الكتاب: إقبال الأعمال
المؤلف: السيد ابن طاووس
الجزء: ٣
الوفاة: ٦٦٤
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: جواد القيومي الاصفهاني
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: محرم الحرام ١٤١٦
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
ردمك:
ملاحظات:

الإقبال بالأعمال الحسنة
1

الإقبال بالأعمال الحسنة
فيما يعمل مرة في السنة
الجزء الثالث
المؤلف
السيد رضى الدين
علي بن موسى بن جعفر بن طاووس
المحقق
جواد القيومي الأصفهاني
3

الطبعة الأولى 1616
جميع الحقوق محفوظة للناشر
4

بسم الله الرحمن الرحيم
5

بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله جل جلاله بما وهب لي من القدرة على حمده، وأثني عليه بلسان الاعتراف
على توفيقي لتقديس مجده، وأطوف بلسان حال العقل حول حمى كعبة مراحمه ومكارمه
ورفده (1)، واستعطفه ببيان مقاليد النقل رجاء لتمام رحمته وحلمه عن عبده، وأسمع من
دواعي النصيحة والاشفاق ووسائل أهل السباق حثا عظيما على التلزم بأطناب
سرادقات منشئ الاحياء ومفنى الأموات (2) ومالك الأوقات، حتى لقد كدت أجدني
المضطر إلى الوقوف بمقدس جنابه والمحمول على مطايا لطفه وعطفه إلى العكوف على
شريف بابه.
وأشهد ان لا إله إلا الله، شهادة تلقيها العقل من مولى رحيم كامل القدرة، وعرف
ورودها من جناب رسول كريم، قائل: كل مولود يولد على الفطرة، فجاءت إلينا بخلع
الأمان، ومعها لواء الولاية على دوام العناية بدار الرضوان، ووجدت قلب مملوكه إليها
وامقا ولا يسمح أن يراه واهبها مفارقا.
فمد يد السؤال إلى مالك الرفد والسعد والاقبال، في أن يعينه على عمارة منزل
يصلح لجلالها وتهيئة فراش من رحمته يليق بجمالها، فرجعت يد انجاز الوعود مملوة من
نفقات عمارة منزل السعود، وعليها فراش نعمة يصلح لإستيطان توحيد مالك الكرم
والجود.

1 - رفده: عطائه.
2 - وواهب الأموات (خ ل).
7

فعمر بها من شرف بها منزل الاستيطان وبسط لها ما يختص بها من فراش التعظيم
بما وهبه لمولاه من الامكان، فأقامت بإذن واهبها قاطنة، واستنصرت بقدرة حافظها
أقطار أماكنها ساكنة.
فتعطرت بارجها (1) شعار تلك المساكن واستبشرت بمهجتها الألباب المجاورة للتراب
الساكن مسافة أقطارها، ونزل منزلته إلى علو منزلتها ومنازلها وطول مسافة جهله إلى
غاية ضيافة موائد مبارها ومسارها.
وأشهد أن جدي محمدا أقدم قدما على تناول طرف جلالها، وأعظم همما في تكامل
شرف تحف كمالها، وأتم شيما في لبس خلع جلبابها، وأبسط يدا وقلما، واصدق لهجة
وفهما في فتح مستغلق أبوابها.
وأشهد أن النواب عنه في حفظ نظامها، والتجلي بجواهر تمامها ودوامها، والجلوس
على فراش علو مقامها، لا يقوى عليه الا عقول تجلت لإكمالها وقبولها، وقلوب تخلت
عما يمنع من الظفر بحصولها وأصولها، ولا يقدم على الاقدام بالحق عليها الا أقدام لم تزل
طاهرة من المشي إلى عبادة صنم أو حجر افتضح عابدها بعبادتها، ولا تنالها من الأيدي
بالصدق الا جوارح لم تزل سرائرها ذاكرة لمعرفة فاطرها وواهب سعادتها.
وانى يبلغ إلى ذروة قلل الجبال بالرئاسة عليها من كان عبدا لأحجار قد أشهد على
نفسه بالعبودية لها والذل بين يديها، وانى يحتوي على شجرة التقوى وثمرة النجوى من
كان على وجهه وسم الملكة للأخشاب التي عبدها من دون رب الأرباب، وكيف
ترحم أهل القبور والأموات بعبادة الأخشاب والصخور أصحاب هذا النور الذي لا يسعه
الا صدور الصدور، ولا يجمعه الا أماكن مساكن الشموس والبدور.
وبعد، فإنني لما رأيت كتاب الاقبال بالاعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل مرة
واحدة في السنة، قد فتح الله فيه أبواب الفوائد وانجح مسعى المطالب بزوائد عن
الفوائد، حتى ضاق أن يكون فوائده في مجلد واحد فجعلت عمل شهر ذي القعدة وذي

1 - الارج: الريح المعطر.
8

الحجة في مجلد أول وعمل شهر محرم وما بعده إلى أواخر شعبان في مجلد ثان مفصل.
فأورقت أغصان اقباله وتحققت ثمرات كماله، وسار لسان حال ارشاده داعيا إلى
الله جل جلاله في بلاده لعباده وواليا على كل كتاب صنف لم يبلغ شرف هدايته
وارفاده، وصار بمحجة واضحة لمن اهتدى في العمل بأنواره، وحجة راجحة على من غفل
عن اتباع آثاره.
وهو يشتمل على ما نذكره من الأبواب والفصول، وها نحن ذاكرون أسمائها جملة قبل
شرح ما فيها من المعقول والمنقول، ليعرف الناظر في أوله ما اشتمل الكتاب عليه فيطلب
من شرحه ما يحتاج إليه إن شاء الله تعالى.
الباب الأول: فيما نذكره مما يتعلق بشهر المحرم وما فيه من حال معظم، وفيه فصول:
فصل: فيما نذكره من شرف محله والتنبيه على ما جرى فيه على النبي صلى الله عليه
وأهل بيته عليهم السلام.
فصل: فيما نذكره من عمل أول ليلة من المحرم.
فصل: فيما تعمله في أول يوم من المحرم.
فصل: فيما نذكره في فضل صوم المحرم جميعه.
فصل: فيما نذكره من زيادة فضل صوم الثالث من المحرم.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم التاسع من المحرم.
فصل: فيما نذكره من عمل ليلة عاشوراء.
فصل: فيما نذكره من فضل المبيت عند الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء، وفضل
زيارته فيها.
فصل: فيما نذكره من صوم يوم عاشوراء وفضله والدعاء فيه.
فصل: فيما نذكره من وصف أحوال يوم عاشوراء.
فصل: فيما نذكره من عمل يوم عاشوراء.
فصل: فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء.
فصل: فيما نذكره من ألفاظ الزيارة المنصوص عليها يوم عاشوراء.
9

فصل: فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء.
فصل: فيما نذكره من فضل قراءة (قل هو الله أحد) في يوم عاشوراء.
فصل: فيما نذكره مما ينبغي أن يكون الانسان عليه يوم عاشوراء، من الأسباب التي
تقربه إلى الله جل جلاله والى رسوله صلى الله عليه وآله.
فصل: فيما نذكره مما يختم به يوم عاشوراء وما يليق أن تكون بعده بحسب ما أنت
عليه من الوفاء.
الباب الثاني: فيما نذكره من مهام ليلة إحدى وعشرين من المحرم ويومها.
الباب الثالث: فيما يتعلق بشهر صفر، وفيه فصول:
فصل: فيما نذكره مما يعمل عند استهلاله.
فصل: فيما نذكره من عمل اليوم الثالث من شهر صفر.
فصل: فيما نذكره من الجواب عما ظهر في أن رد رأس الحسين صلوات الله عليه كان
يوم العشرين من صفر.
فصل: فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات الله عليه يوم العشرين من صفر،
وألفاظ الزيارة بما نرويه من الخبر.
الباب الرابع: فيما نذكره مما يختص بشهر ربيع الأول وما فيه من عمل مفصل، وفيه
فصول:
فصل: فيما نذكره من التنبيه على فضل هذا الشهر وما فيه.
فصل: فيما نذكره مما يدعى به في غرة شهر ربيع الأول.
فصل: فيما نذكره من حال اليوم التاسع من شهر ربيع الأول.
فصل: فيما نذكره من صوم اليوم العاشر من شهر ربيع الأول.
فصل: فيما نذكره من صوم اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول.
فصل: فيما نذكره من صلاة اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول.
فصل: فيما نذكره مما يختص باليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول.
فصل: فيما نذكره من أنه ينبغي صوم اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الأول.
10

فصل: فيما نذكره من تعظيم ليلة سبع عشر من شهر ربيع الأول.
فصل: فيما نذكره من ولادة سيدنا وجدنا الأعظم محمد صلوات الله عليه وآله رسول
المالك الارحم، وما يفتح الله جل جلاله فيها علينا من حال معظم.
فصل: فيما نذكره من تعيين وقت ولادة النبي صلوات الله عليه، وفضل صوم اليوم
المعظم المشار إليه.
فصل: فيما نذكره من زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا اليوم من
بعيد المكان، وزيارة مولانا علي صلوات الله عليه عند ضريحه مع الامكان.
فصل: فيما نذكره من عمل زائد على الزيارة في اليوم السابع عشر من ربيع الأول،
أشرف أيام البشارة.
فصل: فيما نذكره مما ينبغي أن يكون المسلمون عليه يوم ولادة النبي صلى الله عليه
وآله.
فصل: فيما نذكره مما يختم به يوم عيد مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله مما
يدلنا الله جل جلاله بالنقل والعقل عليه.
الباب الخامس: فيما نذكره مما يتعلق بشهر ربيع الاخر، وفيه فصول:
فصل: فيما نذكره من دعاء في غرة شهر ربيع الآخر.
فصل: فيما نذكره من صوم يوم العاشر من ربيع الآخر.
فصل: فيما نذكره من فضل هذا الصيام واحترام اليوم العاشر من ربيع الآخر، لأجل
تعظيم المولود وفيه فضله الباهر.
الباب السادس: فيما نذكره مما يتعلق بشهر جمادى الأولى، وفيه فصول:
فصل: فيما نذكره من دعاء عند غرة هذا الشهر.
فصل: فيما نذكره من صوم يوم النصف من جمادى الأولى وفضله.
فصل: فيما نذكره من تعظيم يوم النصف من جمادى الأولى المذكور وما يليق به من
الأمور.
الباب السابع: فيما نذكره مما يتعلق بجمادى الآخرة، وفيه فصول:
11

فصل: فيما نذكره مما يدعا به عند غرة هذا الشهر.
فصل: فيما نذكره من صلاة يصلي في جمادى الآخرة.
فصل: فيما نذكره من وقت انتقال أمنا المعظمة فاطمة بنت رسول السلام صلوات
الله عليهما وتجديد السلام عليها.
فصل: فيما نذكره من صيام يوم العشرين من جمادى الآخرة، وبعض فضائله الباطنة
والظاهرة.
فصل: فيما نذكره من تعظيم هذا اليوم العشرين منه المعظم عند الأعيان وما يليق به
من الاحسان.
الباب الثامن: فيما نذكره مما يختص بشهر رجب وبركاته ومما نختاره من عباداته
وخيراته، وفيه فصول:
فصل: فيما نذكره بالمعقول من تعظيم شهر رجب والتنبيه على شرف محله وتحف
فضله.
فصل: فيما نذكره من فضل أول ليلة من رجب بالمعقول من الأدب.
فصل: فيما نذكره من عمل أول ليلة من رجب بالمنقول عن ذوي الرتب.
فصل: فيما نذكره من فضل الغسل في أول رجب وأوسطه وآخره.
فصل: فيما نذكره من حديث الملك الداعي إلى الله في كل ليلة من رجب.
فصل: فيما نذكره من الدعاء في أول ليلة من رجب بعد عشاء الآخرة.
فصل: فيما نذكره من صلاة أول ليلة من شهر رجب والدعاء بعدها.
فصل: فيما نذكره من صلاة أخرى في أول ليلة من رجب وثوابها.
فصل: فيما نذكره من زيارة مختصة بشهر رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل أول جمعة من شهر رجب.
فصل: فيما نذكره مما يعمل بعد الثماني ركعات من نافلة الليل.
فصل: فيما نذكره مما يعمل بعد ركعة الوتر من نافلة الليل.
فصل: فيما نذكره مما ينبغي أن يكون العارف عليه من المراقبات في أول ليلة من
12

شهر رجب إذا تفرغ من العبادات المرويات.
فصل: فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب وصومه.
فصل: فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب وصومه.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أول يوم من رجب ويوم وسطه ويوم آخره.
فصل: فيما نذكره من صوم أول يوم من رجب وثلاثة أيام لم يعنى وقتها.
فصل: فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب أيضا وصوم اليوم الأول وسبعة منه
وثمانية وعشرة، وخمسة عشر.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أيام معينة منه أيضا والشهر كله.
فصل: فيما نذكره في صوم يوم من رجب مطلقا.
فصل: فيما نذكره من كيفية النية فيما يصام من شهر رجب.
فصل: فيما نذكره من العمل لمن كان له عذر عن الصيام، وقد جعل الله جل جلاله
له عوضا في شريعة الاسلام.
فصل: فيما نذكره أيضا من عمل أول يوم من رجب من صلوات.
فصل: فيما نذكره من الدعوات في أول يوم من رجب وفي كل يوم منه.
فصل: فيما نذكره من فضل الاستغفار والتهليل والتوبة في رجب.
فصل: فيما نذكره من قراءة (قل هو الله أحد) عشرة آلاف مرة في شهر رجب أو الف
مرة أو مائة مرة.
فصل: فيما نذكره مما كان يعمله مولانا علي بن الحسين صلوات الله عليه ويذكره
في
سجوده في أيام رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات الله عليه في أول يوم من رجب
والإشارة إلى موضع ألفاظها من الكتب.
فصل: فيما نذكره من عمل ليلة الثانية من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم يومين من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من رجب وصلاة في اليوم الثالث.
13

فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيام من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ستة أيام من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيام من رجب
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من رجب
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من رجب
فصل: فيما نذكره من فضل صوم عشرة أيام من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر أيام من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من رجب
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر والليالي البيض من رجب وشعبان
وشهر رمضان.
فصل: فيما نذكره من صوم ثلاثة عشر يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من رجب، غير ما ذكرناه.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل ليلة النصف من رجب، غير ما قدمناه.
14

فصل: فيما نذكره أيضا من فضل ليلة النصف من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل الأيام البيض من رجب ولياليها.
فصل: فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة النصف من رجب.
فصل: فيما نذكره من صلاة في ليلة النصف أيضا برواية أخرى.
فصل: فيما نذكره مما ينبغي في احياء هذه الليلة والعناية بها والخاتمة لها.
فصل: فيما نذكره من اسرار استقبال يوم النصف من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم النصف من رجب.
فصل: فيما نذكره من صلاة عشر ركعات في نصف رجب.
فصل: فيما نذكره من صلاة أربع ركعات يوم النصف من رجب ودعائها.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم خمس عشر يوما من رجب، غير ما أسلفناه.
فصل: فيما نذكره دعاء يوم النصف من رجب الموصوف بالإجابة، وما فيه من
صفات الإنابة.
فصل: فيما نذكره مما اشتمل عليه دعاء أم داود شرفها الله بالعنايات من الآيات
الظاهرات.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ستة عشر يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من شهر رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من رجب.
15

فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أحد وعشرين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثانية والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل اليوم الثاني والعشرين من رجب وتأكيد صيامه.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أربعة وعشرين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من الرواية ان يوم مبعث النبي صلوات الله عليه وآله كان يوم
الخامس والعشرين من رجب والتأويل لذلك على وجه الأدب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم اليوم الخامس والعشرين من رجب، غير ما بيناه.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من رجب، غير ما أوضحناه.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم اليوم السادس والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ستة وعشرين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل ليلة سبع وعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة سبع وعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره أيضا من صلاة أخرى ليلة سبع وعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمعقول.
فصل: فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمنقول.
فصل: فيما نذكره من تأويل من روى أن صوم يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله
يعدل ثوابه ستين شهرا.
16

فصل: فيما نذكره من غسل وصلاة وعمل في اليوم السابع والعشرين من رجب.
فصل: فيما ينبغي أن يكون المسلمون عليه في مبعث النبي صلوات الله عليه وآله إليهم
ومعرفة مقدار المنة عليهم.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثلاثين من رجب.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثلاثين يوما من رجب.
فصل: فيما نذكره من صلاة أواخر شهر رجب.
فصل: فيما نذكره مما يختم به شهر رجب.
الباب التاسع: فيما نذكره من فضل شهر شعبان وفوائده وكمال موائده وموارده، وفيه
فصول:
فصل: فيما نذكره من فضله بالمعقول.
فصل: فيما نذكره من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله لشهر شعبان عند رؤية
هلاله.
فصل: فيما نذكره من عمل أول ليلة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من أحاديث في صوم شهر شعبان كله.
فصل: فيما نذكره من فضل شهر شعبان بالمنقول وفضل صوم أول يوم منه بالرواية
عن الرسول صلى الله عليه وآله.
فصل: فيما نذكره من صوم يوم من شعبان من غير تعيين لأوله وذكر فضله.
فصل: فيما نذكره من صوم يوم أو يومين أو ثلاثة أيام منه.
فصل: فيما نذكره من فضل الصدقة والاستغفار في شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل التهليل ولفظ الاستغفار في شهر شعبان.
17

فصل: فيما نذكره من الدعاء في شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل كل خميس في شعبان والصلاة فيه.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من شعبان.
فصل فيما نذكره: من فضل صوم يومين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل اليوم الثالث من شعبان وولادة الحسين صلوات الله عليه
فيه.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ستة أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم عشرة أيام من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوما من شعبان.
18

فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من شعبان
فصل: فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من أربع ركعات في ليلة النصف من شعبان بين العشائين.
فصل: فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من تسبيح وتحميد وتكبير وصلاة ركعتين في ليلة النصف من
شعبان.
فصل: فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من صلاة ركعتين في ليلة النصف من شعبان وأربع ركعات ومائة
ركعة.
فصل: فيما نذكره من رواية سجدات ودعوات عن الصادق عليه السلام ليلة
النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من رواية أخرى بسجدات ودعوات عن النبي صلى الله عليه وآله
ليلة النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من ولادة مولانا المهدي صلوات الله عليه في ليلة النصف من
شعبان، وما يفتح الله علينا من تعظيمها بالقلب والقلم واللسان.
فصل: فيما نذكره من الدعاء والقسم على الله جل جلاله بهذا المولود العظيم المكان
ليلة النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صولات الله عليه ليلة النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين عليه السلام في النصف من شعبان.
19

فصل: فيما نذكره من صلاة ليلة النصف من شعبان عند الحسين صلوات الله عليه.
فصل: فيما نذكره من بيان صفات صلاة الليل في ليلة النصف من شعبان.
فصل: فيما نذكره من تمام احياء ليلة النصف من شعبان وما يختم به من التوصل في
سلامتها من النقصان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم خمسة عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ستة عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل اللية العشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم إحدى وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الاثنين والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من شعبان.
20

فصل: فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ستة وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ستة وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة السابعة والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم سبعة وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من تأكيد صيام ثلاثة أيام من آخر شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من عمل الليلة الثلاثين من شعبان.
فصل: فيما نذكره من فضل صوم يوم الثلاثين من شعبان.
فصل: فيما نذكره مما يختم به شهر شعبان.
واعلم أن هذه الشهور التي يأتي ذكر عبادتها وشرح خيراتها، هي كالمراحل والمنازل
من حيث خرج الانسان من بطن أمه إلى أن يصل إلى انقضاء أمر الدنيا الزائل، وفي
كل منزل منها مذ ارتضاه مولاه لتشريفه بتكليفه ذخائر وكنوز وجواهر، بقدر ما تضمنه
النقل والشرع الظاهر والمسافة بعيدة إلى دار السعادة.
فمهما ظفر به المسافر من الذخائر، فإنه ما يستغني عن الزيادة، فان بين يدي المتشرف
بالتكليف مقام طويل تحت التراب لا يقدر فيه على خدمة السلطان الحساب، وينقطع
عنه شرف الوصلة بينه وبين مولاه أيام كان يخدمه ويزداد من ذخائر رضاه.
ويفقد ذلك الانس الذي كان يجده من حضرة القدس ولذة الخطاب والجواب
وحلاوة مجالسة العبد مع مالكه رب الأرباب، ويعدم ما كان يرتاح له ويحن إليه من
التشوق الذي يجده المحب لمحبوبه إذا سافر للقدوم عليه، ويخلع عنه خلع العزة التي كان
يقوى بها بمجاورة حياته وعقله وعناياته، ويؤخذ منه بالغناء تاج الدولة التي كان واليا
21

عليها بطاعة مولاه ومراقباته، ويسلب كرامة الغنى وكثيرا من المنى بذهاب الاختيار
الذي كان وهبه مالك رقه، ويجد نفسه أسيرا بعد عتقه ويطوي صحائف عمل سعاداته
الباقية، ويعزل عن ديوان المعاملة للأبواب الإلهية العالية، فاذكر نفسي وغيري بفقدان
هذه الساعات، وأوصي باغتنام أوقات العنايات قبل حلول الحادثات ونوازل
الملمات (1).
وهذا شرح أبواب الشهور وما فيها من الخير المذخور، ونبدأ بالإشارة إلى بعض تأويل
ما ورد من الاختلاف في الاخبار هل أول السنة شهر رمضان أو شهر المحرم، فنقول:
قد ذكرنا في الجزء السادس من الذي سميناه كتاب المضمار السباق واللحاق
بصوم شهر اطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق ما معناه:
انه يمكن أن يكون أول السنة في العبادات والطاعات شهر رمضان، وأن يكون أول
السنة لتواريخ أهل الاسلام وتجددات العام شهر المحرم، وقدمنا هناك بعض الأخبار
المختصة بان أول السنة شهر رمضان (2)، وسيأتي في حديث عن الرضا عليه السلام في
عمل أول يوم من محرم يقتضي دعائه ان أول السنة المحرم.
ورويت بعدة أسانيد قد ذكرتها في كتاب الإجازات إلى الطبري من تاريخه في سنة
ستة عشر من الهجرة ما هذا لفظه: قال فيها كتب التاريخ في شهر ربيع الأول، وقال: حدثني ابن أبي سيرة، عن
عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، عن ابن المسيب قال: أول من كتب التاريخ عمر
لسنتين ونصف من خلافته، فكتب لستة عشر من الهجرة بمشورة علي بن أبي طالب عليه
السلام، حدثني عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال:
حدثنا
الدراوردي، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت سعيد بن المسيب
يقول: جمع عمر بن الخطاب
الناس فسألهم أي يوم نكتب؟ فقال أمير المؤمنين علي عليه
السلام: من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وترك ارض الشرك، فقبله

1 - الملمات جمع الملمة، وهي حادثة الدهر.
2 - شهر الصيام (خ ل).
22

عمر.) (1)
أقول: هذا معاضد للتأويل الذي ذكرناه، ولا يسقط شئ من الأخبار المختلفة في
أول السنة، ويكون لكل وجه يختص بمعناه.

1 - تاريخ الطبري 4: 28 مع اختلاف.
23

الباب الأول
فيما نذكره مما يتعلق بشهر المحرم وما فيه من حال معظم
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من شرف محله والتنبيه على ما جرى فيه على النبي صلى الله عليه وآله
اعلم أن هذا شهر المحرم كان في الجاهلية من جملة الزمان المعظم يحرمون فيه
الابتداء بالحروب والقتال، ويحترمونه ان يقع فيه ما يقع فيما دونه من سوء الأعمال
والأقوال، وجاء الاسلام شاهدا لهذا الشهر بالتعظيم، ودل فيه على العبادات الدالة على
ما يليق به من التكريم.
فجرى فيه من انتهاك محارم الله جل جلاله والرسول الذي هداهم الله جل جلاله
به إليه ودلهم عليه، من سفك دماء ذريته العزيزين عليه، ما لم يجر مثله في شئ من
الأزمان، وبالغ آل حرب وبنو أمية في الاستقصاء على آل محمد صلوات الله عليه وآله
وذهاب حرمة الاسلام والايمان.
وما وجدت في تاريخ سالف ولا حديث كفر متضاعف ان قوما كانوا عاكفين على
صورة حجر أو خشب يعبدونها بجهدهم ويطلبون من الحجر والخشب ما لا يقدر عليه من
رفدهم ويخضعون لذلك الحجر والخشب، وقد افتضحوا عند الألباب وصاروا من أعجب
العجاب، فحضر من دلهم على أن الحجر والخشب لا ينفع من عبده، ولا يدفع عمن
25

قصده ولا يدري لمن حمده أو جحده، فلم يقبلوا من الناصح الشفيق، واجتهدوا في عداوته
ومحاربته بكل طريق.
فاحتمل الناصح جهل المشفق عليه وتلافي (1) عداوته بالاحسان إليه، حتى أدى
الأمر إلى قهر هذا الضال الهالك، وجذبه بغير اختياره إلى صواب المسالك.
فلما وقفه الناصح على صحيح المحجة، وعرفه ما كان يجهله من الحجة، وأغناه بعد
الفقر وجبره بعد الكسر، واعزه بعد الذلة، وكثره بعد القلة، وأوطأه رقاب ملوك البلاد،
واراه أبواب الظفر بسعادة الدنيا والمعاد، قام ذاك الضال عن الصواب الذي كان
مفتضحا بعبادة الأحجار والأخشاب ومشابها للدواب، إلى ذرية مولاه، الذي هداه
وأحياه وأعتقه من رق الجهالة وأطلقه من أسر الضلالة وبلغ به من السعادة ما لم يكن في
حسابه.
فنازع هذا الناصح الشفيق، الرفيق في ولده وفي ملكه ورياسته وأسبابه، وجذب
عليهم سيفا كان للناصح في يديه وأطلق لسانه في ذرية ولاة المحسن إليه، وسعى في
التقدم واخذ ملكهم من أيديهم، وسفك دمائهم، وسبى ذريتهم ونسائهم.
اما ترون هذا قبيحا في العقول السليمة وفضيعا في الآراء المستقيمة، ويحكمون على
فاعله بأنه قد عاد على نحو ضلالة السالف، وأوقع نفسه في المتالف والى الغدر والخيانة
وسقوط المروة والأمانة.
أفما كذا جرى لصاحب النبوة والوصية وولده مع من نازعهم في حقوق نبوته
ورياسته وهدايته، فكيف صار الرعايا ملوكا لولد من حكمهم في ملكه وساعين في
استبعاد ولده أو هلكه أو إراقة دمه وسفكه.
تالله ان الألباب من هذا لنافرة غاية النفور، وشاهدة ان فاعله غير معذور.
أفترضون ان يصنع عبيدكم وغلمانكم واتباعكم مع ذريتكم أو أقرب قرابتكم،
ما صنع عبيد محمد وغلمانه واتباعه مع ذريته.

1 - تلقى (خ ل).
26

كيف اشتبه هذا الحال عليكم مع ظهور حجته، لقد بلينا معشر فروع النبوة
والرسالة بمنازعة أهل الضلالة والجهالة، وعقولهم شاهدة لنا بقيام الحجة عليهم وقلوبهم،
عارفة بأننا أصحاب الاحسان إليهم، وكان يكفيهم ان يتذكروا ما ذكرناه، من أنهم
كانوا عاكفين عبادة الأحجار والأخشاب ومفارقين لأولي الأبصار والألباب، والمشابهين
للانعام والدواب، وأموات المعنى احياء الصورة، ومصائبهم عظيمة كبيرة
فأحيينا بنبوتنا وهدايتنا منهم أرواحا ميتة بالغفلات، وجمعنا بينهم وبين عقول تائهة
في مسافات الجهالات، وانطقنا منهم ألسنا خرسة بقيود الهدر، وانتجينا منهم خواطر
كانت عقيمة بالحصا ومساوية للتراب والمدر، وأخرجناهم من مطامير الضلالة،
وهديناهم إلى مالك الجلالة، وسقناهم بعصا الاعذار والانذار، وسقيناهم بكأس المبار
والمسار، حتى خلصناهم من عار الاغترار واخطار عذاب النار، وأذعنت لنا ألبابهم اننا
ملوكها، وان بنا استقام سبيلها وسلوكها.
فصاروا بعد هذا الرق الذي حكم لنا عليهم بالعبودية، منازعين لنا في شرف
العنايات الإلهية والمقامات النبوية، إن كان القوم قد جحدوا وعاندوا فليردوا علينا
ما دعوناهم إليه ودللناهم عليه، فليرجعوا إلى أصنامهم وقصور أحلامهم وفتور أفهامهم،
فان الأحجار والأخشاب موجودة، وهي اربابهم التي كانت نواصيهم بها معقودة.
وتا لله لو كانوا قد أجابوا داعي نبوتنا في ابتدائه بغير قهر ولا هوان، لكان لهم بعض
الفضل في فوائد الاسلام والايمان، ولكنهم أضاعوا كل حق كان يمكن ان يملكوه أو
سبق كان يتهيأ لهم ان يدركوه، بأنهم ما أجابونا إلى نجاتهم من ضلالهم وخلاصهم من
وبالهم الا بالقهر الذي أعراهم من الفضيلة بالكلية، وجعلها بأجمعها حقا للدعوة
المحمدية والصفوة العلوية.
فصل (2)
فيما نذكره من عمل أول ليلة المحرم
اعلم أن المواساة لأئمة الزمان وأصحاب الاحسان في السرور والأحزان، من
27

مهمات أهل الصفاء وذوي الوفاء والمخلصين في الولاء، وفي هذا العشر كان أكثر
اجتماع الأعداء على قتل ذرية سيد الأنبياء صلوات الله عليه وآله، والتهجم بذلك على
كسر حرمة الله جل جلاله مالك الدنيا والآخرة، وكسر حرمة رسوله عليه السلام
صاحب النعم الباطنة والظاهرة، وكسر حرمة الاسلام والمسلمين ولبس أثواب الحزن
على فساد أمور الدنيا والدين.
فينبغي من أول ليلة من هذا الشهر ان يظهر على الوجوه والحركات والسكنات
شعار آداب أهل المصائب المعظمات في كلما يتقلب الانسان فيه، وان يقصد الانسان
بذلك اظهار موالات أولياء الله ومعاداة أعاديه وتفصيل ذلك موجود في العقول ومشروح
في المنقول.
أقول: فمن الأحاديث عن أئمة المعقول الذي يصدق فيها المنقول للمعقول ما رويناه بعدة طرق إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه من أماليه باسناده عن إبراهيم بن
أبي محمود قال: قال الرضا عليه السلام:
ان المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا وهتكت فيه حرمتنا وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من
ثقلنا، ولم ترع لرسول الله صلى الله عليه وآله حرمة في أمرنا.
ان يوم الحسين اقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا، بأرض كرب وبلاء (1)،
وأورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فان
البكاء عليه يحط الذنوب العظام.
ثم قال: كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت
الكآبة (2) تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم
يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام (3).

1 - يا ارض كرب وبلاء أورثتنا (خ ل).
2 - الكآبة: الحزن.
3 - أمالي الصدوق: 111.
28

ومن المنقول من أمالي محمد بن علي بن بابويه رضوان الله جل جلاله عليه ما رويناه
أيضا باسناده إلى الريان بن شبيب قال:
دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم، فقال لي: يا بن شبيب أصائم
أنت؟ فقلت لا، فقال: ان هذا اليوم هو الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه عز
وجل، فقال: (رب هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء) (1)، فاستجاب الله له وأمر
ملائكته فنادت: زكريا، وهو قام يصلي في المحراب: (ان الله يبشرك بيحيى مصدقا)، فمن
صام هذا اليوم ثم دعا الله عز وجل استجاب له كما استجاب لزكريا عليه السلام.
ثم قال: يا بن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون
فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها صلوات الله
عليه وآله، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نسائه وانتهبوا (2) ثقله، فلا غفر الله ذلك
لهم ابدا.
يا بن شبيب ان كنت باكيا فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام
فإنه (3) ذبح كما يذبح الكبش، وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا مالهم في
الأرض مشبهون، ولقد بكت السماوات والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من
الملائكة أربعة آلاف لينصروه، فوجدوه قد قتل، فهم عند قبره شعث (4) غبر إلى أن يقوم
القائم، فيكونون من أنصاره وشعارهم: يا آل ثارات الحسين (5).
يا بن شبيب لقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام انه لما قتل جدي
الحسين عليه السلام أمطرت السماء دما وترابا أحمر، يا بن شبيب ان بكيت على الحسين
عليه السلام حتى يصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته، صغيرا كان
أو كبيرا، قليلا كان أو كثيرا، يا بن شبيب ان سرك ان تلقى الله عز وجل ولا ذنب

1 - آل عمران: 38.
2 - النهب: الغارة.
3 - فابك للحسين فإنه (خ ل).
4 - الشعث - ككتف - المغبر الرأس، الشعث - بالفتح - انتشار الأمر وخلله.
5 - أصله يا آل ثارات، حذفت الهمزة من الآل للتخفيف، فصار يا لثارات.
29

عليك فزر الحسين عليه السلام.
يا بن شبيب ان سرك ان تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله صلوات الله
عليهم، فالعن قتلة الحسين عليه السلام، يا بن شبيب ان سرك أن يكون لك من الثواب
مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ذكرته: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما،
يا بن شبيب ان سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا
وأفرح لفرحنا عليك بولايتنا، فلو ان رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة (1).
أقول: ورأيت في الجزء الثاني من تاريخ نيشابور للحاكم في ترجمة الحسين بن بشير بن
القاسم، قال الحاكم: ان الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن النبي صلى الله عليه وآله
فيه اثر، وهي بدعة ابتدعها قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.
واما عمل هذه الليلة، وهي أول ليلة من المحرم من دعوات أو صلوات أو عبادات،
فانا ذاكرون من ذلك ما يهدينا إليه الله جل جلاله، فاتح أبواب العنايات والسعادات.
فمن ذلك ما ذكره صاحب كتاب المختصر من المنتخب، فقال: الدعاء إذا رأيت
الهلال كبر الله تعالى، فقل:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ربي وربك الله، الله لا إله إلا هو رب
العالمين، الحمد لله الذي خلقني وخلقك وقدر منازلك (2) وجعلك آية
للعالمين، يباهي الله بك الملائكة.
اللهم أهله علينا بالأمن والايمان، والسلامة والاسلام، والغبطة والسرور
والبهجة، وثبتنا على طاعتك والمسارعة فيما يرضيك اللهم بارك لنا في
شهرنا هذا، وارزقنا خيره وبركته، ويمنه وعونه وفوزه، واصرف عنا شره
وبلاءه وفتنته، وبرحمتك يا أرحم الراحمين.
الدعاء عند استهلال المحرم وأول يوم منه، تقول:

1 - أمالي الصدوق: 112، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 299، عنهما البحار 44: 286، ورواه ابن قولويه في
كامل الزيارات: 105.
2 - قدرك في منازلك (خ ل).
30

اللهم أنت الله لا اله إلا أنت أسألك بك وبكلماتك وأسمائك الحسنى
كلها وأنبيائك ورسلك وأوليائك وملائكتك المقربين، وجميع عبادك
الصالحين، ألا تخليني من رحمتك التي وسعت كل شئ، يا الله يا رحمان
المؤمنين.
يا واحد يا حي، يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن، يا ملك يا غني يا محيط،
يا سميع يا عليم يا علي يا شهيد يا قريب يا مجيب، يا حميد يا مجيد يا عزيز
يا قهار، يا خالق يا محسن، يا منعم يا معبود، يا قديم يا دائم.
يا حي يا قيوم، يا فرد يا وتر يا أحد يا صمد، يا باعث يا وارث، يا سميع
يا عليم، يا لطيف يا خبير، يا جواد يا ماجد، يا قادر يا مقتدر، يا قاهر يا رحمان
يا رحيم يا قابض يا باسط، يا حليم يا كريم يا عفو يا رؤوف يا غفور.
ها أنا ذا صغير في قدرتك بين يديك، راغب إليك مع كثرة نسياني
وذنوبي، ولولا سعة رحمتك ولطفك ورأفتك لكنت من الهالكين.
يا من هو عالم بفقري إلى جميل نظره وسعة رحمته، أسألك بأسمائك
كلها ما علمت منها وما لم اعلم، وبحقك على خلقك، وبقدمك وأزلك
وأبادك وخلدك وسرمدك، وكبريائك وجبروتك وعظمتك وشأنك ومشيتك،
أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن ترحمني وتقدسني بلمحات
حنانك ورضوانك، وتعصمني من كل ما نهيتني عنه، وتوفقني لما
يرضيك عني، وتجبرني على ما أمرتني به وأحببته مني.
اللهم املأ قلبي وقار جلالك، وجلال عظمتك وكبريائك، وأعني على
جميع أعدائك وأعدائي يا خير المالكين، وأوسع الرازقين، ويا مكور الدهور،
ويا مبدل الأزمان، ويا مولج الليل في النهار، ومولج النهار في الليل، يا مدبر
الدول والأمور والأيام.
أنت القديم الذي لم تزل، والمالك الذي لا يزول، سبحانك ولك الحمد
بحمدك وحولك على كل حمد وحول، دائما مع دوامك وساطعا بكبريائك،
31

أنت إلهي ولي الحامدين، ومولى الشاكرين.
يا من مزيده بغير حساب، ويا من نعمه لا تجازى وشكره لا يستقصى (1)،
وملكه لا يبيد، وأيامه لا يحصى، صل أيامي بأيامك مغفورا لي محرما لحمي
ودمي، وما وهبت لي من الخلق والحياة والحول والقوة على النار، يا جار
المستجيرين، ويا ارحم الراحمين.
بسم الله الرحمن الرحيم، توكلت على الحي الذي لا يموت، الحمد لله
رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين،
لنفسي وديني وسمعي وبصري وجسدي، وجميع جوارحي ووالدي وأهلي
ومالي وأولادي، وجميع من يعنيني (2) أمره وسائر ما ملكت يميني على جميع
من أخافه وأحذره، برأ وبحرا من خلقك أجمعين.
الله أكبر الله أكبر وأعز وأجل وأمنع مما أخاف وأحذر، عز جار الله،
وجل ثناء الله، ولا إله إلا الله.
اللهم اجعلني في جوارك الذي لا يرام، وفي حماك الذي لا يستباح
ولا يذل، وفي ذمتك التي لا تخفر (3)، وفي منعتك التي لا تستذل ولا تستضام،
وجار الله آمن محفوظ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم يا كافي من كل شئ، ولا يكفي منه شئ، يا من ليس مثل
كفايته شئ، اكفني كل شئ حتى لا يضرني معك شئ، واصرف عني
الهم والحزن، ولا حول ولا قوة إلا بالله (4) العلي العظيم، يا الله يا كريم.
اللهم إني أدرء بك في نحور أعدائي وكل من يريدني بسوء (5)، وأعوذ

1 - في البحار: لا يقضى.
2 - يعنيني: يهمني.
3 - الخفر: الإجارة والحفظ، والمعنى: ذمتك حافظ كل شئ فلا تحفظ ذمتك شئ.
4 - بك (خ ل).
5 - يريد بي سوء (خ ل).
32

بك من شرهم، وأستعينك عليهم، فاكفنيهم بما شئت وكيف شئت ومن
حيث شئت وأنى شئت، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، سنشد
عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا، أنتما ومن
أتبعكما الغالبون.
إنا رسل ربك لن يصلوا إليك، لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى، إني
أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا، اخسؤا فيها ولا تكلمون.
أصبحت وأمسيت بعزة الله الذي ليس كمثله شئ ممتنعا، وبكلمات
الله التامات كلها محترزا، وبأسماء الله الحسنة متعوذا، وأعوذ برب موسى
وهارون، ورب عيسى وإبراهيم الذي وفى، من شر المردة من الجن
الانس، ومن شر كل شيطان مريد، ومن شر كل جبار عنيد.
أخذت سمع كل طاغ وباغ وعدو وحاسد من الجن والإنس، عني وعن
أولادي وأهلي ومالي وجميع من يعنيني أمره، وأخذت سمع كل مطالب
وبصره، وقوته، ويديه ورجليه، ولسانه وشعره وبشره وجميع جوارحه بسمع
الله، وأخذت أبصارهم عني ببصر الله.
وكسرت قوتهم عني بقوة الله وبكيد الله المتين، فليس لهم علي سلطان
ولا سبيل بيننا وبينهم حجاب مستور، بستر الله وستر النبوة الذي احتجبوا به
من سطوات الفراعنة، فسترهم الله به.
جبرئيل عن أيمانكم، وميكائيل عن شمائلكم، ومحمد صلى الله عليه
وآله بيننا وبينكم، والله جل وعز عال عليكم، ومحيط بكم من بين أيديكم
ومن ورائكم، وآخذ بنواصيكم وبسمعكم وأبصاركم وقلوبكم، وألسنتكم
وقواكم وأيديكم وأرجلكم، يحول بيننا وبين شروركم.
وجعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون، وجعلنا من
بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون، شاهت الوجوه
صم بكم عمي، طه حم لا يبصرون.
33

اللهم يا من ستره لا يرام، ويا من عينه لا تنام، استرني بسترك الذي
لا يرام، واحفظني بعينك التي لا تنام من الآفات كلها، حسبي الله من
جميع خلقه، حسبي الله الذي يكفي من كل شئ ولا يكفي منه شئ.
حسبي الخالق من المخلوقين حسبي الرازق من المرزوقين، حسبي
الرب من المربوبين، حسبي من لا يمن ممن يمن، حسبي الله القريب
المجيب، حسبي الله من كل أحد.
حسبي الله وحده لا شريك له، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا،
ليس وراء الله منتهى، ولا من الله مهرب ولا منجا، حسبي الله لا إله إلا هو
عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
اللهم اجعلني في جوارك الذي لا يرام، وفي حماك الذي لا يستباح،
وفي ذمتك التي لا تخفر، واحفظني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك
الذي لا يرام، وأدخلني في عزك الذي لا يضام، وارحمني برحمتك
يا رحمان.
اللهم يا الله لا تهلكني وأنت رجائي، يا رحمان يا رحيم، وأفوض أمري
إلى الله إن الله بصير بالعباد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
وما شاء الله كان، أعوذ بعزة الله وجلال وجهه، وما وعاه اللوح من علم الله،
وما سترت الحجب من نور بهاء الله.
اللهم إني ضعيف معيل فقير طالب حوائج قضاءه بيدك، فأسألك اللهم
باسمك الواحد الأحد الفرد الصمد الكبير المتعال، الذي ملأ الأركان كلها
حفظا وعلما، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وأن تجعل أول يومي
هذا وأول شهري هذا وأول سنتي هذه صلاحا، وأوسط يومي هذا وأوسط
شهري هذا وأوسط سنتي هذه فلاحا، وآخر يومي هذا وآخر شهري هذا وآخر
سنتي هذه نجاحا، وأن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم عرفني بركة هذا الشهر، وهذه السنة ويمنهما وبركتهما، وارزقني
34

خيرهما واصرف عني شرهما، وارزقني فيهما الصحة والسلامة والعافية،
والاستقامة والسعة والدعة والأمن، والكفاية والحراسة والكلاءة، ووفقني
فيهما لما يرضيك عني.
وبلغني فيهما أمنيتي، وسهل لي فيهما محبتي، ويسر لي فيهما مرادي،
وأوصلني فيهما إلى بغيتي (1)، وفرج فيهما غمي، واكشف فيهما ضري،
واقض لي فيهما ديني، وانصرني فيهما على أعدائي وحسادي، واكفني
فيهما أمرهم برحمتك يا أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت
من الظالمين، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم تسليما.
اللهم يا ربي وسيدي ومولاي من المهالك فأنقذني، وعن الذنوب
فاصرفني، وعما لا يصلح ولا يغني فجنبني.
اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا عيبا إلا سترته،
ولا رزقا إلا بسطته، ولا عسرا إلا يسرته، ولا سوءا إلا صرفته، ولا خوفا إلا
أمنته، ولا رعبا إلا سكنته، ولا سقما إلا شفيته، ولا حاجة إلا أتيت على
قضائها في يسر منك وعافية.
اللهم إني أسأت فأحسنت، وأخطأت فتفضلت، للثقة مني بعفوك
والرجاء مني لرحمتك، اللهم بحق هذا الدعاء وبحقيقة هذا الرجاء لما
كشفت عني البلاء وجعلت لي منه مخرجا ومنجا بقدرتك وفضلك.
اللهم أنت العالم بذنوبنا فاغفرها، وبأمورنا فسهلها، وبديوننا فأدها،
وبحوائجنا فاقضها بقدرتك وفضلك، إنك على كل شئ قدير.
ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى،
بل لله الأمر جميعا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وما شاء الله
كان (2).

1 - البغية: الحاجة.
2 - العلي العظيم ما شاء الله كان (خ ل).
35

بسم الله الرحمن الرحيم، على نفسي وديني وسمعي وبصري وجميع
جوارحي، وما أقلت الأرض مني، بسم الله الرحمن الرحيم على والدي من
النار، بسم الله الرحمن الرحيم على أهلي ومالي وأولادي، بسم الله
الرحمن الرحيم على جميع من يعنيني أمره، بسم الله الرحمن الرحيم على
كل شئ أعطاني ربي.
بسم الله الرحمن الرحيم افتتحت شهري هذا وسنتي هذه وعلى الله
توكلت ولا حول لي ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وما شاء الله كان، الله
أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، سبحان ربك رب
العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات
والأرض وعشيا وحين تظهرون، يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من
الحي، ويحيى الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون.
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أعوذ بك من شر هذا اليوم ومن شر
هذا الشهر ومن شر هذه السنة ومن شر ما بعدها، وأعوذ بك من شر أعدائي
أن يفرطوا علي وأن يطغوا، وأقدم بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن
شمالي، ومن فوقي ومن تحتي.
بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد لنفسي بي، ومحيط بي وبمالي ووالدي وأولادي
وأهلي وجميع من يعنيني أمره، وكل شئ هو لي، وكل شئ معي، توكلت
على الحي الذي لا يموت، واعتصمت بعروة الله الوثقى التي لا انفصام لها
والله سميع عليم.
اللهم اجعل لي من قدرك في هذه السنة وما بعدها حسن عافيتي وسعة
رزقي، واكفني اللهم المهم من أمور الدنيا والآخرة، واعصمني أن أخطئ،
وارزقني خير الدنيا والآخرة، قل من يكلوكم بالليل والنهار من السبع
36

والسارق والحيات والعقارب والجن والانس والوحش والطير والهوام (1)، قل
الله.
وجعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون، وجعلنا من
بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون.
اللهم إني أعوذ بكلماتك التامات كلها وآياتك المحكمات من غضبك،
ومن شر عقابك ومن شرار عبادك ومن همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن
يحضرون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وما شاء الله كان
اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك
العظيم، فإنك تعلم وتقدر ولا أقدر، وبيدك مفاتيح الخير وأنت علام الغيوب.
اللهم إن كان ما أريده ويراد بي خيرا لي في ديني ودنياي وعاقبة
أمري فيسره لي وبارك لي فيه واصرف عني الأذى فيه، وإن كان غير
ذلك خيرا فاصرفني عنه إلى ما هو أصلح لي بدنا وعافية في الدنيا والآخرة،
واقصدني إلى الخير حيثما كنت، ووجهني إلى الخير حيثما توجهت
برحمتك.
وأعززني اللهم بما استعززت به من دعائي هذا، وأقدم بين يدي نسياني
وعجلتي بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
وما شاء الله كان.
اللهم ما حلفت من حلف أو قلت من قول، أو نذرت من نذر، فمشيتك
بين يدي ذلك كله، ما شئت منه كان وما لم تشأ لم يكن.
اللهم ما حلفت في يومي هذا أو في شهري هذا أو في سنتي هذه من
حلف، أو قلت من قول أو نذرت من نذر فلا تؤاخذني به، واجعلني منه في
سعة وفي استثناء، ولا تؤاخذني بسوء عملي ولا تبلغ بي مجهودا.

1 - الهامة: كل ذات سم يقتل، فاما ما يسم ولا يقتل فهو السامة.
37

اللهم ومن أرادني بسوء في يومي هذا أو في شهري هذا أو في سنتي
هذه فأرده به ومن كادني فكده، وافلل (1) عني حد (2) من نصب لي حده،
وأطف عني نار من أضرم لي وقودها.
اللهم واكفني مكر المكرة، وافقأ عني أعين السحرة، واعصمني من
ذلك بالسكينة، وألبسني درعك الحصينة، وألزمني كلمة التقوى التي
ألزمتها المتقين.
اللهم واجعل دعائي خالصا لك، واجعلني أبتغي به ما عندك ولا تجعلني
أبتغي به أحدا سواك، اللهم يا رب جنبني العلل والهموم والغموم، والأحزان
والأمراض والأسقام، واصرف عني السوء والفحشاء والجهد، والبلاء والتعب
والعناء إنك سميع الدعاء قريب مجيب.
اللهم ألن لي أعدائي ومعاملي ومطالبي وما غلظ علي من أموري كلها،
كما ألنت الحديد لداود عليه السلام، اللهم وذللهم لي كما ذللت الأنعام
لولد آدم عليه السلام، اللهم وسخرهم لي كما سخرت الطير لسليمان عليه
السلام.
اللهم وألق علي محبة منك كما ألقيتها على موسى بن عمران عليه
السلام، وزد في جاهي وسمعي وبصري وقوتي، واردد نعمتك علي،
وأعطني سؤلي ومناي وحسن لي خلقي، واجعلني مهوبا مرهوبا مخوفا، وألق
لي في قلوب عدائي ومعاملي ومطالبي، الرأفة والرحمة والمهابة، وسخرهم
لي بقدرتك.
اللهم يا كافي موسى عليه السلام فرعون، ويا كافي محمد صلى الله عليه
وآله الأحزاب، ويا كافي إبراهيم عليه السلام نار النمرود، صل على محمد

1 - الفلة: الثلمة في سيف.
2 - الحد: الحاجز بين الشيئين ومنتهى الشئ ومن كل شئ حدته.
38

وآل محمد (1) واكفني كل ما أخاف وأحذر برحمتك يا رحمان يا رحيم.
اللهم يا دليل المتحيرين، ويا مفرج عن المكروبين، ويا مروح عن
المغمومين، ويا مؤدي عن المديونين، ويا إله العالمين، فرج كربي وهمي
وغمي، وأد عني وعن كل مديون، وأعطني سؤلي ومناي، وافتح لي منك
بخير واختم لي بخير.
اللهم يا رجائي وعدتي لا تقطع منك رجائي، وأصلح شأني كله، وافتح
لي أبواب الرزق من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، ومن حيث أعلم
ومن حيث لا أعلم، ومن حيث أرجو ومن حيث لا أرجو، وارزقني السلامة
والعافية والبركة في جميع ما رزقتني، وخر لي في جميع أموري خيرة في
عافية، وكن لي وليا وحافظا وناصرا ولقني حجتي.
اللهم وأيما عبد من عبادك أو أمة من إمائك كانت له قبلي مظلمة
ظلمته بها، في ماله أو سمعه أو بصره أو قوته، ولا أستطيع ردها عليه
ولا تحلتها منه، فأسألك اللهم أن ترضيه عني بما شئت، ثم تهب لي من
لدنك رحمة، يا وهاب العطايا والخير، اللهم ولا تخرجني من الدنيا ولا خير
في رقبتي تبعة ولا ذنب إلا وقد غفرت ذلك لي بكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك
اللهم يا رب شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك اللهم قلبا سليما، ولسانا
صادقا ويقينا نافعا، ورزقا دارا هنيئا، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في
الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك العافية عافية تتبعها عافية، شافية كافية، عافية الدنيا
والآخرة.

1 - وآل محمد (خ ل).
2 - التبعة: ما يتبع المال من نوائب الحقوق.
39

اللهم إني أسألك يا سيدي ومولاي أن تكون لي سندا ومستندا، وعمادا
ومعتمدا، وذخرا ومدخرا، ولا تخيب أملي ولا تقطع رجائي، ولا تجهد بلائي،
ولا تسئ قضائي، ولا تشمت بي أعدائي، اللهم ارض عني برضاك وعافني من جميع بلواك.
اللهم إني أسألك يا الله، يا أكبر من كل كبير، يا من لا شريك له
ولا وزير، يا خالق الشمس والقمر المنير، يا رازق الطفل الصغير، يا مغني
البائس الفقير، يا مغيث الممتهن (1) الضرير، يا مطلق المكبل (2) الأسير، يا جابر
العظم الكسير، يا قاصم كل جبار متكبر، يا محيي العظام وهي رميم، يا من
لا ند له ولا شبيه.
اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد (3)، وأسألك
يا إلهي بكل ما دعوتك به من هذا الدعاء، وبجميع أسمائك كلها، وبمعاقد
العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وبجدك الأعلى، وبك
فلا شئ أعظم منك، أن تغفر لنا وترحمنا فانا إلى رحمتك فقراء يا أرحم
الراحمين.
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات،
الأحياء منهم والأموات، واجمع بيننا وبينهم بالخيرات (4)، واكفني اللهم
يا رب ما لا يكفينيه أحد سواك، واقض لي جميع حوائجي.
وأصلح لي شأني كله، وسهل لي محابي كلها، في يسر منك وعافية
يا أرحم الراحمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله (العلي العظيم)، ما شاء الله
كان وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم كثيرا، ما شاء الله كان،

1 - الممتبن: المحتقر البمتلى بالضرر.
2 - الكبل: القيد الضخم.
3 - وآل محمد (خ ل).
4 - في الخيرات (خ ل).
5 - ليس في بعض النسخ.
40

ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله توكلت على الله، ما شاء الله،
فوضت أمري إلى الله، ما شاء الله حسبي الله وكفى (1).
ومن ذلك ما ذكره أحمد بن جعفر بن شاذان، ورواه عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال:
إن في المحرم ليلة شريفة، وهي أول ليلة منه، من صلى فيها مائة ركعة، يقرأ في كل
ركعة الحمد و (قل هو الله أحد) ويسلم في آخر كل تشهد، وصام صبيحة اليوم، وهو أول
يوم من المحرم، كان ممن يدوم عليه الخير سنته، ولا يزال محفوظا من الفتنة إلى القابل،
وإن مات قبل ذلك صار إلى الجنة إن شاء الله تعالى (2).
صلاة أخرى أول ليلة من المحرم من طرقهم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
تصلي أول ليلة من المحرم ركعتين تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورة الأنعام، وفي
الثانية فاتحة الكتاب وسورة يس (3).
صلاة أخرى أول ليلة من المحرم رواها عبد القادر بن أبي القاسم الأشتري في كتابه
باسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:
إن في المحرم ليلة، وهي أول ليلة منه، من صلى فيها ركعتين يقرأ فيها سورة الحمد
و (قل هو الله أحد) إحدى عشر مرة وصام صبيحتها، وهو أول يوم من السنة، فهو كمن
يدوم على الخير سنته، ولا يزال محفوظا من السنة إلى قابل، فان مات قبل ذلك صار إلى الجنة. (4).
فصل (3)
فيما ندركه من عمل أول يوم من المحرم
فمن ذلك صلاة أول كل شهر ودعاؤه وصدقاته، وقد قدمنا ذلك في الجزء الخامس

1 - عنه البحار 98: 324 - 333.
2 - عنه الوسائل 8: 180، البحار 98: 333.
3 - عنه الوسائل 8: 181، البحار 98: 333.
4 - عنه الوسائل 8: 181.
41

عند كل شهر، فتعمل على ما تقدمت صفاته.
واعلم أن أول يوم من المحرم من أيام الصيام، وموسم من مواسم إجابة الدعاء لأهل
الاسلام، روينا ذلك بعدة طرق:
منها: ما رويناه قبل هذا الفصل عن ابن شبيب عن مولانا الرضا عليه السلام.
ومنها: ما روي عن طرقهم: ان من صام يوما من المحرم محتسبا جعل الله تعالى بينه
وبين جهنم جنة كما بين السماء والأرض.
ومنها: عن النبي صلى الله عليه وآله: من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثين
يوما.
ومنها: ما ذكره أبو جعفر محمد بن بابويه رحمه الله في كتاب من لا يحضره الفقيه، وقد
ضمن ثبوت ما فيه، فقال ما هذا لفظه: وفي أول يوم من المحرم دعا زكريا عليه السلام
ربه عز وجل فمن صام ذلك اليوم استجاب الله عز وجل منه كما استجاب لزكريا عليه
السلام. (1).
وروينا عن شيخنا المفيد محمد بن النعمان تغمده الله جل جلاله بالرضوان،
فقال في كتاب حدائق الرياض عند ذكر المحرم ما هذا لفضه: وفي أول يوم منه استجاب
الله تعالى ذكره دعوة زكريا عليه السلام، فيستحب صيامه لمن أحب ان يجيب الله
دعوته.
وينبغي ان يدعو بما ذكرناه من الدعاء في عمل أول ليلة منه عند استهلال المحرم.
أقول: فينبغي المبادرة إلى فتح أبواب إجابة الدعوات، واغتنام الوقت المعين لقضاء
الحاجات، وقد روي فيه صلوات ودعوات معينات (2).
فمن ذلك ما روينا بإسنادنا إلى محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، باسناده إلى
محمد بن فضيل الصيرفي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جده، عن
آبائه عليهم السلام قال:

1 - عنه الفقيه 2: 91.
2 - صلاة (خ ل)، متعينات (خ ل).
42

كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي أول يوم من المحرم ركعتين، فإذا فرغ رفع
يديه ودعا بهذا الدعاء ثلاث مرات:
الله أنت الا له القديم وهذه سنة جديدة، فأسألك فيها العصمة من
الشيطان والقوة على هذه النفس الأمارة بالسوء، والاشتغال بما يقربني
إليك يا كريم يا ذا الجلال والاكرام.
يا عماد من لا عماد له، يا ذخيرة من لا ذخيرة له، يا حرز من لا حرز له،
يا غياث من لا غياث له، يا سند من لا سند له، يا كنز من لا كنز له، يا حسن
البلاء، يا عظيم الرجاء، يا عز الضعفاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى،
يا منعم يا مجمل، يا مفضل يا محسن.
أنت الذي سجد لك سواد الليل ونور النهار وضوء القمر وشعاع الشمس،
ودوي الماء (1)، وحفيف الشجر (2)، يا الله لا شريك لك.
اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون، ولا تؤاخذنا بما
يقولون، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، آمنا به
كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ
هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (3).
فان قيل: قد قدمت في كتاب المضمار أن أول السنة شهر رمضان، وقد ذكرت في
هذا الدعاء أن أول السنة المحرم؟
فأقول: قد قدمنا أنه يحتمل أن يكون شهر رمضان أول سنة فيما يختص بالعبادات
ترجيح الأوقات، والمحرم أول سنة فيما يختص بالمعاملات والتواريخ وتدبير الناس في
لحادثات الإختياريات.
وقد كنا ذكرنا في أواخر خطبة هذا الجزء بعض الروايات بهذا المعنى من الرواة.

1 - الدوي: صوت ليس بالعالي كصوت النحل.
2 - حق الطائر والشجر إذا صوتت.
3 - عنه البحار 98: 334.
43

فصل (4)
فيما نذكره من فضل صوم المحرم جميعه
روينا ذلك بعدة طرق، منها عن شيخنا المفيد رضوان الله عليه فيما ذكره في كتاب
حدائق الرياض، وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: لمن أمكنه صوم المحرم
فإنه يعصم صائمه من كل سيئة 1.
وذكر يحيى بن الحسين بن هارون الحسيني في أماليه باسناده إلى النبي صلى الله
عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان أفضل الصلاة بعد صلاة
الفريضة الصلاة في جوف الليل، وان أفضل الصوم من بعد شهر رمضان صوم شهر الله
الذي يدعونه المحرم (2).
وروى المرزباني هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله من طرق جماعة في المجلد
السابع من كتاب الأزمنة.
ورواه محمد بن أبي بكر المديني الحافظ عن النبي صلى الله عليه وآله أيضا في كتاب
دستور المذكرين (3).
فصل (5)
فيما نذكره من زيادة فضل صوم الثالث من المحرم
روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله عليه، الذي انتهت رئاسة الإمامية
في وقته إليه، فيما ذكره في كتاب الحدائق المشار إليه فقال عند ذكر المحرم
ما هذا لفظه: اليوم الثالث يوم مبارك فيه كان خلاص يوسف عليه السلام من الجب،
فمن صامه يسر الله له الصعب وفرج عنه الكرب (4).
وروى صاحب كتاب دستور المذكرين عن النبي صلى الله عليه وآله: ان من صام

1 - عنه البحار 98: 335.
2 - عنه البحار 98: 335.
3 - عنه البحار 98: 335.
4 - عنه البحار 98: 335.
44

اليوم الثالث من المحرم استجيبت دعوته (1).
فصل (6)
فيما نذكره من فضل صوم التاسع من المحرم
رأيناه في كتاب دستور المذكرين باسناده عن ابن عباس فقال: إذا رأيت هلال
المحرم فاعدد، فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح صائما، قال: قلت كذلك كان
يصوم
محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم (2).
فصل (7) فيما نذكره في عمل ليلة عاشوراء وفضل احيائها
اعلم أن هذه الليلة أحياها مولانا الحسين صلوات الله عليه وأصحابها بالصلوات
والدعوات، وقد أحاط بهم زنادقة الاسلام، ليستبيحوا منهم النفوس المعظمات، وينتهكوا
منهم الحرمات، ويسبوا نساءهم المصونات.
فينبغي لمن أدرك هذه الليلة، أن يكون مواسيا لبقايا أهل آية المباهلة وآية التطهير،
فيما كانوا عليه في ذلك المقام الكبير، وعلى قدم الغضب مع الله جل جلاله ورسوله
صلوات الله عليه، والموافقة لهما فيما جرت الحال عليه، ويتقرب إلى الله جل جلاله
بالاخلاص من موالاة أولياءه ومعاداة أعدائه.
وأما فضل إحيائها:
فقد رأينا في كتاب دستور المذكرين باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحيا ليلة عاشوراء فكأنما (3) عبد الله عبادة جميع
الملائكة، وأجر العامل فيها كأجر (4) سبعين سنة (5).

1 - عنه البحار 98: 335.
2 - عنه البحار 98: 335.
3 - فكما (خ ل).
4 - يعدل (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 336.
45

وأما تعيين الأعمال من صلاة أو ابتهال:
فمن ذلك الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله، وجدناها عن محمد بن أبي بكر
المديني الحافظ من كتاب دستور المذكرين باسناده المتصل عن وهب بن منبه، عن ابن
عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من صلى ليلة عاشوراء أربع ركعات من آخر الليل، يقرأ في كل ركعة بفاتحة
الكتاب وآية الكرسي - عشر مرات، و (قل هو الله أحد) - عشر مرات، و (قل أعوذ برب
الفلق) - عشر مرات، و (قل أعوذ برب الناس) - عشر مرات، فإذا سلم قرأ (قل هو الله أحد)
مائة مرة
بنى الله تعالى له في الجنة مائة ألف ألف مدينة من نور، في كل مدينة ألف ألف
قصر، في كل قصر ألف ألف بيت، في كل بيت ألف ألف سرير في كل سرير ألف
ألف فراش، في كل فراش زوجة من الحور العين، في كل بيت ألف ألف مائدة، في
كل مائدة ألف ألف قصعة، في كل قصة مائة ألف ألف لون ومن الخدم، على كل
مائدة ألف ألف وصيف، ومائة ألف ألف وصيفة، على عاتق كل وصيف وصيفة
منديل، قال وهب بن منبه: صمت أذناي أن لم أكن سمعت هذا من ابن عباس (1).
ومن ذلك ما رويناه أيضا في كتاب دستور المذكرين باسناده المتصل عن أبي أمامة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من صلى ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرة وقل هو الله أحد) ثلاث مرات،
ويسلم بين كل ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال: سبحان الله والحمد لله
ولا إله الا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - سبعين مرة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى هذه الصلاة من الرجال
والنساء ملأ الله قبره إذا مات مسكا وعنبرا، ويدخل إلى قبره في كل يوم نور إلى أن
ينفخ في الصور، وتوضع له مائدة منها نعيم يتناعم به أهل الدنيا منذ يوم خلق إلى أن

1 - عنه الوسائل 8: 181. البحار 98: 337.
46

ينفخ في الصور، وليس من الرجال والنساء إذا وضع في قبره الا يتساقط شعورهم الا من
صلى هذه الصلاة، وليس أحد يخرج من قبره إلا أبيض الشعر إلا من صلى هذه
الصلاة.
والذي بعثني بالحق إنه من صلى هذه الصلاة، فان الله عز وجل ينظر إليه في قبره
بمنزلة العروس في حجلته إلى أن ينفخ في الصور، فإذا نفخ في الصور يخرج من قبره
كهيئته إلا الجنان كما يزف العروس إلى زوجها - ثم ذكر تمام الحديث في تعظيم يوم
عاشوراء وعمل الخير فيه، وقد قصدنا ما يتعلق بليلة عاشوراء (1).
وقد ذكرنا فيما تقدم من اعتمادنا في مثل هذه الأحاديث على ما رويناه عن الصادق
عليه السلام أنه: من بلغه شئ من الخير فعمل كان له ذلك، وإن لم يكن الأمر كما
بلغه.
ومن ذلك ما رأيناه في بعض كتب العبادات عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال:
من صلى مائة ركعة ليلة عاشوراء يقرأ في كل ركعة الحمد مرة (قل هو الله أحد)
ثلاث مرات، ويسلم بين كل ركعتين، فإذا فرغ من جميع صلاته قال: سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،
وأستغفر الله سبعين مرة - وذكر من الثواب والاقبال ما يبلغه كثير من الآمال
والأعمال، ويطول به شرح المقال (2).
ومن الصلوات يوم عاشوراء في رواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
يصلي ليلة عاشوراء أربع ركعات في كل ركعة الحمد مرة، و (قل هو الله أحد) خمسون
مرة، فإذا سلمت من الرابعة فأكثر ذكر الله تعالى، والصلاة على رسوله، واللعن
لأعدائهم ما استطعت (3).

1 - عنه صدره الوسائل 8: 181، البحار 98: 337.
2 - عنه الوسائل 8: 181، البحار 98: 338.
3 - عنه الوسائل 8: 182، البحار 98: 338.
47

ومن الصلوات والدعوات ليلة عاشوراء ما ذكره صاحب المختصر من المنتخب فقال
ما هذا لفظه: الدعاء في ليلة عاشوراء أن يصلي عشر ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب
مرة واحدة، و (قل هو الله أحد) مائة مرة.
وقد روي أن يصلي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و (قل هو الله أحد) ثلاث
مرات، فإذا فرغت منهن وسلمت تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، مائة مرة، وقد روي سبعين
مرة وأستغفر الله مائة مرة، وقد روي سبعين مرة، وصلى الله على محمد وآل
محمد مائة مرة، وقد روي سبعين مرة.
وتقول دعاء فيه فضل عظيم، وهو ثابت في كتاب الرياض:
اللهم إني أسألك يا الله يا رحمان، يا الله يا رحمان، يا الله يا رحمان،
يا الله يا رحمان، يا الله يا رحمان، يا الله يا رحمان، يا الله يا رحمان، يا الله
يا رحمان، يا الله يا رحمان، يا الله يا رحمان.
وأسألك بأسمائك الوضيئة الرضية المرضية الكبيرة الكثيرة يا الله،
وأسألك بأسمائك العزيزة المنيعة يا الله، وأسألك بأسمائك الكاملة التامة
يا الله، وأسألك بأسمائك المشهورة المشهودة لديك يا الله، وأسألك بأسمائك
التي لا ينبغي لشئ أن يتسمى بها غيرك يا الله.
وأسألك بأسمائك التي لا ترام ولا تزول يا الله، وأسألك بما تعلم أنه لك
رضا من أسمائك يا الله، وأسألك بأسمائك التي سجد لها كل شئ دونك
يا الله، وأسألك بأسمائك التي لا يعدلها علم ولا قدس ولا شرف ولا وقار
يا الله، وأسألك من مسائلك بما عاهدت أو في العهد أن تجيب سائلك بها
يا الله.
وأسألك بالمسألة التي أنت لها أهل يا الله، وأسألك بالمسألة التي تقول
لسائلها وذاكرها: سل ما شئت فقد وجبت لك الإجابة، يا الله يا الله، يا الله
48

يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله، يا الله.
وأسألك بجملة ما خلقت من المسائل التي لا يقوى بحملها شئ دونك
يا الله، وأسألك من مسائلك بأعلاها علوا، وأرفعها رفعة، وأسناها ذكرا،
وأسطعها نورا، وأسرعها نجاحا، وأقربها إجابة، وأتمها تماما، وأكملها
كمالا، وكل مسائلك عظيمة يا الله.
وأسألك بما لا ينبغي أن يسأل به غيرك من العظمة والقدس والجلال،
والكبرياء والشرف والنور، والرحمة والقدرة، الاشراف والمسألة والجود،
والعظمة والمدح والعز، والفضل العظيم والرواج، والمسائل التي بها تعطي
من تريد وبها تبدئ وتعيد يا الله.
وأسألك بمسائلك العالية البينة المحجوبة من كل شئ دونك يا الله،
وأسألك بأسمائك المخصوصة يا الله، وأسألك بأسمائك الجليلة الكريمة
الحسنة يا جليل يا جميل يا الله، يا عظيم يا عزيز، يا كريم يا فرد يا وتر، يا أحد
يا صمد، يا الله يا رحمان يا رحيم.
أسألك بمنتهى أسمائك التي محلها في نفسك يا الله، وأسألك بما
سميته به نفسك مما لم يسمك به أحد غيرك يا الله.
وأسألك بما لا يرى من أسمائك يا الله، وأسألك من أسمائك بما لا يعلمه
غيرك يا الله، وأسألك بما نسبت إليه نفسك مما تحبه يا الله، وأسألك بجملة
مسائلك الكبرياء، وبكل مسألة وجدتها حتى ينتهي إلى الاسم الأعظم
يا الله.
وأسألك بأسمائك الحسنى كلها يا الله، وأسألك بكل اسم وجدته حتى
ينتهي إلى الاسم الأعظم الكبير الأكبر العلي الأعلى، وهو اسمك الكامل
الذي فضلته على جميع ما تسمى به نفسك، يا الله يا الله، يا الله، يا الله
يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا رحمان يا رحيم، أدعوك وأسألك بحق هذه
الأسماء وتفسيرها، فإنه لا يعلم تفسيرها أحد غيرك يا الله.
49

وأسألك بما لا أعلم ولو علمته سألتك به، وبكل اسم استأثرت به في
علم الغيب عندك أن تصلي على محمد، عبدك ورسولك وأمينك على
وحيك، وأن تغفر لي جميع ذنوبي، وتقضي لي جميع حوائجي، وتبلغني
آمالي، وتسهل لي محابي، وتيسر لي مرادي، وتوصلني إلى بغيتي سريعا
عاجلا، وترزقني رزقا وواسعا، وتفرج عني همي وغمي وكربي يا أرحم
الراحمين (1).
فصل (8)
فيما نذكره من فضل المبيت عند الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء وفضل زيارته فيها
روينا ذلك بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن جابر الجعفي، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من بات عند قبر الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء، لقي
الله يوم القيامة ملطخا بدمه، وكأنما قتل معه في عرصة كربلاء (2).
وقال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية، وروي ان من زاره عليه السلام
وبات عنده في ليلة عاشوراء حتى يصبح، حشره الله تعالى ملطخا بدم الحسين عليه
السلام في جملة الشهداء معه عليه السلام (3).
فصل (9) فيما نذكره من صوم يوم عاشوراء وفضله والدعاء فيه
اعلم أن الروايات وردت متظافرات في تحريم صوم يوم عاشوراء على وجه
المشاتات، وذلك معلوم من أهل الديانات، فان الشماتة يكسر حرمة الله جل جلاله

1 - عنه البحار 98: 338 - 340.
2 - مصباح المتهجد 2: 771)، عنه البحار 98: 340، 101: 103، كامل الزيارات: 173، مستدرك الوسائل 2: 211،
المزار الكبير: 143، المزار للمفيد 59، الوسائل 10: 372، مصباح الكفعمي: 482، مسار الشيعة: 25.
3 - عنه البحار 98: 34، 101: 103.
50

ورد مراسمه وهتك حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وهدم معالمه، وعكس احكام
الاسلام وابطال مواسمه، ما يشمت بها ويفرح لها، الا من يكون عقله وقلبه ونفسه
ودينه قد ماتت بالعمى والضلالة، وشهدت عليه بالكفر والجهالة، ووردت اخبار كثيرة
بالحث على صيامه.
منها: ما رويناه بإسنادنا عن علي بن فضال، باسناده عن أبي جعفر عليه السلام
قال: استوت السفينة يوم عاشوراء على الجودي، فأمر نوح من معه من الجن والإنس أن
يصوموا ذلك اليوم.
وقال أبو جعفر عليه السلام: أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تاب الله عز
وجل فيه على آدم عليه السلام وحواء، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى فرعون، وهذا
اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه، وهذا اليوم الذي
ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس، وهذا اليوم
الذي ولد فيه عيسى بن مريم عليه السلام، وهذا اليوم الذي يقوم فيه القائم عليه السلام (1).
ومنها: بإسنادنا إلى هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه
السلام، عن أبيه أن عليا عليه السلام قال: صوموا من عاشوراء التاسع والعاشر فإنه
يكفر ذنوب سنة (2).
أقول: ورأيت من طريقهم في المجلد الثالث من تاريخ النيشابوري للحاكم في ترجمة
نصر بن عبد الله النيشابوري باسناده إلى سعيد بن المسيب عن سعد أن النبي صلى الله عليه وآله لم يصم عاشوراء.
وأما الدعاء فيه:
فقد ذكر صاحب كتاب المختصر من المنتخب، فقال ما هذا لفظه: تصبح يوم
عاشوراء صائما وتقول:

1 - عنه البحار 98: 340.
2 - عنه البحار 98: 340.
51

سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم، سبحان الله آناء الليل وأطراف النهار، سبحان الله
بالغدو والآصال، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في
السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون. يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد
موتها وكذلك تخرجون، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له
ولي من الذل وكبره تكبيرا، عدد كل شئ، وملأ كل شئ، وزنة كل
شئ، وأضعاف ذلك أضعافا مضاعفة أبدا سرمدا كما ينبغي لعظمته.
سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان
الحي الذي لا يموت، سبحان الملك القدوس، سبحان القائم الدائم، سبحان
الحي القيوم، سبحان العلي الأعلى، سبحانه وتعالى، سبحانه الله، سبوح
قدوس رب الملائكة والروح.
اللهم إني أصبحت في منة ونعمة وعافية فأتمم علي نعمتك يا الله،
ومنك وعافيتك وارزقني شكرك، اللهم بنور وجهك اهتديت، وبفضلك
استغنيت، وبنعمتك أصبحت وأمسيت.
أشهدك وكفى بك شهيدا، وأشهد ملائكتك، وحملة عرشك وجميع
خلقك وسمائك وأرضك، وجنتك ونارك، بأنك أنت الله لا إلا أنت
وحدك لا شريك لك، وأن ما دون عرشك إلى قرار أرضك من معبود دونك
باطل مضمحل.
وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنك
باعث من في القبور، اللهم فاكتب شهادتي هذه عندك حتى ألقاك بها،
وقد رضيت عني يا أرحم الراحمين.
52

اللهم فلك الحمد حمدا تضع لك السماء كنفيها، وتسبح لك الأرض
ومن عليها، حمدا يصعد ولا ينفد، حمدا يزيد ولا يبيد، حمدا سرمدا لا انقطاع
له ولا نفاد، حمدا يصعد أوله ولا يفنى آخره.
ولك الحمد علي وفوقي ومعي وأمامي وقبلي ولدي، وإذا مت وفنيت
وبقيت يا مولاي، ولك الحمد بجميع محامدك كلها على جميع نعمائك
كلها، ولك الحمد في كل عرق ساكن وفي كل أكلة وشربة ولباس وقوة
وبطش وعلى موضع كل شعرة.
اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك
يرجع الأمر كله، وعلانيته وسره، وأنت منتهى الشأن كله.
اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد
قدرتك، اللهم لك الحمد يا باعث الحمد، ولك الحمد يا وارث الحمد،
وبديع الحمد، ومنتهى الحمد، ومبدئ الحمد، ووفي العهد، صادق الوعد،
عزيز الجند، وقديم المجد.
اللهم لك الحمد رفيع الدرجات، مجيب الدعوات، منزل الآيات من
فوق سبع سماوات، مخرج من في الظلمات إلى النور، مبدل السيئات
حسنات، وجاعل الحسنات درجات.
اللهم لك الحمد غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذا الطول، لا إله
إلا أنت إليك المصير، اللهم لك الحمد في الليل إذا يغشى، وفي النهار إذا
تجلى، ولك الحمد في الآخرة والأولى.
اللهم لك الحمد عدد كل نجم في السماء ولك الحمد عدد كل ملك
في السماء، ولك الحمد عدد كل قطرة في البحر، ولك الحمد عدد أوراق
الأشجار، ولك الحمد عدد الجن والإنس، وعدد الثرى والبهائم والسباع
والطير.
ولك الحمد عدد ما في جوف الأرض، ولك الحمد عدد ما على وجه
53

الأرض. ولك الحمد عدد ما أحصى كتابك وأحاط به علمك وزنة عرشك،
حمدا كثيرا مباركا فيه.
اللهم لك الحمد عدد ما تقول، وعدد ما تعلم، وعدد ما يعمل خلقك
كلهم، الأولون والآخرون، وزنة ذلك كله وعدد ما سمينا كله إذا متنا وفنينا،
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو
على كل شئ قدير.
تقول: أستغفر الله - عشر مرات، يا الله يا الله - عشر مرات، يا رحمان يا رحمان - عشر
مرات، يا رحيم يا رحيم - عشر مرات، حنان يا منان - عشر مرات، يا لا إله إلا أنت
- عشر مرات.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - عشر مرات، آمين آمين - عشر
مرات، بسم الله الرحمن الرحيم، عشر مرات، وصلى الله على محمد النبي
وآله وسلم - عشر مرات.
ثم تقول:
اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شديدة (1)، وأنت لي
في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من كرب يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه
الحيلة، ويخذل فيه القريب ويشمت فيه العدو.
أنزلته بك وشكوته إليك، رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته
وكفيتنيه (2)، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة،
فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا.
اللهم صلى على محمد وآل محمد، وسهل لي محنتي، ويسر لي
إرادتي، وبلغني أمنيتي، وأوصلني إلى بغيتي سريعا عاجلا، واقض عني

1 - شدة (خ ل).
2 - كفيته (خ ل).
54

ديني يا أرحم الراحمين (1).
فصل (10)
فيما نذكره من وصف أهوال يوم عاشوراء
يا له من يوم كسفت فيه شموس الاسلام والمسلمين، وخسفت به بدور الطاهرين،
ورجفت فيه اقدام أهل اليقين، وطأطأ الاسلام رأسه ذلا وجزعا بلسان الحال من تلك
الأهوال، وناح لسان حال الشرائع والاحكام، وكاد ان يموت ضوء النهار ويحيى
أموات الظلام، وبهتت العقول السليمة وعادت (2) لعزلها عن ولايتها، وشقت جيوب
القلوب المستقيمة لغلبتها على امارتها، وتبرأت الباب المحاربين لذرية سيد المرسلين من
أصحابها، وشكت إلى الله جل جلاله على مصابها.
وعقدت ألوية العار على كل عاذر وخاذل، ووسمت جباه الشامتين باستحقاق
كل هول هائل وخطب شامل، وأشرف الملائكة والأنبياء والمرسلين ومحمد صلوات الله
وسلامه عليه وعترته المظلومون، من مناظر التعجب يطلعون ويسترجعون مما قد بلغت
الحال إليه، وعجزت القوة البشرية عن احتمال ما أقدم الأعداء عليه.
وقال لسان حال الرسول الداعي لكل سامع وواع، الساعين إلى سفك دمه
الشريف بسوء المساعي: إذا لم تجاوزنا على الاحسان، ولم تعترفوا لنا بحق العتق من
الهوان ومن عذاب النيران، ولم تذكرون لنا بسط أيديكم على ملوك الأزمان، وما فتحنا
عليكم من أبواب الرضوان والجنان، فارجعوا معنا إلى حكم المروة والحباء وعوائد الكرم
في الجاهلية الجهلاء أولا، فلا تكونوا لنا ولا علينا، فما الذي حملكم على العداوة لنا
والاقدام على القتل لنا والتشفي بالإساءة إلينا.
فناداه لسان حال الشفقة على قلبه المصدود: القوم أموات ولست بمسمع من في
القور.

