الكتاب: الأمان من أخطار الأسفار
المؤلف: السيد ابن طاووس
الجزء:
الوفاة: ٦٦٤
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٠٩
المطبعة: مهر - قم
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

الأمان
من اخطار الأسفار والأزمان
تأليف
جمال العارفين رضي الدين
السيد علي بن موسى بن طاووس
المتوفى سنة 664 ه‍ ق
تحقيق
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
الكتاب: الأمان من اخطار الاسفار والأزمان
المؤلف: السيد علي بن موسى بن طاووس
تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث - قم المشرفة
الطبعة: الأولى - صفر 1409 ه‍. ق
المطبعة: مهر - قم
الكمية: 2000 نسخة
السعر: 900 ريال
بسم الله الرحمن الرحيم
جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث
مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث
قم - صفائية - ممتاز - پلاك 737 - ص. ب 996 / 37185 - هاتف 23456
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته
الأيد المؤيد والرسول المسدد أبي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى آله الأكرمين
الهداة المنتجبين.
وبعد: لقد أتعب السلف الصالح من علمائنا أنفسهم الزكية في تأليف
آلاف من الكتب النافعة وفي شتى فنون المعرفة وأنواع العلوم وأنواع العلوم من العقائد إلى الفقه
إلى الأصول إلى الحديث إلى الرجال...
ولكنهم مع غزارة علمهم، وجودة تصانيفهم، التي ملأت الآفاق، والتي
كونت لنا هذا التراث الاسلامي الضخم الذي لا يوازيه اي تراث آخر... وهو
تراث دائم النفع، غزير الخير، استفاد منه الناس كلهم، كل من الجانب الذي
يهمه ويرغب فيه.
وقد اتسعت دائرة التأليف والتصنيف حتى شملت ما يسمى اليوم
بالعلوم البحتة كالحساب والهيئة والفلك والكيمياء...
بل انداحت هذه الدائرة المباركة حتى استقصت فروع المعرفة الانسانية
وتمام حاجات البشرية، فألفوا في كل أمور الحياة وشؤونها، فمنهم من كتب في
صفات المؤمنين وهو الديلمي في كتابه " اعلام الدين " ومنهم من كتب في
1

" مكارم الأخلاق " ومنهم في " صفات الشيعة ".
ومن أولئك الأفذاذ الذين كتبوا في هذه الفروع الدقيقة السيد ابن
طاووس - كتابنا الماثل بين يديك - والذي يبحث في أمر دقيق، هو: كيفية
حصول الانسان على الامن في حضره وسفره بدعوات صالحات، أو اعمال مقبولة،
أو طب سريع الفائدة، وهو كتاب له مكانته الفريدة، ومن المصادر المهمة التي
يعول عليها.
لقد وفى مؤلف " الأمان من اخطار الاسفار والأزمان " الموضوع حقه،
وذلك ظاهر لمن سبر غور الكتاب، وتنقل بين صحائفه بنية صادقة، وإقبال على
الله خالص، فلله در مؤلفه العظيم وعليه أجره.
فهو كتاب لم يسبق إليه السيد ابن طاووس - قدس سره -.
وقد رتبه على أبواب وفصول، وان للأسفار فيه باب واسع لما فيها من
الأخطار غير المتوقعة والعوائق غير المنتظرة، وأقل ما فيه البعد عن الأهل والوطن،
ومصاحبة من لا يعرف، وتغيير عادة الانسان في مطمعه ومشربه ونومه ويقظته،
والعادة - كما قيل - طبيعة ثانية.
بدأ السيد - رحمه الله - بذكر الأيام التي يستحب فيها السفر من أيام الأسبوع
كالسبت والثلاثاء والخميس، والأيام التي يكره فيها وهي الاثنين والجمعة.
ثم تطرق إلى الأيام المستحبة والمكروهة للسفر من أيام الشهر.
وأورد الأعمال التي يتهيأ بها المسافر كالغسل، وكيفية التعمم، وتقديم
الصدقة، والدعاء لدفع ما يخاف من خطر.
وذكر ما يحتاج المسافر إلى أن يصحبه في سفره من الأشياء للسلامة من
الأخطار والأكدار كالتربة الحسينية الشريفة، وخواتيم الأمان، ومنها خاتم العقيق.
ولم ينس ان يذكر ما يحتاج المسافر إلى صحبته من الناس، وان السفر
منفردا مكروه بل منهي عنه، لان وجود الاقران والأصحاب معين على دفع ما
يحتمل من اخطار الأعداء.
وذكر السلاح وبدأ بكيفية صنعه في زمان داود عليه السلام بإلهام من الله
2

تعالى وتطور هذه الصناعة في زمن كيخسرو بن سياوش، وأشار إلى أهمية القوس
والنشاب في دفع الاضرار المحتملة في الطريق.
وأكد على حمل المصحف الشريف، وكونه أمانا من الاخطار والمخاوف.
وذكر كيفية عبور القناطر والجسور... وغير ذلك من الأمور.
ولما كان الانسان عرضة للبلاء، وحاملا للداء، فقد أفاض المؤلف
- رحمه الله - في ذكر الأمراض التي تعرض في السفر كالصداع والزكام ووجع
الأسنان وعرق النساء والعرق المديني وغيرها... وذكر لها العلاج الروحي بالدعاء
والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى، وذكر الأدعية المأثورة عن آل بيت العصمة
(صلوات الله عليهم). وذكر أثر العسل وما فيه من الفوائد، وأثره في الاستشفاء
من الأسقام.
وخلال ذلك نقل رسالتين مهمتين في الطب، هما: " برء ساعة "
للرازي، ورسالة الطبيب قسطا بن لوقا التي كتبها لأبي محمد الحسن مخلد في
تدبير الأبدان في السفر من المرض والخطر، وهما رسالتان لطيفتان ومفيدتان من
تراثنا في الطب.
3

ترجمة المؤلف
حياته:
هو السيد رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد
بن محمد بن محمد الطاووس العلوي الحسني.
ولد - كما يقول الشهيد رحمه الله في مجموعته التي بخط الجباعي - في يوم
الخميس منتصف محرم الحرام سنة 589 ه‍ في أسرة من الأسر العلمية الشريفة التي
قطنت الحلة الفيحاء، ولقب جدهم محمد ب‍ " الطاووس " لحسن وجهه وجماله،
وظهر منهم نوابغ عظام كانا مفخرة للأجيال من بعدهم، ولهم مراكز عالية في
أيامهم نفعوا بها الناس، ومؤلفات قيمة بقي منها بأيدينا الكثير المفيد.
عرضت عليه نقابة العلويين زمان المستنصر العباسي فأبى، وكان بينه
وبين الوزير مؤيد الدين محمد بن أحمد بن العلقمي وبين أخيه وولده عز الدين أبي
الفضل محمد بن محمد صاحب المخزن صداقة متأكدة.
وقد أقام السيد - رحمه الله - ببغداد نحوا من خمس عشرة سنة، ثم رجع إلى
الحلة ثم فارقها إلى المشهد الشريف (النجف) برهة، ثم عاد إلى بغداد في دولة
المغول وبقي فيها إلى أن مات.
عرضت عليه نقابة العلويين مرة ثانية فوليها ثلاث سنين واحد عشر شهرا
إلى أن توفي، وكان ابتداء توليه لها سنة 661 ه‍ (1) واستمرت النقابة في عقبه من
بعده، ولما تولى النقابة جلس في مرتبة خضراء، وكان الناس بعد كارثة المغول
قد رفعوا السواد (شعار العباسيين) ولبسوا اللباس الأخضر، فقال الشاعر علي بن
حمزة العلوي يهنئه:
فهذا علي نجل موسى بن جعفر * شبيه علي نجل موسى بن جعفر
فذاك بدست للإمامة اخضر * وهذا بدست للنقابة اخضر

(1) بحار الأنوار 107: 44.
4

وكان - رحمه الله - صاحب مقامات وكرامات، ولم يزل على قدم الخير
والآداب والعبادات والتنزه عن الدنيات إلى أن توفي بكرة يوم الاثنين خامس
ذي القعدة من سنة 664 ه‍.
أقوال العلماء فيه
يقول تلميذه الجليل العلامة الحلي في اجازته الكبيرة عنه " وكان رضي
الدين علي، صاحب كرامات حكى لي بعضها، وروى لي والدي عنه البعض
الآخر ".
وقال الحر العاملي - صاحب الوسائل - عنه: " حاله في العلم والفضل
والزهد والعبادة والثقة والعفة والجلالة والورع أشهر من أن يذكر، وكان أيضا
شاعرا أديبا منشئا بليغا " (1).
وهو " من أجلاء هذه الطائفة وثقاتها، جليل القدر عظيم المنزلة كثير
الحفظ نقي الكلام، حاله في العبادة والزهد أشهر من أن يذكر، له كتب
حسنة " (2).
وهو - كما يقول كحالة - " فقيه محدث مؤرخ أديب مشارك في بعض العلوم
وله تصانيف كثيرة " (3).
وذكر له مترجموه من التلامذة الذين أخذوا عنه وصاروا بعد ذلك من
كبار العلماء: العلامة الحلي، وعلي بن عيسى الأربلي، وابن أخيه السيد عبد
الكريم.
وذكروا من شيوخه العلامة محمد بن نما.
مصنفاته:
كان - رحمه الله - ولوعا بالتصنيف، مشغوفا بالتأليف، خلف بعده كتبا

(1) أمل الآمل 2: 205 / 622، ومعجم رجال الحديث 12: 188.
(2) نقد الرجال للتفريشي: 244، وجامع الرواة للأردبيلي 1: 603 ومعجم رجال الحديث 12: 188.
(3) معجم المؤلفين 7: 248.
5

جليلة حفظت لنا جملة وافرة من أدعية المعصومين (عليهم السلام) بألفاظها البليغة
وكان شديد الاعتناء بالكتب التي تصل بين العبد وبين الله تعالى لا ترى عامة
مؤلفاته في العبادات وما يجري مجراها من تهذيب النفس وتزكيتها، حتى نقل بعض
أصحابنا ان السيد المذكور مع كثرة تصانيفه لم يصنف في الفقه تورعا من الفتوى
وخطرها وشدة ما ورد فيها (1).
ومن أهل مصنفاته نذكر ما يلي:
1 - الاقبال بصالح الأعمال.
2 - جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.
3 - الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل في كل شهر على التكرار.
4 - محاسبة الملائكة الكرام آخر كل يوم من الذنوب والآثام.
5 - محاسبة النفس.
6 - مهج الدعوات.
7 - فلاح السائل ونجاح المسائل، في عمل اليوم والليلة.
8 - المجتبى من الدعاء المجتنى.
9 - مصباح الزائر وجناح المسافر.
10 - الطرائف في مذاهب الطوائف.
11 - طرف من الانباء والمناقب، في التصريح بالوصية والخلافة لعلي بن
أبي طالب (عليه السلام).
12 - البهجة لثمرة المهجة، في الفرائض.
13 - مسالك المحتاج إلى مناسك الحاج.
14 - اليقين باختصاص علي بإمرة المؤمنين.
15 - فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب في الاستخارات.
16 - كشف المحجة لثمرة المهجة.

(1) لؤلؤة البحرين: 241.
6

17 - اللهوف على قتلى الطفوف.
18 - الأمان من اخطار الاسفار والأزمان - وهو كتابنا الماثل بين يديك -
وله غير ذلك من التصانيف المفيدة.
7

مصادر الترجمة:
1 - أمل الآمل 2: 205.
2 - لؤلؤة البحرين: 235.
3 - نقد الرجال: 244.
4 - جامع الرواة 1: 603.
5 - المقابس: 16.
6 - روضات الجنات 4: 325.
7 - تنقيح المقال 2: 310.
8 - مستدرك الوسائل 3: 467.
9 - معجم رجال الحديث 12: 188.
10 - الكنى والألقاب 1: 327.
كشف الظنون 5: 710.
12 - هدية العارفين.
13 - الذريعة في عدة أماكن، وذكر الأمان من الاخطار 2: 344.
14 - معجم المؤلفين 7: 348.
15 - عمدة الطالب: 190
16 - بحار الأنوار 1: 13
17 - الاعلام 5: 26.
18 - منتهى المقال: 225.
19 - تعليقة الوحيد البهبهاني: 239.
20 - طبقات اعلام الشيعة: المائة السابعة: 116.
21 - أعيان الشيعة 8: 358.
8

النسخ المعتمدة في التحقيق:
1 - النسخة المحفوظة في خزانة المكتبة المركزية لجامعة طهران برقم
(1828)، وهي نسخة نفيسة، فرغ من كتابتها بخط النسخ حسين بن عمار
البصري في يوم الأربعاء المصادف 14 ربيع الأول سنة 632 ه‍، اي في حياة
المؤلف، ويلاحظ على النسخة خط المصنف، سقطت من النسخة الكراسة الأولى
بما يعادل عشر صفحات تقريبا، وتقع النسخة في 133 ورقة، تحتوي كل ورقة على
17 سطرا بحجم 5 / 11 * 5 / 17، وقد رمزنا لهذه النسخة ب‍ " د ".
انظر فهرس جامعة طهران ج 8 ص 426 رقم 1828.
2 - النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي العامة برقم
(116)، كتبت بخط نسخي جميل، بعناوين بارزة، صفحاتها مؤطرة باللون الذهبي
والأسود والأحمر واللاجورد، وفي أعلى الصفحة الأولى لوحة مزخرفة جميلة جدا،
تظهر في حواشي بعض الصفحات كلمات لنسخة بدل (خ ل)، ويظهر في نهاية
كل صفحة الكلمة الأولى من الصفحة التي تليها، بما يعرف ب‍ " نظام التعليقة "،
آياتها وأدعيتها مضبوطة بالشكل، وكتبت بالفارسية عناوين المطالب بحواشي
الصفحات باللون الأحمر.
تقع النسخة في 126 ورقة، خمسة عشر سطرا، بحجم
4 / 19 * 12 سم، وقد رمزنا لهذه النسخة ب‍ " ش ".
انظر فهرس المكتبة المرعشية ج 1 ص 140 رقم 116.
3 - النسخة المطبوعة حروفيا في النجف الأشرف، ولم نستفد منها الا في
موارد نادرة، وقد رمزنا لها ب‍ " ط ".
9

منهجية التحقيق:
من البديهي جدا ان نعتمد النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران (د)
أصلا أوليا للكتاب، باعتبار قدم النسخة، وكونها كتبت في حياة المؤلف من جهة
أخرى، حيث تمت معارضة النسخ الثلاث بعضها مع الآخر، وتثبيت اختلافاتها،
قام بهذه المهمة الاخوة الأماجد: عبد الرضا كاظم والسيد مظفر الرضوي والسيد
عبد الأمير الشرع.
وبعد ذلك بدأت مرحلة تخريج الأحاديث والنصوص الموجودة في
الكتاب وعزوها إلى مصادرها الأولية مع مقابلة تلك النصوص مع المصادر،
وتثبيت اختلافاتها، فسعينا جهد الامكان، الا نترك رواية أو نصا الا وخرجناه،
نستثني من ذلك ما واجهنا من المصادر المفقودة التي نقل عنها السيد ابن طاووس
ك‍ " فضل الدعاء " لسعد بن عبد الله الأشعري، و " الدلائل " للحميري، وقد قام
بهذه المهمة الاخوة الأماجد: عزيز الخفاف وجواد التوسلي.
ومن ثم بدأت عملية تقويم نص الكتاب، وهي السعي لتثبيت نص
الكتاب أقرب ما يكون لما تركه المؤلف، وذلك بالاستفادة من مقابلة النسخ
الخطية، واختلافات النصوص مع المصادر ان وجدت، يتبع ذلك تخريج الألفاظ
الصعبة من المصادر اللغوية، وضبط أسماء الأمراض والأدوية مع توضيح موجز
لها، وقد قام بهذه المهمة: الأستاذ الفاضل المحقق أسد مولوي.
وبعد هذه المراحل بدأت عملية صياغة هوامش الكتاب، بالاستفادة من
كل ما تقدم في المراحل الآنفة الذكر، وقد قام بهذه المهمة صاحب الفضيلة السيد
مصطفى الحيدري.
ويعقب كل هذه المراحل، الملاحظة النهائية، حيث تتم مراجعة الكتاب
متنا وهامشا للتأكيد من سلامتهما، وتكون هذه المرحلة بمثابة حلقة وصل بين
اللجان المتفرقة للتثبت من سير العمل على وتيرة معينة ونسق واحد وكانت على
كاهل الأخ الفاضل المحقق حامد الخفاف مسؤول لجنة تحقيق مصادر بحار الأنوار.
10

وايمانا منا بما تذلله الفهرسة من مصاعب تواجه المحقق والباحث
لاستخراج اي مطلب يحتاجه من الكتاب، وهي - ان صح التعبير - عين المحقق،
رتبنا مجموعة فهارس فنية، بعد دراسة مستوعبة لكل ما يمكن فهرسته من الكتاب،
أدرجت في نهايته.
ما تقدم يمكن ان يصور بإيجاز " منهجة التحقيق الجماعي " التي اتبعت في
تحقيق الكتاب، ونأمل - بعد - ان نكون قد قدمنا للمكتبة الاسلامية اثرا قيما،
وللقارئ الكريم كتابا يحتاجه في حله وترحاله، ولله الحمد من قبل ومن بعد.
جواد الشهرستاني
11 ذي القعدة 1408 ه‍
قم المشرفة
11

الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران، برقم 1828.
12

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران، برقم 1828،
يظهر فيها تاريخ النسخ سنة 632 ه‍.
13

الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي العامة في قم، برقم 116.
14

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله العظمى المرعشي العامة في قم، برقم 116.
15

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
يقول مولانا الأفضل الأكمل الأورع الزاهد العابد المرابط المجاهد
ذو المناقب والفضائل والأيادي والفواضل النقيب الطاهر شرف العترة بقيه نقباء
آل أبي طالب في الأقارب والأجانب رضى الدين جمال العارفين ركن الاسلام
والمسلمين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي
حرس الله مجده المنيف وأطال في عمره الشريف
الحمد لله الذي استجارت به الأرواح بلسان الحال اخراجها من العدم
فأجارها واستغاثت به في فك أسارها يد الظلم فأطلقها ووهب لها أنوارها ورأت
نفوسها عاليه واليه فطلبت رفعها عن الخمول فبلغها مطلوبها وأعلى منارها وسالت
مراكب ومطايا لأسفارها فاخرج جواهر الأجسام وجمعها بعد انتشارها وعرفت ان
من تمام مسارها ان يمدها بالعقول فأمدها بأسرارها وخافت من عقبات طرقها
وأخطارها فجعل لها مسالك إلى (1) السلامة من مهالك ليلها ونهارها ومكنها من
المسير (2) على مراكب الأجساد إلى سعادة الدنيا والمعاد حتى نهضت بتمكينه

(1) في " ش ": فجعل مسالك.
(2) في " ش ": من مسالك السير.
17

مراكز الظهور وقطعت مفاوز البطون وتنزهت عجائب طرقات القرون بعد القرون
ورأت من غرائب (1) قدرته جل جلاله في طي مكنون كن فيكون ما صار السفر لها
مألوفا وتركه موتا وقطعه مخوفا
واشهد ان لا إله إلا هو شهادة جاءت أمانا لها من العطب ومبشرة بحسن
المنقلب
واشهد ان جدي محمدا (ص) الكاشف من أنوارها احتجب
والمظهر من شموس أنوارها ما غرب واغترب
واشهد ان نوابه فيما بلغ إليه من أعلى الرتب يجب ان يكونوا من الحماة الكماة
الذين لا تذل شجاعتهم كثره نهب أو سلب ولا يفسد مروءتهم وحمايتهم من
اطمعهم بذل أو وهب وأن يكون طالع بدايتهم وولادتهم سعود من غلب وظفر
بنجاح الطلب وعرف طرق الاقبال الانشاء في الاباء مع الأنبياء من غير تعب ولا
نصب وسلم من العمى بعباده حجر أو خشب
وبعد فإنني وجدت الانسان مسافرا مذ خرج من العدم (2) إلى الوجود في
ظهور الاباء والجدود، وبطون الأمهات الحافظات للودائع والعهود ووجدت جل
جلاله قد تولى سلاحه من حفظه من النقم التي جرت من سلف من الأمم
وعامله بالكرم والنعم حتى أوجب من العبودية بما بلغه من المقامات الدنيوية
والدينية أن تكون حركاته وسكناته وأسفاره واختياره كلها بحسب الإرادة الإلهية
وانه قد سيره الوفا من السنين وشهور الدهور في سفر السلامة من المحذور وعلى
مطايا النجاة من فتك شر ذوي الشرور وأطلقه في الاسفار دار القرار وجعل له
قائدا وسائقا من المواعظ الهاوية لذوي البصائر والابصار وعلم جل جلاله اتكاله
على مجرد قدرة العبد وضعف اختياره يقتضى تكرار عثاره فبعث له على لسان الأنبياء
والأوصياء دروع الدعوات وحصون الصدقات ما يكون أمانا من المخافات في

(1) في " ش ": عجائب.
(2) ليس في " ش ".
(3) كذا في " ش " و " ط "، والظاهر أن الصواب: سلامة.
18

الطرقات
وقد رأيت أن أصنف كتابا مفردا يحتاج الانسان في أسفاره ويأخذ منه
بالله جل جلاله أمانا من عثاره وأكداره وأسميه كتاب الأمان من اخطار
الاسفار والأزمان واجعله أبوابا وكل باب يشتمل على فصول أذكر فيها ما يتهيأ ذكره
من المنقول وما يفتحه جل جلاله من مواهب المعقول وربما لا نذكر الأسانيد
ولا جميع الكتب التي نروي منها ما نختاره ونعتمد لأن المراد من هذا الكتاب
الاختصار ومجرد العمل يقتصر عليه إن شاء الله تعالى
فصل وإذا كان أجده من الدعوات المنقولات مختصرا عما يحتاج إليه
الانسان في المهمات في شئ مما يحتوي عليه هذا الكتاب أولم أجد دعاء لبعض
الأسباب فانى أنشئ دعاء لذلك الوجه من مواهب الله جل جلاله الارحم
الأكرم الذي علم الانسان ما لم يعلم
فقد رأيت في عبد الله بن حماد الأنصاري في النصف الثاني عند
مقدار ثلثه باسناده قلت لأبي عبد الله علمني دعاء فقال إن أفضل
الدعاء ما جرى على لسانك
وروى سعد بن عبد الله في كتاب الدعاء باسناده زرارة قال قلت لأبي
عبد الله (ع) علمني دعاء فقال إن أفضل الدعاء ما جرى على لسانك
فصل وربما يكون الدعاء الذي ننشئه كالمنثور والقرائن (1) والسجع وعسى ان
يوجد في بعض الروايات ان السجع الدعاء وغيره مكروه ولعل تأويل (2) ذلك ان
صحت الرواية أن يكون السجع عن تكلف أو لغير الله أو قاصرا آداب السنة
والكتاب لأننا رأينا وروينا ادعيه كثيره عن النبي (ص) والأئمة عليهم
أفضل الصلاة والسلام على سبيل السجع والنثر وترتيب الكلام وفي صحائف مولانا
زين العابدين (ص) كثير مما ذكرناه وفي القرآن الشريف آثار كثيره على
نحو ما وصفناه

(1) في " ش ": القرآن، ولعل المراد الأدعية القرآنية التي وردت في كلام الله المجيد.
(2) ليس في " ش ".
19

ونحن ما نذكر في الانشاء من الدعاء إلا ما نجده غير رويه ولا كلفه بل
أفاضه علينا من مالك الأشياء هو ربى وحسبي كما قال جل جلاله ذلكما مما
علمني ربى
ونحن ذاكرون لما يشتمل عليه هذا الكتاب من الأبواب والفصول وإشارات
إلى معانيه بحسب المعقول والمنقول وعددها على التفصيل ليعلم الناظر فيها الموضع
الذي يحتاج إليه منها فيقصده ويظفر به على التعجيل إن شاء الله تعالى
* (فصل في ذكر تفصيل ما قدمناه وأجملناه من الأبواب والفصول) *
الباب الأول:
فيما نذكره من كيفية العزم والنية للأسفار وما يحتاج قبل الخروج من
المسكن والدار وفيه فصول
الفصل الأول نذكره من عزم الانسان ونيته لسفره على اختلاف ارادته
الفصل الثاني فيما نذكره من الاخبار التي وردت تعيين اختيار أوقات
الاسفار
الفصل الثالث فيما نذكره من نيتنا إذا أردنا التوجه في الاسفار
الفصل الرابع فيما نذكره من الوصية المأمور بها عند الاسفار والاستظهار
بمقتضى الاخبار والاعتبار
الفصل الخامس فيما نذكره من الأيام والأوقات التي يكره فيها الابتداء في
الاسفار بمقتضى الاخبار
الفصل السادس فيما نذكره من الغسل قبل الاسفار وما يجريه الله
جل جلاله على خاطرنا من الأذكار
الفصل السابع فيما نذكره مما أقوله انا عند خلع ثيابي للاغتسال وما أذكره
عند الغسل من النية والابتهال

(1) يوسف 12: 37.
(2) ليس في " ش "
20

الفصل الثامن فيما نذكره عند لبس الثياب من الآداب
الفصل التاسع فيما نذكره مما يتعلق بالتطيب والبخور
الفصل العاشر فيما نذكره من الأذكار عند تسريح اللحية وعند النظر في
المرآة
الفصل الحادي عشر فيما نذكره الصدقة ودعائها عند السفر ودفع ما يخاف
من الخطر
الفصل الثاني عشر فيما نذكره من توديع العيال بالصلاة والدعاء والابتهال
وصواب المقال
الفصل الثالث عشر رواية أخرى بالصلاة عند توديع العيال بأربع ركعات
وابتهال
الفصل الرابع عشر فيما نذكره من توديع الروحانيين الذين يخلفهم المسافر في
منزله مع عياله وماذا يخاطبهم من مقاله
الفصل الخامس عشر فيما نذكره من الترغيب والترهيب للعيال قبل التوجه
والانفصال
الباب الثاني
فيما يصحبه الانسان معه في أسفاره للسلامة أخطاره وأكداره وفيه
فصول
الفصل الأول فيما نذكره من صحبة العصا اللوز المر في الاسفار والسلامة بها
من الاخطار
الفصل الثاني فيما نذكره من أن اخذ التربة الشريفة في الحضر والسفر أمان
من الخطر
الفصل الثالث فيما نذكره من اخذ الخواتيم في السفر للأمان من الضرر
الفصل الرابع فيما نذكره من تمام ما يمكن يحتاج إليه في هذه الثلاثة
الفصول
الفصل الخامس فيما نذكره من فوائد التختم بالعقيق في الاسفار وعند
21

الخوف من الاخطار وانها دافعه للمضار
الباب الثالث
فيما نذكره مما يصحبه الانسان في السفر من الرفقاء والمهام والطعام
وفيه فصول
الفصل الأول في النهى عن الانفراد في الاسفار واستعداد الرفقاء لدفع
الاخطار
الفصل الثاني فيما يستصحبه في سفره من الآلات بمقتضى الروايات وما
نذكره من الزيادات
الفصل الثالث فيما نذكره من اعداد الطعام للأسفار وما يتصل به من
الآداب والأذكار
الفصل الرابع فيما نذكره من آداب المأكول والمشروب بالمنقول
الباب الرابع
فيما نذكره من الآداب في لبس المداس والنعل والسيف والعدة عند
الاسفار وفيه فصول
الفصل الأول فيما نذكره مما يختص بالنعل والخف
الفصل الثاني في صحبه السيف في السفر وما يتعلق من العوذة الدافعة
للخطر
الفصل الثالث فيما نذكره من القوس والنشاب ومن ابتداه وما يقصد بحمله
من رضى سلطان الحساب
22

الباب الخامس
فيما نذكره من استعداد العوذ للفارس والراكب عند الاسفار وللدواب
للحماية من الاخطار وفيه فصول
الفصل الأول في العوذة المروية عن مولانا محمد بن علي الجواد - صلوات الله
عليه - وهي العوذة الحامية من ضرب السيف ومن كل خوف
الفصل الثاني في العوذة المجربة في دفع الاخطار وتصلح أن تكون مع الانسان
في الاسفار
الفصل الثالث فيما نذكره من العوذة التي تكون العمامة لتمام السلامة
الفصل الرابع فيما نذكره اتخاذ عوذه للفارس والفرس وللدواب بحسب
ما وجدناه داخلا في هذا الباب
الفصل الخامس فيما نذكره دعاء دعا به قائله على فرس قد مات فعاش
الباب السادس
فيما نذكره مما يحمله صحبته من الكتب التي تعين العبادة وزيادة
السعادة وفيه فصول
الفصل الأول في حمل المصحف الشريف وبعض ما يروى في دفع الامر
المخوف
الفصل الثاني فيما نذكره إذا كان سفره مقدار نهار وما يحمل معه من الكتب
للاستظهار
الفصل الثالث فيما نذكره إذا كان سفره يوما وليله ونحو هذا المقدار وما
يصحبه للعبادة والحفظ والاستظهار
الفصل الرابع نذكره إن كان سفره مقدار أسبوع أو نحو هذا المقدار وما
يحتاج ان يصحب معه من المعونة على دفع المحاذير
الفصل الخامس فيما نذكره إن كان سفره مقدار شهر على التقريب
23

الفصل السادس فيما نذكره إن كان سفره مقدار سنه أو شهور وما يصحب
معه لزيادة العبادة والسرور ودفع المحذور
الفصل السابع فيما يصحبه أيضا في أسفاره من الكتب لزيادة مساره ودفع
اخطاره
الفصل الثامن فيما نذكره من صلاة المسافرين وما يقتضى الاهتمام بها
عند العارفين
الفصل التاسع فيما نذكره مما يحتاج إليه المسافر من معرفه القبلة للصلوات
نذكر فيها ما يختص باهل العراق فإننا الان ساكنون بهذه الجهات
الفصل العاشر نذكره إذا اشتبه مطلع الشمس عليه أو كان غيما أو وجد
مانعا لا يعرف سمت القبلة ليتوجه إليه
الفصل الحادي عشر نذكره من الاخبار المروية بالعمل على القرعة
الشرعية
الفصل الثاني عشر فيما نذكره مرويات في صفة القرعة الشرعية كما
ذكرناها في كتاب فتح الأبواب بين ذوي الألباب ورب الأرباب
الفصل الثالث عشر فيما نذكره من الآداب في الاسفار عن الصادق ابن
الصادقين الأبرار حدث بها عن لقمان نذكر منها ما يحتاج إليه الان
الباب السابع
فيما نذكره إذا شرع الانسان في خروجه من الدار للأسفار وما يعمله عند
الباب وعند ركوب الدواب وفيه فصول
الفصل الأول فيما نذكره من تعيين الساعة التي يخرج فيها في ذلك النهار إلى
الاسفار
الفصل الثاني فيما نذكره من التحنك بالعمامة عند تحقيق عزمك على السفر
لتسلم الخطر

في " ش ": وما يركبه من الدواب.
24

الفصل الثالث في التحنك بالعمامة البيضاء عند السفر يوم السبت
الفصل الرابع فيما نذكره مما يدعى به عند ساعة التوجه وعند الوقوف على
الباب لفتح أبواب المجاب
الفصل الخامس في ذكر ما نختاره من الآداب والدعاء عند ركوب الدواب
الباب الثامن
فيما نذكره عند المسير والطريق ومهمات حسن التوفيق والأمان من
الخطر والتعويق وفيه فصول
الفصل الأول فيما نذكره عند المسير من القول وحسن التدبير
الفصل الثاني فيما نذكره من العبور على القناطر والجسور وما في من
الأمور
الفصل الثالث فيما نذكره مما يتفال المسافر ويخاف الخطر منه وما يدفع
ذلك عنه
الباب التاسع
فيما نذكره إذا كان سفره في سفينة أو عبوره وما يفتح علينا من
مهماتها وفيه فصول
الفصل الأول نذكره عند نزوله في السفينة
الفصل الثاني فيما نذكره من الانشاء عند ركوب السفينة والسفر في الماء
الفصل الثالث في النجاة في سفينة بآيات من القرآن نذكرها ليقتدي
أهل الايمان
الفصل الرابع فيما نذكره مما يمكن أن يكون سببا لما قدمناه من الصلوات
على محمد وآله (صلوات اللهم عليهم)
الفصل الخامس فيما نذكره من دعاء دعا به من سقط من مركب في البحار
فنجاه الله تعالى تلك الاخطار

(1) كذا في " ش " و " ط " والظاهر أن الصواب: المحاب، وهو جمع المحبوب.
25

الفصل السادس فيما نذكره من دعاء ذكر في تاريخ المسلمين دعوا به
فجازوا على بحر وظفروا بالمحاربين
الفصل السابع فيما نذكره عن مولانا على (ص) خوف الغرق
فيسلم مما يخاف عليه
الفصل الثامن فيما نذكره عند الضلال في الطرقات بمقتضى الروايات
الفصل التاسع فيما نذكره من تصديق صاحب الرسالة ان في الأرض
الجن من يدل على الطريق عند الضلالة
الفصل العاشر فيما نذكره إذا خاف في طريقه من الأعداء واللصوص
الفصل الحادي عشر فيما نذكره مما يكون أمانا من اللص إذا ظفر به
ويتخلص من عطبه.
الفصل الثاني عشر فيما نذكره من دعاء قاله مولانا علي (ع) عند
كيد الأعداء وظفر بدفع ذلك الابتلاء
الفصل الثالث عشر نذكره من أن المؤمن إذا كان مخلصا أخاف الله منه
كل شئ
الفصل الرابع عشر فيما نذكره إذا خاف المطر في سفره وكيف يسلم من
ضرره وإذا عطش كيف يغاث ويأمن من خطره
الفصل الخامس عشر فيما نذكره إذا تعذر على المسافر الماء
الفصل السادس عشر فيما نذكره إذا خاف شيطانا أو ساحرا
الفصل السابع عشر فيما نذكره لدفع ضرر السباع
الفصل الثامن عشر في حديث آخر للسلامة من السباع
الفصل التاسع عشر في دفع خطر الأسد ويمكن ان يدفع به ضرر كل أحد
الفصل العشرون فيما نذكره إذا خاف من السرق
الفصل الحادي والعشرون فيما نذكره لاستصعاب الدابة
الفصل الثاني والعشرون فيما نذكره إذا حصلت الملعونة في عين دابته يقرأها
26

ويمر يده على عينها ووجهها أو يكتبها ويمر الكتابة عليها بإخلاص نيته.
الفصل الثالث والعشرون فيما نذكره من الدعاء الفاضل إذا أشرف على بلد
قرية أو بعض المنازل
الفصل الرابع والعشرون فيما نذكره من اختيار مواضع النزول وما يفتح علينا
من المعقول والمنقول
الفصل الخامس والعشرون فيما نذكره من أن اختيار المنازل منها ما يعرف
صوابه بالنظر الظاهر ومنها ما يعرفه الله جل جلاله لمن شاء بنوره الباهر
الباب العاشر
فيما نذكره مما نقول عند النزول المروى المنقول وما يفتح علينا من
زيادة في القبول وما يتحصن به من المخوفات من الدعوات وفيه فصول
الفصل الأول فيما نذكره مما يقول إذا نزل ببعض المنازل
الفصل الثاني نذكره من زيادة الاستظهار للظفر بالمسار ودفع الاخطار
الفصل الثالث فيما نذكره من الأدعية المنقولات لدفع محذورات مسميات
الفصل الرابع فيما نذكره مما يحفظه الله جل جلاله إذا أراد النوم في
منازل أسفاره
الفصل الخامس فيما نذكره مما يقوله المسافر لزوال وحشته والأمان عند نومه
من مضرته
الفصل السادس فيما نذكره من زيادة السعادة والسلامة بما يقوله عند النوم في
سفره ليظفر بالعناية التامة
الفصل السابع فيما نذكره مما كان رسول الله يقوله إذا
غزا أو سافر فأدركه الليل
الفصل الثامن فيما نذكره إذا استيقظ من نومه
الفصل التاسع فيما نذكره مما يقوله ويفعله عند رحيله من المنزل الأول

(1) ليس في " د " و " ش "، وفي " ط ": أو يكتب، وما أثبتناه من المطبوعة.
27

الفصل العاشر فيما نذكره في وداع المنزل الأول من الانشاء
الفصل الحادي عشر فيما نذكره من وداع الأرض التي عبدنا الله جل جلاله
عند النزول عليها في المنزل الأول
الفصل الثاني عشر فيما نذكره من القول عند ركوب الدواب من المنزل الثاني
عوضا عما ذكرناه في أوائل الكتاب
الباب الحادي عشر
فيما نذكره من دواء لبعض جوارح الانسان فيما يعرض في السفر من سقم
للأبدان وفيه كتاب برء ساعة لابن زكريا واضح البيان
الباب الثاني عشر
فيما جربناه واقترن بالقبول وفيه عدة فصول
الفصل الأول فيما جربناه لزوال الحمى فوجدناه كما رويناه
الفصل الثاني في عوذه جربناها لسائر (1) الأمراض فتزول بقدره الله
جل جلاله الذي لا يخيب لديه المأمول
الفصل الثالث نذكره لزوال الأسقام وجربناه فبلغنا به نهايات المرام
الفصل الرابع فيما نذكره من الاستشفاء بالعسل والماء
الفصل الخامس فيما جربناه أيضا وبلغنا به ما تمنيناه
الباب الثالث عشر
فيما نذكره من كتاب صنفه قسطا بن لوقا لأبي محمد الحسن بن مخلد في
تدبير الأبدان في السفر من المرض والخطر، ننقله بلفظ مصنفه واضافته إليه،
أداء للأمانة وتوفر الشكر عليه
ذكر تفصيل قدمناه وأجملناه من الأبواب والفصول

(1) في " ش ": لزوال سائر.
28

الباب الأول
فيما نذكره من كيفية العزم والنية للأسفار، وما يحتاج إليه قبل الخروج من
المسكن والدار وفيه فصول
* (الفصل الأول فيما نذكره من عزم الانسان ونيته لسفره على اختلاف ارادته) *
اعلم أن العقل والنقل والفصل كشف ان المتشرف بالتكليف لا يخلو من
أحاطه علم الله جل جلاله به وانه كالأسير في قبضته والمشمول باتصال نعمته
باستمرار وجوده وحياته وعافيته والمأمور بحفظ حرمه مقدس حضرته ولزوم الأدب
لعظيم هيبته فكما ان الانسان إذا حضر بين يدي سلطان عظيم الشأن عميم الاحسان
وتقيدت ارادته وحركاته وسكناته بلزوم الأدب ذلك السلطان حيث هو في
حضرته ولا يكون معذورا إذا وقع منه شئ مخالف لإرادته ولا تهوين بحفظ حرمته
فكذا ينبغي أن يكون العبد مع الله جل جلاله بل أعظم وأعظم وأعظم لأجل
التفاوت العظيم بين الله جل جلاله رب الأرباب ومالك الأسباب وبين سلطان
خلق من تراب ومن طين وماء مهين يؤول امره إلى الخراب والفناء والذهاب
فيكون سفر الانسان لا يخلو عن امتثاله لأجل الله جل جلاله في أسفاره
ويتخذه حاميا وخفيرا (1) ساعات ليله ونهاره ولا أرى له ان يعزل الله جلاله
عن ولايته عليه ويعتزل هو بنفسه عن الأدب بين يديه ويجعل الطبع أو الشهوات هي
الولاة عليه جل جلاله وهذا مما اعتقد ان الانسان يخاطر به مع مالك دنياه وأخراه
ويخرج عن حماه ويصير ضائعا متلفا بذلك لنفسه ولجميع ما وهبه وأعطاه
ومتى اعتبر الانسان آداب المنقول والأدعية والأوامر عن الله جل جلاله
والرسول رأى أنه ما يخلو سفر من الاسفار إلا وله مدخل في العبادة والسعادة في دار
القرار فهذا ما رأينا بالله جل جلاله التنبه فمن أراد الاحتياط لاخرته اعتمد
عليه ومن أراد أن يكون عند الطبع فيكون دركه وثوابه عليه

(1) الحفير: المجير " الصحاح - خفر - 2: 648 ".
29

* (الفصل الثاني: فيما نذكره من الاخبار التي وردت في تعيين اختيار أوقات
الاسفار) *
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه (1) رواه عن أبي
عبد الله (ع) قال من أراد سفرا فليسافر يوم السبت فلو ان حجرا زال عن
جبل في السبت لرده الله عز وجل إلى مكانه ومن تعذرت الحوائج فليلتمس
طلبها (2) يوم الثلاثاء فإنه اليوم الان الله عز وجل فيه الحديد لداود
(ع)
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا عن ابن بابويه أيضا باسناده إلى أبي جعفر
(ع) قال كان رسول (ص) يسافر يوم الخميس (4)
وقال يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وملائكته (5)
قلت انا ويؤكد ذلك الحديث المشهور عنه (ع) بورك لامتي في
سبتها وخميسها (6)
ومن ذلك بإسنادنا عنه رضي الله عنه عن بن يحيى المدني عن
أبي عبد الله (ع) لا باس بالخروج في السفر ليلة الجمعة (7).
أقول - أنا -: واعلم أن يوم السبت ويوم الخميس ويوم الثلاثاء وليلة الجمعة قد
تتفق في أيام من الشهر مما تضمن حديث الصادق (ع) في اختيارات أيام الشهر
النهى عن السفر أو الحركة فيها فيظن الانسان ان ذلك كالمتضاد أو يقتضى التحير

(1) في " ش " زيادة: القمي.
(2) في " د ": طلبتها.
(3) الفقيه 2: 173 / 766، الخصال: 386 / 69.
(4) الفقيه 2: 173 / 768، وأخرجه المجلسي في البحار 76: 226 / 16.
(5) الفقيه: 2 173 / 769، وأخرجه المجلسي في البحار 76: 226 / 16.
(6) الخصال: 394 / 98، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 34 / 73، صحيفة الإمام الرضا عليه السلام:
51 / 48، باختلاف في ألفاظه.
(7) الفقيه 2: 173 / 767.
30

تضمنته الرواية باختيار أيام
وقته عن الاستخارة فسيتعلم بالقرعة فإنها طريق إلى كشف ما يشكل من ذلك
إن شاء الله تعالى
* (الفصل الثالث فيما نذكره نيتنا إذا أردنا التوجه في الاسفار) *
اعلم: اننا نحكي للناظر في كتابنا ما يتهيأ ذكره مما يعتمد عليه فإن ارتضاه
عمل عليه وان لم يرتضه فقد صارت الحجة فنحن نقصد بالسفر اننا نتوجه من
الله جل جلاله بالله جل جلاله إلى الله جل جلاله لله جل جلاله.
ونقصد بتفسير هذه النية أن يكون توجهنا من بين يدي جل جلاله
ذاكرين اننا في مقدس حضرته وفي ملكته ومن رعايا مملكته ونقصد بقولنا أو نيتنا
بالله جل جلاله أي بحوله وقوته ومواد رحمته ونعمته وحفظه وحراسته وحمايته
وخفارته ونقصد بنيتنا إلى الله جل جلاله اننا متبعون في السفر لمقدس ارادته
وسائرون إلى مراده جل جلاله من عبادته فنحن في المعنى مسافرون منه إليه ونقصد
بنيتنا أو قولنا لله جل جلاله ان سفرنا خالصا من ممازجه الطبع وكل يخرجنا عن
حفظ حرمته وشكر نعمته وتذكارنا اننا في حضرته
* (الفصل الرابع فيما نذكره من الوصية المأمور بها عند الاسفار والاستظهار بمقتضى
الاخبار والاعتبار) *
اعلم أن العقل والنقل قضى ان كل من لا يعلم متى يموت وهل يموت فجاه
أو بأمراض متطاولة فإنه تقتضي صفاته الكاملة أو الفاضلة ان يمتثل الأوامر النبوية في
الاهتمام بالوصية وان لا يبيت ليله واحده حضر ولا سفر إلا ووصيته بمهماته في
حياته وبعد مماته مكتوبه أو معروفه على أحسن القواعد المرضية
وتتأكد الوصايا في الاسفار لأجل انه لا يؤمن بالسفر تجدد الاخطار ويكون
31

بعيدا عن العيال والمال فلا يقدر أن يقول في السفر كل ما يريده من وصاياه لجواز أن تكون
وفاته بغته ليس عنده شهود أو لا يكون معه من يطلعه على سره فيما يريد
الوصية به من أمور دنياه وأخراه فلا يسعه في حكم عقله وفضله وسداده ان يهمل عند
السفر الوصية بأمور دنياه ومعاده
* (الفصل الخامس نذكره من الأيام والأوقات التي يكره فيها الابتداء في
الاسفار بمقتضى الاخبار) *
أقول وحيث قد ذكرنا ما أردنا ذكره من الأيام المختارة للسفر فينبغي ان
نذكر الأيام والأوقات التي يكره السفر فيها فنقول الأيام التي يكره فيها الابتداء
بالسفر في الأسبوع فيوم الاثنين روينا عده روايات بالنهي عن السفر فيه ورأيت في
الصحيفة المروية عن الرضا (ع) قال كان رسول الله (ص)
يسافر يوم الاثنين ويوم الخميس ويقال (1) فيهما ترفع الأعمال إلى الله تعالى وتعقد
الألوية (2).
وروى كراهية السفر يوم الأربعاء وخاصه آخر أربعاء كل شهر وروينا
من كتاب من لا يحضره الفقيه سببا لزوال كراهية السفر فيه فقال كتب بعض
البغداديين إلى أبي الحسن الثاني (ع) يسأله في الخروج يوم الأربعاء لا يدور
فكتب (ع) من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة وقى من
كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضى الله حاجته
ويكره الابتداء بالسفر يوم الجمعة الظهر ويكره السفر والقمر في برج
العقرب وانه من سافر في ذلك الوقت لم ير الحسنى
وأما الأيام المكروهة في الشهر للسفر في بعض رواياته اليوم الثالث
منه والرابع والخامس والثالث عشر والسادس عشر والعشرون والحادي والعشرون

(1) في المصدر: ويقول، والظاهر هو الصواب، وهذا يعني ان الكلام كله للرضا عليه السلام، والسياق يؤيده.
(2) صحيفة الإمام عليه السلام: 66 / 116.
(3) الفقيه: 2: 173 / 770.
(4) أثبتناه من البحار.
32

والرابع والعشرون والخامس والعشرون والسادس والعشرون
وفي بعض الروايات ان اليوم الرابع من الشهر ويوم الحادي والعشرين
صالحان للأسفار
وفي رواية ان ثامن الشهر والثالث والعشرين منه مكروهان للسفر (1)
وقد قدمنا انه إذا اشتبه على الانسان اختيار الأيام للأسفار باختلاف الاخبار
فإنه يعتبر ذلك بالاستخارة فإن تعذر عليه لبعض الاعذار فيعتبره بالقرعة فإنها
من طرق الكشف والاعتبار إن شاء الله تعالى
وسيأتي في الفصل المتضمن لذكر الصدقة بين يدي الاسفار ما يزيل المحذور
من أيام الأكدار والاخطار إن شاء الله تعالى
* (الفصل السادس نذكره من الغسل قبل الاسفار وما يجريه الله جل جلاله على
خاطرنا من الأذكار) *
فأقول ان الاخبار وردت بصوره هذه الحال مع اختلاف في الزيادة في لفظ
المقال فنحن نذكر ذلك ما يهدينا الله جل جلاله ونرجو أن يكون مقربا لنا إليه
إن شاء الله تعالى
فمن ذلك أنه ان الانسان يستحب له إذا أراد السفر ان يغتسل ويقول
عند الغسل: بسم الله وبالله ولا حول ولا قوه الا بالله وعلى ملة رسول الله والصادقين
عن الله صلوات الله عليهم أجمعين اللهم طهر به قلبي واشرح به صدري ونور به
قبري (2)
اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وشفاء من كل داء وآفة وعاهة وسوء
ومما أخاف واحذر وطهر قلبي وجوارحي وعظامي ودمى وشعري وبشري ومخي
وعصبي وما أقلت الأرض منى
اللهم اجعله لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي إليك يا رب العالمين انك

