الكتاب: الحكايات
المؤلف: الشيخ المفيد
الجزء:
الوفاة: ٤١٣
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: طبعت بموافقة اللجنة الخاصة المشرفة على المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد / من أمالي الشيخ المفيد ، عرض ورواية السيد الشريف المرتضى علي بن الحسين بن موسى أبي القاسم ، الموسوي ، البغدادي (٤٣٦ ه)

الحكايات
في مخالفات المعتزلة من العدلية
والفرق بينهم وبين الشيعة الإمامية
من أمالي
الإمام الشيخ المفيد
محمد بن محمد النعمان ابن المعلم
أبي عبد الله، العكبري، البغدادي
(336 - 413 ه‍)
عرض ورواية
السيد الشريف المرتضى
علي بن الحسين بن موسى
أبي القاسم الموسوي البغدادي
(355 - 436 ه‍)
تحقيق
السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا الرسول الأمين،
وعلى الأئمة الطاهرين من آله الطيبين.
5

تقديم:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى
الأئمة من آله حجج الله.
وبعد:
في عام (1408) طبع هذا الكتاب بتحقيقي في العدد السادس
عشر من نشرة " تراثنا " الفصلية، التي تصدرها مؤسسة آل البيت
عليهم السلام لإحياء التراث، في مدينة قم المقدسة.
وكنت قد اعتمدت في تحقيقه على ثلاث نسخ، وقدمت له
مقدمة مسهبة احتوت على: دعوة لإحياء الذكرى الألفية لوفاة مؤلفه
الشيخ المفيد رحمه الله (413 - 1413).
واحتوت على حديث عن أقسام التعاليم الإسلامية، ونشوء
الفرق الكلامية، والخلط بين المذاهب، ونبذة عن حياة الشيخ المفيد
قدس الله سره، وعن هذا الكتاب.
ولقد قيض الله من حقق الرغبة ولبى الدعوة لإحياء الذكرى
الألفية، فرغب إلي في إعادة طبع هذا الكتاب، ضمن ما عزم على
نشره من تراث الشيخ المفيد (رضوان الله عليه).
7

ولقد تم تصميم القائمين على هذا الأمر أن يعيد نشره ثانية،
بصورة مستقلة.
فقمت بقراءة ثانية للكتاب، مع اعتماد نسختين أخريين منه
في العمل، وتقديم كلمة قصيرة عن موضوع الكتاب، ونسبته،
ونسخه، ومنهج العمل فيه.
آملا أن يحوز رضا المراجعين الفضلاء.
ولله الحمد في الأولى والآخرة، إنه ولي التوفيق، وهو نعم
المولى، ونعم النصير.
وكتب
السيد محمد رضا الحسيني
في 25 رجب المرجب 1412
8

المقدمة
1 - على الأعتاب
يعتبر القرن الرابع الهجري - عند بعض الدارسين حول التاريخ
الاسلامي - عهدا مميزا بأهمية خاصة من بين القرون التي سبقته ولحقته.
وربما بكون بين أسباب ذلك أنه القرن الذي سبقته ثلاثمائة عام،
كانت كافية لأن ترسو فيها الأمة على شاطئ الاستقرار والأمان، في
السياسة والقانون والعقيدة، بعد أن مرت بالتجارب العديدة واللازمة
والمتفاوتة في أشكال الحكم وأنظمته، وفي المدارس الفقهية ومناهجها،
وفي الآراء والعقائد ونظرياتها، كما كان المفروض أن يتم الازدهار على
كافة الأصعدة، بعد أن جرب كل أصحاب القدرات والمهارات المهنية
والصناعية والعملية حظوظهم، وحتى بعد أن امتلأ أصحاب الشهوات
والأهواء من أمنياتهم ورغباتهم التي حصلوا عليها، بعد أن عانت الأمة
وعاشت كل الآلام والآمال، ووقفت على كل التجارب، وحان لها أن
تقترع على الشكل النهائي والأفضل، والذي يتمثل فيه " الحق
الاسلامي " الذي تنتمي إليه الأمة بكاملها، على اختلاف أهوائها
ومذاهبها، والعنوان الكبير الذي لا يزال له الهيبة والرسم، وإلى وده
وحبه تتسابق كل الفئات، وكل يدعي وصلا به، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: نجد في هذا القرن خاصة، الزمان الذي
تكاملت فيه مصادر المعرفة الإسلامية، وجمعت وضبطت، بحيث لم
9

يشذ عن حيطة الدارسين ما يعذرون بجهله.
وملاحظة أخرى تعتبر هامة: أن الثقافات غير الإسلامية،
أصبحت تظهر نشاطا خاصا بعد أن تمادى بالأمة البعد عن التعاليم
الإسلامية، فتردت في مهاوي الفراغ العقائدي، والفساد الخلقي،
والضعف العسكري، فوجدت تلك الثقافات منافذ للتسلل إلى المجتمع
الاسلامي، مستغلين ذلك، إلى جانب السماح الاسلامي المتبني
لمبدأ " لا إكراه في الدين ".
ولقد حاولت المذاهب والفرق المختلفة من اتخاذ المواقع المحددة،
للحفاظ على نفسها وعلى المنتمين إليها، فرسمت لأنفسها الحدود
العقيدية، حسب مناهجها الفكرية، كما حصل للمذهب السني على يد
منظره العقيدي أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (ت 330)
الذي حدد معالم " العقيدة الأشعرية " في مؤلفاته، فظلت ملتزما بها،
عند أهل السنة حتى اليوم!
وبالنسبة إلى مذهب الشيعة، فإن هذا القرن كذلك كان مميزا
ومهما:
في بداياته واجهت الطائفة مسألة غيبة الإمام عليه السلام بشكل
جديد، وهو أمر - وإن سبقت له أمثلة - إلا أنها في هذه المزة كانت أدق،
وأوسع مدى.
وفي هذا الظرف بالخصوص كانت النصوص الشرعية المباشرة قد
تكاملت، ولم يتوقع بعد ذلك صدور نص جديد، بفرض الغيبة
الكبرى للإمام عليه السلام الذي يعتبر مصدرا ممتدا للتشريع.
10

وعندها أقدم واحد من كبار علماء الشيعة في ذلك العصر،
بتجميع كافة ما توفر من النصوص المعتمدة، للمعرفة الإسلامية، وهو
الإمام أبو جعفر الكليني محمد بن يعقوب الرازي (ت 329) الذي ألف
كتاب (الكافي) فاعتبر مجددا للاسلام في مطلع القرن الرابع الهجري،
وكذلك عمد الأعلام من معاصريه بتأليف النصوص وتجميعها،
لتكون نواة لاستنباط الأحكام، والتفريع على أساسها.
ومن هذا ارتأينا في بعض بحوثنا أن يسمى هذا العصر بعصر
" تحديد النصوص ".
ومن ناحية سياسية: فإن هذا القرن شهد انفراجا أمام الطائفة
الشيعية ليظهروا قابلياتهم على الساحة، فتمكن العديد من أبنائها
بجهودهم من الفوز بمواقع هامة، والاحتواء على حقائب وزارية
- باصطلاح عصرنا - أو تولي إمارات البلدان الكبرى في الدولة العباسية، كما
تغلبت بعض الطوائف الشيعية على مقاطعات من الإمبراطورية
الإسلامية بالنضال والحرب، كما كان بالنسبة إلى الزيدية في اليمن،
والفاطميين في المغرب.
وكان لهذا، ولوجود الأمراء الشيعة ضمن الدولة المتمثلة في نظام
الخلافة العباسية في بغداد - كالحمدانيين في الموصل وحلب الشهباء
والبويهيين في الري وفارس وأصبهان - أثره الفعال في انعطاف السياسة
الحكومية السنية - ظاهرا - تجاه الطائفة الشيعية والمذهب الشيعي،
واتخاذ مواقف أكثر مرونة، أو ديمقراطية - إن صح التعبير -.
وتمكن الشيعة في ظل هذه الظروف من التنفس والتواجد في
الساحة بحرية، بالرغم من المشاغبات الطائفية التي كان يثيرها الجهلة
11

من العوام، أو بتدخل بعض المتعصبين من علماء السوء أو المغفلين،
وحتى بفعل الحكام المنتهزين للفرص.
فكان على علماء المذهب أن يعلنوا عن مواقفهم الصريحة والمحددة
تجاه المسائل المعروضة على الساحة، ويدافعوا بكل ما أوتوا من قوة،
كي يتموا الحجة على من لا يعرف، ويدحروا اتهامات المغرضين،
فكان أن انبرى أعلام الطائفة ببياناتهم وتأليفاتهم، بعرض تفاصيل
العقائد الحقة، وبصورتها المتكاملة والمتطورة، في هذا القرن.
والذي تزعم هذه الحركة الخطيرة ومع أتم الصلاحية وكل العزم
وأشد القوة، هو الشيخ الإمام أبو عبد الله المفيد محمد بن محمد بن
النعمان، البغدادي، العكبري (ت 413)
لقد تمكن هذا الشيخ العظيم من تحديد ما يجب اعتقاده للشيعة
الإمامية، مميزا لعقائدهم الحقة من بين مقالات الفرق الشيعية
الأخرى.
أما الفرق غير الشيعية، فإن له معها مواقف حاسمة في مجالسه،
ومناظراته، وبحوثه، وكتبه، حول المواضيع المطروحة على الساحة
يومئذ، وهي معروفة من خلال قائمة مؤلفاته وعناوين مناظراته.
والحق أن الشيخ المفيد، قد استفاد من الأوضاع التي عاصرها،
والتي كانت ملائمة إلى حد ما، في المجالات السياسية والاجتماعية
والعلمية، فائدة كبيرة وفخمة، وبجودة ودقة فائقة حتى اعتبر - بحق -
مرسي قواعد المذهب، ومشيد صرح الدين ورافع أعلام الحق،
ومناصر المؤمنين، فله على كل الطائفة " منة " مدى القرون.
12

إنه تمكن - بقدرته الفائقة في العلم والبيان، وموقعه الرفيع بين
أعلام الأمة - من تشييد أصول المذهب، والاستدلال على عقائده الحقة
بأقوى ما لدى المسلمين من أدلة معتمدة على مصادر المعرفة من قرآن،
وحديث، وإجماع، ومناهج عقلية، ومسالك عرفية مسلمة، وعلى
أسس علمية رصينة، بعد أن كانت قد غمرتها ترسبات سياسات
الخلافة الظالمة، وتعصبات الطائفية الجاهلية، وتعديات الأعداء
الحاقدين، فصمت الآذان عن سماعها، وعمهت قلوب وعقول عن
تعقلها والانتعاش بحقها.
فكان الشيخ المفيد البطل الذي اقتحم أهوال الميدان، فأعلن عن
حق أئمة أهل البيت عليهم السلام في الدين ومعارفه، وفي الدنيا
وولايتها، وفي الآخرة وشفاعتها.
ولقد قام الشيخ بهذا كله، إلى جانب ما كان يتمتع به من مرجعية
عامة في الأحكام، وموسوعية تامة في العلوم، وبتدبير وحنكة، وإلى
جانب ما كان يبذله من جهود جبارة في تربية جيل من الأعلام، فكان
العملاقان: السيد المرتضى، والشيخ الطوسي من تلامذة مدرسته
العظيمة.
فلكل ذلك استحق بجدارة وسام " التجديد " في مطلع القرن
الخامس، وأكرم به (1).

(1) للتوسع، لاحظ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع، لادم متز، وأوائل المقالات،
المقدمة بقلم الزنجاني، والكشكول للشيخ البحراني (1 / 283) ومقدمة شرح عقائد
الصدوق، للسيد الشهرستاني.
13

2 - أقسام التعاليم الإسلامية
تنقسم تعاليم الاسلام إلى قسمين رئيسيين:
الأول: الأحكام الشرعية المرتبطة بتحديد أفعال المكلفين من
عبادات ومعاملات، والحكم عليها بأحد الأحكام الخمسة.
الثاني: العقائد، والالتزامات الفكرية للانسان المسلم.
وقد اختلفت الفرق والمذاهب الإسلامية في تحديد مصادر هذه
التعاليم.
أما القسم الأول:
فقد قال قوم بأن مصدره هو خصوص الطرق المقررة من قبل،
الشارع نفسه، ولا يمكن أن يتدخل العقل - بأي شكل - في تحديد
التكليف الشرعي، وهؤلاء هم " المحدثون ".
وقال قوم بأن مصدره هو الطرق المقررة: إن وجدت، وإلا فإن
الدليل العقلي يكشف عن وجود التزام شرعي على طبقه، وهم
" المجتهدون ".
ومحل تفصيل هذين القولين، بما لهما من الخصوصيات،
والمضاعفات، واللوازم، هو علم أصول الفقه.
14

وأما القسم الثاني:
فقد تكفل ببيان مسائله علم (الكلام) لكن المسلمين اختلفوا
اختلافا كبيرا في تحديد مصدر أساسي لهذا العلم، بعد اتفاقهم على أن
مسائله جز من أهم تعاليم الاسلام.
وبذلك يمكن القول بأن من المجمع عليه بين الأمة وجود بذور
علم الكلام مع بزوغ الاسلام ومنذ بداية ظهوره، فإن من مهمات
المسائل الكلامية، هي مسألتا " التوحيد " و " النبوة " وهما من
المعتقدات التي أكد عليها الاسلام منذ البداية.
فيتضح خطأ من أخر عهد نشوء علم الكلام إلى عهد متأخر (2).
وإذا قارنا بين العلوم الإسلامية، وجدنا أن علم الكلام، أكثرها
أهمية من حيث ما يحتويه من بحوث عميقة ضرورية، كما هو أسبق رتبة
من غيره، وأشرف موضوعا، لأنه يبحث عن أساس ما على المسلم من
التزامات فكرية وعقائد، من المبدأ، والمعاد، وما بينهما، وعلى ذلك
تبتني كل تصرفاته وشؤون حياته الدنيوية والأخروية (3).
وبالرغم من اتحاد المسلمين على عهد الرسالة في الالتزام بما يتعلق
بالقسمين من تعاليم الاسلام معا، فإن عنصرا جديدا طرأ بعد وفاة
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فأدى إلى حدوث خلاف بينهم، وهو
" الخلافة " وسبب البحث حولها انقسام الأمة إلى فرقتين:

(2) الرسائل العشر - للشيخ الطوسي -: المقدمة ص 116، وقارن: تاريخ المذاهب
الإسلامية - لأبي زهرة -: 154.
(3) لاحظ: تلخيص المحصل - للمحقق الطوسي -: 1.
15

1 - الفرقة الأولى: تقول بوجوب الإمامة على الله تعالى، كما هو
الاعتقاد في النبوة، وأن الإمام يتعين بتعيين الله تعالى، وهم " الشيعة ".
وعلى رأيهم يكون بحث الإمامة، من صميم المباحث الكلامية.
2 - الفرقة الثانية: تقول بأن الإمامة واجب تكليفي على الأمة،
فيجب على المسلمين كافة تعيين واحد منهم لأن يلي أمر الأمة، وهؤلاء
هم " العامة ".
وعلى رأيهم يكون بحث الإمامة، من مباحث الأحكام الشرعية،
وهذا النزاع مع أنه لم يمس - ظاهرا - العقائد المشتركة التي كانت
على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكان الإنسان بها مسلما إلا
أنه أدى إلى تصديع الحق الذي كانوا عليه في ذلك العهد، وسبب بعد
إحدى الفرقتين عن الأخرى، فوجود مدرستين منفصلتين، لكل منهما
طريقتها الخاصة في التدليل والتحليل، إلى حد دخل بحث الإمامة في
صلب مباحث علم الكلام، بعد حين (4).
ولئن كانت العقائد الإسلامية في بداية عصر الاسلام محدودة كما
، وواضحة سهلة كيفا، لتحددها بالتوحيد والتنزيه، وإثبات الرسالة
بالمعاجز المشهودة عينا، والوعد والوعيد، فإنها كانت تعتمد على
القرآن المجيد كنص ثابت، وعلى السنة النبوية كنص حي، فقد كانت
بعيدة عن البحوث المعقدة المطروحة على طاولة علم الكلام فيما بعده
من الفترات، كما أن تلك البحوث لم تمس تلك الأصول الواضحة،

(4) لاحظ: المقالات والفرق - للأشعري القمي -: ص 2 وبعدها، وخاندان نوبختي:
5 - 76، وقارن: تاريخ المذاهب الإسلامية - لأبي زهرة -: 20 و 25 و 88.
16

ولم تؤثر عليها بشئ (5).
وطرحت في العقود الأولى لتاريخ الاسلام، بحوث كلامية
مستجدة، كانت مسرحا للنزاعات الفكرية بين المسلمين، أدت بالتالي
إلى تأسيس مدارس كلامية متعددة، ومن أهم تلك البحوث:
1 - الجبر والاختيار، وما يرتبط بمبحث العدل.
2 - القضاء والقدر.
3 - صفات الله تعالى، وما يرتبط بمبحث التوحيد.
4 - الإيمان، والفسق، وارتكاب المعاصي، وما يرتبط بمبحث
المعاد.
وغير ذلك مما لم يطرح من ذي قبل، أو كان مطروحا بشكل
بدائي جدا، من دون تفصيل.
ومع ذلك، فإن هذه البحوث - أيضا - لم تثر اختلافا يؤدي إلى
حدوث فرق مذهبية منفصلة، إلا بعد فترة، وإن لم تتجاوز القرن
الأول الهجري (6) على الأكثر.

