الكتاب: عوالي اللئالي
المؤلف: ابن أبي جمهور الأحسائي
الجزء: ١
الوفاة: ن ٨٨٠
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: تقديم : السيد شهاب الدين النجفي المرعشي / تحقيق : الحاج آقا مجتبى العراقي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٠٣ - ١٩٨٣ م
المطبعة: سيد الشهداء - قم
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

عوالي اللئالي العزيزية
في الأحاديث الدينية
تعريف الكتاب 1

الطبعة الأولى
1403 ه‍ - 1983 م
حقوق الطبع والأوفست محفوظة للمحقق
مطبعة سيد الشهداء
قم - إيران
تعريف الكتاب 2

عوالي اللئالي العزيزية
في الأحاديث الدينية
للشيخ المحقق المتتبع محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي
المعروف بابن أبي جمهور (قدس سره)
قدم له
سماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي دام ظله
تحقيق
البحاثة المتتبع الحاج آقا مجتبى العراقي
المجلد الأول
تعريف الكتاب 3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل بريته، وأشرف
خليقته
محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
اللهم اجعل عملي خالصا لوجهك الكريم، انك أنت العزيز العليم.
أما بعد: فيقول العبد المذنب المعترف بالتقصير المحتاج إلى رحمة ربه
الباقي مجتبى العراقي، عفا الله عن سيئاته وحشره مع مواليه في يوم التلاقي، آمين.
في رجب عام 1377 هجرية، أو لأني سماحة آية الله العظمى الحاج السيد
حسين الطباطبائي البروجردي (قدس سره) مهمة الاشراف على شؤون الطلبة
المكلفين، والمشمولين لأداء الخدمة العسكرية، وأناط بي سماحته مسؤولية
المكتبة العامة للمدرسة الفيضية، ودار الشفاء، ومدرسة مهدي قليخان (مدرسة
خان) وأمورا أخرى تمت لهاتين المؤسستين بصلة.
فشمرت الذيل ووطدت العزم في بذل الجهد واستنفاد الوسع قدر المستطاع
في إسداء الخدمات الجليلة لطلاب مدرسة الإمام الصادق عليه السلام، الطلاب الذين
همهم الارتشاف من نمير علوم آل بيت عصمهم الله من الزلل، والاغتراف من
مقدمة المحقق 5

عبيق يمهم الصافي.
ووفقني الله لذلك حيث تمكنت خلال هذه الفترة من ترميم المدرسة الفيضية
مرتين، وتجديد بناء مدرسة قليخان من الأساس. والسعي لاقتناء أهم الكتب
الخطية والمطبوعة للمكتبة، فأصبحت الآن تربو على الأربعين ألف كتابا. بعد
ما كان تعدادها حوالي الأربعة آلاف عند تسلمي لمسؤوليتها. وقد ألفت مجلدين
ضخمين، في قائمة أسماء الكتب الخطية والمطبوعة الموجودة في المكتبة.
كما كلفني سماحته بالذهاب في كل ليلة جمعة إلى طهران للوعظ والارشاد
في احدى الهيئات الدينية الحافلة بالخيرين المخلصين. وألهبني شرخ الشباب
في التعاون مع البعض من المؤمنين في السعي لاحداث ضريح جيد وأنيق
لمرقد السيدة الطاهرة رقية بنت الإمام الحسين عليه السلام وتأسيس الجامع العلوي
في الشام.
ولكن النظام الشاهنشاهي العميل رام اعتياص الامر والتواءه علي، فوقف
حائلا أمامي للحد من نشاطي ومعاداتي، واستدعاني للسافاك والاستجواب عن
العلة التي دعتني أن أتهجم على رئيس النظام الأمريكي، أمام حشد هائل من
الناس، وبذلك كنت أول من يعتقل ابان زعامة ومرجعية آية الله العظمى السيد
البروجردي (قدس الله روحه)
نعم ان صروف الدهر وطوارق الحدثان لم تثنيني عن عزيمتي، ولم توقف
نشاطي، بل كانت تمدني بزخم معنوي عالي للسير قدما نحو تحقيق أهدافي
السامية، مستمدا من الله العون والتكلان في الأمور.
فتوالت السنون الطوال على هذا المنوال حتى اصطلمتني البلية في الثالث
عشر من شعبان عام 1401 هجرية قمرية الموافق ل‍ (26) خرداد 1361 هجرية
شمسية. تلك الرزية التي أعيت حيلتي، وثبطت عزيمتي، وأنهكتني، ألا وهو
مقدمة المحقق 6

استشهاد ولدي وقرة عيني المهندس الفاضل محمد تقي من عمر يناهز الأربع
والعشرين ربيعا، في دهلاوية خوزستان، في الحرب العراقية الظالمة المفروضة
على إيران.
لقد كان - رحمه الله - ممن يخلصون الطاعة لله، والابتعاد عن معاصيه والسير
على نهج الأئمة المعصومين الغر الميامين صلوات الله عليهم أجمعين. فكانت
نفسه تواقة للحصول على الدرجات الرفيعة، والمحال النفسية، تروم التوقل إلى
العلى وترنوا الوصول إلى المكارم كان كثير المطالعة رقيق المنافثة في أمهات
المسائل العلمية والفلسفية والاقتصادية. وتفوقه الواضح على أقرانه وزملائه في
الابتدائية والثانوية والجامعة، خير شاهد على ذلك.
حتى تمكن في خرداد عام 1359 هجرية شمسية من الحصول على درجة
(الامتياز) في بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من كلية (صنعتي شريف).
وبعد شهرين من اندلاع الحرب الظالمة المفروضة على إيران أرسل الشهيد
السعيد إلى خوزستان لأداء الخدمة في الخط الخلفي من الجبهة. ولكن هيامه
وعشقه للشهادة سمت وسمقت به لان يحمل السلاح ويقف جنبا إلى جنب مع
جنود الاسلام الأشاوس لصد الهجمات البعثية. فأبلى بلاءا حسنا وأبدى شجاعة
منقطعة النظير خصوصا في جبهة (الله أكبر) وفي معية الشهيد الدكتور مصطفى
چمران إلى أن التحق في الثالث عشر من شعبان عام 1401 هجرية قمرية و
الموافق ل‍ 26 خرداد عام 1361 هجرية شمسية بمعبوده الذي كان يتمنى اللقاء
به فانا لله وانا إليه راجعون.
ولا زال البعض من المؤمنين - وذلك بعد مرور أكثر من عام على وفاته -
يترددون علي ليؤكدوا بأن المرحوم كان يمدهم في كل شهر بمرتب تكفيهم
مقدمة المحقق 7

لمدة مديدة.
فاني إذ ابتهل وأتضرع إلى الله العلي القدير أن يمنحه شآبيب رحمته ويرزقه
شفاعة الأئمة الطاهرين ويرضى عنه فاني لراض عنه.
نعم. لقد أثر في شهادة (التقى) تأثيرا بالغا وعظيما فجعلتني أتلوى ألما و
أتضرع مرارة من فقده. فصرت أقضي الساعات الطوال بالقرب من مرقده
لأشفي غليل صدري بالمبيت عنده.
ففترت عزيمتي وونيت قواي من اجراء كل الفعاليات الاجتماعية والعلمية
- وكان الامر ما كان - حتى أقترح علي أحد رجال العلم والمعرفة أن أنشر
كتابا يرتوي منه العلماء والفضلاء ويكون ثوابه عائدا للشهيد السعيد فانجلت
عني بذلك الهبوة وأسفرت الغمة وانكشفت الغمرة!!.
وصرت حينذاك في جولان من الخواطر باحثا عن سفر يعني بأحاديث
الأئمة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
حتى دلني وأرشدني أحد المراجع العظام الذين أكن له بالاحترام والاجلال
والتقدير في الاهتمام بتحقيق وطبع كتاب (عوالي اللئالي العزيزية) في
الأحاديث الدينية تأليف العالم الجليل محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن
علي بن حسام الدين إبراهيم بن حسين بن إبراهيم بن أبي جمهور الهجري
الأحسائي.
فسبرت أغوار البحث في المؤلف والمؤلف والردود والنقود الواردة
عليهما من الفقهاء والعظام ورأيت أن المرحوم حجة الاسلام والمسلمين المحدث
الكبير شيخ مشائخ المتأخرين الشيخ ميرزا حسين النوري قد أجاب على جلها
في خاتمة مستدركه على الوسائل مستوفيا البحث بأسلوب جيد ومتين.
كما وأتعب السيد الجليل والمتتبع الخبير سيد الفقهاء والمجتهدين
مقدمة المحقق 8

السيد نعمة الله الجزائري نفسه الزكية في شرح هذا الكتاب النفيس وحل
مشكلها وسماه ب‍ (جواهر الغوالي في شرح العوالي) أو (مدينة الحديث)
وأشار في مقدمته على الردود والانتقادات الواردة على المصنف رحمه الله
واني إذ أنقلها ذيلا ليطلع عليها القارئ اللبيب.
(.. وبعد فيقول المذنب الجاني، قليل البضاعة، وكثير الإضاعة نعمت الله
الموسوي الحسيني الجزائري، وفقه الله تعالى لمراضيه، وجعل ما يأتي من
أحواله خيرا من ماضيه.
اني لما فرغت من شروحي على التهذيب والاستبصار، وكتاب التوحيد
وعيون الأخبار، وشرح الصحيفة، وكتاب الأنوار، وكتاب مقامات النجاة،
وما أردت تأليفه، مما وفق الله تعالى، فاطلعت إلى الكتاب الجليل الموسوم
بعوالي اللئالي من مصنفات العالم الرباني، والعالم الثاني، محمد بن علي
ابن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي أسكنه الله تعالى غرف الجنان وأفاض
على تربته سجال الرضوان فطالعته مرارا، وتأملت أحاديثه ليلا ونهارا و
أشوقتني عادتي في شرح كتب الاخبار، وتتبع ما ورد عنهم عليهم السلام من الآثار،
إلى أن أكتب عليه شرحا، يكشف عن بعض معانيه، ويوضح ألفاظه ومبانيه.
فشرعت بعد الاستخارة، في ترتيب أبوابه وفصوله، واستنباط فروعه من أصوله
وسميته (الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللئالي) ثم عن لي أن أسميه (مدينة
الحديث).
ولنذكر قبل الشروع في المقصود مقدمة، تشتمل على فصول: -
الفصل الأول: في السبب الذي حداني على شرح هذا الكتاب، وهو
أمور.
أولها: انه وإن كان موجودا في خزائن الأصحاب، الا أنهم معرضون عن
مقدمة المحقق 9

مطالعته، ومدارسته. وشيخنا المعاصر أبقاه الله تعالى، ربما كان من الأوقات
يرغب عنه، لتكثر مراسيله، ولأنه لم يذكر مأخذ الاخبار من الكتب القديمة
ورجع بعد ذلك إلى الرغبة فيه. لان جماعة من متأخري أهل الرجال، و
غيرهم من ثقات أصحابنا، وثقوه وأطنبوا في الثناء عليه، ونصوا على إحاطة
علمه بالمعقول والمنقول.
وله تصانيف ومناظرات في الإمامة وغيرها مع علماء الجمهور، سيما
مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة في منزل السيد محسن في
المشهد الرضوي على ساكنه وآبائه وأبنائه من الصلوات أكملها ومن التسليمات
أجزلها ومثله لا يتوهم في نقل الاخبار من غير مواردها. ولو فتحنا هذا الباب
على أجلاء هذه الطائفة، لأفضى بنا الحال إلى الوقوع على أمور، لا نحب
ذكرها.
على اننا تتبعنا ما تضمنه هذا الكتاب من الاخبار، فحصل الاطلاع على
أماكنها التي انتزعها منه، مثل الأصول الأربعة وغيرها من كتب الصدوق و
غيره من ثقات أصحابنا أهل الفقه والحديث. ولعلنا نشير في تضاعيف هذا
الشرح إلى جملة وافية منها.
وأما اطلاعه وكمال معرفته بعلم الفلاسفة وحكمتها، وعلم التصوف و
حقيقته. فغير قادح في جلالة شأنه، فان أكثر، علمائنا، من القدماء والمتأخرين
قد حققوا هذين العلمين ونحوهما، من الرياضي والنجوم والمنطق وهذا غني
عن البيان، وتحقيقهم لتلك العلوم ونحوها وأصولها، والاعتقاد بها، والاطلاع
على مذاهب أهلها:
حكى لي عالم من أولاد شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه، أن بعض الناس
كان يتهم الشيخ في زمن حياته، بالتسنن، لأنه كان يدرس في بعلبك وغيرها من
مقدمة المحقق 10

بلاد المخالفين على المذاهب الأربعة نهارا ويدرس على دين الإمامية ليلا.
وكان معرفته بفقه المذاهب الأربعة، واطلاعه طاب ثراه على كتب أحاديثهم
وفروعهم، أعلى من معرفتهم بمذاهبهم. وكذلك الشيخ كمال الدين ميثم
البحراني عطر الله ضريحه، فإنه في تحقيق حكمة الفلاسفة ونحوها، أجل شانا
من أفلاطون وأرسطو ونحوهما من أساطين الحكماء، ومن طالع شرحه
الكبير على كتاب نهج البلاغة علم صحة هذا المقال.
وأما ما ذكر فيه من التأويلات التي لا ينطبق ظاهرها على لسان الشريعة
فإنما هي في ظاهر المقال، أو عند التحقيق حكاية لأقوال الحكماء والصوفية،
ومن قال بمقالاتهم وليس هو قولا له في تلك التأويلات البعيدة.
وأما شيخنا بهاء الملة والدين طيب الله ثراه، فقد تكلم فيه بعضهم، تارة
بميله إلى علوم الصوفية، وأخرى بسماعه الغناء وثالثا بحسن معاشرته لطوائف
الاسلام وأهل الملل، بل وغيرهم من الملاحدة وأهل الأقوال الباطلة، حتى
اني وردت البصرة، وكان أعلمهم رجلا يسمى الشيخ عمر، فتجارينا في
البحث والكلام حتى انتهينا إلى أحوال الشيخ بهاء الدين (ره) فقال: لعلكم
تزعمون أنه من الامامية، لا والله، بل هو من أفضل السنة والجماعة، وكان يتقي
من سلطان العصر، فلما سمعت منه هذا الكلام، أطلعته على مذهب الشيخ، و
على ما تحقق به عنده أنه من الامامية، فتحير ذلك الرجل وشك في مذهب
نفسه، بل قيل أنه رجع عنه باطنا.
. وحدثني عنه أوثق مشايخي في أصفهان أنه أتى في بعض السنين إلى
السلطان الأعظم الشاه عباس الأول تغمده الله برضوانه، جماعة من علماء
الملاحدة، طالبين المناظرة مع أهل الأديان، فأرسلهم إلى حضرة الشيخ بهاء
الدين، فاتفق انهم وردوا مجلسه وقت الدرس، وعلم ما أتوا به، فشرع في نقل
مقدمة المحقق 11

مذهب الملاحدة، وفي دلائلهم، وفي الجواب عنها، حتى مضى عامة النهار
فقام الملاحدة، وقبلوا الأرض بين يديه، وقالوا: هذا الشيخ هو عالمنا وعلى
ديننا، ونحن له تبع، ثم لما تحققوا مذهبه بعد ذلك رجعوا إلى دين الاسلام
ولو أنه طاب ثراه ناظرهم كمناظرة الخصوم، لكان متهما عندهم، ولما رجعوا
عن باطلهم.
وهذا نوع لطيف من المناظرة، استعمله الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم
في المباحثة مع المعاندين وأهل التعصب في المذاهب الباطلة، وقد أمروا به
بقوله تعالى " وجادلهم بالتي هي أحسن " ومنه ما حكاه الله تعالى عن رسول الله
صلى الله عليه وآله (وأنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) وفي
سورة الكافرين (لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد - إلى قوله - لكم دينكم
ولي دين).
ومن طالع كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي قدس الله ضريحه يظهر لنا
ان هده الطريقة في المناظرة هي الأصل والأنفع في استجلاب المنافقين إلى
الدخول في الدين القويم. وحدثني أيضا ذلك الشيخ أبقاه الله تعالى، أن
رجلين من أهل بلدة بهبهان، شيعي وسني تناظرا وتباحثا في المذهب فاتفق
رأيهما على أن يأتيا إلى أصفهان ويسألا ذلك الشيخ من مذهبه، ويرجعا إليه،
فلما وردا أصفهان، جاء الرجل الشيعي إلى حضرة الشيخ سرا عن صاحبه، و
حكى له ما جرى بينه وبين ذلك الرجل، فلما وردا على الشيخ نهارا وأعلماه
انهما تراضيا بدينه شرع في حكاية المذهبين، بدلائل الفريقين، وما أجاب به
علماء المذهبين، حتى انقطع النهار، فقاما من عنده وكل منهما يدعى أن
الشيخ على مذهبه. وانه على دين الإمامية رجع إليه.
وأيضا كان رحمه الله كثير السفر إلى بلاد المخالفين وهجر عن وطنه و
مقدمة المحقق 12

أقاربه وعشائره، فكان يحسن المعاشرة معهم لذلك وأمثاله. ولقد صدق في وصف
نفسه من قصيدته الرائية: وانى امرء لا يدرك الدهر غايتي * ولا تصل الأيدي إلى قعر أسراري
مقامي بفرق الفرقدين فما الذي * يؤثره مسعاه في خفض مقداري
أعاشر أبناء الزمان بمقتضى * عقولهم كيلا يفوهوا بأفكاري
وحدثني من أثق به: أن بعض علماء هذه الفرقة المحقة، كانوا ساكنين
في مكة زادها الله شرفا وتعظيما، فأرسلوا إلى علماء أصفهان من أهل المحاريب
والمنابر، انكم تسبون أئمتهم، ونحن في الحرمين الشريفين نعذب بذلك
اللعن والسب.
وأيضا المحقق الامام، شيخنا الشيخ علي بن عبد العال عطر الله مرقده
لما قدم أصفهان وقزوين في عصر السلطان العادل الشاه طهماسب أنار الله
برهانه، مكنه من الملك والسلطان، وقال له: أنت أحق بالملك لأنك النائب
عن الامام، وأنا أكون من عمالك أقوم بأوامرك ونواهيك.
ورأيت للشيخ أحكاما ورسائل إلى الممالك الشاهية، إلى عمالها وأهل
الاختيار فيها، تتضمن قوانين العدل، وكيفية سلوك العمال مع الرعية في أخذ
الخراج وكميته، ومقدار مدته، والامر لهم باخراج العلماء من المخالفين
لئلا يضلوا الموافقين لهم والمخالفين. وأمر بأن يقرر في كل قرية وبلد عالما
واماما يصلي بالناس، ويعلمهم شرائع الدين. والشاه تغمده الله برضوانه يكتب
كتابه إلى أولئك العمال بامتثال أمر الشيخ، وانه الأصل في تلك الأوامر و
النواهي
وكان رحمه الله لا يركب ولا يمضي إلى موضع، الا والشاه يمشي في
ركابه ومهاجرا بلعن الشيخين ومن على طريقتهم، ولما سمع الملوك من المخالفين
مقدمة المحقق 13

بهذا الامر، ثارت الفتن بين السلاطين، وسفكت الدماء، وذهبت الأموال.
فكان الشيخ بهاء الملة والدين، يلاحظ مثل هذه الأمور، ويحسن المعاشرة
مع أرباب المذاهب، خوفا من إثارة الفتن.
وأما حكاية الغناء فهو طاب ثراه ممن نص على تحريمه، وحكى الاجماع
عليه، وناقش من ذهب إلى تحليله من علمائهم، كالغزالي وجماعة من الشافعية
حيث ذهبوا ا لي أن الحرام منه ما كان مع آلات اللهو، كالعود والطنبور والزمر
ونحو ذلك، وأما الغناء وحده فحلال، وسيأتي انشاء الله تعالى تحقيق الغناء
والكلام فيه، والرد على الفاضل الكاشي حيث صار في كتاب الوافي إلى ما
حكيناه من الغزالي، نعم، حكي أن الشيخ البهائي طاب ثراه كان يسمع انشاد
الشعر بألحان، ما كان يعتقد انها من أنواع الغناء المحرم لان الغناء وإن كان مما
أجمع أصحابنا رضوان الله عليهم على تحريمه الا أنهم اختلفوا في تحقيق معناه
فبعضهم أرجعه إلى العرف والعادة وبعضهم حمله على قول أهل اللغة، فيكون
مسألة من مسائل الاجتهاد لايلام من قال، وذهب إلى قول من الأقوال فيها.
وأما استحسانه لبعض أشعار الصوفية، مثل جملة من أشعار المثنوي
ومحي الدين بن العربي ونحوهما، فأما هو تحسين الكلام، والحكمة ضالة
المؤمن، وفي الحديث: أن إبليس لما ركب مع نبي الله نوح عليه السلام في
السفينة، ألقى إليه جملة من النصايح والمواعظ، فأمر الله نوح عليه السلام، بقبولها
والعمل بها، وقال أجريتها على لسانه:
وكان سيدنا الاجل المرتضى علم الهدى طاب ثراه يميل إلى مصاحبة أهل
الأديان ويمدح في أشعاره من يستحق المدح لرتبته في العلم، سيما إسحاق
الصابي، فإنه كان ملازما لمجلسه، مصاحبا في الحضر والسفر، ولما مات رثاه
بقصيدة من قصايد ديوانه، ما أظنه رثى أخيه الرضي (ره) بمثلها. ونقل انه
مقدمة المحقق 14

كان إذا بلغ قبره راكبا يترجل له حتى يتعداه ويركب، فقيل له في ذلك؟
فقال: إنما أترجل تعظيما لما كان عليه من درجة الكمال، لا تعظيما لمذهبه.
وأما ما حكي عن الشيخ رحمه الله بقوله: في شأن مولى الرومي (ولى
دارد كتاب) فلم يثبت، وعلى تقدير ثبوته، فهو من باب ما حكيناه عن السيد
قدس الله روحيهما:
ونقلنا هذا المطلب لما فيه فوائد جليلة، لا يخفى على الناظر والمتأمل
(انتهى كلامه أعلى الله مقامه)
* * * ونود ان نذكر بعض الأعاظم والمحدثين وأرباب التراجم والرجال الذين
أثنوا على المترجم أو رووا عنه:
(1) المرحوم العلامة الكبير والبحاثة الشهير المحدث الشيخ محمد باقر
المجلسي حيث روى عنه في العديد من مؤلفاته خصوصا في بحار الأنوار
(2) المرحوم العلامة الشهير المحدث الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة
البحرين.
(3) المرحوم العلامة المحدث الحاج ميرزا حسين النوري في مستدرك
الوسائل 3: 361. وفي الفائدة الثانية من الخاتمة وقد أسماه به (عوالي اللئالي
الحديثية على مذهب الإمامية).
(4) خاتمة الفقهاء والمجتهدين الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول مبحث
التعادل والتراجيح.
(5) المرحوم المحدث الاسترآبادي، في الفائدة التاسعة من الفوائد
المدنية.
(6) القاضي نور الله التستري في مجالس المؤمنين 1: 581 والمطبوع
مقدمة المحقق 15

في إيران سنة 1375 ه‍.
(7) المرحوم آية الله العظمى السيد البروجردي في جامع أحاديث الشيعة.
(8) المرحوم العلامة المتتبع الحاج السيد محمد باقر الخوانساري الأصفهاني
في روضات الجنات ج 7: المطبوع في إيران / قم.
(9) المرحوم المحدث الشهير الشيخ عباس القمي، في الكنى والألقاب
ج 1: 192 الطبعة الثالثة سنة 1389 ه‍. والمطبوع في النجف الأشرف، وفي
الفوائد الرضوية ج 2: 282 باب الميم والمطبوع في إيران طهران. وفي مفاتيح
الجنان.
(10) العلامة المرحوم الشيخ عبد الله المامقاني في تنقيح المقال ج 3: 150.
(11) البحاثة المرحوم الشيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة ج 15:
385 و ج 16: 71.
(12) المرحوم العلامة البحاثة الحاج ميرزا شفيع العراقي الجايلقي في
الطرق الشفيعية.
(13) المرحوم العلامة البحاثة السيد محسن الأمين العاملي في أعيان
الشيعة ج 46: 53.
(14) البحاثة خير الدين الزركلي في الاعلام ج 6: 288.
(15) المرحوم العلامة الكبير والمحدث الشهير الفيض الكاشاني في المحجة
البيضاء.
(16) العلامة ميرزا محمد علي المدرس في ريحانة الأدب ج 7: 331.
(17) نامه دانشوران ناصري ج 3: 378.
* * * وحري بنا قبل أن نغوص في أعماق هذا اليم الخضم أن نلم المامة
سريعة في أهم بنود الكتاب. فإنه يشتمل على مقدمة وبابين وخاتمة.
مقدمة المحقق 16

والمقدمة تحوي على عدة فصول.
الفصل الأول: في نقل مشيخة المؤلف وبيان الطرق السبعة التي اعتمد
عليها المؤلف في نقله للاخبار. والتي تنتهي طرقها إلى جمال المحققين آية
الله على الاطلاق الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي المشهور بالعلامة الحلي
قدس الله ضريحه.
وبعد ذكره للطرق السبعة، وطريقين من العلامة الحلي إلى الشيخ الطوسي
يستطرد ليقول " فبهذه الطرق وبما اشتملت عليه من الأسانيد المتصلة المعنعنة
الصحيحة الأسانيد، المشورة الرجال، بالعدالة والعلم وصحة الفتوى وصدق
اللهجة: أروى جميع ما أرويه وأحكيه من أحاديث الرسول وأئمة الهدى عليه
وعليهم أفضل الصلاة والسلام، المتعلقة بالفقه والتفسير، والحكم والآداب، و
المواعظ، وسائر فنون العلوم الدنيوية والأخروية، إلى أن قال: فجميع ما
أنا ذاكره في هذا الكتاب من الأحاديث النبوية والامامية طريقي في روايتها
واسنادها وتصحيحها هذه الطرق المذكورة عن هؤلاء المشايخ المشهورين
بالعلم والفضل والعدالة: والله ملهم الصواب والعاصم من الخطأ والخطل و
الاضطراب.
الفصل الثاني: في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث واستخراجها
من أماكنها المتباعدة.
الفصل الثالث: فيما رويته بطريق الاسناد المتصل المذكور اسناده بطريق
العنعنة مما لا تدخل فيه الإجازة والمناولة.
الفصل الرابع: في ذكر أحاديث رويتها بطرقي المذكورة محذوفة
الاسناد.
الفصل الخامس: في ذكر أحاديث رويتها بهذا المنوال تتعلق بمعالم
مقدمة المحقق 17

الدين وجملة من الآداب.
الفصل السادس: في أحاديث أخرى من هذا الباب رويتها بطريق واحد.
الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رويتها بطريقها من
مظانها.
الفصل الثامن: في ذكر أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم
الدين روايتها تنتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله بطريق واحد من طرقي المذكورة.
الفصل التاسع: في ذكر أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه.
الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية.
وقسم الكتاب بعد ذلك إلى بابين وخاتمة.
الباب الأول: في الأحاديث الفقهية الغير مرتبة ترتيبا متداولا وفيها أربعة
مسالك.
المسلك الأول: في نقل الأحاديث التي رواها بعض المتقدمين من النبي
الأكرم والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
المسلك الثاني: في الأحاديث التي تعني في الأمور الدينية التي رواها
العلامة الحلي جمال المحققين الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي في بعض
تآليفه وتصانيفه
المسلك الثالث: في الأحاديث الفقهية التي رواها الشهيد شمس الملة و
الدين محمد بن مكي قدس الله روحه في بعض مصنفاته.
المسلك الرابع: في الأحاديث الفقهية التي رواها (الفاضل المقداد)
شرف الملة والحق والدين أبو عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري.
الباب الثاني: في نقل الأحاديث الفقهية المرتبة ترتيبا منسقا من كتاب
الطهارة إلى كتاب الديات وقسم هذا الباب إلى قسمين.
مقدمة المحقق 18

القسم الأول: في الأحاديث التي رواها عن طريق فخر المحققين أبو
طالب محمد بن الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي بواسطة تلامذته. وبالترتيب
الذي ذكره العلامة الحلي رضوان الله عليه في كتبه الفقهية.
القسم الثاني: في الأحاديث الفقهية التي رواها الشيخ الكامل الفاضل
خاتمة المجتهدين جمال الدين أبو العباس أحمد بن فهد الحلي قدس الله روحه
وبالترتيب الذي عمل به المحقق المدقق الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر
ابن سعيد (المحقق الحلي) رحمه الله تعالى في كتبه الفقهية.
والخاتمة ففيها بعض الأخبار المتفرقة في الفنون المختلقة وعدة من
الكرامات.
فعلم مما سطر وزبر أن المؤلف سعى في نقل الاخبار والأحاديث المروية
في كتب فقهاء الشيعة العظام كالشهيد والفاضل المقداد وفخر المحققين والعلامة
الحلي قدس الله أسرارهم.
وظهر بذلك جليا صحته من سقمه. قوته من ضعفه. غثه من سمينه. وان
ما قيل في المؤلف والمؤلف (ألا إنه خلط بين الغث والسمين) تعسف وخروج
عن الانصاف والذوق السليم.
علما بأن كل ذلك لا يحط من شأن الكتاب ولا من مؤلفه. ولها نظائر
كثيرة لم يقدح فيها أحد ولم ينبت عليه بنبت شفة.
الثاني: ان ما ينقله صاحب الوسائل وغيره من روايات وأحاديث من كتب
الذكرى والمنتهى والخلاف متشابهة المرجع والمصدر مع ما جاء في كتاب
عوالي اللئالي.
الثالث: جاء في كلمات المرحوم السيد الجزائري بنقله من العلامة
المجلسي قدس الله أرواحهما انه أعطى لهذا الكتاب أهمية خاصة في الأيام
مقدمة المحقق 19

الأخيرة وكان مورد اعتماده بقوله " لان جماعة من متأخري أهل الرجال و
غيرهم من ثقات أصحابنا وثقوه وأطنبوا في الثناء عليه، ونصوا على احاطته
علمه بالمعقول والمنقول.
الرابع: جرت على ألسنة الفقهاء العظام وفي مطاوي الكتب الفقهية ذكر
عدة أحاديث هي مورد النقض والابرام والاستدلال والتحليل بينهم قدس الله
أرواحهم الطاهرة ك‍ (الناس مسلطون على أموالهم) (الناس في سعة ما لم
يعلموا) (1) و (الميسور لا يسقط بالمعسور) و (صلوا كما رأيتموني أصلي) و
ما نقل من أمير المؤمنين عليه السلام (إلهي ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في
جنتك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك) (2) وغيرها من الأحاديث الشريفة
المعروفة والتي لا مرجع ولا مدرك لها سوى هذا الكتاب - الذي بين يديك -.
الخامس: أكثر المؤلف من خلال جمعه بين الروايات بدرج حواشي
وتوضيحات مفيدة وهامة لرفع الشبهات والشكوك التي قد تختلج في الأذهان
وترد في الخواطر.
السادس: لأجل ان يطلع المعنيون والمحققون النابهون على المسائل

- 1 مصدر هذا الحديث هو كتاب شهاب الاخبار تأليف الشيخ يحيى البحراني.
وبما أن المؤلف المزبور من تلامذة المحقق الكركي فيحتمل أن يكون قد اقتبس هذا
الحديث من كتاب عوالي اللئالي.
2 - فليلاحظ ما كتبه السيد الحكيم رضوان الله عليه في كتابه المستمسك في ضمن
تعليقه على قول السيد اليزدي قدس سره في بحث النية بقوله: أحدها: وهو أعلاها:
أن يقصد امتثال أمر الله لأنه تعالى أهل للعبادة والطاعة وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين
عليه السلام بقوله: " الهي ما عبدتك خوفا من نارك الخ " وقال السيد الحكيم قدس سره:
(في حاشية الحر على وسائله: انه لا تحضره روايته من طرقنا، ولكن رواه بعض المتأخرين
وكأنه من روايات العامة.
مقدمة المحقق 20

الخلافية الموجودة بين الشيعة والسنة، اجتهد المصنف في استخراج الأحاديث
التي تتفق مع رأي الشيعة المحقة من كتب أهل السنة والجماعة كصلاة الضحى
وفرك المني من الثوب. وعدم طهارة الجلود بالدباغ، وتبديل الحج بالعمرة
وما رووا من ارتداد الصحابة. وحرمة صيام شهر رمضان في السفر والقنوت
في الصلاة بعد القراءة. والجمع بين الصلاتين اختيارا من غير عذر إلى
غير ذلك مما يطلع عليه المتتبع.
نسخ المقابلة: وهي ثلاثة: 1 - النسخة الخطية الموجودة في مكتبة سيد الفقهاء والمجتهدين ناشر
آثار الأئمة الطاهرين آية الله العظمى الحاج السيد حسين الطباطبائي البروجردي
قدس سره. ومن مميزاتها: 1 - في هامش صفحاتها حواشي المصنف برمز (عنه دام ظله) ب - شوهد في أغلب صفحاتها آثار المقابلة والتصحيح بعنوان (بلغت
سماعه وقراءة أيده الله).
ج - استنسخت هذه النسخة من نسخة المؤلف كما هو الظاهر في نهاية
الكتاب بقوله (وقع فراغ هذه النسخة من نسخة الأصل بخط المصنف عصرية
الأربعاء. رابع عشرين الفطر الأول، من شهور سنة تسعة وتسعين وثمانمائة
هجرية، ببلدة استراباد بقرية اسمها ساوستان حفت بالعز والأمان، على يد
أضعف خلق الله المحتاج إلى الله الغني ربيع بن جمعة العنزي، غفر الله له
ولوالديه، ولمن دعا له بالمغفرة ".
د - يظهر جليا من حواشي المؤلف في الهامش والمرموز عنه ب‍ (عنه
دام ظله) بأن هذه النسخة كتبت في زمن حياة المؤلف بقوله. (وفرغ من تعليقه
مؤلفه الفقير إلى الله الغفور) محمد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي تجاوز
مقدمة المحقق 21

الله عنه وعن والديه وجميع المؤمنين انه غفور رحيم، وكان الفراغ من
تأليفه وكتابته وقت عشاء الآخرة ليلة الأحد الثالث والعشرون من شهر صفر
ختم بالخير والظفر أحد شهور سنة 897 هجرية)
2 - النسخة الخطية الموجودة في مكتبة العلامة النسابة آية الله العظمى
السيد النجفي المرعشي دام ظله الوارف. ومن خصائصها:
أ - في هامش صفحاتها حواشي من المصنف بتوقيع ورمز (منه رحمه الله).
ب - انتهاء استنساخ النسخة في صفر عام 1117 هجرية.
ج - قوبلت هذه النسخة في ربيع الاخر عام 1139 هجرية مع نسخة أخرى.
3 - استفدنا كثيرا من متن وشرح كتاب (جواهر الغوالي في شرح العوالي)
تأليف المحدث المتتبع والعالم العامل والفاضل المحقق المدقق المرحوم السيد
نعمة الله الجزائري وقد عثرنا عليها في مكتبة الروضة الرضوية عليه آلاف التحية
والثناء. وهي ذو مميزات وخصائص منها:
ا - نقل مصادر بعض الأحاديث الشريفة.
ب - أشار إلى الروايات التي تشابه الرواية الموجودة في هذا الكتاب.
ج - بذل الجهد الكثير في شرح الروايات وتوضيح ما غمض منها.
د - ابتدأ أولا بذكر حواشي المؤلف ونقلها، ومن ثم الشروع بنقضها و
ابرامها وذكر ما يتعلق بها.
ه‍ - ان هذه النسخة ناقصة غير تامة وهي من أول الكتاب إلى آخر (باب
الديون) (القسم الأول من الباب الثاني. في الأحاديث المنقولة عن طريق فخر
المحققين أبو طالب محمد بن حسن بن يوسف بن مطهر الحلي بواسطة تلامذته
وأخصائه).
و - استنسخها في شهر رمضان عام 1106 هجرية العالم الكبير السيد
مقدمة المحقق 22

نور الدين نجل العلامة الفهامة والمحدث المتتبع المرحوم السيد نعمة الله
الحسيني الجزائري.
* * * نقاط هامة:
أولا: ان الحواشي التي جاءت في هامش النسخة الخطية الموجودة في
مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي دام ظله والمرموز ب‍ - (منه رحمه الله) و
الحواشي التي دونت في هامش النسخة الخطية الموجودة في مكتبة آية الله
العظمى البروجردي قدس الله روحه برمز (عنه دام ظله). متطابقتان في جلها
ولذا ارتأيت أن يكون نقلي منهما معا برمز (معه).
ثانيا: لو أردت أن أنقل قولا هاما من كتاب (جواهر الغوالي في شرح
العوالي) فأرمز له ب‍ (جه).
ثالثا: صممت منذ البداية أن أشير في الهامش إلى مصادر الأحاديث من كتب
العامة والخاصة. خصوصا أقوال المحدثين الذين نقلوا الكثير من كتاب عوالي
اللئالي كالعلامة المجلسي في بحار الأنوار وخاتم المحدثين المرحوم النوري
في كتاب مستدرك الوسائل وغيرهما. ووفقني الله لليسير منه. ولكن الظروف
القاهرة العصبية حالت بيني وبين ما كنت أروم إليه وآمل أن أعيد الكرة عليه
مرة أخرى في الطبعة الثانية وأستخرج مصادر ما بقي منه من كتب الخاصة و
العامة انشاء الله.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا كتبه بأنمله الداثرة العبد المذنب
تراب أقدام العلماء العاملين مجتبى العراقي في عشية يوم الاثنين السادس و
العشرين من شوال المكرم 1402 هجرية قمرية الموافق ل‍ 25 مرداد 1361
هجرية شمسية.
مقدمة المحقق 23

الصفحة الأولى من نسخة مكتبة آية الله العظمى السيد حسين الطباطبائي البروجردي
صور النسخ المخطوطة 25

الصفحة الأخيرة من نسخة مكتبة آية الله العظمى السيد حسين الطباطبائي البروجردي
صور النسخ المخطوطة 26

الصفحة الأولى من نسخة مكتبة آية الله العظمى السيد النجفي المرعشي
صور النسخ المخطوطة 27

الصفحة الأخيرة من نسخة مكتبة آية الله العظمى السيد النجفي المرعشي
صور النسخ المخطوطة 28

تمثال الشهيد السعيد المهندس محمد تقي المحمدي العراقي
صور النسخ المخطوطة 29

عوالي اللئالي العزيزية
في الأحاديث الدينية
للشيخ المحقق المتتبع محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي
المعروف بابن أبي جمهور (قدس سره)
قدم له
سماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين النجفي المرعشي دام ظله
تحقيق
البحاثة المتتبع الحاج آقا مجتبى العراقي
المجلد الأول
تقديم 31

رسالة
الردود والنقود
على الكتاب ومؤلفه
والأجوبة الشافية الكافية عنهما
بقلم:
سماحة العلامة آية الله العظمى السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي
متع الله المسلمين بطول بقائه
تقديم 33

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الآخذ بحق من هتك عمن هتك، والمنتقم لمن ظلم
عمن ظلم، والصلاة والسلام على سيد العرب والعجم، وعلى
عترته مصابيح الدجى والمشاكي في البهم.
أما بعد لا يخفى على من ألقى السمع وهو
شهيد، ومن راجع إلى محكمة أقضى القضاة وهو الانصاف
المبرء من الزور والاعتساف إن من أحسن الكتب الحديثية
هاهو كتاب " غوالي اللئالي " أودع فيه مؤلفه الجليل
الحبر النبيل، المحدث المتكلم، العارف المتأله، الزاهد
الورع التقي، جامع العلوم السمعية والعقلية، الألمعي،
اليلمعي، البحاث النقاد، شيخنا أبو جعفر محمد بن علي بن
إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي الهجري المتوفى سنة 940 ق ه‍
تقديم 35

* (3) * من علماء القرن العاشر، أحاديث قصار المتون، صحاح
الأسانيد * صراح الدلالات، نظمها على أحسن أسلوب
وخير نمط فلله تعالى دره وعليه أجره.
ولكن من المأسوف عليه ان هذه الدرة اليتيمة
والجوهرة الثمينة تركت في روازن مخازن الكتب، متربة
مبعثرة تأكلها العثة وتبيدها الهوام والديدان، لا
يسئل عنه ولا يفتقد، وكان ترتب هذا الخمول والانزواء
في حق هذا الكتاب لنقود أوردت بعضها على المؤلف و
بعضها على المؤلف، وكلها واهية غير واردة ناشئة من
قلة التتبع والغور في الكتاب، تحومل عليه بحيث حتى
خمل ذكره ونسي اسمه ووصل سقوطه في الانظار إلى حد
قال بعض الأكابر في حقه، في المؤلف والمؤلف نظر وتأمل
وها نحن نبدأ بذكر النقود الواردة على الكتاب ثم
النقود الواردة على المؤلف مستعينا بالله تعالى وعونه.
تقديم 36

* (4) * أما النقود الواردة على الكتاب فأمور:
منها: انه محتوى على روايات لا تناسب المذهب
ومنها: ان كل المرويات فيه مراسيل وليس فيها
خبر مسند، والارسال من أقوى موجبات الضعف في الاخبار
ومنها: انه مشتمل على روايات تستشم منه المطالب
العرفانية.
ومنها انه مشتمل على ما يشعر بالغلو.
ومنها انه مشتمل على بعض مرويات العامة والمخالفين
ومنها انه تفرد بنقل أحاديث لا توجد في غيره
إلى غير ذلك مما يطول الكلام بنقله.
وأما النقود المتوجهة إلى صاحب الكتاب فأمور
منها: انه كان من الغلاة.
ومنها: انه كان من العرفاء والصوفية.
ومنها: انه كان من الفلاسفة.
تقديم 37

* (5) * ومنها انه كان متساهلا في النقل لأنه ينقل في
كتبه ما وجده من الاخبار أينما كان.
ومنها انه كان اخباريا.
ومنها: انه كان غير متثبت وغير ضابط في النقل
إلى غير ذلك من وجوه الاعتراض والتمويهات.
إذا عرفت ذلك فنقول:
إن تلك النقود غير مقبولة بل مردودة جدا فنشرع
في دفعها مع رعاية الترتيب والاختصار.
أما الجواب عن الأول:
انه ليس فيه خبر صحيح في مخالفة المذهب، وما
يستشم منه ذلك فنظيره موجود في الكتب المشتهرة
والمجامع المعروفة، فإن كان نقلها شينا فيتوجه الاعتراض
على سائر الكتب واختصاص نقده بهذا الكتاب مصداق
المثل المعروف ": بائك تجر وبائي لا تجر " مضافا
تقديم 38

* (6) * إلى أنها قابلة للتأويل كما في سائر كتب الاخبار من الكتب
الأربع وغيرها.
واما إشكال الارسال: فغير وارد أصلا لان
كل ما أودع فيه الا ما صرح بارساله مسندات ببركة المشيخة
التي ذكرها، وهذه المشيخة كمشيخة شيخنا الصدوق في الفقيه
والفارق ان هذا الشيخ ذكر المشيخة في أول الكتاب في رسالة
مستقلة منحاذة والصدوق جعل المشيخة في آخر الكتاب.
فان هذا الشيخ قال إن ما أودعت في هذا الكتاب فاني أرويها
بهذه الطرق السبعة، وأكثر تلك المودعات فيه مروية
مسموعة عن شيخه العلامة الثقة الجليل الشيخ رضي الدين
عبد الملك بن الشيخ شمس الدين إسحاق بن الشيخ رضى الدين
عبد الملك بن الشيخ محمد الثاني ابن الشيخ محمد الأول ابن فتحان
القمي الأصل نزيل كاشان المتوفى بعد سنة 851 ه‍ بقليل،
وكان هذا الرجل من أعلام عصره وكان يروى عن الفاضل المقداد
تقديم 39

* (7) * وابن فهد وغيرهما، فليراجع إلى معاجم التراجم.
وانى رأيت عدة نسخ من هذا الكتاب في خزائن الكتب
مشتملة على المشيخة ونسخا غير مشتملة، فمن ثم اشتبه
الامر على من نسب الارسال إليه.
واما اشتماله إلى روايات عرفانية، وفيه أن
نظائرها موجودة في الكتب الحديثية المشهورة،
فليعامل معه نحو المعاملة مع تلك الكتب، مضافا إلى أن
باب التأويل واسع.
وأما الاشعار بالغلو، فالجواب عن هذا الاعتراض
هو الجواب عن سابقيه نقضا وحلا.
وأما اشتماله على بعض مرويات العامة،
ففيه ان غرضه كون هذه الروايات مع قطع النظر عن نقل
الأصحاب منقولة في كتب العامة أيضا كما لا يخفى من جاس
خلال تلك الديار، مضافا إلى أن المعيار حجية الخبر الموثوق
تقديم 40

* (8) * بصدوره أيا من كان الراوي كما هو التحقيق عند المتأخرين
وأما تفرده بنقل ما لا يوجد في غيره، فهذا
أيضا مما يرد عليه بعد تفرد كتب الشيعة كالأصول
الأربعمائة وغيرها من الكتب الموجودة في أقطار العالم
وتوجه الفتن والموبقات إليها، فالمحتمل قويا عثوره على
بعض تلك النسخ، فهذه الخصوصية موجودة في بعض
كتب الحديث أيضا، مضافا إلى أن نقل مثل هذا الشيخ
الجليل بتلك الطرق السبعة يورث الطمأنينة والوثوق
بالصدور.
وأما النقود المتوجهة إلى صاحب الكتاب فأمور:
منها: إسناد الغلو إليه، فأنت خبير بأن هذا
توهم لا اعتداد به، وهو مجاب عنه نقضا وحلا.
أما النقض: فليراجع إلى زبر الحديث، فإنه قل ما
يوجد كتاب لم يذكر فيه نبذة من هذه الأخبار الموهمة للغلو
تقديم 41

* (9) * فلو جاد الاسناد في الدين لكان هذا النقد متوجها
إلى مؤلفي تلك الزبر والاسفار أيضا، فإن كان وجه الاسناد
إلى ابن أبي جمهور غير ما في كتاب الغوالي فراجعوا إلى سائر
تآليفه من المجلي والدرر العمادية والأقطاب والتعليقة
على أصول الكافي والتعليقة على الفقيه وغيرها من آثاره
الممتعة ورشحات قلمه الشريف، فما يقول المعترضون في
حق كتب بقية العلماء فليقولوا في حق هذا الشيخ كذلك.
واما الحل:
فلم أر في كلماته ما يشعر بذلك سوى نقله نادرا -
بعض الروايات الموهمة للغلو، أو بعض خطاباته لأمير المؤمنين
وأولاده الطاهرين بقوله " وهم أئمتي قبلتي وبهم أتوجه إلى الله "
وأمثال هذه الكلمات التي شاع الخطاب بها بين الزعماء،
ومن دونهم في كل قوم ورهط وبكل لسان. أفلا ترى في
النشئات الفارسية قول المنشئين " قبله گاها " ونحوها
تقديم 42

* (10) * من العبائر المعمولة في المحاورات وخطابات الأبناء إلى الاباء
وصرف نقل الرواية هل تدل على الغلو مع كون الرواية ذات
محامل قريبة وبعيدة حاشا وكلا.
وأما كونه من الصوفية:
فنسبة هذه لصيقة إلى الرجل البرئ مما نسب إليه و
ظلم في حقه، والفرق بين العرفان والتصوف غير خفى
على المحققين فحينئذ تلك الكلمة والنسبة فرية بلا مرية.
وأما نسبة الفلسفة إليه:
فغير ضائر أيضا، إذ الفلسفة علم عقلي، برع
فيه عدة من علماء الاسلام كشيخنا المفيد والشريف المرتضى
والمحقق الطوسي والعلامة الحلي والسيد الداماد والفاضل
السبزواري والمولى على النوري والمولى محمد إسماعيل الخواجوي
الأصفهاني وشيخنا البهائي والسيد محمد السبزواري المشتهر
بميرلوحي جد الشاب المجاهد الشهيد السيد مجتبى الشهير
تقديم 43

* (11) * بالنواب الصفوي والقاضي سعيد القمي والمتأله
السبزواري وصدر المتألهين الشيرازي والمحدث
الكاشاني، وغيرهم الذين جمعوا بين العلوم النقلية و
العقلية وهم في أصحابنا مئات وألوف، وعلم كل شئ خير
من جهله. فإن كان ذلك شينا فيتوجه النقد إليهم،
أيضا مع أنهم بمكان شامخ في العلم والعمل والزهد والورع
والتقى، ولا يستلزم العلم بشئ الاعتقاد به وعقد القلب
عليه، جزاهم الله عن الدين خيرا.
وأما اسناد التساهل إليه في النقل.
فهو ازراء في حق هذا الرجل العظيم، ويظهر ذلك
لمن أجال البصر ودقق النظر في مشيخة هذا الكتاب.
وأما كونه اخباريا:
فهو خلاف ما يظهر من كلماته في بعض كتبه كما
هو غير مستور على من راجع إلى آثاره ويبدو له أن المؤلف
تقديم 44

* (12) * كان مذاقه متوسطا بين الأصولية والاخبارية، ثم
على فرض كونه أخباريا فذلك غير مضر بحجية منقولاته بعد
الاطمينان بالصدور كما ذكرنا والا فيتوجه النقد إلى عدة
كثيرة من أصحابنا الأعاظم كشيخنا الكليني والصدوق
وصاحب قرب الإسناد والأشعثيات وصاحبي البحار و
الوسائل والوافي والحدائق وغيرهم، فإنه لا فرق بيننا وبين
الاخبارية الا في أمور قليلة كحجية ظواهر الكتاب هم
نافوها ونحن مثبتوها، واجراء البراءة في الشبهات البدوية
التحريمية هم نافون ونحن مثبتون، أو في انفعال الماء القليل
فان أكثرهم ذهبوا إلى عدم الانفعال والأكثر منا إلى الانفعال
ومنجسية المتنجس فأكثرهم على عدمها وأكثرنا على ثبوتها
ووقوع التحريف فان أكثرهم ذهبوا إلى الوقوع وأكثرنا وهم
المحققون إلى العدم وهكذا.
ومن رام الوقوف على تلك الفروق فليراجع إلى كتاب
تقديم 45

* (13) * الحق المبين في الفرق بين المجتهدين والأخباريين لشيخنا
العلامة الأكبر الشيخ جعفر صاحب كتاب كشف الغطاء.
وأما كونه غير متثبت وغير ضابط:
ولعمري انه اسناد شئ إلى من هو برئ مما نسب
إليه. فمن أين ثبت كونه غير ضابط، وها هو كتبه ورشحات
قلمه السيال الجوال فليراجع حتى يظهر الحق، إلى غير ذلك
من وجوه الاعتراض عليه وكلها واهية غير واردة.
وبالجملة، اني سبرت ما ترشح من قلم هذا العالم
الجليل في الفنون العقلية والنقلية ومنظوماته الكثيرة
فلم أجد ما يشينه، جزاه الله عن العلم والإسلام خيرا،
وآجره بما افترى في حقه وحشره تحت لواء امام المظلومين
أمير المؤمنين روحي له الفداء وعصمنا من الزلل والخطل
في القول والعقيدة والعمل.
وهذه المظالم صارت سببا لعدم انتشار هذا الكتاب
تقديم 46

* (14) * إلى أن ساعدت السواعد الإلهية والمعاضدات
الربانية العالم الجليل والحبر النبيل حجة الاسلام
والمسلمين الحاج الآقا مجتبى " المحمدي " العراقي ثم القمي
كان الله له في كل حال.
فشمر الذيل في تصحيحه وتحقيقه ونشره وأهدى
ثوابه إلى روح ولده الشاب السعيد، الفائز بدرجة الشهادة
في نصرة الدين، الفاصل المهندس الآقا محمد تقي " المحمدي "
العراقي حشره الله مع الشهداء الصالحين.
فانتشر بعون الله تعالى فوق ما يؤمل ويراد، من
حسن الطباعة، والصحة الكاملة والمزايا المطلوبة،
وجودة التجليد والوراقة.
ألا وجزاه المولى الكريم سبحانه بما أتعب نفسه
وجد بجده الجهيد وسهر الليالي وأكد الأيام بكده الأكيد
في هذا الشأن آمين.
تقديم 47

* (15) * ثم إن لي حق رواية هذا الكتاب وسائر مؤلفات
مؤلفه الحليل بطرقي المذكورة في الإجازات، فليروها كل
من شاء وأحب روايتها عنى بتلك الأسانيد المنتهية إلى
ناسقه. والسلام على من اتبع الهدى.
أملاه العبد المستكين الكئيب الغريب في وطنه
خادم علوم أهل البيت عليهم السلام: أبو المعالي
شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي
سنة 1402
منسلخ ذي الحجة الحرام ببلدة قم المشرفة
حرم الأئمة الأطهار وعش آل محمد
حامدا مسلما مصليا
مستغفرا
تقديم 48

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أعلى أعلام العلماء الأعلام، ووفقهم بطريق الدراية (1)
والرواية لتبيين معالم الاسلام، وتهذيب طرايق شريعة رسول الملك العلام،
ورفع قواعد الدين الشريف: والشرع المنيف، بمساعي الفقهاء القوام،
وفضلاء الأيام. فأوصلوا الخلق بطريق الرواية، وأنقذوهم من حيرة الغواية،
إلى دراية العمل بالأحكام. وبلغوا ما جاءت به رسله المكرمون وأنبيائه المرسلون
وأئمته المعصومون، إلى أطراف السبل وسائر العوام. لئلا يكون للناس على
الله حجة بعد الرسل، وإزاحة العلل لسائر الأنام، من الخواص والعوام.
فيتنبه الغافلون، وتترقى السعداء إلى الرفيق الأعلى، والحظ الأوفى، بمساعي
أولئك الكرام. ولئلا يقول الأشقياء، لولا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك.
فلا تبقى حينئذ حجة بها لهم الاعتصام. والصلاة على رسوله المصطفى المصفى

(1) الدراية: هي ما أخذوه بالاستدلال بطريق الاجتهاد، الذي هو رد الفروع إلى
الأصول، والرواية: هي الخبر المنتهى بطريق النقل من ناقل إلى ناقل حتى ينتهى إلى
المنقول عنه من النبي أو الامام على مراتبه: من المتواتر، والمستفيض، وخبر الواحد،
من المعنعن المسمى بالمسند، والمتصل والمرسل، والمقطوع والضعيف، والقوى والصحيح
والموثق، والحسن، وغير ذلك (معه).
1

الشفيع المشفع يوم القيام، الذي جلى بنوره غياهب (1) الظلام، وآله المعصومين
المطهرين من جميع القبائح والآثام.
وأصحابه الأخيار البررة الكرام، صلاة مبلغه إلى دار السلام، باقية
على ممر الليالي والأيام.
وبعد: فلما كان من لطف الله تعالى، وعنايته بخلقه، بعد خلقهم. تكليفهم
تعريضا لتحصيل السعادة الأبدية، وتخليصا من النقائص الحيوانية، ونجاة
من مهاوي الهلكات الشهوية، استحال بدون اعلامهم بما يريد منهم، فبعث
المرسلين لتبليغ معالم الاحكام، ونصب الأئمة والخلفاء بعدهم، كالاعلام،
لتفصيل ما جاءت به الرسل الكرام.
ولما توقف ذلك على نقل الرواة، وتداوله في أيدي الثقات، حث عليه
في الذكر المصون، وكتابه المكنون، فقال عز من قائل، " فلولا نفر من كل
فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم
يحذرون " (2)
. ولما كان تلقي الحكم والآثار، والاحكام والاخبار، عن النبي والأئمة
الأطهار، طورا بالتقرير (3) والأفعال، وطورا بالاستفتاء والأقوال. وكان من
بعدهم من الطبقات، من أهل العلم وذوي الرياسات، الموصوفين بالعدالة
والديانات. إنما يؤخذ عنهم ما أخذوه، ويصل إلى من يقتدي بهم ما تلقفوه

(1) جمع غيهب: وهو شدة الظلمة (معه).
(2) التوبة: 122.
(3) كتب في الحاشية: المراد بالتقرير، أن يقع في حضرة النبي صلى الله عليه و
آله فعلا، أو تركا، فيقرر الفاعل على الفعل أو الترك، فإنه يدل على جوازه (انتهى).
أقول: تقرير النبي صلى الله عليه وآله لا كلام في حجيته، وأما تقرير الأئمة وسكوتهم عما
وقع في حضرتهم، فلا حجة فيه، الا إذا خلا المقام عن التقية ونحوها (جه).
2

وحفظوه، طورا بالحديث والرواية، وطورا بالسماع والإجازة.
حداني ذلك إلى جمع كتاب جامع لأشتات المتفرقات، من جمل ما رواه
الثقات، عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الهداة، ليكون منهجا يقتدى به إلى معرفة
الحلال والحرام، ومسلكا يعول عليه في استظهار خفايا الاحكام، وسلما ينال
به الارتقاء إلى أعالي ذلك المقام، ومدرجا يتدرج به أولو البصائر والافهام
إلى النجاة من مهاوي الانتقام.
فشرعت في جمعه وتهذيبه، ونهضت إلى ترتيبه وتبويبه، تسهيلا على
الطلاب، ولينتفع به جميع (جماعة خ) الأصحاب، رغبة في حصول الثواب
يوم المآب.
فجمعته من كتب متفرقة ومظان متباعدة، وجعلته في مركز ونصاب،
تذكرة لأولي الألباب والله الهادي لمحاسن القول، والموفق للصواب.
ثم رأيت بعد ذلك أن أرفعه إلى خزانة السيد النقيب، الطاهر العلوي
الرضوي، الذي تسنم من الشرف، على أعلى معاقده (1)، واستعلى من المجد
على أرفع مقاعده، خير هدى الفضائل، وبحر ندى الفواضل، انسان شخص
الكلام والكمال، وانسان عين الفضائل والافضال، عارض جنس المعاني
والكمالات، وعارض ماطر الأيادي والعطيات (2)، منهاج القاصدين، وسراج

(1) قال في الحاشية: التسنم هو الركوب على السنام، وهو كناية عن العلو على
كل شئ. وسمى سنام الجمل سناما، لعلوه عليه انتهى. واما المعاقد فقال ابن الأثير: و
غيره في الدعاء الوارد بقوله عليه السلام: (أسألك بمعاقد عرشك) المراد بالمعاقد هناك
الخصال الحميدة التي استحق العرش بها التبجيل والتعظيم، وهو جائز الإرادة هنا. و
يجوز أن يكون كناية، عن التمكن والجلوس على أقوى وأحكم موضع من الشرف لان
المعاقد محال العقد، وهي التي يشد بها الخص من القصب وغيره (چه).
(2) العارض الأول بمعنى الميزان، والثاني بمعنى السحاب: يعنى انه ميزان العلم
سحاب الكرم. والأيادي، بمعنى النعم (جه).
3

الوافدين. ومعاج (1) العفاة والواردين، غياث الاسلام والمسلمين، وكهف
الفقراء والمساكين، وملجأ الفضلاء والعلماء والصالحين، أمير الأمراء في
العالمين، وظهير النقباء والسادات والسلاطين، شمس شموس الأنام، وقمر
ليالي الأيام، ونجم أفلاك الايمان والإسلام.
أميرا فلكا مستديرا وقطبا لرحال المعالي مديرا
* * * ملك عزيز الأيادي كثير النعم * أمير عزير الجوار عزيز الحكم
ولما تعطرت بذكر بعض خلاله وأساميه، صحائفي وأقلامي، وتزينت
بايراد اليسير من كمالاته ومراميه ايراداتي. أحببت أن أخاطبه وأناديه،
وافتخر بذكر محامده ومعاليه، فقلت فيه:
يا فريدا في الفضل غير مشارك * عز باريك في الورى وتبارك
يا هلال الأيام قد كتب الأنام * في دفتر العلى آثارك
ولسان الزمان يدرس في كل * مكان على الورى أخبارك
سيدي أنت من يشق غبارك * بأبي أنت من يروم فخارك (2)
ما نرى في مناسب لك الا * دائب، قد صار دأبه تذكارك (3)
شوقته إليك أوصافك الغر * فجاب البلاد حتى زارك

(1) الإضافة بمعنى اللام: والوافد المنتهى إلى غاية مقصده: والمعاج بالكسر،
المرجع: والعفاة المساكين (جه).
(2) أي لا يلحقك أحد في معالي الفضائل. وأصله ان السابق في الميدان يحصل
من ركض فرسه غبار، فمن شق ذلك الغبار، بقي سابقا إلى آخر الميدان (جه).
(3) الدأب: بفتح الدال المهملة وكسر الهمزة، التعبان. وقوله: دأبة بالألف
بمعنى عاداته. يعنى ان الذي يريد اللحوق بفضائلك، تعبان قد صار عادته ذكر
الجميل (جه).
4

يا كريما خفت عليه المعالي * فادرعها فاشدد بها آزارك
واسحب الفخر وأمض في الخير قدما * واقض في طاعة الندى أوطارك
جعل الله فضله زائدا على تعاقب الأيام، ومديد عمره متواصلا على توالي
الأعوام، وزاده الله توفيقا لتربية العلماء، وتقوية الفضلاء، وجعله مقصدا
للصلحاء والعلماء والسادات، ومأوى للغرباء والمساكين وذوي الحاجات،
بمحمد سيد البريات، وآله البررة الهداة، فان فضله، قد ملاء الآفاق. وعلاء
فخره، قد طبق سائر الاسماع على الاطلاق. فصار سماء جوده شامخا ساميا، و
سناء مجده ظاهرا لايحا، فلا يحتاج فيه للاستدلال بالبراهين، ولا دخالته
في مناظرات أهل الموازين.
فليس يصح في الافهام شئ * إذا احتاج النهار إلى دليل
فإنه، أطال الله بقاه. ممن رغب في اقتناء الفضائل، فهو أحق من يتحف
بأحسن الفواضل. فجعلته هدية مرفوعة إليه، وتحفة مقربة لعبده لديه فإنه وافق
منه محل القبول، كان ذلك غاية المأمول.
وسميته: عوالي اللئالي العزيزية، في الأحاديث الدينية (1).
ورتبته على مقدمة، وبابين، وخاتمة.
أما المقدمة، ففيها فصول.
الأول: في كيفية اسنادي وروايتي لجميع ما أنا ذاكره من الأحاديث في
هذا الكتاب: ولى في ذلك طرق.
الطريق الأول:
عن شيخي وأستاذي، ووالدي الحقيقي، النسبي والمعنوي: وهو الشيخ

(1) بالعين المهملة: وربما يدور على السنة بعض الأفاضل بالغين المعجمة فإنه
تصحيف، فإنه مضبوط بخطه بالمهملة (جه).
5

الزاهد، العابد، الكامل، زين الملة والدين (والحق خ)، أبو الحسن، علي بن
الشيخ المولى (الولي خ) الفاضل المتقي من أنسابه وأضرابه، حسام الدين
إبراهيم بن المرحوم حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحساوي، تغمده الله
برضوانه، وأسكنه بحبوحة جنانه، عن شيخه العالم النحرير، قاضي قضاة
الاسلام، ناصر الدين، الشهير بابن نزار، عن أستاذه الشيخ التقي الزاهد، جمال
الدين حسن الشهير (بالمطوع) الجرواني الأحساوي، عن الشيخ النحرير،
العلامة، شهاب الدين، أحمد بن فهد (1) بن إدريس المقري الأحساوي، عن
شيخه العلامة، خاتمة المجتهدين، المنتشرة فتاويه في جميع العالمين فخر
الدين، أحمد بن عبد الله، الشهير بابن متوج البحراني، عن شيخه وأستاذه،
بل أستاد الكل، الشيخ العلامة والبحر القمقام، فخر المحققين، أبو طالب محمد
بن الشيخ العلامة، جمال المحققين أبو منصور، الحسن بن الشيخ الفاضل
الكامل، سديد الدين، يوسف بن المطهر الحلي قدس الله أرواحهم أجمعين.
وهو أعني فخر المحققين يروى عن والده المذكور، أعني جمال المحققين.
الطريق الثاني:
عن شيخي وأستاذي وصاحب النعمة الفقهية علي: السيد الاجل الأكمل
الأعلم الأتقى، الأورع المحدث، الجامع لجوامع الفضائل، شمس الملة و
الحق والدين محمد بن المرحوم المغفور، السيد العالم الكامل النبيه الفاضل،

(1) قال المحدث القمي في كتابه الكنى والألقاب ما هذا لفظه: (وقد يطلق بن فهد
على الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس بن فهد المقري
الأحسائي من أهل أوائل المائة التاسعة، شارح الارشاد، تلميذ ابن المتوج البحراني كان
معاصرا لابن فهد الحلي.. الخ.
6

كمال الدين موسى الموسوي الحسيني، عن والده المذكور، عن الشيخ
الفاضل الكامل، العالم بفني الفروع والأصول، المحكم لقواعد الفقه والكلام
جامع أشتات الفضائل، فخر الدين أحمد، الشهير بالسبعي، (1) عن الشيخ
العالم التقي الورع، محمود (محمد - لؤلؤة) المشهور بابن أمير الحاج
العاملي، عن شيخه العلامة، المشهور بالشيخ حسن بن العشرة، (2) عن شيخه
خاتمة المجتهدين شمس الملة والدين محمد بن مكي، الشهير بالشهيد، عن
شيخيه السيدين الأعظمين الأعلمين الأفضلين المرتضيين، السيد ضياء الدين
عبد الله، والسيد عميد الدين عبد المطلب، ابني المرتضى السعيد، محمد بن
علي بن محمد بن الأعرج الحسيني، وهما معا عن شيخيهما وخالهما، الشيخ
جمال المحققين أبي منصور، الحسن بن يوسف بن المطهر قدس الله أرواحهم
أجمعين.
الطريق الثالث: عن الشيخ العالم المشهور النبيه، الفاضل، حرز الدين الأوائلي، (3) عن
شيخه، الزاهد العابد الورع، فخر الدين، أحمد بن محذم الأوائلي عن
شيخه العلامة المحقق، فخر الدين، أحمد بن عبد الله بن (سعيد بن - لؤلؤة)
المتوج البحراني، عن شيخه (أستاد خ) فخر المحققين، محمد بن الشيخ

(1) ينتهى نسبه إلى سبع بن سالم بن رفاعة فلهذا يقال له: السبعي الرفاعي. الكنى
والألقاب.
(2) قال في لؤلؤتي البحرين: نقلا عن كتاب أمل الآمل: عز الدين الحسن بن علي،
المعروف بابن العشرة، فاضل، زاهد، فقيه.. الخ.
(3) الأوائل قرية والمشهور الآن بالبحرين، هكذا في هامش بعض النسخ.
7

جمال المحققين، العلامة، الحسن بن المطهر، عن والده المذكور، تغمدهم
الله برحمته.
الطريق الرابع:
عن السيد العالم الفاضل، قاضي قضاة الاسلام، والفارق بميامن همته
بين الحلال والحرام، شمس المعالي والفقه والدين، محمد بن السيد المرحوم
المغفور، العالم الكامل، أحمد الموسوي الحسيني، عن شيخه وأستاذه الشيخ
العلامة، صاحب الفنون، كريم الدين، يوسف، الشهير بابن القطيفي، عن
شيخه العلام والبحر القمقام، رضى الدين حسين، الشهير بابن راشد القطيفي،
عن مشايخ له عدة، أشهرهم: الشيخ العالم العلامة، العابد الزاهد (جمال
الدين خ) أبو العباس، أحمد بن فهد الحلي، عن شيخيه الامامين الفاضلين
العالمين، أحدهما: الشيخ العالم المتكلم، ظهير الملة والدين، علي بن يوسف
ابن عبد الجليل النيلي، وثانيهما: الامام الفقيه الورع، نظام الدين، علي بن عبد
الحميد النيلي، عن شيخهما فخر المحققين، محمد بن الحسن بن المطهر، عن
والده العلامة، جمال المحققين، الحسن بن يوسف بن المطهر، قدس الله
أرواحهم أجمعين.
الطريق الخامس:
عن شيخي ومرشدي، ومعلمي طريق الثواب، ومناهج معالم الأصحاب
وهو الشيخ الفاضل العلامة، المبرز على الاقران، المحرر المقرر لسائر
الفنون على طول الأزمان، علامة المحققين، وخاتمة المجتهدين، الامام
الهمام، والبحر القمقام، جمال الملة والحق والدين، حسن بن عبد الكريم،
الشهير بالفتال، عن شيخه العلامة، الامام المحقق المدقق، جمال الدين، حسن
8

ابن الشيخ المرحوم، حسين بن مطهر (مطهر خ) الجزائري، عن شيخه العلامة
الزاهد التقي، أبو العباس، أحمد بن فهد الحلي، عن شيخيه المذكور كلاهما،
عن شيخهما فخر المحققين، عن والده جمال المحققين رحمهم الله تعالى.
الطريق السادس:
عن شيخي أيضا وأستاذي المرشد لي ولعامة الأصحاب إلى مناهج
الصواب، أعني الشيخ الكامل الفاضل، الزاهد، العابد، العلامة، الشايع ذكره
في جميع الأقطار، والمعلوم فضله وعلمه في سائر الأمطار، زين الملة والحق و
الدين، علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ الفاضل الكامل العالم العامل جمال
الدين حسن، الشهير بابن العشرة، عن الشيخ العلامة المحقق المدقق، شمس الملة
والحق والدين محمد بن مكي، الشهير بالشهيد، عن السيد السعيد، العالم
الزاهد، ضياء الدين، عبد الله بن محمد بن علي بن الأعرج الحسيني
عن خاله الشيخ جمال المحققين رضوان الله عليهم أجمعين.
الطريق السابع:
عن المولى العالم العلامة، المدقق (المحقق خ) محقق الحقايق وصاحب
الطرايق، سيد الوعاظ، وامام الحفاظ، شيخ مشايخ الاسلام، والقائم بمراضي
الملك العلام، وجيه الملة والدين، عبد الله بن المولى الفاضل الكامل، علاء
الدين، فتح الله بن المولى العلى، رضى الدين، عبد الملك بن شمس الدين،
إسحاق بن رضي الدين، عبد الملك بن محمد بن محمد (بن خ) الفتحان الواعظ
القمي ى القاساني مولدا ومحتدا، عن جده سيد الفقهاء والعلماء: رضى الدين عبد
الملك بن شمس الدين، اسحق القمي، عن المولى الأعظم الأعلم، سيد
9

الفقهاء في عصره، شرف الدين على، عن أبيه الشيخ الكامل الأعظم، الفقيه
العالم الكامل، تاج الدين، حسن السرابشنوي (1) عن الشيخ جمال الدين
حسن بن المطهر، قدس الله أرواحهم. وعنه أيضا، عن جده المذكور عن الشيخ
العلامة الفهامة، أستاذ العلماء، جمال الدين أبي العباس، أحمد بن فهد، عن شيخه
نظام الدين النيلي، عن الشيخ الأعظم، فخر المحققين، أبي طالب محمد، عن
أبيه الشيخ جمال المحققين، حسن بن المطهر. وعنه أيضا عن جده المذكور،
عن الشيخ جمال الدين، مقداد بن عبد الله بن محمد بن حسين السيوري (2)
الأسدي، المشهدي الغروي على مشرفه أفضل التحيات وأكمل الصلوات،
عن شيخه الشهيد الشهير، العلامة الفهامة، شمس الدين محمد بن مكي، عن
فخر المحققين، عن أبيه الشيخ جمال المحققين حسن المذكور رحمهم الله
تعالى. وعنه. أيضا عن جده المذكور، عن المولى الأعظم الأمجد الأكرم،
غرة العلماء زين الملة والدين علي الاسترآبادي، عن شيخه المرتضى الأعظم
والامام المعظم سلالة آل طه ويس أبي سعيد، الحسن بن عبد الله بن محمد بن علي
الأعرج الحسيني، عن شيخه جامع الأصول والفروع، فخر المحققين،
عن والده الشيخ جمال الدين حسن العلامة، قدس الله أرواحهم، وعنه عن
أبيه (فتح الله، عن أبيه خ) عبد الملك، عن مشايخه المذكورين، عن جمال
المحققين العلامة حسن بن المطهر روح الله أرواحهم بروائح الجنان وأسبغ

(1) سرابشنو قرية من قرى العراق (معه).
(2) السيوري، بضم السين مع الياء المخففة التحتانية كما هو المشهور، نسبة إلى
سيور، وهي قرية من قرى الحلة المجللة، كما في الفهرست المنسوب إلى والد شيخنا
البهائي غفر له، ويحتمل أيضا بعيدا، أن يكون نسبة إلى السيور، التي هي جمع السير، و
هو ما يقد من الجلود المدبوغة، لمصارف السروج وأمثالها من الأدوات العرقية، لكون
أحد المذكورين في سلسلة نسبه معروفا ببيع ما ذكر أو العمل فيه (روضات).
10

عليهم شآبيب الغفران.
فهذه الطرق السبعة المذكورة (لي خ) جميعها تنتهي عن المشايخ
المذكورين، إلى الشيخ جمال المحققين، ثم منه ينتهي الطريق إلى الأئمة
المعصومين، إلى رسول رب العالمين، بطرقه المعروفة له عن مشايخه الذين
أخذ عنهم الرواية المتصلة بأئمة الهدى عليهم السلام المنتهى إلى جدهم عليه أفضل
الصلوات وأكمل التحيات.
فمن طرقه: أن الشيخ جمال المحققين رحمه الله يروي عن شيخه الامام
العلامة، قدوة المحققين نجم الملة والدين، أبي القاسم، جعفر بن سعيد بن
الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي، وهو يروي عن الشيخ نجيب الدين، محمد
بن نما، وهو يروى عن جماعة، أمثلهم المحقق العلامة، محمد بن إدريس العجلي
وهو يروي عن الشيخ عربي بن مسافر العبادي (1)، عن شيخه الياس بن هشام
الحائري، عن شيخه أبي علي، عن والده الشيخ أبي جعفر (محمد بن الحسن
الطوسي خ).
ومنها: أنه رحمه الله يروي عن والده، الشيخ الكامل سديد الدين يوسف
ابن المطهر، عن الشيخ نجيب الدين السوراوي (2) عن الشيخ هبة الله بن رطبة
عن الشيخ أبي علي عن أبيه الشيخ أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي.
ومنها: أنه رحمه الله يروى عن السيد أحمد بن طاوس، عن نجيب الدين
ابن نما، بطريقه المذكور إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله.
ومنها: أنه رحمه الله يروي عن الشيخ العالم الكامل، محقق علوم المتقدمين
و المتأخرين، ومكمل علوم الحكماء و المتكلمين، الشيخ كمال الدين، ميثم

(1) اسم منسوب إلى قبيلة عبادة، وهي قبيلة من قبائل نزار (معه).
(2) منسوب إلى سوراء قرية قريب من الحلة (معه).
11

ابن علي البحراني، عن الشيخ علي بن سليمان البحراني، عن الشيخ كمال
الدين بن سعادة البحراني، عن الشيخ نجيب الدين، محمد السوراوي، عن أبن
رطبة عن أبي علي، عن أبيه الشيخ أبي جعفر.
ومنها: أنه رحمه الله يروي عن المرتضى السعيد، جمال الدين، أحمد بن
طاوس العلوي الحسيني، وعن المرتضى السعيد، رضى الدين، علي بن طاوس
كلاهما معا عن الشيخ نجيب الدين المذكور، بطريقه المذكور إلى الشيخ
أبي جعفر الطوسي.
فجميع هذه الطرق لجمال المحققين تنتهي إلى شيخ الطائفة، ومحدثهم
وفقيههم، أعني الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، وهو أعني الشيخ يروي عن
الأئمة الطاهرين.
وله في روايته طريقان:
الأول:
أنه يروي عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، عن الشيخ
أبي جعفر بن قولويه، عن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، عن الشيخ محمد
ابن محمد بن محبوب (محمد بن يحيى عن محمد بن علي بي محبوب ظ خ) عن
محمد بن أحمد العمركي، عن السيد علي بن جعفر، عن أخيه الإمام موسى بن
جعفر، عن أبيه الإمام جعفر الصادق، عن أبيه الإمام محمد الباقر، عن أبيه الإمام زين العابدين
علي بن الحسين عليهم السلام عن أبيه الإمام الحسين الشهيد، عن أبيه سيد
الأولياء والأوصياء، الامام المرتضى علي بن أبي طالب عليهم أفضل الصلوات
وأكمل التحيات، عن سيد الأنبياء وأكرم الأصفياء محمد بن عبد الله صلى الله
عليهم أجمعين عن جبرئيل عن رب العالمين.
12

الطريق الثاني:
ان الشيخ المذكور يروي عن المفيد، عن ابن قولويه، وابن قولويه يروي
عن الشيخ محمد بن بابويه، وهو يروي عن محمد بن يعقوب، وهو يروي
عن علي بن إبراهيم بن هاشم، وهو يروي عن الإمام العسكري، عن آبائه
عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وعن جبرئيل عن الله جل جلاله.
وهنا طريق آخر: وهو أن الشيخ محمد بن نما، يروي عن الشيخ أبي الفرج
علي ابن الشيخ قطب الدين، أبي الحسين (أبي الحسن خ) الراوندي، عن أبيه، عن
السيد المرتضى ابن الداعي، عن جعفر الدوريسي (1) عن أبي جعفر محمد بن علي
ابن الحسين بن بابويه، قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد
العزيز بن يحيى، عن محمد بن زكريا، عن محمد بن عمارة عن أبيه عن
محمد بن السائب، عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام، عن زين العابدين عليه السلام
عن أبيه الحسين الشهيد عليه السلام عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول رب العالمين
صلى الله عليه وآله، عن جبرئيل عليه السلام، عن رب العزة، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون
علوا كبيرا.
فبهذه الطرق - وبما اشتملت عليه من الأسانيد المتصلة المعنعنة، الصحيحة
الاسناد، المشهورة الرجال، بالعدالة والعلم، وصحة الفتوى، وصدق اللهجة -
أروي جميع ما أرويه وأحكيه، من أحاديث الرسول وأئمة الهدى عليه و
عليهم أفضل الصلاة والسلام، المتعلقة بالفقه والتفسير، والحكم والآداب،

(1) نسبة إلى قرية دوريست التي هي على فرسخين من الري، ويقال له في هذا
الزمان درشت بالشين المعجمة كما في مجالس المؤمنين. وعن الطبراني في المعجم انه
ضبطها بضم الدال المهملة وسكون الواو والراء ثم المثناة التحتانية المفتوحة والسين
المهملة الساكنة والتاء الفوقانية المثناة (روضات الجنات).
13

والمواعظ، وسائر فنون العلوم الدنيوية والأخروية. بل وبه أروي جميع مصنفات
العلماء، من أهل الاسلام وأهل الحكمة. وأقاويلهم في جميع فنون العلم، و
فتاويهم وأحكامهم المتعلقة بالفقه وغيره، من السير والتواريخ والأحاديث.
فجميع ما أنا ذاكره في هذا الكتاب، من الأحاديث النبوية والامامية
طريقي في روايتها، واسنادها، وتصحيحها، هذه الطرق المذكورة، عن
هؤلاء المشايخ المشهورين بالعلم والفضل والعدالة، والله ملهم الصواب، و
العاصم من الخطاء والخطل والاضطراب.
14

الفصل الثاني
في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث، و استخراجها من أماكنها
المتباعدة، ومظامنها المتعددة، وهو اني لما رويت عن مشايخي المذكورين
بطرقي إليهم، عن الشيخ أبو الفضائل الطبرسي المفسر رحمه الله، أحاديث
تتضمن الحث على وجوب اهداء عوام الطائفة، وايصالهم إلى معرفة حقايقهم
المأخوذة عن أئمتهم، المستلزمة لمعرفة دينهم، الذي عليه اسلافهم، الذين
تمسكوا بالعروة الوثقى وسفن النجاة. وكانوا قد وصلوا إلى تلك الحقائق
بمشاهدة أنوار أئمتهم ورؤيتهم لأشخاصهم، فسلكوا جادتهم، واقتدوا بهم
في أخلاقهم وأفعالهم، وأقوالهم، ولما اقتطع أهل هذه الأزمان، وأبناء هذه
الأوان، عن مشاهدة هذه الأنوار، بغيبة امامهم، واستيلاء مخالفيهم على جميع
أحوالهم، وانطماس سبل الهداية بغلبة أهل الغواية والغباوة. صار عوام أهل
هذه الطائفة (الطريقة خ) وأبناء هذه الحجة الأنيقة، كالأيتام الذين لا كافل لهم
ولا موصل يوصلهم إلى حقايق أسلافهم، حتى ظن كثير منهم (1)، أنه ليس

(1) وذلك انهم نفوا الإمامة والعصمة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام. ولم يكن
حديث بزعمهم الا ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله، والأحاديث المروية عنه كثيرة لان
أبا هريرة تفرد وانفرد بنقل اثنى عشر ألف حديث من غير مشارك. وفى اعصار دولة بني
أمية، سيما زمن معاوية وخلافته بذلوا الأموال والقطايع لعلماء السوء على وضع الأحاديث
فوضعوا في كل البلدان، ما لا يحصى، والاخبار الموضوعة لا آخر لها. وأما نحن فعندنا
كلام الأئمة، وحديثهم، هو كلام جدهم وحديثه لما تقدم، فبطل ذلك الظن الكاذب
الخ (جه).
15

لأصحابنا من الأحاديث مثل ما لخصومهم، وانهم قطعوا التعلق والعلاقة بينهم
وبين الأحاديث الواردة عن سيد البشر، وامام المحشر، النبي المطهر، وليس
الامر كما ظن اخوان الجهل والغرور.
فحداني ذلك، وحثني على وضع هذا الكتاب: تذكرة لأولي البصائر
من الاخوان، وانقاذ الأيتام، عوام الطائفة من عماية الجهل الحاصل لهم
بمخالطة أهل الزيغ والبهتان.
وها أنا أذكر أولا الأحاديث الدالة على وجوب هذا الانقاذ على من
أعطاه الله البصيرة في علوم أهل البيت عليهم السلام وماله في ذلك الاجر الجزيل،
والثناء الجميل، مما ذكره الشيخ المذكور في روايته، واسناده الصحيح
المشهور.
(1) وهي: قال الشيخ أبو الفضائل الطبرسي المفسر بأسناده. حدثني السيد
أبو جعفر، مهدي ابن أبي حرب الحسيني المرعشي، عن الشيخ أبو عبد الله
جعفر بن محمد الدوريسي، قال: حدثني أبي محمد بن أحمد، عن الشيخ
أبو جعفر، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، عن أبي الحسن محمد بن القاسم
الاسترآبادي قال: حدثني أبو يعقوب يونس بن محمد بن زياد، وأبو الحسن
علي بن محمد بن سيار، عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام. قال: حدثني أبي
عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله: قال: أشد من يتم اليتيم الذي انقطع عن
16

أبيه، يتم يتيم انقطع عن امامه ولا يقدر على الوصول إليه، ولا يدرى
كيف حكمه فيما يبتلى من شرايع دينه الا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا
فهذا الجاهل بشريعتنا، المنقطع عن مشاهدتنا، يتم في حجره. الا فمن هداه
وأرشده وعلمه شريعتنا، كان معنا في الرفيق الأعلى (1)، (2).
(2) وبهذا الاسناد عنه عليه السلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: (من كان
من شيعتنا عالما بشريعتنا، فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم
الذي حبوناه، جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضيئ لأهل جميع
العرصات و (عليه خ) حلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها) (3).
(3) وبهذا الاسناد عنه عليه السلام، قال: قال الحسن بن علي عليهما السلام: (من كفل) لنا يتيما، قطعته عنا محنتنا (محبتنا خ ل) باستتارنا، فواساه من علومنا التي
سقطت إليه، حتى أرشده وهداه، قال الله عز وجل: يا أيها العبد الكريم المواسي
أنا أولى بالكرم منك، اجعلوا له ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه
ألف ألف قصر، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم) (4).

(1) بمعنى أنه يكون في درجتنا (معه).
(2) البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم.
(3) البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم وبقية الحديث هكذا
(ثم ينادي مناد، يا عباد الله: هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمد صلى الله عليه وآله، الا فمن أخرجه
في الدنيا من حيرة جهلة فليتشبث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه
الجنان فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا: أو
أوضح له عن شبهة).
(4) البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم، والحديث مروى عن
الحسين بن علي عليهما السلام فراجع وقال فيه: بيان قطعته عنا محبتنا باستتارنا، أي كان
سبب قطعه عنا، انا أحببنا الاستتار عنه لحكمة، وفى بعض النسخ (محنتنا) بالنون وهو
أظهر.
17

(4) وبهذا الاسناد عنه عليه السلام قال: قال محمد بن علي الباقر عليه السلام: (العالم
كمن معه شمعة تضيئ للناس فمن (فكل من خ) أبصر بشمعته دعا له بخير،
فالعالم شمعته تضيئ فيزول بها ظلمة الجهل والحيرة، فمن أضاءت له فخرج
بها من حيرة ونجا بها من جهل فهو من عتقائه من النار (1).
(5) وبالاسناد المذكور عنه عليه السلام، قال: قال جعفر بن محمد الصادق
عليهما السلام: (علماء شيعتنا مرابطون في الثغر (2) الذي يلي إبليس وعفاريته،
يمنعهم (يمنعونهم خ) عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم
إبليس وشيعته النواصب ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن
جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة، لأنه يدفع عن أديان محبينا وذلك
يدفع عن أبدانهم (3).
(6) وعنه عليه السلام، قال: قال موسى بن جعفر عليه السلام، (فقيه واحد ينقذ يتيما
واحدا من أيتامنا، المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه،
أشد على إبليس من ألف عابد. لان العابد همه ذات نفسه فقط، وهذا همه
مع ذات نفسه ذات عباد الله وأماءه، ينقذهم من يد إبليس ومردته (4) فلذلك

(1) البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم. وبقية الحديث هكذا
(والله يعوضه عن ذلك بكل شعرة لمن أعتقه، ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار
على غير وجه الذي أمر الله عز وجل به، بل تلك الصدقة وبال على صاحبه، لكن يعطيه الله
ما هو أفضل من مائة ألف ركعة بين يدي الكعبة) وللعلامة المجلسي بيان لطيف لهذا
الحديث فراجع.
(2) الثغر: هو الموضع الذي يخاف منه هجوم العدو (معه).
(3) البحار، الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم. (4) جمع مارد: و هو الشيطان الذي لا يخاف من شئ لشدته وتسلطه (معه).
18

هو أفضل من ألف ألف عابد وألف ألف عابدة) (1).
(7) وعنه عليه السلام قال: قال الرضا علي بن موسى عليه السلام: (يقال للعابد يوم
القيامة، نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك (وكفيت الناس مؤنتك خ).
فادخل الجنة إلا أن الفقيه من أفاض على الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم،
ووفر عليهم نعم جنان الله وحصل لهم رضوان الله تعالى، ويقال للفقيه: يا أيها
الكافل لأيتام آل محمد صلى الله عليه وآله (الهادي لضعفاء محبيهم ومواليهم خ) قف، تشفع
لكل من أخذ عنك، أو تعلم منك. فيقف، فيدخل الجنة معه فئاما و فئاما وفئاما (2)
حتى قال عشرا) (3)، (4).
(8) وعنه عليه السلام قال: قال علي بن محمد عليهما السلام: (لولا من يبقى بعد غيبة
(قائمنا خ) الامام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين (عنه خ)
وعن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله، من شباك إبليس ومردته،
(ومن فخاخ النواصب خ) لما بقي أحد الا ارتد عن دين الله. ولكنهم الذين
يمسكون أزمة (5) قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها
أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل (6).

(1) البحار، الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم.
(2) الفئام ككتاب، الجماعة من الناس، لا واحد له من لفظه. القاموس
(3) معناه: أنه يشفع للجماعات الذين أخذوا عنه، والذين أخذوا عمن أخذ عنه و
هكذا إلى عشر مرات (معه).
(4) البحار: الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم، وبقية الحديث كما
في البحار: (وهم الذين أخذوا عنه علومه، وأخذوا عمن أخذ عنه، وعمن أخذ عنه، وعمن
اخذ عنه إلى يوم القيامة، فانظروا كم فرق ما بين المنزلتين).
(5) جمع زمام: وهو هنا كناية عما يحصل للقلب من الاعتقاد الذي به يصل إلى الحق
وبه يدوم ثباته عليه (معه).
(6) البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية والتعلم.
19

وأما طريقي في رواية هذه الأحاديث. فهو بكل واحد من الطرق السبعة
المذكورة المنتهية إلى الشيخ العلامة، جمال المحققين، حسن بن يوسف
ابن المطهر، وهو يرويها عن والده الشيخ سديد الدين يوسف، وهو عن الشيخ
مهذب الدين الحسين بن رده، وهو يرويها عن الشيخ الحسن بن أبي على،
الفضل بن الحسن الطبرسي عن والده أمين الدين، أبي الفضائل، أبي علي
المفسر الطبرسي تغمده الله برحمته (بالرحمة خ).
20

الفصل الثالث
فيما رويته بطريق الاسناد المتصل، المذكور اسناده بطريق العنعنة ممالا
تدخل فيه الإجازة، والمناولة.
حدثني أبي وأستاذي، الشيخ العالم الزاهد الورع، زين الدين، أبو
الحسن، علي بن الشيخ العلامة المحقق المرحوم المغفور، حسام الدين،
إبراهيم بن حسن بن أبي جمهور الأحساوي رضوان الله عليهم، عن شيخه،
الشيخ الزاهد الفقيه، قاضي قضاة الاسلام، ناصر الدين بن نزار، عن شيخه
وأستاذه، الشيخ الفقيه الزاهد، حسن، الشهير بالمطوع الجرواني، عن
شيخه العلامة النحرير شهاب الدين، أحمد بن فهد بن إدريس المقرى الأحساوي
عن شيخه وشيخ الطائفة في زمانه، الشيخ العلامة المحقق المدقق، فخر الدين،
أحمد بن المتوج الأوايلي، عن شيخه فخر المحققين، أبي طالب محمد
عن والده العلامة، جمال المحققين، حسن، عن والده الشيخ سديد الدين
أبى المظفر، يوسف بن المطهر، عن الشيخ نجيب الدين محمد السوراوي
عن الشيخ هبة الله بن رطبة، عن الشيخ أبي على، عن والده الشيخ أبي
جعفر الطوسي، عن الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، عن الشيخ
21

أبي جعفر، محمد بن قولويه، عن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، عن
الشيخ محمد بن محمد بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي
عن السيد علي بن جعفر، عن أخيه الإمام موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر
الصادق، عن أبيه محمد الباقر، عن أبيه على زين العابدين، عن أبيه الحسين
الشهيد، عن أبيه المرتضى علي بن أبي طالب.
(1) عن رسول رب العالمين قال: (إذا كان وقت كل فريضة، نادى ملك
من تحت بطنان العرش: أيها الناس قوموا إلى نيرانكم (1) التي أوقدتموها على
ظهوركم فاطفئوها بصلاتكم (2)، (3).

(1) المراد بالنيران: اما على قول أهل الظاهر، فهي الاعمال القبيحة التي هي
سبب لحصول العقاب بالنار، فأطلق اسم النار عليها مجازا، من باب تسمية المسبب باسم
السبب، واطفائها حينئذ عبارة عن تكفيرها بالطاعة المسقطة لعقابها. وأما على قول أهل
الباطن، فالنيران على حقيقتها، من حيث أن العمل الحاصل بصورته الظاهرة صورته
الحقيقية المعنوية، نارا أو جنة، الا انهما لا يدركان الا بعد المفارقة، واطفائها فعل حسنات
يؤثر في رفع احراقها من الظهر، فيكون الاطلاق فيه حقيقة. ومما يصدقه قوله تعالى:
إنما يأكلون في بطونهم نارا ": وكذا قوله عليه السلام (الذين يشربون في آنية الذهب
والفضة، إنما يخرجوا في بطونهم نارا) (معه).
(2) الفقيه، باب فضل الصلاة حديث 3، ولفظ الحديث هكذا: وقال النبي
صلى الله عليه وآله: ما من صلاة يحضر وقتها الا نادى ملك بين يدي الناس أيها الناس
إلى آخره.
(3) وفيه دلالة على أن الأعمال الصالحة مكفرة عن الاعمال السيئة، وهو موافق لمذهب
المعتزلة، القائلين بالاحباط والتكفير، وأما على مذهب أهل الموافاة، فيشترط التكفير بها
وجاز توقفه على شرط. فتسمية الاطفاء حينئذ باعتبار ما يؤل إليه عند حصول شرطه، كتسمية
العلة عند صلاحيتها للتأثير لانضمام ما يكون متمما لها (معه).
22

(2) وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " وضوء على وضوء نور على
نور " (1).
(3) وبهذا الاسناد عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله فرض عليكم الزكاة فأوجبها
في تسعة أشياء، وعفا لكم عما عداها: الإبل، والبقر، والغنم والذهب،
والفضة، والحنطة والشعير، والتمر، والزبيب (2)، (3).
(4) وبهذا الاسناد قال النبي صلى الله عليه وآله في خطبة خطبها في آخر جمعة من شعبان:
" ألا وأنه قد أظلكم (4) شهر رمضان، وهو شهر عظم الله حرمته، فمن صام
نهاره وقام وردا من ليله، وعف فرجه وبطنه، وكف الفضل من لسانه، خرج
من ذنوبه كخروجه من الشهر " (5).
فقال بعض أصحابه: ما أحسن هذا الكلام يا رسول الله؟ فقال عليه السلام " وما
أشد هذه الشروط " (6).
(5) وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما وقف بهذه الجبال (7)

(1) الفقيه، باب صفة وضوء رسول الله ص حديث 8.
(2) راجع الوسائل أبواب ما تجب فيه الزكاة.
(3) وهذا يدل على أنه لا تجب الزكاة في شئ مما يكال أو يوزن غير ما ذكر، و
عليه انعقد اجماع الامامية (معه).
(4) أي: صار ظلاله عليكم، عبر بذلك عن قرب وصوله (معه).
(5) وفيه دلالة على التكفير (معه).
(6) الوسائل باب 11 من أبواب آداب الصائم حديث 2 والمخاطب جابر بن
عبد الله الأنصاري.
(7) أشار بهذه الجبال إلى مواقف مكة، التي يقع فيها مناسك الحج، وعبر عن
أداء تلك المناسك، عن فعلها في تلك المواضع على وجهها: وفيها دلالة على استجابة
الدعاء في تلك المواضع وهي مبنية على أفضليتها وأشرفيتها، وانها محل فيض رحمة الله
تعالى العام بكل أحد ممن كان هناك (معه).
23

أحد، الا استجيب له، البر والفاجر، فأما البر ففي دنياه وأخراه، وأما الفاجر
ففي دنياه (1) و
(6) وبهذا الاسناد عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " فوق كل ذي بر بر، حتى يقتل
الرجل في سبيل الله، فليس فوقه بر " (2)، (3).
(7) وحدثني المولى العالم الواعظ، وجيه الدين، عبد الله بن المولى،
علاء الدين فتح الله بن عبد الملك بن فتحان الواعظ القمي الأصل القاشاني
المسكن، عن جده عبد الملك، عن الشيخ الكامل العلامة خاتمة المجتهدين
أبو العباس، أحمد بن فهد قال: حدثني المولى السيد السعيد العلامة، أبو العز
جلال الدين، عبد الله بن السعيد المرحوم شرف شاه الحسيني رضي الله عنه
قال: حدثني شيخي الامام العلامة مولانا نصر الدين، علي بن محمد القاشي
قدس الله نفسه، قال: حدثني السيد جلال الدين بن دار الصخر قال: حدثني
الشيخ الفقيه (نجم الدين، أبو القاسم بن سعيد قال: حدثني الشيخ الفقيه خ)
مفيد الدين، محمد بن الجهم قال: حدثني المعمر السنبسي (4)
قال: سمعت من مولاي أبي محمد الحسن العسكري عليه وعلى آبائه

(1) الفقيه باب فضائل الحج حديث 32 والحديث منقول عن أبي جعفر
عليه السلام
(2) هذا يدل على أفضلية الجهاد على سائر العبادات، وان الشهيد لا يدنيه غيره من
الفضل (معه).
(3) الوسائل باب (1) من أبواب جهاد العدو، قطعة من حديث 21.
(4) قال في تنقيح المقال، عن ضبط (أبان بن أرقم الطائي السنبسي): والسنبسي
بالسين المهملة المكسورة ثم النون الساكنة ثم الباء الموحدة المضمومة ثم السين المهملة
ثم الياء نسبة إلى سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل أبى حي من طي، والعقب من ثلاثة
أفخاذ: عمرو ولبيد وعدي انتهى.
24

وولده أفضل الصلاة والسلام يقول: أحسن ظنك ولو بحجر يطرح الله فيه
سره، فتناول نصيبك منه، فقلت: يا بن رسول الله ولو بحجر؟ فقال: ألا
تنظرون إلى الحجر الأسود (1)، (2).
(8) وعنه بالاسناد المذكور، قال الشيخ أبو العباس: وحدثني المولى
السيد السعيد، الامام العلامة، بهاء الدين، علي بن عبد الحميد النسابة
الحسيني قال: حدثني السيد الإمام العلامة، النسابة، تاج الدين، محمد بن
معيه الحسين، عن الفقيه العالم الفاضل، علي بن الحسين بن حماد، عن

(1) البحار عن العوالي باب التهمة والبهتان ج 75 من الطبعة الحديثة الاسلامية.
2) في الحديث القدسي: (أنا عند حسن ظن عبدي ان خيرا فخير، وان شرا فشر). وفى
الحديث (أن رجلا يجئ يوم القيامة، ليس له شئ من أعمال الخير، فيأمر الله تعالى به
إلى النار، فيمضى ثم يلتفت فيقول، يا رب: ما كان هذا ظني منك، فيقول: سبحانه يا ملائكتي
كذب هذا الرجل، وما أحسن الظن بي في الدنيا يوما واحدا، ولكن لدعواه الآن حسن
الظن امضوا به إلى الجنة).
وحسن الظن بالله أعلى درجات الرجاء. وجاء في الرواية، أن يحيى بن زكريا كان
خوفه أكثر من رجاءه وعيسى بن مريم، كان رجاءه أكثر من خوفه، فكان أفضل من يحيى.
وأما حسن الظن بمطلق الأحجار، فلأنها مظان الأرزاق، وهي معادن للمعادن.
وأما الحجر الأسود فجاء في صحيح الاخبار: (ان الله تعالى لما أخذ من بني آدم
من ذرياتهم، وأشهدهم ألست بربكم؟ قالوا بلى، ألقم عهود الخلق هذا الحجر، وكان من
عظماء الملائكة عند الله)، ولما أخذ الله من الملائكة الميثاق، كان أول من آمن به وأقر به
ذلك الملك، فأتخذه الله أمينا على جميع خلقه، فألقمه الميثاق وأودعه عنده، واستعبد
الخلق، أن يجددوا عنده، في كل سنة الاقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ الله عليهم، فمن
ثم كلف الناس، بتعاهد ذلك الميثاق، وأن يقولوا عند الحجر: أمانتي أديتها وميثاقي
تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، وليجيئن الحجر يوم القيامة مثل أبى قيس، له لسان وشفتان
يشهد لمن وافاه بالموافاة، وكان أشد بياضا من اللبن، فأسود من خطايا بني آدم، الخ
(جه).
25

المولى السيد العالم الكامل، غياث الدين، عبد الكريم ابن طاوس الحسيني
عن السيد العالم المحقق، ابن العم، شمس الدين، محمد بن السيد الجد
وابن العم العامل الفاضل النسابة، جلال الدين، عبد الحميد بن محمد بن
عبد الحميد بن التقي النسابة، عن أبيه عبد الحميد المذكور، عن أبيه المولى
السيد السعيد، المحدث العالم، الورع البارع، عبد الحميد بن التقي النسابة
المذكور، عن السيد الشريف أبي الشمس، علي بن أحمد بن محمد بن
عمر العلوي، الحسيني، الزيدي، العيسوي محتدا، عن الثقة أبي بكر عبد الله
ابن محمد بن أحمد بن المنصور، عن أبي الحسين، المبارك بن عبد الجبار
ابن أحمد الصوفي، عن أبي الحسن علي بن أحمد الحربي القزويني، عن
أبي بكر أحمد بن إبراهيم الحسن بن شاذان البزاز، عن أبي القاسم،
عبد الله بن أحمد بن عامر بن سلمان الطائي، عن أبيه أحمد المذكور.
عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه الإمام موسى الكاظم عليه السلام
عن أبيه الإمام جعفر الصادق عليه السلام، عن أبيه الإمام محمد الباقر عليه السلام، عن أبيه
الإمام علي زين العابدين عليه السلام، عن أبيه الإمام الحسين السبط الشهيد عليه السلام
عن أبيه الامام المفترض الطاعة على سائر الأنام علي بن أبي طالب عليه وعليهم
أفضل الصلاة والسلام أنه قال: لما بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله بتعليم الأذان، أتاه جبرئيل بالبراق، فاستصعبت
عليه ثم أتاه بدابة أخرى، يقال لها برقة فاستصعبت عليه، فقال لها جبرئيل:
اسكني برقه فما ركبك أكرم على الله منه، فسكنت، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
فركبتها حتى انتهيت إلى الحجاب الذي يلي الرحمن عز ربنا وجل، فخرج
ملك من وراء الحجاب، وقال: الله أكبر، فقلت: يا جبرئيل من هذا الملك؟
26

فقال: والذي أكرمك بالنبوة، ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه!
فقال الملك: الله أكبر، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي، أنا أكبر،
أنا أكبر، قال الملك: أشهد أن لا إله إلا الله، فنودي من وراء الحجاب،
صدق عبدي، لا اله الا أنا، قال الملك: أشهد أن محمدا رسول الله، فنودي
من وراء الحجاب، صدق عبدي، أنا أرسلت محمدا رسولا، قال الملك:
حي على الصلاة، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي، دعى إلى عبادتي
قال الملك: حي على الفلاح، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي،
قد أفلح من واظب عليها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يومئذ أكمل لي الشرف
على الأولين والآخرين (1).
(9) وعنه باسناده، قال أبو العباس: حدثني السيد السعيد، بهاء الدين
علي بن عبد الحميد، قال: روى لي الخطيب الواعظ، الأستاذ الشاعر، يحيى
بن النحل الكوفي الزيدي مذهبا، عن صالح بن عبد الله اليمني، كان قدم
الكوفة، قال يحيى: ورأيته بها سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، عن أبيه عبد الله
اليمني وانه كان من المعمرين، وأدرك سلمان الفارسي رضي الله عنه، وأنه
روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " حب الدنيا رأس كل خطيئة، ورأس العبادة
حسن الظن بالله (2)، (3).

(1) البحار الطبعة الحديثة ج 18 باب الأذان والإقامة وفضلهما، نقله بطريقين عن
صحيفة الرضا عليه السلام، وعن عوالي اللئالي.
(2) البحار الطبعة الحديثة ج 51 (باب ذكر أخبار المعمرين) ص 258 و
رواه في المستدرك كتاب الجهاد باب (61) من أبواب جهاد النفس، حديث 17.
(3) قد أكثر سبحانه في كتابه وعلى ألسنة أنبيائه عليهم السلام من ذم الدنيا. و
قد ورد في الاخبار مدحها أيضا كقوله عليه السلام: (نعم العون على الآخرة الدنيا).
وقوله عليه السلام: (الدنيا مزرعة الآخرة) وقول سيد الموحدين، وقد سمع رجلا يذم
الدنيا، فقال في جملة كلامه: (الدنيا مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي
الله ومتجر أولياء الله اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها، وقد
أذنت بينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها) إلى آخر كلامه عليه السلام. وفي
الحديث: (ان الانسان إذا قال: لعن الله الدنيا تقول الدنيا: لعن الله أعصانا لربه).
وأما حقيقتها، فقد غلط بعض الناس فيه. وهو عند التحقيق، عبارة عن الحالة
التي تبعدك عن ربك وان كانت الصلاة! فان صلاة الرياء ونحوها مما وقع على غير
المطلوب، ليس هو من أسباب الآخرة، فيكون من الدنيا المذمومة. والآخرة عبارة عما
يقربك إليه، وإن كان الملك والسلطان، والمال والأعيان التي زينت بها الدنيا
فوزارة علي بن يقطين عند الرشيد، كانت من أمور الآخرة، ضمن بها قضاء
حوائج الشيعة وكذلك وزارة صاحب بن عباد عند فخر الدولة ونحو ذلك كثير.
وحكى لي أن رجلا من الشيعة وضع نفسه بالشام عسعسا يعس بالليل، ويعطى
السلطان في كل سنة مالا جزيلا من غلة عقاره، ليخلص الشيعة من ضيق يقع عليهم، و
هذا يخوض في نعيم الجنة من جهة كونه عسعسا. وبالجملة فكلما يوجد من الأعيان،
فله جهتان، كالنقدين مثلا فان وقع انفاقه على ما يحب الله، فهو من أسباب الآخرة، و
ان صرف على غير ما أمر به فهو من أمور الدنيا، وكذلك المناكح، والمآكل،
والمراكب.
وقوله عليه السلام: (يا أبا ذر، ليكن لك في كل شئ نيته) وذلك أن دخول
الكنيف بنية التفرغ للعبادة، والمحافظة للبدن، من أسباب الآخرة، ومقدمات العبادة، و
كذلك الأكل، وحينئذ فالدنيا الممدوحة هي ما كان من أعيان الدنيا، وحالاتها وصلة
ووسيلة إلى الآخرة والمذمومة، ما كان وسيلة إلى شهوات النفس وهواها، والقرب
إلى دار الغرور والبعد من دار السرور إلى آخره (جه).
27

(10) وعنه باسناده إلى جده عبد الملك، قال: حدثني المولى الأعظم
الأفضل، شرف الدين علي، عن أبيه الشيخ الكامل الأعظم الفقيه، العالم
الفاضل، تاج الدين، حسن السرابشنوي، قال: حدثني الشيخ العلامة الفهامة
أستاذ العلماء جمال الدين، حسن بن يوسف بن المطهر، قال: رويت عن
28

مولانا شرف الدين، إسحاق بن محمود اليماني القاضي بقم، عن خاله مولانا
عماد الدين محمد بن محمد بن فتحان القمي عن الشيخ صدر الدين الساوي، قال
دخلت على الشيخ بابارتن وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فرفعهما عن
عينيه فنظر إلي وقال: ترى عينيي هاتين؟ طالما نظرتا إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله
وقد رأيته يوم حفر الخندق، وكان يحمل على ظهره التراب مع الناس، وسمعته
يقول في ذلك اليوم: " اللهم إني أسألك عيشة هنيئة وميتة سوية، ومردا غير
مخز ولا فاضح " (1)، (2).

(1) البحار الطبعة الحديثة ج 51: 258 باب ذكر أخبار المعمرين.
(2) في هامش بعض النسخ المخطوطة التي عندنا ما هذا لفظه: قال الشيخ
البهائي في الأربعين: وقد ظهر في الهند بعد الستمائة من الهجرة شخص اسمه بابارتن
ادعى أنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وانه عمر إلى ذلك الوقت، و
صدقه جماعة، واختلق أحاديث كثيرة زعم أنه سمعها من النبي صلى الله عليه وآله.
قال صاحب القاموس سمعنا تلك الأحاديث من أصحاب أصحابه، وقد صنف
الذهبي كتابا في تبين كذب ذلك الشخص اللعين سماه (كسر وثن بابارتن) انتهى.
وفى شرح الفاضل المازندراني على أصول الكافي بعد نقل هذا الكلام من
الشيخ البهائي: وقد رأيت خط العلامة الحلي كتبه بيده، رابع عشر من شهر رجب سنة
سبع عشرة وسبعمائة، رويت عن مولانا شرف الملة والدين، إسحاق بن محمود اليماني
القاضي عن خاله مولانا عماد الدين، محمد بن محمد بن فتحان القمي، عن صدر الدين
الساوي قال: دخلت على بابارتن وقد سقط حاجباه على عينيه، فرفعهما عنهما، ونظر
إلى فقال: ترى عيني، طالما نظرتا إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد سمعته
يوم الخندق، وكان يحمل على ظهره التراب، وهو يقول: (اللهم إني أسألك عيشة
سوية، وميتة نقية، ومردا غير مخز ولا فاضح).
أقول: ما نقله عن الشيخ البهائي، في شرح الحديث الحادي والعشرين من
أربعينه عند نقل الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن أراد
الاطلاع على شرح حال الرجل فليراجع كتاب لسان الميزان للعسقلاني ج 2 / 450 و
الإصابة ج 2 / 515.
29

الفصل الرابع
في ذكر أحاديث رويتها بطرقي المذكورة، محذوفة الاسناد. اعتمادا
على الاسناد المذكور أولا. وهي كلها تنتهي إلى الرسول صلى الله عليه وآله.
(1) رويت بطرقي المذكورة، ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " لا تستقبلوا القبلة
بغائط ولا بول " (1)، (2).
(2) وعن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا انقطع شسع (3) فلا يمشين
في نعل واحدة " (4)
(3) وروت عايشة: انه ربما انقطع شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وآله فمشى في

(1) والنهي هنا للتحريم: لأنه متعلق بمصلحة أخروية دينية (معه).
(2) رواه في الوسائل، كتاب الطهارة باب: 2 من أبواب أحكام الخلوة
حديث 3، 4.
(3) الشسع: هو السير المجعول بين الأصابع، من النعل العربي منتهيا إلى
الشراك (معه).
(4) رواه مسلم في صحيحه، كتاب اللباس والزينة، باب (8 1) استحباب لبس
النعال وما في معناها، حديث 69.
30

نعل واحدة حتى تصلح الأخرى (1).
(4) وروي عن حذيفة عنه صلى الله عليه وآله: انه كره البول قائما، وقال: انه صلى الله عليه وآله،
ما بال قائما قط (2).
(5) وروي في حديث: أن امرأة كانت تستعير حليا من أقوام، فتبيعه،
فأخبر النبي صلى الله عليه وآله، بحالها فأمر بقطع يدها (3).

(1) هذا محمول على الإباحة ورفع الكراهة في تلك المدة التي يقع فيها
الاصلاح، فلا يعارض الحديث السابق. وأيضا، فهو حكاية حال، وحكاية الحال
لا تعم، فلا تعارض الكراهية الثابتة بالحديث الأول. والنهى في الحديث الأول محمول
على الكراهة، لعدم تعلقه بمصلحة دينية (معه).
(2) وقد يعارض هذا بما رووه في صحاحهم: أنه صلى الله عليه وآله مر بسباطة
قوم من الأنصار، فبال قائما، وجمع بينهما بعضهم. بحمل هذا على الضرورة. أما من
حيث ضيق المكان عن القعود، أو كانت الأرض نجسة لا يؤمن منها التلويث (معه).
أقول: رواه البخاري في صحيحه، في باب البول قائما وقاعدا. وفى باب البول
عند سباطة قوم. ورواه مسلم في صحيحه، في باب المسح على الخفين حديث 73.
السباطة: هي ملقى القمامة والتراب ونحوها، تكون بفناء الدار، مرفقا لأهلها.
وقال ابن الأثير: اضافتها إلى القوم، إضافة تخصيص، لا ملك، لأنها كانت مواتا
مباحة.
(3) وهذا الحديث يعارضه ما ثبت من اختصاص القطع بالسارق، وهذه غير سارقة
فلا يصح قطعها، فيكون مخالفا للأصل. ويمكن الجمع، بأنه على تقدير صحة الحديث
يكون القطع مختصا بهذه الصورة، فيكون حكما في واقعة، فلا يعارض الأصل، لأنه
حكم بحكاية حال فعله عليه السلام، وحكاية الحال لا تعم، (معه).
31

(6) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا عدوى ولا طيرة " (1)، (2)
(7) وقال صلى الله عليه وآله: " الشؤم في المرأة، والدار، والدابة " (3).
(8) وقال صلى الله عليه وآله: " فر من المجذوم فرارك من الأسد " (4).
(9) وروى خباب بن الأرت (5)، قال: ربما شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
الرمضاء، فلم يشكنا.
(10) وقال صلى الله عليه وآله: " أبردوا بالصلاة فان شدة الحر من فوح جهنم " (6).

(1) قوله: لا عدوى ولا طيرة: أي لا تتعدى الأمراض من واحد إلى آخر. ولا
طيرة: أي لا يتشأم بالشئ إذا لم يوافق الحال. ووجه الجمع بين هذا الحديث وبين
الحديثين المتأخرين عنه، بأن يجعل الأول على عمومه في الأمراض الا في هذا المرض
الخاص، فيكون الثاني مخصصا لعموم الأول.
وأما حديث الشؤم في الثلاثة، فجاز أن يكون لعارض تعرض معها، فلا طيرة من
حيث الحقائق الذاتية، وإن كان قد يعرض فيها شؤم بأمر خارج. والأحسن في الجواب:
أن يكون الشؤم المذكور في الثلاثة، مخصصا لعموم نفى الطيرة في الأول (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 24.
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 8 عن مسند عبد الله بن عمر.
(4) البحار الطبعة الحديثة ج 75: باب آداب.. وأصحاب العاهات المسرية
ص 14 نقله عن أمالي الصدوق.
(5) وخباب بالخاء المعجمة والبائين الموحدتين بينهما ألف، ابن الأرت،
بالألف والراء المهملة والتاء الفوقانية المشددة، مات قبل الفتنة، ترحم عليه علي عليه
السلام، فقال: (يرحم الله خبابا، لقد أسلم راغبا، وهاجر طائعا، وعاش مجاهدا). و
الأرت من في كلامه رته، وهي عجمة لا تغير الكلام، مجمع البحرين.
(6) وجه الجمع بين هذا الحديث والسابق عليه، أن يقال: ان الحر وشدة
الهاجرة لا يكون مانعا من استحباب حضور الجماعة، وان وقعت في شدة الحر، وان
جعلنا الابراد بالصلاة من المستحب. لان استحباب الجماعة مصلحة دينية راجعة إلى
أمر ديني مرغب فيه، وهو كثرة الثواب وحصول فضيلة الجماعة، وليس كذلك استحباب
الابراد، لأنه راجع إلى مصلحة بدنية ورفاهية للمكلف عن معاناة مشقة الحر، فإذا
تعارضت المصلحتان، رجحت الدينية، لأنها الأهم في التكليف، فلا يعارض الجماعة
الابراد فكان الابراد مستحبا إذا لم تعارضه الجماعة (معه).
32

(11) وقال صلى الله عليه وآله: " مثل أمتي مثل المطر، لا يدرى أوله خير، أو آخره " (1)
(12) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدء " (2) (3) (4)

(1) هذا الحديث يعارضه حديثان أحدهما: قوله صلى الله عليه وآله: " خير
القرون قرني ثم ما يليه حتى يفشو الكذب، فيشهد الرجل قبل أن يستشهد حرصا على
الشهادة " والاخر قوله " اللهم ارحم إخواني! قيل: ومن هم يا رسول الله؟ قال: أقوام
يأتون بعدي، يصدقونني، ويتبعون سنتي ويرون حديثي، ولم أرهم ولم يروني! فقيل
له: ألسنا نحن إخوانك؟ قال: أنتم أصحابي، وهم إخواني "
ووجه الجمع، ان هذا الحديث المذكور في الأصل جاء على معنى التقريب
بين الشيئين، كما تقول: لا أدري هذه الحسناء وجهها أحسن أم قفاها، ومرادك تساويهما
في الحسن (معه).
(2) وهذا الحديث يعارضه قوله عليه السلام فيما يأتي: " لا تزال طائفة من أمتي
على الحق " ووجه الجمع: أن الطائفة التي على الحق لا يجب أن لا تكون في محل
الغرابة، لجواز قتلها (معه).
(3) هذا الحديث رواه الصدوق طاب ثراه في كتاب عيون الأخبار: وفى آخره
(فطوبى للغرباء) قال في النهاية: أي انه كان في أول الأمر كالغريب الوحيد الذي لا
أهل له عنده، لقلة المسلمين يومئذ وسيعود غريبا كما كان، أي يقل المسلمون في آخر
الزمان، فيصيرون كالغرباء، فطوبى للغرباء، أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في
أول الاسلام، ويكونون في آخره. وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولا و
آخرا، ولزومهم دين الاسلام (جه).
(4) ورواه ابن ماجة في سننه، كتاب الفتن، باب (15) بدء الاسلام غريبا
حديث 3986 - 3988.
33

(13) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة
من خردل من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من
ايمان " (1)، (2).
(14) وقال صلى الله عليه وآله من قال: " لا إله إلا الله دخل الجنة وان زنى أو سرق ".
(15) وقال صلى الله عليه وآله: " منبري على ترعة من ترع الجنة " (3)، (4).

(1) رواه ابن ماجة في سننه كتاب الزهد باب (16) البراءة من الكبر والتواضع
حديث 4173.
(2) قيل: كيف يكون قد ر الخردلة من الكبر موجبا لدخول النار، والزنا و
السرقة لا يوجبان ذلك كما ذكره في الحديث التالي له، مع أنه من المعلوم، انهما
كبيرتان، وان حبة الخردل من الكبر لا يوازيهما؟ وأجيب بحمل الكبر على البطر عن
الحق وانكاره، فان القليل منه والكثير سواء، ولا شك أن قليله أعظم من الزنا والسرقة،
لان بطر الحق وانكاره ينافي الايمان، والزنا والسرقة لا ينافيانه، مع عدم اعتقاد حلهما،
ويحتمل أن يكون المراد منه، المبالغة في الحث والتحريض على نفى التكبر * وعدم
الاتصاف بشئ منه وان قل، لما فيه من التعارض لمشاركة حق الله تعالى في أخص
صفاته، والمبالغة في الحث والتحريض على الاتصاف بالايمان، والاجتهاد في تحصيل
أجزائه، لان المراد بالايمان هنا: الأعمال الصالحة الحاصلة بعد الاعتقادات الحقة
(معه)
(3) الترعة من الشئ بابه، ومعناه انه باب من أبواب الجنة، بمعنى أنه سبب
في دخول الجنة لمن اهتدى بما سمعه من المواعظ والحكم والاحكام المنقولة عليه من
صاحبه. ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل الحقيقة في المنبر والروضة، بأن يكون
حقيقتهما كذلك وإن لم يظهرا في الصورة بذلك في الدنيا، لان الحقايق تظهر بالصور
المختلفة (معه).
(4) الوسائل، كتاب الحج باب (7) من أبواب المزار وما يناسبه، قطعة من
حديث 3 - 1.
34

(16) وقال صلى الله عليه وآله: " ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة " (1).
(17) وروي عنه صلى الله عليه وآله: أنه قال: " ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان،
فلا تصلوا لطلوعها " (2).
(18) وقال صلى الله عليه وآله: " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه
يهودانه وينصرانه، ويمجسانه " (3).
(19) وقال عليه السلام: " الشقي من شقى في بطن أمه، والسعيد من سعد في
بطن أمه " (4).
(20) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا قام أحدكم من منامه فلا يغمس يده

(1) الوسائل، كتاب الحج، باب (7) من أبواب المزار وما يناسبه، قطعة من
حديث 1.
(2) المراد بالقرنين: جانبا الشيطان، والنهى، نهى تنزيه، لا نهى تحريم. لان
عبدة الشمس يعبدونها في هذا الوقت، فكره الصلاة في هذا الوقت حتى لا يكون
متشبها بهم (معه).
(3) قال في الحاشية: المراد بالفطرة، كلمة (بلى) الواقع في جواب (ألست
بربكم) (جه).
(4) قال في الحاشية: ان أريد بالأم الوالدة، يكون تقدير الحديث، أنه شقى
بسبب بطن أمه، من نطفة زنا، أو لقمة حرام تربى بها بدنه، أو أرضعته بعد الولادة لقوله
عليه السلام: " الرضاع يغير الطباع " وان حملنا الأم على المرتبة الذي يقع فيه النمو
والحكمة، التي هي الدنيا، فيكون معنى الخبر، ان الشقي من شقى في الدنيا بتحصيل
أسباب الشقاوة، والسعيد من سعد فيها.
ويدل على هذا التأويل قوله عليه السلام: (كما يعيشون يموتون، وكما يموتون
يقبرون، وكما يقبرون يبعثون، يحشرون) ثم قال: في هذا الحديث وما قبله. هذان
الحديثان متضادان ويمكن الجمع بينهما بحمل الأول على من لم يسبق له الشقاوة (جه)
35

في الاناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده؟ " (1).
(21) وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها، ولكن
اقتلوا منها كل أسود بهيم، وقال: الأسود شيطان
(22) وروي عنه صلى الله عليه وآله: " قال خمس فواسق تقتل في الحل والحرم: الغراب
والحداءة، والكلب، والحية، والفأرة " (2)
(23) وروي عنه صلى الله عليه وآله: " انه نهى عن الصلاة في أعطان الإبل، لأنها خلقت
من الشيطان (الشياطين خ ل) ".
(24) وروي عنه صلى الله عليه وآله: انه توفى ودرعه مرهونة عند يهودي بأصيع
من شعير " (3) (4).