1 - عنه البحار 98: 341 - 343.
2 - عاودت (خ ل).
55

وكشف له عن التشريف لأهله بذلك التكليف ومن عذاب الأعداء بدوام الشقاء،
وعن اسرار ان أهلك أعز علينا منهم عليك، والذي قد جرى بمحضرنا ونحن أقدر على
الانتقام، وسوف يحضر الجميع بين يديك وتحكم في كل مسئ إلى ذريتك واليك،
وان ولايتك على الأشرار كولايتك على الأبرار، وأنت المنتقم لنا، ولك بمهما شئت من الاقتدار والبوار، ولا نرضى إذا غضبت ولا نقبل على أحد إذا عرضت، وما كان هذا
التمكين للأشرار عن هوان الأبرار، ولكن الموت وارد على أهل الوجود لإكرام أهل
السعود والانتقام من ذوي الجحود.
فأكرمنا نفوس خاصتك وذريتك ان يبذلوها في غير اعزاز ديننا العزيز علينا، وان
يهدوها الا إلينا، واردنا ان يعرضوها في ديوان المحامات عن حمى ملكنا الباهر وسلطاننا
القاهر.
فحاز ذريتك وخاصتك لنا بما يفرط عليهم، وكان ذلك تشريفا لهم واقبالا منا
عليهم، ولو لم يجودوا لنا بالنفوس وبذل الرؤوس لأفناها الموت الحاكم بالزوال، وفاتها
ما ظفرت به من الاقبال ونهايات الآمال، وان عندنا أعظم مما عندك مما أقدم عليه
الفجار، (فلا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار) (1).
فصل (11)
فيما نذكره من عمل يوم عاشوراء
فمن مهمات يوم عاشوراء عند الأولياء، المشاركة للملائكة والأنبياء والأوصياء في
العزاء، لأجل ما ذهب من الحرمات الإلهية ودرس من المقامات النبوية، وما دخل
ويدخل على الاسلام بذلك العدوان من الذل والهوان، وظهور دولة إبليس وجنوده على
دولة الله جل جلاله وخواص عبيده.
فيجلس الانسان في العزاء لقرائة ما جرى على ذرية سيد الأنبياء صلوات الله جل

1 - إبراهيم: 42.
56

جلاله عليه وعليهم، وذكر المصائب التي تجددت بسفك دمائهم والإسائة إليهم، ويقرء
كتابنا الذي سميناه بكتاب اللهوف على قتلى الطفوف.
وان لم يجده قرأ ما نذكره هاهنا، فإننا حيث ذكرنا يوم عاشوراء ووظائفه من
الأعمال والأقوال، فيحسن ان نذكر ما جرى فيه من وصف الاقبال والقتال، ونسميه)
(كتاب اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف)، فنقول:
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس:
اللهم اننا نقرأ هذا المقتل عليك، ونرفع هذه المظلمة إليك، فلا تمنعنا فيها من
قصاص عدلك، وما وعدت المظلومين من ذخائر فضلك، ثم تنادى إلى العقول والقلوب
والنفوس والأرواح، والنوادب من أهل النوادب من أهل المصائب في الغدو والرواح:
هلموا واسمعوا ما جرى على ابن خير الورى، وارفعوا أصواتكم بالندب على ملوك
أئمة القرى واسبلوا العيون بالدموع عن الكرى 1، واذكروا ان الله جل جلاله رأى عباده
على ضلال قد فضحهم بين الأنام، وحال بينهم وبين العقول والأحلام بعبادة 2 الأحجار
والأصنام، وقد صاروا مستحقين بذلك الاستيصال والاصطلام 3.
فينبغي لسان الحال شفقة محمد رسوله صلوات الله عليه في الشفاعة إلى حلمه جل
جلاله وعفوه ورحمته، ان لا يستأصلهم بما يستحقونه من نقمته، وان يبعثه رسولا إليهم
ليخلصهم مما قد أشرف عليه من الهلاك والاستيصال ويسترهم من فضائح الضلال.
فقبل الله جل جلاله لسان حال شفاعته واستعطافه، وبعثه إليهم رسولا بألطافه،
فلم يزل يرفق بهم ويشفق عليهم حتى غسل سواد أوصافهم بسحائب كمال أوصافه،
وأقامهم عن العكوف على تلك الفضائح والقبائح بتكرار النصائح واظهار المصالح،

1 - الكرى: الكثير من الشئ.
2 - وعبادة (خ ل) 3 - اصطلام: الاهلاك الكلي والاذهاب من الأصل.
57

فعاشوا من موت الجهل وظفروا بفوائد العقل والنقل.
ثم دعاه الله جل جلاله إلى لقائه وخلف فيهم نور اهتدائه من يقوم لهم مقامه بعد
انتقاله إلى دار بقائه، ويحفظ عليهم شريعته واحكامه، فخذلوا القائم مقامه، حتى انتقل
إليه مقتولا مظلوما، واختلفوا على من قام مقامه ثانيا، حتى مضى إلى ربه مقتولا
مسموما.
ثم بقي فيهم الثالث فعرفهم انه سيد شباب أهل الجنة، وشرفهم بما لله جل جلاله
ولرسوله عليه السلام عليهم في ذلك من المنة، وكان جواب الله جل جلاله منهم على
ذلك الانعام وجزاء محمد صلوات الله عليه على الشفاعة فيهم والقيام بهم والاهتمام،
انهم كاتبوه واخرجوه من أوطانه وأخافوه بعد أمانه، واتخذوا الدعاة إلى أصنامهم،
والذين كانوا من أسباب استحقاق اصطلامهم، أئمة لضلالهم وقادة إلى دار هلاكهم
ووبالهم.
وشرعوا إلى عداوة الداعي لهم إلى السلامة والهادي إلى دار الكرامة ودوام الإقامة،
واقبلوا مع عدو الله وعدوهم يريدون قتل ابن بنت رسولهم ونبيهم، وهم يعلمون انه
قطعة من لحم جسده وبضعة من فؤاده وكبده.
فادكرهم صلوات الله عليه بالحقوق السالفة والحاضرة، وما لله جل جلاله بجده وأبيه
وبه، من النعم الباطنة والظاهرة، فعادوا إلى العمى الذي كانوا عليه ولم يلتفتوا إليه،
فسألهم ان يتركوه حيا للدنيا كسائر الاحياء والا يكونوا له ولا عليه في نصرة الأعداء،
فأبوا الا ان يبيحوا ما حماه الله جل جلاله من محارمه، ويسعوا في سفك دمه. فغضب الله
جل جلاله عليهم، فدعاه إلى شرف السعادة بالشهادة، وان يتركهم وما اختاروه من
ضلال الإرادة.
فأسرعوا وسعوا إلى حمى الله جل جلاله ليهتكوه، والى دم رسوله الجاري في أعضاء
ولده ليسفكوه، واقدموا على نائب الله جل جلاله فيهم لما دعاهم لما يحييهم، يريدون
قتله عمدا ويأتون ما يكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا.
وأدركت السعادة قوما ليحولوا بينهم وبين ما اقدموا عليه، وغضبوا لله جل جلاله لما
58

عرفوا انه قد غضب لأجل ما انتهت الحال إليه، فدعاهم القوم إلى ترك القتال والعدول
عن الضلال، وحذروهم من عذاب الدنيا والآخرة، وذكروهم ما لله جل جلاله عليهم
بمحمد رسوله صلوات الله عليه من الحقوق الباهرة.
فبدؤوا بقتل القوم الذين غضبوا لله واتفقوا على هدم أركان الملة، فلم يبق ملك
ولا رسول ولا عبد له عند الله مقام وقبول الا وغضبوا مع الله جل جلاله لتلك الحال،
واستعظموا ما بلغ إليه الأمر من الأهوال، ووقفوا على طريق الشهادة والقبول، يتلقون
روح نائب الله جل جلاله وابن الرسول، وحضرت روح محمد وروح علي وفاطمة
البتول وروح ابنها الحسن المسموم المقتول، يشاهد ما يجري على مهجة فؤادهم وقطعة
أكبادهم، يندبون بلسان حالهم ويستغيثون لقتالهم.
وكلما رفع رأس من رؤوس أهل الشهادة كشف بلسان الحال لتلك الرؤوس
رؤوس أهل السعادة مواساة في البلاء في مجلس العزاء، وكلما مزقت ثياب أهل الجهاد
مزقت ثياب الاباء والأجداد، وكلما رمل (1) وجه من تلك الوجوه العزيزة بالرمال رملت
لذلك وجوه أهل الاقبال، وكلما هتكت حرمة الله والرسول بكى لسان حال الاسلام
وذوي العقول.
حتى فزع أهل الضلال من قتل الأحبة والملوك، الذين فرجوا عنهم وعن سلفهم
كل كربة، وقصدوا لقتل ذرية محمد صلوات الله عليه وأولاده، فخرجوا إليهم صلوات
الله عليهم، مشتاقين إلى لقاء الله جل جلاله وما دعاهم إليه من جهاده واتباع مراده
فحاموا عن دينه الذي شرع أهل الضلال في زواله، وبذلوا نفوسهم في حفظ ناموسه
واقباله، واستبدلوا دوام السعادة والبقاء بقتال أهل الشقاء.
حتى قتل المجاهدون من الأكابر والأصاغر، وارتجت فيها السماوات والأرضون
لذلك الضلال الحاضر، فبقي مولانا الحسين صلوات الله عليه والحرم والأطفال الذين
بين يديه، فلم ينظروا الا لتلك الوحدة والكسرة ونفوس من بقي من العترة، واقبلوا

1 - رمل الثوب بالدم: لطخه.
59

يهجمون على الحرم والأطفال بالقتال والاستيصال، وهو صلوات الله عليه مع ما جرت
الحال عليه يدعوهم إلى الله جل جلاله، ويحذرهم من القدوم عليه، ويذكرهم بلقاء
جده لهم يوم القيامة صلوات الله عليه، وعقولهم قد هربت بلسان الحال منهم، وقلوبهم
قد ماتت بسيف الضلال الذي يصدر عنهم.
فلم يرحموا حرمة لوحدتها ولا أسرة لضعف قوتها، ولم يقفوا موقف مروة ولا حياء
ولا اخوة ولا وفاء، وقصدوا نحو الحسين عليه السلام يقتلونه وحيدا فريدا من الأنصار قتل
أهل العداواة، ولا يستحيون من وحدته وانفراده وضعف جلده عن الذي يريده من
جهاده، فرموه بسهامهم وسعوا إلى سفك دمه بأقدامهم.
وكاد لسان حال سيد الأنبياء وفاطمة الزهراء وابنها الحسن المسموم بيد الأعداء،
ان يعجزوا عن احتمال ذلك البلاء والابتلاء، وشققت الجيوب وبكت العيون، وقال
لسان تلك الأهوال: ان هذا لهو البلاء المبين، واشتغلت عقول الأبرار وقلوب الأطهار في
الجلوس على بساط العزاء واجتماع أرواح الأنبياء والأولياء وإقامة سنن المصائب والمأتم
وما يليق بتلك النوائب والعظائم.
فلم يزل أهل الضلال على قدم التهوين بالله وبرسول الله وبولي الله ونائب الله
وابن نبي الله وحجة الله، حتى اثخنوه (2) ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح ورميا بالسهام
وجهدا باقدام بعد اقدام، حتى سمحت جواهر وجوده بمفارقة روحه ولقاء مالك سعوده.
فرماه الطغاة عن فرسه إلى التراب على خده العزيز العزيز عند رب الأرباب العزيز
العزيز، عند جده محمد مالك ملوك ذوي الألباب العزيز العزيز، على أبيه الذي أقامهم
على منابر الاسلام ووطأ لهم مواطئ الاقدام العزيز العزيز، على أمه فاطمة سيدة نساء
العالمين العزيز العزيز، على أخيه الحسن سيد شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين العزيز
العزيز، على الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، فوضع بلسان الحال كل عبد من
أهل الاقبال خدودهم على تراب المواسات، وندبوا وبكوا واستغاثوا لقتل أهل النجاة

1 - الجلد: القوة.
2 - ثخن في العدو: بالغ وغلظ في قتلهم.
60

واتباع روح الحياة.
وابتدر 1 القوم إلى رأس طال ما قبله محمد صلوات الله عليه وعظمه، يريدون ان
يسفكوا بسيف ضلالهم دمه، فذلت رقاب الكتب المنزلة لهتك حرمتها وأعولت شرائع
الدين بسفك دماء أئمتها، واشتد غضب الله جل جلاله وملائكته وأنبيائه وخاصته
عليهم، وقدم لهم من إنزال العذاب عليهم انه سلبهما الألطاف وتركهم صما وعميا
وبكما، ونادى: يا أهل الاسماع: (- ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي (2) لهم خيرا لأنفسهم إنما
نملي لهم ليزدادوا اثما) (3).
فتقدموا واقدموا على التفريق بين رأس عظيم وجسد كريم يعز على الله وعلى رسوله
وعلى خاصته ان يقدم أحد من الخلائق على كسر حرمته وذهاب مهجته، فمدوا إليه يدا
آباؤه الطاهرون بسطوها بعد الانقباض، وأزالوا عنها يد ملوك الدنيا حتى بلغوا لها
نهايات الأغراض، وجعلوا على نحره الشريف سيفا كان لجده وأبيه وله، وفي أيديهم
عارية مضمونة، فسفكوا به دماء مصونة.
فكاد الاسلام ان يموت بمماته، وكل ذي روح يختار الفناء الزوال حياته، فتلقى
روحه محمد جده وأبوه وأمه واخوه صلوات الله عليهم، وقد أرهقها تعب الجهاد، وأتعبها
مقاساة أهل الفساد والعناد.
ففرش الله جل جلاله له فراش العنايات، وبسط لها جده محمد صلوات الله عليه
وآله بساط الكرامات، واجتمعت أرواح الملأ الأعلى، فمن بين معز لسيد الأنبياء وباك
لهذا الابتلاء، وبين راحم للحرم الضعيفات، ومتأسف على هتك الحرمات ودروس (4)
الآيات والدلالات، وشرع الأعداء في نهب بنات الرسول وحرم البتول، ينزعون عنهن
ملاحفهن وأرديتهن ومقانعهن واستارهن.

1 - ابتدر القوم أمرا: بادر بعضهم بعضا إليه أيهم يسبق إليه.
2 - الاملاء: الامهال. 3 - آل عمران: 178.
4 - درس الشئ: ذهب اثره.
61

فعجز لسان الوجدان عن احتمال ذلك العدوان والطغيان، وقامت قيامة العدل
وسالت تعجيل يوم الفصل، ونكست (1) اعلام الاسلام، واظلمت أنوار الشرائع
والاحكام، وغضب لسان حال المصحف الكريم، واعرض عن الاقبال على أهل الفعال
الذميم.
حتى فزعوا من نهب السبايا وجعلوهم في اسراء الرزايا وقالوا: لابد من أن يداس (2)
ظهر النبوة والرسالة، ويهان مقام الكرامة والجلالة، بأن توطئ حوافر الخيل لذلك الظهر
المعظم، وبلغوا من الإلحاد ما لم يعرف قبله فيما تقدم، فوطئوا ظهرا كان لهم ظهرا ونصرا
عند الملك الارحم والمالك الأعظم، وتركوا تلك الأجساد عارية والأعضاء على التراب
بادية، وكم لتلك الأجساد والأعضاء من يد عليهم بخاتم الأنبياء وبما اسبقوا عليهم من
النعماء.
وحملوا رؤوساء طالما رفعت رؤوس كل مسلم بعد وضعها، ووصلت الأسباب بينهم
وبين الله بعد قطعها، وجعلوها على رماح يبكي لسان حالها من حملهم عليها، ويتطأطأ
لهم رؤوس تلك الرمال، وتقبل الأرض بين يديها، وتعتذر بلسان حالها انها مقهورة على
هذا الاعتداء بيد الأعداء، وتقول: طالما حملتموني بيد التكريم وسلكتم بي الصراط
المستقيم، فان اليوم أحملكم لئلا تكونوا على التراب، وأرفعكم عن أن تنالكم يد بقايا
الأحزاب، فطافت الملائكة بذاك الرأس الكريم حتى صار في موكب عظيم من التعظيم،
وساروا بالحرم والنساء والصبيان على مطايا الكسر والذل والهوان.
فهل من باك يندب (3) على الاسلام والايمان، وهل من مواس لملوك الأزمان، وهل
من شاك لكفران الاحسان، وهل من معين على النياحة (4) والعويل، وهل من جواد
بالدمع على القتيل، وكيف يغني شق الجيوب عن شق القلوب لسفك دماء الا حبة

1 - نكسه: قلبه على رأسه.
2 - دس الشئ تحت التراب وفيه: ادخله فيه: وأخفاه.
3 - يبكي (خ ل).
4 - النياحة: البكاء الشديد مع الأنين.
62

بأرض الغربة وسلب مصونات الأبدان وتركها عارية بغير أكفان، ومن ذا يتخلف عن
المساواة للملوك الهداة، ومن يؤثر أن يكون محمد في مجلس العزاء مع الأنبياء والأولياء،
على مصابه بثمرة فؤاده بمخالفة مراده، وبتلف ما جاء به من الشريعة، وبما تجدد من
الأمور الفظيعة، ولا يشاركه في عزائه والبكاء على ذريته وأبنائه.
وأي عين تبخل بدموعها المخزونة، وأي قلوب لا تبكي ولا تحزن لهتك الوجوه
المصونة، وأي يد لا ترتفع نادية وشاكية، وأي السنة لا تنطق بالواعية.
عباد الله تفكروا (1) لو كان هذا قد جرى على أولادكم وأطفالكم ورجالكم
وبناتكم وحرماتكم، فانظروا ما كنتم صانعين وعاملين، فلا يكن من يعز عليكم أعز
ممن على سيد المرسلين، ان كنتم تريدون ان تكونوا من أهل الوفاء لخاتم الأنبياء
وان تسكنوا معه في دار البقاء، فان كل من فارقه في مصائبه واحزانه، كيف يرجوا ان
يلقاه باحسانه أو يسكن معه في دار رضوانه وأمانه، هيهات هيهات ان يشارك أيام
الرخاء، الا من واسا أيام البلاء، فلا يهن عندكم ما لم يهن على الله جل جلاله وخاصته،
وكونوا رحمكم الله على أعظم موافقة الله عز وجل في غضبه لهتك حرمته، وعلى أتم
صفة من مشاركة رسوله صلوات الله عليه وآله فيما جرى عليه لسفك دماء ذريته، واطلبوا في الليل والنهار وفي الأسحار الاخذ بهذا الثار، والظفر بما وعد الصابرين
والمجاهدين من المسار والمبار.
وأقول: أحسن الله عزاء محمد صلوات الله عليه وعزاء كل من شاركه فيما جرت الحال
عليه، وأحسن عزاكم أيها الحاضرون، وانا لله وانا إليه راجعون.
فصل (12)
فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء
اعلم أنه إذا كان المقصود بزيارة الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء بعد قتله

1 - أفكروا (خ ل).
63

وانتقاله إلى الشرف الذي لا يبلغ وضعي إليه، فينبغي أن يكون هذه الزيارة بعد العصر
من اليوم المذكور، فان قتله صلوات الله عليه وآله كان بعد الظهر بحكم المنقول المشهور.
وقد كنا ذكرنا في كتاب مصباحا لزائر زيارتين له صلوات الله عليه في يوم
عاشوراء، وروينا فيها فضلا جليلا وثوابا جزيلا، وسنذكر هنا زيارتين، فيهما زيادات
وفي إحداهما فضل عظيم في الروايات، ونقدم امامها حديثين في فضل زيارته في يوم
عاشوراء.
روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن داود القمي من كتابه كتاب الزيارات
والفضائل باسناده إلى محمد بن أبي عمير، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من زار قبر الحسين عليه السلام يوم عاشوراء عارفا بحقه كان كمن زار
الله عز وجل في عرشه (1).
وباسنادنا أيضا إلى محمد بن داود باسناده إلى حريز عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: من زار الحسين عليه السلام يوم عاشوراء وجبت له الجنة (2).
ومن ذلك ما رواه عبد الله بن حماد الأنصاري في أصله في فضل زيارة الحسين
صلوات الله عليه وآله، ولم يذكر عاشوراء، فقال ما لفظه: عن الحسين بن أبي حمزة قال:
خرجت في آخر زمن بنى أمية وأنا أريد قبر الحسين عليه السلام، فانتهيت إلى
الغاضرية، حتى إذا نام الناس اغتسلت، ثم أقبلت أريد القبر، حتى إذا كنت على
باب الحائر خرج إلي رجل جميل الوجه طيب الريح شديد بياض الثياب، فقال:
انصرف فإنك لا تصل، فانصرفت إلى شاطئ الفرات، فآنست به حتى إذا كان نصف الليل اغتسلت، ثم أقبلت أريد القبر.
فلما انتهيت إلى باب الحائر خرج إلى الرجل بعينه فقال: يا هذا انصرف فإنك

1 - عنه البحار 101: 105، رواه في التهذيب 6: 51، كامل الزيارات: 174، مصباح المتهجد 2: 771، المزار للمفيد:
59، المزار الكبير: 143، مسار الشيعة: 25.
أخرجه عن بعض المصادر: الوسائل 10: 371، مستدرك الوسائل 2: 211.
2 - عنه البحار 101: 105، رواه في كامل الزيارات: 173، التهذيب 6 / 51، مصباح المتهجد 2: 772، عنه مستدرك
الوسائل 2: 211، الوسائل 10: 372، أخرجه في مصباح الكفعمي: 482.
64

لا تصل، فانصرفت، فلما كان آخر الليل اغتسلت، ثم أقبلت أريد القبر، فلما انتهيت
إلى باب الحائر خرج إلي ذلك الرجل فقال: يا هذا انك لا تصل، فقلت: فلم لا أصل
إلى ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسيد شباب أهل الجنة، وقد جئت أمشي من
الكوفة، وهي ليلة الجمعة، وأخاف ان أصبح هاهنا وتقتلني مصالحة بني أمية (1)، فقال:
انصرف فإنك لا تصل، فقلت: ولم لا أصل، فقال: ان موسى بن عمران استأذن ربه في
زيارة قبر الحسين عليه السلام فأذن له فأتاه، وهو في سبعين ألف فانصرف، فإذا عرجوا
إلى السماء فتعال.
فانصرفت وجئت إلى شاطئ الفرات، حتى إذا طلع الفجر اغتسلت وجئت
فدخلت فلم أر عنده أحدا، فصليت عنده الفجر وخرجت إلى الكوفة (2).
فصل (13)
فيما نذكره من ألفاظ الزيارة المنصوص عليها يوم عاشوراء
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا الحسن بن
علي الكوفي، عن الحسن بن محمد الحضرمي، عن عبد الله بن سنان قال:
دخلت على مولاي أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يوم عاشوراء وهو متغير
اللون ودموعه تنحدر (3) على خديه كاللؤلؤ، فقلت له: يا سيدي مما بكاؤك، لا أبكى الله
عينيك، فقال لي: اما علمت أن في مثل هذا اليوم أصيب الحسين عليه السلام؟
فقلت: بلى يا سيدي وإنما أتيتك مقتبس منك فيه علما ومستفيد منك لتفيدني فيه،
قال: سل عما بدا لك وعما شئت.
فقلت: ما تقول يا سيدي في صمه؟ قال: صمه من غير تتبيت وأفطره من غير
تشميت ولا تجعله يوما كاملا، ولكن أفطر بعد العصر بساعة ولو بشربة من ماء، فان في

1 - اي جماعة يصلحون حال بني أمية.
2 - عنه البحار 101: 57.
3 - الحدورة: سيلان العين بالدمع.
65

ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء (1) عن آل رسول عليه وعليهم السلام،
وانكشفت الملحمة (2) عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا يعز (3) على رسول الله صلى الله
عليه وآله مصرعهم.
قال: ثم بكا بكاء شديدا حتى اخضلت لحيته بالدموع وقال: أتدري أي يوم كان
ذلك اليوم؟ قلت: أنت اعلم به مني يا مولاي، قال: إن
الله عز وجل خلق النور يوم الجمعة في أول يوم من شهر رمضان، وخلق الظلمة
في يوم الأربعاء يوم عاشوراء، وجعل لكل منهما شرعة ومنهاجا، يا عبد الله بن سنان أفضل
ما تأتي به هذا اليوم ان تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحل ازرارك وتكشف عن
ذراعيك وعن ساقيك، ثم تخرج إلى ارض مغفرة حيث لا يراك أحدا وفي دارك حين
يرتفع النهار.
وتصلي أربع ركعات تسلم بين كل ركعتين، تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد
و (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية سورة الحمد و (قل هو الله أحد)، وفي الثالثة سورة الحمد
وسورة الأحزاب، وفي الرابعة الحمد والمنافقين.
ثم تسلم وتحول وجهك نحو قبر أبي عبد الله عليه السلام وتمثل بين يديك مصرعه،
وتفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك، ثم تلعن قاتله ألف مرة يكتب لك بكل
لعنة ألف حسنة، ويمحى عنك ألف سيئة، ويرفع لك ألف درجة في الجنة، ثم تسعى
من الموضع الذي صليت فيه سبع مرات، وأنت تقول في كل مرة من سعيك: إنا لله
وإنا إليه راجعون رضا بقضاء الله وتسليما لأمره - سبع مرات، وأنت في كل ذلك
عليك الكآبة (4) والحزن ثاكلا (5) حزينا متأسفا.
فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الذي صليت فيه وقلت سبعين مرة:

1 - الهيجاء: الحرب.
2 - الملحمة: الموقعة العظيمة.
3 - يعز: يثقل.
4 - كأب وكآبة: كان في غم وسوء حال وانكسار من حزن.
5 - ثكل ابنه: فقده.
66

اللهم عذب الذين حاربوا رسلك وشاقوك، وعبدوا غيرك واستحلوا
محارمك، والعن القادة والاتباع، ومن كان منهم ومن رضي بفعلهم لعنا
كثيرا. ثم تقول:
اللهم فرج عن أهل محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين، واستنقذهم
من أيدي المنافقين والكفار والجاحدين، وامنن عليهم، وافتح لهم فتحا
يسيرا، واجعل لهم من لدنك على عدوك وعدوهم سلطانا نصيرا.
ثم اقنت بعد الدعاء وقل في قنوتك:
اللهم إن الأمة خالفت الأئمة وكفروا بالكلمة، وأقاموا على الضلالة
والكفر والردى والجهالة والعمى، وهجروا الكتاب الذي أمرت بمعرفته،
والوصي الذي أمرت بطاعته، فأماتوا الحق وعدلوا عن القسط، وأضلوا الأمة
عن الحق وخالفوا السنة، وبدلوا، الكتاب وملكوا الأحزاب، وكفروا بالحق
لما جاءهم وتمسكوا بالباطل، وضيعوا الحق وأضلوا خلقك، وقتلوا أولاد نبيك
صلى الله عليه وآله وخيرة عبادك وأصفياءك، وحملة عرشك، وخزنة
سرك، ومن جعلتهم الحكام في سماواتك وارضك.
اللهم فزلزل اقدامهم، واخرب ديارهم، واكفف سلاحهم وأيديهم، والق
الاختلاف فيما بينهم، وأوهن كيدهم، واضربهم بسيفك الصارم (1) وحجرك
الدامغ (2)، وطمهم (3) بالبلاء طما، وارمهم بالبلاء رميا، وعذبهم عذابا شديدا
نكرا، وارمهم بالغلاء، وخذهم بالسنين الذي أخذت بها أعداءك، وأهلكهم
بما أهلكتهم به، اللهم وخذهم اخذ القرى وهي ظالمة إن أخذها اليم
شديد.

1 - الصارم: السيف القاطع.
2 - دمغه: شجه.
3 - طمهم: ادفنهم.
67

اللهم إن سبلك ضائعة، واحكامك معطلة، وأهل نبيك في الأرض
هائمة (1) كالوحش السائمة، اللهم اعل الحق واستنقذل الخلق، وامنن علينا
بالنجاة واهدنا للايمان، وعجل فرجنا بالقائم عليه السلام، واجعله لنا ردءا،
واجعلنا له رفدا.
اللهم وأهلك من جعل قتل أهل بيت نبيك عيدا، واستهل (2) فرحا
وسرورا، وخذ آخرهم بما أخذت به أولهم، اللهم أضعف البلاء والعذاب
والتنكيل على الظالمين من الأولين والآخرين، وعلى ظالمي آل بيت نبيك
صلى الله عليه وآله، وزدهم نكالا ولعنة، وأهلك شيعتهم وقادتهم
وجماعتهم، اللهم ارحم العترة الضائعة المقتولة الذليلة من الشجرة الطيبة
المباركة.
اللهم اعل كلمتهم، وافلج حجتهم (3)، وثبت قلوبهم وقلوب شيعتهم على
موالاتهم، وانصرهم وأعنهم وصبرهم على الأذى في جنبك، واجعل لهم
أياما مشهودا واياما معلومة، كما ضمنت لأولياءك في كتابك المنزل، فإنك
قلت: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما
استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم
من بعد خوفهم أمنا) (4).
اللهم اعل كلمتهم يا لا اله إلا أنت، يا لا إله إلا أنت، يا لا إله إلا أنت،
يا أرحم الراحمين، يا حي يا قيوم، فاني عبدك الخائف منك والراجع إليك
والسائل لديك والمتوكل عليك، واللاجئ بفناءك، فتقبل دعائي وتسمع
نجواي، واجعلني ممن رضيت عمله وهديته، وقبلت نسكه وانتجبته،

1 - هائمة: متحيرة.
2 - استهل وجهه: ظهر فيه السرور.
3 - أفلج حجته: أظهر.
4 - النور: 55.
68

برحمتك إنك أنت العزيز الوهاب.
أسألك يا الله بلا إله إلا أنت الا تفرق بيني وبين محمد والأئمة صلوات
الله عليهم أجمعين، واجعلني من شيعة محمد وآل محمد - وتذكرهم واحدا
واحدا بأسمائهم إلى القائم عليه السلام - وأدخلني فيما أدخلتهم فيه وأخرجني
مما أخرجتهم منه.
ثم عفر (1) خديك على الأرض وقل:
يا من يحكم بما يشاء ويعمل ما يريد، أنت حكمت في أهل بيت محمد
ما حكمت، فلك الحمد محمودا مشكورا، وعجل فرجهم وفرجنا بهم، فإنك
ضمنت اعزازهم بعد الذلة، وتكثيرهم بعد القلة، واظهارهم بعد الخمول (2)،
يا أرحم الراحمين.
أسألك يا إلهي وسيدي بجودك وكرمك أن تبلغني أملي وتشكر قليل
عملي، وأن تزيد في أيامي، وتبلغني ذلك المشهد، وتجعلني من الذين
دعي فأجاب إلى طاعتهم وموالاتهم، وأرني ذلك قريبا سريعا إنك على
كل شئ قدير.
وارفع رأسك إلى السماء فان ذلك أفضل من حجة وعمرة، واعلم أن الله عز وجل
يعطي من صلى هذه الصلاة في ذلك اليوم ودعا بهذا الدعاء عشر خصال: منها ان الله
تعالى يوقيه من ميتة السوء، ولا يعاون عليه عدوا إلى أن يموته، ويوقيه من المكاره والفقر
ويؤمنه الله من الجنون والجذام، ويؤمن ولده من ذلك إلى أربع اعقاب، ولا يجعل
للشيطان ولا لأوليائه عليه سبيلا، قال: قلت:
الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم ومعرفة حقكم وأداء ما افترض لكم
برحمته ومنه وهو حسبي نعم الوكيل (3).

1 - عفره في التراب: مرغه ودسه فيه.
2 - خمل ذكره وصوته: خفي.
3 - عنه البحار 101: 309 - 313، أورده في مصباح الزائر: 138 مصباح المتهجد 2: 782، المزار الكبير: 158 و...
69

ذكر الزيارة في يوم عاشوراء من كتاب المختصر من المنتخب، فقال ما هذا لفظه:
ثم تتأهب للزيارة فتبدء فتغتسل وتلبس ثوبين طاهرين وتمشي حافيا إلى فوق
سطحك أو فضاء من الأرض، ثم تستقبل القبلة فتقول:
السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح أمين
الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى
كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث
محمد رسول الله.
السلام عليك يا وارث النبيين وأمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وأفضل
السابقين، وسبط خاتم المرسلين، وكيف لا تكون كذلك سيدي، وأنت امام
الهدى وحليف (1) التقى وخامس أصحاب الكساء، ربيت في حجر الاسلام
ورضعت من ثدي الايمان، فطبت حيا وميتا.
السلام عليك يا وارث الحسن الزكي، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام
عليك أيها الصديق الشهيد، السلام عليك أيها الوصي البر التقي الرضي
الزكي، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفناءك وأناخت بساحتك،
وجاهدت في الله معك، وشرت نفسها ابتغاء مرضات الله فيك، السلام
على الملائكة المحدقين بك.
اشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا صلى الله
عليه وآله وسلم تسليما، عبده ورسوله، وأشهد أن أباك علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين، إمام
افترض الله طاعته على خلقه، وكذلك أخوك الحسن بن علي صلى الله عليه
وآله، وكذلك أنت والأئمة من ولدك.
أشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن

1 - الحليف: كل شئ لزم شيئا فلم يفارقه.
70

المنكر، وجاهدتم في الله حق جهاده، حتى أتاكم اليقين من وعده، فاشهد
الله وأشهدكم اني بالله مؤمن وبمحمد مصدق وبحقكم عارف، وأشهد
أنكم قد بلغتم عن الله عز وجل
ما أمركم به وعبدتموه حتى أتاكم اليقين.
بأبي وأمي أنت يا أبا عبد الله، لعن لله من قتلك، لعن الله من أمر
بقتلك، لعن الله من شايع على ذلك، لعن الله من بلغه ذلك فرضي به
أشهد أن الذين سفكوا دمك وانتهكوا حرمتك وقعدوا عن نصرتك، ممن
دعاك فأجبته، ملعونون على لسان النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم.
يا سيدي ومولاي إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك، فقد أجابك
رأيي وهواي، أنا أشهد أن الحق معك، وأن من خالفك على ذلك باطل،
فياليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما، فأسألك يا سيدي أن تسأل الله جل
ذكره في ذنوبي، وأن يلحقني بكم وبشيعتكم، وأن يأذن لكم في الشفاعة
وأن يشفعكم في ذنوبي، فإنه قال جل ذكره: (من ذا الذي يشفع عنده إلا
باذنه) (1). صلى الله عليك وعلى آبائك وأولادك والملائكة المقيمين في حرمك،
صلى الله عليك وعليهم أجمعين، وعلى الشهداء الذين استشهدوا معك
وبين يديك، صلى الله عليك وعليهم وعلى ولدك علي الأصغر الذي
فجعت (2) به.
ثم تقول:
اللهم إني بك توجهت إليك، وقد تحرمت بمحمد وعترته، وتوجهت بهم
إليك، واستشفعت بهم إليك، وتوسلت بمحمد وآل محمد لتقضي عني
مفترضي (3) وديني، وتفرج غمي وتجعل فرجي موصولا بفرجهم.

1 - البقرة: 255.
2 - فجعه: أوجعه والفجع ان يوجع الانسان بشئ يكرم عليه فيعذبه.
3 - أي ما وجب على من الحقوق.
71

ثم امدد يديك حتى ترى بياض إبطيك وقل:
يا الله لا اله إلا أنت لا تهتك ستري، ولا تبد عورتي، وآمن روعتي وأقلني
عثرتي، اللهم أقلبني مفلحا منجحا قد رضيت عملي واستجبت دعوتي
يا الله الكريم.
ثم تقول: السلام عليك ورحمة الله.
ثم تبدء وتقول:
السلام على أمير المؤمنين، السلام على فاطمة الزهراء، السلام على
الحسن الزكي، السلام على الحسين الصديق الشهيد، السلام على علي بن
الحسين، السلام على محمد بن علي، السلام على جعفر بن محمد، السلام
على موسى بن جعفر، السلام على الرضا علي بن موسى، السلام على
محمد بن علي، السلام على علي بن محمد السلام على الحسن بن علي،
السلام على الإمام القائم بحق الله وحجة الله في أرضه، صلى الله عليه
وعلى آبائه الراشدين الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.
ثم تصلي ست ركعات مثنى مثنى، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله
أحد) مائة مرة، وتقول بعد فراغك من ذلك:
اللهم يا الله يا رحمان يا رحمان يا علي يا عظيم، يا أحد يا صمد يا فرد يا وتر،
يا سميع يا عليم يا عالم، يا كبير يا متكبر، يا جليل يا جميل، يا حليم يا قوي،
يا عزيز يا متعزز، يا مؤمن يا مهيمن، يا جبار يا علي يا معين، يا حنان يا منان
يا تواب، يا باعث يا وارث، يا حميد يا مجيد يا معبود، يا موجود، يا ظاهر يا باطن،
يا أول يا آخر، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والاكرام، ويا ذا العزة والسلطان.
أسألك بحق هذه الأسماء يا الله، وبحق أسمائك كلها، أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تفرج عني كل هم وغم وكرب وضر وضيق أنا فيه،
وتقضي عني ديني وتبلغني أمنيتي وتسهل لي محبتي، وتيسر لي إرادتي
وتوصلني إلى بغيتي سريعا عاجلا، وتعطيني سؤلي ومسألتي، وتزيدني فوق
72

رغبتي وتجمع خير الدنيا والآخرة (1).
فصل (14)
فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء
رويناها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمة الله عليه قال:
حدثنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عياش، قال: حدثني الشيخ الصالح أبو منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي رحمة الله عليه، قال
خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين على يد الشيخ محمد بن غالب
الأصفهاني حين وفاة أبي رحمه الله، وكنت حديث السن، وكتبت استأذن في زيارة
مولاي أبي عبد الله عليه السلام وزيارة الشهداء رضوان الله عليهم، فخرج إلي منه:
بسم الله الرحمن الرحيم: إذا أردت زيارة الشهداء رضوان الله عليهم فقف عند رجلي
الحسين عليه السلام، وهو قبر علي بن الحسين صلوات الله عليهما، فاستقبل القبلة بوجهك
فان هناك حومة الشهداء عليهم السلام وأوم وأشر إلى علي بن الحسين عليه السلام وقل:
السلام عليك يا أول قتيل من نسل (2) خير سليل من سلالة إبراهيم
الخليل، صلى الله عليك وعلى أبيك، إذ قال فيك: قتل الله قوما قتلوك،
يا بني ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول، عن الدنيا
بعدك العفا (3)، كأني بك بين يديه ماثلا وللكافرين قائلا:
أنا علي بن الحسين بن علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي
أطعنكم بالرمح حتى ينثني * أضربكم بالسيف أحمي عن أبي
ضرب غلام هاشمي عربي * والله لا يحكم فينا ابن الدعي
حتى قضيت نحبك، ولقيت ربك، أشهد أنك أولى بالله وبرسوله،

1 - عنه البحار 101: 313 - 316.
2 - النسل: الولد.
3 - العفا: اي درس لم يبق منها اثر.
73

وأنك ابن رسوله، وحجته ودينه وابن حجته وأمينه.
حكم الله (1) على قاتلك مرة بن منقذ بن النعمان العبدي - لعنه الله وأخزاه
- ومن شركه في قتلك، وكانوا عليك ظهيرا، أصلاهم (2) الله جهنم وساءت
مصيرا، وجعلنا الله من ملاقيك (3) ومرافقيك، ومرافقي جدك وأبيك وعمك
وأخيك وأمك المظلومة، وأبرء إلى الله من أعدائك أولى الجحود، (4)
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
السلام على عبد الله بن الحسين، الطفل الرضيع، المرمي الصريع،
المتشحط دما، المصعد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في حجر أبيه،
لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي وذويه.
السلام على عبد الله بن أمير المؤمنين، مبلى البلاء، والمنادي بالولاء
في عرصة كربلاء، المضروب مقبلا ومدبرا، لعن الله قاتله هاني بن ثبيت
الحضرمي.
السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه،
الاخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه،
لعن الله قاتليه (6) يزيد بن الرقاد الحيتي (7) وحكيم بن الطفيل الطائي.
السلام على جعفر بن أمير المؤمنين، الصابر بنفسه محتسبا، والنائي عن
الأوطان مغتربا، المستسلم للقتال، المستقدم للنزال، المكثور (8) بالرجال،

1 - حكم الله لك (خ ل).
2 - اصلاه النار: ادخله إياها وأثواه فيها.
3 - موافقيك (خ ل).
4 - وابرء إلى الله من قاتليك واسأل الله مرافقتك في دار الخلود (خ ل).
5 - تشحط بالدم: تضرج به، اضطرب فيه.
6 - قاتله (خ ل).
7 - في البحار: الجهني.
8 - المكثور: الذي تكاثر عليه الناس فقهروه.
74

لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي.
السلام على عثمان بن أمير المؤمنين، سمي عثمان بن مظعون، لعن الله
راميه بالسهم خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي (1) الدارمي.
السلام على محمد بن أمير المؤمنين، قتيل الأيادي (2) الدارمي لعنه الله
وضاعف عليه العذاب الأليم، وصلى الله عليك يا محمد وعلى أهل بيتك
الصابرين.
السلام على أبي بكر بن الحسن بن علي الزكي الولي، المرمي بالسهم
الردي، لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي.
السلام على عبد الله بن الحسن بن علي الزكي، لعن الله قاتله وراميه
حرملة بن كاهل الأسدي.
السلام على القاسم بن الحسن بن علي، المضروب على هامته،
المسلوب لامته (3)، حين نادى الحسين عمه، فجلى عليه عمه كالصقر، وهو
يفحص (4) برجليه التراب، والحسين يقول: بعدا لقوم قتلوك، ومن خصمهم يوم
القيامة جدك وأبوك.
ثم قال: عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو أن يجيبك وأنت
قتيل جديل فلا ينفعك، هذا والله يوم كثر واتره وقل ناصره، جعلني الله
معكما يوم جمعكما، وبوأني مبوأكما، ولعن الله قاتلك عمر بن سعد بن
عروة بن نفيل الأزدي، وأصلاه جحيما وأعد له عذابا أليما.
السلام على عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان، حليف الايمان،
ومنازل الأقران، الناصح للرحمان، التالي للمثاني والقران لعن الله قاتله

1 - الاباني (خ ل).
2 - الاباني (خ ل).
3 - اللأم: الدرع.
4 - فحص التراب: قلبه وكشفه.
5 - وتر فلانا: اصابه بظلم أو مكروه.
75

عبد الله بن قطبة (1) البهبهاني.
السلام على محمد بن عبد الله بن جعفر، الشاهد مكان أبيه، والتالي
لأخيه، وواقيه ببدنه، لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.
السلام على جعفر بن عقيل، لعن الله قاتله وراميه بشر بن خوط
الهمداني، السلام على عبد الرحمان بن عقيل، لعن الله قاتله وراميه عمير بن
خالد بن أسد الجهني (2).
السلام على القتيل بن القتيل: عبد الله بن مسلم بن عقيل، ولعن الله قاتله
عامر بن صعصعة. وقيل: أسد (3) بن مالك، السلام على عبيد الله بن مسلم بن
عقيل، ولعن الله قاتله وراميه عمرو 4 بن صبيح الصيداوي، السلام على
محمد بن أبي سعيد بن عقيل، ولعن الله قاتله لقيط بن ناشر الجهني.
السلام على سليمان مولى الحسين بن أمير المؤمنين، ولعن الله قاتله
سليمان بن عوف الحضرمي. السلام على قارب مولى الحسين بن علي،
السلام على منجح مولى الحسين بن علي.
السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي، القائل للحسين وقد أذن له في
الانصراف: أنحن نخلي عنك، وبم نعتذر عند الله من أداء حقك، لا والله.
حتى أكسر في صدورهم رمحي هذا، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في
يدي، ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة،
ولم أفارقك حتى أموت معك، وكنت أول من شرى نفسه، وأول شهيد شهد
الله وقضى نحبه، برب (6) الكعبة، شكر الله استقدامك ومواساتك

1 - قطية (خ ل).
2 - عمر (خ ل)، في البحار: عثمان بن خالد بن أشيم.
3 - أسيد (خ ل).
4 - عمر (خ ل).
5 - من شهد الله (خ ل).
6 - في البحار: ورب.
76

إمامك، إذا مشى إليك وأنت صريع، فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة،
وقرأ: (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (1)، لعن الله
المشتركين في قتلك: عبد الله الضبابي، وعبد الله بن خشكارة (2) البجلي (3).
السلام على سعد بن عبد الله الحنفي، القائل للحسين وقد أذن له في
الانصراف: لا والله لا نخليك حتى يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسول الله
صلى الله عليه وآله فيك، والله لو أعلم أني اقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم
اذرى، ويفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك، حتى القى حمامي (4) دونك،
وكيف لا افعل ذلك وإنما هي موتة أو قتلة واحدة، ثم هي بعدها الكرامة
التي لا انقضاء لها ابدا، فقد لقيت حمامك، وواسيت امامك، ولقيت من
الله الكرامة في دار المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين، ورزقنا
مرافقتكم في أعلى عليين.
السلام على بشر بن عمر الحضرمي، شكر الله لك قولك (6) للحسين وقد
اذن لك في الانصراف: اكلتني اذن السباع حيا ان فارقتك واسأل عنك
الركبان، واخذ لك مع قلة الأعوان، لا يكون هذا ابدا.
السلام على يزيد بن حصين الهمداني المشرقي (7) القاري، المجدل
بالمشرفي، السلام على عمر بن أبي كعب الأنصاري، السلام على نعيم
العجلان الأنصاري.
السلام على زهير بن القين البجلي، القائل للحسين وقد اذن له في

1 - الأحزاب: 23.
2 - خسكارة (خ ل).
3 - في بعض النسخ: ومسلم بن عبد الضباني، وفي البحار: ومسلم بن عبد الله الضباني.
4 - الحمام: كل ما قدر وقضى.
5 - سعد (خ ل).
6 - سعيك (خ ل).
7 - المشرفي (خ ل).
77

الانصراف: لا والله لا يكون ذلك ابدا، اترك ابن رسول الله أسيرا في يد
الأعداء وانجو! لا أراني الله ذلك اليوم.
السلام على عمرو بن قرظة الأنصاري، السلام على حبيب بن مظاهر
الأسدي، السلام على الحر بن يزيد الرياحي.
السلام على عبد الله بن عمير الكلبي. السلام على نافع بن هلال بن نافع
البجلي المرادي.
السلام على انس بن كاهل الأسدي، السلام على قيس بن مسهر
الصيداوي، السلام على عبد الله وعبد الرحمان ابني عروة بن حراق الغفاريين.
السلام على جون بن حري مولى أبي ذر الغفاري، السلام على شبيب
ابن عبد الله النهشلي، السلام على الحجاج بن يزيد السعدي، السلام على
قاسط وكرشس (3) ابني ظهير (4) التغلبيين.
السلام على كنانة بن عتيق، السلام على ضرغامة بن مالك، السلام على
حوي بن مالك الضبعي، السلام على عمر بن ضبيعة الضبعي.
السلام على زيد بن ثبيت القيسي، السلام على عبد الله وعبيد الله ابني
يزيد بن ثبيت (6) القيسي.
السلام على عامر بن مسلم، السلام على قعنب بن عمرو التمري، السلام
على سالم مولى عامر بن مسلم. السلام على سيف بن مالك.
السلام على زهير بن بشر الخثعمي، السلام على زيد بن (7) معقل الجعفي،

1 - عمير (خ ل).
2 - عون (خ ل).
3 - كردوس (خ ل).
4 - زهير (خ ل).
5 - جوين (خ ل)
. 6 - ثبيط (خ ل).
7 - بدر (خ ل).
78

السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي، السلام على مسعود بن الحجاج
وابنه.
السلام على مجمع بن عبد الله العائذي، السلام على عمار بن حسان بن
شريح الطائي، السلام على حيان (1) بن الحارث السلماني الأزدي، السلام على
جندب بن حجر الخولاني.
السلام على عمر بن خالد الصيداوي، السلام على سعيد مولاه، السلام
على يزيد بن زياد بن المهاجر (2) الكندي، السلام على زاهر (3) مولى عمرو بن
الحمق الخزاعي، السلام على جبلة بن علي الشيباني، السلام على سالم
مولى ابن المدنية الكلبي.
السلام على أسلم بن كثير الأزدي الأعرج، السلام على زهير بن سليم
الأزدي، السلام على قاسم بن حبيب الأزدي، السلام على عمر بن جندب (4)
الحضرمي. السلام على أبي ثمامة عمر بن عبد الله الصائدي، السلام على حنظلة بن
أسعد الشبامي (6)، السلام على عبد الرحمان بن عبد الله بن الكدر الأرحبي،
السلام على عمار (7) بن أبي سلامة الهمداني.
السلام على عابس بن شبيب الشاكري، السلام على شوذب مولى
شاكر، السلام على شبيب بن الحارث بن سريع، السلام على مالك بن
عبد بن سريع.

1 - في البحار: حباب.
2 - المظاهر (خ ل).
3 - زاهر (خ ل).
4 - عمر بن الاحدوث (خ ل).
5 - تمامة (خ ل).
6 - الشيباني (خ ل)، سعد (خ ل).
7 - أبي عمار (خ ل).
79

السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي حمير (1) الفهمي الهمداني
السلام على المرثث (2) معه عمرو بن عبد الله الجندعي.
السلام عليكم يا خير أنصار، السلام عليم بما صبرتم فنعم عقبى الدار،
بوأكم الله مبوء الأبرار، اشهد لقد كشف الله لكم الغطاء، ومهد لكم
الوطاء، واجزل لكم العطاء، وكنتم عن الحق غير بطاء، وأنتم لنا فرطاء،
ونحن لكم خلطاء في دار البقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (3).
فصل (15)
فيما نذكره من فضل قراءة (قل هو الله أحد) في يوم عاشوراء
روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من قرأ يوم عاشوراء الف مرة سورة
الاخلاص، نظر الرحمان إليه، ومن نظر الرحمان إليه لم يعذبه ابدا (4).
أقول: لعل معنى نظر الرحمان إليه، أراد به نظر الرحمة للعبد والرضا عنه والشفقة
عليه.
فصل (16)
فيما نذكره مما ينبغي أن يكون الانسان عليه يوم عاشوراء من الأسباب التي تقربه إلى الله
جل جلاله والى رسوله صلوات الله عليه وآله
اعلم انا قد قدمنا من آداب يوم عاشوراء والعبادات فيه، ما فيه كفاية لمن اطلع على
معانيه وعمل فيها بما يقربه إلى الله جل جلاله ومراضيه، ولكنا نذكر في هذا الفصل
ما يفتحه الله جل جلاله من زيادة استظهار لتحصيل السعادة، فنقول:

1 - سوار بن أبي خير (خ ل).
2 - المرتب (خ ل)، أقول: المرثث بصيغة المفعول الذي حمل من المعركة رثيثا، أي جريحا وبه رمق.
3 - عنه البحار 45: 64 - 74، 101: 269 - 274، أورده في مصابح الزائر: 148 - 151، المزار الكبير: 162 - 164.
4 - عنه البحار 98: 343.
80

ان أقل مراتب يوم عاشوراء ان تجعل قتل مولانا (1) الحسين صلوات الله عليه، وقتل
من قتل معه من الأهل والأبناء مجرى والداك أو ولدك، أو بعض من يعز عليك،
فكن في يوم عاشوراء كما كنت تكون عند فقدان أخص أهلك به وأقربهم إليك، فأنت
تعلم أن موت أحد من أعزتك ما فيه ظلم لك ولا لهم ولا كسر حرمة الاسلام ولا كفر
الأعداء لحرمتك.
واما الحسين عليه السلام فان الذي جرى عليه وعلى جماعته ومن يعز عليه، جرى
فيه ما قد شرحنا بعضه من هتك حرمات الاسلام وذل مقامات أهل العقول والافهام،
ودروس معالم الدين وشماتة أعداء المسلمين.
فأجتهد ان يراك الله جل جلاله ان كلما يعز عليه يعز عليك، وان يراك رسوله عليه
السلام ان كلما هو إساءة إليه فهو إساءة إليك، فكذا يكون من يريد شرف الوفاء لله
جل جلاله ولرسول الله صلوات الله عليه ولخاصته، وكذا يكون من يريد أن يكون الله
جل جلاله ورسوله وأوليائه عليه وعليهم السلام معه عند نكبته أو حاجته أو ضرورته،
فإنه إذا كان معهم في الغضب والرضا واللذة والسرور كانوا معه عند مثل تلك الأمور.
أقول: واما ان كنت صاحب معرفة بالله جل جلاله وخواص عباده وتتقي الله جل
جلاله في اتباع مراده، فإنك لا تقنع أن يكون حالك يوم عاشوراء مثل حالك عند فقد
الاباء والأبناء، بل على قدر منزلة الحسين صلوات الله عليه وآله وذريته وعترته عند الله
جل جلاله وعند جدهم صلوات الله عليه في المواساة عند تلف ما يقوم مقام مهجته،
وعلى قدر المصيبة في الاسلام وذهاب حرمته.
أقول: وروينا بإسنادنا إلى مولانا علي بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال:
من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن
كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله يوم القيامة يوم فرحه وسروره
وقرت بنا في الجنة عينه، ومن سمي يوم عاشوراء يوم بركة وادخر لمنزله فيه شيئا

1 - مولاك (خ ل).
81

لم يبارك له فيما ادخر، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم
الله في أسفل درك من النار! (1)
فهذا ما أردنا ذكره من أحوال المواساة في أهوال قتل أئمة النجاة، ولم نستوف كلما
توجه من حقوقهم المعظمة في الحياة وبعد الوفاة.
أقول: وإذا عزمت على ما لابد منه من الطعام والشراب بعد انقضاء وقت المصاب
فقل ما معنا:
اللهم إنك قلت: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء
عند ربهم يرزقون) (2)، فالحسين صلوات الله عليه وعلى أصحابه عندك الان
يأكلون ويشربون، فنحن في هذا الطعام والشراب بهم مقتدون.
أقول: وسأذكر تعزية لمولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، كتبها إلى بني عمه
رضوان الله عليهم لما حبسوا، ليكون مضمونها تعزية عن الحسين عليه السلام وعترته
وأصحابه رضوان الله عليهم.
رويناها بإسنادنا الذي ذكرنا من عدة طرق إلى جدي أبي جعفر الطوسي، عن
المفيد محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله، عن أبي جعفر محمد بن علي بن
الحسين بن بابويه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن إسحاق بن عمار.
ورويناها أيضا بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي، عن أبي الحسين أحمد بن
محمد بن سعيد بن موسى الأهوازي، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا
محمد بن الحسن القطراني، قال: حدثنا حسين بن أيوب الخثعمي، قال: حدثنا صالح بن
أبي الأسود، عن عطية بن نجيح بن المطهر الرازي وإسحاق بن عمار الصيرفي، قالا معا:
ان أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام كتب إلى عبد الله بن الحسن رضي الله
عنه حين حمل هو وأهل بيته يعزيه عما صار إليه:

(1) عنه البحار 98: 343، رواه في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 299، أمالي الصدوق: 112.
(2) آل عمران: 169.
82

بسم الرحمان الرحيم إلى الخلف الصالح والذرية الطيبة من ولد أخيه وابن
عمه، اما بعد فلان كنت تفردت أنت وأهل بيتك ممن حمل معك بما أصابكم
ما انفردت بالحزن والغبطة والكآبة وأليم وجعل القلب دوني، فلقد نالني من ذلك من
الجزع والقلق وحر المصيبة مثل ما نالك، ولكن رجعت إلى ما أمر الله جل جلاله به
المتقين من الصبر وحسن العزاء حين يقول لنبيه صلى الله عليه وآله: (فاصبر لحكم ربك
فإنك بأعيننا) (1).
وحين يقول: (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت.) (2)
وحين يقول لنبيه صلى الله عليه وآله حين مثل بحمزة: (وان عاقبتم فعاقبوا بمثل
ما عوقبتم ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) (3)، وصبر صلى الله عليه وآله ولم يتعاقب.
وحين يقول: (وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعافية
للتقوى.) (4).
وحين يقول: (الذين إذا أصبتهم مصيبة قالوا انا لله وانا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات
من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.) (5).
وحين يقول: (إنما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب.) (6).
وحين يقول لقمان لابنه: (واصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الأمور) (7).
وحين يقول عن موسى: (وقال لقومه استعينوا بالله واصبروا ان الأرض لله يورثها من يشاء من
عباده والعاقبة للمتقين.) (8)

1 - الطور: 48.
2 - القلم: 48.
3 - النحل: 126.
4 - طه: 132.
5 - البقرة: 156.
6 - الزمر: 10.
7 - لقمان: 17.
8 - الأعراف: 128.
83

وحين يقول: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.) (1)
وحين يقول: (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة.) (2)
وحين يقول: (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات فبشر
الصابرين.) (3)
وحين يقول: (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين.) (4)
وحين يقول: - والصابرين والصابرات) (5).
وحين يقول: (واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.) (6)، وأمثال ذلك من القرآن كثير.
واعلم أي عم وابن عم، ان الله جل جلاله لم يبال بضر الدنيا لوليه ساعة قط،
ولا شئ أحب إليه من الضر والجهد والاذاء مع الصبر، وانه تبارك وتعالى لم يبال بنعيم
الدنيا لعدوه ساعة قط، ولولا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخيفونهم (7) ويمنعونهم،
وأعداؤه آمنون مطمئنون عالون ظاهرون.
ولولا ذلك ما قتل زكريا، واحتجب يحيى ظلما وعدوانا في بغي من البغايا.
ولولا ذلك ما قتل جدك علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله لما قام بأمر الله
جل وعز ظلما وعمك الحسين بن فاطمة صلى الله عليهما اضطهادا (8) وعدوانا.
ولولا ذلك ما قال الله عز وجل في كتابه: (ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن
يكفر بالرحمان لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون.) (9)

1 - العصر: 3.
2 - البلد: 17.
3 - البقرة: 155.
4 - آل عمران: 146.
5 - الأحزاب: 35.
6 - يونس: 109.
(7): يحيفونهم (خ ل)، من الحيف أي الجور والظلم، وفي البحار: يخوفونهم.
8 - اضطهده: قهره وجار عليه.
9 - الأحزاب: 33.
84

ولولا ذلك لما قال في كتابه: (يحسبون. إنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات
بل لا يشعرون) 1.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: لولا أن يحزن المؤمن لجعلت للكافر عصابة من
حديد لا يصدع رأسه ابدا.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: ان الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
ولولا ذلك ما سقى كافرا منها شربة من ماء.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: لو أن مؤمنا على قلة جبل لا نبعث الله له كافرا أو
منافقا يؤذيه.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث انه: إذا أحب الله قوما أو أحب عبدا صب عليه
البلاء صبا، فلا يخرج من غم الا وقع في غم.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث: ما من جرعتين أحب إلى الله عز وجل ان يجرعهما
عبده المؤمن في الدنيا، من جرعة غيظ كظم عليها، وجرعة حزن عند مصيبة صبر عليها
بحسن عزاء واحتساب.
ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يدعون على من ظلمهم
بطول العمر وصحة البدن وكثرة المال والولد.
ولولا ذلك بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا خص رجلا بالترحم
عليه والاستغفار استشهد.
فعليكم يا عم وابن عم وبني عمومتي واخوتي بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى
الله جل وعز والرضا والصبر على قضائه والتمسك بطاعته والنزول عند امره.
أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وختم لنا ولكم بالأجر والسعادة، وأنقذكم وإيانا من
كل هلكة، بحوله وقوته انه سميع قريب، وصلى الله على صفوته من خلقه محمد النبي
وأهل بيته (2).

1 - المؤمنون: 56.
2 - عنه البحار 47: 298 - 301.
85

أقول: وهذا آخر التعزية بلفظها من أصل صحيح بخط محد بن علي بن مهجناب
البزاز،، تاريخه في صفر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وقد اشتملت هذه التعزية على
وصف عبد الله بن الحسن بالعبد الصالح والدعاء عند جانبها له وابن عمه بالسعادة
ودلائل الصفا الراجح، وهذا يدل على أن هذه الجماعة المحمولين كانوا عند مولانا
الصدق عليه السلام معذورين وممدوحين ومظلومين وبحبه عارفين.
أقول: وقد يوجد في الكتب انهم كانوا للصادقين عليهم السلام مفارقين، وذلك
محتمل للتقية لئلا ينسب اظهارهم لانكار المنكر إلى الأئمة الطاهرين.
ومما يدلك على أنهم كانوا عارفين بالحق وبه شاهدين، ما رويناه بإسنادنا إلى أبي
العباس أحمد بن نصر بن سعد من كتاب الرجال مما خرج منه وعليه سماع الحسين بن
علي بن الحسن وهو نسخة عتيقة بالفظه، قال: أخبرنا محمد بن عبد بن سعيد الكندي
قال: هذا كتاب غالب بن عثمان الهمداني وقرأت فيه، اخبرني خلاد بن عمير الكندي
مولى آل حجر بن عدي قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: هل لكم علم بآل الحسن الذين خرج
بهم مما قبلنا، وكان قد اتصل بنا عنهم خبر فلم تحب ان نبدأه به؟ فقلنا: نرجوا ان
يعافيهم الله، فقال: وأين هم من العافية؟ ثم بكا حتى علا صوته وبكينا، ثم قال
حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين عليه لاسلام قالت: سمعت أبي صلوات الله عليه
يقول: يقتل منك أو يصاب منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الأولون ولا يدركهم
الآخرون، وانه لم يبق من ولدها غيرهم (1).
أقول: وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني الحسن عليه
وعليهم السلام، وانهم مضوا إلى الله جل جلاله بشرف المقام والظفر بالسعادة والكرام.
وهذه ما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن يحيى بن عبد الله الذي سلم من الذين تخلفوا
في الحبس من بني حسن فقال: حدثنا عبد الله بن فاطمة، عن أبيها، عن جدتها فاطمة

1 - عنه البحار 47: 302.
86

بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله:
يدفن من ولدي سبعة بشط الفرات لم يسبقهم الأولون ولم يدركهم الآخرون، فقلت:
نحن ثمانية، فقال: هكذا سمعت، فلما فتحوا الباب وجدوهم موتى وأصابوني وبي رمق
وسقوني ماء أخرجوني فعشت (1).
ومن الاخبار الشاهدة بمعرفتهم بالحق ما رواه أحمد بن إبراهيم الحسيني من كتاب
المصابيح باسناده ان جماعة سألوا عبد الله بن الحسن، وهو في المحمل الذي حمل فيه إلى
سجن الكوفة، فقلنا، يا بن رسول الله محمد ابن المهدي، فقال: يخرج محمد من هاهنا -
وأشار إلى المدينة - فيكون كلحس الثور (2) انفه حتى يقتل ولكن إذا سمعتم بالمأثور وقد
خرج بخراسان وهو صاحبكم (3).
أقول: لعلها بالموتور، وهذا صريح انه عارق بما ذكرناه.
ومما يزيدك بيانا ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي عن جماعة، عن
هارون بن موسى التلعكبري، عن ابن همام، عن جميل، عن القاسم بن إسماعيل، عن أحمد
بن رياح، عن أبي الفرج أبان بن محمد المعروف بالسندي، نقلناه من أصله قال:
كان أبو عبد الله عليه السلام في الحج في السنة التي قدم فيها أبو عبد الله عليه السلام
تحت الميزاب وهو يدعو، وعن يمينه عبد الله بن الحسن، وعن يساره حسن بن حسن،
وخلفه جعفر بن حسن قال: فجائه عباد بن كثير البصري، قال: فقال له: يا أبا عبد الله،
قال: فسألت عنه حتى قالها ثلاثا، قال: ثم قال له: يا جعفر، قال: فقال له: قل
ما تشاء يا أبا كثير، قال: اني وجدت في كتاب لي علم هذه البينة رجل ينقضها حجرا
حجرا.
قال: فقال له: كذب كتابك يا أبا كثير ولكن كأني والله صفر القدمين خمش

1 - مقاتل الطالبيين: 193، عنه البحار 47: 302.
2 - في الأصل: كلحش، وما أثبتناه من البحار، أقول: كلحس الثور (بالسين المهملة - كناية عن قتله الناس وتزكية
الأرض من أوساخ الفسدة كما يلحس الثور أوساخ أنفه.
3 - عنه البحار 47: 302.
87

الساقين ضخم البطن رقيق العنق ضخم الرأس على هذا الركن - وأشار بيده إلى الركن
اليماني - يمنع الناس من الطواف حتى يتذعروا (1) منه، قال ثم يبعث الله له رجلا مني
- وأشار بيده إلى صدره، فيقتله قتل عاد وثمود وفرعون ذي الأوتاد، قال: فقال له عند
ذلك عبد الله بن الحسن: صدق والله أبو عبد الله عليه السلام، حتى صدقوه كلهم
جميعا (2).
أقول: فهل تراهم الا عارفين بالمهدي وبالحق اليقين، ولله متقين.
فصل: ومما يزيدك بيانا ما رواه ان بني الحسن عليه السلام ما كانوا يعتقدون فيمن
خرج منهم انه المهدي صلوات الله عليه وآله وان تسموا بذلك ان أولهم خروجا وأولهم
تسميا بالمهدي محمد بن عبد الله بن الحسن عليه السلام، وقد ذكر يحيى بن الحسن
الحسيني في كتاب الأمالي بإسناده عن طاهر بن عبيد، عن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن
عليه السلام انه سئل عن أخيه محمد: أهو المهدي الذي يذكر؟ فقال:
ان المهدي عدة من الله تعالى لنبيه صلوات الله عليه وعده ان يجعل من أهله مهديا
لم يسم (3) بعينه ولم يوقت زمانه، وقد قام أخي لله بفريضة عليه في الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر، فان أراد الله تعالى ان يجعله المهدي الذي يذكر فهو فضل الله يمن به على
من يشاء من عباده، والا فلم يترك أخي فريضة الله عليه لانتظار ميعاد لم يؤمر بانتظاره
- وهذا آخر لفظه حديثه (4).
وروي في حديث قبله بكراريس من الأمالي عن أبي خالد الواسطي ان محمد بن
عبد الله بن الحسن قال: يا أبا خالد اني خارج وانا والله مقتول - ثم ذكر عذره في
خروجه مع علمه انه مقتول - وكل ذلك يكشف عن تمسكهم بالله والرسول صلى الله
عليه وآله.

1 - تذعر: تخوف.
2 (عنه البحار 47: 303، 51: 149.
3 - لم يسئمه (خ ل).
4 - عنه البحار 47: 303.
88

وروي حديث علم محمد بن عبد الله بن الحسن انه يقتل أحمد بن إبراهيم في كتاب
المصابيح في الفصل المتقدم. فصل (17)
فيما نذكره مما يختم به يوم عاشوراء
وما يليق أن يكون بعده بحسب ما أنت عليه من الوفاء
اعلم أن أواخر النهار يوم عاشوراء كان اجتماع حرم الحسين عليه السلام وبناته
وأطفاله في أسر الأعداء، ومشغولين بالحزن والهموم والبكاء، وانقضى عنهم آخر ذلك
النهار، وهم فيما لا يحيط به قلمي من الذل والانكسار، وباتوا تلك الليلة فاقدين
لحمائهم ورجالهم وغرباء في اقامتهم وترحالهم (1)، والأعداء يبالغون في البراءة منهم
والاعراض عنهم واذلالهم، ليتقربوا بذلك إلى المارق (2) عمر بن سعد، موتم أطفال محمد
ومقرح (3) الأكباد، والى الزنديق عبيد الله بن زياد، والى الكافر يزيد بن معاوية رأس
الإلحاد والعناد.
حتى لقد رأيت في كتاب المصابيح باسناده إلى جعفر بن محمد عليه السلام قال:
قال لي أبي محمد بن علي: سألت أبي علي بن الحسين عن حمل يزيد له فقال:
حملني على بعير يطلع بغير وطاء، ورأس الحسين عليه السلام على علم، ونسوتنا خلفي
على بغال اكف (4)، والفارطة خلفنا وحولنا بالرماح، ان دمعت من أحدنا عين قرع رأسه
بالرمح، حتى إذا دخلنا دمشق صاح صائح: يا أهل الشام هؤلاء سبايا أهل البيت
الملعون (6).

1 - رحل رحيلا ترحالا: ترك.
2 - مارق: من خرج من الدين.
3 - قرحه: جرحه.
4 - الإفك ج فك: الذي زاغ له عظم عن مركزه ومعضله.
5 - قرع: ضرب.
6 - اللعون (خ ل).
89

أقول: فهل جرى لأبيك وأمك من يعز عليك مثل هذا البلاء والابتلاء الذي
لا يجوز ويهون عليك، ولا أحد من المسلمين ولا على من يعرف منازل أولاد الملوك
والسلاطين.
أقول: فإذا كان أواخر نهار يوم عاشوراء فقم قائما (1) وسلم على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وعلى مولانا أمير المؤمنين وعلى مولانا الحسن بن علي وعلى سيدتنا فاطمة
الزهراء وعترتهم الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وعزهم على هذه المصائب بقلب
محزون وعين باكية ولسان ذليل بالنوائب، ثم اعتذر إلى الله جل جلاله واليهم من
التقصير فيما يجب لهم عليك وان يعفو عما لم تعمله مما كنت تعمله مع من يعز عليك،
فإنه من المستبعد ان تقوم في هذا المصاب الهائل بقدر خطبه النازل.
واجعل كلما يكون من الحركات والسكنات في الجزع عليه خدمة لله جل جلاله
ومتقربا بذلك إليه، واسأل من الله جل جلاله ومنهم ما يريدون ان يسأله منهم، وما أنت
محتاج إليه وان لم تعرفه ولم تبلغ أملك إليه، فإنهم أحق ان يعطوك على قدر امكانهم،
ويعاملوك بما يقصر عنه سؤالك من إحسانهم.
أقول: ولعل قائلا يقول: هلا كان الحزن الذي يعملونه من أول عشر المحرم قبل وقوع
القتل، يعملونه بعد يوم عاشوراء لأجل تجدد القتل.
فأقول: ان أول العشر كان الحزن خوفا مما جرت الحال عليه، فلما قلت صلوات الله
عليه وآله دخل تحت قول الله تعالى:
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتيهم الله
من فضله ويستبشرون بالدين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (2)، فلما
صاروا فرحين بسعادة الشهادة وجب المشاركة لهم في السرور بعد القتل لتظفرهم
بالسعادة.
فان قيل: فعلام تجددون قراءة المقتل والحزن كل عام؟

1 - تائما (خ ل).
(2) آل عمران: 169 - 170.
90

فأقول: لان قراءته هو عرض قصة القتل على عدل الله جل جلاله ليأخذ بثاره كما
وعد من العدل، واما تجدد الحزن كل عشر والشهداء صاروا مسرورين، فلانه مواساة
لهم في أيام العشر حيث كانوا فيها ممتحنين، ففي كل سنة ينبغي لأهل الوفاء أن يكونوا
وقت الحزن محزونين ووقت السرور مسرورين.
فصل (18) فيما نذكره مما يعمل عند تناول الطعام يوم عاشوراء
اعلم اننا ذكرنا ان يوم عاشوراء يكون على عوائد أهل المصائب في العزاء، ويمسك
الانسان عن الطعام والشراب إلى آخر نهار يوم المصاب، ثم يتناول تربة شريفة ويقول
من الدعوات ما قدمناه عند تنال المأكولات في غير هذا الجزء من المصنفات.
ونزيد على ما ذكرناه ان نقول:
اللهم اننا أمسكنا عن المأكول والمشروب حيث كان أهل النبوة في
الحروب والكروب، واما حيث حضر وقت انتقالهم بالشهادة إلى دار البقاء
وظفروا بمراتب الشهداء، والسعداء، ودخلوا تحت بشارات الآيات بقولك جل
جلالك:
(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم
يرزقون * فرحين بما اتيهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم
من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (1).
فنحن لهم موافقون، فتناول الطعام الان حيث إنهم يرزقون في ديار
الرضوان، مواساة لهم في الامساك والاطلاق، فاجعل ذلك سببا لعتق
الأعناق واللحاق لهم في درجات الصالحين، برحمتك يا ارحم الراحمين.

1 - آل عمران: 169.
91

الباب الثاني
فيما نذكره من مهام ليلة إحدى وعشرين من محرم ويومها ويوم ثامن وعشرين منه
روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله عليه في كتاب حدائق الرياض
الذي أشرنا إليه، فقال عند ذكر شهر محرم ما هذا لفظه:
وليلة إحدى وعشرين منه وكانت ليلة خميس سنة ثلاث من الهجرة كانت زفاف
فاطمة ابنة (1) رسول الله صلى الله عليه وآله وعليها إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام،
يستحب صومه شكرا لله تعالى بما وقف من جمع حجته وصفيته 2 - 3.
أقول: وقد روي أصحابنا في كيفية زفافها المقدس اخبارا عظيمة الشأن، وإنما
نذكره برواية واحدة من طريق الخطيب مصنف تاريخ بغداد المتظاهر بعداوة أهل بيت
النبوة في المجلد الثامن من عشرين مجلدا في ترجمة أحمد بن رميح باسناده إلى ابن عباس
قال:
لما زفت فاطمة إلى علي عليه السلام، كان النبي صلى الله عليه وآله قدامها
جبرئيل عند يمينها، وميكائيل عن (4) يسارها، وسبعون الف ملك خلفها، يسبحون الله

1 - بنت (خ ل).
2 - صفوته (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 345 و 43: 92.
4 - على (خ ل).
92

ويقدسونه حتى طلع الفجر (1).
أقول: فينبغي أن تكون تلك الليلة عندك من ليالي الاقبال وتتقرب فيها إلى الله
جل جلاله لصالح الأعمال، فإنها كانت 2 ابتداء غرس شجرة الحكمة الإلهية والرحمة
النبوية، بانشاء أئمة البلاد والعباد والحجج لسلطان المعاد والحفظة للشرائع والاحكام
والملوك للاسلام والهادين إلى شرف دار المقام، وتوسل بما في تلك الليلة السعيدة من
الاسرار المجيدة في كل حاجة لك قريبة أو بعيدة.
يقول علي بن موسى بن طاووس - مصنف هذا الكتاب، كتاب الاقبال -:
وكنت لما رأيت هذه الإشارة من الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان تغمده الله
بالرحمة والرضوان، بان فاطمة عليها السلام كان وقت دخولها على مولانا وامامنا
أمير المؤمنين علي عليه السلام ليلة إحدى وعشرين من محرم، أكاد ان أتوقف في العمل
عليها، وأجد خلافا في روايات وقفت عليها، فلما حضرت ليلة إحدى وعشرين من محرم
سنة خمس وخمسين وستمائة، وانا إذ ذلك ببغداد في داري بالمقيدية، عرفت ذريتي
وعيالي وجماعتي بما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه ليقوموا في العمل وذكره
مشروحة.
وجلست انظر في تذييل محمد بن النجار لاختار منه ما عزمت عليه من اخباره وفوائد اسراره، فوقع نظري اتفاقا على حديث طريف يتضمن زفاف فاطمة عليها السلام لمولانا
علي عليه السلام كرامة لله جل جلاله وكرامة لأهل بيت النبوة، فقلت: عسى أن يكون
هذا الاتفاق مؤيدا للشيخ المفيد فيما اعتمد هو عليه، ويكون هذه الليلة ليلة الزفاف
المقدس الذي أشار إليه، فان هذا الحديث ما أذكر انني وقفت من قبيل هذه الليلة عليه
وخاصته من هذا الطريق، وها انا ذا أذكر الحديث، وبالله العصمة والتوفيق.
فأقول: قد رأيت في هذه الليلة زفاف فاطمة والدتنا المعظمة صلى الله عليها الحديث
المشار إليه من طرق الأربعة المذاهب فأحببت ذكره هاهنا.

1 - عنه البحار 43: 92.
2 - كانت فيها (خ ل).
93

أخبرني به الشيخ محمد بن النجار شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصرية ببغداد، فيما
أجاز لي من كتاب تذييله على تاريخ أحمد بن ثابت صاحب تاريخ بغداد المعروف
بالخطيب من المجلد العاشر من التذييل من النسخة التي وقفها الخليفة المستعصم جزاه
الله عنا خير الجزاء برباط والدته، في ترجمة أحمد بن محمد الدلال، وهو أبو الطيب الشاهد
من أهل سامراء.
حدث عن أحمد بن محمد الأطروش وأبي بكر محمد بن الحسن بن دويد الأزدي،
روى عنه أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن يوسف البزاز وأبو محمد الحسن بن محمد بن
يحيى الفحام السامريان، أخبرنا أبو علي ضياء بن أحمد بن أبي علي وأبو حامد عبد الله بن
مسلم بن ثابت ويوسف بن الميال بن كامل، قالوا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي (1)
البزاز، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد البرسي، قال: حدثني حلبي القاضي أبو الحسن
أحمد بن محمد بن يوسف السامري، حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الشاهد المعروف
بالدلال، أخبرنا محمد بن أحمد المعروف بالاطروش، أخبرنا أبو عمرو سليمان بن أبي
معشر الجرابي، أخبرنا سليمان بن عبد الرحمان، حدثنا محمد بن عبد الرحمان، عن أسماء
بنت واثلة بن الأسقع، قال: سمعت أسماء بنت عميس الخثعمية تقول:
سمعت سيدتي فاطمة عليها السلام تقول:
ليلة دخلت بي علي بن أبي طالب عليه السلام أفزعني في فراشي، قلت: وأفزعت (2)
يا سيدة النساء؟ قالت: سمعت الأرض تحدثه ويحدثها، فأصبحت وانا فزعة، فأخبرت
والدي صلى الله عليه وآله، فسجد سجدة طويلة ثم رفع رأسه، فقال: يا فاطمة أبشري
بطيب النسل، فان الله فضل بعلك على سائر خلقه، وامر الأرض تحدثه باخبارها
وما يجري على وجهها من شرقها إلى غربها 3 - هذا لفظ ما رويناه وما رأيناه
أقول: واما صوم يومها كما قال شيخنا المفيد رضوان الله عليه، فهو الثقة الأمين

1 - محمد بن محمد بن عبد الباقي (خ ل).
2 - بم أفزعت (ظ).
3 - عنه البحار 43: 118، مدينة المعاجز: 16 و 111.
94

الذي يعمل بقول في ذلك ويعتمد عليه، فصم شاكرا وكن لفضل الله عز وجل ناشرا
ولأيامه المعظمة ذاكرا، فإنه جل جلاله أراد الأذكار بأيامه من المخلصين لله، فقال:
(وذكرهم بأيام الله) (1).
فصل (1)
فيما نذكره عن يوم ثامن وعشرين من محرم
اعلم أن في مثل هذا يوم ثامن وعشرين محرم، وكان يوم الاثنين سنة ست وخمسين
وستمائة فتح ملك الأرض زيدت رحمته ومعدلته ببغداد، وكنت مقيما بها في داري
بالمقيدية، وظهر في ذلك تصديق الاخبار النبوية ومعجزات باهرة للنبوة المحمدية، وبتنا
في ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية.
فسلمنا الله جل جلاله من تلك الأهوال ولم نزل في حمى السلامة الإلهية وتصديق
ما عرفناه من الوعود النبوية، إلى أن استدعاني ملك الأرض إلى دركاته المعظمة، جزاه
الله بالمجازاة المكرمة في صفر وولاني على العلويين والعلماء والزهاد، وصحبت معي نحو
الف نفس، ومعنا من جانبه من حمانا، إلى أن وصلت الحلة ظافرين بالآمال.
وقد قررت مع نفسي انني أصلي في كل يوم من مثل اليوم المذكور ركعتي الشكر
للسلامة من ذلك المحذور ولتصديق جدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله فيما كان
أخبر به من المتجددات الدهور، وأدعو لملك الأرض بالدعاء المبرور، وفي ذلك اليوم
زالت دولة بني العباس كما وصف مولانا علي عليها لسلام زوالها في الاخبار التي شاعت
بين الناس.
وينبغي ان يختم شهر محرم بما قدمناه من خاتمة أمثاله، ونسأل الله تعالى ان
لا يخرجنا من حماه عند انفصاله، وهذا الفصل زيادة في هذا الجزء بعد تصنيفه في
التاريخ الذي ذكرناه.

