الكتاب: عين العبرة في غبن العترة
المؤلف: السيد أحمد آل طاووس
الجزء:
الوفاة: ٦٧٧
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار الشهاب - قم
ردمك:
ملاحظات:

عين العبرة في غبن العترة
تأليف الشريف النقيب جمال الدين السيد
احمد آل طاووس
المتوفى 677 هج‍
دار الشهاب
قم
تعريف الكتاب 1

ترجمة المؤلف هو السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن سعد الدين أبى إبراهيم
موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن أبي عبد الله محمد " الطاووس " بن
إسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن
بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (1)
وأمه بن الشيخ الجليل نادرة زمانه الشيخ ورام بن أبي فراس
الحلي (2) وأم أبيه نبت شيخ الطائفة أبى جعفر محمد بن الحسن الطوسي
فالشيخ الطوسي جد أبيه من الأم كما نص عليه اخوه رضى الدين في
" الاقبال " فإنه قال قرأت كتاب المقنعة للشيخ المفيد على والدي بروايته
عن الفقيه الحسين بن رطبة عن خال والدي السعيد أبى علي الحسن بن محمد
عن والده محمد بن الحسن الطوسي جد والدي من قبل أمه عن الشيخ
المفيد الخ (3)
فما في لؤلؤة البحرين للشيخ الجليل الشيخ يوسف البحراني ص 150 من أن
أم المترجم وأم أخيه رضى الدين بنت الشيخ ورام وأمها بنت الشيخ

(1) عمدة الطالب ص 178 ط النجف والإجازات من البحار
ج 25 ص 17
(2) له تنبيه الخاطر المعروف بمجموعة وارم
(3) الاقبال ص 334 في فصل الدعاء لأول يوم من شهر رمضان
المقدمة 3

الطوسي لا يتم لان وفاة الشيخ ورام كما ذكر ابن الأثير في الكامل ج 12
ص 110 سنة 605 ووفاة الشيخ الطوسي سنة 460 هج‍ فتكون وفاة
الشيخ ورام بعد وفاة الشيخ الطوسي بمائة وخمسة وأربعين سنة فكيف
يتصور كونه صهرا للشيخ الطوسي على ابنته وان فرض ولادة البنت بعد
الشيخ أعلى الله مقامه
كما أن ما في " لؤلؤة البحرين " من أن أم ابن إدريس الحلي صاحب
" السرائر " بنت الشيخ الطوسي فتكون والدة المترجم السيد جمال
الدين وابن إدريس ولدي خالة غير تام لان وفاة الشيخ الطوسي كما
عرفت سنة 460 هج‍ وولادة ابن إدريس سنة 543 هج‍ (1) فبين وفاة الشيخ
الطوسي وولادة ابن إدريس 83 سنة والعادة قاضية بعد قابلية من هي
بهذا السن للولادة هذا إذا فرضنا ولادة البنت بعد الشيخ الطوسي وأما إذا
كانت ولادتها قبل وفاته فتزداد السنون
وكيف كان فالمترجم أبو الفضائل جمال الدين أحمد بن موسى فذ
من أفذاذ الطائفة وعين من عيون مصنفيها له مكانة سامية في نفوس
الخاصة والعامة ولا بد بعد أن لم يكن رجالات هذا البيت " آل طاووس "
من الجامدين في الزهادة الذين صدهم التقشف عن كثير من الفضائل
لحسبان انها تنافي خطة الورع وقد ذهب على القوم ان الفضيلة لا تضاد

(1) في خاتمة مستدرك الوسائل ج ص 481 توفي ابن إدريس
سنة 598 وله سنة 55
المقدمة 4

التقوى ما لم يكن فيها تحيز إلى خلاعة أو اقتراف مأتم اما رجال هذا
البيت فقد جمعوا بين التبتل ولطف الشاكلة وضموا إلى الأقبال على المولى
سبحانه التبسط في المعاشرة والى الرزانة خفة الأريحية والى البرهنة العلمية
التصويرات الشعرية فتجد أي فرد منهم بينا هو فقيه بارع أن حكيم متأله
أو محدث ثبت، شاعر مفلق أو خطيب مدره أو كاتب بارع
يرون في ذلك تتميما لفضلهم الظاهر وشرفهم الوضاح وحسبهم
المتألق، كما أنهم يجدون من كمال نسكهم واغراقهم نزعا في التعبد التصدي
لإغاثة الملهوفين وانجاح طلبات المضطرين ونصره المظلوم والانتصاف
من الظالم
فيراغمون نفوسهم الطاهرة بمخالطة رجالات الدولة ويدارون امراء
الوقت تحصيلا لتلك الغايات الثمينة التي حث الأئمة الأطهار عليهم السلام
عليها ففي حديث الكاظم (ع): ان لله تعالى أقواما بأبواب الجبابرة يدفع
بهم عن أوليائه وهم عتقاؤه وهم عتقاؤه من النار (1) ولم يأذن عليه السلام لعلي بن
يقطين الهرب من وزارة هارون الرشيد لما يعهده منه من القيام بشؤون
الشيعة وتدبير أمورهم والعود عليهم (2)
وعلى هذا الأساس قام آل طاووس ومنهم سيدنا المترجم بتولية
نقابة العلويين وتدبير شؤونهم والدفع عما ينالهم من العدوان وأول من

(1) مستدرك الوسائل ج 2 ص 438 الوسائل عين الدولة ج 2 ص 551
المقدمة 5

تولاها من هذا البيت جد (المترجم) أبو عبد الله محمد الملقب (بالطاووس)
فإنه كان نقيبا بسوري (1) وتولاها أخ المترجم سيدنا رضي الدين وابن أخيه مجد الدين
محمد (2) وبان المترجم غياث الدين عبد الكريم صاحب (فرحة الغري) (3)
إلى غيرهم من رجالات هذا البيت حرصا على الغاية الثمينة وهي المحاماة
عن ذرية الرسول (ص) وانقاذهم من مخالب المعتدين ودفع العادية عن
المؤمنين (4)
وكان سيدنا " المترجم " جمال الدين مع توليته للنقاية تحصيلا لتلك
الغاية السامية يفيض المعارف الآلهية ويحض على الورع ويدع إلى الاصلاح
ويتهالك دون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر

(1) المجلسي في الإجازات ص 19 وسوري كما في معجم البلدان
ج 5 ص 168 من اعمال بابل قرب الحلة
(2) عمدة الطالب ص 179
(3) خاتمة مستدرك الوسائل ج 3 ص 441
(4) يشهد له ما في عمدة الطالب ص 179 ان ابن أخ المترجم وهو
محمد بن عز الدين الحسن بن موسى بن جعفر خرج إلى هلاكو خان
وصنف له البشارة وسلم الحلة والنيل والمشهدين
من القتل والنهب
المقدمة 6

ثناء العلماء عليه
ولذلك أطراه العلماء بكل جميل وذكروا مآثره الجليلة فيقول تلميذه
الرجالي الحسن بن داود: ان سيدنا أبا الفضائل الطاهر المعظم جمال
الدين أحمد بن موسى بن جعفر فقيه أهل البيت مصنف مجتهد أورع أهل زمانه
قرأت عليه كتاب " البشرى " وكتاب " الملاذ " وغيرهما من
تصانيفه وأجاز لي جميع مصنفاته ورواياته وكان شاعرا مفلقا بليغا منشئا
مجيدا حقق في الرجال والرواية والتفسير تحقيقا لا مزيد عليه ولقد رباني
وعلمني وأحسن إلي وأكثر فوائد هذا الكتاب - الرجال - من إشاراته
وتحقيقه جزاه الله تعالى عني أفضل جزاء المحسنين ه‍
وفي " أمل الآمل " للحر العاملي كان السيد جمال الدين عالما فاضلا
صالحا زاهدا عابدا ورعا فقيها محدثا ثقة شاعرا جليل القدر عظيم الشأن
وفي إجازة العلامة الحلي الكبيرة لبنى زهرة وأجزت جميع ما صنفه
السيدان الكبيران السعيدان رضى الدين على وجمال الدين احمد ابنا موسى
ابن جعفر الحسنيان وهذان السيدان زاهدان عابدان ورعان (1)
ووصفها الشهيد الثاني في اجازته لأبي جعفر محمد بن الشيخ تاج الدين
عبد العلي ابن نجدة: بالإمامين السعيدين المرتضيين السيدين الزاهدين
العابدين البدلين الفردين رضي الحق والدين علي وجمال الدين أبي الفضائل

(1) الإجازات من البحار ج 5 ص 22
المقدمة 7

أحمد بن طاووس الحسنين سقى الله عهدها صوب الغمام (1)
ويقول السيد المحقق الخونساري: كان السيد جمال الدين أبو الفضائل احمد
مجتهدا واسع العلم إماما في الفقه والأصول والأدب والرجال وهو أول من
قسم اخبار الامامية إلى أقسامها الأربعة المشهور الصحيح والحسن
والموثق والضعيف واقتفى أثره في ذلك تلميذه العلامة الحلي وسائر من
تأخر عنه من المجتهدين إلى اليوم وزيد عليها في زمن المجلسيين على
ما قيل بقية اقسام الحديث المعروفة من المرسل والمضر والمسلسل والمعظل
والمضطرب والمدلس والمقطوع وغيرها (2)
ويحدث شيخنا العلامة ميرزا محمد حسين النوري: انه أول من فتح
باب الحرج والتعديل وناظر وفي الرجال تعرض لكلمات العلماء وما وقع
في الاخبار من التعارض وكيفية الجمع في بعضها ورد بعضها وقبول الأخرى
وفتح هذا الباب لمن تلاه من الأصحاب وكلما أطلق في الرجال والفقه ابن
طاووس فهو المراد (3)
وعلى هذا النحو من الاطراء مشى الشيخ يوسف البحراني في اللؤلؤة
وأبو علي الحائري في منتهى المقال والشيخ ملا علي الكنى في توضيح
المقال والشيخ عبد الله المامقاني في منتهى المقال والشيخ عباس القمي في
الكنى والألقاب وشيخنا آغا بزرك في الذريعة إلى مصنفات الشيعة

(1) المصدر ص 40 (2) روضات الجنات ص 19
(3) خاتمة المستدرك ج 3 ص 407
المقدمة 8

مشائخه
لم نعثر على مشائخه الذين تلمذ عليهم في الحديث والفقه والأصول
والرجال بأكثر مما يحدث عنهم شيخنا النوري في خاتمة المستدرك فإنه
ذكر منهم " 1 " السيد الجليل فخار بن معد الموسوي " 2 " السيد صفى
الدين محمد بن معد الموسوي " 3 " محي الدين ابن أخ ابن زهرة
صاحب (الغنية) " 4 " أبو علي الحسن بن حشرم نص عليه صاحب
المعالم " 5 " الحسين بن أحمد السورواي " 6 " الشيخ نجيب الدين محمد
بن نما الحلي " 7 " الفقيه محمد بن غالب نص عليه غياث الدين في
فرحة الغري
المقدمة 9

لمعة من شعره ونثره
ذكر حجة الاسلام المحقق السيد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة
ج 10 ص 282 مقاطيف من شعره ولسنا في حاجة هنا إلى ذكرها
بتمامها منها المقطوعة البديقة التي أنشأها عند التوجه إلى مشهد أمير المؤمنين
عليه السلام لعرض كتاب المقالة العلوية عليه سيب بديه
اتينا تباري الريح منا عزائم * إلى ملك يستثمر الغوث آمله
كريم المحيا ما أظل سحابه * فاقشع حتى يعقب الخصب هاطله
إذا آمل اشفت على الموت روحه * أعادت عليه الروح فاتت شمائله
من الغرر الصيد الا ماجد نسخه * نجوم إذا ما الجو غابت آوافله
إذا استنجدوا للحادث الضخم سددوا * سهامهم حتى تصاب مقاتله
وها نحن من ذلك الفريق يهزنا * رجاء تهز الأريحي وسائله
وأنت الكمي الأريحي فتى الوري فرو سحابا ينعش الجدب هامله
والا فمن يجلو الحوادث شمسه * وتكفى به من كل خطب نوازله
وقال وقد تأخرت سفينة يتوجه بها إلى زيارة أمير المؤمنين عليه السلام
لئن عاقني عن قصد ربعك عائق * فوجدي لأنفاسي إليك طريق
تصاحب أرواح الشمال إذا سرت * فلا عائق إذ ذاك عنك يعوق
ولو سكنت ريح الشمال لحركت * سواكنها نفس إليك تشوق
المقدمة 10

إذا نهضت روح الغرام وخلفت * نجوما بجيل الوامقين وميق
وليس سواء جوهر متأبد * له نسب في الغابرين عريق
وجسم تباريه الحوادث ناحل * ببحر الفتوق الفاتكات غريق
أسير بكف الروح يجري بحكمها * وليس سواء موثق وطليق
في الحوادث الجامعة لابن الفوطي ص 152 وقع في سنة 640 حريق
في مشهد (سر من رأى) فاتى على ضريحي علي بن الهادي والحسن العسكري
عليهما السلام فتقدم الخليفة المستنصر بالله بعمارة المشهد المقدس والضريحين
الشريفين واعادتهما إلى أجمل حالاتهما وكان الضريحان مما أمر بعملها
البساسيري
فقال السيد الفقيه جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس الحسنى
في هذا كلاما بديعا وجميع فيه جزءا نظما ونثرا - منه -
لا يلزم من الحادث المتجدد قدح في شرف من انظمت هاتيك
الأعواد على مقدس جثتيهما بل يكون في ذلك برهان واضح شاهد
بحلاليتهما لان روحي من وقعت الإشارة إليهما خالية من عرصات اللحود
ساكنة في حضرة الملك المعبود والشرف التام لجواهر النفوس دون من
عداها عند من يذهب إلى وجود معناها وقد ذكر في التواريخ ان صاعقة
سماوية نزلت في المسجد الحرام فلم يقدح ذلك في شرفه وللسيدين الطاهرين
صلوات الله عليهم مناقب مذكورة ومفاخر مشهورة تحتوي عليها الكتب
تشهد بحر استهما من الوهن ونزاهتهما من الطعن
المقدمة 11

هم معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السؤ والبلوى بحبهم * وسيترب به الاحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل بدء ومختوم به الكلم
يأبى لهم ان يحل الذم ساحتهم * خيم كريم وأيد بالندى هضم
من المؤسف ان ابن الفوطي لم يأت على تمام ذلك الجزء من النثر
المقدمة 12

اثاره
ذكر تلميذ الحسن بن داود في رجاله ان تأليفاته بلغت اثنين وثمانين
مجلدا ولم يأت عليها وإنما ذكر منها (1) بشرى المحققين في الفقه ست
مجلدات (2) ملاذ علماء الإمامية في الفقه أربع مجلدات (3) كتاب الكرم
مجلد (4) السهم السريع في تحليل المدينة أو المبايعة مع القرض مجلد
(5) الفوائد العدة في أصول الفقه مجلد (6) الثاقب السمخر على نقض
المشجر في أصول الدين (7) الروح في النقض على ابن أبي الحديد
(8) شواهد القرآن (9) زهرة الرياض في المواعظ (10) الاختيار في
أدعية الليل والنهار (11) الأزهار في شرح لامية المهيار (12) عمل
اليوم والليلة (13) ديوان شعره (14) كتبا ايمان أبي طالب (15) حل
الاشكال في معرفة الرجال (1) جمعه على ما في الذريعة إلى مصنفات الشيعة
للحجة المدقق الشيخ آغا بزرك ج 3 ص 385 من كتبا خمسة رجال الشيخ
الطوسي وفهرسته ورجال النجاشي والكشي ورجال ابن الغضائري وهو
الذي حرره ورتبه الشيخ حسن بن الشهيد الثاني وسماه التحرير الطاووسي
قال في (اللؤلؤة) كان فراغ السيد جمال الدين من كتابه (حل الاشكال) في الثالث والعشرين من ربيع الاخر سنة 644 في داره المجاورة لدار

(1) نقلناه من أعيان الشيعة ج 10 ص 279
المقدمة 13

جده الشيخ ورام بن أبي فراس كما ذكر السيد نفسه (16) المقالة العلوية
في نقض الرسالة العثمانية للجاحظ قال شيخنا النوري عندنا نسخه من هذه
المقالة بخط تلميذه تقى الدين الحسن بن داود صاحب الرجال تاريخها
سنة 665 وقد قرأها على المصنف وعليها تعليقات بخط المصنف وفى أعيان الشيعة
ج 10 ص 279 رأيت نسخة من المقالة العلوية في مكتبة العلامة
الشيخ محمد رضا الشبيبي وأخرى في كرمانشها منقولة عن خط تلميذه الحسن
ابن داود وهي من موقوفات الحضرة الغروية الحيدرية
المقدمة 14

عين العبرة
لقد شن الدهر غارته على تلك النفائس من اثار السيد جمال الدين
فلا تكاد تقف على شئ منها نعم زويت عن مخالب الدهر (عن العبرة
في غبن العترة) قال شيخنا النوري رأيت منها نسخة عليها خط الحر العاملي
وقال الحر العاملي في اجازته للمولى محمد فاضل بن محمد مهدي المشهدي
أجزت له رواية (عن العبرة في غبن العترة) للسيد أحمد بن طاووس (1)
وفي روضات الجنات ص 19 من جملة ما نبه إليه الحسن بن داود
كتاب عين العبرة في غبن العترة وقد بنى فيه على التكلم في الآيات
الواردة في شأن أهل البيت وتحقيق ذلك مع الآيات النازلة في بطلان
طريقة مخالفيهم وهو نادر في بابه مشتمل على فوائد جليلة لم توجد في غيره
وأسنده في مقدمة الكتاب إلى (عبد الله بن إسماعيل) ثم تكرر
منه هذا الاسناد في أثناء الكتاب الوجه فيه ملاحظة التقية وعندنا منه
نسخة طريفه كلها بخط شيخنا الشهيد الثاني أعلى الله مقامه
وعلى ظهر الكتاب بخطه الشريف ما هذا صورته (كتاب عين العبرة
في غبن العترة) تأليف عبد الله بن إسماعيل سامحه الله وجدت بخط
شيخنا الشهيد - الأول - على ظهر الكتاب ما هذا صورته من تصانيف

