الكتاب: سعد السعود
المؤلف: السيد ابن طاووس
الجزء:
الوفاة: ٦٦٤
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٦٣
المطبعة: أمير - قم
الناشر: منشورات الرضى - قم
ردمك:
ملاحظات:

سعد السعود
تعريف الكتاب 1

الكتاب: سعد السعود
المؤلف: العالم العامل العابد الزاهد رضى الدين أبي القاسم
على بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني
الناشر: منشورات الرضى - قم
عدد الصفحات: 318
القطع: وزيري
سنة الطبع: 1363
المطبوع: 2000 نسخه
الطبعة: أمير - قم
تعريف الكتاب 2

سعد السعود
كتاب علمي ديني فني يتناول آيات الذكر
الحكيم بتفسير دقيق وشرح واف مفيد
مع استعراض عام لآراء جملة من العلماء
الثقاة ومناقشة أقوالهم.
تأليف
العالم العامل العابد الزاهد رضي الدين أبي القاسم
علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس
الحسني الحسيني المتوفى 664 ه‍.
تعريف الكتاب 3

ترجمة المؤلف
هو السيد العالم العامل العابد الزاهد نقيب الطالبيين (رضي الدين)
أبو القاسم ابن سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن محمد
الطاووس المنتهي بنسبه الشريف إلى داوود بن الحسن المثنى ابن الحسن
السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام العلوي الحسني كما ذكر سلسلتهم
الذهبية ابن (عتبة) في عمدة الطالب وغيره.
وأمه بنت الشيخ الجليل الزاهد الشيخ عيسى ابن أبي الفوارس
المعروف بالشيخ (ورام) المتوفى سنة ست وستمائة كما ذكره ابن
الأثير في الكامل.
وأمها بنت الشيخ أبي علي الحسن بن الشيخ الجليل الطائفة
محمد بن الحسن الطوسي قدس سره وكانت ولادته يوم الخميس منتصف
المحرم من السنة التاسعة والثمانين والخمسمائة كما في (أمل الآمل) ووفاته
يوم الاثنين الخامس من ذي القعدة من السنة الرابعة والستين والستمائة في
بغداد، ونقل إلى النجف كما في الحوادث الجامعة لابن الفوطي.
مصنفاته
ذكر هو رضي الله عنه في كتاب الإجازات.
1 - مصباح الزائر. 2 - فرحة الناظر. 3 - روح الاسرار (كتبه بالتماس
ابن زهرة). 4 - الطرائف. 5 - الطرف. 6 - غياث سلطان الورى. 7 - فتح الباب
ترجمة المؤلف 4

في الاستخارة. 8 - فتح الجواب الباهر في خلق الكافر. 9 - مهمات صلاح
المتعبد في تتمات (مصباح المتهجد) ثلاث مجلدات. 10 فلاح السائل
11 - مضمار السبق. 12 - السالك المحتاج إلى مناسك الحج. 13 - جمال الأسبوع
14 - القبس الواضح من الجليس الصالح. 15 - الاقبال في الأدعية. 16 - أمان
الاخطار في الاسفار. 17 - كتاب الملاحم والفتن. 18 - البهجة. 19 - كشف
المحجة لثمرة المهجة. 20 - اللهوف في قتلي الطفوف. 21 - الدروع الواقية
22 - مهج الدعوات. 23 - اليقين في أمرة أمير المؤمنين. 24 - محاسبة النفس
25 - المجتنى من الدعاء المجتبي. 26 - فرج المهموم في علم النجوم.
و - سعد السعود - وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا والذي يعد
بحق من غرر مؤلفاته ومن أحسن وأشرف ما كتبه، ونستطيع أن
نقول إنه أول كتاب فني لأول كاتب ثبت دقيق ضبط جميع ما جاء فيه
ونقله عن الكتب والتفاسير بحيث كان يسجل اسم الكتاب المنقول منه
وعد الصفحة التي نقل منها الخبر بل وحتى موقعه من أسطر تلك الصفحة
ولم نر قبل هذا كتابا بهذه الدقة على أنه كتاب علمي ديني فني يتناول
آيات الذكر الحكيم بتفسير دقيق وشرح واف مفيد مع مع استعراض عام
لآراء طائفة من العلماء الثقاة ومناقشة أقوالهم.
الناشر
محمد كاظم الكتبي
ترجمة المؤلف 5

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين، يقول علي
ابن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي أحمد الله
جل جلاله الذي اطلع على خزائن علمه لذاته وان كل عبد فقير الا ان يهب
له من مقدس اختزانه نصيبا يكون العبد به مختارا مما يحتمله حاله من
تصرفاته وان يطلقه من حبس الاعسار من الاقتدار ومن مشابهة السراب
والأحجار فسعت دواعي الجود إلى تشريف العبد بخلع السعود فضيفه
جل جلاله على موائد اقتداره وجعل لعبده يحتاج إليه من فوائد اختباره
ثم رأى جل جلاله ان من لوازم المختار أن يكون له مشكاة من العلوم
والأنوار يهدى بها إلى المصالح ومعرفة النصايح فوهب الهاما لما ارتضاه
للتشريف بالتكليف والتعظيم وفي حال صغره يتهئ به إلى نفعه والتحرز
من ضرره فيراه يحتاج إلى زعيم يدله على الصراط المستقيم، فمده بالعقل
سلطانا وزعيما، ورتبه فيما يحتاج إليه حكيما عليما وقائدا معه أن يكون
مرافقا وملازما ومقيما، وزاده على خصائص الآلهية موالات منزهة عن
الالتذاذات بالكلية وإن كان عنده ملتذا بمواهب مالك الدنيوية
والأخروية، واستخدم له ارادته المقدسة وقدرته المنزهة في ايجاده وهيأ له
كل ما يحتاج إليه في الظفر بسعادة دوام خلوده في دار معاده فلما رفع
1

العقل بصاحبه بمرآة الكشف بصونه عن الجحود وأوقد له نور مشكاة
الفضل ليشغله بالنظر بخدمت مالك الوجود وواهب ذلك الجود فشرع
العبد ينفق ذخائر تلك المواهب في نمط الواهب وينازع في المطالب ويعارض
في الباري فستره مولاه عن نظر الشامت وقيده بالألطاف عن اختياره
المتهافت ثم فتح له باب التوبة ليدخل بها عليه وبذل رشوة على الصلح له
والتقرب إليه فرمى بأستاره وحل القيود المانعة من سوء ايثاره وسد باب
القبول ورمي بالرشوة رمي المرذول وسعى هاربا إلى عدو مولاه وسيده
يراه وأثر أن يكون كبعض الدواب وان يعزل عن ولايته رب الأرباب
وصار يجتهد على المعاذير الباطلة ويحيل بتغيره إلى المعاذير الخاذلة ولسان
حال الاعتذار يوافقه وينادي عليه أنت كاذب على الله وها انا اختيارك
ادخل بي أين شئت من أبواب القرب إليه وينهى العقل بلسان حال رياسته
ودولته، فقال ما زلت كاشفا لك عن سعادتك بخدمة مولاك وطاعتك
وعن شقاوتك يبعدك عنه ومفارقته ونهضت جوارحه شاهدة عليه انها
مطيعة له فيما يصرفها إليه واجتمعت النعم المختصة به والمشاملة له تذكره
بها وتحثه على طاعته وما وهبها له المالك.
أشهد له جل جلاله بما استرضاني للشهادة به من وجود وجوده فيما
استرعاني من تأهيل لحفظ عهوده والثقة بوعوده وأكاد أعجب من تشويقي
بدخول حفرة العلم به، والعمل له ولا أعجب لجوده الذي قد عم العارف
به والجاحد له ويناجيني لسان حاله ما خلقني منه من التراب، ويقول من
كان يقدر غير رب الأرباب ان يهب لي منى أو يهب لي نورا يضئ به ظلمة
جسدي الخراب ويخرق حجب الغفلات ويشرق حتى أشاهد ما أرانيه من
المعلومات ويكون قائدا لعمى الطين والماء المهين، إلى مسالك الممالك والتمكين
وسمعا لصم العلقة والمضغة وطبقات التكوين حتى يسمع وحي العقل
والنقل ويفيق من سكرات الغفلة والجهل ويرى وجه كمال جمال جلال
الاقبال ويدخل جسمي الاتصال بوصال أفضال مالك الآمال ويجلس
2

على فراش الأنس بذلك القدسي ويمسي في خلع روح الأرواح، ويظفر
بألوية النصر والنجاح والفلاح ويرتفع إلى تلك الرتب بغير تعب
ولا طلب ولا نصب.
وأشهد جدي محمدا اسمى من حماه ورعاه وأسنى من لباه حيث دعاه
وأوعى لما استودعه وأرعى لكل ما استرعاه، وان اللتي دلت عليه صفات
الرسل والرسول، تقتضي ان الذي له أهله لم يضيعه بعد وفاته ولا أهمله
وان صفات الرأفة وبما به فضله، تشهد انه عين على من يقوم مقامه وكلمه
وان الرعاة للانعام لا يرضى لهم كمال أوصاف الأحلام والاهتمام ان يتركوها
مهملة في براري اختلاف الحوادث والاحكام فكيف اهمال الأنام مع
تطاول الأيام والأعوام، ما اطلع عليها القيم بها من الاختلاف الذي
يعرض بعده لها.
وأشهد لمن أرسله جل جلاله وللقرآن الذي أنزله أوضح عن المحجة
وصرح عما يقوم به برهان الحجة، ويرفع اجمال التأويل ويمنع من
التناقض والتعارض في الأقاويل ويأمن المقتدى به والتابع له من التضليل.
وبعد فاني وجدت في خاطري يوم الأحد في ذي القعدة سنة 651
إحدى وخمسين وستماءة اعتبرته بميزان الآلهية ووجدان الألطاف الربانية
فوجدته واردا عن تلك المراسم وعليه ارج أنوار هاتيك المعالم والمواسم
في أن أصنف كتابا اسميه (سعد السعود) للنفوس منضود من كتب
وقف علي بن موسى بن محمد بن طاووس أذكر فيه من كل كتاب ووقفته بالله
جل جلاله على ذكور أولادي وذكور أولادهم وطبقات ذكرتها بعد نفادهم
ويكون فيه عدة فوائد، فمن فوائده انى كنت قد اشتريت تلك الكتب
بالله جل جلاله وبنبيه اسأل أمره جل جلاله فكان ذلك حباء لدروس
معلوماتها ولما وقفتها بالله ولله جل جلاله صار الوقف لها زيادة سعادة في
علو مقاماتها وسمود رجاتها وإذا لم يحصل الانتفاع بكل واحد منها في شئ
من الأسباب وكان قد ضاع ذلك الكتاب الشرآء أو مات بعد الأحياء
3

فإذا ذكرة منه في هذا الكتاب معنى لائقا للصواب، فقد صار هذا حاويا
لما كان يخاف فواته ومحييا لما كان يجوز مماته ومن (فوائده) ان هذا
الكتاب (سعد السعود) كالرسول إلى الوفود يدعوهم إلى ما فيها ويقودهم
إلى الإقامة بمعانيها والانتفاع بمغانيها، ومن فوائده انه لو استعير منها
كتاب والتبس على طالبه كان يعتبر موضع المنقول منه شاهد عدل للناظر
فيه ومن فوائده انه لو قطعت وقفيته عن خطأ أو عمد كانت علامة موضع
النقل منه دلالة على الوقفية مغنية عن الاجتهاد ومن فوائده انه يقرب بالانتفاع
به ما كان بعيدا وينزه ناظره إن كان وحيدا ومن فوائده انه ليس كل
أحد يتهيأ له ان يقف على كل كتاب منها التعجيل، وكان هذا الكتاب
طريقا إلى الانتفاع بكلها على قدر ما نذكره من التفصيل ومن فوائده ان من
دخل بستانا لا يقدر على التطواف في سائر أقطاره والأكل من جميع أثماره
فجاءه الغار من كل شجرة بثمرة وبعض أغصانها النضرة فيكون قد
كفف عنه من تعب التطواف وأكرمه بما جمع بين يديه من النماء والأطراف
ومن فوائده اننا لما صنفنا كتاب (الإبانة في معرفة أسماء كتب الخزانة)
ما كان ذلك يكفي في معرفته أسرار الكتب وجواهرها وجعلنا هذا تماما
ومرأة يرى عين ناظرها كثير من تلك الفوائد ويتضيف بها على شرف
الموائد، ومن فوائده انه إذا نظر الضعيف الهمة في اننا لم يشغلنا ما نحن
فيه من الأمور المهمة على نظر هذه المجلدات مع كثرتها عند الناظر وهي
جزء مما وقفنا عليه من الكتب في عمرنا الغابر والحاضر ربما قويت همته
إلى مثل ذلك وزيادته عليه وصار ذلك سهلا بين يديه، ومن فوائده اننا
جمعنا له في هذا الكتاب (سعد السعود) عدد المصنفين المذكورين فيه جلساء
ومشائين بما يورده في كل مقصوده لا يضجرون على خلود الشهور والسنين
ومن فوائده ما ذكرناه في خطبة كتاب (الإبانة) من وجوه الفوائد
والمنافع وما يحصل بكتابنا هذا من السعادة الدنيوية والأخروية ولذات
القلوب والمسامع، وها نحن ذاكرون ما يشتمل عليه هذا الكتاب من
4

الأبواب والفصول على التفصيل ليسهل على الناظر في معرفته يبتغيه على
التعجيل وعلى الوجه الجميل فنقول
(الباب الأول)
فيما وقفناه من المصاحف المعظمة والربعات المكرمة فيما نذكره من
مصحف خاتم قطع الثلث واضح الخط وقفته على كتب وقفية الخزانة
فصل فيما نذكره من مصحف اخر وقفناه على ولدى (محمد) قالبه ثمن
الورقة الكبيرة عتيق
فصل فيما نذكره من مصحف شريف وقفناه على ولدي (على) قالبه
ربع الورقة جديد
فصل فيما نذكره من مصحف معظم يكمل أربعة اجزاء وقفناه على ابنتي
الحافظة لكتاب الله المجيد (شرف الأشراف) حفظته وعمرها
اثنا عشر سنة
فصل فيما نذكره من مصحف معظم تام أربعة اجزاء وقفته على ابنتي
الحافظ للقرآن الكريم (فاطمة) وعمرها دون تسع سنين
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف يصلح للتقليد وهبته لولدي (محمد)
وهو طفل قبل الوقفية
فصل فيما نذكره من مصحف اخر لطيف وهبته لولدي (محمد) يصلح للتقليد
فصل فيما نذكره من مصحف ليطيف شريف يصلح أيضا للتقليد وقفته
على ولدي (علي)
فصل فيما نذكره من مصحف شريف قلدته لولدي (محمد) لما انحدر معي
إلى (سوراء) وقفته عليه
فصل فيما نذكره من مصحف شريف ترتيب سوره مخالف للترتيب
المعهود وقفناه على صفته وقفية كتب الخزانة بتلك الشروط والحدود
فصل فيما نذكره من مصحف قديم يقال إنه قرأه عبد الله بن مسعود
وقفته على صفته وقف تصانيفي
5

فصل فيما نذكره من جزء من ربعه شريفة عددها أربعة عشر جزء مشتملة
على القرآن العظيم مذهبة وقفتها على شروط كتب خزانتي
فصل فيما نذكره من جزء من ربعة شريفة عددها ثلاثون جزء أوقفتها
على كتب خزانتي
فصل نذكره من صحائف إدريس (ع) منها في ذكر بدء الخلق
فصل فيما نذكر معناه من الكراس الثالث خلق آدم (ع)
فصل فيما نذكره من الكراس الخامس من سؤال إبليس وجواب الله
بلفظ ما وجدناه
فصل فيما نذكره من سابع كراس في معنى آدم وحواء
فصل فيما نذكره من ثاني صفحة من القائمة الأولى من عاشر كراس
فصل فيما نذكره من القائمة العاشرة من حادي عشر كراس من المصحف
في معنى ذكر شيث
فصل فيما نذكره من ثاني عشر كراس من المصحف في معنى وصف الموت
فصل فيما نذكره من ذلك بلفظه في معنى النبي محمد وأمته
فصل فيما نذكره من كتاب منفرد نحو أربع كراريس يشتمل على سنن
إدريس في معنى التقوى
فصل فيما نذكره من الكراس الثاني من سنن إدريس (ع)
فصل فيما نذكره من الكراس الثالث من سنن إدريس في معنى الصيام
فصل فيما نذكره من الكراس الثالث من سنن إدريس في معنى الصلاة
فصل فيما نذكره الكراس الرابع من سنن إدريس
فصل فيما نذكره من توراة وجدتها مفسرة بالعربية في خزانة كتب جدي
ورام بن أبي فراس فمن السفر الثالث في ذكر آدم ونوح (ع)
فصل فيما نذكره من السفر التاسع من حديث إبراهيم وسارة وهاجر و
وعد هاجر ان ولدها إسماعيل يكون يده على كل يد
فصل فيما نذكره من الجهة الأولى من القائمة الثانية بلفظه
6

فصل فيما نذكره من الثالث عشر في معنى كراهية سارة لمقام هاجر
وإسماعيل عنده
فصل فيما نذكره من الرابع عشر مما يقتضى ان الذبيح الذي فدي بالكبش
إسماعيل (ع)
فصل فيما نذكره مما وجدناه في هذه التوراة من بعض معاني يعقوب ويوسف
فصل فيما نذكره من بعض منازل هارون وذريته موسى كما وجدناه
في التوراة
فصل فيما نذكره من تعظيم الله تعالى لهارون وبنيه وزيادة منازلهم على غيرهم
فصل فيما نذكره من الا أصحاح السادس والعشرين من السفر الثاني
فصل فيما نذكره من منزلة أخرى من منازل هارون وبنيه من موسى من
الأصحاح السادس من السفر الثالث
فصل فيما نذكره من الفصل الحادي عشر من خبر عصى هارون حين
أورقت وأثمرت
فصل فيما نذكره من الفصل الثاني عشر في موت هارون
فصل فيما نذكره من الأصحاح الحادي عشر في بشارته بنبي يبعث لهم
فصل فيما نذكره من تعين بلد مخرج النبي * ص * من الأصحاح العشرين
فصل فيما نذكره من وفاة موسى من السفر الأخير
فصل فيما نذكره من زبور داود نبدأ بذكر سورة ثانية منه
فصل فيما نذكره من السورة العاشرة من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة السابعة عشر من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة الثالثة والعشرين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة الثلاثين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة السادسة والثلاثين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة السادسة والأربعين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة السابعة والأربعين من الزبور
7

فصل فيما نذكره من السورة الخامسة والستين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة السابعة والستين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة الثامنة والستين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة الحادية والسبعين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة الرابعة والثمانين من الزبور
فصل فيما نذكره من السورة المأة من الزبور
فصل فيما نذكره من نسخة ذكر ناسخها انها إنجيل عيسى وهي أربعة
أناجيل في مجلد
فصل فيما نذكره من الإنجيل الأول
فصل فيما نذكره عن عيسى (ع)
فصل فيما نذكره من كلام عيسى (ع)
فصل فيما نذكره من حديث قتل يحيى بن زكريا
فصل فيما نذكره من القائمة السابعة
فصل فيما نذكره من الإنجيل الأول عن عيسى محتمل البشارة عن نبينا
فصل فيما نذكره من تمام أربعين قائمة لما بشرهم عيسى انه يعود إلى الدنيا
فسألوه عن الوقت فكان الجواب ما يأتي لفظه
فصل فيما نذكره من حديث خذلان تلامذة عيسى (ع) له وما ذكر من
قتل ما ألقى الله شبهه عليه
فصل فيما نذكره من بشارة أخرى من عيسى (ع)
فصل فيما نذكره من الإنجيل من بشارة عيسى بمحمد (ص)
فصل فيما نذكره بشارة أخرى من عيسى بمحمد * ص * من الإنجيل الرابع
يتضمن بشارة أخرى بمحمد * ص * عن عيسى
(الباب الثاني)
فيما وقفناه من كتب تصانيف تفاسير القرآن الكريم وما يختص
به من تصانيف التعظيم وفيه فصول
8

فصل فيما نذكره من المجلد الأول من كتاب التبيان تفسير جدي أبي جعفر
الطوسي في تفسير قوله ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من التبيان في تفسير معنى قوله تعالى
ولما فصل طالوت بالجنود
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من التبيان في تفسير قوله وماذا عليهم
لو امنوا بالله واليوم الآخر
فصل نذكره من أصل المجلد الأول من التبيان في تفسير قوله تعالى
يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من التبيان في معنى سورة براءة
فصل فيما نذكره من المجلد الثاني من التبيان في تفسير قوله تعالى أفمن كان على بينه من ربه ويتلوه شاهد منه
فصل فيما نذكره من المجلد الثاني من التبيان في تفسير قوله تعالى واصبر
نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
فصل فيما نذكره من أصل المجلد الثاني من التبيان قوله تعالى وأوحينا إلى
أم موسى ان ارضعيه
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من المجلد الثاني من التبيان قوله تعالى
وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظم
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من المجلد الثاني من التبيان قوله جل
جلاله قل يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انكم أولياء الله من دون الناس
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من كتاب جوامع الجامع في تفسير القرآن
تأليف الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي في قوله
تعالى ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم الآية
فصل فيما نذكره من المجلد الثاني من كتاب جوامع الجامع في تفسير قوله
وقيل يا ارض ابلعي ماءك
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من كتاب جوامع الجامع في قوله تعالى
9

واصبر على ما يقولون واهجرهم
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم في
تفسير قوله تعالى وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى
تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من تأويل ما نزل من القرآن الكريم
في النبي * ص * تأليف أبي عبد الله محمد بن العباس بن علي بن مروان
المعروف بالحجام في قطيفة أهديت إلى النبي * ص *
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من الجزء الثاني منه في اية المباهلة
فصل نذكره من الجزء الثالث من الكتاب المذكور في قوله إنما وليكم
الله ورسوله والذين امنوا
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع منه في تفسير قوله تعالى وقل اعملوا
فسيرى الله عملكم ورسوله
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس منه في قوله تعالى انما أنت منذر
ولكل قوم هاد
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس أيضا في تفسير قوله تعالى سبحان
الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد
فصل فيما نذكره من الكراس الخامس منه أيضا في تفسير قوله تعالى
وآت ذا القربى حقه
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من كتاب محمد بن العباس بن مروان
في قوله تعالى هذان خصمان
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من الكتاب المذكور في معنى ان رجلا
سأل أمير المؤمنين (ع) بم ورثت ابن عمك دون عمك
10

فصل فيما نذكره من شرح تأويل وأنذر عشيرتك الأقربين من كتاب
محمد بن العباس بن مروان
فصل نذكره من الجزء الثامن من كتاب محمد بن العباس بن مروان
في معنى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن المذكور أيضا في تفسير قوله تعالى ثم
أورثنا الكتاب الذين اصطفينا
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن أيضا من الكتاب المذكور في قوله تعالى
وتعيها اذن واعية
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن أيضا في تفسير قوله تعالى أولئك هم
خير البرية
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير مجلدة واحدة قالبه الربع مختصر كتاب
محمد بن العباس بن مروان من الابتداء في تفسير اية من سورة الرعد
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من ذكر ما نزل من القران في رسول
الله * ص * وفي علي (ع) وأهل البيت (ع) وفي شيعتهم فمنه
في تفسير قوله تعالى وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير مجلد واحد تأليف أبي إسحاق إبراهيم
ابن أحمد القزويني في معنى حديث البساط
فصل فيما نذكره من مجلد ترجمته كتاب فيه ذكر اية التي نزلت في أمير
المؤمنين علي أبى طالب (ع) فيه ذكر من حديث البساط
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من أي القرآن المنزلة في أمير المؤمنين
عليه السلام تأليف الشيخ المفيد في معنى قوله وأقسموا بالله جهد
ايمانهم لا يبعث الله من يموت بلى
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير القران أهل بيت رسول الله * ص *
رواية أبى العباس بن عقدة في قوله أو كالذي مر على قرية وهي خاوية
فصل فيما نذكره من تفسير أبى العباس بن عقدة في معنى صيد الحيتان يوم السبت
11

فصل فيما نذكره من تفسير أبى العباس بن عقدة في معنى حديث يعقوب
عليه السلام والراهب
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير عن أهل البيت (ع) قد سقط أوله
في معنى حديث قميص يوسف ورجوع اخوته بالقميص إلى أبيهم
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير القرآن عتيق مكتوب كتاب تفسير
القرآن وتأويله وتنزيله وناسخه ومنسوخه واحكامه ومتشابهه
في تفسير قوله تعالى يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود
فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب مقرأ رسول
الله * ص * وعلي بن أبي طالب (ع) في معنى لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون
فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عليه مكتوب من تفسير أبى جعفر
محمد بن علي بن الحسين (ع) قوله ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من تفسير أبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين (ع) في قوله إن الله يأمركم ان تودوا الأمانات إلى أهلها
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الصادقين في قوله تعالى يا أيها
الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع منه في تفسير قوله تعالى ان الله يأمر
بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس منه في عصى موسى (ع)
فصل فيما نذكره من كتاب قصص الأنبياء جمع الشيخ الشهيد سعيد بن
هبة الله الراوندي في قصة إدريس (ع)
فصل فيما نذكره فقه الراوندي أيضا في معنى قوله تعالى ومن
أظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من فقه القرآن في معنى قل لا أجد
فيما أوحى إلى محرما على طاعم
12

فصل فيما نذكره من كتاب الكشاف في تفسير القرآن للزمخشري فمن
الجزء الأول في تفسير قوله تعالى إنما الخمر والميسر
فصل فيما نذكره من الجزء المذكور في تفسير قوله تعالى حافظوا على
الصلاة والصلاة الوسطى
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الكشاف أيضا في حديث زكريا ومريم
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الكشاف أيضا في معنى قوله تعالى
فردوه إلى الله والرسول
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الكشاف في معنى خذلان قوم
موسى له عليه السلام
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الكشاف أيضا في معنى اجتماع
قريش إلى أبى طالب وأرادوا برسول الله * ص * سوء
فصل فيما نذكره من الكشاف أيضا في تفسير قوله تعالى واختار موسى
من قومه سبعين رجلا
فصل فيما نذكره من المجلد الرابع من الكشاف في قوله وكفروا
بعد اسلامهم
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع أيضا من الكشاف في تفسير قوله تعالى
ثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من الكشاف في معنى قوله إن كفار
أهل مكة فشوا قوما من المسلمين من دينهم
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من الكشاف للزمخشري في حديث
سليمان بن داود عليهما السلام
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من الكشاف في قوله تعالى من سورة
الأحزاب وجنودا لم تروها
فصل فيما نذكره من الجزء السابع أيضا من الكشاف من حديث قريظة
وبني النضير
13

فصل فيما نذكره من الجزء الثامن من الكشاف في تفسير قوله الا المودة
في القربى
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع من الكشاف في تفسير سورة هل اتى
فصل فيما نذكره من تفسير أبى على الجبائي وهو عندنا عشر مجلدات
في كل مجلد جزوات فمنه في شرح حاله
فصل فيما نذكره من مجلد من تفسير الجبائي في معنى طعنه على الرافضة
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من المجلد الأول من تفسير الجبائي في
قوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث وهو أول المجلد الثاني من تفسير الجبائي
ولا تحسبن الذين قتلوا سبيل الله أمواتا بل احياء عند
ربهم يرزقون
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع وهو ثاني المجلدة الثانية منه أم يحسدون
الناس على ما اتاهم الله من فضله
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من تفسير الجبائي في معنى قوله فجزاء
مثل ما قتل من النعم
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من تفسير قوله الا ان قالوا والله ربنا
ما كنا مشركين
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من تفسير الجبائي في تفسير قوله تعالى
قال ألقوا في معنى موسى والسحرة
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن من تفسير الجبائي قوله تعالى ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع من تفسير الجبائي في تفسير قوله تعالى
ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير الجبائي في تفسير قوله تعالى
إذ قال يوسف لأبيه يا أبت اني رأيت أحد عشر كوكبا
14

فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
ان عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر أيضا من تفسير الجبائي في قوله
تعالى فوجدنا عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر أيضا من تفسير الجبائي في معنى
ذكر الخضر عليه السلام
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث عشر من تفسير الجبائي في قوله وعد
الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
أتل ما أوحي إليك من الكتاب
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر
فصل فيما نذكره من الجزء السابع عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم وابصارهم
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع عشر من تفسير الجبائي في قوله تعالى
وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا
فصل فيما نذكره من الجزء العشرين من تفسير الجبائي في قوله تعالى
15

ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا
فصل فيما نذكره من تفسير عبد الجبار بن أحمد الهمداني واسم كتابه فوائد
القرآن وأدلته يتضمن هذا الفصل شرح حال عبد الجبار وتفسير
قوله تعالى ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير عبد الجبار ومن أهل الكتاب
من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير عبد الجبار في قوله تعالى
انا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من تفسير عبد الجبار قوله تعالى تبارك
الذي انزل القرآن على عبده
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من تفسير عبد الجبار قوله تعالى وقالت
اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله
فصل فيما نذكره من من الجزء التاسع من تفسير عبد الجبار قوله والذين
يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير عبد الجبار في قوله تعالى فإذا
القيم الذين كفروا فضرب الرقاب
فصل فيما نذكره من تفسير عبد الله بن أحمد بن محمود المعروف بابي القاسم
البلخي الذي سمى تفسيره (جامع علم القرآن) فمن الجزء الأول
معنى ان النبي * ص * جمع القرآن قبل وفاته وأنكر البلخي قول
من قال إن القرآن جمعه أبو بكر وعثمان بعد وفاه النبي * ص *
فصل فيما نذكره من المجلد الثالث من تفسير البلخي قوله تعالى وأنفقوا
في سبيل الله ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير البلخي قوله تعالى إذ قال
إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموت قال..
فصل فيما نذكره من جزء اخر رابع من تفسير البلخي في قوله تعالي
16

وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع من تفسير البلخي في قوله تعالى فقالت
اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباءه
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير البلخي في تفسير قوله تعالى
وما نرى معكم شفعاء كم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر من تفسير البلخي في قوله تعالى
وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من تفسير البلخي في قوله تعالى
وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والعشرين من تفسير البلخي في قوله
تعالى ولولا دعاؤكم
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والعشرين من تفسير البلخي في قوله
تعالى اني مهاجر إلى ربي هو العزيز الحكيم
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث والعشرين من تفسير البلخي في قوله
إن الله وملائكته يصلون على النبي
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع والعشرين من تفسير البلخي في قوله
تعالى وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيدكم وما خلفكم
فصل فيما نذكره من جزء اخر في المجلد الذي أوله سوره ص في قوله
تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والثلاثين من تفسير البلخي قوله
تعالى وانهم ظنوا كما ظننتم ان لن يبعث الله أحدا
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والثلاثين من تفسير البلخي في قوله تعالى
عم يتساءلون
فصل فيما نذكره من تفسير محمد بن السائب الكلبي من الجزء الحادي عشر
منه في معنى قريش وجعفر بن أبي طالب لما هاجر إلي الحبشة
17

واخذ وامن معه
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من تفسير الكلبي في معنى حديث
أبي خلف لما تبع النبي لما رجع من أحد وأراد قتله
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث عشر من تفسير الكلبي في قوله تعالى كل
نفس ذائقة الموت
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الكلبي في قوله ان
الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس عشر من تفسير الكلبي في قوله تعالى
ومن يهاجر في سبيل الله يجد
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من تفسير الكلبي في قوله تعالى وقال
يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة
فصل فيما نذكره من الجزء السابع عشر من تفسير الكلبي في قوله تعالى
قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن عشر من تفسير الكلبي في قوله تعالى
الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما تعرفون
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع عشر من تفسير الكلبي في معنى مالك بن
عوف لما سأل النبي * ص * عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام
فصل فيما نذكره من مجلد اخر من تفسير الكلبي أوله سورة محمد * ص *
يتضمن معنى حديث النبي * ص * لما كان في حراء واتاه جبرئيل
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من مختصر تفسير الثعلبي في قوله تعالى
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من مختصر الثعلبي في معنى عرض الأعمال
على النبي * ص *
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من حدائق التفسير لأبي عبد الرحمن
السلمي قوله تعالى يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي
18

فصل فيما نذكره من كتاب زيادات حقايق تفسير السلمي في قوله تعالى
آلم ذلك الكتاب
فصل فيما نذكره من مجلد من تفسير الكلبي يشتمل على سبعة اجزاء أولها
الثامن عشر إلى اخر الرابع والعشرين فمن الجزء الثامن عشر في
معنى غرق فرعون وحديث جبرائيل للنبي * ص * لما قال امنت انه
لا اله الا امنت به بنوا إسرائيل
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والعشرين من تفسير الكلبي في معنى
حديث عامر بن الطفيل لما أراد قتل النبي وهو في المسجد
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والعشرين من تفسير الكلبي في حديث
أصنام كانت في الحجر لما فتح رسول الله * ص * مكة
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع والعشرين في معنى اجتماع قريش وانفادهم
إلى اليهود يسئلونهم عن أمر النبي * ص *
فصل فيما نذكره من جزء مجلد لم يذكر اسم مصنفه أوله عن ابن عباس
في قوله تعالى ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من غريب القرآن بشواهد الشعر
تأليف عبد الرحمن بن محمد الأزدي في قوله تعالى يا أخت هارون
فصل فيما نذكره من تفسير ابن جريح من نسخة عتيقه في قوله تعالى
مصدق بكلمة من الله
فصل فيما نذكره من مجلد في تفسير القرآن أوله لا جناح عليكم فيما عرضتم
به من خطبة النساء في معنى الراسخون في العلم
فصل فيما نذكره من كتاب أسباب النزول تأليف (علي بن أحمد الواحدي)
في قوله ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه
فصل فيما نذكره من مجلدة صغيرة القالب عليها مكتوب رسالة في مدح
الأقل وذم الأكثر زيد بن علي
فصل فيما نذكره من قصص القرآن وأسباب نزول آيات القرآن تأليف
19

(الهيضم النيسابوري) في معنى الملكين الحافظين ومعنى كم يكون
مع الانسان من الملائكة
فصل فيما نذكره من كتاب الناسخ والمنسوخ تأليف (نصر بن علي
البغدادي) في قوله قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من مقدمات علم القرآن تصنيف (محمد
ابن بحر الرهني) في معنى اختلاف القرآن
فصل فيما نذكره من كتاب الحذف والاضمار تصنيف (أحمد بن ناقة
المغربي) في معنى قصة أصحاب الكهف وكذلك بعثناهم
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من شرح تأويل القرآن وتفسير معانيه
تصنيف (أبى مسلم محمد بن بحر الأصفهاني) في معنى آلم
فصل فيما نذكره من مجلد قالب الربع في تفسير القرآن لم يذكر مصنفه
في معنى قوله في البقرة آلم
فصل نذكره من جزء رابع من معاني القرآن تأليف (جعفر بن محمد
ابن المروزي) في معنى حديث قيس بن ساعدة
فصل فيما نذكره من الجزء الأول مما نزل من القرآن في أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب رواية (عبد العزيز الجلودي)
فصل فيما نذكره من هذا المجلد في معنى التوسعة على العيال
فصل فيما نذكره من أواخر هذا الحديث في معنى ان خاتم سليمان بن داود
كان في يد مولانا الجواد (ع)
فصل فيما نذكره من هذه المجلد أيضا فيه من فضائل أمير المؤمنين وفاطمة
والحسين والحسن (ع)
فصل فيما نذكره من هذا المجلد من كتاب تجربة القرآن تلخيص (أبى
الحسن أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله المنادي)
فصل فيما نذكره من كتاب ملل الاسلام وقصص الأنبياء تأليف (محمد
ابن جرير الطبري) في قصه نوح بن لمك
20

فصل فيما نذكره من كتاب العرايس في المجالس ويواقيت التيجان في قصص
القرآن تأليف (أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي) في معنى حديث
ذي الكفل (ع)
فصل فيما نذكره من كتاب الرد على الجبرية والقدرية فيما تعلقوا به من
متشابه القرآن تأليف (أحمد بن محمد بن حفص الخلال)
فصل فيما نذكره من كتاب النكت في اعجاز القرآن تأليف (علي بن
إسماعيل عيسى الرماني النحوي)
فصل فيما نذكره من نسخة أخرى في النكت في اعجاز القرآن (لعلي بن
عيسى الرماني) في تشبيهات القرآن واخراج مالا يعلم بالبداهة فمن
ذلك قوله والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة
فصل فيما نذكره من نسخة أخرى بكتاب النكت الرماني من باب
الاستعارة قوله تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا
فصل فيما نذكره من نسخة أخرى من كتاب اسمه متشابه القرآن (لعبد
الجبار الهمداني) في قوله تعالى إنما المؤمنون الذين إذا ذكروا الله
وجلت قلوبهم
فصل فيما نذكره من كتاب متشابه القرآن تأليف (أبى عمر الخلال)
في قوله تعالى ما ذا أراد الله بهذا مثلا
فصل فيما نذكره من مجلدة لطيفة ثمن القالب اسمها ياقوتة الصراط فيها
ومن سورة آل عمران القيوم القيام
فصل فيما نذكره من نسخة في غريبة القرآن للعزيزي
فصل فيما نذكره من كتاب تعليق معاني القرآن (لأبي جعفر النحاس)
في معنى تفسير عبس وتولى
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير غريب القرآن (لأبي عبد الرحمن بن
محمد بن هاني) في معنى إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته
فصل فيما نذكره في الجزء الأول من تفسير (علي بن عيسى الرماني) في
21

معنى القول في الرحمن الرحيم
فصل فيما نذكره مما حصل عندنا من تفسير القرآن (لعلي بن عيسى
الرماني) في معرفة قوله تعالى وعد الله المنافقين والمنافقات
والكفار نار جهنم
فصل فيما نذكره من كتاب معاني القرآن تصنيف (الأخفش) تأليف
(أحمد بن شعيب النسائي) في قوله أعوذ برب الفلق
فصل فيما نذكره من كتاب (يحيى بن زياد الفراء) وهو مجلد فيه سبعة)
اجزاء فمنه في معنى نجيناكم وأغرقنا آل فرعون
فصل نذكره من الجزء الثاني من كتاب الفراء في معنى قوله تعالى فيه
آيات محكمات
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من كتاب الفراء في معنى قوله تعالى
من جاء بالحسنة
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من كتاب الفراء في معنى قوله تعالى
وسرابيل تقيكم الحر
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من كتاب الفراء في معنى قوله تعالى
والذين هم لفروجهم حافظون
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من كتاب الفراء في معنى قوله تعالى
قالتا اتينا طائعين
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من كتاب الفراء في معنى قوله تعالى
قدروها تقديرا
فصل فيما نذكره من مجلد آخر تصنيف الفراء فيه ستة اجزاء أوله العاشر
فمن الجزء الأول قوله تعالى ان هذان لساحران
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر من هذه المجلدة تصنيف الفراء في
قوله تعالى أولئك يسارعون في الخيرات
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من هذه المجلدة في معنى قوله تعالى
22

ويوم ينفخ في الصور ففزع
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث عشر منه في معنى قوله تعالى النبي أولي
بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر منه في معنى قوله تعالى وأرسلناه
إلي ماءة الف أو يزيدون
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس عشر منه في قوله تعالى وزوجناهم
بحور عين
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر منه في قوله تعالى بأكواب وأباريق
فصل فيما نذكره من كتاب (قطرب) في تفسير ما ذهب إليه الملحدون
عن معرفته من معاني القرآن في قوله تعالى ولقد خلقناكم ثم
صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا
فصل فيما نذكره من كتاب تصنيف (عبد الرشيد الأسترابادي) في تأويل آيات
تعلق بها أهل الضلال منها قوله تعالى وإذا اتينا موسى الكتاب والفرقان
فصل فيما نذكره من المجلد المذكور من مناقب النبي والأئمة عليهم السلام
في معنى آل يسن وانهم آل محمد * ص *
فصل فيما نذكره من الكتاب المنسوب إلى (علي بن عيسى بن داود بن
الجراح) واسمه تاريخ القرآن في معنى قوله تعالى يا أيها النبي حرض
المؤمنين على القتال
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من اعراب القرآن (للزجاج) في قوله
تعالى والحمد لله رب العالمين
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من كتاب الزجاج في معنى قوله تعالى
يسئلونك عن الأنفال
فصل فيما نذكره من الكتاب المسمى بغريب القران والسنة تأليف (الأزهري)
وهو عندنا خمس مجلدات نبدء بما نذكره من المجلد الأول قوله
تعالى هؤلاء بناتي هن أطهر لكم
23

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من (الغريبين للأزهري) في معنى قوله
تعالى وليعلمن نبأه بعد حين
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الغريبين للأزهري في معنى قوله
حديث علي (ع) وقوله لنا حق ان نعطه نأخذه وان نمنعه
نركب أعجاز الإبل
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من الغريبين للأزهري في قوله تعالى
فمستقر ومستودع
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من الغريبين للأزهري في معنى الحديث
النظر إلى وجه علي عبادة
فصل فيما نذكره من كتاب عليه جزء فيه اختلاف المصاحف تأليف
(أبى جعفر محمد بن منصور) رواية محمد بن مروان
فصل فيما نذكره من جزء المجلدة التي فيها اختلاف المصاحف جزء فيه
عدد سور القرآن وعدد آياته وعدد كلماته وحروفه ونصفه وأثلاثه
وأخماسه وأسداسه وأسباعه وأثمانه وأتساعه وأعشاره وأجزاء
ثلاثين تأليف (محمد بن منصور بن يزيد المقري)
فصل فيما نذكره عن (محمد بن بحر الرهني) من الجزء الثاني من مقدمات
علم القرآن من التفاوت في المصاحف التي بعث بها عثمان إلى الأمصار
فصل فيما نذكره من كتاب مجلد يقول مصنفه في خطبته هذا كتاب
جمعت فيه ما استفدته في مجلس الشيخ (أبي زرعة عبد الرحمن بن
محمد) (بحلة المقرى) وهو يتضمن ذكر ما نزل من القرآن الشريف
بمكة والمدينة وما انفقوا عليه من ذلك وما اختلفوا فيه
فصل فيما نذكره من كتاب جامع في وقف القارئ للقران وهو من جملة
المجلدة المذكورة قبل هذا الفصل في ذكره قل هو الله أحد
فصل فيما نذكره عما نزل من القران بالمدينة على ما وجدناه ورويناه عن
جدي الطوسي وسوف نرتب على الترتيب الأبواب التي في كتاب
24

(الإبانة) من أسماء كتب الخزانة التي وقفنا ما اشتمل عليه ونذكر
لكل كتاب فصلا نستدل به عليه فنقول
الباب الأول
فيما وقفناه من المصاحف المعظمة والربعات المكرمة
فصل فيما نذكره من مصحف خاتم قطع الثلث واضح الخط وقفته على
وقفية كتب الخزانة من وجهة ثانيه سادس عشر سطر منها وبعض الآية
أوله يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن
يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه
ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره ان الله لقوي عزيز.
يقول علي بن موسى بن طاووس هذه الآية الشريفة ناطقة بسعد
السعود للنفوس والكشف بهذا الوصف ان الله جل جلاله المستحق للعبادة
دون كل من عداه وان كل معبود دونه يشهد ضعفه عليه انه لا يجوز
عبادته ولا اشتغال به عمن فطره وقواه.
فصل فيما نذكره من مصحف اخر خاتم وقفناه على ولدي (محمد) قالبه
ثمن الورقة الكبيرة عتيق من وجهه، أوله من اخر السطر السابع منها
وتمامها في أول السطر العاشر ومن آياته ان خلقكم من تراب ثم إذا أنتم
بشر تنتشرون ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها
وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون.
أقول وفي هاتين الآيتين من التنبيه على الوجود والسعود والرحمة
والجود، ما ان ذكرنا ما نعرفه فيه خرج الكتاب عن المقصود لكن نقول
إن أقصى حياة التراب بالماء والنبات وما كان لسان حاله يبلغ في الأماني
25

والإرادات إلى أن يكون بشرا نادرا وفطنا ماهرا أو سلطانا قاهرا ويسجد
له الملائكة أجمعون ويكون منه إبراهيم خليلا وموسى كليما وعيسى روحا
ومحمد حبيبا وسائر الأنبياء والأوصياء والأولياء فسبحان الله من يجود
على الضعيف حتى يجعله أقوى الأقوياء وعلى البعيد حتى يصير من الخواص
القرباء وعلى من يوطأ بالأقدام وهو كالفراش للانعام حتى يبلغ إلى ما بلغ التراب
إليه من النظام والتمام والاكرام والانعام ان في ذلك والله لآيات باهرات لذوي
الافهام ثم خلق حواء من جسد ليكون أبلغ في الأنس لأن النفس تسكن
إلى النفس ووصل بينهما بمناسبة الأرواح والألباب ورفعهما عن حكم التراب.
فصل فيما نذكره مصحف شريف خاتم وقفناه على ولدي (علي) قالبه
ربع الورقة جديد من وجهة ثانية من سطر التاسع وتمامها في أول السطر
العاشر ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم
ان ذلك لايات للعالمين.
أقول وفي هذا الايضاح من السعود لأهل الفلاح ما تضيق الأعمار
عن شرح أنواره وكشف أسراره فبان في العجائب السماوية والأرضية
وترتيب أفلاكها وتقديرها ومسيرها وتدبيرها وامساكها في جهاتها
واختلاف الألسن والألوان على مرور الدهور وتقلباتها مما يحار العقول
في وصفه وترجيع الأفكار عن جرة كشفه.
فصل فيما نذكره من مصحف معظم مكمل أربعة اجزاء وقفناه على
ابنتي الحافظة لكتاب الله المجيد (شرف الأشراف) حفظته وعمرها اثنا عشر
سنة من الربع الثالث من وجهة ثانية قد تكررت فيها الآية قصرت على
أوله ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغائكم من فضله ان في ذلك لايات
لقوم يسمعون، ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء فيحيى
به الأرض بعد موتها ان في ذلك لايات لقوم يعقلون.
أقول إن كيفية ورود النوم على الانسان من غير مرض ولا آفة بل
بالتلذذ له وهو أخو الموت المتلف لكل ما في الانسان من مواهب الرحمة
26

والرأفة حتى يصير غائبا عما كان تحت يديه ومحكوما عليه لعجب عجيب
لا يبلغ الوصف إليه ودال على كمال الاقتدار وان يجعل الموت المختلف من
جملة اللذات والمسار ثم وروده بحسب راحة الأجساد واستعدادها لابتغاء
من فضله من أرزاق العباد واحيائها بالبعث منه والإعادة على النائم كما كان
قد خرج عنه لدلالات باهرات ومثالا لاحياء الأموات ثم في مشاهدة
البروق اللوامع بالخوف والر جاء بحسب المنافع واحياء الأرض بالماء والنبات
لشاهد الناطق بإعادة الأجساد الفانيات.
فصل فيما نذكره من مصحف معظم تام أربعة اجزاء وقفته على ابنتي
الحافظة للقرآن الكريم (فاطمة) حفظته وعمرها دون تسع سنين من
الربع الثالث منه في أول السطر الرابع من وجهة ثانية وتمامها في السطر
الخامس ومن آياته ان تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من
الأرض إذا أنتم تخرجون.
أقول إن منشئ السماء والأرض ماسكهما من النزول والحفظ والقيم بما
فيهما من الحكمة بأحسن الحياطة والحفظ القادر بغير ارتياب ان يصرفهما
تحت امره بالخراب والانشاء وإعادة الأموات بعد الأفناء إلى مقام الاحياء
كما فعل في الابتداء.
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف يصلح للتقليد وهبة لولدي (محمد)
وهو طفل قبل الوقفية من وجهة ثانية من اخر سطر منها وتمامها في
الوجه الأولى من القائم الآخرى هو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي
وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل والنهار ان
في ذلك لآيات لقوم يتفكرون.
أقول إن في بسط الأرض ونحوها فراشا للعباد وتسكينها ان
تضطرب لما جعل فيها من الجبال والأوتاد وشق البحار والأنهار التي
لا يدخل حفرها تحت قوة البشر بوجه من وجوه الاقتدار واخره المياه فيها
إلى غير نهاية في العيان غير زيادة فيما يرميه إلى البحار لدلالات للانسان
27

من أعظم برهان على وجود القادر المبتدئ بالإحسان ونفوذ حكمه في
أقطار الأمكان.
فصل فيما نذكره من مصحف اخر لطيف كنت وهبته لولدي (محمد)
يصلح للتقليد من وجهة أوله في السطر الثامن وتمامها في السطر العاشر
وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان
وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ان في
ذلك لآيات لقوم يعقلون.
أقول إن في مطاوي هذه الآيات الباهرة من التعريف بقدرة الله جل
جلاله القاهرة لعجائب لذوي القلوب والعيون الباصرة فان الأرض قد نكون على
صفة واحدة والماء جنس واحد والهواء طبع واحد والتوابع متساوية
والعروق والأجذاع وأصول الأشجار لها حال لا يختلف كل واحد منها
في ذاته وصفاته وثمارها مختلفة غاية الاختلاف في تقلب ذاته وكيفياته
وروائحه ولذاته فمن أين دخل عليه ما قد انتهت حاله إليه وليس له مادة
بذلك التقلب من عرق ولا أصل ولا شئ مما يشتمل عليه لولا أن...
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف شريف قلدته لولدي (محمد) لما
انحدر معي (إلى سورا) وقفته عليه في وجهة أوله في سابع سطر واخرها
في سطر العاشر وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن
عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا
كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما
ربياني صغيرا.
أقول لما كان الوالدان كالساعيين في الانشاء قرن جل جلاله حقهما
بحقه في الشكر والنعماء وجعل ذلك داعيا إلى ترغيب الاباء في ولادة
الأبناء لعمارة دار الفناء وللإقامة في دار البقاء وامر له بخفض الجناح لوالديه
فإنهما خفضا جناحهما له أيام كان محتاجا إليهما فكان ذلك كالفرض عليه وقاما
بما كان يحتاج إليه وما كان من كسبه والسعي في ايجادهما وهما سعيا في
28

وجوده وهو من كسبهما فالمنة لله ولهما سالفة ومتضاعفة عليه.
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف شريف أيضا يصلح للتقليد
وهبته لولدي (محمد) وهو في المهد قبل الوقفية من وجهة أوله من اخر السطر
التاسع وتمامها في السطر الأول من الوجهة الثانية يا أيها الناس ان كنتم
في ريب من البعث فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من
مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم
نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل
العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا.
أقول إن في شرح هذه التعبيرات للانسان من البيان ما يكاد ان يهجم
بالعقل على التصديق المغني عن زياد البرهان الحاكم بالعيان والوجدان.
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف للتقليد وقفته على ولدي (علي)
من وجهة ثانية من أواخر السطر الحادي عشر منها وتمامها في السطر
الرابع عشر منها ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم
من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا وقال تعالى قل من
يرزقكم من السماء والأرض امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي
من الميت ومن يخرج الميت من الحي وقال جل جلاله هل من خالق غير الله
يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فانى تؤفكون.
أقول ان في بيان حمل بني آدم على يد قدرته في البر والبحر ساير على
بساط ممسوك بقوة إلهية ووسائل رحمته ورزق بني آدم الطيبات على ما هم
عليه من الخيانات لو فعلها بعض أولادهم هجروه وبعض أولادهم طردوه
وتفضيلهم على مخلوقات ما تعرضت لمعصيته وخلق الدنيا والآخرة لهم مع
الجهل بنعمته لعجائب من المائن المخجلة لمن أعادني وعقل وأيسر.
فصل أقول في تعريفهم بأرزاق السماء التي ليست في مقدورهم وأرزاق
الأرض الخارجة عن تدبيرهم لحجج متواترة على مالك أمورهم وان اخراج
الحي من الميت والميت من الحي لشهود صدق ويقين على وجود مالك
29

العالمين وان التعجب منهم في الغفلة الصادرة عنهم والغفول عن الذي إليه
حياتهم ومماتهم وأرزاقهم وأقواتهم لموضع العجب وموضع الانكار عليهم
عند سوء الأدب.
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف للتقليد من كلما ذكرنا وقفته
بيدي يكون في حياتي ولولدي (محمد) بعد مماتي من وجهة أوله في السطر
السابع والثلاثين وتمامها في السطر الثامن والثلاثين يا أيها الناس اتقوا ربكم
واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا
ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.
أقول ان هذا التهديد بيوم الوعيد لو صدر من سلطان من العبد منع لذة
القرار وان لم يكن فيه عذاب النار فكيف هان تهديد مالك الدنيا والآخرة
وعذاب النيران وأهوان الكرة الخاسرة.
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف شريف قبل هذا بورقين المعهود
وقفناه على صفة وقفية كتب الخزانة بتلك الشروط والحدود وقال الله
يا أيها امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله
خبير بما تعملون.
أقول إن هذا التهديد وهذا الاشفاق والتعريف باطلاع الله جل جلاله
على اعمال العباد يكاد ان يأخذ بالأعناق إلى طاعة سلطان الدنيا والمعاد وأي
عبد يطلع بمولاه عليه فليستحسن ان يقع منه ما يقتضي غضبه عليه بل
كيف يقدم عبد على عمل يعلم أنه ينتهى إلى سيده ويبلغ إليه ويوافق عليه
ويكرهه منه مع دوام حاجته إليه.
فصل فيما نذكره من مصحف قديم يقال إنه قرأه (عبد الله بن مسعود)
وقفته على صفة وقفية تصانيفي من وجهة أوله من السطر الحادي عشر
واخرها في اخر سطر من الوجهة المذكورة قال الله جل جلاله يا أيها الناس
اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما
أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى
30

ولكن عذاب الله شديد.
أقول إن سماع هذا الوعيد تعجز عنه قوة المماليك والعبيد افترى
المهمومين بهذا الأهوال معهم عقول تشهد عندهم ان هذا يستحيل وقوعه
على كل حال فما يجوزون تصديق الله والرسول في العذر في اهمال والغفول.
فصل فيما نذكره من جزء من ربعة شريفة عددها أربعة عشر جزء
مشتملة على القرآن العظيم مذهبة وقفتها على شروط كتب خزانتي من
وجهة الثانية من الجزء السابع من سابع سطر منه وتمامها في السطر الثاني
عشر من وجهة أوله قال الله جل جلاله يوم تبدل الأرض غير الأرض
والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في
الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار.
أقول يا أيها الضعيف عن كل ندم بها كيف قويت على هذه الأهوال
التي تتعرض بالغفلة لها فتح الله شهوة تسوق نفسا لئيمة إلى خطر هذه
الأمور العظيمة.
فصل فيما نذكره من جزء ربعة شريفة عددها ثلاثون جزء وقفتها على
شروط كتب خزانتي من الجزء السابع والعشرين من أول سطر من
الوجه لأوله فآخرها في سطر الأول من الوجهة الثانية قال الله جل جلاله
ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم
وكثير منهم فاسقون وقال جل جلاله أفرأيت ان متعناهم سنين ثم جائهم
ما كانوا يوعدون ما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون.
أقول اما آن لمعرض عن الله ان يسمع نداؤه وهو يطلب الاقبال
عليه اما آن لمهون بعظمة الله ان يعرف انه عبد أسير بين يديه اما ان سلخ
في هلاك نفسه ومهجته ان يرحمها ويذكر ضعف قوته ويدخل على مولاه
باب رحمته اما يرى المتعلقين بالدنيا كيف ندموا عند الممات اما يرى الغافلين
عن الله كيف تلهفوا على التفريط بعد الفوات اما يسمع صوت الداعي من
سائر جهاته يحذره بلسان الحال من غفلاته ويأمره بالاستعداد لمماته إلى
31

متى يشعر بقدمه إلى قدمه وحتى متى يلتسع عافية بسقمه والى كم يتعلل
بالأماني ويعتمد على التواني وهي من مراكب المعاطب ومن سالك المهالك
اغتنم أيها الهالك وقت القدرة على الممالك.
فصل فيما نذكره من صحائف إدريس (ع) وجدت هذه الصحف
بنسخة عتيقة يوشك أن يكون تاريخها من مأتين من السنين بخزانة كتب
مشهد مولانا أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب (ع)) وقد ذهب أولها
واخرها فكان الموجود منها نحو سبعة كراسا وقوائمه بقالب ربع الورقة
الكبيرة نذكر (الملأ والخلو) وقد سقط منه وإنما نذكر منه ما ذكر من
أول أيام الأسبوع فذكر أن أول يوم خلق الله جل جلاله يوم الأحد
ثم كان صباح يوم الاثنين فجمع الله البحار حول الأرض وجعلها أربعة
بحار، الفرات، والنيل، وسيحان، وجيحان، ثم كان مساء ليلة الثلاثاء
فجاء الليل بظلمته ووحشته ثم كان صباح يوم الثلاثاء فخلق الله الشمس
والقمر وسرج ذلك سراجا طويلا وقال ثم كان مساء ليلة الأربعاء فخلق
الله الف الف صنف من الملائكة منهم على خلق الغمام، ومنهم على خلق النار
متفاوتين في الخلق والأجناس ثم كان صباح يوم الأربعاء فخلق الله من
الماء أصناف البهائم والطير وجعل لهن رزقا في الأرض وخلق النار العظام
وأجناس الهوام ثم كان مساء ليلة الخميس فميز الله سباع الدواب وسباع
الطير ثم كان صباح يوم الخميس فخلق الله ثمان جنان وجعل باب كل واحدة
منهن إلى بعض ثم كان مساء ليلة الجمعة فخلق الله النور الزهراء وفتح الله
مائة باب في كل باب جزء من الرحمة ووكل بكل باب ألفا من ملائكة الرحمة
وجعل حمله رئيسهم كلهم، ميكائيل فجعل اخرها بابا لجميع الخلائق يتراحمون
به بينهم ثم كان صباح يوم الجمعة فتح الله أبواب السماء بالغيث وأهبت
الرياح وأنشأ السحاب وأرسل ملائكة الرحمة للأرض أمر السحاب
تمطر على الأرض وزهرت الأرض بنياتها وازدادت حسنا وبهجة وغشى
الملائكة النور وسمى الله يوم الجمعة لذلك اليوم أزهر ويوم المزيد وقال
32

الله قد جعلت يوم الجمعة أكرم الأيام كلها وأحبها إلي ثم ذكر شرحا
جليلا بعد ذلك.
فصل فيما نذكر معناه من الكراس الثالث في خلق آدم ثم يتضمن
ان الأرض عرفها الله جل جلاله ولعله بلسان الحال انه يخلق منها خلقا
فمنهم من يطيعه ومن منهم من يعصيه فاقشعرت الأرض واستعطفت الله
ومسألته لا يأخذ منها من يعصيه ويدخل وان جبرائيل اتاها ليأخذ منها
طينة آدم فسألته بعزة الله إلا يأخذ منها شيئا حتى يتضرع إلى الله تعالى
وتضرعت وسألت فأمره الله تعالى بالانصراف عنها فامر الله إسرافيل بذلك
فاقشعرت وسألت وتضرعت فأمره الله بالانصراف عنها فامر الله عزرائيل
فاقشعرت وتضرعت فقال قد امرني ربي بأمر انا ماض له سرك ذلك أم
ساءك فقبض منها كما أمر الله ثم صعد بها إلى مواقفه فقال الله له كما وليت
قبضها لله من الأرض وهي كارهة لذلك تلا قبض أرواح كل من عليها
وكلما قضيت عليه الموت من اليوم إلى يوم القيامة فلما غابت شمس يوم
الجمعة خلق الله النعاس فغشاه ذوات الأرض وجعل النوم سباتا وسمى الليلة لذلك
ليلة السبت وقال انا الله لا اله الا انا أخلق كل شئ خلقت السماوات
والأرض وما بينهما وما تحت الثرى في ستة أيام من شهر نيسان وهو أول
شهر من شهور الدنيا وجعلت الليل والنهار وجعلت النهار نشورا ومعاشا
وجعلت الليل لباسا ومسكنا ثم كان صباح يوم السبت فميز الله الغات
الكلام فسبح جميع الخلائق لعزة الله فتم خلق الله وتم امره في الليل والنهار
ثم كان صباح يوم الأحد اليوم الثامن من الدنيا فامر الله ملكا يعجن
طينة آدم فخلط بعضها ببعض ثم خمرها أربعين سنة ثم جعلها لازبا ثم جعلها
حما مسنونا أربعين سنة ثم قال للملائكة بعد عشرين ومأة سنة مذ خمر
طينة آدم انى خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي
فقعوا له ساجدين فقالوا نعم فقال في الصحف ما هذا لفظه فخلق الله آدم
على صورة التي صورها في اللوح المحفوظ.
33

يقول علي بن موسى بن طاووس فاسقط بعض المسلمين بعض هذا
الكلام وقال إن الله خلق آدم على صورته فاعتقد التجسيم فاحتاج المسلمون
إلى تأويلات الحديث ولو نقله بتمامه استغنى عن التأويل بتصديق وشهد
العقل المستقيم، وقال في الصحف ثم جعلها جسدا ملقى على طريق الملائكة
الذي تصعد فيه إلى السماء أربعين سنة ثم ذكر تناسل الجن وفسادهم وهرب
إبليس منهم إلى الله وسؤاله ان يكون مع الملائكة وإجابة سؤاله وما وقع من الجن
حتى أمر الله إبليس ان ينزل مع الملائكة لطرد الجن فنزل وطردوهم عن
الأرض التي أفسدوا فيهل وشرح كيفية خلق الروح في أعضاء آدم
واستوائه جالسا وامر الله الملائكة بالسجود فسجدوا له الا إبليس كان
من الجن فلم يسجد له فعطس آدم فقال الله يا آدم، قل الحمد لله رب العالمين، فقال الحمد لله رب العالمين، قال الله يرحمك الله لهذا خلقتك لتوحدني
وتعبدني وتحمدني وتؤمن بي ولا تكفر بي ولا تشرك بي شيئا ثم ذكر انكار
الله على إبليس وتهديده ومن يتبعه.
فصل نذكره من القائمة الثامنة من الكراس الخامس من سؤال
إبليس وجواب الله بلفظ ما وجدناه قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون قال
لا ولكنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم فإنه يوم قضيت وحتمت
ان أطهر الأرض ذلك اليوم من الكفر والشرك والمعاصي وانتخب لذلك
الوقت عباد إلي امتحنت قلوبهم للايمان وحشوتها بالروح والأخلاص
واليقين والتقوى والخشوع والصدق والحلم والصبر والوقار والشعار
والزهد في الدنيا والرغبة فيما عندي بعد الهدى واجعلهم دعاة الشمس والقمر
واستخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم الذي ارتضيته لهم، يعبدونني
لا يشركون بي شيئا يقيمون الصلاة لوقتها ويؤتون الزكاة لحينها ويأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر والقى في ذلك الزمان الأمانة على الأرض
فلا يضر شئ شيئا ولا يخاف شئ من شئ ثم تكون الهوام والمواشي بين
الناس فلا يؤذى بعضهم بعضا وانزع حمة كل ذي حمة من الهوام وغيرها
34

وأذهب سم كل ما يلدغ وأنزل بركات من السماء والأرض وتزهر الأرض
بحسن نباتها وتخرج كل ثمارها وأنواع طيبها... وألقى الرأفة والرحمة
بينهم فيتواسون ويقتسمون بالسوية فيستغني الفقير ولا يعلو بعضهم على بعض
بل يخضع بعضهم لبعض ويرحم الكبير الصغير ويوقر الصغير الكبير
ويدينون بالحق وبه يعدلون ويحكمون أولئك أوليائي اخترت لهم نبيا مصطفى
وأمينا مرتضى فجعلته لهم نبيا ورسولا وجعلتهم له أولياء وأنصارا تلك أئمة
اخترتها للنبي المصطفى وأميني المرتضى ذلك وقت حجبته في علم غيبي ولابد
انه واقع ليبيدك يومئذ وخيلك ورجلك وجنودك أجمعين فاذهب فإنك
من المنتظرين إلى يوم الوقت المعلوم، ثم ذكر عن الله ما بعد كلام في
التخويف ما هذا لفظ ما وجدناه ثم قال الله لآدم قم فانظر إلى هؤلاء
الملائكة الذين قبالك فإنهم من الذين سجدوا لك فقل السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته فأتاهم فسلم عليهم كما امره الله فقالوا وعليك السلام ورحمة
الله وبركاته فقال الله هذه تحيتك تحية ذريتك يا آدم فيما بينهم إلى يوم القيامة،
ثم قال هذا ذكر شرح خلق ذريه آدم وشهادة من تكلف منهم بالربوبية
والوحدانية لله، ثم قال هذا لفظ ما وجدناه ونظر آدم إلى طائفة من
ذريته يتلألأ نورهم يسعى.
قال آدم ما هؤلاء قال هؤلاء الأنبياء من ذريتك، قال كم هم يا رب قال هم
مائه الف نبي وأربعة وعشرون الف نبي المرسلون منهم ثلاثمأة وخمسة عشر
نبيا مرسلا، قال يا رب فما بال نور هذا الأخير ساطعا على نورهم جميعا قال
لفضله عليهم جميعا قال ومن هذا النبي يا رب وما اسمه، قال هذا محمد نبي ورسولي
وأميني ونجيبي ونجي وخيرتي وصفوتي وخالصتي وحبيبي وخليلي وأكرم
خلقي علي وأحبهم إلي وآثرهم عندي وأقربهم مني وأعرفهم لي وأرجحهم
حلما وعلما وايمانا ويقينا وصدقا وبرا وعفافا وعبادة وخشوعا وورعا
وسلما واسلاما اخذت له ميثاق حملة عرشي فما دونهم من خلايق السماوات
والأرض بالايمان والاقرار بنبوته فآمن به يا آدم تزد مني قربة ومنزلة
35

وفضلا ونورا ووقارا قال أمنت بالله وبرسوله محمد قال الله قد أوجبت
لك يا آدم وقد زدتك فضلا وكرامة أنت يا آدم أول الأنبياء والرسل
وابنك محمد خاتم الأنبياء والرسل وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة
وأول من يكسى ويحمل إلى الموقف وأول شافع وأول شفيع وأول قارع
لأبواب الجنان وأول من يفتح له وأول من يدخل الجنة وقد كنيتك به
فأنت أبو محمد، فقال آدم الحمد لله الذي جعل من ذريتي من فضله بهذه
الفضائل وسبقني إلى الجنة ولا أحسده ثم ذكر مشاهدة آدم لمن اخرج
الله من ظهره من جوهر ذريته إلى يوم القيامة واختياره للمطيعين واعراضه
عن العصاة له سبحانه وذكر خلق حواء من ضلع آدم وقال ما هذا لفظ
ما وجدناه ثم أمر الملائكة فحملت آدم وزوجته إلى كرسي من نور
وادخالهما الجنة فوضعا في وسط الفردوس من ناحية الشرف ثم ذكر حديث
إقامة آدم خمس ساعات من نهار ذلك اليوم في الجنة واكله من الشجرة
وذكر حديث اخراجه من الجنة وهبوط آدم بأرض الهند على جبل اسمه
{نهيل} بين الذبيح والمندل في بلدي الهند وهبطت حواء بجدة ومعاتبة الله لهما.
فصل فيما نذكره من ثاني قائمة من سابع كراس فقال ما هذا لفظ
ما وجدناه وقد بتما ليلتكما هذه لا يعرف أحدكما كما مكان صاحبه وأنتما بعيني
وحفظي انا جامع بينكما في عافية وأمان أفضل أوقات الصلاة للعباد، الوقت
الذي أدخلتك وزوجتك الجنة عند الزوال فسبحاني فيها نكتبها صلاة
وسميتها لذلك الأولى وكانت لي أفضل الأيام يوم الجمعة ثم أهبطكما إلى
الأرض وقت العصر فسبحاني فيها نكتبها لكما أيضا صلاة وسميتها لذلك
بصلاة العصر، ثم غابت الشمس فصليت لي فيها فسميتها صلاة المغرب،
ثم جلست لي حين غاب الشفق فسميتها صلاة العشاء، ثم قال ما هذا لفظه
وقد فرضت عليك وعلى نسلك في كل يوم وليلة خمسين ركعة فيها مائة
سجدة فصلها يا آدم اكتب لك ولمن صلاها من نسلك الفين وخمسمائة صلاة
وهذا نيسان المبارك فصمه لي فصام ادم ثلاثة أيام من شهر نيسان ذكر
36

حديث فطوره وحديث حج آدم إلى الكعبة وما امره الله به من بناء الكعبة
وسؤال الملائكة ان يشركهما معه قال الامر إلى الله فشركهما الله معه.
فصل فيما نذكره من سابع قائمة من الكراس السابع بلفظه وقالت
الجبال يا آدم اجعل لنا في بناء قواعد بيت الله نصيبا فقال ما لي فيه من
امر الا أمر رب البيت يشرك فيه من أحب فاذن الله للمختار بذلك فابتدر
كل جبل منها حجارة منه وكان أول جبل شق حجارة منها أبا قبيس لقربه
منه ثم حراء ثم ثور ثم ثبير ثم ورقان ثم حمون ثم أحد ثم طور سيناء ثم
لبنان ثم الجودي وامر الله تعالى آدم ان يأخذ من كل جبل حجرا فيضعه
في الأساس ففعل ثم ذكر شرح حج ادم واجتماعه بحواء وقبول توبتهما
وحديث هابيل وقابيل وأولاد آدم وأولادهم مائة وعشرين بطنا في
سبعمائة سنة من عمره وحديث وصيته إلى شيث بعد قتل هابيل.
فصل فيما نذكره من ثاني صفحة من القائمة الأولى من عاشر كراس
بلفظه حتى إذا كان الثلث الأخير من الليل ليلة الجمعة لسبع وعشرين خلت
من شهر رمضان انزل الله عليه كتابا بالسريانية وقطع الحروف في إحدى
وعشرين ورقة وهو أول كتاب أنزله الله في الدنيا حذا الله عليه الألسن كلها
فكان فيه الف الف لسان لا يفهم فيه أهل لسان عن أهل لسان حرفا واحدا
بغير تعليم فيه دلائل الله وفروضه واحكامه وشرايعه وسننه وحدوده
ثم ذكر بقاء ادم في الدنيا ومرضه عشرة أيام بالحمى ووفاته يوم الجمعة
لاحد عشر يوما خلت من المحرم وصفة غسله وتكفينه ودفنه في غار في
جبل أبى قبيس ووجهه إلى الكعبة وان عمر آدم من وقت نفخ الروح
فيه إلى حين وفاته الف سنة وثلاثين وان حوى ما بقيت بعده الا سنة ثم
مرضت خمسة عشر يوما ثم توفيت وذكر تغسيلها وتكفينها ودفنها إلى
جانب آدم (ع).
فصل فيما نذكره من القائمة العاشرة من حادي عشر كراس بلفظه
ونبأ الله شيثا وانزل عليه خمسين صحيفة فيها دلائل الله وفرائضه واحكامه
37

وسننه وشرايعه وحدوده فأقام بمكة يتلو تلك الصحف على بني آدم
ويعلمها ويعبد الله ويعمر الكعبة فيعمر في كل شهر ويحج في أوان الحج
حتى أتم تسعمائة سنة واثنا عشر سنة فمرض فدعا ابنه آنوش فأوصى إليه
وأمره بتقوى الله ثم توفى فغسله آنوش ابنه وقينان من آنوش ومهلائيل
ابن قينان فتقدم آنوش فصلى عليه ودفنوه عن يمين ادم في غار أبى قبيس.
فصل فيما نذكره من وصف الموت من القائمة الثانية من ثاني عشر
كراس بلفظه فكأنك بالموت قد نزل فاشتد أنينك وعرق جبينك وتقصلت
شفتاك وانكسر لسانك ويبس ريقك وعلا سواد عينيك بياضا وازبد
فوك واهتز جميع بدنك وعالجت غصة الموت وسكرته ومرارته وزعقنته
ونوديت فلم تسمع ثم خرجت نفسك وصرت جيفة بين أهلك ان فيك
لعبرة لغيرك فاعتبر في معاني الموت ان الذي نزل، نازل بك لا محالة، وان
طال العمر فعن قليل يفنى، لان كلما هو آت قريب لوقت معلوم فاعتبر
بالموت يا بن آدم، واعلم أيها الانسان ان أشد الموت ما قبل، والموت
أهون مما بعده من شدة أهوال يوم القيامة ثم ذكر من أهوال الصيحة
والفناء ويوم القيامة مواقف الحساب والخوف ما يعجز عن سماعه قوة
الأقوياء ولقد عجزت عن قراءة كله لشدة هوله ثم ذكر أمة محمد * ص *
وحديث ذريته.
فصل فيما نذكره من ذلك بلفظه ثم يقول الله لمحمد يا محمد وقد انجزت
لك وعدي وأتممت عليك نعمتي وشفعتك فيما سألت لاخوانك من الأنبياء
والمؤمنين ويجاور ذلك من أهل التوحيد، وألحقت بك أوليائك الذين
امنوا بك وتولوك بموالاتي ووالوا بذلك وليك وعاد وعدوك وشفيت صدرك
ممن اذاني وأذاك وأذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا وخلفتك في عقبك
وأولياءك من أهلك الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وأوليائك
من أهل بيتك ومن اتبعهم منهم ومن غيرهم فهم منهم ومعهم وأعذب الذين
آذوني فيك وأذوك نفاق في قلوبهم في الدنيا إلى يوم يلقوني ولعنتهم بذلك
38

في الدنيا وأعددت لهم عذابا أليما بما أخلفوا عهدي ونقضوا ميثاقي فعادوك
وعادوا أوليائك ووالوا عدوك فتمت في الفريقين كلمة ربك ليدخل
المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم
سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا، ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين
والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم
ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا.
فصل فيما نذكره من كتاب منفرد نحو أربع كراريس بقالب الثمن
وجدته في وقف المشهد المسمى بالطاهر بالكوفة عليه مكتوب سنن إدريس
وهو بخط عيسى محرره نقله من السرياني إلى العربي عن إبراهيم بن هلال
ابن إبراهيم بن هارون الصابي الكاتب من الكراس الثاني من أول قائمة
منه في صفحتها الثانية ما هذا لفظه اعملوا واستيقنوا ان تقوى الله هي
الحكمة الكبرى والنعمة العظمى والسبب الداعي إلى الخير والفاتح لأبواب
الخير والفهم والعقل لأن الله لما أحب عباده وهب لهم العقل واختص أنبيائه
وأوليائه بروح القدس فكشفوا لهم عن سراير الديانة وحقايق الحكمة
لينتهوا عن الضلال ويتبعوا الرشاد ليتقوا في نفوسهم ان الله أعظم من أن
تحيط به الأفكار أو تدركه الابصار تحصله أو تحصله الأوهام أو تحده الأحوال
وانه المحيط بكل شئ والمدبر له كما شاء ولا يتعقب أفعاله ولا يدرك غاياته
ولا يقع عليه تحديد ولا تحصيل ولا مشار ولا اعتبار ولا نطق ولا تفسير
ولا ينتهى استطاعة المخلوقين إلى معرفة ذاته ولا علم كنهه.
فصل فيما نذكره من الكراس الثاني بلفظه من سنن إدريس أول وجهة
في القائمة الثالثة ادعوا الله في أكثر أوقاتكم مقاصدين متألهين في دعائكم
فإنه ان يعلم منكم التظافر والتوازر يجب دعائكم ويقضى حاجاتكم ويبلغكم
آمالكم ويفضي عطاياه عليكم من خزائنه التي لا تفنى.
فصل فيما نذكره من القائمة الثانية من الوجهة الثانية من الكراس
الثالث من سنن إدريس إنما إذا دخلتم في الصيام طهروا نفوسكم من كل دنس
39

ونجس وصوموا لله بقلوب خالصة صافية منزهة عن الأفكار السيئة
والهواجس المنكرة فان الله يحيس القلوب اللطخة والنيات المدخولة ومع
صيام أفواهكم من المأكل فلتصم جوارحكم من المأثم فان الله لا يرضى
عنكم ان تصوموا من المطاعم فقط لكن من المناكير كلها والفواحش بأسرها
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة من الكراس
الثالث من سنن إدريس (ع) إذا دخلتم في الصلاة فاصرفوا لها خواطركم
وأفكاركم وادعوا الله دعاء طاهرا متفرغا وسلوه مصالحكم ومنافعكم
بخضوع وخشوع وطاعة واستكانة وإذا بركتم وسجدتم فأبعدوا عن
نفوسكم أفكار الدنيا وهواجس السوء وافعال الشر واعتقاد المكر واكل
السحت والعدوان والأحقاد واطرحوا بينكم ذلك كله.
فصل فيما نذكره من الكراس الرابع من سنن إدريس في الوجهة
الثانية من القائمة الأولى منها بلفظه أدوا فرائضكم صلاة كل يوم وهي
ثلاث الغداة وعددها ثمان سور وكل سورتين ثلاث سجدات بثلاث
تسبيحات وعند انتصاف النهار خمس سور وعند غروب الشمس خمس
سور بسجود هذه المكتوبة عليكم من زاد عليها متنفلا فله على الله
المزيد في الثواب.
فصل فيما نذكره من توراة وجدتها مفسرة بالعربية في كتب خزانة
ولد جدي (ورام بن أبي فراس) عتيقه فنسخنا منها نسخة ووقفتها،
ذكر في سابع قائمة من هذه النسخة والسفر الثالث ان حياة ادم تسعمائة
وست وثلاثون سنه ذكر ذلك في كتاب البداء عن الصادق (ع) وقد
تقدم في صحف إدريس ان عمره الف وثلاثون سنة فلعل أحدهما زيد
عددا ثم ذكر في حديث نوح (ع) بعد ذلك السفر، ان الطوفان بقي
على وجه الأرض مائة وخمسين يوما وان الذين كانوا معه في السفينة من
الانس بنوه الثلاث، سام، وحام، ويافث، ونساءهم وان جميع أيام حياة
نوح تسعمائة وخمسين سنة وان حياته بعد الطوفان كانت ثلاثمائة وخمسين سنة.
40

فصل فيما نذكره من القائمة الثانية من السفر التاسع من حديث إبراهيم
وسارة وهاجر ووعد، هاجر ان ولدها إسماعيل يكون يد ولده على كل
يد، فقال ما هذا لفظه وان سارة امرأة إبراهيم لم يكن يلدها ولد، كانت
لها أمة مصرية اسمها هاجر فقالت سارة لإبراهيم ان الله قد حرمني الولد
فادخل على أمتي وابن بها لعلي أعثر بولد منها فسمع إبراهيم قول سارة
وأطاعها فانطلقت سارة امرأة، بهاجر أمتها المصرية وذلك بعد ما سكن
إبراهيم ارض كنعان عشر سنين فأدخلتها على إبراهيم زوجها فدخل إبراهيم
على هاجر فحبلت فلما رأت هاجر أنها قد حبلت استسرها، هاجر سارة
سيدتها وهانت في عينها فقالت سارة يا إبراهيم أنت ضامن ظلامتي إنما
وضعت أمتي في حضنك فلما حبلت هنت عليها بحكم الرب بيني وبينك،
فقال إبراهيم لسارة امرأته هذه أمتك مسلمة في يدك فاصنعي بها ما أحببت
وحسن في عينيك ما سرك ووافقك فأهانتها سارة سيدتها فهربت منها فلقيها
ملاك الرب على غير ماء في البرية في طريق حذار، قال لها يا هاجر أمة
سارة من أين أقبلت وأين تريدين فقالت انا هاربة من سارة سيدتي، فقال
لها ملاك الرب انطلقي إلى سيدتك وتعبدي لها ثم قال لها ملاك الرب انك
حبلى وستلدين ابنا وقد عين اسمه إسماعيل لأن الرب قد عرف ذلك
بخضوعك ويكون ابنك هذا حسن عند الناس ويده كل يد.
فصل فيما نذكره من الكراس العاشر من الوجهة الأولى من القائمة بلفظه،
وقال الله لإبراهيم حقا ان سارة ستلد لك ابنا وتسميه إسحاق واتيت العهد بنيه
وبنيه إلى الأبد من ولد من ذريته من بعده وقد استجبت لك في إسماعيل
وتركته وكبرته وأنميته جدا جدا يولد له اثنى عشر عظيما واجعله رأيسا
لشعب عظيم.
فصل فيما نذكره من الكراس الثالث عشر من الوجهة الأولى بعد ما ذكره من
كراهية سارة لمقام هاجر وإسماعيل عندها، فقال ما هذا لفظه فغدا إبراهيم
باكرا فاخذ خبزا وأدوات من ماء وأعطاه هاجر فحملها ومعها الصبي والطعام
41

فأرسلها وانطلقت فتاهت في برية وسيعة ونفد الماء من الأدوات فألقت
الصبي تحت شجرة من شجر الشيح فانطلقت فجلست قباله وتباعدت عنه
كرمية السهم لأنها قالت لا أعابر برب الصبي فجلست إزائه ورفعت صوتها
وبكت فسمع الرب صوت الصبي فدعا ملاك الرب هاجرا من السماء فقال
لها مالك يا هاجر لا تخافي لان الرب قد سمع صوت الصبي حيث هو قوى
فاحملي الصبي وشدي به يديك لأني اجعله رئيسا لشعب عظيم وأجلى الله
عن بصرها فرأت بئر ماء فانطلقت فاملأت الأدوات ماءا وسقت الغلام
وكان الله مع الغلام فشب الغلام وسكن برية (فاران) وكان يتعلم الرمي
في تلك البرية وزوجه أبيه امرأة من أهل مصر.
فصل فيما نذكره من الرابع عشر من الوجه الثانية مما يقتضى ان الذبيح
الذي فدى بالكبش إسماعيل فقال ما هذا لفظه، وقال له اني أقسمت بقول
الرب بدل ما صنعت هذا الصنع ولم تمنعني (يكور لابن الوحيد) لأبركتك
بركة ثانية ولأكثرن نسلك مثل كواكب السماء ومثل الرمل الذي في
ساحل البحر وبرت زرعك أراضي أعدائهم ويتبارك بنسلك جميع الشعوب
لأنك أطعتني.
يقول علي بن طاووس يفهم من المصنف من قوله (يكور لابن الوحيد)
انه إسماعيل بغير شبهة لأنه يكره قتل إسحاق ولأنه الوحيد فان إسحاق
ما كان وحيدا لأنه كان بين سارة وإبراهيم ومعها ثم ذكر في السادس
عشر ان حياة إبراهيم مائة وخمس وسبعون سنة وذكر الثعالبي في كتاب
العرايس ان هاجر ماتت قبل سارة فدفنت في الحجر بالكعبة وسارة
دفنت بأرض كنعان في حرون.
أقول وربما يقول بعض اليهود انهم من إسحاق ولد الست وإسماعيل
من ولد الجارية فيقال لأن ولادة سارة ما نفعتهم بما عملوا بأنفسهم بموسى
وولادة هاجر اقتضت ضرب الجزية عليهم وقتلهم واستبعادهم وخروج
النبوة والملك والحق عنهم.
42

فصل فيما نذكره مما وجدناه في التوراة من بعض معاني يعقوب ويوسف
فذكر في القائمة الرابعة من الكراس السادس ان اخوة يوسف باعوه
بعشرين مثقالا من فضة وذكر ان عمره كان عشرين سنة وذكر في
الأصحاح الثالث والثلاثين من السفر الأول ان حياة يعقوب، كان
مائة سنة وسبعا وأربعين وذكره في الأصحاح الرابع والثلاثين ان
يوسف بكى على أبيه سبعة أيام وناح المقربون عليه سبعين يوما وان عمر
يوسف مائة وعشرون سنة وذكر الزمخشري في الكشاف في رواية ان
عمر يوسف لما باعوه كان سبعة عشر سنة وذكر محمد بن خالد البرقي في
كتاب (المبتدأ) ان عمره كان ثلاثة عشر سنة.
فصل فيما نذكره من بعض منازل هارون وذريته من موسى كما وجدناه
في التوراة اعلم أن قول النبي * ص * لمولانا علي بن أبي طالب (ع) أنت
مني بمنزلة هارون من موسى يشتمل على خصائص عظيمة نحو الخلافة
ولقد وجدت في التوراة من منازل هارون من موسى ما يضيق ما قصدناه
بفصول هذا الكتاب مما ينتفع بمعرفتها ذوي الألباب.
فصل فيما نذكره من الوجه الأول من القائمة الثالثة من الأصحاح
الثاني عشر من الكراس الخامس من السفر الثاني من أول سطر في القائمة المذكورة في أمر الله تعالى لموسى (ع) ما هذا لفظه وجد الكسوة فألبسها
هارون السراويل والعمامة والجبة والرداء وزخرفه فمنطقه بالجبة وشد
العمامة على رأسه وشد إكليل القدس فوق العمامة واخذ دهن المسيح فامسحه
واسكبه على رأسه وامسحه وادنا بنيه وألبسهم السراويل واشدد
أوساطهم بالمناطق وتوجهم بالتيجان فيكون لهم عهد إلى الأبد ويكمل
أيدي هارون وأيدي بنيه.
فصل فيما نذكره من تعظيم الله لهارون وبنيه لزيادة منازلهم على غيرهم
ما نفصل أوله من الوجهة الأولة من القائمة الرابعة من الكراس المذكور
بلفظه فيأكل هارون وبنوه لحم الكبش والخبز الذي في السلة على باب فيه
43

