الكتاب: عيون المعجزات
المؤلف: حسين بن عبد الوهاب
الجزء:
الوفاة: ق ٥
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٦٩
المطبعة: الحيدرية - نجف
الناشر: محمد كاظم الشيخ صادق الكتبي
ردمك:
ملاحظات:

عيون المعجزات
تأليف
المحدث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب
(من علماء القرن الخامس)
حقوق الطبع محفوظة للناشر
محمد كاظم الشيخ صادق الكتبي منشورات المطبعة الحيدرية في النجف
1369 هج‍ - 1950 م
تعريف الكتاب 1

ترجمة المؤلف
هو الشيخ حسين بن عبد الوهاب أحد الفطاحل من علماء القرن
الخامس كان مشاركا للشريفين المرتضى والرضي في بعض المشائخ كأبي
التحف المصري وأمثاله وهو والشيخ الطوسي يرويان عن هارون بن موسى
التلعكبري بواسطة واحدة والمترجم معول عليه في الحديث وكتابه
(عيون المعجزات) من مصادر بحار الأنوار للمجلسي واعتمد عليه السيد
هاشم البحراني في مدينة المعاجز ولم يزل العلامة النوري في خاتمة المستدرك
ج 3 ص 334 يهتف به ويشيد بذكره وذكر صاحب روضات الجنات ص 381
في أثناء ترجمة الشريف علي بن أحمد بن موسى بن الإمام الجواد عليه السلام
صاحب كتاب (الاستغاثة) وذكره شيخنا الحجة الشيخ آغا بزرك في كتاب
الذريعة إلى تصانيف الشيعة
وأثنى عليه كثيرا ملا عبد الله تلميذ شيخنا المجلسي في (رياض العلماء)
فقال كان الشيخ حسين بن عبد الوهاب من علمائنا الاجلاء بصيرا
بالاخبار ناقدا للأحاديث فقيها شاعرا مجيدا له كتب منها (الهداية إلى
الحق) وكتاب (البيان في وجوه الحق في الإمامة) وكتاب (عيون
المعجزات)
وكان السبب في تأليف العيون انه وجد كتاب (بصائر الدرجات
ترجمة المؤلف 2

في تنزيه النبوات) (1) قد احتوى على أحاديث كثيرة في الفضائل فعزم
على اختصاره ليسهل تناوله على قاريه وحيث انه خاص في الأنبياء أراد
ان يلحق به معاجز النبي وأهل بيته المعصومين عليهم السلام فوجد كتابا
الفه الشريف أبو القاسم صاحب (الاستغاثة) سماه (تثبيت المعجزات)
وذكر في صدره انه عازم على جمع معاجز الأنبياء ثم يتبعها بمعاجز الأئمة
المعصومين من آل الرسول (ص) ولكنه لم يجد في اخره ما وعد به من معاجزهم عليهم السلام شرع
في تأليف يضم معاجزهم ودلائل إمامتهم يكون تتمة لكتاب (تثبيت
المعجزات) وسماه (عيون المعجزات)
ثم قال صاحب الرياض رأيت نسخة عتيقة في بلدة (كازرون) من
(عيون المعجزات) ذكر فيها تاريخ الشروع في تأليفه وهو السابع من شهر
رمضان سنة 448 ه‍ والفراغ منه يوم الفطر من السنة المذكورة واما تاريخ
كتابة تلك النسخة ففي سنة 556 ه‍ ثم استطرد ذكر مشائخ المترجم الذين
يروى عنهم فأنهاهم إلى ستة
1 - أبو التحف علي بن محمد بن إبراهيم الطيب المصري
2 - أبو علي أحمد بن زيد بن دارا

(1) هذا غير بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار وغير بصائر
الدرجات لسعد بن عبد الله القمي فإنهما في اخبار الفروع والأصول
وهذا في المعاجز (رياض العلماء)
ترجمة المؤلف 3

3 - أبو الحسين بن أحمد الخضر المؤدب
4 - أبو محمد الحسين بن محمد بن نصر
5 - أبو عبد الله الكازراني الكاغذي
6 - أبو الغنائم أحمد بن منصور السروي
وذكر شيخنا الحجة الشيخ آغا بزرك في (الذريعة إلى تصانيف
الشيعة) سابعا وهو أحمد بن محمد بن عياش الجوهري صاحب (مقتضب
الأثر) المتوفي سنة 401 قال وما يوجد في (عيون المعجزات) من روايته عن
أبي علي محمد بن همام بلا واسطة لا يصح أولا ان ابن همام توفي سنة 336
كما في بعض أسانيد البحار وثانيا ان المترجم يروي بثلاث وسائط عن
الشريف أبي محمد الأديب المتوفي سنة 352 عن والده الشريف أبي القاسم
صاحب (الاستغاثة) عن أبي هاشم الجعفري داود بن القاسم فكيف يروي
عن ابن همام المتوفي سنة 336 بلا واسطة
وقال العلامة النوري في خاتمة المستدرك ج 3 ص 516 لا ريب في
(ان عيون المعجزات من) تأليفات الشيخ حسين بن عبد الوهاب كما نص
عليه في الرياض كالقول بأنه من تأليف السيد المرتضى علم الهدى كما في
مدينة المعاجز لا يعبؤ به خصوصا ان الاخبار الموجودة فيه لا تلائم مذاق
المرتضى أعلى الله مقامه
لقد كان هذا الأثر النفيس مما تواردت عليه عوامل الاغفال ونسجت
عليه عناكب النسيان مع أن الأفئدة تهش إليه والأعناق تتطلع إلى رؤيته
ترجمة المؤلف 4

فلا يجدون إلا ذكرا له في طيات الكتب واسنادا إليه في تضاعيف
المدونات حتى شاء المولى سبحانه وتعالى ان تعاد إلى ذلك الذكر البائد
جدته فقيض له الناهض له الكريم الموفق لنشر آثار أهل البيت (ع)
(محمد كاظم الشيخ صادق الكتبي) وبينا هو يفحص عنه في زوايا
المكتبات وإذا بشيخنا العلامة العامل الثقة الثبت الشيخ شبر محمد الهمداني
الجورقاني أيده الله يوافيه بنسخته التي كتبها على نسخة الحجة الحر العاملي
صاحب (الوسائل) رضوان الله عليه وهذا الشيخ الجليل مع ما يلاقيه من
الجهد في نسخ الكتب لضعف في بصره ونهوك في قواه لا يجد منة في
بذله الكتاب للطبع أو الاستنساخ وإنما يعد ذلك من الفيض الإلهي الذي
غمره دون غيره وهكذا المخلصون كثر الله في الطائفة من أمثاله
وان الناشر صاحب (المطبعة الحيدرية) يرى في احياء هذا الكتاب
وأمثاله الفوز بالظفر بهذه الدرر اليتيمة وبلوغه أقصى الغاية التي يسعى إليها
وحيازته لاسمي السعادتين فبشرى لرواد اثار العترة الطاهرة ومآثرهم
بهذا الكنز المستخرج من منجم العلم الصحيح والحديث المقبول وحيا
الله تعالى الناشر وأبقاه لأمثاله
إلى ذلك يشير الإمام الصادق (ع) بقوله لفضيل: أحيوا أمرنا
رحم الله من أحيى أمرنا ودعا إلى ذكرنا (محمد علي الأوردبادي)
ترجمة المؤلف 5

بسم الله الرحمن الرحيم
حدث أبو الحسين أحمد بن الحسين العطار قال حدثني أبو جعفر محمد
ابن يعقوب الكليني صاحب كتاب (الكافي) قال حدثني على ابن إبراهيم
ابن هاشم عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن رزين القلا عن الفضل بن
يسار عن الباقر عن أبيه عن جده الحسين بن علي (ع) قال لما رجع أمير
المؤمنين (ع) من قتال أهل النهروان أخذ على النهروانات واعمال العراق
ولم يكن يومئذ بنيت بغداد فلما وافى ناحية براثا صلى بالناس الظهر
ورحلوا ودخلوا في ارض بابل وقد وجبت صلاة العصر فصاح المسلمون
يا أمير المؤمنين هذا وقت العصر قد دخل فقال أمير المؤمنين (ع) هذه
ارض مخسوف بها وقد خسف الله بها ثلاثا وعليه تمام الرابعة ولا تحل لوصي
ان يصلي فيها ومن أراد منكم ان يصلي فليصل، فقال المنافقون نعم هو
لا يصلي ويقتل من يصلي يعنون ان أهل النهروان، فقال جويرية بن مسهر
العبدي فتبعته في مأة فارس وقلت والله لا أصلي أو يصلي هو ولا قلدته
صلاتي اليوم قال وسار أمير المؤمنين (ع) إلى أن اقطع ارض بابل وتدلت
1

الشمس للغروب ثم غابت واحمر الأفق قال فالتفت إلي أمير المؤمنين (ع)
وقال يا جويرية هات الماء قال فقدمت إليه الإداوة فتوضئ ثم قال اذن
يا جويرية فقلت يا أمير المؤمنين ما وجب العشاء بعد فقال (ع) اذن للعصر
فقلت في نفسي اذن للعصر وقد غربت الشمس ولكن علي الطاعة فاذنت
فقال أقم ففعلت وإذا انا في الإقامة إذ تحركت شفتاه بكلام كأنه منطق
الخطاطيف لم افهم ما هو فرجعت الشمس بصرير عظيم حتى وقفت في
مركزها من العصر فقام (ع) وكبر وصلى فصلينا ورائه فلما فرغ من
وقعت كأنها سراج في طست وغابت واشتبكت النجوم فالتفت
إلي وقال اذن اذان العشاء يا ضعيف اليقين
روي أن الشمس ردت عليه في حياة رسول الله (ص) بمكة وقد
كان رسول الله (ص) موعوكا فوضع رأسه في حجر أمير المؤمنين (ع)
وحضر وقت العصر فلم يبرح من مكانه وموضعه حنى استيقظ فقال (ص)
الله ان عليا (ع) كان في طاعتك فرد عليه الشمس ليصلي العصر فردها
الله عليه بيضاء حتى صلى ثم غربت، وقال في ذلك السيد الحميري
رضي الله عنه في قصيدته المعروفة بالمذهبة
خير البرية بعد احمد من له * مني الولاء والى بنيه تطربي
امسى وأصبح معصما مني له * يهوى وحبل هداية لم تقصب
ردت عليه الشمس لما فاته * وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
حاى تبلج نورها في وقتها * للعصر ثم هوت هوى الكوكب
2

وعليه قد ردت ببابل مرة * أخرى وما ردت لخلق معرب
إلى ليوشع أوله ولحبسها * ولردها تأويل أمر معجب
وحدثني أبو علي أحمد بن زيد بن دارا رحمه الله قال حدثني بالبصرة
أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جمعة القمي رحمه الله قال حدثني أبو عبد الله
تحمد بن محمد بن أيوب بالاسناد إلى رسول الله (ص) أنه قال حضر يوما
عند أصحابه فقالوا له يا رسول الله ان الله اتخذ إبراهيم خليلا وكلم موسى
تكليما وكان عيسى بن مريم يحيي الموتى فما صنع بك ربك فقال (ص) إن كان
سبحانه اتخذ إبراهيم خليلا فقد اتخذني حبيبا وإن كان كلم موسى
من وراء حجاب فقد رأيت جلال ربي وكلمني مشافهة وإن كان عيسى
يحيي الموتى بإذن الله فإن شئتم أحييت لكم موتاكم بإذن الله فقالوا لقد شئنا
فأرسل معهم أمير المؤمنين (ع) بعد أن رداءه ببردة له يقال لها المستجاب
وجعل طرفيه على كتفيه ورأسه ثم امره ان يقدمهم إلى المقابر وأمرهم
باتباعه فاتبعوه فلما توسط الجبانة سلم على أهل القبور ودعا وتكلم بكلام
لم يفهموه فاضطربت الأرض ومادت وارتجت فتداخلهم ذعر شديد فقالوا
حسبك يا أبا الحسن أقلنا أقالك الله فامسك عن استتمام كلامه ودعائه
ورجع إلى رسول الله (ص) فقلوا له أقلنا فقال لهم إنما رددتم على الله
لا أقالكم الله يوم القيامة
3

ذكر رد الشمس وكلامها لأمير المؤمنين
عليه السلام وهو مشهور
وحدثني ابن عياش الجوهري قال حدثني أبو طالب عبد الله بن محمد
الأنباري قال حدثني أبو الحسين محمد بن زيد التستري قال حدثني أبو سمية
محمد بن علي الصيرفي قال حدثني إبراهيم بن عمر اليماني عن حماد بن عيسى
الجهني المعروف بغريق الجحفة قال حدثني عمر بن أذينة عن أبان بن أبي
عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري
قال رأيت السيد محمد (ص) وقد قال لأمير المؤمنين (ع) ذات ليلة إذا
كان غدا اقصد إلى جبال البقيع وقف على نشز من الأرض فإذا بزغت
الشمس فسلم عليها فان الله تعالى قد أمرها ان تجيبك بما فيك فلما كان من
الغد خرج أمير المؤمنين ومعه أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين
والأنصار حتى وافى البقيع ووقف على نشز من الأرض فلما اطلعت
الشمع قرينها قال (ع) السلام عليك يا خلق الله الجديد المطيع له فسمعوا
دويا من السماء وجواب قائل يقول وعليك السلام يا أول ويا اخر يا ظاهر يا باطن
يامن هو بكل شئ عليم فلما سمع أبو بكر وعمر والمهاجرين والأنصار
4

كلام الشمس صعقوا ثم أفاقوا بعد ساعات وقد انصرف أمير المؤمنين عن
المكان فوافوا رسول الله (ص) من الجماعة وقالوا أنت تقول ان عليا
بشر مثلنا وقد خاطبته الشمس بما خاطب به الباري نفسه فقال النبي (ص) وما سمعتموه منها فقالوا سمعناها تقول يا اخر قال صدقت هو اخر الناس
عهدا بي يغسلني ويكفنني ويدخلني قبري فقالوا سمعناها تقول يا ظاهر
قال صدقت علمي كامله فقالوا سمعناها تقول يا باطن قال صدقت بطن
سري كله قالوا سمعناها تقول يا من هو بكل شئ عليم قال صدقت هو
العالم بالحلال والحرام والفرائض والسنن وما شاكل ذلك فقاموا كلهم
وقالوا لقد أوقعنا محمد (ص) في طخياء وخرجوا من باب المسجد وقال في
ذلك أبو محمد العوني شعرا
امامي كليم الشمس راجعها وقد * خبا قرصها إذ صوت الرجفوان (1)
وقال في أخرى
امامي كليم الشمس راجع نورها * فهل لكليم الشمس في القوم من مثلي
(ذكر الجام)
في رواية العامة وعن الخاصة إبراهيم بن الحسين الهمداني قال حدثنا
عبد الغفار بن القاسم عن جعفر الصادق عن أبيه (ع) برفعه إلى

(1) كذا
5

أمير المؤمنين (ع) ان جبرئيل (ع) نزل على النبي (ص) بجام من الجنة
فيه فاكهة كثيرة من فواكه الجنة فدفعه إلى النبي (ص) فسبح الجام
وكبر وهلل في يده ثم دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام ثم دفعه إلى عمر
فسكت الجام ثم دفعه إلى أمير المؤمنين (ع) فسبح الجام وهلل وكبر في
يده ثم قال الجام اني ان لا أتكلم الا في يد نبي أو وصي
وفي رواية أخرى من كتاب الأنوار بان لجام من كف النبي (ص) عرج إلى السماء وهو يقول بلسان فصيح سمعه كل أحد (إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وفي ذلك قال
العوني رضي الله عنه شعرا
علي كليم الجام إذ جائه به * كريمان في الاملاك مصطفيان
وقال أيضا
امامي كليم الجام والجام بعده * فهل لكليم الجام والجام من مثلي
حدثنا حماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الصادق (ع) عن أبيه عن
جده (ع) قال اعطى الله تعالى أمير المؤمنين حياة طيبة بكرامات أدلة
وبراهين ومعجزاته وقوة ايمانه ويقين علمه وعمله وفضله على جميع خلقه
بعد النبي (ص) ولما أنفذه النبي (ص) لفتح خيبر قلع بابه بيمينه وقذف
به أربعين ذراعا ثم دخل الخندق وحمل الباب على رأسه حتى عبر جيوش
المسلمين عليه فأتحفه الله تعالى يومئذ بأترجة من أترج الجنة في وسط
الأترجة فرندة عليها مكتوب (اسم الله تعالى واسم نبيه محمد (ص)
6

واسم وصيه علي بن أبي طالب (ع) فلما فرغ من فتح خيبر قال والله
ما قلعت باب خيبر وقذفت به ورائي أربعين ذراعا لم تحس أعضائي،
بقوة جسدية وحركة غريزية بشرية ولكني أيدت بقوة ملكوتية ونفس
بنور ربها مضيئة وانا من احمد (ص) كالضوء من الضوء لو تظاهرت العرب
على قتالي لما وليت ولو أردت ان انتهز فرصة من رقابها لما بقيت ولم يبال
مني حتفه عليه ساقط كان جنانه في الملمات رابط
(كلام الثعبان وهو خبر مشهور) بالاسناد يرفعه إلى الصادق (ع) عن أبيه عن ابائه (ع) قال كان
أمير المؤمنين (ع) يخطب في يوم الجمعة على منبر الكوفة إذ سمع وجية
عدو الرجال يتواقعون بعضهم على بعض قال لهم مالكم قالوا يا أمير المؤمنين
ثعبان عظيم قد دخل ونفزع منه ونريد ان نقتله فقال (ع) لا يقربنه أحد
منكم فطرقوا له فإنه رسول جاء في حاجة فطرقوا له فما زال يتخلل الصفوف
حتى صعد المنبر فوضع فمه في اذن أمير المؤمنين (ع) فنق في اذنيه نقيقا
وتطاول أمير المؤمنين (ع) يحرك رأسه ثم نق أمير المؤمنين مثل نقيقه فنزل عن
المنبر فانساب بين الجماعة فالتفتوا فلم يروه فقالوا يا أمير المؤمنين وما هذا الثعبان
فقال هذا الذرجان بن مالك خليفتي على الجن المسلمين وذلك انهم اختلفوا
في أشياء وانفذوه إلي فجاء سألني عنها فأخبرته بجواب مسائله فرجع
7

(حديث البساط وأصحاب الكهف)
وحدثني أبو علي يرفعه إلى الصادق (ع) عن أبيه عن ابائه (ع) قال جرى بحضرة السيد محمد (ص) ذكر سليمان بن داود (ع) والبساط
وحديث أصحاب الكهف وانهم موتى أو غير موتى فقال (ص) من أحب
منكم ان ينظر باب الكهف ويسلم عليهم فقال أبو بكر وعمر وعثمان نحن
يا رسول الله فصاح (ص) يا درجان بن مالك وإذا بشاب قد دخل بثياب
عطرة فقال له النبي (ص) ائتنا ببساط سليمان (ع) فذهب ووافى بعد
لحظة ومعه بساط طوله أربعون في أربعين من الشعر الأبيض فألقاه في
صحن المسجد وغاب فقال النبي (ص) لبلال وثومان مولييه اخرجا هذا
البساط إلى باب المسجد وابسطاه ففعلا ذلك وقام (ص) وقال لأبي بكر
وعمر وعثمان وأمير المؤمنين (ع) وسلمان قوموا وليقعد كل واحد منكم
على طرف من البساط وليقعد أمير المؤمنين (ع) في وسطه ففعلوا ونادى
يا منشية وإذا بريح دخلت تحت البساط فرفعته حتى وضعته بباب الكهف
الذي فيه أصحاب الكهف فقال أمير المؤمنين (ع) لأبي بكر تقدم
وسلم عليهم فإنك شيخ قريش فقال يا علي ما أقول فقال (ع) قل السلام
عليكم أيتها الفتية الذين امنوا بربهم السلام عليكم يا نجباء الله في ارضه
فتقدم أبو بكر إلى باب الكهف وهو مسدود فنادى بما قال له أمير المؤمنين (ع)
8

ثلاث مرات فلم يجبه أحد فجاء وجلس فقال يا أمير المؤمنين ما أجابوني
فقال أمير المؤمنين (ع) قم يا عمر ثم قل كما قاله صاحبك فقام وقال مثل
قوله ثلاث مرات فلم يجب أحد مقالته فجاء وجلس قال أمير المؤمنين
لعثمان قم أنت وقل مثل قولهما فقام وقال فلم يكلمه أحد فجاء وجلس
فقال أمير المؤمنين (ع) لسلمان تقدم أنت وسلم عليهم فقام وتقدم فقال
مثل مقالة الثلاثة وإذا بقائل يقول من داخل الكهف أنت عبد امتحن
الله قلبك بالايمان وأنت من خير والى خير ولكنا أمرنا ان لا نرد الا على
الأنبياء والأوصياء فجاء وجلس فقام أمير المؤمنين (ع) وقال السلام
عليكم يا نجباء الله في ارضه الوافين بعهده نعم الفتية أنتم وإذا بأصوات
جماعة وعليك السلام يا أمير المؤمنين وسيد المسلمين وامام المتقين وقائد
الغر المحجلين فاز والله من والاك وخاب من عاداك فقال أمير المؤمنين (ع) لم لا تجيبون أصحابي فقالوا يا أمير المؤمنين انا نحن احياء محجوبون عن
الكلام ولا نجيب الا نبيا أو وصى نبي وعليك السلام وعلى الأوصياء من
بعدك حتى يظهر الله الحق على أيديهم ثم سكتوا وامر أمير المؤمنين (ع)
المنشية فحملت البساط ثم ردته إلى المدينة وهم عليه كما كانوا وأخبروا
رسول الله (ص) بما جرى قال الله تعالى (إذ آوى الفتية إلى الكهف
فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا)
وقال العوني شعرا
كليم أهل الكهف إذ حل بهم * في ليلة المسح فسل عنه الخبر
9

وقصة الثعبان إذ كلمه * وهو على المنبر والقوم زمر
والأسد العابس إذ كلمه * معترفا بالفضل منه وأقر
بأنه مستخلف الله على الأمة * والرحمن ما شاء قدر
واذكر له يوم الفرات آية * أعجوبة معجزة ذات خطر
لما علاه بالقضيب ثم قال * أسكن بمن سبع السماوات فطر
فالتطمت أمواجه في قعره * وغاض ثلثاه وقد كان زخر
وكم له من آية معجزة * يعرفها كل عليم مبتصر
وفي كتاب الأنوار تأليف أبي علي الحسن بن همام حدث العباس
ابن الفضل قال حدثني موسى بن عطية الأنصاري قال حدثنا حسان بن أحمد
الأزرق عن أبي الأحوص عن أبيه عن عمار الساباطي قال قدم
أمير المؤمنين (ع) المدائن فنزل بإيوان كسرى وكان معه ذلف ابن منجم
كسرى فلما ظل الزوال فقال لذلف قم معي وكان معه جماعة من أهل ساباط
فما زال يطوف في مساكن كسرى ويقول لذلف كان لكسرى هذا
المكان لكذا وكذا فيقول هو والله كذلك فما زال على ذلك حتى طاف
المواضع بجميع من كانوا معه وذلف يقول ومولاي كأنك وضعت
الأشياء في هذه الأمكنة ثم نظر (ع) إلى جمجمة نخرة فقال لبعض
أصحابه خذ هذه الجمجمة وكانت مطروحة وجاء (ع) إلى الإيوان
وجلس فيه ودا بطست وصب فيه ماء وقال له دع هذه الجمجمة في
الطست ثم قال (ع) أقسمت عليك يا جمجمة أخبريني من انا ومن أنت
10

فنطقت الجمجمة بلسان فصيح فقالت اما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين
وامام المتقين في الظاهر والباطن وأعظم من أن توصف واما انا فعبد الله
وابن أمة الله كسرى انوشيروان فاصرف القوم الذين كانوا معه من أهل
ساباط إلى أهاليهم وأخبروهم بما كان وبما سمعوه من الجمجمة فاضطربوا
واختلفوا في معنى أمير المؤمنين (ع) وحضروه وقال بعضهم قد أفسد
هؤلاء قلوبنا بما أخبروه عنك وقال بعضهم فيه عليه السلام مثل ما قال
النصارى في المسيح ومثل ما قال عبد الله بن سبا وأصحابه فأحضرهم قال ما حملكم
على ما قلتم قالوا سمعنا كلام الجمجمة النخرة ومخاطبتها إياك ولا يجوز ذلك
الا لله تعالى فمن ذلك قلنا ما قلنا فقال (ع) ارجعوا عن كلامكم وتوبوا إلى
الله فقالوا ما كنا نرجع عن قولنا فاصنع ما أنت صانع فامر (ع) ان
تضرم لهم النار فحرقهم فلما احترقوا قال اسحقوهم وذروهم في الريح فسحقوهم
وذروهم في الريح فلما كان اليوم الثالث من احراقهم دخل إليه أهل الساباط
وقالوا الله الله في دين محمد ان الذين أحرقتهم بالنار قد رجعوا إلى منازلهم
بأحسن ما كانوا فقال (ع) أليس قد أحرقتموهم بالنار وسحقتموهم
وذريتموهم في الريح قالوا بلى قال (ع) أحرقتهم والله وأحييتهم (1)
فانصرف أهل الساباط متحيرين ومثل ما قال عبد الله بن سبا وأصحابه

(1) وأحياهم
11

(فيعذبهم) ما فعل عبد الله بن سبا وأصحابه وانتهى امره إلى ما كان
انتهى إليه أمر عبد الله بن سبا وأصحابه والى ما أخبر عنهم
(ومن دلائله عليه السلام) حديث محمد بن عثمان قال حدثنا أبو زيد النميري قال حدثنا عبد الصمد
ابن عبد الوارث قال حدثنا شعبة عن سليمان الأعمش قال حدثنا سهيل بن
أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال صليت الغداة مع النبي (ص) فلما
فرغ من صلاته وتسبيحه اقبل علينا بوجهه الكريم واخذ معنا في الحديث
فاتاه رجلا من الأنصار فقال يا رسول الله كلب فلان الأنصاري خرق
ثوبي وخمش ساقي ومنعني من الصلاة معك في الجماعة فعرض عنه ولما كان
في اليوم الثاني جائه رجل البيع وقال كلب أبو رواحة الأنصاري خرق
ثوبي وخمش ساقي ومنعني من الصلاة معك فقال النبي (ص) قوموا بنا
إليه فان الكلب إذا كان عقورا وجب قتله فقام (ص) ونحن معه حتى
اتى منزل الرجل فبادر أنس بن مالك إلى الباب فدقه وقال النبي بالباب
فاقبل الرجل مبادرا حتى فتح بابه وخرج إلى النبي (ص) فقال فداك
أبي وأمي ما الذي جاء بك الا وجهت إلي فكنت أجيئك فقال له النبي (ص)
اخرج إلينا كلبك العقور فقد وجب قتله وقد خرق ثياب فلان وعرق
ساقه وكذا فعل اليوم بفلان بن فلان فبادر الرجل إلى كلبه وطرح في
12