1 - إبراهيم: 5.
95

الباب الثالث
فيما يتعلق بشهر صفر وفيه عدة فصول:
فصل (1)
فيما نذكره مما يعمل عند استهلاله
وذكر ذلك صاحب كتاب المنتخب، فقال ما هذا لفظه: الدعاء في صفر، تقول
عند استهلاله،
اللهم أنت الله العليم الخالق الرازق، وأنت الله القدير المقتدر القادر،
أسألك ان تصلي على محمد وعلى آل محمد وان تعرفنا بركة هذا الشهر
ويمنه وترزقنا خيره وتصرف عنا شره وتجعلنا فيه من الفائزين يا ارحم
الراحمين.
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد واجعلني أكثر العالمين قدرا،
وأبسطهم علما، وأعزهم عندك مقاما، وأكرمهم لديك جاها، كما خلقت
آدم عليه السلام من تراب، ونفخت فيه من روحك، وإذ سجدت له ملائكتك،
وعلمته الأسماء كلها، وجعلته خليفة في أرضك، وسخرت له ما في
السماوات وما في الأرض جميعا منك، وكرمت ذريته وفضلتهم على
العالمين.
96

اللهم لك الحمد ومنك النعماء، ولك الشكر دائما، يا لطيفا بعباده
المؤمنين، يا سميع الدعاء ارحم واستجب، فإنك تعلم ولا اعلم، وتقدر ولا أقدر
وأنت علام الغيوب، فاجعل قلبي وعزمي وهمتي وفق مشيتك (1) وأسير امرك.
اللهم إني لا أقدر ان أسألك الا باذنك، ولا أقدر الا ان أسألك بعد
اذنك، خوفا من اعراضك وغضبك، فكن حسبي، يا من هو الحسب والوكيل والنصير.
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وعلى جميع ملائكتك المقربين
وأنبياءك المرسلين (2) وعبادك الصالحين، يا ارحم الراحمين، يا جالي
الاحزن (3)، يا موسع الضيق، يا من هو أولى بخلقه من أنفسهم، ويا فاطر تلك
الأنفس أنفسا، وملهمها فجورها والتقوى، نزل بي يا فارج الهم هم ضقت به
ذرعا وصدرا، حتى خشيت أن يكون عرضت فتنة.
يا الله فبذكرك تطمئن القلوب، صل على محمد وعلى آل محمد (4) وقلب
قلبي من الهموم إلى الروح والدعة، ولا تشغلني عن ذكرك
بتركك ما بي من
الهموم اني إليك متضرع.
أسألك باسمك الذي لا يوصف الا بالمعنى بكتمانك في غيوبك ذي
النور وان تجلى بحقه احزاني، وتشرح به صدري بكشوط الهم (6) يا كريم (7).
فصل (2)
فيما نذكره من عمل يوم الثالث من صفر
وجدناه في كتب أصحابنا قال ما هذا لفظه:

1 - ونيتي وقف (خ ل).
2 - أنبياءك والمرسلين (خ ل).
3 - جالي من الانجلاء بمعنى الكشف، أي كاشف الأحزان.
4 - وآل محمد (خ ل).
5 - عن (خ ل).
6 - بكشوط الهم: بكشف الهم.
7 - عنه البحار 98: 346.
97

صفر في الثالث منه يستحب ان يصلي ركعتان، في الأولى الحمد مرة (وانا فتحنا
وفي الثانية الحمد مرة و (قل هو الله أحد) مرة، فإذا سلم صلى الله على النبي وآله مائة مرة،
ولعن آل أبي سفيان مائة مرة، واستغفر مائة مرة، وسأل حاجته (1).
فصل (3) فيما ندركه في يوم عاشر صفر
مما يخصني ويخص ذريتي وانه من أيام سعادتي
اعلم أن يوم عاشر صفر سنة ست وخمسين وستمائة كان يوم حضوري بين يدي
ملك الأرض زيدت رحمته ومعدلته، وشملتني فيه عنايته وظفرت فيه بالأمان
والاحسان، وحقنت فيه دماؤنا، وحفظت فيه حرمنا وأطفالنا ونساؤنا، وسلم على أيدينا
خلق كثير من الأصدقاء والأسرة والاخوان، ودخلوا بطريقنا في الأمان كما أشرنا إليه في
أواخر محرم، فهو يوم من أعظم الأعياد.
فيلزمني الشكر فيه والدعاء على مقتضى رضا سلطان المعاد مدة حياتي بين العباد،
ويلزم من يأتي بعدي من الذرية والأولاد، فإنه يوم كان سبب بقائهم وبقاء من يأتي
من أبنائهم وسعادة دار فنائهم ودار بقائهم، فلا يهملوا فضل هذا اليوم وما يجب فيه،
وفقنا الله تعالى وإياهم لمراضيه، وهذا الفصل استدركناه بعد تصنيف الكتاب
في
التاريخ الذي قدمناه.
فصل (4)
فيما نذكره من الجواب عما ظهر في أن رد رأس مولانا الحسين عليه السلام كان يوم العشرين
من صفر
اعلم أن إعادة رأس مقدس مولانا الحسين صلوات الله عليه إلى جسده الشريف

1 - عنه البحار 98: 347.
98

يشهد به لسان القرآن العظيم المنيف، حيث قال الله جل جلاله: (ولا تحسبن الذين قتلوا
في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون) (1)، فهل بقي شك حيث أخبر الله انه من حيث
استشهد حي عند ربه مرزوق مصون، فلا ينبغي ان يشك في هذا العارفون.
واما كيفية احيائه بعد شهادته وكيفية جمع رأسه الشريف إلى جسده بعد
مفارقته:
فهذا سؤال يكون فيه سوء أدب من العبد على الله جل جلاله ان يعرفه كيفية تدبير
مقدوراته، وهو جهل من العبد واقدام ما لم يكلف العلم به ولا السؤال عن
صفاته.
واما تعيين الإعادة يوم الأربعين من قتله، والوقت الذي قتل فيه الحسين صلوات
الله وسلامه عليه، ونقله الله جل جلاله إلى شرف فضله كان الاسلام مقلوبا والحق
مغلوبا، وما تكون الإعادة بأمور دنيوية.
والظاهر أنها بقدرة الإلهية (2)، لكن وجدت نحو عشر وروايات مختلفات في حديث
الرأس الشريف كلها منقولات.
ولم أذكر إلى الآن انني وقفت ولا رويت تسمية أحد ممن كان من الشام حتى
أعادوه إلى جسده الشريف بالحائر عليه أفضل السلام، ولا كيفية لحمله من الشام إلى
الحائر على صاحبه أكمل التحية والاكرام، ولا كيفية لدخول حرمه المعظم ولا من حفر
ضريحه المقدس المكرم حتى عاد إليه، وهل وضعه موضعه من الجسد أو في الضريح
مضموما إليه.
فليقتصر الانسان على ما يجب عليه من تصديق القرآن، من أن الجسد المقدس تكمل
عقيب الشهادة وانه حي يرزق في دار السعادة، ففي بيان الكتاب العزيز ما يغني عن
زيادة دليل وبرهان.

1 - آل عمران: 169.
2 - الا له (خ ل).
99

فصل (5)
فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر
وألفاظ الزيارة بما نرويه من الخبر
روينا بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه باسناده إلى مولانا الحسن بن
علي العسكري صلوات الله عليه أنه قال: علامات المؤمن خمس: صلاة (1) إحدى
وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم باليمين (2)، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمان الرحيم (3).
أقول: فان قيل: كيف يكون يوم العشرين من صفر يوم الأربعين، إذا كان قتل
الحسين صلوات الله عليه يوم عاشر من محرم، فيكون يوم العاشر من جملة الأربعين،
فيصير أحدا وأربعين؟ فيقال: لعله قد كان شهر محرم الذي قتل فيه صلوات الله عليه
ناقصا وكان يوم عشرين من صفر تمام أربعين يوما، فإنه حيث ضبط يوم الأربعين
بالعشرين من صفر، فاما أن يكون الشهر كما قلنا ناقصا أو يكون تاما ويكون يوم قتله
صلوات الله عليه غير محسوب من عدد الأربعين، لان قتله كان في أواخر نهاره فلم يحصل
ذلك اليوم كله في العدد، وهذا تأويل كاف للعارفين، وهم اعرف باسرار رب العالمين
في تعيين أوقات الزيارة للطاهرين.
فصل: ووجدت في المصباح ان حرم الحسين عليه السلام وصلوا المدينة مع مولانا
علي بن الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر (4)، وفي غير المصباح انهم وصلوا
كربلاء أيضا في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر، وكلاهما مستبعد لان

1 - صلوات (خ ل).
2 - في اليمين (خ ل).
3 - مصباح المتهجد 2: 787، عنه البحار 98: 348، الوسائل 3: 42، رواه في مصباح الزائر: 347، المزار الكبير:
143، المزار للمفيد: 61، روضة الواعظين: 234 كامل الزيارات: 173، مصباح الكفعمي: 489.
أخرجه عن بعض المصادر البحار 101: 329، 82، 292، 85: 75.
4 - مصباح المتهجد 2: 787.
100

عبيد الله بن زياد لعنه الله كتب إلى يزيد يعرفه ما جرى ويستأذنه في حملهم ولم يحملهم
حتى عاد الجواب إليه، وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوما أو أكثر منها، ولأنه لما حملهم
إلى الشام روي أنهم أقاموا فيها شهرا في موضع لا يكنهم من حر ولا برد، وصورة الحال
يقتضي انهم تأخروا أكثر من أربعين يوما من يوم قتل عليه السلام إلى أن وصلوا العراق
أو المدينة.
واما جوازهم في عودهم على كربلاء فيمكن ذلك، ولكنه ما يكون وصولهم إليها يوم
العشرين من صفر، لأنهم اجتمعوا على ما روى جابر بن عبد الله الأنصاري، فإن كان
جابر وصل زائرا من الحجاز فيحتاج وصول الخبر إليه ومجيئه أكثر من أربعين يوما، وعلى
أن يكون جابر وصل من غير الحجاز من الكوفة أو غيرها.
واما زيارته عليه السلام في هذا اليوم:
فإننا روينا بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا محمد بن
علي بن معمر، قال: حدثني أبو الحسن علي بن مسعدة والحسن بن علي بن فضال، عن
سعدان بن مسلم، عن صفوان بن مهران قال: قال لي مولاي الصادق عليه السلام في
زيارة الأربعين: تزور عند ارتفاع النهار فتقول:
السلام على ولي الله وحبيبه، السلام على خليل الله ونجيبه (1)، السلام
على صفي الله وابن صفيه، السلام على الحسين المظلوم الشهيد، السلام
على أسير الكربات وقتيل العبرات (2).
اللهم إني اشهد أنه وليك وابن وليك، وصفيك وابن صفيك، الفائز
بكرامتك، أكرمته بالشهادة وحبوته (3) بالسعادة واجتبيته بطيب الولادة
وجعلته سيدا من السادة، وقائدا من القادة، وذائدا من الذادة، (4) وأعطيته

1 - في المصباح: نجيه.
2 - العبرة: الدمعة قبل ان يفيض.
3 - الحبوة: قربه ومنعه - ضد.
4 - الذود: السوق والطرد أي يدفع عن الاسلام والمسلمين ما يوجب الفساد.
101

مواريث الأنبياء، وجعلته حجة على خلقك من الأوصياء.
فاعذر (1) في الدعاء، ومنح (2) النصح، وبذل مهجته فيك ليستنقذ (3) عبادك
من الجهالة وحيرة الضلالة، قد توازر عليه (4) من غرته الدنيا وباع حظه
بالأرذل الأدنى، وشرى آخرته بالثمن الأوكس (5)، وتغطرس (6) وتردى (7) في
هواه.
وأسخطك وأسخط نبيك، وأطاع من عبادك أهل الشقاق والنفاق وحملة
الأوزار المستوجبين النار، فجاهدهم فيك صابرا محتسبا (8)، حتى سفك في
طاعتك دمه واستبيح حريمه، اللهم فالعنهم لعنا كثيرا وبيلا (9)، وعذبهم
عذابا أليما.
انا يا مولاي عبد الله وزائرك جئتك مشتاقا، فكن لي شفيعا إلى الله،
يا سيدي، استشفع إلى الله بجدك سيد النبيين، وبأبيك سيد الوصيين،
وبأمك سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك
يا بن أمير المؤمنين سيد الأوصياء.
اشهد انك امين الله وابن أمينه، عشت سعيدا ومضيت حميدا، ومت
فقيدا مظلوما شهيدا، واشهد ان الله منجز لك ما وعدك، ومهلك من خذلك،
ومعذب من قتلك، واشهد انك وفيت بعهد الله وجاهدت في سبيله، حتى
أتاك اليقين، فلعن الله من قتلك، ولعن الله من ظلمك، ولعن الله أمة

1 - اعذر: أبدى عذرا.
2 - منحه: أعطاه.
3 - النقذ: التخليص.
4 - وازر على الامر: عاونه وقواه.
5 - الأوكس: الأنقص.
6 - تغطرس: أعجب بنفسه.
7 - تردى: سقط.
8 - احتسب عليه: أنكر.
9 - الوبيل: الشديد.
102

سمعت بذلك فرضيت به.
اللهم إني أشهدك اني ولي لمن والاه، وعدو لمن عاداه، بأبي أنت
وأمي يا بن رسول الله، اشهد انك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام
المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك المدلهمات (1) من ثيابها،
واشهد انك من دعائم الدين وأركان المسلمين (2) ومعقل المؤمنين.
واشهد انك الامام البر التقي الرضي الزكي الهادي المهدي، واشهد ان
الأئمة من ولدك كلمة التقوى واعلام الهدى والعروة الوثقى، والحجة على
أهل الدنيا، واشهد اني بكم مؤمن، وبإيابكم موقن، بشرائع ديني وخواتيم (3)
عملي، وقلبي لقلبكم سلم، وأمري لامركم متبع ونصرتي لكم معدة، حتى
يأذن الله لكم، فمعكم معكم لامع عدوكم، صلوات الله عليكم وعلى
أرواحكم وأجسادكم وشاهدكم وغائبكم وظاهركم وباطنكم، آمين رب
العالمين، ثم تصلي ركعتين وتدعو بما أحببت، وتنصرف إن شاء الله (4).
أقول: ووجدت لهذه الزيارة وداعا يختص بها، وهو ان تقف قدام الضريح وتقول:
السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن علي المرتضى وصي
رسول الله، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام
عليك يا وارث الحسن الزكي، السلام عليك يا حجة الله في ارضه وشاهده
على خلقه، السلام عليك يا أبا عبد الله الشهيد، السلام عليك يا مولاي وابن
مولاي.
اشهد انك قد أقمت الصلاة واتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت

1 - أدلهم الليل: اشتد سوادها.
2 - المؤمنين (خ ل).
3 - بخواتيم (خ ل).
4 - عنه البحار 101: 231، رواه في التهذيب 6: 113، مصباح الزائر: 152، مزار الشهيد: 57، المزار الكبير: 171،
مصباح المتهجد 2: 788.
103

عن المنكر وجاهدت في سبيل الله حتى اتاك اليقين، واشهد انك على
بينة من ربك، اتيتك يا مولاي زائرا وافدا راغبا، مقرا لك بالذنوب، هاربا
إليك من الخطايا لتشفع لي عند ربك.
يا بن رسول الله صلى الله عليك حيا وميتا، فان لك عند الله مقاما
معلوما وشفاعة مقبولة، لعن الله من ظلمك، ولعن الله من حرمك وغصب
حقك، ولعن الله من قتلك ولعن الله من خذلك، ولعن الله من دعوته
فلم يجبك ولم يعنك، ولعن الله من منعك من حرم الله وحرم رسوله وحرم
أبيك وأخيك، ولعن الله من منعك من شرب ماء الفرات لعنا كثير يتبع
بعضها بعضا.
اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين
عبادك فيما كانوا فيه يحتلفون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون،
اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارته، وارزقنيه ابدا ما بقيت وحييت يا رب،
وان مت فاحشرني في زمرته، يا ارحم الراحمين (1).
واما زيارة العباس بن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وزيارة الشهداء مع مولانا
الحسين، فتزورهم في هذا اليوم بما قدمناه من زيارتهم في يوم عاشوراء، وان شاء بغيرها
من زياراتهم المنقولة عن الأصفياء.

1 - عنه البحار 101: 332، رواه في مصباح الزائر: 153.
104

الباب الرابع
فيما نذكره مما يختص بشهر ربيع الأول، وما فيه من عمل مفصل
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من التنبيه على فضل هذا الشهر وما فيه
اعلم أن هذا شهر ربيع الأول، جرى فيه من الفضل المكمل ما لم يجر في غيره من
شهور العالم، فان فيه كانت ولادة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وسيأتي ما يفتحه
الله تعالى من فضل مقدس ولادته في الفصل المختص بها على ما نقدر عليه من حقيقته،
وفيه كانت مهاجرة النبي صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة، وسلامته من كيد
الأعداء الكارهين لإرساله، مما أرادوه من ذهاب نفسه الشريف ومنعه من آماله.
وقد روينا عن شيخنا المفيد رضوان الله عليه من كتاب حدائق الرياض عند ذكر
شهر ربيع الأول ما هذا لفظه
أول يوم منه هاجر (1) النبي صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة سنة ثلاثة عشرة
من مبعثه، وكان ذلك يوم الخميس، يستحب صيامه لما أظهر الله فيه من أمر نبيه
والنجاة من عدوه (2).

1 - مهاجر (خ ل).
2 - عنه البحار: 98: 350.
105

أقول: فهو يوم صومه منقول وفضله مقبول، فصمه على قدر الفوائد بالشكر على سلامة
رسول الله صلى الله عليه وآله وما فتح بالمهاجرة من سعادة الدنيا والمعاد، ويحسن ان
تصلي صلاة الشكر التي نذكرها في كتاب السعادات بالعبادات التي ليس لها أوقات
معينات وتدعوا بدعائها، فإنه يوم عظيم السعادة، فما احقه بالشكر والصدقات والمبرات.
وقال جدي أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه في ا لمصباح: (ان هجرته كانت ليلة
الخميس أول شهر ربيع الأول) (1).
والظاهر أنه توجهه من مكة إلى الغار كان ليلا ولم يكن بالنهار، لان الخائف الذي
يريد ستر حاله ما يكون سفره نهارا من بين أعدائه المتطلعين على أعماله، ولان مبيت
مولانا على صلوات الله عليه على فراشه يفديه بمهجته شاهده ان التوجه كان ليلا بغير
شك في صفته وقال، المفيد في التواريخ الشرعية: ان الهجرة كانت ليلة الخميس أول
ربيع الأول.
ولعل ناسخ كتاب الحدائق غلط في ذكره اليوم عوض الليلة، أو قد حذف الليلة
كما قال الله تعالى: (واسأل القرية) 2، أراد أهل القرية (3).
ذكر ما فتحه الله علينا من اسرار هذه المهاجرة وما فيها من العجائب الباهرة:
منها: تعريف الله جل جلاله لعباده لو أراد قهر أعداء رسوله محمد صلى الله عليه
وآله ما كان يحتاج إلى مهاجرته ليلا على تلك المساترة، وكان قادرا ان ينصره وهو بمكة
من غير مخاطرة بآيات وعنايات باهرة، كما أنه كان قادرا ان ينصر عيسى بن مريم علي
اليهود بالآيات والعساكر والجنود، فلم تقتض الحكمة الإلهية الا رفعه إلى السماوات
العلية، ولم يكن له مصلحة في مقامه في الدنيا بالكلية، فليكن العبد راضيا بما يراه مولاه
له من التدبير في القليل والكثير، ولا يكن الله جل جلاله دون وكيل الانسان في أموره
الذي يرضى بتدبيره، ولادون جاريته أو زوجته في داره التي يثق إليها في تدبير ايثاره.

1 - مصباح المتهجد 2: 791.
2 - يوسف: 82.
3 - عنه البحار 98: 350.
106

ومنها: التنبيه على أن الذي صحبه إلى الغار - على ما تضمن (1) وصف صحبته في
الاخبار - يصلح في تلك الحادثات الا للهرب ولأوقات الذل والخوف من الاخطار التي
يصلح لها مثل النساء الضعيفات، والغلمان الذين يصيحون في الطرقات عند الهرب من
المخافاة، وما كان يصلح للمقام بعده ليدفع عنه خطر العداء، ولا أن يكون معه بسلاح
ولا قوة لمنع شئ من البلاد.
ومنها: ان الطبري في تاريخه وأحمد بن حنبل رويا في كتابيهما ان هذا الرجل المشار
إليه ما كان عارفا بتوجه النبي صلوات الله عليه، وانه جاء إلى مولانا علي عليه السلام
فسأله عنه، فأخبره انه توجه فتبعه بعد توجهه حتى تظفر به، وتأذى رسول الله صلى الله
عليه وآله بالخوف منه، لما توجه لما تبعه وعثر بحجر ففلق قدمه.
فقال الطبري في تاريخه ما هذا لفظه: (فخرج أبو بكر مسرعا ولحق نبي الله صلى الله عليه وآله في الطريق، فسمع النبي جرس
أبي بكر في ظلمة الليل، فحسبه من المشركين، فأسرع رسول الله صلى الله عليه وآله
يمشي، فانقطع (2) قبال نعله، ففلق ابهامه حجر وكثر دمها، فأسرع المشي فخاف أبو بكران
يشق على رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع صوته وتكلم، فعرفه رسول الله، فقام حين أتاه،
فانطلقا ورجل رسول الله صلى الله عليه وآله تشر (3) دما حتى انتهى إلى الغار مع الصبح،
فدخلاه وأصبح الرهط الذين كانوا يرصدون رسول الله صلى الله عليه وآله فدخلوا الدار، فقام علي
عليه السلام عن فراشه، فلما دنوا منه عرفوه، فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، أو
رقيبا كنت عليه أمرتموه بالخروج، فخرج، فانتهروه (4) وضربوه وأخرجوه إلى المسجد، فحبسوه
ساعة ثم تركوه ونجى رسول الله صلى الله عليه وآله.) (5)
أقول: وما كان حيث لقيه يتهيأ ان يتركه النبي صلى الله عليه وآله ويبعد منه خوفا

1 - تضمنه (خ ل).
2 - فقطع (خ ل).
3 - شر الماء: تقاطر متتابعا.
4 - انتهر السائل: زجره.
5 - تاريخ الطبري 1: 568
107

ان يلزمه أهل مكة فيخبرهم عنه، وهو رجل جبان، فيؤخذ النبي صلى الله عليه وآله
ويذهب الاسلام بكماله، لان أبا بكر أراد بكر أراد الهرب من مكة ومفارقة النبي عليه
السلام قبل هجرته، على ما ذكره الطبري في حديث الهجرة، فقال ما هذا لفظه:
(وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في الهجرة ويقول له
رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تعجل.) (1)
أقول: فإذا كان قد أراد المفارقة قبل طلب الكفار، فكيف يؤمن منه الهرب بعد
الطلب، وكان اخذه معه حيث أدركه من الضرورات التي اقتضاها الاستظهار في حفظ
النبي صلوات الله عليه وسلامه، من كشف حاله لو تركه يرجع عنه في تلك الساعة،
وقد جرت العادة ان الهرب مقام تخويف يرغب في الموافقة عليه قلب الجبان الضعيف،
ولا روى فيما علمت أن أبا بكر كان معه سلاح يدفع به عن النبي صلوات الله عليه
ولا حمل معه شيئا يحتاج إليه.
وما أدري كيف اعتقد المخالفون ان لهذا الرجل فضيلة في الموافقة في الهرب، وقد
واستأذنه مرارا ان يهرب، ويترك النبي عليه السلام في يد الأعداء الذين يتهددونه
بالعطب ان اعتقاد فضيلة لأبي بكر في هذا الذل من أعجب العجب.
ومنها: التكسر على النبي صلى الله عليه وآله بجزع صاحبه في الغار، وقد كان
يكفي النبي صلى الله عليه وآله تعلق خاطره المقدس بالسلامة من الكفار، فزاده جزع
صاحبه شغلا في خاطره المقدس، ولو لم يصحبه لاستراح من كدر جزعه واشتغال
سرائره.
ومنها: انه لو كان حزنه شفقة على النبي صلى الله عليه وآله، أو على ذهاب
الاسلام، كان قد نهى عنه، وفيه كشف ان حزنه كان مخالفا لما يراد منه.
ومنها: ان النبي صلوات الله عليه ما بقي يأمن ان لم يكن أوحى إليه انه لا خوف عليه
ان يبلغ صاحبه من الجزع الذي ظهر عليه، إلى أن يخرج من الغار ويخبر به الطالبين له

1 - تاريخ الطبري 1: 565.
108

من الأشرار، فصار معه كالمشغول صلوات الله عليه بحفظ نفسه
ومن اسرار هذه المهاجرة ان مولانا علي عليه السلام بات على فراش المخاطرة، وجاد
بمهجته لمالك الدنيا والآخرة، ولرسوله صلوات الله عليه فاتح أبواب النعم الباطنة
والظاهرة، ولولا ذلك المبيت واعتقاد الأعداء انا لنائم على الفراش هو سيد الأنبياء،
والا ما كانوا صبروا عن طلبه إلى النهار حتى وصل إلى الغار، وكانت سلامة صاحب
الرسالة من قبل أهل الظلالة، صادرة عن تدبر الله جل جلاله بمبيت مولانا على عله السلام في مكانه، وآية باهرة لمولانا علي عليه السلام شاهدة بتعظيم شأنه واسفا لأجل
وصيه عليه أفضل السلام في الثبوت في ذلك المقام.
وانزل الله جل جلاله في مقدس قرآنه: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله
والله رؤوف بالعباد) (1) فأخبر ان سريرة مولانا علي عليه السلام كانت بيعا لنفسه الشريفة
وطلبا لمرضاة الله جل جلاله دون كل مراد.
وقد ذكرنا في الطرائف من روى هذا الحديث من المخالف ومباهاة الله جل جلاله
تلك الليلة بجبرئيل وميكائيل في بيع مولانا علي عليه السلام بمهجته، وان سمح بما
لم يسمح به خواص ملائكته (2).
ومنها: ان الله جل جلاله زاد مولانا عليا عليه السلام من القوة الإلهية والقدرة
الربانية إلى أنه ما قنع له ان يفدي النبي صلوات الله عليه بنفسه الشريفة النبي صلوات
الله عليه بنفسه الشريفة حتى امره أن يكون مقيما بعده في مكة مهاجرا للأعداء، وانه
قد هربه منهم وستره بالمبيت على الفراش وغطاه عنهم، وهذا ما لا يحتمله قوة البشر الا
آيات باهرة من واهب النفع ودافع الضرر.
ومنها: ان الله جل جلاله لم يقنع لمولانا علي عليه السلام بهذه الغاية الجليلة، حتى

1 - البقرة: 207.
2 - الطرائف: 26، مسند أحمد بن حنبل 1: 331، العمدة: 123، إحقاق الحق، عن الثعلبي 6: 479، البحار
36: 41.
109

زاده من المناقب الجميلة وجعله أهل ان يقيم ثلاثة أيام بمكة لحفظ عيال سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وآله، وان يسير بهم ظاهرا على رغم الأعداء، وهو وحيد من
رجاله ومن يساعده، على ما بلغ من المخاطرة إليه.
ومنها: ان هذا الاستسلام من مولانا علي صلوات الله عليه للقتل وفدية النبي
صلوات الله عليه، أظهر مقاما وأعظم تماما من استسلام جده الذبيح إسماعيل لإبراهيم
الخليل عليه وعليهم السلام، لأن ذلك استسلام لوالد شفيق يجوز معه ان يرحمه الله جل
جلاله ويقيه من ذبح ولده، كما جرى الحال عليه من التوفيق، ومولانا علي عليه السلام
استسلم للأعداء، الذين لا يرحمون ولا يرجون لمسامحة في البلاء.
ومنها: ان إسماعيل عليه السلام كان يجوز ان الله جل جلاله يكرم أباه بأنه لا يجد
للذبح ألما، فان الله تعالى قادر ان يجعله سهلا، رحمة لأبيه وتكرما، ومولانا علي عليه
السلام استسلم للذين طبعهم القتل في الحال على الاستقصاء وترك الابقاء والتعذيب
إذا ظفروا بما قدروا من الابتلاء.
ومنها: ان ذبح إسماعيل بيد أبيه الخليل عليه السلام ما كان فيه شماتة ومغالبة
ومقاهرة من أهل العداوات، وإنما هو شئ من الطاعات المقتضية للسعادات
والعنايات، ومولانا علي عليه السلام كان قد خاطر بنفسه لشماتة الأعداء والفتك (1) به،
بأبلغ غايات الإشتقاء والاعتداء، والتمثيل بمهجته الشريفة والتعذيب له بكل إرادة من
الكفار سحيفة.
ومنها: ان العادة قاضية وحاكمة ان زعيم العسكر إذا اختفى أو اندفع عن مقام
الاخطار وانكسر علم القوة والاقتدار، فإنه لا يكلف رعيته المتعلقون عليه ان يقفوا موقفا
قد فارقه زعيمهم وكان معذورا في ترك الصبر عليه، ومولانا علي عليه السلام كلف
الصبر والثبات على مقامات قد اختفى فيها زعيمة الذي يعول عليه صلوات الله وسلامه
عليه، وانكسر فيها علم القوة الذي تنظر عيون الجيش إليه، فوقف مولانا على صلوات

1 - فتك به: بطش به أو قتله على غفلة.
110

الله عليه وزعيمه غير حاضر، فهو موقف قاهر، وهذا فضل من الله جل جلاله لمولانا علي
عليه السلام باهر وبمعجزات تخرق عقول ذوي الألباب وتكشف لك انه القائم مقامه في
الأسباب.
ومنها: انه فدية مولانا علي عليه السلام لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله كانت
من أسباب التمكين من مهاجرته، ومن كل ما جرى من السعادات والعنايات بنبوته،
فيكون مولانا علي عليه السلام قد صار من أسباب التمكين من كل ما جرت حال
الرسالة عليه ومشاركا له في كل خير فعله النبي صلى الله عليه وآله وبلغ حاله إليه.
وقد اقتصرت في ذكر اسرار المهاجرة الشريفة النبوية على هذه المقامات الدينية،
ولو أردت بالله جل جلاله أوردت مجلدا منفردا في هذه الحال، ولكن هذا كاف شاف
للمنصفين وأهل الاقبال.
فصل (2)
فيما نذكره مما يدعي به في غرة شهر ربيع الأول
وجدنا ذلك في كتاب المختصر من المنتخب، فقال ما هذا لفظه، الدعاء في غرة:
ربيع الأول، نقول:
اللهم لا اله إلا أنت، يا ذا الطول والقوة، والحول والعزة، سبحانك
ما أعظم وحدانيتك، وأقدم صمديتك، وأوحد إلهيتك، وأبين ربوبيتك، وأظهر
جلالك، وأشرف بهاء آلائك وأبهى كمال صنائعك (1)، وأعظمك في
كبريائك، وأقدمك في سلطانك، وأنورك في أرض، وسمائك، وأقدم ملكت، وأدوم عزك، وأكرم عفوك، وأوسع حلمك، وأغمض علمك، وأنفذ
قدرتك، وأحوط قربك.
أسألك بنورك القديم، وأسمائك التي كونت بها كل شئ، أن تصلي

1 - أكرم بها صنائعك (خ ل).
111

على محمد وآل محمد (1)، كما صليت وباركت ورحمت وترحمت على
إبراهيم وآل إبراهيم (2) إنك حميد مجيد، وأن تأخذ بناصيتي إلى موافقتك،
وتنظر إلي برأفتك ورحمتك وترزقني الحج إلى بيتك الحرام، وان تجمع
بين روحي وأرواح أنبيائك ورسلك، وتوصل المنة بالمنة، والمزيد بالمزيد،
والخير بالبركات، والاحسان بالاحسان، كما تفردت بخلق ما صنعت، وعلى
ما ابتدعت وحكمت ورحمت.
فأنت الذي لا تنازع في المقدور، وأنت مالك العز والنور، وسعت كل
شئ رحمة وعلما، وأنت القائم الدائم المهيمن القدير.
إلهي لم أزل سائلا مسكينا فقيرا إليك، فاجعل جميع أموري (3)، موصولا (4)
بثقة الاعتماد عليك، وحسن الرجوع إليك والرضا بقدرك، واليقين بك،
والتفويض إليك.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، سبحانه، بل
له ما في المساواة والأرض كل له قانتون، سبحانك فقنا عذاب النار،
سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين، سبحانك أنت ولينا من دونهم،
سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله وما أنا من المشركين، سبحان الله عما يشركون، سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الأقصى الذري باركنا
حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير، سبحان الله حين تمسون وحين
تصبحون، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون.
يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيى الأرض بعد

1 - على آل محمد (خ ل).
2 - على آل إبراهيم (خ ل).
3 - أمري (خ ل).
4 - في البحار: موصولة.
112

موتها وكذلك تخرجون، سبحانه وتعالى عما يشركون، سبحانه وتعالى عما
يقولون علوا كبيرا.
سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، سبحان الذي بيده ملكوت كل
شئ وإليه ترجعون، سبحانه بل عباد مكرمون، سبحانه هو الله الواحد
القهار، سحبان ربنا إنا كنا ظالمين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون،
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعرفنا بركة هذا الشهر ويمنه، وارزقنا
خيره واصرف عنا شره، واجعلنا فيه من الفائزين، برحمتك يا ارحم الراحمين (1).
فصل (3)
فيما نذكره من حال اليوم التاسع من ربيع الأول
اعلم أن هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيمة الشأن (2)، ووجدنا جماعة من العجم
والإخوان يعظمون السرور فيه، ويذكرون أنه يوم هلاك بعض من كان يهون بالله جل
جلاله ورسوله صلوات الله عليه ويعاديه، ولم أجد فيما تصفحت من الكتب إلى الان
موافقة أعتمد عليها للرواية التي رويناها عن ابن بابويه تغمده الله بالرضوان (3)، فان أراد
أحد تعظيمه مطلقا لسر يكون في مطاويه غير الوجه الذي ظهر فيه احتياطا للرواية،
فكذا عادة ذوي الرعاية.
أقول: وإنما قد ذكرت في كتاب التعريف للمولد الشريف عن الشيخ الثقة محمد بن
جرير بن رستم الطبري الامامي في كتاب دلائل الإمامة أن وفاة مولانا الحسن
العسكري صلوات الله عليه كانت لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول.

1 - عنه البحار 98: 348.
2 - عظيم الشأن (خ ل).
3 - رواه ابن طاووس في زوائد الفوائد، عنه البحار 98: 351.
113

وكذلك ذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الحجة، وكذلك قال محمد بن
هارون التلعكبري، وكذلك ذكر حسين بن حمدان بن الخطيب، وكذلك ذكر الشيخ
المفيد في كتاب الارشاد، وكذلك قال المفيد أيضا في كتاب مولد النبي والأوصياء،
وكذلك ذكر أبو جعفر الطوسي في كتاب تهذيب الأحكام، وكذلك قال حسين بن
خزيمة، وكذلك قال نصر بن علي الجهضمي في كتاب المواليد، وكذلك الخشاب في
كتاب المواليد أيضا، وكذلك قال ابن شهرآشوب في المناقب (1).
فإذا كانت وفاة مولانا الحسن العسكري عليه السلام كما ذكر هؤلاء (2) لثمان خلون
من ربيع الأول، فيكون ابتداء ولاية المهدي عليه السلام على الأمة يوم تاسع ربيع
الأول، فلعل تعظيم هذا اليوم وهو يوم تاسع ربيع الأول لهذا الوقت المفضل والعناية لمولى
المعظم المكمل.
أقول: وإن كان يمكن أن يكون تأويل ما رواه أبو جعفر ابن بابويه، في أن قتل من
ذكر كان يوم تاسع ربيع الأول، لعل معناه أن السبب الذي اقتضى عزم القاتل على
قتل من قتل كان ذلك السبب يوم تاسع ربيع الأول، فيكون اليوم الذي فيه سبب
القتل أصل القتل.
ويمكن أن يسمى مجازا بالقتل، ويمكن أن يأول بتأويل آخر، وهو أن يكون توجه
القاتل من بلده إلى البلد الذي وقع القتل فيه يوم تاسع ربيع الأول، أو يوم وصول
القاتل إلى المدينة التي وقع فيها القتل كان يوم تاسع ربيع الأول.
وأما تأويل من تأول أن الخبر بالقتل وصل إلى بلد أبي جعفر ابن بابويه يوم تاسع
ربيع الأول، فلأنه لا يصح، لأن الحديث الذي رواه ابن بابويه عن الصادق عليه
السلام ضمن أن القتل كان في يوم تاسع ربيع الأول فكيف يصح تأويل أنه يوم بلغ
الخبر إليهم.

1 - في المواليد (خ ل).
2 - راجع الكافي 1: 503، الارشاد للمفيد: 345، دلائل الإمامة: 223، كفاية الأثر: 326، البحار 50: 325،
مناقب آل أبي طالب 4: 421، تهذيب الأحكام 6: 92.
114

فصل (4)
فيما نذكره من صوم اليوم العاشر من شهر ربيع الأول
روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله جل جلاله عليه من كتاب
حدائق الرياض الذي أشرنا إليه، فقال عند ذكر ربيع الأول ما هذا لفظه:
اليوم العاشر منه تزوج النبي صلى الله عليه وآله خديجة بنت خويلد أم المؤمنين
رضي الله عنها، ولها أربعون سنة وله خمس وعشرون سنة، ويستحب صيامه شكرا لله
تعالى على توفيقه بين رسوله والصالحة الرضية المرضية (1). (2)
فصل (5)
فيما نذكره من صوم اليوم الثاني عشر من ربيع الأول
روينا ذلك (3) بإسنادنا إلى شيخنا المفيد قدس الله جل جلاله سره فيما ذكره في
كتاب حدائق الرياض، فقال عند ذكر ربيع الأول ما هذا لفظه:
اليوم الثاني عشر منه كان قدوم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة مع زوال
الشمس، وفي مثله سنة اثنتين وثمانين من الهجرة كان انقضاء دولة بني مروان،
فيستحب صومه شكرا لله تعالى على ما أهلك من أعداء رسوله وبغاة عبادة (4).
أقول: لان فيه بويع السفاح أول خلفاء الدولة الهاشمية، اما قتل مروان وزوال
دولة بني أمية بالكلية فإنه كان في يوم سابع وعشرين من ذي الحجة، كما تقدم ذكره
في عمل ذي الحجة.
أقول: وقد روينا في كتاب التعريف للمولد الشريف عدة مقالات ان اليوم الثاني

1 - النقية (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 357.
3 - ذلك أيضا (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 357.
115

عشر من ربيع الأول كانت ولادة رسول الله صلى الله عليه وآله، فصومه مهم احتياطا
للعبادة بما يبلغ الجهد إليه.
فصل (6)
فيما نذكره من صلاة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول
وجدناها في كتب أصحابنا من العجم، فقال عن ربيع الأول ما هذا لفظه:
في الثاني عشر منه يستحب ان تصلي فيه ركعتين، في الأولى الحمد مرة (قل يا أيها
الكافرون) ثلاثا، وفي الثانية الحمد مرة و (قل هو الله أحد) ثلاثا (1).
فصل (7)
فيما نذكره مما يختص باليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول
من فضل شملني فيه قبل ان أتوسل (2) ليعلم ذريتي وذووا مودتي انني كنت قد
صمت يوم ثاني عشر ربيع الأول كما ذكرناه من فضله وشرف محله وعزمت على افطار
يوم ثالث عشر، وذلك في سنة اثنتين وستين وستمائة، وقد أمرت بتهيئة الغذاء،
فوجدت حديثا في كتاب الملاحم للبطائني عن الصادق عليه السلام يتضمن وجود
الرجل من أهل بيت النبوة بعد زوال ملك بني العباس، يحتمل أن يكون (3) الإشارة إلينا
والانعام علينا.
وهذا ما ذكره بلفظه من نسخة عتيقة بخزانة مشهد الكاظم عليه السلام، وهذا
ما رويناه ورأينا عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال:
الله أجل وأكرم وأعظم من أن يترك الأرض بلا امام عادل، قال: قلت له: جعلت
فداك فأخبرني بما استريح إليه، قال: يا أبا محمد ليس يرى أمة محمد صلى الله عليه

1 - عنه البحار 98: 357.
2 - أتوصل (خ ل).
3 - يكون إليه (خ ل).
116

وآله فرجا ابدا ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم، فإذا انقرض ملكهم أتاح
الله لامة محمد رجلا (1) منا أهل البيت، يشير بالتقى ويعمل بالهدى ولا يأخذ في حكمه
الرشى، والله اني لا عرفه باسمه واسم أبيه، ثم يأتينا الغليظ القصرة ذو الخال
والشامتين، القائم العادل الحافظ لما استودع يملأها قسطا وعدلا كما ملأها الفجار جورا
وظلما - ثم ذكر تمام الحديث..
أقول: ومن حيث انقرض ملك بني العباس لم أجد ولا أسمع برجل من أهل البيت
يشير بالتقي ويعمل بالهدى ولا يأخذ في حكمه الرشى، كما قد تفضل الله به علينا باطنا
وظاهرا، وغلب ظني أو عرفت ان ذلك إشارة إلينا وانعام، فقلت ما معناه:
يا الله إن كان هذا الرجل المشار إليه انا فلا تمنعني من صوم هذا يوم ثالث عشر
ربيع الأول، على عادتك ورحمتك في المنع مما تريد منعي منه واطلاقي فيما تريد تمكيني
منه فوجدت اذنا وامرا بصوم هذا اليوم وقد تضاحى نهاره، فصمته.
وقلت في معناه: يا الله ان كنت ان المشار إليه فلا تمنعني من صلاة الشكر
وأدعيتها، فقمت فلم امنع بل وجدت لشئ مأمور فصليتها ودعوت بأدعيتها، وقد رجوت
أن يكون الله تعالى برحمته قد شرفني بذكري في الكتب السالفة على لسان الصادق عليه
السلام.
فإننا قبل الولاية على العلويين كنا في تلك الصفات مجتهدين، وبعد الولاية على
العلويين زدنا في الاجتهاد في هذه الصفات والسيرة فيهم بالتقوى والمشورة بها والعمل
معهم بالهدى، وترك الرشى قديما وحديثا، لا يخفى ذلك على من عرفنا، ولم يتمكن أحد
في هذه الدولة القاهرة من العترة الطاهرة، كما تمكنا نحن من صدقاتها المتواترة
واستجلاب الأدعية الباهرة والفرامين المتضمنة لعدلها ورحمتها المتظاهرة.
وقد وعدت ان كل سنة أكون متمكنا على عادتي من عبادتي اعمل فيه ما يهديني
الله إليه من الشكر وسعادة دنياي وآخرتي، وكذلك ينبغي ان تعمله ذريتي، فإنهم

1 - برجل (خ ل).
117

مشاركون فيما تضمنته كرامتي.
ووجدت بشارتين فيما ذكرته في كتاب البشارات في الملاحم، تصديق ان المراد نحن
بهذه المراحم والمكارم.
فصل (8)
فيما نذكره من أنه ينبغي صوم اليوم الرابع عشر من ربيع الأول
أقول: كان شيخنا المفيد رضي الله عنه قد جعل هلاك بعض أعداء الله جل جلاله
في يوم من الأيام يقتضي استحباب الصيام شكرا لله جل جلاله على ذلك الانعام
والانتقام، وقد ذكر رحمه الله في اليوم الرابع عشر ما هذا لفظه:
الرابع عشر منه سنة أربع وستين كان هلاك الملحد الملعون يزيد بن معاوية لعنه الله
ولعن من طرق له ما أتاه إلى عترة رسوله ومهد له ورضيه ومالاه (1) عليه.
أقول: فهذا اليوم الرابع عشر حقيق بالصيام شكرا على هلاك امام الظلم والغدر (2)،
ويوم الصدقات والمبالغة في الحمد والشكر.
فصل (9)
فيما رويناه من تعظيم ليلة سبع عشرة من ربيع الأول
ووجدت في كتاب شفاء الصدور في الجزء الخامس والأربعين منه في تفسير القرآن
عند تفسير بني إسرائيل تأليف أبي بكر محمد بن الحسن بن زياد المعروف بالنقاش، في
حديث الإسراء بالنبي صلى الله عليه وآله ما هذا لفظه: (يقال: اسرى به في ليلة سبع
عشرة من ربيع الأول قبل الهجرة بسنة.)
أقول: فان صح ما قد ذكره من الاسراء في الليلة المذكور، فينبغي تعظيمها
ومراعاتها وحقوقها المذكورة بالاعمال المشكورة.

1 - كذا في النسخ، ولعل الأصل: ما لامه عليه.
2 - العدوان (خ ل).
118

فصل (10)
فيما نذكره من ولادة سيدنا وجدنا الأعظم محمد صلوات الله عليه وآله رسول المالك الارحم
وما يفتح الله جل جلاله فيها علينا من حال معظم
اعلم أن الحمل لسيدنا ومولانا رسول رب العالمين وولادته المقدسة العظيمة الشأن
عند الملائكة والأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين ما يقوى قلبي ولا عقلي
ولا لساني ولا قلمي ولا محلي، ان أقدر على شرح فضل الله جل جلاله باختيار واظهار
أنوارها، لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله اشتملت ولادته الشريفة ورسالته
المعظمة المنيفة على فضل من الله جل جلاله لا يبلغ وصفي إليه.
فمن ذلك: انه كان صلى الله عليه وآله قد جاء بعد مائة ألف نبي وأربعة وعشرين
ألف نبي:
منهم من تضمن القرآن الشريف انه اصطفاه واسجد له ملائكته وجعله رسولا،
ومنهم: من اتخذه الله جل جلاله خليلا، ومنهم: من سخر الله جل جلاله له الجبال،
(يسبحن معه بالعشي والاشراق) (1)، وبلغ به غايات من التمكين، ومنهم: من أتاه من الملك
ما لم يؤت أحدا من العالمين، ومنهم: من كلمه الله جل جلاله تكليما ووهبه مقاما جليلا
عظيما، ومنهم: من جعله الله جل جلاله روحا من أمره، ومكنه من احياء الأموات،
وبالغ في علو قدره، وغيرها.
وهؤلاء من الأنبياء والأوصياء انقضت أيامهم وأحكامهم وشرائعهم وصنائعهم،
ولم يتفق لأحد منهم ان يفتح من أبواب العلوم الدينية والدنيوية، وان ينجح من أسباب
الآداب الإلهية والبشرية ما بلغ إليه سيدنا محمد صلوات الله عليه، وانه بلغ بأمنيته (2)
وبلغته أمته به صلوات الله عليه إلى حال يعجز الامكان والزمان عن شرح ما جرت
علومه وعلومهم منه عليه السلام، وقد ملؤوا أقطار المشارق والمغارب بالمعارف وذكر

1 - ص: 18.
2 - بأمته (خ ل).
119

المواهب والمناقب.
ومنها: ان زمان تمكينه من هذه العلوم المبسوطة في البلاد والعباد كانت مدة يسيرة
لا تقوم في العادة بهذا المراد الا بآيات باهرة أو معجزات قاهرة (1) من سلطان الدنيا
والآخرة (2)، لان مقامه صلى الله عليه وآله بمكة رسولا مدة ثلاثة عشرة سنة كان ممنوعا
من التمكين، ومدة مقامه بالمدينة، وهي عشر سنين، كان مشغولا بالحروب للكافرين
ومقاساة الضالين والمنافقين والجاهلين، ولو أنه صلوات الله عليه كان في هذه الثلاثة
وعشرين سنة متفرغا لما بلغ حال علومه وهدايته إليه، كان ذلك الزمان قليلا في
الامكان بالنسبة إلى ما جرى من الفضل وبسط لسان العقل والنقل، وكان ذلك من
آيات الله جل جلاله العظيمة الشأن وآياته صلوات الله عليه التي تعجز عنها عبارة القلم
واللسان.
ومنها: انه صلوات الله عليه أحيى العقول والألباب، وقد ماتت وصارت كالتراب،
وصار أصحابها كالدواب.
ومنها: انه صلوات الله عليه نصر العقل بعد احيائه، وقد كان انكسر عسكره
واستولت عليه يد أعدائه.
ومنها: انه صلوات الله عليه زكى الأنبياء صلوات الله عليهم على التفصيل في وقته
القليل بما لم يبلغوا إلى تزكيتهم لله جل جلاله ولهم عليهم السلام في زمانهم الطويل.
ومنها: انه صلوات الله عليه كشف من حال شرف مواضعهم وتحت شرائهم
وأسرارهم وأنوارهم ما لم يبلغ إليه المدعون لنقل اخبارهم وآثارهم.
ومنها: انه صلوات الله عليه شرف باثني عشر من مقدس ظهره قائمون بأمره وسره
.

1 - باهرات، قاهرات (خ ل).
2 - المعاد (خ ل).
3 - ناظمهم (خ ل).
120

عنه منهج واحد كامل، لا بسين لخلع العصمة ومتوجين بتاج الكرامة والفضائل، منهم
المهدي الذي ينادي باسمه من السماء وبلغ إلى ما لم يبلغ إليه أحد من الأنبياء.
ولئن جحد بعض هذا أهل الخلاف لقلة مخالطتهم ومعرفتهم بما كانوا عليه عليهم
السلام من الأوصاف، فهيهات ان ينفعهم جحودا ان علمهم عليه السلام من غير
أستاذ معلوم، وسبقهم إلى العلوم وفضلهم في المعقول والمنقول والمرسوم.
وقد قلنا اننا ما نقدر على شرح فضل (1) مقدس تلك الولادة وما فيها من السعادة،
واقتصرنا على ما ذكرناه ولئلا يبلغ الكتاب إلى حد يضجر من وقف على معناه.
فصل (11)
فيما نذكره من تعيين وقت ولادة النبي صلى الله عليه وآله
وفضل صوم اليوم المعظم المشار إليه
اعلم اننا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف ما عرفناه من اختلاف أعيان
الامامية في وقت هذه الولادة المعظمة النبوية، وقلنا:
ان الذين أدركناهم من العلماء كان عملهم على أن ولادته المقدسة صلوات الله
وسلامه عليه وعلى الحافظين لأمره أشرقت لأنوارها يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع
الأول في عام الفيل عند طلوع فجره، وان صومه يعدل عند الله جل جلاله صيام سنة،
هكذا وجدت في بعض الروايات انه صومه يعدل هذه المقدار من الأوقات.
فإن كان هذا الحديث ناشئا عن نقل عنه صلوات الله عليه، فربما يكون له تأويل
يعتمد عليه، والا فالعقل والنقل يقتضيان أن يكون فضل صوم هذا اليوم المعظم المشار
إليه على قدر تعظيم الله جل جلاله لهذا اليوم المقدس، وفوائد المولود فيه صلوات الله
وسلامه عليه، الا أن يكون معنى قولهم عليهم السلام: يعدل عند الله جل جلاله صيام
سنة، فيكون تلك السنة لها من الوصف والفضل ما لم يبلغ سائر السنين إليه، فهذا تأويل

1 - فضائل (خ ل)
121

محتمل ما يمنع العقل من الاعتماد عليه.
وسوف نذكر من كلام شيوخنا في وظائف اليوم السابع عشر ما ذكره شيخنا المفيد
رضوان الله عليه، فقال في كتاب حدائق الرياض وزهرة المرتاض ونور المسترشد ما هذا
لفظه:
السابع عشر منه مولد سيدنا رسول الله صلوات الله عليه عند طلوع الفجر من يوم
الجمعة عام الفيل، وهو يوم شريف عظيم البركة ولم تزل الشيعة على قديم الأوقات تعظمه
وتعرف حقه وترعى حرمته وتتطوع بصيامه، وقد روي عن أئمة الهدى من آل محمد
عليهم السلام انهم قالوا من صام يوم السابع عشر من ربيع الأول، وهو يوم مولد سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وآله كتب الله له صيام سنة، ويستحب فيه الصدقة والإلمام بمشاهد الأئمة عليهم السلام والتطوع بالخيرات وادخال السرور على أهل الإيمان (1)
وقال: شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية نحو هذه الألفاظ والمعاني المرضية.
أقول: إن الذي ذكره شيخنا المفيد على سبيل الجملة دون التفصيل والذي أقوله انه
ينبغي أن يكون تعظيم هذا اليوم الجميل على قدر تعظيم الرسول الجليل المقدم على كان
موجود من الخلائق المكمل في السوابق والطرائق، فمهما عملت فيه من الخيرات وعرفت
فيه من المبرات والمسرات، فالأمر أعظم منه، وهيهات ان تعرف قدر هذا اليوم وان
الظاهر العجز منه (2).
فصل (12) فيما نذكره من زيارة سيدنا رسول الله صلوات الله عليه في هذا اليوم من بعيد المكان،
وزيارة مولانا علي عليه السلام عند ضريحه الشريف مع الامكان
فنقول اما زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله فهذا شرحها:
روي عنه صلوات الله عليه أنه قال: من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إلي

1 - عنه البحار 98: 358.
2 - عنه (خ ل).
122

في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلي بالسلام (فإنه يبلغني) (1).
وفي حديث عن الصادق عليه السلام وذكر زيارة النبي صلوات الله عليه وآله
فقال: انه يسمعك من قريب ويبلغه عنك من بعيد، فإذا أردت ذلك فمثل بين يديك
شبه القبر واكتب عليه اسمه وتكون على غسل ثم قم قائما وقل وأنت متخيل بقلبك
مواجهته صلى الله عليه وآله، ثم قل:
اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، وانه سيد الأولين والآخرين، وانه سيد الأنبياء والمرسلين، اللهم
صل على محمد وعلى أهل بيته الأئمة الطيبين (2).
ثم قل:
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا خليل الله، السلام عليك
يا نبي الله، السلام عليك يا صفي الله، السلام عليك يا رحمة الله، السلام
عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نجيب (3) الله،
السلام عليك يا خاتم النبيين، السلام عليك يا سيد المرسلين، السلام عليك
يا قائما بالقسط، السلام عليك يا فاتح الخير، السلام عليك يا معدن الوحي
والتنزيل.
السلام عليك يا مبلغا عن الله، السلام عليك أيها السراج المنير، السلام
عليك يا مبشر، السلام عليك يا منذر (4) السلام عليك يا نور الله الذي يستضاء
به، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين الهادين المهديين.
السلام على جدك (5) عبد المطلب وعلى أبيك عبد الله، السلام على

1 - رواه في كامل الزيارات: 14، والزيادة منه، عنه بحار 100: 144.
2 - الطاهرين الطيبين (خ ل).
3 - النجيب: الكريم الحسب.
4 - السلام عليك يا نذير (خ ل).
5 - السلام عليك وعلى جدك (خ ل).
123

أمك (1) آمنة بنت وهب، السلام على عمك حمزة سيد الشهداء، السلام على
عمك (2) عباس بن عبد المطلب السلام على عمك وكفيلك أبي طالب،
[السلام على ابن عمك جعفر الطيار في جنان الخلد] (3).
السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا احمد، السلام عليك يا حجة الله
على الأولين والآخرين، والسابق في (4) طاعة رب العالمين، والمهيمن على
رسله والخاتم لأنبيائه (6)، والشاهد على خلقه والشفيع إليه، والمكين لديه،
والمطاع في ملكوته، الأحمد من الأوصاف، المحمد لسائر الأشراف
الكريم (7) عند الرب، والمكلم من وراء الحجب، الفائز بالسباق، والفائت
عن اللحاق.
تسليم عارف بحقك، معترف بالتقصير في قيامه بواجبك، غير منكر (8)
ما انتهى إليه من فضلك، موقن بالمزيدات من ربك، مؤمن بالكتاب المنزل
عليك، محلل حلالك محرم حرامك.
اشهد يا رسول الله مع كل شاهد وأتحملها عن كل جاحد، انك قد بلغت
رسالات ربك، ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل ربك، وصدعت بأمره
واحتملت الأذى في جنبه، ودعوت إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة
الجميلة، وأديت الحق الذي كان عليك وأنك قد رؤفت بالمؤمنين (9) وغلظت
على الكافرين، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين.

1 - في البحار: وعلى أبيك عبد الله وعلى أمك.
2 - السلام عليك وعلى عمك (خ ل).
3 - من البحار.
4 - في البحار: إلى.
5 - المهيمن: الشاهد.
6 - الخاتم الأنبياء (خ ل).
7 - الكليم (خ ل).
8 - غير متكبر (خ ل).
9 - على المؤمنين (خ ل).
124

فبلغ الله بك أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقربين، وارفع
درجات المرسلين، حيث لا يلحقك لا حق، ولأي فوقك فائق، ولا يسبقك
سابق، ولا يطمع في إدراكك طامع.
والحمد لله الذي استنقذنا بك من الهلكة، وهدانا بك من الضلالة،
ونورنا بك من الظلمة (1)، فجزاك الله يا رسول الله من مبعوث أفضل ما جازى
نبيا عن أمته ورسولا عمن ارسل إليه.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، زرتك عارفا بحقك، مقرا بفضلك، مستبصرا
بضلالة من خالفك وخالف أهل بيتك، عارفا بالهدى الذي أنت عليه.
بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي ومالي وولدي انا أصلي عليك كما
صلى الله عليك وصلى عليك ملائكته وأنبياؤه ورسوله، صلاة متتابعة وافرة
متواصلة، لا انقطاع لها ولا أمد ولا أجل، صلى (2) الله عليك وعلى أهل بيتك
الطيبين الطاهرين كما أنتم أهله.
ثم ابسط كفيك وقل:
اللهم اجعل جوامع صلواتك ونوامي بركاتك، وفواضل خيراتك وشرائف
تحياتك وتسليماتك وكراماتك ورحماتك، وصلوات ملائكتك المقربين
وأنبياءك المرسلين وأئمتك المنتجبين وعبادك الصالحين، وأهل السماوات
والأرضين، ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين، على محمد
عبدك ورسولك وشاهدك ونبيك ونذيرك وأمينك (3) ونجيبك
ونجيك وحبيبك وخليلك، وصفيك وصفوتك، وخاصتك وخالصتك
ورحمتك، وخيرتك من خلقك، نبي الرحمة وخازن المغفرة وقائد الخير

1 - الظلمات (خ ل).
2 - وصلى الله (خ ل).
3 - زيادة: مكينك (خ ل).
125

والبركة، ومنقذ العباد من الهلكة باذنك، وداعيهم إلى دينك القيم بأمرك.
أول النبيين ميثاقا وآخرهم مبعثا، الذي غمسته في بحر الفضيلة للمنزلة (1)
الجليلة، والدرجة الرفيعة، والمرتبة الخطيرة، وأودعته الأصلاب الطاهرة،
ونقلته منها إلى الأرحام المطهرة، لطفا منك له وتحننا منك عليه.
إذ وكلت لصوته وحراسته وحفظه وحياطته من قدرتك، عينا
عاصمة حجبت بها عنه مدانس العهر (2)، ومعائب السفاح، حتى رفعت به نواظر
العباد (3)، وأحييت به ميت البلاد، بان كشفت عن نور ولادته ظلم الأستار،
وألبست حرمك فيه حلل الأنوار.
اللهم فكما خصصته بشرف هذه المرتبة الكريمة وذخر هذه المنقبة
العظيمة، صل عليه كما وفى بعهدك وبلغ رسالاتك، وقاتل أهل الجحود
على توحيدك، وقطع رحم الكفر في اعزاز دينك، ولبس ثوب البلوى في
مجاهدة أعدائك.
وأوجب له بكل اذى مسه أو كيد أحس به، من الفتنة التي حاولت
قتله، فضيلة تفوق الفضائل ويملك الجزيل بها من نوالك، فلقد (4) أسر الحسرة
واخفى الزفرة وتجرع الغصة، ولم يتخط ما مثل له وحيك (5).
اللهم صل عليه وعلى أهل بيته، صلاة ترضاها لهم وبلغهم منا تحية
كثيرة وسلاما، وآتنا من لدنك في موالاتهم فضلا واحسانا ورحمة وغفرانا،
انك ذو الفضل العظيم.
ثم صل صلاة الزيارة، وهي أربع ركعات تقرأ فيها ما شئت، فإذا فرغت فسبح
تسبيح الزهراء عليها السلام وقل:

1 - في البحار: والمنزلة.
2 - العهر والسفاح: الزنا.
3 - نواظر العباد: احداقهم وابصارهم.
4 - وقد (خ ل).
5 - في البحار: مثل من وحيك.
126

اللهم إنك قلت لنبيك محمد صلى الله عليه وآله: (ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا
رحيما) (1)، ولم أحضر زمان رسولك عليه وآله السلام.
اللهم وقد زرته راغبا، تائبا من سيئ عملي، ومستغفر لك من ذنوبي،
ومقرا لك بها، وأنت اعلم بها مني، ومتوجها إليك بنبيك نبي الرحمة
صلواتك عليه وآله، فاجعلني اللهم بمحمد وأهل بيته عندك وجيها في الدنيا
والآخرة ومن المقربين.
يا محمد يا رسول الله بأبي أنت وأمي يا نبي الله، يا سيد خلق الله، اني
أتوجه بك إلى الله ربك وربي ليغفر لي ذنوبي، ويتقبل مني عملي،
ويقضي لي حوائجي، فكن لي شفيا عند ربك وربي، فنعم المسؤول ربي
نعم الشفيع أنت. يا محمد، عليك وعلى أهل بيتك السلام.
اللهم وأوجب لي منك المغفرة والرحمة والرزق الواسع الطيب النافع،
كما أوجبت لمن اتى نبيك محمدا صلواتك عليه وآله وهو حي، فأقر له
بذنوبه، واستغفر له رسولك عليه السلام فغفرت له، برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم وقد أملتك ورجوتك وقمت بي يديك ورغبت إليك عمن سواك،
وقد أملك جزيل ثوابك، واني لمقر (2) غير منكر وتائب إليك مما اقترفت (3)،
وعائذ بك في هذا المقام مما قدمت من الأعمال التي تقدمت إلي فيها
ونهيتني عنها وأوعدت عليها العقاب.
وأعوذ بكرم وجهك ان تقيمني مقام الخزي والذل يوم تهتك فيه الأستار
وتبدو فيه الاسرار والفضائح، وترعد فيه الفرائض، (4)، يوم الحسرة والندامة، يوم

1 - النساء: 64.
2 - مقر (خ ل).
3 - اقترف: اكتسب.
4 - الفريص: أوداج العنق، الفريصة واحدته، اللحمة بين الجنب والكتف لا تزال ترعد.
127

الافكة (1)، يوم الأزفة، يوم التغابن، يوم الفصل، يوم الجزاء، يوما كان مقداره
خمسين ألف سنة، يوم النفخة.
يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة، يوم النشر، يوم العرض، يوم يقوم
الناس لرب العالمين، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، يوم
تشقق الأرض وأكناف السماء، يوم تأتي كل نفسه تجادل عن نفسها، يوم
يردون إلى الله فينبؤهم بما عملوا.
يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون، الا من رحم الله انه هو
العزيز الرحيم، يوم يردون إلى عالم الغيب والشهادة، يوم يردون إلى الله
موليهم الحق، يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون،
وكأنهم جراد منتشر، مهطعين (2) إلى الداع إلى الله، يوم الواقعة، يوم ترج
الأرض رجا، يوم تكون السماء كالمهل، وتكون الجبال كالعهن، ولا يسئل
حميم حميما، يوم الشاهد والمشهود، يوم تكون الملائكة صفا صفا.
اللهم ارحم موقفي في ذلك اليوم بموقفي في هذا اليوم، ولا تخزني في
ذلك الموقف (3) بما جنيت على نفسي، واجعل يا رب في ذلك اليوم مع
أوليائك منطلقي، وفي زمرة محمد وأهل بيته عليهم السلام محشري، واجعل
حوضه موردي، وفي الغر الكرام مصدري، وأعطني كتابي بيميني حتى أفوز
بحسناتي، وتبيض به وجهي، وتيسر بي حسابي، وترجح به ميزاني، وامضي
مع الفائزين من عبادك الصالحين إلى رضوانك وجنانك، يا اله العالمين.
اللهم إني أعوذ بك من أن تفضحني في ذلك اليوم بين يدي الخلائق
بجريرتي، أو أن القى الخزي والندامة بخطيئتي، أو ان تظهر (4) سيئاتي على

1 - الافكة - كفرحة - السنة المجدبة.
2 - هطع: أسرع مقبلا خائفا.
3 - في البحار: ارحم موقفي في ذلك اليوم ولا تخزني في ذلك اليوم.
4 - تظهر فيه (خ ل).
128

حسناتي، أو ان تنوه بين الخلائق باسمي، يا كريم يا كريم، العفو العفو،
الستر الستر.
اللهم وأعوذ بك من أن يكون في ذلك اليوم في مواقف الأشرار موقفي،
أو في مقام الأشقياء مقامي، وإذا ميزت بين خلقك فسقت كلا بأعمالهم
زمرا إلى منازلهم، فسقني برحمتك في عبادك الصالحين، وفي زمرة
أوليائك المتقين إلى جنانك (1) يا رب العالمين.
ثم ودعه عليه السلام وقل:
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك أيها البشير النذير، السلام
عليك أيها السراج المنير السلام عليك أيها السفير بين الله وبين خلقه،
اشهد يا رسول الله انك كنت نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة،
لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات (2) ثيابها.
واشهد يا رسول الله انى مؤمن بك وبالأئمة من أهل بيتك، موقن بجميع
ما أتيت به راض مؤمن، واشهد ان الأئمة من أهل بيتك اعلام الهدى والعروة
الوثقى والحجة على أهل الدنيا.
اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة نبيك عليه السلام، وان توفيتني فاني
اشهد في مماتي على ما اشهد عليه في حياتي، انك أنت الله لا إله الا أنت
وحدك لا شريك لك، وان ممدا عبدك ورسولك، وان الأئمة من أهل بيته
أوليائك وأنصارك وحججك على خلقك وخلفاؤك في عبادك، واعلامك
في بلادك وخزان علمك وحفظة سرك وتراجمة وحيك.
اللهم صل على محمد وآل محمد وبلغ روح نبيك محمدا وآله في
ساعتي هذه وفي كل ساعة تحية مني وسلاما، والسلام عليك يا رسول الله

1 - جناتك (خ ل).
2 - ليلة مدلهمة: مظلمة.
129

ورحمة الله وبركاته، لا جعله (1) الله آخر تسليمي عليك (2).
واما زيارة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عند ضريحه الشريف:
فزر مولانا وسيدنا رسول الله ومولانا أمير المؤمنين عليا صلوات الله عليهما بالزيارة
التي زارهما بها مولانا الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليه وآله، حيث حضر عند
ضريح مولانا علي عليه السلام في يوم سابع عشر ربيع الأول، مولد سيدنا ومولانا
رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنها فاضلة فيما أشار إليه.
رواها محمد بن مسلم الثقفي قال: إذا أتيت مشهد أمير المؤمنين صلوات الله عليه
فاغتسل غسل الزيارة، والبس أنظف ثيابك، وشم شيئا من الطيب، امش وعليك
السكينة والوقار، وإذا وصلت إلى باب السلام فاستقبل القبلة وكبر الله ثلاثين مرة وقل:
السلام على رسول الله، [السلام على] (3) خيرة الله، السلام على البشير
النذير السراج المنير ورحمة الله وبركاته، [السلام على الطهر الطاهر،
السلام على العلم الزاهر، السلام على المنصور المؤيد، السلام على أبي
القاسم محمد ورحمة الله وبركاته] (4)، السلام على أنبياء الله المرسلين
عباد الله الصالحين، السلام على الملائكة الحافظين الحافين بهذا الحرم
وبهذا الضريح (6) اللائذين به.
ثم ادن من القر وقل:
السلام عليك يا وصي الأوصياء، السلام عليك يا عماد الأتقياء، السلام
عليك يا ولي الأولياء (7)، السلام عليك يا خير الشهداء، السلام عليك يا آية الله.

1 - ولا جعله الله، لا تجعله الله (خ ل).
2 - روي زيارة النبي صلى الله عليه وآله من البعيد، المصنف في مصباح الزائر 34 - 36، الشهيد في مزاره: 2 - 6،
عنهما البحار 100: 183 - 186.
3 - من البحار.
4 - من البحار.
5 - في البحار: ملائكة الله الحافين. 6 - لهذا الحرم وهذه الضريح (خ ل).
(7) - عماد الأولياء (خ ل).
130

العظمى، السلام عليك يا خامس أهل العباء، السلام عليك يا قائد الغر
المحجلين (2) الأتقياء، السلام عليك يا عصمة الأولياء.
السلام عليك يا زين الموحدين النجباء، [السلام عليك يا خالص
الأخلاء، السلام عليك يا والد الأئمة الامناء] (3)، السلام عليك يا صاحب
الحوض و [حامل] (4) اللواء، السلام عليك يا قسيم الجنة ولظى (5) السلام عليك
يا من شرفت به مكة ومنى، السلام عليك يا بحر العلوم وكهف الفقراء
السلام عليك يا من ولد في الكعبة وزوج في السماء بسيدة النساء،
وكان شهوده الملائكة (6) الأصفياء، السلام عليك يا مصباح الضياء، السلام
عليك يا من خصه النبي بجزيل الحباء، السلام عليك يا من بات على فراش
خير الأنبياء ووقاه بنفسه عند مبارزة الأعداء (7).
السلام عليك يا من ردت له الشمس فسامى (8) شمعون الصفا، السلام
عليك يا من أنجى الله سفينة نوح باسمه باسمه واسم أخيه حيث التطم الماء حولها
وطمى (9).
السلام عليك يا من تاب الله به وبأخيه على آدم إذ غوى، السلام
عليك يا فلك النجاة الذي من ركبه نجى ومن تخلف عنه هوى، السلام
عليك يا مخاطب الثعبان وذئب الفلا (10)
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا حجة

1 - المحجلين: هم الذين على أعضاء وضوءهم اثرة تشبيهها لهم بالفرس الذي كان ناصيته ويداه ورجليه بيضاء.
2 - من البحار.
3 - من البحار.
4 - النار اللظى (خ ل).
5 - السفرة (خ ل).
6 - في البحار: خاتم الأنبياء ووقاه بنفسه عند مبارزة العداء.
7 - المساماة: المطاولة والمفاخرة: من السمو بمعنى العلو والرفقة.
8 - طمى الماء إذا ارتفع بأمواجه.
9 - في البحار: تأخر.
10 - الفلا: المفازة التي لا ماء فيها.
131

الله على (من كفر وأناب، السلام عليك يا امام) (1) ذوي الألباب، السلام
عليك يا معدن الحكمة وفصل الخطاب، السلام عليك يا من عنده علم
الكتاب، السلام عليك يا ميزان يوم (2) يوم الحساب، السلام عليك يا فاصل
الحكم (3) الناطق بالصواب.
السلام عليك أيها المتصدق بالخاتم في المحراب، السلام عليك يا من
كفى الله المؤمنين القتال به في يوم الأحزاب، السلام عليك يا من أخلص
لله الوحدانية وأناب، السلام عليك يا قالع باب خيبر الصيخود من الصلاب (4).
السلام عليك يا من دعاه خير الأنام إلى المبيت (5) على فراشه فأسلم نفسه
للمنية وأجاب.
السلام عليك يا من له طوبى وحسن مآب ورحمة الله وبركاته، السلام
عليك يا ولي الدين ويا سيد السادات، السلام عليك يا صاحب المعجزات،
السلام عليك يا من نزلت في فضله سورة براءة والعاديات، السلام عليك يا من
كتب اسمه في السماء على السرادقات، السلام عليك يا مظهر العجائب
والآيات.
السلام عليك يا أمير الغزوات، السلام عليك يا مخبرا بما (6) غبر وما هو
آت، السلام عليك يا مخاطب ذئب الفلوات، السلام عليك يا خاتم الحصى
ومبين المشكلات، السلام عليك يا من عجبت من حملاته في الوغا (7)
ملائكة السماوات، السلام عليك يا من ناجى الرسول فقدم بين يدي نجواه

1 - ليس في بعض النسخ.
2 - الحكمة (خ ل).
3 - في البحار: يا قاتل خيبر وقالع الباب، أقول: الصيخود: الشديد.
4 - في البحار: للمبيت.
5 - عصمة الدين (خ ل).
6 - يا من هو مخبر (خ ل).
7 - الوغى: الحرب.
132

الصدقات.
السلام عليك يا والد الأئمة البررة السادات ورحمة الله وبركاته، السلام
عليك يا تالي المبعوث، السلام عليك يا وارث علم خير موروث (1) ورحمة الله
وبركاته، السلام عليك يا سيد المؤمنين، السلام عليك يا امام المتقين،
السلام عليك يا ملجا (2) المكروبين، السلام عليك يا عصمة المؤمنين، السلام
عليك يا مظهر البراهين.
السلام عليك يا طه ويس، السلام عليك يا حبل الله المتين، السلام
عليك يا من تصدق بخاتمه في صلاته على المسكين (3)، السلام عليك يا قالع
الصخرة عن فم القليب (4) ومظهر الماء المعين، السلام عليك يا عين الله
الناظرة في العالمين ويده الباسطة ولسانه المعبر عنه في بريته أجمعين.
السلام عليك يا وارث علم النبيين، ومستودع علم الأولين والآخرين،
وصاحب لواء الحمد وساقي أوليائه من حوض خاتم النبيين، السلام عليك
يا يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين ووالد الأئمة المرضيين ورحمة الله
وبركاته، السلام على اسم الله الرضي وجهه المضئ وجنبه القوي
وصراطه السوي.
السلام على الامام التقي المخلص الصفي، السلام على الكوكب
الدري، السلام على الامام أبي الحسن على، السلام على أئمة الهدى
ومصابيح الدجى، واعلام التقى ومنار الهدى وذوي النهى، وكهف الورى
والعروة الوثقى، والحجة على أهل الدنيا ورحمة الله وبركاته.
السلام على نور الأنوار وحجج الجبار، ووالد الأئمة الأطهار، وقسيم

1 - يا وارث خير موروث (خ ل).
2 - في البحار: غياث.
3 - للمسكين (خ ل).
4 - عن القليب (خ ل)، أقول: القليب: البئر.
133

الجنة والنار، المخبر عن الآثار، المدمر على الكفار، مستنقذ (1) الشيعة
المخلصين من عظيم الأوزار، السلام على المخصوص بالطاهرة التقية (2) ابنة
المختار، المولود في البيت ذي الأستار، المزوج في السماء بالبرة الطاهرة
الرضية المرضية ابنة خير الأطهار الله ورحمة الله وبركاته.
السلام على النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون، وعليه يعرضون وعنه
يسألون، السلام على نور الله الأنوار وضيائه الأزهر ورحمة الله وبركاته،
السلام عليك يا ولي الله وحجته وخاصة الله وخالصته.
اشهد يا ولي الله وولي رسوله لقد (3) جاهدت في سبيل الله حق جهاده،
واتبعت منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله، وحللت حلال الله وحرمت
حرام الله، وشرعت احكامه، وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت
بالمعروف ونهيت عن المنكر، وجاهدت في سبيل الله صابرا ناصحا
مجتهدا محتسبا عند الله عظيم الاجر، حتى اتاك اليقين، لعن الله من
دفعك عن مقامك، وأزالك عن مراتبك (4)، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به،
انا إلى الله من أعدائك براء
ثم انكب على القبر فقبله وقل:
اشهد انك تسمع كلامي وتشهد مقامي، واشهد لك يا ولي الله بالبلاغ
والأداء، يا مولاي يا حجة الله يا امين الله ان بيني وبين الله عز وجل ذنوبا
قد أثقلت ظهري ومنعتني من الرقاد وذكرها يقلقل أحشائي، وقد هربت منها
إلى الله واليك، فبحق من ائتمنك على سره، واسترعاك أمر خلقه، وقرن
طاعتك بطاعته، ومولاتك بمولاته، كن لي [إلى الله] (5) شفيعا، ومن النار

1 - ومستنقذ (خ ل).
2 - التقية السيدة (خ ل).
3 - في البحار: اشهد انك يا ولي الله وحجته لقد.
4 - مرامك (خ ل)، وفي البحار: فلعن الله من دفعك عن حقك وأزالك عن مقامك.
5 - من البحار.
134

مجيرا، وعلى الدهر ظهيرا (1).
ثم انكب على القبر فقبله وقل:
يا ولي الله، يا حجة الله، يا باب الله (2) انا زائرك واللائذ بقبرك، النازل
بفنائك، والمنيخ رحله في جوارك، أسألك ان تشفع لي إلى الله في قضاء
حاجتي ونجح طلبتي للدنيا والآخرة (3)، فان لك عند الله الجاه العظيم
والشفاعة المقبولة، فاجعلني يا مولاي من همك وأدخلني في حزبك.
والسلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح، والسلام عليك وعلى ولديك
الحسن والحسين، وعلى الأئمة الطاهرين من ذريتك، وتمجد وابتهل إلى الله
جلت عظمته وألح في الدعاء بما أحببت إن شاء الله تعالى (4).
ذكر الوداع لمولانا أمير المؤمنين صلى الله عليه:
أقول: انني لم أجد لهذه الزيارة وداعا يختص بها فاعتمد عليه، فيودع بوداع بعض
زياراته العامة صلوات الله عليه، وهو:
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، استودعك، الله واقرء عليك السلام،
آمنا بالله وبالرسول وبما جاء به ودعا إليه ودل عليه، اللهم لا تجعله آخر
العهد من زيارتي إياه، اللهم لا تحرمنا ثواب مزاره وارزقنا العود، وان توفيتني
قبل ذلك فاني اشهد في مماتي بما شهدت عليه في حياتي، اشهد انهم
اعلام الهدى ونجوم العلى والقدر البالغ ما بينك وبين خلقك اشهد ان من
رد ذلك هو في درك الجحيم.
اللهم إني أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد - وتسمى الأئمة واحدا
واحدا - وان لا تجعله آخر العهد من وفادته والانقضاء من زيارته، وان جعلته

1 - في البحار: وعلى العدو نصيرا.
2 - باب حطة الله (خ ل).
3 - في البحار: يسألك ان تشفع له إلى الله في قضاء حاجتي ونجح طلبته في الدنيا والآخرة.
4 - رواه الشهيد في مزاره: 27 - 30، وفي مزار الكبير: 62 مع اختلافات، عنهما، البحار 100: 373 - 377.
135

فاجعلني مع هؤلاء الأئمة الهداة، اللهم ذلل قلبي بالطاعة والمناصحة
والموالاة وحسن الموازرة والمودة والتسليم، حتى يستكمل بذلك طاعتك
ويبلغ بها مرضاتك ويستوجب بها ثوابك وبرحمتك.
اللهم إني أشهدك بالولاية لمن واليت ووالت رسلك وأنبياءك
وملائكتك، وأشهدك بالبراءة ممن برئت أنت منه وبرئت منه رسلك
وأنبياءك وملائكتك المقربون والسفرة الأبرار.
اللهم وفقني لكل مقام محمود واقلبني من هذا الحرم بخير الموجود يا ذا
الجلال والاكرام، السلام عليك يا تاج الأوصياء، السلام عليك يا رأس الصديقين،
السلام عليك يا وارث الاحكام، السلام عليك يا صاحب الركن والمقام (1).
اللهم اجعل ني من وفده المباركين، وزواره المخلصين وشيعته الصادقين
ومواليه الناصحين وأنصاره المكرمين وأصحابه المؤيدين، واجعلني أكرم
وافد وأفضل وارد وأنبل قاصد في هذا الحرم الكريم والمقام العظيم والمورد
النبيل والمنهل الجليل، الذي أوجبت فيه غفرانك ورحمتك.
واشهد الله ومن حضر من ملائكته في هذا الحرم الذي هم به محدقون
حافون ان من سكن رمسه وحل ضريحه طهر مقدس صديق منتجب ووصي
مرتضى، واها لك من تربة ضمت نورا (2) من الخير وشهابا من النور، وينبوع
الحكمة وعينا من الرحمة وابلاغ الحجة.
انا أبرأ إلى الله من قاتليك وظالميك والناصبين لك والمعينين عليك
والمحاربين لك، وأودعك يا مولاي يا أمير المؤمنين، وداع المحزون لفراقك
المكتئب بالزوال عن حرمك المتفجع عليك، لا جعله الله آخر العهد منك
ولامن زيارتنا لك، انه (3) سميع مجيب.

