه فكان رقبة الأرض للمالك وللمتصرف الآثار التي أحدثها بالاحياء كالبناء
والأخشاب والأبواب وأمثالها، فهي ملك له. وحينئذ لا يجوز له بيع الدار أجمع، لان
الأرض لا يملكها، لكنه يصح أن يبيع ملك الآثار المستحدثة له، لبقائه على ملكه، ولا
مانع من جواز ذلك. الا ان لفظ الرواية يأبى هذا التنزيل، لان المذكور فيها بيع السكنى
وفى البيع وقع على أعيان تملكها المحيي، اللهم إلا أن يقال: ان استحقاق السكنى لأجل
هذه الآثار فاستعمل السكنى فيها من باب المجاز، فيصير التقدير، بيع آثارها التي
استحق بها السكنى (معه).
482

باب اللقطة
(1) روى زيد بن خالد الجهني قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه
وآله وسلم فسأله عن اللقطة؟ فقال: " أعرف عقاصها ووكائها، ثم عرفها سنة، فان
جاء صاحبها، والا فاستمتع بها " فسأله عن ضالة الغنم؟ فقال: " خذها، إنما هي
لك أو لأخيك أو للذئب " فسأله عن ضالة البعير؟ فقال: " مالك ولها "، وغضب
حتى احمرت وجنتاه، أو وجهه، وقال: " مالك ولها، ومعها حذائها وسقائها، ترد
المياه وتأكل الشجر " (1).
(2) وفي بعض الروايات: " مالك ولها، معها حذائها وسقائها حتى يأتي
ربها " (2) (3).

(1) صحيح مسلم: 3، كتاب اللقطة، حديث: 2.
(2) صحيح مسلم: 3، كتاب اللقطة، حديث: 1، مع تقديم وتأخير لبعض
العبارات فيهما.
(3) هذه الرواية تدل على أمور، الأول: ان اسم اللقطة موضوع لما عدى الحيوان
من الأموال الضائعة، وان الضائع من الحيوان يسمى ضالة.
الثاني: حكم اللقطة، ان الملتقط يجب عليه معرفة علامات ما التقطه، وكونه على
حفظه، وفائدته ان المالك إذا جاء يسأل عنها، سأله عن صفاتها، فإذا وافق قوله ما عرف
من تلك الصفات، عرف أنه المالك لها، وفائدته، جواز الدفع إليه بذلك وإن لم يقم
بينة، وإن لم يجب الدفع الا معها، لان الوصف امارة مرجحة يفيد ظنا غالبا بصدق
المدعى.
الثالث: وجوب تعريفها سنة من حين الالتقاط.
الرابع: انه متى جاء صاحبها في أثناء الحول أو بعده قبل التملك وجب الدفع
إليه.
الخامس: انه إذا لم يأت طول الحول مع التعريف فيه، جاز للملتقط الانتفاع
باللقطة بعد نيته التملك. ويدل عليه ان السين سين الطلب، الدالة على طلب الملك،
فعلمنا توقف الاستمتاع على نية التملك، وليس الامر هنا للوجوب حتى يجب عليه
تملكها بعد الحول، بل له ابقائها أمانه، وإنما الامر هنا للإباحة، لأنه أمر بعد الحظر
وقد علم من الأصول ان الأغلب في الامر الواقع بعد الحظر، للإباحة.
السادس: ان ضالة الغنم يجوز أخذها والتصرف فيها بغير تعريف، لكن ذلك
مشروط بكونها في الفلاة بدلالة قوله: (أو للذئب) لان الخوف عليها متحقق لعدم امتناعها
من صغير السباع، فيكون ما لا ضائعا، فجاز الانتفاع بها، وهل يجب الضمان لصاحبها
لو ظهر؟ ليس في الحديث ما يدل عليه ولا على عدمه، والظاهر وجوب الضمان جمعا
بين الحقين.
السابع: ان ضالة البعير لا يجوز التعرض لها بحال، لما علله عليه السلام من عدم
الخوف عليه من التلف، من حيث إن له حذاء وسقاء وانه عالم بورود المياه ومنابت
الشجر، فلا تلف عليه، فوجب تركه على حاله حتى يجئ إليه صاحبه، ولأنه لا يقدر
عليه شئ من السباع. وفيه دلالة على أن النهى عن أخذ البعير مشروط بكونه صحيحا،
لا علة به ولا مرض، ويكون في كلاء وماء، فأما إذا ترك من جهد في غير كلاء ولا ماء،
جاز أخذه، لأنه حينئذ في محل التلف، فمن أخذه وأنقذه من التلف، ملكه (معه).
483

(3) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا يؤدى الضالة الا الضال " (1).

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب اللقطة، (1)، باب ضالة الإبل والبقر والغنم، حديث:
2503.
484

(4) وعنه عليه السلام: " ضالة المؤمن حرق النار " (1) (2).
(5) قال الصادق عليه السلام في البعير: (لا تهجه) (3).
(6) وقال الباقر صلى الله عليه وآله: (من وجد شيئا فليستمتع به حتى يأتيه طالبا، فإذا
جاء طالبه رده إليه (4) (5).

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب اللقطة، (1) باب ضالة الإبل والبقر والغنم،
حديث: 2502.
(2) هذان الحديثان يدلان على النهى عن أخذ الضالة في الجملة، فان حملنا النهى
على التحريم، فيكون المراد في موضع لا تجوز الاخذ، كحال البعير في الصحة، أو
أخذها مع عدم العزم على نية التعريف. وإن لم نحمله على التحريم كان معناه كراهية
التعرض لاخذ الضالة كيف كان، لما فيها من اشتغال الذمة بحقوقها، فتركها أحوط في
البراءة وأسلم في العاقبة.
وقوله: (لا يؤدى) بضم الياء، ويروى بالفتح، قال الشيخ: والأول أصح والثاني
جائز، و (حرق النار) محركة الراء، لهبها، بخلاف حرق الثوب للقصارة، فإنه بالسكون
(معه).
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب اللقطة والضالة، قطعة من حديث: 12.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة باب اللقطة والضالة، حديث: 10.
(5) استدل بعضهم بهذا الحديث على أن الشاة المأخوذة في الفلاة يجوز أخذها،
لكن على آخذها ضمانها إذا جاء طالبها، لان انتفاعه بمال الغير إنما يجوز بضمانه،
فقوله في الرواية (فإذا جاء طالبه رده إليه) يريد مع بقاء عينه أورد مثله، أو قيمته مع
تلفه، وبهذا أفتى ابن إدريس والمحقق.
وقال جماعة: ان الشاة المأخوذة في الفلاة لا ضمان على آخذها للحديث السابق
فإنه أحل أخذها من دون شرط الضمان.
وهذه الرواية غير معمول بها على الوجهين، لما فيها من العموم الذي يمتنع القول
به، فلا بد من حملها على الخصوص، فجاز تخصيصها بالشاة المأخوذة في العمران بعد
ثلاثة أيام، فإنه يجوز الانتفاع بها مع الضمان على احتمال ضعيف، فالعمل بالرواية
مشكل، مع أنها من المراسيل (معه).
485

(7) وروى السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الظهر يركب إن كان مرهونا وعلى الذي يركب النفقة،
والدر يشرب إن كان مرهونا وعلى الذي يشرب النفقة ") (1) (2).
(8) وروى العمركي عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته
عن رجل يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع؟ قال: (يعرفها سنة، فإن لم
يعرفها أحد حفظها في عرض ماله، وهو لها ضامن) (3).
(9) وروى محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سألته عن اللقطة؟ قال: (تعرف سنة قليلا كان - أو كثيرا، قال - وما كان
على دون الدرهم فلا يعرف) (4) (5).
(10) وروى إبراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه عن الماضي عليه السلام
قال: (لقطة الحرم لا تمس بيد ولا رجل ولو أن الناس تركوها، لجاء صاحبها

(1) التهذيب: 7، كتاب التجارات، باب الرهون، حديث: 32.
(2) إنما ذكر هذه الرواية هنا، لأنه لما كان الملتقط يجب عليه الانفاق على
اللقطة، لوجوب الحفظ عليه الذي لا يتم الا بالانفاق فإذا كان للضالة نفع كظهر، ولبن، كان
له النفقة، والانتفاع بالظهر واللبن في مقابلتها بمضمون الرواية، لكن التمسك بها ضعيف في
هذا المطلوب. أما أولا: فلمنع الحكم في الأصل. وأما ثانيا: فلمنع التعدي من الرهن
إلى غيره، لأنه قياس. وأما ثالثا: فلضعف السند. وأما رابعا: فلجواز حمل ذلك على
التقاص فتكون الفائدة في الخبر جواز الانتفاع بشرط المقاصة (معه).
(3) الفقيه: 3، باب اللقطة والضالة، قطعة من حديث: 3.
(4) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب اللقطة والضالة، حديث: 4.
(5) هذه الرواية مرسلة فلا عمل على ما تضمنت من عدم التعريف في الدرهم، بل
العمل على الرواية السابقة في وجوب التعريف في الدرهم. وأما قوله فيها: (حفظها
في عرض ماله) ففيه دلالة على أنه بعد التعريف حولا يجوز له التملك مع الضمان (معه).
486

فأخذها) (1) (2).
(11) وروى علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح عليه السلام قال: سألته عن رجل
وجد دينارا في الحرم فأخذه؟ قال: (بئس ما صنع، ما كان له أن يأخذه) قال:
قلت: قد ابتلى بذلك؟ قال: (يعرفه سنة) قلت: فان عرفه فلم يجد له ناعتا؟ قال:
(يرجع إلى بلده فليتصدق به على أحد من أهل بيته من المسلمين، فان جاء
طالبه فهو له ضامن) (3).
(12) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا تحل لقطة الحرم الا لمنشد " (4).
(13) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن
الورق يوجد في دار؟ فقال: (ان كانت الدار معمورة، فهي لأهلها، وان كانت
خربة فأنت أحق بما وجدت) (5) (6).

(1) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب اللقطة والضالة، حديث: 7.
(2) دل هذا الحديث على تحريم أخذ لقطة الحرم، ودل الحديث الذي بعده
على ذلك أيضا، وزاد فيه وجوب التعريف قطعا وان قل عن الدرهم، لأنه ترك الاستفصال
مع قيام الاحتمال، وذلك دليل على عموم المقال، والا لتأخر البيان عن وقت السؤال،
وذلك من المحال. وأما الحديث الثالث الذي بعدهما فيدل على جواز أخذها بطريق
المفهوم مع قصد الانشاد، وهو التعريف. والأقوى الأول لان الأخير مرسل (معه).
(3) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب اللقطة والضالة، حديث: 30.
(4) صحيح البخاري، كتاب في اللقطة، باب كيف تعرف لقطة من أهل مكة، ولفظ
الحديث: (لا تلتقط لقطتها الا لمعرف) وفى أخرى: (ولا تحل لقطتها الا لمنشد).
(5) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب اللقطة والضالة، حديث: 5.
(6) (ما)، هنا للعموم، لأنها وقعت جزاء للشرط، وما في الاستفهام والمجازاة للعموم
فيكون دالا على أن ما يؤخذ في الخربة يملكه الواجد، سواء كان عليه أثر الاسلام أم لا
ومنع العلامة من العموم وحملها على التخصيص أما بانتفاء أثر الاسلام، أو بعد التعريف
حولا، والحمل قوى (معه).
487

(14) وروى عبد الله بن جعفر في الصحيح قال: كتبت إلى الرجل أسأله
عن رجل اشترى بقرة أو جزورا للأضاحي، فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها
دراهم أو دنانير وجوهر، لمن يكون؟ فوقع عليه السلام: (عرفها البايع، فإن لم يعرفها
فالشئ لك رزقك الله إياه) (1).
(15) وروي عن الصادق عليه السلام قال في اللقطة: (تعرفها سنة، فان جاء لها طالب،
والا فهي كسبيل مالك) (2).
(16) وروى الحلبي في الصحيح مثله، وانه عقب التعريف وعدم مجئ
المالك، كسبيل ماله (3).
(17) وروي عن أحدهما عليهم السلام أنه قال: (ان عرفها صاحبها، والا فاجعلها
في عرض مالك، تجرى عليها ما تجرى على مالك) (4) (5).
(18) وروى أبو خديجة عن سالم بن مكرم الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب اللقطة والضالة، حديث: 9.
(2) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب اللقطة والضالة، حديث: 34، وفيه:
(تعرفها سنة فان وجدت صاحبها، والا فأنت أحق بها، وقال: هي كسبيل مالك).
(3) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب اللقطة والضالة، حديث: 3.
(4) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب اللقطة والضالة، قطعة من حديث: 5.
(5) دلت الروايتان المتقدمتان على أن اللقطة بعد التعريف حولا، يدخل في
الملك من غير احتياج إلى نيته، لان الفاء للتعقيب من غير مهلة، فلا يكون معلقا على
شئ آخر، والا لحصلت المهلة المنافية للتعقيب، وبه أفتى الشيخ في النهاية وابن إدريس.
ودلت الرواية الثالثة على أنها لا تدخل في الملك الا مع نيته، لان الفاء للتعقيب
وصيغة أفعل للامر ولا أقل من أن يحمل على أقل مراتبه وهو الإباحة، لأنه لا يصح أن
يكون للتهديد قطعا، فيستدعى أن يكون المأمور به مقدورا بعد التعريف وعدم مجئ
المالك، لكنه لم يذكر لذلك لفظ، فلا يشترط اللفظ، والا لتأخر البيان عن وقت
الحاجة، وبهذا أفتى العلامة، وولده، وهو الأحوط (معه).
488

قال: سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة؟ فقال: (ما للمملوك واللقطة، المملوك
لا يملك من نفسه شيئا، فلا يعرض لها) (1) (2).
(19) وروى الشيخ في التهذيب عن محمد الحجال عن ثعلبة عن سعيد بن
عمر الجعفي قال: خرجت إلى مكة وانا من أشد الناس حالا، فشكوت إلى
أبي عبد الله عليه السلام، فلما خرجت وجدت على بابه كيسا فيه سبعمائة دينار فرجعت
إليه من فوري ذلك فأخبرته، فقال: (يا سعيد اتق الله عز وجل، وعرفه في المشاهد)
فكنت رجوت أن يرخص لي فيه، فخرجت وأنا مغتم، فأتيت مني فتنحيت
عن الناس، حتى أتيت المارة فرقة فرقة، فنزلت في بيت متنحيا عن الناس،
ثم قلت: من يعرف الكيس: قال: فأول صوت صوته فإذا رجل على رأسي
يقول: أنا صاحب الكيس، قال فقلت في نفسي، أنت فلا كنت، قلت: فما
علامة الكيس، فأخبرني بعلامته، فدفعته إليه، قال: فتنحى ناحية، فعدها،
فإذا الدنانير على حالها، ثم عد منها سبعين دينارا فقال: خذها حلالا خير من
سبعمائة حراما، فأخذتها، ثم دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فأخبرته كيف
تنحيت وكيف صنعت، فقال: (اما انك حين شكوت إلي، أمرنا لك بثلاثين
دينارا، يا جارية هاتيها) فأخذتها، وأنا من أحسن قومي حالا (3) (4).

(1) التهذيب: 6، كتاب المكاسب، باب اللقطة والضالة، قطعة من حديث: 37.
(2) استدل بهذه الرواية جماعة على أن العبد لا يصح له الالتقاط، وأفتى بمضمونها
فيمن لا يحضره الفقيه، وأكثر الأصحاب على جواز التقاطه، لان له أهلية الاكتساب.
وجاز حمل هذه الرواية على لقطة الحرم، لأنها أمانة محضة والمولى مسؤول على منافع
العبد، فيتوجه عليه بسببها ضرر، فيحرم عليه (معه).
(3) الفروع: 5، كتاب المعيشة، باب اللقطة والضالة، حديث: 6.
(4) هذه الرواية دالة على أنه يجوز الدفع إلى مالك اللقطة بالوصف الذي يغلب
الظن معه على ملكه، لأنه لما أخبر الامام بدفعه بالوصف أقره على ذلك ولم ينكر عليه،
وذلك دليل على جوازه، والا لوجب على الامام الانكار (معه)
489

(20) وروى ابن أبي سيار عن الصادق عليه السلام: (ان النبي صلى الله عليه وآله، جعل في
جعل الآبق دينارا إذا أخذه في مصره، وان أخذه في غير مصره فأربعة دنانير) (1) (2).

(1) المهذب: رواه في ذكر الأدلة على جواز الجعالة.
(2) هذا الحديث دال على أن الجعالة مشروعة، وانه يجوز أخذها لمن عمل ما
يؤثر في رد الضالة، إذا لم يكن متبرعا، ودلت على أن جعالة الآبق مخصوصة بما ذكره
مع عدم تعيين شئ، إلا أن الرواية في طريقها سهل بن زياد، وهو ضعيف، لكن
تأيدت الرواية بشهرتها في العمل، فان الأصحاب عملوا بمضمونها (معه).
490

باب المواريث
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " تعلموا الفرائض " (1).
(2) وروى عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " تعلموا القرآن وعلموه
الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس فاني امرء مقبوض، وسيقبض العلم
وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل بينهما " (2).
(3) وروي عنه صلى الله عليه وآله قال: " تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنها نصف
العلم، وهو ينسى، وهو أول شئ ينتزع من أمتي " (3) (4).

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 208، باب الحث على تعليم الفرائض.
وسنن الدارقطني: 4، كتاب الفرائض والسير وغير ذلك، حديث: 45.
(2) تقدم آنفا تحت رقم 1.
(3) سنن الكبرى للبيهقي 6: 209، باب الحث على تعليم الفرائض.
(4) هذا الحديث فيه حث عظيم على تعلم هذا العلم، أما أولا: فلانه أمر بتعليمه
وتعلمه، وهو دليل على اشتمال المأمور به على المصلحة.
وأما ثانيا: فلانه عليه السلام أخبر بأنه ينسى وفيه تخويف على ترك التعلم به،
لأنه يجوز ارتفاعه عند إرادة تعلمه، فلا يجد طالبه السبيل إلى ذلك، فالمقتضى للحزم
المبادرة والمسارعة في تعلمه قبل أن يفوت بالنسيان فيقع الندم والحسرة في عدم تعلمه.
وأما ثالثا: فإنه جعله نصف العلم مع قلة حجمه وسهولة تناوله، وذلك دال على
شرفه وعظمته، لان ما غلت قيمته وصغر مقداره كان ذلك دليلا على شرفه.
فأما معنى التنصيف فلان للناس لهم حالتان حالة الحياة وحالة الموت وعلم
الفرائض مختص بحالة الموت، فيكون له النصف من أحوال المكلف. فان قلت: إن
الوصايا تشاركه في هذه المعنى، وكذلك الغسل والتكفين والدفن لتعلقها بأحوال الموت
أجيب: بأن الوصايا ليست من الأمور اللازمة للميت، بل هي أمر يعرض عند فعله، ولا
كذلك الفرائض.
وأيضا فهي متعلقة بفعل العبد، فقد يوصى وقد يترك، وليس الامر في الميراث
كذلك. هذا مع أن الوصية لا تختص بحالة الموت، لان لها أحكاما ترجح إلى الحياة،
كالرجوع عنها، والزيادة على الثلث، وهلاك الموصى به قبل الموت وأمثال ذلك. وإن شئت
أدخلت الوصايا أيضا في الفرائض، لتقدمها على الميراث، وكذلك الغسل والتكفين
ومؤنة التجهيز داخل فيه أيضا لأنها الحق الذي يبدء به من التركة قبل القسمة.
ويحتمل التنصيف بوجه آخر، بأن صورة الانسان حالتي الحياة والموت منقسمة
إليهما، والمواريث أحد القسمين، ويحتمل ان سبب دخول المال في الملك أما بالكسب
أو بغيره، والميراث هو الثاني (معه).
491

(4) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله آخى بين المهاجرين والأنصار لما قدم المدينة،
فكان المهاجري يرث الأنصاري وبالعكس، ونسخ ذلك بالرحم والقرابة (1) (2).
(5) وروى الشيخ مرفوعا إلى أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
فدعا بالجامعة، فنظر فيها فإذا امرأة ماتت وتركت زوجها ولا وارث لها غيره.

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 261، باب نسخ التوارث بالتحالف وغيره.
(2) اعلم أن التوارث كان في الجاهلية بالحلف والمعاهدة، وأقروا على ذلك في
صدر الاسلام، ويدل عليه قوله تعالى: " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " ثم
نسخ ذلك إلى التوارث بالهجرة والاخوة كما في الحديث، ثم نسخ ذلك بالرحم والقرابة
وناسخه قوله تعالى: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " الآية (معه).
492

المال كله له (1) (2).
(6) وروى أبو بصير في الصحيح قال: قرأ على أبو عبد الله عليه السلام فرائض
علي عليه السلام، فإذا فيها: (الزوج يحوز الإرث إذا لم يكن غيره) (3).
(7) وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: رجل مات وترك
امرأته؟ قال: (المال لها) قلت امرأة ماتت وتركت زوجها؟ قال: (المال له) (4).
(8) وروى جميل بن دراج في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا يكون

(1) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأزواج، حديث:
13.
(2) هذه الرواية إلى الرواية الخامسة، نقول فيها: الأولتان صريحتان في ثبوت
ارث الزوج للجميع مع الانفراد، نصفا بالتسمية والباقي بالرد، وهو المذهب المشهور
حتى ادعى عليه الاجماع. والرواية الثالثة التسوية بين المرأة والرجل في حوز
الميراث وعدم الفرق بينهما في وجوب الرد مع عدم الوارث، وبمضمونها أفتى المفيد
وحملها الشيخ على كونها قريبة له، بأن تكون الوراثة بالنسب، فتأخذ سهم الزوجية،
وتأخذ الباقي بالقرابة.
والرابعة: دلت على نفى الرد بالنسبة إلى الزوج والزوجة، وبمضمونها أفتى ابن
إدريس، وهي وان كانت صريحة بهذا المعنى الا انها ليست من الصحاح، فالعمل بالصحاح
أولى مع التعارض.
والرواية الخامسة دلت على الفرق بين الزوج والزوجة، فأوجبت الرد في الزوج
دون الزوجة، ولم يعمل بهذه الرواية أحد، الا ان جماعة اختاروا ان الزوجة يرد عليها
مع غيبة الامام ولا يرد عليها مع حضوره، ودليلهم عليه الجمع بين الاخبار، بمعنى ان
الأخبار الدالة على نفى الرد مخصصة بحال الحضور، والأخبار الدالة على ثبوته محمولة
على حال الغيبة، ليتم العمل بالجميع (معه).
(3) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأزواج، حديث: 12.
(4) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأزواج، حديث: 16.
493

الرد على زوج ولا زوجة) (1).
(9) وروى أبو بصير عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن امرأة ماتت وتركت
زوجها، لا وارث لها غيره؟ قال: (إذا لم يكن غيره فله المال، والمرأة لها
الربع، وما بقي للامام) (2).
(10) وروى مالك بن أعين في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن
رجل نصراني مات وله ابن أخ مسلم وابن أخت مسلم، ولنصراني أولاد
وزوجة نصارى؟ قال: فقال: (أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك،
ويعطى ابن أخته المسلم ثلث ما ترك، إن لم يكن له ولد صغار فإن كان له ولد صغار
كان على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا من أبيهم حتى يدركوا) قيل:
كيف ينفقان؟ قال: فقال: (يخرج وارث الثلثين، ثلثي النفقة، ويخرج وارث
الثلث ثلث النفقة فإذا أدركوا قطعوا النفقة عنهم) قيل له فان أسلموا وهم
صغار؟ فقال: (يدفع ما ترك أبوهم إلى الامام حتى يدركوا، فان بقوا على
الاسلام رفع الامام ميراثهم إليهم، وإن لم يبقوا إذا أدركوا دفع الامام الميراث
إلى ابن أخيه وابن أخته المسلمين) (3) (4).

(1) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأزواج، حديث: 21.
(2) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأزواج، حديث: 15.
(3) الفقيه: 4، باب ميراث أهل الملل، حديث: 13.
(4) هذه الرواية من الصحاح وبمضمونها عمل كثير من الأصحاب، ونزلها
بعضهم على أن المانع من الإرث هو الكفر، وهو ليس حاصلا في الصغار، لعدم اعتبار
اسلامهم. ونزلها آخرون على أن اسلام الصغير معد للاسلام الحقيقي، ولما كان الكافر
إذا أسلم قبل القسمة ورث، كانت حالة الصغر إذا وصف فيها الاسلام قائمة مقام الاسلام،
لان ذلك هو المقدور له. وفيه أيضا ضعف لان اسلام الطفل يعارض اسلام البالغ.
ونزلها آخرون على أن المال لا يقسم حتى بلغوا، فحصل الاسلام. والإسلام حال
الطفولية لا اعتبار به، وذكر القسمة في الرواية أخبار عن قدر المستحق. وهذا التنزيل
حسن، لكن لا يخلو عن اشكال من حيث قوله: (فان أسلموا وهم صغار) ونزلها العلامة
على الاستحباب، ولا يرد عليه اشكال، فهو أحسن وجوهها (معه).
494

(11) وروى الشيخ عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(قال أمير المؤمنين عليه السلام: المرتد تعتزل امرأته، ولا تؤكل ذبيحته، ويستتاب ثلاثة
أيام، فان تاب والا قتل يوم الرابع) (1).
(12) وروى علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن مسلم
ارتد؟ قال: (يقتل ولا يستتاب) قلت: نصراني أسلم ثم ارتد عن الاسلام؟ قال:
(يستتاب فان رجع، والا قتل) (2).
(13) وروى الحسن بن محبوب عن غير واحد من أصحابنا عن أبي جعفر
عليه السلام في المرتد (يستتاب، فان تاب، والا قتل. والمرأة إذا ارتدت
استتيبت، فان تابت ورجعت، والا خلدت السجن وضيق عليها) (3).
(14) وروى عباد بن صهيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (المرتد يستتاب،
فان تاب والا قتل. والمرأة تستتاب، فان تابت، والا حبست في السجن واضربها)
(4) (5).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب المرتد، حديث: 17.
(2) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد المرتد، حديث: 10، وفيه: (عن
مسلم تنصر) بدل (عن مسلم ارتد).
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد المرتد، حديث: 3.
(4) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حد المرتد والمرتدة، حديث: 30.
(5) هذه الروايات الأربع دالة على حكم المرتد، والرواية الأولى والثالثة
والرابعة فيها اطلاق في أن المرتد يستتاب. والظاهر أن هذا الحكم مختص بالمرتد
غير الفطري، وأما الفطري فلا يستتاب، بل يقتل في الحال، ورواية علي بن جعفر مصرحة
بهذا التفصيل، فتحمل المطلقات عليه للجمع بينهما. نعم اختصت الروايتان المتأخرتان
بذكر حكم المرأة في الردة، وصرح فيهما بعدم جواز قتلها وان حكمها الاستتابة، ولم
يفرق فيها بين كونها عن فطرة أو غيرها، فان تابت قبل منها، والا كان حكمها الحبس
والضرب دائما حتى تتوب.
واختصت الرواية الأولى بضبط مدت الاستتابة وهي ثلاثة أيام لا غير، وهو مذهب
الشيخ والمحقق. وقال الشيخ في المبسوط: ترجع في المدة إلى نظر الحاكم واختاره
فخر المحققين (معه).
495

(15) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الاسلام يعلو ولا يعلى عليه، نحن نرثهم ولا يرثونا " (1).
(16) وروى إبراهيم بن عبد الحميد عن رجل قال: قلت لأبي، عبد الله عليه السلام:
نصراني أسلم ورجع إلى النصرانية، ثم مات؟ قال: (ميراثه لولده النصراني)
ومسلم تنصر ثم مات؟ قال (ميراثه لولده المسلمين) (2) (3).
(17) وروى فضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام قال: (لا يقتل الرجل بولده،

(1) لم نعثر في كتب الأحاديث على حديث بهذه العبارة، وإن كان ورد بمضمونه
روايات. راجع الفقيه: 4، باب ميراث أهل الملل، من قوله صلى الله عليه وآله:
الاسلام يزيد ولا ينقص، وقوله صلى الله عليه وآله: " الاسلام يعلو ولا يعلى عليه " وقوله
عليه السلام: " نحن نرثهم ولا يرثونا " إلى غير ذلك من العبائر. نعم رواه بعين هذه الألفاظ
في المهذب، كتاب المواريث في شرح قول المصنف: (ولو لم يكن وارث الا كافر كان
ميراث المرتد للامام).
(2) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث المرتد ومن يسحق
الدية من ذوي الأرحام، حديث، 15.
(3) المشهور ان المرتد لو مات لا يرثه الكافر عملا بعموم الحديث النبوي،
وهو قد صار بحكم المسلمين لتحرمه بالاسلام. والشيخ في الاستبصار عمل بالرواية
وجعل ميراثه لولده الكفار. والظاهر أن الرواية لا تصلح للعمل بمضمونها، لمخالفتها
للأصل أولا، ولاشتمالها على الارسال ثانيا. والشيخ في النهاية حملها على التقية، فلا
عمل عليها (معه).
496

ويقتل الولد بوالده، ولا يرث الرجل الرجل إذا قتله وإن كان خطأ) (1).
(18) وروى هشام بن سالم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " لا ميراث للقاتل ") (2).
(19) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته
عن رجل قتل أمه أيرثها؟ قال: (إن كان خطأ ورثها، وإن كان عمدا لم يرثها) (3) (4).
(20) وروى أبو بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقتل وعليه
دين وليس له مال، فهل لأوليائه ان يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال: (إن كان
أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل، فان وهب أوليائه دمه للقاتل ضمنوا الدين
للغرماء، ان أرادوا القود فليس لهم ذلك حتى يضمنوا الدية للغرماء) (5) (6).
(21) وروى إسحاق بن عمار عن أبي جعفر عليه السلام: (ان رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث القاتل، حديث: 12.
(2) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث القاتل، حديث: 5
(3) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث القاتل، حديث: 11.
(4) الحديث الأول مصرح بأن القتل وإن كان خطاءا لا يرث صاحبه، وبمضمونها
أفتى ابن أبي عقيل، واعتضد أيضا معها بعموم الحديث الثاني. وبالرواية الثالثة المفصلة
أفتى المفيد، ويعضده ان قتل الخطأ لا ذنب فيه، والأصل في منع القاتل من الإرث إنما
هو مقابلته بنقيض مقصوده، وفى الخطأ لا يتم هذه العلة. والشيخ رحمه الله جمع بين
هذه الروايات فحمل ما ورد منها بالمنع، على منع الإرث من قدر الدية، وحمل ما ورد
منها بالإرث على بقية التركة بعد اخراج الدية، لان هذا الجمع مناسب للأصل ومقتض
للعمل بجميع الأحاديث، والحمل جيد (معه).
(5) الفقيه، 4، باب الرجل يقتل وعليه دين، حديث: 1، وليس فيه جملة:
(وان أرادوا القود الخ).
(6) وهذه الرواية عمل بمضمونها الشيخ في النهاية وردها الباقون، وقالوا:
انها رواية نادرة، لا تعارض عموم القرآن مع أن في سندها اضطراب (معه).
497

قال: إذا قبلت دية العمد فصارت ما لا فهي ميراث كسائر الأموال) (1).
(22) وروى عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (قضى أمير
المؤمنين عليه السلام ان الدية يرثها الورثة الا الاخوة من الأم، فإنهم لا يرثون من الدية
شيئا) (2).
(23) وروى الشيخ في التهذيب عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام
قال: (المرأة ترث من دية زوجها، ويرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه) (3).
(24) وروى الشيخ عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا
عليه السلام كان لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا، ولا يورث الرجل من دية
امرأته شيئا، ولا يورث الاخوة من الأم من الدية شيئا) (4) (5).

(1) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث المرتد ومن يستحق
الدية من ذوي الأرحام، حديث: 16.
(2) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب مواريث القتلى ومن يرث من الدية ومن
لا يرث، حديث: 4.
(3) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث القاتل، حديث: 6.
(4) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث القاتل، حديث: 13.
(5) بعموم الرواية الأولى أفتى الشيخ في المبسوط وابن حمزة وابن إدريس،
وقالوا: ان وارث الدية هو وارث المال من غير فرق، وبالرواية الثانية أفتى الشيخ في
النهاية والمحقق والعلامة في القواعد، وقالوا: يرثها كل مناسب ومسابب الا الاخوة من
الأم. والرواية الثالثة لا تخالف هذه الرواية ولا ما تقدمها، لان الخاص يدخل تحت العام
وفيها تصريح بأن الزوج والزوجة يرثان كما يرث غيرهم. وأما الرواية الرابعة فإنها
صريحة في معارضة ما تقدم للتصريح فيها بمنع الزوج والزوجة والاخوة من الأم، لكنها
توافق رواية عبد الله بن سنان في منع الاخوة.
والذي يظهر لي ان هذه الروايات ليس فيها شئ من الصحيح، فينبغي العمل منها
بما يوافق الأصل وطرح ما خالفه، فالرواية الأولى والثالثة لا يخالفان الأصل، فينبغي
العمل عليهما وطرح الباقي (معه).
498

(25) وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (إنما على الامام أن يقتل أو
يأخذ الدية، وليس له أن يعفو) (1).
(36) وروى أبو ولاد عنه عليه السلام: (انه ليس للامام أن يعفو، وله أن يقتل
أو يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين) (2) (3).
(27) وروى عبد الله بن سنان في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (قضى
أمير المؤمنين عليه السلام في رجل يموت وله أم مملوكة وله مال، ان تشترى أمه من
ماله ويدفع إليها بقية المال، إذا لم يكن له قرابة لهم سهم في الكتاب) (4) (5).
(28) وروى جميل في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: الرجل
يموت، وله ابن مملوك، وله مال؟ قال: (يشتري ويعتق، ويدفع إليه ما بقي)
(6) (7).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب (بدون العنوان) قطعة من حديث: 1،
والحديث عن أبي ولاد الحناط.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضاء في اختلاف الأولياء، حديث: 11.
(3) الروايتان معا أخبار عن سيرة الامام، وبمضمونها قال الأكثر. وجوز ابن
إدريس العفو عملا بالأصل، والعمل بالنص أقوى (معه).
(4) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب من خلف وارثا مملوكا، ليس له
وارث غيره، حديث: 1.
(5) هذه الرواية دلت على حكم الوالد، انه يشترى من الميراث، لان أحدا لم
يفرق بين الأم والأب في وجوب الشراء من الميراث (معه).
(6) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب من خلف وارثا مملوكا، ليس له
وارث غيره، حديث: 6.
(7) وهذه الرواية دلت على أن حكم الولد حكم الوالد في وجوب الشراء، ولم
يفرق بينهما أحد (معه).
499

(29) وروى عبد الله بن طلحة عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل مات
وترك مالا كثيرا، وترك اما وأختا مملوكة؟ قال، (يشتريان من مال الميت،
ثم يعتقان ويورثان) (1) (2).
(30) وروى ابن بكير عن أصحابنا عن الصادق عليه السلام قال: (إذا مات الرجل
وترك أباه، وهو مملوك، أو أمه وهي مملوكة، أو أخا أو أختا، وترك مالا
والميت حر، اشترى مما ترك أبواه وقرابته، وورث ما بقي من المال) (3) (4).
(31) وروى سليمان بن خالد في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (كان أمير
المؤمنين عليه السلام إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله وأعتقها، ثم
ورثها) (5) (6).

(1) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب من خلف وارثا مملوكا، ليس له
وارث غيره، قطعة من حديث: 3.
(2) الظاهر أن المراد بالأم والأخت هنا، كل منهما على البدل، وليس الجمع
مرادا، لعدم توريث الأخت مع الأم (معه).
(3) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب من خلف وارثا مملوكا ليس له
وارث غيره، حديث: 7، وليس فيه: (أو أخا أو أختا).
(4) قال العلامة في المختلف، بعد ايراده لهذه الرواية والسابقة عليها: هذه
الطرق غير سليمة من الطعن، فنحن فيها من المتوقفين. وكذا أقول (معه).
(5) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب من خلف وارثا مملوكا ليس له وارث
غيره، حديث: 17.
(6) والشيخ رحمه الله حمل هذه الرواية على التبرع، لان الزوجة إنما ترث
الربع والباقي للامام، فإذا كان هو المستحق، جاز أن يشترى الزوجة ويعتقها ويعطيها
بقية المال تبرعا، من دون أن يكون ذلك واجبا عليه. واعترض العلامة بأن استحقاق
الربع، لا ينافي مضمون الرواية، لاحتمال أن يكون ربعها من الميراث، يفضل قدره
عن قيمتها فيشترى منه، ويعطى بقية الربع وجوبا (معه).
500

(32) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال:
(بنات البنات يقمن مقام البنت، إذا لم يكن للميت بنات ولا وارث غيرهن) (1).
(33) وروى سعد بن أبي خلف في الصحيح عن العالم عليه السلام مثله (2 (3).
(34) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح عن الصادق عليه السلام:
بنات البنت يرثن، إذا لم يكن بنات، كن مكان البنت) (4) (5).

(1) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب ان ولد الولد يقوم مقام الولد إذا
لم يكن ولد، حديث: 1.
(2) المصدر السابق، حديث: 2.
(3) دلت هاتان الروايتان على أن ولد الولد، يأخذ نصيب أبيه، ولا يكون كابن
الميت للصلب، وهو المذهب المشهور بين الأصحاب. وأما السيد وابن إدريس فقالا:
ان ولد الولد يكون كابن الميت لصلبه. فعلى المذهب المشهور الذي دل عليه الرواية
المذكورة يأخذ ابن البنت، الثلث، ويأخذ بنت الابن، الثلثين. لان كل واحد منهم يأخذ
نصيب من يتقرب به.
وعلى المذهب الاخر، ولد البنت كولد الميت للصلب، وكذلك ولد الابن،
فيكون الميراث بينها نصفين، لأنهما يأخذان عن الميت، لا عن عمن اتصلا به، بناءا
على أن ولد الولد، ولد حقيقة. والروايات الصحيحة تأبى ذلك، فالرجوع إلى النص
أولى، لان الاجتهاد غير جائز مع النص (معه).
(4) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب ان ولد الولد يقوم مقام الولد إذا لم
يكن ولد، حديث: 3.
(5) هذه الرواية وما بعدها إلى الرابعة، نقول فيها: الروايتان الأولتان دل
اطلاقهما على أن ولد الولد يشارك الأبوين في الميراث، ويأخذ نصيب من يتقرب به،
ويكون الأبوان معه بمنزلتهما مع أبيه، فيأخذان نصيبهما بالفرض والرد في موضعه، ويأخذ
هو الباقي، وعموم الروايتين المذكورتين دالة على ذلك، وهذا أيضا هو المذهب
المشهور.
وأما الصدوق فشرط في توريث ولد الولد عدم الأبوين، وقال: انه مع وجود
الأبوين لا ميراث لولد الولد، بناءا على أنهما أقرب منه، لأنهما جعلا في درجة الأبناء
للصلب في قوله تعالى: " آباؤكم وأبناؤكم " الآية، واعتضد مع هذا الأصل بالرواية
الثالثة المذكورة، فان في ظاهرها ما يدل على مدعاه، فان في قوله: (ان ابن الابن يقوم
مقام الابن إذا لم يكن للميت وارث غيره) دلالة على أنه أراد الأبوين، لأنه لا يرث مع
الولد أحد غيرهما، وقد شرط في ارث ابن الابن عدم الولد وعدم وارث غيره، وليس
شئ غير الأبوين، فيكون ذلك هو المراد.
قال الشيخ: هذا الاستدلال غلط، لان قوله: (ولا وارث غيره) المراد بذلك، إذا
لم يكن للميت الذي هو الابن الذي يتقرب به، ابن الابن، أو هو البنت التي يتقرب
بنت البنت بها، ولا وارث له غيره من الأولاد للصلب، واحتج على هذا التأويل بالرواية
الرابعة، فإنه قال فيها: (ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد إلى آخرها) وظاهر
الرواية ان ارث ابن الابن وابن البنت مشروط بعدم الأولاد من الصلب. وأما شرطه
بعدم الاباء فليس في الرواية ما يدل عليه (معه).
501

(35) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: (ان الابن، يقوم
مقام أبيه) (1).
(36) وروى سعد بن أبي خلف في الصحيح عن الصادق عليه السلام، في قوله:
(ابن الابن يقوم مقام الابن، إذا لم يكن للميت ولد، ولا وارث غيره) (2).
(37) وروى عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق عليه السلام قال: (ابن الابن
إذا لم يكن من صلب الرجل أحد، قام مقام الابن وابنة البنت إذا لم يكن من
صلب الرجل أحد، قامت مقام البنت) (3).
(38) وروى ربعي بن عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

(1) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب ان ولد الولد يقوم مقام الولد إذا
لم يكن ولد، حديث: 4.
(2) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث ولد الولد، حديث: 1.
(3) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب ان ولد الولد يقوم مقام الولد إذا لم
يكن ولد، حديث: 6.
502

(إذا مات الرجل فلا كبر ولده سيفه ومصحفه وخاتمه ودرعه، وثيابه) (1).
(39) وروى حريز في الحسن عنه عليه السلام مثله، إلا أنه لم يذكر من الثياب
الا الدرع (2).
(40) وروى ربعي أيضا عن الصادق عليه السلام قال: (إذا مات الرجل فسيفه
وخاتمه ومصحفه وكتبه ورحله وراحلته وكسوته لأكبر ولده، فإن كان الأكبر
ابنة فللأكبر من الذكور) (3).
(41) وروى شعيب العقرقوقي عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الرجل يموت،
ما لابنه من سلاح بيته؟ قال: (السيف) وقال: (الميت إذا مات كان لابنه السيف
والرحل والثياب، ثياب جلده) (4).
(42) وروى الفضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السلام قال: إن الرجل إذا ترك
سيفا أو سلاحا فهو لابنه) (5) (6).

(1) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ما يرث الكبير من الولد دون غيره،
حديث: 3، وليس فيه: (وثيابه).
(2) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ما يرث الكبير من الولد دون غيره،
حديث: 1.
(3) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ما يرث الكبير من الولد دون غيره،
حديث: 4.
(4) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأولاد، حديث: 9.
وفيه: (ماله من متاع بيته) بحذف كلمة (الابن) وتبديل (سلاح) ب‍ (متاع).
(5) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأولاد، حديث: 8.
(6) مضمون هذه الروايات الخمس متوافق على ثبوت الحبوة للولد الأكبر،
واجماع الأصحاب دال عليه، وذلك من خصائصهم. وإنما وقع النزاع في القدر المحبي
به، والروايات المذكورة بعضها أزيد من بعض، وما تضمنته الرواية الأولى لم تعارضه
شئ من الروايات المتأخرة عنها، مع أنها من الصحاح، فالأقوى الاعتماد على ما
تضمنته، خصوصا والحبوة على خلاف الأصل، فيقتصر منها على المتيقن، ولا يقين في غير
ما تضمنته هذه الرواية، فوجب الاقتصار على ما تضمنت، والثياب عامة لأنها بلفظ الجنس
فدخل في تحتها العمامة، وأما الباقي من المذكورات فلا عموم فيه، بل يقتصر منه على
الواحد، لأنه جاء بلفظ الوحدة (معه).
503

(43) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن ابن أخت لأب،
وابن أخت لأم؟ قال: (لابن الأخت من الأم السدس، ولابن الأخت من
الأب الباقي) (1) (2).
(44) وروى سلمة بن محرز عن الصادق عليه السلام قال: في ابن العم وخالة؟
المال للخالة، وقال: (في ابن العم وخال، المال للخال) (3) (4).
(45) وروى حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إنما جعل للمرأة

(1) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب ميراث أولاد الإخوة والأخوات،
حديث: 1.
(2) هذه الرواية دالة على أن الرد مختصة بكلالة الأب دون كلالة الأم. قال
الشيخ: وهذه الرواية تدل على أن استحقاق الأخت للأب النصف بالتسمية والباقي بالرد عليها،
لان بنتها إنما تأخذ ما كانت تأخذه هي لو كانت حية، لأنها تتقرب بها، وذلك خلاف ما ذهب
إليه قوم من أصحابنا من وجوب الرد عليها، وذلك خطاءا على ما أوجبه هذا النص (معه).
(3) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأعمام والعمات
والأخوال والخالات، قطعة من حديث: 18.
(4) هذه الرواية تدل على أن الأبعد لا يرث مع الأقرب، وهو متفق عليه بينهم،
لا يختلفون فيه في جميع صور القرب والبعد بالنسبة إلى جميع مراتب الإرث، الا المسألة
الاجماعية التي انفرد الأصحاب بالقول بها، وهي ابن العم من الأبوين مع العم من
الأب، فإنهم قالوا: ان الميراث لابن العم ويكون حاجبا للعم، بشرط أن تكون الصورة
لا يتغير عن حالها بدخول وارث أخرى (معه).
504

قيمة الخشب؟ لئلا تتزوج فتدخل عليهم من يفسد مواريثهم) (1).
(46) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام: (ان المرأة لا ترث مما ترك
زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا، وترث من المال والفرش
والثياب ومتاع البيت مما ترك. ويقوم النقض والأبواب والجذوع والقصب،
فتعطى حقها منه) (2).
(47) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عنه عليه السلام قال: (النساء لا يرثن من
الأرض ولا من العقار شيئا) (3).
(48) وروى الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال:
سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته وأرضها من التربة شيئا، أو يكون
ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث شيئا؟ فقال: (يرثها وترثه كل شئ ترك أو تركت) (4).
(49) وروى محمد بن أبي عمير عن ابن أذينة في النساء إذا كان لهن ولد
أعطين من الرباع (5).
(50) وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ترث المرأة من
الطوب، ولا ترث من الرباع شيئا) قال: قلت: كيف ترث من الفرع ولا ترث
من الرباع شيئا؟ فقال: (ليس لها منهم نسب ترث به، وإنما هي دخيل عليهم

(1) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأزواج، حديث: 28.
(2) المصدر السابق، حديث: 25.
(3) المصدر السابق، حديث: 26.
(4) المصدر السابق، حديث: 35.
(5) المصدر السابق، حديث: 36.
505

فترث من الفرع ولا ترث من الأصل، ولا يدخل عليهم داخل بسببها) (1).
(51) وورى مثنى عن يزيد الصائغ قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
(النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئا، ولكن لهن قيمة الطوب والخشب) ثم
قال: (إذا ولينا ضربناهم بالسوط، فان انتهوا، والا ضربناهم عليه بالسيف) (2) (3).