(1) أخرجه المجلسي في البحار 76: 227 / 18 عن الأمان، من قوله: واما الأيام المكروهة في الشهر للسفر...
(2) في " ش ": بصري.
33

على كل شئ قدير (1)
* (الفصل السابع فيما أذكره مما أقوله انا عند خلع ثيابي للاغتسال وما أذكره عند
الغسل من النية والابتهال) *
فمما أقوله على سبيل الارتجال في هذه الحال (2) اللهم إني اخلع ثيابي
لأجلك عازما انني أتقرب (3) بذلك إلى أبواب فضلك فاجعل ذلك سببا لإزالة لباس
الأدناس والأنجاس وتطهيري (4) من غضبك ومظالم الناس وألبسني عوضها من
خلع التقوى ودروع السلامة البلوى وجلباب العافية من كل ما يوجب شكوى
برحمتك ارحم الراحمين
فإذا دخلت إلى موضع الاغتسال قصدت بالنية انني اغتسل غسل التوبة من
كل ما يكرهه الله جل جلاله منى سواء علمته جهلته وغسل الحاجة وغسل
الزيارة وغسل الاستخارة وغسل الصلوات وغسل الدعوات وإن كان يوم الجمعة
ذكرت غسل يوم الجمعة وإن كان علي غسل واجب ذكرته وكل من هذه الأغسال
وقفت له على رواية تقتضي ذكره في هذه الحال
فإذا تكملت هذه النيات أجزاني عنها جميعها غسل واحد بحسب ما رايته في
بعض الروايات وخاصه ان مرتمسا فإن كل دقيقه ولحظة من الارتماس في
الماء تكفى في أن تكون اجزاؤها عن افراد (5) الأغسال ويغنى افرادها بارتماسات
متفرقة لشمولها لسائر الأعضاء ثم أتمضمض واستنشق عقيب النية المذكورة وما
احتاج ذلك إلى نيه مستأنفة لهذه الأغسال المسطورة
أقول ثم أخاطب الله جل جلاله بما معناه اللهم انني أسلم نفسي إلى

(1) ذكره السيد المصنف في مصباح الزائر: 8، وأخرجه العلامة المجلسي في البحار 76: 235 / 19 من قوله: فمن
ذلك أنه روي أن الانسان...
(2) في " ش ": الأغسال.
(3) في " ش ": أنني متقرب.
(4) في " ش ": وتطهرني.
(5) في " ش " ساير.
34

الماء ولا إلى الهواء ولا إلى غيرك (1) من سائر الأشياء وإنما أسلمها إليك والى محل
عنايتك بها وحفظك عند الانشاء وشمولك لها بالنعماء فيا من يجعل الشفاء
يشاء من الأشياء اجعل شفائي من كل داء في اغتسالي بهذا الماء واملاه من الدواء
والشفاء واجعله سببا لطول البقاء وإجابة الدعاء ودفع أنواع البلاء والابتلاء
والنصر على الأعداء وطهرني به من الذنوب والعيوب ووفقني به (2) لأداء الواجب
والمندوب برحمتك يا ارحم الراحمين
* (الفصل الثامن فيما نذكره عند لبس الثياب من الآداب) *
ثم البس ثيابي وأقول عند لبسها وبعضه منقول الحمد لله الذي رزقني من
اللباس ما أتجمل به في الناس واستر به عورتي وأؤدي به فريضتي واحفظ به مهجتي
اللهم اجعلها ثياب بركه أسعى فيها لمرضاتك واعمر فيها مساجد عباداتك برحمتك يا
ارحم الراحمين
(3) وإذا أردت التعمم قمت قائما وأتعمم وأدير العمامة تحت حنكي وأقول
اللهم توجني تاج الايمان وسومني سيماء الكرامة وقلدني قلادة السعادة وشرفني بما
أهله من الزيادة
وروينا أيضا من كتاب المحاسن باسناده عن أبي حمزه عن أبي عبد
(ع) قال من اعتم ولم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا
يلومن إلا نفسه
وروي ان المسومين المتعممون
ثم البس اللباس وأقول وبعضه من المنقول وأكون جالسا وغير
مستقبل القبلة ومستقبل الناس اللهم استر عورتي واعف فرجى ولا تجعل
للشيطان في ذلك نصيبا ولا له إلى وصولا فيضع لي المكائد ويهيجني لارتكاب

(1) في " ش ": غير ذلك.
(2) في " ش ": فيه.
(3) الآداب الدينية: 3.
(4) لمحاسن: 378 / 157.
35

محارمك وسلمني من أمراض العورات حتى لا احتاج كشفها ولا ذكرها للأطباء
ولأهل المودات برحمتك يا ارحم الراحمين
* (الفصل التاسع فيما نذكره مما يتعلق بالتطيب والبخور) *
وإذا أردت ان أتطيب بماء الورد كما روينا في كتاب المضمار في عمل
أول يوم من شهر رمضان عن أبي عبد الله (ع) ان من ضرب وجهه بكف ماء
ورد امن ذلك اليوم من الذلة والفقر ومن وضع على رأسه ماء ورد امن تلك السنة
البرسام فلا تدعوا ما نوصيكم به فإنني اجعل ماء الورد كفى اليمين وأقول اللهم
بالرحمة والحكمة التي طيبت بها أصل هذه الشجرة حتى جاءت بهذه الروائح العطرة ولم
تكن شرفتها بمعرفتك ولا ارتضيتها لعبادتك وشرفتنا لمعرفتك وارتضيتنا لعبادتك
فلا يكن تطييبك لذكرنا وعنايتك بأمرنا وارتفاع قدرنا دون هذه الثمرة وطيب
ذكرنا في دار الفناء وبعد مفارقه الاحياء وفي يوم الجزاء وفي دار البقاء (1) أفضل
ما طيبت ذكر أحد من أولاد الأنبياء وأهل الدعاء وذوي الرجاء واجعله سببا لدفع
أنواع البلاء والابتلاء برحمتك يا ارحم الراحمين
ثم اجعله على رأسي ووجهي بحسب المنقول
وان أردت البخور فإنني أقول عند ذلك ما روى أن رسول الله صلى الله عليه
وآله كان يقوله عند بخوره عليه السلام الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات اللهم
طيب عرفنا (2) وذك روائحنا وأحسن منقلبنا واجعل التقوى زادنا والجنة معادنا (3)
ولا تفرق بيننا وبين عافيتك إيانا وكرامتك لنا انك على كل شئ قدير
وفي رواية (4) أنه يقول الانسان عند تبخره وتعطره الحمد لله رب العالمين اللهم
أمتعني (5) بما رزقتني ولا تسلبني خولتني واجعل ذلك رحمه ولا تجعله وبالا على

(1) بدل القوسين في " ش ": وطيب ذكرنا.
(2) العرف: الريح " الصحاح - عرف - 4: 1400 ".
(3) في " ش ": زيادة: وألحقنا بآبائنا.
(4) في " ش " زيادة: أخرى.
(5) في " ش ": متعني.
36

اللهم طيب ذكرى بين خلقك كما طيبت نشوى ونشوارى (1) بفضل نعمتك عندي
* (الفصل العاشر فيما نذكره من الأذكار عند تسريح اللحية، وعند النظر في المرآة) *
روى أنه يبتدئ من تحت ويقرأ انا أنزلناه في ليله القدر
وفي رواية انه يسرح لحيته من تحت إلى فوق أربعين مره ويقرأ انا أنزلناه
ومن فوق إلى تحت سبع مرات ويقرأ والعاديات ثم يقول اللهم سرح عنى الهموم
والغموم ووحشة الصدور
وروى أن من سرح لحيته سبعين مره وعدها مره مره لم يقربه الشيطان
أربعين يوما (2).
أقول وفي رواية أخرى أنه يقول عند تسريح لحيته اللهم صل على محمد وآل
محمد واكسني (3) جمالا خلقك وزينه في عبادك وحسن شعري وبشرى ولا
تبتلني بالنفاق وارزقني المهابة بين بريتك والرحمة من عبادك يا ارحم الراحمين
وأما النظر في المرآة فروى انك تأخذها بيدك اليسرى فإذا نظرت وجهك
فيها فقل الحمد الذي أحسن وأكمل خلقي وحسن خلقي وخلقني خلقا سويا ولم
يجعلني جبارا شقيا الحمد لله الذي زين منى ما أشان من غيري اللهم كما أحسنت
خلقي فصل على وآل محمد وحسن خلقي وتمم نعمتك على وزيني في عيون
خلقك وجملني في عيون بريتك وارزقني القبول والمهابة والرأفة والرحمة يا ارحم
الراحمين
وفي رواية أخرى انك تقول عند نظر وجهك في المرآة الحمد لله الذي خلقني
بشرا سويا وزانني ولم يشني وفضلني على كثير من خلقه تفضيلا ومن على بالاسلام
ورضيه لي دينا

(1) في " ش ": بشري وشعاري، والنشر: الرائحة الطيبة، والنشوار: بقايا الطعام، " الصحاح - نشر - 2: 827
و 828 ".
(2) الكافي 6: 489 / 10، الفقيه 1: 75 / 322، مكارم الأخلاق: 70.
(3) في " ش " والبحار: وألبسني.
(4) أخرجه المجلسي في البحار 76: 116 / 17.
37

وإذا وضع المرآة من يده قال اللهم لا تغير ما بنا من نعمك (1) واجعلنا
لأنعمك من الشاكرين
* (الفصل الحادي عشر فيما نذكره من الصدقة ودعائها عند السفر ودفع ما يخاف
من الخطر) *
روى أحمد بن خالد البرقي في كتاب المحاسن باسناده عن حماد بن عثمان
قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيكره السفر في شئ من الأيام المكروهة مثل
يوم (2) الأربعاء والاثنين (3) فقال افتتح سفرك بالصدقة واقرا آية الكرسي
واخرج بدا لك (4)
ومن كتاب المحاسن المذكور باسناده عن عبد الله بن سليمان عن أحدهما
(عليهما السلام) (5) قال كان أبي (ع) إذا خرج يوم الأربعاء من آخر الشهر
وفي يوم يكرهه الناس من محاق (6) أو غيره تصدق ثم خرج (7) (8).
ومن كتاب المحاسن باسناده عن سفيان أبي عمر قال كنت انظر في
النجوم واعرفها واعرف الطالع فيدخلني من ذلك فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله
(ع) فقال إذا وقع في نفسك فتصدق على أول مسكين ثم امض فإن
الله تعالى يدفع عنك
ومما رأيناه في المنقول انه يقال الصدقة قبل السفر اللهم إني اشتريت
بهذه الصدقة سلامتي وسلامه سفري وما معي اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني
وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الجميل (9).

(1) في " ش ": نعمتك.
(2) ليس في " د " والمصدر، وما أثبتناه من " ش ".
(3) في المصدر: وغيره.
(4) المحاسن: 348 / 22.
(5) أثبتناه من المصدر.
(6) في " ش " و " ط ": مخافة.
(7) في " ش ": يتصدق ثم يخرج، وفي المصدر: تصدق بصدقة ثم خرج.
(8) المحاسن: 348: 24.
(9) ذكره السيد المصنف في مصباح الزائر: 9، وأخرجه المجلسي في البحار 76: 236 / 20.
38

ومما نقوله نحن زيادة على المنقول ما نذكره في فصل منفرد فنقول
فصل ونحن إذا أردنا الصدقة قلنا عند ذلك اللهم انك قلت لقوم يتصدقون
ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون (1) وقد علمت يا الله ما جرى في الاسلام من
اختلاط الحلال بالحرام فانا أسألك بمن يعز عليك وبجميع الوسائل إليك ان تطهر
هذا من الأدناس وحقوق الناس والحرامات (2) والشبهات وتصانع عنه أصحابه من
الاحياء والأموات حتى يصير طاهرا يصلح للصدقة بين يديك وعرضه عليك
والتقرب به إليك ان هذه لك ومنك وهي (3) صدقه عن مولانا (4) صلوات
الله عليه - وبين يدي أسفاره وحركاته وسكناته في ساعات ليله ونهاره وصدقه عمن
يعنيه امره وما (5) يعنيه امره ويصحبه (6) وما يخلفه وصدقه عنى وعن ذريتي وأهل
عنايتي وأصحبه وما اخلفه وبين يدي حركاتي وسكناتي في ساعات الاسفار
بالليل والنهار لتكفيه وتكفينا بها كل خطر ما (7) بطن ظهر وتفتح بها عليه وعلينا
أبواب المسار وطول الأعمار والانتصار (8) وتلهمنا ما فيه رضاك والدخول في حماك
والأمان في الدنيا ويوم نلقاك، وما فيه كمال سلامتنا وسعادتنا في دنيانا وآخرتنا
اللهم فتلقها بالقبول ونجاح المسؤول وبلوغ المأمول برحمتك يا ارحم الراحمين
أقول وربما زدنا في بعض الأوقات الدعوات فنقول يا من يدفع بالصدقة
والدعاء من أعنان السماء ما حتم وابرم من سوء القضاء صل على محمد وآل محمد
وادفع بهذه الصدقة والدعاء ما حتمت وأبرمت من سوء القضاء وسائر أنواع البلاء
وشماتة الحساد والأعداء وافتح علينا بها ما أنت أهله من طول البقاء والنعماء

(1) البقرة 2: 267.
(2) في " ش ": والحرمات.
(3) في " ش " زيادة " مني.
(4) في " ش " زيادة: محمد.
(5) في " ش " و " ط " زيادة: لا.
(6) في " ش " و " د ": تضمنه.
(7) في " ش " و " ط ": مما.
(8) ليس في " ش ".
39

والآلاء والشفاء والدواء وبلوغ الرجاء واجابه الدعاء برحمتك يا ارحم الراحمين
ونقول أيضا بعد الصدقة المنقول لا اله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله
العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما
بينهن (1) ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله
على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم كن لي جارا من كل جبار عنيد ومن كل شيطان مريد بسم الله
دخلت وبسم الله خرجت اللهم إني أقدم بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله وما
شاء الله في سفري ذكرته أم نسيته، اللهم أنت المستعان على (2) الأمور كلها وأنت
الصاحب في السفر والخليفة في الأهل
اللهم هون علينا سفرنا واطو لنا الأرض وسيرنا بطاعتك وطاعة رسولك
اللهم أصلح لنا ظهرنا وبارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار اللهم نعوذ بك من
وعثاء السفر وكابه (3) المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد اللهم أنت عضدي
وناصري اللهم اقطع عنى بعده ومشقته، واصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير (4) ولا
حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم (5).
* (الفصل الثاني عشر فيما نذكره من توديع العيال بالصلاة والدعاء والابتهال
وصواب المقال) *
اعلم اننا نحضر عيالنا ونوصيهم بالمحافظة على ما يعملونه وقت حضورنا من
الصلوات في أوائل الأوقات ومن دراسة القرآن ومن صيانة أبوابهم وأسبابهم بغاية
الامكان ونذكرهم ان الله جل جلاله خليفتنا عليهم وانه حاضر عندهم وناظر
إليهم وان مراقبتهم لمقدس حضوره وحضورهم بين يديه أهم عليهم من حضورنا عندهم

(1) في " ش " زيادة: وما تحتهن.
(2) في مصباح الزائر: في.
(3) في " ش ": ومن كآبة.
(4) ليس في " ش ".
(5) ذكره المصنف في مصباح الزائر: 9، وأخرجه المجلسي في البحار 76: 236 / 20 من قوله: " ونقول أيضا بعد
الصدقة من المنقول ".
40

وحضورهم عندنا وأوجب في حفظ ما يقربهم إليه
ثم نصلى ركعتي توديعهم الأولى بالحمد مره وقل هو الله أحد مره والثانية
الحمد مره وانا أنزلناه في ليله القدر مره وربما قرانا سوره الفتح أو بعضها مع
ما نقرأه في الأولى وسورة النصر مع ما نقرأه في الثانية ونقنت بما يفتحه الله علينا من
الدعاء المتعلق بالسلامة والعناية التامة
فإذا فرغنا الركعتين وتسبيح الزهراء (ع) نقول ما نختاره
المنقول وما يفتح علينا من المعقول (1) ونبدأ بذكر ما ورد في الروايات من الدعوات
عند توديع العيال فمن ذلك ان نقول اللهم إني استودعك اليوم نفسي وأهلي ومالي
وولدي ومن كان منى بسبيل الشاهد منهم والغائب اللهم احفظنا بحفظ الايمان
واحفظ علينا اللهم اجمعنا في رحمتك ولا تسلبنا فضلك انا إليك راغبون اللهم انا
نعوذ بك من وعثاء السفر وكابه المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والولد في الدنيا
والآخرة اللهم إني أتوجه إليك هذا التوجه طلبا لمرضاتك وتقربا إليك اللهم فبلغني
ما أؤمله وأرجوه فيك وفي أوليائك يا ارحم الراحمين
وان شئت فقل أيضا اللهم (2) خرجت في وجهي هذا بلا ثقة منى لغيرك
ولا رجاء بي إلا إليك ولا قوه اتكل عليها ولا حيله ألجأ إليها إلا طلب
رضاك وابتغاء رحمتك وتعرضا لثوابك وسكونا إلى حسن عائدتك وأنت اعلم
بما سبق لي علمك في وجهي مما أحب وأكره
اللهم فاصرف عنى مقادير كل بلاء ومقضى كل لاواء وابسط على كنفا
من رحمتك ولطفا من عفوك وحرزا من عفوك (3) وسعه من رزقك وتماما من
نعمتك وجماعا من معافاتك ووفق لي يا رب جميع قضائك على موافقه هواي
وحقيقة املى وادفع عنى ما احذر وما لا احذر على نفسي مما أنت اعلم به منى
واجعل ذلك خيرا لي لآخرتي ودنياي مع ما أسألك ان تخلفني فيمن خلفت ورائي من

(1) في " ش " و " د ": بالمعقول، وما أثبتناه من " ط ".
(2) في " ش " زيادة: إني.
(3) في " ش ": غفرانك.
41

ولدي وأهلي ومالي وإخواني وجميع حزانتي (1) بأفضل ما تخلف فيه غائبا من قوله المؤمنين في
تحصين عوره وحفظ كل مضيعة وتمام كل نعمه ودفاع (2) كل سيئه وكفاية
كل محذور وصرف كل مكروه وكمال يجمع لي به الرضا والسرور في الدنيا
والآخرة ثم ارزقني ذكرك وشكرك وطاعتك وعبادتك (3) حتى ترضى وبعد الرضا
اللهم إني استودعك اليوم ديني ونفسي ومالي وأهلي وذريتي وجميع اخواني اللهم احفظ
الشاهد منا والغائب اللهم احفظنا واحفظ علينا اللهم اجعلنا في جوارك ولا تسلبنا
نعمتك وتغير ما بنا من نعمة وعافية وفضل
وروى انك إذا أردت التوجه في وقت يكره فيه السفر فقدم امام توجهك
قراءه الحمد والمعوذتين وآية الكرسي وسورة القدر وآخر آل عمران من قوله تعالى ان في
خلق السماوات (4) والى آخر السورة ثم قل اللهم بك يصول الصائل وبك
يطول الطائل ولا حول لكل ذي حول إلا بك ولا قوه يمتارها ذو القوة إلا منك
أسألك بصفوتك من خلقك وخيرتك بريتك محمد نبيك وعترته وسلالته عليه
وعليهم والسلام صل عليه وعليهم واكفني شر هذا اليوم وضره وارزقني خيره ويمنه
واقض لي في متصرفاتي بحسن العاقبة وبلوغ المحبة والظفر بالأمنية وكفاية الطاغية
الغوية وكل ذي قدره لي على أأنت حتى أكون في جنه وعصمه كل بلاء ونقمه
وأبدلني فيه من المخاوف أمنا ومن العوائق فيه يسرا حتى لا يصدني صاد عن المراد ولا
يحل بي طارق من اذى العباد انك على كل شئ قدير والأمور إليك تصير يا من
ليس كمثله شئ وهو السميع البصير
أقول وإن كان لك عذر عن الدعاء في توديع العيال ذكرناه فقل من
الدعاء المختصر ما رويناه من كتاب المحاسن قال ما هذا لفظه النوفلي باسناده

(1) الحزانة: عيال الرجل الذين يهتم بأمرهم انظر " الصحاح - حزن - 5: 2098 ".
(2) في " ش ": ودفع.
(3) في " ش ": وحسن عبادتك.
(4) آل عمران 3: 190.
(5) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 76: 236 / 20، من " ثم نصلي ركعتي توديعهم... " وذكره السيد المصنف في
مصباح الزائر: 8، من بداية الدعاء، وكلاهما باختلاف يسير.
42

قال قال رسول الله (ص) ما استخلف رجل على أهله خليفة (1)
أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره (2) ويقول استودع الله (3)
نفسي وأهلي ومالي وذريتي واخوتي (4) وأمانتي وخاتمه عملي إلا أعطاه ما
سال (5).
أقول ومما نذكره من الدعوات زيادة ما ذكرناه في الروايات اننا
نقول اللهم اننا نتوجه إليك بك وبمن يعز عليك وبجميع الوسائل إليك ان تصلى
على محمد وآل محمد وعلى كل من ترضيك الصلاة عليه وان تبلغ أرواح الملائكة
والأنبياء والأوصياء والأولياء (ع) اننا سألناك الصلاة عليهم (6) واننا نتوجه
إليهم باقبالك واحسانك إليهم في أن يكونوا من وسائلنا إليك وذرائعنا بين
يديك في بلوغنا في سفرنا هذا كلما دعوناه وأملناه ورجوناه وما لم تبلغه آمالنا ولا
ابتهالنا ولا سؤالنا مما أنت قادر عليه ونحن محتاجون وان تبلغ من نقصده من
أوليائك اننا نتوجه إليه بك ونتوجه إليك به (7) في قضاء حاجاتنا واجابه
دعواتنا وان نكون من أخص وفوده وأعز جنوده وأكرم عبيده وأبلغهم ظفرا بجوده
وانجاز وعوده وان يدخلنا حمايته ورعايته وخفارته كأفضل ما عمل مع أحد قصد
لزيارته وتشرف بمقدس حضرته برحمتك يا ارحم الراحمين
* (الفصل الثالث عشر في رواية أخرى بالصلاة توديع العيال بأربع ركعات
وابتهال) *
قد ذكرنا هذه الرواية في الجزء الثاني من كتاب التراجم فيما نذكره عن
الحاكم باسناده قال جاء رجل إلى النبي (ص) فقال إني أريد سفرا

(1) في المصدر: بخلافة.
(2) في المصدر: سفر.
(3) في المصدر: اللهم إني استودعك.
(4) في المصدر: ودنياي وآخرتي.
(5) المحاسن: 349 / 29.
(6) في " د ": إليهم.
(7) ليس " ش ".
43

وقد كتبت وصيتي فإلى أي الثلاث تأمرني ان ادفع أبي أو ابني أو أخي فقال
النبي (ص) ما استخلف العبد أهله من خليفة إذا هو شد ثياب
سفره خير من أربع ركعات يضعهن بيته يقرا في كل ركعة منهن بفاتحة (1) الكتاب
وقل هو الله أحد ويقول اللهم إني أتقرب بهن إليك فاجعلهن خليفتي في أهلي
ومالي قال فهن خليفته في أهله وماله وداره (2) حتى يرجع إلى أهله
* (الفصل الرابع عشر نذكره من توديع الروحانيين الذين يخلفهم المسافر في منزله
مع عياله وماذا يخاطبهم من مقاله) *
اعلم اننا روينا ان لكل منزل أهلا من الروحانيين وخاصة المنازل المسكونة
بالآدميين فإنه لا بد ان لله جل جلاله عليهم من حافظين فإذا فرغ الانسان من توديع
عياله (3) وايداعهم فليخاطب الروحانيين معتقدا لاستماعهم وراجيا لاسماعهم
فيقول السلام على من بهذا المنزل من الروحانيين والملائكة الحافظين والمسبحين
والعابدين نستودعكم الله ونقرأ عليكم أفضل السلام ونتوجه إليكم بالله
جل جلاله وبما خصكم به من الانعام والاكرام ان تستودعونا الله جل جلاله
أكمل الوداع والايداع واتسالوه لنا ما نحتاج إليه من الحفظ والانتفاع وان يردنا
سالمين إلى سالمين وغانمين إلى غانمين وان تكونوا لعيالنا على أحسن الخلافة والامن من
كل آفة ومخافة وأتمها في المساعدة على كل رحمه ورأفة وان تقيموا الصفاء والوفاء
مده أيام البقاء
* (الفصل الخامس عشر نذكره من الترغيب والترهيب للعيال قبل التوجه
والانفصال) *
اعلم أن العيال في غالب الأحوال لا يخلو بعضهم أو أكثرهم من حسد
بعضهم لبعض وعداوة بعضهم لبعض وانهم مع حضور صاحب المنزل ومشاهدتهم له

(1) في " ش ": فاتحة.
(2) في " د " زيادة: وبعد دخول داره.
(3) في " ش ": العيال.
44

يحتاج إلى تقويمهم وسياستهم فكيف إذا بعد (1) عنهم وخلا منظره منهم فيحتاج أن يكون
آخر ما يلقاهم ان يعد أهل القبول لوصاياه والحافظين له في غيبته يرضاه
ان يحسن إليهم بعد الوصول ويعمل معهم يستحقونه على القبول ويتوعد من يعرفه
منهم بالفتن والمنافرة والمحاسدة والمناقرة انه متى تجدد في غيبته ما يحتاج إلى
مؤاخذته فإنه يضاعف من العقاب والآداب وينقصهم من عوائد المحاب
والطلاب ما يكون سببا لاستقامتهم عند الاسفار ومده الأعمار

(1) في " ش ": أبعد.
45

الباب الثاني
فيما يصحبه الانسان معه في أسفاره للسلامة من اخطاره واكداره وفيه
فصول
* (الفصل الأول نذكره من صحبه العصا اللوز المر في الاسفار والسلامة بها من
الاخطار) *
روينا بإسنادنا إلى ابن بابويه رضوان الله جل جلاله عليه فيما رواه في
كتاب لا يحضره الفقيه في باب حمل العصا في السفر، فقال
قال أمير المؤمنين (ع) قال رسول الله من خرج في
سفر ومعه عصا لوز مر وتلا هذه الآية ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى ان يهديني
سواء السبيل إلى قوله والله على ما نقول وكيل (1) آمنه الله عز وجل من كل سبع ضار
ومن كل لص عاد ومن ذات حمه حتى يرجع إلى منزله وأهله وكان معه سبعه
وسبعون من المعقبات يستغفرون له حتى يرجع ويضعها
وقال (ع) (2) تنفى الفقر ولا يجاوره الشيطان (3)
وقال (ع) من أراد ان تطوى له الأرض فليتخذ النقد من العصا
والنقد عصا لوز مر (4)
ومن غير كتاب ابن بابويه وقال (ع) مرض آدم (ع)
مرضا شديدا اصابته فيه وحشة فشكا ذلك إلى جبرئيل فقال له اقطع
منها واحده وضمها إلى صدرك ففعل فاذهب الله عنه الوحشة
أقول وروى عن الأئمة انهم قالوا إذا أراد أحدكم ان يسافر

(1) القصص 2228 - 28.
(2) في " ط " والفقيه زيادة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله حمل العصا.
(3) الفقيه 2: 176 / 786، ثواب الأعمال: 222 / 1.
(4) الفقيه 2: 176 / 787، ثواب الأعمال: 222 / 1.
(5) ثواب الأعمال: 222 / 1، وذكره المصنف في مصباح الزائر: 10.
46

فليصحب معه في سفره عصا من شجر اللوز المر وليكتب هذه الأحرف رق (1)
* (الفصل الثاني فيما نذكره من أن اخذ التربة الشريفة في الحضر والسفر أمان من
الخطر) *
قد كنا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر انه لما ورد الصادق
(ع) إلى العراق اجتمع الناس إليه فقالوا يا مولانا تربه قبر الحسين
(ع) شفاء من كل داء فهل هي أمان من كل خوف فقال نعم إذا أراد
أحدكم أن يكون آمنا من كل خوف فليأخذ السبحة تربته (ع) ويدعو
بدعاء ليله المبيت على الفراش ثلاث مرات ثم يقبلها ويضعها على عينه ويقول
اللهم إني أسألك بحق هذه التربة وبحق صاحبها وبحق جده وبحق أبيه وبحق
أمه وبحق أخيه وبحق ولده الطاهرين اجعلها شفاء من كل داء وأمانا من كل
خوف وحفظا من كل سوء ثم يضعها في جيبه فإن فعل ذلك في الغداة فلا يزال في
أمان الله حتى العشاء وان فعل ذلك في العشاء فلا يزال في أمان الله حتى الغداة (3)
أقول وفي رواية أخرى قال وقل إذا اخذتها اللهم هذه طينة قبر الحسين
(ع) وليك وابن وليك اتخذتها حرزا لما أخاف وما لا أخاف (4)
أقول وروى من طريق أخرى اللهم إني أخذته من قبر وليك وابن وليك
فاجعله لي أمنا وحرزا مما أخاف ومما لا أخاف
وروى أن من خاف سلطانا أو غيره وخرج من منزله واستعمل ذلك كان
حرزا له

(1) الرق: جلد يكتب عليه. " الصحاح - رقق - 4: 1483 ".
(2) ذكره المصنف في مصباح الزائر: 10. والبحار 76 230 / 2.
(3) فلاح السائل: 224.
(4) التهذيب 6: 75 / 146.
(5) أخرجه في مصباح الزائر: 10.
47

* (الفصل الثالث فيما نذكره من اخذ خواتيم السفر للأمان من الضرر) *
عن أبي محمد القاسم بن العلاء المدائني قال حدثني خادم لعلي بن محمد عليهما
السلام قال استأذنته في الزيارة إلى طوس فقال لي يكون معك خاتم فصه عقيق
اصفر عليه ما شاء الله لاقوه إلا بالله استغفر الله وعلى الجانب الآخر محمد وعلى
فإنه أمان من القطع وأتم للسلامة وأصون لدينك قال فخرجت واخذت خاتما على
الصفة التي امرني بها ثم رجعت إليه لوداعه فودعته وانصرفت فلما بعدت أمر
بردى فرجعت إليه فقال يا صافي قلت لبيك سيدي قال ليكن معك خاتم
آخر فيروزج فإنه يلقاك في طريقك أسد بين طوس ونيشابور فيمنع القافلة من المسير
فتقدم إليه وأره الخاتم وقل له مولاي لك تنح عن الطريق ثم قال ليكن
نقشه الله الملك وعلى الجانب الآخر الملك لله الواحد القهار فإنه خاتم أمير المؤمنين
علي (ع) كان عليه الله الملك (1) فلما ولى الخلافة نقش على خاتمه الملك لله
الواحد القهار وكان فصه فيروزج وهو أمان من السباع خاصه وظفر في الحروب
قال الخادم فخرجت في سفري ذلك فلقيني والله السبع ففعلت (2) ما
أمرت ورجعت حدثته فقال (ع) لي بقيت عليك خصله لم تحدثني بها ان
شئت حدثتك بها فقلت يا سيدي على نسيتها فقال نعم بت ليله بطوس عند
القبر فصار إلى القبر قوم من الجن لزيارته فنظروا إلى الفص في يدك وقرأوا نقشه
فأخذوه من يدك وصاروا به إلى عليل لهم وغسلوا الخاتم بالماء وسقوه ذلك الماء فبرا
وردوا الخاتم إليك وكان في يدك اليمنى فصيروه في يدك اليسرى فكثر تعجبك من
ذلك (3) ولم تعرف السبب فيه ووجدت عند رأسك حجرا ياقوتا فأخذته وهو معك
فاحمله إلى السوق فإنك ستبيعه بثمانين دينارا وهي هديه القوم إليك فحملته إلى
السوق فبعته بثمانين دينارا كما قال سيدي عليه السلام

(1) في " ش ": لله الملك.
(2) في " ش ": فقلت.
(3) في " ش ": من ذلك تعجبك.
48

أقول ورأيت في حديثين عن مولانا الباقر بن علي (ص) في
الفص الحديد الصيني ما نذكر المراد منه ان من اخذه معه وعليه نقشه معينه تنقش
في وقت معين من الشهر كان حرزا لحامله من كل مكروه من الجن والإنس
والشيطان والسلطان وهوام الأرض، ومن كل مكروه
وروى في الحديث ان نقش الخاتم الصيني كان لمولانا على صلوات الله
عليه كانت نقشته واسراره أشرنا إليه
أقول وروى في الدعاء عند لبس كل خاتم اللهم سومني بسيماء الايمان
وتوجني تاج الكرامة وقلدني حبل الايمان ولا تنزع ربقة الايمان من عنقي
* (الفصل الرابع فيما نذكره من تمام ما يمكن يحتاج إليه في هذه الثلاثة فصول) *
فمن من ذكرناه في اخذ العصا اللوز المر انه يقرا قوله جل جلاله ولما
توجه تلقاء مدين ولم نذكر تمام الآيات وربما يقف على كتابنا هذا من لا يحفظها ولا
معه يحفظها فيحسن ان نذكرها له لئلا يفوته الانتفاع بتلك الروايات فنقول انه
يقرا ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى يهديني سواء السبيل ولما ورد ماء مدين
وجد عليه أمه من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا
لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب انى
لما أنزلت إلى من خير فقير فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبي يدعوك
ليجزيك اجر سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت
القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين
قال إني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت
عشرا فمن عندك وما أريد ان أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال
ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل (1).
ومن ذلك ما ذكرناه حديث التربة الشريفة انه يدعو بدعاء الفراش وهو
دعاء مولانا علي (ع) حين بات على فراش (ص) لما هاجر

(1) القصص 28: 22 - 28.
49

من مكة إلى المدينة وهذا لفظ الدعاء الذي ذكرناه كما رويناه أمسيت اللهم
معتصما بذمامك وجوارك المنيع الذي لا يطاول ولا يحاول من شر كل طارق
وغاشم من سائر من خلقت وما خلقت من خلقك الصامت والناطق في جنه من كل
مخوف بلباس سابغة حصينة، وهي ولاء بيت نبيك محتجزا من كل قاصد لي
إلى أذية (2) بجدار حصين الاخلاص في الاعتراف بحقهم والتمسك بحبلهم جميعا موقنا
ان الحق لهم ومعهم ومنهم وفيهم وبهم أو إلى والوا وأعادي من عادوا وأجانب من
جانبوا (3) فأعذني بهم من شر كل ما أتقيه (4) انا جعلنا من بين أيديهم سدا
ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون (5).
ومن ذلك اننا ذكرنا الفص الصيني ولم نذكر نقشته ولا الوقت ينقش
فيه ونحن نذكر النقشة ففيها بعض المراد إلى أن يتهيأ ذكر (6) الوقت الذي ينقش
فيه وهذه صوره ذكر حديث آخر في نقش الفص الحديد الصيني وهو
اتى رجل إلى سيدنا أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) فقال يا سيدي
انى خائف من والى بلد الجزيرة وأخاف ان يعرفه بي أعدائي ولست آمن
نفسي فقال (ع) استعمل خاتما فصه حديد صيني منقوشا عليه من ظاهره

(1) في " ش " و " ط " وفلاح السائل: محتجا.
(2) في " ش ": بأذية.
(3) في فلاح السائل زيادة: فصل على محمد وآل محمد.
(4) في فلاح السائل زيادة: يا عظيم حجزت الأعادي عني ببديع السماوات والأرض.
(5) أورده المصنف في فلاح السائل: 224
(6) في " ش ": ونحن ذكرنا.
50

ثلاثة أسطر الأول: الأول: أعوذ بجلال الله الثاني أعوذ بكلمات الله الثالث أعوذ برسول
الله وتحت الفص سطران الأول آمنت بالله وكتبه الثاني وانى (1) واثق بالله
ورسله وانقش حول الفص على جوانبه اشهد ان لا اله إلا الله مخلصا وهذه
صوره الفص
والبسه في سائر ما يصعب عليك من حوائجك وإذا خفت اذى أحد من (2) الناس
فالبسه فإن حوائجك تنجح ومخاوفك تزول وكذلك علقه على المرأة التي يتعسر عليها
الولد فإنها تضع بمشيه الله تعالى وكذلك من تصيبه العين فإنها تزول واحذر عليه من
النجاسة والزهومة (3) ودخول الحمام والخلاء واحفظه فإنه من اسرار الله عز وجل
وحراسته ثم التفت الحسن (4) عليه السلام إلينا (5) وقال وأنتم فمن خاف منكم على
نفسه فليستعمل ذلك واكتموه عن أعدائكم لئلا ينتفعوا به ولا تبيحوه لمن تثقون
به.
قال الراوي لهذا الحديث قد جربت الخاتم فوجدته صحيحا
والحمد لله
* (الفصل الخامس نذكره من فوائد التختم بالعقيق في الاسفار وعند الخوف
من الاخطار وانها دافعه للمضار) *
روينا من كتاب فضل العقيق والتختم به تأليف السيد السعيد قريش بن
السبيع بن مهنا العلوي المدني رضي الله عنه باسناده المتصل فيه عن الصادق

(1) في " ش ": إني.
(2) في " ش ": من أحد.
(3) الزهومة: الدسم ورائحته في اليد الصحاح - زهم - 5: 1946 ".
(4) كذا وردت وان الرواية في البداية عن أبي عبد الله عليه السلام.
(5) في " د " و " ط ": علينا.
(6) في " ش " زيادة: رب العالمين.
51

عليه السلام، أنه قال: الخاتم العقيق أمان في السفر " (1).
ومن الكتاب المذكور في حديث آخر قال قال أبو عبد الله (ع) الخاتم
العقيق حرز (2) في السفر
ومن الكتاب المذكور قال وأخبرنا الغيداق ذكر الاسناد إلى أبي هاشم
داود الجعفري رحمه الله قال قال لي إسماعيل بن جعفر قال قال لي أبو جعفر محمد بن علي
الباقر (ع) يا بني من أصبح وعليه خاتم فصه عقيق متختما به في
يده اليمنى فأصبح من قبل ان يرى أحدا فقلب فصه إلى باطن كفه وقرا انا أنزلناه
في ليله القدر إلى آخرها ثم قال آمنت بالله وحده شريك له وكفرت بالجبت
والطاغوت وآمنت بسر آل محمد وعلانيتهم وظاهرهم وباطنهم وأولهم وآخرهم وقاه
الله في ذلك اليوم شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها والأرض وما يخرج منها
وكان حرز الله وحرز وليه حتى يمسى
ومن الكتاب المذكور باسناده في حديث آخر عن الباقر (ع) وذكر
العقيق واجناسة ثم قال بعد كلام طويل فمن تختم بشئ منها وهو من شيعه آل
محمد (ع) لم ير إلا الخير الحسنى والسعة في رزقه والغنى عن الناس
والسلامة جميع أنواع البلايا وهو أمان من السلطان الجائر ومن كل ما يخافه
الانسان ويحذره

(1) الكافي 6: 470 / 5.
(2) في " ش ": أمان.
(3) ثواب الأعمال: 208 / 4.
(4) ليس في " ش ".
(5) في " ش " زيادة: بالله وحده ولا شريك له وآمنت.
(6) في " ش ": وما يلج في الأرض.
(7) في " ش ": حديث.
(8) في " ش " زيادة: عن سلمان الفارسي، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي عليه السلام: " يا علي،
تختم باليمين تكن من المقربين، قال: يا رسول الله، وما المقربون؟ قال: جبرائيل وميكائيل، قال عليه السلام:
فيم أتختم يا رسول الله؟ قال: بالعقيق الأحمر، فإنه أول جبل آمن لله بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولك بالوصية،
ولولدك بالإمامة، ولمحبك بالجنة، ولشيعة ولدك بالفردوس ".
52

الباب الثالث
فيما نذكره مما يصحبه الانسان في السفر من الرفقاء والمهام والطعام وفيه
فصول
* (الفصل الأول في النهى عن الانفراد في الاسفار واستعداد الرفقاء لدفع
الاخطار) *
ذكر أحمد بن محمد البرقي في كتاب المحاسن باسناده عن أبي الحسن موسى
(ع) قال لعن رسول الله ثلاثة أحدهم راكب الفلاة
وحده
ومن كتاب المحاسن باسناده إلى السرى بن خالد عن أبي عبد الله
(ع) قال قال رسول الله (ص) الا أنبئكم بشر الناس قالوا
بلى يا رسول الله قال من سافر وحده ومنع رفده وضرب عبده
وفي كتاب الشهاب الرفيق قبل الطريق
ومن الكتاب المذكور باسناده قال قال رسول الله (ص)
الرفيق السفر
أقول انا اعلم أن الذي يريد السفر يحتاج إلى استعداد الرفقاء والخفراء على
قدر ما يكون يديه من الاخطار والاكدار وطول الاسفار وعلى قدر حاله في كثره
الحساد والأعداء وعلى قدر ما يصحبه مما يعز عليه من سائر الأشياء وقد كنت إذا

(1) المحاسن: 356 / 57.
(2) في المحاسن والفقيه: السندي، والظاهر هو الصواب راجع " معجم رجال الحديث 8: 314 ".
(3) الرفد: العطاء والصلة " الصحاح - رفد - 2: 4075 ".
(4) المحاسن: 356 / 60، الفقيه 2: 181 / 808.
(5) شهاب الاخبار: 319 / 512.
53

توجهت في الزيارات استظهر في صحبه الأجناد والعدد والرجالة بحسب تلك
الأوقات فيقول لي بعض أهل الغفلات ان التوكل على الله جل جلاله يغنى عن
الاستعداد وعن العدة والاجناد فأقول ان سيد المتوكلين سيد الأولين
والآخرين قال الله جل جلاله له خاص عباداته وأوقات صلواته وإذا كنت
فيهم فأقمت الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا
سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا
حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون
عليكم ميله واحده وقال الله جل جلاله واعدوا لهم ما استطعتم من قوه ومن
رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم
وقلت لبعض من سال عن الاستظهار في الاسفار ان يسعد على تأديه
الفرائض في أوائل الأوقات أين كان الانسان في مخافات الطرقات ويقوى على
الشيطان الذي يخوف الانسان من حوادث الأزمان
* (الفصل الثاني يستصحبه في سفره من الآلات بمقتضى الروايات وما نذكره
من الزيادات) *
روينا من كتاب المحاسن لأحمد بن محمد بن خالد البرقي باسناده عن حماد بن
عيسى عن أبي عبد الله (ع) قال في وصيه لقمان رضي الله عنه لابنه يا
بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبلك وسقائك وابرتك وخيوطك ومخرزك
ثم تزود معك الأدوية التي تنتفع بها أنت ومن معك وكن لأصحابك موافقا إلا في
معصية وزاد فيه بعضهم وقوسك
أقول وذكر صاحب عوارف المعارف حديثا أسنده ان النبي صلى

(1) في " ش ": والعدة.
(2) النساء 4: 102.
(3) الأنفال 8: 60.
(4) في المصدر زيادة: مرافقا.
(5) المحاسن: 360 / 85.
54

لله عليه وآله كان إذا سافر حمل معه خمسه أشياء المرآة والمكحلة والمدرى
والسواك والمشط وفي رواية أخرى والمقراض
أقول واعلم أن اتخاذ الآلات في الاسفار إنما هي بحسب حال ذلك السفر
وبحسب حال الانسان وبحسب الأزمان فإن سفر الصيف ما هو مثل سفر الشتاء
وسفر الضعفاء هو كسفر الأقوياء ولا سفر الفقراء كسفر الأغنياء ولكل انسان
حال في أسفاره يكون بحسب مصلحته ومساره ويساره
والمهم في حمل الآلات واتخاذ الرفقاء في الطرقات أن يكون قصد المسافر
بهذه الأسباب امتثال أوامر سلطان الحساب والعمل بمراسم الآداب وحفظ النفس
على مولاها الذي خلقها له في دنياها واخراها
أقول وإياه ان يتعلق قلبه عند الاستعداد بالعدة والاجناد مع ترك التوكل
على سلطان الدنيا والمعاد فيكون قال الله جل جلاله ويوم حنين إذ أعجبتكم
كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت وليتم
مدبرين ولا يعتمد على الآلات اعتماد فارغ القلب الخالق لها والمنعم بها
والقادر على أن يغنى كثير منها بل يكون القلب متعلقا على الله جل جلاله
ومشغولا به جل جلاله عنها ليكون كما قال جل جلاله ومن يتوكل على الله
فهو حسبه ان الله بالغ امره فيقوى الله جل جلاله قلبه ويشد إزره ويكمل
نصره
* (الفصل الثالث فيما نذكره من اعداد الطعام للأسفار وما يتصل به من الآداب
والأذكار) *
روينا بإسنادنا إلى أحمد بن محمد بن خالد البرقي من كتاب المحاسن باسناده
إلى أبي عبد الله (ع) عن آبائه (ع) عن أمير قوله المؤمنين (ع)

(1) المدرى: المشط. " القاموس المحيط - درى - 4: 327 "
(2) أخرجه المجلسي في البحار 76: 239 / 21.
(3) التوبة 9: 25.
(4) الطلاق 65: 3.
(5) ليس في المصدر.
55

قال قال رسول الله (ص) من شرف الرجل ان يطيب زاده إذا خرج
في سفره
ومن ذلك بإسنادنا من الكتاب المذكور قال قال أبو عبد الله (ع) إذا
سافرتم فاتخذوا سفره وتنوقوا فيها
أقول اتخاذ السفرة والطعام في الاسفار يختلف بحسب حال المسافرين
ومن يصحبهم وبحسب اليسار والاعسار وبحسب سفر الاختيار وسفر الاضطرار
فعسى أن يكون المراد بهذه الاخبار سفر أهل اليسار والاختيار
وقد روينا كراهية السفرة والتنوق في الطعام إلى زيارة الحسين (ع)
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره
الفقيه فقال ما هذا لفظه قال الصادق (ع) لبعض أصحابه تأتون قبر
أبي عبد الله (ص) فقال له نعم قال تتخذون لذلك سفره قال نعم قال
أما لو أتيتم قبور آبائكم وأمهاتكم تفعلوا ذلك قال قلت فأي شئ نأكل قال
الخبز واللبن
ومن الكتاب المذكور قال وفي آخر قال الصادق (ع) بلغني ان قوما
إذا زاروا الحسين حملوا معهم السفر فيها الجداء والأخبصة
وأشباهه ولو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاووس مؤلف هذا

(1) المحاسن: 360 / 81.
(2) تنوق في الامر تأنق به " الصحاح - نوق - 4: 1562 ".
(3) المحاسن: 360 / 82.
(4) في المصدر: باللبن.
(5) الفقيه 2: 184 / 828.
(6) الجداء: جمع جدي، وهو ولد المعز. " الصحاح - جدي - 6: 2299 ".
(7) الأخبصة: جمع خبيص، وهو طعام من التمر والسمن. " القاموس المحيط - خبص - 2: 300 ".
(8) الفقيه 2: 184 / 829.
56

الكتاب وحيث قد ذكرنا ما يصحب في سفره من الطعام فلنذكر ما يحضرنا ويتهيأ
ذكره من الآداب المتعلقة بالاكل بحسب ما يهدينا إليه واهب الألباب فنقول ان
الطعام يحضر بين يدي الانسان إلا بعد ان يولى الله جل جلاله بيد قدرته وحكمته
ورحمته وداعيته واختياره وارادته انشاء السماوات والأرضين والبحار والأنهار والغيوث
والغيوم والأمطار وفصول الصيف والشتاء والربيع والخريف وما فيها من المنافع
والاسرار ويستخدم في ذلك من يختص بهذه المصالح من الملائكة ومن يقوم بتدبير
الخلائق من الأنبياء والأوصياء والرعايا والولاة وأصحاب الصنائع والأكرة
والحدادين والنجارين والدواب التي يحتاج إليها لهذه الأسباب ومن يقوم بمصالح ذلك
ومهماته، من ابتدائه إلى حين طحنه وخبزه وحمله إلى بين يدي من يأكله أوقات
حاجاته، فالمنة فيه لله - جل جلاله - أعظم من المؤنة على مائدة بني إسرائيل فيجب
أن يكون العبد عارفا وذاكرا وشاكرا لهذا الانعام الجزيل الجليل، وجالسا عند اكله
بين يدي الله جل جلاله ليأكل من طبق ضيافته كما يجلس العبد بين يدي سلطان
قد عمل له طعاما واستخدم فيه نفسه وخواصه ومن يحتاج إليه من أهل دولته،
والسلطان ناظر إلى الذي يأكل، كيف شكره لنعمته وكيف حفظه لحضور السلطان
وحرمته وكيف يتأدب في جلوسه بين يديه وكيف يقصد بأكل الطعام ما يريد به
السلطان مما يقربه إليه
أقول ثم يكون العبد ذاكرا وشاكرا انه إذا اكل الطعام انه لولا ما وهبه الله
جل جلاله من الجوارح تعينه على حمله واكله ومضغه والريق الذي يأتي بقدر
حاجته من غير زيادة على اللقمة فكانت الزيادة تجرى من فمه ولا نقيصه فكانت
اللقمة تكون يابسه أو غير ناعمة
أقول وليكن ذاكرا وشاكرا انه إذا صار الطعام في معدته فإن الله