عنقه حبلا وأخرجه إليه وأوقفه بين يديه فلما نظر الكلب إلى النبي (ص)
واقفا فقال يا رسول الله ما الذي جاء بك ولم تقتلني فأخبره الخبر فقال
يا رسول الله ان القوم منافقون نواصب مبغضون لأمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (ع) ولولا أنهم كذلك ما تعرضت لسبيلهم فأوصى به النبي (ص)
خيرا وتركه وانصرف
وفي كتاب الأنوار حدث أبو عبد الله محمد بن أحمد قال حدثنا أبي
قال حدثني علي بن فروخ السمان قال حدثني بن زكريا المنقري قال
حدثني سفيان بن عيينة قال حدثني عمر بن أبي سليم العبسي عن جعفر بن
محمد الصادق عن أبيه (ع) قال لما نصب رسول الله (ص) عليا (ع)
يوم غدير خم وقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد
من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وطار ذلك في البلاد ثم
قال على رسول الله (ص) النعمان بن الحرث الفهري على قعود له وقال
يا محمد امرتنا عن الله عز وجل ان نشهد ان لا إله إلا الله وانك محمد
رسول الله فقبلنا ذلك منك وأمرتنا بالصلاة الخمس فقبلناها منك وأمرتنا
بالزكاة فقبلناها منك وأمرتنا بالحج فقبلناه وأمرتنا بالجهاد فقبلناه
منك ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام وقلت من كنت مولاه فهذا
مولاه هذا شئ منك أو من الله عز وجل فقال (ص) بل بأمر الله تعالى
ثم قال للنعمان والله الذي لا إله إلا هو ان هذا هو من عند الله عز وجل
أسمه فولى النعمان بن الحرث يريد راحلته وهو يقول اللهم إن كان هذا
13

هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب اليم
فما وصل إليها حتى أمطره الله تعالى بحجر على رأسه فقتله فأنزل الله تعالى
(سأل سائل بعذاب واقع للكافرين) الآية
حدث جعفر بن محمد البجلي الكوفي قال حدثني علي بن عمر الصيقل
قال حدثني بن توبة عن أبيه عن جده العرني عن الحارث بن عبد الله الهمداني
رضي الله عنه قال كنا مع أمير المؤمنين (ع) ذات يوم على باب الرحبة
التي كان أمير المؤمنين (ع) ينزلها نتحدث إذ اجتاز بنا يهودي من الحيرة ومعه حوتان فناداه أمير المؤمنين (ع) فقال لليهودي بكم اشتريت
أبويك من بني إسرائيل فصاح اليهودي صيحة عظيمة وقال اما تسمعون
كلام علي بن أبي طالب (ع) يذكر انه يعلم الغيب واني اشتريت أبي
وأمي من بني إسرائيل فاجتمع عليه خلق كثير من الناس وقد سمعوا
كلام أمير المؤمنين (ع) وكلام اليهودي فكأني انظر إلى أمير المؤمنين (ع)
وقد تكلم بكلام لم افهمه فاقبل على أحد الحوتين وقال أقسمت عليك
تتكلمين من انا ومن أنت فنطقت السمكة بلسان فصيح وقالت أنت
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وقال يا فلان انا أبوك فلان بن فلان
مت في سنة كذا وكذا وخلفت لك من المال كذا وكذا والعلامة في يدك
كذا وكذا واقبل عليه السلام على الأخرى وقال لها أقسمت عليك
تتكلمين من انا ومن أنت فنطقت بلسان فصيح وقالت أنت أمير المؤمنين
ثم قالت يا فلان وانا أمك فلانة بنت فلان مت في سنة كذا وكذا
14

والعلامة في يدك كذا وكذا فقال القوم نشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا
عبده ورسوله وانك أمير المؤمنين حقا وعادت الحوتتان إلى ما كانتا عليه
وآمن اليهودي فقال اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وانك
أمير المؤمنين وانصرف القوم وقد ازدادوا معرفة بأمير المؤمنين (ع)
حدثني الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الطيب
المصري المعروف بابي التحف رحمه الله بالعندجان في سنة خمس عشر
وأربعمأة قال حدثني عبد المنعم بن عبد العزيز الحلبي الصائغ عن نوفل بن أبي
الأشيعث القمي قال حدثني مسبرة بن خضرمة بن حلباب بن عبد
الحميد بن بكار الكوفي الدقاق قال حدثني أبي عن أبناء الحسين (ع)
ان أمير المؤمنين (ع) اجتاز بأرض بابل وكنت أسايره ومعنا جماعة
فخرج من بعض الأودية أسد عظيم فقرب من أمير المؤمنين (ع)
وسجد له وسلم عليه وبصبص لديه فرد (ع) ثم ولى وأسرع في المشي
وحدثني هذا الشيخ قال حدثني العلا بن طيب بن سعيد المغازلي
البغدادي ببغداد قال حدثني نصر بن مسلم بن صفوان الجمال المكي قال
حدثني أبو هاشم المعروف بابن أخي طاهر بن زمعة عن أصهب بن جنادة
عن بصير بن مدرك قال حدثني عمار بن ياسر ذو الفضل والمآثر قال
كنت بين يدي علي بن أبي طالب (ع) وكان يوم الاثنين لسبع عشر
ليلة خلت من صفر وإذا بزعقة قد ملأت المسامع وكان (ع) على دكة
القضاء فقال يا عمار أئت بذي الفقار وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا من
15

بالمكي فجئت به فصاع من غمده وتركه وقال يا عمار هذا يوم أكشف فيه
لأهل الكوفة جميعا الغمة ليزداد المؤمن وفاقا والمخالف نفاقا يا عمار رأيت
بمن على الباب قال فخرجت وإذا بالباب وامرأة على جمل وهي
تصيح يا غياث المستغيثين ويا غاية الطالبين ويا كنز الراغبين ويا ذا القوة
المتين ويا مطعم اليتيم ويا رازق العديم ويا محيي كل عظم رميم ويا قديما
سبق قدمه كل قديم يا عون من لا عون له ويا طود من لا طود له وكنز من
لا كنز له إليك توجهت وبك إليك توسلت بيض وجهي وفرج عني
كربي قال وحولها الف فارس بسيوف مسلولة قوم لها وقوم عليها فقلت
أجيبوا أمير المؤمنين (ع) فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا
المسجد فوقفت المرأة بين يدي أمير المؤمنين (ع) وقالت يا علي إياك
قصدت فاكشف ما بي من غمة انك ولي ذلك والقادر عليه فقال أمير
المؤمنين (ع) يا عمار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين
قال عمار فناديت فاجتمع الناس حتى صار القدم عليه اقدام كثيرة ثم
قام أمير المؤمنين وقال سلوا عما بدا لكم يا أهل الشام فنهض من بينهم
شيخ أشيب عليه بردة اتحمية وحلة عدنية على رأسه عمامة خز سوسية
فقال السلام عليك يا كنز الضعفاء ويا ملجأ اللهفاء يا مولاي هذه الجارية
ابنتي وما قربتها ببعل قط وهي عاتق حامل وقد فضحتني في عشيرتي
وانا معروف بالشدة والنجدة والبأس والسطوة والشجاعة والبراعة والنزاهة
والقناعة انا قلمس بن عفريس وليث عسوس ووجه على الأعداء عبوس
16

لا تخمد لي نار ولا يضام لي جار عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي
وسطواتي انا من أقوام بيت ابائهم بيت مجد في السماء السابعة فينا كل
عبوس لا يرعوى وكل جحجاح عن الحرب لا ينتهى وقد بقيت يا علي حائرا
في أمري فاكشف هذه الغمة فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها فقال أمير
المؤمنين عليه السلام ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك قالت اما قوله اني
عاتق فقد صدق فيما يقول واما قوله اني حامل فوالله ما اعلم من نفسي
خيانة قط يا أمير المؤمنين وأنت اعلم بي مني وتعلم اني ما كذبت فيما قلت
ففرج غمي عني يا عالم السر وأخفى فصعد أمير المؤمنين (ع) المنبر وقال الله
أكبر جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا فقال (ع) علي بداية
الكوفة فجاءت امرأة يقال لها لبنا وكانت قابلة نساء أهل الكوفة فقال
اضربي بينك وبين الناس حجابا وانظري هذه الجارية أعاتق حامل
ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين (ع) وقالت نعم يا أمير المؤمنين عاتق حامل
فقال يا أهل الكوفة أين الأئمة الذين ادعوا منزلتي أين من يدعي في نفسه
ان له مقام الحق فيكشف هذه الغمة فقال عمر بن حريث كالمستهزء ما لها
غيرك يا بن أبي طالب واليوم تثبت لنا امامتك فقال أمير المؤمنين (ع)
لأبي الجارية يا أبا الغضب ألستم من اعمال دمشق قال بلى يا أمير المؤمنين
قال من قرية يقال لها اسعاد طريق بانياس الجولة فقال بلى يا أمير المؤمنين
فقال هل فيكم من يقدر على قطعة من ثلج فقال أبو الغضب الثلج في بلادنا
كثير قال أمير المؤمنين (ع) بيننا وبين بلادكم مأتا فرسخ وخمسون
17

فرسخا قال نعم يا أمير المؤمنين قال عمار فمد (ع) يده وهو على منبر
الكوفة وردها وفيها قطعة من الثلج تقطر ماء ثم قال لداية الكوفية ضعي
هذا الثلج مما يلي فرج هذه الجارية سترمي علقة وزنها خمسة وخمسون
درهما ودانقان قال فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجائت بطشت
ووضعت الثلج على الموضع منها فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها
كما قال (ع) وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين فقال
أهل الكوفة استسق لنا يا أمير المؤمنين فأشار بيده قبل السماء فدمدم
الجو واسجم وحمل مزنا وسال الغيث وأقبلت الداية مع الجارية فوضعت
العلقة بين يديه فقال وزنتيها فقالت نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت
فقال (ع) وإن كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين
ثم قال يا أبا الغضب خذ ابنتك فوالله ما زنت ولكن دخلت الموضع
فدخلت فيها هذه العلقة وهي بنت عشر سنين فربت في بطنها إلى وقتنا
هذا فنهض أبوها وهو يقول أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر
وحدثني أبو التحف علي بن محمد بن إبراهيم المصري قال حدثني
الأشعث بن مرة عن المثنى بن سعيد عن هلال بن كيسان الكوفي الجزار
عن الطلب الفواجري عن عبد الله بن سلمة القبحي عن شقادة بن الاصيد
العطار البغدادي قال حدثني عبد المنعم بن الطيب القدوري قال حدثني
العلا بن وهب عن قيس عن الوزير أبى محمد بن سالوية عنه فإنه كان من
أصحاب أمير المؤمنين العارفين وروى جماعتهم عن أبي جرير عن أبي
18

الفتح المغازلي عن أبي جعفر ميثم التمار قال كنت بين يدي أمير النحل
جلت معالمه وثبتت كلمته بالكوفة وجماعة من وجوه العرب حافون به
كأنهم الكواكب اللامعة في السماء الصاحية إذ دخل علينا من الباب رجل
عليه قباء خز دكن قد اعتم بعمامة اتحمية صفراء وقد تقلد بسيفين فنزل من
غير سلام ولم ينطق بكلام فتطول إليه الناس بالأعناق ونظروا إليه
بالاماق ووقفت إليه الناس من جميع الأفاق ومولانا أمير المؤمنين (ع)
لم يرفع رأسه إليه فلما هدأت من الناس الحواس فصح عن لسان كأنه
حسام صقيل جذب من غمده وقال أيكم المجتبى في الشجاعة والمعمم بالبراعة
والمدرع بالقناعة المولود في الحرم والعالي في الشيم والموصوف بالكرم أيكم
أصلع الرأس والثابت الأساس والبطل الدعاس والمضيق الأنفاس والاخذ
بالقصاص أيكم غصن أبي طالب الرطيب وبطله المهيب والسهم المصيب
والقسم النجيب أيكم الذي نصر به محمد في زمانه واعتز به سلطانه وعظم به
شأنه أيكم قاتل العمروين واسر العمروين والعمروان اللذان قتلهما عمرو بن
عبد ود وعمرو بن الأشعث المخزومي والعمروان اللذان أسرهما فأبو ثور عمرو
ابن معدى كرب وعمرو ابن سعيد الغساني اسره في يوم بدر قال أبو جعفر
ميثم التمار قال أمير المؤمنين (ع) انا يا سعيد بن الفضل بن الربيع بن مدركة
ابن الصليب بن الأشعث بن أبي السمع بن الاحبل بن فزارة بن دهيل
ابن عمرو الدويني فقال لبيك يا علي فقال (ع) سل عما بدا لك فانا كنز
الملهوف وانا الموصوف بالمعروف انا الذي قرعتني الصم الصلاب وهطل
19

بأمري صوب السحاب وانا المنعوت في الكتاب انا الطود والأسباب
انا ق والقرآن المجيد انا النبأ العظيم انا الصراط المستقيم انا البارع انا
العسوس انا القلمس انا العفوس انا المداعس انا ذو النبوة والسطوة انا العليم
انا الحكيم انا الحفيظ انا الرفيع بفضلي نطق كل كتاب وبعلمي شهد ذوو
الألباب انا علي أخو رسول الله وزوج ابنته فقال الاعرابي لا بتسميتك
ولا رمزك فقال (ع) اقرأ يا أخا العرب لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون
ثم قال الاعرابي بلغنا عنك تحيي الموتى وتميت الأحياء وتفقر وتغني
وتقضي في الأرض وتمضي ليس لك مطاول يطاولك ولا مصاول
فيصاولك أفهو كما بلغنا يا فتى قومه فقال (ع) قل ما بدا لك فقال إني
رسول إليك من ستين الف رجل يقال لهم العقيمة وقد حملوا معي ميتا قد
مات منذ مدة وقد اختلفوا في سبب موته وهو على باب المسجد فان أحييته
علمنا أنك صادق نجيب الأصل وتحققنا انك حجة الله في ارضه وان
لم تقدر على ذلك رددته إلى قومه وعلمنا انك تدعي غير الصواب وتظهر من
نفسك ما لا تقدر عليه فقال (ع) يا أبا جعفر ميثم اركب بعيرا وطف في
شوارع الكوفة ومحالها وناد من أراد ان ينظر إلى ما اعطى الله عليا أخا
رسول الله وبعل فاطمة وابن فاطمة من الفضل ما أودعه رسول الله (ص)
من العلم فليخرج إلى النجف غدا فلما رجع ميثم فقال له أمير المؤمنين (ع)
يا أبا جعفر خذ الاعرابي إلى ضيافتك فغداة غد سيأتيك الله بالفرج فقال
أبو جعفر ميثم فأخذت الاعرابي ومعه محمل فيه الميت وأنزلته منزلي وأخدمته
20

أهلي فلما صلى أمير المؤمنين (ع) صلاة الفجر خرج وخرجت معه ولم
يبق في الكوفة بر ولا فاجر الا وقد خرج إلى النجف ثم قال الإمام (ع)
إئت يا أبا جعفر بالأعرابي وصاحبه الميت وهو راجل بجنب القبة التي فيها
الميت فأت به النجف ثم قال أمير المؤمنين (ع) جلت نعمته يا أهل الكوفة
قولوا فينا ما ترونه منا وارووا عنا ما تسمعونه منا ثم قال (ع) أبرك يا اعرابي
جملك ثم قال لتخرج صاحبك أنت وجماعة من المسلمين فقال ميثم فاخرج
من التابوت عصب ديباج اصفر فاحل فإذا تحته عصب ديباج اخضر فاحل
فإذا تحته بدنة من اللؤلؤ فيها غلام تم عذاره بذوائب كذوائب الحسنى
قال (ع) كم لميتك هذا فقال أحد وأربعون يوما قال فما كان ميتته
فقال الاعرابي ان أهله يريدون ان تحييه ليعلموا من قتله لأنه بات سالما
وأصبح مذبوحا من اذنه إلى اذنه فقال (ع) ومن يطلب دمه فقال خمسون
رجلا من قومه يقصد بعضهم بعضا في طلب دمه فاكشف الشك والريب
يا أخا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال (ع) قتله عمه لأنه زوجه
بابنته فخلاها وتزوج غيرها فقتله حنقا عليه فقال لسنا نرضى بقولك فانا نريد
ان يشهد الغلام بنفسه عند أهله من قتله فيرتفع من بينهم السيف والفتنة
فقام (ع) فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبي (ص) ثم قال يا أهل الكوفة
ما بقرة بني إسرائيل عند الله بأجل من علي أخي رسول الله (ص)
وانها أحيت ميتا بعد سبعة أيام ثم دنا من الميت وقال إن بقرة بني إسرائيل
ضرب ببعضها الميت فعاش واني لاضربه ببعضي لان بعضي عند الله خير
21

من البقرة ثم هزه برجله وقال قم بإذن الله يا مدرك بن حنظلة بن غسان بن
بحير بن قهر بن سلامة بن طيب بن الأشعث بن الأحوص بن واهلة بن عمرو
ابن الفضل بن حباب قم فقد أحياك الله علي بإذن الله تعالى فقال أبو جعفر
ميثم فنهض غلام أحسن من الشمس ومن القمر أوصافا وقال لبيك يا محيي
العظام وحجة الله في الأنام والمتفرد بالفضل والانعام لبيك يا علي يا علام
فقال أمير المؤمنين (ع) من قتلك يا غلام فقال عمي حريث بن رمعة بن
شكال بن الأصم ثم قال علي (ع) للغلام أتمضي إلى أهلك فقال لا حاجة
لي في القوم فقال (ع) ولم قال أخاف ان يقتلني ثانيا ولا تكون أنت
فمن يحيني فالتفت الاعرابي صاحبه فقال امضي أنت إلى أهلك فقال
معك ومعه إلى أن يأتي اليقين لعن من اتجه له الحق ووضح وجعل
بينه وبينه سترا وكانا مع أمير المؤمنين (ع) إلى أن قتلا بصفين فصار
أهل الكوفة إلى أماكنهم واختلفوا في أمير المؤمنين (ع) واختلفت
أقاويلهم فيه (ع)
وحدثني قال حدثني شحيح بن اليهودي الصباغ الحلبي عن حبر بن
شقاوة عن عبد المنعم بن الأحوص يرفعه برجاله عن عمار بن ياسر رضي
الله عنه قال كنت بين يدي أمير المؤمنين (ع) وإذا بصوت قد اخذ
جامع الكوفة فقال يا عمار ائت بذي الفقار الباتر الاعمار فجئته بذى الفقار
فقال اخرج يا عمار وامنع الرجل عن ظلامة المرأة فان انتهى والا منعته
بذي الفقار قال عمار فخرجت وإذا انا برجل وامرأة قد تعلقا بزمام جمل
22

والمرأة تقول الجمل لي والرجل يقول الجمل لي فقلت ان أمير المؤمنين ينهاك
عن ظلم هذه المرأة فقال يشتغل علي بشغله ويغسل يده من دماء المسلمين
الذين قتلهم بالبصرة يريد ان يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة
فقال عمار فرجعت لأخبر مولاي وإذا به قد خرج ولاح الغضب في
وجهه وقال ويلك خل جمل المرأة فقال هو لي فقال له أمير المؤمنين (ع)
كذبت بالعين قال فمن يشهد انه للمرأة يا علي فقال (ع) الشاهد الذي
لا يكذبه أحد من أهل الكوفة فقال الرجل إذا شهد شاهد وكان
صادقا سلمته للمرأة فقال (ع) أيها الجمل لمن أنت فقال بلسان فصيح
يا أمير المؤمنين ويا سيد الوصيين انا لهذه المرأة منذ بضع عشر سنة فقال (ع)
خذي جملك وعارض الرجل بضربة فقسمه نصفين
حدثني أبو التحف قال حدثني سعيد بن مرة يرفعه برجاله إلى عمار
ابن ياسر أنه قال كان أمير المؤمنين (ع) جالسا في دار القضاء فنهض
إليه رجل فقال له صفوان بن الأكحل وقال انا رجل من شيعتك وعلي
ذنوب وأريد ان تطهرني منها في الدنيا لارتحل إلى الآخرة وما علي ذنب
فقال (ع) قل لي بأعظم ذنوبك ما هي فقال انا ألوط بالصبيان فقال أيما
أحبب إليك ضربة بذي الفقار أو أقلب عليك جدارا أو أضرم لك نارا فان
ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبته فقال يا مولاي أحرقني بالنار فقال (ع)
يا عمار اجمع له الف جزمة من قصب فانا أضرمه غدا بالنار وقال للرجل
امض وأوص قال فمضى الرجل وأوصى بماله وعليه وقسم أمواله بين
23

أولاده وأعطى كل ذي حقه ثم بات على باب حجرة أمير المؤمنين
بيت نوح (ع) شرقي جامع الكوفة فلما صلى أمير المؤمنين (ع)
وانجانا به من الهلكة قال يا عمار ناد في الكوفة اخرجوا وانظروا
كيف يحرق علي رجلا من شيعته بالنار فقال أهل الكوفة أليس قالوا إن
شيعة علي ومحبيه لا تأكلهم النار وهذا رجل من شيعته يحرقه بالنار بطلت
إمامته فسمع ذلك أمير المؤمنين (ع) قال عمار فاخرج الامام الرجل
وبنى عليه الف حزمة من القصب وأعطاه مقدحة وكبريتا وقال له اقدح
واحرق نفسك فان كنت من شيعة علي وعارفيه ما تمسك النار وان كنت
من المخالفين المكذبين فالنار تأكل لحمك وتكسر عظمك قال فقدح
النار على نفسه واحترق القصب وكان على الرجل ثياب كتان ابيض
لم تعلقها النار ولم يقربها الدخان فاستفتح الامام وقال كذب العادلون
بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا ثم قال انا قسيم الجنة
والنار شهد بذلك لي رسول الله (ص) في مواطن كثيرة وفيه قال عامر
ابن ثعلبة
علي حبه جنه قسيم النار والجنة
وصي المصطفى حقا امام الانس والجنة
وحدثني قال حدثني الحسن بن أبي الحسن الحسيني السوداني يرفعه
إلى عمار بن ياسر قال كنت عند أمير المؤمنين (ع) وقد خرج من
الكوفة إذ عبر بالضيعة التي يقال لها البجلة على فرسخين من الكوفة فخرج
24

منها خمسون رجلا من اليهود وقالوا أنت علي بن أبي طالب الامام فقال
انا ذا فقالوا لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم ستة من الأنبياء وها نحن
نطلب الصخرة فلا نجدها فان كنت إماما فأوجدنا الصخرة فقال (ع)
اتبعوني قال عمار فسار القوم خلف أمير المؤمنين إلى أن استبطن بهم البر
وإذا بجبل من رمل عظيم فقال (ع) أيتها الريح انسفي الرمل عن
الصخرة فما كان الا ساعة حتى نسفت الرمل وظهرت الصخرة فقال (ع)
هذه صخرتكم فقالوا عليها اسم ستة من الأنبياء على ما سمعناه وقرأناه في كتبنا
ولسنا نرى عليها الأسماء فقال (ع) الأسماء التي عليها وفيها فهي على
وجهها الذي على الأرض فاقلبوها فاعصوصب عليها الف رجل فما قدروا
على قلبها فقال (ع) تنحوا عنها فمد يده إليها وهو راكب فاقلبها فوجدوا
عليها اسم ستة من الأنبياء أصحاب الشريعة آدم ونوح وإبراهيم وموسى
وعيسى عليه أفضل السلام ومحمد (ص) فقال نفر اليهود نشهد ان لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله وانك أمير المؤمنين وسيد الوصيين وحجة
الله في ارضه من عرفك سعد ونجا ومن خالفك ضل وغوى والى الجحيم
هوى جلت مناقبك عن التحديد وكثرت آثار نعمك عن التعديد
حدثني أبو التحف مرفوعا إلى حذيفة بن اليمان قال كنا بين يدي
رسول الله (ص) إذ حصننا صوت عظيم فقال (ص) انظروا ما دهاكم
ونزل بكم فخرجنا إلى ظاهر المدينة فإذا بأربعين راكبا على أربعين ناقة بأربعين موكبا على كل واحد منهم بدنة من الؤلؤ وعلى رأس كل واحد
25

قلنسوة مرصعة بالجواهر الثمينة يقدمهم غلام لا نبات بعارضيه كأنه فلقة
قمر وهو ينادي الحذار الحذار البدار البدار إلى محمد المختار المبعوث في
الأقطار قال حذيفة فرجعت إلى رسول الله (ص) وأخبرته فقال يا حذيفة
انطلق إلى حجرة كاشف الكرب وهازم العرب وحمزة بني عبد المطلب
الليث الهصور واللسان الشكور والطرف الناي الغيور والبطل الجسور
والعالم الصبور الذي جرى اسمه في التوراة والإنجيل والزبور قال حذيفة
فأسرعت إلى حجرة مولاي (ع) أريد اخباره فإذا به قد لقيني وقال
يا حذيفة جئتني لتخبرني بقوم انا بهم عالم منذ خلقوا وولدوا قال حذيفة
واقبل سائرا وانا خلفه حتى دخل المسجد والقوم حافون برسول الله (ص)
فلما رأوه نهضوا له قياما فقال (ص) كونوا على أماكنكم فلما استقر به المجلس
قال الغلام الأمرد قائما دون أصحابه وقال أيكم الراهب إذا انسدل
الظلام أيكم المنزه عن عبادة الأوثان والأصنام أيكم الشاكر لما أولاه
المنان أيكم الساتر عورات النسوان أيكم الصابر يوم الضرب والطعان أيكم
قاتل الاقران ومهدم البنيان وسيد الإنس والجان أيكم أخو محمد المصطفى
المختار ومبدد المارقين في الأقطار أيكم لسان الحق الصادق ووصيه الناطق
أيكم المنسوب إلى أبي طالب بالولد والقاعد للظالمين بالرصد فقال رسول
الله (ص) يا علي أجب الغلام وقم بحاجته فقال (ع) انا يا غلام ادن مني
فاني أعطيك سؤلك وأشفي غليلك بعون الله ومشيته فانطق بحاجتك
لأبلغك أمنيتك ليعلم المسلمون اني سفينة النجاة وعصى موسى والكلمة
26