الأمد يأكل ذلك ليطهروا لكي يكونوا كاملين مقدسين ولا يأكل منه غريب
لأنه طهر قدس فإنه يصل من لهم الكمال فإذا بات الخبز إلى الغداة أحرق
ما بقي بالنار ولا يأكل لأنه قدس، وفعل الأول من بنيه هذا الفعل كما
امره، ومن الوجهة الثانية من هذه القائمة وأقدس هارون وبنيه ليكنهو
لي وأحل بين بني إسرائيل وأكون لهم الها فيعلمون انى انا الرب إلههم.
فصل فيما نذكره من الأصحاح السادس من السفر الثاني من القائمة
الرابعة من الوجهة الأولى من الكراس السابع بلفظه ونسجوا سربالا من
كتان عملا منسوجا لهارون وبنيه وعمامة كتان والبراطيل من كتان
وسرايل كتان مغفولة ومناطق غزل كتان وفوط، وأرجوان وصنع
الفراض وغزل كتان من عمل مصور حاذق كما أمر رب موسى ونقشوا
عليهم اسم الرب الأزلي كنقش الخاتم وربطوا فيه عصايب قز ليشد
فوق العمامة كما أمر الرب موسى (ع) ثم شرح شرحا جليلا وقال في
الوجهة الأولة من القائمة الخامسة من الكراس المذكور ما هذا لفظه وقدم
هارون وبنيه إلى باب فيه الشهادة واغسلهم بالماء وألبسهم هارون لباس
القدس وامسحهم فيتكهنون لي ويكون يمسحونهم الكاهنون إلى الأبد لاحقا بهم
فصنع موسى كما امره الرب.
أقول ويقول في الوجهة الثانية من القائمة العاشرة من الكراس ما هذا
لفظه وما بقي من السمندر يكون لهارون وبنيه لأنه قدس القدس من
قربان الرب.
فصل فيما نذكره من منزلة أخرى من منازل هارون وبنيه من موسى
عليه السلام من الأصحاح السادس من السفر من اخر سطر فيه من
الصفحة الأولة ما هذا لفظه وقال موسى لجميع بني إسرائيل هذه الوصية
إلي يأمرنا الرب ان نفعلها وقدم موسى هارون وبنيه فغسلهم بالماء والبس
هارون قميصا من القميص التي اتخذت الأحبار وشد ظهره بالهميان ورداه
برداء وألبسه سراويل وصير على كتفيه الحجبة وهي الصدر وشد عليه
44

ذلك بهميان، وجعل فوقها رداء الوحي وصير على الرداء العلم والبسط وصير
على رأسه برنسا وصير على البرنس من ناحية وجهه إكليلا من ذهب وهو
إكليل القدس كما أمر الرب موسى، واخذ موسى دهن المسحة ومسح
به قبة الرمان واكل أوعيتها وطهرها ورش على المذبح منه سبع مرات
من مسح المسحور على رأس هارون ومسحه وقدمه وقدم موسى بنى هارون
أيضا وغسلهم بالماء وألبسهم الأقمصة وشد ظهورهم بالهمايين وصير على رؤوسهم
البرطلات كما أمر الرب موسى.
فصل فيما نذكره من الفصل الحادي عشر من حين عصى هارون حين
أورقت وأثمرت من أواخر الورقة الثة منه بلفظه وكل موسى إسرائيل
فدفع إليه جميع رؤسائهم عصا لكل رئيس منهم، واخذ لكل رئيس كسوة
وجعل قبالهم اثنا عشر عصا وعصا هارون بين عصيهم فوضع موسى العصاء
امام الرب في قبة الشهادة فلما كان من غد ذلك اليوم، دخل موسى وهارون
إلى قبة الشهادة وإذا عصا هارون من بين عصيهم قد أورقت وأخرجت
تينا وأزهرت زهرا وحملت لوزا فاخرج موسى جميع العصاء من امام وجه
الرب إلى جماعة بني إسرائيل فنظروا واخذ كل واحد عصاه وقال الرب
لموسى ضع عصا هارون امام الشهادة لتبقى آية لبني إسرائيل ولا تموتوا
ففعل موسى وهارون جميع ما أمر الرب لذلك.
فصل فيما نذكره من الفصل الثاني عشر من أواخر قائمة منه من الوجهة
الأولة بلفظه وكلم الرب هارون فقال إني وهبت لكم الحرس من خاصتي من
جميع ما قدس لي من بني إسرائيل وانا أعطيت ذلك كرامة لك وبنيك من
بعدك سنة إلى الأبد.
فصل فيما نذكره من الفصل الرابع عشر من الوجهة الأولى من ثاني
قائمة منه في فوت هارون بلفظه فمد هارون (الفاز) وابنه واصعد بهما إلى
جبل هود يحضره كل الجماعة واخلع عن هارون ثيابه وألبسها (الفاز)
وابنه ففعل موسى ما أمر الرب وصعد إلى جبل هود يحضره كل الشعب
45

ونزع موسى نيابه عن هارون وألبسها الفاز وابنه فمات هارون هناك على
رأس الجبل وهبط موسى فالفاز عن الجبل، وعلم كل الشعب ان هارون
قد قضى فناح جميع بنت إسرائيل على هارون ثلاثين يوما وقال في الفصل
العشرين في رابعة قائمة منه مات هارون لسنة أربعين لخروج بني إسرائيل
من ارض مصر في الشهر الخامس في أول يوم من الشهر فكان هارون بن
مائة وعشرين سنة حين مات في جبل هود.
فصل فيما نذكره من الأصحاح الحادي عشر بشارتهم بنبي يبعثه لهم
وهو من السفر الخامس من الوجهة الأولة من الكراس الرابع منه بلفظه
فقال الله لي نعم ما قالوا وانا أقيم كل أمر... من اخوتهم مثلك واجعل
كلامي في فمه فيقول لهم كل شئ امرته به.
فصل فيما نذكره من تعيين بلد مخرج النبي (ص) من الأصحاح العشرين
من الوجهة الثانية من الكراس السادس بلفظه هذه وصية موسى من عند الله
الذي بارك على بني إسرائيل قبل ان أموت قال الله من سينا أشرق لنا من
ساعير واشتعال من جبال فاران ومعه ربوات مقدسة عن يمينه فوهب لهم
ورحم الشعوب بالفرات فبارك على كل ما أظهره (وهو يكون وصيك)
ويقبلون كلمتك.
يقول علي بن طاوس وقد وضح في الأصحاح الثالث عشر من السفر
الأول عند ذكر إسماعيل جد سيدنا رسول الله (ص) ان جبال فاران
كانت وطن إسماعيل الذي كانت فيه بشارة الله لامه بعنايته الباهرة وقد
قدمنا لفظ ذلك عن التوراة من القائمة العاشرة من هذا الكراس ومن
المعلوم ان إسماعيل وعقبه كان بمكة.
فصل فيما نذكره من وفاة موسى (ع) من الكراس السادس من
السفر الاخر من الوجهة الثانية من القائمة الثانية بلفظه فمات موسى عبد الله
بكل ما فرض الله فقبره في وادي ارض مأرب مقابل بيت ناعور ولم يعلم
أحد من الناس وكان قبره إلى هذا اليوم مجهولا وكان موسى حين مات ابن مائة
46

وعشرين سنة ولم يثقل عيناه ولم ينقص وجهه فبكى بنو إسرائيل على
موسى وناحوا عليه مائة وثلاثين يوما.
يقول علي بن موسى بن طاوس ولم نذكر كلما تضمنه ما وقفناه عليه
من بشارة أو إشارة لأنا قصدنا بكتابنا هذا ذكر اليسير اللطيف العبارة.
فصل فيما نذكره من زبور داود وما كانت نبوته بعد موسى وجدت النسخ
به كثيرة والذي ننقله من نسخة صغيرة قالبها ثمن الورقة الكبيرة ونبدء
بذكر السورة الثانية وأولها في الوجه الثانية من القائمة الثانية من الكراس
الأول السورة الثانية ما يقول للأمم والشعوب وقد اجتمعوا على الرب
وحده يريدون ليطفؤا نور الله وقدسه يا داود اني جعلتك خليفة في الأرض
وجعلتك مسبحي ونبي وسيتخذوا عيسى آلها من دوني من أجل ما مكنت
فيه من القوة وجعلته يحيى الموتى بأذني داود صفنى بالكرم والرحمة وانى
على كل شئ قدير داود من ذا الذي انقطع إلي فخيبته أو من ذا الذي أناب
إلي فطردته عن باب إنابتي ما لكم لا تقدسون الله وهو مصوركم وخالقكم
على ألوان شتى ما لكم لا تحفظون طاعة الله اناء الليل والنهار وتطردون
المعاصي عن قلوبكم كأنكم لا تموتون وكان دنياكم باقية للأزل ولا تنقطع
ولكم عندي في الجنة أوسع وأخصب لو عقلتم وتفكرتم وستعلمون إذا
حضرتم إلي انى بما يعمل الخلق بصير سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من أولة كراس الثالث من الزبور من السورة العاشرة
من الزبور أيها الناس لا تغفلوا عن الآخرة ولا يغرنكم الحياة وبهجة الدنيا
ونظارتها يا بني إسرائيل لو تفكرتوا في منقلبكم ومعادكم وذكرتم القيامة
وما أعددت فيها للعاصين قل محلكم وكثر بكائكم ولكنكم غفلتم عن الموت
ونبذتم عهدي وراء ظهوركم واستخففتم بحقي كأنكم لستم بمسيئين
ولا محاسبين كم تقولون ولا تفعلون وكم تعدون فتخلفون وكم تعاهدون
فتنقضون لو تفكرتم في خسوفة الثرى ووحشة القبر وظلمته لقل كلامكم
وكثر ذكركم واشتغالكم لي ان الكمال كمال الآخرة واما كمال الدنيا
47

فمتغير وزائل لا يتفكرون في خلق السماوات والأرض وما أعددت فيها
من الآيات والنذر وحبست الطير في جو السماء ويسبحن ويسرحن في رزقي
وانا الغفور الرحيم سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس الرابع وهي السورة السابعة عشر بلظه
داود اسمع ما أقول ومر سليمان بعدك يقول إن الأرض يرثها محمدا وأمته
وهم خلافكم ولا تكون صلاتهم بالطنابير ولا يقدسون الأوتاد فازدد من
تقديسك وإذا زفرتم بتقديسي فأكثروا البكاء بكل ساعة وساعة لا تذكرني
فيها عدمتها من ساعة، داود قل لبني إسرائيل لا تجمعوا المال من الحرام
فانى لا اقبل صلاتهم واهجر أباك وأخاك على الحرام واتل على بني إسرائيل
نبأ رجلين كانا على عهد إدريس فجائت لهما تجارة وقد فرضت عليهما صلاة
مكتوبة فقال الواحد ابتدأ بأمر الله وقال الآخر ابدأ بتجارتي والحق
أمر الله، فذهب هذا لتجارته وهذا لصلاته فأوحيت إلى السحاب فنفخت
واطلقت نارا وأحاطت واشتعل الرجل بالسحاب والظلمة فذهبت تجارته
وصلاته وكتب على باب داره انظروا ما تصنع الدنيا والتكاثر بصاحبه،
داود ان البكاء والكبر خود لا يتغير ابدا فإذا رأيت ظالما قد رفعته الدنيا
فلا تغبطه فإنه لا بد له من أحد الأمرين أما ان أسلط عليه ظالما أظلم منه
فننتقم منه واما تلزمه رد التبعات يوم القيامة، داود لو رأيت صاحب
التبعات قد جعل في عنقه طرق من نار فحاسبوا أنفسكم وانصفوا الناس
ودعوا الدنيا وزينتها يا أيها الغفول ما تصنع بدنيا يدخلها الرجل صحيحا
ويرجع سقيما ويخرج فيحيى حياته فيكبل بالحديد والأغلال ويخرج
الرجل صحيحا فيرد قتيلا ويحكم لو رأيتم الجنة وما أعددت فيها لأوليائي
من النعيم لما ذقتم دواها لشهوة أين المشتاقون إلى أزيد الطعام والشراب أين
الذين جعلوا مع الضحك بكاء أين الذين هجموا على ساجدي في الصيف
والشتاء انظروا اليوم ما ترى أعينكم فطال ما كنتم تستهزؤون والناس نيام
فاستمعوا اليوم ما أردتم فانى قد رضيت عنكم أجمعين ولقد كانت أعمالكم
48

الزاكية تدفع سخطي عن أهل الدنيا، يا رضوان أسقهم من الشراب الان
فيشربون وتزداد وجوههم نظرة فيقول رضوان هل تدرون لم فعلت هذا
لأنه لم تطأ فروجكم فروج الحرام ولم تغبطوا الملوك والأغنياء غير
المساكين، يا رضوان أظهر لعبادي ما أعددت لهم ثماني الف ضعف، يا داود
من تاجرني فهو اربح المتاجر ومن صرعته الدنيا فهر خير الخاسرين ويحك
يا بن آدم ما أقسى قلبك أبوك وأمك يموتان وليس لك غيرهما، يا بن آدم
الا تنظر إلى بهيمة ماتت فانتفخت وصارت جيفة وهي بهيمة وليس لها
ذنب ولو وضعت أو زارك على الجبال الراسيات لهدتها، داود دعوني ما شئ
أضر عليكم من أموالكم وأولادكم ولا أشده في قلوبكم فتنة منها وعمل
الصالح عندي مرفوع وانا بكل شئ محيط سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس الخامس من الزبور من لوجهة الثانية
من القائمة الثانية وهي سورة الثالثة والعشرين بلفظه يا بن الطين والماء المهين
وبني الغفلة والعزة لا تكثروا الالتفات إلى ما حرمت عليكم فلو رأيتم مجاري
الذنوب لاستقذرتموه ولو رأيتم الخطوات الألوان أجسامهن مسكا توقل
الجارية في كل ساعة بسبعين حلة قد عوفين من هيجان الطبايع فهن الراضيات
فلا يسخطن ابدا وهن الباقيات فلا يمتن ابدا كلما افتضها صاحبها رجعت
بكرا أرطب من الزبد وأحلى من العسل بين السيرة والفراس أمواج
تتلاطم الخمر والعسل كل نهر ينفد من اخر ويحك ان هذا الملك الأكبر
والنعيم الأطول والحياة الرغد والسرور الدائم والنعيم الباقي، عندي
الزهر كله وانا العزيز الحكيم سبحان خالق النور.
فصل قيما ننقله من القائمة العاشرة بلفظه من الكراس الخامس من
الزبور وهي السورة الثلاثون بلفظه بني ادم رهان الموت اعملوا لآخرتكم
واشتروها بالدنيا ولا تكونوا كقوم اخذوها لهوا ولعبا واعلموا ان من
قارضني نمت بضاعته وتوفر ربحها ومن قارض الشيطان معه ما لكم تتنافسون
في الدنيا وتعدلون عن الحق غرتكم أحسابكم فما حسب امرء خلق من الطين إنما
49

الحسب هو عندي التقوى، بني ادم انكم وما تعبدون من دون الله في نار
جهنم أنتم مني براء وانا منكم برئ ولا حاجه لي في عبادتكم حتى تسلموا
اسلاما مخلصا وانا العزيز الحكيم، سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس السادس من القائمة الخامسة وهي السورة
السادسة والثلاثون من الزبور بلفظه، ثياب العاصي ثقال على الأبدان
ووسخ على الوجه والوسخ ينقطع بالماء ووسخ الذنوب لا ينقطع الا بالمغفرة، طوبى
للذين كان باطنهم أحسن من ظاهرهم ومن كانت له ودايع فرح بها يوم
الآزفة ومن عمل بالمعاصي وأسرها من المخلوقين لم يقدر على اسرارها مني،
قد أوفيتكم ما وعدتكم من طيبات الرزق ونبات البر وطير السماء ومن
جميع الثمرات ورزقتكم ما لم تحتسبوا وذلك كله على الذنوب، معشر الصوام
بشر الصائمين بمرتبة الفائزين وقد أنزلت على أهل التوراة بما أنزلت عليكم،
داود ح سوف تحرف كتبي ويفترى علي كذبا فمن صدق بكتبي ورسلي فقد
انجح وأفلح وانا العزيز سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس السابع من القائمة السادسة من وجهها
الأول وهي السورة السادسة والأربعون من الزبور بلفظه، بني آدم
لا تستخفوا بحقي فاستخف بحقكم في النار ان اكلة الرباء يقطع أمعائهم
وأكبادهم وإذا ناولتم الصدقات فاغسلوها بماء اليقين فانى أبسط يميني قبل
يمين الاخر فإذا كانت من حرام حذفت بها في وجه المتصدق، وإن
كانت من حلال قلت ابنوا له قصرا في الجنة وليس الرياسة رياسة الملك إنما
الرياسة رياسة الآخرة، سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس السابع من القائمة السادسة من وجهها
الثاني وهي السورة السابعة والأربعون من الزبور بلفظه، يا داود لو مسخت
بني إسرائيل فجعلت منهم القردة والخنازير لأنهم إذا جاء الغنى منهم بالذنب
العظيم ساهلوه وإذا جاء المسكين بأدنى منه انتقموه أوجبت لعنتي على كل
متسلط في الأرض لا يقيم الغنى والفقير بأحكام واحدة ثم إنهم يتبعون
50

الهوى في الدنيا أين المفر مني إذا تخليت بكم كم قد نهيتكم عن الالتفات
إلى حرم المؤمنين وأطالت ألسنتكم في اعراض الناس سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس التاسع من القائمة الثالثة وهي السورة
الخامسة والستون من الزبور بلفظه، أفصحتم في الخطبة وقصرتم في العمل
فلو نصحتم في العمل وقصرتم في الخطبة لكانت أرجا لكم ولكنكم عمدتم
إلى آياتي فاتخذتموها هزوا والى مظالمي فاشتهرتم وعلمتم ان لا هرب
منى وأسستم فجايع الدنيا، داود أتل على بني إسرائيل نبأ رجل دانت له
قطرات الأرض حتى استوى وسعى في الأرض فسادا وأخمد الحق وأظهر
الباطل وعمر الدنيا وحصن الحصون وحبس الأموال فينا هو في دنياه
إذ أوحيت إلى زنبور يأكل لحم خده ويدخل وليلدغ الملك فدخل الزنبور
وبين يديه سماره ووزرائه وأعوانه فضرب صحن خده فتورمت وتفجرت
منه أعين وماء وقيح فثير عليه ويقطع من لحم وجهه حتى يعرفوه عن
غير سير له فكل من جلس عنده شم دماغه نتنا عظيما حتى دفن جثته
بلا رأس فلو كان للادميين عبرة تودعهم أودعتهم ولكن اشتغلوا بلهو
الدنيا ولعبهم فذرهم يخوضوا أو يلعبوا حتى يأتيهم امرى ولا أضيع اجر
المحسنين سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس التاسع من خامس قائمة وهي السورة
السابعة والستون من الزبور بلفظه، ابن آدم جعلت لكم الدنيا دلائل على
الآخرة وان الرجل منكم يتاجر الرجل فيطلب حسابه فيرعد فرائصه
من أجل ذلك وليس يخاف عقوبة النار وأنتم مكثرون الثمر وتجعلون
المعاصي في ظلم الدجى ان الظلام لا يستركم علي بل استخفيتم على الآدميين
وتهاونتم بي ولو أمرت قطرات الأرض تبتلعكم فتجعلكم نكالا ولكن
جدت عليكم بالاحسان فان استغفرتموني تجدوني غفارا وان تعصوني
اتكالا على رحمتي فقد نهيت ان يبتغى من يتوكل عليه سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من الكراس التاسع من القائمة السادسة وهي السورة
51

الثامنة والستون من الزبور بلفظه، ابن آدم لما رزقتكم اللسان وأطلقت
لكم الأوصال ورزقتكم الأموال جعلتم الأوصال كلها عونا على المعاصي
كأنكم بي تغترون وبعقوبتي تتلاعبون ومن أجرم الذنوب وأعجبه حسنه
فلينظر الأرض كيف لعبت بالوجوه في القبور وتجعلها رميما انما الجمال
جمال من عوفي من النار وإذا فرغتم من المعاصي رجعتم إلي أحسبتم اني
خلقتكم عبثا الا إنما الدنيا رديف الآخرة فسددوا وقاربوا واذكروا
رحلة الدنيا وأجور ثوابي وخافوا عقابي واذكروا صولة الربانية وضيق
المسلك في النار وعم أبواب جهنم وبرد الزمهرير وازجروا أنفسكم حتى
تنزجرا رضوها باليسير من العمل سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من القائمة الثانية من الكراس التاسع وهي السورة
الحادية والسبعون من الزبور بلفظه، طلب الثواب بالمخادعة تورث الحرمان
وحسن العمل يقرب مني، أرأيتم لو أن رجلا أحضر سيفا لا نصل له
أو قوسا لا سهم له أكان يردع عدوه وكذلك التوحيد لا يتم الا بالعمل
واطعام الطعام لرضاي سبحان خالق النور.
فصل فيما نذكره من القائمة السابعة من الكراس العاشر وهي السورة
الرابعة والثمانون من الزبور بلفظه مولج الليل ومغيب النور في الظلمة
ومذل العزيز ومعز الذليل وانا الملك الاعلى معشر الصديقين فكيف
ساعدتكم أنفسكم على الضحك وأيامكم تفنى والموت بكم نازل وتموتون
وترعى الدود في أجسادكم وتنساكم الأهلون والأقرباء، سبحان
خالق النور.
فصل فيما نذكره من رابع قائمة من الكراس الثانية عشر وهي السورة
المائة من كتاب الزبور بلفظه من فزع نفسه بالموت هانت عليه الدنيا من
أكثر لهم الأباطيل اقتحم عليه الموت من حيث لا يشعر ان الله لا يدع شابا
لشبابه ولا شيخا لكبره إذا قربت آجالكم توفتكم رسلي وهم لا يفرطون
فالويل لمن توفته رسلي وهو على الفواحش لم يدعها والويل كل الويل
52

لمن يتبع عورات المخلوقين والويل كل الويل لمن لاحد قبله تبعه
خردلة حتى يؤديها من حسناته والليل إذا أظلم والنهار إذا أنار والسماء
الرفيعة والسحاب المسخر ليخرجن المظالم ولتؤدى كانت ما كانت من
حسناتكم أو من سيات المظلوم تجعل على سيأتكم والسعيد من اخذ كتابه
بيمينه وانصرف إلى أهله مضيء الوجه والشقي من اخذ كتابه بشماله
ومن وراء ظهره انصرف إلى أهله باسر الوجه بسوء قد شخب لونه وورمت
قدماه وخرج لسانه دالعا على صدره وغلظ شعره فصار في النار مبعدا
مدحورا وصارت عليه اللعنة وسوء الحساب وانا القادر والقاهر الذي
اعلم غيب السماوات والأرض واعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور
وانا السميع العليم.
فصل فيما نذكره من نسخة ذكرنا عنها انها إنجيل عيسى وهي أربعة
أناجيل في مجلدة وفي أولها ما هذا لفظه، من شرح ماء المطر يعني
شرحه لأمير المؤمنين المأمون في سنة ظهرت القسطورية على اليعافية واعانه
الخليفة على ذلك نقل من اللفظ السرياني إلى اللفظ العربي بمحضر من
جماعة من العلماء، ونقل ذلك من نسخة الأصل ونقلت هذه النسخة
منها والسلام.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من الإنجيل الأول بلفظه الأجيال
من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلا ومن داود إلى سبى بابل أربعة عشر
جيلا ومن سبى بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا ومولد عيسى المسيح كان
هكذا لما خطبت مريم أمه ليوسف قبل ان يعترفا وجدت حبلا من روح
القدس وكان يوسف خطبها صديقا ولم يردان يشهدها وهم بتخليتها سرا
وبينا هو متفكرا في هذا ظهر له ملاك الرب في المنام يقول يا يوسف بن
داود لا تخف ان تأخذ خطيبتك مريم فان الذي تلده من روح القدس
وستلد ابنا يدعى اسمه يسوع يعنى عيسى وهو يخلص أمته من خطاياهم
هذا كله كان لكي يتم ما قال الرب على لسان القائل هو إن البتول
53

العذري تحبل وتلد ابنا وتدعى اسمه عيسى (بويل) الذي تفسيره الهناء
تبعنا رقاء يوسف من النوم وصنع كما امره ملاك الرب واخذ خطيبته ولم
يمسسها حتى ولدت ابنها البكر المدعو اسمه يسوع وهو عيسى فلما ولدت
عيسى في بيت لحم يهودا في أيام هبرروس الملك اقبل نفر من مجوس المشرق
إلى (مرو تسليم) وهي داد السلام يعني بيت (المقدس) يقولون أين هو
ملك اليهود لأنا رأينا نجمه في المشرق فقدمنا لندخل تحت طاعته فلما سمع
الملك هبرروس اضطرب وتشأم وجمع كل رؤوساء الكهنة وكتبة
الشعب وسألهم أين يولد المسيح، فقالوا له في بيت لحم من ارض يهودا هو
مكتوب في النبي وأنت يا بيت لحم ارض يهودا، أليست بصغيرة في ملوك
يهودا منك يخرج مقدم الذي يرعى شعب إسرائيل فعند ذلك الوقت دعى
هبرروس المجوس سرا واستعلم منهم الزمان بوقت الذي يظهر لهم فيه
النجم وأرسلهم إلى بيت اللحم وقال لهم امضوا وابحثوا عن الصبي واجتهدوا
فإذا وجدتموه أعلموني لا سعى إليه واسجد له فلما سمعوا من الملك ذهبوا
وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يقدمهم حتى جاء ووقف من فوقهم حيث
كان الصبي فلما رأوا ذلك النجم فرحوا فرحا عظيما كثيرا جدا واتوا
إلى البيت ورأوا الصبي مع أمه مريم فخروا له سجدا وفتحوا أوعيتهم
وقربوا منها قرابين وقدموا له الهدايا دهنا ولبنا (وبود) وأوحى لهم
في المنام لا ترجعوا إلى هبرروس بل اذهبوا في طريق اخر إلى مدينتكم
فلما ذهبوا وإذا ملك الرب ترآء ليوسف قم وأخذ الصبي وأمه واهرب
إلى مصر وكن هناك حتى امرك فان هبرروس مجد في طلب الصبي ليهلكه
فقام واخذ الصبي ليلا وأمه ومضى إلى مصر وكان هناك إلى أن توفى
هبرروس لكي يتم ما قاله الرب من النبي القابل من مصر فعند ذلك لما رأى
هبرروس سخر به المجوس فاغضب جدا وأرسل إلى كل صبي فقتل في بيت
لحم وتخومها من ابن ستين فما دونها كنحو الزمان الذي تحقق عنده من
المجوس حينئذ ثم ما قبل من إرميا النبي حيث يقول سمع في الرابة صوت
54

بكاء ونوح وعويل كثير تبكى راحيل على بنيها ولا تود ان تعزى لفقدهم
لأنهم ذهبوا فلما مات هبرروس ظهر ليوسف ملك الرب بمصر في المنام
يقول قم خذ الصبي وأمه وارجع إلى ارض إسرائيل فان الذين كانوا
يطلبون اثر الصبي قد ماتوا فقام واخذ الصبي وأمه إلى ارض إسرائيل
فلما سمع ان ارشلاوش عوض ابنه هبرروس على تلك اليهودية خاف
الانطلاق إلى هناك واعلم في المنام ان اذهب إلى ناحية الجبل فمضى وسكن
ملزمة تدعى ناصرة ليتم ما قيل في النبوات انه يدعى ناصري وفي تلك
الأيام جاء يوحنا المعمداني الذي تفسير يحيي ظهر تفكر في مزية يهودا
ويقول توبوا فقد أزف اقتراب ملكوت السماوات لان هذا الذي قيل في
شعياء النبي صوت صرخ في البرية أعدوا طرس الرب وسهلوا سبله وكان
لباس يوحنا من وبر الإبل وعلى حقوته منطقة جلد وكان قوته الجراد
وعسل البرية وكان يخرج من بئر أورشليم وكافة اليهودية وجميع مدن
الأردن فيغمرهم في بئر الأردن معترفين بخطاياهم فلما رأى كثيرا من الفرس
والزنادقة يأتوا إلى معمورته قال لهم يا أولاد الأفاعي من دلكم على القرب
من الرجز يعني العذاب الأولى الان اعلموا ثمرة تستحقون التوبة
ولا تفتخروا وتقولوا ان إبراهيم أبونا.
أقول لكم ان الله قادر ان يقيم ابنا لإبراهيم من هذه الشجرة هاهو
الياس موضوع على أصول الشجر فأي شجرة لا تثمر صالحا تقطع ونلقى
في النار انى أعمدكم للماء للتوبة والذي هو أقوى مني يأتي ولست استحق
ان احمل حذاء يعدكم هو بروح القدس والنار.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية في اخرها من القائمة السادسة من
الكراس الأول عن عيسى (ع) باللفظ سمعتهم ما قال للأولين لا قرن وأنا
أقول لكم ان من نظر إلى امرأة فاشتهاها فقد زنى بها في قلبه ان خانتك
عينك اليمنى فاقلعها وألقها عنك لأنه خير تلك ان تهلك أحد أعضائك أو تلقى
جسدك كله في نار جهنم وان شككتك يدك اليمنى فاقطعها وألقها
55

عنك فإنه خير لك ان تهلك أحد أعضائك من أن يذهب كل جسدك في
نار جهنم.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة التاسعة من الكراس
الأول من كلام عيسى باللفظ أقول لكم لا تهتموا لأنفسكم ما ذا تأكلون
ولا ما ذا تشربون ولا لأجسادكم ما تلبس أليس النفس أفضل من المأكل
والجسد أفضل من اللباس انظروا إلى طيور السماء التي لا تزرع ولا تحصد
ولا تحزن في الهواء وربكم السماوي يقوتها أليس أنتم أفضل منهم، من
منكم يهتم فيقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة فلما تهتمون باللباس اعتبروا
بزهر الحقل كيف ينمو ولا يتعب ولا يعمل، ومن أول وجهة القائمة
العاشرة ولا تهتموا الغد فان غدا يهتم لشانه فيكفي كل يوم شره ولا تذنبوا
ابدا لأنه كما تدينوا تدانوا وبالكيل الذي تكيلون يكال لكم، ومن هذه
القائمة أي انسان منكم يسأله ابنه خمرا فيعطيه جمرا ويسأله شملة فيعطيه
حية فإذا كنتم أنتم الأشرار تعرفون تعطون العطايا الصالحة لأبنائكم فكان
بالأحرى ربكم يعطى الخيرات لمن يسأله.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكراس الثاني
من الإنجيل الأول باللفظ وقال له آخر من تلاميذه ائذن لي أولا يا سيدي ان
امضى قادرا، فقال، له عيسى دع الموتى يدفنون موتاهم واتبعني من هذه
الجهة وعند صعوده (ع) إلى السفينة ومعه تلاميذه إذا اضطراب عظيم
في البحر حتى كادت السفينة تتغطى بالأمواج وكان هو كالنائم فتقدموا
إليه تلاميذه وأيقظوه وقالوا يا سيدنا نجنا لكي لا نهلك، فقال لهم يا قليلي
الايمان ما أخوفكم، فعند ذلك قام وانتهر الرياح فصار هدوا عظيما فتعجب
الناس من ذلك وقالوا كيف هذا فان الرياح والبحر تسمعان منه.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الثامنة من الكراس الثاني
عن عيسى (ع) باللفظ وانتقل من هناك ودخل إلى مجمعهم وإذا برجل
هناك يده يابسة فسألوه وهم يقولون هل يحل ان يشفي في السبوت لكي
56

ينتموا إليه، فقال لهم أي انسان منكم يكون له خروف واحد فيسقط في
حفرة السبت ولا يمسكه أليس بالحري ان يكون الإنسان أفضل من الخروف
فاذن لهم فعل الخيرات في السبوت حينئذ، قال للانسان امدد يدك فمدها
فصحت مثل الأخرى.
فصل فيما نذكره من حديث قتل يحيى بن زكريا من الوجهة الثانية من
ثاني قائمة من ثاني كراس، قائمة من الكراس الثالث بلفظه وكان (هيردوس)
قد أمسك يحيى وربطه وجعله في السجن من أجل (هيروديا) امرأة أخيه
(فيلفس) لأن يحيى كان يقول له ما تحل أن تكون لك وكان يريد قتله
وخاف من الجمع لأنه كان عدوهم وكان ميلاد (لهيردوس) فوقفت ابنة
(هيروديا) في الوسط فأعجبته فلهذا أقسم، وقال انني أعليها ما تطلبه وانها
تلفنت من أمها فأتوا برأس يحيى العمداني في طبق فحزن الملك من أجل
اليمين وامر ان يأخذ رأس يحيى في السجن وجاؤا بالرأس في الطبق ودفعه
للصبية وأعطتها لأمها وساروا تلاميذه واخذوا جسده فدفنوه وأخبروا
عيسى (ع) فلما سمع مضى من هناك في سفينة إلى البرية متفردا.
فصل فيما نذكره من البشارة بمحمد (ص) من القائمة السابعة بعد
ما ذكرناه بلفظه وسألوا تلاميذه قالوا لماذا تقولوا لكنه ان اليا.
يقول علي بن موسى بن طاووس وهذا ظاهر البشارة بالنبي محمد {ص}
وربما قالت النصارى انه يحيى ومن المعلوم ان يحيى ما كان له من الوصف
انه عرفهم كل شئ ولا عرفنا فيما وقفنا عليه انه أخبر بما كان قبله من
الحوادث ولا بما يكون بعده وما كان مشغولا بغير الزهد وما يتعلق به وإنما
نبينا محمدا أخبر بما كان قبله وبما يكون بعده وظهر في شريعته من العلوم
ما لم يبلغ إليه نبي قبله ابدا وما هذه صفة يحيى وهي صفحة محمد (ص).
فصل فيما نذكره بما يحتمل البشارة بالنبي (ص) من القائمة الثالثة بعد
الثلاثين بلفظ ما قيل في النبي (ص) القائل قولا لابنه صهيون (هامليكيك)
يأتيك متواضعا راكبا على أتان أو جحش.
57

يقول علي بن موسى بن طاووس ولم يكن عيسى (ع) بهذه الصفة
بل هي صفة محمد (ص) ومن المعلوم كل عاقل منصف ان من كان
أكثر عادته انه يمشى راجلا كما كان عيسى (ع) إذا ركب أتانا أو جحشا
لا يقول عاقل انه تواضع واما من كان عادته ركوب الخيل كما كان نبينا
محمد (ص) ثم ركب أتانا وجحشا فإنه يقال تواضع كما دلت عليه البشارة
ولقد أعمى الله قلب من بدل هذه البشارة وجعل ان المراد بها عيسى.
فصل فيما نذكره من القائمة الرابعة الثلاثون من الإنجيل الأول
عن عيسى (ع) ويحتمل البشارة بنبينا محمد (ص) باللفظ، يحاكم يوحنا
بطريق العدل ولم يؤمنوا به العشارون (والزيادة امنوا به) فاما أنتم
فرأيتم ذلك ولم تندموا وفى الأخر تؤمنوا اسمعوا مثلا اخر رب انسان
غرس كرما وأحاط به حيطانا وحفر فيه بئرا وبنى فيه قصرا ودفعه إلى
فعلة وسافر فلما قرب زمان الثمار ارسل عبيده إلى الفعلة ليأخذوا ثمرته
واخذ الفعلة عبيده فضربوا بعضا وقتلوا بعضا ورجموا بعضا وأرسل أيضا
عبيدا اخر أكثر من الأولين فصنعوا بهم كذلك وفي الاخر ارسل ابنه
وقال لعلهم يستحيون من ابني فلما رأى الفعلة الأبن قالوا في نفوسهم هذا
هو الوارث تعالوا نقتله ونأخذ ميراثه فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم
وقتلوه إذا جاء رب الكرم ما يفعل بأولئك الفعلة قالوا يهلكهم ويدفع الكرم
إلى فعلة اخر ليعطوه ثمرته في حينها قال لهم عيسى ما قرأتم قط في الكتب
ان الحجر الذي بدله البناؤن صار رأسا للزاوية، هذا كان من قبل الرب
وهو عجيب في أعيينا ومن أجل هذا.
أقول لكم ان ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمم يصنعون ثمرتها
ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط عليه طحنه.
يقول علي بن موسى بن طاووس هذا مثل ضربه عيسى (ع) لبني
إسرائيل انهم قتلوا الأنبياء فلما بعثه الله وخلقه من غير أب وكان يسمى
روح الله فكأنه ابن الله على سبيل المثل وانهم يقتلونه على اعتقادهم لما قتلوا
58

من ألقى الله جل جلاله شبهه عليه ثم توعدهم عيسى (ع) بنبي كالحجر
الذي بدله البناؤن وهو نوابه فإنه يصير رأسا للزاوية أي متقدما على الكل
وان كلما سقط على هذا النبي ترضض ومن سقط عليه النبي طحنه وان
ملكوت الله تنزع من بني إسرائيل وتعطى لهذا النبي وخاصته وأمته ومن
اطلع على التواريخ عرف انه ما كانت هذه الصفات لمن أعطاه الله ملكوته
من بعد عيسى الا لمحمد (ص) ولا رضضهم أحد من الأنبياء ولا طحنهم
مثل محمد (ص) وأمته.
فصل فيما نذكره من تمام أربعين قائمة لما بشرهم عيسى (ع) انه يعود
إلى الدنيا فسألوه عن الوقت فقال الجواب ما هذا لفظه، فاما ذلك اليوم
وتلك الساعة لا يعرفه أحد ولا ملائكة السماوات الا الرب وحده، وكما
كان في أيام نوح كذلك يكون استعلان أبى البشر وكما كانوا في أيام
الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويروحون إلى يوم الذي دخل
فيه نوح إلى السفينة ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأغرق جميعهم كذلك
يكون مجيء ابن الانسان وعند ذلك يكون آيتان في حفل يؤخذ واحد
وينزل الاخر واثنتان تطحنان على رحى واحدة تؤخذ وتنزل الأخرى.
فصل فيما نذكره من القائمة الرابعة والأربعين من حديث خذلان
تلامذة عيسى (ع) وما ذكر من قبل من ألقى الله شبهه عليه بعضه بلفظه
وبعضه بمعناه لأجل طول ألفاظه عن تلفظه فلما كان المسيح اتكى مع
الاثني عشر تلميذ وهم يأكلون، قال الحق أقول لكم ان واحدا منكم يسلمني
وشرع كل واحد منهم يقول لعلى انا هو يا سيدي فأجاب وقال الذي
يجعل يده في الصحيفة فهو يسلمني وابن الانسان كما كتب من اجله الويل
لذلك الانسان الذي يسلم ابن الانسان خير لذلك الانسان لو لم يولد اجابه
هو ذا مسلمة وقال لعلي انا هو ما يعلم، قال أنت، قلت ومن ذلك بلفظه قال
لهم عيسى كلكم تشكون في في هذه الليلة لأنه مكتوب له إذا ضرب
الراعي فتفرق خراف الرعية وإذا قمت سبقتكم إلى الجليل فأجاب (بطرس)
59

وقال لو شك جميعهم فيك لم أشك انا، قال له عيسى الحق أقول لك ان في هذه
الليلة قبل ان يصيح الديك تنكرني ثلاثا قال له بطرس لو ألحت إلي ان أموت
ما أنكرتك وهكذا جميع التلاميذ.
يقول علي بن موسى بن طاووس اعلم أن قول عيسى للحواريين كلكم
تشكون في في هذه الليلة حجة واضحة على ما نطق به كتاب الله جل
جلاله القران وتصديق لرسولنا محمد (ص) في أنه ما قتلوه وما صلبوه
ولكن شبه لهم وذلك لو كان عيسى (ع) صلب وقتل فلو كان الامر
كذلك لم يكن قد وقع منهم شك فيه وإنما ألقى شبهه لهم على غيره ورفع
عيسى (ع) واعتقدوا ان المصلوب عيسى كان ذلك شكا فيه بغير شبهة
والحواريون لم يشكوا في الحال التي كانوا يعتقدونها فيه ولم يكن هناك
ما يتعلق به قوله يشكون في اعتقادهم في أنه صلب أو قتل ولم يكن باطن
الامر على ذلك ومن ذلك بمعناه ثم قال لهم اجلسوا هاهنا لأمضي اصلى
هناك وانتهزوا معي، وجاء إلى تلاميذه فوجدهم نياما فقال (لبطرس)
ما قدروا ان يسهروا معي ساعة اما الروح فمستبشرة واما الجسد فضعيف
ومضى أيضا وصلى وجاء ووجدهم نياما فقال لهم كلامه الأول (ويهوذا)
ما تعطوني وانا أسلمه إليكم فبذلوا له ثلاثين من الفضة، ومنه بلفظه وبينا
هو يتكلم إذ جاء يهوذا أحد الاثني عشر ومعه جمع بسيوف وعصى من
عند رؤساء الكهنة ومشايخ الشعب وقال الذي اقتله هو هو فأمسكوه ومنه
بمعناه وبعض لفظه ثم ذكر دخولهم وامساكهم له وان بعض أصحاب
عيسى (ع) أجذب سيفا وضرب به فأمره برد سيفه في غمده ومنه بلفظه
وقال انظر انى لا أستطيع ان ادع إلى ربى فينتقم لي أكثر من اثنى عشر
حرف من الملائكة ولكن يكمل الكتب لأنه هكذا ينبغي ان يكون وفى
تلك الساعة قال يسوع للجميع كمثل اللص خرجتم إلي بسيوف وعصى
لتأخذوني وفي كل يوم كنت عندكم في الهيكل جالسا ولم تمسكوني لكن
هذا لتكمل كتب الأنبياء عند ذلك تركوه التلاميذ كلهم وهربوا، ومنه
60

بلفظه نذكر انهم اخذوه إلى رئيس الكهنة واحضروا شهود زور عليه
فشهدوا بما أرادوا وبصقوا في وجهه ولطموه وضربوه، ومنه بلفظه
ان بطرس كان جالسا في الدار خارجا فجائت إليه جارية وقالت له وأنت
كنت مع يسوع الناصري الجليل فأنكر قدام الجمع وقال ليس أدري
ما تقولين وخرج إلى الباب ورأته أخرى قالت للذي هناك وهذا مع يسوع
الناصري كان وأيضا أنكر واحلف اني ليس اعرف الانسان وبعد قليل
جاء إلى القيام وقالوا لتصيرن حقا انك منهم وكلامك يدل عليك قد يحرم
ويحلف انى لا اعرف الانسان وللوقت صاح الديك فذكر بطرس كلام
يسوع الذي قال له من قبل ان يصيح الديك تنكرني ثلاثا فخرج خارجا
وبكى بكاءا، ومنه بلفظه بمعناه وبعض لفظه ثم ذكر كيف أوقفوا عيسى
وكيف لم ينصره الله جل جلاله وانهم نزعوا ثيابه وألبسوه لباسا احمر
وظفروا له إكليلا من شوك وتركوه على رأسه وجعلوا قصبته في عينيه
وجعلوا يستهزؤن به وصاروا يضربون على رأسه بقصبة معهم وينقلبون
عليه ثم أعادوا ثيابه عليه ثم صلبوه وعادوا ونزعوها عنه واقتسموها
وصلبوا عنده الصبي وأمروا من يحرسه لئلا تأخذه النصارى ثم تجددت
ظلمة على الأرض نحو تسع ساعات وتشققت صخور وتفتحت قبور وان
يهيوذا عرف خطاءه وأعاد القصة ثم خنق نفسه بعد ذلك، ومنه بلفظه
فلما كان المساء جاء انسان غنى من الرامة يسمى (يوسف) هذا تلميذ
يسوع جاهد إلى {قنلاطس} وأرسله ليرى جسد يسوع فعند ذلك أمر قنلاطس
ان يعطوه واخذ يوسف الجسد ولفه بلفايف لفة وتركه في قبر له حديد
كان تحته في صخرة ثم دحرج حجرا عظيما على باب القبر ثم مضى، ومنه
بمعناه بلفظه ثم ذكر انه خرج من القبر بعد ثلاثة أيام ولقيه تلامذته
وسجدوا له ومنهم من شك وفارقهم فقال في الإنجيل الثالث في ثامن قائمة
منه ان عمر عيسى (ع) كان قد صار ثلاثين سنة، وقال في القائمة الستين
من هذا الإنجيل ان يوم دفن الجسد كان في يوم، وقال في اخر قائمة منه عند
61

ذكر خروجه من القبر على ظنهم انه عيسى انه رفع يده وباركهم وبينما هو
مباركهم انفرد عنهم وصعد إلى السماء.
فصل فيما نذكره من بشارة عيسى بمحمد (ص) من القائمة الثانية
والثلاثين من الإنجيل الرابع من الوجهة الثانية بلفظه فاحفظوا وصاياي
وانا اطلب من الأب فيعطيكم فارقليط ليثبت معكم إلى الأبد روح الحق.
فصل فيما نذكره من بشارة أخرى من عيسى بمحمد نبينا (ص) من
القائمة الثالثة والثلاثين من الإنجيل الرابع من أواخر الوجهة الأولة من
القائمة المذكورة بلفظه، فيا سيدي ما معنى قولك انك تقول بان يظهر لنا
ولاء العالم أجاب يسوع وقال له ان من يحبني يحفظ كلمتي وأبى يحبه واليه
يأتي وعنده يتخذ المنزل ومن لا يحبني ليس يحفظ كلامي والكلمة التي
تسمعونها ليست لي بل للأب الذي أرسلني أكلمكم بهذا لأني عندكم مقيم
والفارقليط روح القدس الذي يرسله أبى باسمي هو يعلمكم كل شئ وهو
يذكركم كما قلته لكم.
يقول علي بن موسى بن طاووس هذه بشارة صحيحة بالنبي (ص)
الذي علم كل شئ كما ذكرناه فيما تقدم من بشارة عيسى بمحمد (ص)
وذكرهم كما قاله عيسى للنصارى ولقد تكرر في الإنجيل المذكور من اعتراف
عيسى بالله وانه أرسله عدة مواضع كثيرة يشهد بتصديق ما أخبر به نبينا
صلى الله عليه وآله انه عرفهم به ومن العجب شهادتهم انه اكل الطعام
وصلب وعملت به اليهود ما قدمنا بعضه ودفن وعاد، وخرج من القبر
ومع هذا كيف يقول عاقل انه الله تعالى علوا كبيرا.
فصل فيما نذكره من القائمة الرابعة والثلاثين من الوجهة الثانية من
الإنجيل الرابع من بشارة عيسى (ع) بمحمد (ص) بلفظه، فإذا جاء
الفارقليط الذي انا أرسله إليكم عن روح الحق الذي من أبى يأتي وهو يشهد
لي وأنتم تشهدون معي من الابتداء بكلمتكم بهذا لكي لا تشكوا.
فصل فيما نذكره من بشارة أخرى من عيسى بمحمد (ص) من الوجهة
62

الأولة من القائمة الخامسة والثلاثين من الإنجيل الرابع بلفظه، وليس
لاحد منكم يسئلني إلى أين اذهب لأني قلت لكم هذا وحلت الكآبة فملت
قلوبكم ولكني أقول لكم الحق انه خير لكم ان امضي إلى أبي لأني ان لم
انطلق لم يأتكم الفارقليط فان انطلقت أرسلته إليكم فإذا جاء ذلك فهو يوبخ
العالم على الخطة وعلى البر وعلى الحكم.
يقول علي بن موسى بن طاووس وهذه بشارات صريحة لو كانت
عقولهم وقلوبهم سليمة صحيحة وكنت اسمع ان البارقليط بالباء المنقطة من
تحتها واحدة وإنما وجدته انا في هذا الإنجيل كما ذكرته الفارقليط
بالفاء بعده الألف.
فصل يتضمن بشارة بمحمد (ص) عن عيسى (ع) من القائمة
المذكورة أيضا وان لي كلام كثير أريد أقوله لكم ولكنكم لستم تطيقون
حمله الان إذا جاء روح الحق ذاك فهو مرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس
ينطق من عنده بل يتكلم تكليما يسمع ويخبركم بما يأتي وهو يمجدني.
يقول علي بن موسى بن طاووس وجدت على حاشية الإنجيل ما هذا
لفظه سربال ومشيخا تفسيره محمد (ص) وقوله إنهم لا يطيقون حمله الان
من عيسى (ع) ينبه على أن روح الحق الذي يرشدهم إلى جميع الحق أعظم
من عيسى ولم يأت من يدعى له أحد من الأنبياء عليهم هذه القوة غير محمد
صلى الله عليه وآله وقوله ليس من عنده بل يتكلم تكلما يسمع موافقة
لكتاب الله المجيد {وما ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى} وقوله
ويخبركم بما يأتي وما جاء بعد عيسى {ع} من أخبر بالحادثات على التفصيل
كما جاء به محمد {ص} وقوله وهو يمجدني وما جاء بعد عيسى {ع} من مجده
ونزهه عن دعوى الربوبية وعن انه قتل وغير ذلك مثل محمد {ص}.
63

الباب الثاني
فيما وقفناه من كتب تفاسير القرآن الكريم وما يختص به من
تصانيف التعظيم وفيه فصول
فصل فيما نذكره من مجلدة الأول من كتاب التبيان تفسير جدي أبى
جعفر محمد بن الحسن الطوسي وهذا المجلد قالبه نصف الورقة الكبيرة وفيه
خمسة اجزاء من قالب الربع فمما نذكره من القائمة الأولة من الكراس
الرابع قوله تعالى {ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون}.
قال جدي أبو جعفر الطوسي واستدل بهذه الآية قوم من أصحابنا على
جواز الرجعة فان استدل بها على جوازها كان ذلك صحيحا لان من منع
منه واحاله فالقران يكذبه وان استدل بها على وجوب الرجعة وحصولها
فلا يصح لان احياء قوم في وقت ليس بدلالة على احياء قوم آخرين في
وقت اخر بل ذلك يحتاج إلى دلالة أخرى.
يقول علي بن موسى بن طاووس اعلم أن الذين قال رسول الله فيهم
اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا على
الحوض لا يختلفون في احياء الله جل جلاله قوما بعد مماتهم في الحياة الدنيا
من هذه الأمة تصديقا لما روى المخالف والمؤلف عن صاحب النبوة {ص}
اما المخالف فروى الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم
في الحديث الحادي والعشرين من مسند أبي سعيد الخدري قال قال رسول
الله {ص} لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا
جحر ضب لتبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن، ومن
64

ذلك ما روى الحميدي في الحديث التاسع والأربعين من مسند أبي هريرة أنه
قال قال النبي {ص} لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي ما اخذ القرون شبرا
بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم قال ومن الناس
الا أولئك، ومن ذلك ما ذكره الزمخشري في كتاب الكشاف في تفسير
قوله ومن لم يحكم بما انزل ما هذا لفظه وعن حذيفة أنتم أشبه الأمم سمتا
بني إسرائيل لتركبن طريقتهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى انى
لا أدرى أتعبدون العجل أم لا.
أقول: فإذا كانت هذه بعض رواياتهم في متابعة الأمم الماضية وبني
إسرائيل واليهود فقد نطق القرآن الشريف والأخبار المتواترة ان خلقا
من الأمم الماضية واليهود لما قالوا {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة
فأماتهم الله ثم أحياهم فيكون على هذا في أمتنا من يحيهم الله في الحياة الدنيا}
كما جرى في القرون السالفة وفي بني إسرائيل.
أقول: ولقد رأيت في اخبار المخالفين زيادة ما تقول الشيعة من
الإشارة إلى أن مولانا عليا (ع) يعود إلى الدنيا بعد ضرب ابن ملجم
وبعد وفاته كما رجع ذو القرنين، فمن الروايات في ذلك ما ذكره الزمخشري
في كتاب الكشاف في حديث ذي القرنين، فقال ما هذا لفظه، وعن علي
عليه السلام سخر له السحاب ومدت له الأسباب وبسط له النور وسئل عنه
فقال أحب الله فأحبه وسأله ابن الكواء ما ذو القرنين أملك أم نبي فقال
ليس بملك ولا نبي لكن كان عبدا صاحا ضرب على قرنه الا أيمن في طاعة
الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله وسمى
ذو القرنين وفيكم مثله.
أقول: قول مولانا علي (ع) وفيكم مثله إشارة إلى ضرب ابن ملجم له
وانه على هذه رواية الزمخشري بعد الممات وهذا أبلغ من رواية بعض الشيعة
في الرجعة المذكورة في الروايات.
أقول: رواية أيضا في كتب اخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين
65

انهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وبعد الدفن وتكلموا وتحدثوا ثم ماتوا
فمن الروايات عنهم فيمن عاش بعد الدفن ما ذكره الحاكم النيسابوري في
تاريخه في المجلد الثاني منه، في حديث حسام بن عبد الرحمن النيشابوري
عن أبيه عن جده وكان قاضي نيشابور ودخل عليه رجل فقيل له ان عند
هذا حديثا عجيبا، فقال يا هذا ما هو، فقال اعلم انى كنت رجلا نباشا
انبش القبور فماتت أمرة فذهبت لأعرف قبرها فصليت عليها فلما جن
الليل قال ذهبت لأنبش عنها وضربت يدي إلى كفنها لأسلبها فقالت
سبحان الله رجل من أهل الجنة تسلب امرأة من أهل الجنة ثم قالت ألم
تعلم انك ممن صليت علي وان الله عز وجل قد غفر لمن صلى علي.
أقول: انا فإذا كان هذا قد رووه ودونوه عن نباش القبور فهلا كان
لعلماء أهل البيت أسوة به ولأي حال تقابل روايتهم (ع) بالنفور وهذه
المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمات الأمور، ولو ذكرت كلما وقفت
من رواياتهم عليه خرج كتابنا عن الغرض الذي قصدنا إليه، والرجعة
التي تعتقدها علماؤنا أهل البيت وشيعتهم تكون من جملة آيات النبي (ص)
معجزاته ولأي حال يكون منزلته عند الجمهور دون موسى وعيسى ودانيال
وقد أحيا الله جل جلاله على أيديهم أمواتا كثيرة بغير خلاف عند العلماء
بهذه الأمور.
فصل فيما نذكره من الوجهة الأولى من القائمة الرابعة من الكراس
العاشر من أصل المجلد الأول من الجزء الثاني من التبيان قوله تعالى {فلما
فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني
ومن لم يطعمه فإنه مني من اغترف غرفة بيده فشربوا منه الا قليلا منهم}
ذكر الطوسي ان الذين صبروا مع طالوت على القنوع بغرفة واحدة
ثلاثمائة وبضعة عشر، عده أهل بدر وسنذكره من غير التبيان جملة من
قصة طالوت فيقال ان الله تعالى أوحى إلى (اشموئيل) من بني إسرائيل
ان يأمر (طالوت) بالمسير إلى (جالوت) من بيت المقدس بالجنود لم يتخلف
66

عنه الا كبير لهرمه أو مريض لمرضه أو ضرير لضرره معذور لعذره
وذلك انهم لما راو التابوت قد أتانا التابوت وهو النصر لا شك فيه
فتسارعوا إلى الجهاد فقال طالوت لا حاجة لي في كلما أرى يخرج معي
رجل، يأتينا لم يفرغ منه ولا صاحب تجارة يشتغل ولا رجل عليه دين
ورجل تزوج بامرأة لم يبن ولا ابتغى الا البسيط القارع فإذا جمع
ثمانون ألفا على شرط يخرج بهم وكان في حر شديد فشكوا قلة المياه
بينهم وبين عدوهم وقالوا ان المياه لا تحملنا وادع الله يجرى لنا نهرا
فقال لهم طالوت بامرا شموئيل ان الله مبتليكم يختبركم ليرى طاعتكم وهل
علم {بنهر} وهو نهر بين الأردن وفلسطين عذب فكان الذين قنعوا
الغرفة الواحدة ثلاثمائة وثلاثة عشر وكفت كل واحد منهم غرفته لشربه
وحمله ودوابه، والذين خالفوا وشربوا اسودت شفاههم وغلبهم العطش
وجنبوا عن لقاء العدو ورجعوا على شط النهر ولم يدركوا الفتح وانصرفوا
عن طالوت وحضر داود وقال انا اقتل جالوت وكان الامر كذلك فإنه
رماه بحجر فقتله.
أقول: ليس من العجب ان قوما خرجوا بعد أن شاهدوا تابوت
النصر وقد عزموا على الجهاد والحرب والصبر وانحل ذلك العزم إلى زيادة
على غرفة من الماء ولم يكن لهم أسوة بسلطانهم ولا قوة باية التابوت ملائكة
السماء قد كانت الجاهلية والذين يحاربون من الكفار ما عندهم تصديق
بدار القرار ولا عذاب النار وإنما يطلبون مجرد الحياة الفانية وهم يخاطرون
بأنفسهم ورؤسهم لأجل ذكر جميل أو مال وهيبة فيا عجباه لمن يدعى انه
على تحقيق ويقين ويضعف عن حال ضعيف معول على ظن ضعيف وتخمين.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة من الكراس
السادس عشر من أصل المجلد الأول أيضا من الجزء الثالث من التبيان
بلفظه قول {وماذا عليهم لو امنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله
وكان الله بهم عليما} آية واحدة بلا خلاف معنى قوله وما ذا عليهم الآية
67

الاحتجاج على المتخلفين عن الايمان بالله واليوم الآخر بما عليهم فيه ولهم
وذلك يجب على الانسان ان يحاسب نفسه فيما عليه وله فإذا ظهر له ما عليه
في فعل المعصية من استحقاق العقاب اجتنبها وماله في تركها من استحقاق
الثواب عمل في ذلك من الاختيار له والانصراف عنه وفي ذلك دلالة على
بطلان قول المجبرة في أن الكافر لا يقدر الايمان لان الآية نزلت على
أنه لا عذر لكفار وفي ترك الايمان ولو كانوا غير قادرين لكان فيه أوضح.
العذر لهم ولما جاز ان يقال وما ذا عليهم لو امنوا بالله لأنهم لا يقدرون عليه
كما لا يجوز ان يقال لأهل النار ماذا عليهم لو خرجوا منها إلى الجنة من
حيث لا يقدرون عليه ولا يجدون السبيل إليه وكذلك لا يجوز ان يقال
للعاجز ما ذا عليه لو كان صحيحا وللفقير ما ذا عليه أن يكون غنيا.
يقول: علي بن موسى بن طاووس ان من العجب أن يكون الكفار
يصدقون بما يسمعون من اخبار البلاد ولو كان المخبر بها من الآحاد ويصدقون
من يخبرهم بخوف ضرر عليهم من أضعف الظنون ويتحرزون من ذلك
ويتحفظون ويصدقون الكهنة والقافة وأصحاب الزجر والفأل ويرجعون
إلى قولهم في مهمات الأحوال ويكون محمد {ص} والأنبياء {ع} في الدلالة
على مخرجهم من العدم إلى الوجود ومن يرون تصرفه جل جلاله فيهم باهرا
ظاهرا بالحياة والموت والشباب والهرم والصحة والسقم والغنى والفقر
والنوم واليقظة وكلما يعجزون عن دفعه عنهم ويعلمون انه ما هو منهم
ولا يلتفتون إلى محمد {ص} وسائر الأنبياء وشواهد تصديقهم حاضرة فيهم
من العقول والأحلام ويحذرهم محمد {ص} مما لا طاقة لهم بأهواله ولا صبر
على احتماله من العذاب الدائم في النيران ومن أعظم الهوان فلا يأخذون
بالحزم والاستظهار وقد تحرزوا مما هو دونه من الاخطار ودون منه {ع}
من أهل الأخبار وكيف صار عندهم دون كاهن ضعيف وقايف سخيف
وارجز بالأوهام وصاحب فال ومنام.
أقول: وكم قد دخلوا فيما يغلب ظنهم بغرره أو يعلمون بخطره لأجل
68

بعض الشهوات وقدموا على قتل أنفسهم في الحروب لأجل الثناء يكون
بعد الممات فهلا كان الكف عن محاربة محمد {ص} وعداوته كبعض ما دخلوا
لوعوده العاجلة والآجلة برسالته وما كان قد جائهم بالجنود والعساكر في
مبدء امره حتى تنفر النفوس من أصلابه وقهره وانما جاء وحيدا فريدا
باللطف والعطف وحسن التوسل والكشف فهلا تبعوه أو تركوه فلا يؤذوه.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكراس
الحادي والعشرين من أصل المجلد الأول من التبيان قوله (يا أيها الرسول
بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من
الناس ان الله لا يهدى القوم) فذكر جدي أبو جعفر الطوسي عن الباقر والصادق عليهم السلام ان الله تعالى لما أوحى إلى النبي (ص) ان يستخلف عليا كان
يخاف ان يشق ذلك على جماعة من أصحابه قال الله بعده تشجيعا له على القيام
بما امره بأدائه.
يقول: علي بن طاووس وقد رويت ذلك أيضا من طرق الجمهور في
كتاب الطرايف والجزء الأول من كتاب الاقبال فمن أراد الوقوف على
حررناه وذكرناه فلينظره من حيث دللنا عليه واعلم أن كل قول يقال
فيها غير هذا المعنى المشار إليه فهو بعيد مما يدل العقل عليه لأن هذه الآية
يقتضي ظاهرها ان الذي أمر الله جل جلاله النبي (ص) كالرسالة على...
وانه لو لم يبلغه ما كان صنع شيئا ولا قام بالرسالة عن مالك الأرض والسماء
فهو شاهد ان الامر الذي يراد منه يجرى مجرى نفسه الشريفة الذي لا عوض
عنه وهذه صفة من تكون قائما مقامه في العباد والبلاد وحافظا لكل ما دعى
إليه ودل عليه إلى يوم المعاد وذكرنا في كتاب الاقبال انه راجع الله
جل جلاله في تأخير خلافه علي (ع) والنص عليه كما راجع موسى في
النبوة وهي أعظم من الإمامة وقال إني قتلت نفسا فأخاف ان يقتلون وكان
عليا (ع) قد قتل نفوسا كثيرة فإذا كان بقتل نفس واحدة يجوز
المراجعة في تبليغ النبوات فهو عدم فيما يتضمنه هذه الآية من تعظيم النص
69

وضمان السلامة من المخافات وأشرنا إلى كتب المجلدات وكثير من الروايات
في الطرايف من طرق المخالف بالنص الصريح عن مولانا علي بن أبي
طالب (ع) يوم الغدير وما جرى من النفوذ وقد تضمن كتاب المعرفة
لإبراهيم بن محمد بن إسحاق الثقفي شرحا واضحا لتلك الأمور وكيف
وقع معاقدة جماعة على النفر بناقة النبي (ص) بعد نصه على مولانا علي
عليه السلام ليقتل قبل وصوله المدينة الشريفة وشرحنا ذلك شرحا
بالطرق المحققة المنيفة.
أقول: ويحسن ان نذكر هنا بعض الروايات بتأويل قوله جل جلاله
(يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته)
فمن ذلك من الخزانة الحافظية من الجزء الأول فيما نزل من القرآن في
رسول الله (ص) وعلي (ع) وأهل البيت ما هذا لفظه محمد بن إسحاق
ابن إبراهيم البغدادي قال حدثنا أحمد بن القسم قال حدثنا يعقوب عن
الحكم بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن القاسم الشيباني قال سمعت عبد الله
ابن العباس يقول لما امر الله نبيه (ص) بان يقوم بغدير خم فيقول في علي
ما قال أي رب ان قريشا حديثوا عهد بالجاهلية ومتى افعل هذا يقولوا
فعل بابن عمه كذا كذا فلما قضى حجه رجع إليه جبرائيل فقال (يا أيها
الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك) فقام رسول الله واخذ بيد علي فقال
من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وجاء
هذا الخبر من طرق كثيرة هذا اخر لفظه من أصله ومن ذلك ما رواه
أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الفقيه القزويني في كتابه كتاب {التفسير}
قال حدثنا علي بن سهل قال حدثنا أحمد بن محمد الكوفي وأجاز لي أحمد بن
محمد فيما كتب إلي، حدثنا أحمد بن محمد العلقمي قال حدثنا كثير بن عياش
عن زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين قال قوله عز وجل {يا أيها
الرسول بلغ ما انزل {الآية وذلك أن الله تبارك وتعالى لما انزل {إنما
وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
70

وهم راكعون} في ولاية علي بن أبي طالب (ع) أمر رسول الله ان
يقوم فينادى بذلك في ولاية علي بن أبي طالب وكان الناس فيهم بعد
ما فيهم فضاق برسول الله بذلك ذرعا واشتد عليه ان يقوم بذلك كراهية
فساد قلوبهم فأنزل الله جل جلاله {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك} فلما
نزلت هذه الآية قام رسول الله وذلك بغدير خم فقال يا أيها الناس ان الله
امرني بالوصف فقالوا سمعنا وأطعنا فقال اللهم اشهد ثم قال إن الأمة لا تحل
شيئا ولا تحرم شيئا الا كل مسكر حرام إلا ما اسكر كثيره فقليله وكثيره
حرام أسمعتم قالوا سمعنا وأطعنا قال أيها الناس من أولى الناس بكم قالوا
الله ورسوله قال يا علي قم فقال علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه أسمعتم قالوا سمعنا وأطعنا قال (ص)
فليبلغ الشاهد الغائب الخبر ومن ذلك أبو العباس بن عقده وقد زكاه
الخطيب في تاريخ بغداد في كتاب تفسيره في سورة المائدة برجاله وأسانيده
جماعة انه أنزلت هذه الآية {إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} شق ذلك على رسول الله
وخشي ان يكذبه قريش فأنزل الله {يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك}
الآية فقام بذلك غدير خم ورواه من طريق اخر فزاد فيه فلما شرط
العصمة اخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من
والاه وعاد من عاداه ومن ذلك ما رواه مسعود بن ناصر السجستاني في
كتاب الدراية باسناده إلى ابن عباس بنحو ما قدمناه ولو ذكرنا كلما
وقفنا عليه طال على من يريد أقصاه وقد رواه محمد بن العباس بن مروان
عن أحد وثلاثين طريقا.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من التبيان من الكراس الثلاثين
من أصل المجلد من الوجهة الثانية من القائمة السابعة سورة براءة ذكر فيما
زكاه عن الرد أن سبب ترك بسم الله الرحمن الرحيم من أول هذه السورة
لأنها نزلت دفع الأمان واعلم أن هذا القول إن كان يستند إلى حجة
71

أو رواية يعمل عليها في تفسير القران يوجب الاعتماد عليها وإن كان
لمجرد الاستحسان فإنه قد قال الله جل جلاله {ويل للمطففين ويل لكل
همزة لمزة} ولم يسقط من أولها بسم الله الرحمن الرحيم وإنما كان يمكن
ان علم الله جل جلاله ان المسلمين يختلفون في البسملة هل هي اية من كل
سورة أو انها زائدة في كتابه المجيد فاسقط جل جلاله البسملة من سورة
براءة ليدل على أنه لو كان ذكر بسم الله الرحمن الرحيم من غير قرآن
لأجل افتتاح السورة كان قد كتبت في براءة فلما كان وجود المصحف
الشريف قد تضمن اثبات البسملة في كل سورة وأسقط من براءة كان
ذلك دالا أوضحها على أن البسملة اية من كل سورة كتبت في أولها ثم
ولو كان اثباتها زيادة كان يتهيب أن يسقطها أحد من العلماء في مصحف
قديما أو حديثا ولا يجعل مع القرآن آيات ليست منه كما ادعاه الجاهلين
بفضلها ومحلها ورويت حديث براءة وولاية علي (ع) أمير المؤمنين بها
عن محمد بن العباس مروان بأسانيد في كتابه من مائة وعشرين طريقا.
فصل فيما نذكره من المجلد الثاني من التبيان من الوجهة الثانية من القائمة
الثالثة من أول كراس من الجزء الأول قوله تعالى {أفمن كان على بينة
من ربه ويتلوه شاهد منه} فذكر جدي الطوسي ان بعض المفسرين قال
الشاهد منه جبرئيل وقال اخر الشاهد منه لسان النبي (ص) وقال اخر
الإنجيل وربما قيل القرآن.
يقول: علي بن موسى بن طاووس وان كل ما وجدته قد حكاه
عنهم بعيد من مفهوم الآية اما من قال جبرائيل فان جبرئيل ما كان يتلوه
بل كان قبل النبي ولم يكن منه وأما من قال لسانه فبعيد لان لفظ يتلوه
ما كان يقتضيه واما من قال الإنجيل فالذي يتلوا يكون بعده والإنجيل
قبله والقرآن فليس هو منه (ص) وإنما روينا من عدة جهات من الثقات
ومنها من طريق الجمهور عن الثعلبي في تفسيره عن الفقيه الشافعي والمغازلي
في كتاب المناقب ان الشاهد منه هو علي بن أبي طالب (ع) وبنيه على
72

صحة هذا الحال قوله تعالى يتلوه وهو أول تبعه على تصديق الرسالة
فكان تاليا له (ع) وهو اخوه يوم المواخاة والأخ كالتالي لأخيه وهو
بمنزلة هارون من موسى (ع) كان هارون تاليا لموسى وهو يتلوه بعد
وفاته في حفظ شريعته واظهار آياته واسرار مهماته وعندما يتلوه في مقام
خلافته على أمته واما كونه منه فان الروايات متظاهرات ذكرنا بعضها في
الطرايف قال (ص) علي مني وانا منه وانهما من نور واحد ويوم سورة
براءة، ان الله تعالى أوحى لا يؤديها عنك الا أنت أو رجل منك ورويناه
عن أحمد بن حنبل وغيره وروى ابن المغازلي تفسير قوله تعالى {أفمن
كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه} قال رسول الله (ص) على بينة من
ربه وعلى الشاهد ورويناه أيضا عن المتخدم بالمنتصرية أبى النجار باسناده
إلى ابن مردويه باسناده إلى النبي (ص) في الحديث الثالث والعشرين من
خطى ان الشاهد منه على، وروى جدي أبو جعفر الطوسي في وجوه
تفسيرها ان الشاهد منه في الرواية عن محمد بن علي بن الحسين وعن
الرماني هو علي بن أبي طالب وذكر الطبري باسناده عن جابر مسندا.
أقول: ومن وقف على ما نقله أهل الصدق هو علي بن أبي طالب
ما زال شاهدا لمحد فعلا وقولا من البداية إلى النهاية ولم يختلف اخره إلى اخر
الغاية وقد روى أن المقصود بقوله جل جلاله وشاهد منه هو علي بن أبي
طالب (ع) محمد بن العباس بن مروان في كتابه من ستة وستين
طريقا بأسانيدها.
فصل فيما نذكره من الوجهة الأولى من القائمة السادسة من الجزء الثاني
من الكراس الثامن من أصل المجلد الثاني من كتاب {التبيان} قوله جل
جلاله {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون
وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا} فقال جدي أبو جعفر
الطوسي أمر الله جل جلاله نبيه (ص) بالصبر على المؤمنين الذين يدعون
الله بالغداة والعشي والصبر على ثلاثة أقسام صبر واجب مفروض وهو
73

ما كان على أداء الواجبات التي تشق على النفس ويحتاج إلى التكليف والثاني
ما هو مندوب فان الصبر عليه مندوب إليه والثالث مباح جائز وهو الصبر
على المباحات التي ليست بطاعة الله.
يقول: علي بن موسى بن طاووس اعلم أن ظاهر هذه الآية يقتضى
تعظيم الدعاء لله بالغداة والعشي وتعظيم الذين يعملون ذلك خالصا لوجه
الله تعالى فان مقام الرسالة من أبلغ غايات الجلالة فإذا أمر الله تعالى رسوله
وهو السلطان الأعظم (ص) ان يصبر نفسه الشريفة المشغولة بالله مع
الدعات بالعشي والغداة وصار المتبوع المقتدى به كالتابع والجليس والملازم
لها ولا بطريق ما خصهم اخلاص الدعاء في الصباح والمساء فقد بالغ
جل جلاله في تعظيم هذا المقام بما يقصر عن شرحه لسان الأقلام والأفهام.
أقول: واما قول جدي الطوسي ان الصبر ثلاثة أقسام كما ذكرناه
عنه فإذا كان الصبر كما فسره انه على ما يشق فأي مشقة في المباح حتى
يدخل تحت لفظ الصبر وكيف يكون كما ذكره غير طاعة ويشتمل
أمر الشرع بالصبر عليه وهل إذا اشتمل عليه حكم الشرع يبقى له حكم
الإطاعة اما واجبا أو ندبا وقد كنت ذكرت في عدة مواضع من تصانيفي
ان هذا القسم الذي ذكر كثير من المسلمين انه مباح للمكلفين وخال من
أدب الله عليه نعمة لله فيه وتدبير الله في بعض معانيه انني ما وجدت هذا
القسم بالكلية للعقلاء المكلفين بالتكاليف العقلية والشرعية وإنما يصح
وجوده لمن هو غير مكلف من البشر ومن الدواب وربما لا يتوجه إليهم
أيضا تحقيق الإباحة في الخطاب بل يكون لفظ الإباحة لغير العقلاء المكلفين
مجازا لأنهم غير مخاطبين والا فجميع ما جعل الله جل جلاله العبادة ذوي
الألباب عليه شئ من الأوامر والآداب وهو يخرجه عن حد المباح
العاري من الخطاب المطلق الذي لا يفيد بشئ من الأسباب لان الله جل
جلاله حاضر مع العبد في كلما يتقلب فيه ويطلع عليه والعبد لا يخلو ابدا
انه بين يدي مولاه ومحتاج إلى الآداب بين يديه فأين الفرار من المطلع
74

على الأسرار حتى يصير العبد المكلف مستمرا يتصرف تصرف الحمار.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من التبيان من الوجهة الثانية من
القائمة الأولى من أول كراس من الجزء السادس والعشرين من أصل المجلد
الثاني منه قوله جل جلاله {وأوحينا إلى أم موسى ان ارضعيه فإذا خفت
عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين}
قال وأوحينا إلى أم موسى أي ألهمناها وقذفنا في قلبها وليس بوحي نبوة
في قول قتادة وغيره، وقال الجبائي كان الوحي منام عبر عنه من يثق
به من علماء بني إسرائيل وقوله ان ارضعيه أي ألهمناها ارضاع موسى
فإذا خفت عليه فألقيه في اليم فالخوف توقع ضرر لا يؤمن منه وقال الزجاج
معنى أوحينا إلى أم موسى أعلمناها وقوله فألقيه في اليم أمر من الله تعالى
لأم موسى انها خافت على موسى من فرعون ان ترضعه وتطرحه في اليم
واليم البحر يعنى به النيل ولا تخافي ولا تحزني نهى من الله لها عن الخوف
والحزن فإنه تعالى أزال خوف أم موسى بما وعدها من سلامته على أعظم
الأمور في القائه في البحر الذي هو سبب الهلاك في ظاهر التقدير
لولا لطف الله بحفظه حتى يرده إلى أمه ووعدها انه تعالى يرده عليها بقوله
انا رادوه إليك ووعدها أيضا ان يجعله من جملة الأنبياء المرسلين بقوله
وجاعلوه من المرسلين.
يقول: علي بن موسى بن طاووس واعلم أن من أسرار الله جل
جلاله في هذه الآية انه أرانا جل جلاله انه قوى قلب امرأة ضعيفة وهي
أم شفيقة وليس لها الا هذا الولد الواحد على أنه تلقى ما هو أعز عندها
من مهجتها في البحر ووثقها من وعده الشريف حتى سمعت وبذلت قطعة
كبدها وسويداء قلبها وروح روحها في هول البحر العنيف وأرانا جل
جلاله ان يعقوب يكون له اثنا عشر ابنا ذكرا فقد واحدا منهم وهو
أصغرهم وقد كان عنده علم من سلامته ونبوته يقول يعقوب واعلم من
الله مالا تعلمون فجرى ليعقوب من الحزن والجزع وذهاب البصر حتى
75

صار مثلا لمن بقي وغبر ان في ذلك والله لعبرة لذوي النظر فينبغي ان
لا ييأس الضعيف من فضل الله البر اللطيف إذا أرى القوى وعاجزا عن
حال من الأحوال ان الله تعالى يعطى الضعيف من القوة ما لا يعطى أهل
المقامات العاليات في الأعمال وهذه المرأة المعظمة أم موسى حجة على من
كلف بمثل تكليفها أو دونه أظهر الفجر عنه وحجة على من وعده الله
جل جلاله بوعود فلم يثق بها ولم يفعل كما فعلت أم موسى في الثقة بالوعد
انه يعيد ولدها إليها وفيه توبيخ وتعنيف أن يكون الرجال القوامون على
النساء دون امرأة ذات برقع وخمار في طاعة سلطان الأرض والسماء.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من الوجهة الأولى من القائمة الثالثة
من الكراس الثالث والعشرين من المجلد الثاني منه قوله جل جلاله {وقالوا
لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك
نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض
درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون} ذكر
جدي الطوسي ان القريتين، مكة، والطائف وان الرجلين الذين وصفهما
الكفار بالعظمة في قول ابن عباس الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي
من مكة وحبيب بن عمرو بن عمير الثقفي وقال مجاهد يعني بالذي من أهل
مكة (عتبة بن ربيعة) والذي من أهل الطائف ابن (عبد يا ليل) وقال
قتادة الذي من مكة يريد الوليد بن المغيرة والذي من أهل الطائف كنانة
ابن عمر وإنما قالوا ذلك لان رجلين كانا عظيما قومهما وذوا الأموال
الجسيمة فيهما فدخلت الشبهة عليهم واعتقدوا ان كل من كان كذلك
كان أولى بالنبوة وهذا غلط لأن الله تعالى يقسم الرحمة بالنبوة بين الخلق
كما قسم الرزق في المعيشة على حسب ما يعلم من مصالح عباده فليس لا حد
ان يحكم في شئ من ذلك، فقال تعالى على وجه الإنكار عليهم والتهجين
لقولهم أهم يقسمون رحمة ربك أي ليس لهم ذلك.
يقول علي بن طاووس: لو كان التعظيم بكثرة الأموال وكانت أموال
76

المعادن في خزائن الملوك المذخورة فيها أصول الأموال أحق بالتعظيم من
الرجال، ولو كان التعظيم لأجل انهم خزان لها لكان كل خازن الذهب
أعظم من سلطانه وإن كان لأجل انهم يخرجونها في مراد من وهبها فكان
ينبغي أن يكون هذان العظيمان عندهم من أحقر من ألبسها، لأنهم يعلمون
انهما خرجا إلى الدنيا من بطون الأمهات فقراء إلى أبعد الغايات وجائت
هذه الأموال إليهم بعد تلك الحال وما عرفنا انهم قضوا حتى من أوصلها
إليهم على اعتقادنا ولا اعتقادهم ولا حصلوا انها صفات الكمال بل أنفقوها
في خراب العقول والألباب وفيما لا يقع بمثله كثير من الدواب بعبادة
الأحجار والأخشاب والدابة لا تفعل مع الامكان الا مواضع النفع والإحسان
ولما جائهم من عرفهم في الغلط والعكوف كان جزاء العداوة منهم والزيادة
في الدعوة إليها.
أقول: من لا يحسن ان يرعى نفسه في تدبيرها ونفعها ولا يفرق بين
رفعها ووضعها كيف دخلت الشبهة على من ينظر بالتحقيق إليه انه يصلح
ان يكون رئيسا ورسولا إلى جميع الخلايق ويكونون رعية بين يديه
ولو نظروا إلى نظر الله جل جلاله إلى أحد من الموضعين عنه لرأوه
أقبح من الميت ونفروا منه ووجدوا كله عيبا وحقيرا وصغيرا
وأعرضوا عنه.
أقول: واما التعظيم بعد الاسلام بمجرد حصول الأموال فهو أعجب
من غلط الكفار وأقبح من المحال لأن كلما في الموجود لمالك الرحمة والجود
وكل من اخذ من مولاه شيئا وانفقه في غير رضاه فهو كالسارق السالب
وأحق بالذم والمعايب، ولأن من رجح حجرا على خالقه وتعرض لمعاليه
سلك مسالكه، وقاهره الذي هو محتاج إليه في أول امره ووسط واخره
وباطنه وظاهره كيف يكون ممدوحا بل كيف يكون سليما وهل يكون
الا ذميما ولأن من عرف الدنيا لا تبقى عليه فكيف يتركها ان يقدمها لنفسه
بين يديه ويجعلها بعده لمن لا يحملها إليه ولأن المال كالعدو الشاغل والقاتل
77

إذا لم يعالجها صاحبه باخراجه إلى مالكه وعمارة ما يحتاج إليه من المنازل
ولأن من أحب المال لذاته فهو ميت العقل سكران بجهالته وما هو الا حجرا
كبعض الأحجار وان لم يبادر صاحبه في نفاقه في المسار وإلا كسد وصار
كالتراب وكبعض الجدار.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من {التبيان} من الوجهة
الأولى من رابع قائمة من الكراس السابع والعشرين من أصل المجلد الثاني
قوله جل جلاله {قل يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انكم أولياء لله من دون
الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ولا يتمنونه ابدا بما قدمت أيديهم
والله عليم بالظالمين} قال جدي الطوسي وفي الآية دلالة على النبوة لأنه أخبر
بأنهم لا يتمنون الموت ابدا وما تمنوه فكان ذلك اخبارا بالصدق قبل كون
الشئ وذلك لا يعلمه الا الله تعالى.
يقول: علي بن طاووس اعلم أن هذه الآية من أقوى الآيات الباهرات
على صدق النبي {ص} وهي كالمباهلة التي جرت نصارى نجران كالتحدي
بالقرآن بل ربما كانت أظهر في الحجة والنكت لأن بعضهم عند التحدي
التجأ إلى البهت وقال لو نشاء لقلنا مثل هذا ولم ينقل ناقل وما ادعا عارف
فاضل انهم تمنوا الموت وباهتوه بذلك عند نزول هذه الآية.
أقول: إنه لو انصرفت همم المسلمين والمتكلمين إلى الاحتجاج بها على
الكافرين وبآية المباهلة التي عجز الأعداء عنها باطباق ساير الناقلين لكان
ذلك أقرب مخرجا وأوضح منهجا وأسرع إلى فهم القلوب والألباب
واقطع لتأويل أهل الارتياب فإنهم كلفوا هذه الآية وفي اية المباهلة
ذكر كلمات يسيرة ما كانت تتعذر على من يريد مغالبة عدوه ودفع
حروب واخطار كبيرة كثيرة فعجزوا عنها وهربوا منها بل كان في
نفس الثقة النبوية والحجة المحمدية بدعواهم هذا المقدار برهان باهر
أنه على أعظم يقين من حقه القاهر وسلطانه جل جلاله العزيز الناصر
وربما كان الصارف عن الاحتجاج باية المباهلة كونها كانت باهل البيت
78

لأن كثيرا من الناس يحسدونهم ويكرهون صرف القلوب إليهم ولقد
كشف {الزمخشري} في كتاب الكشاف من فضل المباهلة وما جمع
الله تعالى لهم بها من الأوصاف والالطاف مع أنه من أهل الانحراف ما فيه
كفاية لذوي الأنصاف.
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من كتاب {جوامع الجامع} في
تفسير القرآن تأليف الشيخ أبى علي {الفضل بن الحسن بن الفضل}
الطبرسي الرضوي من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة من الكراس
العاشر منه بلفظه {ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران
على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم}، آل إبراهيم إسماعيل
وإسحاق وأولادهما، وآل عمران موسى وهارون أبناء عمران بن يصهر
وقيل عيسى بن مريم بنت عمران بن ثامان، وبين العمرانين الف وثمانمائة
سنة وذرية بدل من آل إبراهيم وآل عمران بعضها من بعض يعنى ان
الأولين ذرية واحدة متسلسلة بعضها من بعض وفي قراءة أهل البيت
وآل محمد على العالمين، وقيل إن آل إبراهيم هم آل محمد الذين هم أهل البيت
ومن اصطفاه واختاره من خلقه لا يكون الا معصوما مطهرا عن القبايح
وعلى هذا يجب ان يكون الاصطفاء مخصوصا بمن يكون معصوما من
آل إبراهيم وآل عمران نبيا كان أو إماما.
يقول: علي بن طاووس وجدت كثيرا من الأخبار وقد ذكرت
بعضها في كتاب {البهجة} متضمنة ان قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات
بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير} أن للمراد بهذه الآية جميع ذرية النبي {ص}
وان الظالم لنفسه هو الجاهل بامام زمانه والمقتصد هو العارف به، والسابق
بالخيرات هو امام الوقت فمن روينا ذلك عنه الشيخ {أبو جعفر بن بابويه}
من كتاب {الفرق} باسناده إلى الصادق (ع) ورويناه من كتاب
{محمد بن مسعود بن عياش} في تفسير القرآن ورويناه من الجامع الصغير
79