(1) في " ش ": والمضار.
(2) الأكرة: جمع اكار، وهو الفلاح. " القاموس المحيط - اكر - 1: 365 ".
(3) كذا في النسخ، ولعل الأنسب: المنة في مائدة.
(4) في " ش ": الانسان.
57

جل جلاله يطبخه بحرارة المعدة وبقدرته حتى يصير صالحا لتفريقه في الجوارح
والأعضاء فيبعث جل جلاله لكل جارحه ولكل عضو بقدر حاجته من غير زيادة
فتكون الزيادة ضررا عليه أو نقيصه فتكون سقما وضعفا وخطرا لا يقوى العبد
أقول ولو أن الله تعالى عرف العبد ما يحتاج كل عضو إليه ومكنه من قسمه
ذلك على أعضائه عجز عنه وكره الحياة لأجل المشقة التي تدخل بذلك عليه وكيف
يحل أو يليق بالتوفيق أن يكون ذاهلا وغافلا عمن كفاه هذا المهم العظيم وتولاه
جل جلاله بنفسه وهو جل جلاله أعظم من كل عظيم
أقول وينبغي أن يكون ذاكرا وشاكرا كيف استخلص من الطعام ما لا
يصلح للأعضاء والجوارح وافرده جل جلاله وساقه بيد القدرة وأخرجه في طرقه
والعبد في غفلة عن تدبير هذه المصالح
أقول ولو أن العبد أنصف من نفسه مولاه ومالك دنياه واخراه ومن أنشأه
وربه وستر عمله القبيح عن أعين الناظرين وغطاه ورأى بعين عقله كيف امساك الله
جل جلاله للسماوات والأرضين لأجل العبد الضعيف وكيف امساكه لوجوده
وحياته وعقله ونفسه وعافيته بتدبيره المقدس الشريف ما كان العبد على هذه الحال
من الاهمال وسوء الأعمال والاشتغال بما يضره أو بما لا ينفعه من جميع منافعه منه
وكيف استحسن لنفسه الاعراض عنه
أقول واعلم اننا روينا من كتاب مسائل الرجال لمولانا أبي الحسن علي بن
محمد الهادي (ع) قال محمد بن الحسن قال محمد بن هارون الجلاب قلت
له روينا عن آبائك انه يأتي على الناس زمان لا يكون شئ أعز من أخ أنيس أو
كسب درهم من حلال فقال لي يا أبا محمد ان العزيز موجود ولكنك في زمان
ليس شئ أعسر من درهم حلال وأخ في الله عز وجل

(1) في " ش ": يطحنه.
(2) في " ش ": وأورده.
(3) في " ش ": أو أخ.
(4) البحار 103: 10 / 43.
58

قلت انا وإذا كان الحلال عسرا ومتعذرا في الزمان وهو قريب
العهد بابتداء الاسلام والايمان فكيف يكون حال الحلال والطعام مع اختلاف أمور
الحلال والحرام وانني لما رأيت الامر قد بلغ إلى هذه الغايات رأيت أن الاستظهار
باخراج الخمس والحقوق الواجبات مما اختص به من سائر المهمات أقرب إلى
النجاة والسلامة في الحياة وبعد الممات
ثم انني أقول المأكولات اللهم إني أسألك بالرحمة التي سبقت غضبك
وبالرحمة التي أنشأتني بها ولم أك شيئا مذكورا وبالرحمة التي نقلتني بها من ظهور الاباء
وبطون الأمهات من لدن آدم إلى هذه الغايات وقمت لهم بالكسوات والأقوات
والمهمات وبالرحمة التي وقيتني وسلفي مما جرى على الأمم الهالكة من النكبات
والآفات وبالرحمة دللتني بها عليك وبالرحمة التي شرفتني بها بالخدمة تقربني
إليك وبالرحمة التي حلمت بها عنى عند جرأتي عليك وسوء أدبي بين يديك
وبالمراحم والمكارم التي أحاط بها علمك ان تصلى على محمد وآل محمد وعلى كل من
يعز عليك وان تنظر طعامنا هذا بعين الرحمة والحلم والكرم والجود وتطهره من
الأدناس والأرجاس وحقوق الناس والحرامات والشبهات وتوصل في هذه الساعة إلى
كل ذي حق حقه من الاحياء والأموات حتى تجعله طاهرا مطهرا شفاء لأدياننا ودواء
لأبداننا وطهارة لسرائرنا وظواهرنا ونورا لعقولنا ونورا لأرواحنا وباعثا لنا على
طاعتك ومقويا لنا على عبادتك واجعلنا ممن أغنيته بعلمك عن المقال وبكرمك
عن السؤال
* (الفصل الرابع فيما نذكره من آداب المأكول والمشروب بالمنقول) *
ذكر الشيخ السعيد على الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب الآداب
الدينية في الفصل الثامن قال
قال الحسن بن علي (ع) في المائدة اثنتا عشره خصله يجب على كل
مسلم يعرفها أربع منها فرض وأربع منها سنه وأربع تأديب
فاما الفرض فالمعرفة والرضا والتسمية والشكر

(1) في " ش " و " ط ": أو متعذرا.
59

وأما السنة فالوضوء قبل الطعام والجلوس على الجانب الأيسر والاكل
بثلاث أصابع ولعق الأصابع
وأما التأديب فالاكل مما يليك وتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر
في وجوه الناس
قال الطبرسي رحمه الله وان من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في
سعة وعوفي من بلوى في جسده قال وإذا كان على المائدة ألوان مختلفه فسم الله تعالى
عند كل لون منها فإن نسيت فقل بسم على أوله وآخره
قال ولا تتك في حال الاكل وتقطع اللحم بالسكين لأنه من فعل
الأعاجم وانهش نهشا فإنه أهنأ وأمرأ ولا تستعن بالخبز ولا تستخدمه فإنه
فعل ذلك وقع عليه الفقر وسلط عليه الجذام وما وقع تحت مائدتك فإنه ينفى
عنك الفقر وهو مهر الحور العين ومن اكله حشي قلبه علما وحكما وايمانا ونورا وان
كنت في الصحراء فدعه
قال ولا تأكل على الشبع فإنه مكروه وربما بلغ حد الحظر
قال ولا تتول الأكل والشرب باليسار إلا عند الضرورة
قال وعليك بالخلال فإن الصادق (ع) قال نزل جبرئيل
(ع) بالسواك والحجامة والخلال
قال وتخلل بالقصب ولا بالأس ولا بالرمان
وقال الطبرسي رضي الله عنه وتقول عند تناول الطعام الحمد لله الذي يطعم
ولا يطعم ويجير ولا يجار ويستغنى ويفتقر إليه اللهم لك الحمد على ما رزقتنا
من طعام وادام في يسر منك وعافية بغير كد منى ولا مشقة بسم الله خير الأسماء

(1) الآداب الدينية: 20.
(2) في المصدر: فإنه.
(3) في المصدر: وانهشه.
(4) ما بين القوسين ليس في " د ".
(5) في " ش " زيادة: الله.
(6) الآداب الدينية: 20.
60

بسم الله رب الأرض والسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الأرض ولا
في السماء وهو السميع العليم اللهم اسعدني في مطعمي هذا بخيره وأعذني من
شره وأمتعني بنفعه وسلمني من ضره
قال الطبرسي وابدا أول الطعام بالملح واختم بالخل
وقال وكان النبي (ص) إذا اكل طعاما قال اللهم بارك لنا
فيه وارزقنا خيرا منه
قال وكان إذا اكل اللبن أو شرب قال اللهم بارك لنا فيه وارزقنا منه
وقال الطبرسي وتقول عند الفراغ من الطعام الحمد لله الذي أطعمني
فأشبعني وسقاني فأرواني وصانني وحماني الحمد لله الذي عرفني البركة واليمن فيما
أصبته وتركته منه اللهم اجعله هنيئا مريئا وبيئا ولا دويا وأبقني بعده سويا قائما
بشكرك محافظا طاعتك وارزقني رزقا دارا وعيشا قارا واجعلني بارا
واجعل ما يتلقاني في المعاد منهجا سارا برحمتك يا ارحم الراحمين
وقال الطبرسي في آداب شرب الماء وإذا شربت الماء فأجتنب موضع
العروة فإنها مقعد الشياطين ولا تشرب بنفس واحد بل ينبغي أن يكون بثلاثة
أنفاس
قال وتقول عند شرب الماء الحمد لله منزل الماء من السماء مصرف الامر
كيف يشاء بسم الله خير الأسماء
قال وتقول عند الفراغ من الشرب الحمد لله الذي سقاني عذبا فراتا ولم

(1) ليس في " د " و " ش ".
(2) في " ط " زيادة ومشربي.
(3) الآداب الدينية 21، مكارم الأخلاق: 144.
(4) الآداب الدينية 22.
(5) الآداب الدينية 23.
(6) ليس في " د ".
(7) ليس في " د " و " ط ".
(8) الآداب الدينية 21، مكارم الأخلاق: 144.
(9) في " ش ": الشيطان.
61

يجعله ملحا أجاجا (1) فله الشكر على انعامه وجوده وامتنانه الحمد لله الذي سقاني
فأرواني وأعطاني فأرضاني وعافاني وكفاني اللهم اجعلني ممن تسقيه في المعاد من
حوض محمد (ص) وتسعده بمرافقته برحمتك يا ارحم الراحمين
وقال في آداب الأكل والشرب ويكره الأكل والشرب ماشيا وليس
بمحظور
قال ويستحب ان يبدأ صاحب الطعام بالاكل وأن يكون آخر من يرفع
يده
قال وإذا أرادوا غسل الأيدي بدا بمن هو عن يمينه ينتهى إلى آخرهم
قال ويستحب جمع غسالة الأيدي في اناء واحد
قال وكان النبي (ص) إذا اكل التمر طرح النوى على ظهر كفه
ثم يقذف به
وقال وكان عبد الله بن عباس رضي الله عنه إذا اكل رمانة يشركه فيها
أحد ويقول في كل رمانة حبه من حب الجنة
قال ويستحب اكل الرمان يوم الجمعة
قال وفي آداب الضيافة ان رجلا دعا أمير المؤمنين (ع) فقال له قد
أجبتك على أن تضمن لي ثلاث خصال قال وما هي يا أمير المؤمنين قال
لا تدخل على شيئا من خارج ولا تدخر عنى شيئا في البيت ولا تجحف بالعيال
قال ذلك لك فاجابه على

(1) في المصدر زيادة: بذنوبي.
(2) ورد في " د " تحتها ما نصه: وقيل يعم والأول أظهر.
(3) الآداب الدينية: 22.
(4) ليس في " د " و " ش ".
(5) ليس في " د " و " ش ".
(6) الآداب الدينية: 23.
62

الباب الرابع
فيما نذكره من الآداب في لبس المداس أو النعل أو السيف والعدة عند
الاسفار وفيه فصول
اعلم اننا نذكر لكل شئ من هذه الآلات ما نختاره من الآداب في
الروايات
* (الفصل الأول فيما نذكره مما يختص بالنعل والخف) *
فمن ذلك ما رواه الطبرسي في كتاب الآداب الدينية فقال وإذا أردت
لبس الخف أو النعل فألبسهما جالسا وابدا باليمين وقل بسم الله اللهم صل على
محمد وآل محمد ووطئ قدمي في الدنيا والآخرة وثبتهما الصراط يوم تزل فيه
الاقدام
وإذا أردت خلع النعل أو الخف فابدأ باليسار وقل بسم الله الحمد لله الذي
رزقني ما اوقى به قدمي من الأذى اللهم ثبتهما صراطك ولا تزلهما عن صراطك
السوى
قال ويستحب لبس النعل البيضاء والصفراء ويكره لبس النعل السوداء
وروى في ذلك عده روايات
* (الفصل الثاني في صحبه السيف في السفر وما يتعلق به من العوذة الدافعة
للخطر) *
اعلم أن القرآن الشريف يتضمن واعدوا لهم استطعتم من قوه ومن
رباط الخيل ترهبون به عدو وعدوكم والأحاديث كثيره في صحبه النبي صلى
الله عليه وآله السيف وحمله له (ص) وأما لبس السيف فان العادة
أنه يكون نصله عن اليسار بحيث إذا احتاج الانسان إلى سله يأخذه باليمين من غير
التفات ولا مشقة عند الضرورات وقد يكون الانسان قوته باليد اليسار فيحتاج ان

(1) الآداب الدينية: 5.
(2) الأنفال 8: 60.
63

يلبسه على يمينه ليكون أمكن له عند سله فهذا يتعلق بمصلحة حامله في الاسفار في
دفع الاخطار
واما العوذة التي تشد على السيف فنذكر بعض ما رأيناه من العوذ والدعوات
فإنها كثيره في الروايات فمن عوذه روى أنها وجدت في قائم سيف مولانا علي بن
أبي طالب (ص) وكانت في قائم سيف رسول (ص)
وهي
بسم الله الرحمن الرحيم يا الله يا الله يا الله أسألك يا ملك الملوك الأول
القديم الأبدي الذي لا يزول ولا يحول أنت الله العظيم الكافي كل شئ المحيط بكل
شئ اللهم اكفني باسمك الأعظم الاجل الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم
يولد ولم يكن كفوا أحد حجبت عنى شرورهم وشرور الأعداء كلهم وسيوفهم
وبأسهم والله من ورائهم محيط اللهم أحجب عنى شر من أرادني بسوء بحجابك
الذي احتجبت به فلم ينظر أحد من شر فسقه الجن والإنس ومن شر سلاحهم
ومن الحديد ومن كل ما يتخوف ويحذر ومن شر كل شده وبلية ومن شر ما أنت به
اعلم وعليه أقدر انك على كل شئ قدير وصلى الله على محمد نبيه وآله وسلم تسليما
* (الفصل الثالث فيما نذكره من القوس والنشاب ومن ابتداه وما يقصد بحمله
من رضى سلطان الحساب) *
وجدت في كتاب الرمي بالنشاب وهو كتاب عتيق لم يذكر اسم مصنفه
فذكر انه أول ما ابتدأ بالرمي على عهد سليمان بن داود (ع) فقال إنه سال
ربه ان يرزقه من الحيلة ما يقتل به عدوه من الجن والإنس من غير أن يروه ويخالطوه
فألهمه الله صنعة القوس والنشاب
قال مصنف كتاب الرمي فلم تزل الملوك من بعده يرمون بنشابه واحده
حتى كان على عهد كيخسرو بن سياوش ملك الأقاليم وموحدا عظيم الهيبة
سديد الرأي في نكاية العدو له قائد يقال له بسطام بن كردم صاحب ثغر ناحية

(1) في " ش ": يقربوه.
(2) في " ش ": كيكاوس.
64

أرمينية وأذربيجان وكان مسلحته يومئذ وخزائن سلاحه مدينه همدان وكان لبسطام إذ
ذاك أب يقال له كردم من قدماء فرسانهم وأهل العلم والخير والتجارب بالحرب
منهم وكان له أربعة عشر ولدا مع بسطام فلما رأى غلبه الملوك على البلاد
أو اضرارهم بولده وأصحابه ومسالحه طلب الحيلة الظفر بالملوك
أقول ثم شرح كيف استخرج الرمي في دفعه واحده بقوس واحد بنشاب
جماعه عن يمين وشمال وذكر ما أنعم به الملك كيخسرو على بسطام الانعام
وكيف علم الجند ذلك الرمي وأزال الملوك عن البلاد
وقد ذكر محمد بن صالح مولى جعفر بن سليمان في كتاب نسب الخيل في
حديث عن ابن عباس ما هذا لفظه قال فلما شب إسماعيل أعطاه الله القوس فرمى
عنها وكان لا يرمى شيئا إلا اصابه
وقال الحميري في الجزء الأول من الدلائل ان أول من اتخذ القسي
والنشاب الملك منوشهر ورواه عن النبي (ص)
قلت وانا اعلم أنه ينبغي اتخاذ هذا القوس والنشاب للامر الذي اراده
سليمان بن داود (ع) ليدفع به العدو بحسب رضى رب الأرباب فإنه إذا فعل
الرامي ذلك بالله ولله وفي الله كان على منهاج صاحب النبوة (ص) في
يوم بدر لما رماهم بالحصى بقوة مالك الأسباب فذلت صعاب الرقاب فقال الله
جل جلاله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وقد ذكر علي بن إبراهيم بن هاشم في
كتاب المبعث وغزوات النبي ننقله من نسخه عتيقه مما وقفناه
من كتب خزانتنا تاريخها سنه أربعمائة فقال ما هذا لفظه ثم اخذ رسول الله صلى
الله عليه وآله كفا من حصى فرمى به في وجوه قريش وقال شاهت الوجوه
فبعث الله ريحا فضربت وجوه قريش وكانت الهزيمة عليهم

(1) مسالح: جمع مسلحة، وهم قوم ذوو سلاح، يكونون في الثغور والراقب. " الصحاح - سلح - 1: 376 ".
(2) في " ش ": بها.
(3) الأنفال 8: 17.
(4) ذكر نحوه في تفسير القمي 1: 287.
65

أقول فاجعل هذا مثالا لرميك بالنشاب ليكون الله جل جلاله هو الرامي
في المعنى إذا كان به جل جلاله ولاجله جل جلاله وتظفر بنجاح الطلاب
أقول وقد روينا في الرمي إذا كان بالله وفي الله جل جلاله حديثا ينبغي
ذكره ونشره ففيه كرامة وقدوة ومعجزة لملوك ذوي الألباب رويناه من كتاب
دلائل الإمامة تأليف أبي محمد بن رستم بن جرير الطبري الامامي من اخبار
معجزات مولانا محمد بن علي الباقر (ع) ذكر باسناده عن الصادق (ع)
قال حج هشام بن الملك بن مروان سنه من السنين وكان قد حج في تلك السنة
محمد بن علي الباقر وابنه جعفر بن محمد (ع) فقال جعفر بن محمد
(ع) الحمد لله الذي بعث محمدا بالحق نبيا وأكرمنا به فنحن صفوه الله
وخلفاؤه على خلقه وخيرته من عباده فالسعيد من اتبعنا والشقي من عادانا
وخالفنا
ثم قال فأخبر مسلمة أخاه بما سمع فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق
وانصرفنا إلى المدينة فانفذ بريدا عامل المدينة باشخاص أبي واشخاصي
فأشخصنا وردنا مدينه دمشق حجبنا ثلاثا ثم اذن لنا في اليوم الرابع فدخلنا
وإذا قد قعد على سرير الملك وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطان متسلحان
وقد نصب البرجاس حذاءه وأشياخ قومه يرمون
فلما دخلنا وأبي امامي وانا خلفه فنادى أبي يا محمد ارم مع أشياخ قومك
الغرض فقال له انى قد كبرت عن الرمي فإن رأيت أن تعفيني فقال وحق من
أعزنا بدينه ونبيه محمد (ص) لا أعفيك ثم أوما إلى شيخ من بني أمية ان اعطه
قوسك فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ ثم تناول منه سهما فوضعه في كبد القوس

(1) في " ش ": ولله.
(2) في " ش ": وقدرة.
(3) في " ش " ثلاثة أيام.
(4) البرجاس: غرض في الهواء يرمى بالسهام. " الصحاح - برجس - 3: 908 ".
66

ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه ثم رمى فيه الثانية فشق فواق سهمه
إلى نصله ثم تابع الرمي شق تسعه أسهم بعضها في جوف بعض وهشام يضطرب
في مجلسه فلم يتمالك ان قال أجدت يا أبا جعفر وأنت ارمى العرب والعجم كلا
زعمت أنك كبرت عن الرمي
ثم أدركته ندامة على ما قال وكان هشام لم يكن أحدا قبل أبي ولا بعده في
خلافته فهم به وأطرق إلى الأرض اطراقه يتروى فيه وانا وأبي واقف حذاءه مواجه
له فلما طال وقوفنا غضب أبي فهم به وكان أبي وعلى آبائه السلام إذا غضب
نظر إلى السماء نظر غضبان يتبين الناظر الغضب في وجهه فلما نظر هشام إلى ذلك
من أبي قال له إلى يا محمد فصعد أبي إلى السرير وانا اتبعه فلما دنا من هشام قام
إليه واعتنقه واقعده عن يمينه ثم اعتنقني واقعدني عن يمين أبي ثم اقبل على أبي بوجهه
فقال له محمد لا تزال العرب والعجم يسودها قريش ما دام فيهم مثلك لله درك
من علمك هذا الرمي وكم تعلمته فقال أبي قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه
فتعاطيته أيام حداثتي ثم تركته فلما أراد أمير المؤمنين منى ذلك عدت فيه فقال له ما
رأيت مثل هذا الرمي قط مذ عقلت وما ظننت ان في الأرض أحدا يرمى مثل هذا
الرمي ا يرمى مثل رميك فقال انا نحن نتوارث الكمال والتمام اللذين أنزلهما الله
على نبيه (ص) في قوله اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا والأرض لا تخلو ممن يكمل هذه الأمور التي
يقصر غيرنا عنها
قال فلما سمع ذلك من أبي انقلبت عينه اليمنى فاحولت واحمر وجهه وكان
ذلك علامه غضبه إذا غضب ثم أطرق هنيئة رفع رأسه فقال لأبي السنا
بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد
فقال أبي نحن كذلك ولكن الله جل ثناؤه اختصنا من مكنون سره

(1) في " ش ": فأثبته فيه فنصبه.
(2) الفوق: موضع الوتر من السهم. " الصحاح - فوق - 4: 1546 ".
(3) المائدة 5: 3.
67

وخالص علمه بما لم يخص به أحدا غيرنا
فقال أليس الله جل ثناؤه بعث محمدا (ص) من شجره
عبد مناف إلى الناس كافه أبيضها وأسودها وأحمرها من أين ورثتم ما ليس لغيركم
ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة وذلك قول الله تبارك وتعالى ولله ميراث
السماوات والأرض إلى آخر الآية فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا
أنتم أنبياء
فقال من قوله تبارك وتعالى لنبيه لا تحرك به لسانك
لتعجل به الذي لم يحرك لسانه لغيرنا امره الله ان يخصنا به من دون غيرنا
فلذلك كان ناجى أخاه عليا من دون أصحابه فأنزل بذلك قرآنا في قوله وتعيها
اذن واعية فقال رسول الله لأصحابه سالت الله يجعلها اذنك يا علي فلذلك قال
علي بن أبي طالب (ص) بالكوفة علمني رسول الله (ص) الف
باب من العلم ففتح كل باب الف باب خصه رسول الله (ص) من
مكنون سره بما يخص أمير المؤمنين أكرم الخلق عليه كما خص الله نبيه (ع)
أخاه عليا من مكنون سره وعلمه بما لم يخص به أحدا من قومه حتى صار إلينا فتوارثناه
من دون أهلنا
فقال هشام بن عبد الملك ان عليا كان يدعى علم الغيب والله لم يطلع على
غيبه أحدا فمن أين ادعى ذلك
فقال أبي ان جل ذكره انزل على نبيه (ص) كتابا بين فيه
ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في قوله ونزلنا الكتاب تبيانا لكل شئ
وهدى ورحمه وبشرى للمسلمين وفي قوله وكل شئ أحصيناه في امام مبين

(1) آل عمران 3: 180.
(2) القيامة 75: 16.
(3) الحاقة 69: 12.
(4) في " ش ": مما خص
(5) النحل 16: 89.
(6) يس 36: 12.
68

وفي قوله ما فرطنا في الكتاب من شئ وفي قوله وما من غائبه في السماء
والأرض في كتاب مبين
وأوحى الله إلى نبيه (ص) لا يبقى في غيبه وسره ومكنون علمه
شيئا إلا يناجى عليا فأمره ان يؤلف القرآن من بعده ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه
من دون قومه وقال لأصحابه حرام على أصحابي وأهلي ان ينظروا إلى عورتي غير
أخي علي فإنه منى وانا منه له ما لي وعليه ما على وقاضي ديني ومنجز وعدي
ثم قال لأصحابه علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على
تنزيله
ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي (ع)
ولذلك قال رسول (ص) أقضاكم على أي هو قاضيكم
وقال عمر الخطاب لولا على هلك عمر يشهد له عمر ويجحده غيره
فأطرق هشام طويلا ثم رفع رأسه فقال سل حاجتك فقال خلفت عيالي
وأهلي مستوحشين لخروجي فقال قد آنس الله وحشتهم برجوعك إليهم ولا تقم
سر من يومك فاعتنقه أبي ودعا له وفعلت انا كفعل أبي ثم نهض ونهضت معه
وخرجنا إلى بابه إذا ميدان ببابه وفي آخر الميدان أناس قعود عدد كثير قال
أبي من هؤلاء فقال الحجاب هؤلاء القسيسون والرهبان وعالم لهم يقعد إليهم
في كل سنه يوما واحدا يستفتونه فيفتيهم فلف أبي عند ذلك رأسه بفاضل ردائه
وفعلت مثل فعل أبي فاقبل نحوهم حتى قعد نحوهم وقعدت وراء أبي ورفع ذلك
الخبر إلى هشام فامر بعض غلمانه ان يحضر الموضع فينظر ما يصنع أبي فاقبل واقبل
عداد المسلمين فأحاطوا بنا واقبل عالم النصارى قد شد حاجبيه بحريره صفراء
حتى توسطنا فقام إليه جميع القسيسين والرهبان مسلمين عليه فجاء إلى صدر المجلس

(1) الانعام 6: 38.
(2) النمل 27: 75.
(3) في المصدر: وودعه.
(4) في " ش ": بيضاء.
69

فقعد فيه وأحاط به أصحابه وأبي وانا بينهم فأدار نظره ثم قال لأبي أمنا أم من هذه
الأمة المرحومة فقال أبي بل من هذه الأمة المرحومة فقال من أين أنت من
علمائها أم من جهالها فقال له أبي لست جهالها فاضطرب اضطرابا شديدا ثم
قال له أسألك فقال له أبي سل
فقال من أين ادعيتم ان أهل الجنة يطعمون ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون
وما الدليل فيما تدعونه من شاهد لا يجهل فقال له أبي دليل ما ندعى من شاهد
لا يجهل الجنين في بطن أمه يطعم ولا يحدث
قال فاضطرب النصراني اضطرابا شديدا ثم قال كلا زعمت أنك لست
من علمائها فقال له أبي ولا من جهالها وأصحاب هشام يسمعون ذلك.
فقال لأبي أسألك عن مسالة أخرى فقال له أبي سل فقال من أين
ادعيتم ان فاكهة الجنة ابدا غضه طريه موجوده غير معدومة عند جميع أهل الجنة وما
الدليل تدعونه من شاهد لا يجهل؟ فقال له أبي دليل ما ندعى ان ترابنا ابدا يكون
غضا طريا موجودا غير معدوم عند جميع أهل الدنيا لا ينقطع
فاضطرب اضطرابا شديدا ثم قال كلا زعمت أنك لست من علمائها
فقال له أبي ولا من جهالها
فقال له أسألك عن مسألة فقال له سل فقال اخبرني عن ساعة لا من
ساعات الليل ومن ساعات النهار فقال له أبي هي الساعة التي بين طلوع الفجر
إلى طلوع الشمس يهدا فيها المبتلى ويرقد الساهر ويفيق المغمى عليه جعلها
الله في رغبه للراغبين وفي الآخرة للعاملين لها ودليلا واضحا وحجابا بالغا على
الجاحدين المنكرين التاركين لها.
قال فصاح النصراني صيحة ثم قال بقيت مسألة واحده والله لأسالنك

(1) فجميع النسخ: الجنة، وما أثبتناه من البحار.
(2) في " ش ": يهدى فيها الضال المسافر.
(3) في " ش ": بها.
(4) في " ش ": بأعلى صوته.
70

عن مسألة لا تهتدى إلى الجواب عنها ابدا قال أبي سل فإنك حانث في يمينك
فقال اخبرني عن مولودين ولدا يوم واحد وماتا في يوم واحد عمر أحدهما خمسون
ومائة سنة والاخر خمسون سنة في دار الدنيا فقال له أبي ذلك عزير وعزيره ولدا في
يوم واحد بلغا مبلغ الرجال خمسه وعشرين عاما مر عزير على حماره راكبا على قرية
بأنطاكية وهي خاويه على عروشها فقال إني يحيى هذه الله بعد موتها وقد كان الله
اصطفاه وهداه فلما قال ذلك القول غضب الله عليه فأماته مائه عام سخطا عليه بما
قال ثم بعثه على حماره بعينه وطعامه وشرابه فعاد إلى داره وعزيره اخوه لا يعرفه
فاستضافه فأضافه وبعث إلى ولد عزيره وولد ولده وقد شاخوا وعزير شاب في سن
خمس وعشرين سنه فلم يزل عزير يذكر أخاه وولده وقد شاخوا وهم يذكرون ما
يذكرهم ويقولون ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنون والشهور ويقول له عزيره
وهو شيخ كبير ابن مائه وخمس وعشرين سنه ما رأيت شابا في سن خمس وعشرين سنه
اعلم بما كان بيني وبين أخي عزير أيام شبابي منك فمن أهل السماء أم من أهل
الأرض فقال عزير لأخيه عزيره انا عزير سخط الله على بقول قلته بعد ان اصطفاني
وهداني فأماتني مائه سنه ثم بعثني لتزدادوا بذلك يقينا ان الله على كل شئ قدير
وها هو هذا حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من عندكم اعاده الله تعالى لي
كما كان فعندها أيقنوا فأعاشه الله بينهم خمسا وعشرين سنه ثم قبضه الله وأخاه في يوم
واحد
فنهض عالم النصارى عند ذلك قائما وقام النصارى على أرجلهم فقال لهم
عالمهم جئتموني بأعلم منى وأقعدتموه معكم حتى هتكني وفضحني واعلم المسلمين
ان لهم من أحاط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا لا والله لا كلمتكم من رأسي كلمه ولا
قعدت لكم ان عشت سنه
فتفرقوا وأبي قاعد مكانه وانا معه ورفع ذلك في الخبر إلى هشام بن عبد الملك
فلما تفرق نهض أبي وانصرف إلى المنزل الذي كنا فيه فوافانا رسول هشام
بالجائزة وأمرنا ان ننصرف إلى المدينة من ساعتنا ولا نحتبس لأن الناس ماجوا

(1) في " ش " زيادة: في أمرنا.
71

وخاضوا فيما دار بين أبي وبين عالم النصارى
فركبنا دوابنا منصرفين وقد سبقنا بريد من عند هشام عامل مدين على
طريقنا إلى المدينة ان ابني أبي تراب الساحرين محمد بن علي وجعفر بن الكذابين
بل هو الكذاب لعنه الله فيما يظهران من الاسلام وردا على فلما صرفتهما إلى المدينة
مالا القسيسين والرهبان من كفار النصارى واظهرا لهما دينهما ومرقا من الاسلام
إلى الكفر دين النصارى وتقربا إليهم بالنصرانية فكرهت ان انكل بهما لقرابتهما فإذا
قرأت كتابي هذا فناد في الناس برئت الذمة ممن يشاريهما أو يبايعهما أو يصافحهما أو
يسلم عليهما فإنهما قد ارتدا عن الاسلام ورأي أمير المؤمنين ان تقتلهما ودوابهما وغلمانهما
ومن معهما شر قتله
قال فورد البريد إلى مدينه مدين فلما شارفنا مدينه مدين قدم أبي غلمانه
ليرتادوا لنا منزلا ويشتروا لدوابنا علفا ولنا طعاما فلما قرب غلماننا من باب المدينة
اغلقوا الباب في وجوهنا وشتمونا وذكروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله
عليه وقالوا لا نزول لكم عندنا ولا شراء ولا بيع يا كفار يا مشركين مرتدين يا
كذابين يا شر الخلائق أجمعين
فوقف غلماننا على الباب حتى انتهينا إليهم فكلمهم أبي ولين القول
وقال لهم اتقوا الله ولا تغلطون فلسنا كما بلغكم ولا نحن كما تقولون فاسمعونا فقال
لهم فهبنا كما يقولون افتحوا لنا الباب وشارونا وبايعونا كما تشارون وتبايعون اليهود
والنصارى والمجوس فقالوا أنتم شر من اليهود والنصارى والمجوس لأن هؤلاء يؤدون
الجزية وأنتم تؤدون فقال لهم أبي فافتحوا لنا الباب وانزلونا وخذوا منا الجزية كما
تأخذون منهم فقالوا لا نفتح ولا كرامه لكم حتى تموتوا على ظهور دوابكم جياعا
نياعا أو تموت دوابكم تحتكم فوعظهم أبي فازدادوا عتوا ونشوزا
قال فثنى أبي رجله عن سرجه ثم قال مكانك يا جعفر لا تبرح ثم صعد
الجبل المطل مدينه مدين وأهل مدين ينظرون إليه ما يصنع صار في أعلاه

(1) مدين: بلدة تجاة تبوك بين المدينة والشام. " معجم البلدان 5: 77 ".
(2) النياع: جمع نائع وهو العطشان. " الصحاح - نوع - 3: 1294 ".
72

استقبل بوجهه المدينة وحده ثم وضع إصبعيه في اذنيه نادى بأعلى صوته والى مدين
أخاهم شعيبا قوله تعالى بقيه الله خير لكم ان كنتم مؤمنين نحن والله بقيه
الله في ارضه فامر الله ريحا سوداء مظلمة فهبت واحتملت صوت أبي فطرحته في
اسماع الرجال والنساء والصبيان فما بقي أحد من الرجال والنساء والصبيان إلا صعد
السطوح وأبي مشرف عليهم
وصعد فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير السن فنظر أبي على الجبل
فنادى بأعلى صوته اتقوا الله يا مدين فإنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه
شعيب (ع) حين دعا على قومه فإن أنتم لم تفتحوا له الباب وتنزلوه جاءكم
من الله العذاب فاتى عليكم وقد اعذر من أنذر ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا
وكتب بجميع ذلك إلى هشام فارتحلنا في اليوم الثاني فكتب هشام إلى
عامل مدينه مدين يأمره بان يأخذ الشيخ فيطمره رحمة الله عليه وصلواته وكتب إلى
عامل مدينه الرسول ان يحتال في سم أبي في طعام أو شراب فمضى هشام ولم يتهيأ له في
أبي من ذلك شئ
يقول بن موسى بن طاووس فهذا ما أردنا ذكره من التنبه على أن الرمي
بالله جل جلاله ولله جل جلاله يتولاه جل جلاله

(1) هود 11: 84 - 86.
(2) في " ش " زيادة: العامل.
(3) طمره: دفنه أو غيبه. " لسان العرب - طمر - 4: 502 ".
(4) دلائل الإمامة: 104 باختلاف في ألفاظه. وأخرجه المجلسي في البحار 46: 306 / 1.
73

الباب الخامس
فيما نذكره من استعداد العوذ للفارس والراكب عند الاسفار وللدواب
للحماية من الاخطار وفيه فصول
* (الفصل الأول في العوذة المروية مولانا محمد بن علي الجواد (صلوات الله
عليه) وهي العوذة الحامية ضرب السيف ومن كل خوف) *
ذكرها جماعه من أصحابنا ونحن نرويها وننقلها من كتاب منيه الداعي
وغنية الواعي تأليف الشيخ السعيد علي بن محمد بن علي بن الحسين بن عبد الصمد
التميمي رضي الله عنه فقال حدثنا الفقيه أبو جعفر محمد بن الحسن رحمه الله
عم والدي قال حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس الدوريستي قال
حدثنا والدي عن الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه
وأخبرني جدي قال والدي الفقيه أبو الحسن رحمه الله قال حدثنا
جماعه أصحابنا رحمهم الله منهم السيد العالم أبو البركات والشيخ أبو القاسم علي بن
محمد المعاذي وأبو بكر محمد بن علي المعمري وأبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله
المدائني قالوا كلهم الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين القمي قدس الله
روحه قال حدثني أبي قال حدثني بن إبراهيم بن هاشم عن جده قال حدثني
أبو نصر الهمداني قال حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر عمه أبي
محمد الحسن بن علي قالت
لما مات محمد بن علي الرضا (ع) آتيت زوجته أم عيسى بنت المأمون
فعزيتها ووجدتها شديده الحزن والجزع عليه وكادت ان تقتل نفسها بالبكاء والعويل
فخفت عليها ان تنصدع مرارتها فبينما نحن في حديثه وكرمه ووصف خلقه وما أعطاه
الله تعالى من الشرف والاخلاص ومنحه من العز والكرامة إذ قالت أم عيسى الا
أخبرك عنه بشئ عجيب وأمر جليل فوق الوصف والمقدار قلت وما ذاك

(1) في " ش ": أمر مخيف.
74

قالت كنت أغار عليه كثيرا وأراقبه ابدا وربما اسمعني الكلام فأشكو ذلك إلى أبي
فيقول يا بنت احتمليه فإنه بضعه رسول الله (ص) فبينما انا جالسه
ذات يوم إذ دخلت على جاريه فسلمت فقلت من أنت فقالت جاريه من ولد
عمار بن ياسر وانا زوجه أبي جعفر محمد بن علي الرضا (ع) زوجك فدخلني
من الغيرة لم أقدر على احتمال ذلك وهممت ان اخرج وأسيح في البلاد وكاد
الشيطان ان يحملني على الإساءة إليها فكظمت غيظي وأحسنت رفدها وكسوتها
فلما خرجت من عندي نهضت ودخلت على أبي وأخبرته الخبر وكان سكرانا لا يعقل
فقال يا غلام على بالسيف فاتى فركب وقال والله لأقتلنه فلما رأيت ذلك
قلت انا لله وانا إليه راجعون ما صنعت بنفسي وبزوجي وجعلت ألطم حر وجهي
فدخل عليه والدي وما زال يضربه بالسيف قطعه ثم خرج من عنده
وخرجت هاربه من خلفه فلم ارقد ليلتي فلما ارتفع النهار آتيت أبي فقلت أتدري ما
صنعت البارحة قال وما صنعت قلت قتلت ابن الرضا فبرق عينيه
وغشى عليه ثم افاق بعد حين وقال ويلك ما تقولين قلت نعم والله يا أبت
دخلت عليه وتزل تضربه بالسيف حتى قتلته فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا
وقال على بياسر الخادم فجاء ياسر فنظر المأمون وقال ويلك ما هذا الذي
تقول هذه ابنتي قال صدقت يا أمير المؤمنين فضرب بيده على خده وصدره وقال انا
لله وانا إليه راجعون هلكنا والله وعطبنا وافتضحنا إلى آخر الأبد ويلك يا ياسر
فانظر ما الخبر والقصة عنه (ع) وعجل علي بالخبر فإن نفسي تكاد ان تخرج
الساعة
فخرج ياسر وانا الطم حر وجهي فما كان بأسرع من أن رجع ياسر فقال
البشرى يا أمير المؤمنين قال لك البشرى فما عندك قال ياسر دخلت عليه فإذا هو
جالس وعليه قميص ودواج وهو يستاك فسلمت عليه وقلت ابن رسول الله

(1) ليس في " د " و " ش "، وفي " ط ": عليها، وما أثبتناه لاستقامة المعنى.
(2) في " ش ": يا ويلك.
(3) الدواج: للحاف الذي يلبس. " القاموس المحيط - دوج - 1: 189 ".
75

أحب ان تهب لي قميصك هذا اصلى فيه وأتبرك به وإنما أردت ان انظر إليه والى
جسده هل به جراحه واثر السيف قال لا بل أكسوك خيرا من هذا فقلت
ابن رسول الله لا أريد غير هذا فخلعه وانا انظر إليه والى جسده هل به اثر السيف
فوالله كأنه العاج الذي مسته صفره وما به اثر
قال فبكى المأمون بكاء طويلا وقال ما بقي مع هذا شئ ان هذا لعبرة
للأولين والآخرين وقال يا ياسر أما ركوبي إليه واخذي السيف ودخولي عليه فانى
ذاكر له ولخروجي عنه ولست أذكر شيئا غيره ولا أذكر أيضا انصرافي إلى مجلسي
فكيف امرى وذهابي إليه لعن الله هذه الابنة لعنا وبيلا تقدم إليها وقل لها
يقول لك أبوك والله لئن جئتني بعد هذا اليوم شكوت أو خرجت بغير اذنه لانتقمن
له منك ثم سر إلى ابن الرضا (ع) وأبلغه عنى السلام واحمل عليه عشرين ألف دينار
وقدم إليه الشهري ركبته البارحة ثم مر بعد ذلك الهاشميين ان
يدخلوا بالسلام ويسلموا عليه
قال ياسر فأمرت لهم بذلك ودخلت انا أيضا معهم عليه وسلمت وأبلغت
التسليم ووضعت المال بين يديه وعرضت الشهري فنظر إليه ساعة ثم تبسم فقال
يا ياسر هكذا كان العهد بيننا وبين أبي وبينه حتى يهجم على بالسيف اما علم أن
لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه فقلت يا سيدي يا ابن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) ما كان يعقل شيئا من امره وما علم أين هو من ارض الله وقد نذر لله نذرا
صادقا وحلف ان لا يسكر بعد ذلك ابدا فان ذلك من حبائل الشيطان فإذا أنت يا
ابن رسول الله أتيته فلا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما منه فقال (ع)
هكذا كان عزمي ورأيي والله
ثم دعا بثيابه ولبس ونهض وقام معه الناس أجمعون حتى دخل على المأمون

(1) الشهرية: ضرب من البراذين، وهو بين البرذون المقرف من الخيل " لسان العرب - شهر -
4: 433 ".
(2) في " ش ": ثم من بعد ذلك أمر الهاشميين.
(3) في " ش ": إلي.
(4) في " ط " زيادة: دع عنك هذا العتاب فوالله.
76

فلما رآه قام إليه وضمه إلى صدره ورحب به ولم يأذن لاحد في الدخول عليه ولم يزل
يحدثه ويسامره فلما انقضى ذلك قال أبو جعفر محمد بن الرضا عليهما السلام يا
أمير المؤمنين قال لبيك وسعديك قال لك عندي نصيحة فاقبلها قال المأمون
بالحمد والشكر قال فما ذاك يا ابن رسول الله قال أحب لك ان لا تخرج بالليل
فانى لا آمن عليك هذا الخلق المنكوس وعندي عقد تحصن به نفسك وتحترز به من
الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات كما أنقذني الله منك البارحة ولو لقيت
به جيوش الروم والترك واجتمع عليك وعلى غلبتك أهل الأرض جميعا ما تهيا لهم منك
شر بإذن الله الجبار وان أحببت بعثت إليك ولتحترز به من جميع ما ذكرت لك
قال نعم فاكتب ذلك بخطك وابعثه إلى قال نعم يا أمير
فلما أصبح أبو جعفر (ع) بعث إلى فدعاني فلما صرت إليه وجلست
بين يديه دعا برق ظبي من ارض تهامة ثم كتب بخطه هذا العقد ثم قال يا ياسر
احمل هذا إلى أمير المؤمنين وقل له حتى يصاغ له قصبه من فضه منقوش عليها ما أذكر
بعد
فإذا أراد شده على عضده فليشده على عضده الأيمن وليتوضأ وضوء حسنا
سابغا وليصل أربع ركعات يقرا في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسبع مرات آية
الكرسي وسبع مرات شهد الله وسبع مرات والشمس وضحاها وسبع مرات
والليل إذا يغشى وسبع مرات قل هو الله أحد ثم يشد على عضده الأيمن عند
الشدائد والنوائب يسلم بحول الله وقوته من كل شئ يخافه ويحذره وينبغي ان
لا يكون طلوع القمر في برج العقرب ولو أنه حارب أهل الروم وملكهم لغلبهم ببركة
هذا الحرز
وروى أنه لما سمع المأمون من أبي (ع) في أمر هذا الحرز هذه
الصفات كلها غزا أهل الروم فنصره الله تعالى عليهم ومنح من المغنم ما شاء الله
عز وجل ولم يفارق هذا العقد عند كل غزوه ومحاربه وكان ينصره الله عز وجل
بفضله ويرزقه الفتح بمشيئته ولى ذلك بحوله وقوته الحرز
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك
77

يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت
عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين (1) ألم تر ان الله سخر لكم ما في
الأرض والفلك تجرى في البحر بأمره ويمسك السماء ان تقع على الأرض إلا
باذنه ان الله بالناس لرؤف رحيم اللهم أنت الواحد الملك الديان يوم الدين تفعل
ما تشاء بلا مغالبة وتعطى من تشاء بلا من، تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد وتداول
الأيام بين الناس وتركبهم طبقا عن طبق أسألك باسمك المكتوب على سرادق المجد
وأسألك باسمك المكتوب على سرادق السرائر السابق الفائق الحسن النضير رب
الملائكة الثمانية والعرش الذي لا يتحرك وأسألك بالعين التي لا تنام وبالحياة التي
لا تموت وبنور وجهك الذي لا يطفأ وبالاسم الأكبر الأكبر الأكبر وبالاسم
الأعظم الأعظم الأعظم الذي هو محيط بملكوت السماوات والأرض وبالاسم الذي
أشرقت به الشمس وأضاء به القمر وسجرت به البحار ونصبت به الجبال
وبالاسم الذي قام به العرش والكرسي وباسمك المكتوب على سرادق العرش
وباسمك المكتوب على سرادق العظمة وباسمك المكتوب على سرادق البهاء
وباسمك المكتوب على سرادق القدرة وباسمك العزيز وبأسمائك المقدسات
المكرمات المخزونات في علم الغيب عندك وأسألك من خيرك خيرا مما أرجو وأعوذ
بعزتك وقدرتك من شر ما أخاف واحذر وما لا احذر
يا صاحب محمد يوم حنين ويا صاحب على يوم صفين أنت يا رب مبير
الجبارين وقاصم المتكبرين أسألك بحق طه ويس والقرآن العظيم والفرقان
الحكيم ان تصلى على محمد وآل محمد وان تشد عضد صاحب هذا العقد وأدرى بك

(1) سورة الفاتح.
(2) الحج 22: 65.
(3) في " ش ": الفالق.
(4) في " ش " و " ط " زيادة الجميل.
(5) ف‍ " د ": القبور.
(6) في " ش " زيادة: وما لا أخاف.
(7) في " ش ": الجبابرة.
78

