الكتاب: النكت في مقدمات الأصول
المؤلف: الشيخ المفيد
الجزء:
الوفاة: ٤١٣
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: طبعت بموافقة اللجنة الخاصة المشرفة على المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد / النكت في مقدمات الأصول (في علم الكلام) من أمالي الشيخ المفيد

النكت
في مقدمات الأصول
[في علم الكلام]
من أمالي
الإمام الشيخ المفيد
محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم
أبي عبد الله، العكبري، البغدادي
(336 - 413 ه‍)
تحقيق
السيد محمد رضا الحسني الجلالي
1

الاهداء.
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى:
من زقني علم التوحيد في صغري، وعلمني الفقه في طفولتي، وأنار
لي طريق الحياة في كبري.
فرباني على حب المعرفة، وعلى التدقيق والتحقيق فيما أتعلم.
وبذر في نفسي الاخلاص وحسن النية في العمل.
وشوقني إلى السهر والجد في طلب السعادة الأخروية.
فسلام الله عليه من أب رحيم، ومن معلم أمين، ومن مرشد إلى
خير هدي.
إلى سيدي الوالد رضوان الله عليه.
أهدي هذا العمل.
المحقق
3

تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - موضوع الكتاب:
من الواضح أن كل فن وعلم تبتني مسائله وبحوثه على مصطلحاته
الخاصة، مضافا إلى حاجته العامة إلى اللغة التي يكتب ذلك العلم، أو
يتكلم طالبوه بها.
وقد بين العلماء طرفا من وجه الحاجة إلى " الألفاظ " في مفتتح كتب
المنطق، حيث جعلوه: " زيادة الطالب بصيرة في العلم ".
لكن الحاجة - بنظري - أعمق من مجرد زبادة البصيرة، بل هي
ماسة جدا، إذ بدون الوقوف على المصطلحات الخاصة لأي علم،
لا يمكن أن يفهم ذلك العلم، بل تكون لغة كتابه عجماء بالنسبة إلى
الجاهل بتلك المصطلحات، حتى لو كان عارفا باللغة التي كتب بها
العلم.
والسر في ذلك: أن المصطلحات تم التواضع عليها بين أصحاب
الفن، متجاوزين المفهوم اللغوي، فهي ذات أوضاع جديدة، وغريبة عن
5

المعنى اللغوي المتعارف فهمه بين أهل تلك اللغة، وهي خاصة بأهل
ذلك الفن، ولا تعرف إلا من جهتهم، ولا يدخلها القياس، ولا يمكن
تأويلها بأي شكل، فهي كلغة أجنبية لمن لم يطلع على وضعها، فالعلم
بالوضع من أهم شرائط معرفة اللغة.
والعلم بهذه الأوضاع لا يحصل إلا من جهة أصحاب كل فن،
والمؤلفين فيه، والواقفين على أسراره.
وهذه الحاجة، وتلك الضرورة، عامتان في كل العلوم والفنون،
ولكن، كلما كان العلم أوغل في النظرية والعقلانية، كانت الحاجة أمس،
والضرورة ألح، لتعقد المعاني المرادة وصعوبتها الأكثر.
وعلم الكلام الاسلامي، هو من العلوم النظرية التي احتوت على
مصطلحات خاصة، ودقيقة، فمن الواضح - إذن - حاجته إلى معرفة
مصطلحاته لطالبي مسائله ومعارفه، وبالأخص للمبتدئين في الطلب.
وقد أوضح الشيخ الطوسي هذه النقطة بكل جلاء، فقال:
"... الألفاظ المتداولة بين المتكلمين، وبيان أغراضهم منها،
فلهم مواضعات مخصوصة، ليست على موجب اللغة، ومن نظر في كتبهم
وكلامهم ولا يعرف مواضعاتهم لم يحظ بطائل، وإذا وقف على مرادهم ثم
نظر - بعد ذلك - في ألفاظهم حصلت بغيته، وتمت منيته... ".
جاء ذلك في افتتاح كتابه الذي شرح فيه المصطلحات الكلامية،
وسماه ب‍ " المقدمة... " كما سيأتي.
والشيخ المفيد سبق كل الكلاميين في تأليف كتاب يتكفل شرح
المصطلحات الكلامية، وهو هذا الكتاب الذي نقدم له، ونقدمه محققا.
فسماه " النكت في مقدمات الأصول ".
6

ومع أن العنوان يعبر عن صدق كون الكتاب " مقدمة " لعلم أصول
الدين، إذ هو يتكفل شرح المصطلحات المستعملة في ذلك العلم، وبدون
هذا الشرح لا يمكن تحصيل مسائله ومعارفه، فهو بحق " مقدمة
للأصول ".
إلا أن الشيخ لم يقتصر على هذه المقدمة، وإنما أدرج في الكتاب
بحوثا عن نفس الأصول أيضا، فذكر الأدلة على كل القضايا الأساسية
في العلم.
و قد هدف الشيخ المفيد إلى نفس الهدف الذي ذكره الشيخ الطوسي
بأفضل شكل، مع أن كتابه يتميز بأمور:
فأولا: قد جعله الشيخ على أبسط شكل ممكن وأوضحه، توصلا
إلى ما أشار إليه في ديباجته من " إرشاد المبتدئين " فعبارته واضحة تناسب
مدارك الناشئين الذين يطلبون هذا العلم، خاليا من التعقيد والغموض.
وثانيا: وضعه الشيخ على شكل محاورات بين السائل والمجيب،
فيطرح سؤالا بعنوان: " إن قال " ويجيب عليه بعنوان: " فقل " ويتمتع هذا
الأسلوب من الفوائد التربوية للناشئين ما يوحي إليهم بواقعية المعلومات
المطروحة على ساحة الحوار، ويتميز بحيوية التجاوب، ما لا يخفى أثره.
وثالثا: إن الألفاظ المشروحة مرتبة على حسب ترتيب الأبواب
والبحوث المعروضة في المناهج والكتب الكلامية، حيث بدأ بتعريف
" النظر، والدليل، والعقل، والعلم... " وهي المستعملة في الأبواب
الأولى، ثم يتدرج مع الأبواب والبحوث حتى المعاد.
والمؤلفات التي وضعت لتوضيح المصطلحات - ومنها الكلامية -
كثيرة في التراث الاسلامي، إلا أن الأعمال الشيعية القديمة في هذا
7