{ليونس بن عبد الرحمن} ورويناه من كتاب (عبد الله بن حماد
الأنصاري ورويناه من كتاب (إبراهيم الجزار) وغيرهم ممن لم يحضرني
ذكر أسمائهم والإشارة إليهم ولعل الاصطفاء للظالم لنفسه في طهارة ولادته
وبان جعله من ذرية خاصة أو غير ذلك مما يليق بلفظ اصطفائه جل جلاله
ورحمته تأويل اخر وسيأتي عند ذكر هذه الآية من كتاب (محمد بن العباس)
المعروف بابن الحجام من الكراس السابع.
فصل فيما نذكره من المجلد الثاني من كتاب (جوامع الجامع) للفضل
بن علي الطبرسي من الوجهة الأولى من القائمة الثانية من ثامن كراس
منه (وقيل يا ارض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضى الامر
واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين) قال الطبرسي نادى
الأرض والسماء بما ينادى به العقلاء مما يدل كمال العزة والاقتدار
وان هذه الأجرام العظيمة منقادة لتكوينه فيما يشاء غير ممتنعة عليه كأنها
عقلاء مميزون قد عرفوا جلالته وعظمته فهم ينقادون له ويمتثلون امره
على الفور من غير ريث والبلع عبارة عن النشف والاقلاع الامساك وغيض
الماء من غاضه إذا نقصه وقضى الأمر أنجز الموعود في اهلاك القوم
واستوت استقرت السفينة على الجودي وهو جبل {بالموصل} وقيل بعدا
يقال أبعد بعدا وبعدا إذا أرادوا البعيد من حيث الهلاك والموت ونحو
ذلك وكذلك اختص بدعاء السوء ويجئ اخباره عن اسمه على الفعل المبنى
للمفعول للدلالة على الجلال والعظمة وان تلك الأمور العظام لا تكون
الا بفعل قاهر قادر لا يشارك في أفعاله فلا يذهب الوهم، إلى أن غيره يقول
يا ارض ويا سماء وان أحدا سواه يقضى ذلك لذلك.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اعلم أن في هذه الآية محتملات في
العبارة العجيبة والإشارة الغريبة غير ما ذكره وأشار إليه منها، وقيل ولم
يقل قلت جل جلاله وقلنا فلعل المراد لما كان هذا الأمر لا يقدر عليه سواه
كان لفظ قيل مثل قلت أو قلنا أو لعل المراد تحتم الامر وتعظيم القدر على
80

عادة الملوك في لفظ التغلب والقهر أو لعل المراد لما كان الحال حال انتقام
كان الخبر بها بلفظ قيل المبني بوصف كامل الرحمة والأنعام ولعل المراد
ان هذا مما يريده جل جلاله عظمته واجلاله إذا قال قلت فقال تعالى فقيل على
سبيل ان هذا الامر كان عندنا يسيرا في المقدور أو غير ما ذكرناه من
الأمور، ومنها ان ابلعي مائك وكان الماء بعضه من الأرض وبعض من
السماء فإنه لما صار في الأرض فقد اختص بها ولم يبق مضافا إلى غيرها،
ومنها ان أمرها ببلعه ولم يذهبه بنسف الرياح ولا بقوة حر الشمس
ونحو ذلك من غير بلع فان في ذلك تهديد لبني آدم فيها بعد أن يغرقوا ان
الأرض تبلع ما يريد الله جل جلاله بلعه واتلافه واخذه فهي كالعبد
الأسود، ومنها ان امساك السماء بالماء بعد فتح أبوابه برهان عظيم على أنه
جل جلاله قادر لذاته في الاتيان به واذهابه، ومنها ان لفظ وغيض الماء
بعد استفحاله وعلوه على كل عال ومنخفض بعد رحاله على وجه واحد
وذهاب متعاضد من غير تدريج، ولا تأخير عظيم في كريم وصف القدرة
وكمال التدريج، ومنها وقضى الامر وان تحت هذه اللفظة من كيفية
هلاكهم ومن العجائب الكثيرة ما قد امتلأت الأوراق بوصفه فاتى به
جل جلاله بهذه اللفظة الواحدة واحتوت على كشفه، ومنها استوت
السفينة على الجودي ومن عادة السفن عند الأمواج انها لا تقف مع الاستواء بل
هي أقرب إلى الاضطراب واعوجاج فكان استوائها من الآيات الباهرات
حيث لم يضرها ما كانت من المياه المختلفات، ومنها في {وقيل بعدا للقوم
الظالمين} وما فيه من تهديد لمن سلك سبلهم في الهوى بالمرسلين وانهم
ما كفاهم الهلاك وشدة البوار والدمار حتى كانوا في باطن الامر مطرودين
عن باب يتبعه الراحم والبار بما فعلوه لمن الاصرار والاستكبار.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من جمع الجوامع للطبرسي من
أواخر الوجهة الأولى من القائمة السابعة من الكراس الحادي عشر {فاصبر
على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد أنه أواب انا سخرنا الجبال معه
81

يسبحن بالعشي والاشراق والطير محشورة كل له أواب}.
قال: الطبرسي ما هذا لفظه الأيد القوة على العبادة المضطلع بأعباء
النبوة وقيل ذو القوة على الأعداء لأنه رمى بحجرة من مقلاعه صدر الرجل
فأنفذه من ظهره فأصاب اخر فقتله يقال فلان أيد وذو أيد وذو آد واياد
كل شئ ما يتقوى به انه أواب رجاع عن كل ما يكره الله إلى ما يحب
وقيل سبح مطيع يسبحن حل واختير على مسبحات وإن كان في معناه
ليدل على حدوث التسبيح من الجبال حالا بعد حال وكان داود إذا سبح
جاو به الجبال والطير بالتسبيح واجتمعت الطير مسبحة بذلك حشرها كل
واحد من الجبال والطير له لأجل داود اي لأجل تسبيحه تسبح لأنها
كانت تسبح بتسبيحه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ان قيل إن أواب معناه كثير
الرجوع وقد قال في تفسيره رجاع عن كل ما يكره الله إلى ما يحب فهل
يتصرف من هذا ما يؤخذ على داود، والجواب ان كل من قبل عنه انه
رجع عن شئ مما يلزم انه دخل فيه فان الرجوع الذي يتضمنه المدح
لداود يقتضى أن يكون معصوما منزها عن الدخول فيما يكرهه الله ابدا
ولو كان رجاعا بمعنى كثير الرجوع عما دخل فيه لكان ذلك متناقضا
لمراد الله جل جلاله بمدحه وجواب اخر لعل معناه انه ما عرض له غير
الله الا تركه ورجع إلى الله والعوارض لا تحصى للانسان، وجواب اخر
لعله ما عورض له مندوبان أحدهما أرجح من الاخر الا ترك المرجوح
ورجع إلى الراجح، وجواب اخر لعل المراد ان داود لما رأى أن الله
جل جلاله لما انفرد بتدبيره قبل ان يجعل لداود اختيارا كان التدبير
محكما وداود سليم من وجوه المعاتبات فلما جعل لداود اختيارا مع اختيار
الله خاف داود من معارضة اختياره لاختيار الله تعالى كما جرى لادم
فكان سأل الله عز وجل الرجوع إلى تسليم اختياره إلى الله جل جلاله
ليكون الاختيار لله تعالى فيكون تصرفاته صادرة الهاما عن الله تعالى
82

وتدبيره كما أنعم الله على سيدنا رسول الله (ص) في قوله جل جلاله
{وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى}.
أقول: واما قوله عن الجبال والطير وتسبيحها فانى وقفت على كلام
جماعة من علماء المتكلمين تنكر ذلك ويقولون ان معناه المراد به بلسان
الحال وهذا الشيخ الطوسي كلامه يقتضى انها كانت تسبح تسبيحا
حقيقة {خفيا} واعلم أن الله جل جلاله قادر ان يجعل للجبال والطير
تسبيحا على التحقيق إذ هو قادر لذاته ولا معنى لانكار ذلك عند أهل التحقيق
وظاهر لفظ المدح لداود بهذه الآيات وافراده بها عن غيره من الأنبياء
وذوي المقامات دلالة على أنها كانت تسبح على الحقيقة كما يلزم ان الحصى سبح
في كف سيدنا رسول الله (ص) على الحقيقة ولعل قد سمعنا من الطيور
كالبيغاء وغيرها كلاما واضح البيان وما يجوز ان ننكر ما قد شهد صريح
القرآن، ولو كان المراد لسان الحال كان كل مسبح من العباد فان لسان
حال الحمار يسبح معه بهذا التفسير وما كان ينبغي لداود زيادة فضيلة في
هذا المدح الكبير، ولو كان أيضا المراد ان من رأى الجبال والطير يسبح الله
وينزهه وتكون الإشارة إلى المسبحين حيث إن الجبال والطير سبب للتسبيح
من المكلفين وهذا تكلف ممن قاله خارج من التأويل مع امكان حمله على
حقيقته وحيف على كلام المقدس الجليل.
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من تفسير علي بن إبراهيم بن هاشم
من الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكراس الثالث وقوله {وإذا
ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما} فقال العالم
هو الذي ابتلاه الله به مما أراه الله في نومه بذبح ابنه فأتمها إبراهيم وعزم
عليها فلما عزم وسلم الامر لله قال الله انى جاعلك للناس إماما قال إبراهيم
فمن ذريتي قال الله لا ينال عهدي الظالمين، اي لا يكون بعدي امام ظالم
ثم انزل عليه الحنيفية وهي الطهارة عشرة أشياء خمسة منها في الرأس
وخمسة منها في البدن فاما التي في الرأس فقص الشارب واعفاء اللحية
83

وطم الشعر والسواك والخلال، واما التي في البدن فحلق الشعر من البدن
والختان وتقليم الأظفار والغسل من الجنابة والطهور بالماء فهي الحنيفية
التي جاء بها إبراهيم فلم ننسخ ولا تنسخ إلى يوم القيامة وهو قول رسول
الله (ص) {واتبع ملة إبراهيم حنيفا}.
يقول علي بن موسى بن طاووس: الاخبار وردت مختلفة في هذه
العشرة فذكر (أبو جعفر محمد بن بابوية) في كتاب (من لا يحضره
الفقيه) الخمس التي في الرأس المضمضة والاستنشاق والسواك وقص
الشارب والفرق لمن طول شعر رأسه واما التي في الجسد الاستنجاء والختان
وحلق العانة وقص الأظفار ونتف الأبطين ذكر ذلك في باب السواك
من أوائل الجزء الأول، واما قوله جل جلاله لا ينال عهدي الظالمين فان
قيل إذا كان العهد الإمامة فقد نالها معاوية بن أبي سفيان ويزيد وبنو أمية
وهم ظالمون:
والجواب: ان عهد الله جل جلاله وامامته ما نالها ظالم ابدا وليس
من كان ملجاء بالتغلب يكون قد نال عهد الله فان ملوك الأكاسرة والقاصرة
وغيرهم من الكفار وقد ملكوا أكثر مما ملك كثير من أئمة المسلمين وهم
في مقام منازعين لله تعالى ومحاربين فكذا كل ظالم يكون عهد الله وامامته
ممنوعة منه منزهة عنه وفيه إشارة ظاهرة إلى أن الإمامة تكون من اختيار
الله تعالى دون اختيار العباد لان العباد إنما يختارون على ظاهر الحال ولعل
باطن من يختارونه يكون فيه ظلم وكثير من سوء الأعمال فإذا كان
الظالم مطلقا مانعا من عهد الله تعالى وامامته فلم يبق طريق إلى معرفة التي
ينال عهد الله تعالى الا بمن يطلع على سريرته أو يطلعه الله تعالى على سلامته
من الظلم في سره وعلانيته.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من تفسير علي بن إبراهيم وهو من
جملة المجلد الأول في ثاني الوجهة من القائمة الأولى من الكراس التاسعة
عشر بلفظه، واما قوله {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله
84

معذبهم وهم يستغفرون} حدثني علي بن إبراهيم عن أبيه عن حسنان عن
أبيه عن أبي جعفر قال رسول الله (ص) ان مقامي بين أظهركم خير لكم
ومفارقتي إياكم خير لكم فقام رجل فقال رسول الله اما مقامك بين أظهرنا
فهو خير لنا فكيف يكون مفارقتك لنا خيرا لنا فقال (ص) اما مقامي
بين أظهركم خير لكم فان الله يقول وما كان ليعذبهم وأنت فيهم وما كان
الله معذبهم يستغفرون واما مفارقتي لكم خير لكم فان أعمالكم تعرض
علي كل اثنين وكل خميس فما كان من حسنة خمدت الله عليها وما كان من
سيئة استغفرت الله لكم.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ولعل للكلام بعض التمام فان
السيئات التي يصح ان يستغفر عنها (ص) لامته بعد الوفاة لعلها لو كانت
في الحياة كالردة لأجل حضوره ولأجل المواجهة له بنقض تدبيره فلما
وقعت في حال انتقاله إلى كرم الله صارت وقايعها دون المجاهرة لجلالتها
وأمكن الاستغفار له من أمته وإنما قلت لمن يصح الاستغفار من فرق
المسلمين لان فيهم من يكفر بعضهم بعضا ويمنعون الاستغفار له ولا يجيزون
العفو عنه على احكام الكافرين ولأن بعض المعتزلة يذهب إلى أن من مات
فاسقا من هذه الأمة فهو مخلد في النار أبد الأبدين، واعلم أن الاستغفار
على ظاهر هذه الآية الشريفة كالأمان المحقق من عذاب الاستيصال وهي
عناية من الله لنبيه (ص) أو جعل لامته ذريعة فقده، إلى مثل هذه
الآمال والاقبال وللاستغفار شروط يعرفها من عرف عيوب الذنوب
الأعمال من أسرها أن تكون عنده ما يستغفر من الذنوب أو من الخوف
على قدر الذنب وعلى قدر جلالة علام الغيوب ويكون كالمذهول المرعوب.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير علي بن إبراهيم وهو
أول المجلد الثاني من الوجهة الثانية من القائمة العاشرة من الكراس الثامن
عشر من أصل المجلد وتقصر على المراد منه وقوله فاصدع بما تؤمر وأعرض
عن المشركين انا كفيناك المستهزئين فإنها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول
85

الله بثلاث سنين، وذلك أن رسول الله (ص) نبئ يوم الاثنين واسلم
على يوم الثلاثاء، ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي، ثم أسلم
جعفر بن أبي طالب وزيد وكان يصلى رسول الله بعلي وجعفر وزيد
وخديجة خلفهم، وقال المستهزؤون برسول الله خمسة، الوليد بن المغيرة،
والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب وهو أبو ربيعة، ومن بني زهرة
الأسود بن عبد يغوث، والحرث بن الطلاطلة الخزاعي فأشار جبرئيل
وهو عند النبي إلى الوليد بن المغيرة فانفجر جرح كان في قدمه فنزف الدم
حتى مات، واما الأسود فكان رسول الله قد دعا عليه بعمى بصره فأشار إليه
جبرئيل فعمي بصره ومات، وأشار جبرئيل إلى اسود بن عبد يغوث فاستسقى
وانشق بطنه ومات ومر العاص بن وائل بجبرئيل فأشار إلى قدمه فدخل فيها
شئ فورمت ومات ومر ابن الطلاطلة بجبرئيل فتفل جبرئيل في وجهه فاصابته
السماء فاحترق واسود وجهه حتى رجع إلى أهله فقالوا لست صاحبنا وطردوه
فأصابه العطش حتى مات، ثم ذكر دعوة النبي (ص) لقريش والعرب
ونفورهم عنه وحفظ أبى طالب له وحمايته عنه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: وقال جدي الطوسي في التبيان
ان المستهزئين خمسة نفر من قريش، الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل
وأبو ربيعة وأسود بن عبد يغوث والحرب بن عبطلة في قول سعيد بن
جبير، وقيل اسود بن عبد المطلب، واعلم أن هذا مما يتعجب منه ذو
الألباب أن يكون قوم من العقلاء عاكفين على عبادة الأحجار والأخشاب
مما لا ينفع ولا يدفع وهم قد صاروا بعبادتها ضحكة لكل عاقل وموضع
الاستهزاء لكل جاهل، فيأتي رسول الله فيقول اعبدوا خالق هذه الأحجار
والأخشاب وهم يعلمون انها خلقت نفوسها لأنهم يحكمون عليها
بما يريدون من عمارة وخراب فيضحكون منه ويستهزؤن به وينفرون
عنه ويسمعون أيضا لسان حالها انها تقول لهم ان كنت آلهة لكم فاقبلوا
مني فأنتم تروني محتاجة إلى من يحفظني ومحتاجة إلى من ينقلني ومحتاجة
86

إلى كل شئ يحتاج مثلي إليه فاعبدوا من انا وأنتم محتاجون إليه ومن
خلقنا وهو يتصرف فينا وما نقدر على الامتناع عليه فلا يقبلون أيضا من
هذه الإشارات العقلية وقد كان ينبغي العقل انه لمن قال لهم النبي (ص)
اتركوا عبادتها بالكلية واستريحوا من العبادة واشتغلوا باللذات الدنيوية
ان يقبلوا منه ويشهد عقولهم ان الحق فيما قاله والا نفروا عنه فيه بسعادة
الدائمة الصافية التي لا نشهد العقول باستحالتها وترجى على أقل المراتب
رجاء يحتمل أن يكون صاحبه ظافرا بالمطالب فلا ينفع معهم في الانتقال
عما لا ينفع على اليقين بل هو جنون لا تبلغ إليه الدواب ولا غير المكلفين
فإنها جميعها ما تقصد الا ترجوا نفعه أو دفعه فاحذر أيها العاقل هذه
العثرة الهائلة التي كان منشؤها حب النشا والتقليد للآباء وطلب الرياسة
حتى عمى العقل منهم البصر والقلب وصاروا في ظلمات ذاهلة وهلكات هائلة.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير علي بن إبراهيم وهو
الجزء الثاني من المجلد الثاني وجميع الكتاب أربعة اجزاء في مجلدين والذي
ننقله من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس السابع والثلاثين
من الكتاب بلفظه واما قوله [تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون
علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} فإنه حدثني جدي علي بن
إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص
ابن غياث قال فال أبو عبد الله يا حفص والله ما أنزلت الدنيا من نفسي
الا منزلة الميتة إذا اضطررت إليها اكلت منها يا حفص ان الله تبارك وتعالى
علم ما العباد عليه عاملون والى ما هم صائرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة
لعلمه السابق فيهم وإنما يعجل من لا يعلم فلا يغررك حسن الطلب ممن
لا يخاف الفوت ثم تلا قوله {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون
في الأرض علوا ولا فسادا والعاقبة للمتقين} وجعل يبكى ويقول ذهبت
الأماني عند هذه الآية، ثم قال فاز والله الفائزون الأبرار أتدري من هم
هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا
87

يا حفص ان الله يغفر للجاهلين سبعين ذنبا قبل ان يغفر للعالم ذنبا واحدا
من تعلم وعلم وعمل بما علم دعى في ملكوت السماوات عظيما فقيل تعلم لله
وعمل لله وعلم لله قلت جعلت فداك فما حد الزهد الدنيا، فقال حد الله
ذلك في كتابه فقال لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم ان
اعلم الناس بالله أخوفهم لله وأخوفهم له وأعلمهم به وأعلمهم به أزهدهم
فيها، فقال له رجل يا بن رسول الله أوصيني، فقال (ع) اتق الله حيث
كنت فإنك لا تستوحش.
يقول علي بن موسى بن طاووس: رأيت في تفسير الطبرسي عند ذكر
هذه الآية قال وروي عن أمير المؤمنين أنه قال إن الرجل ليعجبه أن
يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها، واعلم أن
في هذا الحديث الذي رواه على بن إبراهيم والآية الشريفة أمور ينبغي
للعاقل الاستظهار لمهجته في السلامة منها بغاية طاقته.
منها قوله تعالى: [ان الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا] فقد صار الحرمان للجنان متعلقا بإرادة العلو والعصيان
قبل مباشرته بالجنان أو الأركان وهذا حال خطر عظيم الشأن فليحفظ
الانسان بالله جل جلاله سراير قلبه وتطهيره بالله والتوبة والاستغفار من
مهالك دينه، ومنها قوله (ع) انه نزل الدنيا منزلة الميتة يأكل منها كل
مضطر وهذا حال عظيم يدل عليه العقل المستقيم لأنها شاغله عن الله وعليه
وعد الآخرة فإذا لم يعرف الانسان قدر ما يريد الله ان يأخذ منها فلتكن
كالميتة عنده فهو يسير في طلب السعادة الدائمة الباهرة أو حفظ حرمة الله
القاهرة، فإن لم يعرف العبد ما ذكر (ع) فليستعن الانسان بالله تعالى
في تعريفه بمراده أما بالالهام أو طريق من طرق ارشاده، ومنها ان قوله (ع) ان
الله علم ما هم إليه صائرون فحلم عنهم وهو معنى شريف لأن الله تعالى أحاط
علما بالذنب وعقوبته فهو يرى من أفق علم الغيوب أهل الذنوب في المعنى
وهم في العذاب والنيران وانهم ساعون إلى الهلاك والهوان والغايب عنه كالحاضر
88

في علمه لذاته فحلم عن المعاجلة إذ هو محيط بها والعبد محجوب عن خطر
ذنوبه بغفلاته، ومنها قوله (ع) ذهبت الأماني عند هذه الآية وكيف
لا تذهب الأماني صريحة بذكر شرط استحقاق المقام بدار النعيم ومن هذا
يسلم ركوب هذا الخطر العظيم، وكيف تسلم القلوب من إرادة مخالفة للمطلع عليها
ومزيده لما لا يريد هو جل جلاله صرف الإرادة إليها أعان الله تعالى على
قوة تطهير القلوب من سواه وتحميها ان تحرز منها ما لا يرضاه، ومنها
ان الأبرار لا يؤذون الذرة كيف يكون حال من لا يخلوا من اذى نفسه
وهي ملك الله وأذى غيره مما فوق الذرة والتهوين بالله المطلع على سره
ونجواه ومثل على التحقيق لان اذى الذر وغيرها لغير مراد الله المالك
الشفيق عبث وفساد وخلاف سبيل التوفيق، ومنها قوله (ع) انه يغفر
للجاهل سبعين ذنبا قبل الغفران للعالم ذنب واحد فهو واجب للعقول لأن
الجاهل ما جاهر الله في حفرة ذكره ولا عرفه جيدا ولا عرف قدر الذنب
جيدا فهو يعصى من وراء ستارة جهله، والعالم بالله العامل عن المجاهرة
بمعصية الله كالمستخف والمستهزء بالمطلع علم الذاكر انه بين يديه وكم بين
من يعصى سلطانا خلف بابه وبين من يعصيه مواجهة غير مكترث لغضبه
وعقابه ومستخف بحضرته واذائه لا حول ولا قوة الا بالله، ومنها قوله
عليه السلام ان حد الزهد ان لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم
وهذا شرط هائل وخطر ذاهل وما أرى هذا يصح الا لمن لا يكون له
إرادة مع مولاة بل يكون متصرفا في الدنيا كالخازن والوكيل وإنما
يتصرف به جل جلاله ولله تعالى ومنفدو امره الشريفة فيما يرضاه وهو
يحتاج إلى قوة ربانية ورحمة الهية، ومنها قوله (ع) اتق الله حيث كنت
فإنك لا تستوحش وللامر على هذه الوصية لأن المتقى للعظمة الإلهية
قوى بها غريزتها مستغن بها مستأنس بها جليس لها محمي بها فمن ذا يقدر
أو يقوى عليها حتى توحش من انضم بقلبه وقالبه إليها وكيف يستوحش
من ظفر باقبال الله تعالى عليها وهو يريد المخلوق من التراب بدلا أو جلسا
89

أو مؤنسا أخرى مع وجود كلما يريد من رب الأرباب واسعوه من هو به
تعالى من ذوي الألباب.
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من تأويل ما انزل من القرآن الكريم
في النبي (ص) تأليف أبى عبد الله محمد بن العباس بن علي بن مروان
المعروف بالحجام وهو مجلد قالب النصف فيه خمسة اجزاء مما نقله من الوجهة
الأولى من القائمة التاسعة من الكراس الرابع من الجزء الأول بلفظه
حدثنا محمد بن القاسم بن عبد بن سالم البخاري، قال حدثنا جعفر بن عبد الله
ابن جعفر بن الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، قال حدثنا يحيى بن هاشم
عن جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، قال
أهديت إلى رسول الله (ص) قطيفة منسوجة بالذهب أهداها له ملك الحبشة
فقال رسول الله (ص) لأعطيها رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله
فمد أصحاب محمد رسول الله أعناقهم إليها فقال رسول الله (ص) أين على
قال عمار بن ياسر فلما سمعت ذلك وثبت حتى أتيت عليا (ع) فأخبرته فجاء
فدفع رسول الله القطيفة إليه فقال أنت لها فخرج بها إلى سوق المدينة
فنقضها سلكا سلكا فقسمها في المهاجرين والأنصار ثم رجع (ع) إلى
منزله وما معه منها دينار فلما كان من غد استقبله رسول الله (ص) فقال
يا أبا الحسن أخذت أمس ثلاثة آلاف مثقال من ذهب فانا والمهاجرون
والأنصار نتغدى غدا عندك، فقال علي (ع) نعم يا رسول الله، فلما
كان الغد اقبل رسول الله (ص) في المهاجرين والأنصار حتى قرعوا
الباب فخرج إليهم وقد عرق من الحياء لأنه ليس في منزله قليل ولا كثير
فدخل رسول الله (ص) ودخل المهاجرون والأنصار حتى جلسوا ودخل
علي وفاطمة فإذا هم بجفنة مملوة ثريدا عليها عراق يفور منها ريح المسك الأزفر
فضرب علي (ع) بيده عليها فلم يقدر على حملها فعاونته فاطمة على حملها
حتى أخرجها فوضعها بين يدي رسول الله، فدخل (ص) على فاطمة فقال أي
بنية أنى لك هذا قالت يا أبت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير
90

حساب، فقال رسول الله والحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى رأيت
في ابنتي ما رأى زكريا في مريم بنت عمران، فقالت فاطمة يا أبت انا خير
أم مريم، فقال رسول الله أنت في قومك ومريم في قومها.
يقول علي بن موسى بن طاووس: وروى في هذا الجزء عقيب هذا
الحديث حديث نزول الجفنة الإلهية من خمس طرق غير ما ذكرناه، وذكرها
أيضا الزمخشري في تفسيره المسمى بالكشاف، ورويناه في كتاب الطرايف
من غيرهما، واعلم أن الذي وهب من المعرفة لهم به والعمل له والمباهلة
والتطهير لهم أعظم من هذه الجفنة عند أهل الأنصاف.
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من الجزء الثاني منه وفي اية المباهلة
بمولانا على وفاطمة والحسن والحسين (ع) لنصارى نجران رواه من
أحد وخمسين طريقا عمن سماه من الصحابة وغيرهم. رواه عن أبي الطفيل
عامر بن وائلة وعن جرير بن عبد الله السجستاني وعن أبي قيس المدني
وعن أبي إدريس المدني وعن الحسن بن مولانا على وعن عثمان بن عفان
وعن سعد بن أبي وقاص وعن بكر بن مسمار {سمال} وعن طلحة بن عبد الله
وعن الزبير بن العوام عن عبد الرحمن بن عوف وعن عبد الله بن العباس
وعن أبي رافع مولى رسول الله (ص) وعن جابر بن عبد الله وعن البراء
ابن عازب وعن انس بن مالك وعن المنكدر بن عبد الله عن أبيه وعن
علي بن الحسين (ع) وعن أبي جعفر محمد علي بن الحسين وعن أبي
عبد الله جعفر بن محمد الصادق وعن حسن البصري وعن قتادة وعن
علباء بن احمر وعن عامر بن شراحيل الشعبي وعن يحيى بن نعمان وعن
مجاهد بن حمر الكمي وعن شهر بن حوشب، ونحن نذكر حديثا واحدا
فإنه أجمع وهو من أول الوجهة الأولى من القائمة السادسة من الجزء الثاني
بلفظه المنكدر بن عبد الله عن أبيه حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن
سعيد البزاز قال حدثنا محمد بن الفيض بن فياض أبو الحسن بدمشق قال
حدثني عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال حدثنا عمر بن راشد قال حدثنا
91

محمد المنكدر عن أبيه عن جده قال لما قدم السيد والعاقب أسقف نجران في
سبعين راكبا وفدا على النبي (ص) كنت معهم وكرز يسير وكرز
صاحب نفقاتهم فعثرت بغلتهم فقال تعس من تأتيه يريد بذلك النبي (ص)
فقال له صاحبه وهو العاقب بل تعست وانتكست فقال ولم ذلك قال لأنك
أتعست النبي الأمي احمد قال وما علمك بذلك قال اما تقرء المصباح الرابع
من الوحي إلى المسيح ان قل لبني إسرائيل ما أجهلكم تتطيبون بالطيب
لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها واخوانكم عندي جيف كجيفة الميتة يا بني
إسرائيل امنوا برسولي النبي الأمي الذي يكون في اخر الزمان صاحب
الوجه الأقمر والجمل الأحمر المشرب بالنور ذي الجناب الثبات الحسن والثياب
الخشن سيد الماضين عندي وأكرم الباقين علي المستن بسنتي والصابر في
ذات نفسي دار جنتي والمجاهد بيده المشركين من أجلي فبشر به بني إسرائيل
ومر بني إسرائيل ان يعززوه وينصروه قال عيسى قدوس قدوس من هذا
العبد الصالح الذي أحبه قلبي ولم تره عبني قال هو منك وأنت منه وهو
صهرك على أمك قليل الأولاد كثير الأزواج يسكن مكة من موضع
أساس وطئ إبراهيم نسله من مباركة وهي ضرة أمك في الجنة له شان
من الشأن تنام عيناه ولا ينام قلبه يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة له حوض
من شفير زمزم إلى مغرب الشمس حيث يغرف فيه شرابان الرحيق
والتسنيم فيه أكاويب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها
ابدا وذلك بتفضيلي إياه على ساير المرسلين يوافق قوله فعله وسريرته
علانيته فطوباه وطوبى أمته الذين على ملته يحيون وعلى سنته يموتون ومع
أهل بيته يميلون أمنين مطمئنين مباركين يكون يظهر في زمن قحط
وجدب فيدعوني فيرخى السماء يوعز إليها حتى يرى اثر بركاتها في أكنافها
ويبارك فيما يضع يده فيه قال إلهي سمه قال نعم هو احمد وهو محمد رسولي
إلى الخلق كافة أقر بهم مني منزلة واخصصهم مني شفاعة لا يأمر الا بما أحب
ولا ينهى الا عما أكره قال له صاحبه فأين تقدم على من هذه صفته بنا قال
92

نشهد أقواله وننظر آياته فان يكون هو ساعدناه بالمسالمة بأموالنا عن أهل
ديننا من حيث لا يشعر بنا وان يكن كذابا كفيناه بكذبه على الله،
قال له صاحبه ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه قال اما رأيت ما فعل بنا هؤلاء
القوم مكرمونا ومولونا ونصبوا كنايسنا واعلوا فيه ذكرنا فكيف
تطيب النفس بدين يستوى فيه الشريف والوضيع فلما قدموا المدينة قال
من يراهم من أصحاب رسول الله (ص) ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا
أجمل من هؤلاء لهم شعور وعليهم ثياب الحبر وكان رسول الله (ص)
متنائي عن المسجد فحضرت صلاتهم فقاموا يصلون في مسجد رسول الله
تلقاء المشرق فهم رجال من أصحاب رسول الله (ص) يمنعهم فاقبل رسول
الله فقال دعوهم فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا يا أبا القاسم
حاجنا في عيسى، فقال عبد الله ورسوله وكلمة ألقاها إلى مريم وروح
منه فقال أحدهم بل هو ولده وثاني اثنين وقال اخر بل ثالث ثلاثة أب
وابن وروح قدس وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا وجعلنا
وخلقنا ولو كان واحد لقال خلقت وجعلت وفعلت فتغشى النبي الوحي
ونزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله {رأس الستين منها فمن حاجك
فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم
وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فقص عليهم رسول الله
القصة وتلي عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد والله اتاكم بالفصل من
خبر صاحبكم وقال لهم رسول الله ان الله قد أمرني بمباهلتكم فقالوا إذا
كان غدا باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض حتى ننظر من يباهلنا غدا
بكثرة اتباعه من أوباش الناس أم باهله من أهل الصفوة والطهارة فإنهم
وشيج الأنبياء وموضع بهلهم فلما كان من غد غدا رسول الله بيمينه علي
وبيساره الحسن والحسين، ومن ورائهم فاطمة عليهم الحلل النجرانية
وعلى كتف رسول الله كساءنا فوطي رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين
فامر بشجرتين بعضهن فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت
93

الكساء وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه اليقع
{النبع} ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون واصفر لون
السيد والعاقب وزلزلا حتى كاد أن يطيش عقولهما فقال أحدهما لصاحبه
أنباهله قال أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم وبقى كبيرهم
ولكن أره انك غير مكترث واعطه من المال والسلاح ما أراد فان الرجل
محارب وقل له أبهؤلاء تباهلنا لأن لا يرى أنه قد تقدمت معرفتنا بفضله
وفضل أهل بيته، فلما رفع النبي يده إلى السماء للمباهلة قال أحدهما لصاحبه
وأي رهبانية دارك الرجل فإنه ان فتح فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال
فقالا يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا قال (ص) نعم هؤلاء أوجه من على وجه
الأرض بعدي إلى الله وجهة وأقربهم إليه وسيلة قال فبصبصا يعنى ارتعد
أو كرا قالا يا أبا القاسم نعطيك الف سيف والف درع والف جحفة والف
دينار في كل عام على أن الدرع والسيف والجحف عندك إعارة حتى تأتى
شئ من ورائنا من قومنا فنعلمنهم بالذي رأينا وشاهدنا فيكون الأمر على
ملأ منهم فاما الاسلام أو الجزية والمقاطعة في كل عام، فقال النبي (ص)
قد قبلت منكما أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء
لأضرم الله عليكم الوادي نارا تأججا ثم يساقها إلى من ورائكم في أسرع
من طرف العين فيحرقهم فهبط عليه جبرئيل الأمين فقال يا محمد ان الله
يقرئك السلام ويقول لك وعزتي وجلالي لو باهلت بمن تحت الكساء أهل
السماء وأهل الأرض لتساقطت عليهم السماء كسفا متهافتة ولتقطعت
الأرضون زيرا سابحة فلم يستقر عليها بعد ذلك، فرفع النبي يديه حتى رأى
بياض إبطيه ثم قال على من ظلمكم حقكم بحكم الاجر الذي افترضه الله
عليهم فيكم بهلة تتابع إلى يوم القيامة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قد مضى هذا الحديث لأن يبدء
رسول الله غدا بيمينه على وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة (ع)
ورويت من عدة طرق انه اخذ بيمينه الحسن وبيساره الحسين وفاطمة
94

ورواه ومولانا على ورائها والحديثان صحيحان فإنه (ص) خرج ذلك
اليوم ضاحي النهار عن منزله وكان بين منزله وبين الموضع الذي باهلهم فيه
تباعد يحتمل انه كان من يصحبهم في طريقه ومحارسته على صفات مختلفات
بحسب ما تدعوا له الحاجة في المخاطبات منه لهم وخلوا الطرقات فحكى كل
راو ما رواه.
أقول: ومضى في الحديث ان السيد والعاقب عرفا انه نبي صادق
وخالفاه وربما تعجب أحد كيف تقع المخالفة مع المعرفة على اليقين وهذا
كثير في القرآن بشهادة رب العالمين قال جل جلاله فلما جاءهم ما عرفوا
كفروا به وقال تعالى وجحدوا واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا.
أقول: ومضى في الحديث انه (ع) قال بهلة الله على من ظلمهم وبخسهم
إلى اخره وربما يقال إن الذين ظلموهم ما هلكوا واعلم أن المباهلي إلى أن
قال (ص) فقال له جبرئيل انها تقتضي الهلاك وإنما كانت تكون بين اثنين
مباهل له (ص) ويباهلهم هو ليقع الهلاك العاجل والذين ظلموهم كانوا
مباهلين له وكانوا في خفارهم انهم اخر الأمم وان في أصلاب كثير منهم
ذرية مرضية فتأخر عنهم استيصال المعاجلة الإلهية أقول واعلم أن حصل
انصاف لهؤلاء الذين اختصت بهم مباهلة رب العالمين وسيد المرسلين ولو عرف
كل مطلع اخبارهم كيف نزل الله ورسوله عند ضيق الحجة والبرهان
جميع القرابة والصحابة وأهل العلم منهم والجهاد والايمان ولم يكن الا واحد
يدخل مع هؤلاء في مباهلة لكان في ذلك من التعظيم لهم والتمسك بهم
ما يظفر كل انسان بعد ذلك بسعادة في دنياه وآخرته.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الكتاب المذكور من الوجهة
الثانية من أول قائمة منه قوله جل وعز {إنما وليكم الله ورسوله والذين
امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}.
يقول علي بن موسى بن طاووس: إنما ذكرت هذه الآية الشريفة
مع شهرتها انها نزلت في مولانا علي لأني وجدت صاحب هذا الكتاب
95

قد رواها بزيادات عما كنا وقفنا عليه وهو انه رواها من تسعين طريقا
بأسانيد متصلة كلها أو جلها من رجال المخالفين لأهل البيت.
أقول: وممن سمى صاحب الكتاب من رواة هذا الحديث مولانا على
وعمر بن لخطاب وعثمان بن عفان وزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف
وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبد الله وعبد الله بن العباس وأبو رافع
مولى رسول الله وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو ذر والخليل بن مرة
وعلي بن الحسين وأبو جعفر محمد بن علي وجعفر بن محمد وأبو هاشم
عبد الله بن محمد بن الحنفية ومجاهد بن جبير المكي ومحمد بن السرى وعطاء
ابن السائب وعبد الرزاق، ومن يذكر من التسعين طريقا لأنه أحاديث
كلها حديث غير الاخر فالحديث الأول أوله من الوجهة الثانية من القائمة
الخامسة من أول الجزء الثالث بلفظه أبى رافع مولى رسول الله (ص) حدثنا
علي بن أحمد قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي قال حدثنا يحيى بن
هاشم المعالي حدثني محمد بن عبد الله بن علي بن أبي رافع عن عون بن
عبد الله عن أبيه عن جده إلى أبي رافع قال دخلت على رسول (ص) وهو
نائم أو يوحى إليه فإذا حية في جانب البيت فكرهت ان اقتلها فأيقظته
وظننت انه يوحى إليه فاضطجعت بينه وبين الحية لان كان منها سوء
يكون إلى دونه، قال فاستيقظ النبي وهو يتلو هذه الآية {إنما وليكم
الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
راكعون} ثم قال الحمد لله الذي أكمل لعلى نعمه وهنيئا لعلى بتفضيل الله
قال ثم التفت إلى فقال ما يضجعك هيهنا فأخبرته الخبر فقال لي قم إليها فاقتلها
قال فقتلتها ثم اخذ رسول الله بيدي فقال يا أبا رافع ليكونن على منك
بمنزلتي غير أنه لا نبي بعدي انه سيقاتل قوم يكون حق في الله جهادهم فمن
لم يستطع بلسانه فجهادهم بقلبه ليس وراء ذلك شئ وهو على الحق وهم على
الباطل، قال ثم خرج وقال أيها الناس من كان يحب ان ينظر إلى أميني
يعني أبا رافع قال محمد بن عبيد الله فلما بويع علي بن أبي طالب وسار
96

طلحة والزبير إلى البصرة وخالفه معاوية وأهل الشام، قال أبو رافع هذا
قول رسول الله (ص) انه سيقاتل قوما يكون حقا في الله جهادهم فمن يستطع
جهادهم بيده فبلسانه فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك فباع، أبو
رافع داره وأرضه {بخيبر} ثم خرج مع علي (ع) بقبيلته وعياله وهو شيخ
كبير ابن خمس وثمانين سنة، ثم قال الحمد لله لقد أصبحت وما اعلم أحدا
بمنزلتي لقد بايعت البيعتين بيعة العقبة وبيعة الرضوان ولقد صليت القبلتين،
وهاجرت الهجر الثلاث فقيل وما الهجر الثلاث، قال هجرة مع جعفر بن
أبي طالب إلى ارض النجاشي إذ بعثه رسول الله، وهجرة إلى المدينة مع
رسول الله، وهذه هجرة مع علي بن أبي طالب إلى الكوفة، ثم لم يزل
معه حتى استشهد أمير لمؤمنين ورجع أبو رافع مع الحسن إلى المدينة
ولا دار له ولا ارض فقسم له الحسن (ع) دار علي بن طالب نصفين
وأعطاه بينبع أرضا اقطعها إياه فباعها عبيد الله بن أبي رافع بعد من معاوية
بمأتي ألف درهم وستين ألفا، واما الحديث الثاني من الكتاب المذكور من
الجزء الثالث منه فهو من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة عشر من الجزء
المذكور بلفظه ما روى في نقش الخاتم الذي تصدق به علي (ع) وهو
راكع حدثنا علي بن زهر الصيرفي قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا
عبد الرزاق قال كان خاتم علي (ع) الذي تصدق به وهو راكع حلقة
فضة فيها مثقال عليها منقوش الملك لله، واما الحديث من الجزء الثالث
المذكور بلفظه حدثنا الحسن بن محمد بن يحيي العلوي قال حدثنا جدي يحيي بن
الحسن قال حدثنا أبو بريد أحمد بن يزيد قال حدثنا عبد الوهاب بن حازم
عن مخلد بن الحسن قال قال عمر بن الخطاب أخرجت من مالي صدقة
يتصدق بها على وانا راكع أربعا وعشرين مرة على أن ينزل في ما نزل في
علي فما نزل.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع منه من الوجهة الأولى من القائمة
التاسعة والثلاثين من الجزء المذكور قوله جل وعز {وقل اعملوا فسيرى
97

الله عملكم ورسوله والمؤمنون} روى من اثنى عشر طريقا ان الأعمال
تعرض على رسول الله (ص) بعد وفاته وفي عدة روايات منها ان المؤمنين
المذكورين في الآية الذين تعرض الأعمال عليهم هم الأئمة من آل محمد (ص)
ونحن نذكر من طرقه طريقا واحدا بلفظها أخبرنا عبد الله بن العلاء
الأرجاني عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، ان عمار بن ياسر
قال لرسول الله (ص) وددت انك عمرت فينا عمر نوح، فقال رسول الله
يا عمار حياتي خير لكم ووفاتي ليس بشر لكم، اما في حياتي فتحدثون
واستغفر الله لكم، واما بعد وفاتي فاتقوا الله وأحسنوا الصلاة علي وعلى
أهل بيتي وانكم تعرضون على بأسمائكم وقبائلكم فان يكن خيرا حمدت الله
وان يكن {سوى} سوء ذلك استغفرت الله لذنوبكم، فقال المنافقون
والشكاك والذين في قلوبهم مرض يزعم أن الأعمال تعرض عليه بعد
وفاته بأسماء الرجال وأسماء ابائهم وأنسابهم إلى قبائلهم ان هذا لهو الإفك
فأنزل الله عز وجل {وقل اعملوا فسير الله عملكم ورسوله والمؤمنون} فقيل
له ومن المؤمنون قال عامة وخاصة اما الذي قال الله عز وجل والمؤمنون
منهم فهم آل محمد الأئمة قال {وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما
كنتم تعملون} من طاعة الله وتفريضه {ومعصيته}.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ان استبعاد المنافقين لعرض الأعمال
عليه (ص) في غير موضع الاعتراض لأنهم يرون الأرواح تفارق
الأجساد على العيان والأجساد باقية كما كانت ما تغير منها شئ في ظاهر
الوجدان فهلا جوزوا عرض الأعمال على الأرواح كما يرون ان النائم
كالميت وهو مع هذه الحالة يرى في منامه الأمور العظيمة التي يحتاج إلى
زمان طويل في أوقات قليلة ولقد كان لهم في ظهور صدقه (ع) على
تطاول الأزمان ما يقتضى التجويز وإلا تقدموا على الطعن بما يجوز فيما يجوز
في الامكان واعلم أن كل من صدق بان الأعمال تعرض عليه يلزمه من
الأدب معه (ع) بعد وفاته كما يلزمه الأدب لو كان بين يديه وكما يلزمه
98

إذا علم أن حديثه ينتهى إليه وكما يلزمه على أقل المراتب إذا كان حديثه
يبلغ إلى صديق يعز عليه أو إلى سلطان بلده مما يأخذه عليه أو عالم من علماء
البلد إذا كان محتاجا إليه أو إلى عبد في داره يحفظ قلبه ان يتغير عليه فإذا
سقطت حرمة ملك الجلالة فصاحب الرسالة عن هذه المراتب مع التصديق
بعرض الأعمال عليه (ص) كان ذلك من جملة المصائب التي ينبغي ان
يلبس العارف عليها ثياب السواد ويجلس على الرماد خوفا أن يكون دعواه
للايمان إنما تكون بمجرد اللسان كما قال الله جل جلاله {قالت الاعراب
أمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم}
وربما تطرق الأمة الاخطار فإنه إذا لم يراع اطلاع رسول الله (ص)
بعد اطلاع العالم بالاسرار إلى أن العقل والقلب والاذن قد عميت وصمت
بالاصرار وصار صاحب هذه الأسباب يعتقد انه حي وهو كبعض الدواب.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من المجلدة الأولى من الكتاب
المذكور من الجهة الثانية من القائمة الخامسة عشر منه قوله عز وجل {إنما
أنت منذ ولكل قوم هاد}.
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن طاووس: وإنما
ذكرنا هذه الآية مع ظهور ان المراد بالهادي مولانا علي {ع} وقد ذكرنا
في الطرايف من طريق المخالف في ذلك ما يعتمد عليه لان صاحب هذا
الكتاب روى أن الهادي علي {ع} روى ذلك من خمسين طريقا ونحن
نذكر منها طريقا واحدا بلفظها حدثنا علي بن أحمد قال حدثنا الحسن بن
عبد الواحد حدثنا الحسن بن الحسين عن محمد بن بكر ويحيي بن مساور عن
أبي الجارود الهمداني عن أبي داود السبيعي عن أبي بردة الأسلمي عن
النبي {ص} {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} {قال فوضع يده على منكب
علي {ع} فقال هذا الهادي من بعدي.
يقول علي بن موسى بن طاووس: كان ظاهر رجوع الصحابة إلى
مولانا علي {ع} فيما يشكل عليهم بعد النبي {ص} كاشف عن أن الهادي
99

هو مولانا علي (ع) واظهاره على رؤس الاشهاد وعلى المنابر بين الأضداد
والحساد سلوني قبل ان تفقدوني ومعرفته بكل جواب شاهد صريح
بما تضمنه صريح الكتاب وتعريفه تأييد الخلائق وصفات الملائكة
والسماوات والأرضين [واثار} وأثاب الله في المغارب والمشارق وشرحه
ما ألقى رسول الله إليه من الحوادث التي جرت عليه والحوادث التي جرت
في الاسلام والمسلمين وتسمية الملوك والوقايع التي جرت بين المختلفين
شهود عدول انه هو المقصود بالهداية بعد النبي (ص) واما قوله لكل قوم هاد فكل
من عرف انه هو الهادي على اليقين عرف ان الهداية في عترته الطاهرين.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس أيضا من الوجهة الأولى من القائمة
الخامسة والخمسين من الجزء المذكور في تأويل قوله تعالى {سبحان الذي
اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} الآية وهو
مما رواه عن رجال المخالفين وهو غريب في فضل مولانا أمير المؤمنين (ع)
بلفظ اسناده ولفظ ما نذكر من معناه حدثنا الحسين بن محمد بن سعيد
المطبقي قال حدثنا محمد بن الفيض بن الفياض حدثنا إبراهيم بن عبد الله
ابن همام حدثنا عبد الرزاق معمر عن ابن هماد عن أبيه عن جده قال قال
رسول الله بينما انا في الحجر اتاني جبرئيل فنهرني برجلي فاستيقظت فاخذ
بضبعي فوضعني في شئ {كوكر الطير} فلما أطرقت ببصري طرفة فرجعت
إلي وانا في مكاني، فقال أتدري أين أنت فقلت لا يا جبرئيل فقال هذا بيت
المقدس بيت الله الأقصى فيه المحشر والنشر ثم قام جبرئيل فوضع سبابته
اليمنى في اذنه فاذن مثنى مثنى، يقول في اخرها حي على خير العمل حتى
إذا قضى اذانه أقام الصلاة مثنى مثنى وقال في اخرها قد قامت الصلاة
قد قامت الصلاة فبرق نور في السماء ففتحت به قبور الأنبياء فاقبلوا من
كل أوب يلبون دعوه جبرئيل فوافى أربعة آلاف وأربع مائة وأربعة عشر
نبي فأخذوا مصافهم ولا شك ان جبرئيل سيقدمنا فلما استووا على مصافهم
اخذ جبرئيل بضبعي، ثم قال يا محمد تقدم فصل بإخوانك فالخاتم أولى من المختوم
100

فالتفت من يميني وإذا انا بابي إبراهيم (ع) عليه حلتان خضروان وعن
يمينه ملكان وعن يساره ملكان ثم التفت عن يساري وإذا انا بأخي ووصيي
علي بن أبي طالب (ع) عليه حلتان بيضاوان عن يمينه ملكان وعن يساره
ملكان فاهتززت سرورا فغمزني جبرئيل بيده فلما انقضت الصلاة قمت إلى
إبراهيم فقام إلى فصافحني واخذ يميني بكلتي يديه فقال مرحبا بالنبي
الصالح والابن الصالح والمبعوث الصالح في الزمان الصالح وقام إلى علي
ابن أبي طالب فصافحه واخذ بيمينه بكلتي يديه، وقال مرحبا بالابن
الصالح ووصى الصالح يا أبا الحسن فقلت يا أبت كنيته بابي الحسن ولا ولد
له فقال كذلك وجدته في صحفي وعلم غيب ربى باسمه علي وكنيته بابي
الحسن والحسين ووصي خاتم أنبياء ذريتي، ثم قال في بعض تمام الحديث
ما هذا لفظه أصبحنا في الأبطح لم يباشر تابعنا وانى محدثكم بهذا الحديث
وسيكذب قوم فهو الحق فلا تمترون.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ولعل هذا الاسرى كان دفعة
أخرى غير ما هو مشهور فان الاخبار وردت مختلفة في صفات الاسرى
المذكور ولعل الحاضرين من الأنبياء كانوا في هذه الحالة دون الأنبياء
الذين حضروا في الاسراء الاخر لأن عدد الأنبياء الأجناد مائة الف نبي
وأربعة وعشرون نبيا ولعل الحاضرين من الأنبياء كانوا في هذه هم
المرسلون أو من له خاصة وسر مصون وليس كل ما جرى من خصائص
النبي وعلي (ع) عرفناه وكلمنا يحتمله العقل وكرم الله جل جلاله
لا يجوز التكذيب في معناه وقد ذكرت في عدة مجلدات ومصنفات انه
حيث ارتضى الله تعالى عبده لمعرفته وشرفه بخدمته فكلما يكون بعد ذلك
من الانعام والاكرام فهو دون هذا المقام ولا سيما انه برواية الرجال
الذين يتهمون فضل مولانا علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة.
فصل فيما نذكره من الكراس الاخر من الجزء الخامس قبل اخره
بثمان قوائم من الوجهة الأولة في تفسير قوله تعالى {وآت ذا القربى حقه}
101

روى فيه حديث فدك من عشرين طريقا فلذلك ذكرته نذكر منها طريقا
واحد بلفظه، حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الا عبدي وإبراهيم بن خلف
الدوري وعبد الله بن سليمان بن الأشعب ومحمد بن القاسم بن زكريا قالوا
حدثنا عباد بن يعقوب قال أخبرنا على بن عباس وحدثنا جعفر بن محمد
الحسيني، قال حدثنا علي بن المندر الطريفي قال حدثنا علي بن عباس قال
حدثنا فضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال لما
نزلت {وآت ذا القربى حقه} دعا رسول الله (ص) فاطمة وأعطاها فدكا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: وقد ذكرت في الطرايف روايات
كثيرة عن المخالف وكشفت عن استحقاق الموالاة المعظمة فاطمة لفدك
بغير ارتياب وما ينبغي ان يتعجب من أخذها منها من هو عارف بالأسباب
لان خلافة بني هاشم أعظم من فدك بكل طريق وأهل الإمامة من الأمة
لا يحصيهم الا الله مذ ستمائة سنة وزيادة الا ان يدينون بدين الله تعالى ان
الخلافة كان حقا من حقوقهم وانهم منعوا منها كما منع كثير من
الأنبياء والأوصياء عن حقوقهم ومن وقف على كتاب الطرايف عرف
ذلك على التحقيق.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الأولة من الكراس
الثاني من الجزء الثالث من كتاب محمد بن العباس بن مروان وهذا الجزء
الأول من قالب نصف الورقة من المجلد الثاني من أصل الكتاب بلفظ
مصنفه قوله عز وجل {هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا
قطعت لهم ثياب من نار} الآية إلى قوله فيها حرير حدثنا إبراهيم بن عبد الله
ابن مسلم قال حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت
أبي قال حدثنا أبو مجاهد عن قيس بن عبادة عن علي بن أبي طالب أنه
قال سمعت انا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن، قال قيس وفيهم
نزلت هذه الآية هذان خصمان اختصموا في ربهم قال هم الذين تبارزوا
يوم (بدر) علي وحمزة وعبيدة وشيبة وعتبة والوليد حدثنا الحسن بن
102

عامر قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب حدثنا أحمد بن محمد بن
أبي بصير حدثنا ابان عن عثمان قال فحدثني أبو بصير عن عكرمة عن ابن
عباس قال خرج عتبة وشيبة والوليد للبراز، وخرج عبيد الله بن رواحة
من ناحية أخرى قال فكره رسول الله (بالجرة) أول ما لقي الأنصار فبدء
باهل بيته فقال رسول الله مروهم ان يرجعوا إلى مصافهم انما يريد القوم بني
عمهم فدعا رسول الله عليا وحمزة وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب فبرزوا
بين يديه بالسلاح فقال اجعلاه بينكما وخاف عليه الحداثة فقال اذهبوا
فقاتلوا عن حقكم وبالدين الذي بعث به نبيكم إذ جاؤوا بباطلهم ليطفؤا نور
الله بأفواههم اذهبوا في حفظ الله أو في عون الله فخرجوا يمشون حتى
كانوا قريبا يسمعون الصوت فصاح بهم عتبة انتسبوا نعرفكم فان تكونوا
أكفاءا نقاتلكم وفيهم نزلت هذه الآية (هذان خصمان اختصموا في ربهم
فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار) فقال عبيدة انا عبيدة بن الحرث
ابن عبد المطلب وكان قريب السن من أبى طالب وهو يومئذ أكبر
المسلمين انا الأسد في الجلسة فقال كفو كريم، ثم قال لحمزة من أنت قال
انا حمزة بن عبد المطلب انا أسد الله وأسد رسوله انا صاحب الخلفاء فقال
له سترى صولتك اليوم يا أسد الله وأسد رسوله قد لقيت أسد فقد {المطبين}
فقال لعلي من أنت فقال انا عبد الله وأخو رسوله انا علي بن أبي طالب
فقال يا وليد دونك الغلام فاقبل الوليد يشتد إلى علي قد تنور وتحلق
عليه خاتم من ذهب بيده السيف قال علي ظل علي في طول نحو من ذراع
فنخلته حتى ضربت يده التي فيها السيف فندرت يده وندر السيف حتى
نظرت إلى بصيص الذهب في البطحاء وصاح صيحة اسمع أهل العسكرين
فذهب مولى نحو أبيه وشد عليه علي فضرب فخذه فسقط وقام علي وقال:
ابن ذي الحوضين عبد المطلب * الهاشم المطعم في العام السغب
أوفى بميثاقا وأحمى من حسب
ثم ضربه فقطع فخذه قال ففي ذلك تقول هند بنت عتبة:
103

أبي وعمى وشقيقي بكر * أخي الذي كانوا كصنو البدر
بهم كسرت يا علي ظهري
ثم تقدم شيبة بن ربيعة وعبيدة بن الحرث فالتقيا فضربه شيبة فرمى
برجله وضربه عبيدة فأسرع السيف فيه فاقتطعه فسقطا جميعا وتقدم حمزة
وعتبة {فتكادما} الموت طويلا، وعلي قام على الوليد والناس ينظرون
فصاح رجل من الأنصار يا علي ما ترى الكلب قد أبهر عمك فلما ان سمعها
اقبل يشتد نحو عتبة فحانت من عتبة التفاتة إلي علي فرآه وقد اقبل نحوه
يشتد فاغتنم عتبة حداثة من علي فاقبل نحوه فلحقه حمزة قبل ان يصل
إلى علي فضربه في حبل العاتق فضربه علي فأجهز عليه فكان أبو حذيفة
بن عتبة إلى جنب رسول الله (ص) ينظر إليهم قد أربد وجهه فقد تغير
لونه وهو ينفس ورسول الله (ص) يقول صبرا يا أبا حذيفة حتى قتلوا
ثم أقبلا إلى عتبة حتى احتملاه فسال المخ على أقدامهما ثم استندوا به إلى
رسول الله فلما نظر إليه رسول الله (ص) قال يا رسول الله الست شهيدا
قال بلى قال لو كان أبو طالب حيا لعلم انى أولى بهذا البيت منه حيث يقول:
ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبناءنا والحلائل
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من الكتاب المذكور وهو الثاني من
المجلد الثاني من أواخر الجهة الثانية من القائمة الأولى منه وهو أول الجزء
السابع في خامس كراس من أصل الجلد من كتاب محمد بن العباس بن
مروان بلفظه حدثنا الحسين بن الحكم الخبري قال حدثنا محمد بن جرير
قال حدثني زكريا بن يحيي قال حدثني عفان بن سلمان وحدثنا محمد بن
أحمد الكاتب قال حدثني جدي قالوا أخبرنا عفان وحدثنا عبد العزيز بن
يحيي قال حدثنا موسى بن زكريا حدثنا عبد الواحد بن غياث قالا حدثنا
أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق عن أبي ربيعة بن ماجد أن
رجلا قال لعلي يا أمير المؤمنين لم ورثت ابن عمك دون عمك قالها ثلاث
مرات حتى استراب الناس ونشروا اذانهم ثم قال جمع رسول الله أو دعا
104

رسول الله بني عبد المطلب كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق قال فصنع
لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا قال وبقى الطعام كما هو كأنه لم يمس
ولم يشرب فقال يا بني عبد المطلب انى بعثت إليكم خاصة والى الناس عامة
وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي
ووارثي فلم يقم إليه أحد قال فقمت وكنت أصغر القوم سنا فقال اجلس
قال ثم قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول لي اجلس حتى كانت
الثالثة ضرب يده علي يدي فقال فلذلك ورثت ابن عمي دون عمي.
فصل فيما نذكره من شرح تأويل هذه الآية {وأنذر عشيرتك
الأقربين} وهو من الوجهة الثانية من قائمة بعد القائمة التي ذكرناها من
كتاب محمد بن العباس بن مروان بلفظه حدثنا محمد بن هوذة الباهلي حدثنا
إبراهيم بن إسحاق النهاوندي حدثنا عمار بن حماد الأنصاري عن عمر بن
شمر عن مبارك بن فضالة والعامة عن الحسن عن رجل من أصحاب النبي
قال إن قوما خاضوا في بعض أمر علي بعد الذي كان من وقعة (الجمل)
قال الرجل الذي سمع من الحسن الحديث، ويلكم ما تريدون ومن أول
السابق بالايمان بالله والاقرار بما جاء من عند الله لقد كنت عاشر عشر
من ولد عبد المطلب إذ اتانا علي بن أبي طالب فقال أجيبوا رسول الله
إلى غدا في منزل أبي طالب فتغامزنا فلما ولى قلنا أترى محمدا ان يشبعنا
اليوم وما منا يومئذ من العشرة رجلا الا وهو يأكل الجذعة السمينة ويشرب
الفرق من اللبن فغدوا عليه في منزل أبي طالب وإذا نحن برسول الله
فحييناه بتحية الجاهلية وحيانا هو بتحية الاسلام، فأول ما أنكرنا منه ذلك
ثم أمر بجفنة من خبز ولحم فقدمت إلينا ووضع يده اليمنى على ذروتها،
وقال بسم الله كلوا على اسم الله، فتغيرنا لذلك ثم تمسكنا لحاجتنا إلى الطعام
وذلك اننا جزعنا أنفسنا للميعاد بالأمس فأكلنا حتى انتهينا والجفنة كما هي
مدفقة ثم دفع إلينا عسا من لبن فكان علي (ع) خدمنا فشربنا كلنا حتى
روينا والعس على حاله حتى إذا فرغنا قال يا بني عبد المطلب انى نذير لكم
105

من الله جل وعز انى اتيتكم بما لم يأت أحد من العرب فان تطيعوني ترشدوا
وتفلحوا وتنجحوا ان هذه مائدة امرني الله بها فصنعتها لكم كما صنع عيسى
ابن مريم لقومه فمن كفر بعد ذلك منكم فان الله يعذبه عذابا لا يعذبه
أحدا من العالمين، واتقوا الله واسمعوا وأطيعوا ما أقول لكم، واعلموا
يا بني عبد المطلب ان الله لم يبعث رسولا الا جعل أخا ووزيرا ووصيا
ووارثا من أهله كما جعل للأنبياء من قبل وان الله قد أرسلني إلى الناس
كافة وانزل علي وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين وقد والله
أنبأني به وسماه لي ولكن امرني ان أدعوكم وانصح لكم وأعرض عليكم
لئلا يكون لكم الحجة فيما بعد وأنتم عشيرتي وخالص رهطي فأيكم يسبق
إليها على أن يواخيني في الله ويوازرني ومع ذلك يكون علي جميع من
خالفني فاتخذه وصيا ووليا ووزيرا يؤدى عنى ويبلغ رسالتي ويقضى ديني
من بعدي وعداتي مع أشياء اشترطتها فسكتوا فأعادها ثلاث مرات كلها
يسكتون ويثب فيها على فلما أبو لهب قال تبا لك يا محمد ولما جئتنا، إلى
هذا دعوتنا وهم ان يقوم موليا فقال (ص) اما والله لتقومن أو يكون
في غيركم وقال يحرضهم لئلا يكون لاحد منهم فيما بعد حجة قال فوثب
علي (ع) فقال يا رسول الله انا لها فقال رسول الله يا أبا الحسن أنت لها
قضى القضاء وجف القلم يا علي اصطفاك الله بأولها وجعلك ولي اخرها.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الأولة من الجزء الثامن
وهو الثالث من هذه المجلدة الثانية من كتاب محمد بن العباس بن مروان
بلفظه حدثنا أبو عبد الله محمد بن العباس بن موسى قال حدثنا يحيي بن
محمد بن صادق حدثنا عمار بن خالد التمار الواسطي قال حدثنا إسحاق بن
يوسف الأزرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن أبي ليل الكندي عن أم
سلمة زوجة النبي (ص) ان رسول الله كان في بيتها على منامه لها عليه
كساء خيبري فجائت فاطمة ببرمة فيها حريرة فقال رسول الله ادعى
زوجك وابنيه حسنا وحسينا فدعتهم فبينما هم يأكلون إذ نزلت على النبي
106

هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا} قالت فاخذ رسول الله بفضل الكساء فغشاهم إياه ثم قال اللهم هؤلاء
أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالها النبي (ص)
ثلاث مرات فأدخلت رأسي في الكساء فقلت يا رسول الله وانا معكم فقال
إنك إلى خير قال عبد الملك بن سليمان وأبو ليل سمعته من أم سلمة قال عبد
الملك وحدثنا داود بن أبي عوف يعنى أبو الحجاف عن شهر بن حوشب
عن أم سلمة بمثله.
أقول: وروى تخصيص اية الطهارة بهم (ع) من أحد عشر طريقا
من رجال المخالف غير الأربع طرق التي أشرنا إليها في اخر الجزء السابع
وبعضها في أوائل الجزء الثامن ورواه البلخي في الجزء الثالث والعشرين
من تفسيره.
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن المذكور أيضا من الوجهة الثانية من
القائمة السابعة من الكراس الخامس من كتاب محمد بن العباس بن مروان
في تفسير قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} حدثنا علي
ابن عبد الله بن أسد حدثنا إبراهيم بن محمد حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا
إسحاق بن يزيد الفراء عن غالب الهمداني عن أبي إسحاق السبيعي قال
خرجت حاجا فلقيت، محمد بن علي فسألته عن هذه الآية {ثم أورثنا
الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم
سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير} فقال (ع) ما يقول فيها
قومك يا أبا إسحاق يعنى أهل الكوفة قال قلت يقولون انها لهم قال فما يخوفهم
إذا كانوا من أهل الجنة قلت فما تقول أنت جعلت فداك فقال هي لنا
خاصة يا أبا إسحاق اما السابق في الخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن
والحسين والشهيد منا المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل واما الظالم لنفسه
ففيه ما في الناس وهو مغفور له يا أبا إسحاق بنا يفك الله عيوبكم وبنا يحمل
الله رباق الذل من أعناقكم وبنا يغفر الله ذنوبكم وبنا يفتح الله وبنا يختم
107

ونحن كهفكم كأصحاب الكهف ونحن سفينتكم كسفينة نوح ونحن باب
حطتكم كباب حطة بني إسرائيل.
أقول: وروي تأويل هذه الآية من عشرين طريقا وفى الروايات
زيادات أو نقصان وأحق الخلايق بالاستظهار في صلاح السر والاعلان
ذرية النبي وعلي وفاطمة فقد رويت في مناظرة الرضا لزيد ان البار المحسن
له من العشيرة ثوابان والمسئ له عقابان وهو موافق بحال أزواج النبي
في صريح القرآن.
فصل فيما نذكره من أواخر الوجهة الأولى من القائمة التاسعة من الكراس
الثاني عشر من الجزء الثامن أيضا من كتاب محمد بن العباس بن مروان
في تأويل قوله تعالى {وتعيها اذن واعية} انها نزلت في مولانا علي بن
أبي طالب رواها من نحو ثلاثين طريقا أكثرها وأجلها من رجال أهل
الخلاف نذكر منها طريقا واحدا بلفظها حدثنا محمد بن جرير الطبري
قال حدثنا عبد الله بن أحمد المروزي قال حدثنا الوخاط بن يحيى بن صالح قال
حدثنا علي بن حوشب الفزاري قال حدثنا مكحول في قوله تعالى {وتعيها
اذن واعية} قال قال رسول الله ان يجعلها اذن علي وكان علي يقول
ما سمعت من رسول الله شيئا الا حفظته ولم أنسه.
فصل فيما نذكره من الوجهة الأولى من القائمة الرابعة من الكراس
السادس عشر من هذا الجزء الثامن من كتاب محمد بن العباس بن مروان
في تفسير قوله تعالى (أولئك هم خير البرية) وانها في مولانا علي (ص)
وشيعته رواه مصنف الكتاب من نحو ستة وعشرين طريقا أكثرها رجال
الجمهور ونحن نذكر منها طريقا واحدا بلفظها حدثنا أحمد بن محمد المحدود
قال حدثنا الحسن بن عبيد بن عبد الرحمن الكندي قال حدثني محمد بن
سليمان قال حدثني خالد بن السيري الأودي قال حدثني النضر بن الياس
قال حدثني عامر بن وائلة قال خطبنا أمير المؤمنين على منبر الكوفة وهو
... مجصص فحمد الله وأثنى عليه وذكر الله لما هو أهله وصلى على نبيه
108

ثم قال أيها الناس سلوني سلوني فوالله لا تسألوني من اية من كتاب الله
الا حدثتكم عنها بمن نزلت بليل أو بنهار أو في مقام أو في سهل أو في جبل
وفيمن نزلت أفي مؤمن أو منافق وما عنى بها أخاص أم عامة ولئن
فقدتموني لا يحدثكم أحد حديثي، فقام إليه ابن الكواء فلما بصر به قال متعنتا
لا تسأل تعلما هات سل فإذا سئلت فاعقل ما تسأل عنه، فقال يا أمير المؤمنين
اخبرني عن قول الله جل وعز {الذين امنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية}
فسكت أمير المؤمنين فأعادها عليه ابن الكواء فسكت فأعادها ثلاثا فقال
علي ورفع صوته ويحك يا بن الكواء أولئك نحن وأتباعنا يوم القيامة غر
المحجلين رواء مرويين يعرفون بسيماهم.
فصل فيما نذكره من كتاب التفسير مجلدة واحدة قالب الربع مختصر
كتاب محمد بن العباس بن مروان ولم يذكر من اختصره ونذكر عنه رواية
واحدة تفسير اية من سورة الرعد وهي من الوجهة الأولة من القائمة الثانية
من الابتداء في سورة الرعد حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي وجعفر
ابن محمد الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب ومحمد بن الحسين البزار قالوا حدثنا
عيسى بن مهران قال أخبرنا محمد بن بكار الهمداني عن يوسف السراج
قال حدثني أبو هبيرة العماري من ولد عمار بن ياسر عن جعفر بن محمد عن
ابائه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال لما نزلت على رسول الله {طوبى
لهم وحسن مآب} قام المقداد بن الأسود الكندي إلى رسول الله فقال
يا رسول الله وما طوبى قال شجرة في الجنة لو سار الراكب الجواد لسار في
في ظلها مائه عام قبل ان يقطعها ورقها برود خضر وزهرها رياض صفر
وافناؤها سندس وإستبرق وثمرها حلل خضر وصمغها زنجبيل وعسل
وبطحاؤها ياقوت احمر وزمرد أخضر وترابها مسك وعنبر وحشيشها
زعفران ينيع والأرجوان يتأجج من غير وقود ويتفجر من أصلها السلسبيل
والرحيق والمعين وظلها مجلس من مجالس شيعة علي بن أبي طالب تجمعهم
فبينما هم يوما في ظلها يتحدثون إذ جائتهم الملائكة يقودون نجبا قد جبلت
109

من الياقوت لم ينفح فيها الروح مزمومة بسلاسل من ذهب كان وجوهها
المصابيح نضارة وحسنا وبرهان خز احمر ومرعزا ابيض مختلطان لم ينظر
الناظرون إلى مثلها حسنا وبهاءا ذلل من غير مهانة تجب من غير رياضة عليها
رحال ألوانها من الدر والياقوت مفضضة باللؤلؤ والمرجان صفايحها من
الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والأرجوان فأنا خوا تلك النجاتي إليهم ثم
قالوا ربكم يقرئكم السلام فتزورونه فينظر إليكم ويجيبكم ويزيدكم من
فضله وسعته فإنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم، قال فيتحول كل رجل
منهم على راحلته فينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت منهم شئ شيئا
ولا يفوت اذن ناقة ناقتها ولا بركة ناقة بركتها ولا يمرون بشجرة من
شجرة الجنة الا أتحفتهم بثمارها ورحلت لهم عن طريقه كراهية ان تنثلم
طريقهم وان تفرق بين الرجل ورفيقه رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى
قالوا ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك يحق الجلال والإكرام قال فقال
انا السلام ومعي السلام ولي يحق الجلال والإكرام فمرحبا بعبادي الذين
حفظوا وصيتي في أهل بيت نبي وراعوا حقي وخافوني بالغيب وكانوا
منى على حال مشفقين قالوا اما وعزتك وجلالك ما قدرناك حق قدرك
وما أدينا إليك كل حقك فأذن لنا بالسجود قال ربهم عز وجل انى قد
وضعت عنكم مؤنة العبادة وأرحت لكم أبدانكم فطال ما أنصبتم لي الأبدان
وعنتم لي الوجوه فالآن أفضتم إلى روحي ورحمتي فاسألوني ما شئتم وتمنوا
علي أعطكم أمانيكم واني لم أجركم اليوم بأعمالكم ولكن برحمتي وكرامتي
وعظيم شأني وبحبكم أهل بيت محمد ولا يزالوا يا مقداد محبوا علي بن أبي
طالب في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى في أمنيته مثل
جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة قال لهم ربهم تبارك وتعالى لقد
قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فانظروا إلى مواهب ربكم
فإذا بقباب وقصور في أعلا عليين من الياقوت الأحمر والأخضر والأبيض
والأصفر يزهر نورها فلولا انه مسخر إذ التمعت الابصار منها فما كان من
110

تلك القصور من الياقوت الأحمر مفروش بالسندس الأخضر وما كان منها
من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالرباط الصفر مبثوثة بالزبرجد الأخضر
والفضة البيضاء والذهب الأحمر قواعدها وأركانها من الجوهر ينور
من أبوابها واعراضها نور شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في
النهار المضئ وإذا على باب كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان
فيهما من كل فاكهة زوجان فلما أرادوا الانصراف إلى منازلهم جولوا على
براذين من نور بأيدي ولدان مخلدين اكل ولد منهم حكمة برذون من تلك
البراذين لجمها وأعنتها من الفضة البيضاء وأثفارها من الجوهر فإذا دخلوا
منازلهم وجدوا الملائكة يهنؤنهم بكرامة ربهم حتى إذا استقروا قرارهم
قيل لهم هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا قالوا نعم ربنا رضينا فارض عنا
قال برضائي عنكم وبحبكم أهل بيت نبي حللتم داري وصافحتكم الملائكة
فهنيا هنيئا عطاءا غير مجذوذ فيه ليس تنغيص فعندها قالوا الحمد لله الذي اذهب
عنا الحزن وأدخلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها لغوب ان ربنا لغفور
شكور قال لنا أبو محمد النوفلي أحمد بن محمد بن موسى قال لنا عيسى بن
مهران قرأت هذا الحديث يوما على أصحاب الحديث فقلت أبرء إليكم من
عهدة الحديث فان يوسف السراج لا اعرفه فلما كان من الليل رأيت في
منامي كان انسانا جائني ومعه كتاب وفيه بسم الرحمن الرحيم من
محمود بن إبراهيم والحسن بن الحسين ويحيى بن الحسن الفرار وعلي بن
قاسم الكندي من تحت شجرة طوبى وقد أنجز لنا ربنا ما وعدنا فاحتفظ
بما في يديك من هذه الآية فإنك لم تقرء منها كتابا الا أشرقت له الجنة.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول ذكر ما نزل من القرآن في رسول
الله (ص) وفي علي وأهل البيت عليهم السلام وفي شيعتهم وتأويل ذلك
وفي اخر قائمة من المجلدة اي في العشر الأول من المحرم سنة ستة وأربعمائة
لخط وكاغذ عتيق كأنه رق أو خراساني ولم يذكر اسم مصنفه قالبه
أكبر من الربع دون النصف من الوجهة الأولى من القائمة السابعة
111

والثلاثين بلفظه {وكأي من نبي قاتل معه ربيون} الآية، محمد بن جعفر
قال حدثنا سويد بن سعيد قال حدثنا عقيل بن أحمد قال حدثنا أبو عمر
وابن العلاء عن الشعبي انصرف علي بن أبي طالب (ع) من وقعة {أحد}
وبه ثمانون جراحة تدخل فيها الفتائل فدخل عليه رسول الله (ص)
وهو على نطع رآه بكى وقال إن رجلا تصيبه هذا في سبيل الله لحق
على الله ان يفعل به ولفعل، فقال على مجيبا له وبكى ثانية واما أنت
يا رسول الله، الحمد الذي لم يرني وليت عنك ولا فررت ولكني كيف
حرمت الشهادة فقال له (ص) انها من ورائك انشاء الله ثم قال له النبي
صلى الله عليه وآله ان أبا سفيان قد ارسل يوعدنا ويقول ما بيننا وبينكم
الأحمر الأسد فقال علي (ع) لا، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا ارجع
عنهم ولو حملت على أيدي الرجال فأنزل الله عز وجل {وكأين من نبي
قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم وما ضعفوا وما استكانوا والله
يحب الصابرين}.
يقول علي بن موسى بن طاووس: فهل عرفت أحدا من الحاضرين
من المسلمين على هذه الصفات وهل كان يجوز في العقل والنقل ان يقدم
عليه من كان حاضرا في ذلك اليوم ولم ينقل عنه انه اصابه جراحة واحدة
من الجراحات ولا جرح أحدا ولا كابد هؤلاء من أهوال تلك المقامات
أفيجوز ان يقاتل قوم عن نبوتهم ورسالتهم ودولتهم وشريعتهم فإذا صفت
من الأكدار والاخطار داهمهم عليها وتقدم عليهم فيها من لم يواسهم ولم يدخل
معهم في نبوتها بالمدافعة عنها كيف يخفى ان أهلها مظلومون عند أهل الاعتبار.
فصل فيما نذكره من كتاب التفسير مجلد واحد تأليف أبي إسحاق
إبراهيم بن أحمد القزويني نذكر منه حديثا واحدا من تفسير سورة
الكهف من الوجهة الأولة من القائمة الثانية من الكراس الرابعة باسناده
عن محمد بن أبي يعقوب الجوال الدينوري قال حدثني جعفر بن نصر
بحمص قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن انس بن مالك
112

قال اهدى لرسول الله (ص) بساط من قرية يقال لها بهبدت فقعد علي
عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد
فقال النبي (ص) يا علي قل يا ريح احملينا فقال على يا ريح احملينا فحملتهم حتى
أتوا أصحاب الكهف فسلم أبو بكر وعمر فلم يردوا عليهما السلام ثم قام
علي (ع) فسلم فردوا عليه السلام فقال أبو بكر يا علي ما بالهم ردوا
عليك وما ردوا علينا فقال لهم علي فقالوا انا لا نرد بعد الموت الا على نبي
أو وصى نبي ثم قال (ع) يا ريح احملينا فحملتنا ثم قال يا ريح ضعينا فوضعتنا
فركز برجله الأرض فتوضأ وتوضئنا ثم قال يا ريح احملينا فحملتنا فوافينا
المدينة والنبي في صلاة الغداة وهو يقرأ {أم حسبت ان أصحاب الكهف
والرقيم كانوا من آياتنا عجبا} فلما قضى النبي الصلاة قال يا علي أتخبروني
عن مسيركم أم تحبون ان أخبركم قالوا بل تخبرنا يا رسول الله فقال انس
ثم قص القصة كأنه معنا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: هذا الحديث رويناه من عدة طرق
مذكورات وإنما ذكرناه ههنا لأنه من رجال الجمهور وهم غير متهمين فيما
ينقلونه لمولانا علي (ع) من الكرامات.
فصل فيما نذكره من مجلد اخر من جهة كتاب فيه ذكر الآيات التي
نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وتفسير معناها مستخرجة
من القرآن العظيم وأوله خطبة أولها الحمد لله مستحق الحمد بالآئه ولم يذكر
اسم مصنفه فنذكر منه حديث البساط برواية وجدناها في هذا الكتاب
فيحتمل أن يكون رواية واحدة فرواها انس بن مالك مختصره ورواها
جابر بن عبد الله مشروحة ويحتمل أن يكون قد كان حمل البساط لهم
دفعتين وروى كل واحد ما رآه وهو من الوجهة الثانية بلفظه من القائمة
السادسة من الكراس السادس منه، حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا احمد
ابن الحسين قال حدثنا الحسن بن دينار عن عبد الله بن موسى عن أبيه
عن جده جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي عليهم السلام عن جابر
113

ابن عبد الله الأنصاري قال خرج علينا رسول الله (ص) يوما ونحن في
مسجده فقال من هاهنا فقلت انا يا رسول الله وسلمان الفارسي فقال يا سلمان
اذهب وادع مولاك علي بن أبي طالب طالب قال جابر فذهب سلمان
ينتدب به حتى استخرج عليا من منزله فلما دنى من رسول الله (ص)
قام إليه فخلا به وطالت مناجاته ورسول الله (ص) يقطر عرقا كهيئة
اللؤلؤ ويتهلل حسنا ثم انصرف رسول الله (ص) من مناجاته فجلس فقال
له أسمعت يا علي ووعيت قال نعم يا رسول الله قال جابر ثم التفت إلي وقال
يا جابر ادع لي أبا بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف الزهري فذهبت مسرعا
فدعوتهم فلما حضروا قال يا سلمان اذهب إلى منزل أمك أم سلمة واتني
ببساط الشعر الخيبري قال جابر فذهب سلمان فلم يلبث ان جاء بالبساط فامر
رسول الله (ص) سلمان فبسطه ثم قال يا أبا بكر ويا عمر ويا عبد الرحمن اجلسوا
كل واحد منكم على زاوية من البساط فجلسوا كما أمرهم ثم خلا رسول
الله صلى الله عليه وآله بسلمان فناجاه وأسر إليه شيئا ثم قال له اجلس في
زاوية الرابعة فجلس سلمان ثم أمر عليا لأن يجلس في وسطه ثم قال له قل
ما أمرتك فوالذي بعثني بالحق لو قلت على الجبال لسار فحرك علي (ع) شفتيه
فاختلج البساط فمر بهم قال جابر فسألت سلمان فقلت أين مر بكم البساط
قال والله ما شعرنا بشئ حتى انقض بنا البساط في ذروة جبل شاهق وصرنا
إلى باب كهف قال سلمان فقمت وقلت لأبي بكر يا أبا بكر قد امرني
رسول الله (ص) ان تصرخ في هذا الكهف بالفتية الذين ذكرهم الله في
محكم كتابه فقام أبو بكر فصرخ بهم بأعلى صوته فلم يجبه أحد ثم قلت
لعمر قم وصرخ في هذا الكهف كما صرخ أبو بكر فصرخ عمر فلم يجبه
أحد ثم قلت لعبد الرحمن قم واصرخ كما صرخ أبو بكر وعمر فقام
وصرخ فلم يجبه أحد فقمت انا وصرخت بهم بأعلى صوتي فلم يجبني أحد
منهم ثم قلت لعلي بن أبي طالب (ع) قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا
الكهف فإنه امرني رسول الله (ص) ان أمرك كما امرتهم فقام علي (ع)
114

فصاح بهم بصوت خفى فانفتح باب الكهف ونظرنا إلى داخله يتوقد نورا
ويالق اشراقا وسمعنا ضجة ووجبة شديدة وملئنا رعبا وولوا القوم هاربين
فناديتهم مهلا يا قوم وارجعوا وقالوا ما هذا يا سلمان قلت هذا الكهف الذي
ذكره الله جل وعز في كتابه وهؤلاء الذين رأيتم هم الفتية الذين ذكرهم
الله عز وجل هم الفتية المؤمنون وعلي (ع) واقف يكلمهم فعادوا إلى
موضعهم قال سلمان وأعاد علي (ع) عليهم السلام فقالوا كلهم وعليك
السلام ورحمة الله وبركاته وعلى محمد رسول الله خاتم النبوة منا السلام
أبلغه منا وقل له شهدنا لك بالنبوة التي أمرنا الله قبل وقت مبعثك بأعوام
كثيرة ولك يا علي بالوصية فأعاد على سلامه عليهم فقالوا كلهم وعليك وعلى
محمد منا السلام نشهد انك مولانا ومولى كل من آمن بمحمد (ص) قال
سلمان فلما سمعوا القوم أخذوا في النحيب وفزعوا واعتذروا إلى أمير المؤمنين
عليه السلام وقاموا كلهم يقبلون رأسه ويقولون قد علمنا ما أراد رسول الله
صلى الله وآله ومددوا أيديهم وبايعوه بأمره المؤمنين وشهدوا له
بالولاية بعد محمد (ص) ثم جلس كل واحد مكانه من البساط وجلس
علي (ع) في وسطه ثم حرك شفتيه فاختلج البساط فلم نشعر كيف
مر بنا في البر وفي البحر حتى انقض بنا على باب مسجد رسول الله (ص)
فخرج إلينا رسول الله (ص) فقال كيف رايتهم يا أبا بكر قالوا نشهد
يا رسول الله (ص) كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما امنوا فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله، الله أكبر لا تقولوا سكرت ابصارنا بل نحن قوم
مسحورون ولا تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين والله لئن فعلتم
لتهتدوا وما على الرسول الا البلاغ المبين وان لم تفعلوا تخلفوا ومن وفى
وفى الله له ومن يكتم ما سمعه فعلى عقبه ينقلب فلن يضر الله شيئا أفبعد
الحجة والبينة والمعرفة خلف والذي بعثني بالحق نبيا لقد أمرت ان أمركم
ببيعته وطاعته فبايعوه وأطيعوه بعدي ثم تلا هذه الآية {يا أيها الذين
امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} يعنى علي بن أبي
115

طالب (ع) قالوا يا رسول الله قد بايعناه وشهد أهل الكهف علينا فقال
النبي (ص) ان صدقتم فقد استقيتم ماءا غدقا وأكلتم من فوقكم ومن تحت
أرجلكم أو يلبسكم شيعا وتسلكون طريق بني إسرائيل فمن تمسك بولاية
علي بن أبي طالب (ع) لقيني يوم القيامة وانا عنه راض قال سلمان
والقوم ينظر بعضهم إلى بعض فأنزل الله هذه الآية في ذلك اليوم {ألم يعلموا
ان الله يعلم سرهم ونجواهم وان الله علام الغيوب} قال سلمان فصفرت
وجوههم وينظر كل واحد إلى صاحبه وانزل الله هذه الآية {يعلم خائنة
الأعين وما تخفى الصدور والله يقضى بالحق} فكان ذهابهم إلى الكهف
ومجيئهم من زوال الشمس إلى وقت العصر.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من آي القرآن المنزلة في أمير المؤمنين
علي بن أبي (ع) ذكر انها تأليف المفيد محمد بن محمد بن النعمان
نذكر فيها حديثا واحدا من الكراس العاشر من القائمة الرابعة منها من
أواخر أوجهة بلفظه وقال اخبرني أحمد بن أبي هراسة عن إبراهيم بن
إسحاق عن عبد الله بن حماد عن أبي بصير قال قلت لأبي جعفر ومثله لأبي
عبد الله (ع) قوله تعالى {وأقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من
يموت بلى قال فقال تبا لمن قال هذا قال سلهم هل كان المشركون يحلفون
بالله أو باللات والعزى {قلت حدثنيه أنت، قال يا أبا محمد لو قام قائم آل محمد
لبعث الله قوما من شيعتهم تتابع سيوفهم على عواتقهم فبلغ ذلك قوم من
شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع الأمام فبلغ
ذلك قوم من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبكم هذه دولتكم وأنتم
تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة
فيحكي الله قولهم {وأقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت}.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قد تقدم ما ذكرناه في الرجعة
ومن العجب إحالتها عند المخالف وهو قريب مما أنكره غيرهم من البعث
ومن صدق بحال الأمم الماضية من لفظ القرآن عرف ان الله رد خلقا
116