في نحر كل جبار عنيد وكل شيطان مريد وعدو شديد وعدو منكر الأخلاق واجعله
ممن أسلم إليك نفسه وفوض إليك امره وألجأ إليك ظهره
اللهم بحق الأسماء التي ذكرتها وقرأتها وأنت اعرف بحقها منى وأسألك
يا ذا المن العظيم والجود الكريم ولى الدعوات المستجابات والكلمات التامات
والأسماء النافذات وأسألك يا نور النهار ويا نور الليل ونور السماء ونور
النور ونورا يضئ كل نور يا عالم الخفيات كلها في البر والبحر والأرض والسماء
والجبال وأسألك يا من لا يفنى ولا يبيد ولا يزول ولا شئ موصوف ولا إليه حد
منسوب ولا معه اله ولا اله سواه ولا له في ملكه شريك ولا تضاف العزة إلا إليه
ولم يزل بالعلوم عالما وعلى العلوم واقفا وللأمور ناظما وبالكينونة عالما وللتدبير محكما
وبالخلق بصيرا وبالأمور خبيرا
أنت الذي خشعت لك الأصوات وضلت فيك الأحلام وضاقت دونك
الأسباب وملا كل نورك ووجل كل شئ منك وهرب كل شئ إليك
وتوكل كل شئ عليك
وأنت الرفيع في جلالك والبهى في جمالك وأنت العظيم في قدرتك
وأنت والذي لا يدركك شئ وأنت العلى الكبير
مجيب الدعوات قاضى الحاجات مفرج الكربات ولى النعمات يا من هو
في علوه دان ودنوه عال وفي اشراقه منير وفي سلطانه قوى وفي ملكه عزيز صل
على محمد وآل محمد واحرس صاحب هذا العقد وهذا الحرز وهذا الكتاب بعينك التي
لا تنام واكنفه بركنك الذي لا يرام وارحمه بقدرتك فإنه مرزوقك
بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله لا صاحبه له ولا ولد بسم الله قوى
الشأن عظيم البرهان شديد السلطان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
اشهد نوحا رسول الله وان إبراهيم خليل الله وان موسى كليم الله ونجيه
وان عيسى بن مريم صلوات عليه وعليهم أجمعين كلمته وروحه وأن محمدا صلى
الله عليه وآله خاتم النبيين لا نبي بعده
وأسألك بحق الساعة التي يؤتى فيها بإبليس اللعين يوم القيامة ويقول اللعين
79

في تلك الساعة والله ما انا إلا مهيج مرده نور السماوات والأرض وهو القاهر
وهو الغالب له القدرة السابغة وهو الحليم الخبير
اللهم وأسألك بحق الأسماء كلها وصفاتها وصورها وهي
سبحان الذي خلق العرش والكرسي واستوى عليه أسألك ان تصرف عن
صاحب كتابي هذا كل سوء ومحذور فهو عبدك ابن عبدك وابن أمتك وعبدك
وأنت مولاه فقه الأسواء كلها واقمع عنه ابصار الظالمين والسنة المعاندين
والمريدين به السوء والضر وادفع عنه كل محذور ومخوف وأي عبد من عبيدك أو أمه
من امائك أو سلطان مارد أو شيطان أو شيطانه أو جنى أو جنيه غول أو غوله
أراد صاحب كتابي هذا بظلم أو ضر مكر أو كيد أو خديعة أو نكاية أو سعاية أو
فساد غرق أو اصطلام أو عطب أو مغالبة أو غدر أو قهر أو هتك ستر أو اقتدار أو آفة
أو عاهة أو قتل أو حرق أو انتقام أو قطع أو سحر أو مسخ أو مرض أو سقم برص أو
بؤس أو فاقه أو سغب أو عطش أو وسوسه نقص في دين أو معيشة فاكفه بما شئت

(1) ي " ش ": الحكيم.
(2) في " د ": ناكبة.
80

وكيف شئت وانى شئت انك على كل شئ قدير وصلى الله على محمد وآله
الطاهرين أجمعين وسلم تسليما كثيرا ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم والحمد لله
رب العالمين
فاما ما ينقش على هذه القصبة الفضة من فضه غير مغشوشة يا مشهورا في
السماوات يا مشهورا في الأرضين يا مشهورا في الدنيا والآخرة جهدت الجبابرة
الملوك على إطفاء نورك واخماد ذكرك فأبى إلا أن يتم نورك ويبوح بذكرك
ولو كره المشركون
أقول وجدت في الجزء الثالث من كتاب الواحدة ان المراد بقوله يا
مشهورا في السماوات إلى آخره هو مولانا علي بن أبي طالب (ع) ومعنى
فأبى الله إلا أن يتم نورك يعنى نورك أيها الاسم الأعظم المكتوب في الحرز
ورأيت في نسخه خلاف كلمه وهي وأبيت ان تتم نورك والرواية الأولى
أعني فأبى الله أليق بكون على (ص) هو المراد بالدعاء إلى آخره والمراد بما
قلت ظاهر لكل أحد
* (الفصل الثاني في العوذة المجربة في دفع الاخطار ويصلح أن تكون مع الانسان
في الاسفار) *
هذه العوذة ذكرناها باسنادها في كتاب السعادات بطريقين كما وجدناها
في الروايات ونذكر الان إحدى الروايتين لأنها ابسط وأحوط في دفع المحذورات أحمد بن سعيد بن عقده
قال أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي قال حدثني الحسن بن إسحاق بن
الحسن العلوي كان عبد ربه بن علقمة لا يغلق باب داره
صيفا ولا شتاء وكان يصيح الصائح في القبيلة اللصوص فيخرج إليهم ازار قد
اتشح به فيلطم وجوههم ويأخذ منهم ما سرقوه فسئل عن ذلك فقال حدثني
موسى ويحيى وإدريس وسليمان بنو عبد الله بن الحسن بن الحسن عن آبائهم عن
أمير المؤمنين علي (ع) قال

(1) تأليف محمد بن الحسن بن جمهور العملي البصري، راجع معالم العلماء: 103 رقم 689.
(2) في " ش " زيادة: ولو كره المشركون.
81

أسلم رجل من اليهود فاتى النبي (ص) برق ومكتوب
بالذهب هذه الأسماء وقال هذه من ذخائر موسى وهارون (ع) لا يخاف
صاحبها من سلطان ولا سبع ولا سيف قال فدفعها النبي (ص) إلى علي (ع)
وقال علمها الحسن والحسين (ع) قال ففعلت ذلك فولد
إدريس إلى الان يكتبونها في رق ظبي ويجعلونها تحت أسنة الرماح فلا ترد لهم رأيه
ولا يلقون أحدا من أعدائهم إلا هزموهم وهي
قال أبو العباس بن عقده ان القرامطة لما نزلوا الكوفة كتبت هذه الأسماء في
عده رقاع وبعثت بها إلى أصدقائي فجعلوها في دورهم فكانت القرامطة يجيئون إلى
الدار الكبيرة فيها ما يرغب فيه وفيه هذه الأسماء فكأنها مستوره عنهم فيجوزونها
إلى غيرها من الدور الصغار مما لم تدخلها الأسماء فيأخذون خلقان أهلها
وخبزهم
فإذا أردت كتبتها فاكتبها في رق ظبي بمسك وزعفران وماء ورد فيكون
عضدك أو شله معك
* (الفصل الثالث فيما نذكره من العوذ التي تكون في العمامة لتمام السلامة) *
ذكرنا هذه العوذة في كتاب المنتقى من العوذ والرقى وهي ما تجعل في مقدم
العمامة يروى جبرئيل (ع) نزل بها إلى النبي (ص) وقال
اتركها في سنان رمح علي (ع) فلم ترد له رأيه ذلك وهي

(1) في " ش ": يأتون.
(2) شال الشئ: حمله " الصحاح - شول - 5: 1741 "، وفي " د ": شستله.
82

ويكتب معها وعنت الوجوه للحى القيوم وقد خاب حمل ظلما
وذكر في بعض الروايات ان تفسير هذه الكلمات يا من هو يا من ليس هو إلا
هو يا حي يا قيوم حيا لا يموت يا حي لا اله إلا أنت يا لا اله أنت صل على
محمد وآل محمد وكن لفلان فلان درعا حصينا وحصنا منيعا يا رب العالمين
رقعه أخرى للعمامة وهي اقبل ولا تخف انك الآمنين لا تخف
نجوت من القوم الظالمين لا تخافا انني معكما اسمع وارى لا تخاف دركا
ولا تخشى الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف فسيكفيكهم
وهو السميع العليم الله خير حافظا وهو ارحم الراحمين ادخلوا عليهم
الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون والله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين
* (الفصل الرابع نذكره من اتخاذ عوذه للفارس والفرس وللدواب بحسب
ما وجدناه داخلا في هذا الباب) *
وجدنا العوذة للفارس والفرس في كتاب مشتمل على احراز جليله
ومهمات جميله دافعه للأخطار وتصلح للأسفار وهي بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ
وأعيذ دابه فلان فلان المعروف بكذا وكذا وسائر دوابه من الخيل دهمها

(1) طه 20: 111.
(2) في " ش " زيادة: رقعة أخرى تكتب وتجعل تحت العمامة لمن أراد الدخول على السلطان: بسم الله الرحمن
الرحيم، يامن وضع نير المذلة على رقاب الملوك فهم من سطوته خائفون، يامن تفرد بالعز والعظمة فجميع خلقه
من خيفته وجلون، يامن يحيي العظام الدارسات وهي رميم يوم يبعثون، يامن أعز أولياءه بطاعته فهم من الفزع
الأكبر يومئذ آمنون، ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون، وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين.
(3) القصص 28: 31.
(4) القصص 28: 25.
(5) طه 20: 46.
(6) طه 20: 77.
(7) قريش 106: 4.
(8) البقرة 2: 137.
(9) يوسف 12: 64.
(10) المائدة 5: 23.
(11) في " د " زيادة. أوله دعاء العلوي للمصري. علما انه ليس في الفصل ما يدل لي هذه العبارة.
83

وشقرها وكميتها واغرها ومحجلها وحصنها وحجورها من المشش والرهش
والرعش والدعص والرهصة والرضة وخفقان الفؤاد ورعده الصفاق
والدخس وبلع الريش وبلع الخيس والحران والخذلان ووجع الجوف
والربو في الريش ومن الطرفة والصدمة والعثار والحمرة في الآماق
والحمر والنهر وسائر الاعلال في البهائم دفعت عيون السوء عنها في سائر
جسومها ولحمها ودمها ومخها وعظمها وجلدها وجوفها وعرقها وعصبها وشعرها

(1) الكميت: من ألوان الخيل، حمرة شديدة قانئة " الافصاح 2: 677 ".
(2) الحصن: جمع حصان، وهو الذكر من الخيل. " الافصاح 2: 665 ".
(3) الحجور: جمع حجر، وهي الأنثر من الخيل. " الافصاح 2: 665 ".
(4) المشش: مرض يصيب الدابة في يدها، يبرز كأنه عظم وليس بالعظم " الصحاح - مشش - 3: 102 ".
(5) الرهش: اصطكاك يدي الدابة في سيرها. " لسان العرب - رهش - 6:: 307 ".
(6) الرعش: هز الرأس في السير. " لسان العرب - رعش - 6: 4 / 3 ".
(7) الدعص: الطعن. " لسان العرب - دعص - 7: 36 ".
(8) الرهصة: ان يصيب الحجر الحافر فيؤذيه. " لسان العرب 7: 43 ".
(9) في " د ": البرصة.
(10) الصفاق: جلد البطن. " لسان العرب - صفق - 10: 203 ".
(11) الدخس: ورم في اطار حافر الدابة. " لسان العرب - دخس - 6: 77 ".
(12) الخيس: القصب. " القاموس المحيط - خيس - 2: 213 ".
(13) الحران: وقوف الدابة وامتناعها من السير. " القاموس المحيط - حرن - 4: 213 ".
(14) كذا في " د " وفي " ش ": والربق في الرسن. والمراد ان الرسن يلتوي بالدابة في يدها أو عنقها فلا تستطيع
ان تتخلص منه، وربما اندقت منه عنقها فماتت. انظر " القاموس المحيط - ربق - 3: 234 ". ويحتمل أن يكون
(والربو في النفس) والربو: الداء المعروف الذي يضيق منه النفس. انظر " القاموس المحيط - ربو -
4: 3312 ".
(15) الطرفة: نقطة حمراء من الدم تحدث في العين من ضربة وغيرها. " القاموس المحيط - طرف - 3: 167 ".
(16) الآماق: جمع موق وهو مجرى الدمع من العين مقدمها أو مؤخرها. " القاموس المحيط - ماق - 3: 282 ".
(17) الحمر: هو ان يلتوي ولد الدابة في بطنها فلا يخرج حتى تموت. " القاموس المحيط - حمر - 2: 14 ".
ويحتمل: الجهر. كما في " ش " وهو عدم الابصار في الشمس. " القاموس المحيط - جهر - 1: 395 ".
(18) النهر: ان لا يرقا الدم، أو ان تستطلق البطن فلا تمسك. " القاموس المحيط - نهر - 2: 150 ". وفي " ش "
(19) في " ش " زيادة: وبشرها.
84

ووبرها وظاهرها وباطنها بالإحاطة الكبرى وبأسماء الحسنى وبكلماته
العظمى من الامتناع من الأكل والشرب والتغصص والالتواء والضربان
والخفقان ومن جرح بالحديد ووخز بالشوك وحرق بالنار أو بخلب ومن وقع
نصال السهام وأسنة الرماح ومن الغوامر واللواذع واللوادغ والواسع ومن ضربة
موهنة ودفعة محطمة وسقطة موجعة وعثرة معرجة ووقعة مؤلمة أعيذه وراكبه بما
استعاذ جبرئيل وعوذ به النبي (ص) البراق وبما عوذ فرسه
السحاب وبما عوذ به علي (ع) فرسه لزاز وعوذ به شمعون الصفار فرسه
الطماح وبما عوذ به الكليم فرسه الذي عبر في اثره البحر عوذت هذه الدابة
وصاحبها وموضعها ومرعاها وسائر ما له من الكراع والراتع من الهامة والسامة
والعين اللامة من سائر السباع والهوام ومن كل أذية وبلية ومن الشهور والدهور
والردة والغرق والحرق والوباء ومدارك الشقاء بالعقد العظيمة والأسماء الأولية
العلية من كل عين عيانه بسوء ومن شر العيانين ومن أعين الجن والإنس
أجمعين
بسم الله رب العالمين بسم الله عالم السر واخفى بسم الله الاعلى وبأسماء الله
الكبرى سرادق علم الله وفي حجب ملكوت الله الذي يحيى الأموات وبها
رفعت السماوات وبأسماء الله أضاءت بها الشمس وارتفع بها العرش من سائر
ما ذكرت وما لم أذكر وما علمت وما لم اعلم ورفعت عنها سائر العيون الناظرة
والعادية والخواطر الخاطرة والصدور الواغرة بلا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم وهو
حسبي ونعم الوكيل

(1) ما بين القوسين ليس في " ش ".
(2) الضربان: تحرك الجرح وألمه. " الصحاح - ضرب - 1: 168 ".
(3) الخلب: الظفر عامة " لسان العرب - خلب - 1: 363 ".
(4) الغوامر: غمر الرجل فرسه، سقاه بالقدح لقلة الماء. " القاموس المحيط - غمر - 2: 104 ".
(5) الهامة: جمعها هوام، وهو التعب. " القاموس المحيط - وني - 4: 402 ".
(7) العين العيانة: التي تصيب عند نظرها إلى شئ مستحسن.
(8) العيانون: الذين يصيبون بالعين
85

عوذه أخرى من الكتاب المذكور للدواب الصادقين (ع) بسم
الله الرحمن الرحيم أعيذ من علق كتابي هذا من الخيل والدواب كميتها وشقرها
وبلقها ودهمها واغرها وأحواها وسميدعها وزرزورها واعسانها
ومحجلها وأصفرها وما اختلف ألوانها أعوذ وامنع وازجر واعقد واحبس من
علق عليه كتابي هذا من جميع الخيل والبهائم والحيوان من الكلام والصدام ومضغ
اللجام ومرض الأسنان والارسان والعثرة والنظرة والشبكرة والحصاة
والبغدلية ووجع الكبد والرئة والطحال والانتشار والعثار والكبوة والقردة
والعزيزي والحكة والجرب والجلد والقصر والجمرة والهدة الظهر

(1) البلق: جمع أبلق، وهو من الخيل ما كان لونه سوادا وبياضا، أو ارتفع تحجيله إلى الفخذين. " القاموس
المحيط - بلق - 3: 214 ".
(2) الدهم: جمع أدهم، وهو من الخيل ما كان لونه اسود. (القاموس المحيط - دهم - 4: 115 ".
(3) الأغر: من الخيل، ما كان في جبهته بياض. " القاموس المحيط - غرر - 2: 101 ".
(4) الأحوى: ما كان لونه الحوة، وهي سواد إلى الخضرة، أو حمرة إلى السواد. " القاموس المحيط - حوو -
4: 321 ".
(5) السميدع: الرجل الشجاع والخفيف في حوائجه، وهي هنا استعارة في الخيل. " القاموس المحيط - سميدع -
3: 40 ".
(6) الاعسان: جمع عسين، وهو السريع السمن، الذي يكفيه اليسير من المرتع والعلف حتى تحسن حاله
" الافصاح 2: 733 ".
(7) الفرس المحجل: الذي في يديه أو رجليه بياض. " الافصاح 2: 680 ".
(8) الكلام: جمع كلم، وهو الجرح.: القاموس المحيط - كلم - 4: 172 ".
(9) الارسان: جمع رسن، وهو الحبل الذي تقاد به الدابة. " القاموس المحيط - رسن - 4: 227 ".
(10) الشبكرة: عدم الرؤية في الليل. " القاموس المحيط - شبكر - 2: 55 ".
(11) كذا في " ش " و " د "، ولم نجد لها معنى مناسبا.
(12) الانتشار: انتفاخ في العصب من التعب " الافصاح 2: 684 ".
(13) القرد: تمعط الشعر. " القاموس المحيط - قرد - 1: 326 ".
(14) العزيزي: طرف ورك الفرس. " القاموس المحيط
عزز - 2: 182 ".
(15) المجلد: الفرس البليد الذي لا يجزع من ضرب السوط. " الافصاح 2: 693 ".
(16) القصر: يبس في العنق: " الافصاح 2: 704 ".
(17) جمر الفرس: وثب في قيوده. " القاموس المحيط - جمر - 1: 393 ".
(18) الهد: الكسر. " القاموس المحيط - هدد - 1: 347 ".
86

والزوائد والنفاخ والعلاق والذباب والزنابير والارتعاش والارتهاش والظلمة
والمغل والورم والجدري والطبوع ومن الجمح والرمح ومن الفالج والقولنج
والخداج وقيام العين والدمعة عند الجري ومن التعسر والتبخيل ومن معط
شعر الناصية والامتناع ومن العلف ومن البرص وبلع الريش
والذرب ومن قصر الارساغ ومن النكبة والنملة والامتناع من الآنية
والعلف والسرج واللجام حصنت جميع علق عليه كتابي هذا بالله العلي العظيم من
كل سبع وضبع وأسد واسود ومن شر كل ذي شر ومن شر السراق والطراق إلا طارقا
يطرق بخير قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم
معرضون بل الله الواحد القهار تحصنت بذى العزة والجبروت وتوكلت على الحي
الذي لا يموت نور النور ومقدر النور نور الأنوار مقلب القلوب والابصار الله الملك
القهار فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم وهو بكل شئ محيط
عوذه أخرى للدابه وصاحبها روى أنها مجربه تكتب وتعلق على الدابة اللهم
احفظ على ما لو حفظه غيرك لضاع واستر على ما ستره غيرك لشاع واحمل عنى ما لو
حمله غيرك لكاع واجعل على ظلا ظليلا اتوقى به كل من رامنى بسوء أو نصب
لي مكرا أو هيا لي مكروها حتيعود وغير ظافر بي ولا قادر على اللهم احفظني بما

(1) العلاق: لعله يعني تعلق العلقة بفهم الدابة والعلقة بفهم الدابة، والعلقة: رودة تكون في المياه تعلق بأفواه شاربها تمص الدم.
(2) المغل: ان تأكل الدابة التراب مع الحشيش فتشتكي بطنها. " الصحاح - مغل - 5: 1819 ".
(3) الطبع: الكسل. " الصحاح - طبع - 3: 1253 ".
(4) رمح الفرس: ضرب برجله. " الصحاح - رمح - 1: 367 ".
(5) الخداج: نقص الخلقة. " الصحاح - خدج - 1: 309 ".
(6) التبخيل: لعلها من البخل، وهو ان لا يبدي الفرس ما عنده من السير.
(7) الذرب: فساد المعدة. " الصحاح - ذرب - 1: 127 ".
(8) النكب: داء في مناكب الدابة تظلع منه وتمشي منحرفة " الصحاح - نكب - 1: 228 ".
(9) النملة: عيب في الخيل، وهو شق في الحافر. " الصحاح - نمل - 5: 1836 ".
(10) الأنبياء 21: 42.
(11) كاع: عجز. " الصحاح - كيع - 3: 1278 ".
(12) في " ش " زيادة: سوء.
87

حفظت به كتابك المنزل على قلب نبيك المرسل انك قلت وقولك الحق انا
نحن نزلنا الذكر وله لحافظون
عوذه أخرى للدابه إذا حرونا تكتب وتعلق عليها وتقرا في اذنها
بسم الرحمن الرحيم ا ولم يروا انا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها
مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ويأكلون
* (الفصل الخامس فيما نذكره من دعاء دعا به قائله على فرس قد مات فعاش) *
رأيت في كتاب المستغيثين باسناده ان انسانا ماتت فرسه
أقسمت عليك أيتها العلة النازلة واللزبة الملمة بعزه عزه وبجلال جلال الله
وبقدره قدره الله وبسلطان سلطان وبلا اله إلا الله وبما جرى به القلم من
عند الله وبلا حول ولا قوه إلا بالله إلا اندفعت وانصرفت عنى وعن فرسة ودابتي
فوثب الفرس سالما

(1) الحجر: 15: 9.
(2) يس 36: 71 - 72.
(3) في " ش " زيادة: بحول الله وقوته، والحمد لله رب العالمين.
88

الباب السادس
فيما نذكره مما يحمله صحبته الكتب التي تعين على العبادة وزياده
السعادة وفصول
* (الفصل الأول في حمل المصحف الشريف وبعض ما يروى في دفع الامر المخوف) *
روينا كتاب السعادات عن الصادق عليه أفضل الصلوات في سوره
المائدة قال من كتبها وجعلها في ربعه صندوق امن من أن يؤخذ قماشه ومتاعه وان
يسرق شئ ولو كان قماشه وماله على قارعه الطريق حرس بحول الله وقوته
ولطفه وقدرته وإذا شربها الجائع العطشان شبع وروى ولم يضره عدم الخبز والماء
بقدره عز وجل
ومن ذلك في رواية أخرى عن الصادق في سوره المائدة من
كتبها وجعلها في قماشه امن من السرقة والتلف ولم يعدم شيئا وعوفى من الأوجاع
والأورام
ومن ذلك في سوره مريم (ع) الصادق (ع) من كتبها
وجعلها في منزله كثر خيره ورزقه
ومن ذلك في سوره الزخرف عن الصادق (ع) من كتبها وحملها امن
من شر كل ملك وكان محبوبا عند الناس أجمعين وماؤها ينفع شاربه انفصام
البطن ويسهل المخرج
ومن ذلك سوره الجاثية عن الصادق (ع) من كتبها وحملها امن في نومه
وفي يقظته كل محذور وإذا جعلها الانسان تحت رأسه كفى شر كل طارق من الجان
ومن ذلك سوره محمد (ص) عن الصادق (ع) من
كتبها وحملها في وقت محاربه أو قتال فيه خوف امن ذلك وفتح عليه باب كل خير
ومن شرب ماءها سكن الرعب والزحير وقرائتها عند ركوب البحر منجاه من

(1) انفصام البطن: الامساك. انظر " الصحاح - فصم - 5: 2002 ".
(2) في " ش ": نجاة.
89

الغرق
ومن ذلك في سوره عبس عن الصادق من كتبها في رق
بياض وجعلها معه حيث ما توجه لم ير في طريقه إلا خيرا وكفى غائله طريقه تلك
بإذن تعالى
أقول فإذا كان من فضائل هذه السور المعظمات ما تضمنته الرواية من
الأمان والسعادات فإن حمل المصحف الكريم جامع لفوائد حملها وشرف فضلها
* (الفصل الثاني إذا كان سفره مقدار نهار ويحمل معه من الكتب للاستظهار) *
ينبغي ان يحمل معه لنهاره أسفاره كتاب الاسرار المودعة في ساعات
الليل والنهار فإن فيه ما يحتاج إليه لدفع الاخطار
* (الفصل الثالث نذكره إن كان سفره يوما وليله ونحو هذا المقدار وما يصحبه
للعبادة والحفظ والاستظهار) *
يصحب معه كتابنا عمل اليوم والليلة المسمى كتاب فلاح السائل ونجاح
المسائل وهو مجلدان الأول منهما من حيث تزول الشمس إلى ينام بالليل والثاني من
حيث يستيقظ لصلاة الليل أو لغير الصلاة بالليل إلى أن تزول الشمس ففيهما
العبادات والدعوات ما هي كالعوذ الواقية المحذورات
* (الفصل الرابع فيما نذكره ان سفره مقدار أسبوع أو نحو هذا التقدير وما يحتاج
ان يصحب معه للمعونه على دفع المحاذير) *
ينبغي يصحب معه كتابنا الذي صنفناه وسميناه زهره الربيع ادعيه
الأسابيع فإن فيه من الدعوات ما هي كالعدة الدافعة للمحذورات ويصحب معه
كتابنا المسمى جمال الأسبوع في كمال العمل المشروع فإن فيه من المهمات
والصلوات والعبادات هو أمان في الحضر وأوقات الاسفار المخوفات
* (الفصل الخامس فيما نذكره إن كان سفره مقدار شهر على التقريب) *
فيصحب معه كتابنا الذي سميناه الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل في
الشهر يوم على التكرار فإنه قد اشتمل على مائه وعشرين فصلا مما يحتاج الانسان

(1) في " ش " زيادة: معرفة.
90

إليه في حضوره واسفاره لدفع اكدار الوقت واخطاره وفيه ضمان عن الصادق
(صلوات الله عليه)
لسلامه من عمل به واعتمد عليه
* (الفصل السادس فيما نذكره لمن سفره مقدار سنه أو شهور وما يصحب معه
لزيادة العبادة والسرور ودفع المحذور) *
ينبغي ان يصحب معه كتبنا عمل السنة منها كتاب عمل شهر رمضان
واسمه المضمار وكتاب التمام لمهام شهر الصيام والاقبال بالاعمال
الحسنة فيما يعمل مره في السنة وهما مجلدان الأول من شهر شوال والى آخر ذي الحجة
والثاني من شهر محرم والى آخر شهر شعبان فإنهما تضمنا من مهمات الانسان ما هو
كالفتح لأبواب الأمان والاحسان ودفع محذورات الأزمان
* (الفصل السابع يصحبه أيضا في أسفاره من الكتب لزيادة مساره ودفع
اخطاره) *
وينبغي ان يصحب معه كتابنا المسمى المنتقى العوذ والرقى فإن فيه
ما يمكن ان يحتاج الانسان عند الأمراض والحوادث التي لا يامن المسافر هجومها
عليه
أقول وربما ألحقنا في آخر هذا الكتاب كتاب زكريا الذي سماه برء
ساعة وسماه الكناش فهو نحو خمس قوائم وذكرنا قبله أو بعده بعض المهمات
للامراض الحادثات والتداوي بالأمور الإلهيات شاء الله تعالى
أقول ولما احتاج الانسان في أسفاره إلى كتاب مروح لاسراره مثل كتاب
الفرج بعد الشدة وكتاب المنامات الصادقات وكتاب البشارات بقضاء الحاجات
على يد الأئمة (ع) بعد الممات ويصحب معه الاهليلجه وهو
كتاب مناظره مولانا الصادق (ع) للهندي في معرفه الله جل جلاله بطرق
غريبه عجيبه ضرورية حتى أقر الهندي بالإلهية والوحدانية ويصحب معه
المفضل بن عمر الذي رواه عن الصادق (ع) معرفه وجوه الحكمة في انشاء
العالم السفلى واظهار اسراره فإنه عجيب في معناه ويصحب معه كتاب مصباح

(1) قوائم: جمع قائمة، ويعن المؤلف بها الورقة.
91

الشريعة ومفتاح الحقيقة عن الصادق (ع) فإنه لطيف شريف في
التعريف بالتسليك إلى الله جلاله والاقبال عليه والظفر بالاسرار التي اشتملت
عليه فإن هذه الثلاثة كتب تكون مقدار مجلد واحد وكثيره الفوائد وان تعذرت
هذه الكتب عليه فليصحب معه أهل العلوم الربانية من يسر بمحادثته في الأمور
الدينية والدنيوية
* (الفصل الثامن فيما نذكره صلاه المسافرين وما يقتضى الاهتمام بها عند
العارفين) *
نذكر ذلك على الجملة دون التفصيل لأن شرح قد ذكرناه في كتاب
عمل اليوم والليلة المسمى فلاح السائل ونجاح المسائل
فنقول ان الذي يسافر طاعة الله جل جلاله والعمل بمقدس ارادته قد
خفف جل جلاله من الصلاة لعلمه جل جلاله بضعف الانسان وقصور
همته فيصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وصلاة المغرب ثلاث ركعات كما كان
يصليها في الحضر وعشاء الآخرة ركعتين والصبح ركعتين
وأما صفه يصليه منها ركعتين فكما كان يصليها للركعتين الأوليين الحضر
ويزيد عليهما انه يسلم في التشهد الأول ويأتي من تعقيب كل صلاه منها بما يتهيأ له
وقد ذكر في كتاب فلاح السائل المهم من تعقيب الصلوات
وأما النوافل فيسقط عنه منها نوافل الزوال ونوافل العصر ولعل ذلك لأنه
وقت المسير والسلوك في الطرقات ويصلى نوافل المغرب وما شاء من النوافل المروية
بين لعشائين وبعدهما ونافله الليل على عادته الحضر ويهتم بخلاص نفسه من كل
خطر
أقول وإياه يأتي بفرائضه في الاسفار على عجله تقتضي ترك الاستظهار
فإن الانسان إذا فعل ذلك كان كرجل عليه لسلطان أربعة وعشرون دينارا فرحمه
فخفف عنه عشرين وقنع منه بأربعة دنانير فكيف يحسن في العقل والنقل ومكافاه
التخفيف يأتي بأربعة دنانير ناقصه العيار وقيمتها دون المقدار وإنما قلنا ذلك لأن
نوافل الزوال ثمان ركعات والظهر في الحضر أربع ركعات ونوافل العصر ثمان
92

ركعات والعصر أربع ركعات فهذه أربع وعشرون ركعه فقنع الله جل جلاله منها
بأربع ركعات الظهر ركعتان والعصر ركعتان فكيف يأتي بها على النقصان
أقول وإياه ان يشتبه الامر عليه في القصد باسفاره فيسافر بالطبع والطمع
والشهوات والأمور الدنيوية فيعتقد هذا طاعة الله جل جلاله ويقصر في صلاته
وهو بهذه النية وإياه أن يكون في جمله قصده بسفره الذي ظاهره طاعة مولاه وهو عازم
ان يعصى الله جل جلاله في شئ آخر بالسفر لفوائد دنياه فتصير الطاعة معصية
واضاعه ولا يصح التقصير في صلاته فلا يغالط نفسه فإن الله جل جلاله مطلع
على ارادته
* (الفصل التاسع فيما نذكره مما يحتاج المسافر من معرفه القبلة للصلوات
نذكر منها ما يختص باهل العراق فإننا الان ساكنون بهذه الجهات) *
فنقول كان الانسان يريد معرفه القبلة لصلاة الصبح فيجعل مطلع الفجر
في الزمان المعتدل عن يساره فتكون القبلة بين يديه وكان يريد القبلة لصلاة
الظهر أو صلاه غيرها فإذا عرف الأفق طلعت منه الشمس فيجعله عن يساره
ويستقبل وسط السماء فإذا رأى عين الشمس على طرف حاجبه الأيمن من جانب انفه
الأيمن فقد دخل وقت الصلاة لفريضة الظهر وان أراد معرفه القبلة لصلاة العشاء
فيجعل غروب الشمس يمينه في الزمان المعتدل ويصلى فإنه يكون متوجها
القبلة وإن كان قد بان له الكوكب المسمى بالجدى فيجعله وراء ظهره من جانبه
الأيمن ويكون مستقبل القبلة وكذا متى أراد معرفه القبلة لصلاة بالليل فيعتبر
بالجدى كما ذكرناه
* (الفصل العاشر فيما نذكر اشتبه مطلع الشمس عليه إن كان غيما أو وجد
مانعا يعرف سمت القبلة ليتوجه إليه) *
نقول اشتبه مطلع الشمس عليه ولم يكن معه من الآلات ذكرها
أهل العلم بذلك ما يعتمد عليه فيأخذ عودا مقوما يقيمه في الأرض المستوية فإذا زاد
الفئ فهو قبل الزوال وإذا شرع الفئ في النقصان فقد زالت الشمس ودخل وقت
الصلاة لفريضه الظهر وإن كان الوقت غيما غيره مما يمنع من معرفه القبلة
93

بالكلية وكان عنده ظن أو اماره بجهه القبلة فيعمل فإن تعذر ذلك فيعمد على
القرعة الشرعية ولا حاجه يصلى إلى أربع جهات فإننا وجدنا القرعة أصلا شرعيا
معولا عليه في الروايات فإن لم يحصل له بها علم اليقين بد ان يحصل له بها ظن
وهو كاف في معرفه القبلة لمن اشتبهت من المصلين وان قدر ان يصحب المسافر
معه دلائل القبلة لأحمد بن أبي أحمد الفقيه فإنه شامل للتعريف والتنبيه
ولمعرفه القبلة من سائر الجهات وكثير من المهمات
أقول وعسى يقول قائل إذا جاز يعمل بالقرعة عند اشتباه القبلة فلا يبقى
معنى للفتوى بالصلاة عند الاشتباه إلى أربع جهات
والجواب لعل الصلاة أربع جهات لمن لم يقدر على القرعة الشرعية ولا
يحفظ كيفيتها فيكون حاله كمن عدم الدلالات والامارات معرفه القبلة
ومن الجواب انه إذا لم يكن للمفتي بالأربع جهات حجه إلا الحديثين
المقطوعين عن الاسناد اللذين رواهما جدي الطوسي في تهذيب الأحكام فإن
أحاديث العمل بالقرعة أرجح منهما وأحق بالتقديم عليهما
ومن الجواب اننا اعتبرنا حضرنا من الروايات فلم نجد في الحال الحاضرة
إلا الحديثين المشار إليهما وهذا لفظهما
الحديث الأول محمد بن بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة
عن إسماعيل بن عباد عن خراش عن بعض أصحاب أبي عبد الله (ع)
قال قلت له جعلت فداك هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا أطبقت علينا
اظلمت فلم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا
كان ذلك فليصل لأربع وجوه
الحديث الثاني وروى الحسين بن سعيد عن إسماعيل عباد عن خراش
عن بعض أصحابنا عن أبي عبد (ع) مثله
أقول فهذان الحديثان كما ترى عن طريق واحده وهي إسماعيل بن عباد

(1) التهذيب 2: 45 / 144، الاستبصار 1: 295 / 1085.
(2) التهذيب 2: 45 / 145، الاستبصار 1: 295 / 1086.
94

عن خراش عن بعض أصحابنا مقطوعي الاسناد
أقول وروى جدي الطوسي قدس الله روحه في تحرى القبلة
الاشتباه ما هو أرجح من هذين الحديثين وعسى يكون له عذر في ترجيح حديث
الأربع جهات مع ضعفه وانقطاع سنده وظهور قوه اخبار القرعة من عده جهات
ونحن عاملون بما عرفناه وما نكلف أحدا ان يقلدنا وربكم اعلم بمن هو اهدى سبيلا
* (الفصل الحادي عشر نذكره من الاخبار المروية بالعمل على القرعة الشرعية) *
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الثقة الصالح علي بن إبراهيم بن هاشم القمي
رضي الله عنه في كتابه كتاب المبعث من نسخه تاريخها سنه أربعمائة الهجرة
النبوية فيما ذكره في سريه عبد الله عتيك وقد نفذهم النبي (ص)
لقتل أبي رافع فقال في حديثه ما هذا لفظه وكانوا قبل ان يدخلوا تشاوروا فيمن
يقتله ومن يقوم على أهل الدار بالسيف فوقعت القرعة على عبد الله بن أنيس
أقول فهذا أردنا ذكره من الحديث قد تضمن عملهم على القرعة حياه
النبي (ص) في مثل هذا المهم العظيم فلو علمهم ان القرعة من
شريعته وانها تدل على المراد على حقيقته كيف كانوا يعتمدون عليها ويخاطرون
بنفوسهم الرجوع إليها
ومن الأحاديث في العمل بالقرعة ما رويناه بعده طرق إلى الحسن بن محبوب
من كتاب المشيخة من مسند جميل عن منصور بن حازم قال سمعت أبا عبد الله
(ع) يقول وسأله بعض أصحابنا مساله فقال هذه تخرج في القرعة ثم
قال وأي قضية اعدل القرعة إذا فوض الامر إلى الله عز وجل ا الله عز وجل
يقول فساهم فكان من المدحضين
ومن الأحاديث في العمل بالقرعة ما رويته بعده طرق أيضا جدي أبي
جعفر الطوسي فيما ذكره في كتاب النهاية فقال روى عن أبي الحسن موسى
(ع) وعن غيره آبائه وأبنائه (ص) من قولهم كل

(1) الصافات 14137.
(2) في " ش ": من مسند جميل عن منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول...
95

مجهول ففيه القرعة قلت له ان القرعة تخطئ وتصيب فقال كل ما حكم الله به
فليس بمخطئ
أقول فهذا يكشف ان كل مجهول ففيه القرعة واشتبهت جهة القبلة فهو
أمر مجهول فينبغي أن تكون القرعة وسوف نذكر من صفه القرعة بعض ما رويناه
فصل وقد رويت أيضا من حديث القرعة ما ذكره نعيم الحافظ في المجلدة
الأخيرة من كتاب حليه الأولياء ما هذا لفظه حدثنا أبو إسحاق بن حمزه
حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الصوفي قال حدثنا عبد الاعلى قال
حدثنا حماد بن سلمه عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب وأيوب عن محمد بن
سيرين قال عمران بن حصين ة وحميد عن الحسن عن عمران رضي الله عنه
رجلا أعتق سته مملوكين عند موته ليس له مال غيرهم فاقرع رسول الله
(ص) بينهم فأعتق اثنين ورد أربعة في الرق
أقول فهذا يقتضى تحقيق العمل بالقرعة حياه النبي (ص)
وانه مروى من طريقنا وطريق الجمهور فصار كالاجماع فيما أشرنا إليه
فصل ورأيت في عتيق تسميته كتاب الأبواب الدامغة تأليف
بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد العمى ما هذا لفظه قالت فاطمة بنت أسد فلما أملق
أبو طالب جاءه رسول الله (ص) والعباس فأخذا من عياله اثنين بالقرعة
فطار سهم رسول الله (ص) بعلى (ع) فصار معه وأنشأه
ورباه فاخذ علي (ع) بخلق رسول (ص) وهديه وسيرته
وكان أول من آمن به وصدقه تم الحديث

(1) النهاية: 346.
(2) في " ش ": مماليك.
(3) حلية الأولياء 10: 215.
(4) في " ش ": فصار.
96

* (الفصل الثاني عشر فيما نذكره من روايات صفه القرعة الشرعية كنا ذكرناها
في كتاب فتح الأبواب ذوي الألباب ورب الأرباب) *
منها ما رويناه بإسنادنا الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن
عبد الرحمن بن سيابه قال خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا فقال بعض
أصحابنا ابعث به إلى اليمن فذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال لي ساهم
بين مصر واليمن ثم فوض امرك إلى الله فأي البلدين خرج اسمه السهم فابعث
إليه متاعك فقلت كيف أساهم اكتب في رقعه بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لا اله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت العالم والمتعلم فانظر في أي
الامرين خيرا لي حتى أتوكل واعمل به ثم اكتب مصر إن شاء الله ثم اكتب
في رقعه أخرى مثل ذلك ثم اكتب اليمن ان شاء ثم اكتب في رقعه أخرى مثل
ذلك ثم اكتب يحبس شاء الله ولا يبعث به إلى بلده منهما ثم أجمع الرقاع فادفعها
إلى من يسترها عنك ثم ادخل يدك فخذ رقعه من الثلاث رقاع فأيها وقعت في يدك
فتوكل على الله واعمل فيها إن شاء الله
أقول ورويت صفه مساهمه بروايه أخرى بإسنادنا إلى عمرو بن أبي المقدام
عن أحدهما المساهمة تكتب بسم الله الرحمن الرحيم فاطر
السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أنت تحكم بين عبادك فيما
كانوا فيه يختلفون أسألك بحق محمد وآل محمد ان تصلى على محمد وآل وان
تخرج لي خير السهمين في ديني ودنياي وعاقبه امرى وعاجله انك على كل شئ قدير
ما شاء ولا حول ولا قوه إلا بالله صلى الله على محمد وآله وسلم ثم تكتب ما
تريد في رقعتين ويكون الثالث غفلا ثم تجيل السهام فأيها خرج عملت عليه
ولا تخالف فمن خالف يصنع له وان خرج الغفل رميت به

(1) فتح الأبواب: 52.
(2) الغفل: مالا علامة فيه. " القاموس المحيط - غفل - 4: 25 ".
(3) فتح الأبواب: 53.
97

أقول صفه رواية أخرى في القرعة عن الصادق أنه قال من
أراد ان يستخير الله تعالى فليقرا الحمد عشر مرات وانا أنزلناه عشر مرات ثم
يقول اللهم إني أستخيرك لعلمك بعواقب الأمور وأستشيرك لحسن ظني بك
المأمون والمحذور اللهم إن كان امرى هذا مما نيطت بالبركة اعجازه وبواديه
وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي فيه بخيره ترد شموسه ذلولا وتقض أيامه
سرورا يا الله أما أمر فأئتمر وأما نهي فانتهى خر لي برحمتك خيره في عافيه
ثلاث مرات ثم تأخذ كفا من الحصى أو سبحتك
أقول لعل معناه ان يجعل الكف الحصى أو السبحة في مقام رجل آخر
يقارع معه ويعزم على ما وقعت القرعة فيعمل عليه
وفي رواية أخرى يقرا الحمد مره وانا أنزلناه إحدى عشره مره ثم يدعو
الدعاء الذي ذكرناه ويقارع هو وآخر ويكون قصده انني متى وقعت القرعة
أحدهما اعمل عليه
فصل فيما جربناه وفيه دلاله القبلة
كان قد وصف لنا صوره سمكه لطيفه من حديد قد عملت في الابتداء على
استقبال حجر المغناطيس وهو في تلك الحال في جهة القبلة وكنا إذا جعلنا ماء في
طاسه أو آنيه وجعلنا السمكة الحديد على الماء استقبلت السمكة القبلة ولو أدرناها
عن القبل عادت إليها وعرفنا ذلك على اليقين فيكون صحبه من له اهتمام بمعرفه
القبلة الاسفار مثل هذه السمكة فيستغنى بها عن الخيرة واختلاف الاخبار
وعندنا سمكه منها وقد أمرنا يقال للصانع يعمل عوض صوره السمكة
صوره سفينة صغيره لأجل نهى النبي (ص) عن عمل الصور التي تشبه
الحيوان وليكون عملها سفينة مأذونا فيه للصانع ولمن يحتاج إليها معرفه القبلة وما

(1) ورد في هامش " د ": الأصل الماول.
(2) قعضه: عطفه. " الصحاح - قعض - 3: 1103 ".
(3) فتح الأبواب: 53.
(4) فتح الأبواب: 53.
98

عرفنا ان أحدا سبقنا إلى التماسها أن يكون صوره سفينة ما يجرى مجراها من الصور التي
ليست محرمه في شريعه الاسلام
* (الفصل الثالث عشره فيما نذكره من آداب الاسفار الصادق ابن الصادقين
الأبرار (ع) حد ث بها عن لقمان نذكر منها ما يحتاج إليه الان) *
روينا كتاب المحاسن باسناده إلى حماد بن عثمان أو ابن عيسى عن
أبي عبد الله (ع) قال قال لقمان لابنه رضي الله عنه إذا سافرت مع قوم
فأكثر استشارتهم في امرك وأمورهم وأكثر التبسم وجوههم وكن كريما على زادك
بينهم وإذا دعوك فأجبهم واستعانوا بك فأعنهم وأغلبهم بثلاث طول
الصمت وكثره الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابه مال أو زاد
وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم
لا تعزم حتى تتثبت وتتوطن ولا تجب في مشوره حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل
وتصلى وأنت مستعمل فكرك وحكمتك مشورتك فإن من لم يمحض النصيحة في
مشورته سلبه رأيه ونزع عنه الأمانة
وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم وإذا رايتهم يعملون فاعمل معهم
وإذا تصدقوا وأعطوا فاعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك وإذا أمروا بأمر وسألوا
فتبرع ثم قل نعم ولا تقل لا فإن عى ولؤم
وإذا تحيرتم في الطريق فقفوا وتأمروا وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن
طريقكم ولا تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الفلا مريب لعله أن يكون عينا
للصوص أو أن يكون هو الشيطان الذي حيركم واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا
ما لا أرى فإن العاقل أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى لا يرى
الغائب
يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ صلها واسترح منها فإنها

(1) في " د ": حماد بن عثمان أبي عيسى، وفي " ش ": حماد بن عثمان عن أبي عيسى، وما أثبتناه من المصدر،
والظاهر هو الصواب.
(2) في المصدر زيادة: سنا.
99

دين
ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها وليس ذلك من فعل
الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل
وإذا قربت من المنزل فأنزل دابتك وابدا بعلفها قبل نفسك وإذا أردت
النزول فعليك بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربه وأكثرها عشبا فإذا نزلت
فصل ركعتين قبل ان تجلس وإذا أردت قضاء حاجه فأبعد المذهب في الأرض وإذا
ارتحلت فصل ركعتين ودع الأرض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها فإن لكل
بقعه أهلا من الملائكة
وان استطعت إلا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل
وعليك بقراءه الله ما دمت راكبا وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا
عملا وعليك بالدعاء ما دمت خاليا
وإياك والسير أول الليل وعليك بالتعريس والدلجه من لدن نصف
الليل آخره وإياك ورفع الصوت في مسيرك
هذا آخر لفظها نقلناه كما وجدناه

(1) في المصدر زيادة: وصل في جماعة ولو على رأس زج.
(2) الدبرة: قرحة في ظهر الدابة " لسان العرب - دبر - 4: 273 ".
(3) التعريس: نزول المسافر ونومه ليلا. " القاموس المحيط - عرس - 2: 230 ".
(4) الدجلة: سير المسافر بعد نزوله في الليل. " القاموس المحيط - دلج - 1: 189 ".
(5) المحاسن: 375: / 145، الكافي 8: 348 / 547، الفقيه 2: 194 / 884.
100

الباب السابع
فيما نذكره إذا شرع الانسان في خروجه الدار للأسفار وما يعمله عند
الباب وعند ركوب الدواب وفصول
* (الفصل الأول فيما نذكره من تعيين الساعة يخرج فيها في ذلك النهار إلى
الاسفار) *
اعلم اننا ذكرنا فيما قدمناه الأيام التي تصلح لابتداء السفر بحسب
ما رويناه وبقى وقت الساعة التي يختارها نهاره للتوجه في أسفاره فإنه لا ريب ان
الساعات تختلف حالها السعود والنحوس بحسب ما اقتضته الرحمة والحكمة الإلهية في
تدبير الأفلاك والنفوس وكنا روينا في فرج المهموم في معرفه الحلال والحرام
من علم النجوم قول مولانا على (ص) في سعود النجوم ونحوسها وأوردنا
أحاديث الأئمة (ص) في أن النجوم دلالات الحادثات وأوقات
السعادات والمحذورات فاقتضى تعيين وقت الساعة التي يتوجه الانسان فيها من
داره ليكون فاتحه لأبواب مساره ومصونه عن اكداره واخطاره
فأقول إن كان الذي يريد هذا السفر ممن اقبل جل جلاله عليه
وارتضاه لكشف الساعة السعيدة يتوجه فيها به جل جلاله إليه ويجد ذلك في
سريرته فيا سعاده هذا العبد الذي قد بلغ حاله إلى مكاشفه جل جلال بأوقات
سعادته
أقول وان لم يكن بلغ انعام جل جلاله عليه إلى هذه الحال فقد ذكرنا
في كتاب الاسرار المودعة في ساعات الليل والنهار ان ساعة من النهار يختص بها
واحد من الأئمة الأطهار ودعاءان أحدهما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي
رضوان الله عليه والاخر من خط ابن مقله المنسوب وكل واحد منهم عليهم
أفضل الصلوات كالخفير والحامي لساعته بمقتضى الروايات
فالساعة الأولى لمولانا على (ص) والساعة الثانية لمولانا الحسن
(ع) والساعة الثالثة لمولانا الحسين والساعة الرابعة لمولانا علي بن
101