(1) وهذا تعبد محض غير معلوم العلة (معه).
قال في مجمع البحرين في مادة (دراء). وفى حديث غسل اليد عند الوضوء بعد
النوم (لأنه لا يدرى أين باتت يده) قيل في توجيهه. كان أكثرهم يومئذ يستنجى بالأحجار
فيقتصر عليها، لاعواز الماء وقلته بأرض الحجاز، فإذا نام عرق منه محل الاستنجاء، وكان
عندهم إذا أتى المضجع حل أزاره ونام معروريا، فربما أصاب يده ذلك الموضع ولم
يشعر به، فأمرهم أن لا يغمسوها في الاناء حتى يغسلوها، لاحتمال ورودها على النجاسة،
وهو أمر ندب وفيه حث على الاحتياط.
(2) المراد بالفسق هنا، المعنى المجازى من حيث حصول الأذى منها، والأفعال
المنافية لطباع البشر، فأطلق عليها اسم الفسق. واستثنى من الكلاب أربعة: كلب الصيد، و
الماشية، والحائط، والزرع، ولا اشكال في جواز قتل كل من المذكورات، الا الحدائة
والغراب في الحرم. فإنه لا يجوز قتلهما، بل يجوز طردهما (معه).
(3) هذا الحديث دل على مشروعية الرهن عند الحاجة، وعلى جواز الاستدانة، و
على جواز معاملة الكافر وأمانته. لان الرهن عنده أمانة. وجواز أن يموت المكلف وعليه
دين قبل أن يوفيه، إذا خلف تركه تحيط بوفائه. (معه)
(4) رواه الحميري في قرب الإسناد طهران ص 44، وصدر الحديث (ان رسول الله
صلى الله عليه وآله لم يورث لا دينارا، ولا عبدا ولا وليدة، ولا شاة ولا بعيرا، ولقد قبض
الحديث) ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 236.
36

(25) وقال صلى الله عليه وآله: " من هم بالحسنة ولم يعملها كتبت له واحدة وان عملها كتبت
له عشرا " (1).
(26) وقال صلى الله عليه وآله: " نية المؤمن خير له من عمله " (2) (3)
(27) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم إلى
الجنة. وصلاتكم قربانكم. ولا تقربوا بين أيديكم الا خياركم، " (4)
(28) ورووا عنه صلى الله عليه وآله: " صلوا خلف كل بر وفاجر " (5).
(29) وقوله صلى الله عليه وآله: " ولابد للناس من امام، اما بر أو فاجر " (6).

(1) الهم: العزم على الفعل بحيث لو لم يعقه عائق لفعله (معه).
(2) يحتمل أن يراد بالخيرية: الخيرية بين النية المنفردة، المتعلقة بعمل خير
ثم عاق عنه عائق، وبين العمل المنفرد عن النية. فان في تلك النية المنفردة عن العمل
حسنة. وأما العمل المنفرد عنها، فلا شئ فيه، بل يقع باطلا. فكانت وحدها خير منه وحده
ويحتمل أن يراد بنية المؤمن، عزمه على الايمان، والاستمرار عليه إلى الموت. فان
هذه النية وحدها، خير من سائر أعماله الخيرية. لان الثواب الدائم، إنما يستحق بالنية
الأولى، لا بالاعمال الجزئية (معه).
(3) رواه في الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب مقدمة العبادات
حديث 3.
(4) الوفد: هم الجماعة الذين يقدمون على شخص، يطلبون منه شيئا (معه).
(5) ان صح سنده فيراد به الأمراء المتغلبون الذين يخاف من سطوتهم، كما أشار
إليه في الحديث الثاني الذي بعده. فيصلى خلفه في الجمع والأعياد. وأما امام صلاة
اليومية، فلا بد أن يكون عدلا، هذا وجه الجمع بين الحديثين (معه).
(6) هذان الحديثان ان صححا، محمولان على التقية، يعنى عند تغلبهم (معه).
37

(30) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من قتل دون ماله فهو شهيد " (1).
(31) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " كن حليس (حلس خ) بيتك. فان دخل
عليك، فادخل مخدعك، فان دخل عليك فقل بوء بإثمي وإثمك. وكن عبد الله
المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل " (2).
(32) وروى الأعمش، عن عمر بن قرة، عن أبي البختري، أن عليا عليه السلام قال:
" بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن لأقضي بينهم فقلت: انه لا علم لي بالقضاء،
فضرب بيده على صدري وقال: اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه فما شككت في
قضاء بعد، حتى جلست مجلسي هذا " (3)، (4).

(1) يعنى أن ثوابه كثواب الشهيد وليس المراد به كالشهيد في الأحكام الشرعية
(معه).
(2) وجه الجمع أن يحمل الأول على شخص كان في سفر أو غيره وصادفه
السراق، أو قطاع الطريق، أو البغاة، فإنه لا يجوز له الاستسلام لهم بل إذا ظن السلامة،
وجب عليه أن يمانع عن نفسه وعن ماله، فان قتل حينئذ، كان من جملة الشهداء المظلومين
ويحمل الثاني على من طلبه السلطان الجائر ودخل عليه أعوانه وجنوده، فإنه يجب عليه
هنا الهرب والتغيب في المخدع وغيره مما يظنه مخلصا، ولا يجوز هنا المقاتلة والمسايفة
لأنه يكون حينئذ معينا على نفسه لعلمه بالعجز عن المقاومة. ومتى لم يمكنه الاحتراز
وجب عليه الاعتصام بالصبر والاستسلام لقضاء الله تعالى، إلا أن يكون ذلك الشخص ذا
أعوان يظن معهم الاحتراز والامتناع، فيجوز له المقاتلة والمحاربة مع أعوانه ان ظن
الخلاص بسببهم (معه)
(3) ولا معارض لهذا الا ما رووه جماعة المحدثين، مما هو موضوع مكذوب به،
من الأحاديث المستلزمة لنسبة الجهل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، كحديث المذي و
أم الولد، وأمثالهما، وهي لم تثبت سندها بين نقاد الحديث وكلها أكاذيب وضعها خصوم
علي عليه السلام من بنى أمية في أيام دولتهم (معه).
(4) أقول: نقل الحديث العلامة الفيروزآبادي في فضائل الخمسة ج 2: 206 ومن
أراد الاطلاع عليه وعلى رواته فعليه بالمراجعة.
38

(33) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " في المسافر وحده شيطان، والاثنان
شيطانان، والثلاثة ركب " (1).
(34) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لعن الله السارق يسرق البيضة فيقطع يده
ويسرق الحبل فيقطع يده " (2).
(35) وقال صلى الله عليه وآله: " لا قطع الا في ربع دينار " (3) (4).
(36) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه تعوذ من الفقر وقال: " أسألك غناي وغنا
موالي " (5).
(37) وقال صلى الله عليه وآله: " اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا واحشرني في
زمرة المساكين ".
(38) وقال صلى الله عليه وآله: " الفقر فخري وبه أفتخر على سائر الأنبياء " (6).

(1) ويعارضه ما روى أنه صلى الله عليه وآله. يرسل البريد وحده. ووجه الجمع
انه وإن كان يرسل البريد وحده، إلا أنه لم يأمره بالخروج وحده، بل مع الرفيق (معه).
(2) رواه في المستدرك، كتاب الحدود والتعزيرات، باب (1) من أبواب حد
السرقة حديث 5.
(3) وجه الجمع أن يكون البيضة والحبل مما يسوى ربع دينار. أو يكون البيضة،
البيضة المستعملة في آلة الحرب (معه).
(4) رواه في المستدرك كتاب الحدود والتعزيرات، باب (2) من أبواب حد
السرقة، حديث 7.
(5) هذا الفقر هنا الفقر الصوري الذي هو عدم المال والمراد بالمسكنة التي
سألها في الحديث الذي يليه الخشوع والخضوع، وعدم التكبر، والرضا باليسير، وحب
الفقراء، وسلوك طريقهم في المعاش، وعدم استعمال ذي الملوك وأهل التكبر، واستعمال
الفخر والخيلاء. فان ذلك كله ينافي طريقة أهل الله من أنبيائه وأوليائه. وليس المسؤول
فيه، المسكنة التي يرادف الفقر الصوري، فلا تعارض بين الحديثين (معه).
(6) وهذا الفقر المفتخر به: هو الفقر المعنوي الذي معناه عدم الاحتياج إلى
غير الله تعالى، بل انى فقير محتاج إلى الله، فلا غناء لي بدونه. وإنما كان هذا فخرا على سائر
الأنبياء مع مشاركتهم له في هذا المعنى، لأنه عليه السلام كان تحققه بهذا المعنى أشد
من سائرهم. لان توحيده واتصاله بالحضرة الإلهية وانقطاعه إليه، كان في الدرجة التي
لم يكن لاحد مثلها في العلو، ففقره إليه تعالى كان أتم وأكمل من فقر سائر الأنبياء
فبذلك افتخر عليهم (معه).
39

(39) وقال عليه السلام: " الفقر بالمؤمن أحسن من العذار الحسن على خد
الفرس " (1).
(40) وقال عليه السلام: " كاد الفقر أن يكون كفرا ".
(41) وقال عليه السلام: " الفقر سواد الوجه في الدارين " (2).
(42) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن،

(1) المراد بالفقر هنا عدم الاحتياج إلى شئ الا إلى الله وحده، فإنه أحسن
لباس يلبسه المؤمن، وأكمل حلية يتحلى بها مريد الله (معه).
(2) وهذان الحديثان يوافقان ما يقول أهل التصرف: إذا تم الفقر فهو الله. فان
الفقر المعنوي لما كان يصل إلى هذه المرتبة، كان موجبا للدعوى الكاذبة، والشطح.
فالوصول في الفقر إلى هذه المرتبة لمن ليس ذا قدم ثابت، وبصيرة باقية (ثاقبة خ)
يكاد يوجب لصاحبه الشرك والكفر، ولذا عبر عنه ب‍ (كاد) الموجبة للمقاربة و
المشارفة كما وقع لكثير من المشايخ عند وصولهم في المقامات إلى مرتبة الفقر التامة
من إظهار الدعاوى والشطح، الموجب لهم الملامة، والخروج عن ظاهر الشريعة. و
مثله قوله: سواد الوجه. فان السواد عبارة عن العدم، لأنه ظلمة، والظلمة عدم، والفقر
عدم كل شئ بمعنى ان الفقير لا يلتفت إلى شئ من أمور الدنيا والآخرة بل ولا إلى
نفسه فلا يرى لشئ وجود، غير وجود الحق، حتى نفسه، فينعدم وجوده في مقام الفناء،
فعبر عنه بسواد الوجه فالوجه هو الوجود الإضافي الحاصل من فيض الوجود الحقاني
فإذا انعدم فقد اسود (معه).
40

ولا يسرق السارق حتى يسرق وهو مؤمن " (1).
(43) وقال صلى الله عليه وآله: " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وان زنى وان سرق " (2)
(44) وروى حماد عن إبراهيم، عن الأسود، عن عايشة، انها قالت: كنت
أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله، فيصلي فيه (3).
(45) وروى عمر بن ميمون بن مهران، عن سليمان بن يسار، قال: سمعت
عايشة تقول: انها كانت تغسل أثر المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله (4) (5).

(1) رواه في مستدرك الوسائل، كتاب الحدود والتعزيرات، باب (1) من أبواب
حد السرقة حديث 1 وتتمة الحديث (إذا فعل شيئا من ذلك خرج منه روح الايمان) و
رواه أيضا عن عوالي اللئالي حديث 6
(2) وجه الجمع. أن يكون الأول بمعنى المقاربة والمشارفة، بمعنى أن الزاني و
السارق حال حصولهما منه في حالة مقاربة لحال الكفر، مشارفة له فأطلق اسمه عليها
مجازا ويحمل الثاني على الحقيقة، فان العمل ليس جزء من الايمان ويمكن الاضمار في
الحديثين، فيضمر في الأول، اعتقاد الحل. فان مع حصوله يتحقق الكفر. ويضمر في
الثاني البقاء على اعتقاد التحريم، فان ذلك لا يضر بالايمان عند من يقول: ان العمل
الصالح ليس جزء منه، كما هو المشهور عند الأكثر (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 193. ورواه الترمذي في ج 1 من
سننه، باب (85) من (أبواب الطهارة) ورواه ابن ماجة في ج 1 من سننه، باب (82)
(في فرك المنى من الثوب) ورواه النسائي في ج 1 من سننه (باب فرك المنى من الثوب)
(4) رواه البخاري في صحيحه ج 1 (باب غسل المنى وفركه وغسل ما يصيب
المرأة) ورواه الترمذي في ج 1 من سننه باب (86) غسل المنى من الثوب ورواه بن ماجة
في ج 1 من سننه باب (81) المنى يصيب الثوب، ورواه النسائي في ج 1 من سننه (باب
غسل المنى من الثوب).
(5) وجه الجمع. حمل الأول على فقد الماء، والثاني على وجوده. وفائدة الفرك
تخفيف النجاسة، وتسهيل غسلها، وإزالة نفرة النفس بزوال صورتها، فيحمل على
الاستحباب، والثاني على الوجوب (معه).
41

(46) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " أيما أهاب (1) دبغ فقد طهر ".
(47) وقال: في شاة ميمونة " الا انتفعتم بجلدها " (2).
(48) وصح عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا تنتفعوا من الميتة بأهاب ولا
عصب " (3) (4).
(49) وروي عنه صلى الله عليه وآله، انه كان لا يصلي على المدين إذا لم يترك وفاء
دينه (5).
(50) وقال عليه السلام: " من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا فعلي ".

(1) الإهاب: ككتاب الجلد. ويقال: ما لم يدبغ، والجمع أهب، ككتب. مجمع
البحرين.
(2) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض (باب طهارة جلود الميتة بالدباغ)
حديث (100 - 104) ورواه ابن داود في سننه ج 4 (باب اللباس) ورواه الترمذي
في سننه ج 4 كتاب اللباس (باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت) ورواه أحمد بن
حنبل في مسنده ج 1 ص 219.
(3) رواه الترمذي في سننه ج 4 كتاب اللباس (باب ما جاء في جلود الميتة إذا
دبغت)، ورواه ابن داود في سننه ج 4 كتاب اللباس (باب من روى أن لا ينتفع بأهاب الميتة) ورواه ابن ماجة في سننه ج 2 كتاب اللباس (باب من قال: لا ينتفع من الميتة
بأهاب ولا عصب).
(4) وجه الجمع بين الأولين والثالث: ان الحديث الأول مخصص بالثاني. لان
ذكر بعض العام، من مخصصات العام، ويحمل الثاني على الانتفاع بجلدها بالتذكية
ويكون التقدير: هلا ذكيتموها لتنتفعوا بجلدها. ووجه تخصيص الانتفاع بالجلد على
تقدير التذكية، أن يكون الشاة مهزولة في غاية الهزال، فلا ينتفع بلحمها، فبقي الفائدة
في الجلد، ويكون الاعتماد على الحديث الثالث (معه).
(5) قيل: إن الحديث الأول منسوخ، لان المنقول عنه صلى الله عليه وآله، انه كان
يصلى على كل مسلم بعد ذلك، ولا يسأل عن حاله، ويحتمل أن يحمل الأول على دين
المعصية، والثاني على الدين المباح، والأول أصح (معه).
42

(51) وفي حديث آخر: " من ترك كلا فإلى الله ورسوله، يعنى عيالا فقراء
أو أطفالا لا كافل لهم ".
(52) وروي عنه صلى الله عليه وآله: انه لم يرجم ماعزا حتى أقر عنده بالزنا، أربع
مرات، كل ذلك يعرض عنه، ثم رجمه بعد الرابعة.
(53) وفي حديث يحيى بن سعيد، عن هشام الدستوائي (1)، عن يحيى بن
أبي كثير، عن أبي قلابة (2) عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، قال: كنا
مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أتته امرأة من جهينة، وهي حامل من الزنا فقالت: يا
رسول الله، اني أصبت حدا فأقمه علي، فدعا النبي صلى الله عليه وآله وليها، فأمره أن يحسن
إليها، فإذا وضعت حملها أتاه بها، فأمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، ولم يذكر
في هذا أنها اعترفت أربع مرات (3).
(54) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: لا ينكح المرأة على عمتها ولا على
خالتها " (4)

(1) قال في تهذيب التهذيب: هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، كان يبيع الثياب
التي تجلب من دستواء، فنسب إليها، والدستواء من كور الأهواز.
(2) قال في تهذيب التهذيب: أبو قلابة (بكسر القاف) الجرمي، اسمه عبد الله
ابن زيد بن عمرو، روى عن أبي المهلب الجرمي (وهو عمه) و أبو المهلب روى عن عمران
ابن حصين.
(3) الحديث الأول هو المشهور. فأما هذا فلم يروه أحد الا من هذا الطريق، والآحاد
المحض لا يعارض المشهور أو نقول: جاز أن يكون قد ثبت زناء المرأة بعد الاقرار مرة
بقرائن احتفت به أفادت فائدة تزيد على الاقرار، فاكتفى بها عن تكرره (معه).
(4) هذا الحديث لم يبق على عمومه، بل عارضه أحاديث مشهورة عن أهل البيت
عليهم السلام بجوازه مع الاذن الواجب تخصيصه بعدم الاذن فلا عمل على عمومه (معه).
43

(55) وقال عليه السلام: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " (1) (2).
(56) وقال عليه السلام في مكة: " لا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها، ولا يعضد
شجرها " فقال العباس: يا رسول الله الا الإذخر، فإنه لبيوتنا، فقال: " الا
الإذخر " (3) (4).
(57) وقال عليه السلام: " لا هجرة بعد الفتح " (5) (6) (7).
(58) وقال صلى الله عليه وآله: " عادى الأرض لله ورسوله، ثم هي لكم مني، فمن أحيى
مواتا فهي له " (8).

(1) هذا الحديث أيضا مخصوص بما ثبت في الأصول، من تحريم أشياء من النسب
لا تحرم من الرضاع، فلم يبق على عمومه أيضا (معه).
(2) هذا الحديث أصل من الأصول في بابه رواه العامة والخاصة بالأسانيد
المستفيضة، بل المتواترة، لكن ورد في تضاعيف أخبارنا استثناء بعض الموارد، والعلامة
طاب ثراه استثنى في التذكرة أربع صور (جه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 348 عن مسند ابن عباس.
(4) ان قيل: كيف هذا الاستثناء؟ أكان تشهيا؟ قلت: لا، بل كان وحيا، ولا استبعاد
في سرعة حصوله (معه).
(5) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 226.
(6) كان في بدء الاسلام، كل من أسلم من أطراف البلاد، وجب عليه أن يهاجر إلى
النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة ليجاهد معه، ولهذا سميت المدينة دار الهجرة لمهاجرة
النبي صلى الله عليه وآله إليها، ووجوب المهاجرة إليه فيها، ثم نسخه بعد عام الفتح بهذا
الحديث (معه).
(7) ذهب الأكثر إلى أن الهجرة باقية بعد الفتح، إلى الأئمة، بل والى علمائهم
لاقتباس أحكام الدين، وفى الاخبار دلالة عليه، قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام
في نهج البلاغة: " والهجرة قائمة على حدها الأول، ما كان لله في أهل الأرض حاجة،
من مستسر الأمة ومعلنها إلى اخره (جه).
(8) وهذا الحديث يعارضه ما ثبت في أخبارنا: ان كل أرض لم يجر عليها ملك
مسلم فهي للإمام عليه السلام، لا يجوز لاحد احيائها الا باذنه، فلو أحياها أحد بغير اذنه
كان له عليه السلام انتزاعها منه، فيجب تخصيص هذا الحديث بما أحيى في زمانه عليه السلام
(معه).
44

(59) وقال عليه السلام: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لما سقت
الهدي " (1) (2).
(60) وفى آخر: " لأهللت بعمرة " (3) (4).
(61) وقال صلى الله عليه وآله في صلاة العشاء: " لولا أن أشق على أمتي، لجعلت
وقت الصلاة هذا الحين " (5).
(62) ونهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وعن زيارة القبور.
ثم قال بعد ذلك: " ان الناس يتحفون ضيفهم، ويخبون لغائبهم، فكلوا، و
امسكوا ما شئتم. وكنت نهيتكم عن زيارة القبور، الا فزوروها، ولا تقولوا
هجرا، فإنه بدا لي، أن يرق القلب " (6).

(1) أي لو كنت أعلم ما يؤل إليه أمرى في المستقبل، لما فعلت الذي مضى من
أمرى الذي فعلته وعنى به سوق الهدى واقران الاحرام به، وهذا من باب الناسخ والمنسوخ.
فان الحج كان قرانا وافرادا للبعيد والقريب، ثم نسخ باية التمتع لمن بعد، وبقي حكمه
في أهل مكة وحاضريها (معه).
(2) الوسائل باب 2 و 3 من أبواب أقسام الحج فلاحظ.
(3) الاهلال رفع الصوت بالتلبية، عبر به عن الاحرام (معه).
(4) المستدرك، باب (2) من أبواب أقسام الحج، ولفظ ما رواه (وفى بعض الحديث
لجعلتها عمرة).
(5) وهذا الحديث كان في حالة أخر النبي صلى الله عليه وآله العشاء الآخرة، حتى
نام أكثر النساء والصبيان فاستبطأه الصحابة، حتى ناداه بعضهم الصلاة، فخرج صلى الله عليه
وآله عليهم وقال ذلك. ففيه دلالة على أفضلية تأخير العشاء (معه).
(6) وهذا من باب الناسخ والمنسوخ (معه).
45

(63) وروى مالك، عن صفوان بن سليم، عن عطا بن يسار، عن أبي
سعيد الخدري، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " غسل الجمعة واجب على كل محتلم ".
(64) وروي عن همام، عن قتادة عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وآله
قال: " من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فهو أفضل " (1).
(65) وروي عنه صلى الله عليه وآله قال: " صلة الرحم تزيد في العمر ". (2).
(66) وقال صلى الله عليه وآله: " الصدقة تدفع القضاء المبرم " (3).

(1) وظاهر هذين الحديثين التعارض وجاز حمل الوجوب في الأول على شدة
الاستحباب، فينتفى حينئذ التعارض (معه).
(2) قيل كيف يكون كذلك؟ وهو تعالى يقول: (إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة
ولا يستقدمون) أجيب بان هذه الزيادة تكون اما بمعنى السعة في الرزق، وعافية البدن
لما قيل: إن الفقر هو الموت الأكبر. وفى حديث ان الله تعالى أعلم موسى عليه السلام
أنه سيميت عدوه ثم رآه يسف الخوص، فقال: يا رب وعدتني أن تميته؟ فقال: قد فعلت
انى قد أفقرته، ولهذا قالوا: الفقر هو الموت الأحمر ومنه قول بعضهم:
ليس من مات فاستراح بميت إنما * الميت ميت الاحياء
فإذا صح تسمية الفقر موتا ونقصا من الحياة، صح أن يسمى الغنى حياة ويصير المعنى
بزيادة العمر، اعطاء الغنى بنوع من التجوز ويؤيده قوله: إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة
واما بمعنى ان الله تعالى: قد يكتب أجل العبد معينا، وبنيته، وتركيبه لا يقتضيه،
بل يقتضى ما دونه، فإذا وصل رحمه، زيد في تركيبه وبنيته، حتى يصل إلى ذلك المقدر
له، المسمى في العلم الذي لا يستأخر عنه، ولا يتقدم، وهذا التأويل أقرب، لسلامته من
ارتكاب المجاز، ويجئ في هذا زيادة بحث (معه).
(3) هذا الحديث فيه كما في الأول، إذ القضاء لا راد له، كما ورد (لا راد لقضائه
ولا معقب لحكمه). ويجاب بأن العبد قد يستحق بذنوبه عقوبة، وذلك يكون قضاء من الله، فإذا
تصدق دفع عن نفسه ما استحق من العقوبة، فاندفع ذلك القضاء المبرم بصدقته ومن هذا قوله
صلى الله عليه وآله: " صدقة السر تطفئ غضب الرب " لان من غضب الله عليه، كان معرضا
لعقابه الذي هو من قضائه، فإذا تاب وندم على ما كان سببا للغضب، أو فعل من القربات
والخيرات والمبرات ما يكون سببا في الرضا، أزال ذلك العقاب. ومثاله من أجرم إلى
غيره جرما، أوجب الخوف منه، فأهدى إليه ما كف به عاديته، فإنه يحسن أن يقال: ان
تلك الهدية دفعت ذلك القضاء المستحق (معه).
46

(67) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " سيكون بعدي عليكم أئمة، ان أطعتموهم
غويتم (1)، وان عصيتموهم ضللتم ".
(68) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: " انكم لترون ربكم يوم القيامة، كما

(1) من الغواية التي هي ضد الهداية، لأنهم أئمة جور، فاتباعهم ضد الهدى
وضللتم، بمعنى هلكتم، بسبب جورهم لأنهم يأخذون الناس بالقهر على اتباعهم والاقتداء
بسيرتهم، فمن لم يطعهم أوقعوا به الضرر كما في دولة بنى أمية وبنى العباس وأمثالهم
(معه).
47

ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته " (1) (2).
(69) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع

(1) قيل: فيه تشبيه وتجسيم، لان الرؤية مستلزمة لذلك. أجيب: اما على مذهب
المعتزلة ومن يقول بنفي الرؤية البصرية في الدنيا والآخرة، فإنه على تقدير صحة الحديث
يجب حمل الرؤية على المعنى المجازى، الذي هو العلم جمعا بينه وبين الأدلة العقلية
إذ ورود الرؤية بمعنى العلم في لغة العرب من الأمور الشهيرة، ومن ذلك قوله تعالى:
" ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " " ألم تر ان الله على كل شئ قدير " فإنه بمعنى العلم قطعا.
وهو من باب تسمية المسبب باسم السبب. لان الرؤية البصرية سبب للعلم، فأطلق عليه
اسمها.
وأما على مذهب الأشاعرة، فإنهم قالوا: ان الرؤية هنا بمعنى البصرية، حملا على
الحقيقة، ولا يلزم مع ذلك التجسيم والتشبيه، لأنه عليه السلام شبه الرؤية برؤية القمر،
وليس التشبيه على الحقيقة، لتجب المشاركة في جميع الحالات، بل التشبيه في الظهور
والشهرة إذا لعرب يشبهون الشئ الظاهر بالقمر والشمس، فيقولون أظهر من القمر وأشهر
من الشمس، فحينئذ تقع الرؤية عندهم على الحقيقة.
فإذا قيل لهم: كيف ذلك؟ والرؤية مشروطة بشرايط لا تتم الا بالجسمية والجهة
فما حال المنظور إليه والمرئي في حال الرؤية؟ قالوا: هناك حالة لا نعرفها، إذ لا يجب الانتهاء
في صفات الحق تعالى، إلى معرفتها على الحقيقة، لان ذلك لا يقوم في أوهامنا، ولا يستقيم
في أنظارنا، بل يجب الايمان به من غير أن يقال فيه بكيفية أو بحد.
وحينئذ علم أنه على المذهبين، لا عمل بظاهر الحديث، لان العمل بظاهره، يلزمه
التجسيم والتشبيه تعالى الله عنه (معه).
(2) رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة، باب فضل صلاة العصر، فلاحظ.
48

الرحمان " (1) (2).

(1) ذهب بعضهم في تأويل الإصبع، إلى أنه النعمة، لقول العرب: ما أحسن
إصبع فلان على ماله، ويريدون أثره. ومنه قول الشاعر:
ضعيف القوى (الغنى خ ل) بادي العروق ترى له * * عليها إذا ما أمحل الناس إصبعا
أي أثرا حسنا. وذهب آخر، إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قال في دعائه
" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " قالت بعض زوجاته: أتخاف يا رسول الله على
قلبك؟ فقال: " ان قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمان " وفيه نظر، لان القلب
إذا كان بين نعمتين، فهو محفوظ بهما، فلا معنى للدعاء بالتثبت، بل كان الواجب أن
لا يخاف عليه.
بل المراد بالإصبع هو مثل قوله عليه السلام في حديث آخر: " تحمل الأرض
على إصبع " ولا يراد به النعمة قطعا، بل هو مثل قوله تعالى: " والسماوات مطويات
بيمينه " فكما لا يصح أن يقال: يمين بمعنى الجارحة، كذلك لا يقال، إصبع كأصابعنا،
ولا قبضة كقبضتنا، ولا يد كيدنا. لان صفاته تعالى لا تشبه شيئا من صفاتنا، بل نؤمن بذلك
كله ولا نحمله على الحقايق المعلومة عندنا، بل يجب حمله على معان أخرى، ولا يجب
علينا معرفته على الحقيقة. هكذا قال بعضهم: في تأويل هذا الحديث.
وأنت كما تراه فيه اعتراف بالعجز عن معنى الحديث، وحمله على تأويل غير معلوم
وذلك خروج عن قاعدة التأويل. بل الأحسن في التأويل، حمل الإصبع على أثر القدرة
كما حمل في التأويل، اليد على القدرة والإصبع من جملة اليد، والأثر متعلق القدرة
فجاز تسميته أي أثر من آثارها إصبعا ويصير المراد بالإصبعين هنا، أثرى الخوف والرجاء
الذي يجب أن تكون قلب المؤمن بينهما (معه).
(2) رواه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات باب (90) حديث (3522) ولفظ
ما رواه (قال صلى الله عليه (وآله) وسلم: يا أم سلمة انه ليس آدمي الا وقلبه بين إصبعين من
أصابع الله. الحديث). ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 168. ولفظ ما رواه
(عن عبد الله بن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: ان قلوب بني آدم
كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرف كيف يشاء، الحديث).
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 173. ولفظ ما رواه (عن عبد الله بن عمرو بن العاص
ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قلب ابن آدم على إصبعين من أصابع الجبار عز وجل،
الحديث)
49

(70) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " أن كلتا يديه يمين " (1).
(71) وفى حديث آخر، أنه قال: " يمين الله سجال (2) لا يغيضها شئ (3)
الليل والنهار ".
(72) وقال صلى الله عليه وآله: " عجب ربكم من الكم (4) وقنوطكم، وسرعة اجابته

(1) المراد بذلك، معنى التمام والكمال لان المياسر من كل شئ، تنقص عن
الميامن، في القوة والبطش والتمام ولهذا كانت العرب تحب التيامن، وتكره التياسر
ولهذا قيل: يمن وشؤم، فاليمين من اليمن، والشؤم من اليسار.
فيكون المعنى، انه تعالى في غاية التمام والكمال، فقدرتا إبداعه وايجاده،
كلتاهما يمين، لأنهما معا في غاية التمام ويمكن أن يراد هنا العطاء، فإنه يكون باليدين
معا، إذ العادة جارية بأن اليمين هي المعطية، فإذا جعلنا اليدين معطيتين، كانتا معا يمينين
ومثله الحديث الذي بعده، وهو قوله: يمين الله سجال: إذ معناه يصب العطاء منها دائما
فلا تنقصها شئ فالليل والنهار بالنسبة إليها سواء ومثله قول الشاعر:
وان على الأوانة من عقيل * ففي كلتا اليدين له يمين
جعل ذلك وصفا له، لكثرة كرمه، وكأنه لكرمه البالغ، يعطى باليدين معا، فأجراهما
مجرى اليمين لان الاعطاء بهما (معه)
(2) السجل كفلس، الدلو العظيمة إذا كان فيها ماء، قل أو كثر، وهو مذكر
ولا يقال لها فارغة، سجل، وقوله: وسجال عطيتك من هذا المعنى، مجمع البحرين.
(3) وفى حديث وصفه تعالى: لا يغيضه سؤال السائلين أي لا ينقصه مجمع
البحرين.
(4) فيه (عجب ربكم من الكم وقنوطكم) الال شدة القنوط، ويجوز أن يكون من
رفع الصوت بالبكاء يقال: ال يئل الا، قال أبو عبيد: المحدثون يروونه بكسر الهمزة والمحفوظ
عند أهل اللغة الفتح وهو أشبه بالمصادر، النهاية
50

إياكم " (1).
(73) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا تسبوا الريح، فإنها من نفس الرحمان " (2)
(74) ومثله قوله صلى الله عليه وآله: " اني لأجد نفس الرحمان يأتيني من قبل اليمن " (3)
(75) وروي عن ابن عباس، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الحجر

(1) معناه انه كان ذلك بمحل يعجب منه، ويضحك منه الضاحك، ويكون التقدير،
انه جل ذلك عنده حتى صار بمحل التعجب. ومثله ما جاء في حديث، لقد عجب الله من
صنيعكم البارحة، أي جل عنده حتى صار في محل يتعجب منه. ومثله قوله تعالى: " وان
تعجب فعجب قولهم " وانه أراد انه عجب عند من سمعه (معه).
(2) لايراد بالنفس ما يتبادر إليه أهل العرف. بل المراد أن الريح من فرج الله
وروحه، فهي تنفس الأذى، أي تذهبه، ومنه: اللهم نفس عنا الأذى. وقد فرج الله عن المسلمين
يوم الأحزاب بالريح، كما أشار إليه في الآية الكريمة قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا
اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود، فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها. الأحزاب: 9
ويصير المعنى: ان الريح من نفس الرحمان، أي من فرجه.
ومثله الحديث الذي بعده انى لأجد نفس الرحمان من قبل اليمن. أي أجد
الفرج من قبل الأنصار، وهم من قبيلة اليمن. فالريح من فرج الله وروحه، كما كانت
الأنصار من فرج الله (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 541. ولفظ ما رواه (قال النبي صلى الله
عليه وآله وسلم: الا ان الايمان يمان والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل
اليمن).
51

الأسود يمين الله في الأرض، يصافح بها من يشاء من خلقه ". (1) (2).
(76) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " رأيت ربي ليلة المعراج في أحسن صورة
فوضع يديه بين كتفي، حتى وجدت برد أنامله بين ثديي " (3).

(1) هذا تمثيل وتشبيه والأصل فيه، أن الملك إذا صافح أحدا، قبل ذلك الرجل
المصافح يده، فكان الحجر لله بمنزلة اليمين للملك، فهو يستلم ويلثم، فشبهه باليمين،
وإنما خص بذلك، لان الميثاق المأخوذ من بني آدم في قوله تعالى: ألست بربكم، قالوا
بلى. قد جعله الله مع الحجر، وأمر الناس بتعاهده. ولهذا جاء في الدعاء عنده اللهم
أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، فاشهد لي عند ربك بالموافاة يوم القيامة (معه).
(2) الوسائل، كتاب الحج باب (22) من أبواب الطواف، حديث 9.
(3) هذه الرواية لا يجوز أن تنسب الرؤية فيها إلى رؤية البصر، لأنها لم تكن
به، كما توهمه جماعة الجهال، بل كانت بالبصيرة. لان الواجب بطريق العقل، تأويل
الرؤية بحكم الأصول لئلا يؤدى إلى التجسم، والحدوث، والتحديد، الموجب للامكان
كما وجب تأويل اليد بالقدرة، والجنب، بالطاعة، والوجه بالثواب تارة، وبالذات
أخرى فمعنى قوله صلى الله عليه وآله: " رأيت ربى " ليس إلا مشاهدته بحقيقة الكشف بظهور
المعاني الإلهية في صورة، هي أحسن الصور وأجمعها لتلك المعاني.
والظاهر أن تلك الصور التي رآه فيها، وشاهد معانيه بها، التي هي أكمل الصور
وأحسنها وأجمعها لتلك المعاني، ليس إلا صورته المحمدية، التي هي أحسن الصور
وأشرفها وأجمعها لمعاني الكمال وصفات الجلال. إذ لا يمكن مشاهدة الحق تعالى ورؤيته
على التمام، الا في الصورة الانسانية الكاملة، التي جميع كمالاتها حاصلة لها بالفعل
أو في غير الكامل، لكن لا على التمام.
وقوله صلى الله عليه وآله: " وضع يده " المراد باليد هنا، القدرة. وكنى بها عن
الآثار الحاصلة عن ذلك الكشف وكونها بين كتفيه. أو في ثدييه، لأنها محل القلب،
الذي هو محل آثار الكشف. وعبر عن البرد الحاصل عن ذلك الوضع بوجود اليقين التام
ووجه المناسبة بينه وبين البرد، سكون صاحبه عن الطلب، ولهذا جاء في الحديث
من وجد برد اليقين استغنى عما سواه. واضافته إلى الأنامل من باب رشح الاستعارة
لاشتمال اليد على الأنامل البتة، ولها مناسبة في المعنى، من حيث تعدد آثار القدرة
فجاز أن يسمى كل واحد من تلك الآثار أنملة، لان الآثار الحاصلة من الفيض المتوقف
على الكف المذكور كانت كمالات متعددة كلها يقينية (معه).
52

(77) وفي بعض كتب الأصحاب، عن بعض الصادقين انه عليه السلام إنما قال
" وضع يده بين ثديي، فوجدت برد أنامله بين كتفي " لأنه عليه السلام كان مقبلا عليه،
ولم يكن مدبرا عنه.
(78) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله تعالى خلق آدم على صورته " (1)

(1) اضطرب أهل الكلام في تأويل هذا الحديث فقال قوم: أراد خلق آدام على
صورته التي هو عليها.
وقال قوم: ان الله خلق آدم على صورته عنده.
وقال قوم: ان الحديث، لا تقبحوا الوجه، فان الله خلق آدم على صورة الوجه.
وزاد قوم في الحديث: انه مر برجل يضرب وجه آخر، فقال: لا تضربه على
وجهه فان الله خلق آدم على صورته، أي على صورة ذلك الوجه. وكل هذه تأويلات بعيدة.
وأبعد منها قول بعضهم: أراد أن الله خلق آدم في الجنة على صورته في الأرض.
وقول الاخر: ان الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع، والعين وإنما وقع
الألف بتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه، لأنها لم تأت فيه. ونحن نؤمن
بالجميع، من غير أن نقول فيه بحد أو كيفية، فان فيه اعترافا بالعجز، عن تأويل
الحديث.
واما الذي في القرآن من اليد والعين، فتأويلها في التفاسير مذكور: فالأحسن ان يقال: المراد بالصورة هنا، الصورة المعنوية، كما يقال: صورة المسألة
كذا، ويراد بها معناها، ويكون التقدير. ان الله خلق آدم على صورة معنوية تشبه به، و
تناسب المعاني الإلهية، أي المشابهة في الصفات والكمالات (والحالات خ) والأفعال
فان آدم مشتمل على صفات وكمالات مناسبة ومماثلة للصفات الإلهية من جهة ما.
وقال بعض أهل الإشارة: المراد بآدم في الحديث، إن كان الانسان الكبير، فهو
العالم بأسره، وإن كان العالم الصغير فهو ولده الشخصي، لقولهم: العالم انسان كبير
والانسان عالم صغير. ويكون المراد، انه ليس له تعالى غير هذين المظهرين العظيمين
فمعنى انه على صورته ان فيه تمام المظهرية التي يظهر فيه الصورة الإلهية المعنوية بجميع
صفاتها ولوازمها، لأنه ليس شئ أكمل من صورة الانسان في معرفة الله تعالى.
ولهذا قال عليه السلام: (من عرف نفسه فقد عرف ربه) ومراده خلقه على صورة
كمالاته الذاتية، الجامعة للكمالات الأسمائية والصفاتية (معه).
53

(79) وروي في حديث أبي رزين العقيلي (1) برواية حماد بن سلمة، انه
سأله صلى الله عليه وآله: أين كان ربنا قبل خلق السماوات والأرض؟ فقال: عليه السلام: " كان في عماء

(1) أبو رزين العقيلي: اسمه لقيط بن عامر، وهو ممن غلبت عليه كنيته. روى عنه،
وكيع بن عدس، ويقال: حدس بالحاء بدل العين والعدس، بمهملات وضم أوله وثانيه،
وقد يفتح ثانيه. كذا في الاستيعاب والإصابة، وتهذيب التهذيب.
54

ما فوقه هواء وما تحته هواء " (1) (2).

(1) قال بعض العلماء: ان حديث أبي رزين هذا مختلف فيه، وجاءت الرواة بألفاظ
تستشنع، والنقلة له أعراب، وحماد بن سلمة، إنما رواه عن وكيع بن عدس، وهو غير
معروف بين أهل الحديث وقد تكلم في تأويله بعض أهل اللغة، فقال: ان العماء، السحاب
إن كان الحرف ممدودا وإن كان مقصورا، فإنه أراد في عما عن معرفة الناس، كما تقول:
عميت عن الشئ، وعن الاخر، فلان أعمى عن كذا، إذا أشكل عليه فلم يعرفه، وكل ما خفى
عليك فهو عمى عليك.
ثم قال: وأما قوله: ما فوقه هواء وما تحته هواء، فقد رده قوم فيه، استيحاشا من أن
يكون فوقه هواء وتحته هواء وهو يكون بينهما. والظاهر أن بذلك لا تزول الوحشة
والذي سنح للفقير ان المراد من الحديث المعنى الثاني من العمى بالقصر، ضد
البصر، ويراد به عدم المعرفة قبل خلق الآثار الظاهر بها، وفيها الآيات الدالة على معرفته
تعالى ويؤيده الحديث القدسي: " كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف ".
وأما قوله: ما فوقه هواء وما تحته هواء فهذا هو المروى لنا، وهو إشارة إلى نفى كل
شئ في تلك المرتبة وعبر عنه بالفوق والتحت، تقريبا إلى الأذهان وخصهما دون باقي
الجهات، لان ما عداهما غير طبيعي، فإذا انتفيا، انتفى ما عداهما،. وفى ذلك إشارة إلى نفى
الجهة بالكلية وإنما خص الهواء بإضافة الجهة إليه، لأنه أول الأشياء وجودا، بالنسبة
إلى وجود الأجسام، لأن الماء حاملة الهواء، واليه الإشارة بقول أمير المؤمنين عليه السلام
في بدء الايجاد: " ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء وشق الارجاء وسكامك الهواء " ويريد
به الهواء الذي أجرى فيه الماء الذي كان منه بدو الايجاد، فنفى وجوده ثمة، ليدل على أنه
لم يكن معه في تلك المرتبة شئ. ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله: " كان الله ولا شئ
معه، وكذلك هو الآن ".
ولهذا قال أهل الإشارة: ان مرتبة الأحدية، هي مرتبة العمائية التي لا يلزمها شئ
من الصفات والأسماء والأفعال، فهي مرتبة العما، المشار إليه في الحديث، وتلك المرتبة
لا يمكن العلم بها، ولا وصول العقول إليها، لعدم الطريق الموصل، فلما تنزل من تلك
المرتبة إلى مرتبة الوحدانية، التي هي مرتبة الصفات والأسماء والأفعال، ظهرت المسميات
والأفعال وحصل بواسطتها التمييز والمعرفة (معه).
(2) ورواه أحمد بن حنبل في ج 4 من مسنده في حديث أبي رزين العقيلي، لقيط بن
عامر ص 12 وبقية الحديث (ثم خلق عرشه على الماء).
55

(80) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله: " لا تسبوا الدهر فان الله مع الدهر (1) (2).
(81) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله قال: " ان الله تعالى يقول: من تقرب
إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، ومن
أتاني مشيا أتيته هرولة " (3) (4).

(1) قال بعضهم ان العرب كانت تقول، أصابني الدهر بقوارعه، وخناني الدهر
بحوادثه، حتى كانوا يقولون، لعن الله الدهر، وسموه المنون، والمنية، كما قال شاعرهم:
أمن المنون وريبه تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع
فكأنه يقول: أمن ريب الدهر وصروفه تتوجع، ومن ذلك قوله تعالى: " نتربص
به ريب المنون " سورة الطور آية - 20، أي ريب الدهر فكانوا ينسبون هذه الأفعال
إلى الدهر، كما حكاه تعالى عنهم في الكتاب العزيز: " وما يهلكنا الا الدهر " سورة الجاثية
آية 24.
فمعنى لا تسبوا الدهر: لا تنسبوا هذه الأفعال والحوادث إليه لأنها واقعة فيه، لا
منه، لان الله تعالى هو الذي فعل ذلك بسبب الدهر، فإذا سببتم السبب وصل السب إلى
المسبب، لأنه فاعل السبب لان الدهر والمصائب التي فيه، كلها منه، قدرها فيه. فسب
الناس الدهر، لكون تلك المصائب فيه، ظنا منهم انها منه، وليس منه فقال عليه السلام
" لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر ": أي هو الفاعل فيه، والمجرى لهذه الأفعال فيه
فاجراه مجراه. مثل قول شخص: فعل الوزير كذا، فيقول الاخر: لا تسبوا الوزير، فان
الوزير هو السلطان، ويكون المعنى ان فعل الوزير إنما هو بأمر السلطان (معه).
(2) ما ذكره في تأويله، هو الذي قاله ابن الأثير وجماعة من أهل العربية (جه).
(3) هذا من باب التشبيه والتمثيل ومعناه: من أتاني بالطاعة مسرعا، أتيته بالثواب
والجزاء أسرع من اتيانه بالطاعة، وكنى عن ذلك بالمشي والهرولة تقريبا إلى الأذهان
كما يقال فلان مشى مسرعا إلى شئ، وليس المراد المشي إليه، بل المراد الاستعجال في
فعله وعدم التوقف والتأني، ومنه قوله تعالى: " والذين سعوا في آياتنا معاجزين " وليس
المراد مشوا إليه، وإنما أراد أسرعوا بنياتهم وأفعالهم (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 153 عن حديث أبي ذر الغفاري
56

(82) وروي عنه صلى الله عليه وآله: ان ابن مكتوم استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده امرأتان
من أزواجه، فأمرهما بالاحتجاب عنه، فقالتا: يا رسول الله انه أعمى، فقال:
أفعمياوان أنتما؟ (1) (2).
(83) وروى عنه صلى الله عليه وآله: انه قضى بان الخراج بالضمان. ومعناه ان العبد مثلا
يشتريه المشتري. فيغتله حينا، ثم يظهر على عيب به، فيرده بالعيب، انه لا يرد ما
صار إليه من غلته، وهو الخراج، لأنه كان ضامنا له، ولو مات، مات من
ماله (3).
(74) وروي في المصراة: انه من اشترى مصراة، فهو بالخيار ثلاثة أيام
ان شاء ردها، ورد معها صاعا من طعام (4).

(1) الوسائل، كتاب النكاح باب (129) من أبواب مقدماته وآدابه، حديث
1 - 4، وفيه استأذن ابن أم مكتوم على النبي صلى الله عليه وآله وعنده عايشة وحفصة
وفى الاخر انه استأذن وعنده أم سلمة وميمونة.
(2) وهذا يدل صريحا على تحريم نظر الرجل على المراة، كما يحرم نظر المرأة
على الرجل من غير فرق. وانها كما يجب عليها الاحتجاب على أن ينظرها المبصر يجب
عليها الاحتجاب عن أن تنظر الأعمى، وفيه اشكال من حيث اجماع العلماء على أنه لا
يحرم على النساء ان ينظرن إلى الرجال من وراء الستر، ولكن الوجه بالجمع أن يكون
هذا الحكم مختصا بنساءه لاية الحجاب (معه).
(3) قال في النهاية: (الخراج بالضمان) يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين
المبتاعة عبدا كان، أو أمة، أو ملكا. وذلك أن يشتريه، فيستغله زمانا، ثم يعثر منه على عيب
قديم، لم يطلعه البايع عليه، أو لم يعرفه. فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون
للمشترى ما استغله. لأن المبيع لو كان تلف في يده، لكان من ضمانه، ولم يكن له على
البايع شئ والباء في (بالضمان) متعلقة بمحذوف، تقديره الخراج مستحق بالضمان
أي بسببه
(4) صحيح مسلم كتاب البيوع، (7) باب حكم بيع المصراة حديث 23 - 28.
57

(85) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " الجار أحق بصقبه " (1) (2). (86) وروى قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " جار
الدار، أحق بدار الجار والأرض ".
(87) وروى الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمان، عن جابر قال: إنما
جعل رسول الله صلى الله عليه وآله: الشفعة في كل ما لم يقسم: فإذا وقعت الحدود وضربت
الطرق، فلا شفعة (3).
(88) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله قال: " إذا وقع الذباب في اناء أحدكم،
فامقلوه، فان في أحد جناحيه سما، وفى الأخرى شفاء، وانه يقدم السم ويؤخر
الشفاء " (4) (5).
(89) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ليردن علي الحوض أقوام، ثم ليختلجن

(1) سنن ابن ماجة كتاب الشفعة (3) باب إذا وقعت الحدود، فلا شفعة حديث
2498 ولفظ الحديث (عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
" الشريك أحق بسقبه ما كان ".
(2) قال في النهاية: (الجار أحق بصقبه) الصقب، القرب والملاصقة، ويروى
بالسين، والمراد به الشفعة.
(3) سنن ابن ماجة كتاب البيوع (3) باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة
حديث 2499.
(4) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الطب (31) باب يقع الذباب في الاناء
حديث 3504 - 3505.
(5) وهذا الحديث يدل على طهارة ميت ما لا يؤكل لحمه، لان المقل يفضي إلى
الموت غالبا، خصوصا في الطعام الحار، فلو نجس الذباب بالموت، لما صح الامر بالمقل
على الاطلاق، لما يلزم من نجاسة الطعام، والامر هنا للاستحباب، لتعليله بالارشاد إلى
مصلحة دنيوية (معه)
58

دوني، فأقول: رب أصيحابي، أصيحابي، فيقول: انك لا تدري ما أحدثوا بعدك
انهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول: بعدا وسحقا لمن
بدل بعدي " (1) (2).
(90) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " الحياء شعبة من الايمان ".
(91) وقال صلى الله عليه وآله " إذا لم تستحي فاصنع ما شئت " (3) (4).
(92) وروي عن شعبة، عن جابر بن يزيد بن أبي الأسود، عن أبيه، انه صلى
مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو غلام شاب، فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية
المسجد، فدعاهما، فجاءا ترعد فرائصهما، (5) فقال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟ "

(1) فان قيل: انه صلى الله عليه وآله كان عالما بما يقع منهم قبل وقوعه، فكيف
صح نفى علمه بما أحدثوه بعده؟ قلنا: إن العلم المنفى هو علم المشاهدة، فيكون المعنى
من قوله: " انك لا تدري ما أحدثوه " يعنى انك لم تشاهد ما أحدثوه، لوقوع ما أحدثوه منهم
بعد موته عليه السلام، وعلمه الأول كان متعلقا بأنه سيقع منهم، علما كليا غير متعلق بزمان
معين ولا ريب في مغايرة العلمين (معه).
(2) رواه مسلم في ج 4 من صحيحه (كتاب الفضائل) حديث 40.
ورواه أحمد في ج 1 من مسنده ص 453 وفى ج 5: 50 هذا ما وجدته مصغرا بلفظ
(أصيحابي) وأما ما جاء بلفظ أصحابي فهو أكثر من ذلك بمراتب.
(3) رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الزهد (17) باب الحياء حديث 4183.
(4) صيغة الامر هنا ليست على حقيقتها حتى يصلح لمعارضة ما قبله. بل هي صيغة
أمر بمعنى الخبر، ويكون تقديره: إذا لم تستحى فعلت ما شئت. ولا ريب ان الحياء، مانع
لأكثر الناس من فعل ما يهتك مروتهم، ويحط من أقدارهم بين أبناء الجنس، وأكثر
العقلاء يلاحظون ذلك، وإن لم يلاحظوا الأوامر الشرعية، فإذا اتفق من شخص عدم
المبالاة وترك الاستحياء، وخوف حط المرتبة، لم يبق له مانع من فعل ما يشتهيه وتطلبه
نفسه الامارة، فيقع منه كلما تشاء نفسه (معه).
(5) الفرائص: جمع فريصة: وهي لحم ما بين الجنب والخاصرة.
59

فقالا: قد صلينا في رحالنا فقال: " لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم
أدرك الامام ولم يصل فليصل معه، فإنها له نافلة " (1) (2).
(93) وروى معن بن عيسى، عن سعيد بن السائب، عن نوح بن صعصعة، عن
يزيد بن عامر، قال: جئت والنبي صلى الله عليه وآله في الصلاة فجلست ولم أدخل معهم
في الصلاة قال: فانصرف عليه السلام علينا بوجهه، فرأى يزيد جالسا، فقال: ألم
تسلم يا يزيد؟ " قال: بلى يا رسول الله قد أسلمت، فقال: " فما منعك أن تدخل مع
الناس في صلاتهم؟ " قال: قلت: اني كنت قد صليت في منزلي، وكنت أحسب
أنكم صليتم، فقال: " إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس، فصل معهم، وإن كنت
قد صليت، فلتكن لك نافلة، وهي لهم مكتوبة " (3) (4).
(94) وروى يزيد بن زريع، عن حسين بن ذكوان، عن عمر بن شعيب،
عن سليمان مولى ميمونة، قال: أتيت ابن عمر على البلاط، وهم يصلون قلت:
ألا تصلي معهم؟ قال: قد صليت، اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " لا تصلوا

(1) في هذا الحديث دلالة على استحباب إعادة الصلاة للمنفرد مع الجماعة، و
يكون من باب اقتداء المتنفل المفترض، فان الامر هنا للاستحباب، بدلالة قوله: (فإنها
له نافلة) (معه).
(2) رواه ابن أبي داود في ج 1 من سننه باب (من صلى في منزله ثم أدرك الجماعة
يصلى معهم) حديث 575.
(3) وهذا يدل على ما دل عليه الحديث السابق عليه من غير زيادة (معه).
(4) ورواه البيهقي في السنن الكبرى ج 2 / 302. ورواه ابن أبي داود في ج 1
من سننه حديث 577.
60

صلاة في يوم مرتين " (1) (2).
(95) وروي عن سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عايشة، ان النبي
صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو مجنب توضأ وضوء الصلاة (3).
(96) وروى شعبة عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود عن عايشة، ان
النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام توضأ، يعني
وهو جنب.

(1) وظاهر هذا الحديث يقتضى المعارضة للحديثين السابقين عليه، ويمكن حمله
على أن من صلى في جماعة فلا يصلى مع جماعة أخرى تلك الفريضة بعينها، ويكون
النهى للتنزيه، فينتفى التعارض.
ويحتمل وجها آخر: وهو أن يراد نفى تكرار الفريضة، بصفة الوجوب، ولا يلزم
نفى تكرارها مع اختلاف الصفة، فلا تعارض (معه).
(2) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 2 / 303. ورواه ابن أبي داود في ج 1
من سننه حديث 579. ورواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 41 عن مسند عبد الله
بن عمر.
(3) قوله: توضأ وضوء الصلاة. يحتمل أن يكون قوله: وضوء الصلاة على الحقيقة
ويكون التقدير انه يتوضأ الوضوء الذي يصح به الدخول في الصلاة، وهو الوضوء
الرافع أو المبيح. ويكون دالا على أن الرفع والاستباحة يحصلان بالوضوء مع الجنابة
ويكون دالا على وجوب الوضوء معها، متقدما عليها، ان حملنا فعله على الوجوب، والا
فعلى الندب، وأقل مراتبه الجواز.
ويحتمل أن يكون المراد: انه توضأ وضوءا مماثلا لوضوء الصلاة في الصورة
وإن لم يماثله في الرفع والاستباحة. ويكون التقييد بذلك لرفع ايهام الوضوء اللغوي
ويكون الوضوء حينئذ المجامع للجنابة، إنما هو مساويا للشرعي في الصورة، لأنه لم
يرفع حدثا، ولم يستبح به شئ غير النوم، والنوم حدث، فيكون هذا الوضوء محمولا
على الندب، لاستباحة النوم بعلة غير معقولة، ولا يكون دالا على وجوب الوضوء للجنابة
ولا استحبابة. وهذا الاحتمال هو مذهب الأصحاب، فحمل الحديث عليه أولى (معه).
61

(97) وروي عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن (أبي خ) الأسود، عن عايشة
ان النبي صلى الله عليه وآله كان ينام وهو جنب، من غير أن يمس ماءا (1).
(98) وروي سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، أن أعرابيا بال
في المسجد فقال: النبي صلى الله عليه وآله: " صبوا عليه سجالا من ماء "، أو قال: " ذنوبا
من ماء ".
(99) وروي عن حريز بن حازم قال: سمعت عبد الملك بن عمير، يحدث
عن عبد الله بن معقل بن مقرن أنه قال: في قصة الاعرابي، انه عليه السلام قال: " خذوا
ما بال عليه من التراب، فألقوه وأهريقوا على مكانه ماء " (2).
(100) وعنه صلى الله عليه وآله انه سئل عن الصوم في السفر، فقال: " إن شئت فصم،

(1) وهذا الحديث معارض للحديثين السابقين عليه، ويمكن التوفيق بأن يجعل
هذا الحديث دالا على أن ما فعله أولا كان مستحبا، لا واجبا، وتركه في الثاني، ليتبين
للناس أن ما فعله أولا لم يكن واجبا، فانتفى التعارض.
وهذا التوفيق لا يخلو من دخل لان لفظ (كان) في الحديثين السابقين يدل على
المداومة، لما تقرر في الأصول ان لفظ (كان) في حكاية الحال المفهوم منه ذلك عرفا، و
الترك ينافي المداومة، وحينئذ جاز أن يكون قوله: من غير أن يمس ماء مشتملا على
اضمار الغسل، يعنى انه ينام وهو جنب من غير أن يغتسل. ويكون دالا على أن غسل الجنابة
ليس واجبا على الفور، ان قلنا بوجوبه لنفسه، إذ لا يجب الا للصلاة، ان قلنا باشتراطه
بها (معه).
(2) العمل على هذا الحديث لموافقته للأصل. ولا يعارضه الأول، لان فيه زيادة
على الأول، فجاز اغفال الراوي الأول، لتلك الزيادة. لأنه لم يشاهدها، وإنما شاهد صب
الماء فروى ما شاهد، فإذا روى الثاني معه زيادة أخذ التراب، لم يكن معارضا لما رواه
الأول، هذا إذا كانت الرواية للفعل، فأما إذا كانت للقول، فجائز أن يكون الراوي لم يسمع
الامر بقلع التراب، وسمعه الثاني، فلا تعارضه الثاني (معه).
62

وإن شئت فأفطر " (1).
(101) وروى عبيد الله بن موسى، عن أسامة بن زيد، عن شهاب، عن أبي
سلمة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " صيام رمضان في السفر، كفطره
في الحضر " (2) (3).
(102) وروي في حديث عنه صلى الله عليه وآله: انه كان يقبل وهو صائم (4).
(103) وروى أبو نعيم، عن إسرائيل، عن زيد بن جبير، عن أبي يزيد الضبي
عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن رجل قبل امرأته، وهو
صائم؟ فقال: " قد أفطر " (5) (6).

(1) رواه مسلم في ج 2 من صحيحه (باب التخيير في الصوم والفطر في السفر) حديث 1121 ورواه ابن ماجة في سننه (10) باب ما جاء في الصوم في السفر
حديث 1662.
(2) ولا يعارض هذا الحديث ما تقدمه لان الحديث السابق مطلق، وهذا الثاني
مقيد برمضان، فيحمل المطلق على المقيد، بأن يحمل ذلك على النافلة، فلا تعارض
(معه).
(3) رواه النسائي في سننه ج 4 (ذكر قوله: " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ")
ورواه ابن ماجة في سننه كتاب الصيام (11) باب ما جاء في الافطار في السفر، حديث
1666 ولفظ ما رواه (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: " صائم رمضان في
السفر كالمفطر في الحضر ".
(4) رواه مسلم في ج 2 من صحيحه (باب ان القبلة في الصوم ليست محرمة على
من لم تحرك شهوته).
(5) يحتمل أن يكون أراد السائل من قوله: قبل وهو صائم، فأمنى، فأجابه بالافطار
وحينئذ لا كلام فيه، والراوي أغفل هذه الزيادة، والحديث لا يتم الا بها وفعل النبي صلى
الله عليه وآله للتقبيل يدل على جوازه، وانه ليس بمحرم إلا أن يخاف معه الامناء، بأن يكون
عادته ذلك أو فعله بقصد الامناء فاتفق ذلك (معه).
(6) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 6 / 463 (حديث ميمونة بنت سعد).
63

(104) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: " استوصوا بالمعزى خيرا، فإنه مال
رفيق وهو من الجنة ".
(105) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الميت ليعذب ببكاء
الحي " (1) (2) (3).
(106) وفي حديث أبي ذر قال لرسول الله صلى الله عليه وآله في مباضعة الرجل أهله
أنلذ، يا رسول الله ونؤجر؟ قال: " أرأيت لو وضعته في حرام، أكنت تأثم "؟
قال: نعم، قال: " فكذلك تؤجر في وضعك في الحلال " (4) (5).

(1) يحتمل أن يكون المراد، بتعذيبه انه يشعر ببكاء أهله عليه وتألمهم بفراقه
فيتألم هو لذلك، ويحزن لأجل حزنهم (معه).
(2) رواه مسلم في ج 2 من صحيحه (باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه)
حديث 927.
(3) قال السيد المرتضى طيب الله ثراه: فان قيل: فما معنى الخبر المروى عن
النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: " ان الميت ليعذب ببكاء الحي عليه " وفى رواية
أخرى: " ان الميت ليعذب في القبر بالنياحة عليه " وروى المغيرة بن شعبة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال
" من يناح عليه فإنه يعذب بما يناح عليه ".
الجواب قلنا: هذا الخبر منكر الظاهر، لأنه يقتضى إضافة الظلم إلى الله تعالى
وهو منزه من ذلك وقال: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " فلا بد اما من رده أو تأويله: وقد روى
ابن عباس عنه في هذا الخبر، أنه قال: وهم ابن عمر: إنما مر رسول الله صلى الله عليه وآله
على يهودي أهله يبكون عليه فقال: " انكم تبكون عليه وانه ليعذب " وقد روى انكار هذا
الخبر عن عايشة أيضا، وانها قالت: لما أخبرت بروايته، وهم أبو عبد الرحمن، كما وهم
يوم قليب بدر، وإنما قال صلى الله عليه وآله: " ان أهل البيت ليبكون عليه، وانه
ليعذب بجرمه " فهذا الخبر مردود مطعون عليه، كما ترى ويمكن في هذا الخبر إن كان
صحيحا وجوه من التأويل الخ (جه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 6 / 158 من حديث أبي ذر الغفاري.
(5) هذا يدل على أن الاجر فيه مشروط بنية العدول من الحرام إلى الحلال
ليتخلص به عنه. وهذا معنى قول العلماء: ان المباح قد يصير واجبا، وذلك إذا لم يكن
الخلاص من الوقوع في الحرام الا بفعله (معه).
64

(107) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لكل شئ قلب، وقلب القرآن سورة
يس، وسنام القرآن سورة البقرة. وتجئ البقرة وسورة آل عمران، كأنهما
غمامتان، أو غيايتان (1) أو فريقان من طير صواف (2) ويأتي القرآن إلى الحامل
له فيقول له، كيت وكيت " (3)
(108) وروى عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
" يمثل القرآن يوم القيامة برجل ويؤتى بالرجل، قد كان يضيع فرائضه، ويتعدى
حدوده، ويخالف طاعته، ويركب معصيته؟ قال: فيستنيل (4) له خصما فيقول: أي
رب، حملت إياي شر حامل، تعدى حدودي، وضيع فرائضي، وترك طاعتي
وركب معصيتي فما زال يقذف بالحجج، حتى يقال: فشأنك وإياه فيأخذ بيده،
ولا يفارقه حتى يكبه على منخره في النار. ويؤتى بالرجل، قد كان يحفظ حدوده
ويعمل بفرائضه، ويأخذ بطاعته، ويجتنب معاصيه، فيستنيل حباله، فيقول: أي
رب، حملت إياي خير حامل، اتقى حدودي، وأعمل بفرائضي، واتبع طاعتي
وترك معصيتي، فما زال يقذف له الحجج حتى يقال: فشأنك وإياه، فيأخذ بيده
فما يرسله حتى يكسوه حلة الإستبرق، ويعقد على رأسه تاج الملك، ويسقيه
بكأس الخلد.
(109) وروى سفيان الثوري، وحماد بن يزيد، عن عمر بن دينار، عن

(1) الغيابة: كل شئ أظل الانسان فوق رأسه، كالسحابة وغيرها، النهاية.
(2) وفيه (تجئ البقرة وآل عمران كأنهما فرقان من طير صواف) أي قطعتان،
النهاية.
(3) وتقديره: ان القرآن يشهد لحامله بفعله، ان خيرا فخير، وان شرا فشر، (معه)
(4) نال من عدوه ينال من باب تعب نيلا، بلغ منه مقصوده (المصباح المنير)
65

جابر، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر، وبين
المغرب والعشاء بالمدينة أمنا، لا يخاف، من غير علة (1) (2).
(110) وروى سفيان، عن عمر بن دينار، عن عوسجة، عن ابن عباس أن
رجلا توفى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يدع وارثا الا عبدا هو أعتقه،
فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله ميراثه (3) (4).
(111) وروى شعبة، عن عمر بن مرة، عن عبد الرحمان بن أبي يسع، عن
البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب، (5) (6).
(112) وروى الوليد بن مسلم، عن ثور، عن رجاء بن حبوه، عن الوارد

(1) وهذا الحديث نص ظاهر على جواز الجمع في الأربع الفرائض في
الوقتين اختيارا لان النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك اختيارا، فلولا جوازه لما فعله
(معه).
(2) رواه مسلم في صحيحة، كتاب صلاة المسافرين باب (6) الجمع بين الصلاتين
في الحضر حديث 49 - 58.
(3) وهذا الحديث ان صح، فهو تفضل من النبي صلى الله عليه وآله، لان ميراث
من لا وارث له، للامام ولا ولاء للمعتق عندنا، لان ولاء العتق لا يدور، (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل، في مسنده ج 1 / 221.
(5) رواه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (54) باب استحباب
القنوت في جميع الصلاة، إذا نزلت بالمسلمين نازلة حديث (305) ولفظ الحديث
(قال: حدثنا البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، كان يقنت في
الصبح والمغرب).
(6) وهذا يدل على جواز القنوت وانه سنة. لان (كان) تدل على المداومة عرفا
واختصاص الصبح والمغرب بالذكر، ليدل على شدة الاستحباب، وتأكده فيهما، كما
هو مذهب الأصحاب (معه).
66

عن المسورة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وآله مسح بناصيته (1) (2)
(113) وروى بعضهم بهذا الطريق أنه مسح على النعلين (3)
(114) وروي أن صعب بن جنامة قال: يا رسول الله ذراري المشركين
تطائهم خيلنا في ظلمة الليل عند الغارة، قال: هم من آبائهم.
(115) وروي انه صلى الله عليه وآله بعث سرية، فقتلوا النساء والصبيان، فأنكر ذلك
انكارا شديدا فقالوا: يا رسول الله انهم ذراري المشركين؟ فقال: أوليس
خياركم ذراري المشركين (4)
(116) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: الأكل في السوق دنائة (5)
(117) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله ان الله يحب معالي الأمور، ويكره
سفسافها (6)
(118) وروى زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، ومن كتب شيئا

(1) رواه النسائي في سننه ج 1 (باب المسح على العمامة مع الناصية)
(2) وهذا يدل على اختصاص المسح بمقدم الرأس، لان الناصية في مقدمته (معه)
(3) وهذا يدل على أن الواجب في الرجلين هو المسح، لا الغسل (معه).
(4) وجه الجمع بين هذا الحديث وما تقدم: ان الحديث السابق دل على جواز
قتلهم خطاءا، بغير قصد، بمعنى أنه لا حرج فيه ولا اثم ولا كفارة. ودل الأخير على عدم
جواز تعمد قتلهم. ومنه يعلم أنهم ملحقون بحكم آبائهم في الاحكام الدنيوية، الا في
القتل (معه).
(5) فيه دلالة على أنه يخل بالمروة التي هي جزء من العدالة. لان الدنائة موجب
للاستخفاف والاستحقار والخسة. وذلك عند ترك المروة. لان معناها التنزه عن كل ما
يوجب الخسة من المباحات، ولا بأس بالندرة والضرورة (معه).
(6) السفساف: الامر الحقير والردى من كل شئ، وهو ضد المعالي والمكارم
وأصله ما يطير من غبار الدقيق إذا نخل، والتراب إذا أثير. النهاية.
67

فليمحه (1).
(119) وروى جريح، عن عطاء عن عبد الله بن عمر قال: قلت يا رسول الله
أقيد العلم؟ قال: نعم، قيل: وما تقييده؟ قال: كتابته (2).
(120) وروى حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمر بن شعيب
عن أبيه، عن جده قال: قلت يا رسول الله أكتب كلما أسمع منك؟ قال: نعم قلت:
في الرضا والغضب؟ قال: نعم فاني لا أقول في ذلك كله الا الحق.
(121) وروى عمر بن تغلب، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من أشراط الساعة
أن يفيض الماء، ويظهر القلم، ويغشوا التجار.
(122) وروي عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السايب، عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحجر الأسود من الجنة، وكان أشد
بياضا من الثلج، حتى سودته خطايا أهل الشرك (3).
(123) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " يأتي الحجر الأسود يوم القيامة وله

(1) رواه أحمد بن حنبل في ج 3 من مسنده ص (12) عن مسند أبي سعيد الخدري.
(2) وجه الجمع: أن المراد بالحديث الأول: لا تكتبوا من الأحاديث، ما أسند
إلى، مما يخالف الكتاب، فان كتبتموه فامحوه، ويؤيده ما روى عنه صلى الله عليه وآله
أنه قال: إذا حدثتم بحديث فأعرضوه على كتاب الله، فان وافقه، والا فاضربوا به عرض
الحائط. وأما الحديث الثاني: فيدل على الامر بالكتابة لجميع أحاديثه المعلوم أنه
عليه السلام قاله: وجميع سننه مما لا يخالف القرآن، فان ما خالف القرآن فليس منه صلى
الله عليه وآله (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 1 من مسنده ص (307) وص (329) ورواه في
الوسائل، كتاب الحج، باب (13) من أبواب الطواف، قطعة من حديث (6) وتتمة
الحديث (ولولا ما مسه من أرجاس الجاهلية، ما مسه ذو عاهة الا برء).
68

لسانان وشفتان يشهد لمن استسلمه بحق " (1)
(124) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما انا من دد ولا الدد مني (2) ومع ذلك كان
يمزح ولا يقول الا حقا، فلا يكون ذلك المزاح من الدد، لان الحق ليس من
الدد ".
(125) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " تكلفوا من العمل ما تطيقون، فان الله
تعالى لا يمل حتى تملوا، وان أفضل الأعمال أدومها وان قل " (3)
(126) وفي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان الدين يسر
ولن يشاد الدين أحد الا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا " (4) (5).

(1) الوسائل كتاب الحج باب (13) من أبواب الطواف، قطعة من حديث
13، 15.
(2) الدد: اللهو واللعب، ولامه واو محذوفة، كلام الغد، ويقال فيه أيضا: الددا
باثبات واوه وقلبها ألفا، يقال (ما انا في دد ولا الدد منى) أي ما أنا في شئ من اللعب
واللهو، ولا ذلك منى، أي من اشغالي (المنجد).
(3) أي تقدرون على فعله بسهولة، من غير ما يوجب الكسل والملل، وقوله: (لا
يمل حتى تملوا) من باب المقابلة، وهي تسمية الشئ باسم مقابله، فهو من باب المجاز
مثل: " ومكروا ومكر الله "، (معه)
(4) أي كونوا في الاجتهاد في الاعمال، وأفعال الطاعات مقاربين للغاية، ولا
تكونوا فيها، فان بلوغ الغاية فيها شديد عليكم لا تقدرون عليه لأنه ما من غاية، الا وفوقها
غاية، وحق الله عظيم، لا يمكن لاحد أن يبلغ توفية حقه، ليكون من أهل الغاية فكونوا
من أهل المقاربة للغاية، والاخذ بالأيسر، فإنه تعالى يقبل منكم اليسير، ويعفو عن الكثير
(معه).
(5) ورواه البخاري في كتاب الايمان، باب (الدين يسر) وقال في ارشاد
الساري في شرح البخاري عن ذكر الخبر ما ملخصه (ولن يشاد هذا الدين أحد) بالشين
المعجمة، من المشادة وهي المغالبة أي لا يتعمق أحد في الدين ويترك الرفق (الا غلبة)
الدين وعجز وانقطع عن علمه، كله أو بعضه (فسددوا) من السداد وهو التوسط
في العمل. أي ألزموا السداد من غير افراط ولا تفريط (وقاربوا) أي إن لم تستطيعوا
الاخذ بالأكمل، فاعملوا بما يقرب منه (وأبشروا) أي أبشروا بالثواب على العمل
وللحديث تتمة فراجع.
69

(127) وروي أن رفقة كانوا في السفر، فلما قدموا قالوا: يا رسول الله ما رأينا
أفضل من فلان، كان يصوم النهار. فإذا نزلنا قام يصلي حتى نرحل. فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كان يمهد له، ويكفيه، ويعمل له؟ فقالوا نحن، قال: كلكم
أفضل منه " (1)
(128) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله يحب الحي، العيي (2) المتعفف
وان الله يبغض البليغ من الرجال " (3)
(129) وروي أن (ابن خ) العباس سأله فقال: يا رسول الله ما الجمال؟ (4)

(1) حاصله ان ذلك الرفيق كان يصوم تطوعا في السفر، ويصلى الليل فيه، وكان
أصحابه يكفونه مؤنة السفر، فقال صلى الله عليه وآله: (كلكم أفضل منه) وذلك أنه روى عنه صلى الله عليه وآله " من
أعان مؤمنا مسافرا فرج الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم
والهم، ونفس كربة العظيم، يوم يغص الناس بأنفاسهم " ولعل صيام ذلك الرجل و
صلاته، لم تبلغ هذا الثواب، ومن ثم كان علي بن الحسين عليهما السلام، لا يسافر الا مع
رفقة لا يعرفونه، ويشترط عليهم أن يكون من خدام الرفقة فيما يحتاجون إليه رعاية
لتحصيل تلك الفضيلة (جه)
(2) العيي: من ليس له قوة التكلم والمراد ههنا. الذي لا يتكلم فيما لا يعنيه،
أو فيما لا فائدة فيه، من الفوائد الراجعة إلى الأمور الأخروية وليس المراد به من في
لسانه آفة، والا لم يكن صفة كمال (معه)
(3) يريد هنا كثير الكلام في الأمور الفضلية، التي لا فائدة فيها، الا إظهار
البلاغة بقصد الرياء، وليخاف الناس من سطوة لسانه، وجرأته على الكلمات التي تستميل
بها قلوبهم. (معه)
(4) الجمال: حلية الانسان الكمالية في لسانه: أي في عباراته عن الأشياء التي
لابد منها التكلم فيها بالعبارات الفصيحة، ومن هذا عرف الجمع بين الحديثين (معه).
70

فقال: " في اللسان " (1)
(130) وقال عليه السلام: " ان من البيان لسحرا " (2) (3).
(131) وجاء في الحديث: " ان أكثر أهل الجنة البله " (4).
(132) وقال علي عليه السلام: " خير أهل الزمان كل نومة (5) أولئك أئمة الهدى
ومصابيح العلم، ليسوا بالعجل (6) المذاييع البدر "
(133) وروي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ان الله يحب الأخفياء الأبرياء (7)

(1) لعل المراد بجمال اللسان: حسن الخلق المطلوب منه. كونه هين الكلام
حلو اللسان، وفي الحديث: ان اللسان في كل يوم يسأل الجوارح إذا أصبح كيف
أنتم؟ فيقولون له: نحن بخير ان تركتنا. (جه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 16.
(3) المراد بالبيان الفصاحة والبلاغة، بحيث يعبر عن مراده، بالعبارات المستحسنة
فإنها تستميل القلوب، وهو معنى كون البيان سحرا، في استخدام صاحبه لقلوب السامعين
وميلهم إليه. (معه).
(4) المراد بالبله هنا: عدم الاشتغال بالأمور الدنيوية، لغفلتهم عنها، وعدم
التفاتهم إليها. أو بله عن معاصي الله، فلا يعرفونها البتة، أو بله عما سوى الله فلا يلتفتون
إلى غيره. (معه).
(5) المراد بالنومة: أهل الغفلة عما سوى الله تعالى لاشتغالهم به عما سواه.
ويحتمل أن يكون الذي له خمول الذكر بين أهل الدنيا، فلا يعرفونه، لقلة مخالطته
لهم. (معه).
(6) العجل، جمع العجول: وهو قليل التحمل والصبر في تحصيل المطالب
والمذاييع جمع المذياع: وهو كثير الإذاعة، بمعنى انه لا يكتم شيئا سمعه. والبدر،
جمع البدار: وهو سريع المبادرة في الجوابات الدنيوية و المجادلات المقصود بها
الغلبة واظهار الفضيلة. أو سريع المبادرة إلى الأحوال الشريرة إلى بنى النوع (معه)
(7) جمع برئ: أي برى من المعاصي، أو من معاشرة أهل الدنيا. (معه).
71

الذين إذا غابوا لم يفقدوا، وإذا حضروا لم يعرفوا ".
(134) وقال علي عليه السلام " الا ان عباد الله كمن رأى أهل الجنة في الجنة
مخلدين، وأهل النار في النار معذبين، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة،
وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، صبروا أياما قليلة قصيرة، لعقبي راحة طويلة
أما الليل فصافون أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى ربهم
ربنا ربنا، وأما النهار فحلماء علماء، بررة، أتقياء، كأنهم القداح (1) ينظر
إليهم الناظر، فيقول: مرضى، وما بالقوم (من خ) مرض، أو خولطوا، ولقد
خالط القوم أمر عظيم "
(135) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان أبغضكم إلي، الثرثارون (2) المتفيقهون (3)
المتشدقون، وان أبغض الناس إلى الله، من اتقاه الناس للسانه " (4).
(136) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال " لارضاع بعد فطام " (5) (6)

(1) هو السهام المبرية التي لا نصل فيها ولا ريش (معه)
(2) الثرثارون، جمع الثرثار مشتق من الثرثرة، وهي الانتثار، وهي هنا كثرة
الكلام من غير حاجة، بل لنيل الحظوظ الدنيوية. (معه)
(3) المتفيقهون، الذين يظهرون للناس أنهم ذو فهم وذكاء ليقربونهم ويعظمونهم
و المتشدقون، من تشدق بالكلام، إذا ملاء به شدقيه، وهو رفع الصوت بالكلام، وقلة
الاستحياء، في أنه لا يبالي بكل ما قال، حتى يخاف الناس من لسانه (معه)
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 369 ولفظ ما رواه (عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: الا أنبئكم بشراركم، فقال: هم
الثرثارون المتشدقون الا أنبئكم بخياركم. أحاسنكم أخلاقا)
(5) الوسائل، كتاب النكاح باب 5 (من أبواب ما يحرم بالرضاع) قطعة من
حديث 1
(6) يعنى لارضاع بعد بلوغ وقت الفطام، وهو ما زاد على الحولين. وشهرين
وذلك يدل على تحريم الرضاع بعد انقضاء مدته. ويحتمل أن يكون (لا) هنا بمعنى النهى
ويكون معناه: لا ترضعوا أولادكم بعد فطامهم، ويكون دالا على تحريم الرضاع بعد الحولين
ويحتمل أن (لا) للنفي، وحينئذ يكون المنفى، هو الرضاع، وهو غير جائز. فلا بد من
حمله على نفى الحكم، فيصير المعنى، لارضاع جائز بعد الفطام، أو لارضاع مؤثر في
التحريم بعد الفطام. لان نفي الحقيقة أقرب المجازات إليها نفى آثارها، بمعنى ان
الرضاع الواقع بعد الفطام لا يترتب عليه حكم من أحكامه. (معه)
72

(137) وقال أيضا: " انظرن في أخواتكن، فإنما الرضاعة من المجاعة
يريد ما رضعه الصبي فعصمه من الجوع (1).
(138) ورووا عن ابن عيينة، عن عبد الرحمان بن القاسم، عن أبيه، عن
عايشة قالت: جاءت سهلة بنت سهيل بن عمر، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: انى
أرى (2) في وجه أبي حذيفة (3) من دخول سالم (4) علي فقال: ارضعيه قالت: أرضعه وهو رجل؟ فضحك، ثم قال: ألست أعلم أنه رجل كبير (5) (6) (7).

(1) ظاهر هذا الحديث يدل على أن شرط تأثير الرضاع في الأحكام المترتبة
عليه تأثيره في المرتضع لأنه شرط فيه الجوع الذي يكون الرضاع عاصما منه، وأتى
بلفظ (إنما) الموجبة للحصر، بمعنى أن الرضاع لا يكون رضاعا يترتب عليه أثره، الا
بذلك الشرط، وفيه إشارة إلى ما قاله الفقهاء: ان الرضاع المحرم، هو ما انبت اللحم
وشد العظم، لان العاصم من الجوع يؤثر ذلك (معه)
(2) أي أرى عبوسا.
(3) وهو زوج سهلة
(4) وهو كان عبدا لأبي سهلة وأعتقه.
(5) رواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الرضاع (باب رضاعة الكبير) حديث 26.
(6) هذا الحديث ليس مرويا عندنا. وحملوه على أن المقصود منه زوال نفرة
النفس من أبى حذيفة، لا انه سبب في حل النظر، بل كان الحل حاصلا قبله، وإنما
أراد رفع ما كان في وجه أبى حذيفة من التقبض. معه)
(7) روى عن عايشة انها قالت: الرضاع يحرم أبدا، فلو ارتضع الكبير الفاني
نشر الحرمة، لرواية سهلة بنت سهيل وأبت ذلك أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله ان
يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس حتى يرضع في المهد، وقلن لعايشة والله
ما ندري لعلها رخصة من النبي لسالم دون الناس، انتهى ملخصا. (جه)
73

(139) وروى شعبة. عن محمد بن حجادة (حجارة خ) عن أبي حازم، عن
أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن كسب الإماء (1)
(140) وروى هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال:
ثمن الكلب (2) وأجر الزمارة من السحت.
(141) وروي عن الحجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة
عن حجاج بن عمر الأنصاري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من كسر (3)
أو عرج، فقد أحل، وعليه حجة أخرى
(142) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لرجل: " كل بيمينك، فان الشيطان يأكل
بشماله "

(1) المراد به نهى التنزيه، لأنها إذا لم تكن ذات حرفة، ولم تجد الشئ
زنت، فلا كراهية حينئذ في ذات الحرفة. هذا إذا كانت لام الإماء لام الجنس. فأما إذا
كانت اللام للعهد حمل النهى على حقيقته. ويكون المراد بالإماء. الإماء المشهورات بالزنا
اللواتي هن ذوات الاعلام، فان كسبهن حرام، لان الغالب انه، من الزنا، فيكثر الحرام
في أيديهن. ويندر الحلال. (معه)
(2) أي كلب الهراش (معه) (3) يعنى: إذا كسر المحرم في الحج، وهذا الحديث مخالف لما عليه الأصحاب
من أن هذا يصير ممنوعا. وحكمه انه لا يحل حتى يبعث هديه، ويواعد أصحابه يذبحون
له، فيحل عند المواعدة. فلعل هذا الحديث محمول على هذا المعنى، فيصير المعنى،
فقد حل إذا بعث هديه. وقوله: (وعليه حجة أخرى) مخصوص بما إذا كانت الحجة
الأولى واجبة وإلا فلا (معه).
(4) وليس المراد هنا بالشيطان الشيطان المشهور، بل يراد به الانسان الذي هو
بصفات الشيطان (معه).
74

(143) وكذلك روي في الاقتعاط (1) وهو أن يلبس العمامة ولا يتلحى
بها، فإنها عمة الشيطان.
(144) وروي: ان الاستحاضة، ركضة الشيطان والركضة: الدفعة.
(145) وروى زياد بن يحيى: قال: حدثني بشر بن المفضل، حدثنا يونس
عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الحمرة من زينة الشيطان، والشيطان
يحب الحمرة، ولهذا كره رسول الله صلى الله عليه وآله، المعصفر للرجال.
(146) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: " لن يتوكل من اكتوى أو استرقى " (3).
(147) وروي انه صلى الله عليه وآله، كوى سعد بن زرارة، وقال: " إن كان في شئ مما
يتداوون به خيرا، ففي بزغة (4) حجام، أو لدغة بنار " (5).
(148) وقال صلى الله عليه وآله: " لكل داء دواء ".
(149) وقال صلى الله عليه وآله آ: " اعقل وتوكل ".
(150) وقال صلى الله عليه وآله: " ما أبالي ما أتيت ان أنا شربت ترياقا، أو تعلقت تميمة

(1) قعط في الحديث: نهى عن الاقتعاط، هو شد العمامة على الرأس من غير
إدارة تحت الحنك يقال: تعمم ولم يقتعط، وهي العمة الطابقية. مجمع البحرين.
(2) أي عمامة الشيطان (معه).
(3) رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الطب (23) باب الكي حديث 3489
ولفظ ما رواه: (عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: (من اكتوى أو استرقى
فقد برئ من التوكل)
(4) بزغ الحاجم: شق. وشرط دمه: أساله (المنجد).
(5) وجه الجمع بين هذه الأحاديث، ان يحمل الأول على أن من اعتقد ان الشفاء
من الكي، أو الرقية وتحمل الأحاديث الأخرى على من اعتقد أن الشفاء من الله، وان
هذه أسباب لفيض الله تعالى، يقع الفعل منه تعالى عندها، ولهذا قال: (لكل داء دواء)
بمعنى ان الله تعالى جعل فيض الشفاء مشروطا بتناول بعض الأدوية، وكذا قوله: (اعقل
وتوكل) فإنه داخل فيما قلناه، من فيض جوده عقيب الأسباب (معه).
75

أو قلت الشعر من نفسي " (1).
(151) وروي عن ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، قال: نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله: أن يشرب قائما، قلت: فالاكل! قال: الأكل أشد.
(152) وروى عبد الرازق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر،
ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يشرب وهو قائم (2).
(153) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " الماء لا ينجسه شئ ".
(154) وفي حديث آخر: " خلق الماء طهورا لا ينجسه شئ الا ما غير
لونه أو طعمه أو ريحه ".
(155) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا بلغ الماء قدر قلتين لم يحمل
الخبث " (3) (4).
(156) وفي حديث آخر " إذا بلغ الماء كرا، لم يحمل خبثا " (5).

(1) والمراد هنا المبالغة في النهى عن فعل هذه الأشياء، لأنها غير لائقة به.
فأما تعليق التميمة، وهي التعويذ، فغير محرم، إلا أن يكون من الاعمال السحرية، وأما
تحريم قوله الشعر، فذلك من خصايصه عليه السلام، (معه).
(2) وجه الجمع بين هذين الحديثين، أن يحمل الأول على اتخاذ ذلك عادة
فإنه منهى عنه، نهى تنزيه، فهو على الكراهة. ويحمل الثاني على أن ذلك وقع على
سبيل الندرة، أو الضرورة، كما في حال السفر، فيرتفع حينئذ الكراهة. وبه علم أن
النهى في الأول لم يكن للتحريم، لأنه لو كان كذلك لما صح وقوعه قطعا (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده: 12 عن مسند عبد الله بن عمر.
(4) الوسائل، كتاب الطهارة باب (10) من أبواب الماء المطلق حديث 8 و
لفظ الحديث: (عن أبي عبد الله عليه السلام، إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ
والقلتان جرتان).
(5) ولا يعارض حديث الكر والقلتين ما تقدمهما، الا بتقدير مفهوم المخالفة، فإنه
دال على أنه إذا لم يكن كذلك، حمل الخبث. لكن الأشهر أن مفهوم المخالفة ليس
بحجة، الا ان الاتفاق واقع على العمل به هنا، وحينئذ يتحقق التعارض، فيحمل الماء
في الحديث الأول، على أن اللام فيه للعهد، ولوروده على ماء خاص، وهو بئر بضاعة
ويحمل الماء في الحديث الثاني، على لام الاستغراق، وهو لام الجنس، ويبقى معمولا
بعمومه في مفهوم المخالف (معه).
76

(157) وروي ان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قدموا مكة، وقد لبوا بالحج
فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله، أن يطوفوا ويسعوا، ثم يحلوا، ويجعلوها عمرة،
فحل القوم فتمتعوا (1).
(158) وقال النبي صلى الله عليه وآله " لولا أن معي الهدي، لتحللت "
(159) وروي عنه صلى الله عليه وآله: أنه قال " كادت العين تسبق القدر (2) ودخل
عليه بابني جعفر بن أبي طالب، وهما ضارعان فقال: " مالي أراهما ضارعين "
قالوا: تسرع إليهما العين فقال: " استرقوا لهما " (3) (4).
(160) وروي عن ابن عباس انه صلى الله عليه وآله قال: " في الكلاب، وهي ضعفة
الجن، فإذا غشيتكم عند طعامكم فألقوا لها، فان لها نفسا، يريد أن لها عيونا

(1) وهذا الحديث لا يعارضه الا ما رووه من منع المتعة عن عمر. وأما أصحابنا
فمتفقون على بقاء حكمه (معه)
(2) هو ما علم الله وقوعه مفصلا، والقضاء ما علم مجملا (معه).
(3) ويدل هذان الحديثان على أن العين حق، وانها تؤثر، باعتبار ان النفس
الشريرة القوية، باعتبار أصل خلقتها تقوى على التأثير في غيرها، فينفعل عنها ما هو
أضعف منها من النفوس الساذجة. ولهذا أن العين لا تؤثر في كل أحد، وان هذا التأثير
يندفع بالرقية بأسماء الله الحسنى، وآيات الكتاب العزيز، لما عرفت من توقف الفيض
على الأسباب (معه).
(4) رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الطب (33) باب من استرقى من العين
حديث 3510.
77

تضر بنظرها إلى من يطعم بحضرتها " (1).
(161) وروى حماد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، ان النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسية (2) (3).
(162) وروى محمد بن إسحاق، عن بريد بن أبي حبيب، عن مسلم بن جبير
عن أبي سفيان، عن عمرو بن حريش، عن عبد الله بن عمر، ان رسول الله صلى الله عليه وآله
أمر أن يجهز جيشا، فنفدت إبل الصدقة، فأمره أن يأخذ البعير بالبعيرين من
إبل الصدقة.
(163) وروي عن حريز، عن الشيباني، عن عبد الرحمان بن الأسود، عن
عايشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرنا في فوج حيضتنا، أن نتزر، ثم
يباشرنا (4).
(164) وروى عبد العزيز بن محمد، عن أبي اليمان، عن أم ذرة، عن عايشة
قالت: كنت إذا حضت نزلت عن المثال (5) على الحصير، فلم يقرب مني

(1) الامر هنا ليس للوجوب، لان الامر هنا لمصلحة دنيوية، وهو دفع ضرر عيونها
فيكون للارشاد لمصلحة دنيوية، فهو للندب (معه).
(2) هذا الحديث يعارضه ما بعده، والعمل على الحديث الثاني. لما ثبت في الأخبار الصحيحة
الآتية، ان الربا مختص بالمكيل والموزون. وان النسية إنما تحرم في الربوي
لا مطلقا، فيحمل النهى في الحديث الأول على الكراهة، والثاني على الجواز، فلا
تعارض (معه).
(3) رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب التجارات، (56) باب الحيوان بالحيوان
نسيه، حديث 2270.
(4) رواه ابن أبي داود في سننه ج 1، كتاب الطهارة (باب الرجل يصيب منها
ما دون الجماع) حديث 273.
(5) المثال: الفراش الذي ينام عليه (المنجد).
78

رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يدن مني، حتى أطهر (1) (2).
(165) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال " الرؤيا على رجل طائر، ما لم تعبر، فإذا
عبرت وقعت " (3).
(166) وعنه صلى الله عليه وآله: " الرؤيا ثلاثة: رؤيا بشرى من الله، ورؤيا تحزين
من الشيطان، ورؤيا يحدث بها الانسان نفسه، فيراها في النوم. (4) (5).
فليتفطن الناظر هذه الأحاديث التي أوردتها في هذا الفصل، وليعرف
ما اشتملت عليه من المعارضات، بعضا منها مع بعض، وبعضها مع القضايا
العقلية، فليجل فكره في كيفية التطبيق ليمكنه العمل بالدليلين.

(1) وجه الجمع، حمل الأول على الإباحة، والثاني على الكراهية، فلا تعارض (معه).
(2) رواه ابن أبي داود في سننه ج 1، كتاب الطهارة (باب في الرجل يصيب
منها ما دون الجماع) حديث 271.
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 4 من مسنده في حديث أبي رزين العقيلي ص 10.
(4) وجه الجمع بين هذا الحديث وبين ما تقدمه، انه عبر مطلق الرؤيا بكونها
كالطائر الذي لاقرار له ولاثبات، حتى يحصل تعبيرها، فإذا حصل صارت كالطائر الذي
أصيب بالضربة، أو الرمية، فوقف بعد طيرانها. وأما الرؤيا الحقيقية، التي عبر عنها
بأنها بشرى من الله تعالى، فهي ما يشاهده النفس المطمئنة من الروحانيات، والعالم
العلوي، وتلك الرؤيا واقعة، عبرت أم لم تعبر. لان ما في ذلك العالم كله حقيقي لا يتغير
وأما الرؤيا التي هي تحزين الشيطان، فهي ما يشاهده النفس عند استيلاء القوة الشهوية
أو الغضبية عليها، فان ذلك مما يحصل به الأمور الشريرة، باعتبار الشخص في الأمور
الواقعة في العالم الجسماني، باعتبار حصوله من هذه النفس الشيطانية. وكذا ما يراه
الانسان من الأمور المرتسمة في نفسه من القوة المتخيلة، والمتوهمة، لأنها صور لا حقايق
لها، وهاتان المرتبتان يقعان مع التعبير بحسب ما يعبران به (معه).
(5) رواه مسلم في كتاب الرؤيا من صحيحه ج 4 حديث 2263.
79

فإنه متى أمكن التطبيق والتوفيق، كان أقدم من ترك إحداهما، وإنما يتمكن
من التوفيق ويحصل التطبيق، من أيد بجودة النظر، وضرب في علم الحديث
بسهم واف، ويد طولى، ولهذا قدمت هذا الفصل وجعلته من أوائل فصول
الكتاب، والله الموفق للصواب.
80

الفصل الخامس
في ذكر أحاديث رويتها بهذا المنوال، تتعلق بمعالم الدين، وجملة من
الآداب، رويت بالطرق المذكورة:
(1) في حديث معمر، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ".
(2) وفي حديث أبي أمامة الباهلي، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " عليكم بالعلم
قبل أن يقبض، وقبل أن يجمع، وجمع بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الابهام
ثم قال: " العالم والمتعلم شريكان في الاجر ولا خير في سائر الناس بعد " (1) (2)
(3) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل
امرء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله،
ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر

(1) أي يقبض العلم، وقبض العلم: ذهاب أهله (البيهقي).
(2) نقل الجزء الآخر من الحديث (العالم والمتعلم الخ) في ج 2 من البحار
الطبعة الحديثة (حديث 90).
81

إليه (1).
(4) وفي حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " بني الاسلام على
خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وأقام الصلاة، وايتاء
الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت " (2) (3).
(5) وفي حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان خلق
أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة، ثم يكون نطفة مثل ذلك، ثم يكون
مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات، فيكتب، عمله، وأجله
ورزقه وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فان أحدكم ليعمل بعمل أهل
الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل
أهل النار، وان أحدكم يعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها الا
ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " (4).

(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 7: 341 (باب من قال: أنت طالق فنوى
اثنتين أو ثلاثا فهو ما نوى) ورواه البخاري في صحيحه ج 1 (كيف كان بدء الوحي).
(2) رواه البخاري في صحيحه ج 1 كتاب الايمان (باب الايمان وقول النبي
صلى الله عليه (وآله) وسلم بنى الاسلام على خمس)
(3) ويحمل هذا على الاسلام الكامل، والا فالأربعة الأخيرة ليست من أصول
الاسلام المطلق، وإنما هي من فروعه، نعم هي من أصول الاسلام الكامل (معه)
(4) هذا الحديث موافق للمذهبين معا. اما لمذهب الأشعري، فظاهر من حيث
سبق الكتاب الذي هو العلم، على العمل، كما نطق به الحديث، وعلم الله هو المؤثر
في الاعمال عندهم. فالسعيد من سعد في علم الله، والشقي من شقى في علم الله.
واما لمذهب المعتزلة. فأما على رأى الاحباط والتكفير، فظاهر أيضا، لجواز
تأخر الاعمال المحبطة للطاعات، أو تأخر الاعمال المكفرة للمعاصي، فسعادته وشقاوته
باعتبار المتأخر من عملي الطاعة والمعصية. وسبق الكتاب يكون بمعنى الاحباط في
علم الله، أو التكفير كذلك.
واما على قول أهل الموافاة، فلان تأثير الطاعة في الثواب مشروط بالموافاة
بها وكذلك تأثير المعصية في العقاب، فأيهما تأخر منها كان الاعتبار له. لان عند حصول
الشرط يحصل المشروط، ويكون سبق الكتاب بمعنى حصول الموافاة بأي العلمين. و
الله اعلم بالصواب (معه).
82

(6) وحدث عبد السلام بن صالح الخراساني (1) عن الرضا عليه السلام، عن
أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن
أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الايمان قول
باللسان، وعمل بالأركان، ويقين بالقلب " (2).
(7) وروى عبد الله بن عمرو بن العاص، ان النبي صلى الله عليه وآله قال: ليأتين
على أمتي ما أتى على بني إسرائيل وان بني إسرائيل تفرقت على اثنين و
سبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار الا
فرقة واحدة " (3)
(8) وروى أبي بن كعب، ان رسول الله صلى الله عليه وآله دعى بوضوء (4) فتوضأ
مرة، مرة، وقال: " هذا وظيفة الوضوء الذي لا يقبل الله الصلاة الا به ". ثم
توضأ، مرتين، مرتين، وقال: " هذا وضوء من توضأ به، أعطاه الله به كفلين
من الاجر " ثم توضأ ثلاثا، ثلاثا وقال: " هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي " (5).

(1) وهو أبو الصلت المشهور.
(2) وهذا الحديث ان صح، فمحمول على الايمان الكامل، جمعا بينه وبين
الأدلة الدالة على أن الاعمال ليست جزءا من الايمان المطلق. (معه)
(3) رواه في كنز العمال، ج 11 (في الفتن والهرج) حديث 30837.
(4) الوضوء بفتح الواو، الماء الذي يتوضأ به (معه)
(5) هذا الحديث، ذكره العلامة في تذكرته، وحمل الوضوء الثالث على أنه
من خصايصه صلى الله عليه وآله، وسيأتي ذكره. (معه)
83

(9) وفي حديث أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " خمس من
جاء بهن مع ايمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس، على وضوئهن
وركوعهن، وسجودهن، ومواقيتهن، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه، وصام
شهر رمضان، وحج البيت ان استطاع إليه سبيلا، وأدى الأمانة، قيل: وما
الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة، فان الله لم يأمر ابن آدم على شئ من دينه
غيرها " (1).
(10) وفي حديث أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من رمى
بسهم في سبيل الله فبلغ أخطاء أو أصاب كان سهمه ذلك، كعدل رقبة من ولد
إسماعيل. ومن خرجت به شيبة في سبيل الله، كان له نورا يوم القيامة، ومن
أعتق مسلما، كانت فكاكه من النار، ومن قام إلى الوضوء يراه حقا عليه (2)
فمضمض فاه، غفرت له ذنوبه، من أول قطرة من طهوره، فإذا غسل وجهه فمثل
ذلك، وإذا غسل يديه فمثل ذلك، فان جلس، جلس سالما وان صلى تقبل
الله منه ".
(11) وعن أبي أيوب الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " أيما رجل
له مال، لم يعط حق الله منه، الا جعله الله على صاحبه يوم القيامة شجاعا (3) له

(1) رواه ابن أبي داود في سننه ج 1، باب (في المحافظة على وقت الصلوات)
حديث 429.
(2) أي يعتقده واجبا، ويفعله لذلك (معه)
(3) في الحديث: سلط الله عليه شجاعا أقرع، الشجاع بالكسر والضم: الحية
العظيمة التي تواثب الفارس والرجل، ويقوم على ذنبه، وربما قلعت رأس الفارس
تكون في الصحارى (مجمع البحرين).
84

زبيبتان (1) ينهشه حتى يقضي بين الناس فيقول: مالي ومالك؟ فيقول: أنا
كنزك الذي جمعت له اليوم قال: فيضع يده في فيه، فيقضمها " (2).
(12) وروى أبو ذر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو جالس في ظل الكعبة،
فلما رآني مقبلا قال: هم الأخسرون ورب الكعبة " فقلت مالي! لعلي انزل في
شئ من هم؟ فداك أبي وأمي يا رسول الله فقال: " الأكثرون أموالا، الا من؟
قال: هكذا، فحثى بين يديه، وعن يمينه وعن شماله، قال: ثم قال: " والذي
نفسي بيده لا يموت أحد منكم فيدع إبلا، وبقرا وغنما، لم يؤد زكاتها، الا
جاءته يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه، تنطحه بقرونها، وتطاءه بأخفافها كلما
نفد عليه آخرها، أعيدت أولها، حتى يقضي بين الناس " (3).
(13) وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليس فيما
دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمس زود صدقة، وليس فيما دون
خمس أوسق صدقة (4).
(14) وروى الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، ان رسول الله صلى الله عليه وآله كتب
كتاب الصدقة إلى عماله، فعمل به الخلفاء بعده، فكان فيه: في خمس من الإبل
شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه
وفي خمس وعشرين خمس شياه، وفي ست وعشرين بنت مخاض إلى خمس

(1) الزبيبة: نكتة سوداء فوق عين الحية، وقيل: هما نقطتان تكتنفان فاها، وقيل:
هما زبدتان في شدقيها (النهاية).
(2) القضم: الأكل بأطراف الأسنان إذا أكل يابسا (مجمع البحرين).
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 170 عن حديث أبي ذر الغفاري.
(4) سنن ابن ماجة ج 1 كتاب الزكاة (6) باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال
حديث 1794. والراوي جابر بن عبد الله.
85

وثلاثين، وإذا زادت ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت ففيها
حقه إلى ستين، فإذا زادت فجذعة إلى خمسة وسبعين، فإذا زادت ففيها بنتا
لبون إلى تسعين، فإذا زادت ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على
عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة، وفى كل أربعين بنت لبون. وفي الشاة، في
كل أربعين شاة، شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت فشاتان إلى مائتين، فإذا
زادت فثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا زادت على ثلاثمائة، ففي كل مائة شاة،
شاة وليس فيها شئ حتى تبلغ المائة. ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين
مجتمع، مخافة الصدقة. وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية،
ولا تؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عيب، ولم يذكر البقر " (1).
(15) وروى سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة،
عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من صام رمضان ايمانا واحتسابا (2) غفر الله له ما تقدم من
ذنبه.
(16) وروى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إنما الشهر تسع وعشرون
فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فان غم عليكم فاقدروا له " (3) (4).
(17) وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من
أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض

(1) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده: 15 مع اختلاف يسير في ألفاظه.
(2) أي اعتقد وجوبه، أي تقربا إليه تعالى. (معه)
(3) في العمل في هذا الحديث توقف، وسيأتي من الأحاديث غيره ما يكون
العمل عليه (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده: 5 و 13 عن مسند عبد الله بن عمر.
86

الحاجة " (1) (2)
(18) وفي حديث أبي أمامه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من لم يمنعه من
الحج حاجة ظاهرة، ولا مرض حابس، ولا سلطان جائر، فمات ولم يحج
فليمت ان شاء يهوديا، وان شاء نصرانيا " (3).
(19) وروى سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: " رباط يوم في سبيل الله خير من قيام شهر وصيامه، ومن مات مرابطا في
سبيل الله كان له أجر مجاهد إلى يوم القيامة " (4).

(1) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب المناسك (1) باب الخروج إلى الحج
حديث 2883.
(2) الظاهر أن في هذا الحديث دلالة على فورية الحج، فإنه عبر عن وجوب
الحج، بإرادته. لان من وجب عليه الحج، فهو مريد له، وعقبه بالأمر بالتعجيل بالفاء
الموجبة له، بلا مهلة، وعلل ذلك بأنه قد يمنع من التعجيل مانع فوت الفرض، فتبقى الذمة
مشغولة به، فلا بد من التعجيل المقتضى للفورية بعد تحقق الوجوب (معه).
(3) في التخيير في جنس الموتة، على أي الطائفتين. تنبيه على مساواته لهما في
عدم حصوله من كل واحدة منهما، لأنهما لا يعتقدان الحج، فالذي يجب عليه الحج من
أهل الاسلام، ثم تركه بغير عذر مانع، يكون مساويا لهما، وإنما خصهم بالذكر
باعتبار انهما أهل ملة، مع أنهم لا يعتقدون الحج، فيساويهما التارك له من المسلمين (معه)
(4) الرباط: هو ربط الركل فرسه، أو نفسه أو غلامه، في ثغر من الثغور لحفظ
المسلمين، من هجوم الكفار عليهم على غفلة، فهو يتضمن حفظا واعلاما، لا قتالا. وإن شئت
فقل: ان الرباط هو حبس الرجل نفسه على تحصيل معالم الدين، وتشييد مبانيه حفظا
له عن الضياع، ومنعا له عمن يقصد تغييره وتبديله، فإنه يكون داخلا في جملة المرابطين
وتدخل تحت عموم الخبر، بل هو أبلغ في اسم المرابطة من الأول، لان مهام الدين
أولى بالاهتمام من مهام الأبدان، والمرابطة الأول تحرس الأبدان. وهذا يحرس الأديان
فيكون اهتمامه أبلغ وآكد (معه).
87

(20) وروى ثوبان، عن أبيه مكحول، عن عبادة بن الصامت قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " جاهدوا في الله القريب والبعيد، وفى الحضر والسفر، فان
الجهاد باب من أبواب الجنة، وانه ينجي صاحبه من الهم والغم " (1).
(21) وروي أن رجلا من الصحابة، سأله فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟
قال: " هن تسع، أعظمهن الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وفرار من
الزحف، والسحر، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وعقوق
الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام (2) قبلتكم أحياءا وأمواتا " ثم قال:
" من لا يعمل هذه الكبائر، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويقيم على ذلك، الا
رافق محمدا " (3).
(22) وروي في حديث آخر: ان الكبائر أحد عشر: أربع في الرأس،
الشرك بالله عز وجل، وقذف المحصنة، واليمين الفاجرة، وشهادة الزور. وثلاث
في البطن، أكل مال الربا، وشرب الخمر، وأكل مال اليتيم، وواحدة في
الرجل، وهي الفرار من الزحف. وواحدة في الفرج، وهي الزنا وواحدة في
اليدين، وهي قتل النفس. وواحدة في جميع البدن وهي عقوق الوالدين.

(1) يمكن أن يراد بالجهاد هنا، الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وحمله
على العموم أولى، ليدخل في جميع أنواع الجهاد، حتى جهاد النفس، ويصير المعنى
في قوله: القريب والبعيد، الحواس الظاهرة والباطنة. (معه)
(2) أي عدم مراعاة حقوقه وحرمته (معه)
(3) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج 4 (كتاب التوبة والإنابة)
وصدر الحديث (عن عبيد بن عمير، عن أبيه انه حدثه، وكانت له صحبة: ان رسول
، الله صلى الله عليه وآله، قال في حجة الوداع: ألا إن أولياء الله المصلون، من
يقيم الصلاة الخمس، التي كتبن عليه، ويصوم رمضان، ويحتسب صومه يرى أنه عليه حق
ويعطى زكاة ماله يحتسبها، ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها، ثم إن رجلا (الخ).
88

(23) وفي حديث عبد الرحمان بن عوف قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي
فانطلق بي إلى النخل الذي فيه ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه
فوضعه في حجره ثم قال: " يا إبراهيم ما نملك لك من الله شيئا " وذرفت عيناه،
فقلت: يا رسول الله أو لم تنه عن البكاء؟ قال: " ما نهيت عنه، ولكني نهيت عن
صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نغمة لهو، ولعب، ومزامير الشيطان، و
صوت عند مصيبة، خمش وجوه، وشق جيوب ورنة الشيطان. وهذه رحمة،
ومن لا يرحم لا يرحم " لولا أنه وعد حق، وأمر صدق، وانها سبيل نأتيه (فانية خ)
وان آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا، وانا بك لمحزونون
تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب (1).
(24) وروى النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " حلال
بين، وحرام بين، وبينهما شبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات
فقد استبرى لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام، كالراعي
حول الحمى، يوشك أن يقع فيه. ألا وان لكل ملك حمى، وان حمى الله
محارمه (2).
(25) وفي حديث صحيح عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " سبعة في ظل الله يوم لا

(1) قد استفاض من الاخبار، ان الأنبياء والأولياء بكوا على موتاهم، وكفاك دليلا
على جوازه، بكاء علي بن الحسين عليهما السلام على أبيه أربعين سنة، وما شرب ماء حتى
يبكى، فيمزج الماء بالدموع، فيشربه. بل ورد استحباب البكاء عند غلبة الحزن، لأنه
يفرغ القلب (جه).
(2) وفى هذا الحديث، دلالة على وجوب تجنب الشبهات من حيث أن الوقوع
فيها مستلزم للوقوع في الحرام، والوقوع في الحرام حرام، فما هو السبب في الوقوع
فيه أيضا حرام، فالشبهات حرام (معه).
89

ظل الا ظله: امام مقتصد (1) وشاب نشأ في طاعة الله وعبادته، ورجل ذكر
الله ففاضت عيناه من خشية الله، ورجل لقي آخر فقال: اني أحبك في الله: و
قال الآخر كذلك (2)، ورجل كان قلبه معلقا بحب المسجد (3) حتى يرجع إليه
ورجل إذا تصدق أخفى صدقة يمينه عن شماله، ورجل دعته امرأة ذات جمال
ومنصب، فقال: اني أخاف الله رب العالمين ".
(26) وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله ما الصلاة؟
فقال: " خير موضوع، فاستكثر أو استقل " (4) قلت: أي الاعمال أفضل؟ قال:
" ايمان بالله، وجهاد في سبيل الله " قلت: فأي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم
خلقا " قلت: فأيهم أسلم؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده " قلت: فأي
الهجرة أفضل؟ قال: " من هجر السيئات " قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال: " طول
القنوت (5) " قلت: فأي الصيام أفضل؟ قال: " فرض مجزي (6) " قلت: فأي
الجهاد أفضل، قال: " من عقر جواده، واهريق دمه " قلت: فأي الرقاب أفضل؟
قال: " أغلاها ثمنا، وأنفسها عند أهلها " قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: " جهد

(1) أي العادل بين الناس (معه)
(2) أي لا لامر دنيوي أو شئ آخر من الأغراض (معه).
(3) المراد بالمسجد، مسجد النبي صلى الله عليه وآله (معه).
(4) أي أنت مخير في طلب الكثرة والقلة (معه).
(5) المراد بالقنوت هنا، الدعاء والخشوع والخضوع (معه).
(6) أي فرض وقع على الوجه المعتبر شرعا (معه).
90

من مقل وسر إلى فقير (1) "، قلت: فأي آية أعظم؟ (2) قال: " آية الكرسي
ثم قال: " وما السماوات السبع مع الكرسي الا كحلقة ملقاة بأرض فلاة
وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة قلت: كم الأنبياء؟
قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا " قلت كم الرسل؟ قال: " ثلاثمائة وثلاث

(1) في النهاية: أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، أي قدر ما يحتمل حال
القليل المال. أقول: حاصله، صدقة من فقير، وصدقة سر إلى فقير. وورد في الحديث
إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة، وذلك أن الدرهم يكون بعشرة، أو بسبعين، أو سبعمائة
كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة (جه)
(2) ليس المراد من الآية المسؤول عنها هنا آية من آيات الكتاب العزيز، بل
المراد بها العلامة والدلالة التي يستدل بها على عظم الخالق، وعلو قدرته، وتمام قهره
وسعة ملكه. ولهذا أجابه صلى الله عليه وآله بآية الكرسي من حيث إن السائل لم يكن عالما بما وراء
السماوات السبع، وكان في وهمه أنها أعظم الآيات وأكبرها، فنبهه عليه السلام على أن
ما ورائها ما هو أعظم منها، وأبلغ في الدلالة، وهو الكرسي، وبين وجه عظمته، ثم
نبه على أن هناك ما هو أعظم منه أيضا وهو العرش، وبين ذلك بتفاوت النسبة بينه وبين
الكرسي تدريجيا بفكره، للترقي من الأدون إلى الأعلى، كما هو عادة المعلمين مع المتعلمين
ليعرف بذلك انه لا نهاية لعظمة الله وكمالاته (معه).
91

عشر (1) أولهم آدم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه (2) وسواه قبلا " ثم قال:
" يا أبا ذر، أربعة سريانيون: آدم، وشيث، وأخنوخ، وهو إدريس، وهو أول
من خط بقلم، ونوح وأربعة من العرب: هود، وشعيب، وصالح، ونبيك، و
أول أنبياء بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى، وأول الرسل آدم وآخرهم
محمد. قلت: كم كتابا أنزل؟ قال: " مئة كتاب وأربعة كتب، انزل على شيث
خمسين صحيفة، وعلى أخنوخ ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشر صحايف
وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف، وأنزلت التوراة والإنجيل، و
الزبور، والفرقان وكانت صحف إبراهيم كلها أمثالا أيها الملك المسلط
المغرور اني لم أبعثك لتجمع الدنيا، ولكني بعثتك (3) لترد عني دعوة المظلوم

(1) يعنى أن العرش فوق الكرسي، كما هو الوارد في أكثر الاخبار، ولا ينافيه
قوله سبحانه: وسع كرسيه السماوات والأرض. فان الشايع من اطلاق السماوات
إرادة السماوات السبع، وفى الحديث أن المراد بالكرسي في الآية علم الله تعالى (جه).
هذا وارد في أخبار كثيرة. وفى الحاشية أن الفرق بين النبي والرسول
أن النبي هو المخبر من الله من غير واسطة أحد من البشر، وإنما الواسطة ملك من
الملائكة، وهو جبرئيل، من دون أن يكلف بالتبليغ الملزوم، والرسول بعكسه في
التبليغ (جه).
(2) ورد في الخبر: ان الشئ العظيم يضاف إلى الله، يعنى أن خلقه بيد قدرته
ونفخ فيه من الروح بدون توسط أب وأم. (وسواه قبلا) أي سوى آدم. في النهاية
(في حديث آدم (ع) ان الله خلقه بيده ثم سواه قبلا، وفى رواية: ان الله كلمه قبلا
أي عيانا ومقابلة، لامن وراء حجاب، من غير أن يولى أمره أو كلامه أحدا من ملائكته
أقول: حاصله، أنه عدل طينته، وسواه بيد قدرته، ليس على حد غيره من البشر
فإنه كما سبق يرسل ملائكة التصوير، فيصوروا النطفة في الرحم إلى وقت الولادة
(جه).
(3) لهذا الكلام ظاهر، وهو ظاهر. وأما باطنه فقالوا: ان المراد بالملك المسلط
المغرور، هو النفس، لأنها الحاكمة في البدن، والمسلط على قواه الباطنة والظاهرة
ليستخدمها في مآربه، وهو المغرور، لكونه يأمل أن سلطنته لا يزول، وملكه لا يفنى بسبب
البقاء أيام الحياة، وهو غرور باطل، أوجبه أمله الكاذب. وبعثه عبارة عن تعلقه بالبدن،
وقيامه على مصالحه بعد أن كان منه بمعزل في عالم آخر.
وهذا خطاب من الله تعالى له، احتجاجا عليه بأنه لم يكن بعثه في البدن، الذي
صار مقصودا له وتوجهه إليه، من حب المال والجاه، والاشتغال بالشهوات، المعبر عنها
بالدنيا. وإنما بعثه، وتمكينه واعطاءه الآلات والعساكر والجنود، لغرض هو أعز من ذلك
وأولى بالوجود والاتباع، وصرف الهمة والتوجه إليه، لأنه المقصود الذاتي من البعث
المذكور، وهو أن يكون متوجها إلى العقل، داخلا تحت طاعة النفس، ليرد دعوته
التي هي دائما متوجهة إلى الله.
وعبر عنه بالمظلوم، لأنه جعله مرؤسا للنفس، وحقه أن يكون رئيسا عليها، فكان
مظلوما باعتبار ازالته عن مرتبته،، وانقهاره تحت طاعة النفس، وحقه أن يكون هو القاهر
عليها. والسر في هذه الظلامة إنما هو لابتلاء النفس واختبارها، لتقوم الحجة عليها،
وأخبر عليه السلام ان المقصود من تمكينها إنما هو رد دعوة هذا المظلوم وشكايته إلى
الله، فإنها إن لم يرده برد دعوته وشكايته بالسعي في مرضاته والتوجه إليه، والا كانت
من أهل العقاب لما أخبر به من أن دعوة المظلوم لا مرد لها عند الله، وان وقعت من كافر
جاهل، فكيف والحال أنها وقعت من مؤمن مطيع لامر الله، قائما بأوامره، فان دعوته
أبلغ في أنها لا ترد (معه).
92

فاني لا أردها وان كانت من كافر.
وعلى العاقل أن يكون له ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب
فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم
والمشرب. وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا الا لثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش
أو لذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه
حافظا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه الا فيما يعنيه.
93

وصحف موسى كانت عبرا كلها، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح،
ولمن أيقن بالقدر كيف ينصب، ولمن رأى الدنيا وتقبلها بأهلها كيف يطمئن
إليها، ولمن أيقن بالحساب كيف (ثم خ) لا يعمل.
وفيما أنزل على نبيك: " قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى، بل
تؤثرون الحياة الدنيا، والآخرة خير وأبقى، ان هذا لفي الصحف الأولى،
صحف إبراهيم وموسى " فقلت: يا رسول الله أوصني! فقال: " أوصيك بتقوى الله
فإنه رأس أمرك " قلت: زدني، قال: " عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله، فإنه
ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض " قلت: زدني، فقال: " إياك وكثرة
الضحك، فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه " قلت: زدني: قال: " عليك
بالجهاد فإنه رهبانية أمتي " (1) قلت: زدني، قال " انظر إلى من تحتك ولا
تنظر إلى من فوقك، فإنه أجدر أن لا تذدري نعمة الله عليك " قلت زدني، قال:
" قل الحق ولو كان مرا " قلت: زدني، قال: " لا تخف في الله لومة لائم " قلت:
زدني قال: " يردك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تحب "
ثم قال: لا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق ".

(1) أي الاعتزال عن الناس، وهو البعد (معه).
94

الفصل السادس
في أحاديث أخرى من هذا الباب، رويتها بطريق واحد.
(1) روى معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من حفظ (1) على
أمتي أربعين حديثا من أمر دينها، بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء و
العلماء ".
(2) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " على كل كبد رطبة اجر " (2).
(3) وفي أخرى: " على كل كبد حرى اجر ".
(4) وعنه صلى الله عليه وآله: " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " (3).

(1) سواء كان حفظه لألفاظها، أو لمعانيها، أو لهما معا. وإنما يحصل له هذه الدرجة
إذا أداها إلى من يطلب منها الانتفاع بها (معه).
(2) في الرواية الأولى تعمم، شموله للمحتاج وغيره. وفى الثانية إشارة إلى
شرط الحاجة، لوصف الكبد بكونه حرى، وهو دليل على الحاجة، فيكون الثاني آكد
من الأول، وفيهما معا دلالة على أن الاحسان لا يضيع، وانه جائز بالنسبة إلى مجموع
خلق الله ممن يتصف بالحياة من حيوان، وفيه مماثلة. لما ثبت من قوله عليه السلام:
الشفقة على خلق الله (معه).
(3) يعنى: ان المؤمن ما دام في الدنيا، فهو بالنسبة إلى ما يجب له في الآخرة من
النعيم والخيرات، في سجن، لان ما هو في الدنيا، وان سمى خيرا ولذة وسرورا في
عرف أهلها، الا انه لا نسبة له الا لذات الآخرة، ونعيمها، وسرورها، فصار أحوالها
في الدنيا، بالنسبة إلى تلك الأحوال كالسجن. لان بقائه في الدنيا مانع من وصوله إلى
ذلك. وان الكافر ما دام في الدنيا فهو بالنسبة إلى ما وعد له في الآخرة من الهوان والعذاب
الشديد، والنكال، كمن هو في جنة وراحة. لأنه وإن كان في الدنيا في غاية الشدة والفقر
الا ان ما أعد له هناك أشد وأعظم. فيكون بقائه في الدنيا المانع من وصوله إلى تلك
الشدائد والآلام الغير المتناهية، جنة ولذة بالنسبة إليه (معه).
95

(5) وفي حديث أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتوارث
أهل ملتين مختلفتين " (1).
(6) وفي حديث عايشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان الحمى
من فيح جهنم، فأبردوها بالماء " (2).
(7) وعنه صلى الله عليه وآله: " من مات حاجا أو معتمرا، لم يعرض، ولم يحاسب، وقيل
له: ادخل الجنة ".
(8) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الله يباهي بالطائفين " (3).