المجال، والتي خصصت لشرح الألفاظ الكلامية، هي:
1 - هذا الكتاب:
ويعتبر أقدم جهد في هذا المجال.
2 - المقدمة في المدخل إلى صناعة علم الكلام:
للشيخ الطوسي، طبعت بتحقيق الأستاذ محمد تقي دانش بزوه،
ونشر ضمن (الرسائل العشر) للشيخ الطوسي.
3 - الحدود والحقائق في شرح الألفاظ المصطلحة بين المتكلمين من
الإمامية:
للقاضي أشرف الدين صاعد بن محمد، البريدي الآبي (ق 6) طبع
بتحقيق الشيخ حسين علي محفوظ الكاظمي، في بغداد 1970 م.
2 - نسخ الكتاب
لم تختلف المصادر، ولا المفهرسون، في نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ
المفيد، وهذا ما يؤكده أسلوب الكتاب ونفسه وجرس كلماته وجمله.
ثم إن الشيخ قد ذكر بعض هذه التعاريف والحدود، في كتابه
" أوائل المقالات، باب " اللطيف من الكلام "، بعين ما ذكره هنا.
وهذا يدل على أن مؤلف الكتابين هو الشيخ المفيد. وقد أشرنا في
الهوامش إلى تلك التعاريف ومحل وجودها.
كما أن النسخ التي اعتمدناها في تحقيق الكتاب متفقة على نسبته إلى
الشيخ المفيد، وهي:
1 - نسخة مكتبة بادليان في مدينة أوكسفورد: في مجموعة تضمنت
8

عدة كتب وأراجيز كلامية، كتبها أحمد بن الحسين بن العودي، الأسدي
الحلي، وفرغ من كتابتها في الرابع والعشرين من شهر شعبان سنة
(740).
وهي نسخة كاملة، جيدة، مضبوطة، إلا أن الرطوبة أثرت فيها،
فلم نتمكن من قراءة بعض الكلمات - من المصورة التي عندنا - لذلك.
ونسميها ب‍ " الأصل ".
2 - نسخة محفوظة في مكتبة آية الله السيد الحكيم قدس سره، وعنها
فيلم في مكتبة جامعة طهران (دانشكاه).
وهي جميلة الخط، وعليها علامات التصحيح، وبلاغ المقابلة في
آخرها، وقد ترك الكاتب فراغات كتب فوقها أو إلى جانب الصفحات
كلمة " بياض " للدلالة على نقص أصلها المنقولة عنه.
وهي خالية من اسم الكاتب وتاريخ النسخ.
ونرمز إليها بالحرف (ك).
3 - نسخة مكتبة السيد الروضاتي دام فضله:
ضمن مجموعة كتبها جده السيد محمد الموسوي الأصفهاني.
ونرمز إليها بالحرف (ضا).
3 - عملنا في الكتاب:
1 - قمنا باستخلاص النص المضبوط، من النسخ الثلاث، متبعين
طريقة التلفيق بينها، إلا أنا أكدنا التركيز على ما جاء في " الأصل " لما تتمتع
به نسخته من القدم، والضبط، والكمال.
9

2 - وضعنا مكان ما لم نتمكن من قراءته في النسخ نقاطا ثلاثا بدل
كل كلمة، فإن بالإمكان معرفة عدد الكلمات المشوهة في مصورة الأصل،
ولعل الوقوف على نفس النسخة، يساعد على قراءة بعض هذه الكلمات
فيكون بالإمكان كتابتها في مواضعها من طبعتنا هذه.
3 - قطعنا النص، ونقطناه، بما يساعد على يسر فهمه، ووضوح
عبارته.
4 - رقمنا الكتاب على عدد المحاورات الواردة فيه، فكل سؤال
وجواب، يعتبر فقرة مستقلة، وبذلك تسهل الاستفادة من الكتاب بسرعة
ودقة.
5 - وضعنا للكتاب فهارس متنوعة، تزيد في يسر مراجعته وتقرب
فائدته إلى القارئ الكريم.
وأخيرا:
فنحمد الله على توفيقه، ونسأله الرضا عنا بفضله وإحسانه إنه ذو
الجلال والاكرام.
وصلى الله على محمد سيد الأنبياء، وعلى الأئمة الكرام من آله
الأتقياء، وسلم تسليما.
حرر في يوم الاثنين السادس والعشرين من
شهر محرم الحرام سنة ألف وأربعمائة
وثلاث عشرة هجرية
وكتب
السيد محمد رضا الحسيني
الجلالي
10

نموذج (1) بداية نسخة ابن العودي (الأصل).
13

نموذج (2) نهاية نسخة ابن العودي (الأصل).
14

نموذج (3) بداية نسخة مكتبة السيد الحكيم (ك).
15

نموذج (4) نهاية نسخة مكتبة السيد الحكيم (ك).
16

نموذج (5) بداية نسخة الروضاتي (رضا).
17

نموذج (6) نهاية نسخة الروضاتي (ضا)
18

كتاب
النكت
في مقدمات الأصول
[في علم الكلام]
من إملاء
الشيخ الأجل المفيد، أبي عبد الله
محمد بن محمد بن النعمان
الحارثي، رضي الله عنه، وأرضاه (1)

(1) " وأرضاه " لم ترد في " ضا " ومن قوله: " في مقدمات... " إلى آخره، غير واضح في
مصورة " ك ".
19

بسم الله الرحمن الرحيم
وبالله التوفيق، والعصمة، والعون.
أما بعد:
فإن أكثر الموحدين افتتحوا كلامهم في إرشاد المبتدئين بالقول في
أول فرائض الله تعالى على عباده المكلفين، فكان ترتيب ذلك أن سأل
سائل:
[1]
فقال: ما أول فرض الله على عباده المكلفين؟.
قيل له: النظر في أدلته.
[2]
فإن قال: ما الدليل على ذلك؟
فقل (1): لأنه - سبحانه - قد فرض معرفته، ولا سبيل إلى معرفته إلا
بالنظر في أدلته.
وهذا الكلام صحيح، غير أنه لا بد فيه من المعرفة بالنظر، ليعلم
المكلف: ما الذي عليه من ذلك فرض؟.