كثيرا بعد الموت في الحياة الدنيا وكل داخل تحت قدرة الله جل جلاله
ممكن والنوم أخو الموت وقد سماه الله وفاة وسمى اليقظة بعثا.
فصل فيما نذكره من تفسير القرآن عن أهل بيت رسول الله (ص)
رواية أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة وهو من مجلد
واحد قالب الربع ذكر فيه في الوجهة الثانية من القائمة الثانية من الكراس
الثالث ما هذا لفظه، النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة
عن أبي بصير في قول الله أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها
قال إني يحيى هذه الله بعد موتها قال إن الله يبعث من بني إسرائيل نبيا يقال
له إرميا فقال قل لهم ما بلد تبقيه من كرام البلدان وغروس فيه من كرام
الغروس نقية من كل غريبة واخلف وأنبت خرنوبا قال فضحكوا منه
واستهزؤا به فشكاهم إلى الله فأوحى الله إليه ان قل لهم ان البلد بيت المقدس
والغرس بني إسرائيل نقية من كل غريب ونحيت عنهم كل جبار فاختلفوا
فعملوا معاصي الله فلأسلطن عليهم في بلدانهم من يسفك دمائهم ويأخذ
أموالهم فان بكوا لم ارحم بكائهم وان دعوا لم استجب دعائهم ولا اقبل
أعمالهم ثم لأخرب فيها مائة عام لأعمرها فلما حدثهم جزعت العلماء
فقالوا يا رسول فما ذنبنا نحن ولم نعمل بعملهم فعاود لنا ربك فصام سبعا
فلم يوح إليه شئ فاكل اكلة ثم صام سبعا فلم يوح إليه شئ ثم صام سبعا
فلما كان إحدى وعشرين يوما أوحى الله لترجعن عما تصنع لا تراجعني
في أمر قد قضيته أو لأردن وجهك على دبرك ثم أوحى إليه انكم رأيتم
المنكر فلم تنكروه فسلط عليهم بخت نصر يصنع بهم ما قد بلغك ثم بعث
بخت نصر إلى النبي فقال إنك قد بينت عن ربك وحدثتهم بما اصنع بهم
فان شئت فأقم عندي فيم شئت وان شئت فاخرج قال بل اخرج فتزود
عصيرا وتبنا ثم خرج فلما إن كان البصر مد البصر التفت إليها قال إني
يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام أماته غدوة وأحياه عشية قبل
ان تغيب الشمس فكان أول شئ خلق منه عيناه في مثل غرقى البيض ثم
117

قيل له كم لبثت قال يوما فلما نظر إلى الشمس لم تغب قال أو بعض يوم
قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى
حمارك وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فجعل ينظر إلى
عظامه كيف يصل بعضها إلى بعض ويرى العروق كيف تجرى فلما
استوى قائما قال اشهد ان الله على كل شئ قدير.
فصل فيما نذكره من تفسير أبي العباس بن عقده أيضا من الوجهة
الأولة من الكراس السادس بلفظه علي بن الحسن قال حدثنا عمرو بن
عثمان عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة الحذاء عن
أبي جعفر قال وجدنا في كتاب علي (ع) ان قوما من أهل أيلة من قوم
ثمود فان الحيتان كانت قد سبقت لهم يوم السبت ليختبر الله عز وجل
طاعتهم في ذلك فشرعت لهم يوم سبتهم في ناديهم وقدام أبوابهم في أنهارهم
وسواقيهم فتبادروا إليها واخذوا يصطادونها ويأكلونها فلبثوا بذلك
ما شاء الله لا ينهاهم الأحبار ولا تمنعهم العلماء من صيدها ثم إن الشيطان أوحى
إلى طائفة منهم إنما نهيتم عن اكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها
فاصطادوها يوم السبت وأكلوها في ما سوى ذلك من الأيام فقالت طائفة
منهم لا الا ان يصطادوها فعتت وانحازت طائفة منهم أخرى ذات اليمين
فقالوا الله الله ننهاكم عن عقوبة ان تتعرضوا الخلاف امره واعتزلت
طائفة منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم فقالت للطائفة التي وعظتهم لم
تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالت الطائفة التي وعظتها
معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون قال الله تبارك وتعالى فلما نسوا ما ذكروا
يعني لما تركوا وعظوا به ومضوا على الخطيئة قالت الطائفة التي وعظتهم
لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله عز وجل
فيها مخافة ان ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم قال فخرجوا عنهم من المدينة
مخافة يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء فلما
أصبحوا أولياء الله عز وجل المطيعون لله تبارك وتعالى غدو لينظروا
118

ما حال أهل المعصية فاتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا
ولم يسمعوا منها حس أحد فوضعوا سلما على سور المدينة ثم إصعدوا
رجلا منهم فأشرف المدينة فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون فقال الرجل
لأصحابه يا قوم أرى والله عجبا قالوا وما ترى قال أرى القوم صاروا قردة
يتعاوون ولهم أذناب فكسروا الباب ودخلوا المدينة قال فعرف القردة
أشباهها من الأنس ولم نعرف الانس أشباهها من القردة فقال القوم للقردة
ألم ننهكم فقال علي (ع) والله الذي فلق الحبة وبرئ النسمة انى لأعرف
أشباهها من هذه الأمة لا ينكرون ولا يقرون بل تركوا ما أمروا به
فتفرقوا وقد قال الله تبارك وتعالى فبعدا للقوم الظالمين، فقال الله تبارك
وتعالى فأنجينا الذين ينهون عن السوء واخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس
بما كانوا يفسقون.
يقول علي بن موسى بن طاووس: انى وجدت في نسخة حديثا
غير هذا وانهم كانوا ثلاث فرق فرقة باشرت المنكر وفرقة أنكرت عليهم
وفرقة داهنت أهل المعاصي فلم تنكر ولم تباشر المعصية فنجى الذين
أنكروا وجعل الفرقة المداهنة ذرا ومسخ الفرقة المباشرة للمنكر قردة.
أقول ولعل مسخ المداهنة ذرا كأنه انكم صغرتم عظمة الله وهو نتم
بحرمة الله وعظمتم أهل المعاصي حرمتهم ورضيتم بحفظ حرمتكم بتصغير
حرمتنا أفعظمتم ما صغرنا وصغرتم ما عظمنا فمسخناكم ذرا تصغيرا لكم
عوض تصغيركم لنا.
أقول: واعلم أن المصغرين لما عظمه الله والمعظمين لما صغره وان
لم يمسخوا قردة في هذه الأمة ذرا فقد مسخوا في المعنى ذرا عند الله جل
جلاله وعند رسوله (ص) وعند من يصغر ما صغر الله ويعظم ما عظم
الله فإنهم في أعينهم كالذر وأحقر من الذر بل ربما لا يتناهى مقدار
تصغيرهم وتحقيرهم.
فصل فيما نذكره من تفسير أبي العباس بن عقدة من الوجهة الثانية من
119

القائمة السابعة من الكراس السابع منه بلفظه عثمان بن عيسى عن المفضل
عن جابر قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما الصبر الجميل قال ذاك صبر ليس
فيه شكوى إلى الناس ان إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان والى
عابد من العباد في حاجة فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه
وقال مرحبا بك يا خليل الرحمن فقال يعقوب لست إبراهيم لكني يعقوب
ابن إسحاق بن إبراهيم فقال له الراهب فلما ذي بلغ بك ما أرى من الكبر قال.
الهم والحزن والسقم فما جاوز عتبة الباب حتى أوحى الله إليه يا يعقوب
شكوتني إلى العباد فخر ساجدا على عتبة الباب يقول ربى لا أعود، فأوحى
الله إليه انى قد غفرتها لك فلا تعودن لمثلها فما شكى مما أصاب من نوائب
الدنيا الا قال {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله واعلم من الله ما لا تعلمون}.
فصل فيما نذكره من تفسير أهل البيت عليهم السلام قد سقط أوله
وأخره مجلدا واحدا خطه عتيق دقيق قالبه الطالبي نحو عشرين كراسا
أو أكثر، فيه روايات غريبة نذكر من الوجهة الأولة من القائمة الحادي
عشر ما هذا لفظه، وفي حديث علي بن إبراهيم بن هاشم عن رجاله يرفعه
إلى الصادق (ع) انه لما رجع اخوة يوسف إلى أبيهم بقميصه ملطخا
بالدم وقالوا نقول إن الذئب قد اكله، فقال لهم أخوهم لاوي وهو أكبرهم
سنا نؤمن ان أبانا هو إسرائيل الله عز وجل ابن إسحاق نبي الله بن
إبراهيم خليل الله أفتظنون ان الله عز وجل يكتم هذا الخبر عن أبينا قالوا
فما الحيلة قال بعضهم نغتسل ونصلي جماعة ثم نتضرع إلى الله عز وجل
ان يخفى هذا الخبر عن يعقوب فإنه جواد كريم ففعلوا ذلك وكان سنة
إبراهيم وإسحاق انهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا أحد عشر رجلا فيكون
واحد امامهم وعشرة يصلون خلفه، فقال اخوة يوسف كيف نصنع
ونحن عشرة وليس لنا امام، فقال لاوي والله امامنا فصلوا كذلك
وتضرعوا إلى الله تعالى وبكوا وسئلوا الله عز وجل ان يخفى عن يعقوب
علمه ذلك ثم جاؤوا إلى أبيهم في وقت العشاء ومعهم قميص يوسف فقالوا
120

ما ذكره الله في كتابه {يا أبانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا
فاكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} فأجابهم يعقوب {بل سولت
لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} ثم قال لهم
يعقوب ما كان أشفق هذا الذئب على القميص وأشده على يوسف إذ اكله
ولم يخرق القميص.
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير للقرآن عتيق مجلد وعليه مكتوب
كتاب تفسير القران وتأويله وتنزيله وناسخه ومنسوخه واحكامه
ومشابهه وزيادات حروفه وفضائله وثوابه وروايات الثقات عن الصادقين
من آل رسول الله نذكر من الوجهة الثانية من القائمة من الكراس الرابع
منه في تفسير سورة المائدة بلفظه حفص عن عبد السلام الأصفهاني عن
أبي جعفر (ع) في قوله {يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود} فقال إن
رسول الله (ص) اخذ لعلي (ع) بما أمر أصحابه وعقد له عليهم الخلافة
في عشرة مواطن انزل الله عليه {يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود} يعني
التي عقدت عليهم لعلي أمير المؤمنين (ع).
فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب فيه مقرأ
رسول الله (ص) وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلي بن الحسين
ومحمد وزيد ابني على بن الحسين وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر صلوات
الله عليهم أجمعين من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس الثالث
بلفظه، حدثني أبو العباس قال أخبرنا الحسن بن القسم قال حدثنا علي بن
إبراهيم قال حدثني أبي عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (ع) {لن
تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون} بميم واحدة.
فصل فيما نذكره من مجلد قالب الثمن عتيق عليه مكتوب الأول من
تفسير أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليه من الوجهة الأولة
من القائمة الثامنة بلفظ ما نذكره منه، واما قوله {ان الله يأمركم أن
تذبحوا بقرة} وذلك أن رجلين من بني إسرائيل وهما اخوان وكان لهما
121

ابن عم أخ أبيهما وكان غنيا مكثرا وكانت لهما ابنة عم حسناء شابة كانت
مثلا في بني إسرائيل بحسنها وجمالها خافا ان ينكحها ابن عمها ذلك الغني
فعمداه فقتلاه فاحتملاه فألقياه إلى جنب قرية ليستريحوا منه وأصبح القتيل
بين ظهرانيهم فلما عم عليهم شانه ومن قتله قال أصحاب القرية الذين وجد
عندهم يا موسى ادع الله ان يطلع على قاتل هذا الرجل ففعل موسى ثم ذكر
ما ذكره الله جل جلاله في كتابه وقال ما معناه انهم شددوا فشدد الله عليهم
ولو ذبحوا في الأول اي بقرة كانت كافية فوجدوا البقرة لامرئة فلم
تبعها لهم الا بملا جلدها ذهبا وضربوا المقتول ببعضها فعاش فأخبرهم
بقاتله فأخذا فقتلا فأهلكا في الدنيا وهكذا بقتله دنيا وأخرة.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من تفسير أبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين عليهم السلام من ثاني عشر سطر منه من وجهة أوله منه بلفظه،
واما قوله {ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فهذه الآية في
أمر الولاية إلى آل محمد (ص).
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير الباقر (ع) من وجهة
ثانية من ثاني سطر واما قوله {يا أيها الذين امنوا اتقوا وكونوا مع
الصادقين} يقول كونوا مع علي بن أبي طالب وآل محمد قال الله تعالى
{من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من
ينتظر وما بدلوا تبديلا} وهو حمزة بن عبد المطلب ومنهم من ينتظر وهو
علي بن أبي طالب يقول الله وما بدلوا تبديلا وقال الله اتقوا الله وكونوا
مع الصادقين وهم هنا آل محمد (ص).
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع منه من تفسير قوله تعالى {ان الله
يأمركم بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر
والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} فبلغنا ان عثمان بن مظعون الجمحي قال
نزلت هذه الآية على النبي وانا عنده وقال مررت عليه وهو بفناء بابه فجلست
إليه فبينا هو يحدثني إذ رأيت بصره شاخصا إلى السماء حتى رأيت طرفه
122

قد انقطع ثم رأسه خفضه حتى وضعه عن يمينه ثم ولاني ركبته وجعل
يبعض برأسه كأنه الهم شيئا، فقال له ثم رايته أيضا رفع طرفه إلى السماء
ثم خفظه عن شمال ثم اقبل إلي محمر الوجه يفيض عرقا فقلت يا رسول الله
ما رأيتك فعلت الذي فعلت اليوم ما حالك قال ولقد رايته قلت نعم قال رسول
الله (ص) ذلك جبرئيل لم يكن لي همة غيره ثم تلا عليه الآيتين قال عثمان
فقمت من عند رسول الله (ص) معجبا بالذي رأيت فاتيت أبا طالب فقرأتهما
عليه فعجب أبو طالب فقال يا آل غالب اتبعوه ترشدوا وتفلحوا فوالله
ما يدعوا الا إلى مكارم الأخلاق لئن كان صادقا أو كاذبا ما يدعوا الا إلى الخير.
أقول: ورأيت في غير هذا التفسير ان هذا العبد الصالح قال كان
أول اسلامي حيا من رسول الله (ص) ثم تحقق اسلامي ذلك اليوم
لما شاهدت الوحي إليه.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس منه من وجهة أولة من ثاني سطر
منها بلفظه، وكانت عصى موسى هي عصى آدم بلغنا والله أعلم انه هبط
بها من الجنة كانت من عوسج الجنة وكانت لها شعبتان وبلغني انها في
فراش شعيب فدخل موسى (ع) فأخذها فقال له شعيب لقد كنت عندي
أمينا أخذت العصا بغير امرى قال له موسى الا ان العصى لولا أنها لي
ما اخذتها فاقر شعيب ورضى وعرف انه لم يأخذها الا وهو نبي.
أقول: وروى في اخذ موسى للعصاء غير هذا الوجه ولم نقصد ذكر
كلما نعرفه من اختلاف الروايات.
فصل فيما نذكره من كتاب قصص الأنبياء جمع الشيخ السعيد هبة الله
ابن الحسن الراوندي قصة إدريس أولها من الوجهة الثانية من القائمة
الخامسة والعشرين من أول المجلد بلفظه، واصلاح كلمات فيه أخبرنا
السيد بن الصمصام ذو الفقار أحمد بن سعيد الحسيني، حدثنا الشيخ
أبو جعفر الطوسي حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله حدثنا أبو جعفر بن
بابويه، حدثنا أبي حدثنا سعيد بن عبد الله حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى
123

عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده عن أبي
جعفر (ع) قال كان نبوة إدريس انه كان في زمنه ملك جبار وانه ركب
ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة لعبد مؤمن فأعجبته فسأل
وزرائه لمن هذه فقالوا لفلان فدعا به فقال له اتبعيني أرضك هذه فقال
عيالي أحوج إليها منك فغضب الملك وانصرف إلى أهله وكانت له امرأة
من الرازنة يشاورها في الامر إذا نزل به شئ فخرجت إليه فرأت في وجهه
الغضب فقالت أيها الملك إنما يغتم ويأسف من لا يقدر على التغيير فان كنت
تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره وأصير ارضه بيدك بحجة لك
فيها العذر عند أهل مملكتك فقال ما هي فقالت ابعث أقواما من أصحابي
الأرازنة حتى يأتوك به فيشهدون لك عليه عندك انه قد برئ من دينك
فيجوز لك قتله واخذ ارضه قال فافعلي وكان أهلها يرون قتل المؤمنين
فأمرهم بذلك فشهدوا عليه انه برئ من دين الملك فقتله واستخلص ارضه
فغضب الله عليه للمؤمن فأوحى الله إلى إدريس ان أيت عبدي الجبار فقل له
اما رضيت ان قتلت عبدي المؤمن ظالما حتى استخلصت ارضه فأحوجت
عياله من بعدي وأفجعتهم، اما وعزتي لانتقمن له منك في الأجل ولأسلبنك
ملكك في العاجل ولأطعمن الكلاب من لحمك فقد غرك حلمي فاتاه إدريس
برسالة ربه وهو في مجلسه وحوله أصحابه فأخبره بذلك، فقال الجبار
اخرج عنى يا إدريس ثم أخبر امرأته بما جاء به إدريس فقالت لا يهولنك
رسالة إدريس ان لإدريس أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم فأخبرهم
بوحي الله ورسالته إلى الجبار فخافوا على إدريس منه ثم بعثت امرأته
الجبار أربعين رجلا من الأرازنة ليقتلوا إدريس فأتوه فلم يجدوه في مجلسه
فانصرفوا ورأهم أصحاب إدريس فأحسوا انهم يريدون قتل إدريس (ع)
فتفرقوا في طلبه وقالوا له خذ حذرك يا إدريس فتنحى عن القرية من يومه
ذلك ومعه نفر من أصحابه فلما كان في السحر ناجا، ربه فأوحى الله إليه
ان تنح عنه وخلني وإياه قال إدريس أسئلك ان لا تمطر السماء على هذه القرية
124

وان خربت وجهدوا وجزعوا قال الله تعالى اني أعطيتك ما سألته فأخبر
إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر عنهم وقال اخرجوا من هذه
القرية إلى غيرها من القرى فتفرقوا وشاع الخبر بما سأل إدريس وتنحى
إلى كهف في جبل شاهق ووكل الله تعالى ملكا يأتيه بطعامه وشرابه
عند كل مساء كان يصوم النهار وظهر في المدينة جبار اخر فسلبه ملكه
أعني الأول وقتله وأطعم الكلاب من لحمه ولحم امرأته فمكثوا بعد
إدريس عشرين سنة لم تمطر السماء عليهم قطرة فلما جهدوا مشى بعضهم
إلى بعض فقالوا ان الذي نزل بنا مما ترون لسؤال إدريس ربه وقد تنحى
عنا ولا علم لنا بموضعه والله ارحم بنا منه فاجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى
الله تعالى فقاموا إلى الرماد ولبسوا المسوح وحثوا على رؤوسهم التراب
وعجوا إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار والبكاء والتضرع إليه، فأوحى
الله إلى الملك الذي يأتي إدريس بطعامه ان احبس عنه طعامه فجاع إدريس
ليلة فلما كان في ليله اليوم الثاني لم يؤت بطعامه قل صبره وكذلك ليلة
الثالث فنادى يا رب حبست عنى رزقي من قبل ان تقبض روحي فأوحى
الله تعالى إليه ان اهبط من موضعك واطلب المعاش لنفسك فهبط إلى قرية
فلما دخلها نظر إلى دخان بعض منازلها فاقبل نحوه فهجم على عجوزة كبيرة
وهي ترقف قرصين على مقلاة فقال بيعي لي هذا الطعام فحلفت انها
ما تملك شيئا غيرها وقالت واحد لي وواحد لا نبي فقال لها ان ابنك صغير يكفيه
نصف قرصة ويكفيني النصف الاخر فأكلت المرأة قرصها وكسرت
الفرص الأخر بين إدريس وبين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل قرصه
اضطرب حتى مات، قالت أمه يا عبد الله قتلت ابني جزعا قوته فقال
لها إدريس انا أحييه بأذن الله تعالى فلا تجزعي ثم اخذ إدريس بعضد
الصبي وقال أيتها الروح الخارجة عن هذا الغلام ارجعي إلى بدنه بأذن
الله تعالى انا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه، فقالت اشهد انك
إدريس النبي وخرجت ونادت في القرية بأعلى صوتها أبشروا بالفرج قد
125

دخل إدريس قريتكم ومضى إدريس حتى جلس موضع مدينة جبار الأول
وهي تل فاجمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا مسنا الجوع والجهد في
هذه العشرين سنة فادع الله لنا ان يمطرنا قال إدريس لا حتى يأتيني جباركم
وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا ان
يأتوا بإدريس وعنفوا به فدعا عليهم فماتوا وبلغ الجبار الخبر فبعث إليهم
بخمسمائة فقالوا يا إدريس ان الملك بعثنا لنذهب بك إليه فقال انظروا إلى
مصارع أصحابكم قالوا متنا من الجوع فارحم وادع ان يمطر علينا فقال
يأتيني الجبار ثم انهم سألوا الجبار ان يمضى معهم فأتوه ووقفوا بين يديه
خاضعين، فقال إدريس الان فنعم فنسأل الله تعالى ان يمطر عليهم فأظلمتهم
سحابة من السماء فأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من كتاب فقه القرآن الشريف
تأليف سعيد بن هبة الله أبو الحسن الراوندي من الوجهة الأولة من
الكراس الثامن من القائمة السادسة بلفظه.
فصل وقال الله تعالى ومن أظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه
وسعى في خرابها ان المراد بالمساجد في الآية الأرض لقول النبي (ص)
ان الله جعل الأرض مسجدا فالأرض كلها مسجد يجوز الصلاة فيه الا
ما كان مغصوبا أو نجسا وروى ذلك عن زيد بن علي عن ابائه عليهم السلام
ان المراد به جميع الأرض لقوله (ع) جعلت الأرض مسجدا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: بحسن تحقيق القول في هذه
الحال لئلا يشتبه ذلك على من يقف على ما ذكره من الاعتدال واعلم أن
سياق الآية الشريفة يظهر منه خلاف هذه الإشارة الضعيفة لان الله تعالى
قال ومن أظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها
أولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين فالسعي في خرابها مفهومه
مساجد عامرة بلغة المخاطبين وقوله تعالى ان يدخلوها الا خائفين يدل على
أن الأرض ما تسمى مساجد وهي التي قاموا فيها قبل ان يدخلوا المساجد
126

ولأن الشارع كره نقل الحصى والتراب من المسجد فلو كانت الأرض كلها
سقط هذا الحكم ويقال أيضا بالروايات متظاهرة بتفاوت الصلاة في المسجد
والبيت وفي السوق والمستبعد أن تكون كلها مسجدا ونذكر في اللفظ
المختلف والتفاوت المختلف ويقال ان الشارع حرم دخول النجاسة إلى لمسجد
وأين تكون بيوت الطهارات لو كانت الأرض كلها مسجدا ويقال أيضا
ان المجنب ممنوع من دخول مساجد المسلمين فلو كانت الأرض كلها
مسجدا كيف يكون حال الممنوعين ولم نستوف كلما نعرفه في هذا الباب
وإنما لو قال إن الأرض كلها يصح السجود عليها أو الصلاة فيها ما لم يكن
مغصوبا أو نجسا نجاسة متعدية كان أحوط وأقرب إلى الصواب.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من فقه القرآن للشيخ السعيد هبة
الله الراوندي وهو تمام الكتاب من الوجهة الثانية من أواخر القائمة
العاشرة من الكراس الخامس عشر بلفظه.
فصل قوله تعالى {قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا
أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير
الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان الله غفور رحيم} أمر الله نبيه أن
يقول لهؤلاء الكفار انه لا يجد فيما أوحى إليه شيئا الا هذه الثلاثة وقيل
إنه خص هذه الأشياء الثلاثة بذكر التحريم مع أن غيرها يحرم فيما يذكره
في المائدة كالمنخنقة والموقودة لان جميع ذلك يقع عليه اسم الميتة
وفي حكمها، فبين هناك على التفصيل وهيهنا على الجملة وأجود من ذلك أن
يقال حصر الله هذه الثلاثة تعظيما لتحريمها بمفردها وما عداها في موضع
اخر وقيل إنه سبحانه خص هذه الأشياء في نص هذا القرآن وما عداها
بوحي غير القرآن أو قبل أوما عداه فيما بعد بالمدينة والسورة مكية
هذا لفظه في كتابه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اعلم أن قوله تعالى لا أجد فيما أوحى
إلى محرما على طاعم يطعمه الا ما استثناه ظاهره يقتضى ان تحريم هذه
127

كان متقدما على تحريم غيرها مما حرم بعد ذلك وهذا كاف في الجواب
كما ذكر انها مكية وغيرها مدينة واما قوله إن المنخنقة والموقودة داخلة
في الميتة فصحيح وداخلة في قوله تعالى وما أهل به لغير الله ولفظ آية المائدة
حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله والمنخنقة
والموقودة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع الا ما ذكيتم وما ذبح على
النصب وان تستقسموا بالأزلام واما قول من قال إنه قصد بذكر الاعلام
الثلاثة تعظيم تحريمها فكيف يصح هذا وهو جل جلاله يقول لرسوله {قل
لا أجد فيما أوحى إلى محرما الا كذا وكذا} واما قول من قال إنه خص
هذه بالقرآن وغيرها بالسنة وان السنة أيضا بالوحي فكيف يصح تأويله
ومن أسرار قوله تعالى في تحريم ما أهل به لغير الله في هذه الآية التي في
المائدة ان الذي أهل به لغير الله من الذبائح لمعاصي الله ولمجرد اللذات
الشاغلة عن الله وللثناء من الناس وللتجارة بالغنى للمسلمين ولغير ذلك عن
كلما لا يراد به غير رب العالمين كيف يكون حاله هل يلحق باية التحليل
أو التحريم والظاهر يتناول الجميع وهو شديد على من يسمعه وربما أنكره
لمجرد الذي بالغ بالورع على كل حال يقتضى ترك ما لا بأس به حذرا مما به
الباس ولو كره الناس.
فصل فيما نذكره من الكتاب الكشاف في تفسير القرآن للزمخشري
والاسم الذي سماه مصنفه أبو القاسم {الكشاف عن حقائق التنزيل}
وعنوان التأويل في وجوه التأويل فيما ننقله من الجزء الأول منه بعضه
من أواخر الوجهة الثانية من القائمة العاشرة من الكراس السابع منه في
تفسير قوله تعالى {إنما الخمر والميسر} الآية بلفظه وعن علي (ع) لو وقعت
قطرة في بئر فبنيت مكانها منارة لم أؤذن عليها ولو وقعت في نهر ثم جفت
ونبت فيه الكلاء لم أرعه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: هذا من أبلغ التعظيم في تحريم
الخمر وأبلغ الورع في التباعد عن الشبهات والمحرمات فان قيل كيف أبلغ
128

الورع إلى الا امتناع من الاذان على منارة تبنى على موضع قطرة فيه من الخمر
فيقال ان الله تعالى لما قال في أواخر الآية فاجتنبوه اقتضى الاحتياط عموم
الاجتناب لاستعمال الخمر في ساير الأسباب وأن يكون منها ذرة وقطرة
أساسا أو معونة على صواب، واما بيان الكلاء بما قد جرى فيه قطرة من
الخمر وإن كانت قد تفرقت فإنه روى عن النبي (ص) أنه قال إن حمى
الله محارمه ومن رعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه فينبغي التباعد عن
حول الحمى على ما قال، وعن مولانا علي (ع) في اجتناب حول الخمر
كما لعن رسول الله (ص) غارسها وساقيها وليست في تلك الحال خمرا
وإنما هو مبالغة في تعظيم تحريمها ولأن أصحاب المبالغات في التواريخ عن
الشبهات يبلغون إلى نيل هذه الغايات حفظا لمقاماتهم العاليات وخوفا من
ذل المعاتبات.
فصل فيما نذكره من الجزء المذكور من الكشاف أيضا من الوجهة
الثانية من القائمة الثامنة من الكراس التاسع عشر منه في تفسير قوله تعالى
بلفظه {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} اي الوسطى بين الصلاة
أي الفضل من قولهم للأفضل الأوسط وهي صلاة العصر وعن النبي (ص)
قال يوم الأحزاب شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم
نارا وهي الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود حتى توارت بالحجاب وعن
حفصة انها قالت لمن كتب لها المصحف إذا بلغت هذه الآية فلا نكتها
حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله (ص) يقرؤها فأملت عليه والصلاة
الوسطى وصلاة العصر، وروى عن عايشة وابن عباس والصلاة الوسطى
وصلاة العصر بالواو فعلى هذه القراءة يكون التخصيص لصلوتين إحديهما
صلاة الوسطى اما الظهر واما الفجر، واما المغرب على اختلاف الروايات
فيها، والثانية العصر وقيل في فضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم
وبمعايشهم وعن أبي عمير صلاة الظهر لأنها في وسط النهار وكان رسول
الله صلى الله عليه وآله يصليها بالهاجرة ولم تكن صلاة على أصحابه أشد
129

منها وعن مجاهد هي الفجر لأنها بين صلوتي العصر وصلوتي الليل وعن قبيصة بن
ذويب انها المغرب لأنها وتر النهار ولا ينقص في السفر من ثلاث.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اما حديث يوم الأحزاب فان
الذي عرفته مما يعتمدون عليه ان النبي (ص) قال شغلونا عن صلاة العصر
ولم يذكر الوسطى، واما قوله ملأ الله بيوتهم نارا واما تأويله في قرائة
عايشة وابن عباس اما الظهر واما الفجر فان ظاهر اللفظ انها الظهر لان
العطف الحقيقي انما يكون على الأقرب منه والأقرب من العصر هو الظهر
فكيف عدل عن الظهر إلى الفجر واما المغرب فقد تعجبت منه وكل هذه
الاختلافات إنما أحدثها مفارقة أصحاب هذه الروايات لأهل بيت صاحب
النبوة صلوات الله عليهم، الذين جعلهم خلفاء منه في قوله (ص) {اني
مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا على
الحوض والذي رويناه عن سلفاءنا الطاهرين العارفين بتأويل القرآن واسرار
رب العالمين ان صلاة الوسطى صلاة الظهر وذلك لعدة أمور، منها ان
صلاة الجمعة المفروضة تكون فيها فكانت أهم من هذه الجهات، ومنها ان
فيها ساعة يستجاب فيه من أهل الدعوات فكانت لهم لأجل هذه العنايات،
ومنها ان أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس فكانت أهم لهذه الإشارات
ومنها ان في الروايات ان صلاة الأوابين هي عند الزوال فكانت أهم لأجل
هذه الصفات، ومنها ان الوسطى حقيقة لأنها بين صلوتين نهاريتين بين
صلاة الفجر وصلاة العصر، ومنها انها وسط النهار وليس في الفرائض
ما هو وسط نهار ولا ليل، ومنها الرواية عن ابن عباس وعايشة والصلاة
الوسطى وصلاة العصر وكذلك روينا عن غير ابن عباس من أهل البيت
بالواو المعطوفة في العصر على الأقرب منها وهي صلاة الظهر، ومنها ان
ابتداء الدنيا كان نهارا وفيه بعث الأنبياء وفيه المعاش للبقاء والاعتبار
بالوسطى في فرائضه إلى فهم ذوي الابصار.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الكشاف للزمخشري من الوجهة
130

الأولة من القائمة العاشرة من ثاني كراس منه من حديث زكريا ومريم
بلفظه وروى أنه كان لا يدخل عليها الا هو وحده وكان إذا خرج غلق
عليها سبعة أبواب ووجد عندها رزقا كان رزقها ينزل عليها من الجنة
ولم توضع تديا قط وكان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة
الصيف في الشتاء، يقولها اني لك هذا من أين لك هذا الرزق الذي لا يشبه أرزاق
الدنيا وهو آت في غير حينه والأبواب مغلقة عليك لا سبيل للداخل به
إليك، قالت هو من عند الله فلا تستبعد قيل تكلمت وهي صغيرة كما تكلم
عيسى في المهد صبيا وعن النبي (ص) انه جاع في زمن قحط فأهدت
له فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته فيها فرجع إليها فقال هلمي يا بنية
وكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما فبهتت وعلم أنها أنزلت
من الله فقال لها صلى الله عليه وآله انى لك هذا قالت هو من عند الله ان
الله يرزق من يشاء بغير حساب فقال (ع) الحمد لله الذي جعلك شبيهة
سيدة نساء بني إسرائيل ثم جمع رسول الله (ص) علي بن أبي طالب
والحسن والحسين عليهم السلام وجميع أهل بيته فأكلوا منه حتى شبعوا
وبقى الطعام كما هو، وأوسعت فاطمة على جيرانها.
أقول: وهذا الزمخشري من أعيان رجال أهل الخلاف ويميل
إلى الانصاف.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الكشاف أيضا للزمخشري من
الوجهة الأولة من الكراس الخامس تاسع قائمة منها وابتداء عدد هذا
الكراس من سورة النساء بلفظ الزمخشري {فردوه إلى الله والرسول}
أي ارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة وكيف يلزم طاعة امراء الجور وقد
ختم الله الامر بطاعة أولي الأمر بمالا يبقى معه شك وهو ان أمرهم أولا
بأداء الأمانات وبالعدل في الحكم وأمرهم اخرا بالرجوع إلى الكتاب
والسنة فيما أشكل وأمراء الجور لا يؤدون أمانة ولا يحكمون بعدل
ولا يردون شيئا إلى كتاب ولا سنة انما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم
131

فهم منسلخون عن صفات الدين، فكيف يقال لهم أولوا الأمر عند الله
ورسوله وأحق أسماهم اللصوص المتغلبة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: وقد تقدم في الوجهة الثانية من
القائمة الثامنة من هذا الكراس ما هذا لفظه، والمراد بأولى الأمر منكم
امراء الحق، لان امراء الجور الله ورسوله بريان منهم فلا يعطفون على الله
ورسوله في وجوب الطاعة.
أقول: فإذا كان الامر عنده كما أشار إليه واعتمدت عليه من أن
العطف بأولى الامر على الله ورسوله يقتضى من تساوى من عطف عليهم
فهل يبقى لك مندوحة عما تقوله الامامية في كمال صفات أولي الأمر كما
كانت صفات رسول الله (ص) كاملة في العصمة والأمن من وقوع
معصيته باطنة أو ظاهرة والا جاز عنده ان يطاع غير المعصوم فيما أطاع الله
فيه ويعصى فيما عصى الله فيه جاز لأمراء الجور ان يقولوا له أطيعونا فيما
أطعنا الله فيه، وأعصونا فيما عصينا الله فيه، فاذن لا يبقى له مخرج على
ما فسر هذه الآية الا القول والاعتقاد لمذهب الامامية وهذا واضح لمن
انصف من نفسه وخاف من العظمة الإلهية.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الكشاف في تفسير القرآن
للزمخشري من الكراس الثاني من ثامن قائمة في خذلان قوم موسى
له بلفظ الزمخشري فلم يبق معه مطيع موافق يثق به الا هارون قال رب
انى لا أملك لنصرة دينك الا نفسي وأخي وهذا من البث والحزن والشكوى
إلى الله والحسرة ورقة القلب إلى نقلها يستجلب الرحمة ويستنزل النصرة
ونحوه قول يعقوب إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وعن علي يدعو الناس
على منبر الكوفة إلى قتال البغاة فما اجابه الا رجلان فتنفس الصعداء، وقال
أين تقعان مما أريد
يقول علي بن موسى بن طاووس: الا تعجب من قوم بعد الآيات
الباهرات يخذلونه هذا الخذلان إلى هذه الغايات والا تعجب من أمة سيدنا
132

محمد (ص) مع مولانا على يحاربون مع الملوك قبله وبعده ويقتلون أنفسهم
بين أيديهم ويخذلونه مع اعتقادهم واظهارهم لفرض طاعته وانه صاحب
الحق وان الذين ينازعونه على الباطل هذا أنموذج لعذره في ترك منازعته
من تقدم عليه في الخلافة لا انه إذا كان معاوية المظهر بسيرة الأكاسرة
والقياصرة ما وجد أعوانا عليه كيف كان يجد أعوانا على من لم يظهر
ما أظهره معاوية ولقد قال قائل كيف تصفون عليا بالشجاعة العظيمة ثم
يصفون المتقدمين عليه بالعجز والضعف فقلت أنت غالط علينا وعلى
مولانا علي لأننا ما وصفناه ابدا بالعجز ولا بالضعف ولكن قلنا ان له أسوة
بالله ورسوله وبالأنبياء فان الله تعالى يرى دولته الإلهية والأمم المعثرة
لأحكامه وشرايعه وهو عليهم في كل وقت فلا يعجل عليهم وينتقم في
وقت ويعرض عنهم في وقت فكان نائبه ونائب رسول الله الذي هو
مولانا علي معذورا لاتباعه بسيرة من كان تبعه وكذلك كان رسول
الله (ص) تارة ممسكا وتارة مصالحا للكفار وتارة محاربا وكذلك الأنبياء
فكان لمولانا علي أسوة بهم.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من الكشاف للزمخشري من تفسير
سورة الأنعام من آخر وجه منها ولثامن منه من الوجهة الأولى من الكراس
الثاني بلفظ الزمخشري وروى أنهم اجتمعوا على أبى طالب وأرادوا لرسول
الله سوء فقال:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وأبشر بذاك وقر منه عيونا
ودعوتني وزعمت انك ناصح * ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا لا محالة انه * من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا
أقول: هذا البيت الأخير ما اعرفه في الاثبات وهي شاهدة صريحة ان
أبا طالب كان مؤمنا يكتم ايمانه من قومه على حال مؤمن آل فرعون
133

ويظهر من غيره فان كل مصدق بالقرآن كتمان مؤمن آل فرعون لايمانه
واظهار كلمة الكفر لم يضر ايمانه وانه صحيح الايمان فيكون لأبي
طالب أسوة به في هذا الشأن وقد أوضحنا ذلك في الطرايف وإنما ذكرنا
هذه الحكاية الان لأنها من طريق المخالف.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من ثالث قائمة من الكراس السابع
التي أقل عددها من سورة الأعراف من كتاب الكشاف بلفظ الزمخشري
{واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} أي من قومه فحذف حرف
الجر وأوصل الفعل بقوله {منا الذي اختير الرجال سماحة} قيل اختار من
اثني عشر سبطا من كل سبط ستة، حتى تنادوا اثنين وسبعين، فقال
يتخلف منكم رجلان فتشاحوا فقال لهم ان لمن قعد منكم مثل اجر من خرج
فقعد كالب ويوشع، وروى أنه لم يصب الا ستين شيخا فأوحى الله
إليه ان يختار من الشباب عشرة فاختارهم فأصبحوا شيوخا، وقيل كانوا
أبناء ما عدا العشرين ولم يتجاوزوا الأربعين قد ذهب الجهل والصبي فأمرهم
موسى (ع) ان يصوموا ويتطهروا ويطهروا ثيابهم ثم خرج بهم إلى
{طور سيناء} لميقات ربه وكان أمره ربه ان يأتيه في سبعين من بني
إسرائيل فلما دنى موسى عن الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل
كله ودنا موسى (ع) ودخل فيه، فقال للقوم ادنوا فدنوا حتى إذا
دخلوا في الغمام وقعوا سجدا فسمعوه وهو ويكلم موسى يأمره وينهاه
افعل ولا تفعل فلما انكشف الغمام أقبلوا إليه وطلبوا الرؤية فوعظهم
وزجرهم وأنكر عليهم {فقالوا يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}.
يقول علي بن موسى بن طاووس: كيف يبقى اعتماد على الاختيار
في الأمور الكلية وأماته البرية وهذا اختيار نبي عظيم الشأن ليصلح قومه
فظهر منهم خلاف الايمان وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة وشهد
الله عليهم بالفسق واستحقاق التيه أربعين سنة، فقال تعالى {انها محرمة
عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين} وشهد
134

عليهم موسى انهم سفهاء بقوله {أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} وهو أمر
جزئي يسير من جملة شريعته ونبوته وما فضل من الاختيار الا العدم وسوء
عاقبته، وهذا سيد الخلايق محمد (ص) يختار برأيه رجلا مولانا عليا (ع)
عوضه فأي حجة في اختيار من هو دون هاذين العظمى الشأن وقد ظهر
فيه ما لا يخفى على العيان.
فصل فيما نذكره من المجلد الرابع من كتاب الكشاف للزمخشري
من الكراس الخامس من القائمة الثامنة منها من الوجهة الثانية بلفظ
الزمخشري {وكفروا بعد اسلامهم وأظهروا كفرهم بعد اسلامهم} وهموا
بما لم ينالوا وهو الفتك برسول الله وذلك عند مرجعه من {تبوك} توافق
خمسة عشر منهم على أن يدفعوا راحلته إلى الوادي إذا تسنم {العقبة}
بالليل فاخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها
فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وبقعقعة السلاح فالتفت
فإذا قوم متلثمون، فقال إليكم يا أعداء الله فهربوا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ولم يذكر الزمخشري أسماء هؤلاء
الخمسة عشر ولا الاثني عشر، وقد ذكرهم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد
الثقفي الذي انتقل من الكوفة إلى أصفهان لأجل كتابه كتاب المعرفة
الذي كاشف أهل أصفهان بتصنيفه وضمن صحة ما فيه وروى ذلك
مصنف كتاب العقبة وغيره وكيف تستبعد ممن يفعله مثل هذا بالنبي
الرؤف الرحيم الحليم الكريم الذي أغناهم بعد الفقر والقلة وأعزهم بعد الذلة
ان يتعصبوا على عشيرته بعد وفاته وقد كانوا يستعجلون عليه بالقتل
قبل مماته.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع أيضا من الكشاف من الكراس
العشرين من القائمة الخامسة من الوجهة الأولة في تفسير قوله جل جلاله
{يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت} بلفظ الزمخشري القول الثابت الذي
ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه ويكون فيه وأعتقده واطمأنت
135

إليه نفسة وتثبيتهم في الدنيا انهم إذا فتنوا في دينهم لم يزلوا كما ثبت الذين
فتنهم أصحاب الأخدود الذين نشروا بالمناشير ومشطت لحومهم بأمشاط
الحديد وكما ثبت جرجيس وشمعون وغيرهما وتثبيتهم في الآخرة انهم إذا
سئلوا عند مواقف الاشهاد عن معتقدهم ودينهم لم يتلعثموا ولم يتلهثموا
ولم تحيرهم أهوال المحشر.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ما رأيته ذكر أحدا من هذه
الأمة المحمدية ولعل ظاهر الآية فيهم واعلم أن مولانا عليا (ع) قاسى
من الأهوال أولا واخرا وباطنا وظاهرا ما فاق به على من سماه، واعلم
أن الحسين يوم الطف ثبت هو وأصحابه على القتل في الله ومكابدة الموت
وتقطيع الأعضاء في ذات الله، وما كان دون بعض من سماه وغيرهم من
الصحابة والتابعين والصالحين قطعوا أعضاءا وعذبوا أحياءا وما ردهم
ذلك عن الايمان ولا ظهر عليهم ضعف في قلب ولا لسان ولا جنان، بل
رأيت في الروايات ان نساء من المسلمات بلغن من الصبر أيام الحجاج على
تقطيع الأعضاء وسفك الدماء ما لم يورخ مثله من الأمم الماضية والقرون
الخالية ولقد ذكر أبو القاسم بن عباد في كتاب {الأنوار} كلمات شريفة
عن الحسين، فقال ما هذا لفظه ولم نر أربط جأشا ولأقوى قلبا من
الحسين (ع) قتل حوله ولده وأهل بيته، وكان يشد عليهم فينكشفون
عنه انكشاف المعزى ووجد في جبة خز كانت عليه في مقدمه قريبا من
مائة وثمانين ضربة خرقا من طعنة رمح ورمية سهم وضربة بسيف وحجر.
أقول: ان في ذلك الآية لمن اعتبر ونظر:
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من الكشاف للزمخشري من الوجهة
الثانية من الكراس السادس من القائمة الثالثة بمعناه لأجل طول لفظه
فذكر ان كفار أهل مكة فتنوا قوما من المسلمين عن دينهم وعذبوهم
بعظيم العذاب فصبروا عليه حتى قتلوا وهو ياسر أبو عمار وسمية أمه ومنهم
أظهروا كلمة الكفر منهم عمار فعذره رسول الله (ص) قال الزمخشري
136

ما هذا لفظه فان قلت فأي الامرين أفضل افعل عمار أم فعل أبويه قلت
بل فعل أبويه لان في ترك التقية والصبر على الفعل اعزاز الدين، وروى
أن مسيلمة اخذ رجلين فقال لأحدهما ما تقول في محمد، قال رسول الله
قال ما تقول في قال وأنت أيضا فخلاه وقال للآخر ما تقول في محمد قال
رسول الله قال ما تقول في قال انا اصم فأعاد عليه جوابه ثلاثا فقتله فبلغ
رسول الله فقال (ص) اما الأول فقد اخذ برخصة رسول الله، واما الثاني
فقد صدع بالحق فهنيا له.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اعلم أن العلم بالله تعالى على الكشف
ما ينزل عند صاحبه شيئا من الضعف ولا يبقى عنده صبر على كسر حرمة
الله جل جلاله وكذا من عرف الله تعالى مكاشفة كما أن أهل الدنيا
لا يصبرون على كسر حرمتهم وحرمة من يعز عليهم يكون واقفا مع
إرادة الله تعالى فإن كان رضاء الله في القتل توجه إليه أوفى بهما كان من
العذاب أقدم عليه والا يرى الهوان والعذاب الآتي قد كشفنا في كتاب
السعادات بالعبادات عن التقية وتركهما بواضح الدلالات.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من الكشاف للزمخشري من الكراس
الثامن عشر من الوجهة الأولة منها في حديث سليمان وتفسير وأوتينا من
كل شئ وروى أن معسكره كان مائة فرسخ في مائة فرسخ خمسة
وعشرون للجن وخمس وعشرون للانس وخمس وعشرون للوحش وكان
له الف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة منكوحة وسبعمائة سرية
وقد نسجت له الجن بساطا من الذهب والا إبريسم فرسخان في فرسخ
فكان يوضع منبره في وسطه وهو من ذهب فيقعد عليه وحوله ستمائة الف
كرسي من ذهب وفضة فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على
كراسي الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير
بأجنحتها حتى لا يقع عليه حر الشمس وترفع ريح الصبا البساط فتسير به
مسيرة شهر في يوم، وروى أنه كان يأمر الريح العاصف يحمله والرخاء
137

يسيره فأوحى الله إليه وهو يسير بين السماء والأرض انى قد زدت في
ملكك ولا يتكلم أحد بشئ الا ألفته الريح في سمعك فيحكى انه من الحسرات
فقال لقد أوتي ابن داود ملكا عظيما فالقته الريح في اذنه فنزل ومشى إلى
الحسرات، فقال إنما مشيت إليك لئلا تتمنى مالا تقدر عليه، ثم قال لتسبيحة
واحدة يقبلها الله خير مما أوتي آل داود.
أقول: وفي الحديث من غير الكشاف لان ثواب التسبيحة يبقى
وملك سليمان يفنى.
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من كتاب الكشاف للزمخشري من
الكراس السادس من الوجهة الثانية من صورة الأحزاب بلفظه {وجنودا
لم تروها} وهم الملائكة وكانوا ألفا بعث الله عليهم صبا بارده في ليلة شاتية
فأمطرتهم ونسفت التراب في وجوههم وامر الملائكة فقلعت الأوتاد
وأطفأت النيران وأكفأت القدور وماجت الخيل بعضها في بعض وقذف
في قلوبهم الرعب وكبرت الملائكة في جوانب عسكرهم، فقال طليحة
ابن خويلد الأسدي اما محمد فقد بدأكم بالسحر فالنجاء النجاء الهرب
فانهزموا من غير قتال وحين سمع رسول الله باقبالهم ضرب الخندق على
المدينة أشار بذلك سلمان الفارسي ثم خرج في ثلاثة الأف من المسلمين
فضرب معسكره، والخندق بينه وبين القوم والذراري والنساء قد دخلوا
في الأطام واشتد الخوف وظن المسلمون كل ظن ونجم النفاق من المنافقين
حتى قال معتب بن قيس كان محمد يعدنا بالكنوز كنوز كسرى وقيصر
لا يقدر ان يذهب إلى الغائط وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف من
الأحابيش وبني كنانه وأهل تهامة وقائدهم أبو سفيان وخرج غطفان في
الف ومن تابعهم من أهل نجد وقائدهم عنينة بن حصين وعامر بن الطفيل
في هوازن وضامتهم اليهود من قريضة والنضير ومضى على الفريقين قريب
من شهر لا حرب بينهم الا الترامي بالنبل والحجارة حتى انزل الله النصر.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قد تعجبت من هذا الشيخ كيف
138

عدل عن ذكر قتل مولانا لعمرو بن عبد ود عند قدوم الأحزاب وما كان
بذلك من النصر وذل الكفر واعزاز الدين وقول النبي (ص) لضربة
علي لعمرو بن ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة وقد روى ذلك
منهم موفق بن أحمد المكي اخطب خطباء خوارزم في كتاب المناقب وروى
أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل حديث قتل مولانا علي (ع)
لعمرو بن عبد ود وغيرهما وهو من الآيات المشهورة والمعجزات المذكورة
واما حديث اضطراب قلوب المنافقين وشكوكهم في الله وفي سيد المرسلين
صلى الله عليه وآله فأرى الزمخشري لم يذكر غير واحد والقرآن قد تضمن
لفظ ذكر الجمع وما يدل على كثرة من شك منهم واضطرب قلبه وينبغي
ان تكون الإشارات بفساد النيات إلى من عرف منهم الجبن والذل
والهرب عند المعضلات والحروب والحوادث السالفات والحادثات فإنهم
أهل هذه الصفات.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة السابعة من الكراس السادس
من الكشاف من الجزء السابع أيضا من حديث قريظة وبني النضير بلفظ
ما نذكره منه وروى أن جبرئيل اتى رسول الله (ص) صبيحة الليلة التي
انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا سلاحهم، فقال
يا رسول الله لم تضع السلاح ان الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وانا عائد
إليهم فان الله داقهم دق البيض على الصفا انهم لك طعمة فاذن في الناس ان
من كان سامعا مطيعا فلا يصلى العصر الا في بني قريظة فما صلى كثير من الناس
العصر الا بعد العشاء الآخرة لقول رسول الله فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة
حتى جهدهم الحصار فقال لهم رسول الله تنزلون على حكمي فأبوا فقال على
حكم سعد بن معاذ فرضوا به فقال سعد حكمت فيهم ان يقتل مقاتليهم
ويسبي ذراريهم ونساؤهم فكبر النبي وقال لقد حكمت بحكم الله من فوق
سبعة أرقعة ثم استنزلهم وخندق في سوق المدينة خندقا وقدمهم فضرب
أعناقهم وهم بين ثمانمائة إلى تسعمائة وقيل كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير.
139

يقول علي بن موسى بن طاووس: اعلم أن اليهود اما كانوا قد عرفوا
من جانب موسى ان محمدا فكتموا ذلك وعامدوه أوانه غالب لهم ومذل
بهم ومسلك عليهم ولا يدرى أحد الأمرين لأجل ما يدعونه من شفقة موسى
عليهم وتعريفهم بما يحدث بعده عليهم وعلى هذا فان الذين حاربوا رسول
الله (ص) مقاتلون مستحقون لما جرى عليهم من الاستيصال حيث عرفوا
انه قاهر لهم ومسلط عليهم فلم يلتفتوا إلى سابق علمهم به وأهلكوا نفوسهم
بأيديهم وتعرضوا للقتال وهموا بذلك على أن سلف اليهود عملوا بالجحود
على كل حال وان من تخلف منهم غير معذور في الاقتداء بهم في
الضلال وقد عرفوا منهم انهم كانوا حقيقة علمهم السابق وعاندوا في
سلوك سوء الطريق.
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن من الكشاف للزمخشري من الوجهة
الأولة من القائمة السادسة من الكراس السادس منه بلفظه الا المودة في
القربى يجوزان يكون استثناء متصلا أي لا أسئلكم اجرا الا هذا وهو
ان تودوا أهلي وقرابتي ولم يكن هذا اجرا في الحقيقة لأن قرابته قرابتهم
فكانت صلتهم لازمة لهم في المودة ويجوز أن يكون منقطعا اي لا أسئلكم
اجرا قط ولكن أسئلكم ان تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم فلا تؤذوهم،
فان قلت فهلا قيل الا مودة القربى أو الا المودة للقربى وما معنى قوله الا
المودة في القربى قلت جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك لي في آل فلان
مودة ولي فيهم هوى وحب شديد تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله
وليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت الا المودة للقربى وإنما هي متعلقة
بمحذوف تعلق الظرف به في قولك المال في الكيس وتقديره الا المودة
ثابتة في القربى ومتمكنة فيها والقربى مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى
القرابة والمراد في أهل القربى، وروى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله
من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال (ص) علي وفاطمة وابناهما
ويدل عليه ما روى عن علي، شكوت إلى رسول الله حسد الناس لي قال
140

اما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن
والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا أو ذرياتنا خلف أزواجنا وعن
النبي (ص) حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن
اصطنع صنيعا إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فانا أجازيه عليها
غدا إذا لقيني يوم القيامة ثم قال الزمخشري أيضا ما هذا لفظه وقال رسول
الله من مات على حب آل محمد فقد مات شهيدا الا ومن مات على حب آل
محمد مات مغفورا له الا ومن مات على حب آل محمد مات تائبا الا ومن مات
على حب آل محمد مات مؤمنا مستكمل الأيمان الا ومن مات على حب آل
محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير الا ومن مات على حب آل محمد
يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها الا ومن مات على حب
آل محمد فتح الله في قبره بابان إلى الجنة الا ومن مات على حب آل محمد
جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة الا ومن مات على حب آل محمد مات على
السنة والجماعة الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب
بين عينيه ايس من رحمة الله الا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا
الا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: انظروا إلى أهل هذه الأحوال
والوصايا بالقرابة والأل والى ما جرت عليهم حالهم من القتل والذل
والاستيصال وسوء الأحوال والأطراح لعلومهم ورواياتهم وترك اتباع
اثارهم وهداياتهم والالتزام ممن يرووا فيه حديثا والاجتزاء واتخذوه
أعظم من صاحب النبوة وقد كان زمانه متأخرا.
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع من كتاب الكشاف للزمخشري وهو
اخر الكتاب في تفسير القرآن من الكراس الحادي عشر من الوجهة الأولة
من القائمة التاسعة في تفسير هل اتى بلفظ الزمخشري، وعن ابن عباس
ان الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله (ص) في ناس معه فقال
يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهم ان
141

يبريا مما بهما ان يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شئ فاستقرض علي (ع)
من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصواع من شعير فطحنت فاطمة (ع)
صاعا فاختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا
فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم يا أهل بيت محمد مسكين من مساكين
المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فأثروه وباتوا ولم يذوقوا
الا الماء واصبحوا صياما فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف
عليهم يتيم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا اخذ علي (ع)
بيد الحسن والحسين فاقبلوا إلى رسول الله (ص) فلما أبصرهم وهم يرتعشون
كالفراخ من شدة الجوع قال (ص) ما أشد ما يسوئني ما أرى بكم وقام
فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها وغارت
عيناها فساءه ذلك فنزل جبرئيل وقال خذها يا محمد هناك في أهل بيتك
فاقرأه السورة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: في هذه القصة والسورة أسرار
شريفة، منها انه يجوز الايثار على النفس والأطفال بما لابد منه، ومنها
ان القرض لا يمنع ان يؤثر الانسان به، ومنها ان الواجب من قوت العيال
لا يمنع من الصدقة في مندوب، ومنها انه إذا كان القصد رضاء الله تعالى
هان كل مبذول، ومنها ان الله تعالى اطلع على صفاء سرايرهم في الاخلاص
فجاد عليهم بخلع أهل الاختصاص. ومنها انه لم ينزل مدح في سورة من
القرآن كما نزلت فيهم على هذا الإيضاح والبيان، ومنها ان من تمام الأخلاص
في الصدقات ان الايراد من الذي يتصدق عليه جزاء ولا شكورا بحال من
الحالات، ومنها ان الايثار وقع من كثير من القرابة والصحابة أيام حياة
النبي من الثناء فلم ينزل على أحد مثل ما نزل على مولانا علي وفاطمة والحسن
والحسين عليهم السلام.
فصل فيما نذكره من تفسير أبي علي محمد بن الوهاب الجبائي وهو
عندنا عشرة مجلدات في كل مجلد جزوات، واعلم أن أبا على الجبائي من
142

عبد لعثمان بن عفان واسم العبد المذكور ابان فهو يتعصب على بني هاشم
تعصبا لا يخفى على من أنصف من أهل البصائر وكأنه حيث فاته مساعدة
بني أمية بنفسه وسيفه وسنانه قد صار يحارب بني هاشم بقلمه ولسانه.
أقول: واما نسبته إلى ابان عبد عثمان بن عفان فذكر محمد بن معية
في كتاب المولى عن الخطيب مصنف تاريخ بغداد ووقفت عليه في تاريخه
فقال عند ذكر أبي هاشم ولد أبي علي الجبائي عبد السلام بن محمد بن عبد
الوهاب بن سلام بن حالة بن حمران بن ابان مولى عثمان بن عفان.
أقول: وكان هذا حمران بن ابان جد {الجبائي} حاجبا لعثمان بن عفان
واتفق تعلق الجبائي على عثمان بان جده ابان عبد عثمان وجده حمران حاجبه
فتوكدت عداوته لبني هاشم، ولد أبو علي الجبائي سنة خمس وثلاثين
ومائتين ومات في شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة.
أقول: واما بغضه على بني هاشم فان أظهر التفاسير بين الناس تفسير
عبد الله بن عباس ومن روى عنه وهذا كتاب تفسيره كأنه ما سمع في
الدنيا مفسرا للقرآن اسمه عبد الله بن عباس.
أقول: ويبلغ تعصبه الفاضح انه يأتي إلى آيات ما ادعاه المتقدمون على
بني هاشم في الخلافة انها نزلت فيهم أيام خلافتهم ولا قبلها ولا احتجوا بها
ولا ادعى لهم مدع أيام حياتهم انها نزلت فيهم فيدعى هو بعد مأتي سنة
ونحو خمسين سنة من زمان الصحابة ان هذه الآيات أنزلت فيهم ويستحسن
المكابرة والبهت والفساد الذي لا يليق بالعقل ولا بالنقل.
أقول: واعلم أن تفسيره يدل على أنه ما كان عارفا بتفسير القرآن
ولا علومه فإنه يذكر ما يدعيه من التأويل إلا شاذا غير مستند إلى حجة
من خبر أو كلام العرب أو وصف اختلاف المفسرين والاحتجاج لقوله
الذي يخالف أقوالهم.
أقول: ثم يذكر الآية ويقول في أكبر ما يفسره إنما يعنى الله كذا
وكذا في آيات محتملات عقلا أو شرعا لعدة تأويلات وما كان جبرئيل
143

ولا رسول الله (ص) يقولون في مثل ذلك يعنى الله كذا وكذا الا بوحي
من الله تعالى وهو قد عرف ان القرآن الشريف تضمن من أعظم الخلايق
محمد (ص) {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين لقطعنا
منه الوتين} وقال جل جلاله ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله
وجوههم مسودة ثم يقول في أواخر تفسير آيات قد قال في أولها يعني الله
تعالى كذا وكذا فيغفل عن قوله إن الله عنى ذلك ويعود يقول وجه
أو وجوها اخر يذكر ان الله عناها كيف كان يحسن في حكم العربية
والاستعمال أن يقول إنما يعني الله كذا وكذا بلفظ إنما المحققة لما اشتملت
عليه النافية لما عداه لم يذكر بعد ذلك وجها أو وجوها اخر.
ويقول: ان الله جل جلاله لعنها.
أقول: ثم لا يذكر قصص الأنبياء ولا الحوادث التي تضمن القرآن
الشريف ذكرها كما جرت عادة المفسرين العارفين بها.
أقول: ثم لا يذكر أسباب النزول على عادة المفسرين ولا وجوه
الأعراب ولا التصريف والاحتمال ولا ما جرت به العادة من تعظيم فصاحة
آيات القرآن ومواضع الأعجاز بها على صواب من كمال المقال.
فصل فيما نذكره من أواخر المجلد من تفسير أبي علي محمد بن عبد الوهاب
الجبائي من القائمة الثانية إلى ما نذكره من كلامه في الكراس الأول من
لفظه، فقال محنة الرافضة على ضعفاء المسلمين أعظم من محنة الزنادقة ثم
شرع يدعى بيان ذلك بأن الرافضة تدعى نقصان القرآن وتبديله وتغييره
فيقال له كلما ذكرته من طعن وقداح على من يذكر ان القرآن وقع فيه
تبديل وتغيير فهو متوجه على سيدك عثمان بن عفان لان المسلمين اطبقوا
انه جمع الناس على هذا المصحف الشريف وحرف وأحرق ما عداه من
المصاحف فلولا اعتراف عثمان بأنه وقع تبديل وتغيير من الصحابة ما كان
هناك مصحف محرف وكانت تكون متساوية ويقال له أنت مقر بهؤلاء
القراء السبعة الذين يختلفون في حروف واعراب وغير ذلك من القرآن
144

ولولا اختلافهم ما كانوا سبعة بل كانوا يكونون قاريا واحدا وهؤلاء
السبعة منكم وليسوا من رجال من ذكرت انهم رافضة ويقال له أيضا ان القراء
العشرة أيضا من رجالكم وهم قد اختلفوا في حروف ومواضع كثيرة من
القرآن وكلهم عندكم على الصواب فمن ترى ادعى اختلاف القرآن وتغيره
أنتم وسلفكم لا الرافضة ومن المعلوم من مذهب الذي تسميهم رافضة ان
قولهم واحد في القرآن، ويقال له قد رأينا في تفسيرك ادعيت ان بسم الله
الرحمن الرحيم ما هي من القرآن الشريف وقد أثبتها عثمان فيه وهو مذهب
لسلفكم انهم لا يرونها آية القرآن وهي مائه وثلاثة عشر آية في المصحف
الشريف تزعمون أنها زائدة وليست من القرآن فهل هذا الاعتراف منك
يا أبا علي بزيادتكم في المصحف الشريف والقرآن ما ليس فيه ويقال له وجدناك
في تفسيرك تذكر ان الحروف التي في أول سور القرآن أسماء السور،
ورأينا هذا المصحف الشريف الذي تذكر ان سيدك عثمان بن عفان جمع
الناس عليه قد سمى كثيرا من السور التي أولها حروف مقطعة بغير هذه
الحروف وجعل لها أسماء غيرها فهل كان هذا مخالفة على الله جل جلاله
ان يسمى سور كتابه العزيز بما لم يسمها الله تعالى أو كان ما عمله صوابا
وتكون أنت فيما تدعيه انها أسماء السور مدعيا على الله تعالى ما لم يعلم من
تفسير كتابه، ويقال له قد رأيناك قد طولت الحديث بان سورة الحمد كانت
تقرء مدة زمان البعثة وكيف يمكن أن يكون فيها تغير فهل قرأت هذا
الكلام على نفسك وعيرته بميزان عقلك فكيف ذكرت مع هذا ان بسم الله
الرحمن الرحيم المذكورة في أو لها في كل مصحف وجدناه ليست منه وكيف
اختلف المسلمون في بسم الله الرحمن الرحيم من سورة الحمد هل آية منها
أم لا وكيف قرء عمر بن الخطاب غير المغضوب عليهم وغير الضالين
بزيادة غير قبل ولا الضالين على ما حكاه الزمخشري عنه في تفسيره اما سمع
المسلمون رسول الله (ص) يقرء الحمد في صلاته وغيرها فعلى م اختلفوا
بها في هذا وأمثاله منها فهل ترى الا ان كلما طعنت به على الذي تسميهم
145

رافضة متوجه إلى سلفك واليك والى سيدك الذي تتعصب له على بني هاشم
المظلومين معكم، ويقال له وجدنا القرآن الشريف متضمن ان فيه مالا يعلم
تأويله الا الله على أحد القرائتين ونراك قد ادعيت تفسير الجمع من آيات
القرآن فأين القسم الذي استأثر الله تعالى بمعرفته دون عباده وعلى القراءة
الأخرى ان الراسخين في العلم يعلمون قسما من القرآن دون غيرهم فهل
تدعى انك من الراسخين في العلم ولهذا تفسيرك يدل على انك لست من
أهل العلم بالقرآن فكيف تدعى رسوخا فيه ويقال له ان الذي تدعيه أنت
وأمثالك على الرافضة انهم يقولون إن القرآن لا يعرف تأويله الا امامهم
بهتان قبيح لا يليق باهل العلم ولا بذوي الورع ولا بمن يستحى مما يقول
فان الرافضة ما تدعى ولا اعرف أحدا من العقلاء يدعى شيئا من القرآن
لا يعرف تأويله مطلقا الا واحد من الأمة لأن القرآن الشريف فيه المحكم
الذي تعرف تأويله ومفهومه بغير تأويل بخلاف ظاهره فكيف يدعى أحد
ان هذا لا يعرف الا واحد من الأمة.
أقول: فاما المتعلق من القرآن بالقصص فكيف يدعى أحد ان مفهوم
القصص المشروحة بالقرآن لا يعرفها الا امام الشيعة ما أقبح مكابرتك.
أقول واما الأحكام الشرعية التي تضمنها صريح لفظ القرآن الشريف
فكيف تدعى من تسميهم بالرافضة انها لا يعرفها الا امامهم وهم يحتجون
بها في تصانيفهم وكتبهم.
أقول: وأنت ترى كتب محتجون بالقرآن كل شئ يحتمل
الاحتجاج به وما يدعون ان هذا الاحتجاج صادر عن امامهم فأي شئ
حملك على التعصب على الشيعة المظلومين معك لأجل تعلقهم علي بني هاشم
وأي حاصل لبني أمية الهالكين من تعصبك لهم وقد شهد عليهم بالضلال
صواب المقال، ثم يقال له كيف تدعى على قوم شاهدنا فتاواهم ووقفنا
على كتبهم وتصانيفهم انهم موحدون شاهدون لله تعالى ولرسوله بما شهد
به صريح العقل وصحيح النقل انهم أعز على الاسلام من الزنادقة وهل
146

يدعى عليهم الا تقديمهم لمولانا على على من تقدمه من الصحابة فان كنت
تقصد بهذا الطعن على مولانا علي وبني هاشم تأخرا عن بيعة أبى بكر
على قاعدة الخوارج فكفاك بذاك عارا وشنارا فان البخاري ومسلم شهدا
في صحيحهما ان عليا وبني هاشم تأخرا عن بيعة أبى بكر ستة أشهر أو نصف
سنة إلى حين وفاة فاطمة وعرفت ان عليا (ع) كان يقول إنه مظلوم
منذ قبض رسول الله فما كان ذلك أن تطعن بما يرجع على هدم الاسلام
وتفتضح به بين الأنام وأنت عرفت ان عليا والصحابة تحاربوا بعد وفاة
النبي (ص) أيام طلحة والزبير ومعاوية قد اعتذرت للجميع فهلا كان
الذين تقدموا على مولانا علي أسوة بمن حاربهم ويكون الجميع عندك
معذورين ويكون جميع الشيعة معذورين وهلا كان القوم عندك على شبهة
أين علمت أنهم جميعا معاقدون وانهم أضر على الاسلام من الزنادقة لولا
انك مطرود عن الحق وتابع للهوى ومفتون وستعلم إذا جمعنا وإياك موقفا
القيامة كيف نكون وتكون، ويقال لأبي على الجبائي لأمثاله هل ترى
العقل يقتضى ان نبيا أو سلطانا يخرج رعيته من الضلال إلى الهدى ومن
الفقر إلى الغني ومن الذل إلى العز وبلوغ غايات المنى ومن المشابهة للدواب
بعبادة الأحجار والأخشاب ويردهم إلى حكم الألباب فلما خاطر هذا النبي
أو السلطان على أقل عقايد المتعصبين عليه وصفاء الملك عن الأكدار أن
تزاحم الأجانب أهل بيته على دولته ثم لم يقنعوا بمزاحمتهم على رياستهم
حتى قتلوا منهم فريقا وأسروا فريقا وقصدوهم بالعداوة في الحياة وبعد
الممات وبلغت العداوة لهم إلى أنهم إذا سمعوا عن أحد أنه يمدحهم أو تولاهم
أو يفضلهم على سواه أخرجوه عن الاسلام وحكموا عليه بالزندقة وجحود
الشرايع والاحكام أهكذا يا أبا على يكون جزاء الاحسان اما تعلم انكم
كنتم مسلمين مؤمنين فقد أعتقناكم من القتل ومن الجزية التي ألزمناها
أهل الذمة وانكم عتقاؤنا على كل حال وبنا وصلتم إلى كل ما تدعونه من
رياسة أو علم أو بلوغ آمال وارحموا نفوسكم من يوم الحساب والسؤال.
147

فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من المجلد الأول من تفسير أبى على
الجبائي من الوجهة الأولة من القائمة الخامسة من الكراس الثاني من الجزء
الثاني المذكور بلفظه واما قول الله سبحانه وتعالى {كتب عليكم إذا
حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف
حقا على المتقين} فإنما عني به ما كان فرضه على الناس في صدر الاسلام
من الوصية للوالدين والأقربين ثم نسخ ذلك بان بين السنة ان لا وصية
لوارث وبين لنا ذلك رسول الله ونسخ عنا فرض الوصية أيضا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: يقال لأبي علي الجبائي ان هذا
الحديث الذي قد ذكر عن رسول الله انه لا وصية لوارث ينقض بعضه
بعضا وهو يقتضى انه حديث مكذوب على رسول الله (ص) وهو
مما يستحيل العمل بجميع ظاهره وإذا كان لا بد من تأويله على خلاف
الظاهر فهلا ذكرت له وجها يجمع بين القرآن وبينه من غير نسخ فوجوه ذلك
كثيرة فاما قولنا انه يستحيل العمل بجميع ظاهره لان ظاهره يقتضى أن
يكون الوصية في حال يكون الموصى له وارثا وهذا متعذر لان الموصى
يوصى وهو حي وما انتقل ماله ولا ما أوصى به إلى غيره حتى يسمى
الذي يوصى له انه وارث فلا بد أن يقول إن معناه لا وصية لمن يمكن
أن يكون وارثا.
أقول: وإذا قلت إنه لا وصية لمن يمكن يكون وارثا بطلت
الوصية للقريب والبعيد وذهب حكم كتاب الأوصياء في هذا واحكام
الوصية به في الاسلام لأنه لا يوجد أحد من المسلمين الا ويمكن أن يكون
وارثا في وقت دون وقت ومثال ذلك أنه إذا فقد ذو السهام من أهل
المواريث كان الوارثون ذو الأرحام على الخلاف في ترتيبهم وإذا فقد ذو
الأرحام كان ميراث الانسان اما لبيت المال وهو عايد إلى امام الوقت والى
ساير المسلمين أو إلى فقراء المسلمين على بعض المذاهب فإذا تكون الوصية
ساقطة في ملة الاسلام لهذا الحديث المتهافت في العقول والأفهام.
148

أقول: وان قال إنما المراد يكون عند وفاة الميت وارثا فيقال له
هذا أيضا غير معلوم لجواز ان يموت من يوصى له قبل وفاة الموصى فيكون
الموصى له موروثا ولا يكون وارثا على ظاهر خبر الجبائي الا انه لا وصية
لمن يعلم أنه يبقى بعد الموت ويصير وارثا وذلك أيضا لا طريق معلوم
للذين يوصون له فلا تصح الوصية أيضا.
أقول وإذا كان ظاهر الحديث لا يصح العمل عليه ومتضادا في نفسه
وساقطا عند علماء أهل البيت جميعهم الذين روى العلماء من المسلمين ان
النبي (ص) قال إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فكيف
ينسخ به صريح القرآن الشريف وهل الاقدام نسخ القرآن بهذا الحديث
الضعيف الا التهوين بالله تعالى وبكتابه المعظم المنيف.
أقول: وأي عقل أو نقل يقتضى ان التركة التي للورثة فإذا اكد
الموصى استحقاقهم للثلث بالوصية يكون التأكيد مبطلا أو باطلا.
أقول: ومما يمكن تأويل الحديث مع سقوطه ان لا وصية لوارث
يزيد نصيبه من الميراث عن الثلث فإنه يأخذ الثلث كله وزيادة فلا حاجة إلى
الموصى له وهذا تأويل قريب من عادة الجبائي في الاجتهاد والاستحسان
ويكون باقي عموم الآية على ظاهره في الوصية مطلقا لأهل الاسلام
والايمان ولا يكون نسخا معارضا للقرآن، وقد ذكر جدي أبو جعفر
الطوسي: في التبيان عند ذكر هذه الآية كلاما شديدا ونحن نذكره
بلفظه وفي الآية دلالة على أن الوصية جايزة للوارث لأنه قال للوالدين
والأقربين والوالدان وارثان بلا خلاف إذا كانا مسلمين حرين غير قاتلين
ومن خص الآية بالكافرين فقد قال قولا بلا دليل ومن ادعى نسخ الآية
فهو مدع كذلك ولا نسلم له نسخها وبمثل ما قلناه، قال محمد بن جرير
الطبري: سواء فان ادعى الاجماع على نسخها كان ذلك دعوى باطلة ونحن
نخالف في ذلك فقد خالف في ذلك نسخ الآية طاووس فان نصها
بالكافرين لمكان الخبر ولم يحملها على النسخ وقد قال أبو مسلم محمد بن بحر
149

ان هذه الآية مجملة وآية المواريث مفصلة وليست نسخا فمع هذا الخلاف
كيف تدعى الاجماع على نسخها ومن ادعى لقوله (ع) لا وصية لوارث
فقد أبعد لان هذا أولا خبر واحد لا يجوز نسخ القرآن به اجماعا وعندنا
لا يجوز العمل به في تخصيص عموم القرآن وادعائهم ان الأمة أجمعت على
الخبر دعوى عارية من البرهان ولو سلمنا الخبر جاز أن نحمله على أنه لا وصية
لوارث فيما زاد على الثلث لأنا لو خلينا وظاهر الآية أجيزت الوصية بجميع
ما يملك للوالدين والأقربين لكن خص ما زاد على الثلث لمكان الاجماع
واما من قال إن الآية منسوخة باية الميراث فقوله بعيد من الصواب لأن
الشئ إنما ينسخ غيره إذا لم يمكن الجمع بينهما فاما إذا لم يكن بينهما تناف
ولا تضاد بل أمكن الجمع بينهما فلا يجب حمل الآية على النسخ وهو لا تنافى
بين ما ذكر فرض الله للوالدين وغيرهم من الميراث وبين الأمر بالوصية
لهم على جهة الخصوص فلم يجب حمل الآية على النسخ وقول من قال
خصوص الاجماع على أن الوصية ليست فرضا يدل على أنها منسوخة
باطل لأن اجماعهم على أنها لا تفيد الفرض لا يمنع من كونه مندوبا إليها
ومرغبا فيها ولأجل ذلك كانت الوصية للأقربين الذين ليسوا بوارث
ثابتة بالآية ولم يقل أحد انها منسوخة في حرهم ومن قال إن النسخ من
الآية ما يتعلق بالوالدين وهو الحسن والضحاك فقد قال مالا ينافي ما قاله
مدعوا نسخ الآية على كل حال ومع ذلك فليس الأمر على ما قال لأنه
لا دليل على دعواه وقد قال طاووس إذا أوصى لغير ذي قرابته لم يجز
وصيته وقال الحسن ليست الوصية الا للأقربين وهذا الذي قالاه عندنا
وإن كان غير صحيح فهو مبطل قول مدعى نسخ الآية وإنما قلنا إنه
ليس بصحيح لان الوصية لغير الوالدين والأقربين عندنا جائزة ولا خلاف
بين الفقهاء في جوازها.
أقول: وهذا كان المراد من كلام جدي أبى جعفر الطوسي ذكرناه
بلفظه وذكر بعد هذا مقدار ما يوصى به والخلاف فيه ولمن يوصى من
150

الأقربين، واعلم انني إنما قلت في تأويل الخبر لم نسقطه أنه يكون
معناه لا وصية لوارث إذا كان المسمى له من تركة الذي يوصى له الثلث
وأكثر منه لأنني لو أطلقت القول في التأويل بأنه فيما زاد على الثلث أمكن
أن يقول فيما يبقى لتخصيص قول لا وصية لوارث معنى لان الوصية بزيادة
على الثلث لا تصح لاحد سواء كان وارثا أو غير وارث وقول جدي
الطوسي كنا نجيز الوصية للوالدين والأقربين بالتركة كلها كيف كنا نجيز
ذلك والاجماع على المنع من الزيادة على الثلث مانع لنا من الجواز مخصص
لكل عموم فالذي قلناه وحررناه أقرب إلى تأويل الخبر ولم نذكر جميع
ما كنا نقدر عليه من تأويله واما قول جدي انها تحمل علي المندوب فأقول
قد تكون الوصية بواجب فيما هو واجب وقد تكون مندوبا فيما هو
مندوب فتحمل على كل ما يحتمله.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث وهو أول المجلد الثاني من تفسير
الجبائي من الوجهة الثانية من الكراس العاشر بلفظه واما قول الله سبحانه
وتعالى {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم
يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم
من خلفهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فإنما عني به النبي (ص) فقال
له ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا وأراد لا تحسبنهم أمواتا في
وقت ما أخبرتهم بهذا الخبر وبين له بقوله بل احياء عند ربهم يرزقون
انهم في وقت ما اخبره عنهم بهذا الخبر كانوا احياء في قبورهم يرزقون
وعنى بقوله عند ربهم انهم في الوضع الذي لا بملك لهم أحد من العباد نفعا
ولا ضرا الا الله فجعل ذلك كونا لهم عنده على هذا المعنى لا على أنهم
إذا كانوا في القبور كانوا قريبين من الله بالمسافة وإذا كانوا على وجه
الأرض احياء كانوا بعيدين منه لان الله لا يجوز عليه حلول الأماكن
ولا الكون فيها ويجوز أيضا ان يكون عنى بذلك انهم عند الله احياء على
أنه يعلمهم أحياءا وان كان بذلك يخفى على الناس وهذا احياء المؤمنين في
151

قبورهم لان الله إذا أراد ان ينعمهم في قبورهم وان يعجل لهم بعض ثواب
أعمالهم في الدنيا لم يجز ان يوصل إليهم النعيم والثواب حتى يحييهم لان
الميت لا يجوز ان يجد النعيم واللذات.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قول الجبائي إنما عنى به النبي {ص}
تحكم عظيم على الله تعالى واقدام هائل على كتابه العزيز ولعله لو قال إن
الآية نزلت على معنى إياك أعني واسمعي يا جاره وإنما لعل المراد التعريف
للمؤمنين ولا هل الشهداء ان من قتل منهم احياء يرزقون وانهم ما ماتوا
فإنهم كانوا أحوج إلى معرفة ذلك من تعريف النبي بحيث يسهل على
الناس الجهاد والقتل إذا عرفوا ان الشهادة حياة عند الله تعالى ولقتل أهل
الشهداء عن قتالهم بما يعرفونه من حياتهم ولئلا يشمت الكفار بهم إذا قتلوا
في سبيل الله.
أقول: واما قول الجبائي ان المراد في حياة الشهداء في تلك الحال
إلى أن اخبره الله تعالى لرسوله (ص) تحكم أيضا من الجبائي واقدام
لا يليق بذوي الورع والدين لان الآية قد تضمنت تخصيص الوقت دون
غيره وهي محتملة لحياة الشهداء بعد قتلهم حياة مستمرة فمن أين عرف
الجبائي انها مختصة بالوقت الذي ذكره لا قبله ولا بعده.
أقول واما قول الجبائي انهم يكونون في قبورهم فهو لعله خلاف
اجماع الذين يغيرهم من المسلمين لان الطعام والشراب والاكل في القبور
خلاف الظاهر من مذاهب العلماء العارفين وما الذي حمل الجبائي على
تخصيص ذلك بوقت كونهم في القبور وليس في الآية ما يوجب ذلك
افتراء يعتقد انهم إذا اكلوا في القبور يكون عندهم بيوت طهارات ويحتاجون
إلى... لكونهم بعد في الحياة الدنيا على ما اختاره من التأويلات.
أقول: واما قول الجبائي عند ربهم انه عنى به انهم في موضع لا يملك
لهم أحدا من العباد نفعا ولا ضرا فهو جهل من الجبائي بمعاني كلام العرب
والجرأة منه على الله تعالى حيث يقول إنه جل جلاله عني به ما يقول
152

وإنما عادة العرب إذا قالوا عمن يريدون اكرامه انه عندي اي عند كرامتي
وعنايتي والقرب من محبتي ونعمتي ونحو هذا وما يريدون ان عندي بمعنى
المسافة ولا بمعنى الذي ذكره.
أقول: واما قول الجبائي ويجوز ان يكون عني بذلك انهم عند الله
احياء على أنه يعلمهم احياء فهو تأويل عجيب منه وجهل بما قدمه لأنه
قدم ان الله عنى ما ذكره أولا فإذا كان قد علم أن الله عنى ذلك المتقدم
فكيف بقي يجوز للجبائي أن يقول معنى اخر ويقول إنه عناه لولا غفلته
وتهاونه في تفسيره.
أقول: ولولا كان المراد ان الله جل جلاله يعلمهم احياء ما كان كذلك
زيادة على ما يعلم تعالى من حياة الكفار وحياة غير الشهداء والآية إنما تضمنت
وجوها من الاكرام للشهداء فلا بدان يكون قوله تعالى احياء عند ربهم
متضمنا لنوع من اكرامه تعالى للشهداء.
أقول: وقوله جل جلاله بعد هذه الآية فرحين بما اتاهم الله من فضله
ويستبشرون بالدين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون
كيف خفى عن الجبائي ان هذه الأوصاف تقتضي ان الشهداء أخرجوا
من قبورهم إلى مقام من الاكرام يليق بهذا الوصف من الانعام لقد كان
اللايق به انه لا يشغل نفسه بتفسير القرآن ويقتصر على ما هو أسلم وأليق
للعقول والأفهام.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع وهو ثاني المجلد من الوجهة الثانية
من القائمة الثانية من الكراس الخامس من تفسير الجبائي بلفظه اما قول الله
سبحانه وتعالى {أم يحسدون الناس على ما اتاكم الله من فضله فقد آتينا
آل إبراهيم الكتاب والحكمة واتيناهم ملكا عظيما} فإنما عنى به اليهود الذي
ذكرهم في الآية الأولى قبل هذه الآية وأراد بقوله أم يحسدون الناس
بل يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله وعنى بذلك رسول الله (ص)
وأصحابه المؤمنين لأن اليهود كانوا يحسدونهم على ما اتاهم الله من نبوته
153

وكرامته التي اتاها نبيه محمدا (ص) لأن قوله أم يحسدون لا يجوز بان
بكون معناه الشك لأن الله لا يجوز عليه الشك بل هو لم يزل عالما بكل شئ
وقد يجوز مثل هذا في اللغة أن يقول القائل على كلام قد تقدم أم فعلت
ذلك وهو يعنى بل فعلت ذلك وعنى بقوله فقد آتينا آل إبراهيم مثل ما اتينا
محمدا (ص) من الكتاب والحكم والنبوة والملك فاتينا محمدا ذلك كما اتيناه أولئك فلا ينبغي ان يحسدوه على ذلك بان يكذبوه لأن ما اتاه من ذلك
إنما هو من فضل الله والله يؤتى فضله من يشاء وليس للعباد ان يحسدوا
أحدا على فضل الله.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قول الجبائي ان اليهود كانت تحسد
رسول الله (ص) على نبوته فان اليهود كانت منكرة لنبوته (ص) ولو قال
إن الحسد كان على كلما بلغ إليه (ص) من كل حال يحتمل الحسد عليها
على اعتقادهم فيه كان أقرب إلى صواب التأويل وقول الجبائي انهم كانوا
يحسدون أصحابه المؤمنين فإنه تأويل متناقضة لما تقدم قبلها من القرآن
في قوله تعالى {ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين امنوا
سبيلا} وقول الجبائي وعنى بقوله فقد اتينا آل إبراهيم مثل ما اتينا محمدا
من الكتاب والحكم والنبوة والملك فاتينا محمدا (ص) وذلك كما اتينا أولئك
فأقول لو أنصف الجبائي لكان يرى في تأويل هذه الآية ان الله جل جلاله
قد أتا محمدا (ص) وآله الملك والنبوة والحكمة كما كان آل إبراهيم والا
لو كان قد أتا محمدا (ص) والنبوة ولم يؤت اله حكمة ولا ملكا كيف كان
يكون قد أتا محمدا (ص) مثل ما اتى آل إبراهيم والحديث كله إنما كان
في آل إبراهيم فيجب أن يكون قد اتى آل محمدا (ص) مثل ما اتى آل
إبراهيم وهذه الآية كما ترى شاهدة على ما ذكره من تأويلها انه اتى محمدا
مثل آل إبراهيم أن يكون آل محمد (ص) اتاهم الحكمة والملك العظيم.
أقول: وهذه رد أيضا على من قال من المتقدمين انه لا تجتمع النبوة والملك
والخلافة في بيت واحد وقد جمعها الله تعالى لآل إبراهيم وآله وإذا جمعها
154