(1) هذا الحديث عام في نفى التوارث من الجانبين. إذ ظاهره، ان الكافر لا يرث
المسلم، والمسلم لا يرث الكافر لان الاسلام ملة واحدة والكفر ملة واحدة. لكن لا بد من تخصيصه
بما انعقد عليه الاجماع. من أن المانع من جهة الكفر دون الاسلام، فالكافر لا يرث المسلم
والمسلم يرث الكافر. وإن شئت أسندت هذا التخصيص إلى قوله صلى الله عليه وآله:
" الاسلام يعلو ولا يعلى عليه " وإنما يتم ذلك بما قلناه من أنه يرث ولا يورث (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 / 21.
(3) وسبب المباهاة، ان الطائفين طافوا بالبيت، بمحض التعبد والطاعة، ومجرد
الانقياد بالأمر من غير علم بعلة ذلك، بخلاف الملائكة الطائفين بالعرش، والبيت المعمور،
فإنهما وان طافوا بهما بمحض التعبد والامر، الا انهم يعلمون علة ذلك الامر والوجه فيه،
فكان أهل طواف الأول، أشد امتحانا، لخفاء علة التكليف عنهم، فكان طاعتهم أبلغ،
وفعلهم أشق، فكان محل المباهات (معه).
96

(9) وروى علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما من عبد
أذنب ذنبا، فقام فتوضأ، فأحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر
الله الا غفر الله له ".
(10) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " إذا مات ابن آدم، انقطع عمله الا من ثلاث:
ولد صالح يدعو له، وصدقة جارية، وعلم ينتفع به " (1)
(11) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " إذا التقى ختانه ختانها (2) وجب الغسل
أنزل أو لم ينزل ".
(12) وروى شعبة عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله
ابن عكيم الجهني قال: قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله في أرض جهينة، وأنا

(1) رواه في البحار: الطبعة الحديثة ج 2 (باب (8) ثواب الهداية والتعليم و
فضلهما) حديث 65.
(2) ليس المراد بالالتقاء، الالتصاق. لأنه غير ممكن، لان محل ختان المراة
فوق مدخل الذكر، فلا يتلاصقان. وإنما المراد بها المحاذاة، ويقال: التقى الفارسان
إذا تحاذيا. والمراد بالختان هنا محله، سواء كان هناك ختان أو لا، فيكون المعنى: إذا
تحاذا ختان الرجل لمحل ختان المرأة، وجب الغسل عليهما، سواء حصل هناك أنزال أو
لا كما هو مضمون الحديث (معه).
97

غلام شاب " أن لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب " (1) (2).
(13) وفي حديث خباب بن الأرت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لقد كان من
قبلكم يؤخذ الرجل منهم، فيحفر له في الأرض، ثم يجاء بالمنشار، فيجعل
على رأسه، فيجعل فرقتين وما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الامر (3)

(1) وفى هذا الحديث دلالة على أمور: (الأول) ان الكتاب يجوز التعويل عليه
في الأحكام الشرعية، ويكون قائما مقام فتوى المفتى. لان فعل النبي صلى الله عليه وآله
ذلك لو لم يكن حجة في وجوب قبوله عليهم، لم يكن لبعثه فائدة.
(الثاني) ان الكتاب إذا نفذ إلى جهة معينة، لم يجب أن يختص الحكم إلى أهل
تلك الجهة، بل يعم الكل، لان الأصل في الاحكام عمومها، ولقوله صلى الله عليه وآله:
" حكمي على الواحد حكمي على الجماعة ".
(الثالث) ان الراوي إذا كان وقت الرواية مميزا، قبلت روايته إذا أداها وقت
البلوغ، لأن الاعتبار بحال الأداء لا باعتبار التحمل.
(الرابع) انها دلت على النهى في الانتفاع بأهاب الميتة وعصبها، وهو دال
على نجاستها إذ لو كانا طاهرين لصح الانتفاع بهما، ولو من بعض الجهات لكنه سلب
الانتفاع على العموم، فيكون دالا على النجاسة.
(الخامس) ان الاهاب هنا بمعنى الجلد من الميتة، إذ التقييد لا تنتفعوا باهاب الميتة
أي بجلدها، فيعم حالة الدباغ وغيرها، وفيه دلالة على أن الاهاب لا يطهر بالدباغ، لأنه
لو طهر به يصح الانتفاع به، وذلك مناف لعموم الحديث. فان قيل: الاهاب اسم لما لم
يدبغ من الجلود، فكون النهى عن مالا يدبغ منها، فلا يدخل المدبوغ تحت العموم
قلنا: نمنع اختصاص لفظ الاهاب بغير المدبوغ، بل هو اسم موضوع للجلد، الصادق
على المدبوغ وغيرها (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 / 310 في (حديث عبد الله بن عكيم رضى
الله تعالى عنه).
(3) يعنى دين الاسلام. والمراد عند ظهور الإمام، واستيلائه على البلاد، وعموم
الاسلام لجميعها (معه).
98

حتى يسير الراكب من صنعاء اليمن إلى حضرموت لا يخاف الا الله والذئب
على غنمه، ولكنكم تعجلون " (1)
(14) وروى أسيد بن خضير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " كلوا الزيت و
ادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة " (2).
(15) وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يزول عبد قدما عن
قدم يوم القيامة، حتى يسأل عن أربع خصال: عمره فيما أفناه وشبابه فيما (فيم خ)
أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن عمله ماذا عمل ".
(16) وفي حديث صحيح: ان الرابعة " وعن حبنا أهل البيت " (3).
(17) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " (4).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 5 / 110، ج 6 / 395.
(2) الامر هنا للاستحباب، لأنه ارشاد إلى مصلحة دنيوية راجعة إلى اصلاح البدن
فلا يكون للوجوب (معه).
(3) قيل المراد بالمحبة هنا، المحبة الحقيقية، وهي التي بمعنى المشاكلة، والمتابعة،
وطاعة الامر، والقيام بالخدمة. كما أشار إليه الشاعر بقوله:
تعصى الاله وأنت تظهر حبه * هذا محال في الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته * ان المحب لمن يحب مطيع
وقيل: المراد بها، الاعتقاد القلبي باستحقاق الإمامة وثبوت العصمة والنص
عليهم، ووجوب الطاعة، وانهم الخلفاء عن الله على خلقه، والقائمين على خلقهم لأوامره
ونواهيه، والحافظون لشرايعه وأحكامه، وان قوام الدين والدنيا بوجودهم، وانه لا يجوز
خلو الأرض عن واحد منهم، وانه متى ذكر أحد منهم بسوء، أو نسب إليه مالا يجوز في
الشريعة، أو قيل إنه ليس بامام أنكر ذلك وسخطه وأظهر الغضب لأجله. ومتى ذكر أحد منهم
بفضيلة، أو حدث له بكرامة، أو أثنى عليه بثناء حسن فرح ذلك وأحبه، واعتقد صحته
وأحب قائله كما أبغض الأول، والمحبة الكاملة، الجامعة بينهما وكل واحدة منهما يصدق
عليهما اسم المحبة لغة وعرفا (معه).
(4) ليس المراد بالتعليم حفظ ألفاظه ومعرفتها. بل المراد به معرفة معانيه، وتفسير
ألفاظه، ومعرفة ما يؤدى إليه لفظه من المعاني، ليستدل به على التوحيد، وهي الأحكام الشرعية
وفيه دلالة على أن ذلك أفضل العلوم. وان العلم له والتعلم، أفضل العلماء و المتعلمين
والمقصود منه حث الناس وتحريضهم على تعلم ذلك العلم وتعليمه (معه).
99

(18) وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الشتاء ربيع
المؤمن (1) قصر نهاره فصام، وطال ليله فقام " (2).
(19) وعن أنس بن مالك، عنه صلى الله عليه وآله: " ان العبد إذا ابتلاه الله ببلاء في
جسده قال: للملك، اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل، فان شفاه غسله و
طهره، وان قبضه غفر له ورحمه ".
(20) وفي حديث الحارث الهمداني، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال:
" لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الربا، (و خ) آكله، وموكله، وشاهديه، وكاتبيه " (3).
(21) وروى أبو عثمان النهدي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
" ان أحبكم إلى الله أحاسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا (4) الذين يألفون و
يؤلفون. وأبغضكم إلى الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الاخوان الملتمسون
لأهل البراء العثرات " (5).

(1) المراد بالمؤمن، المتعبد (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 / 75.
(3) اللعن في اللغة بمعنى الطرد والبعد. ويكون المعنى بلعن الربا، كونه مبغوضا
عند الله. وكونه مبغوضا عند الله يستلزم عدم جواز صرفه في شئ من التصرفات المعاشية
والمعادية. لان ما هو مبغوض عند الله لا يكون موافقا لمراد الله، وما هو كذلك لا يصح التصرف
به وأما اللعن بالنسبة إلى الباقي، فالمراد به، البعد عن رحمة الله، والطرد عن قربه
ووصول رحمته (معه).
(4) قوله: الموطئون أكنافا: يعنى انهم أهل خفض الجانب، وكنى عنه بالجناح
كقوله تعالى: (واخفض جناحك) وهو كناية عن لين الجانب، وحسن الأخلاق (معه).
(5) العثرات، جمع عثرة: وهي وقوع الشئ القبيح من شخص يخالف عادته
على سبيل الندرة (معه).
100

(22) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله: " ان من شرار الناس، من تركه الناس
اتقاء فحشه ".
(23) وروي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الخلق كلهم
عيال الله، فأحب الخلق إليه أنفعهم لعياله " (1).
(24) وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من طلب الشهادة صادقا، أعطاها
وإن لم تصبه " (2).
(25) وعنه صلى الله عليه وآله: " من كف غضبه، كف الله عنه عذابه، ومن خزن لسانه
ستر الله عوراته، ومن اعتذر إلى الله، قبل الله عذره ".
(26) وروى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن
أكل الكراث، فلم ينتهوا، ولم يجدوا من ذلك بدا، فوجد ريحها فقال: " ألم
أنهكم عن أكل هذه البقلة الخبيثة؟ من أكلها فلا يغشانا في مسجدنا، فان الملائكة
تتأذى بما يتأذى به الانسان " (3).
(27) وفي حديث أبي الأحوص، عن عبد الله بن العباس، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " ان الاسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، طوبي للغرباء قيل:

(1) سواء كان ذلك النفع لهم في أمور دينهم، أو دنياهم، أو نفعهما معا والثالث، أفضل
الثلاثة. لأنه في مرتبة الجمع، الذي هو مرتبة الأنبياء والأولياء. لأنهم المدبرون لمصالح
الخلق في الدين والدنيا. ولهذا كانوا أحب الخلق إلى الله، فإذا أنفعهم أحد على قدم
صدق، صار محبوبا مثلهم (معه).
(2) يعنى، الشهادة في سبيل الله، وطلبه لها بمحض النية الصادقة مع الله، فإنه
يعطى ثواب أهل الشهادة، وإن لم يتفق له القتل في سبيل الله (معه).
(3) وعلم من هذا التعليل ان النهى كان للكراهية، لأجل دخول المسجد وتأذى
الجلساء برائحته (معه).
101

وما الغرباء؟ قال: النزاع من القبائل " (1) (2).
(28) وفي حديث أبي هريرة، انه صلى الله عليه وآله قال: " ان السفر قطعة من العذاب
يمنع أحدكم طعامه أو شرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل
إلى أهله " (3).
(29) وروى سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله
" ما من رجل رأى مبتلى، فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني
على كثير ممن خلق تفضيلا، لم يصبه ذلك البلاء، كائنا ما كان " (4).
(30) وروى أبو بكرة، قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب، إذ جاء الحسن
بن علي حتى صعد معه على المنبر، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " ان ابني هذا سيد، وان
الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " (5) (6) (7).

(1) يراد بهم: من انتزع من قبيلته، بحيث يكون قد خالف آبائه وأعمامه في
أفعالهم وأخلاقهم، ونزع نفسه بالاتصاف بالأعمال الصالحة، والاخلاق المرضية فلم
يتابعهم في أعمالهم وأخلاقهم (معه).
(2) رواه الدارمي في ج 2 من سننه، كتاب الرقائق، (باب ان الاسلام بدأ
غريبا).
(3) رواه الدارمي في ج 2 من سننه، كتاب الاستيذان (باب السفر قطعة من
العذاب).
(4) لكن ينبغي أن لا يسمعه صاحب البلوى، لئلا يدخل على قلبه الانكسار، إلا أن
يكون البلوى معصية، فينبغي أن يسمعه، لعله يرتدع عن فعلها (معه).
(5) أي أهل الشام وأهل العراق (معه).
(6) رواه البخاري في صحيحه، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما.
(7) وفى قوله (ان ابني هذا) نص على أن ولد البنت، ابن علي الحقيقة، والاخبار
به مستفيضة. وذكر الرضا عليه السلام في مقام المفاخرة مع المأمون، ان ابنته تحرم على
النبي صلى الله عليه وآله بآية: " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم " واليه ذهب السيد
المرتضى، وجماعة من أهل الحديث، وهو الأرجح، والظاهر من الاخبار، فيكون من
أمه علوية سيدا، يجرى عليه وله ما يكون للعلويين، وان وجدنا ما يعارض الأخبار الدالة
عليه فسبيلها اما الحمل على التقية أو على التأويل كما فصلنا الكلام فيه في شرحينا على التهذيب
والاستبصار (جه).
102

(31) وروى جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أكل البصل أو الثوم
أو الكراث، فلا يقربنا، ولا يقرب مسجدنا "
(32) وروى عبد الله بن عمر، ان النبي صلى الله عليه وآله جاءه وفود الجن من الجزيرة
فأقاموا عنده ما بدا لهم، ثم أرادوا الخروج إلى بلادهم، فسألوه أن يزودهم؟
فقال: " ما عندي ما أزودكم به، ولكن اذهبوا فكل عظم مررتم به فهو لكم لحم
عريض، وكل روث مررتم عليه، فهو لكم ثمر " فلهذا نهى عن أن يمسح
بالروث والرمة (1).
(33) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا طيرة، وخيرها الفال " قيل: يا
رسول الله وما الفال؟ قال: " الكلمة الصالحة يسر بها أحدكم ".
(34) وفي حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " خير ما تداويتم به
الحجامة، والقسط البحري " (2).
(35) وروي عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من باع عبدا وله مال، فماله للذي باعه، إلا أن يشترطه
المبتاع " (3)

(1) الرمة: بالكسر والتشديد، العظام البالية، والجمع رمم، كسدرة وسدر،
ورمام ككرام، ومنه الحديث: نهى ان يستنجى بالرمة والروث، قالوا: وذلك لاحتمال
نجاستها، أو لأنها لا تقوم مقام الحجر لملاستها (مجمع البحرين).
(2) وفى الحاشية، القسط شئ من الأدوية يؤتى به من بلاد الهند (جه).
(3) ولا فرق بين أن يكون البايع عالما بماله، أو غير عالم به. وظاهر هذا الحديث
دال على أن العبد يملك مالا (معه).
103

(36) وعن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الحسد يأكل الحسنات،
كما تأكل النار الحطب (1) والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار
والصلاة نور، والصيام جنة من النار، وقال: لا يزال الله في حاجة المرء ما لم
يزل في حاجة أخيه ".
(37) وروى علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: " ألا أعلمك كلمات
الفرج، إذا قلتهن غفر الله لك، هي: لا إله إلا الله الحلم الكريم، لا إله إلا الله
العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، وما
فيهن، وما بينهن، وما تحتهن، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين ".
(38) وروى ابن عياش، عن عاصم، عن ذر، عن عبد الله، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " تسحروا (2) فان السحور بركة " (3) (4).
(39) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " المستشار مؤتمن " (5) (6).
(40) وفي حديث حذيفة، ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا آوى إلى فراشه قال: " باسمك
اللهم أموت وأحيا، وإذا استيقظ، قال: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا واليه

(1) المراد بالحسد: تمنى زوال نعمة الغير عنه، سواء تمنى مع ذلك حصولها له
أولا، أما من تمنى أن يحصل له مثل ما لذلك الغير من النعمة، فليس بحسد، ويسمى الغبطة
وليس من المحرمات (معه).
(2) الامر هنا للاستحباب، لتعليله بأنه بركة (معه).
(3) هذا في حق الصائم سواء كان في رمضان أو غيره (معه).
(4) رواه الدارمي في سننه ج 2، كتاب الصيام (باب في فضل السحور).
(5) أي يجب عليه أداء الأمانة إليه، والنصيحة فيما استشاره، إذا كان عارفا بوجه
المصلحة فيه. فإن لم يعلم، وجب عليه أن يقول: لا أعلم. ومن هذا قال العلماء: أداء الأمانة
في باب المشورة لا يكون من باب الغيبة، إذا تعلقت مصلحة الاستشارة بثالث بشرط أن
يقتصر في ذلك على محل الضرورة، التي يتعلق بها غرض المشاورة (معه).
(6) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 5: 274.
104

النشور " (1).
(41) وفي حديث أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان الله أحل
لإناث أمتي الحرير والذهب، وحرمه على ذكورها " (2)
(42) وفي حديث البراء بن عازب، قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه
فأحرموا بالحج، فلما قدموا مكة، قال: اجعلوا حجكم عمرة " فقال الناس
قد أحرمنا بالحج يا رسول الله، فكيف نجعلها عمرة؟ قال: " انظروا كيف آمركم
فافعلوا " فردوا عليه القول، فغضب ودخل المنزل، والغضب في وجهه، فرأته
بعض نسائه والغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك؟ أغضبه الله. فقال:
" مالي لا اغضب وانا آمر بالشئ، فلا يتبع " (3) (4).
(43) وروي عن أبي الحوزاء قال: علمني الحسن بن علي عليهما السلام، كلمات
علمهن إياه رسول الله صلى الله عليه وآله هي: " اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن
عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت

(1) وفى هذا دلالة على أن النوم والانتباه نموذجان، جعلهما الله دليلا يستدل
بها العاقل على معرفة كيفية الموت والنشور، فان النوم كيفية الموت، والانتباه كيفية
النشور (معه).
(2) يعنى: لبسهما لا مطلق الانتفاع بهما في غير اللبس (معه).
(3) وهذا يدل على أن الصحابة وقع منهم المخالفة له، وعدم الانقياد لأوامره
في حياته، مما يتعلق بأوامر الله ونواهيه. حتى في العبادات، فكيف بهم بعد موته، فإنهم
على مخالفته أسرع، وعلى ترك أوامره أقدم، خصوصا إذا كان لهم في تلك المخالفة
شيئا من الحظوظ الدنيوية، وخصوصا طلب الرياسات، ونفاذ الامر والنهى بتحصيل
الملك الذي أغلب الطباع مجبولة على حبه، فاعرف ذلك (معه).
(4) رواه ابن ماجة في ج 2 من سننه (باب فسخ الحج) حديث 2982 مع اختلاف
يسير في ألفاظ الحديث. ورآه أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 / 286.
105

انك تقضي ولا يقضى عليك، انه لا يذل من واليت، تباركت وتعاليت " وقال:
انه كان يقولها في قنوت الوتر (1).
(44) وروي عن المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ان
الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، حتى يطأ عليها رضى به ".

(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 2 (كتاب الصلاة) باب دعاء القنوت.
106

الفصل السابع
في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق، رويتها بطريقها من مظانها على هذا
المنوال.
(1) روى أبو هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: " من نفس عن أخيه المؤمن كربة
من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة. ومن سر أخاه المؤمن
سره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد، ما دام العبد في عون أخيه ".
(2) وحدث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
ليس الشديد بالصرعة. الشديد، الذي يملك نفسه عند الغضب ".
(3) وروت أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " لا يحل لامرأة
تؤمن بالله ان تحد على ميت فوق ثلاث الا على زوجها. والاحداد، أن لا تكتحل
ولا تمتشط، ولا تختضب، ولا تمس طيبا، ولا تلبس ثوبا مصبوغا، ولا تخرج من
بيتها " (1).
(4) وروي في حديث، انه صلى الله عليه وآله قال: " الكمأة من المن، ومائها شفاء

(1) الاحداد على غير الزوج أزيد من ثلاثة أيام محرم. وعلى الزوج مدة أربعة
أشهر وعشرة أيام واجب، كما هو مضمون الحديث (معه).
107

للعين: والعجوة من الجنة، وهي شفاء من السم " (1) (2).
(5) وروى حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " من باع دارا فلم يجعل ثمنها
في مثلها، لم يبارك له في ثمنها: أو قال: لم يبارك له فيها " (3)
(6) وروى أنس بن مالك قال: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث طوائر
فادخرنا منها طائرا إلى الغد، فاتيته به، فقال عليه السلام: " ألم أنهك أن ترفع شيئا
إلى غد، فان الله تعالى يأتي برزق غد " (4).
(7) وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " ليس منا من لم يوقر كبيرنا،
ويرحم صغيرنا، ويأمر بالمعروف، وينه عن المنكر " (5)
(8) وروى عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " فضل صلاة الجماعة

(1) الوسائل، كتاب الأطعمة والأشربة، باب (118) من أبواب الأطعمة المباحة
حديث 2. وأيضا في الوسائل كتاب الأطعمة والأشربة باب (74) من أبواب الأطعمة المباحة
حديث 8
(2) الكمات: جمعها كما، وهو مشهور، بالنقل، يخرج من الأرض أيام الربيع
مدور، بعضه أبيض اللون، وبعضه أسمر، يؤكل، طيب المأكول، أكثر ما يوجد في بلاد
العرب. والعجوة: نوع من التمر طيب الطعم (معه).
(3) سنن الدارمي ج 2، كتاب البيوع (باب فيمن باع دارا فلم يجعل ثمنها
في مثلها).
(4) النهى هنا للتنزيه، فيكون للكراهة، وهو مخصوص بالنضيج من الأطعمة،
التي تفسد غالبا إذا ادخرت (معه).
(5) هذا من باب آداب المخالطات و المعاشرات للناس بعضهم مع بعض، فان من
الآداب الشرعية في ذلك، أن يوقر الصغير الكبير، وأن يرحم الكبير الصغير، ليحسن
بذلك أخلاقهم، وتنشأ المودة بينهم. ولهذا أكده بقوله: ليس منا، يعنى متأدبا بآدابنا
والمراد بالصغير والكبير، في الفضل، أو في السن، أو أحدهما (معه).
108

على صلاة الرجل وحده، خمسة وعشرون صلاة " (1)
(9) وعنه صلى الله عليه وآله: " صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بغير
سواك " (2).
(10) وروى أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يأتي
أحدكم الشيطان في صلاته فيلبس عليه صلاته، حتى لا يدري كم صلى. فإذا
وجد أحدكم ذلك في صلاته، فليسجد سجدتين، وهو جالس " اتفقا على اخراجه
في الصحيحين، من حديث ابن شهاب (3)
(11) وفي حديث عبادة بن الصامت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم يقول: " خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من جاء بهن يوم القيامة
ولم يضيعهن استخفافا بحقهن، كان له عند الله عهد ان يدخله الجنة، ومن
استخف بهن، لم يكن له عند الله عهد " ومعنى لم يضيعهن، أن يحافظ على
وضوئهن ومواقيتهن (4).
(12) وفي حديث سلمة بن عبد الرحمان، عن أبي هريرة، ان رسول الله
صلى الله عليه وآله، قال: " أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم، يغتسل منه كل يوم
خمس مرات، هل يبقى من درنه شئ؟ قالوا: لا قال: فذلك مثل الصلوات

(1) والفائدة في هذا الحديث: الحث والترغيب على صلاة الجماعة، وانها من
المهمات لكثرة الثواب بها (معه).
(2) وفى هذا الحديث أيضا حث وترغيب على فعل السواك، لأنه من السنن الوكيدة
لان فعله يزيد في فضل الصلاة، وكثرة ثوابها (معه).
(3) هذا الحديث يدل على أن من شك فلم يدر كم صلى، يصح صلاته بسجدتي
السهو، وليس الامر كذلك (معه).
(4) وإنما خص هذين الشرطين، للاهتمام بهما، من حيث إنهما من أوائل الشروط
ولوازم الصلاة (معه).
109

الخمس، يمحو الله بها الخطايا " اتفقا على اخراجه في الصحيحين (1).
(13) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله: " خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها
وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها " رواه مسلم في صحيحه (2) (3).
(14) وفى حديث أم فروة، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أسمع
عن أفضل الأعمال؟ قال: " الصلاة لأول وقتها ".
(15) وفي حديث ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " صل صلاة
مودع كأنك تراه، فان كنت لا تراه فإنه يراك (4). وتيأس عما في أيدي الناس،
تعش غنيا. وإياك وما تعتذر منه " (5).
(16) وفي حديث آخر عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا أردت أن
تدعو لله، فقدم صلاة أو صدقة، أو خيرا أو ذكرا " (6) (7).

(1) رواه مسلم في صحيحة كتاب الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا
حديث 667.
(2) وهذا الحديث يدل على أن أهل الفضائل، هم أهل التقدمة في أوائل الأمور
الدينية وغيرها، وان الأراذل مرتبتهم التأخير هذا في الرجال، وفى النساء ينعكس هذا
الحكم، فيكون خيارهن آخرهن، لشدة حياء المتأخرة منهن إذا حضرن مع الرجال (معه).
(3) رواه مسلم في صحيحة كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها حديث 440.
(4) فيه إشارة إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام: لم أكن أعبد ربا لم أره، لم تره
الابصار بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقايق الايمان (جه)
(5) أي يجب لك أن تدع كل شئ تحتاج بعد الفعل إلى العذر من الله سبحانه
(معه)
(6) قوله صلى الله عليه وآله (أو خيرا) هذا تعميم بعد التخصيص، فهو خير فعلى
غير الصلاة. والصدقة، من أفعال البر والذكر خير قولي (معه)
(7) يعنى إذا أردت طلب حاجة فتقدم بأحد هذه الأمور. وجاء في الحديث الصحيح
ان أحسن ما تقدم بين يدي الحاجة، الصلاة على محمد وآله قبل طلب الحاجة وبعدها. لان
الله سبحانه أكرم من أن يقبل الطرفين ويرد الوسط (جه).
110

(17) وروى ابن عباس، قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وآله يقول: " يأتي بالمقتول
يوم القيامة، معلقا رأسه بإحدى يديه، ملببا قاتله (1) بيده الأخرى، تشخب
أوداجه دما، حتى يرفعها (يرفعا خ) على العرش، فيقول المقتول لله تبارك
وتعالى: رب هذا قتلني. فيقول الله عز وجل للقاتل: تعست، فيذهب به إلى
النار " (2).
(18) وحدث أبو شريك، عن منصور، عن الشعبي، عن جابر، قال
اشترى منى رسول الله صلى الله عليه وآله بعيرا فاستثنيت ظهره إلى المدينة " (3).
(19) وروى حماد بن زيد، عن مخالد، عن الشعبي، عن جابر، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ليس منا من سلق، ولا خرق، ولا حلق " (4) (5).
(20) وحدث شعبة، عن قتادة، عن الحسن، أبي رافع، عن النبي صلى الله عليه وآله قال:

(1) أي آخذ بجيبه: قال في مجمع البحرين: ولببت الرجل تلبيا إذا جمعت
ثيابه عند صدره ونحره عند الخصومة، ثم جررته.
(2) مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص (294) وص (364) وسنن ابن ماجة ج 2
كتاب الديات (2) (باب هل لقاتل مؤمن توبة) حديث 2621.
(3) يعنى اشترط ركوبه إلى المدينة. وهذا يدل على جواز البيع مع الشرط
(معه).
(4) السلق، مشتق من السليقة: وهي كثرة الكلام مع الوقاحة وقلة الحياء. والحلق هي
حلق اللحية. والخرق: هو سرعة انفاق المال وتبذيره في غير الأغراض الصحيحة،
يقال: رجل أخرق اليد إذا كان لا يبقى من ماله شيئا الا وينفده (معه).
(5) صحيح مسلم، كتاب الايمان (44) باب تحريم ضرب الخدود وشق
الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية حديث (165) وقال في شرح الحديث (الصالقة)
بالصاد وبالسين لغتان. وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة (والحالقة) هي التي
تحلق شعرها عند المصيبة (والشاقة) هي التي تشق ثوبها عند المصيبة.
111

إذا جلس بين شعبها الأربع وأجهدها، فقد وجب الغسل " (1) (2).
(21) وروى أبو سعيد الخدري عنه صلى الله عليه وآله: " مثل المؤمن مثل الفرس، فر من
أخيته (3) يجول، ثم يرجع إلى أخيته. وان المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الايمان
اطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين " (4).
(22) وروى أبو سعيد الخدري أيضا، بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله: إذ
قام رجل من الأنصار، فقال: " يا نبي الله، انا نصيب سبايا، ونحب الأثمان
كيف ترى من العزل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " وانكم لتفعلون ذلك، لا عليكم أن لا
تفعلوا، فإنها ليست نسمة كتب الله ان تخرج، الا وهي خارجة " (5).

(1) المراد بالشعب الأربع، ما بين فخذيها، وما بين شفريها. لان الشعب هنا
الشاخات، كشعب الشجرة، وقوله صلى الله عليه وآله: وأجهدها: عبر به عن الادخال وقوله
صلى الله عليه وآله: وجب الغسل، أي سواء وقع الامناء أو لا. وفيه دلالة على وجوب
الغسل بمجرد الادخال، وانه لا يتوقف وجوبه على شئ آخر. فيستدل به على كون غسل
الجنابة واجبا لنفسه، بل ويمكن الاستدلال به على فورية وجوبه، لان الفاء للتعقيب بلا
مهملة (معه)
(2) بين شعبها الأربع: هي يداها ورجلاها، أو رجلاها وشفراها (الشفر طرف
الفرج) فرجها، كنى بذلك عن تغيب الحشفة في فرجها (القاموس).
(3) الأخية والإخية: حبل يدفن في الأرض مثنيا فيبرز منه شبه حلقة تشد فيها
الدابة، ج، أو أخي وأخايا وأواخ (المنجد).
(4) وفيه دلالة على أن فعل الخيرات والصدقة والمبرات للمؤمنين، كفارة لما
يعرض له من الغفلة والسهو في الاعتقادات الدينية، التي يجب المداومة عليها. وجه
المناسبة بين قوله عليه السلام: اطعموا طعامكم، وبين ما قبله: أن يكون كفارة لتلك
الغفلة الواقعة بعد الايمان. وعبر بالسهو، عن الغفلة العارضة في بعض الأحيان، عن قصور
الاعتقادات الايمانية ثم يرجع إلى الذكر، فيرجع إليه اعتقاده. وأولوا معروفكم
أي خصوا معروفكم، أي احسانكم (معه).
(5) وهذا يدل على أن العزل لا ينفى الولد، ولا يجوز نفيه معه، وعلى ان العزل
في المملوكة ليس بمحرم ولا مكروه، لأنه عليه السلام لم ينه عنه، وإنما بين وجه
حكمة الله في تركه، وجعل فعله وتركه سواء بالنسبة إلى ما كتب الله في علمه فعلمنا
ان القاء المنى في الرحم، ليس سببا تاما في حصول الولد (معه).
112

(23) وقال صلى الله عليه وآله: في حق عمار بن ياسر، " انه من يحقر عمارا يحقره الله،
ومن يسب عمارا يسبه الله، ومن يبغض عمارا يبغضه الله ".
(24) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " عمار جلدة بين عيني، تقتله الفئة
الباغية " (1) وعنه صلى الله عليه وآله: لا أكل متكئا (2)
(25) وعن عيسى بن برداد، عن أبيه، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " إذا بال
أحدكم فلينتر ذكره " (3)
(26) وروى أبو ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان أحسن ما غيرتم به هذا
الشيب، الحناء والكتم " (4).
(27) ورى عكاس السلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا قضى الله عز
وجل لرجل أن يموت بأرض جعل له بها حاجة ".
(28) وفي حديث أبي الأحوص قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله، وأنا أشعث أغبر

(1) أقول: أما حديث (تقتله الفئة الباغية) فكأنه من الأحاديث المتواترة، بل
الضرورية كما عن بعض. وأما حديث من يسب عمارا يسبه الله، ومن يبغضه يبغضه الله
عز وجل، فقد رواه أحمد بن حنبل في ج 4 من مسند ص 89 - 90.
(2) النهى للتنزيه عن فعله، وإذا تنزه عليه السلام عن فعله، وجب علينا التأسي
به في ذلك، فنتنزه عنه كما هو تنزه عنه، لان الأصل عدم التحريم (معه).
(3) هذا هو معنى الاستبراء عقيب البول، وهل الامر هنا للوجوب أو الندب؟
تحقيقه في الفقه (معه).
(4) الكتم الوسمة، وهذا يدل على أن صبغ الشيب سنته، لما فيه من إرهاب
العدو وانس النساء (معه).
113

فقال: هل لك من المال؟ فقلت: من كل المال قد آتاني الله عز وجل، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: " ان الله عز وجل إذا أنعم على عبد أحب أن يرى عليه
آثار نعمته ".
(29) وفي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الإمام العادل لا ترد
دعوته " (1).
(30) وفي حديث آخر عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أربع في أمتي من
أمر الجاهلية، لن يدعوها: الطعن في الأنساب، والتفاخر بها، وبالأحساب، و
النياحة، والعدوي، وقول: مطرنا بنوء كذا " (2).
(31) وروى عبد العزيز بن عبد المطلب، عن أبيه، عن مولاه المطلب، عن
رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: " من كان يؤمن بالله عز وجل، فلا ينظر إلى عورة
أخيه " (3) (4).

(1) يحتمل أن يراد به المعصوم، فإنه إذا دعا الله بدعاء، لا يرد الله دعوته، بل
يستجيب له. ويحتمل أن يراد به، انه لا يجوز لاحد أن يرد دعوته إذا دعا لشئ من
المهمات في جهاد أو غيره، لكونه واجب الطاعة، فيكون (لا) هنا للنهي وهناك
للنفي (معه)
(2) النوء، هو الوقت المنسوب إلى الطالع في النجوم (معه).
(3) يراد بالعورة هنا، كل ما يسوء الانسان الاطلاع عليه، في الأمور التي تعيبه
والقبائح التي يخفيها عن غيره، فيدخل فيه العورة الحقيقية، وهي القبل والدبر، و
سائر العورات المعنوية، فلا ينبغي للمؤمن أن يبحث عنها، ليطلع على ذلك من أخيه
بل الواجب عليه إذا اطلع على شئ من ذلك أن يغض عن بصره، ويكف عن إظهاره
وكشفه، ليتحقق له معنى الايمان (معه).
(4) أقول: روى الشيخ طاب ثراه باسناده إلى حذيفة بن منصور. قال: قلت لأبي
عبد الله عليه السلام شئ يقوله الناس: عورة المؤمن على المؤمن حرام؟ فقال: ليس
حيث يذهبون. إنما عنى عورة المؤمن، يزل زلة، أو يتكلم بشئ يعاب عليه، فيحفظه
عليه، ليعيره به يوما.
وفى حديث آخر عنه عليه السلام في قوله: " عورة المؤمن على المؤمن حرام " قال:
إذاعة سره. والاخبار بهذا المعنى متكاثرة ولا منافاة بينها وبين الأخبار الدالة على أن
المراد منها العورة الظاهرة، كقوله عليه السلام: " ما يمنعكم من الأزر في الحمام؟ "
فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " عورة المؤمن على المؤمن حرام " ونحو ذلك الاخبار
لان كل معنى مدلول عليه بحديث. أو يكون المعنيان مرادين من الاخبار، ويكون المراد
من قوله: (ليس حين تذهبون) القصر والتخصيص بالمعنى المشهور (جه)
114

(32) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " الوضوء نصف الايمان، والصوم نصف
الصبر " (1).
(33) وفى حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله: " الطهور نصف الايمان، والصوم نصف
الصبر " (2).
(34) وفي حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يحقرن
أحدكم نفسه، إذا رأى أمرا لله عز وجل فيه حق، إلا أن يقول فيه، لئلا يقفه الله
يوم القيامة، فيقول له: ما منعك، إذا رأيت كذا وكذا أن تقول فيه؟ فيقول: رب
خفت، فيقول الله عز وجل: أنا كنت أحق أن تخاف " (3)

(1) المراد بالوضوء هنا: الوضوء الحقيقي وهو رفع الاحداث المعنوية بالنسبة
إلى القلب واللسان والجوارح، فيكون نصف الايمان. لان الايمان عبارة عن التخلية
والتحلية، وهما نصفان. فالوضوء الذي هو التخلية نصف، والتحلية بالاعتقادات الحقة
نصفه الاخر (معه).
(2) الامساك عن الشهوات: وإنما كان نصف الصبر، لأنه منقسم إلى صبر عن
المعصية، وصبر على الطاعة. فالصوم يصير نصفا (معه).
(3) هذا الحديث في باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وفيه دلالة على أن
وجوبها لا ينتفى بالخوف. وسيأتي معارضه في أخبار أخر دالة على جواز التقية
مع الخوف. ويمكن حمل هذا الحديث، على أن الخوف الحاصل فيه، كان اما
خوفا وهميا، لا أصل له، أو كان ذلك الخوف على أمر لا يترك الامر لأجله، أو
كان ذلك الامر مما لا يجوز التقية فيه، ككلمة الكفر ممن يقتدى به (معه)
115

(35) وعنه قال: أصبنا سبايا يوم خيبر، فكنا نعزل عنهن مخافة الولد
فقال بعض لبعض، تفعلون هذا وفيكم رسول الله صلى الله عليه وآله فما يمنعكم لو سألتموه
فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: " ليس من كل الماء يكون الولد، فإذا أراد الله
عز وجل أن يخلق منه شيئا لم يمنعه شئ ".
(36) وعنه صلى الله عليه وآله قال: " ذكاة الجنين ذكاة أمه " (1)
(37) وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله تعالى نهاكم عن الربا، ولا يرضى لنفسه
فمن نام عن فريضة، أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها، ولا كفارة له غير ذلك أن
الله تعالى يقول: " أقم الصلاة لذكرى " (2) (3).
(38) حدث ابن عجلان، عن علي بن يحيى الزرقي، عن أبيه، عن عمه، و
كان بدريا قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذ دخل المسجد رجل فقام ناحية
ورسول الله صلى الله عليه وآله يرمقه ولا يشعر، ثم انصرف فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلم عليه،

(1) يحتمل في لفظة (ذكاة) الرفع والنصب: اما على الرفع فلا يحتاج إلى
ذكاته، واما على النصب فلا بد من ذكاته. لان المحذوف (الكاف) وهو تقتضيه التشبيه
وهو لا يتم الا باتيان بمثل ذبح الأم إذا اتسع الزمان لذلك (معه). الوسائل: 16 / 269
(2) سورة طه: الآية 14.
(3) وفى هذا الحديث دلالة على فورية القضاء، لان (إذا) للتوقيت، فيكون
لوقت ذكرها يجب فعلها فيه، فوقت ذكرها، ظرف لقضائها، فلا يصح تأخيرها عنه،
ويؤكدها الآية المعلل بها الحديث. لان معناها، أقم الصلاة لوقت ذكرى، أي لذكرى
إياك لها. ويحتمل أن يجاب عن الفورية المستدل عليها بظاهر الحديث، بأن يقال:
المراد بقوله (فليصلها) ايجاب صلاتها بسبب ذكرى، فالذكر سبب الوجوب.
وأما الفورية فلا يستفاد من هذا اللفظ: وكذا الكلام في الآية، فان قوله: (لذكرى)
المراد منه أنه سبب الوجوب أعم من الفوري وغيره (معه)
116

فرد عليه السلام، وقال: له ارجع وصل، فإنك لم تصل، حتى فعل ثلاثا، فقال
الرجل: والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جهدت وحرصت، فعلمني وأرني
فقال عليه السلام: " إذا أردت الصلاة فأحسن الوضوء، ثم قم فاستقبل القبلة، ثم كبر
ثم اقرأ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثن ارفع حتى تعدل قائما، ثم اسجد حتى
تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن قاعدا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، فإذا
صنعت ذلك فقد قضيت صلاتك، وما نقصت من ذلك، فإنما تنقصه عن
صلاتك " (1) (2) (3).
(39) وفي حديث أبي عبد الله الأشعري، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله
بأصحابه، ثم جلس في طائفة منهم، فدخل رجل فقام يصلي، فجعل لا يركع
وينقر في سجوده، والنبي صلى الله عليه وآله ينظر إليه، فقال: " أترون هذا؟ لو مات على هذا
لمات على غير ملة محمد، نقر صلاته، كما ينقر الغراب الدم إنما مثل الذي
يصلي ولا يركع وينقر في سجوده، كالجائع لا يأكل الا تمرة أو تمرتين،

(1) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، (11) باب وجوب القراءة في كل ركعة،
وانه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، حديث (45)
وراوي الحديث أبو هريرة.
(2) وهذا الحديث يدل على أن الطمأنينة في الركوع، والسجود، والرفع منهما
واجبة لا يجوز تركها، وان من تركها فقد نقص صلاته، ونقص الصلاة عمدا، مبطل
لها بمضمون الحديث (معه).
(3) أطبق علمائنا رضوان الله عليهم على وجوب الطمأنينة، والسجود بمقدار
الذكر، بل ذهب الشيخ طاب ثراه في الخلاف إلى أنها في الركوع ركن.
وقال أبو حنيفة، لا تجب الطمأنينة في الركوع ولا في السجود، ووافقه مالك
في السجود. وهذا الحديث من طرقهم، وهو حجة عليهم. واحتجا بقوله تعالى: اركعوا
واسجدوا، وغير المطمئن آت بمطلق المأمور، فيكون مجزيا.
وأجاب العلامة (ره) بأن فعل النبي صلى الله عليه وآله مبين له، فلم يكن المطلق مجزيا (جه).
117

فماذا تغنيان عنه فأسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار، وأتموا الركوع
والسجود " (1) (2).
(40) وقال صلى الله عليه وآله: " لا نبي بعدي، ولا أمة بعدي، فالحلال ما أحله الله على
لساني والحرام ما حرمه الله تعالى على لساني إلى يوم القيامة ".
(41) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " أمكنوا الطيور من أوكارها " (3).
(42) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله: " ان الملائكة تستبشر بروح المؤمن،
وان لكل مؤمن بابا من السماء، يصعد فيه عمله، وينزل منه رزقه، ويعرج فيه
بروحه إذا مات ".
(43) وفي الحديث ان رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله بأمة أعجمية للعتق. فقال

(1) مضمون هذا الحديث مضمون ما تقدمه (معه).
(2) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 2: (89 باب الطمأنينة في الركوع)
(3) المفهوم من هذا الحديث: انه نهى عن صيد الطيور من أوكارها وأعشاشها
وكأنه يقول: إذا أردتم صيدها فاتركوها حتى تطير منها، ولا تقصدوها في أوكارها
لتهيجوها، بل أمسكوها فيها، أي اتركوها، ويكون النهى للتنزيه.
ويحتمل أن يكون النهى عن عمل الجاهلية، وهو زجر الطير للتفأل به، ويسمونه
علم القيافة، والزجر: هو التفأل بها. فان الواحد منهم كان إذا بكر في الحاجة مغلسا
ولم يجد طيرا طائرا يتفأل به، عمد إلى طير في وكره، فأهاجه حتى يطيره ليتفأل به
في حاجته، في أنه يمضى فيها، أو يرد. فنهى النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك، و
قال: (امضوا في حوائجكم واتركوا الطير في أوكارها ولا تهيجوها) نهيا عن التخلق
بأخلاق الجاهلية، وأمرا بالاتكال على الله تعالى، ثقة به في الأمور، واعتمادا عليه.
ويحتمل أن يراد بالطيور، النفوس الناطقة، وبالأوكار الأبدان، وامكانها من أوكارها
استعمالها بالتصرف في أبدانها، وعدم تعطيلها بالنوم والبطالة. فإنما جعلت في هذا
البدن لتتصرف فيه، وتعمل به. فعدم امكانها فيه بالتعطيل مخالف للغرض المقصود
منها (معه).
118

رسول الله صلى الله عليه وآله: " أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: رسول
الله قال: هي مؤمنة، وأمر بعتقها ".
(44) وفي الحديث: " ان الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث
الأخير من الليل، وينزل عشية عرفة إلى أهل عرفة، وينزل ليلة النصف من شعبان " (1)
(45) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " ان موسى لما نودي من الشجرة (اخلع
نعليك) (2) أسرع الإجابة، وتابع التلبية، وقال: اني أسمع صوتك، وأحس
وجسك (2) ولا أرى مكانك، فأين أنت؟ فقال أنا فوقك، وتحتك، وأمامك
وخلفك، ومحيط بك، وأقرب إليك من نفسك ".
(46) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: أنه قال: " اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر

(1) وهذا الحديث من المتشابهات. لان لفظ النزول مخالف لمقتضى العقل
لأنه لا يتحقق الا في الأجسام، لاشتماله على الحركة. لكن لايراد بهذا الحديث هنا هذا
الظاهر، لاستحالته عليه تعالى، بل المراد بالنزول هنا نزول أمره، أو رحمته. كما في
مثل قوله تعالى (وجاء ربك) والمراد جاء أمر ربك مع الملائكة. فالكلام مشتمل على
اضمار. وإنما خص هذه المواضع لشرفها، لكونها محلا لاستجابة الدعاء (معه).
(2) سورة طه، الآية 12.
(3) الوجس، الصوت الخفي، وتوجس بالشئ أحس به، فتسمع له (النهاية).
119

أهلها البله (1) (2) واطلعت على النار، فوجدت أكثر أهلها النساء " (3)
(47) وروى مالك، عن سالم (عن خ) أبي النصر، عن ابن جرهد، عن
أبيه، ان رسول الله عليه السلام مر عليه، وهو كاشف فخذه فقال: " غطها، فان الفخد
عورة " (4).
(48) وفي حديث أبي حميد الساعدي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا قام
إلى الصلاة، كبر، ثم قرأ، فإذا ركع مكن كفيه من ركبتيه، وفرج بين أصابعه
ثم هصر (5) ظهره غير مقنع، ولا قابع، وروي ولا صافح، فإذا رفع رأسه

(1) ليس المراد بالبله، الذين لا عقول لهم، لان ذلك ليس مرتبة كمالية، بل
المراد بهم أهل الاشتغال بالله عن كل ما سواه، فكأنهم بله عن غيره، لأنهم لا يعرفون
غيره. ومثلهم قول الشاعر:
ولقد علقت بطفلة مياسة * بلهاء تطلعني على أسرارها
وأراد به، البله عن معرفة غيره (معه)
(2) قال في النهاية: أنشد الهروي:
ولقد لهوت بطفلة مياسة * بلهاء تطلعني على أسرارها
أراد انها غر لا دهاء لها. وكتب في هامش بعض النسخ في معناه: أي جميلة الأخلاق.
(3) المراد بالنساء هنا: لم يستوف حق الرجولية من الصنفين. ومعناه ان
كل من كان ميله إلى القوى الشهوية والغضبية أكثر، حتى تصير رذائل الأخلاق ملكة
له، وأما الرجولية، فهي الميل إلى تعلقات القوى العقلية حتى تكون الكمال ملكة له.
والقسم الأول: هي الأنوثة الحقيقية المحضة، والقسم الثاني: هي الرجولية
الحقيقية المحضة، وما بينهما مراتب كثيرة، منهما ما يقرب من الأول، ومنهما ما يقرب
إلى الثاني (معه).
(4) وهذا يدل على أن ما بين الركبة والسرة عورة الرجل، ويجئ في الأحاديث
ما يعارضه ويحمل هذا الحديث على الندب (معه).
(5) في النهاية كان إذا ركع هصر ظهره، أي ثناه إلى الأرض، وأصل الهصر ان
تأخذ برأس العود فتثنيه إليك وتعطفه، ومنه الحديث انه كان مع أبي طالب فنزل تحت
الشجرة، فتهصرت أغصان الشجرة أي تهدلت عليه. وقوله غير مقنع (في النهاية) أيضا فيه:
انه كان إذا ركع لا يصوب رأسه ولا يقنعه أي لا يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره، وقد أقنعه
يقنعه اقناعا. وقوله: ولا قابع، يقال: قبع قبعة القنفذ إذا دخل رأسه واستخفى كما يفعله
القنفذ وقوله: ولا صافح، أي غير مايل بصفحة رأسه إلى طرف آخر، بل يكون معتدل الرأس
وفى قوله: ثم هصر ظهره، رد على أبي حنيفة حيث اكتفى في الركوع بمطلق الانحناء
(جه).
120

اعتدل قائما حتى يعود كل عضو منه مكانه، فإذا سجد أمكن الأرض من كفيه
وركبتيه وصدور قدميه، ثم اطمأن ساجدا، فإذا رفع رأسه اطمأن جالسا
وإذا قعد في الركعتين، قعد على بطن قدمه اليسرى ونصف اليمنى، فإذا كانت
الرابعة، أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض، وأخرج قدميه من ناحية واحدة " (1)
(49) وروى سعيد بن جبير، قال: حدثني ابن عباس، ان النبي صلى الله عليه وآله قال
" من مشى إلى أخيه بدين ليقضيه إياه، فله به صدقة، ومن أعان على حمل دابته
فله به صدقه. ومن أماط أذى (2) فله به صدقة. ومن هذى (3) زقاقا، فله به صدقة
وكل معروف صدقة.
(50) وروى شريك عن الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان
عن عبد الله بن عمر، ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " القتل في سبيل الله يكفر الذنوب
كلها " أو قال: يكفر كل شئ الا الأمانة يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له: أد أمانتك
فيقول: أني يا رب وقد ذهبت الدنيا فيقال: اذهبوا به إلى الهاوية، فيذهب

(1) وفى هذا دلالة على أن الفرق بين جلوس التشهدين بالصورة المذكورة في
كل منهما، وهو للندب (معه).
(2) وهذا يدل على أن من دفع شبهة عن الدين، حتى لا يلتبس على الضعفاء، كان
بهذه المنزلة، بل أعلى محلا (معه).
(3) أي رفع الأشياء التي يكون بين الزقاق.
121

به إليها، فيهوى فيها حتى ينتهى إلى قعرها، فيجدها هناك كهيئتها، فيأخذها
ويضعها على عاتقه، فيصعد بها في نار جهنم، حتى إذا رأى أنه خرج منها
زلت منه فهوت، فهوى في أثرها أبد الأبدين، والأمانة في الصلاة، والأمانة
في الصوم، والأمانة في الحديث. وأشد ذلك الودايع "
(51) وروى خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال: " من استمع إلى حديث قوم وهم كارهون، صب في أذنيه الأنك (1)
ومن تحلم (2) كلف أن يعقد شعيرة أو يعذب وليس بعاقد. ومن صور صورة
عذب حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ " (3).
(52) وروى أبو عوانة، عن أبي ليلي، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر
بن عبد الله الأنصاري، قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وآله وجماعة من الصحابة، حتى
أتى النخل الذي فيه مشربة أم إبراهيم، ابنه فإذا هو في حجر أمه، وهو يجود
بنفسه، فذرفت عيناه صلى الله عليه وآله فبكى فقال: بعض أصحابه أتبكي يا رسول الله؟
وأنت قد نهيتنا عن البكاء فقال صلى الله عليه وآله: " إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين
صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة، خمش
وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان، وهذه رحمة، ومن لا يرحم لا يرحم. يا إبراهيم
لولا أنه قول حق ووعد صدق، وسبيل مأتية، وان آخرنا يلحق بأولنا، لحزنا
عليك حزنا أشد من هذا، وانا عليك لمحزونون. تبكي العيون، وتوجل القلوب

(1) الأنك: وزان أفلس الرصاص، وقيل: هو الرصاص الأبيض وقيل: هو الأسود
وقيل: هو الخالص منه، ولم يجئ على أفعل غير هذا على ما قيل (مجمع البحرين).
(2) حلم حلما، وحلما في نومه، رأى في منامه رؤيا وتحلم تكلف الحلم (المنجد)
والمراد الكذب في الرؤيا
(3) ورواه أحمد بن حنبل في ج 1 من مسنده ص 246 من مسند عبد الله بن عباس.
122

ولا نقول ما يسخط الرب "
(53) وروى يحيى بن محمد بن صاعد، عن سعيد بن يحيى الأموي
عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، قال: خطب علي بن أبي طالب
عليه السلام بالشام (1) فقال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله مثل مقامي هذا فيكم، فقال:
" خير قرونكم قرن أصحابي ثم الذين يلونهم، ثم يفشوا الكذب، حتى يعجل
الرجل بالشهادة قبل أن يسأل عنها، فمن أراد بحبوحة الجنة، فليلزم الجماعة
فان الشيطان مع الواحد ومن سرته حسنة وساءته سيئة فهو مؤمن " (2) (3).
(54) وفي حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان أهل
النار يموتون ولا يحيون، وان الذين يخرجون منها، وهم كالحمم والفحم
فيلقون على نهر يقال له الحياة، أو الحيوان، فيرش عليهم أهل الجنة من مائه
فينبتون، ثم يدخلون الجنة وفيهم سيماء أهل النار، فيقال: هؤلاء جهنميون
فيطلبون إلى الرحيم عز وجل، اذهاب ذلك الاسم عنهم، فيذهبه عنهم، فيزول
عنهم الاسم، فيلحقون بأهل الجنة " (4).
(55) وعنه أيضا، قال: قلت يا رسول الله من أشد الناس بلاء؟ قال: الأنبياء

(1) كذا في الحديث وكتب في هامش نسخة دانشكاه تهران عند كلمة الشام
(أي ولاية الشام).
(2) هذا يدل على أن أخذ السنة والأحاديث بعد قرن الصحابة والذين يلونهم
يجب فيه الاحتياط فلا يأخذه الا من جماعة يغلب ظنه على صدقهم، ولا يأخذه من الواحد
لما علله من فشو الكذب فيهم وفيه دلالة على المنع من العمل بخبر الواحد (معه).
(3) أورده في جامع أحاديث الشيعة باب (17) من المقدمات حديث 3 نقلا
عن عوالي اللئالي.
(4) وفى هذا دلالة على انقطاع عقاب الفاسق خلافا للوعيدية القائلين بعدم
انقطاع عذابه (معه).
123

قلت ثم من؟ قال: الأمثل فالأمثل، ثم الصالحون. لقد كان أحدهم يبتلى بالفقر
حتى لا يجد الا العباء يحويها، فيلبسها، ويبتلي بالقمل حتى يقتله. ولأحدهم أشد
فرحا بالبلاء، من أحدكم بالعطاء " (1).
(56) وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " يؤتى بالرجل يوم القيامة،
فيقال: أعرضوا عليه صغار ذنوبه قال فتعرض عليه ويخباء عنه كبارها فيقال:
عملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا وهو مقر، ليس ينكر، وهو مشفق من الكبائر
ان تجئ. فإذا أراد الله به خيرا، قال: أعطوه مكان كل سيئة حسنة قال: فيقول
يا رب لي ذنوبا، ما رأيتها ههنا؟ قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ضحك حتى بدت
نواجده ثم تلى (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) (2) (3).
(57) وروى أبو الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " حبك للشئ
يعمى ويصم ".
(58) وحدث ابن كنانة، عن ابن عباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده مرداس
ان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا عشية عرفة لامته بالمغفرة والرحمة، فأجابه الله: اني قد
فعلت، الا ظلم بعضهم بعضا، فأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها، فقال:
" يا رب انك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته، وتغفر لهذا الظالم "
قال: فلم يجبه تلك العشية فلما كان غداة المزدلفة، أعاد الدعاء، فأجابه الله تعالى:
اني قد غفرت لهم، قال: ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له بعض أصحابه: تبسمت
في ساعة لم تكن تتبسم فيها؟ فقال: تبسمت من عدو الله إبليس انه لما علم أن

(1) وهذه نهاية مرتبة الرضا، لأنهم يرضون بالحاضر كيف كان فلا يخالف شئ
منه طباعهم (معه).
(2) سورة الفرقان الآية 70.
(3) ورواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 157 عن حديث أبي ذر الغفاري.
124

الله قد استجاب لي في أمتي، أهوى يدعو بالويل والثبور، ويحثو التراب
على رأسه (1).
(59) وروى عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وآله: " (انه خ) يقول الله يا ابن آدم، اذكرني في نفسك، أذكرك في نفسي،
واذكرني في ملاء الناس، أذكرك في ملاء خير منهم ".
(60) وروي في حديث عنه صلى الله عليه وآله قال: " لو أن حجرا قذف به في جهنم
لهوى فيها سبعين خريفا قبل أن يبلغ قعرها ".
(61) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله قال: " الخلافة بعدي ثلاثون، ثم تكون
ملكا عضوضا " (2) (3) (4).

(1) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 5، كتاب الحج (باب ما جاء في فضل
عرفة) وسند الحديث هكذا (حدثني ابن كنانة بن العباس بن مرداس السلمي، عن أبيه،
عن جده عباس بن مرداس ان رسول الله صلى الله عليه وآله الخ).
(2) يريد بالخلافة الخلافة الواقعة بعده، والظاهر حصولها، وتسميتها خلافة بين
الناس، ثم إنها بعد المدة، تصير بين الناس لا تسمى خلافة، بل ملكا، ولا يراد الخلافة
الحقيقية الواقعة من الله، فإنها لا تنقطع أبدا، ولا تزول اسمها عن أهلها في وقت من
الأوقات، لان سنة الله لا تغيير فيها ولا تبديل (معه).
(3) ورواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 220 وص 221 في حديث (سفينة
مولى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم).
(4) في النهاية: ثم يكون ملكا عضوضا، أي يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنهم
يعضون عضا، والعضوض من أبنية المبالغة وفى رواية، ثم يكون ملوك عضوض جمع
عض بالكسر، وهو الخبيث الشرير، انتهى. وبيان كون الثلاثين سنة خلافة، انها كانت مدة
خلافة الأربعة فان مدة خلافة الثلاثة، كانت خمسا وعشرون سنة،، وخلافة أمير المؤمنين
سلام الله عليه، كانت خمس سنين، وكان الثلاثة يسلكون في التقشف والزهد مسلك النبي
صلى الله عليه وآله في كثير من الأمور، وان اختلفوا في العزائم والنيات ولما جاءت
النوبة إلى معاوية، أقبل على الدنيا ولذاتها، ومشتهياتها والتأنق في الزينة، وهو الذي
اخترع التلون في الأطعمة، وركب الأرز، واللحم، والسمن، وكان الناس قبله يأكلون
ثريد المرق واللحم، وهو الذي وضع موائد الخمر، وسلك طريق الجبابرة، وزاد عليه
من بعده من بنى أمية، وبنى العباس فهذا معنى الحديث (جه).
125

(62) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله، انه قدم عليه رجل فأضافه، فأدخله بيت
أم سلمة، ثم قال: " هل عندكم شئ؟ قال: فأتونا بجفنة كثيرة الثريد والوذر (1)
فجعل ذلك الرجل يجيل يده في جوانبها، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله يمينه بيساره
ووضعها قدامه، ثم قال: كل مما يليك، فإنه طعام واحد فلما فرغت الجفنة أتونا
بطبق فيه رطب، فجعل يأكل من بين يديه، وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يجول في
الطبق، ثم قال: للرجل كل من حيث شئت فإنه غير طعام واحد، ثم أتونا
بوضوء فغسل يديه، ثم مسح وجهه وذراعيه، وقال: " هذا الوضوء مما مسته
النار " (2).
(63) وروي عن أنس قال: عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وآله فسمت أحدهما
ولم يسمت الاخر، فقيل يا رسول الله، سمت هذا ولم تسمت هذا؟ فقال: " ان
هذا أحمد الله، ولم يحمد الاخر " (3).
(64) وروى عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من ترك صلاة، لقي
الله وهو عليه غضبان ".
(65) وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " هلك المثرون "

(1) الوذر: جمع وذرة، وهي القطعة من اللحم، مثل تمر وتمرة (مجمع البحرين)
(2) فيراد به هنا غسل اليدين بعد الطعام (معه).
(3) في هذا الحديث دلالة على أن استحباب التسميت مشروط بحمد الله من
العاطس (معه).
126

قلت يا رسول الله الا من؟ فأعادها ثلاثا، ثم قال: " الا من هكذا وهكذا، و
قليل ما هم " (1) (2).

(1) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الزهد، (8) باب في المكثرين حديث 4129
مع اختلاف يسير في اللفظ.
(2) تقديره: الا من فرقه في جهاته من أعمال الخيرات والصدقات والمبرات وصلة
الأرحام وبر الاخوان واكرام الضيفان وأمثال ذلك (معه).
127

الفصل الثامن
في ذكر أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم الدين، روايتها تنتهي
إلى النبي صلى الله عليه وآله بطريق واحد من طرقي المذكورة آنفا.
(1) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه (1) و
من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه
كربة من كرب يوم القيامة. ومن سر (ستر خ) مسلما سره (ستره خ) الله يوم
القيامة " (2) (3).

(1) أي لا يجوز أن يظلمه، ولا يجوز أن يسلمه إلى عدوه مع قدرته على نصرته
بل يجب عليه أن ينصره ممن يظلمه (معه).
(2) ويدل هذا الحديث على أن الظالم لأخيه، والمسلم له مع قدرته على نصرته
ليس بمسلم. لأنه عليه السلام جعل المسلم أخ المسلم ما دام لا يظلمه ولا يسلمه، فإذا ظلمه
أو أسلمه، لم يكن أخا له، وإذا لم يكن أخا له، لم يكن مسلما. لان الاخوة هنا في صفة
الاسلام، لا في النسب. ويحمل على الاسلام الكامل. وهو قوى (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 91.
128

(2) وقال صلى الله عليه وآله: " الحياء من الايمان " (1) (2).
(3) وقال صلى الله عليه وآله: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. فالامام راع وهو المسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع، وهو مسؤول عن رعيته. والمرأة في
بيت زوجها راعية، وهي مسؤولة عن رعيتها. والخادم في مال سيده راع. وهو
مسؤول عن رعيته. والرجل في مال أبيه راع، وهو مسؤول عن رعيته. وكلكم راع
وكلكم مسؤول عن رعيته " (3) (4).
(4) وقال صلى الله عليه وآله: وقد سئل عن صلاة الليل؟ فقال عليه السلام: " صلاة الليل مثنى
مثنى، فإذا خفت الصبح، فأوتر بواحدة " (5) (6).
(5) وقال صلى الله عليه وآله: " من فاتته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله " (7) (8).

(1) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 9 و 56.
(2) يعنى: الحياء جزء من أجزاء الايمان (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 5.
(4) بل الانسان نفسه راع على جوارحه وقواه فهو مسؤول عن رعيته. لأنه موكل
عليها بأن يصرفها لما خلقت له فلو خالف لزم السؤال (معه).
(5) فيه دلالة على أن صلاة الليل سابقة على الوتر، وانها كلها مثناة، الا الوتر
فإنه واحدة، وانه داخل في صلاة الليل، وأنه مؤخر عنها، الا ان يخاف طلوع الفجر
فيقدم الوتر عليها. وفيه زيادة اهتمام به، للامر بتقديمه عند خوف فواته بطلوع الفجر
وذلك دليل على أفضليته عليها، وفيه دلالة على أن الوتر ليس هو الثلاث (معه).
(6) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 9 - 10.
(7) أي أفرد من أهله وماله وصار محزونا عليهما، وهذا عقابه. وفيه دلالة
على شدة الاهتمام بصلاة العصر، فلهذا قال بعضهم: يستدل بهذا الحديث على أن الصلاة
الوسطى هي صلاة العصر وذلك أنهم يروون أنه عليه السلام قال: هذا يوم الأحزاب
لما فاتته العصر، لاشتغاله بالحرب (شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر) وإذا
صح هذا الحديث كان نصا في الباب (معه).
(8) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 8 و 13.
129

(6) وفي حديث ابن عمر قال: رأيت رسول الله، صلى الله عليه وآله يصلي على راحلته
في السفر حيث ما توجهت تطوعا، يومئ إيماء، غير أنه لا يصلي عليها
المكتوبة " (1).
(7) وفي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله: أمر بزكاة الفطرة تؤدى قبل خروج
الناس إلى المصلى " (2).
(8) وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله: فرض زكاة الفطر في رمضان، صاعا من
تمر، أو صاعا من شعير (3) على كل حر وعبد، وذكر وأنثى.
(9) وفيه أنه صلى الله عليه وآله كان يقول، في تلبيته: " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك
لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك " (4) (5).
(10) وفيه أنه صلى الله عليه وآله: مهل (6) أهل المدينة من ذي الحليفة. ومهل لأهل

(1) هذا يدل على أن النافلة في السفر يصح صلاتها على الراحلة اختيارا، دون
الحضر، والا لم يكن لذكر أنه صلاها في السفر كذلك فائدة (معه).
(2) والظاهر أنه هنا للاستحباب، لأنه لو أخرجها بعد أن صلى العيد قبل زوال
الشمس صحت. لكن تستحب اخراجها قبل الصلاة، ويحتمل أن يكون مراده بقوله: (قبل
خروج الناس إلى المصلى) أي قبل خروج وقت الصلاة. وحينئذ يكون الامر للوجوب
لان ذلك وقت الأداء، وأما بعد خروج وقت الصلاة يكون قضاء (معه).
(3) وإنما خص التمر والشعير، لأنه غالب قوت الحجاز يومئذ، فعلم منه ان
الواجب صاع من غالب قوت البلد على كل رأس (معه).
(4) مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 34 و 41 و 43 و 47 و 48 و 53. ورواه
في الوسائل كتاب الحج باب (26) من أبواب الاحرام حديث 2 و 6 وباب (40)
من هذه الأبواب فراجع.
(5) ذكر هذه الصورة العلامة في المختلف رواية. واختارها على سائر صور التلبية
الواردة في الروايات (معه).
(6) المراد بالمهل هنا، الميقات الذي يجب الاحرام منه. (معه).
130

الشام مهيعة، وهي الجحفة. ولأهل نجد قرن المنازل. ومهل لأهل اليمن يلملم
فقيل: لأهل العراق؟ فقال: لم يكن عراق يومئذ. (1) (2).
(11) وفي حديث ابن عمر قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وآله رجل، ما يلبس المحرم
من الثياب؟ فقال صلى الله عليه وآله: " لا يلبس القميص، ولا السراويلات، ولا العمائم، ولا
البرانس، ولا الخفان، إلا أن لا يجد نعلين، فيلبس الخفين وليقطعهما (3)
أسفل الكعبين، ولا يلبس ثوبا مسه ورس (4) أو زعفران (5) ولا تتنقب المرأة
ولا تلبس القفازين ".
(12) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن " (6)
(13) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل
والوتر فأوتروا قبل طلوع الفجر ".
(14) وقال صلى الله عليه وآله: " من مات وعليه صيام شهر، فليطعم عنه وليه مكان كل

(1) أي لم يكن أهل العراق مسلمين (معه).
(2) مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 11 و 50. ورواه في الوسائل، كتاب الحج
باب (4) من أبواب المواقيت.
(3) المراد بالقطع هنا. الشق. أي شق الخفين عن ظهر القدم، وهل هو واجب
أم لا؟ ظاهر الحديث يدل على وجوبه (معه) (4) الورس نوع من الطيب، ينحط من شجر، ويجلب من بلاد اليمن، طيب
الرائحة، يصبغ به الثياب (معه).
(5) إنما خص هذين النوعين من الطيب، لأغلبيتهما في الحجاز لأنهم كانوا يصبغون
بهما الثياب. وفيه دلالة على تحريم النقاب للمرأة. وتحريم لبس القفازين، وهما تثنية
قفاز وهما ثوبان بينهما قطن يلبسان على الكفين (معه).
(6) هذا الحديث يدل على كراهية القراءة الا ما أخرجه الدليل من قراءة القرآن
سبع آيات من غير كراهية، أو قراءة العزائم مع التحريم (معه).
131

يوم مسكينا " (1)
(15) وقال صلى الله عليه وآله: " لو أن لابن آدم ملأ واد مالا، لأحب أن يكون له مثله
ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب، ويتوب الله على من تاب " (2).
(16) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: " نهى عن بيع ثمر النخل حتى يأكل منه، أو
يؤكل. وحتى يوزن قلت: (قال خ) وما يوزن؟ فقال: رجل عنده حتى
يحرز " (3).
(17) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله قال: " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان "
يعنى ليلة القدر.
(18) وفيه أنه صلى الله عليه وآله دفع يوم عرفة، فسمع ورائه زجرا شديدا، وضربا للإبل
فأشار بسوطه إليهم وقال: " يا أيها الناس عليكم بالسكينة فان البر ليس بالايضاع
ان البر ليس بايجاف الخيل والإبل فعليكم بالسكينة قال: فما رأيتها رافعة يديها
حتى أتى منى " (4) (5) (6).

(1) والامر هنا للوجوب، لكن بشرط أن يكون قد تمكن من قضائه ولم يقضه.
والاطعام هل هو من مال الميت. أو من مال الولي؟ الظاهر أنه من مال الولي، لتوجه
الامر إليه، لامن مال الميت. يعنى من تركته (معه).
(2) هذا يدل على أن حب الدنيا من الذنوب التي يجب التوبة منها، ولا يسقط
عقابه الا بها كغيرها من الكبائر، الا ان يعفو الله عنها (معه).
(3) من الحرز بمعنى الخرص. وهذا يدل على أن بيع الثمرة لا يجوز حتى يبد
وصلاحها، بان يبلغ حالة يؤمن عليها من الفساد (معه).
(4) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحج ص 119 باب ما يفعل من دفع
من عرفة.
(5) دفع أي سار، والايجاف والايضاع: سرعة السير (جه).
(6) وفى هذا الحديث، دلالة على أنه يستحب الاقتصاد في السير إذا أفاض
الحج من عرفات إلى المشعر (معه).
132

(19) وفيه عنه صلى الله عليه وآله انه صلى المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامتين " (1)
(20) وقال صلى الله عليه وآله: " يرحم الله المحلقين مرتين، ثم قال، والمقصرين " (2) (3)
(21) وقال صلى الله عليه وآله: " البيعان بالخيار ما لم يفترقا (4) (5).
(22) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يبيع أحدكم على بيع بعض، ولا يخطب على خطبته
ولا تلقوا السلع حتى يهبط السوق " (6).
(23) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعا يبتاعه
أهل الجاهلية. كان يبتاع الرجل، الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم ينتج الذي

(1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحج ج 5: 121 باب الجمع بينهما بأذان
وإقامتين.
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 16 و 34 ولفظ الحديث (حتى قالها
ثلاثا). ورواه في الوسائل كتاب الحج، باب (7) من أبواب الحلق والتقصير حديث 6
ولفظ الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يوم الحديبية اللهم اغفر للمحلقين،
مرتين، قيل: وللمقصرين يا رسول الله قال: وللمقصرين "
(3) فيه دلالة على أن الحلق أفضل من التقصير (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 9 و 73. ورواه في الوسائل، كتاب
التجارة باب (1) من أبواب الخيار فلاحظ.
(5) فيه دلالة على أن خيار المجلس، إنما يثبت في البيع دون غيره من العقود
(معه)
(6) النهى في هذه الثلاثة، نهى تنزيه، لا نهى تحريم. وقال الشيخ رحمه الله:
التحريم بظاهر الحديث، فان الأصل في النهى التحريم. وليس المراد بالتحريم تحريم
البيع، أو تحريم الزوجة، أو تحريم السلعة، بل تحريم الفعل، وان وقعت العقود
(معه).
133

في بطنها، فنهاهم النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك " (1) (2).
(24) وقال صلى الله عليه وآله: " من ابتاع نخلا بعد أن يؤبر (3) فثمرتها للبايع، إلا أن
يشترط المبتاع. ومن ابتاع عبدا وله مال، فماله للبايع، إلا أن يشترطه
المبتاع " (4).
(25) وقال صلى الله عليه وآله: " من أعتق شركا له من مملوك، أقيم عليه قيمة عدل،
فأعطى شركائه حصصهم، وأعتق عليه العبد إن كان ذا يسار، والا فقد عتق منه
ما عتق " (5).
(26) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الثمرة حتى يبدوا صلاحها،
للبايع والمشتري (6)
(27) وفيه أنه صلى الله عليه وآله: نهى عن بيع الولاء، وعن هبته. (7) (8).
(28) وقال صلى الله عليه وآله: " ينصب لكل غادر لواءا يوم القيامة، فيقال، هذه غدرة

(1) وهذا من البيوع الفاسدة. لان الاجل غير مضبوط وهو يستلزم تجهيل البيع
(معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 15
(3) أما قبل التأبير، فالثمرة للمشترى، إلا أن يشترطها البايع. وهذا حكم مختص
بالنخل دون غيره (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 9 و 82
(5) وهذا نص في عتق السراية، وانه مشروط باليسار (معه).
(6) النهى للتحريم بالنسبة إلى البايع والمشترى (معه).
(7) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 9
(8) بيع الولاء: هو أن يبيع ولاية الإرث الثابتة للمعتق بعتقه أو بهبته، وكذا لا يجوز
نقله بشئ من العقود (معه).
134

فلان بن فلان " (1) (2).
(29) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله نهى عن الشغار: وهو أن يزوج الرجل ابنته
على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق (3) (4).
(30) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا نودي أحدكم إلى وليمة فليأتها " (5) (6).
(31) وقال صلى الله عليه وآله: " لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة
والمستوشمة " (7) (8).
(32) وقال صلى الله عليه وآله: " احفوا الشوارب واعفوا اللحى " (9).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 29 و 56.
(2) الغدر: هو أن يعاهد شخصا على شئ، ثم لم يوف له به. ولا يكون ذلك محرما
الا إذا تعلق بأمر ديني، أو أمر دنيوي، ولا يكون منهيا عنه. وكذا لو أمنه من خوف ثم
اغتاله من غير اعلام له (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: ص 19 و 62.
(4) النهى هنا للتحريم بالاجماع (معه).
(5) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 20
(6) الامر هنا للندب، لا الوجوب اجماعا (معه)
(7) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 21
(8) في الصحاح: وشم يده وشما، إذا غزرها بإبرة ثم ذر عليها النيلج. والاسم
الوشم، والجمع الأوشام، استوشمه، سأله أن يشم. والواصلة: هي التي يصل شعرها بشعر
آخر وليس تحريمه لنجاسة الشعر، ولا لتحريم نظره إن كان من أجنبية. قال العلامة: ان كانت
غير ذات بعل، فالعلة التهمة، والا فالتلبيس على الزوج. ولو اذن لم يحرم. وقيل:
انه متى تحقق التدليس في هذه الأمور حرمت وإلا فلا. ويحتمل أن يكون العلة قوله تعالى
(وليغيرن خلق الله) (معه).
(9) أي خذوا من الشوارب واتركوا اللحية. لأنه من السنن الحنيفية (معه)
135

(33) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والصبيان في الجهاد (1)
(34) وقال صلى الله عليه وآله " اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا " (2) (3)
وقال صلى الله عليه وآله: " إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها " (4) (5)
(36) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: نهى عن الاقران إلا أن يستأذن الرجل أخاه.
والقران: أن يجمع بين التمرين في الأكل (6) (7)
(37) وفيه أنه صلى الله عليه وآله قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم (8).
(38) وقال صلى الله عليه وآله: " الشوم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار " (9)

(1) النهى للتحريم الا مع الضرورة، أو خطأ، ولا اثم ولا كفارة (معه)
(2) أي اجعلوا في بيوتكم شيئا من صلاتكم، أي صلوا فيها بعض صلاتكم
ولا تخلوها بالكلية من الصلاة. والامر للندب. والنهى عن اتخاذها مقابر للكراهة (معه).
(3) ورد في الحديث: ان البيت الذي يصلى فيه صلاة الليل يضئ لأهل السماء
كما تضئ الكواكب في الليل لأهل الأرض. وفى وصية أبي ذر بعد أن ذكر صلى الله
عليه وآله فضل الصلاة في المسجد الحرام، ومسجد النبي قال: وأفضل من هذا كله صلاة
يصليها الرجل في بيته، حيث لا يراه الا الله، يطلب بها وجه الله. وفيه دلالة على أن
الاخلاص إذا كان أشد في صلاة المنزل، يكون أفضل من الصلاة في المسجد (جه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 7 و 9.
(5) فيه دلالة على أن المرأة إذا استأذنت زوجها بفعل شئ من المندوبات، فلا
يمنعها من فعله وان اشتمل على خروجها، إذا صحت عقيدتها (معه).
(6) النهى للتنزيه، وهو عام في كل شئ، بمعنى انه إذا أكل الرجل مع أخيه
فليأكل بمثل أكل أخيه. ويحتمل أن يكون الحديث محمولا على الشركة، ويكون
النهى للتحريم من دون الاذن (معه).
(7) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 7
(8) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 6
(9) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 8.
136

(39) وقال صلى الله عليه وآله: " كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر، ومن شرب الخمر
في الدنيا، فمات وهو يدمنها، حرمها في الآخرة " (1).
(40) وقال صلى الله عليه وآله: " من جر ثوبه من الخيلاء، لم ينظر الله
إليه يوم القيامة " (2) (3).
(41) وفي الحديث ان عبد الله بن عمر قال: طلقت زوجتي، وهي حائض
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله عمر بن الخطاب عن ذلك؟ فقال عليه السلام: " مره
فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك
بعد وان شاء طلق قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها
النساء " (4) (5).
(42) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، رأى بصاقا في جدار القبلة، فحكه. ثم أقبل
على الناس فقال: " إذا كان أحدكم يصلي، فلا يبصق قبل وجهه فان الله قبل وجهه
إذا صلى
" (6) (7).
(43) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا، فان
غم عليكم فاقدروا له ".

(1) وهو دال على تحريم ذلك (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 5.
(3) وهو دال على تحريم ذلك (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 54 و 63.
(5) وهذا الحديث دال على أن الطلاق محرم في الحيض، وفى الطهر الذي قربها
فيه. وان الطلاق الذي أمر الله تعالى في قوله: (فطلقوهن لعدتهن) هو الطلاق الواقع
في طهر لم يقربها فيه. والمراد بالمراجعة هنا، عود النكاح كما كان، لان الطلاق الواقع
لم يكن جائزا شرعا، فلم يكن مؤثرا للتحريم فعبر عن بقاء النكاح بالرجعة (معه).
(6) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 29 عن مسند عبد الله بن عمر.
(7) النهى هنا للكراهة (معه).
137

(44) وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله واصل في صيام رمضان، فواصل الناس،
فنهاهم، فقالوا: انك تواصل؟ فقال: " اني لست مثلكم، اني أطعم وأسقى " (1) (2)
(45) وفى آخر: " اني أظل عند ربي، يطعمني ويسقيني "
(46) وفيه أن عاشوراء كان يوما يصومه أهل الجاهلية، فلما نزل رمضان
قال صلى الله عليه وآله: " هذا يوم من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه " (3).
(47) وقال صلى الله عليه وآله: " خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح:
الغراب والحدأة، والفارة، والعقرب، والكلب العقور " (4) (5).
(48) وفي حديث عبد الله بن عمر قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وآله، في حجة
الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى، وساق الهدي معه من ذي الحليفة، وبدأ رسول
الله صلى الله عليه وآله، فأهل بالعمرة (6) ثم أهل بالحج، وتمتع الناس معه بالعمرة إلى

(1) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 21 عن مسند عبد الله بن عمر.
(2) الوصال جاء بمعنى: الصوم يومين، بلا افطار فيهما وجاء بمعنى: ترك العشاء
إلى وقت السحور، وكلاهما منهى عنه، لأنه من خصايص الرسول صلى الله عليه وآله
فلا يصح فعله لغيره (معه).
(3) وهذا يدل على إباحة صوم يوم عاشوراء. وبعض الأصحاب منع من صومه
لأنه يوم صامه بنو أمية شكرا لقتلهم الحسين عليه السلام، فلا يصح التشبه بهم. وآخرون
من الأصحاب قالوا: يصح صومه على وجه الحزن. وآخرون منهم قالوا: يستحب الامساك
على وجه المصيبة إلى بعد العصر، لا انه صوم، وهذا أحسنها (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 8 عن مسند عبد الله بن عمر.
(5) الظاهر أن الغراب، والحدأة ليس للمحرم قتلهما، لكن له رميهما، وان أفضى
إلى القتل (معه).
(6) أي أحرم، عبر عن الاحرام بالاهلال، لأنه رفع الصوت بالتلبية، فهو من باب
التعبير عن الشئ بجزئه، لان التلبية جزء من الاحرام، وكذا في قوله: (ثم أهل بالحج)
أي أحرم به بعد الاحرام بالعمرة، وفيه دلالة على جواز ادخال الاحرام الثاني بعد عقد
الاحرام الأول، قبل أن ينقضى مناسكه، وهذا معنى الاقران بين الاحرامين، والمنهى عنه
في الجمع بينهما، هو اقرانهما بنية واحدة (معه)
138

الحج. فكان من الناس من أهدى، فساق الهدي ومنهم من لم يهد.
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة، قال للناس: " من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل
من شئ أحرم منه حتى يقضي حجته. ومن لم يكن معه هدي، فليطف بالبيت
وبين الصفا والمروة، وليتحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد هديا
فليصم ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله "
وطاف (1) رسول الله صلى الله عليه وآله حين قدم مكة، فاستلم الركن أول شئ، ثم

(1) ويسمى هذا الطواف طواف قدوم، لأنه أول طواف يقع للقادم بمكة بعد
الاحرام، قوله: (فاستلم الركن أول شئ) فيه دلالة على وجوب ابتداء الطواف من الركن
والمراد به، الركن الذي فيه الحجر، قوله: (ثم خب ثلاثة أشواط) المراد بالخب
الاسراع في المشي، ويسمى الرمل ولهذا قالوا " يستحب في طواف القدوم، أن يرمل
ثلاثا، ويمشى أربعا، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله فإنه صلى الله عليه وآله فعل ذلك في هذا الطواف
قوله: (ثم ركع) يعنى صلى ركعتي الطواف، عبر عنها بالركوع، لأنه جزء منها فهو
تسمية الشئ باسم جزئه، قوله: (فطاف) أي سعى، عبر عن السعي بالطواف، لان الله تعالى
سماه طوافا، في قوله تعالى (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) قوله: (وأفاض) أراد به
المضي بعد قضاء مناسك منى إلى مكة، لطواف الزيادة، وسمى ذلك إفاضة، لكثرة الناس
وازدحامهم في ذلك اليوم، ولهذا يسمى طواف الزيارة طواف الإفاضة.
ويصير معنى التمتع ههنا: هو الاتيان بإحرام العمرة وأفعالها قبل الحج، الا انه
لا يتحلل منها وهذا التمتع أيضا قران من وجه، لأنه قرن فيه بين احرام العمرة واحرام
الحج ثم أتى بأفعال العمرة أولا، فلما فرغ منها، أتى بأفعال الحج، فقرن بينهما بلا تحلل
فأما التمتع الصرف، فهو الذي يتحلل بين الاحرامين، بأن يحرم بالعمرة خاصة، فإذا
قضى مناسكها وتحلل منها بالتقصير، أنشأ احراما آخر بالحج.
ومقتضى هذا الحديث أن الأول فرض من ساق الهدى عند احرامه من الميقات
والثاني فرض من لم يسق، ويصير معنى قوله صلى الله عليه وآله في الحديث المتقدم
(لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لما سقت الهدى) دالا على أن التحلل بين الاحرامين
أفضل، لتأسفه على فواته (معه).
139

خب ثلاثة أشواط من السبع، ومشى أربعة أطواف، ثم ركع حين قضى
طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف، فأتى الصفا، فطاف بالصفا
والمروة سبعة أشواط ثم لم يتحلل من شئ أحرم منه حتى قضى حجه ونحر
هديه يوم النحر، وأفاض، فطاف بالبيت، ثم أحل من كل ما أحرم منه وفعل
مثل ما فعل، من أهدى وساق الهدي من الناس.
(49) وفى الحديث انه صلى الله عليه وآله كان يدخل مكة من الثنية العليا، ويخرج من
الثنية السفلى (1) (2) (3).
(50) وفيه أنه صلى الله عليه وآله لم يكن يستلم من الأركان الا الركن الأسود، والذي
يليه من نحو دور الجمحيين (4) (5).
(51) وقال صلى الله عليه وآله لأصحابه: " لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 59.
(2) الثنية العليا: أي عقبة المدنيين، وهي التي تشرف على الحجون، (أي مقبرة
مكة) والسفلى هي عقبة ذي طوى، وهذا الفعل محمول على الاستحباب (معه).
(3) قيده الأصحاب تبعا للروايات بمن أتى على طريق المدينة، لأنه المناسب
له (جه).
(4) بنى جمح بطن من قريش، وهو ركن المستجار المسمى بركن اليماني (معه).
(5) ورواه في الوسائل كتاب الحج، باب (22) من أبواب الطواف حديث 2
ولفظ الحديث (عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يستلم الا
الركن الأسود واليماني الحديث).
140

بعض بالسيف " (1) (2).
(52) وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله: كان يأتي قبا راكبا وماشيا، فيصلى فيه
ركعتين (3).
(53) وفيه أنه صلى الله عليه وآله نهى عن بيع المزابنة: وهي بيع التمر بالتمر كيلا (4).
وبيع العنب بالزبيب كيلا (5).
(54) وقال صلى الله عليه وآله: " من اشترى طعاما، فلا يبيعه حتى يقبضه " (6) (7).
(55) وقال صلى الله عليه وآله: " اليد العليا خير من (اليد خ) السفلى. واليد العليا المنفقة
واليد السفلى السائلة. وابدأ بمن تعول " (8) (9).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 87.
(2) وهذا الحديث يدل على جواز الكفر على الصحابة، وعلى أن المؤمن قد
يكفر، لأنه لا يصح أن ينهى عن المحال. فمتعلق النهى إنما يكون عما يمكن وقوعه
بالضرورة (معه).
(3) يعنى مسجد قبا وهو أول مسجد أسس على التقوى. والحديث دال على
أفضليته (معه).
(4) أراد بذلك بيع التمر على النخل بالتمر، وبيع العنب على الشجر بالزبيب
سواء كان منه أو من غيره (معه).
(5) خص النهى بالكيل لأنه الأغلب عند أهل المدينة، فإنه لا وزن عندهم (معه).
(6) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 22 و 46 وفى الوسائل كتاب التجارة
باب (16) من أبواب أحكام العقود فلاحظ.
(7) والنهى للتحريم: وأراد الطعام، الحبوب المدخرة للقوت، فلا منع في الثمار
ولا عن بيع ما كان سلما بعد حلوله، على من هو عليه وعلى غيره، بزيادة ونقصان (معه).
(8) أورده في كتاب جامع أحاديث الشيعة، كتاب الزكاة، باب (ان أفضل
الصدقات ما كانت على ذي الرحم) حديث 1099 نقلا عن العوالي.
(9) لا يجوز أن يتصدق ندبا وعياله محتاج (معه).
141

(56) وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله، نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو،
مخافة أن يناله أيدي العدو (1) (2).
(57) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، نهى عن القزع: والقزع أن يحلق بعض الرأس من
الصبي، ويترك بعضه (3) (4).
(58) وقال صلى الله عليه وآله: " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " (5).
(59) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون " (6) (7).
(60) وقال صلى الله عليه وآله: " اقتلوا الحيات، واقتلوا ذي الطفتين، والأبتر فإنهما
يطمسان البصر، ويستسقطان الحبل " (8) (9) (10).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 6 و 7 و 10
(2) هذا يدل على نجاسة الكفار، وعلى وجوب تنزيه القرآن من النجاسات لان
النهى للتحريم. ويحتمل أن يراد بالأيدي هنا القدرة. ويصير التقدير مخافة أن يغيره
الأعداء، أو يتلفونه لعداوتهم له، لأنه يكون حينئذ تحت قدرتهم (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 55.
(4) النهى للتنزيه، لا للتحريم (معه).
(5) وهو يدل على أن آخر صلاة الليل الوتر، وركعتي الفجر خارجة عن صلاة
الليل (معه).
(6) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 7 - 8.
(7) النهى للتنزيه، لافضائه إلى مصلحة دنيوية (معه).
(8) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 9.
(9) وفى الخبر: اقتلوا من الحيات ذو الطفتين والأبتر. الطفية كمدية، خوصة
المقل، وذو الطفتين من الحيات ما على ظهره خطان أسودان كالخوصتين، شبه الخطين
على ظهر الحية بهما (مجمع البحرين).
(10) نوع من الحية يسمى أفعى. ويطمسان البصر. أي ينقصان ضوء البصر، و
يستسقطان الحبل، أي يسقطان الحمل (معه).
142

(61) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله قسم في النفل، للفارس سهمين، وللراجل
سهما.
(62) وقال صلى الله عليه وآله: " أيما رجل قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما "
(63) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يقيمن أحدكم الرجل عن مجلسه، ثم يجلس فيه " (1).
(64) وفي الحديث أنه قال صلى الله عليه وآله: " ان بلالا يؤذن بليل، فكلوا وأشربوا
حتى يؤذن لكم ابن أم مكتوم، وكان رجلا لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت
أصبحت، ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا " (2).
(65) وقال صلى الله عليه وآله: " لا حسد الا في اثنين، رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم
به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه في الحق آناء الليل
وآناء النهار " (3) (4).
(66) وقال صلى الله عليه وآله: " من اقتنى كلبا الا ضاريا، أو كلب ماشية، أو كلب زرع

(1) النهى هنا للتحريم، لما فيه من ادخال الغضاضة على المؤمن وانتقاصه، وأخذ
حقه منه (معه).
(2) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 1: 380 باب (السنة في الأذان لصلاة
الصبح قبل طلوع الفجر) ثم روى في الباب الذي يليه (باب ذكر المعاني التي
يؤذن لها بلال بليل) ص 381. عن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لا يمنع أحد
منكم أذان بلال، إلى قوله: (فإنه يؤذن ليرجع قائمكم أو لينبه نائمكم) ثم روى في
الباب الذي يليه ص 382. في أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى
يؤذن بلال. وهذا هو الموافق للأحاديث الواردة عن الأئمة المعصومين صلوات الله
عليهم أجمعين، فراجع الوسائل باب (8) من أبواب الأذان والإقامة حديث 2 - 5
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 9
(4) المراد بالحسد هنا الغبطة، لا حقيقته، لأنه معصيته. فيكون المراد، أنه يتمنى
أن يكون مثله (معه).
143

نقص من أجره كل يوم قيراطان " (1).
(67) وقال صلى الله عليه وآله: " من جاء منكم الجمعة فليغتسل " (2).
(68) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يأكل أحدكم من لحوم أضحيته فوق ثلاثة أيام " (3).
(69) وقال صلى الله عليه وآله: " المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة
أمعاء " (4) (5).

(1) وهذا يدل على أن اقتناء الكلب غير الثلاثة، لا يجوز (معه).
(2) وإن كان الامر للوجوب الا انه هنا محمول على شدة الاستحباب (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 16.
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 21
(5) قال في الحاشية: وذلك أن المؤمن مقيد بالشريعة، فهو لا يأكل الا من
تلك الجهة. وأما الكافر فلعدم تقييده بالآداب الشرعية، يستعمل جميع القوى الشهوية
فيملأ جميع أمعاءه. أو معناه أن المؤمن يأكل من وجه واحد وهو الشرع، والكافر لا
يعتد بالشرع، فهو يأكل من أي وجه.
وهذا يدل على أن كثرة الأكل ليس من آداب المؤمن، ولا من أخلاق أهل
الايمان. ثم قال: في تفسير القوى الشهوية، أي الباصرة والسامعة، والشامة، والذائقة
واللامسة والمتحركة التي تبعث على الحس، والحركة والقوى النظرية.
ويحتمل أن يراد بسبعة الأمعاء، الصفات التي تتم بها الأفعال، كالحياة والقدرة
والإرادة والعلم، والسمع والبصر، والكلام. فيكون مقتضى الخبر أنه يأكل بمصادر
هذه الصفات، أي بسبب حياته وقدرته الخ.
والمؤمن يقطع النظر عن متعلقات هذه الصفات، ويأكل من وجه الشرع، فيأكل
من وجه واحد، وذاك يأكل من السبع. أقول: قال في الصحاح معنى الحديث انه
مثل، لان المؤمن لا يأكل الا من الحلال، ويتوقى الحرام والشبهة. والكافر لا يبالي ما
أكل. ومن أين أكل. وكيف أكل انتهى.
فيكون السبعة عبارة عن الحلال وحده، والحرام وحده، والشبهة وحدها، و
تتركب تركبا شأنيا، فتكون ستة. وثلاثيا فتكون سبعة. وأما المؤمن فلا يأكل الا من
الحلال. (جه).
144

(70) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا مات أحدكم، عرض عليه مقعده بالغداة والعشي
فإن كان من أهل الجنة فمن الجنة، وإن كان من أهل النار فمن النار " (1) (2).
(71) وقال صلى الله عليه وآله: " بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأقام
الصلاة، وايتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، والحج ".
(72) وقال صلى الله عليه وآله: " فيما سقت الأنهار والعيون والغيوث، أو كان بعلا
العشر: وفيما سقى بالسواني والناضح، نصف العشر ".
(73) وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله نهى عن عسيب الفحل (3)
(74) وفيه أنه صلى الله عليه وآله: كان إذا استوى على راحلته، خارجا إلى سفر، كبر
ثلاثا ثم قال: " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وانا إلى ربنا
لمنقلبون. اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى
اللهم هون علينا سفرنا هذا، وأطوعنا بعده. اللهم أنت الصاحب في السفر، و
الخليفة في الأهل، اللهم انا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء
المنظر في الأهل والمال. فإذا رجع قال: آئبون، تائبون عائدون، لربنا
حامدون "
(75) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا أكل أحدكم، فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب
بيمينه فان الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله " (4).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 16.
(2) ومثله قوله عليه السلام: (القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر
النيران) وقوله: (من مات منكم فقد قامت قيامته) وهذه الأحاديث دالة على عذاب
القبر (معه). (3) أي بيع نطفته، وهو حرام. أما أخذ الأجرة على انزاءه على الأنثى فمكروه
(معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 8 عن مسند عبد الله بن عمر.
145

(76) وقال صلى الله عليه وآله: " ان أمامكم حوضا، كما بين حرباء وأذرج " (1) (2).
(77) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا وضع عشاء (3) أحدكم وأقيمت الصلاة، فابدؤا
بالعشاء، ولا يعجلن حتى يفرغ منه " (4).
(78) وقال صلى الله عليه وآله: " من أكل هذه البقلة فلا يقربن مسجدنا: يعني الثوم " (5).
(79) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث، فان ذلك
يحزنه " (6).
(80) وفي الحديث أنه صلى الله عليه وآله كان يعتكف في العشر الاخر من شهر
رمضان (7).
(81) وقال صلى الله عليه وآله: " ان العبد إذا نصح لسيده، وأحسن عبادة ربه، فله أجره
مرتين " (8)
(82) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تحلبن أحدكم ماشية امرئ الا باذنه. أيحب أحدكم
أن يؤتى مشربته، فيكسر بابها، ثم ينتشل ما فيها، فإنما في ضروع مواشيهم طعام
أحدهم، فلا يحلبن ماشية امرئ الا باذنه، أو قال: بأمره " (9).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 21.
(2) حربي وأذرج قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال (نهاية).
(3) العشاء: بكسر العين، اسم للوقت. وبفتحها اسم للطعام المأكول في ذلك
الوقت (معه).
(4) الامر هنا للندب، والغرض منه تسكين النفس عن المنازعة حتى تكون وقت
قيامه إلى الصلاة مقبلا عليها بجميع قلبه (معه).
(5) النهى للتنزيه (معه).
(6) النهى هنا للكراهية (معه).
(7) فيه تأكيد لاستحباب الاعتكاف في هذه الليالي (معه).
(8) أي يخدمه بلا غش ويجتهد في خدمته بطيب نفس منه (معه).
(9) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 6
146

(83) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تسافر المرأة ثلاثا (1) الا ومعها ذو محرم " (2) (3).
(84) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله كان يعرض راحلته فيصلي إليها، قلت:
فإذا ذهبت الركاب؟ قال كان يأخذ الرجل فيعد له، فيصلي إلى آخرته، أو
قال إلى مؤخرته (4).
(85) وقال صلى الله عليه وآله: " إنما مثل القرآن مثل صاحب الإبل المعقلة، ان عاهدها
أمسكها (ان عقلها صاحبها حبسها) وان أطلقها ذهبت " (5)
(86) وقال صلى الله عليه وآله: " من حمل علينا السلاح فليس منا " (6) (7).
(87) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله نهى النجش (8).

(1) أي قدر ثلاثة أيام (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 13.
(3) النهى هنا للكراهية، لأنه لا يجوز لها السفر بغير محرم، للحديث المذكور عن
الصادق عليه السلام: المؤمن محرم للمؤمنة (معه).
(4) ذهب العلماء كافة إلى أنه يستحب أن يجعل المصلى بينه وبين ممر الطريق
ساترا، وقدروه بذراع تقريبا، لقول أبى عبد الله عليه السلام: (كان طول رحل رسول
الله صلى الله عليه وآله ذراعا، وورد الاستتار بالعنزة، والسهم والحجر. وفى حديث فإن لم يجد
سهما فليخط في الأرض بين يديه. وروى أن النبي صلى الله عليه وآله وضع قلنسوة وصلى
إليها وعن الرضا عليه السلام في الرجل يصلى؟ قال: (يكون بين يديه كومة من تراب).
وكذلك ورد الاستتار بالبعير والحيوان كما في حديث الكتاب. وقال العلامة: لو كان
معه عصا، لا يمكنه نصبها، فليلقها بين يديه ويستتر بها. ويستحب أن يلقيها عرضا (جه).
(5) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 17 و 23 و 30.
ولهذا قيل: ثلاثة ينبغي لها الدراسة: النبل والقران والفراسة (معه).
(6) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 3 و 16.
(7) أي من المسلمين، فيجوز قتله (معه).
(8) النجش هو الزيادة في السلعة، لا للشراء بل لغير المشترى، سواء واطأه
البايع أم لا. وكذا في صرف النقصان بالنسبة إلى البايع. والنهى للتحريم لما فيه من
ادخال الضرر على المسلم (معه).
147

(88) وقال صلى الله عليه وآله: " الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " (1)
(89) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يتحرى الرجل فيصلى عند طلوع الشمس، ولا عند
غروبها " (2).
(90) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تزال المسألة بأحذكم حتى يلقى الله تبارك وتعالى
الواحد منكم وليس في وجهه مضغة لحم " (3) (4).
(91) وقال صلى الله عليه وآله: " المصورون يعذبون يوم القيامة، ويقال: أحيوا ما
خلقتم " (5) (6).
(92) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: لعن من مثل بالحيوان (7)
(93) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان

(1) المراد بالخير هنا، المال. أي صاحبها دائما معه الخير والمال (معه).
(2) أي يطلب ذلك الوقت، ويجعل الصلاة فيه عادة له. والنهى هنا للكراهية
بالنسبة إلى النافلة. ومنه يعلم أن الندرة، وما هو على سبيل الاتفاق، وما يقع على سبب
غير مكروه (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 15. وفى الحديث (مزغة لحم).
(4) هكذا في بعض النسخ، بالضاد والغين المعجمتان، وفى بعض آخر بالزاي
المعجمة والعين المهملة. وقال في مجمع البحرين في (مزغ) في الخبر ما زال المسألة
في العبد حتى يلقى الله وما في وجهه مزغة لحم أي قطعة يسيرة من اللحم.
(5) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 4.
(6) وهذا يدل على أن عمل الصور ذوات الأرواح حرام (معه)
(7) ومثله قوله عليه السلام (إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور. والمثلة تغيير
الخلقة بالعقوبة، وهذا يدل على تحريم المثلة بكلب حيوان، حتى بالكلب الذي لا حرمة
له (معه).
148

لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموها كذلك، فصلوا " (1)
(94) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: أمر بقتل الكلاب (2)
(95) وفيه أنه صلى الله عليه وآله: نهى عن صوم يوم النحر.
(96) وقال صلى الله عليه وآله: " الولاء لمن أعتق " (3)
(97) وقال عليه السلام: " إنما الناس كأبل مائة، لا يجد الرجل فيها راحلة (4) (5).
(98) وقال صلى الله عليه وآله: " بينا أنا نائم، إذ اتيت بقدح من لبن، فشربت منه حتى
انى لأرى الري، يخرج من بين أظافيري! قالوا: بما أولت يا رسول الله؟ قال:
العلم "
(99) وقال صلى الله عليه وآله: " الظلم ظلمات يوم القيامة "
(100) وقال صلى الله عليه وآله: " ان من الشجرة شجرة لا يسقط ورقها، وانها مثل
المسلم، حدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي، ثم قالوا: حدثنا ما هي
يا رسول الله؟ قال: هي النخلة " (7).

(1) الامر للوجوب، لأنه حقيقته فيه (معه).
(2) الامر هنا للإباحة، لأصالة عدم الوجوب والندبية، وإباحة قتلها مخصوص
بما لا منفعة فيه منها (معه).
(3) أي ميراث المعتق لمن أعتقه، لكن بشرط أن يكون العتق تبرعا (معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 7
(5) ومثله قول الدريدي:
الناس ألف منهم كواحد * وواحد كالألف ان أمر عنى (معه).
(6) المراد بالظلم الحقيقة العرفية، وهو أخذ حق الغير بغير حق وإن كان
يحتمل المعنى اللغوي، وهو النقص، لكن الحقيقة العرفية متقدمة على اللغوية، كما
قرر في الأصول (معه).
(7) شبه المسلم بالنخلة في كثرة منافعها لكثرة المنافع في المسلم. وكما أن
النخلة لا يسقط ورقها في الشتاء، كذلك المسلم لا يرتفع اسلامه. وفيه دلالة على أن
المسلم لا يكفر (معه).
149

(101) وفى الحديث انه صلى الله عليه وآله لما قرأ: " يوم يقوم الناس لرب العالمين " (1)
قال " يقومون حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى انصاف أذنيه " (2).
(102) وقال صلى الله عليه وآله: وهو مستقبل المشرق: " الا ان الفتنة ههنا، من حيث يطلع
قرن الشيطان " (3)
(103) وفى الحديث ان النساء والرجال على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
يتوضئون من اناء واحد (4) (5).
(104) وقال صلى الله عليه وآله: " ان من البيان لسحرا ".
(105) وقال عليه السلام: " لو علم الناس ما في الوحدة، ما أعلم ما سار ركب ميلا
وحده " (6)
(106) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم، الا وانها
العشاء، ولكنهم يعتمون الإبل " (7).

(1) سورة المطففين: 6.
(2) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 19
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 18 و 40 و 50 و 72.
(4) وهذا يدل على أن المستعمل في الوضوء، يجوز استعماله مرة أخرى (معه)
(5) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 4
(6) هذا يدل على شدة تأكيد كراهية الوحدة في السفر حتى في الراكب (معه) (7) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 10
(8) هذا يدل على كراهة تسمية العشاء بالعتمة. لان الاعراب يعتمون بالإبل في
المرعى، فلا يأتون بها الا بعد العشاء الآخرة، فيسمون ذلك الوقت عتمة (معه).
150

(107) وقال صلى الله عليه وآله: " من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " (1).
(108) وقال صلى الله عليه وآله: " بادروا الصبح بالوتر "
(109) وقال عليه السلام في حق المدينة: " لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد الا
كنت له شفيعا يوم القيامة " (2).
(110) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله سئل عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب
فقال: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث " (3).
(111) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: " إذا ودع أحدا، قال: استودع الله دينك
وأمانتك، وخواتيم عملك " (4).
(112) وقال صلى الله عليه وآله: " من حلف وقال: إن شاء الله، فقد استثنى " (5).
(113) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يحل للرجل أن يعطي العطية، أو يهب هبة، فيرجع
فيها، الا الوالد فيما يعطي ولده (6) مثل الذي يعطي عطية، ثم يرجع فيها،

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 88 وزاد بعد كلمة (أبيه) (بعد أن
يولى).
(2) وهذا يدل على فضل المدينة، واستحباب توطنها، وان النبي صلى الله
عليه وآله يحب أهل ذلك، ويخصهم بالشفاعة (معه).
(3) وفيه دلالة على أنه إذا كان دون قلتين، يحمل الخبث، بطريق مفهوم المخالفة
وهي معمول بها ههنا بلا خلاف، والا لم يكن للتعليق فائدة (معه).
(4) وهذا يدل على استحباب توديع المسافر، واستحباب هذه الكلمات عند
وداعه (معه).
(5) الاستثناء في اليمين يوجب حلها، وعدم لزوم الحنث لها (معه).
(6) رواه ابن ماجة في سننه ج 2 كتاب الهبات (باب من أعطى ولده ثم رجع
فيه) حديث 2377.
151

كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه " (1) (2).
(114) وسئل صلى الله عليه وآله عمن باع بالدنانير، فأخذ عوضها دراهم، أو بالدراهم
فأخذ عوضها دنانير، يأخذ هذه عن هذه؟ فقال: " لا بأس، يأخذها بسعر يومها
ما لم يفترقا وبينهما شئ " (3).
(5 11) وقال صلى الله عليه وآله: " ما زال جبرئيل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه
سيورثه " (4) (5).
(116) وقال عليه السلام: " إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وصار أهل النار إلى
النار اتي بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم ينادى مناد، يا
أهل الجنة، لا موت، ويا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا، ويزداد

(1) وهذا يدل على تحريم الرجوع في الهبة، بعد تصرف الموهوب في المتهب
لأنه مثله بالكلب إذا أكل، فعبر عن التصرف بالأكل. وفيه دلالة على جواز الرجوع
قبل التصرف. وأما استثناء الوالد فيما يعطى ولده من هذه الجملة، فمحل اشكال. فان
هبة الرحم لا يجوز الرجوع فيها، وإن كان قبل التصرف.
ويمكن حمل الرواية على أنه أعطاه شيئا من غير لفظ الايجاب والقبول منه،
في الصغير. أما في الكبير، فإنه لابد فيه من قبول لنفسه، كالأجنبي. وقيل: بالايجاب لا
تكون الهبة لازمة، فصح له الرجوع فيها وان كانت للولد (معه).
(2) رواه مسلم في صحيحه ج 3 كتاب الهبات (باب تحريم الرجوع في الصدقة
والهبة بعد القبض الا ما وهبه لولده وان سفل) حديث 5، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده
ج 2: 27.
(3) ويسمى هذا صرفا. وفيه دلالة على أن الصرف مشروط بالقبض قبل التفرق
(معه).
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 85.
(5) وهذا يدل على استحباب مراعاة الجار، وحفظ جانبه، وصلته ومودته، و
ان ذلك من تمام المروة، وانه من مكارم الأخلاق (معه).
152

أهل النار حزنا إلى حزنهم " (1).
(117) وقال صلى الله عليه وآله: " الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء " (2).
(118) وقال صلى الله عليه وآله: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله
واني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا قالوها، حقنوا مني
دمائهم وأموالهم، وحسابهم على الله " (3)
(119) وقال عليه السلام: " إذا أراد الله بقوم عذابا، أصاب العذاب من كان فيهم
ثم بعثوا على أعمالهم
(120) وفي الحديث، أن رسول الله صلى الله عليه وآله مر على الحجر (4) فقال لأصحابه:
لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين، حذرا أن يصيبكم
مثل ما أصابهم " (5) (6).

(1) وهذا يدل على تخليد الفريقين، وذلك إنما يكون بعد خلاص بعض أهل الجنة
من النار، واستقرارهم فيها، واستقرار أهل النار في النار من أهل الكفر. وإنما قال:
(يذبح) لأنه قد جاء في حديث آخر انه يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، ثم يؤمر
به فتذبح (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 85.
(3) وفيه دلالة على أن الاسلام مانع وحافظ للدم والمال، وإن لم يكن على حقيقته
(معه).
(4) وهي الأرض التي سخط الله عليها، فجعل عاليها سافلها، فأمر أصحابه الا
يدخلوها، الا بحالة الاعتبار والفكرة والخوف من وقوع مثلات الله وعقوباته، وانه لا
يدخلها أحد بقصد التفرج والنزهة، للعلة المذكورة في الحديث (معه).
(5) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 66
(6) المراد بالعذاب، العذاب الدنيوي، وهو عذاب الاستيصال. لأنه إذا وقع
عم من كان مستحقا، أو غير مستحق، حتى الأطفال والبهائم والمجانين. لحكمة هناك
مختصة بسر القدر الذي لا يصح كشفه. ثم إنهم في بعث يوم القيامة، يرجع كل منهم
إلى ما كان عليه (معه).
153

(121) وعنه صلى الله عليه وآله قال: " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها
ولم تدعها تأكل من حشاش الأرض " (1)
(122) وقال صلى الله عليه وآله: " اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا. قالوا:
وفي نجدنا؟ فقال: " اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا، قالوا: وفي
نجدنا؟ قال: " هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان " (2) (3).
(123) وقال صلى الله عليه وآله: " كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل، فإذا أمسيت
فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك قبل سقمك
ومن حياتك قبل موتك " (4).

(1) يعنى أن الله تعالى عاقبها بالنار من أجل ظلمها لهرة. وهذا يدل على أنه لا
يجوز الاستصغار بشئ من الذنوب، ولا الاستحقار بشئ من مخلوقات الله تعالى، فإنه
ربما كان ما استصغره من الذنب عند الله كبيرا، وما استحقره من مخلوق الله عند الله
كبيرا (عظيم خ) (معه).
(2) أراد بالشام هنا المدينة، وباليمن مكة. ومثله قوله صلى الله عليه وآله. إذا جفاك زمنك،
شامك شامك، أو يمنك يمنك. يعنى عليك بالمدينة أو مكة. وعنى بالزلازل والفتن الواقعة
التي وقعت في أرض نجد. وطلوع قرن الشيطان بها، ما وقع من قصة مسيلمة الكذاب
وظهوره بأرض اليمامة، ودعواه النبوة، ووقع بينه وبين المسلمين ملحمة، قتل فيها
جماعة من المهاجرين والأنصار (معه).
(3) أقول: ويؤيد أن المراد بالشام المدينة، ان الشام المعروفة لم تفتح في
عصره صلى الله عليه وآله (جه)
(4) وهذا يدل على أن قصر الامل، من الأخلاق التي يجب للمؤمن الاتصاف
بها. لان طول الامل ينسى الآخرة، ونسيان الآخرة مستلزم لحب الدنيا، وحب الدنيا رأس
كل خطيئة كما مر في الحديث (معه)
154

(124) وقال صلى الله عليه وآله: " من ضرب غلاما له حدا لم يأته، أو لطمه، فان كفارته
أن يعتقه " (1)
(125) وقال صلى الله عليه وآله: " يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار، فأني
رأيتكن أكثر أهل النار " (2).
(126) وقال صلى الله عليه وآله: " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه
الا المسجد الحرام " (3).
(127) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول " (4).
(128) وفي حديث عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين المغرب
والعشاء، وليس بينهما سجدة، صلى المغرب ثلاثة ركعات، وصلى العشاء
ركعتين " (5) (6).
(129) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا شربوا الخمر فاجلدوهم ثم إن شربوا فاجلدوهم "
قال الراوي: واحسبه قال: في الخامسة " ان شربوها فاقتلوهم " (7).
(130) وفي الحديث انه كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده

(1) وهذا يدل على الاستحباب، لا الوجوب (معه).
(2) وهذا يدل على أن الصدقة والاستغفار يكفران الذنوب، فيخلصان من النار. فان
حملنا على الوجوب، فالمراد بالصدقة، الزكاة، والمراد بالاستغفار التوبة. وان حملنا
على مطلق الذنوب، فهي مطلق الصدقة والاستغفار، فهو أعم من ذلك (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 68، ورآه في الوسائل، كتاب
الصلاة باب (57) من أبواب احكام المساجد.
(4) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 73 و 20.
(5) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 33
(6) هذا يدل على وجوب القصر في السفر، واستحباب الجمع فيه (معه).
(7) بل يقتل في الرابعة، بعد تكرر الحد ثلاثا، كما يأتي في الأحاديث المتأخرة
(معه).
155

فأمر النبي صلى الله عليه وآله بها فقطعت يدها.
(131) وقال صلى الله عليه وآله: " الوزن وزن مكة، والمكيال مكيال المدينة " (1).
(132) وفي الحديث ان أناسا استاقوا إبل رسول الله صلى الله عليه وآله وارتدوا عن
الاسلام، وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وآله وكان مؤمنا، فبعث صلى الله عليه وآله في آثارهم،
فاخذوا فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم " (2).
(133) وفيه أنه صلى الله عليه وآله قال: " إذا كان في سفر فأقبل الليل، قال: أرض
ربى وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما يدب عليك، وأعوذ بك
من أسد واسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد "
(134) وقال صلى الله عليه وآله: " من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة
في الآخرة " (3).

(1) يعنى إذا اختلفتم فيهما، فارجعوا في الوزن إلى أهل مكة، وفى الكيل إلى أهل
المدينة، وفيه فائدة أخرى: وهي أنه يدل على أنه عليه السلام اعتبر العادات، ورد
الناس إليها في كل ما لم يرد الشرع فيه بنص. وذلك لان العادة في مكة الوزن، والعادة
في المدينة الكيل. فأقر كل منهما على عادته. فدل على أنه عليه السلام أقر الناس على
عوائدهم فرد الاحكام إليها، ويسمونه تحكيم العادة (معه).
(2) وهذا يدل على جواز التنكيل، وتشديد العقوبة، والتمثيل لمن استحق
العقاب المغلظ بفعل جريمة عظيمة. أما قطع الأيدي والأرجل، فلا اشكال فيه، لأنهم
من جملة المحاربين، والمحارب ورد القرآن، يكون ذلك حدهم. وأما سمل الأعين
ففيه اشكال. من حيث أنه مثله لم يرد الشرع بها، فوجب التوقف فيه (معه).
(3) المراد بثوب الشهرة، هو ما يقصد بلبسه الرياء واظهار الزينة، والتزيي
بزي لا يشركه فيه أحد، ليصير بذلك مشهورا بهذا الزي، ليعلم الناس انه أفخر من غيره
أو أزهد من غيره. والمقصود انه فعل ذلك للتسمع، وإن كان ثوبا مرقعا. ويحتمل
حمل اللبس على المجاز، وهو التخلق بشئ من الأخلاق، بقصد السمعة والاشتهار (معه).
156

(135) وقال صلى الله عليه وآله: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه
ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه
فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافيتموه " (1) (2).
(136) وفي حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " لا تعاد
صلاة في يوم مرتين " (3) (4).
(137) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله، قال: " كتب رسول الله صلى الله عليه وآله كتاب
الصدقة لعماله، فكان فيه: في خمس من الإبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي
خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين
بنت مخاض (5) إلى خمس وثلاثين، فان زادت واحدة ففيها ابنته لبون،

(1) استجار بكم أي استنصركم، لامر ديني أو دنيوي غير محرم. ولا مكروه
فأعيذوه، أي فانصروه، وقوموا في قضاء حاجته، وساعدوه عليها. والامر هنا للاستحباب
إلا أن يكون مظلوما، وقدر على دفع مظلمته، فإنه تجب نصرته، أو كان ما طلبه واجبا
واحتاج فيه إلى المساعدة والمعاونة، فإنه يجب معونته ومساعدته.
وأما قوله: من سأل بالله فاعطوه، فهذا للوجوب، سواء كان كاذبا في سؤاله
أو صادقا. وكذا السائل، بوجه الله، وأما بغير ذلك، فلا يجب. وقوله: فكافئوه
فهو دال على وجوب مكافاة أهل صنايع المعروف إليك، حتى صاحب الهدية، إذا
عرفت من قصده لها، المكافات. فإذا قبلتها وجب عليك ان تكافئه، فأما المعروف الذي
عرفت من صاحبه قصد التفضل، ومجرد الاحسان، لا قصد المجازات. فمكافأته غير
واجبة، لكنها مستحبة ولو بالدعاء (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 68.
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2، 19 و 41. عن مسند عبد الله بن عمر
ولفظ الحديث (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين).
(4) أي في جماعتين، والنهى هنا للكراهية (معه).
(5) هذا مخالف لما مضى في الحديث المتقدم، من أن بنت المخاض، إنما
تجب في ستة وعشرين، واما الخمسة والعشرين، ففيها خمس شياه، والقول هو المتقدم
(معه).
157

إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين، فإذا زادت
واحدة ففيها جذعة، إلى خمس وسبعين، فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون
إلى تسعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة. فان كانت الإبل
أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقه، وفي كل أربعين ابنة لبون.
وفي الغنم، في كل أربعين شاة، شاة إلى عشرين ومائة: فان زادت واحدة
فشاتان إلى مأتين، فان زادت على المأتين، ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة
فإذا كانت أكثر من ذلك ففي كل مائة شاة، ليس فيها شئ حتى تبلغ المائة (1)
ولا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق مخافة الصدقة، ومن كان من
خليطين، فإنهما يتراجعان بالسوية، ولا تؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات
عيب "
(138) وقال صلى الله عليه وآله: " من حلف بغير الله فقد أشرك " (2).
(139) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة، فليتحول
من مجلسه ذلك إلى غيره " (3) (4) (5).

(1) هذا مذهب جماعة من أصحابنا احتجاجا بهذا الحديث. وجماعة أخرى
قالوا: أنه لا يكون في كل مائة، شاة حتى تبلغ أربعمائة. وأما ثلاثمائة وواحدة، ففيها
أربع شياه، ولهم بذلك أحاديث سيأتي ذكرها في باب الزكاة (معه).
(2) وهذا يدل على تحريم الحلف بغير الله، وإن كان صادقا، لكن مع القصد
إلى اليمين ولا بأس بما يجرى على اللسان من غير قصد إلى الحلف به (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 32
(4) الامر وهنا للندب (معه).
(5) يعنى انه يرفع النعاس، كما يشاهد فيمن يتحول من منامه إلى منام اخر
فإنه يبقى ساهرا أكثر الليل. وربما لم ينم، لان الطبيعة بعد. خصوصا إذا لم يوافق
الطبيعة كالأول (جه).
158

(140) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، سئل عن العفو عن الخادم؟ فقال: " تعفو
عنه في كل يوم سبعين مرة " (1) (2).
(141) وفيه أنه صلى الله عليه وآله نهى عن أكل الجلالة، وعن أن يشرب من
البانها (3)
(142) وقال صلى الله عليه وآله: " اذكروا محاسن أمواتكم، وكفوا عن مساويهم " (4) (5).
(143) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: " أخذ يوم العيد في طريق، ورجع في
طريق آخر " (6).
(144) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، كان يدعوا دائما بهذا الدعاء: " اللهم اقسم لنا من
خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن
اليقين ما يهون به علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا، ما
أحييتنا واجعله (واجعلها خ) الوارث منا، واجعل ثارنا على من ظلمنا، و

(1) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 90.
(2) هذا يدل على أن الانسان ينبغي أن يكون على غاية ما يكون من مكارم الأخلاق
فان كثرة العفو عن السيئات ممن أنت قادر على عقوبته، أعلى مراتب مكارم الأخلاق (معه)
(3) النهى هنا للتحريم، وهو دليل على نجاستها (معه).
(4) الامر بذكر محاسنهم، فهو على الندب. وأما الكف عن ذكر مساويهم، فواجب،
وفيه دلالة: على أن الغيبة محرمة للحي والميت (معه).
(5) بل هي للميت أغلظ تحريما. لان كفارة الغيبة، الاستحلال من المغتاب، و
هو مفقود من الميت، فهو ذنب لا يتدارك. نعم ورد من جملة كفارتها. قوله عليه السلام:
(ان تستغفر له كلما ذكرته) أي كلما خطر ببالك، أو كلما اغتبته، وحمل هذا على
كفارة غيبة الأموات، والاستحلال على غيبة الاحياء (جه).
(6) وهو للاستحباب في يوم العيد للخروج إلى صلاته، والعود منها (معه).
159

انصرنا على من عادانا، ولا تجعل، مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا
ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا "
(145) وقال صلى الله عليه وآله: " من طاف بالبيت أسبوعا، كان له كعتق رقبة "
(146) وقال صلى الله عليه وآله: " من ظفر فليلحق، ولا تشبهوا بالتلبيد " (1).
(147) وقال عليه السلام: " لان يمتلئ جوف أحدكم قيحا، خير من أن يمتلئ
شعرا " (2) (3).
(148) وقال صلى الله عليه وآله: " ان جبرئيل قال: انا لا ندخل بيتا فيه صورة، ولا
كلب " (4).
(149) وفي الحديث انه، صلى الله عليه وآله ذكر عنده الحرورية، فقال عليه السلام: " يمرقون
من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية " (5) (6).