(1) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ان النساء لا يرثن من العقار شيئا،
حديث: 5.
(2) المصدر السابق، حديث: 10.
(3) من رواية حماد بن عثمان إلى هذه الرواية سبع روايات كلها دالة بنصوصها
على أن الزوجة لا بد من حرمانها من شئ من متروكات زوجها، واتفق عليه الأصحاب
الا ابن الجنيد فخالفهم في ذلك موافقا لمذهب العامة، وقد سبقه الاجماع وتأخر عنه،
ونصوص أهل البيت دالة على ذلك، وبهذه النصوص خصص عموم القرآن الدال على عموم
أهل ارثها، وذلك من خواص أصحابنا. وحكمته مذكورة في النصوص، فان رواية حماد
مصرحة بالعلة.
لكنهم اختلفوا في قدر الحرمان باختلاف الروايات، والظاهر في الفتوى ان هذا
الحرمان مختص بالمرأة غير ذات الولد. وصحيحتا محمد بن مسلم وزرارة ظاهرهما
العموم لكل النساء. واعترض على صحيحه زرارة بأنها لو وجب العمل بمضمونها لوجب
حرمان المرأة من السلاح والدواب، مع أن ذلك خلاف اجماعهم. أجاب عن ذلك
فخر المحققين بأن حمل السلاح، على السلاح الذي يجئ به الولد الأكبر، وحمل الدواب
على أنها كانت وقفا، أو موصى بها، ووجه هذا الحمل ان السؤال وقع عن صورة خاصة،
فيكون اللام في قوله: (ان المرأة لا يرث) للعهد، لا للجنس، لأنه راجع إلى المرأة التي
وقع السؤال عنها، فقيل: على هذا تبقى الرواية واردة على صورة خاصة، فلا يتعدى
عنها.
أجاب بعدم تسليم التعدي، لأنه لا دليل على الاختصاص، ويخصص عموم هاتين
الروايتين بصريح رواية ابن أبي عمير، فان فيها ذكر ذات الولد وانها ترث من الرباع
فعلمنا اختصاص الحرمان بغيرها، ويحمل ظاهر العموم في غيرها عليها. وأما رواية
فضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور فقد جعلهما بعضهم أيضا دليل الجمع، ولم يظهر لنا
وجه ذلك.
والذي تحقق في الحرمان بمقتضى الروايات انها تحرم من الأرض والقرى
والمزارع والرباع، ومن أعيان آلاتها وأبنيتها وأشجارها، وتعطى قيمة ما عدى الأرض
والاحتجاج برواية محمد بن مسلم المذكورة فإنها دلت على نفى التوريث من الرباع
لا غير، فيبقى الباقي على الأصل لعموم القرآن، ورواية مثنى دالة على ذلك أيضا (معه).
506

(52) وروى بريد بن معاوية قال: سألت الصادق عليه السلام عن رجل، إلى
قوله: (ولاء المعتق ميراث لجميع ولد الميت من الرجال) (1).
(53) وروى يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن امرأة أعتقت
مملوكا ثم ماتت؟ قال: (يرجع الولاء إلى بني أبيها) (2).
(54) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الولاء لحمة كلحمة النسب " (3).
(55) وقال عليه السلام: " الولاء لمن أعتق " (4) (5).

(1) الاستبصار: 4، كتاب الميراث، باب ان ولاء المعتق لولد المعتق إذا مات
مولاه، الذكور منهم دون الإناث، فإن لم يكن له ولد ذكر، كان ذلك للعصبة، قطعة من
حديث: 1، والحديث طويل.
(2) المصدر السابق، حديث: 6.
(3) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب العتق وأحكامه، حديث:
159. والمستدرك للحاكم 4: 341، كتاب الفرائض.
(4) الفروع: 6، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب الولاء لمن أعتق، حديث:
1 و 3 و 4، وصحيح مسلم، كتاب العتق، (20) باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث:
5 و 6 و 8 و 10 و 12 و 14 و 15.
(5) شابه عليه السلام بين الولاء وبين النسب. ووجه المشابه ان المملوك كالمفقود
عن نفسه الموجود لسيده لعدم استقلاله بالتصرف من دونه، فمتى أعتقه ملك التصرف
لنفسه، فكأنه أوجده لنفسه، كما أن الأب سبب لوجود الولد، فكان كلما يصدر عنه بعد
العتق من الأفعال الشرعية، المولى سبب السبب فيها، فله أنعام عليه، والولاء بفتح
الواو وكسره، مشتق من الولاية، وهو موجب للإرث اجماعا، والحديث الثاني دال
عليه نصا، فإذا مات المعتق وقع الخلاف فيمن يرثه من أقاربه.
فقال الشيخ: ينتقل إلى أولاده الذكور مستدلا برواية بريد المذكورة فإنها صريحة
في ذلك إذا كان المعتق رجلا، وإن كان المعتق امرأة ورثه عصبتها، وصحيحة يعقوب
ابن شعيب المذكورة دالة على ذلك، وظاهر الحديث الأول على عموم ارثه للمتقرب
بالمعتق الذكور والإناث رجلا كان المعتق أو امرأة، لأنه جعله كالنسب، وذلك إنما يتحقق
إذا كان حكم النسب من الجانبين ليتم المشابهة بكمالها (معه).
507

(56) وروى الحلبي عن الصادق عليه السلام في حديث طويل، إلى أن قال:
(وأما الولد فاني أرده إليه إذا ادعاه، ولا ادع ولده، وليس له ميراث، ويورث
الابن الأب، ولا يرث الأب الابن، يكون ميراثه لأخواله، فإن لم يدعه أبوه فان
أخواله يرثونه ولا يرثهم) (1).
(57) وروى زيد الشحام عن الصادق عليه السلام قال: (ولد الملاعنة يرث أخواله)
(2) (3).
(58) وروى يونس قال: (ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل أمه على نحو

(1) الاستبصار: 4، كتاب الفرائض، باب ان ولد الملاعنة يرث أخواله ويرثونه
إذا لم يكن هناك أم ولا اخوة من أم ولا جد لها، قطعة من حديث: 8.
(2) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث ابن الملاعنة، قطعة
من حديث: 9، ولفظ الحديث: (وهو يرث أخواله).
(3) الرواية الأولى دلت على أن ولد الملاعنة لا ترث أخواله، وهم يرثونه، إلا أن
يعترف به الأب، لان باعترافه به تبعد التهمة عن أمه ويقوى صحة نسبه، وبمضمونها
أفتى الشيخ في الاستبصار، ودلت الرواية الثانية على ثبوت ارثه منهم كما ثبت ارثهم
منه، لان الميراث النسبي دائر من الجهتين، ولان نسبه من الأم لا شك فيه، وبمضمونها
أفتى الشيخ في التهذيب، وهو اختيار الأكثر بل المشهور. فالاعتماد على الرواية
الثانية، لاشتهار العمل بها بين الأصحاب، دون الأولى (معه).
508

ميراث ولد الملاعنة) (9).
(59) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام: (ان عليا
عليه السلام كان يقول: ولد الزنا وابن الملاعنة يرثه أمه واخوته لامه، أو عصبتها) (2).
(60) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام، قلت: فان
هو مات يعنى ولد الزنا، وله مال من يرثه؟ قال: (الامام) (3) (4).
(61) وروى إسحاق بن عمار قال: قال أبو الحسن عليه السلام في المفقود:
(يتربص بماله أربع سنين ثم يقسم) (5).
(62) وروى عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (المفقود
يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين، فإن لم يقدر عليه

(1) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث ابن الملاعنة،
حديث: 22.
(2) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث ابن الملاعنة، حديث: 23.
(3) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث ابن الملاعنة، قطعة
من حديث: 18.
(4) اعلم أن رواية يونس دالة على أن ميراث ولد الزنا على منوال ميراث ولد الملاعنة
وكذا رواية ابن عمار، وبمضمونها أفتى ابن الجنيد وأبو الصلاح. وصحيحة ابن سنان
دالة على أنه لا ميراث للأم ولا لغيرها من أنسابه وهي موافقة للأصل، من حيث إن النسب
الشرعي منتف من الجانبين، فلا يدخل في عمومات الإرث، وبمضمونها أفتى الأكثر،
وأجابوا عما تقدم، أما عن رواية يونس فقالوا: انها مقطوعة فلا حجة فيها، وأما رواية
عمار فتأولها الشيخ بجواز ان الراوي سمع هذا الحكم في ولد الملاعنة، فظن أن حكم
ولد الزنا حكمه، وبالجملة العمل بها متروك (معه).
(5) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث المفقود، حديث: 5.
509

قسم ماله بين الورثة) (1).
(63) وروى علي بن مهزيار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن دار كانت
لامرأة، وكان لها ابن وبنت فغاب الابن في البحر، وماتت المرأة، فادعت ابنتها
ان أمها كانت صيرت هذه الدار لها، وباعت أشقاصا منها وبقيت من الدار
قطعة إلى جنب رجل من أصحابنا، وهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن، ويتخوف
أن لا يحل له شراءها؟ فقال لي: (ومنذ كم غابت؟) قلت: منذ سنين كثيرة،
فقال: (انتظر به غيبته عشر سنين، ثم يشترى) (2).
(64) وروى إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل
كان له ولد، فغاب بعض ولده، ولم يدر أين هو ومات الرجل، فأي شئ يصنع
بميراث الرجل الغائب من أبيه؟ قال: (يعزل حتى يجئ) قلت: فعلى ماله
زكاة؟ قال: (لا حتى يجئ) قلت: فإذا جاء أيزكيه؟ قال: (لا حتى يحول عليه
الحول في يده) قلت: فقد الرجل ولم يجئ قال: إن كان ورثة الرجل ملاء
بماله اقتسموه بينهم فان هو جاء ردوه عليه (3).
(65) وروى معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام في رجل كان له على رجل
حق ولا يدري أين يطلبه، ولا يدرى أحي هو أم ميت، ولا يعرف له وارثا،
ولا نسبا له ولا بلدا؟ قال: (اطلبه) قال: إن ذلك قد طال، فأتصدق به؟ قال:
(اطلبه) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث المفقود، حديث: 9.
(2) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث المفقود، حديث: 6.
(3) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث المفقود، حديث: 8.
(4) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث المفقود، حديث: 2.
510

(66) وروى الهيثم مثله (1) (2).
(67) وروى الصدوق عن أبي بصير قال: سألته عن المخلوع تبرأ أبوه
عند السلطان منه، ومن ميراثه وجريرته لمن ميراثه؟ فقال: (قال علي عليه السلام:
هو لأقرب الناس إليه) (3) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث المفقود، حديث: 4.
(2) بمضمون رواية إسحاق بن عمار والتي بعدها، أفتى الصدوق والسيد.
وبمضمون رواية علي بن مهزيار أفتى المفيد ووافقه ابن الجنيد، وخص المفيد ذلك بباب
العقار، فإنه لا يجوز بيعه الا بعد العشر كما هو مضمون الرواية، وأما في غير العقار فجوز
القسمة مع الملاءة من غير تربص، واحتج على ذلك برواية إسحاق بن عمار الثانية.
وهذه المذاهب كلها وما تعلقوا به من الروايات ضعيفة.
أما رواية إسحاق بن عمار المتقدمة ففي سندها ضعف. أما رواية عثمان بن عيسى
فهي عن سماعة، وسماعة واقفي. وأما رواية ابن مهزيار فهي حكم في واقعة، فلا يتعدى
لاحتمال اطلاعه عليه السلام في هذه الواقعة على ما أوجب هذا الحكم، وأما رواية إسحاق
الثانية ففي طريقها سماعة أيضا، وهو كما عرفت واقفي، مع أن في إسحاق قولا أيضا،
ولهذا قال المحقق فيها ضعف، وحينئذ ينبغي العمل على ما تضمنته الرواية الخامسة والسادسة
لموافقتهما للأصل والاحتياط، والبعد عن التهجم على الأموال المعصومة الا في موضع
اليقين، وهذا أصل اجماعي لا يزال عنه بأخبار موهومة، لان بعضها حكم في واقعة،
وبعضها ضعيف الرجال فوجب الوقف عن التصرفات حتى ينكشف الموت (معه).
(3) الفقيه: 4، باب ميراث المخلوع، حديث: 1.
(4) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية، فإنه قال فيها: من تبرأ عند
السلطان من جريرة ولده ومن ميراثه، وله مال، كان ميراثه لعصبة أبيه، دون أبيه. وهي
ليست صريحة الدلالة فيما قال، لاحتمال أن يراد بقوله عليه السلام (لا قرب الناس إليه)
يشير به إلى الأب، وان هذا التبري لا يصح. ومع هذا الاحتمال فهي رواية مقطوعة لا
تصلح أن تكون حجة في هذا الحكم المخالف للشرع، إذ النسب الثابت شرعا لا ينفع
في نفيه هذا التبري، فيبقى حكمه بحاله وهذا هو مذهب الأكثر، بل المشهور (معه).
511

(68) وروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله أتى بخنثى، فقال: " ورثوه من أول ما
يبول منه، فان خرج منهما فبالانقطاع " (1) (2).
(69) وقال الصادق عليه السلام: (كل مشكل فيه القرعة) (3).
(70) وصورة القرعة أن يقول: ما رواه الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام
(اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك
فيما كانوا فيه يختلفون بين لنا أمر هذا المولود) (4).

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6: 261، كتاب الفرائض، باب ميراث الخنثى،
ولفظ الحديث: " يورث من حيث يبول ". وفى التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث
باب ميراث الخنثى ومن يشكل أمره من الناس، حديث: 3 و 4، عن علي عليه السلام
نحوه. ورواه في المهذب، في ميراث الخنثى، من كتاب المواريث، كما في المتن بعين
عبارته.
(2) علم من هذا الحديث ان الخنثى يعتبر بما ذكره من بدور البول، فأي فرج
بدر منه البول أولا، تبع حكمه، فإذا بدر منهما معا حكم بالانقطاع، فإذا تساويا أخذا
وانقطاعا، فهو موضع الاشكال، قال بعضهم: يرجع فيه إلى القرعة، واستدل فيه بعموم
الحديث الذي بعده، وقالوا: ان صورة القرعة أن يكتب في رقعة عبد الله وفى أخرى
أمة الله، ويجعلان في سهام مبهمة ويدعو بالدعاء المذكور في رواية فضيل. وبعضهم
يعطيه يعتبر بعد الأضلاع، وبعضهم نصف النصيبين وهو المشهور بين القوم، وحملوا رواية
القرعة المذكورة على مولود ليس له فرج الرجال ولا فرج النساء، فان هذا المولود يحكم
فيه بالقرعة قطعا، وجعلوا رواية عد الأضلاع حكما في واقعة على تقدير صحة الرواية (معه).
(3) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البنتين يتقابلان أو يترجح
بعضها على بعض وحكم القرعة، حديث: 24. وفى الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام
باب الحكم بالقرعة، حديث: 2، والحديث عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام.
(4) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الخنثى ومن يشكل
أمره من الناس، حديث: 7، وتمام الحديث: (كيف يورث ما فرضت له في الكتاب)
ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة ثم يجال السهم على ما خرج ورث عليه.
512

(71) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح عن الصادق عليه السلام في
أخوين ماتا، لأحدهما مائة ألف درهم، والاخر ليس له شئ ركبا في السفينة
فغرقا، فلم يدر أيهما مات أولا؟ قال: الميراث لورثة الذي ليس له شئ، ولبس
لورثة الذي له المال شئ) (1).
(72) وروى حمران بن أعين عمن ذكره عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوم
غرقوا جميعا، أهل البيت؟ قال: يرث هؤلاء من هؤلاء، وهو لاء من هو لاء.
ولا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ولا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء
شيئا (2).
(73) وروى عبيد بن زرارة قال: سألت الباقر عليه السلام عن رجل سقط عليه
وعلى امرأته بيت؟ فقال: (تورث المرأة من الرجل، ثم الرجل من المرأة) (3) (4).
(74) وروى أن رجلا سب مجوسيا بحضرة الصادق عليه السلام فزبره ونهاه،
فقال له: انه تزوج بأمه؟ فقال له: (أما علمت أن ذلك عندهم النكاح) (5).

(1) الفروع: 7، كتاب المواريث، باب ميراث الغرقى وأصحاب الهدم، قطعة
من حديث: 2.
(2) التهذيب، 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الغرقى والمهدوم
عليهم في وقت واحد، حديث: 14.
(3) المصدر السابق، حديث: 1.
(4) هذه الرواية ظاهرها دال على تقديم موت الأكثر نصيبا، وتأخير الأضعف
فيفرض موت الأكثر نصيبا في الميراث، ليرث منه الأضعف، ثم يفرض موت الأضعف
ويورث منه الأكثر، وبمضمونها أفتى جماعة من الأصحاب، والشيخ في المبسوط قال:
لا يتغير الحكم بذلك غير أن اتباع الرواية أولى. وفى الخلاف قال: لا فائدة في التقديم
والتأخير، لأصالة البراءة، والرواية دالة على الاستحباب، لعدم ظهور الفائدة في التقديم
وهو حسن (معه).
(5) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث المجوس، حديث: 2.
513

(75) وروى عنه عليه السلام قال: (كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه) (1).
(76) ومثله ما روى عنهم عليهم السلام، انهم قالوا: (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم) (2).
(77) وروى المغيرة عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه قال
: (يورث المجوسي إذا تزوج بأمه من وجهين، من وجه أنها أمه، ومن
وجه أنها زوجته) (3).

(1) المصدر السابق، حديث: 3.
(2) الاستبصار، 3، كتاب الطلاق، أبواب الطلاق، باب ان المخالف إذا
طلق امرأته ثلاثا وإن لم يستوف شرائط الطلاق كان ذلك واقعا، حديث: 5 و 6.
(3) التهذيب: 9، كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث المجوس، حديث: 1.
514

باب القضاء
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " إذا جلس القاضي في مجلسه هبط عليه ملكان يسد دانه
ويرشد انه ويوفقانه، فإذا جار، عرجا وتركاه " (1).
(2) وروى عن علي عليه السلام أنه قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمين قاضيا) (2).
(3) وبعث علي عليه السلام عبد الله بن عباس قاضيا إلى البصرة (3).
(4) وروى عن ابن مسعود أنه قال: (لان اجلس يوما أقضى بين الناس
أحب إلى من عبادة سنة) (4).
(5) وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله تعالى لا يقدس أمة ليس فيهم

(1) كنز العمال 6: 99، في الفصل الثاني من القضاء، حديث: 15015.
(2) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الأحكام، (1) باب ذكر القضاة، حديث: 2310.
(3) الإصابة للعسقلاني 2: 334، حرف العين، القسم الأول، ولفظه: (وعن
يحيى بن بكير عن الليث سنة وخمس وثلاثين، وذكر خليفة. ان عليا ولاه البصرة، إلى أن
قال: فلم يزال ابن عباس على البصرة حتى قتل على).
(4) السنن الكبرى للبيهقي 10: 89، كتاب آداب القاضي، باب فضل من ابتلى
بشئ من الاعمال فقام فيه بالقسط، وقضى بالحق، ولفظه: (ان ابن مسعود كان يقول:
لان أقضى يوما وأوافق فيه الحق والعدل أحب إلى من غزو سنة).
515

من يأخذ للضعيف حقه من القوى " (1).
(6) وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين " (2).
(7) وروي أن أبو قلابة لما طلب لتولية القضاء لحق بالشام، وأقام زمانا
ثم جاء فلقيه أيوب السجستاني فقال له: لو أنك وليت القضاء وعدلت بين
الناس رجعت لك في ذلك أجرا، فقال: (يا أيوب السابح إذا وقع في البحر،
كم عسى أن يسيح؟) (3).
(8) وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من جعل قاضيا فقد ذبح
بغير سكين " فقيل يا رسول الله: وما الذبح؟ قال: " نار جهنم " (4).
(9) وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة، فمن
شدة ما يلقاه من الحساب يودانه لم يكن قضى بين اثنين في تمرة " (5).
(10) وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " يا أبا ذر انى أحب لك ما أحب لنفسي،
وانى أراك ضعيفا مستضعفا، فلا تأمر على اثنين، وعليك بخاصة نفسك " (6) (7).

(1) السنن الكبرى للبيهقي: 10، كتاب آداب القاضي، باب ما يستدل به على أن
القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكون أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر من فروض
الكفايات: 93.
(2) سنن ابن ماجة، 2، كتاب الأحكام، (1) باب ذكر القضاة، حديث: 2308.
(3) السنن الكبرى للبيهقي 10: 97، كتاب آداب القاضي، باب كراهية الامارة
وكراهية أعمالها لمن رأى من نفسه ضعفا، أو رأى فرضها عنه يغيره ساقطا، بتفاوت
يسير في بعض الألفاظ.
(4) رواه في المهذب، في المقدمة الثالثة من مقدمات كتاب القضاء.
(5) كنز العمال 6: 97، (ترهيب القضاة، من الاكمال)، حديث: 15008.
(6) السنن الكبرى للبيهقي 10: 95، كتاب آداب القاضي، باب كراهية الامارة
وكراهية تولى أعمالها لمن رأى من نفسه ضعيفا أو رأى فرضها عنه بغيره ساقطا.
(7) هذه الأحاديث دالة على الترغيب عن القضاء والتحذير منه وان صاحبه
على خطر عظيم، وأجيب عن الأول بأن الحديث لم يخرج مخرج الذم، وإنما المراد
به بيان اشتماله على المشقة العظيمة والخطر الجسيم، وكيف يصح ذمه وهو من مناصب
الرسل والأوصياء عليهم السلام، وعن الثاني بأن امتناعه إنما كان لعلمه من نفسه بالعجز
عن القيام به وشرائطه، قال الشيخ: لأنه كان محدثا لا فقيها، وأما باقي الأحاديث الأخرى
فإنها دالة على تحريمه على غير الواثق من نفسه بالقيام بمهامه وحديث أبي ذر صريح
في ذلك، فإنه علل عليه السلام نهيه عن الامرة بضعفه (معه).
516

(11) وروي ان لقمان عليه السلام في ابتداء أمره كان نائما نصف النهار، إذ جاءه
نداء: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس بالحق؟
فأجاب الصوت. أن خيرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء، وان عزم علي
فسمعا وطاعة، فاني أعلم انه ان فعل بي ذلك أعانني وعصمني. فقالت الملائكة:
بصوت لم يرهم، لم يا لقمان؟ قال: لان الحكم أشد المنازل وآكدها، يغشاه
الظلم من كل مكان، ان وفى فبالحري أن ينجو، وان أخطاء أخطاء طريق الجنة.
ومن يكون في الدنيا ذليلا وفي الآخرة شريفا، خير من أن يكون قي الدنيا شريفا
وفي الآخرة ذليلا. ومن تخير الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا نصيب له في
الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه. فنام نومة فأعطى الحكمة، فانتبه
يتكلم بها، ثم كان يوازر داود بحكمته، فقال له داود: طوبى لك يا لقمان أعطيت
الحكمة وصرفت عنك النقمة (1).
(12) وروى أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: (القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة. رجل قضى بجور وهو
يعلم فهو في النار. ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار. ورجل قضى

(1) الوافي، نقلا عن كتاب الروضة للكافي، باب 22، مواعظ لقمان على نبينا
وآله وعليه السلام.
517

بالحق وهو لا يعلم فهو في النار. ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة) (1).
(13) وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: (إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا
إلى قضاة الجور، ولكن أنظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه
بينكم قاضيا، فقد جعلته عليكم قاضيا فتحاكموا إليه) (2) (3).
(14) وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في قضية الملاعنة: (لو كنت راجما
من غير بينة، لرجمتها) (4) (5).
(15) وروى أن النبي صلى الله عليه وآله ادعى عليه أعرابي سبعين درهما ثمن ناقة باعها
منه، فقال: (قد أوفيتك) فقال: أجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا، فاقبل

(1) الفروع: 7، كتاب القضاء والاحكام، باب أصناف القضاة، حديث، 1.
(2) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب من إليه الحكم وأقسام القضاة
والمفتين حديث: 8.
(3) وفى هذا الحديث دلالة واضحة على جواز تجزى الاجتهاد، لقوله: (يعلم
شيئا) وهو نكرة، ومنه علم جواز الحكم والقضاء للمتجزئ بالذي علمه. ومن الاذن في
القضاء يعلم الإذن في الفتوى، لتضمنه الفتوى وزيادة التشخيص، فإذا تحقق الاذن في
القضاء تحقق في الفتوى بلا اشكال (معه).
(4) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الحدود، (11) باب من أظهر الفاحشة، حديث:
2559.
(5) وبهذا الحديث استدل من منع الحاكم أن يحكم بعلمه، لأنه عليه السلام
قال: (لو كنت راجما من غير بينة) فدل على أنه كان عالما بكذبها في الملاعنة، وانها
كانت زانية، لكن لما كانت الرجم إنما يصح بعد ثبوت الزنا بالبينة لا بمجرد العلم وقف
الحكم به على البينة، لوجوب توقف المشروط على الشرط، ولو كان الحكم بالعلم جائزا، لما
وقفه على البينة، لان شرطه حينئذ العلم وهو حاصل وحصول الشرط محصل لجواز فعل
المشروط لكنه لم يفعله بمجرد العلم، فدل على أنه لا يصح الحكم بالعلم. لكن هذا إنما
يدل على منع الحكم بالعلم في حقوق الله أما في حقوق الناس فلا (معه).
518

رجل من قريش، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: احكم بيننا، فقال للأعرابي: ما تدعي
على رسول الله؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يا رسول
الله؟ قال: قد أوفيته، فقال للأعرابي ما تقول:؟ قال: لم يوفني، فقال لرسول الله:
ألك بينة على انك قد أوفيته؟ قال: (لا) قال: للأعرابي أتحلف انك لم تستوف
حقك وتأخذه؟ قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لأحاكمن مع هذا إلى رجل
يحكم بيننا بحكم الله عز وجل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب ومعه
الاعرابي، فقال علي عليه السلام: (مالك يا رسول الله؟) قال: يا أبا الحسن احكم بيني
وبين هذا الاعرابي، فقال علي عليه السلام: (يا أعرابي ما تدعى على رسول الله؟ قال:
سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه)، فقال: ما تقول يا رسول الله؟: (قال: قد أوفيته
ثمنها)، فقال: يا أعرابي أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فيما قال؟ لا، ما وفاني شيئا،
فاخرج علي عليه السلام سيفه فضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لم فعلت يا علي ذلك؟! "
فقال يا رسول الله نحن نصدقك على امر الله ونهيه وعلى امر الجنة والنار، والثواب
والعقاب، ووحي الله عز وجل، ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي، واني
قتلته لأنه كذبك لما قلت له أصدق رسول الله فيما قال: فقال: (لا ما أوفاني شيئا)
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أصبت يا علي، فلا تعد إلى مثلها، ثم التفت إلى القرشي
وكان قد تبعه، فقال: هذا حكم الله لا ما حكمت به) (1) (2).

(1) الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام، باب ما يقبل من الدعاوى بغير بينة،
حديث: 1.
(2) قال السيد المرتضى رحمه الله قد روت الشيعة الإمامية كلها ما هو موجود في
كتبها ومشهور في رواياتها، ثم حكى هذا الحديث المشهور وعضده بأحاديث أخرى
على منواله، ثم قال بعدها: فالذي يروى هذه الأخبار مستحسنا لها ومعولا عليها كيف
يجوز منه الشك في أنه كان يذهب إلى أن الحاكم يحكم بعلمه لولا قلة التأمل من ابن
الجنيد، قال الشيخ أبو العباس: هذا الرد من السيد والحط على ابن الجنيد بالمعارضة
له بحكم علي عليه السلام وهو امام معصوم يدل على أن المانع يمنع منه أيضا، فكيف
يدعى اتفاق الامامية كافة على أن الحاكم يحكم بعلمه، وموضع الخلاف غيره، لكنه
أعلم بما قال: والذي يظهر لي من هذه العبارة ان احتجاج السيد المرتضى على ابن
الجنيد بهذا الحديث وما شاكله، ليس مطابقا لموضع الخلاف. لان موضع الخلاف في أنه
هل للحاكم أن يحكم بعلمه على الاطلاق، والسيد احتج على أن عليا عليه السلام
حكم بعلمه، وذلك ليس محل الخلاف، فلعل المخالف إنما خالف في غير المعصوم،
ولم يخالف في المعصوم، هكذا توجيه كلام الشيخ أبو العباس، وهو حسن، فان الظاهر أن
الخلاف بينهم إنما هو في غير الامام. وقوله في الحديث: (ولا تعد إلى مثلها) دليل
على أن الامام ليس له أن يحكم بعلمه في كل واقعة، لان الحكم بالعلم دائما لا تحتمله
أكثر الخلق، لأنه حمل الناس على الباطن، والحمل على الباطن في جميع الجزئيات لا
يحتمله العوام، بل ولا ينتظم عليه أمور المخالطات والمعاشرات التي هي ضرورية في
الاجتماع المدني، فاعلم ذلك (معه).
519

(61) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام انه
كان يحبس في الدين، ثم ينظر إن كان له مال، أعطي الغرماء، وإن لم يكن له
مال دفعه إلى الغرماء، فيقول لهم: (اصنعوا به ما شئتم ان شئتم وآجروه، وان
شئتم استعملوه) (1) (2).

(1) الاستبصار: 3، كتاب القضايا والاحكام، باب من يجوز حبسه في السجن،
حديث: 2.
(2) استدل بهذه الرواية جماعة على أن المعسر في الدين يدفع إلى الغرماء
فيستعملوه أو يؤجروه حتى تستوفى الدين من كسبه، وقيده ابن حمزة بأن يكون ذا حرفة
مشهور بها، يتكسب بها عادة، فأما من ليس كذلك فلا تجب مواجرته ولا استعماله. والعلامة
في المختلف استحسن ما قال ابن حمزة، وقال: انه ليس بعيدا من الصواب، لأنه
متمكن من أداء الدين بالتكسب والتحصيل، فوجب السعي فيه كما يجب عليه السعي في
نفقة عياله، لان المتمكن من التكسب ليس بمعسر، لقدرته على تحصيل المال بالكسب،
ولهذا منع من الزكاة.
قال أبو العباس: وهذا التعليل لا ينهض، لان غايته وجوب السعي في قضاء الدين
لا تسلط صاحب الدين على الاستعمال والمؤاجرة، لأنه لا ولاية له عليه، وولاية الحاكم إنما
يتعلق بالمال الموجود. والأكثرون على عدم ذلك أخذا بعموم الآية، فلا يجب التكسب
في قضاء الدين، وهذا مذهب المحقق. والعلامة أوجب التكسب في أداء الدين والاجبار
عليه كما يجبر على التكسب في مؤنته ومؤنة عياله.
قال أبو العباس: وهذا أمتن وعليه تدل الأحاديث، وهو جيد. فالحاصل وجوب
السعي عليه والتكسب لتحصيل ما يصرفه في قضاء الدين، أما التسليم إلى الغرماء لاستعماله
أو مواجرته كما هو ظاهر الرواية فليس بواجب، بل تحمل على وجوب أمره بالاكتساب
(معه).
520

(17) وروى عبد الله بن أبي يعفور في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال:
(إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه، فحلف انه لا حق له قبله
ذهب اليمين بحق المدعى ولا دعوى له) قلت له: وإن كان له بينة عادلة؟ قال:
(نعم، وان أقام بعد ما استحلفه خمسين قسامة ما كان له عليه حق، فان اليمين قد
أبطلت كل ما ادعاه قبله ما قد استحلفه عليه) (1) (2).
(18) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من حلف لكم فصدقوه، ومن سألكم بالله
فاعطوه، ذهبت اليمين بدعوى المدعى فلا دعوى له " (3).

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب كيفية الحكم والقضاء، حديث:
16.
(2) هذه الرواية صحيحة صريحة في سقوط الحق باليمين على كل حال، ولا معارض
لها من الاخبار، وإنما عارضها اجتهاديات لا ينبغي العمل عليها مع وجود النص، لان
الاجتهاد في مقابل النص لا يسمع (معه).
(3) الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام، باب بطلان حق المدعى بالتحليف
وإن كان له بينة، حديث: 2.
521

(19) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام انه حكى عن
أمير المؤمنين عليه السلام انه الزم أخرس بدين ادعى عليه فأنكر ونكل عن اليمين،
فألزمه الدين بامتناعه عن اليمين) (1).
(20) وروى هشام بن سالم في الحسن عن الصادق عليه السلام أنه قال: (ترد
اليمين على المدعى) (2) (3).
(21) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
الأخرس كيف يحلف إذا ادعى عليه ولم يكن للمدعى بينة، فقال: (قال أمير
المؤمنين عليه السلام، لما ادعى عنده على أخرس من غير بينة: الحمد لله الذي لم
يخرجني من الدنيا حتى بينت للأمة جميع ما يحتاج إليه، ثم قال: ائتوني
بمصحف، فاتى به فقال للأخرس: ما هذا؟ فرفع رأسه إلى السماء وأشار انه

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب من الزيادات في القضايا والاحكام
قطعة من حديث: 86.
(2) الفروع: 7، كتاب القضاء والاحكام، باب من لم تكن له بينة فيرد عليه اليمين
حديث: 5.
(3) الرواية الأولى دالة على وجوب القضاء بالنكول، ويكون نكول المنكر
ملزما له بالحق، أما لأنه كاقراره، أو كقيام البينة عليه على اختلاف الروايتين، ويتفرع
على ذلك فروع كثيرة مذكورة في كتب الفقه أشرنا في كتابنا المسمى بالأقطاب الفقهية
إلى شئ منها، وبمضمونها أفتى الصدوقان والمفيد وأبو الصلاح والمحقق والشيخ في
النهاية.
والرواية الثانية دالة على وجوب رد اليمين بعد نكول المنكر على المدعى،
فيحلفه الحاكم فان حلف الزم المنكر بالحق، وان نكل سقط حقه، وبمضمونها أفتى
ابن الجنيد وابن إدريس والشيخ في الخلاف والعلامة وولده. والرواية الأولى صحيحة
والثانية حسنة، ورجحوا الحسنة على الصحيحة هنا لموافقتها للحزم في الحكم والاحتياط
في حقوق الناس، فالعمل عليها أحوط (معه).
522

كتاب الله، ثم قال: ائتوني بوليه، فاتى بأخ له فأقعده إلى جنبه، ثم قال: يا قنبر
على بدواة وصحيفة، فأتاه بهما، ثم قال: لأخ الأخرس قل لأخيك: هذا بينك
وبينه، أنه على، فتقدم إليه بذلك، ثم كتب أمير المؤمنين عليه السلام والله الذي لا إله إلا هو
عالم الغيب والشهادة الرحمان الرحيم الطالب الغالب الضار النافع
المهلك المدرك، الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية ان فلان بن فلان المدعى
ليس له قبل فلان بن فلان الأخرس حق ولا طلبة بوجه من الوجوه، ولا بسبب
من الأسباب، ثم غسله وأمر الأخرس أن يشر به، فامتنع، فألزمه الدين) (1) (2).
(22) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " (3).
(23) وروى الحسن بن يقطين عن أمية بن عمرو عن الشعيري قال سئل أبو
عبد الله عليه السلام عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضها بالغوص، واخرج
البحر بعض ما غرق فيها؟ فقال: (اما ما أخرجه البحر فهو لأهله، الله أخرجه،
وأما ما اخرج بالغوص فهو لهم وهم أحق به) (4) (5).

(1) الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام، باب نادر، حديث: 2.
(2) وابن إدريس حمل هذه الرواية على من لم يكن له كفاية معقولة ولا إشارة
مفهومة. فأما الأخرس الذي يعقل إشارته، فتحليفه إنما بالإشارة، وهو مذهب الأكثر
وهذا الحمل جيد (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب القضاء والاحكام، باب ان البينة على المدعي واليمين
على المدعى عليه، حديث: 1، ولفظ الحديث: (البينة على من ادعى واليمين على من
ادعى عليه) وفى الوسائل: 18، كتاب القضاء، باب (25) من أبواب كيفية الحكم
وأحكام الدعوى، حديث: 3، نقلا عن تفسير علي بن إبراهيم، كما في المتن.
(4) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب الزيادات في القضايا والاحكام
حديث: 29.
(5) هذه الرواية أوردها الشيخ في النهاية، واعترض المحقق على سندها بأن أمية
ابن عمرو واقفي، فيكون من الضعيف، وقيد ابن إدريس الحكم الثاني من أحكامها بأنه
إذا تركه أهله آيسين منه، لأنهم بقطع نية التملك عنه انقطع ملكهم، فيكون لمخرجه. والشيخ
أفتى بمضمون الرواية على الاطلاق من غير قيد. وقول ابن إدريس أحوط (معه).
523

(24) وروى حريز عن أبي عبيدة زياد بن عيسى الحذاء قال: قلت لأبي
جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام: رجل دفع إلى رجل ألف درهم يخلطها بماله
ويتجر بها، قال: فلما طلبها منه؟ قال: ذهب المال. وكان لغيره معه مثلها، ومال
كثير لغير واحد، فقال: كيف صنع أولئك؟ قال: (أخذوا أموالهم. فقال
أبو جعفر عليه السلام وأبو عبد الله عليه السلام: يرجع عليه بماله، ويرجع هو على أولئك
بما أخذوا) (1) (2).
(25) وروى الشيخ عن عمر بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه
عن علي عليهم السلام انه قضى في رجلين اختصما في خص، فقال: (ان الخص لمن
إليه القمط، وهو الحبل) (3) (4).
(26) وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا عليه السلام قضى

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب الزيادات في القضايا والاحكام
حديث: 6.
(2) حملت هذه الرواية على أن العامل مزج مال الأول بغير اذنه، فيكون ذلك
تعديا وتفريطا. وأما أرباب الأموال الباقية فكانوا قد أذنوا في المزج، فإنهم لو لم
يأذنوا أيضا ضمن العامل للجميع، والحمل حسن (معه).
(3) الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام، باب الحكم في الحظيرة بين دارين
حديث: 2.
(4) الخص، الطن الذي يكون في السواد بين الدور. وهذه الرواية لم يعمل
عليها المتأخرون، فلا ترجيح عندهم بمعقد القمط الذي هو الحبل، وقالوا: ان هذه
حكم في واقعة، فلا يعدى، لاطلاعه عليه السلام على ما أوجب هذا الحكم في تلك الواقعة
فيبقى غيرها على الأصل (معه).
524

بذلك (1).
(27) وروى جعفر بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك
المرأة تموت، فيدعى أبوها انه أعارها بعض ما كان عندها من متاع وخدم، أيقبل
ذلك بلا بينة أم لا يقبل الا ببينة؟ فكتب إليه عليه السلام: (يجوز بلا بينة) قال: وكتبت
إليه انه ادعى زوج المرأة الميتة وأبو زوجها أو أم زوجها في متاعها أو خدمها
مثل الذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع والخدم، أيكونون بمنزلة الأب
في الدعوى؟ فكتب (لا) (2) (3).
(28) وروى رفاعة بن موسى النحاس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا طلق
الرجل امرأته وفي بيتها متاع، فلها ما يكون للنساء، وله ما للرجال. وما يكون
للرجال والنساء قسم بينهما)، قال: (وإذا أطلق الرجل المرأة فادعت ان المتاع
لها وادعى الرجل ان المتاع له، كان له ما للرجال ولها ما للنساء وما يكون للرجال
والنساء قسم بينهما) (4).
(29) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح عن الصادق عليه السلام انه

(1) الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام، باب الحكم في الحظيرة بين دارين،
حديث: 1.
(2) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب الزيادات في القضايا والاحكام
حديث: 7.
(3) هذه الرواية ضعفها المحقق. أما أولا: فلمخالفتها للأصل، وأما ثانيا: فلما
فيها من الاضطراب، وأما ثالثا: فلأنها حكاية، وأما رابعا: فلضعف الراوي، فلا اعتماد
لما تضمنت (معه).
(4) النهاية، كتاب القضايا والاحكام، باب جامع في القضايا والاحكام، حديث: 8.
ورواه في التهذيب: 6. كتاب القضايا والاحكام، باب الزيادات في القضايا والاحكام،
حديث: 25، بتفاوت يسير.
525

قال: (المتاع متاع المرأة، الا ان يقيم الرجل البينة. قد علم من بين لابتيها
(يعنى ما بين جبلي منى) ان المرأة تزف إلى بيت زوجها بمتاع.) ونحن يومئذ
بمنى (1).
(30) ومثلها قوله عليه السلام: (لو سألت من بين لا بيتها (يعنى الجبلين) ونحن
يومئذ بمكة، لأخبروك ان الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة إلى
بيت الرجل، فتعطى الذي جاءت به فان زعم أنه أحدث فيه شيئا، فليأت البينة)
(2) (3).
(31) وروى عن جابر ان رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في دابة أو
بعير فأقام كل واحد منهما البينة انه أنتجها، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وآله لمن هي
في يده (4).

(1) الاستبصار: 3، كتاب القضايا والاحكام، باب اختلاف الرجل والمرأة في
متاع البيت، حديث: 1.
(2) الاستبصار: 3، كتاب القضايا والاحكام، باب اختلاف الرجل والمرأة في
متاع البيت، قطعة من حديث: 3.
(3) هذه الروايات الثلاث لا عمل عليها، لمخالفتها للأصول المسلمة والقواعد
المقررة، ولهذا لم يعمل بها كثير من الأصحاب، بل رجعوا في هذه الأحكام إلى الأصول
إلا أن يكون هناك عرف مستفاد من رجوع الناس في أكثر أحوالهم إليه فيرجع إلى ذلك
العرف، لما عرفت أن الحقايق العرفية مقدمة على الحقايق اللغوية.
والرواية أيضا دالة على اعتبار العرف حيث استشهد بقوله: (من بين لابتيها) فهو
قضاء بالعادة الحاصلة في زمانه، ورد الحكم إليها. والعادات تختلف باختلاف الأوقات
والبلاد، فإن كان هناك عرف ثابت، كما كان في زمان الإمام عليه السلام من أن العرف
ان المتاع ينقل من بيت المرأة إلى بيت الرجل، عمل عليه، والا رجع في ذلك إلى
الأصول الكلية والقوانين المعلومة من الشارع (معه).
(4) رواه في المهذب، كتاب القضاء، في فروع تعارض البينات. ورواه الدارقطني
في سننه، كتاب في الأقضية والاحكام، حديث: 21.
526

(32) وروى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام (ان أمير المؤمنين عليه السلام
اختصم إليه رجلان في دابة، وكلاهما أقام البينة انه أنتجها، فقضى بها للذي
هي في يده، وقال: لو لم تكن في يده، جعلتها بينهما نصفين) (1).
(33) وروى محمد بن حفص عن منصور عن الصادق عليه السلام قال: قلت له:
رجل في يده شاة، فجاء رجل فادعاها وأقام البينة العدول انها ولدت عنده،
ولم تهب ولم تبع. وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عدول، انها ولدت عنده
ولم تهب ولم تبع قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (حقها للمدعى ولا أقبل من الذي
في يده بينة، لان الله عز وجل إنما أمر أن تطلب البينة من المدعي، فان كانت
له بينة، والا فيمين الذي هي في يده، هكذا أمر الله عز وجل) (2) (3).

(1) الفروع: 7، كتاب القضاء والاحكام، باب الرجلين يدعيان فيقيم كل واحد
واحد منهما البينة، حديث: 6.
(2) الاستبصار: 3، كتاب القضايا والاحكام، باب البينتين إذا تقابلتا، حديث:
14.
(3) الروايتان الأولتان دلتا على أنه مع تعارض البينتين يحكم ببينة ذي اليد.
ودلت الثالثة على ترجيح بينة الخارج، ولا حكم لبينة ذي اليد، وبكل من الطرفين عمل
جماعة من الأصحاب. والشيخ في المبسوط عمل بالقرعة، ولعله أراد إذا كانت العين
المتداعية في يد ثالث. ولكل من الطرفين مرجح في الأصول.
أما مرجح الأولى: فلان بينة الداخل دليل شرعي، ويده دليل آخر، فرجح بكثرة
الأدلة. وأما مرجح الثانية: فلان بينة الخارج مقررة ومؤسسة وبينة الداخل مؤكدة،
والمؤسس أقوى من المؤكد، فالتوفيق حاصل فيه (معه).
527

باب الشهادات
(1) روى عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن الشهادة؟ فقال: " ترى
الشمس، على مثلها فاشهد أودع " (1).
(2) وقضى النبي صلى الله عليه وآله بالشهادة في سائر قضاياه (2).
(3) وروي في الحديث انه صلى الله عليه وآله قال: " رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ
وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى ينتبه " (3) (4).

(1) سنن البيهقي 10: 156، باب التحفظ في الشهادة والعلم بها، ولفظ ما
رواه هكذا: (عن ابن عباس قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم الرجل
يشهد بشهادة، فقال: أما أنت يا بن عباس فلا تشهد إلى علي أمر يضئ لك كضياء هذا
الشمس، وأومى رسول الله صلى الله عليه (وآله) بيده إلى الشمس).
(2) كتب السير والحديث مشحونة من مطالبته صلى الله عليه وآله بالبينة والشهود،
راجع صحيح مسلم، كتاب الايمان، (61) باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة
بالنار.
(3) سنن أبي داود: 4، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا
حديث: 4403. وفى الوسائل: 1، كتاب الطهارة، باب (4) من أبواب مقدمات
العبادة، حديث: 10، نقلا عن الخصال.
(4) في هذا الحديث دلالة على أن شهادة الصبي لا تقبل، كما هو مذهب جمهور
الأصحاب، لان في رفع القلم عنه دلالة على أنه لا عبرة بأقواله وأفعاله، وإذا لم يعتبر
أقواله وأفعاله وجب أن لا تقبل شهادته (معه).
528

(4) وروى محمد بن يعقوب في كتابه عنهم عليهم السلام: (إذا بلغ الغلام عشر
سنين جاز أمره وجازت شهادته) (1) (2).
(5) وروى جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (تقبل شهادة الصبيان
في القتل، ويؤخذ بأول كلامهم) (3).
(6) وروى حمزة بن حمران في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته
عن قول الله عز وجل: (ذوي عدل منكم أو آخران من غيركم) (4)؟ فقال:
(اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب). قال: (فإنما
ذلك إذا مات الرجل المسلم في أرض غربة، فطلب رجلين مسلمين يشهدهما
على وصيته فلم يجد مسلمين، أشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب
مرضيين عند أصحابهم) (5).
(7) وروى هشام بن الحكم في الحسن عن الصادق عليه السلام مثله (6).