(5) لاحظ: تأريخ المذاهب الإسلامية: 10 و 114.
(6) لاحظ: تأريخ المذاهب الإسلامية: 109 ر 148.
17

3 - نشوء الفرق الكلامية
واختلف المسلمون في تحديد المصادر الأساسية للتعاليم
الإسلامية في مجال العقائد، فكانوا فرقا ثلاثا:
1 - فرقة تقول بأن المصدر الوحيد هو النص الشرعي، من
الكتاب والسنة، وأن المسائل الاعتقادية توقيفية، فلا يتجاوزون ما ورد
في النصوص موضوعا، وتعبيرا، ولا يتصدون لشرح ما ورد فيها أيضا،
ولا لتوضيحه أو تأويله، ويلتزمون بعد القلب على تلك الألفاظ بما
لها من المعاني التي لم يفهموها ولم يدركوها (7).
2 - وفرقة تقول بأن المصدر هو النص، لكن ما ورد فيه من ألفاظ
وتعابير لا بد من حملها على ظواهرها المنقولة، لا المعقولة، والالتزام بها
على أساس التسليم بما ورد النص بتفسيره، وقد التزم بهذا من ليس له
حظ من العلوم العقلية، وهم " أصحاب الحديث " (8).
3 - وفرقة تقول بأن طريق المعرفة بالعقائد الحقة والمسائل
الكلامية هو العقل، إذ به يعرف الحق، ويميز عن الباطل، ولا منافاة
بين الشرع والعقل في ذلك، فالنص إنما يرشد إلا الحق الذي يدل

(7) لاحظ: تأريخ المذاهب الإسلامية: 12 - 213.
(8) تلبيس إبليس - لابن الجوزي -: 116.
18

عليه العقل، ولو ورد ما ظاهره مناف لما قرره العقل، فلا بد من تأويل
ذلك الظاهر إلى ما يوافق العقل ويدركه (9).
فالفرقة الأولى: تسمى من العامة ب‍ " السلفية " وهم
" المقلدة " من الشيعة.
والفرقة الثانية: تسمى من العامة ب‍ " الأشاعرة " وهم
" الأخبارية " من الشيعة.
والفرقة الثالثة: تسمى من العامة ب‍ " المعتزلة " وهم " الفقهاء "
المجتهدون من الشيعة.
ويلاحظ في كل فرقة، شبه كبير بين شيعتها، وبين العامة
منها.
فالسلفية من العامة، يشبهون في المحاولات الفكرية
والالتزامات العقائدية المقلدة من الشيعة.
والأشاعرة من العامة - وهم أهل الحديث عندهم - يقربون في
الطريقة والأسلوب من الأخبارية الذين هم أهل الحديث من الشيعة.
والمعتزلة من العامة، تشبه طريقتهم في التفكير والاستدلال
طريقة الفقهاء المجتهدين من الشيعة.
وقد يتصور البعض أن الفرق بين شيعة كل فرقة وبين العامة منها
، هو مجرد الاختلاف في الإمامة، وتعيين أشخاص الأئمة، ذلك
الخلاف الأول الذي أشرنا إليه.

(9) تاريخ المذاهب الإسلامية: 148 و 149.
19

لكن الواقع أن الخلاف بين الشيعة والعامة من كل فرقة واسع،
مضافا على ذلك الخلاف في الإمامة والإمام.
فالفرقة الأولى:
يعتمد العامة منهم - وهم " السلفية " (10) - على ما جاء في
الكتاب والسنة من العقائد، وإذا تعذر عليهم فهم شئ من النصوص
توقفوا فيه، كما أنهم يلتزمون بالنصوص حرفيا، فيكررون ألفاظها،
ويفوضون أمر واقعها إلى الشرع.
وكانوا يقفون من " علم الكلام " المصطلح، موقفا سلبيا،
فكان مالك بن أنس يقول: " الكلام في الدين أكرهه، ولا أحب
الكلام إلا فيما تحته عمل... أما الكلام في الدين وفي الله تعالى
فالكف أحب إلى " (11).
وكان يقول زعيمهم أحمد بن حنبل: " لست صاحب كلام،
وإنما مذهبي الحديث " (12).
لكن الشيعة من هذه الفرقة، وهم " المقلدة " (13) كانوا
يأخذون العقائد من الكتاب وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع

(10) لاحظ: تاريخ المذاهب الإسلامية: 212 - 213.
(11) الاعتصام - للشاطبي -: 2 / 2 - 334، وانظر: مناهج الاجتهاد في الاسلام: 624
(12) المنية والأمل - المطبوع باسم " طبقات المعتزلة " لابن المرتضى -: 125، وانظر:
مناهج الاجتهاد في الاسلام: 7 - 508، 679
(13) لاحظ عن " المقلدة ": الفصول المختارة: 8 - 79، وتصحيح الاعتقاد - للمفيد -:
219، 220 طبعة النجف، وعدة الأصول - للطوسي - 1 / 7 - 348.
20

ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام من الاستدلالات، وفيها
الكثير مما لم ينله السلفية من العامة لبعدهم عن الأئمة عليهم السلام.
لكن المقلدة والسلفية يشتركون في أنهم لا يحاولون الاستدلال
على شئ خارج عن النص، ولا يجتهدون في المزيد من البحث و الفكر
فيما يرتبط بالعقائد.
والفرقة الثانية:
فأهل الحديث من العامة، هم " الأشاعرة " يلتزمون بالعقائد
التي تدل عليها النصوص، ويفسرونها حسب ما تدل عليها العبارات
من الظواهر المفهومة لهم، وبما يدركونه من المحسوسات، حتى ما ورد
فيها من أسماء الأعضاء المضافة إلى اسم الله، كاليد، والرجل، والعين،
والوجه، ولم يلجؤوا إلى تأويل ذلك عن ظاهره (14) ولذلك يسمون
ب‍ " المشبهة ".
ويختلف الأشاعرة عن السلفية في تجويز هؤلاء البحث في الكلام،
وقد كان أبو الحسن الأشعري - وهو زعيم الأشاعرة ومؤسس مذهبهم -
من أوائل الرادين على دعوة ابن حنبل رئيس السلفية في النهي عن
الكلام، إذ تصدى له في كتاب بعنوان " رسالة في استحسان الخوض
في علم الكلام " قال فيه: " إن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس
مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين، ومالوا إلى التخفيف
والتقليد، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين، ونسبوه إلى الضلال

(14) تأريخ الفرق الإسلامية - للغرابي -: 297، و تاريخ المذاهب الإسلامية - لأبي زهرة -
: 186.
21

وزعموا أن الكلام... بدعة وضلالة " ثم تصدى لردهم بقوة (15)
أما أهل الحديث من الشيعة، و هم " الأخبارية " فيعتقدون بلزوم
متابعة ما ورد في النصوص والاعتماد عليها، لكنهم يعتمدون على ما ورد
في حديث أئمة أهل البيت عليهم السلام من تأويل و تفسير لتلك
النصوص، كما يتبعون ما ورد عنهم من الاستدلالات العقلية، ولذلك
فإنهم يؤولون النصوص التي ظاهرها إثبات اليد والوجه والعين لله تعالى
، و ينفون التشبيه، تبعا لأهل البيت عليهم السلام (16).
قال الشيخ الكركي (ت 1076) - وهو من الأخبارية المتأخرين -
عند البحث عن التقليد في أصول الدين: " والحق أنه لا مخلص من
الحيرة إلا التمسك بكلام أئمة الهدى عليهم السلام، إما من باب
التسليم، لمن قلبه مطمئن بالإيمان، أو بجعل كلامهم أصلا تبنى عليه
الأفكار الموصلة إلى الحق، ومن تأمل نهج البلاغة، والصحيفة
الكاملة، وأصول الكافي، وتوحيد الصدوق، بعين البصيرة، ظهر
له من أسرار التوحيد والمعارف الإلهية ما لا يحتاج معه إلى دليل، وأشرق
قلبه من نور الهداية ما يستغني به عن تكلف القال والقيل " (17).
ويشترك الأشاعرة من العامة والأخبارية من الشيعة، في رفض
المحاولات العقلية، والاحتجاجات الخارجة عن النص.

(15) وردت الرسالة كاملة في: مذاهب الاسلاميين - للبدوي - 1 / 15 - 26.
(16) انظر: مقدمة " التوحيد " للصدوق: ص 17، طبعة طهران.
(17) هداية الأبرار إلى طريق الأئمة الأطهار: 1 - 302.
22

والفرقة الثالثة:
فالمعتمدون على العقل من العامة، وهم " المعتزلة " يفترقون
عن " الفقهاء " من الشيعة، في جهات عديدة كما سيأتي، وإن اشتركوا
في اعتمادهم على العقل كمصدر للعقائد.
23

4 - الخلط بين المذاهب
والتشابه الكبير بين الشيعة من كل فرقة والعامة منها، أصبح منشأ
لاتهام كل منهما بالأخذ من الآخر، أو للخلط بين كل من المذهبين،
أو نسبة آراء كل منهما إلى الآخر، باعتبار أن منهجهما الكلامي واحد،
ويلتزمان في الفكر بمصدر واحد (18).
وعلى أساس من هذا الخلط، قد يسوي البعض بين أهل
الحديث من العامة، وبين أهل الحديث من الشيعة، باعتبار اعتمادهم
على الحديث مصدرا للمعتقدات الكلامية، غفلة عن الفوارق المهمة
الأخرى التي ذكرناها.
فإن أهل الحديث من العامة، يرفضون التأويل في النصوص،
بينما أهل الحديث من الشيعة يلتزمون بالتأويل بالمقدار الموجود في
أحاديث أهل البيت عليهم السلام.
والتزامهم بالتأويل - ولو بهذا المقدار منه - سبب اتهامهم بأنهم من
المعتزلة، لأن هؤلاء أيضا يلتزمون بتأويل الظواهر، غفلة عن أن
المعتزلة يختلفون عن أهل الحديث من الشيعة في جهات عديدة - بعد
الإمامة - أهمها اختلاف المنهج الفكري، حيث يعتمد أهل الحديث من

(18) انظر: مقدمة " أوائل المقالات " - بقلم الزنجاني - 12 طبعة النجف.
24

الشيعة على النصوص، بينما المعتزلة يلتزمون بالعقل مصدرا للفكر
والعقيدة، كما ذكرنا.
وقد تكال هذه التهم عن علم بالواقع، وعمد للأمر، لغرض
تشويه سمعة الفرقة المتهمة، أو إثارة الفتن والإحن بين المذاهب
المختلفة.
ومن ذلك الخلط بين المعتزلة وهم العامة من الفرقة الثالثة،
وبين الفقهاء وهم الشيعة.
فمن لم يحدد المناهج الفكرية، ولم يقف على أصول الانقسامات
المذهبية، قد يتهم جمعا من المعتزلة بالتشيع، لما يجد من وحدة المنهج
والفكر الكلامي بينهما، واعتمادهما على العقل كمصدر للعقيدة (19).
وقد يتهم التشيع بالاعتزال، على ذلك الأساس نفسه.
والمعترضون المغرضون، لا يفرقون بين التهمتين، تهمة
الاعتزال بالتشيع، أو تهمة التشيع بالاعتزال، فأيتهما حصلت تحقق
غرضهم، من ضرب الفريقين، لأنهم يجدونهما - معا - معارضين
لمنهجهم الكلامي، وملتزماتهم الفكرية.
وهذا ما وقع - مع الأسف - في تأريخ الفكر الاسلامي، حيث
عمد بعض الأشاعرة، إلى إلقاء تلك التهم، بغرض التشويش على
سمعة المعتزلة تارة، وعلى سمعة الشيعة أخرى.

(19) انظر: الملل والنحل - للشهرستاني - 1 / 85، ومنهاج السنة - لابن تيمية الحنبلي - ا /
31 طبعة بولاق.
25

مع أن الأشاعرة هم الذين يشتركون مع المعتزلة في أصل المذهب
، وهو الالتزام بمنهج الخلافة على طريقة العامة، وبذلك يبتعدون
عن التشيع في أصل المعتقد.
وكذلك يتهم بعض الشيعة من الأخباريين، الفقهاء من الشيعة
بالاعتزال، باعتبار اتخاذهم كلهم العقل مصدرا للفكر.
ناسين أن التشيع يفترق عن الاعتزال في أصل الإمامة - قبل كل
لقاء - كما يفترق عنه في كثير من المسائل الفكرية المهمة.
وأن مجرد التقاء التشيع مع الاعتزال في بعض المواضع والنقاط،
كالتوحيد، والعدل، ليس معناه اتحادهما في كل شئ، فضلا عن أن
يكون التشيع مأخوذا من الاعتزال، أو أن يكون الاعتزال مأخوذا من
التشيع!
والغريب أن أشخاصا كبارا من متكلمي الشيعة نسبوا إلى
الاعتزال مثل الحسن بن موسى النوبختي (ت 300) (20)!
مع أنه قد ألف كتابا باسم " النقض على المنزلة بين المنزلتين " (21).
والمنزلة بين المنزلتين من أهم عناصر الفكر المعتزلي، وهو رابع
الأصول الخمسة التي يبتني عليها الاعتزال (22).
قال الشيخ المفيد: " المعتزلة لقب حدث لها عند القول بالمنزلة

(20) لاحظ: طبقات المعتزلة - المنية والأمل - لابن المرتضى.
(21) رجال النجاشي: 50، خاندان نوبختي: 131.
(22) أنظر: مذاهب الاسلاميين - للبدوي - 1 / 64 - 69، والشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة
: 126 وبعد ها.
26

بين المنزلتين (23) فمن وافق المعتزلة فيما تذهب إليه من المنزلة بين
المنزلتين كان معتزليا على الحقيقة، وإن ضم إلى ذلك وفاقا لغيرهم من
أهل الآراء (24).
وقد تصدى جمع من متكلمي الشيعة لرد هذا الاتهام ودفع تهمة
أخذ مذهب الشيعة من المعتزلة، وبينوا الفرق بين المذهبين، وفي
مقدمتهم الإمام الشيخ المفيد (ت 413) فقد أورد في كتبه المختلفة
أبوابا ذكر فيها الفرق بين الشيعة والمعتزلة، ومن ذلك ما ورد في كتابه
" أوائل المقالات " بعنوان:
باب القول في الفرق بين الشيعة والمعتزلة فيما استحقت به اسم
الاعتزال (25).
وباب في ما اتفقت الإمامية فيه على خلاف المعتزلة مما أجمعوا عليه
من القول في الإمامة (26).
وقد رد الشيخ المفيد في كتب خاصة على آراء المعتزلة وكبار أهل
الاعتزال مثل كتاب " نفض فضيلة المعتزلة " (27).
ونقوضه على معتزلة البصرة:
كأبي بكر الأصم (ت 236) وأبي علي الجبائي (ت 303) وأبي