(1) في " ك ": قيل، بدل: (فقل).
20

باب
الإبانة عن معاني الألفاظ في مقدمات
النظر وماهية الأعراض.
[3]
فإن قال: ما النظر؟
فقل: هو استعمال العقل في الوصول إلى الغائب، باعتبار دلالة
الحاضر.
[4]
فإن قال: وما الاعتبار؟
فقل: هو الفكر فيما ظهر للنفس لاستفادة ما بطن عنها.
[5]
فإن قال: فهو النظر أم غيره؟.
فقل: هو هو بعينه (1).

(1) الفقرة [5] لم ترد في " ضا ".
21

فإن قال: فإذا كان هو هو بعينه (1) فلم فسر تموه على وجهين؟
فقل: لم يقع (2) التفسير له على وجهين يتضادان، بل يتفقان في
المعنى، وإن اختلفا في العبارة، والكشف، والايضاح، وهذا غير منكر
عند أهل التحصيل.
[7]
فإن قال: ما العقل؟
فقل (3): العقل معنى يتميز به من معرفة المستنبطات (4)، ويسمى
عقلا، لأنه يعقل عن المقبحات (5).
[8].
فإن قال: ما العلم؟.
فقل: هو الاعتقاد للشئ على ما هو به، مع سكون النفس المعتقد
بها (6).

(1) من بداية الفقرة إلى هنا لم يرد في " ك ".
(2) في " ضا ": يقع، بدون: (لم).
(3) أضاف في " ك ": قيل، والجواب كله مشوش في " الأصل ".
(4) في " ضا ": الشيطان! وباقي الكلام فيه مغلوط وناقص.
(5) لاحظ في وجه تسمية (العقل): المقدمة للطوسي (ص 83) وفيه أيضا وفي الحدود لابن
سينا (ص 11) رقم (21) والحدود لابن صاعد الآبي (ص 22) رقم (97) كلام عن
تعريف العقل وإطلاقاته العديدة.
(6) لم يرد (المعتقد بها) في " ضا " بل فيه: (إليه...) كذا ترك فراغا بقدر كلمة.
22

[9]
فإن قال: ما هو سكون النفس الذي أشرت إليه؟.
فقل: هو معنى يحصل للقدرة على نفي الشبه له في ضد الاعتقاد،
لحصوله من جهة النظر والحجة.
[10]
فإن قال: ما الجهل؟.
فقل: هو الاعتقاد للشئ على غير ما هو به.
[11]
فإن قال: ما المعرفة؟.
فقل: هي التفقه (1).
[12]
فإن قال: فيجب على هذا الأصل: أن يكون كل عالم عارفا،
معتقدا.
فقل: لا يجب (2) ذلك، لأنه ليس حد العالم أن يكون له علم، وقد
يكون عالم مستغنيا عن معنى يعلم به.

(1) (التفقه) موضعه بياض في " ضا " وهو مشوه في " الأصل " ولعله: (الاعتقاد).
(2) كذا يقرأ في " الأصل " وموضع (لا يجب) بياض في " ك وضا ".
23

[13]
فإن قال: ما الشك؟.
فقل: هو توقف النفس فيما عريت من اعتقاده على ما هو به، وعلى
غير ما هو به.
[14]
فإن قال: ما اليقين (1)؟.
فقل: هو قطع النفس على ما تبينته (2) ووضح لها.
[15]
فإن قال: ما الحق؟.
فقل: ما عضد معتقده البرهان.
[16]
فإن قال: ما الباطل؟.
فقل: ما خذل معتقده البيان.
[17]
فإن قال: ما الصحيح (3)؟.
فقل: هو الحق عينا.

(1) كلمة (اليقين) غير واضحة في " الأصل وك ".
(2) كذا ظاهر " ضا " وفي " ك ": ينبه، والكلمة مشوهة في " الأصل ".
(3) الكلمتان غير واضحتين في " الأصل وك ".
24

[18]
فإن قال: ما الفاسد (1)؟.
فقل: هو الباطل عينا.
[19]
فإن قال: ما الصدق؟.
فقل: هو الخبر بالشئ على ما هو به.
[20]
فإن قال: ما الكذب؟.
فقل: هو الخبر عن الشئ على خلاف ما هو به.
[21]
فإن قال: ما الخبر؟.
فقل: هو ما أمكن فيه الصدق والكذب.
[22]
فإن قال: ما الحسن؟.
فقل: هو ما كان فعله للعقول ملائما.

(1) الكلمتان غير واضحتين في " الأصل وك ".
25

[23]
فإن قال: ما القبيح؟.
فقل: هو (1) ما كان فعله للعقول مخالفا.
[24]
فإن قال: ما الدليل؟.
فقل: هو المعتبر في إدراك ما طلبت النفس إدراكه.
[25]
فإن قال: [ما الحجة] (2).
فقل: هي الدليل عينا.
[26]
فإن قال: ما الشبهة؟.
فقل: هي ما يحصل للنفس من باطل تخيلته حقا.
[27]
فإن قال:......؟.
.......... عن جهة الحق (3).

(1) (هو) لم ترد في " ضا ".
(2) كذا استظهرنا ما بين المعقوفين، ومحلها بياض في " ك وضا " وفي " الأصل " طمس
وتشويه من هنا إلى ابتداء الفقرة [28]، عدا بعض الكلمات.
(3) هذا هو الباقي من هذه الفقرة، والباقي بياض في " ضا " ومشوه في " الأصل "، ولكنها
لم ترد مطلقا في " ك ".
26

[28]
فإن قال: ما الشئ؟.
فقل: هو الموجود.
[29]
فإن قال: ما الموجود (1)؟.
فقل: هو ما صح التأثير به أو فيه.
[30]
فإن قال: ما المعدوم؟.
فقل: هو ما لا يصح التأثير به أو فيه (2).
[31]
فإن قال: ما الحدث؟.
فقل: هو الكون بعد العدم.

(1) علق في " الأصل وك " هنا بعنوان " نسخة " ما نصه: قيل: هو الثابت العين في الوجود،
والمعدوم: هو المنتفي العين الخارج عن الوجود ولاحظ أوائل المقالات للمؤلف، فقد
أورد هذا التعريف - الوارد في الهامش - بعينه (ص 126): القول في المعدوم. ولاحظ
المقدمة للطوسي (ص 66) فقد أورد ما في هذا الهامش، وأورد ما في المتن بعنوان: قيل.
(2) كذا في " ك " وفي الأصل (أولا فيه) ولعلها: ولا فيه. ولم ترد هذه. الفقرة في " ضا ".
27

[32]
فإن قال: ما القدم؟.
فقل: هو الوجود في الأزل (1).
[33]
فإن قال: ما الجسم؟.
فقل: هو ذو الطول والعرض والعمق (2).
[34]
فإن قال: ما الجوهر؟.
فقل: هو ما تألفت منه الأجسام (3).
[35]
فإن قال: ما العرض؟.
فقل: هو ما احتاج في وجوده إلى غيره، ولم يكن له لبث كلبث
الأجسام (4).