(1) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب شهادة الصبيان، قطعة من حديث: 1.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى المفيد والشيخ في النهاية، واختاره ابن إدريس.
وبعضهم خصص قبول شهادتهم في الجراح والشجاج دون القتل. وعلى كلا القولين لابد
في ذلك من اشتراط أمور:
(أ) بلوغ العشر، (ب) اجتماعهم على مباح. (ج) أن لا يتفرقوا. (د) كون
الحكم في الجراح والشجاج دون النفس على الخالف. وفخر المحققين لم يقبل شهادتهم
مطلقا، أخذا بقوله تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم "، خص الحكم بالرجال،
فلا تقبل غيرهم. وهذا أولى أخذا بالمتيقن (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب شهادة الصبيان حديث: 6 مع اختلاف في بعض
الألفاظ.
(4) المائدة: 106.
(5) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الملل، حديث: 8.
(6) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الملل، حديث: 6.
529

(8) وروى ضريس الكناسي عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن شهادة أهل ملة
هل تجوز على رجل من غير ملتهم؟ فقال: (لا، إلا أن لا يوجد في تلك الحال
غيرهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية، لأنه لا يصلح ذهاب
حق امرأ مسلم) (1).
(9) وروى سماعة عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الشهادة أهل الذمة؟ قال:
فقال: (لا تجوز الا على أهل ملتهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على
الوصية، لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد) (2) (3).
(10) وروى داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول (أقيموا

(1) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الملل، حديث: 7.
(2) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب شهادة أهل الملل، حديث: 2.
(3) دلت الرواية الأولى على تقييد قبول شهادة أهل الذمة، بكون الموصى في
غربة، فكان ذلك من شرائط قبول شهادتهم، وبمضمونها أفتى التقى والشيخ في المبسوط
وظاهر الآية مساعد لهما، لاشتراط ذلك فيها بالضرب في الأرض، وباقي الروايات
خالية عن هذا التقييد، بل جاءت مطلقة وبالاطلاق أفتى الأكثر، وقالوا: أن التقييد في
الآية والرواية خرج مخرج الأغلب لأنه لا شرط:
وأما شهادتهم على غير المسلم، فرواية ضريس دالة على أنه لا تقبل شهادتهم مع
اختلاف الملة الا في الوصية إذا لم يوجد سواهم، ورواية سماعة دالة على ذلك أيضا.
فالحاصل ان شهادة أهل الذمة إذا لم يوجد سواهم مقبولة في الوصية على المسلم وغيره
سواء اتحدت الملة أو اختلفت. وأما شهادتهم في غير الوصية فظاهر الروايتين الأخيرتين
على أن اتحاد الملة شرط. واعترض على رواية سماعة بمنع سندها.
وأجمع الكل على اشتراط قبول شهادتهم في الوصية، بشروط خمسة: تعذر
عدول المسلمين، وكونه عدلا في ملته، واعتقاده تحريم الكذب في الشهادة، وكون
الشهادة بالوصية، وكون الوصية بالمال. وشرط سادس مختلف فيه وهو المذكور أولا
أعني الغربة، وكل هذه الشروط فهمت من الروايات (معه).
530

الشهادة على الوالدين والولد) (1).
(11) وروى علي بن سويد مثله (2) (3).
(12) وروى زرعة قال: سألته عما يرد من الشهود؟ فقال: (المريب، والخصم
والشريك، ودافع الغرم، والأجير) (4).
(13) وروى ابن سيابه عن الصادق عليه السلام قال: (كان أمير المؤمنين عليه السلام
لا يجيز شهادة الأجير) (5) (6).

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 8.
(2) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث:
162.
(3) بمضمون هاتين الروايتين أفتى السيد المرتضى وأجاز شهادة الولد على الوالد،
مستندا مع ذلك بصريح الآية. والأكثرون على منع قبول شهادته على الوالد، من حيث إنه
نوع عقوق، وعموم قوله تعالى: " وصاحبهما في الدنيا معروفا " والشهادة عليه رد لقوله
وتكذيب له، وذلك معصية صريحا. نعم ذكر الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه قوله:
في خبر آخر انه لا تقبل شهادة الولد على والده. والعلامة أجاب عن رواية داود بأن
الامر بالشهادة لا يستلزم قبولها، واعترض عليه بانتفاء فائدة الامر حينئذ، لان الامر بإقامتها
من دون القبول أمر خال عن الفائدة، فيمتنع على الحكيم (معه).
(4) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب شهادة الشريك، حديث: 1، وتمام
الحديث: (والعبد والتابع والمتهم، كل هؤلاء ترد شهادتهم).
(5) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب شهادة الأجير، حديث: 1.
(6) بمضمون هاتين الروايتين أفتى الشيخ بمنع قبول شهادة الأجير لمستأجره حال
كونه أجيرا له لا بعد مفارقته، ولا لغيره. وصريح الروايتين دال عليه، وحملهما في
الاستبصار على أجير شهد لمستأجره حال كونه أجيرا له، فخصص العموم بهذه الحالة.
والعلامة منع من قبول شهادته بشرط التهمة، لا مطلقا، وقال: ان هذا منع جمع بين
الأصل وبين الروايات المانعة من قبول شهادته، وهو حسن (معه).
531

(14) وروى عبد الرحمان بن الحجاج في الحسن عن الصادق عليه السلام: (لا بأس
بشهادة المملوك إذا كان عدلا) (1).
(15) وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في شهادة المملوك
إذا كان عدلا، فهو جائز الشهادة، ان أول من رد شهادة المملوك عمر بن الخطاب
وذلك أنه تقدم إليه مملوك في شهادة، فقال: ان أنا أقمت الشهادة تخوفت على
نفسي، وان كتمتها أثمت بذلك؟ فقال: هات شهادتك اما انه لا يجوز شهادة
مملوك بعدك) (2).
(16) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: (تجوز
شهادة المملوك من أهل القبلة على أهل الكتاب) (3).
(17) وروى محمد بن مسلم أيضا في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال: (العبد
المملوك لا تجوز شهادته) (4).
(18) وروى محمد بن مسلم أيضا عن الباقر عليه السلام قال: (لا تجوز شهادة العبد
المسلم على الحر المسلم) (5).
(19) وروى الشيخ مرفوعا عن علي عليه السلام انه كان يقبل شهادة بعضهم على
بعض، ولا يقبل شهادتهم على الأحرار (6) (7).

(1) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب شهادة المملوك، حديث: 2.
(2) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب شهادة المملوك، حديث: 1.
(3) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب شهادة المملوك، قطعة من حديث: 6.
(4) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب شهادة المملوك، ذيل حديث: 6.
(5) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب شهادة المملوك، حديث: 5.
(6) الخلاف: 2، كتاب الشهادات، مسألة: 19.
(7) الروايتان الأولتان مضمونهما دال على قبول شهادة المملوك على الاطلاق،
وبمضمونهما أفتى الشيح في النهاية. وأما المفيد والسيد وسلار وابن إدريس والمحقق
والعلامة فقالوا بذلك: الا انهم خصصوا العموم بمنع شهادته على سيده. وهو مذهب
الأكثر، وحجتهم على التخصيص ليس من الروايات، وإنما هو من حيث وجوب طاعته
على السيد، فرد قول السيد مستلزم لمخالفته، فشابه الولد في العصيان. وصحيحة محمد
ابن مسلم دالة بصريحها على المنع من قبول شهادته، وبمضمونها أفتى ابن عقيل.
وروايته الثانية دالة على عدم قبول شهادته على الحر المسلم خاصة، لا مطلقا،
وبمضمونها أفتى ابن الجنيد، قال: لأنه في الرواية علق الحكم على الوصف وتعليقه
بالوصف يشعر بالعلية، فينتفى الحكم عند عدم الوصف، والا لم يكن للتعليق فائدة.
ولا يلزم أن يكون ذلك من دلالة المفهوم الضعيفة، لان قبول شهادته على الذمي ثابت
بمنطوق صحيحة ابن مسلم المذكورة. وأما قبول شهادته على مثله فدال عليه صريح رواية
الشيخ، وقد عرفت أن مذهب الأكثر يخالف ذلك، ترجيحا لعموم الآيات، ومعارضة
هذه الروايات بالروايات السابقة (معه).
532

(20) وروى عيسى بن عبد الله عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن شهادة
ولد الزنا؟ فقال: (لا تجوز الا في الشئ اليسير، إذا رأيت منه صلاحا) (1) (2).
(21) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (لا تجوز
شهادة ولد الزنا) (3).
(22) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ولد الزنا شر الثلاثة " (4).

(1) التهذيب، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، حديث: 16.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية. والعلامة أجاب عن ذلك بأن
قبول شهادته في اليسير يعطى المنع من قبولها في الكثير من حيث المفهوم، ولا يسير الا
وهو كثير بالنسبة إلى ما دونه، فإذا لا تقبل الا في أقل الأشياء الذي لا دون تحته، ومثل
ذلك لا يتملك غالبا، فيبطل العمل بهذه الرواية لعدم المحصل منها (معه).
(3) التهذيب، كتاب القضايا والاحكام باب البينات، حديث: 18.
(4) سنن أبي داود: 4، كتاب العتق، باب في عتق ولد الزنا، حديث: 3963.
ومسند أحمد بن حنبل 2: 311 و 6: 109.
533

(23) وروي أن أبا غرة الجمحي كان يهجو النبي صلى الله عليه وآله، فذكر عند النبي
صلى الله عليه وآله، وقيل فيه: انه ولد زنية فقال عليه السلام: " ولد الزنا شر الثلاثة "
يعني أبا غرة (1).
(24) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ولد الزنا لا يدخل الجنة " (2) (3).
(25) وفي حديث آخر: " ولد الزنا لا يفلح أبدا " (4).

(1) رواه في المهذب، كتاب الشهادات، في شرح قول المصنف: (طهارة المولد
فلا يقبل شهادة ولد الزنا).
(2) مسند أحمد بن حنبل 2: 203، ولفظ الحديث: (قال: لا يدخل الجنة عاق
ولا مدمن خمر، ولا منان، ولا ولد زنية).
(3) بمضمون الرواية الأولى الصحيحة أفتى أكثر الأصحاب، بل هو المشهور
بينهم، ومعتمد جماعة منهم هذه الرواية وفى معناها روايات أخر مذكورة في كتبهم،
واعتضدوا معها بأن الشهادة من المناصب الجليلة فلا يليق لمن هو ناقص شرعا وعقلا.
وأما جماعة منهم السيد المرتضى وابن إدريس قالوا: جهة المنع كفره واحتجوا
على كفره بالروايات المتأخرة. وهذه الروايات المذكورة يعارضها العقل والنقل، أما
العقل فظاهر، وأما النقل فقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " مع أن هذه الأخبار
كلها من الضعيف، وما رواها الا ضعيف، مع أنها قابلة للتأويل.
أما الحديث الأول، فجاز أن يكون قوله: (شر الثلاثة) أي شرهم فسقا إذا صار
زانيا، لجمعه بين خبث الأصل والفرع، ومع ذلك يجوز أن يكون قد أشير به إلى
معين، ويدل عليه الحديث الذي بعده، فالمعنى بذلك هو أبو غرة لعنة الله عليه، فلا يعم.
وأما الحديثان الأخيران فاحتج بهما السيد وقال: معنى ذلك أنه تعالى علم أن
من خلق من نطفة الزنا لا يختار الخير والصلاح، فظاهره لا يلتفت إليه، لقطعنا على خبث
باطنه، فلا يقبل شهادته، لعدم القطع بعدالته. قال العلامة: ان كلا الخبرين آحاد، ولا يلتفت
إلى مقتضاهما، وقد كان ابن الجنيد يدعى تواترهما، ولعل ذلك مختص بزمانه، فلا يبقى
حجة (معه).
(4) لم نعثر على حديث بهذه الألفاظ.
534

(26) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ". والظنين المتهم (1).
(27) وقال الصادق عليه السلام: (تقوم الساعة على قوم يشهدون من غير أن
يستشهدوا) (2) (3).
(28) وروى جميل عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن شهادة الأصم في القتل؟
قال: (يؤخذ بأول قوله، ولا يؤخذ بالثاني) (4) (5).
(29) وروى عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام في امرأة
أرضعت غلاما وجارية؟ قال: (يعلم ذلك غيرها؟) قلت: لا، قال: (لا تصدق

(1) دعائم الاسلام: 2، كتاب الشهادات، فصل (2) ذكر من يجوز شهادته ومن
لا يجوز شهادته، حديث 1828 و 1832.
(2) دعائم الاسلام: 2، كتاب الشهادات، فصل (1) ذكر الامر بإقامة الشهادة،
والنهى عن شهادة الزور، حديث: 1815، والحديث عن النبي صلى الله عليه وآله.
(3) هذان الحديثان يدلان على رد من تطرق إلى شهادته التهمة. أما الحديث الأول
فصريح. وأما الحديث الثاني فلانه أخبار في معرض الانكار والتعجب، فهو اذن مانع
من قبول الشهادة. ولا خلاف في ذلك في حقوق الناس، وأما في حقوق الله تعالى ففيه
الخلاف، وتحقيقه في الفقه (معه).
(4) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب شهادة الأعمى والأصم، حديث: 3.
(5) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية، والعلامة أجاب عنها بوجهين.
(أ) أنها ضعيفة السند، لان في طريقها سهل بن زياد وهو ضعيف. (ب) ان مضمونها
ينافي مطلوبنا، لان قوله الثاني ان نافى الأول، كان رجوعا عن الشهادة، وهو لا يسمع.
وإن لم يناف كان اما مؤكدا أو مستأنفا، وفيه نظر. لان ذلك يوجب التخليط، وهو يقتضى
رد الشهادة، وقوله: ان الرجوع لا يسمع، ضعيف، لأنه إذا كان قبل الحكم بالشهادة، أو
في أثناء الشهادة، أوجب أيضا التخليط، وهو يقتضى رد الشهادة. وعلى مضمون الرواية
من الاخذ بالأول وترك الاعتداد بالثاني يقتضى قبولها، فينافي المذهبان، فكيف يمكن
العمل بالموجب (معه).
535

إن لم يكن غيرها) (1) (2).
(30) وروى الحلبي في الصحيح، عن الصادق عليه السلام قال: (تجوز شهادة
القابلة وحدها في المنفوس) (3) (4).
(31) وروى عمر بن يزيد في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
رجل مات وترك امرأته وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما، ثم مات الغلام
بعد ما وقع على الأرض، فشهدت المرأة التي قبلتها انه استهل وصاح حين
وقع إلى الأرض ثم مات؟ قال: (على الامام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث

(1) التهذيب: 7، كتاب النكاح، باب ما يحرم من النكاح من الرضاع ومالا يحرم
حديث: 38.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في الخلاف والمبسوط، واختاره ابن
إدريس، فإنها دلت بصريحها على عدم قبول شهادة النساء في الرضاع. وقال جماعة من
الأصحاب: ان هذه الرواية دالة بطريق المفهوم على قبول شهادتهن في الرضاع، فان
قوله: (إن لم يكن غيرها) دليل على تصديقها مع غيرها، وذلك الغير أعم من أن يكون
رجالا أو نساءا. وقدح فيها فخر المحققين من وجوه: (أ) ضعف سندها، لضعف ابن
بكير. (ب) انها مشتملة على الارسال ولا حجة في المرسل (ج) ان دلالتها بطريق
المفهوم، ودلالة المفهوم ضعيفة (معه).
(3) الاستبصار: 3، كتاب الشهادات، باب ما يجوز شهادة النساء فيه وما لا يجوز،
حديث: 2، والحديث عن عبد الله بن سنان.
(4) هذه الرواية دالة على قبول الواحدة في الاستهلال، وبمضمونها أفتى ابن
عقيل وسلار. وهي مع كونها صحيحة معتضدة بروايات اخر دالة على معناها. والأكثرون
حملوها على القبول في ربع ميراث المستهل رجوعا في ذلك إلى روايات صحاح مخصصة
لها بالربع منها، صحيحة عمر بن يزيد المذكورة بعدها، فإنها صريحة بقبول شهادة الواحد
في ربع ميراث المستهل (معه).
536

الغلام) (1).
(32) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام، أنه قال (ان النبي صلى الله عليه وآله
أجاز شهادة النساء في رؤية الهلال) (2).
ز (33) وروى الكناني عن الصادق عليه السلام قال: (تجوز شهادة النساء في الدم
مع الرجال) (3).
(34) وروى جميل بن دراج وزيد الشحام مثله (4).
(35) وروى ربعي عن الصادق عليه السلام قال: (لا تجوز شهادة النساء في القتل) (5).
(36) وروى محمد بن الفضيل مثله (6) (7).

(1) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب ما يجوز من شهادة النساء وما لا يجوز،
حديث: 12.
(2) المهذب، كتاب الشهادات، أورده في شرح قول المصنف: (وفى الديون
مع الرجال، ولو انفردن كالمرأتين مع اليمين فالأشبه عدم القبول) ولم نظفر عليه في غيره
نعم في رواية داود بين الحصين: (ولا بأس في الصوم بشهادة النساء ولو امرأة واحدة).
لاحظ التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 131.
(3) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 118.
(4) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث:
116 و 117.
(5) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، حديث: 121.
(6) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 110.
(7) بالروايتين الأولتين تمسك الشيخ في النهاية، فأجاز شهادة النساء في القتل
الموجب للدية كالخطاء، وأما العمد فيقبل فيه أيضا، ويجب بها الدية لا القصاص. والظاهر أن
مضمونها أعم من المدعى. واستدل بظاهرهما أيضا ابن أبي عقيل على ثبوت القصاص
بشهادتهن، أخذا بظاهرهما. وأما رواية ربعي والتي بعدها فتمسك بمضمونهما من منع من قبول
شهادة النساء في القتل مطلقا كالشيخ في الخلاف وابن إدريس. والعلامة في المختلف
جمع بين هذه الروايات، فحمل أخبار المنع من القصاص دون الدية، وحمل أخبار
القبول على الدية، فعمل بمجموع الاخبار، وهذا الحمل قوى (معه).
537

(37) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (إذا شهد
ثلاثة رجال وامرأتان في الرجم، لم يجز) (1).
(38) وروى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام
قال: (لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القود) (2).
(39) وروى محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام: (تجوز شهادة النساء في حد
الزنا إذا كانوا ثلاثة رجال وامرأتان، ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة في
الزنا والرجم) (2).
(40) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن شهادة
النساء في الرجم؟ فقال: (إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان) (4).
(41) وروى الحلبي أيضا في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: إن (رسول
الله صلى الله عليه وآله أجاز شهادة النساء في رؤية الهلال ولا يجوز في الرجم شهادة رجلين
وأربع نسوة) (5) (6).

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 113.
(2) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، حديث: 114.
(3) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 110.
(4) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 108.
(5) تقدم آنفا تحت رقم (32) وإنما أعاده لما أفاده في الهامش.
(6) بمضمون الروايتين الأولتين أفتى المفيد وقال: انه لا تقبل شهادة النساء في
الحدود، رجما كان أو غيره. وبالرواية الثانية تمسك القاضي وقال: بقبول شهادتهن مع
الضميمة إذا زادت على الواحدة، واليه ذهب الشيخ في النهاية متمسكا بخبر الحلبي
المذكورة، فإنها والتي قبلها دالتان على وجوب الرجم بشهادة الثلاثة مع المرأتين.
وأما صحيحة الحلبي فدالة على وجوب الجلد مع الرجلين والأربع، ودلالتها على
ثبوت الجلد بطريق المفهوم والتمسك بها ضعيف، لأنه أدخل في ذلك قبول شهادتهن في
الهلال، وهو خلاف الاجماع. وأيضا فدلالة المفهوم ضعيفة، ولمعارضة الرواية الخامسة
لها، فان مضمونها ان قبول شهادتهن مشروط بانضمام ثلاثة رجال إليها، وصرح بأن
الرجلين مع الأربع لا تقبل، وهذا هو الموافق للمشهور.
والظاهر أن هذه الروايات الدالة على جواز شهادة النساء في الحدود مختص
بالزنا، دون باقيها، كما هو مختار الأكثر (معه)
538

(42) وروى محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال: (لا تجوز شهادتهن
في الطلاق ولا في الدم) (1) (2).
(43) وروى إسماعيل بن عيسى قال: سألت الرضا عليه السلام هل يجوز شهادة
النساء في التزويج من غير أن يكون معهن رجل؟ قال: (لا، هذا لا يستقيم) (3).
(44) وروى السكوني مثله (4).
(45) وروى محمد بن الفضيل قال: سألت الرضا عليه السلام، قلت: تجوز
شهادة النساء في نكاح أو طلاق أو في رجم؟ قال: (تجوز شهادة النساء فيما لا
يستطيع الرجال أن ينظروا إليه، وليس معهن الرجال، وتجوز شهادتهن في
النكاح إذا كان معهن رجل) (5).
(46) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن شهادة النساء تجوز في

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، قطعة من حديث: 110.
(2) مضمون هذه الرواية موافق لمذهب الأكثر من عدم قبول شهادة النساء في
الطلاق وما في معناه كالخلع والمباراة، لا منفردات ولا منضمات، وصريح الرواية دال على
ذلك، وعضدها بروايات اخر دالة على ذلك مذكورة في كتبهم، ولا معارض لها من الروايات
(معه).
(3) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، حديث: 174.
(4) المصدر السابق، حديث: 178.
(5) المصدر السابق، قطعة من حديث: 110.
539

النكاح؟ قال: (نعم، ولا تجوز في الطلاق) (1) (2).
(47) وروى هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (ولا يأب
الشهداء إذا ما دعوا) (3)؟ قال: قبل الشهادة. وقوله تعالى: (ومن يكتمها
فإنه اثم قلبه) (4)؟ قال: بعد الشهادة (5).
(48) وروى أبو الصباح عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (ولا يأب
الشهداء إذا دعوا) قال: (لا ينبغي لاحد إذا دعي إلى شهادة ليشهد عليها أن
يقول: لا أشهد عليكم) (6) (7).

(1) المصدر السابق، قطعة من حديث: 111.
(2) بمضمون الروايتين الأولتين أفتى أكثر الجماعة، وحملهما العلامة على القبول على
الانفراد، بمعنى لا يقبلن إذا انفردن، بل لا بد من انضمامهن إلى الرجال، فأجاز شهادتهن
في التزويج مع الانضمام. والشيخ حملهما على التقية، وقال: انهما خرجا مخرجها،
لموافقتها لمذهب العامة. وبمضمون الروايتين الأخيرتين عمل الصدوق وابن الجنيد
والشيخ والعلامة، فأجازوا شهادتهن في النكاح دون الطلاق، كما هو مضمون الروايتين،
والعمل على قول الأكثر (معه).
(3) البقرة: 282.
(4) البقرة: 283.
(5) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، حديث: 155.
(6) المصدر السابق، حديث: 156.
(7) هاتان الروايتان دالتان على وجوب تحمل الشهادة كما يجب أداؤها، وهو
مذهب الأكثر. ومنع ابن إدريس عن وجوبه، وقال: لأنه إنما يصير شاهدا بعد التحمل،
فتكون الآية دالة على وجوب الأداء لا التحمل. أجابوا بأن الآية وردت في معرض
الارشاد، كما أنه أمر بالارشاد إلى الكتابة في المداينة، ونهى الكاتب عن الاباء، ثم
أمر بالاشهاد ونهى الشهداء عن الاباء. والروايات نص في الباب، ويعضدها روايات
كثيرة في هذا الباب ذكرها الأصحاب، وابن إدريس عمل بأصالة البراءة وعدم الدليل
لان الآية محتملة والروايات آحاد، فبقي الأصل بحاله. والأكثر على أن العمل بهذه
الروايات واجب، فوجب أن يحيل عن حكم الأصل، لأنها صحيحة الطريق صريحة الدلالة
فلا يجوز ردها (معه).
540

(49) وروى الصدوق عن حفص بن غياث عن الصادق عليه السلام قال: قال له
رجل: أرأيت، ان رأيت شيئا في يدي رجل، أيجوز لي أن نشهد انه له؟ قال:
(نعم) قلت: فلعله لغيره؟ قال: (ومن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك،
ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه
إليك من قبله؟ - ثم قال الصادق عليه السلام -: لو لم يجز ما قامت للمسلمين سوق) (1) (2).
(50) وروى إدريس بن الحسن عن علي عن الصادق عليه السلام قال: (لا تشهدوا

(1) الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام، باب من يجب رد شهادته ومن يجب
قبول شهادته، حديث: 27.
(2) دل مضمون هذا الحديث على أنه يجوز للانسان أن يشهد لشخص رآه قابضا
لشئ متصرفا فيه، انه ملكه، من غير ذكر السبب، وهو المسمى بالشهادة بالملك
المطلق، واليه ذهب جماعة من الأصحاب اعتمادا على هذه الرواية، وعلى جواز الشراء
منه.
أما الشهادة له باليد فجائز اجماعا. والعلامة فرق بين جواز الشراء وبين الشهادة،
فان ادعاء الملكية بعد الشراء لأجل وجود السبب الذي هو الشراء فيمن ظن أنه مالك،
فجواز الشراء موقوف على ظن الملك، لا على تحقيقه، لأنه مبنى على المساهلات، ولا
كذلك الشهادة، فإنها لا تجوز الا على القطع والبت، ولا يعول فيها على الظن. ومشاهدة
اليد لا توجب القطع بالملك، بل ظنه. واعترضه الشهيد بأنه لو ادعى على هذا المشترى
فأنكر صح له أن يحلف على الملك، مع أن الحلف لا يجوز الا على القطع اجماعا.
أجاب أبو العباس بأن الحلف هنا على القطع، لأنه أوجد السبب الذي هو الشراء،
وهو قطعي، والرواية نص في الباب، فان صح طريقها فلا يجوز الاجتهاد في مقابلتها
(معه).
541

الشهادة حتى تعرفوها، كما تعرف كفك) (1).
(51) وروى السكوني عنه عليه السلام: (لا تشهدوا بشهادة لا تذكرها، فإنه من شاء
كتب كتابا ونقش خاتما) (2).
(52) وروى الحسين بن سعيد قال: كتب إليه جعفر بن عيسى جعلت فداك
جاءني جيران لنا بكتاب زعموا انهم أشهدوني على ما فيه، وفي الكتاب اسمي
وخطي وقد عرفته، ولست أذكر الشهادة وقد دعوني إليها فاشهد لهم على معرفتي
ان اسمي في الكتاب ولست أذكر، أو لا تجب لهم الشهادة علي حتى أذكرها
كان اسمي في الكتاب بخطي أو لم يكن؟ فكتب: (لا تشهد) (3).
(53) وروى أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن حماد بن عثمان عن
عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يشهدني على الشهادة فاعرف
خطي وخاتمي ولا أذكر شيئا من الباقي قليلا ولا كثيرا؟ قال فقال: (إذا كان
صاحبك ثقة ومعه رجل ثقة فاشهد له (4) (5).

(1) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب الرجل ينسى الشهادة ويعرف خطه
بالشهادة، حديث: 3.
(2) المصدر السابق، حديث: 4.
(3) المصدر السابق، حديث: 2.
(4) المصدر السابق، حديث: 1.
(5) هذا الخبر معارض للاخبار الأولى، مع أن العمل بمضمونها هو المشهور
الموافق للأصل المقطوع به، من وجوب كون الشهادة يشترط أن تكون معلومة بالقطع،
وهذا الخبر ضعيف مخالف للأصول كلها، مع معارضته بالأحاديث الكثيرة. وقد وجه
بعضهم هذه الرواية بأنه إذا كان الشاهد الاخر يشهد له وهو ثقة مأمون جاز أن يشهد على
ظنه بخطه وانضمام الشهادة إليه. الا ان الأحوط العمل بالاخبار الأولة. وقال العلامة في
المختلف: المعتمد ما قاله الشيخ في الاستبصار، وهو أن يجمع بين قول علمائنا المشهور
بينهم وهذه الرواية، على ما إذا حصل من القرائن الحالية والمقالية للشاهد ما استفاد به
العلم، فيشهد مستندا إلى العلم الحاصل له بتلك القرائن المنضمة إلى خطه، لا باعتبار
خطه وحده ومعرفته به. وهذا الجمع جيد (معه).
542

(54) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام قال:
(شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولا حدود الا في الديون، وما لا يستطيع
الرجل النظر إليه) (1) (2).
(55) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله
عليه السلام في رجل شهد على شهادة رجل، فجاء الرجل فقال: اني لم أشهده
فقال: (تجوز شهادة أعدلهما، فان كانت عدالتهما واحدة لم تجز شهادته) (3) (4).
(56) وروى علي بن إبراهيم بن نعيم الأزدي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
أربعة شهدوا على رجل بالزنا، فلما قتل رجع أحدهم عن شهادته؟ فقال: (يقتل
الراجع ويؤدى الثلاثة إلى أهله ثلاثة أرباع الدية) (5).

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، حديث: 178.
(2) إنما ذكر هذه الرواية هنا لان جماعة من الأصحاب استدلوا بها على أن
شهادة النساء في باب الشهادة على الشهادة لا تسمع، وإن كان في المواضع التي تقبل
شهادتهن فيه. فان قوله: (شهادة النساء لا تجوز) عام لشهادتهن بالأصالة والفرعية. لكن
الاستدلال بهذه الرواية ضعيف. أما أولا: فلضعف السكوني، وأما ثانيا: فلأنها إنما
دلت على منع شهادتهن في الأشياء المذكورة فيها، ولا ريب انه إذا لم يقبل شهادتهن في
ذلك بالأصالة، ففي الفرعية أولى، وليس ذلك هو المدعى، لان المدعى إنما هو منع
شهادتهن على الشهادة فيما لهن الشهادة فيه. فما دلت عليه الرواية غير المدعى، وما هو
المدعى لا تدل عليه الرواية (معه).
(3) الفقيه: 3، أبواب القضايا والاحكام، باب الشهادة على الشهادة، حديث: 3.
(4) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية. وقال الأكثر: انه متى رجع
الأصل بطلت شهادة الفرع مطلقا، لان الأصل أقوى من الفرع، فلا يجوز العمل بالضعيف
واهمال القوى. والرواية من الصحاح لكنها مخالفة لهذا الأصل، فلذا تركوا العمل بها (معه).
(5) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب من شهد ثم رجع عن شهادته، حديث: 5
وفيه: (يقتل الرابع).
543

(57) وروى الشيخ عن ابن محبوب عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله
عليه السلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، ثم رجع أحدهم بعد
ما قتل الرجل؟ قال: (ان قال الراجع: أو همت، ضرب الحد وغرم الدية، وان
قال: تعمدت قتل) (1) (2).
(58) وروى ابن أبي عمير عن ابن عبد الحميد عن أبي عبد الله عليه السلام في
شاهدين شهدا على امرأة بان زوجها طلقها، فتزوجت، ثم جاء زوجها فأنكر الطلاق
قال: (يضربان الحدود، ويضمنان الصداق للزوج، ثم تعتد، ثم ترجع إلى
زوجها الأول) (3) (4).

(1) التهذيب: 6، كتاب القضايا والاحكام، باب البينات، حديث 96.
(2) بمضمون الرواية الأولى أفتى الشيخ في النهاية. وبالرواية الثانية أفتى
الأكثر، وقصروا القتل أو الغرم على المقر، بناءا على أن رجوع الراجع لا يتعداه إلى غيره
فلا ينقض الحكم. قال المحقق: الرواية صحيحة الا ان في العمل بها تسلط على الأموال
المعصومة بقول واحد. فالاقتصار على المقر أحوط وأحزم. وهو جيد (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الشهادات، باب من شهد ثم رجع عن شهادته، حديث: 7.
(4) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية. وهي منافية للأصول من وجوه:
(أ) ايجاب الحد عليهما، وليس له موجب.
(ب) وجوب ضمان المهر، والموجب ليس له الا رجوعهما، وليس في الرواية
ما يدل على الرجوع أصلا
(ج) وجوب الاعتداد، وهو منوط بالدخول، وليس في الرواية ما يدل عليه.
والشيخ في النهاية حملها على الدخول والرجوع. وابن إدريس حمل الحد على التعزير
والمحقق حملها على أن التزويج كان بأختها ولا يحكم حاكم بالفرقة، وقال العلامة: لا
بأس به، ثم قال: وليس كلام الشيخ بعيدا عن الصواب، فنحن في هذا من المتوقفين
وحمل الشيخ جيد (معه).
544

باب الحدود
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " ادرؤا الحدود بالشبهات " (1) (2).
(2) وقال صلى الله عليه وآله: " لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله عز وجل من رجل
قتل نبيا أو هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده أو أفرغ ماءه في امرأة حراما " (3) (4)
(3) وقال عليه السلام: " ما عجت الأرض إلى ربها كعجيجها من ثلاث، دم حرام

(1) الفقيه: 4، باب نوادر الحدود، قطعة من حديث: 12. وكنز العمال: 5
في الفصل الأول من الباب الأول من كتاب الحدود، حديث: 12957، وفى الفصل الثاني
أيضا، حديث: 12972.
(2) هذا الحديث يدل على أن الحد منوط باليقين، فما لا يقين في موجبه لا يجب
به الحد. ولهذا وجب في ثبوت الحد علم التحريم بما وجب فيه الحد، فان الجاهل
بتحريم المحرم لا حد عليه، بل الجاهل بالعين التي وقع الفعل معها إذا كان مطابقا لما في
نفس الامر كمن زنا بامرأة ظنها أجنبية فكانت زوجته، فإنه لا حد عليه (معه).
(3) الفقيه: 4، باب ما جاء في الزنا، حديث: 1.
(4) عموم هذا الحديث دل على أن افراغ الماء حراما في التحريم بمنزلة قتل
النبي وهدم الكعبة. فدل على أن الزنا واللواط واتيان البهائم والاستمناء باليد وبكل ما
يستدعى خروج المنى كلها، كبائر، لمماثلتها لما هو من الكبائر قطعا، والمماثلة للكبيرة
كبيرة (معه).
545

يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس " (1).
(4) وعن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: (قال يعقوب لابنه يوسف:
يا بني لا تزن فان الطير لو زنا لتناثر ريشه) (2).
(5) وروي عن الباقر عليه السلام قال: (كان فيما أوحى الله تعالى إلى موسى بن
عمران عليه السلام يا موسى من زنى زني به، ولو في العقب من بعده، يا بن عمر ان
عف تعف أهلك، يا موسى بن عمران ان أردت أن يكثر خير أهل بيتك، فإياك
والزنا، يا بن عمران كما تدين تدان) (3).
(6) وصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فقال: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة
ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: شيخ زان، وملك جبار، ومقل
مختال " (4).
(7) وروي عن ابن مسعود انه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله أي الذنب أعظم؟
قال: " ان تجعل لله ندا وهو خلقك " قلت: ثم أي؟ قال: " ان تقتل ولدك مخافة
أن يطعم معك " قال: قلت: ثم أي؟ قال: " أن تزني بحليلة جارك " (5).
(8) وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (اجتمع الحواريون
إلى عيسى عليه السلام فقالوا: يا معلم الخير أرشدنا؟ فقال لهم موسى كليم الله آمركم
أن لا تحلفوا بالله تبارك وتعالى كاذبين، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله تبارك

(1) الفقيه: 4، باب ما جاء في الزنا، حديث: 3.
(2) المصدر السابق، حديث: 4.
(3) المصدر السابق، حديث: 5.
(4) المصدر السابق، حديث: 6.
(5) صحيح مسلم: 1، كتاب الايمان (37) باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان
أعظمها بعده، حديث، 141 و 142، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
546

وتعالى كاذبين ولا صادقين) فقالوا: يا روح الله زدنا؟ فقال: (ان موسى نبي الله
عليه السلام أمركم أن لا تزنوا، وانا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فضلا
عن أن تزنوا، فان من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد
التزاويق بالدخان ولم يحرق البيت) (1).
(9) وروى ابن القداح عن الصادق عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال: (للزاني ست
خصال، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة. أما التي في الدنيا فيذهب بنور
وجهه، ويورث الفقر، ويعجل الفناء. وأما التي في الآخرة فيسخط الرب، ويسوء
الحساب، ويخلد في النار) (2).
(10) وروى الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أقام العالم
الجدار أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام انى مجازى الأبناء بسعي الاباء، ان
خيرا فخير، وان شرا فشر. لا تزنوا فتزني نساءكم. من وطأ فراش امرء
مسلم وطأ فراشه، كما تدين تدان) (3).
(11) وروى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (أما يخشى الذين
ينظرون إلى أدبار النساء أن يبتلوا بذلك في نسائهم) (4).
(12) وروى مفضل بن عمر الجعفي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام؟ (ما أقبح
بالرجل من أن يرى بالمكان المعور، فيدخل ذلك علينا وعلى صالحي أصحابنا
(يا مفضل أتدري لم قيل: من يزن يوما يزن به؟) قلت: لا، جعلت فداك، قال:

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب الزاني، حديث: 7.
(2) المصدر السابق، حديث: 3.
(3) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان من عف عن حرم الناس عف عن حرمه
حديث: 1.
(4) المصدر السابق، حديث: 2.
547

(انها كانت بغي في بني إسرائيل، وكان في بني إسرائيل رجل يكثر الاختلاف
إليها، فلما كان في آخر ما أتاها أجرى الله على لسانها اما انك سترجع إلى
أهلك فتجد معها رجلا، قال: فخرج وهو خبيث النفس، فدخل منزله غير
الحال التي كان يدخل بها قبل ذلك اليوم، وكان يدخل باذن فدخل يومئذ بغير إذن
، فوجد على فراشه رجلا، فارتفعا إلى موسى عليه السلام، فنزل جبرئيل عليه السلام
على موسى عليه السلام فقال: يا موسى من يزن يوما يزن به، فنظر إليهما فقال: عفوا
تعف نسائكم) (1).
(13) وروى عبد الحميد عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" تزوجوا إلى آل فلان فإنهم عفو، فعفت نساءهم، ولا تزوجوا إلى آل فلان،
فإنهم بغوا، فبغت نساءهم. وقال: مكتوب في التوراة " أنا الله قاتل القاتلين
ومفقر الزانين. أيها الناس لا تزنوا فتزني نساؤكم كما تدين تدان " (2).
(14) وروى ميمون القداح قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (ما من عبادة
أفضل من عفة فرج وبطن) (3).
(15) وروى أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس فقال: (ان الله تبارك
وتعالى حد حدودا، فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تنقصوها، وسكت عن
أشياء ولم يسكت عنها نسيانا، فلا تتكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها - ثم
قال: - حرام بين وحلال بين وشبهات بين ذلك. فمن ترك ما اشتبه عليه من
الاثم، فهو لما استبان له اترك. والمعاصي حمى الله عز وجل فمن يرتع حولها

(1) الفروع: 5، كتاب النكاح، باب ان من عف عن حرم الناس عف عن حرمه
حديث: 3.
(2) المصدر السابق، حديث، 4.
(3) المصدر السابق، حديث 7.
548

يوشك أن يدخلها) (1).
(16) وروى محمد بن يعقوب يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إقامة حد
خير من مطر أربعين صباحا " (2).
(17) وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال: (حد يقام في الأرض أزكى فيها من
مطر أربعين ليلة وأيامها) (3).
(18) وروى محمد بن محبوب عن أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه السلام: (ان
في كتاب علي عليه السلام انه كان يضرب بالسوط، وبنصف السوط، وببعضه في
الحدود. وكان إذا أتى بغلام وجارية لم يدركا، لم يبطل حدا من حدود الله عز
وجل) قيل له: وكيف كان يضرب؟ قال: (كان يأخذ السوط بيده من وسطه
أو من ثلثه، ثم يضرب به على قدر أسنانهم ولا يبطل حدا من حدود الله
عز وجل) (4).
(19) وروى ابن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام عن علي عليه السلام أنه قال
: (حد من افتض بكرا بإصبعه من ثلاثين إلى ثمانين سوطا عقوبة له على
ما جناه) (5) (6).

(1) الفقيه: 4، باب نوادر الحدود، حديث: 15.
(2) الفروع، 7، كتاب الحدود، باب التحديد، حديث: 3.
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب التحديد، حديث: 1.
(4) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب التحديد، حديث: 13.
(5) رواه المفيد في المقنعة، باب الحدود والآداب: 124، كما في المتن،
وتمامه: (وألزم صداق المرأة لذهابه بعذرتها). وفى التهذيب: 10، كتاب الحدود،
باب حدود الزنا، حديث: 173 ولفظ الحديث: (ان أمير المؤمنين عليه السلام قضى
بذلك، وقال: تجلد ثمانين).
(6) هذه الرواية أفتى بمضمونها القاضي والشيخ في بعض أقواله. وقال في
الخلاف: لا حد عليه، وهو مذهب الأكثر، عملا بعموم الخبر السابق، وهو قوله عليه
السلام: (ادرؤا الحدود بالشبهات) ولأصالة براءة الذمة، ومضمون الرواية مخالف للأصل
فلا اعتماد عليها. مع أنها مرسلة مقطوعة (معه).
549

(20) وروي ان امرأة تشبهت لرجل بجاريته، واضطجعت على فراشه
ليلا، فظنها جاريته فوطئها من غير تحرز، فرفع خبره إلى أمير المؤمنين عليه السلام،
فأمر بإقامة الحد على الرجل سرا، وإقامة الحد على المرأة جهرا (1).
(21) وروى أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام قال: (إذا زنى المجنون أو
المعتوه جلد الحد، وإن كان محصنا رجم). قلت: وما الفرق بين المجنون
والمجنونة والمعتوه والمعتوه؟ فقال: (المرأة إنما تؤتى والرجل يأتي، وإنما
يزني إذا عقل كيف يأتي اللذة. وان المرأة إنما يستكره ويفعل بها وهي لا
لا تعقل ما يفعل بها) (2) (3).
(22) وروى جميل عن الصادق عليه السلام قال: (لا يقطع السارق حتى يقر

(1) رواه المفيد قدس سره في المقنعة، باب الحدود والآداب: 124، كما في
المتن. وفى التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حدود الزنا، حديث: 169، بتفاوت
يسير في بعض الألفاظ.
(2) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب المجنون والمجنونة يزنيان، حديث: 3.
(3) قال العلامة رحمه الله ويمكن حمل هذه الرواية على أن من يعتوره الجنون،
وزنى حال تحصيله وعقله، قال: ويدل على هذا الحمل قوله في الحديث: (إذا عقل
كيف يأتي اللذة) فعلم أنه كان حال الفعل، عاقلا.
وأقول: لو صح هذا التأويل لما صح الفرق فيه بين الرجل والمرأة لو كانت كذلك
ووقع منها الزنا حال تحصيلها وعقلها وجب أن يقام عليها الحد أيضا كالرجل. ومضمون
الحديث ومبناه على الفرق بين الرجل والمرأة في الجنون، وانه في الرجل يوجب
الحد لو زنا، وفى المرأة لو زنت لا توجب الحد، فالتأويل لا يطابق مضمون الرواية
(معه).
550

مرتين، ولا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات) (1).
(23) وروى أبو العباس عن الصادق عليه السلام قال: (أتى النبي صلى الله عليه وآله رجل
فقال: اني زنيت، فصرف النبي صلى الله عليه وآله وجهه عنه، فأتاه من الجانب الآخر، ثم
قال: مثل ما قال: فصرف وجهه عنه، ثم جاء إليه الثالثة، فقال: يا رسول الله
اني زنيت وعذاب الدنيا أهون علي من عذاب الآخرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
" أبصاحبكم بأس؟ " - يعني جنة - قالوا: لا، فأقر على نفسه الرابعة فأمر
رسول الله صلى الله عليه وآله أن يرجم) (2).
(24) وروي ان ما عز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وآله في أربع مواضع والنبي
يرده ويقف غرمه، تعريضا لرجوعه، فقال له: " قبلت، أو غمزت، أو نظرت؟ "
قال: لا، قال: " أفنكتها لا تكني؟ " قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك
منها؟ " قال: نعم، قال: " كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر؟ " قال:
نعم، قال: " هل تدري ما الزنا؟ " قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من
امرأته حلالا. فعند ذلك أمر برجمه (3) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب ما يجب على من أقر على نفسه الحد ومن لا يجب
عليه الحد، قطعة من حديث: 2.
(2) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب صفة الرجم، حديث: 6.
(3) رواه أصحاب الصحاح والسنن بألفاظ متقاربة ومعاني متحدة، راجع سنن أبي
داود: 4، كتاب الحدود، باب رجم مالك بن ماعز، من حديث: 4419 - 4434.
وصحيح مسلم: 3، (5) باب من اعترف على نفسه بالزنى. والمستدرك للحاكم 4:
361 - 363.
(4) استفيد من هذا الحديث أمور:
(أ) وجوب تعدد المجالس في الاقرار بالزنا، لأنه عليه السلام كان يعرض عنه
فيجيئه من ناحية أخرى ولم يزل كذلك حتى تم اقراره أربعا في أربعة مواضع.
(ب) جواز تعريض الحاكم للمقر، بالرجوع عن الاقرار، لان حقوق الله مبنية
على التخفيف.
(ج) جواز الرجوع للمقر في الظاهر، وأما فيما بينه وبين الله فمشروط بنية التوبة.
(د) استحباب الإشارة بذلك لمن علمه منه، ويكره حثه على الاقرار، لان في تمام
الحديث: ان رجلا قال لماعز: بادر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن ينزل
فيك قرآنا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ألا سترته بتوبتك كان خيرا لك (معه).
551

(25) وروى زرارة في الحسن عن أحدهما عليهما السلام في رجل غصب امرأة
على نفسها؟ قال: (يقتل) (1).
(26) وروى جميل عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: أين يضرب هذه
الضربة؟ - يعني من أتى ذات محرم - قال: (يضرب عنقه) أو قال:
(رقبته) (2).
(27) وروى الشيخ مرفوعا إلى أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: (إذا
زنى الرجل بذات محرم، حد حد الزاني، الا انه أعظم ذنبا) (3) (4).
(28) وفي الحديث ان عليا عليه السلام جلد سراجة يوم الخميس، ورجمها يوم
الجمعة، فقيل له: تحدها حدين؟ فقال: (جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الرجل يغتصب المرأة فرجها، حديث: 5.
(2) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب من زنى بذات محرم، حديث: 2، بتفاوت
يسير في بعض الألفاظ.
(3) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حدود الزنى، حديث: 71.
(4) وهذا الحديث لا يعارض ما تقدمه من الروايات الدالة على وجوب قتل الزاني
قهرا، والزاني بالمحرمة. لإجماعهم على ذلك. وإنما يختلفون في وجوب حد الزاني
عليه قبل القتل، وهذه الرواية دالة على وجوبه كما ذهب إليه ابن إدريس وجماعة، بل
هو مذهب الأكثر (معه).
552

رسول الله صلى الله عليه وآله) (1) (2).
(29) وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في المحصن والمحصنة، جلد
مائة ثم الرجم (3).
(30) وروى عبد الله بن طلحة عن الصادق عليه السلام قال: (إذا زنى الشيخ
والعجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما. وإذا زنى النصف من الرجال رجم ولم
يجلد، إذا كان قد أحصن) (4) (5).
(31) وروى سماعة عن الصادق عليه السلام قال: (الحر والحرة إذا زنيا، جلد
كل واحد منهما مائة جلدة. وأما المحصن والمحصنة فعليهما الرجم) (6).
(32) وروى محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام
في الشيخ والشيخة، أن يجلدا مائة، وقضى للمحصن الرجم، وقضى في البكر
والبكرة إذا زنيا جلد مائة ونفي سنة عن مصرهما. وهما اللذان قد أملكا ولم
يدخل بها) (7).
(33) وروى عبد الله بن طلحة عن الصادق عليه السلام قال: (إذا زني الشاب

(1) المستدرك للحاكم 4: 364 و 365، كتاب الحدود.
(2) وهذا الحديث يدل على وجوب الجمع للزاني المحصن بين الجلد والرجم
بالكتاب والسنة (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حدود الزنى، حديث: 13.
(4) المصدر السابق، قطعة من حديث: 10.
(5) هذه الرواية أفتى بمضمونها الشيخ. وباقي الأصحاب على عدم الفرق في
وجوب الجمع، ولم يفصلوا، استضعافا لهذه الرواية (معه).
(6) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حدود الزنى، حديث: 6.
(7) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الرجم والجلد ومن يجب عليه ذلك،
حديث: 7.
553