الكبرى والنبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون والصراط المستقيم الذي من
حاد عنه ضل وغوى فقال الغلام ان معي أخا وهو مولع بالصيد والقنص
فخرج في بعض الأيام يتصيد فعارضته بقرات وحش عشر فرمى احديها
فقتلها فانفلج نصفه في الوقت وكل كلامه حتى لا يكلمنا الا ايماء وقد
بلغنا ان صاحبكم يرفع عنه ما نزل به يا أهل المدينة وانا القحقاح بن الحلاحل
ابن أبي الغضب بن سعد بن المقنع بن عملاق بن ذاهل بن صعب ونحن
من بقايا قوم عاد نسجد للأصنام ونقتسم بالأزلام فان شفى صاحبكم أخي
امنا على يده ونحن تسعون ألفا فينا البأس والنجدة والقوة والشدة ولنا
الكنوز من العندح والعسجد والبندح والديباج والذهب والفضة والخيل
والإبل ولنا المضارب العالية والمطانب نحن سباق جلاد سواعدنا شداد
وأسيافنا حداد قد أخبرتكم بما عندي فقال أمير المؤمنين (ع) وأين
أخوك يا غلام فقال سيأتي في هودج له فقال (ع) إذا جاء أخوك شفيت
علته فالناس على مثل ذلك إذا قبلت امرأة عجوز تحت محمل على جمل
فأنزلته بباب المسجد فقال الغلام يا علي جاء أخي فنهض (ع) ودنا من
المحمل وإذا فيه غلام له وجه صبيح فلما نظر إليه أمير المؤمنين (ع) بكى
الغلام وقال بلسان ضعيف إليكم الملجأ والمشتكى يا أهل المدينة فقال أمير
المؤمنين (ع) اخرجوا الليلة إلى البقيع فستجدون من على عجبا قال حذيفة
فاجتمعوا الناس من العصر في البقيع إلى أن هد الليل ثم خرج إليهم
أمير المؤمنين (ع) وقال لهم اتبعوني فاتبعوه وإذا بنارين متفرقة قليلة
27

وكثيرة فدخل في النار القليلة قال حذيفة فسمعنا زمجرة كزمجرة الرعد
فقلبها على النار الكثيرة ودخل فيها ونحن بالبعد ننظر إلى النيران إلى أن
أسفر الصبح ثم طلع منها وقد كنا آيسنا منه فجاء وبيده رأس دوره
سبعة عشر إصبعا له عين واحدة في جبهته فاقبل إلى المحمل الذي فيه الغلام
وقال قم بإذن الله يا غلام فما عليك من بأس فنهض الغلام ويداه صحيحتان
ورجلاه سالمتان فانكب على رجله يقبلها واسلم القوم الذين كانوا معه
والناس متحيرون لا يتكلمون فالتفت إليهم وقال أيها الناس هذا رأس
العمرو بن الاخيل بن لاقيس بن إبليس كان في اثنى عشر فيلق من الجن
وهو الذي فعل بالغلام ما فعل فقاتلتهم وضربتهم بالاسم المكتوب على
عصى موسى (ع) التي ضرب بها البحر فانفلق البحر اثنى عشر طريقا
فماتوا كلهم فاعتصموا بالله وبنبيه محمد (ص) وبوصيه علي (ع)
وحدثني قال حدثني القاضي أبو الحسن علي بن القاضي الطبراني
مرفوعا إلى أبي جعفر ميثم التمار قال كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين (ع)
إذ دخل غلام وجلس في وسط المسلمين فلما تفرغ من الاحكام نهض
إليه الغلام وقال يا أبا تراب انا إليك رسول فاصغ لي سمعك واخل إلي ذهنك
وانظر إلى ما خلفك وبين يديك ودبر امرك فيما يدهمك قد جئتك برسالة
تنزع لها الجبال وتكيع عنها الابطال من رجل حفظ كتاب الله من أوله
إلى اخره وعلم علم القضايا والاحكام وهو أبلغ منك في الكلام واحق منك
بهذا المقام فاستعد للجواب ولا تزخرف الخطاب فلسنا ممن ينفق عليه
28

الأباطيل والأضاليل فلاح الغضب في وجه أمير المؤمنين (ع) والتفت
إلى عمار قال اركب جملك وطف في قبائل الكوفة وقل لهم أجيبوا عليا (ع)
لتعرفوا الحق من الباطل والحلال من الحرام قال ميثم فركب عمار وخرج
فما كان الا هنيئة حتى رأيت العرب كما قال الله تعالى (ان كانت الا صيحة
واحدة فإذا هم جميعا لدينا محضرون) فضاق جامع الكوفة بهم وتكاثف
الناس كتكاثف الجراد على الزرع الغض في أوانه فنهض العالم الأورع
والبطين الأنزع (ع) ورقا من المنبر مراق ثم تنحنح فسكت الناس فقال
رحم الله من سمع فوعى ونظر فاستحى أيها الناس ان معاوية يزعم أنه
أمير المؤمنين وان لا يكون الامام إماما حتى يحي الموتى أو ينزل من السماء
مطرا أو يأتي بما يشاكل ذلك مما يعجز عنه غيره وفيكم من يعلم اني الكلمة
التامة والآية الباقية والحجة البالغة ولقد ارسل إلي معاوية جاهليا من
جاهلية العرب ففسح في كلامه وعجرف في مقاله وأنتم تعلمون اني لو شئت
لطحنت عظامه طحنا ونسفت الأرض نسفا وخسفتها عليه خسفا الا ان
احتمال الجاهل صدقة عليه ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي (ص)
وأشار بيده اليمنى إلى الجو فدمدم وأقبلت غمامة وعلت سحابة سقت بهيديها
وسمعنا منها قائلا يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين يا سيد الوصيين ويا امام
المتقين ويا غياث المستغيثين ويا كنز الطالبين ومعدن الراغبين وأشار (ع)
إلى السحابة فدنت قال ميثم فرأيت الناس كلهم قد اخذتهم السكرة
فرفع (ع) رجله وركب السحابة وقال لعمار اركب معي وقال الحمد لله
29

مجريها ومرساها ان ربي على صراط مستقيم فركب عمار وغابا عن أعيننا
فلما كان بعد ساعة أقبلت السحابة حتى أظلت جامع الكوفة فالتفت وإذا
مولاي (ع) جالس في دكة القضاء وعمار بين يديه والناس حافون به
ثم قام وصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه واخذ في الخطبة المعروفة بالشقشقية
فلما فرغ منها اضطرب الناس وقالوا فيه أقاويل مختلفة فمنهم من زاده
الله بصيرة وايمانا بما شاهدوه منه ومنهم من زاده كفرا وطغيانا ثم قال
عمار قد طارت بنا السحابة في الجو فما كان هنيئة حتى أشرفنا على بلد
كبير حواليها أشجار كثيرة ومياه متدفقة فقال (ع) انهمي وصوبي
فنزلت بنا السحابة وإذا نحن في مدينة كبيرة كثيرة الناس يتكلمون بكلام
غير العربية فاجتمعوا عليه ولاذوا به فقام فوعظهم وانذرهم بمثل كلامهم
ثم قال يا عمار اركب واتبعني ففعلت ما امرني به فأدركنا جامع الكوفة
في الوقت الذي رايته ثم قال عمار قال لي أمير المؤمنين (ع) أتعرف البلدة
التي كنت فيها قلت الله اعلم بذلك وأنت يا أمير المؤمنين فقال كنا في
الجزيرة السابعة من الصين اخطب كما رأيتني ان الله تعالى ارسل
رسوله (ص) إلى كافة الناس وعليه ان يدعوهم ويهدي المؤمنين منهم إلى
صراط مستقيم اشكر ما أوليتك من نعمة وأوزعتك من منة واكتم من
غير أهله تسد فان لله سبحانه الطاف خفية في خلقه لا يعلمها الا هو أو من
ارتضى من رسول
روت الشيعة من طرق شتى ان قوما اجتمعوا على أمير المؤمنين (ع)
30

وقالوا قد أعطاك الله هذه القدرة الباهرة وأنت تستنهض الناس إلى قتال
معاوية فقال إن الله تبارك وتعالى تعبدهم بمجاهدة الكفار والمنافقين
والقاسطين والمارقين فوالله لو شئت لمددت يدي هذه القصيرة في أرضكم
هذه الطويلة وضربت بها صدر معاوية بالشام واخذت بها من شاربه
أو قال من لحيته فمد يده (ع) وردها فإذا فيها شعرات كثيرة فقاموا
وتعجبوا من ذلك ثم اتصل الخبر بعد مدة طويلة بان معاوية سقط عن سريره
في اليوم الذي كان مد يده أمير المؤمنين (ع) وغشى عليه ثم افاق
وافتقد من شاربه ولحيته شعرات
وروي انه (ع) لما تعجب الناس قال لا تعجبوا من أمر الله
سبحانه فان آصف بن برخيا كان وصيا وكان عنده علم من الكتاب على
ما قصه الله تعالى في كتابه فاتى بعرش بلقيس من سبأ إلى بيت المقدس
قبل ان يرتد إلى سليمان طرفه وانا أكبر قدرة منه فان عندي علم الكتاب
كله قال الله تعالى ومن عنده علم الكتاب ما عنى به الا عليا وصي رسول
الله (ص) والله لو طرحت لي الوسادة لقضيت لأهل التوراة بتوراتهم
ولأهل الإنجيل بإنجيلهم ولأهل القرآن بقرآنهم بقضاء يصعد إلى الله تعالى
(وهذا فصل من كلامه (ص) فقد ذكره في مواطن كثيرة)
(وهو معروف مشهور في الموافق والمخالف)
وحدثني أبو التحف قال حدثني عبد المنعم بن سلمة يرفعه إلى جابر
ابن عبد الله الأنصاري قال كان لي ولد وقد حصل له علة صعبة فسألت
31

رسول الله (ص) ان يدعو له فقال سل عليا فهو مني وانا ممنه فتداخلني
قليل ريب وقيل لي ان أمير المؤمنين (ع) بالجبانة فجئته وهو يصلي فلما فرغ
من صلاته سلمت عليه وحدثته بما كان من حديث رسول الله (ص)
فقال لي نعم قام ودنا من نخلة كانت هناك وقال أيتها النخلة من انا
فسمعت منها أنينا كانين النساء الحوامل إذا أرادت تضع حملها ثم سمعتها
تقول أنت أمير المؤمنين ووصى رسول رب العالمين أنت الآية الكبرى
وأنت الحجة العظمى وسكتت فالتفت (ص) إلي وقال يا جابر قد زال
الان الشك من قلبك وصفا ذهنك اكتم ما سمعت ورأيت عن غير أهله
وعنه يرفعه برجاله إلى عمار بن ياسر ذي الفضل الماثر رفع الله
درجته قال كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين (ع) إذ دخل عليه
رجل وقال يا أمير المؤمنين إليك المفزع والمشتكى فقد حل بي ما أورثني
سقما والما فقال (ع) ما قصتك قال ابن علي بن دوالب الصيرفي غصبني
زوجتي وفرق بيني وبين حليلتي وانا من حزبك وشيعتك فقال أئتني
بالفاسق الفاجر فخرجت إليه وهو يعرض أصحابه في السوق تعرف بسوق
بني الحاضر فقلت أجب من لا يجوز عليه بهرجة الصرف فنهض قائما
وهو يقول إذا انزل التقدير بطل التدبير حتى أوقفته بين يدي أمير
المؤمنين (ع) ورأيت بيد مولاي قضيبا من العوسج فلما وقف الصيرفي
بين يديه قال من يعلم مكنون الأشياء وما في الضمائر والأوهام ها أنذا
واقف بين يديك وقوف الذليل المستسلم إليك فقال يا لعين ابن اللعين
32

والزنيم ابن الزنيم اما تعلم اني اعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور واني حجة
الله في ارضه وبين عباده تفتك بحريم المؤمنين أتراك آمنت عقوبتي عاجلا
وعقوبة الله اجلا ثم قال يا عمار جرده من ثيابه ففعلت ما امرني به مولاي فقام
إليه وقال والذي فلق الحبة وبرء النسمة لا يأخذ قصاص المؤمن غيري ثم
قرعه بالقضيب على كبده وقال اخس لعنك الله فقال الثقة الأمين عمار
فرأيته والله قد مسخه الله سلحفاة ثم قال (ع) رزقك الله في كل أربعين
يوما شربة من الماء ومأواك القفار والبراري هذا جزاء من أعاد طرفه
وقلبه وفرجه ثم ولى وتلا (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت
فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة
للمتقين) قال عمار ثم جعل عليه السلام يقول شعرا
يقول قلبي لطرفي أأنت كنت الدليلا
فقال طرفي لقلبي أأنت كنت الرسولا
فقلت كفا جميعا تركتماني قتيلا
روى عن المفضل بن عمر أنه قال سمعت الصادق (ع) يقول إن
أمير المؤمنين (ع) بلغه عن عمر بن الخطاب شئ فأرسل سلمان وقال له
قل له بلغني عنك كيت وكيت وكرهت ان اعتب عليك في وجهك
وينبغي ان لا تذكر في الا الحق فقد أغضيت على القذى إلى أن يبلغ
الكتاب اجله فنهض إليه سلمان وبلغه ذلك وعاتبه ثم اخذ في ذكر
مناقب أمير المؤمنين (ع) ووصف فضله وبراهينه فقال عمر بن الخطاب
33

يا سلمان أكثرت من عجائب أمير المؤمنين علي (ع) ولست بمنكر فضله
الا انه يتنفس الصعداء ويطرد الغضاء فقال له سلمان حدثني بشئ مما رأيت
منه فقال عمر يا أبا عبد الله نعم خلوت ذات يوم بابن أبي طالب في شئ
من أمر الخمس فقطع حديثي وقام من عندي وقال مكانك حتى أعود
إليك فقد عرضت لي حاجة فخرج فما كان بأسرع من أن رجع وعلى ثيابه
وعمامته غبار كثير فقلت ما شأنك فقال نفر من الملائكة وفيهم رسول
الله (ص) يريدون مدينة بالمشرق يقال لها (صيحون) فخرجت لاسلم
عليه فهذه الغبرة ركبتني من سرعة المشي فضحكت تعجبا حتى استلقيت
على قفاي فقلت رجل مات وبلى وأنت تزعم انك لقيته الساعة وسلنت
عليه هذا من العجائب ومما لا يكون فغضب ونظر إلي وقال اتكذبني
يا بن الخطاب فقلت لا تغضب وعد إلى ما كنا فيه فان هذا الأمر مما
لا يكون قال فان اريتكه حتى لا تنكر منه شيئا استغفرت الله مما قلت
وأضمرت وأحدثت توبة مما أنت عليه قلت نعم فقال قم معي فخرجت معه
إلى طرف المدينة فقال غمض عينيك فغمضتهما فمسحهما بيده ثلاث مرات
ثم قال افتحهما فإذا انا والله يا أبا عبد الله برسول الله في نفر من الملائكة
لم أنكر منه شيئا فبقيت والله متعجبا انظر إليه فلما اطلت قال لي نظرته
قلت نعم قال غمض عينيك فغمضتهما ثم قال افتحهما ففتحتهما فإذا لا عين
ولا أثر قال سلمان فقلت له هل رأيت من علي (ع) غير ذلك قال نعم
لا اكتمه عنك خصوصا استقبلني يوما واخذ بيدي ومضى بي إلى الجبانة
34

وكنا نتحدث في الطريق وكان بيده قوس فلما خلصنا في الجبان رمى
بقوسه من يده فصار ثعبانا عظيما مثل ثعبان موسى ففغر فاه وأقبل نحوي
ليبلعني فلما رأيت ذلك طارت روحي وتنحيت وضحكت في وجه علي
وقلت الأمان أذكر ما كان بيني وبينك من الجميل فلما سمع كلامي استفرغ
ضاحكا وقال لطفت في الكلام وانا أهل بيت نشكر القليل فضرب بيده
إلى الثعبان وإذا هو قوسه التي كانت بيده ثم قال عمر يا أبا عبد الله لكتمت
ذلك عن كل واحد وأخبرتك به يا أبا عبد الله انهم أهل بيت يتوارثون
هذه الأعجوبة كابرا عن كابر ولقد كان عبد الله وأبو طالب يأتون بأمثال
ذلك في الجاهلية هذا وانا لا أنكر فضل علي وسابقته ونجدته وكثرة علمه
فارجع إليه واعتذر عني إليه وانشر عليه بالجميل
وروت الشيعة بأسرهم ان أمير المؤمنين (ع) لما قعد أبو بكر مقعده
ودعا إلى نفسه بالإمامة احتج عليه بما قاله رسول الله (ص) فيه في مواطن
كثيرة من أن عليا (ع) خليفته ووصيه ووزيره وقاضي دينه ومنجز وعده
وانه (ص) أمرهم باتباعه في حياته وبعد وفاته وكان من جواب أبي بكر
أنه قال وليتكم ولست بخيركم أقيلوني فقيل له يا أمير المؤمنين من يقيلك
الزم بيتك وسلم الامر إلى الذي جعله الله تعالى ورسوله (ص) له ولا يغرنك
من قريش أوغادها فإنهم عبيد الدنيا يزيلون الحق عن مقره طمعا منهم في
الولاية بعدك ولينالوا في حياتك من دنياك فتلجلج في الجواب وجعل
يعده بتسليم الامر إليه فقال له أمير المؤمنين (ع) يوما ان أريتك
35

رسول الله (ص) وأمرك باتباعي وتسليم الامر إلي اما تقبل قوله فتبسم
ضاحكا متعجبا من قوله وقال نعم فاخذه بيده وادخله المسجد وهو مسجد
قبا بالمدينة فأراه رسول الله (ص) يقول له يا أبا بكر أنسيت ما قلته في
علي (ع) فسلم إليه الامر واتبعه ولا تخالفه فلما سمع ذلك أبو بكر وغاب
رسول الله (ص) عن بصره بهت وتحير واخذته (الافكل) وعزم على
تسليم الامر إليه فدخل في رأيه الثاني وقال له ما روته أصحاب الحديث
وليس هذا موضعه فان هذا تأليف مقصور على ذكر المعجزات
والبراهين فقط
(ومن دلائل أمير المؤمنين (ع))
(ومعجزاته وخبره مع غطرفة الجني وهو خبر معروف)
(عند علماء الشيعة) وقد وجدت هذا الخبر في كتاب الأنوار حدث أحمد بن محمد بن
عبد ربه قال حدثني سليمان بن علي الدمشقي عن أبي هاشم الرماني عن
زاذان عن سلمان رضي الله عنه قال كان النبي (ص) ذات يوم جالسا
بالأبطح وعنده جماعة من أصحابه وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظرنا إلى
زوبعة قد ارتفعت فأثارت الغبار وما زالت تدنوا والغبار يعلو إلى أن وقفت
بحذاء النبي (ص) ثم برز منها شخص كان فيها ثم قال يا رسول الله اني
36

وافد قومي وقد استجرنا بك وابعث معي من قبلك من يشرف
على قومنا فان بعضهم قد بغى علينا فيحكم بيننا وبينهم بحكم الله وكتابه
وخذ على العهود والمواثيق المؤكدة ان أرده إليك سالما في غداة غد
الا ان تحدث علي حادثة من عند الله فقال له النبي (ص) من أنت ومن
قومك قال انا غطرفة بن شمراخ أحد بني نجاح وانا وجماعة من أهلي كنا
نستطرق السمع فلما منعنا من ذلك امنا ولما بعثك الله نبيا امنا بك على
ما علمته وقد صدقنا وخالفنا بعض القوم وأقاموا على كانوا عليه فوقع بيننا
وبينهم الخلاف وهم أكثر منا عددا وقوة وقد غلبوا على الماء والمراعي
وأضروا بنا وبدوا بنا فابعث معي من يحكم بيننا بالحق فقال له النبي
فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها قال فكشف
لنا عن صورته فنظرنا فإذا شخص عليه شعر كثير وإذا رأسه طويل،
طويل العينين عيناه في طول رأسه صغير الحدقتين ولها أسنان كأنها أسنان
السباع ثم إن النبي (ص) اخذ عليه العهد والميثاق على أن يرد عليه في
غد من بعث به معه فلما فرغ من ذلك التفت إلى أبي بكر فقال له صر
مع أخينا غطرفة وانظر إلى ما هم عليه واحكم بينهم بالحق فقال يا رسول
الله وأين هم قال هم تحت الأرض فقال أبو بكر وكيف أطيق النزول
تحت الأرض وكيف احكم بينهم ولا أحسن كلامهم ثم التفت إلى عمر
ابن الخطاب فقال مثل قوله لأبي بكر فأجاب مثل جواب أبي بكر ثم
اقبل على عثمان وقال له مثل قولهما فاجابه كجوابهما ثم استدعى بعلي (ع)
37

وقال يا علي صر مع أخينا غطرفة وتشرف على قومه وتنظر إلى ما هم عليه
وتحكم بينهم بالحق فقام أمير المؤمنين (ع) مع غطرفة وقد تقلد سيفه قال
سلمان فتبعهما إلى أن صار إلى الوادي فلما توسطاه نظر إلى أمير المؤمنين (ع)
وقال قد شكر الله تعالى سعيك يا أبا عبد الله فارجع فوقفت انظر إليهما
فانشقت الأرض ودخلا فيها وعادت إلى ما كانت ورجعت وتداخلني
من الحسرة ما الله اعلم به كل ذلك اشفاقا على أمير المؤمني (ع) وأصبح
النبي (ص) وصلى بالناس الغداة وجاء وجلس على الصفا وحف به
أصحابه وتأخر أمير المؤمنين (ع) وارتفع النهار وأكثر الكلام إلى أن
زالت الشمس وقالوا ان الجني احتال على النبي وقد أراحنا الله من أبي
تراب وذهب عنا افتخاره بابن عمه علينا وأكثروا الكلام إلى أن صلى
النبي الصلاة الأولى وعاد إلى مكانه وجلس على الصفا وما زال أصحابه
بالحديث إلى أن وجبت صلاة العصر وأكثروا القوم الكلام وأظهروا
اليأس من أمير المؤمنين (ع) فصلى النبي صلاة العصر وجاء وجلس
على الصفا واظهر الفكر في أمير المؤمنين وظهرت شماتة المنافقين بأمير
المؤمنين وكادت الشمس تغرب فتيقن القوم انه قد هلك إذا وقد انشق
الصفا وطلع أمير المؤمنين (ع) منه وسيفه يقطر دما ومعه غطرفة فقام إليه
النبي (ص) وقبل بين عينيه وجبينه وقال ما الذي حبسك عني إلى هذا
الوقت فقال (ع) صرت إلى جن كثير قد بغوا على غطرفة وقومه من
المنافقين فدعوتهم إلى ثلاث خصال فأبوا علي وذلك اني دعوتهم إلى
38

الايمان بالله تعالى والاقرار بنبوتك ورسالتك فأبوا فدعوتهم إلى أداء
الجزية فأبوا فسألتهم ان يصالحوا غطرفة وقومه فيكون بعض المراعي لغطرفة
وقومه وكذلك الماء فأبوا ذلك كله فوضعت سيفي فيهم وقتلت منهم
زها ثمانين ألفا فلما نظروا إلى ما حل بهم طلبوا الأمان والصلح ثم امنوا
وصاروا إخوانا وزال الخلاف وما زالت معهم إلى الساعة فقال غطرفة
يا رسول الله جزاك الله وأمير المؤمنين عنا خيرا
حدث محمد بن همام القطان قال حدثني الحسن بن الحليم قال حدثنا
عباد بن صهيب قال حدثنا الأعمش قال نظرت ذات يوم وانا في المسجد
الحرام إلى رجل كان يصلي فأطال وجلس يدعو بدعاء حسن إلى أن قال
يا رب ان ذنبي عظيم وأنت أعظم منه ولا يغفر الذنب العظيم الا أنت
يا عظيم ثم انكب على الأرض يستغفر ويبكي ويشهق في بكائه وانا اسمع
وأريد ان يتم سجوده ويرفع رأسه واقائله واسأله عن ذنبه العظيم فما رفع
رأسه أدرت إليه وجهي ونظرت في وجهه فإذا وجهه وجه كلب ووبر كلب
وبدنه بدن انسان فقلت له يا عبد لله ما ذنبك الذي استوجب به ان يشوه
الله خلقك فقال يا هذا ان ذنبي عظيم وما أحب ان يسمع به أحد فمازلت
به إلى أن قال كنت رجلا ناصبيا أبغض علي بن أبي طالب (ع) واظهر
ذلك ولا أكتمنه فاجتاز بي ذات يوم رجل وانا أذكر أمير المؤمنين (ع)
بغير الواجب فقال مالك ان كنت كاذبا فلا أخرجك الله من الدنيا
حتى يشوه بخلقك لتكون شهرة في الدنيا قبل الآخرة فبت معافي وقد حول
39

الله وجهي وجه كلب فندمت على ما كان مني وتبت إلى الله مما كنت
عليه واسأل الله الا قلة المغفرة قال الأعمش فبقيت متحيرا أتفكر فيه
وفي كلامه وكنت أحدث الناس بما رأيت فكان المصدق أقل
من المكذب
روي عن أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري أنه قال كنا مع رسول
الله (ص) في بعض غزواته فلما أمسينا هبت ريح باردة وعلتنا غمامة
هطلت غيثا (مثعنجرا) فلما انتصف الليل جاء عمر بن الخطاب ووقف
بين يدي رسول الله (ص) وقال إن الناس قد اخذهم البرد وقد ابتلت
المقادح والزناد فلم تور وقد أشرفوا على الهلكة لشدة البرد فالتفت (ص)
إلى علي (ع) وقال له قم يا علي واجعل لهم نارا فقام (ع) وعمد إلى
شجر اخضر فقطع غصنا من أغصانه وجعل لهم منه نارا وأوقد منها في كل
مكان واصطلوا بها وشكروا الله تعالى واثنوا على رسول الله (ص) وعلى
أمير المؤمنين (ع)
وحدثني الشيخ أبو محمد الحسن بن محمد بن محمد بن نصر يرفعه إلى
محمد بن أبان بن لاحق النخعي انه سمع مولانا الحسن الزكي الأخير يقول
الزكي سمعت أبي يحدث عن جده علي بن موسى (ع) أنه قال اعتل
صعصعة بن صوحان العبدي فعاده مولانا أمير المؤمنين (ع) في جماعة
من أصحابه فلما استقر بهم المجلس فرح صعصعة فقال أمير المؤمنين (ع)
لا تفتخرن على إخوانك بعيادتي إياك ثم نظر إلى فهر في وسط داره فقال
40