الله لآل محمد (ص) فيكون لهم أسوة بال إبراهيم (ع) واما قوله أصحابه
المؤمنين وكيف يسمى الصاحب آل محمد (ص) لولا تعصبه على بني
هاشم والعرف المستعمل في الشريعة المحمدية ان آل عترته من الأسرة النبوية
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس وهو الأول من المجلدة الثالثة من
تفسير الجبائي الخامس منه بمعناه لأن لفظه فيه تطويل لا حاجة إليه في
تفسير قوله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم}
فقال الجبائي انه إذا اختلف العدلان في تقويم الجزاء جاز العمل بكل
واحد من حكمهما وإذا كان يجب العمل بحكمين مختلفين فهذا أصل في
اثبات صحة ساير احكام المجتهدين الذين قد أصابوا في أحكامهم وإن
كانت أحكامهم مختلفة ولا يوجب اختلافها أن يكون الحق فيها واحدا
دون سايرها.
يقول علي بن موسى بن طاووس ان العدلين إذا اختلفا يعمل بحكمهما
ما الذي يقول لمن قال له إنما يعمل بقول العدلين إذا اتفقا في الحكم لان
ظاهر القرآن هذا لأنه لو جاز العمل بقول كل واحد منهما إذا اختلفا كيف
يكون عاملا بحكم عدلين إنما يكون عاملا بقول واحد والعمل بقول
واحد خلاف ظاهر القرآن الشريف فالفرض الذي فرضه لا أصل له ثم يقال
للجبائي من أين عرفت انه إذا كان الحكم المختلف في هذا الصيد يعمل به لزم أن
يكون ساريا في جميع احكام المجتهدين وهل في ظاهر الآية شئ من هذا وان
قال إنه يقول بالقياس فيقال له ليس في هذه الآية ما يدل على حمل فرع علي أصل
لعلة جامعة بينهما وان ذلك يكون مشروحا أقول وقول الجبائي عن المجتهدين
الذين أصابوا في أحكامهم نقيض لما جعله أصلا لأنه إذا كان الاجتهاد
دلالة على الإصابة في الاحكام فلان جاز تعلق الاجتهاد بالإصابة وكان
يجب على أصله أن يكون كل مجتهد مصيبا والا فيقال له إن كان قائلا إذا
أصاب في قوله جاز العمل به سواء كان من أهل الاجتهاد أو من غيرهم
وقول الجبائي ان الاختلاف لا يوجب أن يكون الحق في واحد واطلاقه
155

هذا القول عظيم لأنه يقتضى ان الأمم المختلفة المتفرقة والملل المتضادة
وأصحاب العقايد المتفرقة كلهم مصيبون سالمون وهو وأهل عقيدته
ما يرون ذلك وإنما لو قال اختلاف العقول في الحكم إذا علم المكلف انه
مخير في الاخذ بأيهما شاء فيكون العمل على ما علم من تخير الله تعالى ولا يسمى
مختلفا على الحقيقة بل كل من الحكمين يقوم مقام الأخر فهو إلى الوفاق
والاتفاق أقرب من الاختلاف والافتراق.
أقول: فلو كان الاجتهاد في الشريعة المحمدية صحيحا ما كان الصحابة
قد بلغوا بينهم حد القتل للنفوس والحروب واستحلال الدماء والرؤس
وكان قد عذر بعضهم بعضا عند الاختلاف وما كانوا مفترقين ومعلوم
عند أهل الأنصاف ان القوم ما عذروا من فارق جماعتهم ولو كان الجبائي
صادقا فيما يقول فهو عذر علماء أهل البيت وعلماء شيعتهم على خلافهم.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من تفسير الجبائي من الوجهة الثانية
من القائمة التاسعة وبعضه من العاشرة بمعناه لأجل طول لفظه من تفسير
قوله تعالى {الا ان قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا
على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون} فذكر أبو علي الجبائي ما معناه
ان الكفار مضطرون يوم القيامة إلى الصدق ولا يقع منهم كذب ولا قبيح
لأن المعارف تكون ضرورية والتكليف مرتفع وقال أيضا فيه ما لفظه
إنما عنوا ما كنا مشركين عند أنفسنا في الدنيا وانهم في هذا القول
صادقون إذا كان لا يجوز ان يكونوا فيها كاذبين في الآخرة فيقال له
لو كان الأمر كما تأولت ما كان لقول الله تعالى انظر كيف كذبوا على
أنفسهم على وجه التعجب من كذبهم معنى يطابق تكذيبهم والقرآن
الشريف يتضمن خلاف ما قال أبو علي الجبائي في آيات غير هذه منها قوله
تعالى عن أهل النار ولو ردوا لعادوا ألما نهوا عنه وانهم لكاذبون فوصفهم
بالتكذيب في النار وقال جل جلاله {يحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون
انهم على شئ الا انهم هم الكاذبون} وظاهر هذه الآية انهم يحلفون كذبا
156

كما كانوا يحلفون في الدنيا كذبا وليس كل من كان عارفا بشئ ضرورة
لا يقع منه خلاف لان العبد المختار علم المقبحات الضرورية وهو يقدم
عليها ويعملها وكذا في الآخرة.
فصل فيما نذكره من الوجهة الأولى من القائمة الأولة من الكراس
الخامس من الجزء السابع وهو أول المجلدة الرابعة بلفظه واما قول الله
سبحانه وتعالى قال ألقوا فإنما عنى به ان موسى قال لهم ألقوا وهو يعنى
الحبال والعصي التي أفادوا مغالب موسى لا على سبيل الأمر لهم بذلك ولم
يرد ان يلقوا أيضا لأن هذا الالقاء كان كفرا منهم وطلبا لمغالبة موسى
وابطال امره والأنبياء لا تجوز ان تأمر بالكفر ولا تريده ولكن معناه
ان كنتم محقين فيما تقولون فألقوا فإذا كان في قول هذه الشريطة خرج
ذلك من أن يكون أمرا فيقال له ان تأويلك ان معناه ان كنتم محقين فيما
تقولون فألقوا وانه ما يكون أمر يدل على انك ما تعرف للامر صيغة غير أن
يكون مرادا من المأمور ومرادا الامر ولو عرفت عادة العرب والفصحاء
لعلمت ان الامر مختلف الصيغة وهذا الامر من إحدى وجوهه ولعل
المراد بقول موسى (ع) الق لينكشف الحق ويظهر ويثبت عندهم نبوته
ويكون أمرا حقا وصوابا ولعل موسى (ص) عرف انهم يؤمنون عند
ظهور معجزته فيكون أمرا منه لهم لأجل ما يظهر من رسالته ومن ايمانهم
به فما أخرجه إلى العدول عن حقيقته مع امكان ذلك المجاز لولا أنه كان
غير عارف بهذا الشأن.
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن من الوجهة الثانية من القائمة العاشرة
من الكراس الثالث من تفسير الجبائي بلفظه فيما نذكره منه واما قول الله
سبحانه وتعالى ما كان لنبي أن يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض
تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم فإنما عنى به
الاسرى الذين كانوا من أصحاب الرسول (ص) يوم بدر لأنهم كانوا
أسروا المشركين طمعا في الفداء ولم يقتلوهم كما أمر الله عز وجل فيقال
157

للحبائي هذا طعن صريح في الصحابة من أهل بدر فما عذرك في ذلك وإذا
أجزت عليهم مثل هذا الطعن والمخالفة لله تعالى ولرسوله (ص) والرسول
بين أظهرهم فكيف جعلت المخالفة منهم بعد وفاته متعذرة وكيف رفعت
المعلوم من محاربتهم لعلي (ع) في البصرة وصفين وما حررت هناك ما قد
شهدت ههنا عليهم من التصريح بمخالفتهم لله تعالى ولرسوله (ص) ولقد
كنت في شغل من هذه المناقضة والطعن على الصحابة وما رايته ذكر أسماء
هؤلاء الذين طلبوا الفدية من الأسراء يوم بدر والتفسير للقرآن يقتضى
ذكرهم لئلا يبقى الطعن عاما محتملا للبرئ منهم ولو شئت ان اسمى من
ذكروه وشهدوا عليه انه طلب الفدية وأشار بترك القتل لفعلت ومن
يكون له معرفة بكتبهم يعلم من أشار من أئمتهم بأخذ الفدية.
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع وهو أول المجلد الخامس من تفسير
الجبائي من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة من الكراس الثاني منه بلفظ
ما نقل منه واما قول الله سبحانه وتعالى ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول
للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم
ما كنتم إيانا تعبدون فقال الجبائي وعنى بقوله وقال شركائهم ما كنتم إيانا
تعبدون وان شركائهم انتفوا امنهم وقالوا ما كنتم تعبدوننا بأمرنا وإرادتنا
لان الآخرة لا يكون فيها كذب لان التكليف فيها زائل فلا بد ان يلجئ
الله فيها العقلاء إلى ترك ما أقبحه في عقولهم من الكذب وغيره ولولا ذلك لما
جاز يزيل التكليف عن العقلاء لأن ذلك يودى إلى إباحة الكذب والقبائح
وهذا لا يجوز على الله تعالى فصح ان معني قول شركائهم ما كنتم إيانا
تعبدون هو على المعنى الذي ذكرناه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ان قوله يعنى ما كنتم تعبدوننا
بأمرنا تحكم عظيم على الله تعالى ولعل العقول السليمة لا تقبل ان الأحجار
والأصنام تقول لهم ما كنتم تعبدوننا بأمرنا لأن الامر ما كان بسببه انهم
كانوا يعبدونهم بأمرهم وهلا قال إنه يحتمل كنتم تعبدوننا ان أهواكم
158

موافقة لقول الله تعالى واتخذ آلهة هواه ويكون قولهم صدقا وما كان
يحتاج إلى ما ذكره وقوله انه لا بد ان يلجئ الله فيها إلى ترك ما قبحه وهل
لا جوز أن يكون تكليفهم جايزا فيما يتعلق بأحوال القيمة وما يلزم منه
تكليفهم لجميع تكاليف الدنيا وقد تضمن كثير من الآيات والاخبار وعيد
الكفار وتهديدهم على ما يقع منهم يوم القيامة من انكار واقرار وأي عقل
يقتضى ان الله تعالى يجمع الرسل والحفظة من الملائكة وجميع الشهداء
على الأمم ليشهدوا على من ألجأهم إلى يريد تعالى من الجحود أو الاقرار
ويقهر الشهداء على الشهادة عليهم وكيف ادعى الجبائي ان العقل يجيز
هذا على الله تعالى وإنما الذي تقتضيه العقول السليمة ان الكفار المشهود
عليهم قادرون ومختارون ومتمكنون من الإنكار والأقرار وانهم لما
أنكروا أحوج للامر إلي شهادة من شهد عليهم وشهادة جوارحهم بما
أنكروه حتى تضمن القرآن الشريف انهم أنكروا بعد شهادة الشهود
والجوارح فقال تعالى وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي
أنطق كل شئ فهذا تصريح لا يخفى ومحكم لا يشتبه ان الذين أنكروا على
جلودهم مختارين وان نطق الجوارح عليهم بالشهادة كان الجاء واضطرارا
والفرق بينهما ظاهر.
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير الجبائي وهو الجزء الثاني
من المجلد الخامس من الوجهة الأولى من القائمة الثانية في تفسير قوله تعالى
{إذ قال يوسف لأبيه يا أبت انى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر
رايتهم لي ساجدين} فقال الجبائي ما هذا لفظه ويجوز ان يكون المراد
بقوله رأيتهم لي ساجدين أي رأيتهم لي خاضعين فجعل خضوعهم له سجودا
لأن الخضوع في اللغة السجود من الخاضع للمخضوع له.
يقول علي بن موسى بن طاووس: لعل الجبائي قد غفل عن اخر
القصة أو ما كان يحفظ القرآن لان يوسف لما سجد له أبواه واخوته قال
هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربى حقا ففسر هذا السجود المعهود
159

بذلك السجود فلو كان ذلك خضوعا من غير سجود ما كان يقول (ع)
هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقال الجبائي في تفسير قوله
تعالى لا تقصص رؤياك على اخوتك الآية ان تأويلها عند يعقوب كان
اخوته وأبويه يخضعون له ويعظمونه ولم يذكر ما نص الله تعالى من
تأويلها وشرحه، يوسف انه السجود المعهود بل يقبل العقل ان يوسف
علم منها ما لم يعلمه يعقوب
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر وهو أول المجلد السادس من
تفسير الجبائي من الوجهة الأولى من القائمة السابعة من الكراس الثامن
بلفظه واما قول الله سبحانه وتعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى
بربك وكيلا فإنما عنى به لا سبيل لك على عبادي في أن تضرهم سوى
وسوستك لهم الاستدعاء لهم إلى المعاصي فاما سوى ذلك من الضرر الذي
يجوز ان تضر به العباد بعضهم بعضا فإنه لا سبيل لك عليهم ولا قوة لان
الله خلقه خلقا ضعيفا عاجزا رقيقا خفيا ولرقته وخفائه صار لا يراه
الناس فهو لا يمكنه يضرهم الا بهذه الوسوسة التي يستغوي بها العصاة منهم
يقول علي بن موسى بن طاووس: ان ان استثناء الجبائي للوسوسة
وليس في الآية استثناء وقوله إن الله جل جلاله عنى هذا التأويل العظيم
من الجرأة والاقدام في الاسلام وهلا قال إنه يحتمل ان يكون المراد ان
عبادي هذا التخصيص والإشارة انه ليس عليهم سلطان يقتضى المخلصين
منهم الذين قال إبليس عنهم لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين فمن
أين علم الجبائي ان الله ما أراد الا تأويله واما قول الجبائي انه ما يقدر على
غير الوسوسة أخرجت آدم من الجنة وأهلكت الخلايق الا القليل فكيف
هو ما يحابى على تأويله الضعيف ولقد كان القتل من إبليس مع سلامة
الآخرة أهون مما يسمى له من هلاك الدنيا والآخرة د فان المفهوم من
قول الله تعالى وكفى بربك وكيلا ان هؤلاء العباد المشار إليهم ما قدر
إبليس عليهم ليكون المنة من الله في مدحهم وعصمتهم من إبليس كاملة
160

وحمايتهم منهم شاملة والا أي معنى يكون التأويل الجبائي ان عبادي ليس
لك عليهم سلطان الا انك تبلغ منهم هلاكهم الا القليل في الدنيا والآخرة
أقول: واما قول الجبائي ان الشيطان ضعيف عاجز وانه لا يرى.
أقول: كيف يكون عاجزا وهو عدو يرى بني آدم من حيث لا يرونه
ومن المعلوم أن العدو إذا كان يرى عدوه من حيث لا يراه ظفر به وأهلكه
سريعا وكيف صار من هذه صفته عند الجبائي عاجزا وكيف فهم من قول
إبليس لرب العالمين فوعزتك لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين ان
هذا القول من إبليس تهديد عاجز ضعيف أعاذ الله كل مسلم من تأويلات
رأى الجبائي السخيف وهل هو في العقول ان عدو العبد سلطان قاهر
يقول مواجهة ومجاهرة لسلطانه انني أغوى عبيدك أجمعين ولا يسلم منهم
الا القليل ولا يعتذر العاجز ولا يظهر خوفا ولا ذلا ان هذه صفة عبد عاجز
بل الجبائي العاجز الذي هو من جملة مضاحك إبليس ومن لعب به الذي
حكيناه واما قول الجبائي انه خلقه يعنى الشيطان خلقا ضعيفا فيقال له إن
كان ضعيفا إبليس عند الجبائي لأجل ان خلقه رقيق خفى فالملائكة الذين
يقلبون في البلاد ويصيح بعضهم صيحة تورثها الخلايق وأمد بهم الأنبياء
في الحروب ينبغي أن يكون ضعفاء عاجزين عند الجبائي على هذا وكذلك
ينبغي أن يقول عن الجن الذين كانوا من أقوى جند سليمان بن داود
يكونوا ضعفاء عاجزين لأجل رقتهم وخفائهم وكذلك العقول التي تتقوى
بها الخلائق على دفع اخطار الدنيا رقيقة خفية لا يراها الناس كما ذكر
الجبائي وكذلك الأرواح التي تقوم بها قوة أهل الحياة رقيقة خفية لا يراها
الناس والأهواء التي يخرب وتقطع وتصل أيضا رقيقة خفية.
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر أيضا من تفسير الجبائي قبل
اخوه اثنى عشر قائمة في تفسير قوله تعالى فوجدا عبدا من عبادنا اتيناه
رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما فقال الجبائي ما هذا لفظه ويقال ان
هذا الانسان هو الخضر وليس ذلك بصحيح لان الخضر يقال إنه أحد
161

أنبياء بني إسرائيل الذين بعثوا بعد موسى وهذا أقبح من قول من قال إن
صاحب موسى كان الخضر واما مالا يشك فيه فإنه كان نبيا من أنبياء الله
ورسولا من رسله لان الأنبياء لا يجوز ان يتعلموا العلم الا من ملك من ملائكة
الله أو رسولا من رسله لان من لم يكن من الملائكة والرسل يجب عليهم
اتباع الرسل والتعلم منهم ولا يجوز ان يحتاج الأنبياء إلى أن يتعلموا ممن
يجب ان يتعلم منهم فهذا بين انه كان من رسل الله وأنبيائه ويدل على ذلك
أيضا ان هذا العلم لابد لمن يعلمه بوحي الله عز ذكره إذا كان لم يخبر به
نبي من أنبيائه والله تبارك وتعالى لا يوحى إلى أنبيائه ورسله فجميع
ما ذكرناه يوجب ان يكون هذا العبد الذي ذكره الله نبيا لله ورسولا له
هذا اخر كلام الجبائي بلفظه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اما قول الجبائي ان الذي اجتمع
به موسى ما هو الخضر فإنه في انكاره كالمخالف للاجماع الذي تعتبر به
وان خالف أحد فشاذ لا يلتفت إليه وربما وهي الجبائي في ذلك من قلة
معرفته بهذه الأمور واما قول الجبائي ان الخضر بعد موسى فلو ذكرنا قول
كل من قال بخلاف الجبائي بلغ إلى الأطناب ولكن نحكي حديث الزمخشري
في تفسيره المسمى بالكشاف فهو عالم بعلوم كثيرة لا يخفى فضله عند ذوي
الأنصاف فان الزمخشري حكى في تفسير سورة الكهف ان بني إسرائيل
سألوا موسى أي الناس اعلم فقال انا فعتب الله حين لم يرد العلم إلى الله فأوحى
الله إليه بل اعلم منك عبد لي عند مجمع البحرين وهو الخضر وكان الخضر
في أيام أفريدون قبل موسى وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر وبقى
إلى أيام موسى وذكر الزمخشري وجها اخر في سبب طلب موسى الخضر
ان موسى قال الله تعالى إن كان في عبادك من هو اعلم منى فدلني عليه قال
اعلم منك الخضر قال أين اطلبه قال على الساحل عند الصخرة أقول واما
قول الجبائي ان الأنبياء لا يجوز ان يتعلموا من غير نبي واطلاق هذا
القول فهو جهل منه وخلاف العقل أتراه يعتقد ان كل شئ كان يعرف
162

كل صنعة يحتاج إلى استعمال شئ منها كالكتابة وغيرها أتراه يعتقد ان
النبي كان يحسن الكتابة أم هو موافق للقرآن في أنه ما كان يحسنها ويحتاج إلى
الصحابة في المعرفة بها وليسوا أنبياء على اليقين اما سمع الجبائي ان وصي سليمان
كان عنده من العلم باحضار عرش بلقيس ما لم يكن عند سليمان لمفهوم قول
الله تعالى قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك قبل ان يرتد إليك طرفك.
أقول: واما قول الجبائي ان الوحي لا يكون الا للأنبياء فهو جهل
منه أيضا وتكذيب للقرآن ومكابرة للعيان اما سمع الجبائي في كلام الله
تعالى وإذ أوحيت إلى الحواريين ان امنوا بي وبرسولي قالوا أمنا وليسوا
أنبياء اما كان للجبائي من العقل ما يدل على أنه إذا جحد الوحي إلى غير
الأنبياء ان يجوز أن يكون لله تعالى الهم الخضر ذلك الهاما من غير وحى
حتى وقع الجبائي في هذا التعبير لقد كان مستور الولا اشتغاله في هذا التفسير
فصل فيما نذكره أيضا من الجزء الحادي عشر من تفسير الجبائي بعد
أربعة قوائم من الموضع الذي ذكرناه قبل هذا فقال الجبائي ما هذا لفظه
وقوم من جهال العوام يذهبون إلى أن الخضر هو حي إلى اليوم في الأرض
وانه ليلقى الناس ويلقونه وهذا جهل ظاهر لأن هذا يوجب أن يكون
بعد نبينا محمد (ص) نبي تلقاه أمته ويأخذون عنه أمر دينهم ولو كان ذلك
كذلك لم يكن محمد (ص) خاتم النبيين واخرهم والجاز أن يكون في زمنه
نبيا كما كان بعده في أمته نبي هو الخضر وهذا يوجب تكذيب القرآن
مع أن الخضر إنما كان رجلا من بني ادم فلو كان كذلك لوجب ان نعرفه
كما تعرف الناس بعضهم بعضا بالملاقاة والمشاهدة فإذا كان لا يعرف ولا يعرف
له مكان فهذا دليل بطلان ما يدعونه من حياته وملاقاته بل يعلم أنه
قد مات قبل نبينا محمد وإنما نبينا بعث بعد الأنبياء ولم يكن معه في الأرض
نبي ولا بعده لأنه اخر الأنبياء.
يقول علي بن موسى بن طاووس: إنما تكذيب الجبائي بحياة الخضر
والاخبار متواترة من الفرق كلهما بحياته وملاقاته ولا أدرى كيف استحسن
163

نفسه هذه المكابرة والجحود اما احتجاجه بأنه كان يلزم منه أن يكون
بعد نبينا نبي موجود فكان هذا مقدار عقله فيكون قد تعثر بأذيال جهله
وان كان عاند عن الحق وعدل عن الصدق فيوم القيامة موعده ويحه إنما
كان نبينا (ص) خاتم الأنبياء واخر الأنبياء أي انه لن يبعث ولم يبعث
من بعده واما جواز بقاء نبي قد بعث قبله ويحيى والمسلمون الذي يعول
عليهم معترفون ان إدريس باق إلى الان وقد رووا من طرقهم ان الياس
باق وانه يجتمع هو والخضر وإدريس كل سنة في موضع عرفات وان عيسى
باق إلى الان وانه ينزل من السماء إلى الدنيا ويكون في أمة نبينا محمد (ص)
وما أعرف بين يعتبر به من المسلمين خلافا في هذا فكيف خفى مثل ذلك
على الجبائي هذا على دعواه الباطلة ان الخضر (ع) نبي وإذا كان غير نبي
فقد سقط قول الجبائي بالكلية.
أقول: واما قول الجبائي لو كان الخضر موجودا لكان الناس يلقونه
ويعرفونه فهذا قد تقدم منه خلافه وانه كان موجودا في الدنيا وما عرف
الناس حديثه الا لما عرفه الله تعالى لموسى به فهل دل عدم العلم به قبل
تعريف موسى له انه كان موجودا ومن كان العقل قاضيا انه يلزم معرفة
كلما لج ومعتزل عن الخلائق ومنفرد في أطراف المشارق المغارب وما كنت
اعتقد ان الجبائي يبلغ إلى هذا الجهل ونقصان هذا العقل.
أقول: وقول الجبائي فإذا كان لا يعرف ولا يعرف له مكان فهذا
دليل على بطلان ما يدعونه من حياته وملاقاته فيقال له هب انك ما تعرفه
ولا تعرف مكانه فمن أين علمت وحكمت على أهل الشرق والغرب والبعيد
والقريب ان أحدا منهم لا يعرفه ولا يعرف مكانه وأنت تعلم أن في بلدك
بل لعله في جيرانك من لا تعرفه ولا تعرف أين مكانه فهل لزم من هذا
عدم ذلك الذي لا تعرفه لقد ضل من جعلك دليلا له.
أقول: واما قول الجبائي بل يعلم قد مات قبل نبينا محمد (ص)
يعنى لأنه اخر الأنبياء وقد قدمنا فنقول ان أصحاب التواريخ وعلماء
164

الإسلام قد نقلوا دون موت للخضر فعرفنا من ذكر موت الخضر ومن
حضر وفاته ومن كفنه ومن صلى عليه ومن دفنه فقد اعترفت بوجود
الخضر وزعمت أن وجوده يقتضى معرفة الناس به ولقائهم له وما وجدنا
لوفاته وتوابع الوفاة خبرا ولا حضرا وانه لا مانع ان يبقى بعد نبينا نبي
بعث قبله كما بقي عيسى وإدريس ونقول زيادة على ما قدمناه هل جوز
الجبائي أن يكون الخضر قد سقط حكم مدعاه من نبوته بان شريعة نبينا
محمد (ص) ناسخة كل شريعة قبلها وبقى الخضر داخلا في شريعتنا كما
كان هارون وغيره من الأنبياء داخلين في شريعته من كانوا داخلين في
شريعته اما سمع الجبائي يشرب من ماء الحياة وتواتر الخبر بها فكيف حكم
بفساده واحالته ولكن تعصبه على بني هاشم وعلى المهدى (ع) ويكفي
للمهدي (ع) مثالا بقاء إدريس وعيسى (ع) والمعمرين وان الله قادر
لذلك وان المهدى من جملة معجزات محمد (ص) وآبائه.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من المجلدة السادسة من تفسير
الجبائي من الوجهة الأولة من القائمة الثامنة من الكراس الرابع منه بلفظه
واما قول الله تعالى {وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسئلك رزقا
نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} فإنما عنى به ان مراهل دينك وأهل بيتك
بالصلاة التي تعبدكم الله بها واصطبر على أدائها والقيام بها.
يقول علي بن موسى بن طاووس: الا تعجب من رجل مسلم يصنف
كتابا يعرف انه يقف عليه من يطلع إليه على مرور الأوقات يعمه مثل هذه
التعصبات والمحالات بالله تعالى هل ترى في الآية وأمر أهل دينك في ظاهرها
أو معناها أو حولها أو ما يجد هذا تعصبا قبيحا لا يليق بذوي الألباب
المصدقين بيوم الحساب أتراه لو اقتصر على أنه يأمر أهله (ع) بالصلاة
أسوة بساير من بعث إليه ما الذي كان ينخرم وينفذ على الجبائي حتى يبلغ
به الحال إلى أن يزيد في القرآن ما لا يدل اللفظ ولا المعنى عليه فهل كانت
يد محمد وحقه عليه دون عثمان بن عفان.
165

فصل فيما نذكره من الجزء الثالث عشر وهو أول المجلد السابع من
تفسير الجبائي من الكراس السادس بعد ست قوائم منها من تفسير قول
الله تعالى {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض
كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم
من بعده خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك
فأولئك هم الفاسقون} فقال الجبائي ما هذا لفظه وهذه الآية هي أيضا دلالة
على صحة امامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي عليه السلام لان الله قد وعد
المؤمنين ان يستخلفهم في الأرض وان يملكهم إياها ويمكنهم منها حتى
يصيروا خلفا فيها ولم يستخلف فيها بعد رسول الله من هؤلاء الذين كانوا
مؤمنين في زمن نزول هذه الآية الا هؤلاء الأئمة الأربعة فصح ان الله
تعالى هو الذي استخلفهم في الأرض وبامره صاروا خلفاء والا لما كان
الله تعالى مستخلفا لهم كما قال ولكان هذا يوجب ان يكون لم يوجد مخبر
هذا الوعد وهذا الخبر على ما أخبر به وهذا لا يجوز على اخباره فصح ان
خلافة هؤلاء الأربعة كانت بأمر رسول الله وان الله تعالى كان استخلفهم
ومكنهم في الأرض الجواب وبالله التوفيق يقال للجبائي ما تقول للإمامية
ان قالت لك إذا كان هذه الآية الخلافة عندك وعند الفرق المخالفة فنحن
نحاكمكم إلى عقولكم عند انصافها ونقول هذه الآية تدل على بطلان خلافة
الذين تقدموا على مولانا علي بن أبي طالب (ع) وبيان ذلك أن الله تعالى
قال فيها شرط ان يكون فيها... لمن يستخلفه من هذه الأمة كما كان
استخلافه لمن مضى قبلها بلفظه كما {التي} هي حقيقة للتشبيه وقد وقفنا
نحن وأنتم على اخبار من تقدمنا من بني إسرائيل وغيرهم الذين يحتمل
التشبيه بهم فلم نجدهم يحملون الأنبياء ولا الأوصياء ولا خلفاء الأنبياء
باختيار من يختارهم من الأمة وما وجدنا أحد منهم تركوا نبيهم على فراش
الموت وتوصلوا قبل الاشتغال بغسله والصلاة عليه ودفنه بغير مشاورة
لأهله ولا حضورهم وبايعوا بعضهم بعضا ولا وجدناهم عينوا في ولايتهم
166

ستة كما جرى في الشورى وما عرفنا ان مثل هذا على صفة جرى لمن تقدم
وما وجدناهم عاملين الا على اختيار الله تعالى ونصه على من يقوم بخلافتهم
ونيابتهم بنبوتهم أو على غير ما جرت على حال أئمتكم من ولايتهم ووجدنا
بني إسرائيل لما قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله وعين هم على
طالوت فحين جوزها أن يكون تملكه عليهم باختيار غير الله أنكروا ذلك
ولم يقبلوا ملكه وهو دون الخلافة العامة حتى أوضح ذلك بنزول التابوت
تحمله الملائكة وهذا الذي نعتقد في الخلافة والإمامة انها من الله ورسوله
على السواء من غير زيادة ولا نقصان فانصفونا من أنفسكم فهذه شهادة
صريحة لنا بما تعتقد على ما فسرتموه ان الخلافة مفهومة من هذا القرآن
العظيم الشأن ونحن نحاجكم بقولكم في الدنيا والآخرة ويوم الحساب
فاتقوا الله ودعوا العصبية واحكموا بالأنصاف ومقتضى الألباب فقد وضح
لكم وجه الحق والصواب ويقول أيضا علي بن موسى بن طاووس انظر
رحمك الله إلى العصبية واتباع الأهواء الدنيوية إلى أين تبلغ بصاحبها والى
اية غاية من الضلال تنتهي براكبها وهذا الجبائي قد ملأ كتبه وغيره من
أمثاله ان بيعة هؤلاء الأربعة كانت باختيار من اختارهم من الأمة وان
النبي مات وما نص على أحد ثم ادعى ههنا بغير حياء ولا مراقبة لمناقضته
وعمى قلبه وعقله بعد وفاته ان هؤلاء الأربعة كانت استخلافهم من الله
ومن رسوله ثم انظر بعين الانصاف إلى ما قدمه في أول الجزء الأول
من تعظيم القول انه كيف يجوز ان يدعى أحد على رسول الله (ص) انه
مات وما عرف الناس تأويل القرآن واظهره وشهره لهم وكيف تدعى
الرافضة ان أئمتهم يعرفون منه ما لا يعرف الناس وبلغ بهم ما حكاه عنهم
إلى حد الزندقة والكفر هو الان قد أقر على نفسه ما أنكره ولزمه أن
يكون شاهدا بالزندقة لأنه لو كان معنى هذه الآية استخلاف هؤلاء لكان
النبي قد عرف الخلفاء الأربعة ذلك وما أحوجهم إلى اختيار بعضهم لبعض
ولا تعين على ستة في الشورى والا كان قد شمتت بالاسلام اليهود أو النصارى
167

أو غيرهم من الملحدين على دعوى الجبائي وأمثاله ان أكمل المرسلين مات ولم
يعين على من يقوم مقامه في المسلمين مع علمه انه يموت وانهم مفترقون
إلى ثلاث وسبعين.
أقول: فإن كان الجبائي يزعم أن الله أراد استخلاف الأربعة وكتمه
عن رسول الله فهو خروج عن الإسلام وإن كان يدعى ان رسول الله
عرف ذلك وستره عن صحابته حتى أوقعهم في خطر مخالفته وتقبيح
ذكر رسالته فهو طعن من الجبائي في النبوة والصحابة وإن كان يزعم أن
الصحابة عرفوا من هذه الآية استخلاف الأربعة وما عملوا بها واطرحوا
الاعتماد عليها ورجعوا إلى الاختيار فهو طعن في الصحابة والقرابة وان
كان الجبائي يزعم أنهم ما عرفوا تأويل هذه الآية وعرفها الجبائي وأصحابه
فهي شهادة في معرفة تأويل القرآن دعوى لنفسه انه اعرف منهم بتأويله
وذلك شاهد بضلاله وتضليله فإننا قد وقفنا على ما جرت حالهم عليه في يوم
السقيفة وعند اختلافهم وعند وفاتهم وما وجدناهم احتجوا بهذا لأنفسهم
ولا احتج لهم بها دون بصيرة ويقال للجبائي ولأي حل ضللت معاوية بن
أبي سفيان وقد كان عند أصحاب مقالتك مؤمنا لما أنزلت هذه الآية
وكان كاتبا للوحي وهو أقرب إليها ممن لم يكن كاتبا للوحي لأنها تضمنت
منكم ومن يكون من كتاب الوحي أقرب إليها وهلا تشبث بها معاوية
ابن أبي سفيان فقد كان محتاجا إلى التمويه بما دون القرآن أو هلا تشبث
بها لمعاوية ومن كان معه من الصحابة أوقات محاربته وجعلوها عذرا لهم
في صحبته ومساعدته أو هلا احتجوا بها لما خلفوا الامر له وقد صار
الناس مجتهدين على مسالمته أو طاعته أو معونته أو هلا احتج بها له ولده
أو بنو أمية بعده لتأسيس خلافتهم به وقد تمكن في الأرض أكثر مما تمكن
منه الخلفاء الأربعة وفتح بعدهم ما لم يفتحوا وهلا احتج طلحة والزبير
لما تشوقوا إلى الخلافة وقالوا ان هذه شاملة لكل من كان مؤمنا أيام نزولها
ويقال للجبائي وهلا كانت هذه حجة في خلافة مروان بن الحكم وقد كان
168

من الصحابة ومذكور في رجال النبي (ص) وقد ولى الخلافة وهلا كان
احتج بها مروان لنفسه واحتج بها غيره له كما زعمت أنها متعلق بمن كان
مؤمنا أوقات نزولها وقد كان مروان عندك مؤمنا ويقال للجبائي وكيف
عدلت عن دخول خلفاء بني هاشم في عموم هذه الآية حيث تأولها على
الخلافة وقد فتحوا بلاد ألم تبلغ إليها الخلفاء الأربعة ولا بنو أمية ولا غيرهم
وتمكنوا في الدنيا تمكن بيت واحد ونسب واحد مستمرا ما لم يبلغ
الخلفاء قبلهم وقد كانوا كما تضمنت الآية خائفين من سادات الجبائي أو هلا
تأولها على خلافة المهدى وخاصته والقران كما قلناه خاطب الحاضر والمستقبل
بلفظ كاف الخطاب فان المهدي وخاصته بلغوا من الخوف وطول المدة
ما لم يبلغه أحد ويتمكن هو وجماعته ما لم يبلغ أحد من هذه الأمة ابدا وقد
عرف كل عالم من علماء الإسلام كل منصف ان الخطاب من الله تعالى في
حياة النبي (ص) هو خطاب لأمته بعد وفاته فيما يتعلق عمومه بتكاليفهم
المستمرة والا كان قول الله جل جلاله يا أيها الذين امنوا في القرآن كله
لمن كان حاضرا في وقت نزولها ولم يكن خطابا لمن اتى بعدهم من الأمم
وهل يخفي على عالم ان قوله تعالى {وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من
عبادكم} ان هذا كاف الخطاب لمن كان موجودا ولمن يأتي من المكلفين بها
إلى يوم القيامة وكذلك إذا طلقتم النساء عام للحاضرين ومن يأتي من
المكلفين بها ولم يلزم من لفظ آناء الخطاب ولا كاف الخطاب ان هذا لمن
حضر منهم وكيف خص الجبائي اية الاستخلاف بمن حضر دون من اتي
من الخلفاء لولا أن العصبية بلغت به إلى هذا العمى والظلماء ويقال للجبائي
ومن أعجب تأويلك لهذه الآية ادخالك لسيدك عثمان بن عفان فيها وقد
تضمنت من بعد خوفهم أمنا فهذا من صفة هؤلاء الذين قد تضمنت الآية
انه يستخلهم وقد عرف كل مطلع على أحوال الإسلام ان عثمان بن عفان
بالعكس من هذه الآية لأنه أبدل من بعد امنه خوفا وحصر في داره
وأخيف خوفا ما بلغني أحد من جلسته وقتل مجاهرة باتفاق من حضر من
169

الآفاق من زهاد المسلمين وباتفاق من أعان عليه من حضر المدينة والتابعين
وخذلان الباقين وقال يوسف بن عبد البر النمري في باب علي بن أبي طالب
عليه السلام من كتاب الاستيعاب انه بويع لعلي (ع) يوم قتل عثمان ثم
ذكر في باب عثمان بن عفان في رواية عن عبد الملك بن الماجشون عن مالك
قال لما قتل عثمان ألقي على المزبلة ثلاثة أيام وذكر في روايته عن هشام بن
عروة انهم منعوا عن الصلاة عليه وهذه أحوال مخرجة لعثمان بن عفان
من الآية على كل تأويل ومن عجيب ما تضمنته رواية أصحاب الاستيعاب
أن يكون عليا (ع) يبايع يوم قتل عثمان وبقى عثمان بعد اجتماع الناس
على علي (ع) لا يدفن عثمان ولا يأمر علي (ع) بدفنه ولا يصلى عليه
ولا يولى أحدا من الصحابة دفنه قبل الثلاثة أيام ولا يصلون عليه شهادة
صريحة انهم كانوا مجتمعين على أن عثمان لا يستحق الدفن ولا الصلاة عليه
ويقال للجبائي لو كانت الصحابة قد فهموا ان المراد بهذه الآية الاستخلاف
لكانوا عقيب وفاة النبي قد تعلقوا جميعهم أو قالوا إن هذا وعدلنا
بالخلافة لأننا قد أمنا وعملنا صالحا لأن هذا الوعد بالخلافة على قول الجبائي
كان مشروطا بايمانهم وعمل الصالح ويقال للجبائي ان الآية تضمنت
الوعد لمن كان خائفا من المؤمنين الصالحين وقت نزولها على قوله والايمان
وصلاح نيات الأعمال من عمل القلوب فمن عرف بواطن الناس حتى اقتصر
على أربعة منهم له وكيف يدعى ان الأربعة كانوا خائفين وقت نزولها
وعند تمكنهم كما تضمنوا ظاهرها والتواريخ والاعتبار شاهدة ان القوم
كانوا آمنين بالمدينة لما نفذوا العساكر إلى ملوك الكفار ولذلك يدور الكفار
وقصدوهم في ممالكهم وما هذه صفة خائف منهم بل صفة طامع في اخذ من
ملكهم وهل بلغ تأويل الجبائي إلى أن يدعى الأربعة خلفاء ما كانوا واثقين
بقول النبي (ص) ووعده بفتوح بلاد الكفر وملك كسرى وقيصر
ولأن الأربعة ما باشروا حربا للكفار ولا خرجوا من المدينة لذلك بعد وفاة
النبي ويقال للجبائي في أواخر هذه الآية ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم
170

الفاسقون وما كانت حال الأربعة عندك محتملة لهذا الخطاب ويقال للجبائي
بعد قصور معرفتك بالعربية وتفسير القرآن حملك على هذه التأويلات والا فمن
أين عرف ان هذه الآية دالة على الخلافة دون ان يكونوا خلف من تقدم
عليهم من الأمم كما قال تعالى لبني إسرائيل كافة ويستخلفنكم في الأرض
فينظر كيف تعلمون وما كانوا جميعهم خلفاء ولعل ما يسمى أحد منهم
بخليفة فيما عرفناه من التواريخ وقال تعالى ويستخلفنكم بعدكم ما يشاء
كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين فهل يدعى ذوي بصيرة ان هذه تقتضي
خلافة فظاهرها كما ادعاه الجبائي وقال تعالى وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين
فيه فهل هذه خلافة كما ادعاه ويقال للجبائي قد سمى الله تعالي الكفار
خلفاء تصريحا وما لزم من ذلك خلافة ابدا فقال جل جلاله في قصة مخاطبة
هود لقومه واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق
بسطة فهل يقبل مذهب الجبائي في العدل ان الله جعل الكفار خلفاء وهل
يفهم من هذا كله الا انهم كانوا خلفهم اي بعدهم من ظاهر لفظ الاستخلاف
لولا العمى وقلة الانصاف ويقال للجبائي لعل صرف هذه ظاهر الآية
إلى الذين باشروا حروب... من المؤمنين الصالحين من الصحابة أو كانوا
مناجين لبلادهم وخائفين منهم أقرب إلى دخولهم تحت ظاهرها لأن الخوف
كان متعلقا بهم ولأنهم أول من استخلفوا بمعنى كانوا خلف الكفار في
ديارهم وامنوا من أخطارهم.
فصل ووجدت في كتاب التبيان تفسير جدي أبو جعفر الطوسي في
تفسير هذه الأشياء شيئا كنا ذكرناه نحن وشيئا ما ذكرناه ونحن نذكر
الان لفظ كلامه ثم نزيده معاضدة بالحق نصرناه فنقول ما هذا لفظه
واستدل الجبائي ومن تابعه على امامة الخلفاء الأربعة بهذه الآية بان قال
الاستخلاف المذكور في الآية لم يكن الا لهؤلاء لان التمكن المذكور في
الآية إنما حصل في أيام أبي بكر وعمر لان الفتوح كانت في أيامهم كأبي
بكر فتح بلاد العرب وطرفا من بلاد العجم وعمر فتح مداين كسرى
171

والى حد خراسان والى سجستان وغيرها وإذا كان التمكين والاستخلاف
هيهنا ليس هو الا لهؤلاء الأربعة وأصحابهم علمنا أنهم محقون والجواب
على ذلك من وجوه أحدها ان الاستخلاف هيهنا ليس هو الامارة والخلافة
بل المعنى هو ابقاؤهم في اثر من مضى من القرون وجعلهم عوضا منهم
وخلفاء كما قال وهو الذي جعلكم خلائف الأرض وقال عسى ربكم ان
يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض وقال وربك الغنى ذو الرحمة ان يشاء
يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء وكقوله وهو الذي جعل الليل والنهار
خلفة أي جعل كل واحد منهما خلف صاحبه وإذا ثبت ذلك فالاستخلاف
والتمكن الذي ذكره الله في الآية كانا في أيام النبي حين قمع الله أعدائه
وعلا كلمته ويسر ولايته وأظهر دعوته وأكمل دينه ونعوذ بالله ان نقول
لم يمكن الله دينه لنبيه في حياته حتى تلافى ذلك متلاف بعده قلت انا ومما
يؤكد ما ذكره قول الله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن
المسجد الحرام ان شاء آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون
فذكر تعالى اما ان المؤمنين والصحابة والحاضرين وزوال خوفهم وحصول
ما وعدهم به ثم قال جدي الطوسي في تمام كلامه ما هذا لفظه وليس كل
التمكين كثرة الفتوح والغلبة على البلدان لأن ذلك يوجب ان دين الله
لم يتمكن بعد إلى يومنا هذا لعلمنا ببقاء ممالك الكفر كثيره لم يفتحها بعد
المسلمون ويلزم على ذلك امامة معاوية وبني أمية لأنهم تمكنوا أكثر من
تمكن أبى بكر وعمر وفتحوا بلادا لم يفتحوها ولو سلمنا ان المراد بالاستخلاف
الإمامة للزم أن يكون منصوصا وليس ذلك بمذهب أكثر مخالفينا
وان استدلوا بذلك على صحة إمامتهم احتاجوا ان يدلوا على ثبوت إمامتهم
بغير الآية وانهم خلفاء الرسول حتى يتناولهم الآية فان قالوا المفسرين
على ذلك فان مجاهد قال هم أمة محمد (ص) وعن ابن عباس وغيره قريب من
ذلك وقال أهل البيت (ع) ان المراد بذلك المهدى لأنه يظهر بعد الخوف
ويتمكن بعد أن كان مغلوبا وليس في ذلك اجماع المفسرين وقد استوفينا
172

ما يتعلق بالآية في كتاب الإمامة فلا نطول ذكره هيهنا وقد تكلمنا على
نظير هذه الآية وان ذلك ليس بطعن على واحد منهم وإنما المراد الممانعة
من أن يكون فيها دلالة على الإمامة وكيف يكون ذلك ولو صح ما قالوا
ما احتيج إلى الاختيار وكان منصوصا عليه وليس ذلك مذهبا لأكثر العلماء
فصح ما قلنا بعد اخر لفظه في تفسير الآية نقلناه من خطه كما وجدناه.
أقول: أيضا وقد قلنا في كتابنا هذا كتاب {سعد السعود} ان سيد
الجبائي عثمان ما هو داخل في هذه الآية لأنه ابدل من بعد امنه خوفا ونقول
أيضا وكيف يكون على قولهم مولانا علي بن أبي طالب (ع) داخلا
فيها كما زعم الجبائي لأن إمامته كانت أقرب إلى الخوف بعد الأمن وكيف
يكون عمر داخلا فيها وكان عاقبة امره الخوف والقتل وكيف تكون هذه
الآية دالة على ما ذكره الجبائي وقد اتصلت الفتن والمخاوف من بعد عمر
وعثمان ومولانا علي (ع) وفي أيام بعضهم وكانت مستمرة مدة من
معاوية ويزيد وبعدهما في ابتداء دولة مروان وولده عبد الملك وعبد الله
ابن الزبير وعبد الرحمن بن الأشعث والأزارقة والخوارج ودولة مروان
ابن محمد وفي انقضاء ملكهم في ابتداء دولة بني العباس إلى أن مات المنصور
ثم ما خلصت دولة للبقاء من جبن وخوف وقتل وحرب الا أن يكون
شاذا وكان انقضاء دولة بني العباس على الخوف بعد الامن وما لم يجر مثله
في الاسلام وهل لهذه الآية تأويل في تحصيل أمان التام بعد الخوف
الشديد في البلاد والعباد الا في دولة المهدي كما ذكره الطوسي عن أهل البيت
التي تأتى بأمان مستمر إلى يوم القيامة لا يتعقبه المخافات وينتظم أمر النبوة
والرسالة إلى اخر الدنيا باقرار الآيات والمعجزات.
أقول: واعلم كل اية يتعلق بها أحد في خلافة المتقدمين على مولانا
علي (ع) فقد دخل الجواب عنها في جملة ما قد ذكرناه في تفصيل الجوابات
عن الدعوى بهذه الآية وحررناه ومن يكن له نظر صحيح لا يخفى عنه
تحقيقه ومعناه.
173

فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الجبائي وهو الثاني
من المجلد السابع من الكراس الخامس منه من الوجهة الأولة من رابع قائمة
منها في تفسير قول الله تعالى الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل
ان يرتد إليك طرفك بلفظ الجبائي وعنى بقوله قال الذي عنده علم من الكتاب
وهو يعنى سليمان لأنه كان عنده علم من الكتاب الذي أنزله الله عليه وعرفه
معناه انا اتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك وأراد ان يتبين للعفريت انه
أقدر على أن يأتي بها منه وانه يتهيأ له سرعة الاتيان مالا يتهيأ للعفريت لأنه
كان إذا سأل الله تعالى ذلك اتته به الملائكة على ما يريد في أسرع من المدة
التي أخبر العفريت انه يأتي به فيها ثم سأل الله تعالى ان يأتيه بذلك على نحو
ما قال فاتى الله بعرشها إليه على ما قال.
يقول على بن موسى بن طاووس: كيف خفى على الجبائي ان الذي
اتاه لسليمان بعرش بلقيس غير سليمان وان مذهب عبد الله بن عباس ومجاهد
ان الذين اتى بالعرش رجل من الانس كان عنده علم من الكتاب وهو
اسم الله الأعظم.
أقول: الجبائي عاند ابن عباس وبلغت به العصبية إلى مخالفته في هذا
المقدار والمشهور بين المفسرين ان الذي أتا بالعرش غير سليمان فقوم قالوا
إنه الخضر وقال مجاهد اسمه اسطوع وقال قتادة اسمه مليخا فهذا تأويل
الصدر الأول الذين هم أقرب علما بنزول القرآن يذكرون انه غير سليمان
وسياق لفظ الآية يقتضى عند ذوي البصيرة والعقل ان القائل انا اتيك به
قبل ان يرتد إليك طرفك غير سليمان لان الذي ادعاه الجبائي غلط ظاهر
وكيف يقول سليمان للعفريت انا اتيك به وهل كان اتيان عرش بلقيس
للعفريت أو هل طلب ذلك العفريت أو ادعاه لنفسه حتى يقول له سليمان
انا اتيك به وإنما لو كانت الآية تضمنت انا اتى به ولم يقل اتيك به كان
عسى يحتمل أن يكون القائل سليمان ولا أدرى كيف اشتبه هذا على الجبائي
حتى تعثر فيه ويقال للجبائي أيضا وهل كان يشتبه على العفريت ان سليمان
174

أقدر منه وأقوى والعفريت يرى نفسه انه جند من أجناد سليمان ومسخر له
حتى يحتاج سليمان ان يريه انه يقدر على مالا يقدر عليه العفريت وهل قول
سليمان أيكم يأتني به مقصورا على العفريت وهل المفهوم منه الا ان سليمان
طلب من جنده واتباعه من يأتيه به فقال العفريت على قدر مقدوره وقال
الآخر على أبلغ من مقدور العفريت وهل كان يحصل تعظيم سليمان عند
العفريت والجن وغيرهم الا ان في جنده واتباعه غير الجن من يقدر
على ما لا يقدر من الاتيان بالعرش قبل ان يرتد إليه طرفه وما يخفى عليهم
ان سليمان أقدر منهم ويقال للجبائي ومن أين عرفت انه إذا سأل سليمان
ربه ان يأتيه بالعرش اتته به الملائكة ولكن حال عدل الجبائي عن أن الله
تعالى يأتيه به بغير واسطة واما الذي أحوجه من ظاهر هذه الآية ومفهومها
إلى دخول الملائكة وفي هذه الحال ولقد كان القرآن غنيا عن تفسيره
وما تأوله به من سوء المقال.
أقول: وقال الزمخشري في تفسيره ان الاسم الأعظم الذي دعا به صاحب
سليمان يا حي يا قيوم قال وقيل يا آلهنا وآله كل شئ الها واحدا لا اله الا أنت
قال وقيل يا ذا الجلال والاكرام قال وعن الحسن الله والرحمن.
أقول: وقد ذكرنا في كتاب {مهج الدعوات ومنهج العنايات} طرفا
في تعين الاسم الأعظم ما رويناه ورأينا من الروايات.
فصل فيما نذكره من لجزء الخامس عشر من تفسير الجبائي وهو أول
من المجلد الثامن من الوجهة الأولة من الكراس الثاني من القائمة السابعة
منه في تفسير قول الله تعالى أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة
ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله ما تصنعون
فقال الجبائي بلفظه فإنما عنى به محمد (ص) وأمره ان يتلو ان يقرء على
الناس ما أوحى الله تعالى إليه من القرآن وأمره مع ذلك أن يصلى الصلاة
المفترضة في أوقاتها وذلك هو اقامته لها وبين له ان الصلاة تنهى عن الفحشاء
والمنكر وهذا توسيع لان النهى هو فعل الناهي والصلاة لا فعل لها ولما
175

كان للمصلى شغل في صلاته عن الفحشاء والمنكر على سبيل من القول
والفعل وكان فيها عظة للمصلى وزجر عن ذلك جعل ذلك نهيا للصلاة
عن الفحشاء والمنكر على سبيل في اللفظ وعنى بقوله ولذكر الله أكبر
ان ذكر الله تعالى على سبيل الدعاء والعبادة في الصلاة وغيرها أكبر من
الصلاة وساير العبادة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: من أين عرف الجبائي ان الذي
عناه الله تعالى بقوله جل جلاله أقم الصلاة ان مراده به أوقاتها دون ساير
لوازم الصلاة ومفروضاتها ومن أين عرف ان اشتغال المصلى بالصلاة هو
نهى عن الفحشاء والمنكر وأي فضل يكون للصلاة بذلك وكل فعل شاغل
سواء كان نفيسا أو خسيسا يشغل عن غيره بما يشغل عنه ومن أين عرف
في ألفاظ الصلاة عظة للمصلى وهل لا جوز هذا التعسف والتكليف وذكر
ان الصلاة بكمال شروطها واقبال فاعلها على الله تعالى بحدودها وحقوقها
تقتضي لطفا ناهيا عن الفحشاء والمنكر واقبالا من الله تعالى للعبد ناهيا
وكافيا وقد روينا في الجزء الأول من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلاة
الناهية عن الفحشاء والمنكر ويقال للجبائي من أين عرف ان ذكر الله
تعالى بالدعاء والعبادة أكبر من الصلاة والصلاة إنما هي دعاء وعبادة وقرآن
وزيادة خضوع وخشوع وركوع وسجود وانها عمود الدين وأول
ما فرض الله على المسلمين وهي التي لا تسقط مع كمال العقل وحصول
شروطها عند المكلفين وهلا جوز الجبائي أن يكون معنى قوله ولذكر الله
أكبر لعل المراد ولذكر الله بالقلوب والسراير وتعظيم قدره ان يقدم
أحد من عباده عند ذكره بتهوين ذكره بمخالفته في البواطن والظواهر
أكبر من كل صلاة يكون القلب فيها ساهيا أو غافلا أو لاهيا فان تصور
الله بالذكر تعالى في القلوب أصل في كمال الواجب والمندوب.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر وهو الثاني من المجلد الثامن
من تفسير الجبائي من الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكراس الثالث
176

عشر في تفسير قول الله تعالى {لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا
الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} فقال في باب تفسيرها بلفظه
وذكر الليل والنهار بالسبق توسعا لأن الليل والنهار عرضان لا حركة لهما
وذلك أن الليل هو سير الشمس من وقت مغيبها إلى طلوع الفجر والنهار
وهو مسير الشمس من وقت طلوع الفجر غيبوبة الشمس ومسير
الشمس وهو حركاتها وذلك عرض ولكن أراد بهذا السبق الذي ذكره
لها جرى الشمس وبين انها لا تكون في بعض أوقاتها أسرع سيرا منه في
بعض آخر وانها لا تجرى الا على مقدار واحد.
يقول على موسى بن طاووس: كيف توهم الجبائي ان السبق بين
الليل والنهار مفهوم سابقة كل واحد منهما لصاحبه بنفسه فتأوله بأنه على
سبيل المجاز وهلا قال الجبائي ان الحال في السبق بينهما حقيقة بان النهار
متقدم على الليل في ابتداء العالم كما ذكره العلماء بالتفسير والتأويل أو قال
إن المعلوم من العرف ان النهار أصل والليل زوال ذلك الأصل لأن النهار
نور باهر فإذا تغطي النور حدث الليل فالليل حادث على النهار وتابع له
وليس لليل حكم يصدر عنه النهار ويتعقبه عنه وكان النهار سابقا على كل
حال وقول الجبائي ان الليل والنهار عرضان لا حركة لهما كأنه غلط منه
أيضا وقد اعترف ان سير الشمس حركاتها وذلك عرض ولعله أراد انهما
عرضان لا فعل لهما ولا حركة لهما.
فصل فيما نذكره من الجزء السابع عشر من تفسير الجبائي وهو أول
المجلد التاسع من الكراس الرابع منه من أواخر الوجهة الثانية من القائمة
الأولى وبعضه من أول الوجهة الأولة من القائمة الثانية من الكراس
المذكور من تفسير قول الله تعالى حتى إذا ما جاؤها شهد عليهم سمعهم
وابصارهم وجلودهم بما كانوا يعلمون بلفظه فإنما عنى به هؤلاء الكفار الذين
يحشرون إلى النار ويوزعون إليها فسر انهم إذا ما جاؤها صاروا بحضرتها
حوسبوا هناك وسئلوا عن أعمالهم التي عملوها في الدنيا وشهد عليهم سمعهم
177

وابصارهم وجلودهم بعد شهادة من يشهد عليهم الملائكة والنبيين وساير
شهداء المؤمنين وقد يجوز في تأويل تفسير هذه للشهادة معنيان أحدهما انه
يبنى الابعاض التي تشهد على الانسان بنية من يقدر أن يفعل ويعلم أفعاله
ويريدها فتشهد تلك الشهادة على سبيل الجاء الله عز وجل لعباده في الآخرة
إلى الافعال فإذا كان على هذا كانت هذه الجوارح شاهدة على الإنسان على
الحقيقة وكانت شهادتها فعلها ثم ذكر الوجه الاخر بما معناه أن يكون
الشهادة مجازا واختيار الوجه الأول أصح واعتمد عليه.
يقول على بن موسى بن طاووس: ما أدرى ما الذي قصد الجبائي بقوله
يوزعون إليها ويوزعون لعل معناه يخوفون ويؤخذون بالشدة كما قيل
لا بد للسلطان من وزعة من أعوان يخاف منهم رعيته وما كان وما فهم معنى
العربية من قول الله تعالى يوزعون ويقال للجبائي عن وجهه الأول الذي
تأوله واختاره ما الذي أحوجك ان تقول ان الله يبنى ابعاض الانسان
بنية من يقدر ويفعل ويعلم أفعاله ويريدها وما الذي يمنع أن يكون
الأعضاء على ما هي عليه من الصورة وتنطق بالشهادة على صاحبها بما فعلته
من الذنوب أيام الحياة الدنيا فان هذا لا ينكره ويحيله من القادر لذاته
تعالى الا جاهل به ويقال للجبائي كيف جمعت بين هذا القول وبين قول
ان الله يلجأها إلى الشهادة ثم تكون الشهادة منها على الحقيقة وهل هذا
الا غفلة منه وهل تكون الإرادة التي ذكر انهم يكونون عليها لمن يكون
ملجأ مضطرا انما تكون الإرادة لفاعل مختار ويقال للجبائي كيف وقعت
فيما تعيبه على المجبرة وتوافق على أن الله تعالى إذا ألجأها إلى الشهادة كانت
شهادتها كذلك فعلها وهل يقبل عقل عاقل ومعرفة فاضل ان من ألجأها
إلى الشهادة يكون ذلك فعل الجوارح وهل تصير الشهادة الا من الله دونها
لقد استطرفنا غفلة أوقعتك في تفسير القرآن ورحمها من هو عد كتابك
من أهل الإسلام والألباب ويحسنون الظن في تقليدك.
أقول: واعلم أن من وقف على تفسير الجبائي عرف انه كان قائلا بقول
178

المجبرة في موقف القيامة ولو عرف شيوخ الأشعرية ذلك منه كان {قدما
قضوا بين} فإنه إذا قال إن الناس يكونون في الآخرة ملجأين إلى الافعال
ومع هذا فإنها أفعالهم حقيقة وإن كان الله فهم فهلا وافق المجبرة في الدنيا
واعترف لهم بان الافعال من الله تعالى ويكون منهم حقيقة وغسل ما صنفه
من الكتب في الرد عليهم فصار ممن ينتمي إليهم واعترف بغلطه في حال
العباد يوم المعاد وأقر انهم مختارون وان كانت العلوم الضرورية لا يستحيل
معها ان يقع من صاحبها مخالفة لها فان الجبائي يعلم أن المجبرة يعلمون ان
أفعالهم منهم ضرورة ومن هذا كابروا الضرورة وادعوا انها ليست منهم
ويعرفون هو وغيره ان خلقا ادعوا انه ليس في الوجود علم بديهي
ولا ضروري والعقلاء يعلمون انهم كابروا أو هذا القول بالبديهة والضرورة
فكذا لا يستحيل ان يقع من الخلايق في موقف القيامة وفى النار أفعال
المختارين القادرين وان كانوا قد صادرا ذوي علوم ضرورية فكلما عرفوه
ضرورة ويقال للجبائي ان معنى قولك هيهنا بشهادة النبيين والملائكة المؤمنين
على الناس وقد تقدم قولك ان العباد يكونون يوم القيامة ملجأين غير
مختارين وهل للعقل مجال ان يوصف احكم الحاكمين انه تعالى يلجئ
المشهود عليهم إلى ما يريد ويلجئ الشهود إلى الشهادة عليهم بما يريد وهل يقبل
العقل والنقل المشهود عليهم مختارون والمشهود عليهم قادرون وحيث
كان جحود المشهود عليهم باختيارهم واحتاجوا إلى شهود عليهم مختارين
في الشهادة دافعين لانكارهم.
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن عشر من تفسير الجبائي وهو الثاني
من المجلد التاسع من الوجهة الأولة من القائمة العاشرة من الكراس السادس
منه بلفظه واما قول الله سبحانه وتعالى قتل الخراصون الذين هم في غمرة
ساهون يسئلون إيان يوم الدين يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم هذا
الذي كنتم به تستعجلون فإنما عنى به أمره للنبي والمؤمنين بان يدعوا الله
عز وجل على الكفار على الكذابين على الله القائلين فيه تبارك وتعالى وفي
179

أنبيائه وفي دينه خلاف الحق بان يقتلهم الله ويداروا وان يهلكهم
بأيدي المؤمنين أو بعذاب من عنده.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ما نجد لهذا التأويل مطابقة للآية
أو مناسبة لها وهل أمر للنبي (ص) وللمؤمنين بالدعاء أو هل ترى
للخراصين من الصفات التي ذكرها الجبائي صفة واحدة في الآية على التعين
وهل تضمنت غير التهديد من الله تعالى للخراصين الكذابين بلفظ الدعاء
عليهم منه تعالى ثم يذكر الجبائي مع هذا التباعد بين التأويل وبين الآية ان
الله عني ما اراده اما خاف أن يكون هذا كذبا على الله وتخرصا عليه ويصل
هذا الوعيد والتهديد من الله إليه.
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع عشر من تفسير الجبائي وهو أول
المجلد العاشر من الوجهة الأولة من القائمة الخامسة من الكراس السابع بمعناه
لأجل طول لفظه في تكرارها من تفسير قول الله تعالى وإذ أسر النبي إلى
بعض أزواجه حديثا فلما نبأت واظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض
عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ان تتوبا
إلى الله فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبرئيل
وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير فذكر الجبائي ان الزوجين هيهنا
عايشة وحفصة وان السر الذي كان اسره إليهما انه كان شرب عند زينب
زوجته مغافير يعنى عسلا وذكر ان قول الله ان الله هو مولاه وجبرئيل
وصالح المؤمنين يبطل مذهب الرافضة في خبر يوم الغدير لأن هؤلاء ما كانوا
أئمة فيقال للجبائي قد تعجبنا كيف سهل عليك تذكر ان عايشة وحفصة
هما المراد لكنه قد سبقه إلى ذلك عمر بن الخطاب فيما رواه مصنف كتاب
الصحيح عندهم والمعتمد عليهم من المفسرين فترك المكابرة في هذا وقد ذكرنا في
الطرايف بعض من ذكر انهما عايشة وحفصة.
أقول: وأما قوله إن السر كان شرب العسل والمغافير فما تظهر من
ظاهر هذه الآية وصعوبة تهديدها ووعيدها والانتصار بالله وجبرئيل
180

والملائكة وصالح المؤمنين ان هذا لأجل شرب العسل وهل شرب المعافير
واظهار سره فيه ما يقتضى لفظ وان تظاهرا عليه وهل هذا يقتضى أن يكون
تأويل ذلك الا بما يناسب الوعيد المشار إليه وقد روت الشيعة عن أهل البيت
روايات متظاهرة ان الذي أسر النبي إليهما كان غير هذا مما يليق بالتهديد الواقع
عليهما وكيف يتهدد أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين واحكم الحاكمين
على شرب عسل عند زوجته دون زوجته من الزوجات إلى هذه الغايات ويقال
للجبائي عن قوله إن ذكر الله مولاه وغيره يقتضى ابطال مذهب الرافضة
لأنهم ليسوا أئمة كيف بلغت العصبية على العترة الهاشمية إلى هذه الغاية من
العقل الدنيوية إذا قالت لك الذين سميتهم رافضة إذا كان الله تعالى مولاه
بمعنى أولى به والملائكة وصالح المؤمنين كان ذلك موافقا لقول النبي لعلى
يوم الغدير من كنت مولاه فعلى مولاه وحسبهم في الدلالة ان النبي (ص)
جعل لعلى (ع) ما جعل الله لنفسه من جميع صفات لفظ مولى في قوله
فان الله هو مولاه أقول للجبائي اما قولك ان هؤلاء ما كانوا أئمة أتريد
ان الله ما كان إماما أو تريد الملائكة أو صالح المؤمنين فان أردت جل جلاله
فهو جهل بمعنى الإمامة وجهل بالله تعالى لأن كل لفظ فإنه يصرف معناه
إلى ما يحتمله ويقتضيه والذي يقتضيه من الله تعالى أولى بالنبي من ساير
الجهات كاف في الدلالات وان أردت جبرئيل والملائكة فالذي يحتمله
حالهم من هذا الوصف يكفي في الدلالة وهو عصمتهم وأنهم أولى بالنبي
ونصرته وهو كاف في الإشارات وللملائكة بالنسبة إليهم من المراتب
ما هو أعظم من الإمامة وان أردت صالح المؤمنين فقد روى من يعتمد
عليه من رجال المخالف والمؤالف ان المراد من صالح المؤمنين علي بن أبي
طالب قد ذكرنا بعض الروايات في كتاب الطرايف وهل كانت الشيعة
يحسن ان يتمنى ان يجعل الله تعالى ورسوله (ص) لمولانا علي (ع) من
الرياسة والولاية والتعظيم والتحكيم بل جعل الله لذاته المقدسة والجبرئيل
والملائكة المعصومين المكرمين.
181

فصل فيما نذكره من الجزء العشرين من تفسير الجبائي وهو الثاني من
المجلد العاشر من الكراس الثالث بعضه من الوجهة الثانية من القائمة الأولى
منها وبعضه من الوجهة الأولة من القائمة الثانية منها بلفظ نذكره منه من
تفسير قوله تعالى ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا مع طيبه ولذاذته
وأراد من طعم الزنجبيل لذعة اللسان فلما كان في ذلك الشراب ما يلذع
اللسان على سبيل اثر زنجبيل وصفه بأنه زنجبيل.
يقول علي بن موسى بن طاووس: من أين عرف الجبائي ان الله سمى
ذلك الشراب بالزنجبيل من طريق انه يلذع اللسان وكيف أقدم على
تخصيص المشابهة من هذا الوجه دون ساير أوصاف الزنجبيل وكيف تعثر
الجبائي حتى جوز ان شراب دار الثواب يلذع اللسان نعوذ بالله من الخذلان
وهلا جوز الجبائي ان يكون اسم الزنجبيل يقع على أجناس من الشراب
فالذي في الدنيا صفته بأنه يلذع اللسان والذي من عين يسمى سلسبيلا ما يعلم
وصف لذته الا الله ومن يسقيه لان الله تعالى قد ذكر هذا الشراب في معرض
المنة على من يشربه وعلى تعظيم قدرهم وقدره فكيف يكون مما يلذع
اللسان وكيف يكون على وصف زنجبيل الدنيا لولا الغفلة عن معاني تأويل
القرآن أقول واما ما نذكره من القائمة الثانية فهو من تفسير قول الله تعالى
وحلوا أساور من فضة فقال الجبائي ما هذا لفظه وقد طعن بعض الملحدين
في هذا فقال وأي حسن يكون الرجال عليهم أساور الفضة وأي قدر
للفضة حتى جعلوا ذلك مما يرغب فيه الناس لان ينالوه في الجنة فقيل له ان
هذه الأساور هي للنساء لا للرجال وليس التزيين يجب أن يكون بماله قيمة
في الدنيا لان المراد بذلك إنما هو حسنه في الجنة لا قيمة له لأنه ليس ثم
بيع ولا شراء ولا ثمن هناك للأشياء ولا قيمة فيقال للجبائي ما أجبت الملحدين
عن سؤال الضلال لان الآية تضمنت حلية للرجال فقال تعالى وحلو
أساور من فضة والآيات قبلها وبعدها ما فيها ذكر النساء ولو كانت الحلية
هيهنا للنساء لقال وحلين بلفظ المؤنث أفهكذا يكون جواب العلماء ولو قيل
182

ان عادة ملوك الدنيا إذا زينو مكا عظيما جعلوا سوارا فلعل هذا على ذلك
النحو ولعل المراد ان الحلية تختلف حال لبسها وحال لابسها على قدر المكان
والزمان والسلطان فلكل وجه من هذه الوجوه في التعظيم عرف يختص به
يعرف به وجوه التكريم فيمكن أن تكون فضة الجنة تخالف فضة الدنيا
ويكون لون جسم الذين يحلون بالفضة ومراتبهم يكون هناك في المملكة
هذا شعارهم وهذا جمالهم أو لعل المراد ان الحلية للرجال هناك بالفضة علامة
على أنهم قد بلغوا عند الله تعالى منزلة من القرب والحب ما لم يبلغها وما يكون
المقصود منها مجرد الزينة ولا القيمة بل التعريف لأهل الجنة بان هذا
الحلية لأخص الخواص مثلا ولأهل الاختصاص.
يقول علي بن موسى بن طاووس: وقد تركت ما وجدت من الغلط
والتغير فيما ذكره الجبائي من التفسير لأنه كان يحتاج إلى مجلدات وإنما اتفق
وقوع خاطري عند لمح كتابه على ما ذكرته من الآيات فلم أسحر قول الكشف
عنها لئلا يقلده أحد فيما غلط فيها واحذر من وقف على كتابه ان يقلده
في شئ من أشيائه ولا ينظر إلى من قال بل إلى ما قال ويعتبر في ذلك بقول
غيره من أهل الورع في المقال وذوي العقل والعدل في شرح الأحوال
وهذا اخر ما أردنا ذكره في هذا الباب بحسب ما رجونا أن يكون خالصا
لرب الأرباب وهذا تفسير الجبائي من نسخة عتيقة لعلها كتبت في حياته
أو قرب وفاته وقفنا منها ما وافق الحق من تأويلاته.
فصل فيما نذكره من تفسير عبد الجبار بن محمد الهمداني الذي كان
يقول قضاء القضاة واسم كتابه {فرائد القرآن} وأدلته حصل لنا منه
عدة مجلدات واعلم أن هذا عبد الجبار ممن كان مشتهرا بطلب الدنيا
والرياسات والحرص على الادخار وذخائر أهل الغفلات فيه واخذ في تصانيفه
في التعصب على الامامية والعترة النبوية الذين لم يكن لهم دولة نبوته فعذره
فيه انه كان طالبا للدنيا فسعى فيما يحصلها به فلا يقلد في العقايد والأديان
وذكر هلال بن عبد المحسن بن إبراهيم الصبابي في الجزء الثالث من تاريخه
183

وهو نسخة عتيقة عليها قراءه قديمة لعلها بخط ولد المصنف في حوادث
خمس وثمانين وثلاثمائة قبض فخر الدولة على القاضي عبد الجبار أمر أحمد
المذكور وعزله عن القضاء ومصادرة أسبابه بثلاثة الف ألف درهم وباع
عبد الجبار في جمله ما باعه الف طيلسان والف ثوب صوف مصري.
أقول: فهل ترى من يكون له الف طيلسان والف ثوب من صفات
العلماء العاملين بالله الذين يؤتمنون على دين الله ويصدقون على أولياء الله
وقد ذكرنا لك بعض أقوال طلبه للدنيا ومنافسته عليها بحيث إذا وجدت
في تفسيره وغيره من تصانيفه تعصبا على الدين على فلا تعتمد عليها وهو
متأخر عن أبي على الجبائي وكالتابع له والمتعلق به.
أقول: فمنها ما ذكره عبد الجبار في الجزء الثاني من فرائد القرآن لأن
الأول منه ما وجدناه من الوجهة الأولة من القائمة التاسعة من الكراس
الخامس منه بلفظه وقوله تعالى {والناس من يعجبك قوله في الحياة
الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام} يدل على أن النفاق والرياء
يصحان في الدين ويدل على أن الرسول يجب الا يعتبر بظاهر القول وان
وجب ان يحكم فيه بما يكون فيه شبيه ذلك الظاهر فيلزم الحكم له بالإسلام
وان جوز في الباطن خلافه ويدل على أنه (ص) لم يكن يعلم بالبواطن
والا الغيب بخلاف ما ارتكبه طائفة في الأمام والنبي (ص).
يقول علي بن موسى بن طاووس: وجدت حديثه في تفسيره أقرب
من تفسير الجبائي وأقل اقداما على الجرأة على الله تعالى واما قوله إن النفاق
والرياء يصحان في الدين فلعله قصد انهما تقعان في الدين فغلط هو أو ناسخه
أو لعله قصد بقوله يصحان اي يصح وقوعهما أي بأنه ممكن والا فكيف
يصح النفاق والرياء في حكم الشريعة النبوية أو يقع منه شئ موافق للتراضي
الإلهية وقد وقع الوعيد للمنافقين أعظم من الكافرين ان المنافقين في الدرك
الأسفل من النار واما قوله يدل على أن الرسول (ص) يجب الا يعتبر بظاهر
القول فكيف جاز الاعتماد بالظاهر إلى الاختيار المقام النبوة والرسالة وهل
184

يكون اغترار أعظم من اختيار من يحكم على صاحب الشريعة حكما يزيد
فيه عليه بغير نص باطلاق الاختيار على وجهه معتمد عليه وإنما قلت يزيد
فيه عليه لأن الله تعالى قال لمحمد وان احكم بينهم بما انزل الله وما قال
بما رأيت وهذا الذي يذكره عبد الجبار في الاختيار يحكم بما يرى فهو زيادة
عما بلغ حال محمد (ص) إليه واما قول عبد الجبار انه يدل على لم يكن
يعلم البواطن ولا الغيب بخلاف ما ارتكبه طائفة في الأمام والنبي.
أقول: إن هذا مما اتهم به بعض الشيعة الإمامية وهو كذب تلقاه
أهل الخلاف ممن حكاه بغير حجة وبينة وإنما يقول بعض العلماء من شيعة
أهل بيت النبوة ان الله تعالى عرف أنبيائه وخاصته ما كانوا يحتاجون إليه
ان شاء أطلعهم عليه وان شاء ستره عنهم على ما يراه تعالى من المصالح بالعنايات
وكيف يقول ذو بصيرة ان بشرا يعلم الباطن والغيب لذاته ويحل تصديق
من يدعى هذا على أدنى مسلم سليم في عقله وعلومه وتصرفاته وقد شهد
العقل والنقل والقرآن باطلاع كثير من الأنبياء والأوصياء والأولياء
على كثير من مغيباته.
أقول: وكيف ادعى عبد الجبار ان هذه الآية تدل على أن الذي
تعجب النبي (ص) قوله في الحياة الدنيا لا يفهم منه خلاف ظاهره وقد
قال الله تعالى له (ص) عن منافقين ولتعرفنهم في لحن القول وليس كل
من أعجب الانسان بعمومه قول يدل على أنه ما يعرف فساد قوله ومخالفته
لباطنه وقد جرت العادات ان كثيرا من أهل العداوات يتوصل بعلمه
أو فصاحته أو حيلته ويستحسن عدوه لفظه وهو يعلم باطنه وعداوته
ويقال لعبد الجبار إذا كان الحال في الصحابة مع النبي ما ذكرت من الحكم
بالظاهر فهلا كان كل حديث رويته في مدح من ظهر منه بعد وفاته خلاف
ما كان في حياته تلك ان المدائح كانت مشروطة بالظاهر الذي كان يعامل
أصحابها به وانها لم تبق حجة يدفع ما وقع منهم من ظاهر يخالف ما كانت
حالهم عليه وان كل من كان مظهرا منهم الزهد في الدنيا وسعى بعد النبي (ص)
185

بقدميه إلى طلب الدنيا فقد سقطت مدائح النبي (ص) التي ذكروا انها
قالها في حياته.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من تفسير عبد الجبار من الوجهة
الأولة من القائمة الثانية من الكراس السادس بلفظه قوله تعالى ومن أهل
الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من أن تأمنه بدينار لا يؤده
إليك الا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل وهذا
مما أظهره الله تعالى لرسوله من علم الغيب لأنه عرفهم ان فيهم من يؤدى الأمانة
الا في الأميين الذين هم العرب وأصحاب محمد (ص) انهم كالمستحلين لأموالهم
لا يعدون ترك الأمانة فيه خيانة لان مثل ذلك لا يعرف من اعتقادهم الامن
تعريفه تعالى فصار كالمعجز لرسوله من هذا الوجه.
يقول علي بن موسى بن طاووس اما ترى عبد الجبار اعترف بان الله
تعالى أظهر لرسوله علم الغيب وهكذا قول الطائفة الإمامية مع أن الذي
ادعاه علم غيب ومعجز ما هو من الوجه الذي ذكره الله تعالى عرفه
من حال أهل الكتاب ما في العقول تصديقه من كون العدو يستبيح مال
عدوه وإنما الغيب والمعجز {ان مع عداوتهم} من أن تأمنه بقنطار يؤده
إليك وكان الغيب والمعجز من هذا الوجه واما قول عبد الجبار مطلقا وانهم
لا يعدون ترك الأمانة فيه خيانة فالقرآن الشريف قسمهم قسمين وعبد
الجبار ذكرهم قسما واحدا وهو غلط ظاهر.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير عبد الجبار المسمى بالفرائد
عن الكراس الآخرة من الوجهة الأولة والوجهة الثانية من القائمة الثانية
منها بلفظه وقوله تعالى انا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه
وما صلبوه ولكن شبه لهم دليل على أن القتل والصلب فيه لم يكن ومتى
قيل كيف تصح إقامة الدليل على خلاف ما تواترت به الاخبار عن القوم
فجوابنا ان خبرهم لو كان حقا لوجب وقوع العلم بصحته ونحن نعلم من
أنفسنا اعتقاد خلافه والمعتبر في التواتر أن يكون صفة المخبرين في كل
186

زمان وعددهم يتفق ولا يختلف وذلك غير ممكن في تواترهم لان ماله إلى
عدد يسيرا اعتقدوا أو قلدوا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قد جعل هذا الجواب للنصارى
طريقا على النبي (ص) وعلى المسلمين بان يقولوا ونحن أيضا ما نعلم تواتركم
بالمعجزات وحجج النبوة وان عددكم في مبتدء الاسلام قليلا ومن أين
اعتقد هو وأهل الخلاف انه يلزم في كل خبر متواتر ان يعلمه كل واحد
ومن أين اعتقدوا ان عدد المتواترين معتبر في كل زمان أقدم على أن كل خبر
كان أصله من عدد يسير لا يثبت تواتره وإنما قلنا هذا لأن العقل قضى ان
التواتر يحصل العلم لمخبره على الوجه الذي يثمر العلم به وكل من يعتقد
وجوب تكذيب المخبرين كيف يحصل له العلم بخبرهم وقد كان يكفي في
الجواب ان يقال إن التواتر بالقلب لصورة يشبه عيسى بن مريم صحيح
كما نطق القرآن الشريف من كونه شبه لهم فان الله تعالى قادر على القاء شبه
عيسى (ع) على غيره حتى لا يفرق كل ما رآهما بينهما وإنما قلنا من أين
اعتقد اعتبار العدد لان العلم المخبر والأخبار المتواترة يحصل بغير اختيار العالم
به وبغير شرط العلم بعدد أو معرفة من أخبر به ومن جحد مثل هذا كان
فإننا نعلم بلاد كثيرة ضرورة بالاخبار المتواترة فلو تكلفنا معرفة من أخبرنا
بها تعذر علينا من يقوم به صفات المخبرين فاعتبار العدد بعيد من المعقول
والمنقول وانما قلنا من أين اعتقد انه إذا كان الأصل في الخبر المتواتر
عددا يسيرا ثم لا يصح به العلم فلان كل نبوة وشريعة كان العدد بمعرفتها
ونقل اخبارها أولا عدد يسيرا ثم كثر وهل يجوز جحود مثل هذا العلم
ولعل عبد الجبار يحامي من ثبوت النص على مولانا علي (ع) وذلك
لا ينفعه فيما يقصد إليه لان كل دعوى يدعيها اليهود والنصارى في جحود
نص موسى وعيسى على محمد ويجبهم عبد الجبار عنها فجوابه لهم هو جواب
الشيعة له مع انني أقول إن الامامية نقلوا متواترين على كل واحد من
أئمتهم معجزات خارقات على مرور الأوقات لو خالطهم عبد الجبار وأمثاله
187

واطلع على ما اخفى عنه التواتر بها لعلم بمخبرها ولكنه اعتقد بوجوب
التكذيب والعصبية عليهم كما اعتقدت الفرق المخالفة للإسلام فاظلمت عليه
الطريق وبعد عنه التوفيق والتصديق وهو وأصحابه محجوجون بالحجج
التي يحتج بها كافة المسلمين على اليهود والنصارى وأعداء الدين في جحودهم
لنصوص الله تعالى على سيد المرسلين.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من تفسير عبد الجبار المسمى
بالفرائد من أول قائمة منه من الوجهة الثانية منها بلفظه سورة الفرقان وهي
مكية قوله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده يدل على أمور، منها
ان عند ذكر نعمة في الدين والدنيا يستحب تقديم تعظيمه بأسمائه الحسنى
لان تبارك مبالغة في البقاء والدوام لم يزل ولن يزال ومنها وصف القرآن
بأنه فرقان من حيث يعرف به الحق من الباطل ولن يكون كذلك الا مع
كونه دلالة جميع ذلك فدل من هذا الوجه على أن الاستدلال به ممكن
وعلى انه يعرف بظاهره المراد به ولو كان كما قال قوم من أنه لا يعرف
المراد الا بتفسير أو بقول امام لخرج من أين يكون يفرق بين الحق والباطل
ومنها ان المعارف مكتسبة إذ لو كانت ضرورية لما عرف به الحق من الباطل
وكانت لا تكون فرقانا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قول عبد الجبار انه يدل على
تقديم تعظيم أسمائه الحسنى من أين دل على ذلك وليس في لفظه صورة
أمر وإن كان من حيث إن الله تعالى قدم لفظ تبارك يفهم منه الإرادة
لمثل ذلك فهلا قال إنه واجب ومن أين عدل عن ظاهر مفهومه عنده إلى أنه
مستحب ولأي حال خص عبد الجبار التعظيم لله تعالى بأسمائه الحسنى
دون غيرها من وجوه التعظيم له تعالى وليس في لفظ تبارك ولا معناها معنى
أسماء الحسنى وهلا قال إنه جل جلاله تعظيم ذكر أسمائه الحسنى ووصفه بها
أقول: واما قوله إن تبارك معناها البقاء والدوام فهذا ما هو في ظاهر
اللفظ فأين الشاهد عليه من العربية والعرف وهل يفهم ذو بصيرة من
188

لفظ تبارك الدوام.
أقول: وأما قول عبد الجبار ان لفظ تسميته فرقانا يقتضى انه يعرف
به جميع الحق من الباطل فقد كابر الضرورة وهل يعلم من نفسه وغيره
ان حجج العقول عرف بها كثير من الحق والباطل القرآن وان كثيرا
من تفضيل الشرايع والاحكام عرف غير القرآن وانه التجأ وأصحابه
إلى القياس والاجتهاد حيث ادعوا خلو القرآن من حجة فكيف غفل مما يعتقده
هو وأصحابه وناقضه هيهنا.
أقول: واما قوله لو كان لا يعرف المراد الا بتفسير أو بقول امام لخرج
من أن يكون مفرقا بين الحق والباطل فهو جهل عظيم منه وغفلة شديدة
صدرت عنه ويحه أتراه يعتقد ان القرآن مستغن عن صاحب النبوة في
تفسيره أو تفسير شئ منه غفلة أو غفل عن قول الله تعالى لا يعلم تأويله
الا الله والراسخون في العلم اما هذا تصريح ان فيه ما لا يعلم تأويله الا الله
وإذا كان لا يحتاج إلى تفسير فلأي حال نقلوا اخبار من فسره من النبي
والصحابة والتابعين وكان على قوله كل من وقف على القرآن عرف من
ظاهره تفسيره وهلا جوز ان يكون معنى قوله تعالى القرآن انه فرق
بين الحق والباطل في كل ما فرق بينهما فيه.
أقول: واما قول عبد الجبار ان المعارف مكتسبة إذ لو كانت ضرورية
لما عرف الحق من الباطل فهو أيضا طريق عجيب اما يعلم كل عاقل ان
المعلوم منها ضروري ومنها المكتسب أوما يعرف هو ان المعرفة بالعقل
ضرورية وهو أصل المعلوم كلها وبه حصلت المعرفة بالفرق بين الحق والباطل
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من تفسير عبد الجبار المسمى بالفرائد
من الوجهة الثانية من القائمة السابعة من الكراس الثالث منه بلفظه وقوله
تعالى {وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله ذلك
قولهم بأفواههم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله فانى يؤفكون}
تدل على أن في اليهود من كان يقول هذا القول إذ لا يمكن حمل ذلك على
189