الحديث السن، جلد ونفي عن مصره سنة) (1).
(34) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام أنه قال: من لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى
والتي قد تملك ولم يدخل بها يجلد مائة وينفى) (2) (3).
(35) وروى أبو بصير عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يزني في اليوم
الواحد مرات كثيرة؟ قال: فقال: (ان زنا بامرأة واحدة كذا وكذا مرة، فإنما
عليه حد واحد. وان هو زنا بنسوة شتى في يوم واحد وفي ساعة واحدة، فان

(1) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حدود الزنى، ذيل حديث: 10.
(2) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الرجم والجلد ومن يجب عليه ذلك،
حديث: 6 وفيه (والذي قد أملك).
(3) دلت الرواية الأولى على أن غير المحصن حكمه الجلد وان المحصن
حكمه الرجم. ودلت الثانية على اختصاص الجلد بالشيخ والشيخة واختصاص الرجم
بالمحصن، وزاد في غير المحصن إذا لم يكن شيخا وشيخة على الجلد، نفى سنة، وعرف
غير المحصن بأنه المالك الذي لم يدخل. والعمل بهذه الرواية مشكل.
أما أولا فلجهل الراوي، لان محمد بن قيس مشترك بين جماعة بعضهم غير موثق.
وأيضا فإنه قد حكم بالنفي على المرأة، وذلك يخالف الاجماع، فوجب طرحها.
وأما الرواية الثالثة فدلت على اختصاص الشاب بالجلد وأضاف إليه النفي، فان
أردنا موافقتها للرواية الأولى، حملنا على غير المحصن. وأما الرواية الرابعة فصرح فيها
بأن غير المحصن يجلد، ولكن فيه التخيير بينه وبين النفي، فقد خالفت الأولى في
الجمع بين النفي والجلد، وفسر غير المحصن بأنه الذي أملك ولم يدخل، وحكم بالنفي
وظاهرها دخول المرأة فيه، وقد عرفت أنه مخالف لإجماعهم كما ادعاه الشيخ، ولم
يخالفهم في ذلك الا ابن عقيل، فإنه قال: ينفى كالرجل عملا بمضمون هذه الأحاديث،
لكن المشهور خلافه (معه).
554

عليه في كل امرأة فجر بها حدا) (1) (2).
(36) وروى يونس عن الكاظم عليه السلام قال: (أصحاب الكبائر يقتلون في
الثالثة) (3).
(37) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (الزاني إذا جلد ثلاثا يقتل
في الرابعة) (4) (5).
(38) وروى بريد في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (إذا زنى العبد ضرب
خمسين، فان عاد ضرب خمسين إلى ثماني مرات، فان زنى ثماني مرات
قتل) (6).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الرجل يزنى في اليوم مرارا كثيرة،
حديث: 1.
(2) وهذه الرواية لا يتعين العمل بها، لضعف سندها، لان في طريقها علي بن أبي
حمزة، وهو من الضعفاء، بل تكرر الحد يتبع وقوع الحد وعدمه، فمتى تكرر الحد
مع تكرر الفعل تكرر، وإلا فلا (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب في أن صاحب الكبيرة يقتل في الثالثة،
حديث: 2.
(4) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب في أن صاحب الكبيرة يقتل في الثالثة،
حديث: 1، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
(5) بمضمون رواية يونس أفتى الشيخ في الخلاف، ويلزمه أن يكون الزاني يقتل
في الثالثة، لدخوله في أهل الكبائر. وقد أجاب عنه في موضع آخر بأن هذا مخصوص
بما عدى الزنا وشرب الخمر وغير ذلك، فالعمل برواية أبي بصير أقوى. ومعنى قوله:
(يقتل في الرابعة) يعنى إذا جلد ثلاث مرات، لان في ذلك تحرزا وصيانة للأنفس الذي
هو مطلوب لله تعالى (معه).
(6) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحد
حديث: 10، والحديث عن حميد بن زياد.
555

(39) وروى عبيد بن زرارة أو بريد العجلي عن الصادق عليه السلام قال قلت له
انها زنت - يعنى الأمة -؟ قال: (تجلد خمسين جلدة) قلت: فان عادت؟ قال:
تجلد خمسين) قلت: فيجب عليها الرجم في شئ من الحالات؟ قال: (إذا زنت
(ثماني مرات يجب عليها الرجم) قلت: كيف صار في ثماني مرات؟ قال:
(لان الحر إذا زنا أربع مرات وأقيم عليه الحد، قتل، وإذا زنت الأمة ثمان
مرات وأقيم عليها الحد رجمت في التاسعة) (1) (2).
(40) وروى الحسين بن خالد قال قلت لأبي الحسن عليه السلام أخبرني عن المحصن
إذا هرب من الحفيرة، هل يرد حتى يقام عليه الحد؟ فقال: (يرد ولا يرد،)
قلت: كيف ذلك؟ قال: (إذا كان هو المقر على نفسه ثم هرب من الحفيرة
بعد ما يصيبه شئ من الحجارة، لم يرد. وإن كان إنما أقيمت عليه البينة وهو
يجحد ثم هرب، يرد وهو صاغر حتى يقام عليه الحد) (3) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب ما يجب على المماليك والمكاتبين من الحد
حديث: 7، وتمام الحديث: (قلت: وما العلة في ذلك؟ قال: إن الله رحمها أن يجمع عليها
ربق الرق وحد الحر، ثم قال: وعلى امام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سهم
الرقاب).
(2) بمضمون الرواية الأولى أفتى الشيخ والمفيد والسيد وابن إدريس. وبالرواية
الثانية أفتى الشيخ في النهاية والمحقق والعلامة، وأجابوا عن الرواية الأولى بامكان الجمع
بينها وبين هذه بأن يكون المعنى من قوله: (إذا زنى ثمان مرات وأقيم عليه الحد يقتل)
أي في التاسعة، فيوافق الرواية الثانية ويتم العمل بهما، وهو حسن (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب صفة الرجم، قطعة من حديث: 5.
(4) بهذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية، واختاره العلامة. وقال في المختلف
بعد ايراد هذه الرواية: ان صحت تعين المصير إليهما. قال أبو العباس: لو صحت
فدلالتها على مطلوب الشيخ دلالة مفهوم وهي ضعيفة. لان مطلوبه إنما لا يرد إذا أصابه
شئ من الحجارة فأما إذا لم يصبه وجب رده، والرواية ليست مصرحة بذلك. واختار
الأكثر انه لا يرد مطلقا، لان الحدود مبنية على التخفيف.
وأما الرواية الثانية المذكور في قصة ماعز، فإنه عليه السلام أنكر عليهم لما هرب
كيف لحقوه ولم يدعوه يذهب ولم يستفصلهم في إصابة الحجارة أم لا، وهذا أقوى (معه).
556

(41) وفي الحديث ان ماعز بن مالك لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله برجمه،
هرب من الحفرة، فرماه الزبير بن العوام بساق بعير، فلحقه القوم، فقتلوه
ثم أخبروا رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فقال: (هلا تركتموه إذ هرب، يذهب، فإنما
هو الذي أقر على نفسه) قال: وقال: " أما لو كان على حاضرا لما ضللتم، وفداه
رسول الله صلى الله عليه وآله من بيت المال " (1).
(42) وروى الحسين بن سعيد عن جماعة عن حريز عمن أخبره عن أبي
جعفر عليه السلام قال: (يفرق الحد على الجسد، ويتقي الفرج والوجه ويضرب بين
الضربين) (2) (3).
(43) وروى إبراهيم بن نعيم عن الصادق عليه السلام عن أربعة شهدوا على امرأة
بالزنا أحدهم زوجها؟ قال: (تجوز شهادتهم) (4).
(44) وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا
أحدهم زوجها؟ قال: (يلاعن ويجلد الآخرون) (5) (6).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب صفة الرجم، ذيل حديث: 5.
(2) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حدود الزنى، حديث: 105.
(3) هذه الرواية مخالفة لما هو المشهور في الروايات وفتاوى الأصحاب من وجوب
ضربه أشد الضرب، بل وظاهر الآية دال عليه قوله تعالى: " ولا تأخذكم بهما رأفة "
فلا عمل بهذه الرواية (معه).
(4) الاستبصار: 3، باب انه إذا شهد أربعة على امرأة بالزنا أحدهم زوجها،
حديث: 1.
(5) المصدر السابق، حديث: 2.
(6) هاتان الروايتان ظاهرتان في التعارض، فان الأولى دلت على قبول الشهادة
وثبوت الرجم على المرأة، وبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية والخلاف والاستبصار،
واختاره المحقق وابن إدريس والعلامة. والثانية دلت على عدم قبول الشهادة، وان للزوج
اسقاط الحد عن نفسه باللعان، وأما الباقون فيقام عليهم الحد قطعا، وبمضمونها قال
الصدوق وابن الجنيد وأبو الصلاح. والأولون حملوا الرواية الثانية على سبق الزوج
بالقذف، أو على عدم تعديل الشهود، أو لاختلافهم في إقامة الشهادة، أو اختل بعض
شروطها، أو لم تجتمعوا في اقامتها، وهو حسن (معه).
557

(45) وروى ابن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام في امرأة افتضت
جارية بيدها؟ قال: (عليها المهر وتضرب الحد) (1).
(46) وروى ابن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام (ان أمير المؤمنين عليه السلام
قضى بذلك، وقال: تضرب ثمانين) (2) (3).
(47) وروى حديفة بن منصور عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن اللواط؟
فقال: (ما بين الفخدين) قال: وسألته عن الذي يوقب؟ فقال: (ذلك الكفر
بما أنزل على نبيه) (4).
(48) وروى سليمان بن هلال عن الصادق عليه السلام في الرجل يفعل في الرجل؟

(1) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب حدود الزنى، حديث: 172.
(2) المصدر السابق، حديث: 173.
(3) هاتان الروايتان لا تعارض بينهما الا في باب الحد، فان الظاهر أن بينهما
تعارض فيه، فان الصدوق قال: إن الحد هنا حد الزاني، لان اللام فيه للعهد، والثانية
عينه انه ثمانين، وبه قال المفيد بناءا على أن اللام في الأول للجنس، فيكون مجملا
مبينا في الثانية، ويصير التقدير ان الحد الواجب هناك ثمانون. وهذا أقوى عملا بالجمع
بينهما، خصوصا والراوي واحد والطريق واحد. قال العلامة في المختلف: الظاهر أنهما
واردتان في الحرة أما لو كانت المفضوضة أمة فالأقوى الأرش. والشيخ في النهاية لم
يفرق بينهما عملا بعموم الرواية (معه).
(4) الاستبصار: 4، كتاب الحدود، باب الحد في اللواط، حديث: 11.
558

فقال: (إن كان دون الثقب، فالحد، وإن كان ثقب أقيم قائما وضرب بالسيف) (1).
(49) وروى العلا بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال: (حد اللائط مثل حد
الزاني، وقال: إن كان محصنا فعليه رجم، والا جلد) (2).
(50) وروى حماد بن عثمان، قال: قلت للصادق عليه السلام رجل أتى رجلا؟ قال
عليه السلام: (إن كان محصنا القتل، وإن لم يكن محصنا فعليه الحد) قلت: فما
على المؤتى؟ قال: (القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن) (3) (4).
(51) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام قال: (المساحقة تجلد) (5).
(52) وروى محمد بن حمزة وهشام وحفص عن الصادق عليه السلام انه دخل
عليه نسوة، فسألته امرأة منهن عن السحق؟ فقال: (حدها حد الزاني) فقالت:
المرأة: ما ذكرها الله عز وجل ذلك في القرآن، قال: (بلى) قالت: وأين هو؟

(1) المصدر السابق، حديث: 3.
(2) المصدر السابق، حديث: 7.
(3) المصدر السابق، حديث: 8.
(4) بمضمون الرواية الأولى أفتى الصدوقان، وقالا: ان حكمه القتل كيف كان،
ولم يفرق بين التفخيذ وغيره، لان في الرواية حكم بأن الأول لواط والثاني كفر، وحكم
اللواط القتل فالكفر بالطريق الأولى. وبالرواية الثانية أفتى المفيد وفرق بين التفخيذ
والايقاب، وجعل حكم التفخيذ حكم الزنا، وحكم الايقاب القتل كما هو مضمون الرواية
وبالثالثة أفتى الشيخ وعمم الحكم في اللائط، وقال: ان حكمه حكم الزنا فمع الاحصان
يرجم ومع عدمه يجلد، وبالرابعة قال الصدوق.
قال الشيخ: يحتمل هذه الأخبار شيئين، أما أن يكون الفعل دون الايقاب، فإنه
يعتبر فيه الاحصان وعدمه، وأما أن يحمل على التقية لان ذلك مذهب بعض العامة. والأقوى
ان حكمه حكم الزنا مطلقا، لان الحدود مبنية على التخفيف (معه).
(5) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الحد في السحق، حديث: 3.
559

قال: (هن أصحاب الرس) (1) (2).
(53) وروى أبو خديجة عن الصادق عليه السلام قال: (لا ينبغي لامرأتين أن يناما
في لحاف واحد الا وبينهما حاجز، فان فعلتا نهيتا عن ذلك، فان وجدتا بعد
النهي، في لحاف واحد، جلدت كل واحدة منهما حدا حدا، فان وجدتا
الثالثة جلدتا، فان وجدتا الرابعة قتلتا) (3) (4).
(54) وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: (يضرب القواد ثلاثة
أرباع حد الزاني، خمسة وسبعين سوطا، وينفى عن المصر الذي هو فيه) (5) (6).
(55) وفي الحديث ان عليا عليه السلام كان إذا أخذ شاهد الزور، أشهره فإن كان
غريبا بعث به إلى حيه، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه، ثم يطاف به، ثم

(1) المصدر السابق حديث: 1.
(2) بالرواية الأولى عمل الأكثر وقالوا: ان حدها أن يجلد مائة مطلقا محصنة
وغيرها. وبالرواية الثانية أفتى الشيخ وفصل وقال: انه مع الاحصان يجب الرجم كالزنا
وفهمه من قوله: (حدها حد الزاني). والأكثرون حملوها على أن المراد حد الزاني من
الجلد، وهو الأقوى (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الحد في السحق، حديث: 4، وفيه: (فان
وجدتا الثالثة قتلتا).
(4) اشتهر بين الأصحاب العمل بهذه الرواية وذكروها في فتاويهم. وبعضهم
استضعف الرواية فلم يوجب في الرابعة الا التعزير عملا بالاحتياط في عصمة الدم،
واختاره المحقق والعلامة. فحينئذ كلما تخلل التعزير بعد الثلاثة مرتين، حدتا في السادسة
ثم يعزران في السابعة وهكذا، وهو اختيار الشهيد أيضا، والعمل به أحوط (معه).
(5) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب النوادر، قطعة من حديث: 10.
(6) أما الحد المذكور في الرواية فمتفق عليه. وأما النفي عن المصر فاختلفوا
في أنه هل يجب بالمرة الأولى أو بالثانية، فظاهر الرواية اطلاقه، فالعمل بالاطلاق أولى
(معه).
560

يحبسه أياما، ثم يخلي سبيله (1).
(56) وروى عن الصادق عليه السلام قال: (شهود الزور يجلدون جلدا، ليس له
وقت، ذلك إلى الامام، ويطاف بهم حتى يعرفوا ولا يعودوا، فإذا طيف به
ينادى عليه ان فلانا، أو هذا فلان شهد زورا فاجتنبوه، ولا تثقوا بقوله) (2).
(57) وروى حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " قذف محصنة يحبط عبادة
مائة سنة " (3).
(58) وروى عنه صلى الله عليه وآله " من أقام الصلوات الخمس، واجتنب الكبائر
السبع، نودي يوم القيامة يدخل الجنة من أي باب شاء " فقال رجل: للراوي
الكبائر السبع سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، الشرك بالله، وعقوق
الوالدين، وقذف المحصنات، والقتل، والفرار من الزحف، وأكل مال اليتيم،
والزنا (4).
(59) وروى عبد الرحمان بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام قال: (اليهودية
والنصرانية تحت المسلم، فيقذف ابنها، فيضرب القاذف، لان المسلم

(1) رواه في المهذب، كتاب الحدود، في شرح قول المصنف: (والحد فيه - (أي
في القيادة - خمس وسبعون جلدة).
(2) رواه في المهذب، كتاب الحدود، في شرح قول المصنف: (والحد فيه - أي
في القيادة - خمس وسبعون جلدة)، كما في المتن. ورواه في التهذيب: 6، كتاب القضايا
والاحكام، باب البينات، حديث: 104، إلى قوله: (حتى يعرفه الناس).
(3) رواه في المهذب، كتاب الحدود، في مقدمة حد القذف.
(4) رواه في المهذب، كتاب الحدود، في مقام الاستدلال على أن القذف حرام
بالكتاب والسنة والاجماع، ورواهما في المستدرك: 3، كتاب الحدود والتعزيرات،
باب (1) من أبواب حد القذف، حديث: 8 و 9 نقلا عن عوالي اللئالي.
561

حصنها) (1) (2).
(60) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " كل شراب أسكر فهو حرام " (3).
(61) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " الخمر أم الخبائث، فمن شربها لم يقبل
الله له صلاة أربعين يوما، وان مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية " (4).
(62) وعنه صلى الله عليه وآله: " لعن الله الخمر وعاصرها ومعتصرها وبايعها ومبتاعها
وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وشاربها وآكل ثمنها " (5).
(63) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الله تعالى جعل الذنوب في بيت، وجعل مفتاحها
الخمر " (6).
(64) وقال عليه السلام: " كل مسكر حرام " (7).

(1) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في الفرية والسب والتعريض
بذلك والتصريح والشهادة بالزور، حديث: 55.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية والقاضي وابن الجنيد. وقال
الأكثر: لا يجب الحد بقذفها، بل التعزير، لأنها كافرة، والكافر لا يجب بحده القذف،
لأصالة البراءة. قال العلامة في المختلف: ولا بأس بالعمل بهذه الرواية فإنها واضحة
الطريق، وهو جيد (معه).
(3) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الأشربة، (9) باب كل مسكر حرام، حديث:
3386.
(4) كنز العمال: 5، الفرع الأول، من الفصل الثاني، في حد الخمر، حديث:
13183.
(5) المصدر السابق، حديث: 13177.
(6) الفقيه: 4، باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب، قطعة من حديث: 1،
ولفظ الحديث: (يا علي جعلت الذنوب كلها في بيت واحد وجعل مفتاحها شرب الخمر).
(7) الفقيه: 4، باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب، قطعة من حديث: 1.
وتمامه: (وما أسكر كثيره فالجرعة منه حرام).
562

(65) وقال عليه السلام: " مد من الخمر كعابد الوثن " (1).
(66) وقال عليه السلام: " يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه
عز وجل " (2).
(67) وروى أبو عبيدة في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (من شرب
الخمر فاجلدوه، فان عاد فاجلدوه، فان عاد فاقتلوه) (3).
(68) وروى جميل في الصحيح عن الصادق عليه السلام أنه قال في شارب الخمر:
(إذا شرب الخمر ضرب، فان عاد ضرب، وان عاد قتل) (4).
(69) وروى يونس في الصحيح عن الكاظم عليه السلام قال: (أصحاب الكبائر
كلها إذا أقيم عليهم الحدود مرتين، قتلوا في الثالثة) (5).
(70) وروى أبو الصباح وسليمان بن خالد في الصحيح عن الصادق عليه السلام
مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله مثله (6).
(71) وروى الصدوق مرسلا في كتابه انه يقتل في الرابعة (7) (8).

(1) كنز العمال: 5، الفرع الأول من الفصل الثاني، في حد الخمر، حديث:
13197، وفيه أيضا حديث: 13697، نقلا عن أبي نعيم في الحلية وهو من المسلسلات.
(2) الفقيه: 4، باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب، قطعة من حديث: 1.
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب ان شارب الخمر يقتل في الثالثة،
حديث: 2.
(4) المصدر السابق، حديث: 4.
(5) المصدر السابق، حديث: 6.
(6) التهذيب: 10، باب الحد في السكر وشرب المسكر والفقاع وأكل المحظور
من الطعام، حديث: 27. والفروع: 7، باب ان شارب الخمر يقتل في الثالثة،
حديث: 3.
(7) الفقيه: 4، باب حد شرب الخمر وما جاء في الغنى والملاهي، حديث: 3.
(8) هذه الرواية معارضة لما تقدمها. لان ما تقدمها دال على وجوب القتل في الثالثة
مع أنها روايات صحاح متعددة، وهذه الرواية دلت على أنه يقتل في الرابعة، فهي وان
كانت مرسلة الا ان راويها ثقة فهو ممن يعمل بمراسيله كما يعمل بمسانيده، فارساله اسناد.
وأجيب بأن المسند أولى من المرسل كيف كان، خصوصا وقد كثرت هذه المسانيد
وعاضد بعضها بعضا، فالمصير إليها أوثق في العمل. قيل إن الامر وإن كان كذلك: الا
ان التأخير إلى الرابعة أوثق للاحتياط في الدم (معه).
563

(72) وروي في الحديث ان أول من قطع بالسرقة في الاسلام من الرجال
الجبار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ومن النساء مرة بنت سفيان بن عبد الأسد من
بني مخزوم (1).
(73) وروي ان آية السرقة نزلت في أبي طعيمة بن أبيرق الظفري سارق
الدرع (2).
(74) وروى الزهري عن صفوان بن أمية انه قيل له: من لم يهاجر يهلك،
فقدم صفوان المدينة، فنام في المسجد وتوسد رداءه، فجاء سارق فأخذ رداءه
من تحت رأسه، فأخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر به
أن تقطع يده، فقال صفوان: لم أرد هذا، هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
" فألا قبل أن تأتيني به " (3) (4).

(1) رواه في المهذب، كتاب الحدود، في مقدمة الفصل الخامس في حد السرقة.
(2) المصدر السابق.
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب العفو عن الحدود، حديث: 2، بتغيير
يسير في بعض الألفاظ. والسنن الكبرى للبيهقي 8: 267، باب السارق توهب له السرقة.
(4) علم من هذا الحديث أمور: (أ) ان المسجد يكون حرزا مع مراعاة المالك
لما فيه. (ب) تحتم القطع إذا أثبتت السرقة عند الحاكم، فلا ينبغي حينئذ هبة المالك
ولا عفوه. (ج) سقوط الحد إذا عفى قبل ثبوته عند الحاكم. وفهم ذلك من قوله عليه
السلام: (ألا كان هذا قبل أن تأتيني به) فإنه دل على أنه لو عفى عنه قبل أن يأتي به
إليه لصح العفو عنه (معه).
564

(75) وروي ان امرأة سرقت حليا فأتي بها النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول
الله هل لي من توبة؟ فأنزل الله تعالى (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله
يتوب عليه) (1) (2) (3).
(76) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله اتي بسارق فقطع يده، ثم أمر بها فعلقت في
عنقه (4) (5).
(77) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله اتي برجل قد سرق، فقال: " اذهبوا به فاقطعوا
يده ثم احسموه " (6).
(78) وروي ان عليا عليه السلام كان إذا قطع سارقا حسمه بالزيت (7) (8).

(1) المائدة: 39.
(2) رواه في المهذب، كتاب الحدود، في مقدمة الفصل الخامس في حد السرفة.
(3) فهم من الآية ان الاصلاح شرط في صحة التوبة. والمراد بالاصلاح، قيل:
اصلاح سريرة التائب بأن يكون قلبه موافق لقوله، وقيل: المراد اصلاح عمله، بأن لا
يعود إلى ما تاب منه (معه).
(4) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الحدود، (23) باب تعليق اليد في العنق،
حديث: 2587.
(5) وبهذا استدلوا على أنه يستحب تعليق يد المقطوع في عنقه بعد قطعها كما
فعله النبي صلى الله عليه وآله (معه).
(6) السنن الكبرى للبيهقي 8: 271، كتاب السرقة، باب السارق يسرق أولا
فتقطع يده اليمنى من مفصل الكف ثم يحسم بالنار.
(7) رواه في المهذب، كتاب الحدود، في التذنيبات المتعلقة بحد السارق، كما
في المتن. ورواه في السنن الكبرى للبيهقي 8: 271، كتاب السرقة، باب السارق يسرق
أولا فتقطع يده اليمنى من مفصل الكف ثم يحسم بالنار، بدون كلمة (الزيت).
(8) هذا الحسم مستحب ليس بواجب، لان الأصل عدم الوجوب، ولان الجنابة
غير مضمونة حتى تبقى سرايتها. وصورة الحسم أن يغلى الزيت ويجعل موضع القطع فيه
حتى ينسد أفواه العروق وينحسم خروج الدم منها (معه).
565

(79) وروى الصدوق في كتابه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: (لا يزال
العبد يسرق حتى إذا استوفى دية يده أظهره الله عز وجل عليه) (1).
(80) وروى الشيخ مرفوعا إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(اتي أمير المؤمنين عليه السلام بقوم لصوص قد سرقوا فقطع أيديهم من نصف الكف
وترك الابهام لم يقطعها وأمرهم أن يدخلوا دار الضيافة، وأمر بأيديهم ان تعالج
وأطعمهم السمن والعسل واللحم حتى برؤوا، ودعاهم فقال: (يا هؤلاء ان أيديكم
قد سبقت إلى النار، فان تبتم وعلم الله منكم صدق النية، تاب عليكم وجررتم
أيديكم إلى الجنة، وإن لم تتوبوا ولم تقلعوا عما أنتم عليه جرتكم أيديكم
إلى النار) (2).
(81) وروى ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله اتي بجارية قد سرقت فوجدها لم
تحض فلم يقطعها (3).
وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن الصبي يسرق؟ قال:
(إن كان له سبع سنين أو أقل رفع عنه، فان عاده بعد السبع سنين قطع بنانه أو
حكت أنامله حتى تدمى، فان عاد قطع منه أسفل من بنانه، فان عاد بعد ذلك
وقد بلغ عشر سنين قطعت يده، ولا يضيع حد من حدود الله عز وجل) (4) (5).

(1) الفقيه: 4، باب حد السرقة، حديث: 1.
(2) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة ونبش
القبور والخنق والفساد، حديث، 119.
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد الصبيان في السرقة، حديث: 5،
والحديث عن علي عليه السلام.
(4) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 97، فيه: (وقد بلغ تسع ستين).
(5) بمضمون الرواية الأولى أفتى الأكثر لخروج الصبي عن التكليف، وقد اعترض
على الرواية بعدم تسليم السند، أو بالحمل على أول مرة. وبالرواية الثانية أفتى الصدوق.
والشيخ رحمه الله قال: إن الصبي يهدد أولا ويعفى عنه، فإذا عاد ثانيا أدب، فان عاد
ثالثا حكت أنامله حتى تدمى، فان سرق رابعا قطعت أنامله، فان سرق خامسا قطع كالبالغ.
وأجاب عن قولهم: انه ليس بمكلف، ان هذا ليس من باب التكليف، لأنه ليس
من باب الخطاب التكليفي، وإنما هو من باب خطاب الوضع، والأسباب الجعلية الموضوعة
علامة على مسبباتها، فلا دخل للتكليف فيها. واحتج على التفصيل الذي ذكره بأحاديث
متظافرة وروايات متواتر دالة على ذلك، ذكرها في كتابيه، ولأنه المشهور بين الأصحاب،
وفتوى أكثرهم عليه، وهذا هو المعتمد (معه).
566

(82) وروى الشيخ عن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام في
رجل أخذ بيضة من المغنم وقالوا: قد سرق فاقطعه؟ فقال: (اني لم أقطع
أحدا له فيما أخذ شركة) (1).
(83) وروى عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: قلت: رجل سرق
من المغنم، أي شئ الذي يجب عليه أيقطع؟ قال: (ينظر الذي يصيبه، فإن كان
الذي أخذ أقل من نصيبه، عزر ودفع إليه تمام ماله. وإن كان الذي أخذ
مثل الذي له فلا شئ عليه. وإن كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن وهو ربع دينار
قطع) (2).
(84) وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن
البيضة التي قطع فيها أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: (كانت بيضته حديد سرقها رجل
من المغنم فقطعه) (3) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد القطع وكيف هو، ذيل حديث: 7.
(2) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 27.
(3) المصدر السابق، حديث: 25.
(4) بالرواية الأولى أفتى الشيخ والمفيد وفخر المحققين، ويعضدها تحقق الشركة
المعلل بها في الرواية مع عدم العلم بقدر نصيبه والشبهة مسقطة للحد، وبمضمون الثانية أفتى
الشيخ في النهاية وابن الجنيد. وأما الرواية الثالثة فلا حجة فيها للفريقين، أما أولا فلانه ليس
فيها ما يدل على أن السارق من الغانمين، وأما ثانيا فلأنها حكاية حال، وحكاية الحال لا تعم،
فجاز اختصاص القطع هناك بشئ أوجبه، وأما ثالثا فجاز أن يكون القطع هناك لموجب
شرعي لا يعلم علته. والعمل بالرواية الأولى أحوط، لابتناء الحدود على التخفيف (معه).
567

(85) وروى سليمان عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل استأجر أجيرا
فسرق من بيته هل تقطع يده؟ قال: (هذا مؤتمن ليس بسارق هذا خائن) (1) (2).
(86) وروى محمد بن قيس في الحسن عن الباقر عليه السلام قال: (الضيف إذا
سرق لم يقطع، وان أضاف ضيفا فسرق قطع ضيف الضيف) (3).
(87) وروي عن علي عليه السلام أنه قال: (لا قطع في الدغارة المعلنة، وهي
الخلسة، ولكني أعزره، ولكن ما يأخذ ويخفى) (4).
(88) روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا قطع الا من حرز " (5).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الأجير والضيف، حديث: 3.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ والصدوق، وقالا: لا قطع على الأجير مطلقا
لتعليله في الرواية بأنه مؤتمن، والسارق ليس بمؤتمن، ينتج الأجير ليس بسارق.
والأكثرون حملوا الرواية على عدم الاحراز عنه، لأنه إذا لم يحرز عنه كان مؤتمنا،
فيصدق فيه التعليل المذكور في الرواية، فأما إذا أحرز عنه فليس كذلك، فلا يدخل في
عموم الآية، وكذا البحث في الرواية الواردة في الضيف، فان الحكم فيهما واحد.
وكذا الكلام في الزوج والزوجة والوكيل وما أشبه ذلك من أهل الاستيمان، فإنه مع
الاستيمان لا حرز فلا قطع، ومع الاحراز يتحقق القطع، لتحقق هتك الحرز (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب الأجير والضيف، حديث: 4.
(4) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب ما يجب على الطرار والمختلس من الحد،
حديث: 1 و 2.
(5) رواه في المهذب، كتاب الحدود في شرح قول المصنف: (ولا بد من كونه
محرزا بقفل أو غلق أو دفن). ورواه في المستدرك: 3، كتاب الحدود والتعزيرات،
باب (17) من أبواب حد السرقة، حديث: 9، نقلا عن عوالي اللئالي.
568

(89) وقال عليه السلام: " لا قطع في ثمر معلق، ولا في حريسة جبل. فإذا آواه
المراح أو الحرس فالقطع فيما بلغ ثمن المجن " (1).
(90) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام قال:
(لا يقطع الا من نقب نقبا أو كسر قفلا) (2) (3).
(91) وروي عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام
قال: (كل مدخل يدخل فيه بغير إذن فسرق منه السارق فلا قطع عليه (يعنى الحمام
والأرحية (4) (5).
(92) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام ان عليا عليه السلام قطع نباش
القبر، فقيل له: أتقطع في الموتى؟ فقال (انا نقطع لأمواتنا كما نقطع لاحيائنا) (6).

(1) كنز العمال: 5، في حد السرقة، حديث: 13328.
(2) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة ونبش
القبور والخنق والفساد، حديث: 40.
(3) هذه الأحاديث دالة على أنه لا قطع الا فيما يؤخذ من الحرز. أما ما لا يكون
محرزا فلا قطع. وعلى ذلك اتفاق الأصحاب. ولا تقدير للحرز في عرف الشرع، بل
الرجوع فيه إلى عرف الناس وعاداتهم فيختلف أحواله باختلاف الأحوال (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة ونبش
القبور والخنق والفساد، حديث: 39.
(5) هذه الرواية دالة على أن الأمكنة المأذون في غشيانها كالحمامات والخانات
والأرحية والمساجد والمدارس وأمثالها لا قطع من السرقة منها بمضمون الرواية على ما
ذهب إليه الأكثر، عملا بمقتضاها. وبعض الأصحاب قيدها بعدم مراعاة المالك، فقال:
انه مع مراعاة المالك يثبت فيها القطع، محتجا بقضية رداء صفوان، وهو جيد (معه).
(6) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة ونبش
القبور والخنق والفساد، حديث: 81.
569

(93) وروي ان أمير المؤمنين عليه السلام اتي بنباش فأخذ شعره فجلد به الأرض
ثم قال: (طؤا عباد الله عليه، فوطئ حتى مات) (1).
(94) وروى منصور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (يقطع النباش
والطرار، ولا يقطع المختلس) (2).
(95) وروى عيسى بن صبيح مثله (3).
(96) وروى علي بن سعيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النباش؟ قال:
(إذا لم يكن النبش له بعادة لم يقطع ويعزر) (4).
(97) وروى الشيخ عن ابن أبي بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام
في النباش: (إذا أخذ أول مرة عزر، فان عاد قطع) (5) (6).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد النباش، حديث: بتفاوت يسير
في بعض الألفاظ.
(2) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة ونبش
القبور والخنق والفساد، حديث: 77.
(3) المصدر السابق، حديث: 79.
(4) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 82.
(5) المصدر السابق، حديث: 85.
(6) الرواية الأولى دلت على وجوب القطع بالنبش بناءا على أن القبر حرز للكفن
الا ان بعضهم استدل بها على أنه لا قطع الا إذا كان ما أخذ بقدر النصاب، لأنه عليه السلام
شبه القطع للموتى بالقطع للاحياء، والتشبيه يستدعى المساواة، وقد عرفت في الاحياء
اشتراط النصاب، فيجب في الموتى كذلك، وهذا مختار الأكثر.
وأما الرواية الثانية فهي دلت على وجوب قتله، وهي محصولة على المتكرر منه
ذلك، فأما من لا يتكرر منه فلا قتل عليه. وبعضهم قيد القطع في النباش بالتكرر، وقال:
انه في أول مرة ليس عليه الا التعزير، بناءا على أن القبر ليس بحرز، واطلاق الروايات
يأبى هذا القيد، فان الرواية الثالثة صريحة بقطع النباش والطرار وعدم قطع
المختلس مع تساوى الكل في حكم التكرار وعدمه.
وكذا حكم الرواية الرابعة والشيخ حملها على المعتاد، هذا إذا كان مجرد النبش
من دون أخذ الكفن، فأما إذا نبش وأخذ الكفن فلا كلام في قطعة بأول مرة إذا أخذ
نصابا، فلذا تحمل الرواية الخامسة على النبش المجرد عن أخذ الكفن، فإنه صرح فيها
بأنه إذا لم يكن النبش له بعادة لا تقطع بل يعزر، وكذلك الرواية السادسة صريحة بذلك
فيصير قطعه من التكرار سواء أخذ أو لم يأخذ لإفساده واضراره ويصدق التكرار بالثانية
بمضمون الرواية السادسة، فإنها دالة عليه.
وقال المفيد: لا يكون الا بالثالثة. فأما القتل الواجب بالاعتياد، فإنه أيضا لإفساده
وهي حكم منوط بنظر الامام موكول إلى اجتهاده (معه).
570

(98) وروى سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام عن رجل سرق سرقة فكابر
عليها، فضرب فجاء بها بعينها، هل يجب عليه القطع؟ قال: (نعم ولكن إذا
اعترف ولم يجئ بالسرقة لم يقطع يده، لأنه اعترف بالعذاب) (1) (2).
(99) وروى الصدوق مرفوعا إلى الصادق عليه السلام قال: (كان أمير المؤمنين عليه السلام
إذا سرق الرجل أولا، قطع يمينه، فان سرق ثانيا قطع رجله اليسرى، فان عاد

(1) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 28.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية والعلامة في المختلف، لان
اتيانه بالعين بعد الاقرار بالسرقة قرينة دالة على وقوعها منه، كدلالته في الخمر على
شربها. ومنع ابن إدريس على العمل بالرواية ووافقه المحقق والعلامة في القواعد وولده،
لان اتيانه بالسرقة أعم من السرقة، والعام لا يدل على الخاص فتتحقق الشبهة المسقطة للحد.
والاقرار لا اعتبار به، لأنه وقع عن الجاء، فوجوده كعدمه، فلا دلالة فيه، والا
لدل مطلقا، فتبقى الدلالة مختصة بالاتيان بالسرقة، وقد عرفت ضعف دلالتها في السرقة
وهذا أحوط (معه).
571

الثالثة خلده في السجن، وأنفق عليه من بيت المال) (1) (2).
(100) وروي (انه إذا سرق في السجن قتل) (3).
(101) وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام فيمن سرق ويده
اليسرى مقطوعة في قصاص: (لم يقطع يمينه، لئلا يبقى بلا يدين، ولكن يخلد
في السجن) (4) (5).
(102) وروى البرقي عن بعض أصحابه عن بعص الصادقين عليهم السلام قال: (جاء رجل
إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأقر بالسرقة، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: (أتقرأ شيئا من
كتاب الله؟) قال: نعم سورة البقرة، قال له أمير المؤمنين عليه السلام: (قد وهبت يدك
لسورة البقرة) فقال الأشعث: أتعطل حدا من حدود الله تعالى؟ فقال: (وما يدريك
بهذا. إذا قامت البينة فليس للامام أن يعفو، وإذا أقر الرجل على نفسه فذلك
إلى الامام ان شاء عفى وان شاء قطع) (6).
(103) وروى جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام قال:

(1) الفقيه: 4، باب حد السرقة، حديث: 14.
(2) وعلى هذه الرواية عمل الطائفة بغير نكير (معه).
(3) الفقيه: 4، باب حد السرقة، حديث: 15.
(4) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، قطعة من حديث: 38، ولفظ الحديث: قال: فقلت له:
لو أن رجلا قطعت يده اليسرى في قصاص فسرق ما يصنع به؟ قال: فقال: (لا يقطع ولا
يترك بغير ساق).
(5) بهذه الرواية أفتى ابن الجنيد. وأما الشيخ في المبسوط فإنه قال: يقطع
رجله اليسرى ولا يحبس. وأوجب ابن إدريس هنا التعزير لا غير. والأقوى ان ذلك يرجع
إلى نظر الامام (معه).
(6) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 133.
572

(لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، فان رجع ضمن السرقة ولم يقطع
إذا لم يكن شهود) (1).
(104) وروى الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام: (إذا أقر الرجل على
نفسه انه سرق، ثم جحد، فاقطعه وان رغم أنفه) (2) (3).
(105) وروى بكير بن أعين عن الباقر عليه السلام في رجل سرق فلم يقدر عليه
ثم سرق مرة أخرى فأخذت، فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى والسرقة
الأخيرة؟ فقال: (تقطع يده بالسرقة الأولى، ولا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة)
فقلت: وكيف ذلك؟ فقال: (لان الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة
الأولى والأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الأولى. ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة
الأولى ثم أمسكوا حتى تقطع يده، ثم شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة، قطعت
رجله اليسرى) (4) (5).

(1) المصدر السابق، حديث: 132.
(2) المصدر السابق، حديث: 120.
(3) بمضمون الرواية الأولى أفتى الشيخ في النهاية والعلامة في المختلف وولده
في الايضاح. وبمضمون الرواية الثانية أفتى الشيخ في المبسوط وابن إدريس والمحقق
والعلامة في القواعد وحمل العلامة في المختلف الثانية على رجوعه بعد قيام البينة،
لأنها العلة الكافية في وجوب القطع، فلا عبرة برجوعه، لان استيفاء الحد إنما هو بالبينة
لا باقراره.
لكنا نقول: الرواية الثانية صحيحة والأولى مرسلة فكيف صح المعارضة بينهما،
بل الذي ينبغي، العمل على الصحيحة وترجيحها، لان المرسل لا يعارض الصحيح قطعا
(معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 35.
(5) هذه الرواية أسقطها العلامة، لان في طريقها سهل بن زياد وهو ضعيف (معه).
573

(106) وروى جميل بن دراج في الحسن عن الصادق عليه السلام، قال: سألته عن
قول الله عز وجل: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية) (1) فقلت:
أي شئ عليهم من هذه الحدود التي سمى الله قال: (ذلك إلى الامام ان شاء
قطع وان شاء صلب وان شاء قتل وان شاء نفى). قلت النفي إلى أين؟ قال:
(ينفي من مصر إلى مصر آخر - وقال -: ان عليا عليه السلام نفى رجلين من الكوفة
إلى البصرة) (2) (3).
(107) وروى عبد الله المدايني عن الصادق عليه السلام قال: قلت له جعلت فداك
أخبرني عن قول الله عز وجل: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون
في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو
ينفوا من الأرض) (4) قال: فعقد بيده، ثم قال: (يا عبد الله خذها أربعا بأربع
ثم قال -: ان حارب الله وسعى في الأرض فسادا فقتل قتل. وان قتل وأخذ
المال، قتل وصلب. وان أخذ المال ولم يقتل، قطعت يده ورجله من خلاف
وان حارب الله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال، نفي من الأرض)

(1) سورة المائدة: 33.
(2) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 145.
(3) تضمنت هذه الرواية تخيير الامام في الأحوال الأربعة، وبمضمونها أفتى
المفيد معتضدا مع ذلك بظاهر الآية، فان (أو) للتخيير. وتضمنت الرواية الثانية الترتيب على
النحو المذكور فيها وبمضمونها أفتى الشيخ، والأقوى التخيير. وأما الرواية الثالثة
فدالة على عموم هذا الحكم بكل من أشهر سلاحا، لان (من) من ألفاظ العموم فيتناول
الذكر والأنثى والصغير والكبير. وابن إدريس منع النساء محتجا بأنهن في الحرب لا تقتلن
ثم قال: المفهوم من عموم الآية لا فرق (معه).
(4) سورة المائدة: 33.
574

قال: قلت ما حد نفيه؟ قال: (سنة ينفى من الأرض التي فعل فيها إلى غيرها،
ثم يكتب إلى أهل ذلك المصر بأنه منفي ولا يؤاكلوه ولا يشاربوه ولا يناكحوه
حتى يخرج إلى غيره، فيكتب إليهم أيضا بمثل ذلك، ولا يزال هذه حالة سنة،
فإذا فعل به ذلك تاب وهو صاغر) (1).
(108) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (من
أشهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه) (2).

(1) التهذيب: 10، كتاب الحدود، باب الحد في السرقة والخيانة والخلسة
ونبش القبور والخنق والفساد، حديث: 140.
(2) المصدر السابق، قطعة من حديث: 141.
575

باب القصاص
(1) روى أنس قال: كسرت الربيع بنت مسعود، وهي عمة أنس، ثنية
جارية من الأنصار، فطلب القوم القصاص. فأتوا النبي صلى الله عليه وآله فأمر بالقصاص.
فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك: لا والله تكسر ثنيتها يا رسول الله، فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " يا أنس في كتاب الله القصاص " فرضى القوم وقبلوا الأرش،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان من عباد الله من لو اقسم لأبر قسمه " (1) (2).
(2) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لو اجتمعت ربيعة ومضر على قتل مسلم، لقدتهم
به " (3).
(3) وقال الصادق عليه السلام: (من قتل مؤمنا متعمدا قيد به إلا أن يرضى أولياء

(1) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الديات، (16) باب القصاص في السن، حديث:
2649.
(2) موضع الدلالة من هذا الحديث قوله عليه السلام: (كتاب الله القصاص)
وذلك في قوله تعالى: " السن بالسن والجروح قصاص " فذلك دال على شرعية القصاص
في الكتاب (معه).
(3) رواه في المهذب، في المقدمة الأولى من مقدمات كتاب القصاص.
576

المقتول أن يقبلوا الدية) (1).
(4) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " أول ما ينظر الله بين الناس يوم القيامة الدماء " (2).
(5) وروى أنه صلى الله عليه وآله مر بقتيل، فقال: " من لهذا؟ " فلم يذكر له، فغضب
ثم قال: " والذي نفسي بيده لو اشترك فيه أهل السماء والأرض لأكبهم الله في
النار " (3).
(6) وروى محمد بن أبي نصر عن منصور بن يونس عن أبي حمزة عن
أحدهما عليهما السلام قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل يا رسول الله: قتيل في جهينة،
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى مسجدهم وتسامع به الناس فاتوه فقال
عليه السلام: " من قتل ذا؟ " قالوا يا رسول الله: ما ندري، قال: " قتيل من المسلمين
بين ظهراني المسلمين، لا يدرى من قتله! والذي بعثني بالحق لو أن أهل
السماء والأرض اجتمعوا فشركوا في دم امرء مسلم ورضوا به أكبهم الله على
مناخرهم في النار ". أو قال: " على وجوههم ") (4).
(7) وروى الصدوق في الصحيح عن الصادق عليه السلام أنه قال: (من
أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة بين عينيه مكتوب، آيس من
رحمة الله) (5).