(1) الإجازات من البحار ج 25 ص 162
المقدمة 15

السيد السعيد العلامة جمال الدين أبي الفضائل أحمد بن موسى بن جعفر
ابن محمد بن أحمد بن محمد الطاووس الحسيني وانتسابه إلى عبد الله بن
إسماعيل لان كل العالم عباد الله ولأنه من ولد إسماعيل الذبيح انتهى
كلام الشهيد
قال صاحب الروضات وهذه التعمية جارية عند آل طاووس فقد
استعملها اخوه رضى الدين علي بن طاووس في كتابه (الطرائف) وسمى نفسه
عبد المحمود بن داود الذمي اما تسميته بعبد المحمود فكما تقدم في أخيه
السيد احمد من تسميته عبد الله واما النسبة إلى داود فهو إشارة إلى جده
داود بن الحسن المثنى صاحب الدعاء المعروف بدعاء أم داود والا فالكتاب
لا ريب في أنه من مؤلفات السيد جمال الدين أحمد بن موسى اه‍
وان المواقف على سيرة هؤلاء السادة الاجلاء ومخالطتهم لأرباب
الدولة وعلماء العامة وأكثر سكناهم في بغداد يعرف الوجه في هذه التعمية
فان مداراتهم لأولئك الجماعة للتحصيل على الغايات المطلوبة لهم من إغاثة
الملهوفين من الشيعة ونصرتهم وقضاء حوائجهم تدعوهم إلى عدم التظاهر
بما يوجب النفرة عنهم فيفوت الغرض المطلوب
لقد كانت هذه النادرة (عين العبرة في غبن العترة) متجبئة في زوايا
المكتبات معتقلة عند من لا يرى لجهد العلماء وسهرهم وأتعابهم في البحث
المتواصل قيمة تذكر حتى تلطف الموالي سبحانه على الأمة بشيخنا حجة
الاسلام الثقة الثبت الشيخ ميرزا محمد الطهراني نزيل سامراء حفظه الله
المقدمة 16

ومد في عمره فنسخها وسمح بالكتاب تسهيلا للقراء في الوقوف على
ما حواه من الآيات البينة والأحاديث الطريفة وليس هذا ببدع من شيخنا
الحجة أيده الله فان الواقف على سيرته ونفسيته الطاهرة لا يحيد عن الاذعان
بهذه المكرمة ويؤمن بان شيخنا الجيل لم يد في هذا منة على أحد وإنما
هو توفيق ساقه إليه المولى تعالت آلاؤه وان العناية الربوبية شملته وهو
دون واجبه في نشر المعارف الإلهية والدعوة إلى أهل البيت عليهم السلام
وهذا هو الجهاد الأكبر الذي يشير إليه الإمام الباقر عليه السلام
بقوله: رحم الله من أحيا أمرنا ودعا إلى ذكرنا
المقدمة 17

صورة خط الحر العاملي
ان هذه النسخة الماثلة للطبع استنسخها آية الله الشيخ ميرزا محمد
الطهراني على نسخة صاحب (الوسائل) وكتب على ظهرها ما هذا نصه
استنسخه هذا الكتاب عن نسخة الشيخ النبيل محمد بن الحسن الحر
العاملي صاحب كتاب الوسائل وكان على ظهر نسخته ما هذا صورته التي
كتبها بيده الشريفة:
(هذا الكتاب من مؤلفات السيد الجليل جمال الدين أحمد بن
موسى بن طاووس الحسنى رحمه الله وإنما غير اسمه لأنه كان مع الخلفاء في
بلد واحد غالبا وإنما سمي نفسه عبد الله لان الخلق كلهم عبيد الله وإنما
قال ابن إسماعيل لأنه من أولاد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام
ووصف صادق عليه وقد رأيت نسخة من هذا الكتاب بخط الشيخ محمد
ابن المؤذن البحريني وعليها خط الشهيد رحمه الله بما ذكرناه ومثل ذلك
فعل اخوه رضي الدين علي بن موسى بن طاووس في كتاب (الطرائف)
حيث سمى نفسه عبد المحمود بن داود وقد رأيت بخط الشهيد الثاني على
نسخة كتاب الطرائف صورة ما أشرنا إليه وقد ذكره علي بن طاووس في جملة
مصنفاته " كتاب كشف الحجة " وغيره والله أعلم)
حرره محمد بن الحسن
المقدمة 18

لقد قام المهذب الكامل صاحب المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النجف
الأشرف الأستاذ (محمد كاظم الحاج شيخ صادق الكتبي) بنشر هذا
الكتاب الفريد في بابه وسهل الوقوف عليه والاستفادة مما حواه من نفسيات
" وصي الرسول الأقدس " وأبنائه المعصومين عليهم السلام وان الأمة
كيف فاتتها الاستنارة بتلك المزايا الحميدة والحضور بتلك الدرة الثمينة
فأخذت تتردد في حنادس الشبهات والشكوك
وليست هذه المأثرة بواحدة من مساعي الأستاذ الكتبي فلقد كان
مجدا في احياء مآثر العلماء الأعلام ساعيا في نشره ما اندثر من مؤلفات
السلف الصالح فإلى المهيمن جل شأنه نبتهل ان يوفقه للدؤوب على هذه
الخدمات الجليلة المشكورة عند آل الرسول الأعظم صلوات الله
عليهم أجمعين
(ان الله لا يضيع اجر المحسنين)
وفاته
في خاتمة مستدرك الوسائل النوري ج 3 ص 466 ان وفاته
كانت في سنة 677 هج‍ وفى روضات الجنات ص 19 دفن بالحلة وقبره
فيها معروف مشهور يقصده الموافق والمخالف بالهدايا والنذور وفى منتهى
المقال لأبى علي الحائري ص 46 بعد أن وافق على مدفنه بالحلة قال
وتحرج العامة فضلا عن الخاصة الحلف به كذبا للكرامات الظاهرة منه
المقدمة 19

بسم الله الرحمن الرحيم
قال عبد الله ابن إسماعيل الكاتب سامحه الله الحمد لله واشهد ان
لاله الا الله شهادة مخلص لجنابه في الاشهاد راج لحبائه يوم الاشهاد وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله صفوة صفوته وخيرة خيرته صلى الله عليه وعلى
الغرر من آله صلاة فارة عن حصر العدد قارة في حصن الذخائر والعدد
وبعد فان من سلف من الأفاضل جمع ما اتفق له من أسباب نزول
آيات من الكتاب المجيد في رضى الله من خليقته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام وفروع دوحته وقد رأيت لائقا ان يضم إلى ذلك
شئ مما ورد في مناقبهم من التنزيل وتوابع ذلك ليبين فضل السادات
على غيرهم بالتفضيل للسالك مقتصرا على رواية من لا يتهم على المنافين في
محبتهم أو يطعن عليه في درايته قاصدا إلى ما حضرني مما رواه أبو إسحاق
أحمد بن إبراهيم الثعلبي في كتابه (كشف البيان) أو رواه علي بن أحمد
الواحدي في تأليفه الوسيط في تفسير القرآن وان اتفق غير هذا خلوا من
ممارسة العناء وتتبع مدى الغايات في أقوال العلماء أثبته وفي القليل من
رواية هذين الشخصين ايضاح لما أغفلته اعتبارا بها انه إذا دلت الجزئيات
1

على الغرض فما علمك بكليها وإذا سألت فروع الشوامخ يزداد وسميها
فما جزمك بأساسها عند روى وليها بالله التوفيق والعصمة
فمن ذلك في سورة البقرة قال أبو إسحاق الثعلبي في اخر سورة البقرة
عند قوله تعالى (ان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله)
ما صورته روت الرواة بألفاظ مختلفة قال لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر
وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار إلى
النبي صلى الله عليه وآله فجثوا على الركب وقالوا يا رسول الله ما نزلت اية
أشد علينا من هذه الآية ان أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب ان يثبت في
قلبه وان له الدنيا وما فيها وانا لمأخوذون بما نحدث به أنفسنا هلكنا
والله وكلفنا من العمل مالا نطيق قال النبي صلى الله عليه وآله فلعلكم
تقولون كما قال بنوا إسرائيل لموسى عليه السلام سمعنا وعصينا فقولوا سمعنا
وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا واشتد ذل عليهم فمكثوا بذلك حولا فأنزل
الله تعالى الفرج والراحة بقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) الآية
فنسخت قد تجاوز لامتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعلموا أو يتكلموا به
قال عبد الله بن إسماعيل سامحه الله تعالى ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله
بأمره لم يتهمه في رسم ولم يناظره في حكم حسب ما رواه الثعلبي وغيره
متلقيا اخطار المنية بمهجته مستريحا إلى خشونة الموت ووحشة ولا يقال إن
2

حديث النفس لا يمكن التخلص منه بخلاف الصبر على الموت فان كثيرا
لم يحيدوا عنه لان الجواب بما ان الله تعالى كامل والكامل لا يكلف
بالمحال ولا يأمر بالسعي مع تعذر المجال فإن كان القائل ما عرف هذا
فالاشكال عليه بعدم معرفته وإن كان عرف فالاشكال وارد في وصف
الله تعالى عمدا بغير سفته وإن كان شاكا فالاشكال بعدم المعرفة موجود
ولو فرضنا كونه تعالى مكلفا بالمحال فالحرج عند رسم الله تعالى حصل
وهو محذور ثم إن الحديث الذي يجرى في النفسد المشار إليه في القصة
مشعر بشدة ما تجرى في النفس وهو بعد اظهار الاسلام واعلانه عند
الاعتبار محذور كبير صعب واما قول من قال إن الآية منسوخة بم أشار
إليه فممنوع إن كان بنى على أن الآية الأولى مضمونها التكليف بما
لا تصل القدرة إليه تعالى الله عن ذلك علو كبيرا إنما أمر تخييرا ونهى
تحذيرا وكلف كما قال العارف صلوات الله عليه يسيرا
ومن كتاب (الكشف والبيان) عند قوله تعالى ما كان لنبي أن يكون
له اسرى حتى يثخن في الأرض قال روى الأعمش عن عمرو بن مرة
عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال لما كان يود بدر وجيئ بالأسرى
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقولون في هؤلاء فقال أبويك يا رسول
الله قومك وأهلك استبقهم واستأن بهم لعل الله ان يتوب عليه وخذ
منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار قال عبد الله بن مسعود فلما كان
من الغد جئت رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو وأبو بكر قاعدان
3

يبكيان فقلت يا رسول الله اخبرني من أي شئ تبكى أنت وصاحبك
فان وجدت بكاء بكيت وان لم أجد بكاء تباكيت فقال رسول الله صلى
الله عليه وآله أبكي للذي عليه أصحابك في اخذهم الفداء ولقد عرض
علي عذابكم أدنى إلي من هذه الشجرة، شجرة قريبة من نبي الله
ومن سورة الحجرات عند قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا
بين يدي الله ورسوله) قال أبو إسحاق الثعلبي وأخبرني ابن فتحويه حدثنا
عمرو بن الخطاب حدثنا عبد الله بن الفضل حدثنا إسحاق بن إبراهيم
حدثني هشام بن يوسف عن ابن جريح اخبرني ابن أبي مليكة ان عبد
الله بن الزبير اخبرهم قال قد ركب من نبي تميم على النبي صلى الله عليه
وآله فقال أبو بكر يا رسول الله أمر القعقاع بن معبد بن زرارة وقال
عمر أمر الأقرع بن حابس فقال أبو بكر ما أردت الا خلافي وقال عمر
ما أردت الا خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله تعالى (يا أيها
الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) قال عبد الله بن
إسماعيل هتان القصتان وما يجرى في بابيهما منبه على
خلاف ما يذهب إليه قوم من أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان
يستبقى أبا بكر عنده حيث الولايات تارة وحيث الحروب أخرى لأجل
استنباط الآراء منه واخذ التهذيب عنه إذ قد بان بالأولى ثمرة رأى الأول
قرب العذاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وفي الأخرى
نهيه ونهى الثاني عن أن يقدموا بين يده جسما لمادة رأى لا تحمد عاقبته
4

ولا تشكر مغبته
(فصل) يوافق هذا ما روى من أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما
بعث عليها في بعض شؤونه قال يا رسول الله ترسلني في الامر فأكون فيه
كالسكة المحماة في العين أم الشاهد يرى مالا يرى الغائب ثقة منه بسداد مقاصده وشرف مصادره وموارده
وكيف يليق من عاقل ان يقول إن رسول الله صلى الله وآله كان محتاجا
إلى رأى سواه مع تأييده بتدبير الله فيما أولاه مع وفور تجاربه المتقنة وفنون
اغراضه السديدة المتبانية ثم لو جاز أن يكون محتاجا كما ذكره الغلاة في
محبة أصحابهم إلى مشاورة من ذكروه لما جاز أن يكون الأوقات
المتكررة مستفيدا منهم اخذا عنهم ثم إن الذي ذكره الغلاة شي لم يبرهنوا
عليه ولم يشيروا بامارة إليه بل ساقهم الغلو إلى أن رموا رسول الله صلى
الله عليه وآله بسهام النقص ليكملوا أصحابهم وينزهوا أحبابهم وإذا
اعتبرت رأيت الامارات المقتضية لترك الاخلاد إلى من وقعت الإشارة
إليه نقصة في الرأي حسب ما تضمنته هاتان القصتان وغير هما أو نقصهما في
معاني الشجاعة حسب ما دلت عليه القصص الخيبرية والأحدية والحنينية
وغيرهن فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله تخلفهم وامر في قتل حيله
وإبرامه ووكل الحروب إلى فرسان النزال وبهم القتال أمير المؤمنين علي
5

ابن أبي طالب عليه السلام مقصرا شرعته وأم عاجزا محجته
أخو الحرب ان عضت به الحرب عضها * وان شمرت يوما له الحرب شمرا
ويحمى إذا ما الموت كان لقاؤه * سرى الشبر يحمى الانف ان يتأخرا
كليث هزبر راح يحمى ذماره * رمته المنايا قصدها فتقطرا
وهذا هو الجواب عما يذكرونه بالتخصيص من قعوده مع رسول
الله صلى عليه وآله على العريش يوم بدر إذا كان لذلك اليوم جامعا
لرجال الكفاح وفرسان الصياح لامعا بشبا الرماح كالحا عن أنياب
الاخطار وفناء الاعمار وقتام البوار يليق من لا يرهب الموت ويحن إليه
ويشتاق إلى لقاء الله ويعطف عليه
أغر كمصباح الظلام تخاله * إذا سار في ليل الدجى قمرا بدرا
ويأخذ رايات الطعان بحقها * فيوردها بيضا ويصدرها حمرا
فان قيل فإن لم تدل هذه الصحبة على الاختصاص المنبئ عن فضله
فلتدل صحبة الغار قلت ممنوع إذ من الجائزان تكون تلك الصحبة
لغير ذلك من أمور متعدد حكمية أو لانس أثمره دوح الطبيعة الجبلية
وقد تالف العين الدجى وهو قيودها * ويرجى شفاء السم والسم قاتل
ويمكن أن يكون المراد من قوله تعالى في اخر الآية ان كنتم مؤمنين
مع قوله في أولها (يا أيها الذين آمنوا) أي يامن امن ظاهرا اتق الله ان
كنت أمت باطنا ليتطابق الكلام والله أعلم ومن طريف ما تضمنته
القصة قول أحد الرجلين للاخر ما أردت الا خلافي وقوله ما أردت
6

الا خلافك بيان الاستطراف بيان الاستطراف انهما لما راما تدبير الخلافة صفت النيات
وخلصت الطويات وصار أيديهما عليها واحدة وعزماتها في تأسيس قواعدها صادرة واردة (فصل)
ومن سورة براءة ما رواه أبو إسحاق في كتاب (الكشف والبيان)
ومن كون علي عليه السلام اخذ ما حمل رسول الله صلى الله عليه
وآله مع أبي بكر باذن رسول الله صلى الله عليه وآله من سورة براءة
وهو أربعون من صدرها بعد ما توجه إلى مكة فكان اخذها منه بذى
الحليفة وان رسول الله عليه وآله قال لا يبلغ عني غيري
ورجل مني
قال عبد الله بن إسماعيل انك إذا اعتبرت هذه القصة ظهر لك منها
ما ظهر لغيرك من أرباب العقول من كون من اخذت منه ليس محلا قابلا
للاختصاص به والا خلاد إليه والتعويل في اسرار الله تعالى وتدبير ملته
عليه إذ كان من هبط عن بعض الرتبة أولى بالهبوط عن جملتها وان
لا ينزل من الدرجة العالية في ذروتها ومنبه على أن الاختصاص بأكمل
المراتب واسمى المناصب العازل وان ربعه أولى بالمجد الآهل ومنبه ان
ذلك عن تدبير مدبر الوجود وهو أبلغ في المقصود وإنما قلت ذلك لان
الله تعالى قال عن رسول الله (وما ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي
يوحى) وإذا كان الامر على هذه القضية فان الامر باعطائه الآيات
7

عارف بما يؤل إليه الحال من اخذها ممن اخذت منه جهارا على أظهر
الحالات وذلك عين القصد لإبانة نقصه وكمال من اخذها ليقرأها بنية
اخلاصه ويقينه وبراعة تبيينه وشجاعة قلبه وحماسة دينه ومن ذلك غزاة
حين وقول الأول لن نغلب اليوم من قلة فهزم أصحاب رسول الله صلى
عليه وآله وكانوا اثنى عشر ألفا عدا أمير المؤمنين عليه السلام
والعباس بن عبد المطلب في آخرين قليلين لم يكن القائل منهم هذا المعنى
من قوله منقول من كتبا المفضل بن سملة في تفسير القرآن وإذا اعتبرت
هذه القصة عجبت مما تضمنته وحوته من كون من أشار إليه لم يعرف له يوم
في جهاد فرق فيه الكتائب واردى فيه المقاتب وقتل فيه الاقران واصطلم
فيه الشجعان وما اكتفى بذلك حتى كان بكلمته مع أعداء البا على
الاسلام عظيما وخطبا جسيما لولا ما ابد الله تعالى به الاسلام من السيوف
الهاشمية والمقامات العلية العلوية ومن شركها في بعض معانيها والفضل لمن
كان في خيل الجلاد في هواديها مصطلما مهجد الكماة كاشفا غايبا الملمات
شديد مضاء الباس يغنى لقاؤه * إذا زحموه بالقنا والقنابل
ومن تفسير الثعلبي في تفسير سورة قاف روى باسناده عن واصل
عن أبي وائل قال ولما كان أبو بكر يقبض قالت عايشة
لعمرك ما يغنى الثراء عن الفتى * إذا حشر جت يوما وضاق بها الصدر
فقال أبو بكر يا بنيه لا تقولي ذلك ولكنه كما قال الله تعالى وجائت سكرة الحق بالموت.
8