1 - يا ركن المقام (خ ل).
2 - ضمنت (خ ل).
3 - انك (خ ل).
136

فصل (13)
فيما نذكره من عمل زائد على الزيارة في يوم السابع عشر من ربيع الأول
أشرف أيام البشارة
وجدنا ذلك في كتب الأعمال الصالحات، وذخائر المهمات والدعوات الراجحات،
وهو انه يصلى عند ارتفاع نهار يوم السابع عشر من ربيع الأول ركعتين، يقرأ في كل
ركعة منهما الفاتحة مرة و (انا أنزلناه) عشر مرات، والاخلاص عشر مرات، ثم تجلس في
مصلاك وتقول:
اللهم أنت حي لا تمون، وخالق لا تغلب (1) وبدئ لا تنفد، وقريب
لا تبعد، وقادر لا تضاد، وغافر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، وعالم
لا تعلم، وقري لا تضعف، وعظيم لا توصف ووفي لا تخلف، وغني
لا تفتقر.
وحكيم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تخفى،
وغالب لا تغلب وفرد لا تستشير، ووهاب لا تمل، وسريع لا تذهل، وجواد
لا تبخل وعزيز لا تذل، وحافظ لا تغفل، وقائم لا تزول، ومحتجب لا ترى،
ودائم لا تفنى، وباق لا تبلى، وواحد لا تشتبه، ومقتدر لا تنازع.
اللهم إني أسألك بعلم ألغيت عندك، وقدرتك على الخلق أجمعين، أن
تحييني ما علمت الحياة خيرا لي، وأن تتوفاني إذا كانت الوفاة خيرا لي،
وأسألك الخشية في الغيب والشهادة، وأسألك اللهم كلمة الحق في الغضب
والرضا، وأسألك نعيما لا تنفد، وأسألك الرضا بعد القضاء.
وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم
آمين رب (2) العالمين، اللهم إني أسألك بمنك الكريم وفضلك العظيم أن

1 - خالق لا تخلق وفائق لا تغلب (خ ل).
2 - يا رب (خ ل).
137

تغفر لي وترحمني يا لطيف، الطف لي في كل ما تحب وترضى.
اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين،
ومخالطة الصالحين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتقيني
غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني إلى
حبك.
اللهم بحق محمد صلى الله عليه وآله حبيبك، وبحق إبراهيم خليلك
وصفيك، وبحق موسى كليمك، وبحق عيسى روحك، وأسألك بصحف
إبراهيم وتوراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود وفرقان محمد صلى الله عليه
وآله، وأسألك بكل وحي أوحيته، وبحق كل قضاء قضيته، وبكل سائل
أعطيته، وأسألك بكل اسم أنزلته في كتابك، وأسألك بأسمائك التي
استقر (1) بها عرشك.
فأسألك بأسمائك التي وضعتها على النار فاستنارت، وأسألك بأسمائك
التي وضعتها على الليل فأظلم، وأسألك بأسمائك التي وضعتها على النار
فأضاء، وأسألك بأسمائك التي وضعتها على الأرض فاستقرت.
وأسألك باسمك الأحد الصمد الذي ملأ أركان كل شئ، وأسألك
باسمك الطهر الطاهر المبارك الحي القيوم، لا إله الا هو الرحمان الرحيم،
وأسألك بمعاقد العز من عرشك، ومبلغ الرحمة من كتابك، وبأسمائك
العظام، وجدك الأعلى، وكلماتك التامات، أن ترزقنا حفظ القرآن، والعمل
به والطاعة لك، والعمل الصالح، وأن تثبت ذلك في أسماعنا وأبصارنا، وأن
تخلط ذلك بلحمي ودمي ومخي وشحمي وعظامي، وأن تستعمل بذلك
بدني وقوتي، فإنه لا يقوى على ذلك ألا أنت وحدك لا شريك لك.
يا الله الواحد الرب القدير (2)، يا الله الخالق البارئ المصور، يا الله الباعث

1 - استقل (خ ل).
2 - المقدس (خ ل).
138

الوارث، يا الله الفتاح العزيز العليم يا الله الملك القادر المقتدر، اغفر لي
وارحمني انك أنت أرحم الراحمين.
اللهم إنك قلت وقولك الحق: (ادعوني أستجب لكم) (1)، فأسألك يا الله
باسمك الذي دعاك به آدم صلى الله عليه فأوجبت له الجنة، وأسألك
باسمك الذي دعاك به شيث بن آدم فجعلته وصي أبيه بعده، أن تستجيب
دعاءنا وأن ترزقنا إنفاذ كل وصية لأحد عندنا، وأن تقدم وصيتنا أمامنا
وأسألك باسمك الذي دعاك به إدريس فرفعته مكانا عليا، أن ترفعنا إلى
أحب البقاع إليك، وتمن علينا بمرضاتك، وتدخلنا الجنة برحمتك.
وأسألك باسمك الذي دعاك به نوح فنجيته من الغرق، وأهلكت القوم
الظالمين ان تنجينا مما نحن فيه من البلاء، وأسألك باسمك الذي دعاك
به هود فنجيته من الريح العقيم أن تنجينا من بلاء الدنيا والآخرة وعذابهما.
وأسألك باسمك الذي دعاك به صالح فنجيته من خزي يومئذ أن تنجينا
من خزي الدنيا والآخرة وعذابهما، وأسألك باسمك الذي دعاك به لوط
فنجيته من المؤتفكة والمطر السوء أن تنجينا من مخازي الدنيا والآخرة،
وأسألك باسمك الذي دعاك به شعيب فنجيته من عذاب يوم الظلة أن
تنجينا من العذاب إلى روحك ورحمتك.
وأسألك باسمك الذي دعاك به إبراهيم فجعلت النار عليه بردا وسلاما
أن تخلصنا كما (2) خلصته، وأن تجعل ما نحن فيه بردا وسلاما كما جعلتها
عليه، وأسألك باسمك الذي دعاك به إسماعيل عند العطش، وأخرجت من
زمزم الماء الروي أن تجعل مخرجنا إلى خير، وأن ترزقنا المال الواسع
برحمتك، وأسألك باسمك الذي دعاك به يعقوب فرددت عليه بصره وولده
وقرة عينه أن تخلصنا وتجمع بيننا وبين أولادنا وأهالينا.

1 - الغافر: 60.
2 - مما (خ ل).
139

وأسألك باسمك الذي دعاك به يوسف فأخرجته من السجن أن تخرجنا
من السجن وتملكنا نعمتك التي أنعمت بها علينا، وأسألك باسمك، الذي
دعاك به الأسباط فتبت عليهم، وجعلتهم أنبياء أن تتوب علينا، وترزقنا
طاعتك وعبادتك والخلاص مما نحن فيه.
وأسألك باسمك الذي دعاك به أيوب إذ حل به البلاء فقال: (رب
إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) (1)، فاستجبت له وكشفت عنه ضره، (2)
ورددت أهله ومثلهم معهم رحمة منك وذكرى للعابدين، اللهم أني أقول
كما قال: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)، فاستجب لنا
وارحمنا وخلصنا ورد علينا أهلنا وما لنا ومثلهم معهم رحمة منك واجعلنا من
العابدين لك.
وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى وهارون فقلت عززت من قائل:
(قد أجيب دعوتكما) (3)، أن تستجيب دعاءنا وتنجينا كما نجيتهما،
وأسألك باسمك الذي دعاك به داود فغفرت ذنبه وتبت عليه أن تغفر ذنبي
وتتوب علي إنك أنت التواب الرحيم.
وأسألك باسمك الذي دعاك به سليمان فرددت عليه ملكه وأمكنته من
عدوه وسخرت له الجن والإنس والطير، أن تخلصنا من عدونا، وترد علينا
نعمتك، وتستخرج لنا من أيديهم حقنا، وتخلصنا منهم إنك على كل شئ
قدير.
وأسألك باسمك الذي دعاك به الذي عنده علم من الكتاب على عرش
ملكة سبا أن تحمل إليه، فإذ هو مستقر عنده، أن تحملنا من عامنا هذا إلى
بيتك الحرام حجاجا وزوارا لقبر نبيك صلى الله عليه وآله.

1 - الأنبياء: 83.
2 - ما به من ضر (خ ل).
3 - يونس: 89.
140

وأسألك باسمك الذي دعاك به يونس بن متى في الظلمات: (أن لا إله
الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين) (1)، فاستجبت له ونجيته من بطن
الحوت ومن الغم، وقلت عززت من قائل: (وكذلك ننجي المؤمنين)،
فنشهد أنا مؤمنون، ونقول كما قال: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين)، فاستجب لي ونجني من غم الدنيا والآخرة كما ضمنت أن
تنجي المؤمنين.
وأسألك باسمك الذي دعاك به زكريا وقال: (رب لا تذرني فردا وأنت
خير الوارثين) (2) فاستجب له ووهبت له يحيى وأصلحت له زوجه،
وجعلتهم يسارعون في الخيرات ويدعونك رغبا ورهبا وكانوا لك خاشعين،
فاني أقول كما قال: (رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين)، فاستجب لي
وأصلح، لي شأني، وجميع ما أنعمت به علي وخلصني مما أنا فيه وهب لي
كرامة الدنيا والآخرة وأولادا صالحين يرثوني واجعلنا ممن يدعوك رغبا
ورهبا ومن الخاشعين المطيعين (3).
وأسألك باسمك الذي دعاك به يحيى فجعلته يرد القيامة ولم يعمل
معصية ولم يهم بها، أن تعصمني به اقتراف المعاصي، حتى نلقاك
طاهرين ليس لك قبلنا معصية، وأسألك باسمك الذي دعتك به مريم فنطق
ولدها بحجتها أن توفقنا وتخلصنا بحجتنا عندك وعلى كل مسلم (4) حتى
تظهر حجتنا على ظالمينا.
وأسألك باسمك الذي دعاك به عيسى بن مريم فأحيى به الموتى وأبرأ
الأكمه والأبرص، أن تخلصنا وتبرئنا من كل سوء وآفة وألم، وتحيينا حياة

1 - الأنبياء: 87.
2 - الأنبياء: 89.
3 - المطيعين لك (خ ل).
4 - ومسلمة (خ ل).
141

طيبة في الدنيا والآخرة، وأن ترزقنا العافية في أبداننا، وأسألك باسمك
الذي دعاك به الحواريون فأعنتهم حتى بلغوا عن عيسى ما أمرهم به،
وصرفت عنهم كيد الجبارين، وتوليتهم أن تخلصنا وتجعلنا من الدعاة إلى طاعتك.
وأسألك باسمك الذي دعاك به جرجيس فرفعت عنه ألم العذاب، أن
ترفع عنا ألم العذاب في الدنيا والآخرة، وأن لا تبتلينا، وإن ابتليتنا فصبرنا
والعافية أحب إلينا.
وأسألك باسمك الذي دعاك به الخضر حتى أبقيته، أن تفرج عنا،
وتنصرنا على من ظلمنا، وتردنا إلى مأمنك.
وأسألك باسمك الذي دعاك به حبيبك محمد صلى الله عليه وآله
فجعلته سيد المرسلين وأيدته بعلي سيد الوصيين، أن تصلي عليهما وعلى
ذريتهما الطاهرين، وأن تقيلني في هذا اليوم عثرتي، وتغفر لي ما سلف من
ذنوبي وخطاياي، ولا تصرفني من مقامي، هذا إلا بسعي مشكور، وذنب
مغفور، وعمل مقبول، ورحمة ومغفرة، ونعيم موصول بنعيم الآخرة، برحمتك
يا حنان، يا ذا الجلال والاكرام إنك على كل شئ قدير، ولا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم (1).
فصل (14)
فيما نذكره مما ينبغي أن يكون المسلمون عليه يوم ولادة النبي صلوات الله عليه وآله
اعلم انني وجدت ان تعظيم كل زمان ينبغي أن يكون على قدر ما جعل فيه من
الفوائد والاحسان، والمسلمون مطبقون ومتفقون ان محمدا صلى الله عليه وآله أعظم
مولود، بل أعظم موجود من البشر في الدنيا، وارفع وانفع من كل من انتفع من الخلائق

1 - عنه البحار 98: 359 - 363.
142

بفعاله ومقاله، فينبغي أن يكون تعظيم يوم ولادته على قدر شرف نبوته ومنفعته وفائدته.
وقد وجدت النصارى وجماعة من المسلمين يعظمون مولد عيسى عليه السلام تعظيما
لا يعظمون فيه أحدا من العالمين، وتعجبت كيف قنع من يعظم ذلك المولد من أهل الاسلام
، كيف يقنعون أن يكون مولد نبيهم الذي هو أعظم من كل نبي دون مولد
واحد من الأنبياء، ان هذا خلاف صواب الآراء، ولعله لو حصل لواحد من العباد
مولود بعد إن كان فاقدا للأولاد لوجد من السرور وتعظيم المولد المذكور اضعاف مولد
سيد النبيين وأعظم الخلائق عند رب العالمين، وهذا خلاف صفات العارفين (1) وبعيد
من قواعد المسعودين وأهل اليقين:
فالله الله أيها العارف بالصواب المحافظ على الآداب المراقب لمالك يوم الحساب، أن يكون
هذا يوم مولد خاتم الأنبياء (2) عندك دون مولد أحد ابدأ في دار الفناء، وكن ذلك
اليوم عارفا ومعترفا بفضل الله جل جلاله عليك وعلى سائر عباده وبلاده بالنعمة
العظيمة بانشاء هذا المولود المقدس وتعظيم ميلاده، وتقرب إلى الله جل جلاله
بالصدقات المبرورة وصلوات الشكر المذكورة والتهاني فيما بين أهل الاسلام واظهار فضل
هذا اليوم على الأيام، حتى تعرفه قلوب الأطفال والنساء ويصير طبيعة له منافعة ورافعة
في دار الابتلاء ودار دوام البقاء.
ولا تقتد بأهل الكسالة أو المتهونين (3) بأمر الجلالة، أو الجاهلين لحقوق صاحب
الرسالة، فان الواصف لأمر ولا يقوم بتعظيم قدره، والمادح بشكر ولا يعلم بما مدحه من
شكره، ممن يكذب فعاله مقاله ويشهد عليه (بالخسران والخذلان) (4) أعماله.
فان الله جل جلاله وصف المعترفين بلسان مقالهم المخالفين لما يقولونه ببيان أفعالهم
انهم كاذبون مفترون ومنافقون، فقال جل جلاله: (إذا جاءك المنافقون * قالوا نشهد انك

1 - كمال صفات العارفين (خ ل).
2 (النبيين (خ ل).
3 - ولا تقيد (خ ل)، المهونين (خ ل).
4 - ليس في بعض النسخ.
143

لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقون لكاذبون: (1). فهل ترى نفعهم اقرارهم
للنبي صلوات الله عليه وآله برسالته لما كانت قلوبهم واعمالهم مكذبة لمقالهم في حقيقته.
وما اعتقد انني أحسن ان اشرح لك كيف تكون في ذلك اليوم عليه، وهذا الذي
قد كتبته ونبهت عليه هو المقدار الذي هداني الله جل جلال الآن إليه.
فصل (15)
فيما نذكره مما يختم به يوم عيد مولد النبي سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله
مما يدلنا الله جل جلاله بالعقل والنقل عليه
اعلم انا قد ذكرنا عند أيام وأوقات معظمات كيف يكون الانسان عليه عند
خاتمتها من الصفات، فان ظفرت بشئ منها فلا تعرض عنها، وزد عليها بقدر تعظيم
هذه الولادة المقدسة المعظمة المقدمة عليها.
فإذا كان أواخر نهار عيد ولادته، فكن بين يدي الله جل جلاله على بساط مراقبته
معترفا له جل جلاله بالتقصير في معرفة حق نعمته، وفي القيام بطاعته سائلا وآملا ان
يوفقك لما هو أفضل وأكمل مما أنت عليه مما يقربك إليه، وتوجه إليه جل جلاله
وتضرع بين يديه بهذا المولود العزيز عليه في كل ما تحتاج إليه، وتوجه إلى هذا المولود
العظيم المقام والكمال بلسان الحال بالله جل جلاله ذي الجلال والافضال فيما يبلغه
توفيقك وعناية الله جل جلاله بك وفيما لا يبلغه حالك مما يعلم الله جل جلاله انه
مصلحة لك.
واجمع أطراف عملك بلسان الحال في ذلك اليوم العظيم، وسلم إلى مقدس حضرة
الرسول الرؤوف الرحيم وضعه بين يديه، وتوجه إليه بكل ما تقدر عليه ان يتم بكماله
نقصان أعمالك وخسران أحوالك وتعرضها بيد جلالتها وبقدرة نبوته ورأفته وشفاعته
على كرم الله جل جلاله ورحمته وعلى أنوار عظمته سبحانه وجلالته.

1 - المنافقون 2 - 1.
144

الباب الخامس
فيما نذكره مما يتعلق بشهر ربيع الآخر
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من دعاء في غرة شهر ربيع الآخر
وجدناه في كتاب المختصر من المنتخب، فقال ما هذا لفظه: الدعاء في غرة شهر
ربيع الآخر، تقول:
اللهم أنت إله كل شئ، وخالق كل شئ ومالك كل شئ ورب
كل شئ، أسألك بالعروة الوثقى، والغاية والمنتهى، وبما خالفت به بين
الأنوار والظلمات، والجنة والنار، والدنيا والآخرة، وبأعظم أسمائك في
اللوح المحفوظ، وأتم أسمائك في التوارة نبلا (1).
وأزهر (2) أسمائك في الزبور عزا، وأجل أسمائك في الإنجيل قدرا، وأرفع
أسمائك في القرآن ذكرا، وأعظم أسمائك في الكتب المنزلة وأفضلها،
وأسر أسمائك في نفسك، الذي ليس كمثله شئ.
وأسألك بعزتك وقدرتك وبالعرش العظيم وما حمل، وبالكرسي الكريم

1 - النبل والنبالة: الفضل.
2 - زهرة الدنيا: غضارتها، رجل أزهر أبيض مشرق الوجه والمرأة: زهرا.
145

وما وسع، أن تصلي على محمد وآل محمد، وتبيح لي من عندك فرجك
القريب العظيم الأعظم، اللهم أتمم علي إحسانك القديم الأقدم، وتابع إلي
معروفك الدائم الأدوم، وانعشني بعز جلالك الكريم الأكرم.
ثم تقرء:
وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمان الرحيم * الله لا إله إلا هو الحي
القيوم لا تأخده سنة ولا نوم * ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم * هو الذي
يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم * شهد الله انه
لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم *.
الله لا اله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، ذلكم الله
ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل *
اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين.
قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات
والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي
يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون *.
وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون * فان
تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم *
حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا
من المسلمين * قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب *
ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه
لا إله إلا أنا فاتقون * وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا
هو له الأسماء الحسنى، وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى، إنني أنا الله لا إله
إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري (1) * إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو

1 - ان الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى (خ ل).
146

وسع كل شئ علما * وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم أنه لا إله
إلا أنا فاعبدون *
وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات
أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فتعالى الله الملك
الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم * الله لا إله إلا هو رب العرش
العظيم.
وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه
ترجعون * ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شئ هالك إلا وجهه
له الحكم وإليه ترجعون، يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق
غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأني تؤفكون.
ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون * غافر الذنب وقابل
التوب شديد العقاب ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير * ذلكم الله ربكم
خالق كل شئ لا إله إلا هو فأنى تؤفكون * ذلكم الله ربكم فتبارك الله
رب العالمين * هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين.
الحمد لله رب العالمين رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم
موقنين * لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين * فأنى لهم
إذا جائتهم ذكراهم فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين
والمؤمنات.
هو الله لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمان الرحيم، هو الله
الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار
المتكبر سبحان الله عما يشركون * الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل
المؤمنون.
اللهم إني أسألك عفوا ليس بعده عقوبة، ورضى ليس بعده سخط،
وعافية ليس بعدها بلاء، وسعادة ليس بعدها شقاء، وهدى لا يكون بعده
147

ضلالة، وإيمانا لا يداخله (1) كفر، وقلبا لا يداخله فتنة.
اللهم إني أسألك السعة في القبر والحجة البالغة والقول الثابت (2)، وأن
تنزل علي الأمان والفرج (3) والسرور ونضرة النعيم، اللهم صل على محمد
وآل محمد، وعرفني بركة هذا الشهر ويمنه، وارزقني خيره، واصرف عني
شره، واجعلني فيه من الفائزين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت وهاب الخير فهب لي شوقا إلى لقائك، وإشفاقا من عذابك
وحياء منك وتوقيرا وإجلالا حتى يوجل من ذلك قلبي، ويقشعر منه جلدي
ويتجافى له جنبي وتدمع منه عيني، ولا أخلو من ذكرك في ليلي ونهاري
يا أرحم الراحمين.
اللهم إني اثني عليك وما عسى أن يبلغ مدحي وثنائي مع قلة عملي
وقصر رأيي، وأنت الخالق وأنا المخلوق، وأنت المالك وأنا المملوك، وأنت
الرب وأنا العبد، وأنت العزيز وأنا الذليل، وأنت القوي وأنا الضعيف، وأنت
الغني وأنا الفقير، وأنت المعطي وأنا السائل، وأنت الحي الذي لا يموت
وأنا خلق أموت.
فاغفر لي وارحمني، وأعطني سؤلي في دنياي وآخرتي، وتجاوز عني
وعن جميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم
والأموات.
اللهم صل على محمد وآل محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك وخيرتك من
خلقك، اللهم ارفع درجته، وكرم مقامه، وأجزل ثوابه، وأفلج (4) حجته، وأظهر
عذره، وعظم نوره، وأدم كرامته، والحق به أمته وذريته، وأقر بذلك عينه.

1 - لم يداخله (خ ل).
2 - في الحياة الدنيا وفي الآخرة (خ ل).
3 - الفرج (خ ل).
4 - أفلج حجته: قومها وأظهرها.
148

اللهم اجعل محمدا أكرم النبيين تبعا، وأعظمهم منزلة، وأشرفهم كرامة،
وأعلاهم درجة، وأفسحهم في الجنة منزلا، اللهم بلغ محمدا الدرجة
والوسيلة (1)، وشرف بنيانه، وعظم نوره وبرهانه، وتقبل شفاعته في أمته، وتقبل
صلاة أمته عليه.
اللهم صل على محمد كما بلغ رسالاتك وتلا آياتك، ونصح لعبادك،
وجاهد في سبيلك وعبدك حتى أتاه اليقين، اللهم زد محمدا مع كل شرف
شرفا، ومع كل فضل فضلا، ومع كل كرامة كرامة، ومع كل سعادة سعادة،
حتى تجعل محمدا في الشرف الأعلى من (2) الدرجات العلى.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وسهل لي محبتي (3)، وبلغني أمنيتي
ووسع علي في رزقي، واقض عني ديني، وفرج عني غمي وكربي، ويسر
لي إرادتي، وأوصلني إلى بغيتي سريعا عاجلا يا أرحم الراحمين (4).
فصل (2)
فيما نذكره من صوم اليوم العاشر من ربيع الآخر
روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله عليه في كتاب حدائق الرياض
الذي أشرنا إليه، فقال عند ذكر ربيع الآخر ما هذا لفظه:
اليوم العاشر منه سنة اثنين ومائتين من الهجرة كان مولد سيدنا أبي محمد
الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا صلوات الله عليه، وهو يوم شريف عظيم البركة
يستحب صيامه (5).

1 - درجة الوسيلة (خ ل).
2 - مع (خ ل).
3 - محنتي (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 364 - 367.
5 - عنه البحار 98: 367.
149

فصل (3)
فيما نذكره من فضل هذا الصيام الحاضر واحترام اليوم العاشر من ربيع الآخر
لأجل تعظيم المولود فيه وفضله الباهر
أقول: إن كل يوم ولد فيه امام من أئمة الاسلام فهو يوم عظيم الانعام، ينبغي ان
يتلقى بما يستحقه من الشكر لله جل جلاله، والثناء على مقدس مجده والزيادة في
مهمات حمده، وان يعترف لله جل جلاله بما فتح الله فيه من الأبواب إلى سعادة الدنيا
ويوم الحساب، ويعترف للامام صلوات الله عليه بحقه الذي أوجبه الله جل جلاله
برئاسته وسياسته وشفقته وعظمته، ويختمه بما يليق به من خاتمته.
وقد قدمنا في عدة مواضع من هذا الكتاب تفصيلا لهذه الأسباب.
150

الباب السادس
فيما نذكره مما يتعلق بشهر جمادي الأولى
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من دعاء عند غرة هذا الشهر
وجدناه في كتاب المختصر من كتاب المنتخب، فقال ما هذا لفظه: الدعاء في غرة
جمادى الأولى، تقول:
اللهم أنت الله وأنت الرحمان الرحيم، وأنت الملك القدوس، وأنت (1)
السلام المؤمن، وأنت المهيمن، وأنت العزيز، وأنت الجبار، وأنت المتكبر،
وأنت الخالق، وأنت البارئ، وأنت المصور، وأنت العزيز الحكيم، وأنت
الأول والاخر والظاهر والباطن لك الأسماء الحسنى.
أسألك يا رب بحق هذه الأسماء، وبحق أسمائك كلها أن تصلي على
محمد وعلى آل محمد، وآتنا اللهم في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة،
واختم لنا بالسعادة والشهادة في سبيلك، وعرفنا بركة شهرنا هذا ويمنه،
وارزقنا خيره، واصرف عنا شره، واجعلنا فيه من الفائزين، وقنا برحمتك

1 - أنت الله (خ ل).
151

عذاب النار يا أرحم الراحمين، إنك على كل شئ قدير.
ثم تقرء:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض
وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون * هو الذي خلقكم
من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون * وهو الله في
السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون * الحمد لله
الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من
لدنه (1) *
الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة
وهو الحكيم الخبير، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة
رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على
كل شئ قدير * ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك
فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم.
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت
رسل ربنا بالحق * الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق
أن ربي لسميع الدعاء * الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون.
الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين * الحمد لله الذي فضلنا على
كثير من عباده المؤمنين * الحمد لله سيريكم (2) آياته فتعرفونها وما ربك بغافل
عما تعملون * الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور *
الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء
فنعم أجر العالمين.

1 - وبشر المؤمنين الذين يعملون ان لهم اجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ولينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا مالهم
به من علم ولا لآبائهم كبرت تخرج من أفواهم ان يقولون (خ ل).
2 - الحمد لله الذي سيريكم (خ ل).
152

وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي
بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين * فلله الحمد رب السماوات
ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك
ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.
اللهم اغفر لي ما سلف من ذنوبي، وتداركني فيما بقي من عمري، وقو
ضعفي للذي خلقتني له، وحبب إلي الايمان، وزينه في قلبي، وقد دعوت
كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني.
اللهم إني أصبحت لك عبدا لا أستطيع دفع (1) ما أكره ولا أملك ما أرجو،
وأصبحت مرتهنا بعملي فلا فقير أفقر مني إليك يا رب العالمين، أسألك أن
تستعملني عمل من استيقن حضور أجله لابل عمل من قد مات فرأى عمله
ونظر إلى ثواب عمله، إنك على كل شئ قدير.
اللهم هذا مكان العائذ برحمتك من عذابك، وهذا مكان العائذ
بمعافاتك من غضبك، اللهم اجعلني ممن دعاك فأجبته، وسألك فأعطيته،
وآمن بك فهديته، وتوكل عليك فكفيته، وتقرب إليك فأدنيته، وافتقر إليك
فأغنيته، واستغفرك فغفرت له ورضيت عنه وأرضيته (2) وهديته إلى مرضاتك،
واستعملته بطاعتك ولذلك فرغته أبدا ما أحييته.
فتب علي يا رب وأعطني سؤلي ولا تحرمني شيئا مما سألتك، واكفني
شر ما يعمل الظالمون في الأرض، وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الذي
لا يغفر الذنوب إلا هو.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وأعني على الدنيا وارزقني
خيرها وكره إلي الكفر والفسوق والعصيان، واجعلني من الراشدين.
.

1 - رفع (خ ل).
2 - فأرضيته (خ ل).
153

اللهم قوتي لعبادتك واستعملني في طاعتك وبلغني الذي أرجو من
رحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إني أسألك الري يوم الظماء والنجاة يوم
الفزع الأكبر، والفوز يوم الحساب، والأمن يوم الخوف.
وأسألك النظر إلى وجهك الكريم، والخلود في جنتك في دار المقامة
من فضلك والسجود يوم يكشف عن ساق، والظل يوم لا ظل إلا ظلك،
ومرافقة أنبيائك ورسلك وأوليائك.
اللهم اغفر لي ما قدمت من ذنوبي وما أخرت وما أسررت وما أعلنت،
وما أسرفت على نفسي وما أنمت أعلم به مني، وأرزقني التقى والهدى
والعفاف والغنى، ووفقني للعمل بما تحب وترضي.
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها
معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي، واجعل الحياة زيادة لي في
كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل سوء.
اللهم إني أسألك يا رب الأرباب ويا سيد السادات، ويا مالك الملوك،
أن ترحمني وتستجيب لي وتصلحني، فإنه لا يصلح من صلح من عبادك إلا
أنت، فإنك أنت ربي وثقتي ورجائي ومولاي وملجأي، ولا راحم لي غيرك،
ولا مغيث لي سواك ولا مالك سواك ولا مجيب إلا أنت، أنا عبدك وابن
عبدك وابن أمتك الخاطئ الذي وسعته رحمتك، وأنت العالم بحالي
وحاجتي وكثرة ذنوبي، والمطلع على أموري (1) كلها، فأسألك يا لا إله إلا أنت
أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر.
اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك
رضى إلا قضيتها، ولا عيبا إلا أصلحته، اللهم وآتني (2) في الدنيا وحسنة وفي

1 - عيوبي وأموري (خ ل).
2 - آتنا (خ ل)، قنا (خ ل).
154

الآخرة حسنة وقني عذاب النار، اللهم أعني على أهوال الدنيا وبوائق (1)
الدهور (2)، ومصيبات الليالي والأيام.
اللهم واحرسني من شر ما يعمل الظالمون في الأرض فإنه لاحول ولا قوة
إلا بك اللهم إني أسألك إيمانا ثابتا، وعملا متقبلا (3) ودعاء مستجابا
ويقينا صادقا، وقولا طيبا، وقلبا شاكرا، وبدنا صابرا، ولسانا ذاكرا اللهم
أنزع حب الدنيا ومعاصيها وذكرها وشهوتها من قلبي.
اللهم إنك بكرمك تشكر اليسير من عملي فاغفر (4) لي الكثير من ذنوب،
وكن لي وليا ونصيرا ومعينا (5) وحافظا، اللهم هب لي قلبا أشد رهبة لك من
قلبي، ولسانا أدوم لك ذكرا من لساني، وجسما أقوى على طاعتك
وعبادتك من جسمي.
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، ومن فجأة نقمتك، ومن تحويل (6)
عافيتك ومن هول غضبك، وأعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء،
ومن شماتة الأعداء وسوء القضاء في الدنيا والآخرة.
اللهم إني أسألك باسمك الكريم، وعرشك العظيم، وملكك القديم،
يا وهاب العطايا، ويا مطلق الأسارى، ويا فكاك الرقاب، ويا كاشف العذاب،
أسألك أن تخرجني من الدنيا سالما غانما، وأن تدخلني الجنة برحمتك
آمنا، وأن تجعل أول شهري هذا صلاحا وأوسطه فلاحا وآخره نجاحا، إنك
أنت علام الغيوب (7).

1 - البوائق: الدواهي.
2 - ونكبات الزمان وكربات الآخرة (خ ل).
3 - في البحار مقبولا.
4 - فاعف (خ ل).
5 - منيعا (خ ل).
6 - تحول (خ ل).
7 - عنه البحار 98: 367 - 371.
155

فصل (2)
فيما نذكره من صوم يوم النصف من جمادى الأولى وفضله
روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله عليه من كتابه الذي أشرنا إليه،
فقال عند ذكر جمادي الأولى ما هذا لفظه.
النصف منه سنة ست وثلاثين من الهجرة كان مولد سيدنا أبي محمد علي بن
الحسين زين العابدين عليهما السلام، وهو يوم شريف يستحب فيه الصيام والتطوع
بالخيرات.) (1)
فصل (3)
فيما نذكره من تعظيم يوم النصف من جمادى الأولى المذكور وما يليق به من الأمور
قد قد دمنا ان أوقات ولادة الأطهار هو يوم اطلاق المبار والمسار، وفتح الباب من
أبواب السعادات والعنايات، وترتيب ثابت على العبيد يدلهم على ما يحتاجون إليه منه
من مقام حميد.
فينبغي أن يكون مصاحبة ذلك الوقت العظيم بقدر ما يستحقه من التكريم، وأن يكون
خاتمته على ما ذكرناه من خاتمة الأوقات المعضمات بالمراقبة له جل جلاله
وما يريد جل جلاله من الطاعات.

1 - عنه البحار 98: 371.
156

الباب السابع
فيما نذكره مما يتعلق بجمادى الآخرة
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره مما يدعى به عند غرة هذا الشهر
وجدنا ذلك في الكتاب المختصر من كتاب المنتخب، فقال من هذا لفظه: الدعاء في
غرة جمادى الآخر تقول:
اللهم يا الله أنت (1) الدائم القائم، يا الله أنت الحي القيوم، يا الله أنت
العلي الأعلى، يا الله أنت المتعالي في علوك، إله كل شئ، ورب كل
شئ، وخالق كل شئ، وصانع كل شئ، القاضي الأكبر القدير
المقتدر، وتباركت أسماؤك وجل ثناؤك (2).
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعرفنا بركة شهرنا هذا وارزقنا
يمنه ونوره ونصره وخيره وبره، وسهل لي فيه ما أحبه ويسر لي فيه ما أريده،
وأوصلني إلى بغيتي فيه أنك، على كل قدير.

1 - أنت القديم يا الله (خ ل).
2 - ولا إله غيرك (خ ل).
157

اللهم إني أسألك يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمير المصامتين،
ويا من لكل مسألة عنده سمع حاضر وجواب عتيد (1)، وكل صامت علم منه (2)
باطن محيط، ومواعيدك الصادقة، وأياديك الناطقة، ونعمك السابغة، وأياديك الناطقة، ونعمك السابغة، وأياديك
الفاضلة ورحمتك الواسعة.
إلهي خلقتني ولم أك شيئا مذكورا، وأنا عائذك وعائذ إليك، وقد
ظلمت نفسي، وأنا مقر لك بالعبودية، معترف لك بالربوبية، مستغفر من
ذنوبي، فأسألك أن تغفر لي، يا من ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير،
يا ذا الجلال والاكرام، يا حنان يا منان.
يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة (3)، ولم يهتك
الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين
بالرحمة والمشية، والقدرة والظلمات والنور، يا صاحب كل نجوى ومنتهى
كل شكوى، وولي كل حسنة ونعمة.
يا كريم الصفح يا عظيم المن، يا مبتدءا بالنعم (4) قبل استحقاقها، يا رباه
يا غياثاه، يا سيداه يا مولاياه، يا غاية رغبتاه، أسألك بك يا الله ألا تشوه خلقي
بالنار، فاني ضعيف مسكين مهين، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقني برحمتك عذاب النار.
يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، أجمع لي خير الدنيا والآخرة برحمتك
يا أرحم الراحمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وتقرأ اثنتي عشرة مرة: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيا ما تدعوا فله
الأسماء الحسنى، ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا.

1 - العتيد: الحاظر المهيأ.
2 - به (خ ل).
3 - الجرير: الذنب والجناية.
4 - مبتدى النعم (خ ل).
5 - مهين: حقير.
158

وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له
ولي من الذل وكبره تكبيرا.
اللهم هب لي (1) بكرامتك، وأتم علي نعمتك، وألبسني عفوك وعافيتك
وأمنك في الدنيا والآخرة، اللهم لا تسلمني بجريرتي، ولا تخزني بخطيئتي،
ولا تشمت بي أعدائي، ولا تكلني إلى نفسي في دنياي وآخرتي، اللهم إني
عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، ماض في
حكمك، عدل في قضاؤك.
أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو سماك به أحد من
خلقك أو ملائكتك ورسلك وباسمك المخزون المرفوع في علم الغيب
عندك، وباسمك الأعظم الأعظم الذي هو حق عليك، أن تستجيب لمن
دعاك به، وبكل حرف أنزلته على نبيك موسى، وبكل دعوة دعاك بها
أحد من خلقك، وبكل حرف أنزلته على محمد نبيك، أن تستجيب لي،
وأن تجعلني في عياذك وحفظك وكنفك وسترك وحصنك وفي فضلك (2).
إنك (3) أنت الحي الذي لا يموت، وأنا خلق أموت، فاغفر لي وارحمني
وأعطني سؤلي في دنياي وآخرتي، واغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات
والمسمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، واجعل عبدك ورسولك أكرم
خلقك عليك، وأفضلهم لديك، وأعلاهم منزلة عندك وأشرفهم مكانا،
وأفسحهم في الجنة منزلا، وآتني (4) في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني
برحمتك عذاب النار، فإنه لاحول ولا قوة إلا بك، يا ذا الجلال والاكرام.

1 - هبني (خ ل).
2 - الواسع العميم (خ ل).
3 - أنت الرحمن الرحيم (خ ل).
4 - آتنا، قنا (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 372 - 374.
159

فصل (2)
فيما نذكره من صلاة تصلى في جمادي الآخرة
ورأيت في كتاب روضة العابدين ومأنس الراغبين لإبراهيم بن عمر بن فرج
الواسطي حديثا في جمادى الآخرة، ولم يذكر أي وقت منه، فنذكرها في أوله اغتناما
للعبادة واستظهارا للسعادة، وهي ان تصلي أربع ركعات، تقرء الحمد في الأولى مرة
وآية الكرسي مرة وسورة (انا أنزلناه) خمسا وعشرين مرة، وفي الثانية الحمد مرة وسورة
(ألهاكم التكاثر) مرة و (قل هو الله أحد) خمسا وعشرين مرة، وفي الثالثة الحمد مرة و (قل
يا أيها الكافرون) مرة و (قل أعوذ برب الفلق) خمسا وعشرين مرة، وفي الرابعة الحمد مرة و (إذا
جاء نصر الله والفتح) مرة و (قل أعود برب الناس) خمسا وعشرين مرة.
فإذا سلمت فقال: سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر سبعين
مرة، وصل على النبي سبعين مرة، ثم قل ثلاث مرات: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.
ثم تسجد وتقول في سجودك ثلاث مرات: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام،
يا الله يا رحمان يا رحيم يا ارحم الراحمين.
ثم يسأل الله تعالى حاجته، من فعل ذلك فإنه تصان نفسه وماله وأهله
وولده ودينه ودنياه إلى مثلها من السنة القابلة وان مات في تلك السنة مات
على الشهادة. (1)
فصل (3)
فيما نذكره من وقت انتقال أمنا المعظمة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله
وتجديد السلام عليها
روينا عن جماعة من أصحابنا، ذكرناهم في كتاب التعريف للمولد الشريف، ان

1 - عنه البحار 98: 374.
160

وفاة فاطمة (1) صلوات الله عليها كانت يوم ثالث جمادى الآخرة (2)، فينبغي أن يكون أهل
الوفاء محزونين في ذلك اليوم، على ما جرى عليها من المظالم الباطنة والظاهرة، حتى أنها
دفنت ليلا، مظهرة للغضب على من ظلمها وأذاها واذى أباها، صلوات الله عليه وعلى
روحها الطاهرة.
وتزار بما قدمناه في كتاب جمال الأسبوع (3) عند حجرة النبي عليه السلام لمن حضر
هناك والا قرأ من أي مكان كان.
وقد ذكر جام كتاب المسائل وأجوبتها من الأئمة عليهم السلام فيها ما سئل عنه
مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام، فقال فيه ما هذا لفظه: أبو الحسن إبراهيم بن
محمد الهمداني قال: كتبت إليه: ان رأيت أن تخبرني عن بيت أمك فاطمة عليها
السلام، أهي في طيبة أو كما يقول الناس في البقيع؟ فكتب: هي مع جدي صلوات
الله عليه وآله (4).
قلت انا: وهذا النص كاف في أنها عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وآله،
فيقول:
السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على
الناس أجمعين، السلام عليك أيتها المظلومة الممنوعة حقها.
ثم قل اللهم صل على أمتك وابنة نبيك وزوجة وصي نبيك، صلاة
تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين من أهل السماوات وأهل الأرضين (5).
فقد روى أن من زارها بهذه الزيارة واستغفر الله غفر الله له وادخله الجنة، وسيأتي
زيارة لها عليها السلام نذكرها عقيب مولدها إن شاء الله.

1 - فاطمة الزهرا (خ ل).
2 - عنه البحار 100: 198، 98: 375.
4 - جمال الأسبوع: 27.
4 - عنه البحار 100: 198.
5 - عنه وعن مصباح الأنوار، البحار 100: 199.
161

فصل (4)
فيما نذكره من فضل ليلة تسع عشر من جمادى الآخرة
وانها ليلة ابتداء الحمل برسول الله صلى الله عليه وآله
ذكر محمد بن بابويه رضوان الله عليه في الجزء الرابع من كتاب النبوة في اواخره
حديث: ان الحمل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله كان ليلة الجمعة لإثنتى عشرة
ليلة بقيت من جمادى الأولى (1).
وإذا كان الأمر كذلك، فينبغي تعظيم هذه الليلة الباهرة واحياؤه بالعبادات
الباطنة والظاهرة، حيث كان فيها ابتداء الحمل بالمولود المعظم في الدنيا والآخرة،
الفاتح للسعادات المتناصرة والآيات المتواترة المحيي ما درس من علوم الأنبياء الأنبياء
الداثرة (2) صلوات الله عليه وعليهم.
فصل (5)
فيما نذكره من صيام يوم العشرين من جمادى الآخرة،
وبعض فضائله الباطنة والظاهرة
روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رضوان الله عليه من كتابه المشار إليه، فقال
عند ذكر جمادى الآخرة ما هذا لفظه:
يوم العشرين منه كان مولد السيدة الزهراء عليها السلام سنة اثنتين من المبعث،
وهو يوم شريف يتجدد فيه سرور المؤمنين، ويستحب صيامه والتطوع فيه بالخيرات
والصدقة على أهل الايمان (3).

1 - عنه البحار 98: 375.
2 - دثر الرسم: بلى وانحمى.
3 - عنه البحار 98: 375، 43، 8.
162

فصل (6)
فيما نذكره من تعظيم هذا اليوم العشرين منه، المعظم عند الأعيان وما يليق به من الاحسان
وزيارة سيدتنا فاطمة الزهراء عليها أفضل السلام المولود فيه
اعلم أن يوم ولادة سيدتنا الزهراء البتول ابنة أفضل الرسول صلوات الله عليه وآله،
وهو يوم عظيم الشأن من أعظم أيام أهل الاسلام والايمان لأمور:
منها: ان نسب رسول الله صلى الله عليه وآله انقطع الا منها.
ومنها: ان أئمة المسلمين والدعاء إلى رب العالمين من ذريتها وصادر عن مقدس
ولادتها.
ومنها: انها أفضل من كل امرأة كانت أو تكون في الوجوه، وهذا فضل عظيم
السعود.
ومنها: انها المزوجة في السماء، والمختصة بالطهارة والمباهلة، وهي المختارة من سائر
النساء.
ومنها: انها المشرفة بنزول المائدة عليها من السماء وهذا مقام عظيم من مقامات
الأنبياء.
فلو لا طلب التخفيف لذكرنا غير ذلك من مناقبها ومحلها المنيف،، وقد صنف جماعة
من أهل الوفاق والخلاف مجلدات في مناقب والدتنا المعظمة فاطمة، شرفها الله جل
جلاله بعلو الدرجات.
وحيث قد ذكرنا يوم ولادتها الشريفة وصومه وبعض فضلها، فلنذكر زيارة لها،
ذكرها محمد بن علي الطرازي يؤمي الزائر بها إلى شرف محلها.
والظاهر أن ضريحها المقدس في بيتها المكمل بالآيات والمعجزات، لأنها أوصت ان
تدفن ليلا ولا يصلي عليها من كانت هاجرة لهم إلى حين الممات، وقد ذكر حديث
دفنها وستره عن الصحابة البخاري ومسلم فيما شهدا انه من صحيح الروايات، ولو كان
قد أخرجت جنازتها الطاهرة أي بقيع الغرقد أو بين الروضة والمنبر في المسجد، ما كان
163

يخفي آثار الحفر والعمارة عمن كان قد أراد كشف ذلك بأدنى إشارة، فاستمرار ستر
حال ضريحها الكريم يدل على أنها ما أخرجت من بيتها أو حجرة والدها الرؤوف
الرحيم، ويقتضي أن يكون دفنها في البيت الموصوف بالتعظيم كما قدمناه.
أقول وقد فضح الله جل جلاله بدفنها ليلا على وجه المساترة عيوب من أحوجها إلى
ذلك الغضب الموافق لغضب جبار الجبابرة، وغضب أبيها صلوات الله عليه صاحب
المقامات الباهرة، إذا كان سخطها سخطه ورضاها رضاه، وقد نقل العلماء ان أباها
عليه السلام قال: فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها.
أقول: ولقد انقطعت اعذار المتعذرين وحيلة المحتالين بدفنها ليلا ودعواهم ان أهل بيت
النبي صلوات الله عليه وعلى عترته الطاهرين كانوا موافقين لمن تقدم عليهم من
المتقدمين.
ذكر الزيارة المشار إليه لمولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، تقول:
السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام عليك يا بنت نبي الله، السلام
عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك يا بنت خليل الله، السلام عليك
يا بنت امين الله، السلام عليك يا بنت خير خلق الله، السلام عليك يا بنت
أفضل أنبياء الله.
السلام عليك يا بنت خير البرية، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من
الأولين والآخرين.
السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير خلقه بعد رسول الله، السلام عليك
يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك يا أم المؤمنين،
السلام عليك يا أيتها الصديقة الشهيدة، السلام عليك أيتها الرضية
المرضية.
السلام عليك أيتها الصادقة الرشيدة، السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية،
السلام عليك أيتها الحوراء الانسية، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام
عليك أيتها المحدثة العليمة، السلام عليك أيتها المعصومة المظلومة.
164

السلام السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة، السلام عليك أيتها المضطهدة (1)
المغصوبة، السلام عليك أيتها الغراء (2) الزهراء (3)، السلام عليك يا فاطمة بنت
محمد رسول الله ورحمة الله وبركاته. صلى الله عليك يا مولاتي وابنة مولاي
وعلي روحك وبدنك.
اشهد انك مضيت على بينة من ربك، وان من سرك فقد سر رسول الله،
ومن جفاك فقد جفا رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن آذاك فقد آذى
رسول الله، ومن وصلك فقد وصل رسول الله، ومن قطعك فقد قطع رسول الله،
لأنك بضعة منه وروحه التي بين جنبيه (4)، كما قال عليه أفضل الصلاة
وأكمل السلام.
اشهد الله وملائكته اني راض عمن رضيت عنه وساخط على من
سخطت عليه، ولي لمن والاك، عدو لمن عاداك وحرب لمن حاربك، انا
يا مولاتي بك وبأبيك وبعلك والأئمة من ولدك موقن وبولايتهم مؤمن
وبطاعتهم ملتزم، اشهد ان الدين دين دينهم، والحكم حكمهم، وانهم قد بلغوا
عن الله عز وجل ودعوا إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لا تأخذهم
في الله لومة لائم، وصلوات الله عليك وعلى أبيك (5) وبعلك وذريتك الأئمة
الطاهرين (6).
اللهم صل على محمد وأهل بيته، وصل على البتول الطاهرة، الصديقة
المعصومة، التقية النقية، الرضية [المرضية] (7)، الزكية الرشيدة، المظلومة

1 - المظلومة (خ ل).
2 - الغراء: البيضاء المنورة والميمونة المباركة مأخوذة من غرة الفرس، أو الشريفة الكريمة.
3 - الزهراء: البيضاء المنيرة.
4 - في بدنه وبين جنبيه (خ ل).
5 - وابنيك (خ ل).
6 - ذريتك والأئمة الطاهرين من ذراريك (خ ل).
7 - من البحار.
165

المقهورة، المغصوبة حقها، الممنوعة ارثها، المكسور ضلعها، المظلوم بعلها،
المقتول ولدها، فاطمة بنت رسول الله، وبضعة لحمه وصميم قلبه (1)، وفلذة
كبده (2)، والنخبة (3) منك له، والتحفة خصصت بها وصية وحبيبه المصطفى
وقرينه المرتضى، وسيدة النساء ومبشرة الأولياء (4)، حليفة الورع والزهد (5)،
وتفاحة الفردوس والخلد، التي شرفت مولدها بنساء الجنة، وسللت منها أنوار الأئمة، وأرخيت (6) دونها حجاب النبوة.
اللهم صل عليها صلاة تزيد في محلها عندك وشرفها لديك ومنزلتها من
رضاك، وبلغها منا تحية وسلاما، وآتنا من لدنك في حبها فضا واحسانا
ورحمة وغفرانا، إنك ذو الفضل (7) الكريم.
ثم تصلي صلاة الزيارة وان استطعت أن تصلي صلاتها صلى الله عليها، فافعل،
وهي ركعتان تقرء في كل ركعة الحمد مرة وستين مرة قل هو الله أحد.
فإن لم تستطع فصل ركعتين بالحمد وسورة الاخلاص والحمد و (قل يا أيها
الكافرون)، فإذا سلمت قلت (8):
اللهم إني أتوجه إليك بنبينا محمد وباهل بيته صلواتك عليهم، وأسألك
بحقك العظيم عليهم، الذي لا يعلم كنهه سواك، وأسألك بحق من حقه
عندك عظيم، وبأسمائك الحسنى التي أمرتني ان أدعوك بها.
وأسألك باسمك الأعظم الذي أمرت به إبراهيم ان يدعو به الطير

1 - الصميم الذي به قوام العضو، رجل صميم: محض.
2 - الفلذة: القطعة من الكبد.
3 - النخبة: المختار.
4 - مبشرة الأولياء - على بناء اسم المفعول - أي التي بشر الله الأولياء بها، ويحتمل بناء على اسم الفاعل لأنها تبشر
أوليائها واحبائها في الدنيا والآخرة بالنجاة من النار - البحار.
5 - الحليف: الصديق، يحلف لصاحبه ان لا يغدر به كناية عن ملازمتها لهما وعدم مفارقتها عنهما.
6 - ارخاء الستر أسد اله كناية عن نزول الوحي في بيتها وكونها مطلعة على اسرار النبوة - البحار.
7 - دو العفو (خ ل).
8 - قل (خ ل).
166

فأجابته، باسمك العظيم الذي قلت للنار: (كوني بردا وسلاما على
إبراهيم) (1)، فكانت بردا، وبأحب الأسماء إليك وأشرفها وأعظمها لديك،
وأسرعها إجابة وأنجحها طلبة، وبما أنت أهله ومستحقه ومستوجبه، وأتوسل
إليك وارغب إليك وأتضرع إليك والح عليك.
وأسألك بكتبك التي أنزلتها على أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم، من التوراة
والإنجيل والزبور والقرآن العظيم، فان فيها اسمك الأعظم، وبما فيها من أسمائك
العظمى، ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفرج عن محمد وآل محمد (2) وشيعتهم
ومحبيهم وعني، وتفتح أبواب السماء لدعائي وترفعه في عليين، وتأذن في هذا اليوم
وفي هذه الساعة بفرجي واعطاء املي وسؤلي في الدنيا والآخرة.
يا من لا يعلم أحد كيف هو وقدرته الا هو، يا من سد الهواء بالسماء (3)،
وكبس الأرض على الماء (4)، واختار لنفسه أحسن الأسماء، يا من سمى نفسه
بالاسم الذي يقضى به حاجة من يدعوه.
أسألك بحق ذلك الاسم فلا شفيع أقوى لي منه، ان تصلي على محمد
وآل محمد وتقضي لي حوائجي وتسمع بمحمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن
جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي وعلي بن محمد، والحسن بن علي
والحجة المنتظر لاذنك، صلواتك وسلامك ورحمتك وبركاتك عليهم،
صوتي، ليشفعوا لي إليك وتشفعهم في، ولا تردني خائبا، بحق لا إله إلا أنت
- وتسأل حوائجك تقضى إن شاء الله (5) تعالى (6).

1 - الأنبياء: 69.
2 - عن محمد وآل محمد (خ ل).
3 - سد الهواء بالسماء كناية عن إحاطة السماء بها.
4 - كبس البئر والنهر: طمها بالتراب.
4 - كبس البئر والنهر: طمها بالتراب.
5 - تقضى بإذن الله تعالى (خ ل).
6 - عنه البحار 100: 199 - 201.
167

أقول: فيا سعادة من ظفر بموافقة أهل بيت المباهلة والتطهير والثقل المعظم المنير
المصاحب للقرآن المنيف وسفينة النجاة في التكليف، واحتمل في رضى المالك اللطيف
كل تهديد وتخويف وسار معهم إلى محمد مقامهم الشريف.
فينبغي ان يصاحب هذا اليوم بقدر ما يستحقه من جلالته وحرمته والاعتراف لله
جل جلاله بمنته ولرسوله صلوات الله عليه وآله بمحمل ولادته ولما صدر عنها، من أن
المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليهما منها.
فليجتهد الانسان في القيام لله جل جلاله بشكره ولرسوله عليه السلام بعظيم قدره
ويواصل أهل الايمان بما يقدر عليه من بره ويختمه بخاتمه كل يوم أشرنا فيما سلف إلى
تعظيم أمره ويستقبل كلما يبلغ اجتهاده من الطاعات والخيرات إليه، فان حق الله جل
جلاله وحق رسوله صلوات الله عليه وآله وخاصته لا يقضى، وان اجتهد الانسان بغاية
ارادته، لان المنة لهم سابقة ولا حقة وباطنة وظاهرة وماضية وحاضرة.
اما تعرف انك لو وهبت غلامك أنعاما عليه، أو أعطيت عبدك شيئا من الدنيا
وسلمته إليه ثم من عليك بشئ منه أنكرت ذلك عليه، وكذلك لو هديت ضالا، فمن
عليك بشئ من هداياتك كنت قد عددته ظالما وجاحدا حقوق مقاماتك، ولا يخفى
عليك ان كنت من المسلمين ان كلما أنت في بطريق سيد المرسلين وعترته الطاهرين
عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
168

الباب الثامن
فيما نذكره مما يختص بشهر رجب وبركاته
وما نختاره من عباداته وخيراته
وفيه فصول:
فصل (1) فيما نذكره بالمعقول من تعظيم شهر رجب والتنبيه على شرف محله
وتحف فضله
اعلم اننا كنا ذكرنا في أوائل هذا الجزء وبعد اثبات أبواب هذا الكتاب ان
الشهور كالمراحل إلى الموت وما بعده من المنازل، وان كل منزل ينزله العبد في دنياه في
شهوره وأيامه، فينبغي أنى كون محله على قدر ما يتفضل الله جل جلاله فيه من اكرامه
وانعامه.
ومذ فارقت إليها الناظر في كتابنا هذا شهر ربيع الأول الذي كان فيه مولد سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وآله، وما ذكرناه فيه من الفضل المكمل، ولم تجد من المنازل
المتشرفة بزيادة المكتسب أفضل من هذا شهر رجب، لاشتماله على وقت ارسال الله
جل جلاله رسوله محمدا صلوات الله عليه إلى عبادة وإغاثة (1) أهل بلاده بهدايته وارشاده،

1 - إعانة (خ ل)
169

ولأجل حرماته التي يأتي ذكرها في روايات بركاته وخيراته.
فكن مقبلا على مواسم (1) هذا الشهر بعقلك وقلبك، ومعترفا بالمراحل والمكارم
المودعة فيك من ربك، واملأ ظهور مطاياه من ذخائر طاعتك لمولاه ورضاه ومما يسرك
ان تلقاه، واجتهد ان لا تبقى في المنزل الذي تعلم انك راحل عنه ما تندم على تركه أولا
بذلك منه، فكلما أنت تاركه منهوب مسلوب وأنت مطلوب مغلوب، وسائر عن قليل
وراء مطايا أعمالك، ونازل حيث حملت ما قدمت من قماشك ورحالك، فاحذر نفسي
وإياك أن يكون المقتول من الذخائر ندما وشرابه علقما (2) وعافيته سقما.
فهل تجد انك تقدر على إعادة المطايا إلى دار الرزايا تعيد عليك ما مضى من
حياتك، وتستدرك ما فرطت فيه من طاعاتك ونقل مهماتك وسعاداتك، هيهات هيهات
لقد كنت تسمع وأنت في الدنيا بلسان الحال تلهف النادمين وتأسف المفرطين وصارت
الحجة عليك لرب العالمين، فاستظهر رحمك الله استظهار أهل الامكان في الظفر بالأمان
والرضوان.
وسوف نذكر من طريق الاخبار طرفا من العبادات والاسرار في الليل والنهار
المقتضية لنعيم دار القرار، فلا تكن عن الخير نواما ولا لنفسك يوم القيامة لواما، وإذا
لم نذكر اسنادا لكلها فسوف نذكر أحاديث مسندة عن الثقات انه من بلغه اعمال
صالحة وعمل بها فإنه يظفر بفضلها، وقد قدمناها في أول المهمات، وإنما أعددناها هاهنا
في المراقبات.
فمن ذلك اننا روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه رضوان الله عليه من كتاب
ثواب الأعمال فيما رواه باسناده إلى صفوان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال
: من بلغه شئ من الخير فعمل به كان له أجر ذلك، وإن كان رسول الله صلى الله
عليه وآله لم يقله (3).

1 - العلقم: الحنظل وكل شئ مر.
2 - مراسم (خ ل).
3 - ثواب الأعمال: 16.
170

أقول: ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله من كتاب
الكافي، في باب من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل فصنعه فقال ما هذا لفظه:
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه كان له وان لم يكن كما
بلغه (1).
ووجدنا هذا الحديث في أصل هشام بن سالم رحمه الله عن الصادق عليه السلام.
ومن ذلك بإسنادنا أيضا إلى محمد بن يعقوب فقال: عن محمد بن يحيى، عن
محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمران الزعفراني، عن محمد بن مروان قال:
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من بلغه ثواب من الله عز وجل على عمل، فعمل
ذلك العمل، التماس ذلك الثواب أوتيه، وان لم يكن الحديث كما بلغه (2).
أقول: وهذا فضل من الله جل جلاله وكرم ما كان في الحساب، انك تعمل عملا
لم ينزله في الكتاب ولم يأمر الله جل جلاله رسوله ان يبلغه إليك فتسلم أن يكون خطر
ذلك العمل عليك، وتصير من سعادتك (3) في دنياك وآخرتك.
فاعلم أن هذا له مدخل في صفات الاسعاد والإرفاد، فكيف لا يكون في صفات
رحمته وجوده لذاته ومن لا نهاية لهباته ومن لا ينقصه الاحسان ولا يزيده الحرامان، ومن
كلما وصل إلى أهل مملكته، فهو زائد في مملكته وتعظيم دولته، ولقد رويت ورأيت
اخبارا لابن الفرات الوزير وغيره انهم زور عليهم جماعة رقاعا بالعطاب، فعلموا انها زور
عليهم واطلقوا ما وقع في التزوير، وهي من الأحاديث المشهورة عند الأعيان فلا أطيل
بذكرها في هذا المكان.
وقد جاءت شريعتنا المعظمة بنحو هذه المساعي المكرمة، وذاك ان حكم الشريعة
المحمدية انه لو التقى صف المسلمين في الحرب بصف الكافرين فتكلم واحد من أهل

1 - الكافي 2: 71، عنه الوسائل 1: 82.
2 - الكافي 2: 71 عنه الوسائل 1: 82.
3 - سعاداتك (خ ل).
171

الاسلام كلمة اعتقدها كافر انه قد امنه بذلك الكلام، لكان ذلك الكافر أمانا من
القتل ودرعا له من دروع الاسلام والفضل، وقد تناصر ورود الروايات: (ادرؤوا
الحدود بالشبهات) (1)، فكن فيما نورده عاملا على اليقين بالظفر ومعترفا بحق محمد صلوات
الله عليه سيد البشر.
فصل (2)
فيما نذكره من فضل أول ليلة من شهر رجب بالمعقول من الأدب
فنقول: قد عرفت ان الحديث المتظاهر والعمل المتناصر اتفقا على أن هذه أول ليلة
من شهر رجب، من الليالي الأربع التي تحيي بالعبادات والمراقبات لعالم الخفيات، ومن
فضل هذه الليلة ان الانسان لما خرج شهر محرم عنه، وكأنه قد فارق الأمان الذي
جعله الله جل جلاله بالأشهر الحرم، واخذ ذلك الأمان منه، فإذا دخلت أول ليلة من
شهر رجب المقبل عليه، فقد أنعم الله جل جلاله عليه بالأمان الذي ذهب منه، وادخله
في الحمى والحرم الذي كان قد خرج عنه.
وما يخفى عن ذوي الألباب الفرق بين الخروج عن حمى الملوك الحاكمين في الرقاب
ومفارقة ما جعلوه أمانا عند خوف العتاب أو العقاب، وبين الدخول في التشريف بالمقام
في معاينة الثواب، فليكن الانسان معترفا لله جل جلاله في أول ليلة من شهر رجب بهذا
الفضل الذي غير محتسب ومتمسكا بقوة هذا السبب.
واعلم أنه إذا كانت أشهر الحرم قد اقتضت في الجاهلية والاسلام ترك الحروب
والسكون عن الفعل الحرام، فكيف يحتمل هذه الشهور ان يقع محاربة بين العبد ومالكه
في شئ من الأمور، وكيف يعظم وقوع المحارم بين عبد وعبد مثله ولا يعظم اضعاف
ذلك بين العبد وبين مالك امره كله، فالحذر الحذر من التهوين بالله في هذه الأوقات
المحرمة، وان يهتك العبد شيئا من شهورها المعظمة.

1 - المقنع: 147، عنه مستدرك الوسائل 18: 27.
172

فصل (3)
فيما نذكره من عمل أول ليلة من رجب بالمنقول عن ذوي الرتب
فمن ذلك الدعاء عند هلال رجب، وجدناه في كتب الدعوات، مروي عن
رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يقول:
اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والاسلام، ربي وربك الله عز
وجل (1).
وروي أنه عليه السلام كان إذا رأى هلال رجب قال:
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا شهر رمضان، وأعنا على
الصيام والقيام، وحفظ اللسان، وغض البصر، ولا تجعل حظنا منه الجوع
والعطش.
قال: ويستحب أن يقرء عند رؤية الهلال سورة الفاتحة (2) سبع مرات، فإنه من
قرأها عند رؤية الهلال عافاه الله من رمد العين في ذلك الشهر.
وروي أنه عليه السلام كان إذا رأى الهلال كبر ثلاثا وهلل ثلاثا ثم قال:
الحمد لله الذي أذهب شهر كذا، وجاء بشهر، كذا.
فصل (4)
فيما نذكره من فضل الغسل في أول رجب وأوسطه وآخره
وجدناه في كتب العبادات عن النبي عليه أفضل الصلوات أنه قال من أدرك شهر
رجب، فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (3).

1 - عنه البحار 98: 376.
2 - فاتحة الكتاب (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 377، وعن نوادر الراوندي 97: 46.
173

فصل (5)
فيما نذكره من حديث الملك الداعي إلى الله في كل ليلة من رجب
نقلناه من كتب العبادات عن النبي صلوات الله عليه أنه قال:
إن الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكا يقال له: الداعي، فإذا دخل شهر
رجب ينادي (1) ذلك الملك كل ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين،
ويقول الله تعالى:
أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري،
والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن
استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلا بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل
إلي (2).
فصل (6)
فيما نذكره من الدعاء في أول ليلة من رجب بعد العشاء الآخرة
روينا بإسنادنا إلى أحمد بن محمد بن عيسى (وقد زكاه النجاشي وأثنى عليه (3)
- باسناده إلى أبي جعفر عليه السلام قال:
تدعو في أول ليلة من رجب بعد عشاء الآخرة (4) بهذا الدعاء:
اللهم إني أسألك بأنك مليك، وأنك على كل شئ مقتدر، وأنك
ما تشاء من أمر يكون، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة
صلواتك عليه وآله، يا محمد يا رسول الله إني أتوجه إلى الله ربي وربك

1 - نادى (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 377.
3 - رجال النجاشي: 81، الرقم: 198.
4 - صلاة العشاء الآخرة (خ ل).
5 - قدير (خ ل).
174

لينجح بك طلبتي، اللهم بنبيك محمد، وبالأئمة من أهل بيته أنجح طلبتي،
ثم تسأل حاجتك (1). (2)
فصل (7)
فيما نذكره من صلاة أول ليلة من شهر رجب والدعاء بعدها
نقلناه من كتاب المختصر من كتاب المنتخب، فقال ما هذا لفظه:
تصلي أول ليلة من رجب عشر ركعات مثنى مثنى، وتقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة واحد، و (قل هو الله أحد) مائة مرة، وتقول سبعين مرة:
اللهم إني أستغفرك لما تبت إليك منه، ثم عدت فيه، وأستغفرك لما
أعطيتك من نفسي ثم لم أف لك به، وأستغفرك لما أردت به وجهك
الكريم وخالطه ما ليس لك، وأستغفرك للذنوب التي قويت عليها بنعمتك
وسترك، وأستغفرك للذنوب التي بارزتك بها دون خلقك، وأستغفرك لكل
ذنب أذنبت ولكل سوء عملت.
وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال والاكرام، غافر
الذنب وقابل التوب، استغفار من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ولا موتا
ولا حياة ولا نشورا إلا ما شاء الله.
وتقول بعد ذلك:
سبحانك بما تعلم ولا أعلم وسبحانك بما تبلغه أحكامك ولا أبلغه،
وسبحانك بما أنت مستحقه ولا يبلغه الحيوان (3) من خلقك، وسبحانك
بالتسبيح الذي يوجب عفوك ورضاك، وسبحانك بالتسبيح الذي لم تطلع
عليه أحدا من خلقك، وسبحانك بعلمك في خلقك كلهم، ولو علمتني أكثر

1 - عنه البحار 98: 377، مصباح المتهجد 2: 798.
2 - حوائجك (خ ل).
3 - الحيران (خ ل).
175

من هذا لقلته.
اللهم لا خراب على ما عمرت، ولا فقر على ما أغنيت، ولا خوف على من
أمنت (1)، وأنا بين يديك وأنت عالم بحاجتي، فاقضها يا أرحم الراحمين،
اللهم يا رافع السماء في الهواء، وكابس الأرض على الماء، ومنبت الخضرة
بما لا يرى، صل على محمد وعلى آل محمد، وافعل بي ما أنت أهله،
ولا تفعل بي ما أنا أهله يا أرحم الراحمين.
اللهم إني عبدك وابن عبدك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك،
عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في
كتابك، أو علمته أحدا من خلقك أن تجعل القرآن ربيع قلبي (2)، وجلاء
حزني، وذهاب همي وغمي.
اللهم رحمتك أرجو يا الله يا رحمان يا رحيم يا ذا الجلال والاكرام، اللهم
خشعت الأصوات لك وضلت الأحلام فيك، وضاقت الأشياء دونك، وملأ
كل شئ نورك، ووجل كل شئ منك، وهرب كل شئ إليك، وتوكل
كل شئ عليك.
أنت الرفيع في جلالك، وأنت البهي في جمالك، وأنت العظيم في
قدرتك، وأنت الذي لا يؤدك شئ، وأنت العلي العظيم، يا غافر زلتي،
ويا قاضي حاجتي، ويا مفرج كربتي، ويا ولي نعمتي، أعطني مسألتي لا إله
إلا أنت.
أصبحت وأمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من
سيئات أعمالي، وأستغفرك من الذنوب التي لا يغفرها غيرك، فاغفر لي
وارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، يا (3) من هو في علوه دان، وفي دنوه

1 - ما آمنت (خ ل).
2 - أي مائل إليه ومتروح به كما أن الربيع مروح للقلب والانسان مائل إليه.
3 - اللهم يا (خ ل).
176

عال، وفي إشراقه منير، وفي سلطانه عزيز، ائتني برزق من عندك،
لا تجعل (1) لأحد علي فيه منة، ولا لك في الآخرة علي تبعة إنك أرحم
الراحمين.
اللهم إني أعوذ بك من الحرق والشرق والهدم (2) والردم (3)، وأن اقتل في
سبيلك مدبرا أو أموت لديغا، اللهم إني أسألك بأنك ملك، وأنك على كل
شئ مقتدر، وما تشاء من أمر يكون، أن تصلي على محمد وعلى آل محمد،
وأن تفرج عني وتكشف ضري، وتبلغني أمنيتي، وتسهل لي محبتي (4)،
وتيسر لي إرادتي، وتوصلني إلى بغيتي سريعا عاجلا، وتجمع لي خير الدنيا
والآخرة برحمتك يا أحرم الراحمين (5).
وتقول بعد ذلك وفي كل ليلة من ليالي رجب: لا إله إلا الله ألف مرة (6).
فصل (8)
فيما نذكره من صلاة أخرى في أول ليلة من رجب وثوابها
وجدنا ذلك في كتب العبادات مرويا عن النبي عليه أفضل الصلوات، قال عليه
السلام:
ما من مؤمن ولا مؤمنة صلى في أول ليلة من رجب ثلاثين ركعة، يقرأ في كل ركعة
الحمد مرة و (قل يا أيها الكافرون) مرة، و (قل هو الله أحد)، ثلاث مرات إلا غفر الله له كل
ذنب صغير وكبير، وكتبه الله من المصلين إلى السنة المقبلة، وبرئ من النفاق. (7)

1 - ولا تجعل (خ ل).
2 - الهدم: نقض البناء.
3 - الردم: ما يسقط من الجدار.
4 - محنتي (خ ل).
5 و 6 - عنه البحار 98: 377.
7 - عنه وسائل الشيعة 8: 98، رواه في البحار 98: 379 مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر، عن الوسائل
8: 92.
177

فصل: في صلاة أخرى في أول ليلة من رجب:
ورأيت في كتاب روضة العابدين المقدم ذكره صلاة في أول ليلة من رجب، ذكر
لها فضلا نذكر شرحها، قال: عن النبي صلى الله عليه وآله:
من صلى المغرب أول ليلة من رجب ثم يصلي بعدها عشرين ركعة، يقرأ في كل
ركعة فاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) مرة، ويسلم بعد كل ركعتين، قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: أتدرون ما ثوابه (1)؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فان الروح الأمين
علمني ذلك، وحسر (2) رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذراعيه وقال: حفظ والله في
نفسه وأهله وماله وولده، وأجير من عذاب القبر، وجاز على الصراط كالبرق الخاطف
من غير حساب (3).
فصل: في صلاة أخرى في أول ليلة من رجب:
رأيناها في كتاب روضة العابدين المذكور عن النبي صلى الله عليه وآله يقول:
من صلى ركعتين في أول ليلة من رجب بعد العشاء يقرأ في أول ركعة فاتحة
الكتاب، و (ألم نشرح) مرة: و (قل هو الله أحد) ثلاث مرات، وفي الركعة الثانية فاتحة
الكتاب، و (ألم نشرح) مرة (وقل هو الله أحد) والمعوذتين. ثم يتشهد ويسلم، ثم يهلل الله
تعالى ثلاثين مرة، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين مرة، فإنه يغفر له
ما سلف من ذنوبه، ويخرجه من الخطايا كيوم ولدته أمه (4).
فصل: فيما نذكره من صلاة ركعتين لكل ليلة من رجب:
رواها عبد الرحمان بن محمد بن علي الحلواني في كتاب التحفة، قال رسول الله صلى
الله عليه وآله:
من صلى في رجب ستين ركعة في كل ليلة منه ركعتين، يقرأ في كل ركعة منهما

1 - ثوابها (خ ل).
2 - حسر: كشف
.
3 - عنه وسائل الشيعة 8: 94، البحار 98: 379.
4 - عنه وسائل الشيعة 8: 94، البحار 98: 379.
178

فاتحة الكتاب مرة و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، و (قل هو الله أحد) مرة.
فإذا سلم منهما رفع يديه وقال:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو
حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وإليه المصير، ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، النبي
الأمي وآله.
ويمسح بيديه وجهه، فان الله سبحانه يستجيب الدعاء ويعطي ثواب ستين حجة
وستين عمرة (1).
أقول وجدت في بعض كتب عمل رجب صلاة في أول ليلة من الشهر، فرأيت أن
ذكرها في أول ليلة أليق بهال أنها ليلة تحيى بالعبادات فيحتاج إلى زيادة الطاعات،
ولأن الانسان ما يدري إذا أخر هذه الصلاة عن أول ليلة هل يتمكن منها في غيرها أم
لا، وهذه الصلاة تروى عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله:
من صلى ليلة من ليالي رجب عشر ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و (قل
يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) ثلاث مرات، غفر الله تبارك وتعالى له كل ذنب
عمل وسلف له من ذنوبه، وكتب الله تبارك وتعالى له بكل ركعة عبادة ستين سنة،
وأعطاه الله تعالى بكل سورة قصرا من لؤلؤة في الجنة، وكتب الله تعالى له من الأجر
كمن صام وصلى وحج واعتمر وجاهد في تلك السنة وكتب الله تعالى له إلى السنة
القابلة في كل يوم حجة وعمرة، ولا يخرج من صلاته حتى يغفر الله له.
فإذا فرغ من صلاته ناداه ملك من تحت العرش: استأنف العمل يا ولي الله فقد
أعتقك الله تعالى من النار، وكتبه الله تعالى من المصلين تلك السنة كلها، وإن مات فيما
بين ذلك مات شهيدا، واستجاب الله تعالى دعاءه، وقضى حوائجه، وأعطاه كتابه

1 - عنه وسائل الشيعة 8: 95، البحار 98: 380.
179

بيمينه، وبيض وجهه، وجعل الله بينه وبين النار سبع خنادق (1)
ذكر صلاة أخرى في ليلة من رجب:
عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قرأ في ليلة من شهر رجب (قل هو الله أحد)
مائة مرة في ركعتين، فكأنها صام مائة سنة في سبيل الله، وأعطاه الله مائة قصر في جوار
نبي من الأنبياء عليهم السلام (2).
واعلم أن الذي تجده في كتابنا هذا من فضل صلوات في ليالي رجب وليالي
شعبان وفضل صوم كل يوم من هذين الشهرين وتعظيم الثواب والاحسان بكله مشروط
بالاخلاص، ومن جملة اخلاص أهل الاختصاص الا يكون قصدك بهذا العمل مجرد
هذا الثواب بل تعبد به رب الأرباب، لأنه أهل لعبادة ذوي الألباب، وهذه عقبة
صعبة تبعد السلامة منها.
ومنها: ان لا تعجبك نفسك بعمل ولا تتكل على عملك، فإنك إذا فكرت فيما عمل
الله جل جلاله معك قبل ان يخلقك من عمارة الدنيا لمصلحتك وقد خلق آدم عليه
السلام إلى زمان عبادتك، وما تحتاج ان يعمله جل جلاله معك في دوام آخرتك، رأيت
عملك لا محل له بالنسبة إلى عمله جل جلاله معك وإذا وجدت في كتابنا ان من عمل كذا فله مثل عمل الأنبياء والأوصياء
والشهداء، والملائكة عليهم السلام، فلعل ذلك أنه يكون مثل عمل أحدهم (3)، إذا عمل
هذا الذي يعمله دون سائر أعمالهم، أو يكون له تأويل آخر على قدر ضعف حالك وقوة
حالهم.
فلا تطمع نفسك بما لا يليق بالأنصاف ولا تبلغ بهاما لا يصح لها من الأوصاف،
ولا تستكثر الله جل جلاله شيئا من العبادات، فحقه أعظم من أن يؤديه أحد، ولو بلغ
غايات ويقع الطاعات لك دونه جل جلاله في الحياة بعد الممات.

1 - عنه وسائل الشيعة 8: 95، البحار 98: 380.
2 - عنه وسائل الشيعة 8: 95، البحار 98: 381.
3 - أحدها (خ ل).
180

ذكر ما نورده من إجابة الدعاء في رجب:
نذكر الحديث مختصرا، وهو ان رجل مر برجل أعمى مقعد، فقال: اما كان هذا
يسأل الله تعالى العافية، فقيل له: اما تعرف هذا؟ هذا الذي بهله بريق (1) - وكان اسم
- بريق عياضا - فقال ادع لي عياضا، فدعاه، فقال: حدثني حديث بني الضيعاء، قال: إنه
حديث جاهلية وانه لا أردت لك به في الاسلام، فقال: ذاك أحرى ان تحدثنا،
قال: إن بني الضيعاء كانوا عشرة وكانت أختهم تحتي، فأرادوا أن ينزعوها مني،
فنشدتهم الله تعالى والقرابة والرحم، فأبوا الا ان ينزعوها مني، فأمهلتهم حتى دخل
رجب مضر (2) شهر الله الحرام (3)، فقلت: اللهم أدعوك دعاءها جاهدا على بني الضيعاء،
فاترك واحدا كسيرا الرجل ودعه قاعدا أعمى ذا قيد، يعني القائد.
أقول: ورأيت في رواية أخرى عوض: اللهم، يا رب.
قال: فهلكوا جميعا ليس هذا (4)، فقال: بالله ما رأيت كاليوم حديثا أعجب، فقال
رجل من القوم: أفلا أحدثك بأعجب من هذا؟ قال: حدث حتى تسمع القوم.
قال: اني كنت من حي من احياء العرب فماتوا كلهم، فأصبت مواريثهم،
فانتجعت (5) حيا من احياء العرب يقال لهم: بنو مؤمل، كنت بهم زمانا طويلا، ثم إنهم
أرادوا اخذ مالي، فناشدتهم الله تعالى، فأبوا الا ان ينتزعوا مالي، وقد كان رجل منهم
يقال له: رباح، لقال يا بني مؤمل جاركم وخفيركم (6) لا ينبغي لكم اخذ ماله، قال:
فاخذوا مالي، فأمهلتهم حتى دخل رجب مضر شهر الله الحرام، فقلت:

1 - بهله: لعنه.
2 - في خطبة النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع: (... ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا، منها أربعة
حرم: ثلاثة ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) وذلك للاحتراز من رجب ربيعة لأنها كانت
تحرم رمضان وتسميه رجبا، فبين عليه السلام انه رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، لا رجب ربيعه الذي يقع
بعد شعبان.
3 - في جميع المواضع: المحرم (خ ل).
4 - ليس هذا يعني غير هذا.
5 - انتجع الكلأ: طلبه في موضعه: انتجع فلانا، طلب معروفه وجواره.
6 - خفره: اجاره ومنعه وحماه وآمنه، الخفير: يطلق على المجير والمجار المراد هنا المجار.
181

اللهم ازلها عن بني المؤمل
وارم على اقفائهم بمكتل (1)
بصخرة أو عرض جيش جحفل (2)
الا رباحا انه لم يفعل
أقول: ورأيت في رواية أخرى عوض: اللهم، يا رب أشقاني بنو المؤمل فارم - ثم ذكر
تمامها:
قال: فبينما هم يسيرون في أصل جبل أو في سطح جبل إذ تداعى عليهم الجبل،
فهلكوا جميعا الا رباحا، فإنه نجاه الله تعالى، فقال: والله ما رأيت كاليوم حديثا
أعجب، فقال رجل من القوم: أفلا أحدثك بأعجب من ذلك؟ فقال: حدث حتى
يسمع القوم.
فقال: ان أبي وعمي ورثا أباهما، فأسرع عمي في الذي له وبين مالي فأراد بنوه
ان ينزعوا مالي، فناشدتهم الله تعالى والقرابة والرحم، فأبوا الا ان ينزعوا مالي، فأمهلتهم
حتى دخل رجب مضر شهر الله فقلت:
اللهم رب كل آمن وخائف
وسامعا نداء كل هاتف
ان الخناعي أما يقاصف (3)
لم يعطني الحق ولم يناصف
فأجمع له الأحبة الألاطف (4)
بين القرآن السوء والتراصف (5).

1 - مكتل - كمنبر - الشديدة من شدائد الدهر.
2 - جيش جحفل: كثيف مجتمع.
3 - الخناعي: نسبة إلى خناعة (كثمامة - ابن سعد بن هذيل بن مدركه بن الياس بن مضر، القصف: الكسر، أي
يا رب لا تقصف ولا تكسر الخناعي والحال انه لم يناصف ولم يعطني النصف.
4 - الأحبة: الأخلاء.
5 - القرآن - بالكسر - التتابع اثنين اثنين، التراصف: التتابع والانضمام كلا.
182

قال: فبينما بنوه وهم عشرة في بئر، إذ انهارت عليهم البئر وكانت قبورهم، فقال:
بالله ما أريت كاليوم حديثا أعجب، فقال القوم: أهل الجاهلية كان الله يصنع بهم
ما ترى فأهل الاسلام أحرى بذلك، فقال: ان أهل الجاهلية كان الله يصنع بهم
ما تسمعون ليحجز بعضهم عن بعض، وان الله جعل الساعة موعد أهل الاسلام والساعة
أدهى وأمر.
قال راوي هذا الحديث: هذه قصة عجيبة مشهورة تروى من وجوه، وقال: معنى
بهله أي لعنة، من قول الله: (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (1).
أقول: وروي غير هذه الروايات، وإنما اقتصرنا على ما ذكرناه ليكون أنموذجا في بيان
إجابة الدعوات (2).
فصل (9)
فيما نذكره من زيارة مختصة بشهر رجب
اعلم أن هذه الزيارة التي يأتي ذكر صفتها ليست متعينة لأول ليلة من الشهر،
ولكنها متعينة للشهر كله، فنذكرها في أول ليلة منه لأنه أول وقتها، فلا يؤخرها عنه،
رويناها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه فيما ذكره عن ابن
عياش، قال: حدثني خير (3) بن عبد الله، عن مولانا - يعني أبي القاسم الحسين بن روح
رضي الله عنه - قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها (4) في رجب تقول:
الحمد لله الذي اشهدنا مشهد أوليائه في رجب، وأوجب علينا من
حقهم ما قد وجب، وصلى الله على محمد المنتجب وعلى أوصيائه

1 - آل عمران: 61.
2 - عنه البحار 97: 41.
3 - جبير (خ ل).
4 - تحضرها (خ ل).
5 - انتجبه: اختاره.
183

الحجب، اللهم فكما أشهدتنا مشهدهم (1) فانجز لنا موعدهم وأوردنا موردهم (9)،
غير محلئين عن ورد في دار المقامة والخلد.
والسلام عليكم، اني قصدتكم (2) واعتمدتكم بمسألتي وحاجتي، وهي
فكاك رقبتي من النار، والمقر معكم في دار القرار مع شيعتكم الأبرار،
والسلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار.
انا سائلكم واملكم فيما إليكم التفويض وعليكم التعويض، فبكم يجبر
المهيض (3) ويشفي المريض، وما تزداد الأرحام وما تغيض، اني لسركم مؤمن (4)
ولقولكم مسلم وعلى الله بكم مقسم، في رجعي (5) بحوائجي وقضائها
وامضائها وانجاحها (6) وابراحها (7)، وبشؤني لديكم وصلاحها.
والسلام عليكم سلام مودع ولكم حوائجه مودع، يسأل الله إليكم
المرجع وسعيه إليكم غير منقطع، وان يرجعني من حضرتكم خير مرجع إلى
جناب ممرع (8) وخفض (9) عيش موسع، ودعة (10) ومهل (11) إلى حين الاجل، وخير
مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل (12)، ودوام الاكل وشرب
الرحيق والسلسل (13) وعل ونهل (14) لاسام منه ولا ملل.