(1) أي من عمل شعره ظفيرة. وظفر الشعر، ليه وعقصه. والامر هنا للاستحباب
وبعض العلماء ذهب الوجوب بهذا الحديث.
والتلبيد، أن يضع على رأسه صمغا أو عسلا، ليلبد الشعر بعضه على بعض (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده 2 ص 39، عن مسند عبد الله بن عمر.
(3) وهذا يدل على ذم الشعر وتعلمه وحفظه، وكراهة ذلك كله. مخصوص بشعر
لا حكمة فيه، كالمشتمل على المدح والهجاء، ووصف الرياض والأزهار، والتشبيب
بالنساء، والتغزل بهن، وبالمردان. ووصف الشراب، والأوتار والمزامير. وأمثال
ذلك في الملهيات عن ذكر الله (معه).
(4) المراد بالصورة، صورة الحيوان. وبالكلب كلب الهراش (معه).
(5) الحرورية: هم المنسوبون إلى حروري، وهي المكان الذي قتل فيه الخوارج
والحديث في شأنهم، وهو دال على أنهم كافرون (معه).
(6) هؤلاء هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " ستقاتل
بعدي الناكثين وهم أهل البصرة. والقاسطين وهم أهل الشام. والمارقين، وهم
الخوارج. لأنهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وذلك انهم ركبوا
جانب التفريط، لأنهم كانوا أهل صلاة وصيام وأهل محاريب، وكانوا من أصحاب أمير
المؤمنين عليه السلام في وقايع صفين، فنقموا عليه التحكيم وحكوا بكفره إن لم يرجع.
مع أنهم الذين حملوه على حكاية التحكيم، وهو لم يكن راضيا بها، ثم تغير
اجتهادهم وأظهروا التوبة بعد أن كتب كتاب الصلح بينه وبين معاوية، واعتذر لهم عن
الرجوع بأنه يستلزم نكث العهد ونقض كتاب الصلح، فخرجوا عليه بعد ذلك حتى
صار من أمرهم ما كان (جه)
160

(150) وقال صلى الله عليه وآله: " من اتخذ من الأرض شبرا بغير حقه، خسف به
يوم القيامة إلى سبع أرضين) (1).
(151) وقال صلى الله عليه وآله، في حجة الوداع: " أتدرون أي يوم هذا؟ قالوا:
الله ورسوله أعلم، قال: إن هذا يوم حرام، وهذا بلد حرام، وهذا شهر حرام
وان الله حرم عليكم دمائكم وأموالكم وأعراضكم، كحرمة يومكم هذا، في
شهركم هذا وفي بلدكم هذا "
(152) وقال صلى الله عليه وآله، إذا اشتد الحر، فأبردوا بالصلاة. فان شدة الحر
من فيح جهنم "
(153) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، نهى أن يبيع حاضر لباد (2).
(154) وقال صلى الله عليه وآله: " ان أفرى الفري: أن يرى عينيه ما لم يره " (3).
(155) وقال صلى الله عليه وآله: " لن يزال المرء في فسحة من دينه، ما لم يصب دما

(1) وهذا دال على تحريم الغصب، والتغليظ في عقوبته (معه).
(2) أي يصير الحاضر وكيلا للبادي. أي البدوي، ليقض له الثمن. والنهى هنا
هل هو للتحريم أو الكراهية؟ خلاف محقق في الفقه، والأقوى انه مكروه (معه).
(3) أي: أكذب الكذب، أن يقول رأيت في النوم كذا، ولم يره لأنه كذب
على الله (جه).
161

حراما " (1) (2).
(156) وقال صلى الله عليه وآله: " لا هجرة بعد الفتح " (3).
(157) وقال عليه السلام: " ان الاسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ "
(158) وقال عليه السلام: " لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام " (4) (5)
(159) وقال عليه السلام: " الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزء من النبوة " (6).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 94
(2) هذا يدل على أن القتل من أعظم الكبائر، بعد الشرك. لان التوبة من غيره
سهلة. وأما التوبة منه ففي غاية الصعوبة، لكثرة شرايطها، لكثرة الحقوق المتعلقة به
فإنه يتعلق به حق الله، وحق الوارث وحق الميت (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 226.
(4) المراد بالهجرة انه إذا لاقاه لا يكلمه، ولا يسلم عليه لضغينة بينهما. والنهى
هنا للتحريم بعد الثلاث وقبلها مكروه (معه).
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام: (لا يفترقان رجلان على الهجران الا استوجب
أحدهما البراءة واللعنة. وربما استحق ذلك كلاهما) فقال له معقب: جعلت فداك هذا
الظالم فما بال المظلوم؟ قال: لأنه لا يدعوا أخاه إلى صلته، ولا يتغامس له من كلامه.
سمعت أبي عليه السلام يقول: (إذا تنازع اثنان، فعاد أحدهما الاخر، فليرجع المظلوم
إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه: أي أخي أنا الظالم، حتى يقطع الهجران بينه وبين
صاحبه، فان الله تباك وتعالى حكيم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم).
وعنه عليه السلام: (أيما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان الا كانا خارجين من
الاسلام، ولم يكن بينهما ولاية، فأيهما سبق إلى كلام أخيه كان السابق إلى الجنة يوم
الحساب) وقال عليه السلام: (لا يزال الشيطان فرحا ما اهتجر المسلمان، فإذا التقيا
اصطكت ركبتاه، وتخلعت أوصاله، ونادى يا ويله ما لقي من الثبور) (جه).
(6) ومعناه ان الوحي الذي كان ينزل عليه صلى الله عليه وآله بالمنام، مقداره كان بالنسبة إلى
ما أتاه من الوحي ظاهرا، جزء من السبعين. وهذا يدل على فضلية الرؤيا الصالحة، و
صاحبها (معه).
162

(160) وقال صلى الله عليه وآله: " لينتهن أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن على
قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين " (1) (2).
(161) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: وقف يوم النحر بين الجمرات، في الحجة
التي حج فيها، فقال: أي يوم هذا؟ فقالوا: يوم النحر، فقال: هذا يوم الحج
الأكبر "
(162) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله قال: " وددت أن عندي خبزة بيضاء، من
برة سمراء، ملتقية بسمن ولبن " فقام رجل من القوم، فاتخذه، فجاء به. فقال
صلى الله عليه وآله: " من أي شئ كان هذا؟ قال: في عكة (3) ضب، قال
أرفعه " (4) (5).
(163) وفيه عنه صلى الله عليه وآله، انه نهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها
الخمر (6) وان يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه (7).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 239.
(2) وهذا يدل على وجوب الحضور لصلاة الجمعة، وتأكد الامر بها (معه).
(3) فيه أن رجلا كان يهدى للنبي صلى الله عليه وآله. العكة من السمن أو العسل:
هي وعاء من جلود مستدير يختص بهما، وهو بالسمن أخص (النهاية)
(4) وهذا يدل على أن جلد الضب وان ذكى نجس، وانه لا يقع عليها الذكاة
لان النبي صلى الله عليه وآله إنما عافه مع شهوته له، وطلبه إياه لما فيه من التحريم، وليس للتحريم
سبب غير كون سمنه في جلد الضب. لأنه موضع السؤال، فهو العلة في عفايته المستلزم
للتحريم، المستلزم للنجاسة (معه).
(5) أورده في المستدرك، كتاب الطهارة، باب (26) من أبواب النجاسات
والأواني حديث 9.
(6) النهى هنا للتحريم (معه).
(7) النهى هنا للكراهة (معه).
163

(164) وقال صلى الله عليه وآله: " من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله، ومن دخل
على غير دعوة، دخل سارقا وخرج معيرا " (1).
(165) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها، وإن كان مفطرا
فليطعم، وإن كان صائما فليدع " (2)
(166) وفى الحديث انه صلى الله عليه وآله نهى ان يجلس الرجل في الصلاة وهو
معتمد على يده (3).
(167) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، غدى من منى من حين أصبح بعد صلاة الصبح
يوم عرفة، فنزل بنمرة. وهي منزل الإمام بعرفة، وراح مهجرا (4) وجمع بين
الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف الموقف بعرفة.
(168) وفيه أنه صلى الله عليه وآله أقطع الزبير، حصر فرسه، فأجرى فرسه حتى قام
ثم رمى بسوطه، فقال: " أعطوه من حيث بلغ السوط " (5) (6).

(1) عبر عن الكراهية الشديدة بالعصيان، لمقاربتها له في البغض عند الله. فهو
دال على شدة استحباب الإجابة، ولهذا بالغ فيه بذكر عصيان الله ورسوله، بتركه.
وأما الدخول بغير دعوة فهو حرام، فضلا عن الأكل. والاذن في الدعوة، أعم من
الصريح والفحوى، فلا بد من العلم بعدم الكراهة (معه)
(2) الأوامر الثلاثة في الحديث للاستحباب (معه).
(3) النهى هنا للكراهة (معه)
(4) والهاجرة، نصف النهار عند اشتداد الحر، أو من عند الزوال إلى العصر،
لان الناس يسكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا من شدة الحر والجمع، الهواجر (مجمع
البحرين).
(5) وهذا يدل على أن للنبي صلى الله عليه وآله والإمام (ع) الاقطاع لمن شاء من الأرض
المفتوحة عنوة (معه)
(6) هذا الاقطاع كان من أراضي المدينة، وهي لم تفتح عنوة، وان فتح فيها
بعض قلاع اليهود، وقتل بعضهم وأجلى آخرين: نعم ذكر العلامة في التذكرة وغيره
ان من جملة خصايصه صلى الله عليه وآله، انه أبيح أن يحمى لنفسه الأرض لرعى ماشيته، وكان
حراما على من كان قبله من الأنبياء، والأئمة بعده ليس لهم أن يحموا لأنفسهم. والظاهر أن
هذا الاقطاع كان من هذا الحمى (جه).
164

(169) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، نهى عن أن يمشي الرجل بين المرأتين (1).
(170) وقال صلى الله عليه وآله: " من تشبه بقوم فهو منهم " (2) (3).
(171) وقال عليه السلام: " ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق " (4) (5).
(172) وقال صلى الله عليه وآله: " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد
الله. ومن خاصم في باطل، وهو يعلم، لم يزل في سخط الله حتى ينزع. ومن
قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة (6) الخبال حتى يخرج مما قال (7).
(173) وقال عليه السلام: " من ابتاع محفلة، فهو بالخيار ثلاثة أيام، فان ردها
رد مثل لبنها قمحا " (8) (9).

(1) المراد ان يمشي بينهما للتكبر كما هو عادة الجاهلية. والنهى للتحريم في
الأجنبيتين، وأما في المحرمتين فمكروه (معه).
(2) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 50، عن مسند عبد الله بن عمر
(3) أي بأخلاقهم (معه).
(4) سنن أبي داود، ج 2 كتاب الطلاق (باب في كراهية الطلاق) حديث 2177.
(5) فيه دلالة على شدة الكراهية (معه).
(6) قال في النهاية: فيه (من قال في مؤمن ما ليس فيه حبسه الله في ردغة الخبال)
جاء تفسيرها في الحديث (انها عصارة أهل النار) والردغة بسكون الدال وفتحها طين
ووحل كثير الخ.
(7) الردغة: المكان المرتفع. والخبال: هي المياه الخارجة من فروج الزناة (معه).
(8) التحفيل: ترك لبن الشاة مدة حتى يعظم ضرعها، ليظن انها ذات لبن كثير
وهو تدليس يسمى التصرية أيضا (معه).
(9) الوسائل، كتاب التجارة، باب (13) من أبواب الخيار فلاحظ. ورواه
ابن ماجة، كتاب التجارات (42) باب بيع المصراة، حديث 2240.
165

(174) وقال صلى الله عليه وآله: " من توضأ على طهر، كتب له عشر حسنات "
(175) وقال صلى الله عليه وآله: " القدرية (1) مجوس هذه الأمة، ان مرضوا فلا تعودوهم
وان ماتوا فلا تشهدوهم "
(176) وقال صلى الله عليه وآله: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبايعها، ومبتاعها
وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه ".
(177) وفي حديث عبد الله بن عباس قال: اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله
في جفنة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتوضأ منها، فقالت: يا رسول الله اني كنت
جنبة، فقال عليه السلام: " ان الماء لا يجنب " (2).
(178) وفيه أنه عليه السلام قال، في الذي يأتي امرأته وهي حائض: " يتصدق
بدينار، أو بنصف دينار "
(179) وقال صلى الله عليه وآله في المكاتب، يقتل؟ قال: " يؤدي بقدر ما أدى، دية الحر

(1) القدرية: هم المنسوبون إلى القول بالقدر: ومعناه الذين يقولون: ان جميع
ما في الوجود من خير وشر، وطاعة ومعصية، وصدق وكذب، وعدل وظلم، واقع بقدرة
الله ومشيته وإرادته، وانه الفاعل لجميعها بلا واسطة. وهم المجبرة، لأنهم يقولون:
ان العبد لا اختيار له، وانه مجبور على أفعاله المنسوبة إليه. بمعنى انها غير مخلوقة
له، وانه لا دخل له في الفعل البتة.
لان القدري منسوب إلى القدر، لا إلى القدرة. وشبههم بالمجوس، لان المجوس
يقولون بان الاله اثنان، وان الشرور الواقعة في العالم كلها من الشيطان والعبد لا دخل
له في فعلها. فكان قول القدرية موافق لقول المجوس، وأهل الاسلام يكفرون المجوس
فيجب القول بكفر القدرية، ليتحقق معنى المشابهة. والنهى عن عيادة مرضاهم، وعدم
شهادة موتاهم، للتحريم، كما في الكفار من غير فرق. ومن قال: إن القدرية، من
يقول إن للعبد قدرة، فقد غلط غلطا ظاهرا، لأنه يحيل به ياء النسبة (معه).
(2) وهذا يدل على جواز استعمال الماء المستعمل في الطهارة الكبرى (معه).
166

وإذا أصاب حدا أو ميراثا، ورث بحساب ما عتق منه " (1)
(180) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله كان يصلي في الاستسقاء ركعتين، كما يصلى
في العيدين.
(181) وقال صلى الله عليه وآله: " البسوا من ثيابكم البيض، فإنها خير ثيابكم، وكفنوا
فيها موتاكم، وان من خير أكحالكم الإثمد يجلوا البصر وينبت الشعر " (2) (3).
(182) وفي الحديث ان رجلا مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يدع
وارثا الا عبدا هو أعتقه، فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله ميراثه (4).
(183) وفي حديث ابن عباس قال: أول جمعة جمعت، بعد جمعة في
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، لجمعة في عبد القيس، بحواثا، قرية من قرى البحرين (5)
(184) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق
حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن، ولا يقتل القاتل
حين يقتل وهو مؤمن ".
(185) وقال عليه السلام: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ " (6)

(1) معناها، إذا قتل المكاتب وقد أدى من مكاتبته شيئا، أدى القاتل من دية الحر بقدر
ما فيه من الحرية، على قدر ما أدى. وكذا إذا فعل ما يوجب الحد، أقيم عليه من حد
الأحرار، بنسبة ما فيه من الحرية. وكذا في الميراث، فيرث بنسبة ما فيه من الحرية
وهذا مخصوص بالمكاتب المطلق (معه).
(2) الامر هنا للاستحباب اجماعا (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 247.
(4) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 221.
(5) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة (باب الجمعة في القرى والمدن)
(6) المغبون هو الذي يبيع الكثير بالقليل. ومن حيث اشتغال المكلف أيام
الصحة والفراغ بالأمور الدنيوية الدنية، يكون مغبونا البتة. لأنه قد باع أيام الصحة
والفراغة بشئ لا قيمة له من الأمور الحقيرة الفانية، المنغصة بشوائب الكدورات (معه).
167

(186) وفي حديث ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " ما
من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا
الا شفعهم الله فيه " (1) (2).
(187) وعنه قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأبي بكر، وسنتين

(1) الشرك ثلاث مراتب، الأولى: الشرك في الإلهية، وهو اعتقاد وجود آلهين
وهذا هو الكفر المضاد للاسلام الظاهر. والثانية: الشرك في الاعمال، بان يشيبها
بالأغراض، وهي المرتبة الوسطى، وهي الشرك المقابل للايمان بالغيب. الثالثة:
الشرك في الوجود، بأن يعتقد ان هنا موجودا يتصف بالوجود الحقاني غير الله، وهي
المرتبة العليا، ويسمونه، الشرك الخفي، وهو المقابل للايمان الحقيقي (معه).
(2) روى الصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (إذا مات المؤمن، و
حضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين، فقالوا: اللهم لا نعلم منه الا خيرا وأنت أعلم
به منا، قال الله تبارك وتعالى قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون)
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (كان في بني إسرائيل عابد، فأعجب به
داود (ع) فأوحى الله إليه، لا يعجبك شئ من أمره، فإنه مرائي، فمات الرجل، فقال
داود. ادفنوا صاحبكم ولم يحضره فلما غسل قام خمسون رجلا، فشهدوا بالله ما يعلمون
منه الا خيرا، فلما صلوا عليه، قام خمسون آخر فشهدوا بذلك أيضا، فأوحى الله إلى
داود، ما منعك ان تشهد فلانا؟ فقال: يا رب للذي أطلعتني عليه من أمره، فأوحى الله إليه
إن كان ذلك كذلك، ولكنه قد شهد قوم من الأحبار والرهبان، ما يعلمون الا خيرا
فأجزت شهادتهم، وغفرت له علمي فيه.
ومن أجل هذا، حضرت عند شيخنا المحدث في أصفهان، فكان على المنبر يوما في
شهر رمضان، فألقى على الناس عقايده واستشهدهم عليها، وطلب منهم ان يكتب منهم
أربعون رجلا أسمائهم على كفنه يتضمن شهادتهم له بالايمان، فكتب كل واحد، وكنت
أنا من الكاتبين ان فلانا من أهل الايمان لاشك فيه، ثم اتخذه الناس من ذلك اليوم سنة
وهو خير. والاستكثار منه خير (جه)
168

من خلافة عمر، الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب يوما: ان الناس قد استعجلوا
في أمر كانت لهم فيه أنائة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم " (1) (2).
(188) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " العين حق، ولو كان شئ سابق القدر سبقه
العين، وإذا اغتسلتم فاغسلوا " (3).
(189) وروي انه صلى الله عليه وآله قال: " ان الله كتب عليكم الحج، قال: فقام
الأقرع بن حابس فقال: في كل عام يا رسول الله؟ فسكت، ثم قال: لو قلت،
لوجب. ثم إذا لا تسعون ولا تطيقون ولكن حجة واحدة " (4).
(190) وفي الحديث انه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ان امرأتي
لا ترد يد لامس، فقال صلى الله عليه وآله: " طلقها " قال: اني أخاف أن تتبعها نفسي، قال:
(فاستمتع بها " (5) (6).

(1) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب الطلاق الثلاث، حديث 1472.
(2) وهذا يدل على أن الطلاق الثلاث المرسلة، لم يكن من السنن النبوية، و
إنما هو من محدثات الخلفاء (معه).
(3) أي انها مؤثرة، فإذا طلب منكم غسالة الوجه والأيدي كما في الوضوء، فافعلوا
ذلك، ولا تمتنعوا منه، لعله ينتفع صاحب العين به، والامر هنا للندب، لأنه إشارة
إلى مصلحة دنيوية (معه).
(4) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحج، ج 4: 325، باب وجوب
الحج مرة واحدة.
(5) وهذا يدل على أن الزوجة لا تحرم على زوجها بالزنا، وان أصرت عليه و
تظاهرت به (معه).
(6) قال الشيخ في الخلاف: إذا كانت عنده زوجة فزنت، لا ينفسخ العقد. و
الزوجية باقية، وبه قال جميع الفقهاء. وقال الحسن البصري: تبين عنه. وروى ذلك
عن علي عليه السلام. دليلنا، اجماع الفرقة، وأخبارهم، وروى هذا الحديث. وقال
في آخره: لو بانت منه لما أمره بامساكها. انتهى (جه).
169

(191) وقال صلى الله عليه وآله: " من أكثر من الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا
ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب " (1) (2).
(192) وقال صلى الله عليه وآله: " من قتل في عمياء، في رمي يكون بينهم بحجر
أو بسوط، أو ضرب بعصي فهو خطاء، وعقله عقل الخطاء، ومن قتل عمدا فهو
قود، ومن حال دونه فعليه لعنة الله وغضبه، لم يقبل منه صرف ولا عدل " (3)
(193) وقال صلى الله عليه وآله: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل
والمفعول " (4).
(194) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، نهى أن يتنفس في الاناء، أو ينفخ فيه " (5) (6)
(195) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، نهى أن يتزوج المرأة، على عمتها

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 248.
(2) وذلك لان الذنوب تحبس الرزق، وتجرح الصدر، وتكثر الهم على المؤمن
لأنها تجعل النفس ظلمانية مكدرة. والظلمة والكدرة موجبة لهذه الأمور. فالاستغفار و
والتوبة يخلص من هذه الظلمات، لأنهما تفيدان النورانية المزيلة للظلمة، والطهارة المزيلة
للكدورة (معه).
(3) في النهاية: العمياء، بالكسر والتشديد والقصر، فعيلا من العما، كالرميا من
الرمي، والخصيصا من التخصيص، وهي مصادر والمعنى ان يوجد بينهم قتيل يعمى
أمره، ولا يبين قاتله. فحكمه حكم قتيل الخطأ، تجب فيه الدية، انتهى.
والعقل، الدية. وهذا القتل اما خطأ محض، لان الغالب فيه أنه لم يقصد فيه
شخص بعينه، وقد يقصد شخصا ويصيب غيره. وأما خطأ شبيه بالعمد، لعدم كون الآلة
قاتلة قاطعة غالبا، فان عرف القاتل فالدية، وإن كان لوثا عمل على مقتضاه، والا فالدية
على بيت المال (جه).
(4) الامر للوجوب لان حدهما القتل (معه).
(5) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 309.
(6) النهى هنا للكراهة (معه).
170

أو خالتها (1) (2).
(196) وقال صلى الله عليه وآله: " خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة وخير
الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنى عشر ألفا من قلة " (3).
(197) وقال صلى الله عليه وآله: " ان النفساء والحائض تغتسلان وتحرمان، وتقضيان
المناسك كلها، غير الطواف بالبيت حتى تطهرا ".
(198) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تصلح قبلتان في أرض واحدة،. وليس على مسلم
جزية " (4).
(199) وقال صلى الله عليه وآله: " يمن الخيل في شقرها " (5).
(200) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: " نهى عن التحريش (6) بين البهائم " (7)

(1) الوسائل، كتاب النكاح، باب (30) من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها
فراجع. ورواه ابن ماجة في سننه، كتاب النكاح، (31) باب لا تنكح المرأة على
عمتها ولا على خالتها، فلاحظ.
(2) النهى هنا للتحريم (معه).
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 294. عن مسند عبد الله بن عباس.
(4) يحتمل أن يراد بالقبلة، الحقيقة الشرعية. فإذا اختلف اجتهاد شخصين فيها
لم يكن قبلة كل واحد منهما صحيحة، بل القبلة الصحيحة لأحدهما. ويحتمل أن يراد
بالقبلة، من يقتدى به في الأمور الدينية، فلا يصح العمل باجتهادي شخصين متخالفين
في قضية واحدة. لان الحق البتة في طرف أحدهما. ويحتمل أن يراد بالقبلة امام الأصل
فلا يصح في الأرض امامان متصرفان في زمان واحد. ويحتمل أن يراد بها امام الصلاة
فلا يصح أن يقتدى في الصلاة الواحدة بإمامين (معه).
(5) الشقرة لون الأشقر: وهي في الانسان، حمرة تعلو بياضا، وفى الخيل حمرة
صافية، يحمر معها العرف والذنب، وفرس أشقر، الذي فيه شقرة (مجمع البحرين).
(6) التحريش الاغراء بين القوم والكلاب، وتهييج بعضها على بعض (مجمع
البحرين).
(7) للتنزيه الا في الكلاب، وفى كل موضع يفعل لأجل التفرج (معه).
171

(201) وقال صلى الله عليه وآله: " أمني جبرئيل عند البيت مرتين. فصلى بي الظهر في
الأولى منها حين كان الفئ على الشراك، ثم صلى بي العصر حين صار ظل كل
شئ مثليه، ثم صلى بي المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى
بي العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى بي الفجر حين بزق الفجر، وحرم الطعام
على الصائم.
ثم صلى بي المرة الثانية، الظهر حين صار ظل كل شئ مثله، ثم صلى
بي العصر حين كان ظل كل شئ مثليه، ثم صلى بي المغرب لوقته الأول، ثم
صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى بي الصبح حين أسفرت
الأرض. ثم التفت إلي جبرئيل فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك.
والوقت فيما بين هذين الوقتين " (1) (2) (3).

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 333.
(2) وهذا يدل على وقت الفضيلة عند أكثر الأصحاب. وعند طائفة أخرى، ان
هذا الوقت لا يجوز تعديه، وإذا وقعت الصلاة في غير ذلك كانت قضاء، الا لمن له عذر
(معه).
(3) قوله: أمنى جبرئيل ظاهره ان جبرئيل صلى بالنبي من جماعة، وهو ينافي
ما روى في حديث المعراج من أن النبي صلى بالملائكة جماعة جبرئيل وغيره، وانه أفضل
من الملائكة. فكيف يتقدم عليه جبرئيل؟! ومن ثم قال في الحاشية: المراد انه صلى
في هذه الأوقات على جهة التعليم، لا جماعة، معي بل صليت منفردا، انتهى.
ويؤيد ما روى أن جبرئيل جاء مشيرا على النبي صلى الله عليه وآله في هذين الوقتين، والنبي
هو الذي وضعهما. وقوله: على الشراك، يعنى به شراك النعل العربي، ومعقده ظهر
القدم. ومعناه انه إذا زالت الشمس، ومضى من الزوال مقدار معقد الشراك من القدم
صلى الظهر. والتأخير بهذا المقدار استظهارا في تحقيق دخول الوقت وتيقنه.
ويؤيده ان الشيخ رواه هكذا: وأتاه جبرئيل خبر زالت الشمس، فأمره فصلى
الظهر. وقوله: ظل كل شئ مثله، يعنى حتى يصير الظل الزايد مثل الشاخص. و
قول الشيخ في التهذيب: المراد بالمماثلة بين الفيئ الزائد والظل الأول، لا الشخص
يرد عليه أولا انه خلاف منطوق الاخبار الواضحة، وثانيا: ان قدر الظل الأول كما
قيل غير منضبط، وقد ينعدم في بعض الأوقات، فلو نيط الوقت به، لزم التكليف بعبادة في
غير وقت، أو في وقت يقصر منها، وهو معلوم البطلان.
وقوله: حين وجبت الشمس، أي حين سقطت وغابت عن العين، كما قاله
المرتضى. أو حين استقر غيابها بذهاب حمرتها، كما هو قول الأكثر. وقوله: حين
بزق الفجر. بالزاي المعجمة، أي حين ظهر (جه).
172

(202) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، وقت لأهل المشرق، العقيق (1) (2).
(203) وفي حديث ابن عباس، قال: لعن رجل الريح عند رسول الله صلى الله عليه وآله،
فقال: " لا تلعن الريح فإنها مأمورة، وانه من لعن شيئا ليس له بأهل، رجعت
اللعنة عليه " (3) (4).
(204) وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله، نام وهو ساجد فغط (5) أو نفخ، ثم قام
يصلي. فقلت: يا رسول الله، انك قد نمت، فقال: " ان الوضوء لا يجب الا على

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1: 344.
(2) هذا الحديث اخبار بالغيب من باب المعجزة. لأنه لم يكن ثمة قد فتح العراق
فكأنه قال: إن العراق تفتح بعدي، ويسلم أهلها، ويكون ميقات حجهم العقيق (معه).
(3) وهذا يدل على أن اللعن غير جائز على أحد، الا من لعنه الله ورسوله (معه).
(4) بل لا يجوز لعن كل من لعنه الله ورسوله. لما تقدم من ورود اللعن على
بعض المكروهات، كالأكل زاده وحده، والبائت في بيت وحده، ومن سافر وحده
إلى غير ذلك. من ترك السنن الأكيدة، وارتكاب المكروهات الغليظة. بل ينبغي أن
يقال: إنه لا يجوز اللعن الا من ورد الاذن من الشارع بلعنه (جه).
(5) الغطيط، هو صوت يخرج من النائم (معه)
173

من نام مضطجعا، فإنه إذا اضطجع، استرخت مفاصله " (1) (2) (3)
(205) وروى الصلت بن عبد الله بن نوفل، قال: رأيت ابن عباس يتختم
في يمنه، ولا أخاله الا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يتختم في يمينه (4)
(206) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الحجر الأسود من الجنة "
(207) وقال صلى الله عليه وآله: " من قال: في القرآن برأيه، أو بغير علم فليتبوأ مقعده من
النار " (5)

(1) رواه الترمذي في سننه ج 1 أبواب الطهارة (75) باب ما جاء في الوضوء
من النوم. وسند الحديث هكذا (حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي، عن أبي خالد الدالاني
عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس)
(2) هذا يدل على أن النوم بنفسه ليس بناقض، وإنما هو ناقض إذا اشتمل على
الناقض، من حيث إنه مظنة النقض،. وهذه مسألة خلافية، تحقيقها في الفقه (معه)
(3) قال بظاهره ابن بابويه من أصحابنا، وباقي علمائنا لم يعملوا به، بل نصوا
استنادا إلى الأخبار الكثيرة، على أن النوم من نواقض الوضوء مطلقا، وجعلوه من جملة
الاحداث الناقضة ورووا مضمون هذا الخبر في أصولهم، وحملوه على التقية، لأنه
مذهب الفقهاء الأربعة.
وأما هذا الحديث فأجاب عنه العلامة في المنتهى من وجهين: أحدهما الطعن في
السند. فان رواية أبو خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس. وأبو خالد لم
يلق قتادة. وقال شعبة وغيره: ان قتادة لم يسمع من أبى العالية الا أربعة أحاديث أو ثلاثة
وليس هذا الحديث منها. وقيل: إن قتادة كان مدلسا. وثانيهما: انه مع التسليم فهو غير
حجة. لأنه صلى الله عليه وآله نص على الاضطجاع، ونص على العلة التي هي الاسترخاء، وذلك
يقتضى تعميم الحكم في جميع موارد صور العلة (جه)
(4) وهذا يدل على أن السنة التختم في اليمين (معه)
(5) أشار بالأول وهو قوله برأيه، إلى باب التفسير، فإنه لا يجوز الا بالنقل. وأشار
إلى الثاني: وهو قوله بغير علم، إلى باب التأويل، فإنه غير جائز للجاهل بالعلوم المتوقف
عليهما صحة التأويل، والمعرفة به. وهو يدل على التحريم في الموضعين بدون
الشرطين (معه).
174

(208) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، كان يلحظ في الصلاة يمينا وشمالا، ولا يلوي
عنقه خلف ظهره (1).
(209) وفيه عن عبيد (عبد) الله بن عباس، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في
سفر، فحضر الأضحى، فاشتركنا في البقرة عن سبعة، وفي الجزور عن
عشرة (2) (3)
(210) وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله، خرج من مكة إلى المدينة، لا يخاف الإرب العالمين، فصلى ركعتين (4) (5)
(211) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، أحل في دبر الصلاة (6).
(212) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، توفى وعنده تسع نسوة، يصيبهن الا سودة، فإنها
وهبت ليلتها لعايشة.
(213) وقال صلى الله عليه وآله: " الشفاء في ثلاث: في شرطة حجام، أو شربة عسل،

(1) وهذا يدل على جواز ذلك، وعلى تحريم الالتفات بالعنق إلى الخلف (معه).
(2) وهذا يدل على جواز الاشتراك في الأضحية المندوبة، سواء كان الاشتراك
في التضحية، أو في اللحم أو فيهما (معه).
(3) رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الأضاحي (5) باب عن كم تجزى البدنة
والبقرة حديث (3131).
(4) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 3 ص 135، باب رخصة القصر في كل
سفر لا يكون معصية، وإن كان المسافر آمنا. ومسند أحمد: 1 / 226 و 354.
(5) هذا يدل على تحتم القصر في السفر، وإن لم يكن معه خوف (معه).
(6) أي أحرم بعد صلاة الاحرام. وهو يدل على كون الاحرام يستحب أن يكون
بعد صلاة (معه).
175

أو كية بنار. وأنا أنهى أمتي عن الكي " (1).
(214) وقال صلى الله عليه وآله، يوم بدر: " هذا جبرئيل، أخذ برأس فرسه عليه أداة
الحرب " (2).
(215) وقال صلى الله عليه وآله: " ان أحق ما أخذتم عليه أجرا، كتاب الله " (3).
(216) وقال صلى الله عليه وآله: أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومتبع
في الاسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرء بغير حق ليهريق دمه " (4)
(217) وفي حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ثلاث من سنن
الجاهلية لا يدعها الناس: الطعن في الأنساب، والنياحة، والاستقاء بالأنواء " (5)
(218) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: نهى عن بيع المزابنة، والمحاقلة (6).

(1) أي عن الكي بقصد الشفاء، والنهى للتنزيه. وليس المراد بالنهي عنه من
حيث أنه من جملة الشفاء، بل حيث إنه في آخر المراتب من الشفاء فالنهي عنه مع
وجود غيره من العلاج. أما مع الضرورة إليه فهو من جملة ما يحصل به الشفاء، مع
عدم الانتفاع بغيره (معه)
(2) والغرض من هذه الأخبار، تقوية نفوس المؤمنين، واشتداد ظهورهم، واعلامهم
بالمعجزة، ونصرة الله (معه)
(3) هذا يدل على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن. لكنه مخصوص بحالة
التواتر في البلد، ومخصوص بقدر ما تصح الصلاة به من الفاتحة وسورة معها، فإنه لا
يجوز أخذ الأجرة على هذا القدر (معه)
(4) الالحاد هو الادخال في الدين ما ليس منه، أو الاخراج منه ما هو منه، وعنه عليه
السلام (كل الظلم في الحرم الحاد، حتى ضرب الخادم) (معه).
(5) أي مطرنا بنوء كذا. والمراد بالنياحة القول بالباطل والهجر (معه)
(6) رواه ابن ماجة في سننه كتاب التجارات (54) باب المزابنة والمحاقلة
حديث (2266).
176

(219) وقال صلى الله عليه وآله: " أحد جبل يحبنا ونحبه " (1) (2) (3)
(220) وفي حديث ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، بقتلى أحد أن
ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم، وثيابهم (4) (5)
(221) وفيه عنه صلى الله عليه وآله قال: فرض زكاة الفطر، طهرة للصيام، من اللغو و
الرفث (6) وطعمة للمساكين. فمن أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة. ومن
أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " (7) (8)

(1) سنن ابن ماجة، كتاب المناسك (4 10) باب فضل المدينة، حديث 3115
(2) هذا يدل على أن للأشياء كلها روحانية، يقع لها بها الفهم والادراك
(معه)
(3) ذهب قدماء الحكماء، وجماعة من المتأخرين، إلى أن النفس الناطقة أعني
القوة الداركة لا اختصاص بها بالإنسان بل هي موجودة في الحيوانات من الدواب
والطيور، والوحوش ونحوها من الأصناف، بل صنف الشيخ أبو علي رسالة في العشق
وذكر فيه أنه جار في الحيوانات، والجمادات والنباتات، والمعادن.
وفى الأخبار المستفيضة دلالة على أن الجمادات لها من الادراك ما تعرف به خالقها
وأن لها تسبيحا وانقيادا له جل جلاله. وقوله سبحانه: " وان من شئ الا يسبح بحمده "
شاهد عليه، حتى قالوا: ان الاعجاز ليس في تسبيح الحصا بيده صلى الله عليه وآله لأنها تسبحه
دائما، إنما الاعجاز في اسماع الحاضرين ذلك التسبيح الخ (جه)
(4) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 247 وسنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، ج 1 (28)
باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، حديث 1515.
(5) هذا يدل على أن الشهيد لا يغسل ولا يكفن، بل يدفن بثيابه (معه)
(6) اللغو: القول بالباطل والهزل والرفث: هو ذكر الفحش في الكلام، وطموع
العين في النظر (معه)
(7) سنن ابن ماجة، كتاب الزكاة ج 1 (1 2) باب صدقة الفطر، حديث 1827
(8) وهذا يدل على أن زكاة الفطرة، لا تقض مع فوات وقتها، كما هو مذهب
جماعة من العلماء (معه).
177

(222) وقال صلى الله عليه وآله: " الأصابع سواء، والأسنان سواء، والثنية والضرس
سواء " (1) (2)
(223) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله: " انه جعل أصابع اليدين والرجلين
سواء " (3)
(224) وقال صلى الله عليه وآله: " والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا، والله لأغزون
قريشا، ثم قال: إن شاء الله " (4).
(225) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: نهى عن قتل أربعة من النملة، والنحلة
والهدهد، والصرد.
(226) وقال صلى الله عليه وآله: " خياركم ألينكم مناكبا في الصلاة " (5)
(227) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، مر برجل وقد خضب بالحناء، فقال: " ما
أحسن هذا " ومر بآخر وقد خضب بالحناء والكتم، فقال: " هذا أحسن " ثم
مر بأخر وقد خضب بالصفرة، فقال: " هذا أحسن من هذا كله " (6) (7).
(228) وقال صلى الله عليه وآله: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام. ومن شرب

(1) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الديات (17) باب دية الأسنان حديث 2650
(2) وهذا الحديث مرسل، وسيأتي من الأحاديث ما يخالفه، وليس على هذا
الحديث العمل (معه)
(3) سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الديات، (18) باب دية الأصابع حديث 2654
(4) وهذا يدل على جواز اليمين، وجواز تأكيدها، وجواز الاستثناء فيها
بالمشية (معه).
(5) وهذا يدل على أفضلية المبالغة في الطمأنينة، والاستقصاء في الركوع والمبالغة
في الخشوع (معه).
(6) الوسائل، كتاب الطهارة باب (47) من أبواب آداب الحمام، حديث 1.
(7) هذا يدل على جواز الخضاب، بل على استحبابه لاستحسانه إياه ودال على
جواز فعله بالأنواع الثلاثة (معه).
178

مسكرا، نجست (1) صلاته أربعين صباحا. فان تاب، تاب الله عليه، فان عاد
(الرابعة خ) كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال، قيل: وما طينة الخبال؟
قال: صديد أهل النار. ومن سقاه صغيرا لا يعرف حلاله من حرامه، كان حقا
على الله أن يسقيه من طينة الخبال "
(229) وقال صلى الله عليه وآله: " من نذر نذرا لم يسمه (2) فكفارته كفارة
يمين. ومن
نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين. ومن نذر مالا يطيقه فكفارته كفارة
يمين. ومن نذر مالا يطيقه فكيف له به " (3)
(230) وقال صلى الله عليه وآله: " من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله
فأعطوه "
(231) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله، سمى سجدتي السهو، المرغمتين (4)
(232) وفيه أنه صلى الله عليه وآله، نهى عن الثوب المصمت (5) من الحرير، فأما العلم
من الحرير، وسدى الثوب فلا بأس.

(1) الظاهر أنه بالنون والحاء والسين المهملتان، بمعنى النقصان. وقال في مجمع
البحرين: وأعمى نحس: أي ناقص.
(2) أي لم يعينه، أو لم يأت به، وهذا أولى (معه).
(3) وهذا الحديث يدل على أن النذر يمين، يجب الكفارة مع الحنث. وهذه
المواضع المذكورة في الحديث، كلها موجبة للحنث، فيجب بها الكفارة. وهذا مذهب
جماعة من العلماء، أخذا بهذا الحديث (معه).
(4) وإنما سميتا بذلك، لأنهما يرغمان أنف الشيطان أي يجعلان أنفه في الرغام
والرغام لغة التراب (معه).
(5) النهى للتحريم اجماعا (معه).
179

(233) وقال صلى الله عليه وآله: " ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم " (1) (2)
(234) وقال صلى الله عليه وآله: " من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا، ما سالمنا هن
منذ حاربناهن " (3) (4).
(235) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الهدى الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد
خمسة وعشرون جزء من النبوة " (5)
(236) وقال صلى الله عليه وآله: " من أراد الحج فليتعجل " (6)
(237) وقال صلى الله عليه وآله: " ليس على النساء من حلق، وإنما عليهن التقصير " (7) (8)
(238) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تصلوا خلف النائم، ولا المتحدث " (9) (10).

سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب الأذان والسنة فيها، (5) باب فضل الأذان و
ثواب المؤذنين، حديث 726
(2) الامر في الموضعين للاستحباب (معه)
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 230
(4) وهذا يدل على أن الحيات نوع من الجن (معه).
(5) علم من هذا الحديث، أن لهذه الصفات الثلاث نسبة إلى النبوة، تقتضي
لصاحبها الفضيلة (معه)
(6) سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب المناسك (1) باب الخروج إلى الحج
حديث 2883.
(7) الوسائل، كتاب الحج باب (8) من أبواب الحلق والتقصير، حديث 3 و
لفظ الحديث (عن أبي عبد الله عليه السلام ليس على النساء حلق ويجزيهن التقصير).
(8) وهذا يدل على أن التقصير واجب على النساء، لان (على) إنما تستعمل
للوجوب، وإذا وجب عليهن التقصير لم يجز لهن الحلق (معه)
(9) النهى للتحريم، والنائم هنا الجاهل، والمتحدث المغتاب. ويجوز الحمل
على الحقيقة، فالنائم من نام فنقض وضوءه. والمتحدث من تكلم في صلاته متعمدا
لبطلان صلاة الاثنين (معه)
(10) هذا رد على العامة حيث ذهبوا إلى أن النوم غير ناقض للوضوء والى
جواز الكلام في الصلاة عامدا، أما مطلقا كما قاله الشافعي، أو لمصلحة الصلاة كما قاله
باقي فقهائهم (جه)
180

(239) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " من قرأ حين يصبح " فسبحان الله حين
تمسون وحين تصبحون " الآيات الثلاث إلى تخرجون (1) أدرك ما فاته في
يومه وان قالها حين يمسى أدرك ما فاته في ليلته "
(240) وقال صلى الله عليه وآله: " لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها
وأكلوا أثمانها. وان الله تعالى، إذا حرم على قوم أكل شئ حرم عليهم
ثمنه (2)
(241) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تستروا الخد. ومن نظر في كتاب أخيه بغير اذنه
فكأنما ينظر في النار واسألوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا
فرغتم، فامسحوا بها وجوهكم "
(242) وقال صلى الله عليه وآله: " من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر
زاد ما زاد " (3) (4)
(243) وقال صلى الله عليه وآله: " من كان له أنثى فلم يبدها، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده
عليها، أدخله الله الجنة " (3)

(1) سورة الروم، الآية 17.
(2) هذا يدل على أنه لا يجوز بيع شئ من المحرمات (معه)
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 227.
(4) يحتمل أن يراد التعلم للنجوم. ويحتمل أن يراد به أخذ الحكم من المنجم.
والوعيد يدل على تحريمه، كتحريم السحر. والتحريم موقوف على اعتقاد تأثيرها في
تلك الأحكام، أو الجزم بوقوع تلك الأحكام عنها. وأما التحريم لعلمه فمشروط: اما
ليخبر العوام بذلك، ليموه عليهم أنه يخبر بالغيب، أو ليأخذ بذلك أجرة (معه).
(3) هذا يدل على تكرمة البنت والوصية بها (معه).
181

(244) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الله تعالى لا ينظر إلى مسبل " (1).
(245) وفي حديث ابن عباس، ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يوتر بثلاث: يقرأ
في الأولى بالأعلى، وفي الثانية بالجحد، وفي الثالثة بالتوحيد. وكان يصلي
ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففها (2) (3) (4).
(246) وقال صلى الله عليه وآله: " السلف في حبل الحبلة ربا ".
(247) وقال صلى الله عليه وآله: " أخذ الله الميثاق من ظهر آدم، بنعمان، يعني عرفة
فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنشرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم، وتلا:

(1) أسبل، أي دلاه، أي جعله متدليا. فيحتمل أن يراد اسبال طرفي الرداء إذا
التحف به. بأن يرفع أحد طرفيه على كتفه. ويحتمل أن يراد به سبل الميزر حتى
يخرج من تحت الذيل. ويحتمل أن يراد به سبل الذيل وتطويله حتى يجر في الأرض
أو يراد به سبل الذوائب على الصدر ليرى الناس ذلك. والكل مكروه شديد الكراهة
(معه).
(2) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (115) باب ما جاء
فما يقرأ في الوتر، حديث 1171.
(3) وهذا يدل على أن الشفع داخل في الوتر، والوتر هو المجموع، كما هو
مذهب جماعة من الأصحاب (معه).
(4) أقول: قد تقدم أن اطلاق الوتر على الركعة المفردة، حقيقة فقهية، و
اطلاقه على الثلاث حقيقة شرعية. وأما ما ذكره من السور، فالوارد في أكثر النصوص
هو استحباب قراءة التوحيد في الركعات الثلاث، وفى بعضها قراءة الفلق في الأولى
وقل أعوذ برب الناس في الثانية، والتوحيد في الثالثة. وفى مصباح الشيخ روى أن
النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى الثلاث ركعات بتسع سور، في الأولى إلهكم التكاثر، وانا أنزلناه
وإذا زلزلت. وفى الثانية الحمد، والعصر. وإذا جاء نصر الله، وانا أعطيناك الكوثر
وفى المفردة من الوتر قل يا أيها الكافرون، وتبت، وقل هو الله أحد. وما في هذه الأخبار
من الاختلاف محمول على التخيير (جه).
182

الست بربكم؟ قالوا: بلى " (1) (2)
(248) وقال صلى الله عليه وآله: " ألا أخبركم بخير نسائكم من أهل الجنة الولود
الودود على زوجها إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها، ثم تقول
والله لا أذوق غمضا (3) حتى ترضى "
(249) وقال صلى الله عليه وآله: " تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الذنوب
كما ينفي الكير خبث الحديد " (4) (5).
(250) وقال صلى الله عليه وآله: " الا أخبركم بخير ما يكنز المرأة الصالحة؟ إذا نظر
إليها تسره، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته "
(251) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: نهى عن بيع المغانم حتى تقسم، وعن
الحبالى أن يوطأن حتى يضعن ما في بطونهن، وعن أكل لحم كل ذي ناب
من السباع (6)
(252) وفيه أنه صلى الله عليه وآله: أتى بامرأة في نفاسها، ليحدها، فقال: " اذهبي حتى ينقطع

(1) سورة الأعراف، الآية 172
(2) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 272
(3) انغماض الطرف، انغضاضه. وما اكتحلت غماضا، أي ما نمت، ولا اغتمضت
عيناي، ومثله لا أكتحل بغمض حتى ترضى عنى (مجمع البحرين)
(4) سنن ابن ماجة، كتاب المناسك (3) باب فضل الحج والعمرة، حديث 2887.
(5) أما في حج التمتع فالمتابعة بينهما واجبة، لأنه لا يصح افراد أحدهما عن
الاخر. وأما في حج القران أو الافراد، فالامر للاستحباب، لأنه يجوز افراد أحدهما
عن الاخر (معه)
(6) النهى للتحريم، اما في الأول، فإنه بيع ما يملك. لان الغازي لا يملك
قسمته من الغنيمة الا بعد القسمة والقبض، وأما في الثاني، فروى أصحابنا عن أبي سعيد
الخدري، قال: بعث رسول الله سرية قبل أوطاس فغنموا نساء، فتأثم من وطيهن لأجل
أزواجهن، فنادى فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله " لا توطئ الحبالى حتى يضعن، ولا الحبالى
حتى يستبرئن " (جه).
183

عنك الدم " (1) (2).
(253) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا عاق ولا منان " (3) (4)
(254) وقال صلى الله عليه وآله: " الكماة من المن، وماؤها شفاء للعين " (5) (6)
(255) وفي حديث ابن عباس قال: كان صفوان نائما في المسجد، و
ردائه تحته، فسرق. فقام وقد ذهب الرجل، فأدركه وأخذه، وجاء به إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فأمر بقطعه. فقال صفوان: يا رسول الله ما بلغ ردائي أن يقطع
فيه رجل، فقال عليه السلام: " فهلا كان هذا قبل أن تأتينا به " (7) (8)
(256) وفيه عنه صلى الله عليه وآله قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: غداة العقبة، وهو على

(1) مستدرك الوسائل ج 2، كتاب الحدود والتعزيزات، باب (11) من أبواب
مقدمات الحدود وأحكامها العامة، حديث (12) نقلا عن العوالي.
(2) الحديث يدل على أن النفاس مرض، وان المريض لا يصح حده الا مع
اقتضاء المصلحة تعجيله، فيصح بما لا يضره كالضعث (معه)
(3) المراد بالمنان هو الذي يعطى ويذكر عطيته للغير، ليظهر الفضل عليه
ليجعله أخفض منه منزلا، وقد جاء بمعنى المعطى ولهذا قال في الدعاء يا حنان يا منان (معه)
(4) أقول: قال الله: (ولا تمنن تستكثر) أي لا تمنن بعطائك على الناس مستكثرا
ما أعطيته، فان متاع الدنيا قليل، ولان المن يكدر الصنيعة (جه)
(5) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الطب (8) باب الكماة والعجوة، حديث 3453
(6) في النهاية، أي مما من الله على عباده. وقيل: شبهها بالمن، وهو العسل
الحلو الذي ينزل من السماء عفوا بلا علاج، وكذا الكماة لا مؤنة فيه ولا سقى (جه)
(7) هذا يدل على أن الحد بعد انتهائه إلى الامام، لا يصح اسقاطه، بل يتعين
عليه اقامته (معه).
(8) سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الحدود (28) باب من سرق الحرز
حديث 2595.
184

راحلته " هات القط لي " فلقطت له حصيات، هن حصى الحذف فلما وضعتهن
في يده قال: " بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من قبلكم
بالغلو في الدين " (1) (2).
(257) وفيه عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله بعث إلي ملكا من الملائكة ومعه
جبرئيل " فقال " ان الله يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا، وبين أن يكون ملكا
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جبرئيل كالمستشير؟ فأشار بيده أن تواضع فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا، بل أكون عبدا نبيا " فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكيا
قط (3) (4)
(258) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لعن الله من وقع على بهيمة "
(259) وقال صلى الله عليه وآله: " في الحجر: " ليبعثه الله يوم القيامة، له عينان يبصر بهما

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 215
(2) قوله القط لي: يعنى من الحصى القريبة من الجمرة ابكارا لم يرم بها
لكن الظاهر أنها خالية من شرايط الكمال والاستحباب، من كونها ملتقطة من المشعر
وكونها برشا رخوة كحلية ونحو ذلك من الصفات، وتفريع قوله: وإياكم والغلو في
الدين، يعنى يسروا الأمور ولا تجعلوا المندوب كالواجب، ويجوز أن يكون جملة
مستأنفة (جه)
(3) لأنه صفة أهل التكبر (معه)
(4) وهذه الحالة التي اختارها، وهي صفة العبودية أفضل وأشرف من درجة
الرسالة، التي هي أفضل من رتبة النبوة كما قال المحقق: من أن العبودية صفة و
حالة بينه وبين ربه، لا دخل لها بالأمة، بخلاف الرسالة، فإنها حالة رابطة بينه وبينهم
لأنه أرسل إليهم. فبالنظر إلى هذا ذكر الله سبحانه في مقام الثناء عليه بأعظم الدرجات
فقال: سبحان الذي أسرى بعبده، ولم يقل برسوله، ولا بنبيه، وبغير ذلك من الألقاب
(جه).
185

ولسان ينطق، يشهد لمن يستلمه بحق " (1) (260) وقال صلى الله عليه وآله: في مكة: " ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي ولولا أن
قومي أخرجوني منك، ما سكنت غيرك " (2) (3) (4).
(261) وقال صلى الله عليه وآله: " من طاف بالبيت خمس مرات، خرج من ذنوبه كيوم
ولدته أمه "
(262) وقال عليه السلام: " اتقوا الحديث عني الا ما علمتم، فمن كذب علي
متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " (5) (6)

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 247. وسنن ابن ماجة، كتاب المناسك (27)
باب استلام الحجر، حديث 2944.
(2) مستدرك الوسائل، كتاب الحج باب (11) من أبواب مقدمات الطواف
حديث 1 نقلا عن عوالي اللئالي.
(3) هذا يدل على أن المجاورة بمكة غير مكروهة، لان ما هو محبوب للنبي
صلى الله عليه وآله لا تكره المجاورة به (معه)
(4) يجوز أن يكون المعنى انه لولا أن قومي قريش أخرجوني منك لما خرجت
عنك، وعن سكناي فيك. ويجوز أن يكون ورود الحديث عنه صلى الله عليه وآله بعد الفتح والتمكن
من السكنى بمكة. يعنى انى أكره الإقامة والسكنى في بلد أخرجت منها.
ويؤيده ما رواه الصدوق في كتاب العلل وعيون الأخبار مسندا إلى أبي الحسن
عليه السلام قال: (ان عليا عليه السلام لم يبت بمكة إذ هاجر منها حتى قبضه الله إليه)
قلت: ولم ذلك؟ قال: كان يكره أن يبيت بأرض قد هاجر منها ويبيت بغيرها (جه).
(5) هذا يدل على أن الكذب عليه متعمدا من الكبائر. وفيه دلالة على أن أخبار
الآحاد لا تصح العمل بها (معه).
(6) هذا رد على الجمهور حيث أخذوا دينهم من الجماعة الكذابة على النبي صلى الله عليه وآله
كأبى هريرة واضرابه. فإنه نقل عن النبي صلى الله عليه وآله اثنى عشر ألف حديث فتفرد بها
حتى تفطن لهذا بعض متأخريهم. فقال: كيف حصل أبو هريرة نوبة بانفراده حتى
روى هذه الأخبار كلها من غير مشارك، مع أن ساعاته صلى الله عليه وآله مقسومة على الليل والنهار
وليس لأبي هريرة ولا لمن هو مثله نوبة انفراد بالنبي صلى الله عليه وآله
وأما علمائنا فأهل الحديث منهم أوضحوا الدلالات على أن الأصول الأربعة
للمحمديين الثلاث. ونحوها من كتب الحديث كلها متواترة النقل عن الأئمة الأطهار
أهل العصمة، وحديثهم حديث جدهم. وأما الفقهاء والأصوليون من علمائنا فأكثر القدماء
منهم كالمرتضى وابن إدريس وجماعة. على أنه لا يجوز العمل بالاخبار الآحاد، فلا
يعمل بها مجردة عن القرائن بل نصوا على القرائن وبينوها في كتبهم
وخبر الواحد المحفوف بالقرائن يفيد العلم، فهم أبدا يعلمون في أحكام دينهم
بالعلم، ولا يحتاجون إلى العمل بالآراء والقياسات والاستحسانات ونحوها. وأما
عملهم في الآداب والسنن بأخبار الآحاد. فهم مستندون فيها إلى الخبر الصحيح الوارد
عنه صلى الله عليه وآله (من بلغه عمل شئ من الثواب فعمله، أعطى ذلك الثواب، وإن لم يكن
ذلك على ما بلغه. الحديث كما بلغه)
وأما قوله (فمن كذب على متعمدا) فهو إشارة إلى
ما رواه العامة والخاصة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال (مستكثر على الكذابة الا من كذب على متعمدا
في حياتي وبعد موتى فلتبوء مقعده من النار)
وقد اتفق للمرتضى مناظرة مع علماء الجمهور في الإمامة فأوردوا عليه أخبارا
موضوعة في فضائل الشيخين، فقال: هي مكذوبة بها على النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: لا يقدر
ولا يتجرأ أحد على الكذب عليه، فأجابهم بأنه روى عنه هذا الحديث، أعني قوله
(ستكثر على الكذابة) فهذا الحديث اما مكذوب عليه أو هو صحيح عنه، ويلزم المطلوب
على كلا التقديرين، فأفحموا به عن الجواب (جه)
186

(263) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا زلزلت، تعدل نصف القرآن. وقل هو الله، تعدل ثلث
القرآن. وقل يا أيها الكافرون، ربع القرآن "
(264) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى
وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، وأحمدوا إذا أنتم رفعتم " (1)
(265) وقال صلى الله عليه وآله: لأهل الكيل والوزن: " انكم وليتم أمرين هلك فيها

(1) الامر في الثلاثة للتأديب (معه).
187

الأمم السالفة قبلكم " (1) (2)
(266) وقال صلى الله عليه وآله: " شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتسائلون
وإذا الشمس كورت " (3).
(267) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تستقبلوا السوق، ولا تحلفوا، ولا ينفق بعضكم
لبعض " (4) (5)

(1) مستدرك الوسائل كتاب التجارة، باب (6) من أبواب عقد البيع و
شروطه، حديث 9 نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قدم المدينة وكانوا من أخبث الناس كيلا، فنزلت
سورة المطففين، فأحسنوا الكيل، وقال صلى الله عليه وآله: ما طفف قوم الكيل الا
منعوا النبات وأخذوا بالسنين. وقوم شعيب أهلكوا بسبب الكيل والوزن
ويحكى ان أعرابيا قال: لعبد الملك ابن مروان، ان المطفف قد توجه إليه
الوعد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل
ولا وزن. (جه)
(3) لما فيها من أهوال يوم القيامة وأحوالها، وما لحق الأمم السابقة من العذاب
في الدنيا، وعن ابن عباس ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع القرآن
آية كانت أشد من قوله تعالى في سورة هود. فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا
تطغوا انه بما تعملون بصير. ولهذا قال شيبتني سورة هود (جه)
(4) مستدرك الوسائل، كتاب التجارة باب (3) من أبواب آداب التجارة
حديث 7 نقلا عن عوالي اللئالي.
(5) أي لا تجعلوه قبلتكم، بأن تكونوا دائمين متوجهين إليه، مشتغلين به عن فعل
الخير. ويحتمل أن يكون المراد، لا تدخلوا السوق أول نهاركم. ولا تحلفوا، يعنى
على البيع والشراء. ولا ينفق بعضكم لبعض. التنفيق جعل السلعة نافقة، بان يزيد فيها
ليرغب فيها المشترى، وهو النجش. والنهى في الكل للتحريم. الا إذا حمل الاستقبال
على المعنى الثاني والحلف على الصدق، فيحمل على الكراهية (معه).
188

(268) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تقام الحدود في المساجد، ولا يقتل الوالد بالولد " (1)
(269) وقال صلى الله عليه وآله: " فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " (2) (3) (4)
(270) وقال صلى الله عليه وآله: " الفخد عورة " (5)
(271) وفي الحديث انه كان صلى الله عليه وآله، يأخذ من شاربه، وان إبراهيم الخليل
كان يفعله (6)
(272) وقال صلى الله عليه وآله: " ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ولا يوقر كبيرنا ولم يأمر
بالمعروف، ولم ينه عن المنكر "

(1) النهى في الموضعين للتحريم (معه)
(2) البحار ج 1 من الطبعة الحديثة، كتاب العلم، حديث 48
(3) وهذا يدل على أفضلية الفقيه على العابد بألف مرة، وذلك لان منفعة الفقيه
متعدية إلى الغير، ومنفعة العابد بنفسه لا غير. والمراد بالفقيه المجتهد (معه)
(4) الفقيه مرابط لثغور الشياطين يمنعهم من الدخول بالشبهات على حصن المسلمين
فهو أفضل من المرابط في ثغور الاسلام (جه)
(5) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب (12) ما يذكر في الفخذ. وسنن أبي
داود، كتاب الحمام، باب النهى عن التعري، حديث 4014. وصحيح
الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء ان الفخذ عورة، حديث. 2795. وسنن الدارمي
كتاب الاستيذان، باب ان الفخذ عورة. ومسند أحمد بن حنبل ج 3: 478 و 479
(6) سنن الترمذي، كتاب الأدب (16) باب ما جاء في قص الشارب حديث
2760.
189

(273) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تمار أخاك، ولا تمازحه ولا تعده وعدا فتخلفه " (1) (2)
(274) وقال صلى الله عليه وآله: " من كفل (قبض خ ل) يتيما بين المسلمين فأدخله إلى
طعامه وشرابه، أدخله الله الجنة البتة، إلا أن يعمل ذنبا لا يغفر له " (3) (4)
(275) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا قال الرجل للرجل، يا يهودي، فاضربوه عشرين
وإذا قال: يا مخنث فاضربوه عشرين ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه " (5) (6) (7)

أي لا تجادله إلى حد يورث الشحناء، وتوغل القلب. وكذلك المزاح
الذي يورث مثل ذلك، فإنه قد يجر إلى العداوة. ويصدق هذا قول الشاعر:
مازح صديقك ما استحب مزاحا * وإذا مزحت فلا تكن ملحاحا
فربما نطق اللسان بمزحة * كانت لباب عداوة مفتاحا
واما خلف الوعد فقبحه معلوم بالعقل، والنهى للكراهية (معه).
(2) روى عن أبي عبد الله عليه السلام، انه ما من مؤمن الا وفيه دعابة، قلت:
وما الدعابة؟ قال: المزاح، وقال عليه السلام: المداعبة من حسن الخلق، وانك
لتدخل بها السرور على أخيك، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يداعب الرجل. يريد أن يسره، ومزاحه مع العجوز مشهورة وفى الكتب مسطورة. كان عمر بن الخطاب ينقم على
أمير المؤمنين الدعابة، وهذا الذي منعه من أن يوصى إليه بالخلافة. والذي ورد النهى
عن كثرة المزاح فإنه يذهب ماء الوجه والايمان، لان منه ما يخرج من الحق إلى
الباطل، ومنه ما يكون استهزاء بمن يمازحه ونحو ذلك. (جه).
(3) صحيح الترمذي كتاب البر، باب ما جاء في رحمة اليتيم، وكفالته
حديث 1917
(4) وهو الشرك (معه)
(5) السنن الكبرى للبيهقي ج 8: 252 باب ما جاء في الشتم دون القذف، و
ص 237. باب من وقع على ذات محرم له
(6) الامر للوجوب في الثلاثة (معه).
(7) هذا الكلام يوجب التعزير، لا الحد. وتعيين التعزير موكول إلى الحاكم،
وقد عينه هنا (جه).
190

(276) وقال صلى الله عليه وآله: " غزوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها " (1) (2)
(277) وفي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله، كان يرمي الجمار إذا زالت
الشمس (3).
(278) وقال صلى الله عليه وآله: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " (4)
(279) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " كفى بك اثما، أن لا تزال مخاصما " (5)
(280) وقال صلى الله عليه وآله: " ما من مسلم كسى مسلما ثوبا، الا كان في حفظ الله ما دام
منه عليه خرقة " (6) (7) (8)
(281) وقال صلى الله عليه وآله: " سورة تبارك هي المنجية (المانعة خ) من عذاب

(1) سنن ابن ماجة، كتاب الجهاد (2) باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله
عز وجل حديث 2755 و 2757
(2) أي خير منها وان صرفها في وجوه البر وسبيل الخيرات والقرب إلى الله
تعالى (معه)
(3) وهذا يدل على أن الرمي يستحب فعله بعد الزوال اقتداءا بالنبي صلى الله
عليه وآله (معه)
(4) البحار ج 1 من الطبعة الحديثة، كتاب العلم، حديث (49) ومسند أحمد
ابن حنبل ج 1: 306.
(5) لان الخصومة توقع الشر والمآثم غالبا (معه).
(6) المستدرك، كتاب الصلاة، باب (37) من أحكام الملابس في غير الصلاة
حديث 6.
(7) وهذا يدل على تأكد استحباب كسوة العريان من أهل الاسلام، بل وغير
العريان من المستحقين والاخوان (معه).
(8) حفظ الله شامل لصحة البدن، ولماله وأهله، ومن ارتكاب الذنوب الموبقة
(جه).
191

القبر " (1)
(282) وقال صلى الله عليه وآله: " الشريك شفيع والشفعة في كل شئ " (2)
(283) وروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن متعة
الحج؟ فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع
وأهللنا، فلما وصلنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " اجعلوا أهلالكم بالحج عمرة
الا من قلد الهدي " فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا النساء، ولبسنا
الثياب، وقال: " من قلد الهدي، فإنه لا يحل له حتى يبلغ الهدي محله " ثم
أمرنا عشية التروية، أن نهل بالحج.
فإذا فرغنا من المناسك، جئنا فطفنا بالبيت، وبالصفا والمروة، وقد تم
حجنا، وعلينا الهدي كما قال الله تعالى: (فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد
فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) (3) إلى أمصاركم والشاة تجزي
فجمعوا نسكين في عام بين الحج والعمرة، فان الله تعالى أنزله في كتابه وسنة
نبيه وأباحه للناس غير أهل مكة، قال الله تعالى: " ذلك لمن لم يجد أهله حاضري
المسجد الحرام) (4)
وأشهر الحج الذي ذكرها الله شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فمن تمتع في
هذه الأشهر، فعليه دم، أو صوم. والرفث الجماع، والفسوق المعاصي، والجدال

(1) قال الطبرسي في مجمع البيان: في تفسيره سورة الملك. وتسمى المنجية
لأنها تنجي صاحبها من عذاب القبر وقد ورد به الخبر، وعن أبي جعفر عليه السلام
قال: سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر، الحديث
(2) هذا يدل على عموم الشفعة لسائر المبيعات، سواء كان مما ينقل أو لا. والى
هذا ذهب جماعة من أهل العلم اعتمادا على هذا الحديث (معه)
(3) سورة البقرة، الآية 196
(4) سورة البقرة الآية 196.
192

المراء (1) (2)
(283) وروي عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ليلة
حين فرغ من صلاته هذا الدعاء: " اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها
قلبي وتجمع بها أمري وتلم بها شعثي، وتصلح بها غايتي، وترفع بها شاهدي
وتزكي بها عملي، وتلهمني بها رشدي، وترد بها الفتي، وتعصمني بها من
كل سوء
اللهم أعطني ايمانا ويقينا ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف كرامتك
في الدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك الفوز في العطاء، ونزل الشهداء، وعيش
السعداء والنصر على الأعداء.
اللهم إني أنزل بك حاجتي، وان قصر رأيي وضعف عملي، افتقرت إلى
رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور، ويا شافي الصدور كما تجير بين البحور
أن تجيرني من عذاب السعير، ومن فتنة القبور.
اللهم ما قصر عنه رأيي، ولم تبلغه نيتي، ولم تبلغه مسألتي، من خير وعدته
أحدا من خلقك، أو خير ما أنت معطيه أحدا من عبادك، فاني أرغب إليك فيه
وأسألكه برحمتك رب العالمين.
الله يا ذا الحبل الشديد، والامر الرشيد، أسألك الامن يوم الموعود
والجنة يوم الخلود، مع المقربين الشهود، والركع والسجود، الموفين
بالعهود، أنك يا رب رحيم ودود، وانك تفعل ما تريد.

(1) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب قول الله تعالى: " ذلك لمن لم يكن
أهله حاضري المسجد الحرام).
(2) هذا الحديث معارض لحديث عبد الله بن عمر المتقدم ذكره، وهذا هو الموافق
لمذهب الأصحاب (معه).
193

اللهم اجعلنا هادين مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، سلما لأوليائك، وعدوا
لأعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك.
اللهم هذا الدعاء وعليك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، اللهم اجعل
لي نورا في قلبي، ونورا في قبري، ونورا بين يدي، ونورا من خلفي، ونورا
عن يميني،. ونورا عن شمالي، ونورا من فوقي، ونورا من تحتي، ونورا
في سمعي، ونورا في بصري، ونورا في شعري، ونورا في بشري، ونورا
في لحمي، ونورا في دمي، ونورا في عظامي.
اللهم اجعل لي نورا، وأعظم لي نورا، وأعطني نورا، واجعل لي نورا
سبحان الذي تعطف بالعز والوقار وقال به، سبحان الذي لبس المجد وتكرم به
سبحان الذي لا ينبغي التسبيح الا له، سبحان ذي الفضل والنعم، سبحان
ذي المجد والكرم، سبحان ذي الجلال والاكرام.
194

الفصل التاسع
في ذكر أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه، ذكرها بعض الأصحاب في
بعض كتبه، مروية بطريقي إليه
(1) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصلاة في أول الوقت رضوان الله، وفي
آخره عفو الله " (1) (2) (3)

(1) المستدرك، كتاب الصلاة باب (3) من أبواب المواقيت حديث 1. ولفظ
الحديث: (وقد قيل: إن أول الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو الله)
(2) العفو هنا على القول بالتوسعة، من باب العفو على ترك الأولى (معه)
(3) في الحاشية، قال بعض الفضلاء: اقتران فعلها بأول الوقت بالرضا، دليل
على قبولها ومحبة فاعلها. واقتران فعلها بآخر الوقت بالعفو، دليل على أن تاركها في
أول الوقت مذنب ويسقط الذنب منه بفعلها. ولهذا قال الله تعالى: (ان الحسنات
يذهبن السيئات) فالأليق حينئذ، القيام بوظيفتها في أول وقت فعلها الا مع حصول العذر
الشرعي.
والى هذا مال الشيخ في قوله، أول الوقت وقت من لا عذر له، وآخر الوقت
وقت من له عذر. أقول: هذا الحديث رواه الصدوق طاب ثراه، وهو أيضا موجود
في فقه الرضا عليه السلام. وفيه أيضا ان لكل صلاة ثلاثة أوقات: أول ووسط وآخر
فأول الوقت رضوان الله، وأوسطه عفو الله، وآخره غفران الله.
وأول الوقت أفضله، وليس لاحد ان يتخذ آخر الوقت وقتا، وإنما جعل آخر
الوقت للمريض والمعتل والمسافر وقال: ان الرجل قد يصلى في وقت، وما فاته من
الوقت خير له من أهله وماله. انتهى
ومعظم أصحابنا على التوسعة في الوقت من أوله إلى آخره، والتفاوت إنما هو في
الفضل والثواب كما روى عن الرضا عليه السلام: إذا زالت الشمس فتحت أبواب
السماء، فلا أحب أن يسبقني أحد بالعمل، لأني أحب أن تكون صحيفتي أول صحيفة
يرفع فيها العمل الصالح، وما يأمن أحدكم الحدثان في ترك الصلاة، وقد دخل وقتها
وهو فارغ الخ (جه).
195

(2) وقال صلى الله عليه وآله: " لا صلاة الا بفاتحة الكتاب " (1) (2).
(3) وقال عليه السلام: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " (3)
(4) وقال عليه السلام: " الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين " (4) (5)
(5) وقال صلى الله عليه وآله: " اسجدوا على سبعة: اليدين والركبتين، وأطراف

(1) المستدرك، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب القراءة في الصلاة حديث 5
نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) النفي هنا ليس للحقيقة، لأنه محال. بل يحمل على نفى الصحة لأنه أقرب
المجازات إلى نفى الحقيقة (معه).
(3) سنن ابن ماجة، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (11) باب القراءة خلف الإمام
حديث 837
(4) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة ج 2: 249 باب ما لا يجوز من
الكلام في الصلاة، ولفظ الحديث: (قال: إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام
الناس)
(5) الا الدعاء بالمحلل، فإنه جائز اجماعا، مع أنه من كلام الآدميين، فالحديث
مخصص بالاجماع (معه).
196

الأصابع الرجلين والجبهة " (1) (2) (3)
(6) وقال عليه السلام: إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب: جبهته، وكفاه
وركبتاه وقدماه " (4)
(7) وقال عليه السلام لمن علمه الصلاة: " ثم اسجد ممكنا جبهتك من الأرض
ثم ارفع حتى ترجع مفاصلك وتطمئن جالسا " (5) (6)
(8) وروى أبو قلابة، قال: جاءنا مالك بن حويرث، فصلى في مسجدنا
فقال: والله اني لأصلي بكم، ولا أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي، قال: وكان مالك إذا رفع رأسه

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 2 كتاب الصلاة ص (101) باب السجود على
الكفين والركبتين والقدمين والجبهة.
(2) الامر للوجوب هنا اجماعا (معه).
(3) هذا قول علمائنا حيث أوجبوا السجود على سبعة أعضاء الا أنهم جعلوا
السجود على إبهامي الرجلين لا أطراف الأصابع كلها. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي
في أحد قوليه: لا يجب السجود على غير الجبهة، احتج أبو حنيفة بقوله عليه السلام
(سجد وجهي) ولو ساواه غيره لما خصه بالذكر، ولان وضع الجبهة على الأرض يسمى
سجودا بخلاف غيره، فينصرف الامر المطلق إليه. وأجيب بأنه يجوز أن يكون سببا
لتخصيص ما اشتملت عليه من كثرة الخضوع، ويحتمل أن يكون المراد بالوجه الذات
وقوله: وضع الجبهة يسمى سجودا، قلنا مسلم وكذا غيره كما في قوله: (سجد لحمي
وعظمي وما أقلته قدماي) (جه).
(4) سنن ابن ماجة، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (19) باب السجود
حديث 885.
(5) السنن الكبرى للبيهقي ج 2: 122 باب فرض الطمأنينة في الركوع و
القيام منه، والسجود والجلوس منه والسجود الثاني
(6) وهذا دال على وجوب الطمأنينة في الموضعين، السجود وفى الرفع منه (معه).
197

من السجدة الأخيرة، في الركعة الأولى استوى جالسا، ثم قام واعتمد على
الأرض وقال: قال النبي صلى الله عليه وآله " صلوا كما رأيتموني أصلي " (1) (2) (3).
(9) وروى ابن مسعود قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي، وعلمني التشهد
وقال: " إذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك " (4) (5)
(10) وروى عبد الرحمان بن عوف قال: سجد رسول الله صلى الله عليه وآله فأطال
السجود، فقلنا له: سجدت فأطلت السجود؟ فقال: " نعم، أتاني جبرئيل
فقال: من صلى عليك مرة، صلى الله بها عليه عشرا فسجدت لله شكرا " (6) (7)
(11) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: لما اتي برأس أبي جهل، سجد شكرا لله
تعالى.

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 2: 124 باب كيف القيام من الجلوس.
(2) وهذا يدل على استحباب جلسة الاستراحة. لان الراوي حكاها من فعل رسول
الله صلى الله عليه وآله فلا أقل من أن يحمل على الاستحباب. ويدل أيضا على استحباب الاعتماد
على اليدين عند القيام، لأنه حكاه عن فعله عليه السلام (معه).
(3) صحيح البخاري، كتاب الأذان باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة و
الإقامة، قطعة من الحديث.
وهذا يدل على وجوب التشهد (معه).
(5) أطبق علمائنا على وجوب التشهدين: وقال الشافعي: الأول سنة والثاني
فرض، وقال أبو حنيفة: كلاهما مسنونان. لكن الجلوس في التشهد الثاني بقدره واجب
وهما محجوجان بالأخبار المستفيضة من الطرفين، وهذا الحديث وإن كان ظاهر الدلالة
على وجوب الثاني الا انه عند التأمل متناول لهما (جه).
(6) وهذا يدل على أن سجود الشكر سنة عند تجدد النعم ودفع النقم (معه).
(7) السنن الكبرى للبيهقي ج 2: 371 باب سجود الشكر، ولفظ الحديث:
(قال: (أي جبرئيل) ان ربك يقول: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت
عليك الحديث).
198

(12) وروى أبو داود في صحيحه، عن أبي بكرة قال: إن النبي صلى الله عليه وآله
إذا جاءه أمر يسره أو سربه خر ساجدا شكرا لله تعالى (1).
(13) وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، ان النبي صلى الله عليه وآله قال:
" ما من عبد يسجد لله سجدة، الا رفعه الله بها درجة، وحط بها عنه خطيئة ".
(14) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله، زار فاطمة يوما، فصنعت له عصيدة (2) من
تمر، فقدمتها بين يديه، فأكل هو وعلي وفاطمة والحسنان عليهم السلام فلما فرغوا
من الأكل، سجد النبي صلى الله عليه وآله فأطال السجود، ثم بكى في سجوده، ثم ضحك
ثم جلس.
فقال: أمير المؤمنين عليه السلام يا رسول الله لم سجدت؟ وبكيت؟ وضحكت؟
فقال صلى الله عليه وآله " لما رأيتكم مجتمعين سررت بذلك فسجدت لله شكرا، فهبط جبرئيل
وأنا ساجد فقال: انك سررت باجتماع أهلك؟ فقلت: نعم، فقال: اني مخبرك
بما يجري عليهم: ان فاطمة تغصب وتظلم حقها، وهي أول من يلحق بك
وأمير المؤمنين يظلم حقه، ويضطهد. ويقتل ولدك الحسن بالسم، بعد أن يؤخذ
حقه. وولدك الحسين يظلم ويقتل، ولا يدفنه الا الغرباء، فبكيت. ثم قال: إن
من زار ولدك الحسين كتب الله له بكل خطوة مائة حسنة، ورفع عنه مائة سيئة
فضحكت فرحا بذلك "
(15) وروى مسلم في صحيحه قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه
بين أظهركم؟ فقيل: له نعم. فقال: واللات والعزى، لئن رأيته يفعل ذلك

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 2: 370 باب سجود الشكر. ورواه الحاكم
في المستدرك ج 1 كتاب الصلاة ص (276) سجدة الشكر.
(2) هو دقيق يلت بالسمن ويطبخ (النهاية).
199

لأعلين رقبته، ولأعفرن وجهه بالتراب. فرآه يفعل ذلك، فأراد أبو جهل أن
يفعل ما عزم عليه، فلم يقدر. وحال الملائكة بينه وبينه (1) (2) (3).
(16) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يقطع صلاتنا شئ، وادرأوا ما استطعتم، فإنما هو
شيطان " (4) (5) (6).

(1) وهذا يدل على أن التعفير في سجود الشكر سنة. لان النبي صلى الله عليه وآله
كان يفعله في سجوده (معه).
(2) الوارد في أخبارنا والدائر على السنة علمائنا، تارة سجدتا الشكر، وأخرى
سجدة الشكر. فعلى الأول يكون تعفير الجبين الأيمن والأيسر بينهما، وبه يتحقق تعدد
السجود. وعلى الثاني يكون سجدة واحدة ويكون التعفير بعدها. والأول أكمل وأولى
والتعفير مأخوذ من العفر وهو التراب. ووضعهما على تربة الحسين عليه السلام من
أعظم أفراده الخ (جه).
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 370.
(4) صحيح مسلم، كتاب الصلاة (48) باب منع المار بين يدي المصلى حديث
(258) ولفظ الحديث (عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
(إذا كان أحدكم يصلى، فلا يدع أحدا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فان أبى
فليقاتله فإنما هو شيطان) ورواه الدارقطني كتاب الصلاة، باب صفة السهو في الصلاة
ولفظ الحديث (لا يقطع صلاة المسلم شئ وادرأ ما استطعت).
(5) أي مما يمر عليكم في أثناء الصلاة، فادفعوه إذا قدرتم، ولا يلزم بطلان الصلاة
والامر للاستحباب (معه).
(6) قوله فإنما هو شيطان. يعنى أنه من شياطين الانس، حيث تعمد المرور على
قبلة المصلى، أو أن فعله هذا من أفعال الشيطان، أو شئ يحمله عليه الشيطان (جه).
200

(17) وقال صلى الله عليه وآله: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " (1) (2)
(18) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فليتوضأ كما أمر الله، ثم
ليكبر، فإن كان معه شئ من القرآن قرأ به، وإن لم يكن معه شئ، فليحمد
الله وليكبره " (3) (4)
(19) وقال صلى الله عليه وآله: " يا بني عبد مناف، من ولي منكم من أمر الناس شيئا
فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت، وصلى فيه، أي وقت شاء، في ليل أو
نهار " (5) (6)

(1) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (55) باب قضاء الصلاة
الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، حديث 315 و 316. ولفظ الحديث: (من نسي صلاة
أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها) والوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من
أبواب قضاء الصلوات، فراجع.
(2) وهذا يدل على أن وقت القضاء، وقت الذكر. وفيه دلالة على فورية القضاء
كما هو مذهب جماعة من العلماء، استنادا على هذا الحديث (معه)
(3) وهذا يدل على أن من لم يعرف الفاتحة، اجتزأ بما معه من القرآن، بدلا
منها. وإن لم يكن معه شئ من القرآن البتة، وجب عليه الذكر بدله، ولا يسقط البدل
بسقوط الأصل (معه)
(4) أقول ورد في صحيحة عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام، لو أن
رجلا دخل في الاسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزء أن يكبر، ويسبح ويصلى. ومقتضى
الرواية الاجتزاء في التعويض بمطلق التكبير والتسبيح، وفى المدارك. الأحوط اختيار
ما يجزى في الأخيرتين، ولا يتعين كونه بقدر الفاتحة كما قطع به المحقق في المعتبر
لان القراءة إذا سقطت، لعدم القدرة سقطت توابعها، وصار ما تيسر من الذكر والتسبيح
كافيا (جه)
وهذا يدل على أن المساجد كلها لا اختصاص فيها لاحد، بل جميع أهل
الاسلام فيها بالسوية، الامن عمل فيها ما يخالف الاحترام لها (معه)
(6) أقول: فيه اشعار بأنه لا يجوز تغليق أبواب الضرائح المقدسة، ولا منع
الناس عن زيارتها في جميع الأوقات، الا عند انقطاع الناس من التردد إليها ليلا أو
نهارا (جه).
201

(20) وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، ان النبي صلى الله عليه وآله قنت
في صلاة الغداة بعد القراءة قبل الركوع (1)
(21) وفي الحديث ان أعرابيا جاء إلى المسجد إلى النبي صلى الله عليه وآله، فسأله
عن الاسلام؟ فقال: " خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل غير هذا؟ قال:
لا، إلا أن تتطوع. ثم سأله عن الصدقة؟ فقال: الزكاة الواجبة، فقال: هل غير هذا
شئ؟ فقال: لا، إلا أن تتطوع. ثم سأله عن الصوم؟ فقال: شهر رمضان، فقال:
هل غيره شئ؟ فقال: لا، إلا أن تتطوع: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد
ولا أنقص، فقال: صلى الله عليه وآله قد أفلح ان صدق " (2)
(22) وروي في الجمع بين الصحيحين عن مورق العجلي قال: قلت
لابن عمر، تصلي الضحى؟ قال: لا، قلت، فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال:
لا قلت: فالنبي صلى الله عليه وآله؟ قال: لا أخاله " (3) (4)
(23) وروي أيضا عن مسند عايشة قالت: إن النبي صلى الله عليه وآله ما صلى صلاة
الضحى (5)

(1) وهذا دال على أن القنوت لا يكون بعد الركوع (معه)
(2) صحيح مسلم، كتاب الايمان، (2) باب بيان الصلوات التي هي أحد
أركان الاسلام، حديث 8.
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 23 و 45
(4) هذا يدل على أن صلاة الضحى لم تكن معلومة من السنة بين الصحابة فتكون
بدعة (معه)
(5) مسند أحمد بن حنبل ج 6: 31 عن مسند عايشة، ولفظ الحديث: (عن
عايشة، قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يصلى الضحى، إلا أن
يقدم من سفر فيصلى ركعتين)
202

(24) وفيه عن عبد الله بن عمر قال: إن صلاة الضحى بدعة (1)
(25) وفي مسند أحمد بن حنبل، ان أبا بشير الأنصاري، وسعيد بن نافع
رأيا رجلا يصلي الضحى، فعيباه عليه، ونهياه عنها (2).
(26) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يؤمن قاعد بقيام " (3)
(27) وروي عن عمران بن حصين قال: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
فكان يصلي ركعتين حين ذهب وآب (4)
(28) وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، ان النبي صلى الله عليه وآله خرج
في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف من المسلمين، وذلك على رأس ثمان
سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة يصومون
ويصوم، حتى إذا بلغ الكديد - وهو ما بين عسفان وقديد - فأفطر وأمر الناس
بالافطار (5) (6)
(29) وعن ابن عباس قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله في رمضان إلى حنين و

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 129. ولفظ الحديث: (عن مجاهد قال:
دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا نحن بعبد الله بن عمر، فجالسناه، قال: فإذا
رجال يصلون الضحى، فقلنا يا أبا عبد الرحمن، ما هذه الصلاة؟ فقال: بدعة)
(2) مسند أحمد بن حنبل ج 5: 216
(3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الصلاة، ج 3: 80 ولفظ الحديث: (قال
رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: لا يؤمن أحد بعدي جالسا)
(4) وهذا يدل على أن القصر في السفر فرض (معه)
(5) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 334
(6) وهذا يدل على أن الافطار في السفر فرض، لان الامر حقيقة في الوجوب (معه).
203

الناس يختلفون فصائم ومفطر. فلما استوى على راحلته، دعى باناء من لبن
أو ماء، فوضعه على راحلته، حتى رآه الناس، ثم شرب وشرب الناس معه في
رمضان (1)
(30) وفيه عن جابر، ان النبي صلى الله عليه وآله خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان
فصام حتى بلغ كراع الغيم (2) فصام الناس ثم دعى بقدح من ماء، فرفعه حتى
نظر الناس إليه، ثم شرب فقيل بعد ذلك: أن بعض الناس قد صام! فقال:
" أولئك العصاة، أولئك العصاة " (3)
(31) وقال عليه السلام: " ليس من البر الصيام في السفر: (4)
(32) وقال عليه السلام: " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر " (5)

(1) جامع الأصول لابن الأثير ج 7: 264، الكتاب الثاني من حرف الصاد
في الصوم حديث 4584.
(2) كراع الغيم، بالغين المعجمة، وزان كريم، واد بينه وبين المدينة نحو من
مائة وسبعون ميلا، وبينه وبين مكة نحو ثلاثين ميلا، ومن عسفان إليه ثلاثة أميال (مجمع
البحرين)
(3) السنن الكبرى للبيهقي ج 4: 241 باب تأكيد الفطر في السفر إذا كان
يريد لقاء العدو. والوسائل كتاب الصوم باب (1) من أبواب من يصح منه الصوم
حديث 7
(4) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الصيام (11) باب ما جاء في الافطار في
السفر، حديث 1664 و 1665. والوسائل كتاب الصوم باب (1) من أبواب من
يصح منه الصوم حديث 11
(5) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الصيام (11) باب ما جاء في الافطار في
السفر حديث 1666 والوسائل كتاب الصوم باب (1) من أبواب ما يصح منه
الصوم حديث (15) ولفظ الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام: (الصائم في شهر رمضان
في السفر كالمفطر في الحضر).
204

(33) وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال: صلى رسول الله
صلى الله عليه وآله الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء من غير خوف، ولا سفر ولا
مطر (1) (2).
(34) وقال صلى الله عليه وآله: " الصلاة على ما افتتحت عليه " (3) (4).
(35) وروي في الجمع بين الصحيحين، قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يقرأ في

(1) صحيح مسلم ج 1، كتاب صلاة المسافرين وقصرها (6) باب الجمع بين
الصلاتين في الحضر، حديث 49 - 50 و 54 - 58.
(2) وهذا يد ل على جواز الجمع اختيارا، كما مر (معه)
(3) معنى قوله (الصلاة على ما افتتحت عليه) انه لو صلى قبل الوقت، ظانا
دخوله، ثم دخل الوقت، وهو في أثنائها لم تصح تلك الصلاة. لأنها مبنية على ما
افتتحت عليه، وقد افتتحت في غير الوقت. وعلى أنها لو وقع أولها في آخر الوقت
صحت وان وقع آخرها بعد خروجه (معه).
(4) أقول: ما قاله: بعيد، لان من صلى قبل الوقت ظانا، ثم دخل الوقت وهو
في أثنائها، ففي صحة صلاته خلاف بين الأصحاب، وأكثر الاخبار دالة على الصحة
وأما معنى الحديث فهو ما رواه الشيخ باسناده إلى معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد
الله (ع) عن رجل قام في الصلاة المكتوبة، فنسيها فظن أنها نافلة، أو قام في النافلة
فظن أنها مكتوبة؟ فقال: هي على ما افتتح الصلاة عليه.
وفى حديث آخر عنه عليه السلام قال: سألته عن رجل قام في صلاة فريضة
فصلى ركعة، وهو ينوى أنها نافلة، قال: هي التي قمت فيها، وقال: إذا قمت وأنت
تنوى الفريضة، فدخلك الشك بعد، فأت الفريضة على الذي فتحت له. وإن كنت دخلت
فيها وأنت تنوى نافلة، ثم انك تنويها بعد فريضة، فأنت في النافلة وإنما يحسب
للعبد من صلاته، التي ابتدء في صلاته (جه).
205

صلاة الجمعة، سورة الجمعة والمنافقين (1) (2)
(36) وقال صلى الله عليه وآله لما كسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم! فقال عليه السلام: " ان الشمس والقمر
آيتان من آيات الله تعالى، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته. فإذا رأيتم ذلك
فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة (3) (4)
(37) وروى أبو هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله يوما يستسقي فصلى
بنا ركعتين (5)
(38) وروى ابن عباس، انه صلى الله عليه وآله صلى ركعتين كما صلى في

(1) سنن النسائي ج 3: 91. القراءة في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين.
والوسائل كتاب الصلاة باب (70) من أبواب القراءة في الصلاة، حديث 8 و
لفظ الحديث: (عن عبد الله بن أبي رافع ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يقرأ في
الجمعة في الأولى الجمعة وفى الثانية المنافقين. وحديث 9 ولفظ الحديث: (عن
ابن أبي رافع عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقرأ بهما في الجمعة).
(2) هذا يدل على أن هاتين السورتين مستحبتان في صلاة الجمعة (معه).
(3) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الكسوف والآيات،
حديث 10. وصحيح مسلم ج 2، كتاب الكسوف (5) باب ذكر النداء بصلا ة الكسوف
" الصلاة جامعة " حديث 21 و 22
(4) الامر للوجوب، (معه)
(5) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الاستسقاء حديث 6
وسنن ابن ماجة ج 1 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (153) باب ما جاء في صلاة
الاستسقاء حديث 1267 و 1268.
206

العيدين (1) (2) (3).
(9 3) وفي الجمع بين الصحيحين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " اتبعوا
الجنائز ولا تتقدموها " (4).
(40) وروى فيه أيضا، ان زيد بن أرقم كبر على جنازة خمسا، فسئل عن
ذلك؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبرها (5)
(41) وفي الصحيح ان أمير المؤمنين عليه السلام، كبر على سهل بن حنيف
خمسا (6)
(42) وروى ابن شيرويه الديلمي: ان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي على الميت
خمس تكبيرات (7)

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (1) من أبواب صلاة الاستسقاء حديث 1
و 3 و 8. وسنن ابن ماجة، ج 1، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (153) باب ما جاء
في صلاة الاستسقاء، حديث 1266
(2) وهذا يدل على أن صلاة الاستسقاء سنة، وانها في الهيئة تشبه صلاة العيد (معه)
(3) أقول: لا خلاف بين علمائنا في هذين الحكمين، وخالف فيها الجمهور. أما
الأول فخالف فيه أبو حنيفة، حيث قال: لا صلاة للاستسقاء، ولكن السنة الدعاء. وأما
الثاني فخالف فيها مالك والأوزاعي وأبو ثور، وقال: انها ركعتان كالتطوع من غير
تكبيرات ولا قنوتات، وأحاديثهم مشحونة بخلاف ما قالوه (جه).
(4) الامر للاستحباب، وفيه دلالة على أن التقدم عليها مخالف للسنة (معه).
(5) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الجنائز (25) باب ما جاء فيمن كبر خمسا
حديث 1505
(6) الوسائل، كتاب الطهارة، باب (5) من أبواب صلاة الجنازة، حديث 26
(7) سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب الجنائز (25) باب ما جاء فيمن كبر خمسا،
حديث 1406.
207

(43) وروى في الجمع بين الصحيحين: ان رسول الله صلى الله عليه وآله مر على
قبرين، فقال: انهما يعذبان، وما يعذبان في كبير اما أحدهما فكان يمشي بالنميمة
وأما الاخر، فكان لا يستبرء من البول، ودعا بعسيب رطب، فشقه باثنين، ثم
غرس على هذا واحدا، وعلى هذا واحدا وقال: " لعله أن يخفف عنهما ما لم
ييبسا " (1) (2)
(44) وفي حديث سفيان الثوري قال: إن النبي صلى الله عليه وآله قال: للأنصار
" خضروا موتاكم (صاحبكم خ) فما أقل المخضرين يوم القيامة، قالوا: وما
التخضير؟ قال: " جريدتان خضراوان يوضعان من أصل اليدين إلى أصل
الترقوة " (3) (4)
(45) وفي حديث آخر: " خضروا موتاكم، فما أقل المخضرين يوم
القيامة "
(46) وروي عن أنس، عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا زادت الإبل على عشرين
ومائة: ففي كل أربعون بنت لبون، وفي كل خمسين حقه " (5) (6)

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 225
(2) وهذا يدل على أن وضع الجريدتين مع الميت من السنن النبوية (معه)
(3) الوسائل كتاب الطهارة باب (7) من أبواب التكفين حديث 3 و 5
(4) أقول: الكيفية المشهورة عندنا هو أن يجعل أحدهما من جانبه الأيمن مع
ترقوته يلصقها بجلده، والأخرى في الجانب الأيسر بين القميص والإزار. وفيه كيفيات
غير هذه مستندها أخبار ضعيفة، ومن ثم قال المحقق: ومع اختلاف الروايات والأقوال
يجب الجزم بالقدر المشترك بينها، وهو استحباب وضعهما مع الميت في كفنه أو قبره
بأي هذه الصور شئت (جه).
(5) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الزكاة (9) باب صدقة الإبل، حديث 1799.
(6) هذا يدل على استقرار نصب الإبل إذا بلغت هذا القدر (معه).
208

(47) وقال صلى الله عليه وآله: " ليس في المال حق سوى الزكاة: (1)
(48) وقال عليه السلام: " رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم
حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق " (2) (3) (4)
(49) وقال عليه السلام: " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " (5)
(50) وقال عليه السلام: " في الرقة ربع العشر " (6)
(51) وفي حديث آخر: " هاتوا صدقة الرقة في كل أربعين درهما

(1) ومن هذا يعلم أن قوله تعالى " وآتوا حقه يوم حصاده " لايراد به الا الزكاة
لان هذا الحديث نفى حقيقة سواها. والظاهر أن المراد به، الحق الذي يتكرر بتكرر
السبب، لا مطلق الحقوق (معه)
(2) مسند أحمد بن حنبل ج 6: 100.
(3) الظاهر أن المراد برفع القلم، عدم المؤاخذة في الآخرة، بمعنى انه لا
اثم عليهم فيما يأتونه من الأفعال المخالفة للشرع. وليس المراد به رفع غرامات المتلفات
أو تخصيص الحديث بالعبادات، ويصير معناه لا يجب عليهم العبادات (معه)
(4) أقول: قوله: المراد من قوله رفع القلم، يعنى به القلم الشرعي الذي
يكتب التكاليف والأحكام الشرعية. وما ذكره من الغرامات والمتلفات، إنما هو من باب
احكام الوضع، وهو ترتب المسببات على الأسباب، فلا حاجة إلى التخصيص (جه).
(5) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الزكاة (6) باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال
حديث 1793، ولفظ الحديث: (لا صدقة فيما دون خمس أواق من التمر، ولا فيما
دون خمس أواق، ولا فيما دون خمس من الإبل)
(6) السنن الكبرى للبيهقي ج 4: 134.
209

درهم " (1) (2) (3)
(52) وقال صلى الله عليه وآله: " عفوت عن الخيل والرقيق " (4)
(53) وقال عليه السلام: " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس
فيما دون عشرين مثقالا من الذهب صدقة (5)
(54) وقال عليه السلام: " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " (6) (7)
(55) وقال عليه السلام: " لا زكاة في الحلي " (8) (9)

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 4: 134.
(2) هذا في النصاب الثاني، والأول في النصاب الأول. فعلم من هذين الحديثين
ان للفضة نصابان. أحدهما خمسة أواق والثاني أوقية (معه)
(3) الأواق جمع أوقية، وهي أربعون درهما. وكون النصاب الأول في الفضة
مأتا درهم، ويجب فيه خمسة دراهم، في كل أربعين درهما درهم، مما أجمع عليه
علماء الاسلام (جه).
(4) السنن الكبرى للبيهقي ج 4: 134. ولفظ الحديث: " عن علي رضي الله عنه
، عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: عفوت عن الخيل والرقيق، هاتوا
صدقة الرقة، عن كل أربعين درهما، درهم. الحديث)
(5) هذا يدل على أن النصاب الأول من الذهب، عشرون مثقالا (معه)
(6) السنن الكبرى للبيهقي ج 4: 95. باب لا زكاة في مال حتى يحول عليه
الحول. والوسائل كتاب الزكاة باب (10) من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب
فيه، قطعة من حديث 1
(7) وهذا يدل على أن الحول شرط في مال الزكاة، وتخصص منه الغلات (معه)
(8) السنن الكبرى للبيهقي، ج 4: 138. باب من قال: لا زكاة في الحلي، و
الوسائل كتاب الزكاة، باب (9) من أبواب زكاة الذهب والفضة فلاحظ.
(9) أجمع علمائنا على أنه لا وجوب في الحلي، إذا لم يقصد به الفرار من
الزكاة، والشافعي أوجبه. أما لو قصد به الفرار من الزكاة، فالمشهور هو عدم الوجوب
وجماعة على الوجوب. لورود الامر به في بعض الأخبار المحمولة على الاستحباب
جمعا (جه).
210

(56) وقال عليه السلام: " في خمس من الإبل شاة " (1) (2)
(57) وقال صلى الله عليه وآله: " من صام، ثم نسي فأكل، أو شرب، فليتم صومه، ولا
قضاء عليه. الله أطعمه وسقاه " (3) (4) (5)
(58) وقال صلى الله عليه وآله: " من جامع في نهار رمضان متعمدا، فعليه الكفارة " (4)

(1) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الزكاة (9) باب صدقة الإبل، قطعة من حديث
1798 و 1799. والوسائل كتاب الزكاة، باب (2) من أبواب زكاة الأنعام، فلاحظ
(2) يحتمل أن يكون (في) للظرفية، ويحتاج إلى اضمار مقدار شاة أو قيمة شاة، ليستقيم
الكلام. ويحتمل أن يكون للسببية، يعنى بسببها شاة. واستعمال (في) للظرفية حقيقة
وللسببية مجازا، فيتعارض الاضمار والمجاز، وتحقيقه في الأصول.
وتظهر الفائدة على التقديرين في نقص النصاب وعدمه، فعلى الأول ينقص النصاب
لان الشاة جزء منه ولا يحصل الا بالبيع. وعلى الثاني يجب بسببه (معه).
(3) صحيح مسلم، ج 2، كتاب الصيام، (33) باب أكل الناسي وشربه وجماعه
لا يفطر، حديث 171. والوسائل كتاب الصوم، باب (9) من أبواب ما يمسك عنه
الصائم وقت الامساك، فلاحظ.
(4) وظاهر هذا الحديث اختصاص الحكم بكل صوم يجب قضائه. اما ما لا
يجب قضائه من الصيام، فالظاهر بطلانه بالنسيان. وعلم من هذا ان النسيان ليس مقدورا
(معه).
(5) أقول: الذي عليه علمائنا، ان كل ما يفسد الصيام عمدا، لا يفسده نسيانا
من غير فرق في الصوم الواجب والمندوب، والنصوص باطلاقها متناولة لهما. نعم
خالف فيه مالك من العامة، حيث ذهب إلى أن المفطر للصوم عمدا، يفطره نسيانا
ولا دليل له سوى القياس على الكلام في الصلاة. فما قاله في الحاشية مردود (جه).
(6) الوسائل، كتاب الصوم باب (4) من أبواب ما يمسك عنه الصائم و
وقت الامساك، فلاحظ.
211

(59) وقال عليه السلام: لمن أفطر في رمضان: " أعتق رقبة، أو صم شهرين متتابعين
أو أطعم ستين مسكينا " (1) (2)
(60) وقال عليه السلام: " صوموا للرؤية وافطروا للرؤية " (3) (4)
(61) وروى أنس ان النبي صلى الله عليه وآله: نهى عن صيام خمسة أيام في السنة: يوم
الفطر، ويوم النحر، وثلاثة أيام التشريق (5) (6)
(62) وقال عليه السلام: " لا اعتكاف الا بصوم " (7) (8) (9)

(1) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الصيام (14) باب ما جاء في كفارة من أفطر
يوما من رمضان، حديث 1671، والوسائل، كتاب الصوم، باب (8) من أبواب ما
يمسك عنه الصائم ووقت الامساك، فلاحظ.
(2) الامر للوجوب، والحديث صريح في كون الكفارة مخيرة. وفيه تفصيل
وبيان للاجمال المذكور في الحديث السابق عليه، فالكفارة المأمور بها هناك هي
هذه المذكورة هنا (معه).
(3) صحيح مسلم، ج 2، كتاب الصيام، (2) باب وجوب صوم رمضان لرؤية
الهلال والفطر لرؤية الهلال حديث (4) ولفظ الحديث: " فصوموا لرؤيته وافطروا
لرؤيته). والوسائل، كتاب الصوم، باب (3) من أبواب أحكام شهر رمضان، فلاحظ.
(4) الامر للوجوب اجماعا (معه).
(5) الوسائل كتاب الصوم باب (1) من أبواب الصوم المحرم والمكروه
حديث 4 ولفظ الحديث (ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن صيام ستة أيام، يوم الفطر و
يوم الشك، ويوم النحر، وأيام تشريق).
(6) النهى للتحريم، (معه).
(7) الوسائل، كتاب الاعتكاف، باب (2) اشتراط الاعتكاف بالصوم فلاحظ
(8) وهذا يدل على أن الصوم شرط في الاعتكاف. لان تقديره. لا اعتكاف
صحيح الا بصوم. وتنكير الصوم ليعم الواجب والندب (معه)
(9) رواه البيهقي في السنن الكبرى عن عايشة ج 4: 317. باب المعتكف
يصوم.
212

(63) وروى علي ابن أبي طالب عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال:
" الاستطاعة، الزاد والراحلة " (1)
(64) ومثله روى ابن عباس، وابن عمر وابن مسعود، وجابر وأنس
(65) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت " (2) (3)
(66) وروي عن عايشة، قالت: قلت: يا رسول الله أعلى النساء جهاد؟
قال: " نعم، جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة " (4) (5)
(67) وقال صلى الله عليه وآله: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لما سقت الهدي
ولجعلتها عمرة " (6) (7)
(68) وقال صلى الله عليه وآله: " من لم يسق هديا، فليحل، وليجعلها عمرة يتمتع
بها " (8)

(1) اتفق علمائنا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب، وبه قال: أكثر
الجمهور. وقال مالك: أن كان يمكنه المشي وعادته السؤال لزمه الحج. واشتهر
عنه أنه قال: من ملك الإداوة والعكاز وجب عليه سلوك طريق الحجاز (جه)
(2) رواه البيهقي في السنن الكبرى ج 4: 351 ولفظ الحديث: " أن رجلا سأل
ابن عباس عن الرجل الصرورة يبدأ بالعمرة قبل الحج؟ فقال: نسكان لله بأيهما بدأت)
وفى حديث آخر ان زيد بن ثابت قال: صلاتان لا يضرك بأيهما بدأت.
(3) هذا في غير المتمتع وأما في المتمتع فيجب فيه البدأة بالعمرة (معه)
(4) السنن الكبرى للبيهقي ج 4: 350 باب من قال: بوجوب العمرة
(5) وهذا يدل على أن الحج واجب في النساء (معه)
(6) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب المناسك (84) باب حجة رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم قطعة من حديث 3074
(7) وهذا يدل على أن التمتع أفضل من القران. لأنه عليه السلام إنما تأسف
على فوات الأفضل (معه)
(8) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك (84) باب حجة رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم قطعة من حديث 3074.
213

(69) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كان معه هدي، فإذا أهل بالحج، فليهدي.
ومن لم يكن معه فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله " (1).
(70) وقال صلى الله عليه وآله: " الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أحل فيه
المنطق " (2) (3) (4).
(71) وقال صلى الله عليه وآله: " عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن وادي عرنة " (5) (6).
(72) وروي عن جابر قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بين المغرب والعشاء
بمزدلفة باذان وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا (7) (8).

(1) صحيح مسلم ج 2 كتاب الحج (24) باب وجوب الدم على المتمتع، وانه
إذا عدمه لزمه صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله، قطعة من حديث 174
والوسائل كتاب الحج باب (46) من أبواب الذبح فراجع.
(2) سنن الدارمي ج 2 كتاب المناسك، باب الكلام في الطواف، وتتمة
الحديث: (فمن نطق فيه فلا ينطق الا بخير)
(3) وهذا يدل على أن الطواف مشروط بشرايط الصلاة الا الاستقبال (معه)
(4) أقول: قال علمائنا: الطهارة من الحدث شرط في الطواف الواجب. وذهب
أبو حنيفة إلى أنه ليس شرطا، وعن أحمد روايتان، أحدها كقولنا، والأخرى كقول أبي حنيفة
. وكذلك يشترط عندنا خلو البدن والثياب من النجاسات، وكذلك الساتر،
لظاهر الحديث وصريح غيره (جه).
(5) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب المناسك ج 5: 115 باب حيث ما وقف
من عرفة أجزأه، وتتمة الحديث: (والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن محسر).
(6) والامر للوجوب، لأنه لا يجوز الوقوف بوادي عرنة (معه).
(7) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب المناسك ج 5: 121 باب الجمع بينهما
بأذان وإقامتين.
(8) أي لم يتنفل بين المغرب والعشاء بنافلة. لان صلاة النافلة يسمى سبحة، لما روى
عن الصادق عليه السلام أنه قال: (إذا فرغت من الظهر فقد دخل وقت العصر، الا ان
بينهما سبحة) (معه).
214

(73) وقال عليه السلام: " خذوا عني مناسككم " (1) (2).
(74) وقال عليه السلام: " من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حج له " (3) (4).
(75) وروى أنه صلى الله عليه وآله، جمع الحصى في كفه، وقال: " بأمثال هؤلاء
فارموا " (5)
(76) وقال عليه السلام: " يا أيها الناس عليكم بحصى الخذف " (6)
(77) وروى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله، رأى رجلا يقول: لبيك عن شبرمة
فقال: " ويحك وما شبرمة؟ " فقال: أخ لي، أو صديق فقال النبي صلى الله عليه وآله: " حج عن

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 3: 318 ولفظ الحديث: رأيت النبي صلى الله عليه وآله يرمى
على راحلته يوم النحر، يقول لنا: (خذوا مناسككم، فانى لا أدري لعلى لا أحج بعد
حجتي هذه)
(2) هذا يدل على أن التأسي له واجب (معه).
(3) وهذا يدل على أن المبيت بالمشعر من أركان الحج، وانه لا يجوز تركه عمدا
وان من تركه عمدا بطل حجه (معه).
(4) المزدلفة اسم للمشعر، لأنه محل القرب إلى الله تعالى. أو لان الناس يزدلفون
إليه من عرفات. أي يتقربون منها إليه. والركن من المشعر هو الوقوف فيه. وهو كما
نصوا عليه، من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وأما المبيت ليلا فالمشهور وجوبه
لا ركنيته. وقال في التذكرة: انه ليس بواجب. وحينئذ فالمراد من المبيت، اما حقيقة
وحمل قوله: (فلا حج له) نفى الكمال. واما على أنه كناية عن ترك الكون بها مطلقا،
فالنفي على حقيقته (جه).
(5) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك (63) باب قدر حصى الرمي حديث
3029.
(6) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك (63) باب قدر حصى الرمي حديث
3028.
215

نفسك ثم حج عن شبرمة " (1) (2).
(78) وروي عنه انه صلى الله عليه وآله، سألته امرأة من خثعم، فقالت: يا رسول الله
ان فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة
فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: " نعم " فقالت: يا رسول الله، أينفعه
ذلك؟ فقال: " نعم أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه عنه، نفعه؟ " فقالت:
نعم فقال عليه السلام: " فدين الله أحق بالقضاء " (3) (4)
(79) وروى جابر قال: احصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله بالحديبية، فنحرنا

(1) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك (9) باب الحج عن الميت، حديث
2903.
(2) وهذا يدل على أن من وجب عليه الحج، لا يجوز أن يحج عن غيره، حتى
يحج عن نفسه أولا (معه).
(3) السنن الكبرى للبيهقي ج 4 كتاب الحج ص 328 - 329.
(4) هذا الحديث يدل على أمور:
الأول: ان المرأة يجوز لها الاستفتاء في أمور الدين لولاة المسلمين
الثاني: انه يجوز للمفتي سماع صوت الأجنبية.
الثالث: أن الحج واجب على من استطاع بالمال وإن لم يكن مستطيعا بالبدن.
الرابع: أن النيابة في الحج جائزة عن الحي العاجز، كما يجوز من الميت.
الخامس: أن الحج مجزى له، ويصل إليه ثوابه.
السادس: أن نيابة المرأة عن الرجل جائزة
ولا دلالة فيه على جواز القياس، كما توهم بعضهم. بل إنما ذكر النبي صلى الله
عليه وآله قضية الدين للتوضيح، والتمثيل بينهما على علة النفع ووصول الثواب إلى
المنوب، وفيه دلالة على أن قضاء الغير لدين على غيره، مبرء لذمة المدين، سواء قضاه
عنه بسؤاله، أم لا وعلى أن الحج الواجب يتعلق بالذمة كتعلق الدين بها (معه).
216

البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله (1) (2).
(80) وقال صلى الله عليه وآله: " من كسر أو عرج فقد حل، وعليه حجة أخرى " (3).
(81) وقال صلى الله عليه وآله لضباعة بنت الزبير: " احرمي واشترطي: أن تحلني
حيث حبستني " وكانت تريد الحج، واشتكت من المرض (4) (5).
(82) وروي عن عايشة انها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله اهدى غنما
مقلدا (6) (7).
(83) وقال صلى الله عليه وآله: " البيعان لكل واحد منهما على صاحبه الخيار ما لم

(1) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الأضاحي (5) باب عن كم تجزى البدنة والبقرة
حديث 3132
(2) وهذا على تقدير صحته مختص بهدى التحلل. أما هدى التمتع، فلا تجوز
الشركة فيه (معه).
(3) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك (85) باب المحصر، حديث
3077 - 3078.
(4) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك (24) باب الشرط في الحج حديث
2936 - 2938
(5) وهذا يدل على أن الاشتراط في احرام الحج والعمرة جائزة لمن يخاف
المانع له من اتمام احرامه. وان المشترط إذا عرض له المانع يحل عند حصوله بغير
هدى. وأما غير المشترط فلا يحل له الا بالهدى، ويكون هذا فائدة الاشتراط على ما ذهب
إليه جماعة من العلماء أخذا بهذا الحديث (معه).
(6) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب المناسك (95) باب تقليد الغنم، حديث
3096 ولفظ الحديث: " عن عايشة قالت: أهدى رسول الله صلى الله عليه وآله مرة غنما إلى البيت
فقلدها)
(7) وهذا يدل على أن تقليد الهدى مستحب (معه).
217

يفترقا (1) (2).
(84) وقال صلى الله عليه وآله: " المؤمنون عند شروطهم " (3) (4).
(85) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله: نهى عن تلقى الركبان وقال: " من تلقاها
فصاحبها بالخيار إذا دخل السوق " (5) (6).
(86) وفيه عنه صلى الله عليه وآله انه نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب
حتى يشتد، وعن بيع الثمر حتى يبيض (7) (8).

(1) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب التجارات (17) باب البيعان بالخيار ما لم
يفترقا حديث 2181.
(2) وهذا دليل على ثبوت خيار المجلس في البيع. وان بمفارقة المجلس يسقط (معه).
(3) صحيح البخاري كتاب الإجارة باب أجر السمسرة. ولفظ الحديث: (قال
النبي صلى الله عليه وآله: المسلمون عند شروطهم) وسنن الترمذي كتاب الأحكام، باب (17) ولفظ
الحديث: (ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا أو
أحل حراما. والمسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما). والوسائل
كتاب التجارة، باب (6) من أبواب الخيار حديث 1 و 2 و 5.
(4) وهذا دليل على جواز الشروط الغير المخالفة للشرع، وأنه لا يجوز للمؤمن
أن يتجاوز ما شرط ولا ما شرط عليه. وعلى أن جميع الشروط السابقة لازمة بمقتضى
العقد الواقع فيه ذلك الشرط (معه).
(5) صحيح الترمذي، كتاب البيوع (12) باب ما جاء في كراهية تلقى البيوع
حديث 1221. وأورده في الوسائل مع بيان حد التلقي ومن غير ذكر الخيار، كتاب التجارة
باب (36) من آداب التجارة.
(6) النهى هنا للتنزيه، ويثبت للبايع الخيار مع الغبن وإن لم يكن فاحشا (معه)
(7) السنن الكبرى للبيهقي ج 5: 303 باب ما يذكر في بيع الحنطة في سنبلها
ولفظ الحديث: (نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الحب حتى يشتد، وعن بيع العنب حتى
يسود، وعن بيع الثمر حتى يزهو).
(8) وهذا يد ل على أن بيع الثمرة لا يجوز قبل بدو صلاحها. وأن بدو الصلاح
هو الحالة التي يؤمن معها الفساد. لأن هذه الصفات المذكورة هي الحالات المعلوم بها
تمام النشوء وبدو النضج (معه)
218

(87) وقال صلى الله عليه وآله: " من اشترى شاة مصراة، فهو بالخيار ثلاثة أيام، ان شاء
أمسكها، وان شاء ردها،. وصاعا من تمر " (1) (2).
(88) وقال عليه السلام: " من ابتاع محفلة (3) فهو بالخيار ثلاثة أيام، فان ردها
رد معها لبنها، أو مثل لبنها قمحا "
(89) وقال عليه السلام: " الخراج بالضمان " (4) (5)
(90) وقال عليه السلام: " الصلح جائز بين المسلمين، الا ما حرم حلالا أو حلل

(1) صحيح الترمذي، كتاب البيوع (29) باب ما جاء في المصراة حديث 1251
- 1252
(2) هذا يدل على أن اللبن مضمون على المشترى، فاما أن يرده، أو يرد بدله
بقيمته، ولا يتعين الصاع بل يرجع إلى القيمة السوقية. وإنما عين الصاع في الحديث
لاحتمال أن يكون قيمته يومئذ كذلك (معه).
(3) في الخبر نهى عن التصرية والتحفيل. التحفيل مثل التصرية. وهي أن لا تحلب
الشاة أياما، ليجتمع اللين في ضرعها للبيع. والشاة محفلة ومصراة (مجمع البحرين)
(4) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب التجارات (43) باب (الخراج بالضمان
حديث 2243
(5) فيه (الخراج بالضمان) يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة عبدا
كان أو أمة أو ملكا. وذلك أن يشتريه فيستغله زمانا، ثم يعثر منه على عيب قديم لم يطلعه
البايع عليه، أو لم يعرفه فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون للمشترى ما استغله
لأن المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمانه، ولم يكن له على البايع شئ والباء في
(بالضمان) متعلقة بمحذوف، تقديره: الخراج مستحق بالضمان أي بسببه (النهاية).
219

حراما) (1).
(91) وقال صلى الله عليه وآله: " من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم " (2) (3)
(92) وقال صلى الله عليه وآله: " الرهن محلوب ومركوب: وعلى الذي يحلب ويركب
النفقة " (4) (5) (6)
(93) وقال عليه السلام: " لا ضرر ولا ضرار في الاسلام " (7)

(1) سنن الترمذي، كتاب الأحكام باب (17) والوسائل ج 13 كتاب الصلح
باب (3) في أحكام الصلح، حديث 2.
(2) صحيح البخاري، كتاب السلم، باب السلم إلى وزن معلوم.
(3) وهذا يدل على اشترط السلف بالكيل والوزن. وان مالا يكال أو يوزن
لا يجوز الاسلاف فيه، سواء كان جزافا أو عددا (معه).
(4) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الرهون (2) باب الرهن مركوب ومحلوب
حديث 2440 وفى الوسائل كتاب الرهن باب (12) في أحكام الرهن حديث 2
ولفظ الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الظهر يركب إذا كان مرهونا و
على الذي يركب نفقته، والدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب نفقته)
(5) أي يجوز لمن في يده الرهن أن ينتفع بلبنه أو ركوبه وعليه نفقته (معه)
(6) روى أصحابنا حديثا بهذا المضمون، لكنه ضعيف السند، ولم يعمل به منا
سوى الشيخ طاب ثراه، والجمهور أطبقوا على العمل به. وأما علمائنا فلم يجوزوا
للمرتهن التصرف بشئ من الرهن لا بركوب، ولا بحليب ولا غيره الا بأذن الراهن
فان تصرف لزمته الأجرة فيما له أجرة، والمثل أو القيمة فيما يضمن كذلك كاللبن. و
أما النفقة فيرجع بها على الراهن (جه)
(7) الوسائل، كتاب احياء الموات، باب (12) عدم جواز الاضرار بالمسلم
حديث 3 - 5 وكتاب الشفعة باب (5) ثبوت الشفعة في الأرضين والدور حديث 1
ومسند أحمد بن حنبل ج 5: 327 وسنن ابن ماجة ج 2 كتاب الأحكام (17) باب
من بنى في حقه ما يضر بجاره حديث 2340 - 2341.
220

(94) وروى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتبايعوا إلى الحصاد
ولا إلى الدباس، ولكن إلى شهر معلوم " (1)
(95) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يغلق الرهن. الرهن لصاحبه، له غنمه وعليه
غرمه " (2) (3).
(96) وقال صلى الله عليه وآله: " للديان، من أعسر خذوا ما وجدتم، ليس لكم الا
ذلك " (4) (5)
(97) وفي الحديث أن سعد بن معاذ حكم في بني قريضة، بقتل مقاتليهم
وسبي ذراريهم، وأمر بكشف مؤتزرهم فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم
ينبت فهو من الذراري وصوبه النبي صلى الله عليه وآله (6) (7)

(1) وهذا يدل على أن الاجل في بيع السلم، أو بيع النسية لا بد وأن يكون
مضبوطا بزمان لا يحتمل الزيادة والنقصان (معه).
(2) سنن ابن ماجة كتاب الرهون (3) باب لا يغلق الرهن حديث 2441.
(3) وهذا ابطال لما كان عليه أهل الجاهلية. لأنهم كانوا يستعملون اغلاق الرهن
ومعناه أن يجعل مبيعا عند الاجل إن لم يؤد الدين فيه. وفيه دلالة على أن فوائد الرهن
للراهن، لا للمرتهن. وانه لو تلف بغير تفريط المرتهن كان من ضمان الراهن (معه)
(4) سنن ابن ماجة، كتاب الأحكام (25) باب تفليس المعدم والبيع عليه
لغرمائه حديث 2357.
(5) وهذا يدل على أن المعسر لا يجوز حبسه في الدين، ولا مؤاجرته ولا
استعماله (معه).
(6) السنن الكبرى للبيهقي ج 9: 96 كتاب السير، باب نزول أهل الحصى
أو بعضهم على حكم الامام أو غير الامام.
(7) وهذا يدل على أن التحكيم في الدين لغير النبي والامام جائز، إذا توقفت
المصلحة عليه. ويدل على أن المجهول حاله في البلوغ يعتبر بالانبات. وعلى ان من
أخذ في الحرب وهو بالغ حكمه القتل. وان غير البالغ حكمه السبي (معه).
221

(98) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب من نفسه " (1) (2
(99) وقال عليه السلام: " الناس مسلطون على أموالهم " (3)
(100) وقال صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام، لما ضمن الدرهمين على الميت: " جزاك الله
عن الاسلام خيرا، وفك رهانك كما فككت رهان أخيك " (4) (5)
(101) وقال صلى الله عليه وآله لأبي قتادة، لما ضمن الدينارين: " هما عليك، والميت
منهما برئ " (6) (7) (8)

(1) الوسائل كتاب الغصب، باب (1) من أبواب الغصب حديث 4 ولفظ
الحديث: (عن صاحب الزمان عليه السلام: لا يحل لاحد أن يتصرف في مال غيره بغير
اذنه) وفى المستدرك، كتاب الغصب باب (1) حديث 3 ولفظ الحديث: (ولا يجوز
أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه) وفى مستدرك أحمد بن حنبل ج 5: 72 ولفظ
الحديث: (لا يحل مال امرئ الا بطيب نفس منه)
(2) وفيه دلالة على أنه لا يجوز التصرف في مال الغير، بغير اذنه بحال (معه)
(3) وفيه دلالة على أن للانسان التصرف في ماله مهما شاء من التصرفات اللائقة
بأفعال العقلاء (معه)
(4) رواه في المستدرك نقلا عن عوالي اللئالي، كتاب التجارة باب (14) من
أبواب الدين والقرض، حديث 3 ورواه البيهقي في السنن الكبرى ج 6: 73 كتاب
الضمان، باب وجوب الحق بالضمان.
(5) وفيه دلالة على أن الميت مرهون بالدين الذي عليه إذا لم يخلف تركة يقضى
منها حتى تقضى عنه. وعلى أن تبرع الحي عن الميت يبرئه. وعلى أن الضمان جائز
عن الحي وعن الميت. وعلى أنه لا يشترط رضى المضمون عنه، وعلى ان قضاء الدين
عن الميت مستحب وفيه أجر كثير (معه)
(6) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الصدقات (9) باب الكفالة حديث 2407
(7) وفيه دلالة على أن الضمان ناقل. وان المضمون عنه. يبرء بنفس الضمان
سواء أدى الضمان أو لا (معه).
(8) أقول: قد وقع هذا الحكم مرتين في رجلين ماتا، فما صلى عليهما النبي صلى الله عليه وآله وقال: صلوا على صاحبكم. لأنه كان على أحدهما درهمين، فضمن أمير المؤمنين عليه
السلام وفائهما عنه، وضمن الدينارين عن الاخر أبو قتادة، فصلى عليهما النبي صلى
الله عليه وآله وقال أبو عبد الله عليه السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله إنما فعل ذلك، ليتعظوا
وليرد بعضهم على بعض، ولئلا يستخفوا بالدين.
وأما قوله: فكما فككت رهان أخيك، فلعل ذلك الرجل، استدانهما من غير
حاجة، أو صرفهما في غير طاعة، فيكون مرهونا بهما في الدنيا والآخرة. ويجوز أن
يكون الرهان المفكوك، هو صلاته صلى الله عليه وآله على ذلك الميت، لأنها كانت موقوفة على
ضمان الدرهمين، فيكون كالرهن عليها (جه).
222

(102) وقال عليه السلام: " الزعيم غارم " (1) (2)
(103) وفي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله، لعن في الخمر عشرة (3)
(104) وقال صلى الله عليه وآله: " اقرار العقلاء على أنفسهم جائز " (4)
(105) وقال صلى الله عليه وآله: " أد الأمانة إلى من ائتمنك " (5)

(1) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الصدقات (9) باب الكفالة حديث 2405
(2) أي الضامن غارم لما يضمنه، فيدل على ثبوت الحق في ذمته بنفس الضمان
ووجوب أدائه عليه (معه)
(3) عن أبي جعفر عليه السلام: غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها
وحاملها والمحمولة إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها. وهو من المحرمات في جميع
الشرايع، حفظا للعقل. (جه)
(4) الوسائل ج 16، كتاب الاقرار باب (3) من أبواب الاقرار، حديث 2
ولفظ الحديث (وروى جماعة من علمائنا في كتاب الاستدلال عن النبي صلى الله عليه
وآله أنه قال: الخ).
(5) الوسائل ج 13 كتاب الوديعة باب (2) من أحكام الوديعة، حديث 4.
223

(106) وقال عليه السلام: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (1).
(107) وقال عليه السلام: " لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولا لاعبا، من أخذ
عينا فليردها "
(108) وروى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله، دفع خيبر أرضها ونخلها إلى أهلها مقاسمة على النصف (2) (3) (4).
(109) وقال صلى الله عليه وآله للوازن: " زن وأرجح " (5) (6).