(1) في " ك ": الآزال.
(2) لاحظ: أوائل المقالات (ص 123).
(3) لاحظ: أوائل المقالات (ص 117).
(4) لاحظ: أوائل المقالات (ص 4 - 125).
28

[36]
فإن قال: ما الاجتماع؟.
فقل: هو ما تتألف (1) به الجواهر.
[37]
فإن قال: ما الافتراق؟.
فقل: هو ما انفصلت به الجواهر.
[38]
فإن قال: ما المماسة؟.
فقل: هي الاجتماع عينا.
[39]
فإن قال: ما المباينة؟.
فقل: هي الافتراق عينا.
[40]
فإن قال: ما الحركة؟.
فقل: هي ما قطعت به الجواهر مكانين (2).

(1) كلمة (تتألف) مشوهة في " الأصل " وفي " ضا ": يتفق.
(2) في " ضا " بدل (مكانين): في مكان بوقتين، وهو ذيل ما يأتي في الفقرة [41] التالية، فما
بين الموضعين ساقط من " ضا ".
29

[41]
فإن قال: ما السكون؟.
فقل: هو ما لبثت به الجواهر في مكان بوقتين.
[42]
فإن قال: ما العالم؟.
فقل: هو السماء، والأرض، وما فيهما، وما بينهما، من الجواهر
والأعراض (1).
[43]
فإن قال:...... (2) من الأجناس؟.
فقل: جنسين (3) لا ثالث لهما، يتضمن كل واحد منهما أجناسا.
[44]
فإن قال: ما هما؟.
فقل: هما المتقدم ذكرهما من الجواهر والأعراض.

(1) ذكر المؤلف هذا التعريف بعينه في أوائل المقالات (ص 27) وقال: ولا أعرف بين أهل
التوحيد خلافا في ذلك.
(2) كلمات مشوهة في " الأصل " وموضعها بياض في " ك وضا ".
(3) كذا بالياء في النسخ كلها!.
30

باب
الكلام في حدث العالم
و إثبات محدثه والإبانة عن صفاته
[45]
فإن قال: ما الدليل على حدث العالم؟.
فقل: تغير أجزائه، واحتمالها الزيادة والنقصان.
[46]
فإن قال: ما وجه دلالة ذلك، والبرهان عليه؟.
فقل: لأنه لو كان قديما لاختص في القدم بصفة (1)، واستحال
خروجه عنها، لفساد تعلق العدم بالقديم والبطلان.

(1) في " ك ": بطابقة.
31

[47]
فإن قال: ما الدليل [على وجوب المحدث له] (1).
فقل: ما أوجب في البدائة (2) للكتابة كاتبا، وللبناء بانيا، وللمساحة
ماسحا (3).
[48]
فإن قال: ما الدليل على وجوده؟.
فقل: ما في العقول من استحالة فعل من غير [صنع أحد له] (4)،
ووجوده، وعلمه، وحياته، فهو من معدوم - ليس بشئ - أشد استحالة.
[49]
فإن قال: لم لا يجوز عدمه بعد الوجود؟.
فقل: لقدمه، إذ القديم بالوجود أولى منه بالعدم.

(1) كذا نستظهره من " الأصل " ويفيده الجواب، وفي " ك وضا " موضع ما بين القوسين
فراغ، وكتب في هامش " ك ": بياض.
(2) في " ك " البداية، وكذا كلما تكررت الكلمة فيما يلي.
(3) (وللمساحة ماسحا) ليست في " ضا " وهي مشوهة في " الأصل ".
(4) كذا قرأنا " الأصل " وموضعه في " ك " بياض، وفي " ضا ": (جاحد له...) وفراغ بقدر
كلمة واحدة.
32

[50]
فإن قال: ما الدليل على أنه قديم؟.
فقل: لأنه يتأتى منه ما لا يتأتى منا لحدثنا (1) بالجواهر، والأجناس
المخصوصة من الأعراض.
[51]
فإن قال: ما الدليل على أنه حي؟.
فقل: اقتضاء ما في العالم من آثار قدرته، والقادر في مقتضى العقول
يجب أن يكون حيا.
[52]
فإن قال: ما الدليل على أنه قادر؟.
فقل: تعلق الأفعال به، مع تعذرها - في البدائة - على العاجز،
واستحالة وقوعها على طريق الابتداء من الميت.
[53]
فإن قال: ما الذي يدل على أنه عالم؟.
فقل: ما في أفعاله من الاتقان، والتظافر (2) على الاتساق، وتعذر ما
كان بهذه الصفة - في البدائة - على الجاهل.

(1) كذا ظاهر " الأصل " وفي " ك " بدل (منها لحدثنا) من الحدث لا، وفي " ضا ": من
الحدث.
(2) كذا ظاهر " الأصل " ويقتضيه التعدي بعلى، لكن في " ك " النظام، وفي " ضا ":
الت...، كذا مبتورة الآخر.
33

[54]
فإن قال: ما الدليل على أنه سميع؟.
فقل: ما ثبت من حياته مع تعريه من الآفات.
[55]
فإن قال: ما الدليل على أنه بصير؟.
فقل: ما تقدم من دلالة السمع.
[56]
فإن قال: ما الدليل على أنه حكيم؟.
فقل: ما ثبت من غناه، وعلمه بقبح القبيح.
[57]
فإن قال: ما الدليل على غناه؟.
فقل: ما ثبت من قدمه، واستحالة الحاجة في صفة القديم (1).
[58]
فإن قال: ما الدليل على صدقه (2)؟.
فقل: ما ثبت من حكمته، وغناه عن القبيح.

(1) في " ضا ": القدرة بدل (لقديم).
(2) كذا في " ضا " وموضع (صدقه) بياض في " ك " والكلمة مشوهة في " الأصل ".
34

[59]
فإن قال: ما الدليل على أنه غير ظالم (1)؟.
فقل: ما ثبت من غناه في الحكمة (2)، [ولأن الظلم قبيح] (3).
[60]
فإن قال: ما الدليل على أنه جواد كريم؟.
فقل: ما دل على أنه حكيم رحيم.