1 - مشاهدهم (خ ل).
2 - قد قصدتكم (خ ل).
3 - المهيض: العظم المكسور.
4 - بسركم موقن (خ ل).
5 - رجعتي (خ ل).
6 - قضائها وانجاحها وابراحها (خ ل).
7 - ابراحها: اظهارها.
8 - امرع الوادي: إذ صار ذا كلاء.
9 - الخفض: الراحة.
10 - الدعة السعة: في العيش.
11 - المهل: السكينة.
12 - المقتبل: المستأنف.
13 - ماء سلسل: سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه.
14 - عل: شرب الثاني، نهل: شرب الأول.
184

ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم، حتى العود إلى حضرتكم، والفوز
في كرتكم والحشر في زمرتكم، ورحمة الله وبركاته عليكم وصلواته
وتحياته وهو حسبنا ونعم الوكيل (1).
فصل (10)
فيما نذكره من عمل أول جمعة من شهر رجب
اعلم أن مقتضى الاحتياط للعبادة وطلب الظفر بالسعادة اقتضى ان نذكر عمل
هذه الليلة الجمعة في أول ليلة من هذا الشهر الشريف، لجواز أن يكون أول ليل منه
الجمعة، فيكون قد احتطنا للتكليف، وان لم يكن أوله الجمعة، فيكون قد أذكرناك في
أول الشهر بها إلى حين حضور أول ليلة جمعة منه لتعمل بها.
وجدنا ذلك في كتب العبادات مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، ونقلته أنا من
بعض كتب أصحابنا رحمهم الله فقال في جملة الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله
في ذكر فضل شهر رجب ما هذ لفظه:
ولكن لا تغفلوا عن أول ليلة جمعة منه، فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب،
وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض الا يجتمعون في
الكعبة وحواليها، ويطلع الله عليهم اطلاعة فيقول لهم: يا ملائكتي سلوني ما شئتم،
فيقولون: ربنا حاجتنا إليك ان تغفر لصوام رجب، فيقول الله تبارك وتعالى: قد فعلت
ذلك.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مامن ا حد صام يوم الخميس أول خميس من
رجب ثم يصلى بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة،
يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (انا أنزلناه في ليلة القدر) ثلاث مرات، و (قل هو الله
أحد) اثنتي عشرة مرة فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة، يقول: اللهم صل

1 - رواه في مصباح المتهجد: 2: 821.
185

على محمد النبي الأمي وعلى آله (1). ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سبوح قدوس رب الملائكة والروح،
ثم يرفع رأسه ويقول: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي
الأعظم.
ثم يسجد سجدة أخرى فيقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله
حاجته في سجوده، فإنه تقضى إن شاء الله تعالى.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو أمة هذه
الصلاة الا غفر الله له جميعا ذنوبه، ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن
الجبال وعد ورق (2) الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد
استوجب النار، فإذا كان أول ليلة نزوله إلى قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في
أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق، فيقول: يا حبيبي ابشر فقد نجوت من كل شدة،
فيقول: من أنت فما رأيت أحسن وجها منك ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك؟
فيقول: يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا
في سنة كذا، جئت الليلة لأقضي حقك وآنس وحدتك وارفع عنك وحشتك فإذا
نفخ في الصور ظللت في عرصة القيامة على رأسك وانك لن تعدم الخير من مولاك ابدا (3).
فصل (11)
فيما نذكره مما يعمل بعد الثماني ركعات من نافلة الليل روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله في عمل أول ليلة من
رجب فيما رواه عن علي بن حديد قال: كان أبو الحسن الأول عليه السلام يقول وهو

1 - اللهم صل على محمد النبي (الهاشمي خ ل) وآله.
2 - أوراق (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 397، الوسائل 8: 100، نقله العلامة في اجازته لبني زهرة مفصلا راجع اجازته المطبوع في.
البحار 107: 125، عنه البحار 98: 395، الوسائل 8: 98.
186

ساجد بعد فراغه من صلاة الليل:
لك المحمدة إن أطعتك، ولك الحجة إن عصيتك، لا صنع لي ولا لغيري
في إحسان إلا بك، يا كائن قبل كل شئ، ويا مكون كل شئ، إنك على
كل شئ قدير.
اللهم إني أعوذ بك من العديلة عند الموت، ومن شر المرجع في القبور
ومن الندامة يوم الازفة، فأسألك أن تصلي على محمد وآله وأن تجعل عيشي
عيشة نقية، وميتتي ميتة سوية ومنقلبي منقلبا كريما، غير مخز
ولا فاضح.
اللهم صل على محمد وآله (1) الأئمة ينابيع الحكمة، وأولي النعمة،
ومعادن العصمة، واعصمني بهم من كل سوء، ولا تأخذني على غرة
ولا غفلة، ولا تجعل عواقب أعمالي حسرة، وارض عني، فان مغفرتك
للظالمين وأنا من الظالمين.
اللهم اغفر لي مالا يضرك وأعطني مالا ينقصك، فإنك الوسيع (2) رحمته
البديع حكمته، وأعطني السعة والدعة، والأمن والصحة والبخوع، والشكر
والمعافاة، والتقوى والصبر، والصدق عليك وعلى أوليائك، واليسر والشكر،
واعمم بذلك يا رب أهلي وولدي وإخواني فيك، ومن احبب واحبني،
وولدت وولدني، من المسمين والمؤمنين يا رب العالمين (3).
فصل (12)
فيما نذكره مما يعمل بعد ركعة الوتر من نافلة الليل من رجب
روينا بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه في عمل أول ليلة من

1 - آل محمد (خ ل).
2 - فإنك أنت الوسيع (خ ل).
3 - مصباح المتهجد 2: 799، عنه البحار 98: 381.
187

رجب أيضا، فيما رواه عن ابن أشيم قال: صل (1) الوتر ثلاث ركعات، فإذا سلمت قلت وأنت جالس:
الحمد لله الذي لا تنفد خزائنه، ولا يخاف آمنه، رب ارتكبته المعاصي،
فذلك ثقة بكرمك، أنك تقبل التوبة عن عبادك، وتعفو عن سيئاتهم وتغفر
الزلل، فإنك مجيب لداعيك ومنه قريب، فأنا تائب إليك من الخطايا،
وراغب إليك في توفير حظي من العطايا.
يا خالق البرايا، يا منقذي من كل شديد، يا مجيري من كل محذور، وفر
علي السرور و، واكفني شر عواقب الأمور، فإنك الله، على نعمائك وجزيل
عطائك مشكور ولكل خير مذخور (2). قال جدي أبو جعفر الطوسي رحمه الله: وروى ابن عياش عن محمد بن أحمد
الهاشمي المنصوري، عن أبيه، عن أبي موسى عن سيدنا أبى الحسن علي بن محمد عليهما
السلام أنه كان يدعو في هذه الساعة به، فادع بهذا فإنه خرج عن العسكري عليه
السلام في قول ابن عياش:
يا نور النور، يا مدبر الأمور، يا مجري البحور، يا باعث من في القبور،
يا كهفي حين تعييني المذاهب، وكنزي حين تعجزني المكاسب، ومونسي
حين تجفوني الأباعد، وتملني الأقارب، ومنزهي بمجالسة أوليائه ومرافقة
أحبائه في رياضة، وساقي بمؤانسته من نمير (3) حياضه، ورافعي بمجاورته من
ورطة الذنوب إلى ربوة (4) التقريب، ومبدلي بولايته عزة العطايا من ذلة
الخطايا.
أسألك يا مولاي بالفجر ولليالي العشر والشفع والوتر، ولليل إذا يسر،
.

1 - تصل (خ ل).
2 - مصباح المتهجد: 2: 800، عن البحار 98: 382.
3 - النمير: الزاكي من الماء.
4 - الربوة: المكان المرتفع.
188

وبما جرى به قلم الأقلام بغير كف ولا إبهام، وبأسمائك العظام، وبحججك
على جميع الأنام عليهم منك أفضل السلام، وبما استحفظتهم من أسمائك
الكرام أن تصلي عليهم وترحمنا في شهرنا هذا وما بعده من الشهور والأيام،
وان تبلغنا شهر الصيام في عامنا هذا وفي كل عام، يا ذل الجلال والاكرام
والمنن الجسام، وعلى محمد وآله منا أفضل السلام. (1).
فصل (13)
فيما نذكره مما ينبغي أن يكون العارف عليه من المراقبات، في أول ليلة من شهر رجب
إذا تفرغ من العبادات المرويات المكرمات
اعلم أن هذه الليلة موسم جليل المقام جزيل الانعام، أراد الله جل جلاله من
عباده ان يطيعوه في مراده، بإحيائها بعباداته وطلب اسعاده وانجاده وارفاده وهباته،
فاذكر لو أن ملك زمانك أحضرك وأطلق عنان امكانك في أن تكون ليلة من عدة
شهور حاضرا فيها بين يديه، لتطلب منه ما تحتاج إليه، وتكون أنت فقيرا في كل أمورك
إليه، كيف كنت تكون مع ذلك السلطان، فاجعل حالك مع الله جل جلاله في هذه
الليلة على نحو ذلك الاجتهاد، بغاية الامكان.
ولا تكن حرمة الله جل جلاله وهيبة حضرته وما دعاك إليه من خدمته وعرض
عليك من نعمته، دون عبد من عباده، وارحم نفسك ان يراك فيها مهونا باتباع مراده،
فكأنك قد أخرجت نفسك من حمى أمان هذا الشهر العظيم الشأن وعرضت نفسك
للهوان أو الخذلان.
وقد نبهنا فيما ذكرناه في أمثال هذه الليلة التي تحيى بالعبادة على ما يستغني به عن
الزيادة، فإن لم تظفر بمعناه فاعلم:
ان المراد من احيائها الذي ذكرنا، أن تكون حركاتك وسكناتك وإراداتك

1 - مصباح المتهجد 2: 800، عنه البحار 98: 382.
189

وكراهاتك في هذه الليلة السعيدة، على نية انها عبادات الله جل جلاله خالصة لأبوابه
المقدسة المجيدة، كما انك إذا جالست فيها أعظم سلطان في الوجود، فان نفسك مراغبة
لرضاه، كيف كنت من قيام وقعود ومأكول ومشروب ومطلوب ومحبوب، ولا يكلفك
الله مالا تقدر عليه، بل ما يصح منك لسلطان هو مملوكه ومن أفقر الفقراء إليه، وان
غلبك نوم فيكون نوم المتأدبين بين يدي رب العالمين، الذين يقصدون بالرقاد القوة على
طاعته وزيادة الاجتهاد.
وتسلم أعمالك فيها بلسان الحال والمقال إلى من يكون حديث تلك الليلة إليه، من
الحماة والخفراء في الأيام والأعمال، ليتم ما نقص عليك ويكون فيما تحتاج إليه من الله
جل جلاله شفيعا لك وبين يديك.
فصل (14)
(فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب وصومه
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه فيما ذكره في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه فقال ما هذا لفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
الا أن رجب شهر الله الأصم (1) وهو شهر عظيم، وإنما سمي الأصم لأنه لا يقاربه (2)
شهر من الشهور حرمة وفضلا عند الله وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها، فلما
جاء الاسلام لم يزده الا تعظيما وفضلا، الا ان رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان
شهر أمتي.
الا فمن صام من رجب يوما ايمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الأكبر، وأطفأ
صومه في ذلك اليوم غضب الله، وأغلق عنه بابا من أبواب النار، ولو اعطى ملأ الأرض
ذهبا ما كان بأفضل من صومه، ولا يستكمل اجره بشئ من الدنيا دون الحسنات إذا
أخلصه لله، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات ان دعا بشئ من عاجل الدنيا

1 - الأصب (خ ل).
2 - لا يقربه (خ ل).
190

أعطاه الله، والا ادخر له من الخير أفضل ما دعا به داع من أوليائه وأحبائه وأصفيائه (1).
ومن ذلك ما رواه الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى
الباقر عليه السلام، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله: من صام أول يوم من رجب وجبت له الجنة، (2).
فصل (15)
فيما نذكره من فضل صوم أول يوم من رجب ويوم من وسطه ويوم من آخره
رويناه بإسنادنا إلى أبى جعفر بن بابويه قدس الله روحه من أماليه، ومن عيون أخبار
الرضا عليه السلام باسناده إلى الرضا عليه السلام قال:
من صام أول يوم من رجب رغبة في ثواب الله عز وجل وجبت له الجنة ومن صام
يوما من وسطه شفع في مثل ربيعة ومضر، ومن صام يوما في آخره جعله الله عز وجل
من ملوك الجنة، وشفعه في أبيه وأمه وابنه وابنته، وأخيه وأخته، وعمه وعمته، وخاله
وخالته، ومعارفه وجيرانه، وان كانوا مستوجبي النار (3).
فصل (16)
فيما نذكره من صوم أول يوم من رجب وثلاثة أيام لم يعين وقتها
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه، فقال
ما هذا لفظه: قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام:
رجب شهر عظيم، يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، من صام يوما
من رجب تباعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة (4).

1 - رواه في ثواب الأعمال: 78، أمالي الصدوق: 319، فضائل الأشهر الثلاثة:، عنهم البحار 97: 26، وعن
أمالي الشيخ 97: 31.
2: عنه البحار 97: 33.
3 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 291، أمالي الصدوق: 7، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهم البحار 97: 32.
4 - ثواب الأعمال: 78، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهما البحار 97: 37، الفقيه 2: 92.
191

فصل (17)
فيما نذكره من فضل أول يوم من رجب أيضا
وصوم اليوم الأول منه وسبعة منه وثمانية وعشرة وخمسة عشر
روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي باسناده إلى علي بن الحسن بن
فضال من كتاب الصوم له من تهذيب الأحكام، فقال في التهذيب ما هذا لفظه، قال:
حدثنا كثير بياع النوى، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
سمع نوح عليه السلام صوت السفينة على الجودي فخاف عليه، فاخرج رأسه من
جانب السفينة، فرفع يده وأشار بأصبعه وهو يقول: رهمان اتقن، وتأويلهما: يا رب
أحسن، وان نوحا عليه السلام لما ركب السفينة ركبها في أول يوم من رجب، فأمر من
معه من الجن والإنس ان يصوموا ذلك اليوم، وقال: من صامه منكم تباعدت عنه النار
مسيرة سنة، ومن صام سبعة أيام منه غلقت عنه أبواب النيران السبعة، وان صام ثمانية
أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام عشرة أيام أعطي مسألته، ومن صام خمسة
عشر يوما قيل له، استأنف العمل فقد غفر لك، ومن زاد زاده الله (1).
فصل (18)
فيما نذكره من فضل صوم أيام متعينة منه أيضا والشهر كله
روينا ذلك في عدة أحاديث من عدة طرق، منها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر
الطوسي باسناده إلى الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من صام ثلاثة أيام من رجب كتب الله له بكل يوم صيام سنة، ومن صام سبعة
أيام من رجب غلقت عنه سبعة أبواب النار، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب
الجنة الثمانية، ومن صام خمسة عشر يوما حاسبه الله حسابا يسيرا، ومن صام رجب كله

- 1 التهذيب 4: 306، مصباح المتهجد 797، الخصال 2: 92، 93، فضائل الأشهر الثلاثة: ثواب الأعمال:
78، عنهم البحار 97: 35 و 55.
192

كتب الله له رضوانه، ومن كتب له رضوانه لم يعذبه (1).
فصل (19)
فيما نذكره من صوم يوم من رجب مطلقا
روينا ذلك بإسنادنا عن أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال والى جدي
أبي جعفر الطوسي من كتاب تهذيب الأحكام باسنادهما إلى أبي الحسن موسى عليه
السلام أنه قال:
رجب نهر في الجنة أشد بياضنا من اللبن وأحلى من العسل، من صام يوما من رجب
سقاه الله من ذلك النهر (2).
فصل (20)
فيما نذكره من كيفية النية فيما يصام من رجب وغيره من الأوقات المرضية
اعلم انا كنا ذكرنا في كتاب المضمار من تحرير النيات للصيام ما فيه كفاية لذوي
الافهام، ونقول هاهنا:
ان من شروط الصيام والمهام أن تكون ذاكرا قبل دخولك في الصيام، ان المنة لله
جل جلاله عليك في استخدامك في الشرائع والاحكام وتأهيلك لما لم تكن له أهلا من الانعام والاكرام وسعادة الدنيا ودار المقام.
فأنت تعرف من نفسك انه لو استحضرك بعض الملوك المعظمين، وشغلك بمهماته
وكلامه يوما طول النهار بين الحاضرين، سهل عليك ترك الطعام والشراب في ذلك
اليوم لأجله، واعتقدت ان المنة له عليك حيث أدخلك تحت ظله وشملك بفضله، مع
علمك ان الملك ما خلقك ولا رباك، ولا خلق لك دنياك ولا اخراك، فلا يحل في العقل
والنقل أن يكون الله جل جلاله دون أحد من عباده، وقد قام لك بما لم يقدر عليه غيره

1 - مصباح المتهجد 2: 797، عنه البحار 97: 54.
2 - التهذيب 4: 306، ثواب الأعمال: 78، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهما البحار 97: 37.
193

من اسعاده وارفاده.
ومتى نقصت الله جل جلاله في صومك عما تجده في خدمة الملك، من نشاطك
وسرورك واهتمامك واعتقاد المنة له في اكرامك، والذنب لك ان ضاع منك صوم
نهارك، وتكون أنت قد هونت بالله جل جلاله وعملت ما يقتضي هجرانه لك وغضبه
عليك واستعادة ما وهبك من مسارك ومبارك وطول اعمارك.
أقول: وان اشتبه عليك صوم اخلاص النيات بصوم الرياء والشبهات فاعتبر ذلك
بعدة إشارات:
منها: ان تعرض على نفسك حضور الافطار في ذلك النهار بمحضر الصائمين من
الأخيار، فان وجدت نفسك تستحيي (1) من مشاهدتهم لإفطارك بين الصيام، فاعلم أن
في صومك شبهة تريد بها التقرب إلى قلوب الأنام.
ومنها: ان تعتبر نفسك أيما أسر لها وأحب إليها، ان يطلع الله جل جلاله وحده
عليها، أو تريد ان يعلم بها ويطلع عليها مع الله تعالى سواه، ممن يمدحها أو ينفعها
اطلاعه في دنياه، فان وجدت نفسك تريد مع اطلاع الله عز وجل على صيامك معرفة
أحد غير الله تعالى بصومك ليزيد في اكرامك، أو وجدت اطلاع أحد على صومك أحل
في قلبك من اطلاع ربك، فاعلم أن صومك سقيم وانك عبد لئيم.
ومنها: انك تعتبر نفسك في صومها هل تجدها مع كثرة الصائمين هي أنشط في
الصوم لرب العالمين، ومع قلة الصائمين أو عدمهم هي أضعف وأكسل عن الصوم لمالك
يوم الدين، فان وجدتها تنشط للصوم عند صومهم وتتكاسل عند افطارهم، فاعلم انك
تصوم طلبا لموافقتهم وتبعا لإرادتهم، وصومك سقيم بقدر اشتغالك باتباعهم عن اتباع
مالك ناصيتك وناصيتهم.
ومنها: ان تعتبر هل صومك لأجل مجرد الثواب أو لأجل مراد رب الأرباب، فان
وجدت نفسك لولا الثواب الذي ورد في الاخبار، وانه يدفع اخطار النار، ما كنت

1 - مستحييا (خ ل).
194

صمت، ولا تكلفت الامتناع بالصوم من الطعام والشراب والمسار، فأنت قد عزلت الله
جل جلاله عن انه يستحق الصوم لامتثال أمره، وعن انه جل جلاله أهل عبادة لعظيم
قدره، ولولا الرشوة والبرطيل (1) ما عبدته ولا راعيت حق احسانه السالف الجزيل،
ولا حرمة مقامه الأعظم الجليل.
ومنها: ان تعتبر صومك إذا كان لك سعة وثروة في طعام الفطور نشطت لسعته
وطيبته، وإذا كان طعام فطورك يكفيك ولكنه ما هم بلحم ولا ألوان مختلفة في لذته،
فتكون غير نشيط في الصوم لعبادة الله جل جلاله به وطاعته، فأنت إنما نشطت لأجل
الطعام، فذلك النشاط الزائد لغير الله مالك الانعام شبهة في تمام الصيام.
ومنها: ان تراعي عقلك وقلبك وجوارحك في زمان الصيام، فتكون مستمر النية
الخالصة الموصوفة بالتمام، ومثال العوارض المانعة من استمرار النيات كثيرة في
العبادات:
ومنها: ان تصوم بعض النهار بإخلاص النية ثم يعرض لك طعام طيب، أو زوجة قد
تجملت لك وأنت تحبها، أو سفر فيه نفع، أو ما جرى هذه الأمور الدنيوية، يصير اتمام
صيام ذلك النهار عندك مستثقلا ما تصدق متى تخلص منه وتوعد عنه، وأنت تعلم انك
لو خدمك غلامك، وهو مستثقل لخدمتك ومستثقل من طاعتك، كان أقرب إلى طردك
له وهجرانك وتغير احسانك.
ومنها: انه إذا عرض لك من فضل الافطار ما يكون أرجح من صيام المندوب
فلا تستحيي من متابعة مراد علام الغيوب، وأفطر بمقتضي مراده ولا تلتفت إلى من
يأخذ ذلك عليك من عباده.
ومثال هذا أن تكون صائما مندوبا فيدعوك أخ لك في الله جل جلاله إلى طعام قد
دعاك إليه، فأجب داعي الله جل جلاله وامتثل أمر رسوله (2) صلوات الله عليه وآله في
ترجيح الافطار على الصيام.

1 - البرطيل: الرشوة.
2 - رسول الله (خ ل).
195

ومثال آخر أن تكون صائما مندوبا فترى صومك في بعض النهار قد أضعفك عن
بعض الفروض الواجبة أو ما هو أهم من صوم المندوب، فابدء بالأهم إلى ترك الصيام،
وعظم ما عظم الله جل جلاله وصغر ما صغر من شريعة الاسلام، ولا تقل: ان الذين
رأوني صائما ما يعلمون عذري في الافطار، يكون صومك في ذلك النهار لأجلهم رياء
وكالعبادة لهم من الذنوب الكبار.
ومنها: انه متى عرض لك صارف عن استمرار النية من الأمور الدنيوية التي
ليست عذرا صحيحا عند المراضي الإلهية، فبادر إلى استدراك هذا الخطر بالتوبة والندم
واصلاح استمرار نية الاخلاص في الصيام والاستغاثة بالله جل جلاله على القوة
والتوفيق للتمام، فإنك متى أهملت تعجيل استدراك الاصلاح (1)، صارت تلك الأوقات
المهملة سقما في تلك العبادة المرضية.
أقول: وإذا عرض لك ما يحول بينك وبين استمرار نيتك، فتذكر ان كلما ينقلك
عن طاعتك فإنه كالعدو لك ولمولاك، فكيف تؤثر عدوك وعدوه عليه، وسيدك يراك،
وإذا آثرت غيره عليه فمن يقوم لك بما تحتاج إليه في دنياك واخراك.
أقول: ويكون نية صومك انك تعبد الله جل جلاله به، لأنه عز وجل أهل للعبادة
فهذا صوم أهل السعادة.
فصل (21) فيما نذكره من العمل لمن كان له عذر عن الصيام
وقد جعل الله جل جلاله له عوضا في شريعة الاسلام
اعلم اننا كنا قد ذكرنا ونذكر فضلا عظيما لصوم شهر رجب، وليس كل أحد
يقدر على الصوم لكثرة اعذار الانسان، وفي أصحاب الاعذار من يتمنى عوضا عن
الصوم ليغتنم أوقات الامكان فينبغي ان نذكر ما يقوم مقام الصيام عند عدم التمكن

1 - الصلاح (خ ل).
196

منه، فان الله جل جلاله بالغ في تركيب الحجة وطلب اقبال عباده عليه وصيانتهم عن
الاعراض عنه. وقد روينا في الاخبار عوضا عن الصوم المندوب يحتمل أن يكون لأهل اليسار
وعوضا آخر يحتمل أن يكون عوضا لأهل الاعتبار.
أقول: فاما العوض الذي يحتمل أن يكون لأهل اليسار
فقد رأينا وروينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني وغيره عن الصادقين عليهم السلام: ان الصدقة على مسكين بمد من الطعام يقوم مقام يوم من مندوبات الصيام (1).
وروي عوض عن يوم الصوم درهم، ولعل التفاوت بحسب سعة اليسار ودرجات
الاقتدار.
وسيأتي رواية في أواخر رجب انه يتصدق عن كل يوم منه برغيف عوضا عن الصوم
الشريف (2)، ولعله لأهل الأقتار تخفيفا للتكليف.
أقول: واما ما يحتمل أن يكون عوضا عن الصوم في رجب لأهل الاعسار.
فإننا رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله أنه قال: وروى
أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
الا ان رجب شهر الله الأصم - وذكر فضل صيامه وما لصيام أيامه من الثواب - ثم
قال في آخره: قيل: يا رسول الله، فمن لم يقدر على هذه الصفة يصنع ما ذا لينال
ما وصفت؟ قال: يسبح الله تعالى في كل يوم من رجب إلى تمام ثلاثين بهذا التسبيح
مائة مرة:
سبحان الاله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له، سبحان الأعز
الأكرم، سبحان من لبس العزة وهو له أهل (3).
أقول: فلا ينبغي للمؤمن الموسر أن يترك الاستظهار باطعام مسكين عن كل يوم من

1 - الكافي 4: 144.
2 - أمالي الصدوق: 323، عنه البحار: 97: 31.
3 - مصباح المتهجد 2: 817، رواه في البحار 97: 31 عن أمالي الشيخ، رواه الصدوق في أماليه: 323.
197

أيام الصيام المندوبات، ويقتصر على هذه التسبيحات، بل يتصدق ويسبح احتياطا
للعبادات.
فصل (22)
فيما نذكره أيضا من عمل أول يوم من رجب من صلوات
فمن ذلك صلاة أول كل شهر ودعاؤها والصدقة بعدها، وقد ذكرنا ذلك عند عمل
كل شهر من الجزء الخامس من المهمات ما يكون أرجح.
ومن ذلك ما رواه سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله:
يا سلمان الا أعلمك شيئا من غرائب الكنز؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: إذا كان
أول يوم من رجب تصلي عشر ركعات، تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو
الله أحد) ثلاث مرات، غفر الله لك ذنوبك كلها من اليوم الذي جرى عليك القلم إلى
هذه الليلة ووقاك الله فتنة القبر وعذاب يوم القيامة وصرف عنك الجذام والبرص
وذات الجنب (1).
ومن الصلاة في أول يوم من شهر رجب ما رويناه بإسنادنا إلى جماعة، منهم جدي
أبي جعفر الطوسي رحمه الله باسناده فيما ذكره في المصباح فقال: وروى سلمان
الفارسي رضي الله عنه قال:
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر يوم من جمادى الآخرة في وقت
لم ادخل عليه فيه قبله، قال: يا سلمان أنت منا أهل البيت أفلا أحدثك؟ قلت: بلى
فداك أبي وأمي يا رسول الله، قال: يا سلمان ما من مؤمن ولا مؤمنة صلى في هذا الشهر
ثلاثين ركعة وهو شهر رجب، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد)
ثلاث مرات و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، الا محا الله تعالى عنه كل ذنب عمله

1 - عنه الوسائل 8: 96.
198

في صغره وكبره وأعطاه الله سبحانه من الأجر كمن صام ذلك الشهر كله، وكتب عند
الله من المصلين إلى السنة المقبلة، ورفع له في كل يوم عمل شهيد من شهداء بدر،
وكتب له بصوم كل يوم يصومه منه عبادة سنة ورفع له ألف درجة، فان صام الشهر
كله انجاه الله عز وجل من النار وأوجب له الجنة، يا سلمان اخبرني بذلك جبرئيل عليه
السلام وقال: يا محمد هذه علامة بينكم وبين المنافقين، لان المنافقين لا يصلون ذلك.
قال سلمان: فقلت: يا رسول الله اخبرني كيف أصلي هذه الثلاثين ركعة ومتى
اصليها؟ قال: يا سلمان تصلي في أوله عشر ركعات تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب
مرة واحدة و (قل هو الله أحد) ثلاث مرات و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، فإذا
سلمت رفعت يديك وقلت:
لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت
وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي قدير، اللهم لا مانع لما
أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ثم امسح بهما
وجهك (1).
ومن الصلوات في أول يوم من شهر رجب ما رأيناه في يد بعض أصحابنا من كتب
العبادات مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
تصلي أول يوم من رجب أربع ركعات بتسليمة، الأولة بالحمد مرة و (قل هو الله
أحد) عشر مرات، وفي الثانية بالحمد مرة و (قل هو الله أحد) عشر مرات و (قل يا أيها
الكافرون) ثلاث مرات، وفي الثالثة الحمد مرة و (قل هو الله أحد) عشر مرات و (ألهاكم
التكاثر مرة، وفي الرابعة الحمد مرة و (قل هو الله أحد) خمسة وعشرين مرة وآية الكرسي
ثلاث مرات (2).
ذكر صلاة في يوم من رجب، وجدتها باسناد متصل إلى عبد الله بن عباس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله:

1 - مصباح المتهجد 2: 818، عنه الوسائل 8: 98.
2 - عنه الوسائل 8: 96.
199

من صام يوما من رجب وصلى فيه أربع ركعات، يقرء في أول ركعة مائة مرة آية
الكرسي، ويقرء في الثانية (قل هو الله أحد) مأتي مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة
أو يرى له (1).
ذكر قراءة (قل هو الله أحد) في يوم الجمعة من رجب:
رأيت في حديث باسناد ان من قرء في يوم الجمعة من رجب (قل هو الله أحد) مائة
مرة كان له نورا يوم. القيامة يسعى به إلى الجنة.
وإن كان أول يوم من رجب، الجمعة ففيه صلاة زائدة.
ذكر صلاة يوم الجمعة من رجب، وجدناه باسناد متصل إلى عبد الله بن عباس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من صلى يوم الجمعة في شهر رجب ما بين الظهر والعصر أربع ركعات، يقرء في كل
ركعة الحمد مرة وآية الكرسي سبع مرات و (قل هو الله أحد) خمس مرات، ثم قال
استغفر الله الذي لا إله إلا هو واسأله التوبة - عشر مرات، كتب الله تبارك وتعالى
له من يوم يصليها إلى يوم يموت كل يوم الف حسنة وأعطاه الله تعالى بكل آية قرأها
مدينة في الجنة من ياقوتة حمراء، وبكل حرف قصرا في الجنة من درة بيضاء، وزوجه
الله تعالى من الحور العين ورضي عنه رضا لا سخط بعده وكتب من العابدين، وختم الله
تعالى له بالسعادة والمغفرة، وكتب الله له بكل ركعة صلاها خمسين ألف صلاة وتوجه
بألف تاج، ويسكن الجنة مع الصديقين ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مقعده من
الجنة.
فصل (23)
فيما نذكره من الدعوات في أول يوم من رجب وفي كل يوم منه
نقلناه من كتاب المختصر من المنتخب، فقال: وتقول في أول يوم من رجب:
200

اللهم إني أسألك يا الله يا الله يا الله، أنت الله القديم الأزلي الملك
العظيم، أنت الله الحي القيوم المولى السميع البصير، يا من العز والجلال،
والكبرياء والعظمة، والقوة والعلم والقدرة، والنور والروح، والمشية والحنان
والرحمة والملك لربوبيته، نورك أشرق له كل نور، وخمد له كل نار،
وانحصر له كل الظلمات.
أسألك باسمك الذي اشتققته من قدمك وأزلك ونورك، وبالاسم
الأعظم الذي اشتققته من كبريائك وجبروتك وعظمتك وعزك، وبجودك
الذي اشتققته من رحمتك، وبرحمتك التي اشتققتها من رأفتك، وبرأفتك
التي اشتققتها من جودك، وبجودك الذي اشتققته من غيبك، وبغيبك
وإحاطتك وقيامك ودوامك وقدمك.
وأسألك بجميع أسمائك الحسنى لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد
الصمد الحي، الأول الاخر الظاهر الباطن، ولك كل اسم عظيم، وكل نور
وغيب، وعلم ومعلوم، وملك وشأن، وبلا إله إلا أنت تقدست وتعاليت علوا
كبيرا.
اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك طاهر مطهر، طيب مبارك مقدس،
أنزلته في كتبك وأجريته في الذكر عندك، وتسميت به لمن شئت من
خلقك أو سألك به أحد من ملائكتك وأنبيائك ورسلك بخير تعطيه فأعطيته،
أو شر تصرفه فصرفته، ينبغي أن أسألك به.
فأسألك يا رب أن تنصرني على أعدائي وتغلب ذكري على نسياني،
اللهم اجعل لعقلي على هواي سلطانا مبينا، واقرن اختياري بالتوفيق، واجعل
صاحبي التقوى، وأوزعني شكرك على مواهبك.
واهدني اللهم بهداك إلى سبيلك المقيم وصراطك المستقيم، ولا تملك
زمامي الشهوات فتحملني على طريق المخذولين، وحل بيني وبين
المنكرات، واجعل لي علما نافعا، وأغرس في قلبي حب المعروف
201

ولا تأخذني بغتة، وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
وعرفني بركة هذا الشهر ويمنه، وارزقني خيره واصرف عني شره، وقني
المحذور فيه، وأعني على ما أحبه من القيام بحقه، ومعرفة فضله، واجعلني
فيه من الفائزين يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك باسمك المتعال الجليل العظيم، وباسمك الواحد
الصمد، وباسمك العزيز الأعلى، وبأسمائك الحسنى كلها، يا من خشعت
له الأصوات وخضعت له الرقاب وذلت له الأعناق، ووجلت منه القلوب،
ودان له كل شئ، وقامت به السماوات والأرض، أشهد أنك لا تدركك
الأبصار وأنت تدرك الأبصار وأنت اللطيف الخبير.
يا رب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجميع الملائكة المقربين
والكروبيين والكرام الكاتبين،، وجميع الملائكة المسبحين بحمدك، ورب
آدم وشيث وإدريس، ونوح وهود وصالح، وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوط،
ويعقوب ويوسف والأسباط وأيوب وموسى وهارون وشعيب، وداود وسليمان
وأرميا، وعزير وحزقيل، وشعيا وإلياس، واليسع ويونس وذي الكفل، وزكريا
ويحيى، وعيسى وجرجيس، ومحمد صلى الله عليهم أجمعين، وعلى
ملائكة الله المقربين والكرام الكاتبين وجميع الاملاك المسبحين وسلم
تسليما كثيرا (1).
أنت ربنا الأول الاخر، الظاهر الباطن، الذي خلقت السماوات
والأرضين ثم استويت على العرش المجيد، بأسمائك الحسنى تبدئ وتعيد،
وتغشي الليل النهار يطلبه حثيثا، والشمس والقمر والنجوم والفلك والدهور
والخلق مسخرون بأمرك، تباركت وتعاليت يا رب العالمين.
لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السماوات والأرض، ذو الجلال

1 - كثيرا كثيرا (خ ل).
202

والاكرام، لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات
ربي ولو جئنا بمثله مددا.
تعلم مثاقيل الجبال (1) ومكائيل البحار وعدد الرمال، وقطر الأمطار، وورق
الأشجار، ونجوم السماء وما أظلم عليه الليل وأشرق (2) عليه النهار، لا يواري
منك سماء سماء ولا أرض أرضا، ولا بحر متطابق، ولا ما بين سد الرتوق،
ولا ما في القرار من الهباء المبثوث.
أسألك باسمك المخزون المكنون النور المنير، الحق المبين، الذي هو
نور من نور ونور على نور، ونور فوق كل نور، ونور مع كل نور، وله كل نور،
منك يا رب النور، وإليك يرجع النور.
وبنورك الذي تضئ به كل ظلمة، وتبطل به كيد كل شيطان مريد،
وتذل به كل جبار عنيد، ولا يقوم له شئ من خلقك ويتصدع لعظمته البر
والبحر، وتستقل الملائكة حين يتكلم به، وترعد من خشيته حملة العرش
العظيم إلى تخوم الأرضين السبع (3)، الذي انفلقت به البحار، وجرت به
الأنهار، وتفجرت به العيون، وسارت به النجوم، وأركم (4) به السحاب
واجري، واعتدل به الضباب (6)، وهالت به الرمال، ورست به الجبال
واستقرت به الأرضون، ونزل به القطر وخرج به الحب، وتفرقت به جبلات
الخلق، وخفقت به الرياح، وانتشرت وتنفست (7) به الأرواح.
يا الله أنت المتسمى بالإلهية، باسمك الكبير الأكبر العظيم الأعظم

1 - مثاقيل المياه ووزن الجبال (خ ل).
2 - قد أشرق (خ ل).
3 - في البحار: السابعة.
4 - ركم الشئ: جمعه وجعل بعضه فوق بعض.
5 - جرى (خ ل).
6 - الضباب: الذي كالغيم أو سحاب رقيق كالدخان.
7 - نسف البناء: قلعه من أصله.
203

الذي عنت له الوجوه، يا ذا الطول والآلاء، لا إله إلا أنت يا قريب، أنت
الغالب على كل شئ، أسألك اللهم بجميع أسمائك كلها ما علمت منها
وما لم أعلم، وبكل اسم هو لك ان تصلي على محمد وال محمد وان
تكفيني أمر أعدائي وتبلغني مناي يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وال محمد، وارحم محمدا وال محمد وبارك
على محمد وآل محمد، كما صليت ورحمت وباركت وترحمت على
إبراهيم وآله إبراهيم (2) إنك حميد مجيد، اللهم أعط محمدا الوسيلة والشرف
والرفعة والفضيلة على خلقك واجعل في المصطفين تحياته، وفي العليين
درجته، وفي المقربين منزلته، اللهم صل على جميع ملائكتك وأنبيائك
ورسلك وأهل طاعتك.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم
والأموات، وألف بين قلوبنا وقلوبهم على الخيرات، اللهم اجز محمدا صلى
الله على وآله أفضل ما جزيت نبيا (3) عن أمته، كما تلا آياتك وبلغ ما أرسلته
به، ونصح لامته وعبدك حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين.
ثم تقرء: تبارك الله رب العالمين * تبارك الله أحسن الخالقين * تبارك
الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، الذي له ملك السماوات
والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره
تقديرا * تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من
تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا * تبارك الذي له ملك السماوات والأرض
وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون *
تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام * تبارك الذي بيده الملك وهو

1 - في المواضع: على آل محمد (خ ل).
2 - على آل إبراهيم (خ ل).
3 - جزيت به نبيا (خ ل).
204

على كل شئ قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا
وهو العزيز الغفور * تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا
وقمرا منيرا.
وتقول: أعوذ بكلمات الله التامات كلها (1) التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر،
من شر إبليس وجنوده، ومن شر كل شيطان وسلطان، وساحر وكاهن، وشر
كل ذي شر.
اللهم إني أستودعك نفسي وديني وسمعي وبصري وجسدي وجميع
جوارحي وأهلي ومالي وأولادي وجميع من يعنيني أمره، وخواتيم عملي
وسائر ما ملكتني وخولتني ورزقتني (2) وأنعمت به علي وجميع المؤمنين
والمؤمنات، يا خير مستودع ويا خير حافظ ويا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك باسمك الله الله الله الله الله، الذي لا إله إلا هو رب
العرش العظيم، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفرج عني يا رب
السماوات والأرضين ومن فيهن، ومجري البحار ورازق من فيهن، وفاطر
السماوات والأرضين وأطباقها (3) ومسخر السحاب ومجري الفلك.
وجاعل الشمس ضياء والقمر نورا، وخالق آدم عليه السلام، ومنشئ
الأنبياء عليه السلام من ذريته، ومعلم إدريس عدد النجوم والحساب
والسنين والشهور وأوقات الأزمان، ومكلم موسى، وجاعل عصاه ثعبانا،
ومنزل التوراة في الألواح على موسى عليه السلام.
ومجري الفلك لنوح، وفادى إسماعيل من الذبح، والمبتلي يعقوب بفقد
يوسف، وراد يوسف عليه بعد أن ابيضت عيناه من البكاء، فتفرج قلبه من

1 - بكلمات الله كلها (خ ل).
2 - ما خولتني وما رزقتني (خ ل).
3 - اطباقهن (خ ل).
205

الحزن والشجى، ورازق زكريا يحيى على الكبر بعد الأياس (1) ومخرج الناقة
لصالح، ومرسل الصيحة على مكيدي هود، وكاشف البلاء عن أيوب،
ومنجي لوط من القوم الفاحشين.
وواهب الحكمة للقمان، وملقي روح القدس بكلماته على مريم عليها
السلام، وخلقك منها عبدك عيسى عليه السلام، والمنتقم من قتلة يحيى بن
زكريا عليهما السلام، وأسألك برفعك عيسى إلى سمائك وبابقائك له إلى
أن تنتقم له من أعدائك (2).
ويا مرسل محمد صلى الله عليه وآله خاتم أنبيائك إلى أشر عبادك
بشرائعك الحسنة، ودينك القيم، وملة إبراهيم خليلك عليه السلام وإظهار
دينه (3) القيم، وإعلائك كلمته يا ذا الجلال والاكرام، يا من لا تأخذه سنة
ولا نوم، يا أحد يا صمد يا عزيز يا قادر يا قاهر، يا ذا القوة والسلطان والجبروت
والكبرياء.
يا علي يا قدير يا قريب يا مجيب، يا حليم يا معيد، يا متداني يا بعيد،
يا رؤوف يا رحيم يا كريم يا غفور، يا ذا الصفح يا مغيث يا مطعم، يا شافي
يا كافي، يا كاسي يا معافي، يا شافي الضر، يا عليم يا حكيم يا ودود.
يا غفور يا رحيم يا رحمان الدنيا والآخرة، يا ذا المعارج يا ذا القدس،
يا خالق يا عليم يا مفرج يا أواب يا ذا الطول يا خبير، يا من خلق ولم يخلق يا من
لم يلد ولم يولد، يا من بان من الأشياء بانت الأشياء منه بقهره لها وخضوعها
له، يا من خلق البحار وأجرى الأنهار وأنبت الأشجار، وأخرج منها النار،
ومن يابس الأرضين النبات والأعناب وسار الثمار.
يا فالق البحر لعبده موسى عليه السلام ومكلمه، ومغرق فرعون وحزبه

1 - في البحار: الياس.
2 - أعدائه (خ ل).
3 - اظهارك دينه (خ ل).
206

ومهلك نمرود أشياعه، وملين الحديد لخليفته داود عليه السلام، ومسخر
الجبال معه يسبحن بالغدو والآصال، ومسخر الطير والهوام والرياح والجن
والانس لعبدك سليمان عليه السلام
وأسألك باسمك الذي اهتزله عرشك وفرحت به ملائكتك، فلا إله إلا أنت خالق
النسمة وبارئ النوى وفالق الحبة، وباسمك الذي العزيز الجليل الكبير المتعال.
وباسمك الذي ينفخ به عبدك وملكك إسرافيل عليه السلام في الصور،
فيقوم أهل القبور سراعا إلى المحشر ينسلون (1)، وباسمك الذي رفعت به
السماوات من غير عماد وجعلت به للأرضين أوتادا، وباسمك الذي
سطحت به الأرضين فوق الماء المحبوس، وباسمك الذي حبست به ذلك
الماء وباسمك الذي حملت به الأرضين من اخترته لحملها، وجعلت له
من القوة ما استعان به على حملها.
وباسمك الذي تجري به الشمس والقمر، وباسمك الذي سلخت به
النهار من الليل، وباسمك الذي إذا دعيت به أنزلت أرزاق العباد وجميع
خلقك وأرضك وبحارك وسكان البحار والهوام، والجن والإنس وكل دابة
أنت آخذ بناصيتها وبأنك على كل شئ قدير.
وباسمك الذي جعلت به لجعفر عليه السلام جناحا يطير به مع
الملائكة (2)، وباسمك الذي دعاك به يونس عليه السلام في بطن الحوت
فأخرجته منه، وباسمك الذي أنبت به عليه شجرة من يقطين، فاستجبت له
وكشفت عنه ما كان فيه من ضيق بطن الحوت.
أسألك (3) أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى آله الطيبين (4)، وأن

1 - نسل في مشيه: أسرع.
2 - الملائكة المقربين (خ ل).
3 - وأسألك (خ ل).
4 - الطيبين الطاهرين (خ ل).
207

تفرج عني وتكشف ضري وتستنقذني من ورطتي، وتخلصني من محنتي،
وتقضي عني ديوني، وتؤدي عني أمانتي، وتكبت (1) أعدائي (2)، ولا تشمت بي
حسادي، ولا تبتليني بما لا طاقة لي به، وأن تبلغني أمنيتي، وتسهل لي
محبتي (3)، وتيسر لي أرادتي، وتوصلني إلى بغيتي، وتجمع لي خير الدارين،
وتحرسني وكل من يغنيني امره، بعينك التي لا تنام في الليل والنهار، يا ذا الجلال والاكرام والأسماء العظام.
اللهم يا رب أنا عبدك وابن عبدك، وابن أمتك ومن أولياء أهل بيت
نبيك صلى الله عليه وعليهم، الذين باركت عليهم ورحمتهم وصليت عليهم
كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، ولمجدك
وطولك،
أسألك يا رباه يا رباه، يا رباه، يا رباه يا رباه، يا رباه يا رباه يا رباه،
يا رباه، يا رباه بحق محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله، وبحقك
على نفسك إلا خصمت أعدائي وحسادي وخذلتهم وانتقمت لي منهم،
وأظهرتني عليهم وكفيتني أمر لهم أمرهم، ونصرتني عليهم، وحرستني منهم،
ووسعت علي في رزقي وبلغتني غاية أملي إنك سميع (4) مجيب (5).
ومن الدعوات في غرة رجب ما رويناه بإسنادنا من عدة طرق، منها إلى أبي العباس
أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن غالب الأنصاري، قال: حدثنا علي بن
الحسن الطاطري، قال: حدثنا أحمد بن أبي بشر، عن أبي حمزة الثمالي، قال:
سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يدعو في الحجر في غرة رجب في سنة ابن
الزبير، فانصت إليه، وكان يقول

1 - كبته: صرعه وأخزاه.
2 - عدوى (خ ل).
3 - محتنى (خ ل).
4 - قريب (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 388.
208

يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمير الصامتين، لكل مسألة منك
سمع حاضر وجواب عتيد (1)، اللهم ومواعيدك الصادقة وأياديك الفاضلة
ورحمتك الواسعة، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقضي
حوائجي للدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير.
قال: وأسر البواقي فلم افهمه (2).
أقول: واعلم أن هذا الدعاء قد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في أدعية كل يوم من
رجب، وهو عارف بطرق الروايات، فيكون قد روي بطريق غير هذه انه يدعى به كل
يوم من أيام رجب، فادع به كل يوم منه (3).
من الدعوات في كل يوم من رجب، ما رويناها عن جماعة ونذكرها باسناد محمد بن
علي الطرازي من كتابه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عياش رضي الله عنه، قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن سهل المعروف بابن أبي الغريب الضبي، قال: حدثنا الحسن بن
محمد بن جمهور، قال: حدثني محمد بن الحسين الصائغ، عن محمد بن الحسين الزاهري،
من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق وزاهر الشهيد بالطف، عن عبد الله بن مسكان، عن
أبي معشر، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه كان إذا دخل رجب يدعو بهذا الدعاء في
كل يوم من أيامه:
خاب الوافدون على غيرك، وخسر المتعرضون إلا لك، وضاع الملمون (4)
إلا بك، وأجدب (5) المنتجعون (6) إلا من انتجع فضلك بابك مفتوح للراغبين،
وخيرك مبذول للطالبين، وفضلك مباح للسائلين، ونيلك متاح (7) للأملين،

1 - عتيد: مهيا وحاضر.
2 - رواه في مصباح المتهجد: 801، البلد الأمين: 178، مصباح الكفعمي: 527، الصحيفة السجادية الجامعة:
200، الرقم: 111.
3 - مصباح المتهجد 2: 738.
4 - الملمة: النازلة الشديدة من نوازل الدنيا.
5 - الجدب: القحط وهو خلاف الخصب وهو النمو والبركة.
6 - النجع والانتجاع: طلب الكلاء ومساقط النبت.
7 - اتاحه: هيأه وقدره.
209

ورزقك مبسوط لمن عصاك، وحلمك متعرض لمن ناواك، عادتك الاحسان
إلى المسيئين، وسبيلك الإبقاء على المعتدين.
اللهم فاهدني هدى المهتدين، وارزقني اجتهاد المجتهدين، ولا تجعلني
من الغافلين المبعدين، واغفر لي يوم الدين (1).
ومن الدعوات كل يوم من رجب ما ذكره الطرازي أيضا في كتابه، فقال أبو الفرج
محمد بن موسى القزويني الكاتب رحمه الله، قال: أخبرني أبو عيسى محمد بن أحمد بن
محمد بن سنان، عن أبيه، عن جده محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان قال:
كنت عند مولاي أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل علينا المعلى بن خنيس في رجب
فتذاكروا الدعاء فيه، فقال المعلي: يا سيدي علمني دعاء يجمع كل ما أودعته الشيعة في
كتبها فقال: قل يا معلى:
اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك، وعمل الخائفين منك، ويقين
العابدين لك، اللهم أنت العلي العظيم، وأنا عبدك البائس الفقير، وأنت الغني الحميد، وأنا العبد الذليل.
اللهم صل على محمد وآل محمد (2)، وامنن بغناك على فقري، وبحلمك
على جهلي، وبقوتك على ضعفي يا قوي يا عزيز، اللهم صل على محمد وآل
محمد الأوصياء المرضيين، واكفني ما أهمني من أمر الدنيا والآخرة يا أرحم
الراحمين.
ثم قال: يا معلى والله لقد جمع لك هذا الدعاء ما كان من لدن إبراهيم الخليل إلى
محمد صلى الله عليه وآله (3).
ومن الدعوات كل يوم من رجب ما ذكره الطرازي أيضا فقال: دعاء علمه
أبو عبد الله عليه السلام محمد السجاد، وهو محمد بن ذكوان يعرف بالسجاد، قالوا: سجد

1 - عنه البحار 98: 389.
2 - الأوصياء (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 390، رواه في مصباح المتهجد 2: 801.
210

وبكى في سجوده حتى عمي، روى أبو الحسن علي بن محمد البرسي رضي الله عنه،
قال: أخبرنا الحسين بن أحمد بن شيبان، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي،
قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمران البرقي، عن محمد بن علي الهمداني، قال: أخبرني
محمد بن سنان، عن محمد السجاد في حديث طويل، قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك هذا رجب علمني فيه دعاء ينفعني
الله به، قال: فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، وقل في
كل يوم من رجب صباحا ومساء وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك:
يا من أرجوه لكل خير، وآمن سخطه عند كل شر، يا من يعطي الكثير
بالقليل، يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله ومن لم يعرفه تحننا
منه ورحمة، أعطني بمسألتي إياك جميع (2) خير الدنيا وجميع خير الآخرة،
واصرف عني بمسألتي أياك جميع شر الدنيا وشر الآخرة (3)، فإنه غير منقوص
ما أعطيت، وزدني من فضلك يا كريم.
قال: ثم مد أبو عبد الله عليه السلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدعاء
وهو يلوذ بسبابته اليمنى، ثم قال: بعد ذلك:
يا ذا الجلال والاكرام يا ذا النعماء والجود، يا ذا المن والطول، حرم
شيبتي على النار (4).
وفي حديث آخر: ثم وضع يده على لحيته ولم يرفعها إلا وقد امتلأ ظهر كفه دموعا (5).
ومن الدعوات كل يوم من رجب ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر
الطوسي رحمه الله، وهو مما ذكره في المصباح بغير أسناد، ووجدته في أواخر
كتاب معالم الدين مرويا عن مولانا الإمام الحجة المهدي صلوات الله وسلامه

1 - من (خ ل).
2 - جميع الخيرات (خ ل).
3 - جميع شر الآخرة (خ ل).
4 و 5 - عنه البحار 98: 391.
211

عليه وعلى آبائه الطاهرين، وفي هذه الرواية زيادة واختلاف في كلمات،
فقال ما هذا لفظه:
ذكر محمد بن أبي الرواد الرواسي أنه خرج مع محمد جعفر الدهان، إلى
مسجد السهلة في يوم من أيام رجب فقال: قال: مل (1) بنا إلى مسجد صعصعة
فهو مسجد مبارك وقد صلى به أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله ووطئه
الحجج بأقدامهم، فملنا إليه، فبينا نحن نصلي إذا برجل قد نزل عن ناقته
وعقلها بالظلال، ثم دخل وصلى ركعتين أطال فيهما، ثم مد يديه فقال: وذكر
الدعاء الذي يأتي ذكره، ثم قام إلى راحلته وركبها.
فقال لي أبو جعفر الدهان: ألا نقوم إليه فنسأله من هو؟ فقمنا إليه فقلنا
له: ناشدنا كالله من أنت؟ فقال: ناشدتكما الله من ترياني؟ قال ابن جعفر
الدهان: نظنك الخضر، فقال: وأنت أيضا؟ فقلت: أظنك إياه، فقال: والله
إني لمن الخضر مفتقر إلى رؤيته، انصرفا فانا إمام زمانكما، وهذا لفظ دعائه
عليه السلام:
اللهم يا ذا المن السابغة، والآلاء الوازعة والرحمة الواسعة، والقدرة
الجامعة، والنعم الجسيمة والمواهب العظيمة، والأيادي الجميلة، والعطايا
الجزيلة، يا من لا ينعت بتمثيل، ولا يمثل بنظير، ولا يغلب بظهير، يا (2) من خلق
فرزق، وألهم فأنطق، وابتدع فشرع، وعلا فارتفع، وقدر فأحسن، وصور فأتقن،
واحتج فأبلغ، وأنعم فأسبغ، وأعطى فأجزل، ومنح فأفضل.
يا من سما في العز ففات خواطر الأبصار، ودنا في اللطف فجاز
هواجس (3) الأفكار، يا من توحد بالملك (4) فلا ند له في ملكوت سلطانه، وتفرد

1 - مر (خ ل).
2 - ويا (خ ل).
3 - الهاجس ج هواجس: ما وقع في خلدك.
4 - في الملك (خ ل).
212

بالكبرياء والآلاء، فلا ضد له في جبروت شأنه.
يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، وانحسرت دون
إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت
الرقاب لعظمته، ووجلت القلوب من خيفته.
أسألك بهذه المدحة التي لا تنبغي إلا لك، وبما وأيت به على نفسك
لداعيك من المؤمنين، وبما ضمنت الإجابة فيه على نفسك للداعين،
يا أسمع السامعين، ويا أبصر المبصرين، ويا أنظر الناظرين، ويا أسرع
الحاسبين، ويا أحكم الحاكمين، ويا أرحم الراحمين.
صل على محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطاهرين الأخيار، وأن
تقسم لي في شهرنا هذا خير ما قسمت، وأن تحتم لي في قضائك خير
ما حتمت، وتختم لي بالسعادة فيمن ختمت، وأحيني ما أحييتني موفورا،
وأمتني مسرورا ومغفورا.
وتول أنت نجاتي من مسألة البرزخ، وادرء عني منكرا ونكيرا،
وأرعيني (1) مبشرا وبشيرا، واجعل لي إلى رضوانك وجنانك مصيرا وعيشا قريرا (2)
وملكا كبيرا، وصلى الله على محمد وآله بكرة وأصيلا يا أرحم الراحمين.
ثم تقول من غير تلك الرواية:
اللهم إني أسألك بعقد عزك على أركان عرشك، ومنتهى رحمتك من
كتابك، واسمك الأعظم، وذكرك الأعلى الأعلى، وكلماتك (3) التامات كلها
أن تصلي على محمد وآله، وأسألك ما كان أوفى بعهدك، وأقضى لحقك
وأرضى لنفسك، وخيرا لي في المعاد عندك، والمعاد إليك، أن تعطيني
جميع ما أحب وتصرف عني جميع ما أكره، إنك على كل شئ قدير،

1 - ارعنى (خ ل).
2 - قرت عينه: بردت سرورا.
3 - ذكرك الاعلى وكلماتك (خ ل).
213

برحمتك يا أرحم الراحمين.
وجدنا هذا الدعاء وهذه الزيادات فيه مرويا عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله
وسلامه عليه (1).
ومن الدعوات في كل يوم من رجب ما رويناه أيضا عن جدي أبي جعفر الطوسي
رضي الله عنه فقال: أخبرني جماعة عن ابن عياش قال: مما خرج على يد الشيخ
الكبير أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد رضي الله عنه من الناحية المقدسة ما حدثني به
خير بن عبد الله قال: كتبته من التوقيع الخارج إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم ادع في كل يوم من أيام رجب:
اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك، المأمونون على
سرك، المستسرون (2) بأمرك، الواصفون لقدرتك، المعلنون لعظمتك.
أسألك (3) بما نطق فيهم من مشيتك، فجعلتهم معادن لكلماتك، وأركانا
لتوحيدك، وآياتك ومقاماتك، التي لا تعطيل لها في كل مكان، يعرفك بها
من عرفك، لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك، فتقها (4) ورتقها (5)
بيدك، بدؤها منك وعودها إليك، أعظاد وأشهاد، ومناة وأزواد، وحفظة
ورواد، فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر [أن] (6) لا إله إلا أنت.
فبذلك أسألك وبمواقع العز من رحمتك وبمقاماتك وعلاماتك أن
تصلي على محمد وآل محمد، وأن تزيدني إيمانا وتثبيتا، يا باطنا في ظهوره،
ويا ظاهرا (7) في بطونه ومكنونه، يا مفرقا بين النور والديجور (8)، يا موصوفا بغير

1 - عنه البحار 98: 392، رواه عنه في البحار 100: 448 بدون ذكر الدعاء، رواه الشيخ في مصباحه 2: 82.
2 - المستبشرون (خ ل).
3 - وأسألك (خ ل).
4 - فتق الشئ: شقه.
5 - رتق الشئ: سده واغلقه.
6 - عن البحار.
7 - في البحار: يا ظاهر.
8 - الديجور: الظلمة.
214

كنه، ومعروفا بغير شبه، حاد كل محدود، وشاهد كل مشهود، وموجد كل موجود،
ومحصي كل معدود، وفاقد كل مفقود، ليس دونك من معبود، أهل الكبرياء والجود.
يا من لا يكيف بكيف، ولا يأين بأين، يا محتجبا عن كل عين، يا ديموم
يا قيوم، وعالم كل معلوم، صل على عبادك المنتجبين، وبشرك المحتجبين
وملائكتك المقربين، وبهم (1) الصافين الحافين، وبارك لنا في شهرنا هذا
المرجب المكرم وما بعده من أشهر الحرام، وأسبغ علينا فيه النعم، وأجزل لنا
فيه القسم، وأبرر لنا فيه القسم.
باسمك الأعظم (2) الأجل الإكرام الذي وضعته على النهار فأضاء وعلى
الليل فأظلم، واغفر لنا ما تعلم منا وما لم نعلم، واعصمنا من الذنوب خير
العصم واكفنا كوافي قدرك، وامنن علينا بحسن نظرك، ولا تكلنا إلى
غيرك، ولا تمنعنا من خيرك، وبارك لنا فيما كتبته لنا من أعمارنا، وأصلح
لنا خبيئة أسرارنا، وأعطنا منك الأمان، واستعملنا بحسن الايمان، وبلغنا شهر
الصيام، وما بعده من الأيام والأعوام، يا ذا الجلال والاكرام (3).
ومن الدعوات كل يوم من رجب، ما رويناه أيضا عن جدي أبي جعفر الطوسي
قدس الله روحه، فقال: قال ابن عياش: وخرج إلى أهلي على يد الشيخ أبي القاسم
رضي الله عنه في مقامه عندهم هذا الدعاء في أيام رجب:
اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب، محمد بن علي الثاني وابنه
علي بن محمد المنتجب، وأتقرب بهما إليك خير القرب، يا من إليه
المعروف طلب، وفيما لديه رغب، أسألك سؤال معترف (4) مذنب قد أوبقته (5).

1 - بهم (خ ل)، البهم جمع البهيمة، يقال: هذا فرس بهم أي الذي لا يختلط لونه بشئ بغير لونه.
2 - الأعظم الأعظم (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 393، رواه الشيخ في مصباحه 2: 803.
4 - مقترف (خ ل).
5 - أو بقته: أهلكته.
215

ذنوبه، وأوثقته عيوبه، وطال على الخطايا دؤوبه، ومن الرزايا خطوبه،
يسألك التوبة، وحسن الأوبة، والنزوع (1) من الحوبة، ومن النار فكاك رقبته،
والعفو عما في ربقته، فأنت يا مولاي (2) أعظم أمله وثقته.
اللهم وأسألك بمسائلك الشريفة، ووسائلك المنيفة، أن تتغمدني في
هذا الشهر برحمة منك واسعة، ونعمة وازعة، ونفس بما رزقتها قانعة إلى
نزول الحافرة، ومحل الآخرة، وما هي إليها (3) صائرة (4).
وأقول: وقد قدمنا في دعاء أول يوم من رجب ما دعا به مولانا علي بن الحسين عليه
السلام في غرة رجب في الحجر، الذي أوله: (يا من يملك حوائج السائلين)، كما
رويناه انه في أول يوم من الشهر، وقد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في أدعية كل يوم
من شهر رجب، فيدعى به كل يوم منه احتياطا للفضل المكتسب.
فصل (24)
فيما نذكره من فضل الاستغفار والتهليل والتوبة في شهر رجب
وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
من قال في رجب: استغفر الله الذي لا إله إلا هو لا شريك له وأتوب إليه،
مائة مرة، وختمها بالصدقة، ختم الله له بالرحمة والمغفرة، وما قالها أربعمائة مرة كتب
الله له اجر مائة شهيد، فإذا لقى الله يوم القيامة يقول: له: قد أقررت بملكي فتمن علي
ما شئت حتى أعطيك فإنه لا مقتدر غيري.
وعنه عليه السلام: من قال فيه: لا إله إلا الله ألف مرة، كتب الله له مائة ألف
حسنة، وبنى الله له مائة مدينة في الجنة.

1 - النزوع: الانقطاع.
2 - فأنت مولاي (خ ل).
3 - إليه (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 394، رواه الشيخ في مصباحه 2: 805.
216

أقول: وفي رواية: من استغفر الله تعالى في رجب وسأله التوبة سبعين مرة بالغداة
وسبعين مرة بالعشي، يقول: استغفر الله وأتوب إليه، فإذا بلغ تمام سبعين مرة رفع
يديه وقال: اللهم اغفر لي وتب علي، فان مات في رجب مات مرضيا عنه
ولا تمسه النار ببركة رجب.
فصل (25)
فيما نذكره من فضل قراءة (قل هو الله أحد) عشرة آلاف مرة في شهر رجب
أو الف مرة، أو مائة مرة
وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: قال رسول الله (1) صلى الله
عليه وآله:
من قرء في عمره عشرة آلاف مرة (قل هو الله أحد) بنية صادقة في شهر رجب، جاء
يوم القيامة خارجا من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فيستقبله سبعون ملكا يبشرونه بالجنة.
وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله:
من قرء (قل هو الله أحد) الف مرة، جاء يوم القيامة بعمل ألف نبي وألف ملك،
ولم يكن أحد أقرب إلى الله الا من زاد عليه، وانها لتضاعف في شهر رجب.
وفي حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وآله:
من قرأ (قل هو الله أحد) مائة مرة، بورك له وعلى ولده وأهله وجيرانه، ومن قرأها
في رجب بنى الله تعالى له اثنى عشر قصرا في الجنة، مكللة بالدر والياقوت، وكتب الله
له ألف ألف حسنة.
ثم يقول: اذهبوا بعبدي فأروه ما عددت له فيأتيه عشرة آلاف قهرمان، وهم الذين
وكلوا بمساكنه في الجنة، فيفتحون له ألف ألف قصر من الدر، وألف ألف قصر من
ياقوت أحمر، كلها مكللة بالدر والياقوت والحلي والحلل، ما يعجز عنه الواصفون ولا يحيط

1 - قال النبي (خ ل).
217

بها الا الله تعالى، فإذا رآها دهش (1) وقال: هذا لمن من الأنبياء؟ فيقال: هذا لك
بقراءة (قل هو الله أحد).
فصل (26)
فيما نذكره مما كان مولانا علي بن الحسين عليهما السلام يعمله ويذكره في سجوده في أيام
رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله فقال ما هذا لفظه:
واعتمر علي بن الحسين عليهما السلام في رجب، وكان يصلي عند الكعبة عامة ليله
ونهاره، ويسجد عامة ليله ونهاره، وكان يسمع منه في سجوده: عظم الذنب من
عبدك فليحسن العفو من عندك، لا يزيد على هذا مدة مقامه (2).
فصل (27)
فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام في أول يوم من رجب
والإشارة إلى موضع ألفاظها من الكتب
اعلم أن من أهم المهمات في أول يوم من رجب زيارة الحسين عليه السلام، اما
بقصد مشهده الشريف في هذا الميقات، أو بالايماء إليه بالزيارة من سائر الجهات، وإنما
اخرنا ذكرها إلى أواخر فصول هذا اليوم السعيد لان اعذار الناس في التأخر عن الزيارة
من القريب أو البعيد اضعاف المتمكنين من القصد إليه عليه السلام، فبدأنا في
الفصول المذكورة بما هو أعم، اغتناما للمبادرة إلى الأعمال المشكورة (3).
أقول: فمما نذكره في فضل زيارة الحسين عليه أفضل السلام في أول رجب،

1 - دهش: تحير.
2 - رواه الشيخ في مصباحه 2: 801.
3 - مصباح المتهجد 2: 801، مصباح الزائر: 354، التهذيب 6: 48، مسار الشيعة: 70، كمال الزيارات: 172
عنه الوسائل 10: 346، البحار 101: 89 مصباح الكفعمي: 491، المزار للمفيد: 48.
218

ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله فقال:
روى بشير الدهان عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: من زار الحسين بن علي
عليهما السلام قال: من زار الحسين بن علي
عليهما السلام أول يوم من رجب غفر الله له البتة (1).
واما تعيين ألفاظ الزيارة في أول يوم من رجب، فقد ذكرناها في كتاب مصباح
الزائر وجناح المسافر، وسوف نذكرها في ليلة نصف شعبان، فإنها أحق بها من هذ
المكان.
وقد ذكرنا في عمل أول ليلة من رجب زيارة مختصة بهذا الشهر كله، فأجتهد فيما
تقدم على الظفر بفضله.
فصل (28)
فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من رجب
وجدناه في كتب العبادات في الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله:
من صلى في الليلة الثانية من رجب عشر ركعات بفاتحة الكتاب مرة و (قل يا أيها
الكافرون) مرة، غفر الله له كل ذنب صغير وكبير، وكتبه من المصلين إلى السنة المقبلة
وبرئ من النفاق كما قدمناه في الليلة الأولة (2).
فصل (29)
فيما نذكره من فضل صوم يومين من رجب
روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال وفي أماليه، فيما
رواه عن النبي صلى الله عليه وآله فقال:
من صام من رجب يومين لم يصف الواصفون من أهل السماء والأرض ماله عند الله
من الكرامة، وكتب له من الأجر مثل أجور عشرة من الصادقين في عمرهم، بالغة

1 - عنه الوسائل 8: 92، رواه في مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
2 - ثواب الأعمال: 77، فضائل الأشهر الثلاثة: 25، أمالي الصدوق: 430.
219

أعمارهم ما بلغت، ويشفع يوم القيامة في مثل ما يشفعون فيه ويحشر معهم في زمرتهم حتى
يدخل الجنة ويكون من رفقائهم (1).
فصل (30)
فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من رجب
وجدناه في كتب العبادة مرويا عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله في ذخائر
السعادة، قال:
من صلى في الليلة الثالثة من رجب عشر ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب
مرة و (إذا جاء نصر الله والفتح) خمس مرات، بني الله له قصرا في الجنة، عرضه وطوله
أوسع من الدنيا سبع مرات، نادى مناد من السماء: بشروا ولي الله بالكرامة العظمى
ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين (2).
فصل (31)
فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من رجب وصلاة في اليوم الثالث
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى
النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله بينه وبين النار خندقا وحجابا، طوله
مسيرة سبعين عاما، ويقول الله عز وجل له عند افطاره: لقد وجب حقك علي ووجبت
لك محبتي وولايتي، أشهدكم ملائكتي اني قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (3).
واما الصلاة في اليوم الثالث من رجب:
فإننا وجدناها في بعض كتب العبادات المتضمنة لما يبقى من السعادات عن النبي

1 - ثواب الأعمال: 79، فضائل الأشهر الثلاثة: 25، أمالي الصدوق: 430، عنهم البحار 97: 27.
2 - عنه الوسائل 8: 92، رواه في مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
3 - ثواب الأعمال: 78، فضائل الأشهر الثلاثة: 25، أمالي الصدوق: 430، عنهم البحار 97: 27.
220

صلى الله عليه وآله أنه قال:
من صلى في اليوم الثالث من رجب أربع ركعات، يقرء بعد الفاتحة:
والهكم اله واحد لا إله إلا هو الرحمان الرحيم * إن في خلق السماوات
والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع
الناس، وما انزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها
من كل دابة، وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض،
لايات لقوم يعقلون * ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم
كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله، ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب
ان القوة لله جميعا وان الله شديد العذاب (1).
أعطاه الله من الاجر مالا يصفه الواصفون (2).
وروي ان اليوم الثالث من رجب كان مولد مولانا علي بن محمد الهادي عليه السلام.
فصل (32)
فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من رجب
وجدناه في كتب العبادات مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صلى في الليلة الرابعة من رجب مائة ركعة بالحمد مرة و (قل أعوذ برب الفلق)
مرة، وفي الثانية الحمد مرة و (قل أعوذ برب الناس) مرة، وهكذا كل الركعات ينزل من
كل سماء ملك يكتبون ثوابها له إلى يوم القيامة وجاء ووجهه مثل القمر ليلة البدر،
ويعطيه كتابه بيمينه ويحاسبه حسابا يسيرا (3).

1 - البقرة: 163 - 165.
2 - عنه الوسائل 8: 97.
3 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
221

فصل (33)
فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه باسناده إلى
النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها، من الجنون والجذام والبرص
وفتنة الدجال، وأجير من عذاب القبر، ويكتب له مثل أجور أولى الألباب التوابين
الأوابين وأعطى كتابه بيمينه في أوائل العابدين (1).
فصل (34)
فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من رجب
وجدنا ذلك في كتب الأسباب إلى رضاء مالك يوم الحساب مرويا عن النبي صلى
الله عليه وآله قال:
من صلى في الليلة الخامسة من رجب ست ركعات بالحمد مرة وخمسا وعشرين مرة
(قل هو الله أحد) أعطاه الله ثواب أربعين نبيا وأربعين صديقا وأربعين شهيدا، ويمر على
الصراط كالبرق الا مع علي فرس من النور (2).
فصل (35)
فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيام من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه عن النبي
صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب خمسة أيام كان حقا على الله تعالى ان يرضيه يوم القيامة

1 - ثواب الأعمال: 79، أمالي الصدوق: 430، فضائل الأشهر الثلاثة: 26، عنهم البحار 97: 27.
2 - عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
222

ويبعثه يوم القيامة ووجهه كالقمر في ليلة البدر وكتب له عدد رمل عاجل حسنات
وادخل الجنة بغير حساب ويقال: تمن على ربك ما شئت (1).
فصل (36)
فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من رجب
وجدنا ذلك فيما وقفنا عليه عن النبي صلوات الله عليه قال:
ومن صلى في الليلة السادسة من رجب ركعتين بالحمد مرة وآية الكرسي سبع
مرات ينادي مناد من السماء: يا عبد الله أنت ولي الله حقا حقا، ولك بكل حرف
قرأت في هذه الصلاة شفاعة من المسلمين، ولك سبعون الف حسنة، لكل حسنة عند
الله أفضل من الجبال التي في الدنيا (2).
فصل (37)
فيما نذكره من فضل صوم ستة أيام من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه عن النبي
صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ستة أيام خرج من قبره ولو جهة نور يتلألأ أشد بياضا من نور
الشمس وأعطى سوى ذلك نورا يستضئ به أهل الجمع يوم القيامة، وبعثه الله من
الآمنين يوم القيامة حتى يمر على الصراط بغير حساب، ويعافى من عقوق الوالدين
وقطيعة الرحم (3).

1 - ثواب الأعمال: 79، أمالي الصدوق: 430، فضائل الأشهر الثلاثة: 26، عنهم البحار 97: 27.
2 - عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 525.
3 - ثواب الأعمال: 79، أمالي الصدوق: 430، فضائل الأشهر الثلاثة: 27، عنهم البحار 97: 27.
223

فصل (38)
فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من رجب
وجدنا ذلك فيما نظرناه مما يقرب العبد إلى مولاه عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صلى في الليلة السابعة من رجب أربع ركعات، بالحمد مرة و (قل هو الله أحد)
ثلاث مرات و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ويصلى على النبي صلى الله
عليه وآله عند الفراغ عشر مرات، ويقول الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد
لله ولا إله إلا الله والله أكبر، عشر مرات، اظله الله في ظل عرشه (1) ويعطيه ثواب من
صام شهر رمضان، واستغفرت له الملائكة حتى يفرغ من هذه الصلاة، ويسهل عليه
النزع وضغطة القبر، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة وآمنه الله من الفزع الأكبر (2).
فصل (39)
فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه رضوان الله عليه في أماليه وثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صام من رجب سبعة أيام، فان لجهنم سبعة أبواب، يغلق الله عنه لصوم كل
يوم بابا من أبوابها وحرم الله جسده على النار (3).
فصل (40)
فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من رجب
وجدنا ذلك في كتب الصلوات في الأوقات الصالحات، مرويا عن النبي صلى الله

1 - تحت العرش (خ ل).
2 - عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
3 - ثواب الأعمال: 79، أمالي الصدوق: 430، عنهما البحار 97: 27.
224

عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثامنة من رجب عشرين ركعة بالحمد مرة و (قل هو الله أحد)
و (قل يا أيها الكافرون) والفلق والناس ثلاث مرات، أعطاه الله ثواب الشاكرين
والصابرين ورفع اسمه في الصديقين، وله بكل حرف اجر كل صديق وشهيد وكأنما
ختم القرآن في شهر رمضان، فإذا خرج من قبره تلقاه سبعون ملكا يبشرونه بالجنة
ويشيعونه إليها (1).
فصل (41)
فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيام من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في
كتاب ثواب الأعمال وأماليه قال:
ومن صام من رجب ثمانية أيام فان في الجنة ثمانية أبواب، يفتح الله له بصوم كل
يوم بابا من أبوابها، فيقال له: ادخل من أي الأبواب شئت (2).
فصل (42)
فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من رجب
وجدنا ذلك فيما يوجد أمثاله فيه مما يقرب إلى اقبال الله جل جلاله ومراضيه
مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة ركعتين بالحمد مرة و (ألهاكم التكاثر) خمس مرات،
لا يقوم من مقامه حتى يغفر الله له ويعطيه ثواب مائة حجة ومائة عمرة وينزل عليه الف
الف رحمة ويؤمنه من النار، وان مات إلى ثمانين يوما مات شهيدا (3).

1 - عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
2 - ثواب الأعمال: 80، أمالي الصدوق: 430، عنهما البحار 97: 28.
3 - عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
225

فصل (43)
فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه رضوان الله عليه باسناده إلى النبي
صلى الله عليه وآله في كتاب ثواب الأعمال وأماليه فقال:
ومن صام من رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادي: لا إله إلا الله، ولا يعرف
وجهه دون الجنة، وخرج من قبره ولوجهه نور يتلألأ لأهل الجمع، حتى يقول: هذا نبي
مصطفى، وان أدنى ما يعطى ان يدخل الجنة بغير حساب (1).
فصل (44)
فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من رجب
وجدنا ذلك في كتب أمثاله مما يدعو إلى الظفر برضا الله جل جلاله واقباله، مرويا
عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صلى في الليلة العاشرة من رجب بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة، بالحمد مرة
وثلاث مرات (قل هو الله أحد)، يرفع الله له قصرا على عامود من ياقوتة حمراء، قالوا:
يا رسول الله وما ذلك العامود؟ قال: مثل ما بين المشرق والمغرب، وفي ذلك العمود
سبعمائة غرفة أوسع من الدنيا، والغرف كلها من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد، وفي
ذلك القصر بيوت بعدد نجوم السماء، وفيه ما لا يقدر بشرا ان يصفه (2).
فصل (45)
فيما نذكره من فضل صوم عشرة أيام من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه

1 - ثواب الأعمال: 8، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
2 - عنه الوسائل 8: 192، مصباح الكفعمي: 524.
226

باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب عشرة أيام جعل الله له جناحين أخضرين منظومين بالدر
والياقوت، يطير بهما على الصراط كالبرق الخاطف إلى الجنان، ويبدل الله سيئاته
حسنات وكتب من المقربين القوامين لله بالقسط، وكأنه (1) عبد الله الف عام قائما صابرا
محتسبا (2).
أقول: ووجدت في رواية باسناد مذكور ان أشهر الحرم لله عز وجل في كل عام،
عاشر من كل شهر منها (3) أمر، فاليوم العاشر من ذي الحجة يوم النحر، واليوم العاشر من
المحرم عاشوراء، واليوم العاشر من رجب يمحوا الله ما يشاء ويثبت، ما قال في ذي القعدة.
قلت انا: رأيت في كتاب جامع الدعوات لنصر بن يعقوب الدينوري عن النبي صلى
الله عليه وآله: ان ليلة عاشر ذي القعدة ينظر الله تعالى إلى عبده بالرحمة.
وروي ان يوم العاشر من رجب كان مولد مولانا الجواد عليه السلام.
فصل (46)
فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر من رجب
وجدنا ذلك في ديوان المراحم الواسعة والمكارم المتتابعة مرويا عن النبي صلى الله
عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الحادية عشر من رجب اثنتي عشرة ركعة بالحمد مرة واثنتي
عشرة مرة آية الكرسي، أعطاه الله ثواب من قرء التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وكل
كتاب أنزله الله تعالى على أنبيائه، ونادى مناد من العرش: استأنف العمل فقد غفر
الله (4) لك (5).

1 - كأنما (خ ل).
2 - ثواب الأعمال: 80، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
3 - في كل عاشر من كل شهر منها (خ ل).
4 - غفر لك (خ ل).
5 - عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524.
227

فصل (47)
فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من رجب أحد عشر يوما لم يواف الله
يوم القيامة عبدا أفضل منه الا من صام مثله أو زاد عليه (1).
فصل (48)
فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من رجب
وجدنا ذلك في ذخائر التوسل بالاعمال إلى مالك الآمال والاقبال، مرويا عن
النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صلى في الليلة الثانية عشر من رجب ركعتين، بالحمد مرة و (آمن الرسول بما أنزل
إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا
سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير * لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها
ما اكتسبت، ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الدين من
قبلنا، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم
الكافرين)، عشر مرات، أعطاه الله ثواب الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وثواب
عتق سبعين رقبة من بني إسماعيل ويعطيه الله سبعين رحمة (2).
فصل (49)
فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه باسناده في أماليه وكتاب ثواب

1 - ثواب الأعمال: 8، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
2 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
228

الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب اثني عشر يوما كسي يوم القيامة حلتين خضراوتين من سندس
وإستبرق ويحبر (1) بهما، لو دليت حلة منهما إلى الدنيا لأضاء ما بين مشرقها ومغربها ولصارت
الدنيا أطيب من ريح المسك (2).
فصل (50)
فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر والليالي البيض
من رجب شعبان وشهر رمضان
وجدنا ذلك في كتب نقل الآثار الدعاة إلى دار القرار، مرويا عن النبي صلى الله
عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثالثة عشر من رجب عشر ركعات في الأولى بالحمد مرة (3).
والعاديات مرة، وفي الثانية بالحمد و (ألهاكم التكاثر) مرة والباقي كذلك، غفر الله له
ذنوبه وإن كان عاقا لوالديه رضي الله سبحانه عنه، وان منكرا ونكيرا لا يقر بأنه
ولا يروعانه، ويمر على الصراط كالبرق الخاطف، ويعطي كتابه بيمينه ويثقل ميزانه
وأعطى في جنة الفردوس ألف مدينة (4).
واما ما نذكره في الليالي البيض:
فهو اسناده من كتاب محمد بن علي الطرازي فقال ما هذا لفظه: اخبرهم أبو الحسين
أحمد بن أحمد بن سعيد الكاتب رضي الله عنه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن
سعيد، قال: حدثنا محمد بن علي القياني، قال: سمعت جدي، يقول: سمعت أحمد بن
أبي العيفاء، يقول:

1 - حبره حبرا: زينه وحبر الامر فلانا سره، واحبره: أكرمه ونعمه وسره.
2 - ثواب الأعمال: 80، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
3 - عشر ركعات بالحمد مرة (خ ل).
4 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
229

قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه: أعطيت هذه الأمة ثلاث أشهر لم يعطها أحد
من الأمم، رجب وشعبان وشهر رمضان، وثلاث ليال لم يعط أحد مثلها: ليلة ثلاث
عشرة وليلة أربع عشرة وليلة خمس عشرة من كل شهر، وأعطيت هذه الأمة ثلاث سور
لم يعطها أحد من الأمم: يس و (تبارك الملك) و (قل هو الله أحد)، فمن جمع بين هذه
الثلاث فقد جمع أفضل ما أعطيت هذه الأمة.
فقيل: وكيف يجمع بين هذه الثلاث؟ فقال: يصلي كل ليلة من ليالي البيض من
هذه الثلاثة الأشهر، في الليلة الثالثة (1) عشر ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب
وهذه الثلاث سور (2)، وفي الليلة الرابعة عشر أربع ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب، وهذه الثلاث سور، وفي الليلة الخامسة عشر ست ركعات، يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، فيحوز فضل هذه الأشهر الثلاثة ويغفر له كل ذنب
سوى الشرك (3).
فصل (51)
فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة عشر يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوما وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوتة خضراء
في ظل العرش، قوائمهما من الدر أوسع من الدنيا سبعمائة مرة، عليها صحائف الدر
أوسع من الدنيا سبعمائة مرة، عليها صحائف الدر والياقوت، في كل صفحة (4) سبعون
ألف لون من الطعام لا يشبه اللون اللون ولا الريح الريح، فيأكل منها والناس في شدة

1 - في الأصل: الثانية عشر.
2 - مرة هذه الثلاث السور (خ ل).
3 - عنه الوسائل 8: 25.
4 - صحيفة (خ ل).
230

شديدة وكرب عظيم (1).
وروي ان يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام في
الكعبة قبل النبوة باثني عشر سنة.
فصل (52)
فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من رجب، غير ما ذكرناه.
وجدنا ذلك في أوراق صحائف الدلالة على السباق مرويا عن النبي صلى الله عليه
وآله قال:
ومن صلى في الليلة الرابعة عشر من رجب ثلاثين ركعة بالحمد مرة و (قل هو الله
أحد) مرة، وآخر الكهف: (قل إنما انا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم اله واحد فمن كان يرجو
لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)، والذي نفسي بيده لو كانت ذنوبه أكثر
من نجوم السماء لم يخرج من صلاته الا وهو طاهر مطهر، وكأنما قرء كل كتاب أنزله الله
تعالى (2).
فصل (53)
فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وأماليه
باسناده إلى النبي صلوات الله عليه وآله، قال:
ومن صام من رجب أربعة عشر يوما أعطاه الله من الثواب ما لا عين رأت ولا اذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر، من قصور الجنان التي بنيت بالدر والياقوت (3).