(23) أوائل المقالات: 40 طبعة النجف.
(24) أوائل المقالات: 42.
(25) أوائل المقالات: 38.
(26) أوائل المقالات: 48.
(27) أنظر عن هذا الكتاب، وما يلي من النقوض على المعتزلة، الفصل الخاص بمؤلفات
الشيخ المفيد من كتاب " أنديشه هاي كلامي شيخ مفيد ": 34 - 66.
27

هاشم ابن الجبائي (ت 321) وأبي عبد الله البصري (ت 367).
وردوده على معتزلة بغداد:
كجعفر بن حرب أبي الفضل الهمداني (ت 236) وأبي القاسم
البلخي الكعبي (ت 319) وعلي بن محمد بن إبراهيم الخالدي أبي
الطيب (ت بعد 351).
وكتابنا هذا " الحكايات " - الذي نقدم له - خاص لعرض عدد
كبير من مخالفات المعتزلة، والرد عليها، وبيان آراء الشيعة فيها.
كما رد عليهم في أثناء كتبه الأخرى، فانظر " الافصاح " في
" عدة رسائل "، ص 68 و 70 و 73 و 77.
والرسالة الساروية، عدة رسائل، ص 230، المسألة (11).
والمسائل الصاغانية، عدة رسائل، ص 239.
وقد كتب من أئمة الزيدية عبد الله بن حمزة المنصور بالله (ت
614) كتاب " الكاشفة للإشكال في الفرق بين التشيع والاعتزال " كما
أورد ذلك السيد مجد الدين المؤيدي، في مقدمة كتاب الشافي، ص 9.
و " حكاية الأقوال العاصمة عن الاعتزال في بيان الفرق بين
الشيعة والمعتزلة " في أربعة فصول، لأبي عبد الله حميدان بن يحيى
القاسمي الحسني الزيدي، يوجد في دار الكتب المصرية، ضمن
المجموعة 34، قسم النحل، [الذريعة 7 / 52].
وهناك محاولات حديثة قيمة للرد على هذه التهمة، قام بها
مؤلفون معاصرون.
28

مثل ما جاد به العلامة المحقق المرحوم السيد هاشم معروف
الحسني العاملي الصوري في كتاب " الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة "
المطبوع (28).
وجعل مارتين مكدرموت من جامعة شيكاغو الأمريكية هدفه من
كتابه " الآراء الكلامية للشيخ المفيد " التحقيق في أوجه الشبه
والاختلاف بين آراء الشيخ المفيد، وبين آراء المعتزلة (29).

(28) أنظر: خاصة ص 279 - 251 وهي خلاصة الكتاب.
(29) أنديشه هاي كلامي شيخ مفيد: 5.
29

5 - موضوع الكتاب:
يتركز البحث في الكتاب في الرد على المعتزلة وتسفيه آرائهم
الشاذة عن جماعة المسلمين، والتي ينفردون بها عن جميع الأمة،
ويتصدى للذين يتهمون الشيعة بالأخذ من المعتزلة، مع وجود
البون الشاسع بين التشيع والاعتزال في أصول المنهج الكلامي الذي
يتبعه كل من المذهبين.
ومع أن المتعمدين لإلقاء هذه التهم - وهم الأشاعرة - هم
الذين يشتركون مع المعتزلة في أصول المذهب الواحد، كالالتزام
بمنهج الخلافة على طريقة العامة، دون الإمامة بالنص.
ولو كان مجرد الالتقاء بين المذهبين في شئ من الآراء والأفكار
والنظريات دليلا على أخذ أحدهما من الآخر، أو اتحادهما في الفكر
والنظر، لكان الأشاعرة هم الآخذون من المعتزلة، لاتفاقهم في مسألة
الخلافة، وأنها من واجبات الأمة، بينما هذا من أهم ما افترقت به
العامة عن المسلمين الشيعة.
وقد ركز الشيخ المفيد في هذه (الحكايات) على أن المعتزلة
بعيدون عن الشيعة في كثير من أصول معتقداتهم وفروع ملتزماتهم،
وأن نسبة التشيع إلى الاعتزال منشؤها الخطأ، وعدم المعرفة، أو قلة
الدين، والغرض الحاقد.
30

وعرض كثيرا مما أجمعت عليه المعتزلة، مما لا تقره الشيعة.
ثم ذكر الجواب عن بعض التهم التي اشترك العامة - معتزلة
وأشاعرة - في توجيهها إلى التشيع والشيعة. وأثبت بالنصوص عراقة
القدم الشيعية في الالتزام بالبحث العلمي المعتمد على الفكر والنظر،
في ظل التوجيهات الإسلامية المستلهمة من تعاليم النبي والأئمة
عليهم السلام، والتي جاءت بها النصوص الحديثية المعتمدة، بعد
القرآن الكريم الآمر بالتدبر والتفكر، والنظر والبصر.
31

6 - نسبة الكتاب إلى المفيد:
اتفقت القرائن الخارجية والداخلية على نسبة هذا الكتاب إلى
الشيخ المفيد رحمه الله:
فمن الأولى:
- عدم نسبته، أو شئ مما فيه إلى شخص آخر ولو السيد
المرتضى الذي ورد اسمه في صدر الكتاب، وهو الذي رواه، فلم
ينسب - ولو احتمالا - إلا إلى الشيخ.
- وضعه مع كتب الشيخ وآثاره في أكثر نسخه المتوفرة، فتارة
مع أوائل المقالات، وأخرى مع الفصول المختارة بعنوان (فصل من
حكايات الشيخ المفيد) وأما النسخ المستقلة فهي معنونة باسمه
كلها.
ومن الثانية:
- وجود اسم الشيخ أو كنيته في بداية الكتاب ونهايته بعنوان
صاحب الحكايات، وأنها مسموعة منه ومروية بطريقه، وفي أثناء
الكتاب يكرر السيد المرتضى - الراوي لها - قوله: سمعت الشيخ،
و: قلت له، وقال أبو عبد الله، مما لا ريب في إرادة المفيد منه.
- ثم إن جميع ما في الكتاب من آراء ونظريات علمية هو من آراء
32

الشيخ المعروفة، ولم تنقل عن غيره.
- وقد جاء في المتن ذكر كتابين للمؤلف هما " الأركان في دعائم
الدين " و " الكامل في علوم الدين " وهما مذكوران في فهرست كتب
المفيد دون غيره.
- ابتداء الأحاديث الواردة في الكتاب بمشايخ المفيد المعروفين،
والروايات المذكورة منها ما لم ينقل إلا بواسطة الشيخ المفيد.
- وأخيرا: فإن نفس هذا الكتاب وأسلوبه، ليس إلا نفس المفيد
وأسلوبه، وهو معروف لدى المتداولين لتراثه، والمأنوسين بأعماله.
ولكن يبدو وجود ما يعارض هذا الفرض:.
مثل: ابتداء الكتاب بذكر السيد الشريف المرتضى وقوله:
سمعت الشيخ، وهو في مواضع عديدة يقول: قلت للشيخ، أو:
قال الشيخ، ويطرح الأسئلة، وينقل الاعتراضات، ويستدعي
الإجابة عليها من الشيخ.
وكل هذا يقتضي أن يكون العمل للسيد، وإن كانت الإجابة
للشيخ ومن أقواله، وأفكاره ورواياته.
ومثل: وجود هذه الحكايات، وبعنوان (فصل من حكايات
الشيخ المفيد) وبرواية السيد المرتضى، ملحقا بكتاب " الفصول
المختارة للسيد.
وهذا يقتضي أن يكون فصل الحكايات، واحدا من الفصول
الكثيرة التي اختارها السيد الشريف وجمعها في ذلك الكتاب.
- ومثل: أن عنوان (الحكايات) لم يرد في قائمة مؤلفات
33

الشيخ المفيد، لا عند القدماء، ولا عند المتأخرين، سوى ما
ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (7 / 51 رقم 269) والظاهر أنه
اعتمد على ما وجده في بعض النسخ المتأخرة.
أقول: ولدفع هذه المعارضات، لا بد من التأمل في أمور:
فأولا: إن المادة العلمية التي تشكل قوام الكتاب، إنما هي من
عبارة الشيخ المفيد وإنشائه.
فلا يمكن أن ينسب الكتاب إلى غيره، بينما جميع محتواه من
كلامه وفكره.
وثانيا: إن الكتاب وإن ألحق بالفصول المختارة، في بعض
نسخه، إلا أنه ملحق كذلك بكتاب أوائل المقالات، الذي يشبهه
في موضوعه في نسخ أخرى، وهو موجود - مستقلا - في بعض
النسخ أيضا.
وثالثا: إن الشيخ ابن إدريس الحلي، إنما نقل من هذا
الكتاب، روايات، في ما استطرفه في آخر السرائر، وعنون لمصدرها
ب‍ (العيون والمحاسن، للمفيد) وهذا يدل على كون (الحكايات)
من (العيون والمحاسن) المعلوم النسبة إلى المفيد.
وربما يكون المرتضى هو الذي جمع فوائد الشيخ المفيد بعنوان
(الفصول المختارة) وألحق بها (الحكايات) كفصل منها، وإن كتاب
(العيون والمحاسن) ليس إلا هذه (الفصول...) التي جمعها
السيد.
وبهذا يفسر وجود آثار السيد المرتضى بوضوح ووفرة في هذه
34

الفصول وهذه الحكايات، فهو الذي رواها ونقلها عن الشيخ، وهو
الذي عرض عليه الأسئلة المختلفة، ودفع الشيخ إلى الإجابة عنها،
وهو الذي طلب منه أن يثبت الروايات، وأخيرا فهو الذي جمع بين
شتات هذه الأجوبة والمقالات والحكايات والروايات.
ومن مجموع ما أوردنا ظهر لنا أن الأنسب في حل أمر نسبة
الكتاب هو:
1 - أن الكتاب ليس للمرتضى، قطعا، بل هو راويه.
2 - أن الكتاب لم يكتبه الشيخ المفيد بيده وقلمه، وإنما هو
منقول عنه شفهيا، ومروي عنه سماعا.
3 - إذن: فالكتاب هو من إملاء الشيخ المفيد، وبيانه،
أجاب فيه عن أسئلة عرضها عليه تلميذه السيد المرتضى.
ومن شأن الأمالي والأجوبة، أن ينسب الكتاب الحاوي لها إلى
الشيوخ المملين، أو العلماء المجيبين، لا إلى غيرهم من المستملين
أو الكاتبين للأمالي، أو السائلين، أو الجامعين للأجوبة، إلا
باعتبارات أخر غير معتمدة علميا في فن الفهرسة المنهجية.
35

7 - نسخ الكتاب:
إن هذا الكتاب عني به النساخ، فمنهم من ألحقه بكتاب
" الفصول المختارة " باعتباره فصلا منه، وعلى منهجه في التأليف،
والبحث، ولعل المرتضى نفسه هو الذي وضعه هناك.
ومنهم من ألحقه بكتاب " أوائل المقالات " لاتحادهما موضوعا،
ومحتوى، فكلاهما يتصديان للمعتزلة، ويحتويان على بيان الفرق بين
التشيع والاعتزال فكريا وعقائديا.
ومنهم من جعله مستقلا، باعتبار اشتماله على حكايات تشكل
في نفسها وحدة متكاملة، فأفردها بالاستنساخ.
وهذا الهدف الأخير هو الذي بعثنا على إفراد الكتاب بالعناية
والتحقيق والتوثيق، لكونه فريدا في بابه، وجديرا بكل رعاية وعناية.
وقد توفرت لدي نسخ كثيرة منه، إلا أني اعتمدت بعضها،
للاكتفاء بها في الوصول إلى الهدف، وتيسر الوقوف عليها في مثل
الظروف الراهنة، وهي:
1 - النسخة المطبوعة (مط):
طبعت ملحقة بكتاب " الفصول المختارة من العيون
36

والمحاسن " المطبوع. في النجف الأشرف، بالمطبعة الحيدرية،
سنة 1370 ه‍، وقد أعادته بالأفست مكتبة الداوري في قم سنة
1396 ه‍.
ويقع كتاب " الحكايات " في الصفحات (279 - 289) منه،
بعنوان " فصل من الحكايات ".
وهي من أجود النسخ، ورمزنا إليها برمز " مط ".
2 - مخطوطة مجلس الشورى الاسلامي (مج):
نسخة منضمة إلى " الفصول المختارة " وتليها رسالة الشيخ
المفيد حول حديث " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ".
وهي محفوظة في مكتبة مجلس الشورى الاسلامي - في طهران،
بر قم (5392) وفي هامش آخر صفحة منها: " بلغت المقابلة
بعون الله).
وجاء في آخر الرسالة المذكورة:
اتفق فراغه عصر يوم الخميس الحادي
والعشرين من شهر جمادى... سنة السادسة
والعشرين بعد الألف على يد أقل عباد الله وأحوجهم
إلى رحمة ربه عيسى بن إبراهيم بن عبد الله لحسا منشأ
ومولدا...
وقد رمزنا إليها ب‍ " مج ".
37

3 - مخطوطة السيد النجومي (ن):
ملحقة بكتاب " أوائل المقالات " للشيخ المفيد.
وهو ضمن مجموعة في مكتبة السيد الحجة النجومي، في مدينة
كرمانشاه (باختران) من محافظات الجمهورية الإسلامية.
وقد سماه مفهرسها باسم " الفرق بين الشيعة والمعتزلة،
والفصل بين العدلية منهما " (1) كما ذكر بهذا الاسم كتاب في قائمة
مؤلفات المفيد (2).
ولكنه ليس إلا كتاب أوائل المقالات.
وقد رمزنا إليها ب‍ (ن).
4 - مخطوطة مكتبة الإمام الرضا عليه السلام (ضا):
ملحقة بكتاب (أوائل المقالات) أيضا، ضمن مجموع برقم
(7454).
وفي آخرها:
" تمت الحكايات عن الشيخ أبي عبد الله المفيد
قدس الله روحه، كتبه العبد الفقير عبد العزيز نجل
المرحوم سعيد النجار، في سنة الألف والمائتين وثمانين

(1) دليل المخطوطات، للسيد أحمد الحسيني (ج 1 ص 261).
(2) أمالي المفيد: المقدمة (ص 22).
38

من هجرة سيد الأولين والآخرين، وصلى الله عليه
وعلى أولاده الطاهرين.
ولقد فرغت من تنسيخ هذه النسخة الشريفة في
خمس ليال بقين من شعبان سنة ألف وثلاثمائة واثنين
وخمسين من الهجرة في مشهد مولاي أمير المؤمنين عليه
السلام، وأنا العبد محمد حسين بن زين العابدين
الأرومية ي عفا الله عن جرائمهما.
وقد رمزنا إليها ب‍ " ضا ".
5 - مخطوطة السيد الروضاتي (تي):
في مكتبة العلامة الحجة السيد محمد علي الروضاتي
الأصفهاني دام علاه مجموعة قيمة، بخط جده السيد محمد الأصفهاني
الجهار سوقي، جاء في آخرها:
" تمت الحكايات عن الشيخ أبي عبد الله
المفيد قدس الله سره، نقلا عن خظ أحمد بن
عبد العالي الميسي العاملي، وكتب العبد
محمد الموسوي حامدا مصليا مسلما مستغفرا.
وقد رمزنا إليها ب‍ " تي ".
والنسختان " مط " و " مج " متفقتان في الأكثر، كما أن النسخ
البواقي: " ن " و " ضا " و " تي " متفقات كذلك، في إيراد النص.
39