(1) كلمة (ظالم) مشوهة في " الأصل "، وكان في " ك وضا " مكانها: غير فقير، ويقرب ما
أثبت أن المصنف ذكر صفة الغني سابقا، ولم يذكر صفة العدل.
(2) الجواب إلى هنا في " ك "، لكن في " ضا " وظاهر " الأصل ": قد أثبت في غناه في الحكمة.
(3) كذا الظاهر وهو مشوه في " الأصل "، لكن في " ك وضا " ولا تعظيم!.
35

باب
الكلام في نفي التشبيه
[61]
فإن قال: ما الدليل على أنه لا يشبه خلقه؟.
فقل: ما في الاشتباه (1) من دلالة الحدث بالاتفاق، وقد ثبت أنه
قديم.
[62]
فإن قال: ما الدليل على أنه لا يدرك بالأبصار؟.
فقل: ما استحال من اشتباهه بخلقه، وإيجاب الرؤية الاشتباه.
[63]
فإن قال: أين دلالة السمع على ذلك؟.
فقل: قول الله تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو
اللطيف الخيبر) [الآية (103) من سورة الأنعام: 6].

(1) في " ضا ": الأشباه.
37

[64]
فإن قال: ما الدليل على أنه عالم لنفسه؟.
فقل: استحالة جريان الجهل عليه، ووجوب جوازه على سائر ما
علم بمعنى من الموجودات.
[65]
فإن قال: ما الدليل على أنه قادر لنفسه؟.
فقل: ما دل على كونه بها عالما.
وكذلك في باب الحياة.
[66]
فإن قال: ما الدليل على أن كلامه محدث؟.
فقل: ما فيه من آية الحدث، من التفصيل والنظام.
38

باب
الكلام في التوحيد
[67]
فإن قال: ما الدليل على أنه في الإلهية واحد؟.
فقل: استحالة تعلق النقص بمستحق الإلهية، ووجوبه فيما
زاد... (1) المعنى على الواحد.
[68]
فإن قال: فما وجه وجوبه فيما زاد على الواحد؟.
فقل: هو (2) ما للعقول من وجوب التساوي - إذ ذاك - بينهما، أو
بينهم، في القدرة [أ] والتفاضل:
ولو تساويا، لكان كل واحد منهما متى رام ضد ما رام صاحبه
إيقاعه، امتنعا، وتكافئا في المنع، فعدم مرادهما جميعا، وذلك غاية
النقص.
ولو تفاضلا، لكان المفضول - بالبدائة - ناقصا.

(1) في " الأصل " كلمة غير مقروءة، وفي " ضا ": زاد على المعنى.
(2) كذا ظاهر " الأصل " وليس (وهو) في " ضا "، وفي " ك " فقل: العقول.
39

باب
الكلام في الرسالة
[69]
فإن قال: ما الدلالة على جواز بعثه بالرسل (1) عليهم السلام؟.
فقل: قدرته على ذلك، واستحالة تعذره عليه.
[70]
فإن قال: ما الدليل على حسن بعثه (2) بالرسل (3)؟.
فقل: ما في ذلك من اللطف للخلق.
[71]
فإن قال: ما الدليل على أن فيها لطفا للخلق؟.
فقل: وجودها فيما سلف بالصحيح من السمع.

(1) كذا في " الأصل " وفي " ضا ": بعثه الرسل، وفي " ك " بعثة الرسل.
(2) كذا في " ضا " وفي " الأصل ": بعثته، وفي " ك " بعثة.
(3) كذا في الأصل، وفي " ك وضا ": الرسل.
41

[72]
فإن قال: ما الدلالة على وجودها (1) من السمع؟.
فقل: تواتر الأخبار بما ظهر على كثير من مدعيها من العجز في نفسه
بالنظر إلى رسه (2) بالعقل.
[73]
فإن قال: ما الدليل على نبوة محمد عليه السلام؟.
فقل: ما قهر به العرب، والعجم، والخاصة، والعامة، من القرآن.
[74]
فإن قال: ما وجه دلالة القرآن؟.
فقل: وجهها التحدي الواقع بسائر الفصحاء والبلغاء، وعجزهم
عن معارضته بمثله في النظام.
[75]
فإن قال: ومن أي وجه حصل عجزهم عنه؟ وما الحجة في ذلك
والبرهان؟.
فقل: برهان ذلك عدولهم عن المعارضة إلى السيف الذي هو أشق
على الأنفس من سائر أجناس الكلام.

(1) كتب في " ضا " وجوبها، وفوته " وجودها ".
(2) كذا في " الأصل وضا " وفي " ك ": رسه، غير منقوط في الجميع، ولعله من الريب.
42

باب
الكلام في الإمامة
[76]
فإن قال: ما الدليل على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام؟.
فقل: ما وقع من استخلافه عليه وآله السلام له بحضرة الأنام.
[77]
فإن قال: وما الدليل على أنه استخلفه، وجعله بعده الإمام؟.
فقل: تواتر الشيعة بأمره عليه السلام جماعة من أصحابه بالسلام
عليه بإمرة المؤمنين تهنية له بالمقام (1).

(1) انظر كتاب اليقين باختصاص مولانا علي عليه السلام بإمرة المؤمنين للسيد علي بن
طاوس الحلي، وقد ألفه لجمع ما ورد بتلقيب أمير المؤمنين عليه السلام بهذا اللقب،
وانظر خاصة الأبواب (4 و 32 و 53 و 54 و 55 و 56 و 69 و 70 و 115) فقد ذكر
أمر رسول الله صلى الله عليه وآله من رواية بريدة بن الخصيب الأسلمي، وفي الباب
(128) كنا نسلم، وفي الباب (116) عن أسامة، وفي الأبواب (113 و 149) عن
أبي جعفر عليه السلام. وفي الأبواب (68 و 102 و 103 و 117) عن الصادق (ع).
وانظر كتاب التحصين الذي استدرك فيه على كتاب اليقين.
43