(1) الاستبصار، كتاب الديات، باب مقدار الدية، قطعة مع حديث: 7.
(2) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الديات، (1) باب التغليظ في قتل مسلم ظلما،
حديث: 2615، ولفظه: (أول ما يقضى بين الناس الخ).
(3) السنن الكبرى للبيهقي 8: 22، كتاب الجنايات، باب تحريم القتل من السنة
بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
(4) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القتل، حديث: 8.
(5) الفقيه: 4، باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها والنهى عن التعرض لما لا
يحل والتوبة من القتل إذا كان عمدا أو خطاءا، حديث: 7.
577

(8) وروى عن الباقر عليه السلام (ان أول ما يحكم الله فيه يوم القيامة الدماء،
فيوقف أبنا آدم فيفضل بينهما ثم الذين يلونهما من أصحاب الدماء حتى لا
يبقى منهم أحد من الناس بعد ذلك حتى يأتي المقتول بقاتله فيتشخب دمه
في وجهه، فيقول: هذا قتلني، فيقول: أنت قتلته، فلا يستطيع ان ينكر ولا يكتم
الله حديثا) (1).
(9) وروى حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (يجيئ يوم القيامة
رجل إلى رجل حتى يلطخه بالدم والناس في الحساب، فيقول: يا عبد الله مالي
ولك؟ فيقول: أعنت على يوم كذا وكذا بكلمة، فقتلت) (2).
(10) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (من قتل رجلا مؤمنا يقال له: مت
أي ميتة شئت يهوديا وإن شئت نصرانيا وإن شئت مجوسيا) (3).
(11) وفي الحديث ان رجلا قتل مائة رجل ظلما، ثم سأل هل من توبة،
فدل على عالم فسأله؟ فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة، ولكن اخرج من
القرية السوء إلى القرية الصالحة فا عبد الله فيها، فخرج تائبا فأدركه الموت
في الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فبعث إليهم ملكا
فقال: قيسوا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فاجعلوه من أهلها، فوجدوه
أقرب إلى القرية الصالحة بشبر فجعلوه من أهلها) (4).
(12) وروى الصدوق في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سئل عن المؤمن

(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القتل، حديث: 2.
(2) الفقيه: 4، باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها والنهى عن التعرض لما لا
يحل والتوبة من القتل إذا كان عمدا أو خطاءا، حديث: 4.
(3) المصدر السابق، حديث: 15.
(4) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الديات، (2) باب هل لقاتل مؤمن توبة، قطعة من
حديث: 2622، والحديث طويل.
578

يقتل المؤمن متعمدا، أله توبة؟ فقال: (إن كان قتله لايمانه فلا توبة له، وان قتله
لغضب أو بسبب شئ من أمر الدنيا، فان توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم
به أنطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فان عفوا عنه فلم يقتلوه
أعطاهم الدية، واعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستين مسكينا توبة
إلى الله عز وجل) (1) (2).
(13) وروى الشيخ في التهذيب عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال
قال أبو عبد الله عليه السلام: (لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو آجرة أو بعود فمات
كان عمدا) (3).
(14) وروى جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما قال: (قتل العمد
كلما تعمدته بالضرب ففيه القود. وإنما الخطاء ان تريد الشئ فتصيب غيره
وقال: إذا أقر على نفسه بالقتل، قتل وإن لم تكن عليه بينة) (4).
(15) وروى داود بن الحصين عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

(1) الفقيه: باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها والنهى عن التعرض لما لا يحل
والتوبة من القتل إذا كان عمدا أو خطاءا، حديث: 14.
(2) التوفيق بين هذين الحديثين وبين ما تقدمهما، ان الأحاديث الأول محمولة على
عدم التوبة، وهذان الحديثان مصرحان بأنه مع التوبة يكون معفوا عنه. والحديث الثاني
مصرح فيه بمعنى التوبة من القاتل. لان حق القتل متعلق بثلاثة، حق الله وهو مخالفة أمره
وحق الورثة وهو تفويتهم منافع مورثهم وابطال حياته عنهم، وهو القصاص أو عفوهم عن
الكل، وحق المقتول وهو ادخال الألم عليه بإذاقته طعم السلاح وتفويت نفسه.
فالتوبة من الأولى تحصل بالاستغفار والكفارة، والتوبة من الثانية تحصل بتسليم
نفسه إلى الورثة حتى يتصرفون فيه بما يرضون من عفو أو أخذ دية أو قصاص. وأما
التوبة من الثالثة فغير ممكنة، بل يؤخر حكمها إلى يوم القيامة، فأما أن تقتل، أو يؤخذ
العوض من الله أو من حسنات الجاني (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضاء في الديات والقصاص، حديث: 5.
(4) المصدر السابق، حديث: 2.
579

سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة، أهو أن يتعمد ضرب رجل ولا يتعمد
قتله؟ قال: (نعم) قلت: ومن رمى شاة فأصاب انسانا؟ قال: (ذلك الخطأ الذي
لاشك فيه، عليه الدية والكفارة) (1).
(16) وروى أبان بن عثمان عن أبي العباس عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت
له: أرمى الرجل بالشئ الذي لا يقتل مثله؟ قال: (هذا خطأ، ثم أخذ حصاة
صغيرة فرمى بها) قلت: فأرمى الشاة فأصيب رجلا؟ فقال: هذا الخطأ الذي
لاشك فيه، والعمد الذي يضرب بالشئ الذي يقتل مثله (2).
(17) وروى يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان ضرب
رجل رجلا بالعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلم فهو شبه العمد،
والدية على القاتل. وان علاه وألح عليه بالعصا أو بالحجارة حتى يقتله، فهو
عمد يقتل به. وان ضربه ضربة واحدة فتكلم ثم مكث يوما أو أكثر من يوم ثم
مات فهو شبه العمد) (3) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب قتل العمد وشبه العمد والخطاء، حديث: 5.
(2) المصدر السابق، حديث: 10.
(3) المصدر السابق، حديث: 9.
(4) خمس روايات أولها ما رواه الشيخ في التهذيب. الروايتان الأولتان دلتا
على أنه لا فرق بين العمد وشبهه وصرحتا بأن من ضرب بأي شئ واتفق القتل كان عمدا
فيه القود. وأكثر الأصحاب ضعفوهما، أما الرواية الأولى فمن أن راويها ابن أبي حمزة
وهو من المشهورين بالضعف. وأما الثانية فضعفها من إرسالها، والروايات الثلاث المتأخرة
دلت على الفرق بين العمد وبين شبه العمد والخطأ المحض، وجعل العمد على ما قصد فيه
الفعل والقتل، أما بأن يضرب بما يقتل غالبا، أو يكرر الضرب بما لا يقتل غالبا حتى يقتل
أو يضرب في الموضع الذي هو موضع القتل غالبا وهذا هو العمد المحض الذي فيه
القود. وان قصد الضرب بما لا يقتل غالبا ولم يقصد القتل فاتفق القتل، فهو شبه العمد
الذي لا قود فيه والدية يلزم القاتل. والخطأ المحض أن لا يقصد الضرب ولا القتل فيتفق
القتل، وهذا لا قود فيه ولا دية على القاتل، والدية يلزم العاقلة. وبمضمون هذه الروايات
أفتى الأكثر، وهو المذهب المشهور بينهم (معه).
580

(18) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: في
رجل أمر عبده ان يقتل رجلا، فقتله. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: وهل عبد الرجل
الا كسوطه أو كسيفه. يقتل السيد به ويستودع العبد السجن (1).
(19) وروى إسحاق بن عمار عنه عليه السلام مثله (2).
(20) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام في رجل أمر رجلا بقتل رجل، فقتله؟
قال: (يقتل به الذي قتله ويحبس الامر بقتله في الحبس حتى يموت) (3).
(21) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يطل دم امرء مسلم " (4) (5).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الرجل يأمر رجلا بقتل رجل، حديث: 3.
(2) المصدر السابق، حديث: 2.
(3) المصدر السابق، حديث: 1.
(4) رواه في المهذب، كتاب القصاص، في شرح قول المصنف: (ولو كان المأمور
عبده فقولان الخ). وفى الفقيه: 4، باب القسامة، حديث: 5، عن علي عليه السلام.
(5) دلت الروايتان الأولتان على أن المباشر إذا كان عبدا باشر القتل بأمر السيد
كان القود على السيد، ولم يفرق فيهما بين كون العبد مكرها أو غير مكره، وبين كونه
صغيرا أو كبيرا. وبمضمونهما أفتى ابن الجنيد والشيخ في النهاية. وحملهما بعض
الأصحاب على صغر العبد، لأنه المناسب للأدلة العقلية. قلت: وينبغي أيضا أن يقيد بعدم
التميز أو كونه مجنونا وإن كان كبيرا حتى يصير كالآلة المشار إليها في الأحاديث. وأكثر
الأصحاب على أن المباشر هو المختص بالقود، والحبس يختص بالأمر، سواء كان المباشر
عبدا أو حرا صغيرا أو كبيرا، إلا أن يكون غير مميز أو مجنونا، وبهذا صرحت رواية
زرارة.
وفى الاستبصار حمل الروايتين الأولتين على من تعتاد قتل الناس بالجاء عبيده واكراههم
على ذلك، ومن هذه صورته يجب قتله لإفساده في الأرض. ورواية زرارة مطابقة
لظاهر القرآن، لأنه تعالى يقول: " النفس بالنفس " ومعلوم انه أراد نفس القاتل. وفخر
المحققين أوجب على السيد بأمره العبد مع صغره، الدية خاصة، ولم يفرق بين كونه مجنونا
وغيره، لان المأمور كالآلة وهو لم يباشر القتل، فوجب الدية عليه، واحتج على ذلك
بعموم الحديث الرابع، فإنه حكم فيه بأنه لا يطل دم امرء مسلم، فإن لم يؤخذ الدية من
الامر، لزم طله، لان أخذها من غير الامر غير جائز اجماعا، والطل غير جائز بمضمون
الحديث، فتوجهت الدية عليه.
والأصح في هذا الحكم ان غير المميز والمجنون آلة محضة وحينئذ يتوجه القود
على الامر، وعليه يحمل الروايتان الأولتان. أما العاقل والمميز فلا يلزم الامر بل المباشر
وعليه يحمل الروايات الأخرى (معه).
581

(22) وروى محمد بن قيس عن أحدهما عليهما السلام في رجل فقاء عيني رجل
وقطع أنفه وأذنيه، ثم قتله؟ فقال: (إن كان فرق بين ذلك اقتص منه ثم يقتل،
وإن كان ضربه ضربة واحدة، ضربت عنقه ولم يقتص منه) (1).
(23) وروى حفص بن البختري عن الصادق عليه السلام مثله سواء (2) (3).
(24) وروى حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ان قتلت المرأة الرجل، قتلت
به، وليس لهم الا نفسها) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، (باب آخر) (باب الرجل يضرب الرجل
فيذهب سمعه وبصره وعقله)، حديث: 1.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 35.
(3) بمضمون هاتين الروايتين أفتى الشيخ في النهاية وخالفه ابن إدريس، وقال:
أنه يقول بدخول قصاص الطرف في قصاص النفس مطلقا احتجاجا بعموم الآية، وقال
العلامة في المختلف: قول ابن إدريس لا بأس به، ثم توقف، وقال الشيخ في المبسوط
بالتداخل مطلقا، والعمل بالروايتين جيد (معه).
(4) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الرجل يقتل المرأة والمرأة تقتل الرجل
وفضل دية الرجل على دية المرأة في النفس والجراحات، قطعة من حديث: 2.
582

(25) وروى ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عنه عليه السلام في المرأة تقتل الرجل
ما عليها؟ قال: (لا يجنى الجاني على أكثر من نفسه) (1).
(26) وروى أبو مريم الأنصاري (واسمه عبد الغفار بن القاسم) وهو ثقة
في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: في امرأة قتلت رجلا؟ قال: (تقتل
ويؤدى وليها بقية المال) (2) (3).
(27) وروى أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: قول الله عز وجل:
(كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والاثني بالأنثى) (4).
قال: (لا يقتل حر بعبد ولكن يضرب ضربا شديدا ويغرم ثمنه دية العبد) (5).
(28) وروى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام في رجل قتل
مملوكه أو مملوكته؟ قال: إن كان المملوك له، أدب وحبس، إلا أن يكون
معروفا بقتل المماليك، فيقتل به) (6).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، حديث: 9.
(2) المصدر السابق، حديث: 14.
(3) مضمون الروايتين الأولتين هو المشهور بين الأصحاب، وقد عضدها روايات
أخرى متظافرة عن أهل البيت عليهم السلام، ولم يعارضها الا الرواية الثالثة. قال
الشيخ في الاستبصار: هذه رواية شاذة لم يروها الا أبو مريم، وان تكررت في الكتب في
مواضع متفرقة، ومع ذلك فهي مخالفة لظاهر الكتاب، ثم قال: ولا يبعد دعوى الاجماع
على الأول. قال الشيخ أبو العباس: الراوي ثقة والطريق صحيح، لكن الأصول وعمل
الأصحاب على خلافه (معه).
(4) سورة البقرة: 178.
(5) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الرجل الحر يقتل مملوك غيره أو يجرحه
والمملوك يقتل الحر أو يجرحه، حديث: 1.
(6) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الرجل يقتل مملوكه أو ينكل به، حديث: 5.
583

(29) وروى الشيخ في التهذيب عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله
عليه السلام (ان أمير المؤمنين عليه السلام رفع إليه رجل عذب عبده حتى مات، فضربه
مائة نكالا، وحبسه سنة، وغرمه قيمة العبد، فتصدق بها عنه) (1).
(30) وروى يونس مرسلا عن بعض من رواه عن أبي عبد الله عليه السلام في
رجل قتل مملوكه؟ (انه يضرب ضربا شديدا، وتؤخذ منه قيمته لبيت المال) (2) (3).
(31) وروى أبو بصير في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن مدبر
قتل رجلا عمدا؟ قال: فقال: (يقتل به) قلت: فان قتله خطاءا؟ قال: فقال:
(يدفع إلى أولياء المقتول، فيكون لهم فان شاءوا استرقوه وليس لهم قتله) قال:
ثم قال: (يا أبا محمد المدبر مملوك) (4).

(1) المصدر السابق، حديث: 6.
(2) المصدر السابق، حديث: 7، ولفظه: (وأخذ منه قيمة العبد ويدفع إلى
بيت مال المسلمين الحديث).
(3) الرواية الأولى دلت بعمومها على أن الحر لا يقتل بالعبد، سواء كان عبده أو
عبد غيره، وهو مذهب الشيخ في النهاية، اعتمادا على عموم الرواية، لان الأصل عدم
التخصيص. والرواية الثانية دلت على ما دل عليه الأولى الا انه زيد فيها الحبس، وانه
إذا اعتاد قتلهم قتل، وهي مختصة بمملوكه وبمضمونها أفتى التقى وابن زهرة. والظاهر أنه
لا اختصاص لهذا الحكم بما خصه الرواية، بل لو اعتاد قتل العبيد سواء كان له أو
لغيره قتل، ويرجع في الاعتياد إلى العرف.
وقال ابن الجنيد: في عبد غيره، يقتل في الثالثة أو الرابعة، وأما عبد نفسه فقيده
بالعادة. والباء في قوله: (يقتل به) للسببية. والرواية دلت على أنه يجب التصدق بقيمته
واليه ذهب أكثر الأصحاب حتى كان أن يكون قريبا من اجماعهم، والعلامة تردد فيه،
لضعف سند الرواية عنده، فان طريقها عنده سقيم، وباقي الروايات لم يذكر فيها الكفارة
وأما الرواية الرابعة فهي مرسلة متروكة العمل بين الأصحاب، والمشهور قول الشيخ في
النهاية (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، حديث: 79.
584

(32) وروى جميل بن دراج في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: قلت له:
مدبر قتل رجلا خطأ، من يضمن عنه؟ قال: (يصالح عنه مولاه، فان أبي دفع
إلى أولياء المقتول يخدمهم حتى يموت الذي دبره، ثم يرجع حرا لا سبيل
عليه) (1).
(33) وروى هشام بن أحمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن مدبر
قتل رجلا خطاءا؟ قال: (أي شئ رويتم في هذا؟) قال: قلت: روينا عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: يتل برمته إلى أولياء المقتول، فإذا مات الذي دبره عتق قال:
(سبحان الله فيطل دم امرء مسلم) قلت: هكذا روينا، قال: (غلطتم على أبي،
يتل برمته إلى أولياء المقتول، فإذا مات الذي دبره استسعى في قيمته) (2) (3)
(34) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في حديث طويل إلى
أن قال: وسألته عن المكاتب إذا أدى نصف ما عليه؟ قال: (هو بمنزلة الحر في

(1) المصدر السابق، حديث: 80.
(2) المصدر السابق، حديث: 82.
(3) الرواية الأولى صحيحة الطريق موافقة للأصل، وبمضمونها قال الأكثر: وفيها
نص على أن المدبر مملوك، فدل على أن التدبير وصية لم يخرج به العبد عن كونه عبدا
فيبطل تدبيره ما يبطل به الوصية.
والرواية الثانية حسنة الطريق، وبمضمونها أفتى الشيخان بناءا على أن التدبير عتق
بصفة، فلا يبطل بالجناية.
والرواية الثالثة دلت على ما دلت عليه قبلها، الا ان فيه زيادة السعي إذا مات
المدبر. والمفيد لم يحكم بذلك لان حسنة جميل صرحت بأنه بعد موت المدبر حر لا سبيل
عليه. والصدوق عمل برواية هشام وأوجب على المملوك السعي بقدر قيمته.
وفخر المحققين أوجب السعي في أقل الأمرين من الجناية وقيمة العبد، والعمل
بالذي عليه الأكثر أقوى (معه).
585

الحدود، وغير ذلك من قتل أو غير ذلك) (1) (2).
(35) وروى الشيخ في الاستبصار عن علي بن عقبة عن الصادق عليه السلام قال:
سألته عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟ قال: (هو لأهل الأخير من
القتلى ان شاءوا قتلوه وان شاءوا استرقوه، لأنه إذا قتل الأول استحق أولياءه
فإذا قتل الثاني استحق من أولياء الأول، فصار لأولياء الثاني فإذا قتل الثالث
استحق من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث، فإذا قتل الرابع استحق من أولياء
الثالث فصار لأولياء الرابع ان شاءوا قتلوه وان شاءوا استرقوه) (3).
(36) وروى ابن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة عن الباقر عليه السلام في
عبد جرح رجلين؟ قال: (هو بينهما، ان كانت جنايته تحيط بقيمته) قيل له:
فان جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار؟ قال، (هو بينهما

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، قطعة من حديث: 92.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الصدوق، ورجحها الشيخ في الاستبصار. والظاهر انا
إذا عملنا بها خصصناها بالمطلق، وقصرنا على ما ذكر من أداء النصف فما زاد، أما لو كان
أقل من النصف أو كانت الكتابة مشروطة وجب الرجوع فيه إلى الأصل. وأكثر الأصحاب
لم يعملوا بمضمونها، لمخالفتها للأصل، لان المكاتب سواء كان مشروطا أو مطلقا لا تتحقق له
الحرية التامة الا بأداء مجموع مال الكتابة، فلهذا قالوا: ان المكاتب إذا جنى وكان
مشروطا أو مطلقا لم يؤد شيئا كان كالقن. فأما المطلق المؤدى شيئا فإنه يتحرر منه بنسبة
ما أدى وتتعلق الجناية برقبته، فبعضه بما قابل نصيب الحرية في الخطأ يتعلق بالامام، وفى
العمد يتعلق بما في يده، وما قابل نصيب الرقية ان فداه السيد بقيت الكتابة على حالها
والا استرقه أولياء المقتول وبطلت الكتابة في ذلك البعض. هذا مقتضى الأصل ورجحه
الأكثر استضعافا للرواية (معه).
(3) الاستبصار: 4، كتاب الديات، باب العبد يقتل جماعة أحرارا واحدا بعد
الاخر، حديث، 1.
586

ما لم يحكم به الوالي في المجروح الأول - قال -: فان جنى بعد ذلك جناية، فان
جنايته على الأخير) (1) (2).
(37) وروى الشيخ في الصحيح عن الحسن بن محبوب عن هشام بن
سالم عن حبيب السجستاني قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل قطع يدين
لرجلين اليمينين؟ فقال: (يا حبيب تقطع يمينه للرجل الذي قطع يمينه أولا وتقطع
يساره للرجل الذي قطع يمينه أخيرا، لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه
قصاص للرجل الأول) قال: فقلت: ان عليا عليه السلام إنما كان يقطع اليد اليمنى
والرجل اليسرى؟ قال: فقال: (إنما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق الله،
فأما ما يجب من حقوق المسلمين فإنه يؤخذ لهم حقوقهم في القصاص، اليد
باليد، إذا كان للقاطع يدان، والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان).
فقلت: أما توجب عليه الدية وتترك رجله؟ فقال: (إنما يجب عليه الدية

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، حديث: 72.
(2) بمضمون الرواية الأولى أفتى الشيخ في النهاية، وبمضمون الرواية الثانية
أفتى في الاستبصار، لأنه قال فيه عقيب ايراده للحديث: هذا الخبر ينبغي أن يحمل على أنه
إنما يصير لأولياء الأخير إذا حكم بذلك الحاكم، أما ما قبل ذلك فإنه يكون بين
الجميع.
واحتج على هذا الحمل بالرواية الأخيرة ليجمع بين الروايتين، واختاره ابن
الجنيد والعلامة. وقال ابن إدريس: يكفي في انتقاله إلى الثاني اختيار أوليائه للاسترقاق
سواء حكم حاكم أو لا، فيدخل في ملكهم بمجرد الاختيار ومع عدمه لا يدخل في الملك
فحينئذ يكون على قوله الاشتراك وعدمه موقوفا على الاختيار وعدمه، وبذلك أفتى العلامة في
تحريره وولده، فحينئذ يمكن تنزيل الروايتين على هذا المعنى ويتم العمل بهما، ولا
فرق بين أن يكون الجناية على النفس أو على الطرف لما دل عليه مضمون الروايتين، وهذا
أقوى (معه).
587

إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان فثم يوجب عليه الدية، لأنه
ليس له جارحة يقاص منها) (1) (2).
(38) وروى جابر عن الباقر عليه السلام، قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام في عبد
قتل حرا خطاءا فلما قتله أعتقه مولاه قال: (فأجاز عتقه وضمنه الدية) (3) (4).
(39) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده " (5).
(40) وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (لو كنت قاتلا مسلما بكافر لقتلت

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص فيها
حديث: 55.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى أكثر الأصحاب، لأنها من الصحاح، فعليها عملهم
وخالفهم في الحكم الثاني وهو قطع الرجل باليد ابن إدريس وفخر المحققين، وقالا:
ان ذلك عدول عن الأصل، لان الآية اعتبرت المماثلة في النفس والعين والأنف والاذن
والسن. والرجل غير مماثلة للسيد، ومع تعذر المماثلة يرجع إلى الدية. وهذا وإن كان
كما قالا، الا ان الأصل قد يخالف لدليل، والرواية هنا صحيحة صريحة الدلالة، فلا
يجوز الاجتهاد في مقابلتها (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، حديث: 91.
(4) بهذه الرواية أفتى العلامة تبعا للشيخ في النهاية، وقال: ان العبد الجاني
خطاءا بتخير مولاه بين الفداء وبين التسليم إلى الأولياء ليسترقوه، فإذا باشر العتق باشر
اتلافه، فكان عليه ضمان ما يتعلق به دية المقتول بواسطة اتلافه فكان ضامنا لها. وفى القواعد
زاد كونه مليا، إذ لو كان معسرا استلزم صحة العتق ابطال حق المجني عليه، وهو باطل،
وما يستلزم الباطل باطل، ومنع ابن إدريس من صحة العتق إلا أن يتقدم الضمان لتقدم حق
الغرماء، فلا يصح ابطاله الا بتقدم ضمان، واختاره المحقق، والعمل بمضمون الرواية
أرجح (معه).
(5) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الديات (21) باب لا يقتل مسلم بكافر، حديث:
2660.
588

حراشا بالهذلي) (1) (2).
(41) وروى ابن مسكان عن الصادق عليه السلام قال: (إذا قتل المسلم يهوديا أو
نصرانيا أو مجوسيا، فأرادوا أن يقيدوا ردوا فاضل دية المسلم وأقادوا به) (3).
(42) وروى محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال: (لا يقاد مسلم بذمي لا في
القتل ولا في الجراحات، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمي على قدر دية

(1) سنن الدارقطني: 3، كتاب الحدود والديات وغيره، حديث: 170.
والحديث عن النبي صلى الله عليه وآله، ولفظ الحديث: (عن عمران بن حصين قال:
قتل حراش بن أمية بعد ما نهى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم عن القتل، فقال: لو
كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت حراشا بالهذلي، يعنى لما قتل حراش رجلا من هذيل يوم
فتح مكة).
(2) إنما ذكر هذين الحديثين لأنه وقع النزاع في أن الذمي إذا قتله المسلم هل
يقتل به أم لا؟ بعد الاتفاق على أنه لو قتل كافرا أصليا لا يقتل به. وأجمعت الامامية على أنه
لا يقتل أيضا بالذمي الواحد، لكن إذا تكرر منه قتل الذمي وقع بينهم النزاع فيه.
وحجة أصحابنا على أنه لا يقتل بالواحد، بعد اجماعهم، هذا الحديث، فإنه صرح فيه
بأنه لا يقتل المؤمن بالكافر. قالوا: وانه عطف (ولا ذو عهد في عهده) بكافر، والتقدير، لا
يقتل ذو عهد بعهده بكافر، لان الجملة الثانية المعطوفة أضمر خبرها في المعطوف عليها،
فيكون الخبر عنهما واحدا، لوجوب المساواة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيضمر في
الثانية الكافر ولا يكون الا الحربي، فيكون الكافر في الأولى كذلك للمساواة.
أجيب بأن العطف لا يقتضى المساواة، ولو سلم ذلك، فذلك غير عطف الجمل،
وأما في العطف فيها فممنوع فيه المساواة، وبمنع كون الخبر في الثانية مقدرا، بل
المراد ان ذا العهد لا يقتل لأجل عهده، فتكون جملة لا تعلق لها بالأولى، لان العهد سبب
لحقن الدم، ويؤكد هذا الحديث الثاني، فإنه أطلق فيها الكافر، ولو جاز قتله ببعض الكفار
لميزه (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الديات، باب المسلم يقتل الذمي أو يجرحه والذمي
يقتل المسلم أو يجرحه أو يقتص بعضهم بعضا، حديث: 2.
589

الذمي ثمان مائة درهم) (1).
(43) وروى إسماعيل بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن المسلم
هل يقتل بأهل الذمة قال: (لا، إلا أن يكون معتادا لذلك لا يدع قتلهم، فيقتل وهو
صاغر) (2) (3).
(44) وروى الصدوق في كتابه عن ضريس الكناسي عن الباقر عليه السلام في
نصراني قتل مسلما، فلما اخذ أسلم، أقتله به؟ قال: (نعم) قيل: فإن لم يسلم؟
قال: (يدفع إلى أولياء المقتول فان شاؤوا قتلوا وان شاؤوا عفوا وان شاؤوا استرقوا،
وإن كان معه مال يدفع إلى أولياء المقتول هو وماله) (4) (5).

(1) المصدر السابق، حديث: 9.
(2) المصدر السابق، حديث: 12.
(3) على الروايات الثلاث نقول فيها: الرواية الأولى دلت على أن المسلم يقاد
بالذمي إلا أن يرد عليه فاضل الدية، وبمضمونها أفتى الصدوق. وقال أبو العباس:
هذا قول متروك انعقد الاجماع على خلافه، فلا اعتداد به، وحملوا الرواية على المعتاد
والرواية الثانية دلت على أنه لا قود على المسلم بقتل الذمي ولا يجرحه مطلقا، وإنما يؤخذ
منه الدية، وبمضمونها أفتى ابن إدريس، لا تمسكا بها، بل تمسكا بقوله تعالى: (ولن
يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وحملها الأكثرون أيضا على غير المعتاد. والرواية
الثالثة دلت على أنه يقاد مع الاعتياد وبدونها لا يقاد، وبمضمونها أفتى الشيخ.
واختلفوا في الاعتياد، فقيل يصدق بالثانية لاشتقاقه من العود، وقيل: بالثالثة
لأنه من العادة، لان الثالثة سبب للعادة والعادة سبب للقصاص. وقيل: يرجع فيه إلى
العرف. والعمل بهذه الرواية أقوى لأنها بين الروايتين. لكن قود المعتاد هل هو من
باب القصاص أو من باب الحدود وكلاهما محتمل ويتفرع عليهما فروع وهي بالكتب
الفقهية أشبه (معه).
(4) الفقيه: 4، باب المسلم يقتل الذمي أو العبد أو المدبر أو المكاتب أو يقتلون
المسلم، حديث: 4.
(5) دلت هذه الرواية على أمور: (أ) كون القتل هنا من باب القصاص، لا انه للخروج
عن الذمة. (ب) جواز مباشرة الولي للقتل من غير احتياج إلى اذن الحاكم. (ج)
جواز العفو عنه إذا اختاره الولي. (د) كون ماله تبعا له، سواء استرق أو قتل. (ه‍)
عدم التعرض للأولاد بنفي أو اثبات. (و) ان ظاهرها دال على أن ملكية المال تابع
للاسترقاق.
وفى كل هذه الأحكام وقع النزاع. ففي الحكم الأول خالف أبو الصلاح وابن
زهرة وقالا: انه يقتل لخروجه عن الذمة وفى الثاني خالف الثلاثة وقالوا، لا بد من اذن
الامام، وفى الثالث خالف التقى فمنع العفو، وفى الرابع خالف جماعة وقالوا: بدخول
الأولاد فيملكون كأبيهم، وليس في ظاهر الرواية ما يدل عليه، وفى الخامس قال ابن
إدريس: انه هو الذي يجب فإن لم يختاروا الاسترقاق لم يملكوا المال، فمتى قتلوا
رجع المال إلى الورثة. وظاهر الرواية يساعده لأنه إنما ذكر المال عقيب الاسترقاق
(معه).
590

(45) وروى الشيخ عن أبي بصير عن الباقر عليه السلام انه سئل عن غلام لم يدرك
وامرأة قتلا رجلا خطاءا؟ فقال: (ان خطأ المرأة والغلام عمد، فان أحب أولياء
المقتول أن يقتلوهما، قتلوهما ويردون على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم،
وان أحبوا أن يقتلوا الغلام قتلوه، وترد المرأة على أولياء الغلام ربع الدية،
قال، وان أحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية كان على الغلام نصف الدية وعلى
المرأة نصف الدية) (1) (2).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب اشتراك الأحرار والعبيد والنساء والرجال
والصبيان والمجانين في القتل، حديث: 3.
(2) هذه الرواية دلت على أمور ثلاثة كل واحد منها مخالف لما هو المشهور بين
الطائفة:
(أ) كون خطأ الغلام عمدا، ومعلوم بين الطائفة عكس ذلك.
(ب) ثبوت القصاص وجريانه على من لم يبلغ، لان المسؤول عنه في الرواية
غلام لم يدرك، ومعناه لم يبلغ، وقد حكم في الرواية بجواز الاقتصاص منه، وهو مخالف
لما هو المشهور من أن القصاص مشروط بالبلوغ.
591

(46) وروى الحسن بن راشد عن العسكري عليه السلام قال: (إذا بلغ الغلام
ثمان سنين، فجائز أمره في ماله وقد وجبت عليه الفرائض والحدود) (1).
(47) وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام:
في رجل وغلام اشتركا في قتل رجل فقتلاه؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (إذا بلغ
خمسة أشبار اقتص منه، وإن لم يكن قد بلغ خمسة أشبار قضي بالدية) (2) (3).

(ج) ان المرأة ترد نصف الدية إذا قتل شريكها، وهذا هو مذهب الشيخ في
النهاية، وهو ممنوع عند الأكثر.
والشيخ رحمه الله حمل قوله: (لم يدرك) على معنى عدم البلوغ إلى حد الكمال
بل بلغ ما دون ذلك من العشر أو خمسة الأشبار الذي هو مناط القصاص. وحمل قوله:
(خطأ المرأة والغلام عمد) على معنى الخطأ الذي يعتقده بعض المخالفين المسمى عندهم
خطاءا مع أنه من ضرب العمد وهو القتل بغير حديد، فان بعضهم قال: إن هذا النوع من
القتل وان وقع من الفاعل عمدا الا انه داخل في قسم الخطأ وان له حكمه. وبمضمون
الرواية أفتى الشيخ في النهاية، والأكثر على ردها، وما نزله الشيخ من التنزيلات فيه
بعد عن مضمونها (معه).
(1) رواه في المهذب، كتاب الديات، في شرح قول المصنف: (وفى رواية
يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا)، نقلا عن الشيخ في النهاية.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب اشتراك الأحرار والعبيد والنساء والرجال
والصبيان والمجانين في القتل، حديث: 4.
(3) الرواية الأولى دل بمضمونها على أن البلوغ يتحقق في الصبي بثمان سنين
ويثبت القصاص منه، لان استيفاء الحدود منه موجب لثبوت القصاص، لأنه من سائرها.
والرواية الثانية دلت على أن المعتبر في ذلك إنما هو المساحة المذكورة، وانه
متى بلغها اقتص منه ومتى نقص عنها لا اقتصاص ويحكم بالدية، وبمضمون هذه الرواية
أفتى الصدوق والمفيد، ورد ذلك ابن إدريس وقال: لا قصاص حتى يبلغ خمسة عشر
سنة، وهو مذهب المتأخرين أخذا بعموم قوله عليه السلام: رفع القلم من ثلاثة الحديث
ولان الاحتياط في الدم أوجب الا في موضع اليقين، ولا يقين قبل خمسة عشر لوقوع النزاع
فيقتصر على موضع الاجماع لأنه المتيقن، وهذا هو الأقوى (معه).
592

(48) وروى الشيخ في التهذيب عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي
عن حمزة بن حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت: متى يجب على الغلام
الحدود التامة ويؤاخذ بها؟ قال: (إذا خرج عن اليتم فأدرك) قلت: فلذلك حد
يعرف؟ فقال: (إذا احتلم أو بلغ خمسة عشر سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك،
أقيمت عليه الحدود التامة واخذ بها وأخذت له) قلت: فالجارية متى تجب
عليها الحدود التامة وتؤخذ لها ويؤخذ بها؟
قال: (ان الجارية ليست مثل الغلام إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين
ذهب عنها اليتم ودفع إليها مالها، وجاز أمرها في البيع والشراء وأقيمت عليها
الحدود التامة واخذ لها بها - قال: - والغلام لا يجوز أمره في البيع والشراء ولا
يخرج عنه اليتم حتى يبلغ خمسة عشر سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك) (1) (2).

(1) لم نعثر عليه في التهذيب. وفى الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد الغلام
والجارية اللذين يجب عليهما الحد تاما، حديث: 1.
(2) هذان الحديثان صريحان في أن البلوغ المعتبر في الرجل والمرأة الموجب
لجميع الأحكام الشرعية، بالحد الذي ذكره فيهما، وانه متى نقص عن ذلك لم يتحقق
البلوغ الذي هو مناط هذه الأحكام. وفيهما دلالة على مساواة أحكام المال والتزويج
والحدود والقصاص وغيرها من الاحكام في وجوب التوقف على البلوغ المحدود بما
ذكره فيهما، وانه لم يفرق بين شئ منها، الا انه في الحديث الثاني أشار إلى أنه قبل
البلوغ لا يبطل حقوق الله بالكلية ولا حقوق المسلم بسبب عدم البلوغ، فكأنه أشار إلى أنه
يثبت عليه شئ منها، الا انها ليست كالحدود الثابتة والحقوق الواجبة على البالغين.
وفيه دلالة على أن الصبيان فإذا قارفوا شيئا من الذنوب الموجبة للحدود في البالغين يجب
عليهم التعزير ولا يبلغ فيهم الحدود الثابتة حسما للجرأة وعدم تعطيل الحدود بالكلية
سواء كان في حقوق الله أو في حقوق الآدميين. وبمضمون هذين الحديثين قال الأكثر،
واشتهر بين الطائفة الافتاء بمضمونهما وترك ما سواهما من الاخبار مما يخالف مضمونهما
(معه).
593

(49) وروى أيوب عن يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: (الجارية
إذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم، وزوجت وأقيم عليها الحدود التامة عليها
ولها) قال: قلت: الغلام ان زوجه أبوه ودخل بأهله وهو غير مدرك، أيقام عليه
الحدود وهو في تلك الحال؟ قال: فقال: (أما الحدود الكاملة التي يؤاخذ بها
الرجال فلا ولكن يجلد في الحدود كلها على مبلغ سنة، يؤخذ بذلك ما بينه
وبين خمسة عشر سنة ولا تبطل حدود الله في خلقه، ولا تبطل حقوق المسلمين
بينهم) (1).
(50) وروى الشيخ في التهذيب عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام
عن رجل قتل رجلا مجنونا؟ فقال: (إن كان المجنون أراده فدفعه علن نفسه
فقتله، فلا شئ عليه من قود ولا دية، ويعطى ورثته الدية من بيت المال - قال -: وإن كان
قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه، وأرى ان على
قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله يتوب إليه) (2).
(51) وروى الحسن بن محبوب عن أبي الورد قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام ولأبي جعفر عليه السلام أصلحك الله رجل حمل عليه ورجل مجنون بالسيف
فضربه المجنون ضربة، فناول الرجل السيف من المجنون فضربه فقتله؟ قال:
(أرى أن لا يقتل به ولا يغرم ديته وتكون ديته على الامام ولا يبطل دمه) (3) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب حد الغلام والجارية اللذين يجب عليهما
الحد تاما، حديث 2.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ضمان النفوس وغيرها، حديث: 46.
(3) المصدر السابق، حديث: 47.
(4) هاتان الروايتان معمول بهما وفى الأول زيادة تفصيل عيل ما في الثانية، واتفقا
معا على الحكم الأول، وهو انه مع إرادة المجنون للعاقل إذا اتفق القتل في الدفع، لا
قود ولا دية، بل تكون دية المجنون في بيت المال، لعموم قوله عليه السلام: (لا يطل دم
امرء مسلم). وأما الحكم الثاني المذكور في الرواية الأولى فهو انه إذا ابتدء العاقل
بقتل المجنون لا قصاص فيه، لاشتراط المماثلة في القصاص، ولذا علله في الرواية بقوله:
(لا قود لمن لا يقاد منه) لان المجنون لو قتل العاقل لا يقاد منه، بل يجب الدية على عاقلته
فوجب أن يكون العكس كذلك جريا على تحقق المماثلة وامضاءا على حكم التعليل، بل
يلزم الدية للعاقل في ماله، ويجب عليه التوبة والاستغفار والكفارة، لأنه قتل محرم، ولا
خلاف في هذه الأحكام التي تضمنته هذه الرواية وأختها (معه).
594

(52) وروى محمد الحلبي عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل ضرب
رأس رجل بمعول فسألت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله؟
قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: (هذان متعديان جميعا ولا أرى على الذي قتل
الرجل القود، لأنه قتله حين قتله وهو أعمى، والأعمى جنايته خطاء تلزم عاقلته
يؤخذون بها في ثلاث سنين، في كل سنة نجما، فإن لم يكن للأعمى عاقلة
لزمه دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين، ويرجع الأعمى على ورثة
ضار به بدية عينيه) (1).
(53) وروى أبو عبيدة عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن أعمى فقأ عين صحيح
متعمدا؟ قال: فقال: (يا أبا عبيدة ان عمد الأعمى مثل الخطاء، هذا فيه الدية
من ماله، فإن لم يكن له مال كان دية ذلك على الامام ولا يبطل حق مسلم) (2) (3).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ضمان النفوس وغيرها، حديث: 51.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب من خطاءه عمد ومن عمده خطأ، حديث: 3.
(3) بمضمون هاتين الروايتين أفتى الشيخ في النهاية وابن الجنيد، وجعلا عمد
الأعمى بمنزلة الخطأ فيه الدية على العاقلة، وصارا في ذلك إلى هاتين الروايتين وهما
متوافقتان في أن عمد الأعمى بمنزلة الخطأ، ومتخالفتان في كيفية الضمان، فان في الأول
الضمان على العاقلة، ومع عدمها يكون في ماله وفى الثانية صرح ان الضمان في ماله
ابتداءا وانه مع فقره يلزم الامام ولم يتعرض للعاقلة بذكر، مع قوله فيها: (ان عمد
الأعمى مثل الخطأ) وقضية هذا الكلام توجب ان الضمان على العاقلة. فقد وقع فيها
اضطراب.
وقد ضعف سند الروايتين معا، الا انهم لم يذكروا وجه الضعف، وإنما قال المحقق
وهذه الرواية فيها مع الشذوذ، تخصيص لعموم القرآن، فجعلها من الشواذ، فلعل وجه
ضعفها ذلك، ويحتمل أن يكون ضعفها لعدم سلامة السند بسبب جهل الرواة الواقعين في
طريقها. والأكثرون على عدم العمل بمضمونهما، وقالوا: ان عمد الأعمى عمد ولم
يفرقوا بينه وبين المبصر في أحكام العمد، أخذا بعموم الأدلة وعملا بالأصول، وهو الأقوى
(معه).
595

(54) وروى زرارة عن الباقر عليه السلام في قضية المشهود عليه بالقتل، ثم أقر
آخر وبرء الأول؟ فقال عليه السلام: (ان أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقر على
نفسه، فليقتلوه) (1) (2).
(55) وروى الشيخ عن علي بن إبراهيم عن أبيه قال: أخبرني بعض أصحابنا
رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: (أتى أمير المؤمنين عليه السلام برجل وجد في خربة
وبيده سكين متلطخ بالدم، إذا رجل مذبوح متشحط في دمه فقال له أمير المؤمنين
عليه السلام ما تقول: (يا غلام؟) قال: يا أمير المؤمنين أنا قتلته، قال: (اذهبوا به

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب البينات على القتل، قطعة من حديث:
18.
(2) إنما ذكر هذه الرواية هنا احتجاجا بها على أن الاقرار في القتل لا يحتاج فيه إلى
التكرار من المقر، بل يكتفى منه بأول مرة، كما هو مذهب الأكثر، لأنه عليه السلام قال:
(ان أراد أولياء المقتول أن يقتلوا الذي أقر) ولم يشترط التكرار في الامر بقتله. ولو كان
التكرار شرطا لزم تأخير البيان عن وقت السؤال ووقت الحاجة، وكلاهما غير جائز.
وقال الشيخ في النهاية: لا بد من تكراره مرتين، واليه ذهب ابن إدريس، والروايات
خالية عن ذكر ذلك، وإنما اعتمدوا في ذلك على الاحتياط في الدم، وبأنه كالسرقة،
وذلك مستمسك ضعيف (معه).
596

فأقيدوه فلما ذهبوا به ليقتلوه أقبل رجل مسرعا فقال: لا تعجلوا وردوه إلى أمير
المؤمنين عليه السلام، فردوه فقال يا أمير المؤمنين والله ما هذا صاحبه، أنا قتلته، فقال أمير
المؤمنين للأول: (ما حملك على الاقرار على نفسك؟) فقال: يا أمير المؤمنين
وما كنت أستطيع أن أقول وقد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي
السكين متلطخ بالدم والرجل متشحط في دمه وأنا قائم عليه، وخفت الضرب
فأقررت، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة فأخذني البول، فدخلت
الخربة، فرأيت الرجل متشحطا في دمه، فقمت متعجبا فدخل علي هؤلاء
فأخذوني، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن عليه السلام
وقولوا له ما الحكم فيهما؟) قال: فذهبوا إلى الحسين عليه السلام، وقصوا عليه قصتهم
فقال الحسن عليه السلام: (قولوا لأمير المؤمنين: إن كان هذا ذبح ذلك فقد أحيى هذا
وقال الله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا) فخلا عنهما وأخرج
دية المذبوح من بيت المال) (1) (2).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب البينات على القتل، حديث: 19.
(2) تشحط في دمه إذا كان دمه طريا. وقد استفيد من هذا الحديث أمور: (أ)
انه يكفي في الاقرار بالقتل المرة الواحدة، لعدم ذكر تكرار اقراره في الرواية.
(ب) سقوط القصاص عن المقر مع رجوع الأول. (ج) وجوب الدية في بيت المال، ثم إنهم
اختلفوا بعد اتفاقهم على صحة نقلها في أن هذه القضية، هل يجب تعديتها إلى نظائرها؟
قال جماعة: نعم، وبه أفتى المحقق لأنه قضاء شرعي وقع عن الأئمة عليهم السلام، فوجب
اجراءه في نظائرها، كما في غيره من القضايا.
وقال جماعة: ان هذه قضية في واقعة، وقضايا الوقائع لا تعدى إلى نظائرها،
لجواز اطلاعه عليه السلام فيما أوجب ذلك الحكم في تلك الواقعة، وبهذا أفتى أبو
العباس في مهذبه وقال: فالآن لو وقعت مثل هذه القضية لم يجز للفقيه أن يحكم بمثل هذا
الحكم، لجواز التواطئ من المقرين على قتل المسلم واسقاط القصاص والدية عنهما
بحيلة الاقرارين، بل الحكم فيها تخيير الوالي من تصديق أيهما شاء، لان رجوع المقر
غير مقبول، واقرار العاقل على نفسه مقبول، وهذا هو الأقوى عملا بالأحوط (معه).
597

(56) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سألته عن رجل قتل، فحمل
إلى الوالي، وجاء قوم فشهدوا عليه انه قتله عمدا، فدفع الوالي القاتل إلى
أولياء المقتول ليقاد به، فلم يبرحوا حتى اتاهم رجل فأقر عند الوالي انه قتل
صاحبهم عمدا وان هذا الرجل الذي شهد عليه الشهود برئ من قتل صاحبهم
فلا تقتلوه، وخذوني بدمه. قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: (أن أراد أولياء المقتول
أن يقتلوا الذي أقر على نفسه، فليقتلوه، ولا سبيل لهم على الاخر، ولا سبيل
لورثة الذي أقر على نفسه ورثة الذي شهدوا عليه. وان أرادوا أن يقتلوا الذي
شهدوا عليه، فليقتلوه، ولا سبيل لهم على الذي أقر، ثم يؤدى الذي أقر على
نفسه إلى ورثة الذي شهدوا عليه نصف الدية). قلت: إن أرادوا أن يقتلوهما
جميعا؟ قال: (ذاك لهم، وعليهم أن يؤدوا إلى أولياء الذي شهدوا عليه نصف
الدية خاصة دون صاحبه، ثم يقتلوهما به). قلت: إن أرادوا أن يأخذوا الدية؟
قال: (الدية بينهما نصفان، لان أحدهما أقر والاخر شهد عليه) قلت: كيف
صار لأولياء الذي شهد عليه على الذي أقر به نصف الدية حين قتل، ولم يجعل
لأولياء الذي أقر على الذي شهد عليه ولم يقر؟ قال: فقال: (لان الذي شهد
عليه ليس مثل الذي أقر. الذي شهد عليه لم يقر ولم يبرء صاحبه، والاخر أقر
وأبرء صاحبه، فلزم الذي أقر وأبرء صاحبه ما لم يلزم الذي شهد عليه ولم يقر
ولم يبرء صاحبه) (1) (2).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب البينات على القتل، حديث: 18.
(2) هذه الرواية من الصحاح ومن المشاهير بين الأصحاب، لكنها مشتملة على
مخالفة الأصول المقررة من وجهين، الأول: جواز قتلهما معا، لان الاشتراك لا دليل عليه
ولا موجب له، إذ كل واحد من الحجتين أعني البينة والاقرار إنما يقتضى الانفراد لا
الاشتراك قاله فخر المحققين. الثاني: انها تضمنت ان للولي أن يستوفى أكثر من الذي له
لأنه على تقدير جواز قتلهما، الواجب أن ير دية كاملة، لأنه قتل اثنين وليس له الا
واحد، والذي في الرواية ليس إلا أنه يرد نصف الدية إلى ورثة المشهود عليه، والوجه
في اختصاص الرد ان المقر أسقط حقه من الرد فبقي المشهود عليه.
وهذا التقرير على تقدير ان الولي يقول: أنا لا أعلم القاتل منهما، فأما لو ادعى
العلم وخصص دعواه بأحدهما، كان له قتله وسقط حكم الاخر. والشيخ في النهاية عمل
بمضمونها وكذلك التقى وابن الجنيد، واستشكلها ابن إدريس فقال: ولى في قتلهما
جميعا نظر، منشأه مما تقدم، وكذلك العلامة استشكلها من هذا الوجه واختار في آخر البحث
ان الولي يتخير في قتل أيهما لحكم البينتين المتعارضتين. والأقوى العمل بالرواية لصحة
سندها ولصراحتها في معناها، فكلما يرد عليها اجتهاد في مقابلة النص فلا يكون مسموعا
(معه).
598