1 - ثواب الأعمال: 80، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
2 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
3 - ثواب الأعمال: 80، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 28.
231

فصل (54)
فيما نذكره من عمل ليلة النصف من رجب، غير ما قدمناه
وجدنا ذلك في الروايات الشاهدات للسعادات بالعبادات باسناد محمد بن علي
الطرازي، فقال ما هذا لفظه:
أبو محمد عبد الله بن الحسين بن يعقوب الفارسي رضي الله عنه ببغداد، قال: حدثنا
محمد بن علي بن معمر، قال: حدثنا حمدان بن المعافى، قال: حدثنا عبد الله بن نجران (1)،
عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله قال:
قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام تصلي ليلة النصف من رجب اثنتي
عشر ركعة، تسلم بين كل ركعتين، تقرء في كل ركعة أم الكتاب أربع مرات وسورة
الاخلاص أربعا وسورة الفلق أربع مرات، وسورة الناس أربع مرات وآية الكسري أربع
مرات، و (إنا أنزلناه في ليلة القدر) أربع مرات، ثم تشهد وتسلم وتقول بعد الفراغ بعقب
التسليم أربع مرات: الله الله ربي لا أشرك به شيئا ولا اتخذ من دونه وليا، ثم
ادع بما أحببت (2).
فصل (55)
فيما نذكره ليلة النصف من رجب
وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله بما هذا لفظه ومقاله: روي عن
النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا كان ليلة النصف من رجب أمر الله تعالى خزان ديوان الخلائق وكتبة
أعمالهم، فيقول لهم: انظروا في ديوان عبادي وكل سيئة وجدتموها فامحوها وبدلوها
حسنات.

1 - عبد الله بن الرحمان (خ ل).
2 - رواه الشيخ في مصباحه 2 / 806، عنه الوسائل 8 / 97.
232

فصل (56)
فيما نذكره من فضل أيام البيض من رجب ولياليها
وجدناه في المنقول عن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال:
من صام ثلاثة أيام من رجب وقام لياليها في أوسطه ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، والذي بعثني بالحق انه لا يخرج من الدنيا الا بالتوبة (1) النصوح، ويغفر له
بكل يوم صامه سبعون كبيرة، ويقضى له سبعون حاجة عند الفزع الأكبر، وسبعون
حاجة إذا دخل قبره، وسبعون حاجة إذا خرج من قبره، وسبعون حاجة إذا نصب
الميزان، وسبعون حاجة عند الصراط، وكأنما عتق بكل يوم يصومه سبعين من ولد
إسماعيل، وكأنما ختم القرآن سبعين ألف مرة، وكأنما رابط في سبيل الله سبعين سنة،
وكأنما بنى سبعين قنطرة في سبيل الله، وشفع في سبعين من أهل بيته ممن وجبت له
النار، وبنى له في جنات الفردوس سبعون ألف مدينة، في كل مدينة سبعون ألف
قصر، في كل قصر ألف حوراء، ولكل حوراء سبعون ألف خادم.
وروينا بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن الصادق عليه السلام
قال: من صام أيام البيض من رجب كتب الله له بكل يوم صيام سنة وقيامها، ووقف
يوم القيامة موقف الآمنين (2).
فصل (57)
فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة النصف من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي باسناده إلى داود بن سرحان عن
الصادق عليه السلام قال:
تصلي ليلة النصف من رجب اثنتي عشرة ركعة، تقرء في كل ركعة الحمد وسورة،

1 - على التوبة (خ ل).
2 - مصباح المتهجد 2: 810.
233

فإذا فرغت من الصلاة قرأت بعد ذلك الحمد والمعوذتين وسورة الاخلاص وآية الكرسي
أربع مرات، وتقول بعد ذلك: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
أربع مرات، ثم تقول: الله الله ربي لا أشرك به شيئا، ما شاء الله لا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم (1).
فصل (58)
فيما نذكره من صلاة في ليلة النصف أيضا برواية أخرى
رأينا ذلك من جملة حديث عن النبي صلى الله عليه وآله بما معناه:
ان من صلى فيها ثلاثين ركعة بالحمد و (قل هو الله أحد) عشر مرات لم يخرج من
صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع،
كما بين مكة والمدينة، وأعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (2).
صلاة ليلة النصف من رجب:
أقول: ووجدت في رواية باسناد متصل إلى النبي صلى الله عليه وآله:
من صلى ليلة خمس عشر من رجب ثلاثين ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب
مرة و (قل هو الله أحد) عشر مرات، أعتقه الله من النار وكتب له بكل ركعة عبادة
أربعين شهيدا واعطاء الله بكل آية اثنى عشر نورا وبنى له بكل مرة يقرأ (قل هو الله
أحد) اثنى عشر مدينة من مسك وعنبر، وكتب الله له ثواب من صام وصلى في ذلك
الشهر من ذكر وأنثى، فان مات ما بينه وبين السنة المقبلة مات شهيدا ووقي فتنة القبر.
فصل (59)
فيما نذكره مما ينبغي في احياء هذه الليلة والعناية بها والخاتمة لها
اعلم أنه إذا كانت هذه ليلة النصف على ما أشرنا إليه، ودلنا الله جل جلاله عليه

1 - مصباح المتهجد: 742، عنه الوسائل 8: 97.
2 - عنه الوسائل 8: 92، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
234

من عظيم فضلها وشرف محلها، فينبغي أن يكون المصدق لله والرسول الموافق للاقبال
والقبول على قدم المراقبة طول ليلة والاعتراف لله جل جلاله بالمنة العظيمة في
استصلاحه لخدمته وعبادته، ويصحبها حضور القلب (1) بين يدي الرب مشغول الخاطر
والسرائر والظواهر بمجالسة مولاه، مالك الأوائل والأواخر، واجدا انس المحاضرة ولذة
المحاورة وشرف المجاورة.
وإذا قرب طلوع فجرها وطئ بساط برها فيقبل على الله جل جلاله بالاخلاص
ويسلم عمله إلى من كان ضيفا من أهل الاختصاص، ويتوجه بهم بالله العظيم وبمقامه (2)
الكريم في أن يتمموا نقص أعماله ويعظموا مقام اقباله ويظفروه بتمام آماله.
فصل (60)
فيما نذكره من اسرار استقبال يوم النصف من رجب
اعلم أن هذا اليوم فيه من الاسرار واطلاق المبار وغنى أهل الأعمار وجبر أهل
الانكسار ما قد تضمنه صريح الاخبار، فابسط عند استقباله كف التعرض لمواهبه
ونواله، واقبل بوجهه قلبك على عظمة ربك، وانظر بعين بصيرتك إلى من رفع قدرك
وأحضرك لسعادتك وأطلقك من عقال الذنوب وقيود العيوب، واذن لك في كل
مطلوب وان تسأله جمع شملك بكل أمر محبوب واخلع لباس الكسالة، وأفكر انك
بحضرة مالك الجلالة، وعلى مائدة ضيافة صاحب الرسالة، ولعلك لا تبلغ إلى سنة
أخرى ويوم مثله، فإياك ان تفرط فيما جعلك الله أهلا ان تطلبه من فضله.
أقول: ورأيت في حديث باسناد متصل إلى ابن عباس قال:
قال آدم عليه السلام: يا رب اخبرني بأحب الأيام إليك وأحب الأوقات؟ فأوحى
الله تبارك وتعالى إليه: يا آدم أحب الأوقات إلي يوم النصف من رجب، يا آدم تقرب
إلي يوم النصف من رجب بقربان وضيافة وصيام ودعاء واستغفار وقول: لا إله الا الله،

1 - حضور العقل والقلب (خ ل).
2 - يتوجه إليهم (خ)، يتوجه إليه بهم بمقامه (خ ل).
235

يا آدم اني قضيت فيما قضيت وسطرت فيما سطرت اني باعث من ولدك نبيا لافظ
ولا غليظ ولا سخاب (1) في الأسواق، حليم رحيم كريم (2) عظيم البركة، أخصه وأمته بيوم
النصف من رجب، لا يسألوني فيه شيئا الا أعطيتهم، ولا يستغفروني الا غفرت لهم،
ولا يسترزقوني الا رزقتهم، ولا يستقيلوني الا أقلتهم، ولا يسترحموني الا رحمتهم.
يا آدم من أصبح يوم النصف من رجب صائما ذاكرا خاشعا حافظا لفرجه متصدقا
من ماله لم يكن له جزاء عندي الا الجنة، يا آدم قل لولدك ان يحفظوا أنفسهم في رجب
فان الخطيئة فيه عظيمة.
فصل (61)
فيما نذكره من فضل زيارة الحسين عليه السلام يوم النصف من رجب
اعلم اننا قد أردنا تقديمها في أول وظائف هذا اليوم السعيد لأننا رأينا موسمها
مهملا عند كثير من العبيد، فأردنا الدلالة والتنبيه عليها والحث على المبادرة
إليها.
فروينا بإسنادنا إلى الشيخ المعظم محمد بن أحمد بن داود القمي باسناده إلى
الحسن بن محبوب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه
السلام: في أي شهر نزور الحسين عليه السلام؟ قال: في النصف من رجب والنصف
من شعبان (3).
وروينا بإسنادنا إلى محمد بن داود القمي أيضا باسناده في كتابه المسمى بكتاب
الزيارات والفضائل إلى أحمد بن هلال، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا
الحسن الرضا عليه السلام أي الأوقات أفضل ان نزور فيه الحسين عليه السلام؟ قال:

1 - سخاب: صياح.
2 - عليم (خ ل).
3 - رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 182، عنه البحار 101: 96، والشيخ في التهذيب 6: 48 وفي مصباح
المتهجد 2: 807، المزار للمفيد: 49.
236

النصف من رجب والنصف من شعبان (1).
أقول: وحسبك تنبيها على تعظيم زيارة النصف من رجب انها تضاف إلى زيارة النصف من شعبان، وسيأتي في ثواب زيارة النصف من شعبان ما يدلك على أن زيارة
النصف من رجب على غاية من علو الشأن.
أقول: واما ما يزار به الحسين صلوات الله عليه في هذا النصف من رجب المشار إليه،
فإنني لم أقف على لفظ متعين له إلى الآن، فيزار بالزيارة المختصة بشهر رجب التي
قدمناها في عمل أول ليلة منه، ففيها بلاغ لهذا الميقات والآوان، وان شاء فيزوره
بالزيارات المروية لكل زمان أو لكل امام حيث كان.
فصل (62)
فيما نذكره من صلاة عشر ركعات في نصف رجب
من رواية سلمان رضوان الله عليه عن النبي صلوات الله عليه وآله، وهي:
وصل في وسط الشهر عشر ركعات تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب و (قل هو الله
أحد) و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، فإذا سلمت فارفع يديك إلى السماء وقل:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي
لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير، الها واحدا أحدا صمد فردا
لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. ثم امسح بهما وجهك (2).
فصل (63)
فيما نذكره من صلاة أربع ركعات يوم النصف من رجب ودعائها
مروية عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: دخل عدي بن ثابت الأنصاري على

1 - رواه في كامل الزيارات: 182، عنه البحار 101: 907، و 10: 364، والتهذيب 2: 16، مصباح المتهجد
2: 807، الوسائل 10: 364، 1.
2 - مصباح المتهجد 2: 814، عنه الوسائل 8: 98.
237

أمير المؤمنين عليه السلام في يوم النصف من رجب وهو يصلي، فلما اسمع حسه أومئ
بيده إلى خلفه ان قف، قال عدي: فوقفت فصلى أربع ركعات لم أر أحدا صلاها قبله
ولا بعده، فلما سلم بسط يده وقال:
اللهم يا مذل كل جبار ويا معز المؤمنين، أنت كهفي حين تعييني
المذاهب وأنت بارئ خلقي رحمة بي، وقد كنت عن خلقي غنيا، ولولا
رحمتك لكنت من الهالكين، وأنت مؤيدي بالنصر على أعدائي،
ولولا نصرك إياي لكنت من المفضوحين (1).
يا مرسل الرحمة من معادنها ومنشئ البركة من مواضعها، يا من خص
نفسه بالشموخ والرفعة (2)، فأولياءه بعزه يتعززون، يا (3) من وضعت له الملوك نير
المذلة (4) على أعناقهم، فهم من سطواته خائفون.
أسألك بكينونيتك التي اشتققتها من كبريائك، وأسألك بكبريائك
التي اشتققتها من عزتك، وأسألك بعزتك التي استويت بها على عرشك،
فخلقت بها جميع خلقك، فهم لك مذعنون، ان تصلي على محمد وأهلي
بيته.
قال: ثم تكلم بشئ خفي عني ثم التفت إلي فقال: يا عدي أسمعت؟ قلت:
نعم، قال: أحفظت؟ قلت: نعم، قال: ويحك احفظه واعربه فوالذي فلق الحبة ونصب
الكعبة وبرء النسمة ما هو عند أحد من أهل الأرض ولا دعا به مكروب الا نفس الله
كربته.
ذكر صلاة أخرى في النصف من رجب:
وجدتها في عمل رجب باسناد متصل إلى النبي عليه السلام:

1 - المقبوحين (خ ل).
2 - شمخ الجبل: علا وطال، والرجل بأنفه: تكبر.
3 - ويا (خ ل).
4 - النير: الخشبة على عنق الثور باداتها.
238

ان من صلى في النصف من رجب يوم خمسة عشر عند ارتفاع النهار خمسين ركعة،
يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) مرة و (قل أعوذ برب الفلق) مرة
و (قل أعوذ برب الناس) مرة، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وحشر من قبره مع
الشهداء ويدخل الجنة مع النبيين ولا يعذب في القبر ويرفع عنه ضيق القبر وظلمته وقام
من قبره ووجهه يتلألأ (1).
فصل (64)
فيما نذكره من فضل صوم خمسة عشر يوما من رجب، غير ما أسلفناه
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب أماليه
وثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب خمسة عشر يوم وقف يوم القيامة موقف الآمنين ولا يمر به ملك
ولا نبي ولا رسول الا قالوا: طوبى لك أنت آمن مقرب مشرف مغبوط محبور ساكن
الجنة (2). (3).
فصل (65)
فيما نذكره من دعاء يوم النصف من رجب الموصوف بالإجابة
وما فيه من صفات الإنابة
اعلم أن هذا الدعاء الذي نذكره في هذا الفصل دعاء عظيم الفضل، معروف
بدعاء أم داود، وهي جدتنا الصالحة المعروفة بأم خالد البربرية، أم جدنا داود بن
الحسن بن الحسن ابن مولانا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، وكان خليفة
ذلك الوقت قد خافه على خلافته، ثم ظهر له براءة ساحته فأطلقه من دون آل أبي

1 - عنه الوسائل 8: 97.
2 - في المصادر: ساكن للجنان.
3 - ثواب الأعمال: 80، أمالي الصدوق: 430، عنهما البحار 97: 28.
239

طالب الذين قبض (1) عليهم، وسيأتي شرح حال قبضها ولدها جدنا داود، وحديث الدعاء
الذي استجابه الله جل جلاله منها رضي الله عنها، وجمع شملها به، بعد بعد العهود.
فأما حديث أنها أم داود جدنا، وأن اسمها أم خالد البربرية كمل الله لها مراضيه
الإلهية، فإنه معلوم عند العلماء ومتواتر بين الفضلاء.
منهم أبو نصر سهل بن عبد الله البخاري النسابة فقال في كتاب سر أنساب
العلويين ما هذا لفظه: وأبو سليمان داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه
السلام أمه أم ولد تدعا أم خالد البربرية.
أقول: وكتب الأنساب وغيرها من الطرق العلية قد تضمنت وصف ذلك على
الوجوه المرضية.
وأما حديث أن جدتنا هذه أم داود، وهي صاحبة دعاء يوم النصف من رجب،
فهو أيضا من الأمور المعلومات عند العارفين بالأنساب والروايات، ولكنا نذكر منه
كلمات عن أفضل علماء الأنساب في زمانه علي بن محمد العمري تغمده الله بغفرانه
فقال في الكتاب المبسوط في الأنساب ما هذا لفظه:
وولد داود بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام أمه أم ولد،
وكانت امرأة صالحة، وإليها ينسب دعاء أم داود.
قال شيخ الشرف في كتاب تشجير تهذيب الأنساب أيضا، ونقلته من خطه عند
ذكر جدنا داود ما هذا لفظه: لام ولد، إليها ينسب دعاء أم داود.
وقال ابن ميمون النسابة الواسطي في مشجره إلى ذكر جدتنا أم داود: أنها تكنى أم
خالد، إليها يعزى دعاء أم داود.
وأما رواية هذا دعاء يوم النصف من رجب:
فإننا رويناه عن خلق كثير قد تضمن ذكر أسمائهم كتاب الإجازات فيما يخصني
من الإجازات بطرقهم المؤتلفة والمختلفة.

1 - حبس (خ ل).
240

وهو دعاء جليل مشهور بين أهل الروايات، وقد صار موسما عظيما في يوم النصف
من رجب معروفا بالإجابات وتفريج الكربات، ووجدت في بعض طرق من يرويه
زيادات، وسوف أذكر أكمل روايته احتياطا للظفر بفائدته.
فمن الرواة من يرفعه إلى مولانا موسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليه، ومنهم من
يرويه عن أم داود جدتنا رضوان الله عليها وعليه.
فمن الروايات في ذلك أن المنصور لما حبس عبد الله بن الحسن وجماعة من آل أبي
طالب وقتل ولديه محمدا وإبراهيم، أخذ داود بن الحسن بن الحسن - وهو ابن داية أبي
عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه، لأن أم داود أرضعت الصادق عليه
السلام منها بلبن ولدها داود - وحمله مكبلا بالحديد.
قالت أم داود: فغاب عني حينا بالعراق ولم أسمع له خبرا، ولم أزل أدعو وأتضرع
إلى الله جل اسمه وأسأل إخواني من أهل الديانة والجد والاجتهاد أن يدعو الله تعالى لي
وأنا في ذلك كله لا أرى في دعائي الإجابة.
فدخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه يوما أعوده من (1) علة
وجدها، فسألته عن حاله ودعوت له فقال لي: يا أم داود! ما فعل داود، وكنت قد
أرضعته بلبنه؟ فقلت: يا سيدي؟ وأين داود وقد فارقني منذ مدة طويلة وهو محبوس
بالعراق، فقال: وأين أنت عن دعاء الاستفتاح، وهو الدعاء الذي تفتح له أبواب
السماء، ويلقى صاحبه الإجابة من ساعته، وليس لصاحبه عند الله تعالى جزاء إلا
الجنة، فقلت له: كيف ذلك يا ابن الصادقين؟
فقال لي: يا أم داود قد دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب، وهو شهر مسموع فيه
الدعاء، شهر الله الأصم، فصومي الثلاثة الأيام البيض، وهو يوم الثالث عشر والرابع
عشر، والخامس عشر، واغتسلي في يوم (2) الخامس عشر وقت الزوال وصلى الزوال ثماني

1 - في (خ ل).
2 - اليوم (خ ل).
241

ركعات وفي إحدى الروايات: تحسني (1) قنوتهن وركوعهن وسجودهن.
ثم صلي الظهر وتركعين بعد الظهر، وتقولين بعد الركعتين: يا قاضى حوائج
السائلين (2) مائة مرة، ثم تصلين بعد ذلك ثماني ركعات - وفي رواية أخرى: تقرئين في
كل ركعة، يعني من نوافل العصر بعد الفاتحة ثلاث مرات (قل هو الله أحد) وسورة الكوثر
مرة، ثم صلى العصر.
ولتكن صلاتك في ثوب نظيف واجتهدي أن لا يدخل عليك أحد يكلمك، وفي
رواية: وإذا فرغت. من العصر فالبسي أطهر ثيابك، واجلسي في بيت نظيف على حصير
نظيف، واجتهدي أن لا يدخل عليك أحد يشغلك.
ثم استقبلي القبلة واقرئي الحمد مائة مرة و (قل هو الله أحد) مائة مرة وآية الكرسي
عشر مرات، ثم اقرئي سورة الأنعام وبني إسرائيل وسرة الكهف ولقمان ويس
والصافات، وحم السجد وحم عسق وحم الدخان، والفتح والواقعة وسورة الملك
ون والقلم، وإذا السماء انشقت وما بعدها إلى آخر القرآن، وإن لم تحسني ذلك ولم تحسني
قرائته من المصحف كررت (قل هو الله أحد) ألف مرة.
قال شيخنا المفيد: إذا لم تحسن قراءة السور المخصوصة في يوم النصف من رجب أو
لم تطق قراءة ذلك فلتقرأ الحمد مائة مرة وآية الكرسي عشر مرات ثم تقرء الاخلاص
ألف مرة.
وأقول: ورأيت في بعض الروايات، ويحتمل أن يكون ذلك لأهل الضرورات أو من
يكون على حال سفر أو في شئ من المهمات، فيجزيه قراءة (قل هو الله أحد) مائة مرة.
ثم قال الصادق عليه السلام في إحدى الروايات: فإذا فرغت من ذلك وأنت
مستقبل القبلة فقولي:
بسم الله الرحمن الرحيم، صدق الله [العلي] (3) العظيم، الذي لا إله إلا

1 - تحسنين (خ ل).
2 - الطالبين (خ ل).
3 - من البحار.
242

هو الحي القيوم ذو الجلال والاكرام، الرحمان الرحيم، الحليم الكريم،
الذي ليس كمثله شئ وهو السميع العليم، البصير الخبير، شهد الله أنه
لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم،
ان الدين عند الله الاسلام وبلغت رسله الكرام، وأنا على ذلك من الشاهدين.
اللهم لك الحمد ولك المجد، ولك العز (2)، ولك القهر، ولك النعمة،
ولك العظمة، ولك الرحمة، ولك المهابة، ولك السلطان، ولك البهاء، ولك
الامتنان، ولك التسبيح، ولك التقديس، ولك التهليل، ولك التكبير، ولك
ما يرى، ولك مالا يرى، ولك ما فوق السماوات العلى، ولك ما تحت الثرى،
ولك الأرضون السفلى، ولك الآخرة والأولى، ولك ما ترضى به من الثناء
والحمد والشكر والنعماء.
اللهم صل على جبرئيل أمينك على وحيك والقوي على أمرك،
والمطاع في سماواتك، ومحال كراماتك (3)، الناصر لأوليائك (4) المدمر
لأعدائك، اللهم صل على ميكائيل ملك رحمتك والمخلوق لرأفتك
والمستغفر المعين لأهل طاعتك.
اللهم صل على إسرافيل حامل عرشك، وصاحب الصور، المنتظر لأمرك والوجل المشفق من خيفتك، اللهم صل على عزرائيل ملك الرحمة (6)،
الموكل على عبيدك وإمامك، المطيع في أرضك وسمائك، قابض أرواح
جميع خلقك (7) بأمرك.

1 - الحكيم (خ ل).
2 - لك الفخر (خ ل).
3 - المحتمل لكلماتك (خ ل).
4 - الناصر لأنبيائك (خ ل).
5 - أحد حملة (خ ل).
6 - في البحار: ملك الموت.
7 - قابض أرواح عبادك (خ ل).
243

اللهم صل على حملة العرش (1) الطاهرين، وعلى السفرة الكرام البررة
الطيبين، وعلى ملائكتك الكرام الكاتبين، وعلى ملائكة الجنان وخزنة
النيران، وملك الموت والأعوان يا ذا الجلال والاكرام.
اللهم صل على أبينا آدم بديع فطرتك الذي كرمته بسجود ملائكتك
وأبحته جنتك، اللهم صل على أمنا حواء المطهرة من الرجس المصفاة من
الدنس (2)، المفضلة من الانس، المترددة بين محال القدس.
اللهم صل على هابيل وشيث وإدريس، ونوح وهود وصالح، وإبراهيم
وإسماعيل وإسحاق، ويعقوب ويوسف والأسباط، ولوط وشعيب، وأيوب
وموسى وهارون، ويوشع وميشا والخضر وذي القرنين، ويونس وإلياس،
واليسع وذي الكفل، وطالوت وداود وسليمان، وزكريا وشعيا ويحيى، وتورخ
ومتى وإرميا وحيقوق، ودانيال وعزير وعيسى وشمعون وجرجيس،
والحواريين والأتباع وخالد وحنظلة و (لقمان) (3).
اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وال محمد، وبارك
على محمد وآل محمد، كما صليت ورحمت (4) وباركت على إبراهيم وآل
إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم صل على الأوصياء والسعداء والشهداء وأئمة الهدى، اللهم صل
على الأبدال والأوتاد والسياح والعباد والمخلصين والزهاد، وأهل الجد
والاجتهاد، واخصص محمدا وأهل بيته بأفضل صلواتك، وأجزل كراماتك،
وبلغ روحه وجسده مني تحية وسلاما، وزده فضلا وشرفا وإكراما، حتى
تبلغه أعلى درجات أهل الشرف من النبيين والمرسلين والأفاضل المقربين.

1 - حملة عرشك (خ ل).
2 - اللبس (خ ل).
3 - ليس في بعض النسخ.
4 - ترحمت (خ ل).
(5) كرما (خ ل).
244

اللهم وصل على من سميت ومن لم اسم، من ملائكتك وأنبيائك
ورسلك وأهل طاعتك، وأوصل صلواتي إليهم وإلى أرواحهم (1)، واجعلهم
إخواني فيك وأعواني على دعائك (2)، اللهم إني استشفع بك إليك، وبكرمك
إلى كرمك، وبجودك إلى جودك، وبرحمتك إلى رحمتك، وبأهل طاعتك
إليك.
وأسألك اللهم (3) بكل ما سألك به أحد منهم، من مسألة شريفة مسموعة
غير مردودة، وبما دعوك به من دعوة مجابة غير مخيبة.
يا الله يا رحمان يا رحيم، يا حليم يا كريم يا عظيم، يا جليل يا منيل،
يا جميل يا كفيل يا وكيل يا مقيل، يا مجير يا خبير، يا منير يا مبير، يا منيع يا مديل
يا محيل، يا كبير يا قدير، يا بصير يا شكور، يا بر يا طهر، يا طاهر يا قاهر، يا ظاهر
يا باطن.
يا ساتر يا محيط، يا مقتدر يا حفيظ، يا مجير يا قريب، يا ودود يا حميد
يا مجيد، يا مبدي يا معيد يا شهيد، يا محسن يا مجمل يا منعم يا مفضل، يا قابض
يا باسط، يا هادي يا مرسل، يا مرشد يا مسدد، يا معطي يا مانع، يا دافع يا رافع
يا باقي يا واقي يا خلاق يا وهاب يا تواب يا فتاح يا نفاح يا مرتاح يا من بيده
كل مفتاح، يا نفاع يا رؤوف يا عطوف، يا كافي يا شافي، يا معافي يا مكافي،
يا وفي يا مهيمن، يا عزيز يا جبار يا متكبر، يا سلام يا مؤمن
يا أحد يا صمد، يا نور يا مدبر، يا فرد يا وتر يا قدوس، يا ناصر يا مؤنس،
يا باعث يا وارث يا عالم يا حاكم، يا بادئ (4) يا متعالي، يا مصور يا مسلم
يا متحبب، يا قائم يا دائم يا عليم يا حكيم يا جواد يا بارئ، يا بار يا سار، يا عدل

1 - أجسادهم (خ ل).
2 - طاعتك (خ ل).
3 - بكرامتك (خ ل).
4 - يا بارى (خ ل).
245

يا فاضل يا ديان، يا حنان يا منان.
يا سميع يا بديع يا خفير يا مغير يا مفتي (1) يا ناشر يا غافر يا قديم (2)، يا مسهل
يا ميسر، يا مميت يا محيي، يا رافع (3) يا رازق يا مقتدر، يا مسبب يا مغيث، يا مغني
يا مقني، يا خالق يا راصد يا واحد يا حاضر يا جابر يا حافظ (4)، يا شديد يا غياث
يا عائذ يا قابض.
وفي بعض الروايات: يا منيب يا مبين يا طاهر يا مجيب يا متفضل
يا مستجيب، يا عادل يا بصير، يا مؤمل يا مسدد (6)، يا أواب يا وافي، يا راشد يا ملك
يا رب، يا معز يا مذل، يا ماجد يا رازق، يا ولي يا فاضل يا سبحان.
يا من على فاستعلى، فكان بالمنظر الأعلى، يا من قرب فدنى، وبعد فنأى، وعلم السر وأخفى، يا من إليه التدبير وله المقادير، يا من العسير عليه
سهل يسير، يا من هو على ما يشاء قدير.
يا مرسل الرياح، يا فالق الاصباح، يا باعث الأرواح، يا ذا الجود والسماح
يا راد ما قد فات، يا ناشر الأموات، يا جامع الشتات، يا رازق من يشاء (7) وفاعل
ما يشاء كيف يشاء (8) ويا ذا الجلال والاكرام، يا حي يا قيوم، يا حي حين
لا حي، يا حي يا محيي الموتى، يا حي لا إله إلا أنت بديع السماوات
والأرض.
يا إلهي صل على محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد، وبارك
على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت ورحمت على إبراهيم وآل

1 - يا مغني (خ ل).
2 - يا كريم (خ ل).
3 - يا نافع (خ ل).
4 - يا حفيظ (خ ل).
4 - يا حفيظ (خ ل).
5 - يا ظاهر (خ ل).
6 - يا رازق من يشاء بغير حساب.
7 - كيف ما يشاء (خ ل).
8 - ترحمت (خ ل).
246

إبراهيم إنك حميد مجيد، وارحم ذلي وفاقتي وفقري، وانفرادي ووحدتي،
وخضوعي بين يديك، واعتمادي عليك وتضرعي إليك.
أدعوك دعاء الخاضع، الذليل الخاشع، الخائف المشفق، البائس
المهين الحقير، الجائع الفقير، العائذ المستجير، المقر بذنبه، المستغفر منه،
المستكين لربه، دعاء من أسلمته ثقته، ورفضته أحبته، وعظمت فجعته،
دعاء حرق حزين ضعيف مهين، بائس مسكين (1)، بك مستجير.
اللهم وأسألك بأنك مليك وأنك ما تشاء من أمر يكون (2)، وأنك على
ما تشاء قدير، وأسألك بحرمة هذا الشهر الحرام، والبيت الحرام والبلد الحرام
والركن والمقام، والمشاعر العظام، وبحق نبيك محمد عليه وآله السلام.
يا من وهب لادم شيث، ولإبراهيم إسماعيل وإسحاق، ويا من رد يوسف
على يعقوب، ويا من كشف بعد البلاء ضر أيوب، ويا راد موسى على أمه،
وزائد الخضر في علمه، ويا من وهب لداود سليمان، ولزكريا يحيى، ولمريم
عيسى، يا حافظ بنت شعيب، ويا كافل ولد أم موسى عن والدته.
أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي ذنوبي كلها،
وتجيرني من عذابك، وتوجب لي رضوانك وأمانك واحسانك وغفرانك
وجنانك، وأسألك أن تفك عني كل حلقة ضيق (3) بيني وبين من يؤذيني،
وتفتح لي كل باب، وتلين لي كل صعب، وتسهل لي كل عسير، وتخرس
عني كل ناطق بشر (4)، وتكف عني كل باغ وتكبت عني (5) كل عدو لي
وحاسد، وتمنع عني كل ظالم، وتكفيني كل عائق يحول بيني وبين ولدي (6)

1 - مستكين (خ ل).
2 - يكن (خ ل).
3 - حلقة وضيق (خ ل).
4 - بسوء (خ ل).
5 - لي (خ ل).
6 - وحاجتي وإخواني من المؤمنين والمؤمنات ووالدي (خ ل).
247

ويحاول أن يفرق بيني وبين طاعتك، ويثبطني عن عبادتك.
يا من ألجم الجن المتمردين، وقهر عتاة الشياطين، وأذل رقاب
المتجبرين، ورد كيد المتسلطين عن المستضعفين، أسألك بقدرتك على
ما تشاء وتسهيلك لما تشاء كيف تشاء أن تجعل (1) قضاء حاجتي فيما تشاء.
ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك وقولي: (اللهم لك سجدت وبك
آمنت، فارحم ذلي وفاقتي واجتهادي وتضرعي ومسكنتي وفقري إليك
يا رب).
واجتهدي أن تسح (2) عيناك ولو بقدر رأس الذبابة دموعا، فان ذلك علامة
الإجابة (3).
أقول: هذه سجدة أحدى الروايات، وإذا كان موضع الإجابة، وهو في محل السجود،
فينبغي أن يستظهر في بلوغ المقصود، بذكر ما رأيناه أو رويناه من اختلاف القول في
سجدة هذه الدعوات.
رواية أخرى في سجدة دعاء أم داود، ما هذا لفظها:
ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك وقولي: (اللهم لك سجدت وبك
آمنت، فارحم ذلي وكبوتي لحر وجهي (4)، وفقري (5) وفاقتي)، واجتهدي في
الدعاء أن تسح عيناك ولو قدر رأس الإبرة فان ذلك علامة الإجابة إن شاء الله.
رواية أخرى في سجدة هذا الدعاء ما هذا لفظه:
ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك وقولي: (اللهم لك سجدت وبك
آمنت، فارحم ذلي وخضوعي بين يديك،

1 - تعجل (خ ل).
2 - سح الماء: سال.
3 - من علامات الإجابة (خ ل).
4 - حر الوجه: ما اقبل عليك وبدأ لك.
5 - تفردي وفقري (خ ل).
248

وفقري وفاقتي إليك، وارحم انفرادي وخشوعي واجتهادي بين يديك وتوكلي
عليك، اللهم بك أستفتح وبك أستنجح وبمحمد عبدك ورسولك (1) أتوجه
إليك.
اللهم سهل لي كل حزونة (2)، وذلل لي كل صعوبة، وأعطني من الخير
أكثر مما أرجو وعافني من الشر، واصرف عني السوء.
ثم قولي مائة مرة: يا قاضي حوائج الطالبين، اقض حاجتي بلطفك يا خفي
الألطاف).
قال جعفر الصادق عليه السلام: واجتهدي أن تسح عيناك ولو مقدار رأس الإبرة (3)
دموعا، فإنه علامة إجابة هذا الدعاء بحرقة القلب وانسكاب العبرة، واحتفظي بما علمتك.
رواية أخرى في سجدة هذا الدعاء ما هذا لفظها:
ثم اسجدي على الأرض وعفري خديك ثم قولي في سجودك:
(اللهم لك سجدت ولك صليت وبك آمنت وعليك توكلت، وأحرم
ذلي وفاقتي وخضوعي وانفرادي ومسكنتي وفقري وكبوتي لوجهك وإليك
يا رب يا رب).
واجتهدي أن تسح عيناك ولو بقدر رأس ذباب دموعا، فان آية الإجابة لهذا الدعاء
حرقة القلب وانسكاب العبرة، واحفظي ما علمتك واحذري أن تعلميه من يدعو به
الباطل، فان فيه اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطي، فلو
أن السماوات والأرض كانتا رتقا والبحار من دونها كان ذلك عند الله دون حاجتك
لسهل الله تعالى الوصول إلى ذلك، ولو أن الجن والأنس أعداؤك لكفاك الله مؤونتهم
وذلل (4) رقابهم.

1 - وآله (خ ل).
2 - حزونتي (خ ل).
3 - ذبابة (خ ل).
4 - ذلل الله (خ ل).
249

أقول: فإذا علمت ما ذكرنا من هذا الإحتياطات للعبادات والاستظهار في الروايات
والسجدات، ولم يسمح عقلك بالخضوع ولا قلبك بالخشوع، ولا عينك بالدموع، فاشتغل
بالبكاء على قساوة قلبك، وغفلتك عن ربك وما أحاط بك من ذنبك، عن الطمع في
قضاء حاجتك التي ذكرتها في دعواتك، وبادر رحمك الله إلى معالجة داءك وتحصيل
شفائك، فأنت مدنف المرض على شفاء وتب من كل ذنب، واطلب العفو ممن عودك
أنك إذا طلبت العفو منه عفى.
أقول: ونحن نذكر تمام رواية جدنا أم داود رضوان الله عليهما ليعلم كيفية تفصيل
إحسان الله جل جلاله إليهما، فلا تقنع لنفسك أن تكون معاملتك لله جل جلاله
وإخلاصك له واختصاصك به والتوصل في الظفر برحمته وإجابته دون امرأة، والنساء
رعايا للعقلاء، والرجال قوامون على النساء، وقبيح بالرئيس أن يكون دون واحد من
رعيته.
فقال أم جدنا داود رضوان الله عليه: فكتبت هذا الدعاء وانصرفت ودخل شهر
رجب وفعلت مثل ما أمرني به (تعني الصادق عليه السلام - ثم رقدت تلك الليلة، فلما
كان في آخر الليل رأيت محمدا صلى الله عليه وآله وكل من صليت عليهم من الملائكة
والنبيين، ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم يقول (1): يا أم داود أبشري وكل من ترين من
إخوانك - وفي رواية أخرى: من أعوانك وإخوانك وكلهم يشفعون لك، ويبشرونك
بنجح حاجتك وأبشري فان الله تعالى يحفظك ويحفظ ولدك ويرده عليك.
قالت: فانتبهت فما لبثت إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة للراكب المجد
المسرع العجل، حتى قدم علي داود، فسألته عن حاله فقال: إني كنت محبوسا في
أضيق حبس وأثقل حديد - وفي رواية: وأثقل قيد (إلى يوم النصف من رجب.
فلما كان الليل رأيت في منامي كأن الأرض قد قبضت لي، فرأيتك على حصير
صلاتك، وحولك رجال رؤوسهم في السماء، وأرجلهم في الأرض
يسبحون الله تعالى

1 - يقولون (خ ل).
250

حولك، فقال لي قائل منهم حسن الوجه، نظيف الثوب، طيب الرائحة خلت جدي
رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشر يا بن العجوزة الصالحة، فقد استجاب الله لامك
فيك دعاءها.
فانتبهت ورسل المنصور على الباب، فأدخلت عليه في جوف الليل فأمر بفك الحديد
عني والاحسان إلي وأمر لي بعشرة آلاف درهم، وحملت على نجيب وسوقت بأشد
السير وأسرعه، حتى دخلت المدينة، قالت أم داود: فمضيت به إلى أبي عبد الله (1) عليه
السلام، فقال عليه السلام: إن المنصور رأى أمير المؤمنين عليا عليه السلام في المنام يقول
له: أطلق ولدي وإلا ألقيتك في النار، ورأي كأن تحت قدميه النار، فاستيقظ وقد
سقط في يديه فأطلقك يا داود.
قالت أم داود: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: يا سيدي أيدعي بهذا الدعاء في غير
رجب؟ قال: نعم، يوم عرفة، وإن وافق ذلك يوم الجمعة لم يفرغ صاحبه منه حتى يغفر
الله له، وفي كل شهر إذا أراد ذلك صام الأيام البيض ودعا به في آخرها كما وصفت.
وفي روايتين: قال: نعم في يوم عرفة، وفي كل يوم دعا، فان الله يجيب إن شاء الله
تعالى (2).
فصل (66)
فيما نذكره مما اشتمل عليه دعاء أم داود شرفها الله بالعنايات من الآيات الظاهرات
اعلم أن هذه الحكاية المشهورة والضراعة المبرورة قد اشتملت على عدة آيات
ومعجزات وكرامات وعنايات:
فمن الآيات: ما ظهر من سرعة الإجابة على بساط الإنابة، فهو في حكم الآية الباهرة
لقدرة الله جل جلاله القاهرة والمعجزة لمحمد صلى الله عليه وآله وتصديق رسالته

1 - الصادق (خ ل).
2 - عنه بطوله البحار 98: 397 - 406 عنه بعضه البحار 47: 307 - 308، نقله في البحار 97: 42 - 47 عن فضائل
الأشهر الثلاثة: 27 نقل دعاء أم داود مصباح الشيخ 2: 807.
251

الطاهرة.
ومن المعجزات: ان سرعة اجابتها على مراها من حاجتها (1) فيه تصديق للقرآن
الشريف بإجابة الداعي إذا دعاه وتصديق رسول الله (2) صلوات الله عليه وآله الذي أتى
به القرآن ودعاه (3) ورعاه.
ومن المعجزات: تعريف الصادق عن الله جل جلاله باسرار الدعاء المشار إليه قبل
اظهار اسراره وتصديق الله جل جلاله بما تفضل به سبحانه من مباره ومساره.
ومن العنايات بجدنا داود وأمه جدتنا رضوان الله جل جلاله عليهما وظهور توفيقهما
والعناية بنا بطريقهما، تعريف جدنا داود وهو بالعراق جواب دعاء والدته بالمدينة
الشريفة في سرعة تلك الأوقات اللطيفة.
ومن العنايات بها: ان هذا السر الإلهي المودع في هذا الاستفتاح كان مصونا عند
أهل الفلاح، حتى وجد مولانا الصادق عليه السلام وأودعه أمنا أم داود رضوان الله
عليها وعليه، ووجدها أهلا لا يذاع هذا السر لصدرها وبرهانا على رفع قدرها وآية في
صلاح أمرها وجبر كسرها.
ومن العنايات بها: ان أم موسى عليه السلام خصها الله جل جلاله بالوحي إليها
ووقفها من سلامة ولدها والشفقة عليه وعليها، وقال جل جلاله: (إن كادت لتبدي به لولا أن
ربطنا على قلبها) (5)، وما كانت لما ألقته في البحر قد علمت أنه حصل ولدها في يد
الأعداء بل في وديعة ربها، وأم داود لم تكن ممن يحصل لها الانس بالوحي إليها ولا الثقة

1 - حاجاتها (خ ل).
2 - رسوله (خ ل).
3 - وعاه (خ ل).
4 - رسول الله (خ ل).
5 - القصص 1.
252

بسلامة ولدها واعادته عليها، وربط الله جل جلاله على قلبها عند ظفر الأعداء بولدها
وهو واحدها وقطعة كبدها.
أقول: وأم موسى عليه السلام أفضل من أم داود في غير هذه العنايات وأبلغ في
السعادات لتخصيص الله جل جلاله بالوحي إليها ولقبولها والقاء ولدها إلى هول البحر
بيديها، ولأجل ولادتها لموسى عليه السلام العظيم الشأن وصيانتها لأسرار الله تعالى في
السر والاعلان.
ومن العنايات بها: انها لم يتشبث (1) في تخليص ولدها العزيز عليها بأهل الدنيا
المعظمين، ولا بالذل للملوك والسلاطين، وقنعت بالله رب العالمين.
ومن العنايات بولدها وبها: قول مولانا علي عليه السلام عن جدنا داود في المنام انه
ولده.
ومن العنايات به وبها: انه قد كان مع جدنا داود جماعة في الحبس من قومه
صالحين فاختصه بهذه (2) الشفاعة من دونهم أجمعين.
ومن العنايات بها: قول النبي صلى الله عليه وآله لولدها: يا بن العجوزة الصالحة،
وهذه شهادة منه صلوات الله عليه لها بالصلاح وسعادة صريحة واضحة راجحة، وما قال
عليه السلام بعد وفاته فهو كما قال في حياته.
ومن العنايات بها: ما رآها في المنام عقيب الدعاء بغير اهمال من صورة الملائكة
والأنبياء والأولياء ومن بشرها منهم بإجابة الدعاء، والابتهال على وجه ما عرفت انه جرى
لغيرها مثله عند مثل تلك الحال.
ومن العنايات بها ان ابتداء ظهور هذه السنة الحسنة بطريقها يقتضي ان كل من
عمل بها وسلك سبيل توفيقها ثواب عمله في ميزانها ورافعا عن (3) علو شأنها.
ومن العنايات بها: ان كل حاجة انقضت بهذه الدعوات مع استمرار الأوقات،

1 - يتسبب (خ ل).
2 - فاختص (خ ل).
3 - من (خ ل).
253

فإنها من جملة الآيات لله جل جلاله والمعجزات لرسوله صلوات الله عليه والكرامات
للصادقين عليهم أفضل الصلوات، فنور هذه المنيعة باق مع بقاء العاملين بها والموفقين لها.
ومن العنايات بها: انه قد ظهر أدعية وسنن مأثورة على يد أمم كثيرة وذوي همم
صغيرة وكبيرة، ومع ذلك فلم يستمر الاهتمام بالعمل بها والقول لها كما استمر العمل
بهذا الدعاء على اختلاف الأوقات إلى هذا الغايات.
ومن العنايات بها: ان الملوك الذين أطفؤوا أنوارا كثيرة من الاسرار والأخيار (1)،
لم يمكنهم الله جل جلاله من إطفاء اسرار هذا الدعاء ووفق له من ينقله ويعمل به
ولا يخاف كثرة الأعداء.
وروي ان يوم خامس عشر من رجب، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من
الشعب، وان يوم خامس عشر من رجب عقد رسول الله صلى الله عليه وآله لمولانا علي
عليه السلام على مولاتنا فاطمة الزهراء عليه وعليهم السلام عقد النكاح بإذن الله جل
جلاله.
وفي هذا اليوم حولت القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة والناس في صلاة
العصر إلى البيت الحرام.
فصل (67)
فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من رجب
وجدناه في مواطن كثيرة التوفيق والترغيب في طاعة المالك الشفيق، مرويا عن
النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السادسة عشر من شهر رجب ثلاثين ركعة بالحمد و (قل هو الله
أحد) عشر مرات، لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم
القيامة ونوره يضئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة، وأعطاه الله براءة من النار

1 - سبل الأخيار (خ ل).
254

وبرائة عن النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (1).
فصل (68)
فيما نذكره من فضل صوم ستة عشر يوما من شهر رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ستة عشر يوما كان في أوائل من يركب على دواب من نور
تطير بهم في عرضة الجنان إلى دار الرحمان (2).
فصل (69)
فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من رجب
وجدناه في طرق المراحم وموافق المكارم، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السابعة عشر من رجب ثلاثين ركعة بالحمد مرة (قل هو الله
أحد) عشر مرات، لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا ويجئ يوم
القيامة ونوره يضيئ لأهل الجمع كما بين مكة والمدينة، وأعطاه الله براءة من النار
وبراءة من النفاق ويرفع عنه عذاب القبر (3).
فصل (70)
فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضي الله عنه في أماليه وثواب
الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:

1 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
2 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 29.
3 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
255

ومن صام من رجب سبعة عشر يوما وضع له يوم القيامة على الصراط سبعون ألف
مصباح من نور حتى يمر على الصراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان تشيعه الملائكة
بالترحيب والتسليم (1).
فصل (71)
فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من رجب
وجدناه على طبق الضيافة وموائد الرحمة والرأفة، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثامنة عشر من رجب ركعتين بالحمد مرة (قل هو الله أحد)
والفلق والناس عشرا عشرا، فإذا فرغ من صلاته قال الله لملائكته: لو كانت ذنوب
هذا أكثر من ذنوب العشارين لغفرتها له بهذه الصلاة، وجعل الله بينه وبين النار ستة
خنادق، بين كل خندق مثل ما بين السماء والأرض. (2)
فصل (72)
فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ثمانية عشر يوما، زاحم إبراهيم الخليل عليه السلام في قبته في
قبة (3) الخلد على سرر الدر والياقوت (4).

1 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 431، عنهما البحار 97: 29.
2 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
3 - جنة (خ ل).
4 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
256

فصل (73)
فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من رجب
وجدنا ذلك في مذخور أوراق السرور، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة عشر من رجب أربع ركعات بالحمد مرة وآية الكرسي
خمس عشرة مرة و (قل هو الله أحد) خمس عشرة مرة، أعطاه الله من الثواب مثل ما اعطى
موسى عليه السلام وكان له بكل حرف ثواب شهيد، ويبعث الله سبحانه إليه مع
الملائكة ثلاث بشارات: الأولى لا يفضحه في الموقف، الثانية لا يحاسبه، والثالثة ادخل
الجنة بغير حساب، وإذا وقف بين يدي الله تعالى يسلم الله تعالى عليه ويقول له:
يا عبدي لا تخف ولا تحزن فاني عنك راض والجنة لك مباحة (1).
فصل (74)
فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضي الله عنه في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب تسعة عشر يوما بنى الله عز وجل له قصرا من لؤلؤ رطب بحذاء
قصر آدم وإبراهيم عليهما السلام في جنة عدن يسلم عليهما ويسلمان عليه، تكرمة لها
وايجابا لحقه، وكتب له بكل يوم يصوم منه كصيام ألف عام (2).
فصل (75)
فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من رجب
وجدناه في صدف جواهر اليوم الآخر، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:

1 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
2 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
257

ومن صلى ليلة العشرين من رجب ركعتين بالحمد مرة وخمس مرات (انا أنزلناه في
ليلة القدر)، يعطيه الله ثواب إبراهيم وموسى ويحيى وعيسى عليهم السلام، ومن صلى
هذه الصلاة لا يصيبه شئ من الجن والإنس وينظر الله إليه بعين رحمته (1).
فصل (76)
فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب
الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب عشرين يوما فكأنما عبد الله عشرين ألف عام (2).
فصل (77)
فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من رجب
وجدناه في شجر ثمر الاقبال بالاعمال مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الحادية والعشرين من رجب ست ركعات بالحمد مرة وسورة
الكوثر عشر مرات و (قل هو الله أحد) عشر مرات، يأمر الله الملائكة الكرام الكاتبين الا
يكتبوا عليه سيئة إلى سنة، ويكتبون له الحسنات إلى أن يحول عليه الحول، والذي
نفسي بيده والذي بعثني بالحق نبيا ان من يحبني ويحب الله فصلى بهذه الصلاة وإن كان
يعجز عن القيام فيصلي قاعدا فان الله يباهي به ملائكته ويقول: اني قد غفرت له (3).
فصل (78)
فيما نذكره من فضل صوم أحد وعشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب

1 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
2 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
3 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
258

الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب أحد وعشرين يوما شفعه الله يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر،
كلهم من أهل الخطايا والذنوب (1).
فصل (79)
فيما نذكره من عمل الليلة الثانية والعشرين من رجب
وجدناه في كتب فتح الأبواب إلى دار الثواب مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله
قال:
ومن صلى الليلة الثانية والعشرين من رجب ثماني ركعات بالحمد مرة و (قل يا أيها
الكافرون) سبع مرات، فإذا فرغ من الصلاة صلى على النبي صلى الله عليه وآله عشر
مرات واستغفر الله عز وجل عشر مرات، فإذا فعل ذلك لم يخرج من الدنيا حتى يرى
مكانه من الجنة، ويكون موته على الاسلام ويكون له اجر سبعين نبيا (2).
فصل (80)
فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب اثنين وعشرين يوما نادى مناد من السماء: ابشر يا ولي الله من
الله بالكرامة العظيمة ومرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا (3).

1 - ثواب الأعمال 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
2 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
3 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
259

فصل (81)
فيما نذكره من فضل اليوم الثاني والعشرين من رجب وتأكيد صيامه
روينا ذلك بإسنادنا إلى شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب حدائق
الرياض، فقال عند ذكر رجب ما هذا لفظه:
اليوم الثاني والعشرون منه سنة ستين من الهجرة أهلك الله أحد فراعنة هذه الأمة
معاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة، فيستحب صيامه شكرا لله على هلاكه.
فصل (82)
فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة والعشرين من رجب
وجدناه في مناهل الجود الدالة على مالك الوجود، مرويا عن النبي صلى الله عليه
وآله فقال:
ومن صلى في الليلة الثالثة والعشرين من رجب ركعتين بالحمد مرة وسورة
والضحى خمس مرات، أعطاه الله بكل حرف وبكل كافر وكافرة درجة في الجنة
وأعطاه الله ثواب سبعين حجة وثواب من شيع ألف جنازة وثواب من عاد ألف مريض
وثواب من قضى ألف حاجة لمسلم (1).
فصل (83)
فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب
الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ثلاثة وعشرين يوما نودي من السماء: طوبى لك يا عبد الله

1 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
260

نصبت قليلا ونعمت طويلا، طوبى لك إذا كشف الغطاء عنك وأفضيت إلى جسيم
ثواب ربك الكريم وجاورت الجليل في دار السلام (1).
فصل (84)
فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من رجب
وجدناه في شرائع المسار وبضائع دار القرار، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله
قال:
ومن صلى في الليلة الرابعة والعشرين من رجب أربعين ركعة بالحمد مرة و (آمن
الرسول) مرة وسورة الاخلاص مرة كتب الله تعالى له ألف حسنة ومحى عنه الف سيئة
ورفع الف درجة وينزل من السماء ألف ملك رافعي أيديهم يصلون عليه ويرزقه الله
تعالى السلامة في الدنيا والآخرة وكأنما أدرك ليلة القدر (2).
فصل (85)
فيما نذكره من فضل صوم أربعة وعشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في كتاب ثواب
الأعمال وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما، فإذا نزل به ملك الموت عليه السلام يرى
له في صورة شاب أمرد، عليه حلة من ديباج اخضر على فرس من خيل الجنان وبيده
حرير اخضر ممسك بالمسك الأذفر، وبيده قدح من ذهب مملو من شراب الجنان فسقاه
إياه عند خروج نفسه يهون عليه سكرات الموت، ثم يأخذ روحه في تلك الحريرة، فيفوح
منها رائحة يستنشقها أهل السماوات السبع فيظل في قبره ريان، ويبعث ريان حتى

1 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
2 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي 524 عن مصباح الزائر.
261

يرد حوض النبي صلى الله عليه وآله (1).
وروي ان يوم الرابع والعشرين من رجب كان فتح خبير على يد مولانا أمير المؤمنين
عليه السلام.
(86)
فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من رجب
وجدناه في سفر المسير إلى دار الرضا وخلع العفو عما مضى، مرويا عن النبي
صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الخامسة والعشرين من رجب عشرين ركعة بين المغرب والعشاء
الآخرة بالحمد مرة و (آمن الرسول) مرة و (قل هو الله أحد) مرة، حفظه الله في نفسه وأهله
ودينه وماله ودنياه وآخرته ولا يقوم من مقامه حتى يغفر له (2).
فصل (87)
فيما نذكره من الرواية ان يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله
كان يوم الخامس والعشرين من رجب والتأويل
لذلك على وجه الأدب
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه أسعده الله جل جلاله بامانه، فيما
ذكره في كتاب المقنع من نسخة نقلت في زمانه فقال ما هذا لفظه:
وفي خمسة وعشرين من رجب بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله، فمن صام ذلك اليوم
كان كفارة مائتي سنة.
أقول: وذكر مصنف كتاب دستور المذكورين عن مولانا علي عليه السلام أنه قال:
من صام يوم خمس وعشرين من رجب كان كفارة مائتي سنة، وفيه بعث محمد صلى

1 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 29.
2 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
262

الله عليه وآله.
وروي أيضا أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد، وعندنا به نسخة عليهما خط
الفقيه قريش بن اليسع مهنا العلوي في باب صوم رجب ما هذا لفظه: وقال محمد بن
أحمد بن يحيى في جامعه: وجدت في كتاب - ولم اروه - ان في خمسة وعشرين من رجب
بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله، فمن صام ذلك اليوم كان له كفارة مائتي سنة.
واعلم اني وجدت من أدركته من العلماء عاملين ان يوم مبعث النبي صلى الله عليه
وآله يوم سابع وعشرين من رجب غير مختلفين في تحقيق هذا اليوم واقباله، وإنما هذا
الشيخ محمد بن بابويه رضي الله عنه قوله معتمد عليه.
فلعل تأويل الجمع بين الروايات أن يكون بشارة الله جل جلاله للنبي صلى الله
عليه وآله انه يبعث رسولا في يوم سابع عشرين، كانت البشارة بذلك يوم الخامس
والعشرين من رجب، فيكون يوم الخامس والعشرين أول وقت البشارة بالبعثة له من
رب العالمين.
ومما ينبه على هذا التأويل تفضيل ثواب يوم الخامس والعشرين على اليوم السابع
والعشرين، وقد قدمنا رواية ابن بابويه وذكر جدي أبو جعفر الطوسي قدس الله سره:
ان من صام يوم الخامس والعشرين من رجب كان كفارة مائتي سنة (1).
فصل (88)
فيما نذكره من فضل صوم اليوم الخامس والعشرين من رجب، غير ما بيناه
رواه الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الشيخ الثقة
أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي رضوان الله عليه عن مولانا الرضا عليه السلام قال:
من صام خمسا وعشرين يوما من رجب جعل الله صومه ذلك اليوم كفارة سبعين
سنة.

1 - مصباح المتهجد 2: 820.
263

أقول: فلابد أن يكون تعظيم صوم هذا اليوم الخامس والعشرين، دالا على أنه معظم
عند رب العالمين وسيد المرسلين.
فصل (89)
فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من رجب، غير ما أوضحناه
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رحمة الله عليه في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فإنه إذا خرج من قبره تلقاه سبعون ألف
ملك، بيد كل ملك منهم لواء من در وياقوت ومعهم طرائف الحلي والحلل، فيقولون:
يا ولي الله النجاة إلى ربك، فهو من أول الناس دخولا في جنات عدن مع المقربين
الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك هو الفوز العظيم (1).
فصل (90)
فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من رجب
وجدناه في طرق التشريف بالتكليف مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله
قال:
ومن صلى في الليلة السادسة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة بالحمد وأربعين
مرة (وفي رواية أربع مرات - (قل هو الله أحد)، صافحته الملائكة، ومن صافحته
الملائكة أمن من الوقوف على الصراط والحساب والميزان، ويبعث الله إليه سبعين ملكا
يستغفرون له ويكتبون ثوابه ويهللون لصاحبه، وكلما تحرك عن مكانه يقولون: اللهم اغفر
لهذا العبد، حتى يصبح (2).

1 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهم البحار 97: 30.
2 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
264

فصل (91)
فيما نذكره من فضل صوم اليوم السادس والعشرين من رجب
روى ذلك الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الرضا
عليه السلام قال:
ومن صام يوم السادس والعشرين من رجب جعل الله صومه ذلك اليوم كفارة
ثمانين سنة.
فصل (92)
فيما نذكره من فضل صوم ستة وعشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رحمه الله في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ستة وعشرين يوما بني الله عز وجل له في ظل عرشه مائة قصر
من در وياقوت، على رأس كل قصر خيمة حمراء من حرير الجنان، يسكنها ناعما
والناس في الحساب (1).
فصل (93)
فيما نذكره من عمل ليلة سبع وعشرين من رجب
اعلم أن من أفضل الأعمال فيها زيارة مولانا علي أمير المؤمنين عليه السلام فيزار فيها
زيارة رجب أو بغيرها مما أشرنا إليه ومن عمل هذه الليلة مما روينا عن الثقات في
عدة روايات:
منها: ما رواه محمد بن علي الطرازي فقال في كتابه ما هذا لفظه: عدة من أصحابنا

1 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 30.
265

قالوا: حدثنا القاضي عبد الباقي بن قانع بن مروان، قال، حدثني مروان، قال: حدثني
محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا محمد بن عفير العنبي، عن أبي جعفر الثاني عليه
السلام.
وحدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله رحمه الله املاء ببغداد، قال: حدثنا جعفر بن
علي بن سهل بن فروخ أبو الفضل الدقاق، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زكريا الغلابي،
عن العباس بن بكار، عن محمد بن عفير الضبي، عمن حدثه عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.
وأخبرنا محمد بن وهبان، قال: حدثنا محمد بن عفير الضبي، عن أبي جعفر الثاني
عليه السلام قال: قال: إن
في رجب ليلة هي خير للناس مما طلعت عليه الشمس وهي ليلة سبع وعشرين
منه، نبئ رسول الله صلى الله عليه وآله في صبيحتها، وان للعامل فيها أصلحك الله من
شيعتنا مثل اجر عمل ستين سنة، قيل: وما العمل فيها؟ قال: إذا صليت العشاء الآخرة
واخذت مضجعك ثم استيقظت أي ساعة من ساعات الليل كانت قبل زواله أو بعده،
صليت اثني عشر ركعة باثنتي عشر سورة من خفاف المفصل من بعد يس إلى الحمد.
فإذا فرغت بعد كل شفع جلست بعد التسليم وقرأت الحمد سبعا، والمعوذتين سبعا،
و (قل هو الله أحد) سبعا، و (قل يا أيها الكافرون) سبعا، و (انا أنزلناه) سبعا، وآية الكرسي
سبعا، وقلت بعد ذلك من الدعاء:
الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك
ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، اللهم إني أسألك بمعاقد العز على
أركان عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم الأعظم
الأعظم، وبذكرك الاعلى الاعلى الاعلى، وبكلماتك التامات التي تمت
صدقا وعدلا ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي ما أنت أهله.
وادع بما شئت (1) فإنك لا تدعو بشئ الا أجبت، ما لم تدع بمأثم أو قطيعة رحم أو

1 - أحببت (خ ل).
266

هلاك قوم مؤمنين وتصبح صائما وانه يستحب لك صومه فإنه يعادل صوم سنة (1).
فصل (94)
فيما نذكره من صلاة أخرى في ليلة سبع وعشرين من رجب
رويناها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن صالح بن عقبة عن أبي
الحسن عليه السلام أنه قال:
صل ليلة سبع وعشرين من رجب أي وقت شئت من الليل اثنتي عشر ركعة، وتقرء
في كل ركعة الحمد والمعوذتين و (قل هو الله أحد) أربع مرات، فإذا فرغت قلت وأنت في
مكانك أربع مرات: لا إله إلا الله والله أكبر الحمد لله وسبحان الله ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم ادع بما شئت (2). (3)
فصل (95)
فيما نذكره أيضا من صلاة أخرى ليلة سبع وعشرين من رجب
وجدناها في مواطن الاجتهاد في الظفر بسعادة المعاد، مرويا عن النبي صلى الله
عليه وآله قال:
من صلى في الليلة السابعة، والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة، يقرء في كل
ركعة فاتحة الكتاب مرة و (سبح اسم) عشر مرات، و (انا أنزلنا في ليلة القدر) عشر مرات،
فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة، واستغفر الله تعالى
مائة مرة، كتب الله سبحانه وتعالى له ثواب عبادة الملائكة (4).
أقول: وقد تقدمت روايتنا في ليلة النصف من رجب عن حريز بن عبد الله عن

1 - مصباح المتهجد 2: 820، عنه الوسائل 8: 111.
2 - أحببت (خ ل).
3 - مصباح المتهجد 2: 821، عنه الوسائل 8: 111.
4 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
267

الصادق عليه السلام باثنتي عشرة ركعة على الوصف الذي ذكرناه.
ذكر محمد بن علي الطرازي انها تصلى ليلة سبع وعشرين من رجب أيضا، وقال:
فإذا فرغت قرأت وأنت جالس الحمد أربع مرات، وسورة الفلق أربعا والاخلاص
أربعا، ثم قال:: الله الله ربي لا أشرك به شيئا أربع مرات، ثم ادع بما تريده.
فصل (96)
فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمعقول
اعلم أن الرحمة التي نشرت على العباد وبشرت بسعادة الدنيا والمعاد بالاذن لسيد
المرسلين صلى الله عليه وآله وعلى ذريته الطاهرين، في أن يظهر رسالته عن رب
العالمين إلى الخلائق أجمعين، كانت السعادة باشراق شموسها وتعظيمها وتقديمها على قدر
ما أحيى الله جل جلاله بنبوته من موات الألباب وأظهر بقدس رسالته من الآداب
وفتح بهدايته من الأبواب إلى الصواب.
وذلك مقام يعجز عن بيانه منطق اللسان والقلم والكتاب، ولا تحصيه الخواطر ولا تطلع على
معانيه البصائر، ولا تعرف له عددا، (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات
ربي ولو جئنا بمثله مددا.) (1).
وأنت إذا أنصفت علمت أن الأمم كانت تائهة في الضلال وقد أحاط بهم
استحقاق الاستيصال، وقد كانت اليهود في قيود ضلالها لمخالفة موسى عليه السلام،
والنصارى هالكة بسوء مقالها في عيسى عليه السلام، والعرب ومن تابعها سالكة سبيل
الدواب والانعام وفاقدة لفوائد الأحلام بعبادة الأصنام، وبحر الغضب من الله جل
جلاله قد أشرف على أرواح أهل العدوان، وأمواج العطب قد أحاطت بنفوس ذوي
الطغيان، ونيران العذاب قد تعلقت بالرقات وسعت إلى الفتك بالأجساد، ورسل
الانتقام قد أشمتت بأهل الإلحاد والعناد وقلوب الأعداء والحساد وأهل الضلال وذووا

1 - الكهف: 109.
268

عيون غير ناظرة وعقول غير حاضرة وقلوب غير باصرة وجوارح غير ناضرة، وقد خذل
بعض بعضا بلسان الحال من شدة تلك الأهوال.
فبعث محمدا صلى الله عليه وآله من مجلس الغضب والمقت والعذاب وانكاله إلى
الأمم المتعرضة بتعجيل العقاب واستيصاله، وهو واحد في العيان منفرد عن الاخوان
والأعوان، يريد مقاتلة جميع من في الوجود من أهل الجحود، برأي قد احتوى على
مسالك الآراء واستوى على ممالك الأقوياء، وجنان قد خضع له امكان الابطال،
وبيان قد خشع له لسان أهل المقال والفعال، ونور قد رجعت جيوش الظلمات به
مكسورة ورؤوس الجهالات بلهبه مقهورة، وقدم قد مشى على الرؤوس والنفوس وهم (1)
قد حكمت بإزالة الضرر والنحوس.
فسرى نسيم ارج (2) ذلك التمكين والتلقين، وروج حياة ذلك السبق للأولين
والآخرين، في اليوم السابع والعشرين من رجب بالعجب وشرف المنقلب، فاستنشقه (3)
عقول كانت هامدة أو بائدة، واستيقظت به قلوب كانت راقدة، وجرى شراب العافية
بكأس آرائه العالية في أماكن اسقام الأنام فطردها وأحاط بجيوش النحوس فشردها،
وتهدد نفوس العقول المتهجمة على العقول فأبعدها، حتى الفها بعد الافتراق في الآفاق
وعطفها على الوفاق والاتفاق واجلسها على بساط الوداد والاتحاد وحماها عن مهاوي
الهلكة والفساد.
فما ظنك بمن هذا بعض أوصافه، ومن ذا يقدر على شرح ما شرفه الله جل جلاله به
من الطافه، وبأي بيان أو لسان أو جنان يقدر على وصف مواهبه واسعافه، ولقد دعونا
العقل إلى الكشف فذهل، فدعونا القلب إلى الوصف فوجل، فدعونا اللسان إلى البيان
فاستقال، فدعونا القلم إلى الامكان فذل وتزلزل وزال، فدعونا الجوارح جارحة بعد
جارحة فشردت عنا هاربة ونازحة.

1 - همم (خ ل).
2 - أرج تأرج: فاحت منه رائحة طيبة، فهو ارج.
3 - واستنشقه (خ ل).
269

فاستسلمنا لما يدل عليه لسان الحال من كمال ذلك الاقبال واستعنا بصاحب
القوة المعظمة لذاته ان يعرفنا قدر ذلك اليوم السعيد وجسيم هباته وصلاته، وان يعلمنا
كيفية الشكر على ما عجزنا عن وصفه، ويلهمنا كشف ما أقررنا بالقصور عن كشفه،
ويقبل بنا على ما ريد من القبول وتعظيم المرسل والرسول.
فصل (97)
فيما نذكره من تعظيم اليوم السابع والعشرين من رجب بالمنقول
روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه باسناده في أماليه إلى الصادق عليه
السلام قال: ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب الله له اجر صيام سبعين سنة (1).
وروى ذلك أيضا جعفر بن محمد الدوريستي باسناده في كتاب الحسنى إلى علي بن
النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: صيام يوم سبعة
وعشرين من رجب يعدل عند الله صيام سبعين سنة.
ومما رويناه في تعظيم صوم هذا اليوم بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رحمه الله فيما ذكره
في التواريخ الشرعية من نسخة قد كتبت في حياته عند ذكر رجب فقال ما هذا لفظه:
وفي اليوم السابع والعشرين منه كان مبعث النبي صلى الله عليه وآله، ومن صامه كتب
الله له صيام ستين سنة.
أقول: وينبه على تعظيم هذا اليوم ما رويناه في ليله انها خير للناس مما طلعت عليه
الشمس، فإذا كانت الليلة التي جاورته بلغت إلى هذا التعظيم فكيف يكون اليوم الذي
هو سبب في تعظيمها عند أهل الصراط المستقيم.
وروينا بإسنادنا إلى أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه فيما رواه عن الحسن بن
راشد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: غير هذه الأعياد شئ؟ قال: نعم أشرفها
وأكملها، اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: قلت: فأي يوم هو؟

1 - أمالي الصدوق: 349، عنه البحار 97: 34.
270

قال: إن الايلام تدور وهو يوم السبت لسبع وعشرين من رجب، قال: قلت: فما نفعل
فيه؟ قال: تصوم وتكثر الصلاة على محمد وآله عليهم السلام (1).
وذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب ثواب الأعمال وفي أماليه عن النبي
صلى الله عليه وآله فقال: ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوما أوسع الله عليه القبر
مسيرة أربعمائة عام، وملأ جميع ذلك مسكا وعنبرا (2).
فصل (98)
فيما نذكره من تأويل من روى أن صوم يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله
بعدل ثوابه ستين شهرا
اعلم أن تعظيم يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله أعظم من أن يحيط به الانسان
بمقالة ثواب الصائمين لهذا اليوم العظيم، فاما من ذكر ان صومه بستين شهرا فيحتمل أن يكون
معناه ان صومه يعدل ثواب ما يعمل الانسان في الستين شهرا من جميع طاعاته،
وذلك عظيم لا يعلم تفصيله الا الله العالم لذاته ولم يقل في الحديث انه يعدل صوم ستين
شهرا.
ويحتمل أيضا إذا حملناه ان يعدل ثواب صوم ستين شهرا، أن يكون مقدار ثوبا
الصائمين لهذا اليوم العظيم قدرا على ما يبلغه كل صائم له من الطريق التي يعرف بها
فضله، فان المطيعين لرب العالمين ولسيد المرسلين يتضاعف أعمالهم بحسب تفاضلهم في
اليقين واخلاص المتقين والمراقبين، فيكون الثواب الضعيف في التعريف ستين شهرا
لقصوره عن معرفة قدر هذا الثواب الشريف.
وينبه على ذلك ما ذكره جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده قال:
قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: لا تدع صوم سبعة وعشرين من رجب فإنه
اليوم الذي أنزلت فيه النبوة على محمد صلى الله عليه وآله وثوابه مثل ستين شهرا

1 - مصباح المتهجد 2: 820، الكافي 4: 148، الفقيه 2: 90.
2 - ثواب الأعمال: 81، أمالي الصدوق: 432، عنهما البحار 97: 30.
271

لكم (1).
أقول: وفي قوله عليه السلام: مثل ستين شهرا لكم، إشارة واحتمال لما ذكرناه من
تأويل هذا المقال.
وذكر أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب المرشد، وهو كتاب حسن، ما هذا لفظه:
وفي سبعة وعشرين نزلت النبوة على النبي صلى الله عليه وآله وثوابه كفارة ستين شهرا،
هذا لفظه: نزلت النبوة.
فصل (99)
فيما نذكره من غسل وصلاة وعمل في اليوم السابع والعشرين من رجب
اعلم أن الغسل في هذا اليوم الشريف من شريف التكليف.
ومن عمل هذا اليوم زيارة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وقد روينا في أول ليلة
من رجب زيارة عامة في الشهر كله، فيزار مولانا علي عليه السلام بها أو بغيرها مما
ذكرناه في كتاب مصباح الزائر، فقد ذكرنا فيه زيارة تختص بهذا اليوم وعظيم فضله.
واما الصلوات فيه:
فذكر شيخنا المفيد في الرسالة العزية صلاة يوم المبعث وقال: انها تصلي صدر
النهار، وقال الشيخ سلمان بن الحسن في كتاب البداية عند ذكر صلاة يوم المبعث انها
تصلي قبل الزوال.
فأحببت أن يكون عند العامل بذلك معرفة بهذه الحال، وسيأتي في رواية ابن يعقوب
الكليني انه يصليها أي وقت شاء، يعني من يوم المبعث.
ونحن نذكره منها عدة روايات وان اتفقت في عدد الركعات فإنها تختلف في بعض المرادات.
فمن ذلك ما رواه محمد بن علي الطرازي رحمه الله في كتابه فقال: صلاة يوم سبعة
وعشرين من رجب، وهو اليوم الذي بعث فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله، أبو

1 - ثواب الأعمال: 68، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهما البحار 97: 37.
272

العباس أحمد بن علي بن نوح رضي الله عنه قال: حدثني أبو أحمد المحسن بن عبد الحكم
السنجري، وكتبته من أصل كتابه، قال في نسخته: نسخت من كتاب أبي نصر
جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم، وذكر انه خرج من جهة أبي القاسم الحسين بن روح
قدس الله روحه، ان الصلاة يوم سبعة وعشرين من رجب اثنتا عشرة ركعة، يقرء في
كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من السور ويسلم ويجلس ويقول بين كل ركعتين:
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له
ولي من الذل وكبره تكبيرا، يا عدتي في مدتي ويا صاحبي في شدتي،
يا وليي في نعمتي يا غياثي في رغبتي، يا مجيبي في حاجتي، يا حافظي في
غيبتي، يا كالئي في وحدتي، يا انسي في وحشتي.
أنت الساتر عورتي، فلك الحمد، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد،
وأنت المنفس صرعتي فلك الحمد، صل على محمد وآل محمد واستر
عورتي، وأقلني عثرتي، واصفح عن جرمي وتجاوز عن سيئاتي في أصحاب
الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد و (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها
الكافرون) والمعوذتين و (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وآية الكرسي سبعا سبعا، ثم تقول: الله
الله ربي لا أشرك به شيئا، سبع مرات، ثم ادع بما أحببت.
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه
باسناده في كتاب الصلاة إلى الصادق عليه السلام فقال ما هذا لفظه: قال: وقال أبو
عبد الله عليه السلام:
يوم سبعة وعشرين من رجب نبئ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، من صلى فيه
أي وقت شاء اثني عشر ركعة، يقرء في كل ركعة بأم الكتاب ويس، فإذا فرغ جلس
مكانه ثم قرأ أم القرآن أربع مرات، فإذا فرغ وهو في مكانه قال: لا إله إلا الله والله
أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - أربع
مرات، ثم يقول: الله ربي لا أشرك به شيئا، أربع مرات، ثم تدعو، فإنك لا تدعو
273

بشئ الا استجيب لك في كل حاجة، الا ان تدعو في جائحة (1) قوم أو قطيعة رحم (2).
أقول: وينبغي ان تزور سيدنا رسول الله ومولانا علي بن أبي طالب عليهما السلام في
يوم المبعث بالزيارتين اللتين ذكرناهما لهما عليهما السلام في عمل اليوم السابع عشر من
ربيع الأول من هذا الجزء.
أقول: ومن الصلاة في اليوم السابع والعشرين من رجب الموافقة لبعض الروايات في
شئ من المرادات والمفارقة لها في بعض الصفات، ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي
جعفر الطوسي رضي الله عنه باسناده إلى الريان بن الصلت قال:
صام أبو جعفر الثاني عليه السلام لما كان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع
وعشرين منه، وصام جميع حشمه وأمرنا أن نصلي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة،
يقرء في كل ركعة بالحمد وسورة، فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا و (قل هو الله أحد)
والمعوذتين أربعا وقلت:
لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله
لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم - أربعا، الله ربي لا أشرك به شيئا - أربعا، لا أشرك بربي أحدا
- أربعا (3).
ومن ذلك ما رويناه أيضا بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه
باسناده إلى أبي القاسم بن روح رحمة الله عليه قال:
تصلي في هذا اليوم اثنتي عشرة ركعة تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من
السور وتتشهد وتسلم وتجلس وتقول بين كل ركعتين:
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له
ولي من الذل وكبره تكبيرا، يا عدتي في مدتي، ويا صاحبي في شدتي،

1 - الجائحة: المصيبة المستأصلة التي تستأصل المال أو الناس.
2 - الكافي 3: 469، عنه الوسائل 8: 111، رواه المفيد في مسار الشيعة: 72.
3 - مصباح المتهجد 2: 816.
274

ويا وليي في نعمتي، ويا غياثي في رغبتي، يا نجاتي في حاجتي، يا حافظي
في غيبتي، يا كالئي في وحدتي، يا انسي في وحشتي.
أنت الساتر عورتي فلك الحمد، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد، وأنت
المنعش صرعتي فلك الحمد، صل على محمد وآل محمد واستر عورتي
وآمن روعتي، وأقلني عثرتي واصفح عن جرمي، وتجاوز عن سيأتي، في
أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والاخلاص والمعوذتين و (قل يا أيها
الكافرون) وانا أنزلناه) وآية الكرسي سبع مرات ثم تقول: لا إله إلا الله والله أكبر
وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله - سبع مرات، ثم تقول سبع مرات: الله الله
ربي لا أشرك به شيئا، وتدعو بما أحببت (1).
أقول: وهذه الرواية مناسبة لما سلف وإنما بعض التعقيب مؤتلف ومختلف:
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى شيخنا المفيد رحمه الله من كتاب المقنعة فقال:
باب صلاة يوم المبعث، وهو اليوم السابع والعشرون من رجب، بعث الله عز وجل
فيه نبيه محمدا صلى الله عليه وآله فعظمه وشرفه وقسم فيه جزيل الثواب وآمن فيه من
عظيم العقاب، فورد عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وعليهم انه من صلى فيه اثنتي
عشرة ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة يس، فإذا فرغ منها جلس في
مكانه، ثم قرأ أم الكتاب أربع مرات وسورة الاخلاص والمعوذتين، كل واحدة منهن
أربع مرات، ثم قال: الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله
ولا حول ولا قوة إلا بالله - أربع مرات، ثم قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر، الله الله ربي لا أشرك به شيئا - أربع مرات، ثم يدعو،
فلا يدعو بشئ الا استجيب له الا ان يدعو في جائحة (2) قوم أو قطيعة رحم (3).