[78]
فإن قال: وما الذي يؤمن من غلط الشيعة، وإن كانوا متواترين في
هذا الزمان؟.
فقل: الذي آمن من غلط المسلمين فيما نقلوه من معجزات الرسول
عليه السلام، وفرائضه، وسننه، وأحكامه وكانوا متواترين به في هذا
الزمان.
[79]
فإن قال: ما الدليل على إمامة الحسن والحسين عليهما السلام؟.
فقل: دلالة إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.
[80]
فإن قال: ما الدلالة على إمامة التسعة من ولد الحسين عليهم
السلام؟.
فقل: ما تقدم ذكره في إمامة علي والحسن والحسين عليهم السلام،
من التواتر في الأخبار.
[81]
فإن قال: فهل لك - مع ذلك - أخبار في إمامتهم، على الإجماع
والاتفاق؟.
فقل: أجل، إن معي في ذلك ما ليس فيه اختلاف.
44

[82]
فإن قال: هلم به، على التفصيل للبيان.
فقل: قد أجمع أهل الاسلام على أن رسول الله صلى الله عليه وآله
نصب عليا عليه السلام يوم غدير خم، في رجوعه من حجة الوداع، للأمة
جمعاء، ثم واجههم بالخطاب، فقال: " من كنت مولاه، فعلي مولاه " (1).
فأوجب له ما لنفسه من الطاعة، وشريف المقام، ولا خلاف بين
أهل اللسان أن " المولى " عبارة - في اللغة - عن " السيد المطاع ".

(1) أجمعت الأمة على تواتره:
قال الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر (ص 194) رقم (232): حديث
" من كنت مولاه فعلي مولاه " أورد من حديث... ثمانية عشر نفسا [وذكر أسماءهم]
وعد عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: أنهم سمعوا رسول الله
صلى الله عليه [وآله] وسلم يقوله، وعن اثني عشر رجلا [وسمى منهم اثنين] وعن
بضعة عشر رجلا [وسمى منهم واحدا]... وورد أيضا من حديث [أربعة
أشخاص].
وفي رواية لأحمد: أنه سمعه من النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم ثلاثون صحابيا
وشهدوا به لعلي [عليه السلام]...
وممن صرح بتواتره - أيضا -: المناوي في (التيسير) نقلا عن السيوطي، وشارح
(المواهب اللدنية) وفي (الصفوة) للمناوي: قال الحافظ ابن حجر: حديث " من كنت
مولاه فعلي مولاه " خرجه الترمذي، والنسائي، وهو كثير الطرق جدا، وقد استوعبها ابن
عقدة في (مؤلف) مفرد، وأكثر أسانيد صحيح أو حسن.
أقول: خرجه من أعلام العامة أصحاب الصحاح والسنن: الترمذي (5 / 633)
رقم (3713) والنسائي في خصائص علي عليه السلام (ص 96 و 99 / بالأرقام 79
و 83) وأحمد في مسنده (1 / 84) ومواضع أخر، والحاكم في المستدرك على الصحيحين
(3 / 109 و 110 و 116) وابن أبي شيبة (12 / 59) رقم (12121).
وأما الشيعة، فقد صرح بتواتره الإمامية:
قال الكراجكي: قد اختص هذا الخبر بما لم يشركه فيه سائر الأخبار، فمن ذلك أن
الشيعة نقلته وتواترت به، وقد نقله - أيضا - أصحاب السير نقل المتواترين به، يحمله
خلف منهم عن سلف، وضمنه جميعهم الكتب بغير إسناد معين، كما فعلوا في إيراد
الوقائع الظاهرة والحوادث الكائنة التي لا تحتاج في العلم بها إلى سماع الأسانيد المتصلة.
انظر الشافي للمرتضى (2 / 261) ولاحظ دليل النص بخبر الغدير، المنشور في
مجلة (تراثنا) العدد 21 ص 433.
وأما الزيدية، فقد صرحوا بتواتره:
قال الأمير الناصر الحسين بن محمد: قد ذكر الطبري خبر يوم الغدير، وطرقه من
خمس وسبعين طريقا، وأفرد له كتاب الولاية، وذكر ابن عقدة خبره، وأفرد له كتابا
وطرقه من مائة طريق وخمس طرق...، ولا شك ولا إشكال في بلوغه حد التواتر،
وحصول العلم به، والأمة بين محتج به على الإمامة، ومتأول فيه. ينابيع النصيحة في
العقائد الصحيحة (ص 191 - 192) وأورده الحاكم الحسكاني من طرق في شواهد
التنزيل (في سورة المائدة ذيل الآية 67) وقد أفرد لجمع طرقه كتابا قال: وطرق هذا
الحديث مستقصاة في كتاب (دعاة الهداة إلى أداء حق الموالاة) من تصنيفي في عشرة
أجزاء، وذكره ابن طاوس الحلي في كتبه كالإقبال والطرائف وقال: إنه كان في اثني عشر
كراسا، مجلدا. لاحظ خزانة ابن طاوس (ص 35) رقم (190).
وأما الإسماعيلية:
فقد أورده القاضي النعمان بطرق ثم قال: فالخبر عن قيام رسول الله صلى الله عليه
وآله بغدير ختم بولاية في صلوات الله عليه... وما قال في ذلك مما ذكره من ولايته
أيضا من مشهور الأخبار، وما رواه الخاص والعام، شرح الأخبار (ج 1 ص 105).
وأما الخوارج:
فعلى قلة عدد المنتمين إلى مذهبهم، ممن يعتد بنقلهم ورأيهم، وقلة المصادر المتوفرة
من كتبهم، فإن السيد المرتضى بعد أن صرح بقوله: ما نعلم أن فرقة من فرق الأمة
ردت هذا الخبر واعتقدت بطلانه، قال:.... وأما الخوارج: فما يقدر أحد على أن يحكي
عنهم دفعا لهذا الخبر، أو امتناعا من قبوله، وهذه كتبهم ومقالاتهم موجودة معروفة،
وهي خالية من رد الخبر. الشافي، للمرتضى (2 / 264).
أقول: وبذلك ثبت إجماع الأمة بكافة مذاهبها على ورود الخبر وقبوله، وبلوغه رتبة
من الشهرة تفوق حد التواتر المصطلح، فلا ينكره إلا مكابر، أو شاذ، أو جاهل بطرق
العلماء والمحدثين في تعاملهم مع الأحاديث.
وقد جمع أسماء رواة الحديث من الصحابة، مع ذكر مصادر رواياتهم، فبلغ بهم
(167) شخصا محقق صحيفة الرضا عليه السلام في ذيل الحديث. برقم (109)
ص (172 - 224).
وأما عن دلالة الحديث على الإمامة فقد أشبع العلماء الكلام، ومنهم شيخنا المفيد
في كتبه الكلامية، وخاصة رسالته في أقسام المولى ورسالة في معنى المولى.
45

وأجمعوا - أيضا - على أنه قال لعلي عليه السلام: " أنت مني بمنزلة
هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي " (1).
فأوجب بذلك له الخلافة من بعده، وأوضح به عن استخلافه
إماما.