فصل
قال عبد اله بن إسماعيل اعتبر كيف خلا المذكور من حفظ كتاب
الله تعالى ولما شرع في تلاوة آية غيرها عن وضعها وتكلم
بها على غير قاعدة وربما جعل الغلاة ذلك قراءة له لخصوصية به ولئن صح
جعل كل غلط قراءة أدى ذلك إلى نسخ الكتاب جملة نعوذ بالله من الغلو من الدين المنبعث عن الهوى المردي وبه نستعين
من سورة النساء من كتاب الكشف عند قوله تعالى وفاكهة وأيا
قال المصنف الثعلبي وأخبرنا عبد الله بن حامد أخبرنا محمد بن خالد حدثنا داود بن سليمان حدثنا عبد بن حميد حدثنا حجر بن عبيد عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي ان أبا بكر سئل عن قوله تعالى وفاكهة وأبا
قال أي سماء تظلني وأي ارض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا اعلم
وقد روي أن عمر اشتبه عليه ذلك أيضا وقال عند الحديث في هذا تكلف
قال عبد الله بن إسماعيل إذا تأملت صورة هذه القصة عجبت من غبن الزمن
مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه كما عجبت من قبل من قصد الحيف
إليه بيان ما اندرج عليه هذا الكلام اعلم أن هذه الكلمة التي قصر العلم
عنها كلمة لا شبهة عربية شهيرة بن الأواخر فضلا عن الأوائل والذي
استعجمت عليه عربي هذا نقص في العروبية منه وهو اجلا جلاه واظهر
معناه فكيف بما عدا ذلك من علوم كسبية وفوائد نقلية هذا فيما يرجع
إلى المذكور واما مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه
9

فان الواحدي روى عند قوله تعالى (وتعيها اذن واعية) ان رسول
الله صلى الله عليه وآله قال لأمير المؤمنين علي عليه السلام ان الله تعالى امرني
ان دينك ولا أقصيك وان أعلمك وتعي وحق على الله ان تعي وكفى بذلك دليلا على ما حواه من قحم الفضائل وصواب القول الفاضل جبلية
كانت المعارف أو كبية عقلية أو نقلية وبيان هذه صواب الرواية وصحتها وتحقيقها
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصراحتها انه عليه السلام كان البحر
المتلاطم عند جمود الأذهان الخطيب المصقع عند كلال اللسان واضطراب الجنان يستخرج من أصداف القرايح جواهرها ويستنبط من عيونها
زاخرها ويتقلد من حلى عقودها فاخرها ويستطلع من أفق اسرارها
بدورها ويستوضح من اكناف عرصاتها شذورها فلسانه وسنانه في المضاء
سيان وجنانه وبيانه اخوان توأمان
لكشف ستور الدارعين سنانه * وللقصة الطخياء تجلو مناطقه
له قدم في المجد تخترق الثرى * رسوخا وبالعرش المحلق عاتقه
أخو العزم رب الحزم اذاوني * سريع رمته بالفتور عوايقه
ومما يبرهن غربن العترة فيما بدأت به من القصة ان أبا عمر الزاهد حكى
ان أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عباس إذا كان بعد العشاء الآخرة
فالقني في الجبان فلحقه فمضى في تفسير لفظة الحمد وهي خمسة أحرف من
بعد العشاء إلى طلوع الفجر ثم قال له قم إلى وضوئك ومما يلحق بهذا قوله
عليه السلام فوالله لا تسألوني عن آية في كتاب الله عز وجل نزلت في
10

ليل أو نهار أو سهل أو جبل الا أخبرتكم ومما يلحق بهذا قوله عليه السلام
لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوارة بتوراتهم وبين أهل الزبور
بزبورهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وغيره خفى عنه لفظة عربية في
الكتاب المنزل على النبي المبعوث إليه فاعتبر هذا المعنى لتثبت ما نبهت
من الغبن في تقدم المشار إليه عليه
غبن له حدق الانصاف ناكبة * عزوبها الدهر بالجريال تنسكب
ومما يلحق بهذا ما روى من أن الفضل بن مروان كاتب الحسن بن
وهب قرأ على المعتصم كتابا فسأله عن الكلاء فقال لا أدري فقال سل
عنه فلما سأل عنه رجع إلى المعتصم فقيل سألت عنه فقال هو العشب فامر
له بمائة ألف درهم فانصرف إلى الحسن بن وهب فأخبره فقال له الحسن
لو ضربك مائة الف سوط على قلة فهمك كان أعود عليك مما أعطاك
على جهلك
قال عبد الله بن إسماعيل ان الحسن استفظع وانف أن يكون
كاتب من كتابه بجهل ما جهله من معنى الكلمة العربية وهما بعيدا العهد من
مخالطة أربابها وكاتبه تبع تبع لبعض البريد فاستحسن العقلاء الاستفظاع
وساعدوا عليه ورأوا الفضل بمقام نقص فيما انتهت حاله إليه فكيف
ولا يأنف مالك البرية من أن يلي أكمل مراتب خدمته جاهل
بكلمة من لغة قومه وقبيلته وهذا أيضا يؤكد الغبن لعارف المسلمين
وخطيبهم وفصيح قريش ونجيبهم مقلد الحق أعناق بعيدهم وقريبهم بما شرع
11

لهم من سنن الفوائد ومهد لهم من مستوعر شريف المقاصد
فإن لم يكن لفضل ثم مزية * على الجهل فالجهد الطويل من الغبن
قال عبد الله بن إسماعيل تصرفت بقولي الجهد تنزيها لمن استشهدت
عنه عن صورة الكلمة الخافية قصة موضحة عن الغبن أيضا روى عن الواقدي
ان أبا بكر وعمر جاء أدار عثمان بن شيبة طالبين مفتاح الكعبة فقالت أمه
خذ المفتاح فان تأخذه أنت أحب إلى من أن تأخذه يتم وعدى وقال
الواحدي عن جماعة المفسرين ان أمير المؤمنين عليه السلام اخذه من
عثمان قسرا ثم رده اختيارا قال ذلك عند قوله تعالى (ان الله يأمركم
ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها) ومن جنس هذا ما روى من أن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان يمشى بين أبى بكر وخالد بن سعيد إذ مر بقبر
أبى أحيحة أبى خالد فقال أبو بكر يا رسول الله ان هذا لقبر رجل عظيم
الجمرة يوم القيامة فقال خالا والله يا رسول الله ما سرني انه كأبى قحافة وانه
في أعلى عليين فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى رد بيده على
فيه ثم قال يا أبا بكر لا تؤذين مسلما بكافر
(فصل)
ومن كتاب الكشف والبيان عند قوله تعالى في سورة النساء
(ويستفتونك قل الله يفتيكم) في الكلالة وقال محمد بن سيرين نزلت
هذه الآية والنبي صلى الله عليه وآله في مسيره إلى حجة الوداع والى
جنبه حذيفة والى جنب حذيفة عمر ولقاها النبي صلى الله عليه وآله حذيفة
12

فلقاها حذيفة عمر فلما استخلف عمر سأل حذيفة عنها رجاء أن يكون
عنده تفسيره فقال له حذيفة والله انك لأحمق ان ظننت ان امارتك تحملني
على أن أحدثك فيها بما لم أحدث يومئذ لقانيها رسول الله صلى الله عليه
وآله فلقيتكها كما لقانيها والله لا أزيدك عليها شيئا ابدا فقال عمر لم أرد
هذا رحمك الله ثم قال عمر اللهم من كنت بينتها له فإنها لم تبين ومن فهمها
فانى لم افهمها وقال طارق بن شهاب اخذ عمر كتفا وجمع أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وآله وقال لأقضين في الكلالة قضاء تحدث به النساء
في خدوره فخرجت حينئذ حية من البيت فتفرقوا فقالوا لو أراد الله
ان يتم هذا الامر لأتمه قال وخطب عمر الناس يوم الجمعة فقال إني والله
لا ادع بعدي شيئا هواهم إلي من الكلالة سالت النبي صلى الله عليه وآله
عنها فما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيها حتى طعن في فخذي وقال
تكفيك آية السيف.
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله تعالى انك إذا اعتبرت هذا
النقص في القريحة تارة وفي الكسب أخرى وقرنت إلى ما نطق به معلوم
السيرة ونبهت عليه انفا من حال أمير المؤمنين عليه السلام عجبت ورأيت
ان كل مغبون إذا فكر سأل بما جرى إذ كيف تقلبت به الحال لا يداني
به مظلمة مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وان غبنه مغمور فيما انساق
أمر مولانا إليه وأقرر هذا مبالغا فأقول ان الله تعالى قال في اخر الآية
(يبين الله لكم ان تضلوا) اي لئلا تضلوا إذا عرفت هذا تنبهت على
13

ان الفهم بطئي إذ مع كون الإرادة الإلهية متعلقة بالافهام ما فهم من فهم
ولا دري من دري فكيف به عند شئ لا يقترن بهذا الإرادة الموقظة
عن الأذهان الهادية إلى سبيل البيان ثم إن الامر في الآية جلي منصوص عليه فيها وهو ان الكلالة الاخوة حسب ما تضمنته الآية وأوضحته وان قيل إنما التبس عليه بمجرد اللغة فيها قلت ممنوع لان أبا بكر كان يقول
الكلالة من عدا الولد وكان عمر يقول من عدا الولد والولد فالا شكال
عليه إنما كان في موضع الوضوح لا فيما عداه وأيضا فان بعض الأشياخ
الفاضلين حكى عنه لما جرى حديث الأب عنده قال وما هذا التكلف
إذا عرفت هذا وما قبله بان لك ان المعنى للمشتبه عليه هو حلي في الآية
واضح في التنزيل اضربنا عن هذا فان الآية شارحة بنفسها للمراد من الكلالة
وكفى بهذا في ايضاح المعنى منها والذي تقرر ان الاشكال على المشار إليه
كان في غير موضحة حسب ما أشرت إليه كون رسول الله غلظ عليه سواله
وطعن في فخذه فلو كان الامر محتملا للسؤال ما كان لطف الرسول ورأفته
ومؤبد تسليكه قاضيا بالغيض والظعن الفخذه ثم إن الله تعالى لما عرف
ما عزم عليه من تفسير الكلالة اخرج حية منعت من ذلك علما منه بما
تؤل الحال من الخلل إليه وأزيدك في تعرف معنى الغبن فأقول ظاهر
ولا خلاف في أن الثاني كان كثير التعلم من مولانا أمير المؤمنين عليه
السلام والاخذ عنه والاستفادة منه تارة في التدبيرات الدنيوية وتارة
في المسائل الشرعية اما في التدبيرات الدنيوية فإنه لما نخيل لعمر المسير
14

إلى العراق للغزو منعه وعرفه وجه المصلحة في ذلك فاتبعه ومن جنس
ذلك ما جرى في عزمه على اخذ مال الكعبة لتقوية المجاهدين وهذا
التنبيه جار في باب الدين وهذا المعنى باب وسيع جدا ومن غريبة قصة
أثبتها من خاطري وقد تختلف صورتها مروية عن الحكم بن مروان عن
خير بن حبيب قال نزلت بعمر بن الخطاب نزلة قام لها وقعد وترنح وتفطر
ثم قال أيها الناس ما عندكم فيها قالا يا أمير المؤمنين أنت المرجع واليك
المفزع (قال يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا)
قال عبد الله بن إسماعيل عرف انهم مدحوه بغير صفته وحلوه بغير
حليته فلما رأى قول الاستهزاء منهم قال فقال لهم اما والله انكم لتعرفون
ابن نجدتها الخبير بها قالوا ومن ذاك كانت تشير إلى علي ابن أبي طالب
عليه السلام فقال فانى يعدل به عنه وهل طفحت حرة بمثله قالوا فلو دعوته
فأتاك قال هناك شمخ من هاشم ولحمة من الرسول وأثرة من علم يؤتى لها
ولا يأتي قال فتوجهوا إليه فوجدوا في بستان له يتركل على مسحاة وهو
يقرء (أيحسب الانسان ان يترك سدى ألم يك نطفة من منى بمنى
ودموعه تهمى على خذيه فتركوه حتى فرغ من بكائه ثم سأله عمر المسألة
فأصدر إليه جوابها فلوا عمر يديه وقال اما والله ان الحق أرادك ولكن
قومك أبو أعليك فقال له أمير المؤمنين خفض عليك من هنا وهنا أبا حفص
(ان يوم الفصل كان ميقاتا) فاظلم وجهه كأنما ينظر من ليل
ومن افراد مسلم ان عمر سال أبا أوفى عما قرء به رسول الله صلى
15

الله عليه وآله في صلاة العيد فقلت (اقتربت الساعة) و (ق والقرآن
المجيد)
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله تعالى إذا اعتبرت هذه القصة
تأكد الغبن بيان ذلك أنه اما أن يكون للمشار إليه نية في تحصيل
الأحكام الشرعية أولا فإن كان الأول فأين هذه الفطنة من قريحة من
كان تلميذه المقصر عنه يسمع الكلام فيحفظه بمجرد قريحته من غير
قصد إلى حفظه أو غرض في احرازه وإن كان الثاني من كونه لا نية له
في نقل الأحكام الشرعية أشد في غبن من كان في عكس هذه
النقايص تماما وفى روح الفضائل إماما ولمتفرقها في أقطار الفلوات قلوب
الخواص نظاما
ففيه ما فيهم لا يمترون به * وليس في القوم ما فيه من الحسن
علمه في مجلس واحد * الف حديث حسب الحاسب
كل حديث من أحاديثه * يفتح ألفا عجب العاجب
من كان الف احمد يوم الوغا * جلدة بين العين والحاجب
ومن ذلك نهيه عن المغالاة في المهور حتى نبهته المرأة بقوله تعالى
(وان آتيتم إحديهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) فقال كلكم أفقه من
عمر حتى النساء
ومن (الجمع بين الصحيحين) من مسند عمار بن ياسر أنه قال لمجنب
لا تصل فنبه عمار بأنهما كانا في سرية فلم صيل عمر أمانا فتمعكت في
16

التراب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما صورة إنما يكفيك ان
تضرب بيديك ثم تنفخ ثم تمسح وجهك وكفيك واللفظ أولا لي
قال عبد الله بن إسماعيل إذا اعتبرت هذه القصة تأكد عجبك
لوجوه منها ان آية التيمم مذكورة في سورة شهيرة متلوة متكررة فكيف
خفيت عمن خفيت عنه ومنها ما يرجع إلى القريحة وكون هذه القصة جرت
له وجرى فيها تردد وبعدت منه إذا المسائل إذا تردد فيها النزاع حفظتها
القرابح الجامدة واحتوت عليها نيران الفطنة الخامدة
ومن كتاب أبي إسحاق عند قوله تعالى في سورة براءة (والسابقون
الأولون من المهاجرين والأنصار) ما صورته ويروى ان عمر ابن الخطاب
قراء (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم
باحسان) برفع الراء وبغير واو في الذين فقال له ابن بن كعب إنما هو
رسول الله والذين اتبعوهم باحسان وانك يومئذ تبيع القرص ببقيع الفرقد
فقال صدقت حفظتم ونسينا وتفرغتم وشغلنا وشهدتهم وغبنا ثم قال عمر
لأبي أفيهم الأنصار قال نعم ولم يستأمر الخطاب ولا بنيه فقال عمر كنت
أظن انا قد رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا الغرض من هذه القصة
قال عبد الله بن إسماعيل وإذا اعتبرت ما حوته هذه القصة تأكدت
المعرفة بغبن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في تقدم هذا عليه بيان
ذلك عدم المعرفة بتنزيل هذه الآية ثم بيان كون أبي قال له انه قرأتها
17

على رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت تبيع القرص ببقيع الفرقد فصدقه
وكان ذلك قريبا من موت رسول الله صلى الله عليه وآله إذ سورة براءة
آخر ما نزل من السورة فانظر كيف تقلبت الحال حتى صار مع ضعف
الوسائل تارة بالنقص في العلوم وتارة بعدم البسالة وتارة برقة الحال وتارة
بمناظر في أن التنزيل كما قال وليس الامر كذا إلى أن صار رئيسا لمن
زلت طائفة من العقول لطفه فتهمته الها معبودا وربا موجودا نعوذ
بالله تعالى من مقالتهم وسوء طريقتهم ومما يشبه قول أبى في ربيع القرص
ما روى أن أبا بكر حض الناس على الجهاد فتثالوا قال عمر لو كان
عرضا قريبا الآية فقال له خالد بن سعيد بن العاص يا بن أم عمر ألنا تضرب
أمثال المنافقين والله لقد أسلمت وان لبني عدي صنما إذا جاعوا أكلوه وإذا
شبعوا استأنفوه
ومما يلحق بهذا ما روى من أن نسوة رأين عمر راكبا ومعاوية ماشيا
فقلن الا تعجبن عمر راكب وابن هند ماش
ومن ذلك ما رواه المؤرخون من كونه حفظ سورة البقر في اثنى عشر
سنة وقيل في سبع عشر سنة ومن روى الرواية الأولى قال إنه لما
حفظها نحر جزورا
قال عبد الله بن إسماعيل ان القول في هذا كما قيل في جنسه من أنه
إن كان هذا قدر القريحة فغريب أو قدر الاهتمام فعجيب ويمكن ان يقال إن
نحر الجزور يدل على الأول لان النحر يدل على شدة السرور بحفظها
18

وشدة السرور بحفظها امارة اهتمامه بها (فاعتبروا يا أولى الابصار)
ومن ذلك ما روى أن عمر علل اخراج ولده عبد الله من الشورى
لأنه عجز عن طلاق امرأته وصورة ذلك أنه طلقها حايضا رواه البخاري
عن سليمان بن حرب ورواه مسلم عن عبد الرحمن بن بشر عن بهر كلاهما عن
شعبة ورواه الواحدي في الوسيط باسناده إلى سبعة عن انس بن سرين
قال سمعت ابن عمر يقول طلق ابن عمر امرأته وهي حايض فذكر ذلك
عمر النبي صلى الله عليه وآله فقال مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها ان شاء قلت فيحتسب بها قال فمه
قال عبد الله بن إسماعيل إذا منع ادخاله في الشورى وهو تشبث
بالخلافة كون عبد الله ما عرف طلاق امرأته فليكن عدم المعرفة بمقدار
المهر أولى من التشبث بها والزم في عدم التحصيل لها وإنما قلت ذلك لان
عقد المحلول أيسر من حل المعقود وإذا كان عمر عجز عن معرفة قدر
المهر حسب ما سلف غاليا وهو أحد لوازم العقد المتيسر فليكن أبعد من
الخلافة بمراتب ممن عجز عن حل العقد المتعسر والله أعلم
ومن ذلك ما رواه الواحدي في كتاب الوسيط عند قوله تعالى
(ولا تصل على أحد منهم مات) قال أخبرنا الفضل بن إبراهيم الصوفي
أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه أخبرنا أبو بكر أخو أبى الليث حدثني السكوني حدثني أبو أسامة عن عبد الله بن عمر وعن نافع عن ابن عمر قال
لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله
19