لاحد أصحابه ناولنيه فاخذه منه واداره في كفه وذابه سفرجلة رطبة
فدفعها إلى أحد أصحابه وقال قطعها قطعا وادفع إلى كل واحد منا قطعة
والى صعصعة قطعة والي قطعة ففعل ذلك فأدار مولانا القطعة من السفرجلة
في كفه فإذا بها تفاحة فدفعها إلى ذلك الرجل وقال له قطعها وادفع إلى
كل واحد قطعة والى صعصعة قطعة والي قطعة ففعل الرجل فأداره مولانا
القطعة من التفاحة في كفه فإذا هي حجر فهر فرمى به إلى صحن الدار
فاكل صعصعة القطعتين واستوى جالسا وقال شفيتني وازدت في ايماني
وايمان أصحابك صلوات الله عليك
روى أصحاب الحديث عن عبد الله بن العباس أنه قال عقمت النساء
ان يأتين بمثل علي بن أبي طالب (ع) فوالله ما سمعت وما رأيت رئيسا
يوازن به والله لقد رأته بصفين وعلى رأسه عمامة بيضاء وكان عينيه
سراج سليط أو عينا أرقم وهو يقف على شرذمة من أصحابه يحثهم على
القتال إلى أن انتهى إلي وانا في كنف من الناس وقد خرج خيل لمعاوية
المعروفة بالكتيبة الشهباء عشرون الف دارع على عشرين الف اشهب
متسربلين الحديد كأنهم صفحة واحدة ما ترى منهم الا الحدق تحت المغافر
فاقشعر أهل العراق لما عاينوا ذلك فلما رأى أمير المؤمنين (ع) هذه
الحالة منهم قال هالكم يا أهل العراق ان هي الا جثث ماثلة فيها قلوب
طائرة ورجل جراد دفت بها ريح عاصف وشداة الشيطان الجمتهم والظلالة
وصرخ بهم ناعق البدعة ففتنهم ما هم الا جنود البغاة وقحقحة المكاثرة
41

لو مستهم سيوف أهل الحق تهافتوا تهافت الفراش في النار ولرايتموهم
كالجراد في اليوم الريح العاصف الا فاستشعروا الخشية وتجلببوا السكينة
وادرعوا اللامة واقلقوا الأسياف في الغماد قبل السل وانظر الشزر
واطعنوا الوخز وتناوحوا بالطبنى وصلوا السيوف بالخطى والرماح بالنبل
وعاودوا أنفسكم الكر واستحيوا من الفر فإنه عار باق في الأعقاب عند
ذوي الأحساب وفي الفرار النار يوم الحساب وطيبوا عن أنفسكم نفسا
واطووا عن حياتكم كشحا وامشوا على الموت قدما وعليكم بهذا السواد
الأعظم والرواق المطنب واضربوا ثجبه فان الشيطان راقد في كسره نافخ
خصييه مفترش ذراعيه قد قدم للوثبة يدا واخر للنكوص عقبا فاصدموا له
صدما حتى ينجلي الباطل من الحق وأنتم الأعلون فاثبتوا في المواكب
وعضوا على النواجد فإنه ابني للسيوف على الهام فاضربوا بالصوارم وشدوا
فهأنا شاد محمل على الكتيبة وحملهم حتى خالطهم فلما دارهم دور الرحى
المسرعة وثار العجاج فما كنت أرى الا رؤسا نادرة وأبدانا طافحة وأيدي
طائحة قد اقبل أمير المؤمنين (ع) وسيفه يقطر دما وهو يقول
(قاتلوا أئمة الكفر أنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون)
وروي ان من نجى منهم رجعوا إلى معاوية فلامهم على الفرار بعد أن
أظهر التحسر والحزن على ما حل بتلك الكتيبة فقال كل واحد منهم
كيف كنت رأيت عليا وقد حمل علي وكلما التفت ورائي وجدته يقفوا
أثري فتعجب معاوية وقال لهم ويلكم ان عليا لواحد كيف كان وراء
42

جماعة متفرقين
روي أن أمير المؤمنين (ع) كلما رأى عبد الرحمن بن ملجم المرادي
قال لمن حوله هذا قاتلي فقال له قائل فلا تقتله يا أمير المؤمنين فقال (ع)
كيف اقتل قاتلي كيف أرد قضاء الله ولما اختار الله تعالى لأمير
المؤمنين (ع) ما عنده كان من حديث الضربة وابن ملجم لعنه الله ما روته
أصحاب الحديث من أن الضربة كانت قبل العشر الأخير من رمضان
سنة إحدى وأربعين من الهجرة وروي سنة أربعين وروي ان الناس
اجتمعوا حوله وان أم كلثوم صاحت وا أبتاه فقال عمر بن الحمق ليس
على أمير المؤمنين باس إنما هو خدش فقال (ع) اني مفارقكم
وروري ان أم كلثوم بكت فقال لها يا بنية ما يبكيك لو تري ما أرى
ما بكيت ان ملائكة السماوات السبع لمواكب بعضهم خلف بعض
وكذلك النبيون (ع) أراهم وهذا رسول الله اخذ بيدي يقول انطلق
يا علي فان امامك خير لك مما أنت فيه ثم قال (ع) دعوني وأهل بيتي
أعهد إليهم فقام الناس الا قليل من شيعته فحمد الله وأثنى عليه وصلى على
النبي (ص) وقال إني أوصي الحسن والحسين فاسمعوا لهما وأطيعوا أمرهما
فقد كان النبي (ص) نص عليهما بالإمامة من بعدي
وروي انه (ع) لما اجتمع عليه الناس حمد الله وأثنى عليه ثم قال
كل امرء ملاق ما يفر منه والأجل تساق إليه النفس هيهات هيهات علم
مكنون وسر خفي اما وصيتي لكم فالله تعالى لا تشركوا به شيئا
43

ولا تضيعوا سنة نبيه محمد (ص) أقيما هذين العمودين وخلاكم ذم ما لم
تشركوا رب رحيم ودين قيم عليكم السلام إلى يوم اللزام كنت بالأمس
صاحبكم وانا اليوم عظة لكم وغدا مفارقكم ثم أوصى إلى الحسن
والحسين (ع) وسلم الاسم الأعظم ونور الحكمة ومواريث الأنبياء
وسلاحهم إليهما وقال لهما (ع) إذا قضيت نحبي فخذا من الدهليز حنوطي
وكفني والماء الذي تغسلاني به فان جبرئيل (ع) يجئ بذلك من الجنة
فغسلاني وحنطاني وكفناني واحملاني على جميلي في تابوت وجنازة تجدانها
في الدهليز
وروي انه (ع) قال لهما (ع) إذا فرغتما من أمري تناولا مقدم
الجنازة فان مؤخرها يحمل فإذا وقفت الجنازة وبرك الجمل احفروا في ذلك
الموضع فإنكما تجدان خشبة محفورة كان نوح (ع) حفرها لي
فادفناني فيها
وروي انه (ع) قبض ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان
وهي التي كانت ليلة القدر وكان عمره خمس وستون سنة منها مع النبي (ص)
خمس وثلاثون سنة وبعده ثلاثون سنة وان الحسن والحسين دخلا الدهليز
فوجدا فيه الماء والحنوط والكفن كما ذكره (ع) ولما فرغا من شانه
تناولا مقدم الجنازة وحمل مؤخرها كما قال (ع) وحملاها إلى مسجد
الكوفة المعروفة بالسهلة ووجدت ناقة باركة هناك فحمل عليها وتبعوها
إلى الغري فوقفت الناقة هناك ثم بركت وحكت بمشفرها الأرض فحفرا
44

في ذلك المكان فوجدت خشبة محفورة كالتابوت فدفن فيها حيث
ما أوصى إذ كان (ع) أوصى بذلك وبأنه يدفن بالغري حيث تبرك الناقة
فإنه دفن فيه آدم ونوح (ع) ففعل وان آدم ونوح وأمير المؤمنين (ع)
دفنوا في قبر واحد وقال (ع) فيما أوصى إذا أدخلتماني قبري واشرجتما
علي اللبن فارفعا أول لبنة فإنكما لن ترياني
وروي عن أبي عبد الله الجدلي وكان فيمن حضر الوصية أنه قال
سالت عن رافع اللبنة فقال سبحان الله أتراني كنت أعقل ذلك فقلت
هل وجدته في القبر فقال لا والله ثم قال (ع) ما من نبي يموت في الغرب
ويموت وصيه في المشرق الا وجمع الله بينهما في ساعة واحدة
وروي انه لما قبض أمير المؤمنين (ع) لم يبق حول بيت المقدس
حجر الا دمى
مكتوب بخط أبي الحسن النسابة في كتاب الأنساب لقريش عن
الزهري قال قال عبد الملك بن مروان وكنت آتيا من بيت المقدس
يا زهري ما كانت علامة اليوم الذي قتل فيه علي بن أبي طالب (ع)
فقلت أصبح الناس ببيت المقدس وما يقلب أحد حجرا الا وتحته دم عبيط
فقال عبد الملك يا زهري لسنا بغريبين عن هذا العلم
45

(ومن دلائل فاطمة عليها السلام)
وفي حديث رسول الله (ص) لما دخل العباس في رواية أبي محمد
الجلودي البصري عن الفرج بن فضالة عن أبيه عم يحيى بن سعيد عن
محمد بن أبي بكر عن عمار قال يا محمد بماذا فضلت علينا أهل بيتك
فقال (ص) إليك يا عم لا تقل هذا فان الله تبارك وتعالى خلقني وعليا
نورا ثم فتق من نورنا سبطي ثم فتق من نورنا نور العرش ومن نور سبطي
نور الشمس والقمر كنا نعلم الملائكة التسبيح والتهليل والتمجيد ثم قال
الله تعالى للملائكة وعزتي وجلالي وجودي وارتفاعي لأفعلن فخلق
سبحانه نور فاطمة (ع) كالقنديل فزهرت به السماوات فسميت الزهراء
لما استنار بنورها الأفق فخرج العباس من عنده لا يحير جوابا فاستقبله
علي (ع) فضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه وجبينه وقال ما أكرمكم
على الله يا أهل بيت المصطفى (ص) وكان اسمها في الدار الدنيا فاطم وفاطر
والزهراء والبتول والحصان والحوراء والسيدة والصديقة ومريم الكبرى
وروي عن حارثة بن قدامة قال حدثني سلمان الفارسي قال حدثني
عمار وقال أخبرك عجبا قلت حدثني يا عمار قال نعم شهدت علي بن أبي
طالب (ع) وقد ولج على فاطمة (ع) فلما بصرت به نادت ادن
لاحدثك بما كان وما هو كائن وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم
46

الساعة قال فرأيت أمير المؤمنين (ع) يرجع القهقري فرجعت برجوعه
إذ دخل على النبي (ص) فقال له ادن يا أبا الحسن فدنا فلما اطمأن به
المجلس قال له تحدثني أم أحدثك فقال الحديث منك أحسن يا رسول الله
فقال كأني بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك كيت وكيت فرجعت
فقال علي (ع) نور فاطمة من نورنا فقال (ص) أولا تعلم فسجد علي
شكرا لله تعالى قال عمار فخرج أمير المؤمنين وخرجت بخروجه فولج على
فاطمة (ع) وولجت معه فقالت كأنك رجعت إلى أبي (ص) فأخبرته
بما قلته لك قال كان كذلك يا فاطمة فقالت اعلم يا أبا الحسن ان الله تعالى
خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ثم أودعه شجرة من شجر الجنة
فأضائت فلما دخل أبي (ص) إلى الجنة أوحى الله تعالى إليه الهاما ان
اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وادرها في لهواتك ففعل فأودعني الله
تعالى صلب أبي (ص) ثم أودعني خديجة بنت خويلد (ع) فوضعتني
وانا من ذلك النور اعلم ما كان وما يكون وما لم يكن يا أبا الحسن
المؤمن ينظر بنور الله تعالى
وروي ان فاطمة (ع) توفيت ولها ثمانية عشر سنة وشهران وأقامت
بعد النبي (ص) خمسة وسبعين يوما، وروي أربعين يوما وتولى غسلها
وتكفينها أمير المؤمنين (ع) وأخرجها ومعه الحسن والحسين (ع) في
الليل وصلوا عليها ولم يعلم بها أحد ودفنها في البقيع وجدد أربعين قبرا
فاشتكل على الناس قبرها فأصبح الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا ان
47

نبينا (ص) خلف بنا بنتا ولم نحضر وفاتها والصلاة عليها ودفنها ولا نعرف
قبرها فنزورها فقال من تولى الأمر هاتوا من نساء المسلمين من ينبش
هذه القبور حتى نجد فاطمة (ع) فنصلي عليها فنزور قبرها فبلغ ذلك
أمير المؤمنين (ع) فخرج مغضبا قد احمرت عيناه وقد تقلد سيفه ذا الفقار
حتى بلغ البقيع وقد اجتمعوا فيه فقال (ع) لو نبشتم قبرا من هذه القبور
لوضعت السيف فيكم فتولى القوم عن البقيع
وروى أنها (ع) كانت منزهة عما ينال النساء وان خديجة
وضعتها (ع) طاهرة مطهرة وانها سبحت وقدست ومجدت في حال
ولادتها وأقرت بنبوة رسول الله (ص) وامامة علي بن أبي طالب (ع)
وانها كانت تقرء القرآن
وروي ان رسول الله (ص) قال أوحى الله إلي اني زوجت عليا
فاطمة تحت شجرة طوبى فزوجه إياها فزوجت عليا فاطمة بأمر الله تعالى
وحدث الغلابي يرفع الحديث برجاله إلى أبي ذر قال دخلت فاطمة (ع)
على النبي (ص) وقالت تعيرني نساء قريش ان أباك زوجك من علي
وهو فقير فتبسم (ص) وقال والله لقد خاطبك مني اشراف قريش
فما أجبتهم إلى ذلك توقفا لخبر السماء فبينما انا في مسجدي في النصف من
شهر رمضان إذ هبط علي جبرئيل (ع) وقال إن الله تعالى يقرءك السلام
وقد جمع الكروبيين وحملة العرش تحت شجرة يقال لها طوبى وانا الخاطب
والله الولي وزوج فاطمة من علي (ع) ثم قال للشجرة انثري فتناثرت
48

لؤلؤ رطبا فبادر الحور يلتقطن فهن منها يلتقطن إلى يوم القيامة ويقلن
هذا نثار فاطمة بنت محمد (ص) وجعل مهرها نصف الدنيا والحديث
طويل اقتصرت على ثلث منه
وروى أبو عبد الله محمد بن زكريا الغلابي في كتاب له عن جعفر
ابن محمد بن عمارة الكندي قال حدثني أبي عن جابر بن عبد الله الأنصاري
قال قيل يا رسول الله انك تلثم فاطمة وتشمها ولا تفعل ذلك بغيرها من
بناتك فقال (ص) ان جبرئيل اهدى تفاحة من تفاح الجنة فأكلتها
فتحولت ماء في صلبي فأودعتها خديجة فحملت فاطمة وانا أشم منها
رائحة الجنة
وروي عن الغلابي عن عمار بن عمران عن عبيد الله بن موسى
العبسي قال اخبرني جبلة المكي عن طاووس اليماني عن ابن عباس قال
دخلت على عائشة بنت أبي بكر فقالت دخلت على رسول الله (ص)
وهو يقبل فاطمة ويشمها فقلت أتحبها يا رسول الله قال إنه لما عرج بي إلى
السماء الرابعة اذن جبرئيل وأقام ميكائيل (ع) ثم قيل لي ادن يا محمد
فصل بهم فقلت أتقدم وأنت بحضرتي قال نعم ان الله تعالى فضل أنبيائه
المرسلين على ملائكته المقربين وفضلك أنت خاصة عليهم وعلى جميع
الأنبياء فدنوت وصليت باهل السماء الرابعة ثم التفت إلى يميني فإذا انا
بإبراهيم (ع) في روضة من رياضة الجنة وقد اكتنفه جماعة من الملائكة
ثم التفت إلى شمالي فإذا انا بأخي علي في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفته
49

جماعة من الملائكة ثم اني صرت إلى السماء السادسة فنوديت نعم الأب أبوك
إبراهيم ونعم الأخ أخوك ووزيرك علي بن أبي طالب (ع) فلما صرت
إلى الحجب اخذ بيدي جبرئيل (ع) فادخلني الجنة فإذا انا بشجرة من
نور في أصلها ملكا يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذه
الشجرة فقال هذه الشجرة لأخيك ووصيك علي بن أبي طالب (ع)
وهذان الملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة ثم نظرت امامي
فإذا انا برطب الين من الزبد وبتفاحة ريحتها أطيب من المسك فأخذت
رطبة وتفاحة فأكلتهما فتحولتا ماء في صلبي فلما هبطت الأرض أودعته
خديجة فحملت بفاطمة حورية انسية فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة
فاطمة (ع) قال ابن عباس فدخلت على رسول الله فسألته عن فاطمة (ع)
فحدثني بما حدثتني به عايشة
وعن الغلابي مرفوعا إلى أسماء بنت عميس قالت قال لي رسول الله
وقد كنت شهدت فاطمة (ع) وقد ولدت بولد ير لها دم فقال يا أسماء ان
فاطمة خلقت حورية في صورة انسية هي طاهرة مطهرة
وحدث الغلابي عن العباس بن بكار مرفوعا إلى جعفر بن محمد عن
أبيه (ع) ان رسول الله (ص) قال فاطمة بضعة مني فمن اذاها فقد اذاني
ومن اذاني فقد اذى الله
وحدث الأعمش عن أبيه عن ابن عمير قال دخلت انا وخالتي على
عائشة فقالت لها خالتي يا عائشة بالله قولي من كان أحب الناس إلى رسول
50

الله (ص) قالت فاطمة قالت إنما أعني من الرجال قالت زوجها
حدث الغلابي يرفع الحديث برجاله إلى حذيفة بن اليمان فقال اتيت
رسول الله (ص) فقال إن ملكا استأذن ربه في زيارتي فزارني وأخبرني ان
الله تعالى يقول فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
وحدث الغلابي يرفع الحديث برجاله إلى عائشة بنت أبي بكر قالت
لفاطمة (ع) رأيتك أكببت على النبي في مرضه فبكيت ثم أكببت
عليه ثانية فضحكت فقالت أكببت عليه فأخبرني انه ميت فبكيت ثم
أكببت عليه فأخبرني اني أول أهله لحوقا به واني سيدة نساء العالمين فضحكت
وروي ان فاطمة عليها السلام ولدت الحسن والحسين من فخذها الأيسر
وروى أن مريم (ع) ولدت المسيح (ع) من فخذها الأيمن
وجدت هذه الحكايات في كتاب الأنوار وفي كتب كثيرة
وروي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال قال رسول الله دخلت
على خديجة وقد حملت بفاطمة (ع) وكانت وحدها تتكلم فقالت إن
الجنين الذي في بطني يكلمني وأكلمه ولي به انس في حال وحدتي
وروي الغلابي يرفع الحديث برجاله إلى جابر بن عبد الله الأنصاري
أنه قال قالت أم أيمن لما زفت فاطمة إلى علي (ع) قام رسول الله (ص)
ومعه جماعة من أهل بيته وأصحابه فلما اخذ علي (ع) بيد فاطمة ومضى
بها كبر جبرئيل في السماء فسمع النبي التكبير فكبر وكبر أهل البيت
وأصحابه فهو أول تكبير كان في الزفاف فصار التكبير في الزفاف سنة
51

(ومن دلائل السيدين الخيرين)
(أبى محمد الحسن وأبى عبد الله الحسين (ع) براهينهما)
وقام المولى أبو محمد الحسن (ع) بأمر الله واتبعه المؤمنون وكان
مولده بعد مبعث رسول الله بخمس عشر سنة وأشهر وولدت فاطمة (ع)
أبا محمد (ع) ولها إحدى عشر سنة كاملة وكانت ولادته مثل ولادة
جده وأبيه (ص) وكان طاهرا مطهرا يسبح ويهلل في حال ولادته ويقرء
القرآن على ما رواه أصحاب الحديث عن رسول الله (ص) ان جبرئيل
ناغاه في مهده وقبض رسول الله (ص) وكان له سبع سنين وشهور
من طريق الحشوية عن سليمان بن إسحاق سليمان بن علي بن عبد
الله بن عباس قال سمعت أبي يوما يحدث انه كان يوما عند هارون الرشيد
فجرى ذكر علي بن أبي طالب (ع) فقال الرشيد تتوهم العوام اني أبغض
عليا وأولاده والله ما ذلك كما يظنون وان الله يعلم شدة حبي لعلي والحسن
والحسين ومعرفتي بفضلهم ولقد حدثني أمير المؤمنين أبي عن المنصور انه
حدثه عن أبيه عن جده عن عبد الله ابن العباس أنه قال كنا ذات يوم
عند رسول الله (ص) إذ أتت فاطمة (ع) وقالت إن الحسن والحسين
خرجا فما أدري أين باتا فقال رسول الله (ص) ان الذي خلقهما الطف
52

بهما مني ومنك ثم رفع النبي (ص) يده إلى السماء وقال اللهم احفظهما
وسلمهما فهبط جبرئيل (ع) وقال يا محمد لا تغتم فإنهما سيدان في الدنيا
والآخرة وأبوهما خير منهما هما في خطيرة بني النجار نائمان وقد وكل
الله بهما ملكا يحفظهما فقام رسول الله (ص) وأصحابه حتى اتى الحضيرة
فإذا الحسن معانق الحسين (ع) وملك موكل بهما جاعل أحد جناحيه
تحتهما وأظلهما بالآخر فأكب النبي (ص) يقبلهما حتى انتبها فحمل الحسن
على عاتقه اليمنى والحسين على عاتقه اليسرى وجبرئيل (ع) معه حتى
خرجا من الحضيرة والنبي (ص) يقول لأشرفنكما اليوم كما شرفكما
الله تعالى فتلقاه أبو بكر بن أبي قحافة فقال يا رسول الله ناولني أحدهما
أحمله واخفف عنك فقال نعم المطية مطيتهما ونعم الراكبان هما وأبوهما
خير منهما حتى اتى (ص) المسجد فامر بلالا فنادى في الناس فاجتمعوا
في المسجد فقام صلى الله عليه وآله على قدميه وهما على عاتقيه وقال يا معاشر
المسلمين الا أدلكم على خير الناس جدا وجدة قالوا بلى يا رسول الله
فقال الحسن والحسين جدهما محمد سيد المرسلين وجدتهما خديجة بنت
خويلد سيدة نساء أهل الجنة أيها الناس الا أدلكم على خير الناس أبا
واما قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين (ع) أبوهما علي بن أبي
طالب وأمهما فاطمة سيدة نساء العالمين
وفي رواية أخرى عن ابن عباس هذا الحديث الا أنه قال فحمل النبي
الحسن وحمل جبرئيل الحسين (ع) والناس يرون ان النبي (ص) حمله
53

ومن طريق الحشوية عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال كان
النبي (ص) يصلي فإذا سجد جاء الحسن والحسين (ع) فركباه فكان
يطيل السجود إلى أن ينزلا عنه فلما قضى النبي (ص) صلاته ضمهما إليه
وقال من أحبني فليحب هذين
روي أن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) خرج إلى مكة ماشيا
فقال له بعض مواليه لو ركبت لسكن عنك ما تجده فقال له إذا اتينا هذا
المنزل يستقبلك اسود ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسه فساروا حتى انتهوا
إلى المنزل فإذا انا بالأسود فقال (ع) امض إليه واشتر منه الدهن ففعل
فقال له الأسود لمن تأخذ هذا الدهن فقال لمولاي الحسن بن علي فانطلق
معه إليه وقال السلام عليك يا مولاي لم اعلم أن الدهن يراد لك فلست
اقبل له ثمنا فانى مولاك ولكن ادع الله ان يرزقني ذكرا سويا يحبكم أهل البيت
فقال امرأتي حامل فقال (ع) انطلق إلى منزلك فان الله قد وهبت
لك غلاما سويا وهو لنا شيعة ومحب فانطلق فوجد امرأته قد ولدت غلاما
وروي ان ذلك المولود السيد الحميري شاعر أهل البيت (ع)
روت الشيعة بأسرهم ان حبابة الوالبية صارت إلى الحسن والحسين
عليهم السلام بعد أمير المؤمنين (ع) فدعت لهما وأثنت عليهما وقالت
لا أشك في إمامتكما الا ان لكل امام حجة وبرهان ومعجزة وكان معها
حجر فوضعته في بين أيديهما فطبعا نقش خاتمهما (ع) فسبحت حبابة الله تعالى
وسجدت له سجدات الشكر
54

في كتاب البصائر عن إسماعيل بن مهران عن عبد الله الكناني عن
أبي عبد الله (ع) قال خرج الحسن بن علي (ع) في بعض أسفاره
ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته فنزلوا في منزل تحت نخل
يابس قد يبس من العطش ففرش للحسن تحت نخلة منهما وفرش الزبيري
بحذائه قال فرفع الزبيري رأسه إلى النخلة وقال لو كان عليها رطب لأكلنا منه
فقال له الحسن (ع) انك لتشتهي الرطب قال نعم فرفع يده (ع)
إلى السماء ودعا بكلمات فاخضرت النخلة وحملت رطبا فقال الجمال الذي
اكتروا منه سحر والله فقال الحسن (ع) ليس هذا بسحر ولكن دعوة
أولاد الأنبياء مستجابة فصعد أحدهم النخلة وجنى من الرطب ما كفاهم
وفيه عبد الله بن مسكان عن الحكم بن الصلت عن أبي جعفر (ع)
قال قال رسول الله (ص) خذوا بحجزة هذا الأنزع يعني عليا (ع)
من أحبه هداه الله
وفي رواية أخرى أحبه الله ومن أبغضه أبغضه الله ومن تخلف عنه
اذله الله تعالى ومنه سبطاي الحسن والحسين هما ابناي ومن الحسين
أئمة الهدى عليهم السلام علمهم الله فهمي وعلمي وبراهيني فوالوهم واتبعوهم
ولا تتخذوا وليجة من دونهم فيحل عليكم غضب من ربكم ومن يحلل
عليه غضب من ربه فقد هوى (وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور)
الغلابي في كتابه يرفع الحديث إلى صفية بنت عبد المطلب قالت
لما سقط الحسين بن فاطمة (ع) كنت بين يديها فقال النبي (ص) هلمي
55

إلي بابني فقلت يا رسول الله انا لم ننظفه بعد فقال النبي (ص) أنت تنظفينه
ان الله تعالى قد نظفه وطهره
روي أن رسول الله (ص) قام إليه واخذه فكان يسبح ويهلل ويمجد
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) والذي نفسي
بيده ان مهدي هذه الأمة الذي يصلي خلفه عيسى (ع) منا ثم ضرب
بيده منكب الحسين (ع) وقال من هذا من هذا
عن المنهال بن عمر عن أبي ذر رحمه الله عن النبي مامن أحد أبغض
فاطمة وذريتها الا كان عليه موضع قدميه حراما
جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق (ع) عن أبيه عن
جده (ع) قال جاء أهل الكوفة إلى علي (ع) فشكوا إليه امساك
المطر وقالوا له استسق لنا فقال للحسين (ع) قم واستسق فقام وحمد
الله وأثنى عليه وصلى على النبي وقال اللهم معطي الخيرات ومنزل البركات
ارسل السماء علينا مدرارا واسقنا غيثا مغزارا واسعا غدقا مجللا سحا
سفوحا ثجاجا تنفس به أضعف من عبادك وتحي به الميت من بلادك امين
رب العالمين فما فرغ (ع) من دعائه حتى غاث الله غيثا نعته (ع)
واقبل اعرابي من بعض نواحي الكوفة فقال تركت الأودية والأكام
يموج بعضهم في بعض
روي أن الحسين (ع) لما توجه إلى العراق اتاه ابن العباس فناشده
الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطف قال يا بن عباس انا اقتل في يوم
56