(1) معروف بحديث المنزلة، اعترف المحدثون بتواتره وشهرته: فالكتاني من العامة، أورده
من حديث ثلاث عشرة نفسا [وذكر أسماءهم] وقال: وقد تتبع ابن عساكر طرقه في
جزء فبلغ عدد الصحابة فيه نيفا وعشرين، وفي (شرح الرسالة) للشيخ جسوس رحمه
الله ما نصه: حديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " متواتر، جاء عن نيف
وعشرين صحابيا، واستوعبها ابن عساكر في نحو عشرين ورقة. نظم المتناثر
(ص 195) رقم (233).
وقد رواه أصحاب الصحاح والسنن: كالبخاري في صحيحه (4 / 208) و
(5 / 129) ومسلم في صحيحه (2 / 360) وأحمد في مسنده (1 / 173) ومواضع عديدة
أخر.
وقال السيد الشريف المرتضى: إن علماء الأمة مطبقون على قبوله... والشيعة
تتواتر به، وأكثر رواة الحديث يرويه، ومن صنف الحديث منهم أورده من جملة
الصحيح، وهو ظاهر بين الأمة شائع، كظهور سائر ما تقطع على صحته من الأخبار.
الشافي، للمرتضى (3 / 8).
وقال الأمير الناصر: خبر المنزلة هو مجمع على صحته وغير مختلف في ثبوته. ينابيع
النصيحة (ص 195).
وقال القاضي النعمان: وهذا - أيضا - خبر مشهور، قد جاء من طرق شتى، وثبت.
شرح الأخبار (1 / 97).
47

واتفقوا على أنه عليه السلام قال - في الحسن والحسين صلوات الله
عليهما -: " ابناي هذان إمامان، قاما أو قعدا " (1).
وهذا في الإمامة من أوضح المقال.
ولم يختلفوا في أنه عليه السلام قال: " الأئمة بعدي عددهم عدد نقباء
موسى عليه السلام، اثنا عشر إماما ".
بالظاهر الصحيح من الأخبار (2).

(1) رواه الصدوق في علل الشرائع (1 / 211) من حديث الحسن عليه السلام والخزاز في
كفاية الأثر (ص 117) من حديث أبي أيوب الأنصاري، والمفيد في الارشاد (ص 220)
وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب (3 / 394) وقال: أجمع عليه أهل القبلة.
ورواه الأمير الناصر في ينابيع النصيحة (ص 237) وقال:. ولا شبهة في كون هذا
الخبر مما تلقته الأمة بالقبول، وبلغ حد التواتر.
وأرسله في حاشية شرح الأزهار (4 / 522) عن (الرياض) ورواه السيد مجد الدين
في التحف شرح الزلف (ص 22).
وقال بعض مؤلفي الزيدية - بعد أن نقل الخبر واحتج به، فإن قال قائل: لم قلتم:
إن هذا الخبر قد وقع العلم بصحته فيصح الاحتجاج به؟ قيل له: لما بيناه فيما تقدم،
وهو: أن كل خبر ظهر بين أهل العلم على اختلاف مذاهبهم واختلاف أقوالهم...
وكان جماعتهم بين مستدل بظاهره وبين متأول له... ولم يحك عن أحد منهم دفعه،
كان ذلك إطباقا منهم على تلقيه بالقبول. كتاب الزيدية، المنسوب إلى الصاحب
(ص 155).
(2) نصوص حديث: "... اثنا عشر خليفة. " أوردها البخاري في صحيحه
(9 / 101) الكتاب 23 باب (51) الاستخلاف، ومسلم في صحيحه (3 / 1451)
كتاب الإمارة، باب (1) الناس تبع قريش، والترمذي في سننه (الصحيح) (2 / 45)
ط الهندب ما جاء في الخلفاء، ثم رواه. من تلاهم من المحدثين في المجاميع الحديثية،
وقد جمع الحافظ ابن حجر طرقه في كتاب (لذة العيش، بجمع طرق حديث الأئمة من
قريش).
واقرأ بحثا قيما عن الحديث في كتاب (الخلفاء الاثنا عشر للعلامة السيد محمد على
البحراني الموسوي، ولاحظ كتابنا (تدوين السنة الشريفة).
48

[83]
فإن قال: فإن الشيعة أنفسها تفترق في الإمامة على مذاهب وأقوال،
فكيف يصح لنا ما ذكرتموه مع الاختلاف (1)؟.
فقل: يصح ذلك على الوجه الذي يصح في تأويل القرآن، وما تثبت
الآيات، وإن كان أهل فرقه (3) اختلفوا (4)... في المعجزات، وبما يثبت
به أعلام النبي عليه السلام خاصة، وفرائضه، وسننه، وأحكامه، وإن
كان بين المسلمين فيها اختلاف.

(1) من قوله: (فكيف...) إلى هنا، ورد هكذا في " ك " وهو مشوه في " الأصل " وفي
" ضا ": في كون... ما ذكرتموه من الاختلاف.
(2) من أول الجواب إلى هنا لفقناه من " ك وضا " وهو مشوه في " الأصل " وفي " ك ": يصلح،
بدل (يصح) الثانية.
(3) كذا ظاهر " الأصل " وفي " ك وضا " فريقه.
(4) كذا في " الأصل " ثم تشويش وفي " ضا " (يختلفوا) وبعده بياض وفي " ك ": (مختلفين
و).
49

باب
الكلام في الوعد والوعيد
[84]
فإن قال: ما الدليل على أن المطيع مستحق بطاعته للثواب؟.
فقل: ما ثبت من حسن فعله، وثبت - في البدائة - من وجوب المدح
على ما حسن من الأفعال.
[85]
فإن قال: ما الدليل على أن العاصي مستحق بمعصيته للعقاب؟.
فقل: ما ثبت من قبح فعله، وصح - في البدائة - من حسن الذم
على ما قبح من الأفعال.
51

[86]
فإن فال: ما الدليل على جواز العفو عن مرتكب كبيرة من
الموبقات؟.
فقل: ما حسن من العفو في العقول عمن وجب عليه عقاب افتقر
إلى إزالته الصفح والغفران (1).
[87]
فإن قال: ما الدليل على صحة الوقف في أصحاب الكبائر من أهل
المعرفة والصلاة؟.
فقل: عدم الدلالة من الجهات التي لو كانت لوجدت فيها، على
فعل المستحق لهم، على القطع والثبات (2).
[88]
فإن قال: هل مع ذلك حجة أخرى توجب الوقف أو بيان؟.
فقل: أجل، إن معه لأكثر (3) الحجج والبينات، وهو القرآن.