(57) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام، قال: (ان النبي صلى الله عليه وآله كان يحبس
في تهمة الدم ستة أيام فان جاء أولياء المقتول ببينة، والا خلى سبيله) (1) (2).
(58) وروى داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (ان أصحاب
النبي صلى الله عليه وآله قالوا لسعد بن عبادة: أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا
ما كنت تصنع به؟ فقال: أضربه بالسيف، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
" ما ذا يا سعد؟ " قال سعد: قالوا: لو وجدت على بطن امرأتك ما كنت تصنع
به؟ فقلت: أضربه بالسيف، فقال: " يا سعد فكيف بالأربعة شهود؟ " فقال: يا رسول
الله أبعد رأي عيني وعلم الله أن قد فعل؟ قال: " أي والله بعد رأي عينك وعلم
الله انه قد فعل، لان الله تعالى قد جعل لكل شئ حدا وجعل لكل من تعدى
ذلك الحد حدا ". وزاد في بعضها: " وجعل ما دون الأربعة الشهداء مستورا

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب البينات على القتل، حديث: 23.
(2) قال ابن إدريس: هذه الرواية لا عمل عليها، أما أولا: فلضعف السند لان
السكوني عامي المذهب. وأما ثانيا: فإنها قد اشتملت على ما يخالف الأصل، لأنها
أثبت عقوبة لم يثبت لها موجب، لان موجبها إنما هو ثبوت الحق على المحبوس، وسببه
أما اقراره أو البينة عليه وكلاهما مفقود. ومثله قال المحقق، فإنه قال: في السند ضعف
وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.
وقال العلامة في المختلف ونعم ما قال: إن حصلت التهمة للحاكم بسبب أوجبها عنده لزم
الحبس المدة المذكورة عملا بالرواية، وان حصلت لغيره فلا حبس، عملا بالأصل،
قال أبو العباس: قلت: ويجب على الحاكم حينئذ البحث والاستقصاء فيه ليحصل له
امارة التهمة، فان حصلت، والا أطلقه صونا للنفوس ومبالغة في حفظ الدماء. هذا إذا
لم تقم بينة، أما إذا قامت البينة وكانت المهلة لتعديلها حبس قطعا، لكن لا ستة أيام، بل
ثلاثة أيام المهلة االشرعية (معه).
599

على المسلمين ") (1).
(59) وروي عن علي عليه السلام انه اتي برجل قتل رجلا وادعى انه وجده مع
امرأته، قال له عليه السلام: (عليك القود إلا أن تأتي بالبينة) (2).
(60) وروى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام في رجل دخل
دار غيره للتلصص أو الفجور فقتله صاحب الدار، أيقتل به أم لا؟ فقال: (اعلم أن
من دخل دار غيره فقد أهدر دمه ولا يجب عليه شئ) (3).
(61) وروى سعيد بن المسيب ان رجلا من أهل الشام يقال له: ابن أبي
الجسرين وجد مع امرأته رجلا فقتله أو قتلها، فأشكل على معاوية القضاء فكتب
إلى أبي موسى الأشعري يسأل له عن ذلك علي بن أبي طالب، فقال له علي عليه السلام:
(ان هذا الشئ ما هو بأرضنا عزمت عليك لتخبرني؟) فقال أبو موسى الأشعري:
كتب إلي في ذلك معاوية، فقال علي عليه السلام: (أنا أبو الحسن إن لم يأت بأربعة شهداء،

(1) الفروع: 7، كتاب الحدود، باب التحديد، حديث: 12.
(2) المهذب، كتاب الديات، أورده في شرح قول المصنف: (ولو قتل وادعى انه
وجد المقتول مع امرأته قتل إلا أن يقيم البينة بدعواه).
(3) الفروع: 7، كتاب الديات، باب من لا دية له، حديث: 16.
600

والا دفع برمته) (1) (2).
(62) وقال الصادق عليه السلام: (القسامة حق، وهي مكتوبة عندنا، ولولا ذلك

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الزيادات، حديث: 9، بتفاوت يسير
في بعض الألفاظ.
(2) دلت الروايات الأربع أولها رواية داود بن فرقد إلى رواية سعيد بن المسيب
على أن من وجد مع امرأته رجلا زنى بها جاز له قتله، ولا نزاع بينهم في ذلك، وإنما
النزاع في أنه إذا قتله ولم يقم بينة على أنه كذلك هل يجب عليه القود أم لا؟ قال:
الشيخ روى أصحابنا ان عليا عليه السلام إلى آخره، محتجا بها في النهاية على أن من قتل رجلا ثم
ادعى انه وجده مع امرأته أو في داره قتل، إلا أن يقيم البينة على ما قال واعترضه ابن
إدريس وقال: الذي ينبغي أن يقيد ذلك بأنه وجده يزنى بالمرأة وهو محصن، فإنه إذا
قام البينة على ذلك لم يجب على القاتل القود ولا الدية. لأنه مباح الدم. فأما ان أقام
البينة على أنه وجده مع المرأة لا زانيا بها، أو زانيا بها لكنه غير محصن، وجب عليه
القود بقتله ولا ينفعه بينة.
قال العلامة في المختلف: وهذا نزاع لفظي، لان مقصود الشيخ سقوط القود في
القتل المستحق. أو نقول: ان من وجد مع امرأته رجلا أو في داره، كان ذلك شبهة
مسوغة لقتله، فلهذا يسقط القود عنه ولا يلزم من سقوط القود سقوط مطلق الضمان، وكلامه
هذا يعطى الجنوح إلى شرط ابن إدريس، وان وجد أنه مع المرأة أو في داره شبهة
مسوغة للقتل، وان هذه الشبهة غير مسقطة للدية وان أسقطت القود. ورواية ابن فرقد
مقوية لمذهب ابن إدريس، لان فيها ذكر الزنا واشتراط الشهود الأربعة. ورواية الفتح
وما روى عن علي عليه السلام مقر لمذهب الشيخ، لعدم توقفه على مذكر الزنا، بل علق
هدر الدم بدخول الدار وإن كان السؤال عن التلصيص والفجور الا ان الجواب أعم من
السؤال.
وحينئذ يجئ الاشكال في أنه هل يشترط عدد شهود الزنا أو يكفي العدلان، قرب
العلامة في تحريره الاكتفاء بالعدلين، ورواية ابن المسيب مصرحة بالاشتراط بالأربعة
وكذلك رواية ابن فرقد. والتحقيق انا ان اشترطنا مشاهدة هذه الزنا فلا بد من الأربعة،
وان اكتفينا بمجرد الوجدان كفى الشاهدان (معه).
601

لقتل الناس بعضهم بعضا ثم لم يكن شئ، وإنما القسامة نجاة الناس) (1).
(63) البينة في الحقوق كلها على المدعي واليمين على المدعى عليه الا في الدم
خاصة فان رسول الله صلى الله عليه وآله بينا هو بخيبر إذ فقدت الأنصار رجلا منهم، فوجدوه قتيلا،
فقالت الأنصار: ان فلان اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للطالبين:
" أقيموا رجلين عدلين من غيركم، أقده برمته، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا
قسامة خمسين رجلا أقده برمته " فقالوا يا رسول الله: ما عندنا شاهدان من غيرنا،
وانا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول الله صلى الله عليه وآله من عنده، وقال: " إنما
حقن دماء المسلمين بالقسامة لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه
مخافة القسامة ان يقتل به فكف عن قتله، والا حلف المدعى عليه قسامة خمسين
رجلا ما قتلناه ولا علمنا قاتلا، والا أغرموا الدية إذا وجد واقتيل بين أظهرهم إذا
لم يقسم المدعون " (2) (3).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القسامة، حديث: 1.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القسامة، حيث: 4، وصدر الحديث:
(عن بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الخ).
(3) القسامة عند الفقهاء، كثرة الايمان وتعددها، واشتقاقها من القسم وهو الحلف
وسميت بذلك لتكثر اليمين. وعند أهل اللغة القسامة أسماء الحالفين من أولياء المقتول
عبر عنهم بالمصدر وأقيم مقامهم، وإنما يثبت مع اللوث، وهو امارة يغلب معها الظن
بصدق المدعى، فأثبت الشارع دعوى المدعى إذا حلف خمسين يمينا، فيقتل المدعى
عليه في العمد، وتؤخذ الدية في الخطأ، فقد أثبت الشارع هنا حق المدعى بيمينه من غير
بينة. فقد خالفت القسامة وسائر الدعاوى في كون اليمين على المدعى أولا، وفى جواز
حلف الانسان لاثبات حق غيره، وتعدد الايمان فيها، وان الحق لا يسقط بالنكول، بل
ترد اليمين على الغير.
والرواية المذكورة دلت على أحكام (أ) مشروعية القسامة. (ب) الدلالة على
علة شرعيتها (ج) ان اليهودي يقاد بحكم العبد. (د) ان الدعوى فيها يصح بمجرد
التهمة ولا يحتاج فيها إلى التحقيق. (ه‍) القضاء بالنكول من المدعى إذا ردت عليه
اليمين فنكل. (و) ان الشهادة مع التهمة لا تقبل، لأنه طلب الشاهدين من غيرهم. وأما
الحكم بأدائه من ماله عليه السلام، فإنه تبرع منه صلى الله عليه وآله لكرم أخلاقه وعظم
حرمة الأنصار عنده. وهذه الأحكام كلها لا خلاف فيها بين الأصحاب (معه).
602

(64) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (القسامة
خمسون رجلا في العمد، وفي الخطأ خمسة وعشرون رجلا، وعليهم أن يحلفوا
بالله) (1).
(65) وروى يونس في الحسن عن الرضا عليه السلام قال: (ان أمير المؤمنين عليه السلام
جعل القسامة في النفس على العمد خمسين رجلا، وجعل في النفس على الخطأ
خمسة وعشرين) (2) (3).
(66) وروى يونس أيضا في الحسن عن الرضا عليه السلام قال: في حديث عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (وعلى ما بلغت ديته من الجروح ألف دينار، ستة نفر،

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القسامة، حديث: 10.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القسامة، قطعة من حديث: 9.
(3) بمضمون الروايتين معا أفتى الشيخ في كتبه واختاره المحقق والعلامة في
المختلف، لأنه أدون من قتل العمد فناسب التخفيف في القسامة. والروايتان معا دلتا على
التفصيل القاطع للشركة. وبعض الأصحاب ساوى بين العمد والخطأ فيها فجعلها خمسين
مطلقا، واختاره المفيد وابن إدريس والعلامة في القواعد، وحجة العلامة الاحتياط والضبط
وحجة ابن إدريس دعوى الاجماع. والعمل بمضمون الروايتين أقوى، أما أولا: فلان
الأولى من الصحاح، والثانية من الحسان ولا معارض لهما فوجب المصير إليهما. وأما
ثانيا فلان الاحتياط ليس بدليل ودعوى الاجماع لم يثبت وكيف يصح دعوى الاجماع
على شئ والرواية ناطقة بخلافه (معه).
603

وما كان دون ذلك فبحسابه من ستة نفر) (1) (2).
(67) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " عفو كل ذي سهم جائز " (3).
(68) وروى الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجلين قتلا رجلا
عمدا وله وليان فعفى أحد الوليين؟ فقال: (إذا عفى بعض الأولياء درئ عنه
القتل وطرح عنه من الدية بقدر حصة من عفى وأديا الباقي من أموالهما إلى الذي
لم يعف) (4) (5).
(69) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الباقر عليه السلام في رجل قتل
رجلا عمدا ثم فر فلم يقدر عليه حتى مات؟ قال: (إن كان له مال أخذ منه، والا

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب القسامة، قطعة من حديث: 9.
(2) بمضمون هذه الرواية أيضا أفتى الشيخ في كتبه، وهو مختار المحقق والعلامة
في المختلف. وسلار أوجب الخمسين في العمد واختاره ابن إدريس والمفيد، ولا دليل
لهم سوى الاحتياط، والرجوع إلى الرواية أولى، لان الاحتياط ليس بدليل (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضاء في اختلاف الأولياء، قطعة من
حديث: 2، والحديث عن أبي جعفر عليه السلام، ولم نعثر لهذا الحديث عن النبي صلى
الله عليه وآله.
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضاء في اختلاف الأولياء، قطعة من
حديث: 2، والظاهر أن الحديث منقول بالمعنى.
(5) مضمون الحديث والرواية على أنه متى حصل العفو من بعض مستحق القصاص
سقط ولم يصح لباقي الورثة استيفاءه، بل ينتقل الحكم إلى الدية، كما هو مضمون الرواية
بعد اسقاط حق العافي منهما. ويعضده ان عفو بعض الورثة يسقط استحقاق كل النفس، فلا يسقط
الباقي من الورثة على القصاص، لاشتماله على التعدي عن قدر حقه، لأنه إنما يستحق
بعض النفس، وذلك لا يتبعض. فوجب الانتقال إلى الدية. لكن لم أقف على قائل
بذلك بين الأصحاب، بل المشهور بينهم ان لهم القصاص بعد رد نصيب العافي من الدية
على القاتل أخذا بعموم الآية المثبتة لسلطنة الولي في استيفاء حقه، وكل واحد من الأولياء
يثبت له تلك السلطنة، فعفو أحدهم لا يسقط به سلطنة الاخر. وهذا أقوى عملا بالمشهور
ولان الحديث مرسل والرواية لم يحضرنا الآن سندها (معه).
604

اخذ من الأقرب فالأقرب) (1).
(70) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل قتل رجلا
متعمدا، ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: (إن كان له مال اخذت الدية من
ماله، والا فمن الأقرب فالأقرب فإنه لا يطل دم امرء مسلم) (2) (3).
(71) وروى الشيخ في التهذيب عن إبراهيم بن عبد الله عن أبان بن عثمان
عمن أخبره عن أحدهما عليهما السلام قال: (أتي عمر بن الخطاب برجل قتل أخا رجل
فدفعه إليه وأمره بقتله، فضرب الرجل حتى رأى أنه قتله، فحمل إلى منزله
فوجدوا به رمقا فعالجوه حتى برء، فلما خرج أخذه أخو المقتول فقال: أنت
قاتل أخي ولي أن أقتلك، فقال له: قد قتلتني مرة، فانطلق به إلى عمر، فأمر
بقتله، فخرج وهو يقول: يا أيها الناس قد قتلني والله، فمروا به إلى أمير المؤمنين
عليه السلام فأخبروه بخبره، فقال: (لا تعجل حتى أخرج إليك) فدخل على عمر
فقال: (ليس الحكم فيه هكذا) فقال: ما هو يا أبا الحسن؟ فقال: (يقتص هذا
من أخ المقتول الأول مثل ما صنع به، ثم يقتله بأخيه، فنظر أنه ان اقتص منه

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب البينات على القتل، حديث: 12.
(2) المصدر السابق، حديث: 11.
(3) بمضمون هاتين الروايتين أفتى جماعة من الأصحاب، وخالفهم ابن إدريس
لأنهما مخالفان للأصل من حيث إن موجب العمد هو القصاص المتعلق برقبة الجاني فمتى
فات محله فات الحق، فالرجوع إلى ماله أو إلى مال أوليائه حكم بغير دليل مخالف
للأصل. وادعى بعض الجماعة على حكم الرواية الاجماع، أخذا بعموم قوله عليه السلام:
(لا يطل دم امرء مسلم) والأقوى العمل بمضمون الرواية (معه).
605

أتى على نفسه فعفى عنه وتباريا) (1) (2).
(72) وروى الشيخ أيضا في التهذيب مرفوعا إلى هشام بن سالم عن سورة
ابن كليب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن رجل قتل رجلا عمدا وكان
المقتول اقطع اليد اليمنى؟ فقال: (ان كانت قطعت يده في جناية جناها على
نفسه، أو كان قطع وأخذ دية يده من الذي قطعها، فأراد أوليائه أن يقتلوا قاتله
أدوا إلى أولياء قاتله دية يده التي قيد منها ويقتلوه، وان شاؤوا طرحوا عنه دية
يده وأخذوا الباقي - قال: - وان كانت يده ذهبت من غير جناية جناها على نفسه
ولا أخذ لها دية قتلوا قاتله ولا يغرم شيئا، وان شاؤوا أخذوا دية كاملة. هكذا
وجدناه في كتاب علي عليه السلام) (3) (4).
(73) وروى عبد الله بن حكم عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل صحيح
فقاء عين رجل أعور؟ قال: (عليه الدية كاملة، فإن شاء الذي فقئت عينه ان

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القصاص، حديث: 13.
(2) هذه الرواية ضعيفة من وجهين. الأول: انها مشتملة على إرسال. الثاني: ان فيها أبان
ابن عثمان وكان ناووسيا، ذكره الكشي عن محمد بن مسعود وعن علي بن الحسن. وحينئذ
إذا ضعفت الرواية وجب الرجوع إلى الأصل. وهو ان كل ما ضرب به القاتل مما له القتل
به كان له القصاص مرة ثانية من غير رجوع عليه بشئ، لان ما فعله مباح والمباح لا يستعقب
الضمان، وإن كان ما ضرب به مما لا يسوغ به القصاص لم يكن له القصاص إلا أن يقتص
منه بمثل ما فعل، ويمكن تصحيح الرواية بحملها على المعنى الثاني (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القصاص، حديث: 9.
(4) هذه الرواية عمل عليها الأصحاب ولم يخالف فيها أحد منهم، ويعضدها النظر
لان الكامل لا يؤخذ بالناقص من غير جبر للنقص، فلا بد من رد قدر النقص. فأما إذا
كان الذهاب من قبله تعالى كالأكلة والوقوع بالثلج، فلا رد لعموم. النفس بالنفس، وهي
لا تتبعض فلهم نفس كاملة وان عدم بعض منافعها. وقوله: (وإن كان أخذ لها دية) معناه
انه استحق ديتها وإن لم يأخذها أما بالعفو أو بمنع الظالم (معه).
606

يقتص من صاحبه ويأخذ خمسة آلاف درهم، فعل، لان له الدية كاملة وقد
أخذ نصفها بالقصاص) (1) (2).
(74) وروى الحسن بن العباس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السلام
قال: (قال أبو جعفر الأول لعبد الله بن العباس يا بن عباس أنشدك الله هل في حكم الله
اختلاف قال: فقال: (لا) فقال: ما ترى في رجل ضربت أصابعه بالسيف حتى سقطت
فذهبت، فأتى رجل آخر فأطار كف يده، فأتي به إليك وأنت قاض، كيف
أنت صانع؟ قال: (أقول لهذا القاطع: اعطه دية كف، وأقول لهذا المقطوع
صالحه على ما شئت أو ابعث لهما ذوي عدل)، قال: فقال له: جاء الاختلاف
في حكم الله، ونقضت القول، أبى الله أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود
ليس تفسيره في الأرض، أقطع يد قاطع الكف أصلا، ثم اعطه دية الأصابع
هذا حكم الله عز وجل (3) (4).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب دية عين الأعور ولسان الأخرس واليد
الشلاء والعين العمياء وقطع رأس الميت وأبعاضه، حديث: 3.
(2) بمضمون الرواية أفتى الشيخ في النهاية والمبسوط، وهو مذهب المفيد وفخر
المحققين، احتجاجا بالرواية، وبان عين الأعور فيها دية كاملة، فإذا اقتص بما فيه نصف
الدية كان له الباقي، والا لزم الظلم في حقه. لكن قيدوا ذلك بأن يكون العور خلقة،
وإن كان ذهاب العين بما لا يستحق به دية. أما لو ذهبت في قصاص أو استحق ديتها لم
يكن لها دية كاملة، بل يكون حكمها كذى العينين فيها نصف الدية. وقال ابن إدريس
والعلامة في تحريره: ليس له أكثر من القصاص بعين، فلا يسترد، أخذا بعموم قوله
تعالى: " والعين بالعين " وأجيب بأن اللام للجنس (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القصاص، حديث: 8.
(4) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية، وخالفه ابن إدريس وقال: لا
قصاص هنا، لأنه لا يمكن الوصول إليه الا بقطع الأصابع، وهي غير مستحقة للقطع،
فينتقل إلى الحكومة، قال العلامة: ولا بأس به لضعف سند الرواية، ثم توقف، والعمل
بالرواية أقوى (معه).
607

باب الديات
(1) قال النبي صلى الله عليه وآله في كتابه إلى أهل اليمن: " وفي النفس المؤمنة مائة
من الإبل " (1) (2).
(2) وروى ابن سنان في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (قال
أمير المؤمنين عليه السلام في الخطاء شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر
ان دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الإبل منها أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها
وثلاثون حقه وثلاثون بنت لبون) (3).
(3) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (دية المغلظة التي تشبه العمد
وليست بعمد أفضل من دية الخطاء بأسنان الإبل، ثلاثة وثلاثون حقة وثلاثة
وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل) (4).

(1) سنن النسائي 8: 51، كتاب القسامة، ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول
واختلاف الناقلين له. وجامع الأصول لابن الأثير 5: 165، حرف الدال، في الديات
حديث: 2505، ولفظه: (فان في النفس الدية مائة من الإبل).
(2) (في) هنا للسببية، لان الظرفية لا تصلح هنا قطعا. فيصير المعنى. بسبب قتل
النفس المؤمنة مائة من الإبل (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضايا في الديات والقصاص، قطعة
من حديث: 14.
(4) المصدر السابق، قطعة من حديث: 12.
608

(4) وروى محمد بن سنان عن العلاء بن الفضل عن الصادق عليه السلام: (انها
ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون كلها خلفة) (1)
(5) وروى محمد بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول:
(قال أمير المؤمنين عليه السلام في الخطاء شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر
ان دية ذلك تغلظ وهي من الإبل فيها أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها
وثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون. والخطاء يكون فيه مائة، ثلاثون حقة وثلاثون
بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر، وقيمة كل بعير من
الورق مائة وعشرون درهما أو عشرة دنانير ومن الغنم قيمة كل ناب من الإبل
عشرون شاة) (2).
(6) وروى العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال في قتل الخطاء: (مائة من
الإبل، أو ألف من الغنم، أو عشرة آلاف درهم، أو ألف دينار. فان كانت من
الإبل فخمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون
حقة وخمس وعشرون جذعة) (3) (4).

(1) المصدر السابق، قطعة من حديث: 13.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الدية في قتل العمد والخطأ، حديث: 3.
(3) المصدر السابق، قطعة من حديث: 7.
(4) الكلام على رواية ابن سنان الصحيحة إلى آخر رواية العلاء بن الفضيل، وهي
خمس روايات، أن نقول: لا كلام في أن دية العمد مائة من الإبل كلها من المسان بتشديد النون،
جمع مسنة، وهي من الإبل ما دخل في السادسة، وتسمى الثنية أيضا، فإذا دخلت في السابعة
سميت رباع ورباعية. فإذا دخلت في الثامنة فهي السديس والسديسة، بكسر الدال.
فإذا دخلت في التاسعة فهي البازل، أي طلع نابها. فإذا دخلت في العاشرة فهي بازل عام ثم
بازل عامين وهكذا.
وصحيحة ابن سنان عمل بمضمونها ابن الجنيد ورواية أبي بصير عمل بمضمونها
المفيد. وكذا الرواية التي بعدها لمحمد بن سنان، وهما ضعيفان فان في طريق الأولى
علي بن أبي حمزة، وفى طريق الثانية محمد بن سنان، وهما معا ضعيفان، فلا اعتماد
على الروايتين جميعا. ومتعلق الروايات دية شبه العمد، فالعمل فيها بالرواية الصحيحة
أولى.
الخلفة بضم الخاء المعجمة وكسر اللام وفتح الفاء، هي الإبل التي طرقها الفحل
وأما صحيحة ابن سنان المتأخرة فمتعلقها دية الخطأ المحض، وبمضمونها أفتى أكثر الأصحاب
ويعارضها الرواية التي بعدها وبمضمونها أفتى ابن حمزة، والأولى أصح طريقا وأشهر
في العمل فيكون الاعتماد عليها (معه).
609

(7) وروى أبو ولاد عن الصادق عليه السلام قال: (كان علي عليه السلام: يستأدي دية
الخطأ في ثلاث سنين، وتستأدي دية العمد في سنة) (1) (2).
(8) وروى جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: (قتل العمد
كلما عمد به الضرب ففيه القود) (3).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الدية في قتل العمد والخطأ، حديث: 10.
(2) دلت هذه الرواية على أن دية العمد تستأدى في سنة واحدة، وهو حكم مشهور
بين الأصحاب. والشيخ في الخلاف قال: إنها حالة. ودلت على أن الخطأ المحض
تستأدى في ثلاث سنين، وهو أيضا مشهور بين الأصحاب. والشيخ في الخلاف قال: إنه
تستأدى في سنة، لكن الاعتماد على مضمون الرواية أولى، لأنه المشهور، ودلت عليه
الرواية بصريحها.
وأما دية شبيه العمد فلم يتعرض في الرواية لذكرها، وقد اختلفوا في حكمها،
فبعضهم قال: لما ظهر التفاوت بين الخطأ والعمد في الأصل بالنص لأجل تفاوت الجناية
في الشدة والضعف، وجب أن يظهر التفاوت فيه أيضا بالنسبة إليهما والى شبيه العمد
وهو واسطة بينهما، فيقتضى المناسبة انها تستأدى في سنتين، لخفة جنايتها بالنسبة إلى
العمد وثقلها بالنسبة إلى الخطأ المحض، فيتوسط بينهما، وهذا أقوى (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الديات، باب قتل العمد وشبه العمد والخطأ، قطعة من
حديث: 1.
610

(9) وروى الحلبي في الصحيح، وروى عبد الله بن سنان جميعا عن الصادق
عليه السلام قال: سمعته يقول: (من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلا أن يرضى
أولياء المقتول أن يقبلوا الدية، فان رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية اثنى
عشر ألفا) (1).
(10) وروى العلاء بن الفضيل عن الصادق عليه السلام قال: (والعمد هو القود
أو رضاء ولي المقتول) (2) (3).
وروى كليب بن معاوية عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: (من قتل في
شهر حرام فعليه دية وثلث) (4) (5).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضايا في الديات والقصاص، قطعة من
حديث: 17.
(2) المصدر السابق، قطعة من حديث: 13.
(3) الروايتان الأولتان دلتا على أن الواجب بالأصالة في قتل العمد إنما هو
القود، وان الدية تثبت صلحا، وان الولي له اختيار القود، لأنه حقه وان بذل القاتل
اضعاف الدية لا بلزمه القبول، ولو اختار هو الدية لم يكن ذلك الا برضا القاتل، وان
الواجب عليه دفع نفسه للقود، وليس للولي غيره. هذا كله مضمون الروايتين ربه قال
الأكثر: ودلت الرواية الثالثة على أن الولي مخير في القود وأخذ الدية، لان (أو)
للتخيير وبمضمونها أفتى ابن عقيل والظاهر أنه لا دلالة في الرواية على مطلوبه، فان قوله:
(العمد هو القود أو ارضاء ولى المقتول) معناه ان الواجب له أما القود مع طلبه، أو رضاه
بالدية مع موافقة الجاني، ولا دلالة فيه على أن الرضا مختص بالولي ويصير رضا الولي
واجبا على الجاني، لأنه من باب دفع الضرر إذا كان مقدورا واجب (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القاتل في الشهر الحرام والحرم،
حديث: 1.
(5) هذا الحديث استفيد منه وجوب التغليظ في الدية بالأسباب الموجبة له، الا انه
لم يذكر فيها من وجوهه الا القتل في الشهر الحرام، وأما القاتل في البلد الحرام أو
قتل القرابة فليس في الرواية ما يدل على التغليظ فيه. وظاهر الشيخ تعميم التغليظ في
الأقارب وفى المواضع المشرفة، ولكن الاقتصار على موضع الرواية أولى، لعدم الظفر
بنص يدل على ما سوى ما هو مذكور فيها. والتغليظ المصرح به فيها هو زيادة ثلث الدية
على القاتل، فيكون عليه إذا قتل في الشهر الحرام دية وثلث دية من أي الأنواع كانت
من الدنانير أو الدراهم أو الإبل وباقي الأنواع المنصوص عليها في الدية. ومستحق
هذه الزيادة هم أولياء المقتول المستحقون للدية (معه).
611

(11) وروى أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام قال: (دية اليهودي والنصراني
والمجوسي دية المسلم) (1).
(12) وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (دية اليهودي والنصراني
أربعة آلاف درهم، ودية المجوسي ثمان مائة درهم. وقال: ان للمجوسي كتابا
يقال له: جاماس) (2).
(13) وروى درست عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله
عليه السلام عن دية اليهودي والنصراني والمجوسي قال: (هم سواء ثمانمائة
درهم) (3).
(14) وروى الحسن بن محبوب وابن بكير عن ليث المرادي قال: سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن دية النصراني والمجوسي واليهودي؟ قال: (ديتهم سواء
ثمانمائة درهم) (4).
(15) وروى ابن أبي عمير عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، حديث: 32.
(2) المصدر السابق، حديث: 34.
(3) المصدر السابق، حديث: 29.
(4) المصدر السابق، حديث: 27.
612

(بعث النبي صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد إلى البحرين فأصاب بها دماء قوم من اليهود
والنصارى والمجوس، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اني أصبت دماء قوم من
اليهود والنصارى فوديتهم ثمانمائة درهم. وأصبت دماء قوم من المجوس ولم
تكن عهدت إلي فيهم عهدا؟ قال: فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله ان ديتهم مثل
دية اليهود والنصارى، وقال: انهم أهل الكتاب) (1) (2).
(16) وروي ان أبا جعفر عليه السلام قال: (ان دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة
درهم) (3) (4).

(1) المصدر السابق، حديث: 28.
(2) من هذه الرواية إلى رواية أبان بن تغلب المتقدمة عليها، خمس روايات نقول
فيها: فالرواية الأولى أعني رواية أبان بن تغلب دالة على مساواة دية أهل الذمة لدية
المسلم وهي ضعيفة لم يعمل عليها أحد من الأصحاب. وأما الرواية الثانية المشتملة على
الفرق بين اليهودي والنصراني والمجوسي فأفتى بمضمونها ابن الجنيد، والشيخ حملها
في التهذيب على من يتعمد قتل أهل الذمة. وأما الروايات الثلاث الباقية فمضمونها دال
على مساواة الفرق الثلاث في الدية وانها لا تزيد على ثمانمائة درهم، والمشهور بين
الأصحاب العمل بها.
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الزيادات، حديث: 14.
(4) الكلام على هذه الرواية إلى آخر الرابعة أن نقول: بمضمون الحديث الأول
في ولد الزنا والحديث الثالث المتعلق به أفتى السيد المرتضى وقال: ان دية ولد الزنا
لا يتجاوز بها دية أهل الذمة. وأما دية العبد المذكور في الرواية الأولى انها أيضا
كذلك فغير معمول به بين الأصحاب، خصوصا والرواية المشتملة على ذلك من المراسيل
بل عملهم فيه على الرواية الثانية من أن دية العبد قيمته، إلا أن يتجاوز القيمة دية الحر
فترد إليه. وأما الرواية الثالثة فدلالتها على دية ولد الزنا ضعيفة أيضا لاشتمالها على الارسال
ومخالفتها للأصل، ولهذا قال أكثر الأصحاب ان ديته كدية المسلم إذا كان على ظاهر
الاسلام أخذا بعموم الحديث الرابع فإنه حكم فيه بأن المسلمين يكافئ بعضهم بعضا،
يعنى في دمائهم، وولد الزنا عندهم مسلم فيشمله أحكامهم (معه).
613

(17) وروي عنهم عليهم السلام: (ان دية العبد ثمنه، ولا يتجاوز قيمة عبد دية
حر) (1).
(18) وروى الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن جعفر بن بشير عن
بعض رجاله قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ولد الزنا؟ قال: (ديته ثمانمائة درهم
مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي) (2).
(19) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " المسلمون بعضهم أكفاء بعض " (3).
(20) وروى الشيخ في التهذيب عن نعيم بن إبراهيم عن مسمع أبي يسار
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (أم الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها وما كان
من حق الله تعالى كان في بدنها) (4) (5).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، حديث: 57، بتفاوت في بعض الألفاظ.
(2) الفقيه 4: 114، باب دية ولد الزنا، حديث: 1.
(3) رواه في المهذب، كتاب الديات، في شرح قول المصنف: (وفى ولد الزنا
قولان أشبههما ان ديته كدية المسلم)، وبمعناه ما في الصحاح والمسانيد من قوله صلى الله
عليه وآله: (المؤمنون تتكافأ دمائهم). راجع مسند أحمد بن حنبل 1: 119 - 122
وسنن أبي داود: 4، كتاب الديات، باب ايقاد المسلم بالكافر، حديث: 4530،
وغيرهما من الصحاح والسير.
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين
والكفار والعبيد والأحرار، حديث: 76.
(5) هذه الرواية مشتملة على تضمين السيد لجناية أم ولده في حقوق الآدميين،
وبمضمونها أفتى الشيخ في المبسوط. وقال العلامة في المختلف انه ليس بعيدا من
الصواب العمل بمضمون الرواية، ويعضدها النظر، لان المولى باستيلائه إياها منع من
بيع رقبتها فكان كالمتلف لها كما يتعلق بمن أتلف الجاني بعتقه. والشيخ في الخلاف منع
من هذا الحكم اعتمادا على الأصل من حيث إنها مملوكة والمولى لا يعقل عبدا، وبذلك
أفتى المحقق اعتمادا على الأصل وتركا للرواية للضعف سندها (معه).
614

(21) وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: (من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه والا فهو ضامن) (1) (2).
(22) وروى عبد الرحمان بن سالم عن أبيه عن الباقر عليه السلام قال: (أيما
ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة، فانقلبت عليه فقتلته فإنما عليه الدية في مالها

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ضمان النفوس وغيرها، حديث: 58.
(2) في هذا الحديث دلالة على أن الطبيب والبيطار إذا أتلفا بعلاجهما نفسا أو
طرفا، فإنه ضامن لما أتلفه، وإن كان حاذقا في صناعته علما وعملا. ويعضدها النظر من
حيث إنه إنما قصد إلى الفعل ولم يقصد التلف، فاتفق التلف بفعله، فوجب ضمانه عليه
لئلا يلزم طل للدم. وبمضمون الرواية أفتى الشيخان وأكثر الأصحاب، وخالفهم ابن
إدريس، وقال: لا ضمان مع الحذق، لأنه فعل مباح فلا يستعقب ضمانا، ولأنه مأذون فيه
وقد فعل ما يؤدى إليه فكره ونظره، ولو ضمناه لزم الحرج، لامساس الحاجة إلى ذلك.
والعمل بمضمونه أقوى.
ثم نقول: على تقدير الضمان، إذا لم تحصل البراءة قبل الفعل، فلا كلام فيه،
إذ لا تحصل البراءة من الضمان الا بالبراءة منه المتأخرة عنه. أما لو تقدمت البراءة على
الفعل، فهل يزول الضمان؟ ظاهر الرواية ذلك، لأنه قال فيها: (فليأخذ البراءة والا فهو
ضامن) علق الضمان على عدم أخذ البراءة، فدل على سقوطه معها، وبذلك أفتى الشيخ
والمحقق والعلامة، وقالوا: انه لولا ذلك لزم العسر والحرج فوجب نزعه دفعا للضرر
اللازم بترك العلاج، لاشتداد الحاجة إلى العلاج. ومنعه ابن إدريس وقال: ان الابراء
بما يقع فيها هو ثابت في الذمة وقبل التلف لم يثبت في الذمة شئ، فيكون اسقاطا لما
لم يجب، وهو غير معقول.
أجابوا بأن ذلك من باب الرخصة دفعا للعسر والحرج خصوصا، وللرواية. لكن
الذي فيها انه يأخذ البراءة من الولي لا من المريض، قال العلامة: إنما خص الولي في
الخبر لأنه المطالب على تقدير وقوع التلف. وقال المحقق: ولا أستبعد جواز الابراء
من المريض، لأنه المجني عليه، وإذا أذن في الجناية بطل حكمها، بل هو أقوى وهو
جيد (معه).
615

خاصة ان كانت إنما صارت ظئرا طلب للعز والفخر. وان كانت إنما ظائرت من
الفقر فالدية على عاقلتها) (1) (2).
(23) وروى الشيخ في التهذيب عن يونس عن بعض أصحابنا عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل أعنف على امرأته، أو امرأة أعنفت على زوجها
فقتل أحدهما الاخر؟ قال: (لا شئ عليهما إذا كانا مؤتمنين، فإذا اتهما لزمتهما
اليمين بالله انهما لم يريدا القتل) (3) (4).
(24) وروى الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي،

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ضمان النفوس وغيرها، حديث: 6.
(2) قال العلامة في المختلف، بعد ذكر هذه الرواية: في رجالها من لا يحضرني
حاله، فان صحت تعين العمل بها، وإن لم يصح طريقها كانت الدية على العاقلة، لان
النائم لا قصد له، وطلب الفخر وعدمه لا يخرج الفعل عن كونه خطاءا. وفى قوله هذا:
دلالة على توقفه في الفتوى، وجزم في الارشاد بمضمون الرواية كالشيخ في النهاية.
وفى القواعد استقرب ضمان العاقلة. وفى التحرير قال: لا وجه للتفصيل. والأقوى العمل
بالرواية لشهرتها (معه).
(3) التهذيب: 10 كتاب الديات، باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا يعرف
قاتله ومن لا دية له، حديث: 32.
(4) الكلام على هذه الرواية والتي بعدها أن نقول: بمضمون الرواية الأولى
أفتى الشيخ في النهاية، وبمضمون الثانية أفتى المفيد والمحقق والعلامة. وابن إدريس
قال: إنه مع التهمة يكون لوثا يثبت حقه بالقسامة ويقتص. والشيخ في التهذيب بعدما
أورد الحديث الأول وأورد بعده الحديث الثاني قال: لا تنافى بين الخبرين، لان الخبر
الأول إنما نفى أن يكون عليها شئ من القود ولم ينف أن يكون عليها الدية، والحديث
الثاني إنما دل على وجوب الدية، فهما متوافقان، والفائدة في عدم التهمة نفى وجوب
القصاص فإذا حلف كل واحد منهما انه لم يرد القتل سقط القود ولزمت الدية. والظاهر أنها
دية العمد، قال الشيخ، وقال غيره: انها دية شبه العمد. فأما مع التهمة وعدم الحلف
على نفيها يثبت القود (معه).
616

وهشام والنضر وعلي بن النعمان عن ابن مسكان جميعا عن سليمان بن خالد
عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت؟ قال:
(الدية كاملة، ولا يقتل الرجل) (1).
(25) وروى الشيخ في التهذيب مرفوعا إلى داود بن سرحان عن أبي عبد الله
عليه السلام في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب انسانا فمات، أو انكسر منه
عضو؟ قال: (هو ضامن) (2) (3).
(26) وروى الشيخ أيضا في الكتاب عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم
عن النوفلي عن السكوني عن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه ان عليا عليه السلام ضمن ختانا
قطع حشفة غلام (4) (5).
(27) وروى في الاستبصار عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل دفع رجلا على رجل فقتله؟ قال: (الدية على
الذي وقع على الرجل لأولياء المقتول ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه)

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا يعرف
قاتله ومن لا دية له، حديث: 33.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ضمان النفوس وغيرها، حديث: 42.
(3) مضمون هذا الحديث لم يخالف فيه أحد من الأصحاب، لكنهم علقوا الضمان
بكون الفساد الواقع مستندا إلى صناعته كالقصار إذا أحرق الثوب والملاح إذا خرق
السفينة والختان إذا جنى في الختانة وحمل المتاع إذا سقط عن رأسه أو زلق به، فإنه
يضمن المتاع وما يجنى عليه المتاع. أما لو كانت الجناية لا بسبب صناعته كما لو استولى عليه
ظالم أو سرقه سارق من غير تفريط منه فلا ضمان (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ضمان النفوس وغيرها، حديث: 61.
(5) هذا الحديث أيضا في الحكم كالحديث السابق عليه لم تقع فيه خلاف،
وتمشيته كالأول (معه).
617

قال: (وان أصاب المدفوع شئ فهو على الدافع أيضا) (1) (2).
(28) وروى أيضا مرفوعا إلى أبي جميلة عن سعد الإسكاف عن الأصبغ
ابن نباتة قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في جارية ركبت أخرى فنخستها، فقمصت
المركوبة فصرعت الراكبة فماتت، فقضى ديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة
(3) (4).
(29) وروى أنه عليه السلام قضى في جارية ركبت عنق أخرى، فجاءت ثالثة

(1) الاستبصار: 4، كتاب الديات، باب من زلق من فوق على غيره فقتله،
حديث: 4.
(2) هذه الرواية مخالفة للأصل من حيث إن الدافع ملجئ للواقع، فصار كالآلة
فالذي يقتضيه أصل المذهب ان الضمان على الدافع من رأس، واليه ذهب الأكثر،
وبمضمون الرواية أفتى الشيخ في النهاية، والأولون تركوا العمل بها، ولعله استضعافا
لسندها مع مخالفتها للأصل (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الاشتراك في الجنايات، حديث: 10.
(4) الكلام هنا على هذه الرواية والتي بعدها. أما هذه الرواية الأولى فضعيفة
السند، لضعف راويها، فان أبا جميلة ضعيف جدا. وأما الرواية الثانية فقد أفتى جماعة من
الأصحاب وجعلوا ذلك موقوفا على كون الركوب بما ذكره في الرواية، من أنه كان للعبث
فأما لو كان الركوب لغرض مقصود كانت الدية نصفان بين القامصة والناخسة. وابن إدريس
قال: الدية كلها على الناخسة ان كانت بسبب ذلك لجاءت المركوبة إلى القمص، وإن لم
تكن ملجأة لها إليه كانت الدية عليها، وبهذا أفتى العلامة وولده، لان فعل المكره
مستند إلى المكره، فيكون المكره كالآلة، فيتعلق الحكم بالمكره. ولعلهم إنما تركوا
العمل بالرواية لاستضعافها، والا فالاجتهاد في مقابل النص لا يجوز.
ومعنى (قمصت) بفتح القاف وكسر الميم رفعت رجليها وطرحتها. والقرص والنخس
بمعنى واحد. ويقال: قمص الفرس بفتح القاف والميم يقمص. ويقمص بضم الميم
وكسرها قمصا وقماصا بكسر القاف، وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا ويعجن برجليه
(معه).
618

فقرصت المركوبة فقمصت لذلك فوقعت الراكبة فاندق عنقها، فألزم القارصة
ثلث الدية والقامصة ثلثها الاخر وأسقط الثلث الباقي لركوب الواقعة عبثا (1).
(30) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام
في حائط اشترك في هدمه ثلاثة نفر، فوقع على واحد منهم فمات، فضمن
الباقيين ديته، لان كل واحد منهم ضامن لصاحبه) (2) (3).
(31) وروى عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا دعى الرجل
أخاه بليل فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته) (4).
(32) وروى الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن عمرو بن أبي
المقدام قال: كنت شاهدا عند البيت الحرام ورجل ينادي بأبي جعفر المنصور،
وهو بطوف، وهو يقول: يا أمير المؤمنين ان هذين الرجلين طرقا أخي ليلا
فأخرجاه من منزله، فلم يرجع إلي، والله ما أدري ما صنعا به. فقال لهما أبو
جعفر: وما صنعتما به؟ فقالا: يا أمير المؤمنين كلمناه ثم رجع إلى منزله، فقال
لهما: وافياني غدا صلاة العصر في هذا المكان، فوافياه من الغد صلاة العصر،
وحضرا به، فقال لجعفر بن محمد: وهو قابض على يده يا جعفر اقض بينهم،
فقال يا أمير المؤمنين: (اقض بينهم أنت)، فقال له: بحقي عليك الا قضيت
بينهم، قال: فخرج جعفر عليه السلام فطرح له مصلى قصب فجلس عليه ثم جاء الخصمان

(1) المقنعة: 117، باب الاشتراك في الجنايات. رواه كما في المتن مرسلا.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الجماعة يجتمعون على قتل واحد، حديث: 8.
(3) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية، وضعفها المحقق، وقال: ان
الدية تكون أثلاثا فأسقط الثلث عنهما لأجل فعل الثالث لمشاركته لهما في الهدم، فوقوع
الحائط بفعل الثلاثة، فيقسم موجب الجناية أثلاثا على نسبة السبب لأنه ثلاثة، وهو مذهب ابن
إدريس، وهذا أقوى لمناسبته للأصل (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ضمان النفوس وغيرها، حديث: 2.
619

فجلسوا قدامه، فقال: (ما تقول؟) فقال: يا بن رسول الله ان هذين طرقا أخي
ليلا فأخرجاه من منزله، فوالله ما رجع إلي، ووالله ما أدري ما صنعا به، فقال:
(ما تقولان؟) فقالا: يا بن رسول الله كلمناه ثم رجع إلى منزله، فقال جعفر عليه السلام:
يا غلام اكتب:
(بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله صلى الله عليه وآله " كل من طرق رجلا بالليل
فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد رده إلى منزله ".
(يا غلام نح هذا واضرب عنقه). فقال: يا بن رسول الله والله ما قتلته أنا
ولكن أمسكته فجاء هذا فوجأه فقتله، فقال: (أنا ابن رسول الله يا غلام نح هذا
واضرب عنق الاخر) فقال: والله يا بن رسول الله والله ما عذبته ولكني قتلته بضربة
واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثم أمر بالاخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن
ووقع على رأسه يحبس عمره ويضرب كل سنة خمسين جلدة (1) (2).