8 - العمل في الكتاب:
تحدد عملنا في الكتاب بما يلي:
1 - التحقيق:
اعتمادا على النسخ المذكورة، قمنا باستخلاص النص
الموثوق به، على أساس التلفيق بينها.
ولم نهمل ما جاء في النسخ، إذا خالف ما اخترناه للمتن، لدقة
البحث، واحتمال احتوائها على معنى يختل النص بإهماله، أو ربما
يستفاد منها أمر، أو تصلح للقرينية على آخر.
وقد أضفت على النص ما وجدته ضروريا واضعا له بين
المعقوفين للتمييز.
2 - التقطيع:
عمدنا إلى النص، فقسمناه إلى عشر فقرات، تضم كل
فقرة معلومات مترابطة، وحكاية لمطالب متكاملة.
والهدف من ذلك تحديد ما عرض في الكتاب، كما أن فيه
تسهيلا لضبط المعلومات ويسر المراجعة والفهرسة.
40

3 - التوثيق والتعضيد:
وقمنا بتوثيق ما جاء في النص من الآراء والعقائد، بالتوضيح
والتخريج، كما أرجعنا إلى مزيد من المصادر تعضيدا لما جاء في
النص.
والهدف تقريب المسافة للمراجعين، تمهيدا لسبيل المقارنة
والتوسع، واختصارا للوقت والجهد.
والله هو المسؤول أن يبلغ بهذا العمل ما أملناه، وأن يسبغ
علينا رضاه ورأفته وبره، وأن يوفقنا لخدمة الحق وأهله، وأن يصلح
نياتنا وأعمالنا، ويجعلها في سبيله، وأن يتغمد والدينا وأساتذتنا
ومشايخنا بالرحمة والرضوان، إنه قريب مجيب.
والحمد لله رب العالمين.
41

الحكايات
متن الكتاب
[بسم الله الرحمن الرحيم]
فصل من حكايات الشيخ المفيد أبي عبد الله
محمد بن محمد بن النعمان (1)
قال (السيد) (2) الشريف، أبو القاسم، علي بن الحسين،
الموسوي (أيده الله) (3):

(1) أضاف في " ضا " على العنوان: " عليه الرحمة والرضوان ".
(2) ما بين القوسين ورد في " ن " و " تي ".
(3) ما بين القوسين ورد في " مط ".
43

[1]
[ثلاثة أشياء لا تعقل]
سمعت الشيخ أبا عبد الله (أدام الله عزه) (1) يقول:
ثلاثة أشياء لا تعقل، وقد اجتهد المتكلمون في تحصيل
معانيها من معتقديها (2) بكل حيلة، فلم يظفروا (منهم) (3) إلا
بعبارات يتناقض المعنى فيها (4) على مفهوم الكلام:.
اتحاد النصرانية (5).

(1) ما بين القوسين من " مط ".
(2) في " مط ": معتقدها.
(3) في " ضا ": منهما، وفي " تي ": منها.
(4) في " مط ": تتناقض في المعنى.
(5) اتحاد النصرانية:
هو قول النصارى باتحاد الأقانيم الثلاثة: الأب، والابن، والروح القدس.
وقد اتفقوا على هذا، واختلفوا في كيفيته: هل هو من جهة الذات؟ أو من جهة المشيئة؟
لاحظ بعض توجيهاته في تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص 71) ومذاهب الاسلاميين،
للبدوي (1 / 6 - 448).
واقرأ الرد عليهم في: الهدى إلى دين المصطفى (2 / 265 و 280 و 285 - 288)
والتوحيد والتثليث، كلاهما للبلاغي، وكشف المراد شرح تجريد الاعتقاد، للعلامة
(ص 3 - 294) وشرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي (ص 5 - 298)
45

وكسب النجارية (6).
وأحوال البهشمية (7).
وقال (الشيخ) (8):.
ومن ارتاب بما ذكرناه في هذا الباب، فليتوصل إلى إيراد

(6) كسب النجارية:
النجارية: هم أتباع الحسين بن محمد النجار (ت 230) فرقة من المعتزلة، ويقال
لهم " الحسينية " أيضا.
والكسب عندهم ما التزموه عند قولهم بأن الله تعالى هو خالق أفعال العباد كلها، وأثبتوا
للعبد تأثيرا في الفعل بقدرة حادثة، سموه " كسبا ".
وقرر بعض الأشاعرة - أيضا - هذه الفكرة، مثل: أبي الحسن الأشعري، وأبي بكر
الباقلاني.
كما ردها غير النجارية من المعتزلة، كالقاضي عبد الجبار.
أنظر احتمالات الكسب، والرد عليها في: نهج الحق وكشف الصدق، للعلامة (ص
125 - 129) وكشف المراد، له (ص 308).
وراجع: الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة (ص 206) ومذاهب الاسلاميين (ج ا ص
616 - 618) وفي (من 456 - 462) جاء رد القاضي عبد الجبار عليهم.
واقرأ عن النجارية وآرائها: الملل والنحل، للشهرستاني (1 / 88 - 89).
(7) أحوال البهشمية:
البهشمية: فرقة من المعتزلة، منسوبة إلى أبي هاشم، عبد السلام بن محمد الجبائي (ولد
247 ومات 321) وترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (11 / 55) رقم 5735
وابن خلكان في وفياته (3 / 183) رقم 383.
واقرأ عن مذهبه: الملل والنحل (1 / 78).
وسيتحدث الشيخ المفيد عن فكرة. " الأحوال " في الفقرة التالية [2] فلاحظ مصادر البحث
عنها هناك.
(8). كلمة " الشيخ " من: " مط " و " مج ".
46

معنى - في واحد (9) منها - معقول، أو (10) الفرق بينها في التناقض
والفساد، ليعلم (11) أن خلاف ما حكمنا به هو الصواب!
وهيهات!؟.

(9) في " مط ": معنى واحد.
(10) في " مط ": و (بدل: أو) وفي " ن ": إذا، وفي " تي ": أو للفرق.
(11) في " ن ": وليعلم.
47

[2]
[مفاسد القول بالحال]
وسمعته يقول:
القول بالأحوال (1) يتضمن من فحش الخطأ والتناقض ما لا
يخفى على ذي حجا:
فمن ذلك: أن الحال في اللغة هي: " ما حال الشئ فيها

(1) الأحوال:
هي ما التزمه أبو هاشم من أن: صفات البارئ - جل وعلا - ليست هي الذات، ولا أشياء
تقوم بالذات، بل هي غير الذات منفصلة عنها، وسماها " أحوالا " واحدها: " الحال ".
وقالت الشيعة الإمامية: إن صفات البارئ هي معان معقولة فقط، وليس لها مصداق غير
الذات الإلهية الواحدة، ولم يتصوروا للأحوال المذكورة معنى، لاحظ " أوائل
المقالات " للشيخ المفيد (ص 61).
كما أن الأشاعرة لم يوافقوا على الأحوال، بل التزموا بالصفات باعتبارها أمورا منفصلة عن
الذات قائمة بها، فلذا سموا بالصفاتية، لاحظ التعليقة التالية برقم (36) في هذه
الفقرة.
وللتفصيل عن الأحوال، والرد عليها، لاحظ: كشف المراد، المقصد (1) الفصل
(1) المسألة (12) في نفي الحال (ص 35 - 37)، والمسألة (13) (ص 37 -
39) والمقصد (3) الفصل (2) المسألة (19) (ص 296). والملل والنحل
(1 / 82 - 83). ومذاهب الاسلاميين (1 / 342 - 364).
وقد قال الجويني المعروف بإمام الحرمين - وهو من كبار الأشاعرة - بفكرة الأحوال، وهو
أول أشعري يقول بها، أنظر مذاهب الاسلاميين (1 / 730 - 732).
49

عن معنى كان عليه، إما موجود، أو معقول " لا نعرف (2) الحال
في حقيقة اللسان إلا ما ذكرناه، ومن ادعى غيره كان كمن ادعى
في " التحول " و " التغير " خلاف معقولهما.
ومن زعم: أن الله تعالى يحول (3) عن صفاته، ويتغير في
نفسه، فقد كفر به كفرا ظاهرا (4)، تعالى الله عن ذلك علوا
كبيرا.
ثم العجب ممن ينكر على المشبهة (5) (قولهم) (6): " إن لله
تعالى (7) علما به كان عالما، وقدرة بها كان قادرا " (8) ويزعم أن ذلك
شرك ممن يعتقده!! وهو يزعم أن لله (عز وجل) (9) حالا بها كان
عالما (10) وبها فارق من ليس بعالم، وأن له حالا بها كان (11) قادرا،
وبها فارق من ليس بقادر، وكذلك القول في: حي، وسميع،

(2) كذا في " ن " وفي غيره: لا يعرف.
(3) في " مج ": تحول.
(4) في " مط ": فقد كفر بربه ظاهرا.
(5) المشبهة:
السلفية من العامة الذين يجعلون لله أعضاء مثل: الوجه واليد والرجل، استنادا إلى ما
جاء في ظاهر النصوص، وقد أثبتنا كلماتهم والرد عليها في بحث مستقل، ولاحظ ما
يأتي في التعليقة رقم (36) في هذه الفقرة.
(6) ما بين القوسين من: " مط " و " مج ".
(7) في " ن " و " ضا " و " تي ": عز وجل، بدل " تعالى ".
(8) وهذه عقيدة الصفاتية، وسيأتي ذكرهم في التعليقة رقم (36).
(9) في " مج ": جل اسمه.
(10) في " مط " و " مج ": كان بها عالما.
(11) في " مط ": كان بها.
50

ويصير، ويدعي - مع ذلك - أنه موحدا!؟.
كيف (12) لا يشعر بموضع مناقضته (13)؟!.
هذا، وقد نطق القرآن بأن لله تعالى علما، فقال عز
اسمه (14):
(أنزله بعلمه) [من الآية (166) سورة النساء (4)].
و (ما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) [من الآية
(11) سورة فاطر (35) والآية (47) سورة فصلت (41)].
و (لا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء) [من الآية (255)
سورة البقرة (2)].
وأطلق المسلمون القول بأن لله سبحانه قدرة (15).
ولم يأت القرآن بأن لله (16) حالا، ولا أطلق ذلك أحد من أهل
العلم والاسلام، بل أجمعوا على تخطئة من تلفظ بذلك في الله سبحانه،
ولم يسمع من أحد من أهل القبلة، حتى أحدثه أبو هاشم، وتابعه (17)
عليه نفر من أهل الاعتزال، خالفوا به الجميع، على ما ذكرناه.

(12) في " ن " و " ضا ": بحيث، بدل " كيف ".
(13) كذا في " مج " وفي النسخ: مناقضة.
(14) في " ن " و " ضا ": جل اسمه.
(15) في " ن ": أطلق المسلمون أن لله قدرة.
(16) في " مط " و " مج ": بأن له تعالى.
(17) كذا الصواب، وفي النسخ: (تبعه) وفي " تي ": أتبعه.
51

هذا، وصاحب هذه (18) المقالة يزعم: أن هذه (19) الأحوال
مختلفة، ولولا اختلافها لما (20) اختلفت الصفات، ولا تباينت في
معانيها المعقولات.
فإن قيل له: أفهذه (21) الأحوال، هي الله تعالى (22) أم غير الله؟!
قال: لا أقول: " إنها هي الله " (23) ولا: " هي غيره " والقول
بأحد هذين المعنيين محال!
وهو - مع هذا - جهل المشبهة (24) في قولهم: " إن صفات الله لا هي
الله، ولا هي غير الله) وتعجب منهم، ونسبهم (25) بذلك إلى الجنون
والهذيان.
وإذا احتفل (26) في الفرق بين الأمرين، قال: إنما جهلت المجبرة
في نفيهم أن تكون الصفات هي الله (وغير الله) (27)، لأنهم يثبتونها

(18) كلمة " هذه " لم ترد في " مط ".
(19) كلمة " هذه " هنا من " مط ".
(20) كذا في " تي " وفي النسخ: ما.
(21) في " ن " و " ضا " و " تي ": هذه.
(22) كلمة " تعالى " من " مط ".
(23) في " مط ": لا أقول: " إنها هي هو ".
(24) في " مط ": المعتزلة والمجبرة، وفي " مج ": المعتزلة، وعن نسخة أخرى بدلها: المجبرة،
لكن الصواب ما أثبتناه، لأن القول المذكور إنما هو للمشبهة الحشوية،، فلا حظ التعليقة
(5) من هذه الفقرة.
(25) كذا في " ضا " و " تي " وفي النسخ: ويعجب منهم وينسبهم.
(26) كذا في " مط " و " مج " وفي " ضا " و " تي ": احتيل، والكلمة مهملة في " ن ".
(27) ما بين القوسين من " مط " وفي " مج ": أو غيره الله.
52

معاني (28) موجودات، وأنا لا أثبت الأحوال معاني موجودات.
ولو علم أنه ازداد مناقضة (29) فيما رام به الفرق، وخرج عن
المعقول (30) لإستحيى من ذلك:
لأن القوم لما (31) أثبتوا الأوصاف التي تختص بالموجود لمعان، أو جبوا
(وجودها على تحقيق الكلام، لاستحالة إيجاب الصفة المختصة
بالموجود) (32) بالمعدوم الذي ليس له وجود، لما يدخل في ذلك من
الخلل والفساد.
وهذا الرجل لم (33) يتأمل ما اجتناه (34)، فأثبت من الصفات ما لا
يصح تعلقه بالمعدوم بحال، وزعم أنه لا وجود لها ولا عدم!
فصارت مناقضته بذلك (35) من جهتين، تنضاف إلى
مناقضته في الانكار على أصحاب الصفات (36) على

(28) في " ضا ": معافي.
(29) كذا في " ن " و " تي " ونسخة من " مج " وفي نسخة أخرى من " مج ": قد أراد مناقضة،
وفي " مط ": أنه قد زاد مناقضته، وفي " ضا ": أنه أراد مناقضته.
(30) في " مج ": العقل، وفي " تي ": العقول.
(31) في " مط " ونسخة من " مج ": إنما، يدل " لما ".
(32) ما بين القوسين لم يرد في " ن "، وفي " مج " المخصصة، بدل " المختصة ".
(33) في " مط ": لا.
(34) كذا في " مط " وفي النسخ: أجبناه، وفي " مج ": ما اجتباه.
(35) كذا في " مط " وفي " تي ": لذلك، وفي " مج ون وضا ": مناقضة.
(36) أصحاب الصفات:
هم الصفاتية القائلون بأن لله تعالى أعضاء هي صفات أزلية، وهي صفات خبرية.
ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات - بهذا المعنى - سموهم " معطلة " ولما كان سلف العامة
يثبتونها سموهم " صفاتية ".
وقد بالغ بعض السلفية في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات - كما يقول
الشهرستاني - انحاز أبو الحسن الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية،
وصار ذلك مذهبا لأهل السنة، وانتقلت سمة " الصفاتية " إلى " الأشعرية ".
ولما كانت المشبهة والكرامية من مثبتي الصفات عدوهم فرقتين من جملة الصفاتية، لاحظ
الملل والنحل (1 / 92 - 93) و (94 - 95).
وللتفصيل عن القول بالصفات وأنها قائمة بالذات، راجع مذاهب الاسلاميين (1 /
545 - 548).
وهذا القول يعارض القول بالأحوال. كما عرفنا في التعليقة (1) من هذه الفقرة.
ورد العلامة الحلي على الصفاتية في نهج الحق (ص 64 - 65).
وقد رد ابن حزم على أهل الصفات ردا حازما، فقال: هذا كفر مجرد، ونصرانية
محضة، مع أنها دعوى ساقطة بلا دليل أصلا، وما قال بهذا - قط - من أهل الاسلام قبل
هذه الفرقة المحدثة بعد الثلاث مائة عام [يعني على يد أبي الحسن الأشعري، مؤسس
الأشعرية] فهو خروج عن الاسلام، وترك للاجماع المتفق
ثم قال: وما كنا نصدق أن من ينتمي إلى الاسلام يأتي بهذا، لولا أن شاهدناهم
وناظرناهم ورأينا ذلك صراحا في كتبهم، ككتاب السمناني قاضي الموصل في عصرنا هذا،
وهو من أكابرهم، وفي كتاب المجالس للأشعري، وكتب أخرى، لاحظ الفصل لابن
حزم (2 / 135).
وانظر رأي الشيعة الإمامية في الصفات، في أوائل المقالات (ص 55 - 56).
53