(1) اقرأ ما يفيد لهذه الفقرة في الفصول المختارة (ص 40 - 41).
(2) اقرأ عن هذه الفقرة أوائل المقالات (ص 52 و 102)، واقرأ الفقرات التالية [89 -
92].
(3) كذا في النسخ، ولعله: أكبر.
52

[89]
فإن قال: أين ورد في ذلك من القرآن؟.
فقل: قول الله تبارك وتعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما
دون ذلك لمن يشاء) [الآية (48 و 116) من سورة النساء (4)].
وقوله عز وجل: (ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم
وما أرسلناك عليهم وكيلا) [الآية (54) من سورة الإسراء (18)].
وما أشبه ذلك من الآيات... (1).
[90]
فإن قال: هل (نقل لك) (2) في هذين الأمرين شئ عن النبي صلى
الله عليه وآله؟.
فقل: نعم.
قوله صلى الله عليه وآله: " لتخرجون من النار بعد ما تصيرون حميما (3)
وفحما " (1).

(1) في " الأصل " هنا كلمة مشوهة، ووضع مكانها في " ضا " فراغا بقدر كلمة، وكتب في
" ك ": بياض.
(2) كذا ظاهر " الأصل " وهو مشوش، وكان في " ك " موضعه: بياض، وفي " ضا " جاءت
العبارة هكذا: هل لك مع ذلك في الأمرين دليل عن النبي (ص).
(3) كذا في " ك " وفي هامشه عن نسخة " حمما " وهذا أقرب إلى " الأصل " المشوه، وموضع
الكلمة فراغ في " ضا ".
(4) لم نعثر على الحديث في المصادر المتوفرة، ولكن ورد في مسند أحمد (ج 3 ص 48) بلفظ:
" يخرج الناس من النار بعد ما احترقوا وصاروا فحما فيدخلون الجنة... " من حديث أبي
سعيد، وعن البخاري في صحيحه: " يخرج من النار قوم بالشفاعة كأنهم النغارير " أورده
المناوي في كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير (2 / 196). وبهذا المعنى أحاديث كثيرة
في مصادر العامة.
53

وقوله عليه وآله السلام: " ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من
أمتي " (1).
وما أشبه هذين من الأخبار.

(1) الحديث بلفظ: " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، أورده السيوطي عن أحمد في المسند،
وعن أبي داود، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك (1 / 69) عن
جابر وأنس والطبراني في الكبير عن ابن عباس، والخطيب عن ابن عمر وعن كعب بن
عجرة. الجامع الصغير (1 / 40).
وعن ابن عبد البر في (الاستذكار): إثبات الشفاعة ركن من أركان اعتقاد أهل
السنة، وقد ذكرت في (التمهيد) كثيرا من أقاويل الصحابة والتابعين في ذلك،...،
والأحاديث فيها متواترة عن النبي صلى الله عليه وآله، صحاح ثابتة، وحديث جابر:
شفاعتي لأهل الكبائر... وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إني ادخرت شفاعتي لأهل
الكبائر من أمتي.
انتهى كلام ابن عبد البر، وقد نقله الزرقاني في شرح الموطأ مختصرا.
وقال ابن تيمية: قد ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة واتفاق الأمة أن نبينا صلى
الله عليه وآله وسلم الشافع...
ثم اتفق أهل السنة أنه يشفع في أهل الكبائر. لاحظ نظم المتناثر ص 237.
54

فإن قال: فعلى هذا الأصل الذي (1) قاطع على العفو دون الوقف،
على ما قدمت في المقال؟.
فقل: معاذ الله، ما قطعت على ما وقفت فيه، إذ كان الوقف في كل
عاص في الد... (2).
وليس في القطع في الجملة على عفو عن مبهم لا يعرف عينا، قطعا
على ما كان الوقف فيه من الأعيان (3).
[تم الكتاب]

(1) كذا في النسخ، إلا أن الكلمة غير واضحة في " الأصل " وكأن فوقها (ظ) ولعل الكلمة:
فأنت.
(2) كذا في النسخ، وموضع الفراغ مشوه في " الأصل " وبياض في النسختين.
(3) كتب في هامش " ك ": بلغ قبالا.
55

نهايات النسخ
جاء في آخر نسخة " الأصل " ما نصه:
تم الكتاب، والحمد لله رب العالمين والصلاة على خير خلقه محمد وآله
الطاهرين.
فرغ من نسخه أفقر عباد الله تعالى أحمد بن الحسين بن العودي عفا الله
عنه، يوم السبت الرابع والعشرين من شهر شعبان من سنة أربعين وسبعمئة.
وجاء في آخر نسخة " ك ":
والحمد لله رب العالمين والصلاة على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
وجاء في آخر نسخة " ضا ":
تم الكتاب، والحمد لله رب العالمين والصلاة على خير خلقه محمد وآله
الطاهرين.
ويقول محقق الكتاب:
قد فرغت، بتوفيق الله الملك الوهاب، من تحقيق هذا الكتاب،
عصر يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر محرم الحرام سنة ألف
57

وأربعمائة وثلاث عشرة للهجرة، في مدينة قم المقدسة.
والحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة وصلى الله على محمد وعترته
الطاهرة.
وكتب
السيد محمد رضا الحسيني
الجلالي
58

الفهارس (1)
1 - فهرس الآيات الكريمة.
2 - فهرس الأحاديث الشريفة.
3 - فهرس الأعلام غير مؤلفي المصادر.
4 - فهرس الكتب غير المصادر.
5 - فهرس المصطلحات والألفاظ الخاصة.
6 - فهرس المصادر.
7 - فهرس المحتوى.

* مرتبة على أرقام الفقرات، وما وقع في هوامشها يوضع أمامه الحرف (ه‍)، عدا ما وقع
منها في المقدمة فهو على الصفحات مع الحرف (ص) قبله.
59