(1) المصدر السابق، حديث: 1.
(2) هذه الرواية والتي قبلها مضمونهما واحد، واتفق الكل على العمل بمضمونها
ومضمونهما دال على أن من دعى غيره وأخرجه عن منزله كان ضامنا حتى يرده إليه. لكن
ذلك مشروط بعدم مواعدته له، وأن لا يكون الاخراج نهارا بل يكون ليلا، وأن لا يخرج
بعد العود لا بدعاء، وأن لا يعرف خبره بأن يفقد عينه، أو لم يعرف خبر أصلا. فمع
عدم العداوة يضمن المخرج الدية لا غير، ومع العداوة المعروفة يثبت القصاص للولي.
وإذا عرف خبره، فان عرفه بالقتل واعترف به المخرج قتل به، وان غراه إلى غيره وأقام
البينة فلا ضمان، وإن لم يقم البينة، قيل يقاد به، وقيل: يضمن الدية وهو الأحوط.
وان وجد ميتا فمع اللوث يثبت القسامة، ومع عدمه ودعوى المخرج انه مات
حتف أنفه لا شئ الا اليمين، وقيل تثبت الدية بمضمون الرواية إلا أن يقم البينة بسلامته
وانه مات حتف أنه أيضا. ويعم هذا الحكم الرجل والمرأة والصغير والكبير والحر
والعبد، لان الرواية الأولى فيها لام الجنس وهي للعموم. والثانية فيها لفظ الكل وهي
للعموم. ودلت الرواية الثانية على أن الممسك للقتل عقوبته الحبس دائما والتعزير
في كل سنة (معه).
620

(33) وروى الشيخ في التهذيب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد
ابن حفص عن عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل سارق
دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها
فواقعها، فتحرك ابنها فقتله بفأس كان معه، فلما فرغ وأخذ الثياب وذهب ليخرج
حملت عليه بالفأس فقتلته، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
(اقض على هذا كما وصفت لك فقال: يضمن مواليه الذين يطلبون بدمه دية
الغلام، ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم لمكابرتها على فرجها انه
زان وهو في ماله غرامة، وليس عليها في قتله إياه شئ لأنه سارق) (1) (2).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا يعرف
قاتله ومن لا دية له حديث: 28.
(2) دل هذا الحديث على أحكام. الأول: وجوب مهر المثل للمنكوحة قهرا،
الثاني: الانتقال إلى الدية في العمد إذا فات محل القصاص. الثالث: ايجابه على العاقلة.
الرابع: ان قتلها لم يقع قصاصا عن ابنها. الخامس: ان الواجب أربعة آلاف درهم
في هذا الوطء. السادس: ان مهر المثل في صورة غصب الفرج لا يتقدر بقدر. السابع:
ان القتل جائز للدفاع عن المال.
وفى كل واحد من هذه الأحكام اشكال.
ففي الأول: خالف الشيخ في الخلاف، وقال: انه لا مهر لها، لأنه زنى ولا مهر
لبغى. وفيه ضعف من حيث إنه ليس زنا من الطرفين، بل هو غصب وقع على بضع
فيكون مضمونا على الغاصب كغيره من المنافع.
وفى الثاني: الاشكال من حيث إن الواجب بقتل العمد إنما هو القصاص وهو متعلق
بعين القاتل، فمتى فات محله، سقط، ووجوب الدية يحتاج إلى دليل. ويجاب عنه بأن
الدليل هو هذا النص، للتصريح به في الرواية.
وفى الثالث: الاشكال من حيث إنه على تقدير وجوب الدية، لا وجه لوجوبها
على العاقلة، لأنه إنما يضمن دية الخطأ. وأجيب عنه بالحمل على فقر القاتل، وانه لم
يترك الا ما يقوم بغرامة المهر خاصة، فرجع الضمان إلى العاقلة لعموم لا يطل دم امرء مسلم
وفيه ما فيه.
وفى الرابع: الاشكال من حيث امكان قصدها بقتله الاخذ بثأر ابنها، فيكون القتل
وقع لا قصاصا غير معلوم على اليقين، وحينئذ تسقط الدية لاستيفائها حقها بقتله. ويجاب
عنه بأن الظاهر لا يساعد هذا الاحتمال، لان اللص إذا دخل الدار فقد أهدر دما فحمل
قتله لأجل كونه لصا أظهر، بجاري العادات.
وفى الخامس: الاشكال من حيث تعيين الأربعة آلاف وايجابها لهذا الوطء لا أصل
له في مثلها في الشرع. وأجيب بالحمل على أن ذلك مهر مثلها.
وفى السادس: جواز كون مهر المثل مهر السنة في المفوضة فإنه متى تعداها رد
إليها. وأجيب بأنه لما دخل الغصب في البضع كان حكمه حكم القيمة، كالعبد المغصوب
إذا قتله الغاصب فإنه يضمن القيمة، وان تجاوزت دية الحر، لان الغاصب مطالب بالأشق.
وفى السابع: ان القتل للدفاع عن المال إنما يجوز إذا لم يدفع اللص بغير
القتل، أو كان اللص مقبلا على صاحب المال، فأما مع ادباره فلا يجوز قتله. وأجيب
بالحمل على أنه كان الامر كذلك، فلما لم يندفع الا بقتل جاز قتله، وحينئذ صح العمل
بمضمون الرواية في جميع أحكامها، لاندفاع الاشكالات عنها.
621

(34) وقال النبي صلى الله عليه وآله في حق النساء: " أعروهن يلزمن الحجال " (1) (2).
(35) وروى الشيخ عن محمد بن حفص عن عبد الله بن طلحة عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قلت: رجل تزوج امرأة، فلما كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى
صديق لها فأدخلته الحجلة، فلما دخل الرجل يباضع أهله ثار الصديق واقتتلا

(1) الجامع الصغير للسيوطي: 1، حرف الهمزة، نقلا عن الطبراني في الكبير.
وفى كنوز الحقائق للمناوي، على هامش الجامع الصغير، حرف الهمزة، ولفظ الحديث:
(أعروا النساء يلزمن الحجال).
(2) الحجال جمع حجلة، وهي البيت والخيمة التي تضرب للنساء في السفر.
وقال في الصحاح: الحجلة بفتح الجيم واحدة حجال العروس، وهي بيت يزين بالثياب
والأسرة والستور ليلة العرس. وإنما ذكر هذا الحديث هنا استطرادا، تقدمة للحديث
الآتي بعده. والامر فيه للارشاد إلى مصلحة ملازمة النساء للستر ومحافظة حالهن على
الزامهن به وعدم بروزهن إلى محافل الرجال، ليأمن عليهن من الافتتان بهن ولهن. ولا
شك ان العرى أقوى أسباب ذلك (معه).
622

في البيت فقتل الزوج الصديق، وقامت المرأة وضربت الرجل ضربة فقتلته
بالصديق؟ قال: (تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج) (1) (2).
(36) وروى النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان قوم
يشربون فيسكرون فيتباعجون بسكاكين كانت معهم، فرفعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام
فسجنهم، فمات منهم رجلان وبقي رجلان. فقال أهل المقتولين: يا أمير المؤمنين
أقدهما بصاحبينا، فقال علي عليه السلام لقوم (ما ترون؟) قالوا: نرى ان تقيدهما، قال
علي عليه السلام: (فلعل ذينك الذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه؟) قالوا: لا ندري.
فقال علي عليه السلام: (بل اجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة، وآخذ دية جراحة

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا يعرف
قاتله ومن لا دية له، حديث: 29.
(2) هذه الرواية أفتى الشيخ بمضمونها في النهاية. والمحقق والعلامة اعترضا
على الفتوى من حيث إن الحكم بأن دية الصديق على المرأة مشكلة: لان الصديق أهدر
دمه بدخوله دار غيره، فالزوج قتله دفاعا عن نفسه، أو لأنه وجده عند زوجته، ومن وجد
شخصا في داره عن امرأته لا جل الزنا جاز له قتله، فسقط القود عن الزوج لأجل الصديق.
فاما وجوب دية الصديق على مضمون الرواية فيمكن توجيهه بأن المرأة غرته بادخاله،
فكانت كمن ألقى شخصا في البحر فالتقمه الحوت، فكان ضامنا لديته. قالا بعد ذلك:
هذا الحكم في واقعة فلا عموم له، فيحتمل انه عليه السلام حكم بذلك لعلمه بما أوجب ذلك
الحكم، وإن كان الراوي نقله من غير ذكر السبب المقتضى له، فلا يتعدى (معه).
623

الباقين من دية المقتولين) (1).
(37) وروى إسماعيل بن الحجاج بن أرطاة عن سماك بن حرب عن عبد الله
بن أبي الجعد قال: كنت أنا رابعهم فقضى علي عليه السلام هذه القضية فينا (2).
(38) وروى عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(قضى أمير المؤمنين عليه السلام في أربعة شربوا فسكروا فأخذ بعضهم على بعض السلاح
فاقتتلوا فقتل اثنان وجرح اثنان فأمر بالمجروحين، فضرب كل واحد منهما ثمانين
جلدة، وقضى دية المقتولين على المجروحين، وأمر أن تقاس جراحة المجروحين
فترفع من الدية، وان مات أحد المجروحين فليس على أحد من أولياء المقتولين
بشئ).
(39) وروى الشيخ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام ستة غلمان كانوا في الفرات
فغرق واحد منهم، فشهد ثلاثة منهم على اثنين انهما غرقاه، وشهد اثنان على
الثلاثة انهم غرقوه فقضى عليه السلام بالدية ثلاثة أخماس على الاثنين وخمسين على
الثلاثة) (3) (4).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الاشتراك في الجنايات، حديث: 5.
(2) المصدر السابق، ذيل حديث: 5.
(3) المصدر السابق، حديث: 3.
(4) بمضمون هذه الرواية أفتى كثير من الأصحاب، وضعف سندها الشيخ أبو
العباس، وقال: انها مع ضعف سندها حكم في واقعة فلا يجب تعديتها، والذي يقتضيه
الأصل ان شهادة الثلاثة إذا سبقت على شهادة الاثنين وكانوا عدولا قبلت، ولم تقبل شهادة
الاثنين بعد ذلك لحصول التهمة. هذا إذا كانت الدعوى على البعض ولم يحصل التهمة
بالنسبة إلى الكل. أما لو كانت الدعوى على الجميع، أو حصلت تهمة الجميع، سقطت
شهادة الكل. ويكون الحكم هنا اللوث فيرجع إلى القسامة (معه).
624

(40) وروي ان عمر مر بباب العباس فقطر من ميزاب له قطرات عليه،
فأمر عمر بقلعه، فقال العباس: أو تقلع ميزابا نصبه رسول الله بيده؟ فقال عمر:
والله لا يحمل من ينصب هذا الميزاب الا ظهري، فركب العباس على ظهر عمر
فصعد فأصلحه (1).
(41) وروى السكوني في الموثق عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: " من أخرج كنيفا أو ميزابا أو وتد وتدا أو أوثق دابة أو حفر
بئرا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن " (2) (3).

(1) مسند أحمد بن حنبل 1: 210، ولفظ الحديث: (كان للعباس ميزاب على
طريق عمر بن الخطاب، فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان، فلما وافى
الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأصاب عمر وفيه دم الفرخين، فأمر عمر بقلعه، ثم رجع
عمر فطرح ثيابه فلبس ثيابا غير ثيابه ثم جاء فصلى بالناس، فأتاه العباس فقال: والله انه
للموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عمر للعباس: وأنا أعزم عليك
لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وآله،
ففعل ذلك العباس رضى الله تعالى عنه.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب ما يلزم من يحفر البئر فيقع فيها الماء،
حديث: 8.
(3) الحديث الأول دل على جواز نصب الميازيب إلى الطرقات وانعقد الاجماع عليه
والنبي صلى الله عليه وآله أقر الناس على ذلك، وكذلك الأجنحة والسباطات والسقايف،
وعلى ذلك استمر عمل المسلمين، ولا خلاف في جواز ذلك. إنما الخلاف في أنه هل
يضمن صاحبه بما يقع بسببه من الاحداث؟ قال ابن إدريس: لا ضمان لان الشرع أجازه،
فما يقع بسببه غير مضمون. وقال بعضهم: يضمن النصف لان بعضه في ملكه وبعضه خارج عنه،
واختاره العلامة في القواعد. والرواية الثانية نص في الضمان. ولا منافاة بين الضمان وبين
جواز الفعل، فان جوازه إنما كان للتوسعة والارفاق، لا لاسقاط الضمان، وهذا أقوى (معه).
625

(42) وروي ان ثورا قتل حمارا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع ذلك إليه
وهو في الناس من أصحابه وفيهم أبو بكر وعمر فقال: " يا أبا بكر اقض بينهم "
قال يا رسول الله: بهيمة قتلت بهيمة وما عليها شئ، فقال لعمر: " اقض بينهم "،
فقال: مثل قول أبي بكر، فقال " يا علي: اقض بينهم "، فقال: نعم يا رسول الله
(إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب الثور. وإن كان
الحمار دخل على الثور في مستراحه، فلا ضمان عليهم) قال: فرفع رسول الله
صلى الله عليه وآله يده إلى السماء فقال: " الحمد لله الذي جعل مني من يقضي
بقضاء النبيين " (1) (2).
(43) وروى الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام
في رجل حمل عبده على دابة فوطئت طفلا، فقال: (الغرم على مولاه) (3) (4).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب ضمان ما يصيب الدواب وما لا ضمان فيه من
ذلك، حديث: 6.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية. وأما المحقق فقال: إن كان
صاحب الداخلة فرط في احتفاظها ضمن جنايتها، وإن لم تكن منه تفريط لم يضمن. واليه
ذهب العلامة، فكلاهما راعيا التفريط وعدمه، لا الدخول في المقام. والظاهر أنه لا فرق
بين ما اختاروه وبين مضمون الرواية لان التفريط معتبر في الرواية الا انه جعله معللا
بالدخول أو عدمه (معه).
(3) الفقيه: 4، باب ما يجب في الدابة تصيب انسانا بيدها أو رجلها، حديث: 2
فيه: (فوطئت رجلا).
(4) يحمل هذه الرواية على كون العبد صغيرا أو مجنونا، لان المولى فرط حينئذ
باركابه الدابة مع علمه بعدم تميزه فكأنه السبب التام في الجناية. وأما إذا كان بالغا
عاقلا فلا، لان الجناية يلزم المملوك. فوجب حمل الرواية على ذلك جمعا بين الأدلة
(معه).
626

(44) وروى الشيخ عن الحسين بن سعيد عن النضر عن عاصم عن محمد
ابن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام في أربعة نفرا طلعوا
في زيبة الأسد، فخر أحدهم فاستمسك بالثاني فاستمسك الثاني بالثالث،
واستمسك الثالث بالرابع، فقضى بالأول فريسة الأسد وغرم أهله ثلث الدية
لأهل الثاني وغرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية وغرم الثالث لأهل الرابع
الدية كاملة) (1).
(45) وروى الشيخ أيضا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون
عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام
ان قوما احتفروا زبيبة الأسد باليمن فوقع فيها الأسد، فازدحم الناس عليها
ينظرون إلى الأسد، فوقع رجل فتعلق بآخر وتعلق الاخر بالاخر والاخر بالاخر
فجرحهم الأسد، فمنهم من مات من جراحة الأسد ومنهم من أخرج فمات،
فتشاجروا في ذلك حتى أخذوا السيوف فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (هلموا
أقضي بينكم، فقضى:
ان للأول ربع الدية، والثاني ثلث الدية، والثالث نصف الدية، والرابع
الدية كاملة، وجعل ذلك على قبائل الذين ازدحموا، فرضى بعض القوم وسخط
بعض، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وأخبر بقضاء علي عليه السلام فأجازه) (2) (3).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الاشتراك في الجنايات، حديث: 1.
(2) المصدر السابق، حديث: 2.
(3) الزبيبة بضم الزاء حفرة يحتفرها للأسد في المواضع العالية، والجمع الزبا
ومنه قولهم: بلغ السيل الزبا.
والرواية الأولى قال المحقق فيها: انها مشهورة وعليها فتوى الأصحاب، وعمل
عليها المتأخرون فلم يؤلوها لشهرتها بين الأصحاب وعملهم عليها. وحاصلها ان أولياء
الأول يدفعون إلى أولياء الثاني ثلث الدية، ويضيف أولياء الثاني إليه ثلثا آخر ويدفعون
ذلك إلى أولياء الثالث ويضيف أولياء الثالث إليه ثلثا آخر فيكمل الدية فيدفعها أهل
الثالث إلى أولياء الرابع وقال الراوندي: يجوز لأولياء الرابع أن يطالبوا لكل من أولياء
الأول والثاني والثالث بثلث من غير توسط، واستحسنه الشهيد.
وأما الرواية الثانية فهي ضعيفة السند، لان في طريقها سهل وهو عامي، وابن
شمون وهو غال، وابن الأصم وهو ضعيف غال أيضا، وكان من كذابة أهل البصرة، فلا اعتماد
عليها، فبقي الاعتماد على الرواية الأولى (معه).
627

(46) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (كلما في البدن منه واحد ففيه الدية) (1) (2).
(47) وروى سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام قال: (في شعر الرأس إذا
لم ينبت، الدية كاملة) (3).
(48) وروى سليمان أيضا عنه عليه السلام قال: قلت له: رجل دخل الحمام فصب
عليه صاحب الحمام ماءا حارا فامتعط شعر رأسه ولحيته فلا ينبت أصلا؟ قال:
(عليه الدية) (4).

(1) رواه في المهذب، كتاب الديات، في شرح قول المصنف: (النظر الثالث
في الجناية على الأطراف). ونقله الشيخ في النهاية: 770، كتاب الديات، باب ديات
الأعضاء والجوارح والقصاص فيها. وبمضمونه ما رواه في الفقيه: 4، باب ما يجب فيه الدية
ونصف الدية فيما دون النفس، حديث: 13، عن أبي عبد الله عليه السلام. وسيأتي عن
قريب.
(2) هذه الكلية لا خلاف فيها بين الأصحاب، بل جميعهم على العمل بمضمونها
(معه).
(3) الفقيه: 4، باب ما يجب فيمن صب على رأسه ماءا حارا فذهب شعره،
حديث: 1، والحديث منقول بالمعنى.
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص فيها
حديث: 25.
628

(49) وروى يحيى بن حذيفة عن بعض رجاله عنه عليه السلام مثله (1) (2).
(50) وروى مسمع عن الصادق عليه السلام قال: (قضى علي عليه السلام في اللحية إذا
حلقت فلم تنبت الدية كاملة، فان نبتت فثلث الدية) (3).
(51) وروى الشيخ عن سلمة بن تمام قال: (أهرق رجل قدرا فيها مرق
على رأس رجل فذهب شعره فاختصموا في ذلك إلى علي عليه السلام فأجله سنة،
فجاء ولم ينبت شعره فقضى عليه بالدية) (4) (5).
(52) وروى هشام بن سالم في الصحيح عنه عليه السلام قال (كلما كان في
الانسان منه اثنان ففيهما الدية، وفي أحدهما نصف الدية وما كان واحدا ففيه الدية) (6) (7).

(1) المصدر السابق، حديث: 24، والحديث عن علي بن جديد.
(2) قال العلامة في المختلف بعد نقل رواية سليمان بن خالد: هذه الرواية عندي
حسنة الطريق يتعين العمل بها، ولأنه يدخل في عموم الرواية الأولى، لأنه واحد في
الانسان. وأما الرواية الثانية فحكمها كالأولى الا ان فيها زيادة ادخال اللحية. ورواية
مسمع دلت على أن اللحية لو انفردت كان حكمها كالرأس في وجوب الدية الكاملة إذا
لم ينبت، وإذا نبت فثلث الدية، لكن في طريقها ضعف، فيبقى الاعتماد على الرواية
الأولى (معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص فيها
حديث: 23.
(4) المصدر السابق، حديث: 68.
(5) هذه الرواية حكمها كما تقدم الا ان فيها زيادة تأجيل ذلك إلى سنة، لاحتمال
النبت في ظرفها فإذا مضت السنة ولم تنبت ثبت الحكم، فعلى هذا لو طلب الدية قبل
السنة لم تجب اجابته، نعم لو طلب الأرش وأبقى الباقي إلى السنة أعطى. ولو أعطى
قبل السنة فنبتت استرجع منه الا مقدار الأرش (معه).
(6) الفقيه: 4، باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما دون النفس، حديث: 13.
(7) بالحديث السابق استدل جماعة من الأصحاب على أن الأجفان إذا قلعت جميعا
وجبت لها الدية، وان في كل واحد منها الربع على حساب الاثنينية وكل اثنين ينقسم
إلى نصفين كما هو مضمونها، والعينان اثنان ولكل واحد منهما جفنان فالمجموع أربعة،
فتنقسم الدية أرباعا على مقتضى الرواية.
وأما رواية سهل فبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية ففرق بين شعر العين الأعلى وبين
شعر العين الأسفل، فجعل في الأعلى ثلث الدية وفى الأسفل نصفها.
قال أبو العباس: وهذا النقض إنما يتم على تقدير وقوع الجناية من اثنين، أو من
واحد بعد دفع الأرش الأولى. أما لو كانت من واحد قبل دفع ما وجب عليه في الأول
كان الواجب دية كاملة اجماعا. وعمل الأكثر على الرواية السالفة، لان سند الثانية غير
معلوم (معه).
629

(53) وروى سهل بن زياد عن الحسن بن ظريف عن أبيه ظريف بن ناصح
قال حدثني رجل يقال له: عبد الله بن أيوب قال: حدثني أبو عمر المتطبب قال:
عرضته على أبي عبد الله عليه السلام فقال: (أفتى أمير المؤمنين عليه السلام فكتب الناس فتياه،
وكتب به أمير المؤمنين عليه السلام إلى أمرائه ورؤس أجناده، فمما كان فيه أن أصيب
شفر العين الأعلى فشتر، فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا
وثلثا دينار. وان أصيب شفر العين الأسفل فشتر، فديته نصف دية العين مائتان
وخمسون دينارا. وان أصيب الحاجب فذهب شعره، فديته نصف دية العين
مأتان وخمسون دينارا. فما أصيب منه فعلى حساب ذلك) (1).
(54) وروى بريد بن معاوية في الصحيح عن الصادق عليه السلام أنه قال: (في
لسان الأخرس وعين الأعور وذكر الخصي، أنثييه، ثلث الدية) (1).
(55) وروى أبو بصير في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال: سأله بعض آل

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الخلقة التي تقسم عليه الدية في الأسنان
والأصابع، باب آخر منه، حديث: 2.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب دية عين الأعمى ويد الأشل ولسان الأخرس
وعين الأعور، حديث: 6.
630

زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس؟ فقال: (إن كان ولدته أمه وهو أخرس
فعليه ثلث الدية، وإن كان لسانه ذهب به وجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فان على
الذي قطع لسانه ثلث دية لسانه، قال: وكذلك القضاء في العينين والجوارح
وقال: هكذا وجدنا في كتاب علي عليه السلام) (1).
(56) وروى عبد الله بن جعفر عن الصادق عليه السلام في العين العوراء تكون
قائمة فتخسف؟ قال: (قضى فيها علي عليه السلام بنصف الدية في العين الصحيحة) (2).
(57) وروى سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام في رجل فقاء عين رجل
ذاهبة وهي قائمة؟ قال: (عليه ربع دية العين) (3).
(58) وروى محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام
في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت ان تفقأ احدى عيني صاحبه ويعقل
له بنصف الدية، وان شاء أخذ دية كاملة ويعفو عن صاحبه) (4) (5).

(1) المصدر السابق، حديث: 7.
(2) المصدر السابق، حديث: 5.
(3) المصدر السابق، حديث: 8.
(4) المصدر السابق، حديث: 1.
(5) الروايتان الأولتان الصحيحتان دل مضمونهما على أن العين العوراء إذا كانت
قائمة فخسفها بالجناية، فالواجب فيها ثلث الدية، وكذلك لسان الأخرس وذكر الخصي
وبمضمونهما أفتى الشيخ في كتبه وأكثر الأصحاب. وخالفهم المفيد وأفتى بمضمون
الثالثة والرابعة فأوجب فيها ربع الدية لا غير، والروايات الأول أصح طريقا، فالعمل بها
أولى، بل هو المتعين.
وأما رواية محمد بن قيس فقد دلت على أن عين الأعور الصحيحة إذا جنى عليها
كان فيها الدية كاملة، أخذا بعموم قوله: كل ما في الانسان واحد ففيه الدية، فان أراد
القصاص كان له أن يقتص في عين ويرد عليه الجاني نصف الدية عملا بمضمون الرواية
لكنهم قيدوا ذلك بكون العور خلقة، أما لو كان أخذ ديتها واستحقها كانت كعين الصحيح
(معه).
631

(59) وروى العلاء بن الفضل عن الصادق عليه السلام قال: (وفي لسان الدية تامة
وأذنيه الدية تامة والرجلان بتلك المنزلة والعينان بتلك المنزلة والعين العوراء
الدية تامة والإصبع من اليد والرجل فعشر الدية) (1) (2).
(60) وروى محمد بن يعقوب عن الحكم بن عتيبة قال: سألت أبا جعفر
عليه السلام عن أصابع اليدين؟ إلى أن قال: (وكلما كان من شلل فهو على
الثلث من دية الصحاح) (3) (4).
(61) وروى غياث عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام في
كل جانب من الانف، ثلث دية الأنف) (5).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، قطعة من حديث: 10.
(2) المراد بالعين العوراء، ليس هي التي بها العور، بل المراد العين التي ليس
لصاحبها الا هي. وأطلق عليها اسم العور، وان كانت صحيحة تجوزا واتساعا في اللغة
حيث لا أخت لها من جنسها.
وفى معنى هذا الحديث المروى أن أبا لهب اعترض على النبي صلى الله عليه وآله
عند إظهاره دعوى النبوة، فقال له أخوه أبو طالب: يا أعور وما أنت وهذا. قال ابن
الاعرابي: ولم يكن أبو لهب أعور، وإنما العرب يقول: للذي ليس له أخ من أبيه، انه
أعور. فاستعمل ذلك فيه توسعا ومجازا، فكذا الذي في الرواية. وأما ما تضمنت من
الاحكام فليس فيه كلام والأصحاب متفقون على العمل بمضمونها ومفتون به (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الخلقة التي تقسم عليه الدية في الأسنان والأصابع
قطعة من حديث: 2.
(4) لا فرق في الشلل بين أن يكون خلقة أو بآفة عرضت. وعلى هذه الرواية عمل
الأصحاب وفتواهم لم يخالف في ما تضمنت أحد منهم (معه).
(5) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، قطعة من حديث: 67.
632

(62) وروى العزرمي عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام مثله (1).
(63) وروى الحسين بن سعيد عن محمد بن خالد عن ابن أبي عمير عن
هشام بن سالم قال: كلما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية، وفي أحدهما
نصف الدية، وما كان واحدا ففيه الدية (2).
(64) ورواه العلامة في المختلف في الصحيح (3) (4).
(65) وروى زرعة عن سماعة عن الصادق عليه السلام قال: (الشفتان العليا والسفلى
سواء في المقدار (5).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب دية عين الأعور ولسان الأخرس واليد
الشلاء والعين العمياء، قطعة من حديث: 19.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 53.
(3) المختلف، كتاب القصاص والديات، الفصل الخامس في ديات الأعضاء،
مسألة قال الشيخ في النهاية: في شفر العين الأعلى الخ.
(4) بالرواية الأولى أفتى ابن الجنيد والمحقق واستحسنه العلامة في المختلف،
وقال في موضع آخر: وفى غياث ضعف غير أن مضمونها جيد، لان المارن هو مالان من
الانف يشتمل على ثلاثة أشياء من جنس، فوزعت الدية عليها أثلاثا.
واختار الشيخ في المبسوط وابن إدريس ان في كل واحد منهما نصف الدية،
اعتمادا على عموم الحديث الثاني مع أنه مقطوع. قال أبو العباس: هي وان كانت مقطوعة
لكن رجالها معتمدون. وقال العلامة في التحرير: وإن لم يسندها إلى الامام الا ان
هشاما ثقة، فالظاهر أنه سمعها من الامام، ويؤكد ذلك أنه جعلها في المختلف من الصحاح
فحينئذ الاعتماد عليها أولى فلا تخصصها رواية غياث، لما عرفت من ضعفها وصحة هذه،
فلا تصح تخصيص عموم الصحيح بالضعيف (معه).
(5) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، قطعة من حديث: 8.
633

(66) وروى عبد الله بن سنان في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (ما كان في
الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية) (1).
(67) وروى الحسن بن محبوب عن أبي جميلة عن أبان بن تغلب عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: (في الشفة السفلى ستة آلاف، وفي العليا أربعة آلاف، لان
السفلى تمسك الماء) (2) (3).
(68) وروى النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (أتى أمير
المؤمنين عليه السلام برجل ضرب فذهب بعض كلامه وبقي بعض فجعل ديته على
حروف المعجم، ثم قال: تكلم بالمعجم فما نقص من كلامه فبحساب ذلك) (4).
(69) وروى حماد بن عيسى عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرضت عليه حروف المعجم، فما لم
يفصح به منها يؤدى إليه بقدر ذلك من المعجم، يقام أصل الدية على المعجم
كله ثم يعطى بحساب ما لم يفصح به منها وهي تسعة وعشرون حرفا) (5).
(70) وروى الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا ضرب
الرجل على رأسه فثقل لسانه عرض عليه حروف المعجم، فما لم يفصح به منها

(1) المصدر السابق، قطعة من حديث: 22.
(2) المصدر السابق، حديث: 7.
(3) بمضمون الروايتين الأولتين أفتى الشيخ في النهاية وابن حمزة والصدوق
والعلامة في المختلف. والعمل بالروايتين الأولتين أولى، لاعتضادهما بعموم الرواية
السابقة، وهي من الصحاح والرواية الثالثة المخالفة لهما مشتملة على أبي جميلة وهو
ضعيف (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، قطعة من حديث: 75.
(5) المصدر السابق، حديث: 73.
634

كانت الدية والقصاص من ذلك) (1).
(71) وروى الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
في رجل ضرب رجلا على رأسه فثقل لسانه: (يعرض عليه حروف المعجم
كلها، ثم يعطى الدية بحصة ما لم يفصح به منها) (2) (3).
(72) وروى الشيخ عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام (في الرجل
الواحدة نصف الدية إذا قطعها من أصلها، وإذا قطع طرفها ففيها قيمة عدل.

(1) المصدر السابق، حديث: 71.
(2) المصدر السابق، حديث: 74.
(3) هذه الروايات الأربع من أول رواية النوفلي متوافقة الدلالة على أن اللسان
إن كان صحيحا كان فيه الدية، وما نقص منه اعتبر بحروف المعجم، وهي حروف التهجي
فما نقص منها أخذ بحسابه، فيبسط الدية عليها بسطا متساويا. اللسانية والحلقية والخفيفة
والثقيلة، لا يختلف مقاديرها. وهي ثمانية وعشرون حرفا على المشهور بين الأصحاب.
وفى الرواية تسعة وعشرون حرفا، وقال المحقق: انها مطرحة.
ومضمون هذه الروايات صريح في أن المعتبر في اللسان إنما هو بهذه الحروف
لا بمساحته حتى أنه حتى لو قطع ربع اللسان فذهب نصف الحروف، أو قطع نصفه فذهب
ربعها كان في الأول نصف الدية وفى الثاني ربعها اعتبارا بالحروف، صرح بذلك ابن
إدريس، وهو مذهب الأكثر.
وفى المبسوط اعتبر أكثر الامرين، والروايات صريحة بعدم ذلك، لكن الروايات
المتأخرة دالة على أنه لو انفردت الجناية على النطق دون اللسان كانت الدية معتبرة في
النطق، وحينئذ لو ذهب كله أو بعضه باعتبار الحروف فعلمنا منه ان اللسان وحده لو انفرد
بالجناية من دون أن يذهب من الحروف شئ كان فيه الدية أيضا، ويتداخلان مع
الاجتماع، ولهذا قال العلامة: ان كل واحد من اللسان والكلام مضمون بالدية منفردا،
فإذا انفرد نصفه من الذهاب وجب النصف، وإن لم يذهب من الاخر شئ، ولامتناع
تداخلها مع الاتفاق، وصريح هذه الأخبار يؤيد ذلك (معه).
635

وفي الانف إذا قطع الدية كاملة وفي اللسان إذا قطع الدية كاملة) (1) (2).
(73) وروى العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (في أنف الرجل
إذا قطع المارن فالدية تامة. وذكر الرجل الدية تامة، ولسانه الدية تامة، وأذنيه
الدية تامة، والرجلان بتلك المنزلة، والعينان بتلك المنزلة، والعين العوراء الدية
تامة، والإصبع من اليد والرجل فعشر الدية) (3).
(74) وروى الشيخ في التهذيب مرفوعا إلى الأصبغ بن بناته قال: سألت
أمير المؤمنين عليه السلام عن رجل ضرب رجلا على هامته فادعى المضروب انه لا يبصر
شيئا ولا يشم الرائحة وانه قد ذهب لسانه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: (ان صدق
فله ثلاث ديات) فقيل يا أمير المؤمنين: كيف يعلم أنه صادق؟ فقال: (اما ما
ادعاه انه لا يشم الرائحة، فإنه يدنى منه الحراق فإن كان كما يقول، والا نحى
رأسه ودمعت عينه. وأما ما ادعاه في عينه، فإنه يقابل بعينه عين الشمس فإن كان
كاذبا لم يتمالك حتى يغمض عينيه وإن كان صادقا بقيتا مفتوحتين. واما ما ادعاه
في لسانه فإنه يضرب على لسانه بالإبرة فان خرج الدم أحمر فقد كذب، وان

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 9.
(2) هذه الرواية والتي بعدها كل ما فيها جار على القاعدة، ولا خلاف فيما تضمنا
بين الأصحاب الا في اللسان، فان بعضهم يعتبر ان اللسان مع النطق فيهما الدية لا في كل
واحد منهما على حدة، وصريح هذه الروايات يأبى ذلك، فان الروايات الأولى مصرحة
بذكر النطق من دون التعرض للسان، وهذه الروايات دلت على أن اللسان من دون
التعرض للنطق، فعلم أن كل واحد منهما بانفراده يجب له الدية عملا بكل نص في محله
(معه).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص فيها
قطعة من حديث: 10.
636

خرج اسود فقد صدق) (1).
(75) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (السن
إذا ضربت انتظر بها سنة فان وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم، فإن لم يقع
واسودت أغرم ثلثي ديتها) (2) (3).

(1) المصدر السابق، حديث: 86.
(2) المصدر السابق، حديث: 41.
(3) الكلام في هذه الرواية وما بعدها من الروايات إلى الرواية التاسعة أن نقول:
أما هذه الرواية الأولى الصحيحة فبمضمونها أفتى الشيخ في النهاية والمحقق والعلامة
فأوجبوا في الضرس ان وقعت بعد السنة خمسمائة درهم ومع عدم الوقوع والاسوداد
ثلثا ديتها.
والرواية الثانية تضمنت ذكر نصف الدية مع الانصداع، ومعناه التخلخل مع عدم
السقوط، وفى طريق الرواية ابن زياد وهو ضعيف، وما تضمنته من ذكر النصف لم يقل
به أحد، بل المختار ان الاسوداد فيه الثلثان.
وأما الرواية الثالثة: والتي بعدها فدلتا على وجوب الثلث إذا جنى على الضرس
وهي مؤوفة وبمضمونها أفتى أكثر الأصحاب بناءا على أنها كالشلاء.
والرواية الخامسة دلت على وجوب ربع الدية فيها، لكن في طريقها ابن أبي
منصور وهو واقفي وابن بكير وابن فضال وهما فطحيان، فلا اعتماد على ما تضمنت.
وأما الرواية السادسة: فمتعلقة بسن الصبي الذي لم يثغر وهي سن اللبن، فإذا قلعت
وجب فيها بعير من غير انتظار كما هو مضمون الرواية وبمضمونها أفتى الشيخ وابن حمزة
وابن الجنيد والعلامة في المختلف.
والرواية التي بعدها مثلها في الحكم الا ان في طريق الأولى السكوني وهو عامي
فهو دال على ضعف طريقها كما أشار إليه المحقق.
وأما الرواية الأخرى: ففي طريقها سهل وهو عامي أيضا، وابن شمون وهو غال
وابن الأصم وهو كذاب متهافت المذهب.
وأما الرواية الثامنة: فهي دالة على أنه ينتظر بسن غير المثغر العود وعدمه، فمع
عدمه يثبت القصاص والدية كاملة، ومعه يثبت الأرش، وهو تفاوت ما بين كونه مقلوع
السن وسليما هذه المدة ويؤخذ من الدية بنصف التفاوت، وبمضمونها أفتى الشيخ في
النهاية، وهو مذهب ابن إدريس والمحقق والعلامة في القواعد.
وأما الرواية التاسعة فإنها دلت على أن مدة الانتظار لسن غير المثغر السنة، قال
الشهيد: ان الأصحاب أطلقوا الانتظار ولم يعتبروا وقتا وقيدوه بنبات أسنانه بعد سقوطها
وقيده العلامة في كتبه بسنة بناءا على الغالب، وأورد عليه الشهيد ان الصبي إذا بلغ أربع
سنين العادة قاضية فيه بأن سنه لو قلعت لم تنبت الا بعد مدة تزيد على السنة قطعا، قال:
وهذا شئ اختص به هذا المصنف، ولا أعلم وجه ما قاله وهو أعلم، نعم في رواية أحمد
وذكر الرواية المشار إليها، فإنه عين فيها السنة، ثم قال: وهذه الرواية وان كانت
صحيحة، الا انها لا يدل على المطلوب، إذ موضوعها من ضربت ولم تسقط أسنانه.
ويمكن أن يقيد بأن المراد قلعها في وقت سقط أسنانه فيه، فإنه ينتظر به سنة ولا شك ان
هذا في ذلك الوقت غالب، هذا آخر كلامه رحمه الله.
وأنا أقول: ان كلام العلامة جيد، لان الرواية إذا كانت صحيحة كانت نصا ولا
يضرها كونها في السن التي لم تسقط، فان سقوطها إنما يكون بانبات السن الأخرى
تحتها فتقلع فان ثبت مكانها ولم تقلع دل على أن الضربة لم تكن مغيرة لها عن محلها،
فعلمنا ان السنة هي المدة التي يعلم فيها الانبات وعدمه. ويمكن أن يقال: هذا التوجيه
جيد لو كان معتمد العلامة في مأخذه على الرواية لكنه إنما اعتمد في الجديدة على مستند
الحكم، والشهيد إنما اعترض على مستند الحكم، قلت: انه رحمه الله علم أن الرواية لا
تدل على المطلوب والظاهر أنها دالة عليه فما وجبنا عليه يكون بحاله فتدبر (معه).
637

(76) وروى محمد بن يعقوب يرفعه إلى ظريف بن ناصح قال: حدثني
رجل يقال له عبد الله بن أيوب قال: حدثني أبو عمر المتطبب قال: عرضته على أبي
عبد الله عليه السلام قال: (أفتى أمير المؤمنين عليه السلام فكتب الناس فتياه وكتب به
أمير المؤمنين عليه السلام إلى المرأة ورؤس أجناده، إلى أن قال في آخر الحديث:
(فان انصدعت السن ولم تسقط فديتها خمسة وعشرون دينارا) (1).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب الخلقة التي تقسم عليه الدية في الأسنان
والأصابع، (باب آخر منه)، ذيل حديث: 2.
638

(77) وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال في السن: (وأما ما كان من شلل فهو
على الثلث) (1).
(78) وروي العزرمي عن أبيه عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: (في السن
السوداء ثلث ديتها) (2).
(79) وروى عجلان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (في دية السن السوداء، ربع
دية السن) (3).
(80) وروى النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام، (ان أمير المؤمنين
عليه السلام قضي في سن الصبي قبل أن يثغر بعير) (4).
(81) وروى سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن
عبد الرحمان الأصم عن مسمع بن عبد الملك قال: إن عليا عليه السلام قضى في سن
الصبي قبل أن يثغر، بعيرا بعيرا في كل سن (5).
(82) وروى الحسن بن سعيد عن ابن أبي عمير، وعلي بن حديد عن جميل
عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: في سن الصبي يضربها الرجل
فتسقط ثم تنبت؟ قال: (ليس عليه قصاص وعليه الأرش) (6).

(1) المصدر السابق، قطعة من حديث: 2.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب دية عين الأعور ولسان الأخرس واليد
الشلاء والعين العمياء، قطعة من حديث: 19.
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 64.
(4) المصدر السابق، حديث: 66.
(5) المصدر السابق، حديث: 43.
(6) المصدر السابق، حديث: 58.
639

(83) وروى أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: (السن إذا ضربت انتظر بها سنة، فان وقعت أغرم الضارب
خمسمائة درهم، وإن لم تقع واسودت أغرم ثلثي ديتها) (1).
(84) وروى الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الأصابع
أسواء هي في الدية؟ قال: (نعم) (2).
(85) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عنه مثله سواء (3) (4).
(86) وروى عبد الله بن عبد الرحمان الأصم عن مسمع بن عبد الملك عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين عليه السلام في الظفر إذا قلع ولم ينبت،

(1) المصدر السابق، حديث: 41.
(2) المصدر السابق، قطعة من حديث: 48.
(3) المصدر السابق، حديث: 49.
(4) الكلام على هذه الأربع أن نقول: مضمون الرواية الأولى والثانية دل على أن
الأصابع كلها سواء في الدية المقسطة عليها. لان المقرر عند الكل ان في أصابع
اليدين العشرة الدية كاملة، فإذا قسطناها أصاب كل واحد عشر الدية على ما هو مضمون
الرواية، وهو المشهور بين الأصحاب، ولا معارض لهذا الا قول محكى عن ابن حمزة
جعل في الابهام وحده ثلث الدية من اليد، محتجا برواية منسوبة إلى ظريف بن ناصح
لم يعتمد عليها الشيخ. وأما الرواية المتعلقة بالظفر، فضعفها المحقق، ووجه ضعفها معلوم
من سندها، فان رجالها غير معلومي الثقة.
فالحاصل انهم اختلفوا في الظفر فأوجب له بعضهم عشرة دنانير إذا لم ينبت،
وهو مذهب الشيخ، فأما إذا خرج أسود فقال بعضهم: ان فيه ثلثي ديته، اختاره ابن
إدريس والعلامة في المختلف وولده، والرواية الرابعة فيها وجوب خمسة دنانير وجعلها
كلها متساوية إذا خرجت بيضا، فأما إذا لم ينبت أو نبت فاسدا فعشرة، وهي موافقة
للرواية الأولى، الا انها غير معلومة السند. والأقوى العمل بالرواية الأولى.
640

أو نبت أسود فاسدا عشر دنانير، وان خرج أبيض فخمسة دنانير) (1).
(87) وروى ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية، في كل إصبع عشر من الإبل وفي
الظفر خمسة دنانير) (2).
(88) وروى الصدوق في كتابه عن أبي يحيى الواسطي رفعه إلى أبي
عبد الله عليه السلام قال: (الولد يكون من البيضة اليسرى، فإذا قطعت ففيها ثلثا
الدية) (3).
(89) وروى عبد الله بن سنان في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: (ما كان
في الجسد منه اثنان ففي الواحد نصف الدية مثل اليدين والعينين) قلت: رجل
فقأت عينه؟ قال: (نصف الدية) قلت: فرجل ذهبت احدى بيضتيه؟ قال: (ان
كانت اليسار ففيها ثلاثا الدية) قلت: لم؟ أليس قلت: فيما كان في الجسد منه
اثنان ففيه نصف الدية؟ قال: (لان الولد من البيضة اليسرى) (4) (5).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 45.
(2) المصدر السابق، حديث: 49.
(3) الفقيه: 4، باب دية البيضتين، حديث: 1، وتمام الحديث: (وفى اليمنى
ثلث الدية).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 22.
(5) بمضمون الروايتين أفتى الشيخ في الخلاف وابن حمزة وسلار والعلامة في
المختلف. وقال الشيخ في النهاية والمبسوط وابن إدريس والمحقق والعلامة في أكثر
كتبه بالتسوية بينهما عملا بعموم الخبر المتقدم. قال الشيخ المفيد: اعتل من قال: بأن
اليسرى فيها ثلثي الدية بأن الولد يكون منها وبفسادها يكون العقم، ولم أتحقق ذلك
برواية صحت عندي، فهو شاك في هذه الروايات. وقال أبو العباس: الذي تلخص من
هذه الأقوال ومن صريح الروايات ان الولد من اليسرى، وأنكره الأطباء ونسبه الجاحظ
في كتاب له يسمى كتاب الحيوان إلى العامة، وأهل البيت عليهم السلام أعرف، فيجب
المصير إلى قولهم، لكن الأقوى عندنا في باب الدية انهما نصفان اعتبارا بعموم
الحديث السابق (معه).
641

(90) وروى سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كسر
بعصوصه فلم يملك استه ما فيه من الدية؟ قال: (الدية كاملة) (1) (2).
(91) وروى إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (قضى
أمير المؤمنين عليه السلام في الرجل يضرب عجانه فلا يمسك غائطه ولا بوله. ان في
ذلك كله الدية كاملة) (3).
(92) وروى الشيخ عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عليه السلام قال:
(رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه؟
فقضى عليه السلام أن يداس بطنه حتى يحدث كما أحدث أو يغرم ثلث الدية) (4) (5).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب ما تجب فيه الدية كاملة من الجراحات
التي دون النفس وما يجب فيه نصف الدية والثلث والثلثان، حديث: 11.
(2) البعصوص عظم رقيق حول الدبر. والعجان ما بين الخصية إلى حلقة الدبر.
والفتوى المذكور في الرواية لا كلام فيها بين الأصحاب، فالجميع متفقون على العمل
بمضمون الروايتين (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الديات، باب ما تجب فيه الدية كاملة من الجراحات
التي دون النفس وما يجب فيه نصف الدية والثلث والثلثان، حديث: 12.
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 26.
(5) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخان. ومنع ابن إدريس وقال: لا قصاص هنا
لان فيه تغرير بالنفس. وهو مذهب المحقق والعلامة والواجب فيه الأرش لأنه المتيقن،
ولم يعملوا بالثلث المذكور في الرواية لأنها ضعيفة ضعفها المحقق لضعف السكوني (معه).
642

(93) وروى الصدوق في كتابه والشيخ في تهذيبه مرفوعا إلى علي عليه السلام
انه قضى في رجل افتض جارية بإصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها، فجعل
لها ثلث نصف الدية مائة وستون دينار وثلثا دينار، وقضى لها عليه صداقها
مثل نساء قومها (1).
(94) وروى هشام عن أبي الحسن عليه السلام ان عليه الدية كاملة (2) (3).
(95) وروى الشيخ في التهذيب عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا
جعفر عليه السلام عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة
فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله؟ قال: (إن كان المضروب
لا يعقل معها أوقات الصلاة، ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له فإنه ينتظر به إلى سنة
فان مات ما بينه وبين سنة أقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين سنة ولم
يرجع إليه عقله، أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله) قلت: فما ترى عليه
في الشجة شيئا؟ قال: (لا، لأنه إنما ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين
فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية. ولو كان ضربة ضربتين فجنت الضربتان
جنايتين: لألزمته جناية ما جنتا كائنة ما كانت إلا أن يكون فيها الموت فيقاد به
ضاربه بواحدة وتطرح الأخرى) (4) (5).