(1) السنن الكبرى للبيهقي، ج 6: 95. كتاب الغصب، باب رد المغصوب
إذا كان باقيا. ورواه في المستدرك ج 2: 504، حديث 12 نقلا عن عوالي اللئالي
وعن الشيخ أبي الفتوح في تفسيره. ورواه أيضا في المستدرك ج 3: 145، كتاب
الغصب حديث 4.
(2) صحيح مسلم ج 3، كتاب المساقاة (1) باب المساقاة والمعاملة بجزء
من التمر والزرع حديث (4)
(3) فيه دلالة على مشروعية المزارعة والمساقاة (معه)
(4) اتفق علماء الاسلام على مشروعيتهما، وانهما من العقود اللازمة، وخالف
فيه أبو حنيفة والشافعي. من أن حكاية خيبر وتقبيل النبي أرضها بطريق المزارعة و
نخلها بعقد المساقاة مستفيضة من الطريقين (جه).
(5) سنن أبي داود ج 3، كتاب البيوع، باب في الرجحان في الوزن، حديث
3336. ورواه ابن ماجة في سننه، ج 2 كتاب التجارات (34) باب الرجحان في
الوزن حديث 2220 - 2222.
(6) فيه دلالة على مشروعية الرجحان. وانه مستحب لمن يزن حق الغير على
نفسه، تحريا وتخلصا للذمة من حقه، لان الامر هنا للاستحباب (معه).
224

(110) وقال صلى الله عليه وآله: " أحبس الأصل وأطلق الثمرة " (1) (2).
(111). وقال صلى الله عليه وآله للحسن والحسين: " ولداي هذان سيدا شباب أهل
الجنة " (3) (4).
(112) وفي الأحاديث أن الحسن كان في حجره صلى الله عليه وآله، فبال في حجره
فأرادوا أخذه وزجره فقال عليه السلام: " لا تزرموا على ابني بوله ".
(113) وقال صلى الله عليه وآله: " ان ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين عظيمتين
من المسلمين " (5).
(114) وقال عليه السلام: " الخال وارث من لا وارث له " (6) (7).
(115) وروى أبو هريرة انه صلى الله عليه وآله، ورث الخال.
(116) وقال صلى الله عليه وآله: " تحوز المرأة ميراث عتيقها، ولقيطها،

(1) رواه في المستدرك ج 2 باب (2) من أبواب الوقوف والصدقات، حديث
1 نقلا عن عوالي اللئالي. ورواه النسائي في ج 6 من سننه، كتاب الاحباس، باب
حبس المشاع، ولفظ الحديث (قال: فاحبس أصلها وسبل الثمرة).
(2) فيه دلالة على مشروعية الوقف. وان معناه حبس الأصل عن التصرف فيه، واطلاق المنافع، والامر للوجوب (معه).
(3) ينابيع المودة ج 1، الفصل الثالث، في الأحاديث الواردة في فاطمة و
ولديها رضي الله عنهم، الحديث العاشر، ولفظ الحديث: (ابناي هذان الحسن والحسين
سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما).
(4) فيه دلالة على أن ولد الولد، ولد، وأن كان ولد بنت، فإنه ولد حقيقة
لان الأصل في الاطلاق ذلك. وكذلك الحديث الثاني والثالث يدلان على ذلك (معه)
(5) صحيح البخاري، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما
(6) مسند أحمد بن حنبل ج 4: 131
(7) وهذا يدل على ثبوت ارث الخال، كغيره من ذوي الأرحام، وكذلك
الحديث الثاني دال عليه (معه).
225

وولدهما " (1) (2).
(117) وقال صلى الله عليه وآله: " ولد الملاعنة أمه، أبوه " (3) (4).
(118) وقال عليه السلام: " الاسلام يعلوا ولا يعلى عليه " (5)
(119) وقال عليه السلام: " الاسلام يزيد ولا ينقص " (6) (7)
(120) وقال صلى الله عليه وآله: " في أسارى بدر: " لو كان مطعم بن عدي حيا، وكلمني

(1) سنن أبي داود ج 3، كتاب الفرائض، باب ميراث ابن الملاعنة حديث
(2906)
(2) فيه دلالة على أن الولاء ترثه المرأة كالرجل، سواء كان ولاء العتق، أو
ولاء تضمن الجريرة (معه)
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 216 ولفظ الحديث: (قضى رسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم في المتلاعنين انه يرث أمه وترثه أمه).
(4) فيه دلالة على أن ميراث ولد الملاعنة تحوزه أمه ومن يتقرب بها، دون أبيه
ومن يتقرب به (معه)
(5) الوسائل ج 17 كتاب الفرائض والمواريث باب (1) من أبواب موانع
الإرث حديث 11. وصحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات
هل يصلى عليه؟ والجامع الصغير للسيوطي، حرف الهمزة، فصل في المحلى بأل من
هذا الحرف، ولفظ الحديث فيهما: (الاسلام يعلو ولا يعلى)
(6) الوسائل ج 17، كتاب الفرائض والمواريث باب (1) من أبواب موانع
الإرث حديث 8 - 9 والجامع الصغير للسيوطي، حرف الهمزة، فصل في المحلى
بأل من هذا الحرف.
(7) هذا وما تقدمه، يدل على أن المسلم يرث الكافر، والكافر لا يرثه (معه).
226

في هذا السبي لأطلقتهم " (1) (2) (3).
(121) وفي الأحاديث انه صلى الله عليه وآله، أرسل قبل نجد سرية، فأسروا واحدا
اسمه ثمامة بن أثال الحنفي، سيد ثمامة، فأتوا به وشدوه إلى سارية من سواري
المسجد فمر به النبي صلى الله عليه وآله فقال: " ما عندك يا ثمامة؟ فقال: خير، ان قتلت
قتلت وارما (4) وان مننت مننت علي شاكر، وإن أردت مالا، قل تعط ما شئت فتركه
ولم يقل شيئا. فمر به في اليوم الثاني، فقال مثل ذلك. ثم مر به اليوم الثالث، فقال
مثل ذلك، ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله شيئا ثم قال: " أطلقوا ثمامة " فأطلقه فمر واغتسل
وجاء وأسلم، وكتب إلى قومه، فجاؤوا مسلمين (5) (6).

(1) صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب مأمن النبي صلى الله عليه وآله على الأسارى من
غير أن يخمس.
(2) هو الذي أجار رسول الله صلى الله عليه وآله لما انصرف عن أهل الطائف
وعاد متوجها إلى مكة ونزل بقرب (حراء) فبعث إلى بعض حلفاء قريش ليجيروه في
دخول مكة، فامتنعوا، فبعث إلى المطعم بن عدي بذلك، فتسلح المطعم وأهل بيته و
خرج بهم حتى أتوا المسجد، فأرسل من يدعو النبي للدخول، فدخل مكة وطاف بالبيت
وصلى عنده، ثم انصرف إلى منزله آمنا.
وكان أحد الذين خرقوا الصحيفة التي كتبها قريش على بني هاشم، ومات قبل وقعة
بدر، وله بضع وتسعون سنة. الأعلام للزركلي ج 7: 252
(3) وفيه دلالة على تخيير الامام في الأسارى بين المن، وبين الفداء، وبين الاسترقاق
بعد الأسر (معه).
(4) المورم: الرجل الضخم (المنجد)
(5) صحيح مسلم ج 3، كتاب الجهاد والسير (19) باب ربط الأسير و
حبسه، وجواز المن عليه حديث 59.
(6) وفيه دلالة على مثل ما تقدم من جواز المن على الأسير، خصوصا إذا كان
سيد قوم، لرجاء اسلامه واسلام قومه، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله، وأثمر ما
فعله اسلامه واسلام قومه (معه).
227

(122) وفي حديث آخر، أن أبا غرة الجمحي، وقع في الأسر يوم بدر
فقال: يا محمد اني ذو عيلة فامنن على، فمن عليه أن لا يعود إلى القتال فمر إلى
مكة وقال: سخرت بمحمد، فأطلقني. وعاد إلى القتال. يوم أحد، فدعا عليه
رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا يفلت. فوقع في الأسر فقال: اني ذو عيلة فامنن علي،
فقال: عليه السلام: " حتى ترجع إلى مكة فتقول في نادي قريش، سخرت بمحمد
لا يلسع المؤمن من جحر مرتين وقتله بيده " (1) (2).
(123) وفي الحديث ان غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وعنده عشر من النساء
فقال: له عليه السلام " اختر أربعا منهن، وفارق سايرهن " (3) (4) (5).

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 6، 320، كتاب قسم الفئ والغنيمة.
(2) وهذا يدل على ما دل عليه الحديثان الأولان. ان الامام مخير بين المن و
الفداء والاسترقاق. وعلى انه ينبغي أن يكون المؤمن ذو حزم في الأمور وفطانة، بحيث
لا يكون كثير الانخداع. لأنه يدل على ضعف في الرأي ومهانة في النفس، وذلك من
جملة الرذائل (معه).
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 83. ونقله في المستدرك عن عوالي اللئالي،
ج 2 كتاب النكاح، باب (4) من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث 3
(4) فيه دلالة على أن ابقاء الكافر بعد اسلامه، على عقده الأول حال الكفر جائز
من باب الاستدامة دون الابتداء. وعلى أن العقد على الكافر لا ينفسخ باسلام الزوج و
على أن المسلم يجوز له عقد الكافرة استدامة لا ابتداء. ويحتمل أن يكون هذا الامر
إنما ورد من النبي صلى الله عليه وآله بعد اسلامهن معه، قبل انقضاء العدة، وحمله على هذا أقرب
(معه).
(5) ذهب علماء الاسلام سوى مالك إلى صحة نكاح الكافر، وإذا أسلموا أقروا
على ذلك العقد. وأما مالك فأوجب عليهم تجديد العقد بعد الاسلام. وهذا الحديث
ظاهر في الرد عليه، كما هو ظاهر في الرد على أبي حنيفة. حيث ذهب إلى أنه لو أسلم
على أكثر من أربع، كان الواجب عليه أن يبقى عنده من سبق العقد عليهن في حال الكفر
أعني أربعا ولا ريب أن هذا ينافي التخيير.
فمالك يؤل الحديث بحمل قوله: اختر أربعا، على اختيارهن في تجديد العقد
عليهن. وأبو حنيفة يحمله على وجوب العقود عليهن سابقا. وهذان التأويلان بعيدان من
غير حاجة ماسة إلى أحدهما.
وذكر صاحب كتاب درة الغواص في تغليط الخواص، انهم يقولون: سائر بمعنى
جميع، كما في جاءني سائر القوم، يعنى جميعهم. وهو غلط، وإنما هو بمعنى الباقي
ثم استدل بهذا الحديث، فان سائر فيه بمعنى باقي قطعا (جه).
228

(124) وقال صلى الله عليه وآله: " أدوا العلائق " قيل: يا رسول الله وما العلائق؟ قال
" ما ترضى عليه الأهلون " (1) (2) (3)

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 239 كتاب الصداق، باب ما يجوز أن
يكون مهرا ولفظ الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انكحوا الأيامى منكم قالوا:
يا رسول الله فما العلائق بينهم؟ قال: ما تراضى عليهم أهلوهم).
(2) وهذا يدل على أن المهر لاحد له في الشرع قلة أو كثرة. وفى معناه الحديث
الثاني والثالث والرابع. والحديث الرابع دال على أن تمكن الزوج من المهر حال
العقد شرط. وعلى أن تعليم الآية وتعليم العلم والصنعة يجوز جعله صداقا (معه).
(3) أقول: في النهاية، بعد ذكر الحديث. العلايق، المهور، الواحدة علاقة
وعلاقة المهر ما يتعلقون به على الزوج.
ويستفاد من هذا الحديث أحكام. الأول: أن الصداق لا تقدير له في جانب القلة
كما أجمع عليه علمائنا وفقهاء الجمهور على أقوال مختلفة، قدره مالك بثلاثة دراهم
وأبو حنيفة وأصحابه بعشرة دراهم وابن شبرمة خمسة دراهم، والنخعي أربعون درهما
وسعيد بن جبير خمسون درهما وهذا الحديث وما بمعناه راد لأقوالهم
الثاني: انه لا يتقدر في جانب الكثرة، كما هو المشهور عندنا، خلافا للسيد
حيث لم يجوز أكثر من مهر السنة. وأما العامة فحكاية انكار الزيادة على مهر السنة
مشهور عن عمر بن الخطاب، حيث توعد على الزيادة، وقال: انه يجعلها في بيت
المال، حتى عارضته المرأة بقوله تعالى: وان اتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه
شيئا فقال: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال، رواه البيهقي في
السنن الكبرى ج 7: 233، كتاب الصداق، باب لا وقت في الصداق كثر أو قل.
الثالث. يجوز أن يكون منافع الحر مهرا، مثل تعليم قرآن أو شعر أو نحو ذلك
كما قال أصحابنا: الا الإجارة، فان بعضهم لم يجوزه، لأنه كان يختص موسى عليه
السلام. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يكون منافع الحر صداقا بحال. والحديث يكذبه
وروى الصدوق في كتاب العلل مسندا إلى الصادق عليه السلام عن علي عليه السلام قال إني
لأكره أن يكون المهر أقل من عشرة دراهم، لئلا يشبه مهر البغي (جه).
229

(125) وقال عليه السلام: " من استحل بدرهمين، فقد استحل " (1).
(126) وقال عليه السلام: " لا جناح على امرء يصدق امرأة قليلا كان أو كثيرا " (2).
(127) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله زوج امرأة من زوج على تعليم آية من
القرآن بعد أن طلب من الزوج خاتما من حديد، فلم يقدر (3)
(128) وفي آخر ان ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهي حائض، فأمره النبي
صلى الله عليه وآله أن يراجعها، فقال عبد الله بن عمر: فردها علي، ولم يرها

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 238، كتاب الصداق، ولفظ الحديث: (ان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من استحل بدرهم فقد استحل، يعنى النكاح
(2) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 239 كتاب الصداق، باب ما يجوز أن
يكون مهرا ولفظ الحديث: (ليس على الرجل جناح أن يتزوج بقليل أو كثير من
ماله إذا تراضوا وأشهدوا)
(3) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 236 كتاب الصداق باب ما يجوز أن يكون
مهرا.
230

شيئا (1) (2)
(129) وفي رواية أخرى عن ابن عمر قال: طلقت زوجتي وهي حائض
فقال لي النبي صلى الله عليه وآله: " ما هكذا أمر ربك. إنما السنة أن تستقبل بها الطهر فتطلقها

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 327. كتاب الخلع والطلاق باب الطلاق يقع على
الحائض وإن كان بدعيا. وفيه (قال عبد الله، فردها على ولم يرها شيئا وقال: إذا طهرت
فليطلق أو ليمسك) ورواه مسلم في صحيحه مع هذا السند، كتاب الطلاق (1) باب
تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وانه لو خالف وقع الطلاق ويؤمر برجعتها، حديث
(14) وفيه: (فقال له النبي صلى الله عليه وآله ليراجعها فردها وقال: إذا طهرت فليطلق أو
ليمسك)
أقول: لم نجد في كتب الحديث ان ابن عمر طلق زوجته ثلاثا في الحيض الا
في سنن الدارقطني ج 4 كتاب الطلاق والخلع والايلاء حديث (14) ولفظ الحديث:
(عن أبي الزبير قال: سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته ثلاثا وهي حائض، فقال:
أتعرف ابن عمر؟ قلت: نعم قال: طلقت امرأتي ثلاثا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وهي
حائض، فردها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى السنة) ثم قال: هؤلاء كلهم من الشيعة
والمحفوظ ان ابن عمر طلق امرأته واحدة في الحيض. نعم رواه في الوسائل
كتاب الطلاق باب (1) من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، حديث 9 ولفظ الحديث:
(قال أبو عبد الله عليه السلام لاطلاق الا على السنة، ان عبد الله بن عمر طلق امرأته
ثلاثا في مجلس واحد وامرأته حائض، فرد رسول الله صلى الله عليه وآله طلاقه وقال:
(من خالف كتاب الله رد إلى كتاب الله) مصحح
(2) وهذا يدل على أن طلاق الحائض لا يقع، لأنه لو كان واقعا لم يصح من النبي
صلى الله عليه وآله أن يأمر ابن عمر أن يرد زوجته إليه. لان الطلاق الواقع، كان ثلاثا
والمطلقة ثلاثا، لا يرجع إليها الزوج حتى تنكح زوجا آخر. فأمره بردها دليل على
عدم وقوع الطلاق، فطلاق الحائض لا يقع (معه).
231

في كل طهر تطليقة " (1) (2) (130) وروى ابن عباس قال: طلق ابن كنانة امرأته ثلاثا في مجلس واحد
فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول الله صلى الله عليه وآله: " كيف طلقتها؟ " فقال: طلقتها
ثلاثا في مجلس واحد فقال عليه السلام: " إنما تلك واحدة: فراجعها إن شئت "
فراجعها (3) (4).
(131) وقال صلى الله عليه وآله: " رفع عن أمتي الخطاء والنسيان، و ما استكرهوا
عليه (5) (6)
(132) وقال عليه السلام: " لا طلاق ولا عتاق في اغلاق " والاغلاق: الاكراه (7)

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 330 كتاب الخلع والطلاق، باب الاختيار للزوج
أن لا يطلق الا واحدة. رواه عن عطاء الخراساني.
(2) وهذا يدل على أن طلاق الحائض لا يقع، لأنه مخالف للسنة، فيكون بدعة. ودال على أن الطلاق لا يقع الا في طهر. وإنما المراد بالقرء، الطهر. وان الطلاق
الثلاث في طهر واحد، غير واقع (معه)
(3) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 339. كتاب الخلع والطلاق، باب من جعل الثلاث
واحدة، وما ورد في خلاف ذلك، والوسائل. كتاب الطلاق باب (29) من أبواب
مقدماته وشرائطه. فراجع.
(4) فيه دلالة على أن الطلاق الثلاث المرسلة، يقع منها واحدة، لا غير (معه)
(5) الوسائل كتاب الصلاة باب (30) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة
حديث 2، وسنن ابن ماجة ج 1 كتاب الطلاق (16) باب طلاق المكره والناسي
حديث 2043 و 2045.
(6) المراد بالرفع هنا، رفع أحكامها في أفعال المكلف. والمراد بالاستكراه
الاستكراه الرافع للقصد. وفيه دلالة على أن أفعال المكلف بأحد هذه الأنواع لا حكم
لها، الا ما خصص منها بدليل (معه)
(7) المستدرك للحاكم ج 2: 198. وسنن ابن ماجة ج 1: 16 كتاب الطلاق
باب طلاق المكره والناسي، حديث 2046
232

(133) وقال صلى الله عليه وآله: " لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها و
أكلوا أثمانها " (1) (2).
(134) وفي حديث عايشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " طلاق الأمة
تطليقتان، وعدتها حيضتان " (3).
(135) وفي الحديث ان عمر في خلافته، سئل عن عدة تطليق الأمة،
فلم يدر ما يقوله فأشار إلى علي ابن أبي طالب عليه السلام وكان حاضرا، فأشار إليه
بإصبعيه فقال: (اثنتان) فأجاب عمر سائله بذلك. فقال ذلك السائل إنما سألتك
فلم تدر ما تقول! فسألت هذا، ثم رضيت منه بالإشارة دون القول! فقال:
ويحك، انه علي بن أبي طالب (4).
(136) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لاطلاق فيما لا تملك، ولا عتق فيما لا تملك
ولا بيع فيما لا تملك " (5) (6)

(1) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب التجارات (11) باب بيع مالا يحل بيعه
حديث 2167.
(2) فيه دلالة على أن الحيلة بالمباح ليستباح به المحرم غير جائز (معه).
(3) سنن ابن ماجة ج 1 كتاب الطلاق (30) باب في طلاق الأمة وعدتها
حديث 2079 و 2080. والوسائل كتاب الطلاق باب (24) من أبواب أقسام الطلاق
وأحكامه فلاحظ.
(4) الوسائل كتاب الطلاق باب (24) من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه حديث
5، 7
(5) سنن أبي داود ج 2، باب في الطلاق قبل النكاح حديث 2190.
(6) فيه دلالة على أن الثلاثة مشروطة بالملك، فبيع الفضولي، وطلاقه وعتاقه
لا يقع. وكذا طلاق الأجنبية، وان تزوجها بعد. وعتق غير المملوك، وان ملكه بعد
(معه).
233

(137) وقال عليه السلام: " الطلاق بيد من أخذ بالساق " (1) (2) (3)
(138) وقال عليه السلام: " لا تحرم المصة والمصتان ولا الرضعة والرضعتان " (4) (5).
(139) وفي الحديث أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله من أحق الناس ببري
يا رسول الله؟ فقال عليه السلام: " أمك، فقال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال أمك
قال: ثم من؟ قال أبوك " (6) (7)

(1) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب الطلاق (31) باب طلاق العبد حديث 2081
(2) وهذا يدل على أن التوكيل في الطلاق للحاضر غير جائز. وأما الغائب
فمخصص من هذا الحديث بدليل آخر. وفيه دلالة على أن طلاق العبد لزوجته، لا
يتوقف على رضاء السيد واذنه إذا تزوج بحرة أو أمة غير مولاه (معه)
(3) المشهور بين علمائنا، هو جواز التوكيل للحاضر، خلافا للشيخ في بعض
كتبه، تعويلا على حديث حمله على الكراهة، طريق الجمع. وقوله: بيد من أخذ بالساق
معناه، لا يجبر على الطلاق ولا يطلق عنه غيره، لا أنه لا يجوز له التوكيل فيه حاضرا
كان أو غائبا (جه).
(4) سنن ابن ماجة ج 1، كتاب النكاح (35) باب لا تحرم المصة ولا المصتان
حديث 1940
(5) فيه دلالة على أن قليل الرضاع، لا يحرم (معه)
(6) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، و
لفظ الحديث (من أحق بحسن صحابتي الخ) ورواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب
الأدب (1) باب بر الوالدين، حديث 3658. كما في المتن إلا أنه قال: (من
أبر؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أباك)
(7) فيه دلالة على اختصاص الأم بثلاثة أرباع البر من الولد، وللأب الربع من
بره (معه).
234

(140) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده " (1) (2).
(141) وروى قيس بن عبادة قال: انطلقت والأشتر إلى علي عليه السلام فقلنا
له: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، الا
ما في كتابي هذا، وأخرج كتابا من قراب سيفه، فإذا فيه: " المؤمنون تتكافأ
دمائهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم. ألا لا يقتل مؤمن بكافر
ولا ذو عهد عهده " (3).
(142) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا يقتل حر بعبد " (4).
(143) وقال علي عليه السلام: " من السنة الا يقتل حر بعبد " (5).
(144) وقال عليه السلام: " لا يقتل والد بولده " (6).

(1) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الديات (21) باب لا يقتل مسلم بكافر
حديث 2660
(2) وفيه دلالة على أن المسلم المؤمن لا يقتل بكافر. وان المعاهد لا يقتل ما دام
في عهده. ولا يجب اضمار الكافر الذي في الجملة الأولى، في الجملة الثانية، لأنهما
جملتان متغايرتان (معه)
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 122 وتتمة الحديث (من أحدث حدثا
أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين). ويشهد لبعض مضامين
الحديث ما روى في الوسائل، كتاب القصاص، باب (4) من أبواب القصاص في النفس
حديث 6 وباب (8) من هذه الأبواب فلاحظ.
(4) الوسائل، كتاب القصاص باب (40) من أبواب القصاص في النفس
فلاحظ. وسنن أبي داود ج 4 كتاب الديات، باب من قتل عبده أو مثل به، أيقاد منه
حديث 4517. والجامع الصغير للسيوطي ج 2 حرف (لا) وسنن الكبرى للبيهقي
ج 8: 35 كتاب الجنايات باب لا يقتل حر بعبد.
(5) السنن الكبرى للبيهقي ج 8: كتاب الجنايات باب لا يقتل حر بعبد.
(6) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الديات (22) باب لا يقتل الوالد بولده
حديث 2661. 2662 وفى الوسائل كتاب القصاص باب (32) من أبواب القصاص
في النفس فلاحظ
235

(145) وقال صلى الله عليه وآله: " ان أعتى الناس على الله، القاتل غير قاتله، والقاتل
في الحرم، والقاتل بذحل الجاهلية " (1) (2)
(146) وقال عليه السلام: " في النفس المؤمنة مئة إبل " (3) (4)
(147) وقال عليه السلام: " ادرؤوا الحدود بالشبهات " (5) (6)

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 8: 26 كتاب الجنايات باب ايجاب القصاص على
القاتل دون غيره، ولفظ الحديث: (قال: أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله، أو
طلب بدم في الجاهلية من أهل الاسلام، أو بصر عينيه ما لم تبصر) ونحوه روايات أخر
أيضا وأورد نحوه في الوسائل، كتاب القصاص باب (1) من أبواب القصاص في
النفس حديث 14 و 18.
(2) أي بطلب الجاهلية، بمعنى أن من له قصاص بقتل وقع قبل الاسلام، ثم هو
يطلبه في زمان الاسلام، فيقتل القاتل بعد الاسلام بدم ذلك المقتول في الكفر، فان ذلك غير
جائز (معه).
(3) الوسائل كتاب الديات، باب (1) من أبواب ديات النفس فلاحظ.
(4) في: هنا بمعنى السببية أي بسبب قتل النفس المؤمنة، يجب دية مائة من
الإبل. وهذه الدية لكل مقتول، عمدا كان أو خطاء، ذكرا. والأنثى على النصف إذا
كان حرا. وأما العبد فديته قيمته إلا أن يتجاوز دية الحر، فيرد إليها (معه)
(5) الوسائل، كتاب الحدود والتعزيرات باب (24) من أبواب مقدمات الحدود
وأحكامها العامة حديث (4) والسنن الكبرى للبيهقي ج 8: 238. كتاب الجنايات
باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات. ورواه في المستدرك كتاب الحدود والتعزيرات
باب (21) من أبواب مقدمات الحدود وأحكامها العامة حديث 3 و 4.
(6) هذا يدل على أن حقوق الله مبنية على التخفيف، فلا يستوفى الا مع اليقين
(معه).
236

(148) وقال عليه السلام: " من عمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول " (1)
(149) وقال صلى الله عليه وآله: " خذوا عني، قد جعل الله لهن السبيل، البكر بالبكر
جلد مائة، وتغريب عام، والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم " (2) (3).
(150) وقال صلى الله عليه وآله: " التوبة تجب ما قبلها " (4) (5).
(151) وقال صلى الله عليه وآله: " ان من العنب خمرا، وان من التمر خمرا، وان من
العسل خمرا وان من البر خمرا، وان من الشعير خمرا " (6) (7) (8).

(1) رواه في المستدرك، كتاب الحدود والتعزيرات، باب (2) من أبواب حد
اللواط، حديث (3) عن الجعفريات وعن عوالي اللئالي. ورواه ابن ماجة في سننه
كتاب الحدود (12) باب من عمل عمل قوم لوط حديث 2561
(2) سنن ابن ماجة كتاب الحدود (7) باب حد الزنا حديث 2550
(3) هذا في بيان قوله تعالى: (أو يجعل الله لهن سبيلا) فبين عليه السلام ذلك
السبيل، ونسخ به حكم الحبس في البيوت الوارد في قوله تعالى: (فامسكوهن في البيوت)
ودل على أن المحصن يجمع بين الجلد والرجم، وغير المحصن يجلد ويغرب عاما (معه).
(4) مستدرك الوسائل، ج 2، كتاب الجهاد، باب (86) من أبواب جهاد النفس
حديث 13 نقلا عن عوالي اللئالي.
(5) أي تقطع أحكام المعاصي التي قبلها وتمنع تأثيرها في العقاب (معه)
(6) السنن الكبرى للبيهقي، ج 8: 289 كتاب الأشربة، باب ما جاء في تفسير الخمر
الذي نزل تحريمها، وفى الوسائل ج 17. كتاب الأطعمة والأشربة باب (1) من أبواب الأشربة
المحرمة، حديث 4.
(7) وهذا يدل على أن الخمر ليس محصورا في العنب، بل يعم كل مسكر،
فيصدق شرعا أن كل مسكر خمر، كما هو منصوص في الحديث الذي يلي هذا الحديث (معه)
(8) يتفرع على هذا مسألة نزح الماء كله من البئر. لان الوارد في النصوص،
هو وقوع الخمر في البئر وانه يوجب نزحه. وأما باقي المسكرات فألحقها الشيخ وجماعة
بها، واعترضه المتأخرون بعدم الدليل عليها. واحتج له في المعتبر بهذه الرواية، أعني كل
مسكر خمر، وضعفه بعض أهل الحديث باحتمال أن يكون مثله في التحريم، لا في كل
شئ ولكل وجه. والظاهر أن قول المعتبر هو الأوجه، لورود الاطلاق في أكثر الاخبار
(جه).
237

(152) وقال عليه السلام: " كل مسكر حرام " (1)
(153) وقال: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " (2).
(154) وقال صلى الله عليه وآله: " أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا
قالوها، عصموا مني دمائهم وأموالهم الا بحقها، وحسابهم على الله " (3) (4).
(155) وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله
بسرية قبل أوطاس، فغنموا نسائهم، فتأثم أناس من وطيهن، لأجل أزواجهن
فنادى فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا توطئ الحبالى حتى يضعن، ولا الحيالى حتى

(1) الوسائل، ج 17 كتاب الأطعمة والأشربة باب (15 و 17) من أبواب
الأشربة المحرمة. والسنن الكبرى للبيهقي ج 8: 293. كتاب الأشربة باب الدليل على أن
الطبخ لا يخرج هذه الأشربة من دخولها في الاسم، والتحريم إذا كانت مسكرة
(2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، ج 8: 293 فلاحظ.
(3) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الفتن (1) باب الكف عمن قال: لا إله إلا الله
حديث 3927 و 3928
(4) هذا يدل على أن كلمة الشهادة مانعة لقائلها من أخذ دمه وماله، إلا أن يثبت عليه أحدهما بحق شرعي يوجب أخذ أحدهما وقوله: وحسابهم على الله، يدل على
أن التلفظ بالشهادتين ليس منجيا، بل مع شرايط اخر (معه).
238

يستبرئن " (1) (2).
(156) وقال صلى الله عليه وآله: " أحل لكم ميتتان ودمان " (3) (4) (5).
(157) وفي الحديث، ان جبرئيل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وآله، ان الله تعالى يقول:
من صلى عليك مرة، صليت بها عليه عشرا (6).

(1) الوسائل كتاب النكاح باب (8) من أبواب نكاح العبيد والإماء، حديث 7
ومسند أحمد بن حنبل ج 3: 62. ولفظ الحديث (عن أبي سعيد الخدري، ان رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: في سبى أوطاس، لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير
حامل حتى تحيض حيضة. رواه في المستدرك ج 2، كتاب النكاح باب (13) من أبواب
نكاح العبيد والإماء، حديث 2 عن مجمع البيان كما في المتن.
(2) وهذا يدل على أن الاستبراء واجب في الصنفين إلا أن الحامل استبرائها
بالوضع، والحايل بالحيض فان كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض، فاستبرائها
بخمسة وأربعين يوما (معه)
(3) سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الأطعمة، (31) باب الكبد والطحال، حديث
3314. ولفظ الحديث (ان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: أحلت لكم
ميتتان ودمان. فاما الميتتان فالحوت والجراد. وأما الدمان فالكبد والطحال)
(4) المراد بالميتتان، السمك والجراد. وأما الدمان: فقيل انهما الطحال والدم
المتخلف من المذبوح فيكون دالا على حل الطحال. والأكثر على أن المراد بهما
الدم المتخلف في اللحم والكبد (معه)
(5) أقول يحل ميتة السمك والجراد، يعنى من غير التذكية المعهودة وإن كان
لكل واحد تذكية مخصوصة. وأما الطحال، فهو عندنا حرام، فالمراد الدم المتخلف
في اللحم (جه)
(6) سنن النسائي، كتاب الصلاة، فضل التسليم على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم
ولفظ الحديث (ان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جاء ذات يوم والبشرى في
وجهه، فقلنا: انا لنرى البشرى في وجهك؟ فقال: انه أتاني الملك فقال: يا محمد ان
ربك يقول: أما يرضيك أنه لا يصلى عليك أحد، الا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك أحد
الا سلمت عليه عشرا).
239

(158) وقال صلى الله عليه وآله على ذبيحته: " بسم الله، الله تقبل من محمد وآل محمد
ومن أمة محمد " (1) (2).
(159) وقال صلى الله عليه وآله: " سيد الادام اللحم " (3)
(160) وقال صلى الله عليه وآله: " من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد " (4) (5)
(161) وقال عليه السلام: " ردوا الجهالات " (6).
(162) وقال صلى الله عليه وآله: " إنما انا بشر مثلكم، وانكم لتختصمون إلي، ولعل
بعضكم ألحن بحجته من بعض، فاقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت

(1) صحيح مسلم، كتاب الأضاحي (3) باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة
بلا توكيل والتسمية والتكبير حديث 19.
(2) وهذا يدل على أن ذكر البسملة كلها في الذبيحة غير واجبة (معه)
(3) الوسائل، ج 17 باب (9) من أبواب الأطعمة المباحة، حديث 2 ولفظ
الحديث (عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللحم سيد
الطعام في الدنيا والآخرة) ورواه في المستدرك ج 3 باب (7) من أبواب الأطعمة
المباحة، حديث (3) ولفظ الحديث (عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال سيد
أدامكم اللحم)
(4) فيه دلالة على أن كل بدعة في الدين يجب ردها (معه).
(5) صحيح مسلم ج 3، كتاب الأقضية (8) باب نقض الاحكام ورد محدثات
الأمور، حديث 17. ولفظ الحديث (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) قال
الامام النووي في شرح الحديث: قاعدة عظيمة من قواعد الاسلام، وهو من جوامع كلمه
فإنه صريح في رد كل البدع.
(6) يحتمل أن يراد بالجهالات، ما يجزم العقل بامتناعها، فيكون المراد بها
الجهل المركب ويحتمل أن يراد بها الأغضاب الناشئة عن القوة الغضبية المنافية لفضيلة اللحم
ويحتمل أن يراد بها الجهالات البسيطة التي هي عدم العلم. ويكون ردها بتعليم العلم وتعلمه
ويحتمل إرادة الجميع، بل هو أجمع للمعنى وأولى باللفظ (معه).
240

له بشئ من أخيه فلا تأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار " (1) (2) (3).

(1) صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب موعظة الامام للخصوم. وسنن ابن ماجة
ج 2، كتاب الأحكام (5) باب قضية الحاكم لا تحل حراما و لا تحرم حلالا، حديث 2317.
(2) اللحن بالحجة: إظهارها، والقدرة على التعبير عن المراد بالعبارات المرجحة
لقوة الدعوى. وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وآله إنما يحكم في حقوق
الناس بعضهم على بعض، بالبناء على الظاهر، وانه لا يجب أن يحكم بعلمه، فيحملهم
على الأمور الباطنة، والا لفسد النظام الاجتماعي، ولكن ذلك الحكم لا يوجب تحليل ما
هو محرم. فغير المحق لا يجوز له أن يأخذ ما ليس له بحق الحاكم، وإلا لكان
مأثوما معاقبا، بل ظاهر الحديث يقتضى ان ذلك من الكبائر (معه).
(3) أقول: تحرير الخلاف في هذه المسألة، هو أن ظاهر الأصحاب الاتفاق
على أن الإمام عليه السلام يحكم بعلمه مطلقا، لعصمته المانعة من تطرق التهمة، وعلمه
المانع من الخلاف.
والخلاف في غيره من الحكام، والأظهر عندهم أنه يعمل بعلمه مطلقا وادعى
السيد عليه اجماع الطائفة وقال: انه من متفرداتهم من بين علماء الاسلام.
وقيل: لا يجوز مطلقا. وحكوه عن ابن الجنيد، بل الذي حكاه عنه المرتضى،
انه عمم القول في الامام وغيره، وقال ابن إدريس: يجوز للحاكم العمل بعلمه في حقوق
الناس دون حقوق الله. وحكى عن بعض القدماء، العكس. فهذا خلاصة تحرير الخلاف
في المسألة.
قال شيخا الزيني عطر الله مرقده: وأصح الأقوال جواز قضاء الحاكم مطلقا، لان
العلم أقوى من الشاهدين لأنهما يفيد الظن.
والعلامة في المختلف وغيره في غيره، استدلوا على رد قول ابن الجنيد في تعميمه
الحكم بالامام بحكاية الاعرابي الذي ادعى على النبي صلى الله عليه وآله: سبعين
درهما ثمن ناقة باعها منه، فقال عليه السلام: " قد أوفيتك " فقال الاعرابي: أجعل بيني
وبينك حكما يحكم بيننا، فحكما أبا بكر، فطلب البينة عن النبي صلى الله عليه وآله، ثم أتى علي (ع)
فحكماه في تلك القضية، فقال يا أعرابي أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فيما قال: إنه أوفاك
السبعين الدرهم؟ فقال: لا، فأخرج سيفه فضرب عنقه! فقال: يا رسول الله
نحن نصدقك على امر الله، والجنة والنار والوحي، ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا
الاعرابي. فقتلته لما كذبك. فقال: أصبت يا علي، فلا تعد إلى مثلها ثم التفت إلى أبي
بكر وقال هذا حكم الله لا ما حكمت
وروى الشيعة واقعة مثلها لعلي عليه السلام، وانه قتل أعرابيا تداعى معه صلى الله
عليه وآله على ناقة اشتراها النبي منه
ويمكن أن يقال في وجه الجمع بين أخبار هذا الباب، ان علم الحاكم سواء
كان الامام أو غيره، إن كان مستندا إلى العلم بالاقرار أو الشهود أو الأمارات الشرعية
المتعاضدة، حتى أفادت العلم جاز له العمل بها، بل وجب عليه لما ذكر. اما لو كان
مستندا إلى العلم الإلهي والالهام النبوي فيمكن أن يقال: ان العمل به غير واجب،
ويحمل حديث الكتاب عليه. وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله كان يعلم من أحوال المنافقين وغيرهم
ما يوجب عليهم الحدود والقتل، وكان يتوعدهم بعلمه، وما عمل معهم ما يقتضيه علمه
بل كان يعنف شهود الزنا وغيرهم، ويأمر بستر الزنا وغيره، ويعنفهم على الاقرار، وما
خفى عليه صلى الله عليه وآله ما عرفه الشهود، بل كان يأخذ الناس ويحملهم على العلم الظاهر المستند
إلى البينات والشهود، وكذلك أخوه وباب مدينة علمه سلام الله عليه.
نعم كان يتوصل بدقيق الفكر إلى إظهار الوقايع التي يعلمها سرا، حتى يظهر
للناس ويتوافق العلم الظاهر والباطن.
وأما حكاية الاعرابي وقتل علي عليه السلام له، فهو قد صرح بأنه قتله، لتكذيبه
النبي صلى الله عليه وآله وكل من كذبه وجب عليه القتل، وهذا مما لا دخل له في الدعاوى، لأنه
عليه السلام لم يقتصر على أخذ الناقة والثمن من الاعرابي. نعم لو كانت هذه هي المقدمة
مع غير النبي من أحاد الناس لصحت دليلا على المدعى.
وأيضا قد روى في الأخبار الصحيحة أن مولانا المهدى سلام الله عليه إذا ظهر
حكم بحكم آل داود، ولا يسأل بينة، بل يعمل بما يعلمه، وهذا الحكم من خواصه
وأيضا جاء في الحديث ما روى عنه صلى الله عليه وآله في قضية الملاعنة (لو كنت راجما
من غير بينة لرجمتها) (جه).
241

(13) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تقبل شهادة الخائن، ولا الخائنة، ولا الزاني، ولا
242

الزانية ولا ذي غمز على أخيه " والغمز: الحقد (1) (2).
(164) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله أمر مناديه ينادي: " لا تقبل شهادة خصيم
(خصم خ) ولا ظنين " (3) (4)
(165) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله نهى عن اللعب بالشطرنج (5) (6)
(166) وانه صلى الله عليه وآله مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال: " ما هذه التماثيل التي
أنتم لها عاكفون " (7)
(167) وقال صلى الله عليه وآله: " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " (8).
(168) وقال عليه السلام: " من لعب بالنردشير، فكأنما غمس يده في لحم الخنزير

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 10: 201 (باب لا تقبل شهادة خائن ولا خائنة و
لا ذي غمز على أخيه ولا ظنين ولا خصم)
(2) وهذا يدل على أن العدالة شرط في الشاهد وعلى أن العداوة تمنع قبول
الشهادة على من له معه عداوة (معه).
(3) السنن الكبرى للبيهقي ج 10: 201 (باب لا تقبل شهادة خائن ولا خائنة
ولا ذي غمز على أخيه ولا ظنين ولا خصم)
(4) الظنين هو المتهم وتحصل التهمة بالحرص على إقامة الشهادة (معه)
(5) النهى للتحريم. ويؤيده الحديث الثاني المشتمل على الاستفهام الذي جاء
للتقريع والانكار (معه)
(6) الوسائل كتاب التجارة، باب (102) من أبواب ما يكتسب به حديث 9
(7) السنن الكبرى للبيهقي ج 10: 212 (باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج)
والحديث مروى عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(8) السنن الكبرى للبيهقي، ج 10: 214 (باب كراهية اللعب بالنرد أكثر من
كراهية اللعب بالشئ من الملاهي).
243

ودمه " (1) (2)
(169) وقال صلى الله عليه وآله: " الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل " (3)
(170) ونهى صلى الله عليه وآله: " عن بيع المغنيات وشرائهن، والتجارة فيهن، وأكل
ثمنهن " (4)
(171) وقال عليه السلام: " ثمن المغنية سحت " (5)
(172) وقال عليه السلام: " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " (6)
(173) وروى ابن عباس وابن مسعود، في تفسير قوله تعالى (واجتنبوا

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 10: 214 (باب كراهية اللعب بالنرد أكثر من
كراهية اللعب بالشئ من الملاهي)
(2) وهو دال على التحريم (معه)
(3) الوسائل كتاب التجارة باب (101) من أبواب ما يكتسب به، حديث
1 ولفظ الحديث (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: استماع اللهو والغناء ينبت النفاق
كما ينبت الماء الزرع)
(4) مستدرك الوسائل ج 2 كتاب التجارة باب (14) من أبواب ما يكتسب
به حديث 4 نقلا عن عوالي اللئالي. وسنن ابن ماجة ج 2، كتاب التجارات
(11) باب مالا يحل بيعه حديث 2168
(5) الجامع الصغير للسيوطي، حرف الثاء، ولفظ ما رواه (ثمن القينة سحت
وغناؤها حرام، والنظر إليها حرام وثمنها مثل ثمن الكلب، وثمن الكلب سحت، ومن
نبت لحمه على السحت فالنار أولى به)
(6) الوسائل كتاب القضاء باب (3) من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى
حديث 2. ولفظ الحديث (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) وصحيح
البخاري، كتاب الرهن في الحضر (باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، فالبينة
على المدعى واليمين على المدعى عليه).
244

قول الزور) (1) وقوله (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) (2): انه
الغناء (3)

(1) الحج: 30
(2) لقمان: 6
(3) الدر المنثور ج 5، سورة لقمان.
245

الفصل العاشر
في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية.
(1) روي في بعض الأخبار أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله رجل اسمه
مجاشع، فقال: يا رسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحق؟ فقال: عليه السلام: " معرفة
النفس " فقال يا رسول الله كيف الطريق إلى موافقة الحق؟ قال: مخالفة
النفس " قال يا رسول الله فكيف الطريق إلى رضاء الحق؟ قال: سخط النفس "
فقال يا رسول الله فكيف الطريق إلى وصل الحق؟ قال: " هجر النفس " فقال
يا رسول الله فكيف الطريق إلى طاعة الحق؟ قال: " عصيان النفس " فقال يا رسول
الله فكيف الطريق إلى ذكر الحق؟ قال: " نسيان النفس " فقال يا رسول الله
فكيف الطريق إلى قرب الحق؟ قال: " التباعد عن النفس " فقال يا رسول الله
فكيف الطريق إلى انس الحق؟ قال: " الوحشة من النفس " فقال يا رسول الله
كيف الطريق إلى ذلك؟ قال: " الاستعانة بالحق على النفس " (1)
(2) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " استحيوا من الله حق الحياء " فقيل له: وكيف
الاستحياء من الله حق الحياء؟ فقال عليه السلام: " من حفظ الرأس وما حوى والبطن

(1) المستدرك كتاب الجهاد، باب (1) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه
حديث 5، نقلا عن العوالي.
246

وما وعى، وترك زينة الحياة الدنيا، فقد استحى من الله حق الحياء " (1) (2)
(3) وقال صلى الله عليه وآله: " أكثروا من ذكر هادم اللذات، فما ذكر في قليل الا
وقد كثره، ولا كثير الا وقلله " (3) (4).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 387
(2) حفظ الرأس وما حوى، المراد منه الاذن والعين واللسان. وما وعاه البطن
المراد حفظه من الحرام وترك ذكر الفرج، أما لدخوله في الثاني، أوفى زينة الحياة
الدنيا
ولا تظن أن الأعيان الحسنة، من المساكن والمناكح والملابس والمراكب و
المتاجر، ونحو ذلك كلها من زينة الحياة الدنيا المذمومة، فان كثيرا من الأنبياء و
الأئمة والأولياء، تأنقوا في أعيان الدنيا ولذاتها، وناهيك بسليمان عليه السلام والحسن
ابن علي بن أبي طالب عليه السلام.
وقد روى عن الصادق عليه السلام لما دخل عليه سفيان الثوري وأصحابه الصوفية
وكان لابسا أفخر الثياب، فاعترضوا عليه بقولهم ان أباك علي بن أبي طالب كان يلبس
أخشن الثياب، فكيف لم تقتد به، فأجابهم تارة بان الله إنما خلق الدنيا لأوليائه والا
فالكفار لا يعتد بهم حتى يخلق لهم ملابس الدنيا ومطاعمها، ونحن قوم إذا وسع الله
علينا وسعنا على أنفسنا، وإذا ضيق علينا ضيقنا على أنفسنا.
وأما أمير المؤمنين فكان أوائل الاسلام والناس في ضنك العيش، فكان يسلك
مسالك أهل ذلك الزمان، ولو كان الآن موجودا، لتشبه بأهل هذا الزمان في ملابسه و
غيرها لئلا يتهم عند الناس بالتصنع
نعم استعمال الأعيان إذا وقع على جهة بذل نعم الله، والاخبار بها امتثالا لقوله
تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث) أي فحدث بالفعل لا بالقول وحده، فاستعمالها ليس
استعمالا لزينة الحياة الدنيا. وهذا مجمل، أوردنا تفصيله في كتاب الأنوار (جه)
(3) الجامع الصغير للسيوطي، حرف (الهمزة) نقلا عن البيهقي في شعب
الايمان
(4) يحتمل أن يراد بالتكثير والتقليل في الاعمال الخيرية والشرية. فان من
ذكره في عمل قليل من الخير دعاه ذكره، إلى الاستكثار من أعمال الخير، خوفا من
هجوم الموت عليه وهو في الغفلة. ومن ذكره في عمل كثير من الشر دعاه ذكره إلى
الاستقلال منه وتركه خوفا من هجوم الموت عليه.
ويحتمل أن يراد بالقليل والكثير، بالنسبة إلى المال ويكون التقدير ما ذكره
قليل مال، الا وكان ما عنده منه كثير، فعده كثيرا، لأنه يجوز الميت حين ذكره، فما
عنده يكون فاضلا عنه. وما ذكر كثير مال، الا وكان ذكره مقللا لما له عنده. لعدم انتفاعه
بشئ منه. فيدعوه إلى انفاقه وتقليله وعدم الرغبة في مكسبه واستكثاره.
ويحتمل أن يراد بالقليل والكثير بالنسبة إلى الاشخاص، ويكون التقدير، ما ذكره
في قليل من الاشخاص في الموت، الا وصاروا كثيرين به، ولا في كثيرين من الاشخاص
في الحياة، الا وصاروا قليلين به لأنهم يموتون (معه)
247

(4) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " العقل نور خلقه الله للانسان، وجعله يضئ
على القلب ليعرف به الفرق، بين المشاهدات من المغيبات " (1)
(5) وقال عليه السلام: " ليس الايمان بالتخلي ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب
وصدقه العمل " (2).

(1) ذهب الناس إلى آراء مختلفة في معنى العقل وحقيقته. ويظهر من هذا الحديث
انه جوهر نوراني يضئ على القلب إضاءة الشمس في هذا العالم، ويعرف به ما يمكن
مشاهدته بعين البصيرة، كالعلوم والمعارف مما لا يمكن الاطلاع عليه، كأسرار عالم
الملكوت.
وفى كلام المحققين اطلاق العقل تارة على العلم بحقايق الأمور، فيكون عبارة
من صفة العلم، وقد يطلق ويراد به المدرك للعلوم فيكون هو القلب، أعني اللطيفة
الروحانية المتعلقة بالقلب الصنبوبرى كما سيأتي بيانه.
وقوله عليه السلام: لما سئل عن العقل؟ فقال: (ما عبد به الرحمان واكتسب به
الجنان) تعريف له بالغاية (جه).
(2) يحتمل اشتقاق التخلي من الخلوة، ومعناه الجلوس وحده في مكان خارج
عن المشتغلات، واشتقاق التحلي من الحلية، وهي لبس لباس الزهاد. ومعنى الحديث
ليس الايمان باظهار هاتين الصفتين، كما يفعله كثير من جهال الصوفية. بل الايمان شئ
قلبي يستلزم تعظيم الله، والحضور معه في أغلب الأوقات. وعمل بالأركان مصدق لذلك
التعظيم القلبي. وفيه دلالة على رد الإباحية القائلة بأن الحضور القلبي مسقط لعمل
الجوارح.
فلأجل ذلك يرد عليهم بمضمون هذا الحديث بأن يقال: التوفير القلبي لا يكفي
عن العمل بالأركان، لان ذلك التصديق من عالم الغيب، ومظهره عالم الشهادة، وهو
العمل الظاهر بالأركان، فلا بد منهما معا.
ويحتمل أن يراد بالتخلي، الخلو من الصفات الذميمة، ومن التحلي الاتصاف
بالصفات الحميدة، ويكون المعنى ليس الايمان بهاتين الصفتين خاصة، بل لابد معهما
من الصفتين الأخريتين وهي التوفير القبلي. ونعني به المشاهدات القلبية الموجبة لذلك
التعظيم، والأعمال الصالحة المصدقة لتلك المشاهدات. فان من شاهد الآثار الإلهية
على التحقيق كان اجتهاده في الاعمال ومراقبة للحق في جميع الأحوال، أبلغ وأكثر
ولعل هذه صفات الايمان الكامل لا مطلق الايمان (معه).
248

(6) وروى أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ناجى داود ربه
فقال: الهى لكل ملك خزانة، فأين خزانتك؟ فقال جل جلاله: لي خزانة أعظم
من العرش وأوسع من الكرسي، وأطيب من الجنة، وأزين من الملكوت:
أرضها المعرفة، وسمائها الايمان، وشمسها الشوق وقمرها المحبة، ونجومها
الخواطر، وسحابها العقل، ومطرها الرحمة وأشجارها الطاعة، وثمرها
الحكمة ولها أربعة أبواب: العلم والحلم والصبر والرضا. الا وهي القلب " (1)

(1) يأتي في آخر الحديث انها القلب. وليعلم أن القلب كما حققه طائفة من
أرباب القلوب يطلق على معنيين. أحدهما اللحم الصنوبري المشكل المودع في جانب
الأيسر من الصدر وهو لحم مخصوص، وفى باطنه تجويف. وفى ذلك التجويف دم
أسود، وهو منبع الروح ومعدنه وهذا المعنى للقلب موجود للبهائم، بل للميت، و
ليس هو المراد في هذا الباب.
والمعنى الثاني لطيفة ربانية روحانية، لها بهذا القلب الجسماني تعلق. وتلك
اللطيفة هي المعبر عن القلب تارة، وبالنفس أخرى وبالروح أخرى، وبالانسان أيضا
وبالعقل أيضا. وله علاقة مع القلب الجسداني. وقد تحير عقول أكثر الناس في ادراك
وجه علاقته، وان تعلقه به يضاهى تعلق الاعراض بالأجسام، والأوصاف بالموصوفات
أو تعلق المستعمل للآلة بالآلة أو تعلق المتمكن بالمكان
وحيث يطلق القلب في الكتاب والسنة، فالمراد منه هذا المعنى الذي يفقه ويعلم
وقد يكنى عنه بالقلب في الصدر، كما قال الله تعالى: (فإنها لا تعمى الابصار ولكن
تعمى القلوب التي في الصدور) وذلك لما عرفت من العلاقة الواقعة بينه وبين جسم
القلب، وانها وان كانت متعلقة بساير البدن ومستعملة له، ولكنها تتعلق به بواسطة القلب
فتعلقها الأول بالقلب فكأنه محله ومملكته وعالمه ومطيته، ولذلك شبه بعض العلماء القلب
بالعرش والصدر بالكرسي، وأراد به أنه مملكته والمجرى الأول لتدبيره وتصرفه
فهما بالنسبة إليه كالعرش والكرسي بالنسبة إلى الله. وهذا التشبيه من بعض الوجوه
وهذا المعنى من القلب والجسد بمنزلة الملك، وله فيه جنود وأعوان، وأضداد
وأوصاف، وله قبول للاشراق والظلمة، كالمرأة الصافية التي تقبل انطباع الصور و
الاشكال المقابلة لها، وتقبل الظلمة والفساد بسبب العوارض الخارجة المنافية لجوهرها
وربما وصل اشراقه واستنارته إلى حد يحصل فيه جلية الحق وينكشف فيه حقيقة الامر
المطلوب. والى مثل هذا القلب، الإشارة بقوله: (إذا أراد الله بعبد خيرا جعل له
واعظا من قلبه)
ومثال الآثار المذمومة الواصلة إليه المانعة له من الاستنارة وقبول الاسرار
مثال دخان مظلم يتصاعد إلى مرآة مرة بعد أخرى حتى تظلم وجه المرأة، وكذلك القلب
يصير مظلما محجوبا عن الله وعن قبول أسراره، وهو الطبع والرين في قوله تعالى: " ان لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم " وقال (كلا بل ران على قلوبهم ما
كانوا يكسبون) فعند ذلك يعمى القلب عن ادراك الحق، ويصير الهمة على أمور الدنيا
ولا يسمع المواعظ والزواجر الأخروية
وهذا معنى اسوداد القلب بالذنوب. قال الباقر عليه السلام: (ان القلوب ثلاثة
قلب منكوس لا يعي شيئا من الخير، وهو قلب الكافر. وقلب فيه نكتة سوداء ونكتة
بيضاء فالخير والشر فيه يختلجان، فأيهما كانت معه، غلب عليه. وقلب مفتوح، فيه
مصابيح تزهر لا يطفئ إلى يوم القيامة)
فانظر إلى قوله (لا يطفئ إلى يوم القيامة). فان هذا حكم نور القلب بالمعنى
الثاني، لأنه باق وان خرب البدن، بخلاف الأول. قال شيخنا الزيني قدس الله ضريحه:
ان القلب مثاله مثال حصن، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن ويملكه، ولا يقدر
على حفظ الحصن من العدو، الا بحراسة أبواب الحصن ومداخله، ومواضع تهمه
فينبغي الاهتمام بمعرفة ذلك
والامر الجامع له الاقبال على الله وتخيل انه واقف بين يديه فإن لم تكن تراه
فإنه يراك. فإذا تحققت ذلك انسدت الأبواب دون وساوس اللعين، وأقبل القلب على
الله. وروى عن النبي صلى الله عليه وآله. (ان العبد إذا اشتغل بالصلاة جاء الشيطان، وقال
له: اذكر كذا اذكر كذا حتى يضل الرجل ان يدرى كم صلى). ومن هنا ظهر لك
أن مجرد التلفظ بالذكر باللسان، ليس هو الزاجر للشيطان، بل لابد معه من عمارة
القلب بالتقوى وتطهيره من الصفات المذمومة التي هي أعوان إبليس وجنده، والا فالذكر
من أقوى مداخل الشيطان، وكذلك غيره من العبادات، ولذلك قوله تعالى: (ان
الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون). فخصص ذلك
بالمتقي.
وتأمل أنت في منتهى ذكرك وعبادتك وأفضل أعمالك وهو الصلاة، فليس الخبر
كالعيان، فراقب قلبك إذا كنت في الصلاة كيف يتجاذبه الشيطان في الأسواق والبساتين
وحساب المعاملين وجواب المعاندين وغيرهم، وكيف يمر بك في أودية الدنيا ومهالكها
حتى انك لا تتذكر ما نسيته من فضول الدنيا الا في صلاتك، ولا يزدحم الشيطان على
قلبك الا إذا صليت فلا جرم لا يطرد عنك الشيطان بمجرد صورة العبادة
وان تأدى بها الواجب عليك وخرجت من عهدة الامر، الامر الإلهي، بل لابد في
دفعه مع ذلك من اصلاح الباطن من الرذايل التي هي أعوانه وجنده، والألم يزد الا
ضررا، كما أن الدواء قبل الاحتمال لا يزيد المريض الا مرضا، ثم بعد ذلك يتصف
بالفضائل ويصير قلبه قابلا للاقبال مشفقا من التفريط والاهمال، قال الله تعالى: (الا
بذكر الله تطمئن القلوب). واجعل هذه العلامة بينك وبين استقامة قلبك واقباله. وفقنا
الله وإياك على بساط الاستقامة بمحمد وآله الخ (جه).
249

(7) وقال عليه السلام: " بروا آبائكم، يبركم أبنائكم وعفوا عن النساء، تعف
نسائكم " (1) (2) (3).
(8) وقال صلى الله عليه وآله: " مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا، واضربوهم عليها

(1) الوسائل كتاب النكاح باب (31) من أبواب النكاح المحرم وما يناسبه
حديث 5
(2) الامر للموضعين للوجوب (معه)
(3) ورد في الأثر أن رجلا سقاء كان يستقى لرجل صائغ أعواما كثيرة، لا ينظر إلى أحد
من نسائه، فأتى يوما ووضع القربة، ووقع على امرأة الصايغ فلمسها وقبلها وخرج
فتعجبت المرأة من فعله، فلما أتى زوجها الصائغ من السوق، أقسمت عليه المرأة أن يحكى
لها ما صنع في ذلك اليوم، فقال: جائتني امرأة فصغت لها سوارا، وكشفت لي عن
يدها لأدخل السوار فيها فأعجبني كفها، فقبلت يدها، ثم حكت له ما أتاه السقاء إليها.
وفى الحديث أن رجلا جاء إلى امرأة فاستغصبها فرجها، ونام على بطنها، فألهمت
أن قالت له أنت تزني معي وفى بيتك من يزنى بامرأتك، فأسرع إلى منزله فوجد رجلا
مع امرأته فأتى به إلى داود عليه السلام شاكيا فأوحى الله تعالى: (كما تدين تدان
ومن زنى بنساء الناس زنى الناس بنسائه) (جه).
252

إذا بلغوا تسعا وفرقوا بينهم في المضاجع إذا بلغوا عشرا " (1) (2) (3).
(9) وقال صلى الله عليه وآله: " من كان له أختان أو بنتان، فأحسن إليهما، كنت أنا وهو

(1) سنن أبي داود ج 1 كتاب الصلاة باب متى يؤمر الغلام بالصلاة حديث 495
ورواه في المستدرك ج 1 كتاب الصلاة باب (3) من أبواب وجوب الصلاة حديث 4
نقلا عن عوالي اللئالي. ويدل على الجزء الأول من الحديث ما رواه في الوسائل كتاب
الصلاة باب (3) من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، حديث (5) ولفظ الحديث
(فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بنى سبع) ويدل على الجزء الثاني من الحديث ما
رواه في الوسائل، كتاب النكاح، باب (128) من أبواب مقدماته وآدابه، وباب (29)
من أبواب النكاح المحرم وما يناسبه، وباب (74) من أبواب أحكام الأولاد.
(2) وهذا خطاب للأولياء، وهو واجب عليهم، ليصير الأطفال عند بلوغهم متأدبين
بالآداب الشرعية (معه)
(3) المشهور هو استحباب التمرين من الأولياء، لا وجوبه. نعم اختلفوا في أن
عبادة الصبي هل هي شرعية؟ بمعنى انها مستندة إلى أمر الشارع، فيتحقق عليها الثواب
أو تمرينية. فذهب الشيخ وجماعة إلى الأول، لان الامر بالأمر بالشئ، أمر بذلك الشئ
بمعنى أن الظاهر من حال الامر كونه مريدا لذلك الشئ. والعلامة في المختلف على
أنها تمرينية، لان التكليف مشروط بالبلوغ
ونوقش في اعتبار هذا الشرط على اطلاقه، بلغو شرط في الواجب والمحرم. و
الأولى ان عبادته شرعية، فوصف بالصحة والبطلان، وعلى القول بأنها تمرينية، لم
توصف بشئ منهما، لأنها غير شرعية، بناء على أن الشارع لم يخاطب بها. وللكلام محل
آخر فأرجع إليه. وقوله " وفرقوا بينهم " يتناول الصبيان الأقارب والأباعد، حتى الاخوة
ونحوهم (جه).
253

في الجنة كهاتين " وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى (1) (2)
(10) وقال صلى الله عليه وآله: " من ابتلى بشئ من هذه البنات، فأحسن إليهن، كن
له سترا من النار " (3)
(11) وقال عليه السلام: " أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم " (4) (5)
(12) وقال صلى الله عليه وآله: " ما زال جبرئيل يوصيني في أمر النساء، حتى ظننت أنه
سيحرم طلاقهن " (6)
(13) وقال صلى الله عليه وآله: " أيما رجل ضرب امرأته فوق ثلاث، أقامه الله يوم
القيامة على رؤوس الخلائق، فيفضحه فضيحة ينظر إليه الأولون والآخرون " (7).

(1) سنن الترمذي كتاب البر والصلة (13) باب ما جاء في النفقة على البنات
والأخوات، حديث 1916. ولفظ الحديث (عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم: " من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو ابنتان أو أختان
فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن، فله الجنة) وفى حديث آخر من هذا الباب: " من عال
جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين " وأشار بإصبعيه
(2) المراد الاحسان إليهن في باب الانفاق والتكريم والتأديب (معه)
(3) سنن الترمذي، كتاب البر والصلة (13) باب ما جاء في النفقة على البنات
والأخوات حديث 1913
(4) سنن ابن ماجة، ج 2 كتاب الأدب (3) باب بر الوالد والاحسان إلى البنات
حديث 3671.
(5) الامر للوجوب في الموضعين (معه)
(6) الوسائل كتاب النكاح، باب (88) من أبواب مقدماته وآدابه، حديث 4
ولفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت
أنه لا ينبغي طلاقها الا من فاحشة مبينة ").
(7) مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (65) من أبواب مقدمات النكاح
حديث 6 نقلا عن عوالي اللئالي.
254

(14) وقال صلى الله عليه وآله: " أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير اذنه، لعنها
كل شئ طلعت الشمس والقمر إلى أن يرضى عنها زوجها " (1)
(15). وقال صلى الله عليه وآله: " ليس منا من وسع الله عليه، ثم قتر على عياله " (2).
(16) وقال صلى الله عليه وآله: " استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عواني " أي
أسيرات (3).
(17) وقال صلى الله عليه وآله: " الرجل راع على أهل بيته، وكل راع مسؤول عن رعيته
والمرأة راعية على مال زوجها، ومسؤولة عنه " (4).
(18) وقال صلى الله عليه وآله: " بلوا أرحامكم ولو بالسلام " (5).
(19) وقال عليه السلام: " صلة القرابة محبة في الأهل، ومثراة في المال، ومنسأة
في الاجل " (6).

(1) جامع الصغير للسيوطي، حرف الهمزة، نقلا عن تاريخ الخطيب. وفى
الوسائل كتاب النكاح باب (80) من أبواب مقدماته وآدابه، حديث 6. وباب (117)
من هذه الأبواب حديث 5 بمعناه
(2) جامع الصغير للسيوطي، حرف اللام نقلا عن مسند الفردوسي للديلمي.
(3) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (65) من أبواب مقدمات النكاح
حديث 6 نقلا عن عوالي اللئالي
(4) صحيح البخاري كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن. ومسند أحمد
بن حنبل ج 2: 111
(5) فيه، بلوا أرحامكم ولو بالسلام، أي ندوها بصلتها، وهم يطلقون النداوة على
الصلة، كما يطلقون اليبس على القطيعة، لأنهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط
بالنداوة، ويحصل بينهما التجافي والتفرق باليبس، استعاروا البلل لمعنى الوصل، و
اليبس لمعنى القطيعة (النهاية).
(6) الجامع الصغير للسيوطي، حرف الصاد، نقلا عن الطبراني في الأوسط.
255

(20) وقال عليه السلام: " صلة الرحم تزيد في العمر " (1)
(21) وقال صلى الله عليه وآله: " في خطبة له: " الله الله فيما ملكت ايمانكم، أطعموهم
مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم مالا يطيقون، فإنهم لحم ودم
وخلق أشكالكم، فمن ظلمهم فأنا خصمهم، والله حاكمهم " (2) (3)
(22) وقال صلى الله عليه وآله: " من أعتق رقبة، أعتق الله بها كل عضو منها عضو منه
من النار " (4)
(23) وقال صلى الله عليه وآله: في حديث أبي ذر: " إذا طبخت فأكثر من المرق، و
تعاهد جيرانك (5) ومن آذى جاره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "
(24) وقال صلى الله عليه وآله: " ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " (6).

(1) قرب الإسناد ج 2 ص 188، باب في المعروف والصدقة وصلة الرحم، و
لفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " صنع المعروف يدفع ميتة السوء، و
الصدقة في السر تطفي غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر وتنفى الفقر، وقول
لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم كنز من كنوز الجنة، وهي شفاء من تسعة وتسعين داء أدناه
الهم "
(2) الامر للوجوب، وفيه دلالة على وجوب النفقة والكسوة للمماليك (معه)
(3) أمالي ابن الشيخ ص 257 وفيه (كسى أبو ذر بردين فأتزر بأحدهما، وارتدى
بشملة. وكسى غلامه أحدهما وخرج إلى القوم، فقالوا له: يا أبا ذر، لو لبستهما جميعا
كان أجمل قال: أجل ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: (أطعموهم مما تأكلون
وألبسوهم مما تلبسون)
(4) الوسائل كتاب العتق باب (1) استحبابه حديث 7 و 8 وصحيح مسلم
كتاب العتق (5) باب فضل العتق حديث 22 و 23
(5) صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب (42) باب الوصية بالجار و
الاحسان إليه حديث 142 و 143.
(6) الوسائل كتاب الحج باب (86) من أبواب أحكام العشرة حديث 5 و
صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب (42) باب الوصية بالجار والاحسان إليه
حديث 140 و 141 وسنن ابن ماجة كتاب الأدب (4) باب حق الجوار
حديث 3673 و 3674
256

(25) وقال عليه السلام: " ليس بالمؤمن الذي يشبع وجاره إلى جنبه جائع " (1) (2)
(26) وقال صلى الله عليه وآله: " من تزوج فقد أحصن نصف دينه، فليتق الله في النصف
الباقي " (3)
(27) وقال صلى الله عليه وآله: " يا معشر الشبان عليكم بالباءة (4) فمن لم يستطع فعليه
بالصوم فإنه له وجاء " (5)

(1) الوسائل كتاب الحج باب (88) من أبواب أحكام العشرة، حديث 1 و
لفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما آمن بي من بات شبعان و
جاره جايع)
(2) المراد بالجائع من ليس عنده ما يعيش به مطلقا (معه)
(3) الوسائل كتاب النكاح باب (1) من أبواب مقدماته وآدابه حديث 11 - 12
ولفظ الحديث: (من تزوج أحرز نصف دينه)
(4) الباءة فيها أربع لغات حكاها القاضي عياض: الفصيحة المشهورة، الباءة
بالمد والهاء والثانية: بلا مد والثالثة: الباء بالمد بلا هاء والرابعة: الباهة بهائين بلا مد
وأصلها في اللغة: الجماع، مشتقة من المباءة وهي المنزل، ومنه مباءة الإبل، وهي مواطنها
ثم قيل لعقد النكاح: باءة لان من تزوج من امرأة بوأها منزلا.
واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنى واحد
أصحهما أن المراد معناه اللغوي وهو الجماع. فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على
مؤنته، وهي مؤن النكاح، فليتزوج ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه، فعليه بالصوم
ليقطع شهوته، ويقطع شر منيه، كما يقطعه الوجاء (ملخص شرح الامام النووي).
(5) صحيح مسلم كتاب النكاح (1) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه
إليه ووجد مؤنة، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم، حديث (1) وسنن ابن ماجة
كتاب النكاح (1) باب ما جاء في فضل النكاح حديث 1845.
257

(28) وقال صلى الله عليه وآله: " خير نسائكم الولود الودود " (1)
(29) وقال عليه السلام: " حصير ملفوف في زاوية البيت، خير من امرأة
عقيم " (2) (3)
(30) وقال عليه السلام: " عليكم بالابكار من النساء، فإنهن أعذب أفواها، و
وأنتق أرحاما وأرضى باليسير " (4).
(31) وفي حديث أبي عبيدة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إياكم وخضراء الدمن "
فقيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ فقال صلى الله عليه وآله: " المرأة الحسناء في منبت
السوء " (5) (6).

(1) الوسائل كتاب النكاح باب (6) من أبواب مقدماته وآدابه قطعة من
حديث 2.
(2) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (14) من أبواب مقدمات النكاح
حديث 3 نقلا عن عوالي اللئالي
(3) المراد بالعقيم أن تبلغ حد اليأس (معه).
(4) السنن الكبرى للبيهقي ج 7: 81 باب استحباب التزويج بالابكار ورواه
في مستدرك الوسائل، كتاب النكاح باب (16) من أبواب مقدمات النكاح حديث 4
نقلا عن عوالي اللئالي. وفى الوسائل كتاب النكاح باب (17) من أبواب مقدماته و
آدابه، حديث 1 - 2، نحوه.
(5) الوسائل كتاب النكاح باب (7) من أبواب مقدماته وآدابه حديث 7
(6) الدمن جمع دمنة، وهي المنزل الذي ينزل به أحياء العرب، ويحصل بسبب
نزولهم تغيير في أرضه، بسبب الاحداث الواقعة منهم، ومن مواشيهم. فإذا أمطرت
أنبتت نبتا حسنا شديد الخضرة والطراوة، لكنه مرعى وبيل للإبل يضر بها. فشبه النبي
صلى الله عليه وآله المرأة الجميلة إذا كانت من أصل ردئ بنبت هذه الدمنة في الضرر
والفساد وفيه دلالة على أن النهى عنها نهى تنزيه، لأنه مبنية على مصلحة دنيوية
(معه).
258

(32) وقال صلى الله عليه وآله: " تخيروا لنطفكم، فان الخال أحد الضجيعين " (1) (2)
(33) وقال صلى الله عليه وآله: " ليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " (3)
(34) وقال صلى الله عليه وآله: " تناكحوا تناسلوا، فاني أباهي بكم الأمم يوم القيامة " (4)
(35) وقال صلى الله عليه وآله: " إياكم من النساء خمسا لا تتزوجوهن " فقالوا يا رسول
الله من هن؟ قال: " الشهيرة والنهيرة واللهيرة والهيدرة، واللفوت " فقالوا:
يا رسول الله ما نعرف مما قلت شيئا فقال عليه السلام: " ألستم عربا؟ الشهيرة، الزرقاء
البذية. والنهيرة، العجوز المدبرة. واللهيرة، الطويلة المهزولة. والهيدرة
القصيرة. الذميمة واللفوت، ذات الولد من غيرك " (5).
(36) وقال صلى الله عليه وآله: " ما من ذنب أعظم عند الله من نطفة يضعها الرجل في
رحم لا يحل له " (6)

(1) قرب الإسناد، كتاب النكاح: باب الترغيب في النكاح. ورواه في مستدرك
الوسائل، كتاب النكاح باب (12) من أبواب مقدمات النكاح حديث 1 نقلا عن
الجعفريات وعن دعائم الاسلام.
(2) الامر للاستحباب. والمراد بالضجيعين الأعمام والأخوال، لان الولد محفوف
بهما فكان كل واحد منهما ضجيعه (معه)
(3) الوسائل كتاب الحج باب (86) من أبواب أحكام العشرة حديث 1
(4) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (1) من أبواب مقدمات النكاح
حديث 17 عن عوالي اللئالي
(5) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (6) من أبواب مقدمات النكاح
حديث 3 نقلا عن عوالي اللئالي
(6) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (4) من أبواب النكاح المحرم وما
يناسبه حديث 5 نقلا عن عوالي اللئالي. وفى الوسائل كتاب النكاح باب (4) من
أبواب النكاح المحرم وما يناسبه حديث 1 ما بمعناه ولفظ الحديث (عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: (ان أشد الناس عذابا يوم القيامة، رجلا أقر نطفة في رحم يحرم عليه).
259

(37) وقال عليه السلام: " من قبل غلاما بشهوة، عذبه الله ألف عام في النار " (1)
(38) وقال صلى الله عليه وآله: " ناكح الكف ملعون " (2)
(39) وقال صلى الله عليه وآله: " أهل الزنا ليس على وجوههم نور ولا بهاء، ولم يجعل
الله في رزقهم بركة " (3)
(40) وقال صلى الله عليه وآله: " ملعون من لعب بالشطرنج والناظر إليها كآكل لحم
الخنزير " (4)
(41) وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الضرب بالدف والرقص
وعن اللعب كله، وعن حضوره وعن الاستماع إليه، ولم يجز ضرب الدف الا
في الاملاك والدخول، بشرط أن تكون في البكر، ولا تدخل الرجال
عليهن " (5) (6)

(1) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (18) من أبواب النكاح المحرم
حديث 4 نقلا عن عوالي اللئالي
(2) مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (23) من أبواب النكاح المحرم
وما يناسبه حديث 2 نقلا عن عوالي اللئالي
(3) مستدرك الوسائل كتاب النكاح، باب (1) من أبواب النكاح المحرم و
ما يناسبه حديث 25 نقلا عن عوالي اللئالي
(4) الجامع الصغير للسيوطي حرف الميم، نقلا عن سنن سعيد بن منصور و
رواه في المستدرك، كتاب التجارة باب (82) من أبواب ما يكتسب به حديث 1
نقلا عن الشيخ أبو الفتوح في تفسيره. ولفظ الحديث (ملعون من لعب بالاستريق، يعنى
الشطرنج والناظر إليها كآكل لحم الخنزير)
(5) مستدرك الوسائل، كتاب التجارة باب (79) من أبواب ما يكتسب به،
حديث 14، نقلا عن عوالي اللئالي
(6) المراد من الاملاك عقد النكاح. وذكروا له شروطا آخر وهو خلوه من
الضنج. وأكثر فقهاء الجمهور جوزوا اللعب بالدف مطلقا في جميع الأوقات، استنادا إلى
ما ورد من أن النبي صلى الله عليه وآله لما هاجر إلى المدينة، استقبله أهل المدينة و
خرجن النساء يضربن بالدفوف ويتغنين:
طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا * ما دعا لله داع
ولا يخفى ما فيه. فان ذلك كان في أوائل الاسلام، والتحريم إنما نزل بعده. وأما
اشتراط البكر، فلم يتعرض له أكثر الأصحاب (جه)
260

(42) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " انه نهى عن الغناء وعن شراء المغنيات
وقال: " ان أجورهن من السحت " ولم يجوز الغناء الا في النياحة، إذا لم تقل
باطلا، وفي حداء الزمل وفي الأعراس إذا لم يسمعها الرجال الأجانب، ولم
تغن بباطل
(43) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الملائكة بيتا فيه كلب " (1) (2) (3)
(44) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تدخل الملائكة بيتا فيه خمر، أو دف، أو طنبور، أو
نرد، ولا يستجاب دعائهم وترفع عنهم البركة " (4)

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 83
(2) معناه الظاهري، ظاهر وأما معناه الباطني عند أهل الباطن، فالمراد بالملائكة
المعارف الإلهية، والمراد بالبيت القلب، والمراد بالكلب القوة الغضبية. ويصير المعنى:
لا تدخل المعارف الإلهية في قلب يستولى فيه القوة الغضبية (معه)
(3) التأويل في الحديث لا ينكر لقولهم عليهم السلام: (حديثنا كالقرآن له
ظاهر وباطن، وعام وخاص، ومحكم ومتشابه، ومجمل ومبين) إلى غير ذلك. نعم يستبعد
إرادة هذه المعاني الدقيقة من ألفاظ الحديث الملقاة إلى خواص الناس وعوامهم
المقصود منها تفهيم أحكام الشريعة (جه).
(4) مستدرك الوسائل كتاب التجارة باب (97) من أبواب ما يكتسب به
حديث 15 عن عوالي اللئالي.
261

(45) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا حلفتم فاحلفوا بالله، والا فاتركوا " (1) (2)
(46) وقال صلى الله عليه وآله: " من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك " (3)
(47) وقال صلى الله عليه وآله: " اليمين الفاجرة تخرب الديار وتقصر الأعمار " (4)
(48) وفي حديث آخر: " اليمين الكاذبة تذر الديار بلاقع " (5)
(49) وقال صلى الله عليه وآله: " من حلف يمينا كاذبة ليقطع بها مال امرء مسلم، لقي
الله وهو عليه غضبان " (6) (7)

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 7
(2) وهذا يدل على أن الحلف بغير الله لا يجوز، وإن كان صادقا. والمراد
باليمين اليمين الشرعي المترتب عليه الأحكام الشرعية. وأما ما يؤكد به الألفاظ، و
هي المسماة بيمين اللغو، فلا اعتبار بها (معه)
(3) مستدرك الوسائل كتاب الايمان باب (24) في أنه لا يجوز الحلف ولا
ينعقد الا بالله حديث 3 نقلا عن عوالي اللئالي
(4) مستدرك الوسائل كتاب الايمان باب (3) تحريم اليمين الكاذبة لغير
ضرورة وتقية حديث 13 نقلا عن عوالي اللئالي
(5) الوسائل كتاب الايمان باب (4) تحريم اليمين الكاذبة لغير ضرورة وتقية
حديث 1، ولفظ الحديث (عن أبي جعفر عليه السلام أن في كتاب علي عليه السلام:
ان اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم تذران الديار بلاقع من أهلها، وتثقل الرحم، يعنى
انقطاع النسل) وبمضمونه روايات متعددة فراجع. وفى مستدرك الوسائل كتاب الايمان
باب (3) نقلا عن الشيخ المفيد في الأمالي
(6) الوسائل كتاب الايمان باب (4) تحريم اليمين الكاذبة لغير ضرورة ولا
تقية حديث 14، ولفظ الحديث (من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال أمرء
مسلم، لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع). وصحيح مسلم، كتاب
الايمان (61) باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة، بالنار، حديث 220
(7) هذه الأحاديث كلها مخصوصة بيمين الغموس، لأنها إذا كانت كاذبة، كانت
من الكبائر وهي كل ما يتعلق بالماضي، سواء تعلق بحق الله أو بحق الناس، (معه).
262

(50) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا حلفت على يمين، ورأيت غيرها خيرا منها (1)
فاءت بالذي هو خير، وكفر عن يمينك " (2) (3)
(51) وقال صلى الله عليه وآله: " أربعة يبغضهم الله تعالى: البياع الحلاف، والفقير
المحتال، والشيخ الزاني، والامام الجائر " (4).
(52) وقال صلى الله عليه وآله: " ملعون ملعون من حلف بالطلاق، أو حلف به " (5).
(53) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا اغتاب الصائم أفطر " (6) (7).

(1) أي في الدين أو الدنيا (معه)
(2) روى في الوسائل كتاب الايمان باب (18) ان من حلف يمينا ثم رأى
مخالفتها خيرا من الوفاء بها، جاز له المخالفة، بل استحب، ولا كفارة عليه: ما بمعناه
فراجع. ورواه في مستدرك الوسائل، كتاب الايمان، باب (13) حديث 8 نقلا عن
عوالي اللئالي. وصحيح مسلم كتاب الايمان (3) باب ندب من حلف يمينا فرأى
غيرها خيرا منها، أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه حديث 19
(3) هذا في اليمين المسماة يمين الحنث، وهي المتعلقة بالمستقبل. ويحتمل أن
يكون الامر بالكفارة للوجوب، والمفتى به الاستحباب (معه).
(4) مستدرك الوسائل كتاب التجارة باب (20) من أبواب آداب التجارة
حديث (10) نقلا عن عوالي اللئالي.
(5) مستدرك الوسائل، كتاب الايمان باب (10) انه لا تنعقد اليمين بالطلاق
والعتاق والصدقة حديث 6 نقلا عن عوالي اللئالي.
(6) مستدرك الوسائل كتاب الصوم باب (9) من أبواب آداب الصائم
حديث 10 نقلا عن عوالي اللئالي. ورواه الصدوق فس عقاب الأعمال، باب يجمع
عقوبات الاعمال، في آخر خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة، ولفظ
ما رواه: (ومن اغتاب أخاه المسلم بطل صومه، وانتقض وضوئه. فان مات وهو كذلك
مات وهو مستحل لمل حرم الله).
(7) معناه، أبطل أجر صومه، وإن كان مجزيا بمعنى اسقاط القضاء (معه).
263

(54) وقال عليه السلام: " أيعجز أحدكم أن يكون له كفلان من الاجر؟! " فقيل
وكيف ذلك؟ فقال: " إذا أصبح يقول: اللهم إني تصدقت بعرضي على
عبادك " (1) (2).
(55) وقال صلى الله عليه وآله: " رأيت ليلة الاسراء قوما يقطع اللحم من جنوبهم
ثم يلقمونه، ويقال: كلوا ما كنتم تأكلون من لحم أخيكم، فقلت: يا جبرئيل
من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الهمازون من أمتك، اللمازون " (3) (4)
(56) وقال صلى الله عليه وآله: " من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له " (5) (6) (7).

(1) قال الشهيد الثاني في رسالة الغيبة: ولا يسقط الحق بإباحة عرضه للناس
لأنه عفو عما لم يجب. وقد صرح الفقهاء بأن من أباح قذف نفسه، لم يسقط حقه من
حده. وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله (أيعجز أحدكم أن يكون كأبى ضمضم
كان إذا خرج من بيته، قال: " اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس " معناه اني لا أطلب
مظلمة في القيامة، ولا أخاصم عليها، لا أن غيبته صارت بذلك حلالا) (جه)
(2) سنن أبي داود، ج 4، كتاب الأدب، باب ما جاء في الرجل يحل الرجل
قد اغتابه، حديث 4886 و 4887
(3) الهماز. المشاء بالنميمة بين الناس، وكذلك اللماز. لكن الأول بفعل
الجارحة كاللسان واليد، والاخر بالايماء والإشارة (معه).
(4) ورد في تفسير قوله تعالى: (ويل لكل همزة لمزة) الهمزة: الطعان في
الناس، واللمزة: الذي يأكل لحوم الناس. وقال بعضهم: أدركنا السلف لا يرون العبادة
في الصوم ولا في الصلاة، ولكن في الكف عن أعراض الناس (جه).
(5) الجامع الصغير للسيوطي، حرف الميم، نقلا عن السنن الكبرى للبيهقي
(6) أي رمي الحياء ونزعه عنه، بمعنى ترك الاستحياء عن الناس، بحيث لا يتحاشى
من ذلك الفعل، ولا يبالي بفعله عند أحد، فلا غيبة له في ذلك الفعل خاصة. ويحتمل
أن يكون النفي هنا بمعنى النهى، أي لا غيبة له في نظر الشرع. وإذا كان غيبته مثل
هذا محرمة في نظر الشرع، فغيبة المؤمن بطريق أولى (معه)
(7) المعنى الثاني خلاف الظاهر، وخلاف ما نص عليه الفقهاء، من جواز غيبة
مثله. وقوله: (فلا غيبة له) معناه. ان غيبته جائزة، ويجوز أن يكون معناه كما قيل: إن
المتكلم فيه لا يسمى غيبة. وأما قوله: في ذلك الفعل خاصة، فهو أحد القولين، و
الاطلاق لا يخلو من وجه، وإن كان خلاف الاحتياط.
وهذا الحديث نص في جواز غيبة المتجاهر بالمعاصي كما هو المفتى به، و
المذكور في كلام علمائنا في سلك من يجوز اغتيابه. بقي الكلام في الفاسق الغير
المتجاهر، فقيل: حكمه، حكمه، لاطلاق قوله عليه السلام: لا غيبة لفاسق، وقيل:
بعدم الجواز، لاطلاق ما دل على النهى.
قال شيخنا الزيني: ورد الأول، بمنع أصل الحديث، وبحمله على فاسق خاص
أو بحمله على النهى وإن كان بصورة الخبر. وهذا هو الأجود، إلا أن يتعلق بذلك
غرض ديني ومقصد صحيح يعود إلى المغتاب، بان يرجو ارتداعه عن معصيته بذلك
فيلحق بباب النهى عن المنكر انتهى، والجواز قوى (جه).
264

(57) وعن أبي عبيد، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: " من اغتيب عنده أخوه
المسلم، فاستطاع أن ينصره، فنصره، نصره الله في الدنيا و الآخرة " (1) (2) (3)

(1) الوسائل، كتاب الحج، باب (156) من أبواب أحكام العشرة حديث 2
ولفظ الحديث: (عن أبي جعفر عليه السلام: من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره و
أعانه، نصره الله وأعانه في الدنيا والآخرة. ومن لم ينصره ولم يعنه ولم يدفع عنه،
وهو قادر على نصرته وعونه الا خفضه الله في الدنيا والآخرة).
(2) هذا يدل على وجوب رد الغيبة عن المسلم مع القدرة عند سماعها من قائلها
فيكذب القائل ويرد عليه قوله: (معه).
(3) استثنى بعض أهل الحديث ما إذا صدرت الغيبة من عالم ورع عارف بمواقع
جوازها، فإنه لا يجوز الاعتراض عليه، لكن في جواز السماع اشكال (جه).
265

(58) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الجنة قتات، ولا نمام " (1) (2).
(59) وقال صلى الله عليه وآله: " من سعى لأخيه عند السلطان الجائر (3) حرم الله عليه
شفاعتي يوم القيامة ".
(60) وقال صلى الله عليه وآله: " لعن الله الراشي والمرتشي ومن بينهما يمشي " (4)
(61) وقال صلى الله عليه وآله: " الا أنبئكم بصدقة يسيرة يحبها الله؟ " فقالوا: ما هي؟
قال: " اصلاح ذات البين إذا تقاطعوا ".
(62) وقال عليه السلام: " اصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و
الصيام " (5) (6)
(63) وقال صلى الله عليه وآله: " اصلاح ذات البين شعبة من شعب النبوة "
(64) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يحل لاحد مؤمن بالله أن يهجر أخاه فوق ثلاثة
أيام، يلتقيان فيعرض هذا عن وجه هذا وهذا عن وجه هذا. فخيرهما الذي

(1) الوسائل كتاب الحج باب (164) من أبواب أحكام العشرة حديث 14
ولفظ الحديث: (عن حذيفة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: لا يدخل
الجنة قتات) ورواه في المستدرك كما في المتن مع حديث ليلة الاسراء في كتاب الحج
باب (144) من أبواب العشرة في السفر والحضر حديث 9، نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) القتات: المستظهر بعيوب الناس، والمتطلع عليها. ويجعل ذلك دأبه
حتى إذا عرفها، نم بها وأظهرها بين الخلق (معه)
(3) يعنى بشئ يضره (معه)
(4) مسند أحمد بن حنبل ج 5: 279. ولفظ الحديث: (لعن رسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم الراشي والمرتشي والرائش يعنى الذي يمشي بينهما)
(5) الوسائل كتاب الصلح باب (1) في أحكام الصلح قطعة من حديث 6
وفى نهج البلاغة في وصيته للحسن والحسين عليهم السلام
(6) يريد بها الصلاة المندوبة غير ذات الأسباب لعدم اشتمالها على خصوصية
من الشارع فسميت عامة (معه).
266

يبدأ بالسلام " (1).
(65) وقال صلى الله عليه وآله: " خمسة ليس لهم صلاة: امرأة سخط عليها زوجها
وعبد آبق عن سيده، ومصارم لا يتكلم أخاه فوق ثلاثة أيام، ومدمن خمر
وامام قوم يصلي بهم وهم له كارهون " (2) (3)
(66) وقال صلى الله عليه وآله: " الدنيا مزرعة الآخرة " (4)
(67) وقال صلى الله عليه وآله: " نعم العون على تقوى الله، الغنى " (5) (6)
(68) وقال عليه السلام: " الرزق عشرة أجزاء تسعة منها في التجارة، وواحدة
في غيرها " (7)
(69) وقال عليه السلام: " سافروا تغنموا " (8) (9).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 3: 225 ومستدرك الوسائل، كتاب الحج باب
(124) من أبواب أحكام العشرة في السفر والحضر، حديث 5، نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) مستدرك الوسائل، كتاب الحج، باب (124) من أبواب أحكام العشرة في
السفر والحضر حديث 6 نقلا عن عوالي اللئالي
(3) أي: ليس لهم صلاة كاملة مقبولة، وان كانت مجزية شرعا (معه).
(4) كنوز الحقايق في هامش الجامع الصغير، في المحلى بأل من حرف الدال
ولفظ الحديث: (الدينار كنز، و الدنيا مزرعة الآخرة)
(5) الوسائل، كتاب التجارة باب (6) من أبواب مقدماتها، حديث 1 وباب
(28) من تلك الأبواب حديث 3.
(6) المراد بالغنى هنا غنى القلب. ويحتمل أن يراد به غنى المال (معه)
(7) الوسائل كتاب التجارة باب (1) من أبواب مقدماتها حديث 12
(8) الوسائل كتاب الحج باب (2) من أبواب آداب السفر إلى الحج و
غيره حديث 8 ولفظ الحديث (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سافروا تصحوا
سافروا تغنموا)
(9) الامر هنا للندب. ويحتمل أن يراد السفر الظاهري. ويحتمل الباطني. و
كذا الصوم في الحديث الاخر يحتمل المعنى الظاهري والباطني. ولو حمل الامر
على المعنيين في الحديثين كان أشمل وأجمع للمعنى وأتم فائدة وكلاهما للندب (معه)
267

(70) وقال عليه السلام: " صوموا تصحوا " (1)
(71) وقال صلى الله عليه وآله لما دخل المدينة عند هجرته: " أيها الناس أفشوا السلام
وصلوا الأرحام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة
بسلام " (2)
(72) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله شكى إليه رجل قلة الرزق فقال عليه السلام:
" أدم الطهارة يدم عليك الرزق ففعل الرجل ذلك فوسع عليه الرزق " (3) (4).
(73) وقال عليه السلام: " الكاد على عياله، كالمجاهد في سبيل الله " (5) (6)

(1) الجامع الصغير للسيوطي حرف الصاد، نقلا عن أبي هريرة
(2) الامر في الكل للاستحباب. لأنه أمر بمكارم الأخلاق (معه).
(3) مستدرك الوسائل كتاب التجارة باب (12) من أبواب مقدمات التجارة
حديث 8 نقلا عن عوالي اللئالي.
(4) يحتمل أن يراد بالطهارة الشرعية. ويراد بالرزق: الرزق العرفي، ويكون
المداومة على الطهارة الشرعية مستلزمة لكثرة الرزق وسعته. ويحتمل أن يراد بالطهارة
الطهارة المعنوية. وهي إزالة النجاسات الباطنية والكدورات البدنية ويراد بالرزق:
الفيض الإلهي والعطاء الرباني، الحاصل لأهل المجاهدات النفسانية فان الطهارة
الحقيقية مستلزمة لدوام الفيض الإلهي (معه)
(5) الوسائل كتاب التجارة باب (23) من أبواب مقدماتها، حديث 1 و
الحديث مروى عن أبي عبد الله عليه السلام
(6) المراد بالعيال هنا: من هو في عياله، أي من هو في نفقته، وجعل عليه السلام
الساعي في تحصيل القوت لهذا العيال بمنزلة المجاهد في سبيل الله من جهة ما يعرض
لكل واحد منهما من المشقة في ذلك. لان الجهاد مشتق من الجهد، وهو المشقة، وهما
متساويان في حصول المشقة، فيتساويان في الاجر.
ويحتمل أن يراد بالعيال هنا الحواس الظاهرة والباطنة والكاد هنا النفس
لان الحواس عيال لها، لأنها خدامها، فالكاد على هذه الحواس باعطائها ما يوصلها إلى
الحضرة الإلهية، مجاهد في سبيل الله بسبب القتال الحاصل بينه وبينهما. لان جهاده
إنما يتم بقتل النفس الحيوانية التي هي عبارة عن هذا المجموع، وذلك في أعلى درجات
المشقة، فكان ذلك جهادا في سبيل الله (معه)
268

(74) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " ما آمن بي من بات شبعان وجاره
جائع " (1) (2)
(75) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله: " ما آمن بي من بات شبعان وجاره
طاويا. ما آمن بي من بات كاسيا وجاره عاريا " (3)
(76) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تطرحوا الدر في أفواه الكلاب " (4) (5)
(77) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله قيل يا رسول الله ماحق الوالد؟ قال: أن
تطيعه ما عاش " قيل: وماحق الوالدة؟ فقال: " هيهات هيهات، لو أنه عدد
رمل عالج، وقطر المطر أيام الدنيا، قام بين يديها، ما عدل ذلك يوم حملته
في بطنها " (6).

(1) الوسائل كتاب الحج باب (88) من أبواب أحكام العشرة حديث 1
(2) المراد هنا نفي الايمان الحقيقي الكامل، لا مطلق الايمان (معه)
(3) مستدرك الوسائل كتاب الحج باب (74) من أبواب أحكام العشرة في
السفر و الحضر حديث 6 نقلا عن عوالي اللئالي
(4) الجامع الصغير للسيوطي، حرف (لا) وكنوز الحقايق للمناوي حرف (لا)
نقلا عن سنن سعيد بن منصور
(5) المراد بالدر، العلوم والحكم. والمراد بالكلاب، من لا يستحقها من أهل
المعاصي، وقال عيسى بن مريم: (لا تمنعوا الحكمة أهلها، فتظلموهم ولا تبذلوها إلى
غير أهلها فتظلموها) (معه)
(6) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (170) من أبواب أحكام الأولاد،
حديث 8 نقلا عن عوالي اللئالي
269

(78) وقال عليه السلام: " الولد كبد المؤمن ان مات قبله صار شفيعا له، و
ان مات بعده يستغفر له، فيغفر الله له "
(79) وقال صلى الله عليه وآله: " خيركم، خيركم لأهله " (1).
(80) وقال عليه السلام: " لو أمرت أحدا يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن
تسجد لزوجها " (2).
(81) وقال صلى الله عليه وآله: " أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق الله عليها
سبعة أبواب النيران، وفتح لها أبواب الجنان الثمانية تدخل من أيها شاءت " (3)
(82) وقال صلى الله عليه وآله: " في التوراة مكتوب يا بن آدم اتق ربك، وبر والديك
وصل. رحمك أمد الله في رزقك، وأيسر لك يسرك وأصرف عنك عسرك "
(83) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الجنة قاطع الرحم " (4) (5).

(1) الوسائل كتاب النكاح باب (88) من أبواب مقدماته وآدابه حديث 8
ولفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه وآله خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)
وسنن ابن ماجة ج 1 كتاب النكاح (50) باب حسن معاشرة النساء، حديث 1977
(2) الوسائل كتاب النكاح باب (81) من أبواب مقدماته وآدابه حديث 1
ولفظ الحديث (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قوما أتوا رسول الله صلى الله
عليه وآله، فقالوا: يا رسول الله انا رأينا أناسا يسجد بعضهم لبعض، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: " لو أمرت أحد أن يسجد لاحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)
وسنن أبي داود ج 2 كتاب النكاح باب في حق الزوج على المرأة حديث 2140
(3) الوسائل كتاب النكاح باب (89) من أبواب مقدماته وآدابه حديث
2، وصدر الحديث (قال (ع): الامرأة الصالحة خير من رجل غير صالح، وأيما
امرأة الحديث)
(4) مستدرك الوسائل كتاب الحج باب (129) من أبواب أحكام العشرة
في السفر والحضر حديث 3 عن كتاب الأخلاق لأبي القاسم الكوفي
(5) هذا يدل على أن قطيعة الرحم من الكبائر، لأنه متوعد عليه بالنار (معه).
270

(84) وقال صلى الله عليه وآله: " ان أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد موت
أبيه " (1)
(85) وقال صلى الله عليه وآله: " لم يزل جبرئيل يوصيني بالمملوك، حتى ظننت أن
طول الصحبة سيعتقه " (2)
(86) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الجنة سئ الملكة " (3) (4) (5)
(87) وقال صلى الله عليه وآله: " إذا ضرب أحدكم خادمه، فذكر الله، فارفعوا
أيديكم " (6)

(1) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب (4) باب فضل صلة أصدقاء
الأب والأم ونحوهما حديث 11 - 13
(2) الوسائل كتاب الحج باب (86) من أبواب أحكام العشرة قطعة من
حديث 5 ولفظ الحديث (وما زال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقت
إذا بلغوا ذلك الوقت أعتقوا. الحديث)
(3) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الأدب (10) باب الاحسان إلى المماليك
حديث 3691، ولفظ الحديث (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: (لا يدخل
الجنة سئ الملكة) قالوا: يا رسول الله! أليس أخبرتنا ان هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين
ويتامى؟ قال: (نعم فأكرموهم ككرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون) قالوا: فما
ينفعنا في الدنيا؟ قال: (فرس ترتبطه تقاتل عليه في سبيل الله مملوكك يكفيك، فإذا
صلى فهو أخوك)
(4) سئ الملكة: أي الذي يسئ صحته المماليك (النهاية)
(5) ومعنى سوء الملكة، عدم الاحسان إلى المماليك، وتكاليفهم مالا يطيقون
وضربهم بما لا يستحقون وعدم القيام بما يجب لهم من النفقة والكسوة (معه)
(6) سنن الترمذي كتاب البر والصلة (32) باب ما جاء في أدب الخادم
حديث 1950.
271

(88) وقال صلى الله عليه وآله: " حسن الملكة نماء، وسوء الخلق شؤم " (1) (2)
(89) وقال صلى الله عليه وآله: " ربما يود صاحب الدابة انه بدل الغلام الذي يسعى
خلف الدابة وذلك إذا صار الغلام إلى الجنة، ومولاه أربعين سنة في المحاسبة "
(90) وقال صلى الله عليه وآله: " من كان له زوجتان، يميل مع أحدهما على الأخرى
جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط " (3)
(91) وقال عليه السلام: " من زوج كريمته من فاسق، نزل عليه كل يوم ألف
لعنة " (4).
(92) وقال عليه السلام: " من زوج كريمته من شارب الخمر، فكأنما ساقها إلى
الزنا " (5) (6)
(93) وقال صلى الله عليه وآله: " الزاهد الجاهل مسخرة الشيطان " (7)
(94) وقال صلى الله عليه وآله: " من جعل الدنيا أكبر همه، فرق الله عليه همه، وجعل
فقره بين عينيه " (8)

(1) سنن أبي داود ج 4، كتاب الأدب حديث 5163
(2) الملكة هي الصفة الراسخة في النفس بحيث لا ينفك عنها. وفى هذا إشارة
إلى أن من ساءت صفته في بعض الأوقات، لا يستحق عدم دخول الجنة. وان وجب إزالة
تلك الصفة. فأما ملكتها، بمعنى دوامها فيستلزم عدم الدخول (معه)
(3) سنن ابن ماجة كتاب النكاح (47) باب القسمة بين النساء حديث 1969
(4 - 5) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب (25) من أبواب مقدمات النكاح
حديث 5 و 6، نقلا عن عوالي اللئالي
(6) هذا الحديث والذي قبله يدلان على شدة الكراهية، لا التحريم (معه)
(7) المراد بالجاهل، الجاهل بالاحكام الدينية، أصولا وفروعا (معه)
(8) المراد بتفريق الهم أن يجعل مطالبه متعددة. لان مطالب الدنيا، ليست
من وجه واحد. والمراد بجعل الفقر بين عينيه، ظهور الفقر عنده. وهذان حصلا بسبب
خذلانه بمنع الألطاف الإلهية (معه).
272

(95) وقال صلى الله عليه وآله: " عبد الشهوة أذل من عبد الرق " (1)
(96) وقال عليه السلام: " ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع واعجاب
المرء بنفسه " (2) (3)
(97) وقال عليه السلا م: " ان الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا
مجاريه بالجوع " (4) (5) (6)
(98) وقال صلى الله عليه وآله لعايشة: " داومي قرع باب الجنة " فقالت: بماذا؟ قال:
بالجوع "

(1) وذلك لان عبد الرق قد يخلص منه بعتق سيده. وأما عبد الشهوة فلا
يخلص منه قطعا، لأنه لم يقض لها اربا الا وطالبه بآخر. وهكذا دائما (معه)
(2) الوسائل كتاب الطهارة باب (23) من أبواب مقدمة العبادات حديث 12
(3) الشح أعلى مراتب البخل، فإذا أطيع وقع صاحبه في الهلكة. لأنه يمنع
ما وجب عليه في ماله من الحقوق، بل ويوقعه في الحرص الموجب لجمع المال من
كل وجه، موافق للشرع أو مخالف له. وأما الهوى فهو الشهوة الحادثة إلى ما لا
يصح شرعا، فإذا اتبع صار ذلك ملكة أوقعه في مهالك كثيرة، فربما لا ينجو منها
لاعجاب هو أن يرى نفسه بحالة ليس مثلها غيره، فإنه يوقعه في استكثار أفعاله
وذلك يوجب عدم شكره لله تعالى، لاعترافه بأنه قد كافأه بزعمه. وذلك من أردى
المهلكات (معه)
(4) سنن الدارمي ج 2: 320 ومسند أحمد بن حنبل ج 3: 156 و 285 و
309 من دون قوله: (فضيقوا مجاريه بالجوع)
(5) ظاهر هذا الحديث يدل على أن المراد بالشيطان هنا، النفس الحيوانية
الموجبة لجذب الغذاء واستعمال الشهوات، لأنها تقوى بقوة الدم وكثرته. فإذا قل
الغذاء وحصل الجوع، قل الدم وذبلت العروق وضاق مجارى الدم فيها، وضعفت
النفس الحيوانية لان الدم مركبها (معه)
(6) حمل الشيطان على معناه الحقيقي هو الأولى، للأخبار الواردة بأنه لما أبى
عن السجود لآدم وطرد من جوار الله، طالب بجزاء عمله، فأخر ما أعطى التسلط على
ابن آدم حتى يجرى منه مجرى الدم من العروق، فقال: هذا حسبي (جه).
273

(99) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: " العلم علمان: علم على اللسان، فذلك
حجة على ابن آدم. وعلم في القلب، فذلك العلم النافع " (1)
(100) وفي الحديث ان إبراهيم عليه السلام لقي ملكا فقال له: من أنت؟ قال
أنا ملك الموت فقال: أتستطيع أن تريني الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن
قال نعم، أعرض عني، فأعرض عنه فإذا هو شاب حسن الصورة حسن
الثياب، حسن الشمايل، طيب الرائحة. فقال: يا ملك الموت، لو لم يلق المؤمن
الأحسن صورتك لكان حسبه
قال له: هل تستطيع أن تريني الصورة التي تقبض فيها روح الفاجر؟
قال: لا تطيق فقال: بلى فأعرض عنه ثم التفت إليه فإذا هو رجل أسود قائم
الشعر منتن الرائحة أسود الثياب يخرج من فيه ومن مناخره النار والدخان
فغشي على إبراهيم، ثم أفاق. وقد عاد ملك الموت إلى حالته الأولى فقال:
يا ملك الموت، لو لم يلق الفاجر الا صورتك، لكفته (2)
(101) وقال صلى الله عليه وآله: " إياكم والغيبة، فان الغيبة أشد من الزنا ان الرجل
يزني فيتوب، فيتوب الله عليه، وان صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له

(1) المراد بالعلم اللساني، ما يعلمه ولا يعمل به. لأنه إذا سئل عنه، يقول:
هو كذا وكذا. وأما العلم القلبي وهو العمل بذلك العلم، لاعتقاده به وتعظيمه له
فيكون مؤتمرا بأوامره منزجرا بزواجره وذلك هو العلم له ولغيره (معه).
(2) نقله في المحجة البيضاء، في تهذيب الاحياء ج 8: 259 كتاب ذكر
الموت وما بعده نقلا عن جامع الأخبار فصل 135.
274

صاحبها " (1) (2) (3).

(1) الوسائل كتاب الحج باب (152) من أبواب أحكام العشرة قطعة من
حديث 9
(2) وهذا يدل على أن التوبة من الغيبة، موقوفة على رضا صاحبها وابرائه، سواء
وصلت إليه أو لم توصل. ويحتمل اختصاص هذا الحديث بالغيبة التي وصلت إلى
المغتاب، فأما التي لم تصل إليه فيكفي فيها الاستغفار بعد التوبة. بأن ينوى فيقول:
أستغفر الله لكل من اغتبته. أو حضرت عند غيبته، لوجوبه قربة إلى الله، ثم يقول: اللهم
اغفر لكل من اغتبته أو حضرت غيبته (معه)
(3) الكلام في تحقيق الغيبة يستدعى بيان أمور:
الأمر الأول في تعريفها وجملة من الترهيب عنها: الغيبة بكسر الغين اسم لقولك
اغتاب فلان فلانا والمصدر الاغتياب. وفى الاصطلاح لها تعريفان: (أحدهما) مشهوري
وهو ذكر الانسان حال غيبته بما يكره نسبته إليه بما يعد نقصا في العرف بقصد الانتقاص
والذم (والثاني) التنبيه على ما يكره نسبته إليه (الخ). وهو أعم من الأول، لشمول
مورده اللسان والإشارة والحكاية وغيرها. وهو أولى لما سيأتي من عدم قصر الغيبة على
اللسان
وقد جاء على المشهور قول النبي صلى الله عليه وآله (هل تدرون ما الغيبة؟)
فقالوا: الله ورسوله أعلم قال: (ذكرك أخاك بما يكره) قيل: أرأيت إن كان في أخي
ما أقول؟ قال (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته)
والغيبة كبيرة موبقة، وعنه صلى الله عليه وآله (ان الدرهم يصيبه الربا أعظم عند الله في
الخطيئة من ست وثلاثين زنية، وان أربى الربا عرض الرجل المسلم) وروى أن عيسى
عليه السلام مر والحواريون على جيفة كلب، فقال الحواريون: ما أنتن هذا؟ فقال
عيسى عليه السلام: ما أشد بياض أسنانه! كأنه ينهاهم عن غيبة الكلب، وينبههم على أنه
لا يذكر من خلق الله الا أحسنه
و أما السبب الموجب للتشديد في أمر الغيبة، فاشتمالها على المفاسد الكلية المنافية
لغرض الحكيم، بخلاف باقي المعاصي. وذلك أن المقاصد المهمة للشارع، اجتماع
النفوس على هم واحد، وطريقة واحدة، وهي سلوك سبيل الله بسائر وجوه الأوامر و
النواهي، ولا يتم ذلك الا بالتعاون بين أنواع الانسان، وذلك يتوقف على اجتماع
هممهم ولا يتم ذلك الا بنفي الأحقاد والغيبة مثيرة للضغاين
الأمر الثاني في أقسامها: وقد أشار مولانا الصادق عليه السلام إلى وجوه الغيبة
مجملا، بقوله: (وجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق والفعل، والمعاملة والمذهب
والجهل، وأشباهه)
أقول: فيكون بالبدن، كذكرك فيه الحول والعمى والطول والسواد ونحو ذلك
مما يكرهه. ويكون بالخلق، كان يقول: متكبر مرائي. وبالأفعال المتعلقة بالدين.
كقولك: سارق كذاب متهاون بالصلاة. وبالأمور الدنيوية، كقولك: قليل الأدب و
في ثوبه كان يقول: انه واسع الكم طويل الذيل وسخ الثياب. ولا يختص باللسان
بل يجري بالإشارة والكناية والتعريض
ومن ذلك ما روي عن عايشة انها قالت: دخلت علينا امرأة فلما ولت أومأت
بيدي أي قصيرة فقال صلى الله عليه وآله (اغتبتيها) ومن ذلك حكاية مشية الأعرج
والتكلم مثل كلام من يريد الوقوع فيه، إلى آخر ما أفاد قدس سره (جه)
275

(102) وقال صلى الله عليه وآله: " ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله " (1)
(103) وقال عليه السلام: " رأيت ليلة أسري بي قوما يخمشون وجوههم بأظافيرهم
فسألت جبرئيل عليه السلام عنهم؟ فقال: هؤلاء الذين يغتابون الناس " (2) (3) (4)

(1) كنوز الحقايق في حديث خير الخلايق للمناوي، هامش جامع الصغير
حرف اللام نقلا عن ابن نصر
(2) سنن أبي داود ج 4 كتاب الأدب باب في الغيبة حديث 4878
(3) وهذا يدل على أن لجميع ما في العالم الحسي صور حقيقية في عالم المثال
وانها صور مطابقة لما هي صور له في الخير والشر. وعالم المثال عالم متوسط بين
العالمين أي عالم الحس وعالم العقل (معه)
(4) ورد في الحديث (ان لكل انسان في الأرض شبح في السماء يعمل مثل
عمله فإذا باشر الطاعة فعل شبحه مثله، فتطلع عليه الملائكة وتستغفر له. وإذا
قارب الخطية أمر الله تعالى ملكا أن يلقى على ذلك الشبح غطاء لئلا ينظر الملائكة و
هذا أحد معاني قوله عليه السلام: (يامن أظهر الجميل وستر القبيح) (جه).
276

(104) وفي حديث البراء بن عازب قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله حتى
أسمع العواتق في بيوتهن فقال: " ألا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم
فمن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته. ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف
بيته " (1) (2)
(105) وقال صلى الله عليه وآله: " من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له " (3)
(106) وقال صلى الله عليه وآله: " الدنيا والآخرة ضرتان بقدر ما تقرب من أحدهما
تبعد عن الأخرى " (4) (5).
(107) وقال عليه السلام: " ان الله يحب العبد ويبغض عمله ويحب العمل و
يبغض بدنه " (6)

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 4: 424 والحديث عن أبي برزة الأسلمي و
لفظ الحديث (قال: نادى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حتى أسمع العواتق
فقال: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين. الحديث)
(2) العورة هنا، هي كل أمر يسوء الانسان اطلاع الناس عليها (معه)
(3) مستدرك الوسائل كتاب الحج باب (134) من أبواب أحكام العشرة
في السفر و الحضر حديث 3 نقلا عن الشيخ المفيد في الإختصاص
(4) وبمضمونه ما عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة قال:
(ان الدنيا والآخرة عدوان متقابلان وسبيلان مختلفان فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض
الآخرة وعاداها. وهما بمنزلة المشرق والمغرب، وماش بينهما كلما قرب من واحد
بعد من الاخر وهما ضرتان)
(5) المراد بالقرب والبعد الرضا والسخط. والمراد انه عمل الاعمال
المقربة إلى الدنيا بعد من الآخرة، وان عمل الاعمال المقربة إلى الآخرة بعد عن الدنيا
فلا يمكن الجمع بينهما في القرب والبعد (معه)
(6) يحتمل أن يكون محبة العبد باعتبار استمرار بقائه، وإفاضة الوجود عليه
لما علم الله تعالى من بقاء أجله وان كانت أعماله قبيحة، فهي مبغوضة لقبحها وهو
محبوب من جهة إرادة بقائه. وأما محبة العمل وبغض البدن فباعتبار كون العمل صالحا
فيكون محبوبا لله تعالى مع علمه بانقطاع مدة حياته، فيكون بقاء بدنه مبغوضا لعدم
تعلق الإرادة بابقائه. لما علم الله من انقطاع أجله
ويحتمل أن يراد محبة العبد باعتبار عبوديته، وبغض عمله باعتبار شريته، و
محبة العمل باعتبار خيريته وبغض البدن باعتبار حيلولته، بينه وبين لقاء ربه
ويحتمل أن يراد محبة العبد باعتبار ذاته وحقيقته وبغض عمله باعتبار عدم صدوره
عن اختياره ومحبة العمل لوقوعه موافقا لحكمه، لعدم صدور ذلك الفعل باختياره (معه)
277

(108) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: " أنه قال: " إنما أنا عبد آكل أكل العبيد
وأجلس جلسة العبيد " (1).
(109) وفي مسند أحمد بن حنبل قال: دخل علي بن أبي طالب عليه السلام إلى
السوق ومعه غلام له وهو يومئذ خليفة فاشترى قميصين وقال: لغلامه
اختر أيهما شئت فأخذ أحدهما وأخذ هو عليه السلام الاخر ثم لبسه ومد يده فوجد
كمه فاضلة فقال للخياط: اقطع الفاضل، فقطعه ثم كفه وذهب)
(110) وروى أيضا قال لما أرسل عثمان إلى علي عليه السلام وجده مؤتزرا
بعباءة محتجزا بعقال، وهو يهناء بعيرا أي يمسحه بالقطران (2) لان الهناء اسم
للقطران " (3)
(111) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا يستقيم ايمان عبد (أحد خ) حتى يستقيم

(1) المراد بالحديث نفي التكبر وذمه على كل حال حتى عند الأكل والجلوس
(معه)
(2) قطران البعير: طلاه بالقطران: القطران، سيال دهني يتخذ من بعض الأشجار
كالصنوبر والأرز (المنجد) والقطران: ما يتخلل من شجر الا بهل ويطلى به الإبل و
غيرها، وقطرنتها، إذا طليتها به (مصباح المنير)
(3) وهذا الحديث والذي قبله يدلان على عظم زهد علي عليه السلام وشدة
تواضعه (معه).
278

قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه فمن استطاع منكم أن يلقي الله سليم
اللسان من أعراضهم فليفعل " (1) (2)
(112) وقال صلى الله عليه وآله: " يا بن آدم اعمل الخير ودع الشر فإذا أنت جواد
قاصد " (3)
(113) وقال عليه السلام: " ان القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد " قيل: يا رسول
الله وما جلائها؟ قال: " قراءة القرآن وذكر الموت " (4) (5)
(114) وقال صلى الله عليه وآله: " أيها الناس ان لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم و
ان لكم غاية فانتهوا إلى غايتكم " (6)

(1) مستدرك الوسائل كتاب الحج باب (132) من أبواب أحكام العشرة
حديث 39 نقلا عن نهج البلاغة
(2) وهذا الحديث إشارة إلى التأكيد في النهي عن الغيبة، وجعل السلامة فيها
شرطا في استقامة الايمان. يعني ان الايمان معها غير مستقيم، وما هو غير مستقيم، فهو
غير كامل. فعلم أن الغيبة من الذنوب الكبائر، لمنافاتها كمالية الايمان (معه)
(3) أي اعمل ما يصدق عليه اسم الخير ودع ما يصدق عليه اسم الشر. فإنك
متى فعلت ذلك بحسب استطاعتك كنت موصوفا بالجود والعدالة (معه)
(4) فيه " ان هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد " هو أن يركبها الرين بمباشرة
المعاصي والآثام فيذهب بجلائها، كما يعلو الصدأ وجه المرأة والسيف ونحوهما
(النهاية).
(5) مستدرك الوسائل كتاب الطهارة باب (17) استحباب كثرة ذكر الموت
وما بعده والاستعداد لذلك حديث 8. نقلا عن عوالي اللئالي
(6) يعني أن الدين ليس مرتبة واحدة إنما هو مراتب. كل مرتبة معلم من
معالمه، وعلامة من علاماته فلا تقصروا على بعض تلك المعالم، فتقفوا عندها. بل
انتهوا إلى غاية تلك المعالم، لان لها غاية لا بد من الانتهاء إليها. وهذا يدل على أن
الاخذ في الدين بمعالمه واجب على كل شخص بحسب ما تسعه طاقته إلى مريته لا
تكون تشديدا ولا تعسيرا والامر للوجوب (معه).
279

(115) وقال صلى الله عليه وآله: " المسلم من سلم الناس من يده ولسانه " (1) (2)
(116) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله، انه كان يوما جالسا في أصحابه فسمع
هدة فقال: " هذا حجر أرسله الله تعالى من شفير جهنم، فهو يهوى فيها منذ
سبعين خريفا حتى بلغ الآن قعرها " (3) (4)
(117) وقال صلى الله عليه وآله: لعقبة بن عامر الجهني لما سأله عن طريق النجاة؟ فقال:
له " امسك عليك لسانك وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك " (5) (6)
(118) وقيل له صلى الله عليه وآله أي الناس أفضل؟ فقال: " رجل معتزل في شعب من

(1) صحيح البخاري كتاب الايمان باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه
ويده وباب أي الاسلام أفضل
(2) المراد بالاسلام، الاسلام الحقيقي الكامل (معه)
(3) صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (12) باب في شدة حر
نار جهنم وبعد قعرها، حديث 31
(4) الخريف سبعون سنة (معه)
(5) سنن الترمذي كتاب الزهد (60) باب ما جاء في حفظ اللسان
حديث 2406
(6) هذا مخصوص بالعاجز عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واصلاح
الخلق ونفعهم، فان مرتبته الاشتغال بنفسه عن كل أحد سواء، فيقتصر على اصلاح نفسه
وقوله: " ويسعك بيتك " أي لا تخرج من بيتك، والامر للوجوب والبكاء على الخطيئة
يراد به الندم على فعلها والتأسف على ما فرط منه وذلك هو حقيقة التوبة (معه).
280

الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره " (1) (2) (3)
(119) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الله يحب التقي النقي الحفي (4) (5)
(120) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة

(1) صحيح مسلم كتاب الامارة (34) باب فضل الجهاد والرباط قطعة من
حديث 123
(2) هذا مخصوص بمن لا يقدر على التخلص مع مخالطة الناس من الشرور و
المعاصي الا بالاعتزال، ويكون أفضليته عن الناس مشروطة بذلك كما قيل في قصة
إبراهيم بن أدهم والذراع، وكما في قصة الراهب، وأمثال ذلك (معه)
(3) قال بعض الاعلام: العزلة مشتملة على عين العلم وزاي الزهد. فان خلت
العزلة من عين العلم، تكون ذلة أي أعظم الذنوب، وان خلت من زاي الزهد تكون
علة وهي أعظم المصائب والعلل (جه)
(4) صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق حديث (11) ولفظ الحديث (عن
عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في إبله فجاءه ابنه عمر. فلما رآه سعد
قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب فنزل فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك وتركت
الناس يتنازعون الملك بينهم؟ فضرب سعد في صدره فقال: اسكت: سمعت رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول: (ان الله يحب العبد التقي الغني الخفي) ورواه أحمد
ابن حنبل في مسنده ج 1: 168 و 177
وقال في شرح النووي: المراد بالغنى غنى النفس هذا هو الغنى المحبوب
لقوله صلى الله عليه (وآله) وسلم: " ولكن الغنى غنى النفس " وأما الخفي فبالخاء المعجمة
هذا هو الموجود في النسخ والمعروف في الروايات. ومعناه الخامل المنقطع إلى
العبادة والاشتغال بأمور نفسه. وفي هذا الحديث حجة لمن يقول: الاعتزال فصل من
الاختلاط
(5) المراد بالتقي: حسن الظاهر، وبالنقي حسن الباطن وبالخفي نافي
الشرك الذي هو حب المدح والاطراء لأنه يجر إلى الرياء بل هو من أقسامه.
281

الاسلام عن عنقه " (1) (2)
(121) وروي ان رجلا أتى جبلا ليعبد الله فيه، فجاء به أهله إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فنهاه عن ذلك، وقال له: " ان صبر المسلم في بعض مواطن
الجهاد يوما واحدا خير له من عبادة أربعين سنة " (3) (4)

(1) سنن أبي داود ج 4 كتاب السنة باب في قتل الخوارج حديث 4758
(2) اللام للعهد، أي جماعة الأئمة المعهودين، المعلوم عصمتهم لان (من)
للعموم. والمراد من فارقهم بأي شئ كان وفي أي شئ كان (معه)
(3) المراد بالجهاد هنا الجهادان معا، الصوري والمعنوي (معه)
(4) ذلك الرجل هو عثمان بن مظعون رضيع النبي صلى الله عليه وآله أراد الترهب والتخلي
من أهله والتعبد في الجبال والصوامع فنهاه النبي صلى الله عليه وآله
وأما العزلة عن الخلق فقد اختلف فيها الاخبار والجمع بينها يقتضي أن
الدين إذا كان محفوظا بها، تكون هي الأولى بل ربما كانت واجبة. عن ابن مسعود
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه
الا من فر من شاهق إلى شاهق، ومن حجر إلى حجر، كالثعلب بأشباله) قالوا: و
متى ذلك الزمان؟ قال: (إذا لم تنل المعيشة الا بمعاصي الله، فعند ذلك حلت العزوبة
قالوا: يا رسول الله أمرتنا بالتزويج؟ قال: (بلى ولكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك
الرجل على يدي أبويه، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده، فإن لم يكن
له زوجة ولا ولد فعلى يدي قرابته وجيرانه) قالوا: وكيف ذلك؟ قال: (يعيرونه
بضيق المعيشة ويكلفونه مالا يطيق حتى يوردونه موارد الهلكة)
قيل لراهب من رهبان الصين: يا راهب قال: لست براهب إنما الراهب من
رهب الله في سمائه، وحمده في نعمائه وصبر على بلائه فلا يزال فارا إلى ربه مستغفرا
من ذنبه وإنما أنا كلب عقور، حبست نفسي في هذه الصومعة لئلا أعقر الناس
قيل لراهب: رؤي عليه مدرعة شعر سود، ما الذي حملك على لبس السواد؟ فقال:
هو لباس المحزونين وأنا أكبرهم فقيل له: من أي شئ أنت محزون؟ فقال: لأني
أصبت نفسي وذلك اني قتلتها في معركة الذنوب، فانا حزين عليها ثم أسبل دمعه
فقيل له ما الذي أبكاك الآن؟ قال: ذكرت يوما من أجلى لم يحسن فيه عملي فكأني
لقلة الزاد وبعد المفازة وعقبة لا بد من صعودها، ثم لا أدري أين مهبطها إلى الجنة أم
إلى النار.
ومر عيسى عليه السلام على رجل نائم فقال له: قم فقال الرجل: قد تركت
الدنيا لأهلها فقال له: نم مكانك اذن
وقيل لحكيم: الدنيا لمن هي؟ قال: لمن تركها فقال الآخرة لمن؟ قال: لمن
طلبها
قيل لعابد: خذ حظك من الدنيا فإنك فان عنها قال: الآن وجب أن لا آخذ
حظي منها
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه
عشرة أجزاء تسعة منها في اعتزال الناس، وواحد في الصمت) (جه).
282

(122) وقال صلى الله عليه وآله: " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم " (1) (2)
(123) وقال صلى الله عليه وآله: " من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم
القيامة وهو آيس من رحمة الله " (3)
(124) وفي حديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال " الطاعة بعد الطاعة دليل على
رد الطاعة والطاعة بعد المعصية دليل على غفران المعصية "
(125) وفي بعض الأحاديث عنه صلى الله عليه وآله أو عن أمير المؤمنين عليه السلام: "
المصائب سبع: عالم زل وعابد مل ومؤمن ضل، وأمين غل وصحيح

(1) سنن الترمذي كتاب البر و الصلة (49) باب ما جاء في تعليم النسب
حديث 1979، وتتمة الحديث (فان صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال
منساة في الأثر).
(2) الامر للاستحباب لأنه أمر لمصلحة دنيوية أراده للانتظام الجمعي و
الطاف كل، بقريبه ونسيبه (معه).
(3) الوسائل كتاب القصاص باب (2) من أبواب القصاص في النفس
حديث 4 وسنن ابن ماجة ج 2 كتاب الديات (1) باب التغليظ في قتل مسلم
ظلما حديث 2620.
283

عل وغني قل وعزيز ذل " (1).
وسأختم هذه المقدمة بحكم صادرة منه صلى الله عليه وآله بكلمات مفردة أحكيها سردا
كما رويتها
قال النبي صلى الله عليه وآله: " إذا أراد الله بعبد خيرا جعل له وزيرا صالحا ان نسي
ذكره وان ذكر أعانه " (2).
(127) " سيروا سير أضعفكم " (3) (4).
(128) الفرار مما لا يطاق " (5)
(129) من استوى يوماه فهو مغبون " (6)

(1) مستدرك الوسائل كتاب الصلاة باب (60) من أبواب الدعاء حديث 3
نقلا عن البحار عن كتاب دعائم الدين ولفظ ما رواه (قال: روى في كتاب التنبيه
عن أمير المؤمنين عليه السلام انه خطب في يوم جمعة خطبة بليغة فقال في آخرها:
أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ بالله منها الحديث)
(2) مسند أحمد بن حنبل ج 5: 70 وسنن أبي داود ج 3 كتاب الخراج
والامارة والفئ باب اتخاذ الوزير حديث 2932 وسنن النسائي كتاب البيعة
(وزير الامام) ولفظ ما رووه (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: من ولى
منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا، ان نسي ذكره وان ذكر أعانه)
(3) مستدرك الوسائل كتاب الحج باب (49) من أبواب آداب السفر إلى
الحج وغيره حديث (11) نقلا عن عوالي اللئالي
(4) معناه ينبغي للقوي مراعاة الضعيف فيعمل على قدر وسع الضعيف. وهذا أصل
يندرج تحته من الجزئيات مالا تحصى كصلاة الجماعة فإنها ينبغي أن تكون على حال
أضعف المأمومين وكسير القافلة ونحو ذلك (جه)
(5) وهذا للاستحباب بل قد يجب إذا خيف معه على النفس (معه)
(6) مستدرك الوسائل كتاب الجهاد باب (94) من أبواب جهاد النفس حديث
1 نقلا عن أصل زيد الزراد وحديث 9 نقلا عن معاني الأخبار وفيه " من اعتدل
يوماه فهو مغبون ".
284

(130) الدنيا دار محنة "
(131) " الدنيا ساعة فاجعلها طاعة " (1)
(132) " مع كل ترحة فرحه " (2).
(133) " استعينوا على الحوائج بالكتمان لها " (3).
(134) " لكل شئ سنام وسنام القرآن سورة البقرة " (4).
(135) من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا ".
(136) من سن سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها (5) (6).