ما (ذكرناه و) (37) حكيناه.
على أن من مذهبه ومذهب أبيه (38) أن حد الشئ على (39) " ما صح

(37) ما بين القوسين لم يرد في " ضا " و " ن " وفيهما: على ما حكينا.
(38) الجبائي، أبو أبي هاشم:
محمد بن عبد الوهاب، أبو علي، الجبائي (ولد 235 ومات 295) وهو صاحب مذهب
- " الجبائية " من المعتزلة، ترجمه في وفيات الأعيان (4 / 7 - 269) رقم (207).
واقرأ عن مذهبه وآثاره: الملل والنحل (1 / 78) ومذاهب الاسلاميين (1 / 280).
(39) كلمة " على " لم ترد في " مط " ولا " مج ".
54

العلم به والخبر عنه " (40).
وهو يزعم: أن الأحوال معلومة له (41) وهو دائما (42) يخبر عنها،
ويدعو إلى اعتقاد القول بصحتها، ثم لا يثبتها أشياء!
وهذا مما لا يكاد علم (43) المناقضة فيه يخفى على إنسان قد سمع
بشئ من النظر والحجاج (44).
وأظن (أن) (45) الذي أحوجه إلى هذه المناقضة: ما سطره
المتكلمون، واتفقوا على صوابه، من " أن الشئ لا يخلو من الوجود أو (46)
العدم " فكره أن يثبت الحال شيئا (47) فتكون موجودة أو معدومة:
ومتى كانت موجودة، لزمه - على أصله، وأصولنا جميعا - أنها لا
تخلو من القدم (48) والحدوث:

(40) حد " الشئ ":
نقل هذا الحد عن الجبائي، في مقالات الاسلاميين للأشعري (2 / 181) وذكره
الجرجاني - تعريفا لغويا - في التعريفات (57).
واقرأ عن رأي الجبائي في " الشئ " في مذاهب الاسلاميين (1 / 309 و 323).
(41) كذا في " مج " وفي النسخ: لله، بدل " له ".
(42) في " ن " و " ضا " و " تي ": ذاتي، بدل " دائما " ولعله: دائمي.
(43) في " مج " يتيسر علم، وفي " ن، ضا، تي ": على، بدل (علم).
(44) في " ن " و " ضا ": سمع من النظر والحجاج شيئا، وفي " تي ": والمحاج شيئا.
(45) كلمة " أن " من " مط " و " مج ".
(46) في " مط " و " مج ": و، بدل " أو ".
(47) كذا في " ن " وفي " مط ": شيئا ما، وفي " ضا ": أن يثبت شيئا، وفي " مج " و
" تي ": وكره.
(48) في " ضا " و " تي ": العدم، بدل " القدم ".
55

وليس يمكنه الإخبار عنها بالقدم، فيخرج (49) بذلك عن
التوحيد، ويصير به أسوأ حالا من أصحاب الصفات.
ولا يستجيز القول بأنها محدثة - وهي التي بها لم يزل القديم
(تعالى) (50) مستحقا للصفات - فيكون بذلك مناقضا.
وإن قال: إنها شئ معدوم، دخل عليه من المناقضة مثل الذي
ذكرناه.
فأنكر - لذلك - أن تكون الحال شيئا.
وهو، لو شعر بما قد جناه (51) على نفسه، بنفي الشيئية (52)
عنها - مع اعتقاده العلم بها، وصحة الخبر عنها، وإيجابه كون القديم
(تعالى) (53)، فيما لم يزل - مستحقا لصفات (54) أوجبتها أحوال ليست بشئ،
ولا موجودة، ولا معدومة، ولا قديمة، ولا محدثة (55) - لما رغب في هذا
المقال، ولإنتقل عنه إلى الحق والصواب (56).

(49) في " تي " لتخرج.
(50) كلمة " تعالى " من " مط " و " مج ".
(51) في " ن " و " تي ": خبأه.
(52) في " مج " و " تي ": التشبيه.
(53) كلمة " تعالى " من " مط " و " مج ".
(54) في " ن " و " تي " و " ضا ": للصفات، وأضاف في " ضا ": أوجبها أحوالا.
(55) لاحظ شبه هذا الكلام في الملل والنحل (1 / 82)
(56) كذا في " مط " و " مج " وفي النسخ: والصفات، إقرأ عن الحق في الصفات، أوائل
المقالات (55 - 56)
56

[3]
فصل (1)
[في رأي المعتزلة البصريين في القدرة والإرادة]
قال الشيخ (أدام الله عزة) (2):
زعم البصريون - جميعا - أن القدرة لا يصح تعلقها (3) بالموجود،
لأنها إنما (4) تتعلق بالشئ على سبيل الحدوث، وأوجبوا - لذلك -
تقدمها [على] (5) الفعل.
ثم قالوا - مناقضين -: إن الإرادة لا تتعلق بالشئ - أيضا -
إلا على سبيل الحدوث، ولذلك (6) لا يصح أن يراد الماضي، ولا
القديم.

(1) كلمة " فصل " لم ترد في " مط " ولا في " ن ".
(2) في " ضا ": رحمه الله، وفي " تي ": ره، وفي " ن ": (رحمه) فقط.
(3) في " مج ": تعقلها.
(4) في " ن " و " ضا ": إما أن، بدل " إنما ".
(5) زيادة منا يقتضيها المعنى واللفظ.
(6) في " ن " و " ضا " و " تي ": وكذلك ما، بدل " فلذلك ".
57

وهي، مع ذلك - عندهم (7) - توجد مع المراد.
فهل تخفى هذه المناقضة على عاقل؟!

(7) " عندهم " لم ترد في " ن ".
58

[4]
[قول المعتزلة في الجواهر بما]
[يقول أصحاب الهيولي]
وقالوا - بأجمعهم -: إن جواهر العالم (1) وأعراضه لم تكن (2)
حقائقها بالله تعالى (ولا بفاعل البتة) (3)، لأن الجوهر جوهر في
العدم، كما هو جوهر في الوجود، وكذلك العرض (4).
ثم قالوا: إن الله خلق الجوهر، وأحدث عينة، وأوجده
بعد العدم.

(1) في " مط ": العلم، بدل (العالم).
(2) زاد في " ن " و " ضا " كلمة " على " هنا.
(3) كذا جاء ما بين القوسين في " ن " و " تي " ونسخة من " مط " ولكن في أخرى: " ولا
بفاعليته " وفي " مج ": ولا تفاعل.
(4) القول بقدم الجوهر والعرض:
نسب ابن الجوزي ذلك إلى أبي علي وابنه أبي هاشم الجبائيين ومن تابعهما من البصريين
[المعتزلة] أنظر: تلبيس إبليس (ص 80).
ونقل نحوه عن الجبائي في مذاهب الاسلاميين (1 / 302 و 4 - 305) وأنظر رأي الجبائي
في أصالة " الأشياء " في مذاهب الاسلاميين (1 / 290) ورأي أبي الهذيل العلاف من
المعتزلة في " الجوهر والعرض " في مذاهب الاسلاميين (1 / 191).
59

فقيل لهم: ما معنى " خلقه " (وهو قبل أن يخلقه جوهر كما
هو حين خلقه) (5)؟!
قالوا: معنى ذلك " أو جده "!
قيل لهم: (6) ما معنى قولكم: " أو جده " وهو قبل الوجود
جوهر، كما هو في حال الوجود؟!
قالوا: معنى ذلك أنه أحدثه وأخرجه من العدم إلى الوجود.
قيل لهم: هذه العبارة مثل الأولتين (7) ومعناها معناهما، فما
الفائدة في قولكم (8): " أحدثه، وأخرجه (من العدم إلى الوجود) (9) "؟!
وهو قبل (10) الإحداث والإخراج جوهر، كما هو في حال
الإحداث والإخراج؟!
فلم يأتوا بمعنى يعقل في جميع ذلك، ولم يزيدوا على
العبارات، والانتقال من (حالة إلى حالة) (11) أخرى، نزوحا (12)
من الانقطاع!
ولم يفهم عنهم معنى معقول في " الخلق " و " الإحداث "

(5) ما بين القوسين من " مط " و " مج ".
(6) زاد في " مط " هنا: هذه مغالطة و....
(7) في " مط ": الأوليين.
(8) في " ضا " و " تي ": في الفائدة في قولك.
(9) ما بين القوسين ليس في " مج ".
(10) في " ضا " و " تي ": من قبل، وفي " ن ": من قبيل.
(11) جاء في " مج " بدل ما بين القوسين: واحدة إلى.
(12) كذا في " مط " لكن في " مج " و " ن " تروحا، وفي " ضا " و " تى " بروحا.
60

و " الاختراع " (13) مع مذهبهم في الجواهر والأعراض!
وأصحاب بر قلس (14) ومن دان (15) بالهيولي (16) وقدم
الطبيعة (17) أعذر من هؤلاء القوم، إن كان لهم عذر!
ولا عذر للجميع فيما ارتكبوه من الضلال، لأنهم يقولون:
إن الهيولي هو أصل العالم، وإنه لم يزل قديما، وإن الله تعالى
محدث له (18) كما يحدث الصائغ (19) من السبيكة خاتما، والناسج
من الغزل ثوبا، والنجار (20) من الشجرة لوحا.

(13) كلمة " والاختراع " من " مط " و " مج ".
(14) برقلس:
فيلسوف يوناني، من أصحاب الأفلاطونية الجديدة (412 - 485 م) ترجمه في فرهنك
معين (5 / 256) واقرأ آراءه في الملل والنحل (2 / 208 - 212).
وكتب برقلس كتاب " العلل " في الحجج التي أدلى بها لإثبات قدم العالم، لاحظ مذاهب
الإسلاميين للبدوي (1 / 11 - 512).
وقد اختلفت النسخ في هذا الاسم، وصوابه في " مج " وفي " مط " ابرقلس.
(15) في " ن " و " ضا " و " تي ": وقروان والقول، بدل " ومن دان ".
(16) الهيولي:
قال الجرجاني: لفظ يوناني، بمعنى الأصل والمادة، وفي الاصطلاح هي: " جوهر في
الجسم، قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال، محل للصورتين الجسمية
، والنوعية ": التعريفات (ص 113).
وانظر: الحدود، لابن سينا (ص 17) رقم (6).
(17) في " ن " و " مج ": الطينة.
(18) كلمة له من " مط " وفي " تي " يحدث.
(19) في " ن " الصانع.
(25) في " مط " و " مج ": الناجر.
61

فأضافوا إلى الصانع الأعيان، لصنعه (21) ما أحدث فيها (22)
من التغيرات.
والبصريون من المعتزلة، ومن وافقهم فيما ذكرناه، أضافوا إلى
الفاعل الجواهر والأعراض، ولم يحصلوا في باب الإضافة معنى
يتعلق به.
ومن تأمل (قول (23) هذا الفريق علم: أنه) (24) قول أصحاب
الهيولي، في معنى قدم أصل العالم، بعينه، وإن فارق أهله في
العبارة التي يلحقها الخلل، ويسلم أولئك منه، ومن المناقضات،
لكشفهم القناع، ومجمجة (25) هؤلاء للتمويهات.

(21) في " ن ": لصنعة، وفي " ضا " و " تي ": لصنعته.
(22) كذا في " مط " وفي " ن " و " ضا " و " تي ": ما شكلها، وكلمة " أحدث " لم ترد في
" مج ".
(23) أضاف في " مط " و " ضا " هنا كلمة: أصحاب.
(24) ما بين القوسين ليس في " ن ".
(25) في " ن ": ومحجمة، وفي " ضا " و " تي ": ومحجة.
62

[5]
[مفاسد قول المعتزلة في الوعيد]
قال الشيخ (أدام الله عزه) (1):
وقول جميع المعتزلة في الوعيد، تجوير (2) لله تعالى، وتظليم له،
وتكذيب لأخباره (3).
لأنهم يزعمون، أن من أطاع الله (عز وجل) (4) ألف سنة،
ثم قارف (5) ذنبا محرما له، مسوفا (6) للتوبة منه، فمات على ذلك،
لم يثبه على شئ من طاعاته (7) وأبطل جميع أعماله، وخلده بذنبه في

(1) ما بين القوسين ليس في " ن " و " ضا " و " تي ".
(2) في " ن " و " تي ": تجويز.
(3) الوعيد عند المعتزلة:
هو الأصل الثالث، من الأصول الحمسة للمعتزلة، وفسروه بأنه: كل خبر يتضمن
إيصال ضرر إلى الغير، أو تفويت نفع عنه في المستقبل، ولا فرق عندهم بين أن يكون
حسنا مستحقا، أو لا يكون كذلك.
أنظر، مذاهب الاسلاميين (1 / 55 و 62 - 64) وأوائل المقالات (ص 99)
والشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة (ص 268).
(4) ما بين القوسين ليس في " ن " ولا في " تي ".
(5) في " ن ": فارق.
(6) في " ن " مسوقا.
(7) في " مج ": طاعته.
63

نار جهنم أبدا، لا يخرجه منها برحمة منه، ولا بشفاعة مخلوق فيه.
وأبو هاشم منهم - خاصة - يقول: إن الله تعالى يخلد في عذابه
من لم يترك شيئا من طاعاته (8)، ولا ارتكب شيئا من خلافه، ولا
فعل قبيحا نهاه عنه، لأنه زعم وقتا من الأوقات أنه (9) لم يفعل ما
وجب عليه، ولا خرج عن الواجب باختياره له (10) ولا بفعل
يضاده (11).
هذا،
والله تعالى يقول: (ولا نضيع أجر المحسنين) (12) [الآية
(56) سورة يوسف (12)].
ويقول: (إنا لا نضيع أجر من، أحسن عملا) [الآية
(30) سورة الكهف (18)].
ويقول: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل
مثقال ذرة شرا يره) [الآية (7 و 8) من سورة الزلزلة (99)].
ويقول: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء
بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) [الآية (160) سورة الأنعام (6)].

(8) في " مط " و " ن " و " تي ": طاعته.
(9) كلمة " أنه " من " تي ".
(10) في " مط ": باختيار له، وفي " ن " و " ضا ": وله.
(11) في " ضا " و " تي ": ولا يعقل تضاده.
(12) هذه الآية لم ترد في " مط " ولا " مج ".
64

ويقول: (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى
للذاكرين) [الآية (114) سورة هود (11)].
65

[6]
[مخالفات أخرى للمعتزلة]
هذا، وهم بأجمعهم:
[1] يبطلون الشفاعة (1)، وقد أجمعت الأمة عليها.
[2] ويدفعون نزول الملائكة على أهل القبور (2)، ولا خلاف
بين المسلمين في ذلك.