عاشورا في وقت كذا لا معقب لحكم الله تعالى
حدث جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن عطاء بن السائب عن
أخيه قال شهدت يوم الحسين (ع) فاقبل رجل من تيم يقال له عبد الله
ابن جويرة وقال يا حسين فقال (ع) ما تشاء فقال ابشر النار فقال (ع)
كلا اني أقدم على رب غفور وشفيع مطاع وانا من خير والى خير من أنت
قال انا ابن جويرة فرفع يده الحسين (ع) حتى رأينا بياض إبطيه وقال
اللهم جره إلى النار فغضب ابن جويرة فحمل عليه فاضطرب به فرسه في
جدول وتعلق رجله بالركاب ووقع رأسه في الأرض ونفر الفرس فاخذ
يعدو به ويضرب رأسه بكل حجر وشجر وانقطعت قدمه وساقه وفخذه
وبقى جانبه الاخر متعلقا في الركاب فصار لعنه الله إلى نار الجحيم
وكان سبب مفارقة أبي محمد الحسن (ع) دار الدنيا وانتقاله إلى
دار الكرامة على ما وردت به الاخبار ان معاوية بذل لجعيدة بنت الأشعث
زوجة أبي محمد (ع) عشرة آلاف دينار وقطاعات كثيرة من شعب
سور وسوار الكوفة وحمل إليها سما فجعلته في طعام فلما وضعته بين يديه
قال انا لله وانا إليه راجعون والحمد لله على لقاء محمد سيد المرسلين وأبي
سيد الوصيين وأمي سيدة نساء العالمين وعمي جعفر الطيار في الجنة وحمزة
سيد الشهداء (ع) ودخل عليه اخوه الحسين (ع) فقال كيف تجد
نفسك قال انا في اخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة على كره مني
لفراقك وفراق اخوتي ثم قال استغفر الله على محبة مني للقاء رسول الله
57

وأمير المؤمنين وفاطمة وجعفر وحمزة (ع) ثم أوصى إليه وسلم إليه الاسم
الأعظم ومواريث الأنبياء (ص) التي كان أمير المؤمنين (ع) سلمها إليه
ثم قال يا أخي إذا مت فغسلني وحنطني وكفني واحملني إلى جدي حتى
تلحدني إلى جانبه فان منعت من ذلك فبحق جدك رسول الله (ص)
وأبيك أمير المؤمنين وأمك فاطمة (ع) الزهراء ان لا تخاصم أحدا واردد
جنازتي من فورك إلى البقيع حتى تدفني مع أمي (ع) فلما فرغ من شانه
وحمله ليدفنه مع رسول الله (ص) ركب مروان بن الحكم طريد رسول
الله (ص) بغلة واتى عائشة فقال لها يا أم المؤمنين ان الحسين يريد ان يدفن
أخاه الحسن مع رسول الله والله ان دفن معه ليذهبن فخر أبيك وصاحبه
عمر إلى يوم القيامة قالت فما اصنع يا مروان قال الحقي به وامنعيه من أن
يدفن معه قالت وكيف الحقه قال اركبي بغلتي هذه فنزل عن بغلته
وركبتها وكانت تثور الناس وبني أمية على الحسين (ع) وتحرضهم على
منعه مما هم به فلما قربت من قبر رسول الله (ص) وكانت قد وصلت
جنازة الحسن (ع) فرمت بنفسها عن البغلة وقالت والله لا يدفن الحسن
هاهنا ابدا أو تجز هذه وأومت بيدها إلى شعرها فأراد بنو هاشم المجادلة
فقال الحسين (ع) الله الله لا تضيعوا وصية أخي واعدلوا به إلى البقيع
فإنه أقسم عليه ان انا منعت من دفنه مع جده (ص) ان لا أخاصم فيه
أحدا وان ادفنه بالبقيع مع أمه (ع) فعدلوا به ودفنوه بالبقيع معها (ع)
فقام ابن عباس وقال يا حميراء ليس يومنا منك بواحد يوم على الجمل ويوم
58

على البغلة اما كفاك ان يقال يوم الجمل حتى يقال يوم البغل يوم على هذا
ويوم على هذا بارزة عن حجاب رسول الله تريد اطفاء نور الله والله متم
نوره ولو كره المشركون انا لله وانا إليه راجعون فقالت له إليك عني
واف لك وقومك
وروي ان الحسن (ع) فارق الدنيا وله تسع وأربعون سنة وشهرا
أقام مع رسول الله (ص) سبع سنين وستة أشهر وباقي عمره مع
أمير المؤمنين (ع)
وروي انه دفن مع أمه (ع) سيدة نساء العالمين في قبر واحد
(امامة أبى عبد الله الحسين عليه السلام)
ثم انفرد أبو عبد الله الحسين (ع) بالإمامة وقام بأمر الله عز وجل
وروي عن أمير المؤمنين (ع) ان جبرئيل (ع) هبط على رسول
الله (ص) وأخبره عن الله عز وجل ان فاطمة (ع) تلد ابنا وامر الله ان يسميه
الحسين ويعرفه ان الأمة الطاغية تجتمع على قتله فيقاتلونه فعرف رسول
الله (ص) أمير المؤمنين وفاطمة (ع) فقالت لا حاجة لي فيه قال الله ان
يعفيني من ذلك فأوحى الله عز وجل إليه ان يعرفها ان يعوض الحسين (ع)
من القتل ان يجعل له الإمامة ومواريث النبوة لولده وعقبه من بعده إلى
يوم القيامة فقال أمير المؤمنين وفاطمة (ع) رضينا بحكم الله تعالى وما اختاره لنا
59

روي أن فاطمة عليها السلام حملت بالحسين (ع) ستة أشهر وكانت
ولادته مثل ولادة رسول الله (ص) وولادة أمير المؤمنين والحسن (ع)
ولما ولد الحسين (ع) هبط جبرئيل في الف ملك يهنون النبي (ص)
فمروا بملك يقال له فطرس في جزيرة من جزائر البحر بعثه الله تعالى في
أمر فأبطأ فكسر جناحه وزيل عن مقامه فهبط إلى تلك الجزيرة فمكث
فيها خمسمائة عام وكان صديقا لجبرائيل (ع) فلما مضى قال له أين تريد
قال ولد للنبي (ص) ابن في هذه الليلة فبعثني الله فيمن ترى من الملائكة
مهنيا فقال أفلا تحملني معك إليه فلعله يدعوا لي ويسال الله تعالى اقالتي
فحمله جبرئيل عليه فلما هنأه هو والملائكة ونظر النبي (ص) إلى فطرس
فقال يا جبرئيل من هذا من بين الملائكة الهابطين مقصص الجناح فأخبره
بقصته فالتفت إليه رسول الله (ص) وقال له بعد أن دعا له قم وامسح
بجناحك على المولود فمسح جناحه على الحسين (ع) فرده الله تعالى إلى
حالته الأولى فلما نهض قال له النبي (ص) إلى أين يا فطرس قال إلى مكاني
الذي كنت فيه قال له ان الله قد شفعني فيك فالزم ارض كربلا وأخبرني
بكل من يأتي الحسين (ع) زائرا إلى يوم القيامة
وروي ان ذلك الملك يسمى في السماء عتيق الحسين (ع)
وروي ان الحسين (ع) لما عزم على النهوض إلى العراق وأراد
الخروج بعثت إليه أم سلمة من قال له اني أذكرك الله ان لا تخرج إلى
العراق فاني سمعت رسول الله يقول يقتل ابني الحسين (ع) بالعراق
60

وأعطاني من التربة في قارورة فقال الحسين (ع) اني خارج والله واني
لمقتول لا محالة فأين المفر من القدر المقدور واني لأعرف اليوم والساعة التي
اقتل فيها والبقعة التي ادفن فيها كما أعرفك يا أم سلمة فحضرته فقال (ع)
يا أم سلمة فان أحببت ان أريك مضجعي ومضجع أصحابي ومكانهم
فعلت فقالت قد شئت فتكلم بالاسم الأعظم فانخفضت له الأرض حتى
أراها المكان والمضجع ومد يده (ع) وتناول من التربة وأعطاها فخلطتها
بما كان عندها وقال لها اني اقتل يوم عاشورا وهو يوم السبت
وروي يوم الجمعة وهو الأصح على ما روته أصحاب الحديث
وخرج محمد بن الحنفية يشيعه عند توجهه إلى العراق وقال له عند
الوداع الله الله يا أبا عبد الله في حرم رسول الله فقال (ع) له أبى الله
الا ان يكن سبايا وقبض (ع) يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة إحدى
وستين من الهجرة سنه سبع وخمسون سنة منها مع رسول الله (ص) سبع
سنين ومع أمير المؤمنين (ع) ثلاثون سنة وباقي عمره كان مع أخيه (ع)
منفردا بالإمامة
وروت أصحاب الحديث انه (ع) أوصى إلى ابنه علي بن الحسين
زين العابدين (ع) وسلم إليه الاسم الأعظم ومواريث الأنبياء ونص
عليه بالإمامة بعده
روي عن عالم أهل البيت (ص) ان الله تعالى اهبط إلى الحسين
أربعة آلاف ملك هم الذين هبطوا على رسول الله (ص) يوم بدر وخير
61

بين النصر على أعدائه ولقاء جده فاختار لقاه فامر الله تعالى الملائكة
بالمقام عند قبره فهم شعث غبر ينتظرون قيام القائم من ولده صاحب
الزمان عليه السلام
(امامة زين العابدين عليه السلام)
ولما صارت الإمامة للسجاد ذي الثفنات زين العابدين (ع) وكنيته
أبو محمد قام بها بأمر الله تعالى على مشقة شديدة صعبة وصارت الإمامة
مكتومة مستورة الا عمن اتبعه من المؤمنين وكانت أمه شهربانويه بنت
يزدجرد اخر ملوك العجم ومولده ومنشأه مثل مولد ابائه (ع) وكان
أمير المؤمنين (ع) يقول للحسين (ع) أحسن إلى شهربانويه فإنها مرضية
فستلد لك خير أهل الأرض بعدك وكان (ع) يصلي في يوم وليلة الف ركعة
(ومن دلائله وبراهينه (ع))
ماروت أصحاب الحديث إلى رشيد الهجري ويحيى ابن أم الطويل
انهما قالا لما ادعى محمد بن الحنفية الإمامة بعد الحسين (ع) وقال انا أحق
بالإمامة فاني ولد أمير المؤمنين (ع) وقد كان اجتمع إليه خلق كثير
اقبل زين العابدين (ع) يعظه ويذكره ما كان من رسول الله (ص)
62

في الإشارة إلى ولد الحسين وان الوصية وصلت إليه من أبيه (ع) فلم
يقبل محمد بن الحنفية وانتهى الامر إلى أن اخذ علي بن الحسين بيده وقال
فنحاكم إلى الحجر الأسود فانطق الله سبحانه الحجر الأسود وشهد لعلي
ابن الحسين (ع) بالإمامة ورجع محمد بن الحنفية عن خلافة
وفيه (ع) قال الفرزدق وأشار بيده إليه شعرا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقى النقي الطاهر العلم
من جده دان فضل الأنبياء له وفضل أمته دانت له الأمم
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله بجده أنبياء قد ختموا
هذا ابن فاطمة الزهراء ويحكم وابن الوصي علي خيركم قدم
فليس قولك من هذا بضائرة العرب تعرف من نكرت والعجم
الله شرفه قدما وفضله جرى بذاك له في لوحه القلم
يقضى حياء ويقضى من مهابته ولا يكلم الا حين يبتسم
ينشق نور الدجى من نور غرته كالشمس ينجاب عن اشراقها الظلم
مشتقة من رسول الله نبعته طابت عناصره والخيم والشيم
من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم ملجا ومعتصم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل يوم ومختوم به الكلم
ان عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
من يعرف الله يعرف أولية ذا والدين من بيت هذا ناله الأمم
63

روي عن أبي بكر خالد كنكر الكابلي أنه قال لقيني يحيى ابن أم الطويل
وهو ابن داية زين العابدين (ع) فاخذ بيدي وصرت معه إليه (ع)
فرأيته جالسا في بيت مفروش بالمعصفر مكلس الحيطان عليه ثياب مصبغة
فلم أطل عليه الجلوس فلما ان نهضت قال لي صر إلي في غد فخرجت من عنده
وقلت ليحيى أدخلتني على رجل يلبس المصبغات وعزمت ان لا ارجع
إليه ثم اني فكرت في أن رجوعي إليه غير ضائر فصرت إليه في غد فوجدت
الباب مفتوحا ولم أر أحدا فهممت بالرجوع فناداني من داخل الباب
فظننت انه يريد غيري حتى صاح بي يا كنكر ادخل وهذا اسم كانت
أمي سمتني به ولا علم أحد به غيري فدخلت إليه فوجدته جالسا في بيت
مطين على حصير من البردي وعليه قميص كربيس وعنده يحيى فقال لي
يا أبا خالد اني قريب العهد بعروس وان الذي رأيت بالأمس من رأى
المرأة ولم أرد مخالفتها ثم قام (ع) واخذ بيدي وبيد يحيى ابن أم الطويل
ومضى بنا إلى بعض الغدران وقال قفا فوقفنا ننظر إليه فقال بسم الله
الرحمن الرحيم ومشى على الماء حتى رأينا كعبه يلوج فوق الماء فقلت
الله أكبر الله أكبر أنت الكلمة الكبرى والحجة العظمى صلوات الله
عليك ثم التفت إلينا (ع) وقال ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة (ولا يزكيهم
ولهم عذاب اليم) المدخل فينا من ليس منا والمخرج منا من هو منا والقائل
ان لهما في الاسلام نصيبا أعني هذين الصنفين فلما قربت أيامه (ع) أحضر
ابنه أبا جعفر محمد الباقر (ع) وأوصى بحضرة جماعة من شيعته وخواصه
64

الوصية الظاهرة ونص عليه بالإمامة وسلم إليه بعد ذلك الاسم الأعظم
ومواريث الأنبياء وكان فيما قاله في أمر ناقته ان يحسن إليها ولا يحمل
عليها وأن تكون في الحظيرة وكان (ع) حج عليها عشرين حجة
ما قرعها بخشبة
وروي انه (ع) كان قائما في صلاته إذ وقع ابنه (ع) وهو صغير
في بئر كانت في داره بعيدة القعر فصرخت أمه وأقبلت تضرب بنفسها
الأرض حوالي البئر وتقول يا بن رسول الله غرق ابنك محمد وكل من في
الدار يسمع كلامها وزين العابدين (ع) لا ينثني عن الصلاة وهو يسمع
اضطراب ابنه محمد في قعر البئر فلما لم ينفتل عن الصلاة قالت جزعا ما أقسى
قلبك فاقبل (ع) على صلاته ولم ينثن عنها الا بعد اتمامه ثم اقبل إلى البئر
ومد يده (ع) إلى قعرها وكان لا يصل إليه الا حبل طويل فاخرج محمدا
على يده يناغي ويضحك لم يبتل ثوبه بالماء فضحكت أم محمد لسلامة ابنها
وبكت لما قالته لزين العابدين (ع) فقال لا تثريب عليك لو علمت اني
بين يدي جبار لو ملت بوجهي لمال بوجهه عني لما بدرت منك تلك الكلمة
وقبض عليه السلام في سنة خمس وتسعين من الهجرة وسنه تسع
وخمسون سنة وروي سبع وخمسون سنة ودفن في البقيع في قبر أبي محمد
الحسن بن علي (ع)
روي أن ناقته خرجت إلى البقيع فضربت بجرانها الأرض ولم تزل
دموعها تجري من عينيها فبعث أبو جعفر الباقر (ع) بمن ردها إلى موضعها
65

فعادت إلى البقيع وأقيمت فلم تقم حتى ماتت فامر أبو جعفر فحفر لها
بالقرب ودفنت
(امامة الباقر محمد عليه السلام)
ولما صارت الإمامة بعده لابنه الباقر أبي جعفر محمد بن علي (ع)
قام بأمر الله سبحانه واتبعه المؤمنون
روي عن أبي جعفر الباقر (ع) أنه قال كانت أمي أم عبد الله بنت
الحسن جالسة عند جدار فتصدع الجدار فقالت بيدها لا وحق المصطفى
ما اذن الله تعالى لك في السقوط حتى أقوم فبقي الجدار معاقا حتى قامت
وبعدت ثم سقط فتصدق عنها أبي زين العابدين (ع) بمأة دينار
وكان مولد أبي جعفر (ع) قبل ان يقبض الحسين (ع) بسنتين
وأشهر في سنة ثمان وخمسين وكان مولده ومنشأه مثل مواليد ابائه (ع)
وكن ممن حضر الطف مع الحسين
(ومن دلائله وبراهينه)
روي عن محمد بن مسلم قال كنت مع الباقر (ع) في طريق مكة
إذ بصرت بشاة منفردة مع الغنم تصيح إلى سخلة لها قد انقطعت عنها وتسرع
السخلة فقال (ع) أتدري ما تقول هذه الشاة لها قلت لا يا مولاي فقال (ع)
66

تقول لها اسرعي إلى القطيع فان أخاك عاما أول تخلف عني وعن القطيع
في هذا المكان فاختله الذئب فاكله قال محمد بن مسلم فدنوت إلى الراعي
فقلت أرى هذه الشاة تصيح سخلتها فلعل الذئب اكل قبل هذا
سخلة لها في هذا الموضع قال قد كان ذلك عاما أول فما يدريك
روي عن أبي بصير وكان ضريرا وقيل اكمه قال قلت لأبي جعفر
الباقر (ع) أنتم ورثة رسول الله (ص) فقال لي نعم رسول الله وارث
الأنبياء (ص) ونحن ورثته وورثتهم فقلت تقدرون ان تحيوا الموتى وتبرءوا
الأكمه والأبرص قال نعم بإذن الله تعالى ثم قال ادن مني فدنوت
منه (ع) فمسح على عيني فأبصرت السماء والأرض وكل شئ كان في
الدار فقال (ع) أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم
أو تعود إلى حالك ولك الجنة خالصة فقلت الجنة أحب إلي فمسح يده على
عيني فرجعت كما كانت ثم قال (ع) نحن جنب الله جل وعز نحن صفوة
الله نحن خيرة الله نحن أمناء الله نحن مستودع مواريث الأنبياء (ص)
نحن حجج الله نحن حبل الله المتين نحن صراط الله المستقيم قال الله تعالى
(وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل) نحن رحمة على المؤمنين
بنا فتح الله وبنا ختم الله ومن تمسك بنا نجا وتخلف عنا غوى نحن
القادة الغر المحجلين ثم قال (ع) فمن عرفنا وعرف حقنا واخذ بأمرنا
فهو منا والينا
وروي مرفوعا إلى أبي بصير وكان ضريرا أنه قال كنت مع
67

الباقر (ع) في الطواف ببيت الله الحرام فسمعت كثرة الضجيج فقلت له
يا مولاي ما أكثر الحجيج وأكثر الضجيج فقال لي أبو جعفر الباقر (ع)
يا أبا بصير ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج أتحب ان تعلم صدق ما أقوله
وتراه بعينك قلت وكيف لي بذلك يا مولاي فقال (ع) ادن فدنوت
منه فمسح بيده على عيني فدعا بدعوات فعدت بصيرا فقال لي انظر يا أبا بصير
إلى الحجيج فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير والمؤمن بينهم مثل
الكوكب اللامع في الظلمات فقلت صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج
وأكثر الضجيج ودعا بدعوات فعدت ضريرا فقلت يا مولاي لو أتممت
على النعمة برد بصري لرجوت ان أكون به سعيدا فقال لي أبو جعفر (ع)
ما بخلنا يا أبا بصير وان الله عز وجل لم يظلمك وانا جان لك وخشينا فتنة
الناس وان يجهلوا فضل الله علينا ويجعلونا أربابا من دون الله ونحن له مسلمون
وعن الفضل بن يسار قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن الامام
منا يسمع الكلام في بطن أمه وإذا وقع إلى الأرض رفع له عمود من
نور يرى به اعمال عباد الله سبحانه
وروي ان حبابة الوالبية بقيت إلى امامة أبي جعفر (ع) فدخلت
عليه فقال ما الذي ابطاء بك يا حبابة قالت كبر سني وابيض رأسي وكثرت
همومي فقال (ع) ادن مني فدنت منه فوضع يده في مفرق رأسها ودعا لها
بكلام لم تفهمه فاسود شعر رأسها وعاد حالكا وصارت شابة فسرت
بذلك وسر أبو جعفر (ع) لسرورها فقالت بالذي اخذ ميثاقك على
68

النبيين اي شئ كنتم في الأظلة فقال يا حبابة نورا قبل ان يخلق الله آدم (ع)
نسبح الله فسبحت الملائكة بتسبيحنا ولم تكن قبل ذلك فلما خلق الله
تعالى آدم اجرى ذلك النور فيه
(خبر الخيط المعروف)
رواه لي الشيخ أبو محمد بن الحسن بن محمد بن نصر يرفع الحديث برجاله إلى
ابن محمد جعفر البرسي مرفوعا إلى جابر قال لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا
في أيامهم الدم الحرام ولعنوا أمير المؤمنين (ع) على منابرهم الف شهر
واغتالوا شيعته في البلدان وقتلوهم واستاصلوا شافتهم ومالأهم على ذلك
علماء السوء رغبة في حطام الدنيا وصارت محنتهم على الشيعة لعن أمير
المؤمنين (ع) فمن لم يلعنه قتلوه فلما فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال
اشتكت الشيعة إلى زين العابدين (ع) وقالوا يا بن رسول الله (ص)
اجلونا عن البلدان وافنونا بالقتل الذريع وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين (ع)
في البلدان وفي مسجد رسول الله (ص) وعلى منبره ولا ينكر عليهم منكر
ولا يغير عليهم مغير فان أنكر واحد منا على لعنه قالوا هذا ترابي ورفع
ذلك إلى سلطانهم وكتب إليه ان هذا ذكر أبا تراب بخير ضرب وحبس
ثم قتل فلما سمع ذلك (ع) نظر إلى السماء قال سبحانك ما أعظم شأنك
انك أمهلت عبادك حتى ظنوا انك أهملتهم وهذا كله بعينك إذ لا يغلب
69

قضائك ولا يرد تدبير محتوم امرك فهو كيف شئت وانى شئت لما أنت
اعلم به منا ثم دعا بابنه محمد بن علي الباقر (ع) فقال يا محمد قال لبيك
قال إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله (ص) وخذ الخيط الذي
نزل به جبرئيل على رسول الله فحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا
شديدا فيهلكوا جميعا قال جابر فبقيت متعجبا من قوله لا أدري ما أقول فلما
كان من الغد جئته وقد كان قد طال علي ليلي حرصا لأنظر ما يكون
من أمر الخيط فبينما انا بالباب إذ خرج (ع) فسلمت عليه فرد السلام
وقال ما غدا بك يا جابر ولم تكن تأتينا في هذا الوقت فقلت له لقول
الإمام (ع) بالأمس خذ الخيط الذي اتى به جبرئيل (ع) وصر إلى
مسجد جدك (ص) وحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك
الناس جميعا قال الباقر (ع) والله لولا الوقت المعلوم والأجل المحتوم والقدر
المقدور لخسفت بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين بل في لحظة ولكنا
عباد مكرمون لا نسبقه بالقول وبامره نعمل يا جابر قال جابر فقلت يا سيدي
ومولاي ولم تفعل بهم هذا فقال لي اما حضرت بالأمس والشيعة تشكوا
إلى أبي ما يقولون من الملاعين فقلت يا سيدي ومولاي نعم فقال إنه امرني
ان أرعبهم لعلهم ينتهون وكنت أحب ان نهلك طائفة منهم ويطهر الله
البلاد والعباد منهم قال جابر فقلت سيدي ومولاي كيف ترعبهم وهم
أكثر من أن يحصوا فقال الباقر (ع) امض إلى بنا مسجد رسول الله لأريك
قدره من قدرة الله التي خصنا بها وما من به علينا من دون الناس فقال
70

جابر فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب
وتكلم بكلام ثم رفع رأسه واخرج من كمه خيطا دقيقا فاح منه رائحة
المسك فكان في المنظر أدق من سم الخياط ثم قال لي خذ يا جابر إليك
طرف الخيط وامض رويدا وإياك ان تحركه قال فأخذت طرف الخيط
ومشيت رويدا فقال (ع) قف يا جابر فوقفت ثم حرك الخيط تحريكا
خفيفا ما ظننت انه حركه من لينه ثم قال (ع) ناولني طرف الخيط
فناولته وقلت ما فعلت به يا سيدي قال ويحك اخرج فانظر ما حال
الناس قال جابر فخرجت من المسجد وإذا الناس في صياح واحد والصائحة
من كل جانب فإذا بالمدينة قد زلزلت زلزلة شديدة واخذتهم الرجفة
الهدمة وقد خربت أكثر دور المدينة وهلك منها أكثر من ثلاثين ألفا
رجالا ونساءا دون الولدان وإذا الناس في صياح وبكاء وعويل وهم
يقولون انا لله وانا إليه راجعون خربت دار فلان وخرب أهلها ورأيت
الناس فزعين إلى مسجد رسول الله (ص) وهم يقولون كانت هدمة
عظيمة وبعضهم يقول قد كانت زلزلة وبعضهم يقول كيف لا نخسف وقد
تركنا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فظهر فينا الفسق والفجور وظلم
آل الرسول (ص) والله ليتزلزل بنا أشد من هذا وأعظم أو نصلح من
أنفسنا ما أفسدنا قال جابر فبقيت متحيرا انظر إلى الناس حيارى يبكون
فأبكاني بكائهم وهم لا يدرون من أين اتوا فانصرفت إلى الباقر (ع)
وقد حف به الناس في مسجد رسول الله (ص) وهم يقولون يا بن رسول الله
71