(1) وذلك أن الساعة التي مضت تقدمت بما فيها والساعة المستقبلة لم تأت بعد
فالدنيا كلها ساعة واحدة (معه)
(2) فيه " ما من فرحة الا وتبعها ترحة " الترح: ضد الفرح وهو الهلاك والانقطاع؟؟
أيضا والترحة: المرة الواحدة (النهاية)
(3) الجامع الصغير للسيوطي حرف الهمزة نقلا عن ابن عدي في الكامل وعن
العقيلي في الضعفاء وعن الطبراني في الكبير وعن البيهقي في شعب الايمان. ولفظ
الحديث (استعينوا على انجاح الحوائج بالكتمان فان كل ذي نعمة محسود)
(4) سنن الترمذي، كتاب فضائل القرآن حديث 2878 وتتمة الحديث: (وفيها
آية هي سيدة آي القرآن هي آية الكرسي)
(5) صحيح مسلم كتاب الزكاة 20 باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو
كلمة طيبة حديث 69 وكتاب العلم (6) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى
هدى أو ضلالة حديث (15).
(6) أي من أحيا سنة متروكة بان أظهرها بين الناس ليعملوا بها بعد أن كانت
متروكة، فله ما ذكر من الثواب (معه).
285

(137) " اختلاف أمتي رحمة " (1) (2) (3) (4)

(1) الجامع الصغير للسيوطي ج 1: 13 حرف الهمزة قال بعد نقلة: نصر
المقدسي في الحجة والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سند وأورده الحليمي والقاضي
حسين وامام الحرمين وغيرهم. ولعله خرج في بعض الكتب الحفاظ التي لم تصل الينا
(2) في الإحتجاج للطبرسي، ومعاني الأخبار للصدوق رضوان الله عليهما في معنى
قوله عليه السلام: " اختلاف أمتي رحمة " (عن محمد بن أبي عمير عن عبد المؤمن الأنصاري
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان قوما رووا عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
" ان اختلاف أمتي رحمة "؟ فقال: صدقوا قلت: إن كان اختلافهم رحمة، فاجتماعهم عذاب؟
قال: ليس حيث ذهبت وذهبوا، إنما أراد قول الله عز وجل: " فلولا نفر من كل فرقة منهم
طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " التوبة: 123
فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و يختلفوا إليه، فيتعلموا ثم يرجعوا
إلى قومهم، فيعلموهم. إنما أراد اختلافهم من البلدان، لا اختلافا في دين الله إنما الدين
واحد)
(3) المراد اختلافهم في الاجتهاديات. ويحتمل أن يكون الاختلاف رجوع بعضهم
إلى بعض في الأمور الدينية (معه)
(4) طعن في هذا الحديث أهل الحديث، وقالوا: انه موضوع لم يذكره الا
بعض الأصوليين في مبحث القياس. واستدل به الجمهور على جواز اختلاف الأمة في
اعتقادها وتباينها وتضاد أقوالها وأفعالها، وجعلوه عذرا لاختلاف المجتهدين في الآراء
المختلفة، و الاجتهادات المستندة إلى القياسات ونحوها وما وقع من الاختلاف بين
الصحابة من الحروب والتضاد واستدلوا أيضا بقوله تعالى: لا يزالون مختلفين الا ما
رحم ربك. ولذلك خلقهم، فيكون فضلا وراجحا فضلا من الجواز
وأجاب أصحابنا من الآية بما قاله أكثر المفسرين ورووه عن الإمام الصادق عليه
السلام من أن المشار إليه هو الرحمة المفهوم من قوله (رحم) لأنه أقرب من الاختلاف
وأوفق بالأدلة العقلية والنقلية
وأما عن الأحاديث فيما رووه أيضا عنه عليه السلام أن المراد من قوله صلى الله
عليه وآله: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) وقال فيه علماء الاسلام غير هذا منها ما نقله
صاحب المواقف في خطبة كتابه عن بعض الأمة، من أن مراده صلى الله عليه وآله من هذا الحديث
اختلاف هممهم في العلوم فهمة واحدة في الفقه، لضبط الاحكام المتعلقة بالأفعال. وهمة
آخر في الكلام لحفظ العقايد، فينتظم لها أمر المعاد، وقانون العدل المقيم للنوع. كما
اختلفت همم أصحاب الحرف و الصناعات، ليقوم كل واحد منهم بحرفة وصناعة، فيتم
النظام في المعاش المعين لذلك الانتظام، وهذا الاختلاف أيضا رحمة كما لا يخفى
(جه).
286

(138) " ابدأ بنفسك " (1) (2)
(139) شر الناس من أكل وحده ومنع رفده وجلد عبده " (3) (4)
(140) " إذا تغير السلطان تغير الزمان " (5)

(1) الجامع الصغير للسيوطي ج 1: 5 حرف الهمزة وتتمة الحديث (فتصدق
عليها فان فضل شئ فلأهلك، فان فضل شئ عن أهلك فلذي قرابتك، فان فضل عن ذي
قرابتك شئ فهكذا وهكذا) نقلا عن النسائي، عن جابر. والحديث صحيح
(2) وفى مثال هذا قال الشاعر الحكيم:
يا أيها الرجل المعلم غيره * هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي * الضنا، كي ما يصح به وأنت سقيم
وأراك تلقح بالرشا قلوبنا * وصفا وأنت عن الرشاد عديم
فابدأ بنفسك فانهها عن غيها * فان انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك نتبع ما تقول ونقتدي * بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم (معه)
(3) من أكل وحده: يعني على صفة التكبر، كما يفعله السلاطين والملوك
(معه).
(4) لعل المراد من الرفد، أي اعطاء الحقوق الواجبة كالزكاة ونحوها. وجلد
العبد من غير استحقاق والا فورد في بعض الأخبار واليه ذهب طائفة من الفقهاء، جواز
حد العبد إذا أتى ما يوجبه (جه).
(5) لان تغيره هنا، عبارة عن زيادة ظلمه وشره، وتغير الزمان عليه وعلى رعيته
عقوبة له.
حكى أن كسرى انفرد عن عسكره طالبا لصيد، فوقع على خيمة في الصحراء،
فدخلها وهم لا يعرفونه فنظر إلى بقرة ممتل ضرعها باللبن، فأضمر في خاطره أن
يجعل على البقرة مالا مقررا، يؤخذ من أهلها، فقالت المرأة: لابنتها قومي إلى حلب
البقرة لأجل ضيفنا، فلما أرادت حلبها لم يكن فيها لبن، فصاحت يا أماه ان الملك أضمر
علينا، وتغيرت نيته علينا، فسمعها كسرى، ثم أضمر العدل، فقامت إلى حلبها بعد ساعة
فكان لبنها أكثر من الأول فصاحت يا أماه، الملك صلحت نيته، فلما كان بعد ساعة لحقه
عسكره، وعرفته المرأة وابنتها، فسأل كسرى الجارية، من أين علمت أن نية الملك
تغيرت عليكم؟ فقالت نحن في هذه الصحراء مدة من الزمان، ما عدل بنا الا أخصبت أرضنا
وما ظلم بنا الا قحطت ديارنا، فوصلها وأعطاها (جه).
287

(141) " إذا كان الداء من السماء، فقد بطل هناك الدواء " (1).
(142) " الأرواح جنود مجندة: فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها
اختلف " (2) (3).
(143) " السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس " (4)

(1) لعل المراد داء الموت فلا يكون للدواء نفع
ان الطبيب له في الطب معرفة * ما دام في أجل الانسان تأخير
حتى إذا ما مضت أيام مدته * حار الطبيب وخانته العقاقير (جه)
(2) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب (49) باب الأرواح جنود مجندة
حديث 159 و 160.
(3) معنى الحديث: ان الأرواح كالعساكر المستعدة، فما تعارف منها بالاتفاق
بالصفات والاخلاق، ائتلف بعضه مع بعض واتحد. وما تناكر منها باختلاف الصفات و
الأخلاق اختلف وتباين، سواء كان قبل التعلق بالبدن، أو بعده (معه).
(4) سنن الترمذي كتاب البر والصلة (40) باب ما جاء في السخاء حديث 1961
وتتمة الحديث: (بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس
قريب من النار. ولجاهل سخي أحب إلى الله عز وجل من عابد بخيل).
288

(144) " اجتنب خمسا: الحسد، والطيرة، والبغي، وسوء الظن، و
النميمة "
(145) " أنا عند ظن عبدي بي " (1).
(146) " من فتح له باب خير، فلينتهزه، فإنه لا يدري متى يغلق عنه " (2) (3).
(147) " الأمور بتمامها، والاعمال بخواتمها " (4).
(148) " شاوروهن وخالفوهن " (5) (6).

(1) سنن الدارمي ج 2 باب حسن الظن بالله، وتتمة الحديث: (فليظن بي
ما شاء)
(2) النهزة، الفرصة وانتهزتها، اغتنمتها (النهاية)
(3) أي فليتبادر إلى فعله ولا يسوفه. والامر للوجوب لقوله تعالى: (فاستبقوا
الخيرات) (معه).
(4) وهذا يدل على أن الموافاة بالايمان شرط في صحة الاعمال وحصول
الثواب بها (معه).
(5) مستدرك الوسائل كتاب الحج باب (24) من أبواب أحكام العشرة في
السفر والحضر، حديث 3، نقلا عن البحار ولفظ الحديث: (شاوروا النساء وخالفوهن
فان خلافهن بركة)
(6) عن أمير المؤمنين عليه السلام: ان النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ
نواقص العقول. فأما نقصان ايمانهن، قعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن. و
أما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد. وأما نقصان حظوظهن
فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجال، فاتقوا أشرار النساء وكونوا من خيارهن
على حذر، ولا تطيعوهن في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر.
وقد ذكر المحققون لنقصان عقولهن سببان، داخل وخارج. أما الأول: فهو نقصان
استعداد أمزجتهن وقصورهن عن قبول تصرف العقل، كما يقبله مزاج الرجل. وأما الثاني
فهو قلة معاشرتهن لأهل العقل و التصرفات، وقلة رياضتهن لقواهن الحيوانية ولزوم
القوانين العقلية في تدبير أمر المعاش والمعاد. ولذلك كانت أحكام القوى الحيوانية
فيهن أغلب على أحكام عقولهن فكانت المرأة أرق وأبكى وأحسد وألج وأبغي و
أجزع وأوقح وأكذب وأقبل للمكر وأذكر لمحقرات الأمور
ولكونها بهذه الصفات اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون عليها حاكم ومدبر
تعيش بتدبيره، وهو الرجل فقال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم
على بعض وبما انفقوا من أموالهم) ولشدة قبولها للمكر وقلة طاعتها للعقل مع كونها
داعية إلى نفسها اقتضت أيضا أن يسن في حقها التستر والتحذر. ولأجل ما ذكرناه من
نقصان عقولهن وغلبة القوى الحيوانية عليهن، يرين أمور المعروف منكرا وبالعكس
فلأجل ذلك جاء الامر بعكس ما يشرن فيه (جه)
289

(149) " حبك للشئ يعمى ويصم " (1).
(150) " المرأة كالضلع العوجاء " (2) (3).
(151) " بلوا أرحامكم ولو بالسلام " (4).
(152) " الفرار في وقته ظفر " (5).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 5: 194
(2) الوسائل كتاب النكاح باب (90) من أبواب مقدماته وآدابه حديث 1 و 3
وفيه أن إبراهيم (ع) شكى إلى الله تعالى ما يلقى من سوء خلق سارة، فأوحى الله إليه
إنما مثل المرأة مثل الضلع المعوج، أن أقمته كسرته وان تركته استمتعت بها، أصبر عليها
وفي مسند أحمد بن حنبل ج 5: 151 في قصة أبي ذر مع زوجته، والحديث طويل
فراجع إن شئت
(3) ورد هذا الحديث في شأن سارة امرأة الخليل عليه السلام لما حتمت عليه
أن يحمل هاجر وابنها إسماعيل ويضعهما في واد غير ذي زرع ويرجع عنهما ولا ينزل
عن دابته، فتأذى غاية التأذي فأوحى الله سبحانه إليه ان المرأة كالضلع العوجاء إذا
قومتها، انكسرت دعها على اعوجاجها، واستمتع منها (جه)
(4) الجامع الصغير للسيوطي ج 1، 126 حرف الباء، نقلا عن الطبراني في
الكبير. وفي المستدرك كتاب النكاح باب (13) من أبواب النفقات حديث 2 نقلا عن
البحار. ولفظه (صلوا أرحامكم في الدنيا ولو بالسلام)
(5) شرح غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ج 2: 108 من كلام أمير المؤمنين
عليه السلام ولفظه: (الفرار في أوانه يعدل الظفر في زمانه) رقم 2003
290

(153) " الشباب شعبة من الجنون " (1)
(154) " لا خير في السرف ولا سرف في الخير "
(155) " ان الله يحب الفال الحسن " (2) (3)
(156) " رأس العقل بعد الايمان، التودد إلى الناس " (4)
(157) " المقدور كائن، والهم فضل " (5)
(158) " الصدقة تزيد في العمر، وتستنزل الرزق وتقي مصارع السوء
وتطفئ غضب الرب "
(159) " ترك الفرض غصص "
(160) " الفرص تمر مر السحاب " (6).
(161) " أضيق الامر أدناه من الفرج "

(1) كنوز الحقايق للمناوي هامش جامع الصغير ج 1: 150 في المحلى بأل
من حرف الشين ولفظ الحديث (الشباب شعبة من الجنون والنساء حبائل الشيطان).
(2) الذي ظفرت عليه من الحديث: (كان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
يحب الفال الحسن ويكره الطيرة، راجع مسند أحمد بن حنبل ج 2: 332 وسنن ابن
ماجة ج 2 كتاب الطب (43) باب من كان يعجبه الفال ويكره الطيرة، حديث 3536.
(3) وهو ما اعتاد كل جماعة التفأل به في أول سفرهم، وعند خروجهم من منازلهم
لقضاء حوائجهم (جه).
(4) الجامع الصغير للسيوطي ج 1: 20، حرف الراء نقلا عن البيهقي في
شعب الايمان
(5) يعني المقدر المحتوم الذي استجمعت شرايطه، فيكون الهم لوقوع المقدر
أمر زائد لا يحتاج إليه (جه).
(6) نهج البلاغة، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام (21) من
حكمه وتتمتها: (فانتهزوا فرص الخير).
291

(162) " حسن العهد من الايمان " (1).
(163) " من تعلمت منه حرفا، صرت له عبدا " (2).
(164) " الظفر بالحزم والجزم " (3).
(165) " إذا جاء القضاء ضاق الفضاء ".
(166) " الدنيا سجن المؤمن " (4).
(167) " طالب العلم محفوف بعناية الله "
(168) " الندم توبة " (5).
(169) " الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له ".
(170) " الحزم بإجالة الرأي، والرأي بتحصين الاسرار " (6).
(171) " أعقل الناس محسن خائف وأجهلهم مسئ آمن ".
(172) طالب العلم لا يموت أو يمتع جده بقدر كده " (7)

(1) كنوز الحقايق للمناوي هامش الجامع الصغير ج 1: 118
(2) المراد من الحرف، الكلمة ونحوها من الفصول، كما يقال: لفصول
الأذان والإقامة، كلماتها والعبد: هنا المراد منه عبد الطاعة، كما قاله أهل الحديث
في قول أمير المؤمنين عليه السلام: (أنا عبد من عبيد محمد " ص ") (جه)
(3) أي الاحتياط في الأمور وعدم التردد (معه).
ومن كلام علي (ع) (الظفر بالحزم، والحزم بالتجارب) شرح غرر الحكم ج 1: 21.
(4) صحيح مسلم (53) كتاب الزهد والرقائق حديث 1 وسنن ابن ماجة
ج 2 كتاب الزهد حديث 4113 ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 323.
(5) الجامع الصغير للسيوطي ج 2: 189 حرف النون نقلا عن الطبراني
في الكبير. وعن أبي نعيم في الحلية وتتمة الحديث: (والتائب من الذنب كمن لا
ذنب له).
(6) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ج 1: 269 و 271 رقم 1077 و 1081.
(7) الجد: الحظ والسعادة و (أو) بمعنى (إلى أن) يعنى أن طالب العلم لا
يخرج من الدنيا، حتى يتمتع بالحظ، وسعادة الدنيا بقدر تعبه في تحصيل العلم،
فيكون الله تعالى قد عجل له السعادة في الدنيا، كما قدرها له في الآخرة (جه).
292

(173) " المؤمنون عند شروطهم " (1)
(174) " الكعبة تزار ولا تزور " (2).
(175) " السكوت عند الضرورة بدعة ".
(176) " السلطان ظل الله في الأرض، يأوي إليه كل مظلوم من عباده " (3) (4).
(177) " العدل جنة واقية وجنة باقية ".
(178) " اصلح وزيرك، فإنه الذي يقودك إلى الجنة أو إلى النار " (5).
(179) " الجاه أحد الرفدين ".
(180) " الأمور مرهونة بأوقاتها ".

(1) الوسائل، كتاب التجارة، باب (6) من أبواب الخيار، فراجع. ولفظ
الحديث (المسلمون عند شروطهم) وفي المستدرك كتاب التجارة باب (5) من
أبواب الخيار حديث 7 نقلا عن عوالي اللئالي كما في المتن.
(2) المراد بالكعبة هنا، الذي يقتدي به الناس كالعالم، فينبغي للناس زيارته
والانقياد إليه، ولا يكلفونه زيارته لهم، لا للتعليم ولا لغيره (جه).
(3) الجامع الصغير للسيوطي ج 2، 38 حرف السين المحلى بأل نقلا عن
البيهقي في شعب الايمان، وتتمة الحديث: (فان عدل كان له الاجر، وكان على الرعية
الشكر. وان جار أو حاف أو ظلم كان عليه الوزر وكان على الرعية الصبر. وإذا
جارت الولاة قحطت السماء. وإذا منعت الزكاة هلكت المواشي. وإذا ظهر الزنا
ظهر الفقر والمسكنة. وإذا أخفرت الذمة أديل الكفار).
(4) فكما أن الظل يمنع من أذي الشمس كذلك السلطان العادل يمنع الناس
من الأذى (جه)
(5) إن كان المراد بالوزير العقل، فالامر للوجوب. وإن كان هو المعاون في
الأمور الدنيوية فالامر للاستحباب (معه).
293

(181) " الهدية تذهب السخيمة " (1)
(182) " تصافحوا فإنه يذهب بالغل " (2)
(183) الهدية تورث المودة، وتجدد الاخوة، وتذهب الضغينة "
(184) " تهادوا تحابوا "
(185) " نعم الشئ الهدية أمام الحاجة "
(186) " اهد لمن يهديك " (3).
(187) " الهدية تفتح باب المصمت "
(188) " نعم مفتاح الحاجة الهدية "
(189) " المرء مخبوء تحت لسانه " (4) (5)

(1) شرح الزرقاني للموطأ باب ما جاء في المهاجرة، نقلا عن البيهقي عن
أنس وابن عبد البر عن أم سلمة (وفي النهاية): ومنه حديث الأحنف (تهادوا
تذهب الإحن والسخائم) أي الحقود وهي جمع سخيمة
(2) الموطأ باب ما جاء في المهاجرة ولفظ الحديث (تصافحوا يذهب الغل
وتهادوا تحابوا تذهب الشحناء)
(3) الامر للاستحباب إلا أن يكون المهدي في نيته طلب المجازاة وعلم ذلك من
حاله، فان المجازاة هنا تكون واجبة مع قبول هديته (معه)
(4) نهج البلاغة، باب المختار من حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام
رقم 148
(5) اللسان يطلق حقيقة على اللحمة المخصوصة، ويقال مجازا على نفس العبارة
كما أشير إليه في التنزيل الإلهي: " واختلاف ألسنتكم وألوانكم " والمعنيان محتملا
الإرادة. وتقدير الخبر معرفة المرء مخبوءة تحت لسانه، أي معرفة صفات كماله ونقصانه
لا يطلع عليها الا بالعبارات الصادرة منه. وان حملنا اللسان على حقيقته فمجاز أيضا
لأنه محل تلك العبارات فهو سبب لها (جه).
294

(190) " ما يصلح للمولى فللعبد حرام " (1)
(191) " الهدايا رزق الله "
(192) " من أهدي إليه فليقبله "
(193) " ان هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان، فأهدوا إليها طرائف
الحكم " (2) (3) (4).
(194) " في الحديث القدسي: " يا داود فرغ لي بيتا أسكنه " (5).

(1) يشمل ما جعله الشارع مخصوصا بالمولى، وما خصه العرف به الا إذا بذله
المولى (جه)
(2) نهج البلاغة باب المختار من حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام رقم 91
(3) أي الأمور الحسنة من الاشعار الحكيمة (معه).
(4) أي غرائبها، لأنه قد يقع لها انصراف عن العلم الواحد، وملال للنظر فيه
بسبب مشابهة بعض أجرائه لبعض، فإذا اطلعت النفس على بعضه، قاست ما لم تعلم منه
على ما علمت، ولم يكن الباقي عندها من الغريب لتلتذ به وتدوم على النظر فيه. و
لما كان الملال والانصراف غير محمود لها، أمر بطلب لطائف الحكمة لها. وأراد
لطائفه المعجبة للنفس اللذيذة لها، لتكون أبدا في اكتساب الحكمة بنشاط والتذاذ في
انتقالها من بعض غرائبها إلى بعض
وأراد بالحكمة، الحكمة العملية وأقسامها، أو ما هو أغم منها. وروى عن ابن
عباس انه كان إذا فرغ من مدارسة الحديث والتفسير، يقول لأصحابه: خمضونا خمضونا
فيخوضون عند ذلك في الاشعار والقصص ونحوها (جه)
(5) يعني به القلب. في الحديث عن الصادق عليه السلام، وقد سئل عن العشق؟
فقال: (تلك القلوب، إذا خلت عن محبة الله فعذبها الله بحب غيره) وأنواع الحب
إذا كانت جهته واحدة، أمكن اجتماعه في القلب كمحبة الله ورسوله وأهل بيته عليهم
السلام، وصلحاء المؤمنين ونحوهم كما تقدم. أما إذا تباينت أنواعها وتضادت أشخاصها
استحال اجتماعها.
روى أن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: اني أحبك وأحب عثمان فقال
له: (أنت أعور اما أن تعمى واما أن تبصر) يعني لا يجتمع هذان الحبان، لتضادهما
وذكر ابن خلكان في التاريخ: ان من المعلوم أنه لا يجتمع حب علي بن أبي
طالب مع التسنن. بل جاء في الأثران يعقوب عليه السلام لما أفرط حب يوسف
فرق الله بينهما، غيرة منه على بيته. ومصادفة القلب أول الشباب خاليا أولى من شغله
ثم تفريغه
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى * * فصادف قلبا خاليا فتمكنا (جه)
295

(195) " ان لله في أيام دهركم نفحات الا فترصدوا لها "
(196) " السعيد من وعظ بغيره "
(197) " من نظر في العواقب سلم في النوائب " (1).
(198) " لا منع ولا إسراف ولا بخل ولا اتلاف "
(199) " خير الأمور أوسطها " (2)
(200) " ما العلم الا ما حواه الصدر "
(201) " الدنيا دار بلية "
(202) " تعمموا تزدادوا حلما " (3) (4).
(203) " العمامة من المروة "
(204) " هذان محرمان على ذكور أمتي " يعني: الذهب والحرير (5)

(1) غرر الحكم ودرر الكلم حرف الميم بلفظة (من) رقم 384
(2) كنوز الحقايق للمناوي في هامش جامع الصغير ج 1: 124 حرف الخاء
(3) كنوز الحقايق للمناوي في هامش جامع الصغير ج 1: 107 حرف التاء
(4) لأنه جاء في العادات أن كثيرا من الأوضاع تزيد في الحلم والوقار كالتعميم و
التحنك والتردي ولبس الثياب المعتادة للصلحاء وأهل الايمان (جه)
(5) سنن ابن ماجة ج 2 كتاب اللباس (19) باب لبس الحرير والذهب
للنساء حديث 3595 و 3597.
296

وحين وفق الله تعالى لاتمام المقدمة فلنشرع في البابين:
297

الباب الأول
في الأحاديث المتعلقة بأبواب الفقه
الغير المرتبة بترتيب أبوابه. ولي
فيها مسالك كثيرة الا أني اقتصر في
هذا المختصر على ذكر أربعة مسالك
لا غير. طلبا للإيجاز، وحذرا من
الملال.
299

المسلك الأول
في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رويتها عنه بطرقي إليه
لا يختص اسنادها بالرسول صلى الله عليه وآله بل بعضها ينتهي اسنادها إليه وبعضها إلى
ذريته المعصومين وخلفائه المنصوصين عليهم أفضل الصلوات وأكمل
التحيات
لان الأصحاب قدس الله أرواحهم إنما يعتبرون من الأحاديث، ما صح
طريقه إليهم، واتصلت روايته بهم، سواء وقف على واحد منهم، أو أسنده
إلى جده المصطفى أو أبيه المرتضى عليهما أفضل الصلاة والسلام. وهذا
هو الطريق الذي لا شبهة تعتريه، ولامرية في وجوب اتباعه. كما قيل:
ووال أناسا قولهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري (1) وليس هذا الطريق مختصا بهذا المسلك، بل ما أذكره في هذين البابين من
الأحاديث فسبيلها هذا السبيل ومسلكها هذا المسلك اتباعا لآثار أهل البيت

(1) كتب في هامش النسخ ما هذا لفظه: أوله:
إذا شئت أن تختر لنفسك مذهبا * ينجيك يوم البعث من لهب النار
فدع عنك قول الشافعي ومالكا * وأحمد والمروي عن كعب أحبار
301

واقتداءا بطرقهم المرضية، وأحوالهم الشهودية وأحكامهم العلوية. لثبوت الدليل
العقلي والنقلي على وجوب اتباعهم، وايجاب مودتهم
واجماع الأمة واتفاقها على عدالتهم وطهارتهم من الكذب وجميع
الأدناس والآثام. فعلم أن طريقهم وما أخذ عنهم معلوم الصحة، لا يمتري فيه
ولا يحيد عنه الامن طمس على قلبه الزيغ، وعمي عن رشده فقاد هواه، و
أغواه شيطانه. فكان من النصاب المعاندين للأحباب لمن هو لب اللباب، و
سيد الأطياب. حبيب الحضرة الإلهية ومقرب السدنة الربوبية، محمد
المحمود عند الله وعند جميع مقربي حضرته صلى الله عليه وعليهم أجمعين.
(1) روى المنقول عنه هذا المسلك في الأحاديث، من طرقه الصحيحة
عمن رواه (1) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " كل سبب ونسب منقطع

(1) ولا يلزم من عدم ذكر اسم المنقول عنه في هذا المسلك أن يكون من
المرسل. لما تقرر في الأصول أن الراوي إذا علم من حاله أنه لا يروي إلا عن الثقات
كان إرساله اسنادا (معه).
302

يوم القيامة الا سببي ونسبي " (1) (2) (3)
(2) وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله تبارك لو لم يخلق

(1) الوسائل كتاب النكاح باب (8) من أبواب مقدماته وآدابه حديث 5
ولفظ الحديث: (عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة
الا سببي ونسبي) ورواه الحاكم في المستدرك ج 3: 142 وأورده في البحار ج 7:
24 من الطبعة القديمة باب (79) في أن كل نسب وسبب منقطع الا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله
(2) المراد بالسبب، الاقتداء به والتمسك بسيرته. وقال بعضهم: المراد
بالسبب هنا، المصاهرة. وأما النسب فمعلوم. ومعنى الحديث: ان كل سبب ونسب
منقطع نفعه يوم القيامة، الا السبب المتصل به والنسب المتصل به صلى الله عليه وآله
فإنه لا ينقطع نفعه. لجواز ان يخص نفعه بمن اتصل به، وشفاعته وان كانت عامة، لكن
جاز اختصاصهم بمزيد شفاعة خاصة بهم، كما اختصوا بمزيد إنذار خاص بهم في قوله
تعالى: " وانذر عشيرتك الأقربين " فعلم أن لهم به مزيد اختصاص وقرب يوجب لهم
مزيد العناية (معه)
(3) أما السبب: فالظاهر أنه إشارة إلى قوله تعالى: " كل شئ هالك الا وجهه "
فإنه جاء في الأخبار الصحيحة، ان الوجه بمعنى الجهة. يعنى كل جهة وسبب من
الأسباب الدنيوية، تكون منقطعة عن النفع يوم القيامة الا الجهة التي يوصل بها إلى
رضاه، وهي مودة أهل البيت عليهم السلام والاعتقاد بولايتهم
وأما النسب، فقال الله تعالى: " فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتسائلون " وأما نسبه
صلى الله عليه وآله فروى عنه أنه قال في شأن العلويين: (الصالح منهم لنفسه والطالح
منهم لي. وينادي في عرصات القيامة، من كان له عندي يد فليقم إلي لأكافيه. من قضى
لذريتي حوائجهم ومن أمنهم من خوفهم ومن أشبع جائعهم وكسى عاريهم فيقوم
إليه عنق من الناس صنعوا الاحسان إلى ذريته، فيشفع فيهم حتى يدخلهم الجنة بغير
حساب وصنيعه هذا لذريته وأهل نسبه، لم يصنعه إلى غيرهم، فهذا نفع النسب وذلك
نفع السبب (جه).
303

محمدا وأهل بيته، لم يخلق سماءا، ولا أرضا، ولا جنة، ولا نارا " (1).
(3) وروي عنهم عليهم السلام: " الناس في التوحيد على ثلاثة أقسام: مثبت، وناف
ومشبه. فالمثبت مؤمن، والنافي مبطل، والمشبه مشرك " (2).
(4) وفي رواية أخرى: " التوحيد نفي الحدين، حد التشبيه وحد
التعطيل " (3).
(5) وروي " من زار قبر الإمام الحسين عليه السلام تمحضت ذنوبه، كما يمحض
الثوب في الماء ويكتب له بكل خطوة حجة وكلما رفع قدمه عمرة " (4) (5).

(1) ويرشد إليه قوله عليه السلام: " لو اجتمع الخلق على حب علي بن أبي طالب
لما خلق الله النار " وفي الحديث القدسي " أقسمت بذاتي. من أحب علي بن أبي طالب
أدخله الجنة وان عصاني " وروي أن آدم عليه السلام لما نظر إلى ساق العرش. رأى
أسمائهم سلام الله عليهم مكتوبة بسطور من نور، فقال: يا رب من هؤلاء؟ فقال: يا آدم
هؤلاء صفوتي من خلقي، وخزان علمي، لولاهم ما خلقتك، وما خلقت جنتي، ولا ناري
فعند ذلك نظر إليهم آدم بعين الحسد، أي الغبطة، فقدر عليه الخطيئة، والخروج عن الجنة " (جه).
(2) المثبت لإله واحد مؤثر بذاته في العالم، وناف لذلك، والمشبه له بخلقه.
فمن أثبت الصفات وضمها إليه وجعله مؤثرا بها أو بسببها، فهو مشبه لله بخلقه، لأنهم
لا يفعلون الا بواسطة انضمام الصفات إليهم (معه).
(3) حد التشبيه، هو أن يقول: انه شئ لا كالأشياء. وحد التعطيل أن يقول: انه
ليس شيئا. ونفي الحدين، أن يقال: إنه شئ لا كالأشياء. ومثله قول أمير المؤمنين
عليه السلام: ليس في الأشياء بوالج ولا عنه بخارج (معه).
(4) المستدرك كتاب الحج باب (30) من أبواب المزار وما يناسبه، حديث
1، نقلا عن كامل الزيارات.
(5) نص الأصحاب استنادا إلى النصوص على أن الفرض أعظم ثوابا من النقل
واستثنوا منه موارد خاصة:
منها أنظار المعسر وابرائه فان الأول واجب. والثاني نفل، وثوابه أكثر من
الأول. ومثل السلام ورده، فان الأول سنة، والثاني واجب، وثواب الأول أوفر، لأنه
سبب في الثاني إلى غير ذلك من الموارد النادرة.
ولم يذكروا من جملتها زيارة الإمام الحسين عليه السلام وانها تفضل على الحج الواجب
فمن ثم حملوا الحج المفضول على ما إذا كان تطوعا.
وذكر بعض المحققين له علة تستفاد من فحوى الاخبار وهي أن زيارته عليه السلام
ادخال السرور على رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه وعلى أبيه وأمه وأخيه سلام الله
عليهم ولا طاعة تعدل هذه الطاعة. والحج المندوب، وان اشتمل على تعب البدن و
انفاق المال الا ان المقصود منه أداء العبادة، لادخال السرور عليهم
وأورد على هذا معارضته لقوله عليه السلام: (أفضل الأعمال أحمزها) والجواب
عنه من وجوه. الأول ما قالوه: من أن معناه أفضل ذلك من النوع أعظم مشقة كالوضوء
في السبرات
الثاني: ان الحج له ثواب كما للزيارة، وكذلك مشقة الحاج لها ثواب آخر
كمشقة الزائرين. فلعل ثواب الزيارة أفضل من ثواب الحج والعمرة وثواب المشقة
في الحج أفضل من مشقة الزيارة، ان كانت أشق، فيكون الزيارة أفضل من الحج بالذات
والحج أفضل منه بالعارض
الثالث: ما قاله شيخنا الشهيد طاب الله ثراه، من أن الله سبحانه يثيب العبد على
العمل ثوابا استحقاقيا وآخر تفضليا، فلعل ثواب التفضيلي بالزيارة أفضل منه على
الحج، كما أن الثواب الاستحقاقي على الحج أفضل منه على الزيارة.
ويخطر بالبال نظرا إلى اطلاق النصوص، ان ثواب زيارته، يفضل الحج الواجب
في الثواب لان زيارته عليه السلام أفضل من جميع السنن الأكيدة، بل ذهب طائفة
من العلماء، نظرا إلى قوله عليه السلام: في عدة أخبار (زيارة الحسين عليه السلام
مفترضة على كل مؤمن) انها واجبة اما عينيا أو كفائيا، كما قيل في زيارة النبي
صلى الله عليه وآله ذلك، ولا ينافي هذا الوجوب الاتيان بالحج كما توهمه قاضي الحرمين
ابن بنت السيد شريف، فان ذلك من نصبه وخبث باطنه (جه)
304

(6) وروي " ان من زار قبر الامام أمير المؤمنين عليه السلام كانت له الجنة " (1).

(1) المستدرك كتاب الحج باب (16) من أبواب المزار وما يناسبه، حديث
2، نقلا عن السيد الرضي في الخصايص.
305

(7) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن
وليها فنكاحها باطل " (1) (2).
(8) وقد ورد هذا بلفظ آخر: " وهو أيما امرأة نكحت نفسها بغير أمر
مولاها فنكاحها باطل " (3) (4).
(9) وقال صلى الله عليه وآله: " لا نكاح الا بولي وشاهدين ".
(10) وروي " وشاهدي عدل " (5).
ويمكن حمله على نفي الفضيلة، مثل قوله صلى الله عليه وآله: " لا صلاة لجار المسجد
الا في المسجد، ولا صدقة وذو رحم محتاج ".
(11) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها " (6).
(12) وروي ابن أذينة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 6: 66.
(2) الولي هنا معناه مولاها، فالحديث يكون مخصوصا بالأمة بقرينة الحديث
الثاني. ويجوز أن يكون المولى في الثاني بمعنى الولي، وتخصيص ذلك بالصغيرة
أو غير الرشيدة (معه).
(3) مسند أحمد بن حنبل ج 6: 47 و 166.
(4) هذا منطبق على أقوال العامة، فإنهم اشترطوا الشاهدين في النكاح، ولم
يشترطوه في الطلاق عكس مذهبنا (جه).
(5) المستدرك كتاب النكاح، باب (5) من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد،
حديث 1، نقلا عن دعائم الاسلام. ورواه البيهقي في سننه، ج 7: 125 باب لا نكاح
الا بشاهدين عدلين.
(6) المستدرك، كتاب النكاح باب (30) من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها
حديث 5 و 6، نقلا عن الصدوق في المقنع، وعن عوالي اللئالي وصحيح مسلم
كتاب النكاح، (4) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح
حديث 37.
306

" إذا خيرها وجعل أمرها بيدها في غير قبل عدتها من غير أن يشهد شاهدين
فليس بشئ. وان خيرها وجعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين، في قبل عدتها
فهي بالخيار ما لم يفترقا. فان اختارت نفسها، فهي واحدة، وهو أحق برجعتها
وان اختارت زوجها فليس بطلاق " (1) (2).
(13) وروى أبو الحسن، علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله، ان أصل
التخيير، هو أن الله أنف لنبيه صلى الله عليه وآله من مقالة قالتها بعض نسائه، أيرى محمد
انه لو طلقنا، لا نجد أكفائنا من قريش يتزوجونا؟ فأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله أن
يعتزل نساءه تسعا و عشرين ليلة، فاعتزلهن النبي صلى الله عليه وآله في مشربة أم إبراهيم
فنزلت هذه الآية: يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها
فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وان كنتن تردن الله ورسوله والدار
الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما " فاخترن الله ورسوله، فلم
يقع الطلاق، ولو اخترن أنفسهن لبن (3) (4).
(14) وجاءت الآثار متظافرة عن ساداتنا عليهم السلام. ان أسماء بنت عميس
نفست بمحمد بن أبي بكر، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله حين أرادت الاحرام من ذي
الحليفة أن تحشي بالكرسف وتهل بالحج، فلما قدموا وقد نسكوا المناسك
وقد أتى لها ثمانية عشر يوما، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تطوف بالبيت وتصلي

(1) من لا يحضره الفقيه كتاب الطلاق (67) باب التخيير حديث 3.
(2) وهذا الحديث يدل على أن الاختيار يقع به الطلاق، إذا وقع بشرايط الطلاق
كما هو مذهب جماعة من العلماء استنادا إلى هذا الحديث وأشباهه (معه).
(3) رواه في الفقيه، كتاب الطلاق، باب التخيير، عن رسالة أبية رضوان الله
عليهما.
(4) أي صرن مطلقات، لا ان الطلاق صار باينا، حتى لا ينافي الحديث المتقدم
(معه).
307

ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك. (1) (2).
(15) وروى محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في كتابه من لا يحضره
الفقيه عن الصادق عليه السلام انه سئل عن الشفعة، لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ وهل
تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ قال: (الشفعة واجبة في كل شئ، من
حيوان أو أرض أو متاع. إذا كان الشئ بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه،
فشريكه أحق به من غيره، فان زاد على الاثنين، فلا شفعة لاحد منهم) (3) (4).
(16) وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن عبد الله بن سنان
قال: سألته عن مملوك بين شركاء، أراد أحدهم بيع نصيبه؟ قال: يبيعه، قلت
فإنهما كانا اثنين فأراد أحدهما بيع نصيبه، فلما أقدم على البيع، قال له شريكه
أعطني، قال: (هو أحق به) ثم قال عليه السلام: (لا شفعة في الحيوان إلا أن يكون
الشريك فيه واحدا) (5) (6).
(17) وروي إسماعيل بن مسلم عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام

(1) الوسائل كتاب الحج باب (91) من أبواب الطواف حديث 1.
(2) وهذا الحديث يدل على جواز الاحرام من الحائض والنفساء. وعلى أن
أقصى مدة النفاس ثمانية عشر. وعلى أن المستحاضة يصح منها الطواف والصلاة (معه).
(3) الفقيه، باب الشفعة حديث 12
(4) و هذا الحديث يدل على أمرين، (أحدهما) ان الشفعة ثابتة في كل شئ،
حيوان وغيره (والثاني) انها لا تكون فيما زاد على الاثنين من الشركاء، كما هو مذهب
جماعة من العلماء (معه).
(5) الفقيه، باب الشفعة، حديث 13.
(6) وهذا الحديث موافق للأول في جزء منه، وهو الحيوان، والثاني مسكوت
عنه (معه)
308

قال: (الشفعة على عدد الرجال " (1) (2).
(18) وروى عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قضى رسول
الله صلى الله عليه وآله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وقال صلى الله عليه وآله: لا ضرر
ولا اضرار) (3) (4)
(19) وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله: (ليس بين الرجل وبين
ولده ربا، وليس بين السيد وبين عبده ربا) (5).
(20) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (ليس بين المسلم وبين الذمي
ربا ولا بين المرأة وزوجها). (6) (7).

(1) الفقيه باب الشفعة حديث 4.
(2) وهذا الحديث يدل على جواز الشفعة مع تعدد الشركاء، كما هو مذهب جماعة
من العلماء. ويجوز تخصيصه في الحيوان بالحديث الثاني، فيخرج الحيوان. ويبقى
المعارضة بين هذا الحديث والحديث الأول في غير الحيوان
ويحتمل أن يراد بقوله: (على عدد الرجال) باعتبار ارث الشفعة إذا ورثها
المتعددون فلا تقع المخالفة بينه وبين الأول (معه).
(3) الفقيه، باب الشفعة حديث 2
(4) هذا الحديث لا ينافي ما تقدمه. لان الشركاء يحتمل أن يراد بهم الشركاء
المتعددون في الاملاك المتعددة، وإن كان كل ملك بين اثنين، وأيضا فإنه حكاية حال
وهي لا تعم (معه)
(5) الفقيه باب الربا حديث 11
(6) الفقيه باب الربا حديث 12
(7) هذا الحديث والحديث المتقدم عليه يخصص بها العمومات الواردة في
تحريم الربا من القرآن والسنة (معه).
309

(21) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " العارية مردودة، والزعيم غارم " (1) (2)
(22) وروى عبد الله بن مسكان، عن الفضل بن عبد الملك البقباق، قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طلق امرأته وهو مريض؟ قال: (ترثه ما بين سنة
ان مات من مرضه ذلك، وتعتد من يوم طلقها عدة المطلقة، ثم تتزوج إذا انقضت
عدتها، وترثه ما بينها وبين سنة، ان مات في ذلك المرض. فان مات بعد ما
يمضي سنة لم يكن لها ميراث) (3)
وروى الحسن بن محبوب عن ربيع الأصم، عن أبي عبيدة الحذاء
ومالك بن عطية كلاهما عن محمد بن علي عليهما السلام قال: (إذا طلق الرجل امرأته
تطليقة في مرضه ثم مكث في مرضه حتى انقضت عدتها ثم مات في ذلك
المرض بعد انقضاء العدة، فإنها ترثه ما لم تتزوج فان كانت تزوجت بعد انقضاء
العدة فإنها لا ترثه) (4).
(24) وروى ابن أبي عمير عن أبان أن أبا عبد الله عليه السلام قال: (رجل
طلق تطليقتين في صحته، ثم طلق التطليقة الثالثة وهو مريض، انها ترثه ما دام
في مرضه وإن كان إلى سنة) (5).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 5: 267 ولفظ الحديث: (العارية مؤداة، والمنحة
مردودة، والدين مقضي والزعيم غارم)
(2) على المعار وجب ردها. وأيضا من وجب المال في ذمته وجب عليه أداءه
للمضمون له (معه)
(3) الفقيه، كتاب الطلاق باب طلاق المريض حديث 1 وفي الوسائل كتاب
الطلاق باب (22) من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه حديث 11
(4) الفقيه، كتاب الطلاق، باب طلاق المريض حديث 3 وفي الوسائل كتاب
الطلاق باب (22) من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه، حديث 5.
(5) الفقيه كتاب الطلاق، باب طلاق المريض حديث 5. وفي الوسائل كتاب
الطلاق باب (22) من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه حديث 3.
310

(25) وروى سماعة قال سألته عن رجل طلق امرأته وهو مريض؟ فقال
(ترثه ما دامت في عدتها. فان طلقها في حال الاضرار. فهي ترثه إلى سنة فان
زاد على سنة يوما واحدا لم ترثه) (1) (2)
(26) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (المكاتب رق ما بقي عليه درهم) (3)
(27) وروى ابن مسعود عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: (إذا أدى المكاتب قدر قيمته عتق
وكان ما بقي عليه من مال الكناية دينا في ذمته) (4)
(28) وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (إذا أدى المكاتب نصف مال
الكتابة عتق،. وكان الباقي دينا في ذمته) (5)
(29) وروي عنه أيضا: (أنه كلما أدى جزء، عتق منه بقدر ذلك الجزء) (6)

(1) الفقيه كتاب الطلاق باب طلاق المريض حديث 7 وفي الوسائل كتاب
الطلاق باب (22) من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه حديث 4، وزاد في آخره (وتعتد
منه أربعة أشهر وعشرا، عدة المتوفى عنها زوجها)
(2) دلت الرواية الأولى، على أن الإرث مشروط بكون الموت في ظرف السنة
ودلت الثانية على أنه مشروط بعدم التزويج. ودلت الثالثة على أنه لا فرق في ذلك
الطلاق بين أن يكون بائنا أو رجعيا. ودلت الرابعة على أن الطلاق لا يكون بسؤال المرأة
ورضاها بل يكون الطلاق من الزوج قصدا لاضرارها. فوجب ثبوت هذه الأحكام. و
كون مجموعها شرطا في تحقق الميراث بمجموع هذه الأحاديث الأربعة (معه)
(3) هذا الحديث يدل على أن المكاتب لا يخرج بالكتابة عن الرقية وإنما يخرج
منها بأداء مال الكتابة سواء كان مشروطا أو مطلقا (معه)
(4) وهذا يدل على أن الكتابة، يستحب أن تكون بقدر القيمة. وانه إذا كانت
المكاتبة بقدر القيمة لم ينعتق الا بأدائها، فأما إذا كانت بأزيد من قيمته انعتق بأداء القيمة
. وبقي الزائد عليه دينا (معه)
(5) يحمل هذا على أن نصف مال الكتابة بقدر القيمة، ليوافق ما تقدم (معه)
(6) وهو مخصوص بالمطلق، ليوافق ما تقدم (معه).
311

(30) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (المكاتب يؤدي فيه من الحرية
بحساب الحر. وما فيه من الرقية بحساب العبد) (1).
(31) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: (أيما رجل كاتب عبدا على مئة أوقية فأداها
الا عشرة أواقي، وأيما رجل كاتب عبدا على مئة دينار فأداها الا عشرة دنانير
فهو مكاتب) (2)
(32) وفي الحديث أن فاطمة عليها السلام أتت بولديها الحسن والحسين عليهما السلام فقالت:
يا رسول الله هذان ابناك، فورثهما شيئا فقال عليه السلام (أما الحسن فله هديي وسؤددي

(1) يعني يؤدى من جميع ما لزمه من الجنايات أو يلزم له وكذا ما يلزمه من
الحدود وكذا في الميراث، وهذا مختص بالمطلق الذي أدى شيئا (معه).
(2) وهذا الحديث يوافق الحديث الأول وإن شئت فخصه بالمشروط، ليوافق
ما تقدم (معه).
312

وأما الحسين فله جودي وشجاعتي) (1) (2) (3).

(1) وهذا الحديث يدل على أمرين أحدهما: أن ولد البنت، ولد حقيقة، لأنها
قالت: هذان ابناك، وأقرها على ذلك والثاني: طلبها الإرث لهما يدل على أنه صلى
الله عليه وآله يورث، وعدل بهما إلى ميراث المعاني، ليعرفهما أن ميراث المال لها
خاصة دونهما نفيا للتعصيب (معه)
(2) رواه العلامة الفيروزآبادي في الفضائل الخمسة ج 3 باب ان الحسن و
الحسين عليهما السلام ورثهما النبي صلى الله عليه وآله في شكواه جملة من الصفات
الحميدة عن أسد الغابة. ورواه المتقي في كنز العمال ج 7 تحت رقم (18839)
ورواه ابن شهرآشوب. في مناقب آل أبي طالب ج 3 (فصل في معاني أمورهما) ولفظ
الحديث (عن زينب بنت أبي رافع قالت: رأيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم أتت بابنيها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في شكواه الذي توفى فيه
فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما، فقال: اما الحسن فله هيبتي وسؤددي، وأما الحسين
فله جرأتي وجودي) وزاد في المناقب بعد كلمة (وجودي) هذه العبارة (وفي كتاب آخر
ان فاطمة عليها السلام قالت: رضيت يا رسول الله، فلذلك كان الحسن حليما مهيبا، والحسين
نجدا جوادا)
(3) في النهاية، الهدى: السيرة والهيئة والطريقة (انتهى) * وفي العرف: الهدى
الوقار والسكون والحلم. وهذا لا يدل على تفاوتهم في الفضل، فإنهما في الفضل كفرسي
رهان
والأئمة صلوات الله عليهم وان اشتركوا في أصول الفضائل والمناقب إلا أن
كل واحد منهم خصه الله تعالى بصفة من الصفات العالية، كتخصيص أمير المؤمنين
عليه السلام بمجموع ما وجد في الأنبياء والأئمة متفرقا في الصفات، وزين العابدين
عليه السلام بالعبادة وملازمة التقية والصادق عليه السلام ومن بعده بنشر العلوم، لأنه
كان عليه السلام في آخر الدولة الأموية، وأول الدولة العباسية، وكانتا بمكان من
الضعف
وروى أن الحسين عليه السلام كان كثير البذل لماله على كل أحد حتى الشعراء
وأضرابهم، فكتب إليه الحسن عليه السلام يلومه على ذلك، فكتب إليه يا أخي أنت أعلم
بأن خير المال ما صين به العرض. وأما الشجاعة فناهيك بوقعة الطف، فإنه بارز
وحده ثلاثين ألفا بل أزيد، ولم يتفق مثله لاحد من الأنبياء. ومن يليهم من الأماثل (جه)
313

(33) وقال صلى الله عليه وآله يوما لأصحابه: " لتسلكن سنن الذين من قبلكم، حذو النعل
بالنعل، والقذة بالقذة (1) حتى لو أن أحدهم دخل حجر ضب لدخلتموه) (2) (3)
(34) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (كفارة عمل السلطان قضاء
حوائج الاخوان) (4)
(35) وروي في كتاب التكليف لابن أبي العزاقر، رواه عن العالم عليه السلام انه

(1) في النهاية (باب القاف مع الذال) ومنه الحديث: (لتركبن سنن من كان
قبلكم حذو القذة بالقذة). أي كما تقدر، كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع.
يضرب مثلا للشيئين يستويان و لا يتفاوتان
(2) رواه البخاري في صحيحه كتاب الاعتصام باب (قول النبي صلى الله عليه وآله لتتبعن
سنن من كان قبلكم)
ورواه مسلم في صحيحه كتاب العلم (3) باب اتباع سنن اليهود والنصارى
حديث 6. ورواه ابن ماجة في سننه ج 2 كتاب الفتن (17) باب افتراق الأمم
حديث 3994. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: 327 و 450 و 511
وأما مورد الحديث فهو ما رواه الترمذي في سننه كتاب الفتن (18) باب ما جاء
لتركبن سنن من كان قبلكم حديث (2180) ولفظ الحديث) أن رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط
يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط
فقال لهم النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: (سبحان الله هذ ا كما قال قوم موسى:
اجعل لنا إلها كما لهم آلهة. والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم)
(3) وهذا يدل على أن ذم الصحابة واخباره عنهم بأن ذلك يقع منهم، من جملة
الاخبار بالكائنات قبل كونها، وهو اخبار بالمغيبات، وهو من جملة معجزات النبي صلى الله عليه وآله
فلا بد من كونه واقعا قطعا (معه)
(4) الوسائل كتاب التجارة باب (46) من أبواب ما يكتسب به حديث 3.
314

قال: (من شهد على مسلم (مؤمن خ ل) بما يثلمه، أو يثلم ماله أو مروته سماه
الله كذابا وإن كان صادقا. ومن شهد لمؤمن ما يحي به ماله أو يعينه على عدوه
أو يحفظ دمه، سماه الله صادقا وإن كان كاذبا (1)
(36) وروى أيضا صاحب هذا الكتاب عن العالم عليه السلام قال: (إذا كان
لأخيك المؤمن على رجل حق فدفعه، ولم يكن له بينة، الا شاهد واحد، وكان
الشاهد ثقة، رجعت إلى الشاهد فسألته عن شهادته فإذا أقامها عندك، شهدت
معه عند الحاكم، على مثل ما شهد له لئلا يتوي (2) حق امرء مسلم) (3) (4)

(1) وهذا يدل على أن الحس العقلي، قد يصير قبيحا شرعا. والقبح العقلي قد
يصير حسنا شرعا، وهو من باب ترجيح المصالح الشرعية على المصالح العقلية إذا
تعارضت (معه)
(2) التوي: مقصورا ويمد، هلاك المال، يقال، توى المال بالكسر توى وتواء
هلك (مجمع البحرين)
(3) هذا الحديث مخصوص بمن له حق على الغير، ويكون م ن عليه الحق ليس
من أهل دينه ومذهبه. ويكون مرافعتهما على حاكم الجور. وهذا الحديث لم يعمل عليه أحد
من أصحابنا (معه)
(4) روى هذا المضمون سعد بن عبد الله في بصائر الدرجات، عن أبي عبد الله
عليه السلام، ومعنى ذلك الحديث بلفظه ومعناه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله
كان يقضي بشهادة رجل واحد مع يمين المدعي،. ولا يرد شهادة المؤمن فإذا كان لأحدكم
حق على أحد فجحده حقه، ولم يكن له شاهد غير واحد، فهو إذا رفعه إلى بعض أهل الجور
أبطل حقه لأنهم لا يقضون الا بالشاهدين، ولم يقضوا بقضاء رسول الله، فإذا شهد مع
ذلك الشاهد آخر، ليستخرج حق ذلك الرجل المسلم، فكان من يأجره الله، ويكون عدلا
عند الله
وذكروا مسألة نظير هذه، وهو أن الرجل إذا كان شاهدا ولم يذكر موردا لشهادة
بخطه وخاتمه، وكان معه آخر ثقة، متذكرا لها، جاز له إقامة الشهادة معه. ذهب إليه
أكثر القدماء استنادا إلى بعض الأخبار الواضحة وردها المتأخرون
وبالجملة إذا كان لمؤمن ثقة، حق على مخالف من مخالفي المذهب، وله شاهد
ثقة، وتحاكموا إلى قضاتهم وهم لا يجيزون الا لشاهدين، جاز لرجل من المؤمنين ان
يحتال في استخراج ذلك الحق بتورية في الشهادة، كأن يقول: عندي ظن بصحة هذا
القول، ونحو ذلك من العبارات الموهمة (جه).
315

(37) وروى محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن
يحيى، عن علاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته
متى يجب الغسل على الرجل والمرأة؟ فقال: (إذا أدخله فقد أوجب الغسل
والمهر والرجم) (1) (2)
(38) وفي حديث آخر: " إذا غيب الحشفة وجب الغسل والمهر والرجم "
(39) وروى حماد عن ربعي بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال: (جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما تقولون في الرجل
يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل؟ فقالت الأنصار: الماء من الماء، وقال المهاجرون
إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فقال عمر: لعلي عليه السلام ما تقول أنت يا أبا
الحسن؟ فقال عليه السلام: أتوجبون عليه الرجم والجلد، ولا توجبون عليه صاعا من
الماء) (3) (4)
(40) وروى أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا أبو الأسود، عن ابن

(1) الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب الجنابة، حديث 1
(2) وهذا الحديث مخصوص في معنى الادخال بالحشفة، بالحديث الثاني
(معه).
(3) الوسائل كتاب الطهارة باب (6) من أبواب الجنابة حديث 5.
(4) وهذا الحديث يدل على أن الغسل عقوبة. وان ايجاب أقوى العقوبتين
يستلزم ايجاب أضعفها، من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى (معه).
316

لهيعة عن دراج أبو السمح، وروى الساجي صاحب كتاب اختلاف الفقهاء
قال: حدثنا سليمان بن داود، قال أخبرنا أبو وهب (وهيب خ ل) قال: أخبرنا
عمر بن الحرث: ان دراجا أبو السمح حدثه، واجتمعا على أن دراجا قال: قال
عمر بن الحكم انه حدثه عن أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وآله ان أناسا
من أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله ليعلمهم الصلاة والسنن والفرائض
فقالوا يا رسول الله ان لنا شرابا نصنعه من القمح والشعير قال: فقال عليه السلام:
الغبيرا؟ قالوا: نعم، فقال عليه السلام لا تطعموه قال الساجي: في حديثه، أنه قال
ذلك: ثلاثا، وقال أبو عبيد: ثم لما كان بعد ذلك بيومين ذكروهما له أيضا،
فقال الغبيرا؟ قالوا: نعم، قال عليه السلام: لا تطعموه، قالوا: فإنهم لا يدعونها فقال: من
لا يتركها فاضربوا عنقه) (1) (2).
(41) وروى أبو عبيد أيضا، عن أبي مريم، عن محمد بن جعفر، عن زيد
بن أسلم عن عطاء بن يسار، ان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن الغبيرا؟ فنهى عنها، وقال:
" لا خير فيها " (3).
وقال ابن أسلم: هي الأسكركة (4) والاسكركة في لغة العرب: الفقاع

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 6: 427، نقلا عن أم حبيبة.
(2) أجمع أصحابنا على أن الفقاع وهو الشراب المتخذ من الشعير، حكمه حكم
الخمر، وان جهل حاله في الاسكار، لان حكم التحريم وقع معلقا على الاسم، والجمهور
حللوه وجعلوه طاهرا، بل قال أبو حنيفة: لا ينجس ولا يحرم من المسكرات الا الخمر، و
هذه الأخبار نافية ما قالوه من الحكمين (جه).
(3) الموطأ، كتاب الأشربة، حديث 10.
(4) قال في النهاية (باب السين مع الكاف): فيه (انه سئل عن الغبيراء؟ فقال
لا خير فيها، ونهى عنها قال مالك: فسألت زيد بن أسلم، ما الغبيراء؟ فقال: (هي السكركة)
هي بضم السين والكاف وسكون الراء، نوع من الخمور يتخذ من الذرة. قال الجوهري
(هي خمر الحبش) وهي لفظة حبشية وقد عربت، فقيل: السقرقع. وقال الهروي. وفي
حديث الأشعري، وخمر الحبش السكركة (انتهى).
317

(42) وروى أصحاب الحديث من طرق معروفة. ان قوما من العرب
سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله عن الشراب المتخذ من القمح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
" أيسكر؟ " قالوا: نعم، فقال صلى الله عليه وآله " لا تقربوه " (1).
ولم يسئل عن الشراب المتخذ من الشعير، عن الاسكار، بل حرمه على
الاطلاق.
(43) وروى أصحاب الحديث في كتبهم المشهورة. ان عبد الله الأشجعي
كان يكره الفقاع، ويكره أن يباع في الأسواق
(44) قال أحمد: وحدثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي، عن ضمرة، ان
الغبيراء التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وآله هي الفقاع.
(45) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله " أول ما يحاسب العبد به، عن الصلاة فإذا
ردت رد سائر عمله، وإذا قبلت قبل سائر عمله " (2) (3).
(46) وفي أحاديث أهل البيت عليهم السلام الصحيحة، انه سئل الصادق عليه السلام
عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله تعالى، وأحب ذلك إليه، ما هو؟ فقال عليه السلام

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 4: 232، وسنن أبي داود ج 3 كتاب الأشربة، باب
النهى عن المسكر حديث 3683
(2) الفقيه كتاب الصلاة، باب فضل الصلاة حديث 5، رواه عن الصادق
عليه السلام.
(3) معنى الرد هنا: عدم حصول الثواب، لا معنى عدم الصحة، والا لزم أن تكون
صحة الصلاة شرطا في صحة باقي العبادات، ولم يقل بذلك أحد من أهل العلم (معه).
318

(ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة) (1) (2).
(47) وروي عنهم عليهم السلام: (صلاة فريضة خير من عشرين حجة، وحجة خير
من بيت مملو ذهبا يتصدق منه حتى يفنى) (3) (4).

(1) الفقيه، كتاب الصلاة، باب فضل الصلاة حديث 13.
(2) هذا الحديث رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن وهب، وفي آخره
" ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال: وأوصاني بالصلاة والزكاة ما
دمت حيا " وفي هذا الحديث إشارة إلى أن المراد بالصلاة المفضلة هي اليومية. لان
اسم الإشارة إشارة إلى المعروف المتكرر
وفي الاقتصار من اسمه على الإشارة، تنبيه على تعظيمه، وتمييزه أكمل تمييز، كما
قالوه في (هذا أبو الصفر فردا في محاسنه) وفي قوله عليه السلام: (ما أعلم شيئا) دلالة
على عدم وقوعه، وإلا لكان معلوما له عليه السلام
وقد استدل الشهيدان قدس الله روحيهما بهذا الحديث على أفضلية الصلاة على
غيرها من العبادات، من غير تقييد بوقوعها في وقت الفضيلة، أم في وقت الاجزاء
وعورض بحديث رواه ابن مسعود عنه عليه السلام، انه سئل عن أفضل الأعمال
مطلقا؟ فقال: الصلاة في أول وقتها. فيجب حمل المطلق عليه، عملا بالدليلين، فلا يتم
المدعي.
هكذا أورده بعض الفضلاء، وأجاب عنه الشهيد الثاني. بمنع المنافاة الموجبة
للجمع بينهما بتقييد المطلق بموضع التقييد، فان الخبر الأول يدل على أن مطلق الصلاة
أفضل من مطلق العبادات، سواء وقعت أول وقتها أم آخره.
والحديث الاخر دل على كون الصلاة في أول وقتها أفضل الأعمال مطلقا، والعمل
بهما ممكن من غير منافاة. فان الصلاة مطلقا إذا كانت من غيرها من العبادات، كان الفرد
الكامل منها أفضل الأعمال قطعا بالنسبة إلى باقي أفرادها، والى غيرها. مع أن خبر ابن
مسعود ليس في قوة خبرنا الصحيح، فلا يصلح للتقييد لو توقف الامر عليه (جه).
(3) الفقيه كتاب الصلاة باب فضل الصلاة، حديث 9.
(4) هذا الحديث رواه في الكافي عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام
والفريضة كما قيل، وان كانت مطلقة، الا ان المتبادر منها اليومية. لان حمله على العموم
يوجب الفساد. لان الحج مشتمل على صلاة الفريضة، فيلزم تفضيل الشئ على نفسه فتخصيص الصلاة باليومية من هذه القرائن.
كما قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الرسالة، أولى من تخصيص الحجة
بالمجردة من صلاة الطواف، أو بالحجة المندوبة، أو بالواقعة في غير ملتنا، أو ان المتفضل
به في الصلاة أزيد من المستحق في الحج، مع قطع النظر عن المتفضل به في الحج
لعدم الدليل على ذلك كله.
وقوله صلى الله عليه وآله: أفضل الأعمال أحمزها أي أشقها، المقتضي لكون
الحجة أفضل من الصلاة يحمل على ما عدى اليومية، جمعا بين الاخبار، واقتصارا في
تخصيص هذا الخبر على ما تندفع به المنافاة. وتخصيص اليومية من بين الافراد، لما
تقدم، ولدلالة الأذان والإقامة على كونها أفضل الأعمال (جه).
319

(48) وقال رسول الله صلى الله عليه آله: " ليس مني من استخف بصلاته، لا يرد علي
الحوض، لا والله ليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض، لا والله " (1) (2)
(49) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (في السواك اثنى عشر خصلة: هو
من السنة ومطهرة للفم، ومجلاة للبصر، ويرضي الرحمان ويبيض الأسنان
ويذهب بالحفر (بالبخر خ) ويشد اللثة،. ويشهي الطعام ويذهب بالبلغم، و
يزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات، وتفرح به الملائكة " (3)

(1) الفقيه كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة حديث 28.
(2) قيل معناه انه لا يأتي بأفعاله وشرايطها، بسبب تقصيره في العلم بها أو بسبب
تقصيره في الاتيان بها على الوجوه المعتبرة شرعا. وقيل معناه: تأخيرها عمدا إلى
أو آخر أوقاتها، ويجعل ذلك عادة له من غير علة. وقيل معناه: أن لا يستعمل الحضور القلبي
في أغلب أحوال الصلاة. ولا شك ان الاستخفاف صادق على كل واحد من هذه المعاني
ويحتمل أن يكون الجميع مرادا (معه).
(3) الفقيه كتاب الطهارة باب السواك حديث 18.
320

(50) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " دم الحيض أسود " (1) (2).
(51) وروي عن علي عليه السلام قال: (ما أبالي أبول أصابني، أو ماء. إذا لم
أعلم " (3) (4).
(52) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا تنتفعوا من الميتة بأهاب ولا عصب " (5).
(53) وروي عن الباقر عليه السلام انه سئل عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة؟
فقال: " لا، ولو دبغ سبعين مرة " (6) (7).
(54) وروي عن الحسن بن علي عليهما السلام انه كان إذا قام إلى الصلاة لبس
أجود ثيابه. فقيل له في ذلك؟ فقال: (ان الله جميل يحب الجمال، فأتجمل
لربي) وتلا قوله تعالى: " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " (8) (9) (10).

(1) الوسائل كتاب الطهارة باب (3) من أبواب الحيض قطعة من حديث 4.
(2) وهذا يدل على اعتبار التميز. لأنه إذا تعارض الدمان، الأسود مع غيره، و
اشتبه الحيض منهما، حكم بان الأسود هو الحيض (معه).
(3) الوسائل كتاب الطهارة باب (37) من أبواب النجاسات حديث 5.
(4) هذا يدل على أن الأصل في الأشياء الطاهرة، حتى يعلم النجاسة (معه).
(5) مسند أحمد بن حنبل ج 4: 310 وسنن ابن ماجة ج 2 كتاب اللباس (26)
باب من قال: لا ينتفع من الميتة بأهاب ولا عصب حديث 3613.
(6) الوسائل كتاب الطهارة باب (61) من أبواب النجاسات حديث 1.
(7) فيه دلالة على أن الدبغ غير مطهر (معه).
(8) سورة الأعراف، الآية 31.
(9) الوسائل، كتاب الصلاة باب 54 من أبواب لباس المصلي حديث 6.
وتتمة الحديث (فأحب أن ألبس أجمل ثيابي).
(10) المسجد هنا مصدر بمعنى السجود، والمراد بالصلاة من باب اطلاق الجزء
على الكل. وفي الحديث أن التمشط قبل الصلاة من الزينة، وهو شامل للتمشط في
الليل والنهار. وهذا لا ينافي ما ورد في استحباب لبس أخشن الثياب لبعض الصلوات
مثل الصلاة لقضاء الحاجة ونحوها، فان ذاك مقام وهذا مقام (جه).
321

(55) وقال النبي صلى الله عليه والسلام: " الصلاة عمود الدين، فمن تركها فقد هدم الدين ".
(56) وقال عليه السلام: " مفتاح الجنة، الصلاة " (1).
(57) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الرجلين من أمتي يقومان في الصلاة، وركوعهما
وسجودهما واحد. وان من بين صلاتيهما مثل ما بين السماء والأرض " (2) (3).
(58) وقال صلى الله عليه وآله: " أما يخاف الذي يحول وجهه في الصلاة، أن يحول
الله وجهه وجه حمار " (4) (5).
(59) وقال صلى الله عليه وآله من صلى ركعتين، ولم يحدث فيهما نفسه بشئ من أمور
الدنيا، غفر الله له ذنوبه " (6) (7).

(1) الجامع الصغير للسيوطي ج 2، حرف الميم، نقلا عن مسند أحمد بن جنبل،
وعن البيهقي في شعب الايمان، وتتمة الحديث (ومفتاح الصلاة الطهور).
(2) جامع أحاديث الشيعة ج 5، باب (4) من أبواب كيفية الصلاة وآدابها،
حديث 9، نقلا عن عوالي اللئالي.
(3) أي في الفضل وكثرة الثواب باعتبار حضور أحدهما مع الله دون الاخر
(معه).
(4) جامع أحاديث الشيعة كتاب الصلاة باب (10) من أبواب القواطع
حديث 14 نقلا عن الشهيد الثاني في أسرار الصلاة.
(5) المراد بالوجه هنا، الجهة التي يتوجه بها إلى الله تعالى، وهو القلب.
كما في قوله تعالى: " وجهت وجهي " والمراد قلبي وعزمي وإرادتي. وتحويله بوجهه
إلى غيره، بالانصراف عن العزم الأول إلى عزم آخر. ويمكن أنه أراد به الاقتصار على
الظاهر، ويكون دالا على عدم جواز الالتفات في الصلاة بمجموع الوجه (معه).
(6) ثواب الأعمال (ثواب من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما) بتفاوت يسير
في ألفاظه.
(7) التقييد بأمور الدنيا، من غير أن يقول بشئ من غير أمور الصلاة، لأنه
هو المنافي للاقبال على الله تعالى، لا مطلقا. روى أنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه
وآله ناقتان، فقال لأصحابه: " من صلى ركعتين بحضور قلبه، أعطيته ناقة " فقام أمير
المؤمنين عليه السلام وصلى ركعتين، فلما فرغ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " انك حدثت
نفسك في الصلاة في أيتهما هي السمينة، لتأخذها، فأتى جبرئيل (ع) فقال: يا رسول
الله، انه حدث نفسه بهذا كي يأخذ السمينة وينحرها، ليقسم لحمها بين المساكين ".
وهذا لا ينافي حضور القلب، ويرشد إليه أيضا تصدقه بالخاتم في ركوعه،
مع أنه إذا كان داخل في الصلاة، انقطع عن عالم الحس واتصل بعالم القدس. ولما
سمع السائل يسأل، وهو في الصلاة فالتفت من عبادة إلى مثلها، تتقلب في العبودية
من طاعة إلى طاعة، وهذا هو العبادة الكاملة. ولما سئل ابن الجوزي عن التفاته عليه
السلام في أثناء صلاته إلى السائل قال شعرا:
يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته * عن النديم ولا يلهو عن الكأس
أطاعه سكره حتى تمكن من فعل * الصحاة فهذا أعظم الناس
نعم ينافي الاقبال على الصلاة ما حكى لي بعض الأصحاب. ان رجلا من صلحاء
النجف الأشرف، لما سمع حديث الكتاب مضى إلى مسجد الكوفة، ليصلى ركعتين
لم يحدث نفسه فيهما بشئ من أمور الدنيا، قال: فلما دخلت في الصلاة أتى إلى
الخبيث فألقى في روعي أن المساجد كلها لها لها منارات، ومسجد الكوفة ليس له منارة!
فقلت: الأحجار يؤتى بها من النبي يونس، والجص من مسجد السهلة، فأخذت في
بناء المنارة، وتم بنائها بتمام الركعتين. قال: فضربت بعمامتي على الأرض وقلت:
ما أتيت الا لبناء المنارة.
وهذا حال عامتنا في الصلاة، ومن ثم ورد في الزيارات: أشهد أنك يا أمير المؤمنين
أقمت الصلاة وأتيت الزكاة، إذ لو كان المراد بالصلاة ما يتناول صلاتنا، لما اختص
به عليه السلام (جه).
322

(60) وقال صلى الله عليه وآله: " إنما فرضت الصلاة وأمر بالحج والطواف وأشعرت
323

المناسك، لإقامة ذكر الله " (1) (2).
(61) وفي حديث عايشة، كان رسول الله صلى الله عليه وآله، يحدثنا ونحدثه، فإذا
حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه، شغلا بالله عن كل شئ (3).
(62) وفي الحديث ان عليا عليه السلام إذا حضر وقت الصلاة، يتململ، و
ويتزلزل، ويتلون. فقيل له: مالك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: (جاء وقت الصلاة
وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض، فأبين أن يحملنها وأشفقن
منها) (4).
(63) وفي حديث آخر عن علي بن الحسين عليهما السلام انه كان إذا حضر
الوضوء، اصفر لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فيقول:
(ما تدرون بين يدي من أقوم) (5).
(64) وروى معاذ بن جبل عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من عرف من على يمينه و

(1) الجامع الصغير للسيوطي ج 1، حرف الهمزة، ولفظ ما رواه: (إنما جعل
الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله).
(2) وهو التوجه إلى الله تعالى والحضور معه، حتى يكون القلب موافقا للسان
(معه)
(3) المستدرك كتاب الصلاة باب (2) من أبواب أفعال الصلاة حديث 17
من دون قوله: شغلا بالله من كل شئ.
(4) جامع أحاديث الشيعة، ج 5، كتاب الصلاة، باب (4) من أبواب كيفية
الصلاة وآدابها، حديث 40. ورواه في البحار، الطبعة الحديثة، ج 41 باب (101)
عبادته وخوفه عليه السلام.
(5) البحار، ج 46: 73 من الطبعة الحديثة باب (5) من مكارم أخلاقه وعلمه
وعبادته، حديث 61 نقلا عن الارشاد.
324

شماله متعمدا في الصلاة فلا صلاة له " (1) (2).
(65) وقال عليه السلام: " ان العبد ليصلي الصلاة، لا يكتب له سدسها (ثلثها خ ل)
ولا عشرها وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها " (3) (4).
(66) وقال عليه السلام: " ان الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا
مجاريه بالجوع " (5)
(67) وقال صلى الله عليه وآله لعايشة: " داومي قرع باب الجنة " فقالت: بماذا؟ قال
" بالجوع " (6).

(1) المستدرك كتاب الصلاة باب (2) من أبواب أفعال الصلاة حديث 13
نقلا عن عوالي اللئالي عن معاذ بن جبل
(2) ولا يحمل النفي هنا على نفى الصحة، والا لزم الحرج والمشقة التي لا
يمكن لاحد الا نادرا التخلص منهما، بل يحمل على نفى الكمال (معه).
(3) المستدرك كتاب الصلاة باب (2) من أبواب أفعال الصلاة حديث 13،
نقلا عن العوالي
(4) لما ورد في النصوص أن النوافل الراتبة، مثلا الفريضة، وانها شرعت لجبر
ناقص الفرائض. قال بعض أهل الحديث: لعل الوجه المناسب للاقتصار على خصوص
المثلين، أن عامة الناس إذا أرادوا الاقبال على الصلاة لا يتمكنوا غالبا الا من الاقبال
على ثلثها، فيبقى الثلثان، فينجبران بالنوافل (جه).
(5) أورده البخاري في صحيحه، باب (21) من كتاب الأحكام. وأحمد بن
حنبل في مسنده ج 3: 156، وغيرهما من أئمة الحديث من العامة بدون الجملة الأخيرة
(فضيقوا مجاريه بالجوع).
(6) كنوز الحقايق على هامش الجامع الصغير ج 1: 129، حرف الدال. و
في المحجة البيضاء في تهذيب الاحياء ج 5: 149، كتاب كسر الشهوتين، شهوة
البطن والفرج، ولفظ ما رواه (أديموا قرع باب الجنة يفتح، قيل: وكيف نديم قرع
باب الجنة؟ قال: بالجوع والظماء).
325

(68) وقال صلى الله عليه وآله: " أيسر أحدكم أن يكون على بابه حمة، يغتسل منها كل
يوم خمس مرات، فلا يبقى من درنه شئ؟ فقالوا: نعم، قال: " فإنها الصلوات
الخمس " (1).
(69) وروي عنه صلى الله عليه وآله انه قام في الصلاة حتى تورمت قدماه، فقيل له
في ذلك؟ فقال: " أفلا أكون عبدا شكورا " (2) (3).
(70) وروي عن الباقر عليه السلام وقد سئل عن اشتمال الصماء؟ فقال: (هو أن
يلتحف بالإزار، فيدخل طرفيه من تحت يديه، ويجعلهما على منكب واحد
ذلك فعل اليهود " (4) (5).

(1) نهج البلاغة 199، ومن كلام له عليه السلام كان يوصي به أصحابه
أوله: (تعاهدوا أمر الصلاة) إلى قوله: (وشبهها رسول الله صلى الله عليه وآله بالحمة
الخ). وفي جامع أحاديث الشيعة، كتاب الصلاة ج 4 (باب فضل الصلاة وانها
أفضل الأعمال بعد المعرفة) أحاديث متعددة في هذا المعنى مع اختلاف يسير في الألفاظ
فراجع.
(2) صحيح البخاري، في تفسير سورة الفتح، ومسند أحمد بن حنبل ج 4: 251
(3) عن الامامين أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، قالا: كان رسول الله صلى
الله عليه وآله، إذا صلى قام على أصابع رجليه حتى تورمت، فأنزل الله تعالى " طه "
ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " أي تتعب. وطه بلغة طي يا محمد. وكان يصلى الليل كله
ويعلق صدره بحبل حتى لا يغلبه النوم، فأمر الله سبحانه أن يخفف على نفسه، فكان بعد هذا
يقوم النصف الأخير من الليل، بعد أن كان يقوم الليل كله، وأوجب عليه صلاة الليل
(جه).
(4) وفيه تنبيه على كراهية فعله في الصلاة، بل وفي غيرها، للنهي عن التشبه
بهم (معه).
(5) هذا مضمون صحيحة زرارة إلا أن قيل. أن تدخل الثوب من تحت جناحك
فتجعله على منكب، وربما يوجد في بعض النسخ التهذيب، جناحيك فلا يكون فرق
بين الروايتين. وفسره أهل اللغة بغير هذا، قال القتيبي: وإنما قيل صماء لأنه إذا اشتمل
به، شد على يديه ورجليه المنافذ كلها، فيكون كالصخرة الصماء. والأصحاب رضوان
الله عليهم وان ذكروها في مكروهات الصلاة، إلا أن ظاهر اطلاق صحيحة زرارة، الاطلاق
لأنه قال: إياك والتحاف الصماء، من غير تقييد بالصلاة، وحديث الكتاب كاشف من
علة الكراهة، أعني التشبه باليهود (جه).
326

(71) وروى معاوية بن عمار، قال: رأيت الصادق عليه السلام يصلى في نعليه
غير مرة، ولم أره ينزعهما قط (1) (2) (3).
(72) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه رأى رجلا يخذف بحصاة في المسجد
فقال عليه السلام: " ما زالت تلعنه حتى وقعت، ثم قال: الخذف في النادي من أخلاق
قوم لوط، ثم تلا قوله تعالى: (وتأتون في ناديكم المنكر) (4) قال: هو
الخذف " (5) (6) (7).

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (37) من أبواب لباس المصلي حديث 4.
(2) وفيه دلالة على جواز الصلاة في النعلين، بل قد يفهم استحباب فعلها فيهما
لان ذلك يفهم من المواظبة منه عليه السلام على فعل ذلك (معه).
(3) ذكر الأصحاب استحباب الصلاة في النعل مطلقا، وربما كان الوجه في
حملها على العربية، انها هي المتعارفة في ذلك الزمان، ولعل الاطلاق أولى (جه).
(4) سورة العنكبوت الآية 29.
(5) الوسائل كتاب الصلاة باب (36) من أبواب أحكام المساجد حديث 1.
(6) وفيه دلالة على كراهية الخذف في المسجد وفي النادي (معه).
(7) روى ابن عباس ان ذلك المنكر من قوم لوط في مجالسهم، هو الخذف
في الحصى، والرمي بالبنادق، والفرقعة ومضغ العلك، والسواك بين الناس، وحل
الأزرار والسباب، والفحش والمزاح.
وقيل: كانوا يتحابقون ويسخرون بمن مر بهم، ويتجاهرون في ناديهم بذلك العمل
وخذفهم بالحصى لاعلام الغافل، حتى يقبل على ذلك العمل القبيح. وقوله: ما زالت
تلعنه، اما بلسان الحال أو بلسان المقال، وهو الأظهر
واما كيفية الخذف، ففي الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام، هو أن تضعها
على الابهام، وتدفعها بظفر السبابة. وقال الجوهري: الخذف بالحصى، الرمي به
بالأصابع. والظاهر شمول الكراهة لكل ذلك (جه).
327

(73) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " كشف السرة والركبة في المسجد من
العورة " (1) (2).
(74) وقال عليه السلام مخاطبا لأولياء الأطفال: " مروا أولادكم بالصلاة وهم
أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر " (3) (4).
(75) وقال صلى الله عليه وآله: " المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة " (5) (6).
(76) وروى بلال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من أذن في سبيل

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (37) من أحكام المساجد حديث 1
(2) وفيه دلالة على كراهية كشفها في المسجد مع الناظر وبدونه (معه).
(3) المستدرك للحاكم كتاب الصلاة ج 1: 197 (باب في مواقيت الصلاة)
وتتمة الحديث (وفرقوا بينهم في المضاجع).
(4) وفيه دلالة على وجوب ذلك على الأولياء. وعلى انه يجب عليهم تعليمهم الشرايع
والاحكام (معه).
(5) الوسائل، كتاب الصلاة باب (2) من أبواب الأذان والإقامة، حديث 21
ورواه ابن ماجة في سننه ج 1، كتاب الأذان والسنة فيها (باب فضل الأذان وثواب
المؤذنين) حديث 752.
(6) في النهاية في تفسير هذا الحديث: أطول الناس أعناقا، أي أكثرهم أعمالا
يقال: لفلان عنق من الخير، أي قطعة. وقيل أراد طول الأعناق أي الرقاب. لان
الناس يومئذ في الكرب،. وهم في الروح متطلعون، لا يؤذن لهم في دخول الجنة. و
قيل: أراد انهم يكونون يومئذ رؤساء سادة، والعرب تصف السادة، بطويل الأعناق
وروى أطول أعناقا، بكسر الهمزة، أي أكثر اسراعا وأعجل إلى الجنة (انتهى).
وقيل: أكثرهم رجاء، لان من يرجو شيئا طال إليه عنقه. وقيل: أراد أنهم لا يلجمهم
العرق فان الناس يوم القيامة يكونون في العرق بقدر أعمالهم. وقيل الأعناق
الجماعة. يقال: جاء عنق من الناس أي جماعة. فمعنى الحديث ان جمع المؤذنين:
يكون أكثر، فان من أجاب دعوتهم يكون معهم، فالطول، مجاز عن الكثرة لان الجماعة
إذا توجهوا مقصدا يكون لهم اعتداد في الأرض.
وقيل:: طول العنق كناية عن عدم الخجل، فان الخجل متنكس الرأس متقلص
العنق كما قال تعالى: " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم " وقيل:
معناه الدنو من الله، كناية لان طول العنق يدل على طول القامة، ولا ارتياب في أن طول
القامة ليس مطلوبا بالذات. بل لامتيازهم من سائر الناس وارتفاع شأنهم كما وصفوا
بالغر المحجلين، للامتياز والاشتهار. وقيل: غير هذا والمعنى الثاني والثالث من
معاني النهاية هما الأظهر (جه).
328

الله ولو صلاة واحدة، ايمانا واحتسابا وتقربا إلى الله تعالى غفر الله له ما
سلف من ذنوبه، ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره، وجمع بينه وبين
الشهداء في الجنة " (1).
(77) وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: (المؤذن يغفر له مد صوته
في السماء ومد بصره، ويصدقه كل رطب ويابس سمعه (معه خ ل) وله من كل
من يصلي في مسجده سهم، ومن كل من يصلي بصوته حسنة) (2) (3).

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (2) من أبواب الأذان والإقامة حديث 17.
ورواه في المستدرك، كتاب الصلاة باب (1) من أبواب الأذان والإقامة حديث 4
نقلا عن عوالي اللئالي عن بلال.
(2) الوسائل كتاب الصلاة باب (2) من أبواب الأذان والإقامة حديث 5
ورواه الصدوق في ثواب الأعمال (ثواب من أذن عشر سنين محتسبا) إلا أن فيها (من
اذن عشر سنين محتسبا إلى آخره) ورواه في الفقيه كتاب الصلاة، باب الأذان والإقامة
وثواب المؤذنين، حديث 21. كما في المتن.
(3) روى الصدوق قدس الله ضريحه هذا الحديث في كتاب الخصال، وفي
ثواب الأعمال. ومعناه كما قال في النهاية: تمثيل، ومن باب تشبيه المعقول بالمحسوس
أي المكان الذي ينتهي إليه الصوت، ولو قدر أن يكون ما بين أقصاه وبين مقام المؤذن
ذنوب تملأ تلك المسافة، لغفر الله له.
وقيل: المراد انه يغفر لأجله للمذنبين الذين يكونون في تلك المسافة من الذين
يصلون بأذانه. أو المراد يغفر له ترجيح صوته وغنائه في الأذان، وبتطلعه ببصره إلى
بيوت الجيران. وكلاهما بعيدان، سيما الثاني.
وأما تصديق الموجودات كلها للمؤذن، فبعضها بلسان القال وبعضها بلسان الحال
لان لسان حالها ينطبق بأن لها خالقا أعظم وأجل من أن يوصف ومن كل شئ، وهكذا
إلى آخر الفصول. وهذه الشهادة كما تكون في الدنيا تكون في الآخرة. روى أبو
سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا يسمع مد صوت المؤذن جن و
لا انس ولا شئ الا شهد له يوم القيامة ". وقوله: في السماء، يعنى مقدار الامتداد في
جهة العلو، ويجوز أن يراد حقيقة السماء، لما روى أن الله تعالى وكل ريحا بالأذان
ترفعه إلى السماء، وفي قوله: ومن كل من يصلى بصوته، اشعار بجواز التعويل على
المؤذن في دخول أوقات الصلاة (جه).
329

(78) وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (إذا أذنت، فلا تخفين
صوتك، فان الله يأجرك مد صوتك) (1).
(79) وعنه عليه السلام قال: (إذا أذنت في أرض فلاة وأقمت، صلى خلفك
صفان من الملائكة، وان أقمت (قبل أن تؤذن) (ولم تؤذن خ) صلى خلفك صف
واحد) (2).
(80) وفي حديث أن النبي صلى الله عليه وآله كان يؤذن له ويقيم لنفسه.
(81) وروى بعض أصحابنا عن الإمام الصادق (الصادقين خ ل) عليه السلام انه

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (16) من أبواب الأذان والإقامة،
حديث 5.
(2) الوسائل، كتاب الصلاة باب (4) من أبواب الأذان والإقامة، حديث 1.
330

قال: (المأموم أولى بالأذان، والامام أولى بالإقامة، فلا يقيم أحد منهم الا
باذنه) (1).
(82) وروى صفوان بن يحيى قال: صليت خلف الصادق عليه السلام أياما
فكان يقرأ في فاتحة الكتاب ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " فإذا كان في فريضة
لا يجهر فيها بالقراءة. جهر ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " وأخفى ما سوى
ذلك) (2) (3).
(83) وروى الهشامان (4) في الصحيح عن الصادق عليه السلام انهما سألاه
أيجزى أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود: لا إله إلا الله، والحمد لله
والله أكبر؟ فقال: (نعم كل هذا ذكر الله) (5) (6).
(84) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا سجدت فمكن جبهتك من
الأرض، ولا تنقر نقرا " (7).

(1) وفيه دلالة على أنه لو قام أحد بغير إذن الإمام، لم يعتد بها، ولم يسقط
بها الاستحباب. بخلاف الأذان، فإنه لو فعله أحد المأمومين أو غيرهم مع حكاية
الامام له في الأخير (معه).
(2) الوسائل، كتاب الصلاة باب (11) من أبواب القراءة، حديث 1.
(3) وهذا يدل على أن البسملة جزء من القرآن، وان الجهر في البسملة في موضع
الاخفات سنة مؤكدة (معه).
(4) أي هشام بن الحكم وهشام بن سالم.
(5) الوسائل كتاب الصلاة باب (7) من أبواب الركوع، حديث 1 و 2.
(6) هذا يدل على أن مطلق الذكر في الركوع والسجود مجز، لتعليله بالذكر
في قوله: نعم، كل هذا ذكر الله، لكن تعيين التسبيح أحوط، للاجماع على اجزائه
(معه).
(7) كنوز الحقايق للمناوي في هامش الجامع الصغير ج 1: 20 حرف الهمزة
نقلا عن أبي داود.
331

(85) وفي الأحاديث الصحيحة عنهم عليهم السلام: (ان الدعاء بعد الفريضة أفضل
من الصلاة نفلا) (1) (2) (3).
(86) وروى عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (التعقيب بعد الصلاة، أبلغ
في طلب الرزق من الضرب في البلاد) (4).
(87) وعنه عليه السلام: (من صلى صلاة فريضة وعقب إلى أخرى فهو ضيف
الله وحق على الله ان يكرم ضيفه) (5).
(88) وروي عن الحسن بن علي عليهما السلام قال: (من صلى فجلس في مصلاه
إلى طلوع الشمس كان له سترا من النار) (6).
(89) وروى هذا بعينه، ابن بابويه عن النبي صلى الله عليه وآله (7).
(90) وروى ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (من سبح تسبيح

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (5) من أبواب التعقيب.
(2) المراد بالصلاة المندوبة الابتدائية، لأنها ليست منصوصة بعينها، والتعقيب
منصوص عليه بعينه، فاهتمام الشارع به أكثر، فيكون أفضل (معه).
(3) فيكون الدعاء بعد الفريضة، أفضل من الدعاء بعد النافلة. فان للمصلى
دعوة مستجابة بعد الفريضة، فيكون معنى الحديث، استحباب تقديم الدعاء على صلاة
النافلة الراتبة وغيرها، لا أنه إذا اشتغل بالدعاء ترك النافلة. وان حمل المتبادر من
ظاهر الحديث احتاج إلى التخصيص المذكور في الحاشية. وبعض أهل الحديث
عمم الحكم في الراتبة وغيرها، وجعل الدعاء أفضل من جميع النوافل. وإن كان الاشتغال
به مستلزما لتركها (جه).
(4) الوسائل كتاب الصلاة باب (1) من أبواب التعقيب حديث 1.
(5) الوسائل، كتاب الصلاة باب (1) من أبواب التعقيب حديث 5.
(6) الوسائل كتاب الصلاة باب (18) من أبواب التعقيب حديث 1.
(7) الفقيه كتاب الصلاة باب كراهية النوم بعد الغداة حديث 15.
332

فاطمة الزهراء عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له) (1) (2) (3)
(91) وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال: (ما عبد الله بشئ أفضل من تسبيح
فاطمة الزهراء عليها السلام ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام
ان تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام في كل يوم دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة
ألف ركعة في كل يوم) (4).
(92) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ادعو الله تعالى وأنتم موقنون
بالإجابة، واعلموا ان الله تعالى لا يقبل (لا يستجيب خ) دعاء من قلبه غافل
لاه " (5).
(93) وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (ان الصاعقة تصيب المؤمن
والكافر ولا تصيب ذاكرا) (6).

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (7) من أبواب التعقيب، حديث 1.
(2) أي قبل أن يغير حالة التورك، إلى حالة التربع وغيرها (معه).
(3) نسبة هذه التسبيحة إليها عليها السلام باعتبار انها شكت إلى أبيها شدة ما
تلقى من خدمة البيت، من الطحن واستقاء الماء وكسح البيت، فطلبت منه خادما
فعلمها هذه التسبيحة عوضا عن الخادم. وعنه صلى الله عليه وآله: " إنما سميت ابنتي
فاطمة لان الله سبحانه فطمها وفطم من أحبها من النار " وفي حديث آخر: " انها فطمت
بالعلم وفطمت عن الطمث " وعن أبي الحسن عليه السلام (ان الله تعالى علم أن رسول الله
يتزوج في الأجانب، وانهم يطمعون في وراثة هذا الامر من قبله، فلما ولدت فاطمة
سماها الله تعالى فاطمة لما أخرج منها وجعل في ولدها، ففطمهم عما طمعوا، فبهذا
سميت فاطمة، لأنها فطمت طعمهم أي قطعته (الخ) (جه).
(4) الوسائل، كتاب الصلاة باب (9) من أبواب التعقيب حديث 1 و 2.
(5) المستدرك، كتاب الصلاة باب (15) من أبواب الدعاء حديث 2. نقلا
عن القطب الراوندي في الدعوات.
(6) الوسائل كتاب الصلاة باب (9) من أبواب الذكر حديث 5.
333

(94) وفي حديث عنهم عليهم السلام: (ان المراد بالذاكر من إذا عرض له
معصيته، ذكر الله وتركها لأجله. وإذا عرض له طاعة، ذكر الله ففعلها لأجله).
(95) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (سجدة الشكر واجبة (1) على
كل مسلم، تتم بها صلاتك، وترضي بها ربك، وتعجب الملائكة منك. وان
العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر، فتح الرب الحجاب بين الملائكة و
بين العبد) (2).
(96) وروي عن علي عليه السلام انه كان يقول إذا سجد سجدتي الشكر:
(وعظتني فلم اتعظ وزجرتني عن محارمك، فلم أنزجر وغمرتني أياديك
فما شكرت. عفوك عفوك يا كريم) (3) (4).

(1) المراد بالوجوب هنا شدة الاستحباب، إذ لم يقل بوجوبها أحد. (معه)
(2) الوسائل، كتاب الصلاة باب (1) من أبواب سجدتي الشكر قطعة من
حديث 5.
(3) المستدرك كتاب الصلاة باب (5) من أبواب سجدتي الشكر قطعة من
حديث 27.
(4) فيه إيماء على جواز صدور الذنب عنه عليه السلام، وفي صحيفة زين العابدين
عليه السلام مثله أيضا سيما دعاءه في الاستقالة من الذنوب، وكان موسى بن جعفر عليهما
السلام يقول في سجود الشكر: " رب عصيتك بلساني ولو شئت لأخرستني، وعصيتك
ببصري ولو شئت وعزتك لأكمهتني إلى آخره. وورد أيضا مثله من الخليل وعن
الكليم وعن داود وعن أكثر الأنبياء وجميع الأئمة صلوات الله عليهم ما يوهم هذا
المعنى
وقد ذكرنا في شرح الصحيفة، وشرحي التهذيب والاستبصار وجوها كثيرة و
أردنا أن لا يخلو هذا الكتاب من ذكر بعضها فلنذكر منها أوجها
الأول: ان الذي صدر من الأنبياء والأئمة عليهم السلام من البكاء والاعتراف
بالذنوب من باب تعليم الناس وارشادهم إلى كيفية هذه الطاعة، وان النبي صلى الله
عليه وآله كان يتصاغر في الكلام والأفعال للصبيان والأطفال، كما روى أن الحسين عليه
السلام في حال طفوليته أخذ تمرة من تمر الصدقة، ووضع في فيه،، فقال له: " كخ كخ
يا حسين " فأخرجها من فمه ورما بها، وكان يمشي على يديه ورجليه، والحسن والحسين
راكبان على ظهره وهو يمشي بهما ويقول: نعم الجمل جملكما، وأمثال هذا كثير.
ذكر هذا الوجه الفاضل الغزالي في بكاء داود (ع) واقراره بالذنوب. ومن تأمل
في أحوالهم سيما زين العابدين عليه السلام ظهر له الحال وراء هذا.
الثاني: ما صار إليه بعض أهل الحديث من أنهم عليهم السلام ربما باشروا بعض
المكروهات، كالصلاة في الثياب السود ونحو ذلك. وهذا أيضا كالأول لان مباشرتهم
للمكروهات، اما للدلالة على عدم تحريمها، أو اضطرارا إليها فيخرج عن حكم
الكراهة إلى حكم آخر.
الثالث: انه يجوز أن يوسوس إليهم الشيطان في بعض الأمور، فيرجعون إلى
حالهم ويستغفرون عما عرض لهم، كما وقع لجماعة من الأنبياء، مثل صفي الله آدم
والنبي داود ويونس وغيرهم. وهذا ليس من قبيل تسلط الشيطان لأنه سبب للقرب
والوصال بما حصل لهم من التوبة والرجوع، فهو علة في رفع درجات قربهم. وهذا الوجه يتوجه فيما حكيناه عن طائفة من الأنبياء، اما النبي وأهل بيته عليهم السلام فلم
يقع منهم مثله.
الرابع: ما قاله بعض المحققين: من أن هذا من باب انشاء التواضع، كما يقول
أحدنا لصاحبه: أنا عبدك وغلامك، قصرت في حقك، مع أنه غير مقصر. ومثله قول
علي بن الحسين عليه السلام (أنا الذي مثل الذرة أو دونها)
الخامس: ما أفاده الفاضل علي بن عيسى الأربلي، في كتاب كشف الغمة وتمدح
به، وتلقاه الأصحاب بالقبول. وحاصله أن أوقاتهم عليهم السلام مستغرقة في مطالعة أسرار
الجمال، وأنوار الجلال، فإذا توجهوا إلى هذا العالم بارتكاب مباح من المباحات كالأكل
ونحوه، عدوه ذنبا من الذنوب، لتضمنه الاعراض عن مطالعة أنوار المحبوب، فهم
يستغفرون عن صدور مثله عنهم. كما أن العبد لو أكل أو شرب في مكان وهو يعلم بمراء
ومسمع من سيده. يعد في عرف العقلاء مقصرا تاركا للأدب.
ومن هذا قوله: (حسنات الأبرار سيئات المقربين) وعليه حمل قوله صلى الله عليه وآله " و
انه ليران على قلبي، واني لاستغفر الله كل يوم سبعين مرة من غير ذنب " لأنهم إذا
تعاطوا شيئا من تلك المباحات، أسرعت كدورة ما إلى قلوبهم لكمال دقتها وفرط
نور آنيتها، فان الشئ كلما كان أرق وأصفى، كان كدورات المتكدرات عليه أبين وأهدى
وكانوا عليهم السلام إذا أحسوا بشئ من ذلك عدوه على النفس ذنبا واستغفروا منه.
السادس: ما أفاده شيخنا المحدث وكان يعده من الإلهامات، وحاصله. ان مادة
البشرية مستعدة لمباشرة الذنوب والمعاصي، والعصمة منها إنما هو من الألطاف الإلهية
و التوفيقات الخفيات، فاعترافهم بالذنوب إنما هو بالنسبة إلى حالاتهم الانسانية، الا
بالنظر إلى العصمة الإلهية، ويرشد إليه قوله تعالى: " لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن
إليهم شيئا قليلا " وقول الصديق: " ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي " وفي
دعاءه صلى الله عليه وآله " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين " وسأله بعض نساءه. لو وكلك إلى
نفسك ما كنت صانعا؟ فقال: " ما صنع أخي يونس بن متي ".
السابع: ان مراتبهم ودرجاتهم في معرفة الله تعالى، والاطلاع على عالم الملكوت
تتزايد يوما فيوما، كما كانت للنبي صلى الله عليه وآله تزيد بالوحي وغيره، وكان يعد معرفته ودرجته
أمس نقصا وذنبا بالنسبة إلى درجته في هذا اليوم، فهو يستغفر منه.
الثامن: ما خطر بهذا الخاطر العليل، واستخرجه فهمنا الكليل، وحاصله ان
التكليف إنما جاء بإزاء النعم الإلهية فهم عليهم السلام ممن لا توازي نعمه سبحانه عليهم
فإنه خلق لأجلهم عالم الوجود، وأوجب على الكونين الانقياد لهم، فهم يهمون بالشكر
الموازي لما أنعم عليهم، فلا يطيقونه، فيعترفون لأجل ذلك بالذنب والتقصير. فمعنى
ما تقدم من قوله: في سجدة الشكر: " عصيتك بلساني " ان لساني لا يطيق حمدك ولا
شكرك فهو عاص بالنسبة إلى ما ينبغي له، وقس عليه باقي ما ذكر من الجوارح
التاسع: انهم قادة الأنام، فربما عدت ذنوب الخلق ذنبا عليهم، ويرشد إليه قوله
تعالى: " انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " وورد في الحديث والتفسير، ان المراد به ذنب أمته. وقد بقيت وجوه أخر لا نطيل الكلام بها.
(جه).
334

(97) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله كان يضع عمامته عن رأسه في الصلاة، و
يضعها على الأرض، ويرفعها من الأرض ويضعها على رأسه (1) (2).
(98) وروى أبو بصير قال: سألت الصادق عليه السلام فقلت: أسمع العطسة
وأنا في الصلاة، فأحمد الله واصلي على النبي صلى الله عليه وآله؟ فقال عليه السلام: (نعم ولو
كان بينك وبين صاحبك البحر (اليم خ) (3) (4).
(99) وروى محمد بن مسلم في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(من كان في صلاة الكسوف فخشي أن تفوت الحاضرة، فإنه يقطع الكسوف
ويأتي بالحاضرة، ثم يبني على ما مضى من صلاة الكسوف) (5) (6) (7).

(1) المستدرك، كتاب الصلاة باب (27) من أبواب قواطع الصلاة حديث 1
نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) وهذه حكاية حال، وحكاية الحال لا تعم عند الأصوليين، فهي إنما تدل على وقوع
ذلك الفعل منه، ولو مرة. وإنما فعله لبيان جواز مثل ذلك من الأفعال القليلة في الصلاة
وانها غير مبطلة للصلاة (معه).
(3) الوسائل كتاب الصلاة باب (18) من أبوب قواطع الصلاة حديث 4.
(4) وهذا يدل على أن الحمد بعد العطسة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
مستحب مؤكد، سواء كان هو العاطس أو غيره، وسواء كان في الصلاة أو غيرها (معه).
(5) الوسائل كتاب الصلاة باب (5) من أبواب صلاة الكسوف والآيات
حديث 2.
(6) هذا الحديث معمول به، لكن لا يصح التلفظ بنية صلاة الحاضرة، بل يقتصر
على النية القلبية فلو تلفظ بها، بطلت الصلاة (معه).
(7) مراده ان النية المتلفظ بها كلام أجنبي، فيقع فصلا في الصلاتين. وما دل
عليه الحديث من القطع والبناء، هو مذهب الأكثر. للأخبار الصحيحة. وذهب الشيخ
في المبسوط إلى أن من قطع صلاة الكسوف لخوف فوات الفريضة، يجب عليه استينافها
من رأس، واختاره في الذكرى، ولا دليل عليه من الاخبار، والدليل العقلي لا يعتمد
عليه هنا (جه).
337

(100) وروى ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه ان الصادق عليه السلام
سئل: يصلى على الميت؟ فقال عليه السلام: (نعم حتى أنه يكون في ضيق فيوسع
عليه ذلك الضيق، ثم يؤتى فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة أخيك
فلان، عنك) (1).
(101) وروى علي بن جعفر في مسألة، عن أخيه موسى عليه السلام، قال: سألته
عن الرجل هل يصلح أن يصوم ويصلي عن بعض أهله؟ (موتاه خ) فقال: (نعم
يصلي ما أحب، ويجعل ذلك للميت، فهو للميت إذا جعله له) (2).
(102) وروى عباس بن موسى السباطي من كتاب أصله المروي، عن
الصادق عليه السلام عن الرجل يكون عليه صلاة أو يكون عليه صوم، هل يجوز أن
يقضيه عنه رجل غير عارف؟ قال: (لا، لا يقضيه الا مسلم عارف) (3) (4) (5).

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (12) من أبواب قضاء الصلوات حديث 4.
(2) الوسائل كتاب الصلاة باب (12) من أبواب قضاء الصلوات حديث 2.
(3) الوسائل كتاب الصلاة باب (12) من أبواب قضاء الصلوات حديث 5.
(4) المراد بالعارف بالاحكام المتعلقة بالصلاة والصوم العقلية والشرعية. أو
يكون المراد به العارف بطريقة أهل البيت عليهم السلام (معه).
(5) في هذا الحديث دلالة على ما نص عليه علمائنا قدس الله أرواحهم من جواز
الاستيجار عن الميت للصلاة والصوم. ويدل عليه الاجماع والاخبار. أما الاجماع فقال
صاحب الذكرى: إنما انعقد عليه الاجماع من الخلف والسلف، وقد تقرر ان اجماعهم
حجة قطعية، ثم قال: فان قلت: فهلا اشتهر مثل اشتهار الاستيجار على الحج حتى علم
من المذهب ضرورة؟ قلت: لعدم الحاجة إليه، فان سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة
والنافلة على حد لا يقع عن أحد منهم اخلال بها الا لعذر، وإذا اتفق فواتها بادروا إلى
فعلها لان أكثر قدمائهم على المضايقة المحضة، فلم يفتقروا إلى هذه المسألة، واكتفوا
بذكر قضاء الولي (انتهى) وهذا الاجماع نقله أيضا السيد ابن زهرة والفاضل المقداد
في الكنز.
واما الاخبار فقال الشهيد الثاني، انه روى من أربعين رجلا من أصحاب الصادق
عليه السلام، قال: يقضى عن الميت الحج والصوم والعتق وفعاله الحسن، وفي حديث
آخر والصلاة. وقد ساوى فيها بينها وبين الحج، وهو قابل للنيابة والإجارة اجماعا
فيكون غيره من العبادات مثله. وبالجملة الأخبار الواردة في هذه المسألة، كما اعترف
به الشهيد والمقداد أربعون حديثا خاليا عن المعارض
وفي الذكرى أيضا: ان الاستيجار على فعل صلاة الواجبة بعد الوفاة مبنية على
مقدمتين (أحدهما) جواز الصلاة عن الميت، وهذه اجماعية. و الأخبار الصحيحة ناطقة
بها (والثانية) انه كلما جاز الصلاة عن الميت جاز الاستيجار عنه، وهذه المقدمة داخلة
في عموم الاستيجار على الأفعال المباحة التي يمكن أن يقع عن المستأجر، ولم يخالف
فيها أحد من الامامية. وقول النافي من المتأخرين، ان الاخبار خالية من ذكر الإجارة
منقوض بالحج وأكثر المعاملات التي أوجب العقود والصيغ لها فقهائنا، فإنهم جوزوا
النيابة فيها والاستيجار عليها، مع خلو النصوص من الصيغ والإجارات فيها (جه).
338

(103) وروى في أصل هشام بن سالم، عن رجال الصادق عليه السلام والكاظم
عليه السلام قال هشام: وعنه عليه السلام قال: قلت: يصل إلى الميت الدعاء والصدقة
والصلاة ونحو هذا؟ قال: نعم، قلت: أو يعلم من صنع ذلك به؟ قال: نعم، ثم
قال: قد يكون مسخوطا عليه فيرضى عنه (1) (2).
(104) وروى علي بن أبي حمزة في أصله عن الصادق عليه السلام، وعن الكاظم
عليه السلام قال: وسألت عن الرجل يحج ويعتمر ويصلي ويصوم ويتصدق

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (12) من أبواب قضاء الصلوات حديث 7.
(2) يحتمل أن يكون من صنع ذلك للميت، مسخوطا عليه من قبل الميت فيرضى
عنه الميت بسبب ما فعله معه، من البر والصلة. ويحتمل أن يكون الميت هو بمسخوط
عليه، بسبب أفعاله القبيحة، فيرضى عنه بسبب ما فعله الحي لأجله من العمل الصالح
الواصل ثوابه إليه (معه).
339

عن والديه وذوي قرابته؟ قال لا بأس به، يؤجر فيما صنعه، وله أجر آخر بصلته
قرابته، قلت: وإن كان لا يرى ما أرى وهو ناصب؟ قال: يخفف عنه بعض ما هو
فيه (1) (2) (3).
(105) ورواه أيضا، الصدوق في كتابه.
(106) وروى الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة، عن الصادق، عليه السلام
قال: (يدخل على الميت في قبره، الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر و
الدعاء، قال: ويكتب أجره للذي فعله وللميت) (4).
(107) وروى حماد بن عثمان (عيسى خ ل) في كتابه قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: (ان الصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة وكل عمل صالح
ينفع الميت، حتى أن الميت ليكون في ضيق، فيوسع عليه، فقال: هذا بعمل
ابنك فلان، وأخيك فلان) أخوك في الدين (5).

(1) الوسائل، كتاب الصلاة باب (12) من أبواب قضاء الصلوات حديث 8
وروى في الوسائل أحاديث (2 و 4 و 5 و 7 و 8) عن غياث سلطان الورى لسكان الثرى في
قضاء ما فات عن الأموات للسيد رضى الدين علي بن موسى بن طاووس الحسيني الحلي
المتوفى 664 ه‍.
(2) وهذا يدل على أن صلة القرابة جائزة وإن كان القريب مخالفا للمذهب
(معه).
(3) المراد بالناصب هنا مطلق المخالف، كما هو أحد معانيه. أما لو أريد به
الناصب بالمعنى الأخص بين الفقهاء أعني من نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام
ففي جواز ايقاع تلك العبادات عنه اشكال، لأنه أشر من الكافر (جه).
(4) الوسائل، كتاب الصلاة باب (12) من أبواب قضاء الصلوات، حديث 10
نقلا عن غياث سلطان الورى.
(5) الوسائل كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات حديث 15
نقلا عن غياث سلطان الورى.
340

(108) وروي ان صفوان بن يحيى، و عبد الله بن جندب، وعلي بن النعمان
تعاقدوا في بيت الله الحرام، ان من مات واحد منهم، يصلي من بقي صلاته و
يصوم عنه ويحج عنه ويزكي عنه ما دام حيا. فمات صاحباه وبقي صفوان، و
كان يفي لهما بذلك، فيصلي كل يوم وليلة خمسين ومائة ركعة. وهؤلاء من أعيان
المشايخ والرواة عن الأئمة عليهم السلام (1).
(109) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " صلاة الجماعة تفضل صلاة
الفذ بخمس وعشرين درجة " (1).
(110) وروي " سبع وعشرين " (3).
(111) وقال صلى الله عليه وآله: " من رأيتموه يصلي في المسجد جماعة فظنوا به
كل خير " (4).

(1) المستدرك، كتاب الطهارة، باب (20) من أبواب الاحتضار حديث 13
باختلاف يسير في ألفاظه.
(2) الوسائل كتاب الصلاة باب (1) من أبواب صلاة الجماعة، فراجع. و
صحيح مسلم ج 1، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (42) باب فضل صلاة الجماعة
وبيان التشديد في التخلف عنها، حديث 245 و 246 و 247. وصحيح البخاري (كتاب
الأذان) باب وجوب صلاة الجماعة.
(3) صحيح البخاري (كتاب الأذان) باب وجوب صلاة الجماعة. وجامع أحاديث
الشيعة باب (1) من أبواب صلاة الجماعة وأحكامها، نقلا عن شرح اللمعة، ولفظ ما نقله
(الجماعة مستحبة في الفريضة مطلقا، متأكدة في اليومية، حتى أن الصلاة الواحدة منها
تعدل خمسا، أو سبعا و عشرين صلاة الخ) ونقله في الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1)
من أبواب صلاة الجماعة، رقم 16.
(4) الوسائل كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة، حديث 4، ولفظ
ما رواه (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى الخمس في جماعة فظنوا به خيرا).
ورآه في المستدرك كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة حديث 9 نقلا
عن دعائم الاسلام. ولفظ ما رواه (عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى
الصلاة في جماعة فظنوا به كل خير واقبلوا شهادته).
341

(112) وقال صلى الله عليه وآله لجماعة لم يحضروا المسجد معه: " لتحضرن المسجد،
أو لأحرقن عليكم منازلكم " (1) (2).
(113) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله رأى رجلا يصلي وحده، فقال: " الا رجل
يتصدق على هذا فيصلي معه " (3).
(114) وروى عنه صلى الله عليه وآله، قال: " من صلى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة

(1) الوسائل كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب صلاة الجماعة حديث 4 و
صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (42) باب فضل صلاة الجماعة وبيان
التشديد في التخلف عنها حديث 251 و 252 و 253 و 254. وسنن ابن ماجة ج 1، كتاب
المساجد و الجماعات (17) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة حديث 791 و 795 و
لفظ بعض ما رووه هكذا (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لينتهين رجال عن
ترك الجماعة، أو لأحرقن بيوتهم).
(2) قال المحدث العلامة الجزائري قدس سره، بعد نقل أخبار بهذا المضمون
ما هذا لفظه: والاخبار بمضمون هذا مستفيضة، وتوجيه الاحتراق والذم على ترك هذه
السنة بوجوه. (الأول) ان مثل هذه السنة الأكيدة التي هي من شعائر الدين لورود مثل
هذا التأكيد البليغ عليها، لم يكن كثيرا، حتى أن الشهيد الثاني طاب ثراه ذكر أنه لو
لم ينعقد الاجماع على استحباب صلاة الجماعة، لكان القول بوجوبها غير بعيد (الثاني)
ان الذين كانوا يتركون الجماعة معه صلى الله عليه وآله إنما هو رغبة عنها، لان أكثرهم كانوا من
المنافقين، ومن تركها رغبة عنها، تكون صلاته غير صحيحة، فيجب أمره بالمعروف ونهيه
عن المنكر، ومنه احراق بيوتهم (الثالث) ان حضور جماعته أوائل الاسلام، مما يزيد
في قوة شوكة الاسلام، والتقاعد عنها وهن لقوة الدين، لاطلاع الكفار على أحوال
المسلمين، فإذا عرفوا أن أصحابه لم يحضروا معه الصلاة، يزيد في قوتهم وجرأتهم، إلى
غير ذلك من الوجوه (جه).
(3) جامع أحاديث الشيعة كتاب الصلاة، باب (57) من أبواب صلاة الجماعة
حديث 9 وسنن أبي داود، كتاب الصلاة باب الجمع في المسجد مرتين، حديث 574.
342

فهو في ذمة الله عز وجل، ومن ظلم فإنما يظلم الله، ومن حقره فإنما يحقر
الله عز وجل " (1) (2)
(115) وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: " سووا بين صفوفكم، وحاذوا بين
مناكبكم، لئلا يستحوذ عليكم الشيطان " (3) (4).
أي لئلا يستولي عليكم ويملككم، ويجعلكم رعيته، من قولهم حاذ الحمار
العانة، إذا جمعها وساقها غالبا عليها.
(116) وقال عليه السلام، مخاطبا لأصحابه: " أقيموا صفوفكم، فاني أراكم من
خلفي، كما أراكم بين يدي، ولا تخالفوا، فيخالف الله بين قلوبكم " (5).