1 - مصباح المتهجد 2: 817، عنه المستدرك الوسائل 6: 292.
2 - الجائحة: الآفة.
3 - المقنعة: 37.
275

وذكر شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعية مثل هذه الصلاة على السواء، الا
أنه قال في آخرها: فإذا فرغ من هذه الصلاة قرء في عقيبها فاتحة الكتاب ثلاث مرات
والمعوذات الثلاثة أربع مرات، وقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر - أربع مرات، وقال: الله الله ربي لا أشرك به شيئا - أربع مرات، ثم
دعا، استجيب له في كل ما يدعو به الا ان يدعو بحائحة قوم أو قطيعة رحم، وهو يوم
شريف عظيم البركة، ويستحب فيه الصدقة والتطوع بالخيرات وادخال السرور على أهل
الإيمان، ويستحب ان يدعو في هذا اليوم، وهو يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله بهذا
الدعاء.
ورواه محمد بن علي الطرازي باسناده إلى أبي علي بن إسماعيل بن يسار قال:
لما حمل موسى عليه السلام إلى بغداد وكان ذلك في رجب سنة تسع وسبعين وماءة
دعا بهذا الدعاء، وهو من مذخور أدعية رجب، وكان ذلك يوم السابع والعشرين منه
يوم المبعث صلى الله على المبعوث فيه وآله وسلم، وهو هذا:
يا من أمر بالعفو والتجاوز، وضمن نفسه العفو والتجاوز، يا من عفى
وتجاوز، أعف عني وتجاوز يا كريم، اللهم وقد اكدى (1) الطلب واعيت
الحيلة والمذهب ودرست الآمال وانقطع الرجاء إلا منك وحدك لا شريك
لك.
اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة (2)، ومناهل (3) الرجاء لديك
مترعة (4)، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة، والاستعانة لمن استعان بك
مباحة.
واعلم انك لداعيك بموضع إجابة وللصارخ إليك بمرصد إغاثة، وان في

1 - اكدى: بخل أو قل خيره.
2 - مشرعة: مفتوحة.
3 - مناهل: مشارب.
4 - مترعة: مملوة.
276

اللهف إلى جودك والضمان بعدتك عوضا من منع الباخلين، ومندوحة (1) عما
في أيدي المستأثرين، وأنك لا تحجب (2) عن خلقك إلا أن تحجبهم
الأعمال (3) دونك، وقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة يختارك
بها، وقد ناجاك بعزم الإرادة قلبي.
وأسألك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله، أو صارخ إليك أغثت
صرخته (4)، أو ملهوف مكروب فرجت كربه، أو مذنب خاطئ غفرت له، أو
معاف أتممت نعمتك عليه، أو فقير أهديت غناك إليه، ولتلك الدعوة عليك
حق وعندك منزلة، الا صليت على محمد وآل محمد وقضيت حوائجي
حوائج الدنيا والآخرة.
وهذا رجب المرجب المكرم الذي أكرمتنا به، أول أشهر الحرم، أكرمتنا
به من بين الأمم، يا ذا الجود والكرم، فنسألك به وباسمك الأعظم الأعظم
الأعظم الأجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرج منك إلى
غيرك، ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين، وتجعلنا من العاملين فيه
بطاعتك والآملين فيه بشفاعتك.
اللهم واهدنا إلى سواء السبيل واجعل مقيلنا عندك خير مقيل في ظل
ظليل، فإنك حسبنا ونعم الوكيل، والسلام على عباده المصطفين وصلاته
عليهم أجمعين، اللهم وبارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته وبكرامتك جللته
وبالمنزل العظيم الاعلى أنزلته، صل على من فيه إلى عبادك أرسلته
وبالمحل الكريم أحللته.
اللهم صل عليه صلاة دائمة تكون لك شكرا ولنا ذخرا، واجعل لنا من

1 - مندوحة: سعة.
2 - تحتجب (خ ل).
3 - الآمال (خ ل).
4 - صريخته (خ ل).
277

أمرنا يسرا، واختم لنا بالسعادة إلى منتهى اجالنا، وقد قبلت اليسير من
أعمالنا وبلغنا (1) برحمتك أفضل امالنا انك على كل شئ قدير وصلى الله
على محمد وآله وسلم.
ومن الدعوات التي نذكرها في اليوم السابع والعشرين من رجب:
اللهم إني أسألك بالنجل (2) الاعظمه في هذا اليوم من الشهر المعظم
والمرسل والمكرم ان تصلي على محمد وآل محمد وان تغفر لنا ما أنت به منا
اعلم، يا من يعلم ولا يعلم، اللهم وبارك لنا في يومنا هذا الذي بشرف
الرسالة فضلته وبكرامتك أجللته (3)، وبالمحل الشريف أحللته.
اللهم فانا نسألك بالمبعث الشريف والسيد اللطيف والعنصر العفيف ان
تصلي على محمد وآله (4)، وان تجعل أعمالنا في هذا اليوم وفي سائر الأيام
مقبولة وذنوبنا مغفورة، وقلوبنا بحسن القبول مسرورة، وارزاقنا باليسر
مدرورة (5)
اللهم انك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الاعلى وان إليك الرجعي
والمنتهى، ولك الممات والمحيا، وان لك الآخرة والأولى، اللهم إنا نعوذ
بك ان نذل ونخزى وان نأتي ما عنه تنهى.
اللهم إنا نسألك الجنة برحمتك ونستعيذ بك من النار، فأعذنا (6) منها
بقدرتك، ونسألك من الحور العين، فارزقنا بعزتك واجعل أوسع ارزاقنا عند
كبر سننا، وأحسن عمالنا عند اقتراب آجالنا واطل في طاعتك وما يقرب
إليك ويحظي عندك، ويزلف لديك اعمارنا، وأحسن في جميع أحوالنا

1 - بلغتنا (خ ل).
2 - النجل: الولد والوالد، ضد، وفي مصباح الكفعمي: بالتجلي الأعظم.
3 - أحللته (خ ل).
4 - آل محمد (خ ل).
5 - مدرورة: دائرة وجارية.
6 - في الأصل: الخير نستعيذك، فانقذنا، ما أثبتناه من المصباح الكفعمي.
278

وأمورنا معرفتنا، ولا تكلنا إلى أحد من خلقك وتفضل علينا بجميع حوائجنا
للدنيا والآخرة وابدأ بآبائنا وأمهاتنا وجميع اخواننا المؤمنين في جميع
ما سألناك لأنفسنا يا ارحم الراحمين.
اللهم انا نسألك باسمك العظيم وملكك القديم أن تصلي على محمد
وآل محمد وان تغفر لنا الذنب العظيم، انه لا يغفر العظيم (1) الا العظيم.
اللهم وهذا رجب المكرم الذي أكرمتنا به أول أشهر الحرم، أكرمتنا به
من بين الأمم فلك الحمد يا ذا الجود والكرم، اللهم فانا نسألك به وباسمك
الأعظم الأعظم الاجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ملكك فلا يخرج منك
إلى غيرك، فأسألك ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين، وان تجعلنا
فيه من العاملين بطاعتك والأمنين فيه برعايتك.
اللهم اهدنا إلى سواء السبيل واجعل مقيلنا عندك خير مقيل في ظل
ظليل وملك جزيل، فإنك حسبنا ونعم الوكيل، اللهم اقلبنا مفلحين منجحين
غير مغضوب علينا ولا ضالين، برحمتك يا ارحم الراحمين.
ثم اسجد وقل:
الحمد لله الذي هداني لمعرفته، وخصني بولايته، ووفقني لطاعته،
شكرا شكرا - مائة مرة.
واسأل حاجتك وادع بما تشاء.
فصل (100)
فيما ينبغي أن يكون المسلمون عليه في مبعث النبي صلى الله عليه وآله إليهم
ومعرفة مقدار المنة عليهم
اعلم اننا قد أشرنا فيما قدمنا إشارة لطيفة اننا لا نقدر على وصف المنة علينا بهذه

1 - الذنب العظيم (خ ل).
279

الرسالة الشريفة، ولكنا مكلفون بما نقدر عليه من تعظيم قدرها والاعتراف باحسانها
وبرها، فنضرب لذلك بعض الأمثال، ففيه تنبيه على تعظيم هذه الحال، فنقول:
لو كان المسلمون قد أصيب كل منهم بنحو خطر الكفر الذي كانوا عليه فمنهم
فريق قد ألقى في النار وهي توقد عليه، وفريق قد افتضح بالعار ونودي عليه، وفريق في
مطمورة (1) غضب الله جل جلاله وانتقامه، وفريق في حبس مقت الله جل جلاله
واصطلامه، وفريق قد استحق عليه اخذ كلما في يديه.
وفريق قد حكمت عليه الذنوب التي اشتملت عليه بالتفريق بينه وبين أولاده
العزيزين عليه أو أحبته القريبين لديه، وفريق قد سقم عقله وقد ادنفه جهله، وفريق
قد مرض قلبه وأحاط به ذنبه.
وفريق قد ماتت أعضاؤه بإضاعة البضاعة التي كانت تحصل لها لو أطاعت، وفريق قد صارت أعضاؤه أعداء له بما اضاعته وبما تجنيه من المعاصي بحسب ما استطاعت،
وفريق قد اظلمت عليه ظلم الجهالة حتى ما بقي يبصر ما بين يديه من الضلالة، وفريق
أعمى ولا يدري مقدار عماه، وفريق أخرس ولا يدري انه أخرس وقد صار لسانه مقيدا
بسخط مولاه، وفريق أصم وهو لا يدري انه أصم وهو لا يسمع دعاء من دعاه إلى الله
جل جلاله وناداه.
والبلاد قد أحاط بالعباد وضعف عن دفعه قوة أهل الاجتهاد، فبعث الله جل
جلاله رسولا إلى هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات ليسلمهم من النكبات والآفات
والعاهات وليخلصهم من اخطارها ويطفي عنهم لهب نارها ويغسل عن وجوههم دنس
عارها ويبلغ بهم من غايات السعادات، ما كانوا قاصرين عنها وبعيدين منها فيما مضى
من الأوقات.
فينبغي أن يكون الاعتراف للمرسل والرسول صلوات الله عليه بقدر هذا الانعام
الذي لا يبلغ وصفى إليه وان يكونوا في هذا اليوم مباشرين وشاكرين وذاكرين لمناقبه

1 - المطمورة: الحفيرة التي تحت الأرض، الحبس.
280

وناشرين وباعثين إلى بين يديه من الهدايا التي كان هو أصلها وفرعها إلى كل من
وصلت إليه بحسب ما يقدرون عليه.
فقوم يظهرون نبوته ودولته مما يشينها من المآثم والقبائح، وقوم يعظمون رسالته
بزيادة العمل الصالح، وقوم ينزهون سمعه الشريف ان يبلغه عنهم ما يبعده منهم، وقوم
يكرمون نظره المقدس ان يطلع على ما يكره صدوره عنهم، وقوم يصلون المندوبان
ويهدونها إليه، وقوم يبالغون في الصلاة والثناء عليه.
وقوم يذكرون الله جل جلاله بما يوقعهم له من الأذكار ويهدونها إلى باب رسولهم
صلوات الله عليه الساكن بها في دار القرار، وقوم يتعبدون بحسب ما يقدرون ويهدون
ذلك ويرون انهم مقصرون.
ويكون هذا اليوم عند الجميع بحسب ما خلصهم به من كل أمر فظيع وبحسب
ما اصطنع معهم من جليل الصنيع، ويختمونه بالتأسف على فواته والتلهف، كيف
لم يكن مستمرا لهم في سعاداته وطاعاته ويسألون العفو عن التقصير ولو عملوا مهما عملوا
ما قاموا وما عرفوا مقدار هذا اليوم العظيم الكبير.
فصل (101)
فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من رجب
وجدناه في مفاوز السلامة وكرامة يوم القيامة، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله
قال:
ومن صلى في الليلة الثامنة والعشرين من رجب اثنتي عشر ركعة، يقرء في كل
ركعة فاتحة الكتاب مرة و (سبح اسم ربك الاعلى) عشر مرات، و (إنا أنزلناه) عشر مرات،
فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة واستغفر الله تعالى
مائة مرة كتب الله سبحانه كتب الله سبحانه له ثواب عبادة الملائكة (1).

1 - عنه الوسائل 8: 93، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
281

فصل (102)
فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه في أماليه وفي كتاب
ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلوات الله عليه، قال:
ومن صام من رجب ثمانية وعشرين يوما جعل الله عز وجل بينه وبين النار سبع
خنادق، كل خندق ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام (1).
وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الرضا عليه السلام
قال: ومن صام يوم الثامن والعشرين من رجب كان صومه لذلك اليوم كفارة تسعين سنة.
فصل (103)
فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من رجب
وجدناه في تحف الشرف لمن علم وعمل، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله،
قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة والعشرين من رجب اثنتي عشرة ركعة، يقرء في كل
ركعة فاتحة الكتاب مرة و (سبح اسم) عشر مرات، و (انا أنزلناه في ليلة القدر) عشر مرات،
فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائة مرة واستغفر الله
تعالى مائة مرة، كتب الله سبحانه له ثواب عبادة الملائكة، وقد تقدم هذا الثواب (2).
فصل (104)
فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من كتاب أماليه وكتاب ثواب

1 - ثواب الأعمال: 82، أمالي الصدوق: 433، عنهما البحار 97: 30.
2 - عنه الوسائل 8: 94، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
282

الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوما غفر الله له ولو كان عشارا ولو كانت امرأة
فجرت سبعين مرة، بعد ما أرادت به وجه الله والخلاص من جهنم، يغفر لها (1). (2)
وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتابه باسناده إلى الرضا عليه السلام قال:
ومن صام يوم التاسع والعشرين عن رجب كان صومه ذلك اليوم كفارة مائة سنة.
فصل (105)
فيما نذكره من عمل ليلة الثلاثين من رجب
وجدناه في خزائن خلع الأمان وتيجان الرضوان، مرويا عن النبي صلى الله عليه
وآله قال:
ومن صلى ليلة الثلاثين من رجب عشر ركعات بالحمد مرة و (قل هو الله أحد) عشر
مرات، وأعطاه الله في جنة الفردوس سبع مدن ويخرج من قبره ووجهه كالبدر، ويمر على
الصراط كالبرق الخاطف وينجو من النار، والحمد لله (3).
فصل (106)
فيما نذكره من فضل صوم ثلاثين يوما من رجب
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في أماليه وفي كتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء: يا عبد الله اما ما مضى فقد
غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي، فأعطاه الله في الجنان كلها، في كل جنة أربعين
الف مدينة من ذهب، في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون

1 - في المصادر لغفر الله لها.
2 - ثواب الأعمال: 82، أمالي الصدوق: 433، عنهما البحار 97: 30.
3 - عنه الوسائل 8: 94، مصباح الكفعمي: 524 عن مصباح الزائر.
283

ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب، على كل مائدة
أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب،
لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدة، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من
ذهب، طول كل سرير الف ذراع في عرض الف ذراع، على كل سرير جارية من الحور
العين، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابه من نور، تحمل كل ذؤابه منها ألف ألف وصيفة
تغلفها بالمسك والعنبر، إلى أن يوافيها صائم رجب، هذا لمن صام رجب كله.
قيل: يا نبي الله فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو علة كانت به أو امرأة غير
طاهرة تصنع ما ذا لتنال ما وصفت؟ قال: تتصدق عن كل يوم برغيف عن المساكين،
والذي نفسي بيده انه إذا صدق بهذه الصدقة كل يوم ينال ما وصفت وأكثر، لأنه لو
اجتمع جميع الخلائق كلهم من أهل السماوات والأرض على أن يقدروا قدر ثوابه،
ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات.
قيل: يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصدقة يصنع ما ذا لينال ما وصفت؟ قال:
يسبح الله في كل يوم من شهر رجب إلى تمام ثلاثين يوما هذا التسبيح مائة مرة:
سبحان الإله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له، سبحان الأعز
الأكرم، سبحان من لبس العز وهو له أهل (1).
وروى جعفر بن محمد الدوريستي في كتاب الحسنى باسناده إلى الرضا عليه السلام
قال: ومن صام يوم الثلاثين من رجب غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فصل (107)
فيما نذكره من صلاة أواخر شهر رجب
رويناها عن جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه، وقد تقدم اسنادها فيما
أشرنا إليه، وهي:

1 - ثواب الأعمال: 83، أمالي الصدوق: 433، عنهما البحار 97: 31.
284

وصل في آخر الشهر عشر ركعات، تقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة واحدة
و (قل هو الله أحد) ثلاث مرات و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، فإذا سلمت فارفع
يديك إلى السماء وقل:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو
حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير وصلى الله على محمد
وآله الطاهرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم امسح بها وجهك وسل حاجتك فإنه يستجاب لك دعاؤك ويجعل الله بينك
وبين جهنم سبعة خنادق، كل خندق كما بين السماء والأرض، ويكتب لك بكل ركعة
ألف ألف ركعة، ويكتب لك براءة من النار وجواز على الصراط.
قال سلمان رضي الله عنه: فلما فرغ النبي صلى الله عليه وآله من الحديث خررت
ساجدا ابكى شكرا لله تعالى لما سمعت من هذا الحديث (1).
وزاد في هذا الحديث مصنف كتاب دستور المذكرين فقال: ومن صام ذلك اليوم -
ولم يذكر ان دخول سلمان على النبي عليه السلام كان آخر يوم من جمادى الآخر،
فلذلك وغيره جعلنا ابتداء هذه الصلاة أول يوم من رجب.
فصل (108)
فيما نذكره مما يختم به من شهر رجب
اعلم اننا كنا قد ذكرنا في أول ليلة من رجب وأول يوم منه طرفا من حرمة هذا
الشهر والحمى الذي جعله الله جل جلاه، مما لا يسهل على العارف به الخروج عنه،
وأنت ان كنت مسلما تجد فرقا بين الدخول في حرم الملوك وحماهم لرعاياهم، وبين
الخروج عن الحمى والحرم الذي شرفهم به وحفظهم بسببه ووقاهم.
وقد عرفت ان مذ تخرج عن هذا شهر رجب الذي هو آخر أشهر الحرم والعظيم

1 - مصباح المتهجد 2: 819.
285

الشأن، فتكون قد خرجت من حرم الحمى والأمان، فكن خائفا ان تخرج منه اخراج
من اعراض صاحب الحمى عنه أو اخراج المنفي المطرود أو المهجور المصدود، واطلب من
رحمة مالك الوجود وصاحب الجود ان يجعل لك من ذخائر مراحمه ومكارمه حمى وحرما
تسكن بعد شهر رجب في خفارة معالمه ومواسمه ومراسمه إلى أن تظفر بشهر موصوف
بصفات مثله، فتأوي إلى حمى ظله وفضله.
واجمع ما عملت بلسان الحال واعرضه على يد من تكون ضيفه من أهل الاقبال
وتوجه إليه بالله جل جلاله العظيم لديه وبكل عزيز عليه، ان يتم نقصان أعمالك
وامساكك، وتعرضها بيد توسله وتوصله في دوام اقبالك وإجابة سؤالك.
286

الباب التاسع
فيما نذكره من فضل شهر شعبان وفؤاده وكمال موائده وموارده
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من فضله بالمعقول والمنقول
واعلم أن شهر شعبان شهر عظيم الشأن، فيه ليلة أغاث الله جل جلاله بمولودها
ما كاد ان يطفيه أهل العدوان من أنوار الاسلام والايمان، وسيأتي شرح موقعها في موضعها.
وهو كما كنا ذكرناه منزل من المنازل ومرحلة من المراحل، يسعد أهل التوفيق (1)
بالظفر بفوائده والجلوس على موائده والورود على موارده، وكفاه شرفا ما نذكره من أن
رسول الله صلى الله عليه وآله اختاره لنفسه الشريفة بصريح مقاله، ودعا لمن اعانه على
صيامه بمقدس ابتهاله، فقال عليه السلام: شعبان شهري رحم الله من أعانني على
شهري (2).
فمن شاء ان يدخل تحت ظل هذه الدعوة المقبولة والرحمة الموصولة فيساعد رسول الله
صلى الله عليه وآله على شهره ويكون ممن شرفه لسان محمد صلى الله عليه المعظم
بذكره.

1 - أهل التصديق (خ ل).
2 - مصباح المتهجد 2: 825.
287

فإذا دخلت في أول ليلة منه فأنت قد فصلت بين شهر رجب وفارقت ذلك الحمى
وخرجت عنه، وتريد ان تلقى شهر رمضان وأنت مستعد له بطهارة الجوارح في السر
والاعلان، وكن كما يليق بهذه الحال من الاستعداد بصلاح الأعمال وصواب المقال
وصيانة نفسك عن أهوال الأعمال.
فصل (2)
فيما نذكره من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله لشهر شعبان عند رؤية هلالة
روينا ذلك بإسنادنا إلى صفوان بن مهران الجمال قال لي أبو عبد الله عليه
السلام حث من في ناحيتك على صوم شعبان، فقلت: جعلت فداك ترى فيها شيئا؟ فقال:
نعم ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا رأى هلال شعبان أمر مناديا ينادي في
المدينة: يا أهل يثرب اني رسول الله إليكم، الا ان شعبان شهري فرحم الله من أعانني
على شهري.
ثم قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: ما فاتني صوم شعبان منذ (1) سمعت
منادي رسول الله صلى الله عليه وآله ينادي في شعبان، فلن يفوتني أيام حياتي صوم
شعبان إن شاء الله، ثم كان عليه السلام يقول: صوم شهرين متتابعين توبة من الله (2).
أقول: وقد قدمنا في الجزء الخامس في عمل كل شهر ما يختص بأول ليلة منه،
وذكرنا في كتاب عمل كل شهر ما يدعا به عند رؤية هلال جميع الشهور فيعتمد على
تلك الأمور (3)، فإن لم يحضره فيقول إن شاء الله:
اللهم إن هذا هلال شعبان (4) وقد ورد وأنت أعلم بما فيه من الاحسان،
فاجعله اللهم هلال بركات وسعادات كاملة الأمان والغفران والرضوان

1 - مذ (خ ل).
2 - مصباح المتهجد: 825، عنه البحار 97: 79.
3 - شهر شعبان (خ ل).
4 - الدروع الواقية: 29.
288

وماحية الاخطار في الأحيان والأزمان، وحامية من اذى أهل العصيان
والبهتان، وشرفنا بامتثال مراسمه (واحياء مواسمه) (1)، والحقنا بشمول مراحمه
ومكارمه، وطهرنا فيه تطهيرا تصلح به للدخول على شهر رمضان، مظفرين
بأفضل ما ظفر به أحد من أهل الاسلام والايمان برحمتك يا ارحم الراحمين.
ونذكر في أدعية شهر رمضان من الجزء السادس دعاء عند رؤية هلال كل شهر،
فيدعى عند رؤية هلال شعبان بذلك.
فصل (3).
فيما نذكره من صلاة في أول ليلة من شعبان
وجدناه في مواهب السماح ومناقب أهل الفلاح، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صلى أول ليلة من شعبان مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة
و (قل هو الله أحد) مرة، فإذا فرغ من صلا ته قرأ فاتحة الكتاب خمسين مرة، والذي بعثني
بالحق نبيا انه إذا صلى هذه الصلاة وصام العبد، دفع اله تعالى عنه شر أهل السماء
وشر أهل الأرض وشر الشياطين والسلاطين، ويغفر له سبعين ألف كبيرة ويرفع عنه
عذاب القبر ولا يروعه منكر ولا نكير ويخرج من قبره ووجهه كالقمر ليلة البدر، ويمر على
الصراط كالبرق ويعطي كتابه بيمينه (2).
صلاة أخرى في أول ليلة من شعبان:
وجدناه في معادن ذخائر اليوم الآخر، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
من صلى أول ليلة من شعبان اثنتي عشر ركعة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب
و (قل هو الله أحد) خمس عشرة مرة، أعطاه الله تعالى ثواب اثني عشر ألف شهيد وكتب
له عبادة اثنتي عشرة سنة وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وعطاه الله بكل آية في

1 - ليس في بعض النسخ.
2 - عنه الوسائل 8: 100، مصباح الكفعمي: 539.
289

القرآن قصرا في الجنة (1).
صلاة أخرى في أول ليلة من شعبان:
وجدناها في مناهل الجود واكرام أهل الوفود، مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال:
من صلى أول ليلة من شعبان ركعتين، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة
وثلاثين مرة (قل هو الله أحد)، فإذا سلم قال: اللهم هذا عهدي عندك إلى يوم
القيامة، حفظ من إبليس وجنوده وأعطاه الله ثواب الصديقين (2).
صلاة أخرى في أول ليلة من شعبان والليلة الثانية والثالثة مع صيام نهارها:
وجدناها في صحف الدلالة على كرم مالك الجلالة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
من صام ثلاثة أيام من أول شعبان ويقوم لياليها وصلى ركعتين، في كل ركعة
بفاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) إحدى عشرة مرة رفع الله تعالى عنه شر أهل
السماوات وشر أهل الأرضين وشر إبليس وجنوده وشر كل سلطان جائر، والذي بعثني
بالحق نبيا انه يغفر الله له سبعين ألف ذنب من الكبائر فيما بينه وبين الله عز وجل
ويدفع الله عنه عذاب القبر ونزعه وشدائده (3).
فصل (4)
فيما نذكره من أحاديث في صوم شهر شعبان كله
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من كتاب ثواب الأعمال
فقال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: أي الصيام أفضل؟ قال: شعبان تعظيما
لشهر رمضان (4).

1 - عنه الوسائل 8: 103.
2 - عنه الوسائل *: 104.
3 - عنه الوسائل 8: 104.
4 - ثواب الأعمال: 86.
290

وفي حديث آخر من كتاب ثواب الأعمال عن أم سلمة رضي الله عنها: ان النبي
صلى الله عليه وآله لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما الا شعبان يصل به شهر
رمضان (1).
ومن ذلك ما رويناه عن عدة طرق بها من كتاب من لا يحضره الفقيه عن أبي جعفر
عليه السلام قال: من صام شعبان كان له طهرا من كل زلة ووصمة وبادرة، قال أبو
حمزة: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: ما الوصمة؟ قال: اليمين في المعصية والنذر في
المعصية، قلت: فما البادرة؟ قال: اليمين عند الغظب والتوبة، بها الندم عليها (2).
ومن ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه من الكتاب فيما رواه عن أبي جعفر
عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم شعبان وشهر رمضان يصلهما
وينهى الناس ان يصلوهما، وكان يقول: هما شهر الله وهما كفارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب (3).
أقول: هما شهر الله، وفي الأحاديث: شعبان شهره عليه السلام، لأنه كلما كان له
فهو لله جل جلاله، وقوله صلوات الله عليه: وينهى الناس ان يصلوهما، لعل المراد
بذلك التخفيف عن الناس من موالات شهرين متتابعين، فيراد منهم ان يفصلوا بينهما
بيوم أو يومين.
وينبه على ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان أبي يفصل بين شعبان وشهر رمضان بيوم (4).
ومن ذلك ما روينا بإسنادنا إلى الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صوم
شعبان حسن ولكن افصل بينهما بيوم، وفي حديث آخر: بيوم أو اثنين.
أقول: فان كنت تريد كمال السعادات بصوم شعبان كله والظفر بما فيه من

1 - ثواب الأعمال: 86.
2 - ثواب الأعمال: 83، معاني الأخبار: 169، عنهما البحار 97: 74، مصباح المتهجد 2: 825.
3 - ثواب الأعمال: 85، مصباح المتهجد 2: 828.
4 - ثواب الأعمال: 84، عنه البحار 97: 76.
291

العنايات، فأنت المستظهر لنفسه قبل الممات، وإن كان لك مانع مما أشرنا إليه فنحن
ذاكرون فضائل أيام من شعبان فانظر ما تقدر على صومه منها، فاعتمد عليها.
فصل (5)
فيما نذكره من فضل شهر شعبان بالمنقول، وفضل صوم أول يوم منه بالرواية عن الرسول
صلى الله عليه وآله
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه رضوان الله عليه من كتاب أماليه
وكتاب ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله بصريح المقال، فقال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تذاكر أصحابه عنده فضائل شعبان، فقال:
شهر شريف وهو شهري وحملة العرش تعظمه وتعرف حقه، وهو شهر زاد فيه ارزاق
العباد لشهر رمضان وتزين فيه الجنان، وإنما سمي شعبان لأنه يتشعب فيه ارزاق
المؤمنين، وهو شهر العمل فيه يضاعف الحسنة بسبعين، والسيئة محطوطة والذنب مغفور
والحسنة مقبولة، والجبار جل جلاله يباهي به لعباده وينظر إلى صوامه وقوامه، فيباهي
بهم حملة العرش.
فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله صف لنا
شيئا من فضائله لنزداد رغبة في صيامه وقيامه ولنجتهد للجليل عز وجل فيه، فقال صلى الله عليه وآله: من صام أول يوم من شعبان كتب الله له عز وجل سبعين حسنة الحسنة
تعدل عبادة سنة (1).
فصل (6)
فيما نذكره من فضل صوم يوم من شعبان من غير تعيين لأوله، وذكر فضله
روينا ذلك بإسنادنا إلى ابن بابويه من كتاب أماليه باسناده إلى عبد الله بن الفضل

1 - ثواب الأعمال: 86.
292

الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال:
صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيامة، وما من عبد يكثر الصيام في شعبان الا أصلح
الله له أمر معيشته وكفاه شر عدوه، وان أدنى ما يكون لمن يصوم يوما من شعبان ان تجب
له الجنة (1).
فصل (7)
فيما نذكره من صوم يوم أو يومين أو ثلاثة أيام منه
روينا بعدة أسانيد إلى الصادق عليه السلام قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده
عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
شعبان شهري ورمضان شهر الله عز وجل، فمن صام يوما من شهري كنت شفيعه
يوم القيامة، ومن صام يومين من شهري غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن صام ثلاثة
أيام من شهري قيل له: استأنف العمل (2).
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره
الفقيه فيما رواه عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن حزم الأزدي قال: سمعت أبا عبد
الله عليه السلام يقول:
من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتة، ومن صام يومين نظر الله إليه
في كل يوم ولية في دار الدنيا ودام نظره إليه في الجنة، ومن صام ثلاثة أيام زار الله في
عرشه في جنته كل يوم (3).
أقول: لعل المراد بزيارة الله في عرشه، أن يكون لقوم من أهل الجنة مكان من
العرش، من وصل إليه يسمى زائر الله، كما جعل الله الكعبة الشريفة بيته الحرام، من
حجها فقد حج الله.

1 - أمالي الصدوق: 11، عنه البحار 97: 68.
2 - أمالي الصدوق: 13، فضائل الأشهر الثلاثة: عنهما البحار 97: 68.
3 - ثواب الأعمال: 84، مصباح المتهجد 2: 830.
293

وذكر الشيخ ابن بابويه رحمه الله في كتاب من لا يحضره الفقيه ان معنى هذا
الحديث زيارة أنبياء الله وحججه في الجنان وان من زارهم فقد زار الله (1).
وقد وردت أحاديث كثيرة: ان زيارة المؤمن وعيادته واطعامه، وكسوته، منسوبة إلى أنها
زيارة الله وموصوفة بأنها عملت مع الله.
فصل (8)
فيما نذكره من فضل الصدقة والاستغفار في شهر شعبان
روينا ذلك بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله باسناده إلى داود بن كثير الرقي قال:
سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن صوم رجب فقال: أين أنتم
عن صوم شعبان، فقلت له: يا بن رسول الله ما ثواب من صام يوما من شعبان؟ فقال:
الجنة والله، فقلت: يا بن رسول الله ما أفضل ما يفعل فيه؟ قال: الصدقة والاستغفار، ومن
تصدق بصدقة في شعبان رباها الله تعالى كما يربي أحدكم فصيله حتى يوافي يوم
القيامة وقد صار مثل أحد.
قال الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في أماليه فيما رويناه باسناده إلى الحسن بن علي بن
فضال قال: سمعت علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه وآله يقول: من استغفر الله
تبارك وتعالى في شعبان سبعين مرة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل عدد النجوم (2).
فصل (9)
فيما نذكره من فضل التهليل ولفظ الاستغفار في شهر شعبان
وجدنا ذلك في كتب العبادات عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن قال في شعبان ألف مرة: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له
الدين ولو كره المشركون، كتب الله له عبادة ألف سنة، ومحى عنه ذنب ألف سنة

1 - الفقيه 2: 93.
2 - أمالي الصدوق: 24.
294

ويخرج من قبره يوم القيامة ووجهه يتلألأ مثل القمر ليلة البدر وكتب عند الله صديقا.
ذكر لفظ الاستغفار كل يوم من شعبان:
روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار من كتاب فضل الدعاء باسناده
فيه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة:
استغفر الله الذي لا اله إلا هو الحي القيوم الرحمن الرحيم وأتوب إليه.
وفي رواية جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله: استغفر الله الذي لا إله إلا هو
الرحمن الرحيم الحي القيوم وأتوب إليه.
وفي رواية الصفار: يكتب في الأفق المبين، قال: قلت: ما الأفق المبين؟ قال: قاع
بين يدي العرش فيها أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم.
وفي رواية جدي الطوسي زيادة: كتبه الله في الأفق المبين، ثم اتفقا في اللفظ،
وزاد الطوسي: عدد نجوم السماء (1).
فصل (10)
فيما نذكره من الدعاء في شعبان، مروي عن ابن خالويه
أقول أنا: واسم ابن خالويه الحسين بن محمد، وكنيته أبو عبد الله، وذكر النجاشي انه
كان عارفا بمذهبنا مع علمه بعلوم العربية واللغة والشعر وسكن بحلب (2).
وذكر محمد بن
النجار في التذييل: وقد ذكرناه في الجزء الثالث من التحصيل، فقال عن الحسين بن
خالويه: كان إماما أوحد افراد الدهر في كل قسم من أقسام العلم والأدب وكان إليه
الرحلة من الأوقات وسكن بحلب وكان آل حمدان يكرمونه ومات بها
قال: إنها مناجاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من ولده عليهم
السلام، كانوا يدعون بها في شهر شعبان:
اللهم صل على محمد وآل محمد واسمع دعائي إذا دعوتك، واسمع

1 - مصباح المتهجد 2: 829.
2 - رجال النجاشي: 67، الرقم: 161.
295

ندائي إذا ناديتك، واقبل علي إذا ناجيتك، فقد هربت إليك ووقفت بين
يديك، مستكينا (1) لك، متضرعا إليك، راجيا لما لديك، تراني (2)، وتعلم ما في
نفسي وتخبر حاجتي وتعرف ضميري، ولا يخفى عليك أمر منقلبي
ومثواي،
وما أريد ان أبدئ به من منطقي، وأتفوه به من طلبتي، وأرجوه لعافيتي،
وقد جرت مقاديرك علي يا سيدي، فيما يكون مني إلى آخر عمري، من
سريرتي وعلانيتي، وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي، ونفعي
وضري.
الهي ان حرمتني فمن ذا الذي يرزقني، وان خذلتني فمن ذا الذي
ينصرني، الهي أعوذ بك من غضبك وحلول سخطك.
الهي ان كنت غير مستأهل (3) لرحمتك، فأنت أهل ان تجود علي بفضل
سعتك، الهي كأني بنفسي واقفة بين يديك، وقد أظلها حسن توكلي عليك،
ففعلت (4) ما أنت أهله وتغمدتني بعفوك.
الهي ان عفوت فمن أولى منك بذلك، وإن كان قد دنى أجلي
ولم يدنني (5) منك عملي، فقد جعلت الاقرار بالذنب إليك وسيلتي، الهي قد
جرت على نفسي في النظر لها فلها الويل ان لم تغفر لها.
الهي لم يزل برك علي أيام حياتي، فلا تقطع برك عني في مماتي،
الهي كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي، وأنت لم تولني الا
الجميل في حياتي، الهي تول من أمري ما أنت أهله وعد علي بفضلك على
مذنب قد غمره (6) جهله.

1 - مسكينا (خ ل).
2 - ثوابي (خ ل).
3 - مستأهل: مستوجب.
4 - فقلت (خ ل).
5 - لم يدن (خ ل).
6 - غمره: غطاه.
296

الهي قد سترت علي ذنوبا في الدنيا وانا أحوج إلى سترها علي منك
في الأخرى، الهي قد أحسنت إلي إذ لم تظهرها لاحد من عبادك
الصالحين، فلا تفضحني يوم القيامة على رؤوس الاشهاد.
الهي جودك بسط املي وعفوك أفضل من عملي، الهي فسرني بلقائك
يوم تقضي فيه بين عبادك، الهي اعتذاري إليك اعتذار من لم يستغن عن
قبول عذره، فاقبل عذري، يا أكرم (1) من اعتذر إليه المسيؤون.
الهي لا ترد حاجتي ولا تخيب طمعي ولا تقطع منك رجائي واملي
الهي لو أردت هواني لم تهدني، ولو أردت فضيحتي لم تعافني، الهي
ما أظنك تردني في حاجة قد أفنيت عمري في طلبها منك.
الهي فلك الحمد ابدا ابدا دائما سرمدا يزيد ولا يبيد كما تحب وترضى،
الهي ان أخذتني بجرمي اخذتك بعفوك، وان أخذتني بذنوبي اخذتك
بمغفرتك، وان (2) أدخلتني النار أعلمت أهلها اني أحبك
الهي إن كان صغر (3) في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك
املي، الهي كيف انقلب من عندك بالخيبة محروما، وقد كان حسن ظني
بجودك ان تقلبني بالنجاة مرحوما.
الهي وقد أفنيت عمري في شره (4) السهو عنك وأبليت شبابي في سكرة
التباعد منك، الهي فلم استيقظ أيام اغتراري بك وركوني إلى سبيل
سخطك، الهي وانا عبدك وابن عبدك (5) قائم بين يديك، متوسل بكرمك إليك
الهي انا عبد اتنصل (6) إليك مما كنت اواجهك به من قلة استحيائي

1 - يا كريم يا أكرم (خ ل).
2 - إذا (خ ل).
3 - كان قد صغر (خ ل).
4 - الشره: شدة غلبة الحرص.
5 - ابن عبديك (خ ل).
6 - تنصل من الجناية: خرج وبرء.
297

من نظرك، واطلب العفو منك، إذ العفو نعت لكرمك، الهي لم يكن لي
حول فانتقل به عن معصيتك الا في وقت أيقظتني لمحبتك وكما أردت ان
أكون كنت، فشكرتك بادخالي في كرمك، ولتطهير قلبي، من أوساخ الغفلة
عنك.
الهي انظر إلي نظر من ناديته فأجابك، واستعملته بمعونتك فأطاعك،
يا قريبا لا يبعد عن المغتر به، ويا جوادا لا يبخل عمن رجا ثوابه، الهي هب لي
قلبا يدنيه منك شوقه، ولسانا يرفعه (1) إليك صدقة، ونظرا يقربه منك حقه.
الهي ان من تعرف بك غير مجهول، ومن لاذ بك غير مخذول، ومن
أقبلت عليه غير مملوك (2).
الهي إن من انتهج بك لمستنير، وإن من اعتصم بك لمستجير، وقد
لذت بك يا الهي (3) فلا تخيب (4) ظني من رحمتك، ولا تحجبني عن رأفتك،
الهي اقمني في أهل ولايتك مقام من رجا الزيادة من محبتك.
الهي والهمني ولها (5) بذكرك إلى ذكرك، واجعل همي (6) في روح
نجاح أسمائك ومحل قدسك، الهي بك عليك الا ألحقتني بمحل أهل
طاعتك والمثوي (7) الصالح من مرضاتك، فاني لا أقدر لنفسي دفعا ولا أملك
لها نفعا.
الهي انا عبدك الضعيف المذنب ومملوكك المعيب، فلا تجعلني ممن
صرفت عنه وجهك وحجبه (8) سهوه عن عفوك.

1 - يرفع (خ ل).
2 - مملول (خ ل).
3 - يا سيدي (خ ل).
4 - خيبه: لم ينله مطلوبه.
5 - الوله: محركة الحزن أو ذهاب العقل حزنا.
6 - همتي (خ ل).
7 - ثوى بمكان: أقام فيه.
8 - حجبك (خ ل).
298

الهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنير ابصار قلوبنا بضياء نظرها
إليك، حتى تخرق ابصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة
وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك، الهي واجعلني ممن ناديته فأجابك
ولاحظته فصعق لجلالك، فناجيته سرا وعمل لك جهرا.
الهي لم اسلط على حسن ظني قنوط الأياس ولا انقطع رجائي من جميل
كرمك، الهي إن كانت الخطايا قد أسقطتني لديك فاصفح عني بحسن
توكلي عليك، الهي ان حطتني الذنوب من مكارم لطفك، فقد نبهني اليقين
إلى كرم عطفك.
الهي ان أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد نبهتني المعرفة بكرم
ألآئك، الهي ان دعاني إلى النار عظيم عقابك، فقد دعاني إلى الجنة
جزيل ثوابك، الهي فلك اسأل واليك ابتهل (1) وارغب، ان (2) تصلي على
محمد وآل محمد وان تجعلني ممن يديم ذكرك ولا ينقض عهدك، ولا يغفل
عن شكرك ولا يستخف بأمرك.
الهي والحقني بنور عزك الأبهج، فأكون لك عارفا، وعن سواك منحرفا،
ومنك خائفا مراقبا، يا ذا الجلال والاكرام وصلى الله على محمد رسوله وآله
الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.
ومن الدعاء كل يوم من شعبان عند الزوال ما رويناه بعدة طرق إلى جدي أبي جعفر
الطوسي، ورواه محمد بن علي الطرازي في كتابه ووجدناه بخطه، فقالا فيما رويا عن
محمد بن يحيى العطار، قال: حدثني أحمد بن محمد السياري، قال: حدثني العباس بن
مجاهد، عن أبيه قال:
كان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو عند كل زوال من أيام شعبان وفي ليلة
النصف منه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله بهذه الصلوات:

1 - ابتهل: أتضرع.
2 - أسألك (خ ل).
299

اللهم صلى على محمد وآل محمد شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف
الملائكة ومعدن العلم وأهل بيت الوحي، اللهم صل على محمد وآل محمد
الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها ويغرق من تركها، المتقدم
لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لا حق.
اللهم صل على محمد وآل محمد، الكهف الحصين وغياث المضطرين
والمساكين (1) وملجأ الهاربين ومنجى الخائفين وعصمة المعتصمين
اللهم صل على محمد وآل محمد، صلاة كثيرة طيبة تكون لهم رضا
ولحق محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله أداء (وقضاء) (2) بحول منك وقوة
يا رب العالمين، اللهم صل على محمد وال محمد الطاهرين الأخيار، الذين
أوجبت حقهم وفرضت طاعتهم وولايتهم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم واعمر قلبي بطاعتك ولا تخزني
بمعصيتك، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بما وسعت علي من
فضلك، ونشرت علي من عدلك وأحييتني تحت ظلك، وهذا شهر نبيك
سيد رسلك صلواتك عليه وآله، شعبان الذي
حففته بالرحمة والرضوان، الذي
كان رسولك صلواتك عليه وآله يدأب في صيامه وقيامه في لياليه وأيامه،
بخوعا لك في اكرامه واعظامه إلى محل حمامه.
اللهم فأعنا على الاستنان بسنته فيه ونيل الشفاعة لديه، اللهم فاجعله
لي شفيعا مشفعا وطريقا إليك مهيعا، واجعلني له متبعا حتى ألقاه يوم
القيامة عني راضيا وعن ذنوبي غاضيا (3)، وقد أوجبت لي منك الكرامة
والرضوان وأنزلتني دار القرار ومحل الأخيار (4).

1 - المضطر المستكين (خ ل).
2 - ليس في بعض النسخ.
3 - الاغضاء: احتمال المكروه وكظم الغيظ.
4 - مصباح المتهجد 2: 828.
300

فصل (11)
فيما نذكره من فضل كل خميس في شعبان والصلاة فيه
أقول: إنما قدمت هذا الفصل من عمل أول يوم من شعبان لجواز أن يكون أول الشهر
الخميس، فيجده الانسان مذكورا فيه، وان لم يكن أول الشهر الخميس فيكون المطلع
عليه في أوائل أيامه، ذاكرا له وصل إليه ومحضوضا في جملة مهامة، استظهارا بذلك
للعبادات وخوفا من الغفلات ومن شواغل الأوقات.
وجدنا هذه الرواية العظيمة الشأن في اعمال شعبان عن مولانا علي بن أبي طالب
عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
تتزين المساواة في كل خميس من شعبان، فتقول الملائكة: إلهنا اغفر لصائمه
وأجب دعائهم، فمن صلى فيه ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو
الله أحد) مائة مرة، فإذا سلم صلى على النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة، قضى الله
له كل حاجة من أمر دينه ودنياه، ومن صام فيه يوما واحدا حرم الله جسده على
النار (1).
أقول: ووجدت في رواية عن النبي صلى الله وآله: ان من صام يوم الاثنين
والخميس من شعبان جعل الله تعالى له نصيبا، فمن صام يوم الاثنين والخميس من
شعبان قضى لله له عشرين حاجة من حوائج الدنيا وعشرين حاجة من حوائج الآخرة.
فصل (12)
فيما نذكره من عمل الليلة الثانية من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثانية من شعبان خمسين ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة

1 - عنه الوسائل 8: 104.
301

الكتاب مرة (قل هو الله أحد) والمعوذتين مرة، يأمر الله تعالى الكرام الكاتبين ان
لا تكتبوا على عبدي سيئة إلى أن يحول عليه الحول، ويجعل الله تعالى له نصيبا في عبادة
أهل السماء والأرض، والذي بعثني الحق نبيا لا يجتنب قيام تلك الليلة الا شقي أو
منافق أو فاجر - وذكر فضلا كثيرا (1).
فصل (13)
فيما نذكره من فضل صوم يومين من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلوات الله عليه وآله قال: ومن صام يومين من شعبان حطت عنه
السيئة الموبقة (2).
فصل (14)
فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلوات الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثالثة من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب
مرة وخمسا وعشرين مرة (قل هو الله أحد)، فتح الله له يوم القيامة ثمانية أبواب الجنة
وأغلق عنه سبعة أبواب النار وكساه الله ألف حلة وألف تاج (3).
فصل (15)
فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة أيام من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما رواه في كتاب أماليه وكتاب ثواب

1 - عنه الوسائل 8: 100، مصباح الكفعمي: 539.
2 - ثواب الأعمال: 86، أمالي الصدوق: 29، عنهما البحار 97: 68.
3 - عنه الوسائل 8: 100، مصباح الكفعمي: 539.
302

الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ثلاثة أيام من شعبان
رفع له سبعون درجة في الجنان من در وياقوت (1).
فصل (16)
فيما نذكره من عمل اليوم الثالث من شعبان وولادة الحسين عليه السلام فيه
اعلم اننا كنا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف ما روينا من اختلاف
من اختلف في وقت ولادة الحسين عليه أفضل الصلوات، واجتهدنا في تسمية الكتب
التي روينا ذلك فيها والروايات، وإنما نتبع الآن ما وجدناه من تعيين الولادة بيوم الثالث
من شعبان والعمل فيه بحسب الامكان.
روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فقال عند ذكر شعبان: اليوم
الثالث منه فيه ولد الحسين بن علي عليهما السلام، خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني
وكيل أبي محمد عليه السلام ان مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث
خلون من شعبان فصم وادع فيه بهذا الدعاء:
اللهم إني أسألك بحق هذا المولود في هذا اليوم الموعود
بشهادته قبل استهلاله وولادته، بكته ملائكة السماء ومن فيها
والأرض ومن عليها، ولما يطأ لابتيها (2).
قتيل العبرة (3) وسيد الأسرة، الممدود بالنصرة يوم الكرة، المعوض من قتله
ان الأئمة من نسله، والشفاء في تربته، والفوز معه في اوبته (4)، والأوصياء
من عترته بعد قائمهم وعيبته، حتى يدركوا الأوتار، ويثأروا الثار ويرضوا

1 - ثواب الأعمال: 86، أمالي الصدوق: 29، عنهما البحار 97: 68.
2 - اللابة: الحرة، وهي الأرض ذات الحجارة والضمير اما راجع إلى المدينة أو إلى الأرض، والمراد قبل مشيه عليه
السلام على الأرض.
3 - العبرة: الدمعة.
4 - اوبته: رجوعه.
5 - يثاروا الثار: يطلبون الدم.
303

الجبار ويكونوا خير أنصار، صلى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار.
اللهم فبحقهم إليك أتوسل، واسأل سؤال معترف مقترف مسيئ إلى
نفسه مما فرط في يومه وامسه، يسألك العصمة إلى محل رمسه، اللهم وصل
على محمد وعترته واحشرنا في زمرته وبوئنا معه دار الكرامة ومحل الإقامة.
اللهم وكما أكرمتنا بمعرفته، فأكرمنا بزلفته، وارزقنا مرافقته وسابقته،
واجعلنا ممن يسلم لأمره، ويكثر الصلاة عليه عند ذكره، وعلى جميع
أوصيائه وأهل اصطفائه (1)، المعدودين (2) منك بالعدد الاثني عشر، النجوم
الزهر والحجج على جميع البشر.
اللهم وهب لنا في هذا اليوم خير موهبة، وانجح لنا فيه كل طلبة، كما
وهبت الحسين لمحمد جده وعاذ فطرس بمهده، فنحن عائذون بقبره من
بعده نشهد تربته ننتظر اوبته امين رب العالمين.
ثم تدعوا بعد ذلك بدعاء الحسين عليه السلام وهو آخر دعاء دعا به الحسين عليه
السلام يوم الكوثر (3):
اللهم أنت متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غني عن
الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما يشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد،
سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دعيت، محيط بما خلقته.
قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ما أردت، ومدرك ما طلبت،
وشكور إذا شكرت، وذاكر إذا ذكرت، أعدك محتاجا، وارغب إليك فقيرا،
وافزع إليك خائفا، وابكي إليك مكروبا وأستعين بك ضعيفا وأتوكل عليك كافيا.
احكم بيننا وبين قومنا، فإنهم غرونا وخذلونا وغدرونا بنا وقتلونا، ونحن
عترة نبيك وولد حبيبك محمد بن عبد الله، الذي اصطفيته بالرسالة وائتمنته

1 - في المصباح: أصفيائه.
2 - الممدودين (خ ل).
3 - يوم كوثر - على بناء المجهول - أي صار مغلوبا بكثرة العدو.
304

على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا برحمتك يا ارحم الراحمين.
قال ابن عياش: سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري: ان أبا عبد الله عليه
السلام يدعو به في هذا اليوم وقال: هو من أدعية يوم الثالث من شعبان، وهو مولد
الحسين عليه السلام (1).
فصل (17)
فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة من شعبان
وجدنا مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الرابعة من شعبان أربعين ركعة، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة وخمسا وعشرين مرة (قل هو الله أحد)، كتب الله له بكل ركعة ثواب ألف
ألف سنة وبنى له بكل سورة ألف ألف مدينة وأعطاه الله ثواب ألف ألف شهيد (2).
فصل (18)
فيما نذكره من فضل صوم أربعة أيام من شعبان
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلوات الله عليه وآله قال: ومن صام أربعة أيام من شعبان
وسع الله عليه في الرزق (3).
فصل (19)
فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلوات الله عليه وآله قال:

1 - مصباح المتهجد 2: 826، عنه البحار 101: 347.
2 - عنه الوسائل 8: 100، المصباح الكفعمي: 539.
3 - ثواب الأعمال: 86، أمالي الصدوق: 29، عنهما البحار 97: 69.
305

ومن صلى في الليلة الخامسة من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب
مرة وخمسمائة مرة (قل هو الله أحد)، فإذا سلم صلى على النبي سبعين مرة، قضى الله له
ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة، وأعطاه الله بعدد نجوم السماء مدينة في الجنة (1).
فصل (20)
فيما نذكره من فضل صوم خمسة أيام من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلوات الله عليه وآله قال: ومن صام خمسة أيام من شعبان
حبب إلى العباد (2).
فصل (21)
فيما نذكره من عمل الليلة السادسة من شعبان
وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلوات الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السادسة من شعبان أربع ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة وخمسين مرة (قل هو الله أحد)، قبض الله روحه على السعادة ووسع عليه في
قبره ويخرج من قبره ووجهه كالقمر وهو يقول: اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله (3).
فصل (22)
فيما نذكره من فضل صوم ستة أيام من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وفي كتاب ثواب

1 - عنه الوسائل 8: 100، مصباح الكفعمي: 539.
2 - ثواب الأعمال: 86، أمالي الصدوق: 29، عنهما البحار 97: 69.
3 - عنه الوسائل 8: 101، مصباح الكفعمي: 539.
306

الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ستة أيام من شعبان
صرف عنه سبعون لونا من البلاء (1).
فصل (23)
فيما نذكره من عمل الليلة السابعة من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السابعة من شعبان ركعتين، بفاتحة الكتاب مرة ومائة مرة (قل
هو الله أحد)، في الركعة الثانية الحمد مرة وآية الكرسي مائة مرة، قال النبي صلى الله عليه
وآله: ما من مؤمن ولا مؤمنة صلى هذه الصلاة الا استجاب الله تعالى منه دعاءه
وقضى حوائجه، وكتب له كل يوم ثواب شهيد ولا يكون عليه خطيئة (2).
فصل (24)
فيما نذكره من فضل صوم سبعة أيام من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله، قال: ومن صام سبعة أيام من شعبان، عصم من
إبليس وجنوده دهره وعمره (3). (4).
فصل (25)
فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:

1 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 29، عنهما البحار 97: 69.
2 - عنه الوسائل 8: 101، مصباح الكفعمي: 539.
3 - وهمزه وغمزه (خ ل).
4 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 29، عنهما البحار 97: 69.
307

ومن صلى في الليلة الثامنة من شعبان ركعتين، يقرء في الأولى فاتحة الكتاب مرة
وخمس مرات: (آمن الرسول - إلى آخره)، وخمس عشر مرة (قل هو الله أحد) وفي الركعة
الثانية فاتحة الكتاب مرة و (قل إنما انا بشر مثلكم) مرة، وخمس عشر مرة (قل هو الله أحد)
فلو كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر لا يخرجه الله من الدنيا الا طاهر وكأنما قرء التوراة
والإنجيل والزبور والفرقان (1).
فصل (26)
فيما نذكره من فضل صوم ثمانية أيام من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ثمانية أيام من شعبان
لم يخرج من الدنيا حتى يسقى من حياض القدس (2).
فصل (27)
فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة من شعبان أربع ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة وعشر مرات (إذا جاء نصر الله والفتح)، حرم الله جسده على النار البتة،
وأعطاه الله بكل آية ثواب اثني عشر شهيدا من شهداء بدر وثواب العلماء (3).
فصل (28)
فيما نذكره من فضل صوم تسعة أيام من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب

1 - عنه الوسائل 8: 101، مصباح الكفعمي: 539.
2 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30 عنهما البحار 97: 69.
3 - عنه الوسائل 8: 101، مصباح الكفعمي: 539.
308

الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام تسعة أيام من شعبان
عطف عليه منكر ونكير عندما يسألانه (1).
فصل (29)
فيما نذكره من عمل الليلة العاشرة من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة العاشرة من شعبان أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة وآية الكرسي مرة (وانا أعطيناك الكوثر) ثلاث مرات، فمن صلى هذه الصلاة
يقول الله لملائكته: اكتبوا له مائة ألف حسنة وارفعوا له مائة ألف درجة وافتحوا له
مائة ألف باب، ولا تغلقوا عنه أبد الأبد وغفر له ولأبويه ولجيرانه (2).
فصل (30)
فيما نذكره من فصل صوم عشرة أيام من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام عشرة أيام من شعبان
ضرب على قبره أحد عشر منارة من نور (3).
فصل (31)
فيما نذكره من عمل الليلة الحادية عشر من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الحادية عشر من شعبان ثماني ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة

1 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 69.
2 - عنه الوسائل 8 - 101، مصباح الكفعمي: 539.
3 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 69.
309

الكتاب مرة و (قل يا أيها الكافرون) عشر مرات، والذي بعثني بالحق نبيا لا يصليها الا
مؤمن مستكمل الإيمان، وأعطاه الله بكل ركعة روضة من رياض الجنة (1).
فصل (32)
فيما نذكره من فضل صوم أحد عشر يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام أحد عشر يوما من
شعبان ضرب على قبره أحد عشر منارة من نور - وقد تقدم مثله (2).
فصل (33)
فيما نذكره من عمل الليلة الثانية عشر من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثانية عشر من شعبان اثنتي عشر ركعة، يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب مرة و (ألهاكم التكاثر) عشر مرات، غفر الله تعالى له ذنوب أربعين سنة
ورفع له أربعين درجة واستغفر له أربعون ألف ملك وله ثواب من أدرك ليلة
القدر (3).
فصل (34)
فيما نذكره من فضل صوم اثني عشر يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب ثواب الأعمال
وأماليه باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام من شعبا اثنى عشر يوما

1 - عنه الوسائل 8: 101، مصباح الكفعمي: 539.
2 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 69.
3 - عنه الوسائل 8: 101، مصباح الكفعمي: 539.
310

زاره كل يوم في قبره تسعون ألف ملك إلي النفخ في الصور (1).
فصل (35)
فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة عشر من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثالثة عشر من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة (والتين والزيتون) مرة، فكأنما أعتق مائتي رقبة من ولد إسماعيل عليه
السلام، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وأعطاه الله براءة من النار، ويرافق محمد
صلى الله عليه وآله وإبراهيم عليه السلام (2).
أقول: وقد كنا ذكرنا في الليالي البيض من رجب عملا جليلا يعمل به في هذه
الليالي البيض من شعبان وشهر رمضان، فيؤخذ من ذلك المكان ويغتنم أوقات
الامكان.
فصل (36)
فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة عشر من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وفي كتاب
ثواب الأعمال باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ثلاثة عشر يوما
من شعبان استغفرت له (3) ملائكة سبع سماوات (4).

1 - ثواب الأعمال: 87: أمالي الصدوق: - 30، عنهما البحار 97: 69
2 - عنه الوسائل 8: 101 مصباح الكفعمي: 539.
3 - استغفر الله له (خ ل).
4 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار: 97: 69
311

فصل (37)
فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة عشر من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
من صلى في الليلة الرابعة عشر من شعبان أربع ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة والعصر خمس مرات، كتب الله له ثواب المصلين من لدن آدم إلى يوم
القيامة، وبعثه الله تعالى ووجهه أضوء من الشمس والقمر، وغفر له (1).
فصل (38)
فيما نذكره من فضل صوم أربعة عشر يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام أربعة عشر يوما من
شعبان ألهمت الدواب والسباع حتى الحيتان في البحور ان يستغفروا له (2).
فصل (39)
فيما نذكره من عمل الليلة النصف من شعبان
اعلم اننا ذاكرون من اعمال هذه الليلة السعيدة، بعض ما رويناه ورأيناه من
العبادات الحميدة، ونجعلها بين يديك، فاختر لنفسك ما قد عرض لك الله جل جلاله
من السعادة بذلك عليك، فسيأتي وقت يطوى فيه بساط الحياة بيد الوفاة، ويطوي فيه
صحائف الأعمال، فلا تقدر على الزيادة في الاقبال.
وان توقفت نفسك عن العمل بجميع ما ذكرناه، أو تكاسلت واشتغلت بما ضره أكثر
من نفعه، أو بما لا بقاء لنفعه من شواغل دار الزوال، فحدثها بما نذكره من المثال،

1 - عنه الوسائل 8: 101، مصباح الكفعمي: 539.
2 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 69.
312

فتقول:
ما تقول لو أن بعض ملوك دار الفناء أحضرك مع الجلساء، وقدم بين يديك خلعا
مختلفة السعود وأموالا مختلفة النقود، وكتبا باملاك وعقار وتواقيع بولايات صغار وكبار،
وأنت محتاج إلى شئ من هذه السعادات المبذولات.
فمهما كنت فاعلا من الاستقصاء في طلب غايات تلك الزيادات، فليكن اهتمامك
بما عرضه الله جل جلاله عليك، واحضره في هذه الليلة بين يديك من خلع دوام
اقبالك وتمام آمالك ومساكنك الباقية التي تحتاج إليها، والذخائر التي تعلم انك قادم
عليها على قدر اهتمامك بما بذله سلطان الدنيا لك وعرضه عليك، وبقدر التفاوت بين
فناء المواهب الدنيا الزائلة ودوام بقاء مطالب الآخرة الكاملة.
والا متى نشطت عند العاجل وكسلت عند الآجل، فكأنك لست مصدقا بالبدل الراجح والرسول الناصح، وانك مصدق بذلك المطلوب، لكنك سقيم بعيوب القلوب
والذنوب، فأنت كالمقيد المحجوب أو المطرود المغلوب، فاشتغل رحمك الله بدواء اسقامك
وثبوت اقدامك.
فصل (40) فيما نذكره من أربع ركعات في ليلة النصف من شعبان بين العشائين
وجدنا ذلك مرويا عن داعي الله جل جلاله إلى امتثال مقاله محمد صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الخامسة عشر من شعبان بين العشاءين أربع ركعات، يقرء في
كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) عشر مرات - وفي رواية أخرى إحدى
عشر مرة - فإذا فرغ قال: يا رب اغفر لنا - عشر مرات، يا رب ارحمنا - عشر مرات،
يا رب تب علينا - عشر مرات، ويقرء (قل هو الله أحد) إحدى وعشرين مرة.
ثم يقول: سبحان الذي يحيي الموتى ويميت الأحياء وهو على كل
شئ قدير - عشر مرات.
313

استجاب الله تعالى له وقضى حوائجه في الدنيا والآخرة، وأعطاه الله كتابه بيمينه،
وكان في حفظ الله تعالى إلى قابل (1).
فصل (41)
فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه قال:
الصلاة في ليلة النصف من شعبان أربع ركعات تقرء في كل ركعة الحمد و (قل هو الله
أحد) مائة مرة فإذا فرغت قلت:
اللهم إني إليك فقير، ومن عذابك خائف، وبك مستجير، رب لا تبدل
اسمي ولا تغير جسمي، رب لا تجهد بلائي، رب لا تشمت بي أعدائي،
أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برحمتك من عذابك، وأعوذ برضاك من
سخطك، وأعوذ بك منك، جل ثناؤك أنت كما أثنيت على نفسك، وفوق
ما يقول القائلون فيك، ثم ادع بما أحببت (2).
أقول: وروينا هذه الصلاة بإسنادنا أيضا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فقال في
إسنادها ما هذا لفظه: وروى أبو يحيى الصنعاني عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما
السلام، ورواه عنهما ثلاثون رجلا ممن يوثق به، قالا: إذا كان ليلة النصف من شعبان
فصل أربع ركعات - وذكر تمام الحديث (3).
فصل (42)
فيما نذكره من تسبيح وتحميد وتكبير، وصلاة ركعتين في ليلة النصف من شعبان
روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن أبي يحيى، عن

1 - عنه البحار: 98: 408، الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
2 - عنه البحار 98: 408، رواه في الكافي 3: 469، التهذيب 3: 185، مسار الشيعة: 75، عنهم الوسائل 8: 106.
3 - مصباح المتهجد: 829، عنه البحار 98: 409، الوسائل 8: 107.
314

جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال:
سئل الباقر عليه السلام عن فضل ليلة النصف من شعبان، فقال: هي أفضل ليلة
بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنه، فاجتهدوا في القربة إلى الله
تعالى فيها، فإنها ليلة آلى الله عز وجل على نفسه أن لا يرد فيها سائلا ما لم يسأل الله
معصية، وانها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا صلى
الله عليه وآله.
فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله تعالى، فإنه من سبح الله تعالى فيها مائة مرة
وحمده مائة مرة وكبره مائة مرة (وهلله مائة مرة) (1)، غفر الله له ما سلف من معاصيه،
وقضى له حوائج الدنيا والآخرة، ما التمسه وما علم حاجته إليه وان لم يلتمسه منه تفضلا
على عباده.
قال أبو يحيى: فقلت لسيدنا الصادق عليه السلام: وأي شئ أفضل الأدعية؟
فقال: إذا أنت صليت العشاء الآخرة فصل ركعتين تقرء في الأولى الحمد وسورة الجحد،
وهي (قل يا أيها الكافرون)، واقرأ في الركعة الثانية الحمد وسورة التوحيد، وهي (قل هو الله
أحد)، فإذا أنت سلمت قلت: سبحان الله - ثلاثا وثلاثين مرة، والحمد لله - ثلاثا
وثلاثين مرة، والله أكبر - أربعا وثلاثين مرة، ثم قل:
يا من إليه يلجأ (2) العباد في المهمات، وإليه يفزع الخلق في الملمات،
يا عالم الجهر والخفيات، يا من لا يخفى عليه خواطر الأوهام، وتصرف الخطرات، يا رب الخلائق والبريات، يا من بيده ملكوت الأرضين
والسماوات.
أنت الله لا إله إلا أنت أمت إليك بلا إله إلا أنت، فيا لا إله إلا أنت
اجعلني في هذه الليلة ممن نظرت إليه فرحمته، وسمعت دعاءه فأجبته،
وعلمت استقالته فأقلته، وتجاوزت عن سالف خطيئته وعظيم جريرته، فقد

1 - لا يوجد في المصباح.
2 - ملجا (خ ل).
315

استجرت بك من ذنوبي، ولجأت إليك في ستر عيوبي.
اللهم فجد علي بكرمك وفضلك، واحطط خطاياي بحلمك وعفوك،
وتغمدني في هذه الليلة بسابغ كرامتك، واجعلني فيها من أوليائك الذين
اجتبيتهم لطاعتك، واخترتهم لعبادتك، وجعلتهم خالصتك وصفوتك.
اللهم اجعلني ممن سعد جده (1)، وتوفر من الخيرات حظه، واجعلني ممن
سلم فنعم، وفاز فغنم، واكفني شر ما أسلفت، واعصمني من الازدياد في
معصيتك، وحبب إلي طاعتك وما يقربني منك (2) ويزلفني عندك.
سيدي إليك يلجأ الهارب، ومنك يلتمس الطالب، وعلى كرمك يعول
المستقيل التائب، أدبت عبادك بالتكرم وأنت أكرم الأكرمين، وأمرت
بالعفو عبادك وأنت الغفور الرحيم.
اللهم فلا تحرمني ما رجوت من كرمك، ولا تؤيسني من سابغ نعمك،
ولا تخيبني من جزيل قسمك في هذه الليلة لأهل طاعتك، واجعلني في
جنة من شرار خلقك (3)، رب إن لم أكن من أهل ذلك فأنت أهل الكرم
والعفو والمغفرة، جد علي بما أنت أهله لا بما أستحقه، فقد حسن ظني بك،
وتحقق رجائي لك، وعلقت نفسي بكرمك وأنت أرحم الراحمين، وأكرم
الأكرمين.
اللهم واخصصني من كرمك بجزيل قسمك، وأعوذ بعفوك من عقوبتك،
واغفر لي الذنب الذي يحبس عني الخلق ويضيق علي الرزق حتى أقوم
بصالح رضاك وأنعم بجزيل عطائك (4)، وأسعد بسابغ نعمائك.
فقد لذت بحرمك، وتعرضت لكرمك، واستعذت بعفوك من عقوبتك

1 - الجدة: الحظ الحظوة.
2 - لديك (خ ل).
3 - بريتك (خ ل).
4 - عطاياك (خ ل).
316

وبحلمك من غضبك، فجد بما سألتك وأنل ما التمست منك، أسألك بك
لا بشئ هو أعظم منك.
ثم تسجد وتقول عشرين مرة: يا رب يا الله - سبع مرات لا حول ولا قوة إلا
بالله - سبع مرات، ما شاء الله - عشر مرات (1) لا قوة إلا بالله - عشر مرات، ثم
تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وتسأل الله حاجتك، فوالله بها بعدد القطر لبلغك
الله عز وجل إياها بكرمه وفضله (2).
رواية أخرى في هذه السجدة بعد هذا الدعاء رواها محمد بن علي الطرازي في كتابه
فقال:
ثم تسجد وتقول عشرين مرة: يا رب يا رب صل على محمد وآل محمد (3) -
سبع مرات، لا حول ولا قوة إلا بالله - سبع مرات، ما شاء الله - عشر مرات، لا قوة
إلا بالله - عشر مرات، ثم تصلي على رسول الله (4) صلى الله عليه وآله وأهل بيته ما بدا
لك، ثم تصلي بعد هذه الصلاة وقبل صلاة الليل الأربع ركعات بألف مرة (قل هو الله
أحد) (5).
رواية أخرى في هذه السجدة بعد هذا الدعاء من كتاب محمد بن علي الطرازي:
وروى محمد بن علي الطرازي في كتابه أن مولانا الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام
صلى هذه الصلاة ليلة النصف من شعبان، ودعا بدعاء يا من إليه يلجأ العباد في
المهمات - إلى آخره، ثم سجد فقال في سجوده: يا رب - عشرين مرة، يا الله - سبع
مرات، يا رب محمد - سبع مرات، لا حول ولا قوة إلا بالله - عشر مرات (6).

1 - ما شاء الله لا قوة الا بالله سبع مرات (خ ل).
2 - مصباح المتهجد 2: 831، عنه البحار 98: 408 - 411، رواه الشيخ في أماليه 1: 302، عنه البحار 97: 85،
الوسائل 8: 106.
3 - بحق محمد وآل محمد (خ ل)..
4 - على النبي (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 411.
6 - ما شاء الله سبع مرات، لا قوة الا بالله عشر مرات (خ ل).
317

ومما ذكره جدي أبو جعفر الطوسي بعد السجدة التي رويناها عنه ما هذا لفظه
وتقول:
إلهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون، وقصدك فيه القاصدون،
وأمل فضلك ومعروفك الطالبون، ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا
ومواهب، تمن بها على من تشاء من عبادك، وتمنعها من لم تسبق له العناية
منك، وها أنا ذا عبدك الفقير إليك، المؤمل فضلك ومعروفك.
فان كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على أحد من خلقك وعدت
عليه بعائدة من عطفك، فصل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الخيرين الفاضلين، وجد علي بطولك ومعروفك يا رب العالمين، وصلى الله
على محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين وسلم تسليما ان الله حميد مجيد،
اللهم إني أدعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت انك لا تخلف
الميعاد (1).
فصل (43)
فيما نذكره من صلاة أربع ركعات أخرى في ليلة النصف من شعبان
وجدناها في كتاب الطرازي فقال ما هذا لفظه: صلاة أخرى في ليلة النصف من
شعبان:
أربع ركعات تقرء في كل ركعة الحمد وسورة الاخلاص خمسين مرة، وإن شئت
قرأتها مائتين وخمسين مرة، فإذا سلمت فقل:
اللهم إني إليك فقير ومن عذابك خائف وبك مستجير، رب لا تبدل
اسمي، رب لا تغير جسمي، ولا تجهد بلائي ولا تشمت بي أعدائي، اللهم
إني أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك

1 - عنه البحار 98: 411، رواه في مصباح المتهجد: 2: 830، عنه البحار 97: 88.
318

من عذابك.
وأعوذ بك منك لا إله إلا أنت، جل ثناؤك لا احصي مدحتك ولا الثناء
عليك، أنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون، أن تصلي على
محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا (1).
وروينا هذه الأربع ركعات وهذا الدعاء بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي (2)،
واقتصر في قراءة كل ركعة منها بالحمد مرة و (قل هو الله أحد) مائتين وخمسين مرة،
ولم يذكر التخيير.
وذكر الطرازي بعد هذه الصلاة والدعاء، فقال ما هذا لفظه: ومما يدعى به في هذه
الليلة:
اللهم أنت الحي القيوم العلي العظيم، الخالق البارئ، المحيي المميت
البدئ البديع، لك الكرم ولك الفضل، ولك الحمد ولك المن، ولك الجود
ولك الكرم،، ولك الأمر وحدك لا شريك لك، يا واحد يا أحد يا صمد يا من
لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لي وارحمني، واكفني
ما أهمني، واقض ديني ووسع علي رزقي (3)، فإنك في هذه
الليلة كل أمر تفرق ومن تشاء من خلقك ترزق، فارزقني وأنت خير
الرازقين. فإنك قلت وأنت خير القائلين الناطقين: (واسألوا الله من فضله) (4)، فمن
فضلك أسأل، وإياك قصدت، وابن نبيك اعتمدت، ولك رجوت، يا أرحم
الراحمين (5).

1 - عنه البحار 98: 412.
2 - مصباح المتهجد 2: 830، عنه الوسائل 8: 108، رواه في البحار 97: 87 عن أمالي الشيخ.
3 - وسع على وارزقني (خ ل).
4 - النساء: 32.
5 - عنه البحار 98: 412.
319

فصل (44)
فيما نذكره من فضل ليلة النصف من شعبان من أمر عظيم وصلاة مائة ركعة وذكر كريم
وجدنا ذلك في كتب العبادات وضمان فاتح أبواب الرحمات، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كنت نائما ليلة النصف من شعبان، فأتاني
جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد أتنام في هذه الليلة؟ فقلت: يا جبرئيل وما هذه
الليلة؟ قال: هي ليلة النصف من شعبان، قم يا محمد.
فأقامني ثم ذهب بي إلى البقيع ثم قال لي (1): ارفع رأسك فان هذه الليلة تفتح فيها
أبواب السماء، فيفتح فيها أبواب الرحمة، وباب الرضوان، وباب المغفرة، وباب الفضل،
وباب التوبة، وباب النعمة، وباب الجود، وباب الاحسان، يعتق الله فيها بعدد شعور
النعم وأصوافها، ويثبت الله فيها الآجال، ويقسم فيها الأرزاق من السنة إلى السنة،
وينزل ما يحدث في السنة كلها.
يا محمد من أحياها بتسبيح وتهليل وتكبير ودعاء وصلاة وقراءة وتطوع واستغفار
كانت الجنة له منزلا ومقيلا، وغفر الله لهما تقدم من ذنبه وما تأخر.
يا محمد من صلى فيها مائة ركعة يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله
أحد) عشر مرات، فإذا فرغ من الصلاة قرأ آية الكرسي عشر مرات وفاتحة الكتاب
عشرا وسبح الله مائة مرة، غفر الله له مائة كبيرة موبقة موجبة للنار، وأعطى بكل سورة
وتسبيحة قصرا في الجنة، وشفعه الله في مائة من أهل بيته، وشركه في ثواب الشهداء وأعطاه ما يعطي صائمي هذا الشهر وقائمي هذه الليلة، من غير أن ينقص من أجورهم
شيئا.
فأحيها يا محمد، وأمر أمتك بأحيائها والتقرب إلى الله تعالى بالعمل فيها فإنها ليلة
شريفة، لقد (2) أتيتك يا محمد وما في السماء ملك إلا وقد صف قدميه في هذه الليلة بين

1 - فقال لي (خ ل).
2 - وقد (خ ل).
320

يدي الله تعالى، قال: فهم بين راكع وقائم وساجد وداع ومكبر ومستغفر ومسبح.
يا محمد إن الله تعالى يطلع في هذه الليلة فيغفر لكل مؤمن قائم يصلي وقاعد يسبح
وراكع وساجد وذاكر، وهي ليلة لا يدعو فيها داع إلا استجيب له، ولا سائل إلا أعطي،
ولا مستغفر إلا غفر له ولا تائب إلا يتوب عليه، من حرم خيرها يا محمد فقد حرم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو فيها فيقول:
اللهم أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك
ما تبلغنا به رضوانك (1)، ومن اليقين ما يهون علينا به مصيبات الدنيا، اللهم
متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا.
واجعل ثارنا على من ظلمنا، وانصرنا على منا عادانا، ولا تجعل مصيبتنا
في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من
لا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
أقول: وقد مضى هذا الدعاء في بعض مواضع العبادات وإنما ذكرنا هاهنا لأنه في
هذه - ليلة نصف شعبان - من المهمات.
أقول: وفي رواية أخرى في فضل هذه المائة ركعة، كل ركعة بالحمد مرة وعشر مرات
(قل هو الله أحد) ما وجدناه، قال راوي الحديث:
ولقد حدثني ثلاثون من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أنه: من صلى هذه
الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة، وقضى له بكل نظرة سبعين حاجة
أدناها المغفرة، ثم لو كان شقيا وطلب السعادة لأسعده الله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت
وعنده أم الكتاب) (3)، ولو كان والداه من أهل النار ودعا لهما اخرجا من النار بعد أن
لا يشركا بالله شيئا، ومن صلى هذه الصلاة قضى الله له كل حاجة طلب وأعد له في
الجنة مالا عين رأت، ولا أذن سمعت.

1 - من رضوانك (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 413، الوسائل 8: 104.
3 - الرعد: 39.
321

والذي بعثني بالحق نبيا من صلى هذه الصلاة يريد بها وجه الله تعالى جعل الله له
نصيبا في أجر جميع من عبد الله تلك الليلة، ويأمر الكرام الكاتبين أن يكتبوا له
الحسنات ويمحو عنه السيئات، حتى لا يبقى له سيئة، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى منزله
من الجنة، ويبعث الله إليه (1) ملائكة يصافحونه ويسلمون عليه، ويحشر يوم القيامة مع
الكرام البررة، فان مات قبل الحول مات شهيدا، ويشفع في سبعين ألفا من الموحدين،
فلا يضعف عن القيام تلك الليلة إلا شقي (2).
إن قيل: ما تأويل أن ليلة نصف شعبان يقسم الآجال والأرزاق، وقد تظافرت (3)
الروايات أن تقسيم الآجال والأرزاق ليلة القدر في شهر رمضان؟
فالجواب: لعل المراد أن قسمه الآجال والأرزاق التي يحتمل أن تمحي وتثبت ليلة
نصف شعبان، والآجال والأرزاق المحتومة ليلة القدر، أو لعل قسمتها في علم الله جل
جلاله ليلة نصف شعبان وقسمتها بين عباده ليلة القدر، أو لعل قسمتها في اللوح
المحفوظ ليلة نصف شعبان وقسمتها بتفريقها بين عباده ليلة القدر.
أو لعل قسمتها في ليلة القدر وفي ليلة النصف من شعبان أن يكون معناه ان الوعد
بهذه القسمة في ليلة القدر كان في ليلة نصف شعبان، فيكون معناه أن قسمتها ليلة
القدر كان ابتداء الوعد به أو تقديره ليلة نصف شعبان، كما لو أن سلطانا وعد إنسانا
أن يقسم عليه الأموال (4) في ليلة القدر وكان وعده به ليلة نصف شعبان، فيصح أن يقال
عن الليلتين، أن ذلك قسم فيهما.
وروى عن السيد يحيى بن الحسين في كتاب الأمالي حديثا أسنده إلى مولانا علي
عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من صلى ليلة النصف من شعبان مائة ركعة بألف مرة (قل هو الله أحد)، لم يمت

1 - له (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 414.
3 - تظاهرات (خ ل).
4 - مالا (خ ل).
322

قلبه يوم يموت القلوب، ولم يمت حتى يرى مائة ملك يؤمنونه من عذاب الله، ثلاثون
منهم يبشرونه بالجنة، وثلاثون كانوا يعصمونه من الشيطان، وثلاثون يستغفرون له آناء
الليل والنهار، وعشرة يكيدون من كاده (1).
فصل (45)
فيما نذكره من قيام ليلة النصف من شعبان وصيام يومها
رويناه في الجزء الثاني من كتاب التحصيل في ترجمة أحمد بن المبارك بن منصور،
باسناده إلى مولانا علي عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله:
إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فان الله ينزل فيها
لغروب الشمس إلى السماء فيقول: الا مستغفر فاغفر له، الا مسترزق فارزقه، حتى
يطلع الفجر (2).
فصل (46)
فيما نذكره من صلاة ركعتين في ليلة النصف من شعبان وأربع ركعات ومائة ركعة
رويناها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله:
من تطهر ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر ولبس ثوبين نظيفين ثم خرج إلى
مصلاه فصلى العشاء الآخرة، ثم صلى بعدها ركعتين يقرء في أول ركعة الحمد وثلاث
آيات من أول البقرة وآية الكرسي وثلاث آيات من آخرها، ثم يقرء في الركعة الثانية
الحمد (وقل أعوذ برب الناس) - سبع مرات، و (قل أعوذ برب الفلق) -
سبع مرات، و (قل هو
الله احمد) - سبع مرات، ثم يسلم ويصلي بعدها أربع ركعات، يقرء في أول ركعة يس،
وفي الثانية حم الدخان، وفي الثالثة ألم السجدة، وفي الرابعة (تبارك الملك).

1 - عنه البحار 98: 415، الوسائل 8: 105.
2 - عنه البحار 98: 415.
323

ثم يصلي بعدها مائة ركعة، يقرء في كل ركعة (قل هو الله أحد) عشر مرات والحمد
لله مرة واحدة، قضى الله تعالى له ثلاث حوائج، اما في عاجل الدنيا أو في آجل
الآخرة، ثم إن سأل ان يراني من ليلة رآني (1).
فصل (47)
فيما نذكره من رواية سجدات ودعوات عن الصادق عليه السلام ليلة النصف من شعبان
رويناها باسنادها إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن حماد بن عيسى عن
أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما كان ليلة النصف من شعبان
كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند بعض نسائه.
وروى الزمخشري في كتاب الفائق أن أم سلمة قال: تبعت النبي صلى الله عليه
وآله فوجدته قد قصد البقيع ثم رجعت وعاد، فوجد فيها اثر السرعة في عودها، ولم يذكر
الدعوات.
ثم قال الطوسي في رواية الصادق عليه السلام: فلما انتصف الليل قام رسول الله
صلى الله عليه وآله عن فراشها، فلما انتبهت وجدت رسول الله صلى الله عليه وآله قد
قام عن فراشها، فدخلها ما يتداخل النساء وظنت أنه قد قام إلى بعض نسائه، فقامت (2)
وتلفقت بشملتها (3)، وأيم الله ما كان قزا ولا كتانا ولا قطنا ولكن كان سداه شعرا ولحمته
أو بار الإبل، فقامت تطلب رسول الله صلى الله عليه وآله في حجر نسائه حجرة حجرة،
فبينا هي كذلك إذ نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ساجدا كثوب متلبط (4)
بوجه الأرض، فدنت منه قريبا فسمعته في سجوده وهو يقول:
سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، هذه يداي وما جنيته على

1 - مصباح المتهجد 2: 838، عنه البحار 98: 415، الوسائل 8: 108.
2 - قامت (خ ل).
3 - تلفق الشملة: ضم شقه منه إلى أخرى فخاطهما.
4 - تلبط الرجل: اضطجع وتمرغ.
324

نفسي، يا عظيم يرجى لكل عظيم، اغفر لي العظيم، فإنه لا يغفر الذنب
العظيم إلا الرب العظيم.
ثم رفع رأسه ثم عاد ساجدا فسمعته يقول:
أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السماوات والأرضون، وانكشفت له
الظلمات، وصلح عليه أمر الأولين والآخرين من فجأة نقمتك، ومن تحويل
عافيتك، ومن زوال نعمتك، اللهم ارزقني قلبا تقيا نقيا، ومن الشرك بريئا،
لا كافرا ولا شقيا.
ثم عفر خديه في التراب فقال:
عفرت وجهي في التراب، وحق لي أن أسجد لك.
فلما هم رسول الله صلى الله عليه وآله بالانصراف هرولت إلى فراشها، فأتى
رسول الله صلى الله عليه وآله فراشها وإذا لها نفس عال، فقال لها رسول الله: ما هذا
النفس العالي أما تعلمين أي ليلة هذه؟ هذه ليلة النصف من شعبان، فيها تقسم
الأرزاق، وفيها تكتب الآجال، وفيها يكتب وفد الحاج، وإن الله ليغفر في هذه الليلة
من خلقه أكثر من عدد شعر معزي كلب (1) وينزل الله تعالى ملائكته من السماء إلى
الأرض بمكة (2).
فصل (48)
فيما نذكره من رواية أخرى بسجدات ودعوات عن النبي صلى الله عليه وآله ليلة النصف
من شعبان
رويناها بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه رواها عن بعض نساء
النبي صلى الله عليه وآله قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله في ليلة التي كان
.