اما ترى إلى ما نزل بنا فادع الله لنا فقال (ع) افزعوا إلى الصلاة والدعاء
والصدقة ثم اخذ (ع) بيدي وسار بي فقال لي ما حال الناس فقلت
لا تسأل يا بن رسول الله خربت الدور والمساكن وهلك الناس ورأيتهم
بحال رحمتهم فقال (ع) لا رحمهم الله اما انه قد بقيت عليك بقية ولولا
ذلك لم نرحم أعدائنا وأعداء أوليائنا ثم قال سحقا سحقا بعدا بعدا للقوم
الظالمين والله لولا مخالفة والدي لزدت في التحريك وأهلكتهم أجمعين
فما أنزلونا وأوليائنا من أعدائنا هذه المنزلة غيرهم وجعلت أعلاها أسفلها
فكان لا يبقى فيها دار ولا جدار ولكني امرني مولاي ان أحركه تحريكا
ساكنا ثم صعد (ع) المنارة وانا أراه والناس لا يرونه فمد يده وادارها
حول المنارة فزلزلت المدينة زلزلة خفيفة وتهدمت دور ثم تلا الباقر (ع)
(ذلك جزيناهم ببغيهم وهل نجازي الا الكفور) وتلا أيضا (فلما جاء
أمرنا جعلنا عاليها سافلها) وتلا (فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم
العذاب من حيث لا يشعرون) قال جابر فخرجت العواتق من خدورهن
في الزلزلة الثانية يبكين ويتضرعن منكشفات لا يلتفت إليهن أحدا فلما
نظر الباقر (ع) إلى تحرير العواتق رق لهن فوضع الخيط في كمه فسكنت
الزلزلة ثم نزل عن المنارة والناس لا يرونه واخذ بيدي حتى خرجنا من
المسجد فمررنا بحداد اجتمع الناس بباب حانوته والحداد يقول اما سمعتم
الهمهمة في الهدم فقال بعضهم بل كانت همهمة كثيرة قال قوم آخرون
بل والله كلام كثير الا انا لم نقف على الكلام قال جابر فنظر إلي الباقر (ع)
72

وتبسم ثم قال يا جابر هذا لما طغوا وبغوا فقلت يا بن رسول الله ما هذا
الخيط الذي فيه العجب فقال بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله
الملائكة وينصبه جبرئيل (ع) ويحك يا جابر انا من الله تعالى بمكان
ومنزلة رفيعة فلولا نحن لم يخلق الله تعالى سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نارا
ولا شمسا ولا قمرا ولا جنة ولا انسا ويحك يا جابر لا يقاس بنا أحد يا جابر
بنا والله أنقذكم وبنا نعشكم وبنا هداكم ونحن والله دللناكم على ربكم
فقفوا عند أمرنا ونهينا ولا تردوا علينا ما أوردنا عليكم فانا بنعم الله اجل
وأعظم من أن يرد علينا وجميع ما يرد عليكم منا فما فهمتموه فاحمدوا الله
عليه وما جهلتموه فاتكلوه إلينا وقولوا أئمتنا اعلم بما قالوا قال جابر ثم استقبله
أمير المدينة المقيم بها من قبل بني أمية قد نكب ونكب حواليه حرمته وهو
ينادي معاشر الناس احضروا ابن رسول الله (ص) علي بن الحسين (ع)
وتقربوا به إلى الله تعالى وتضرعوا إليه وأظهروا التوبة والإنابة لعل الله
ان يصرف عنكم العذاب قال جابر فلما بصر الأمير بالباقر محمد بن علي (ع)
سارع نحوه وقال يا بن رسول الله اما ترى ما نزل بأمة محمد (ص) وقد
هلكوا وفنوا ثم قال له أين أبوك حتى نسأله ان يخرج معنا إلى المسجد
فنتقرب إلى الله تعالى فيرفع عن أمة محمد البلاء فقال الباقر (ع) يفعل
انشاء الله تعالى ولكن اصلحوا من أنفسكم عليكم بالتوبة والنزوع
عما أنتم عليه فإنه لا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون قال جابر فاتينا زين
العابدين بأجمعنا وهو يصلي فانتظرنا حتى انفتل واقبل علينا ثم قال لي
73

سرا يا محمد كدت ان تهلك الناس جميعا قال جابر والله يا سيدي ما شعرت
بتحريكه حين حركه فقال (ع) يا جابر لو شعرت بتحريكه ما بقي عليها
نافخ نار فما خبر الناس فأخبرناه فقال ذلك عما استحلوا منا محارم الله
وانتهكوا من حرمتنا فقلت يا بن رسول الله ان سلطانهم بالباب قد سالنا
ان نسالك ان تحضر المسجد حتى يجتمع الناس إليك فيدعون الله ويتضرعون
إليه ويسألونه الإقالة فتبسم ثم تلا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى
قالوا فادعوا فادعوا وما دعاء الكافرين الا في ضلال قلت يا سيدي
ومولاي العجب انهم لا يدرون من أين اتوا فقال (ع) اجل ثم تلا
فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون هي والله
يا جابر اياتنا وهذه والله احديها وهي مما يوصف الله تعالى كتابه بل نقذف
بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ثم قال (ع)
يا جابر ما ظنك بقوم أماتوا سنتنا وضيعوا عهدنا ووالوا أعدائنا وانتهكوا
حرمتنا وظلمونا حقنا وغصبونا إرثنا وأعانوا الظالمين علينا وأحيوا سنتهم
وساروا سيرة الفاسقين الكافرين في فساد الدين واطفاء نور الحق قال
جابر فقلت الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم وعرفني فضلكم والهمني
طاعتكم ووفقني لموالاة أوليائكم ومعاداة أعدائكم فقال (ع) يا جابر
أتدري ما المعرفة فسكت جابر فاورد عليه الخبر بطوله وقد أوردت انا
المعجز الذي أظهره من هذا الخبر فقط إذ ليس كل كتاب يحتمل شرح
الأشياء بحقايقها
74

ومن كتاب بصائر الدرجات مرفوعا إلى سدير الصيرفي قال أوصاني
الباقر أبو جعفر (ع) بأمور له في المدينة فبينا انا في فج الروحا على
راحلتي إذ انا بشخص يلوى بثوبه فقمت إليه وظننت انه عطشان فناولته
الإداوة فقال لا حاجة لي فيها فناولني كتابا طينه رطب فنظرت إلى الخاتم
فإذا هو نقش خاتم الباقر أبي جعفر (ع) فقلت متى عهدك بصاحب هذا
الكتاب فقال الساعة فالتفت إليه فلم أره ثم قدم أبو جعفر (ع) المدينة
فقلت له رجل اتاني بكتاب طينه رطب فقال (ع) نعم ان لنا خدما
من الروحانيين ومن الجن المؤمنين فإذا أردنا السرعة بعثناهم
وفيه مرفوعا إلى أبي حمزة الثمالي قال كنت استأذن على أبي جعفر (ع)
فقيل إن عنده قوم فقلت أثبت قليلا حتى يخرجوا فخرجوا قوم أنكرتهم
فدخلت فقال (ع) يا أبا حمزة هؤلاء وفد شيعتنا من الجن جاءوا يسألونا
عن معالم دينهم اما علمت أن الامام حجة الله على الجن والإنس
ولما قربت أيام أبي جعفر (ع) روي أنه (ع) قبض وله سبع
وخمسون سنة في سنة مأة وخمس عشر ومشهده بالبقيع إلى جانب مشهد
أبيه علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين
75

(وصارت الإمامة بعد الباقر لابنه)
أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام
واتبعه المؤمنون روي أنه (ع) ولد سند ثلاث وثمانين من الهجرة
في حياة جده علي بن الحسين (ع) وكانت أم الصادق (ع) أم فروه
بنت القاسم محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة وكان أبوها القاسم من ثقات
أصحاب علي بن الحسين زين العابدين (ع) وكانت أم فروة من
الصالحات القانتات ومن اتقى نساء زمانها (ع)
وروت عن علي بن الحسين (ع) أحاديث منها قوله لها يا أم فروة
اني لادعوا لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة مأة مرة لأنا نصبر على ما نعلم
ويصبرون على ما لا يعلمون
كان مولد الصادق (ع) ومنشأه على منهاج مولد ابائه (ع) وقام
بأمر الله جل جلاله في سنة خمس عشر ومأة
(ومن دلائله وبراهينه (ع))
حدث يونس بن ظبيان وأبو سلمة السراج والحسين بن ثور والمفضل
ابن عمر قال كنا عند أبي عبد الله جعفر بن محمد الباقر (ع) قال أعطينا
76

خزائن الأرض ومفاتيحها ولو أشأ ان أقول بإحدى رجلي الأرض أخرجي
ما فيك من ذهب وفحص بإحدى رجليه فخط في الأرض ثم مد يده فاستخرج
سبيكة من ذهب قدر سبر فناولناها ثم قال انظروا بها حتى لا تشكوا وانظروا
في الأرض وإذا فيها سبائك كثيرة بعضها على بعض فقال له بعضنا يا بن
رسول الله أعطيتم كل هذا وشيعتكم محتاجون فقال (ع) ان الله سبحانه
سيجمع لشيعتنا الدنيا والآخرة يدخلهم جناة النعيم ويدخل أعدائنا نار
جهنم ثم فحص برجله في الأرض فعادت كما كانت
وروي عن داود بن كثير الرقي قال خرجت مع أبي عبد الله
الصادق (ع) إلى الحج فلما كان أول وقت الظهر قال لي وكنا في ارض
قفر يا داود قد حان وقت الصلاة فاعدل بنا عن طريق فنزلنا في ارض
قفر لا ماء فيها فركض (ع) برجله فنبعت عين ماء كأنها الثلج فتوضأ
وتوضأنا وصلينا فلما هممنا بالمسير التفت وإذا بجذع نخلة فقال يا داود
أتحب ان أطعمك رطبا فقلت نعم يا مولاي فضرب بيده إلى الجذع
وهزه فاهتز اهتزازا شديدا فإذا هو قد أينع واخضر ثم هزه الثانية فإذا
قد تدلى منه كبائس بأعذاقها فاطعمني أنواعا كثيرة من الرطب ثم مسح
بيده (ع) على النخلة وقال عودي جذعا بإذن الله فعادت بسيرتها الأولى
وفي كتاب بصائر الدرجات مرفوعا إلى أبي كهمش قال كنت
بالمدينة نازلا في دار فيها وصيفة وكانت تعجبني فانصرفت ليلة فاستفتحت
الباب فجائت وفتحت الباب لي فمددت يدي إلى ثدييها خلف الباب فلما
77

كان من الغد دخلت على أبي عبد الله جعفر الصادق (ع) فقال لي
يا أبا كهمش تب إلى الله تعالى مما صنعت البارحة
وفيه مرفوعا إلى محمد بن مسلم عن المفضل بن عمر قال حمل إلي جعفر
ابن محمد الصادق (ع) مال من خراسان مع رجلين من أصحابه فما زالا
يتفقدان المال في الطريق فمرا برجل من الشيعة فدفع إليهما كيسا فيه ألفا
درهم وأوعز إليهما بتسليمه إلى الصادق (ع) فجعلا يتفقدان المال والكيس
حتى دنوا من المدينة فقال أحدهما لصاحبه تعال ننظر ما حال المال فنظرا
وإذا المال على حالته ما خلا كيس الرازي فقال الله المستعان ما تقول الساعة
لأبي عبد الله (ع) قال أحدهما انه كريم وانا نرجوا انه لا ينسبنا إلى الخيانة
بل لا شك انه علم ما جرى فيه عنده فإنه حجة الله في ارضه فلما دخلا المدينة دخلا
عليه وسلما ووضعا المال بين يديه فقال أين كيس الرازي فأخبراه بالقصة
فقال لو رأيتما الكيس تعرفانه قالا نعم فقال يا جارية علي بالكيس فأخرجت
الكيس فدفعه أبو عبد الله إليهما فقال أتعرفانه قالا هو ذاك جعلنا الله فداك
فقال (ع) اني احتجت في جوف الليل إلى مال فوجهت جنيا من شيعتنا
فجاءني بهذا الكيس من متاعكما
وفيه مرفوعا إلى أبي عبد الله بن كثير عن أبي عبد الله الصادق (ع)
قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك
فقال ففرج بين إصبعه (ع) ووضعها على صدره ثم قال وعندنا والله
علم الكتاب كله ثم قال (ع) أتدري ما كان عنده من علم الكتاب قلت
78

اخبرني يا بن رسول الله (ص) قال (ع) قدر قطرة من المطر في البحر
الأخضر ما يكون ذلك من علم الكتاب كله فقلت ما أقل هذا فقال (ع)
بهذا القليل من علم الكتاب اتى بعرش بلقيس من سبأ قبل ان يرتد إلى
سليمان طرفه ثم قال (ع) اما قرأت في كتاب الله تعالى قل كفا بالله
شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب وأومى بيده إلى صدره وقال
علم الكتاب كله عندنا
وروي انه (ع) لما خرج من بين يدي المنصور نزل الحيرة فبينما
هو إذ اتاه الربيع فقال له أجب أمير المؤمنين فركب إليه وقد كان وجد
في الصحراء صورة عجيبة الخلق لم يعرفها أحد وذكر من وجدها انه رآها
قد سقطت مع المطر فلما دخل (ع) قال له المنصور يا أبا عبد الله اخبرني
عن الهواء اي شئ فيه فقال له بحر قال فله سكان قال (ع) نعم قال
المنصور وما سكانه فقال (ع) خلق أبدانهم أبدان الحيتان ورؤسهم رؤس
الطير ولهم أجنحة كأجنحة الطير من ألوان شتى فدعا المنصور بالطست
فإذا ذلك الخلق فيه فما زاد على ما وصفه (ع) فاذن له فانصرف (ع)
ثم قال المنصور للربيع هذا الشجى المعترض في حلقي من اعلم الناس في زمانهم
وروي من عبد الاعلى بن أعين وعبيدة بن بشير قالا كنا عند أبي
عبد الله الصادق (ع) فقال ابتداء منه والله اني اعلم ما في السماء وما في
الأرض وما في الجنة وما في النار وما كان وما يكون إلى يوم يقوم الساعة ثم
تنكب ثم قال اعلمه من كتاب الله عز وجل انه سبحانه يقول فيه تبيانا لكل شئ
79

روي مرفوعا إلى محمد بن الأسقنطري قال كنت من خواص المنصور
أبي جعفر الدوانقي وكنت أقول بامامة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع)
فدخلت يوما على أبي جعفر الدوانيقي وإذا هو يفرك يديه ويتنفس تنفسا
باردا فقلت يا أمير المؤمنين ما هذه الفكرة فقال يا محمد اني قتلت من ذرية
فاطمة بنت رسول الله (ص) ألفا أو يزيدون وقد تركت سيدهم المشار إليه
فقلت له ومن ذلك يا أمير المؤمنين فقال ذلك جعفر بن محمد فقلت له ان
جعفر بن محمد رجل قد انحلته العبادة واشتغل بالله عما سواه وعما في أيدي
الملوك فقال يا محمد قد علمت بأنك تقول بإمامته والله انه لأمام هذا الخلق
كلهم ولكن الملك عقيم واليت على نفسي ان لا أمسي أو افرغ منه قال
محمد فوالله لقد أظلم علي البيت من شدة الغم ثم دعا المنصور بالموائد فأكل
وشرب ثلاثة أرطال ثم أمر الحاجب ان يخرج كل من في المجلس ولم يبق
الا انا وهو ثم دعا بسياف له وقال له ويحك يا سياف فقال له لبيك يا أمير
المؤمنين قال إذا انا أحضرت جعفر بن محمد وجاريته الحديث وقلعت
القلنسوة عن رأسي فاضرب عنقه فقال نعم يا أمير المؤمنين قال محمد فضاقت
علي الأرض برحبها فلحقت السياف فقلت له سرا ويلك تقتل جعفر بن
محمد ويكون خصمك رسول الله (ص) فقال السياف والله لأفعلن ذلك
فقلت وما الذي تفعل قال إذا حضر أبو عبد الله وشغله أبو جعفر الدوانيقي
بالكلام واخذ قلنسوته عن رأسه ضربت عنق أبي جعفر الدوانيقي فقلت
قد أصبت الرأي ولم إبل بما قد صرت إليه ولا ما يكون من أمري فاحضر
80

أبو عبد الله جعفر (ع) على حمار مصري فلحقته في الستر الأول وهو
يقول يا كافي موسى من فرعون يا كافي محمد الأحزاب ثم لحقته في الستر الذي
بينه وبين المنصور وهو يقول يا دائم ثم تكلم بكلام وأطبق شفتيه (ع)
ولم ادر ما الذي قال فرأيت القصر يموج بي كأنه سفينة في موج البحار
ورأيت المنصور وهو يسعى بين يدي أبي عبد الله الصادق (ع) حافي
القدم مكشوف الرأس قد اصطكت أسنانه وارتعدت فرائصه يسود ساعة
ويصفر ساعة أخرى حتى اخذ بعضد أبي عبد الله (ع) واجلسه على
سرير ملكه وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي سيده ثم قال له يا بن
رسول الله ما الذي جاء بك في هذا الوقت فقال عليه السلام دعوتني
فأجبتك فقال له المنصور سل ما شئت فقال أبو عبد الله حاجتي لا تدعوني
حتى أجيئك ولا تسأل عني حتى اسأل عنك فقال المنصور لك ذلك وخرج
أبو عبد الله (ع) من عنده فدعا المنصور بالدووايح والفنك والسمور
والحواصل وهو يرتعد فنام تحته فلم ينتبه الا في نصف الليل فلما انتبه واني
عند رأسه جالسا فقال لي أجالس أنت يا محمد قلت نعم يا أمير المؤمنين
فقال ارفق حتى اقضي ما فاتتني من الصلاة وأحدثك فلما انفتل من الصلاة
اقبل علي وقال يا محمد لما أحضرت أبا عبد الله جعفر بن محمد وقد هممت
من السوء بما قد هممت به رأيت تنينا قد جرى بذنبه جميع البلد وقد وضع
شفته السفلى في أسفل قبتي هذه وشفته العليا في أعلى مقامي وهو ينادي
بلسان طلق ذلق عربي مبين ويقول يا أبا عبد الله ان الله عز وجل بعثني
81

وأمرني ان أحدثت بجعفر بن محمد حدثا بان ابتلعك مع أهل قصرك هذا
فطاش عقلي وارتعدت فرائصي قال محمد قلت اسحر هذا يا أمير المؤمنين
فقال لي اسكت ويلك اما تعلم أن جعفر بن محمد (ع) وارث النبيين
والوصيين وعنده الاسم الأعظم والاسم المخزون الذي لو قرأه على الليل
لأنار وعلى النهار لأظلم وعلى البحار لسكنت فقلت يا أمير المؤمنين فدنه
على شانه ولا تسال عنه بعد يومك هذا فقال المنصور والله لا سألت عنه
ابدا قال محمد فوالله ما سأل عنه المنصور قط
وفي كتاب بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد عن علي بن الحسين
عن مسمع البصري قال كنت لا أزيد على اكله واحدة بالليل والنهار وربما
استأذنت على أبي عبد الله (ع) فدعا بالطعام عند غيره تأذيت به وتصيبني
التخمة فشكوت ذلك وأخبرته اني إذا اكلت لم أتأذ به فقال (ع) انك
لتأكل طعام قوم تصاحبهم الملائكة على فرشهم فقلت ويظهرون لكم
قال فمسح (ع) يده على رأس بعض صبيانه وقال هم الطف بصبياننا منابهم
ثم تلا (ع) (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم
الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) ثم
قال (ع) ربما وسدنا لهم الوسائد في منازلنا
أبو العباس الكوفي قال حدثني علي بن مهران عن داود بن كثير
الرقي قال كنا في منزل أبي عبد الله (ع) ونحن نتذاكر فضائل الأنبياء (ص)
فقال (ع) مجيبا لنا والله ما خلق نبيا الا ومحمد أفضل منه ثم خلع خاتمه
82

ووضعه على الأرض وتكلم بشئ فانصدعت الأرض وانفرجت بقدرة
الله عز وجل فإذا نحن ببحر عجاج في وسطه سفينة خضراء من زبرجدة
خضراء في وسطها قبة من درة بيضاء حولها دار خضراء مكتوب عليها
لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين بشر القائم فإنه يقاتل الأعداء
ويغيث المؤمنين وينصره عز وجل بالملائكة في عدد نجوم السماء ثم تكلم (ع)
بكلام فثار ماء البحر وارتفع من السفينة فقال ادخلوها فدخلنا القبة التي
في السفينة فإذا فيها أربعة كراسي من ألوان الجواهر فجلس هو على أحدها
وأجلسني على واحد واجلس موسى وإسماعيل (ع) كل واحد منهما
على الكرسي ثم قال (ع) للسفينة سيري بقدرة الله تعالى فسارت في بحر
عجاج بين جبال الدر واليواقيت ثم ادخل يده في البحر واخرج دررا
وياقوتا فقال يا داود ان كنت تريد الدنيا فخذ حاجتك فقلت يا مولاي
لا حاجة لي في الدنيا فرمى به في البحر وغمس يده في البحر واخرج مسكا
وعنبرا فشمه وشمني وشمم موسى وإسماعيل (ع) ثم رمى به في البحر
وسارت السفينة حتى انتهينا إلى جزيرة عظيمة فيما بين ذلك البحر وإذا
فيها قباب من الدر الأبيض مفروشة بالسندس والإستبرق عليها ستور
الأرجوان محفوفة بالملائكة فلما نظروا إلينا اقبلوا مذعنين له بالطاعة
مقرين له بالولاية فقلت مولاي لمن هذه القباب فقال للأئمة من ذرية
محمد (ص) كلما قبض امام صار إلى هذا الموضع إلى الوقت المعلوم الذي
ذكره الله تعالى ثم قال (ع) قوموا بنا حتى نسلم على أمير المؤمنين (ع)
83

فقمنا وقام ووقفنا بباب إحدى القباب المزينة وهي اجلها وأعظمها وسلمنا
على أمير المؤمنين (ع) وهو قاعد فيها ثم عدل إلى قبة أخرى وعدلنا
معه فسلم وسلمنا على الحسن بن علي (ع) وعدلنا منها إلى قبة بإزائها فسلمنا
على الحسين بن علي (ع) ثم على علي بن الحسين (ع) ثم على محمد بن
علي (ع) كل واحد منهم في قبة مزينة مزخرفة ثم عدل إلى بنية بالجزيرة
وعدلنا معه وإذا فيها قبة عظيمة من درة بيضاء مزينة بفنون الفرش والستور
وإذا فيها سرير من ذهب مرصع بأنواع الجواهر فقلت يا مولاي لمن هذه
القبة فقال للقائم منا أهل البيت صاحب الزمان (ع) ثم اومى بيده وتكلم
بشئ وإذا نحن فوق الأرض بالمدينة في منزل أبي عبد الله جعفر بن محمد
الصادق (ع) واخرج خاتمه وختم الأرض بين يديه فلم أر فيها صدعا ولا فرجة
ولما حان وقته وقرب امره (ع) أحضر ابنه أبا إبراهيم موسى
ابن جعفر (ع) ودفع إليه السلاح ومواريث الأنبياء (ص) ونص
عليه بمشهد جماعة من مواليه وشيعته وقبض (ع) وله خمس وستون سنة
في سنة ثمان وأربعين ومأة من الهجرة وكان مولده في سنة ثلاث وثمانين
وأقام مع جده علي بن الحسين (ع) ثم اثنتي عشرة سنة ومع أبيه عشرين
سنة ومنفردا بالإمامة ثلاثا وثلاثين سنة ومشهده بالبقيع إلى جانب قبر
أبيه وجده (ع)
وروى أنه (ع) دفن بالبقيع في قبر أبي محمد الحسن بن علي بن
أبي طالب (ع)
84

(ولما صارت الإمامة للكاظم أبي إبراهيم)
موسى بن جعفر (ع) قام بأمر الله واتبعه المؤمنون
والدته حميدة رضوان الله عليها
وروي عن أبي بصير قال حججنا مع الصادق (ع) في السنة التي
ولد فيها أبو إبراهيم موسى بن جعفر (ع) فلما نزلنا المنزل المعروف بالابواء
وضع لنا طعام فبينا نحن نأكل إذا اتاه رسول حميدة فقال تقول لك
يا مولاي قد أحسست بشئ وقد امرتني ان لا أسبقك بحادثة تكون في أمر
هذا المولود فقام أبو عبد الله (ع) فاحتبس هنيئة وعاد إلينا فقمنا إليه وقلنا
بشرك الله وجعلنا فداك يا سيدي ما فعلت حميدة فقال (ع) سلمها الله
ووهب لي منها غلاما خير من برء الله في زمانه ولقد أخبرتني حميدة بشئ
ظنت اني لا اعرفه وكنت اعلم به منها قلنا له وأخبرتك به قال ذكرت انه
لما سقط رأته واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه يسبح الله ويهلله ويصلي
على رسول الله (ص) فأخبرتها ان تلك امارة رسول الله وأمير المؤمنين
وامارة الامام إذا صار إلى الأرض ان يضع يديه على الأرض ويرفع
رأسه إلى السماء ويسبح ويهلل ويصلي على رسول الله (ص) ويقرأ شهد
الله انه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز
الحكيم وإذا قال ذلك أعطاه الله عز وجل العلم الأول والعلم الاخر
85

واستحق زيارة الروح ليلة القدر وهو خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل (ع)
وكانت ولادته (ع) سنة ثمان وعشرين ومأة وكان مولده ومنشأه
مثل مولد ابائه (ع)
(ومن دلائله وبراهينه (ع))
روي عن محمد بن المفضل عن داود الرقي قال قلت لأبي عبد الله (ع)
حدثني عن أعداء أمير المؤمنين (ع) وأهل بيت النبوة (ص) فقال الحديث
أحب إليك أم المعاينة قلت المعاينة فقال لأبي إبراهيم موسى (ع)
أئتني بالقضيب فمضى واحضره إياه فقال له يا موسى اضرب به الأرض
وأرهم أعداء أمير المؤمنين (ع) وأعدائنا فضرب به الأرض ضربة
فانشقت الأرض عن بحر اسود ثم ضرب البحر بالقضيب فانطلق عن
صخرة سوداء فضرب الصخرة فانفتح منها باب فإذا بالقوم جميعا لا يحصون
لكثرتهم ووجوههم مسودة وأعينهم زرق كل واحد منهم مصفد مشدود
في جانب من الصخرة وهم ينادون يا محمداه والزبانية تضرب وجوههم
ويقولون لهم كذبتم ليس محمد لكم ولا أنتم له فقلت له جعلت فداك من
هؤلاء فقال الجبت والطاغوت والرجس والعين من العين ولم يزل يعددهم
كلهم من أولهم إلى اخرهم حتى اتى على أصحاب السقيفة وأصحاب الفتنة
وبني الأزرق والأوزاغ وبني أمية جددا له عليهم العذاب بكرة وأصيلا
86