الحسين (ع) والساعة الخامسة لمولانا محمد بن الباقر (ع) والساعة
السادسة لمولانا جعفر بن محمد الصادق (ع) والساعة السابعة لمولانا موسى بن
جعفر الكاظم (ع) والساعة الثامنة لمولانا علي بن الرضا (ع)
والساعة التاسعة لمولانا محمد بن الجواد (ع) والساعة العاشرة لمولانا علي بن
محمد الهادي (ع) والساعة الحادية عشر لمولانا بن العسكري
(ع) والساعة الثانية عشر لمولانا المهدى صلوات الله عليهم أجمعين
أقول وهذه الساعات يدعو الانسان في كل ساعة بما يخصها من الدعوات
سواء كان نهار الصيف الكامل الساعات أو نهار الشتاء القصير الأوقات لأن
الدعوات تنقسم اثنى عشر قسما كيف كان مقدار ذلك النهار بمقتضى الاخبار
أقول اتفق خروجك للسفر في ساعة يختص بها أحد الأئمة الحماه الذين
جعلهم الله جل جلاله سببا للنجاة فقل ما معناه بلغ مولانا فلانا (ص) انني أسلم
عليه واننى أتوجه باقبالك عليه في أن يكون خفارتي وحمايتي
وسلامتي وكمال سعادتي ضمانها بك عليه حيث قد توجهت الساعة التي جعلته
كالخفير فيها وحديثها في إليه
أقول وتقول إذا نزلت منزلا في ساعة تختص بواحد أو رحلت منه فتسلم
على ذلك الامام بما يقربك وتخاطبه في ضمان ما يتجدد في ساعته فلو لا ان
جل جلاله أراد ذلك منك ما دلك عليه وإذا عملت بهذا هداك الله جل جلاله
إليه صارت حركاتك وسكناتك أسفارك عباده وسعاده لدار قرارك
* (الفصل الثاني نذكره من التحنك للعمامه عند تحقيق عزمك على السفر
لتسلم من الخطر) *
روينا ذلك من كتاب الآداب الدينية عن الطبرسي رضوان الله عليه فيما
رواه عن مولانا موسى بن جعفر (ص) أنه قال انا ضامن ثلاثا لمن خرج
يريد سفرا معتما تحت حنكه ان لا يصيبه السرق والغرق ولا الحرق ورويناه

الآدب الدينية: 49.
102

أيضا عن البرقي من كتاب المحاسن باسناده أبي الحسن (ع)
أقول وقد روينا في العمامة التوجه للمهمات روايات عن أبي العباس
أحمد عقده في كتابه الذي سماه كتاب الولاية وفيه حديث نص مولانا
وسيدنا رسول الله (ص) على مولانا علي بن أبي طالب (ص) في
يوم الغدير بالخلافة ودلالته عليه فذكر باسناده المذكور في المكان وهو من ذخائر
أهل الايمان في ترجمه الله بن بسر المازني ورواه من طريقين فقال اسناده
المتصل المشار إليه عن عبد الله بسر صاحب رسول الله (ص) قال
بعث رسول (ص) يوم غدير خم إلى علي فعممه وأسدل العمامة
كتفيه وقال هكذا أيدني ربى يوم حنين بالملائكة معممين قد اسدلوا العمائم
وذلك حجر بين المسلمين والمشركين ورسول الله (ص) معتمد على
قوس له عربية فبصر برجل في آخر القوم وبيده قوس فارسيه ملعون حاملها
عليكم بالقسي العربية ورماح القنا فإنها أيد الله لكم دينكم ويمكن لكم في
البلاد
وقال الحديث الاخر عمم رسول الله عليا يوم غدير خم عمامه سدلها بين
كتفيه وقال هكذا أيدني ربى بالملائكة اخذ بيده فقال أيها الناس من
كنت مولاه فهذا مولاه والى الله من والاه وعادى الله من عاداه
أقول هذا لفظ ما رويناه أردنا ان نذكره ليعلم وصف العمائم السفر
الذي يخشاه
* (الفصل الثالث في التحنك بالعمامة البيضاء السفر يوم السبت) *
ورأيت بخط جدي لامي ورام أبي فراس قدس الله روحه على آخر

(1) المحاسن: 373 / 137.
(2) في " د " و " ط ": بشر، وفي " ش ": بشير، والظاهر أن الصواب من أثبتناه، ترجم له ابن الأثير الجزري
وضبطه قائلا: وبسر بالباء الموحدة المضمومة والسين المهملة، وهو آخر من مات بالشام من الصحابة، انظر
" أسد الغابة 3: 123، ميزان الاعتدال 2: 396، تهذيب التهذيب 5: 158 ".
(3) الحجر: الحاجز. انظر " الصحاح - حجر - 2: 623 ".
(4) القنا من الرماح ما كان أجوف القصبة. " لسان العرب - قنا 15: 204 ".
103

كتاب المنبئ عن زهد النبي (ص) وليس من الكتاب هذا لفظه
عن صفوان بن يحيى وأحمد بن البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) قال
قال الله (ص) لو أن رجلا خرج من منزله يوم السبت معتما
بعمامه بيضاء قد حنكها تحت حنكه ثم اتى إلى جبل ليزيله مكانه لازاله عن
مكانه
* (الفصل الرابع نذكره مما يدعى به عند ساعة التوجه وعند الوقوف
الباب لفتح أبواب المحاب) *
ينبغي ان تستحضر ما ذكرناه في الفصل الثالث من الباب الأول من كيفية
النية لتكون ذاكرا لما حررناه من معاملتك بالسفر للمراضي الإلهية وتخرج بسكينه
ووقار كما تمشى لو كنت تمشى يدي سلطان عظيم المقدار وقلبك ملان من
جلاله ويدك متمسكه بمقدس حباله وعينك ناظره إلى عوائد اطلاق نواله وافضاله
وعقلك محافظ على اقباله وقل ما معناه أو ما رويناه ثلاث مرات بالله اخرج وبالله
ادخل وعلى الله أتوكل افتح لي في وجهي هذا بخير واختم لي بخير وقني شر
كل دابه أنت آخذ بنا صيتها ان ربى على صراط مستقيم فإنه من قاله بالاخلاص
يوشك أن يكون من الاختصاص وهو داخل في ضمان السلامة من الندامة
فإذا وصلت إلى باب دارك فقل ما رويناه بإسنادنا صباح الحذاء قال
سمعت موسى بن جعفر (ع) لو كان الرجل منكم إذا أراد سفرا قام على
باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقرا فاتحه الكتاب امامه ويمينه وعن شماله
وآية الكرسي امامه وعن يمينه وشماله ثم قال اللهم احفظني واحفظ ما معي
وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك لحفظه الله وحفظ ما معه
وسلمه وسلم ما معه وبلغه الله وبلغ ما معه ثم قال يا صباح ما رأيت الرجل
يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ويسلم ما معه ويبلغ ولا يبلغ ما معه قلت بلى
جعلت فداك

(1) الكافي 2: 395 / 11 و 4 283 / 1، الفقيه 2: 177 / 790، التهذيب 5: 49 / 153، المحاسن: 350 / 31.
104

أقول وروينا بإسنادنا إلى علي بن أسباط أبي الحسن الرضا (ع)
قال قال إذا خرجت منزلك في سفر أو حضر فقل بسم الله آمنت بالله
توكلت الله ما شاء الله لا حول ولا قوه إلا بالله فتلقاه الشياطين فتضرب
الملائكة وجوهها وتقول ما سبيلكم عليه وقد سمى الله وآمن وتوكل عليه
وقال ما شاء الله لا قوه إلا بالله
أقول وروينا بإسنادنا عن عبد الرحمن أبي هاشم عن أبي خديجة قال
كان أبو الله (ع) إذا خرج يقول اللهم خرجت إليك وأسلمت
وبك آمنت وعليك توكلت اللهم بارك في يومى هذا وارزقني قوته ونصره وفتحه
وطهوره وهداه وبركته واصرف عنى شره وشر ما فيه بسم والله أكبر والحمد لله
رب العالمين اللهم خرجت فبارك لي في خروجي وانفعني به وإذا دخل منزله
قال مثل ذلك
أقول وروينا بإسنادنا عن بصير عن أبي جعفر (ع) قال من
قال حين يخرج باب داره أعوذ بما عاذت به ملائكه الله من شر اليوم الجديد
الذي إذا غابت شمسه لم يعد من شر نفسي وشر غيري ومن شر الشياطين ومن
شر من نصب لأولياء ومن شر الجن والإنس وشر السباع والهوام وشر ركوب
المحارم كلها أجير نفسي بالله من كل سوء غفر الله له وتاب عليه وكفاه المهم
وحجزه السوء وعصمه من الشر
أقول وروينا بإسنادنا معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع)
إذا خرجت من منزلك فقل بسم الله توكلت على لا حول ولا قوه إلا بالله
اللهم إني أسألك خير خرجت له وأعوذ بك من شر ما خرجت له أوسع على

(1) في " ش " زيادة: العلي العظيم.
(2) في " ش ": فيضرب الملائكة وجوههم.
(3) الفقيه 2: 177 / 792، المحاسن: 350 / 35.
(4) الكافي 2: 394 / 6، المحاسن: 351 / 35.
(5) الكافي 2: 393 / 4، ألقيه 2: 178 / 793، المحاسن: 351 / 37.
(6) في " ش " زيادة: العظيم.
105

من فضلك وأتمم على نعمتك واستعملني في طاعتك واجعل رغبتي فيما عندك
وتوفني على ملتك ومله رسولك صلى الله عليه وآله " (1).
أقول وفي حديث آخر عن الثمالي عن جعفر الباقر (ع) من قال
حين يخرج من منزله بسم حسبي الله توكلت على الله اللهم إني أسألك خير
أموري كلها وأعوذ بك من خزى الدنيا وعذاب الآخرة كفاه الله ما أهمه من أمر
دنياه وآخرته
أقول وروى أنه إذا وقف على باب داره سبح تسبيح الزهراء (ع)
وقرا الحمد وآية الكرسي كما قدمناه وقال اللهم إليك وجهت وجهي وعليك
خلفت أهلي ومالي وما خولتني قد وثقت بك فلا تخيبني يا لا يخيب من اراده ولا
يضيع من حفظه اللهم صل محمد وآله واحفظني فيما غبت عنه ولا تكلني
نفسي يا ارحم الراحمين اللهم بلغني ما توجهت وسبب لي المراد وسخر لي عبادك
وبلادك وارزقني زيارة نبيك ووليك أمير قوله المؤمنين والأئمة من ولده وجميع أهل بيته
عليه وعليهم ومدنى منك بالمعونة في جميع أحوالي ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى
غيري فاكل وأعطب وزودني التقوى واغفر لي في الآخرة والأولى اجعلني أوجه
من توجه إليك
وتقول أيضا بسم وبالله وتوكلت على الله واستعنت بالله وألجأت
ظهري إلى الله وفوضت امرى الا الله آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي
أرسلت لأنه لا يأتي بالخير الهى إلا أنت ولا يصرف السوء أنت عز جارك
وجل ثناؤك وتقدست أسماؤك وعظمت آلاؤك واله غيرك
فقد روى أن من خرج من منزله مصبحا ودعا بهذا الدعاء لم يطرقه بلاء حتى
يمسى ويؤوب منزله وكذلك من خرج في المساء ودعا به يطرقه بلاء حتى يصبح
أو يؤوب إلى منزله
أقول واقتصرنا على بعض ما رويناه في هذه الحال فقل ما يحتمله

(1) الكافي 2: 394 / 5، المحاسن: 351 / 8.
(2) الكافي 2: 393 / 3، المحاسن: 351 / 37.
106

حالك ووقتك فالناس يختلف حالهم الاهتمام والاهمال
* (الفصل الخامس في ذكر ما نختاره من الآداب والدعاء عند ركوب الدواب) *
اعلم انني رأيت انعام الله جل جلاله بالدواب وتسخيرها لذوي
الألباب قد وقع الغفول عنه حتى كأنها ليست منه ووجدت السائس للدابه يعرف
له حق سياسته ويكون له في القلب موضع بمقدار شفقته والركيبدار يعرف له حق
معرفته وحرمه اسراج الدابة وتحميلها وتقديمها لركوب صاحبها في حاجته وفي
القلب ولا في شكر اللسان مكان لمعرفه حق منشئها وجالبها وواهبها ومسخرها وميسرها
وهذه الغفلة الانسان مخاطره هائله بغضب الله جل جلاله وبكل وهبه للعبد من
الاحسان
أقول وينبغي للعبد إذا أكرمه مولاه ان يراعى حق اكرامه وحق ما أولاه
ومتى غفل واهمل شكر أنعم به عليه كان العبد مستحقا لاستعاده كل وصل إليه
أقول ويكشف هذا بمثال نذكره ومقال نسطره فنقول لو أن الله
جل جلاله ما اعطى أحدا من الخلائق في المغارب والمشارق دابه إلا أنت وكان
الناس كلهم عزيزهم وذليلهم وغنيهم وفقيرهم إذا سافروا مشوا في أسفارهم على
اقدامهم وحملوا قماشهم ظهورهم وظهور غلمانهم وأنت معك دابه تركب عليها
وتحمل قماشك للسفر عليها كيف كنت تكون في سرورك وتعظيم الواهب لها
فالامر الان على هذه الحال لأنك تعلم أن خلقا كثيرا ما لهم دابه في الاسفار
ويمشون على اقدامهم ويحملون قماش سفرهم على ظهورهم وأما من حصل له منهم
شئ من الدواب كما حصل فلا يجوز في عقل ولا نقل يليق بالصواب أن يكون
انعام جل جلاله على غيرك بدابه مثل دابتك ان يسقط عنك حق الدابة
وهبك إياها وجعلها من جمله نعمتك فكيف ساغ المعقول والمنقول أن يكون
لسائسك والذي يسرج دابتك موضع خاطرك وذكر في سرائرك أو ظواهرك
والله جل جلاله المنشئ والمنعم بها والمسخر لها قلبك خال منه ومن هديتها
ومسيرها بك هذا لا يليق بالتوفيق وأنت مخاطر ركوبها في الطريق
أقول ولقد كنت قد خرجت في بعض الاسفار ومعنا جماعه من ذوي
107

الألباب قد تبادروا إلى ركوب الدواب ولسان حالهم يشهد انهم غافلون عن
رب الأرباب فقلت لهم لو أن الدواب تكلمت وقالت لكم إنما سخرت لكم
لأجل وهبكم الله تعالى من العقول وشرفكم به من التكليف المقبول فإذا كنتم قد
أطرحتم في ركوبي حكم العقل وأدب النقل وركبتم بالطبع والغفلات فقد صرتم مثلي
في سلوك الطرقات فينبغي في العدل والانصاف ان تجروا أنفسكم مجرى الدواب
وتركبوني تارة واركب عليكم تارة وإلا فانا ما سخرت لامثالكم ممن قد عزل الله
جل جلاله عن ربوبيته وأسقط حق نعمته وعرفتهم ما حضرني من كيفية السفر
الذي يكون طاعة للمراضي الإلهية
* (فصل) * وحيث قد ذكرنا حديث الدواب فلنذكر بعض ما روى في ابتداء
وجودها
فذكر بن صالح مولى جعفر بن سليمان في كتاب نسب الخيل في
حديث عن ابن عباس ان إسماعيل (ع) بلغ اخرج الله له من البحر مائه
فرس فأقامت ترعى بمكة ما شاء الله ثم أصبحت على بابه فرسنها وانتتجها
وركبها
وروي في حديث آخر عن مسلم جندب ان أول من ركب الخيل
إسماعيل (ع)
وأما الدعاء عند ركوب الدواب فإنه كثير في كتب الآداب لكنا نذكر منه
ما يسهل حفظه أو ما لا يحسن الغفول فنقول روينا من كتاب المحاسن المشار
إليه باسناده سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته رحمه الله أمسكت
لأمير المؤمنين قوله المؤمنين (ع) بالركاب ويريد ان يركب فرفع رأسه ثم تبسم فقلت يا
أمير المؤمنين رأيتك قد رفعت رأسك وتبسمت فقال نعم يا اصبغ أمسكت
لرسول الله (ص) أمسكت لي فرفع رأسه وتبسم ثم سألته كما

(1) في " ش ": وسرجها وألجمها.
(2) أخرجه في البحار 64: 153 / 3 و 4، من " فذكر محمد بن صالح... ".
(3) في " ش " زيادة: ففيم ذلك.
108

سألتني وسأخبرك كما اخبرني فقلت يا رسول رفعت رأسك ثم تبسمت
فقال يا علي انه من أحد يركب فيذكر ما أنعم الله به عليه يقرا آية السخرة
ثم يقول استغفر الله الذي لا اله هو الحي القيوم وأتوب إليه اللهم اغفر لي ذنوبي
فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت إلا قال الله السيد الكريم ملائكتي عبدي يعلم أنه
لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا قد غفرت له ذنوبه
أقول انا ا فلا نراه قد قال عند ركوب الدابة فذكر ما أنعم الله
عليه وأما آية السخرة فإنها مذكره للعبد بما سخر جل جلاله له وأحسن به إليه
وهي ان ربكم الذي خلق السماوات والأرض في سته أيام ثم استوى
العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إلا
له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين ادعوا ربكم تضرعا وخفيه انه لا يحب
المعتدين ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ان رحمه الله
قريب من المحسنين
أقول وروى أن الصادق (ع) كان يقول وضع رجله في الركاب
سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين ويسبح الله سبعا ويحمد الله سبعا
ويهلل الله سبعا
وفي رواية صفوان بن مهران الجمال انه (ع) لما ركب الجمل قال
بسم الله ولا حول وقوه إلا بالله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا مقرنين
وانا إلى ربنا المنقلبون
أقول استويت على الدابة فقل الحمد لله الذي هدانا للاسلام ومن
علينا بمحمد (ص) سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين وانا إلى

(1) في " ش " زيادة: أراك.
(2) في " ش " زيادة: اللطيف.
(3) الأعراف 7: 54 - 56.
(4) في " ش " زيادة: والحمد لله رب العالمين.
(5) البحار 76: 298 / 34.
109

ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين أنت الحامل على الظهر والمستعان على
الامر بلغنا بلاغا نبلغ به إلى خير بلاغا يبلغ إلى رحمتك ورضوانك ومغفرتك
اللهم لا ضير إلا ضيرك ولا خير خيرك ولا حافظ غيرك
ذكر ما نقوله نحن زيادة هذه العبارة عند ركوب الدابة
اعلم أن والأئمة (ع) سلكوا الناس إلى السعادات والدعوات
على قدر ما تحتمله حالهم في ضيق الأوقات والتخفيف العبادات ونحن نقول بحسب
ما يحتاج إليه للاذن (ع) للانسان في الدعاء بمهما أفاض الله تعالى
فنقول وبعضه من المنقول الحمد لله سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا
لمنقلبون والحمد لله رب العالمين اللهم احفظ علينا دوابنا ووطئ لنا ركابنا وسهل
لنا محابنا وانجح لنا طلابنا وسيرنا في بلادك وبين عبادك باسعادك وانجادك
واتباع مرادك اللهم اطو لنا البعيد وسهل لنا صعب شديد واكفنا شر كل قريب
وبعيد وضعيف ومريد وكمل لنا تحف المزيد والعمر المديد والعيش الرغيد
واجعلنا من خيار العبيد المسعودين في الدنيا والوعيد
ثم أقول اللهم انك إبتدأتنا بخلق نحتاج إليه من منافع الأرض والسماء
وابتدأتنا بالانشاء والنعماء وسيرتنا من لدن آدم (ع) وهذه الغايات في
ظهور الاباء وبطون الأمهات وأقمت لهم بالأقوات والكسوات والمهمات ووقيتهم
ووقيتنا من الآفات والعاهات ولم أكن ممن شرفتني بمعرفتك ولا إرتضيتني لعبادتك
اللهم وحيث قد شرفتني لمعرفتك وارتضيتني لخدمتك فلا يكن تسييري دون ذلك
التسيير ولا تدبيري دون ذلك التدبير وسيرني في سفري وما بعده بالسلامة
والكرامة والعناية التامة والرعاية العامة والامن من الندامة في الدنيا والقيامة
واجعل اللهم حركاتنا وسكناتنا صادره المعاملة بالاخلاص لك والاختصاص
بك واجعل قلوبنا وعقولنا وقفا على طاعتك وملهمه بمراقبتك واتباع ارادتك
والهمنا كل قول أو فعل يكون فيه رضاك والدخول حماك والأمان في الدنيا ويوم

(1) في " ش ": والمعين.
(2) في " ش ": وسترتنا.
110

نلقاك برحمتك يا ارحم الراحمين

(1) ورد في هامش " د " وبخط مغاير لخط النسخة ما نصه: وإذا ركبتم الفلك فقولوا ما أمر به: الحمد لله الذي
نجانا من القوم الظالمين، رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين، فإنه يقول جل جلال ان في ذلك لآية.
111

الباب الثامن
فيما نذكره عند المسير والطريق ومهمات حسن التوفيق والأمان من
الخطر والتعويق وفصول
* (الفصل الأول فيما نذكره عند المسير القول وحسن التدبير) *
روينا من كتاب المحاسن قال كان أبو عبد الله (ع) إذا أراد سفرا
قال اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا أو قال مسيرنا وأعظم عافيتنا
وروينا من كتاب من يحضره الفقيه عن العلاء عن أبي عبيده عن
أحدهما قال قال إذا كنت في سفر فقل اللهم اجعل مسيري عبرا
وصمتي تفكرا وكلامي ذكرا
أقول وينبغي للمسافر هبط ان يسبح وإذا صعد ان يكبر فقد روى
بن بابويه عن أبي عبد الله (ع) قال كان الله (ص) في
سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر
وقال رسول الله (ص) والنفس القاسم بيده ما هلل
مهلل ولا كبر مكبر على شرف الاشراف إلا هلل ما خلفه وكبر ما بين يديه بتهليله
وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب
وروى لفظ التكبير إذا علو ت تلعه أو اكمه أو قنطره فقل الله أكبر

(1) ليس في " د " و " ش ".
(2) في " ش ": عاقبتنا.
(3) المحاسن: 350 / 32.
(4) الفقيه 2: 179 / 797.
(5) الفقيه 2: 179 / 796.
(6) الشرف: المكان العالي. " الصحاح - شرف - 4: 1379 ".
(7) الفقيه 2: 179 / 798.
(8) التلعة: ما ارتفع من الأرض. " الصحاح - تلع - 3: 1192 ".
(9) الأكمة: التل أو الموضع الذي يكون أشد ارتفاعا مما حوله. " القاموس المحيط - اكم - 4: 75 ".
112

الله أكبر الله أكبر لا اله إلا الله والله أكبر والحمد لله رب العالمين اللهم لك الشرف
على شرف ثم تقول خرجت بحول الله وقوته بغير حول منى وقوه لكن بحول
الله وقوته برئت إليك يا رب الحول والقوه اللهم إني أسألك بركه سفري هذا
وبركه أهله اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا تسوقه إلى وانا
خافض في عافيه بقوتك وقدرتك اللهم سرت في سفري هذا بلا ثقة منى لغيرك ولا
رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك ووفقني لطاعتك وعبادتك حتى
ترضى وبعد الرضا
* (الفصل الثاني فيما نذكره من العبور القناطر والجسور وما في ذلك من
الأمور) *
اعلم أن الانسان على نفسه بصيره ونفسه لله جلاله وهي في يد العبد
أمانه يجب حفظها لمالكها الاخطار الكثيرة واليسيرة فإذا وصل إلى قنطره جسر
مخوف فينزل إن كان راكبا عن دابته ويستظهر سلامته ولا يمتنع من النزول أما
للكسل أو للرياء والسمعة حتى لا يراه أحد قد نزل أو لئلا يقال ذليل أو ضعيف
أو جبان فإن الاحتياط للسلامة والأمان أليق بالعاقل الكامل من أن يرضى بركوب
الخطر من النقصان والتفريط بنفسه التي هي أمانه لمولاه وانه جل جلاله مسائله
عن حفظها يلقاه
وأما ما يقول المسافر من الأذكار فقد ان على كل قنطره شيطانا للعبث
بالانسان فيقول بسم اللهم ادحر عنى الشيطان
هذا لفظ ما رويناه وشاء أن يقول زيادة على ما ذكرناه اللهم
الشياطين والأشرار من الجن الروحانيين يروني ولا أراهم وأنت تراهم ولا يصح
ان يروك وقد جعلت الله في مقابله رؤيتهم لي وانا لا أراهم رؤيتك ولا
يرونك فامنعهم بعلمك بهم ورؤيتك لهم عن اذيتنا وبقدرتك عن تغيير ما وهبتنا من
نعمتك برحمتك وعنايتك وخفف عنا بذلك عقاب معصيتك وان يشغلونا

(1) البحار 76: 254 / 49.
(2) في " د " و " ط ": عنهم.
113

طاعتك وتول عبورنا على هذه القناطر بأمرك ونصرك الباهر القاهر وعفوك
الشامل الغامر واحسانك الباطن والظاهر انك ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين
* (الفصل الثالث فيما نذكره مما يتفال المسافر ويخاف الخطر منه وما يدفع
ذلك عنه) *
روينا من كتاب من لا يحضره الفقيه باسناده أبي الحسن مولانا موسى بن
جعفر (ع) قال الشؤم للمسافر طريقه في خمسه الغراب الناعق عن يمينه
الناشر لذنبه والذئب العاوي الذي يعوى في وجه الرجل وهو مقع ذنبه يعوى
ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا والظبي السانح يمين إلى شمال والبومة الصارخة
والمراه الشمطاء تلقى فرجها والاتان العضباء يعنى الجدعاء وفي رواية كتاب
المحاسن والاتان الجدعاء يعنى العضباء فمن أوجس نفسه منهن شيئا فليقل
اعتصمت بك يا رب من شر احذر في نفسي فاعصمني من ذلك قال
فيعصمه من وزاد في كتاب المحاسن إن شاء الله
وكذا وجدنا في الروايتين خمسه وهي سته فلعله من غلط الناسخ أو
الرواه

(1) في " ش " زيادة: الكامل.
(2) أقع الكلب وغيره: إذا جلس على استه مفترشا رجليه وناصبا يديه. " الصحاح - قعا 6: 2465 "
(3) لعل صحته (تلقاء) كما في المحاسن، والمعنى ما فسره به المجلسي الأول رحمه الله في روضة المتقين 4: 199،
اي تجئ إليك أو تذهب إليها. يعني تقابلك عينا بعين.
(4) في " ش ": ما أجد.
(5) في " ش " زيادة: الله.
(6) الفقيه 2: 175 / 780، المحاسن: 348 / 21.
114

الباب التاسع
فيما نذكره إذا كان سفره في سفينة عبوره فيها وما يفتح علينا من
مهماتها وفيه فصول
* (الفصل الأول فيما نذكره عند نزوله في السفينة) *
روينا انه إذا ركب في سفينة فيكبر جل جلاله مائه تكبيره ويصلى على
محمد وآل (ص) مائه مره ويلعن ظالمي آل محمد
(ع) مائه مره ويقول بسم الله وبالله والصلاة على رسول (صلى الله
عليه وآله) وعلى الصادقين اللهم أحسن مسيرنا وعظم أجورنا اللهم بك إنتشرنا
واليك توجهنا وبك آمنا وبحبلك اعتصمنا وعليك توكلنا اللهم أنت ثقتنا
ورجاؤنا وناصرنا لا تحل بنا ما لا نحب بك نحل وبك نسير اللهم خل سبيلنا
وأعظم عافيتنا أنت الخليفة في الأهل والمال وأنت الحامل الماء وعلى الظهر
وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها ان ربى لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره
والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما
يشركون اللهم أنت خير من وفد الرجال وشدت إليه الرحال فأنت سيدي أكرم
مزور وأكرم مقصود وقد جعلت لكل زائر كرامة ولكل وافد تحفه فأسألك أتجعل
تحفتك إياي فكاك رقبتي النار واشكر سعيي وارحم مسيري من أهلي بغير
منى عليك بل لك المنه على إذ جعلت لي سبيلا زيارة وليك وعرفتني فضله
وحفظتني في ليلى ونهاري حتى بلغتني هذا المكان وقد رجوتك فلا تقطع رجائي
وأملتك فلا تخيب املى واجعل مسيري هذا كفاره لذنوبي ارحم الراحمين
أقول وإن كان قصده بركوب السفينة الزيارة فيغير اللفظ بما يليق بسفره من العبارة

(1) في " ش ": وبحملك.
(2) في " ش ": على.
(3) البحار 76: 255 / 50.
115

* (الفصل الثاني فيما نذكره من الانشاء عند ركوب السفينة والسفر في الماء) *
يقول اللهم انك هو الذي يسيركم في البر والبحر وحيث
يا ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين المتولي لتسييرنا فكن اللهم المتولي لحسن
تدبيرنا وكمال سرورنا ودفع محذورنا والرحمة لنا والعناية بنا في جميع أمورنا ومدنا
في تسييرك في البحر في السر والجهر بالنصر وجبر الكسر وشد الأزر وصلاح
الامر والبر واليسر برحمتك يا ارحم الراحمين
أقول ورأيت اخبار الأخيار عند ركوب البحار ان الريح عصفت بهم
حتى أشرفوا على الهلاك وعجزوا عن الاستدراك فقالوا لواحد يثقون بدينه
ويعرفون قوه يقينه ادع لنا بالسلامة انا لا أعارض الله تعالى في ملكه وفلكه
فقالوا لم تتداركنا بأدعيتك وشفاعتك وإلا ذهبت أدياننا وأبداننا فنظر إلى البحر
وقال اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك فسكن البحر
فقال له بعض أصحابه كيف وصلتم إلى هذا الحال من تعجيل اجابه
السؤال قال انا تركنا لله جل جلاله ما نريد نحن لأجل يريد هو جل جلاله
فصار إذا عرضت إليه حاجه جل جلاله ترك ما يريد هو لأجل ما نريد نحن
أقول وحدثني أبو الفخر بن قره رحمه الله وكان رجلا صالحا ركب في
بعض مراكب البحار فأشرف أهل المركب الاخطار لقوه الرياح وكان معهم
رجل معروف بالصلاح فاستغاثوا به فكتب في رقعه لطيفه شيئا ورماه البحر
فسكن الهواء وزال الابتلاء فاجتهدنا ان يعرفنا كتب فامتنع من ذلك وخرجنا من
المركب وتبعته بلد إلى بلد ليعرفني ما كتب فلما ألححت عليه والله ما كتبت
غير سوره قل هو الله أحد
أقول انا ولا ريب انه كتبها بالاخلاص فكانت سبب الخلاص وكتب
اسم الله الأعظم الارحم الأكرم لكفى في النجاة والظفر بالعز والجاه

(1) يونس 10: 22.
(2) في " ش " زيادة: البرو.
116

* (الفصل الثالث في النجاة في السفينة بآيات القرآن نذكرها ليقتدى بها أهل
الايمان) *
ورأيت في المجلد السابع من معجم البلدان للحموي في ترجمه محمد بن
السائب الكلبي ما هذا لفظه وحدث هشام عن أبيه محمد بن السائب قال كنت يوما
بالحيرة فوثب إلى رجل فقال أنت الكلبي قلت نعم قال مفسر القرآن قلت
نعم قال فأخبرني قول الله عز وجل وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين
لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ما القرآن الذي كان رسول الله (صلى الله عليه
وآله) إذا قراه حجب عن عدوه من الجن والإنس
قال قلت لا أدرى قال فتفسر القرآن وأنت لا تعلمه
قلت اخبرني آية من الكهف وآية من الجاثية وآية في النحل قلت
الآيات في هذه السور كثيره فقال تعالى ا فرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله
الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوه فمن يهديه من بعد الله
ا فلا تذكرون وقوله وجل ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فاعرض عنها ونسي
ما قدمت يداه انا جعلنا على قلوبهم أ كنة يفقهوه وفي آذانهم وقرا وان تدعهم
إلى الهدى فلن يهتدوا ابدا وقوله تعالى أولئك الذين طبع الله على قلوبهم
وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون
ثم التفت فلم أره فكأنما ابتلعته الأرض فصرت إلى مجلس من مجالسي
فتحدثت بهذا الحديث
فلما كان بعد مده صار إلى رجل ممن حضر مجلسي فقال لي خرجت من
الكوفة أريد بغداد وخرجت معي سفائن ست وكانت سفينتي السابعة فقرات

(1) الاسراء 17: 45.
(2) الجاثية 45: 23.
(3) الكهف 18: 57.
(4) النحل 16: 108.
117

الآيات في سفينتي فنجوت وقطع الست
قال وضرب الدهر ضربانه واتاني رجل بعد سنين كثيره فسلم على وقال
انا عتيقك ومولاك قال قلت كيف يكون ذلك ورجل من العرب قال
غزوت الديلم فأسرت فكنت فيهم عشر سنين فذكرت الآيات فقراتها فخرجت
ارسف في قيودي ومررت على الموكلة بنا من السجانين وغيرهم فما عرض لي أحد منهم
حتى صرت إلى بلاد الاسلام فانا عتيقك ومولاك
* (الفصل الرابع فيما نذكره مما يمكن أن يكون سببا لما قدمناه من الصلاة على
محمد وآله (ص) عند ركوب السفينة للسلامة واللعن لأعدائهم أهل
الندامة) *
رويت عن شيخي محمد النجار متقدم أهل الحديث بالمدرسة المستنصرية
وكان ومحافظا على مقتضى عقيدته فيما رواه لنا من الاخبار النبوية كتابه الذي
جعله تذييلا على تاريخ الخطيب فقال ترجمه الحسن بن أحمد المحمدي أبي محمد
العلوي ما هذا لفظه حدث عن القاضي أبي محمد الحسن عبد الرحمن بن خلاد
الرامهرمزي وأبي عبد الغالبي وبكر بن أحمد بن مخلد روى عنه عبد الله
الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن
بختيار الواسطي قال كتب إلى أبو جعفر محمد بن بن محمد الهمداني قال أخبرنا
السيد أبو عبد الحسين بن الحسن بن زيد الحسيني القصبي بقراءتي بجرجان قال
حدثنا الشريف أبو محمد الحسن أحمد العلوي المحمدي ببغداد في شهر رمضان من سنه
خمس وعشرين وأربعمائة قال حدثنا القاضي أبو محمد بن عبد الرحمن بن
خلاد وبكر بن أحمد بن مخلد وأبو عبد الله الغالبي قالوا حدثنا محمد بن هارون
المنصوري العباسي حدثنا أحمد بن شاكر حدثنا يحيى بن أكثم القاضي حدثنا
المأمون عن عطيه العوفي عن ثابت البناني عن انس بن مالك عن النبي (صلى الله
عليه وآله) أنه قال لما أراد الله عز وجل ان يهلك قوم نوح (ع) أوحى الله

(1) ضرب الدهر ضربانه: مضى " القاموس المحيط - ضرب - 1: 95 ".
(2) آل ب ح آر 76: 255.
118

إليه ان شق ألواح الساج فلما شقها لم يدر ما يصنع فهبط جبرئيل (ع)
فأراه هيئه السفينة ومعه تابوت مائه الف مسمار وتسعه وعشرون الف مسمار
فسمر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسه مسامير فضرب بيده مسمار منها
فأشرق في يده وأضاء كما يضئ الكوكب الدري أفق السماء فتحير من ذلك نوح
فانطق الله ذلك المسمار بلسان طلق ذلق فقال على اسم خير الأنبياء محمد عبد الله
فهبط عليه جبرئيل فقال له يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله قال هذا
باسم خير الأولين والآخرين محمد بن عبد الله أسمره أولها على جانب السفينة اليمين
ثم ضرب بيده مسمار ثان فأشرق وأنار فقال نوح وما هذا المسمار
قال: مسمار أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب فاسمره جانب السفينة اليسار في
أولها
ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار فقال هذا مسمار
فاطمة فاسمره إلى جانب مسمار أبيها
ثم ضرب بيده مسمار رابع فزهر وأنار فقال هذا مسمار الحسن فاسمره
إلى جانب مسمار أبيه
ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فأشرق وأنار وبكى فقال يا جبرئيل
هذه النداوة فقال هذا مسمار الحسين بن علي سيد الشهداء فاسمره إلى جانب
مسمار أخيه
ثم قال (ص) وحملناه على ذات ألواح ودسر قال النبي
صلى الله عليه وآله الألواح خشب السفينة ونحن الدسر لولانا سارت السفينة
بأهلها
يقول أبو القاسم بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس مصنف

(1) في " ش ": ما هذا المسمار، فقال جبرئيل: هذا مسمار باسم.
(2) في " ش " ما هذا المسمار، قال: هذا باسم.
(3) القمر 54: 13.
(4) البحار 26: 332 / 14.
119

هذا الكتاب وإنما ذكرت هذا الحديث لأنه بروايه بن النجار الذي هو من
أعيان أهل الحديث من الأربعة المذاهب وثقاتهم وممن لا يتهم فيما يرويه من فضائل
أهل البيت (ع) وعلو مقاماتهم وما رايته ولا رويته طريق شيعتهم إلى
الان
وإذا كان نجاه سفينة نوح بأهلها وهم أصل كل من بقي من ولد آدم
(ص) عجب إذا صلى الانسان عليهم عند ركوب كل سفينة شكرا
لعلو مقاماتهم وما ظفرنا به من النجاة ببركاتهم وان اختار كل من ركب في سفينة
وخاف من اخطارها ومعاطبها ان يكتب على جوانبها في المواضع كانت أسماؤهم
في سفينة نوح أأنت توسلا وتوصلا الظفر بما انتهت في النجاة سفينة نوح
إليه يكتبه في رقاع ويلصقها في جوانب سفينة ركوبه يبعد من فضل الله
جل جلاله أيظفره بمطلوبه وادراك محبوبه شاء الله تعالى
* (الفصل الخامس فيما نذكره دعاء دعا به من سقط من مركب في البحار
فنجاه تعالى من تلك الاخطار) *
وجدت في كتاب المستغيثين باسناده ان رجلا كان في مركب فسقط في
البحر ثلاث مرات يا حي اله إلا أنت فسمع أهل المركب مناديا
ينادى لبيك لبيك نعم الرب ناديت ثم اختطف البحر
فصل وقد عرفت ان يونس بن متى (ع) قال في البحر لا اله إلا
أنت سبحانك انى من الظالمين نجاه الله برحمته إنه أرحم الراحمين فقل كما
قال فإنه جل جلاله قال وكذلك ننجي
* (الفصل السادس فيما نذكره من دعاء ذكر تاريخ ان المسلمين دعوا به
فجازوا على بحر وظفروا بالمحاربين) *
وهو يا ارحم الراحمين كريم يا حليم يا أحد يا صمد يا حي يا محيى
الموتى حي يا قيوم لا اله إلا أنت يا ربنا

(1) الأنبياء 21: 87.
(2) الأنبياء 21: 88.
120

* (الفصل السابع فيما نذكره عن مولانا على عند خوف الغرق
فيسلم مما يخاف عليه) *
يقرا الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين وقدروا الله حق
قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه
وتعالى عما يشركون
أقول وقد ذكر الله جل جلاله في حال الخائفين الغرق في البحار وان
الاخلاص في الدعاء كان سبب نجاتهم الماء والهواء فقال جل جلاله فإذا ركبوا
في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر هم يشركون
فالمهم الاخلاص في الدعاء لمن يقول للشئ كن فيكون
* (الفصل الثامن فيما نذكره عند الضلال الطرقات بمقتضى الروايات) *
روينا عن بن محمد البرقي من كتاب المحاسن في باب دعاء الضال عن
الطريق باسناده عن علي بن أبي حمزه أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا ضللت الطريق فناد يا صالح أو يا أبا صالح ارشدونا الطريق
رحمكم الله
قال عبيد بن الحسين الزرندي فأصابنا ذلك فأمرنا بعض من معنا ان يتنحى
وينادى قال فتنحى ونادى ثم أتانا فأخبرنا انه سمع صوتا دقيقا يقول الطريق يمنه

(1) الأعراف 7: 196.
(2) الزمر 39: 67.
(3) الكافي 2: 457 / 21.
(4) العنكبوت 29: 65.
(5) في " ش " زيادة: ويكتب لكل هم ومحنة هذهة الرقعة وترسل في الماء الجاري، وإن كان في يوم الجمعة بعد
الصلاة فهو أبلغ وانجح، وهي هذه: بسم الله الرحمن الرحيم، من العبد الضعيف الذليل، إلى المولى القوي
الجليل، ربي مسني الضر وأنت ارحم الراحمين، واكشف عني ضر ما انا فيه، واكشف عني همي، وفرج
غمي، بحق محمد وآل محمد، الطيبين الطاهرين.
(6) أثبتناه من المصدر.
121

أو قال يسره فوجدناه كما قال
كذا وجدنا الحديث صالح أو يا أبا صالح ويكون السهو من الراوي
وكذا قوله الطريق يمنه أو يسره ويكون الشك ممن رواه
ومن الكتاب قال حدثني أبي انهم حادوا عن الطريق بالبادية ففعلنا ذلك
فارشدونا وقال صاحبنا سمعت صوتا دقيقا الطريق إلى يمنه فأخبرني ولم يخبر
الجماعة فقلت خذو يمنه فأخذنا يمنه فما سرنا إلا قليلا حتى عارضنا الطريق
ومن ذلك باسناده إلى أبحمزة الثمالي أبي جعفر (ع) قال من
نفرت به دابه فقال الكلمات يا عباد الله الصالحين أمسكوا على رحمكم الله يا
نار في ع ح وئا ه ا ه ح
قال ثم أبو جعفر (ع) ان البر موكل به ا ر (ع) ح والبحر موكل به ه
وم ح
قال قال عمر عبد العزيز أرواه الحديث فقلت انا فعلت في
بغال ضلت فجمعها لي
ومن ذلك باسناده أبي عبيده الحذاء قال كنت مع أبي جعفر
فضل بعيري فقال صل ركعتين وقل كما أقول راد الضالة هاديا من
الضلالة رد على ضالتي فإنها فضل الله وعطائه ثم إن أبا جعفر (ع)
غلامه فشد على بعير من إبله محمله ثم قال يا عبيده تعال اركب فركبت مع
أبي جعفر فلما سرنا سواد على الطريق فقال يا أبا عبيده هذا بعيرك هو

(1) المحاسن: 362 / 98.
(2) المحاسن: 363.
(3) في " ش " زيادة: وينبغي أن يقول هذه الكلمات المتحير في الطرقات والمبتلى ببلاء ولا قبل له به: يا فارس
الحجاز أدركني أدركني، يا أبا صالح المهدي أدركني أدركني، يا أبا الحسن أدركني أدركني، فيأمر عليه السلام
بخلاصك من ذلك البلاء، يهديك إلى سواء السبيل.
(4) في " ش " زيادة: المخلصين.
(5) المحاسن: 363 / 99.
122

بعيري
أقول وروى عن الصادق (ع) ان البر موكل به صالح والبحر
موكل به حمزه
وروى والبرقي عن النبي (ص) أنه قال إذا أخطأتم الطريق
فتيامنوا
أقول وان احتاج إلى القرعة أو الاستخارة في معرفه الطريق فإنه من
التوفيق
* (الفصل التاسع فيما نذكره تصديق صاحب الرسالة ان في الأرض من الجن
من يدل الطريق عند الضلالة) *
روينا ذلك من المحاسن باسناده عن عمر بن يزيد قال ضللنا سنه
من السنين ونحن في طريق مكة فأقمنا ثلاثة أيام نطلب الطريق فلم نجده فلما إن كان
في اليوم الثالث وقد نفد ما كان معنا فتحنطنا وتكفنا بازرنا ازر احرامنا فقام
رجل منا فنادى يا صالح يا أبا الحسن فاجابه مجيب من فقلنا من أنت يرحمك
الله فقال انا من النفر قال الله تعالى في كتابه وإذ صرفنا إليك نفرا الجن
يستمعون القرآن إلى آخر الآيات ولم يبق غيري وانا مرشد الضلال من
الطريق قال فلم نزل نتبع الصوت خرجنا إلى الطريق
أقول ورأيت بخط جدي المسعود ورام بن أبي فراس قدس الله جل جلاله
روحه ونور ضريحه في المعنى الذي ذكرناه ما هذا لفظ ما وجدناه وروى عن محمد بن علي
الباقر (ع) ان قوما خرجوا في سفر فتوسطوا مفازه في يوم قائظ فهجر

(1) المحاسن: 363 / 101.
(2) الفقيه 2: 195 / 886.
(3) المحاسن: 362 / 97.
(4) الأحقاف 46: 29.
(5) المحاسن: 379 / 158.
(6) الهجير والهاجرة: شدة الحر وسط النهار. " الصحاح - هجر 2: 851 ".
123

عليهم النهار وقد نفد الماء والزاد فأشرفوا الهلكه عطشا فتلقوا أصول الشجر فإذا
رجل عليه بياض الثياب وقف فقال سلام فقالوا سلام قال ما
حالكم قالوا ما ترى أبشروا بالسلامة فانى رجل من الجن أسلمت على
يد أبي القاسم محمد (ص) فسمعته يقول المؤمن أخو المؤمن عينه
ودليله فما كنتم لتهلكوا بحضرتي اتلونى قال فتلوناه فأوردنا على ماء وكلاء فأخذنا
حاجتنا ومضينا
أقول انا وهذا من معجزاته (ع) وكراماته
* (الفصل العاشر فيما نذكره إذا خاف في طريقه الأعداء واللصوص وهو
ادعيه السر المنصوص) *
يا آخذا بنواصي خلقه والسافع بها قدرته والمنفذ فيها حكمه وخالقها
وجاعل قضائه غالبا انى مكيد لضعفي ولقوتك على من كادنى تعرضت
فإن حلت بيني وبينهم فذلك ما أرجو وان أسلمتني إليهم غيروا بي من نعمتك
يا خير المنعمين لا تجعل أحدا مغيرا نعمك التي أنعمت بها على سواك ولا تغيرها
ربى وقترى الذي نزل بي فحل بيني وبين شرهم بحق به تستجيب الدعاء يا الله
رب العالمين

(1) كذا في " د "، وفوقها بخط أدق " فاموا "، والمعنى واحد، فان في أصول الشجر نداوة وظلا يهون عليهم حر
العطش شيئا ما.
تلقى أصول الشجر: واجهها بوجهه.
أم أصول الشجر: قصدها. ووقد وردت في " ش " و " ط ": فبلغوا.
(2) في " ش ": ثياب بيض فوقف.
(3) كذا في " ش "، وفي " د " فتليناه.
(4) البحار 76: 257 / 51.
(5) في " د " و " ش " و " ط ": السائق، وما أثبتناه من البحار، وسفع بناصيته: جره بها. " الصحاح - سفع -
3: 123 ".
(6) أثبتناه من المصدر.
(7) أدعية السر للراوندي: 22، الجواهر السنية: 177، البحار 76: 257 / 52.
124

ويقول أيضا بسم الله وبالله ومن والى الله وفي سبيل الله اللهم
إليك أسلمت نفسي واليك وجهت وجهي واليك ألجأت ظهري واليك
فوضت امرى فاحفظني بحفظ الايمان من بين يدي ومن خلفي ويميني وعن
شمالي ومن فوقى ومن تحتي وادفع عنى بحولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوه إلا بالله
العلي العظيم
فقد روى عن زين العابدين (ع) انه ما أبالي إذا قلت هذه
الكلمات لو اجتمع الجن والإنس
ذكر آيات يحتجب الانسان من أهل العداوات
تومئ بيدك اليمنى إلى من تخاف شره وتقول وجعلنا من بين أيديهم سدا
ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم يبصرون انا جعلنا على قلوبهم أكنة ان
يفقهوه وآذانهم وقرا وان تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا ابدا أولئك
الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وابصارهم وأولئك هم الغافلون ا
فرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على
بصره غشاوه فمن يهديه من بعد الله ا تذكرون وإذا قرأت القرآن جعلنا
بينك وبين لا يؤمنوا بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أ كنة
يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على ادبارهم نفورا