(1) الفقيه: 4، باب ما يجب في الافضاء، حديث: 1 و 2. والتهذيب: 10.
كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص فيها، حديث: 70.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 13.
(3) العمل برواية هشام أقوى من الأولى لشهرتها بين الأصحاب، فيثبت الدية
ومهر المثل (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 36.
(5) بمضمون هذه الرواية المشتملة على التفصيل المذكور فيها. وهو ان مع
اتحاد الضربة يتحد ديتها ومع تعددها تتعدد، أفتى الشيخ في النهاية. وأما المحقق
والعلامة فقالا: بعدم التداخل مطلقا، لأنهما جنايتان فتداخلهما على خلاف الأصل فمضمون
الرواية حينئذ مخالف للأصل، فعملا بالأصل وتركا الرواية. ولعل ذلك منهما لشكهما في
الطريق (معه).
643

(96) وروى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام (ان عليا عليه السلام قضى في
رجل ضرب حتى سلس بوله بالدية الكاملة) (1).
(97) وروى الشيخ في التهذيب عن إسحاق بن عمار قال: سأل رجل أبا
عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن رجل ضرب رجلا فلم ينقطع بوله؟ قال: (إن كان
البول يمر إلى الليل فعليه الدية، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية وأن
كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية) (2) (3).
(98) وروى الشيخ عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(قال أمير المؤمنين عليه السلام قضى رسول الله صلى الله عليه وآله في المأمومة ثلث الدية وفي
المنقلة خمس عشرة من الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل وفي الدامية
بعيرا، وفي الباضعة بعيران، وقضى في المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وقضى في

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء والجوارح والقصاص
فيها، حديث: 28.
(2) المصدر السابق، حديث: 27.
(3) بالرواية الأولى أفتى الشيخ في النهاية، ووافقه ابن إدريس، وتوقف المحقق
فلم يجزم بالفتوى استضعافا للرواية من حيث إن غياث بتري. أما الرواية الثانية فاستضعفها
بأن إسحاق فيه قول، وفى الطريق إليه صالح بن عقبة وهو كذاب غال. وأما العلامة
فظاهره العمل برواية إسحاق وقال: الظاهر أن المراد في كل يوم، قال ولده: وذلك
ليتحقق الخروج عن الصحة الطبيعية، ثم قال: وهي واحدة في البدن وكل ما في البدن
منه واحد ففيه الدية، كأنه حكم بالدية في السلس بسبب الخروج به عن الصحة التي هي
أمر واحد في الانسان وكل ما هو واحد ففيه الدية وهذا أقرب (معه).
644

السمحاقة أربعة من الإبل) (1).
(99) وروى علي بن إبراهيم عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله
عليه السلام، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قضى في الدامية بعيرا، وفي الباضعة بعيرين،
وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة، وفي السمحاقة أربعة) (2).
(100) وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام في الخارصة، وهي
الخدش، بعير، وفي الدامية بعيران) (3) (4).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الشجاح وكسر العظام والجنايات
في الوجوه والرؤوس والأعضاء، حديث: 4.
(2) المصدر السابق، حديث: 5.
(3) المصدر السابق، قطعة من حديث: 16.
(4) كلما يحدث في الرأس يسمى شجاجا، وكلما يحدث في البدن يسمى جراحا
وانحصر الجميع في ثمان. الخارصة، والدامية والمتلاحمة، والسمحاق، والموضحة،
والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة.
أما الجايفة فهي التي تبلغ الجوف سواء في الرأس والجسد. والمأمومة هي التي
تبلغ أم الرأس. والمنقلة التي يحوج إلى نقل العظم. والهاشمة التي يهشم العظم.
والموضحة التي يكشف عنه. والسمحاق التي تبلغ السمحاقة وهي جلدة رقيقة مغشية للعظم.
بقي ثلاث المتلاحمة والدامية والخارصة، ويضاف إليها رابع وهي الباضعة،
يصير أربعة ألفاظ لثلاث معان، فالتي تقشر الجلد خاصة فهي الخارصة، والتي تأخذ
في اللحم كثيرا فهي المتلاحمة. ولا اشكال في هذين. بقي الكلام في الدامية والباضعة،
فقيل: ان الدامية هي الخارصة وهو مذهب الشيخ والسيد وابن الجنيد، فيكون الباضعة
عندهم هي التي تأخذ في اللحم يسيرا، فتغاير المتلاحمة. وقيل إن الخارصة غير الدامية
وهو مذهب الجمهور من الأصحاب، فجعلوا الدامية هي الباضعة، وهي التي تأخذ في
اللحم، ويكون الباضعة يسيرا ويكون الباضعة التي تأخذ في اللحم كثيرا يراد في المتلاحمة
والروايتان الأولتان دالتان على مذهب الشيخ. والرواية الثالثة دالة على مذهب الجماعة
لأنه جعل في الخارصة، وفسرها بالخداش، بعيرا. وجعل في الدامية بعيرين، وكذا
في الرواية الثانية، لكن العمل بالمشهور أولى (معه).
645

(101) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين
عليه السلام في اللطمة يسود أثرها في الوجه، ان أرشها ستة دنانير، وإن لم
تسود واخضرت فان أرشها ثلاثة دنانير، فان احمرت ولم تخضر فان أرشها
دينار ونصف) (1) (2).
(102) وروى أبو ولاد عن الصادق عليه السلام في الرجل يقتل وليس له ولي
الا الامام: (انه ليس للامام أن يعفو، وله أن يقتل أو يأخذ الدية فيجعلها في
بيت مال المسلمين، لان جناية المقتول كانت على الامام فكذلك ديته تكون
لإمام المسلمين) (3) (4).
(103) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال: (إذا تم
الجنين كان له مائة دينار) (5).
(104) وروى سليمان بن صالح عنه عليه السلام قال: (وفي العظم ثمانون دينارا

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب ديات الشجاج وكسر العظام والجنايات
في الوجوه والرؤوس والأعضاء، قطعة من حديث: 23.
(2) بمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية والصدوق وابن حمزة والمحقق
والعلامة، وخالفهم المفيد فلم يفرق بين الاسوداد والاخضرار، والعمل بالرواية أولى
لشهرتها بين الأصحاب (معه).
(3) الفروع: 7، كتاب الديات (باب)، قطعة من حديث: 1.
(4) على هذه الرواية عمل الأصحاب، حتى كاد أن يكون اجماعا. وخالفهم ابن
إدريس وقال: ان الامام وارث فيكون كغيره من الوراث والامر إليه ان شاء العفو عفى
وان أراد الاستيفاء استوفى كسائر الوراث من غير فرق (معه).
(5) الاستبصار: 4، كتاب الديات، باب دية الجنين، قطعة من حديث: 2، ولفظ
الحديث: (دية الجنين إذا تم مائة دينار)، والحديث عن ابن مسكان.
646

فإذا كسي اللحم فمائة دينار، ثم هي مائة حتى يستهل، فإذا استهل فالدية
كاملة) (1).
(105) وروى أبو جرير القمي عنه عليه السلام مثله سواء (2).
(106) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (ان ضرب رجل امرأة
حبلى فألقت ما في بطنها ميتا فان عليه غرة عبد أو أمة يدفعه إليها) (3).
(107) وروى السكوني عنه عليه السلام مثله سواء (4).
(108) وروى أبو عبيدة في الصحيح عن الصادق عليه السلام في امرأة شربت
دواءا لتطرح ولدها فألقت ولدها؟ قال: (إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم
وشق له السمع والبصر فان عليها ديته تسلمها إلى أبيه. وإن كان جنينا علقة
أو مضغة، فان عليها أربعون أو غرة فتسلمها إلى أبيه) قلت: فهي لا ترث من ولدها
من ديته؟ قال: (لا، لأنها قتلته) (5).
(109) وروى عبيد بن زرارة في الصحيح عن الصادق عليه السلام قلت: الغرة
تكون بمائة دينار وتكون بعشرة دنانير؟ فقال: (بخمسين) (6).
(110) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: (ان الغرة تزيد
وتنقص، ولكن قيمتها أربعون دينارا) (7).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الحوامل والحمول وغير ذلك من
الاحكام، قطعة من حديث: 2.
(2) المصدر السابق، قطعة من حديث: 4.
(3) المصدر السابق، حديث: 10.
(4) المصدر السابق، حديث: 11.
(5) المصدر السابق، حديث: 15.
(6) المصدر السابق، حديث: 16.
(7) المصدر السابق، حديث: 17.
647

(111) وروى أبو هريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما
الأخرى بحجر فقتلها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقضى في دية جنيها غرة
عبد أو أمة.
(112) وفي رواية عبد أو وليدة، فقال: حمل بن مالك بن النابغة الهذلي
يا رسول الله كيف أغرم دية من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك
يطل؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: " ان هذا من اخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجعه " (1).
(113) وفي رواية " اسجع كسجع الجاهلية، هذا كلام شاعر " (2).
(114) وروى في أخبار أهل البيت عليهم السلام مثل ذلك (3) (4).

(1) سنن أبي داود: 4، كتاب الديات، باب دية الجنين، حديث: 4576.
(2) سنن ابن ماجة: 2، كتاب الديات، (11) باب دية الجنين، حديث: 2639
وفيه: (ان هذا ليقول بقول شاعر).
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الحوامل والحمول وغير ذلك من
الاحكام، حديث: 13.
(4) الكلام على الروايات المتعلقة بالجنين وهي تسع روايات أولها رواية عبد الله
ابن سنان أن يقال: وقع الخلاف بين الأصحاب في دية الجنين، والمشهور بينهم ان دية
جنين الحر المسلم، فإنه مائة دينار إذا تمت خلقته ولم تلجه الروح، رجوعا في ذلك إلى
الروايتين الأولتين، فان فيهما نص صريح على أن الجنين إذا تم ولم يستهل كان له مائة
دينار، وإذا استهل كانت الدية كاملة. عبر عن ولوج الروح يا لاستهلال، لأنه دليل عليه.
وقال ابن الجنيد: ان في الجنين غرة عبد أو أمة مصيرا إلى رواية أبي بصير
ورواية السكوني، فان فيهما نص بذلك. وأجيب عنهما بأن الروايتين السابقتين أصح
طريقا فتعين المصير إليهما.
وأما صحيحة أبى عبيدة فأفنى بمضمونها ابن أبي عقيل فحكم فيها ان الجنين فيه
الدية إذا تمت خلقته سواء استهل أو لا، والعمل بهذه الصحيحة يمكن أن يطابق بينه وبين
العمل بالصحيح الأولى بأن يحمل الثانية عليها، لان الأولى مفصلة، والثانية مجملة فإذا
حمل المجمل على المفصل زال الاختلاف.
وأما صحيحة عبيد بن زرارة ففيها إشارة إلى معنى الغرة وبيان قدرها وفيها نص
على أنها ليست الغرة العليا ولا السفلى، بل هي ما يقارب الوسط وكذا رواية إسحاق بن
عمار الا ان رواية عبيد نصت على الخمسين وبها أفتى ابن الجنيد، ورواية إسحاق نصت
على أربعين وبها أفتى ابن أبي عقيل، والرواية الأخيرة عين فيها أنها عبد أو أمة كما في
رواية جرير، والظاهر عنهما الاكتفاء بما يصدق عليه اسم العبد أو الأمة، لان الاسم
المتواطي يكتفى عنه بأقل ما يصدق عليه اسمه (معه).
648

(115) وروى الشيخ في التهذيب عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد
عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن علي عليه السلام انه قضى في جنين اليهودية
والنصرانية والمجوسية عشر دية أمه (1).
(116) وروى ابن سنان عن الصادق عليه السلام في رجل قتل جنين أمة لقوم في
بطنها؟ فقال: (إن كان مات في بطنها بعد أن ضربها فعليه نصف عشر قيمة الأمة،
وإن كان ضربها فألقته حيا فمات فان عليه عشر قيمة أمه) (2) (3).
(117) وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: (ان ضرب رجل امرأة حبلى

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الحوامل والحمول وغير ذلك من
الاحكام، حديث: 24.
(2) المصدر السابق، حديث: 18.
(3) بالرواية الأولى أفتى جماعة وحملها العلامة على ما إذا كانت أمة مسلمة جمعا
بين هذه الرواية وبين ما روى أن جنين الذمي ديته عشر دية أبيه، كما أن الواجب في جنين
الحر المسلم مائة دينار هي عشر دية أبيه، وهذا الحمل لا بأس به.
وأما الرواية الثانية فهي متعلقة بجنين المملوكة، والمشهور بين الأصحاب ان ديته
عشر قيمة أمة، والذي في الرواية انه نصف عشر قيمتها ان ألقته ميتا، وان ألقته حيا
فعشر قيمة الأم، وبهذا التفصيل أفتى القديمان ولا عمل على هذه الرواية، بل العمل على
المشهور (معه).
649

فألقت ما في بطنها ميتا كان عليه غرة عبد أو أمة يدفعه إليها) (1).
(118) وروى سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (وفى العظم
ثمانون دينارا فإذا كسى اللحم فمائة دينار، ثم هي مائة حتى يستهل) (2) (3).
(119) وروى الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن محمد بن إسماعيل
عن أبي شبل قال: حضرت يونس الشيباني وأبو عبد الله عليه السلام يخبره بالديات.
فقال: (في النطفة عشرون دينارا، فإذا خرج في النطفة قطرة دم فهي عشر النطفة
ففيها اثنان وعشرون دينارا، وان قطرت قطرتين فأربعة وعشرون دينارا، وان
قطرت ثلاث قطرات فستة وعشرون دينارا، وان قطرت أربع قطرات ففيها
ثمانية وعشرون دينارا، فان قطرت خمس قطرات ففيها ثلاثون دينارا. وما زاد
على النصف فعلى حساب ذلك حتى تصير علقة.
فإذا صارت علقة فأربعون دينارا، فإذا خرجت مخضخضة بالدم فإن كان
دما صافيا ففيها أربعون، وإن كان دم أسود فلا شئ عليه الا التعزير، لأنه ما
كان من دم صاف فهو للولد، وما كان من دم أسود فان ذلك من الجوف. فإن كان
في العلقة شبه العروق من اللحم ففي ذلك اثنان وأربعون دينارا. فإن كان
في المضغة شبه العقدة عظما يابسا، فذلك العظم أول ما يبتدي ففيه أربعة دنانير

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الحوامل والحمول وغير ذلك من
الاحكام، حديث: 10.
(2) المصدر السابق، قطعة من حديث: 2.
(3) هاتان الروايتان متعلقتان بكون الجنين لم يكتس اللحم بعد، وقد وقع في
ديته الخلاف، فقال الشيخ: انها غرة واستند فيه إلى الرواية الأولى فإنها صريحة في ذلك.
وقال ابن إدريس والمحقق والعلامة بتوزيع الدية على حالاته أخذا بالرواية الثانية، فان
فيها تصريحا بأن في العظم ثمانين وانه إذا كسى اللحم كان فيه مائة، وتبقى المائة فيه
حتى يستهل فيكمل الدية، والعمل بهذا أولى، لأنها أشهر في الفتوى (معه).
650

ومتى زاد زيد أربعة حتى الثمانين.
فإذا كسى العظم لحما وسقط الصبي لا يدري حيا كان أو ميتا فإذا مضت
خمسة أشهر فقد صارت فيه حياة وقد استوجب الدية) (1).
(120) وروى أبو جرير القمي عن العبد الصالح عليه السلام قال: (أنه يكون في
بطن أمه أربعون يوما ثم يكون علقة أربعون يوما ثم مضغة أربعون) (2).
(121) وروى سعيد بن المسيب عن زين العابدين عليه السلام مثله (3).
(122) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قلت: فما صفة
النطفة التي تعرف بها؟ قال: (النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة، فتمكث
في الرحم إذا صارت فيه أربعين يوما، ثم تصير إلى العلقة) قلت: فما صفة
خلقة العلقة التي تعرف بها؟ قال: (هي علقة كعلقة الدم في المحجمة الجامدة
تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة أربعين يوما، ثم تصير مضغة) قلت:
فما صفة المضغة وخلقتها التي تعرف بها؟ قال: (هي مضغة لحم حمراء فيها
عروق خضر مشبكة، ثم تصير إلى عظم) قلت: فما صفة خلقته إذا كان عظما؟
قال: (إذا كان عظما شق له السمع والبصر ورتبت جوارحه، فإذا كان كذلك
فان فيه الدية كاملة) (4) (5).

(1) الفقيه: 4، باب دية النطفة والعلقة والمضغة والعظم والجنين، حديث: 2 و 3
بتقديم وتأخير في بعض الجملات.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الحوامل والحمول وغير ذلك من الاحكام
قطعة من حديث: 4.
(3) المصدر السابق، حديث: 3.
(4) المصدر السابق، قطعة من حديث: 5.
(5) الكلام على هذه الروايات الأربع من أول رواية الصدوق إلى آخر رواية
ابن مسلم أن نقول: الذي علم من رواية الصدوق ان تفاوت حالات الجنين في الدية
مفسر بمبدء خلق العلقة والمضغة والعظم وترقى أجزائها وابتداء نشوها واجتماع أجزائها
وائتلافها في مرتبة حتى يصير إلى المرتبة التي بعدها. فيعتبر في مبدء العلقة بالقطرات
من الدم، وفى مبدء المضغة بالعروق، وفى ما يصير إلى العظم بالعقد. ففي القطرة من
الدم في النطفة ديناران وفى الثلاث ستة، وفى الخمس عشرة، فيكمل ثلاثين دينارا هي النصف
ثم في العروق من اللحم في العلقة ديناران زيادة على أربعين وهكذا حتى يكمل ثمانين.
وبهذا أفتى الصدوق في المقنع كما هو مضمون الرواية.
وابن إدريس جعل المكث في المراتب عشرين عشرين وجعل ما بين كل مرتبتين
أربعين من مبدء الأول إلى آخر الثاني وجعل لكل يوم دينارا إلى أربعين فيكون أربعين
دينارا، وهذا مضمون رواية أبى جرير، فإنها مصرحة بأن المكث أربعون أربعون،
وكذلك رواية ابن المسيب بل وصحيحة محمد بن مسلم مصرحة به ودلالتها على المراتب
المذكورة صريحة مثل الرواية الأول سواء، فقول الصدوق وابن إدريس متقاربان لا فرق
بينهما الا في قدر المكث، فان الصدوق لم يقدره بالأيام كما هو مضمون الروايتين
المتأخرتين. والشيخ في النهاية قال بمثل ذلك الا انه صرح بديات المراتب.
وأما ما بينهما فقال: انه بحساب ذلك ولم يفسره، وابن إدريس فسره بما ذكرناه
من أن لكل يوم دينارا، والمحقق والعلامة أنكرا عليه وطالباه بالدليل، وقالا: ان المكث
وإن كان مقدرا بالأيام كما في الرواية الا انه ليس فيها تصريح بأن الدية مقسومة على
الأيام ولم يجوز أن يكون مقسومة على حالات النشوء والاجزاء العلقية والمضغية، على أن
رواية يونس الشيباني متضمنة لذلك، والأقوى العمل بمضمونها (معه).
651

(123) وروى عبد الله بن مسكان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (دية
الجنين مائة دينار، فإذا أنشأ فيه الروح فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم
إن كان ذكرا، وإن كان أنثى فخمسمائة دينار. وان قتلت المرأة وهي حبلى
ولم يدر أذكر أم أنثى، فدية الولد نصفين نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى،
وديتها كاملة) (1).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الحوامل والحمول وغير ذلك والاحكام
فيها، قطعة من حديث: 1.
652

(124) وروى يونس في الصحيح ذلك أنه قضاء علي عليه السلام (1):
(125) وروى عبد الله بن سنان في الصحيح مثله (2).
(126) وروى الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: (دية
الجنين إذا ضربت أمه فسقط من بطنها قبل أن تنشأ فيه الروح، مائة دينار،
وهي لورثته. ودية الميت إذا قطع رأسه أو شق بطنه فليست هي لورثته، إنما
هي له دون الورثة) فقلت: وما الفرق بينهما؟ قال: (ان الجنين مستقبل مرجو
نفعه، وان هذا قد مضى وذهبت منفعته، فلما مثل به بعد وفاته صارت دية المثلة
له لا لغيره يحج بها عنه ويفعل بها أبواب البر من صدقة وغير ذلك) (3).
(127) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ان الله حرم من المؤمن ميتا ما حرمه منه حيا " (4)
(128) وقال الصادق عليه السلام: (أبى الله أن يظن بالمؤمن الا خيرا وكسرك
عظامه حيا وميتا سواء) (5).
(129) وروى عبد الله بن مسكان عن الصادق عليه السلام في رجل قطع رأس الميت؟

(1) المصدر السابق، حديث: 9.
(2) الفروع: 7، كتاب الديات، باب دية الجنين، حديث: 8.
(3) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب دية عين الأعور ولسان الأخرس واليد
الشلاء والعين العمياء، قطعة من حديث: 18.
(4) التهذيب: 1، أبواب الزيادات في أبواب كتاب الطهارة، باب تلقين
المحتضرين، حديث: 167، ولفظ الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله حرمة
المرء المسلم ميتا كحرمته وهو حي سواء) وأيضا في حديث: 85 من تلك الباب عن أبي
الحسن موسى عليه السلام.
وفى التهذيب: 10، كتاب الديات، باب دية عين الأعور ولسان الأخرس واليد
الشلاء والعين العمياء، قطعة من حديث: 18.
(5) المصدر السابق، حديث: 12.
653

قال: (عليه الدية، لان حرمته ميتا كحرمته وهو حي) (1).
(130) وروى الشيخ مرفوعا إلى الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن
عليه السلام فقلت: انا روينا عن أبي عبد الله عليه السلام حديثا أحب أن اسمعه منك
فقال: (وما هو؟) قلت: بلغني أنه قال في رجل قطع رأس رجل ميت قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان الله حرم من المسلم ميتا ما حرمه منه حيا " فمن فعل
بميت ما يكون في ذلك اجتياح نفس الحي فعليه الدية، فقال: (صدق أبو عبد الله
هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله) قلت: من قطع رأس رجل ميت أو شق بطنه أو فعل
به ما يكون في ذلك اجتياح نفس الحي فعليه الدية دية النفس كاملة؟ فقال: (لا،
ثم أشار إلي بإصبعه الخنصر فقال: أليس لهذه دية؟) فقلت: بلى، فقال:
(فتراه دية النفس؟) فقلت: لا، قال: (صدقت) قلت: وما دية هذا إذا قطع
رأسه وهو ميت؟ فقال: (ديته دية الجنين في بطن أمه قبل أن تنشأ فيه الروح
وذلك مائة دينار.
فقال: فسكت وسرني ما أجابني فيه، فقال: (لم لا تستوف مسألتك؟)
فقلت: ما عندي فيها أكثر مما أجبتني به، إلا أن يكون شئ لا أعرفه، قال: (دية
الجنين إذا ضربت أمه فسقط من بطنها قبل أن تنشأ فيه الروح مائة دينار وهي
لورثته، وان دية هذا إذا قطع رأسه أو شق بطنه فليس هي لورثته، إنما هي له
دون الورثة) فقلت: وما الفرق بينهما؟ فقال: (ان الجنين مستقبل مرجو نفعه،
وان هذا قد مضى فذهبت منفعته، فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة
له لا لغيره يحج بها عنه يفعل بها أبواب الخير والبر من صدقة أو غيرها) قلت:
فان أراد رجل ان يحفر له ليغسله في الحفرة فسدر الرجل مما يحفر فدير به
فمالت مسحاته في يده فأصابت بطنه فشقه فما عليه؟ قال: (إذا كان هكذا فهو

(1) المصدر السابق، حديث: 17.
654

خطأ وكفارته عتق رقبه أو صيام شهرين متتابعين أو صدقة على ستين مسكينا،
مد لكل مسكين بمد النبي صلى الله عليه وآله) (1).
(131) وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام، قال: قلت: من يأخذ
ديته؟ يعنى الميت. قال: (الامام، هذا لله) (2) (3).

(1) المصدر السابق، حديث: 18.
(2) المصدر السابق، قطعة من حديث: 14.
(3) اعلم أن الروايات المتعلقة بالجناية على الميت سبع روايات أولها رواية
الحسين بن خالد إلى آخرها، هذه السبع روايات متعلقة بالجناية على الميت، وقد
جرت عادة الفقهاء بأنهم يبحثون عن الميت عقيب البحث عن الجنين لتساويهما في أن لكل
واحد منهما صورة خالية عن الحياة، ولهذا صرحت هذه الروايات بأن دية الجناية على
الميت إذا كانت بحيث لو كان حيا لأبطلت حياته دية الجنين قبل أن يلجه الروح مائة دينار
إلا أن الفرق بينهما ان دية الجنين لورثته ودية الميت لا يملكها الورثة، كما هو مضمون
الرواية واشتملت على تعليل الفرق.
والحديث المروى عن النبي صلى الله عليه وآله وكذلك عن الصادق عليه السلام
دالان بصريحهما على تحريم الجناية على الميت كتحريم الجناية على الحي، ولا خلاف
في ذلك. وإنما الخلاف في كمية الدية.
والمشهور ما تضمنته الرواية الأولى، لان رواية ابن مسكان في ظاهرها وجوب
الدية معللا فيها بالحرمة المساوية لحرمة الحي، وحملها الصدوق على ما إذا أراد قتله في
حياته فإنه يلزمه الدية، فأما إذا لم يرد ذلك فعليه مائة دينار ورواه في حديث.
والشيخ تأولها بأن المراد بقوله: عليه الدية، دية الجنين، إذ ليس في ظاهر
الخبر ما يدل على دية النفس، واستدل على هذا التأويل برواية الحسين بن خالد المذكورة
فإنها صريحة في هذا المعنى ودلت على ما دلت عليه الرواية السابقة من الاحكام، وفيها
زيادة ان الجناية عليه خطاءا لا شئ فيها سوى الكفارة.
والظاهر أن هذا الحكم مختص بالميت المسلم الحر. فأما العبد والذمي فالواجب
فيهما عشر دية الذمي وعشر قيمة العبد كحال جنيهما. ولا فرق في الأول بين الذكر
والأنثى والصغير والكبير والعاقل والمجنون، لان ألفاظ الروايات جاءت عامة.
فأما هذه الدية فاختلف فيما يصنع بها، فقال السيد وابن إدريس: انها لبيت المال
وصارا في ذلك إلى رواية إسحاق بن عمار المذكورة، وليست دالة على ما ذهبا إليه،
لأنه قال فيها: (هذا الله) ولا منافاة بين الصدقة وبين كونها لله. والروايات المذكورة السابقة
والمتأخرة مصرحة بأنها تصرف في وجوه البر مما ينال منفعته الميت.
فأما قضاء دين الميت منها ففيه اشكال من حيث إنها ليست تركة، والنص ورد
بصرفها في وجوه البر، لكن لما كان في النص الصدقة بها عنه كان فيه إشارة إلى أنها في
حكم ما له، وإذا كانت كذلك كانت في حكم التركة، فصح القضاء منها، خصوصا والرواية
مصرحة بإضافتها إليه في قوله: فدية تلك المثلة له، وفى الرواية الأخرى مصرح
بالتصدق بها عنه، فعلمنا انها تعود إلى مصالحه وما يعود نفعه إليه، ولا أنفع من تخليص
ذمته من الدين. هذا مع أن من وجوه الصدقة قضاء دين الغارمين، فديته مندرج تحت
مطلق الصدقة، فلا ينافي ما تضمنته الأحاديث (معه).
655

(132) وروى الشيخ في التهذيب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن
ابن موسى عن محمد بن الصباح عن بعض أصحابنا قال: أتى الربيع أبا جعفر
المنصور وهو - خليفة - في الطواف، فقال: يا أمير المؤمنين مات فلان مولاك
البارحة، فقطع فلان مولاك رأسه بعد موته!؟ قال: فاستشاط وغضب، قال:
فقال لابن شبرمة وابن أبي ليلى وعدة من القضاة والفقهاء: ما تقولون: في هذا؟
فكل قال: ما عندنا في هذا شئ، قال: فجعل يردد المسألة ويقول: أقتله أم لا؟
فقالوا: ما عندنا في هذا شئ، قال له بعضهم: قد قدم رجل الساعة، فإن كان عند
أحد شئ فعنده الجواب في هذا، وهو جعفر بن محمد عليه السلام وقد دخل المسعى،
فقال للربيع: اذهب إليه فقل له لولا معرفتنا بشغل ما أنت فيه لسألناك ان تأتينا
ولكن أجبنا في كذا وكذا، قال: فأتاه الربيع وهو على المروة فأبلغه الرسالة
فقال أبو عبد الله عليه السلام: (قد ترى شغل ما أنا فيه وعندك الفقهاء والعلماء فسلهم)
قال: فقال له: قد سألهم ولم يكن عندهم شئ، قال: فرده إليه فقال: أسألك الا
656

أجبتنا فيه فليس عند القوم في هذا شئ.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: (حتى أفرغ مما أنا فيه) قال: فلما فرغ جلس في
جانب المسجد الحرام فقال للربيع اذهب إليه فقل له: (عليه مائة دينار) قال:
فأبلغه ذلك، فقالوا له: سله كيف صار عليه مائة دينار؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: (في
النطفة عشرون دينارا وفي العلقة عشرون دينارا وفي المضغة عشرون دينارا،
وفي العظم عشرون، وفي اللحم عشرون دينارا، ثم أنشأناه خلقا آخر، وهذا
هو ميت بمنزلته قبل أن ينفخ فيه الروح في بطن أمه جنين) قال: فرجع إليه
فأخبرهم بالجواب فأعجبهم ذلك وقالوا: ارجع إليه فسأله عن الدنانير لمن
هي لورثته أم لا؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: (ليس لورثته فيها شئ، إنما هذا شئ
صار إليه في بدنه بعد موته يحج بها عنه أو يتصدق بها عنه أو يصير في سبيل من
سبيل الخير).
قال: فزعم الرجل انهم ردوا الرسول، فأجابه أبو عبد الله عليه السلام بستة وثلاثين
مسألة، ولم يحفظ الرجل الا قدر هذا الجواب (1).
(133) وروى الوليد بن صبيح عن الصادق عليه السلام قال: (دية الكلب السلوقي
أربعون درهما، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك لبنى جذيمة) (2).
(134) ومثله روى أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: (دية الكلب السلوقي
أربعون درهما، جعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، ودية كلب الغنم كبش، ودية كلب
الزرع جريب من بر، ودية كلب الأهل قفيز من تراب) (3).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب دية عين الأعور ولسان الأخرس واليد
الشلاء والعين العمياء، حديث: 10.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الجنايات على الحيوانات، حديث: 6.
(3) المصدر السابق، حديث: 7.
657

(135) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام:
فيمن قتل كلب الصيد؟ قال: يقوم، وكذلك البازي، وكذلك كلب الغنم،
وكذلك كلب الحائط) (1) (2).
(136) وروى ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (دية

(1) المصدر السابق، حديث: 8.
(2) هذا الكلام في البحث عن الروايات المتعلقة بأحكام الدواب المذكورة هنا
قال: دية الكلب السلوقي. اعلم أن السلوقي منسوب إلى السلوق، قرية باليمن أكثر
كلابها معلمة، فنسب ما علم الصيد من الكلاب إليها وإن لم يكن منها للمشابهة. والأكثر
في الروايات وفى الأقوال ان هذا الكلب له دية مقدرة بأربعين درهما، كما هو مضمون
الروايتين. ورواية السكوني دالة على أن ديته قيمته ولم يعمل عليها أحد من الأصحاب
الا ابن الجنيد.
وأما كلب الغنم فقد دلت رواية ابن فضال على تقدير ديته بأربعين، وبمضمونها أفتى
الشيخان والصدوق وابن إدريس، ورواية أبي بصير المتقدمة مصرحة بأن ديته كبش
وبمضمونها أفتى المحقق. والعلامة في المختلف قال: إن ديته قيمته وعليه دل مضمون
رواية السكوني. وكذا الكلام في كلب الحائط، فقيل: ان فيه عشرين درهما ولا مستند
له من الرواية. وقال العلامة: ان فيه قيمته عملا برواية السكوني.
فأما كلب الزرع وهو الذي يتخذه أهل الزرع في مزارعهم للانس والحراسة عن
الذئاب والخنازير وصغير السباع، فدلت رواية أبي بصير السابقة على أن فيه قفيزا من
الطعام، والظاهر أن المراد من الطعام الحنطة، وبذلك أفتى الشيخ وابن إدريس والمحقق
وقال المفيد: لا شئ فيه.
وأما كلب الأهلي، وهو كلب الدار، وهو الذي يتخذه أهل البوادي لحراستهم،
وقد يتخذه أهل الحضر في بيوتهم للحراسة والانس، فرواية أبي بصير دالة على أن ديته
قفيز من تراب، وبمضمونها أفتى ابن الجنيد والصدوق. وقال المفيد وابن إدريس لا دية
له. أما باقي الروايات المتعلقة بالكلاب فدالة بصريحها على كراهية اقتنائها، وإن كان
لأجل هذه المنافع المذكورة (معه).
658

كلب الصيد أربعون درهما) (1).
(137) وروى أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: دية كلب الأهل قفيز من
تراب) (2).
(138) وروى زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ما من أحد اتخذ كلبا الا
نقص كل يوم من عمله قيراط) (3).
(139) وروى جراح المدايني عنه عليه السلام قال: (لا تمسك كلب الصيد في
الدار إلا أن يكون بينك وبينه ناب) (4).
(140) وروى سماعة قال: سألته عن كلب الصيد يمسك في الدار؟ قال:
(إذا كان يغلق دونه الباب فلا بأس) (5).
(141) وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: (الكلاب السود البهم من
الجن) (6).
(142) وروى مالك بن عطية عن أبي حمزة قال: كنت مع أبي عبد الله
عليه السلام فيما بين مكة والمدينة إذا التفت عن يساره فإذا كلب أسود بهيم،
فقال: (مالك قبحك الله ما أشد مسارعتك؟ وإذا هو شبيه بالطائر) فقلت: ما هذا
جعلت فداك؟ فقال: (هذا غثيم بريد الجن، مات هشام الساعة وهو يطير ينعاه

(1) الوسائل: 19، كتاب الديات، باب ماله دية من الكلاب وقدر الدية،
حديث: 5، نقلا عن الخصال.
(2) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الجنايات على الحيوانات، قطعة من
حديث: 7.
(3) الفروع: 6، كتاب الدواجن، باب الكلاب، حديث: 2.
(4) المصدر السابق، حديث: 5.
(5) المصدر السابق، حديث: 6.
(6) المصدر السابق، حديث: 7.
659

في كل بلد) (1).
(143) وروى عبد الله بن عبد الرحمان عن مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الكلاب من ضعفة الجن فإذا أكل أحدكم الطعام وشئ
منها بين يديه فليطعمه أو ليطرده، فان لها نفس سوء) (2).
(144) وروي عن الباقر عليه السلام قال جبرئيل: (يا رسول الله انا لا ندخل
بيتا فيه كلب) (3).
(145) وروى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: (قال أمير المؤمنين
عليه السلام: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة فقال: " لا تدع صورة الا محوتها
ولا قبر الا سويته ولا كلبا الا قتلته " فأنهيت إلى أقصى المدينة إلى امرأة لها
كلب فناشدتني الله فيه فرحمتها وتركته وخبرت النبي صلى الله عليه وآله فقال: " انطلق
فاقتله " ففعلت واتيته وخبرته، فبسط وجهه وقال: " الحمد لله الآن استرحت
ودارت في المدينة الملائكة ") (4).
(146) وورى عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قال علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف
اتيان جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله باسترسال عينيه ورشح جبينه ورده السلام
ولا نرى شيئا، وقال علي عليه السلام بينا أنا معه إذا سمعت. السلام عليك يا رسول الله
فرد رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أعاد بمثلها مرتين آخرتين، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) المصدر السابق، حديث: 8.
(2) المصدر السابق، حديث: 9.
(3) المحاسن: 615، كتاب المرافق، حديث: 38 و 39 و 40، عن أبي عبد الله
وأبى جعفر عليهما السلام. وفى الفروع: 6، كتاب الزي والتجمل، باب تزويق البيوت
حديث: 2 و 3 و 12.
(4) رواه بهذه الكيفية في المهذب، كتاب الديات في شرح قول المصنف: (ولو
كان مما لا يقع عليه الذكاة كالكلب والخنزير الخ).
660

وتركني في البيت، فما لبث إذ دخل علي فقال: " يا علي أما سمعت التسليمات
الثلاث والرد مني؟ " قلت: نعم يا رسول الله، فقال: " ان ذلك جبرئيل عليه السلام
وأنكرت ما صنع " فخرجت إليه فقلت: " ما ردك يا جبرئيل عنا؟ " فقال جبرئيل
يا رسول الله انا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة انسان) (1).
(147) وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي
عبد الله عليه السلام، ان النبي صلى الله عليه وآله رخص لأهل الماشية في كلب يتخذونه (2).
(147) وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قضى علي عليه السلام في
بعير بين أربعة عقله أحدهم فوقع في بئر فانكسر. أن على الشركاء حصته،
لأنه حفظ وضيع الباقون فأوثق حظه فذهب حظهم بحظه) (3) (4).
(149) وروى الشيخ عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في جنين البهيمة إذا ضربت فألقت عشر ثمنها) (5) (6).

(1) المصدر السابق.
(2) الفروع: 6، كتاب الدواجن، باب الكلاب، حديث: 11، وفيه رخص
لأهل القاصية).
(3) الفقيه: 4، باب نوادر الديات، حديث: 12، باختلاف يسير في بعض
الألفاظ.
(4) قال المحقق في النكت: ان صحت هذه الرواية فهي حكاية في واقعة فلا عموم
لها، فلعل هذا الشخص الذي وردت فيه هذه الرواية عقل البعير وسلمه إلى شركائه ففرطوا
فيه فألزمهم حصته بسبب تفريطهم. أما اطراد هذا الحكم على ظاهر الواقعة فلا (معه).
(5) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الجنايات على الحيوانات، حديث: 9.
(6) بمضمون هذه الرواية أفتى أكثر الأصحاب، وقال العلامة انه يضمن الأرش
لا هذا المقدار، لان التقدير الشرعي يقف على الدلالة الشرعية وهذه الرواية لا تصلح
للدلالة، لضعف السكوني، فالمتيقن الأرش (معه).
661

(150) وروى مسمع عن الصادق عليه السلام، (ان عليا عليه السلام قضى في عين الدابة
ربع ثمنها) (1).
(151) وروى أبو العباس عن الصادق عليه السلام قال: (من فقاء عين دابة فعليه
ربع ثمنها) (2) (3).
(152) وروى السكوني عن جعفر عن أبيه قال: (كان علي عليه السلام لا يضمن
ما أفسدت البهائم نهارا. ويقول: على صاحب الزرع حفظه، وكان يضمن ما
أفسدت ليلا) (4).
(153) وروى أبو علي عن النبي صلى الله عليه وآله: " ان على أهل الأموال حفظها نهارا
وعلى أهل الماشية ما أفسدت مواشيهم بالليل "، وانه صلى الله عليه وآله حكم به في قضية
ناقة البراء بن عازب لما دخلت حائطا فأفسدته (5) (6).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الجناية على الحيوان، حديث: 4.
(2) المصدر السابق، حديث: 1.
(3) بمضمون الروايتين أفتى الشيخ في النهاية، وباقي الأصحاب اعتبروا القيمة
وقالوا: ان كلما في البدن منه اثنان ففيهما كمال القيمة، وفى كل واحد منهما نصفها،
والشيخ في الخلاف وافقهم عليه مستدلا بالاجماع. قال أبو العباس: ويضعف هذا بأن
النص إنما ورد في الانسان فالتعدية إلى الحيوان قياس لا نقول به. والشيخ في المبسوط
اختار الأرش وهو مذهب ابن إدريس والمحقق والعلامة، لأنه المتيقن ولا يقين فيما عداه
لضعف الروايات الواردة في هذا الباب، وهذا هو الأقوى (معه).
(4) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب الجناية على الحيوان، حديث: 11.
(5) سنن أبي داود: 3، كتاب البيوع، باب المواشي تفسد زرع قوم، حديث:
3569، و 3570.
(6) بمضمون الروايتين أفتى أكثر الأصحاب. ومنع ذلك ابن إدريس وكذا
المحقق والعلامة وولده، وقالوا: ان المعتبر إنما هو التفريط وعدمه سواء الليل أو النهار
ولم يردوا الرواية ولكن حملوها على هذا المعنى وخرجوها على الليل والنهار مخرج
الغالب لان الغالب حفظ الدابة بالليل وحفظ الزرع بالنهار. قال الشهيد رحمه الله:
لا نزاع بين الفريقين الا في مجرد العبارة، أما إذا حققت المعنى وجدت لا خلاف. ونعم
ما قال: (معه).
662

(154) وروى الشيخ موثقا عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال
عن يونس بن يعقوب عن أبي مريم عن الباقر عليه السلام قال: (قضى أمير المؤمنين
عليه السلام أن لا يحمل على العاقلة الا الموضحة فصاعدا) (1) (2).

(1) الفروع: 7، كتاب الديات، باب العاقلة، حديث: 4.
(2) العاقلة مشتقة من العقل، وهو الشد، ويقال: عقلت البعير إذا شددته، ولهذا
سمى الحبل عقالا لأنه يشد به، فسمى أهل العاقلة عاقلة، لان الإبل تعقل بفناء ولى المقتول
وقيل: العقل اسم للدية فسمى به أهل العقل عاقلة لتحملهم العقل الذي هو الدية، وسميت
الدية عقلا لأنها تعقل لسان ولى الدم. وقيل: سميت عاقلة لأنها مانعة لان العقل هو
المنع، لان العشيرة تمنع عن القاتل بالسيف، فلما جاء الاسلام نسخ ذلك بمنعها عنه بالمال
فلهذا سميت عاقلة.
ولا كلام في أن العاقلة تحمل الدية في الخطأ المحض، فتحمل من دية الموضحة
إلى ما فوقها بلا خلاف. فأما ما دونها فالأكثر انها لا تحمله، والرواية المذكورة مصرحة
بذلك، الا ان المحقق ضعف الرواية، وكذا العلامة، لان في طريقها ابن فضال، فإن كان
هو الحسن فقد قيل إنه فطحي المذهب، فمن هنا كانت الرواية ضعيفة.
وفى المختلف جعلها في الموثق، وولده حكى انه لما قرأ على والده تهذيب الشيخ
في الثانية في طريق الحجاز في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة قال: لما بلغت هذه الرواية
قلت له: انك قلت في المختلف: انها في الموثق، وقلت في القواعد: انها في الضعيف؟
فقال لي: بل هي ضعيفة.
وقال أبو العباس: وأنا أقول: ان ابن فضال إن كان هو الحسن بن علي بن فضال
فقد قال الكشي: انه ممدوح معظم كان فطحيا ورجع قبل موته، ومدحه الشيخ في الفهرست
وإن كان هو علي بن الحسن بن علي بن فضال فقد قال النجاشي انه ففيه أصحابنا بالكوفة
ووجههم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله، سمع منه كثير ولم يعثر له على زلة وقل ما
روى عن ضعيف الا انه كان فطحيا، ثم قال: والأولى حينئذ اثبات هذه الرواية في
الموثق كما ذكره في المختلف (معه).
663

(155) وروى الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبيه عن سلمة بن
كهيلة قال: أتى أمير المؤمنين عليه السلام برجل قد قتل رجلا خطاءا فقال له أمير
المؤمنين عليه السلام: (من عشيرتك وقرابتك؟) قال: ما لي في هذه البلدة عشيرة ولا
قرابة، فقال: (من أي البلدان أنت؟) قال: أنا رجل من أهل الموصل ولدت بها
ولي بها قرابة وأهل بيت، قال: فسأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام فلم يجد له في
الكوفة قرابة ولا عشيرة: قال: فكتب إلى عامله على الموصل: (أما بعد فان فلان
ابن فلان وحليته كذا وكذا قتل رجلا من المسلمين خطاءا. فذكر أنه رجل من
الموصل وان له بها قرابة وأهل بيت وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان
وحليته كذا وكذا، فإذا ورد عليك إن شاء الله وقرأت كتابي فافحص عن أمره
وسل عن قرابته من المسلمين فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها وأصبت
له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك، ثم انظر فإن كان منهم رجل يرثه له
سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذه بها
نجوما في ثلاث سنين، وإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا
قرابة سواء في النسب وكان له قرابة من قبل أبيه وأمه في النسب سواء،
ففض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال
المدركين المسلمين، ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية، واجعل
على قرابته من قبل أمه ثلث الدية.
وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ففض الدية على قرابته من قبل أمه من
الرجال المدركين، ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين، وإن لم يكن
له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل أمه ففض الدية على أهل الموصل ممن
ولد بها ونشأ، ولا تدخلن فيهم غيرهم من أهل البلد، ثم استأدي ذلك منهم
في ثلاث سنين في كل سنة نجم حتى تستو فيه أن شاء الله، وإن لم يكن لفلان
664

ابن فلان قرابة من أهل الموصل ولا يكون من أهلها وكان مبطلا فرده إلي مع
رسولي فلان، فأنا وليه والمؤدي عنه، ولا يبطل دم امرء مسلم) (1) (2).
(156) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (مخاطبا لبعض الأولاد مع أبيه: " أنت ومالك
لأبيك ") (3).
(157) وروي ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله ومعه ابنه، فقال: " من هذا؟ " فقال:
ابني فقال: " اما انه لا يجنى عليك ولا تجنى عليه " (4).

(1) التهذيب: 10، كتاب الديات، باب البينات على القتل، حديث: 15.
(2) دلت هذه الرواية على أمور:
(أ) دخول الاباء والأولاد في العقل.
(ب) دخول الأم في العقل لان لها سهما في كتاب الله لا يحجب عنه.
(ج) دخول قرابة الأم في العقل وألزمهم بثلث الدية مع الأب.
(د) اشتراط الذكورة فيما عدى الأم.
(ه‍) إلزام أهل بلد القاتل إذا لم يكن له نسب.
(و) إلزام الامام بالدية إذا لم يكن القاتل من أهل البلد.
(ز) اشتراط البلدية بالولادة فيه والنشوء فيه فمن ولد في غيره أو نشأ في غيره لا يعقل
وان أقام فيه.
لكن هذه الرواية في سندها اشكال، من حيث إن في طريقها سلمة بن كهيل، وقد قال
الكشي فيه أنه بتري مذموم، وقال المحقق: ان في الرواية ضعف والظاهر أن ضعفها من
جهة السند، لضعف الراوي. فأما دلالتها على هذه الأحكام فصريحة وبمضمونها أفتى
من الأصحاب ابن الجنيد (معه).
(3) سنن ابن ماجة: 2، كتاب التجارات، (64) باب ما للرجل من مال ولده،
حديث: 2291 و 2292.
(4) سنن أبي داود: 4، كتاب الديات، باب لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه،
حديث: 4495.
665

(158) وروى سعيد بن المسيب ان امرأتين من هذيل اقتتلا فقتلت إحداهما
الأخرى ولكل زوج وولد، فبرأ رسول الله صلى الله عليه وآله الزوج والولد وجعل الدية
على العاقلة (1) (2).
الحمد لله الذي وفقني لاتمام هذا المجلد ويتلوه المجلد الرابع في الخاتمة والفهارس إن شاء الله

(1) السنن الكبرى للبيهقي 8: 105، باب العاقلة.
(2) هذه الأحاديث الثلاث احتج الشيخ بها على أن الاباء والأولاد لا يدخلون في
العاقلة. فأما الحديث الأول فإنه حكم فيه أن مال الابن للأب، فلو غرم الابن جناية الأب
فكان الغرم لازما للأب لان ماله ماله.
وأما الحديث الثاني: فإنه نفى فيه الجناية من كل منهما على الاخر، وليس المراد
نفى الحقيقة، والا لزم المحال، لجواز حصول الجناية من كل واحد منهما على الاخر،
فيجب حملها على أقرب المجازات، وهو رفع الحكم عنهما، فيكون المعنى. لا يلزمك
موجب جنايتك.
وأما الرواية الثالثة فصريحة في براءة ذمة الزوج والولد من ضمان الدية، لأنه جعل
العاقلة فيها غيرهما. وقال جماعة: بدخول الولد في العاقلة بناءا على أن العاقلة هم
القرابة، والقرابة أدنى القوم. ولا شك انهم أخص القوم وأدناهم (معه).
666