ثم قال (ع) للصخرة انطبقي عليهم إلى الوقت المعلوم وكان المنصور
أبو جعفر الدوانيقي لم يتعرض لأبي إبراهيم موسى (ع) إلى أن مات في
سنة ثمان وخمسين ومأة وبويع لابنه المهدي محمد بن عبد الله فلما ملك
وجه بجماعة من أصحابه إلى المدينة فاشخصوا أبا إبراهيم موسى (ع)
وقد حمله المهدي فخرجت فلقيته وشيعته فلما ودعته بكيت فقال (ع)
ما يبكيك يا أبا خالد فقلت يا مولاي قد خرجت وما أدري ما يكون من
امرك فقال (ع) اما في هذه الكرة فلا خوف علي منهم وانا أعود إليك
في يوم كذا من شهر كذا في ساعة كذا فترقب موافاتي وانتظرني عند
أول ميل فمضى (ع) ولقى المهدي وصرف الله عنه كيده ولم يتعرض
له وسأله عرض حوائجه فعرض ما رأى عرضها فقضاها ثم سأله الاذن فاذن
له فخرج (ع) متوجها إلى المدينة قال أبو خالد فلما كان في ذلك اليوم
خرجت نحو الطريق انتظره فقعدت حتى انصرفت الشمس فخفت أن يكون
قد تأخر واردت الانصراف فرأيت سواد قد اقبل وإذا ابتدأ
من وراء الستار وقتنا لك هذا الوقت فالفت فإذا مولاي موسى (ع)
على بغلة له يقول يا أبا خالد فقلت لبيك يا مولاي فقلت يا بن رسول الله
الحمد لله الذي ردك وخلصك فقال (ع) يا أبا خالد ان لي إليهم عودة
ولا أتخلص منهم ورجع إلى المدينة
روي عن علي بن أبي حمزة الثمالي (1) قال كنت عند موسى بن

(1) أظنه أبي حمزة البطائني وإن كان العلامة رحمه الله نقل عن
الكشي علي بن أبي حمزة الثمالي (شير محمد)
87

جعفر (ع) إذ اتاه رجل من أهل الري يقال له جندب فسلم عليه وجلس
حياله (ع) يسأله ثم قال له ما فعل أخوك فلان قال بخير جعلني الله فداك
وهو يقرئك السلام فقال يا جندب أعظم الله اجرك في أخيك فقال يا سيدي
ورد علي كتابه بعد ثلاثة عشر يوما بسلامته قال يا جندب انه مات بعد
كتابه إليك بيومين وقد دفع إلى امرأته مالا وقال لها ليكن هذا عندك
فإذا قدم أخي فادفعيه إليه وقد أودعته الأرض في البيت الذي كان فيه
ميتته فإذا أنت لقيتها فتلطف لها وطمعها في نفسك فإنها ستدفعه إليك
قال علي بن أبي حمزة فلقيت جندبا بعد ذلك بسنتين وقد عاد حاجا
فسألته عما كان قال له موسى بن جعفر (ع) فقال صدق (ع) ولقد
كان كما قال
عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا إبراهيم موسى (ع) قد نعي لرجل نفسه فقلت في نفسي وانه ليعلم متي يموت الرجل من شيعته فالتفت
إلي شبه المغضب وقال يا إسحاق قد كان رشيد الهجري من المستضعفين
يعلم علم البلايا والمنايا والامام أولى بذلك يا إسحاق اصنع ما أنت صانع
فعمرك قد فنى وأنت تموت إلى سنتين واخوتك وأهل بيتك لا يلبثون
بعدك حتى تفترق كلمتهم ويخون بعضهم بعضا ويشمت بهم عدوهم فلم
يلبث إسحاق بعد ذلك الا سنتين حتى مات فكان من حاله وأهله
وأولاده كما ذكره (ع) وأفلسوا
88

عن علي بن حمزة الثمالي قال دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (ع)
وكان يكنى أبا الحسن وأبا إبراهيم فقلت جعلت فداك بم يعرف الامام
فقال بخصال أولها النص من أبيه عليه ونصبه للناس علما حتى يكون عليهم
حجة كما نصب رسول الله (ص) أمير المؤمنين (ع) إماما وعلما وكذلك
الأئمة نص الأول على الثاني ونصبه حجة وعلما ان تسأله فيجيب فتسكت
عنه فيبتدء ويخبر الناس بما يكون في غد ويكلم الناس بكل لسان
ويعرف منطق الطير والساعة أعطيك العلامة قبل ان تقوم من مقامك
فما برحت حتى دخل علينا رجل من أهل خراسان فتكلم بالعربية فاجابه (ع)
بالفارسية فقال الخراساني ما معنى ان أكلمك بكلامي الأظني بأنك
لا تحسنه فقال (ع) سبحان الله ان كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك
ثم قال لي يا أبا محمد ان الامام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا منطق
الطير والبهائم فمن لم يكن فيه هذه الخصال فليس بامام
وفي كتاب بصائر الدرجات روي محمد بن عبد الله العطار مرفوعا
إلى علي بن يقطين الوزير قال كنت واقفا بين يدي الرشيد إذ جاءت
هدايا من ملك الروم وكانت فيه دراعة ديباج سوداء منسوجة بالذهب
لم أر أحسن منها فنظر إلي وانا انظر إليها فقال يا علي أعجبتك الدراعة فقلت
اي والله يا أمير المؤمنين فقال خذها فاخذتها وانصرفت بها إلى منزلي
وشددتها في منديل ووجهتها إلى المدينة إلى مولاي موسى بن جعفر (ع)
فلما كان بعد سبعة أشهر انصرفت يوما من عند هارون الرشيد وكنت
89

تغديت بين يديه فلما حصلت في منزلي قام إلي خادمي الذي يأخذ ثيابي
بمنديل على يده والكتاب ففضضت الكتاب وإذا به كتاب مولاي أبي
إبراهيم موسى بن جعفر (ع) وفيه يا علي هذا وقت حاجتك إلى الدراعة
وقد بعثت بها إليك فكشفت طرف المنديل عنها إذ دخل علي خادم
فقال أجب أمير المؤمنين فقلت اي شئ حدث قال لا أدري فمضيت
ودخلت عليه وانا متفكر وعنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه فقال الرشيد
يا علي ما فعلت بالدراعة التي كنت وهبتها لك فقلت ما كساني أمير المؤمنين
أكثر من أن يعد فمن اي الدراعة تسألني فقال الدراعة المدملجة المذهبة
فقلت ما عسى ان يصنع مثلي بمثلها إذا انصرفت من دار أمير المؤمنين
دعوت بها فلبستها وصليت فيها ركعتين ولقد دخل علي الخادم واستدعاني
وهي بين يدي فقال عمر بن بزيع ارسل من يجئ بها فأرسلت خادمي
فجاء بها فلما رآها الرشيد قال يا عمر ما ينبغي لنا ان نقبل على علي بعدها
شيئا فامر لي بخلعة وبخمسين ألف درهم فحملتها معي
عن محمد بن علي الصوفي قال استأذن إبراهيم الجمال على أبي الحسن
علي بن يقطين الوزير فحجبه فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن
بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر (ع) فحجبه فرآه ثاني يومه فقال علي
ابن يقطين يا سيدي ما ذنبي فقال حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم
الجمال وقد أبى الله ان يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمال فقلت سيدي
ومولاي من لي بإبراهيم الجمال في هذا الوقت وانا بالمدينة وهو بالكوفة
90

فقال إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من
أصحابك وغلمانك واركب نجيبا هناك مسرجا قال فوافى البقيع وركب
النجيب ولم يلبث ان اناخه على بباب إبراهيم الجمال بالكوفة فقرع الباب
وقال انا علي بن يقطين فقال إبراهيم الجمال من داخل الدار ما يعمل علي
ابن يقطين الوزير ببابي فقال علي بن يقطين يا هذا ان أمري عظيم وآلى
عليه الاذن له فقال له فلما دخل قال يا إبراهيم ان المولى (ع) أبى ان يقبلني
أو تغفر لي فقال يغفر الله لك فآلى علي بن يقطين علي إبراهيم الجمال ان يطأ
خده فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانيا ففعل فلم يزل إبراهيم يطأ
خده وعلي بن يقطين يقول اللهم اشهد ثم انصرف وركب النجيب وأناخه
من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر (ع) بالمدينة فاذن له ودخل عليه فقبله
وروي عن محمد بن الحسن المعروف بالقاضي الوراق عن أحمد بن
محمد بن السمط قال سمعت من أصحاب الحديث والرواة المذكورين ان
موسى بن جعفر (ع) كان في حبس هارون الرشيد وهو في المسجد
المعروف بمسجد المسيب من جانب الغربي بباب الكوفة لأنه قد نقل الموضع
إليه من دار السندي بن شاهك وهي الدار المعروفة بدار أبي عمرويه
وكان موسى (ع) هناك وقد فكر هارون الرشيد في قتله بالسم فدعا
بالرطب فاكل منه ثم اخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة واخذ سلكا
فغرقه بالسم في سم الخياط واخذ رطبة من تلك العشرين رطبة وجعل
يردد ذلك السلك المسموم في أول رطبة إلى اخرها حتى علم أنه قد مكن
91

السم فيها واستكثر من ذلك ثم اخرج السلك منها وقد قال لخادم له احمل
هذه الصينية إلى موسى بن جعفر وقل له ان أمير المؤمنين اكل من هذا
الرطب وتنغص لك وهو يقسم عليك لما أكلته عن اخر رطبة لأني
اخترته لك بيدي ولا تتركه يبقي منه شيئا ولا يطعم منه أحدا فاتاه الخادم
وأبلغه الرسالة فقال له موسى أئتني بخلالة فاتاه بها وناوله إياها وقام بإزائه
وهو يأكل الرطب وكان للرشيد كلبة أعز عليه من كل ما في مملكته
فجذبت نفسها وخرجت تجر السلاسل من ذهب وفضة وجواهر منظومة
حتى عادت إلى موسى بن جعفر (ع) فبادر بالخلالة إلى الرطبة المسمومة
فغرزها ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها الكلبة فلم تلبث ان ضربت بنفسها
الأرض وعوت وتقطعت قطعا واستوفى موسى (ع) باقي الرطب وحمل
الخادم الصينية وصار بها إلى الرشيد فقال له اكل الرطب عن اخره قال
قال فكيف رايته قال ما أنكرت منه شيئا ثم ورد عليه خبر الكلبة
وانها تهرأت وماتت فقلق هارون الرشيد لذلك قلقا شديدا واستعظمه
فوقف على الكلبة فوجدها متهرئة بالسم فاحضر الخادم ودعا بالسيف
وقال اصدقني عن خبر الرطب والا قتلتك فقال يا أمير المؤمنين اني حملت
الرطب إلى موسى بن جعفر فابلغته كلامك وقمت بإزائه فطلب خلالة
فأعطيته فاقبل يغرز رطبة ويأكلها حتى مرت به الكلبة فغرز رطبة ورمى
بها إليها فأكلتها واكل هو باقي الرطب وضيعنا سمنا وقتلنا كلبنا ما في موسى
92

حيلة ثم إن موسى بن جعفر (ع) بعد ثلاثة أيام دعا بمسيب الخادم وكان
به موكلا فقال له يا مسيب فقال لبيك يا مولاي قال (ع) اني ظاعن في
هذه الليلة إلى المدينة مدينة جدي رسول الله (ص) لا عهد إلي من فيها يعمل
بعدي قال المسيب قلت يا مولاي كيف تأمرني والحرس معي على
الأبواب ان افتح لك الأبواب وأقفالها فقال (ع) يا مسيب أضعيف
يقينك في الله عز وجل وفينا قال يا سيدي لا قال فمه قال المسيب فقلت متى
يا مولاي فقال (ع) يا مسيب إذا مضى من هذه الليلة المقبلة ثلثاها فقف
وانظر قال مسيب فحرمت على نفسي الاضطجاع في تلك الليلة ولم أزل
راكعا وساجدا ومنتظرا ما وعدني به فلما مضى من الليلة ثلثاها نعست وانا
جالس وإذا بمولاي يحركني برجله ففزعت وقمت قائما فإذا انا بتلك
الجدران المشيدة والأبنية وما حولها من القصور والحجر قد صارت كلها
أرضا والدنيا من حواليها فضاء فظننت بمولاي انه قد أخرجني من الحبس
الذي كان فيه فقلت مولاي أين انا من الأرض قال (ع) في مجلسي
يا مسيب فقلت يا مولاي فخذ لي من ظالمي وظالمك فقال (ع) تخاف من
القتل فقلت مولاي معك لا فقال (ع) يا مسيب فاهدء على جملتك فاني
راجع إليك بعد ساعة واحدة فإذا وليت عنك فيعود مجلسي إلى بنيانه
فقلت يا مولاي فالحديد لا تقطعه فقال (ع) يا مسيب ويحك الآن الله
تعالى الحديد لعبده داود فكيف يتصعب علينا الحديد قال مسيب ثم
خطى بين يدي خطوة فلم أدري كيف غاب عن بصري ثم ارتفع البنيان
93

وعادت القصور إلى ما كانت عليه واشتد اهتمامي بنفسي وعلمت ان وعده
الحق فلم يمض الا ساعة كما حد لي حتى رأيت الجدران قد خرت إلى الأرض
سجودا وإذا انا بسيدي (ع) قد عاد إلى مجلسه في الحبس وعاد الحديد
إلى رجله فخررت ساجدا لوجهي بين يديه فقال ارفع رأسك يا مسيب
واعلم أن سيدك راحل إلى الله عز وجل ثالث هذا اليوم الماضي قلت له
مولاي وأين سيدي علي الرضا (ع) فقال يا مسيب مشاهد عندي
غير غائب وحاضر غير بعيد قلت سيدي فإليه قصدت فقال (ع) قصعدت
والله كل منتجب لله عز وجل على وجه الأرض شرقها وغربها حتى محبي
من الجن في البراري والبحار ومخلصي الملائكة في مقامهم وصفوتهم
فبكيت فقال (ع) لا تبك يا مسيب اننا نور لا يطفى ان غبت عنك
هذا علي ابني بعدي هو انا فقلت الحمد لله ثم إن سيدي (ع) في ليلة يوم
الثالث دعاني وقال يا مسيب ان سيدك يصبح في ليلة يومه على ما عرفتك
إلى الرحيل إلى الله عز وجل مولاه الحق تقدست أسمائه فإذا دعوت
بشربة ماء فشربتها ورأيتني قد اتنفخ بطني واصفر لوني واحمر واخضر
وتلون ألوانا فخبر الطاغية بوفاتي وإياك ان تظهر على الحديث أحدا الا بعد
وفاتي قال مسيب فلم أزل أترقب وعده حتى دعا بشربة ماء فشربها ثم
دعاني فقال لي ان هذا الرجس سندي بن شاهك يقول إنه يتولى أمري
ويدفنني لا يكون ذلك ابدا فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش
فألحدني بها ولا تعلوا على قبري علوا وتجنبوا زيارتي ولا تأخذوا من تربتي
94

فان كل تربة محرمة ما خلا تربة جدي الحسين (ع) فان الله تعالى جعلها
شفاء لشيعتنا وأوليائنا قال مسيب ثم رايته (ع) يختلف ألوانا وينتفخ بطنه
ورأيت شخصا أشبه الاشخاص جالسا إلى جانبه في مثل شبهه
وكان عهدي بسيدي علي الرضا (ع) في ذلك الوقت غلاما فأقبلت
أريد سؤاله فصاح بي سيدي موسى (ع) قد نهيتك يا مسيب فتوليت
عنه ثم لم أزل صابرا حتى قضى وغاب ذلك الشخص ثم أوصلت الخبر إلى
الرشيد فوافي سندي بن شاهك فوالله لقد رايتهم بعيني وهم يظنون أنهم
يغسلونه ويحنطونه ويلفونه كل ذلك أراهم لا يصنعون به شيئا ولا تصل
أيديهم إليه وهو (ع) مغسل مكفن محنط وحمل حتى دفن في مقابر
قريش ولم يصل إلى قبره إلى الساعة
وفي كتاب الوصايا المنسوب إلى أبي الحسن علي بن محمد بن زياد
الصيمري وروي عنه من جهات الصحيحة ان السندي بن شاهك حضر
بعد ما كان بين يديه السم في الرطب وانه (ع) اكل عشر رطبات
فقال له السندي تزداد فقال (ع) له حسبك قد بلغت ما تحتاج إليه فيما
أمرت به ثم إنه أحضر القضاة والعدول قبل وفاته بأيام وأخرجه إليهم
وقال إن الناس يقولون إن أبا الحسن موسى في ضنك وضروها هوذا
لا علة به ولا مرض ولا ضرر فالتفت عليه السلام فقال لهم اشهدوا علي اني
مقتول بالسم منذ ثلاثة أيام اشهدوا اني صحيح الظاهر ولكني مسموم
وساحمر في اخر هذا اليوم حمرة فمضى عليه السلام كما قال في اخر اليوم
95

الثالث في سنة ثلاث وثمانين ومأة من الهجرة وكان سنه (ع) أربعا
وخمسين سنة أقام منها مع أبي عبد الله (ع) عشرين سنة ومنفردا
بالإمامة أربعا وثلاثين سنة
(وصارت الإمامة للمولى أبي الحسن)
علي بن موسى الرضا (ع)
بالنص عليه من أبيه (ع) وقام بأمر الله عز وجل مقام أبيه (ع)
واتبعه المؤمنون
وكان اسم أمه يكتم رضي الله عنها وروي ان اسمها أم البنين
وروي عن هاشم بن أحمد قال لي أبو إبراهيم موسى جعفر (ع)
قد قدم رجل نخاس من مصر فامض بنا إليه فمضينا فاستعرض عدة جوار
من رقيق عنده فلم يرتضيهن فقال لي سله عما بقي عنده فسألته فقال لم يبق
الا جارية عليلة فتركناها وانصرفنا فقال (ع) لي عد إليه واتبع تلك
الجارية منه بما يقول وهو يقول لك ثمانين دينار فلا تماكسه قال فاتيت
النخاس فكان كما قال (ع) وباعني الجارية بما ذكره ثم قال لي النخاس
فاني أخبرك اني اشتريت هذه الجارية من أقصى المغرب فلقيتني امرأة
من أهل الكتاب فقالت لي من هذه الجارية التي معك قلت جارية
اشتريتها لنفسي فقالت ما ينبغي أن تكون هذه الجارية الا عند خير أهل
96

الأرض ولا تلبث عنده الا قليلا حتى تلد غلاما يدين له شرق الأرض
وغربها فحملتها إليه (ع) ولم تلبث الا قليلا حتى حملت بابي الحسن علي
الرضا (ع) وكان اسمها يكتم
(ومن دلائله وبراهينه (ع))
حدث العباس بن محمد بن الحسين مرفوعا إلى نصر بن قابوس قال
كنت عند أبي إبراهيم (ع) ولي (ع) ابنه صبي صغير بدرج في الدار
فقلت له أرى عليا جائيا وذاهبا فقال هو أكبر ولدي وأحبهم علي وهو
ينظر معي في كتاب الجفر ولا ينظر فيه الا نبي أو وصي
وعن صفوان بن يحيى قال مضى أبو إبراهيم (ع) يتكلم ويفتي
فخفنا عليه فقيل له قد أظهرت أمرا عظيما وانا نخاف عليك هذا الغوي
الطاغية هارون فقال ليجهد جهده فلا سبيل له إلي قال ثم وردت الاخبار
من جهة الثقات ان يحيى بن خالد بن برمك قال لهارون هذا علي بن موسى
قد قعد وادعى الأمر لنفسه فقال ما يكفينا ما صنعنا بأبيه أتريدون ان
اقتلهم كلهم
عن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن محمد بن الفضل ولما نزل
بالبرامكة النوازل كان الرضا (ع) واقفا بعرفات يدعو ثم طأطأ رأسه
حتى كادت جبهته تصبب فأمه الرجل ثم رفع رأسه فسئل عن ذلك فقال
97

اني كنت ادعو على هؤلاء القوم يعني البرامكة بما قد فعلوا وقد استجاب
الله اليوم لي فلما انصرفنا لم نلبث الا أياما حتى ورد الخبر بقتل جعفر
وحبس أبيه وأخيه وتغيرت أحوالهم فلم يجبر الله لهم كسرا وتفانوا
عن محمد بن عيسى مرفوعا إلى محمد بن مهران قال قال رأيت علي
ابن موسى الرضا في مسجد المدينة وهارون الغوي المعروف بالرشيد يخطب
فقال (ع) انا وإياه ندفن في بيت واحد وانه لا يحج بعده أحد منهم
روي عن الحسن بن علي الوشاء المعروف بابن ابنة الياس قال شخصت
إلى خراسان ومعي حلل وشيئ للتجارة فوردت مدينة مرو ليلا وكنت
أقول بالوقوف على موسى بن جعفر (ع) فوافق موضع نزولي غلام اسود
كأنه من أهل المدينة فقال لي يقول لك سيدي وجه إلي بالحبرة التي معك
لأكفن بها مولى لنا قد توفي فقلت له ومن سيدك قال علي بن موسى الرضا
فقلت ما معي حبرة ولا حلة الا وقد بعتها في الطريق فمضى ثم عاد إلي
فقال لي بلى قد بقيت الحبرة قبلك فقلت له اني ما اعلمها معي فمضى وعاد
الثالثة فقال هي في عرض السفط الفلاني فقلت في نفسي ان صح قوله فهي دلالة
وكانت ابنتي قد دفعت لي حبرة وقالت ابتع لي بثمنها شيئا من الفيروزج
والسيح من خراسان ونسيتها فقلت لغلامي هات هذا السفط الذي ذكره
فأخرجه إلي وفتحته فوجدت الحبرة في عرض ثياب فيه فدفعتها إليه وقلت
لا اخذ لها ثمنا فعاد إلي وقال تهدي ما ليس لك دفعتها إليك ابنتك فلانة
وسألتك بيعها وان تبتاع لها بثمنها فيروجا وسيحا فابتع لها بهذا ما سألت
98

ووجه مع الغلام الثمن الذي يساوي الحبرة بخراسان فعجبت مما ورد علي
وقلت والله لاكتبن له مسائل انا شاك فيها ولامتحنه بمسائل سئل أبوه (ع)
عنها وأثبت تلك المسائل في درج وعدت إلى بابه والمسائل في كمي ومعي
صديق لي مخالف لا يعلم شرح هذا الامر فلما وافيت ببابه رأيت العرب
والقواد والجند يدخلون إليه فجلست ناحية داره وقلت في نفسي متى إذ أصل
إلى هذا وانا متفكر وقد طال قعودي وهممت بالانصراف إذ خرج خادم
يتصفح الوجوه ويقول أين ابن الياس الفسوي فقلت ها انا ذا فاخرج
من كمه درجا وقال هذا جواب مسائلك وتفسيرها ففتحته وإذا فيها
المسائل التي في كمه وجوابها وتفسيرها فقلت اشهد الله ورسوله على نفسي
انك حجة الله واستغفر الله وأتوب إليه وقمت فقال لي رفيقي إلى أين
تسرع فقلت قد قضيت حاجتي في هذا الوقت وانا أعود للقائه بعد هذا
وروي انه كان من ثقات المأمون غلام يقال له صبيح الديلمي وكان
يتولى الرضا (ع) حق ولايته حدث عنه هرثمة بن أعين قال قال لي صبيح
الست تعلم اني ثقة المأمون في سره وعلانيته قلت بلى قال اعلم يا هرثمة ان
المأمون دعاني ودعا بغلام من ثقاته على سره وعلانيته في الثلث الأول
من الليل فدخلنا عليه وقد صار ليله نهارا من كثرة الشموع بين يديه وبين
يديه سيوف مسلولة مسمومة ثم دعا بأنفس من ثقات غلمانه واخذ على كل
واحد منا العهد والميثاق بلسانه ولم يكن بحضرته أحد غيرنا وقال هذا
العهد لازم لكم ان كنتم تفعلون ما امركم به ولا تخافون منه شيئا فقلنا
99

نعم فقال يأخذ كل واحد منكم من هذه الأسياف سيفا بيده وامضوا حتى
تدخلوا على علي بن موسى في حجرته وان وجدتموه قاعدا أو قائما فلا
تكلموه واجعلوا أسيافكم عليه واضربوه بها حتى ترضوه وتخلطوا لحمه
بدمه وعظمه ثم ألقوا عليه بساطه وامسحوا اسيفكم وصيروا إلي فقد
جعلت لكل واحد منكم عشر بدر وعشر ضياع منتحية والحظوة عندي
ما حييت وبقيت قال فاخذنا الأسياف ودخلنا عليه (ع) في حجرته
فوجدناه مضطجعا يقلب طرفه ويده ويتكلم بكلام لم نعقله فبادر الغلمان
بالأسياف إليه ووضعت سيفي ناحية وانا قائم انظر إليه (ع) حتى فعل
به الغلمان ما أمرهم به المأمون ثم ألقوا بساطه ومسحوا أسيافهم وخرجوا
حتى دخلوا على المأمون فقال لهم ما الذي صنعتم قالوا ما امرتنا به وكنت
أظن أنهم سيقولون اني ما ضربت معهم بسيفي ولا تقدمت إليه فقال أيكم
كان المسرع إليه بالسيف فقالوا صبيح الديلمي ثم قال لا تعيدوا شيئا مما كان
وما فعلتم فتبخسوا حظكم عندي وتتعجلوا الفناء وتخسروا الآخرة والأولى
فلما كان في تبلج الفجر خرج المأمون وجلس في مجلسه مكشوف الرأس
محلل الازرار واظهر وفاته (ع) وجلس للتعزية فقبل ان يصل إليه الناس
قام حافيا يمشي إلى الحجرة لينظر إليه (ع) وانا بين يديه فلما دخل عليه
في حجرته سمع همهمة فارعد ثم قال من عنده فقلنا لا علم لنا فقال أسرعوا
وانظروا قال صبيح فأسرعت إلى البيت وإذا انا بمولاي (ع) جالسا
في حجرته مواصلا تسبيحه فارتعد المأمون وانتفض ثم قال غدرتموني لعنكم
100

الله ثم التفت إلي من بين الجماعة وقال يا صبيح قلت لبيك يا مولاي
وسقطت لوجهي فقال لي قم بوجهك الله وقل له يريدون ان يطفؤا نور
الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ثم رجعت إلى المأمون ووجهه
كقطع الليل المظلم فقال يا صبيح ما ورائك قلت يا أمير المؤمنين وجدته
جالسا في محرابه وناداني باسمي وقال لي كيت وكيت ثم شد المأمون
ازراره ولبس ثيابه وقال قولوا كان قد غشي عليه وقد افاق من غشوته
قال هرثمة فأكثرت لله حمدا وشكرا ودخلت على مولاي الرضا (ع)
فلما رآني قال يا هرثمة لا تحدث بما حدثك به صبيح الديلمي الا من امتحن
الله قلبه بمحبتنا وبولايتنا فقلت نعم يا مولاي ثم قال (ع) يا هرثمة
والله ما ضرنا كيدهم
حكى الحسين بن حمدان الحضيني روى قال حدثني زيد بن محمد
القمي قال حدثني عبيد الله أين جعفر الملالي قال كنت مع هرثمة بن أعين
وفي جملة حين خرج مع المأمون ومع مولانا الرضا (ع) من مرو إلى
طوس فحضرت وفاة الرضا (ع) وغسله ودفنه وشاهدت ما كان جرى في ذلك
وسالت هرثمة عن الشئ الذي سم به الرضا (ع) قال هرثمة كنت بين يدي
المأمون ليلة إلى أن مضى من الليل أربع ساعات، بعد الأربع الساعات
قرع انسان بابي فكلمه بعض غلماني فقال له قل لهرثمة أجب سيدنا
الرضا (ع) فقمت مسرعا واخذت ثيابي علي وأسرعت إليه (ع)
فدخل الغلام بين يدي ودخلت ورائه وإذا بسيدنا الرضا (ع) في صحن
101