(1) ليس في " د " و " ش ".
(2) الكافي 2: 406 / 10 و 410 / 23.
(3) يس 36: 9.
(4) الكهف 18: 57.
(5) النحل 16: 108.
(6) الجاثية 45: 23.
(7) الاسراء 17: 45 - 46.
(8) البحار 76: 258.
125

* (الفصل الحادي عشر فيما نذكره مما يكون أمانا اللص إذا ظفر به
ويتخلص من عطبه) *
رأيت كتاب المستغيثين باسناده إلى رجل من الأنصار وأبو مغلق
لقيه لص فأراد اخذه فسأله ان يصلى أربع ركعات فتركه فصلاها وسجد وقال في
سجوده يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعالا لما يريد أسألك بعزتك لا ترام
وملكك الذي لا يضام وبنورك الذي ملا أركان عرشك ان تكفيني شر هذا اللص
يا مغيث أغثني وكرر هذا الدعاء ثلاث مرات فإذا بفارس قد اقبل بيده حربه فقتل
اللص وقال له انا ملك من السماء الرابعة وان من صنع كما صنعت استجيب له
مكروبا كان غير مكروب
ومن الكتاب المذكور باسناده عن زيد حارثه انه ظفر به لص وأراد قتله
فقال له دعني اصلى ركعتين فخلاه فلما فرغ منهما قال يا ارحم الراحمين فسمع
اللص قائلا له لا تقتله فعاد فقال يا ارحم الراحمين فسمع اللص قائلا
له لا تقتله فقال مره ثالثه يا ارحم الراحمين بفارس في يده حربه في رأسها
شعله من نار فقتل اللص ثم قال للمأخوذ لما قلت يا ارحم الراحمين كنت في
السماء السابعة فلما قلت ثانيه في السماء الدنيا فلما قلت مره ثالثه يا ارحم
الراحمين اتيتك
* (الفصل الثاني عشر فيما نذكره من دعاء قاله مولانا علي (ع) عند كيد
الأعداء فظفر بدفع ذلك الابتلاء) *
رأيت في الجزء الرابع من كتاب دفع الهموم والأحزان تأليف أحمد بن داود
النعماني قال عباس قلت لأمير قوله المؤمنين (ع) ليله صفين ا ما ترى
الأعداء قد احدقوا بنا فقال وقد راعك قلت نعم فقال اللهم إني أعوذ
بك ان أضام سلطانك اللهم إني أعوذ بك ان أضل في هداك انى أعوذ بك

(1) في " ش ": اللصوص إذا ظفروا.
(2) البحار 76: 258.
126

ان افتقر في غناك اللهم إني أعوذ بك ان أضيع سلامتك اللهم إني أعوذ بك ان
أغلب والامر لك
أقول انا فكفاه الله جل جلاله أمرهم
* (الفصل الثالث عشر نذكره من أن المؤمن إذا كان مخلصا أخا ف الله
كل شئ) *
روينا ذلك بإسنادنا إلى البرقي من كتابه كتاب المحاسن عن صفوا
الجمال قال أبو عبد الله (ع) ان المؤمن يخشع له شئ ويهابه كل
شئ ثم قال إذا كان مخلصا أخاف الله منه كل شئ حتى هوام الأرض
وسباعها وطير السماء وحيتان البحر
فمن ذلك رويناه من كتاب الرجال للكشي وقد ذكرناه كتاب
الكرامات ولم يحضرنا لفظه فنذكر الان معناه ان بعض خواص مولانا علي (ع)
من شيعته كان سجد فتطوق أفعى على حلقه فلم يتغير عن حال
سجوده ومراقبه معبوده حتى انفصل الأفعى من رقبته بغير حيله بل بفضل الله
جل جلاله ورحمته
ومن ذلك ما رأيناه مرويا عن علي الزاهد بن الحسن بن الحسن بن الحسن
السبط انه كان قائما في الصلاة فانحدر أفعى من رأس جبل فصعد على
ثيابه ودخل من زيقه وخرج من تحت ثيابه فلم يتغير عن حال صلاته ومراقبته
لمالك حياته
ومن ذلك ما رأيناه في كتاب السفراء وقد نقلناه بلفظه كتاب
الكرامات ونذكر هاهنا بعض معناه عليا بن عاصم الزاهد كان يزور الحسين (ع قبل عماره مشهده بالناس فدخل سبع إليه فلم يهرب منه ورأى كف

(1) في " ش " زيادة: في ملكك.
(2) البحار 76: 259.
(3) زيق القميص: ما أحاط بالعنق منه. " القاموس المحيط - زيق - 3: 243 ".
(4) مقاتل الطالبين: 191 باختلاف في ألفاظه.
127

السبع منتفخه بقصبه قد دخلت فيها فاخرج القصبة وعصر كف السبع وشده
ببعض عمامته ولم يقف الزوار لذلك سواه
ومن ذلك ما عرفناه نحن وان بعض الجوار والعيال جاؤني ليله وهم
منزعجون وإذ ذاك مجاورا بعيالي لمولانا علي (ع) فقالوا رأينا مسلخ
الحمام تطوى الحصر الذي فيه وتنشر ونبصر من يفعل ذلك فحضرت عند باب
المسلخ وسلام عليكم قد بلغني عنكم ما قد فعلتم ونحن جيران مولانا علي (ع)
وأولاده وضيفانه وما أسأنا مجاورتكم تكدروا علينا مجاورته ومتى فعلتم
شيئا من شكوناكم إليه فلم نعرف منهم تعرضا لمسلخ الحمام ذلك ابدا
ومن ذلك ان ابنتي الحافظة الكاتبة شرف الاشراف كمل الله تعالى لها
تحف الألطاف عرفتني انها تسمع سلاما عليها ممن لا تراه فوقفت في الموضع فقلت
سلام عليكم أيها الروحانيون فقد عرفتني ابنتي شر ف الاشراف بالتعرض لها
بالسلام وهذا الانعام مكدر علينا ونحن نخاف منه ان ينفر بعض العيال منه ونسأل
ان لا تتعرضوا لنا بشئ من المكدرات وتكونوا معنا جميل العادات فلم يتعرض
لها أحد بعد ذلك بكلام
ومن ذلك انني كنت اصلى المغرب بداري بالحلة فجاءت حيه فدخلت تحت
خرقه كانت عند موضع سجودي فتممت الصلاة ولم تتعرض لي بسوء وقتلتها بعد فراغي
من الصلاة وهذا أمر معلوم يعرفه من رآه أو رواه
* (الفصل الرابع عشر فيما نذكره إذا خاف من المطر سفره وكيف يسلم من
ضرره وإذا عطش كيف يغاث ويامن من خطره) *
وروينا بإسنادنا إلى الله بن جعفر الحميري في كتاب دلائل الرضا
عليه السلام باسناد الحميري إلى سليمان الجعفري إلى أبي الرضا (صلوات الله
عليه) قال كنت معه وهو يريد بعض أمواله فامر غلاما له يحمل له قباء فعجبت من
ذلك وقلت ما يصنع به فلما صرنا في بعض الطريق نزلنا إلى الصلاة وأقبلت السماء
فالقوا القباء على وعليه وخر ساجدا فسجدت معه ثم رفعت رأسي وبقى ساجدا
فسمعته يا رسول الله يا رسول الله فكف المطر
128

قلت انا وكنت مره قد توجهت من بغداد الحلة على طريق المدائن فلما
حصلنا في موضع بعيد القرايا جاءت الغيوم والرعود واستوى الغمام للمطر وعجزنا
عن احتماله فألهمني الله جل جلاله انني أقول يا من يمسك السماوات والأرض ان
تزولا أمسك عنا مطره وخطره وكدره وضرره بقدرتك القاهرة وقوتك الباهرة
وكررت ذلك وأمثاله كثيرا وهو متماسك بالله جلاله حتى وصلنا إلى قريه فيها
مسجد فدخلته وجاء الغيث شيئا عظيما في اللحظة التي دخلت فيها المسجد وسلمنا
منه وكان ذلك قبل ان أقف على هذا الحديث
أقول وتوجهت مره في الشتاء بعيالي من مشهد (ص) إلى
بغداد في السفن فتغيمت الدنيا وأرعدت وبدا المطر فألهمت انني قلت ما معناه اللهم
ان هذا المطر تنزله لمصلحه العباد وما يحتاجون من عماره البلاد فهو كالعبد في
خدمتنا ومصلحتنا ونحن الان قد سافرنا بأمرك راجين لاحسانك وبرك فلا تسلط
علينا ما هو كالعبد لنا ان يضر بنا واجرنا عوائد العناية الإلهية والرعاية الربانية
واجر المطر على عوائد العبودية واصرفه عنا إلى المواضع النافعة لعبادك وعماره بلادك
برحمتك يا ارحم الراحمين فسكن في الحال
أقول وهذا من تصديق الآيات المعظمات في اجابه الدعوات ولمحمد (صلى
الله عليه) من جمله المعجزات ولذريته من جمله العنايات فإنه جل جلاله
استجاب من المحسنين ومن المسيئين
* (الفصل الخامس عشر فيما نذكره إذا تعذر المسافر ألما) *
وجدت في حديث حذفت اسناده لأن المراد العمل بمقتضاه ان الحاج تعذر
عليهم وجود الماء حتى أشرفوا على الموت والفناء فغشى أحدهم فسقط إلى الأرض
مغشيا عليه فرأى في حال غشيته مولانا عليا (ص) يقول ما أغفلك عن
كلمه النجاة له وما كلمه النجاة فقال (ع) تقول ادم ملكك

(1) البحار 76: 259 / 53.
(2) البحار 76: 260 / 53.
(3) في " ش ": اللهم.
129

على ملكك بلطفك الخفي وانا علي بن أبي فجلس من غشيته ودعا بها فأنشأ
الله جل جلاله غماما غير زمانه ورمى غيثا عاش به الحاج على عوائد عفوه
وجوده واحسانه
* (الفصل السادس عشر نذكره إذا خاف شيطانا أو ساحرا) *
روينا كتاب منيه الداعي وغنيه الواعي تأليف على محمد بن عبد
الصمد التميمي باسناده قال قال الله (ص) يا علي من خاف
شيطانا أو ساحرا فليقرا ان ربكم الله الذي خلق السماوات وفي سته أيام ثم
استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم
مسخرات بأمره إلا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين وكان في الأصل
بعض الآية وقال يقرا الآية فأتممناها ليحتاج إليها من لا يحفظها
* (الفصل السابع عشر نذكره لدفع ضرر السباع) *
قد قدمنا طرفا مما يحتاج إليه من خاف في سفره من السباع ونذكر حديثا
آخر من كتاب غنيه الداعي زيادة في الانتفاع باسناده إلى مولانا جعفر بن محمد
عن آبائه قال قال أمير قوله المؤمنين (ع) من تخوف سبعا نفسه
أو على غنمه فليقل اللهم رب دانيال والجب ورب كل أسد مستأسد احفظني
واحفظ على غنمي
* (الفصل الثامن عشر في حديث آخر للسلامة السباع) *
رويناه من كتاب المحاسن باسناده ابن أبي فاخته عن أبيه قال بعثني
جعده هبيره إلى سوراء فذكرت ذلك لعلى (ع) سأعلمك ما إذا
قلته لم يضرك الأسد قل أعوذ برب دانيال والجب من شر الأسد ثلاث مرات
قال فخرجت هو باسط ذراعيه عند الجسر فقلتها فلم يتعرض ومرت بقرات

(1) في " ش ": وقته.
(2) البحار 76: 260 / 53.
(3) الأعراف 7: 54.
(4) البحار 95: 132 / 11.
130

فتعرض لهن وضرب منهن بقرة
* (الفصل التاسع عشر في دفع خطر الأسد ويمكن يدفع به ضرر كل أحد) *
وجدته في كتاب الدلائل للنعماني باسناده عن الصادق (ع) لدفع
الأسد إذا عرض للانسان يقرا آية الكرسي ويقول عزمت عليك بعزيمة الله
جل جلاله وعزيمه محمد رسول الله (ص) وعزيمه سليمان داود (عليه
السلام) وعزيمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمة من بعده إلا تنحيت عن طريقنا
ولا تؤذينا فإنه لا يؤذيك قد فجرب ذلك والحديث مختصر
* (الفصل العشرون فيما نذكره إذا خاف من السرق) *
من كتاب منيه الداعي باسناده قال الله (ص) يا علي
أمان لامتي من السرق قل ادعوا أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء
الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين سبيلا وقل الحمد لله
الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل
وكبره تكبيرا وكان في الحديث إلى آخر السورة فأتممناها لمن يحتاج إليها
* (الفصل الحادي والعشرون نذكره لاستصعاب الدابة) *
من كتاب منيه الداعي باسناده قال رسول الله (ص) يا علي
من استصعبت دابته فليقرا في اذنها الأيسر وله أسلم من في السماوات
والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون
* (الفصل الثاني والعشرون فيما نذكره إذا حصلت الملعونة في عين دابته يقرؤها
ويمر يده على عينها ووجهها أو يكتبها ويمر الكتابة عليها بإخلاص نيته) *
بسم الرحمن الرحيم بسم الله الشافي بسم الله الكافي بسم الله المعافى
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في وفي السماء وهو السميع العليم

(1) المحاسن: 368 / 119.
(2) البحار 95: 142 / 5.
(3) الاسراء 17: 110 - 111.
(4) البحار 76: 260 / 53 و 95: 124 / 5.
(5) آل عمران 3: 83.
131

وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمه للمؤمنين واردد العين الحابس والحجر اليابس
وماء قارس وشهاب ثاقب من العين إلى العين واردد العين العين فقال جبرئيل
وميكائيل (ع) إلى أين تذهب عين السوء قالت اذهب إلى الثور في نيره
والجمل قطاره والدابة في رباطها فقالا لها (ع) عزمت بتسعه
وتسعين اسما ان تلقى الثور في نيره والجمل قطاره والدابة في رباطها كذلك يطفئ
الله الوجع العين بلا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم بسم سلام سلام من
الله الذي لا اله إلا هو السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما
يشركون
* (الفصل الثالث والعشرون فيما نذكره من الدعاء الفاضل إذا أشرف بلد أو
قريه أو بعض المنازل) *
روينا من عده طرق ونذكر لفظ ما نقلناه في كتاب مصباح الزائر وجناح
المسافر فليقل اللهم رب السماوات السبع وما أظلت والأرضين السبع وما
أقلت ورب الشياطين وما أضلت ورب الرياح وما ذرت ورب البحار وما جرت
اني أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها وأعوذ بك شرها وشر ما فيها اللهم يسر لي ما
كان من يسر واعنى على قضاء حاجتي يا قاضى الحاجات ومجيب الدعوات
أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا
وان شئت فقل ما نقوله من الانشاء بعد هذا الدعاء ارزقني خير هذا
المكان وخير أهله وخير من دخل أو يدخل إليه وخير من قرب منه أو أقام به
خرج عنه واكفني شره وشر أهله وشر من دخل أو يدخل إليه وشر من قرب منه
أو أقام به خرج عنه اللهم وألهمهم حفظ حرمتك والعمل بشريعتك في ترك
الأذى لأنفسهم بظلمهم لنا والغيبة لنا والتعرض بنا واختم على جوارحهم ان تقع منها
مخالفه لإرادتك أو معارضه لحكمك بشئ يغير علينا عوائد رحمتك وفوائد

(1) البحار 95: 42 / 2.
(2) مصباح الزائر: 11، البحار 76: 260 / 54 عن الأمان.
(3) في " ش " لكلمتك.
132

نعمتك وادفع عنا نحوس هذا المكان وضره وبؤسه واكداره واخطاره وكمل لنا
سعوده وخلوده ومساره ومباره وأدخلنا إليه مدخل صدق وأقمنا به مقام صدق وأخرجنا
منه مخرج صدق واجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا وكن لنا على الدهر ظهيرا ومن
كل سوء مجيرا وهب لنا في الدنيا أنعاما كثيرا وفي الآخرة نعيما وملكا كبيرا وابدا
في هذا الدعاء وهذا الرجاء بمن يرضيك البداة به من أهل الاصطفاء والاجتباء
واجعلهم من الوسائل لنا إليك في كل ما عرضناه نعرضه عليك برحمتك يا ارحم
الراحمين
* (الفصل الرابع والعشرون فيما نذكره من اختيار مواضع النزول وما يفتح علينا
المعقول والمنقول) *
اعلم أن اختيار موضع النزول ينبغي أن يكون في موضع قريب من الماء
للطهارات والشرب والضرورات وفيه ما يحتاج إليه الأصحاب والدواب من المهمات
وأن يكون في وسط القوم صحبتهم لخفارتك وحفظ حرمتك وتجعل الليل
كان الوقت ليلا مقسما بينهم يحفظ كل منهم بقدر حصته من ليلته وليس ذلك مخالفا
للتوكل على جل جلاله وعلى حفظه وحراسته
فصل فقد روينا النبي (ص) كان له من صحابته من يحفظه
في سفره أهل عداوته إلى أن نزل قوله جل جلاله والله يعصمك الناس فترك
الاحتراس بالناس
فمن الرواية تحفظه (ع) في سفره ما نذكر معناه لأن الغرض
ذلك الاقتداء به (ص) والتعريف بافعاله
رأينا وروينا من بعض تواريخ أسفاره عليه أفضل الصلوات انه كان قد
قصد قوما من أهل الكتاب قبل دخولهم الذمة فظفر منهم بامراه قريبه العرس

(1) في " ش ": نعمتك وفوائد رحمتك.
(2) في " ش ": وأكمل.
(3) المائدة 5: 67.
133

بزوجها وعاد من سفره فبات في طريقه وأشار عمار بن ياسر وعباد بن بشر ان
يحرساه فاقتسما الليلة فكان لعباد بن بشر النصف الأول ولعمار بن ياسر النصف
الثاني فنام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلى وقد تبعهم اليهودي يطلب امرأته
ويغتنم اهمالا من التحفظ فيفتك بالنبي (ص) فنظر اليهودي إلى عباد بن
بشر يصلى في موضع العبور فلم يعلم ظلام الليل هل هو شجره أو اكمه أو دابه أو
انسان فرماه بسهم فأثبته فيه فلم يقطع عباد بن بشر الصلاة فرماه باخر فأثبته فيه
فلم يقطع الصلاة فرماه باخر فخفف الصلاة وأيقظ عمار بن ياسر فرأى السهام في
جسده فعاتبه وقال هلا أيقظتنى في أول سهم فقال كنت قد بدأت بسورة الكهف
فكرهت ان ولولا خوفي ان يأتي العدو نفسي ويصل إلى رسول الله (صلى
الله عليه وآله) وأكون ضيعت ثغرا من ثغور المسلمين ما خففت من صلاتي واتى
على نفسي فدفعا العدو عما اراده
أقول وأبو نعيم الحافظ في الجزء الثاني من كتاب حليه الأولياء باسناده
في حديث أبي ريحانه انه كان مع الله (ص) في غزو فأوينا ذات
ليله إلى شرف فأصابنا فيه برد شديد حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفيرة
فيدخل فيها ويكفا عليه بحجفته فلما رأى ذلك قال من يحرسنا في هذه
الليلة فأدعو له بدعاء يصيب فضله فقام رجل فقال انا يا رسول الله من
أنت فقال فلان بن فلان الأنصاري فقال ادنه فدنا فاخذ ببعض ثيابه
ثم استفتح بدعاء له قال ريحانه فلما سمعت ما يدعو به رسول الله صلى الله عليه
وآله للأنصاري فقمت فقلت انا رجل فسألني كما سأله وادنه كما قال له
ودعا بدعاء دون ما دعا به للأنصاري ثم قال حرمت النار على عين سهرت في
سبيل الله وحرمت النار على عين دمعت من خشيه الله والثالثة أنسيتها
قال أبو شريح بعد ذلك وحرمت النار عين غضت عن محارم الله

(1) الشرف: المكان العالي. " الصحاح - شرف - 4: 1379 ".
(2) الحجفة: الترس إذا كان من جلود. " الصحاح - حجف - 4: 1341 ".
(3) حلية الأولياء 2: 28.
134

* (الفصل الخامس والعشرون فيما نذكره من اختيار المنازل منها ما يعرف صوابه
بالنظر الظاهر ومنها ما يعرفه الله جل جلاله لمن يشاء بنوره الباهر) *
أقول أما اختيار المنازل بالنظر الظاهر يكون كما ذكرناه في ارض ومكان
فيه ما يحتاج الانسان له ولأصحابه ولدوابه ويامن فيه من ضرر يتوجه وأما
تعريف الله جل جلاله لمن يشاء بنوره الباهر كما رويناه من كتاب محمد بن
جرير بن رستم الطبري من كتاب دلائل الإمامة عند ذكر كرامات على الحسين
(ص) باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر
(ع) قال خرج أبو محمد علي بن الحسين (ع) إلى مكة في جماعه
مواليه وناس من سواهم فلما بلغ عسفان ضرب مواليه فسطاطه موضع منها فلما دنا
علي بن الحسين (ع) من الموضع قال لمواليه كيف ضربتم في هذا الموضع
وهذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعه ويضر بهم ويضيق عليهم
فقلنا ما علمنا ذلك وعملوا قلع الفساطيط وإذا هاتف يسمع صوته
ولا يرى شخصه ويقول يا ابن رسول الله لا تحول فسطاطك من موضعه فانا نحتمل
لك ذلك وهذا اللطف قد أهديناه إليك ونحب ان تنال منه لنسر بذلك فإذا في
جانب الفسطاط طبق عظيم واطباق معه فيها عنب ورمان وموز وفاكهة كثيره فدعا أبو
محمد (ع) من كان معه فاكل وأكلوا معه من تلك الفاكهة

(1) في " ش ": وعمدوا إلى.
(2) في " ش ": تناول.
(3) في " ش ": لتسرنا.
(4) دلائل الإمامة: 93، والبحار 46: 45 / 45 و 63: 90 / 44.
135

الباب العاشر
فيما نذكره مما نقوله عند النزول المروى المنقول وما يفتح علينا من
زيادة في القبول ونتحصن به من المخوفات من الدعوات وفيه فصول
* (الفصل الأول فيما نذكره مما يقوله إذا نزل ببعض المنازل) *
روينا في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر وغيره من النقل الظاهر أن
المسافر إذا نزل ببعض المنازل يقول اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين
ويصلى ركعتين بالحمد وما يشاء من السور القصار واللهم ارزقنا خير هذه
البقعة وأعذنا من شرها أطعمنا من جناها وأعذنا من وباها وحببنا إلى أهلها وحبب
صالحي أهلها إلينا ويقول اشهد ان لا اله الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله وان عليا أمير قوله المؤمنين والأئمة من ولده أئمة أتولاهم وابرا من أعدائهم
اللهم إني أسألك خير هذه البقعة وأعوذ بك من شرها اللهم اجعل أول دخولنا هذا
صلاحا وأوسطه فلاحا وآخره نجاحا
* (الفصل الثاني نذكره من زيادة الاستظهار للظفر بالمسار ودفع الاخطار) *
وان شاء فيقول السلام على من بهذا المنزل الروحانيين من الملائكة
الحافظين والجن قد نزلنا في هذا المقام واخترناكم لمقام اكرام الضيفان
والجيران ونحن نتوجه إليكم بالله جل جلاله المنعم علينا وعليكم ان تكونوا لنا على
قدم الضيافة والحماية كل آفة ومخافة
ذكر ما فتح علينا من دعوا ت تحصن المخافات
وان شئت فقل زيادة على ما أوردناه ورويناه اللهم صل على محمد وآل
محمد واجعل هذا المنزل لنا من منازل المسعودين المجدودين المحفوظين الملحوظين
المسرورين المنصورين الظافرين بسعادة والدين المحميين من اذى الظالمين
والباغين والمغتابين والحاسدين برحمتك يا ارحم الراحمين

(1) مصباح الزائر: 11، والبحار 76: 261 / 56.
(2) في " ش " و " ط ": المحمودين. والمجدود: المحظوظ. " الصحاح - جدد - 2: 452 ".
136

* (الفصل الثالث فيما نذكره من الأدعية المنقولات لدفع محذورات مسميات) *
إذا خفت في منزلك شيئا من هوام فقل في المكان الذي تخاف ذلك
فيه وهو من ادعيه السر يا ذارئ ما في الأرض كلها لعلمك بما يكون مما ذرات لك
السلطان على كل من دونك انى أعوذ بقدرتك على كل شئ من الضر في بدني من
سبع هامه أو عارض من سائر الدواب يا خالقها بقدرته وفاطرها بفطرته
أدراها عنى واحجزها عنى ولا تسلطها وعافني من شرها وباسها يا الله العلي العظيم
حطنى بحياطتك واحمني بحمايتك واكفني بكفايتك واحفظني بحفظك
واجنبني بسترك الواقي من مخاوفي يا رحيم
* (الفصل الرابع نذكره مما يحفظه الله جل جلاله به إذا أراد النوم منازل
أسفاره) *
رويناه من كتاب المحاسن للبرقي باسناده إلى أبي عبد الله (ع) قال
اتى اخوان إلى رسول الله (ص) فقالا نريد الشام في تجاره فعلمنا ما نقول
فقال نعم إذا أو يتما المنزل فصليا العشاء الآخرة فإذا وضع أحدكما جنبه
فراشه بعد الصلاة فليسبح تسبيح فاطمة الزهراء (ع) ثم ليقرا آية الكرسي
فإنه محفوظ من كل شئ حتى يصبه وان لصوصا تبعوهما حتى إذا نزلوا بعثوا غلاما
ينظر كيف حالتهما ناما أم مستيقظان فانتهى الغلام إليهما وقد وضع أحدهما جنبه
على فراشه وقرا آية الكرسي وسبح تسبيح فاطمة (ع)
قال فإذا عليهما حائطان مبنيان فجاء الغلام فطاف بهما فكلما دار لم ير إلا

(1) ليس في " ش " و " ط " والمصدر والبحار.
(2) ليس في " ش " و " ط " والمصدر والبحار.
(3) في " ش ": واسترني.
(4) أدعية السر للراوندي: 23، والبحار 76: 261 / 56.
(5) في " ش ": أنائمان.
137

حائطين مبنيين فرجع إلى أصحابه فقال لا والله رأيت إلا حائطين مبنيين
فقالوا له أخزاك الله لقد كذبت بل ضعفت وجبنت فقاموا فنظروا فلم يروا
حائطين مبنيين فداروا بالحائطين فلم يروا انسانا فانصرفوا منزلهم
فلما كان من الغد جاؤوا إليهم فقالوا أين كنتم فقالوا ما كنا إلا هاهنا وما
برحنا قالوا ولقد جئنا وما رأينا إلا حائطين مبنيين فحدثونا ما قصتكم فقالوا
انا آتينا رسول الله (ص) وسألناه ان يعلمنا فعلمنا آية الكرسي وتسبيح
فاطمة (ع) فقلنا قالوا انطلقوا لا والله لا نتبعكم ابدا ولا يقدر عليكم
لص هذا الكلام
* (الفصل الخامس فيما نذكره مما يقوله المسافر لزوال وحشته والأمان عند نومه من
مضرته) *
روينا من كتاب المحاسن باسناده عن الجعفري عن أبي الحسن (ع)
قال من خرج وحده في سفر فليقل ما شاء الله لا حول ولا قوه إلا بالله آنس
وحشتي واعنى على وحدتي واد غربتي
قال وبات في بيت وحده أو في دار أو في قريه وحده فليقل آنس
وحشتي واعنى على وحدتي
قال وقال له قائل صاحب صيد فربما يعرض لي سبع أو أبيت بالليل
في الخرابات والمكان الموحش فقال إذا دخلت فقل بسم وادخل رجلك
اليمنى وإذا خرجت فاخرج اليسرى وسم الله فإنك لا ترى مكروها إن شاء الله
تعالى

(1) ما بين القوسين ليس في " د " و " ش " والمصدر.
(2) ما بين القوسين ليس في " د " و " ش ".
(3) المحاسن: 368 / 120.
(4) في " ش ": في بعض الأماكن والحزابات الموحشة.
(5) في " ش " والمصدر: وقل: بسم الله.
(6) المحاسن: 370 / 122.
138

* (الفصل السادس فيما نذكره من زيادة السعادة والسلامة بما يقوله عند النوم في
سفره ليظفر بالعناية التامة) *
حيث قد ذكرنا نوم المسافر وانه يبقى وما معه محتاجا إلى حافظ لا ينام
قادر قاهر فلنذكر يحضرنا في ذلك إن شاء الله تعالى فنذكر بعض ذكرناه في
كتاب فلاح السائل ونجاح المسائل النوم فنقول ان النوم موت اليقظة ووفاه
الجوارح حياه الاستقامة قال الله جل جلاله وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم
ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه فجعل جلاله النوم وفاه واليقظة بعثا
وحياه وقد عرفت النائم يصير كالأعمى والأصم والأخرس والزمن والمرطوب
ويضيع منه الانتفاع بعقله فيما يقربه علام الغيوب وكأنه إذا نام قد ضيع عياله
وأمواله وحوائجه ومهماته وضروراته وما بقي له قدره حفظ شئ مما كان يحفظه
باليقظة من مطلوباته ومراداته ولو احرزها بالأقفال وما يجرى مجراها من الاحتيال فإنه
إذا نام أمكن فيها وقوع ما لا يريد على كل حال فكان الانسان نام قد أصيب
مصائب هائله ووقع تحت اخطار ذاهلوا ما بقي يقدر على جمع شمله باليقظة على
السلامة وبجوارحه على الاستقامة ويحفظ لمهماته على الإرادة التامة إلا الله
جل جلاله
أقول فينبغي ان يتوب من ما يقتضى غضبه عليه فإن لم توافقه نفسه على
التوبة وكان مصرا قد غلبت القساوة عليه فيسأل الله جلاله العفو عنه فإن
مصانعته لله جل جلاله عند نومه لا بد منه فإنه إذا كان الله جل جلاله غضبانا
عليه وهو مهون بغضبه وغير ملتفت إليه فقد أعان هلاك مهجته وكل ما يعز عليه

(1) في " ش ": ومن.
(2) الانعام 6: 60.
(3) الزمن: المريض الدائم المرض. انظر " الصحاح - زمن - 5: 2131 ".
(4) المرطوب: صاحب الرطوبة. " مجمع البحرين - رطب - 2: 70 ".
(5) فلاح السائل: 271 باختلاف في ألفاظه.
139

وصار في حال ينبغي ان يبكى منه ويبكى عليه ولم يصح منه طلب العفو
والغفران بذل الجناه والعصيان فيستسلم لله جل جلاله استسلام من يسترحم
لمن يأخذ القود منه فعسى من رحمته وسعت كل شئ جل جلاله يرحمه ويعفو
عنه ويحفظه في نومته ويعيده فوائد يقظته ويودع نفسه وكل من يعز عليه وما يعز
عليه لله جل جلاله الذي أمر بحفظ الودائع والأمانات وجعل ذلك من الوصف
الكامل وهو أجل واقدر عليه
أقول ولقد رأيت في كتاب الياقوت الأحمر تأليف أحمد بن الحسن
الأهوازي ما هذا لفظه قال وسمعت بعض وصفاء الأكاسرة قالت ما نام
كسرى قط إلا ونومه يسجد لله عز وجل ويسأله ان يحييه بعد يميته يعنى
بالموت النوم وبالحياة الانتباه
* (الفصل السابع نذكره مما كان رسول الله يقوله إذا غزا أو سافر فأدركه
الليل) *
رويت ذلك بإسنادي من التذييل لمحمد بن النجار في ترجمه حمزه بن
علي بن عثمان القرشي المخزومي قال كان رسول (ص) إذا غزا أو
سافر فأدركه الليل قال يا ارض ربى وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك
وشر ما خلق فيك وشر ما دب عليك أعوذ بالله شر كل أسد واسود وحيه وعقرب
ومن ساكن البلد ومن شر والد وما ولد
* (الفصل الثامن نذكره إذا استيقظ من نومه) *
قد ذكرنا في فلاح السائل ونجاح المسائل وكتاب الاسرار المودعة
ساعات الليل والنهار ما يحتاج الانسان إليه مثل هذه الحال التي تتهيأ عليه ونقول
هاهنا إذا استيقظ ليلا كان أو نهارا يسجد عقيب يقظته شكرا لله جل جلاله
على سلامته وتمام عافيته فقد روينا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام كان يسجد
لله جلاله عقيب اليقظة والمنام

(1) البحار 76: 261 / 55.
140

* (الفصل التاسع فيما نذكره مما يقوله ويفعله رحيله من المنزل الأول) *
قد قدمنا في أوائل الكتاب عند وداعه لمنزله وعياله من دعائه وابتهاله
ما يغنى عن تكراره ونحن نذكر ما يحضرنا من ذلك اللفظ لئلا نحوجه ان يرجع إلى
تصفح الكتاب واعتباره فنقول
ذكر الطبرسي في كتاب الآداب الدينية ما رواه عن العترة النبوية من
العمل عند الرحيل منازل الاسفار فقال ما هذا لفظه وإذا أردت الرحيل فصل
ركعتين وادع الله بالحفظ والكلاءة وودع الموضع وأهله فإن لكل موضع أهلا من
الملائكة وقل السلام على ملائكه الحافظين السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين ورحمه الله وبركاته
* (الفصل العاشر نذكره في وداع المنزل الأول من الانشاء) *
السلام على من بهذا المنزل من أهله سلاما يزيدكم جل جلاله به من
فضله ونستودعكم الله جل جلاله والحفظة من ملائكته وخاصته ونسألكم ان
تستودعونا جل جلاله وجميع حفظته وان تذكرونا في خلواتكم ومناجاتكم بما
يليق بمروءاتكم وعناياتكم وتشركونا دعواتكم وان تسألوا الله جل جلاله لنا
تمام السلامة ودوام الاستقامة وإن كان قد وقع منا في هذا المنزل يقتضى سوء
مجاورتكم أو اهمال لحق صحبتكم أو مخالفه جل جلاله في مراعاة أهل المنازل
أو تضييع لبعض الآداب والفضائل فنسألكم العفو عما يخصكم وطلب العفو عنا من
الله جل جلاله فيما يختص باهمال امره وتعظيم قدره والسلام عليكم ورحمه الله
وبركاته
* (الفصل الحادي عشر نذكره من وداع الأرض التي عبدنا الله جل جلاله
عند النزول عليها في المنزل الأول) *
فنقول انا روينا في الاخبار النبوية والآثار المرضية كل ارض
تشهد يوم القيامة لمن قصد إليها وعبدك عليها اللهم فاجعل هذه الأرض من جمله شهودنا

(1) الآداب الدينية: 52، البحار 76: 261 / 56 عن الأمان
141

يوم موعودنا انك ارتضيتنا فيها لعبادتك وأهلتنا للتشريف بطاعتك ووفقتنا للشكر
لنعمتك واغننا اليوم الموعود عن شهاده الشهود بما أنت أهله من الرحمة والجود
واجعل العناية التي دلتنا على هذا التعريف والتشريف سببا لحفظنا في طريقنا
وزياده توفيقنا وزوال الأمور المقتضية لتعويقنا برحمتك يا ارحم الراحمين وأشرك في
كل ما دعوناه ورجوناه من صحبنا صديقنا ورفيقنا ومن كان مسافرا من اخواننا
الصالحين أكرم الأكرمين
* (الفصل الثاني عشر فيما نذكره القول عند ركوب الدواب من المنزل الثاني
عوضا عما ذكرناه في أوائل الكتاب) *
إذا ركبت الدابة المنزل الثاني فإن شئت فقل ما قدمنا ذكره عند ركوب
الدواب فيكفايه وهدايه إلى الصواب وان لم ترد تصفح الأوراق وكرهت الرجوع
بنظرك له إلى ما قدمناه لسرعه التوجه وعجله الرفاق فقل اللهم انك خلقت لنا هذه
الدواب وسخرتها لنا لنسير عليها إلى طلب المحاب والظفر بسعادة يوم الحساب
ونعيم دار الثواب وجعلت تحتاج إليه من العلف والماء ناشئا عن قدرتك وسعه
رحمتك ولم يكن ذلك عن سؤال منا ولا عمل صالح سابق صدر عنا فيا من إبتدانا
بالنوال قبل السؤال وسخر لنا المطايا قبل ان نتعرض للعطايا ولم يعاجلنا بالعقوبة
الخطايا صل على محمد وآل محمد وعرفنا قدر رحمتك ونعمتك وأوزعنا شكرها
بعنايتك وهبنا قوه ربانية للقيام بحقوق عطيتك وذللها لنا تذليل العناية بنا والرحمة
لنا والهمنا أن يكون مسيرنا وتدبيرنا موافقا لإرادتك وتابعا لحكمتك في تدبير
خليقتك وإذا غفلنا عن تصريفها في تسييرها بحسب سلامتنا وسعادتنا فألهمها ان تسير
كما أنت أهله من حفظنا وحراستنا وما يقتضى ظفرنا بسعادة دنيانا وآخرتنا برحمتك
يا ارحم الراحمين
وإذا شرعت المسير فقل اللهم تسلم منا ما وهبت لنا من الاختيار واجعل
اختيارنا في مسيرنا وليلنا ونهارنا صادرا الالهام الواقي من اخطارنا واكدارنا وحل
بيننا وبين من يمكن ان يؤذينا في طريقنا بما تمدنا به حسن توفيقنا وصلاح رقيقنا
واجعل حولنا حجابا أستارك وحصنا من كفايتك ومبارك وألبسنا دروع حمايتك
142

وانتصارك واملا قلوبنا من كنوز التوكل والتقوى الواقية البلوى برحمتك يا ارحم
الراحمين
وأشرفت على قريه أو منزل تريد النزول فيه بعد المسير الثاني فقل اللهم
قد أريتنا من حفظك وحياطتك وعوائد رحمتك وظاهر اجابتك ما أطمعنا في زياد
الدعاء والابتهال والظفر باجابه السؤال وبلوغ الآمال وقد وصلنا إلى المنزل الثالث من
حيث خرجنا من منازل العيال فاجعله اللهم من منازل البشارات ومناهل العنايات
وموارد السعادات وضاعف لنا فيه عند نزوله والإقامة به وعند الرحيل منه
مواهب الكرامات والبركات والخيرات واصرف عنا فيه جميع المكروهات و المحذورات
واحفظ علينا ما صحبناه وما خلفناه ونحتاج إلى حفظه مما ذكرناه أو أهملناه
وأصلح قلوب أهله لنا وألهمهم العناية بنا واجعل ما ننتفع منه من الغذاء وغيره من
الأشياء في مقام الدواء والشفاء وطهره الأدناس والأقذاء وسلمنا من كيد
الأعداء وسائر أنواع البلاء والابتلاء برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا نزلت في المنزل الثالث فقل اجعل نزولنا في هذا المنزل الثالث
محروسا من خطر الحوادث ونزهه من الأكدار واخطار الاسفار واملاه المسار وأنوار
الاسرار واجعلنا فيه ومن صحبنا ممن يعز علينا وجميع ما أحسنت به إلينا من
المحفوظين بعينك لا تنام والمحروسين بركنك الذي لا يرام والمحميين بدرعك
لا يضام ووفقنا فيه لما تريد منا وترضى به عنا الكمال والتمام برحمتك يا ارحم
الراحمين
وان شئت فاسجد سجده الشكر على السلامة والعافية وقل فيها اللهم انك
جعلت السجود محلا للقرب بمنط قرآنك وانا أسألك دوام ما أعطيتنا من احسانك
وأمانك ومكاشفتنا بجلاله سلطانك وثبوتنا على مرادك ان تكمل لنا ما أنت أهله
من دوام رضوانك برحمتك ارحم الراحمين
وإذا أردت اكل الطعام المنزل الثالث فقل اللهم قد كنت تضيفت على
موائد رحمتك وتوليت يا رب تسييره في أعضائي على جميل عادتك ولم تعاجلني بعقوبة

(1) في " ش ": أعطيناه.
143

على اهمال لشكر نعمتك ولا تهوين بمراقبتك فانا أحمدك كما تستحقه منى وترضى به
عنى وقد جلست الان هذه المائدة الصادرة عن عواطفك وعوارفك متضيفا
ومسترحما ومستعطفا فاجعلها ضيافه مقرونه بما أوصيت من اكرام الضيوف
والأمان من كل أمر مخوف رأينا في مناقب عبيدك الذين تعلموا الفضائل منك
ان الضيف إذا اكل من طعامهم امن منهم وصدر بالسلامة عنهم وأنت أحق بما علمتهم
من صفات الكمال فنسألك تضيفنا بضيافة مائدتك أفضل ما بلغ إليه ضيف
الاقبال والآمال برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا أردت النوم في المنزل الثالث فقل قد أريتنا من قدرتك وعنايتك
في هذا السفر المقترن بحفظك وحياطتك ما بسط اكف سؤالنا ورجونا به بلوغ
آمالنا اللهم فكما حفظتنا فيما مضى من حركتنا في نومنا ويقظتنا ولم تكلنا إلى
ضعف قوتنا ولا عجز حيلتنا فصل على محمد وآل محمد واحفظنا في هذا المنزل
الثالث المنام واليقظة واجعل لنا من لطفك وعطفك حفظه وأيقظنا فيه
لعبادتك وشرفنا باتباع ارادتك وآداب شريعتك برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا استيقظت من النوم في هذا المنزل الثالث فقل بعد سجده الشكر على
سلامتك في نومك ويقظتك اللهم قد حفظت ووقيت وعفوت وعافيت وأريتنا
هذه المنازل من فضلك الكامل وظلك الشامل يحمدك عليه بيان مقالي ولسان
حالي ونسالك تمام عودتنا من رحمتك وجميل عائدتك وجليل معونتك وحفظك
وحياطتك ونصرتك وتدبيرنا في مسيرنا بأفضل ما دبرت أحدا من أهل الاسفار من
السلامة والمسار برحمتك يا ارحم الرحمين
وإذا أردت وداع الروحانيين هذا المنزل الثالث فقل السلام عليكم أيها
الروحانيون والحافظون والمجاورون قد عزمنا على الرحيل جهتكم ونحن شاكرون
لحسن مجاورتكم وسائلون جل جلاله ان يجازيكم عنا بما يليق بفضله وسائلون
لكم تسألوه ان يشملنا بظله وان يصحبنا منكم فيما بقي أسفارنا من يعيننا على

(1) في " ش ": وعنايتك.
(2) في " ش ": في.
144

السلامة من اخطار ليلنا ونهارنا وان تستودعونا جل جلاله حيث حللنا ورحلنا
ويبلغنا ما املنا وسألنا ونستودعكم الله جل جلاله ونقرا عليكم تحيه البركات
وسلام أهل الموداته ورحمه الله وبركاته عليكم
وإذا أردت وداع الأرض في المنزل الثالث فقل انا عارفون أيتها الأرض ان
ابتداء خلقنا منك وانا صادرون عنك وانك كالأم والأب لنا وقد رجونا انك
تكوني شاهده بلسان الحال يوم القيامة لنا بعناية جل جلاله بنا وعبادتنا له على
ظهرك ونحن نقسم لسان حالك بمالك امرك ان تحسني بلسان الحاء الشهادة
فيما يكون لنا سعاده وزياده وان تسترى بإذن جل جلاله حركات النقصان
والعصيان وان يجمل جل جلاله ذكرنا على كل لسان وبمنطق كل بيان
برحمته ارحم الراحمين
وإذا أردت النهوض من المنزل الثالث فصل ركعتين للوداع كما قدمناه
وقل اللهم ان ما وفقتنا له من الطاعات والصلوات والعبادات فلك المنه وما
حصلنا فيه من الإضاعات والغفلات فأنت المرجو للعفو عن كل ما يقتضيه فيا من من
علينا بالايمان غير سؤال لا تمنعنا ما هو دونه من الآمال والاقبال في الرحيل
والترحال وسائر الأحوال مع الابتهال والتعرض للنوال برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا أردت الركوب من المنزل الثالث فقل قد سيرتنا بالسلامة من
المخاوف وشمول العواطف والعوارف فنحن نحمدك على احسانك المتضاعف
وأمانك المترادف ونسالك ان تجعل رحيلنا من هذا المكان رحيلا مقرونا بالأمان
والحماية من اخطار الأزمان وان تحفظنا وتحفظ علينا دوابنا وتبلغنا عليها محابنا
وتنجح طلابنا وتلهمنا وإياها في المسير أحسن التدبير وتطوى لنا المراحل وتقرب بين
أيدينا المنازل وتكف عنا يد الأعداء وأهل الاعتداء برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا أردت المسير من المنزل الثالث فقل قد أسلمنا نفوسنا ومن
صحبناه إليك وتوكلنا وسلمنا زمام قلوبنا وعقولنا واعنه دوابنا تدبيرك
الحسن الجميل فتول تسييرنا وتدبيرنا الكثير والقليل واجعل لنا من رحمتك

(1) في " ش ": أيدي.
145

وعنايتك قائدا إلى طرق السلامة والكرامة وسخر لنا من الروحانيين من يعيننا على
الأمان من الندامة وأوزعنا شكر ما تنعم به علينا وهئ لنا ما نحتاج بين يدينا
برحمتك يا ارحم الراحمين
وأشرفت على المنزل الرابع فقل اللهم قد عودتنا القبول وبلوغ المأمول
وأريتنا من الرحمة لنا والعناية بنا ما رجونا معه تمام حفظنا وحراستنا ودوام سلامتنا
وحسن خاتمتنا وقد كنت يا ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين سيرتنا في الظهور
والبطون وفي طبقات القرون القرون وتوليت من أمورنا في المنازل والمراحل
ما لم يكن في سؤال سائل ولا أمل آمل فتول نزولنا هذا المنزل الرابع بتلك العنايات
السالفة والرعايات المتضاعفة والسعادات المترادفة واجعل من لسان حالنا من
يحمدك غفلنا ويشكرك ان جهلنا ويثنى عليك ان أهملنا وطيب لنا هذا المنزل
بمواهب الكرم واسباغ النعم ودفع النقم وفراش العافية ومهاد الحماية الكافية
برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا نزلت بهذا المنزل الرابع فصل فيه الركعتين كما قدمناه وقل اللهم
قد نزلنا متوكلين عليك ومفوضين إليك وان تصدق سرائرنا في اخلاص التوكل
والتفويض والاستسلام فلسان حالنا وضعف أعمالنا متوكل ومفوض ومستسلم
يديك لفقره وضعفه وضرورته إليك ولسان حال رحمتك الواسعة ومكارمك السابغة
وسيله لنا وذريعه وشافعه إليك في كما عرضناه أو سألناه أو نسأله أو
نعرضه فاجعلنا ممن أغنيته بعلمك عن المقال وبكرمك السؤال برحمتك
يا ارحم الراحمين
وإذا أردت اكل الطعام المنزل الرابع فقل اللهم ان موائد الكرماء وطعام
الحكماء والرحماء مصونه عن التكدير والمواقفة والتعيير فاعف عما مضى من ذنوبنا
واستر ما اطلعت عليه عيوبنا وأزل وحشة المعاصي من قلوبنا حتى نتهنى بمائدتك

(1) في " ش ": أيدينا.
(2) في " ش ": في.
(3) في " ش ": ركعتين.
(4) في " ش ": زيادة: اللهم.
146