ان يعطيه قميصه يكفن فيه ابه فأعطاه إياه ثم سئله ان يصلى عليه فقام
رسول الله صلى الله عليه وآله فصل عليه فقام عمر بن الخطاب فاخذ
بثوب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله تصلي عليه فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله إنما خيرني الله فقال (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) فأنزل الله عز وجل (ولاتصل على أحد منهم مات ابدا)
الا أنه قال الواحدي بعد هذه رواه البخاري عن عبيدة بن إسماعيل
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة كلاهما عن أبي أسامة ونقلت من
كتاب السدي في تفسير القرآن بعد كلام ذكره يتعلق بعبد الله بن أبي
ان النبي صلى الله عليه وآله اعطى ولده قميصه التحتاني فكفن فيه ثم قال ما صورته تقدم النبي صلى الله عليه وآله ليصلي عليه فقام عمر بين يديه ليحول بينه وبين الصلاة عليه فقال يا رسول الله صلى الله عليه
اتصلي عليه أليس هو صاحب كذا وكذا فذكر النبي صلى الله عليه
وآله نحو ما روى في الحديث الأول من التخيير ومن تفسير الثعلبي فلما
أكثر عليه قال اخر عنى يا عمر فقد خيرت فاحترت
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله تعالى العدل في هذه القصة ان
يقال لا يخلوا الزاري على رسول الله صلى الله عليه وآله من أن يكون
عارفا تأييده بالله وعصمته وحراسته من الوهن وسلامته أولا فإن كان
الأول فالاقدام بالازارء اقدام على عين الخطا عمدا وإن كان غير عارف
بما وقعت به الإشارة فهو خطر فضيع ووهن شنيع ولهذا لواحق مذكورة
20

في مطانها مثبتة في أوطانها
وروي الواحدي في كتاب الوسيط مرفوعا عند آية الحجاب من سورة
الأحزاب إلى أن قال قال عمر بن الخطاب يا رسول الله تدخل
عليك من الناس البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل
الله آية الحجاب قال الواحدي رواه البخاري عن مسدد
قال عبد الله بن إسماعيل وروى الثعلبي رفعه إلى عائشة قال
كان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى عليه وآله احجب
نساءك فلم يفعل وكان أزواج النبي صلى الله عليه وآله يخر جن ليلا إلى
ليل إلى المصانع وهو صعيدا فيح فخرجت سودة بنت زمعة وكانت
امرأة طويلة فرآها عمرو وهو في المجلس فقال قد عرفناك يا سودة حرصا
على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب وسيأتي عند سورة التحريم
شئ يتعلق بهذا انشاء الله تعالى
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله الآيات والآثار في وجوب
بسنن رسول الله صلى الله عليه وآله موجودة فما هذا الالتزام لاقدام
عليه بالتكبر وعلى زوجته بالتهجم الكبير (لقد كان لكم في رسول
الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله قل ان كنتم
تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وقد ثبت في الحديث المروي من جهة
القوم أوردنا في عدة مواضع من أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال
الحق مع علي وإذا كان أمير المؤمنين تبع رسول الله صلوات الله عليهما وبعض
21

أمته على الحق مطلقا فما ظنك بسيده رسول الله صلوات الله عليه وآله
وإذا كان الامر على هذه القضية لاجرم تحقق كون من رد على رسول
الله مغلطا له مصوبا بسهام الطعن إليه واليه
ومن كتاب (الكشف) في تفسير سورة الفتح قال بعد كلام فقال
عمر والله ما شككت منذ أسلمت إلى يومئذ فاتيت النبي صلى الله عليه وآله فقلت الست رسول الله قال بلي قلت السنا على الحق وعدونا على
الباطل قال بلى قلت فلم تعطى الدنية في ديننا قال إني رسول الله ولست
أعصيه وهو ناصري قلت الست تحدثنا انا سنأتي البيت ونطوف به قال
بلى هل أخبرتك انك تأتيه العام قلت لا قال فإنك ستأتيه وتطوف به قال قال ثم اتيت إلى ابن بكير فقلت أليس هذا نبي الله حقا قال بلى
قلت السنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قلت فلم نعطى الدنية
في ديننا اذن قال أيها الرجل انه رسول الله وليس يعصى ربه فاستمسك
يعزره حتى تموت فوالله انه لعلى الحق قلت أوليس كان يحدث انه يأتي
البيت ويطوف به قال أو أخبرك انه يأتيه العام قلت لا قال فإنك اتيه
ومطوف به وروى في الجمع بين الصحيحين مثله.
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله تعالى إذا عرفت هذا تأكد
انطوائك على معرفة الغبن لمولانا أمير المؤمنين في تقديم هذا الشاك وهو
القائل الصادق بتصديق رسول الله له فيما يشير إليه لو كشف الغطاء ما ازددت
يقينا فأين ذلك النقص من هذا الكمال وأين ذلك الشك من هذا اليقين
22

أكثر ما يقال إنه أظهر التوبة مما قال لكم الرجوع عن العقيدة المنجية
الاسلامية حصل ثم انك إذا اعتبرت فنون ما رويته وأرويه وأغفلته مما
يعرفه النبيه رأيت المعنى من ذلك ما أشبه الليلة بالبارحة والغادية بالرايحة
من تردده في الأمور وشكه في دبير الرسول الميمون المبرور
ومما يشبه هذه القصة ما رواه الواحدي في كتاب (الوسيط) عند سورة
التكاثر عند قوله (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) قال أخبرنا أبو نصر
أحمد بن محمد بن إبراهيم أخبرنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد أخبرنا عبد
الله بن محمد المنيعي حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد حدثنا هشام
ابن عبد الملك حدثنا حشرج بن نباتة حدثنا أبو نصير عن أبي عسيب قال
خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ليلا فدعاني فخرجت إليه ثم مر بابى
بكر فدعا فخرج إليه ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه ثم انطلق يمشى ونحن
معه حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فقال لصاحب الحايط أطعمنا بسرا
فجاء بعذق فوضعه فاكل رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ثم دعا
بماء فشرب ثم قال إنكم لمسؤولون عن هذا يوم القيامة فاخذ عمر العذق
فضرب به الأرض حتى تناثر البسر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله
ثم قال انا المسؤولون عن هذا يوم القيامة قال نعم الا عن ثلث خرقة
يوارى الرجل بها عورته أو كسرة يسد بها جوعته لو حجز يدخل فيه من
الحر والبرد
23

قال عبد الله بن إسماعيل وهذه القصة إذا اعتبرتها وتيقنت ما حوته
زادت بصيرتك في معرفة الغبن لمن كان الايمان مخالطا للحمه ودمه وكان
من امن الزلل في أبلغ ذرى معاقل عصم جرمه أول امره في ذلك كالاخر
وسالفه كالغابر ولذلك مظان من طرق القوم مفهومة ومحال معلومة يفهمها
المقصر فضلا عن اللاحق ويشترك فيها المسوف والسابق
قال عبد الله بن إسماعيل قال أبو إسحاق الثعلبي عند تفسير سورة
الفتح في سياق كلام عن عمر فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله ليبعثه
إلى مكة فقال يا رسول الله انى أخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من
بنى عدى بن كعب أحد يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي
ولكن أدلك على رجل هو أعزبها منى عثمان بن عفان فدعا رسول الله صلى
الله عليه وآله عثمان فبعثه
قال عبد الله بن إسماعيل يأمر رسول الله شخصا عن أمر الله
فيحاجان ويناظران بيان الأول بالسيرة وبيان الثاني بقوله (وما ينطق عن
الهوى) هذا فظيع من الامر ويؤيده (قالوا يا شعيب إنا لتراك فينا
ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز قال يا قوم أرهطي أعز
عليكم من الله واتخذتم ورائكم ظهريا ان ربى بما تعملون محيط)
ولو قلت طائي النار أعلم انه * رضى لك أو مدن لنا من وصالك
لقدمت رجلي نحوها فوطئتها * هدى منك لي أو ضلة من ضلالك
هذا فيما يرجع إلى الدين واما ما في ذلك من معاني الخور فإنه قلادة
24

هذه القصة وجلبابها وحليتها وخضابها وليست هذه الخلة من شعار من
تقدم عليه وذوي قرابته في شئ ليوث الأجناس ابطال المراس
مقاديم وصالون في الحرب خطوهم * بكل رقيق الشفرتين يماني
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم * لاية حرب أم باي مكان
قال عبد الله بن إسماعيل قد رأيت أن أذكر ههنا قصة لايقة قال
عمر بن الخطاب لانس بن مدرك لقد رأيتني يوم عكاظ والرمح في يدي
وانا في طلبك فقال له أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تكون أدركتني
يومئذ قال ولم قال لو أدركتني لم تكن للناس خليفة
قال قال عبد الله بن إسماعيل قال ذلك معرفة منه بضعف العزائم وفشل
القلب الخائم.
ومن كتاب الكشف) عند تفسير سورة الحجرات عند قوله تعالى
(ولا تجسسوا) قال ابن إسحاق وأخبرني ابن فتحويه أخبرنا ابن حبش
أخبرنا علي بن ربخويه حدثنا سلمة حدثنا عبد الرزاق خبرنا معمر قال
اخبرني أبو أيوب عن أبي قلابة ان عمر بن الخطاب حدث ان أبا محجن
الثقفي في يشرب الخمر بيته هو وأصحابه فانطلق عمر حتى دخل عليه فإذا
ليس عنده الأرجل فقال أبو محجن يا أمير المؤمنين ان هذا لا يحل لك
قد نهاك الله عن التجسس فقال ما يقول هذا فقال زيد بن ثابت وعبد الله
بن الأرقم صدق يا أمير المؤمنين هذا التجسس قال فخرج عمر وتركه
قال عبد الله بن إسماعيل إذا اعتبرت ما تضمنته هذه القصة زادت
25

معرفتك بغبن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه من جهة هذا المتقدم عليه
حيث هو بمقام التقصير عما وصلت معرفة مشعوف بالخمر وغيره من الصحابة
بيان شعف ابن أبي محجن قوله
إذا أمت فادفني إلى جنب كرمة * ثروى عظامي بعد موتى عروقها
ولا تدفنني في الفلات فإنني * أخاف إذا ما مت ان لا أذوقها
وتقرير هذه القصة من غرضي لان الرئيس في معنى يتعين أن يكون
عارفا به مالكا أعناق عذبه ولا شبهة في كون التقدم على جميع الأصحاب
تقدما دينا ومن أقوى أسباب الدين المعرفة بما تضمنته آيات الكتاب
فإذا فقد العلم بتلاوتها فقد أشكل تقدمه على جميع الأصحاب لكون
الاحكام تأتى فجاة فيحتاج إلى تدبير حاضر وإذا ضممت إلى هذا
وجد وتناهض بأعبائها مطلع على خفاياها وتقدم من لا يداني ذلك زاد
تعجبك وتعتبك
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * ولا سراة إذا جهالهم سادوا
ومن سورة الامتحان عند قوله تعالى (يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا
عدوى وعدكم أولياء) الآية ذكر الثعلبي قصة مطولة من معناها ان
سارة مولاة أبى عمرو ابن صيفي بن هاشم بن عبد مناف سلم إليها حاطب بن أبي
بلتعة كتابا إلى أهل مكة بوذنهم بتوه رسول الله صلى الله عليه
وآله إليهم وأعطاها عشرة دنانير وقيل عشرة دراهم فامر رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وعمر وطلحة وزبير في آخرين بالخروج إليه واخذ
26

الكتاب منها عن أمر الله تعالى فتوجهوا فوجدوها بروضة خاخ (*)
فسألوها عن الكتاب فجحدت فهموا بالرجوع فقال علي صلوات الله عليه
والله ما كذبت ولا كذبت وسل سيفه وقال أخرجي الكتاب والا
والله لأضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها وقد خباته في
شعرها فخلوا سبيلها ولم يتعرضوا لها حسب أمر رسول الله صلى الله عليه وآله
قال عبد الله بن إسماعيل هذه القصة إذا اعتبرها وجدتها مشكلة
جدا في جانب من شك في صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وان
سارة الكافرة أصدق من النبي صلى الله عليه وآله فيما أشار إليه لكن
أمير المؤمنين عليه السلام عرف الله تعالى ورسوله فبنى على ما أوعز إليه
رسول الله فكشف الحال في صدق المقال وقد أنشدت في هذا بيتين
لي فيهما تصرف
لا تحسبنه وان بدت خدع * يرضى الخدوع ويقبل العذلا
لو كنت أنت وأنت مهجته * واشى رضاك إليه ما قبلا
ومن سند أحمد بن حنبل مرفوعا إلى أبى حرب بن الأسودان عمر
اتى بأمره وضعت لستة أشهر فهم برجمها فبلغ ذلك عليا عليه السلام فقال
ليس عليها رجم فبلغ ذلك فأرسل إليه فسأله فقال علي (والوالدات يرضعن
أولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة) وقال (حمله
وفصاله ثلاثون شهرا) فستة أشهر حمله وحمولين تمام لاحد عليها وان

* بين مكة والمدينة
27

شئت لا رجم عليها قال فخلي عمر سبيلها ثم ولدت بعد الستة أشهر
قال عبد الله بن إسماعيل وسوف يأتي في اخبار الثالث كلام في مثل هذا
(فصل)
ومن كتاب السدى عند قوله تعالى (يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا
اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم)
الآية وما يعقبها (*) بها قال لما أصيب أصحاب النبي صلى الله
عليه وآله بأحد قال عثمان لألحقن بالشام فان لي به صديقا من اليهود
يقال له دهلك ولا خذن منه أمانا فانى أخاف ان تدال علينا اليهود وقال
طلحة بن عبيد الله لأخرجن إلى الشام فان لي صديقا من النصارى قال
السدى أراد أحدهما ان يتهود والاخر أن يتنصر قال فاتى طلحة النبي صلى
الله عليه وآله وعنده علي بن أبي طالب عليه السلام فاستأذنه طلحة في
المسير إلى الشام وقال إن لي بها مالا اخذوه فقال النبي صلى الله
عليه وآله من الاستيذان فغضب علي فقال يا رسول الله ائذن لابن
الحضرمية فوالله لا عز من نصر ولا ذل من خذل قال السدى والمرض
الشك والفتح الظهور عليهم والامر الذي من عنده أجزيه ثم ذكر قول

* ما يعقبها " إن الله لا يهدي القوم الظالمين: فترى الذين في
قلوبهم مرض ساعون فيهم يقولون تخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن
يأتي بالفتح أو أمر من عند فيصبحوا على ما أسرفوا في أنفسهم نادمين "
28

المؤمنين عند ذلك فيهم (ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين اقسموا بالله
جهد ايمانهم انهم لمعكم حبط أعمالهم) يعنى أولئك بقوله انه يحلف
لكن انه مؤمن معكم فقد حبط عمله بما دخل فيه من أمر الاسلام
حين نافق فيه
ومن سورة الأحزاب قال السدى عند قوله تعالى (وما كان لكم
ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا أزواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان
عند الله عظيما) لما توفى أبو سلمه وحبيش بن حذافة وتزوج رسول الله
صلى الله عليه وآله امرأتيهما أم سلمة وحفصة وكانت تحت حبيش قال
طلحة وعثمان أينكح محمد نسائنا إذا متنا ولا ننكح نسائه إذا مات والله
لئن مات لأجلنا على نسائه بالسهام قال كان طلحة يريد عايشة وعثمان يريد
أم سلمة فأنزل الله تعالى (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا
أزواجه) الآية وانزل (ان تبدوا شيئا أو تخفوه فان الله كان بكل شئ
عليما) وانزل (ان الذين يؤذون الله رسوله لعنهم الله في الدنيا
والآخرة واعد لهم عزابا مهينا)
قال عبد الله بن إسماعيل إذا تبينت ما حواه التنزل في هذه الآيات
بل وان لم تتأمل عرفت من غبن الباطل لمولانا أمير المؤمنين صلوات الله
عليه ما تعرف به جليا ان المراتب الدنيوية ليس معللة في طردها بالأهلية
وانها تجرى مجرى الحوادث الاتفاقية تضع الرفيع وترفع الوضيع ولذلك
شرح أشرت إليه عند شئ اقتضاه وبسطت القول في معناه
29

هون عليك يكون ما هو كائن * قاضى القضاء وجفت الأقلام
كم من ضعيف العقل منهتك القوى * ما عنده نقض ولا ابرام
قد مالت الدنيا الهى بسيبها * فعليه من رزق الاله ركام
ومهذب ندب أريب حازم * مرس له فيما يروم مرام
أعي عليه طلابه فكأنها * فيما يحاوله عليه حرام
شتان بينهما إذا ما قويسا * عجبا لما تأتى به الأيام
ولولا أن الامر جار على ما ذكرت والا فكيف كان يقدر أن يكون
الثالث متقدما على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه صلوات
الله الذي عرف الحق بشهادة الرسول فقصد إليه لا تثنيه عنه الحوادث
الصادقة ولا تلويه عن سننه الخطوب الصارفة ولا لوية عن سننه
الخطوب الصارفة ولا يستوحش من سلوك
سبيل الحق وان انفرد فيه ولا يتهيب مجال الصواب وان أقفرت مفانيه
مستمرا ذلك مع الرسول وبعد وفاته منذر التشبيه إلى حين انقضاء
أوقاته والوجه في ذلك أن كوشف بالاسرار فمضى في مكاشفته
ونظر اليقين في أفق بصيرته فمضى على طريقته وهذا أحد الأسباب الذي
اقتضى صرف الملك التمام الدنيوي عنه وابعاده منه الان الغالب مائل إلى
زهرات الدنيا الفانيد يخضمها قاصد خضراء بهجاتها يقضمها ولا يضمها
فشرع يحمى بحدود يقينه عنها ويباعد الغرور بن منها فوتره الأكثر
وهجره الغالب واجتمعت عليه لذلك الكتائب فلم ينقض ذلك سور
عزمه في منابذتهم ولا ضعف متن حزمه في محاربتهم فناهدهم بكتائب
30