(1) في " مط " و " ضا ": مبطلون للشفاعة.
الشفاعة في رأي المعتزلة:
أنظر رأي المعتزلة في الشفاعة، في أوائل المقالات (ص 52 و 96) وكشف المراد (ص
416 - 417) والشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة (ص 247 - 250).
واقرأ عن رأي الجهمية في ذلك، التنبيه والرد، للملطي (ص 134).
وللشيخ المفيد كلام حول الشفاعة في الفصول المختارة (ص 47 - 50).
وراجع أحاديث الشفاعة في: كتاب " الزهد " للحسين بن سعيد (ص 94) الحديث
(260) و (ص 97) الحديث (264) ومسند شمس الأخبار (2 / 385) الباب
(192).
نزول الملائكة على أهل القبور:
وهو المعروف بين المسلمين بنزول منكر ونكير ومحاسبتهما للميت.
اقرأ عن ذلك: أوائل المقالات (ص 92 - 93) وتصحيح الاعتقاد، للمفيد (ص 238 -
240).
وعن إنكار الجهمية لذلك راجع: التنبيه والرد (ص 124).
وراجع أحاديثه في كتاب الزهد، للأهوازي (ص 86) الباب (16) الحديث (231)
و (ص 88) الحديث (263 و 238).
وانظر: الايضاح، لابن شاذان (ص 5).
67

[3] ويستهزؤون بمن أثبت عذاب القبر (3)، وكافة أهل
الملة عليه.
[4] وينكرون خلق الجنة والنار، الآن (4)، والمسلمون
- بأجمعهم - على إثباته.

(3) عذاب القبر عند المعتزلة:
نقل عن ضرار بن عمرو - من المعتزلة - إنكار عذاب القبر، في كشف المراد (ص 424
- 425)، وأنكره كذلك جهم، كما في التنبيه والرد للملطي (ص 124).
واقرأ عن هذا الموضوع، أوائل المقالات (ص 93 - 94) ومن كتب الحديث: كتاب
الزهد، للأهوازي (ص 7 - 88) رقم (233 و 234 و 235) وانظر الايضاح، لابن
شاذان (ص 5).
وقد تحدث الشيخ المفيد عن عذاب القبر في جواب المسألة الخامسة من المسائل الساروية،
المطبوعة في " عدة رسائل للشيخ المفيد " (ص 218 - 221).
وأورد الشيخ الطهراني كتابا باسم " مسألة في عذاب القبر وكيفيته " للشيخ المفيد، وقال:
موجود عند السيد شهاب الدين، بقم، فلاحظ: الذريعة (ج 20 ص 390).
وعقد في مسند شمس الأخبار - من كتب الزيدية - الباب (183) من الجزء الثاني (ص
348) لذكر ما ورد في عذاب القبر.
ولاحظ ما نقله القاسمي في: تاريخ الجهمية والمعتزلة (ص 33 - 34) عن المقبلي
في " العلم الشامخ في الرد على الآباء والمشايخ " من الدفاع عن المعتزلة في هذا
الموضوع، واعتباره منكر عذاب القبر من شذوذ المعتزلة مثل بشر المريسي،
وضرار
(4) خلق الجنة والنار عند المعتزلة:
خالف المعتزلة والخوارج في خلق الجنة والنار " ولأبي هاشم في ذلك كلام ذكره الشيخ المفيد -
68

[5] وجمهورهم يبطل المعراج، ويزعمون: أن ذلك كان
مناما من جملة المنامات (5).
[6] و مشايخهم يجحدون انشقاق القمر في معجزات النبي
صلى الله عليه وآله وسلم (6).
[7] وكثير منهم ينكر نطق الذراع (7).
[8] وشيخهم عباد (8) يدفع الاعجاز في القرآن (9).

في أوائل المقالات (ص 157 - 158) وانظر الملل والنحل (1 / 73).
وإنكار خلق الجنة والنار - الآن - نقل عن الأشاعرة - أيضا - في كتاب الشيعة بين الأشاعرة
والمعتزلة (ص 245) وعن بعض الجهمية في التنبيه والرد (ص 98) وإنكار جهم بن صفوان
له في (ص 137 - 140).
واقرأ عن الجنة والنار: الايضاح، لابن شاذان (ص 5 - 6) وتصحيح الاعتقاد للمفيد
(ص 248 - 250) وصفة الجنة والنار لسعيد بن جناح المطبوع مع كتاب الاختصاص
المنسوب إلى الشيخ المفيد (ص 354). وصفة الجنة، لأبي نعيم الأصفهاني.
(5) المعراج عند المعتزلة:
تحدث عن ذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي في: تثبيت دلائل النبوة، الجزء الأول.
(6) انشقاق القمر، عند المعتزلة:
اقرأ عن ذلك: تثبيت دلائل النبوة، الجزء الأول.
(7) نطق الذراع عند المعتزلة:
اقرأ عن ذلك: تثبيت دلائل النبوة، الجزء الأول.
(8) عباد:
هو ابن سليمان الصيمري، من شيوخ المعتزلة من طبقة الجاحظ.
اقرأ عنه شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (4 / 159) ومقالات الاسلاميين للأشعري
(ص 225).
(9) إعجاز القرآن:
أنكره النظام من المعتزلة في " النظم والتأليف " أنظر: مذاهب الاسلاميين (1 / 213 -
220) ومقالات الاسلاميين (ص 225) وأنظر كشف المراد للعلامة (ص 357).
وراجع الرد عليه في الكتب الخاصة بذلك، وللأستاذ الدكتور مصطفى محمود - الكاتب
المصري - نظرية قيمة في الاعجاز أثبتها بأسلوبه الشيق في كتاب " القرآن محاولة لفهم
عصري ".
69

[9] وسائرهم - إلا من شذ منهم - يزعم: أن طريق المعجزات
التي (10) للنبي صلى الله عليه وآله وسلم - سوى القرآن - أخبار الآحاد (11)،
ليطرق بذلك إلى (12) إنكارها، والطعن في الاحتجاج بها على الكفار.
[11] وأما قولهم في الأنبياء عليهم السلام، فإنهم يصفونهم
بالمعاصي، والسهو، والنسيان، والخطأ، والزلل في الرأي (13).
[11] ويقولون: إن الإمام - الذي يخلف النبي صلى الله عليه
وآله وسلم - قد يكون إماما لجميع أهل الاسلام، وإن كان في زنديقا،
كافرا بالله العظيم، في الباطن، جاهلا بكثير من علم الدين، في
الظاهر (14) مجوزا عليه السهو، والنسيان، وتعمد (15) الضلال،
وإظهار الكفر والارتداد (16).

(10) كلمة " التي " لم ترد في " تي ".
(11) أنظر حول إنكارهم للمعجزات: مذاهب الاسلاميين (ج 1 ص 475 - 478).
(12) في " تي " ليطرف بذلك إنكارها، وفي " مط ": يتطرق بذلك إنكارها.
(13) عصمة الأنبياء عليهم السلام:
إقرأ عن هذا، كتاب تنزيه الأنبياء، للسيد المرتضى، وعصمة الأنبياء للرازي، وبحثا
مفصلا في كتاب حجية السنة، للشيخ عبد الغني عبد الخالق بعنوان " المقدمة الثانية: في
عصمة الأنبياء " (ص 85 - 239).
(14) " في الظاهر " لم ترد في " ن " ولا في " تي ".
(15) في " ن، ضا، تي ": ويتعمد.
(16) عصمة الأئمة:
إقرأ عن ذلك: تنزيه الأنبياء، للمرتضى، وكشف المراد، للعلامة المقصد الخامس،
المسألة (2، 3) ص (362 - 366) والشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة (ص 234) وما
بعدها.
70

ومع هذا، فإن الأمة - التي تحتاج إليه - عندهم - ولا تستغني
عنه في وقت من الأوقات - أشرف من الأنبياء كلهم، في صفات
الكمال، لأنها معصومة من الصغائر، والكبائر، والسهو، والغفلة،
والغلط، عالمة بجميع الأحكام، لا يجوز اجتماعها على شئ
من الضلال، ولا يسوغ لأحد مخالفتها فيما اتفقت عليه، وإن كان
من جهة الرأي (17).
وهذه الأقوال - كلها - ظاهرة الاختلال (18) بينة التناقض والفساد،
مخالفة لأدلة العقول، ومقتضى السنة والكتاب.
والله نسأل العصمة مما يسخطه، والتوفيق لمرضاته، وإياه
نستهدي إلى سبيل الرشاد.

(17) كلمة " الرأي " ساقطة من " ن، ضا، تي ".
عصمة الأمة:
التزم بعض بها، وصرح به منهم ابن قدامة المقدسي، في روضة الناظر في بحث
الإجماع (ص 118).
(18) في " مط " و " مج ": الاختلاف.
71

[7]
فصل (1)
[المناظرة من أصول الإمامية]
ومن الحكايات (أيضا عنه) (2):
قلت للشيخ (أبي عبد الله، أدام الله عزه) (3):
إن المعتزلة (4) والحشوية (5) يزعمون: أن الذي نستعمله من

(1) كلمة " فصل " وردت في " مج " و " تي ".
(2) ما بين القوسين من " مط " و " مج ".
(3) ما بين القوسين من " مط ".
(4) المعتزلة:
فرقة من العامة تعتمد العقل في التفكير وتستر شده للوصول إلى الحق، وأهم عناصر فكرهم
الأصول الخمسة التي يبتني عليها الاعتزال، وأهمها المنزلة بين المنزلتين.
إقرأ عنها: شرح الأصول الخمسة، للقاضي، وتاريخ المذاهب الإسلامية (ص 148
و 149) ومذاهب الاسلاميين (1 / 64 - 69) والشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة (ص
126) وبعدها. ولاحظ: أوائل المقالات (ص 42).
(5) الحشوية:
فرقة من أصحاب الحديث من العامة، ذكرها الشيخ المفيد في كتبه، لاحظ: أوائل
المقالات (ص 68) والايضاح، لابن شاذان (ص 36 و 42).
رجاء اسم الحشوية في كتاب الاقتصاد للغزالي (ص 35).
73

المناظرة شئ يخالف أصول الإمامية (6) ويخرج عن إجماعهم، لأن
القوم لا يرون المناظرة دينا (7) وينهون عنها، ويروون عن أئمتهم
عليهم السلام تبديع فاعلها (8) وذم مستعملها!
فهل معك رواية عن أهل البيت عليهم السلام في صحتها؟
أو (9) تعتمد على حجج العقول، ولا تلتفت إلى ما (10) خالفها وإن كان
عليه (11) إجماع العصابة؟!
فقال: قد أخطأت المعتزلة والحشوية، فيما ادعوه علينا من
خلاف جماعة أهل مذهبنا، في استعمال المناظرة.
وأخطأ من ادعى ذلك - أيضا - من الإمامية، وتجاهل.
لأن فقهاء الإمامية، ورؤساءهم في علم الدين، كانوا يستعملون
المناظرة، ويدينون بصحتها، وتلقى ذلك عنهم الخلف، ودانوا به (12).

(6) الإمامية:
فرقة من المسلمين، تلتزم بالتوحيد والعدل، ونبوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،
والمعاد الجسماني، وبإمامة الأئمة الاثني عشر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله
وسلم.
إقرأ عنها: عقائد الإمامية للمظفر، وأصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء.
وراجع: تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد.
(7) أضاف في " ضا " كلمة: إلا.
(8) في " مج ": فاعليها.
(9) في " مط " و " مج ": أم.
(10) في " مط ": من.
(11) كلمة " عليه " لم ترد في " تي ".
(12) موقف السلفية العامة بن علم الكلام:
وقف السلفية أهل السنة من علم الكلام الاسلامي موقفا معاديا فكان مالك بن أنس
يقول: " الكلام في الدين أكرهه، ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل... " الاعتصام،
للشاطبي (2 / 2 - 334) ومناهج الاجتهاد في الاسلام (ص 624 - 625).
وكان أحمد بن حنبل يقول: " لست صاحب كلام، وإنما مذهبي الحديث " المنية والأمل،
لابن المرتضى (ص 125) ومناهج الاجتهاد في الاسلام (ص 7 - 508 و 679)
وألف الخطابي منهم كتاب: الغنية عن الكلام وأهله.
لكن الأشاعرة من العامة تصدوا لهم فألف الأشعري " رسالة في استحسان الحوض في علم
الكلام " لاحظ مذاهب الاسلاميين (1 / 15 - 26).
74

وقد أشبعت القول في (هذا الباب [وذكرت أسماء المعروفين
بالنظر، وكتبهم، ومدائح الأئمة عليهم السلام لهم] (13) في كتابي:
الكامل في علوم الدين، وكتاب: الأركان في دعائم الدين.
وأنا أروي لك - في هذا الوقت - حديثا من) (14) جملة ما أوردت
في ذلك (15):
أخبرني أبو الحسن، أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن
أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
يونس بن عبد الرحمن - مولى آل يقطين - عن أبي جعفر، محمد بن
النعمان: عن أبي عبد الله، الصادق جعفر بن محمد عليه السلام:
قال: قال لي: خاصموهم وبينوا لهم الهدى الذي أنتم عليه
(وبينوا لهم ضلالهم) (16) وباهلوهم في علي عليه السلام (17).

(13) ما بين المعقوفين لم يرد في " ن ".
(14) ما بين القوسين لم يرد في " ضا " ولا في " تي ".
(15) زاد في " مط " و " مج ": إن شاء الله.
(16) ما بين القوسين ليس في " ن " ولا في " تي ".
(17) الحديث ذكره المفيد مرسلا في تصحيح الاعتقاد (ص 218).
75

[8]
[اتهام التشبيه]
[وقول هشام بالتجسيم اللفظي]
قلت: فإني لا أزال أسمع المعتزلة يدعون على أسلافنا (1):
أنهم كانوا - كلهم - مشبهة.
وأسمع المشبهة من العامة (2) يقولون مثل ذلك.
وأرى جماعة من أصحاب الحديث من الإمامية يطابقونهم
على هذه الحكاية، ويقولون: إن نفي التشبيه إنما أخذناه من المعتزلة!
فأحب (3) أن تروي لي حديثا يبطل ذلك.
فقال: هذه الدعوى كالأولى (4).
ولم يكن في سلفنا رحمهم الله من يدين بالتشبيه من طريق

(1) في " ن، ضا، وتي ": أسلافكم.
(2) في " ن " و " ضا " و " تي ": من العالم.
(3) في " ن ": فأوجب.
(4) في " مج ": كالأولة.
77

المعنى (5).
وإنما خالف هشام (6) وأصحابه، جماعة أبي عبد الله عليه

(5) يعتقد الشيعة الإمامية بالتوحيد، ونفي التجسيم، ونفي الرؤية، وقد أقاموا على ذلك
الأدلة، من العقل والنقل، وألفوا في ذلك الكتب، لكن المخالفين - ولأغراض أو شبه -
اتهموهم بخلاف ذلك، فتصدى لهم كبار الطائفة بالرد والتفنيد.
قال الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين القمي (ت 381) في مقدمة
كتابه " التوحيد ": إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوما من المخالفين لنا
ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا
تفسيرها، ولم يعرفوا معانيها... فقبحوا لذلك عند الجهال صورة مذهبنا، ولبسوا عليهم
طريقتنا، وصدوا الناس عن دين الله، وحملوهم على جحود حجج الله، فتقربت إلى الله
تعالى ذكره بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد، ونفي التشبيه والجبر. لاحظ: التوحيد
(ص 17 - 18).
هذا، والشيخ الصدوق يعد في أهل الحديث من الشيعة.
وقد ألف أخوه الحسين بن علي بن الحسين القمي كتابا باسم " التوحيد ونفي التشبيه ".
وأنظر حول اعتقادنا في التوحيد: نهج الحق، للعلامة (ص 55 - 56) وكشف المراد،
له (ص 293 - 294).
والغريب أن العامة - وخاصة الحشموية منهم - مقالات منكرة في التجسيم والتشبيه
والرؤية، تقشعر منها الجلود، وقد فصلنا البحث معهم والرد على شبهاتهم،
والكشف عن أغلاطهم وما إلى ذلك، في مقال مستقل، أعاننا الله على تكميله.
ولاحظ التعليقين رقمي (21) و (35) من الفقرة [9] فيما يأتي.
(6) هشام بن الحكم، أبو محمد، الكندي - مولاهم - البغدادي، الكوفي:
متكلم شيعي، من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام، ولد في الكوفة،
ونشأ في واسط، وانتقل إلى بغداد، له روايات كثيرة في العقائد والأحكام، وألف كتبا
عديدة، أكثرها في الكلام، منها: التوحيد، والكلام على حدث الأجسام، والرد
على الزنادقة، والرد على أصحاب الاثنين، والرد على أصحاب الطبائع، وكتاب الشيخ
والغلام في التوحيد، الرد على المعتزلة، والرد على أرطاطالس في التوحيد، والمجالس
في التوحيد، وكتب كثيرة في الإمامة.
ترجم له أصحاب الكتب الرجالية الشيعية كافة، وأثنوا عليه بالثقة والتحقق بهذا الأمر،
والتقدم في الكلام، كما جرحه العامة، وخاصة المعتزلة لشدته عليهم، ولعجزهم عن
مقارعة حججه.
وقد تحدثنا عنه في مقالنا عن مقولته " جسم لا كالأجسام " كما سيأتي.
وانظر ترجمته في رجال النجاشي (ص 433) رقم (1164) والفهرست للطوسي (ص
203) رقم (782) ورجال الكشي، الأرقام (475 - 503) و (1025).
78