وضيافتك وطهرنا وطهرها مما يقضى تنغيصنا بشئ معاقبتك أو معاتبتك فقد
روينا في الاخبار عن سيد الأبرار أنه قال أطيلوا في الجلوس على الموائد فإنها ساعة
لا تحسب من اعماركم ولا تحاسبون عليها وقد رجونا دخولنا في هذه الوعود
وشمولنا بعوائد الجود فصدق حسن ظننا بكرمك واجرنا على ما عودتنا من نعمك
برحمتك ارحم الراحمين
وإذا أردت النوم في المنزل الرابع فقل انك عرفتنا ان النائمين
كالأموات والمستيقظين النوم كالمبعوثين بعد الممات وقد كنا مواتا في اجزاء
التراب ومواتا في النطف في الأصلاب وقبل تشريفنا الحياة وتوليت تلك
الموتات بالنجاة والعافية العز والجاه نسالك بتلك المراحم والمكارم تتولانا في
هذا المنام وتجرينا على ما عودتنا الانعام والاكرام والكرامة من الأسقام والآلام
واذى الأنام والآثام وتوقظنا يقظه الحافظين لآداب الاسلام وشكر ما أوليتنا من
النعم الجسام برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا أردت الرحيل من المنزل الرابع ووداع الروحانيين وحفظ الودائع فقل
السلام عليكم اخوان يرونا ولا نراهم وقد عزمنا على مفارقتهم ونحن شاكرون
لمسعاهم وسالمون من اذاهم نستودعكم جل جلاله وديعه أمثالكم ونسألكم
ان تستودعونا جل جلاله ببيان مقالكم ولسان حالكم وديعه تليق بحسن ظننا
قبول ابتهالكم
وإذا أردت ان تودع في المنزل الرابع فقل أيتها الأرض التي كنا
وخرجنا عنها ونحن صائرون إليها وقادموا عليها وساكنون في بطنها احقابا بعد
احقاب قد رأيت وفقنا له رب الأرباب متعريفنا وتشريفنا بعبادته وطاعته
وتجملنا لذكرك بخدمته ومحبته وكرامته والولد إذا جمل ذكر والده بصالح أعماله
فيليق بالوالد يكون عونا له على بلوغ آماله ونحن لك كالأولاد فنسألك تسالى
بلسان الحال سلطان الدنيا والمعاد في حملنا ظهرك أيام حياتنا على مطايا سعادتنا

(1) رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق: 141 عن الإمام الصادق عليه السلام.
(2، 3) في " ش ": أمواتا.
147

وسلامتنا في سائر حركاتنا وسكناتنا وحفظنا مما احتويت عليه ومما على ظهرك
من المؤذيات سائر الحيوانات والجمادات والأمان في الطرقات المخافات وإذا
سكنا في بطنك ان تكوني لنا أشفق علينا سائر الحاملات الوالدات وان يسلمنا
فيك من المعاقبات وان يخرجنا منك خروج المسعودين المنصورين الظافرين بالمحاب
في يوم الحساب الذين يسيرون مع المتقين إلى جمع شملهم تحت شجره طوبى
وحسن مآب
وإذا أردت الركوب من المنزل الرابع فاركب وقل اللهم إني أحمدك على
نعمك التي تحصى بالحساب حمدا يزيد على حمد كل حامدين من ذو الألباب
وعلى تسخيرك لنا منافع السماوات والأرض وما من المحاب وعلى تسخير هذه
الدواب اللهم فبالرحمة فتحت علينا وبين يدينا طرق المقاصد وفوائد الموارد حتى
سرينا في ظلمات الليل وضوء النهار متمكنين الاسفار سالمين من الاخطار
فنسألك تمام هذه المسار والأنوار وحفظنا وحفظ ما أنعمت علينا بما حفظت كنز
أصحاب الجدار وبما حفظت به قلوب الأبرار دنس الآصار والإصرار برحمتك يا
ارحم الراحمين
وإذا أردت المسير بعد ركوب الدواب من المنزل الرابع فقل اللهم قد توجهنا
على نيه اننا متوجهون منك جلالك بك جل جلالك إليك جل جلالك لك
جل جلالك فقونا على تصديق هذا المقال بالفعال وسيرنا على مطايا الاقبال والظفر
بالآمال وقرب لنا من المنازل كان بعيدا وقونا وقو دوابنا قوه تجعل مسيرنا حميدا
وتدبيرنا سعيدا برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا أشرفت على المنزل الخامس فقل قد أشرفنا على هذا المنزل وما
نعرف مساره فنسألك ولا اخطاره فنسألك الصيانة عنها وانا كالمحجوب
صواب تدبيره والمستور بينه وبين سروره فنسألك تنظر إلينا نظر العناية بنا والرحمة
لنا والاحسان إلينا وتزيل محذورات هذا المنزل عنا وتقرب مساره منا وتجعل نزولنا
واقامتنا ورحيلنا ومفارقتنا مقرونه بسعادة نظرك الكريم وفضلك الجسيم والأمان
كل حال ذميم برحمتك يا ارحم الراحمين
148

وإذا نزلت في المنزل الخامس فصل فيه ركعتي النزول قدمناه في المنقول
وقل اللهم قد نزلنا في أرضك خلقتها لسعادتنا وجعلتها محلا لعبادتنا وقد شرفتنا
بالظفر فيما مضى من العبادة فظفرنا في نزولنا بكمال السعادة واجر بنا على أحسن
عاده واختم على جوارح المؤذيات سائر المخلوقات واجعلنا في حصون واقيه من
المحذورات والهمنا حسن مصاحبه من في هذا المنزل من الروحانيين والروحانيات
وألهمهم حسن صحبتنا ومجاورتنا ومساعدتنا صواب الإرادات وكمال المسرات
برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا أردت الشروع في المأكول في المنزل الخامس فتقول اللهم انا نحمد
حلمك ورحمتك وجودك أخرجنا من العدم إلى الوجود وسيرنا إلى كل مقصود
وهيا لنا ما نحتاج من المطاعم والمشارب وتولى نريده من المطالب وحفظنا وحفظ
ما معنا من المواهب اللهم فبتلك المراحم سير طعامنا هذا في أعضائنا تسييرا يقتضى
طول بقائنا وسداد آرائنا بعد تطهيره من الحرامات والشبهات والأسقام المؤذيات
والهمنا زيادة الشكر والثناء وتفضل علينا بانجاز وعدك لمن شكرك زيادة
النعماء وبلوغ الرجاء
وإذا أردت الشروع بالنوم المنزل الخامس فقل اللهم انك توليت حفظ
آبائنا والأمهات مذ آدم (ع) والى هذه الغايات تجدد لهم من النوم واليقظة
والغفلات وعند وقوع السيئات وفي ظهور وبطون من ولدنا من الكافرين والكافرات
فبتلك المراحم التي سلمتهم حتى أخرجتنا بالسلامة والعافية التامة صل على محمد
وآل محمد وكن لنا حافظا في منامنا ويقظتنا وحفظ ما اشتملت يد عنايتنا
وجميل عادتنا برحمتك يا ارحم الراحمين
وإذا استيقظت من المنام وسجدت سجده الشكر كما ذكرناه عن النبي
عليه أفضل السلام وعزمت الرحيل من المنزل الخامس فسلم على

(1) في " ش ": نحمدك على.
(2) في " ش ": شملتهم.
(3) في " ش ": واحفظ.
149

الروحانيين وقل السلام على من بهذه الأرض من أهلها المشمولين بعناية الله
- جل جلاله - وفضلها (1)، قد عزمنا على الرحيل الآن، ونحن نستودعكم الله
- جل جلاله - الذي هو - جل جلاله - أهل للأمان وتمام الاحسان ونسألكم ان
تستودعونا جل جلاله بلسان الاخلاص والاختصاص وتسألوه ما نحتاج في
أسفارنا من مسارنا والسلامة من اكدارنا واخطارنا إنه أرحم الراحمين وأكرم
الأكرمين
وأردت وداع الأرض من المنزل الخامس فقل اللهم اننا سمعنا في
القرآن المبين ان الأرض لما دعوتها قالت آتينا طائعين فنحن نخاطبها ببيان المقال
ونسأل ان تجيبنا بلسان الحال وكما جعلت لها اجابه السؤال أن تكون شاهده لنا
برحمتك لنا وعنايتك بنا وعبادتنا لك وتعلقنا بك وان تغنينا عن شهاده شاهد
بفضلك وما عودتنا من جميل العوائد برحمتك ارحم الراحمين
وإذا أرد ت الركوب من المنزل الخامس فقل اللهم قد تكرر ركوبنا بين
المنازل ونحن مشمولون بالفضل الكامل ومحفوظون بظلك الشامل اللهم وقد ركبنا
الان فاجعله ركوبا مقرونا بالأمان والحفظ الذي يغنى عن تحفظ الانسان واحفظ
علينا جميع ما أحسنت به إلينا واجعل رحمتك وهدايتك تسير بالدلالة بين يدينا بكل
ما نحتاج من المهمات وسعاده الحركات والسكنات برحمتك ارحم الراحمين
وإذا أردت المسير من المنزل الخامس فقل اللهم هذا آخر المسير الذي
قصدناه وقد قربنا المنزل الذي أردناه فاجعل لنا من الاقتدار والأنوار وطهارة
الاسرار ما نكون من أسعد السائرين والشاكرين وأبلغهم ظفرا بسعادة الدنيا
والدين برحمتك يا ارحم الراحمين
يقول علي بن بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس جامع الكتاب
قد ذكرنا من الآداب في هذه الخمسة المنازل أنشأناه بحسب ما نعتقد انه موافق
لطاعه الله جلاله ورضاه ونحن مقيمون الان ببغداد وابعد أسفارنا مشهد

(1) في " ش ": وفضله.
(2) فصلت 41: 11.
150

مولانا على (ص) والى مشهد سر من رأى سلام جل جلاله على
من نسبت إليه وهي دون خمسه منازل للفارس والراجل فلأجل ذلك اقتصرنا على
هذا المقدار وفيه كفاية لذوي البصائر والابصار إن شاء الله تعالى
151

الباب الحادي عشر
فيما نذكره من دواء لبعض جوارح الانسان يعرض في السفر من سقم
للأبدان وفيه كتاب برء ساعة لابن زكريا واضح البيان
وقد ذكرنا فيما تقدم التوجه للأسفار وعند الخروج من الدار ما ان عمل
به عامل بالاخلاص وطهارة الاسرار كفاه في دفع الاخطار شاء الله تعالى ولكن
لا يبعد ان يقع من بعض المسافرين بعد التوجه في سفره تقصير في طاعة رب العالمين
فيخاف من تكفير ذلك الذنب الكبير أو الصغير بسقم أو ألم لقوله جل جلاله
وما أصابكم من مصيبه فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ولقوله جل جلاله ان
الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فرأينا بالله جل جلاله نذكر في
كتابنا هذا من الأدوية المجربة في الشفاء يرجى بها مع التوكل على الله جل جلاله
زوال الداء
وكنا وقفنا على كتاب لابن زكريا قد سماه برء ساعة فننقله بألفاظه
ونضيف بعد تمامه جربناه نحن أو جربه غيرنا مما يداوى به الانسان بعض
يعرض له في السفر من اخطار اسقامه وهذا لفظ ابن زكريا الذي أشرنا إليه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله كما هو أهله ومستحقه وصلواته على خير
خلقه محمد وآله وعترته وسلم تسليما كثيرا
هذا كتاب الفه محمد بن زكريا الرازي في الطب وترجمه برء ساعة
قال أبو بكر محمد بن زكريا الرازي كنت عند الوزير أبي القاسم عبيد الله
فجرى بحضرته ذكر شئ في الطب وبحضرته جماعه ممن يدعى فتكلم كل
واحد منهم في ذلك بمقدار ما بلغه علمه حتى قال بعضهم ان العلل من مواد تكون قد

(1) الشورى 42: 30.
(2) الرعد 13: 11.
(3) في " ش ": وسماه.
(4 في " ش ": من.
152

اجتمعت على ممر الأيام والشهور وما
يكون هذا سبيل كونه يكاد يبرا في ساعة بل يكون في مثل ذلك من الأيام والشهور حتى يتم برء العليل فسمع كلامه جماعه ممن
حضر المتطببين كل ذلك يريدون به كثره الذهاب والمجئ العليل واخذ
الشئ منه بعد الشئ فعرفت الوزير من العلل ما يجتمع في أيام ويبرأ في ساعة
واحده وقد يكون في شهر ويبرأ في ساعة فتعجبوا من
فسألني الوزير ان أؤلف في ذلك كتابا يشتمل العلل التي تبرا فساعه
فبادرت إلى منزلي وعملت الكتاب واجتهدت فيه وسميته كتاب برء ساعة وهو
مثل كتاب السر في الصنعة لأن هذا الكتاب دستور الطبيب والله الموفق
للصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل
قال أبو بكر ان من شان تأليف الكتب ان أذكر العلل التي تكون من الفرق
إلى القدم وكل العلل تبرا في ساعة واحده فلأجل ذلك ذكرنا عضوا و تركنا
أعضاء كثيره ثم ذكرنا بعد وقدمت ما يجوز ان يبرا في ساعة إن شاء الله تعالى
* (باب الصداع) *
إذا كان الصداع في مقدم الرأس وما يلي الجبهة فإن ذلك يكون من فضل
الدم يكون علاج ذلك يخرج شيئا من الدم أما بحجامه أو بفصد فإنه يسكن
المكان أو يشم شيئا من الأفيون المصري الجيد ويجعل في فيه واعراضه أو
يأخذ شيئا من العناب يأخذ شيئا من مرقه عدس أو يتناول شيئا من
الكسفرة اليابسة فإنه يسكن على المكان

(1) في " ش ": مما.
(2) الأفيون: هو لبن الخشخاش الأسود، ينبت في مصر في الصعيد منها بموضع يعرف بأسيوط. " الجامع لمفردات
الأدوية والأغذية 1: 45 ".
(3) العناب: ثمر الأراك. " القاموس المحيط - عنب - 1: 108 ".
(4) في " ط " زيادة أو من شرابه.
(5) الكزبرة: من الأق التي توضع مع الطعام، وقد ذكر ابن البيطار في جامعه الكزبرة والكسفرة والكسبرة،
وأطال في شرحها ووصف أنواعها وخواصها الطيبة، انظر " الجامع لمفردات الأدوية 4: 66 - 71، القاموس
153

وقد يكون من مادة صفراويه ودليل ذلك الحرارة ويكون علاج ذلك ان تبل
خرقه كتان بدهن ورد وخل خمر وتوضع على الرأس أو لبن جاريه تبل به الخرقة أو
تبل بدهن ورد فإن ذلك يسكن على المكان
أو يشم النيلوفر ويأكل من لب الخيار الذي قد وضع في خل أو يتناول
شيئا الربوب الحامضة التي من شانها إطفاء الصفراء فإنه يسكن الوقت إن شاء الله
تعالى
وإذا كان الصداع مؤخر الرأس مميلي القمحدوه فإن ذلك يكون
البلغم وعلاج ذلك ان يقيأ العليل بالسكنجبين وبالفجر ويشرب عليه ماء
الشبت حتى يتقيأ كل في جوفه من البلغم ويجتهد أن يكون ذلك في ماء حار
فإنه يسكن على المكان ويتناول شيئا من الإهليلج والأملج المربى فإنه
يسكن في الوقت وان تمضمض بايارج قبقرا يبرا في الوقت إن شاء الله تعالى
* (في هيجان العين) *
ويكون هيجان العين من المشي في الشمس علاجه يشم الأفيون المصري
ويطلى العين به ويكون ذلك بعقب الجلوس النار فإن كان يعقبه الرمد تناول
شيئا من الطعام مبلغم وليكتحل بشئ من الإهليلج الكابلي فإنه يسكن ويبرأ

(1) في نسخة في هامش " د ": أو يدهن أسفل قدميه بدهن البنفسج والملح فإنه يسكن على المكان.
(2) النيلوفر: نبات يكون بالآجام ومناقع المياه، له زهر أبيضا وسطه زعفراني اللون. " الجامع 4: 186 ".
(3) في " ط ": وبماء الفجل.
(6) الشبت: نوع من البقول. " القاموس المحيط - شبت 1: 151 ".
(7) الأهليج: ذكره ابن البيطار وذكر أنواعه وعد منها الكابلي، ووصفه بأنه اسود كبير الحجم وذكر المنافع
الطيبة لكل نوع منها. " الجامع 4: 196 ".
(8) في " ش " و " ط " وزيادة: الكابلي المربى.
(9) الأملج: ثمرة سوداء تشبه عيون البقر لها نوى مدور حاد الطرفين، وإذا نزعت عنه قشرته تشقق النوى على
ثلاث قطع، والمستعمل منه ثمرة التي على نواه، وطعمه مر، يؤتى به من الهند. " الجامع 1: 54 ".
(10) في " ط " زيادة: الجسيم.
(11) في " د ": العنق.
154

الوقت إن شاء الله تعالى
* (في الزكام) *
ويكون علاج الزكام هو أصعب العلل في ساعة واحده وذلك بان تأمر
العليل بان يصب على يافوخه ماء حارا شديد الحرارة أحس بتلك الحرارة في
دماغه برا في ساعته ووقته ويكون علاجه بان تأخذ خرقه كتان فتحمى على النار
ويوضع على يافوخه فإذا أحس بتلك الحرارة يسكن الوقت إن شاء الله تعالى
في وجع الأسنان
وعلاجه تأمر العليل ان يأخذ حبتين أو ثلاثة من الميويزج ويلفه
بقطنه ويبله بماء ويدقه بين حجرين ويضعه السن العليل فإنه يسكن على
المكان أيأخذ وزن قيراطين سكر العشر ويلفه في قطنه ويجعله على الضرس
فإنه يسكن وقد يفعل ذلك أشياء كثيره مثل الغالية والقطران وكي النار
في قلع الأسنان بغير حديد
تأخذ عاقر قرحا وتضعه في خل خمر شهرا حتى يلين ويصير مثل العجين ثم
اجعله على أي ضرس شئت فإنه يقلعه ان شاء تعالى في الوقت أو تأخذ ماء عروق
التوت الصيفي وتجمده في الشمس في جام ويوضع منه على الضرس فإنه يقلعه

(1) اليافوخ: ملتقى عظم مقدم الرأس بمؤخره. " القاموس المحيط - افخ - 1: 256 ". وفي " ش " رأسه.
(2) ورد في هامش " د ": ويعرض زكام من الهواء، فيحرق الكاغد ويشم دخانه، فإنه يزيله في الحال.
(3) ميويزج: زبيب الجبل، ويسمى أيضا حب الرأس. " الجامع 2: 153 و: 173 ".
(4) العشر: نبت عريض الورق، ينبت صعدا، وله يكر يخرج في فصوص شعبه ومواضع زهره، فيه شئ من
المرارة. " الجامع 3: 123 ".
(5) الغالية: نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان وعود. " مجمع البحرين - غلا -
1: 319 ".
(6) القطران: عصارة شجر. " القاموس المحيط - قطر - 2: 119 ".
(7) عاقر قرحا: نبات له ساق وورق وإكليل وزهر شبيه بالشعر وعرق في غلظ الابهام. " الجامع 3: 115 ".
(8) في هامش " د ": يعني عصارة عروق التوت.
(9) الجام: إناء من فضة. " القاموس - جوم - 4: 92 ".
155

في الوقت
في الخوانيق
علاجه ان يتغرغر برب التوت خرء الكلب فإنه يسكن في الوقت
في البخر
يؤخذ زبيب طائفي أو مروزي جيد ويدق معه أطراف الأس الرطب
ويجعله بنادق ويتناوله فإنه يسكن البخر في الوقت
في العلق إذا نشب في الحلق
علاجه ان يتغرغر بالخل أو يأخذ وزن درهم من الذباب الذي يكون في
الباقلي ويدق وينخل ويحل بخل خمر ويتغرغر به فإنه ينحل الوقت
في الشقيقة
علاجه ان يبخر بغرطنيثا فإنه يبرا الوقت أو يبخر بعظام الكلب فإنه
يبرا في الوقت فإن كان ذلك من لقوه عولج بان يؤخذ كف من شعير ويوضع
تحت الحب حتى يقطر عليه الماء ويلين يؤخذ ويعصر من مائه نصف رطل ويفتر
ثم يؤخذ دانق أشق ودانق جاوشير ويسعط من ذلك أجمع بوزن دانق إلى
دانقين فإن حدث من ذلك وجع في الرأس صب على رأسه ماء باردا شتاء كان أو
صيفا فإنه يذهب في الوقت

(1) الخوانيق: التهاب اللوزتين.
(2) البخر: نتن الفم. " القاموس المحيط - بخر - 1: 369 ".
(3) في " د ": نيروزي.
(4) العلقة: دودة في الماء تنشب في الحلق عند شرب الماء، وتمتص الدم، والجمع علق. " القاموس المحيط
- علق - 3: 266 ".
(5) في " ط ": ينحدر.
(6) في هامش " د ": الغرطنيثا: هو عروق بخور مريم ويسمى كف مريم.
(7) اللقوة: داء في الوجه يعوج منه شطر الوجه. " القاموس المحيط - لقو - 4: 386 ".
(8) الأشق: صمغ نبات يشبه القثاء في شكله، طعمه مر. " الجامع 1: 34 ".
(9) الجاوشير: صمغ نبات، لونه قريب من الزعفران وباطنه ابيض، أجوده أشده مرارة. " الجامع 1: 155 ".
156

في الدوى والطنين في الاذن
علاجه ان يفتق الأفيون الجيد بالماء ويقطر في الاذن فإنه يسكن في الوقت إن شاء الله
تعالى
في الصرع
علاجه ان يؤخذ افتيمون وعاقر قرحا واسطو خوذوس وبسفائج
يدق وينخل ويعجن بزبيب طائفي ويتناول منه مثل الجوزة قبل النوم فإنه يدفع
الصرع ذلك الأسبوع بإذن الله تعالى
في الرعاف
ينفخ الانف شب يماني أو توضع محجمه بالنار على الجانب يرعف
منه فإنه يسكن بإذن الله تعالى في الوقت أو يستعمل قطنه وتجعل قارورة الحجامة على
تلك القطنة ويحجم
في البواسير
وعلاجه ان يبخر بوزن دانق لوف شامي فإنه يسكن في الوقت وان
عمل حبا وطرح فيه وزن دانق كان أبلغ وسكن الوجع
اللوف نوع من بزر الشلجم

(1) افتيمون: زهر نبات شبيه بالصعتر " الجامع 1: 40 ".
(2) اسطوخذوس: معناه موقف الأرواح، نبات ورقه أطول من ورق الصعتر، حريف الطعم مع مرارة يسيرة.
" الجامع 1: 24 ".
(3) بسفائج: نبات ينبت في الصخور وفي سوق شجر البلوط العتيقة، طوله نحو من شبر، عليه شئ من زغب وله
شعب، غلظه مثل غلظ الخنصر، طعمه مائل إلى الحلاوة. " الجامع 1: 92 ".
(4) في " ش ": دانقين، وفي " د ": دلك، وفي هامش " د ": دائق.
(5) في " ش ": درهم.
(7) في " ط ": مقل، المقل: صمغ شجرة تنبت ببلاد العرب أجوده ما كان مرا صافي اللون، له عند التبخير
رائحة طيبة. " الجامع 4: 162 ".
(8) في " ط ": في تسكين.
(9) في " ش " زيادة: أو بخر بوزن ذلك للوف شامي فإنه يسكن في الوقت.
157

في النواسير
علاجه ان يذر عليه التوتياء الأخضر فإنه يقطع المدة المكان
في الجراحات العتيقة التي لم تسكن منذ سنه أو أكثر
يؤخذ من السمن البقري العتيق الذي ثلاثون سنه أو أكثر ويعمل فتيله
من قطن وتغمس ويوضع في العقر فإنه يقطع المدة في الوقت ان شاء
تعالى ويكون تمام التحام الجرح ثلاثة أيام بعد العلاج
في الجراحات الطرية
علاجه ان يوضع فيه صمغ البلوط أو اهليلج كابلي مسحوقا مثل الكحل
أو ماء كافور يمسه دهن أو عسل لبنى فإنه يسكن في الوقت
ومما يذهب بالوجع عن الأعضاء من سقطه أو ضربه يؤخذ قياقيا وصبر
وماش ومغاث وطين أرمني يدق الجميع ويبل بماء الأس ويطليه بريشه فإنه
يسكن الوجع الوقت ويذهب الخضرة التي تولدت منه
حرق النار
وقد يعرض من حرق النار وجع شديد علاجه ان يؤخذ مرداسنج
أصفهاني ونوره مطحونه وورد مطحون وحنا من كل واحد جزء وتبل القروح بدهن
ورد خالص ثم ينثر عليه فإنه يسكن الوجع شاء الله تعالى ويكون تمام البرء في
أقل من ثلاثة أيام

(1) الناسور: عرق لا ينقطع ضرره، حوالي المقعدة. " القاموس المحيط - نسر - 2: 141 ".
(2) التوتيا: عقار معدني، أجوده الأبيض. " الجامع 1: 143 ".
(3) في " ش " زيادة: التوتياء.
(4) العقر: الجرح. " القاموس المحيط - عقر - 2: 92 ".
(5) في " ش ": الجراح.
(6) في " ش " و " د ": البلاط.
(7) في " ط ": ثم يمسه بدهن.
(8) في " ش " و " ط ": اقاقيا.
(9) مغاث: بزر نبات مقو للأعضاء. " الجامع 4: 160 ".
(10) مرداسنج: عقار معدني. " الجامع 4: 150 ".
158

في خروج المقعدة
علاج ذلك ان يأخذ ظلف شاه وقرن فيحرق ذلك ويدق وينخل ويخلط
معه جفت بلوط وجلنار وشب وعفص وورد مطحون وقشور رمان وآس
رطب من كل واحد جزء ويطبخ بماء قليل تخرج قوته ويقعد فيه الصبي فإذا
خرجت مقعدته ضمد به ثم يرده فإنه يلبث على الوقت ولا يخرج ان شاء
اللتعالى
في القولنج
علاجه ان يؤخذ المعجون الملوكي فإنه يسهل في الوقت ان شاء
تعالى أو يؤخذ حنظله ويستخرج شحمها ويعمل فتيله هذه الفتيلة تتخذ من سكر
وملح وشحم الحنظل ويؤمر العليل ان يحتمله فإنه يحله في الوقت انه يحدث منه
كرب عظيم ومغص في الجوف علاج المغص ان يؤخذ كف كفره وقليل
كمون وكرويا وكف صعتر وانجدان وكف حب رمان ويطبخ جيدا
ويؤخذ من مائه نصف رطل ويصب عليه أوقيه مري ويضرب ويشرب فإنه
يسكن في الوقت إن شاء الله تعالى

(1) في " ط ": أو قرنها.
(2) جفت البلوط: هو الغشاء المستبطن لقشر ثمرته. " الجامع 1: 164 ".
(3) الجلنار: ورد الرمان، وهو غير الرمان المعروف. انظر " الجامع 1: 164 ".
(4) في " ش ": يردها فإنه يثبت.
(5) القولنج: مرض معوي مؤلم يعسر معه خروج الثفل والريح. " القاموس المحيط 1: 204 ".
(6) في " ط ": الكموني.
(7) في " ش ": كزبرة.
(8) كرويا: نبات. ذكر ابن البيطار في جامعه 4: 7 و 65، وشبهها في الموضع الأول بالبابونج.
(9) الصعتر نبات له أصناف كثيرة بري وبستاني وجبلي وطويل الورق ومدوره وعريضه ودقيقه... " الجامع
3: 83 ".
(10) الأنجدان: ورق شجر الحلتيت، منه طيب ومنه منتن، وصمغه هو الحلتيت. " الجامع 1: 85 ".
(11) في " ط " زيادة: حتى يستوي.
(12) المري: غذاء ودواء، قسم منه يتخذ من السمك المالح واللحوم المالحة. " الجامع 4: 149 ".
159

في الخلفة
ينفع منه بان يضمد البطن بصندل وكافور وماء الشاهسفرم وهو
الريحان ويطلى حواليه ويعطى أقراص الكندري الذي ذكرناه في المنصوري
في باب الخلفة نافع شاء الله تعالى
ولزحير الصبيان
يؤخذ حب الرشاد مثقال ويطرح عليه ثلثا مثقال كمون كرماني وينخل
ويعجن بسمن بقر عتيق ويسقى بلبن أمه فإنه يبرا الوقت إن شاء الله تعالى
في عرق النساء
هذه عله عظيمه كثيره الخطر يتلف فيها الخلق لقله معرفتهم بها ويكون ذلك
في الجانب الوحشي من طرف العصعص إلى القدم وان الأجود ان نقول
قولا بليغا غير اننا نحب ان لا نجاوز غرض كتابنا هذا فقلنا فيه بالإيجاز وعلاجه
ان يؤخذ درهم صبرا صقوطرى ومثله اهليلج اصفر ومثله سورنجان يدق وينخل
ويعمل حبا ويتناوله فإنه يسهل خمسا ستا يبرا في الوقت إن شاء الله تعالى ولقد
عالجت بهذا الدواء شيخا بقي بهذه العلة سنه لا يمكنه النهوض بته ولا التقلب من جانب
إلى جانب فبرا في الوقت وخرج بإذن الله تعالى

(1) الخلفة: الاسهال. " القاموس المحيط - خلف - 3: 139 ".
(2) الصندل: خشب يؤتى به من الصين وهو ثلاثة أصناف ابيض واصفر واحمر وكلها تستعمل، وهو بارد
يابس موافق للمحرورين، صالح جيد لضعف المعدة. " الجامع 3: 89 ".
(3) الشاهسفرم: نبات دقيق الورق عطر الرائحة يبقى نواره في الصيف والشتاء. بزره يحبس البطن المستطلقة.
" الجامع 3: 50 ".
(4) في " ش " زيادة: الكافور.
(5) الكندر: هو اللبان، وهو علك فيه مرارة " الجامع 4: 83 ".
(6) في " ط " زيادة: في خلفه الصبيان: يسقى إنفحة الجدي بلبن أمه، فإنه يسكن في الوقت.
(7) الجانب الوحشي من اليد والرجل ظهرهما. " الصحاح - وحش - 3: 1024 ".
(8) العصعص: آخر العمود الفقري من الأسف. انظر " مجمع البحرين 4: 175 ".
(9) الصبر الصقوطري: صمغ شجرة تعلوه صفزة شديدة كالزعفران وله بريق وهو مر جدا. " الجامع 3: 78 ".
(10) سونجان: نبات ثمرة احمر قانئ إلى السواد له بصل، وهو نافع لوجع المفاصل. " الجامع 3: 41 ".
160

في العياء والتعب
قد يكون الرجل يمشى عشره فراسخ أكثر فيناله من ذلك تعب وجمود في
المفاصل ولا يمكنه النهوض علاجه ان يبل أظفاره باي دهن كان فإنه يسكن في
الوقت شاء الله تعالى ويمكنه ان يمشى مثلها بإذن تعالى
وينفع منه أيضا ان يقوم الرجل في الماء البارد إن كان صيفا وإن كان
شتاء ففي الماء الحار وليكن إلى ركبتيه ولا يصب على بدنه فإنه يذهب العياء
الوقت إن شاء الله تعالى
في الأطراف إذا عرض الحكة
وذلك في الشتاء إذا هو غسل بدنه بالماء البارد علاجه ان يأخذ ماء حارا
شديد الحرارة فيطرح كف ملح ويضع أطرافه فيه ساعة فإنه يسكن في
الوقت
وإذ قد آتينا على ما قصدناه إليه فنقول حول وقوه إلا بالله العلي العظيم
نجزت والحمد لله العالمين وصلاته على سيد المرسلين محمد وآله وسلامه

(1) في " ط " زيادة: شديد الحرارة.
(2) في " ط " زيادة: رأسه ولا على.
161

الباب الثاني عشر
فيما جربناه واقترن بالقبول وعده فصول
* (الفصل الأول فيما جربناه لزوال الحمى فوجدناه رويناه) *
يكتب في كاغذ يوم الأحد ويوم الأربعاء كل طلسم منها منفرد في رقعه
ويغسل في شراب ماء الأول يوم الأحد والثاني يوم الاثنين والثالث
الثلاثاء ويشرب كل يوم منها واحد وإذا غسل لا يبقى الورقة من مداده شئ فإن
زالت الحمى في أحد الثلاثة الأيام وإلا يكتب كذلك في ثلاث ورقات
الأربعاء ويغسل الأول يوم الأربعاء ويشرب ماؤه والثاني يوم الخميس والثالث يوم
الجمعة ويشرب ماؤه وقد زالت الحمى بالله جل جلاله ان شاء جل جلاله
وهذه صوره الثلاث طلسمات
* (الفصل الثاني في عوذه جربناها لسائر الأمراض فتزول بقدره الله جل جلاله
الذي يخيب لديه المأمول) *
إذا عرض مرض فاجعل يد ك اليمنى وقل أسكن أيها الوجع وارتحل

(1) البحار 95: 34 / 18. وقد وردت زيادة في " ش ": لحمي الربع: يكتب على جنبه الأيمن بسم رب
ميكائيل، وعلى جنبه الأيسر بسم رب جبرئيل، وعلى الجبين بسم رب إسرافيل، ثم يؤذن رجل طاهر متوض
مستقبل القبلة، ويقيم كإقامة الصلاة، ويأخذ قليل ماء طاهر في إناء طاهر يتمضمض منه ويرده في الإناء،
ويسقى منه قبل ان يحم يبرأ إن شاء الله تعالى.
لحمي الربع أيضا: تكتب وأنت تكرر هه الكلمات، قد علمنا تنقص الأرض منهم سبع مرات، وبعدها
اهيا شراهيا ادونا الصباوث ال شداى ثلاث مرات.
162

الساعة من هذا العبد الضعيف سكنتك ورحلتك بالذي سكن ما في الليل
والنهار وهو السميع العليم فإن يسكن في أول مره فقل ذلك ثلاث مرات أو
حتى يسكن شاء الله تعالى
* (الفصل الثالث فيما نذكره لزوال الأسقام وجربناه فبلغنا به نهايات المرام) *
يكتب رقعه يا من اسمه دواء وذكره شفاء يا من يجعل الشفاء يشاء من
الأشياء صل على محمد وآل محمد واجعل شفائي هذا الداء في اسمك هذا يا الله
يا الله يا يا الله يا الله يا الله يا الله يا يا الله يا الله يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب
يا رب يا رب يا رب يا يا رب يا ارحم الراحمين يا ارحم الراحمين ارحم
الراحمين يا ارحم الراحمين يا ارحم الراحمين
* (الفصل الرابع فيما نذكره من الاستشفاء بالعسل والماء) *
اعلم أن الله جل جلاله يقول وجعلنا الماء كل شئ حي وقال في
العسل يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس فإذا مزج
للمريض العسل بالماء وكان على يقين من تصديق القرآن حصل بذلك الظفر بالشفاء
إن شاء الله تعالى
* (الفصل الخامس جربناه أيضا وبلغنا به ما تمنيناه) *
اللهم إن كان هذا المرض عرض من باب العدل وعبدك قد قصد إليه من
بابك باب الفضل وسلطان الفضل أرجح للكامل بذاته ديوان العدل فأسكن أيها

(1) في " ش " زيادة: قد.
(2) في " ش ": السماوات والأرض.
(3) في " ش " زيادة: أكثر.
(4) البحار 95 67 / 47.
(5) في " ش ": يا ارحم الراحمين عشرا.
(6) الأنبياء 21: 30.
(7) النحل 16: 69.
163

المرض وارتحل الساعة بحكم الفضل وبما الله جل جلاله له أهل
فصل وان أراد من يشرب عسلا يسيرا بالماء للشفاء يقول اللهم انك
شرفتني بالدلالة على معرفتك والهداية إلى معرفه رسولك وخاصتك وجعلتني
المصدقين لقرآنك والمشمولين باحسانك وقد وجدت القرآن المجيد وجعلنا من
الماء كل شئ حي فكان الماء أسباب الحياة والبقاء وقلت جل جلالك
في العسل والظفر منه بالشفاء يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء
للناس وقد جمعت بين الماء الذي سبب الحياة وبين العسل الذي جعلته للعافيه
والنجاة اللهم فعجل رحمتي وإجابتي في عافيتي وتصديق وجدته في كتابك
الصادق على لسان رسولك الصادق واجعلني ممن يطلب البقاء والشفاء لسعادتي
بعبادتي دنياي وآخرتي برحمتك يا ارحم الراحمين واجعل ذلك داعيا
للشاكين في ربوبيتك والمخالفين لرسالتك إلى هدايتهم وسلامتهم من ضلالتهم يا
أكرم الأكرمين

(1) في " ش ": وبالله.
(2) في " ش " زيادة: فهو.
(3) الأنبياء 21: 30.
(4) النحل 16: 69.
(5) في " ش " زيادة يا رب العالمين.
164

الباب الثالث عشر
فيما نذكره من كتاب صنفه قسطا بن لوقا لأبي محمد الحسن بن مخلد في
تدبير الأبدان في السفر للسلامة من المر ض والخطر ننقله بلفظ مصنفه
واضافته إليه أداء للأمانة وتوفير الشكر وهو ما هذا لفظ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب قسطا بن لوقا اليوناني إلى أبي محمد الحسن مخلد فيما عمله في
تدبير بدنه في سفره إلى الحج
قال التأهب أعزك الله لما لا يؤمن حلولوا الاستعداد لكل ما يحتاج إليه
من قبل وقت الحاجة إليه الحزم وقوه التفكر وصحه التشمير وقد اعتزمت أعزك
الله من هذا السفر على ما أسال الله تعالى ذكره يعظم عليك بركته وان يرزقك
فيه السلامة ومحمود العاقبة ويجزل لك الثواب عليه ويحسن فيه صحابتك
فتحتاج إلى الاستظهار بكل ما يحتاج إليه في مثله آله العلاج إذ كان
مسير ك في بلد لا يحضره طبيب ويوجد فيه كل ما يحتاج إليه من الأدوية وبالله يمينا
يعلم عز وجل صدقي فيها لولا صبيه لي بعضهم اعلاء يمكن التعزب عنهم واعلم
انك ستخر معك من الأطباء من يفي بجميع ما يحتاج إليه من مثله لاثرت الخروج
معك أي الأحوال كان ذلك والقيام بخدمتك والسعي حوائجك بما يظهر به
سرى في طاعتك ولم أجد لك سبيلا رأيت أن أثبت جميع ما تحتاج إليه كتاب
ينوب عن حضوري بعض النيابة والى الله ارغب إيناس الخاص والعام من أوليائك
وأصحابك باوبتك سالما معافى انه جواد حكيم قادر
في وصف التدابير يحتاج إلى استعمالها في الاسفار من تدبير الأبدان
وهي أربعة معان
المعنى الأول منها العلم بالتدبير في وقت السير ووقت الراحة والطعام

(1) في " ش " زيادة: متي بن.
(2) في " ش " زيادة: متي بن.
(3) في " ش " زيادة: كريم.
165

والشراب والنوم والباه
والثاني في العلم بأصناف الاعياء والأشياء التي تذهب بكل صنف منه
والثالث العلم بالعلل التي تعرض من هبوب الرياح المختلفة وعلاجها
والرابع العلم بالتحرز من الهوام وعلاج آفاتها إذا وقعت
فهذه الأشياء التي يحتاج إليها ان تعلم ويعمل في الاسفار
فاما سفر الحج فمع الحاجة فيه إلى المعاني قد تخصه أربعة معان اخر
الأول منها العلم باختلاف المياه واصلاح الفاسد منها
والثاني الاحتيال في عوز الماء وقلته بما يقطع العطش
والثالث العلم بالتحرز الأشياء التي يتولد منها العرق المديني وهيجان
البواسير
والرابع التحرز من الحيات والعلاج من آفاتها
وانا واصف كل ما يحتاج إليه من العلم بهذه المعاني ما قالت الأوائل في
ذلك ومصنفه بابا بابا ما قالت الأوائل لتظهر معانيه وليسهل استخراج
معنى التمس منها وعلى الله تعالى ذكره توكلنا ذلك وبه نستعين
الباب الأول كيف ينبغي ان التدبير في نفس السير وأوقات الطعام
والشراب والنوم والباه
الباب الثاني ما الاعياء وعما يحدث وكم أنواعه وبأي شئ يتعالج من
كل نوع منه
الباب الثالث في أصناف الغمز ودلك أسفل القدم وفي أي الأحوال يحتاج
إلى كل صنف من الأصناف وفي أيها يحتاج إلى دلك القدم
الباب الرابع في العلل التي تتولد من هبوب الرياح المختلفة وتغير الهواء
الباب الخامس في وجع الاذن الذي يعرض كثيرا هبوب الرياح المختلفة
الشديدة الحر والبرد وعلاج ذلك
الباب السادس في الزكام والنوازل والسعال وشابه ذلك من الأشياء التي

(1) في " ش ": ويظهر.
166

تعرض من أصناف الهواء وعلاج ذلك
الباب السابع علل العين التي تعرض من اختلاف الهواء والغبار والرياح
وغير ذلك
الباب الثامن في امتحان المياه المختلفة ليعلم أصلحها
الباب التاسع في اصلاح المياه الفاسدة
الباب العاشر في الاحتيال في عوز الماء وقلته بما يقطع العطش
الباب الحادي عشر في التحرز من كل الهوام
الباب الثاني عشر علاج عام في لسع الهوام جميعا
الباب الثالث عشر عما ذا يتولد العرق المديني وبماذا يتحرز من تولده
الباب الرابع عشر في صفه علاج العرق المديني إذا تولد البدن
167

* (الباب الأول
كيف ينبغي أن يكون التدبير السير نفسه وأوقات الطعام والشراب
والنوم والباه) *
ينبغي أن يكون السير في الأوقات يكون الهواء على أحمد أحواله أعني أن يكون
قريبا الاعتدال وأن يكون بريئا من الحر المفرط والبرد المفرط
وان يشد الحقوين والصدر والصلب بعمائم لينه شدا معتدلا يمنع البدن من
الاهتزاز في أوقات الحركة الدائمة
وان يتوقى تناول الغذاء في أوائل المسير أو في وسطه بل يكون التدبير في المسير
والغذاء والراحة والباه على ما أصف
ينبغي أن يكون السير إذا البدن مستريحا والمعدة نقيه من الطعام وخروج
فضل الغذاء البطن والأمعاء ثم يسار إلى المنزل ويتوخى إلا اكله في
المسير فإن اتصل فطال صير ما يغتذى به السير سويق السلت وشراب الخوخ
وشراب الأجاص أو شراب ورد أو جلاب وسكنجبين مجموعين بعد يكون السكر
النقل في أوقات المسير والحركة ولوز مقشر من قشرته يؤخذ مع السكر
فإذا نزل المنزل بودر بالراحه والنوم مده يسيره
فإن احتجت إلى استعمال الباه كان استعمال ذلك بعد الراحة اليسيرة من
تعب حركه المسير ثم يستعمل صب الماء الفاتر على البدن ومرخه بالادهان المعتدلة
القوية المقوية للأعضاء المصلبة لها كدهن الورد ودهن الأس والادهان المعمولة
بالافاويه العطرية ثم يدلك البدن بعد ذلك المروخ بنخاله قد رش عليها نضوح مبرد أو
ماء ورد ويصب على البدن بعقب ماء فاتر إلى البرد ما هو ليصلب البدن
ويسدد قد تخلخل منه بحركة السير ثم يغتذى بعد ذلك بالغذاء المولد اخلاطا معتدله
سليمه من الاستحالة مثل لحوم الحملان الحولية إذا كانت صبغتها سليمه من الفلفل

(1) في " ش ": صنعتها.
168

والكرويا والخولنجان والدارصيني وسائر الابازير الحارة وان وجد البيض
النيمبرشت كان من ما يتغذى به
وبعد الاغتذاء يستعمل النوم والراحة إلى وقت الحركة للمسير الثاني وإذا
تدبر بهذا التدبير سلم من أن يجد في بدنه الاخلاط أو يعرض اعياء أو غيره من
الآفات التي يجلبها المسير شاء الله تعالى

(1) الخولنجان: عروق نبات متشعبة ذات عقد لونها بين السواد والحمرة شبيهة بالسعد. " الجامع 2: 79 ".
169

* (الباب الثاني
ما الاعياء وعما ذا يحدث وكم أنواعه وباي شئ يعالج كل نوع
منه) *
وأجل انه لا يؤمن ان يتولد عن الحركة المفرطة اعياء يجب ان نصف
الاعياء وأنواعه وباي شئ ينبغي يحتافي اصلاحه والسلامة منه
فنقول ان الاعياء حال يحدث للبدن حس ألم يتولد عن حركه مفرطه
وذلك أن حركات البدن جميعا إنما تكن بالعضل والعصب منشؤه واصله النخاع
فإذا تحرك البدن حركه مفرطه نال العضل المحرك له اذى بالاحتكاك والتصادم
الذي يكون بالحركة السريعة فالحال الحادثة عن تسمى اعياء وأنواع الاعياء
التي ذكرها جالينوس أربعة
فالأول منها يسمى المثقل
والثاني الممدد
والثالث المسخن
والرابع المؤلم
فالأبدان الممتلئة اخلاطا لزجه غليظه مائله إلى البرد والرطوبة إذا تعبت
بالحركة أذابت الحركة تلك الاخلاط وأنضجتها فصارت دما رقيقا لطيفا تمتلئ به
أوعية البدن ويزيد في دم البدن زيادة بينه فإن كانت قوه البدن ضعيفه كانت تلك
الزيادة كلا عليه فأحس من ذلك بثقل أكثر يمكنه ان يحتمله فكان من ذلك
الاعياء المثقل
وإن كانت قوه البدن قويه وتفي بحمل الاخلاط التي حللتها الحركة كان من
ذلك الاعياء الممدد فيحس الانسان كان عروقه وأعضاءه تمدد للتمدد الذي تناله
بالزيادة زادت فيها بالاخلاط التي اذابتها الحركة وحللتها
فاما الذي يكون مع اسخان وحراره فالاعياء الذي مع ألم يحس في

(1) في " ش ": في.
170

الأعضاء فإنهما يكونان في الأبدان التي اخلاطها لطيفه رقيقه فإذا تحركت هذه
الأبدان حركه كثيره حميت الاخلاط فيها وسخنت بالحركة إذ كانت في طبيعتها
مائله الحركة فكان منها الاعياء الذي يكون من حراره اسخان
فإن كانت الاخلاط في طبيعتها حاره ازدادت سخونه قبل الحركة فكان
من ذلك الاعياء المؤلم وان الاخلاط تصير في هذه الحال بمنزله الشئ الذي
غلا واحتد يلذع ويؤلم
فهذه أسباب الاعياء الأربعة ذكرها جالينوس
فاما علاجها فإن النوع الأول والثاني يصلحان بالتغميز الرقيق
والمروخات بالادهان المعتدلة الحاره كدهن الخيري ودهن السوس ودهن الأس
والادهان المتخذة بالزيت الذي قد طبخت فيه افاويه طيبه الرائحة ملطفة محلله مثل
الزيت الذي قد طبخ فيه القسط والاسطرك والميعه أو أظفار الطيب أو ذريره
القصب وما شابه من الأشياء العطرية التي ليست حرارتها مفرطه ويكون
استعمال الغمز بان يملا الغامز كفه من لحم البدن ويشد عليه كفه شدا متساويا
لا يكون شده على ما يقع تحت ابهامه وأطراف أصابعه أكثر من شده على سائر في
كفه من اللحم بل يكون كأنه يضغط شيئا قد ملا كفه
وكذلك أوقات الدهن يجب أن يكون مسحه للبدن بالراحه كلها والأصابع
مسحا واحدا ولا ينال البدن وأطراف الأصابع أشد المسح الذي يناله من الكف

(1) الخيري: نبات له ورد ابيض وبعضه اصفر، والأصفر نافع في الطب. " الجامع 2: 79 ".
(2) القسط: عود هندي وعربي مدر نافع للكبد.... والزكام والنزلات بخورا... " القاموس المحيط - قسط -
2: 379 ".
(3) أسطرك: نوع من الميعة، وهو صمغ شجرة، أجوده ما كان أشقر. " الجامع 4: 171 ".
(4) الميعة: شجرة كبيرة خشبها يشبه خشب التفاح، القشر هو الميعة اليابسة ومنه تستخرج الميعة السائلة...
" الجامع 4: 171 ".
(5) أظفار الطيب: شئ من الطيب اسود شبيه بالظفر، وهو أنواع تختلف بحسب البلاد: الهندي واليمني
والبحراني... " الجامع 1: 39 ".
(6) ذريرة القصب: سماه ابن البيطار قصب الذريرة، وذكر انه نبات هندي، أجوده ما كان لونه ياقوتيا
متقارب العقد، إذا هشم ينهشم إلى شظايا كثيرة انبوبية، ثم ذكر منافعه. " الجامع 4: 22 ".
171