(1) الوسائل كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب صلاة الجماعة حديث 2.
(2) الذمة وردت بمعنى العهد، والأمان والضمان والحرمة، والحق، وكلها
تناسب المقام (جه)
(3) الوسائل كتاب الصلاة، باب (70) من أبواب صلاة الجماعة، حديث 4، و
روى مضمونه أئمة الحديث باختلاف يسير في ألفاظه، صحيح مسلم كتاب الصلاة (28)
باب تسوية الصفوف وإقامتها حديث 127 و 128 وسنن ابن ماجة كتاب إقامة الصلاة و
السنة فيها (50) باب إقامة الصفوف حديث 994، وسنن أبي داود ج 1 كتاب الصلاة
باب تسوية الصفوف، حديث 662 و 663 وصحيح البخاري كتاب الأذان، باب تسوية
الصفوف عند الإقامة وبعدها.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى ج 3: 101 باب إقامة الصفوف وتسويتها، و
لفظ ما رواه (ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " أقيموا الصفوف وحاذوا بين
المناكب وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان "
الحديث).
(4) وذلك أن الشياطين يتخللون الصفوف، فإذا رأو فرجة وقفوا فيها، فيستحوذون
على أهل الصفوف، أي يغلبون عليهم بالوساوس الشيطانية (جه).
(5) الوسائل كتاب الصلاة باب (70) من أبواب صلاة الجماعة حديث 7 و
رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب الصاق المنكب بالمنكب، والقدم بالقدم
في الصف.
343

(117) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " ينبغي للامام أن يسمع من
خلفه كلما يقول. ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا مما يقول " (1).
(118) وروي عن علي عليه السلام أنه قال: (قال النبي صلى الله عليه وآله الا اني نهيت أن
أقرأ راكعا وساجدا. أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا
فيه من الدعاء، فإنه قمن ان يستجاب لكم) (2).
(119) وروى ابن بابويه عن أبي جعفر عليه السلام قال: (ما من عبد منع من
مال زكاته شيئا، الا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار طوقا في عنقه، فهو
ينهش من لحمه حتى يفرغ الناس من الحساب، وهو قوله تعالى: " سيطوقون
ما بخلوا به يوم القيامة " (3) (4).
(120) وقال الباقر عليه السلام: (من كان له دار، واحتاج مؤمن إلى سكناها
فمنعه إياها قال الله عز وجل: ملائكتي بخل عبدي على عبدي بسكنى الدنيا
لا وعزتي وجلالي، لا يسكن جناتي أبدا) (5).
(121) وروي عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: (من بات شبعانا وبحضرته
مؤمن طاو، قال الله عز وجل ملائكتي، أشهدكم على هذا العبد، انني أمرته
فعصاني، وأطاع غيري، وكلته إلى عامله، وعزتي وجلالي، لا غفرت له

(1) الوسائل كتاب الصلاة، باب (52) من أبواب الجماعة حديث 3.
(2) الوسائل كتاب الصلاة باب (8) من أبواب الركوع حديث 2
(3) آل عمران: 180.
(4) الوسائل كتاب الزكاة، باب (3) من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب
فيه حديث 3.
(5) ثواب الأعمال للصدوق (عقاب من منع مؤمنا سكنى داره).
344

أبدا) (1) (122) وروي عنه عليه السلام أنه قال: " من كان عنده فضل ثوب، وعلم أن
بحضرته مؤمنا يحتاج إليه فلم يدفعه إليه، أكبه الله على منخريه في النار) (2) (3).
(123) وروي عن صفوان الجمال، قال: دخلت على الصادق عليه السلام فقلت:
جعلت فداك سمعتك تقول: شيعتنا في الجنة، وفي الشيعة أقوام يذنبون، ويرتكبون
الفواحش ويأكلون أموال الناس، ويشربون الخمر ويتمتعون في دنياهم؟ فقال:
(نعم هم أهل الجنة. اعلم أن المؤمن من شيعتنا لا يخرج من الدنيا حتى يبتلي
بسقم أو بفقر، أو بدين، أو بجار يؤذيه، أو بزوجة سوء. فان عوفي من
ذلك كله، شدد الله عليه في النزع عند خروج روحه، حتى يخرج من الدنيا
ولا ذنب عليه)
فقلت: فداك أبي وأمي، لا بد من رد المظالم. فقال عليه السلام: (ان الله تعالى
جعل حساب خلقه يوم القيامة على محمد وعلي عليه السلام، فكل ما كان على شيعتنا
حسبناه من الخمس في أموالهم، وكلما كان بينهم وبين خالقهم استوهبناه منه،

(1) ثواب الأعمال للصدوق (عقاب من شبع وبحضرته مؤمن جائع).
(2) عقاب الأعمال للصدوق (عقاب من اكتسى، ومؤمن عاري)
(3) المراد به من يكون محتاجا إلى ذلك، بحيث لا يكون عنده شئ، ويكون معلوما حاله. عند المسؤول عنه. اما بالاطلاع على حاله، أو كان معلوم العدالة عنده، و
يخبر عن حاله. وان سائلا مؤمنا صواما، مر بباب يعقوب عشية جمعة، عند أوان افطاره
فاستطعمهم، وهم يسمعون، فلم يصدقوا قوله: فلما يئس ان يستطعموه وغشيه الليل
استرجع وشكا جوعه إلى الله، وأصبح صائما حامدا لله، وبات يعقوب وآل يعقوب
بطانا وأصبحوا وعندهم فضلة من طعام، فابتلاه الله سبحانه بيوسف، وأوحى إليه ان
استعد لبلائي، وارض بقضائي، واصبر للمصائب، فرأى يوسف الرؤيا في تلك الليلة
(معه).
345

ولم نزل به حتى ندخله الجنة برحمة من الله وشفاعة من محمد وعلي عليهما السلام
حتى لا يدخل أحد من شيعتنا النار) (1).
(124) وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن فراش
حرير ومثله من الديباج هل يصلح للرجل النوم عليه، والتكاءة، والصلاة؟
فقال عليه السلام: (يفرشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه) (2) (3).
(125) وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: (كلما لا يؤكل لحمه، فالصلاة
في شعره ووبره وصوفه وجلده وعظمه وريشه وبوله وغائطه وكل شئ منه غير
جائز، لا يقبل الله تلك الصلاة. وما يؤكل لحمه تصح الصلاة في صوفه وشعره
ووبره وجلده وبوله وغائطه، وكل شئ منه، الا منيه ودمه) (4).
(126) وروي عنه عليه السلام أنه قال: (ان الخز أحله الله، وجعل ذكاته موته
كما أحل الحيتان، وجعل ذكاتها موتها) (5) (6) (7) (8).

(1) البحار، الطبعة الحديثة ج 68: 114 باب الصفح عن الشيعة وشفاعة أئمتهم
صلوات الله عليهم نقلا عن الروضة.
(2) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (15) من أبواب لباس المصلي، حديث 1.
(3) فيه دلالة على جواز افتراش الحرير في الصلاة وغيرها، الا انه لا يصح
السجود عليه (معه).
(4) الوسائل كتاب الصلاة باب (2) من أبواب لباس المصلي حديث 1 باختلاف
في بعض ألفاظه.
(5) الوسائل كتاب الصلاة باب (8) من أبواب لباس المصلي، قطعة من
حديث 4.
(6) التحليل هنا بمعنى الطهارة. ومعناه انه لا ينجس بالموت، كما أن الحيتان
لا تنجس بالموت، وليس المراد انه مأكول اللحم، للاجماع على تحريم أكله (معه).
(7) نبه على ما أفاده المصنف، في الوسائل في ذيل الحديث، فراجع.
(8) هذا التأويل ذكره الشهيد في الذكرى، حيث قال: الحكم بحله، جاز ان
يسند إلى حل استعماله في الصلاة، وإن لم يذك كما أحل الحيتان بخروجها من الماء حية
فقد تشبه للحل بالحل، لا في جنس الحلال. وقد أجمع علمائنا على جواز الصلاة في
وبر الخز. وأما جلده، فهو المشهور أيضا لم يخالف فيه سوى ابن إدريس والعلامة في
المنتهى والاخبار مستفيضة في جواز الصلاة فيهما، فلا يعدل عنها.
نعم اضطربت الاخبار، وكلام الأصحاب في حقيقة الخز، في أنه دابة بحرية أو
برية، أو هو نوعان منه برى ومنه بحري، أو هو حيوان يكون في الماء ويخرج إلى البر
ثم يرجع إلى الماء. وانه هل له نفس سائلة، لما ورد في حديث صحيح، أوليس له
نفس سائلة، كما هو مدلول حديث الكتاب: ومن ثم قال بعض مشايخنا من أهل الحديث
ان في جواز الصلاة في الجلد المشهور في هذا الزمان بالخز وشعره ووبره اشكالا، للشك
في أن هذا الوجود منه هل هو الخز المحكوم عليه بالجواز في أعصار الأئمة عليهم
السلام أم لا؟
وقال: الظاهر أنه غيره، لأن الظاهر من الاخبار انه مثل السمك يموت بخروجه
من الماء، وذكاته اخراجه من الماء. والمعروف بين التجار ان الخز المعروف الآن،
انها دابة تعيش في البر ولا تموت بالخروج من الماء، إلا أن يقال، انهما نوعان برى
وبحري وكلاهما مما يجوز الصلاة فيه، وهو بعيد. ويشكل التمسك بعدم النقل، واتصال
العرف من هذا الزمان إلى اعصار الأئمة عليهم السلام، فالاحتياط حينئذ في المنع من
الصلاة فيه (جه).
346

(127) وسئل عليه السلام عن الصلاة في فرو الخز وثيابه؟ فقال عليه السلام: (هو ذا
نلبسه ونصلي فيه) (1).
(128) وسئل عليه السلام عن الصلاة في فرو السنجاب؟ فقال عليه السلام: (لا بأس
به فإنه ليس مما يؤكل اللحم، وليس هو مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه
نهى عن كل ذي ناب ومخلب) (2).

(1) الوسائل كتاب الصلاة، باب (10) من أبواب لباس المصلي حديث 14
ما يقرب منه.
(2) الوسائل، كتاب الصلاة باب (3) من أبواب لباس المصلي، قطعة من
حديث 3.
347

(129) وروي عن علي بن الحسين عليه السلام انه كان رجلا صرودا، فكان
تجلب له الفراء من بلاد العراق فيلبسها، فإذا أراد الصلاة نزعها وصلى في
غيرها (1) (2).
(130) وفي الحديث ان النبي صلى الله عليه وآله قال لبعض أزواجه، في غسل دم
الحيض: حتيه، ثم اقرصيه، ثم اغسليه بالماء (3) (4).
(131) وروي عن الصادق عليه السلام في الثوب يصيبه البول: (اغسله مرتين
الأولى للإزالة، والثانية للانقاء) (5).
(132) وروى الشيخ في التهذيب، قال: روي أن الصادق عليه السلام كان في
طريق الحج، فمر على رجل وهو يسوي أحجارا لتكون مسجدا، فقال: يا بن
رسول الله أرجو أن يكون هذا من ذلك؟ فقال عليه السلام: وهو منه، أو قال:
نعم) (6) (7).

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (61) من أبواب لباس المصلي حديث 2.
(2) يمكن حمل هذه الرواية على أن تلك الفراء المجلوبة إليه من جنس مالا
يصلى فيه، بان يكون من جلود ما لا يؤكل لحمه مع التذكية، فيصبح لبسه في غير الصلاة
(معه).
(3) سنن النسائي ج 1 كتاب الطهارة باب دم الحيض يصيب الثوب، حديث 2.
(4) الحت. إنما يكون للنجاسة اليابسة. ومعناه أن تزال عين النجاسة بعود أو
بشئ. والقرص: هو فرك محل النجاسة بعد حتها. والأمران الأولان للاستحباب، لأنهما
شرعا للاستظهار في الغسل، والامر الثالث للوجوب، وتقييد الغسل بالماء، يدل على أنه
لا يجوز إزالة النجاسة بغير الماء المطلق من المياه، لانصراف الاطلاق إلى الحقيقة
(معه).
(5) المستدرك ج 1، كتاب الطهارة باب (1) من أبواب النجاسات حديث 3
نقلا عن عوالي اللئالي.
(6) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (8) من أحكام المساجد حديث 1.
(7) أي هذا العمل من أعمال المساجد، يعنى ثوابي مثل ثواب من عمل مسجدا
فقال عليه السلام (نعم هو منه) أي ثوابه مثل ثوابه (معه).
348

المسلك الثاني
في أحاديث تتعلق بمصالح الدين، رواها جمال المحققين في بعض كتبه
بالطريق التي له إلى روايتها.
(1) روى في كتابه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أكثروا من قول سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فإنهن يأتين يوم القيامة، لهن مقدمات و
مؤخرات، ومعقبات، وهن الباقيات الصالحات) (1) (2).

(1) الوسائل، كتاب الصلاة باب (31) من أبواب الذكر حديث 3.
(2) شبهها بالسلطان السائر بجنوده، حيث تكون حافة به. يعنى ان هذه التسبيحات
من بين الطاعات والأذكار، تأتي يوم القيامة بها كالملك المحفوف بعسكره. وتلك المقدمات
و المؤخرات و المعقبات، اما أن تكون عبارة عن باقي الأذكار، وانهم من جملة ثواب
هذا التسبيح وتوابعه، وهو إشارة إلى تجسم الاعمال يوم القيامة، وقال تعالى في سورة
الكهف: " و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا "
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله برجل يغرس
غرسا في حائط له، فوقف له، فقال: الا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع ايناعا و
أطيب ثمرا وأبقى؟ قال: بلى فدلني يا رسول الله فقال: إذا أصبحت وأمسيت، فقل:
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فان ذلك أن قلته بكل تسبيح عشر شجرات
في الجنة من أنواع الفاكهة، وهن الباقيات الصالحات.
وفى حديث آخر، إذا فرغ من الصلاة فليقلها ثلاثين مرة. وفى خبر آخر ان
الفقراء قالوا له: يا رسول الله، ان للأغنياء ما يعتقون ويحجون ويتصدقون، وليس لنا
فقال عليه السلام: من كبر الله مائة مرة، كان أفضل له من عتق مائة، ومن سبح الله مائة
مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة، ومن حمد الله مائة مرة كان أفضل له من حملان مائة فرس
في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها، ومن قال: لا إله إلا الله، مائة مرة كان أفضل الناس
عملا في ذلك اليوم الا من زاد (جه).
349

(2) وقال عليه السلام: لأصحابه ذات يوم: (أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب
والآنية، ثم وضعتم بعضه على بعض، أكنتم ترونه يبلغ السماء؟ قالوا: لا فقال
صلى الله عليه وآله: الا أدلكم على شئ أصله في الأرض وفرعه في السماء؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " عليكم بقول أحدكم إذا فرغ من الصلاة المفروضة
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكير ثلاثين مرة فان أصلهن في الأرض
وفرعهن في السماء، وهن يدفعن الحرق والغرق، والتردي في البئر، وأكل
السبع، وميتة السوء والبلية التي تنزل من السماء على العبد ذلك اليوم، وهن
الباقيات الصالحات " (1).
(3) وقال عليه السلام: " ألا أدلكم على سلاح ينجيكم من أعداءكم، ويدر
أرزاقكم؟ " قالوا بلى يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله: " تدعون في الليل والنهار
فان سلاح المؤمن الدعاء " (2).
(4) وروي عن الصادق عليه السلام قال: (جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و
قالوا: ان للأغنياء ما يعتقون، وليس لنا. ولهم ما يحجون وليس لنا. ولهم ما
يتصدقون، وليس لنا. ولهم ما يجاهدون وليس لنا. فقال عليه السلام: " من كبر الله
عز وجل مائة مرة كان أفضل من عتق مائة رقبة ومن سبح الله مائة مرة، كان
أفضل من سياق مائة بدنة. ومن حمد الله مائة مرة، كان أفضل من حملان مائة

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (15) من أبواب التعقيب حديث 1.
(2) الوسائل كتاب الصلاة باب (8) من أبواب الدعاء حديث 5.
350

فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها. ومن قال لا إله إلا الله مائة مرة
كان أفضل الناس عملا في ذلك اليوم الا من زاد. فبلغ ذلك الأغنياء، فصنعوه
فعاد الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله قد بلغ الأغنياء ما قلت، فصنعوه
فقال صلى اله عليه وآله: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء " (1).
(5) وفي الحديث القدسي قال صلى الله عليه وآله: " يقول الله تعالى: الا ان بيوتي في
الأرض المساجد، تضئ لأهل السماء كما تضئ (النجوم) لأهل الأرض. ألا
طوبى لمن كانت المساجد بيوته. ألا طوبى لمن توضأ في بيته ثم زارني في
بيتي. ألا إن على المزور كرامة الزائر. ألا بشر المشائين في الظلمات إلى
المساجد بالنور الساطع يوم القيامة " (2)
(6) وقال صلى الله عليه وآله: " من أسرج في مسجد من مساجد الله تعالى سراجا، لم
تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك
السراج " (3).
(7) وقال صلى الله عليه وآله: " هذه الصلوات الخمس المفروضات، من أقامهن وحافظ
على مواقيتهن، لقي الله وله عنده عهد، يدخل به الجنة. ومن لم يصلهن لمواقيتهن
فذلك إليه، ان شاء غفر له وان شاء عذبه " (4).
(8) وقال عليه السلام: ما من صلاة يحضر وقتها، الا نادى ملك من السماء بين يدي

(1) أصول كافى، باب التسبيح والتهليل والتكبير، حديث 1.
(2) ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من توضأ ثم أتى المسجد، حديث 2.
(3) ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا
حديث 1.
(4) ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من صلى الصلوات الخمس وأقامهن وحافظ
على مواقيتهن، حديث 1.
351

الناس: أيها الناس، قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فأطفئوها
بصلاتكم " (1).
(9) وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (من صلى باذان وإقامة صلى خلفه صف
من الملائكة لا يرى طرفاه، ومن صلى بإقامة صلى خلفه ملك) (2).
(10) وقال الصادق عليه السلام: " ان العبد إذا أطال السجود حتى لا يراه أحد
قال الشيطان: واويلاه أطاعوا وعصيت، وسجدوا وأبيت "
(11) " وأقرب ما يكون العبد إلى الله إذا هو سجد ".
(12) " وأيما مؤمن سجد وشكر نعمة الله في غير صلاته، كتب الله له بها عشر
حسنات ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات في الجنان " (3).
(13) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " صلاة الجماعة، تفضل صلاة الفذ بخمس
وعشرين درجة (صلاة خ ل) (3).
(14) وقال الصادق عليه السلام: (ان النبي صلى الله عليه وآله قال: شرف المؤمن في صلاة
الليل. وعز المؤمن كفه عن الناس. وصلاة الليل تبيض الوجوه، وتطيب الريح
وتجلب الرزق) (5).
(15) وقال النبي صلى الله عليه وآله: (يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة، وبعد العصر

(1) ثواب الأعمال للصدوق، ثواب الصلاة حديث 1.
(2) ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من صلى باذان وإقامة، حديث 1.
(3) ثواب الأعمال للصدوق، باب ثواب طول السجود حديث 1 و 2 وثواب سجدة
الشكر حديث 1.
(4) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (42) باب فضل الجماعة و
بيان التشديد في التخلف عنها، حديث 247 وفى الوسائل، كتاب الصلاة، باب
(1) من أبواب صلاة الجماعة حديث 5.
(5) ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من صلى الليل حديث 1 و 3.
352

ساعة أكفك ما أهمك " (1)
(16) وقال صلى الله عليه وآله: " الله الله في الزكاة، فإنها تطفئ غضب الرب
(ربكم خ) " (2).
(17) وقال صلى الله عليه وآله: " حصنوا أموالكم بالزكاة. وداووا مرضاكم بالصدقة
وما تلف مال في بر أو بحر الا بمنع الزكاة منه " (3).
(18) وقال عليه السلام: " أيما مؤمن أطعم مؤمنا ليلة في شهر رمضان، كتب الله
له بذلك مثل أجر من أعتق نسمه، قال: ومن أطعمه شهر رمضان كله كتب
الله له بذلك أجر من أعتق ثلاثين نسمة مؤمنة، وكان له بذلك عند الله دعوة
مستجابة " (4).
(19) وعن الباقر عليه السلام أنه قال: (عبد الله عابد ثمانين سنة، ثم أشرف على
امرأة، فوقعت في نفسه، فنزل إليها، فراودها عن نفسها، فتابعته، فلما قضى
منها حاجته، طرقه ملك الموت، واعتقل لسانه، فمر به سائل، فأشار إليه أن
يأخذ رغيفا كان في كسائه. فأحبط الله عمل ثمانين سنة، بتلك الزنية، وغفر له بذلك الرغيف) (5).
(20) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصدقة تدفع ميتة السوء " (6).

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (1) من أبواب التعقيب حديث 3.
(2) المستدرك، كتاب الزكاة باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة، حديث 9.
(3) المستدرك، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث 1.
(4) الوسائل كتاب الصوم باب (3) من أبواب آداب الصائم، حديث 8 نقلا
عن ثواب الأعمال.
(5) الوسائل كتاب الزكاة، باب (7) من أبواب الصدقة، حديث 3 نقلا عن
ثواب الأعمال.
(6) الوسائل كتاب الزكاة باب (1) من أبواب الصدقة، حديث 2.
353

(21) وقال عليه السلام: " الصدقة على أجزاء: جزء الصدقة فيه بعشرة، وهي
الصدقة على العامة. وجزء الصدقة فيه بسبعين، وهي الصدقة على ذوي العاهات
وجزء الصدقة فيه بسبعمائة، وهي على ذوي الأرحام. وجزء الصدقة
فيه بسبعة آلاف، وهي الصدقة على العلماء. وجزء الصدقة فيه بسبعين ألف
وهي الصدقة على الموتى " (1) (2).
(22) وقال الصادق عليه السلام: (أرض القيامة نار، ما خلا ظل المؤمن، فإنه في
ظل صدقته) (3) (4).
(23) وقال الرضا عليه السلام: (ظهر في بني إسرائيل قحط شديد، سنين متواترة
وكان عند امرأة لقمة من خبز، فوضعتها في فمها لتأكلها، فنادى السائل يا أمة
الله الجوع، فقالت المرأة أتصدق في مثل هذا الزمان، فأخرجتها من فيها و

(1) المستدرك كتاب الزكاة، باب (18) من أبواب الصدقة حديث 10 نقلا
عن العلامة الحلي في الرسالة السعدية، وعن عوالي اللئالي.
(2) وبه يجمع بين الاخبار المختلفة في ثواب الصدقة (جه).
(3) الوسائل، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب الصدقة حديث 7.
(4) وقال صلى الله عليه وآله: أرض القيامة تبدل بخبزة بيضاء تأكل منها الخلايق
وهم في الحساب، وبه فسر قوله تعالى: " يوم تبدل الأرض غير الأرض " وفى خبر آخر
ان أرض القيامة تكون فضة تحمية كجمر النار، والجمع بين الاخبار، اما بالحمل على تعدد قطعات تلك الأرض فيكون لكل قطعة تناسب اعمالهم وأحوالهم، وأما بالحمل على
تعدد مواقف الناس يوم القيامة، فإنهم يقفون فيه خمسين موقفا، يكون الناس في كل
موقف على حال من الأحوال.
كما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام في جواب ابن الكواء، حيث زعم أن
في آيات القرآن تناقضا، فإنه سبحانه قال في آية: " يوم تأتي تجادل كل نفس عن
نفسها " وفى آية أخرى " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم " وفى آية أخرى " يوم
يؤذن لهم فيعتذرون " إلى غير ذلك مما ظاهره التناقض، فدفع عليه السلام وهمه الفاسد
بما قلناه (جه).
354

دفعته إلى السائل، وكان لها ولد صغير يحتطب في الصحراء، فجاءه الذئب
فحمله فوقعت الصيحة، فعدت الأم في أثر الذئب فبعث الله عز وجل جبرئيل
عليه السلام، فأخرج الغلام من فم الذئب، فدفعه إلى أمه، وقال لها جبرئيل: يا
أمة الله، أرضيت لقمة بلقمة) (1) (2).
(24) وقال زين العابدين عليه السلام: (من قضى لأخيه المؤمن حاجة فبحاجة الله
بدأ وقضى الله له بها مائة حاجة، في إحداهن الجنة. ومن نفس عن مؤمن
كربة، نفس الله عنه كرب القيامة بالغا ما بلغت. ومن أعانه على ظالم له، أعانه
الله على إجازة الصراط عند دحض الاقدام
ومن سعى له في حاجته، حتى قضاها له، فيسر بقضائها، كان ادخال
السرور على رسول الله صلى الله عليه وآله ومن سقاه من ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم
ومن أطعمه من جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن نفس عن مؤمن كربه
نفس الله عنه كرب يوم القيامة بالغا ما بلغت. ومن كساه من عرى، كساه الله
من إستبرق وحرير. ومن كساه من غير عرى، لم يزل في ضمان الله ما دام على
المكسو من الثوب سلك. ومن أخدم أخاه المؤمن أخدمه الله من الولدان و
أسكنه مع أوليائه. ومن حمله على رحله، بعثه الله يوم القيامة على ناقة من
نوق الجنة يباهى به الملائكة.
ومن كفنه عند موته، فكأنما كساه من يوم ولدته أمه إلى يوم يموت. ومن
زوجه زوجة يأنس بها ويسكن إليها، آنسه الله في قبره بصورة أحب أهله إليه
ومن عاده في مرضه حفته الملائكة يدعو له حتى ينصرف، ويقول: طبت و

(1) الوسائل كتاب الزكاة، باب (7) من أبواب الصدقة حديث 4.
(2) هذا في بني إسرائيل كان يظهر في الحس، وأما في هذه الأمة فهو مستور في
الحس الا من جرب الصدقة يظهر له ما هو أعظم من هذا (جه).
355

طابت لك الجنة، والله لقضاء حاجة مؤمن أحب إلى الله من صيام شهرين متتابعين
واعتكافهما في المسجد الحرام (1).
(25) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعان أخاه المسلم، أو أغاثه حتى يخرجه
من هم، أو كربة أو ورطة، كتب الله له عشر حسنات، ورفع له عشر درجات
وأعطاه الله ثواب عتق عشر نسمات، ودفع عنه عشر نقمات، وأعد له يوم
القيامة عشر شفاعات
ومن أكرم أخاه المؤمن، بكلمة أو لفظ فرج بها كربته لم يزل في ظل الله
الممدود والرحمة ما كان في ذلك. ومن لقا أخاه بما يسره، سره الله يوم
القيامة، ومن لقا أخاه بما يسوءه، ساءه الله يوم القيامة. ومن تعظيم الله اجلال
ذي الشيبة المؤمن. ومن عرف فضل شيخ كبير فوقره لشيبه، آمنه الله من فزع
يوم القيامة " (2) (3).
(26) وقال الصادق عليه السلام: " إذا قبض الله روح المؤمن، صعد ملكاه إلى

(1) الوسائل، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (22) من أبواب
فعل المعروف حديث 5، نقلا عن ثواب الأعمال
(2) الظاهر أن لهذا الحديث روايات مختلفة، وأورد الجزء الآخر منه (ومن
عرف فضل شيخ كبير الخ) في الوسائل كتاب الحج باب (67) من أبواب العشرة
حديث 9. ورواه الصدوق في ثواب الأعمال، (ثواب من عرف فضل شيخ كبير فوقره).
(3) ورد في الاخبار اجلال ذي الشيبة حتى أنه ورد في الحديث، ان جبرئيل
لما رفع مداين قوم لوط بجناحه إلى قريب السماء، فانتظر الامر من أول الليل إلى
السحر حتى اذن له في قلبها، قال عليه السلام: إنما وقعت المهلة ليلا، لأنه كان شيخ من
أهل المداين نائم على قفاه وشيبته إلى السماء، فاستحى الله من عذاب أهل المدينة حتى
تغيرت هيئة نومه في وقت السحر فاذن لجبرئيل في العذاب، وقال عليه السلام: من
شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة (جه).
356

السماء فقالا: يا ربنا عبدك فلان ونعم العبد لك، سريعا في طاعتك، بطيئا عن
معصيتك، وقد قبضته إليك فبماذا تأمرنا من بعده؟ قال عليه السلام، فيقول الله لهما:
اهبطا إلى الدنيا، فكونا عند قبر عبدي، فمجداني، وسبحاني، وهللاني، وكبراني
واكتبا ذلك لعبدي، حتى أبعثه من قبره.
وإذا خرج المؤمن من قبره، خرج معه مثال يقدمه أمامه فكلما رأى المؤمن
هولا من أهوال يوم القيامة، قال له المثال: لا تحزن، ولا تفزع وأبشر بالسرور
والكرامة من الله، حتى يقف بين يدي الله تعالى، فيحاسبه الله حسابا يسيرا
ويأمر به إلى الجنة، والمثال معه أمامه، فيقول له المؤمن: رحمك الله، نعم
الخارج أنت معي، خرجت من قبري، ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من
الله حتى رأيت ذلك، فمن أنت؟ فيقول له المثال: أنا السرور الذي كنت
تدخله على أخيك المؤمن في الدنيا خلقني الله تعالى منه، لأبشرك " (1).
(27) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان الناس لكم تبع، فان رجالا يأتوكم
من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ". (2)
(28) وقال عليه السلام: " من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله به طريقا
من طرق الجنة، وان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به. وان

(1) أصول كافى ج 2، كتاب الايمان والكفر، باب ادخال السرور على المؤمنين
حديث 8، والوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (24) من أبواب
فعل المعروف، حديث 10. وكتاب ثواب الأعمال للصدوق باب ثواب ادخال السرور
على الأخ المؤمن حديث 1. وكلهم ذكروا الحديث مقطعا، وفي مجالس ابن الشيخ
بتمامه.
(2) سنن الترمذي، كتاب العلم (4) باب ما جاء في الاستيصاء بمن يطلب العلم
حديث 2650 و 2651. والبحار الطبعة الحديثة ج 1 باب (1) من أبواب العلم
حديث 23 نحوه.
357

طالب العلم يستغفر له من في السماوات والأرض، والحيتان في جوف الماء
وان فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " (1).
(29) وقال عليه السلام: " العلماء ورثة الأنبياء، وان الأنبياء لم يورثوا دينارا
ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه، أخذ بحظ وافر " (2) (3).

(1) أصول الكافي، كتاب العلم، باب ثواب العالم والمتعلم، حديث 1.
(2) أصول الكافي، كتاب العلم، باب ثواب العالم والمتعلم ذيل حديث 1. و
نفس المصدر (باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء) حديث 2. ورواهما أحمد بن حنبل
في مسنده ج 5: 196 ورواهما الترمذي في سننه ج 1، كتاب العلم (19) باب ما
جاء في فضل الفقه على العبادة حديث 2682. ورواهما الصدوق في ثواب الأعمال
(ثواب طالب العلم) حديث 1.
(3) سلوك الطريق، عبوره. و (يطلب) في موضع النصب، حال من الفاعل
والمراد به، العلم بالاحكام، للتفقه في الدين، إذ هو العلم على الاطلاق.
وقيل: يحتمل الحمل على العموم، لان العلم من حيث هو، له شرف وكمال
كما في " هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون "
ولا يخفى ما فيه، فان كثيرا مما سماه الناس علما، كعلم الأنساب، وعلم النجوم
ومعرفة الشعر، وعلم كتابة الدفاتر، وعلم الفلاسفة، إلى غير ذلك لا فضيلة له، بل
قال عليه السلام: " ان الجهل خير منه "
وقوله (سلك الله به طريقا إلى الجنة) المراد ان العبور لطلب العلم، عبور لدخول
الجنة. ادعاه، لكمال الأول في السببية، حتى صار كأنه نفس المسبب. ويجوز أن يكون
المراد من عبر في هذه الدنيا طريقا إلى طلب العلم يعبر في الآخرة طريقا إلى الجنة
وان الملائكة لتضع أجنحتها الخ. في النهاية، أي تفضها، لتكون وطاءا له إذ
مشى، وقيل: هو بمعنى التواضع، تعظيما لحقه، وقيل: أراد بوضع الأجنحة، نزولهم
عند مجالس العلم، وترك الطيران، وقيل، أراد به، اظلالهم بها
وقوله: (وفضل العالم على العابد) المراد ان فضل العالم حين اشتغاله بتحصيل
العلم على العابد من حيث إنه عابد ومرجعهما إلى أن العلم من حيث هو أفضل من
العبادة من حيث هي، فلا يراد ان العابد الغير العالم والعالم، الغير العابد، لا فضل
لهما.
وقوله عليه السلام: (العلماء ورثة الأنبياء إلى قوله: بحظ وافر) ذكر بعض أرباب
العقول. ان العلماء أولاد روحانيون للأنبياء لأنهم يقتبسون العلوم من مشكاة أنوارهم، و
يرثون ملكات أرواحهم، كما أن الأولاد الحقيقية والأقارب الصورية، يرثون الأموال
والنسبة الأولى آكد من الثانية. ولذلك كان حق المعلم الرباني على المتعلم أولى من
حق أبيه الجسماني عليه الخ (جه).
358

(30) وقال عليه السلام: " ان الله وملائكته، وأهل السماوات والأرض حتى
النملة في جحرها وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير. وفقيه
واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " (1).
(31) وقال عليه السلام: " من أكرم فقيها مسلما، لقي الله يوم القيامة، وهو عنه
راض. ومن أهان فقيها مسلما، لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان ".
(32) وقال الباقر عليه السلام: (العز رداء الله، والكبر أزاره، فمن جادل شيئا
منهما أكبه الله في جهنم) (2).
(33) وقال الباقر عليه السلام: (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من
الكبر) (2) (4).

(1) سنن الترمذي ج 5، كتاب العلم (19) باب ما جاء في فضل الفقه على
العبادة حديث 2685
(2) أصول الكافي، كتاب الايمان والكفر باب الكبر حديث 3.
(3) أصول الكافي، كتاب الايمان والكفر باب الكبر، حديث 6.
(4) المراد به هنا، بطريق الحق والخروج عن قانونه، مع ملاحظة هوى النفس
وارتكاب الطاعة السبعية والحيوانية. ولا يدخل رؤية النفس مع كثرة العلم، أو حصول
الثياب للتجمل، أو رؤية النفس على الكافر عند الضراب، فإنه من رؤية آثار نعمة الله
فهو شكر في الحقيقة، لا كبر (معه).
359

(34) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أكثر من يدخلون النار المتكبرون " (1)
(35) وقال الصادق عليه السلام: (ما من مؤمن يخذل أخاه، وهو يقدر على نصرته
الا خذله الله في الدنيا و الآخرة) (2)
(36) وقال عليه السلام: (أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب، ضرب الله عز وجل
بينه وبين الجنة سبعين ألف سور، كل سور مسيرة ألف عام ما بين السورين) (3).
(37) وقال عليه السلام: (أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج إليه، وهو يقدر
عليه من عنده، أو من عند غيره، أقامه الله يوم القيامة مسودا وجهه، مزرقة عيناه، مغلولة يداه إلى عنقه، فيقال: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله،
ثم يؤمر به إلى النار) (4).
(38) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة،
ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك جبار
ومقل محتال " (5).
(39) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " يؤمر برجال إلى النار، فيقول الله عز وجل
لمالك: قل للنار لا تحرقي منهم أقداما، فقد كانوا يمشون بها إلى المساجد

(1) عقاب الأعمال، باب عقاب المتكبرين حديث 9. ولفظ الحديث (قال رسول
الله صلى الله عليه وآله، أكثر أهل جهنم المتكبرون) ورواه في المستدرك (كما في
المتن) ج 2، كتاب الجهاد، باب (58) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه، حديث
5. نقلا عن الأمالي للشيخ الطوسي
(2) عقاب الأعمال (باب عقاب من خذل مؤمنا) حديث 1.
(3) أصول الكافي ج 2، كتاب الايمان والكفر (باب من حجب أخاه المؤمن)
حديث 1.
(4) أصول الكافي، ج 2، كتاب الايمان والكفر، (باب من منع مؤمنا شيئا من
عنده أو من عند غيره) حديث 1،
(5) أصول الكافي ج 2، كتاب الايمان والكفر (باب الكبر) حديث 14.
360

ولا تحرقي لهم فرجا، فقد كانوا يعفون. ولا تحرقي لهم وجها، فقد كانوا
يسبغون الوضوء. ولا تحرقي لهم أيديا. فقد كانوا يرفعونها في الدعاء. ولا
تحرقي لهم ألسنة، فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن، قال: فيقول لهم: خازن
النار، يا أشقياء، ما كان حالكم؟ فقالوا: كنا نعمل لغير الله، فيقال لهم: خذوا
ثوابكم ممن عملتم له " (1) (2).
(40) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من آذى مؤمنا بغير حق، فكأنما هدم مكة
وبيت الله المعمور عشر مرات، وكأنما قتل ألف ملك من المقربين " (3).
(41) وقال عليه السلام: " لا يرحم الله من لا يرحم الناس " (4).
(42) وقال عليه السلام: " الراحمون يرحمهم الرحمان. ارحموا من في الأرض
يرحمكم من في السماء " (5).
(43) وقال الصادق عليه السلام: " قال الله تعالى: ليأذن بحرب مني من آذاني في

(1) عقاب الأعمال (عقاب من عمل لغير الله عز وجل) حديث 1.
(2) فيه دلالة على أن بعض أهل جهنم، فيها من غير عذاب، كما تقدم في
حديث الكافر الذي أضاف المؤمن أو ان تعذب بعض أعضائه دون بعض، كما ورد في
تمام هذا الحديث. من أن النار تدخل في أفواههم إلى قلوبهم، فتحرقها لأنها منبع
الرياء ومورده (جه).
(3) المستدرك، كتاب الحج باب (125) من أبواب أحكام العشرة في السفر
والحضر حديث 6. نقلا عن عوالي اللئالي وعن العلامة في الرسالة السعدية.
(4) كنوز الحقايق للمناوي في هامش الجامع الصغير، ج 2: 177 حرف (لا) و
صحيح مسلم، كتاب الفضائل (15) باب رحمته صلى الله عليه (وآله) وسلم الصبيان
والعيال وتواضعه وفضل ذلك، حديث 66 ولفظ ما رواه (قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل).
(5) سنن أبي داود ج 4، كتاب الأدب، باب في الرحمة، حديث 4941
361

عبدي المؤمن، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن " (1).
(44) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل
لحمه معصية الله ".
(45) وقال الصادق عليه السلام: " طلب المنصور علماء المدينة، فلما وصلنا إليه خرج
الينا الربيع الحاجب، فقال: ليدخل على أمير المؤمنين منكم اثنان، فدخلت
أنا وعبد الله بن الحسن، فلما جلسنا عنده، قال: أنت الذي تعلم الغيب؟
فقلت لا يعلم الغيب الا الله، فقال: أنت الذي يجبى إليه الخراج؟ فقلت:
بل الخراج يجبى إليك، فقال: أتدري لم دعوتكم؟ فقلت: لا فقال: إنما
دعوتكم لأخرب رباعكم، وأوغر قلوبكم، وأنزلكم بالسراة، فلا أدع أحدا
من أهل الشام والحجاز يأتون إليكم، فإنهم لكم مفسدة، فقلت: ان أيوب ابتلي
فصبر، وان يوسف ظلم فغفر، وان سليمان أعطي فشكر، وأنت من نسل
أولئك القوم، فسرى عنه ثم قال: حدثني الحديث الذي حدثتني به منذ أوقات
عن رسول الله صلى الله عليه وآله. قلت: حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال: " الرحم حبل ممدود من الأرض إلى السماء، يقول: من قطعني قطعه
الله، ومن وصلني وصله الله " فقال: لست أعني هذا فقلت: حدثني أبي، عن جدي
عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " قال الله تعالى: أنا الرحمان، خلقت الرحم
وشققت له اسما من أسمائي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته " قال:
لست أعني ذلك، فقلت: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
" ان ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقي من عمره ثلاث سنين، ووصل
رحمه، فجعلها الله ثلاثين سنة. وان ملكا من ملوك بني إسرائيل كان بقي من
عمره ثلاثون سنة. فقطع رحمه فجعلها الله ثلاث سنين " فقال: هذا الذي

(1) أصول الكافي ج 2، كتاب الايمان والكفر، باب من آذى المسلمين واحتقرهم
حديث 1.
362

قصدت، والله لأصلن اليوم رحمي، ثم سرحنا إلى أهلنا سراحا جميلا) (1)
(46) وقال الصادق عليه السلام: (مدمن الخمر يلقى الله حين يلقاه كعابد الوثن
ومن شرب منه شربة، لم يقبل الله عز وجل صلاته أربعين يوما) (2).
(47) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أربعة لا تدخل بيتا واحدة الا خرب
ولم يعمر بالبركة: الخيانة والسرقة، وشرب الخمر، والزنا) (3).
(48) وقال صلى الله عليه وآله: " يجئ مدمن الخمر يوم القيامة، مزرقة عيناه، مسودا
وجهه، مائلا شفته، يسيل لعابه، مشدودة ناصيته إلى ابهام قدميه، خارجة يده من
صلبه فيفزع منه أهل الجمع، إذا رأوه مقبلا إلى الحسا ب) (4).
(49) (ومن أدخل عرقا من عروقه شيئا مما يسكر كثيره، عذب ذلك العرق
بستين وثلاثمائة نوعا من العذاب) (5).
(50) وقال الصادق عليه السلام: (يسأل المرء عن جاهه كما يسأل عن ماله، يقول:
جعلت لك جاها، فهل نصرت به مظلوما، أو قمعت به ظالما أو أغثت به
مكروبا) (6).

(1) المستدرك كتاب النكاح، باب (10) من أبواب النفقات حديث 29
نقلا عن عوالي اللئالي
(2) عقاب الأعمال، عقاب الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا حديث 2.
(3) عقاب الأعمال، عقاب الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا حديث 1.
(4) عقاب الأعمال، عقاب الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا حديث 4.
(5) عقاب الأعمال، عقاب الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا حديث 13.
(6) المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب 33 من أبواب
فعل المعروف حديث 9 نقلا عن العلامة الحلي في الرسالة السعدية وحديث 11، نقلا
عن عوالي اللئالي.
363

(51) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " (1).
(52) وقال صلى الله عليه وآله: " الظلم ظلمات يوم القيامة " (2).
(53) وقال الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: " ان ربك لبالمرصاد "
قال: (قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد له مظلمة) (3).
(54) وقال عليه السلام: (ان الله عز وجل يقول: وعزتي وجلالي، لا أجيب دعوة
مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها، ولأحد عنده مثل تلك المظلمة) (4).
(55) وقال عليه السلام (ان الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء، في مملكة
جبار من الجبابرة، ان ائت هذا الجبار، فقل له: اني لم استعملك على سفك
الدماء واتخاذ الأموال، و إنما استعملتك لتكف عني أصوات المظلومين، فاني
لن أدع ظلامتهم، وان كانوا كفارا) (5).
(56) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من اقتطع مال مؤمن غصبا بغير حقه، لم
يزل الله معرضا عنه ماقتا لاعماله التي يعملها من البر والخير، لا يثبتها في حسناته
حتى يتوب ويرد المال الذي أخذه إلى صاحبه) (6).

(1) صحيح البخاري كتاب الجمعة (11) باب الجمعة في القرى والمدن.
(2) كنوز الحقايق للمناوي في هامش الجامع الصغير ج 2: 10 حرف الظاء
المعجمة (فصل في المحلى بأل) والمستدرك، كتاب الجهاد، باب (77) من أبواب
جهاد النفس حديث 7، نقلا عن عوالي اللئالي. ورواه الترمذي في سننه، كتاب
البر والصلة (83) باب ما جاء في الظلم حديث 2030.
(3) عقاب الأعمال، عقاب من ظلم، حديث 2.
(4) عقاب الأعمال، عقاب من ظلم حديث 3.
(5) عقاب الأعمال عقاب من ظلم حديث 4.
(6) الوسائل كتاب الجهاد، باب (78) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه
حديث 6.
364

(57) وقال الصادق عليه السلام: (من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة، جاء يوم
القيامة بين عينيه مكتوب، آيس من رحمة الله تعالى) (1) (58) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: في آخر خطبة خطبها: " من تولى خصومة
ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت، بالبشرى بلعنة الله، ونار جهنم خالدا
فيها وبئس المصير. ومن خف لسلطان جائر في حاجة، كان قرينه في النار.
ومن دل سلطانا على الجور، كان مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد أهل
النار عذابا. ومن ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله، وحرم الله عليه ريح الجنة
وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام.
ومن أهان مسلما فقيرا من أجل فقره، واستخف به، فقد استخف بحق الله
ولم يزل في مقت الله وسخطه حتى يرضيه ومن أكرم فقيرا مسلما لقي الله يوم
القيامة، وهو يضحك إليه. ومن عرضت له دنيا وآخرة، واختار الدنيا وترك
الآخرة لقي الله عز وجل، وليست له حسنة يتقي بها النار ومن أخذ الآخرة
وترك الدنيا، لقي الله يوم القيامة وهو عنه راض. ومن اكتسب مالا حراما، لم
يقبل الله منه صدقة، ولا عتقا ولا حجا، ولا اعتمارا، وكتب الله له بعدد أجر
ذلك أوزارا، وما بقي بعد موته منه كان زاده إلى النار.
ومن فرج من أخيه كربة من كرب الدنيا، نظر الله إليه برحمة ينال بها
الجنة، وفرج الله عنه كربة في الدنيا والآخرة. ومن يبني على ظهر طريق ما
يأوى إليه عابر سبيل، بعثه الله يوم القيامة على نجيب من در، ووجهه يضئ
لأهل الجمع نورا، حتى يزاحم إبراهيم خليل الرحمان في قبته، فيقول: أهل
الجمع هذا ملك من الملائكة لم ير مثله قط، ودخل بشفاعته في الجنة أربعون

(1) عقاب الأعمال، عقاب من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة) حديث 1.
365

ألف ألف رجل " (1).
(59) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من ولي رقاب عشرة من المسلمين، ولم
يعدل فيهم، جاء يوم القيامة، ويداه ورجلاه في ثقب فاس " (2).
(60) وعن علي عليه السلام: (من ولي رقاب عشرة من المسلمين ولم يعدل فيهم
حشره الله يوم القيامة، ويداه مغلولتان إلى عنقه، فلا يفكهما الا عدله في
الدنيا) (3).
(61) وقال الصادق عليه السلام: (من ولي شيئا من أمور المسلمين فضيعهم
ضيعه الله تعالى) (4)
(62) وقال عليه السلام: (عبادة عدل ساعة، تعدل عبادة غيره سبعين سنة) (5).
(63) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ما من يوم يصبح على العباد، الا وفيه ملكان
ينزلان فيقول أحدهما: اللهم اعط كل منفق خلفا. ويقول الاخر: اللهم اعط
كل ممسك تلفا " (6).

(1) عقاب الأعمال، (باب يجمع عقوبات الاعمال) حديث 1 في خطبة خطبها
رسول الله صلى الله عليه وآله. وقال ابن عباس وأبا هريرة: وهي آخر خطبة خطبها حتى
لحق بالله عز وجل فوعظ بمواعظ ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب واقشعرت
منها الجلود، وتقلقلت منها الأحشاء الخ.
(2) عقاب الأعمال (باب عقاب من ولى عشرة فلم يعدل بينهم) حديث 1.
(3) الوسائل كتاب الجهاد، باب (50) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه
حديث 13، بأدنى اختلاف في الألفاظ.
(4) عقاب الأعمال (عقاب من ولى شيئا من أمور المسلمين فضيعهم) حديث 1.
(5) المستدرك، كتاب الجهاد باب (37) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه
حديث 4، نحوه نقلا عن سبط الطبرسي في المشكاة.
(6) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 306 ولفظ ما رواه (قال رسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم: ان ملكا بباب من أبواب السماء يقول: من يقرض اليوم يجزى غدا
وملكا بباب آخر يقول: اللهم اعط منفقا خلفا، وعجل لممسك تلفا، ورواه أيضا في
ج 5: 197 ولفظه: (ولا أبت شمس قط الا بعث بجنبتيها ملكان يناديان أهل الأرض
الا الثقلين: اللهم اعط منفقا خلفا واعط ممسكا مالا تلفا)
366

(64) وقال عليه السلام: (لا يتصدق أحد بتمرة من الكسب الطيب، الا أخذها الله
بيمينه، فيربيها، كما يربي أحدكم فلوه وقلوصه، حتى يكون مثل الجبل، أو
أعظم) (1).
(65) وعن رسول الله صلى الله عليه وآله انه ذكر النار، فتعوذ بالله منها، وأشاح بوجهه
ثلاث مرات، ثم قال: " اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة
طيبة " (2).
اشاح: أي جذب وانكمش على الوجه باتقاء النار، وقيل: قبض وجهه
وقيل، أعرض ونحى وجهه.
(66) وقال عليه السلام: " ما يسرني ان لي مثل أحد ذهبا، يأتي على ليلة وعندي معه
دينار، الا دينار أرصده لدين علي " (3).
(67) وقال عليه السلام: " سبعة يظلهم الله في ظله (في ظل الله خ ل) يوم لاظل

(1) رواه البخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي والدارمي وأحمد بن حنبل
متقاربة الألفاظ متحدة المعاني، وأقرب الألفاظ مع الكتاب ما رواه أحمد بن حنبل في
مسنده ج 2: 419 (عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: لا يتصدق
أحد بتمرة من كسب طيب الا أخذها الله بيمينه يربيها له، كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله
حتى تكون له مثل الجبل أو أعظم)
(2) صحيح مسلم، كتاب الزكاة (20) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة
أو كلمة طيبة، وانها حجاب من النار، حديث 68.
(3) صحيح مسلم كتاب الزكاة (8) باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة
حديث 31.
367

الا ظله، الإمام العادل (امام مقتصد خ ل) وشاب نشاء في طاعة الله وعبادته، و
رجل قلبه متعلق بعبادة (الله خ ل) إلى المسجد ورجلان تحابا في، الله اجتمعا
عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: اني أخاف
الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق
شماله، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه من حشية الله " (1).
(68) وقيل يا رسول الله، أي الصدقة أعظم؟ فقال: " ان تصدقت وأنت
صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم
قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان كذا " (2).
(69) وقال عليه السلام: (يا بن آدم! انك ان تبذل الفضل، فخير لك، وان تمسكه
فشر لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد
السفلى) (3).
(70) وقال عليه السلام: (صنايع المعروف تقي مصارع السوء) (4).

(1) صحيح مسلم، كتاب الزكاة (30) باب فضل اخفاء الصدقة، حديث 91.
والمستدرك، كتاب الجهاد، باب (14) من أبواب جهاد النفس حديث 27، نقلا عن
عوالي اللئالي
(2) صحيح مسلم كتاب الزكاة (31) باب بيان ان أفضل الصدقة، صدقة
الصحيح الشحيح 92 و 93.
(3) صحيح مسلم، كتاب الزكاة (32) باب بيان ان اليد العليا خير من اليد
السفلى وان اليد العليا هي المنفقة، وان اليد السفلى هي الآخذة حديث 97.
(4) غرر الحكم للآمدي، الفصل الرابع والأربعون مما ورد في حكم أمير المؤمنين
عليه السلام في حرف الصاد 24 ورواه في المستدرك كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر باب (1) من أبواب فعل المعروف حديث 12.
368

(71) وقال عليه السلام: (ان البيوت التي يمتار (1) فيها المعروف، تضئ لأهل
السماء كما تضئ الكواكب لأهل الأرض) (2)
(72) وقال عليه السلام: " على كل مسلم في كل يوم صدقة " فقالوا: يا نبي الله: فمن لم يجد؟ فقال: يعمل بيديه، فينفع نفسه، ويتصدق به " قالوا: فإن لم
يستطع؟ قال: " يعين ذا الحاجة الملهوف " قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: فليعمل
بالمعروف، وليمسك عن المنكر فإنها له صدقة " (3).
(73) وقال عليه السلام: (من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي في الجنة يا عبد الله
هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل
الجهاد دعي من باب الجهاد، وإن كان من أهل الصدقة دعى من باب الصدقة
ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام) (4)
وعنى عليه السلام بقوله: زوجين اثنين من كل شئ كدرهمين ودينارين، أو

(1) البيت يمتار منه المعروف، أي يؤخذ منه، ومنه الحديث ان البركة أسرع
إلى البيت الذي يمتار منه المعروف من الشفرة في سنام البعير. مجمع البحرين، في لغة
(مير)
(2) الوسائل، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (1) من أبواب
فعل المعروف حديث 1. وفى المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
باب (1) من أبواب فعل المعروف حديث 1، كما نقلناه آنفا عن مجمع البحرين، وزاد
في آخره (أو من السبيل إلى منتهاه).
(3) المستدرك، كتاب الزكاة، باب (40) من أبواب الصدقة حديث 2، نقلا
عن ابن أبي جمهور في درر اللئالي. ورواه البيهقي في السنن الكبرى ج 4: 188،
كتاب الزكاة عن البخاري ومسلم
(4) صحيح مسلم كتاب الزكاة (27) باب من جمع الصدقة واعمال البر
حديث 85.
369

ثوبين، وقيل: يزيد بشيئين، درهما ودينارا، أو دينارا وثوبا (1)
(74) وقال الصادق عليه السلام: (إنما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء، ومعونة
للفقراء ولو أن الناس أدوا الزكاة من أموالهم، ما بقي مسلم فقيرا محتاجا، و
لاستغنى بما فرض الله له. وان الناس لما افتقروا ولا احتاجوا، ولا جاعوا، ولا
عروا الا بذنوب الأغنياء. وحقيق على الله تبارك وتعالى ان يمنع رحمته ممن
منع حق الله من ماله، وأقسم وقال: والذي خلق الخلق وبسط الرزق، انه ما
ضاع مال في بر أو بحر الا بترك الزكاة. وما صيد صيد في بر أو بحر الا بترك
التسبيح في ذلك اليوم. وان أحب الناس إلى الله تعالى، أسخاهم كفا. وأسخى
الناس من أدى زكاة ماله، ولم يبخل على المؤمنين بما افترض الله لهم في
ماله) (2)
(75) وأيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا، فقد أوصل ذلك إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله) (3)
(76) وقال الصادق عليه السلام: (رأيت المعروف لا يصلح الا بثلاث
خصال: بتصغيره، وستره، وتعجيله فإنك إذا صغرته، عظمته عند من تصنعه
إليه، وإذا سترته تممته. وإذا عجلته، هنأته. وإذا كان غير ذلك، محقته

(1) " من أنفق زوجين " قال القاضي: قال الهراوي في تفسير الحديث: قيل: ما
زوجان؟ قال: فرسان أو عبدان أو بعيران. وقال ابن عرفة: كل شئ قرن بصاحبه فهو
زوج. يقال: زوجت بين الإبل إذا قرنت بعيرا ببعير. وقيل: درهم ودينار، أو درهم وثوب. قال: والزوج يقع على الاثنين ويقع على الواحد. وقيل: إنما يقع على الواحد
إذا كان معه آخر. ويقع الزوج أيضا على الصنف، وفسر بقوله تعالى: " وكنتم أزواجا
ثلاثة " ملخص شرح الامام النووي على صحيح مسلم.
(2) الوسائل، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب
فيه، حديث 6
(3) الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (1) من أبواب
فعل المعروف حديث 15.
370

ونكدته) (1)
(77) وإذا أردت أن تعلم أشقي الرجل أم سعيد، فانظر سيبه ومعروفه إلى من
كان يصنعه، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله، فاعلم أنه إلى خير، وإن كان يصنعه
إلى غير أهله، فاعلم أنه ليس عند الله عز وجل خير) (2).
(78) وقال عليه السلام: (خياركم سمحائكم، وشراركم بخلائكم، ومن خالص
الايمان البر بالاخوان والسعي في حوائجهم. وان البار بالاخوان ليحبه الرحمان
وفي ذلك مرغمة الشيطان، وتزحزح عن النيران ودخول في الجنان) (3)
(79) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الرفق رأس الحكمة. اللهم من ولي شيئا
من أمور أمتي، فرفق بهم، فارفق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه " (4)
(80) وقال عليه السلام: (كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم) (5).
(81) وقال عليه السلام: (الدنيا حلوة خضرة، وان الله يستعملكم فيها، فناظرة كيف تعملون) (6).

(1) الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (9) من أبواب
فعل المعروف، حديث 1
(2) الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باب (5) من أبواب
فعل المعروف حديث 1.
(3) الوسائل كتاب الزكاة باب (50) من أبواب الصدقة حديث 2.
(4) المستدرك كتاب الجهاد، باب (27) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه
حديث 14، نقلا عن عوالي اللئالي، ونقل الجزء الأول من الحديث (الرفق رأس الحكمة)
في الجامع الصغير للسيوطي ج 2: 26 حرف الراء المهملة
(5) الجامع الصغير للسيوطي، ج 2: 98 حرف الكاف، نقلا عن ابن حيان في
صحيحه
(6) الجامع الصغير للسيوطي، ج 2: 17 حرف الدال المهملة، نقلا عن الجامع
الكبير للطبراني.
371

(82) وقال عليه السلام: (ان لله عبادا اختصهم بالنعم، يقرها فيهم ما بذلوها للناس
فإذا منعوها حولها منهم إلى غيرهم) (1).
وكان كسرى قد فتح بابه، وسهل جنانه، ورفع حجابه، وبسط اذنه لكل
واصل إليه فقال له رسول ملك الروم: لقد أقدرت عليك عدوك بفتحك الباب
ورفعك الحجاب؟ فقال: إنما أحصن من عدوي بعدلي: وإنما انصبت هذا
المنصب وجلست هذا المجلس لقضاء الحاجات، ودفع الظلامات، فإذا لم
تتصل الرعية إلي فمتى أقضي حاجته، واكشف ظلامته
وكان ملك الهند قد ذهب سمعه، فاشتد حزنه وجزعه، فدخل عليه أهل مملكته
لتعزية في سمعه، فقال: ما جزعي وحزني على ذهاب هذه الجارحة، ولكن
لصوت المظلوم كيف أسمعه إذا استغاث بي؟ ولكن إذا ذهب سمعي، فما
ذهب بصري، فأمرت لكل ذي ظلامة بلبس الأحمر حتى إذا رأيته عرفته
وقربته وأنصفته وانتصفت له.
(83) وروي: ان أقرب الناس إلى الله تعالى، وأحبهم إليه وأدناهم منه
مجلسا يوم القيامة، امام عادل "
(84) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان الله ليسأل العبد في جاهه، كما يسأل في ماله
فيقول: يا عبدي رزقتك جاها، فهل أغثت مظلوما، أو أعنت ملهوفا " (2)
(85) وقال عليه السلام (الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إليه أنفعهم لعياله) (3).

(1) الجامع الصغير للسيوطي ج 1: 93 حرف الهمزة نقلا عن الطبراني في
الكبير، وعن أبي نعيم في الحلية
(2) المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (33) من
أبواب فعل المعروف حديث 11 نقلا عن العوالي.
(3) الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (22) من أبواب
فعل المعروف، حديث 9 بتفاوت يسير، ورواه في المستدرك كتاب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر باب (22) من أبواب فعل المعروف حديث 15، نقلا عن
العوالي.
372

(86) وقال عليه السلام: (ان لله تعالى عبادا خلقهم لحوائج الناس. آلى على
نفسه لا يعذبهم بالنار، وإذا كان يوم القيامة وضعت لهم منابر من نور، يحدثون
الله والناس في الحساب).
(87) ومر عليه السلام يوما بيهودي يحتطب في صحراء، فقال لأصحابه: " ان هذا
اليهودي لتلذعه اليوم حية ويموت " فلما كان آخر النهار رجع اليهودي بالحطب
على رأسه على جاري عادته، فقال له الجماعة: يا رسول الله ما عهدناك تخبرنا
بما لم يكن؟ فقال: وما ذاك؟ قالوا: انك أخبرت اليوم، بان هذا اليهودي
تلذعه أفعى ويموت، وقد رجع؟
فقال عليه السلام: " علي به " فأتي به إليه. فقال: يا يهودي ضع الحطب وحله " فحله
ورأي فيه أفعى، فقال: يا يهودي ما صنعت اليوم من المعروف؟ فقال: لم أصنع
شيئا غير اني خرجت ومعي كعكتان، فأكلت إحداهما، ثم سألني سائل فدفعت
إليه الأخرى، فقال عليه السلام: " تلك الكعكة خلصتك من الأفعى فأسلم على يده " (1) (2).

(1) المستدرك، كتاب الزكاة باب (8) من أبواب الصدقة حديث 7 نقلا عن
عوالي اللئالي، عن العلامة الحلي في بعض كتبه. ورواه في الوسائل، كتاب الزكاة
باب (9) من أبواب الصدقة، حديث 3، مع اختلاف يسير في ألفاظه.
(2) ربما ظن جماعة من أهل الحديث، التعارض بين هذا الخبر وما بمعناه، و
بين ما روى في أصول الكافي وغيره. من أن البداء إنما يكون في العلم الذي استأثر
الله به سبحانه في أم الكتاب، أي اللوح المحفوظ، واما العلوم و المعلومات التي أظهرها
الأنبياء وحججه عليهم السلام، فلا يقع فيهم البداء، وهو المحو والاثبات، لئلا يكذبهم
الناس فيما أخبروا.
وقد أجاب الشيخ عن التعارض بما حاصله: ان اخبارهم عليهم السلام على قسمين:
(أحدهما) ما أوحى إليهم، انه من الأمور المحتومة، فهم يخبرون عنه كذلك (وثانيهما)
ما يوحى إليهم لا على هذا الوجه، فهم يخبرون عنه كذلك، وربما أشاروا إليه
أيضا إلى احتمال وقوع البداء فيه، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام بعد الاخبار بالسبعين
في خبر من هذا القبيل ويمحوا الله ما يشاء.
والأظهر عندي في الجواب ما ذكرته في شرح التوحيد، من أنهم عليهم السلام
لا يخبرون بشئ لا تظهر فيه وجه الحكمة، بل يدعو الناس إلى زيادة الاعتقاد فيهم
كما ظهر من هذا الحديث، فلا يكون تكذيبهم الذي هو مناط القليل (جه).
373

(88) وقال عليه السلام: " ان الله تعالى خلق خلقا لحوائج (يفزع إليهم الناس خ)
في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله ".
(89) وقال عليه السلام: " من قضى حاجة لأخيه كنت واقفا عند ميزانه، فان
رجح، والا شفعت له " (1)
(90) وقال الصادق عليه السلام، عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام، ان رسول
الله صلى الله صلى الله عليه وآله قال: " من كان في عون أخيه ومنفعته، فله ثواب المجاهدين في سبيل
الله " (2)
(91) وقال عليه السلام: " من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في منفعته
بر، أو تيسير عسير، أعين على إجازة الصراط يوم دحض الاقدام. ولا يرى امرء
عن أخيه عورة فسترها عليه الا دخل الجنة "
(92) وقال عليه السلام: " من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله عمره
ومن فرج عن مؤمن كربة، فرج الله عن كربته. ومن ستر على مؤمن، ستر الله
على عورته. ولا يزال الله في عونه ما دام في عون أخيه ".

(1) المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (25) من أبواب
فعل المعروف حديث 17، نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) عقاب الأعمال، قطعة من خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة
وهي آخر خطبه صلى الله عليه وآله حتى لحق بالله عز وجل.
374

(93) وقال عليه السلام: " من فرج عن مؤمن كربة، جعل الله له شعلتين من نور
على الصراط، يستضئ بضوئهما عالم لا يحصيه الا رب العزة ".
(94) وقال عليه السلام: " من مشى مع أخيه في حاجة، فناصحه فيها، جعل الله
بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق، بين الخندق والخندق ما بين السماء
والأرض ".
(95) وقال عليه السلام: " من ستر (سر خ ل) مسلما ستره (سره خ ل) الله عز وجل
في الدنيا والآخرة، ومن فك عن مكروب كربه، فك الله عز وجل عنه كربة من
كرب يوم القيامة. ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجة ".
(96) وقال عليه السلام: " من أضاف مؤمنا، أوخف له عن شئ من حوائجه، كان
حقا على الله أن يخدمه وصيفا في الجنة ".
(97) وقال عليه السلام: " من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا، نفس الله بها
عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة
والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه (1).
وما جلس قوم في مسجد يتلون كتاب الله، و يتدارسونه بينهم، الا نزلت
عليهم السكينة وحفتهم الملائكة. ومن أبطأ به عمله لم يسر به نسبه ".
(98) وقال عليه السلام: " أيما ذو باب أغلق بابه دون ذوي الحاجات، والخلة
والمسكنة، أغلق الله بابه عن حاجته، وخلته ومسكنته ".
(99) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أغاث ملهوفا، كتب الله له ثلاثا و
سبعين حسنة، واحدة منها يصلح بها آخرته ودنياه، والباقي في الدرجات "

(1) سنن الترمذي كتاب البر والصلة (9) باب ما جاء في السترة على المسلم
حديث 1930، مع اختلاف يسير في اللفظ.
375

(100) وقال عليه السلام: " ان الله تعالى يحب إغاثة اللهفان " (1)
(101) وقال عليه السلام: " كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله، وان الله
يحب إغاثة اللهفان " (2).
(102) وقال عليه السلام: " ان موجبات المغفرة ادخالك السرور على أخيك
المسلم، واشباع جوعته، وتنفيس كربته ".
(103) وسئل عليه السلام فقالوا: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: إن تدخل
على أخيك المؤمن سرورا، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه خبزا ".
(104) وقال عليه السلام: " أفضل الصدقة صدقة اللسان " قيل يا رسول الله، وما
صدقة اللسان؟ قال: " الشفاعة تفك بها الأسير، وتحقن بها الدم، وتجر بها
المعروف إلى أخيك، وتدفع عنها الكريهة ".
(105) وقال عليه السلام: " أتدرون ما يقول الأسد في زئيره؟ " قالوا: الله ورسوله
أعلم، قال: " يقول: اللهم لا تسلطني على أحد من أهل المعروف " (3).
(106) وقال عليه السلام: " والذي نفسي بيده، لا يضع الله الرحمة، الا على رحيم
قلنا يا رسول الله كلنا رحيم، قال: " ليس الذي يرحم نفسه وأهله خاصة، ذاك
الذي يرحم المسلمين " (4).

(1) منتخب كنز العمال، في هامش مسند أحمد بن حنبل ج 2: 132، نقلا عن
ابن عساكر عن أبي هريرة.
(2) الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (1) من أبواب
فعل المعروف حديث 5.
(3) المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باب (1) من أبواب
فعل المعروف حديث 4 نقلا عن الجعفريات.
(4) المستدرك كتاب الحج، باب (107) من أبواب أحكام العشرة في السفر و
الحضر، حديث 3، نقلا عن العلامة الحلي في الرسالة السعدية.
376

(107) وقال عليه السلام: " مثل المؤمنين فيما بينهم، كمثل البنيان يمسك بعضه
بعضا، ويشد بعضه بعضا ".
(108) وقال عليه السلام: " قال الله تعالى: ان كنتم تريدون رحمتي، فارحموا
خلقي " (1).
(109) وقال عليه السلام: " وقد سئل أي الناس أحب إليكم؟ قال: " أنفع الناس
للناس " قيل فأي الاعمال أفضل؟ قال: " ادخالك السرور على المؤمن " قيل: وما
سرور المؤمن؟ قال: " اشباع جوعته، وتنفيس كربته، وقضاء دينه، ومن مشى
مع أخيه في حاجة، كان كصيام شهر واعتكافه. ومن مشى مع مظلوم يعينه
ثبت الله قدميه يوم تزل الاقدام ومن كف غضبه ستر الله عورته، وان الخلق
السئ يفسد العمل، كما يفسد الخل العسل ".
(110) وقال عليه السلام: " أول من يدخل الجنة المعروف وأهله، وأول من يرد
علي الحوض " (2)
(111) وقال عليه السلام: " أهل المعروف في الدنيا، هم أهل المعروف في الآخرة
ومعناه، يقال لهم: هبوا حسناتكم لمن شئتم، وادخلوا الجنة " (2).
(112) وقال عليه السلام: " ما محق الاسلام شئ، محق الشح، ان لهذا الشح
دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك " (4).

(1) المستدرك، كتاب الحج، باب (107) من أبواب أحكام العشرة في السفر
والحضر، ذيل حديث 3.
(2) المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (1) من أبواب
فعل المعروف حديث 2 نقلا عن الجعفريات
(3) المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (1) من أبواب
فعل المعروف حديث 13. وباب (6) من هذه الأبواب حديث 1 و 2 و 3.
(4) كنوز الحقايق للمناوي في هامش الجامع الصغير، ج 2 حرف الميم نقلا عن
مسند أبى بعلى الموصلي، ورواه المحدث القمي في سفينة البحار ج 1 في لغة (بخل).
377

(113) وقال عليه السلام: " أرض القيامة نار، ما خلا ظل المؤمن، فإنه صدقته
تظله " (1).
(114) وقال عليه السلام: " الصدقة بعشر، والقرض بثمانية عشر، وصلة الاخوان
بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين " (2) (3)

(1) الوسائل، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب الصدقة حديث 7.
(2) المستدرك، كتاب الزكاة باب (8) من أبواب الصدقة حديث 4، نقلا عن
الجعفريات.
(3) وقد ورد حديثان معارضان لهذا الخبر، كل واحد من جهة:
الأول: قوله صلى الله عليه وآله: " ألف درهم أقرضها مرتين، أحب إلى من أن
أتصدق بها مرة " ودفع المعارضة كما قال الشهيد الثاني: بحمل الصدقة الراجحة عليه
على صدقة خاصة، كالصدقة على الأرحام والعلماء والأموات، والمرجوحة على غيرها
فقد روى أنها أقسام كثيرة، منها ما أجره عشرة، ومنها سبعون وسبعمائة إلى سبعين
ألف
الثاني: ما روى أن القرض أفضل من الصدقة بمثله في الثواب. وهو يحتمل
أمرين: (أحدهما) وهو الظاهر أن الجار في (بمثله) يتعلق ب‍ (أفضل) والمعنى ان القرض
المقترض، أفضل من المتصدق به بمقدار مثله في الثواب بالصدقة لما كان القدر المعروف
عن ثوابها والمشترك في جميع أفرادها عشرة، فيكون درهم القرض مثلا بعشرين إلى أن
يرجع إلى ثمانية عشر، ويوافق الخبر السالف. وذلك لان الصدقة بدرهم مثلا ما
صارت عشرة وحصلت لصاحبها حتى أخرج درهما ولم يعد إليه، فالثواب الذي كسبه
في الحقيقة تسعة، فيكون القرض ثمانية عشرة، لأنه أفضل منه بمثله، لان درهم القرض
يرجع إلى صاحبه، والمفاضلة إنما هي في الثواب المكتسب، وعلى هذا فالجار في
قوله: في الخبر (في الثواب) متعلق ب‍ (أفضل) أيضا. لان المفاضلة في الحقيقة ليست
الا فيه
(والثاني) ان الجار في قوله (بمثله) متعلق ب‍ (الصدقة) فيكون المعنى ان القرض لشئ
أفضل من الصدقة بمثل ذلك. وقوله: (في الثواب) متعلق ب‍ (أفضل) وحينئذ فإنما يدل
على أرجحية القرض على الصدقة مطلقا، لا على تقدير الرجحان، وهو محتمل بحسب
اللفظ، الا ان الأول ألطف وأوفق بمناسبة الخبر الآخر، ويشتمل على شئ لطيف يناسب
حال الكلام الحاصل من مشكاة النبوة.
ثم اعلم أن تحقق أصل الثواب في القرض، فضلا من أفضليته بوجه، إنما يكون
مع قصد المقترض بفعله وجه الله، كما في نظائره من الطاعات التي يترتب عليها الثواب
فلو لم يتفق هذا القصد، سواء قصد غيره من الأغراض الدنيوية، أم لم يقصد لم
يستحق عليه ثواب، انتهى ملخصا، وهو جيد (جه).
378

المسلك الثالث
في أحاديث رواها الشيخ العالم، شمس الملة والدين، محمد بن مكي
في بعض مصنفاته، تتعلق بأحوال الفقه رويتها عنه بطرقي إليه.
(1) قال رحمه الله: روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " ان الشيطان ليأتي أحدكم
وهو في الصلاة فيقول: أحدثت أحدثت، فلا ينصرفن أحدكم حتى يسمع
صوتا أو يجد ريحا " ورواه عبد الله بن زيد، وأبو هريرة، ومروي عن الأئمة
عليهم السلام (1) (2).
(2) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إنما الأعمال بالنيات. وإنما لكل امرء ما نوى " (3).

(1) المستدرك كتاب الطهارة، باب (1) من أبواب نواقص الوضوء، حديث 5
نقلا عن عوالي اللئالي، عن الشهيد الأول، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده، ج 3:
96 ولفظ ما رواه (ان الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته، فيأخذ شعرة من دبره فيمدها
فيرى انه قد أحدث، فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا)
(2) ورد في الحديث ان إبليس يأتي إلى الرجل فيجلس بين أليتيه، فيفسوا
ليشككه، فلا يحدث أحدكم وضوء حتى يسمع الصوت أو يجد الريح. وهذا محمول
على ما إذا كان المقام، مقام الشك. أما لو تحقق خروج الريح، انتقض الوضوء اجماعا
وإن لم يسمع صوتا ولا يجد ريحا (جه).
(3) صحيح البخاري، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه
(وآله) وسلم حديث 1.
380

(3) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " بعثت بالحنيفية السمحة " (1).
(4) وقال صلى الله عليه وآله: " ان الدين يسر، لن يشاد الدين أحد الا غلبه، فسددوا
وقاربوا " (2).
(5) وقال صلى الله عليه وآله: " يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا " (3).
(6) وقال صلى الله عليه وآله: " ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن " (4) (5) (6).
(7) وقال صلى الله عليه وآله لزينب بنت جحش: " تحيضي في علم الله ستا أو سبعا،

(1) جامع الصغير للسيوطي ج 1، حرف الباء نقلا عن تاريخ الخطيب، وتتمة
الحديث: (ومن خالف سنتي فليس منى).
(2) صحيح البخاري، كتاب الايمان، باب الدين يسر.
(3) صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير (3) باب في الامر بالتيسير وترك التنفير
حديث 6 و 7 و 8.
(4) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 379.
(5) يحتمل أن يراد بالمسلمين كلهم: فيصير معناه ما أجمع عليه المسلمون من
الأحكام الشرعية فهو حق، ويحتمل أن يراد الخصوص، فيكون معناه، ما رآه كل واحد
من المجتهدين من المسلمين في اجتهاده حسنا، فهو عند الله حسن، بمعنى انه يجوز
العمل به والافتاء به. ويحتمل ان يراد بحسنه عند الله، أن يكون صوابا، ويصير هذا
الحديث دالا على تصويب كل مجتهد في الفروع، بناء على أن الحكم غير معين عند
الله، كما هو مذهب جماعة من الأصوليين، وبعض الأصحاب حمل هذا الحديث على
احكام العادات، وقال: انه يدل على أن ما اعتاده الناس إذا لم يرد في النص ما ما يخالفه
كان من الأدلة التي يجب رد الاحكام إليها، وهو قريب (معه).
(6) يجوز أن يراد انه إلى وجود الحسن والقبح العقليين. يعنى انه ما حسنته
العقول فهو حسن في الشرع، فالشرع كاشف عن حسنه، كحسن رد الوديعة وشكر المنعم
وقبح الزنا والخيانة وأمثالها، مما حكم العقل بحسنه وقبحه، وعضده الشرع، فيكون
ردا على الأشاعرة (جه).
381

كما تحيض النساء " (1) (2) (3).
(8) وقال صلى الله عليه وآله: " المكيال مكيال أهل المدينة. والوزن وزن أهل
مكة " (4)
(9) وقضى صلى الله عليه وآله في ناقة البراء بن عازب، لما أفسدت حائطا: ان على

(1) الوسائل كتاب الطهارة، باب (8) من أبواب الحيض حديث 3 وسنن
ابن ماجة، كتاب الطهارة وسننها (117) باب ما جاء في البكر إذا ابتدأت مستحاضة
أو كان لها أيام فنستها حديث 627
(2) هذا الحديث دال على أن المرأة إذا لم تكن ذات عادة مستقرة، ترجع في
عدد حيضها إلى نسائها. وكان أغلبهم ستا أو سبعا، فلهذا خيرها بينهما. وهذا أيضا من
باب تحكيم العادة ورد الاحكام إليها (معه).
(3) روى هذا الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام من غير زيادة (كما تحيض
النساء) وفى آخره، قال أبو عبد الله: (وهذه سنة التي استمر بها الدم أول ما تراه)
وليس المراد بالنساء في هذا الحديث نسائها، بمعنى أقاربها كالأم والأخت والعمة
والخالة، أو أقرانها من أهل بلدها، المذكور في كتب الفقهاء. إذ لو كان المراد هذا
لم يذكر ستا أو سبعا، بل أحاله إلى عادتهن، من غير تقييد بالعدد، بل المراد انها
مع فقد العادة والتمييز، وفقد عادة نسائها الأقارب، أو أقرانها على القول به، تتحيض
ستا أو سبعا كما هو عادة غالب النساء في الحيض. فيكون هذا من جملة الروايات
التي ذكرها جماعة من الأصحاب، رجوعها إلى خصوص هذه الرواية
واما قوله: ستا أو سبعا، فقال العلامة طاب ثراه: المراد به الرد إلى اجتهادها
ورأيها فيما يغلب على ظنها، انه أقرب إلى عادتها، أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه
بلونه. وقيل: المراد التخيير، لان حرف (أو) موضوع له. والأقرب الأول. والا لزم
التخيير في اليوم السابع بين وجوب الصلاة وعدمها، ولا تخيير في الواجب، لمنافاته له
انتهى وهو جيد (جه).
(4) سنن أبي داود ج 3، كتاب البيوع، باب قول النبي صلى الله عليه (وآله)
وسلم: المكيال مكيال المدينة، حديث 3340.
382

أهل الحوائط حفظها نهارا، وعلى أهل الماشية حفظها ليلا " (1) (2) (3).
(10) وقال عليه السلام: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " (4) (5) (6)
(11) وروي أبو سعيد الخدري عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا ضرر ولا اضرار
في الاسلام " وأسنده ابن ماجة، و الدارقطني وصححه الحاكم في المستدرك (7).
(12) وفي خبر الاسراء، انه صلى الله عليه وآله خير بين اللبن والخمر، فاختار اللبن

(1) سنن أبي داود ج 3، كتاب البيوع، باب المواشي تفسد زرع قوم
حديث 3570.
(2) فعلى هذا لو ترك أهل الحوائط، حفظ حوائطهم بالنهار، فأفسدت الماشية
شيئا، لم يكن على أهل الماشية ضمان. لتفريط أهل الحوائط في الحفظ. ولو ترك
أهل الماشية حفظ مواشيهم ليلا، فأفسدت شيئا من الحوائط، كان الضمان عليهم لتفريطهم
باهمال الحفظ ليلا. وهذا أيضا من باب تحكيم العادة ورد الناس إليها، لان ذلك كان
عادة أهل المدينة (معه).
(3) مضمون هذا الحديث رواه أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام، بطريق فيه
السكوني، وعليه عمل الأكثر. بل ادعى عليه الشهيد طاب ثراه الاجماع، وذهب
المحققون من المتأخرين كابن إدريس، والفاضلان العلامة والمحقق، إلى اعتبار التفريط
في الضمان مطلقا ليلا ونهارا، استضعافا للرواية، أو حملا لها على ذلك (جه).
(4) الجامع الصغير للسيوطي ج 2: 176 حرف الميم، نقلا عن مسند أحمد
ابن حنبل، ورواه الدارقطني في سننه كتاب في الأقضية والاحكام حديث 82
(5) سواء كان قوليا أو فعليا، أو تقريريا. وفيه دلالة على أن لا تحكيم للعادة
. ويجمع بينه وبين الأول بان ذلك مع امكان الرد إليه (معه).
(6) وعدم امكان الرد، يجب التوقف عند أهل الحديث (جه).
(7) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الأحكام (17) باب من بنى في حقه ما يضر
بجاره، حديث 2340 و 2341 وسنن الدارقطني، كتاب في الأقضية والاحكام، حديث
(83) والحاكم في المستدرك ج 2: 58 وبقية الحديث (من ضار ضاره الله، ومن شاق
شاق الله عليه) وقال: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
383

فقال له جبرئيل: اخترت الفطرة، ولو اخترت الخمر، لغوت أمتك (1) (2).
(13) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لأجد التمرة ساقطة على فراشي، فلولا
اني أخشى أن تكون من الصدقة لاكلتها " (3) (4) (5).
(14) وقال الصادق عليه السلام: " إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا، زدت أو نقصت
فتشهد وسلم، وتسجد سجدتي السهو " (6) (7).
(15) وقال عليه السلام: إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا، ووقع رأيك على الأربع

(1) صحيح البخاري كتاب الأشربة، حديث 2.
(2) ولا يلزم من هذا تحليل الخمر، ولا التخيير بين الحرام والمباح. لان ذلك
غير جائز قطعا، لان الحرام لا يصح فعله، فلا يصح التخيير فيه. وإنما هو تخيير بين
شئ يخاف سوء عاقبته، وبين ما لا يخاف ذلك فيه، وسوء عاقبة الخمر راجع إلى
اختيار الفاعلين (معه).
(3) صحيح مسلم كتاب الزكاة (50) باب تحريم الزكاة على رسول الله وعلى
آله وهم بنو هاشم، وبنو المطلب، دون غيرهم حديث 162 و 163.
(4) هذا يدل على أن المشتبه بالحرام، حرام، يجب اجتنابه (معه).
(5) قد مر ان هذا يدخل تحت الشبهات، واجتناب بعضها حرام وبعضها مكروه،
ولعل هذا من الثاني، إذ الأصل في مثل هذا التحليل (جه).
(6) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (14) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة،
حديث 4.
(7) يحتمل أن يكون قوله: (زدت أو نقصت) مؤكدا. ويصير تقديره، زدت
الخامسة أو نقصتها، ويصير حكم سجدتي السهو، مرتبا على شك زيادة الخامسة. ويحتمل
أن يكون (زدت أو نقصت) كلاما مستأنفا. ويصير تقديره، زدت في صلاتك، أو نقصت
شيئا من الأفعال، ويكون حكم سجدتي السهو ثابتا في الامرين. في شك الخامسة، و
في الزيادة والنقصان مطلقا، والى هذا ذهب فريق من العلماء (معه).
384

فسلم وانصرف، وصل ركعتين وأنت جالس " (1) (2) (3)
(16) وفي الحديث القدسي: " ما ترددت في شئ أنا فاعله، كترددي في
قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا يكون الا ما

(1) الوسائل كتاب الصلاة، باب (7) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة
قطعة من حديث 1
(2) هذا خبر بمعنى الامر. ومعناه، أوقع وهمك على الأربع، أي ابن عليها
وهذا يدل على أن الاحتياط في هذا الموضع لا يكون الا من جلوس (معه).
(3) لا خلاف في جواز البناء على الأربع في هذه الصورة. والاحتياط والمشهور
ان ذلك على سبيل الوجوب. وقال ابن بابويه وابن الجنيد: يتخير الشاك بين الثلاث
والأربع، بين البناء على الأقل، واحتياط. أو الأكثر مع الاحتياط، والأخبار الصحيحة
دالة على الأول. وكذلك دلت على تعيين الركعتين من جلوس
وخير جماعة بينهما وبين الركعة من قيام، لمرسلة جميل، وهي غير نقية السند
فالأول هو الأجود. وقوله: (وقع رأيك على الأربع) ظاهره انصراف الظن إلى الأربع
وحينئذ فلا صلاة ركعتين، إلا أن يحمل على الاستحباب. ولما لم يوافق القواعد أوله
المصنف في الحاشية، بحمل الخبر على معنى الامر. ويمكن ابقاءه على ظاهره، بأن
يكون معناه واجمع عزمك على البناء على الأربع فسلم الخ (جه).
385

أريد " (1) (2) (3) (4).

(1) الأصول، كتاب الايمان والكفر، باب من آذى المسلمين واحتقرهم، حديث 8
والوسائل كتاب الطهارة باب (19) من أبواب الاحتضار حديث 1 وكتاب الصلاة
باب (17) من أبواب اعداد الفرائض ونوافلها، حديث 6. وكتاب الحج باب (146)
من أبواب أحكام العشرة حديث 3.
(2) راجع في بيان معنى الحديث مضافا إلى ما هنا، كتاب الوافي، كتاب الايمان
والكفر، ج 1: 130 (باب عزة المؤمن). وكتاب الأربعين للشيخ البهائي قدس سره
الحديث الخامس والثلاثون
(3) قال الشهيد في قواعده، ان التردد عليه محال، غير أنه لما جرت العادة
انه يردد من يعظم الشئ في مساءته، نحو الوالد والصديق، وان لا يردد في مساءته من
لا يكرمه ولا يعظمه، كالعدو والحية. بل إذا خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردد
فصار التردد لا يقع الا في موضع التعظيم، وعدمه لا يقع الا في موضع الإهانة، فحينئذ
دل الحديث على تعظيم المؤمن، وشرف منزلته عند الله، فعبر باللفظ المركب عما
يلزمه وليس مذكورا في اللفظ، إنما هو بالإرادة والقصد، فمعناه حينئذ منزلة عبدي
المؤمن عندي عظيم (معه)
(4) وتوضيح المعنى على هذا: ان المراد من قوله: (ما ترددت الخ) انه ليس
لشئ من مخلوقاتي عندي قدر وحرمة، كقدر عبدي المؤمن وحرمته. فالكلام من قبيل
الاستعارة التمثيلية. وحكى شيخنا بهاء الدين فيه قولين آخرين:
الأول: في الكلام اضمار، والتقدير لو جاز على التردد، ما ترددت في شئ
كترددي في وفاة المؤمن
الثاني: انه قد ورد في الحديث: " ان الله سبحانه يظهر للعبد المؤمن عند الاحتضار
من اللطف والكرامة والبشارة بالجنة، ما يزيل عنه، ويوجب رغبته في الانتقال إلى
دار القرار، فيقل تأذيه به، ويصير راضيا بنزوله، راغبا في حصوله "
فأشبهت هذه المعاملة، معاملة من يريد أن يؤلم حبيبه ألما، يتعقبه نفع عظيم، فهو
يتردد في أنه كيف يوصل ذلك الألم إليه على وجه يقل تأذيه به، فلا يزال يظهر له ما
يرغب فيما يتعقبه من اللذة الجسمية والراحة العظيمة إلى أن يتلقاه بالقبول، ويعده من
الغنائم المؤدية إلى ادراك المأمول.
ثم قال: قد يتوهم المنافاة بين ما دل عليه هذا الحديث وأمثاله، من أن المؤمن
الخالص يكره الموت ويرغب في الحياة، وبين ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله:
" من أحب لقاء الله أحب لقائه، ومن كره لقاء الله كره الله لقائه " فإنه يدل بظاهره
على أن المؤمن الحقيقي لا يكره الموت، بل يرغب فيه كما نقل عن أمير المؤمنين
عليه السلام انه كان يقول: (ان ابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه). و
أنه قال: حين ضربه ابن ملجم (فزت ورب الكعبة).
وقد أجاب شيخنا الشهيد في الذكرى، فقال: ان حب لقاء الله غير مقيد بوقت
فيحمل على حال الاحتضار ومعاينة ما يحب، كما روينا عن الصادق عليه السلام
ورووه في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال " من أحب لقاء، أحب
الله لقائه. ومن كره لقاء الله كره الله لقائه " قيل يا رسول الله انا لنكره الموت؟
فقال: ليس ذلك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت، بشر برضوان الله وكرامته
فليس شئ أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقائه. وان الكافر إذا
حضره يبشر بعذاب الله، فليس شئ أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله وكره الله لقائه "
انتهى
وقد يقال: ان الموت ليس نفس لقاء الله، فكراهته من حيث الألم الحاصل
منه، لا يستلزم كراهة لقاء الله وهذا ظاهر، وأيضا فحب الله سبحانه يوجب الاستعداد
التام لقائه، بكثرة الأعمال الصالحة، وهو يستلزم كراهة الموت القاطع لها (جه).
386

(17) وقال صلى الله عليه وآله: " أبردوا بالصلاة فان الظهر من فيح جهنم " (1).
(18) وروي ان القصاص كان في شرع موسى، والدية حتما كان في شرع
عيسى فجاءت الحنيفية السمحة بتسويغ الامرين (2).

(1) صحيح البخاري كتاب الصلاة، باب الابراد بالظهر في شدة الحر
(2) لما كانت اليهود، وهم بنوا إسرائيل أمة موسى، يكثرون الإساءة والتعنت
وترك الأدب مع نبيهم، ويقترحون عليه، الاقتراحات العظيمة. مثل قولهم له: " أرنا
الله جهرة " " واجعل لنا إلها كما لهم آلهة " حين رأوا كفارا يعبدون صنما لهم " اذهب
أنت وربك " " انا ههنا قاعدون " إلى غير ذلك، جاءت التكاليف في التوراة شديدة ثقيلة
عليهم مثل قوله: " فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم " ومن أصابته نجاسة من خارج بدنه
وجب عليه قرضها، ووجوب القصاص وحده
وأما أمة عيسى فكانوا أرق قلوبا، وأطوع لنبيهم، فكانت تكاليفهم خفيفة. وأما
هذه الأمة المرحومة فكانوا وسطا وخير الأمور أوسطها (جه).
387

(19) وقال صلى الله عليه وآله في الرقيق: " أطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما
تلبسون " (1) (2).
(20) وقال صلى الله عليه وآله في المطلقة ذات الولد: " أنت أحق به ما لم تنكحي "
(3) (4) (5).

(1) السنن الكبرى للبيهقي ج 8: 7 باب ما جاء في تسوية المالك بين طعامه و
طعام رقيقه، وبين كسوته وكسوة رقيقه.
(2) هذا الحديث يدل على وجوب الانفاق والكسوة على الرقيق، على مجرى
العادة (معه).
(3) الوسائل، كتاب النكاح، باب (81) من أبواب أحكام الأولاد، حديث 4.
ولفظ الحديث: (المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج. ورواه في المستدرك كتاب النكاح
باب (58) من أبواب أحكام الأولاد، حديث 6. ولفظ الحديث (عن عبد الله بن عمر، ان
امرأة قالت يا رسول الله، ان ابني هذا كان بطني له وعاء، وثدى له سقاء، وحجري له حواء
وان أباه طلقني وأراد أن ينتزعه منى؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: أنت أحق بها ما لم تنكحي)
وسنن أبي داود ج 2 كتاب الطلاق باب (من أحق بالولد) حديث 2276.
(4) وهذا يدل على أن حضانة الولد للأم دون الأب. وان حضانتها تسقط بنكاحها
زوجا آخر (معه).
(5) الحضانة بفتح الحاء، الولاية على الطفل، لفائدة تربيته وما يتعلق بها من
مصلحته وحفظه وجعله في سريره وكحله ودهنه وغسل خرقه وثيابه ونحو ذلك. ولا خلاف
عندنا في أن الأم أحق بالولد مطلقا، ما لم تتزوج. وهو الموجود في رواية العامة. و
في بعضها إلى سبع سنين، وفى آخر إلى تسع سنين، وفى بعضها ان الأب أحق به.
وليس في الجمع فرق بين الذكر والأنثى. ومن فصل رام الجمع بين الاخبار
فحمل ما دل على أولوية الأب، الذكر لأنه أنسب بحال تأديبه. وما دل على أولوية
الأم على الأنثى. ورجحوا الأخبار الدالة على السبع لأنها أشهر وأكثر. وحضانة الأم
مشروط بشروط، أن تكون مسلمة إذا كان الولد مسلما، وأن تكون حرة، وأن تكون
فارغة من حقوق الزوج. فلو نكحت سقطت حقها من الحضانة، كما دل عليه خبر
الكتاب
ولا فرق عندنا بين تزويجها بقريب الزوج وغيره عملا باطلاق النص خلافا للعامة
وأن تكون أمينة، فلا حضانة للفاسقة، لأنها لا تؤمن أن تخون في حفظه. وعد بعضهم
من الشروط أن تكون مقيمة، فلو انتقلت إلى محل تقصر فيه الصلاة بطل حقها من
الحضانة عند الشيخ، وقيل: لو سافر الأب جاز له استصحاب الولد، وسقطت حضانتها
أيضا، ذكره الشهيد في قواعده، ونقل شرطا ثانيا، وهو أن لا يكون بها مرض يعدى من
جذام أو برص. قال صلى الله عليه وآله: " فر من المجذوم فرارك من الأسد " (جه).
388

(21) وقال صلى الله عليه وآله: " لا أحصي ثناء عليك " (1) (2)
(22) وقال صلى الله عليه وآله: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (3).

(1) سنن ابن ماجة كتاب الدعاء (3) باب ما تعوذ منه رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم حديث 3841 ومسند أحمد بن حنبل ج 1: 96 و 118 و 150
وسنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب (76) حديث 3493
(2) وهذا الحديث يدل على حكمين: عقلي، وشرعي. أما العقلي، فيدل على أن
أحدا لا يبلغ معرفته بكنهها، لما تقرر ان معرفته حقيقة غير مقدور، فيبقى المعرفة إنما
هي بذكر الأوصاف و الأسماء الكمالية والجمالية. واحصائها أيضا غير ممكن بمقتضى
الحديث. فامتنعت المعرفة بوجهيها
واما الشرعي فيدل على وجوب اجتهاد المكلف في أداء حقه تعالى بحسب الامكان
وان المكلف وان بالغ في الاجتهاد في ذلك، لا يبلغ المقدار الواجب له تعالى. وفيه
تنبيه على أن التكليف العقلي والشرعي معا بحسب ما يمكن (معه).
(3) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الصدقات (5) باب العارية حديث 2400
ومسند أحمد بن حنبل ج 5: 8 و 12 و 13 و المستدرك للحاكم ج 2: 13 كتاب
البيوع
389

(23) وقال صلى الله عليه وآله: " الحسن والحسين ولداي "
(24) وقال عليه السلام: " ان ابني هذا سيد " يشير به إلى الحسين عليه السلام.
(25) وقال صلى الله عليه وآله فيمن صلى وهو يدافع الأخبثين: " هو كمن صلى و
هو معه " (1) (2).
(26) وروى عن مولانا الحسن عليه السلام أنه قال: " إذا تعارض الاعتكاف و
الاشتغال بقضاء حوائج الاخوان نرجحها عليه " (3) (4).
(27) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله استعار من صفوان بن أمية درعا، فقال:
أغصبا يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا بل عارية مضمونة " (5) (6).

(1) المستدرك، كتاب الصلاة، باب (8) من أبواب قواطع الصلاة حديث 3
نقلا عن العوالي عن الشهيد قدس سره.
(2) هذا الحديث يدل على أن الاشتغال بالصلاة مع مدافعة الأخبثين شديد الكراهة
لجعله إياه بمنزلة المحدث (معه).
(3) الوسائل، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (28) من أبواب
فعل المعروف حديث 3. و المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب
(27) من أبواب الأمر بالمعروف حديث 4.
(4) وهذا يدل على أن الاشتغال بقضاء حوائج الاخوان أفضل من الاشتغال بالاعتكاف
(معه).
(5) الوسائل، كتاب العارية، باب (2) من أبواب أحكام العارية، حديث 1
(6) وبهذا استدل جماعة من العلماء، على أن العارية يلزمها الضمان على
المستعير، سواء شرط الضمان فيها أو لا، بناء على أن (مضمونة) في الحديث صفة
للعارية
وقال آخرون: العارية لا تضمن الا مع شرط الضمان، لان قوله عليه السلام:
(مضمونة) شرط منه لضمانها، لا انها صفة للعارية (معه).
390

(28) وقال صلى الله عليه وآله: " الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء " (1).
(29) وفي حديث آخر: " فأبردوها من ماء زمزم ".
(30) وقال صلى الله عليه وآله: " خمسة فواسق يقتلن في الحل والحرم " وذكر منها
الغراب (2).
(31) وفي حديث آخر: تقييد الغراب بالأبقع (3).
(32) وقال صلى الله عليه وآله: " لا تبيعوا الذهب بالذهب، الا مثلا بمثل " (4) (5).
(33) وفي حديث آخر: " الا يدا بيد. ولا تبيعوا منها شيئا غائبا، بناجز
حاضر " (6).
(34) وروي انه صلى الله عليه وآله أمر أعرابيا بفتح القراءة على من ارتج (7)

(1) سنن ابن ماجة حديث 2، كتاب الطب (19) باب الحمى من فيح جهنم فأبردوها
بالماء، حديث 3471 و 3472.
(2) صحيح مسلم كتاب الحج (9) باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب
في الحل والحرم، حديث 68 - 79.
(3) صحيح مسلم كتاب الحج (9) باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب
في الحل والحرم حديث 67.
(4) المستدرك كتاب التجارة باب (1) من أبواب الصرف، حديث 5.
(5) هذا الحديث وما بعده يدلان على أن الصرف مشروط بأمرين. التماثل في
القدر إذا اتحد الجنس والتقابض في المجلس (معه).
(6) المستدرك، كتاب التجارة، باب (2) من أبواب الصرف، حديث 2.
(7) ومنه حديث ابن عمر، انه صلى بهم المغرب فقال: ولا الضالين. ثم
ارتج عليه، أي استغلقت عليه القراءة. ومنه أمرنا بارتاج الباب، أي اغلاقه (النهاية).
391

عليه (1) (2).
(35) وروي عن الأئمة عليهم السلام جواز شراء ممن أقر، انه اشترى ما يبيعه
من غيره وقالوا: لولا هذا لما قام للمسلمين سوق " (3)
(36) وروى الأصحاب ان نفقة الحامل من نصيب الحمل (4).
(37) وفي رواية أخرى لهم، لا نفقة لها (5) (6) (7) (8).

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (43) من أبواب القراءة حديث 2 و 3
وفى باب (7) من أبواب صلاة الجماعة حديث 1 و 3، ما بمعناه، ولفظ الحديث:
(عن محمد بن مسلم قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يؤم القوم فيغلط؟
قال: يفتح عليه من خلفه)
(2) هذا الحديث يدل على أن من غلط في قراءة الصلاة، وحصل من رد عليه
غلطه وينبه عليه، لم تبطل صلاته بمجرد الغلط. فأما لو لم يحصل من يفتح عليه، فإن كان
في الفاتحة بطلت صلاته، وإن كان في السورة وجب أن يعدل إلى غيرها (معه).
(3) وهذا يدل على أن ما في يد الانسان وتحت تصرفه، يجوز شرائه منه، وإن كان
قد أخبر انه كان في ملكية غيره، قبله وذلك من باب ترجيح الظاهر على الأصل
وإنما رجح الظاهر هنا، لتعليله بما ذكره في الحديث، وهو ضرورة نظام المعاش.
إذ لا يستقيم بدون السوق، والسوق لا يستقيم بدون ذلك، ولا يتعدى هذا الحكم إلى
غير هذه الصورة، كذات الزوج لو أخبرت بالطلاق من زوجها، بل يبنى فيه على الأصل
نعم يقبل دعوى الوكالة (معه).
(4) الوسائل كتاب النكاح، باب (10) من أبواب النفقات فلاحظ
(5) الوسائل كتاب النكاح، باب (9) من أبواب النفقات فلاحظ.
(6) وهذه أرجح، لكثرة العامل بها إذا لم يكن مطلقة (معه).
(7) المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها، وردت أربع روايات معتبرات الاسناد،
في أنه لا نفقة لها، وعمل بها الفاضلان، وسائر المتأخرين. ووردت رواية واحدة في
الانفاق عليها من نصيب حملها، وعمل بها الشيخ والأكثر، والأول هو الأقوى (جه).
(8) أقول: ما ورد في الانفاق عليها من نصيب حملها، أكثر من رواية واحدة
كما ادعاه الشارح قدس سره بل رواه الصدوق روح الله روحه في كتابه المضمون
فراجع (المصحح).
392

(38) وروي عنه صلى الله عليه وآله، في قصة عبد الله بن زمعة، أنه قال: " هو لك يا عبد الله
ابن زمعة. الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة " (1) (2) (3).
(39) وروي عنهم عليهم السلام، في الذي وطاء أمته، ووطئها أجنبي فجورا، و
حصلت امارة على كون الولد ليس منه. انه لا يبيعه، ولا يورثه ميراث

(1) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 6: 37 و 129 ولفظ ما نقله هكذا:
(عن عايشة انها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن زمعة إلى رسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم فقال سعد: يا رسول الله ان ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد إلى أنه
ابنه، انظر إلى شبهه. وقال عبد الله بن زمعة، هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش
أبى، فنظر رسول الله إلى شبهه، فرأى شبها بينا بعتبة، فقال: " هو لك يا عبد الله بن
زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة ابنة زمعة " قالت:
فلم ير سودة قط)
(2) هذا من باب العمل بالأصلين المتنافيين، أخذا بالاحتياط، فان الحديث دل
على الحاق الولد بالفراش، الذي كان لابن زمعة، بناء على الأصل. وأمر سودة بالاحتجاب
عنه، لأجل الشك الطارئ على الفراش، وهو كونه متولدا عن الزنا، لأجل شبهة كان
له بسعد بن أبي وقاص، فأمر بالاحتجاب عملا بهذا الأصل، واتبعه بابن زمعة. وهو كان
أخا لسودة عملا بأصل الفراش، فجمع بين الحكمين تبعا للأصلين، أخذا بالاحتياط
(معه).
(3) يجوز أن يكون أمر عمته بالاحتجاب منه، لما فيه من لحوق العار بين الناس
لمكان الزنا بأمه والناس تلحقه بالزاني والزانية كما في هذه الاعصار، فلم يرض النبي صلى الله عليه وآله
بدخوله منزله، ونظره إلى امرأته (جه).
393

الأولاد (1) (2).
(40) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " دع ما يريبك إلى مالا يريبك " (3) (4).
(41) وقال صلى الله عليه وآله: " من اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه " (5) (6)

(1) الوسائل كتاب النكاح باب (55) من أبواب نكاح العبيد والإماء
حديث 1 - 5
(2) ليس المراد بالامارة هنا، الصفات بل المراد بها اما كون الواطي ممن
لا يحبل عادة، أو كان يعزل عنها، أو كان يطاء في الدبر. وهذه الرواية فيها العمل بالأصلين
المتنافيين، أخذا بالاحتياط كالرواية السابقة (معه).
(3) الوسائل، كتاب القضاء، باب (12) من أبواب صفات القاضي حديث 56
نقلا عن الشهيد في الذكرى. ورواه الحاكم في المستدرك ج 2، 13 كتاب البيوع و
في آخره (فان الخير طمأنينة وان الشر ريبة).
(4) الريبة في الأصل بمعنى غلق النفس واضطرابها، سمى به الشك، لأنه يقلق
النفس ويزيل الطمأنينة. وهذا الحديث رواه الحسن بن علي عن جده رسول الله صلى
الله عليه وآله، ونقله في الكشاف استشهادا على أن الريبة بمعنى قلق النفس واضطرابها
لا الشك. لان مقابلته بالطمأنينة يشعر بذلك.
ومعنى الحديث على ما ذكره شراح الكشاف: دع الامر الذي ترى نفسك مضطربة
فيه، والزم الذي تطمئن نفسك فيه، لان اضطراب قلب المؤمن في شئ علامة كونه
باطلا.
وقال بهاء الملة والدين: وظني انه يمكن أن يجعل استشهادا على القلق والشك:
أي دع ما تشك فيه، عادلا إلى المعلوم الذي لا تشك فيه. وقد تقدم ان هذا الخبر أصل
من الأصول يجرى فيه مالا يحصى من الموارد الا ان بعضهم أفرط في تعديه إلى غير
موارده، كما سبق في القضاء صلاة لا وجه لقضائها (جه).
(5) الوسائل، كتاب القضاء باب (12) من أبواب صفات القاضي حديث 57.
(6) وهذا يدل على ما دل عليه حديث التمرة، وهو وجوب اجتناب المشتبه بالحرام
لأصالة الوجوب في لفظ الامر، الا انه ينبغي أن يقيد بالمحصور، لئلا يلزم الحرج
(معه).
394

(42) وقال الصادق عليه السلام: " لك أن تنظر الحزم، وتأخذ الحائطة لدينك " (1).
(43) وروى السكوني عن الصادق عليه السلام في الرجل يقال له: هل طلقت
امرأتك؟ فيقول: نعم، قال: قد طلقها حينئذ (2) (3) (4).
(44) وروى ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله تجاوز لي عن
أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه " ورواه ابن ماجة و الدارقطني باسناد
حسن، وصححه الحاكم في المستدرك، وهو مروي لنا عن أهل البيت
عليهم السلام (5) (6).

(1) الوسائل كتاب القضاء، باب (12) من أبواب صفات القاضي حديث 58.
(2) الوسائل، كتاب الطلاق باب (16) من أبواب مقدماته وشرائطه حديث 6.
(3) هذه الرواية ضعيفة السند، وقد عمل بمضمونها جماعة من الطائفة (معه)
(4) عمل الشيخ وأتباعه بهذا الحديث وبان قوله: صريح في إعادة السؤال
على سبيل الانشاء والصريح في الصريح، صريح فيه ولهذا إذا قيل: لزيد في ذمتك
مئة درهم؟ فقال: نعم، كان اقرارا. ورده المتأخرون كالفاضل ومتابعيه بضعف السند. و
بأنه لا يلزم من تضمن نعم، مقتضى السؤال، أن يكون بمنزلة لفظه. ولان الأصل ممنوع
فإنه لو قال طلقت فلانة، لا يقع عندهم، وكذا ما دل عليه واحتج العلامة للمنع برواية
البزنطي في جامعه عن الباقر عليه السلام إنما الطلاق أن يقول لها: أنت طالق، يعنى لا
يكفي أن يقال: أنت حرام على، أو باينة ونحو ذلك. والاحتياط للفروج يقتضى المصير
إلى قواعد الأصحاب (جه).
(5) الوسائل كتاب الصلاة، باب (30) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة
حديث 2. و المستدرك للحاكم ج 2: 198 كتاب الطلاق، وقال: هذا حديث صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وسنن ابن ماجة كتاب الطلاق (16) باب طلاق المكره
والناسي، حديث 2043 و 2045 وسنن الدارقطني ج 4: 171 حديث 33 و
34.
(6) ولا بد في هذا الحديث من تقدير مضمر ويسمى المقتضى. واختلف
الأصوليون في عمومه، فعلى العموم يجب اضمار الاثم والحكم، وعلى عدمه يجب
اضمار أحدهما. وقد يصح اضمار الجميع، كما في الحديث الذي يليه، لان فيه دلالة
على اضمار جميع التصرفات المتعلقة بالشحوم، فإنها كلها محرمة، والا لما صح توجه
الذم على البيع. وأيضا فان الواقع في بعض الأحكام، ارتفاع الحكم خاصة، كناسي
الجمعة والمتكلم في الصلاة كذلك، وفاعل المفطر في الصوم، وكذا من صلى بغير
طهارة خطاءا، أو تطهر بالماء النجس كذلك، أو أكره على أخذ مال غيره ووقع في
بعضها ارتفاع الاثم خاصة، كناسي صلاة الظهر، والمخطئ في جهة القبلة، لوجوب
القضاء، فالمرتفع إنما هو المؤاخذة والاثم. هذا في النسيان والخطاء المتعلق
بالأفعال.
اما إذا تعلق بالماهيات، فاما أن لا يتعلق بالغير، كأكل النجس، أو جهل المشروب
وكان خمرا، وفيها يرتفع الحكم والاثم وما يتعلق بالغير كأكل الوديعة نسيانا أو
خطاءا، والمرتفع هنا الاثم دون الضمان. وما يتعلق بحق الله والعباد معا، كالقتل
خطاءا أو نسيانا، وهذا يرتفع فيه الاثم دون الحكم، لوجوب الكفارة والدية، ومثله
وجوب القيمة على النائم المتلف والصبي والمجنون، مع عدم التكليف فصار الظاهر
من الحديث إرادة اضمار الجميع (معه).
395

(45) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لعن الله اليهود، حرمت عليهم
الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها " رواه مسلم في صحيحه (1).
(46) وروي ان غيلان بن سلمة، أسلم على أكثر من أربع زوجات فقال
له النبي صلى الله عليه وآله: " اختر منهن أربعا وفارق سايرهن " وكذا وقع لحارث بن قيس
وعروة بن مسعود الثقفي، وأمرهم النبي صلى الله عليه وآله بذلك وهو من باب ترك

(1) صحيح مسلم كتاب المساقاة (13) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير
والأصنام، حديث 72.
396

الاستفصال مع قيام الاحتمال (1) (2) (3).
(47) وروي انه صلى الله عليه وآله، قال لفاطمة بنت أبي حبيش، وقد ذكرت أنها
تستحاض: " ان دم الحيض أسود يعرف. فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة، وإذا

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 13 و 14 و 44 وسنن الدارقطني كتاب النكاح
باب المهر، حديث 93 - 104 وسنن ابن ماجة، كتاب النكاح (40) باب الرجل
يسلم وعنده أكثر من أربعة نسوة، حديث 1952 و 1953.
(2) معناه الحكم بالظاهر، وإن كان يحتمل مع الاستفصال ما يخالف الظاهر.
فإنه لا يجب الاستفصال مع ذلك الاحتمال بل يجوز البناء على الظاهر والحكم به
بناء على الأصل. فهو من باب العمل بالأصل وترك الظاهر. والاستفصال الذي تركه
عليه السلام، مع قيام الاحتمال، هو أنه لم يسأل ان العقد عليهن، هل كان دفعة أو على
التعاقب، مع أن الحال كان محتملا لهما. وبين الامرين تفاوت بالنسبة إلى شرع
الاسلام.
فإنه إذا كان العقد عليهن دفعة، كان التخيير واقعا في موقعه لتساوي نسبته إلى
الجميع فصحته في البعض دون البعض ترجيح بلا مرجح، فكان السبيل هو التخيير.
واما إذا تعاقب، وجب صحة عقد السابقات، وبطلت اللاحقات. وهو عليه
السلام لا يسأل عن كيفية العقد، بل حكم بالتخيير مطلقا، وفيه دلالة على صحة العقد
على الوجهين بالنسبة إلى حكم أهل الكفر امضاءا لما فعلوه.
وتأول بعضهم هذا الحديث، بان حمله على استيناف العقد على أربع يختارهن
ويكون المعنى اختر أربعا باستيناف العقد عليهن، بناء على أنه لا يجوز ان يقره على
العقد الواقع في الكفر. وهو من التأويلات البعيدة (معه).
(3) قال شيخنا الزيني: لا فرق في جواز تخيير من شاء منهن، من تقدم نكاحها
أو تأخر، أو اقترن عندنا. لان النبي صلى الله عليه وآله قال لغيلان: " امسك أربع وفارق
سائرهن من غير استفصال، وهو يفيد العموم (انتهى). وقد تقدم ان الجمهور خالفونا
في ذلك، وأوجبوا إمساك من تقدم العقد عليهن في زمان الكفر (جه).
397

كان الاخر، فاغتسلي وصلي " (1) (2).
(48) وفي الحديث انه صلى الله عليه وآله صلى على النجاشي لأنه كان يكتم
ايمانه (3) (4) (5).

(1) الوسائل، كتاب الطهارة، باب (3) من أبواب الحيض حديث 4 و
سنن أبي داود ج 1، كتاب الطهارة، باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة حديث 286.
(2) وهذا أيضا من باب ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال. وفيه دلالة على
عموم المقال، لأنه لم يستفصل، انها ذات عادة قبل ذلك، أم لا. وهذه الرواية تدل
على وجوب العمل بالتمييز عند وجوده للمستحاضة. وبه يستدل على تقديم التميز على
العادة (معه).
(3) صحيح مسلم، كتاب الجنائز (22) باب في التكبير على الجنازة، حديث
62 - 67 وسنن ابن ماجة كتاب الجنائز (33) باب ما جاء في الصلاة على النجاشي
حديث 1534 - 1538. والوسائل كتاب الطهارة باب (18) من أبواب صلاة الجنازة
حديث 10
(4) ان حملت الصلاة هنا على الدعاء، لم يدل على جواز الصلاة على الميت
الغائب قطعا. وان حملت على المعنى الشرعي، فان قلنا إنه رفع له سريره حتى شاهده
كما هو مروى. فلا يكون أيضا حجة في جواز الصلاة على الغائب، لان ذلك يكون من
خصايصه عليه السلام. وإن لم نقل به، كان حجة فيه على جواز الصلاة على الغائب
إن لم نقل انه حكم في واقعة (معه).
(5) قوله (لأنه) تعليل للصلاة عليه، يعنى لا يتوهم انه كان كافرا في ظاهر الحال
فكيف جاز الصلاة عليه. أو يكون تعليلا للاهتمام بالصلاة عليه، مع كونه بعيدا من المدينة
ويكون حاصل المعنى، انه كان مؤمنا وكان يكتم ايمانه. وهو أعظم أجرا، لما روى أن
أبا طالب يؤجر على ايمانه مرتين، مرة للايمان ومرة للكتمان.
وتفصيل هذا الحديث ما رواه الصدوق في كتاب الخصال عن محمد بن القاسم
المفسر، عن يوسف بن محمد بن زياد، عن أبيه عن الحسن بن علي العسكري، عن
آبائه عليهم السلام، ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما أتاه جبرئيل بنعي النجاشي
بكى بكاء حزين عليه، وقال: " ان أخاكم صحمة - وهو اسم النجاشي - مات " ثم خرج
إلى الجبانة، وصلى عليه، وكبر سبعا، فخفض له مرتفع حتى رأى جنازته، وهو
بالجنة.
وروى الشيخ طاب ثراه انه لم يصل على النجاشي، ولكن دعى له. ورجح بعضهم
رواية الشيخ، لنقاوة سندها، ولبعدها عن قول العامة، لأنهم رووا الصلاة على النجاشي
واستدل به الشافعي على جواز الصلاة على الغائب، والعلامة في المنتهى حمل الصلاة
الواقعة في خبر الكتاب، على الدعاء، قال: ولا ينافيه التكبير لأنه أيضا دعاء، وربما
دل على إضافة التكبيرتين، ليخرج بهما عن حقيقة صلاة الأموات. وللعلامة قول آخر:
وهو أن تكون الصلاة مخصوصة بالرسول صلى الله عليه وآله لأنه رآه (جه).
398

(49) وقال صلى الله عليه وآله: " في كل أربعين شاة، شاة " (1)
(50) وقال عليه السلام: " في الغنم السائمة الزكاة " (2)
(51) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فليغسله
سبعا، إحداهن بالتراب " (3).

(1) الوسائل كتاب الزكاة، باب (6) من أبواب زكاة الأنعام، حديث 1، عن أبي
عبد الله عليه السلام. وسنن ابن ماجة، كتاب الزكاة (باب صدقة الغنم) حديث 1805. وسنن أبي داود ج 2، كتاب الزكاة (باب في زكاة السائمة) حديث 1568.
(2) لم نعثر في كتب الحديث على هذه العبارة، وفى المستدرك، كتاب الزكاة
باب (6) من أبواب زكاة الأنعام، حديث 1 عن دعائم الاسلام، ما هذا لفظه: (عن
جعفر بن محمد عليهما السلام، أنه قال: الزكاة في الإبل والبقر والغنم السائمة).
(3) التاج الجامع للأصول، ج 1: 84، كتاب الطهارة، في الفصل الأول من
الباب الثالث، (في تطهير جلد الميتة، والنجاسة الكلبية، ولفظ ما رواه: (عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال: " إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم
فليرقه ثم ليغسله سبع مرار " وفى رواية أولاهن، أو إحداهن بالتراب، وفى أخرى
السابعة بالتراب. رواه الخمسة، والمحلى ج 1: 110 مسألة 127، ونيل الأوطار ج 46 (باب اعتبار العدد في الولوغ).
399

(52) وروي عن الأئمة " ثلاثا " (1).
(53) وروى بعض العامة " آخرهن بالتراب " (2)
(54) وروينا ورووا: " أولاهن بالتراب " (3) (4).
(55) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله، كان يقضي الديون عن الموتى (5).