1 - يعنى معزي بنى كلب وكانوا هم صاحب معزي.
2 (عنه البحار 98: 415 - 417، رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: 3: عنه البحار 97: 88 أورده أيضا في
مصباح المتهجد 2: 841.
325

عندي فيها فانسل من لحافي، فانتبهت فدخلني ما يدخل النساء من الغيرة، فظننت أنه في
بعض حجر نسائه، فإذا أنا به كالثوب الساقط على وجه الأرض ساجدا على أطراف
أصابع قدميه، وهو يقول:
أصبحت إليك فقيرا خائفا مستجيرا، فلا تبدل اسمي، ولا تغير جسمي،
ولا تجهد بلائي، واغفر لي.
ثم رفع رأسه وسجد الثانية فسمعته يقول:
سجد لك سوادي وخيالي وامن بك فؤادي، هذه يداي بما جنيت على
نفسي، يا عظيم ترجى لكل عظيم، اغفر لي ذنبي العظيم، فإنه لا يغفر العظيم
إلا العظيم.
ثم رفع رأسه وسجد الثالثة فسمعته يقول:
أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من
عقوبتك، وأعوذ بك منك، أنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون.
ثم رفع رأسه وسجد الرابعة فقال:
اللهم إني أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض،
وقشعت به الظلمات، وصلح به أمر الأولين والآخرين أن يحل علي غضبك،
أو ينزل علي سخطك، أعوذ بك من زوال نعمتك، وفجاءة نقمتك، وتحويل
عافيتك، وجميع سخطك، لك العتبى فيما استطعت ولا حول ولا قوة إلا بك.
قالت: فلما رأيت ذلك منه تركته وانصرفت نحو المنزل، فأخذني نفس عال، ثم إن
رسول الله صلى الله عليه وآله اتبعني فقال: ما هذا النفس العالي؟ قالت: قلت: كنت
عندك يا رسول الله، فقال: أتدرين أي ليلة هذه؟ هذه ليلة النصف من شعبان، فيها
تنسخ الأعمال وتقسم الأرزاق، وتكتب الآجال، ويغفر الله تعالى إلا المشرك أو
مشاحن (1) أو قاطع رحم، أو مدمن مسكر أو مصر على ذنب أو شاعر أو كاهن (2).

1 - شاحنه: باغضه، شحن عليه: حقد عليه.
2 - عنه البحار 98: 418، رواه في مصباح المتهجد 2: 841.
326

فصل (49)
فيما نذكره من ولادة مولانا المهدي عليه السلام في ليلة النصف من شعبان
وما يفتح الله جل جلاله علينا من تعظيمها بالقلب والقلم واللسان
اعلم اننا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف تفصيل هذه الولادة الشريفة،
وروينا ما يتعلق بها في فصول لطيفة، فذكرنا فصلا في كشف شراء والدته عليها أفضل التحيات.
وفصلا في حديث الولادة والقابلة ومن ساعدها من نساء الجيران، ومن هاهنا نساء
من الدار، بولدها العظيم الشأن عليه أفضل الصلوات.
وفصلا في حديث عرض مولانا الإمام الحسن العسكري لولده المهدي صلوات الله
عليهما بعد الولادة بثلاثة أيام على من يثق به من خاصته الصالحين لحفظ اسرار الاسلام.
وفصلا فيمن بشر هاهنا صلوات الله عليه بولادة المهدي عليه السلام.
وفصلا بذكر العقيقة الجسيمة عن تلك الولادة العظيمة خبزا ولحما.
وفصلا فيمن اهدى إليه مولانا الحسن العسكري رأسا من جملة الغنم المتقرب
بذبحها، لأجل عقيقة الولادة التي شهد المعقول والمنقول بمدحها.
وفصلا في حديث إقامة الحسن العسكري عليه السلام وكيلا في حياته يكون في
خدمة مولانا المهدي عليه السلام بعد انتقال والده إلى الله جل جلاله ووفاته.
وأوضحنا تحقيق هذه الأحوال لم أعرف ان أحدا سبقنا إلى كشفها كما رتبناه من
صدق المقال.
فصل (50)
فيما نذكره [في بشارة النبي جده صلى الله عليه وآله بولادته وعظيم
انتفاع الاسلام برئاسته]
ان مولانا المهدي عليه السلام ممن أطبق أهل الصدق ممن يعتمد على قوله، بان
النبي جده صلى الله عليه وآله بشر الأمة بولادته وعظيم انتفاع الاسلام برئاسته
327

ودولته، وذكر شرح كمالها وما يبلغ إليه حال جلالها إلى ما لم يظفر نبي سابق ولا وصي
لا حق، ولا بلغ إليه ملك سليمان عليه السلام الذي حكم في ملكه على الإنس والجن.
لان سليمان عليه السلام لما قال: (هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي انك أنت
الوهاب) (1). ما قيل له: قد أجبنا سؤالك في اننا لا نعطي أحدا من بعدك أكثر منه في
سبب من الأسباب، إنما قال الله جل جلاله: (فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث
أصاب والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد) (2).
والمسلمون مجمعون على أن محمدا صلى الله عليه وآله سيد المرسلين وخاتم النبيين
اعطى من الفضل العظيم والمكان الجسيم، ما لم يعط أحد من الأنبياء في الأزمان
ولا سليمان.
ومن البيان على تفصيل منطق اللسان والبيان ان المهدي عليه السلام يأتي في
أواخر الزمان وقد تهدمت أركان أديان الأنبياء ودرست معالم مراسم الأوصياء وطمست
آثار أنوار الأولياء، فيملأ الأرض قسطا وعدلا وحكما كما ملئت جورا وجهلا وظلما.
فبعث الله جل جلاله رسوله محمدا صلى الله عليه وآله ليجدد سائر مراسم الأنبياء
والمرسلين ويحيي به معالم الصادقين من الأولين والآخرين ولم يبلغ أحدا منهم صلوات الله
عليهم وعليه إلى أنه قام أحد منهم بجميع أمرهم بعدد رؤوسه ويبلغ به ما يبلغ هو عليه
السلام إليه.
وقد ذكره أبو نعيم الحافظ وغيره من رجال المحافظ وغيره من رجال المخالفين وذكر
ابن المنادي في كتاب الملاحم وهو عندهم ثقة امين، وذكره أبو العلى الهمداني وله
المقام المكين، وذكرت شيعته من آيات ظهوره وانتظام أموره عن سيد المرسلين صلى الله
عليه وآله ما لم يبلغ إليه أحد من العالمين.

1 - ص: 35.
2 - ص: 36.
328

وذلك من جملة آيات خاتم النبيين وتصديق ما خصه الله جل جلاله (1)، انه من فضله
في قوله جل جلاله: (ليظهره على الدين كله) (2).
أقول: فينبغي أن يكون تعظيم هذه الليلة لأجل ولادته عند المسلمين والمعترفين
بحقوق إمامته على قدر ما ذكره جده محمد صلى الله عليه وآله وبشر به المسعودين من
أمته، كما لو كان المسلمون قد اظلمت عليهم أيام حياتهم، وأشرفت عليهم جيوش أهل
عداوتهم، وأحاطت بهم نحوس خطيئاتهم.
فأنشأ الله تعالى مولودا يعتق رقابهم من رقها، ويمكن كل يد مغلولة من حقها،
ويعطي كل نفس ما تستحقه من سبقها، ويبسط للخلائق في المشارق والمغارب بساطا
متساوي الأطراف مكمل الألطاف مجمل الأوصاف، ويجلس الجميع عليه اجلاس
الوالد الشفيق لأولاده العزيزين عليه، أو اجلاس الملك الرحيم الكريم لمن تحت يديه
ويريهم من مقدمات آيات المسرات وبشارات المبرات في دار السعادات الباقية
ما يشهد حاضرها لغائبها وتقود القلوب والأعناق إلى طاعة واهبها.
أقول: وليقم كل انسان لله جل جلاله في هذه الليلة بقدر شكر ما من الله عز وجل
عليه بهذا السلطان وانه جعله من رعاياه والمذكورين في ديوان جنده والمسمين بالأعوان
على تمهيد الاسلام والايمان واستيصال الكفر الطغيان والعدوان ومد سرادقات
على تمهيد الاسلام والايمان واستيصال الكفر والطغيان والعدوان ومد سرادقات
السعادات على سائر الجهات من حيث تطلع شموس السماوات والى حيث تغرب إلى
أقصى الغايات والنهايات.
ويجعل من خدمته لله جل جلاله الذي لا يقوم الأجساد بمعانيها خدمة لرسوله صلى الله عليه وآله، الذي كان سبب هذه الولادة والسعادة وشرف رئاستها وخدمة لإبائه
الطاهرين الذين كانوا أصلا لها وأعوانا على إقامة حرمتها وخدمة له صلوات الله عليه
وآله، كما يجب على الرعية لمالك أزمتها والقيم لها باستقامتها وادراك سعادتها.
ولست أجد القوة البشرية قادرة على القيام بهذه الحقوق المعظمة المرضية الا بقوة من

1 - إليه (خ ل).
2 - التوبة: 33، الفتح: 28، الصف: 9.
329

القدرة الربانية، فليقم كل عبد مسعود من العباد بما يبلغ إليه ما أنعم به عليه الله جل
جلاله من القوة والاجتهاد.
فصل (51)
فيما نذكره من الدعاء والقسم على الله جل جلاله بهذا المولود العظيم المكان
ليلة النصف من الشعبان
وهو:
اللهم بحق ليلتنا هذه ومولودها، وحجتك وموعدها، التي قرنت إلى
فضلها فضلا، فتمت كلمتك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماتك ولا معقب
لآياتك، نورك المتألق وضياؤك المشرق، والعلم النور في طخياء (1) الديجور،
الغائب المستور، جل مولده وكرم محتده (2)، والملائكة شهده (3)، والله ناصره ومؤيده إذا آن ميعاده والملائكة امداده.
سيف الله الذي لا ينبو (4)، ونوره الذي لا يخبو، وذو الحلم الذي لا يصبو (6)،
مدار الدهر ونواميس العصر وولاة الامر وولاة الامر والمنزل عليهم ما ينزل (7) في ليلة القدر
وأصحاب الحشر والنشر، وتراجمه وحيه وولاة امره ونهيه.
اللهم فصل على خاتمهم وقائمهم، المستور عن عوالمهم (8)، وأدرك بنا
أيامه وظهوره وقيامه، واجعلنا من أنصاره، واقرن ثارنا بثاره، واكتبنا في

1 - طخياء: ليلة. مظلمة.
2 - المحتد: الأصل.
3 -:
شهدائه (خ ل).
4 - بنو السيف عن الضريبة: كل وارتد عنها ولم يقطع.
5 - خبا النار: خمدت وسكنت وطفئت.
6 - الصبوة: جهلة الفتوة.
7 - المنزل عليهم الذكر وما ينزل (خ ل).
8 - عواملهم (خ ل).
330

أعوانه وخلصائه، واحينا في دولته ناعمين وبصحبته غانمين، وبحقه قائمين،
ومن السوء سالمين يا ارحم الراحمين.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين
والمرسلين وعلى أهل بيته الصادقين وعشرته الناطقين، والعن جميع
الظالمين، واحكم بيننا وبينهم يا احكم الحاكمين (1).
ومن الدعوات في هذه الليلة ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضي
الله عنه قال: روي أن كميل بن زياد النخعي رأى أمير المؤمنين عليه السلام ساجدا
يدعو بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان.
أقول: ووجدت في رواية أخرى ما هذا لفظها: قال كميل بن زياد: كنت جالسا مع
مولاي أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه فقال بعضهم:
ما معنى قول الله عز وجل: (فها يفرق كل أمر حكيم) (2)؟ قال عليه السلام: ليلة النصف
من شعبان، والذي نفس علي بيده انه ما من عبد الا وجميع ما يجري عليه من خير وشر
مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من
عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر عليه السلام الا أجيب له.
فلما انصرف طرقته ليلا، فقال عليه السلام: ما جاء بك يا كميل؟ قلت:
يا أمير المؤمنين دعاء الخضر، فقال: اجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء فادع به كل
ليلة جمعة أو في الشهر مرة أو في السنة مرة أو في عمرك مرة تكف وتنصر وترزق ولن
تعدم المغفرة، يا كميل أوجب لك طول الصحبة لنا ان نجود لك بما سألت، ثم قال:
اكتب:
اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شئ، وبقوتك التي
قهرت بها كل شئ، وخضع لها كل شئ، وذل لها كل شئ،
وبجبروتك التي غلبت بها كل شئ، وبعزتك التي لا يقوم لها شئ،

1 - رواه الشيخ في مصباحه 2: 842
2 - الدخان: 4.
331

وبعظمتك التي ملأت أركان كل شئ.
وبسلطانك الذي علا كل شئ، وبوجهك الباقي بعد [فناء] كل
شئ، وبأسمائك التي غلبت أركان كل شئ، وبعلمك الذي أحاط بكل
شئ، وبنور وجهك الذي أضاء له كل شئ، يا نور يا قدوس، يا أول الأولين
ويا آخر الآخرين.
اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، اللهم اغفر لي الذنوب التي
تنزل النقم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، اللهم اغفر لي الذنوب
التي تحبس الدعاء، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر
لي كل ذنب أذنبته وكل خطيئة أخطأتها.
اللهم إني أتقرب إليك بذكرك واستشفع بك إلى نفسك وأسألك
بجودك ان تدنيني من قربك وان توزعني شكرك وان تلهمني ذكرك.
اللهم إني أسألك سؤال خاضع متذلل (2) خاشع ان تسامحني وترحمني
وتجعلني بقسمك راضيا قانعا وفي جميع الأحوال (3) متواضعا، اللهم وأسألك
سؤال من اشتدت فاقته، وانزل بك عند الشدائد حاجته، وعظم فيما عندك
رغبته.
اللهم عظم سلطانك وعلا مكانك وخفي مكرك وظهر امرك، وغلب
جندك (4) وجرت قدرتك، ولا يمكن الفرار من حكومتك، اللهم لا أجد لذنوبي
غافرا ولا لقبائحي ساترا، ولا لشئ من عملي القبيح بالحسن مبدلا غيرك،
لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ظلمت نفسي وتجرأت بجهلي وسكنت
إلى قديم ذكرك لي ومنك علي.

1 - من المصباح المتهجد.
2 - ذليل (خ ل).
3 - الأمور (خ ل).
4 - قهرك (خ ل).
332

اللهم ومولاي كم من قبيح سترته وكم فادح (1) من البلاء أقلته، وكم من
عثار وقيته وكم من مكروه دفعته وكم من ثناء جميل لست أهلا له نشرته.
اللهم عظم بلائي وأفرط بي سوء حالي وقصرت بي أعمالي، وقعدت
بي اغلالي، وحبسني عن نفعي بعد آمالي، وخدعتني الدنيا بغرورها ونفسي
بخيانتها (2) ومطالي (3) يا سيدي.
فأسألك بعزتك الا يحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي،
ولا تفضحني بخفي ما اطلعت عليه من سريرتي (4) ولا تعاجلني بالعقوبة على
ما عملته في خلواتي، من سوء فعلي واسائتي ودوام تفريطي وجهالتي وكثرة
شهواتي وغفلتي، وكن اللهم بعزتك لي في كل الأحوال رؤوفا وعلي في
جميع الأمور عطوفا.
الهي وربي من لي غيرك، أسأله كشف ضري والنظر في أمري، الهي
ومولاي أجريت علي حكما اتبعت فيه هوى نفسي ولم احترس فيه من تزيين
عدوي، فغرني بما اهوى واسعده على ذلك القضاء، فتجاوزت بما جرى
على من ذلك من نقض حدودك (6) وخالفت بعض اوامرك و
فلك الحمد علي في جميع ذلك، ولا حجة لي فيما جرى علي فيه
قضاؤك والزمني حكمك (7) وبلاؤك، وقد اتيتك يا الهي بعد تقصيري واسرافي
على نفسي، معتذرا نادما منكسرا مستقيلا مستغفرا منيبا مقرا مذعنا معترفا،
لا أجد مفرا مما كان مني، ولا مفزعا أتوجه إليه في أمري، غير قبولك عذري

1 - فادح: نازل.
2 - بجنايتها، بحمايتها (خ ل).
3 - مطله: سوفه بوعد الوفاء مرة بعد أخرى.
4 - سرى (خ ل).
5 - بي (خ ل).
6 - في المصباح: بعض حدودك.
7 - الزمني فيه حكمك (خ ل).
333

وادخالك إياي في سعة من رحمتك.
الهي فاقبل عذري وارحم شدة ضري وفكني من شد (1) وثاقي، يا رب
ارحم ضعف بدني ورقة جلدي ودقة عظمي، يا من بدء خلقي وذكري
وتربيتي وبري وتغذيتي، هبني لابتداء كرمك وسالف برك بي.
الهي وسيدي وربي أتراك معذبي بالنار بعد توحيدك وبعد ما انطوى
عليه قلبي من معرفتك، ولهج به لساني من ذكرك، وأعتقده ضميري من
حبك، وبعد صدق اعترافي ودعائي خاضعا لربوبيتك، هيهات أنت أكرم
من أن تضيع من ربيته، أو تبعد من أدنيته أو تشرد من آويته، أو تسلم إلي
البلاء من كفيته ورحمته.
ولى شعري يا سيدي وإلهي ومولاي أتسلط النار على وجوه خرت
لعظمتك ساجدة، وعلى السن نطقت بتوحيدك صادقة وبشكرك مادحة،
وعلى قلوب اعترفت بإلهيتك محققه، وعلى ضمائر حوت من العلم بك حتى
صارت خاشعة، وعلى جوارح سعت إلى اوطان تعبدك طائعة، وأشارت (2)
باستغفارك مذعنة، ما هكذا الظن بك ولا أخبرنا بفضلك عنه، يا كريم
يا رب.
وأن تعلم ضعفي عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من
المكاره على أهلها على أن ذلك بلاء ومكروه قليل مكثه، يسير بقاؤه، قصير
مدته، فكيف احتمالي لبلاء الآخرة وجليل (3) وقوع المكاره فيها، وهو بلاء
تطول مدته، ويدوم مقامه، ولا يخفف عن أهله، لأنه لا يكون الا عن غضبك
وانتقامك وسخطك، وهذا ما لا تقوم له السماوات والأرض، يا سيدي فكيف
لي وانا عبدك الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين.

1 - أسر (خ ل).
2 - اوطان توحيدك طائقة، فأشارت (خ ل).
3 - حلول (خ ل).
334

يا الهي وربي وسيدي ومولاي لأي الأمور إليك أشكو، ولما منها اضج
وابكي، لأليم العذاب وشدته، أم لطول البلاء ومدته، فلئن صيرتني في
العقوبات (1) مع أعدائك، وجمعت بيني وبين أهل بلائك، وفرقت بيني وبين
أحبائك وأوليائك، فهبني يا الهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على
عذابك، فكيف اصبر على فراقك، وهبني صبرت على حر نارك، فكيف
اصبر عن النظر إلى كرامتك، أم كيف أسكن في النار ورجائي عفوك.
فبعزتك يا سيدي ومولاي أقسم صادقا لئن تركتني ناطقا لأضجن إليك
بين أهلها ضجيج الآملين (2)، ولاصرخن إليك صراخ المستصرخين، ولا بكين
عليك بكاء الفاقدين، ولانادينك أين كنت يا ولي المؤمنين، يا غاية آمال
العارفين ويا غياث المستغيثين، يا حبيب قلوب الصادقين، ويا اله العالمين.
افتراك سبحانك يا الهي وبحمدك تسمع فيها صوت عبد مسلم، سجن (3)
فها بمخالفته وذاق طعم عذابها بمعصيته وحبس بين اطباقها بجرمه
وجريرته، وهو يضج إليك ضجيج مؤمل لرحمتك، ويناديك بلسان أهل
توحيدك ويتوسل إليك بربوبيتك.
يا مولاي فكيف يبقى في العذاب وهو يرجو ما سلف من حلمك، أم
كيف تؤلمه النار وهو يأمل فضلك ورحمتك، أم كيف تحرقه لهبها وأنت
تسمع صوته وترى مكانه، أم كيف يشتمل عليه زفيرها وأنت تعلم ضعفه، أم
كيف يتقلقل (4) بين اطباقها وأنت تعلم صدقه، أم كيف تزجره زبانيتها (5) وهو
يناديك يا ربه، أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها فتتركه فيها.
هيهات ما ذلك الظن بك ولا المعروف من فضلك ولا مشبه لما عاملت

1 - للعقوبات (خ ل).
2 - الألمين (خ ل).
3 - يسجن، يسجر (خ ل).
4 - يتغلغل (خ ل)، أقول: قلقل: صوت، غلغل: أسرع في سيره.
5 - الزبانية: الملائكة التي دفع أهل النار إليها.
335

به الموحدين من برك واحسانك، فباليقين اقطع لولا ما حكمت به من
تعذيب جاحديك، وقضيت به من اخلاد معانديك لجعلت النار كلها بردا
وسلاما وما كان (1) لاحد فيها مقرا ولا مقاما، لكنك تقدست أسماؤك أقسمت
ان تملأها، ومن الكافرين من الجنة والناس أجمعين وان تخلد فيها
المعاندين، وأنت جل ثناؤك قلت مبتدئا وتطولت بالانعام متكرما، أفمن
كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون.
الهي وسيدي فأسألك بالقدرة التي قدرتها وبالقضية التي حتمتها
وحكمتها، وغلبت من عليه أجريتها ان تهب لي في هذه الليلة في هذه
الساعة كل جرم أجرمته (2)، وكل ذنب أذنبته، وكل قبيح أسررته وكل جهل
عملته، كتمته أو أعلنته، أخفيته أو أظهرته، وكل سيئة أمرت باثباتها الكرام
الكاتبين، الذين وكلتهم بحفظ ما يكون مني، وجعلتهم شهودا علي مع جوارحي.
وكنت أنت الرقيب علي من ورائهم والشاهد لما خفي عنهم،
وبرحمتك أخفيته وبفضلك سترته، وان توفر حظي من كل خير تنزله، أو
احسان تفضله، أو بر تنشره أو رزق تبسطه (3)، أو ذنب تغفره أو خطأ تستره
يا رب يا رب يا رب، يا الهي وسيدي ومولاي ومالك رقي، يا من بيده
ناصيتي، يا عليما بضري (4) ومسكنتي، يا خبيرا بفقري وفاقتي.
يا رب يا رب يا رب أسألك بحقك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك ان
تجعل أوقاتي في الليل (5) والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة، واعمالي
عندك مقبولة، حتى يكون أعمالي وأورادي (6) كلها وردا واحدا وحالي في

1 - كانت (خ ل).
2 - اجترمته (خ ل)، أقول: اجرم واجترم: أذنب.
3 - أنزلته، فضلته، نشرته، بسطته (خ ل). 4 - بفقري (خ ل).
5 - من الليل (خ ل).
6 - إرادتي (خ ل).
336

خدمتك سرمدا. يا سيدي يا من إليه معولي، يا من إليه شكوت أحوالي يا رب يا رب يا رب،
قو على خدمتك جوارحي، واشدد على العزيمة جوانحي، وهب لي الجد
في خشيتك والدوام في الاتصال بخدمتك، حتى أسرح (2) إليك في ميادين
السابقين، وأسرع إليك في المبادرين (3)، واشتاق إلى قربك في المشتاقين،
وأدنو منك دنو المخلصين، وأخافك مخافة الموقنين (4)، واجتمع في جوارك
مع المؤمنين.
اللهم ومن أرادني بسوء فارده ومن كادني فكده، واجعلني من أحسن
عبادك نصيبا عندك وأقربهم منزلة منك وأخصهم زلفة لديك، فإنه لا ينال
ذلك الا بفضلك، وجد لي بجودك واعطف علي بمجدك، واحفظني
برحمتك، واجعل لساني بذكرك لهجا وقلبي بحبك متيما (5)، ومن علي
بحسن اجابتك، وأقلني عثرتي، واغفر زلتي، فإنك قضيت على عبادك
بعبادك، وامرتهم بدعائك وضمنت لهم الإجابة.
فإليك يا رب نصبت وجهي، واليك يا رب مددت يدي، فبعزتك استجب
لي دعائي وبلغني منادي، ولا تقطع من فضلك رجائي واكفني شر الجن والإنس
من أعدائي، يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك الا الدعاء، فإنك
فعال لما تشاء، يا من اسمه دواء وذكره شفاء وطاعته غنا، ارحم من رأس
ماله الرجاء وسلاحه البكاء.
يا سابع النعم، يا دافع النقم، يا نور المستوحشين في الظلم، يا عالما
لا يعلم، صل على محمد وآل محمد وافعل بي ما أنت أهله، وصلى الله على

1 - اقرا (خ ل).
2 - سرح الرجل: اخرج في أموره.
3 - المبارزين (خ ل).
4 - المؤمنين (خ ل).
5 - تيمه الحب: عبده وذلله.
337

محمد والأئمة الميامين من آله وسلم تسليما (1).
أقول: ومما يعمل ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء ما رويناه عن أبي القاسم
رحمه الله من كتاب الزيارات عن سالم بن عبد الرحمان، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال:
من بات ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء، يقرء ألف مرة (قل هو الله أحد)
ويستغفر الله ألف مرة ويحمد الله ألف مرة، ثم يقوم فيصلي أربع ركعات، يقرء في كل
ركعة ألف مرة آية الكرسي، وكل الله عز وجل به ملكين يحفظانه من كل سوء ومن
كل شيطان وسلطان، ويكتبان له حسناته، ولا يكتب عليه سيئة ويستغفران له ما داما
معه (2).
فصل (52)
فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات الله عليه ليلة النصف من شعبان
اعلم أن سبب تأخيرنا ذكر هذه الزيارة في هذا الموضع من فصول عمل ليلة
النصف من شعبان، وهذه الزيارة من أهم مهمات هذه الميقات، لان الذين يحتاجون
في هذه الليلة إلى الصلوات والدعوات أكثر ممن يتهيأ لهم زيارة الحسين صلوات الله عليه
وآله من الجهات، فقدمنا ما هو أعم نفعا للعباد في سائر البلاد وذخر ما يختص بالزيارة
وما يحصل بها في هذه الخزانة المصونة لمن وفق لها، كما ذخر محمد صلوات الله عليه وآله
وعلى عترته الطاهرين، وهو سيد الأولين والآخرين في آخرهم وهو مقدم عليهم أجمعين،
فنقول:
روينا بإسنادنا إلى محمد بن أحمد بن داود القمي، المتفق على صلاحه وعلمه
وعدالته، تغمده الله جل جلاله برحمته، باسناده إلى الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة
الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول:

1 - رواه في مصباح المتهجد 2: 850 - 844.
2 - رواه في كامل الزيارات: 181، عنه البحار 101: 342، 10: 368.
338

من أحب ان يصافحه مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي، فليزر الحسين عليه
السلام ليلة النصف من شعبان، فان الملائكة وأرواح النبيين يستأذنون الله في زيارته
فيأذن لهم، فطوبى لمن صافحهم وصافحوه، منهم خمسة أولوا العزم من المرسلين: نوح
وابرهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين، قلت: لم سموا أولوا
العزم؟ قال: لأنهم بعثوا إلى شرقها وغربها وجنها وانسها (1).
ومن ذلك ما رويناه عن محمد بن داود القمي باسناده عن ابن أبي عمير، الذي
ما كان في زمانه مثله، عن معاوية بن وهب، العبد الصالح المعظم في زهده وفضله، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان أول يوم من شعبان نادى مناد من تحت العرش:
يا وفد الحسين لا تخلو ليلة النصف من شعبان من زيارة الحسين عليه السلام، فلو تعلمون
ما فيها لطالت عليكم السنة حتى يجئ النصف (2).
ومن ذلك بإسنادنا إلى محمد بن داود بإسنادنا إلى يونس بن يعقوب قال: قال أبو
عبد الله عليه السلام: يا يونس ليلة النصف من شعبان يغفر لكل من زار الحسين عليه
السلام من المؤمنين ما قدموا من ذنوبهم وقيل لهم: استأنفوا العمل، قال: قلت: هذا كله
لمن زار الحسين عليه السلام في ليلة النصف من شعبان؟ قال: يا يونس لو خبرت الناس
بما فيها لمن زار الحسين عليه السلام لقامت ذكور رجال على الخشب (3).
أقول: لعل معنى قوله عليه السلام: لقامت ذكور رجال على الخشب، أي كانوا قد
صلبوا على الأخشاب لعظيم ما كانوا ينقلونه ويروونه في فضل زيارة الحسين عليه السلام
في النصف من شعبان من عظيم فضل سلطان الحساب وعظيم نعيم دار الثواب الذي
لا يقوم بتصديعه ضعف الألباب.
واعلم أن الذي استسلم له الحسين عليه السلام لما دعى إلى الشهادة وبذله من

1 - عنه البحار 11: 58، 101، 93، رواه في التهذيب 6: 48، كامل الزيارات: 179، وعنه الوسائل 10: 367،
أخرجه في مدينة المعاجز: 286، المزار الكبير: 167، مصباح الكفعمي: 498، المزار للمفيد: 50، أخرجه عن
بعض المصادر البحار 11: 58.
2 - عنه البحار: 101: 98.
3 - رواه في كامل الزيارات: 181 عنه البحار 101: 95، 10: 367.
339

نفسه العزيزة من الأمور الخارقة العادة، مع كونه عارفا بها قبل التعرض لها بما أخبر به
جده وأبوه صلوات الله عليهم بتلك الأهوال على التفصيل لا يستكثر له مهما أعطاه الله
جل جلاله، وأعطى لأجله زائرية الساعين لله جل جلاله على ما يريده الحسين عليه السلام من التعظيم والتبجيل، فالذي يستكثر العباد عند الله جل جلاله قليل، فإنه جل
جلاله القادر لذاته الرحيم لذاته الكريم، لذاته الذي لا ينقصه مهما أعطا من هباته، بل
يزيد في ملكه زيادة عطاياه وصلاته.
ومن أهم المهمات اخلاص الزائرين في هذه وتطهير النيات، وأن يكون الزيارة
لمجرد أمر الله جل جلاله، فالعبادة له جل جلاله بها والطاعة له في الموافقة له في التعظيم
لها، ويكون إذا زار مع كثرة الزائرين، فكأنه زار وحده دون الخلائق أجمعين، فلا يكون
ناظره وخاطره متعلقا بغير رب العالمين، وهذا أمر شهد به صريح العقول من العارفين،
وقال جل جلاله: (وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) (1).
ومن المنقول ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن داود القمي باسناده إلى أبي عبد الله
البرقي قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام: ما لمن زار الحسين بن علي عليه السلام في
النصف من شعبان يريد به الله عز وجل وما عنده لا عند الناس، قال: غفر الله له في
تلك الليلة ذنوبه ولو أنها بعدد شعر معزى كلب (2)، ثم قيل له: جعلت فداك يغفر الله
عز وجل له الذنوب كلها؟ قال: اتستكثر لزائر الحسين عليه السلام هذا، كيف
لا يغفرها وهو في حد من زار الله عز وجل في عرشه (3).
وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام: يغفر الله لزائر الحسين عليه السلام في
نصف شعبان ما تقدم من ذنبه وما تأخر (4).

1 - البينة: 5.
2: المعزى: المعز، وكلب قبيلة.
3 - عنه البحار: 101: 98.
4 - عنه البحار 101: 98 رواه في كامل الزيارات 181 عنه البحار 101: 95.
340

فصل (53)
فيما نذكره من لفظ زيارة الحسين عليه السلام في نصف شعبان
أقول: إن هذه الزيارة مما يزار بها الحسين عليه السلام أول رجب أيضا، وإنما اخرنا
ذكرها في هذه الليلة لأنها أعظم، فذكرناها في الأشرف من المكان، وهي:
إذا أردت ذلك فاغتسل والبس أطهر ثيابك وقف على باب قبته عليه السلام
مستقبل القبلة وسلم على سيدنا رسول الله وعلى أمير المؤمنين وفاطمة والحسن وعليه وعلى
الأئمة من ذريته صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، ثم ادخل وقف عند ضريحه وكبر الله
تعالى مائة مرة وقل:
السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن خاتم النبيين، السلام
عليك يا بن سيد المرسلين، السلام عليك يا بن سيد الوصيين، السلام عليك
يا أبا عبد الله، السلام عليك يا حسين بن علي، السلام عليك يا بن فاطمة (1)
سيدة نساء العالمين.
السلام عليك يا ولي الله وابن وليه، السلام عليك يا صفي الله وابن
صفيه، السلام عليك يا حجة الله وابن حجته، السلام عليك يا حبيب الله
وابن حبيبه، السلام عليك يا سفير الله وابن سفيره، السلام عليك يا خازن
الكتاب المسطور.
السلام عليك يا وارث التوراة والإنجيل والزبور، السلام عليك يا امين
الرحمان، السلام عليك يا شريك القرآن السلام عليك يا عمود الدين،
السلام عليك يا باب حكمة رب العالمين، السلام عليك يا عيبة (2) علم الله،
السلام عليك يا موضع سر الله.
السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور، السلام عليك وعلى

1 - فاطمة الزهراء (خ ل).
2 - العيبة: ما تجعل فيه الثياب كالصندوق، وعلى المثل يقال بموضع السر، العيبة.
341

الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت (1) برحلك، بأبي أنت وأمي ونفسي يا أبا عبد
الله لقد عظمت المصيبة وجلت الرزية بك علينا وعلى جميع أهل الاسلام
، فلعن الله أمة أسست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت، ولعن
الله أمة دفعتكم عن مقامكم وازالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها.
بأبي أنت وأمي ونفسي يا أبا عبد الله اشهد لقد اقشعرت لدمائكم أظلة
العرش مع أظلة الخلائق، وبكتكم السماء والأرض وسكان الجنان والبر
والبحر، صلى الله عليك عدد ما في علم الله، لبيك داعي الله إن كان
لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك، فقد أجابك قلبي
وسمعي وبصري، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.
اشهد انك طهر طاهر مطهر، من طهر طاهر مطهر، فطهرت بك البلاد
وطهرت ارض أنت فيها وطهر حرمك، اشهد انك أمرت بالقسط والعدل
ودعوت إليهما، وانك صادق صديق صدقت فيما دعوت إليه، وانك ثار الله
في الأرض.
واشهد انك قد بلغت عن الله وعن جدك رسول الله وعن أبيك
أمير المؤمنين وعن أخيك الحسن، ونصحت وجاهدت في سبيل ربك
وعبدت الله مخلصا حتى اتاك اليقين، فجزاك الله خير جزاء السابقين
وصلى الله عليك وسلم تسليما.
اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على الحسين المظلوم الشهيد
الرشيد، قتيل العبرات وأسير الكربات صلاة نامية زاكية مباركة، يصعد أولها
ولا ينفد آخرها، أفضل ما صليت على أحد من أولاد أنبيائك المرسلين يا اله
العالمين.
ثم قبل الضريح وضع خدك الأيمن عليه والأيسر، ودر حول الضريح، فقبله من

1 - أناخ فلان بمكان: أقام به.
342

أربع جوانبه، ثم امض وقف على ضريح علي بن الحسين عليه السلام مستقبل القبلة وقل:
السلام من الله، والسلام من ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده
الصالحين وجميع أهل طاعته من أهل السماوات والأرضين، على أبي
عبد الله الحسين بن علي ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أول قتيل من
نسل خير سليل من سلالة (1) إبراهيم الخليل.
صلى الله عليك وعلى أبيك إذ قال فيك: قتل الله قوما قتلوك، يا بني
ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول، على الدنيا بعدك
العفا (2).
اشهد انك ابن حجة الله وابن أمينه، حكم الله على قاتليك واصلاهم (3)
جهنم وسائت مصيرا، وجعلنا الله يوم القيامة من ملاقيك ومرافقيك ومرافقي
جدك وأبيك وعمك وأخيك وأمك المظلومة الطاهرة المطهرة، ابرء إلى الله
ممن قتلك وقاتلك، واسأل الله مرافقتكم في دار الخلود، والسلام عليك
ورحمة الله وبركاته.
السلام على العباس بن أمير المؤمنين، السلام على جعفر بن
أمير المؤمنين، السلام على عبد الله بن أمير المؤمنين، السلام على أبي بكر بن
أمير المؤمنين، السلام على عثمان بن أمير المؤمنين.
السلام على القاسم بن الحسن، السلام على أبي بكر بن الحسن،
السلام على عبد الله بن الحسن.
السلام على محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، السلام على
جعفر بن عقيل، السلام على عبد الرحمان بن عقيل، السلام على عبد الله بن
مسلم بن عقيل، السلام على محمد بن أبي سعد بن عقيل، السلام على

1 - السليل: الولد، السلالة: النسل.
2 - العفاء: الهلاك.
3 - اصلاه النار: ادخله إياها وأثواه فيها.
343

عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، السلام عليكم أهل بيت المصطفى،
السلام عليكم أهل الشكر والرضا.
السلام عليكم يا أنصار الله ورجاله من أهل الحق والبلوى والمجاهدين
على بصيرة في سبيله، اشهد انكم كما قال الله عز وجل: (وكأين من نبي قاتل
معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين) (1).
فما ضعفتم، وما استكنتم (2) حتى لقيتم الله على سبيل الحق ونصره وكلمة الله
التامة.
صلى الله على أرواحكم وأبدانكم وسلم تسليما وفزتم، والله لوددت
اني كنت معكم فأفوز فوزا، أبشروا بمواعيد الله التي لا خلف لها انه
لا يخلف الميعاد.
اشهد انكم النجباء وسادة الشهداء في الدنيا والآخرة، واشهد انكم
جاهدتم في سبيل الله وقتلتم على منهاج (3) رسول الله، أنتم السابقون
والمجاهدون، اشهد انكم أنصار الله وأنصار رسوله، الحمد لله الذي صدقكم
وعده وأراكم ما تحبون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ثم التفت فسلم على الشهداء فقل:
السلام على سعيد بن عبد الله الحنفي، السلام على حر بن يزيد
الرياحي، السلام على زهير بن القين، السلام على حبيب بن مظاهر،
السلام على مسلم بن عوسجة، السلام على عقبة بن سمعان، السلام على
برير بن خضير، السلام على عبد الله بن عمير.
السلام على نافع بن هلال، السلام على منذر بن المفضل الجعفي (4)،

1 - آل عمران: 146.
2 - لا استكنتم (خ ل).
3 - المنهاج: الطريق الواضح.
4 - الجعفري (خ ل).
344

السلام على عمرو بن قرظة الأنصاري.
السلام على أبي ثمامة الصائدي (1)، السلام على جون (2) مولى أبي ذر
الغفاري، السلام على عبد الرحمان بن عبد الله الأزدي، السلام على
عبد الرحمان وعبد الله ابني عروة، السلام على سيف بن الحارث، السلام
على مالك بن عبد الله الحائري، السلام على حنظلة بن أسعد
الشبامي.
السلام على قاسم بن الحارث الكاهلي، السلام على بشر بن عمر
الحضرمي، السلام على عابس بن شبيب الشاكري، السلام على حجاج بن
مسروق الجعفي، السلام على عمرو بن خلف وسعيد مولاه، السلام على
حسان بن الحارث.
السلام على مجمع بن عبد الله العائذي، السلام على نعيم بن عجلان،
السلام على عبد الرحمان بن يزيد، السلام على عمر بن أبي كعب.
السلام على سليمان بن عوف الحضرمي، السلام على قيس بن مسهر
الصيداوي، السلام على عثمان بن فروة (1) الغفاري، السلام على غيلان بن
عبد الرحمان، السلام على قيس بن عبد الله الهمداني، السالم على عمير بن
كناد، السلام على جبلة بن عبد الله، السلام على مسلم بن كناد.
السلام على سليمان بن سليمان الأزدي، السلام على حماد بن
حماد المرادي، السلام على عامر بن مسلم ومولاه مسلم، السلام على بدر بن
رقيط وابنيه عبد الله وعبيد الله، السلام على رميث بن عمر، السلام على
سفيان بن مالك، السلام على زهير بن سيار.
السلام على قاسط وكرش ابني زهير، السلام على كنانة بن عتيق،

1 - الصيداوي (خ ل).
2 - عروة (خ ل).
345

السلام على عامر بن مالك السلام على منيع بن زياد، السلام على نعمان بن
عمرو.
السلام على جلاس بن عمرو، السلام على عامر بن جليدة (1)، السلام على
زائدة بن مهاجر، السلام على حبيب بن عبد الله النهشلي، السلام على
حجاج بن يزيد، السلام على جوير بن مالك.
السلام على ضبيعة بن عمرو، السلام على زهير بن بشير، السلام على
مسعود بن الحجاج، السلام على عمار بن حسان، السلام على جندب بن
حجير، السلام على سليمان بن كثير، السلام على زهير بن سليمان، السلام
على قاسم بن حبيب.
السلام على انس بن كاهل الأسدي (2)، السلام على ضرغامة بن مالك،
السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق، السلام على عبد الله بن يقطر رضيع
الحسين، السلام على منجح مولى الحسين، السلام على سويد مولى شاكر.
السلام عليكم أيها الربانيون، أنتم خيرة الله، اختاركم الله لأبي عبد الله
عليه السلام، وأنتم خاصته اختصكم الله، اشهد انكم قتلتم على الدعاء إلى
الحق ونصرتم ووفيتم وبذلتم مهجكم (3) مع ابن رسول الله صلى الله عليه وآله،
وأنتم سعداء سعدتم وفزتم بالدرجات.
فجزاكم الله من أعوان واخوان خير ما جازى من صبر مع رسول الله صلى
الله عليه وآله، هنيئا لكم ما أعطيتم وهنيئا لكم بما حييتم، طافت عليكم
من الله الرحمة وبلغتم بها شرف الآخرة.
فإذا أردت وداعه عليه السلام فقل ما رأيناه في بعض وداعاته:
السلام عليك يا مولاي، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا صفوة

1 - خليدة (خ ل).
2 - السلام على حر بن يزيد الرياحي (خ ل).
3 - المهجة: الدم، أو دم القلب، الروح.
346

الله، السلام عليك يا خالصة الله، السلام عليك يا قتيل الظماء، السلام
عليك يا غريب الغرباء، السلام عليك سلام مودع لا سأم (1) ولا قال، فان امض
فلا عن ملامة وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين.
لا جعله الله آخر العهد مني لزيارتك، ورزقني الله العود إلى مشهدك
والمقام بفنائك والقيام في حرمك، وإياه اسأل ان يسعدني بكم ويجعلني
معكم في الدنيا والآخرة (2).
فصل (54)
فيما نذكره من صلاة ليلة النصف من شعبان عند الحسين عليه السلام
اعلم اننا كنا نؤثر ان نذكر هذه الصلاة قبل وداع زيارة نصف شعبان لئلا يقع
الاشتغال عنها بالزيارة والوداع ومفارقة الامكان، ولكنا رأينا تقدم لفظ الزيارة هاهنا
من المهمات وتأخير وداعها عنها خلاف العادات، فذكرناها بالقرب مما يختص
بالحسين صلوات الله عليه ليقطع نظر الراغب في عملها فيعتمد عليه، وهي صلاة
الحسين صلوات الله عليه.
وقد قدمناها في عمل يوم الجمعة من عمل الأسبوع في الجزء الرابع في دعائها زيادة
على ما أشرنا إليه (3)، وهي منقولة من خط محمد بن علي الطرازي في كتابه فقال ما هذا لفظه:
ونقلت من خط الشيخ أبي الحسن محمد بن هارون أحسن الله توفيقه ما ذكر انه
حذف اسناده قال: ومن صلاة ليلة النصف من شعبان عند قبر سيدنا أبي عبد الله
الحسين بن علي صلوات الله عليه أربع ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب خمسين
مرة و (قل هو الله أحد) خمسين مرة ويقرأهما في الركوع عشر مرات، وإذا استويت من
الركوع مثل ذلك وفي السجدتين وبينهما مثل ذلك، كما تفعل في صلاة التسبيح، وتدعو

1 - سئم الشئ ومنه: مله.
2 - عنه البحار 101: 336 - 342، رواه في مصباح الزائر: 154 - 158.
3 - جمال الأسبوع: 165، عنه البحار 91: 185.
347

بعدها وتقول:
أنت الله الذي استجبت لادم وحوا حين قالا: (ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا
وترحمنا لنكونن من الخاسرين) (1)، وناداك نوح فاستجبت له ونجيته وآله من الكرب
العظيم، وأطفأت نار نمرود عن خليلك إبراهيم فجعلتها عليه بردا وسلاما.
وأنت الذي استجبت لأيوب حين ناداك: (اني مسني الضر وأنت ارحم
الراحمين) (2)، فكشفت ما به من ضر وآتيته أهله ومثلهم معهم رحمة من عندك
وذكرى لأولي الألباب، وأنت الذي استجبت لذي النون حين ناداك في
الظلمات: (ان لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الضالمين). (3) فنجيته من الغم.
وأنت الذي استجبت لموسى وهارون دعوتهما حين قلت: (قد أجيبت
دعوتكما) (4)، وأغرقت فرعون وقومه وغفرت لداود ذنبه، ونبهت قلبه وأرضيت
خصمه رحمة منك وذكرى.
وأنت الذي فديت الذبيح بذبح عظيم حين أسلما وتله للجبين، فناديته
بالفرج والروح، وأنت الذي ناداك زكريا نداء خفيا قال: (رب اني وهن العظم
مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا) (6)، وقلت (ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا
خاشعين) (7).
وأنت الذي استجبت للذين آمنوا وعملوا الصالحات لتزيدهم من
فضلك، رب فلا تجعلني أهون الراغبين إليك، واستجب لي كما استجبت
لهم بحقهم عليك، وطهرني وتقبل صلاتي وحسناتي وطيب بقية حياتي:
.

1 - الأعراف: 23.
2 - الأنبياء: 83.
3 - الأنبياء: 87.
4 - يونس: 89.
5 - تله: صرعه أو ألقاه على عنقه وخده.
6 - مريم: 4.
7 - الأنبياء: 90
348

وطيب وفاتي، واخلفني فيمن اخلف واحفظهم رب بدعائي، واجعل ذريتي
ذرية طيبة تحوطها بحياطتك من كل ما حطت منه ذرية أوليائك وأهل
طاعتك، برحمتك (1) يا رحيم، يا من هو على كل شئ قدير، وهو على كل
شئ رقيب، ومن كل سائل قريب، ومن كل داع من خلقه، مجيب.
أنت الله لا إله إلا أنت الحي القيوم، الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد، تملك القدرة التي علوت بها فوق عرشك، ورفعت بها
سماواتك، وأرسيت بها جبالك، وفرشت بها أرضك، وأجريت بها الأنهار
وسخرت بها السحاب والشمس والقمر والليل والنهار، وخلقت بها الخلائق.
أسألك بعظمة وجهك الكريم الذي أشرقت به السماوات واضائت به
الظلمات ان تصلي على محمد وآل محمد وان تكفيني أمر من يعاديني وامر
معادي ومعاشي.
وأصلح يا رب شأني ولا تكلني إلى فنسي طرفة عين، وأصلح أمر ولدي
وعيالي، وأغنني وإياهم من خزائنك وسعة رزق وفضلك، وارزقني الفقه
في دينك، وانفعني بما نفعت به من ارتضيت من عبادك، واجعلني للمتقين
إماما كما جعلت إبراهيم، فان بتوفيقك يفوز المتقون ويتوب التائبون
ويعبدك العابدون، وبتسديدك وارشادك نجى الصالحون.
اللهم ات نفسي تقواها وأنت وليها ومولاها، وأنت خير من زكاها، اللهم
بين لها رشادها وتقواها ونزلها من الجنان أعلاها، وطيب وفاتها ومحياها
وأكرم منقلبها ومثواها ومستقرها ومأواها، أنت ربها ومولاها.
اللهم اسمع واستجب برحمتك ومنزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين، وعلي بن الحسين ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد وموسى بن
جعفر، وعلي بن موسى ومحمد بن علي، وعلي بن محمد والحسن بن علي،

1 - يا ارحم الراحمين (خ ل).
349

والحجة القائم صلوات الله عليه وعليهم عندك، وبمنزلتهم لديك يا ارحم
الراحمين (1).
فصل (55)
فيما نذكره من بيان صفات صلاة الليل في ليلة النصف من شعبان
روينا ذلك بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه فيما ذكره عند
ذكر شهر شعبان في عمل ليلة النصف منه، فقال: ما هذا لفظه: فإذا صليت صلاة
الليل فصل ركعتين وادع بهذا الدعاء وقل:
اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة وموضع الرسالة ومختلف
الملائكة ومعدن العلم وأهل بيت الوحي، وأعطني في هذه الليلة أمنيتي
وتقبل وسيلتي، فاني بمحمد وعلي وأوصيائهما إليك أتوسل وعليك أتوكل
ولك اسأل، يا مجيب المضطرين يا ملجأ الهاربين ومنتهى رغبة الراغبين ونيل
الطالبين.
اللهم صلى على محمد وآل محمد صلاة كثيرة طيبة تكون لك رضا
ولحقهم قضاء، اللهم أعمر قلبي بطاعتك ولا تخزني بمعصيتك، وارزقني
مواساة من قترة عليه من رزقك بما وسعت علي من فضلك، فإنك واسع
الفضل وازع العد، لكل خير أهل.
ثم صل ركعتين وقل:
اللهم أنت المدعو وأنت المرجو ورازق الخير وكاشف السوء، الغفار ذو
العفو الرفيع والدعاء السميع، أسألك في هذه الليلة الإجابة وحسن الإنابة
والتوبة واللأوبة (2) وخير ما قسمت فيها وفرقت من كل أمر حكيم.

1 - عنه البحار 91: 191، 101: 343.
2 - الأوبة: الرجعة.
350

فأنت بحالي زعيم (1) عليم وبي رحيم، امنن علي بما مننت به على
المستضعفين من عبادك واجعلني من الوارثين وفي جوارك من اللابثين (2)
في دار القرار ومحل الأخيار.
ثم صل ركعتين وقل:
سبحان الواحد الذي لا اله غيره القديم الذي لا بدئ له، الدائم الذي
لا نفاد (3) له، الدائب الذي لا فراغ له، الحي الذي لا يموت، خالق ما يرى
ومالا يرى، عالم كل شئ بغير تعليم، السابق في علمه مالا يهجس (4) المرء
في وهمه، سبحانه وتعالى عما يشركون.
اللهم إني أسألك سؤال معترف ببلائك القديم ونعمائك، ان تصلي
على محمد خير أنبيائك وأهل بيته أصفيائك وأحبائك، وان تبارك لي في
لقائك.
ثم صل ركعتين وقل:
يا كاشف الكرب ومذلل كل صعب ومبتدئ النعم قبل استحقاقها،
ويا من مفزع الخلق إليه وتوكلهم عليه، أمرت بالدعاء وضمنت الإجابة فصل
على محمد وآل محمد وابدء بهم في كل خير وافرج همي وارزقني برد
عفوك وحلاوة ذكرك وشكرك وانتظار امرك.
انظر إلي نظرة رحيمة ونظراتك، واحيني ما أحييتني موفورا (6) مستورا،
واجعل الموت لي جذلا (7) وسرورا، واقدر لي ولا تقتر في حياتي إلى حين

1 - الزعيم: الضمين والكفيل. 2 - اللابثين: المقيمين والماكثين.
3 - لا نفاد: لا فناء.
4 - يهجس: يخطر في باله.
5 - برد: لذة.
6 - موفورا: غنيا.
7 - جذلا: فرحا.
351

وفاتي حتى ألقاك من العيش سئما والى الآخرة قرما (1)، انك على كل
شئ قدير.
ثم صل ركعتين وقل بعدهما قبل قيامك إلى الوتر:
اللهم رب الشفع والوتر والليل إذا يسر، بحق هذه الليلة المقسوم فيها بين
عبادك ما تقسم والمحتوم، فيها ما تحتم (2)، اجزل فيها قسمي (3) ولا تبدل اسمي
ولا تغير جسمي ولا عن الرشد عمى، واختم لي بالسعادة والقبول، يا خير
مرغوب إليه ومسؤول.
ثم قم وأوتر فإذا فرغت من دعاء الوتر وأنت قائم فقل قبل الركوع: اللهم يا من شأنه الكفاية وسرادقه (4) الرعاية، يا من هو الرجاء والأمل وعليه
في الشدائد المتكل، مسني الضر وأنت ارحم الراحمين وضاقت علي
المذاهب وأنت خير الرازقين، كيف أخاف وأنت رجائي وكيف أضيع
وأنت لشدتي ورجائي.
اللهم إني أسألك بما وارت (5) الحجب من جلالك وجمالك وبما أطاف
العرش من بهاء كمالك، وبمعاقد العز من عرشك الثابت الأركان وبما
تحيط به قدرتك من ملكوت السلطان
يا من لا راد لامره ولا معقب لحكمه اضرب بيني وبين أعدائي سترا من
سترك وكافية من امرك، يا من لا تخرق قدرته عواصف الرياح ولا تقطعه بواتر
الصفاح (6) ولا تنفذ فيه عوامل الرماح. (7)

1 - قرما: مشتاقا.
2 - تحتم: تقضى وتوجب.
3 - قسمي: نصيبي.
4 - سرادقة: احاطته.
5 - وارت: أخفت وسترت.
6 - بواتر اصفاح: السيوف القاطعة العريضة.
7 - عوامل الرماح: ما يلي السنان.
352

يا شديد البطش يا عالي العرش، اكشف ضري، يا كاشف ضر أيوب،
واضرب بيني وبين من يرميني ببوائقه ويسيري (1) إلي طوارقه بكافية من
كوافيك وواقية من دواعيك، وفرج همي وغمي يا فارج غم يعقوب، وأغلب
لي من غلبني، يا غالب غير مغلوب.
ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، وكفى الله المؤمنين القتال
وكان الله قويا عزيز، فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين،
يا من نجى نوحا من القوم الظالمين، يا من نجى لوطا من القوم الفاسقين،
يا من نجى هودا من القوم العادين، يا من نجى محمدا من القوم المستهزئين.
أسألك بحق شهرنا هذا وأيامه الذي كان رسولك صلى الله عليه وآله
يدأب في صيامه وقيامه مدى سنيه واعوامه، ان تجعلني فيه من المقبولين
أعمالهم، البالغين فيه امالهم، والقاضين في طاعتك آجالهم، وان تدرك بي
صيام الشهر المفترض، شهر الصيام، على التكملة والتمام واسلخها
بانسلاخي من الآثام.
فاني متحصن بك ذو اعتصام بأسمائك العظام وموالاة أوليائك الكرام،
أهل النقض والابرام، امام منهم بعد امام، مصابيح الظلام وحجج الله على
جميع الأنام، عليهم منك أفضل الصلاة والسلام.
اللهم إني أسألك بحق البيت الحرام والركن والمقام والمشاعر العظام
ان تهب لي الليلة الجزيل من عطائك والإعادة من بلائك، اللهم صل على
محمد وأهل بيته الأوصياء الهداة الدعاة (2)، وان لا تجعل حظي من هذا
الدعاء تلاوته واجعل حظي منه اجابته انك على كل شئ قدير (3).
أقول: ورأيت في كتاب عتيق بمشهد مولانا علي عليه السلام رواية نافلة الليل على

1 - يسر (خ ل).
2 - الزعاة (خ ل).
3 - مصباح المتهجد 2: 833.
353

هذه الصفات والدعوات عن مولانا زين العابدين عليه السلام، وفيها ان هذا الفصل
يقوله من بعد الفراغ من ركعة الوتر، وهو: اللهم يا من شأنه الكفاية - إلى آخره (1).
فصل (56)
فيما نذكره من تمام احياء ليلة النصف من شعبان وما يختم به من التوصل في سلامتها من
النقصان اعلم أن من وفق للعمل (2) كلما ذكرناه على الوجه الذي يليق بمراقبة الله جل جلاله
وذكر العقل والقلب بان الله جل جلاله يراه فإنه يستبعد ان يبقى معه شئ من هذه
الليلة المذكورة خاليا عن الأعمال المبرورة، وإن كان له عذر عن بعض ما رويناه
وشرحناه أو كان عمله له على عادة أهل الغفلة في صورة العمل والقلب مشغول بدنياه،
فربما بقي معه وقت من هذه الليلة فإياه، ثم إياه ان يضيعه بما يضره من الحركات
والسكنات أو بما لا ينفعه بعد الممات.
فقد قدمنا في الروايات المتظاهرات ان هذه الليلة من الأربع ليال التي تحيى
بالعبادات، ورأيت في حديث خاص عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من أحيا
ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (3).
فان غلبك النوم بغير اختيارك حتى شغلك عن بعض عبادتك ودعائك واذكارك،
فليكن نومك لأجل طلب القوة على العبادة كنوم أهل السعادة ولاتنم كالدواب على
العادة، فتكون متلفا بنوم الغافلين ما ظفر به من احيائها من العارفين.
واما ما يختم به هذه الليلة:
فقد قدمنا عدة خاتمات لأوقات معظمات فاعمل على ما قدمناه، ففيه كفاية لمن
عرف مقتضاه، ونزيد هاهنا ان نقول الآن إذا كان أواخر هذه الليلة نصف شعبان،

1 - راجع الصحيفة السجادية الجامعة: 205، الرقم: 114.
2 - للعمل كما في (خ ل).
3 - عنه الوسائل 8: 105، رواه في ثواب الأعمال: 70، عنه البحار 97: 86.
354

فاجعل تسليم أعمالك إلى من تعتقد انه داخل بينك وبين الله جل جلاله في آمالك
وتوسل إليه وتوجه إلى الله جل جلاله باقبالك عليه، في أن يسلم عبادتك من النقصان
ويحملها بالعفو والغفران، ويفتح بها (1) أبواب القبول ويرفعها في معارج درجات المأمول،
ولا تحسن ظنك بنفسك وبطاعتك.
فكم من عمل قد عملته في دنياك بغاية اجتهادك وإرادتك ثم بانت لك في من
العيوب، وغلط العقول والقلوب ما تعجب من الغفلة عنه، فكيف إذا كان الناظر في
عملك الله جل جلاله الذي لا يخفى عليه شئ منه.
فصل (57)
فيما نذكره من فضل صوم خمسه عشر يوما من شعبان
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب
ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام خمسة عشر يوما من
شعبان ناداه العزة وعزتي لا أحرقتك بالنار (2).
فصل (58)
فيما نذكره من عمل الليلة السادسة عشر من شعبان
وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السادسة عشر من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب وآية الكرسي مرة وخمس عشرة مرة (قل هو الله أحد)، فان الله تعالى قال لي:
من صلى هاتين الركعتين أعطيته مثل ما أعطيتك على نبوتك وبنى له في الجنة ألف
قصر (3).

1 - لها (خ ل).
2 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 69.
3 - عنه الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
355

فصل (59)
فيما نذكره من فضل صوم ستة عشر يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وفي كتاب
ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ستة عشر يوما من
شعبان اطغى الله عنه سبعين بحرا من النيران (1).
فصل (60)
فيما نذكره من عمل الليلة السابعة عشر من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السابعة عشر من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) إحدى وسبعين مرة، فإذا فرغ من صلاته استغفر الله
سبعين مرة، فإنه لا يقوم من مقامه حتى يغفر الله له ولا يكتب عليه خطيئة (2).
فصل (61)
فيما نذكره من فضل صوم سبعة عشر يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه كتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صام سبعة عشر يوما من
شعبان غلقت عنه أبواب النيران كلها (3).

1 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 70.
2 - عنه الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
3 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 7.
356

فصل (62)
فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة عشر من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة الثامنة عشر من شعبان عشر ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) خمس مرات، قضى الله له كل حاجة يطلب في تلك
الليلة وإن كان قد خلقه شقيا فجعله سعيدا وان مات في الحول مات شهيدا (1).
فصل (63)
فيما نذكره من فضل صوم ثمانية عشر يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ثمانية عشر يوما من
شعبان فتحت لها بواب الجنان كلها (2).
فصل (64)
فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة عشر من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة عشر من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة و (قل اللهم مالك الملك) خمس مرات، غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها
وما تأخر، ويتقبل ما يصلي بعد ذلك وإن كان له والدان في النار أخرجهما (3).

1 - عنه الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
2 - أمالي الصدوق: 30، ثواب الأعمال: 87، عنهما البحار 97: 70.
3 - عنه الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
357

فصل (65)
فيما نذكره من فضل صوم تسعة عشر يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا عن أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام تسعة عشر يوما من
شعبان أعطي سبعون ألف قصر من الجنان من در وياقوت (1).
فصل (66)
فيما نذكره من عمل الليلة العشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة العشرين من شعبان أربع ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة و (إذا جاء نصر الله والفتح) خمس عشر مرة، فوالذي بعثني بالحق نبيا انه
لا يخرج من الدنيا حتى يرى في المنام ويرى مقعده من الجنة ويحشر مع الكرام
البررة (2).
فصل (67)
فيما نذكره من فضل صوم عشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام عشرين يوما من شعبان زوج
تسعين ألف زوجة من الحور العين (3).

1 - أمالي الصدوق: 30، ثواب الأعمال: 87، عنهما البحار 97: 70.
2 - عنه الوسائل 8 / 102، مصباح الكفعمي: 539.
3 - أمالي الصدوق: 30، ثواب الأعمال: 89، عنهما البحار 97: 70.
358

فصل (68)
فيما نذكره من عمل الليلة الحادية والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة الحادية والعشرين من شعبان ثماني ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) والمعوذتين، كتب الله له بعدد نجوم السماء من
الحسنات ويرفع له بعد ذلك من الدرجات ويمحو عنه من السيئات بعد ذلك (1).
فصل (69) فيما نذكره من فضل صوم إحدى وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام أحدي وعشرين يوما من شعبان
رحبت به الملائكة ومسحته بأجنحتها (2).
فصل (70)
فيما نذكره من عمل الليلة الثانية والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة الثانية والعشرين من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة و (قل يا أيها الكافرون) مرة، و (قل هو الله أحد) خمس عشرة مرة، كتب الله
تعالى اسمه في أسماء الصديقين وجاء يوم القيامة في زمرة المرسلين وهو في ستر الله
تعالى (3).

1 - عنه الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
2 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 70.
3 - عنه الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
359

فصل (71)
فيما نذكره من فضل صوم اثنين وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في ما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآل قال: ومن صام اثنين وعشرين يوما من
شعبان كسى سبعين ألف حلة من سندس وإستبرق (1).
فصل (72)
فيما نذكره من عمل الليلة الثالثة والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة الثالثة والعشرين من شعبان ثلاثين ركعة فاتحة الكتاب مرة
و (إذا زلزلت الأرض) مرة، ينزع الله تعالى الغل والغش من قلبه وهو ممن شرح الله صدره
للاسلام ويبعثه الله تعالى ووجهه كالقمر ليلة البدر - وذكر حديثا طويلا (2).
فصل (73) فيما نذكره من فضل صوم ثلاثة وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ثلاثة وعشرين يوما من
شعبان أتي بدابة من نور عند خروجه من قبره فيركبها طيارا إلى الجنة (3).
.

1 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 70.
2 - عنه الوسائل 8: 102، مصباح الكفعمي: 539.
3 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 70.
360

فصل (74)
فيما نذكره من عمل الليلة الرابعة والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب و (إذا جاء نصر الله والفتح) عشر مرات، أكرمه الله تعالى بالعتق من النار والنجاة
من العذاب وعذاب القبر والحساب اليسير وزيارة آدم ونوح والنبيين والشفاعة (1).
فصل (75)
فيما نذكره من فصل صوم أربعة وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام أربعة وعشرين يوما من
شعبان شفع في سبعين ألفا من أهل التوحيد (2).
فصل (76)
فيما نذكره من عمل الليلة الخامسة والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا على النبي صلى الله عليه وآل، قال:
ومن صلى في الليلة الخامسة والعشرين من شعبان عشر ركعات، يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب و (ألهاكم التكاثر) مرة، أعطاه الله تعالى ثواب الآمرين بالمعروف والناهين
عن المنكر وثواب سبعين نبيا (3).

1 - عنه الوسائل 8: 103، مصباح الكفعمي: 539.
- ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 70.
3 - عنه الوسائل 8: 103، مصباح الكفعمي 539.
361

فصل (77)
فيما نذكره من فضل صوم خمسة وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام خمسة وعشرين يوما من شعبان
يعطى براءة من النفاق (1).
فصل (78)
فيما نذكره من عمل الليلة السادسة والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ومن صلى في الليلة السادسة والعشرين من شعبان عشر ركعات، يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب مرة و (آمن الرسول) عشر مرات، عافاه الله تعالى من آفات الدنيا والآخرة
ويعطيه الله تعالى ستة أنوار يوم القيامة (2).
فصل (79)
فيما نذكره من فضل صوم ستة وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله، قال: ومن صام ستة وعشرين يوما من شعبان
كتب الله عز وجل له جوازا على الصراط (3).

ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 70.
2 - عنه الوسائل 8: 103، مصباح الكفعمي: 539.
3 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنها البحار 97: 70.
362

فصل (80)
فيما نذكره من عمل الليلة السابعة والعشرين من شعبان
وجدنا ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة السابعة والعشرين من شعبان ركعتين، يقرء في كل ركعة فاتحة
الكتاب مرة و (سبح اسم ربك الاعلى) عشر مرات، كتب الله تعالى له ألف ألف حسنة
ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة وتوجه بتاج من نور (1).
فصل (81)
فيما نذكره من فضل صوم سبعة وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله، قال: ومن صام سبعة وعشرين يوما من شعبان كتب الله له براءة من النار (2).
فصل (82)
فيما نذكره من تأكيد صيام ثلاثة أيام من آخر شعبان
اعلم اننا قدمنا انه يستحب لمن صام شهر شعبان ان يفصل بينه وبين شهر رمضان
بيوم أو يومين، وذكرنا هاهنا ما فتح علينا من تأويل ذلك، ونحن نورد فضل هذه الأيام
الثلاثة من آخره، ولعلها يختص بمن لم يصم شهر شعبان كله.
رويناها بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه في
ثواب صوم شعبان فقال ما هذا لفظه:
وقال الصادق عليه السلام: من صام ثلاثة أياما

1 - عنه الوسائل 8: 103، مصباح الكفعمي: 539.
2 - ثواب الأعمال: 87، أمالي الصدوق: 30، عنهما البحار 97: 70.
363

من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان كتب الله تعالى له صيام شهرين متتابعين (1).
فصل (83)
فيما نذكره من عمل الليلة الثامنة والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة الثامنة والعشرين من شعبان أربع ركعات، يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) والمعوذتين مرة، يبعثه الله تعالى من القبر ووجهه
كالقمر ليلة البدر ويدفع الله عنه أهوال يوم القيامة (2).
فصل (84)
فيما نذكره من فضل صوم ثمانية وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام ثمانية وعشرين يوما من شعبان
تهلل وجهه يوم القيامة (3).
فصل (85)
فيما نذكره من عمل الليلة التاسعة والعشرين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
ومن صلى في الليلة التاسعة والعشرين من شعبان عشر ركعات، يقرء في كل ركعة
فاتحة الكتاب مرة (ألهاكم التكاثر) عشر مرات، والمعوذتين عشر مرات، و (قل هو الله
أحد) عشر مرات، أعطاه الله تعالى ثواب المجتهدين وثقل ميزانه ويخفف عنه الحساب ويمر

1 - أمالي الصدوق: 397، عنه البحار: 97: 72.
2 - عنه الوسائل 8: 103، مصباح الكفعمي: 539.
3 - أمالي الصدوق: 30، ثواب الأعمال 87، عنهما البحار 97: 70.
364

على الصراط كالبرق الخاطف (1).
فصل (86)
فيما نذكره من فضل صوم تسعة وعشرين يوما من شعبان
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب ثواب الأعمال
باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن صام تسعة وعشرين يوما من
شعبان نال رضوان الله الأكبر (2).
فصل (87) فيما نذكره من عمل الليلة الثلاثين من شعبان
وجدناه مرويا عن النبي صلى الله عليه وآله، قال:
من صلى ليلة الثلاثين من شعبان ركعتين، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و (سبح
اسم ربك الاعلى) عشر مرات، فإذا فرغ من صلاته صلى على النبي صلى الله عليه وآله
مائة مرة، فوالذي بعثني بالحق نبيا ان الله يرفع له ألف ألف مدينة في جنة النعيم ولو
اجتمع أهل السماوات والأرض على احصاء ثوابه ما قدروا، وقضى الله له الف حاجة (3).
فصل (88) فيما نذكره من فضل صوم يوم الثلاثين من شعبان
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه فيما ذكره في كتاب أماليه وكتاب
ثواب الأعمال باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال
ومن صام يوم الثلاثين من شعبان ناداه جبرئيل عليه السلام من قدام العرش:

1 - عنه الوسائل 8: 103، مصباح الكفعمي: 539.
2 - أمالي الصدوق: 30، ثواب الأعمال: 87، عنها البحار 97: 70.
3 - عنه الوسائل 8: 103، مصباح الكفعمي: 539.
365

يا هذا استأنف العمل عملا جديدا فقد غفر لك ما مضى وما تقدم من ذنوبك والجليل
عز وجل يقول: لو كان ذنوبك عدد نجوم السماء وقطر الأمطار وورق الأشجار وعدد
الرمل والثرى وأيام الدنيا لغفرتها لك وما ذلك على الله بعزيز بعد صيامك شهر
شعبان (1).
فصل (89)
فيما نذكره مما يختم به شهر شعبان
اعلم اننا ذكرنا في الجزء الخامس عند عمل كل شهر ما لا غني لمن يريد مراقبة الله
جل جلاله عنه، وروينا اخبارا ان عمل كل شهر يرفع إلى الله جل جلاله في آخر
خميس منه، فينبغي الاجتهاد في آخر خميس من شعبان في تطهير سرائرك التي هي عيار
الأعمال في الزيادة والنقصان والأعمال بالنيات وتستدرك فارطها وتتم نقصانها بغاية الامكان وتعرضها مع ما يصل الجهد إليه عرض الخائف من ردها عليه.
فإن لم يكن في أعمالنا الا ان نشاطنا لمطالبنا الدنيوية واشتغالنا بشهواتها الطبيعية
أرجح من مهمات الله جل جلاله ومن مراداته وفرحنا بقضاء حاجتنا الفانية أكثر من
سرورنا بخدمة الله عز اسمه وطاعاته، وهذا سقم ظاهر لا ريب فيه وبعيد ان تخلو
الأعمال من دواهيه.
ويكون تسليم عملك آخر يوم خميس من شعبان إلى الذين تعرض عليهم الأعمال في
ذلك اليوم ثواب الرحمان ويسلمها إليهم، تسليم ضيفهم وعبدهم وضيعة رفدهم ورعيتهم
الهارب من نفسه وهواه ومن عدل مولاه إلى الدخول في ظلهم والتمسك بأذيال مجدهم
وفضلهم.
ومع عرض الأعمال آخر خميس من هذا الشهر كما ذكرناه، فلا بد ان تعرضها في
اجزاء الشهر عرضا آخر، بالاستظهار الذي حررناه، فلقد قدمنا في الجزء الأول من هذا

1 - أمالي الصدوق: 30، ثواب الأعمال: 87، عنهما البحار 97: 70.
366

الكتاب ما يدل على ما يعرفه الانسان من نفسه من سوء الآداب على مالك يوم الحساب.
فروينا انه ينادي ملك من الله جل جلاله عند كل صلاة أيها الناس قوموا إلى
نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفؤها بصلاتكم وأنت تعلم ما بين الظهرين
وبين العشائين من الوقت اليسير.
ومع هذا فهذا الحديث يقتضى انه ما يسلم العبد فيما بين هذين الوقتين من حال
يقتضي استحقاق النار وخطرها الكبير.
فاعرض من عمل هذا الشهر السعيد عند آخر يوم منه عرض اعمال لئام العبيد على
مولاهم العظيم المجيد وعرض اعمال أهل الإباق والتشرد والجفا على مالك ما عاملهم
بغير الصفاء والوفاء وستر العيوب والتجاوز عن المعاجلة عن الذنوب.
يقول سيدنا السيد الإمام الأوحد البارع الورع الفاضل الكامل الفقيه العلامة، أوحد
دهره وفريد عصره علامة الوقت رضي الدين ركن الاسلام شرف السادة جمال العارفين
أفضل المجتهدين، سند الطائفة بن البتول وقرة عيني الرسول، ذو الحسبين أبو القاسم علي بن
موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس، أسعده الله بالاقبال والقبول وبلوغ المأمول
بمحمد وآله:
وهذا آخرها ما اقتضاه حكم الامتثال لمراسم الموفق لنا ومالك العناية بنا في ذكر
الاقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرة واحدة كل سنة في هذا المجلد، من الفضل المجدد
والثواب المخلد.
وعسى أن يقول بعض أهل الكسالة والجاهلين بمعرفة مالك الجلالة وحقوق صاحب
الرسالة والمحجوبين عن علم ما بين أيدي العباد من أحوال الخاتمة وأهوال المعاد ان في
أيديهم المصباح وغيره من المصنفات ما ليس عندهم نشاط للرغبة إليه، فأي حاجة
كانت إلى زيادة عليه.
فأقول: ان الذي أودعناه كتابنا هذا ما هو مجرد زيادات وعبادات، ولا كان المقصود
جمع صلوات ودعوات، وإنما ضمناه ما لم يعرف فيما وقفنا عليه المخالف والمؤالف مثل الذي
هدانا الله جل جلاله بتصنيفه إليه من كيفية (1) معاملات الله جل جلاله بالاخلاص في
367

عبادته، ومن عيوب الأعمال التي تفسد العمل وتخرجه من طاعة الله جل جلاله إلى
معصيته، ومن ترتيب الأبواب والفصول على وصف غريب في المأمول والمقبول، ومن
ذكر أسانيد لبعض ما يستغرب من الروايات، ومن فضائل كانت مستورة للعبادات،
ومن تعظيم الله جل جلاله تعظيما يستصغر معه عمل كل عامل، ومن تعظيم لرسوله
صلوات الله عليه وآله يعرف به قدر حقه الكامل ومن تعظيم لنوابه صلوات الله عليهم بما
لم نجد مثله مجتمعا في كتب الأواخر والأوائل، وإذا وقفت على ما اشتمل عليه، وجدت
تحقيق ما أشرنا إليه.
فصل: مع انني أقول: إن الله جل جلاله انزل كتبه الشريفة وبعث رسله صلوات الله
عليهم بالعبادات والسعادات المنيفة، وعلم أن أكثر عباده لا يقبلون ولا يعملون
ولا ينتفع بذلك الا الأقلون، ولم يمنعه اعراض الأكثرين ولا جهل الجاهلين ولا معاندة
الجاحدين من انزال الكتب وارسال المرسلين.
ونحن على ذلك السبيل سائرون وبه مهتدون ومقتدون واليه ناظرون وبين يديه
حاضرون، وله عاملون واليه داعون وبه راضون والى القدوم عليه صائرون، وفي ذلك
فليتنافس المتنافسون.
فصل: واعلم أنه لو كان علم انسان ان قماشا قد كسد بين العباد في بلد من البلاد
حتى لا ينفق بينهم ولو بذل صاحبه فيه غاية الاجتهاد ويعلم انه يأتي يوم ينفق ذلك
القماش فيه ويبلغ اليسير منه اضعاف ثمنه لطالبيه، فهل يمنعه من لم يعرف ما عرف مما
يؤول حال القماش إليه (2) وتأليفه واحرازه والحرص عليه.
ونحن على يقين ان لهذا الذي صنفناه وقت نفاق وميدان سياق وعقبات ندامات
على التفريط في تحصيل القماش الذي رغبنا في جمعه ودعونا العباد إلى نفعه.
فصل: مع أن الذي عملنا هذا العمل لأجله قد كان سلفنا اجره أكثر من
استحقاقنا على فعله وأعطانا في الحال الحاضرة ما لم تبلغ امالنا إلى مثله، ووعدنا وعد
الصدق بما لا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين من فضله.
فقد استوفينا أصناف اجرة ما صنفناه ووصفناه، ومهما حصل بعد ذلك إذا عمل
368

عامل بمقتضاه ورغب فيما رغبناه فهو مكسب على ما وهبناه.
ومثال ما ذكرناه ان يستأجر بعض الملوك بناء يبنى له دارا بحسب رضاه، ويسلم
إليه اجرته اضعاف ما يستحقه على ما بناه، فان البناء لا يهم بسكنى الدار بعد فراغه منها،
وليس عليه التوصل في أن يسكناها الناس أو يعرضوا عنها.
فصل: ونحن كان مرادنا من هذا العمل امتثال أمر مولانا جل جلاله في دعاء
عباده إلى مراده وتعظيم جلاله وحقوق اسعاده وارفاده وتعظيم رسوله صلوات الله عليه
وآله ونوابه في بلاده وكان أقصى آمال هذه الأعمال ان يرضاها الله جل جلاله
لخدمته، وان يرانا أهلا لعبادته، وان يشرفنا باثبات سمنا في الدعاة إلى طاعته، وان
يذكرنا في حضرة رحمته، ونرجو ان نكون قد ظفرنا بما هو جل جلاله أهله وشملنا حلمه
وكرمه وفضله.
فصل: الثماني مجلدات لم يكن لها عندي مسودات، على عادة من يريد التنصيف
ويرغب في التأليف، وإنما كان عندنا ناسخ نملي ما يجريه الله جل جلاله على خاطرنا من
المقال، وما يفتحه على سرائرنا من أبواب الاقبال، أو نكتبه في رقيعات وينقله الناسخ
في الحال.
وأما ما كنا نحتاج إلى روايته من الاخبار المنقولات أو نذكره من الدعوات، فتارة
كنا نمليه على الناسخ من الكتاب الذي روينا عنه أو أخذناه منه.
وتارة ندل الناسخ على المواضع التي نريد خدمة الله جل جلاله فضل أطرافها
وتكميل أوصافها فينقلها من أصولها كما عرفناه من تحصيلها، فالمبيضة التي كتبها الناسخ
هي مسودة المصنفات المذكورات.
فان وجد فيها خلل فلعل ذلك لأجل هذه القاعدة المخالفة لعادات المصنفين.
فصل: ويقول الآن العبد المملوك لمالك رقه والقادر على عتقه قد امتثلك مرسومك:
اللهم فيما اعتمدت عليه مجتهدا بك في الاخلاص فيها هديتني إليه، وانا اعرضه
بوسيلة رحمتك على أيدي من ذكرته فيه من خاصتك ومن لم أذكره من الوسائل إلى
موافقة ارادتك.
369

وأسألك ان تقبل ما عملته بما وهبتني من قوتك وصنفته بهدايتك أفضل ما قبلته ممن
شرفته باقبالك عليه وأتحفته وعرفته قدر المنة عليه وألهمته ما تريد منه وترضى به عنه.
وقد بعثت بهذا العمل امام القدوم إليك وانا مشتاق إلى لقائك والمجئ إليك تخلفت
ستين سنة في دار البقاء يشغلني عنك شئ من الأهوال.
وقد خفت من قولك جل جلالك: (ولا يامن مكر الله الا القوم الخاسرون) (1)، فامنى مما
أحب إلى الأمان منه، يا من لا يخيب لديه السائلون.
وكان آخر هذا الاملاء الصادر عن المراحم والطواف الإلهية يوم الاثنين ثالث عشر
جمادى الأول سنة خمس و [خمسون و] ستمائة، ونحن ضيوف معروف شرف الأبواب
الحسينية وجيران تحف الأعتاب المقدسة.
وقد بهرنا جلالة استصلاح الله جل جلاله لنا ثوابه وتأهيلنا لمشافهة بوابه، والحمد
لله جل جلاله كما هو أهله.
ونسأله ان يختم لنا بما هو أهله برحمته وجوده وفضله وصلاته على سيدنا وجدنا محمد بن
عبد الله سيد المرسلين وعلى سادتنا وملوكنا وآله وأهل بيته الطاهرين المعصومين المهديين
الخيرين الفاضلين.

(1) الأعراف: 99.
370