وسط الراحة
وأيضا فإن دخول الحمام والاستنقاع الماء المتعدل الحرارة الذي حرارته إلى
الفتور هي تذهب بهذا الجنس من الاعياء
فاما الاعياء يسخن فيه البدن والاعياء الذي يكون منه في البدن
من جنس الألم فإن حاجته إلى الغمز يسيره بل لم يستعمل فيه الغمز البتة كان ذلك
أصلح وينبغي ان يقصد في تدبيره تمريخه بدهن ورد مع ماء فاتر قد خلط جميعا
وضرب ضربا شديدا حتى يصير في صوره الزبد وذلك يكون إذا اخذ من الماء الفاتر
جزء ومن الدهن جزءان ثلاثة ثم ضربا في قارورة ضيقه الفم حتى يختلط ويمتزج
بهما وكذلك يفعل بدها الخيري ودهن البنفسج ودهن النيلوفر ويمسح البدن بهذه
الادهان مسحا رقيقا ويستعمل القعود الماء الفاتر الذي فتوره بمقدار فتور اللبن
الحليب وقت حلبه
والذي ينبغي ان يستعمل في أنواع الاعياء كلها من الأ غذيه الغذاء المعتدل
في جوهره وكميت وكيفيته وان يحتمى من جميع الأشياء الظاهرة الحرارة التي تولد
ا خلاطا رديئه حاره ويبادر بعقب الاعياء وان يتوقى الحركة بعد الطعام وفي
الأوقات التي يظن أن في المعدة طعاما وان يتوقى شرب الماء البارد بعقب التعب
الكثير
172

* (الباب الثالث
في أصناف الغمز ودلك القدم وأي الأحوال يحتاج إلى كل صنف
من أصناف الغمز وأيها يحتاج إلى دلك القدم) *
الغمز ثلاثة أصناف فمنه صنف يكون بدلك شديد مفرط الحرارة والشدة
يصير به البدن إلى حال حمره وسخونه وانتفاخ ويثبت فيه أصابع الغامز على موضع
واحد من البدن بل يجعل البدن صعدا وسفلا وهذا الصنف من الغمز اسم
الدلك أليق من اسم التغميز
ومنه صنف يكون بضغط شديد وكس على الأعضاء يلزم فيه الكف
والأصابع موضعا واحدا من البدن على خلاف الصنف الأول
ومنه ما ذلك فيه برفق ولين لا شده معه ولا اتعاب للغامز
فالغمز الذي يكون بالدلك الشديد يحتاج إليه كانت قد اجتمعت في
البدن بخارات كثيره متكاثفه قد تخثرت في البدن وبقيت فيه وحدوث هذه
البخارات يكون أما عن راحه كثيره وبطاله وغذاء كثير وعن تعفن وحراره غريبه
خارجه عن الطبيعة وذلك يتهيأ عند تكاثف الجلد وتلبده
ففي هذه الأحوال جميعا ينبغي ان يستعمل هذا النوع من الغمز أعني الذي
يكون بدلك شديد ومسح بقوة صالحه بعد أن يكون في الأعضاء التي تغمز
متساويا ولا تكون أطراف الأصابع والابهام تعمل في ذلك أكثر مما تعمله الراحة
وسائر الكف فيمن تعب تعبا شديدا أو
استعمل رياضه مفرطه وذلك من كانت هذه حاله يكون قد انحل عن بدنه
بالتعب والحركة وسخف وتحلل منه ما لا يحتاج معه زيادة تحليل أو تخلخل بل هو

(1) سخف: رق. " مجمع البحرين - سخف - 5: 69 "، وفي " ش ": وتسخن.
173

إلى تشديد بدنه وتصليبه أحوج
وأما الغمز يشد به الغامز يده على الأعضاء من غير دلك فذلك
بشد اليد على الأعضاء شدا شديدا ممتدا لا بالدلك الشديد فذلك يحتاج إليه في وقت
الاعياء المتولد عن التعب وذلك أن هذا الغمز يشد البدن ويجمع بعضه بعض
حتى يذهب عنه التخلخل والتسخف الذي اكتسبه التعب
فاما الغمز الذي يكون برفق ولين فيحتاج في التدبير الذي يسمى
الانعاش أعني به تدبير الناقة مرض حاد وفي أبدان المشايخ والصبيان وفي
أبدان المحمرين لأن أبدان هؤلاء جميعا قد يحتاج فيها إلى جذب الغذاء من داخل
الأعضاء إلى ظاهر البدن
فاما دلك القدم فإن منفعته في جذب شئ إن كان تخثر في المعدة في
الأمعاء ولذلك ينبغي ان يستعمل عند امتلاء المعدة الطعام وعند اخذ الدواء
الذي لا يؤمن ان يتقيأه شاربه وان يجتنب في الأوقات التي يحتاج فيها إلى يثبت
الدواء في المعدة والأمعاء لئلا ينحدر عنها فيبطل فعله
وأما الشد على القدم واستعمال أحوال التغميز لا الدلك الشديد فينتفع
به منفعه بينه فيمن قد مشى مشيا كثيرا أو وقف وقوفا كثيرا وذلك أنه يفعل في
القدم كفعل الغمز سائر البدن لأنه يجمع ويشد ويصلب العضل ويفشى
الفضل البخاري الحار الذي قد انصب إليها مع الدم في المشي أو بالوقوف هو
أكثر مما يمكنها ان تحتمله
ولذلك ينبغي يجتنب الدلك الشديد في جميع الأعضاء بعقب التعب وان
يستعمل فيه الغمز بالشد عليه وجمع الكف الموضع الذي يحتوى عليه منه وكذلك
في القدم

(1) في " ش ": والتسخين.
(2) نقه فهو ناقة: إذا شفي من مرضه. " الصحاح - نقه - 6: 2253 ".
(3) في " ش ": ينجذب.
(4) في " ش " زيادة: البدن و.
174

فهذا ما يحتاج إليه من العلم بأمر الغمز وما ينبغي يستعمل منه في الاسفار
175

* (الباب الرابع
في العلل التي تتولد من هبوب الرياح المختلفة المفرطة البرد الحر أو
الغبار الكثير وكيف ينبغي ان يحتال لاصلاحها) *
الرياح المفرطة في الحر والبرد قد تكون أوقات تجنى على البدن جنايات
عظيمه
فمنها ما يولد وجع الاذن وذلك يقع كثيرا ومنها ما يولد زكاما ونوازل وسعالا
ومنها ما يولد اوجاعا في العين ولا سيما إذا كان مع الريح الشديد غبار وكان
العين عله ما متقدمه
والذي يتحرز به من هذه الآفات جميعا ان يشد الرأس بعمامه شدا يشتمل
على الاذنين والأنف والفم ولا يترك في شده خلل يدخل بينه وبين الدثار ريح البتة
وان تشد الاذن إن كان فيها عله وفي جوهرها ضعيفه بقطنه قد بلت
ببعض الادهان كانت الريح حاره كان الدهن دهن ورد أو دهن بنفسج وما
أشبههما وإن كانت بارده كان الدهن دهن سوسن أو ياسمين أو نار دين أو ما أشبه
ذلك
وأما الزكام والنزل فينبغي في أوقات هذه الرياح إن كانت بارده
يستنشق رائحة الشونيز المقلو والكمون والافاويه اليابسة الحاره مثل القرنفل
والبسباسه والزعفران والورس والعود وما أشبه وإن كانت الرياح حاره
استعمل الأشياء البارده مثل الكافور والصندل والورد وما أشبه ذلك

(1) النار دين: هو السنبل الهندي، وهو عقار طبي. " الجامع 4: 175 ".
(2) الشونيز: نبات دقيق العيدان طوله نحو شبرين أو أكثر، بزره اسود طيب الرائحة يخلط بالعجين والخبز... له
قوة لطيفة ولهذا صار يشفي الزكام. " الجامع 3: 72 ".
(3) البسباسة: قشر شجرة لونه يميل إلى الشقرة، وهو غليظ قابض جدا. " الجامع 1: 93 ".
(4) العود: خشب هندي طيب الرائحة يتبخر به. " الجامع 3: 143 ".
176

فهذا مما يستظهر به في دفع آفات هذه العوارض تقع فاما ما يتعالج به
منها إذا وقعت فسنخبر فيما بعد إن شاء الله تعالى
177

* (الباب الخامس
في وجع الاذن الذي يعرض كثيرا هبوب الرياح المختلفة وكيف
ينبغي ان يحتال لاصلاحها) *
قد يعرض كثيرا من هبوب الرياح الحاره البارده وجع الاذن وقد يكون
ذلك أيضا في الاسفار غير هبوب رياح عند الحركة المفرطة وحده الاخلاط
وحرارتها وحماها
فإن عرض وجع الاذن من بروده كان دليله ان الوجع يكون في داخل الاذن
في عمقها ولا يكون معه ثفل ولا تمدد ولا حمره فظاهر الاذن ويكون سائر البدن
سليما من الحرارة ولا يكون تقدم من تدبيره يوجب حراره بل يكون كل تدبير تقدم
له من المطعم والمشرب والهواء المحيط يوجب بروده و يكون الهواء باردا والرياح الهابه
شماليه
فاما إن كان التدبير المقدم في المطعم والمشرب تدبيرا حارا وكان الهواء حارا
وهبت الرياح جنوبيه والوجع نفسه مع تمدد ومع حمره في اللون وثقل الرأس
فإن ذلك دليل على أن الوجع من حراره
فإن كان الوجع مع تمدد وكان معه طنين ولم يكن معه ثفل فإنه دليل على أن
الوجع من ريح مستكنه في الاذن لها مسلك تخرج منه
علاج وجع الاذن من برد
إذا صح عندنا بالدلائل التي وصفنا ان وجع الاذن من برد فينبغي
نعالجه بان نقطر في الاذن زيتا قد طبخ فيه سذاب دهن النار دين أو دهن
الغار مفترا أو دهن قد طبخ اقحوان أو زيت قد أذيب فيه فربيون يسير أو

(1) الثفل: صمغ الاذن ووسخها.
(2) السذاب: نبات طبي بري وبستاني، له حب حاد لاذع لأطعم يحلل الاخلاط الغليظة اللزجة. " الجامع
3: 5 ".
(3) الغار: شجر ضخم ورقه طيب الريح يستعمل في الطيب. " الجامع 3: 145 ".
(4) فربيون: شجرة تشبه القثاء، مملوءة صمغا مفرط الحدة من العقاقير. " الجامع 3: 158 ".
178

زيت قد أغلى فيه شئ يسير من جندبادستر ودهن البلسان ويطبخ أيضا
بابونج وإكليل الملك وبنفسج يابس وحرمل وورق الغار في ماء حتى يغلى الماء
غليانا جيدا وتكمد الاذن به
علاج وجع الاذن الذي يكون من حراره
فاما إن كان وجع الاذن من حراره وذلك يعلم بالدلائل ذكرنا فيما
تقدم فينبغي ان يقطر في الاذن بياض البيض مفترا مع دهن ورد أو مع ماء
الكاكنج أو مع ماء الكزبرة الرطبة أزيت قد طبخ فيه خراطين واصداف
البحر مع الحيوان في داخلها فإن هذا الزيت يعمل في وجع الاذن بالطبع عملا
عجيبا
وذلك بان يؤخذ من هذه الأصداف التي لم تنفتح ويخرج ما فيها ثلاثة
فتطبخ بزيت مغسول ويقطر ذلك الزيت في الاذن ودهن اللو الحلو إذا قطر
الاذن نفع منفعه بينه وكذلك الزيت الذي قد طبخ الخنثى وهو أصل شجره
الاسريش

(1) جند بادستر: حيوان يعيش في الماء وخارجه، خصاه هو الجند بادستر العقار المعروف عندهم. " الجامع
1: 171 ".
(2) البلسان: شجر ودهن البلسان يتخذ منه بان تشرط الشجرة فما سال منه - وهو يسير - يجمع ويستعمل في
الطب. " الجامع 1: 107 ".
(3) البابونج: حشيشة عطره، وهو الأقحوان، وردته صفراء تحيط بها وريقات بيض. " الجامع 1: 73 ".
(4) إكليل الملك: حشيشة ذات ورق مدور، وأغصان دقاق تحمل زهرا اصفر، هو المستعمل منها في الطب.
" الجامع 1: 50 ".
(5) الكاكنج: هو عنب الثعلب، إذا دق دقا ناعما وخلط بالملح، وتضمد به الأورام العارضة في أصول الآذان
نفعها. " الجامع 3: 135 ".
(6) الخراطين: ديدان تخرج عند حرث الأرض، " الجامع 2: 57 ".
(7) الخنثى: شجر له زهر ابيض. " الجامع 2: 78 ".
(8) سماه ابن البيطار الاسراش، ونفي أن يكون هو أصول شجر الخنثى، وذكر انه نبات غيره. " الجامع
1: 38 ".
179

علاج وجع الاذن الذي يكون من ريح استكنت في موضع السمع أو من خلط
آخر لزج قد لحج موضع السمع
فإن وجع الاذن من ريح مستكنه في موضع السمع ودلت ذلك
الدلائل التي وصفناها فيما تقدم فينبغي ان يعالج بالعلاج وصفناه في وجع الاذن
الذي يكون من برد ويقطر من تلك الادهان التي وصفناها في ذلك الباب
واستعمال بخار ذلك الماء
ويستعمل فيها أيضا قطور متخذ من خل وعسل وبورق أو من عسل
ونبيذ مطبوخ ونطرون
ويقطر في الاذن أيضا شيئا يسيرا من مرارة الجمل مع دهن ورد ونبيذ
مطبوخ ودهن لوز وماء الكراث البصل إذا فتر وخلط معه شئ يسير من عسل أو
دهن اذهب وجع الاذن الذي يكون من ريح وخلط لزج
والصعتر الجبلي إذا سحق وخلط مع عسل ولبن امراه وقطر في الاذن اذهب
وجع الاذن الذي يتولد من الريح الغليظة الاخلاط اللزجه
صفه دواء جامع ينفع من جميع أوجاع الاذن وثقل السمع
يؤخذ من اللوز المقشر من قشرته عشرين لوزه ومن البورق وزن أربعة دراهم
ومن الأفيون وزن أربع دراهم ومن الكندر وزن أربعة دراهم ومن الباذاورد وزن
أربعة دراهم ومن المروز أربعة دراهم يداف ذلك أجمع بخل ويتخذ منه أقراص
صغار يكون كل قرص وزن دانق ونصف وعند وقت الحاجة إن كان وجع الاذن
شديدا يداف القرص بدهن ورد ويقطر في الاذن وإن كان يسيل من الاذن قيح
ديف القرص بسكنجبين ببعض الانبذه وإن كان السمع ثقيلا ديف القرص بخل
خمر

(1) البورق: عقار معدني له صنوف كثيرة وألوان عدة. " الجامع 1 125 ".
(2) النطرون: من جنس البورق غير أنه يفعل غير فعله. " الجامع 1: 125 ".
(3) الباذاورد: ينبت في الجبال أو الغياض، واصله أقوى نفعا من ورقه. " الجامع 1: 75 ".
180

فهذا ما يحتاج إليه من العمل بعلاج الاذن من العلل لا يؤمن ان تحدث
في الاسفار
181

* (الباب السادس
في الزكام والنوازل والسعال وشابه ذلك من الأشياء التي تعرض من
اختلاف الهواء وعلاج ذلك) *
هذه العلل أعني الزكام والبحوحه والنوازل والسعال وما أشبه ذلك تتولد في
أكثر الامر من رطوبة فضليه تنصب من الدماغ فإن كان انصبابها الانف في
المجاري المشاشيه التي بين طرف الأنف والدماغ سمى ذلك زكاما وإن كان
انصبابها إلى مجارى الحلق والنغانغ سمى ذلك نزله وإن كان انصبابها يتجاوز
ذلك حتى يصير إلى قصبه الرئه وما يلي الصدر سمى أيضا نزله إلى الصدر
فإن كان الفضل غليظا لزجا منه سعال شديد يقذف معه رطوبات
فضليه وإن كان الفضل رقيقا مائيا أحدث السعال الذي يسمى يابسا
وهذا لعلل تتولد من سوء مزاج حار وبارد جميعا
فاما ما يتحرز منها في وقت هبوب الرياح الحاره والبارده وصفناه فيما
تقدم
وأما ما يتعالج به منها حدثت واستحكمت فانا نصفه الان على أن كل
ما وصفناه في التحرز من الزكام والنوازل من الروائح تستنشق قد ينتفع بها إذا
استعملت بعد حدوث العلة منفعه بينه
صفه البخورات التي تذهب بالزكام
القراطيس أشعلت بالنار وقربت من الانف واستنشق دخانها دائما
أذهبت الزكام
وكذلك السكر الطبرزد إذا أحرق بالنار حتى يخرج منه دخان واستنشق
دخانه نفع

(1) في " ش ": الأحوال.
(2) النغانغ: لحمات تكون في الحلق عند اللهاة وهي اللوزتان باستعمال العصر الحاضر. انظر " الصحاح - نغغ -
4: 1328 ".
182

وكذلك يفعل الاصطرك والكارباه والبخورات المتصلة بالافاويه العطرية
إلحاده الرائحة
فإذا اتصل الزكام وتنجع فيه هذه الروائح الزق على الجبهة الضماد
يقال له بربارا والضماد الذي يقال له اثينا والضماد يقال له انكاسوس
وهي ضمادات مشهوره لا اختلاف صفاتها فلذلك لم يكن بنا حاجه إلى نسخها
صفه بخور نافع من النوازل منضج يجمع الفضول الغليظة المنحدرة الرأس
يؤخذ من الاصطرك وهو ميعه الرمان ومن المصطكي وبزر الكرفس
الجبلي من كل واحد أوقيه ومن الزرنيخ الأحمر وزن نصف درهم ومن حب الغار
حبتين يدق ذلك ويجمع ويعجن بعسل ويتبخر به من الزكام الذي ينضج ومن
السعال الشديد وذلك بان يوضع منه شئ يسير جمر فحم ويوضع عليه قمع يجتمع
البخار فيؤديه الموضع الذي يقصد لعلاجه
صفه دواء يشرب نافع النوازل التي قد صارت إلى الصدور وولدت سعالا
يؤخذ بزر البنج وزن اثنى عشر درهما حب الصنوبر وزن سته دراهم المر وزن
درهم يسحق ذلك ويعجه بعقيد العنب ويؤخذ منه في كل غداه وعشاء مقدار وزن
درهم بماء حار
صفه دواء آخر يقوم مقام الحسا يذهب بأوجاع السعال كلها ويفعل فعلا قريب
المنفعة
يؤخذ من العسل وزن عشره دراهم ومن السمن وزن خمسه دراهم ومن
الزوفا وزن درهمين ومن التي أربع تينات ومن الصنوبر المرضوض المنقى وزن
عشره دراهم ومن أصل السوس وزن عشره دراهم يطبخ الزوفا والتين والصنوبر
واصل السوس بماء قدر رطلين حتى يبقى نصف رطل ثم يصفى ويلقى عليه السمن
والعسل ويطبخ يصير في ثخن اللعوق

(1) الكارباه: هو الكهرباء، وهو صمغ شجر الدم. " الجامع 4: 45 و 88 ".
(2) الزوفا: حشيشة جبلية لها رائحة طيبة وطعم مر. " الجامع 2: 172 ".
183

* (الباب السابع
في علل العين التي تحدث اختلاف الهواء والغبار والرياح وغير ذلك) *
أما غبار تراب الأرض النقيه التي لا يشوبها من الرماد والرمل ودقاق
التبن وما شابه فإنه ليس بضار للعين الصحيحة وذلك أن جوهر العين بالجملة
رطب وكان ارض طبيعتها يابسه وما انسحق منها حتى يصير غبارا إذا كان من ارض
محض لا يشوبها غيرها فهو محاله يابس فمن هذه الجهة يقاوم رطوبة العين ويصلحها
فاما العين التي فيها عله من رمد أو من عرض آخر فإن الغبار لها ردئ لأنه لا يؤمن
وحدان يحدث حادث من حراره أو حده أو غير ذلك من الآفات وكذلك ينبغي
ان يتوفى منه في الأعين التي عله غاية التوقي
ومما يحفظ العين ويقويها ويمنع من آفات الغبار والحر والعرق هذا البرود
صفته يؤخذ نشاستج الحنطة وزن أربعة دراهم ومن الصمغ وزن درهمين
ومن اسفيداج الرصاص واقليميا واثمد من كل واحد وزن درهم تجمع هذه
الأدوية مسحوقه منخوله بحريره وترفع في اناء وتستعمل وقت الحاجة إن شاء الله
تعالى.
صفه برود آخر ابيض يقوى الناظر ويذهب بالدمعه
يؤخذ صدف محرق ولؤلؤ من كل واحد درهمين ونشاستج الحنطة وزن درهم
واثمد وزن درهمين وتوتياء هندي وزن أربعة دراهم وكافور وزن دانق تدق هذه
الأدوية وتسحق وتنخل بحريره وترفع في اناء وتستعمل عند الحاجة إن شاء الله تعالى

(1) النشاستج: دواء كانوا يستخرجونه من الحنطة ينفع من سيلان المواد إلى العين ومن القروح العارضة فيها.
" الجامع 4: 180 ".
(2) الاسفيداج: هو عقار كانوا يصنعونه قديما. " الجامع 1: 31 ".
(3) قليميا: عقار من مخلفات النحاس، ويوجد على الطبيعة في قبرص في أنهارها. " الجامع 4: 30 ".
(4) الإثمد: حجر اسود صلب ملمع براق كحلي اللون يكتحل به. " الجامع 1: 12 ".
184

صفه برود آخر يطفئ الحرارة من العين
يؤخذ اسفيداج الرصاص وزن خمسه دراهم وشاذنج هندي ومرقشيشا
ولؤلؤ من كل واحد وزن ثلاثة دراهم وصمغ وزن درهم ونحاس محرق وزن أربعة
دراهم ومسك وزن حبتين تجمع هذه الأدوية مسحوقه منخوله بحريره وترفع في اناء
وتستعمل عند الحاجة ان شاء تعالى
صفه طلاء للأورام الحاره الملتهبه في العين
يؤخذ مر وصبر وعصاره الماميثا وحضض وزعفران وافتيمون واقاقيا
وطين أرمني اجزاء سواء يسحق وينخل ويداف بماء عنب الثعلب ويستعمل عند
الحاجة شاء الله تعالى
صفه طلاء آخر يوضع على الصدغين فيصلح آفات العين وأوجاعها الشديدة
يؤخذ مر وزعفران وافيون وبزر البنج وكندر اجزاء سواء ويطلى على
القرطاس ويصير على الصدغين ان شاء تعالى

(1) الشاذج: حجر يفيد في مداواة العين. " الجامع 3: 49 ".
(2) مرقشيشا: صنف من الحجارة يخالطها كريت، وهي تقدح النار مع الحديد النقي. محلل يجلو غشاوة البصر.
" الجامع 4: 152 ".
(3) المايثا: عشب يستعمل في علاج العين. " الجامع 4: 124 ".
185

* (الباب الثامن
في امتحان المياه المختلفة ليعلم أيها أصلح) *
أجود المياه وأحمدها ما كان لا طعم ولا رائحة ولا لون وهذا الجنس من
المياه يكون صافيا سليما من مخالطه سائر الأجسام إياه وذلك أن كل ماء يحس له
طعم أو رائحة فإنما يحس ذلك فيه جوهر آخر قد خالطه فيظهر طعم ذلك الجوهر
فيه ولونه ورائحته ولذلك ينسب ذلك الماء إلى الجوهر الذي خالطه فيسمى
بالكبريتي أو بورقى أو قفرى نطروني أو غير ذلك من الأسماء فما كان سليما هذه
الخواص فإنه لا محاله يكون صافيا في لونه لذيذا ذوقه طيبا في رائحته ينفذ عن
المعدة إلى الأعضاء نفوذا سهلا فاما ما غلبت عليه رائحة كريهه أو طعم ردئ لون
كدر فينبغي ان يجتنب
وأقوى دلائل المياه المحمودة الدليل الذي ذكره بقراط وهو ان يبرد سريعا
ومن الناس من يمتحن المياه بالوزن فيحكم لاخفها بأنه أجودها وهذه المحنة ليست
بصحيحه إلا أن يجتمع معها الدلائل الاخر المحمود أعني طيب الرائحة وعذوبه
الطعم وصفاء اللون والنفوذ من المعدة سريعا وان يسخن سريعا ويبرد سريعا وأن يكون
في ينبوعه في الصيف باردا وفي الشتاء فاترا
والمياه المجتمعة من الأمطار نقائع نظيفه هي مياه محموده نافعه لأن الشمس
قد طيبتها واذهبت عنها كل آفة كانت فيها وحللت أجزاءها
فاما المياه التي تكون من ذوبان الثلج والجليد وما شابه ذلك فهي كلها رديئه
ضاره وذلك أن وقت جمودها يتحلل كل ما كان فيها من جوهر رقيق لطيف ويبقى
أغلظ جوهرها وأكثفه فلذلك ينبغي ان يجتنب
وكذلك ما كان من المياه مجتمعا في مواضع مستتره الشمس كثيره
التبن والطين فإنها كلها رديئه

(1) في " ش ": النتن.
186

* (الباب التاسع
في اصلاح المياه الفاسدة) *
فإن اضطر مضطر إلى أن يشرب شيئا من هذه المياه الفاسدة التي قد غلب
عليها بعض الجواهر الرديئة فينبغي يحتال لاصلاحها بما أصف ينبغي أولا ان
يطبخ طبخا صالحا أعني يغلى على النار وان يمزج بعد الطبخ ببعض الانبذه
الافشرجات وأن يكون ما يمزج به من الانبذه في ضد طعم الماء فإن كان الطعم
مائلا إلى القبض والبشاعة مزج بنبيذ حلو وإن كان مائلا إلى الملوحة مزج بنبيذ
قابض الطعم
وما كان من المياه غليظا من كدوره فينبغي ان يصفى مرارا حتى يصفو
ويذهب عنه كدره فإن جعلت الأسوقه أحد ما يصفى به كان ذلك صالحا
الأسوقه من شانها تصفيه الماء وتعذيبه
وما كان من المياه شديد البرد مفرطه فينبغي ان لا يشرب بعد الطعام وأن يكون
مصا ليواقع المعدة والأعضاء الداخلة شيئا بعد شئ ولا يواقعها دفعه فيؤلمها
وما كان من الميا ظاهر الرداءه فينبغي ان يطبخ حمص ويؤكل الحمص
ويشرب ماؤه أو يطبخ فيه رازيانج القرع فيؤكل الرازيانج والقرع ويشرب الماء
ومن أحمد ما يؤكل من الأطعمة مما يذهب برداءه المياه الردية وضررها السلق
والبقلة اليمانية والبقول التي معها تفتح مثل الرازيانج والكرفس والشبت والهندباء وما
شابه ذلك
فاما ما يذهب برداءه طعم الماء فالبلوط والشاه بلوط والحبة الخضراء

(1) الافشرجات: واحدها الافرج وهو بالفارسية بمعنى الرب اي المربى الذي يعمل من الفواكه وقت كثرتها
ويدخر، انظر " الجامع 1: 46 ".
(2) الرازيانج: نبات يستعمل في الطب أصله وورقه وبزره. " الجامع 2: 134 ".
(3) الشاهبلوط: نوع من البلوط أقوى من البلوط اثرا. " الجامع 1: 110 ".
(4) الحبة الخضراء: شجرة جبلية حبها اخضر، وهو مدر للبول. " الجامع 1: 98 ".
187

والسمسم وأصناف البقول كلها.
188

* (الباب العاشر
في احتيال ما يذهب بالعطش عدم الماء أو قلته) *
منافع شرب الماء في بدن الانسان منفعتان إحداهما ترطيب الغذاء الجاف
اليابس لتهضمه المعدة والأخرى تبريد الحرارة المفرطة التي تحدث عن الحركات
الشديدة والهواء الحار
وقد يحدث العطش أيضا من جفاف الفم واللهوات وفناء الرطوبة التي
ترطب أغشيه الحنك وما يتصل به من عله حادثه فيكون من ذلك عطش ولذلك
يقال إن من قطعت لهاته لا يصبر على العطش البتة لأنه قد عدم العضو المولد
للرطوبات التي يترطب الحنك وأغشية المعدة ترطيبا دائما
وقد يعرض العطش أيضا شرب نبيذ كثير فيحمى الجوف ويحرقه
فيتولد عن عطش وتكون الحاجة عند ذلك من الماء إلى التبريد أكثر منها إلى
الترطيب
فاما العطش الذي من اكل الأشياء المالحة فإنه يجتمع فيه المعنيان
جميعا أعني اليبس والحرارة إذ كانت الملوحة من شانها تفعل ذلك
فمن عدم الماء واحتاج ان يداوى نفسه لئلا يعطش فينبغي أولا ان يقلل من
الغذاء أو باما يغتذى به من الأغذية التي هي من جوهرها بارده رطبه
كالبقول والفاكهة البارده الرطبة وان يدهن بدهن الورد مبردا وبغيره من الادهان
البارده الرطبة
وأقوى يستعمل في ذهاب العطش ان يلاك بزر الخس الأسود واصل
السوس وبزر القثاء كل ذلك إذا أمسك الفم وقتا طويلا اذهب العطش
وقد يتخذ أقراص تمسك الفم فتمنع من العطش
وصفتها دواء يمنع من العطش
يؤخذ بزر القثاء المقشر وزن ثمانية دراهم وكثيراء وزن أربعة دراهم

(1) الكثيراء: رطوبة تخرج من أصل شجرة بجبل لبنان واسم شجرته طراعاقينا. " الجامع 4: 52 ".
189

يداف الكثيراء ببياض البيض الطري فإذا ذاب سحق بزر القثاء المقشر والقى عليه
وتتخذ منه أقراص وتجفف في الظل فإذا احتيج إليه اخذ منه قرص وامسك تحت
اللسان فكلما ذاب منه شئ ابتلع فإنه يذهب بالعطش شاء الله تعالى
وعصارات الفواكه الرطبة والبقول البارده إذا عصرت واستعملت سكنت
العطش والبزر قطونا بل بماء الخيار أو ببعض مياه الفواكه حتى يستخرج لعابه
وامسك في الفم لعابا كثيرا ويبلع شيئا بعد شئ يذهب العطش وكذلك يفعل
حب السفرجل

(1) بزرقطونا: شجرته صغيرة نحو من شبر، ورقه عليه ئغب، والمستعمل منه حبه، وهو شبيه بالبراغيث اسود
صلب. " الجامع 1: 9 ".
190

* (الباب الحادي عشر
في التحرز من جمله الهوام) *
أول ما ينبغي ان يتحرز به من الهوام يرش ارض الموضع الذي لا يؤمن فيه
الهوام بماء طبخ فيه بابونج وحنظل وحرمل أو ثوم أو بنجنكشت وان تسد مواضع
جميع الا جحره التي فيها والمواضع لا يؤمن ان يخرج منها الهوام بهذه البخورات
صفه يتبخر به فيذهب بالهوام
يبخر الموضع بقرن الأيل باظلاف المعزى أو بشعورها أو بالحجر الذي
يسمى عاعاطس أو مقل اليهود أو بجوز السرو أو بورق الشونيز أو شونيز بورق
العنجنكشت أو بالسكبينج أو بالجند بادستر بالكارباه كل هذه الأشياء إذا
تبخر بها أو ببعضها بواحد منها أذهبت رائحتها الهوام المؤذية بإذن الله
صفه بخور يذهب بالبعوض والبق والجرجس
يؤخذ القلقديس وبزر الشونيز البرى والكمون متساوية الاجزاء فيبخر به
الموضع مرارا كثيره وينبغي ان توقد نار قويه في الموضع الذي يتخوف فيه من الهوام
فان الهوام تهرب من ضوء النار وينبغي ان يفرش المواضع التي يتخوف فيها من هوام
الأرض من حشيش الاشراس والفنجكشت وبالصعتر البرى وبالفوتنج النهري

(1) بنجنكشت: تفسيره بالعربية ذو الخمسة أصابع، وهو شجر ينبت بالقرب من المياه، وفي مواضع وعرة، له بزر
شبه الفلفل. " الجامع 1 115 ".
(2) الأيل: التيس الجبلي: " مجمع البحرين - ايل - 5: 315 ".
(3) في " ش ": عانماطس.
(4) السرو: شجر كبار والمستعمل منه في الطب جوز وورقه. " الجامع 3: 8 ".
(5) الجرجس: البعوض الصغار. " القاموس المحيط - جرجس - 2: 203 ".
(6) الفوتنج: سماه ابن البيطار الفودنج وعدله ثلاثة أجناس، بري وجبلي ونهري، وهو نبت، وهو نافع من نهش
الهوام. " الجامع 3: 17 ".
191

والشيح والقيصوم والجعده والمشكمطر امشير لم يتهيأ من هذه الحشائش ما يفرش
به المكان كله جعل منها حول المرقد والمجلس فإنها تمنع الهوام إن شاء الله تعالى
وان اتفق أن يكون المنزل هذا السفر في الصحارى فينبغي ان يتوقى
النزول تحت الأشجار والوقود تحتها فإن كثيرا من الأشجار البرية تكون الهوام فإذا
جعل الوقود تحتها نزلت من حراره بخار النار وقد قويت بحرارتها فأفسدت وأذت
فاما الأواني فينبغي ان يستقصى سد رؤوسها ولا سيما في المواضع
يتخوف فيها من الحيات ولتكن أغطيه الأواني الصغار من القوارير والدساتيج وما
فيه الأشربة وما شابه متخذه من شمع قد خلط فيه براده العاج وبارزد وكمون
كرماني فإن هذه الأشياء كلها لا يكاد يقربها من الهوام
فاما الزنابير والنحل فإنه يتحرز بالتمسح بورق الخبازي وبمائه وباستعمال
الادهان المواضع التي يخاف مضرتها فيها

(1) الجعدة: حشيشة طولها نحو شبر، وهو نبات ثقيل الرائحة... إذا افترش أو دخن به طرد الهوام. " الجامع
1: 163 ".
(2) المشكمطرا مشير: هو الفودنج البستاني، وقد مر الفودنج. " الجامع 4: 158 ".
(3) الدساتيج: آنية صغيرة تحمل باليد، معرب عن الفارسية. " القاموس المحيط - دستج - 1: 188 ".
(4) ذكر ابن البيطار الباذوا ورد وعرفة بأنه نبت ينبت في الجبال والغياض له شوك، وإذا علق طرد الهوام من
المواضع التي يعلق بها. " الجامع 1: 75 ". وفي " ش ": والنار ودركمون.
192

* (الباب الثاني عشر
في علاج عام من لسع الهوام جميعا) * فإن عرض لاحد ان يناله آفة من بعض الهوام أيها فأول ما ينبغي ان
يبدأ به من العلاج ان يمص الموضع مصا شديدا وأن يكون الذي يمصه ليس بصائم بل
يكون تناول طعاما وان يتمضمض قبل المص بنبيذ مطبوخ ويمسك في فيه زيتا
في وقت مصه فإذا مصه فينبغي يأخذ قدح زجاج ويشعل فتيله بالنار فإذا استوقدت
يلقيها داخل القدح ويكب القدح على الموضع فإن القدح ذلك يقوم مقام
المحجمة ويجلب السم من داخل الأعضاء خارجها ثم يشرط الموضع المنتفخ
ويمص حتى يخرج دم صالح فإن خروج ذلك الدم يخرج السم أيضا ان شاء
تعالى
وينبغي بعد ذلك ان يضمد الموضع بالأدويه الحاره لها جذب قوى مثل
رماد الكبريت ورماد ورق التين أو لباب الخبز أو بصل مدقوق أو كراث البقل
أو زبل الغنم كل ذلك يخلط معه ملح مدقوق ويعجن بمرى أو بخل بهما جميعا
ويضمد به الموضع
والزفت الرطب أيضا إذا ضمد به موضع اللسع نفع منفعه بينه وينبغي
يبل الموضع أيضا بخل قد طبخ به فوتنج جبلي وصعتر أو بماء البحر أو بماء مالح فإن
هذه الأشياء تجذب السم سم كان وتخرجه إن شاء الله تعالى
وينبغي يضمد الموضع بفراخ الحمام وفراريج ذبحت ساعتها حاره وتشد
على العضو فإنها تجذب السم وتسكن الوجع
وينبغي ان يضمد الموضع أيضا بالأضمده المركبة المعموله بقاقله الطيب
وبالأشياء العطرية القوية الرائحة وينبغي ان يسقى الملسوع أي حيوان كان لسعه
من ذوات السم من جوز السرو حمر وهو قفر اليهود من كل واحد وزن درهم

(1) في " ش ": الجوز بو.
(2) قفر اليهود: هو الحمر، هو معدن يستخرج من البحر الميت في فلسطين. " الجامع 4: 26 ".
193

بشراب أو من ماء الحشيشة التي تسمى بالبورس وغبيراء ذكر يعصر ويسقى من
مائها قدر أوقيتين ودم السلحفاة البحرية من الأدوية القوية في دفع السموم وتسكين
الوجع وكذلك الجند بادستر واصل القثاء وماء الكراث والحشيشة المعروفة بخصى
الثعلب والفنجنكشت والزراوند وحب الغار والسراطين النهرية مشويه
مطبوخه هذه الأدوية كلها تعمل في دفع السم وتسكين الوجع عملا صالحا
ومن الأدوية المركبة الترياق الأعظم إذا شرب نفع لسع جميع الهوام
ولكن يحتاج ان يبادر به قبل وصول السم الأعضاء على أن لا تقتل آفة السم
وتدفعها
وقد ينفع لسع الهوام استعمال الأشياء التي تولد العرق وتخرج الفضول
البدن ويستعمل أيضا هذا الدواء فإنه كثير المنفعة لسع الحيات والعقارب وجميع
الهوام
اخلاطه يؤخذ السكبينج واصل السوس الاسمانجونى الأزرق والزنجبيل
من كل واحد وزن أربعة دراهم ومن الزراوند وزن خمسه دراهم ومن السذاب
والغاريقون من كل واحد ثلاثة دراهم ومن دقيق الكرسنه وزن درهمين يدق
ذلك أجمع وينخل ويتخذ منه أقراص وزن كل قرص أربعة دوانيق ويشرب وقت
الحاجة بشراب أو ببعض الأشربة المتخذة من الفواكه أو بماء حار نافع إن شاء الله
تعالى
وفي نسخه أخرى وقد ينفع من لسع الهوام فصد العرق لا سيما إذا الملسوع
شابا ممتلئ البدن

(1) الزراوند: نبات له عدة أنواع ذكرها ابن البيطار ووصفها ثم قال: إذا شرب منه مقدار درهمين بالشراب
وتضمد به كان صالحا لسموم الهوام. " الجامع 2: 159 ".
(2) الغاريقون: جذر نبات... ينفع من لسع الهوام إذا شرب منه مقدار مثقال واحد بشراب ممزوج. " الجامع
3: 147 ".
(3) الكرسنة: شجيرة صغيرة لها ثمر في غلف هو المستعمل منها. " الجامع 4: 63 ".
194

* (الباب الثالث عشر
عما ذا يتولد العرق المديني وذا يتحرز من تولده) *
من أجل ان العرق المديني يتولد كثيرا في ذلك الصقع حتى صار يعرف
باسمه أعني بالمدينة رأيت أن أصف التدبير الذي يتحرز به منه
فأقول تولد هذا العرق في اللحم كتولد الحيات وحب القرع وأصناف
الدود في البطن وكتولد سائر الأشياء تدب على الأرض منها
والعلة التي تشمل الأشياء في تولدها العفونة المعتدلة وكما أن كل يعفن
من جميع الأجسام يولد حيوانا ما كذلك العفن اللحم يكون منه تولد هذا العرق
وكل تعفن فإنما باجتماع حراره ورطوبه بأقساط معلومه
وتلك الأقساط يدركها البشر وليس يعلم مقاديرها إلا الباري سبحانه
وجل ثناؤه على أنها ليست محصوره حصرا لا يلزم فيها زيادة ونقصان لكنها مختلفه
واختلافها على قدر اختلاف الحيوان المتولد فإن الأقساط من الحرارة والرطوبة التي
تتولد عنها الحيات في البطن خلاف الأقساط التي تتولد عنها حبات القرع وان
الأقساط التي يتولد عنها القمل والبراغيث والبق والجرجس وكذلك الأقساط التي يتولد
عنها الأرض الضب واليربوع والجرذان وخلاف الأقساط تتولد عنها الحيات
والعقارب وبنات وردان
وعلى هذا القياس تختلف هذه الحيوانات في البلدان قدر اختلاف ترب
البلدان فإن كل بلد قد تخصه تربه يتولد من هذه الحيوانات خلاف الحيوانات التي
تتولد التربة الأخرى فالأرض الجصية يتولد فيها من الحيوانات خلاف ما يتولد في
الأرض الردماية والأرض الحمراء التربة يتولد فيها حيوان غير الحيوانات التي تتولد
الأرض السوداء إذ كان التعفن في كل واحد من الترب يكون في مقادير مختلفه
مخالفه للمقادير التي تكون التربة التي يكون منها الحيوان من غير تلك التربة
فلهذه العلة صار يتولد في كل بلد جنس من الحيوان مخالف للجنس الذي يتولد
في البلد الاخر حتى صار بعض البلدان لا يتولد فيها العقرب البتة وبعضها يتولد فيها
195

البراغيث وبعضها لا تتولد فيه الذباب وبعضها تتولد فيه البق
ومن هذه الجهة صار العرق المديني يتولد بالمدينة وما يليها في أكثر الامر دون
سائر المواضع والسبب في ذلك ان هواء ذلك الصقع مع الأغذية توجد فيه كثيرا
فيغتذى بها الناس كالتمور تولد العرق في اللحم فيصير حيوانا كسائر الحيوان
يتولد في البطن والأمعاء
والتحرز من تولده بترك اكل التمور البتة والتوقي من استعمال الأغذية
التي يسرع إليها الفساد والإستحاله كالألبان ويعمل منها مثل الجبن والمصل وما
شابه ذلك وبإدمان دخول الحمام واستعمال صب الماء الحار البدن إذا كان
ذلك البلد لا حمامات فيه وشرب السكنجبين كثيرا الطعام واخذ الاطريفل
الأصفر في أيام معلومه والهليلج المربى والأملج المربى والشقاقل المربى والحبوب
التي تنقى المعدة والأمعاء مثل الحب المعروف بالميشيار وحب الذهب وحب المقل
وسفوف الإهليلج والرازيانج والسكر وما شابه ذلك واستعمال الكبر في
الطبيخ واتخاذ البوارد أعني من قضبانه من أنفع الأشياء في التحرز هذه العلة
وكذلك الشبت والرازيانج والطرشقوق وهو الهندباء البرى والفوتنج النهري
والفوتنج الجبلي والسذاب والنعنع وجميع البقول التي معها تفتيح لمنافذ البدن
وانضاج الاخلاط وتنفيذها وتعديلها لئلا تلجج في عضو من أعضاء البدن فيتعفن
فيه
فبهذا التدبير وما شابهه يكون التحرز من العرق المديني

(1) في " ش ": الأمراض.
(2) المصل: ماسال من الأقط إذا طبخ ثم عص، والأقط اللبن المجفف. انظر " القاموس المحيط - مصل -
4: 50 ".
(3) الشقاقل: نبت منسحب على الأرض مثل الثيل يحمل بزرا اسود بقدر الحمص مملوء من رطوبة سوداء حلوة
الطعم. " الجامع 3: 65 ".
(4) الميشيار: هو طلاقيون، وهو نبات يشبه البربين. " الجامع 4: 172 و 3: 105 ".
(5) الكبر: شجيرة شوكية ماء ورقه إذا شرب قتل أصناف الحيوان المتولدة في الجوف وشربته من أربعة دراهم
إلى ما حولها، ويعرف في العراق بالشفلح. انظر " الجامع 4: 47 ".
196

* (الباب الرابع عشر
في وصف العلاج من العرق المديني تولد في البدن) *
ولأن العلم بما ينتفع وان لم تدع إليه حاجه شديده حسن محمود رأيت
أصف العلاج من العرق المديني وإن كان بقراط وجالينوس لم يذكراه
وأنا أقول فيه ما قاله سورانورس ولاوبندس وهما امامان من أئمة الأطباء فاما
سورانورس فإنه لم ير هذا العرق حيوانا وانه يتحرك بل رأى يتوهم انه يتحرك وهو
بالحقيقة غير متحرك فاما لاوبند أأنت وغيره ممن اتى بعده فإنهم رأوا انه حيوان يتولد
في لحم العضل فأكثر تولده يكون في السواعد والأعضاد والسوق والأفخاذ فاما في
الصبيان فإنه يتولد مع أيضا منهم في الظهر والصدر تحت الجلد
وقد اتفق كلهم علاجه على أنه ينبغي ان ينطلي العضو الذي ظهر فيه
بالماء الحار نطلا دائما حتى يخرج طرفه فإذا خرج سل سلا رفيقا فإن لم يجب إلى
الخروج شد في طرفه رصاصه بخيط وترك لتجذبه الرصاصة بثقلها فتحطه إلى أسفل
فتسله شيئا فشيئا
ويستعمل مع ذلك أيضا اقعاد العليل الماء الحار ويضمد الموضع
بالأضمده المحللة كالضماد المتخذ من دقيق الشعير ودقيق الحنطة والحلبه والتين
والبابونج وما أشبه ذلك وتلزق عليه لزوقات محلله كاللزوق المنسوب إلى الغار
والطرفاء وغير مما شابهه فإن انقطع العرق وتفتح موضعه شق وعولج كما
تعالج سائر الجراحات
فقد آتيت ما يحتاج إلى وصفه من علاج العرق المديني وسلكت ذلك
المسلك الذي سلكته في سائر هذا الكتاب فانى وصفت فيه أشياء كثيره وانا أرى
ان الله جل وبمنه وطوله وسعه رحمته سيغنيك بالعافية فلا تحتاج استعمال
شئ منها على انى مع ذلك قد رجعت ان مثلك لا يخرج إلى مثل هذا السفر بل

(1) نطل فلان نفسه نطلا: إذا صب عليه منه شيئا بعد شئ يتعالج به. " لسان العرب - نطل - 11: 667 ".
(2) في " ش " زيادة: كل شئ.
197

ولا إلى أقرب منه من المواضع بعد ان يقع اسم سفر إلا في جمع وعدد كثير من
الناس وحيث الجمع والعدد الكثير فإنهم لا يخلون من بعض الأسباب
ذكرنا فالأولى بمثلك معرفه هذه العلاجات والاستظهار بهذه الأدوية والأشربة
والله أسال ان يتفضل وعلينا فيك وعلى جميع من معك بالسعادة
الكاملة التي هي سلامه النفس وصحه البدن انه على ما يشاء قدير
يقول مولانا النقيب الطاهر الفقيه العالم العلامة العامل البارع الفاضل الحبر
الكامل الزاهد العابد المرابط المجاهد نقيب نقباء آل أبي طالب في الأقارب والأجانب
جمال العترة فخر الامه عماد الملة رضى الدين ركن الاسلام والمسلمين زين
المجتهدين قبله العارفين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد محمد الطاووس
العلوي الفاطمي أعز الله نصره وأشاع الخلائق شرفه وذكره هذا ما رأيت بالله
جل جلاله اثباته في كتاب الأمان من اخطار الاسفار والأزمان
فإن عملت بشئ منه مما قد ذكرنا انه دافع للاكدار وتأخر عنك الظفر
بالمسار فاعلم يقينا ان الذنب في تلك الحال وعسى يكون فيما تعمله مجربا وغير
واثق ببلوغ الآمال أو أنت مصر على ذنوب قد جعلتك كالمحجوب عن علام الغيوب
فأنت عند استعمال الدواء كبناء واحد يعمر ووراءه دور كثيره تخرب اضعاف
يعمر من أسباب الشفاء ويحول بينه وبين الرجاء فاليقين برب العالمين وتصديق سيد
المرسلين والثقة بجوده ووعوده وحلمه ورحمته من أقوى الوسائل إلى اجابته وغايته
وعنايته وعافيته وصلى الله على سيد المرسلين محمد النبي وآله الطاهرين
تم الكتاب بحمد ومنه علقه الفقير إلى رحمه الله تعالى حسين عمار
البصري وفرغ منه يوم الأربعاء رابع عشر ربيع الأول من سنه اثنتين وثلاثين وست مائه
198