الجلد قبل وسهامهم شفار المشرفيات الحداد
تخاله أسدا يحمى العرين إذا * يوم الهياج بابطال الوغى زحفا
يحفه الزع والنصر للذان هما * كانا له عادة ان سار أو وقفا
عوائد لأبي السبطين ظاهرة * برغم كل حسود مال وانحرفا
ومن تفسير السدى عند سورة النور عند قوله تعالى (ويقولون آمنا
بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك
بالمؤمنين) قال السدى نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وعثمان
لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله بنى النضير وقسم أموالهم فقال
عثمان لعلي أثنت رسول الله فأسئله ارض كذا وكذا فان أعطاكها
فانا شريك فيها وآتيه انا فسئله إياها فان أعطانيها فائت شريكي فيها (*) فأعطاه إياها فقال علي أشركني فأبى عثمان ان يشركه فيها فقال
بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وآله فأبى ان يخاصمه إلى النبي
صلى الله عليه وآله فقال هو ابن عمه أخاف ان يقضى له فأنزل الله تعالى
فيه (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون
وان يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا)
الآية القصة فبلغ عثمان انزل فيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فاعتذر
إليه وأقر بالحق وقال والله امرتني ان اخرج منها وادفعها إليه لفعلت

* الظاهر هنا سقط ويصلح، أن يكون - فسأل عثمان النبي
فأعطاه إيها الخ
31

فأنزل الله تعالى (واقسموا بالله جهد ايمانهم لئن امرتهم ليخرجن قل
لا تقسوا طاعة معروفة ان يطيع الله فيما يؤمر به
ولا يخلف
قال عبد الله بن إسماعيل القدح بهذه الآيات ظاهر جدا وليس قوله
للرسول صلى الله عليه وآله ان امرتني ان اخرج منها وادفعها إليه فعلت
مخرجا من عهدة المحذور سالبا بثوب الخطر منهنها ضيق الغضب إذ كان
رسول الله صلى الله عليه وآله مع النوبة سلطان الملك وبسطة العز فالولي
والعدو من رعيته طوع امره راهبون فروغ زجره ويبقى على القائل
محذور الآيات على صريح معناه وتلويح فحواه وفى بذلك وهنا وعلى مولانا
أمير المؤمنين حيث تقدمه مثله غبنا خاصة إذا تعلقت ما شهدت به العقول
وواضحة في صفحات الصحف المنقول فمن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل
في مسنده مرفوعا إلى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال سمعته
يقول ليس من آية في القرآن (يا أيها الذين آمنوا) الا وعلي رأسها
وأميرها وشريفها ولقد عاتب الله عز وجل أصحاب محمد صلى الله عليه
وآله في القرآن وما ذكر عليا الا بخير وروى نحو هذا من طريق أبى
نعيم مرفوعا
ومن سورة الأحزاب قال أبو إسحاق الثعلبي وأخبرني عقيل إجازة
أخبرنا أبو الفرج وأخبرنا ابن وهب
حدثني ابن أبي ذويب عن ابن قسط عن نعجة بن بدر الجهني ان امرأة
32

منهم دخلت على زوجها وهو رجل منهم أيضا فولدت لستة أشهر فذكر
ذلك زوجها لعثمان بن عفان فامر بها ان ترجم فدخل عليه علي بن أبي طالب
فقال إن الله تعالى يقول في كتابه (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال (وفصاله في عامين) قال فوالله ما عند عثمان ان يبعث إليها ترد
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله تعالى اعتبر أيها المصنف هذا
الخلل عند هذا القصة ترة بعدم المعرفة بالحكم وهو موجود في آيات
الكتاب يعيها فطن أولى الا باب وتارة بالاقدام على قتل امرأة
رجما بالحجارة من غير سبيل حجة أو وضوح محجة ثم باقدامه على القذف
بالفاحشة والوزر به عظيم والخطر به جسيم ويتقدم مع هذا النقص في العلم
تارة وفي الدين أخرى على مالك زمان لمعارف بيديه المنزه عن الوهل
بما دلت الآيات والسنة عليه وقد رأيت أن أشير إشارة خفية إلى باهر
علم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وهي عند الاعتبار جلية في كمال علمه
وتمام فهمه
روى اخطب خطباء خوارزم في كتابه (المناقب) حديثا مرفوعا
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ومنه قول النبي صلى الله عليه وآله
لام سلمة عن علي عليه السلام سجيته من سجيتي ولحمه من لحمي ودمه من
دمى وهو عيبة علمي اسمعي واشهدي لو أن عبدا عبد الله الف عام بين
الركن والمقام ثم لقى الله لعلي لا كبه الله على منخريه في نار جهنم
لم يبل ذو العقل الذي * جارت عليه صروف دهره
33

ببلية أشجى له من * جاهل يزرى بقدره
تمضى حكومته عليه * بجهله ونفاذ امره
ومن سورة الفتح من كتاب (الكشف والبيان) تصنيف أبي إسحاق
الثعلبي قال في سياق كلام ما صورته قالوا وكان رسول الله صلى
الله عليه وآله عهد في نفر سماهم أمر بقتلهم وان وجدوا تحت ستار الكعبة
منهم عبد الله بن سعيد بن أبي سرح بن حبيب بن نصر بن مالك بن
خبيل بن عامر بن لوى وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتله انه
كان أسلم وارتد مشركا ففر إلى عثمان وكان أخا له من الرضاعة فغيبه حتى أن
رسول الله عليه وآله بعد أن اطمان أهل مكة فاستأذن له
فصمت رسول الله صلى الله عليه وآله طويلا ثم قال نعم فلما انصرف
به عنهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لمن حوله من أصحابه أم والله لقد
صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الأنصار فهلا أو مات
إلي يا رسول الله فقال إن النبي لا يقتل بالإشارة
قال عبد الله بن إسماعيل صدق الله العظيم (لا تجد قوما يؤمنون بالله
واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم
أو إخوانهم أو عشيرتهم) ويتأيد فضل مولانا أمير المؤمنين وتميزه من غيره
عند هذا ما روى من أن أم هاني لما اوت في غزاة الفتح الحرث بن هاشم
في آخرين قصدها أمرا لها باخراج من اوت قال الرواى فجعلوا يذرقون
كما تذرق الحبارى خوافا منه قلت ومن كانت السباع تفده حاد القران عنه
34

فهو كما وصفه العارف به
يقرن أرواح الكماة بالردى * لذتاك حاضت دونه اقرانه
تبكى الطلى ان ضحكت أسيافه * ويرتوي ان عطشت سنانه
ترى سباع البيد تقفوه اثره * لأنها يوم الوغى ضيفانه
ومن كتاب (الكشف والبيان) عند سورة النجم عند قوله تعالى
(أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى) إلى اخر المعنى قال
الثعلبي انها نزلت في عثمان رواه عن ابن عباس والكلبي والمسيب بن
شريك وقد كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح قال له عندما كان ينفق
ويتصدق في الخير ما هذا الذي تصنع يوشك ان لا يبقى لك شئ فقال إن
لي ذنوبا وخطايا وانى اطلب بما اصنع رضى الله وأرجو عفوه فقال له
عبد الله اعطني ناقتك برحلها وانا اتحمل عنك ذنوبك كلها (*) واشهد
عليه وامسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة والنفقة فأنزل الله تعالى
(أفرأيت الذي تولى) يعني يوم أحد حين ترك المركز وأعطى يعنى
صاحبه قليلا وأكدى ثم قطع نفقته
قال عبد الله بن إسماعيل هذه القصة دالة على ضعف علم من عوتب
بانزالها وقرح بالفرار عن الفئة الباغية وصبي لها وروي من غير طريق
الثعلبي ان عثمان جاء بعد ثلاث فقال له النبي صلى الله عليه وآله لقد ذهبت

* الظاهر هنا سقط ويصلح أن يكون - فأعطاه إياها
وأشهد عليه الخ
35

فيها عريضة
قال عبد الله بن إسماعيل أين هذا الخور من حال البطل الباسل
الحلال حل المغوار الصائل قادح نا الحرب يزند عزمه مهلب جراتها برياح
حزمه مروى أوامها بسحاب دماء نصوله مطفئ جمرات فتنها يفيض
شؤبوب غمام مصقوله متعرضات شبا الرماح الخطية والسيوف المشرفية يلقاها
بنحره ويصادمها بصدره
لا يرهب الموت كشافا غيابته * لا يغمد البيض الا في حشي القمم
مستقبل الموت يبدو من مطالعه * مستدبر السلم خذن الصارم الخدم
حتى تمد العواسي كف ضارعه * طلق المحيا وفي العهد والذمم
قال أبو إسحاق الثعلبي في تفسير سورة آل عمران عند قوله تعالى
(ان يمسسكم قرح فقد مس القوم) الآية قال انس بن مالك انى رسول
الله صلى الله عليه وآله يومئذ بعلي عليه السلام وعليه نيف وستون
جراحة من طعنة وضربة ورمية فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله بمسحها
وهي تلتئم بإذن الله كأن لم تكن
كيف انزوت عن أبي السبطين نافرة * أعنة الملك وافى الدين من وهل
مردى الكتائب حيث الباس مختدم * بدر المعارف مبدي سرها الفصل
حاوي المناقب يرقى من معارجها * إلى الذرى غير هياب ولا وجل
درت له الشمس تبدو جد ضاحكة * وقد وهي قرصها في هوة الطفل
تزهو بطلعته الغراء سافرة * من بعد ما سربلت ثوبا من الخجل
36

كما بدت (*) في ضحياء كاسفة * بالنقع عند ورود الحادث الجلل
فللغزالة من أيامها عجب * ضدان عند وجود السلم والوجل
حمدا فللدهر اعذار يفوه بها * إذ لا يرى نفسه فاغتاض بالخوال
وهمة الزمن الفاني مقصره فنقصها بعلاه غير متصل
روي أبو إسحاق الثعلبي في كتاب (الكشف) عند سورة التحريم
فقال أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون قراءة عليه أخبرنا أبو
حامد بن الحسن الشرقي حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر
عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس قال لم أزل حريصا
على أن اسئل عمر عن المرأتين من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله
المتين قال الله عز وجل فيهما (ان تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) حين
حج وحججت معه فلما كنا في بعض الطريق عدل عمر وعدلت معه
بالإداوة فتبرز ثم اتاني فسكبت على يده فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين من
المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وآله اللتان قال الله تعالى (ان تتوبا
فقد صغت قلوبكما) فقال عمر واعجبا لك يا بن عباس قال الزهري كره
والله بما سئله ولم يكتمه قال هي حفصة وعايشة قال ثم اخذ يسوق الحديث فقال كنا
معاشر قريش قوما نغلت النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم
فطفق نسائنا يتعلمن من نسائهم قال وكان منزلي في بنى أمية بالعوالي
فتعظمت علي يوما امرأتي فإذا هي تراجعني فقالت وما تنكر ان أراجعك

* هنا سقط وتصحيح الوزن - كما بدت وهي في ضحياء كاسفة
37

فوالله ان أزواج النبي صلى الله عليه وآله ليراجعنه ولتهجره إحداهن
اليوم إلى الليلة قال فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت أتراجعين رسول
الله صلى الله عليه وآله قالت نعم قلت وتهاجره أحد يكن اليوم إلى
الليلة قلت نعم قلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر فتأمن ان
يغضب الله عز وجل لغضب رسول الله ولا تسأليه شيئا وسليني ما بدالك ولا يغرنك
ان جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله منك
يريد عايشة وكان لي جار من الأنصار نتناوب النزول إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فينزل يوما وانزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره
وآتيه بمثل ذلك قال وكنا نتحدث ان غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل
صاحبي ثم اتاني عشاء فضرب بابى ثم ناداني فخرجت إليه فقال حدث
أمر عظيم قلت ماذا جاء عسان قال بل أعظم من ذلك طلق رسول
الله صلى الله عليه وآله نسائه فقلت خابت حفصة وخسرت قد كنت
أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت
فدخلت على حفصة وهي تبكى فقلت أطلقكن رسول الله قالت لا أدري
وهو معتزل في هذه المشربة فاتيت غلاما له اسود فقلت استأذن لعمر
فدخل الغلام ثم خرج إلي وقال قد ذكرتك له فصمت فانطلقت حتى اتيت المنبر فإذا حوله رهط جلوس يبكى بعضهم فجلست قليلا حتى غلبني
ما أجد فاتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج فقال ذكرتك
38

له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني م
ا أجد فاتيت يعنى الغلام
فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج فقال قد ذكرتك له فصمت قال
فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال ادخل فقد اذن لك فدخلت
فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هومتك على زبل (1) قد اثر في جنبه فقلت أطلقت يا رسول الله نساءك فرفع رأسه إلي وقال
لا فقلت الله أكبر ثم ذكره له ما قال لامرأته وما قالت له امرأته فتبسم
رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت يا رسول الله فدخلت على حفصة
فذكرت ما قلت لها فتبسم أخرى فقتل استأنس يا رسول الله قال نعم
فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت فيه شيئا يرد البصر
الا اهبا (2) ثلاثة فقلت يا رسول الله ادع الله عز وجل ان يوسع على
أمتك فقد وسع الله على فارس والروم وهم لا يعبدون الله عز وجل فاستوى
جالسا ثم قال أفي شك أنت يا بن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم
في الحياة الدنيا فقلت استغفر لي رسول الله وكان أقسم ان لا يدخل عليهن
شهرا من موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل قال الزهري قال اخبرني
عروة عن عائشة قلت فلما مضت تسعة وعشرون ليلة دخل علي رسول
الله بدابي فقلت يا رسول الله انك أقسمت ان لا تدخل عليها شهرا فإنك
دخلت علي من تسع وعشرون من أعدهن قال إن الشهر تسع وعشرون

(1) جمع زبيل
(2) ككتب جمع اهاب وهو الجلد. وقيل الجلد قبل ان يدبغ
39

قال عبد الله بن إسماعيل هذا الحديث محتويا على غرائب إحداهما قوله
تعالى (فقد صغت قلوبكما) أي مالت وقوله (وان تظاهرا عليه) اي تعاونا عليه والظاهرة على رسول الله صلى الله عليه وآله خطر إذ هو
اذى له وأذاه شديد الوعيد بالنص وقوله (فان الله هو مولاه وجبريل
وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا) تبيين لشدة الواقع خوف الباري
جل جلاله بجلاله ثم بجبرئيل صاحب الوقايع ثم بأمير المؤمنين عليه السلام
بسيفه الصارم القاطع رواه الثعلبي ورفعه صاحب كتاب (الخصايص) إلى
النبي صلوات الله عليه وآله وهذا فضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام في
هذا الموضع لا توازى ومنقبة في الشجاعة والبسالة لا تضاهى ومنزلة رفيعة
في النجدة لا تدانى وان دافعت أيها الخصم عن الرواية فلا وجه له لثبوتها
من طريق أصحابك وان عاندت
سل الذواهب عن عزم ابن فاطمة * تخبرك الأضبط البطل
والبيض أصدق اخبار امكانتها * يوم اللقا ذرى الهمات والقلل
تدنى من الموت فالضرغام يألفها * ويكره السمر تقضيه عن الاجل
لو لم تسن ظبا الهندي خالسة * روح الفوارس تارات وبالاسل
لكن عزم أبى السبطين مقتنصا * مع المشية أرواحا ولم يصل
صلى الاله عليه جد جائرة لبادرة * موطئ الكرار بالقبل
ابدى بها بهجات النور ضاحكة * ويمهدها النور بالحوذان والنقل
40

فكل معنى إذا جلت محاسنه * فرع لتسليك ما ابداه من جمل
السيف والعلم والافضال صاحبها * والقول والنسب المياس في الحلل
والزهد في زهرات الأرض يشنؤها * كالشري شيب بريق الحية الأصل
والجد في خدمات الله مجتهدا * إذا تقاصرت الابدال عن عمل
سل النجوم السواري فهي عارفة بليلة في مدى ساعاته الطول
تهوى إلى الخافق الغربي مائلة * تبغى الهبوط وعزم الندب لم يملك
حال من الحسن والغراء مشرقة * والشهب قبل طلوع الشمس في عطل
قال عبد الله بن إسماعيل ولم يجز الاقتصار في الآية على ما تضمنته
من ذكر جلال الله تعالى إلى ذلك جميع ملائكته وسيفه وخليفته في خليفته حتى
أضاف الله تعالى ذلك جميع ملائكته في ارضه وسماواته من حملة
عرشه وسواهم ممن لا يحيط بهم غير العام لذاته ومن الاشكال على حفصة
ما أقرت به من مراجعتها لرسول الله صلى الله عليه وآله وهي مشاقة له
ومشاقة الرسول وبال ثم إن قوله تعالى (ضرب الله مثلا الذين كفروا)
أشار إلى أمر واقع وإن كان اللفظ لا يناسب القصد على من نزلت الآيات
بسببه فإنه لابد من ادخاله فيها التزاما بشرف لفظ القرآن ويكون ادخال
الرجال مفهما تكثير للفائدة
قال عبد الله بن إسماعيل ومن غرائب الحديث كون عبد الله بن عباس
الحبر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله يحمل مع عمر الإداوة مع باهر فضله
وشريف نسبه وسكوت عمر عن ذلك ثم يكون الحبر المعظم يسكب على
41

يديه الماء ومن الاشكال تكرار طلب الاذن وهو تهجم لا يحسن اعتماده
مع مماثل فكيف منه مع رسول الله صلى الله عليه وآله المؤيد بالتنزيل
الإلهي في سكونه وحركته ثم سؤاله للنبي صلى الله عليه وآله هل طلقت
نساءك ولا يليق ان يلتمس من الأماثل كشف اسرارهم فيكف بسيد
الأماثل رسول الله صلى الله عليه وآله ومن الاشكال قوله فقد وسع الله
على فارس والروم وفيه نوع تهمة للدين بيانه قوله النبي صلى الله عليه
وآله أفي شك يا بن الخطاب واستوائه جالسا وفيه امارة الاستفظاع بل
دليله ومن الاشكال ان المشار إليه التمس من الرسول صلى الله عليه وآله
الاستغفار وليس في الحديث انه استغفر له وكرم أخلاق رسول الله صلى
الله عليه وآله قاض بأنه لا يرد سائلا من غير عذر وقد أقر عمر بذلك
في انشاده مشيرا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض ما وقفت عليه
أخ لي اما كل شئ سئلته * فيعطى واما كل ذنب فيغفر
ومن الاشكال على عايشة في القصة تعريضها للرسول الصادق بتصديق
الله تعالى بأنه كذب مشافهة له بذلك عنه أول دخلة دخلها حتى اعتذر
بما تضمنته القصة
وقال الواحدي في كتابه (الوسيط) عند قوله تعالى (يا أيها النبي
لم تحرم ما أحل الله لك) ما صورته قال المفسرون كان النبي صلى الله عليه
وآله في بيت حفصة فزارت أباها فلما رجعت رأت مارية في بيتها مع
النبي صلى الله عليه وآله فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت وقالت
42