السلام بقوله (7) في الجسم، فزعم أن الله تعالى: " جسم لا (8)
كالا جسام " (9).
وقد روي: أنه رجع (عن هذا القول بعد ذلك.
وقد اختلفت الحكايات) (10) عنه، ولم يصح - منها - إلا ما
ذكرت (11).
وأما الرد على هشام، والقول بنفي التشبيه، فهو أكثر من أن

(7) يدل هذا التعبير على أن لهشام رأيا في التعبير بالجسم، وهو إطلاقه على البارئ بلفظه،
لا بمعناه المعروف، بل بمعنى " الشئ " الذي اصطلحه هشام، وكان متداولا
في عصره، واستدل عليه بالحصر العقلي، وقد أوضحنا كل هذه الجوانب في مقالنا عن
" جسم لا كالأجسام ".
(8) كذا في " مط " و " مج " لكن في " ن، ضا، تي ": ليس، بدل " لا ".
(9) هذه المقولة المعروف عن هشام إطلاقها، له إن نقلت عن غيره أيضا، وقد تحدثنا عن
مدلولها وعن دليلها عند هشام، بنحو مفصل جدا في مقال بعنوان " مقولة جسم لا
كالأجسام بين موقف هشام بن الحكم ومواقف سائر أهل الكلام " نشر في مجلة (تراثنا)
العدد التاسع عشر (ص 7 - 107).
(10) ما بين القوسين ورد في " مط " و " مج ".
(11) لاحظ مقالنا المذكور آنفا، فقد ذكرنا بتفصيل ما يصح نسبته إلى هشام من القول، في
باب التجسيم، وأن أعداءه من العامة - خاصة المعتزلة - قد نسبوا إليه أمورا باطلة اتهموه
بها زورا وبهتانا، فلاحظ.
79

يحصى من الرواية عن آل محمد عليهم السلام.
أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (رحمه الله) (12)،
عن محمد بن يعقوب (13)، عن محمد بن (14) أبي عبد الله، عن محمد بن
إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح والحسن (15)
ابن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت
يونس بن ظبيان، يقول: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام،
فقلت له: إن هشام بن الحكم يقول في الله عز وجل (16) قولا عظيما،

(12) الترحم لم يرد في " ن " ولا في " تي ".
(13) روى الكليني محمد بن يعقوب هذا الحديث بنفس السند الذي جاء في كتابنا
(الحكايات) إلا أن فيه: "... بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد... " في
الكافي (ج 1) كتاب التوحيد، باب النهي عن الجسم والصورة، الحديث (6) تسلسل
(283).
وقد رواه الصدوق، بعين السند، إلا أن فيه: "... الحسين بن الحسن والحسن بن
علي، عن صالح بن أبي حماد، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد... " في
كتاب التوحيد، الباب (6) الحديث (7) (ص 99).
وبعد المتابعة والفحص في الأسانيد توصلنا إلى أن الصحيح ما جاء في كتابنا من عطف
الحسن بن سعيد بالواو، على الحسين بن الحسن - وهو ابن بردة - لأنه في طبقته، وما
يرويان عن بكر بن صالح، وبكر يروي عن محمد بن زياد.
وأما الحسين بن سعيد - فهو الكوفي الخزاز، وهو الذي يروي عنه بكر بن مالح، وهو
غير الأهوازي المعروف، بل أقدم منه طبقة.
والاستدلال على كل هذه الدعاوي، والاستشهاد لها، يطول جدا وليست هذه التعليقات
متسعة لذلك، وسنوردها في بعض بحوثنا الرجالية، بعونه تعالى.
(14) في " ن " زيادة: أحمد بن.
(15) في " مط " و " مج ": الحسين، ولاحظ التعليقة (13) السابقة هنا.
(16) قوله: " عز وجل " لم يرد في " تي ".
80

إلا أني أختصر لك منه أحرفا (17) يزعم: أن الله سبحانه (18):
" جسم (لا كالأجسام) (19) لأن الأشياء شيئان: جسم، وفعل
الجسم، فلا يجوز أن يكون الصانع (20) بمعنى الفعل، ويجب أن يكون
بمعنى الفاعل.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا ويحه! أما علم أن الجسم
محدود، متناه، محتمل للزيادة (21) والنقصان، وما احتمل ذلك كان
مخلوقا؟! (فلو كان الله تعالى جسما، لم يكن بين الخالق) (22) والمخلوق
فرق.
فهذا قول أبي عبد الله عليه السلام، وحجته على هشام فيما اعتل
به هشام من المقال (23).
فكيف نكون قد أخذنا ذلك (24) عن المعتزلة؟!
لولا قلة الدين!؟

(17) في " مط ": حرفا.
(18) في " تي ": تعالى، بدل " سبحانه ".
(19) ما بين القوسين ورد في " مط " فقط.
(20) في " ن، ضا، تي ": التابع، والكلمة مهملة من النقط في " تي ".
(21) في " ن ": متحمل الزيادة.
(22) ما بين القوسين من " مط " و " مج ".
(23) في " ن، ضا، تي ": على هشام اعتل فيه لمقاله.
(24) في " ن ": أخذنا.، بدل: أخذنا ذلك.
81

[9]
[اتهام الجبر والرؤية]
[ضد شيعة أهل البيت عليهم السلام]
قلت له (1): فإنهم يدعون (2): أن الجماعة كانت تدين بالجبر،
والقول بالرؤية، حتى نقل عن جماعة من المتأخرين منهم المعتزلة
عنا ذلك (3).
فهل معنا رواية بخلاف ما ادعوه؟
فقال: هذا - أيضا - (تخرص علينا) (4) كالأول.
ما دان (أحد من) (5) أصحابنا قط (6) بالجبر، إلا أن يكون
عاميا (7) لا يعرف تأويل الأخبار، أو شاذا عن جماعة الفقهاء

(1) " له " من " تي ".
(2) في " ن، ضا، تي ": يزعمون.
(3) كذا في " ضا " لكن في النسخ البواقي: عن ذلك.
(4) ما بين القوسين من " ن " و " تي ".
(5) ما بين القوسين من " ن ".
(6) كلمة (قط) من " مط " و " مج ".
(7) المراد بالعامي: هو من لا خبرة له بالعلم، ولو كان يلم بعباراته، ويحفظ النصوص
المرتبطة به، وإنما يخرج من ذلك من كان من أصحاب النظر في العلم، وهذا يعم الفقه
والكلام، بل سائر المعارف.
83

والنظار (8).
والرواية في العدل، ونفي الرؤية، عن آل محمد عليهم
السلام أكثر من أن يقع عليها الإحصاء.
أخبرني أبو محمد، سهل بن أحمد الديباجي، قال: حدثنا
أبو محمد قاسم بن جعفر بن يحيى المصري (9)، قال: حدثنا (10) أبو
يوسف يعقوب بن علي (11)، عن أبيه، عن حجاج بن عبد الله (12)،

(8) ذهب أهل الحديث - وهم الأخباريون - إلى الالتزام، بما ورد في الروايات والتسليم
لظواهرها، وما تدل عليه من الاعتقاد بالجبر، فقالوا تبعا لبعض النصوص: " أفعال
العباد مخلوقة لله خلق تقدير لا خلق تكوين " قال الصدوق منهم: ومعنى ذلك: أنه لم
يزل عالما بمقاديرها
وقد رد ذلك في مذهب المتكلمين من الشيعة، قال الشيخ المفيد - وهو من أهل الاجتهاد -:
الصحيح عن آل محمد صلى الله عليهم: أن أفعال العباد غير مخلوقة لله، والذي ذكره
أبو جعفر [الصدوق] قد جاء به حديث غير معمول به، ولا مرضي الاسناد، والأخبار
الصحيحة بخلافه، وليس يعرف في لغة العرب أن العلم بالشئ هو خلق له...
أنظر تصحيح الاعتقاد (ص 197 - 201) ولاحظ (ص 201) فإن فيه تفصيلا عن
الجبر ومعناه.
واقرأ كتاب الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة (ص 282).
وتعرض الشيخ المفيد لذلك في المسألة السابعة من المسائل الساروية، لاحظ: عدة رسائل
للشيخ المفيد (ص 221).
(9) في " ن ": البصري، بدل " المصري ".
(10) في " ن ": حدثني.
(11) " بن علي " لم ترد في " ن ".
(12) في " ن " و " تي ": عبيد الله.
84

قال: (سمعت أبي يقول) (13):
سمعت جعفر بن محمد عليه السلام وكان أفضل من رأيت من
الشرفاء (14) والعلماء، وأهل الفضل - وقد سئل: عن أفعال العباد؟
فقال: كل ما وعد الله، وتوعد (15) عليه، فهو من أفعال العباد.
وقال: حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين (16) عليه السلام،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض كلامه -:
إنما هي أعمالكم ترد إليكم (17) فمن وجد خيرا، فليحمد الله، ومن
وجد غير ذلك، فلا يلومن (18) إلا نفسه (19).
فأما نفي الرؤية عن الله عز وجل بالأبصار؟ فعليه إجماع
الفقهاء (20) والمتكلمين من العصابة كافة، إلا ما حكي عن هشام في
خلافه (21).

(13) ما بين القوسين من " مط " و " مج ".
(14) في " ن، ضا، تي ": من البشر، بدل " من الشرفاء ".
(15) في " ن " و " مج ": وتواعد.
(16) في " ن ومج وتي ": علي بن الحسين عليهما السلام.
(17) في " ن " و " ضا ": عليكم.
(18) في " ن، ضا، تي ": فلا يلوم.
(19) لم أقف على تخريج هذا الحديث فيما توفر لدي من كتب الحديث.
(20) كلمة " الفقهاء " لم ترد في " ن ".
(21) حكى المخالفون للشيعة عن هشام أقوالا غريبة في التوحيد وفي الأمور العقلية حتى
نسبوا إليه " المحال الذي لا يتردد في بطلانه ذو عقل " كما نسبه إليه ابن حجر في لسان
الميزان (6 / 194).
وأكبر كلمة خرجت من أفواههم نسبة (التجسيم) إلى هذا الرجل العظيم،
معتمدين على إطلاقه مقولة " جسم لا كالأجسام " غافلين - أو متغافلين - عن مؤدى هذه
المقولة، ومحتواها، ودليلها، وصدرها وذيلها.
وقد أثبتنا في مقالنا السالف الذكر أن المقولة إنما تدل على التوحيد والتنزيه ونفي التجسيم
المعنوي، ونفي التشبيه، وإنما مدلولها عند هشام وعلى مصطلحه في الجسم أنه بمعنى
الشئ الموجود القائم بذاته، هو مفهوم جملة " شئ لا كالأشياء " المأخوذة من قوله تعالى:
(ليس كمثله شئ " بلا زيادة أو نقصان.
وعلى أثر جهلهم بهذا، أو تجاهلهم عنه، عمدوا إلى اتهام هشام بما يستلزمه القول
بالتجسيم، من القول بالتشبيه، والقول بالرؤية.
وممن تعمد اتهام هشام، مع وقوفهم على مؤدى مقولته، هم المعتزلة من العامة، فهذا
القاضي عبد الجبار يقول: وأما هشام بن الحكم وغيره من المجسمة! فإنهم يجوزون أن
يرى في الحقيقة ويلمس. المغني في العدل والتوحيد (4 / 139).
مع أن عبد الجبار نفسه اعترف بأن معاني الشئ، والموجود، والقائم بنفسه، لا تؤدي إلى
التجسيم، ولا تلازم القول بالرؤية، المغني (4 / 180) وقد أثبتنا في مقالنا المذكور أن
هشاما إنما عني بقوله " جسم " أنه شئ، موجود، قائم بنفسه.
هذا، والقاضي وغيره يرون ذيل المقولة: "... لا كالأجسام " حيث ينفي فيه كل شبه
بالأجسام، وينفي بذلك كل صفة وخصوصية للأجسام عن البارئ، فكيف ينسبون إلى
هشام القول بالرؤية واللمس؟!
فانظر مقال: مقولة جسم لا كالأجسام،... وخاصة (ص 50 - 51).
85

والحجج عليه مأثورة (22) عن الصادقين عليهم السلام (23):
فمن ذلك: حديث أحمد بن إسحاق، وقد كتب (24) إلى أبي
الحسن الثالث عليه السلام، يسأله (25): عن الرؤية؟
فكتب جوابه: ليس تجوز (26) الرؤية ما لم يكن بين الرائي

(22) في " ن " و " تي ": ما نرويه.
(23) في " مط ": عليهما السلام.
(24) في " ن، ضا، تي ": قال: كتبت، بدل " وقد كتب ".
(25) في " ن، ضا، تي،: أسأله.
(26) في " مج ": تحرز، بدل " تجوز ".
86

والمرئي هواء ينفذه البصر، فمتى انقطع الهواء وعدم الضياء، لم
تصح الرؤية، وفي وجوب (27) اتصال الضياء بين الرائي والمرئي
وجوب الأشباه (28)، والله يتعالى عن الأشباه (29) فثبت أنه سبحانه لا
تجوز عليه الرؤية بالأبصار (30).
فهذا قول أبي الحسن عليه السلام وحجته في نفي الرؤية،
وعليها اعتمد جميع (31) من نفى الرؤية من المتكلمين.
وكذلك الخبر المروي عن الرضا عليه السلام (32).
وثبوته مع نظائره في كتابي المقدم ذكرهما، يغني (33) عن

(27) في " مج ": وجود، بدل " وجوب ".
(28) كذا في " مط "، لكن في النسخ: الاشتباه.
(29) في " ن " و " ضا ": الاشتباه.
(30) الحديث رواه الكليني في الكافي، كتاب التوحيد، باب في إبطال الرؤية، الحديث
(4)، وانظر بحار الأنوار (4 / 34 - 36).
(31) في " ن، ضا، تي ": كل، بدل " جميع ".
(32) وردت عن الإمام الرضا علي بن موسى عليه السلام أحاديث عديدة في نفي الرؤية:
منها: حديث أبي قرة، عنه عليه السلام " في الكافي، كتاب التوحيد، باب في إبطال
الرؤية، الحديث (2)، ورواه الصدوق في التوحيد ب 8 ح 9 ص 111.
ومنها: حديث سؤال المأمون للرضا عليه السلام حول الرؤية: في التوحيد - للصدوق -
الباب (8) الحديث (24) ص (121).
ومنها: حديث آخر، في التوحيد، للصدوق، الباب (8) ح 13 ص 113. وانظر
- أيضا - نفس الباب، الحديث (21) ص (117).
وقد جمع الكليني أحاديث نفي الرؤية في ذلك الباب من كتاب التوحيد من الكافي، وكذلك
الصدوق في التوحيد، وجمع الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين أحاديث أهل البيت
عليهم السلام في نفي الرؤية في كتابه القيم " كلمة حول الرؤية " (ص 32 - 38).
(33) في " مج ": غنى.
87

إيراده (34) في هذا المكان (35).