(1) المستدرك كتاب الطهارة، باب (1) من أبواب الأسئار، حديث 1.
(2) سنن ابن ماجة ج 1، أبواب الطهارة (68) باب ما جاء في سؤر الكلب
حديث 91.
(3) صحيح مسلم، كتاب الطهارة (27) باب حكم ولوغ الكلب، حديث 91
والوسائل كتاب الطهارة، باب (1) من أبواب الأسئار حديث 4
(4) إذا ولغ الكلب في الاناء. وهو شربه منه بطرف لسانه، نجس عند علماء
الاسلام، سوى مالك. وشذوذ من علمائهم، حيث ذهبوا إلى عدم نجاسة الماء، تعويلا
على ما روى أنه صلى الله عليه وآله سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة، تردها السباع والكلاب؟
قال لها: " ما شربت في بطونها، ولنا ما أبقت شرابا وطهورا " والجواب انه محمول
على الماء الكثير، كما هو الظاهر من الحياض.
وأما عدد الغسلات، فقد وقع الاختلاف فيه بين علماء الاسلام، فقال علمائنا
أجمع: الا ابن الجنيد، انه يجب غسله ثلاث مرات إحداهن بالتراب، لكن قال الشيخ
المفيد: وسطاهن، والشيخ الطوسي أولاهن، وهو المشهور. وقال السيد طاب ثراه:
إحداهن بالتراب. وظاهر الصدوقين، التخيير. وقال الشافعي: يغسل سبع مرات،
إحداهن بالتراب، وهو قول ابن الجنيد. وعن أحمد يغسل ثماني مرات، الثامنة بالتراب
وقال أبو حنيفة: لا يجب العدد في شئ من النجاسات، بل الواجب الغسل حتى
يغلب الظن بزوال النجاسة وما قاله علمائنا هو الصواب، للاتفاق على روايته، ويحمل
ما زاد عليه، ان صح على الاستحباب (جه).
(5) الوسائل ج 13 من الطبعة الحديثة، كتاب التجارة، باب (9) من أبواب
الدين والقرض فراجع، ومسند أحمد بن حنبل ج 3: 215 و 296 و ج 6: 74 و 154
وصحيح مسلم كتاب الفرائض (4) باب من ترك مالا فلورثته حديث 14 - 17 وسنن
ابن ماجة ج 1 (في المقدمة) (7) باب اجتناب البدع والجدل حديث 45 و ج 2 كتاب
الصدقات (13) باب من ترك دينا أو ضياعا فعلى الله وعلى رسوله، حديث 2415 و
2416 وأيضا ج 2 كتاب الفرائض (9) باب ذوي الأرحام، حديث 2738
400

(56) والمروي عن أهل البيت عليهم السلام: " ان على الامام أن يقضي عنه " (1)
(57) وروي انه صلى الله عليه وآله لما أقر أهل خيبر على الذمة، قال: " أقركم،
أقر الله " (2) (3).
(58) ونقل عنه صلى الله عليه وآله انه أمر بالقيام للجنازة، وقام لها، ثم قعد مرة أخرى

(1) الوسائل ج 13 من الطبعة الحديثة، كتاب التجارة باب (9) من أبواب
الدين والقرض فلاحظ
(2) صحيح البخاري، ما جاء في الحرث والمزارعة، باب إذا قال رب الأرض:
(أقرك ما أقرك الله ولم يذكر أجلا معلوما) وكتاب الشروط باب (إذا اشترط في
المزارعة إذا شئت أخرجتك، ولفظ الحديث: (ان رسول الله صلى الله عليه (وآله) و
سلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال نقركم ما أقركم الله).
(3) فائدة هذا الحديث، ان الامام يشارك النبي صلى الله عليهم في أفعاله
كما تقدم في خبر القضاء في دين الأموات. فأما هنا في هذا التقرير، فهل يشاركه
الامام؟ قيل، لا، لأنه عليه السلام قال: (ما أقركم الله) وفيه دلالة على أن فعله
عليه السلام مرتبط بالوحي، وذلك غير حاصل للامام.
وقيل: بالمشاركة، عملا بعموم المقام، ولا يكون ذلك مشروطا بكون ذلك
مرتبطا بالوحي في حق الامام. لأنه غير متعبد به، بل يكون مرتبطا بما يظهر له من
طريق المصلحة، ان قلنا بجواز اجتهاده، والا فيما يظهر له من الالهام، كما يظهر
للنبي صلى الله عليه وآله بطريق الوحي، كل منهما في مقامه (معه).
401

فكان الثاني ناسخا (1) (2) (3).
(59) وقال صلى الله عليه وآله، لهند بنت عتبة، امرأة أبي سفيان، حين قالت: إن أبا سفيان
رجل شحيح، لا يعطيني وولدي ما يكفيني، فقال لها: " خذي لك ولولدك ما

(1) صحيح مسلم، ج 2، كتاب الجنائز (24) باب القيام للجنازة. و (25)
باب نسخ القيام للجنازة، ولفظ بعض الأحاديث (عن علي قال: رأينا رسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا. يعنى في الجنازة)
(2) ولهذا كرهوا القيام للجنازة، وهذا من باب تعارض القول والفعل، ورجح
الفعل لأنه أقوى. وكان أرجح في النسخ (معه).
قال العلامة طاب ثراه في المنتهى: إذا مرت جنازة لم يستحب لها القيام
إذا لم يرد تشييعها، وبه قال الفقهاء. وقال جماعة من الصحابة كأبى سعيد الخدري
وغيره بوجوب القيام لها، وعن أحمد رواية بالاستحباب. لنا ما رواه الجمهور عن
النبي صلى الله عليه وآله كان آخر الامر من أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ترك القيام لها.
وفى حديث ان يهوديا رأى النبي قام للجنازة فقال: يا محمد هكذا تصنع، فترك
النبي القيام لها.
احتج المخالف بما رواه أبو سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وآله قال:
إذا رأيتم الجنازة فقوموا. والامر للوجوب. واحتج أحمد بقول علي (ع) قام رسول الله
ثم قعد. والجواب عن الأول، ان المراد بذلك القيام للاتباع، ولأنه منسوخ وقد بيناه
وعن الثاني بذلك أيضا. على أنه يحتمل ما نقله الأصحاب عن الحسين عليه السلام، انه
مرت جنازة يهودي وكان رسول الله على طريقها، فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي، فقام
لذلك (جه).
402

يكفيك بالمعروف " (1) (2) (3).
(60) وقال صلى الله عليه وآله: " من قتل قتيلا، فله سلبه " (4) (5)

(1) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب التجارات (65) باب ما للمرأة من مال زوجها
حديث 2293 وصحيح مسلم ج 3، كتاب الأقضية (4) باب قضية هند، حديث 7 - 9
(2) وهذا يدل على أن من له حق على غيره، وهو غير باذل له، وتمكن من أخذ
شئ من ماله مقابل حقه، جاز. له أخذه، بنية انه عن حقه، سواء كان مماثلا للحق،
أو مخالفا له، ان قيل: انه افتاء، فيجوز المقاصة بإذن الحاكم وبدونه، وان قيل: انه
تصرف بالقضاء، لم يجز الاخذ الا بقضاء قاض. ولا ريب ان حمله على الافتاء أولى
لان تصرفه عليه السلام بالتبليغ أغلب، والحمل على الغالب أولى (معه).
(3) هذا هو المفتى به بين علمائنا، من جواز التقاص، لكن الشيخ طاب ثراه
لم يجوزه من الوديعة، لورود النهى عنه. والظاهر حمله على الكراهة، جمعا بين
الاخبار. وهذا كله لا اشكال فيه.
وإنما الاشكال في مانع الحقوق من الزكاة والخمس ونحوهما، فهل يجوز للفقراء
من أهل الزكاة وأهل الخمس أن يأخذوا شيئا من ماله، مقاصة عمالهم في ذمته، أو عين
ماله الذي هم شركاء فيه، أم لا يجوز ذلك وبناء على أن الحق فيه، أم لا يجوز ذلك؟
وبناء على أن الحق فيه، مقصور عليهم، لأنه لو أعطى جاز له أن يعطى غيرهم، وللتوقف
فيه مجال (جه).
(4) صحيح مسلم ج 3، كتاب الجهاد (13) باب استحقاق القاتل سلب القتيل
حديث 41.
(5) وهذا أيضا يحتمل أن يكون التصرف فيه، تصرف الإمامة. ويحتمل أن
يكون فتوى، فعلى الثاني يعم، وبه قال ابن الجنيد. وعلى الأول يتوقف على اذن
الامام، وقواه الشهيد، اما (أولا) فلان القضية في واقعة، فيختص بها، واما (ثانيا)
فلان الغنيمة للغانمين، فخروج السلب منها ينافي الظاهر. واما (ثالثا) فلتأدية ذلك على
الحرص على قتل ذي السلب فلا ينتظم المجاهدة. اما (رابعا) فلانه مفسد للاخلاص
الواجب في الجهاد. فان قلت: كيف جاز شرطه منه صلى الله عليه وآله؟ قلت: ذلك
عند مصلحة غالبة على تلك المفاسد (معه).
403

(61) وقال عليه السلام: " الأئمة ضمناء، والمؤذنون امناء " (1) (2).
(62) وقال صلى الله عليه وآله في الحديث القدسي: " من عمل لي عملا أشرك فيه
غيري، تركته لشريكه " (3).
(63) وقال عليه السلام: " ما عبدتك طمعا في جنتك، ولا خوفا من نارك، و
لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (3) (4).

(1) الوسائل كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب الأذان والإقامة، حديث
6 ولفظ الحديث (قال الصادق عليه السلام: في المؤذنين، انهم الامناء). و المستدرك
كتاب الصلاة باب (3) من أبواب الأذان والإقامة، حديث 1، نقلا عن عوالي
اللئالي.
(2) وهذا الحديث دال على اشتراط العدالة فيهم، حتى في امام الجماعة. وفيه
دلالة على أن خطائهم فيما يتعلق بحق الغير مضمون عليهم، اما في أموالهم أو في بيت
المال (معه).
(3) الوسائل، كتاب الطهارة، باب (8) من أبواب مقدمات العبادات، حديث 9
وباب (12) من تلك الأبواب، حديث 7، ما يقرب من ذلك. وفى المستدرك، كتاب
الطهارة، باب (8) من أبواب مقدمة العبادات، أيضا كذلك.
(4) وهذا الحديث والسابق عليه يدلان على وجوب النية في العمل. ووجوب
الاخلاص فيها. وفى الثاني دلالة على النهى عن العمل الا مع قصد الاخلاص (معه).
(5) معنى الاخلاص على ما قاله الأكثر، أن لا يقصد بالعمل ثواب، ولا خلوص
من عقاب. بل وجه الله سبحانه وكونه مستحقا للعبادة. ويرشد إليه ما روى أنه سبحانه
لو لم يخلق جنة ولا نارا، اما كان مستحقا للعبادة؟ بل ظاهر بعض المحققين، ان معنى
الحديث الأول راجع إلى هذا. لان قصد الجنة والخوف من النار شرك في العبادة.
والحق ان هذا القصد غير مناف للاخلاص. بل المنافى له ظاهرا، إنما هو
الريا ونحوه. وذلك أن الآيات والاخبار متظافرة في الدلالة على صحة العبادة بهذا
العزم، الا انه كما ورد في الحديث المعتبر ان من قصد الجنة بعبادته فهي عبادة
التجار، ومن قصد الخلاص من النار، فهي عبادة العبيد، ومن قصد الله سبحانه في
عبادته فهي عبادة الأحرار، وهي أفضلهن، وقد سبق الكلام فيه (جه).
404

(64) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " استحيوا من الله حق الحياء " (1)
(65) وقال عليه السلام: " ا عبد الله كأنك تراه، فإن لم تره فإنه يراك " (2) (3).
(66) وقال أمير المؤمنين عليه السلام، وقد سأله ذعلب اليماني؟ أرأيت ربك يا
أمير المؤمنين؟ فقال: " أفأعبد ما لا أرى؟ " فقال: كيف تراه؟ قال: " لا تدركه
العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقايق الايمان " (4) (5).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 387.
(2) صحيح البخاري، كتاب الايمان، باب سؤال جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله عن الايمان
. والإسلام والاحسان وعلم الساعة. ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 426
(3) إشارة إلى أن المرتبة الأولى، أعني قوله: (كأنك تراه) أجل وأعظم من
الثانية. فمن لم يقدر على تحصيلها وقت العبادة لوساوس الشياطين واشغالهم قلبه
بمأرب الدنيا، فلا ينبغي أن تفوته المرتبة الدنية، فان تحصيلها سهل على أكثر من
يتوجه بعبادته (جه)
(4) نهج البلاغة، من كلام له عليه السلام، رقم 179
(5) ضبط الشهيد قدس الله روحه (ذعلب) بكسر الذال المعجمة وسكون العين
المهملة وكسر اللام. والذعلب في اللغة، الناقة السريعة، وكذلك الذعلبة، ثم نقل
فسمى به انسان، وصار علما.
واما حقايق الايمان، فقال كمال الدين ميثم البحراني: المراد بحقايق الايمان
التصديق بوجود الله ووحدانيته، وسائر صفاته واعتبار أسمائه الحسنى. وقال الفاضل
المطرزي: في الغريبين، حقايق الايمان، أي العقايد التي هي عقايد عقلية ثابتة يقينية
لا يتطرق إليها الزوال والتغيير، وهي أركان الايمان، والآثار التي حصلت في القلب
من الايمان والمراد بحقايق الايمان، ما ينتمى إليه تلك العقايد من البراهين العقلية
فان الحقيقة ما يصير إليه حق الامر ووجوبه (انتهى)
وحاصل الكلامين من حقايق الايمان، اما البراهين أو مدلولاتها. وفى حديث
الزنديق النافي للصانع، أنه قال: لقد عدد على أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق
عليهما السلام من قدرة الله وصنعه حتى بان لي ان الله قد ظهر بيني وبينه، وذلك أن
البراهين النيرة تبرز المعقول بصورة المحسوس، حتى يصح الإشارة إليه، بالإشارة الحسية
(جه)
405

(67) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " نية المؤمن خير من عمله " (1)
(68) وروي أيضا: " نية الكافر شر من عمله " (2) (3) (4)

(1) الوسائل كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب مقدمة العبادات، قطعة من حديث 3
(2) الوسائل كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب مقدمة العبادات، قطعة من حديث 3
(3) قيل فيه وجهان (أحدهما) ان نية كل فعل من أفعال المؤمن، وإن لم
يفعل ما نواه خير من عمله لذلك الفعل من غير نية (والثاني) ان المراد ان نية المؤمن
للايمان خير من أعماله
ووجه خيرية الأول، ان النية وحدها تحصل بها حسنة، والعمل وحده لا يثمر
شيئا لوقوعه باطلا. ووجه خيرية الثاني، ان نية الايمان مستلزمة للثواب الدائم
لدوامها بدوامه، وأما الاعمال فإنها منقطعة، فلا يوجب الثواب الدائم، وما يوجب
الثواب الدائم خير، مما لا يوجبه. ويؤيد الوجه الثاني قوله: (ونية الكافر شر من عمله)
فإنه لا يحتمل الوجه الأول فيه (معه)
(4) حقيقة الوجه الثاني مصرح به في حديث، رواه صاحب الكافي عن الصادق
عليه السلام في معنى هذا الحديث، فقال: ان المؤمن إنما خلد في الجنة بنية الايمان
لأنه نوى أنه لو خلد في الدنيا، ما الدنيا باقية، كان مستقيما على الايمان. وخلد
الكافر في النار بهذه النية، فتكون نية المؤمن خير من عمله، ونية الكافر شر من
عمله.
ووجه آخر ذهب إليه المحققون من المتأخرين. وهو ان النية الخالصة، أشق
من العمل بكثير، خصوصا إذا اعتبر فيها الاقبال على الله تعالى والتخلي عن دار الغرور
والتحلي بموجبات دار السرور، فيوافق حديث أفضل الأعمال أحمزها
ووجه آخر محكى عن السيد عطر الله مرقده. وهو ان خير ليست أفعل التفضيل
فيكون المراد، نية المؤمن من جملة أعماله الخيرية.
أقول: يمكن أن يقال: ان النية من أعمال القلب والعبادة من أعمال البدن، و
كما أن القلب أشرف وأفضل من الجوارح فكذلك أعماله، وكذا الكلام في نية الكافر
وأنها أشر من باقي أعماله (جه)
أقول: روى حديث الكتاب، والحديث الذي استشهد به العلامة الجزائري، في
أصول الكافي، كتاب الايمان والكفر (باب النية) حديث 2 و 4 (المصحح)
406

(69) وروي أيضا: " أن المؤمن إذا هم بحسنة كتبت له بواحدة، وإذا
فعلها كتبت له عشرا " (1)
(70) وروي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، وقد سأله أبو عمر الشامي، عن
الغزو مع غير الامام؟ فأجابه عليه السلام بقوله: " ان الله تعالى يحشر الناس على
نياتهم يوم القيامة " (2)
(71) وهو أيضا مروي عن النبي صلى الله عليه وآله (3).
(72) وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " من اختلف إلى المسجد (المساجد خ ل)
أصاب احدى الثمان: أخا مستفادا في الله، أو علما مستطرفا أو آية محكمة، أو
رحمة منتظرة، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو كلمة ترده عن ردى، أو يترك
ذنبا خشيته أو حياء (4) (5)

(1) أصول الكافي، كتاب الايمان والكفر (باب من يهم بالحسنة أو السيئة)
والوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب مقدمة العبادات، حديث 6 - 8 و 10
مع اختلاف يسير فلاحظ.
(2) ومعنى هذا الجواب ان الغازي مع غير الامام، إن كان نيته في غزوة معاونة
الظالم، فلا يثاب على غزوه، بل يعاقب عليه. وإن كان نيته في غزوه إظهار شعائر الاسلام
واعزاز كلمة الدين، وابطال الكفر، أثيب، ولكن الجواب أعم من السؤال (معه)
(3) سنن ابن ماجة، كتاب الزهد (21) باب النية حديث 4229 و 4230
ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 392
(4) ثواب الأعمال (ثواب الاختلاف إلى المساجد) حديث 1.
(5) قال المحقق الشيخ علي أعلى الله درجته: " الاختلاف " إلى الموضع هو
التردد إليه مرة بعد أخرى و " المستطرف " بالطاء المهملة، وفتح الراء، اسم مفعول
من الطرفة بضم الطاء، وهو الشئ النفيس و " المحكم " ما استقل بالدلالة على معناه
من غير توقف على قرينة. والمراد بإصابة " الرحمة المنتظرة " إصابة سببها. لان التردد
إلى المسجد مظنة فعل العبادة التي توجب الرحمة. ويمكن أن يكون المراد ب‍ (ترك
الذنب خشية " تركه خوفا من الله، نظرا إلى أن تكرره إلى المسجد يوجب رقة القلب
والالتفاف إلى جانب الله سبحانه، وذلك موجب للخوف. وبكون " الحياء " من الناس
لان من عهد منه فعل، يستحى ان يرى ضدها. ويمكن ان يراد عكسه. أو كون الخشية
والحياء من الله سبحانه. أو من الناس لان ترك الذنب نعمة على كل حال (جه)
407

(73) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان الله تعالى تجاوز لامتي عما
حدثت به أنفسها " (1) (2)
(74) وفي الحديث القدسي: " ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت
عليه " (3) (4)

(1) سنن ابن ماجة ج 1 كتاب الطلاق (14) باب من طلق في نفسه ولم يتكلم
حديث 2040 وتتمه الحديث (ما لم تعمل به أو تكلم به)
(2) وفيه دلالة على وجوب التحرز في النية عن الشوائب المبطلة لها، سواء
كان عروضها ابتداءا أو في الأثناء، الا ما لا ينضبط من هواجس النفس وخواطرها، فإنه
لا تكليف فيه، لعدم القدرة على نفيه، فيكون معفوا عنه (معه)
(3) الأصول كتاب الايمان والكفر، باب أداء الفرائض، ولفظ الحديث (عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: " ما تحبب إلى عبدي، بأحب مما
افترضت عليه " وفى الوسائل، كتاب الصلاة باب (17) من أبواب اعداد الفرائض
ونوافلها حديث 6. ولفظ الحديث: (عن أبي جعفر عليه السلام، ان الله جل جلاله
قال: " ما يقرب إلى عبد من عبادي بشئ أحب إلى مما افترضت عليه الحديث) ومسند
أحمد بن حنبل ج 6: 256
(4) وفيه دلالة على أن المندوب لا يجوز الاشتغال به، إذا عارض شيئا من الواجبات
(معه).
408

(75) وورد في الخبر " انه إذا أذن المؤذن، أدبر الشيطان وله ضراط
فإذا أحرم العبد بالصلاة، جاءه الشيطان، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، حتى
يصل الرجل إلى أنه لم يدر، كم صلى " (1) (2) (3)
(76) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " من قتل الوزغ في الضربة الأولى، فله مائة حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية، فله سبعون حسنة " (4) (5)
(6).

(1) صحيح مسلم كتاب الصلاة (8) باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعة
حديث 19 ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 313 ولفظ ما روياه (قال رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم إذا نودي بالصلاة الحديث)
(2) ولا يلزم من هذا أفضلية الأذان على الصلاة، لجواز أن يكون للوسيلة مزية
غير حاصلة في المتوسل إليه، لكن للمتوسل إليه مزايا ينغمر في جملتها تلك المزية
(معه).
(3) ادبار الشيطان عن الأذان لكونه مقدمة للصلاة، فيرجع ادباره إلى كونه
صادرا عن الصلاة، لكنه لما رأى المصلى قد أحرم للصلاة وأقبل إلى الله تعالى وأدبر من
الدنيا وعن الشيطان، رجع إليه ليصرفه إلى ما أدبر عنه (جه)
(4) صحيح مسلم ج 4 كتاب السلام (38) باب استحباب قتل الوزغ حديث 147
وسنن أبي داود ج 4 كتاب الأدب، باب في قتل الأوزاغ حديث 5263 وسنن ابن
ماجة ج 2 كتاب الصيد (12) باب قتل الوزغ حديث 3229 من غير نقل (مائة) أو
(سبعون)
(5) وهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يكون ذو قوة وعزيمة في الدين، فان
الوزغة حيوان ضعيف، لا ينبغي لمن له قوة في الدين، أن لا يقتله في الضربة الأولى
حتى يحتاج في قتله إلى ضربتين، فإنه دال على ضعف العزم (معه)
(6) علل ابن عبد السلام كثرة الحسنات في الأولى بأنه احسان في القتل
فدخل في قول النبي صلى الله عليه وآله: " إذا قتلتم فأحسنوا القتلة " أو لأنه مبادرة
إلى الخير فيدخل تحت قوله تعالى: " فاستبقوا الخيرات " وسماه النبي صلى الله عليه
وآله الفويسقة، لأنها كانت تنفخ النار على إبراهيم عليه السلام،. ولم يكن في الأرض
دابة الا أطفأت عنه النار. وعن عبد الرحمان بن عوف، كان لا يولد لاحد مولود الا أتى به
النبي فدعى له، فادخل عليه مروان، فقال: " هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون "
والوزغ كما قالوا: أصم وأبرص من نفخة النار
وإنما استحب قتل الوزغ لما ورد في الروايات ان بنى أمية يمسخون عند الموت
وزغا. وان عبد الملك بن مروان مسخ عند موته وزغة، ففقدوه فلم يروه. قال أبو جعفر
عليه السلام: " فعمدوا إلى جذع من النخل وألبسوه درعا وكفنوه، وضعوه مكانه فدفنوه "
وأخبر انه لم يطلع على حاله أحد الا هو عليه السلام، وأولاد عبد الملك.
وفى حديث ان رجالا من الشيعة كانوا عند الصادق عليه السلام، فذكروا عثمان
ونالوا منه، فأتت إليهم وزغة وجعلت تولول وتصوت فقال عليه السلام: " تعرفون ما
تقول:؟ " قالوا لا، قال: تقول: لئن لم تكفن عن سب عثمان، لا سب عليكم، ولأجل
هذا جاء في الخبر، استحباب الغسل بعد قتلها، لان قاتلها كان خرج من ذنوبه (جه).
409

(77) وقال صلى الله عليه وآله: " اما من أسلم وأحسن اسلامه، فإنه يجزى بجزاء عمله
في الجاهلية والإسلام " (1) (2) (3)

(1) الذي عثرت عليه بمضمون الحديث في الجملة، ما رواه السيوطي في الجامع
الصغير ج 1: 19 حرف الهمزة ولفظه هكذا (إذا أسلم العبد فحسن اسلامه، يكفر الله،
عنه كل سيئة كان زلفها، وكان بعد ذلك القصاص، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف
والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها.
(2) وهذا يدل على أن المتأخر عن الشئ، قد يؤثر فيما يسبق عليه، فان الاسلام
الذي اشتمل على المحاسن الواقعة فيه، استلزم ان الأعمال السابقة كأنها داخلة فيه،
وشرط في الجزاء ان يحسن اسلامه، و " الاحسان " قيل هو التقوى، قال الشهيد:
وفيه نظر، إذا الظاهر أن الاحسان هو العمل بالأوامر على شرايطها وأركانها، وارتفاع موانعها (معه).
(3) وفى بعض الكلمات إشارة إليه، من أن الطاعات السابقة، إذا وقعت على
جهة غير المقبول، أوقعت عليه، لكن أحبطتها الذنوب المتأخرة عنها، فإذا تدارك
المؤمن حاله وأخلص العمل حسبت له تلك الأعمال التي أحبطتها الذنوب (جه).
410

(78) وقال عليه السلام: " ان من الصلاة يقبل منها نصفها، وثلثها، وربعها. وان
منها لما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجه صاحبها " (1).
(79) وحكى عن الشيخ أبي جعفر مؤمن الطاق، انه مر ومعه بعض رؤساء
العامة في سوق الكوفة على بايع رمان، فأخذ العامي منه رمانتين اختلاسا،
ثم مر على سائل فدفع إليه واحدة، ثم التفت إلى أبي جعفر، وقال: عملنا
سيئتين، وحصلنا عشر حسنات، فربحنا ثمان حسنات، فقال له: أخطأت، إنما
يتقبل الله من المتقين كما رويناه (2) (3).

(1) المراد بالقبول هنا، حصول الثواب عليها، وأما الخروج عن عهدة التكليف
فيحصل بفعلها على الوجه المأمور ويمكن أن يكون ذلك مع استحقاق الثواب، لكنه
ناقص. وأما الملفوفة فكناية عن حرمانه من معظم الثواب. أو يراد بها هنا غير المجزية
لاشتمالها على نوع من الخلل (معه)
(2) لعل فعل العامي ذلك لالزام الشيخ أبو جعفر، من حيث قوله: بالاحباط
والتكفير، فأجاب أبو جعفر بان الاحباط والتكفير إنما يقع إذا كان موافقا لاحكام الشريعة
فان الصدقة بالرمانة إنما يصلح أن تكون مكفرة للسيئات الحاصلة بالسرقة، لو كانت الرمانة
من حل، حتى تكون الصدقة بها مقبولة عند الله (معه)
(3) هذا مضمون حديث كما ستعرفه، ولعل المصنف حكاه بالمعنى فوقع فيه الخلل
والاختلال، وهذا الحديث رواه أصحابنا في كتبهم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
من اتبع هواه وأعجب برأيه، كان كرجل، سمعت غثاء العامة تعظمه وتصفه، فأحببت لقائه
من حيث لا يعرفني، لأنظر مقداره ومحله، فرأيته في موضع قد أحف به خلق من غثاء
العامة منتبذا عنهم، مغشيا بلثام، انظر إليه واليهم، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم
وفارقهم ولم يقر
فتفرقت العوام عنه لحوائجهم، وتبعته اقتفى أثره، فلم يلبث إذ مر بخباز، فتغفله
فاخذ من دكانه رغيفين، مسارقة، فعجبت منه ثم قلت في نفسي، لعله معاملة ثم مر بصاحب
رمان، فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة، فعجبت منه ثم قلت في
نفسي لعله معاملة
ثم أقول: وما حاجته اذن إلى المسارقة، ثم لم أزل اتبعه حتى مر بمريض فوضع
الرغيفين و الرمانتين بين يديه، ومشى فتبعته حتى استقر في بقعة من الصحراء، فقلت له:
يا عبد الله، لقد سمعت بك فأحببت لقائك فلقيتك، لكني رأيت منك ما شغل قلبي، وانى
سائلك عنه ليزول شغل قلبي؟ قال: وما هو؟ قلت: رأيتك مررت بخباز وسرقت منه رغيفين،
ثم بصاحب الرمان وسرقت منه رمانتين؟
قال: فقال لي قبل كل شئ: حدثني من أنت؟ قلت: رجل من أهل بيت رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: أين بلدك؟ قلت: المدينة، قال: لعلك جعفر بن محمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب؟ قلت: بلى قال: فما ينفعك شرف أصلك مع
جهلك بما شرفت به وتركك علم جدك وأبيك قلت، ما هو؟ قال: القرآن كتاب الله
قلت: وما الذي جهلت منه؟ قال: قول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها
ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها " وانى لما سرقت الرغيفين، و الرمانتين كانت أربع
سيئات، فلما تصدقت بكل واحدة منها، كانت أربعين حسنة فأنقص من أربعين حسنة
أربع سيئات، تبقى لي ستا وثلاثون
فقلت: ثكلتك أمك، أنت الجاهل بكتاب الله، أما سمعت الله عز وجل يقول: " إنما
يتقبل الله من المتقين " انك لما سرقت الرغيفين، كانت سيئتين، فلما دفعتها إلى غير صاحبهما
بغير أمره كنت أضفت سيئتين إلى سيئتين وكذلك فعلك بالرمانتين، فقد أضفت أربع
سيئات إلى أربع سيئات، فانصرفت وتركته
قال الصادق عليه السلام: بمثل هذا التأويل القبيح المستنكر، يضلون ويضلون
وعلى نحو هذا تأويل معاوية لما قتل عمار بن ياسر، فارتعدت فرائص خلق كثيرة
وقالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " عمار تقتله الفئة الباغية " فدخل عمرو على
معاوية وقال: قد هاج الناس واضطربوا، قال: لماذا؟ قال: قتل عمار، قال معاوية:
فماذا؟ قال: أليس قال رسول الله: " عمار تقتله الفئة الباغية " فقال له معاوية: دحضت
في قولك: أنحن قتلناه؟) إنما قتله علي بن أبي طالب لما ألقاه بين رماحنا، فاتصل
ذلك بعلى عليه السلام فقال: فاذن رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي قتل حمزة لما
ألقاه بين رماح المشركين (جه).
411

(80) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله " (1)
(81) وروي ان النبي صلى الله عليه وآله حمل إليه للاستنجاء، حجران وروثة فألقى
الروثة واستعمل الحجرين (2) (3) (4)
(82) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لحسان، لما تيمم وصلى بالناس: " أتصلي
بالناس وأنت جنب؟ " (5)

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (3) من أبواب المواقيت حديث 16.
(2) سنن ابن ماجة، ج 1 كتاب الطهارة وسننها (16) باب الاستنجاء بالحجارة
والنهى عن الروث والرمة حديث 314 وفى المستدرك كتاب الطهارة باب (26) من
أحكام الخلوة حديث 5 نقلا عن الشهيد قدس سره
(3) وهذا يدل على أن استعمال الروث غير جائز. وعلى أن التثليث بالاستنجاء غير
واجب (معه)
(4) فيه دلالة على ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، من وجوب الاستنجاء من الغائط
وقال أبو حنيفة: انه سنة وليس بواجب، وهو رواية عن مالك، وحكى أيضا عن الزهري
ومن قوله (حجران) يستفاد ما هو خلاف المشهور من وجوب الثلاث، ولو حصل النقاء
بالأقل. وقال داود ومالك: الواجب الانقاء دون العدد، وهو اختيار المفيد، وفى هذا
الحديث دلالة عليه
ويمكن حمله على أنه عليه السلام أراد الجمع بين الأحجار والماء لأنه أكمل
وحينئذ يكتفى بالحجر والحجرين، وإن كان الأفضل هو الثلاثة. وأما الروث فلا يجوز
الاستنجاء به باجماع أصحابنا. وأبو حنيفة جاز الاستنجاء بالعظم والروث وجوزه مالك
أيضا (جه)
(5) وهذا يدل على أن التيمم لا يرفع الحدث. وعلى ان اقتداء المتطهر بالمتيمم
جائز، لكنه مكروه، لأنه عليه السلام لم يأمره بإعادة الصلاة وفائدة الانكار، لتعريف
الكراهية ونقل ابن إدريس عن بعض أصحابنا عدم جواز امامة المتيمم للمتوضئين
والاخبار على الكراهة (معه).
413

(83) وقال صلى الله عليه وآله، لمعاذ وقد بعثه قاضيا إلى اليمن: " بم تحكم يا معاذ؟ "
فقال بكتاب الله، قال: " فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: " فإن لم
تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الحمد لله الذي وفق رسول
رسول الله لاجتهاد الرأي " (1)
(84) وفي حديث آخر، لما قال أجتهد رأيي قال له عليه السلام: " لا، بل ابعث
إلي، أبعث إليك " (2) (3).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 5: 230 و 236 و 242
(2) وهذا يدل على أن الحاكم لابد أن يكون فقيها، لان سؤاله عليه السلام
إنما كان لاستعلام حاله ومرتبته في الفقه. ويدل على ترتيب الأدلة، لأنه قدم كتاب الله
في أخذ الحكم منه إذا وجده فيه، ثم ثنى بسنة النبي صلى الله عليه وآله، ثم ثلث بالاجتهاد
وأقره النبي صلى الله عليه وآله على ذلك
ثم إن الاجتهاد يحمل معنيين (أحدهما) استنباط الحكم من الكتاب والسنة، إذا
لم يجد الحكم في نصهما، (والثاني) أن يراد به القياس. وهو رد الحكم على الكتاب
والسنة، باعتبار استنباط العلة منهما، ولهذا يحتج به أصحاب القياس. لان النبي صلى
الله عليه وآله، أقره على ذلك وحمد الله على توفيقه له
وفى الرواية الثانية دلالة على منعه من الاجتهاد، وعدم اقراره عليه، بل أوجب
عليه، أن يرد الحكم إليه صلى الله عليه وآله. فان حملنا الاجتهاد على المعنى الثاني
عملنا بالرواية الثانية، لان القياس غير معمول به في مذهب أهل البيت عليهم السلام
وان حملناه على الأول، عملنا بالرواية الأولى، وهو تقرير النبي صلى الله عليه وآله
على ذلك، لان أخذ الحكم واستنباطه عند عدم النص في الكتاب والسنة جائز، إذا
رده إليهما، عند تعذر رده إلى الامام (معه).
(3) استدل به العامة على العمل بالقياس، وأجاب عنه علمائنا قدس الله أرواحهم
بأنه ضعيف دلالة وسندا. أما الدلالة فلا احتمال إرادة المعاذ، العمل بالبراءة الأصلية
و الاستصحاب، والقياس على منصوص العلة، أو طريق الأولوية. وأما السند فلان هذا
الخبر مرسل باتفاق المحدثين، فلا يثبت به مثل هذا الأصل العظيم (جه)
414

(85) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " صلاة فريضة أفضل من عشرين حجة " (1)
(86) وفي حديث آخر: " ألف حجة " (2)
(87) وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان خير أعمالكم الصلاة " (3)
(88) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وآله، وقد سئل أي الاعمال أفضل؟ قال: " ايمان
بالله " قيل: ثم ماذا؟ قال: " الاجتهاد في سبيل الله " قيل: ثم ماذا؟ قال: " حج
مبرور " (4)
(89) وفي حديث آخر: سئل أي الاعمال أفضل؟ فقال: " بر الوالدين " (5)
(90) وسئل أي الاعمال أفضل؟ فقال: " حج مبرور " (6).

(1) الفقيه كتاب الحج، باب فضائل الحج، حديث 71 وبقية الحديث (و
حجة خير من بيت مملوء من ذهب يتصدق به (منه) حتى يفنى)
(2) المستدرك، كتاب الحج، باب (27) من أبواب وجوب الحج وشرايطه
قطعة من حديث 3، نقلا عن الشيخ الطوسي في أماليه
(3) المستدرك، كتاب الصلاة باب (10) من أبواب وجوب الصلاة، قطعة من
حديث 13، نقلا عن الجعفريات
(4) صحيح مسلم، كتاب الايمان (36) باب بيان كون الايمان بالله تعالى أفضل الأعمال
حديث 135
(5) الذي عثرت عليه من الاخبار في أفضلية البر بالوالدين من سائر الأعمال
هو بعد الصلاة لوقتها، راجع صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب (1) وكتاب
التوحيد باب (48). ومسند أحمد بن حنبل ج 1: 181 و ج 5: 368 وغيرها من
الصحاح والسنن
(6) هذه الأحاديث الأربعة وإن كان ظاهرها التعارض، لكن يمكن حملها على
التخصيص بالسائل، فيكون معناه ان بعض السائلين بالنسبة إليه، أفضل الأعمال كذا
وبالنسبة إلى بعض آخر أفضل الأعمال كذا، فلا تعارض (معه).
415

(91) وقال عليه السلام: " مفتاح الصلاة الطهور، و تحريمها التكبير، وتحليلها
التسليم " (1) (2) (3)

(1) ورواه الصدوق في الفقيه، كتاب الطهارة، باب افتتاح الصلاة وتحريمها و
تحليلها ولفظ الحديث (قال أمير المؤمنين (ع): افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها
التكبير وتحليلها التسليم) ورواه السيد المرتضى طاب ثراه في الناصرية، كتاب الصلاة
المسألة (83) وسنن أبي داود ج 1، باب فرض الوضوء، حديث 61. وسنن الترمذي
ج 1، أبواب الطهارة (3) باب ما جاء ان مفتاح الصلاة الطهور، حديث 3. وسنن
ابن ماجة، كتاب الطهارة وسننها (3) باب مفتاح الصلاة الطهور، حديث 275 و
276. وسنن الدارمي كتاب الصلاة، باب فرض الوضوء، باب مفتاح الصلاة الطهور
وغيرها من الصحاح والسنن
(2) الفائدة في حصر المبتدأ في خبره، التخصيص. فليس للصلاة مفتاح غير
الطهور، ولا محرم غير التكبير، ولا محلل غير التسليم. وهو يدل على وجوب التسليم
لوجوب أخويه اجماعا، وقد ساوى عليه السلام بينه وبينهما (معه)
(3) هذا الحديث رواه الصدوق والشيخ المرتضى؟؟ عن أمير المؤمنين عليه السلام
بسند مرسل. واستدل به من قال بوجوب التسليم. وتوجيهه ان التسليم وقع خبرا من
التحليل، والخبر اما مساو للمبتدأ، أو أعم منه. فلو حصل التحليل بغير التسليم
للزم الاخبار بالأخص من الأعم. على أن المصدر المضاف يفيد العموم، فيستفاد منه
ان كل محلل، تسليم
وأورد عليه انه خبر مرسل فلا يجوز التعويل عليه في اثبات الأحكام الشرعية.
وأجاب عنه العلامة في المنتهى، بان الأمة تلقاه بالقبول، ونقله الخاص والعام. وما هو
بهذه المثابة من الشهرة، قد تحذف رواية اعتمادا على شهرته. وهؤلاء المشايخ الثلاثة
هم العمدة في ضبط الأحاديث. ولولا علمهم بصحته، لما أرسلوه، وحكموا بأنه من
قوله صلى الله عليه وآله
وأيده شيخنا بهاء الملة والدين، بان مذهب السيد في أخبار الآحاد معلوم، فلو
لم يكن اشتهار هذا الحديث في زمنه بالغا حدا يخرجه عن تلك المرتبة لم يحسن
تأويله عليه. وأجاب بعضهم من قوله: (ان المصدر المضاف يفيد العموم) بان الإضافة
كما تكون للاستغراق، تكون للجنس والعهد الذهني والخارجي (انتهى)
والخلاف في وجوب التسليم واستحبابه، مشهور. والقائل بالاستحباب مستظهر
لو لم تكن الأخبار الدالة عليه موافقة لأهل الخلاف، فإنك تحققت سابقا، ان أبا حنيفة
جوز الخروج من الصلاة، بالريح ونحوها، بدل التسليم
والذي يقتضيه الجمع بين أخبار هذا الباب، على اختلافها. هو ما صار إليه
بعض المحققين، من أن التسليم واجب لكنه خارج من أجزاء الصلاة، فلا ينافي ما ورد
في الاخبار من عدم بطلان الصلاة بالحدث المتخلل بينها وبين التسليم. لان المنافاة متحققة
لو كان جزءا منها. وفى النصوص دلالة عليه، كما رواه الشيخ عن الصادق عليه السلام:
إذا كنت اماما فإنما التسليم ان تسلم على النبي، وتقول: السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين، فإذا قلت ذلك، فقد انقطعت الصلاة، ثم تؤذن القوم، فتقول وأنت مستقبل
القبلة: السلام عليكم، وكذلك إذا كنت وحدك، الحديث. وفيه دلالة على أن آخر
الصلاة هو، السلام علينا، والخروج منه بقوله: السلام عليكم، فهو واجب خارج
منها (جه)
416

(92) وفي حديث انه صلى الله عليه وآله سئل، كيف الصلاة عليك؟ فقال عليه السلام: " قولوا
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على
محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم " (1)

(1) صحيح البخاري كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه
(وآله) وسلم. وصحيح مسلم كتاب الصلاة (17) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه
(وآله) وسلم بعد التشهد، حديث 65 و 66 وسنن أبي داود ج 1 كتاب الصلاة باب
الصلاة على النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بعد التشهد حديث 976 و 977 و 978
وسنن ابن ماجة ج 1 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها حديث 904 و 905 و 906 وسنن
الدارمي كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ومسند أحمد بن حنبل ج 4: 118
و 119 و 244. و المستدرك للحاكم ج 1: 268 و 269 إلى غير ذلك من الصحاح
والسنن والسير.
417

(93) وفي رواية أخرى: " كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم " (1) (2) (3) (4)

(1) تقدم آنفا
(2) ولا يلزم من هذا مساواة إبراهيم وآله إبراهيم، لمحمد وآل محمد، ولا
أفضليتهم عليهم. من حيث إن المشبه به يجب أن يكون أقوى من المشبه، أو مساويا له
لان الدعاء إنما يتعلق بالمستقبل، ونبينا صلى الله عليه وآله كان الواقع قبل الدعاء، انه
أفضل من إبراهيم عليه السلام وان آله، أفضل من آل إبراهيم. وهذا الدعاء يطلب
فيه زيادة على هذا الفضل، مساوية للصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم. فهما وان تساويا
في الزيادة، الا ان الأصل المحفوظ، خال عن معارضة الزيادة، أو يقال: ان التشبيه
واقع على أصل الصلاة بالصلاة، لا على كميتها أو كيفيتها، كما في قوله تعالى:
" كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " فإنه تشبيه أصل الصوم بالصوم
لا في الوقت والعدد (معه)
(3) ويعجبني أن أذكر ما نقله المحقق الأردبيلي قدس سره في كتابه (مجمع
الفائدة والبرهان في شرح الارشاد) عند بحث التشهد. فإنه قدس سره بعد نقل بعض الأخبار
التي قدمناه، قال: ما هذا لفظه (والعجب انهم يحذفون الال، ويتركون هذا
المنقول حتى في هذا الخبر، ويقولون: قال صلى الله عليه وآله: افاده بعض السادة
وهو سيد حسن السفطي (المصحح)
(4) هذا التشبيه من مطارح الأنظار بين علماء الاسلام، وقد ذكروا له وجوها
كثيرة حررناها في شرحنا على الصحيفة. ولنذكر منها هنا وجوها:
الأول: انه صلى الله عليه وآله وأهل بيته، من جملة آل إبراهيم، فهم داخلون
تحت الصلاة عليهم، ومخصوصون دونهم بهذه الصلاة، والصلاة العامة أفضل من الخاصة.
الثاني: ان إبراهيم أشرف مما قبله من الأنبياء، فالصلاة عليه أشرف منها على من
تقدمه، وإذ كانت الصلاة على نبينا مثلها، تكون أيضا أشرف مما قبلها، ومن جملة ما
تقدم الصلاة على إبراهيم
الثالث: ان الأشدية حاصلة بالأقدمية، ويرد قوله صلى الله عليه وآله: " كنت
نبيا وآدم بين الماء والطين ".
الرابع والخامس: ما قاله ابن حجر المكي من علمائهم. وهو أنه صلى الله
عليه وآله قال هذا القول: قبل أن يعلم بأنه أفضل من إبراهيم. أو يكون مثل هذا
تواضعا منه صلى الله عليه وآله وتعليما لامته كيف الصلاة. وهذان الوجهان لا ينطبقان على مذهبنا
السادس: ان الكاف للتعليل، مثلها في قوله تعالى: " واذكروه كما هداكم " فليس
المراد تشبيه الصلاة بالصلاة، بل المراد الموازاة وتعليل الطلب بوجود ما يقتضيه
وان وجود المطلوب ليس ببدع، إذ وقع مثله وما يوجبه. ولهذا الكلام نظائر كثيرة.
السابع: ان أفضلية المشبه به راجعة إلى الوضوح والاشتهار، فإنه بين الأنبياء
كنار على علم، إجابة لقوله: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " أي ذكرا جميلا
وكانت الأنبياء تنسب إلى دينه، حتى قال النبي صلى الله عليه وآله: " انا على دين أبى إبراهيم ".
ومن هذا الباب قوله تعالى: " مثل نوره كمشكاة ".
الثامن: ان الصلاة بهذا اللفظ جارية في كل صلاة، على لسان كل مصل، إلى
انقضاء التكليف، فيكون الحاصل لمحمد صلى الله عليه وآله بالنسبة إلى جميع الصلوات
مضاعفة. وهذا الوجه قاله شيخنا الشهيد قدس سره.
التاسع: ان المراد بهذا التشبيه، الحالة اللائقة بالمشبه والمشبه به، وحاصله
طلب الصلاة اللائقة بحاله صلى الله عليه وآله وتشبيهها بالصلاة اللائقة بحال إبراهيم، والأولى أفضل
وأشرف من الثانية.
وأكثر الاعلام اعتمدوا على الوجه الأول، وأجابوا به عما ورد به عليهم من
الشبهة في قوله تعالى: " وفديناه بذبح عظيم " بان الحسين عليه السلام مع أنه أفضل من إسماعيل
فكيف يفديه؟ وحاصل الجواب انه عليه السلام وجده وأباه وأخاه وذريته من أولاد
إسماعيل، فهو فدائهم كلهم، ومجموعهم أشرف.
وفى حديث الرضا عليه السلام أصوب من هذا، وحاصله ان إبراهيم لما جزع
من عدم امضاء أمر الذبح، فوزا بثوابه، عوضه الله تعالى بمصيبة ذبح ولده، الاطلاع
على مصيبة الحسين (ع) لأنها أعظم أجرا منها، وأوجع لقلبه (جه).
418

(94) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام في الحدث قبل التسليم:
" ان صلاته تامة " (1) (2) (3).
(95) وروى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام فيمن صلى الظهر خمسا
" إن كان جلس آخر الرابعة بقدر التشهد، تمت صلاته " (4) (5) (6).

(1) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (13) من أبواب التشهد قطعة من حديث 1.
(2) ولا يعارض هذه الرواية ما تقدم من الحديث الدال على وجوب التسليم،
لجواز حمله على النسيان. لان التسليم وإن كان من أفعالها الواجبة، إلا أنه ليس من
أركانها، فلا تبطل الصلاة بتركه ووقوع الحدث قبل فعله نسيانا. وليس المراد ان الحدث
وقع قبل نسيان التسليم حتى يكون واقعا في أثناء الصلاة لتبطل به، بل المراد ان
نسيان التسليم واقع قبل الحدث، فلما ظن اتمام صلاته وقع منه الحدث، فلا يكون مبطلا
(معه).
(3) هذا الحديث من أقوى دلائل من ذهب إلى استحباب التسليم. والجواب
عنه تارة بالحمل على التقية. وأخرى بأنه واجب، لكنه ليس بجزء من الصلاة، بل
خارج منها. فإذا أحدث قبله تطهر ثم عاد إليه ليوقعه على الطهارة كما صرح به في عدة
أخبار (جه).
(4) الوسائل كتاب الصلاة، باب (19) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة
حديث 4.
(5) ولا يلزم من هذه الرواية أيضا عدم وجوب التسليم، لخروجها عن الضابط
بالنص. لأنه جعل الجلوس بقدر التشهد كافيا عن صحة الصلاة (معه).
(6) ذهب الفاضلان قدس الله روحيهما إلى العمل به، قالا: من جلس عقيب
الرابعة بقدر التشهد، وإن لم يتشهد فصلاته صحيحة. ويضيف إلى ذلك الركعة، ركعة
أخرى استحبابا، لتكون نافلة، والشيخ والسيد عطر مرقديهما على بطلان الصلاة
إذا جلس ولم يتشهد
وأولوا هذا الخبر وما بمعناه على أن يكون قد أتى بالتشهد. لشيوع مثل هذا
الاطلاق، وندور الجلوس بقدر التشهد من دون الاتيان به. وحينئذ لم يفت منه سوى
التسليم، قال في الذكرى وابن إدريس في السرائر: ان مبناه على استحباب التسليم
وان الصلاة باطلة على قول من أوجبه. وهو كما ترى فان التسليم ليس بركن والترك
هنا إنما وقع سهوا، وكذلك ترك التشهد على قول الفاضلين.
نعم هذا الخبر لو لم يكن موافقا لمذهب أبي حنيفة، لكان قول الفاضلين هو الأقوى
فإنه لم يوجب ذكر التشهد، وصرح بان الجلوس مقدار التشهد كاف في الفصل، وحينئذ
فيمكن حمله على التقية (جه).
420

(96) وقال الصادق عليه السلام: " القنوت كله جهار " (1).
(97) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إنما صلاتنا هذه، تكبير وقراءة
وركوع وسجود " (2) (3)
(98) وقال صلى الله عليه وآله: " صلاة النهار عجماء " (4).
(99) وقال الصادق عليه السلام: " في صلاة النهار، الاخفات " (5).

(1) الوسائل، كتاب الصلاة باب (21) من أبواب القنوت، حديث 1.
(2) وهذا الحديث مما استدل به بعض على ركنية القراءة، لأنه عليه السلام ساوى
بينها وبين الأركان الثلاثة (معه).
(3) ادعى الشيخ طاب ثراه الاجماع على ركنية القراءة والاخبار دالة
عليه، وحكى في المبسوط من بعض أصحابنا قولا بركنيتها، لقوله عليه السلام: " لا
صلاة إلا أن يقرأ بفاتحة الكتاب " وحملوه على العامد، جمعا.
وأما حديث الكتاب فهو محمول على تأكد جزئيتها للصلاة، حتى كأنه صار من
باب الأركان، ولذا ورد اطلاقها على الصلاة في قوله تعالى: " ان قرآن الفجر كان مشهودا "
يعنى به صلاة الصبح، لأنه تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار، إذا فعلت أول وقتها
فتكتبها ملائكة الليل في صحيفة الليل وملائكة النهار في صحيفة النهار (جه).
(4) المستدرك، كتاب الصلاة باب (18) من أبواب القراءة في الصلاة حديث
1، عن العوالي عن الشهيد، وباب (21) من تلك الأبواب حديث 3.
(5) فيه دلالة على أن كل صلاة وقعت في النهار واجبة أو مندوبة، حقها الاخفات
(معه).
421

(100) وروى سعيد الأعرج عن الصادق عليه السلام: " جواز الشرب في صلاة
الوتر لمريد الصيام وهو عطشان " (1).
(101) وروى علي بن عثمان الرازي عن الصادق عليه السلام، ورواه أيضا
الحسين بن أبي العلاء وعبيد بن زرارة: " ان من نقص من صلاته سهوا، ثم ذكر
أتمها وان تكلم " (2) (3).
(102) وروى عمار بن موسى الساباطي عنه عليه السلام: انه يبني على صلاته
فيتمها وان بلغ الصين ولا يعيد الصلاة " (4) (5) (6).

(1) الوسائل كتاب الصلاة، باب (23) من أبواب قواطع الصلاة، فراجع.
(2) الوسائل كتاب الصلاة باب (3) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة
حديث 3. والظاهر أن الراوي علي بن النعمان الرازي فراجع.
(3) إذا تكلم ساهيا ثم ذكر نقص الصلاة، فالشيخ في النهاية وجماعة من
القدماء، على الإعادة مطلقا، وحكى عن بعض أصحابنا وجوب الإعادة في غير الرباعية
وجماعة من المتأخرين تبعا للمبسوط على عدم وجوب الإعادة مطلقا، والأخبار الصحيحة
دالة عليه. منها ما روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في
رجل صلى ركعتين من المكتوبة، فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة، وتكلم ثم ذكر أنه
لم يصل غير ركعتين؟ فقال: يتم ما بقي من صلاته ولا شئ عليه. ولا يخفى أن تأويل
الأخبار الصحيحة بالحمل على التقية ونحوه من غير معارض، مشكل جدا (جه).
(4) الوسائل كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة
حديث 20.
(5) هذه الرواية والتي قبلها مخالفتان للأصل، فلا عمل عليهما (معه).
(6) هذه المسألة أشكل من السابقة، لأنه ذكر نقصان الصلاة بعدما يبطل الصلاة
عمدا وسهوا كالاستدبار والفعل الكثير. ومن ثم ذهب المعظم إلى بطلان الصلاة ووجوب
الاستيناف، والصدوق في المقنع على عدم الإعادة، وانه لا يجب الا تلافى ما نقص.
والاخبار متعارضة، إلا أن الصحيح منها ما دل على الثاني، وأجاب الشيخ عنها
تارة بالحمل على النافلة، وأخرى على أنه لم يتيقن الترك، وهو بعيد، بل الأولى كما
قيل: حمل هذه على الجواز، وما تضمن الاستيناف على الاستحباب، لكن موافقة العامة
على القول الثاني يقوى الأول (جه).
422

(103) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق عليه السلام وابن أبي
عمير بسنده عمه أيضا، ان من كان في الكسوف، فخشى فوات الحاضرة قطع
الكسوف ثم يأتي بالحاضرة ثم يبني على ما صلاه من الكسوف (1) (2).
(104) وروى الشيخ مرسلا عن زيد بن ثابت، صورة صلاة الاعرابي (3).
(105) وروى ابن بابويه في الصحيح عن الصادق عليه السلام ان الخائف مع
الامام يقتصر على ركعة (4).
(106) وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام: ان القنوت
لو لم يذكره الا بعد الركوع، فإنه يقضيه بعد التسليم. وعارضه خبر صحيح
بنفي القضاء، لكنه مجهول المسؤول (5) (6).
(107) وروى ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام: ان الكسوف تصلى جماعة

(1) الوسائل كتاب الصلاة باب (5) من أبواب صلاة الكسوف حديث 2 و 3.
(2) هذه الرواية وان كانت صحيحة الطريق، لكن لم يعمل بمضمونها أحد من الأصحاب
(معه).
(3) الوسائل كتاب الصلاة باب (39) من أبواب صلاة الجمعة وآدابها
حديث 3. ورواه الشيخ في المصباح ص 281، عن زيد بن ثابت وقال: وهي صلاة
الاعرابي.
(4) الوسائل كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب صلاة الخوف والمطاردة
حديث 1.
(5) الوسائل كتاب الصلاة باب 16 و 18 من أبواب القنوت فلاحظ.
(6) فالعمل على التخيير، ليكون عملا بالحديثين (معه).
423

مع الاستيعاب، وفرادى لا معه (1) (2).
(108) وفي رواية عن الصادق عليه السلام: ان المنبر يحمل بين يدي الامام في
صلاة الاستسقاء (3).
(109) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " ان الناس في سعة ما لم يعلموا " (4) (5).
(110) وجاء في الخبر المستفيض عنه صلى الله عليه وآله: " كل عمل ابن آدم له الا

(1) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب صلاة الكسوف، حديث 2.
(2) أي استيعاب الاحتراق، وهذه الرواية ضعيفة (معه).
(3) الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الاستسقاء، حديث 2 و 4..
(4) هذا يدل على أن الأصل في الأشياء، الإباحة والطهارة والحل. حتى يرد
المانع مع العلم به. فما دام لا يعلم، الأصل براءة الذمة من المانع. وهذه قاعدة كلية
يبتنى عليها فروع كثيرة (معه).
(5) قد تكلمنا على معنى هذا الحديث في مقدمات شرح التهذيب، كلاما طويل
الذيل، فليرجع إليه من أراده (جه).
424

الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به " (1) (2) (3).
(111) وقال عليه السلام: " لا تدخل الحكمة جوفا ملئ طعاما ".
(112) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (من صام رمضان وأتبعه بست

(1) البحار، الطبعة الحديثة ج 96 كتاب الصوم، باب فضل الصيام، حديث
14. وصحيح مسلم كتاب الصيام (30) باب فضل الصيام، حديث 161 و 164
وفى التاج، كتاب الصيام. بعد نقل الحديث، قال: ورواه الخمسة.
(2) وجه تخصيص الصوم بذلك، مع أن الاعمال كلها لله، وهو المجازى عليها
قيل: لأنه اختص بترك الشهوات، والملاذ في البطن والفرج، واختص بخفائه والاطلاع
عليه. واختص بان فيه تشبه بالصمدية بسبب خلاء الجوف. واختص بأنه لم يتقرب به
إلى غير الله. واختص بأنه يوجب صفاء العقل والفكر بسبب اضعاف القوة الشهوية
الموجب لذلك، لحصول المعارف والكمالات النفسانية.
فان قلت: انه يشاركه في (الأول) الاحرام: فإنه ترك في كثير من الملاذ. و
الجهاد فإنه ترك فيه الحياة، فضلا عن الشهوات، وفى (الثاني) يشاركه الايمان و
الخشية والاخلاص وجميع أفعال القلب. وفى (الثالث) يشاركه العلم والاحسان وتعظيم
الأولياء وفى (الرابع) يشاركه استخدام الكواكب، فإنه موقوف على الصوم. وفى
(الخامس) يشاركه جميع العبادات خصوصا الصلاة.
قلت: هب. ان كل واحد منها حاصل في كل واحد مما ذكرتم، إلا أن مجموعها
لم يحصل في غيره، فاجتماع هذه الخصايص فيه، يوجب انفراده بالفضل والمزية على
سائر العبادات، لأنه قد اجتمع فيه ما تفرق فيها من الخصايص، فكان مجمع خصال
الكمالات، فانفرد بالفضل عليها (معه).
(3) قرأ (اجزى) بعض أهل الحديث، على البناء المفعول، يعنى جزائي من
عبدي هذا العمل. وفى النهاية معناه: مضاعفة الجزاء من غير عدد وحساب، لان الكريم
إذا توالي بنفسه الجزاء، اقتضى عظمته، وسعته. وتقديم الضمير للتخصيص أو للتأكيد
والأول أنسب بالسياق.
أي أنا أجزى به لا غيري، بخلاف سائر العبادات، فان جزائها قد يفوض إلى
الملائكة (جه).
425

من شوال، فكأنما صام الدهر " (1) (2) (3).
(113) وقال صلى الله عليه وآله: " من حج هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق، خرج من

(1) المستدرك ج 1 كتاب الصيام، باب (4) من أبواب الصوم المندوب
حديث 5 و 7 ولفظ الحديث فيهما (فكأنما صام السنة) وباب (26) من هذه الأبواب
حديث 6 ولفظه (فكأنما صام الدهر) وصحيح مسلم، كتاب الصيام (39) باب استحباب
صوم ستة أيام من شوال اتباعا لرمضان 204.
(2) إنما قال: رمضان ولم يقل شهر رمضان، ليدل على جوازه. والظاهر أن
استحبابها مترتب على مجموع الشهر. وإنما ذكر لفظ الست؟ تغليبا لليالي. وإنما
خصها بكونها من شوال، رفقا بالمكلف، من حيث إنه قريب بالعهد بالصوم، فهي أسهل
باعتبار ادامته. لان ابتدائه بعد انقطاعه أصعب. ولابد فيها من أن تلى العيد بلا فصل
وإنما حصر العدد في الست؟ لان الحسنة بعشر أمثالها، فيكون مع رمضان بثلاثمائة
وستين وذلك سنة كاملة. وقال: (فكأنما) ولم يقل (فكأنه) لان المراد تشبيه الصوم
بالصوم، ولو قال: فكأنه لكان تشبيه الصائم بالصوم. وليس بمراد.
وإنما كان هذه القدر معادلا لصوم الدهر، لان لصائم هذه الأيام: مثل ثواب صيام
الدهر مجردا عن المضاعفة، والمشبه به ليس الواجب مطلقا، والنفل مطلقا. لان
الدهر هنا خمسة أسداسه فرض، وسدسه نفل، كما أن المشبه كذلك.
والألف واللام في (الدهر) عوض عن المضاف إليه، فيصير التقدير، فكأنما
صام دهره، كقوله تعالى: " فان الجنة هي المأوى " أي مأواه (معه).
(3) هذا الحديث من طريق العامة ومضمونه رواه الخاصة أيضا. وذهب أكثر
أهل العلم إلى استحباب هذا الصيام، وخالف فيه مالك وطائفة منهم، حيث حكموا
بكراهة صيام هذه الأيام الستة، حذرا أن يلحق الجهال برمضان ما ليس منه. نعم روى
الشيخ عن حريز عنهم عليهم السلام قال: إذا أفطرت من رمضان فلا تصومن بعد الفطر
تطوعا الا بعد ثلاث يمضين، قال الشيخ: الوجه فيه، انه ليس في صيام هذه الأيام من
الفضل والتبرك ما في غيره من الأيام، وإن كان صومها جايزا يكون الانسان فيه مخيرا
ولا تنافى فيهما حينئذ (جه).
426

ذنوبه كيوم ولدته أمه " (1).
(114) وقال عليه السلام: " الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة " (2)
(115) وروى عن أهل البيت عليهم السلام: " من أراد دنيا وآخرة، فليؤم هذا
البيت " (3)
(116) وفي الحديث: " ان الله تعالى ينزل كل يوم مائة وعشرين رحمة
للطائفين، والمصلين، والناظرين " (4).
(117) وفي الحديث: انه يحجها في كل سنة، ستمائة ألف، فان أعوز
تمموا من الملائكة " (5) (6).

(1) المستدرك كتاب الحج باب (24) من أبواب وجوب الحج وشرايطه حديث 22، نقلا عن العوالي عن الشهيد. ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 484
(2) المستدرك، كتاب الحج باب (24) من أبواب وجوب الحج وشرايطه
حديث 22، نقلا عن العوالي. ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 246 وتتمة الحديث:
(والعمرتان أو العمرة إلى العمرة يكفر ما بينهما).
(3) المستدرك، كتاب الحج باب (24) من أبواب وجوب الحج وشرايطه
حديث 12، ولفظ الحديث: (عن علي عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال: " من أراد دنيا وآخرة، فليؤم هذا البيت، ما أتاه عبد فسئل الله دنيا الا أعطاه منها
أو سئله آخرة الا ذخر له منها الخبر).
(4) الوافي، باب (2) فضل الكعبة و المسجد الحرام ومكة والحرم زيد شرفها
نقلا عن الكافي والفقيه بتفاوت يسير في ألفاظه.
(5) المستدرك، كتاب الحج، باب (41) من أبواب وجوب الحج وشرايطه
حديث 5، نقلا عن عوالي اللئالي.
(6) ومن ثم ترى الكعبة لا تخلو من طائف في جميع ساعات الدهر، من ليل و
نهار، في حرارة القيض مع شدة حرارة أحجارها، حتى انى سمعت من كثير قاضي
مكة زادها الله شرفا وتعظيما انهم ربما وضعوا العجين على الصخر حتى يصير خبزا
والذين يطوفون حول الكعبة في الأوقات الصعبة ليس إلا الملائكة، ونحوهم من الغرباء
والا فأهل مكة مع قساوة قلوبهم ونقصان ايمانهم لا يتأتى منهم هذه الطاعة العظيمة. و
فيهم صدق أبى الطيب:
جيرانها وهموا شر الجوار لها * وصحبها وهموا شر الأصاحب (جه)
427

(118) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " مكة حرم الله وحرم رسوله. الصلاة فيها بمائة
ألف صلاة. والدرهم بمائة ألف درهم " (1).
(119) وروي " بعشرة آلاف درهم " (2).
(120) وقال صلى الله عليه وآله: " اللهم انهم أخرجوني من أحب البقاع إلي، فأسكني
أحب البقاع إليك " فأسكنه المدينة (3) (4).
(121) وقال صلى الله عليه وآله، في حق المدينة: " لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد
الا كنت شفيعا له، أو شهيدا يوم القيامة " (5) (6) (7).

(1) الوافي كتاب الحج، باب (2) فضل الكعبة والمسجد الحرام ومكة والحرم
زيد شرفها، نقلا عن الكافي.
(2) المستدرك كتاب الحج، باب (12) من أبواب المزار حديث 18.
(3) المستدرك، كتاب الحج باب (12) من أبواب المزار حديث 16.
(4) ظاهر هذا الحديث وان دل على أفضلية المدينة، لكن يحتمل أن يكون
المراد. أسكني أحب البقاع إليك بعد مكة لان، ما هو أحب عند النبي صلى الله عليه وآله يجب أن
يكون أحب عند الله، لأنه لا يحب الا ما أحبه الله (معه).
(5) المستدرك، كتاب الحج باب (12) من أبواب المزار، حديث 16. و
صحيح مسلم كتاب الحج (86) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها
حديث 477 - 484.
(6) هذا الحديث مخصوص بزمانه عليه السلام وكذا الحديث الثاني والثالث
(معه).
(7) لا حاجة إلى هذا التخصيص، لان الصبر على شدتها، والإقامة عند قبره
صلى الله عليه وآله، كالإقامة فيها في زمن حياته، بل أعظم أجرا، لعسر الوقت و
صعوبته بعده. وأما الحديث الثاني فاستدل به العلماء في مباحث الاجماع، على حجية
اجماع أهل المدينة. والكير، كير الحداد وهو المبنى على الطين، وقيل: الزق
الذي ينفخ به النار، والمبنى الكور (جه).
428

(122) وقال عليه السلام: " ان الايمان ليأزر إلى المدينة كما تأزر الحية إلى
جحرها " (1).
(123) وقال عليه السلام: " ان المدينة لتنفي خبثها، كما ينفي الكير خبث
الحديد " (2).
(124) وقال عليه السلام: " ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة " (3) (4).
(125) وروي عن علي بن الحسين، زين العابدين عليهما السلام أنه قال: " تسبيحة

(1) صحيح مسلم، كتاب الايمان (65) باب ان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا
وانه يأزر بين المسجدين، حديث 233.
(2) المستدرك، كتاب الحج باب (12) من أبوب المزار حديث 19. و
رواه مسلم في صحيحه بألفاظ متقاربة، فراجع كتاب الحج (88) باب المدينة تنفى
شرارها، حديث 487 - 490.
(3) الوسائل كتاب الحج باب (7) من أبواب المزار وما يناسبه، قطعة من
حديث 1.
(4) استدل به الأصحاب على أن الزهراء عليها السلام قد دفنت هناك، ولأجلها
صار ذلك المكان روضة من رياض الجنة. وقيل في معنى الحديث وجوه: منها، ما
حكاه الفاضل ابن الأثير عن القتيبي، قال: إن معناه ان الصلاة والزكاة في هذا الموضع
يؤديان إلى الجنة، فكأنه قطعة منها. ومنها ما قاله جماعة من أهل الحديث: من أنه
يصير يوم القيامة من رياض الجنة. ومنها ما هو الأظهر من أنه الآن من رياض الجنة
محجوب من الابصار صفاته وحالاته، إذا كشف الغطاء ظهر ما كان محجوبا، وعليه شاهد
من الاخبار. ومنها روضة معنوية من رياض الجنة، أشجار علمه وحكمه مغروسة في
قلوب المؤمنين، تجرى منه عين الحيات إلى بصائر أهل الدرجات (جه).
429

بمكة أفضل من خراج العراقين، ينفق في سبيل الله. ومن ختم القرآن بمكة
لم يمت حتى يرى رسول الله صلى الله عليه وآله ويرى منزله في الجنة " (1).
(124) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " كل ظلم في مكة الحاد، حتى
شتم الخادم، وان الطاعم فيها كالصائم في غيرها " (2).
(127) وجاء في الحديث عنهم عليهم السلام: " ان الله تعالى لما خلق أرض مكة
ابتهجت فقال لها: قري كعبة، لولا بقعة تسمى كربلا، ما خلقتك، فابتهجت
كربلا، فقال لها: قري كربلا، لولا مولود يدفن فيك لما خلقتك " (3) (4).

(1) الوافي كتاب الحج باب (2) فضل الكعبة والمسجد الحرام ومكة والحرم
زيد الله شرفها، نقلا عن الفقيه.
(2) جامع أحاديث الشيعة، كتاب الحج (25) باب ما ورده في قوله تعالى:
" ومن يرد فيه بالحاد بظلم " حديث 4 نقلا عن عوالي اللئالي. وروى السيوطي في
الدر المنثور ج 4: 352 في تفسير الآية، عن سعيد بن جبير قال: شتم الخادم في
الحرم ظلم فما فوقه.
(3) الذي عثرت عليه في هذا الحديث ما رواه في البحار ج 22 من الطبعة القديمة
باب الحائر وفضله، عن كامل الزيارة، وهذا لفظه (عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(ان أرض الكعبة قالت: من مثلي وقد بنى بيت الله على ظهري يأتيني الناس من كل فج
عميق، وجعلت حرم الله وأمنه، فأوحى الله إليها ان كفى وقرى. ما فضل ما فضلت به
فيما أعطيت أرض كربلا الا بمنزلة الإبرة غرست في البحر، فحملت من ماء البحر. ولولا
تربة كربلا ما فضلتك ولولا ما تضمنه أرض كربلا، ما خلقتك، ولا خلقت البيت الذي
افتخرت به، فقري واستقري وكوني ذنبا متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف ولا مستكبر،
لأرض كربلا، والا سخت بك وهويت بك في نار جهنم.
(4) ظاهره تقدم كربلا في الخلق على مكة، وقد ورد التصريح به فيما رواه
الشيخ طاب ثراه عن أبي جعفر عليه السلام قال: خلق الله كربلا قبل أن يخلق الكعبة
بأربعة وعشرين ألف عام، وقدسها وبارك عليها، وجعلها أفضل الأرض في الجنة
وهذا بظاهره مناف لما ورد في الأخبار المستفيضة من أن أرض الكعبة، أول
أرض خلقت على وجه الماء، ومنها دحيت الأرض، وبه سميت أم القرى. ووجه الجمع
اما بان يقال: ان خلق أرض كربلا متقدم على الكعبة، لا على أرضها.
واما أن يكون الخلق بمعنى التقدير، وهو أشهر معانيه في الآيات والاخبار. و
منه قوله تعالى: " فتبارك الله أحسن الخالقين " فيكون تقدم أرض كربلا بالخلق بمعنى
التقدير، وتقدم الكعبة بالخلق بمعنى الايجاد، وان هذا الحديث مخصص لعموم ما دل
على تقدم خلق الكعبة.
وفى الوافي، لعل المراد بالقبلية، القبلية بالشرف. وبالأعوام، الدرجات
فان ما لأجله الشئ يكون أقدم من ذلك الشئ بالرتبة (انتهى).
ويستفاد منه أشرفية كربلا على الكعبة، ويؤيده ما رواه بن قولويه عن الصادق عليه
السلام: " ان أرض الكعبة قالت: من مثلي؟ " إلى آخر ما نقلناه آنفا، ثم قال: وأما
علمائنا رضوان الله عليهم، فلهم كلمات مختلفات في هذا الباب، قال شيخنا الشهيد
طاب ثراه: مكة أفضل بقاع الأرض، ما عدى موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وآله
وروى في كربلا على ساكنها السلام مرجحات، والأقرب ان مواضع قبور الأئمة كذلك
لا البلدان التي هم بها، فمكة أفضل منها حتى المدينة (انتهى)
. ولا ينبغي الشك في أفضلية مواضع قبورهم عليهم السلام على أرض البيت الحرام
وأما أفضلية كربلا على أرض بلد مكة، فالأدلة تقتضيه أيضا، وقد سبق الكلام في هذا
الباب فارجع إليه (جه).
430

(128) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من رآى منكم منكرا، فليغيره بيده، فإن لم
يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. ليس وراء ذلك شئ من الايمان ".
(129) وفى رواية: " ان ذلك أضعف الايمان " (1).
(130) وقال صلى الله عليه وآله: " الايمان بضعة وسبعون (ستون خ) شعبة أعلاها

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 3، 10 و 20 وصحيح مسلم، كتاب الايمان (20)
باب كون النهى عن المنكر من الايمان وان الايمان يزيد وينقص، وان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبان، حديث 78. وسنن ابن ماجة (20) باب الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر حديث 4013.
431

شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق " (1) (2).
(131) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان
جائر " (3) (4)
(132) وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " التقية معاملة الناس بما يعرفون، وترك ما
ينكرون حذرا من غوائلهم " (5).
(133) وروي عن الأئمة: " ان تسعة أعشار الدين في التقية " (6)
(134) وقال الصادق عليه السلام: " من لا تقية له لا دين له. ان الله يحب أن

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 2: 379 وصحيح مسلم كتاب الايمان (12) باب
عدد شعب الايمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الايمان، حديث 58.
(2) وفى هذا دلالة على أن الاعمال جزء من الايمان وان الايمان يقبل الشدة
والضعف والزيادة والنقصان. وان كل مرتبة من مراتبه يصدق عليها اسم الايمان، فان
اسمه صادق على كله وجزءه (معه).
(3) سنن ابن ماجة كتاب الفتن (20) باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
حديث 4011 و 4012.
(4) فيه دلالة على المنع من التقية، ويمكن حمله على عدم الضرر الكثير، وانه
يجب تحمل اليسير. أو يحمل على أن الأفضل ترك التقية إذا كان الضرر يسيرا (معه).
(5) المستدرك، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (40) نوادر
ما يتعلق بأبواب الامر والنهى حديث 2 نقلا عن العوالي
(6) الوسائل، كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باب (24) من أبواب الأمر
والنهى وما يناسبهما حديث 2 وباب (25) من هذه الأبواب حديث 3.
432

يعبد سرا، كما يحب أن يعبد جهرا " (1) (2).
(135) وروي عنهم عليهم السلام، انهم قالوا لأوليائهم: " أفيضوا في أحكامكم ولا
تشهروا أنفسكم ".
(136) وروي في الأخبار الصحيحة ان الكاظم عليه السلام كتب إلى علي بن
يقطين يعلمه كيفية الوضوء، وان يفعل كما يفعله العامة فتعجب مما ورد عليه
ولم يسعه الا الامتثال لامره عليه السلام ففعل كذلك، فسعى به إلى الرشيد بسبب
المذهب، فشغله يوما بشئ من الديوان، في دار وحده. فلما حضر وقت
الصلاة تجسس عليه الرشيد بنفسه، فوجده يتوضأ كما أمره الإمام عليه السلام فسرى
عن الخليفة واعتذر إليه، وأمر له بجائزة. فكتب إليه الإمام عليه السلام بعد ذلك
بالوضوء الصحيح وقال: قد زال ما كنا نخافه عليك " (3).
(137) وقد ورد في الأحاديث ان المبدعات بعد النبي صلى الله عليه وآله اتخاذ المناخل
للدقيق، وتطويل البناء، وقول الراكب للماشي: الطريق " (4).
(138) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا تتباغضوا و لا تتحاسدوا، ولا تتتدابروا، ولا

(1) الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر باب (24) من أبواب الأمر
والنهى و ما يناسبهما، قطعة من حديث (23) ولفظ الحديث: (يا معلى، ان التقية ديني
ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له، يا معلى ان الله يحب ان يعبد في السر كما يحب
ان يعبد في العلانية الحديث).
(2) التقية عندنا من أعظم الفرائض، وقد نص عليها في الكتاب والسنة. وروى
في معنى قوله تعالى: " ان أكرمكم عند الله أتقاكم " ان المراد أعملكم بالتقية، وأشدكم
مواظبة عليها. و المخالفون أنكروا العمل بالتقية، وشنعوا علينا بالقول بها، مع أنهم
رووا مواردها في الاخبار (جه).
(3) الوسائل، كتاب الطهارة باب (32) من أبواب الوضوء حديث 3.
(4) وهذه من البدع المباحة لاتفاق الكل على جواز فعلها (معه).
433

تتقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا " (1).
(139) وروي عنه صلى الله عليه وآله انه كان يقوم لفاطمة عليها السلام إذا دخلت عليه تعظيما
لها، وانه عليه السلام قام لجعفر بن أبي طالب لما قدم من الحبشة فرحا بقدومه. وقام
للأنصار لما وفدوا عليه ونقل انه قام إلى عكرمة بن أبي جهل لما قدم من اليمن
فرحا بقدومه (2) (3).
(140) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أحب أن يتمثل الناس له قياما، فليتبوأ
مقعده من النار " (4) (5).

(1) المستدرك، كتاب الحج باب 132 من أبواب أحكام العشرة في السفر والحضر
حديث 20، نقلا عن الشيخ ورام بن أبي فراس في تنبيه الخاطر.
(2) الوسائل، كتاب الحج، باب 128 من أبواب أحكام العشرة حديث 1 في
قيامه صلوات الله عليه وآله لجعفر بن أبي طالب، وسنن أبي داود ج 4 كتاب الأدب،
باب ما جاء في القيام حديث 5217، في قيامه صلوات الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام
ولفظ الحديث " عن أم المؤمنين عايشة، انها قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا و
هديا ودالا " وقال الحسن: حديثا وكلاما، ولم يذكر الحسن السمت والهدى والدل "
برسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم من فاطمة كرم الله وجهها، كانت إذا دخلت عليه
قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت
بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها ".
(3) وكل هذه الأفعال دالة على جواز القيام للمؤمن بقصد تعظيمه (معه).
(4) الوسائل، كتاب الحج، باب 128 من أبواب أحكام العشرة حديث 5 و
سنن أبي داود ج 4 كتاب الأدب حديث 5229.
(5) قال بعضهم: يعنى الشهيد، ان المراد بامتثال الناس قياما هو ما يصنعه
الجبارون من إلزامهم الناس، القيام حال قعودهم حتى ينقضى مجالسهم، أو يراد بذلك
التجبر والعلو على الناس، حتى يؤاخذ من لا يقوم له بالعقوبة، اما من يريد القيام لدفع
الإهانة عن نفسه والانتقاص به، فلا حرج عليه في ذلك، لكن ينبغي للمؤمن أن لا يحب
ذلك، وان يؤاخذ نفسه بمحبة تركه إذا مالت نفسه إليه (معه).
434

(141) ونقل عنه صلى الله عليه وآله انه كان يكره أن يقام له. فكانوا إذا قدم لا يقومون
لعلمهم كراهته ذلك، فإذا قام، قاموا معه حتى يدخل منزله (1).
(142) وفي الخبر عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا تلاقى الرجلان، فتصافحا،
تحاتت ذنوبهما، وكان أقربهما إلى الله تعالى، أكثرهما بشرا بصاحبه " (2).
(143) وروى رفاعة عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا يقبل رأس أحد ولا
يده الا رسول الله صلى الله عليه وآله، أو من أريد به رسول الله صلى الله عليه وآله " (3) (4).
(144) وعن علي بن مزيد صاحب السابري، قال: دخلت على الصادق
عليه السلام: فتناولت يده فقبلتها، فقال: (أما انها لا تصلح الا لنبي أو وصي) (5)
(145) وعن أبي الحسن عليه السلام قال: (من قبل للرحمة ذا قرابة، فليس

(1) سنن الترمذي ج 5، كتاب الأدب (13) باب ما جاء في كراهية قيام الرجل
للرجل حديث 2754 مع اختلاف يسير.
(2) المستدرك كتاب الحج باب (109) من أبواب أحكام العشرة حديث 15،
نقلا عن عوالي اللئالي. وفى الوسائل كتاب الحج، باب 126 من أبواب أحكام العشرة
ما بمعناه فراجع.
(3) الوسائل، كتاب الحج باب (133) من أبواب أحكام العشرة حديث 3.
(4) قوله عليه السلام: أو من أريد به رسول الله صلى الله عليه وآله، حمله بعضهم
على ما بعده، من قوله: (أو وصى) وجماعة من أهل الحديث أضافوا إليه ذريته صلى الله عليه وآله
من السادة والعلماء، لأنهم كما سبق أولاده الروحانيون، فهم يصلحون لتقبيل الأيادي، و
هو جيد والاعصار السابقة إلى الآن جرت على هذا (جه).
(5) الوسائل، كتاب الحج باب 133 من أبواب أحكام العشرة حديث 4. ورواه
في المستدرك، كتاب الحج باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر والحضر
حديث 4 عن زيد النرسي.
435

عليه شئ. وقبلة الأخ على الخد، وقبلة الامام بين عينيه) (1).
(146) وعن محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام: (ليس القبلة على الفم
الا للزوجة والولد الصغير) (2).
(147) وعن يونس، عن أبي الحسن عليه السلام: (ان لكم لنورا تعرفون به في
الدنيا، ان أحدكم إذا لقي أخاه، قبله في موضع النور من جبهته) (3).
(148) وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (كما لا يقدر على صفة الله، كذا لا
يقدر على صفتنا، وكما لا يقدر على صفتنا، لا يقدر على صفة المؤمن. ان المؤمن
يلقى المؤمن، فيصافحه، فلا يزال الله ينظر إليهما. والذنوب تتحات عن
وجوههما كما تتحات الورق عن الشجر) (4).
(149) وقد ثبت في الاخبار، ان النبي صلى الله عليه وآله عانق جعفر بن أبي طالب
وقبل بين عينيه (5).
(150) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لن يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من

(1) الوسائل، كتاب الحج، باب (133) من أحكام العشرة حديث 1، و
المستدرك، كتاب الحج، باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر والحضر
حديث 3.
(2) الوسائل، كتاب الحج، باب (133) من أحكام العشرة حديث 2، و المستدرك
كتاب الحج، باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر والحضر حديث 2.
(3) الوسائل كتاب الحج باب (133) من أحكام العشرة حديث 6، و المستدرك
كتاب الحج باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر والحضر حديث 1، نقلا
عن الطبرسي في المشكاة.
(4) المستدرك، كتاب الحج، باب (109) من أبواب أحكام العشرة في السفر و
الحضر حديث 11، نقلا عن مصباح الشريعة.
(5) الوسائل، كتاب الحج باب (128) من أبواب أحكام العشرة حديث 1،
والمصدر كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة جعفر بن أبي طالب حديث 3 و 7.
436

الكبر " فقالوا: يا رسول الله: ان أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله
حسنا؟ فقال: " ان الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر بطر الحق، وغمض
الناس " (1) (2).
(151) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال " ان المؤمن إذا أحسن استبشر
وإذا أساء استغفر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أسئ إليه غفر ".
(152) وقال صلى الله عليه وآله: " الغيبة ان تذكره بما يكره أن يسمع " قيل: يا رسول الله
وإن كان حقا؟ قال: " ان قلت باطلا فذلك البهتان " (3).

(1) الوسائل، كتاب الجهاد، باب 60 من أبواب جهاد النفس حديث 6، وكتاب
عقاب الأعمال (عقاب المتكبرين) حديث 5، و المستدرك، كتاب الجهاد، باب 60 من
أبواب جهاد النفس حديث 2 مثله.
(2) أي عدم قبوله والالتفات إليه، وعدم التسليم لصاحبه، وغمض الناس،
استحقارهم وانتقاصهم من عينيه (معه).
(3) سنن أبي داود ج 4، كتاب الأدب باب في الغيبة حديث 4874 نحوه، وفى
الوسائل، كتاب الحج باب 152 من أبواب أحكام العشرة حديث 9، و المستدرك، كتاب
الحج باب 133 من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر حديث 2، مثله.
437

(153) وفي الحديث: " لا غيبة لفاسق " أو " في فاسق " (1) (2) (3).
(154) وشكاية المظلوم، ليست من الغيبة، لما روي في الحديث ان امرأة
شكت عند رسول الله صلى الله عليه وآله زوجها فقالت: يا رسول الله ان فلانا رجل شحيح
وأقرها على ذلك، وسمع شكواها (4).
(155) وكذلك حال الاستشارة فقد روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لفاطمة بنت
قيس، حين شاورته في خطابها " أما معاوية فرجل صعلوك لا مال له. وأما أبو جهم
فلا يضع العصاة عن عاتقه " (5).

(1) كنوز الحقايق للمناوي على هامش جامع الصغير، حرف (لا) نقلا عن
الدارقطني، ورواه في المستدرك، كتاب الحج، باب 134 من أبواب أحكام العشرة
حديث 6، نقلا عن عوالي اللئالي.
(2) بعض علماء العامة ينكر هذا الحديث، ويقول: انه لا أصل له. واليه ذهب
جماعة من أصحابنا. والشهيد في قواعده حمله بأنه خبر بمعنى النهى، أي لا يصح غيبة
الفاسق، اللهم إلا أن يكون فاسقا يتبجح بالفسق، ويتفكه به في المجالس، فيصح حكاية
قوله: لا أزيد من ذلك. وكذا الجرح والتعديل ليس من باب الغيبة، سواء كان من باب
الرواية أو باب الشهادة إذا قصد بذلك حفظ أموال الناس ودمائهم، وحفظ الألسنة من
الكذب، لا التعصب والعناد. وفى معناه الاعتراضات التي يعتادها العلماء على أقوال
بعضهم على بعض في المسائل العلمية (معه).
(3) الاخبار وردت في جواز غيبة من تجاهر بالفسق، وهذا الحديث محمول
عليه فلا حاجة إلى تأويل الشهيد (جه).
(4) صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب قضية هند حديث 7، ولفظه (عن عايشة
قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم
فقالت: يا رسول الله، ان أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفى بنى
الا أخذت من ماله بغير علمه. فهل على من ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفى بنيك ".
(5) سنن ابن ماجة، كتاب النكاح (10) باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه
حديث 1869. وصحيح مسلم كتاب الطلاق (6) باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها حديث
36 و 47 و 48. والحديث طويل. وحاصله ان فاطمة بنت قيس طلقها زوجها وأمرها
رسول الله صلى الله عليه وآله بالاعتداد في بيت ابن أم مكتوم، وبعد انقضاء عدتها خطبها
معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم، فشاورت رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك فقال: أما أبو
جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد
الحديث
وقوله: " فلا يضع العصا عن عاتقه) فيه تأويلان مشهوران أحدهما: انه كثير
الاسفار. والثاني: انه كثير الضرب للنساء وهذا أصح، وهو المناسب للروايات الاخر
لان فيها (وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء) والعاتق، هو ما بين العنق إلى المنكب.
438

(156) وقال صلى الله عليه وآله: " المستشار مؤتمن " (1).
(157) وقال صلى الله عليه وآله: " اذكروا محاسن موتاكم " (2) (3).
(158) وعنه صلى الله عليه وآله: " لا تقولوا في أمواتكم الا خيرا ".
(159) وروى علي بن إبراهيم في تفسيره، في قوله تعالى: " فهل عسيتم
ان توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " (4) انها نزلت في بني أمية

(1) سنن ابن ماجة، كتاب الأدب (37) باب المستشار مؤتمن حديث 3745
و 3746.
(2) سنن أبي داود ج 4، كتاب الأدب، باب في النهى عن سب الموتى حديث
4900. وتتمة الحديث (وكفوا عن مساويهم).
(3) هذا الحديث والذي يليه يدلان على تحريم غيبة الميت، كتحريم غيبة
الحي (معه).
(4) سورة محمد: 22.
439

رواه مرفوعا إلى علي عليه السلام (1) (2).
(160) وفي الأخبار الصحيحة عنه صلى الله عليه وآله: " ان صلة الرحم تزيد في العمر
وان قطيعة الرحم تبت العمر " (3).

(1) وهذا يدل على أن اسم الأرحام، صادق على ذوي القربات، وان بعدوا
في النسب. إلا أن صدق الأرحام عليهم بالشدة والضعف، فيشتد بقرب النسب ويضعف
ببعده (معه).
(2) قال شيخنا الشهيد: الظاهر أن المراد بالرحم، المعروف بنسبه وان بعد
وإن كان بعضه آكد من بعض ذكرا كان أو أنثى. وقصره بعض العامة على المحارم الذي
يحرم التناكح بينهم، ان كانوا ذكورا أو إناثا، وهذا بالاعراض عنه حقيق، فان الوضع
اللغوي يقتضى ما قلناه، والعرف أيضا، والاخبار دلت عليه ثم نقل هذا الحديث. وهو
يدل على تسمية القرابة البعيدة رحما.
أقول: المراد بتقطيع أرحامهم ما فعلوه بالحسين عليه السلام ونحو ذلك (جه).
(3) قال في الحاشية: اعلم أن هذا الحديث أشكل على كثير من الناس، باعتبار
المقدرات في الأزل، و المكونات في اللوح المحفوظ، لا تتغير ولا تتبدل، لاستحالة
خلاف معلوم الله، وعلم الله سابق، فكيف يمكن الحكم بزيادة العمر ونقصانه، بسبب
من الأسباب؟.
واضطربوا في الجواب. فبعضهم قال: إنه على سبيل الترغيب، وبعض قال: إنه
الثناء الجميل بعد الموت. وبعض قال: زيادة البركة في العمر، لا نفسه
وهذا الاشكال لا يرد: لأنه لو صح لورد في كل ترغيب وترهيب، لان الكل معلوم
الله، مكتوب في اللوح المحفوظ. فمن علمه مؤمنا، فهو مؤمن أقر بالايمان أولا. ومن
علمه كافرا فهو كافر كذلك وذلك يلزم منه بطلان الحكمة في بعث الأنبياء، والأوامر الشرعية
ويلزم منه هدم الدين بالكلية.
والجواب الصحيح انه تعالى كما يعلم كمية العمر، كذلك يعلم ارتباطه بسببه. و
كما يعلم من زيد انه يدخل الجنة جعله مرتبطا بسببه المخصوص من ايجاده، وخلق عقله
وبعث النبي إليه، وحسن اختياره. فعلى كل مكلف الاتيان بما لزمه، ولا يتكل على العلم
فان كل ما صدر منه، فهو المعلوم. فإذا أخبر الصادق ان زيدا إذا وصل رحمه، زيد
في عمره ثلاثون سنة، ففعل، كان ذلك اخبارا بان الله تعالى علم أن زيدا يفعل ما يقترن
به زيادة عمره، كما أنه إذا أخبر انه إذا قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، علم أنه يقول ذلك
ويدخل الجنة.
ومن هذا قوله في الحديث: " لا تملوا من الدعاء " فان فيه سرا، هو ان المكلف
عليه الاجتهاد، ففي كل ذرة من ذرات الاجتهاد امكان سببية لخير علم الله عند اجتهاده
أقول: هذا كله كلام الشهيد طاب ثراه في قواعده، وكان حقه ان ينسبه إليه. ثم
قال: في آخر هذا الكلام.
فان قلت: هذا كله مسلم، ولكن قد قال الله تعالى: " ولكل أمة أجل فإذا جاء
أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون " وقال تعالى: " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء
أجلها ".
قلت: الاجل صادق على كل ما يسمى أجلا موهبا، أو أجلا مسببا، فيحمل على
الموهبي ويكون وقته، وفاء لحق اللفظ.
ويجاب أيضا، بان الاجل عبارة عما يحصل عنده الموت لا محالة، سواء كان بعد
العمر الموهبي أو المسببي. ونحوه نقول: كذلك، لأنه عند حصول أجل الموت، لا
يقع التأخير، وليس المراد به العمر، إذ الاجل مجرد الوقت
وينبه على قبول العمر للزيادة والنقصان، بعدما دلت عليه الأخبار الكثيرة، قوله
تعالى: " وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب ".
وذكر قبل هذا الكلام أمورا ثلاثة: (الأول) ما الصلة التي يخرج بها من القطيعة؟
والجواب: ان المرجع في ذلك إلى العرف،، لأنه ليس له حقيقة شرعية ولا لغوية، و
هو يختلف باختلاف العادات وبعد المنازل وقربها.
(الثاني) بمن الصلة؟ والجواب: قال صلى الله عليه وآله: " صلوا أرحامكم و
لو بالسلام " وفيه تنبيه على أن السلام صلة. ولا ريب انه مع فقر بعض الأرحام وهم
العمودان يجب الصلة بالمال ويستحب لباقي الأقارب، ويتأكد في الوارث، وهو قدر
النفقة، ومع الغنى فبالهدية في بعض الأحيان بنفسه، أو برسوله.
وأعظم الصلة ما كان بالنفس، وفيه أخبار كثيرة، ثم بدفع الضرر عنها، ثم بجلب
النفع إليها، ثم بصلة من يحب، وإن لم يكن رحما للواصل كزوجة الأب والأخ ومولاه
وأدناه السلام بنفسه ثم برسوله، والدعاء بظهر الغيب والثناء في المحضر.
(الثالث) هل الصلة واجبة أو مستحبة؟ والجواب: تنقسم إلى الواجب، وهو ما
يخرج به عن القطيعة، فان قطيعة الرحم معصية، بل قيل هي من الكبائر، والمستحب
ما زاد على ذلك.
هذا كلامه وقد تقدم طرف لهذا الكلام (معه - جه).
440

(161) وعنه صلى الله عليه وآله: " لا تملوا من الدعاء، فإنكم لا تدرون متى يستجاب
لكم ".
(162) وصح في الاخبار ان رجلا قال: يا رسول الله أبايعك على الهجرة
والجهاد، فقال عليه السلام " من والديك أحد؟ " قال نعم، كلاهما، قال: " أفتبتغي
الاجر من الله "؟ قال: نعم، قال: " ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما " (1) (2)
(163) وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ان امرأة نادت ابنها، وهو في صومعة
فقالت: يا جريح، فقال: اللهم أمي وصلاتي، فقالت: يا جريح، فقال: اللهم
أمي وصلاتي، فقالت: لا تموت حتى تنظر في وجوه المومسات فقال صلى الله عليه وآله:

(1) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب (1) باب بر الوالدين وانهما أحق
به، حديث 6.
(2) وهذا يدل على أن الجهاد مشروط باذن الوالدين، الا ان يتعين. وذلك لان
بر الوالدين واجب علينا، والجهاد على الكفاية، والعيني مقدم (معه).
442

" لو كان جريح فقيها، لعلم ان إجابة أمه أفضل من صلاته " (1) (2) (3).

(1) المستدرك، ج 1 كتاب الصلاة، باب 20 من أبواب قواطع الصلاة حديث
2، نقلا عن عوالي اللئالي مع تحقيق رشيق من الشهيد طاب الله ثراه، وأيضا المستدرك
ج 2، كتاب النكاح باب (71) من أبواب أحكام الأولاد حديث 10، نقلا عن القطب
الراوندي مع زيادة، فراجع إن شئت
(2) وفى هذا الحديث دلالة على أن بر الوالدين مقدم على جميع المندوبات
(معه).
(3) قال الشهيد رحمه الله: قاعدة تتعلق بحقوق الوالدين. لا ريب ان كلما يحرم
أو يجب للأجانب، يحرم أو يجب للوالدين، وينفردان بأمور:
الأول: يحرم السفر المباح بغير اذنهما، وكذا السفر المندوب، وقيل بجواز
سفر التجارة وطلب العلم، إذا لم يمكن استيفاء التجارة والعلم في بلدهما.
الثاني: قال بعضهم: يجب طاعتهما في كل فعل، وإن كان شبهة، فلو أمره بالأكل
معهما في مال يعتقده شبهة، أكل، لان طاعتهما واجبة، وترك الشبهة مستحب.
الثالث: لو دعواه إلى فعل وقد حضرت الصلاة، فليؤخر الصلاة وليطعهما، لما
قلناه.
الرابع: هل لهما منعه من الصلاة جماعة؟ الأقرب ليس لهما منعه مطلقا، بل في
بعض الأحيان بما يشق عليهما مخالفته، كالسعي في ظلمة الليل إلى العشاء والصبح.
الخامس: لهما منعه من الجهاد، مع عدم التعيين، ثم ذكر الحديث السابق.
السادس: ان لهما منعه من فروض الكفاية، إذا علم قيام الغير، أو ظن. لأنه حينئذ
يكون كالجهاد الممنوع منه.
السابع: قال بعض العلماء لو دعواه في صلاة النافلة، قطعها. وذكر حديث جريح
هذا، وقال: انه يدل بالطريق الأولى على تحريم السفر، لان غيبته فيه أعظم، وهي كانت
تريد من جريح النظر إليها والاقبال عليها.
الثامن: كف الأذى منهما وإن كان قليلا، بحيث لا يوصله الولد إليهما، ويمنع
غيره من ايصاله بحسب طاقته.
التاسع: ترك الصوم ندبا، الا بأذن الأب، ولم أقف نصا على الأم.
العاشر: ترك اليمين والعهد الا باذنه أيضا، ما لم يكن في فعل واجب أو ترك
محرم. ولو أقف في النذر على نص خاص، إلا أن يقال: هو يمين، يدخل في النهى عن
اليمين الا باذنه، انتهى.
قوله: المومسات: بالسين كما في هذا الكتاب، جمع مومسة. وهي الفاجرة الزانية
فيكون دعا عليه بعدم الإجابة. وفى القواعد الشهيدية: المؤمنات، فيكون دعا له من جهة
تواضعه لها ولربه سبحانه (جه).
443

(164) وقال صلى الله عليه وآله: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (1) (2).
(165) وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه وآله أنه قال له رجل: يا رسول الله من أحق
الناس بحسن صحابتي؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟ قال: " أمك " قال: ثم من؟
قال: " أبوك " (3).
(166) وفى رواية أخرى انه جعل ثلاثا للأم، والرابعة للأب (4) (5).

(1) مسند أحمد بن حنبل ج 1: 131.
(2) هذا الحديث يخصص عموم وجوب بر الوالدين، فإنه لو اشتمل على معصية
أو ترك واجب لم يصح فعله (معه).
(3) رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين للنووي، باب بر الوالدين وصله
الأرحام.
(4) المصدر السابق.
(5) وهذا الحديث يدل على أن البر، تستحق الأم منه سهمين، والأب سهم
على الرواية الأولى. وعلى الثانية للأم ثلاثة أرباع، والأب ربع. فعلى هذا يكون كلما
أمر به الشارع من بر الأب وسكت فيه عن الأم. فللأم يكون ذلك أيضا واجبا لها
بالطريق الأولى، من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى. وعلى هذا الحديث سؤال وجواب
ذكره الشهيد في قواعده (معه).
444

(167) وفي الحديث الصحيح عن أهل البيت عليهم السلام: " ان حق الله على
العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا " (1) (2).
(168) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليذر " (3).
(169) وعنه صلى الله عليه وآله: " لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالطواغيت " (4) (5).
(170) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: " اليمين الغموس، تذر الديار بلاقع " (6).
(171) وقال صلى الله عليه وآله: " من ابتاع طعاما، فلا يبيعه حتى يقبضه " (7).

(1) الوسائل، كتاب الجهاد باب (3) من أبواب جهاد النفس وما يناسبه
حديث 1.
(2) وهذا الحديث يدل على وجوب العبادة، ووجوب الاتصاف بالتوحيد،
وان أدنى مرتبته نفى الشرك في الإلهية، وأعلى منه نفى الشرك في التوجه والاخلاص
وأعلى منهما نفى الشريك في الوجود. وهو نهاية الانقطاع إليه، وعدم ملاحظة شئ
معه، ومقام الفناء في التوحيد (معه).
(3) المستدرك ج 3، كتاب الايمان باب (24) حديث 1، نقلا عن عوالي
اللئالي.
(4) سنن ابن ماجة، كتاب الكفارات (2) باب النهى ان يحلف بغير الله حديث
2095، ولفظ الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: " لا تحلفوا بالطواغي
ولا بآبائكم ". (ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 11 ولفظ الحديث (أدرك رسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم، عمر وهو في بعض أسفاره، وهو يقول: وأبى وأبى فقال: " ان
الله ينهاكم ان تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله، والا فليصمت ").
(5) النهى في هذا الحديث وفى السابق عليه للتحريم (معه).
(6) في النهاية: " اليمين الغموس تذر الديار بلاقع " هي اليمين الكاذبة الفاجرة
كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره، سميت غموسا، لأنها تغمس صاحبها في الاثم
ثم في النار. وفعول للمبالغة.
(7) الوسائل كتاب التجارة، باب (16) من أبواب أحكام العقود فلاحظ. و
سنن ابن ماجة ج 2، كتاب التجارات (37) باب النهى عن بيع الطعام قبل ما يقبض
حديث 2226 و 2227.
445

(172) وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وآله حرم
ربح مال يضمن (1) (2) (3).
(173) وفي الأحاديث الصحيحة: " ان التزويج كان في شرع موسى جائزا
بغير حصر مراعاة لمصالح الرجال. وفي شرع عيسى، لا يحل سوى الواحدة
مراعاة لمصالحة النساء. فجاءت هذه الشريعة برعاية المصلحتين " (4).

(1) سنن ابن ماجة، كتاب التجارات، (20) باب النهى عن بيع ما ليس عندك
وعن ربح ما لم يضمن، حديث 2188 وتمام الحديث (قال رسول الله صلى الله
عليه (وآله) وسلم: " لا يحل بيع ما ليس عندك، ولا ربح ما لم يضمن).
(2) النهى في الحديث الأول للتحريم على قول الأكثر. والحديث الثاني يدل
على أن القبض شرط في صحة البيع، لأن الضمان مشروط بالقبض، لكن مع الربح
أما لو باعه تولية فلا منع، لاختصاص التحريم بكونه مع الربح كما هو مضمون الحديث
(معه).
(3) من ابتاع ما لم يقبضه ثم أراد بيعه، فجماعة على الكراهة إن كان مما يكال
أو يوزن، جمعا بين الاخبار، والمشهور هو التحريم إن كان طعاما، لأن أخبار النهى
صحيحة ومتظافرة، وأخبار الجواز غير نقية السند، مضافا إلى دعوى الشيخ الاجماع
على التحريم، وتبقى الدلالة على النهى مقيدة بغير التولية، لدلالة صحيحة علي بن
جعفر على الجواز. وأما ان البيع هل يقع باطلا، أو يأثم خاصة؟ ففيه خلاف بين
علمائنا رضوان الله عليهم (جه).
(4) المستدرك، كتاب النكاح باب (1) من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد
حديث 3 نقلا عن عوالي اللئالي.
446

(174) وقال صلى الله عليه وآله: " فر من المجذوم فرارك من الأسد " (1) (2) (3).
(175) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يورد ممرض على صحيح " (4).
(176) وقال صلى الله عليه وآله: " لا عدوى ولا طيرة " (5).
(177) وقال صلى الله عليه وآله: " الطلاق والعتاق يمين الفساق " (6) (7).

(1) كنوز الحقايق في هامش الجامع الصغير، حرف الفاء نقلا عن الطبري.
(2) وهذا يدل على أن أهل الأمراض الوبائية، يجوز منعهم من دخول البلد
التي لا وباء فيها. ولهذا كره الخروج من بلد الوباء، إذا كان الانسان فيها، ووقع
الوباء فيها، فلا ينبغي له الخروج. لما يلزم من الاضرار بالغير، كذا ويكره الدخول
إلى بلد الوباء، لما يلزم منه، جلب الضرر إلى نفسه بتعرض نفسه لحصوله، لامكان
علمه تعالى بحصوله له عند دخوله (معه).
(3) حققنا الكلام في هذا المقام، وأكثرنا من الأدلة في جواز منع الداخلين
من ذوي الأمراض المعدية في كتابنا المرسوم بمسكن الشجون في حكم الفرار من الطاعون
(جه).
(4) صحيح البخاري، كتاب الطب، باب لا هامة، ولفظ ما رواه قال النبي صلى
الله عليه (وآله) وسلم: " لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث: في الفرس
والمرأة والدار " وسنن ابن ماجة، المقدمة (10) باب في القدر، حديث 86 ولفظ
ما رواه (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة " فقام
إليه رجل أعرابي، فقال: يا رسول الله! أرأيت البعير يكون به الجرب، فيجرب الإبل
كلها؟ قال: " ذلكم القدر، فمن أجرب الأول؟ ".
(6) فيه دلالة على تحريم الحلف بالطلاق والعتاق، والتحليف بهما. وان من
فعل ذلك كان فاسقا (معه).
(7) مذهب أبي حنيفة ومالك، جواز القسم بالطلاق. ووافقهم الشافعي في جواز
الحلف بالعتاق، فمن عمل بأقوالهم فهو داخل في الفساق (جه).
447

(178) وروى عبد الرحمان بن الحجاج عن الصادق عليه السلام أنه قال: " ابن
الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد، قام مقام الابن. وابنة البنت إذا لم
يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت " (1).
(179) وروى سعد ابن أبي خلف، عن الكاظم عليه السلام في بنات بنت وجد
للجد السدس، والباقي لبنات البنت " (2) (3) (4).
(180) وروي عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد بن ربيع،
بابنتي سعد إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد، قتل معك يوم
أحد، وان عمهما أخذ جميع ما ترك أبوهما، ولا ينكحان الا ولهما مال، فقال
النبي صلى الله عليه وآله: " سيقضي الله في ذلك " فنزلت: " يوصيكم الله في أولادكم " الآيات
فدعى النبي صلى الله عليه وآله عمهما وقال: " اعط الجاريتين الثلثين، واعط أمهما الثمن

(1) الوسائل كتاب الفرائض و المواريث، باب (7) من أبواب ميراث الأبوين
والأولاد حديث 5.
(2) الوسائل، كتاب الفرائض و المواريث باب (7) من أبواب ميراث الأبوين
والأولاد حديث 10.
(3) هذا الحديث معارض لما تقدم، لكن أصحابنا مجمعون على ترك العمل بظاهره
(معه).
(4) الجد في المرتبة الثانية من مراتب الإرث، لأنه يشارك الاخوة والأولاد
وان نزلوا في المرتبة الأولى، لأنهم يشاركون الاباء، فلا عمل عندنا على هذا الحديث
وإنما عمل عليه طائفة من العامة (جه).
448

وما بقي فهو لك " (1) (2) (3).
(181) وروى أبو طالب الأنباري، عن محمد بن أحمد العريري، مرفوعا
إلى قارية بن مضرب، قال: قلت: لابن عباس: أهل عندك، وعند طاوس
أن ما أبقت الفرائض لاولى العصبة؟ قال: من أهل العراق أنت؟ قلت: نعم
قال: أبلغ أني أقول: ان الله تعالى يقول: " اباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم
أقرب لكم نفعا فريضة من الله " (4) وقال: " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله " (5) وهل هذه الا فريضتان؟ وهل أبقتا شيئا " ما قلت بهذا ولا طاوس
يرويه؟ قال: قارية بن مضرب، فلقيت طاوسا فحدثته، فقال: لا والله ما رويت

(1) سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الفرائض (2) باب فرائض الصلب، حديث
2720. ورواه الحاكم في المستدرك ج 4: 342 كتاب الفرائض.
(2) هذا الحديث يدل على توريث العصبة، وعلى تقدير صحة سنده، لعله كان
قبل نزول آية " وأولوا الأرحام " فإنه ناسخة لهذا الحكم (معه).
(3) هذه المسألة والتي بعدها، وهي مسألة العول من أمهات المسائل، والمعركة
العظمى بين الامامية ومن خالفهم، وعليها يبنى معظم الفرائض، واختلفت القسمة على
المذهبين اختلافا كثيرا
فذهب الامامية إلى أن الأقرب من الوارث يمنع الأبعد، سواء كان الأقرب ذا فرض
أو لم يكن، ويرد الباقي على ذوي الفروض.
والجمهور اثبتوا التعصيب، لما رووه من قوله عليه السلام: " ما أبقت الفرائض
فلا ولى عصبته ذكر " وجاءت الاخبار عن السادة الأطهار عليهم السلام في رد هذا
الحديث وتكذيب رواته لمخالفته الكتاب والسنة. ولان رواته قد رووا نقيضه أعني الحديث
الثاني (جه).
(4) النساء: 11.
(5) الأنفال: 75.
449

هذا، وإنما الشيطان ألقاه على ألسنتهم (1) (2) (3).
(182) وروى سماك بن حرب، عن عبيدة السلماني، قال: كان علي عليه السلام
على المنبر، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، رجل مات وترك بنتيه
وأبويه وزوجة؟ فقال علي عليه السلام: (صار ثمن المرأة تسعا).

(1) الوسائل كتاب الفرائض و المواريث، باب (8) من أبواب موجبات الإرث
حديث 4، و المستدرك ج 3 كتاب الفرائض و المواريث، باب (7) من أبواب موجبات
الإرث، حديث 2، نقلا عن العوالي ورواه في الخلاف، كتاب الفرائض مسألة 80،
في بطلان القول بالعصبة مع زيادة، بعد قول: (على ألسنتهم) قال سفيان: أراه من قبل
ابنه عبد الله بن طاوس فإنه كان على خاتم سليمان بن عبد الملك وكان يحمل على هؤلاء
القوم حملا شديدا يعنى بني هاشم.
(2) هذا يدل على نفى التعصيب، لأن مرتبة الاباء ومرتبة الأبناء متساويان بنص
القرآن. وكما لا تعصيب مع الابن، لا تعصيب مع البنت. لان الأبناء صادق على الذكور
وعلى الإناث (معه).
(3) (لا تدرون) أي لا تعلمون من أنفع لكم من أصولكم وفروعكم الذين يموتون
أمن أوصى منهم فعرضكم للثواب بإمضاء الوصية، أم من لم يؤمن فوفر عليكم المال.
أو يكون المعنى: لا تعلمون من أنفع لكم، فلا تعتمدوا إلى تفضيل بعض وحرمان بعض
كذا قال المفسرون. والمعنى الثاني أوفق بما هنا، لان العامة يحرمون البنات من الرد
ولا يحرمون البنين، وكذلك الاباء، لأنهم أهل الفرض (جه).
450

وتسمى المسألة المنبرية، والجواب هنا على الاستفهام، لأنه مقدر
فيه (1) (2) (3)

(1) الوسائل، كتاب الفرائض، باب (7) من أبواب موجبات الإرث، حديث
13 و 14. وتمام الحديث " قال سماك: فقلت لعبيدة: وكيف ذلك؟ قال: إن عمر بن
الخطاب وقعت في امارته هذه الفريضة، فلم يدر ما يصنع، وقال، للبنتين الثلثان، و
للأبوين السدسان، وللزوجة الثمن قال: هذا الثمن باقيا بعد الأبوين والبنتين، فقال
له أصحاب محمد صلى الله عليه وآله: اعط هؤلاء فريضتهم، للأبوين السدسان، و
للزوجة الثمن وللبنتين ما يبقى. فقال: فأين فرضهما الثلثان؟ فقال له علي عليه السلام:
لهما ما يبقى، فأبى ذلك عليه عمر وابن مسعود، فقال علي عليه السلام: على ما رأى
عمر.
قال عبيدة: وأخبرني جماعة من أصحاب علي (ع) بعد ذلك في مثلها: انه أعطى
الزوج الربع مع الابنتين وللأبوين السدسين والباقي رد على البنتين. وذلك هو الحق
وان أبى قومنا.
(2) وهذه الرواية تدل على عول الفريضة عند نقصها عن ذوي السهام بدخول
الزوج أو الزوجة فههنا اجتمعت ذووا فروض ثلاثة. البنتان ولهما الثلثان. والأبوان لهما
السدسان، والزوجة لها الثمن، فاصل الفريضة من أربعة وعشرين، لا تفي بهذه الفروض
لأنها نقصت بدخول الثمن، سهم الزوجة وهو ثلاثة، فتزاد على الفريضة، فيصير سبعا
وعشرين يكون للزوجة ثلاثة من سبع وعشرين. وإذا نسبت الثلاثة إلى سبع وعشرين
كانت تسعها، وقد كان لها الثمن، فصار لها التسع بعد أن كان لها الثمن، فصار ثمنها
تسعا كما قال عليه السلام (معه).
(3) قال الشيخ طاب ثراه في الخلاف: والجواب عن ذلك من وجهين: أحدها:
أن يكون خرج مخرج التقية، لان كان تقدم من مذهب المتقدم عليه، القول بالعول، و
تقرر ذلك في نفوس الناس، ولم يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه، ولأجل ذلك قال
لقضاته وقد سألوه بم نحكم يا أمير المؤمنين؟ فقال: اقضوا كما كنتم تقضون، حتى يكون
الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي. وما روى من تصريح أمير المؤمنين بمذهبه
لعمر، وانه لم يقبل ذلك، وعمل بما أراد.
والوجه الاخر أن يكون خرج ذلك المخرج النكير، لا الاخبار والحكم، كما يقول
الواحد منا إذا أحسن إلى غيره وقابله بالذم والإساءة فيقول: قد صار حسني قبيحا
وليس يريد بذلك الخبر، بل يريد الانكار (انتهى)
وحكى الشهيد الثاني: ان الحديث لا يدل على حكم العول، بل على تهجينه
ومعناه صار ثمنها الذي فرضه الله لها، تسعا عند القائل بالعول، ولهذا أجاب عن بعض
الفروض وسكت عن الباقي
وقال عبيدة: أخبرني جماعة من أصحاب علي عليه السلام بعد ذلك في مثلها، انه
أعطى الزوج الربع مع البنتين، والأبوين السدس، والباقي رد على البنتين، وقال: ذلك
هو الحق، وان أباه قومنا. وذلك لان النقص عندنا يدخل على أهل الفرض، غير الزوجين
(جه)
451

(183)
وروى الزهري مرفوعا إلى ابن عباس: ان أول من أعال الفريضة
عمر بن الخطاب فقيل له: هل لا أشرت عليه؟ فقال: هبته وكان امرءا
مهيبا. (1) (2)
(184) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " من ولي من أمور المسلمين شيئا، ثم لم يجتهد

(1) الخلاف كتاب الفرائض، مسألة (81) في بطلان العول. والبيهقي في
السنن الكبرى ج 6: 253 باب العول في الفرائض، بدون جملة (وكان امرءا مهيبا)
(2) وأول الأمران امرأة ماتت في عهده من زوج وأختين، فجمع الصحابة وقال
لهم فرض الله تعالى النصف للزوج، وللأختين الثلثين، فان بدأت بالزوج لم يبق للأختين
حقهما، وان بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فأشيروا على؟ فاتفق رأى أكثرهم على
العول حتى تكون الفريضة من سبعة بعد أن كانت من ستة، حتى يدخل النقص عليهم
بالسوية. وعندنا لا يدخل النقص الا على البنتين، والفريضة من ستة، والعول من عالت
الفريضة إذا زادت (جه).
452

لهم، وينصح، لم يدخل الجنة معهم " (1) (2) (3)
(185) وقال صلى الله عليه وآله: " لا يزال الله في عون العبد، ما دام العبد في عون أخيه " (4)
(186) وقال عليه السلام: " كل معروف صدقة " (5)
(187) وقال صلى الله عليه وآله: " أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك " (6)
(188) وقال عليه السلام: " البينة على المدعي، واليمين على من أنكر " (7)

(1) صحيح مسلم كتاب الامارة (5) باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر.
حديث 22. ولفظ الحديث (ما من أمير يلي أمر المسلمين، ثم لا يجتهد لهم وينصح
الا لم يدخل معهم الجنة)
وفى معناه أحاديث كثيرة. لاحظ مسند أحمد بن حنبل ج 1: 6: 289 و ج 3:
441 و 480 و ج 5: 239 وغير ذلك من الصحاح والسنن والسير
(2) هذا عام في القاضي والأمير والوالي، لان لفظة (من) للعموم (معه)
(3) ويدخل في عمومه المولى بالنظر إلى مماليكه، وصاحب المنزل بالنسبة إلى
من فيه (جه)
(4) سنن الترمذي، كتاب الحدود (3) باب ما جاء في الستر على المسلم حديث
1425. ومسند أحمد بن حنبل ج 2: 252 و 296 و 500
(5) الوسائل كتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، باب (1) من أبواب
فعل المعروف حديث 5، ولفظ الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " كل
معروف صدقة، وأدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة اللهفان ").
(6) مسند أحمد بن حنبل ج 3: 414. وسنن الدارقطني، كتاب البيوع
حديث 142
(7) الوسائل، كتاب القضاء، باب (3) من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى
حديث 1 و 2 و 3. ولفظ الحديث (البينة على المدعي (من ادعى) واليمين على المدعى
عليه (من ادعى عليه) ورواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الأحكام (7) باب البينة على المدعي
واليمين على المدعى عليه، حديث 2321، وصحيح مسلم كتاب الأقضية
(1) باب اليمين على المدعى عليه. ولفظهما (ولكن اليمين على المدعى عليه). والسنن
الكبرى للبيهقي ج 10: 252 كتاب الدعوى والبينات، باب البينة على المدعي
واليمين على المدعى عليه، ولفظ الحديث (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه)
453

(189) وقال عليه السلام: " شاهداك أو يمينه " (1)
(190) وأورد بعض الرواة في حديث: البينة على المدعي، بعد قوله:
واليمين على من أنكر: " إذا كانت بينهما خلطة " (2) (3) (4)
(191) وروي عن علي عليه السلام: " لا يعدي الحاكم على الخصم إلا أن يعلم
بينهما معاملة " (5)
(192) وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دينهم

(1) صحيح مسلم كتاب الايمان (61) باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين
فاجرة بالنار، حديث 221
(2) السنن الكبر ى للبيهقي، ج 10: 253 ولفظ ما رواه (عن جميل بن عبد الرحمان
المؤذن انه كان يحضر عمر بن عبد العزيز، إذا كان عاملا بالمدينة، وهو يقضى بين
الناس، فإذا جاءه الرجل يدعى على الرجل حقا، نظر، فإذا كانت بينهما مخالطة وملابسة
حلف الذي ادعى عليه، وإن لم يكن شئ من ذلك لم يحلفه) ثم قال: وهذا شئ ذهب إليه
على وجه الاستحسان
(3) ويلزمه إذا لم يكن بينهما خلطة، فلا تسمع دعواه (معه)
(4) هذه الزيادة لم نطلع عليها في أحاديثنا ولا معنى لها (جه)
(5) العدوي، النصر والمعونة. ولعل المعنى ان الحاكم لا ينصر المدعى على
الخصم إذا ادعى عليه مالا، بان يحبسه إذا ادعى الاعسار حتى يثبت اعساره، إلا أن يعلم أن
ما ادعى عليه من المال، من جهة معاملة بينهما، أن تكون الدعوى مالا، أو من ثمن
مبيع، لا أن يكون صداقا. ولا دية. ولا عوض قصاص ونحو ذلك فإنه ورد في الخبر
عنه عليه السلام جواز الحبس على الأول، دون الثاني (جه)
454

الا لمسلمين، فإنهم عدول عليهم وعلى غيرهم " (1) (2)
(193) وقد ثبت في الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله رجم اليهودي واليهودية
لما جاءت اليهود بهما، وذكروا زناهما (3)
و الظاهر أنه رجمهما بشهادتهم
(194) وروى الشعبي انه عليه السلام قال: " ان شهد منكم أربعة رجمتها " (4)
(195) وروى سماعة عن الصادق عليه السلام في شهادة أهل الذمة قال: " لا يجوز

(1) المستدرك كتاب الشهادات، باب (32) حديث 4 نقلا عن عوالي
اللئالي. والوسائل كتاب الشهادات باب (38) حديث 1 و 2 ما بمعناه. ورواه
في الخلاف كتاب الشهادات مسألة 22، كما في المتن عن معاذ بن جبل عن النبي
صلى الله عليه وآله. ورواه الدارقطني في سننه، كتاب الفرائض، حديث 6
(2) المشهور عندنا ان الكافر ذميا كان أو غيره، لا تقبل شهادته مطلقا لا على
أهل ملته ولا غيرهم. عملا بعموم ما دل على اعتبار العدالة في الشاهد. وذهب الشيخ
في النهاية إلى قبول شهادة أهل كل ملة على ملتهم، لا على غيرهم
وحكى عن ابن الجنيد قبول شهادة أهل العدالة منهم في دينه، على أهل ملته
وعلى غير ملته. وهذا الحديث ورواية سماعة دالة على قول النهاية. لكن الأكثر ردوهما
بضعف المستند (جه)
(3) المستدرك كتاب الشهادات، باب (32) حديث 2 نقلا عن دعائم
الاسلام، ورواه الدارقطني في سننه ج 4: 170 (النذور) حديث 32
(4) الجوهر النقي لابن التركماني في ذيل السنن الكبرى للبيهقي ج 10: 162
باب من رد شهادة أهل الذمة، قال: (وأخرج الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران، ثنا
أبو خثيمة، ثنا حفص بن غياث، عن مجالد عن الشعبي، عن جابر ان اليهود جاؤوا إلى
رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم برجل وامرأة منهم زنيا، فقال لهم رسول الله صلى
الله عليه (وآله) وسلم، ائتوني بأربعة منكم يشهدون الخ) وسنن الدارقطني ج 4: 170
(النذور) حديث 32 وفيه (قال: ائتوني بالشهود فشهد أربعة فرجمهما النبي صلى الله
عليه (وآله) وسلم.
455

الا على مثلهم، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية. لأنه لا يصلح
ذهاب حق أحد " (1) (2)
(196) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: في رجل أعتق مماليك له في مرضه
ولا مال سواهم، فجزأهم النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم، فأعتق اثنين
وأرق أربعة " (3)
(197) وقال صلى الله عليه وآله: " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " (4) (5)

(1) الوسائل كتاب الشهادات (40) باب قبول شهادة اليهود والنصارى و
المجوس وغيرهم على الوصية في الضرورة، حديث 4
(2) لم يجوز الأصحاب شهادة الذمي على المسلم الا في هذه الصورة الخاصة
وهي الوصية مع عدم عدول المسلمين، لقوله تعالى: " أو آخران من غيركم " ويشترط
فيه العدالة في قوله: (منكم) الداخل في خبر العدالة، وظاهر الآية كون الموصى مسافرا
وبظاهرها أخذ جماعة من الأصحاب، وحسنة هشام، ورواية ابن حمران دالتان عليه
والأشهر عدم الاشتراط تنزيلا للآية والرواية على الغالب. من أن عدم وجدان
المسلم إنما يكون في السفر. ولصحيحة ضريس الكناسي وهذه الآية، احلاف الذمي
بعد العصر بالصورة المذكورة في الآية. وهي انهما ما خانا، ولا كتما شهادة الله، و
لا اشترطا به ثمنا قليلا ولو كان ذا قربى. واعتبره العلامة في التحرير، إذ لا معارض له
وعمومات النص غير منافية له (جه)
(3) سنن الكبرى للبيهقي ج 10: 285 باب عتق العبيد لا يخرجون من الثلث
(4) الذي عثرت عليه في معنى الحديث ما رواه الترمذي في سننه ج 4، كتاب
السير (37) باب ما جاء في بيعة النساء، وفيه (قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم:
إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة، ورواه الدارقطني في سننه، كتاب المكاتب
(النوادر) حديث 16
(5) هذا يدل على أن أحكامه، لا تخصص بالوقايع: فان أكثرها وردت على
الصور المخصوصة، ولا تخصيص بها. وذلك تدل على أن خصوص السبب لا يخصص
المسبب العام، كما هو مذهب جماعة المحققين من أهل الأصول (معه)
456

(198) وقال صلى الله عليه وآله: " الناس مسلطون على أموالهم " (1)

(1) هذا الحديث مخصوص بمواضع الحجر (معه).
457

تم المجلد الأول من كتاب العوالي اللئالي وشرحه حسب تجزئتنا، ويتلوه
المجلد الثاني، أوله (المسلك الرابع) إن شاء الله
والحمد لله أولا وآخرا وصل الله على محمد وآله الطاهرين. وذلك في
صبيحة اليوم الذي بارك الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة بمولد سيد الأنبياء،
وأشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ورزقنا
الله تعالى شفاعتهم يوم الدين. من السنة الثالثة بعد الأربعمائة والألف للهجرة
النبوية بقم المقدسة. وأنا الأقل مجتبى المحمدي العراقي.
458