انى رأيت من كان معك في البيت وكان ذلك في يوم عايشة فلما رأى
النبي صلى الله عليه وآله في وجه حفصة الغيرة والكأبة قال لها لا تخبري
عايشة ولك علي الاقرار بها ابدا فأخبرت حفصة عايشة وكانتا متصافيتين
قال أبو إسحاق الثعلبي بد كلام ذكره وأخبرنا ابن حامد أخبرنا
أحمد بن محمد بن الحسن حدثنا علي بن الحسن حدثنا علي بن عبد الله حدثنا
حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريح قال زعم عطا انه سمع عبيد بن
عمير قال سمعت عايشة زوج النبي صلى الله عليه وآله تخبر ان رسول
الله صلى الله عيه وآله كان بمكث عند زينب بنت جحش ويشرب
عندها علا قالت فتواطيت انا وحفصة أيتنا دخل علينا النبي صلى الله
عليه وآله فلتقل ان أجد منك ريح مغافير فدخل على إحديهما فقالت
له ذلك فقال بل شربت عقلا عند زينب بن جحش ولن أعود فنزلت
(يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) الآية وقال أبو إسحاق بعد كلام
ذكره يقتضى تخصيص عايشة بالتلاعب بالنبي صلى الله عليه وآله فقلن
له انا نشم منك روايح مغافير لتصده عن حفصة وكان دخل إليها فتسقيه
العسل فأرادت منعه بذلك وحكى ما يقتضى تخصيصا بحفصة في هذه القصة
قال وقالوا ان النبي صلى الله عليه وآله كان بينه وبين مارية في يوم
حفصة شئ ومعرفة حفصة بذلك وانكارها وان النبي صلى الله عليه وآله
حرم جاريته عليه وعرفت حفصة عايشة بذلك فغضب بعد نهى النبي صلى الله
عليه وآله عن اظهار ذلك لامرأة من نسائه فأنزل الله تعالى (يا أيها
43

النبي لم تحرم ما أحل الله لك) يعنى العسل ومارية
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله تعالى اعتبر أيها العاقل هذه
القصص وتأيد عد وقوفك عليها وليكن غضبك لله ولرسوله عندها
شديدا غير واقف بإزاء هوى منشاء وقاعدة تقليدها يناسب حال عارف
برسول الله ومكانه من الله جل جلاله هذه السخرية والاستهزاء
والتصغير والتهوين فان قلت لا الزام أشد المحذور وان قلت تقع المعصية من
العارف قلت لا تنازع في ذلك لكن محذور اذى الرسول بنص القرآن
فظيع صعب مع أنه يبعد مع استحضار المعرفة معاملة رسول صلى الله
عليه وآله بغير واسطة بما تضمنته القصص إذ ذلك بخلاف معصية لا تتعلق
بأذاه وتصغير علاه
ومما يعم المرأتين من غير هذه الآية ما قاله الثعلبي في شبب قوله تعالى
(والنساء من نساء) في صورة الحجرات انها نزلت في امرأتين من
أزواج النبي صلى الله عليه وآله سخرتا من أم سلمة وذلك انها ربطت
حقويها بسبيبة وهي ثوب ابيض ومثلها السب وكانت سدلت طرفها
خلفها فكانت تجره فقالت عايشة لحفصة انظري ما تجرى خلفها كأنه لسان
كلت فهذا كان سخريتهم
قال عبد الله بن إسماعيل هذه الآية تنبه عن ذنب وقع وما عرفنا
الاستغفار منه واذى لمؤمنة ما عرفنا النزوع عنه وفيها دلالة على أن أم
سملة خير ممن سخر منها لان عسى موجبة وقد أنشد بعض الأفاضل
44

ظني بهم كعسى وهم يتنوفة * يتنازعون جواز الأمثال
قال عبد الله بن إسماعيل ومما يحض عايشة في هذه القصة ما قاله
الثعلبي من أنها نزلت في عايشة (*) عيرت أم سملة بالقصر ومما تختص
حفصة ما رواه الواحدي في كتاب (الوسيط) في تفسير سورة الأحزاب
قال أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي أخبرنا محمد بن إسحاق الحافظ
أخبرنا محمد بن معاذ الأهوازي حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن الشعبي
عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان النبي
صلى الله عليه وآله جالسا مع حفصة فتشاجرا بينهما فقال لها هل لك ان
تجعلي بيني وبينك رجلا قالت نعم قال أبوك إذا فأرسل إلى عمر فلما ان
دخل عليها قال تكلمي قالت يا رسول الله تكلم ولا تقل الا حقا فرفع عمر
يده فوجى وجهها ثم رفع يده فوجى وجهها فقال له النبي صلى الله عليه
وآله كف فقال عمر يا عدوة الله النبي صلى الله عليه لا يقول الا حقا
والذي بعثه بالحق لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي فقام النبي صلى
الله عليه وآله فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهرا لا يقرب شيئا من نسائه
فأنزل الله عز وجل (يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة
الدنيا وزينتها) إلى قوله (لطيفا خبيرا) فنزل النبي صلى الله عليه وآله
فعرض عليهن كلهن فقلن نختار الله ورسوله وكان أحد من عرض عليهن
حفصة فقالت يا رسول الله مكان العايذ بك من النار والله لا أعود لشئ

* الظاهر هنا سقط. والصحيح حين عبرت أم سلمة بالقصر
45

مثل هذا ابدا حسبنا الله ورسوله فرضى عنها
قال عبد الله بن إسماعيل تضمنت هذه القصة ما تدل على عدم معرفة
المرأة بشرف رسول الله صلى الله عليه وآله وصورة معنى النبوة وهو
قدح مفرط ومنها عيب أبيها عليها مع موافقته لأمثال ذلك وقد تضمنت
هذه الأوراق بعضه ولم يزل الامر كذا إلى حين وفاته عند التماس الكتاب
واما رضى رسول الله عنها فإنه ترتب على أن لا تعاود لشئ مثل ما جرى
وقد عاودت بأذى أمير المؤمنين وأذاه اذى رسول الله صلى الله عليه وآله
في المنقول من طرق القوم وبيان عودها بما جرى من سرورها بكتاب
عايشة إليها تخبرها بجنوح أحوال أمير المؤمنين عند توجهها لمحاربته ولم
يكن الامر كما قالت روى ذلك عن الحسن بن أبي الحسن البصري
من يحسن الظن بأمانته ومعرفته هذا مع ثبوت الرواية بأنه رضى عنها
ودونه موانع
قال عبد الله بن إسماعيل والحاصل من جميع ما ذكرته في هذا الفصل
تبين الغبن لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام ومساعدة كثير لمن ذكرت
عليه مع نقصهم وكماله وعوجهم الظاهر واعتداله أقول هذا مستغفر الله
تعالى من اجراء حديث المفاضلة في هذا الباب والمناضلة عمن قصروا عن
مد طويل الخطاب
تجاوز حد المدح حتى كأنه * بأحسن ما يثني عليه يعاب
46

(فصل) يتعلق بطلحة خاصة قال الواحدي في كتاب (الوسيط) عند قوله
تعالى (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله) ما صورته ليس لكم اذاه في
شئ من الأشياء ولا تنكحوا أزواجه من بعده قال عطا عن ابن عباس
قال كان رجل من أصحاب النبي قال لو توفى رسول الله صلى الله عليه وآله
لتزوجت عايشة فأنزل الله ما انزل قال مقاتل بن سليمان هو طلحة بن عبيد
الله قال الزجاج أعلم الله ان ذلك محرم بقوله (ان ذلك كان عند
الله عظيما) ثم اخبرهم انه تعالى يعلم يرهم و علانيتهم بقوله (ان تبدوا
شيئا) من أمرهن يعنى طلحة وذلك أنه لما نزلت آية الحجاب قال
طلحة يمنعنا يا محمد من الدخول على بنات عمنا يعني عايشة وهما من
يتم بن مرة
قال عبد الله بن إسماعيل أعجب أيها الانسان مما حوته هذه القصد
تارة يكون طلحة يظهر منه تمنى موت رسول الله صلى الله عليه وآله
وتارة يظهر منه هواه لامرأته بقوله عند آية الحجاب يمنعنا محمد من بنات
عمنا والمحذور بع متعدد تارة بقوله محمد وقد قال الله تعالى (ولا تجعلوا
دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) ومنهم اظهار تعلق خاطره بها
وهو تهجم على رسول الله صلى الله عليه وآله فظيع وبرهان على نقصه
في نفسه شنيع وتارة بأنه كره ما انزل الله وقد قال الله تعالى في قوم ذلك
بأنهم كرهوا ما انزل الله فاحبط أعمالهم وتارة بأنه وجد حرجا وضيقا مما
47

قضاه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو محذور شديد بيانه (فلا وربك
لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا بما
قضيت ويسلموا تسليما) وكان بنى على أن رسول الله تلا آية الحجاب
من عند نفسه حاكيا عن الله تعالى ما لم يقله فالاشكال أشد وما يبعد هذا
من مفهوم القصة
قال عبد الله بن إسماعيل إذا قرنت هذه النقايص بكمال مولانا
أمير المؤمنين عليه السلام وكون مثل هذا كان متبوعا يحارب أمير المؤمنين
عليه السلام ناهدا بالكتائب إليه عجبت من التباس الأحوال فظهر لك الغبن
الفظيع لمن شهدت الألباب الصريحة والآثار الصحيحة بلزومه سنن الصواب
وسلوك سبيل اثم الآداب غير متردد في رسم أو شاك في حكم أو معتذر
بصاد عن امتثال ما أوعز فيه إليه أو رغبة فيه وان لم يجب عليه قال مولانا
جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في صفته في حديث طويل وما عرض
له أمر ان لله تعالى فيهما رضى الا اخذ بأشدهما على نفسه وهذا الذي
ذكرته يصلح ذكره فيما سلف عند ذكر ما رواه السدى في مثل هذا
جامعا بين حديث عثمان وطلحة لسعيد ان عمك كان اعلم بك إذا دخلني
في الشورى ولم يدخلك قال صدقت خافك على المسلمين ولم يخفني ولتقديم
حديث عاشية وحفصة على هذا الفصل المتعلق به وجه شدة بغضه عايشة
لأمير المؤمنين وأهل بيته وذكرت صاحبتها لذكرها ولبغضتها ولأنه جرى
48

ذكر هذا المعنى للذي ذكرته آنفا له ولغيره في الفصل المتعلق بعثمان بما
فيه مقنع وبعايشة قام جيش طلحة والزبير بالبصرة
(فصل) قال الواحدي في كتاب (الوسيط) عند قوله تعالى في سورة إبراهيم
صلوات الله عليه (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) ما صورته أخبرنا
أحمد بن محمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الرحمن بن محمد البزاز حدثنا
سهل بن عثمان العسكري حدثنا أبو مالك الحلبي عن الحجاج بن إسحاق
عن عمرو ذي مر عن علي عليه السلام انه خطب الناس فسله رجل عن
الذين بدلوا نعمة الله كفرا فقال هما الا فجران من قريش بنو المغيرة وبنو
أمية فاما بنو المغيرة فأهلكهم الله يوم بدر واما بنو أمية فمتعوا إلى حين
وروى باسناده إلى أبى الفضيل عن أمير المؤمنين عليه السلام انهم الذين
نحروا يوم بدر
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه تعالى منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة
فعتبة جد معاوية وشيبة أخو جده
ومن سورة بني إسرائيل قوله تعالى (وما جعلنا الرؤيا التي
أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن) قال الثعلبي ما صورته
وروى عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال
49

رأى رسول الله صلى الله عليه وآله بنى أمية ينزون على منبره نزو القردة
فسائه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات فأنزل الله عز وجل وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن يعنى
شجرة الزقوم
قال عبد الله بن إسماعيل الذي يظهر ان تفسير شجرة الزقوم
توليد مدبر وإنما قلت ذلك لما نقلته من تاريخ خلفاء بنى العباس وذكر
غرر من اخبارهم ومحاسنهم على ما وقع في تاريخ بغداد عن الشيخ الحافظ
أبى بك أحمد بن علي بن ثابت الخطيب تخريج الشيخ أبى عبد الله محمد
ابن أبي نصر الحميدي أخبرنا باني بن جعفر قال أخبرنا أحمد بن محمد بن
عمران أخبرنا محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن زكريا الغلاني (*) حدثنا
عبد الله بن الضحاك الهادي قال حدثنا محمد بن هشام الكلبي انه كان
المعتصم في أول أيام المأمون حين قدم بغداد عد ذكر قوما بسوء سيرة
فقلت أيها الأمير ان الله تعالى أمهلهم فطغوا وحلم عنهم فبغوا فقال لي
حدثني أبي الرشيد عن جدي المهدى عن أبيه المنصور عن أبيه محمد بن علي
ابن عبد الله بن عباس عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وآله نظر إلى قوم
من بنى فلان يتبخترون في مشيهم فعرف الغضب في وجه ثم قرأ والشجرة
الملعنة في القرآن فقيل أي الشجرة هي يا رسول الله حتى نجتنبها فقال
ليست بشجرة نبات إنما هو بنوا فلان إذا ملكوا جاروا وإذا ائتمنوا خانوا ثم

* لعله الغلابي
50

ضرب بيده على ظهر العباس قال فيخرج الله من ظهرك يا عم رجلا يكون
هلاكهم على يده
ومن سورة محمد ما قاله الثعلبي عند قوله تعالى (فهل عسيتم ان توليتم
ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) قال بعضهم هو من الولاية
وقال المسيب بن شريك والفراء فهل عسيتم ان توليتم أمر الناس ان
تفسدوا في الأرض بالظلم نزلت في بنى أمية وذكر قوما آخرين تركت
ذكرهم واستدل على صحة هذا التأويل بحديث رفعه إلى عبد الله بن معقل
سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول فهل عسيتم ان وليتم
(فصل)
حكى من أثق به عن الزمخشري في (الفائق) في حديث أبي هريرة
إذا بلغ بنى أبى العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا وعباده خولا
ودينه دخلا
قال عبد الله بن إسماعيل وبعد ما صورته ولد الحكم بن أبي العاص
أحدا وعشرين ابنا وولد لمروان بن الحكم تسعة بنين
(فصل)
وقال الثعلبي عند قوله تعالى في صورة الأحقاف (والذي قال
لوالديه أف لكما اتعد انني ان اخرج وقد خلت القرون من قبلي)
ما صورته قال ابن عباس وابن العالية والسدي ومجاهد نزلت هذه الآية في
عبيد الله وقيل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال له أبواه أسلم وألحا عليه في
51

دعائه للايمان فقال أحيوا لي عبد الله بن جدعان وعامر بن كعب ومشايخ
قريش حتى أسئلهم عما يقولون قال محمد بن زياد كتب معاوية إلى مروان
حتى يبايع الناس ليزيد فقال عبد الرحمن بن أبي بكر لقد جئتم بها
هر قلية تبايعون لأبنائكم فقال مروان هذا الذي يقول الله تعالى فيه
(والذي قال لوالديه أف لكما) الآية فسمعت عايشة بذلك فغضبت وقالت
والله ما هو به ولو شئت لسميته ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت
فضض من لعنة الله قال الجوهري وكل شئ تفرق فهو فضض وفى
الحديث أنت فضض من لعنة يعنى ما انفض من نطفة الرجل وتردد في صلبه
(فصل)
قال الثعلبي عند قوله تعالى في سورة آل عمران (ألن يكفيكم ان
يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين) قال بعد كلام وقال بعضهم
كان هذا يوم أحد حين انصرف أبو سفيان وأصحابه وذلك أن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان يخاف ان يدخل المشركون المدينة فبعث علي بن أبي طالب
عليه السلام فقال اخرج في اثر القوم فانظر ما يصنعون
وما يريدون فان كانوا قد أجنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة
وان ركبوا الخيل وساقوا الإبل يريدون المدينة فوالذي نفسي بيده لان
أرادوها لأسيرن إليهم ثم لأناجزنهم قال علي عليه السلام فخرجت في
ادبارهم انظر ما يصنعون فإذا هم قد أجنبوا الخيل وامتطوا الإبل وتوجهوا
إلى مكة
52

من تفسير الثعلبي عند قوله تعالى (ان الذين قال لهم الناس ان
الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) روى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله
ابن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب ان رجلا من أصحاب النبي
صلى الله عليه وآله من بنى عبد الأشهل كان شهد أحد وذكر القصد الشهيرة
ومن معناها ان أبا سفيان لما انفصل عن أحد عزم على أن يرجع فيستأصل
النبي وأصحابه وانهم في طلبهم وقال عن مجاهد وعكرمة ان الأيد نزلت في
معنى بدر الوعد ومن معناها ان أبا سفيان قال بعد انفصال أحد للمسلمين بيننا
وبينكم موسم بدر الصغرى وان النبي صلى الله عليه وآله توجه للميعاد
واخلف أبو سفيان والناس المشار إليهم في الآية الأولى قوم من عبد القيس
وعلى الروايد الثانية نعمى بن مسعود وهذا أيضا من كتاب (الكشف)
ومن سورة الأنفال عند قوله تعالى " ان الذين كفروا ينفقون
أموالهم ليصدوا عن سبيل الله " قال سعيد بن جبير وابن أبزي نزلت في
أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد الفين من الأحابيش يقاتل بهم
النبي صلى الله عليه وآله من استجاش من العرب وفيهم يقول
كعب بن مالك
فجئنا إلى موج من البحر وسطه * احابش فيهم حاسر ومقنع
ثلاثة آلاف ونحن نصية * ثلاث مئين ان كثرنا فأربع
وقال الحكم بن عنينة نزلت في أبي سفيان أنفق على المشركين يوم
أحد أربعين أوقية وكانت الأوقية على المشركين يوم أحد اثنين وأربعين
53