كل اليهود ولعلمنا بخلافه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اما الآية فليس فيها ما ذكره عبد
الجبار ان فيهم من يقول هذا دون جميعهم وهلا قال إن الذين كانوا زمن
العزير وعند القول عن عيسى كانوا قائلين بذلك ثم اختلفوا فيما بعد فان
الآية تضمنت عن قوم قالوا على صفة قوم ماض كما أن المسلمين كان
قولهم واحد في حياة النبي وكان اختلافهم بعد وفاته ثم يتجدد من الاختلاف
ما لم يكن في ذلك الزمان.
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع من تفسير عبد الجبار من الوجهة
الثانية من القائمة السابعة من الكراس الثالث بلفظه وقوله والذين يبتغون
الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ان علمتهم فيهم خيرا هو الأصل في
الكتابة وعليه بني الفقهاء كتاب المكاتب وشرط تعالى في ذلك الابتغاء
من جهة العبد وان يعلم فيه خيرا واختلفوا في وجوب ذلك فحكى إسماعيل
ابن إسحاق عن عطا انه رآه واجبا وحكى ان عمر أمر انس بن مالك
ان يكاتب أبا محمد بن سيرين فأبى فضربه بالدرة حتى كاتبه وروى عن
جماعة كثيرة انه ندب وهو قول الحسن وغيره ومتى قيل أتدل الظاهر
على أحد القولين فجوابنا ان تعليق ذلك بابتغاء العبد كالدلالة على أنه غير
واجب إذ لو كان واجبا لكان حقا له عليه إذا تمكن ولو كان كذلك
للزمه وان لم يبتغه خصوصا وهذا العقد يتضمن إزالة ملك وذلك لا يجب
في الأصول.
يقول علي بن موسى بن طاووس:: أين حكاية هذا الاختلاف وكلما
حكاه ويحكيه من اختلاف المفسرين من قوله إن القرآن يدل بظاهره على
جميع الفرقان بين الحق والباطل ولو كان الامر كما ذكره فعلام اختلاف
الأوائل والأواخر في تفسيره ما أقبح المكابرة وخاصة ممن يدعى تحصيل
العلم وتحريره.
أقول: إن في حكايته عن عمر انه ضرب انس بن مالك حتى كاتب
190

مملوكه ينسخ لذكر الصحابة وطعن انس وهو أصل في أحاديثهم العظيمة
وكيف رأى عبد الجبار ان الآية دالة على الندب وظاهر ما حكاه عن عمر
يدل على أنه يعتقد ذلك واجبا والصحابة اعرف بتأويل القرآن
فإنهم عرفوه من صاحب النبوة وممن عرفه منه فهلا قلده لعمر في هذه
المسألة كما قلده في الأمور الكلية الكثيرة ونصوص القرآن الشريف هو
يسقط الاجتهاد الذي يدعيه.
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير عبد الجبار المسمى بالفرائد
من تفسير قوله تعالى إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم
فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداء حتى تضع الحرب أوزارها فقال عبد
الجبار في الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس الأول منه حيث
روى أن الحرب تضع أوزارها عند نزول عيسى بن مريم قال بلفظه وبعد
فقد بينا ان نزول عيسى على وجه لا يعرف لا يجوز والتكليف ثابت وإنما يجوز
عند زواله فيكون من اشراط الساعة لأنه لا يجوز ان ينقض الله العادات
في غير أزمان الأنبياء مع ثبات التكليف وان جاز ذلك مع زواله.
يقول علي بن موسى بن طاووس: كيف ننكر نزول عيسى على وجه
يعرف وهو الظاهر من مذهب المسلمين وانه يقتل الدجال ويصلى خلف
المهدى (ع) من ذرية سيد المرسلين وقد روى ذلك الهمداني أبو العلاء
الحافظ العظيم الشأن عندهم المعروف بابن العطار واسمه الحسن بن أحمد
المشهور له انه ما كان في عصره مثله وأبو نعيم الحافظ والقضاعي في كتاب
الشهاب وان من ذكرناهم من علمائهم طال الكتاب وكيف يدعى عبد الجبار
ان نقض العادات في غير أزمان الأنبياء لا يجوز ومن المعلوم من التواريخ
من العقل والنقل والوجدان وجود خرق عادات من جهة السماوات ومن
جهة الأرض والنبات والحيوان وحدوث آيات لم يذكر مثلها في ما مضى
من الأوقات وان عصبية أو جهلا بلغ بقائله أو معتقده إلى هذه الغايات
لعظيم ويكاد أن يكون صاحبه في جانب أهل الغفلات.
191

أقول: وان يجوز عند عبد الجبار نزول عيسى (ع) عند زوال
التكليف من الاعتقاد الطريف لأنه إذا جوز نزول عيسى في وقت من
الأوقات أتراه يعتقد ان عيسى (ع) يكون في الدنيا فهو خال من التكليف
من الواجبات والمندوبات فهل ذهب أحد من المسلمين إلى أن أحدا من
العقلاء البالغين الأصحاء السالمين يكون في الحياة الدنيا بين أهلها عاريا
من التكليف واخذ عدل عبد الجبار عن موافقة المعلوم من السنة المحمدية
فوقع في هذه العقيدة الردية وما يستبعد من عبد الجبار أن يكون إنما حمل
على انكار نزول عيسى في زمان التكليف ان الاخبار وردت أنه يكون في
دولة المهدى (ع) ويصلى خلفه فلعله أراد التشكيك في ذلك باظهار هذا
القول الضعيف.
فصل فيما نذكره من تفسير عبد الله بن أحمد بن محمد بن محمود المعروف
بابي القاسم البلخي الذي سمى تفسيره جامع علم القرآن ذكر الخطيب في تاريخ
بغداد انه قدم بغداد وصنف بها كتبا كثيرة في علم الكلام ثم عاد إلى بلخ
فقام بها إلى أن توفى في أول شعبان سنة تسع عشر وثلاثمائة وهذا يقتضى
انه بقي بعد وفاه الجبائي فمما نذكره من الجزء الأول منه في أن النبي (ص)
جمع القرآن قبل وفاته وأنكر البلخي قول من قال إن القرآن جمعه أبو بكر
وعثمان بعد وفاه النبي فقال البلخي في انكار ذلك من الوجهة الثانية من
القائمة السادسة من الكراس الأول منه ما هذا لفظه واما الذي يدل على
ابطال قول من يدعى الزيادة والنقصان وان النبي لم يجمعه حتى جمعه أصحاب
بعده وذكر البلخي الآيات المتضمنة بحفظ القرآن ثم البلخي من الوجهة
الأولة من القائمة السابعة من الكراس الأول ما هذا لفظه وانى لأعجب
من أن يقبل المؤمنون قول من زعم أن رسول الله (ص) ترك القرآن
الذي هو حجة على أمته والذي تقوم به دعوته والفرائض الذي جاء بها
من عند ربه وبه يصح دينه الذي بعثه الله داعيا إليه مفرقا في قطع الحروف
ولم يجمعه ولم بنصه ولم يحفظه ولم يحكم الأمر في قرائته وما يجوز من
192

الاختلاف ومالا يجوز وفي اعرابه ومقداره وتأليف سوره وآية هذا
لا يتوهم على رجل من عامة المسلمين فكيف برسول رب العالمين، قلت انا
والله لقد صدقت يا بلخي من توهم أو قال عنه (ص) انه عرف يموت في تلك
المرضة وعلم اختلاف أمته بعده ثلاثا وسبعين فرقة وانه يرجع بعده
بعضهم يضرب رقاب بعض ولم يعين لهم على من يقوم مقامه ولا قال لهم
اختاروا أنتم حتى تركهم في ضلال إلى يوم الدين هذا لا يعتقد فيه الا جاهل
برب العالمين وجاهل بسيد المرسلين فان القائم مقامه يحفظ الكتاب ويقوم
بعده لحفظ شرايع المسلمين ولعمري ان دعواهم انه أهل تأليف القرآن
الشريف حتى جمعه بعده سواه بعد سنين قوله باطل لا يخفى على العارفين وهو
ان صح ان غيره جمعه بعد أعوام يدل على أن الذي جمعه رسول الله (ص)
التفت الناس إليه وجمع خلاف ما جمعه عليه هذا إذا صح ما قال قال الجبائي.
أقول: ثم طعن البلخي في الوجهة الثانية من القائمة السادسة من
الكراس الثاني على جماعة من القراء منهم حمزة والكلبي وأبو صالح وكثير
ما روى في التفسير ثم قال البلخي في الوجهة من القائمة الثالثة من الثالث
ما هذا لفظه واختلف أهل العلم في أول آية منها فقال أهل الكوفة وأهل
مكة انها بسم الله الرحمن الرحيم وأبى ذلك أهل المدينة وأهل البصرة واحتجوا
بأنها لو كانت آية من نفس السورة لوجب أن تكون قبلها مثلها ليكون أحدهما
افتتاحا للسورة حسب الواجب في سائر السور والآخرين أول آية منها
وما قالوه عندنا هو الصواب والله أعلم.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قد تعجبت ممن استدل على أن
القرآن محفوظ من عند رسول الله (ص) وانه هو الذي جمعه ثم ذكر
هيهنا اختلاف أهل مكة والمدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة واختار ان
بسم الله الرحمن الرحيم ليست من السورة واعجب من ذلك احتجاجه بأنها
لو كانت من نفس السورة كان قد ذكر قبلها افتتاح فيالله ويا للعجب إذا كان
القرآن مصونا من الزيادة والنقصان كما يقتضيه العقل والشرع كيف
193

يلزم أن يكون قبلها ما ليس فيها وكيف كان يجوز ذلك أصلا ولو كان هذا
جائزا لكان في سورة براءة لافتتاحها بسم الله الرحمن الرحيم كما كنا
ذكرناه من قبل هذا وقد ذكر من اختلاف القراءات والمعاني المتضادات
ما يقضى به على نفسه من تحقيق ان القرآن محفوظ عند صاحب النبوة
وقد كان ينبغي حيث اختار ذلك واعتمد عليه ان يعين على ما أجمع الصحابة
عن رسول الله (ص) ليتم له ما استدل به وبلغ إليه.
فصل فيما ما نذكره من المجلد الثالث في تفسير البلخي لان الجزء الثاني
ما حصل عندنا فقال في الوجهة الثانية من القائمة الخامسة وبعضه من
الوجهة الأولة من القائمة السادسة من الكراس الرابع ما هذا لفظه النسخة
عندنا قوله وأنفقوا في سبيل ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والباء زائدة
نحو زيادتها في قوله تنبت بالدهن وإنما هي تنبت الدهن قال أبو الغول.
ولعل ملأت على نصب جلده * بمساءة ان الصديق يعاتب
يريد ملأت جلده مسأت والتهلكة والهلاك واحدة قتادة وأنفقوا في سبيل
الله الآية قال أعطاهم الله رزقا وأموالا فكانوا مسافرين ويغتربون ولا ينفقون
من أموالهم فأمرهم الله ان ينفقوا في سبيل الله وان يحسنوا فيما رزقهم الله
عبيدة السلماني ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فنهوا عن ذلك ابن عباس
وأنفقوا في سبيل الآية قال إن لم يجد الرجل الاستقصاء فليجتهد في سبيل الله
الآية ولا تقولون لا أجد شيئا قد هلكت ثم ذكر البلخي عن جماعة ان التهلكة
النجل أو يقاتل ويعلم لا ينفع بقتاله أو هو ما أهلكهم عند الله جل جلاله.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اعلم أن قول البلخي ان الباء زائدة
في قوله تعالى بأيديكم فهو قول يقال فيه انه لو كانت الباء زائدة لكان
الالقاء إلى التهلكة بالأيدي فحسب ولما قال تعالى لا تلقوا بأيديكم كان
مفهومه لا تلقوا بأنفسكم وهو الظاهر من الآية فلا ينبغي ان يتحكم بأنها
زائدة أقول والمثال الذي ذكره في قوله جل جلاله تنبت بالدهن فيقال
له لو قيل لك انها لو كانت زائدة لكان المراد كما زعمت أنها تنبت الدهن ومن
194

المعلوم ان الدهن لا يسمى نباتا حتى يقال تنبت الدهن وإنما المانع أن
يكون الباء في قوله تعالى بالدهن أن يكون في موضع لام فتكون على معنى
تنبت للدهن فان حروف الصفات تقوم بعضها مقام بعض وهو في القرآن
في عدة مواضع ويقال عن تفسير الالقاء إلى التهلكة ان الوجه الذي ذكره
في أنها ما تهلك عند الله تعالى كأنه أحوط في الآية وربما يدخل تحتها
الوجوه كلها إذا كانت مهلكة عند الله كان شئ يكون العبد معه
سليما عند الله تعالى وممتثلا امره فيه فليس بهلاك حقيقة.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير البلخي وهو الثاني من المجلد
الثالث من الوجهة الأولة من القائمة الثانية من الكراس السادس قوله وإذا
قال إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن
ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن
جزء ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم فقال ألفاظه طويلة
وهي في نحو ثلاث قوائم فنذكر معنى ما نختار ذكره منها ان إبراهيم طلب رؤية
احياء المؤتى ليكون مشاهدا لكيفية الاحياء منها انه (ع) خاف ان نمرود
أو غيره يقول له أنت شاهد ربك وهو يحيى الموتى فإذا قال لا صار ذلك
كالشبهة لهم فأراد إبراهيم ان يرى كيفية الاحياء ليقول لهم نعم شاهدت
ومنها أن يكون نمرود أو غيره طلب منه ان يسأل الله تعالى ذلك ومنها
انه رأى جيفة على البحر يأكل منها الطير والسباع فأحب ان يرى اجتماعها
عند الحياة من بطون من اكلها.
أقول: وروينا نحن وجها اخر وهو ان إبراهيم كان موعودا بالخلة
من الله وان دلالة اتخاذه خليلا احياء الموتى له فسأله ان ينعم عليه احياء
الموتى ليطمئن قلبه بالخلة وذكر البلخي فيما رواه ان قول إبراهيم ولكن
ليطمئن قلبي اني ازداد يقينا وفي رواية ازداد ايمانا وفي رواية اعلم إجابة
دعائي في سؤالي لك ان تريني كيف تحيى الموتى ثم ذكر البلخي ان إبراهيم
احتج بطلوع الشمس من المشرق ان يأتي بها نمرود من المغرب قال فقامت
195

الحجة عليه وهو الحق.
أقول: وبلغني عن بعض من عهد موضع الحجة فيما احتج به إبراهيم
وقال هذا الجاهل لو كان حديث إبراهيم منه مكابرة وقال إنه يأتي بالشمس
من المشرق فليأت بها ربك من المغرب فقلت ان نمرود ربما يكون المانع له
من هذا المكابرة وعلم أنه وكل من معه يعلمون بالمعاينة وبتعريف آبائهم وأسلافهم
ان هذه الشمس كانت تطلع من المشرق قبل وجود نمرود فلو ادعى نمرود
انه يخرجها هو من المشرق كذبه كل واحد وكان ذلك قاطعا له وافتضاحا
قال البلخي في الوجهة الأولة من القائمة الخامسة من الكراس السادس
المذكور ما هذا لفظه الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما انفقوا
منا ولا اذى لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون انه عند
الجميع وفي هذه الآية دليل على أن الكبائر تحبط الطاعات وتبطل ثواب فاعلها
يقول على بن موسى بن طاووس: كيف عرف ان هذه الآية تدل
على الاحباط وليس في ظاهرها الا مدح من ينفق في سبيل الله ولا يتبع
نفقته منا ولا اذى وانه يستحق اجرا ولا يخاف ولا يحزن اما يحتمل هذا
الظاهر أن الذي ينفق في سبيل الله وعن علي (ع) من يتصدق عليه
أو يكذب عليه انه يمكن قبول صدقته ولكن لا تكون بهذه الصفات في
مدحته وعظيم منزلته كان الذي اعتمد عليه البلخي بعيد من دليل الخطاب
ومما ينبه على أنه ما هو محبط للثواب قول الله تعالى في الآية التي بعدها قول
معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها اذى والظاهر من قوله تعالى خير
من صدقة يتبعها اذى ربما دل على أن الصدقة مع الأذى يحصل منها خير
ولكن بغير اذى أفضل وخير من تلك لان لفظ المفاضلة يقتضى المشاركة
الا ان يمنع من ذلك مانع ولو كان قد فرق بين الجاهل بشرط الانفاق في
سبيل الله إذا من بها لجهله وبين العالم بشروطها إذا من بها مع علمه لكان
قد قارب في أن العالم غير معذور ولكن الاحباط بعيد بهذه الآية مع ما دلت
عليه الآية الأخرى وقد دلت الأدلة على بطلان التحابط علي الوجه الذي
196

يقول البلخي وما هيهنا موضع ذكرها اما يعلم كل منصف ان الكريم الحليم
تلقونه ان يترك ماله ويبقى ما عليه.
فصل فيما نذكره من جزء اخر عليه مكتوب الجزء الرابع وهو من
تفسير البلخي أوله قول الله تعالى فإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة واخره
من تفسير قوله قل أرايتكم ان اتاكم عذاب الله نذكر منه من الوجهة الأولة
من القائمة السابعة من الكراس الثاني بلفظ النسخة قوله تعالى ان الذين
امنوا ثم كفروا ثم امنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر
لهم ولا ليهديهم سبيلا اية عند الجميع وذكر معنى السبيل ثم قال البلخي ما هذا
لفظه وقال بعضهم هؤلاء الذين نزلت فيهم هذه الآية امنوا بموسى ثم
كفروا بعزير ثم كفروا بعيسى (ص) ثم ازدادوا كفرا بتكذيبهم
النبي (ص) امنوا به ثم كفروا ثم امنوا ثم كفروا قال ماتوا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قد تعجبت من هذا التأويل وكون
البلخي ما رده ولا طعن عليه وان ظاهر الآية عن موصوفين بهذه الصفات
كلها فكيف يقال إن قوما كانوا باقين من زمن موسى إلى زمن محمد (ص)
كانت فيهم هذه الصفات من الأيمان والكفر والتكرار وان قال قائل معنى
هذا ان منهم قوم امنوا وتابوا وجاء بعدهم قوم كفروا وجاء قوم كذبوا
ثم كفروا ونحو هذا الكلام فظاهر الآية ان الذين امنوا ثم هم الذين كفروا
ثم هم الذين امنوا هم الذين ازدادوا كفرا ولو كان البلخي قد ذكر ان هذه
الآية نزلت فيمن اجتمعت هذه الصفات من ايمان وكفر كان قد استظهر
في التأويل الذي يليق بتعظيم القرآن ولم يدخل عليهم طعن في مكابرة للعيان
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من تفسير البلخي من أول قائمة منه
باسناده عن عبادة بن الصامت قال سألت رسول الله (ص) عن قوله لهم
البشرى في الحياة الدنيا قال هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له.
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع من تفسير البلخي من الوجهة الثانية
من القائمة الثالثة منه وبعضه من الوجهة الأولة من القائمة الرابعة في تفسير
197

قوله تعالى وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبائه قل فلم يعذبكم
بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء فقال البلخي
بلفظه ومن مشهور مذهب النصارى وفيما يتلون من كتابهم ان المسيح قال
اذهب إلى أبى وأبيكم وقد يجوز ان يكون لم يقولوا نحن أبناء الله وأحبائه
بهذا اللفظ ولكن قالوا ما معناه فأخبر الله عن المعنى بلفظ غير لفظهم فيقال
للبلخي ان هذا التأويل ممكن كما أن لفظهم وربما كان عبرانيا أو سريانيا
ولفظ القران عربي ويمكن انهم قالوا ما يقتضى صورة اللفظ كما حكاه الله
تعالى عنهم ويكون المراد بقول الله تعالى نحن أبناء الله عن النصارى لظهور
ذلك في الإنجيل واعترافهم بالتلفظ به وقوله تعالى وأحبائه عن اليهود فيجعل
الوصف لكل فريق منهم ولما يليق بظاهر حالهم أو يقول إنه كان لهم سلف
اليهود والنصارى يقولون ذلك والخلف يقولون السلف فكانت ولايتهم لهم
مشاركة لهم فيما كانوا يقولون وكالموافقة لما كانوا يعتقدون ثم قال البلخي
ما هذا لفظه وفي هذه الآية أعظم حجة على من أنكر الوعيد من المرجئة
وأجاز ان يعذب الله من لم يخرجه ذنبه من الأيمان ولا زال ولايته وذاك
ان المرجئة تزعم أن الفساق مؤمنون وتزعم ان الله تعالى مع ذلك قد يجوز
ان يعذبهم في النار، ومنهم من يقول إنه يجوز ان يخلدهم وهذا ما أنكره
الله عن اليهود نفسه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: من أمر البلخي قال إن في هذا
أعظم حجة اما ترى التعصب للعقائد كيف يبلغ إلى هذا الحد الفاسد ولو ادعى
ان فيه حجة ولا يقول أعظم حجة كان فيه بعض الشبهة وهل في ظاهر
الآية شئ مما قاله لان صفة الولاية والمحبة التي تكون حقيقة مطلقة انه ما يكون
لهم ذنب أصلا فكان الله جل جلاله رد عليهم وقال لو كنتم أحباءه من كل
وجه كيف كان يعذبكم بذنوبكم والا فكيف يكون وليا من جانب طاعته
وعدوا من جانب ذنوبه ومعصيته أو يكون حبيبا من جانب رضاه وعدوا
من جانب سخطه ومفارقته فيكون وليا أو حبيبا من سائر جهاته فأنكر
198

الله ذلك وهو واضح الانكار واما قول المرجئة ان الفساق مؤمنون فما ادعوا
ولاية ولا محبة حتى تصح المعارضة لهم واما جواب تعذيب المؤمن فلا أدرى
كيف أنكر ذلك وهو برئ الحدود والآداب وهي من العقوبات جارية في
الدنيا على المؤمنين ولم يخرجهم عن اسم الأيمان في الحال وقد سمى الله
تعالى في القرآن خلقا عظيما وصفهم بالفرار من الزحف وبذنوب ظاهرة
الكشف مؤمنين.
أقول: وقد ترى العقلاء يعذبون أبنائهم وخواصهم والعزيزين عليهم
من وجه ويكرمونهم من وجه والعيان دال عليهم وترى القرآن الشريف
يتضمن معاتبات الأنبياء واخراج آدم من الجنة وبلواهم وهو كالأدب
من وجه وهم مكرمون ومعظمون من وجوه أخر ثم قال البلخي ما هذا
لفظه ولن يجوز ان يعذب الله واحد ويغفر لأخر في مثل حاله لان ذلك
هو المحابات والله أعلم لا يحابى ولا هوادة ولا قرابة بينه وبين أحد من خلقه
فيقال له وهل ينكر أحد ان كثيرا من الذنوب التي أهلك الله تعالى بها كثيرا
من الأمم الماضية وقع مثلها في أمة نبينا محمد (ص) ولم يعاجلهم ويعاقبهم
كأولئك وهل يجد عاقل في عقله انه يمنع مانع من العفو عن أحد مسيء
دون الاخر ان تساوت إسائتهما وهل يمنع صاحب دين على اثنين متساويين
في الدين أو غيره ان يسقط ديونه عن أحدهما أو يطلب ديونه التي على الاخر
ثم قال البلخي بلفظه فان قال قائل ان الخلق خلقه والامر امره يصنع
ما يشاء قيل له ان ذلك وإن كان كذلك فإنه لا يفعل الا الصواب والحكم
وبعد فإن كان الامر على ما قدرت فما جرء ان يعذب الأنبياء ويخلد الشياطين
في الجنة لمثل هذه العلة فيقال له كيف حكمت عليك العصبية للعقيدة التي أنت
عليها إلى هذه الغاية وهل أوجد العقول بحيل انه إذا كان للعبد حسنة
وسيئة ان يجازى على حسنته ويعاقب على سيئته وهل هذا خارج عن الحكمة
والصواب واما معارضته بالأنبياء والشياطين فان تساوى الأنبياء والشياطين
فما كان الحديث فيه وهل يجد معا بلا خلاف بين الأمة من تعذيب الأنبياء
199

ومن العفو عن الشياطين كما ذكر عن فساق المؤمنين ما الذي أحوجه إلى
الضلال المبين.
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر من تفسير البلخي من الوجهة الثانية
من القائمة الثامنة من الكراس الثامن من تفسير قول الله وما نرى معكم
شفعائكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء فقال ما هذا لفظه أم لهم شركوا بالواو
والألف وكذلك الذي في عسق أم لهم شركوا وليس في القرآن بالواو
والألف غير هذين الحرفين كذلك كتبوا والضعفوا بواو لا الف قبلها
وتعصو أشركوا وبنوا الدار وقل هو نبأ نقطة على صدر الواو ليست
قدام الفآت الزوائد الاعراب في الواو مع همزتها لأن هذه الواو هي الأعراب
وإنما كتب في المصاحف بالواو على لفظ المملى وليست الواو منها وإنما
ادخلها سعد بن ابان الذي كتب مصحف عثمان على لفظ المملى وليست في
الوقف واوا بل هي همزة خفيفة.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قد قدمنا من كلام لهذا البلخي
من الجزء الأول من تفسير ما يقتضى انكاره للزيادة والنقصان في المصحف
الشريف كما تذكره العلماء ومما حققه من أن المصحف جمعه رسول الله في حياته
وأرى هيهنا قد ذكر ان المصحف متضمن لزيادات حروف وقد اعترف
بمصحف عثمان باسم كاتبه فأين هذا القول الان مما ذكرناه عنه في ذلك المكان.
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر من تفسير البلخي بعضه من
القائمة الأولة منه وبعضها من الثانية في تفسير قول الله تعالى وان الشياطين
ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وان أطعتموهم انكم لمشركون فقال ما هذا
لفظه وان أطعتموهم في الاعتقاد لتحليل الميتة بعد نهى الله عنها انكم
لمشركون أي ليكن منكم هذا الاسم وان لم تعتقدوا بقلوبكم ان لله شركاء
ولله ان يسمى خلقه بما شاء على أفعالهم وفي الآية حجة على أن الايمان الاسم
لجمع الطاعات وإن كان في اللغة هو التصديق كما أن الشرك اسم لما جعله
الله اسما له من الكفر بنبيه والاعتقاد لتحليل لما حرمه الله أو لتحريم ما حلل
200

الله إن كان في اللغة اسما لاعتقاد الشرك وهو ان يعتقد ان مع الله شريكا
يقول علي بن موسى بن طاووس: قول البلخي يقتضى ان الله تعالى
يسمى بالشرك من لم يكن مشركا ويجوز ذلك عنده وهو قول عجيب
وما الذي أحوج البلخي إلى خروج التأويل عن الشرك الحقيقي فإنهم إذا
أطاعوا الشياطين بطاعة الله تعالى وقدموا طاعتهم على طاعة الله فقد أشركوا
وزادوا على الشرك بايثارهم للشياطين على الله تعالى وهو شرك في مقام الطاعة
على الحقيقة وكيف أجاز ان يسمى الله تعالى مشركا من ليس بمشرك
وعنده ان هذا كذب يستحيل على الله وان كلما يكون لفظه على غير ما هو
عليه فإنه قبيح لذاته على مذهبه في الموافقة للمعتزلة وما الذي أحوجه إلى
هذا واما قوله إنه حجة على أن الايمان اسم لجميع الطاعات فأين موضع
الحجة الذي ادعاها من هذه الآية وأين وجد فيها اسم جميع الطاعات.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من تفسير البلخي من ثالث كراس
منه من الوجهة الأولة من القائمة الرابعة وتمامه من الوجهة الثانية منها بلفظه
ما نذكر قوله وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا
غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا
بما فعل المبطلون فقال البلخي ما هذا لفظه وقد ذهب قوم إلى أن الله جل
ذكره اخرج ذرية آدم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم وهم كالذر ذلك
غير جائز عن الأطفال فضلا عمن هو كالذر لا حجة عليه ثم إن الله قد دل
على خلاف ما قالوا لأن الله تعالى قال وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم
ذريتهم ولم يقل من ظهره وقال ذريتهم ولم يقل ذريته ثم قال أو تقولوا إنما
أشرك ابائنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون فأخبر
ان هذه الذرية قد كان قبلهم مبطلون وكانوا هم بعدهم وقد روى القول
الأول عن عمر وهذا لا يصح عن عمر لما قلناه على أن الراوي لهذا الحديث
عن عمر سليمان بن يسار الجهني فقد ذكر يحيي بن معين ان سليمان بن يسار
201

هذا لا يدرى من هو ثم تأول البلخي الآية على أن هذه الآية معناها بعد
وجودهم في الحياة الدنيا وان معنى أشهدهم انه جعل في عقولهم الدلالة على ذلك
يقول علي بن موسى بن طاووس: ان القول الذي حكاه عن عمر
وطعن فيه بالوجوه التي ذكرها ما يقتضى طعنا صحيحا لان بني آدم خلقوا
جميعهم من ظهر آدم لصلبه بغير واسطة والآية ظاهرة على ما روى عن
عثمان يتضمن انه اخذ الذرية على ما ينتهى حالها إلى يوم القيامة فيكون
من ظهورهم ذريتهم ولا يجوز ان يكون من ظهر آدم فحسب لأنها ظهور
كثيرة وذرية كثيرة واما قول البلخي إنما قولهم أشرك ابائنا وكنا ذرية
من بعدهم يقتضى انهم في الحياة الدنيا فعجبت من البلخي ان الله تعالى قد
حكى قولهم يوم القيامة لئلا تقولوا انا كنا عن هذا غافلين ولئلا تقولوا
إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم فكان الاشهاد عليهم على
روايته عن عمر لئلا تقولوا يوم القيامة هذا وهو واضح ولا أدرى كيف
اشتبه هذا على البلخي واما قول يحيى بن معين انه ما يعرف الراوي عن
عمر فليس كل أحد يعرفه يحيى بن معين وانما يعرف بقدر مجهوده في
علمه ويكفي ان يحيى بن معين يعرف الذي روى عن سليمان بن يسار وانه
عنده ثقة وكيف يطعن على الرجل المعروف بروايته عمن لا يعرف يحيى
ابن معين وإنما كان عند البلخي طعن غير ما ذكره على روايته عن عمر فيكون
طعنا صحيحا فيكون الحكم له والا فقد كشفنا عن طعونه في هذا الباب
وهي بعيدة عن الصواب.
أقول: واما قول البلخي الذر لا حجة عليهم وطعنه بذلك في التأويل
فيقال قد عرف أهل العلم ان قد روى أن المتكبرين يحشرون يوم القيامة
في صورة الذر فإذا كان يوم المواقفة والمحاسبة يكونون في صورة الذر
ويصح حسابهم جاز ان يخرجوا من ظهور ابائهم في صورة الذر ويمكن
سؤالهم وتعريفهم ويقال لهم إذا كان الذي يخاطب العقول والأرواح
وكان المسلمون قد رووا أول ما خلق الله العقل فقال له اقبل فاقبل وقال له
202

أدبر فأدبر فقال بك أثيب وبك أعاقب وبك أمر وبك انهى ورووا ان
الأرواح خلقت قبل الأجساد فعلى هذا يمكن ان يضم القادر لذاته إلى صورة
الذر عقولهم وأرواحهم فيصح التخاطب لهم وهذا واضح.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الأولة من الجزء الحادي
والعشرين من تفسير البلخي بلفظه قل ما يعبؤ بكم ربى لولا دعائكم فقد
كذبتم فسوف يكون لزاما ثم روى عن يحيى بن زكريا عن ابن جريح
عن مجاهد في قوله دعائكم قال لتعبدوه وتطيعوه ثم قال البلخي وهذا هو
التأويل يقول لولا يجب في الحكمة من دعائكم إلى الحق والطاعة ما كنتم
ممن يذكر.
يقول علي بن موسى بن طاووس وجدت في بعض الروايات ان المراد
لولا دعائكم من الدعاء ولعمري ان الدعاء لا يصح الا بعد المعرفة بالله تعالى
الذي يدعى ويطلب منه الحوائج وإن كان يحتمل أن يكون معناه على
الرواية لولا أنه يراد منكم تضرعكم ودعائكم ما أبقينا عليكم كما قال جل
ذكره فلو لا إذ جائهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم فلعله تعالى أراد
ان ينبئهم بما صنعه غيرهم من بذل التضرع فهلكوا لعلهم يتضرعون ويدعون
كما فعل قوم إدريس وقوم يونس فيسلمون ويكون ذلك شاملا الدعاء
الذي يشتمل على المعرفة بالله.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من أول قائمة من الكراس الأول
من الجزء الثاني والعشرين من تفسير البلخي في تفسير قوله فامن له
لوط وقال إني مهاجر إلى ربى انه هو العزيز الحكيم فقال البلخي ما هذا لفظه
وقال إني مهاجر، كل من خرج من داره أو قطع سبيلا فقد هاجر قال الضحاك
هو إبراهيم وكان أول من هاجر في الله يزيد عن أبي يونس عن قتادة
قال هاجر إبراهيم ولوط من كوثى وهي من سواد الكوفة إلى الشام.
يقول علي بن موسى بن طاووس: كان ينبغي ان يذكر معنى المهاجرة
إلى الله تعالى لان الله حاضر في المواقع الذي هاجر منه إلى الموضع الذي
203

هاجر إليه ولعل المراد بالمهاجرة إلى الله تعالى الانقطاع إليه بالكلية عن كل
شاغل والتجرد له وكان إبراهيم كذلك في الوطن الأول لكن ظاهر حال
المخالط للناس أو المبتلى بهم مع اشتغاله بالله تعالى وامتثاله لأمره أنه يكون
من جملة طاعاته اشتغاله بالناس في الأول أو بغير الناس من أسباب الطاعة
فلعله أراد ان يكون المهاجرة إلى مجرد الاشتغال بالله تعالى بغير واسطة من
ساير الأشياء واما قوله كل من خرج من داره فقد هاجر فبعيد من عرف
الشرع وعرف العادة لأن الخارج من داره مجتازا من بلد إلى بلد لا يسمى
مهاجرا بل متى قصد المهاجرة والإقامة به.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث والعشرين من تفسير البلخي من الوجهة
الأولة من القائمة السادسة من الكراس الثالث منه بلفظه قوله إن الله
وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اية
واحدة يوسف بن يعقوب الماجشون قال اخبرني محمد بن المنكدر ان رجلا
قال يا رسول الله كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد
كما صليت على إبراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت
على إبراهيم في العالمين عن المغيرة عن أبي معشر عن إبراهيم قال قالوا يا رسول
الله هذا السلام قد عرفناه وكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على
محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم انك حميد مجيد وبارك
عليه وعلى أهل بيته كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد.
أقول: وروى البلخي ذلك من عدة طرق وقد تقدم قوله إنما يريد
الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا في القائمة الخامسة
من الكراس الأول من هذا الجزء فقال بعد قائمة أخرى ما هذا لفظه وكيع
عن عبد الرحمان بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أم سلمة ان النبي دعا
عليا (ع) وفاطمة والحسن والحسين فجلل عليهم كساء له خيبريا ثم قال
اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا.
يقول علي بن موسى بن طاووس: فإذا كان هؤلاء هم أهل البيت (ع)
204

المأمور بالصلاة عليهم مع الصلاة على النبي وهم الذين نزل فيهم ايه التطهير
فما الذي فرق بينه وبينهم عند البلخي وأمثاله بعد هذا الاتصال الآلهي
والتعظيم الرباني وهلا كان عنده كذلك في حياته وبعد وفاته مستحقين
لمقاماته كما كانوا شركائه في خواص صلواته ودرجاته.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع والعشرين من تفسير البلخي من
الوجهة الأولة من القائمة الثالثة من تفسير قول الله تعالى وإذا قيل لهم اتقوا
ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون فذكر البلخي روايات مختلفه في معنى
ما بين أيديكم وما خلفكم فبعضها ذكر ان بين أيدكم من عذاب الآخرة
وما خلفكم من عذاب الأمم الماضية وبعضها ذكر بالعكس وبعضها ما بين
أيديكم من عذاب الدنيا وما خلفكم من عذاب الآخرة.
أقول: فهلا احتمل أن يكون ما بين أيديكم من عذاب الآخرة وما خلفكم
من سخط الله وغضبه وما يقتضى ذلك لأنهم أعرضوا عنه فصار كأنه
خلفهم وان كانوا معرضين عن الجميع لكن ما ذكرناه كأنه قريب من معنى
خلفكم ان أمكن حمله عليه.
أقول: وان أمكن ان يحتمله وما خلفكم من دعاء النبي لكم إلى الله
ووعيده وتهديده الذي قد جعلتموه ورائكم ظهيرا.
فصل فيما نذكره من مجلد من تفسير البلخي أوله سورة ص واخره
تفسير قوله الله تعالى ويوم يعرض الذيم كفروا على النار، من الكراس
الرابع منه من تفسير قوله تعالى عن دعاء الملائكة فاغفر للذين تابوا واتبعوا
سبيلك وقهم عذاب الجحيم فقال البلخي ما معناه ان هذه دلالة واضحة على
أن الشفاعة يوم القيامة للمؤمنين أو المذنبين التائبين لا لمرتكبي الذنوب
الذين ماتوا غير تائبين ولا نادمين قال لان قولهم اغفر للذين تابوا واتبعوا
سبيلك يقتضى ذلك فيقال له ان اخر الآية وهو قول الله تعالى وقهم عذاب
الجحيم يقتضى انهم كانوا مستحقين لعذاب الجحيم واما قولك اغفر الذين تابوا
واتبعوا سبيلك فهلا كان محمولا على من كان تائبا ومتبعا للسبيل ثم واقع
205

المعاصي فتكون إشارة الملائكة بالتوبة واتباع السبيل إلى الحال الأول
ويعضده وقهم عذاب الجحيم أو هلا احتمل اغفر للذين تابوا من الكفر
وجاهدوا في سبيل الله وان كانوا مذنبين لان سبيل الله هو الجهاد في آيات
من القرآن ولا يكون سبيل الله كما ادعاه البلخي وبالجملة فالاحتمالات كثيرة
في التأويلات فمن أين عرف ان دعاء الملائكة التي كان بهذه الصفات تقتضي
الشفاعة لمن ذكره دون أصحاب الكبائر من المؤمنين فلا وجه في ظاهر
هذه الآية ولا تعلق عند من أنصف في التأويل ولعل التعصب لعقيدته
يمنعه ان ينظر الامر على حقيقته أتراه يعتقد ان الدعاء شفاعة وهل دل
شرع أو عرف على ذلك ولو كانت شفاعة الصالحين من أين يلزم منه شرط
الشفاعة للمذنبين.
فصل فيما نذكره من جزء اخر في المجلد الذي أوله تفسير سورة ص
وأول هذا الجزء الأخر سورة محمد (ص) واخره تفسير سورة الرحمن
فقال البلخي في الوجهة الثانية من القائمة الثانية عشر منه من تفسير سورة
الفتح انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فذكر
اختلافا في هذا الفتح فذكر بعضهم انه الفتح بحجج الله وآياته وذكر انه
يجوز ان يكون الفتح هو الصلح يوم الحديبية وبعضهم قال هو فتح خيبر
ثم ذكر البلخي في قوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وجوها
كلها تقتضي تجويزه على النبي (ص) ذنوبا متقدمة من الوجوه المذكورة
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك في الجاهلية وما تأخر منه وان بعد الرسالة
ما يكون له ذنب الاجزاء له عند الله منها ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك
في الجاهلية وما تأخر من ذنبك في الاسلام ومنها ان هذه المغفرة كانت
بسبب صبر النبي (ص) ومبايعته تحت الشجرة على الموت.
يقول علي بن موسى بن طاووس: لو كان الامر كما ذكره البلخي
من تحقيق الذنوب على النبي (ص) كان يكون الفتح غلطا وتنفيرا عن
النبي (ص) واغراء للمسلمين بالذنوب وهتكا لستر الله تعالى الذي كان
206

قد ستر به ذنوب النبي وطعنا على قول الله وما ينطق عن الهوى ان هو
الا وحى يوحى وطعنا على اطلاق قوله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع
الله وطعنا على اجماع المسلمين انه (ص) أفضل من جميع المرسلين لأن في
المرسلين من لم يتضمن القرآن الشريف ذكر ذنوب له متقدمة ولا متأخرة
ومن أعجب تأويلات البلخي تجويزه أن يكون للنبي ذنوبا في الجاهلية
وأفضل مقامات نبوته في أيام الجاهلية لمجاهدته مع وحدته وانفراده بنفسه
ومهجته في الدعوة إلى تعظيم الجلالة الإلهية وقيامه بأمر يعجز عنه غيره
من أهل القوة البشرية لان كل من يطلب مغالبة الخلايق في المغارب والمشارق
يقتضى العقل والنقل انه لا يظهر ذلك حتى يكاتب ويراسل ويهئ أعوانا
وأنصارا ويبعث دعاة إلى الأطراف ويستظهر لنفسه بقوة تقوم بحذاء
الأعداء وأهل الانحراف ومحمد أظهر وهو وحده سره وكشف وهو
منفرد فقير من المال والأعوان امره أوضح من دعوته الخلائق أجمعين
وأعابهم وكذبهم وطعن عليهم وقدح في حالهم في الدنيا والدين وكان كل
لحظة من لحظاته وساعه من ساعاته على تلك الوحدة وتلك القوة والشدة
أفضل مما جرت الحال مع جهاده مع وجود الأنصار والأعوان فكيف
اعتقد البلخي ان قبل النبوة كان صاحب ذنوب وعصيان.
أقول: واعلم أن التفسير الذي يليق بكمال حال صاحب النبوة وتعظيم
الله تعالى فحاله أن يكون هذا الفتح فتح مكة بغير قتال ولا جهاد وهم كانوا
أصل العداوة والعناد والذين أحوجوه إلى المهاجرة والى احتمال الأهوال
الشداد ان لم يمنع لهذا التأويل مانع فان من ذلك الفتح كانت الملوك كسرى
وقيصر ونصارى نجران يدعوهم إلى الايمان ويلقاهم بلفظ العزيز القوى
عند مخاطبته لأهل الهوان وقد ذكر الكلبي في تفسير قوله تعالى عسى الله
ان يأتي بالفتح فقال فتح مكة فسماه الله فتحا فكان نزول انا فتحنا لك
فتحا مبينا انجازا لذلك الوعد، وقال جدي الطوسي فتحا مبينا فتح مكة
وحكى عن قتادة انه بشارة بفتح مكة أقول واما لفظ ما تقدم من الذنب
207

وما تأخر فالذي نقلناه من طريق أهل بيت النبوة ان المراد منه ليغفر لك
ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند أهل مكة وقريش بمعنى ما تقدم قبل
الهجرة وبعدها فإنك إذا فتحت مكة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا اخذهم
بما قدموه من العداوة والقتال غفروا ما كانوا يعتقدونه ذنبا لك عندهم
متقدما أو متأخرا وما كان يظهره من عداوتهم في مقابلة عداوتهم له فلما
رأوه قد تحكم وتمكن ولا استقصى ولا استصفى غفروا ما ظنوه من
الذنوب المتقدمة والمتأخرة وهذا الذي يليق بما اصطفاه الله على جميع أهل
الاصطفاء وجعله خاتم الأنبياء والحاكم عليهم يوم الجزاء وأول مبعوث
وأول شافع وأول مشفع وأول مقدم يوم الحساب وأول من يحكم في
دار العقاب ودار الثواب.
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والثلاثين من تفسير البلخي من
الوجهة الثانية من القائمة الأخيرة من الكراس الثالث قوله وانهم ظنوا كما
ظننتم ان لن يبعث الله أحدا وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا
وشهبا وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا
ثم ذكر البلخي اختلافا بين المفسرين في أنه هل كان رمى الشياطين والمخبر
بالنجوم قبل مبعث النبي (ص) أم لا فذكر عن بعضهم انه لم يكن ثم قال
البلخي ما هذا لفظه وإنما دلت الآية على أنهم منعوا عند مبعث النبي بشدة
الحراسة عن قليل ما كانوا يصلون إليه من المقاعد أقول واعلم أنه ربما ظهر
من الآية انه يمكن يكون رمى الشياطين بالنجوم قبل البعثة قليلا وفى
مقعد دون مقعد لأجل قوله تعالى حكاية عنهم فوجدناها ملئت حرسا
شديدا وشهبا ولو كانوا ما وجدوا فيها شهبا قبل المبعث لعلهم كانوا يقولون
فوجدنا فيها حرسا شديدا وشهبا فذكروا انها ملئت فكأنه يقتضى ان
السماء كانت قبل المبعث غير ملأة من الحرس والشهب فلما بعث ملئت
حرسا شديدا وشهبا.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والثلاثين من تفسير البلخي من الوجهة
208

الثانية من القائمة الأولى من الكراس الثاني من تفسير قول الله تعالى {عم
يتسائلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون} فقال البلخي في تأويله قولان
أحدهما انه من القرآن والاخر البعث لأن القرآن كانوا غير مختلفين في
الجحود له وإنما كان الاختلاف في البعث.
أقول: إن كان المرجع إلى النقل فيما نذكره فقد ينبغي ان يرجع إلى
القرآن الشريف في تسمية النبأ العظيم وقد قال الله قل هو نبأ عظيم أنتم
عنه معرضون ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ولعل مفهوم هذه
الآية ان يكون النبأ العظيم حديث محمد وما أخبر به من سؤال الملأ الأعلى
لأن تفسير القرآن بعضه ببعض أوضح وأحوط في العقل والنقل وإن كان
فهم المفسرون ان قوله تعالى قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون غير ما ذكرناه
وكانت الأمة مجتمعة على معنى واحد فيه فيرجع الاجماع إلى الحق وإن
كان الحال يحتمل العمل بالروايات في تفسير النبأ العظيم فقد روت الشيعة
ان النبأ العظيم في هذه الآية مولانا علي (ع) فان النبي قال إنه المراد بقوله
تعالى وتعيها اذن واعية وانه قال انا مدينة العلم وعلى بابها وانه قال أقضاكم
على فجمع له المعلوم في القضاء وانه كان يقول سلوني قبل ان تفقدوني فإنني
اعلم بطرق السماوات منى بطرق بطرق الأرض وقد اختلفوا فيه فيكون هو النبأ
العظيم على هذا الذي يخبر بالأسرار ويشتمل عمومه على الانباء والاخبار.
فصل فيما نذكره من تفسير محمد بن السائب الكلبي وعندنا منه من الجزء
الحادي عشر إلى اخر التاسع عشر في مجلد فنذكر هيهنا من الجزء الحادي
عشر من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة منه تماما لما تقدم من كون قريش
انفذت عمرو بن العاص ليحتال في اخذ جعفر بن أبي طالب ومن هاجر
معه إلى الحبشة وحملوا للنجاشي ملك الحبشة هدايا على ذلك وسعوا بجعفر
ابن أبي طالب وأصحابه وقالوا قد فارقونا وفارقوا ديننا وانهم على غير دينك
فجمع بينهم النجاشي فقام جعفر قياما جليلا في مناظرة ملك الحبشة حتى
كشف آثار الله تعالى في النبي (ص) وبكى النجاشي فقال الكلبي ما هذا
209

لفظه فنظرت الحبشية إلى النجاشي وهو يبكى قال النجاشي اللهم إني ولي
اليوم لأولياء إبراهيم صدقوا المسيح ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه
يعنى اتبعوا دينه وهذا النبي يعنى محمد (ص) والذين معه والله ولي المؤمنين
بالنصر والحجة قوموا يا معشر القسيسين والرهبان فلا توذوهم اليوم
ولا تكلموهم بعد مجلسي هذا فمن كلمه منكم فعليه عشرة دنانير وأقر النجاشي
بالاسلام وبعث إلى النبي باقراره بالاسلام وارتحل من القسيسين والرهبان
اثنان وثلاثون رجلا حتى قدموا على رسول الله فوافوه فكان عنده ثمانية
رهط من رهبان أهل الشام وكانوا أربعون رجلا ثم ذكر الكلبي اسلامهم
واعترافهم بمحمد.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من تفسير الكلبي من الوجهة
الثانية من القائمة السابعة من أول كراس منه بمعناه ذاكرا لفظه ان أبي
ابن خلف تبع رسول الله (ص) لما رجع من أحد وقال لا نجوت ان نجوت
فقال القوم يا رسول الله الا يعطف عليه رجل منا فقال دعوه حتى إذا دنا
منه تناول رسول الله الحربة من الحرث بن الصمة ثم استقبله ثم انتقض
بها انتقاضة تطايريا واستقبله فطعنه في عنقه فخدش خدشة غير كبيرة وفر
بفرسه فرارا واحتضن الدم في عنقه وقد كان قبل ذلك يلقى رسول الله
بمكة ويقول إن عندي لعودا اعلفه كل يوم أقتلك عليه فقال رسول الله
بل انا أقتلك إن شاء الله فلما خدشه رسول الله يوم أحد في عنقه رجع إلى
قريش فجعل يقول قتلني محمد (ص) يمشقص لما قال رسول الله انا أقتلك
إن شاء الله فقالت له قريش حين رجع إليهم وبه الطعنة في رقبته وهو يقول
قتلني محمد فقالوا ما بك من بأس قال بلى والله لقد قال لي انا أقتلك والله لو بصق
على بعد تلك المقالة لقتلني فمات قبل ان يصل إلى مكة بالطريق هذا لفظ
الكلبي الا شاذا من تكراره.
صل فيما نذكره من الجزء الثالث عشر من تفسير الكلبي من الوجهة
الأولة من القائمة الثانية منه بلفظه حدثنا يوسف بن بلال عن محمد عن
210

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى {كل نفس ذائقة الموت
قال لما انزل الله كل من عليها فان} قالت الملائكة هلك أهل الأرض فلما
نزل كل نفس ذائقة الموت أيقنت الملائكة بالهلاك معهم ثم قال وإنما توفون
أجوركم يعنى جزاء أعمالكم في الدنيا فمن زحزح عن النار بعمله الصالح
فقد فاز يعنى نجا من النار وسعد في الجنة.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر من تفسير الكلبي أوله من الوجهة
الأولة من القائمة الثالثة منه ونختصر لفظه من تفسير قوله تعالى {ان الله
لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} قال لما جعل مطعم بن
عدي بن نوفل لغلامه وحشي ان هو قتل حمزة ان يعتقه فلما قتله وقدموا
أمله فلم يعتقه فبعث وحشي جماعة إلى النبي (ص) انه ما يمنعنا من دينك
الا اننا سمعناك تقرء في كتابك ان من يدعوا مع الله إلها آخر ويقتل النفس
ويزني يلق آثاما ويخلد في العذاب ونحن قد فعلنا هذا كله فبعث إليهم بقوله
تعالى الا من تاب وآمن وعمل صالحا فقالوا نخاف لا نعمل صالحا فبعث إليهم
ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فقالوا نخاف
الا ندخل في المشية فبعث إليهم يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا
من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا فجاؤوا واسلموا فقال النبي لوحشي
قاتل حمزة غيب وجهك عنى فإنني لا أستطيع النظر إليك فحلق فمات في الخمر
هكذا ذكر الكلبي.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس عشر من تفسير الكلبي من الوجهة
الأولة من القائمة الثانية منه بلفظه محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس في قوله ومن يهاجر في سبيل الله يقول في طاعة الله يجد في الأرض
مراغما كثيرا وسعة يقول في التحويل من الأرض إلى الأرض والسعة
في الأرض قال فلما نزلت هذه الآية سمعها رجل من بني ليث هو شيخ كبير
يقال له جندع بن ضمرة فقال والله ما انا ممن استثنا الله واني لأجد حيلة
والله لا أبيت الليلة بمكة فخرجوا يحملونه على سرير حتى اتوا به التنعيم
211

فأدركه الموت بها فصفق بيمينه على شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك
أبايعك على ما بايعك عليه رسولك فمات حميدا فنزل ومن يخرج من بيته
مهاجرا إلى الله ورسوله بالمدينة ثم يدركه الموت بالتنعيم فقد وقع اجره
على الله يعنى اجر الجهاد واجر المهاجرة على الله الجنة وكان الله غفورا
رحيما لما كان في الشرك.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من تفسير الكلبي من
الوجهة الأولة من القائمة الثانية عشر منه ونختصره لطول لفظه من تفسير
قوله تعالى يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم قال هي دمشق
وفلسطين وبعض الأردن وكان الله قد سماها لإبراهيم ولولده فساروا مع
موسى فلما كان بجبال أريحا من الأردن بلغهم خبر قوم الجبارين فخافهم
قوم موسى فبعث اثنى عشر جاسوسا من اثنى عشر سبطا فمضوا فأقاموا
أربعين يوما وعادوا فقال عشرة منهم ان الرجل الواحد منهم يدخل منا
مأة رجل في مكة وقال يوشع بن نون وكالب بن يوحنا وكانا من جملة
الاثني عشر ما الامر كما قالوا وقد خافنا الجبارون وقالوا متى دخلنا عليهم
خرجوا من الجانب الآخر فقال قوم موسى كيف نصدق اثنين ونترك
قول عشرة أقول انا فمالوا إلى الكثرة في الصور ولو فكروا ان الاثنين معهما
موسى وهارون بل معهما الله تعالى وملائكته وخاصته وان جانب الاثنين
أكثروا وأقوى ظفر فقال قوم موسى اذهب أنت وربك فقاتلا فقال
يوشع وكالب ادخلوا عليهم من الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون فلم يلتفت
قوم موسى إلى ذلك فغضب موسى وقال إني لا أملك الا نفسي وأخي فافرق
بيننا وبين القوم الفاسقين فابتلاهم الله بالتيه في الأرض أربعين سنة فمات
هارون فقالوا بني إسرائيل لموسى أنت قتلته فأنزل الله سريرا وعليه هارون
ميت حتى صدقوه ومات بعد ذلك موسى في أوقات التيه وفتح الأرض
المقدسة يوشع بن نون وبلغ بالصدق ما لم يبلغ إليه قوم موسى من فتحها
والتمكن منها.
212

فصل فيما نذكره من الجزء السابع عشر من تفسير الكلبي ونذكر حديثا
أوله من آخر الجزء السادس عشر وتمامه من الجزء السابع عشر في تفسير
قوله تعالى {وقد جائكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب
ويعفو عن كثير} وضع ابن صوريا يده على ركبة رسول الله وقال هذا
مكان العائذ بك أعيذك بالله ان تذكر لنا الكثير الذي أمرت ان تعفو عنه
فاعرض عنه رسول الله عن ذلك فقال ابن صوريا ا خبرني عن خصال
ثلاث أسئلك عن هن فقال رسول الله ما هن فقال اخبرني كيف نومك فقال
رسول الله (ص) تنام عيني وقلبي يقضان فقال له صدقت فأخبرني عن شبه
الولد بأمه ليس فيه من أبيه شئ أو شبهه أباه ليس فيه من أمه شئ فقال أيهما
أعلا ماؤه ماء صاحبه كان له الشبه قال صدقت امرك أمر نبي قال فأخبرني
ما للرجل من الولد وللمرأة منه قال فأغمى رسول الله طويلا ثم جلى عنه
محمرا وجهه يفيض عرقا ثم قال رسول الله اللحم والدم والظفر والشعر
للمرأة والعظم والعصب والعروق للرجل قال صدقت امرك أمر نبي فأسلم
ابن صوريا قال يا محمد من يأتيك بما تقول قال جبرئيل قال صفه لي فوصف له
النبي قال فاني اشهد أنه في التورية كما قلت فإنك رسول الله حقا صدقا
واسلم ابن صوريا ووقعت به اليهود فشتموه.
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن عشر من تفسير الكلبي من الوجهة
الثانية من القائمة الثامنة منه بلفظه قال وحدثني محمد عن الكلبي عن أبي
صالح عن ابن عباس في قوله تعالى {الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما
يعرفون أبنائهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون} فكيف يا عبد الله
ابن سلام هذه المعرفة فقال عبد الله بن سلام يا عمر لقد عرفته فيكم حين
رأيته بنعته وصفته كما اعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان يلعب ولأناشد
معرفة بمحمد مني بابني فقال عمر وكيف ذلك يا بن سلام قال لأنني اشهد
أنه حق من الله.
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع عشر من تفسير الكلبي من الوجهة
213

الأولة من القائمة الرابعة عشر قال فحدثني محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن
ابن عباس قال جاء مالك بن عوف أبو الأحوص الجشمي إلى رسول الله
فقال يا محمد بلغنا انك تحرم أشياء مما كان آباؤنا عليها يفعلونها ويستحلونها
قال وكان رجلا له رأى فقال له رسول الله أرأيت البحيرة والسائبة والوصيلة
والحام متى حرمتموها قال وجدنا عليها آباؤنا فاستعنا بهم وبدينهم فقال
رسول الله ان الله خلق ثمانية أزواج يقول أصنافا من الضان اثنين يقول
ذكرا وأنثى ومن المعز اثنين ذكرا وأنثى يعنى بالذكر زوج وبالأنثى قل
آلذكرين حرم أم الأنثيين من أين هذا جاء التحريم، اما اشتملت عليه أرحام
الأنثيين فإنها لا تشتمل الا على ذكر أو أنثى من أين جاء هذا التحريم نبؤني
بعلم ان كنتم صادقين ان الله حرم ما تقولون فسكت ابن عوف فلم يتكلم
وتحير وعرفوا ما يريدهم به فلو انهم قالوا من قبل الأنثيين جاء التحريم حرم
عليهم كل الأنثى ولو قالوا من قبل الذكرين حرم عليهم كل ذكر وعرفوا
ان الأرحام لا تشتمل الا على ذكرا وأنثى نبؤني ان كنتم صادقين فقال له
رسول الله مالك يا مالك لا تتكلم فقال مالك بل تكلم أنت فاسمع فقال رسول
الله ومن الإبل اثنين ذكرا وأنثى ومن البقر أنثيين قل أم الذكرين حرم أم
الأنثيين من أين جاء هذا التحريم من قبل الذكرين أم من قبل الأنثيين أم
كنتم شهداء شهودا حضورا إذ وصاكم الله بهذا يقول أمركم بهذا قال فلما
خصمه رسول الله قال مالك بن عوف يا رسول الله ان معي أمم من قومي
فاتهم فأخبرهم عنك قال فاتى قومه فقالوا كيف رأيت محمدا (ص) قال
رأيت رجلا معلما.
فصل فيما نذكره من مجلد اخر من تفسير الكلبي أوله سورة محمد (ص)
إلى اخر القرآن فيذكر من تفسير سورة نون من أواخر الوجهة التي بدء
الكلبي بها قال حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
قال كان رسول الله لا يزال يسمع الصوت قبل ان يوحى إليه فيذعر منه
فيشكوا ذلك إلى خديجة فتقول له خديجة ابشر فإنه لن يصنع بك الا خيرا
214

قال فبينا رسول الله ذات يوم قد خرج فذهب مع الناس نحو حراء وقد
صنعت له خديجة طعاما فأرسلت في طلبه فلم تجده فطلبته في بيت أعمامه وعند
أخواله فلم تجده إذ اتاها رسول الله (ص) متغيرا وجهه فظنت خديجة
انه غبار على وجهه فجعلت تمسح الغبار عن وجهه فلم يذهب فإذا هو كسوف
فقالت مالك يا بن عبد الله قال أريتك الذي أخبرتك انى أسمعه قد والله بذلك
اليوم انا قائم على حراء إذ اتاني آت فقال ابشر يا محمد فانى جبرئيل وأنت
رسول هذه الأمة ثم اخرج قطعة خط فقال لي اقرأه قلت والله ما قرأت
كتابا قط وانى لأمي قال فغنني غنة ثم اقلع عنى قال اقرأ قلت والله ما قرأت
قط ولا أدرى شيئا أقرأه فقال {اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان
من علق حتى بلغ إلى قوله علم الانسان ما لم يعلم} حتى انتهى إلى هذا
يومئذ قال انزل فنزل بي عن الجبل إلى قرار الأرض فأجلسني على درنوك
عليه ثوبان أخضران ثم ضرب برجله الأرض فخرجت عين فتوضأ منها
وقال لي توضأ فتوضأت ثم قام فصلى وصليت معه ركعتين ثم قال هكذا
الصلاة يا محمد ثم انطلق فقالت له خديجة ألم أخبرك ان ربك لا يصنع بك
الا خيرا ثم انطلقت إلى عداس الراهب وهو غلام شيبة ابن ربيعة فقال لها
حين رآها مالك يا سيده نساء قريش وكانت تسمى بهذا الاسم قالت أنشدك
بالله يا عداس هل سمعت فيما سمعت بجبرائيل فقال عداس الراهب مالك ولجبرئيل
تذكرينه بهذا البلد فذكرت له ما اخبرها رسول الله فقال نعم انه لرسول
الله ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل من أسد وهو ابن عمها لحا وقد كان ورقة
ابن نوفل طلب الدين وخالف دين قومه ودخل في النصرانية قبل ان
يبعث رسول الله فسألته عن خبر جبرئيل فقال لها وما ذاك فذكرت له
الذي كان من امر النبي فقال لها والله لئن كانت رجلا جبرئيل استقرتا
على الأرض لقد نزل على خير خلق الله أرسلي محمدا إلى فوجهت إليه فأرسلته فاتاه
فقال له ورقة وهل أخبرك جبرئيل بشئ فقال رسول الله لا قال امرك
ان تدعو أحدا فقال ورقة والله لئن بعثت لا ألقاني الله عذرا لنصرتك
215

فمات قبل ان يدعو رسول الله ولم يدركه وفشى امر رسول الله فبينما
رسول الله (ص) قائما يصلى إذ طلع عليه علي بن أبي طالب (ع) وذلك
بعد اسلام خديجة بثلاثة أيام فقال ما هذا يا محمد فقال (ص) هذا دين الله
عز وجل فهل لك فقال فيه إن هذا دين مخالف دين أبي وانا انظر فيه
فقال له رسول الله انظر واكتم علي فكتم عليه يومه ثم اتاه فآمن به
وصدقه وفشى الخبر بمكة ان محمدا قد جن فنزل {ن والقلم وما يسطرون}
إلى خمس آيات وهي الثانية مما نزل فلم يزل رسول الله يصلى ركعتين حتى
كان قبل خروجه من مكة إلى المدينة بسنة ثم فرضت عليه الصلاة أربعا
فصلى في السفر ركعتين وصلاة المقيم أربعا.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من مختصر تفسير الثعلبي من الوجهة
الأولة من القائمة الثانية من سابع كراس في تفسير قوله تعالى {ومن الناس
من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد} فقال ما هذا لفظه
ان رسول الله لما أراد الهجرة خلف عليا (ع) بمكة لقضاء ديونه التي
كانت عليه وأمره ليلة خروجه إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار ان ينام
على فراش رسول الله وقال له اتشح ببردى الحضرمي فنم على فراشي فإنه
لا يأتي إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ففعل ذلك فأوحى الله تعالى
إلى جبرئيل وميكائيل انى آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر
الاخر فأيكما يؤثر صاحبه الحياة فاختارا كلاهما الحياة فأوحى الله عز وجل
إليهما أفلا كنتم مثل علي بن أبي طالب (ع) أخيت بينه وبين محمد فبات
على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من
عدوه فنزلا وكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجله وجبرئيل ينادى
بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب باهى الله عز وجل بك الملائكة فأنزل الله
تعالى على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي ومن الناس من يشري
نفسه ابتغاء مرضات الله الآية.
أقول: قوله في الحديث فإنه لا يصل إليك منهم مكروه زيادة وليست
216

منه ولو كان قد قال له ذلك كيف كان يقول في الحديث من الله تعالى انه اثر
النبي بحياته وكيف كان الآية تتضمن انه باع نفسه في مرضات الله.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من مختصر الثعلبي من الوجهة التي فيه
سورة النور في ثاني سطر بعد ذكر السورة بلفظه وروى عن النبي (ص)
قال اعمال أمتي تعرض على في كل جمعة مرتين فيشد غضب الله على الزنات.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من حقائق التفسير لأبي عبد الرحمان
السلمي من الوجهة الأولة من القائمة الثامنة من الكراس الثاني في تفسير
قوله تعالى يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم قال بعضهم ربط بني
إسرائيل بذكر النعم وأسقط عن أمة محمد (ص) ذلك ودعاهم إلى ذكره
فقال اذكروني أذكركم ليكون نظر الأمم من النعم إلى المنعم ونظر أمة
محمد (ص) من المنعم إلى النعمة وقال سهل أراد الله ان يخص أمة محمد
بزيادة على الأمم كما خص نبيهم بزيادة على الأنبياء فقال للخليل وكذلك
نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وقطع ستر (ص) ورؤيته
عما سواه فقال ألم تر إلى ربك.
أقول: وهذا الكتاب عندنا منه الان المجلد الأول فحسب وهو على
هذا النحو من التأويل.
فصل فيما نذكره من كتاب زيادات حقائق التفسير لأبي عبد الرحمن
محمد بن الحسين السلمي من الوجهة الأولة من القائمة العاشرة بلفظة ما ننقله
منه قوله تعالى {آلم ذلك الكتاب} قال جعفر الصادق (ع) ألم رمز
وإشارة بينه وبين حبيبه محمد أراد لا يطلع عليه سواهما أخرجه بحروف
بعده عن درك الاعتبار وظهر السر بينهما لا غير ومن الوجهة الثانية من القائمة
المذكورة بلفظه أخبرنا عمر بن شاهين حدثنا موسى بن عبد الله حدثنا بن أبي
سعيد حدثني محمد بن حاتم المؤدب حدثنا أحمد بن غسان حدثنا حامد بن
يونس عن عبد الله بن سعد قال عرضت الحروف المعجمة على الرحمن وهي
تسعة وعشرون حرفا فتواضع الألف من بين الحروف فشكر الله تواضعه
217

فجعله قائما وجعله مفتاحا لكل اسم من أسمائه.
فصل فيما نذكره من مجلد آخر معناه ووقفناه من تفسير الكلبي يشتمل
عليه سبعة اجزاء أولها الثامن عشر إلى آخر الرابع والعشرين وقد تقدم
ما اخترناه من الثامن عشر والتاسع عشر فنبدء هاهنا بما نختاره من الجزء
العشرين من التفسير في هذه المجلدة من الوجهة الأولة من القائمة العاشرة
بلفظه حدثني عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان جبرئيل قال لرسول
الله لو رأيتني وفرعون يدعو بكلمة الاخلاص امنت انه لا اله الا الذي
امنت به بنوا إسرائيل وانا من المسلمين وانا أدفنته في الماء والطين لشدة
غضبى عليه مخافة ان يتوب فيتوب الله عليه قال له رسول الله وما كان شدة
غضبك عليه يا جبرائيل قال لقوله انا ربكم الاعلى وهي كلمة الآخرة من هما
وإنما قال حين انتهى إلى البحر وكلمة ما علمت لكم آله غيري فكان
بين الأولى والآخرة أربعين سنة وانما قال ذلك لقومه انا ربكم الاعلى حين
انتهى إلى البحر فرآه قد يبس فيه الطريق فقال لقومه ترون البحر قد يبس
من فرقى فصدقوه لما رأو ذلك فذلك قوله {وأضل فرعون قومه وما هدى}
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي والعشرين تفسير محمد بن السائب
الكلبي من سورة الرعد أوله من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من تفسير
النبوة في قوله ويرسل الصواعق الآية بلفظه محمد عن أبي صالح عن ابن
عباس قال اقبل عامر بن الطفيل وزيد بن قيس وهما عامريان ابنا عم يريدان
رسول الله وهو في المسجد جالس في نفر من أصحابه قال فدخلا المسجد
فاستبشروا الناس لجمال عامر بن الطفيل وكان من أجمل الناس أعور فجعل
يسأل أين محمد فيخبرونه فيقصد نحو رجل من أصحاب رسول الله فقال
هذا عامر بن الطفيل يا رسول الله فاقبل حتى قام عليه فقال أين محمد فقالوا
هو ذا قال أنت محمد قال نعم فقال مالي ان أسلمت قال لك ما للمسلمين وعليك
ما على المسلمين قال تجعل لي الامر بعدك قال ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن
ذاك إلى الله يجعل حيث يشاء قال فتجعلني على الوبر يعنى الإبل وأنت على
218

المدر قال لا قال فماذا تجعل لي قال اجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها إذ ليس
ذلك لي اليوم قم معي فأكلمك قال فقام معه رسول الله (ص) وأوصى
لزيد بن قيس ان اضربه قال فدار زيد بن قيس خلف النبي (ص) فذهب
ليخترط السيف فاخترط منه شبرا أو ذراعا فحبسه الله تعالى فلم يقدر على
سله فجعل يومئ عامر إليه فلا يستطيع سله فقال رسول الله اللهم هذا عامر
ابن الطفيل اعر الدين عن عامر ثلاثا ثم التفت ورأي زيدا وما يصنع بسيفه فقال
اللهم اكفينهما ثم رجع وبدر بهما الناس فوليا هاربين قال وأرسل الله على
زيد بن قيس صاعقة فأحرقته ورأي عامر بن الطفيل بيت سلوليه فنزل
عليها فطعن في خنصره فجعل يقول يا عامر غدة كغدة البعير وتموت في
سلوليه وكان يعتبر بعضهم بعضا بنزوله على سلول ذكرا كان أنثى قال
فدعا عامر بفرسه فركبه ثم اجراه حتى مات على ظهره خارجا من منزلها
فذلك قول الله عز وجل فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله في آيات
الله وهو شديد المحال يقول العقاب فقتل عامر بن الطفيل بالطعنة وقتل
زيد بالصاعقة.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني والعشرين من تفسير الكلبي من الوجهة
الثانية من القائمة الثانية منه من تأويل جنات عدن بلفظه حدثنا محمد بن
مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال هي دار الرحمن خلقها
وهي بطنان الجنة وبطنانها وسطها وهي الدرجة العليا والجنان حولها جنة
الرحمن وفيها عين التسنيم وأهلها الصديقون والشهداء والصالحون ومن
صلح من ابائهم ومن كان صالحا من اباء المسلمين وأزواجهم وذرياتهم دخلها
والملائكة يدخلون عليهم من كل باب قال ابن عباس لهم خيمة من در
مجوفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ لها أربعة الف باب مصراع من ذهب
يدخلون عليهم من كل باب ملائكة يقولون سلام عليكم على أمر الله فنعم
عقبى الدار الجنة بأعمالكم التي عملتم في الدنيا.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث والعشرين من تفسير محمد بن السائب
219

الكلبي من حديث أصنام كانت في الحجر لما فتح رسول الله (ص) مكة
وهو من سادس سطر من قائمة منه بلفظه وذاك ان رسول الله لما فتح
مكة وجد في الحجر أصناما مصفوفة حوله ثلاثمائة وستين صنما صنم كل قوم
بحيالهم ومعه مخصرة بيده فجعل يأتي الصنم فيطعن في عينيه أو في بطنه ثم
يقول جاء الحق يقول ظهر الاسلام وزهق الباطل يقول وهلك الشرك
وأهله والشيطان وأهله ان الباطل كان زهوقا يقول هالكا فجعل الصنم
ينكب لوجهه إذا قال رسول الله ذلك فجعل أهل مكة يتعجبون ويقولون
فيما بينهم ما رأينا رجلا أسحر من محمد (ص).
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع والعشرين من تفسير الكلبي من
السطر الثامن من قائمة منه محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن
ابن عباس قال إن قريشا اجمعوا، منهم الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل
السهمي وأبو جهل بن هاشم وأمية وأبي ابنا خلف والأسود بن المطلب
وسائر قريش من الجبابرة فبعثوا منهم خمسة رهط منهم عقبة بن أبي معيط
والنضر بن الحرث بن علقمة إلى المدينة يسألون اليهود عن رسول الله (ص)
وعن امره وصفته ومبعثه وانه قد خرج بين أظهرنا وأصدقوهم نعته
وقولوا لهم انه يزعم أنه نبي مرسل واسمه محمد وانه يتيم فقير وبين كتفيه
خاتم النبوة فلما قدموا المدينة اتوا أحبارهم وعلماؤهم فوجدوهم قد اجتمعوا
في عيد لهم فسئلوهم عنه ووصفوا مخرجه ونعته ومبعثه وانه يزعم أنه
رسول الله وخاتم النبوة بين كتفيه ونحن نزعم مسيلمة الكذاب يعلمه
فما تقولون فقالوا ان كان كما وصفتموه فهو نبي مرسل وأمره حق فاتبعوه
ثم ذكر الكلبي ما معناه فأعلموهم من رسول الله عن ذي القرنين وعن أصحاب
الكهف وعن الروح وقالوا إن كان نبيا فهو يخبركم عن أصحاب الكهف
وعن ذي القرنين ولا يخبركم عن الروح ثم ذكروا انهم سئلوا رسول الله
فأخبرهم بأصحاب الكهف وذي القرنين وامسك عن جوابهم في الروح
فما زادهم الا نفورا وكفروا باليهودية وبالاسلام أقول فان مرض الحسد
220

لا ينفع مع إقامة الحجج وهو سم قاتل.
فصل فيما نذكره من مجلد لم يذكر اسم مصنفه أوله عن ابن عباس
نذكر منه من رابع سطر من قائمة منه بلفظه ومن قوم موسى أمة يهدون
بالحق يأمرون بالحق وبه وبالحق يعدلون يعملون وهم الذين من ورائهم
الرسل وقطعناهم وفرقناهم اثني عشرا أسباطا أمما سبطا سبطا تسعة أسباط
ونصف سبط من قبل الشرق عند مطلع الشمس خلف الصين على نهر وصل
يسمى أردف وسبطين ونصف من جميع العالم.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من غريب القرآن لشواهد الشعر
تأليف عبد الرحمن بن محمد الأزدي من الوجهة الأولة من القائمة الخامسة
من الكراس الأول في تأويل يا أخت هارون وكان بينهما قرون بعيدة
بلفظه وحدثني سماك بن حرث عن مغيرة بن شعبة ان النبي (ص) بعثه إلى
نجران فقالوا ألستم تقرؤن يا أخت هارون وبينهما كذا وكذا فذكر ذلك
للنبي فقال الا قلت لهم انهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين منهم أقول
يعنى عليه السلام ان الأسماء وان اتفقت في اللفظ فليس كل هارون يكون
أخا موسى وإنما كان اسما وافق اسما.
فصل فيما نذكره من تفسير ابن جريح من نسخة جيدة من الوجهة الثانية
من القائمة الثانية من الكراس الرابع بلفظه ابن ثور عن ابن جريح عن
مجاهد مصدقا بكلمة من الله قال مصدقا بعيسى بن مريم وقال ابن عباس
كان يحيى وعيسى ابني خالة وكانت أم يحيى تقول لمريم انى لأجد الذي في
بطني يسجد للذي في بطنك فذلك حين تصديقه بعيسى سجوده في بطن
أمه فهو أول من صدق بعيسى قال والكلمة عيسى.
فصل فيما نذكره من مجلد في تفسير القرآن أوله ولا جناح عليكم فيما
عرضتم من خطبة النساء نذكر من ثالث عشر سطر من قائمة منه من تفسير
والراسخون في العلم بلفظ ما نذكره فقال احتج بعض من يدعى علم التأويل
ان الراسخون يعلمونه باعلام الله إياهم ولذلك وصفهم بالرسوخ في العلم لان
221

المسلمين جميعا يقولون أمنا به فما فضل هؤلاء مع قول الله عز وجل هذا
بيان للناس وتبيانا لكل شئ وفصلناه على علم وما كانت هذه سبيله فليس
فيه ما لم يعلم بل المعنى والراسخون في العلم يعلمون أيضا ويقولون بمعنى قائلين
ثم أجاب صاحب هذا التفسير ما هذا لفظه قيل له لمن نزل الله عز وجل
أثبت شيئا لنفسه ونفاه عن الخلق لجاز ان يشركه فيه أحد لا يراه قال
ولا يحيطون بشئ من علمه الا بما شاء فاستثناه بقوله ولا يعلم تأويله الا الله
وهو دليل على أنهم لم يعلموه من قبل الله عز وجل وقول نبي الله (ص)
اتعظوا بأمثاله وامنوا بمتشابهه دليل على أنهم لم يعلموه من قبله.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اما احتجاج الأول بقوله هذا
بيان للناس وتبيانا لكل شئ وفصلناه على علم فلا يطيق منصف ان يدعى
ان هذه الآيات يقتضى ان يعلم تأويله كل أحد من عالم أو جاهل ومسلم وكافر
ولو كان الامر في البيان يقتضى معرفة الخلايق كلهم به لأدى انه لا يسمعه
أحد الأعرف تأويله فلم يبق بدا من أن يكون المراد بهذه الآيات غير
الظاهر الذي ادعاه وان القرآن في نفسه بيان وتبيان ومفصل على علم الله
ولكن يحتاج إلى من يعرف ذلك من الله ورسوله وآله.
أقول: واما جواز المفسر بان فيه ما لا يعلمه الا الله فما يجحد ذلك الا
جاهل أو مكابر واما قوله إن الراسخين في العلم علموه من الله دون رسوله
وآله فمن أين عرف ذلك وليس في الحديث الضعيف الذي أورده ما يقتضى
هذا وكيف يقبل العقل أن يكون الرسول الذي كان القرآن حجة له
ومنزلا لأجله لا يعلم منه ما يعلمه بعض أمته هذا غلط عظيم من المدعى لحقيقته
فصل فيما نذكره من كتاب أسباب النزول تأليف علي بن أحمد
النيشابوري المعروف بالواحدي من تاسع سطر من وجهة أولة من قائمة
منه بلفظه قوله ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم قال السدي قال
رسول الله (ص) عرضت على أمتي في صورها كما عرضت على آدم وأعلمت
من يؤمن بي ومن يكفر فبلغ المنافقين فاستهزأوا وقالوا أيزعم محمد (ص)
222

انه يعلم من يؤمن به ومن لا يؤمن به ونحن معه ولا يعرفنا فأنزل الله هذه
الآية وقال الكلبي قالت قريش تزعم يا محمد ان من خالفك فهو في النار والله
عليه غضبان وان من اتبعك على دينك فهو من أهل الجنة والله عنه راض
فأخبرنا بمن يؤمن وبمن لا يؤمن فأنزل الله تعالى هذه الآية.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اعلم أن قول المنافقين انهم معه
ولا يعرفهم جهل وانه يمكن إن كان يعلمهم ويستر ذلك عنهم وإنما اعتقدوا
ان ستر النبي عليهم وحلمه عنهم يدل على أن لا يعلمهم ولو قالوا حقا لعرفوا
انه يتعذر ان يكون أحد الا وهو يستر بعض ما يعلم من الناس عنهم فهلا
كان للنبي (ص) أسوة بساير الناس واما الذي ذكره النبي انه عرضت عليه
أمته فلعله يريد ان الله عرضهم عليه والله تعالى قادر على ذلك عند من عرفه
ولكن المنافقين جاهلين بالله وبرسوله وعسى ان يسبق إلى خاطر أحد قول
الله ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم فيظن ان هذه
الآية متعارضة للحديث واعلم انها ليست معارضة لاحتمال أن يكون عرض
مته عليه بعد نزول هذه الآية وأيضا فان الحديث يضمن انه عرف من يؤمن
به ومن لا يؤمن به واحتمل أن يكون عرف ذلك من الكافرين والمؤمنين
هم الذين يظهرون الايمان لأن المنافقين شملهم لفظ ظاهر الايمان باظهار
ذلك وأيضا فلعله يحتمل ان يكون عرف انهم المنافقون ولم يكن اطلعه
الله تعالى على ساير أحوالهم التي هي غير النفاق حتى يكون عالما بهم لعلم الله
بهم ولا كان عالما انه تعالى يعذبهم مرتين ولا انهم مردوا على النفاق فان
هذه أمور زائدة على العلم بكفرهم أو ايمانهم.
فصل فيما نذكره من مجلدة صغيرة القالب عليها مكتوب برسالة في مدح
الأقل وذم الأكثر عن زيد بن علي بن الحسين (ع) نذكر فيها عن
الوجهة الثانية من القائمة الثالثة ما معناه ان زيدا دخل الشام فسمع به علمائها
فحضروا لمشاهدته ومناظرته وذكروا له أكثر الناس على خلافه وخلاف
ما يعتقده في ابائه من استحقاق الإمامة واحتجوا بالكثرة فاحتج من
223

الاستحقاق عليهم بما نذكره بلفظه فحمد الله زيد بن علي واثنا وصلى على
نبيه (ص) ثم تكلم بكلام ما سمعنا قرشيا ولا عربيا أبلغ في موعظة ولا أظهر
حجة ولا أفصح لهجة منه ثم قال إنك ذكرت الجماعة وزعمت أنه لم يكن
جماعة قط الا كانوا على الحق والله يقول في كتابه الا الذين امنوا وعملوا
الصالحات وقليل ما هم وقال فلولا كان من القرون الماضية ينهون عن الفساد
في الأرض الا قليلا ممن أنجينا منهم وقال لو انا كتبنا عليهم ان اقتلوا
أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليلا منهم وقال الا من اغترف
غرفة بيده فشربوا منه الا قليلا منهم وقال في الجماعة وأكثر الناس
ولو حرصت بمؤمنين وقال وان تطع أكثر في الأرض يضلوك عن سبيل
الله وقال إن أكثرهم يسمعون أو يعقلون انهم كالانعام بل هم أضل سبيلا
وقال يا أيها الذين آمنوا ان كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال
الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله وقال إن كثيرا من الناس لفاسقون
ثم اخرج إلينا كتابا قاله في الجماعة والقلة أقول متضمن الكتاب ضلال
أكثر الأمم عن الأنبياء وما ذكره الله تعالى من آل عمران من مدح القليل
وذم الكثير وما ذكره في سورة النساء، وفي سورة المائدة، والأعراف،
والأنفال، وسورة يونس، وسورة هود، وسورة النحل، وسورة بني
إسرائيل، وسورة الكهف، وسورة المؤمنين، وسورة التي فيها الشعراء،
وسورة قصص موسى، وسورة العنكبوت وسورة تنزيل السجدة، وسورة
ذكر الأحزاب، وسورة ذكر السبأ، وسورة يسن، وسورة ص،
وسورة المؤمن، وسورة الأحقاف، وسورة الفتح، وسورة الذاريات،
وسورة اقتربت، وسورة الواقعة، وسورة الصف، وسورة الملك، وسورة
نون، وسورة الحاقة، وسورة البقرة، وسورة الانعام، وسورة التوبة،
وسورة يونس، وسورة الرعد، وسورة إبراهيم، وسورة الحجر،
وسورة الفرقان، وسورة النمل، وسورة الروم، وسورة الزمر: وسورة
الدخان، وسو الجاثية، وسورة الحجرات، وسورة الطور، وسورة الحديد
224

أقول: وهكذا وجدنا ترتيب السور في الرواية كما ذكرنا ثم قال
خالد بن صفوان راوي الحديث ما معناه فخرج السامعون متحيرين نادمين
كيف أحوجوه إلى سماع هذه الحجج الباهرة ولم يذكر انهم رجعوا عن
عقايدهم الفاسدة الداثرة وما جاءوا بشئ لدفع ما احتج به زيد ثم فنعوذ بالله
من الضلال وحب المنشأ والتقليد الذي يوقع في مثل هذا الهلاك والوبال
فصل فيما نذكره من كتاب قصص القرآن بأسباب نزول آيات القرآن
تأليف القيصم بن محمد القيصم النيسابوري نذكر من اخر سطر منه من
وجهة أولة بلفظه {فصل} في ذكر الملكين الحافظين دخل عثمان بن عفان
على رسول الله فقال اخبرني عن العبد كم معه من ملك قال ملك على يمينك
على حسناتك وواحد على الشمال فإذا عملت حسنة كتبت عشرا وإذا عملت
سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين اكتب قال لعله يستغفر الله ويتوب
فإذا قال ثلاثا قال نعم اكتب أراحنا الله منه فلبئس الصديق ما أقل مراقبته
لله عز وجل وأقل استحياءه منا يقول الله عز وجل ما يلفظ من قول
الا لدية رقيب عتيد وملكان بين يديك ومن خلفك وملك قابض ناصيتك فإذا
تواضعت لله عز وجل رفعك وإذا تجبرت على الله وضعك الله وفضحك
وملكان على شفتيك ليس يحفظون عليك الا الصلوات على محمد وملك قائم
على فيك لا يدع ان تدب الحية في فيك، وملك على عينيك فهؤلاء عشرة
املاك على كل آدمي يعد ان ملائكة الليل ملائكة النهار لان ملائكة
الليل سوى ملائكة النهار فهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي وإبليس
بالنهار وولده بالليل قال الله تعالى وان عليكم لحافظين الآية وقال عز وجل
إذ يتلقى المتلقيان الآية اعلم أن الله عز وجل وكل بكل انسان ملكين
يكتبان عليه الخير والشر ووردت الاخبار بأنه يأتيه ملكان بالنهار وملكان
بالليل وذلك قول الله له معقبات من بين يديه ومن خلفه لأنهم يتعاقبون
ليلا ونهارا وان ملكي النهار يأتيانه إذا انفجر الصبح فيكتبان ما يعمله
إلى غروب الشمس وفي رواية انهما يأتيان المؤمن عند حضور صلاة الفجر
225