(34) في " تي ": إيرادها.
(35) لقد تبرا الشيعة الإمامية من عقيدة التجسيم للبارئ، فنزهوه عن كل ما يحده ويصفه
بصفات الأجسام وخصائصها، ومنها الرؤية، لا في الدنيا، ولا في الآخرة.
فلاحظ: نهج الحق - للعلامة - (ص 46 - 48) وكشف المراد، له (ص 296 - 299)
والشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة (ص 195 - 198).
وقد ألف سماحة الإمام السيد شرف الدين الموسوي العاملي كتابه الحافل باسم " كلمة حول
الرؤية " استوعب فيه جهات البحث عقلا ونقلا، وهو مطبوع منشور.
وألف السيد أبو القاسم بن الحسين النقوي، القمي، اللكهنوي، المتوفى سنة (نيف وعشر
وثلاثمائة) كتبا ثلاثة في نفي الرؤية وهي: " نفي رؤية الله " و " لا تدركه الأبصار " و
" إزالة الغين في رؤية العين " باللغة الفارسية، وهي كلها مطبوعة في الهند، كما في الذريعة
(1 / 529 - 584).
أما العامة، فقد خالف الأشاعرة منهم عقلاء العالم كافة بادعائهم غير المعقول، في باب
الرؤية، إذ حكموا بأن الله - جل وعلا - يرى بالعين المجردة، وهذا هو مذهب السلفية
منهم، ويسمعون في كتب الفرق بالصفاتية، وقد صرح الشهرستاني بأن سمة الصفاتية تطلق
على الأشاعرة.
فهذا إمامهم المتفلسف الغزالي يقول في كتابه: الاقتصاد (ص 30 - 35): إن الله -
سبحانه وتعالى - عندنا مرئي، لوجوده، ووجود ذاته! ثم استدل على جواز ذلك
عقلا، بمسلكين (ص 32 - 34) ثم قال في وقوعه شرعا: فدل الشرع على وقوعه!
وأضاف:
أما " الحشوية " [ويعني السلفية من العامة] فإنهم لم يتمكنوا من فهم موجود لا
في جهة، فأثبتوا " الجهة " حتى لزمتهم بالضرورة " الجسمية " و " التقدير " والاتصاف
بصفات الحدوث.
وأما " المعتزلة " فإنهم نفوا الجهة، وخالفوا قواطع الشرع [!] فهؤلاء تغلغلوا في
" التنزيه " محترزين عن " التشبيه " فأفرطوا. والحشوية أثبتوا " الجهة " احترازا عن
التعطيل فشبهوا.
أقول: ولهم في ذلك أقاويل بشعة منكرة، لا يستسيغها عقل ولا ذوق، إقرأها في:
التنبيه والرد، للملطي (ص 97 - 98، 116 - 118) وانظر: الملل والنحل
للشهرستاني (ص 100 و 92 - 93 من الجزء الأول) ومذاهب الاسلاميين (1 / 548
و 554 و 613) في إثبات الأشعرية والباقلاني للرؤية، واقرأ رد القاضي عبد الجبار
عليهم في مذاهب الاسلاميين (1 / 417 - 423).
وقد أشبع الرد عليهم الشيخ العلامة المحقق محمد زاهد الكوثري في تعليقاته القيمة على:
التنبيه والرد، للملطي.
وفي العزم استيعاب الرد على سخافاتهم وترهاتهم في هذه المسألة، في بحث مفصل، أعاننا
الله على إنجازه، بمنه وكرمه، آمين.
88

[10]
[من أحاديث أهل البيت عليهم السلام]
[في الوصية بالورع والعمل والشكر]
فصل من الحديث والحكايات عنه (1)
[1] أخبرني الشيخ أبو عبد الله (أدام الله عزه) (2) قال:
أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن (3) الوليد، عن أبيه،
عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس
ابن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن خيثمة عن أبي عبد الله
جعفر بن محمد عليه السلام:
قال دخلت عليه أودعه، وأنا أريد الشخوص عن (4) المدينة.
فقال: أبلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله، والعمل

(1) في " ن، ضا، تي ": الحديث عنه والحكايات.
(2) ما بين القوسين من " مط "
(3) كلمة " بن " لم ترد في " مط ".
(4) في " مط " و " مج ": إلى، بدل " عن " وكذا في مستطرفات السرائر (ص 192)
نقلا عن كتابنا هذا.
91

الصالح وأن يعود صحيحهم مريضهم، وليعد غنيهم على فقيرهم، وأن
يشهد حيهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا (5) في بيوتهم، وأن يتفاوضوا (6)
علم الدين، فإن في ذلك حياة لأمرنا رحم الله عبدا أحيى أمرنا.
وأعلمهم - يا خيثمة - أنا لا نغني (7) عنهم من الله شيئا، إلا
بالعمل (8) الصالح، فإن ولايتنا لا تنال إلا بالورع، وإن أشد الناس
عذابا يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره (9).

(5) في " مط ": يلاقوا.
(6) في " مط ": وليتفاوضوا.
(7) في " مط ": أنه لا يغني.
(8) في " مط " و " مج ". إلا العمل، وكذلك في المستطرفات.
(9) في " ن ": لغيره.
والحديث رواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر (ص 162 - 163) من كتاب العيون
والمحاسن، للمفيد.
ونقل في الاختصاص - المنسوب إلى المفيد - (ص 29) عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن
عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول لخيثمة:
يا خيثمة... إلى قوله عليه السلام: " رحم الله من أحيى أمرنا ".
وخرجه محققه عن الكافي (2 / 175) والطوسي في مجالسه (أمالي الطوسي) (ص 84)
الطبعة الحجرية.
وفي بعض المصادر أن خيثمة الجعفي رواه عن أبي جعفر عليه السلام كما في كتاب جعفر
ابن شريح الحضرمي، المطبوع في الأصول الستة عشر (ص 79) وكتاب الغايات للرازي
(ص 99) مثله.
وأسند الشيخ الطوسي في أماليه (1 / 380) هذا الحديث إلى الرضا عليه السلام أنه قال
لخيثمة، باختلاف، ونقله الديلمي في أعلام الدين (ص 83 - 84).
ولاحظ: فقه الرضا عليه السلام ص 356، وقرب الإسناد (ص 16) ووسائل
الشيعة، كتاب الحج، أبواب المزار، تسلسل (19872).
92

[2] - (أخبرني الشيخ الإمام (10) أبو عبد الله، أدام الله عزه:
قال: أخبرني) (11) أبو الحسن أحمد بن محمد، عن أبيه، في سعد
ابن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن
عبد الرحمن، عن كثير بن (12) علقمة، قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: أوصني.
فقال: أوصيك بتقوى الله، والورع، والعبادة، وطول السجود،
وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وحسن الجوار، فبهذا جاءنا محمد
صلى الله عليه وآله.
صلوا (13) عشائركم، وعودوا مرضاكم، واحضروا
جنائزكم (14).
وكونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا (15) شينا، حببونا إلى الناس،
ولا تبغضونا إليهم، جروا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح (16).
فما قيل فينا من خير، فنحن أهله، وما قيل فينا من شر
فوالله، ما نحن كذلك.
لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله

(10) كلمة " الإمام " من " مج ".
(11) ما بين القوسين من " مط " و " مج " وفي النسخ بدلها: قال الشيخ: وأخبرني.
(12) في " تي " عن علقمة، بدل: " بن علقمة ".
(13) زاد في " مط ": في، وكذا في نسخة من المستطرفات.
(14) كذا في " مط " و " مج " وفي النسخ: جنائزهم.
(15) في " مط ": لنا.
(16) في " مط " و " مج ": كل شر، وكذا في المستطرفات.
93

وسلم، وولادة طيبة.
فهكذا فقولوا (17).
[3] - وبهذا الاسناد: عن الحلبي، عن حميد بن المثنى،
عن يزيد بن خليفة، قال:
قال لنا أبو عبد الله عليه السلام - ونحن عنده -: نظرتم - والله -
حيث نظر الله، واخترتم من اختار الله، أخذ الناس يمينا وشمالا،
وقصدتم قصد محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أنتم - والله - على المحجة البيضاء، فأعينوا على ذلك بورع
واجتهاد (18).
فلما أردنا أن نخرج (من عنده) (19) قال: ما على أحدكم إذا
عرفه الله بهذا الأمر (20) أن لا يعرفه الناس به (21).
إنه من عمل للناس، كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله؟
كان ثوابه على الله تعالى (22).

(17) الحديث، أورده في مستطرفات السرائر (ص 163) عن العيون والمحاسن،
للمفيد، ومثله متنا وسندا في بشارة المصطفى (ص 222) الطبعة الثانية.
وقريب منه في صفات الشيعة للصدوق عن الصادق عليه السلام، الحديث (39).
(18) كلمة " واجتهاد " من " ن " و " ضا " فقط.
(19) ما بين القوسين من " ن " فقط.
(20) كلمة " الأمر " ليست في " ن " ولا في " تي ".
(21) كلمة " به " لم ترد في " تي ".
(22) الحديث، رواه في مستطرفات السرائر (ص 3 - 164) وأورد البرقي في المحاسن (ص
148) صدره بسنده عن أبيه، عن النضر، عن يحص الحلبي، عن أبي المغرا - وهو
- حميد بن المثنى -.
وذكره في بشارة المصطفى (ص 222) ذيل الحديث الثاني وبسنده.
94

[4] - وقال: قال الحسن (بن علي) (23) عليه السلام لرجل:
يا هذا، لا تجاهد الطلب جهاد المغالب، ولا تتكل على
القدر اتكال المستسلم، فإن ابتغاء الفضل من السنة، والاجمال في
الطلب من العفة (24)، وليست العفة بدافعة رزقا، ولا الحرص بجالب
فضلا، فإن الرزق مقسوم، والأجل موقوت (25) واستعمال الحرص
يورث المأثم (26).
[5] - قال: وأتى رجل أبا عبد الله عليه السلام، فقال: يا بن
رسول الله، أوصني.
فقال له: لا يفقدك الله (27) حيث أمرك، ولا يراك (28) حيث نهاك.
فقال له: زدني.
فقال: لا أجد مزيدا (29).

(23) ما بين القوسين لم يرد في " ن " ولا في " تي ".
(24) في " ضا ": الفقه، هنا وفي الجملة التالية: وليس الفقه، بدل " العفة " في الموضعين.
(25) في " ن ": موقوف، بدل " موقوت " وكذلك في بشارة المصطفى.
(26) في " مج ": المآثم.
والحديث، أورد في مستطرفات السرائر (ص 164) وفي. تحف العقول (ص 233) عن
الحسن عليه السلام، وفي التمحيص لابن همام (ص 52) ح (98) وذكره في
بشارة المصطفى، في ذيل الحديث الثاني السالف.
(27) زاد في " ن ": كلمة: " من ".
(28) زاد في " ن كلمة: " من ".
(29) كلمة " مزيدا " وردت في " ن " فقط.
والحديث، أورد في مستطرفات السرائر (ص، 164) ونقله في بشارة المصطفى في ذيل
الحديث الثاني وبسنده.
95

[6] - قال: وقال الباقر عليه السلام: ما أنعم الله على عبد
نعمة فشكرها بقلبه، إلا استوجب المزيد (30) قبل أن يظهر شكره على
لسانه (31).
[7] - قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام - في أدبه لأصحابه -:
من قصرت يده عن المكافاة (32) فليطل لسانه بالشكر (33).
[8] - قال: وقال عليه السلام: من حق الشكر لله على
نعمه (34) أن يشكر من أجرى تلك النعمة على يده (35).
[9] - قال: وقال سلمان رحمة الله عليه (36): أوصاني خليلي
رسول الله صلى الله عليه وآله بسبع، لا أدعهن على حال: أن أنظر إلى
من هو دوني، ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أحب الفقراء وأدنو
منهم، وأن أقول (37) الحق - وإن كان مرا - وأن أصل رحمي - وإن كانت
مدبرة - وأن لا أسأل الناس شيئا، وأوصاني: أن أكثر من قول: " لا

(30) زاد في " مط " و " مج " كلمة: بها.
(31) الحديث، رواه في مستطرفات السرائر (ص 164) وذكره في بشارة المصطفى في ذيل
الحديث الثاني، وبسنده.
(32) في " مط " و " مج ": بالمكافأة.
(33) الحديث، أورده في مستطرفات السرائر (ص 164) ورواه في بشارة المصطفى، بذيل
الحديث الثاني وبسنده.
(34) في " مط " و " مج ": تعالى، بدل (على نعمه).
(35) الحديث، رواه في مستطرفات السرائر (ص 164) ورواه في بشارة المصطفى (ص
22) ذيل الحديث الثاني، وبسنده.
(36) في " مط ": رضي الله عنه.
(37) في " ن " و " ضا " و " تي ": وأرى قول الحق.
96

حول ولا قوة إلا بالله " فإنها كنز من كنوز الجنة (38).
[10] - قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: قال رجل لأبي:
من أعظم الناس في الدنيا قدرا؟
فقال: من لم تجعل الدنيا لنفسه في نفسه خطرا (39).
[11] - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة من
مكارم الأخلاق: إعطاء من حرمك، وصلة من قطعك، والعفو
عمن ظلمك (40).
[12] - أخبرني الشيخ أبو عبد الله، قال: أخبرني (41) أبو
الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله،
عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن
صفوان (42)، عن منصور بن حازم (43)، عن أبي حمرة الثمالي، عن علي

(38) الحديث، أورده في مستطرفات السرائر (ص 164) ورواه البرقي في المحاسن (1 /
11) ح (34) عن سلمان.
(39) في " ن " و " ضا ": من لم يجعل الدنيا خطرا، وفي " تي ": من لم يجعل للدنيا خطرا.
والحديث، أورده في مستطرفات السرائر (ص 165).
(40) الحديث، أورد في مستطرفات السرائر (ص 165).
وقد جاء في حديث عن الصادق عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
أنه قال - في خطبة -: ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة وذكر قريبا من الحديث،
رواه في كتاب الزهد، للأهوازي (ص 15)، وانظر تحف العقول (ص 45) و (ص
293).
(41) في " ن " و " تي ": قال الشيخ المفيد: أخبرني.
(42) اسم " صفوان " ساقط من " ضا ".
(43) في " ن ": منصور بن أبي حازم.
97

ابن الحسين عليه السلام، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث منجيات، وثلاث مهلكات:
فأما المنجيات: فخوف الله في السر والعلانية، والعدل في
الغضب (والرضا) (44) والقصد في الغنى والفقر.
وأما المهلكات: فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء
بنفسه (45).
[انتهى الكتاب] (46)

(44) ما بين القوسين ليس في " تي ".
(45) الحديث، رواه الحسين الأهوازي في الزهد (ص 68) عن ابن أبي عمير، عن
منصور، عن يونس، عن المنهال، مثله.
وروى الدولابي في الكنى (1 / 151) عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم، مثله.
وأورد المهلكات: البرقي في المحاسن (3 / 3 و 4 / 4) عن الصادق أو السجاد عليهما
السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وكذا في وصية لعلي لعين عليهما السلام في كتاب من لا يحضره الفقيه (4 / 260) رقم
(824).
(46) وقد فرغت من التعليق على هذا الكتاب، ومراجعته للمرة الثانية، منتصف ليلة
الأربعاء، غرة شعبان المعظم، سنة اثني عشر وأربعمائة وألف للهجرة النبوية المكرمة،
بمدينة قم المقدسة.
وأستغفر الله العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله
رب العالمين.
وكتب
السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
98