مثقالا وقال ابن إسحاق عن رجاله لما أصبت قريش من أصحاب القليب
يوم بدر فرجع فيلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بعيره مشى عبد الله بن أبي
ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش
أصيب آبائهم وأبنائهم وإخوانهم ببدر فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن
كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش ان محمدا
قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال لعلنا ان ندرك منه ثار المن أصيب
منا ففعلوا فأنزل الله هذه الآية
ومن سورة البقرة قال الثعلبي بعد كلام أشار إليه بقول النبي لأبي
سفيان ويحك اما ان لك ان تعلم أن رسول الله قال بابى أنت وأمي
ما أوصلك وحلمك وأكرمك اما هذه فان في النفس منه شيئا قال العباس
فقتل له ويحك اشهد بشهادة الحق قبل والله ان تضرب عنقك فشهد فلما
والى رسول الله صلى الله عليه وآله في المهاجرين والأنصار متوجها ليدخل
مكة في هذه الغزاة وهي غزاة الفتح قال أبو سفيان للعباس من هؤلاء
يا أبا الفضل فعرفه انه رسول الله في المهاجرين والأنصار فقال لقد أصبح
ملك ابن أخيك عظيما فقلت ويحك انه النبوة فقال نعم إذا ونقلت من
أوائل ديوان شعر يزيد رواية لزبير بن بكار وصورة ذلك انا واقف
يوم اليرموك انا وأبو سفيان فجعل المسلمون كلما حملوا على الروم فاز الوهم
عن موقفهم قال ابن سفيان متمثلا بقول عدى بن زيد الرقاع
وبنو الأصفر الكرام ملوك * الروم لم يبق منهم مذكور
54

فلما فرغ المسلمون من الوقعة أتيت أبى فأخبرته بذلك فاخذ بيدي
وجعل يطوف على حلق المسلمين يطوف على حلق المسلمين فأحدثهم بالواقعة فيعجبون من أبي سفيان
جدا ومن كفره ونقلت من كتاب الجوهري أبى بكر أحمد بن
عبد العزيز ما صورته حدثني المغيرة بن محمد المهلبي انه ذكر إسماعيل بن
إسحاق القاضي هذا الحديث قلت كأنه إشارة إلى حديث سابق وان ابن
الزبير كان حاضرا فقال أبو سفيان بابى أنت أنفق ولا تكن كأبى حجر
وتداولوها يا بنى أمية تداول الكرة فوالله ما من جنة ولا نار فقال معاوية
أعزب فقال يا بنى هاهنا أحد قال ابن الزبير نعم والله لا كتمتها عليك
قال فقال إسماعيل هذا باطل قال فقلت وكيف فقال والله ما أنكر هذا
عليه ولكن أنكر يكون عثمان سمعه وما ضرب عنقه
قال عبد الله بن إسماعيل لعل القاضي ما وقف على ما قاله السدى
مع أن أبا سفيان من حيث وقتل النكرة عليه بقوله أعزب فهم ان ذلك
ليس من رأى من أنكر عليه ولا من انكار صاحب المجلى بل لأنه
كان في المجلس من كانت المراقبة له ومن كتاب الجواهري قال حدثنا
الشاذ كونى قال حدثنا عبد الله بن إدريس حدثنا شعبة بن عمرو بن مرة
عن عبد الله سملة عن البراء بن عازب قال كنت عند عثمان فدخل
عليه أبو سفيان بن حرب وقد كف بصره فقال يا بنى أنفق ولا تكن
كأبى حجر يعني عمرو تداولوها يا بني أمية كما يتداول الولدان الكرة
فوالله ما من جنة ولا نار فزيره عثمان وصاح به قال أبو حاتم وما كتبت
55

مما لا احفظ أناده قال وكان عبد الله بن الزبير حاضرا فزبره عثمان
فقال هاهنا أحد فقال عبد الله نعم والله لا كتمتها عليك يا عدو الله ومنه
حدثني أبو حاتم قال حدثنا أبو النعمان عارم وسلمان بن حرب قالوا جميعا
حدثنا حماد بن زيد عن المعلى بن زياد قال سمعت الحسن وذكر أبا سفيان
فقال إني والله لا حسب أبا سفيان مات على الكفر الذي قاتل عليه يوم بدر
قال عبد الله كان قد وقع عندي ان هذا وهم في الرواية
استبعاد الحضور أبي سفيان بدرا ثم رايته مرويا في بعض التواريخ محمد
ابن () (*) من كتاب (ربيع الأبرار)
انه دخل أبو سفيان
النبي صلى الله عليه وآله وهو يقاد فأحس بتكاثر الناس عليه فقال في
نفسه واللات والعزى يا بن أبى كبشة لأملأنها عليك خيلا ورجلا وانى
لأرجو ان ارقى هذه الأعواد فقال النبي صلى الله عليه وآله أو يكفينا
الله شرك يا أبا سفيان
وقال الثعلبي في سياق قصة تتعلق بغزوة حنين وتانف النبي أناسا
فيهم أبو سفيان
(فصل) من كتاب (الكشف) تصنيف أبي إسحاق الثعلبي عند قوله تعالى
في سورة آل عمران (لي لك من الامر شئ) انها نزلت عند تمثيل
الكفار بالمسلمين في واقعة أحد وان رسول الله والمسلمين لما رأوا ما يصنع

* بياض في الأصل
56

بأصحابهم قال لئن أدلنا الله عليهم لنفعلن مثل ما فعلوا ولنمثلن بهم مثلة
ما مثلها أحد من العرب بأحد قط وحكى قبل ذلك صورة تمثيل هند ونساء
المشركين بالقتلى فقال ما صورته فوقفت هند والنسوة معها يمثلن بالقتلى
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يجد عن الاذان والأنوف حتى
اتخذت هند من ذلك قلائد وأعطتها وحشيا ونفرت عن كبد حمزة رضي الله عنه
فلاكتها فلم تستطع فلفظتها ثم علت صخرة مشرفة صرخت
نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان من عتبة لي من صبر * أبي وعمي وأخي وبكري
شفيت نفسي وقصيت نذري * شفيت (وحشي) غليل صدري
ومن الكتاب عند قوله تعالى في صورة آل عمران (وما محمد الا
رسول قد خلت من قبله الرسل) قال أهل التفسير وأصحاب لمغازي
خرج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزل الشعب من أحد في سبعمائة
رجل وامر عبد الله بن جبير أحد بنى عمر وبن عوف وهو أخو خوات
ابن جبير على الرماة وهم خمسون رجلا فقال أقيموا بأصل الجبل وانضحوا
عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا وان كانت لنا أو علينا لا تبرحوا مكانكم
فانا لن نزال غالبيين ما ثبتم مكانكم فجائت قريش وعلى ميمنتهم خالد بن
الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل ومعهم النساء يضربن بالدفوف
ويقلن الاشعار فكانت تقول
57

نحن بنات طارق * مشى على النمارق * فراق غير وامق
ثم قال بعد كلام ثم حمل النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه على
المشركين فهزموهم وقتل علي بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة وهو يحمل
لواء المشركين وانزل الله نصره على المؤمنين قال الزبير بن العوام فرأيت
هند وصواحبها هاربات مصعدات في الجبل باديات خدامهن (*) ما دون
أخذهن شئ ثم قال بعد كلام ورمى عبد الله بن قمية رسول الله صلى
الله عليه وآله بحجر فكسر انفه ورباعيته وشجه في وجهه
ومن سورة الامتحان ذكر الثعلبي عند قوله تعالى (يا أيها النبي
إذا جائك المؤمنات) الآية ان هند ابنت عتبة كانت في النساء فقال
النبي ولا يسرقن فقالت هند ان أبا سفيان ما أصبت من شئ فيما مضى وفيما
غبر فهو لك حلال فضحك رسول الله وعرفها فقال وانك لهند بنت عتبة
قالت نعم فاعف عما سلف يا نبي الله وعفى الله عنك فقال ولا يقتلن
أولادهن فقالت هند ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فأنت وهم اعلم
وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدر ورأيت في بعض الكتب
انها لما توفيت ارسل عمر من ينظرا شهدها حذيفة فلم يحضر فلم يصل
عمر عليها
(فصل)
ومما رويته عن لا اتهم من افراد مسلم عن ابن عباس قال كنت

* خدام ككتاب جمع خدمة وهي الساق. وتطلق على الخلخال
58

العب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فتواريت خلف باب
قال فجاء فحظاني حظية وقال اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو
بأكل فقال لا أشبع الله بطنه قال ابن المثنى قلت لامية بن خالد ما معنى قوله
حظاني قال فقدني فقده
قال عبد الله بن إسماعيل والحديث في ما يتعلق بالمشار إليه طويل
جدا ذكرت منه جملة حسنة في غير هذا الموضوع
(فصل) قال عبد الله بن إسماعيل روى بعض الأشياخ المعتبرين أحد حفاظ
الدنيا من محدثي القوم عن صالح بن أحمد بن حنبل يقول قلت لأبي ان
قوما ينسبونا إلى توالي يزيد فقال يا بنى وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله
فقلت لم لا تعلنه فقال متى رأيتني العن شيئا لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه
فقلت وأين لعن الله يزيد في كتابه فقال (فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا
في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين يلعنهم الله فأصمهم واعمى
أبصارهم) فهل يكون فسادا أعظم من القتل
قال عبد الله بن إسماعيل وكفر المذكور ظاهر جدا ومما يدل عليه
من شعره قوله من أبيات أثبتها في غير هذا الموضع
فان مت يا أم أحيمر فانكحي * ولا تأملي بعد الممات تلاقيا
فان الذي حدثت عن حال بعثنا * احادث طسم تترك القلب لاهيا
ولولا فضول الناس زرت محمدا * بمشمولة حتى تروى عظاميا
59

والحديث في معناه طويل ذكرت طائفة منه في موضع يليق به ومن
تفصيل ما يذكر من مخازيه نهب المدينة واستحلال حرم الله تعالى وقتله
سيدنا ومولانا الحسين بن علي صلوات الله عليهما
(فصل) ومن كتاب (الوسيط) عند قوله تعالى (هذان خصمان اختصموا
في ربهم) قال وكان أبو ذر يشم ان هذه الآية نزلت في الذين برزوا
ببدر وأخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحى أخبرنا عبد الملك بن الحسن
ابن يوسف القسطي حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي حدثنا عمرو بن مرزوق
أخبرنا شعبة عن أبي هاشم عن أبي (مجلز) عن قيس بن عبادة قال سمعت أبا
ذر يقسم لي أقسم بالله ان هذه الآية (هذان خصمان اختصموا في ربهم)
في هؤلاء الستة حمزة وعبيدة وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابنا ربيعة
والوليد بن عتبة وقال رواه البخاري عن حجاج بن منهال عن هشام
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان كلاهما
عن أبي هاشم
ومن سورة هل اتى عند قوله تعالى (ولا تطع منهم اثما أو كفورا)
قال ولا تطع منهم مشركي مكة اثما يعنى عتبة بن ربيعة وكفورا يعنى
الوليد بن المغيرة قالا له ارجع عن هذا الامر ونحن نرضيك بالمال والتزويج
قال عبد الله بن إسماعيل وقد سلف ان عتبه وشيبة كانا من المطعمين
يوم بدر ومما نزل فيهما من القرآن
60

(فصل) قال عبد الله بن إسماعيل وصورة ما جرى من أبي سفيان ومعاوية في
قتال أمير المؤمنين عليه السلام وعداوته وما اعتمد يزيد وعتبة وشيبة
والوليد وراثة عن سلفهم بيانه ما رواه العلماء من أن أمية بن عبد شمس
كان قد نبه في أهل بيته نبي عبد شمس وشرف فيهم وتقدم عليهم حتى
قال لعمه هاشم انا أشرف منك فان أحببت ان تعرف ذلك فنافرني
فقال له هاشم كيف أنافرك وأنت كبعض ولدي فقال هيهات اني شرفت
بنفسي وجد في ذلك فاجابه على المنافرة على أن يأخذ النافر من المنفور
مائة ناقة ويجلبه عن الحرم عشر سنين فتنافرا إلى كاهن غسان من قرية سطيح كان بغسان وخرج كل واحد منهما في أهله وولده ومن مال إليه
وكان ممن خرج مع أمية حموه أبو بهمة ابن عبد العزيز أحد نبي الحرث
ابن فهر فلما صاروا ببعض الطريق قالوا اخبؤا له خبيئا تتبارونه فمروا
باطباق عنه فقال والنور والظلمة وما تهامة من بهمه وما ينجد من اكمه لقد خبا ثم اطباق جمجمة مع أبي بهمة قالوا فنفر بين هاشم وأمية فقال والقمر
الباهر والنجم الزاهر وكل منجد غابر لقد سبق هشام أمية بالمأثر
أولا واخر فاعطوه مائة ناقة ونهضوا فقال هاشم والله لا تدخل الحرم عشر
سنين ونفاه إلى الأردن فأقام بها ودخل هاشم مكة ونحر الإبل واطعم فلما كان بعد عشر سنين قدم أمية مكة
61

قال عبد الله بن إسماعيل يمكن أن يكون الكاهن لقن ما قال من
بعض الأنبياء صلى الله عليهم
قال عبد الله بن إسماعيل ثم تلا ذلك حسدا حرب بن أمية بن عبد
شمس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف لما ذهب شرفه كل مذهب
فدعاه إلى المنافرة فكره عبد المطلب ذلك فلح حرب وأكثر وجعل
يأكله بلسانه حتى تكلم في ذلك رجال من قريش فاجابه عبد المطلب
وحكما بينهما نفيل بن عبد العزي جد عمر بن الخطاب فقضى لعبد المطلب
بعد قصص طويلة ومدح لعبد المطلب جليلة فانشأ نفيل يقول
ليهن قوم لهم في الفضل سابقة * حمل المآثر سبق ماله نوع
أعطاهم الله نورا يستضاء به * إذا الكواكب اخفى نوه القرع
وهبت الريح بالصرار فانطلقت * تزجي سحابا سريعا سيره ظلع
قوم عروق الثرى منهم أرومتها * ما حارب اليوم في أو كارها الضوع
أبناء هاشم أهل المجد قد علمت * علياء معد إذا ما هزه الوزع
ما ان ينال رجال علو منزله * ولا يحل بأدنى شقة الصدع
يا حرب ما بلغت مسعاتكم هبعا * سقى الحجاج وماذا يحمل الهبع
أبو كما واحد والفرع بينكما * منه الخشاش ومنه المثمر الينع
فاعرف لقوم هم السادات أفضلهم * لا يدركنك يوم شره دفع
فاخذ عبد المطلب الإبل فنحرها واطعم الناس فغضب حرب على
نفيل وأوعده فاستعصم بالعاص بن وائل
62

(فصل) روى الثعلبي عند تفسيره سورة الفرقان عند قوله تعالى (ويوم يعض الظالم على يديه) ما صورته قال الشعبي كان عقبة بن أبي معيط خليلا لامية
ابن خلف فاسلم عقبة فقال أمية وجهي من وجهك حرام ان تابعت محمدا
فكفر وارتد لرضا أمية فأنزل الله عز وجل (ويوم يعض الظالم على يديه) يعنى عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف على يديه
ندما وأسفا على ما فرط في جنب الله وروى أيضا ان الخليل أبي بن خلف
(فصل) ومن سورة ألم تنزيل في ا لوليد بن عقبة قال أبو إسحاق الثعلبي عند
قوله تعالى (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) نزلت في علي
بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة اخى عثمان لامه وذلك انهما
كان بينهما تنازع وكلام في شئ فقال لعلي اسكت فإنك صبي وانا والله
ابسط منك لسانا واحد منك سنانا وأشجع منك جنانا واملأ منك حشوا
في الكتيبة فقال له علي اسكت فإنك فاسق فأنزل الله تعالى (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون)
ومن سورة الحجرات عند قوله تعالى (ان جائكم فاسق بنباء فتبينوا) انها نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه رسول الله صلى الله عليه
وآله إلى بني المصطلق بعد الوقعة مصدقا وكان بينه وبينهم عداوة في
الجاهلية فلما سمع به القوم تلقوه تعظيما لأمر رسول الله ولرسوله فحذره
63

الشيطان انهم يريدون قتلة فهابهم فرجع من الطريق إلى رسول الله وقال إن
بنى المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي فغضب رسول الله وهم
ان يغزوهم فبلغ القوم رجوعه فاتوا رسول الله وقالوا يا رسول الله سمعنا
برسولك فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من حق فبداله في
الرجوع فخشينا أن يكون إنما رده من الطريق كتاب منك لغضب غضبته
علينا وانا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسول الله فاتهمهم رسول الله
فبعث خالد بن الوليد إليهم وأمره ان يخفى عليهم قدومه وقال انظر فان
رأيت منهم ما يدل على ايمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم وان لم تر ذلك
فاستعمل فيهم ما يستعمل في الكفار ففعل ذلك خالد واتاهم فسمع منهم
اذاني صلاة المغرب والعشاء فاخذ منهم صدقاتهم ولم ير منهم الا الطاعة والخير
فانصرف خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره الخبر فأنزل الله
(يا أيها الذين آمنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا) يعنى الوليد بن عقبة
ابن أبي معيط سماه الله تعالى فاسقا نظيره (فمن كان مؤمنا كمن كان
فاسقا لا يستوون) روى الثعلبي حديثا رفعه إلى عبد الله بن مسعود عند
اية التجسس قيل له هل لك في الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمرا فقال انا قد نهينا عن التجسس فان يظهر لنا شيئا نأخذه به
(فصل) ومما لحق بذلك حال عبد الله ابن سعيد ابن أبي سرح أخي عثمان
ابن نمان من الرضاعة وكان عثمان به حفيا يجادل عنه رسول الله صلى
64

الله عليه وآله على ما مضى فهو لذلك ولغيره في حرب بنى أمية
من كتاب (الكشف) تسير الثعلبي عند تفسير سورة الأنعام
عند قوله تعالى (ومن قال سأنزل مثل ما انزل الله) نزلت في عبد الله بن
سعيد بن أبي سرح وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله ذكر فنونا
أضربت عن ذكرها فلما نزلت (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من
طين) الآية املاها رسول الله فعجب عبد الله من تفصيل خلق الانسان
فقال تبارك الله أحسن الخالقين فقال له رسول الله اكتبها هكذا نزلت
فشك عبد الله وقال إن كان محمد صادقا فلقد أوحي إلي كما أوحى إليه
ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال وارتد عن الاسلام ولحق بالمشركين
ونزل فيه وفي عما وقد كان اذاه وأشباهه من المسلمين (الا من أكره
وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا)
قال عبد الله بن إسماعيل رحمه الله تعالى اعتبر أيدك الله تعالى من
ذكرت من عشيرة الثالث وجماعته وقبيلته وخاصة وتأمل ما حكيته
عنهم مقصرا أو أجملته موجزا والمح الحاصل منه ينبهك على خلل بين
مشترك بين جماعتهم سار في طريقتهم تارة ببغض البدر الهاشمي والمحتد
النبوي وتارة بوهن العقائد وسوء المقاصد في المصادر والموارد وها انا
أنضد لك ما فرقته وانظم ما نثرته ليبين لك معناه ويتضح عندك خفاياه
قد أسلفت بيان عداوة أمية لهاشم وعداوة حرب بن أمية لعبد المطلب بن
هاشم وعداوة الحكم بن أبي العاص لرسول الله صلى الله عليه وآله التي
65