فإذا هبطا صعد الملكان الموكلان بالليل وإذا غربت الشمس نزل إليه الملكان
الموكلان بكتابة الليل ويصعدان الملكان الكاتبان بالنهار بديوانه إلى الله
فلا يزال ذلك دأبهم إلى وقت حضور اجله فإذا حضر اجله قالا للرجل
الصالح جزاك الله من صاحب عنا خيرا فكم من عمل صالح أريتناه وكم
من قول حسن استمعناه وكم من مجلس خيرا حضرتنا فنحن اليوم على
ما تحبه وشفعاء إلى ربك وإن كان عاصيا قالا له جزاك الله من صاحب
عنا شرا فلقد كنت تؤذينا فكم من عمل سيئ أريتناه وكم قول سيئ
استمعناه ومن مجلس سوء أحضرتناه ونحن لك اليوم على ما تكره وشهيدان
عند ربك وفي رواية انهما إذا أرادا النزول صباحا ومساءا ينسخ لهما إسرافيل
عمل العبد من اللوح المحفوظ فيعطيهما ذلك فإذا صعدا صباحا ومساءا بديوان
العبد قابله إسرافيل بالنسخة التي تنسخ لهما حتى يظهر انه كان كما نسخ
منه وعن ابن مسعود أنه قال الملكان يكتبان اعمال العلانية في ديوان وأعمال
السر في ديوان اخر من خيراته وكذلك من سيئاته فعلى هذا القول يكون
لكل انسان يوم وليلة ثمانية دواوين ديوانان لخيراته بالنهار وحسناته
وديوانان لسيئات النهار وكذلك ديوانان لحسنات الليل وديوانان لسيئات
الليل فاما أربعة دواوين كل يوم وليلة فلا شك فيهما وان دواوين أهل
السعادات توضع في عليين تحت العرش ودواوين أهل الشقاء توضع في
سجين في سقف جهنم.
أقول: والله لو تهدد لابن آدم بعض ملوك الدنيا أو سمع ان أحدا
يتوعده بدون هذه الأهوال لكان قصر في سوء الأعمال والأقوال
وقبايحه ما الذي يهون عنده تهديد الله ورسوله ورضى بالتهوين والاهمال.
فصل فيما نذكره من كتاب الناسخ والمنسوخ تأليف نصر بن علي البغدادي
وهو مضاف إلى قصص القرآن للنيسابوري من تفسير سورة عسق من
الآية الخامسة بلفظه الخامسة {قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى}
اختلف المفسرون على وجهين فقالت طائفة هي محكمة لم تنسخ بشئ
226

واحتجوا عليه بقوله (ص) انى مخلف فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود
وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض وقال آخرون بل
هي منسوخة بقوله تعالى قل لا أسئلكم عليه من اجر فهو لكم الآية.
يقول علي بن موسى بن طاووس: ليس في الآية الثانية ما يقتضى
مخالفة الأولى حتى يقال إنها أنسختها وذاك ان المودة في القربى فوايدها
وثوابها وثمرتها للذين توادوا بهم فقال الله تعالى للنبي (ص) ما معناه ان
الاجر الذي طلبته عن رسالتي وهدايتي من مودة أهل بيتي فهو لكم وفوائده
راجعة إليكم وهذا واضح.
أقول: إن في هذه الآية القربى إشارة ظاهرة إلى امامة أئمة أهل بيت
النبوة لأنه إذا كان اجر جميع الرسالة وما حصل بها من سعادة الدنيا والآخرة
مودة أهل بيته قائمين مقامه في الخلافة فتكون المودة لهم والمعونة على
قيامهم كالاجر لجميع ما اتى (ص) به من سعادة ومقاله وفعاله.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من مقدمات علم القرآن تصنيف محمد
ابن بحر الرهني ذكر في أول كراس منه ما وجده من اختلاف القراءة
وما معناه ان كل واحد منهم قبل ان يتحدد القارئ الذي بعده كانوا
الا يجيزون إلا قرائته ثم لما جاء القارئ الثاني انتقلوا من ذلك المنع إلى جواز
قراءات الثاني وكذلك في قراءاته السبعة فاشتمل كل واحد منهم على انكار
قرائته ثم عادوا إلى خلاف ما أنكروه ثم اقتصروا على هؤلاء السبعة مع
أنه قد حصل في علماء المسلمين والقائلين بالقرآن أرجح منهم ومع من أن زمان
الصحابة ما كان هؤلاء السبعة ولا عددا معلوما للصحابة من الناس يأخذون
القرآن عنهم ثم ذكر محمد بن بحر الرهبي انه وقف على كتاب سهل بن محمد
السنجري وقد حمل الهجاء جميع أهل الكوفة والذي رد عليهم وعتب
دينهم قال الرهبي وسمعت أبا حاتم يطري نحو أهل البصرة ويهجو نحو أهل
الكوفة قال الرهني ما هذا لفظه قلت ولم يدع أبو حاتم مع ما قاله وهجائه
الكوفة وأهلها ذكر تأليف علي بن أبي طالب القرآن وان النبي (ص)
227

عهد إليه عند وفاته الا يرتدي برده الا لجمعة حتى يجمع القرآن فجمعه ثم حكى
عن الشعبي على أثر ما ذكره أنه قال كان اعلم الناس بما بين اللوحين علي
ابن أبي طالب (ص) قال محمد بن بحر الرهني حدثني القرباني قال حدثنا
إسحاق بن راهويه عن عيسى بن يونس عن زكريا بن أبي زائدة عن عطية
ابن أبي سعيد الكوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله انى تارك
فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى
الأرض وعترتي أهل بيتي الا وانهما لم يفترقا حتى يردا على الحوض قال محمد
ابن بحر الرهني وما حدثنا به المطهر قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير
عن عبد الله بن موسى عن الركين بن الربيع عن القسم بن حيان عن زيد
ابن ثابت قال قال رسول الله (ص) انى تارك فيكم خليفتين كتاب الله
وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض قال الرهني في
الوجهة الأولة من القائمة الخامسة ما معناه كيف يقبل العقل والنقل ان
النبي يجعل القرآن وأهل بيته عوضه وخليفتين من بعده في أمته ولا يكون
فيهما كفاية وعوض عن غيرها مما حدث في الأمة وفي القرآن من الاختلاف
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من كتاب الحذف والاضمار تصنيف
أحمد بن ناقة المقرى من وجهة ثانية من عاشر سطر منها بلفظه.
فصل في قصة أصحاب الكهف وكذلك بعثناهم اي كما حفظنا أحوالهم
في طول تلك المدة بعثناهم من تلك الرقدة لان أحد الأمرين كالآخر في
أنه لا يقدر عليه الا الله تعالى بين الله عز وجل فذلك انه بعث أصحاب
الكهف بعد موتهم الطويل من مرقدهم بعده ليسألوا بعضهم بعضا عن مدة
مقامهم لينتهوا بذلك على معرفة الله تعالى ويزدادوا ايمانا إلى ايمانهم.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قول هذا الشيخ بعث أصحاب
الكهف بعد موتهم الطويل لعله غلط من الناسخ أو سهوا من المصنف فإنه
قد قدم قبل هذا انه بعثهم من الرقدة والقرآن الشريف يتضمن صريحا
بأنه تحسبهم أيقاظا وهم رقود ومن آيات الله تعالى في بقائهم بغير طعام
228

ولا شراب ولا تغير الأجساد ولا مرض ولا تأثير الأرض فيهم مع تقلبهم
ذات اليمين وذات الشمال لأن كثرة التقليب في مثل تلك المدة إذا لم تكن
بقدرة القادر لذاته لابد ان يؤثر في الأجساد الترابية وهو حجة على
منكري البعث وعلى من يدعى ان الطعام أصل في بقاء الأنام وانما البقاء
ممسوك بما يريد القادر لذاته المالك للانعام.
فصل فيما نذكره من المجلد الأول من شرح تأويل القرآن وتفسير معانيه
تصنيف أبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني من الوجهة الأولة من القائمة
الحادية عشر منه بمعناه من تفسير الحروف المقطعة آلم اختلف قوم من
المفسرين ومؤلفي الكتب في تأويل الحروف في سور القرآن فذكر قوم
انها أسماء للسور وقال قوم ان لكل حرف معنى يخصه وقال قوم ان ذلك
لأسماء السور التي هي منها خاصة ليعلم ان كل سورة قبلها انقضت وقال
بعضهم إنما المشركون كانوا تواصوا الا يسمعوا القرآن فجائت هذه الحروف
غريبة في عاداتهم ليسمعوها ويسمعوا ما بعدها وقال الشعبي انها حروف
مقطعة من أسماء الله تعالى إذا جمعت صارت اسما وذكر عن قطرب انه حكى
عن العرب انها افتتاح للكلام وقال بعض المتكلمين ان الله تعالى علم أنه
يكون في هذه الأمة مبتدعين وانهم يقولون إن القران ما هو كلام ولا حروف
فجعل الله تعالى هذه الحروف تكذيبا لهم ثم قال أبو مسلم محمد بن بحر
الأصفهاني في الرد على هؤلاء كلهم ما معناه انها لو كانت أسماء للسور ما كنا
نرى من السور خاليا منها ولا كانت تكون من القرآن وكان المسلمون
قد سموها بها قال ومحال أن يكون الله جعلها أسماء للسور ولو كان كذلك
لما اختلف المسلمون فيها قال واما قول من ذكر انها تقتضي كل حرف
معبر بشبهه فلم يرد في ذلك خبر عن النبي مقطوع به ولا في لسان العربية
ما يقتضيه قال ولو كان بغير لغة العرب لكان النبي قد فسره لهم ودفع
الاختلاف فيه قال ويبطل ذلك قوله تعالى بلسان عربي مبين قال ومن قال
إنها علامة على أن السور التي قبلها انقضت فما في هذه الحروف ما يقتضى
229

ذلك ولا يفهم منه هذا أو يبطله ما ذكره على ابطال انها أسماء للسور قال واما
من قال إنه من المتشابه الذي لا يعلم تأويله الا الله فان الله لم يخبرنا انه
استأثر علينا بشئ من علم المتشابه ثم قد بين لنا في كتابه ما انفرد به من
حديث وقت القيامة وعلوم الغيب قال واما من قال إنها حروف الجمل
وانها أوقات الأشياء تكون فالذي يبطل قوله وينقض مذهبه ان من علم
ما هو كائن فقد علم الغيب الذي استأثر الله به وقد أخبر الله انه لا يطلع
على غيبه أحدا وإذا كانت هذه حروف الجمل فقد عرفنا المراد بها قال
وتصير الناس عالمين بالغيب قال وان النبي (ص) وقومه لم يعرفوا حروف
الجمل وإنما هي من علوم الكتاب قال ولو كان المراد بها حروف الجمل
لدلت على التي لا تختلف الناس فيها قال واما من ذكر أنها لأجل تواطئ
الكفار الا يسمعوا القرآن فكيف يخاطبهم بغير العربية والقرآن يتضمن انه
بلسانهم وكان يكون سببا لاعراضهم عن استماع القرآن قال واما حديث
الشعبي وانها إذا جمعت كانت أسماء الله فإنما علمنا الله أسمائه لندعوه
بها فقال ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ولم يكن لنا ضربا بذلك الا ويوضحه
قال يفهم من الحروف المقطعة هذا قال وهذا قول مطروح مرذول قال
واما قول قطرب فهي دعوى على العرب بغير برهان وما وجدنا في كلامهم
كما قال واما قول من قال إن الله عرف أنه يكون مبتدعة قال قوم الذين
أنكروا الحروف قد أنكروا المؤلف الواضح وقالوا انها ليس من الله وان
الكلام عندهم صفة من صفات الله فإذا جحدوا مثل هذا فكيف يندفعون
بذكر الحروف ثم قال أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني وما معناه والذي
عندنا انه لما كانت حروف المعجم أصل كلام العرب وتحداهم بالقرآن
وبسورة مثله أراد ان هذا القرآن من جنس هذه الحروف المقطعة التي
يعرفونها ويقدرون على أمثالها فكان عجزكم عن الاتيان بمثل القرآن بسورة منه
دليل على أن المنع والتعجيز لكم من الله وانه حجة رسول الله (ص) قال
ومما يدل على تأويله ان كل سورة افتتحت بالحروف التي أنتم تعرفونها بعدها
230

إشارة إلى القرآن يغنى انه مؤلف من هذه الحروف التي أنتم تعرفونها
وتقدرون عليها ثم سأل نفسه وقال إن قيل لو كان المراد هذا لكان قد اقتصر
الله على ذكر الحروف في سورة واحدة أو أقل مما ذكره فقال عادة العرب
التكرار عند ايثار افهام الذي يخاطبونه.
يقول علي بن موسى بن طاووس: اما ما ذكره في الرد على الأقاويل
فبعضه قريب موافق للعقول وبعضه مخالف للعقول فان قوله إن الله
ما استأثره علينا ثم نعود إلى القرار فان الله استأثر بعلم يوم القيامة وعلم
الغيب وهلا لا جعل هذا من جملة علم الغيب الذي استأثر به أو من القسم
الذي قال الله تعالى فيه لا يعلم تأويله الا الله وأما قوله فلا يظهر على غيبه
أحد فالآية فيها استثناء فهلا ذكر الاستثناء بقوله تعالى الا من ارتضى من
سول وغير ذلك من الجواب الذي يطول واما قوله انه أراد تنبيه العرب
على موضع عجزهم عن الاتيان فهذا لو كان لكانت الصحابة قد عرفته قبله
ونقلوه نقلا ظاهرا ومتواترا وكيف يعلم هو ما يكون قد خفى على
الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ولم يكشف سيد المرسلين (ص).
فصل فيما نذكره من مجلد قالب الربع في تفسير القرآن لم يذكر اسم
مصنفه قال في قول الله في تفسير سورة البقرة في السطر الرابع عشر قوله
ألم اي انا الله اعلم وقال في أول قائمة من تفسير سورة الأعراف في ثالث
سطر في قوله المص اي انا الله افعل.
أقول: وهذا غريب مما وقفناه وسمعناه من مقالات المفسرين في
تفسير الحروف المقطعة في أول سورة القرآن ولم يذكر حجة ولا شبهة على
أن المعنى ألم اي انا الله اعلم ولا ان تفسير المص اني انا الله افعل وليس في
ظاهرها ما يقارب ذلك.
فصل فيما نذكره من جزء رابع من معاني القرآن تأليف محمد بن جعفر
المروزي من أول سطر منه من وجهة ثانية ان رسول الله قال لوفد عبد
القيس ما فعل قيس بن ساعدة قالوا مات يا رسول الله قال (ص) لقد رأيت
231

منه عجبا رايته في سوق عكاظ على جمل ينادى الناس حتى إذا اجتمعوا
قال أيها الناس استمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو
آت آت ينشد في اخر كلامه:
في السابقين الذاهبين * من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارد للموت * ليس لها معاذر
ورأيت قومي نحوها * تمضي الأكابر والأصاغر
لا يرجع الماضي إلي * ولا من الباقين غابر
أيقنت انى لا محالة * حيث صار والقوم صائر
فجعل ترك رجعتهم منسوبا إلى أنفسهم ولم يقل يرجعون لأنه لم يكن
يؤمن بالبعث الذي يكون به الرجع مغفولا لان بعضهم يقول بل كل شئ
هو فعل الله فجائز ان يقال رجع ويرجع وكل فعل يكتبه العبد فالوجه واحد
يقال رجع ويرجع بفتح الياء وكسر الجيم.
يقول علي بن موسى بن طاووس: وهذه الأبيات مشهورة من قيس
ابن ساعده ولكن النبي ما كان ينشد شعرا وإنما قال لبعض من كان يسمع
شعر قيس بن ساعدة هل تحفظ شعره فقال نعم فاستنشد ذلك واما قول
المصنف المروزي ان قيس بن ساعدة ما كان يقر بالبعث فإنه إن كان قال هذا
من طريق هذه الأبيات فمثل هذا المعنى كثير في كلام المقرين بالبعث
وأشعارهم على اختلاف الأوقات وقوله إن جعل ترك رجعتهم منسوبا إلى
أنفسهم فليس في هذه الأبيات ما تقتضي ما انتهى طعنه إليه ولعل قسا أنشد
البيت بضم الياء من يرجع وفتح الجيم وقد استدركه استدراكا ضعيفا بقوله.
أقول: والقرآن الشريف قد تضمن نحو هذا مثل قوله تعالى كل إلينا
راجعون وما كان المراد أبدانهم راجعون من جهتهم أنفسهم وما أدرى كيف
التبس مثل هذا الامر المكشوف على من يؤل هل نفسه لتفسير القرآن العظيم
ونحن نذكر من حديث قيس بن ساعدة ما يقتضى انه كان مقرا بالبعث
والنشور وما يدل على معرفته بحكمة وفضل مشهور ذلك ما اخبرني به الشيخ
232

الفاضل أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني في مسكني بالجانب الشرقي من بغداد
في سفر سنة خمس وثلاثين وستمائة عن الشيخ العالم أبي الفرج علي بن
السعيد الراوندي عن الشيخ أبى جعفر محمد بن علي بن المحسن الحلبي عن
جدي أبي جعفر محمد بن أبي الحسين الحسن الطوسي عن شيخه المفيد محمد
ابن محمد النعمان عن شيخه السعيد أبي جعفر محمد بن بابويه من كتاب كمال
الدين وتمام النعمة في الغيبة قال اخبرني أبي قال حدثنا سعد بن عبد الله عن
أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد
ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال بينا رسول الله (ص) ذات يوم بفناء
الكعبة يوم افتتح مكة إذ اقبل إليه وفد فسلموا عليه فقال رسول الله من
القوم قالوا وفد بكر بن وائل قال (ص) فهل عندكم علم من خبر قس
ابن ساعدة الأيادي قالوا بلى يا رسول الله قال فما فعل قالوا مات فقال رسول
الله الحمد لله رب الموت ورب الحيات كل نفس ذائقة الموت كأني انظر إلى
قس بن ساعدة الأيادي وهو بسوق عكاظ على جمل له احمر وهو يخطب
الناس ويقول أيها الناس اجتمعوا فإذا اجتمعتم فانصتوا فإذا أنصتم فاسمعوا
فإذا سمعتم فعوا فإذا وعيتم فاحفظوا فإذا حفظتم فاصدقوا الا انه من عاش
مات ومن مات فات ومن فات فليس بات ان في السماء خبرا وان في الأرض
غبرا سقف مرفوع ومهاد موضوع ونجوم تمود وبحار ماء تفور يحلف
قس ما هذا بلعب وان من وراء هذا لعجبا مالي أرى الناس يذهبون
ولا يرجعون ارضوا فأقاموا أم تركوا فناموا يحلف قس يمينا غير كاذبة
ان لله دينا هو خير من الدين الذي أنتم عليه قال رسول الله رحم الله قيسا
يحشر يوم القيامة أمة وحده ثم قال هل فيكم أحد يحسن من شعره شيئا
فقال بعضهم نعم سمعته يقول:
في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا للقوم * ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها * تمضي الأكابر والأصاغر
233

لا يرجع الماضي إلي * ولا من الباقين غابر
أيقنت اني لا محالة * حيث صار القوم صائر
وباسنادنا الذي ذكرناه عن أبي جعفر محمد بن بابويه قال حدثنا الحسن
ابن عبد الله بن سعيد قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن إسماعيل
الضحاك قال أخبرنا بن زكريا قال حدثنا عبد الله بن الضحاك عن
هشام عن أبيه ان وفدا من اياد قدموا على رسول الله (ص) فسئلهم عن
حكم قس بن ساعدة فقالوا قال قس بن ساعدة في جدوث:
يا ناعي الموت وات في جدث * عليهم من بقايا بزهم خرق
دعهم فان لهم يوما يصاح بهم * كما ينبه من نوماته العمق
منهم عراة ومنهم في ثيابهم * منها الجديد ومنها الأزرق الخلق
مطر ونبات واباء وأمهات وذاهب وآت وآيات في اثر آيات وأموات
بعد أموات ضوء وظلام وليل وأيام وفقير وغنى وسعيد وشقي ومحسن
ومسئ أين الأرباب الفعلة ليصلحن كل عامل عمله بل هو الله واحد ليس
بمولود أراد وابدء واليه المآب غدا اما بعد يا معشر اياد أين ثمود وعاد وأين
والآباء والأجداد أين الحسن الذي لم يشكر والقبيح الذي لم ينقم كلا
ورب الكعبة ليعودن ما بدا ولئن ذهب يوم ليعودن يوم.
أقول: وقال أبو جعفر بن بابويه هو قيس بن ساعدة بن خالف بن
زهر بن اياد بن نزار من أول من امن بالبعث من أهل الجاهلية وأول من
توكأ على عصى ويقال انه عاش ستمائة سنة وكان يعرف النبي باسمه ونسبه
ويبشر الناس بخروجه وكان يستعمل التقية ويأمر بها في خلال ما يعظ به
الناس وبالاسناد الذي قدمناه إلى أبي جعفر بن بابويه قال حدثنا الحسن
ابن عبد الله بن سعيد قال أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن إسماعيل
قال أخبرنا محمد بن زكريا بن دينار قال حدثني مهدي بن سابق عن عبد الله
ابن عباس عن أبيه قال جمع قيس بن ساعدة ولده فقال المعافى تكفيه البقلة
وترويه المذقة ومن غيرك شيئا نفيسه مثله ومن ظلمك وجد من يظلمه
234

متى عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك وإذا نهيت شئ فابدء
بنفسك ولا تجمع مالا تأكل ولا تأكل مالا تحتاج إليه وإذا ادخرت
فلا يكونن ذخرك الا فعلك وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك
ولا تشاورن مشغولا وإن كان حازما ولا جائعا وإن كان فهما ولا مذعورا
وإن كان ناصحا ولا تضعن في عنقك طوقا لا يمكنك نزعه الا بشق نفسك
وإذا خاصمت فاعدل وإذا قلت فاقصد ولا تستودعن عن أحدا دينك وان
قربت قرابته فإنك ان فعلت ذلك لم تزل وجلا وكان المستودع بالخيار في
الوفاء بالعهد وكنت له عبدا ما بقيت فان خنا عليك كنت أولى بذلك وان
وفى كان الممدوح دونك عليك بالصدقة فإنها تكفر الخطيئة قال وكان
قس بن ساعدة لا يستودع دينه أحدا بل كان يتكلم بما يخفى معناه على
العوام ولا تدركه الا الخواص.
يقول علي بن موسى بن طاووس: قوله في الحديث السالف أين الحسن
الذي لا يشكر والقبيح الذي لم ينقم لعل معناه انه رأى أعمالا حسنة مات
أصحابها قبل المكافات عليها وأفعالا قبيحة مات فاعلوها قبل العقاب عليها
فقال هذا يقتضى بحكم العقل والعدل ان بعد الموت بعثا يجازى كل فاعل
بفعله وقوله في الحديث الانف لا تستودع دينك فلعله لا تستودع سرك
ويكون في الدين من جملة أسراره وهذه الأحاديث دالة على اقرار قيس بن
ساعدة بالبعث والحساب والحكم الهادي إلى الصواب.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول مما نزل من القرآن في أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب (ع) رواية أبي احمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد
الجلودي في المجلد تصانيف لغيره من أول وجهة منه من سابع سطر منها
بلفظه حدثنا أحمد بن ابان حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي حدثنا إسماعيل بن
ابان عن يحيى بن سلمة عن زيد بن الحرث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال
لقد نزلت في علي (ع) ثمانون آية صفوا في كتاب الله ما شركه فيها
أحد من هذه الأمة.
235

فصل فيما نذكره من هذا المجلد من رابع سطر من بقية أحاديث أبي
القسم عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي بلفظه أخبرنا محمد بن
علي أخبرنا أبو جعفر بن عبد الجبار عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي
الحسن موسى (ع) قال كان أبو الحسن في دار عايشة فتحول منها بعياله
فقلت له جعلت فداك اتحولت من دار أبيك فقال انى أحببت ان أوسع
على عيال أبي انهم كانوا في ضيق وأحببت ان أوسع عليهم حتى يعلم انى
وسعت على عياله فقلت جعلت فداك هذا للامام خاصة قال وللمؤمنين ما من
مؤمن الا وهو يلم باهله كان جمعة فان رأى خيرا حمد الله عز وجل وان
رأى غير ذلك استغفر واسترجع.
أقول: هذا الحديث يقتضى ان أرواح المؤمنين بعد وفاتهم بإذن الله
تعالى لها ان تشاهد أهلها ويكون ذلك من جملة كراماتهم.
فصل فيما نذكره من أواخر هذه الأحاديث بلفظه من السطر العاشر
حدثنا محمد بن جعفر البزاز عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن أرومة
القمي عن الحسين بن موسى بن جعفر قال رأيت في يد أبي جعفر محمد بن
علي الرضا خاتم فضة ناحل فقلت مثلك يلبس مثل هذا قال (ع) هذا
خاتم سليمان بن داود.
أقول: هذا تصديق ما روى أن النبي وارث جميع الأنبياء والمرسلين
فيكون قد انتقل إليه ذخائر اسرارهم من رب العالمين ولا يقال فهلا كان
لمولانا محمد بن علي الجواد من ظهور اثار سليمان في تلك الحال ما كان
لسليمان لأن الذخائر وصلت إلى النبي (ص) ما لزم من ذلك ظهور أسرار
الخاتم على يد النبي لأن الله تعالى يظهر ذلك بحسب مصالح عباده.
فصل فيما نذكره من هذا المجلد من الجزء الذي فيه من فضائل أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب (ع) وفاطمة والحسن والحسين رواية أبي بكر محمد بن
عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله البزاز الشافعي من ثالث سطر من طريق
المخالفين برجالهم بلفظ ما وجدناه حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين قال حدثنا
236

محمد بن كدة قال حدثنا عبد الله بن موسى عن أسباط بن عرق قال حدثني
سعيد بن كرد قال كنت مع مولاي يوم الجمل مع اللواء فاقبل فارس فقال
يا أمير المؤمنين قالت عائشة سلوه من هو قيل له من أنت قال انا عمار بن
ياسر قالت قولوا ما تريد قال أنشدك بالله الذي اخرج الكتاب نبيه
رسول الله في بيتك أتعلمين ان رسول الله جعل عليا وصيه على أهله.
قالت اللهم نعم قال وجاء فوارس أربعة فهتف رجل منهم قالت عائشة وهذا
ابن أبي طالب ورب الكعبة سلوه ما تريد قال أنشدك بالله الذي انزل
الكتاب على رسول الله في بيتك أتعلمين ان رسول الله جعلني وصيه على
أهله قالت اللهم نعم.
يقول علي بن موسى بن طاووس: إذا كان على وصيا على أهله وهم
أهل المباهلة وأهل التطهير والثقل الذي لا يفارق القرآن وأعز المخلوقين
على رسول الله فما العذر في ترك من ارتضاه رسول الله لنفسه وخاصته الا
يرضاه لمن هو دونهم من رعيته وأمته.
فصل فيما نذكره من هذا المجلد من كتاب تجزية القرآن تلخيص أبي
الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله المنادى بخط مصنفه وهي نسخة
عتيقة من رجال الجمهور نذكره بلفظ سياق ما جاء عن علي (ع) وابن
عمر وسلمان في قسمة الأخرى وحديث عن أبي عمر حفص بن عمر
الدوري قال حدثني ابن عمارة حمزة بن القاسم الأحول عن ابن حمزة بن
حبيب الزيات عن عمرو بن مرة قال ذكروا ان هذه أسباع علي بن أبي
طالب (ع) السبع الأول البقرة والكهف والحجر والرعد وحم السجدة
والتغابن والجمعة واقتربت الساعة ون والقلم وهل اتى على الانسان والقيمة
والبروج والغاشية والليل والقارعة وويل لكل همزة والسبع الثاني آل
عمران والصف والنمل والقصص وحم المؤمن والحديد والممتحنة والنجم
والطور والمزمل وإذا الشمس كورت والعاديات وأرأيت وقل يا أيها
الكافرون والفلق والسبع الثالث النساء والشعراء والأحزاب والحج
237

والزخرف والحشر وآلم سجدة والملك والمجادلة والذاريات والمطففين وإذ
السماء انشقت ولم يكن والتين والعصر وإذا جاء نصر الله والسبع الرابع
المائدة والنحل وطه والنور والأنفال والعنكبوت والدخان والتحريم
والرحمن والحاقة واقرأ باسم ربك والضحى والم نشرح وإذا زلزلت
وقل أعوذ برب الناس والسبع الخامس الانعام ويوسف وقد أفلح
المؤمنون ومريم ويسن والفرقان وإبراهيم وحمعسق والحجرات والنساء
القصرى وعبس ولا أقسم بهذا البلد والطارق والشمس وضحها والسبع
السادس الأعراف وهود والأنبياء والروم وسورة والسبع السابع الصافات
ويونس وبني إسرائيل وسبأ والملائكة والقمر والجافية والفتح ونوح
والنازعات وسأل سائل والمرسلات وعم يتسائلون والفجر وتبت وقل هو
الله أحد جملة ذلك فإذا هي مائة وتسع سور وليس فيها فاتحة الكتاب ولا
براءة ولا صاد ولا قاف ولا المدثر لأن السبع الأول ستة عشر سورة
والثاني خمسة عشر سورة والثالث ست عشر والرابع خمس عشرة والخامس
ست عشرة والسادس ست عشرة والسابع ست عشرة ولست أحيط بوجه
يقتضيه ذلك منه علما غير الوهم من التأخر من هذا اللفظ ما رواه رجال
المخالفين من كتاب المبادي.
فصل فيما نذكره من كتاب ملل الاسلام وقصص الأنبياء تأليف محمد
ابن جرير الطبري من القائمة الخامسة من الكراس الرابع من الوجهة
الثانية من السطر السابع قصة نوح ابن الملك نختصر ألفاظها نذكر منها
ان الله تعالى أكرم نوحا بطاعته والعزلة لعبادته وكان طوله ثلاثمأة وستون
ذراعا بذراع زمانه وكان لباسه الصوف ولباس إدريس قبله الشعر وكان
يسكن في الجبال ويأكل من نبات الأرض فجائه جبرائيل (ع) بالرسالة
وقد بلغ عمر نوح أربعمأة وستين سنة فقال له ما بالك معتزلا قال لأن
قومي لا يعرفون الله فاعتزلت عنهم فقال له جبرائيل فجاهدهم فقال له نوح
لا طاقة لي بهم ولو عرفوني لقتلوني فقال له فان أعطيت القوة كنت تجاهدهم
238

قال وا شوقاه إلى ذلك فقال له نوح من أنت قال فصاح جبرئيل صيحة
واحدة تداعت الجبال فأجابته الملائكة بالتلبية وترجت الأرض وقالت
لبيك لبيك يا رسول رب العالمين قال فبقي نوح مرعوبا فقال له جبرئيل انا
صاحب أبيك آدم والرفيع إدريس والرحمن يقرئك السلام وقد اتيتك
بالبشارة وهذا ثوب الصبر وثوب اليقين وثوب النصرة وثوب الرسالة
والنبوة وقد امرك ان تتزوج بعمورة بنت ضمران بن خنوخ فإنها أول
من تؤمن بك فمضى نوح يوم عاشورا إلى قومه وفي يده عصا بيضاء
وكانت العصا تخبره بما يكذبه قومه وكان رؤسائهم سبعين الف جبار عند
أصنامهم في يوم عيدهم فنادى لا إله إلا الله آدم المصطفى وإدريس الرفيع
وإبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح خلق من روح القدس
ومحمد المصطفى آخر الأنبياء وهو شهيدي عليكم اني قد بلغت بالرسالة
فارتجت الأصنام وخمدت النيران واخذهم الخوف وقال الجبارون من هذا
فقال نوح انا عبد الله وابن عبده بعثني رسولا إليكم ورفع صوته بالبكاء
وقال انا نوح النبي انى بكم نذير مبين قال وسمعت عمورة كلام نوح
فآمنت به فعاتبها أبوها وقال ايؤثر فيك قول نوح في يوم واحد وأخاف
ان يعرف الملك بك فيقتلك فقالت عمورة أبتي أين عقلك وفضلك وحلمك
نوح رجل وحيد وضعيف يصيح بكم تلك الصيحة فيجرى عليكم ما يجرى
فتوعدها فلم ينفع فأشار عليه أهل بيته بحبسها ومنعها الطعام فجلبها فبقيت
في الحبس سنة وهم يسمعون كلامها فاخرجها بعد سنة فقد صار عليها
نور عظيم وهي في أحسن حال فتعجبوا من حياتها بغير طعام فسألوها
فقالت إنها استغاثت برب نوح وان نوحا كان يحضر عندها بما يحتاج
إليه ثم ذكر تزويجه بها وما كانت من العبادة والزهادة وانها ولدت له
سام بن نوح لأن الرواية في غير هذا الكتاب تضمنت إنه كان لنوح
امرأتان اسم واحدة رابعا وهي الكافرة وهلكت وحمل نوح معه في
السفينة امرأته المسلمة وقيل إن اسم المسلمة هيكل وقيل ما ذكره الطبري
239

ويمكن أن تكون عمورة اسمها وهيكل صفتها بالزهد (أقول) وينبغي
ان يقال إن هذه ليست زوجة نوح المذكورة في القرآن الشريف بالذم
ومن العجب ان يكون أرباب الباب كالدفرات جاهلون برب الأرباب
وأصحاب البراقع وضعايف العقول سبقوا إلى تصديق الرسول ولكن
الرياسة كانت في الرجال فهلكوا بطلبها وكان الضعف في النساء والزعامة
فأفلحوا بسببها وكذلك كان السبق في نبوة محمد (ص) للنساء أعني خديجة
فوا عجباه ووا خجلاه ماذا رأى الله تعالى السعادات الدنيوية والأخروية
عمى الرجال عنها وسبق النساء إليها.
فصل فيما نذكره من كتاب العرايس في المجالس ويواقيت التيجان
في قصص القرآن تأليف أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي من الكراس
الثامن من أول قائمة منها من الوجهة الأولة من السطر الرابع عشر بلفظه
وقال بعضهم ذو الكفل بشر بن أيوب الصابر بعثه الله تعالى بعد أبيه
رسولا إلى ارض الروم فآمنوا به وصدقوه واتبعوه ثم إن الله تعالى امره
بالجهاد كلوا عن ذلك وضعفوا وقالوا يا بشر انا قوم نحب الحياة ونكره
الممات ومع ذلك نكره ان نعصي الله ورسوله فان سألت الله تعالى ان يطيل
أعمارنا ولا يمتنا الا إذا شئنا لنعبده ونجاهد أعدائه فقال لهم بشر ابن
أيوب لقد سألتموني عظيما وكلفتموني شططا ثم قام وصلى ودعا وقال
إلهي أمرتني بتبليغ الرسالة فبلغتها وأمرتني ان أجاهد أعدائك وأنت تعلم
اني لا أملك الا نفسي وان قومي قد سألوني ذلك ما أنت اعلم فلا تأخذني
بجريرة غيري فانى أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك قال
فأوحى الله إليه يا بشر انى سمعت مقالة قومك واني قد أعطيتهم ما سئلوني
فطولت أعمارهم فلا يموتون الا إذا سألوا فكن كفيلا لهم عنى ذلك فبلغهم
بشر رسالة الله فسمى ذا الكفل ثم إنهم توالدوا وكثروا حتى ضاقت
بهم بلادهم وتنقصت عليهم معيشتهم وتأذوا بكثرتهم فسئلوا بشر ان
يدعوا الله تعالى ان يردهم إلى آجالهم فأوحى الله تعالى إلى بشر اما علم قومك
240

ان اختياري لهم خير من اختيارهم لأنفسهم ثم ردهم إلى أعمارهم فماتوا بآجالهم
قال فلذلك كثرت الروم حتى يقال إن الدنيا دارهم خمسة أسداسها الروم
وسموا روما لأنهم نسبوا إلى جدهم روم ابن عميص بن إسحاق بن إبراهيم
قال وهب وكان بشر بن أيوب الذي يسمى ذو الكفل مقيما بالشام عمره
حتى مات وكان عمره خمسا وسبعين سنة.
أقول وقيل إنه تكفل لله تعالى ان لا تعصيه قومه فسمى ذو الكفل
وقيل تكفل لنبي من الأنبياء الا يغضب فاجتهد إبليس ان يغضبه بكل
طريق فلم يقدر فسمى ذا الكفل لأجل وفاته لنبي زمانه انه لا يغضب.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من القائمة الأولة من الكراس
الرابع من كتاب الرد على الجبرية والقدرية فيما تعلقوا به من متشابه
القرآن تأليف أحمد بن محمد بن جعفر الخلال من عاشر سطر من الوجهة
بمعناه واختصار طول لفظه ومما تعلقوا به.
قوله تعالى في قصة إبراهيم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة
مسلمة لك قالوا رغب إليه ان يجعلهما مسلمين فإذا جعلهما مسلمين فيكون
الله هو فاعل الاسلام فيهم فقال ما نذكر بعض معناه ونزيده ان العقل
والنقل والعادة والحس قضى ان السلطان إذ أمكن له عبدا له من ولاية
أو بناء دور أو بلوغ سرور قال الناس سيده جعل له هذه الولاية والعقار
والمسار وإن كان السيد ما تولى ذلك بنفسه ولم يكن جعل للعبد غير
تمكينه هكذا حكم دعاء إبراهيم ثم يقال للجبرية لو كان الامر كما تقولون
ان العباد مقهورون وان اسلامهم وكفرهم من الله وهم منه يؤتون اي فائدة
كانت في دعاء إبراهيم ولأي معنى كان يكون تخصيصه بالدعاء لنفسه
ودريته بذلك ثم يقال لهم أيضا اما علمتم وكل مسلم ان إبراهيم قال هذا
الدعاء وولده وهو مسلمان ولو كان المراد اسلاما مقهورا عليه ظاهرا وهو
حاصل له ولولده قبل الدعاء اي فائدة كانت تكون في طلب ما هو حاصل
كما قدمناه لولا أنه أراد زيادة التوفيق من الله وزيادة التمكين والقوة على
241

استمرار الاسلام الذي طلبه وسأله فكأنه قال اننا مسلمان ولكنا نسأل
ان نكون مسلمين لك بان يكون اسلامنا بالكلية ولا يكون لأجل طلب
غيرك من المطالب الدنيوية والأخروية لأن هذا مطلوب زائد على حصول
الاسلام المطلق الأول.
فصل فيما نذكره من كتاب النكت واعجاز القرآن تأليف علي بن عيسى
الرماني النحوي من الوجهة الأولة من ثاني قائمة منه من باب الايجاز من
ثاني سطر منه بلفظه ومنه حذف الأجوبة وهو أبلغ من الذكر وما جاء
منه في القرآن كثير كقوله جل ثنائه ولو أن قرانا سيرت به الجبال أو
قطعت به الأرض أو كلم به الموتى فكأنه قيل لكان هذا.
{يقول} علي بن موسى بن طاوس ولعل حذف الجواب ههنا إن كان
يمكن ان الله تعالى لو قال لكان هذا القرآن كان قد وقع هذا الامر الذي
أخبر به من تسير الجبال وتقطيع الأرض وكلام الموتى وكان يحصل
بذكر الجواب وقوع هذا التقدير ولم تقض الحكمة ذلك أو لعل المراد ان
الله تعالى لو قال الجواب كان كل من قرء هذه الآية من الأولياء بخوانها
الذي يذكره الله تهيأ له ان تسير الجبال ويقطع الأرض ويحيى الموتى
فامسك الله تعالى عن ذكر الجواب لما يكون من الأسباب التي لا يليق
ذكرها عنده جل جلاله بالصواب.
فصل فيما نذكره من نسخة وقفتها أخرى في النكت في اعجاز القرآن
لعلي بن عيسى الرماني من القائمة الثامنة في تشبيهات القرآن واخراج
مالا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بالبديهة واخراج مالا قوة له في الصفة إلى
ماله قوة في الصفة فنذكر من لفظه فمن ذلك قوله جل جلاله والذين
كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا
فهذا بيان قد اخرج مالا يقع عليه الحاسة إلى ما تقع وقد اجتمعا في
بطلان المتوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة ولو قيل يحسبه الرائي له ماء ثم
يظهر انه على خلاف ما قدر لكان بليغا وأبلغ منه لفظ القرآن لأن الظمآن
242

أشد حرصا عليه وتعلق قلبا به ثم بعد هذه الحس حمل الحساب الذي
يصيره إلى عذاب الأبد في النار نعوذ بالله من هذه.
يقول: علي بن موسى بن طاوس ولعل في التشبيه غير ما ذكره
الروماني لأن الله تعالى لو قال كسراب بروضة أو لم يذكر بقيعة ما كان
التشبيه على المبالغة التي ذكرها لأنه لما كانت أجساد الكفار الذين يعملون
أعمالا كالسراب كالسعة في الجواب الخالية من النبات واستعمال فوائد
الألباب صارت كالسعة حقيقة ولعل معنى التشبيه ان يحسبه الظمآن ماء
ان الكفار لما ادعوا في الحياة ان أعمالهم ينفعهم وحكى الله تعالى عنهم في
القيمة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون يدل على أنهم يعولون على
أعمالهم التي صاروا يعتقدونها تخلصهم من الأهوال والهوان كما حسب
الظمآن السراب يزيل ما عنده من الظمأ فحصل في الخيبة وذهاب الحياة
والتف بالعيان وكذلك خاف الكفار في أعمالهم وحصلوا في تلك النفوس
عذاب الطغيان.
فصل فيما نكره من نسخة أخرى بكتاب النكت في اعجاز القرآن من
باب الاستعارة من الوجهة الثانية من القائمة الرابعة عشر بلفظه قال الله
تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا حقيقة قدمنا هنا
عمدنا إلى ما عملوا وقدمنا أبلغ منه لأنه يدل على أنه عاملهم معاملة القادم
من سفره لأنه من أجل امهاله فيهم كمعاملة الغايب عنهم ثم قدم فرآهم على
خلاف ما أمرهم وفي هذا تحذير من الاغترار بالامهال والمعنى الذي يجتمعهما
العدل لأن العمد إلى ابطال الفاسد عدل والقدوم إلى ابطال الفاسد عدل
والقدوم أبلغ بينا واما هباء منثورا فبيان قد اخرج ما لا تقع عليه
حاسة إلى ما تقع عليه.
يقول: علي بن موسى بن طاووس ويحتمل في الآية من النكت ما لم
يذكره الروماني وهو ان الله جل جلاله لما شبه أعمالهم فيما قدمنا مثل هذا
السراب الذي يرى ظاهره لم يبق بد من أن يشاهدونه من أعمالهم يجعله
243

بمحضرهم وشاهدتهم وهم ينظرون هباء منه منثورا تلفا لا أصل له فان
أتلاف ما يعتقده الانسان ملكا له ونافعا له بمحضره ومشاهدته أوقع في
عذابه وهو انه من اتلاف بغير حضوره.
أقول: ولو أردنا ان نذكر لكل ما ذكره الرماني وجوها في
الفصاحة والبلاغة أحسن مما ذكره رجونا ان يأتي بذلك من بحار مكارم
مالك الجلالة والأعراق المتصلة بيننا وبين صاحب الرسالة إن شاء الله تعالى.
فصل فيما نذكره من كتاب اسمه متشابه القرآن لعبد الجبار ابن أحمد
الهمداني وكانت النسخة كتبت في حياته من الوجهة الثانية من القائمة
الثانية من الكراس التاسع بلفظه قوله تعالى إنما المؤمنون الذين إذا ذكر
الله وجلت قلوبهم إلى قوله أولئك هم المؤمنون حقا يدل على أشياء منها
وصف المؤمن بذلك على طريق التعظيم في الشرع لأنه لو جرى على طريقة
اللغة لم يصح ان يجعل تعالى المؤمن هو الذي يفعل ما ليس بتصديق كما
لا يجوز ان يجعل الضارب هو الذي يفعل ما ليس بضرب به ومنها ان
الايمان ليس هو القول باللسان واعتقاد القلب على ما ذهب المخالف إليه
وانه كل واجب وطاعة لأن الله تعالى ذكر صفة المؤمن ما يختص
بالقلب وما يختص بالجوارح لما اشترك الكل في أنه من الطاعات
والفرايض ومنها ما يدل على أن الايمان يزيد وينقص ما تقول الآية
إذا كان عبارة عن هذه الأمور التي يختلف التعبد فيها على المكلفين فيكون
اللازم لسعيهم ما يلزم المعنى فيجب صحة الزيادة والنقصان فيه وإنما كان
يمتنع ذلك لو كان الايمان خصلة واحدة وهو القول باللسان واعتقادات
مخصوصة بالقلب ومنها انه يدل على أن الرزق هو الحلال لأنه تعالى جعل
من صفات المؤمن وجملة ما مدحه عليه ان ينفق مما رزق ولو كان
ما ليس بحلال يكون رزقا لم يصح ذلك ومنها ان الواجب على من سمع
ذكر الله تعالى والقران ان يتدبر معناه وهذا هو الغرض فيه لأن وجل
القلوب والخوف والحذر لا يكون بان يسمع الكلام فقط من غير تدبر
244

معناه وإنما يقع بالتدبر والفكر فيجب ان يلزم الامر الذي معه ان يصح
وجل القلب والخوف والخشية فيدل على وجوب النظر والتدبر في
الأمور والأدلة لأنه يقتضى ما ذكرناه من الوجل والخشية هذا اخر
لفظ عبد الجبار.
يقول: علي بن موسى بن طاوس قول عبد الجبار ان الآية تدل على
أن الايمان ما هو باللسان واعتقاد بالقلب وانه كل واجب وطاعة من أين
عرف انه كل واجب وطاعة وليس في الآية معنى كل واجب وطاعة
ولا لفظ يدل عليه واما قوله إن الله تعالى ذكره في صفة المؤمن ما يختص
بالقلب والجوارح فيقال له إذا كنت عاملا على ظاهر هذه الآية كما زعمت
فهل يخرج من الايمان كل من لم يحصل عنده وجل عند تلاوة القرآن
عليه فان قال نعم كان بخلاف اجماع الأمة وان اعتذر عن هذا بأنه إنما
أراد الله الأفضل من المؤمنين خرج ظاهر الآية منه.
أقول: واما قوله إن الخوف في الوجه الاخر انه كان يمنع الزيادة
والنقصان في الايمان إذا كان باللسان والقلب فيعجب منه لأن أفعال
اللسان وأحوال القلوب تزيد وتنقص ضرورة وكيف استحسن جحود
مثل هذا المعلوم فهل بلغ به التعصب للعقيدة وحب المنشأ وطلب الرياسة
إلى هذا واما قوله إن الخوف والخشية وما تحصل الا بتدبر كلام الله
تعالى والتفكر فيه فان ظاهر الآية يقتضى ان التلاوة توجب وجل قلوبهم
وزيادة ايمانهم وهو يعرف وكل عارف ان كلام السلطان العظيم إذا سمع
بالقلوب والاذان إذ هل السامع واقتضى خوفه قبل ان يتدبره وخاصة إذا
كان ظاهر لفظ وعيد أو تهديد على أن في القرآن مالا يحتاج سامعه إلى
تدبر وتفكر من الألفاظ المحكمة التي يفهم باطنها من ظاهرها وكيف أطلق
عبد الجبار القول في دعواه أقول بل لو أنصف عبد الجبار قال إن متى
شرع سامع القرآن في التفكر والتدبر الذي يشغله من لفظ التلاوة صار
إلى حال ربما زال الخوف عنه في كثير من الآيات والتلاوات.
245

أقول: واما قول عبد الجبار يدل على وجوب النظر والتدبر في
الأمور والأدلة افتراه يعتقد انها تدل على النظر الواجب قبل بعثه الرسول
وقبل القران لأنه قد أطلق القول بأنها تدل على النظر في الأمور وليس
في الآية ما يقتضى ذلك العموم وهب أنها تقتضي نظر السامع للتلاوة في
المعنى الذي تسمعه وتفكره من أين لزم من ظاهر هذا وجوب النظر
والتفكر في الأمور والأدلة والخوف والخشية في الآية مختصان بالذي
يسمع التلاوة فيما يسمع.
فصل فيما نذكره من متشابه القرآن تأليف أبي عمر أحمد بن محمد
البصري الجلال من الوجهة الثانية من القائمة التاسعة بما نذكره من لفظه
وزيادة قال ومما تعلقوا به قوله سبحانه ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به
كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين قالوا فهلا قد تضمن
انه يضل بالقرآن ويهدى به فقال الجلال ما معناه ان هذه الآية تدل على
بطلان قولهم لأنه لو كان القرآن اضلالا ما كان قد سماه هدى ورحمة
وبيانا في مواضع كثيرة.
أقول: والجواب يحتمل زيادات وهو انه لعل الحكاية في أنه يضل
به كثيرا ويهدى به كثيرا عن قول الذين قالوا ما ذا أراد الله بهذا مثلا
يعنون ان هذا المثل يضل به ويهدى به كثيرا وتكون الكناية بقوله به
إلى المثل ويقال للمجبرة لو كان المعنى مثلا ان الله تعالى قال يضل بالقرآن
كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين فهل يبقى بعد تخصيصه
ان الضلال مختص بأعدائه الفاسقين سؤال السائل أو شبهة المعترض
والعقل والعدل يقضى ان العدو إذا طرد عن أبواب عدوه وأضل عنها
كان ببعض ما يستحقه بعداوته بل إذا قنع منه بالاضلال دون تعجيل
الاستيصال كان ذلك عدلا ورحمة وفضلا ويقال أيضا ان هذه الآية
إذا حملناها على ظاهر ما ذكرتم وان الضمير راجع إلى القرآن الشريف فهو
أيضا خلاف دعواكم وخلاف عقيدتكم لأنكم تزعمون أن الضلال من الله
246

تعالى بغير واسطة القرآن ولا واسطة من غيره ومتى جعلتم لغير الله تعالى
شركة واصلا في الضلال فقد نقضتم ما ادعيتموه من الله تعالى فاعل
لجميع أفعال العباد ولكلما وقع منهم من الضال والفساد.
فصل فيما نذكره من مجلد لطيف ثمن القالب اسمها ياقوتة الصراط من
الوجهة الأولة من القائمة الثالثة بلفظه ومن سورة آل عمران القيوم القيام
والمدبر واحد والراسخون في العلم الحفاظ المتذاكرون.
أقول: وقال المقريزي القيوم القائم الدائم الذي لا يزال وليس من
قيام على رجل واعلم أن في القيوم زيادة ما ذكره فإنه يتضمن المبالغة
في القيام بما يقتضيه وصفه تعالى من كلما يختص به قدرته لذاته وارادته
لذاته وغير ذلك مما لا نعلمه نحن فإنه لو كانت غير لفظ قيوم من الألفاظ
التي لا تقتضي المبالغة لعل كانت تحتمل القيام بأمر دون أمر فعسى يكون
المراد صرف خواطر الخلايق إليه وتوكلهم في كل شئ عليه لأنه جل
جلاله القيوم القادر لذاته واما قوله والراسخون الحفاظ الذاكرون فإن
كان المراد انه يعلمه الا الله وهم فيما يقتضى انهم متذاكرون به بل هو
مستور عنهم وإن كان المراد بالراسخين انهم يقولون أمنا به كل من عندنا
فقد وصفهم الله بهذا الوصف بما اغنى عن شرح حالهم.
فصل فيما نذكره من نسخة عتيقة في تفسير غريب القرآن على حروف المعجم
تأليف محمد بن عزيز السجستاني من الوجهة الأولة من القائمة الرابعة
بلفظه ذكر الصاد المكسورة صراط مستقيم واضح... قد يكون الطريق
واضحا وهو يعود إلى ضلال كما قال جل جلاله قد تبين الرشد من الغى
فجعل الجميع بينا واضح الحق فان لفظ واضح محتمل ولعل معنى الكلمتين
انه طريق يهدى إلى الحق والصدق ليس فيه اضطراب ولا اعوجاج
بسبب من الأسباب.
فصل فيما نذكره من نسخة أخرى وقفتها أيضا بالكتاب غريب
القرآن للعزيزي من جهة ثانيه من رابع وخامس سطر منها بلفظ الميم
247

المضمومة مؤمن مصدق والله عز وجل مؤمن اي مصدق ما وعد ويكون من
الأمان اي لا تأمن الأرض منه أقول اعلم أن تحقيق المراد بلفظ مؤمن
في اللغة على ما حكاه أهلها التصديق وتحقيق معناه في عرف الاسلام
والشريعة المصدق لله تعالى ولرسوله (ص) في كلما أراد التصديق به
واما وصف الله تعالى بالمؤمن فيحتاج من يذكر تأويله على اليقين إلى
تفسير ذلك من رب العالمين فإنه يبعد أن يكون على لفظ اللغة مطلقا وعلى
عرف الشريعة محققا واما تفسيره بالتجويز وهو خطر فهلا قال العزيزي
يحتمل انه المؤمن المصدق لكل من صدق والمزكى لكل من زكاه فان
هذا التأويل أعم مما ذكره من التصديق بما وعد ولو كان المراد المصدق
بما وعد لعل اللفظ كان يعنى الصادق فيما وعد.
فصل فيما نذكره من كتاب غريب القرآن تأليف عبد الله بن أبي احمد
اليزيدي من الوجهة الأولة من القائمة العاشرة بلفظه كان الناس أمة واحدة
ملة واحدة يعنى على عهد آدم كانوا على الاسلام.
أقول: تخصيصه ان هذا من هذه الأمة التي على عهد آدم من أين
عرفه وقوله إنهم كانوا على الاسلام من أين ذكره وهذا لفظ الاسلام
قد تضمن القرآن الشريف عن إبراهيم انه قال هو سماكم المسلمين من قبل
فكأنها في ظاهر هذه الآية مختصة بتسمية إبراهيم بعد آدم باسم كثيرة
ولو كان المراد عهد آدم كيف يقول العزيزي انهم كانوا أمة واحدة
وقد حكى الله تعالى عن قابيل وما صنع بهابيل ما يدل على الافتراق وحكى
أصحاب التفاسير من اختلاف أولاد قابيل وأولاد شيث وغيرهم من
الاختلاف بينهم ما يقتضى تعذر من تأويله العزيزي وهلا قال العزيزي
لعل المراد ان الناس كانوا أمة واحدة لا يعرفون الله منهم فبعث الله النبيين
مبشرين ومنذرين.
فصل فيما نذكره من كتاب تعليق معاني القرآن لأبي جعفر أحمد بن
محمد بن إسماعيل النجاشي ووجدته بصيرا في كثير مما ذكر فمما ذكره من
248

الوجهة الثانية من القائمة الرابعة من الكراس التي قبل آخر كراس من
الكتاب بلفظه بسم الله الرحمن الرحيم عبس وتولى ان جاءه الأعمى نزلت
في ابن أم مكتوم إلى النبي فقال أسيد وعند النبي رجل عظماء الكفار
فجعل النبي يعرض عنه ويقبل على المشرك فيقول يا فلان هل ترى لما
أقول بأسا فيقول لا فأنزلت عبس.
يقول علي بن موسى بن طاووس هذا قول كثير من المفسرين ولعل
المراد معاتبة من كان على الصفة التي تضمنها السورة على معنى إياك أعني
واسمعي يا جارة وعلى معنى قوله تعالى في آيات كثيرة يخاطب به النبي والمراد
بها أمته دون أن تكون هذه المعاتبة للنبي (ص) لأن النبي إنما كان
يدعو المشرك بالله بأمر الله إلى طاعة الله وإنما كان يعبس لأجل ما يمنعه
من طاعة الله وأين تقع المعاتبة على من هذه صفته والا فأين وصف النبي
الكامل من قول الله جل جلاله اما من استغنى فأنت له تصدى وعليك
الا يزكى واما من جائك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى فهل هذا أقيم
عنه تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى وهل كان النبي
ابدا يتصدى للأغنياء ويتلهى عن أهل الخشية من الفقراء والله تعالى
يقول عنه بالمؤمنين رؤوف رحيم.
فصل فيما نذكره من كتاب تفسير غريب القرآن لأبي عبد الرحمن بن
محمد بن هاني من وجهة أولة من سادس عشر سطر من تفسير سورة الحج
بلفظه قوله إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته يقول إذا قرء ألقى الشيطان
في قرائته.
يقول علي بن موسى بن طاووس وكذا يقول كثير من المفسرين
وهو مستبعد من أوصاف المرسلين والنبيين لأنه جل جلاله قال وما أرسلنا
من قبلك من رسول ولا نبي الا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فكيف
يقبل العقول ان المراد ما ذكره المفسرون من أن كل رسول أوكل نبي
كان يدخل الشيطان عليه في قرائته وانه ما سلم منهم واحد من الشيطان
249

أو لعل المراد انه ما كان رسول ولا نبي الا يتمنى صلاح قومه واتباعهم
لأمانيا فيلقى الشيطان في أمته أماني له ما يخالف أمنيته فينسخ الله تعالى
أماني الشيطان بكثرة الحجج والآيات ويحكم الله آياته وبيناته ويظهر النبي
والرسول على الشيطان أو نحو هذا التأويل مما يليق بتعظيم الأنبياء وخذلان الشيطان.
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من تفسير علي بن عيسى النحوي الرماني
من الوجهة الأولة من القائمة التاسعة من الكراس الثاني بلفظه.
أقول: في الرحمن الرحيم يقال له كرر ذكر الرحمن الرحيم والجواب
عن ذلك للمبالغة والتأكيد وللدلالة على أن لله من النعم ما لا يفي به نعم
منعم فجرى على كلام العرب إذا أرادوا الدلالة على المبالغة كما قال الشاعر:
هلا سالت جموع كندة * يوم ولوا أين أينا
قال: الأخر
كم نعمة كانت لكم * كم نعمة وكم وكم
وقال: الأخر
حطامه الصلب حطوما * محطما أنصف الأسد
وأنت تقول في الكلام اذهب اذهب أعجل أعجل ليدل على الغاية والمبالغة ووجه
اخر وهو انه لما دل بالإلهية على وجوب العبادة للنعمة التي بها تستحق العبادة وكأنه
قيل وجوب العبادة للنعمة التي ليس فوقها نعمة ثم ذكر عز وجل الحمد يوصله بذكر
ما به يستحق الحمد ليدل على أنه يستحق الحمد بالنعمة كما يستحق العبادة بالنعمة.
يقول علي بن موسى بن طاووس يقال لعلي بن عيسى الرماني كان
معنى الرحمن هو معنى الرحيم كان لتأويلك انه للتكرار تجويز وغيرك
يعرف ان لفظ الرحمن فيه من المبالغة والعموم ما ليس في لفظ الرحيم
وما جرت العادة ان الكلام يذكر بلفظه المبالغة أولا ثم يذكر بلفظ دونه
ويكون المراد مجرد التأكيد وهلا قال الرماني لعل المراد بلفظ الرحمن على
وجه العموم والمبالغة انه جل جلاله رحمن للمطيع والعاصي ولكل حيوان
250

والرحيم لما يختص به أنبيائه وخواصه مما لا يعطيه من لا يجرى مجراهم
فإنه إذا احتمل الكلام معنيين كان أليق بالفصاحة والكمال من أن يكون
للتكرار والتأكيد أو يقال لعل معنى الرحمن بخواصه بالعنايات الزائدة
والرحيم بمن دونهم من المخلوقات بدون تلك العنايات واما تشبيه الرماني
باين أينا وكم وكم وكلما ذكره فإنه ما أورد لفظين مختلفي الصيغة حتى
يكون احتجاجه بهما على تكرار الرحمن الرحيم مع اختلاف صفاتهما.
أقول: وما قول الرماني إنما دل بالإلهية على وجوب العبادة وصله
بذكر النعمة التي يستحق بها العبادة فيقال له ان في لفظ الرحمن الرحيم
ذكر النعم المختصة بمفهوم الرحمن الرحيم وليست شاملة للنعم التي يستحق
بها العبادة فان وصفه تعالى بالمنعم غير وصفه بالرحمن الرحيم وهلا جوز
الرماني أن يكون معنى قوله الرحمن الرحيم بعد قوله جل جلاله الحمد لله
رب العالمين انه تعالى كما ذكر ربوبيته للعالمين وما يجب له من الحمد له
على عباده وعرف منهم التقصير في القيام لحق الربوبية وتحقيقه ما يستحق
من المحامد قال الرحمن الرحيم كأنه يريد انه يرحمهم مع تقصيرهم فيما يستحقه
عليهم من دليل ولا يكلفهم بها ما يستحقه من حق الربوبية وحق نعمه.
فصل فيما نذكره مما حصل عندنا من تفسير القرآن لعلي بن عيسى
الرماني وهو من قبل آخر سورة البراءة إلى سورة يونس وآخر القرآن نذكر
منه من أول وجهة قوله تعالى وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم
خالدين فيها هي حبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم إنما فصل الكفر من
النفاق مع أن كل نفاق كفر ليبين الوعيد على كل واحد من الصنفين إذ
قد يتوهم ان الوعيد عليه من أحد الوجهين دون الاخر ومعنى هي حسبهم
هي كافيتهم في استفراغ العذاب لهم وتقديره هي كافية ذنوبهم ووفاء
لجزاء أعمالهم.
يقول علي بن موسى بن طاووس أرى كان المهم من الآية ما تعرض
له لأنه كل ينبغي ان يذكر كيف ورد لفظ الوعد في موضع الوعيد
251

والوعد حقيقة لما ينفع الموعود به وكثيرة ولهذا قال الشاعر:
فإنك ان أوعدتني ووعدتني * لتخليص ايعادي وتنجيز موعدي
أقول: لعل المراد انه لما كان هذا القول من الله تعالى لهم في الحياة
الدنيا ليردعهم بذلك عن الكفر والنفاق فقد صار نفعا لهم باطنا وسعادة
لهم ان قبلوها باطنا وظاهرا لان الوعيد إذا أخرجه صاحبه ليخرج من
يوعده مما يستحق به الوعد فقد صار باطنه وعدا وإن كان ظاهره وعدا
أقول: وما قول الرماني ان كل نفاق كفر فعجيب فان النفاق قد
يكون كفرا وقد يكون فسقا واما لعل المراد انه جل جلاله يكشف
بذلك ان النفاق المقتضى للكفر أعظم من الكفر بغير نفاق فان المنافق
مستهزءا بالله تعالى وبرسوله فقد جمع كفره بالله استهزاء زائد على كفره
ولعله هو أعظم من الكفر فان المنافقين في الدرك الأسفل من النار.
أقول: وفي ذكر المنافقات مع المنافقين واقراره الكفر للرجال لعل
المراد به معنى زائد أو قال إن النفاق يدخل فيه النفاق لضعفهن وعجزهن
في الغالب عن المجاهرة اظهار بالكفر وان اظهار الكفر والمجاهرة له في
الغالب يكون من الرجال وهم الذين يقولون النساء على الكفر فكان ذكر
الرجال بالكفر دون النساء أشبه بظاهر أحوالهم.
أقول: ولعل لقوله تعالى ولهم عذاب مقيم بعد تقديم خلودهم في النار
معنى زائد أو دال على أن الخلود في جهنم قد يحتمل أن يكون أهلها بعضهم
أخف عذاب من بعض وفي القرآن والسنة شاهد على ذلك فلما قال جل
جلاله ولهم عذاب مقيم فكأنه قد آيسهم من تخفيف العذاب عنهم.
فصل فيما نذكره من كتاب معاني القرآن تصنيف علي بن سليمان
الأخفش من الوجهة الأولة من سورة النور من خامس عشر سطر منها
بلفظه درى مضئ كالدر.
أقول: من أين قال إن المقصود بالتشبيه الإضاءة وليس الدر في
إضاءته مقصودا حتى يقع التشبيه به وهلا قال إن الكوكب صافي البياض
252

والنقاء كالدر فيكون على هذا المقصود ان أمكن اللون لا الضوء ولعل
معناه شبيه الكوكب في نفسه الزهر عليها في السماء من اللون والضوء دون
الذي نشاهده نحن منه وذلك أبلغ في التشبيه فإننا إذا لم نشاهده بالابصار
فقد عرفناه بالنقل والآثار والاعتبار.
فصل فيما نذكره من كتاب مجاز القرآن تأليف أبي عبيدة معمر بن
المثنى من الوجهة الأولة من القائمة السادسة بلفظه كل له قانتون اي مقر
بأنه عبد له بأنه عبده قانتات مطيعات.
أقول لو قال كل له قانتون إشارة إلى لسان الحال بان يشهد عليهم
حاجتهم إلى ايجاده لهم واثار صنعه فيهم بأنهم أذلاء له خاضعون مستسلمون
له عسى كان أقرب إلى الحق من قوله اي انهم كلهم مقرون انهم عبيد فان
هذا الاقرار بحر موجود في الكل ثم قال أبي عبيدة بعد هذا قانتات مطيعات
فقد صار تفسير قانت هو مطيع الا أن يقول يحتمل انه عبد ويحتمل انه
مطيع وظاهر مدحه جل جلاله لذاته... له يقتضى زيادة على لفظ عبد
ولفظ مطيع يشتمل على من دخل في لفظ عموم قوله في القرآن جل جلاله
قانتون واما الجوهري في الصحاح فقال القنوت الطاعة.
أقول: يقال كل له قانتون ما هيهنا أن يكون له مطيعون فلا بد من
تقدير ما ذكرناه أو تأويلا يحتمل اشتراك الجميع.
فصل فيما نذكره من مجلد قالب الطالبي يتضمن انه اعراب القرآن
أوله من سورة القصص لم يذكر اسمه مصنفه بلفظه في امام مبين قال مجاهد
امام مبين في اللوح المحفوظ وقوله مبين إن كان يريد المفسرين بمبين عند الله
فعلم الله جل جلاله أحق بالوصف بذلك من اللوح المحفوظ وإن كان يراد
بالتشبيه الثناء انه مبين لنا فأين نحن لنا واللوح المحفوظ ولعل غير مجاهد
قال إنه القرآن على معنى الآية والأخرى تبيان كل شئ وقوله تعالى
ما فرطنا في الكتاب من شئ واعلم أن علم التأويل بان القرآن امام مبين
وان اللوح المحفوظ يحتاج الجميع إلى من يكشف عنهما العبارة المحتاجين
253

إلى هذا التعيين من رسول مخبر عن الله تعالى ومن يقوم مقامه حتى يرفع
الاختلاف واحتمال التأويلات بحيث يصير الوصف بأنه امام مبين من جميع
وجوهه والا كان مبينا من وجه غير مبين من وجه أو مبينا لبعض دون
بعض فليس كل واحد نعرفه من ظاهره.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من غريب القرآن لأبي عبيدة معمر
ابن المثنى وهو من كتاب المجاز بلفظه والجار ذي القربى القريب والجار
الجنب الغريب لأنه قد يكون الغريب جارا قريبا والنسخة عندنا لعلها
كتبت في حياته عتيقة.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من كتاب أبي عبيدة معمر بن المثنى
بلفظه من وجهة ثانية من ثاني عشر سطر منها وعن سورة الأعراف المص
ابتداء كلام.
أقول لو قال أبو عبيدة ما اعرف تفسير المص كان أحسن من قوله
ابتداء كلام فإنه ما أراد في تفسيره على ما كان وان أراد ان مراد الله تعالى
بالمص ابتداء كلام فليس في اللفظ الشريف الرباني ما يدل على أن المراد
من تقطيع هذه الحروف ابتداء الكلام أو غيره فهلا احتج أبو عبيدة على
هذا فان كتابه قد ادعى انه صنفه لكشف هذه الأمور.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من كتاب أبو عبيدة بن المثنى من السطر
الحادي عشر من وجهة أولة بلفظه يوم الفرقان يوم النصر والتي في البقرة
وقوله تبارك الذي نزل الفرقان يعنى النصر.
أقول تفسير أبي عبيدة خلاف ما قدمناه من عبد الجبار الهمداني ان
فرقان الشريف كل شئ وهذا معمر بن المثنى عندهم كالإمام لهم في علم
اللغة والقرآن وهو كالحجة عليهم وهلا قال أحد منهم انه يحتمل أن يكون
انزل الفرقان انه اسم من أسماء القرآن فتارة يسمى قرانا وتارة فرقانا
فان المعنيين له حاصلان فيه فإذا كان القرآن بمعنى الجمع فكذلك هو وإن
كان فارقا فهو كذلك أيضا.
254

فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من تفسير معمر بن المثنى أيضا
من القائمة الثانية بلفظه أفئدتهم هواء اي خوف لا عقول لهم والخوف
أفئدة لا عقول لأربابها قال الشاعر:
ان بني قوم خوف * لأكرم فيهم ولا معروف
يقال لأبي عبيدة معمر بن المثنى قد أنشدت البيت على معنى خوف إنما
كانت الحاجة إلى انشاء شاهد على أن معنى أفئدتهم هواء بمعنى خوف ولم
يذكر ذلك... وان الهواء، ثم يقال له كيف نفهم من الأفئدة العقول
وكيف نفهم من أنها هواء انهم لا عقول لهم فهلا قال عسى يحتمل أن
يكون لما غلب الخوف والأهوال على الذين حكى عنهم ان أفئدتهم هواء
جاز ان يقال إنها اضطربت الأفئدة حتى صارت كالهواء المضطربة
بالأمواج أو لعل إن كان يحتمل أن يكون المراد ان المقصود بالأفئدة
الفكر واستحضار المعاني ولما غلب على هؤلاء الخوف ما بقي لها قدرة على
فكرة فكان الأفئدة خرجت من أماكنها كما قال في موضع اخر وبلغت
القلوب الحناجر فتكون قد صارت كالهواء الذي لا يستقر في مكان واحد
أقول: وعسى يحتمل كما كانت الأفئدة والقلوب عند الامن كالحجارة
أو أشد قسوة في الكثافة جاز أن تكون عند خوفها تصير كالهواء في
اللطافة وغير ذلك مما لا نطول بذكره.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس منه من ثالث قائمة من الوجهة
الثانية منها بلفظه ومن سورة مريم انى خفت الموالي من ورائي اي من
قدامي اي من بني العم.
وقال: بني الفضل
مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
يقال لأبي عبيدة انك ادعيت ان معنى ورائي قدامي فكان ينبغي ان
تستشهد ببيت يقتضى ذلك أو بحجة غير هذا البيت وما نرى هذا يقتضى الحجة
ولا شبهة على ما ذكرت وهلا ذكر أبو عبيدة فان قول الله تعالى من
255

ورائي حقيقة غير مجاز لأن بني العم يتخلفون وراء الميت اي بعده فكأنهم
وراءه فكيف زعم أبو عبيدة ان معناه قدامه.
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من كتاب معمر بن المثنى من
الوجهة الأولة من القائمة الثانية منه بلفظه وأزلفنا ثم الآخرين اي جمعنا
والحجة فيه يقال ليلة الجمع وليلة المزدلفة وذكروا عن الحسن وأزلفنا
أهلكنا.
أقول: إن الظاهر ما حكاه صاحب الصحاح فقال إن معنى أزلفه اي
قربه والمزلفة والزلفى القربة والمنزلة ومنه قوله تعالى وما أموالكم ولا
أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى وهواسم المصدر كأنه قال بالذي يقربكم
عندنا ازدلافا هذا لفظ الجوهري في الصحاح.
أقول: واما احتجاج معمر بن المثنى بأنه يقال ليلة الجمع وليلة المزدلفة
لفظان بمعنى واحد والا إذا جاز أن يكون كل واحد لمعنى غير الاخر فلا
حجة له فيه وقد قال الجوهري في صحاحه وازدلفوا اي تقدموا وإذا
كان بمعنى تقدموا فهذه صفة المزدلفة لأن الحاج يتقدمون إليها من عرفات
قبل ان يصلوا صلاة العشاء المغرب وصلاة عشاء الآخرة وقال الجوهري
الزلفى الطائفة من أول الليل ولأن عرفات اخر منازل الحج وابعدها من
الكعبة فأول منازل يقرب بعد عرفات من مكة والكعبة المزدلفة فجاز ان
يسمى بذلك لأنه أول منازل القريب واما ما حكاه عن البصري وأزلفنا
أهلكنا فلم يذكر حجة له على ذلك ولا ذكره صاحب الصحاح فيما رأيناه
من صحاحنا ولعل المراد بأزلفنا ثم الآخرين اي قربناهم من البحر لهلاكهم
فصاروا فيه وأقرب قريب إليه وسيأتي في الجزء التاسع عن أبي عبيدة
موافقة ذكرناه في قول الله تعالى أزفت الآزفة قال دنت القيامة.
فصل فيما نذكره من الجزء الثامن من كتاب معمر بن المثنى من القائمة
الخامسة من أول وجهة منها بلفظه فليرتقوا في الأسباب الأسباب والسبب
الحبل والمسبب ما تسبب به من رحم أو دين قال النبي كل سبب أو نسب
256

منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي وإذا تقرب الرجل إلى الرجل وليس
بينهما نسب فالاسلام أقوى سبب وأقرب نسب.
أقول: ما أنصف معمر بن المثنى فان عمر لما طلب التزويج عند مولانا
علي بن أبي طالب (ع) اعتذر عن طلب ذلك مع كبر سنه واشتغاله
بالولاية بهذا الحديث في أنه أراد التعلق ينسب النبي فلو كان الاسلام أقوى
سبب وأقرب نسب ما احتاج إلى هذا والصدر الأول اعرف من معمر
ابن المثنى بمراد النبي على أن قوله من الاسلام أقرب نسب مكابرة قبيحة
لا تليق باهل العلم كيف يكون الاسلام وهو سبب وأقصى ما حصل من
هذا السبب الاخوة التي جمعت في هذا اللفظ بين الأعداء فقال الله تعالى
قال لهم أخوهم لوط وأخوهم هود وأخوهم صالح وكان عدوهم هم أعداء
فيكون هذا السبب المحتمل للعداوة والصداقة أقوى من كل سبب بل لو
قال قائل ان معنى قول النبي كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة الا سببي
ونسبي ان المفهوم منه السبب الذي بينه وبين الله كأنه قال إن السبب
الذي بيني وبين الله والنسب الذي بيني وبين الله من ينسب إلي ما كان
هذا التأويل بعيد أو لعل معناه ما روى أنه من اصطنع إلى أحد من أهل
بيتي معروفا كافيته يوم القيامة فلعله أيضا من جملة السبب لأجل الرواية
فصل فيما نذكره من الجزء التاسع من كتاب أبو عبيدة المذكور من
القائمة الثالثة من الوجهة الأولة منها بلفظه وفي القرآن لأصلبنكم في جذوع
النخل اي على أقول هكذا وجدت كثيرا من المفسرين يذكرون ان في
هيهنا بمعنى على ولعمري ان حروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض
ولكن هذا إنما يخرج إليه إذا لم يكن حمل اللفظ على حقيقته في جذوع
النخل يحتمل أن يكون قريبا من الحقيقة لأن المصلوب يكون ابدا
غالبا على رأس الجذع وإنما يكون نازلا عن أعلاه وكان قوله في جذوع
النخل إلى صورة حال المصلوب أو لعل قد كان لفظ فرعون في جذوع
النخل أو بهذا المعنى فحكى الله تعالى ما ذكره فرعون كما حكى كلمات
257

الكفر عمن ذكرها عنه بصورة لفظها.
فصل فيما نذكره من الجزء العاشر لأبي عبيدة المذكور من السطر
الرابع من وجهة ثانية من أول تفسير الذاريات بلفظه وأخرجت الأرض
أثقالها إذا كان السبب في بطنها فهو ثقل عليها وإذا كانت فهي عليه فهو
ثقل عليه فأقول قد كان ينبغي ان يأتي بحجة على هذا مثاله ان يقول جل
جلاله قال عن الحامل فلما أثقلت دعو الله ربهما فكان هذا شاهدا أن الثقل
الحمل في البطن والا فلولا هذا ما عرف القرآن كان الانسان ثقلا عليها سواء
كان على بطنها أو ظهرها بل كان إذا صار في بطن الأرض فكأنه قد
خف عن بعضها وصار ثقلا على بعضها ولو كان يحتمل ان يقال إن
المكلفين لما كانوا حاملين لأثقال الأوزار حاملين لأثقال الحساب وحاملين
لأثقال التكليف جاز ان يسموا أثقالا للأرض فإن في الحديث ان الأرض
تثقل العصاة لله تعالى مجازا لأنها محمولة بالله والله الحامل لها ولهم وهو
يبغضهم ويمقتهم وكل ممقوت ثقيل.
فصل فيما نذكره من كتاب اسمه تنزيه القرآن من المطاعين تصنيف
عبد الجبار بن أحمد من سابع عشر قائمة أوله من الوجهة الثانية منها
بلفظه مسئلة وسألوا عن قوله الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون
أبناءهم قالوا ولو عرف كل أهل الكتاب نبوته لما صح مع كثرتهم ان
ينكروا ذلك ويجحدوه فكيف يصح ما اخبره تعالى وجوابنا ان المراد
من كان يعرف ذلك منهم وهم طبقة من علمائهم دون العوام منهم ولذلك
قال وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ولا يجوز ذلك على جميعهم
لعلمنا باعتقاداتهم وتجويزه على ما ذكرناه يصح.
يقول: علي بن موسى بن طاوس هذا جواب الشيعة لعبد الجبار في
دعواه انه لو كان النبي قد نص على مولانا لما أنكره عبد الجبار وأصحابه
فيقال لهم في الجواب ما اجابه أهل الكتاب... بينهم واحدة وقد قلنا
غيرها هنا انه ليس كل منصوص عليه بالغ الظهور وأوضح الأمور لا يقع
258

جحوده أو الشبهة فيه لأسباب تتفق لأن الله تعالى نص على ذاته لجميع
مقدوراته التي لا يقدر عليها سواه وما رفع ذلك الخلاف فيه حتى عبدت
الأحجار والأخشاب دونه ولم يكن ذلك لعدم النصوص المعلومة على
وجوبه تعالى.
فصل فيما نذكره من الوجهة الثانية من تاسع عشر قائمة من كتاب
اعراب ثلاثين سورة من القرآن تأليف أبي عبد الله الحسين بن خالويه
النحوي بلفظ ما وجدناه والذين أنعمت عليهم هم الأنبياء والأصل في
عليهم بضم الهاء وهي لغة رسول الله وقد قرء بذلك حمزة وإنما كسر الهاء
من كسرها لمجاورة الياء واما أهل المدينة ومكة فيصلون الميم بواو في
الفظ فيقولون عليهموا قالوا الواو علامة الجمع كما كانت الألف في عليهما
علامة التثنية.
يقول علي بن موسى بن طاوس ما الجواب لمن يقول إذا كانت لغة
رسول الله (ص) ضم الميم والقرآن فأحق ما نزل بلغته (ص) وعلام
كان ظاهر قرائة أهل الاسلام في الصلوات وغيرها بكسر الهاء ولأي
حال صار مجاورة الهاء للياء حجة على قرائة رسول الله وهو أفصح العرب
وإذا اختلفت لغاتهم كان هو الحجة عليهم واعجب من ذلك أن يكون
أهل المدينة وأهل مكة البلدين الذين أقام فيهما... على خلاف قرائته وان
يقدم أحد بذكر هذا عنهم أو عن مسلم من المسلمين كيف جاز ذكر مثل
هذا من العلماء العارفين.
فصل فيما نذكره من كتاب اسمه كتاب الزوائر وفوائد البصائر في
وجوه القرآن والنظائر تأليف الحسين بن محمد الدامغاني في اخر القائمة
الرابعة من الكراس العاشر منه بلفظه تفسير الساق على وجهين بوجه منها
الساق يعنى الشدة كقوله في القيامة والتفت الساق بالساق يعنى الشدة
بالشدة ووجه الثاني السوق جمع الساق قوله نعم في سورة ص فطفق مسحا
بالسوق والأعناق يعنى الساق المعروف.
259

يقول: علي بن موسى بن طاوس رأيت في الصحاح الجوهري ما هذا
لفظه والساق نزع الروح يقال رأيت فلانا يسوق اي ينزع عند الموت.
أقول فإذا كان السوق اسم النزع في عرف اللغة فهل لا مثل قوله تعالى
والتفت الساق بالساق على معنى التفت النزع بالنزع للموت بعضه ببعض
ويكون معناه منفردا عن الذي فسره بالشدة.
فصل فيما نذكره من وجهة أولة من خامسة قائمة من الكراس الثالث
من كتاب سماه كتاب ثواب القرآن وفضائله تأليف أحمد بن شعيب بن
علي السامي بلفظه أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن أبي عجلان عن
سعيد المقرى عن عقبة بن عامر قال كنت أمشي مع رسول الله فقال يا عقبة
قل فقلت ماذا أقول فسكت عنى ثم قال يا عقبة قل فقلت اللهم اردده علي
فقال يا عقبة قل فقلت ما ذا أقول فقال عليه السلام فقل أعوذ برب الفلق
فقرأتها حتى أتيت على اخرها ثم قال قل قلت ما ذا أقول يا رسول الله قال
قل أعوذ برب الناس فقرأتها حتى أتيت على اخرها ثم قال رسول الله عند
ذلك ما سأل سائل بمثلها ولا استعاذ مستعيذ بمثلها.
فصل فيما نذكره من كتاب يحيى بن زياد المعروف بالفراء وهو مجلد
فيه سبعة اجزاء قال رواية مسلمة بن عاصم عن ثعلب وعليه إجازة تاريخها
سنة تسع وأربعمأة نذكر من الجزء الأول ومن وجهة ثانية من القائمة
الخامسة بلفظه فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون يقال قد
كانوا في شغل من أن ينظروا مستورين بما أكنتهم من البحر ان يروا
فرعون وغرفه لكنه في الكلام كقولك قد ضربت وأهلك ينظرون
فما أتوك ولا أعانوك يقول وهم قريب بمسمع ومرأى ويراد مسمع.
يقول علي بن موسى بن طاوس وإذا كان قد عرف أصحاب موسى
ان فلق البحر لنجاتهم وهلاك فرعون وأصحابه فكيف لا يكونون
متفرغين لنظرهم ومسرورين بهلاكهم كما لو قيل لانسان ادخل هذه الدار
ليدخل عدوك وراءك فإذا خرجت من الدار وقعت الدار على عدوك فإنه
260

يكون مسرورا ومتفرغا لنظر هلاك عدوه ويقال أيضا ان أصحاب
فرعون لما نزلوا خلل أصحاب موسى جعل طرف البحر والماء الذي بينهم
كالشباك الذي ينظر منه بعضهم إلى بعض فعلى هذه الرواية كانوا ناظرين
لهلاكهم ومسرورين به ويقال وإن كان هلاك فرعون وأصحابه بعد أن
صار موسى وأصحابه على ساحل البحر وأيقنوا بالسلامة فكيف لا يكونون
ناظرين إليهم ومشغولين بالسرور بانطباق البحر عليهم وهل يكون لهم
عند تلك الحال وفي ذلك الوقت شغل الا مشاهدتهم ونظرهم كيف يهلكون
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من كتاب الفراء من الوجهة الأولة
من القائمة الثانية من الكراس الثاني منه بلفظه منه آيات محكمات يعنى
مبينات من الأصل للحرام والحلال ولم ينسخن الثلاث الآيات في الانعام
أولها قل تعالوا أتل ما حرم عليكم والآتيان بعدها قوله هن أم الكتاب
يقول هن الأصل واخر متشابهات وهن المص وآلمر أو الر متشابهات
على اليهود لأنهم أرادوا ان يعرفوا مدة الاسلام واكل هذه الأمة من
حساب الجمل فلما لم يأتهم على ما يريدون قالوا خلط محمد وكفروا بمحمد،
يقول علي بن موسى بن طاوس من أين عرف الفراء ان مراد الله
تعالى بالآيات المحكمات الثلاث ومن أين ذكر انهن محكمات وقد وقع تحريم
كثير في غيرهن وفي الشريعة وخصص عمومهن وظاهر قوله تعالى منه
آيات محكمات ان الضمير راجع إلى الكتاب كله والكتاب يشتمل على محكم
كثير يعرف من ظاهر المراد به فكيف عدل عن ذلك كله واما تعينه
الآيات المتشابهات بالحروف فهو أيضا تحكم عظيم وليس في ظاهرها
ما يقتضى ذلك ولا اجماع على ما ذكره ولا حجة من عقل ولا نقل
والقرآن فيه من المتشابه التي قد صنف المسلمون فيه المجلدات ما لا يخفى
والاجماع على أنه متشابه.
أقول واما قوله عند اليهود فإذا كان القرآن قد تضمن انهم يجدونه
مكتوبا عندهم في التورية والإنجيل يعنى حديث النبي (ص) فيكون قد
261