اقتضت لعنته على ما روته عايشة وهو طريد رسول الله الذي آواه عثمان وله
قصة في ضلالة غريبة قال مروان ابنه لحويطب بن عبد العزى تأخر
اسلامك أيها الشيخ فقال له حويطب والله لهممت غير مرة بالاسلام وكل
ذلك يعوقني عنه أبوك فسكت مروان فقال له حويطب اما أخبرك عثمان
ما كان من أبيك إليه حين أسلم فازداد غما واما عداوة ولده مروان لأهل
هذا البيت فبين وهو الذي أشار إلى الوليد بن عتبة بالتضييق على الحسين
صلوات الله عليه في البيعة ليزيد بالازدراء في ترك ذلك إليه ثم عداوة أبي سفيان
بن حرب لرسول الله صلى الله عليه وآله ثم عداوة هند بنت عتبة
زوجة أبو سفيان أم معاوية ثم عداوة معاوية لأمير المؤمنين وقبل ذلك
دعاء الرسول صلى الله عليه وآله ما أسلفت على معاوية ثم عداوة جد
معاوية عتبة بن ربيعة لرسول الله صلى الله عليه وآله حتى قتل ببدر بسيوف
الهاشميين أمير المؤمنين وجماعته على ما مضى ثم عداوة شيبة اخى جد معاوية
لرسول الله صلى الله عليه وآله حتى قتل ببدر بيد الهاشميين أيضا ثم عداوة الوليد خاله حتى قتل بسيف علي أمير المؤمنين مغوار الجماعة المشار إليهم
صلى الله عليهم ثم عداوة أخيه حنظلة لرسول الله حتى قتل على عداوته
وبغضه بيد أمير المؤمنين عليه السلام ثم عداوة يزيد بن معاوية للحسين
صلوات الله عليه حتى انتهت الحال إلى ما انتهت الهى ثم عداوة عقبة بن أبي
معيط لرسول الله صلى الله عليه وآله حتى روى الرواة في ذلك أنه كان
يطأ عنقه الشريف بقدمه فلا يرفعها حتى يظن رسول الله صلى الله عليه وآله
66

ان عيينة قد سقطتا حتى قتله الله بيد أمير المؤمنين عليه السلام ثم عداوة
الوليد بن عقبة هذا لأمير المؤمنين عليه السلام ونزول الكتاب المجيد فيه
بأنه من الفاسقين وهذا أخو عثمان لامه موليه الولايات مقدمه على الأقطار
والجهات وهو الذي كتب إلى معاوية على ما يقع عندي لما أراد
مصالحة أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسلما حقه إليه
فإنك والكتاب إلى علي * كدابغة وقد حلم الأديم
ففتاه عن رابه وجرت الفتن وسفكت الدماء بين الفريقين بواسطة
بغضته وسؤانحانه ثم عداوة عبد الله بن أبي سرح أخي عثمان من الرضاعة
لرسول الله صلى الله عليه وآله وردته بعد الاسلام قاصدا بالتكذيب
عليه والإشارة بالقص الهى هذا بعض من كل وجزء ذو قل إذا العدد
الذين شينوا هذا البيت الهاشمي بنو أمية لا يقع عليهم حصر الأقلام
ولا نحوي بهم حصون الافهام
قال عبد الله بن إسماعيل اعتبر هذه البغضة وتبينها نجدهم فيها حائدين
عن الطريق اللاحب حاصلين بالقدح الخائب محاربين للصفوة صلوات الله عليهم عن التمسك بحبل الله المتين دافع لهم عن السبيل الواضح المستبين
وانظر إلى القبيل الهاشمي لتعرف الفارق بين القبيلتين والمائز بين الفئتين
وما يستوي البحران هذا مكدر
أجاج وهذا طيب الطعم سايغ
هاشم وولده عبد المطلب وغرر بنيه منهم سيدهم رسول الله صلى الله
عليه وآله وابنته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأمها خديجة رضي الله عنها
67

أول من صدقته من النساء وابناها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة
وبعلها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سيد الصديقين بالنقل الذي لا يتهم
راوية ولا يستغش حاكيه وأبوه المدافع عن رسول الله صلى الله عليه وآله
الذاب عنه المانع الخطوب منه وأمه فاطمة بنت أسد كافلة رسول الله كفنها
بثوبه وكبر عليها بسبعين تكبيرة لكل صف من الملائكة الذين صلوا
عليها تكبيرة ونزل معها في قبرها ليوسع الله تعالى عليها رواه أبو الفرج
الأصفهاني في كتابه (مقاتل الطالبين) واخوه جعفر الطيار بجناحين وولده
عبد الله الجواد المفضال الأريجي المبذال وعمه حمزة سيد الشهداء المقتول
بيد وحشي في جيش أبي سفيان بن حرب والعباس بن المطلب رضي الله عنه وولده الجبر المعظم قدس الله روحه وعبيدة الأريجي السخي والفضل
البطل الكمي وفثم المقدم السري
مساميح بيض كرام الجدود * مراجيح في الرهج الأصهب
إذا ضم في الروع يوم الهياج قدم إلى أرجب
مطاعيم حين نزوح الشمال * بشقان قطقطها الأشهب
مواهيب للمنفس المستزاد * لأمثاله حين لا موهب
أكارم نمو حسان الوجوه * مطاعيم للطارق الأجنبي
مقاري تحت طخى الظلام * موارى للقادح المثقب
نجوم الأمور إذا دلست * بظلماء ديجورها الغيهب

* كذا في الأصل المطبوع عليه. ووزن البيت ظاهر الاحتلال
68

وأهل القديم وأهل الحديث * إذا انقضت حبوة المجتبى
قال عبد الله بن إسماعيل هذه إشارة وجيزة إلى طائفة رجال البيتين وبعض من أعاين الفئتين توقظ عين غافل وترشد طلب سائل وإذا
اعتبرتها جدا فانظر كيف كانت عشيرة الثالث وجماعته وخاصة على
سالف الدهر وغابره وما في الزمن وحاضره أعداء للأسرة الهاشمية حساد
للقبيلة النبوية يصادمونهم بكتائب المنافسة والشيان ويصارمونهم بسيوف الظلم والعدوان وينهلونهم مكاره البغى ويعلونهم ويحاربونهم في الشيطان
ويكاثرونهم السلف مع السلف والخلف مع الخلف فملا حطمت الكتائب الهاشمية قرون اغلوائهم وإذا قتهم من أفواه أشفار المشرقية وبى دائهم
وطحنتهم أرحية جلدهم في المعارك والجائتهم إلى أضيق المسالك كمنوا
كمون النار في زنادها وسكنوا مسرين خبث النفوس وقديم أحقادها إلى أن
أمكنت الفرصة فعاد والمثل قاعدتهم وجروا في سبيل ضلالتهم فقصد
مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه منهم من قصد بغدره أسامة فنون
ختره وأرصد له الأرصاد واظهر له الأحقاد فركد له ركود الرواسي
الثوابت ولقيه بالعزم الثابت صارم العزم حاضر الحزم سارى الفكر ثبت
المقام صلب العود غيرنا كص عن اللقاء أو واهن في زمام الدماء فلما ان
حقرت العزائم عدوه وأرهقته واكتنفته كتائب الأراقم وأنهشته
بهافتية تحت العوالي كأنها * ضواري سباع أسدها ونمورها
إذا نهضت مدت جناحين فيهما * على الخيل فرسان قليل صدودها
69

كان شعاع الشمس تحت لوائها
يخاطبها حمر المنايا وسودها
لجأ عند ذلك إلى قعدتها في الختل رافعا للمصاحف داعيا إليها
معتمدا في الظاهر عليها ليبرد اوار الكتائب بحيلته ويطفئ لهب الحرب
بخديعته فأصغى الغافلون من طغام الشام وغيرهم إلى مقاتله موازرين له
على ضلالته غير معتبرين بسيرته وسيرة سلفه في الاعراض عن مراسم
الكتاب وبعدهم عن معرفة يوم الحساب فلما رأى مولانا أمير المؤمنين
عليه السلام ما انتهت الحال إليه بنى على ما بني عليه ثم قوى أمر معاوية
بخديعة عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري فزاحم مولانا أمير المؤمنين
عليه السلام عند ذلك عن ركوب صهوات المنابر وحاربه بغيا وغبنا
أطراف المأثر
نلت هذا العز حتى تشرفت
بيوتك فينا واشرأب عمودها * وقد صرت ترمينا بنبل بنا استوت
مغارسه منا وفينا حديدها * بنيا هو وأقربوه جاد بن فتنكيس ذرواتها حاتين في درس معالم
اياتها صفقوا نازين على فروع عذباتها منازعين من به رقيت باسقات
درجاتها وصار المقرون لقواعدها بسيوف جهادهم وصنوف اجتهادهم
مدفوعين عنها مباعدين منها مخاطبين على عتبها وسامي رتبها
ألسنا عرى الاسلام حيث تقلبت * بنا الحال أو دارت علينا الدواثر
إذا ولد المولود منا تهللت * له الأرض واهتزت إليه المنابر
70

فهي عند ذلك تضطرب قلقة مرتاحة الهيم عاطفة عليهم ذعرة ممن
قرع عاليها وتسنم ساميها ناطقا بالتسليك الزاجر عن الحرب وهو واقع
فيه حال أقطاره ومعانيه (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم
تتلون الكتاب أفلا تعقلون) خطب عبد الملك بن مروان فقام إليه رجل
من نبي سمعان فقال ما بالكم تأمرون ولا تأتمرون وتنهون ولا تنتهون
أفنقتدي بسيرتكم في أنفسكم أم نطيع قولك بألسنتكم فان قلتم اقتدوا
بسيرتنا في أنفسنا فكيف وانى وما الحجة وكيف الافتداء بسيرة الخونة
الظلمة وان قلتم اسمعوا قولنا واقبلوا نصحنا فكيف ينصح غيره من يغش
نفسه وان قلتم خذوا الحكمة انى وجدتموها فعلام قلدنا كم أزمة أمورنا
اما علمتم ان فينا من هو اعلم بفنون اللغات وصنوف العظات منكم فتحلحلوا
عنها يبتدر إليها أهلها الذين شردتموهم في البلدان
إذا ما علا الأعواد منهم مفوه * فاسفر عن بدر ولاحظ عن صفر
رأيت عردو الدين اخضع كاسفا * وذا الدين والاسلام مبتلج الصدر
وما عالنت كف بانكار حقهم * على الناس الا وهي ناقصة الشبر
فروع بخار لا تزال نفوسهم * محبسة بين المكاره والصبر
محاربين مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه كما زعموا على الدين
أمرين له باتباع مناهج اليقين فياله غبنا خلا الدهر عن مروره من مضاهيه
ولم يتمحص في تقلباته بمساويه في مساويه ثم ال الامر إلى قتله صلوات
71

الله عليه بسيوف الغفلة على يدي (*)
يرى قتله زلفى اليوم المهاد قرني من رب العباد وهذا أيضا زيادة في الغبن الذي جرت الحال
ايه وانتهت الأمور الهى وأشد في الغبن ما جرى من تظاهر يزيد على الخلافة
ومطاولتها مدعيا انه الأحرى بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله في تثقيف
الأمة وحراستها وأذب عن الشريعة وحياطتها مع كفره الذي صرح به
لسان التواتر ونطقت به أفواه المحابر على ما مضى
فان مت يا أم أحيمر فانكحي * ولا تأملي بعد الممات تلاقيا
فان الذي حدثت من حال بعثنا * أحاديث طسم تترك القلب ساهيا
يصطلم في دولته مهجة مولانا أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه
أبناء مع طغام كثير ان مولانا الحسين عليه السلام جائر فيما قصد إليه مع شرفه المشبون ومجده الظاهر والمصون وسمته المهذب والموزون راغبا في
إقامة سنن جده وأبيه وما أمر الله تعالى في كتابه من ارشاد وتنبيه وعدوه
مشغول يشرب الخمر يناظر فيها ويقرر قواعد تحليلها وتقويم طريقة شاربيها
ويعاضده على محاربة مولانا أبي عبد الله عليه السلام من يدعى التزاما
بشريعة حده صلوات الله عليه مقران ان الحق ما جاء به من عند الله
وارشد إليه
عجائب لذوي الأذهان معتبر * فيها بن العمر فيها جد معتبر
ولقد افحم الحجاج خالد بن يزيد وقد قال إلى كم هذا البسط في

* بياض في الأصل. ولعله على يدي شقي يرى الخ.)
72

القتل قال أي ان لا يبقى في العراق من يزعم أن أباك كان يشرب الخمر ثم انقل أحال إلى الوليد بن يزيد فمزق المصاحف وهو عند السفلة معدود
من الخلائف تحبب إليه الفئ أسوة برسول الله صلى الله عليه وآله في
وجوب طاعته وامتثال كلمته وبنو هاشم مع ذلك مغمورون مقهورون
رعايا تجرى عليهم احكامه وينفذ فيهم ابرامه ومضى عليهم اصطلامه
والمساعد له مقر بالاسلام وشرايعه ولواحقه وتوابعه
لو يعلم الحجر الصوان ما اجترحت
يد الخطوب لسحت منه اماق * ومن غرائب الغبن خروج طلحة والزبير وعايشة قبل ذلك على
أمير المؤمنين عليه السلام قاصدين إقامة سنن العدل وبناء سوره واحيائه
بعد دثوره آخذين بدم عثمان وقد كانوا الجمر المحرقة في اصطلامه المطرقين له أسباب حمامه وهم راغبون بالحيلة في غراض دنيوية لا تخفى على ناقد بصيرا ومعتبر خبير بعيدين عن الحكمة فيما قصدوه كيف اختلفت بهم
الحال لوجد المنافسات بين المتقدمين والرغبة في الملك بن المتبوعين
وشعب جمعهم مع ذلك العزم الهاشمي ودرس آثارهم السيف العلوي
فبين قتيل وأسير وهارب ومستجير
لهم من قراع الهاشمي ابن فاطم * على خفوات البهم بين الضراغم
وإذا اعتبرت ذلك جميعه رأيت فرعا للمنع من كتب الصحيفة ثم فرعا
للشورى ولذلك تفصيل بوضح عن اسراره ويهتك مسلك أستاره
73

ومن أعداء الصفوة عمرو بن العاص اعدى بوضح عن هذه الدعوى
من القرآن المجيد قوله تعالى في أبيه يخاطب النبي صلى الله عليه وآله
(ان شانئك هو الأبتر) والأبتر هو الذي لا عقب له دليله ودليل ما قبله
ما رواه الواحدي في كتابه (الوسيط) عن محمد بن موسى بن الفضل
حدثنا محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير
عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن رومان قال كمان العاص بن وائل
السهمي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال دعوه فإنما هو رجل ابتر لا عقب له لو قد هلك انقطع ذكره واسترحم منه فأنزل الله تعالى في ذلك
(انا أعطيناك الكوثر) ما هو خير لك من الدنيا وفيها والكوثر العظيم
من الامر (فصل لربك وانحر ان شانئك هو الأبتر) العاص ابن وائل
قال عبد الله بن إسماعيل غير مستنكر إذا أن يكون المشار إليه عدوا
للصفوة حربا وعليهم مع قبيلة من الأغراض له في الخصال وبعدهم عن غاية
نقصه بالكمال تارة بسؤ مذهبه وتارة لبعد ما بين نسبهم ونسبه لأنهم
مصفون في الأنساب محضون نجرهم * هو المحض فينا والصريح المهذب
خضمون اشراف لها ميم سادة * مطاعيم أيسار إذا الناس اجدبوا
إذا ما المراضيع الخماص تأوهت * من البرد إذ مثلان سعد وعقرب
74

وحاددت النكر الجلاد ولم يكن * لعقبة قدر المستعيرين معقب
وبات وليد الحي طيان ساغبا * وكاعبهم ذات القفية أسغب
إذا نشئت منهم بأرض سحابة * فلا النبت محظور ولا البرق خلب
إذا أدلست ظلما أمرين حندس * فبدر لهم منها مضئ وكوكب
وان هاج نبت العلم في الناس لم تزل * بهم تلقه خضرا فيها ومذنب
لهم رتب فضل على الناس كلهم * فضائل يستعلى به المترتب
مساميح منهم قائلون وفاعل * وسباق غايات إلى الخير مسهب
أولئك نبي الله منهم وجعفر * وحمزة زين الفيلقين المجرب
هم ما هم شفعا ووترا لقومهم * لفقد انهم ما يغدر المتحوب
قال عبد الله بن إسماعيل يليق ان يثبت ها هنا قصص وجيزة
تناسب معنى هذه الأبيات من ذلك أن معاوية بن أبي سفيان قال الشريف
من شرفناه فقال أبو الجهم ان كنت صادقا فضع من شرف الحسن والحسين
ومن جنس هذا ما روى أن عمر بن عبد العزيز قال من أشرف
الناس فقال قائل أنتم قال بل أشرف الناس من يتمنى كل أحد أن يكون
منه ولا يتمنى أن يكون من أحد وهو والله صفة هذا إشارة إلى زين العابدين
عليه السلام
ومن جنسها ان عروة بن الزبير كان إذا لاحاه رجل أمسك
عنه ترفعا فجرى بينه وبين زين العابدين كلام فقال له خفض عنك أيها
الرجل فانى تركك كما تترك له الناس فبلغت الكلمة منه أبلغ شئ
75

قال عبد الله بن إسماعيل هذا ما اتفق لي اثباته بدارا بقلم التقصير
معرضا عن سبيل سهاب يصادم لمحه ساعات الفراغ باينا على قطع
لسان الانبساط بسيف المراقبات وستر نيان الافراط بينان ستر القاربات
سابحا في بحر يزع همة سابحة بعد سواحله وخرق يضع عزمة قاطعها
جهد رواحله ويصرفه عن الجرى في ميدانها بغى صدام المحاربين ويصدف
طلق عنانه شغل فسيح عرصاتها بوقفات الحايرين وفي القليل النزر التافه
غناء لمعتبر فتح عين استرشاده واغمض جفن هواه بيد انتقاده وأراد
سنن الاهتداء وارتاد سنن الطريق السواء وهجر شين المدافعات ميمون
بوصال زين الانجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلواته على سيدنا ومولانا
محمد سيد النبيين وآله الطاهرين.
76