عرفوا انه (ص) خاتم الأنبياء ودولته مستمرة إلى القيامة وذلك كاف
لهم واما ما حكاه عنهم من الطعن فيكون الطعن من سفهائهم ومن لا حكم
لطعنه حتى يجعل القرآن المتشابه قد اقتصر عليه لأنهم كانوا عارفين ولأنه
ما كان يلزم عند علمائهم من ستر رسول الله (ص) لمدة نبوته ورسالته
عنهم ما طعنوا به لأن الملوك عادتهم ستر مثل هذه الأمور بل كان ينبغي
ان يعتقدوا ستر ذلك من حساب الجمل وجها من وجوه حكمة الآيات
ثم يقال للفراء فقد وجدنا كثيرا من المفسرين قد ذكروا تأويلات لهذه
الحروف وما يكون متشابها.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من كتاب الفراء من وجهة من ثالث
قائمة من الكراس الثاني منه بلفظه قوله من جاء بالحسنة لا إله إلا الله
والسيئة الشرك.
أقول: هذا تأويل غريب غير مطابق للمعقول والمنقول لأن لفظ
لا إله إلا الله يقع من الصادق والمنافق ولأن اليهود تقول لا إله إلا الله
وكل فرق الاسلام تقول ذلك وواحدة منها ناجية واثنتان وسبعون في
النار وهذه الآية وردت مورد الأمان لمن جاء بالحسنة فكيف يتأولها على
ما يقتضيه ظاهرها.
أقول: وقد رأيت النقل متظاهرا ان الحسنة معرفة الله ورسوله
ومعرفة الذين يقومون مقامه وهذا مطابق للعقول وللبشارة لأن هذه
الصفات ناجون على اختلاف الفرق واختلاف التأويلات.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من كتاب الفراء من وجهة أولة
من رابع عشر سطر منها بلفظه قوله سرابيل تقيكم الحر ولم يقل البرد وهي
تقى الحر والبرد فنقول لان معناه معلوم والله أعلم كما قال الشاعر:
وما أدرى إذا يممت وجها * أريد الخير أيهما يليني
يريد ان الخير والشر يليني لأنه إذا أراد الخير فهو يتقى الشر يقال
للفراء كيف قلت إن ما بقي الحر بقي الحر والبرد ومن المعلوم خلاف هذا
262

فان الحر يتوقى بالثوب الواحد وليس كذلك البرد ولعل معنى الآية ان
الله تعالى لما ضم إلى الحر الباس بقوله جل جلاله سرابيل تقيكم الحر وتقيكم
بأسكم والبأس مناسب الحر واقتصر على ما يناسبه أو لعل أهل تلك البلاد
الغالب عليها الحر وهذا مروى عن عطاء أو لعل المراد أنه تعالى لما ذكر
الأصواف والأوبار والاشعار التي تقى البرد ذكر هاهنا ما يقي الحر من
السراويل فقد ذكره قتادة ان المعنى سراويل لباس القطن والكتان وقول
الفراء يريد ان الخير والشر يليه لا يقتضيه قول الشاعر لأنه قال أيهما يليني
وأيهما اي أحدهما ومن المعلوم ان الذي يلي الانسان أحدهما.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس كتاب الفراء من وجهة ثانية
من عاشر سطر منها بلفظه قوله الذين لفروجهم حافظون الا على أزواجهم
المعنى الا من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم من الأربع لا يجاوزوا أو ما ملكت
ايمانهم ما في موضع خفض يقول ليس عليهم في الإماء وقت ينكحون
ما شاؤوا فذلك قوله حفظوا فروجهم الا من هذين فإنهم غير ملومين فيه
غير مذنبين يقال للفراء هلا احتمل أن يكون الاعلى أزواجهم على ظاهره
لأن الله تعالى لما قال غير ملومين فكأنه قال غير ملومين على أزواجهم وما
ملكت ايمانهم لأن الملامة إنما يعبر عنها بنحو هذا اللفظ ويقال للفراء من
أين قلت إن الملامة معنى في الذم ويقال يلام الانسان على ما لا يكون ذنبا
شرعا من الغلط في تدبر الأمور ولأن رفع اللوم عنهم أعم من الذنب فلأي
حال عدل عن عموم اللفظ إلى ما يقتضى تخصيصه ولم يذكر حجة على ذلك.
فصل فيما نذكره من الجزء السادس من كتاب الفراء من وجهة ثانية
من سادس عشر سطر منها بلفظ قوله اتينا طائعين جعل السماوات والأرضين
اثنين كقوله وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما ولم يقل ما بينهن
ولو كان بينهن لكان صوابا يقال للفراء هلا قلت إن المقتضى للتثنية دون
الجمع لعل الله جل جلاله أراد تثنية الجمعين ولم يرد ذكر افرادها كما يقال
جائني فريقان وهما جمعان واما قول الفراء لو كان بينهن كان صوابا أتراه
263

أراد في مجرد العربية أو هذه الآية فإن كان أراد مجرد العربية من أين
عرف ان مراد الله تعالى في هذه الآية مجرد العربية دون معنى غيرها زائد
عليها وإن كان أراد هذه الآية فتهكم وتهجم على الله ولعل المراد
بذكر ما بينهما ولم يقل ما بينهن ان الحديث في هذا القرآن الشريف مع بني
آدم وهم بين السماوات والأرضين وليسوا ساكنين بين طبقاتها فكان لفظ
بينهما أبلغ في المراد وأحق بالتأويل.
فصل فيما نذكره من الجزء السابع من كتاب الفراء من سادس عشر
سطر وجهة ثانية بلفظه قدروها يريد قدر الكأس على ري أحده لا فضل فيه
ولا عجز عن ربه وهو ألذ الشراب وقد روى بعضهم عن الشعبي قدروها
تقديرا والمعنى والله أعلم وأجل قدره لهم وقدروا لها يقال للفراء من أين
عرفت ان الله تعالى يريد تقدير الشراب بل الكأس ولو كان المقصود
بتقدير الشراب لكان يقول قدروه تقديرا والتأنيث الحقيقي في اللفظ
يقتضى انها الكأس دون الشراب.
يقول وليس المراد من تقدير الكأس مجرد الشرب منه فان النظر
للكأس إذا كان جميلا في التقدير ومكملا في التحرير كان أطيب للشرب
منه فان عين الشارب تقع على الكأس قبل الشراب ولو قال الفراء يحتمل
أن يكون تقدير الكأس على قدر ذلك المقام وعلى قدر الانعام والاكرام
كان أليق بالافهام وقال الفراء في ثاني سطر من الوجهة الثانية في بعض
تفسيره ما هذا لفظه شرابا طهورا يقول هو طهر ليس بنجس لما كانت
في الدنيا مذكورة بالنجاسة فيقال للفراء أنت قدوة في اللغة والعربية فهلا
قلت طهورا بلفظ المبالغة تقتضي أبلغ صفات الطهارة في نفسه ويطهر من
يشربه بان يزيدهم طهورا إلى طهورهم ولا يحوجهم إلى بول ولا طهارة
منه لأن شراب الدنيا يصير بولا نجسا وكان هذا موضع المنة عليهم دون
ما ذكره الفراء ولو أردنا ذكر ما في كتابه من الاخذ عليه كنا قد
خرجنا عما قصدنا إليه لكن هذا بحسب ما يقع اختيارنا عليه.
264

فصل فيما نذكره من مجلد اخر تصنيف الفراء فيه ستة اجزاء أوله
الجزء العام فمن الوجهة الأولة من القائمة الثالثة من الجزء الأول من
المجلدة وهو العاشر بلفظه وقوله تعالى ان هذان لساحران قد اختلف فيه
القراء فقال بعضهم هذا لحن ولكنا نمضي عليه لئلا نخالف الكتاب حدثنا
أبو الجهم قال حدثنا الفراء قال وحدثني أبو معاوية عن هشام بن عروة
ابن الزبير عن أبيه عن عائشة انها سألت عن قوله تعالى في النساء لكن
الراسخون في العلم منهم والمقيمين الصلاة وعن قوله تعالى في المائدة ان الذين
امنوا والذين هادوا والصائبون وعن قوله إن هذان لساحران فقالت يا بن
أخي هذا كان خطأ من الكاتب وقرء أبو عمر ان هذين لساحران
واحتج بان قال بلغني عن بعض أصحاب محمد (ص) أنه قال في المصحف
لحنا وستقيمه العرب ولست اشتهى ان خالف الكتاب وقرء بعضهم ان
مخففة هذان ساحران وفي قرائة عبد الله وأسروا النجوى ان هذان
ساحران وفي قرائة أبي ان ذان الا ساحران فقرأ بتشديد ان وبالألف
على جهتين إحديهما على لغة بني الحرث بن كعب ومن جاورهم وهم يجعلون
الاثنين في رفعهما ونصبهما وخفضهما وبالألف أنشدني رجل من الأسد عنهم
فأطرق اطراق الشجاع ولو ترى * مساعا لناباه الشجاع لصمها
وحكى هذا الرجل عنهم هذا خط يدا اخرا عونه وذلك وإن كان
قليلا فليس لأن العرب قد قالوا مسلمين فجعلوا الواو تابعة للضمة لان الواو
لا يعرف به قالوا رأيت المسلمين فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم فلما رأوا لباس
الاثنين لا يمكنهم كسروا ما قبلها وثبت مفتوحا وتركوا الألف في كلا
الرجلين في الرفع والنصب والخفض وهما اثنان... كنانة فإنهم يقولون
رأيت كلا الرجلين ومررت بكلى الرجلين وهي نتيجة قليلة مضوا على
القياس والوجه الآخران يقول وجدت الألف من هذا دعامه وليست بلام
فعل فلما ثبت ردت عليها نونا ثم تركت الألف ثابتة على حالها لا تزول في
كل حال كما قالت العرب الذي ثم زادوا لا يدل على الجماع فقالوا الذين في
265

لم تكن مدينة في قول ابن عباس وقال الضحاك وهي ثمان آيات في الكوفي
والمدنيين وتسع آيات في البصري سورة الزلزلة مدنية في قول ابن عباس
وقال الضحاك مكية وهي ثمان آيات في الكوفي والمدنيين وتسع آيات في
البصري والمدني الأخير سورة النصر مدنية في قول ابن عباس والضحاك
وهي ثلاث آيات بلا خلاف.
يقول: على بن موسى بن طاوس واعلم أن عبد الله ابن عباس كان
تلميذ مولانا علي بن أبي طالب (ع) ولعل أكثر الأحاديث التي رواها
عن النبي (ص) كانت عن مولانا علي عن النبي (ص) فلم يذكر ابن
عباس مولانا عليا (ع) لأجل ما رأي من الحسد له والحيف عليه فخاف
ان لا تنقل الاخبار عنه إذا أسندها إليه وانما احتمل الحال مثل هذا
التأويل لان مصنف كتاب الاستيعاب ذكر ما كنا أشرنا إليه ان عبد الله
ابن عباس قال توفى رسول الله (ص) وانا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم
يعني المفصل وهو اعرف بعمره وروي عن غيره انه كان له عند وفاة
النبي (ص) ثلاث عشرة سنة فهل ترى ابن عشر سنين وابن ثلاث
عشرة سنة ممن يدرك كلما أسنده عبد الله ابن عباس عن النبي (ص) يحفظ
ألفاظه وتفاصيله بغير واسطة ممن يجرى قوله مجرى قول رسول الله (ص)
أقول: واما ابن عباس كان تلميذ مولانا أمير المؤمنين علي (ع)
فهو من الأمور المشهورة بين الاسلام وقد ذكر محمد بن عمر الرازي في
كتاب الأربعين ما هذا لفظه ومنها علم التفسير وابن عباس رئيس المفسرين
وهو كان تلميذ علي بن أبي طالب.
أقول: والظاهر في الروايات التي أطبق على نقلها المخالف والمؤالف
انه ما كان سبب هذه الاختلاف والضلال بعد مفارقة الثقل الذين قرنهم
النبي (ص) بكتاب الله الا منه النبي (ص) من الصحيحة التي أراد ان
يكتبها عند وفاته فإنهم رووا في صحيح البخاري ومسلم ومن الجمع بين
الصحيحين للحميدي وفي الحديث الرابع من المتفق عليه من مسند عبد الله
266

قوله تعالى وهم لها سابقون هو المعلوم من الحال بالضرورة لأنهم سبقوا
أعمالهم بالمعرفة أو بالذي كلفهم إياها وبالرسول الذي دلهم عليها وبمعرفة تلك
الأعمال الصالحة وكانوا سابقين لها وهي متأخرة من سبقهم وهو
أبلغ في مدحهم.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني عشر من هذه المجلدة من تفسير الفراء
من عاشر سطر من وجهة الأولة وقوله ويوم ينفخ في الصور ففزع ولم
يقل فيفزع فجعل فعل مردودة على يفعل وذلك أنه في المعنى وإذا نفخ
في الصور ففزع الا ترى ان قولك أقوم يوم يقوم كقولك أقوم إذا
يقوم فأحببت ان يفعل لأن فعل ويفعل يصلحان مع إذا فان قلت فأين
جواب قوله ويوم ينفخ في الصور مع إذا قلت قد يكون في فعل مضمر
مع الواو كأنه قال وذلك يوم ينفخ في الصور فان شئت قلت جوابه
متروك كما قال ولو يرى الذين ظلموا قد ترك جوابه لأنه كلام معروف
والله أعلم يقال للفراء هلا جوزوا أن تكون بمعنى ففزع لعل المراد منه
سرعة فزعهم من النفخة وتعجيل انزعاجهم مع النفخة لأنه لو قال جل جلاله
بلفظ الاستقبال فيفزع كما ذكره الفراء عسى كان يجوز أحد ان الفزع
ما يتعقب النفخة أو يحتمل السامع بهذا إنما... أو صبرا فاتى بلفظ
الفعل الماضي إشارة إلى سرعة فزعهم وانزعاجهم ويقال للفراء عن قوله أين
جواب ويوم ينفخ في الصور ان نحمله في تمام الآية كاف في الجواب وما
يحتاج ان يقال متروك ولا فعل مضمر مع الواو.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث عشر منه من الوجهة الثانية من
القائمة الثانية منه بلفظه قوله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه
أمهاتهم وفي قراءته عبد الله وأبي النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب
لهم وكذلك كل نبي وجرى ذلك لأن المسلمين كانوا متواخين وكان
الرجل إذا مات عن أخيه الذي أخاه ورثه دون عصبته وقرابته فأنزل الله
تعالى النبي من المسلمين بهذه المنزلة وليس يرثهم فكيف يرث المواخي أخاه
267

فأنزل الله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله اي ذلك
في اللوح المحفوظ عند الله.
يقول: علي بن موسى بن طاوس وكيف ترك ظاهر هذه الآية
الشريفة في ولاية النبي على المؤمنين كافة وانه أولى بهم من أنفسهم وهي
قد وردت مورد التخصيص له والتعظيم بما أورد فيها من ذكر كتاب الزوجات
انهن كالأمهات في التحريم لهن على المؤمنين ويقال مثل هذا الذي ذكره
الفراء من خلاف الظاهر الواضح وهل في الآية ما يدل على أن هذه
الأولوية للنبي على المؤمنين على سبيل المثل كما زعم الفراء وهل ذكر
زوجاته يقتضى حديث ميراث أو معطوف على ما يدل على الإرث ثم من
العجب قول الفراء ان معنى كتاب الله انه اللوح المحفوظ وما الذي
صرفه عن أن يكون المراد في القرآن وهو المتضمن لذلك تصريحا وتحقيقا
وعيانا ووجدانا أو اي حجة تدل من ظاهر هذه الآية على أنه اللوح
المحفوظ فهلا ذكر شبهة أوما يقارن الحجة.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع عشر منه من الوجهة الأولة بلفظه
قوله تعالى وأرسلناه إلى مائة الف أو يزيدون أو هيهنا بمعنى بل كذلك
في التفسير مع صحته في العربية يقال للفراء هذا تأويل كأنه من شاك في
صحة التفسير وفي صحته في العربية فهلا ذكر له وجها أو كان ترك الآية
بالكلية ولا يوهم بهذا الشك الطعن على المفسرين وانها مخالفة للعربية وهلا
قال كما قال جدي أبو جعفر الطوسي في التأدب مع الله في تأويل هذه
الآية في معنى أو ثلاثة أقوال أن يكون بمعنى الواو وتقديره إلى مائة
الف وزيادة إليهم والثاني أن يكون معنى بل على ما قال ابن عباس الثالث
أن يكون بمعنى الايهام على المخاطبين فإنه قال أرسلناه إلى القرتين.
أقول فهذه وجوه تصور عن الذي ذكره الفراء وإن كان يمكن أن
يكون أو يزيدون على معنى قوله تعالى انا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال
مبين فيكون معناه انهم يزيدون على مائة الف أو يزيدون.
268

فصل فيما نذكره من الجزء الخامس عشر منه من الوجهة الأولة منه
بلفظه قوله عز وجل وزوجناهم بحور عين وفي قرائة عبد الله وأمددناهم
بعيس والعيس البيضاء والحوراء.
أقول: وما أدرى كيف ذكر قرائة عبد الله واختلاف اللفظين على
اختلاف الصحف وكذا يتضمن تأويل القرآن اختلافا كثيرا وكيف
احتمل المسلمون نحو من صحة هذا والطعن على لفظ المصحف الشريف
ومن هذه الوجهة طعناه وقوله تعالى لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولى
يقول: القائل كيف استثنى موتا في الدنيا قد مضى من موت في
الآخرة ثم ذكر ان الا بمعنى سوى.
أقول: واعلم أن السؤال على الفراء باق بحاله لأنه يقال له إذا قدرنا
ان الامر كما ذكرت لا يذوقون فيها الموت سوى الموتة الأولى وقد قال
جل جلاله قبلها الا يذوقون فيها والموتة الأولى ما كانت فيها فأي معنى
لقول الفراء انهم لا يذوقون في الجنة موتة سوى الموتة في الدنيا وأقول
انا لعل المراد ان هذا الوصف لما كان عن المتقين وكانوا أيام حياة الدنيا
مشغولة بعمارة الآخرة فلما حضرهم الموت في الدنيا كان ذلك في وقت
اشتغالهم بعمارة آخرتهم فكان ذلك الموت كأنه في الدار الآخرة لأن
الانسان إذا جائه الموت وهو مشغول بعمارة دار وقائم في بنائها وبني أبوابها
لمعنى قصوره جاز ان يقال مات فيها أو لعل حال المتقين لما كانوا مكاشفين
بالآخرة فكأنهم كانوا في الدنيا وأرواحهم ساكنة في الجنان وحاضرة في
ذلك المكان فلما جائهم موت الدنيا كان كأنه وهم في دار الآخرة وقد قال
مولانا علي (ع) في وصف المتقين ان أرواحهم معلقة بالمحل الاعلى وقال الشاعر
جسمي بقي غير أن الروح عندكم فالروح في غربة والجسم في وطني
فصل فيما نذكره من الجزء السادس عشر من كتاب الفراء من أول
وجهة منه بلفظه وقوله تعالى بأكواب وأباريق الكوب مالا اذن له ولا
عروة له والأباريق ذات الاذن والعرى هذا اخر لفظه في المعنى فهلا
269

ذكر ما يحتمله خلق الأكواب والمنة بها على عباده في كثير من كتابه
فإنه ربما احتمل ان الله تعالى لما كان الناس في الحياة الدنيا يستعملون
الأباريق ويتكلفون رفعها بأيديهم احتاجوا إلى عروة ولها ولما
كان أهل الجنة إذا أرادوا شيئا كان فان شاؤوا ان يصعد الأكواب إلى
أفواههم ليشربوا منها بغير امساك منهم لها كان ذلك فجعل في الجنة ما ليس
له عروة لمن يريد الشرب منه بغير امساكه.
أقول: وذكر الفراء في تفسير قل أوحى من السطر الثامن بلفظه ان
الشياطين لما رجمت وحرست منها السماء قال إبليس هذا شئ قد حدث
فبث جنوده في الآفاق وبعث تسعة منهم من اليمن إلى مكة فأتوا النبي
فوجدوه وهو ببطن نخلة قائما يصلى ويتلو فأعقبهم ورقوا له واسلموا
فكان من قولهم ما قصه الله تعالى في هذه السورة.
أقول: في هذه القصة عبرة أن يكون رسل إبليس سعادتهم في طي
شقاوتهم وسعادة الغلمان والاتباع لشقاوة سلطانهم المطاع وان الجن
تطيع مع قوتها وكثير من بني آدم مع ضعفهم ماتوا على الكفر والامتناع
وان إبليس مع قوة معرفته وحيلته اختار لطاعته من كان لمعصية فكيف
يصلح الثقة باختيار من هو دونه في بصيرته.
فصل فيما نذكره من كتاب قطرب في تفسير ما ذهب إليه الملحدون
عن معرفته من معاني القرآن من نسخة عتيقة تأريخها سنة تسع وأربعمائة
من رابع كراس من رابع قائمة من الوجهة الثانية بلفظه ومن سأل عن
قوله ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم فكيف
جاز أن يقول ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم
قبل خلقهم وتصويرهم وثم إنما يصير الثاني بعد الأول إذا قلت اكلت
رطبة ثم ثمرة كانت الثمرة المأكولة اخرا فبما يجاز ذلك قلنا جوازه على
شيئين أحدهما خلقناكم خلقنا أباكم آدم لأنه أصلهم الذي منه كانوا فيكون
خلقه آدم هو خلقه لولده كما يقول فضحناكم وقتلناكم وهزمناكم يوم
270

ذي قار ويوم حيلة ويوم النسار ويوم الجفار ويوم كذا ويوم كذا وأنت
لم تدرك ذلك اليوم كأنك قلت قتلت آباؤنا آباؤكم وسادتكم فكان ذلك
قتلا لهم واهلاكا فهذا وجه حسن والوجه الثاني أن يكون في معنى الواو
كما جاز هذا في الفاء أن يكون قالوا وهي أختها وقد سمعنا ذمهم في
بيت شعر قالت:
سمعت ربيعة من خيرها أبا * ثم اما فقالت له المراد أبا واما
واما الفاء فقول امرء القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدخول فحومل
كأنه يريد بين الدخول وبين حومل ولولا ذلك لفسد المعنى لأنه لم
يرد ان سيره بين الدخول أولا ثم بين حومل.
وقول الله في ثم ما أدراك ما العقبة فك رقبة أو اطعام في يوم ذي
مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ثم كان من الذين امنوا وتواصوا
بالصبر فإنه قال وكان من الذين امنوا الان ثم ههنا لا يسهل معناه على البعيد
أن يقول فك رقبة كذا وكذا قبل أن يكون من الذين امنوا لأنه قال
وكان من الذين امنوا مع هذا فجمعهما ويكون على ثم قلنا للملائكة قالوا ولا
يوجب أن يكون آخر بعد الأول ولكن أنت بالخيار في ذلك إذا قلت
ركبت فرسا أو حمارا جاز ان المبدو به في اللفظ الاخر ويجوز أن يكون
أولا وكذلك قوله استغفروا ربكم ثم توبوا إليه.
يقول علي بن موسى بن طاوس ما المانع ان يكون معنى قوله تعالى
ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم ان تكون
إشارة بهذا الخلق والتصوير إلى ما خلقه في اللوح المحفوظ من صورة
خلقهم وتصويرهم وكان السجود لآدم بعده بأوقات يحتمل اللفظ ثم التي
معناها المهملة فان قيل لو كان كذلك كان الخلق والتصوير في اللوح
المحفوظ معا فلا يحتمل بينهما ثم يقال بل الخلق المفردة في كتابتها في اللوح
المحفوظ قبل التصوير ويحتمل ان يكون بينهما بمهملة وأما قول قطرب
271

في الآية الأخرى وكان من الذين امنوا وتواصوا بالصبر فربما لا يكون
هذه الآية محتاجة إلى تأويلها بالمجاز لأن الله تعالى وصف الذي يفك الرقبة
ويطعم اليتيم والمسكين بأنهم بعد الايمان المتقدم تواطؤا بالصبر وتواصوا
بالمرحمة وهذه الوصايا منهم يمكن ان يقع بعد الايمان السابق وبعد العتق
والاطعام ولا يحتاج إلى تقديرها بالواو واما قول قطرب عن الآية
الثالثة استغفروا ربكم ثم توبوا إليه فلا يحتاج أيضا إلى تقدير المجاز الذي
ذكره لأن مفهوم الاستغفار السؤال لله تعالى في طلب المغفرة والتوبة
مفهومها الندم على ما فات والعزم على ترك العود في عرف الشارع فأين
هذا من ذلك بل يحتمل ان يراد منهم السؤال للمغفرة أولا ثم التوبة ثانيا
ولا يحتاج إلى تأويله بالمجاز.
فصل فيما نذكره من كتاب تصنيف عبد الرشيد بن الحسين بن محمد
الاسترآبادي في تأويل آيات تعلق بها أهل الضلال قد سقط أوله من
الكراس السابع عشر من الوجهة الثانية من القائمة السابعة فيما نذكر معناه
وبعض لفظه ومما تعلقوا به قوله تعالى وإذ اتينا موسى الكتاب والفرقان
لعلكم تهتدون فقالوا كيف يكون والفرقان هو القرآن ولم يؤت موسى
القرآن وإنما اختص به محمد قال الاسترآبادي فيها وجوه منها أن يكون
المراد بالفرقان الكتان وإذا اختلف اللفظ جار العطف كما يقال الناي
والبعد وهما واحد ومنها ان يراد بالفرقان فرق البحر بينه وبين فرعون
وكلما كان فرقانا ومنها ان يكون اتينا موسى الايمان والتصديق بكتابه
وهو التورية وبفرقان محمد أن يكون اتينا موسى الكتاب ومحمدا الفرقان
وأورد الاسترآبادي على كل وجه ما يقتضى جوازه.
يقول علي بن موسى بن طاوس ان قول الله تعالى في اية أخرى
ولقد اتينا موسى وهرون الفرقان وضياء فإنه يقتضي ان يكون الفرقان
حقيقة عن التورية وعما اتاهما وعن كل ما يسمى هما فرقانا ولا يحتاج
إلى تأويله بالمجاز وما كانت إشارة إلى القرآن.
272

فصل فيما نذكره من المجلد المذكور من مناقب النبي (ص) والأئمة
تأليف الاسترآبادي ومنه آيات واختار من الوجهة الأولة من ثاني قائمة
من الكراس الرابع بلفظه وقد روى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري
عن أبيه عن الريان بن الصلت قال حضر الرضا علي بن موسى عند المأمون
بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء العراق وخراسان فقال الرضا
أخبروني عن قول الله تعالى يسن والقران الحكيم انك لمن المرسلين على
صراط مستقيم، فمن عنى بقوله يسن فقالت العلماء يسن محمد لم يشك فيه أحد
قال أبو الحسن فان الله تعالى اعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ
أحد كنه وصفه الا من عقله وذلك أن الله تعالى لم يسلم على أحد الا الأنبياء
فقال تعالى سلام على نوح في العالمين وقال سلام على إبراهيم وقال سلام
على موسى وهرون ولم يقل سلام على آل نوح ولم يقل سلام على آل
إبراهيم ولم يقل سلام على آل موسى وهرون وقال سلام على آل يسن
بمعنى آل محمد (ص).
أقول: وان يجب قوله انا كذلك نجز المحسنين شهادة من الله بان
تسليم جل جلاله عليهم جزاء حسناتهم ومكافأة على علو شأنهم فهو زيادة
على اطلاق لفظ التسليم وإشارة إلى المراد بالتعظيم.
فصل فيما نذكره من كتاب الوجيز في شرح آراء القراء الثمانية
المشهورين تأليف الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي ذكر في الوجهة
الأولة ما هذا لفظه عبد الله بن كثير المكي ونافع بن عبد الرحمن المدني
وعبد الله بن عامر الشامي وأبو عمر بن العلاء البصري وعاصم بن أبي
النجود الأسدي وحمزة بن حبيب الزيات السميلي وعلي بن حمزة الكسائي
ويعقوب بن إسحاق الحضرمي.
أقول: ثم ذكر من اختلافهم مالا أوثر الكشف عنه وأصون سمع من
يقف على كتابي عنه.
فصل فيما نذكره من الكتاب المنسوب إلى علي بن عيسى بن داود بن
273

الجراح واسمه تاريج القران بالجيم المنقطة من تحتها نقطة واحدة وذكر
اثنين وستين بابا في كل باب ما وقع له انه يليق بها فذكر في الوجهة الأولة
من القائمة الثانية من الكراس الرابع يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال
ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مأتين وان يكن منكم مأة يغلبوا
ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون الان خفف الله عنكم وعلم أن
فيكم ضعفا فان يكن منكم مأة صابرة يغلبوا مأتين وان يكن منكم الف
يغلبوا الفين بإذن الله والله مع الصابرين.
أقول: قال لي قائل هل رويت لأي حال كان من الحسنة الواحدة
عشرا قلت ما على خاطري الآن ذلك ولكن إن كان يمكن انه لما كان
في صدر الاسلام قد كلف المؤمن ان يجاهد عشرة من الكفار اقتضى
العدل والفضل أن يكون عوض الحسنة عشرا فلما نسخ الله جل جلاله
ما له تعالى من التكليف أبقى جل جلاله من التضعيف والتشريف إن كان
هذا التأويل.
أقول: وانظر إلى أن الآية الأولى فيها الواحدة لعشرة خالية من لفظ
تقوية قلوبهم بقوله بإذن الله والآية التي خفف عنهم ذكر فيها بإذن الله وان
الله جل جلاله مع الصابرين وجعل علة ذلك ما علم فيهم من الضعف ولعل
تأويل هذا انهم لما كانوا في بداية الاسلام كان ملوك الدنيا يستضعفونهم
ان يقصدونهم بالمحاربة وكان أعدادهم اضعافهم قليلين ولما شاع الاسلام
قوى أصحابه وصار أعدادهم اضعافهم من قبل فاحتاجوا إلى ترغيب
وضمان النصرة لهم وأراهم انني خففت عن كثرة العدد لأرينكم انني انا القيم
بنصرة رسولي وديني فيطيب قلوبهم كما قال موسى لبني إسرائيل لما قالوا انا
لمدركون فقال كلا انى معي ربى سيهدين فسكنت القلوب وفرجت الكروب
فصل فيما نذكره من الجزء الأول من اعراب القرآن تصنيف أبي
إسحاق إبراهيم السرى الزجاج من الوجهة الأولة من القائمة الثالثة من
السطر السادس والعشرين بلفظه قوله عز وجل الحمد لله رب العالمين الحمد
274

رفع الابتداء وقوله لله اخبار عن الحمد والاخبار في الكلام الرفع فاما
القرآن فلا يقرئ الا بالرفع لان السنة سبع في القرآن ولا يلتفت فيه الا
غير الرواية الصحيحة التي أقر بها المشهورون بالضبط والثقة.
أقول: هذا الزجاج قد ذكر المنع من العمل باحتمالات الاعراب في
القرآن واقتصر على ما نقل بالطرق الصحيحة من جهة صاحب الشريعة
وهذا هو الأحوط في دين الاسلام وهو خلاف ما قدمناه عن كثير ممن
صنف تفسير القرآن.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من كتاب الزجاج من أول وجهة
وأول قائمة منه ثاني سطر بلفظه يسألونك عن الأنفال ان خففت
الهمزة ألقيت حركتها على السين وأسقطها وقراءة سعد بن أبي وقاص
يسألونك الأنفال يكون على التفسير وتعدت يسألونك إلى مفعولين واخر
نقل حكيناه هو أول كلمه في السطر الثالث.
أقول: قد كان شرط الزجاج ما قدمناه عنه وأراه في هذا الجزء
الثاني قد ذكر قرائة ابن أبي وقاص وهي خلاف لفظ القرآن الشريف
فهلا أطرحها أو أنكرها فهل يعتقد ان القراء الذين نقلوا الرواية
الصحيحة يكونون أشهر من القرآن الشريف وحفظ ألفاظه وعددها
وضبطها عند العلماء واطراح القراءة بها الان بين القراء.
فصل فيما نذكره من كتاب المسمى بغريب القرآن والسنة تأليف
أحمد بن محمد بن أبي عبيد العبدي الأزهري وهو عندنا خمس مجلدات نبدء
بما نذكره من المجلد الأول من تاسع كراس منه من الوجهة الأولة من
القائمة الخامسة بلفظه قوله تعالى {هؤلاء بناتي} أراد بنات قومه وكل نبي
كالأب لقومه وأراد النكاح يقال للأزهري قولك ان كل نبي كالأب
لقومه يحتاج إلى حجة في هذا الحال فإنما ساغ ذلك في نبينا محمد (ص)
حيث كانت أزواجه أمهات المؤمنين كان الأب لهم وحيث روى عنه (ص)
انا وعلي أبوا هذه الأمة وغير ذلك مما يدل عليه واما قول الجوهري انهن
275

بنات قومه فهو خلاف ظاهر القرآن وكان يحتاج إلى حجة وبرهان
وليس في عرض بناته (ع) منقصة حتى يعدل بلفظ بناته إلى بنات قومه
والاخبار متظاهرة من الجهات المتفقة والمختلفة انهن كن بناته على اليقين
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الغريبين للأزهري من الوجهة
الأولة من القائمة الثانية من ثامن سطر منها بلفظه {ولتعلمن نبأه بعد حين}
يعني نبأ محمد (ص) ومن عاش علمه بظهوره تمام امره ومن مات علمه
يقينا يقال للجوهري لو كان المراد محمد (ص) لكان ليعلمن نبأه بعد
حين لأن في القرآن قل ما أسئلكم عليه من اجر وما انا من المتكلفين ان
هو الا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين فالضمير في النبأ يعود على ظاهر
الكلام إلى من عاد إليه ضمير عليه وضمير ان هو وهذه الضمائر في ظاهرها
البلاء لعلها عائدة جميعها إلى القرآن الشريف فيكون المعنى على هذا وليعلمن
صدق اخبار القرآن ووعوده ووعيده بعد حين فكيف جاز العدول عن
هذا الظاهر الباهر بغير دليل قاهر.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث الغريبين للأزهري من القائمة
الثالثة من الوجهة الأولة منها من رابع سطر بلفظه وفي حديث علي (ع)
لنا حق ان نعطه نأخذه وان نمنعه نركب أعجاز الإبل وان طال السرى
قال السبق أعجاز الإبل ما خيرها جمع عجز وهو مركب شاق ومعناه ان منعنا حقنا
ركبنا مركب المشقة صابرين عليه قال الأزهري لم يرد على ركوب المشقة
ولكنه ضرب أعجاز الإبل مثلا لتقدم غيره عليه وتأخيره عن الحق الذي
كان يراه له فيقول ان قدمنا للإمامة تقدمنا وان اخرنا عنه صبرنا على
الأثرة وان طالت الأيام.
يقول: علي بن موسى بن طاوس الحديث عن مولانا علي (ع)
وإنما احتمل التأويلين الذي ذكره الأزهري في أنه يصبر على التقدم عليه
وإن كان ذلك شاقا وقوله وان طال السرى فيه تنبيه على أنه كان يعلم
تطاول الدهور على منعه ومنع أهل بيته واعلم أن تصديق الأزهري لمثل
276

ذلك حجة عليه وعلى من يعرف فضله ومحله بان مولانا علي (ع) كان
مفارقا لمن ادعى ان الاختيار سبب للإمامة وانه كان يعرف انه كان
منصوص عليه وأحق بالإمامة من غيره لأن الأمة اتفقت اما على الاختيار
أو على النص وفيه تنبيه على أنه ممنوع من دينه بغير اختياره.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من الغريبين للأزهري من القائمة
السادسة من الكراس الثاني منه في ثالث سطر بلفظه وقوله فمستقر
ومستودع اي لكم مستقر في الأرحام اي وقت موقت لكم ومستودع
في الأصلاب لم يخلق بعد وقوله يعلم مستقرها ومستودعها قيل مستقرها
مأواها على الأرض ومستودعها مدفنها بعد موتها وقيل مستقرها في
الأصلاب ومستودعها في الأرحام وقوله ذات قرار ومعين القرار المكان
المطمئن الذي يستقر فيه الماء ويقال للروضة المنخفضة القرارة ومنه
حديث ابن عباس وذكر علي (ع) فقال علمي إلى علمه كالقرارة في
المنفجر اي كالغدير في البحر.
يقول علي بن موسى بن طاوس إن كان تفسير المستقر والمستودع
بالاحتمال في الظاهر فإنه في الأصلاب مستودع وفي الأرحام مستودع
وعلى الأرض مستودع وفي القبور مستودع والقرار إنما يكون في دار
المقامة وما استبعد انى وقفت على أن المستقر ما تم خلقه والمستودع ما ذهب
قبل تمامه ويجوز ذلك في وصف الانسان انه مستقر ومستودع فالمستقر
ما دام صاحبه عليه والمستودع ما أزيل عنه وإن كان المرجع النقل المقطوع
به فان وجد ذلك فالاعتماد عليه وقد وجدت في التبيان اختلافا كثيرا في
معنى مستقر ومستودع لا فائدة في ذكره لأنه غير مستند إلى حجة.
فصل فيما نذكره من الجزء الخامس من الغريبين للأزهري من
الكراس السادس من القائمة الثانية من الوجهة الثانية بلفظه في الحديث
النظر إلى وجه علي عبادة حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد البر المقرى
بالبصرة قال حدثنا أبو مسلم بن إبراهيم بن عبد الله بن مسلم قال حدثنا
277

أبو نجد عمران بن خالد بن طليق عن أبيه عن جده عن عمران بن حصين
قال قال رسول الله (ص) النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عبادة قال
ابن الأعرابي تأويله ان عليا (ع) كان إذا برز قال الناس لا إله إلا الله
ما أشرف هذا الفتى لا إله إلا الله ما أشجع هذا الفتى لا إله إلا الله ما اعلم
هذا الفتى لا إله إلا الله ما أكرم هذا الفتى قال الشيخ أراد بأكرم اتقى.
أقول: انا وظاهر الحديث يحتمل النظر إلى علي (ع) مطلقا سواء
قال الناس أو لم يقولوا أو لعل معناه النظر إليه كما يريد الله تعالى من
المعرفة بحقه وتعظيم امره وامتثال طاعته ومحبته عبادة.
فصل فيما نذكره من كتاب عليه جزء فيه اختلاف المصاحف تأليف
أبي جعفر محمد بن منصور رواية محمد بن زيد بن مروان قال في السطر
الخامس من الوجهة الأولة منه ما نذكره يتفق لنا ذكره من معانيه وهو
ان القرآن جمعه على عهد أبي بكر زيد بن ثابت وخالفه في ذلك أبي وعبد الله
ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ثم عاد عثمان جمع المصحف برأي
مولانا علي بن أبي طالب واخذ عثمان مصحف أبي وعبد الله بن مسعود
وسالم مولى أبي حذيفة فغسلها غسلا وكتب عثمان مصحفا لنفسه ومصحفا
لأهل المدينة ومصحفا لأهل مكة ومصحفا لأهل الكوفة ومصحفا لأهل
البصرة ومصحفا لأهل الشام.
فصل فيما نذكره من جزء في المجلدة التي فيها اختلاف المصاحف منفردا
عنه اسمه جنود فيه عدد سور القرآن وعدد آياته وعدد كلماته وحروفه
ونصفه وأثلاثه وأخماسه وأسداسه وأسباعه وأثمانه وأتساعه وأعشاره
وأجزاء سليم واجزاء ثلثين تأليف محمد بن منصور بن يزيد المقرى قال في
أول وجهة منه يأتي سطر القرآن قال أربع عشرة ومائة سورة وعدد آي
القرآن في الكوفي ستة الألف اية ومائتا اية وستة وثلثون اية وفي المدني
سبع عشر اية يزيد الكوفي على المدني وفي البصري تسع آيات بالقرآن
سبعة وسبعون الف كلمة وأربعمأة كلمة وتسعة وثلثون كلمة والقرآن ثلاثمأة
278

الف حرف واحد وعشرون الف حرف ومأة حرف وخمسون حرفا.
أقول: ووجدت في آخر كتاب التبيان لأبي جعفر الطوسي ما هذا
لفظه جميع آي القرآن في البصري ستة آلاف اية ومائتا اية وأربع آيات
وفي المدني الأخير ستة آلاف ومأتان وأربع عشرة وفي الكوفي ستة آلاف
ومائتان وست وثلثون اية وجميع ما نزل بمكة خمسة وثمانون سورة على
الاختلاف في ذلك وبالمدينة تسع وعشرون سورة على الخلاف في ذلك
فذلك مأة وأربع عشرة سورة وعلى ما رويناه على أصحابنا أو عن جماعة
متقدمين مأتا واثنتا عشرة سورة وجميع عدد كلمات القرآن تسع وسبعون
ألفا ومأتان وسبع وسبعون كلمة ويقال سبع وثمانون كلمة ويقال تسع
وثلاثون كلمة وجميع عدد حروف ثلاثمأة الف حرف وثلاثة وعشرون
ألفا وخمسة عشر حرفا.
فصل فيما نذكره عن محمد بن بحر الرهني من الجزء الثاني من مقدمات
علم القرآن من التفاوت في المصاحف التي بعث عثمان إلى الأمصار من ثالث
كراس من الوجهة الأولة منها في أول قائمة من اخر سطر بلفظه
اتخذ عثمان سبع نسخ فحبس منها مصحفا بالمدينة وبعث إلى أهل مكة
مصحفا والى أهل الشام مصحفا والى أهل الكوفة مصحفا والى أهل
البصرة مصحفا والى أهل اليمن مصحفا والى أهل البحرين مصحفا فالخلاف
بين مصحف المدينة ومصحف البصرة أربعة عشر حرفا وقيل بل أحد
وعشرون حرفا منها في البقرة وأوصى بها إبراهيم بزيادة الف وفي آل
عمران لعلكم ترحمون سارعوا بغير واو وفي المائدة في أنفسهم نادمين
يقول بغير واو وقوله من يرتد منكم عن دينه بزيادة دال وفي براءة عليهم
حكيم الذين اتخذوا بغير واو وفي الكهف لعله لأجدن خيرا منهما منقلبا
بزيادة ميم وفي المؤمنين سيقولون لله لله لله ثلثهن وفي الشعراء فتوكل على
العزيز الرحيم بالفاء وفي مصحف البصريين بالواو وفي مصحف المدنية
ان يبدل دينكم وان يظهر بحذف الألف وفي عسق من مصيبة بما كسبت
279

بغير فاء وفي الزخرف وما تشتهيه الأنفس بزيادة هاء وفي الحديد فان الله
هو الغني الحميد بنقصان هو وفي الشمس فلا يخاف عقباها بالفاء وهو عند
البصريين بالواو فهذه أربعة عشر حرفا وزعم آخرون ان في مصحف
أهل المدينة في يوسف وقال الملك ائتوني به وفي بني إسرائيل قال سبحان
ربي وفي الكهف ما مكنني فيه بنونين وعند البصريين بنون واحد وفي
الملائكة من ذهب ولؤلؤا بزيادة الف وفي الزخرف يا عبادي لا خوف
عليكم وفي هل اتى قواريرا قواريرا بزيادة الف في الثانية وفي قل أوحى
إنما انا ادعوا ربى بنقصان الف وعند البصريين قال انما ادعوا ربى وهو
تمام أحد وعشرون حرفا ثم ما بين مصحف أهل مكة والبصرة حرفان
ويقال خمسة عند أهل مكة في اخر النساء فامنوا بالله ورسوله وعند
البصريين ورسله وفي براءة تجرى من تحتها الأنهار وعندهم تجرى تحتها
الأنهار بغير من وما مكنني ربى خيرا أو ليأتني بسلطان مبين بزيادة نون
وفيه وان يظهر في الأرض الفساد بغير الف ثم ما بين مصحف أهل
الكوفة والبصرة عشرة أحرف ويقال أحد عشر حرفا في مصحف أهل
الكوفة في يسن وما عملته أيديهم بغير هاء وفي الأحقاف ووصينا الانسان
بوالديه احسانا وفي الانعام لئن أنجانا من هذه بالألف وعند البصريين
لئن أنجيتنا وفي بني إسرائيل نقرئه قال بالألف وفي الأنبياء قال ربي يعلم
القول في السماء وفي اخرها قال رب احكم وهي ثلثهن عند البصريين
قل قل قل وفي المؤمنين سيقولون لله الثانية والثالثة فحذف الفين وفي
الملائكة ولؤلؤا بالألف وفي سورة الانسان قواريرا قواريرا بزيادة الف
في الثانية ثم جاء في مصحف أهل حمص الذي بعث عثمان إلى أهل الشام
وما خالف المصاحف تسعة عشر حرفا ويقال أحد وعشرون حرفا في
مصحفهم في البقرة واسع عليهم قالوا اتخذ بنقصان الواو وفي آل عمران
بالبينات بزيادة باء وفي النساء ما فعلوه الا قليلا وفي الانعام ولدار الآخرة
بلام واحدة ومصحف البصريين وللدار الآخرة وفي الانعام زين
280

مضمومة لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم وهذا غير جائز في
الكلام وجائز منه في الضرورات الشعر وفي الأعراف في أولها قليلا
ما تتذكرون بتائين وفيها تجرى من تحتها الأنهار مكان تحتهم وفيه الحمد
لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي بغير واو وفيها وإذا نجاكم من آل
فرعون بالألف وفيها ثم كيدوني باثبات الياء وفي الأنفال والله مع الصابرين
ما كان للنبي بلامين وفي يونس هو الذي ينشركم في البر والبحر وفيها
وقال اتخذوا بالواو وفي الكهف ولو شئت لاتخذت بلامين وفى النمل
وآبائنا اننا بنونين منقلبين وفي اخر المؤمنين كيف كان عاقبة الذين من
قبلهم كانوا أشد منكم بالكاف وفي الرحمن والحب ذا العصف بنصب
الألف وفي اخر الرحمن تبارك اسم ربك ذو الجلال والاكرام بالواو
مرفوع مثل الأول في صدر السورة وفي الحديد وكل وعد الله الحسنى
بغير الف مرفوع وفي المدثر والليل إذا أدبر بألفين أفغير الله تأمرونني
بزيادة نون وأهل مصر يقرؤن بمثل قراءة أهل الشام وكل وعد الله
الحسنى بالرفع وهو الذي ينشركم في البر والبحر في سورة وقيل إن في قبلة
مسجد مصر مكتوب وكل وعد الله الحسنى بغير الف.
أقول: فهذا ما حكاه محمد بن بحر الرهني نقلناه بلفظه.
فصل فيما نذكره من كتاب مجلد يقول مصنفه في خطبته هذا كتاب
جمعت فيه ما استفدت في مجلس الشيخ أبي زرعة عبد الرحمن بن محمد بن
بحله المقرى نذكر منه من الوجهة الأولة من القائمة الثانية من النسخة
التي عنده بلفظه.
باب ما اتفقوا في نزوله من السور اتفقوا ان سورة الماعون ثلاث آيات
منها نزلت بمكة وأربع آيات نزلت بالمدينة واتفقوا ان ثمانية وسبعين
سورة منها نزلت بمكة ثم ذلك على ضربين أحدهما ان السورة كلها نزلت
بمكة والثاني ان السورة نزلت بالمدينة ثم ذلك أيضا على ضربين أحدهما
السورة كلها بالمدينة والثاني آيات منها نزلت بمكة فاما السورة التي نزلت
281

كلها بمكة فهي تسع وأربعون سورة وهي يوسف، والأنبياء، والنمل،
والروم، وسبا، وفاطر، والصافات، وص، وحم السجدة والدخان
الذاريات، الطور، الملك، الحاقة، القلم، المعارج، ونوح، والجن،
والمدثر، والقيامة، والمرسلات والصافات، والنازعات، وعبس،
والعشار، والانفطار، والانشقاق، والبروج الطارق الاعلى الغاشية
الفجر والشمس والليل والضحى وآلم نشرح والتين والعلق القدر
العاديات والقارعة التكاثر العصر الهمزة الفيل قريش الكوثر والكافرون،
فاما السور التي نزلت بمكة الآيات منها نزلت بالمدينة فهي تسع وعشرون
سورة وهي الانعام الا ست آيات هود الا اية الحجر الا اية النحل الا خمس
آيات بني إسرائيل الا خمس آيات الكهف الا اية مريم الا اية طه الا اية
المؤمنون الا أربع عشر اية الفرقان الا ثلاث آيات الشعراء الا أربع آيات
القصص الا اية لقمان الا آيتين السجدة الا ثلاث آيات يسن الا اية الزمر
الا ثلاث آيات حم المؤمن الا آيتين الزخرف الا اية عبس الا سبع آيات
الجاثية الا اية الأحقاف الا ست آيات قاف الا اية النجم الا تسع آيات القمر
الا آيتين الواقعة الا أربع آيات المطففين الا ست آيات واما السور التي نزلت
كلها بالمدينة فهي اثنا عشر سورة وهي آل عمران والتوبة والنور
الأحزاب القتال الحجرات والحشر والجمعة المنافقون الطلاق التحريم النصر
واما السور التي نزلت بالمدينة الا آيات منها نزلت بمكة وهي ثمان سور
البقرة الا خمس آيات النساء الا آيتين المائدة الا اية الأنفال الا آيتين الفتح
الا ثلاث آيات المجادلة الا اية المودة الا اية التغابن الا ثلاث آيات فجملة
الآيات التي اختلفوا فيما انها مكية أو مدنية أربع مأة وعشرون اية وجملة
الآيات المكية على اختلاف نذكر في كل سورة أربعة آلاف وثلاثمأة وست
وتسعون اية وجملة الآيات المدنية على اختلاف نذكر في كل سورة الف وأربع
مأة وسبع عشر اية وجملة الآيات التي نزلت في الظاهر من السماء ثلاث آيات
يقول علي بن موسى بن طاوس فانظر رحمك الله ما بلغ إليه نقض
282

الاختلاف في هذا الكتاب إليهم الذي اتفق على تعظيمه أهل الوفاق وأهل
الانحراف فأي عجب يبقى في اختلافهم فيما هم يختلفون في أصله وبينهم
أحقاد وقوم حساد يمنعهم ذلك من نقله.
فصل فيما نذكره من كتاب جامع في وقف القارئ للقرآن وهو من
جملة المجلدة المذكورة قبل هذا الفصل نذكر منها من الوجهة الثانية من
اخر قائمة منه بلفظه قل هو الله أحد الوقف إلى اخر السورة وقال بعضهم
الوقف أحد الصمد ولم يولد أحد.
يقول علي بن موسى بن طاوس إن كان ما ذكره من الوقف عن نقل
تقوم به الحجة فلا كلام والا فلعل المعنى يحتمل ان يكون الوقف زيادة
على ما ذكره عند قوله جل جلاله كفؤ الان غيره من المفسرين يذكر
بعضهم ان تقدير الآية ولم يكن له أحد كفوا فكان التقدير الحقيقي في
الآية كما ذكره فينبغي أن يكون كفوا موضع وقف ولأنه إذا وقف
عند ولم يكن له كفؤا كان أتم من الوقوف عند أحد لأن كفؤا مشتملة
على أنه لم يكن له شئ كفوا كما قال جل جلاله في اية غيرها ليس كمثله
شئ ولفظ أحد يختص بشئ دون شئ فيكون الوقف عند قوله تعالى
ولم يكن له كفؤا محتمل كاحتمال ما ذكره.
يقول علي بن موسى بن طاوس ومن عجيب ما وقفت عليه
ورويته من تفاسير القرآن المجيد والاختلاف فيه نيل الموصوفين بالتأبيد
اقتصار كثير من المسلمين في المعرفة بمكيته من مدنيته وعدد آياته ووجوه
قرائته على القراء السبعة والعشرة وعلى مجاهد وقتادة وعطاء والضحاك
وأمثالهم وقد كان ينبغي نقل ذلك مسندا عن المهاجرين الأولين
والأنصار السابقين والبدريين ومن كان حاضر لأول الاسلام واخره
ومطلعا على سرائره.
فصل وحيث ذكروا واحد من الشجرة النبوية والعترة المحمدية (ص)
اقتصروا في كثير ما نقلوه على الشاب العظيم الذي كان له عند وفاة النبي (ص)
283

عشر سنين وعلى رواية بعضهم على ثلاث عشرة سنة فأين كهول عبد المطلب
وشيوخهم فأين شيوخ بني هاشم وأين شيوخ قريش الذين عاصروا
جميع الرسالة وعاشروا حين نزول القرآن وسمعوه مشافهة من لفظ النبوة
ومحل الجلالة وما الذي منع ان يلازموا جميع علماء النقل الذين قرنهم الله
تعالى بكتابه المهيمن على كل كتاب الذين جعلهم النبي (ص) خلفاء
منه وشهدائهم لا يفارقون كتابه إلى يوم الحساب وما الذي منع ان ينقلوا
تفسير القرآن كلمة عمن شهدوا انه اعرف الأمة بنزول القرآن وفضله كما
ذكر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر الثمري في كتاب الاستيعاب
وهو ممن لا يتهم في نقل فضائل أهل بيت النبوة فإنه من ذوي الخلاف
والمعروفين بالانحراف فقال في جزء الثالث منه في باب علي بن أبي طالب
عليه السلام ما هذا لفظه وروى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي
طفيل قال شهدت عليا يخطب وهو يقول سلوني فوالله لا تسألوني عن شئ
الا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من اية الا وانا اعلم بليل
نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل.
أقول: وقال أبو حامد الغزالي في كتاب بيان العلم اللدني في وصف
مولانا علي بن أبي طالب (ص) ما هذا لفظه وقال أمير المؤمنين (ع)
ان رسول الله ادخل لسانه في فمي فانفتح في قلبي الف باب من العلم مع
كل باب الف باب وقال (ع) لو ثنيت لي الوسادة وجلست عليها لحكمت
لأهل التوراة بتوراتهم ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ولأهل القرآن بقرآنهم
وهذه المرتبة لا تنال بمجرد التعلم بل يمكن في هذه الرتبة بقوة العلم اللدني
وقال علي (ع) لما حكى عهد موسى ان شرح كتابه كان أربعين حملا
لو اذن الله ورسوله لي لا شرع في شرح معاني الف ألفا تحته حتى يبلغ مثل
ذلك يعنى أربعين حملا وهذه الكثرة في السعة والافتتاح في العلم
لا يكون الا لدنيا سماويا إلهيا هذا اخر لفظ محمد بن محمد بن الغزالي.
أقول: وذكر أبو عمر الزاهد واسمه محمد بن عبد الواحد في كتابه
284

باسناده ان علي بن أبي طالب قال يا أبا عباس إذا صليت عشاء الآخرة
فألحقني إلى الجبانة قال فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة قال فقال (ع)
لي ما تفسير الألف من الحمد قال فما علمت حرفا أجيبه قال فتكلم في
تفسيرها ساعة تامة قال ثم قال لي فما تفسير اللام من الحمد فقال فقلت لا اعلم
فتكلم في تفسيرها ساعة تامة قال ثم قال فما تفسير الميم من الحمد فقلت لا اعلم
قال فتكلم فيها ساعة تامة قال ثم قال ما تفسير الدال من الحمد قال قلت
لا أدري قال فتكلم فيها حتى برق عمود الفجر قال فقال لي قم يا أبا عباس إلى
منزلك وتأهب لغرضك قال أبو العباس عبد الله ابن عباس فقمت وقد
وعيت كلما قال ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي (ع) كالقرارة
في المنفجر وذكر أبو عمر الزاهد قال لنا عبد الله بن مسعود ذات
يوم لو علمت أن أحدا هو اعلم منى بكتاب الله عز وجل لضربت إليه إباط
الإبل قال علقمة فقال رجل من الحلقة ألقيت عليا (ع) فقال نعم قد
لقيته واخذت عنه واستفدت منه وقرأت عليه وكان خير الناس وأعلمهم
بعد رسول الله ولقد رأيته كان بحر يسيل سيلا.
يقول علي بن موسى بن طاوس وقد ذكر محمد بن الحسن بن زياد
المعروف بالنقاش في المجلد الأول من تفسير القرآن الذي سماه شفاء
الصدور ما هذا لفظه وقال ابن عباس جل ما تعلمت من التفسير من علي بن
أبي طالب (ع) وقال النقاش أيضا في تعظيم ابن عباس لمولانا علي بن
أبي طالب ما هذا لفظه أخبرنا قال حدثنا أحمد بن غالب الفقيه بطالقان
قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا سويد قال حدثنا علي بن الحسين بن وافد
عن أبيه عن الكلبي قال ابن عباس ومما وجدت في أصله وذهب بصر ابن
عباس من كثرة بكائه على علي بن أبي طالب (ع) وذكر النقاش ما هذا
لفظه وقال ابن عباس (ع) علم علما علمه رسول الله (ص)
ورسول الله (ص) علمه الله فعلم النبي من علم الله وعلم علي (ع) من
علم النبي وعلمي من علم علي (ع) وما علمي وعلم أصحاب محمد (ص)
285

في علم علي الا كقطرة في سبعة أبحر.
فصل وروى النقاش أيضا حديث تفسير لفظ الحمد فقال بعد اسناده
عن ابن عباس قال قال لي علي (ع) يا أبا عباس إذا صليت عشاء الآخرة
فألحقني إلى الجبان قال فصليت ولحقته وكانت ليلة مقمرة قال فقال لي
ما تفسير الألف من الحمد والحمد جميعا قال فما علمت حرفا فيها أجيبه قال
فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ثم قال لي فما تفسير اللام من الحمد قال فقلت
لا اعلم قال فتكلم في تفسيرها ساعة تامة ثم قال فما تفسير الميم من الحمد قال
فقلت لا اعلم قال فتكلم في تفسيرها ساعة ثم قال فما تفسير الدال من الحمد
قال قلت لا أدرى فتكلم فيها إلى أن برق عمود الفجر قال فقال لي قم يا أبا
عباس إلى منزلك تتأهب لفرضك فقمت وقد وعيت كلما قال (ع) قال
ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم علي (ع) كالقرارة في المنفجر
قال القرارة الغدير والمنفجر البحر.
أقول: انا فهل رأيت أعجب من قومهم فيهم من القرابة والصحابة مولانا
علي (ع) الذي كان في أول الاسلام والى حين دفن محمد (ص)
يستغيث على المنابر ويسمع الحاضر ويبلغ الغابر بمثل هذه المقالة التي
ذكرناها عن ابن عبد البر وغيره فلا يلازمونه ولا يسألونه ولا يقصده
أهل البر والبحر ولا يأخذون عنه العلوم في القرآن وفيما سواه ويتركونه
حتى يموت ويتركون ذريته العارفين بأسراره في الحياة وعند الوفاة الذين
هم أعيان الثقل الذين شهد بهم الصادقون من أهل العقل والنقل إن النبي (ص)
قال إني مخلف فيكم الثقلين ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله
وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فلا يسألون عن
معالمهم ولا يرجعون إلى مراسهم ولا يجتمع الوفود لموسمهم ويقع التشبث
بأذيال قتادة ومجاهد وعطاء وما يدرون ما ذكروه ولا ما حصله خواص
القرابة والصحابة وأعيان أهل الإجابة والإنابة الذين جاهدوا على الدين
وكانوا أصل ما وصل إلينا من أسرار رب العالمين ونحن نذكر ما حكاه
286

جدي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب التبيان وحملته التقية على
الاقتصار عليه من تفصيل المكي من المدني والخلاف في أوقاته وما اقتصر
عليه من الأقاويل في عدد آياته ونبدء بما ذكروا انه نزل بمكة.
فنقول: ان سورة الحمد مكية وهي سبع آيات وقال الطوسي مكية
عن ابن عباس وقتادة ومدنية عن مجاهد وقيل أنزلت من بين مكة
والمدينة وقال جدي الطوسي سورة الأنعام قال ابن عباس ومجاهد وقتادة
وغيرهم انها مكية وقال زيد بن رومان بعضها مكي وبعضها مدني وعن
شهر بن خوشب هي مكية الا آيتين منها قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم
والتي بعدها وهي خمس وستون اية كوفي وست في البصري وسبع في
المدنيين وروى عن ابن عباس انها مكية غير ست آيات منها فإنها مدنيات
قل تعالوا أتل وآيتان بعدها وقوله وما قدروا الله حق قدره إلى اخره
والآية التي بعدها ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا وقل أوحى إلي إلى
اخرها سورة الأعراف قال قتادة انها مكية وقال قوم هي مكية الا قوله
واسألهم عن القرية إلى اخر السورة وقال قوم هي محكمة كلها وقال
آخرون حرفان منها منسوخان أحدهما خذ العفو والاخر قوله وأعرض
عن الجاهلين نسخ بالسيف وقال قوم ليست واحدة منهما منسوخا بل لكل
واحد منهما موضع وهو الأقوى وهي مائتان وست آيات كوفي وخمس
آيات مدنيات وبصرى سورة يونس مائة وتسع ليس فيها خلاف وهي
مكية في قول قتادة ومجاهد سورة يوسف مكية في قول قتادة ومجاهد
وهي مائة واحدى عشر اية بلا خلاف في ذلك سورة إبراهيم قال قتادة
هي مكية الا آيتين قوله ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفروا إلى قوله
وبئس القرار وقال مجاهد هي مكية ليس فيها ناسخ ولا منسوخ وهي
اثنتان وخمسون اية في الكوفي وأربع في المدني وآية في البصري سورة
الحجر مكية في قول قتادة ومجاهد وهي تسع وتسعون اية بلا خلاف
سورة النحل مكية الا اية والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا الآية
287

وقال الشعبي نزلت بمكة الا قوله وان عاقبتم إلى اخرها وقال قتادة من أول
السورة إلى قوله كن فيكون مكي وباقيها مدني وقال مجاهد أولها مكي
واخرها مدني وهي مأة وثمان وعشرون اية بلا خلاف سورة بني
إسرائيل هي مكية في قول قتادة ومجاهد وهي مأة واحدى عشرة اية
في الكوفي وعشر آيات في البصري والمدنيين سورة الكهف قال مجاهد
وقتادة هي مكية وهي مأة وعشر آيات في الكوفي واحدى عشر في
البصري وخمس في المدنيين سورة مريم هي مكية في قول قتادة ومجاهد
وهي ثمان وتسعون اية في الكوفي والبصري والمدني وتسع آيات في عدد
إسماعيل سورة طه مكية في قول قتادة ومجاهد وهي مأة وخمس وثلاثون
اية في الكوفي وأربع في المدنيين وآيتان في البصري سورة الأنبياء مكية
في قول قتادة ومجاهد وهي مأة واثنتا عشرة اية في الكوفي واحدى في
البصري والمدنين سورة المؤمنين مكية بلا خلاف وهو قول قتادة ومجاهد
وهي مأة وثماني عشر اية في الكوفي وتسع عشرة في البصري والمدنيين
وليس فيها ناسخ ولا منسوخ الا ما روى أنهم كانوا يجيزون الالتفات
يمينا وشمالا والى وراء فنسخ بقوله في صلوتهم خاشعون فلم يجيزوا ان ينظر
الا إلى موضع السجود سورة الفرقان قال مجاهد وقتادة هي مكية وقال
ابن عباس نزلت ايتان بالمدينة من قوله لا يدعون مع الله إلها آخر إلى
قوله رحيما وعددها سبع وتسعون اية ليس فيها خلاف سورة الشعراء قال
قتادة هي مكية وقيل أربع آيات مدنية من قوله والشعراء إلى اخرها
وهي مائتان وسبع وعشرون اية في الكوفي والمدني الأولين وست في
البصري والمدني الأخير سورة النمل قال قتادة ومجاهد هي مكية ليس فيها
ناسخ ولا منسوخ وهي ثلاث وتسعون اية في الكوفي وأربع في البصري
وخمس في المدنيين سورة القصص مكية في قول حسن البصري وعطاء
وعكرمة ومجاهد وقتادة وليس فيها ناسخ ولا منسوخ وقال ابن عباس
ان منها نزلت بالمدينة وقيل بالجحفة وهي قوله إن الذي فرض عليك
288

القرآن لرادك إلى آخرها وهي ثمان آيات سورة العنكبوت قال قوم هي
مكية وقال قتادة العشر الأول مدني والباقي مكي وقال مجاهد هي مكية
وهي تسع وستون اية بلا خلاف في جملتها وفي بعضها خلاف سورة
الروم مكية في قول مجاهد وقتادة وليس ناسخ ولا منسوخ وقال
حسن البصري كلها مكية الا قوله فسبحان الله إلى قوله تظهرون وهي
ستون اية ليس في جملتها خلاف بين الكوفيين والبصريين والمدني الأول
وفي بعضها خلاف وفي المدني الاخر تسع وخمسون اية سورة لقمان وهي
مكية في قول مجاهد وقتادة وليس فيها ناسخ ولا منسوخ وقال حسن
البصري هي مكية الا اية واحدة وهي قوله الذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة لأن الصلاة والزكاة مدنيتان وهي أربع وثلاثون اية في
الكوفي والبصري وثلاث في المدنيين سورة السجدة وهي مكية في قول
مجاهد وقتادة وغيرهما وقال الكلبي ومقاتل ثلاث آيات منها مدنية قوله
أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا إلى تمام ثلاث آيات وهي ثلاثون اية في
الكوفي وتسع وعشرون في البصري لأن آلم يعدها أهل الكوفة اية فقط
سورة سبأ هي مكية في قول مجاهد وقتادة وحسن البصري وغيرهم ليس
فيها ناسخ ولا منسوخ وقيل إن اية منها مدنية وهي قوله ويرى الذين
أوتوا العلم وهي أربع وخمسون اية في الكوفي سورة الملائكة مكية في
قول مجاهد وقتادة ليس فيها ناسخ ولا منسوخ وبه قال حسن البصري
الا آيتين قوله إن الذين يتلون كتاب الله إلى قوله ذلك هو الفضل الكبير
وهي خمس وأربعون اية في الكوفي والبصري والمدني الأول وفي الاخر
ست وأربعون اية سورة يسن مكية في قول مجاهد وقتادة وحسن
البصري وليس فيها ناسخ ولا منسوخ وقال ابن عباس اية فيها مدنية
وهي قوله وإذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله وهي ثلاث وثلاثون اية
في الكوفي وآيتان في البصري والمدنيين سورة الصافات مكية في قول
مجاهد وقتادة وحسن البصري وهي مأة واثنتان وثلاثون اية في الكوفي
289

والمدنيين واحدى وثمانون في البصري وليس فيها ناسخ ولا منسوخ
سورة ص مكية في قول مجاهد وقتادة وحسن البصري ليس فيها ناسخ
ولا منسوخ وهي ثمان وثمانون اية في الكوفي وخمس وثمانون في
البصري وست في المدني سورة الزمر وتسمى سورة العرف مكية في قول
قتادة ومجاهد وحسن البصري ليس فيها ناسخ ولا منسوخ عدد آياتها
خمس وسبعون اية في الكوفي وآيتان في البصري والمدنيين سورة المؤمن
مكية في قول مجاهد وقتادة ليس فيها ناسخ ولا منسوخ وقال حسن
البصري هي مكية الا اية واحدة وهي قوله وسبح بحمد ربك بالعشي
والابكار يعنى بذلك صلاة الفجر والمغرب وقد ثبت ان فرض الصلوات
بالمدينة وهي خمس وثمانون اية في الكوفي وأربع في المدنيين وآيتان في
البصري سورة حم السجدة مكية في قول قتادة ومجاهد ليس فيها ناسخ
ولا منسوخ وهي أربع وخمسون اية في الكوفي وثلاث في المدني وآيتان
في البصري سورة حمعسق مكية في قول قتادة ومجاهد وليس فيها ناسخ
ولا منسوخ وهي أربع وخمسون اية في الكوفي وخمس في البصري
والمدنيين سورة الزخرف مكية في قول قتادة ومجاهد وهي بضع وثمانون
اية بلا خلاف في جملتها سورة الدخان مكية في قول قتادة ومجاهد وهي
تسع وخمسون اية في الكوفي وسبع في البصري وست في المدنيين سورة
الجاثية مكية في قول مجاهد وقتادة وهي سبع وثلاثون اية في الكوفي
وست في البصري والمدنيين سورة الأحقاف مكية بلا خلاف وهي خمس
وثلاثون اية في الكوفي وأربع وثلاثون في البصري والمدنيين عد أهل
الكوفة حميم اية أفلم ولم يعدهما الباقون والباقي بلا خلاف فيه سورة ق
مكية وهي خمس وأربعون اية بلا خلاف سورة الذاريات مكية بلا خلاف
وهي ستون اية بلا خلاف سورة الطور مكية بلا خلاف وهي تسع
وأربعون في الكوفي وثمان في البصري وسبع في المدنيين سورة التحريم
مكية وهي اثنتان وستون اية في الكوفي وست في البصري والمدنيين
290

سورة القمر مكية بلا خلاف وهي خمس وخمسون اية بلا خلاف سورة
الواقعة مكية بلا خلاف وهي ست وتسعون اية في الكوفي وسبع في
البصري وتسع في المدنيين سورة الملك مكية في قول ابن عباس والضحاك
وعطاء وغيرهم وهي ثلاثون اية في الكوفي والبصري والمدني الأول
واحدى وثلاثون في المدني الأخير سورة نون مكية في قول ابن عباس
والضحاك وغيرهما وهي اثنتان وخمسون اية في الكوفي والمدنيين واحدى
وخمسين اية في البصري سورة سأل سائل مكية في قول ابن عباس
والضحاك وغيرهما وهي أربع وأربعون اية بلا خلاف سورة نوح مكية
في قول ابن عباس والضحاك وغيرهما وهي ثمان وعشرون اية في الكوفي
وسبع في البصري وثلاث في المدنيين سورة الجن مكية في قول قتادة
وابن عباس والضحاك وغيرهم وهي ثمان وعشرون اية وليس فيها خلاف
سورة المزمل مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي عشرون اية في
الكوفي والمدني الأول وتسع عشرة في البصري وثمان عشرة في المدني
سورة المدثر مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك هي مدنية وهي
خمسون وست آيات في الكوفي والبصري والمدني الأول وخمسون في المدني
الأخير سورة القيامة مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي أربعون
اية في الكوفي وتسع وثلاثون في البصري والمدنيين سورة الانسان مكية
في قول ابن عباس والضحاك وغيرهما وقال قوم هي مدنية وهي إحدى
وثلاثون اية بلا خلاف.
يقول علي بن موسى بن طاووس ومن العجب العجيب انهم رووا
من طرق الفريقين ان المراد بنزول سورة هل اتى على الانسان مولانا علي
وفاطمة والحسن والحسين وقد ذكرنا في كتابنا هذا بعض روايتهم
لذلك ومن المعلوم ان الحسن والحسين (ع) كانت ولادتهما في المدينة
ومع هذا فكأنهم نسوا ما رووه على اليقين وأقدموا على القول بان هذه
السورة مكية وهو غلط عند العارفين سورة المرسلات مكية في قول ابن
291

عباس والضحاك وهي خمسون اية بلا خلاف عم يتسائلون مكية في قول
ابن عباس والضحاك وهي أربعون اية في الكوفي والمدنيين واحدى
وأربعون في البصري سورة النازعات مكية في قول ابن عباس والضحاك
وهي ست وأربعون اية في الكوفي وخمس في البصري والمدنيين سورة
عبس مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي اثنتان وأربعون اية في
الكوفي والمدنيين واحدى وأربعون في البصري سورة إذ الشمس كورت
مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي تسع وعشرون اية بلا خلاف
سورة انفطرت مكية بقول ابن عباس والضحاك وهي تسع عشر اية
بلا خلاف سورة المطففين مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك هي
مدنية وهي ست وثلاثون اية بلا خلاف سورة إذ السماء انشقت مكية
في قول ابن عباس والضحاك وهي خمس وعشرون اية في الكوفي
والمدنيين وثلاث وعشرون اية في البصري سورة البروج مكية في قول
ابن عباس والضحاك وهي اثنتان وعشرون اية بلا خلاف سورة الطارق
مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي سبع عشر اية في الكوفي
والبصري والمدني الأخير وست عشر في المدني الأول سورة الاعلى مكية
في قول ابن عباس وقال الضحاك هي تسع عشرة اية بلا خلاف سورة
الغاشية مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي ست وعشرون اية بلا
خلاف سورة الفجر مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك هي مدنية
وهي ثلاثون اية في الكوفي وتسع وعشرون في البصري واثنتان
وثلاثون في المدنيين سورة البلد مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك
أنزلت حين افتتحت مكة وهي عشرون اية بلا خلاف سورة والشمس
وضحيها مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي خمس عشرة اية في
الكوفي والبصري وستة عشرة في المدنيين سورة الليل مكية قول ابن
عباس والضحاك وهي عشرون اية بلا خلاف سورة الضحى مكية في
قول ابن عباس والضحاك في إحدى عشر اية بلا خلاف سورة ألم نشرح
292

مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي ثمان آيات بلا خلاف سورة التين
مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي ثمان آيات بلا خلاف سورة
اقرأ باسم ربك مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي تسع عشرة اية
في الكوفي والبصري وعشرون اية في المدنيين سورة القدر مكية في
قول الضحاك وقال عطاء الخراساني وهي خمس آيات بلا خلاف سورة
العاديات مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك هي مدنية وهي إحدى
عشر اية في الكوفي وعشرة في المدنيين وثمان في البصري سورة
ألهاكم مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي أربع آيات بلا خلاف
في جملتها وان اختلفوا في تفصيلها سورة الهمزة مكية في قول ابن
عباس والضحاك وهي تسع آيات بلا خلاف سورة الفيل مكية في قول
ابن عباس والضحاك وهي خمس آيات بلا خلاف سورة الإيلاف مكية في
قول ابن عباس وقال الضحاك هي مدنية وهي أربع آيات في الكوفي
والبصري وخمس آيات في المدنيين سورة أرأيت مكية في قول ابن عباس
وقال الضحاك مدنية وهي سبع آيات في الكوفي والبصري وست في المدنيين
سورة الكوثر مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك مدنية وهي ثلاث
بلا خلاف سورة قل يا أيها الكافرون مكية في قول ابن عباس وقال
الضحاك مدنية وهي ست آيات بلا خلاف سورة تبت مكية في قول ابن
عباس والضحاك وهي خمس آيات بلا خلاف سوره الاخلاص مكية
في قول ابن عباس وقال الضحاك مدنية وهي أربع آيات بلا خلاف سورة
الفلق مكية في قول ابن عباس وقال الضحاك مدنية وهي خمس آيات بلا
خلاف سورة الناس مكية في قول ابن عباس والضحاك وهي ست آيات
بلا خلاف.
يقول علي بن موسى بن طاوس ومن عجيب هذه المقالة عن ابن عباس
انه علموا انه ما كان بالغا ولعل ما كان موجودا بمكة عند نزول السور
المكية وإنما رواها عن غيره ممن حضرها فهلا ذكروا القرابة والصحابة
293

الذين رواها ابن عباس عنهم وحملوا ذكرهم بهذا المقدار وكان زيادة في
قوة النقل والآثار.
فصل فيما نذكره مما نزل من القرآن بالمدنية على ما وجدناه ورويناه
عن جدي الطوسي سورة البقرة كلها مدنية وهي مائتان وست وثمانون
اية في الكوفي وست في البصري وخمس في المدني وروى أن قول واتقوا
يوما ترجعون فيه إلى الله نزلت بمنى في حجة الوداع سورة آل عمران
مأة اية في الكوفي وروى عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وجميع المفسرين
ان هذه السورة مدنية سورة النساء مأة وستة وسبعون اية في الكوفي وخمس
وسبعون في البصري والمدني وهي كلها مدني وقال بعضهم الا اية وهي قوله
إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها فان هذه الآية نزلت بمكة
عند فتحها سورة المائدة مدنية في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وقال
جعفر بن مبشر هي مدنية الا قوله اليوم أكملت لكم دينكم في حجة
الوداع وقال الشعبي نزلت اليوم أكملت لكم دينكم والنبي (ص) واقف
على راحلته في حجة الوداع.
يقول علي بن موسى بن طاوس وقد روينا في هذا الكتاب وكتاب
{الطرائف} وكتاب الاقبال من طرق المخالفين لأهل البيت (ع) يوم
غدير خم نزولها عند النص من النبي (ص) على مولانا (ع) بالولاية
وهو أليق بصورة الحال عند ذوي العناية والرعاية وقال ابن عمر آخر
سورة نزلت في المدينة وهي مأة وعشرون اية كوفي واثنتان
وعشرون بالمدنيين وثلاث وعشرون في البصريين سورة الأنفال مدنية في
قول ابن عباس وقتادة ومجاهد وحكى عن ابن عباس انها مدنية الا تسع
آيات وروى عن ابن عباس ان الأنفال نزلت في بدر وهي سبع وسبعون
اية في الشامي وستة في البصري والمدنيين وخمس وسبعون اية في الكوفي
سورة براءة مدنية وهي مأة وتسع وعشرون اية في الكوفي وثلاثون في
البصري والمدنيين قال قتادة ومجاهد وعثمان هي مدنية وهي إلى ما نزل
294

الرعد قال قتادة هي مدنية الا اية منها فإنها مكية وهي قوله ولا يزال
الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة وقال مجاهد هي مكية وليس
فيما ناسخ ولا منسوخ وهي ثلاث وأربعون اية في الكوفي وأربع في
المدنيين وخمس في البصري الحج قال قتادة هي مدنية الا أربع آيات فإنها
مكيات ومن قوله وما أرسلنا من رسول ولا نبي إلى قوله عذاب مقيم
وقال مجاهد والعباس بن أبي ربيعة هي مدنية كلها وهي ثمان وسبعون اية
في الكوفي وست في المدنيين وخمس في البصري النور مدنية بلا خلاف وهي
أربع وستون اية في البصري والكوفي واثنتان وسبعون في المدنيين سورة
الأحزاب مدنية في قول مجاهد وحسن البصري وهي ثلاث وسبعون اية
بلا خلاف الفتح مدنية بلا خلاف وهي تسع وعشرون اية بلا خلاف
الحجرات مدنية الا اية واحدة قوله تعالى يا أيها الناس انا خلقناكم إلى
آخرها وقال قوم كلها مدنية وهي ثمان عشرة اية بلا خلاف الحديد
مدنية بلا خلاف وهي تسع وعشرون اية في الكوفي والبصري وثمان
وعشرون في المدنيين المجادلة مدنية بلا خلاف وهي اثنتان وعشرون اية
في الكوفي والبصري والمدني الأول واحد وعشرون في المدني الاخر
الحشر مدنية بلا خلاف وهي أربع وعشرون بلا خلاف وهي الممتحنة
مدنية بلا خلاف وهي ثلاث عشرة اية بلا الصف مدنية بلا خلاف وهي
أربع عشرة اية بلا خلاف سورة الجمة مدنية وهي إحدى عشرة اية
ليس فيها خلاف وقال ابن عباس والضحاك هي مكية سورة المنافقين
مدنية بلا خلاف وهو قول ابن عباس وعطاء والضحاك ومجاهد وهي
إحدى عشر اية بلا خلاف سورة التغابن مدنية بلا خلاف وفي قول ابن
عباس وعطاء والضحاك وهي ثمان عشرة اية بلا خلاف سورة الطلاق
مدنية في قول ابن عباس وعطاء والضحاك وغيرهم وهي اثنتا عشرة
اية في الكوفي والمدنيين وعشرة في البصري سورة التحريم مدنية في قول
ابن عباس والضحاك وغيرهما وهي اثنتا عشرة اية بلا خلاف سورة
295

رفعهم ونصبهم وخفضه وكنانة يقولون اللذون.
يقول علي بن موسى بن طاوس الا تعجب من قوم يتركون مثل
علي بن أبي طالب أفصح العرب بعد صاحب النبوة وأعلمهم بالقران
والسنة ويسئلون عائشة اما يفهم أهل البصائر ان هذا لمجرد الحسد
أو لعرض يبعد من صواب الموارد والمصادر ثم كيف يرى مثل هذا ولا
ينكر ولا يترك ولا يطعن بهذا القول على من جمع المصحف وعلى كاتبه
وعلى من حضر الصحابة وعلى من بلغه ذلك من الصدر الأول.
أقول: واما الذي يقال عنه من أصحاب النبي ان في القرآن لحنا فقد
ذكر ابن قتيبة عن عثمان بن عفان واما قول من قال إنه لحن ولكنه نمضي
عليه فلعله يعتقد ان جامع القران من يجوز الطعن على جمعه ولو ظفر اليهود
والزنادقة بمسلم يعتقد في القران لحنا جعلوه حجة على فسادهم واما تأويل
الفراء وما حكاه من استعمال بعض العرب فلو كان القران قد استعمل في
مواضع القران على مقتضى هذه اللغة كان ما يخفى ذلك على الصدر الأول
وكانوا ذكروه وكشفوه.
أقول: فكان يمكن ان يقال ان الله تعالى حكى هذا القول عن غيره
فلعل الذي حكى عنه قال إن هذان لساحران فأراد الله ان يحكى لفظ قائله
على وجهه كما جرت عادة كثير من كتب الله جل جلاه يحكى فيها قول
كل قائل على وجهه من غلطهم وغيره كما يحكى الله تعالى كلمات الكفر
عن أهلها بلفظها فإنه لم يمنع من هذا مانع على اليقين فهو أقرب من قول
كثير من المفسرين.
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر من هذا المجلد تصنيف الفراء
من خامس قائمة منه من الوجهة الأولة من رابع سطر بلفظه قوله تعالى
أولئك يسارعون في الخيرات يبادرون بالاعمال وهم لها سابقون يقول إليها
سابقون اي سبقت لهم السعادة.
أقول: إذ احتمل اللفظ الحقيقة فما الذي يحمل على تفسيره بالمجاز فان
296

ابن عباس أنه قال لما احتضر النبي * ص * وفي بيته رجال فيهم عمر بن
الخطاب فقال النبي (ص) هلموا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا
فقال عمر بن الخطاب ان النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبكم
كتاب ربكم وفي الجزء الثاني من صحيح مسلم ان رسول الله (ص) هجر
قال الحميدي وفي حديث البخاري ومسلم ما هذا لفظه فاختلف الحاضرون
عند النبي * ص * بعضهم القول ما قاله النبي * ص * فقربوا إليه
كتابا ومنهم من يقول القول ما قاله عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف
قال النبي * ص * قوموا عنى ولا ينبغي عندي التنازع ثم قال كان عبد الله
ابن عباس يبكى حتى تبل دموعه الحصى وقال يوم الخميس وما يوم الخميس
قال راوي الحديث فقلت يا ابن عباس وما يوم الخميس فتذكر عبد الله ابن
عباس يوم منع رسول الله (ص) من ذلك الكتاب فكان عبد الله ابن
عباس يقول الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه.
أقول: فهذا كما رووه قد كان سبب ما حصل من ضلال المسلمين
ولقد صدق عبد الله ابن عباس في بكائه وشهادته بتعظيم تلك الرزية
فإنه... شاهدناه ما حصلناه بعده فيه من الاختلاف في تفسير القرآن
وأمور الدين لعل كان بكائه وبكاء غيره أعظم ما بلغوا إليه فانا لله وانا
إليه راجعون.
فصل ومن عجيب ما جرى أيضا على الاسلام انه قد وقع هذا
الاختلاف ما اتفق في عصر من الاعصار ان يجتمع خواص العلماء
الموصوفين بالورع والاعتبار ويتناظروا ويتفقوا على قول واحد فيما
لا يحتمل الا قولا واحدا ولا اتفق ان يجمعهم بعض ملوك الاسلام اجتماعا
كافيا وان يتوافقوا على هذا الاختلاف والافتراق وصار شبهة وتحيرا
عند كثير من أهل الانصاف والوفاق مع ما رووه ان أمة النبي * ص *
تفترق ثلاث وسبعين فرقة واحدة ناجية واثنتان وسبعون في النار فكيف
جاز وشاع ترك الاجتماع وكشف الحق مع ما يتضمنه هذا الحديث من
297

الاخطار فالواجب على كل ذي احتياط واستظهار ترك التقليد وتحقيق الأمور
من المجمع عليه وقد أوضحنا عن ذلك في كتاب الطرائف بما هدانا الله
إليه ودلنا عليه.
فصل فيما نذكره من التنبيه على معجزات القرآن وآيات صاحب القرآن
يقول: علي بن موسى بن جعفر بن محمد الطاووس هذا ما بلغ إليه
من كتاب سعد السعود وحيث قد انتهينا إلى آخر الجزء الأول بعنايات
واجب الوجود وشرف بما عرف ولطف بما كشف فنحن ذاكرون بالله
جل جلاله ولله كلمات يسيرة تتضمن تنبيهات كثيرة على بعض معجزات
القرآن وآيات لصاحب الفرقان على ما يفتح على خاطرنا الان من مراحيم
من خلق الانسان وعلمه.
فنقول: ان قوله جل جلاله في التحدي بالكتاب العزيز كله أو بعشر
سور منه أو سورة من مثله وفي منع الله تعالى الذين هم تحادهم ان يجتمعوا
عند النبي * ص * ويقولوا في المعارضة فيه ما وصل جهدهم إليه وشبهوا
بذلك في معارضته ويصير شبهة مع بقاء نبوته لآيات باهرة وحجج قاهرة
وايضاحا ان هذا المنع من مالك العقول والقلوب القاصرة ومن ذلك انهم
حيث لم يحضروا عنده * ص * لهذا المهم الذي كانوا يتواصلون به في
التلبس عليه فما الذي منعهم ان يجتمعوا عند بعض قرابته أو بعض صحابته
ويقولوا ما يقدرون عليه أو يقول كل واحد منهم بحسب قدرته لولا أن
الله صرفهم بعنايته.
يقول: محمد بن عبد الحسين الرشتي النجفي هذا تمام ما في النسخة التي
نسخت هذه منها وكانت نسخة سقيمة فيما سقط وتصحيف واتفق لي
الفراغ في سنة 1365 هجرية في النجف الأشرف.
وقد قو بلت على نسخة العلامة الجليل الشيخ شير محمد بن صفر علي الجورقاني
أدام الله ظله في شهر ذي القعدة الحرام سنة 1365 في النجف الشرف.
298