الدار جالسا فقال لي يا هرثمة قلت لبيك يا سيدي ومولاي قال اجلس واسمع
وع هذا فان رحيلي إلى الله عز وجل ولحوقي بآبائي وجدي رسول الله (ص)
قرب وقد بلغ الكتاب اجله وقد عزم هذا الطاغية على سمي في عنب
ورمان مفرك فاما العنب فإنه يغمر السلك في السم ثم يجربه في العنب
ليخفى واما الرمان فهو يطرح السم فيه وهو مفتون ويخلطه به وانه
سيدعوني في هذا اليوم المقبل ويقدم إلي الرمان والعنب ويسألني اكله
فآكله ثم ينفذ الحكم ويتم القضاء فإذا انا مت فسيقول لك المأمون
انا اغسله بيدي فإذا قال ذلك فقل له اني قد قلت فلا يتعرض لغسلي
ولا لتكفيني ولا لدفني فإنه ان فعل ذلك عاجله من العذاب ما أخر عنه
وحل به اليم ما يحذر فإنه سينتهي عن ذلك قلت نعم سيدي قال وإذا
خلا بينك وبين غسلي فسيلحظ من موضع عال مشرف على موضع غسلي
لينظر ولا تتعرض يا هرثمة لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا قد ضرب في
جانب الدار ابيض فإذا رأيت ذلك فادخلني في ثوبي الذي انا فيه من
ورائه ولا تكشف الفسطاط فتهلك فإنه سيشرف عليك ويقول لك يا هرثمة
أليس زعمتم ان الامام لا يغسله الا امام مثله فمن يغسل علي بن موسى وابنه
محمد بالمدينة ونحن بطوس وهو بها ميت فإذا قال لك فاجبه ما يغسله أحد
غير الذي ذكرته فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدروجا في أكفاني
فضعني على نعشي واحملني فإذا أراد ان يحفر قبري فإنه سيجعل
قبر أبيه هارون قبلة لقبري ولكن لا يكون ذلك والله فإذا ضربوا
102

المعول فإنها ستنبو عن الأرض ولا يحفر لهم منها شئ ولا كقلامة ظفر
فإذا اجتهدوا في ذلك فقل لهم عني امرني ان اضرب معولا واحدا في
قبلة هارون فإذا ضربت رأيت قبرا محفورا في وسطه ضريح فإذا انفرج
ذلك القبر فلا تنزلني حتى يفور من ضريحه ماء ابيض يمتلي به ذلك القبر
إلى وجه الأرض ثم يضطرب فيه حوت بطوله فإذا اضطرب فلا تنزلني
حتى إذا غاب الحوت وغار الماء فانزلني في قبري ولا تدعهم يحثون علي
ترابا فان القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ قال قلت نعم يا سيدي قال ثم قال لي
احفظ ما عهدت به إليك واعمل به ولا تخالفه فقلت أعوذ بالله من أن أخالف
لسيدي أمرا قال هرثمة ثم خرجت باكيا حزينا من عنده (ع) فلم أزل
كالحبة على المقلى لا يعلم ما في نفسي الا الله تعالى ثم دعاني المأمون فدخلت
عليه فلم أزل قائما إلى ضحوة النهار ثم قال لي يا هرثمة امض إلى أبي الحسن
واقرئه مني السلام وقل له تصير إلينا أو نصير إليك فان قال لك بل أصير
إليه فتسأله ان يقدم مصيره إلي قال هرثمة فجئت فلما اطلعت على سيدي (ع)
قال يا هرثمة أليس قد حفظت ما أوصيتك به قلت بلى قال قدموا إلي نعلي
فقد علمت ما أرسلت به فقدمت نعله ومشى إليه فلما دخل المجلس قام إليه
المأمون قائما وعانقه وقبل بين عينيه واجلسه إلى جانبه على سريره واقبل
يحادثه ساعة طويلة ثم قال لبعض غلمانه يأتي بعنب ورمان قال هرثمة فلما
سمعت ذلك لم أستطع الصبر ورأيت انتفاضا في جسدي وكرهت ان يتبين
ذلك مني فرجعت القهقهري حتى خرجت فرميت بنفسي في موضع من الدار
103

فلما قرب زوال الشمس حسست بسيدي (ع) قد خرج من عنده
ورجع إلى داره ورأيت الامر قد خرج من عند المأمون باحضار الأطباء
فقلت ما هذا قيل علة عرضت للرضا (ع) وكان الناس على شك وانا كنت
على يقين لما علمته منه (ع) فلما كان في بعض الليل فأسرعت فيمن أسرع فإذا نحن
بالمأمون مكشوف الرأس محلل الازرار قائما على قدميه ينتحب ويتباكى
فوقفت فيمن وقف وانا احبس بنفسي تكاد تفيض ثم أصبحنا وجلس
المأمون للتعزية ثم قال ومضى إلى الموضع الذي فيه سيدنا الرضا (ع) وقال
اصلحوا لنا موضعا فاني أريد ان اغسله فدنوت منه وقلت خلوة يا أمير المؤمنين
فأخلا نفسه فأعدت عليه ما قال سيدي الرضا (ع) بسبب الغسل والكفن
والدفن فقال لست اعرض في ذلك فشانك يا هرثمة فلم أزل قائما حتى
رأيت الفسطاط الأبيض قد انتصب في جانب الدار فصار (ع) في
داخله فوقفت من ظاهره وكل من في الدار دوني وانا اسمع التكبير
والتهليل وتردد الأواني وصوت مصب الماء وتوضع الطيب الذي لم أشم
مثله طيبا قال هرثمة فإذا انا بالمأمون قد أشرف علي من عالي داره فقال
يا هرثمة أليس زعمتم ان الامام لا يغسله الا امام مثله فين محمد ابنه وهو
الساعة بالمدينة وهذا بطوس من ارض خراسان قال هرثمة فقلت ما يغسله
غير من ذكرته فسكت عني ثم ارتفع الفسطاط وإذا بسيدي (ع) مدرجا
في أكفانه فوضعته على نعشه ثم حملناه فصلى عليه المأمون والناس ثم جئنا
104

إلى موضع القبر فوجدتهم يضربون بالمعاول من فوق قبر هارون الرشيد
ليجعلوه قبلة لقبره والمعاول تنبو عنه حتى ما قطعوا من تلك الأرض شيئا
فقال المأمون ويحك يا هرثمة اما ترى الأرض كيف تمتنع من حفر قبر له
فقلت يا أمير المؤمنين ان الرضا (ع) امرني ان اضرب معولا واحدا في
قبلة قبر أبيك لا اضرب غيره قال فإذا ضربت يا هرثمة يكون ماذا فقلت
انه اخبرني ان لا يجوز قبر أبيك قبلة لقبره وانني إذا ضربت هذا المعول الواحد
أرى القبر محفورا من غير يد تحفره وبان الضريح من وسطه فقال المأمون
سبحان الله ما أعجب هذا الكلام ولا عجب من أمر أبي الحسن فاضرب
حتى نرى فضربت في قبلة قبر هارون فانكشف القبر محفورا وبان
الضريح في وسطه والناس ينظرون فقال أنزله يا هرثمة فقلت ان الرضا (ع)
امرني ان لا أنزله حتى يتفجر من ارض هذا القبر ماء يكون فيه حوت
فإذا غاب الحوت وغار الماء وضعته على جانب القبر وخليت بينه وبين
ملحده فقال فافعل يا هرثمة ما أمرت به قال هرثمة فانتظرت ظهور الماء
والحوت إلى أن ظهر فاضطرب الحوت وغاب ثم غار الماء والناس ينظرون
ثم وضعت النعش على جانب القبر وسجف من فوقه سجاف ابيض لم ينشره
أحد ثم انزل إلى قبره (ع) بغير يد اخذته منا ومنهم وحضر المأمون وأشار
إلى الناس ان أحثو التراب عليه بأيديكم فقلت لا تفعل ذلك قال المأمون
ويحك فمن يملأه قلت امرني الرضا (ع) ان لا اطرح عليه التراب فان
القبر يمتلى من نفسه وينطبق ويتربع على وجه الأرض فأشار المأمون إلى
105

الناس ان كفوا فرموا ما في أيديهم من التراب ثم امتلى القبر وأنطبق
وتربع على وجه الأرض فانصرف المأمون وانصرفنا فدعاني واخلي
مجلسه ثم قال يا هرثمة والله لتصدقني عما أخبرك غير ما قتله لي فقلت يا أمير
المؤمنين عما تسئلني فقال يا هرثمة هل أسر إليك بشئ غير هذا قلت نعم
فقال ما هو قلت خبر العنب والرمان فاقبل المأمون يتلون ألوانا بصفرة
وحمرة وسواد ثم مد بنفسه كالمغشي عليه وسمعته يقول في غشوته ويل
للمأمون من الله ويل للمأمون من محمد رسول الله ويل للمأمون من أمير
المؤمنين علي ولي الله وويله من فاطمة وويله من الحسن والحسين وويله من
علي بن الحسين وويله من محمد بن علي وويله من جعفر بن محمد وويله من
موسى بن جعفر هذا والله الخسران المبين حقا يقول هذا القول ويكرره
فلما رايته قد طال ذلك منه توليت عنه وجلست في جانب من الدار قال
هرثمة فجلس المأمون ودعاني فجئت إليه وهو كالسكران فقال لي والله
ما أنت بأعز علي منه ولا جميع من في الأرض ووالله لأن بلغني عنك انك
أعدت حرفا مما سمعته منه ورويته ليكونن هلاكك أهون علي مما لم يكن
قال هرثمة فقلت يا أمير المؤمنين ان ظهر ذلك مني فأنت في حل من دمي
فقال لا والله أو تعطيني عهدا وميثاقا انك تكتم هذا ولا تذيعه قال فاخذ مني
العهد والميثاق وأكدهما علي قال فلما وليت عنه صفق بيديه ثم سمعته يقول
(يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ بيتون ما لا يرضى
من القول وكان الله بما يعملون محيطا) وهذا الخبر الذي رواه الحسين
106

ابن حمدان من كتاب الأنوار
ومضى (ع) في سنة اثنين ومأتين من الهجرة وكان مولده (ع)
في سنة ثلاث وخمسين ومأة بعد مضي الصادق (ع) بخمس سنين وأقام
بعد أبيه (ع) بالإمامة تسع عشر سنة وقبض (ع) سنة تسع
وأربعون سنة وشهور
(وصارت الإمامة للمولى التقى أبي)
(جعفر محمد بن علي بن موسى عليه السلام بالنص عليه من)
(أبيه (ع) وهو أبو جعفر الثاني وقام بأمر الله مقام)
(أبيه (ع) واتبعه المؤمنون)
روي أن اسم أمه سبيكة وانها كانت أفضل نساء أهل زمانها
وروي انه (ع) ولد ليلة الجمعة لاحد عشرة ليلة بقيت من شهر
رمضان خمس وتسعين وماة وكان مولده ومنشأه مثل مولد ابائه (ع)
(ومن دلائله وبراهينه (ع))
روى عبد الرحمن بن محمد عن كلثم بن عمران قال قلت للرضا (ع)
ادع الله ان يرزقك ولدا فقال (ع) إنما ارزق ولدا واحدا وهو يرثني
فلما ولد أبو جعفر (ع) قال الرضا (ع) لأصحابه قد ولد لي شبيه موسى
107

ابن عمران (ع) فالق البحار وشبيه عيسى بن مريم (ع) قدست أم
ولدته فلما ولدته طاهرة مطهرة قال الرضا (ع) يقتل غصبا فيبكي له وعليه
أهل السماء ويغضب الله تعالى على عدوه وظالمه فلا يلبث الا يسيرا حتى
يحل الله به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد وكان طول ليله يناغيه في مهده
عن صفوان بن يحيى قال قلت للرضا (ع) قد كنا نسألك عن
الامام بعدك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر وكنت تقول يهب الله لي
غلاما وقد وهب الله لك وأقر عيوننا ولا أرانا الله يومك فان كانت الحادثة
فإلى من نفزع فأشار بيده إلى أبي جعفر وهو قائم بين يديه فقلت جعلت
فداك وهو ابن ثلاث سنين فقال (ع) وما يضره ذلك قد قام عيسى (ع)
بالحجة وهو ابن سنتين ولما قبض الرضا (ع) كان سن أبي جعفر (ع)
نحو سبع سنين فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد وفي الأمصار واجتمع
الريان بن الصلت وصفوان بن يحيى ومحمد بن حكيم وعبد الرحمن بن
الحجاج ويونس بن عبد الرحمن وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار
عبد الرحمن بن الحجاج في بركة زلول يبكون ويتوجعون من المصيبة فقال
لهم يونس بن عبد الرحمن دعوا البكاء من هذا الامر والى من نقصد
بالمسائل إلى أن يكبر هذا يعني أبا جعفر (ع) فقام إليه الريان بن
الصلت ووضع يده في حلقه ولم يزل يلطمه ويقول أنت تظهر الايمان لنا
وتبطن الشك والشرك إن كان امره من الله فلو انه كان ابن يوم واحد
لكان بمنزلة الشيخ العالم وفوقه وان لم يكن من عند الله فلو عمر الف
108

سنة فهو واحد من الناس هذا مما ينبغي ان يفكر فيه فأقبلت العصابة
عليه تعذله وتوبخه وكان وقت الموسم فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار
وعلمائهم ثمانون رجلا فخرجوا إلى الحج وقصدوا المدينة ليشاهدوا
أبا جعفر (ع) فلما وافوا اتوا دار أبي جعفر الصادق لأنها كانت فارغة
ودخلوها وجلسوا على بساط كبير وخرج إليهم عبد الرحمن بن موسى
فجلس وقام مناد وقال هذا ابن رسول الله فمن أراد السؤال فليسأله فسئل
عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب فورد على الشيعة ما حيرهم وغمهم
واضطربت الفقهاء وقاموا وهموا بالانصراف وقالوا في أنفسهم لو كان
أبو جعفر (ع) يكمل جواب المسائل لما كان من عبد الله ما كان ومن
الجواب بغير الواجب ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق
وقال هذا أبو جعفر فقاموا إليه بأجمعهم واستقبلوه وسلموا عليه فدخل (ع)
وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين وفي رجليه نعلان وامسك الناس كلهم
فقام صاحب المسألة فسأله عن مسائله فأجاب عنها بالحق ففرحوا ودعوا له
واثنوا عليه وقالوا له ان عمك عبد الله أفتى بكيت وكيت فقال لا إله إلا الله
يا عم انه عظيم عند الله ان تقف غدا بين يديه فيقول لك لم تفتى عبادي
بما لم تعلم وفي الأمة من هو اعلم منك وكان إسحاق بن إسماعيل ممن حج
في جملتهم في تلك السنة قال إسحاق فأعددت له في رقعة عشر مسائل
وكان لي حمل فقلت في نفسي ان أجابني عن مسائلي سألته ان يدعوا
الله ان يجعله ذكرا فلما ألح عليه الناس بالمسائل وكان (ع) يفتي
109

بالواجب فقمت لأخفف والرقعة معي لأساله في غد عن مسائلي فلما نظر
إلي (ع) وقال يا إسحاق قد استجاب الله دعائي فسمه احمد فقلت الحمد لله
هذا هو الحجة البالغة وانصرف إلى بلده فولد له ذكرا فسماه احمد
وروي عن الريان بن شبيب قال لما أراد المأمون ان يزوج أبا جعفر (ع)
لبنته اجتمع إليه الأدنون من بني هاشم وقالوا يا أمير المؤمنين ناشدناك الله
ان تخرج من هذا البيت ملكا أو أمرا قد ملكناه الله وتنزع عنا غرا
لم يبلغ مبالغ الرجال فلو توفقت في امره ونظرت قال فانتهرهم المأمون وقال
هو والله أعلم بالله وبرسوله وسنته واحكامه من جماعتكم فخرجوا من عنده
وصاروا إلى يحيى بن اكتم وقالوا له ان أذنت له يسال أبا جعفر (ع)
عن مسألة في الفقه نظرنا كيف فهمه ومعرفته من فهم أبيه ومعرفته فاذن
المأمون ليحيى بن اكتم في ذلك فقال يحيى لأبي جعفر (ع) ما تقول في
محرم قتل صيدا فقال أبو جعفر (ع) في حل أو حرم عالما أو جاهلا عمدا
أو خطأ صغيرا أو كبيرا عبدا أم حرا مبتدأ أو معيدا من ذوات الطير أم
من غيرها من صغار الصيد أم كبارها مصرا أو نادما بالليل في وكرها
أم بالنهار عيانا محرما بالحج للعمرة أم مفردا بالحج قال فانقطع يحيى عن
جوابه فقال المأمون تخطب يا أبا جعفر لنفسك فقال (ع) الحمد لله منعم النعم
برحمته والهادي إلى فضله بمنته وصلى الله على صفوته من بريته محمد خير
خلقه الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله وجعل تراثه لمن خصه
بخلافته وسلم تسليما وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما جعل الله
110

للمسلمين على المسلمات من امساك بمعروف أو تسريح باحسان وقد بذلت
لها من الصداق ما بذله رسول الله (ص) وهي خمسمأة درهم ونحلتها من مالي
مأة الف زوجتني يا أمير المؤمنين فقال المأمون الحمد لله اقرارا بنعمته ولا إله إلا الله
اجلالا لعظمته وصلى الله على محمد عبده وخيرته وكان من فضل
الله على الأنام ان أغناهم بالحلال عن الحرام فقال تعالى (وانكحوا الأيامى
منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
والله واسع عليم) ثم إن محمد بن علي خطب أم الفضل بنت عبد الله وبذل
لها من الصداق خمسمأة درهم وقد زوجتكها فهل قبلتها يا أبا جعفر فقال (ع)
قد قبلتها بهذا الصداق ثم أولم عليه المأمون فجاء الناس على مراتبهم فبينما
نحن كذلك إذ سمعنا كلاما كأنه كلام الملاحين فإذا بالخدم يجرون سفينة
من فضة مملوءة غالية فخضبوا بها لحى الخاصة ثم مدوها إلى دار العامة
وخضبوا بها لحاهم ثم أمر المأمون فنشر على أبي جعفر (ع) رقاعا كثيرة
فيها ذكر القرى والضياع والولايات فمن أصاب منها شيئا فهو له فلما تفرق
الناس قال له المأمون يا أبا جعفر ان رأيت أن تبين لنا ما الذي يجب في
كل صنف من هذه الأصناف الذي ذكرت في جزاء الصيد فقل فقال إن
المحرم إذا قتل صيدا في الحل والصيد من ذوات الطير من كبارها فعليه
شاة وإذا أصاب في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا وإذا قتل فرخا في الحل
فعليه جمل وقد فطم وليس عليه قيمة لأنه ليس في الحرم فإذا قتله في الحرم
فعليه الجمل وقيمته فإذا كان من الوحش فعليه في حمار وحش بدله وكذلك
111

في النعامة فإن لم يقدر فاطعام ستين مسكينا وان لم يقدر فاطعام ثلاثين مسكينا فإن لم
يقدر فليصم تسعة أيام وإن كان ظبي فعليه شاة فإن لم يقدر فاطعام
عشرة مساكين فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام وإن كان في الحرم فعليه
الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة حقا واجبا عليه ان ينحر إن كان في
حج بمنى حيث ينحر الناس وإن كان في العمرة ينحر بمكة ويتصدق
بمثل ثمنه حتى يكون مضاعفا فإن كان أرنبا فعليه شاة ويتصدق إذا قتل
الحمامة بعد الشاة بدرهم أو يشترى به طعاما للحمام في الحرم وفي الفرخ
نصف درهم وفي البيضة ربع درهم وكل ما اتى به المحرم بجهالة أو خطأ فليس
فيه عليه شئ الا الصيد فان فيه عليه الفداء بجهالة كان أو يعلم بخطا كان
أو بعمد وكل ما اتى به العبد فكفارته على صاحبه مثل ما يلزم صاحبه
وكل ما اتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شئ عليه فيه وان عاد فهو (ليت)
الله وليس عليه كفارة والنقمة في الآخرة وان دل على الصيد وهو محرم
فقتل عليه الفداء والمصر عليه يلزمه بعد الفداء العقوبة في الآخرة والنادم
عليه فلا شئ عليه بعد الفداء وإذا أصاب الصيد ليلا في وكره خطأ فلا
شئ عليه الا ان يتعمد فإذا الصيد بليل أو نهار فعليه الفداء والمحرم للحج
ينحر الفداء بمنى حيث ينحر الناس والمحرم للعمرة ينحره بمكة فامر
المأمون ان يكتب عنه ذلك ثم دعا من أنكر عليه من العباسيين تزويجه فقرء
عليهم وقال هل فيكم من يجيب بمثل هذا الجواب فقال أمير المؤمنين كان اعلم به منا
112

عن عمران بن محمد الأشعري قال دخلت على أبي جعفر (ع)
لما قضيت حوائجي فقلت ان أم الحسن تقرءك السلام وتسألك ثوبا من
ثيابك تجعله كفنا لها فقال قد استغنت عن ذلك فخرجت ولا أدري
ما معنى قوله حتى ورد علي الخبر بوفاتها
عن عمر بن الفرج الرجحي قال قلت لأبي جعفر (ع) ان شيعتك
تدعي انك تعلم كل ماء في دجلة ووزنه وكنا على شاطئ دجلة فقال (ع)
يقدر الله تعالى على أن يفوض علم ذلك إلى بعوضته من خلقه أم لا قلت
نعم يقدر فقال انا أكرم على الله تعالى من بعوضته ومن أكثر خلقه
حدث صفوان بن يحيي قال حدثني أبو نصر الهمداني قال حدثتني
حكيمة بنت أبي الحسن القرشي وكانت من الصالحات قالت لما قبض
أبو جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب (ع) اتيت أم الفضل بنت المأمون أو قالت أم عيسى
بنت المأمون فعزيتها فوجدتها شديدة الحزن والجزع تقتل بنفسها بالبكاء
والعويل فخفت عليها تتصدع مرارتها فبينما نحن في حديث كرمه ووصف
خلقه وما أعطاه الله من العز والاخلاص ومنحه من الشرف والكرامة
إذ قالت زوجته ابنة المأمون الا أخبرك عنه (ع) بشئ عجيب وامر جليل
فوق الوصف والمقدار قلت وما ذاك قالت كنت أغار عليه كثيرا وارقبه
ابدا وربما كان يسمعني الكلام فأشكو ذلك إلى أبي فيقول يا بنته احتمليه
فإنه بضعة من رسول الله فبينما انا جالسة ذات يوم إذ دخلت علي جارية
113

فسلمت فقلت من أنت فقالت انا جارية من ولد عمار بن ياسر وانا زوجة
أبي جعفر محمد بن علي (ع) زوجك فدخلني من الغيرة ما لم أقدر على
احتماله وهممت ان اخرج واسيح في البلاد وكاد الشيطان يحملني على
الإسائة بها فكظمت غيظي وأحسنت رفدها وكسوتها فلما خرجت عني
لم أتمالك ان نهضت ودخلت على أبي فأخبرته بذلك وكان سكرانا لا يعقل
فقال يا غلام علي بالسيف فاتى به ثم ركب وقال والله لأقطعنه فلما رأيت
ذلك قلت انا لله وانا إليه راجعون ما صنعت بنفسي وزوجي وجعلت
الطم وجهي فدخل عليه أبي وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه ثم خرج
وخرجت هاربة خلفه ولم ارقد ليلتي غما وقلقا فلما أصبحت اتيت أبي
وقلت له أتدري ما صنعت البارحة قال وما صنعت قلت قتلت ابن الرضا (ع)
فبرق عيناه وغشي عليه فلما افاق من غشوته قال ويحك ما تقولين قلت
نعم والله يا أبت دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتى قطعته فاضطرب
من ذلك اضطرابا شديدا ثم قال علي بياسر الخادم فلما اتى به قال ما هذا
الذي تقول هذه قال ياسر صدقت يا أمير المؤمنين فضرب أبي بيده على
صدره وخده وقال انا لله وانا إليه راجعون هلكنا والله واعطبنا وافتضحنا
إلى اخر الأبد اذهب ويلك وانظر ما القصة وعجل على بالخبر فان نفسي
تكاد تخرج الساعة فخرج ياسر وانا الطم خدي ووجهي فما كان بأسرع
ما رجع وقال البشرى يا أمير المؤمنين فقال لك البشرى مالك قال دخلت
إليه وإذا هو جالس وعليه قميص وقد اشتمل بدراج وهو يستاك فسلمت
114

عليه وقلت يا بن رسول الله أحب ان تهب لي قميصك هذا أصلي فيه
وأتبرك به وإنما أردت ان انظر إلى جسده هل فيه جراحة أو اثر سيف
فقال بل اكسوك خيرا منه قلت لست أريد غير هذا القميص فخلعه
فنظرت إلى جسده ما به اثر سيف فبكى المأمون بكاء شديدا وقال ما بقي
بعد هذا شئ ان ذلك والله لعبرة للأولين والآخرين ثم قال المأمون
يا ياسر اما ركوبي إليه واخذ السيف والدخول عليه فاني ذاكره وخروجي
منه وما فعلته فلست أذكر شيئا منه ولا أذكر أيضا انصرافي إلى مجلسي
وكيف كان أمري وذهابي لعن الله هذه الا بنته لعنا وبيلا تقدم إليها
وقل لها يقول لك أبوك لئن جئت بعد هذا اليوم وشكوت منه أو خرجت
بغير اذنه لانتقمن له منك ثم صر إليه يا ياسر وأبلغه عني السلام واحمل
إليه عشرين ألف دينار وقد إليه الشهري الذي ركبته البارحة ومر
الهاشميين والقواد بان يركبوا إليه ويسلموا عليه قال ياسر خرجت إلى
الهاشميين والقواد فأعلمتهم ذلك وحملت المال وقدت الشهري وصرت
إليه ودخلت عليه وابلغته السلام ووضعت المال بين يديه وعرضت عليه
الشهري فنظر إليه ساعة ثم تبسم وقال يا ياسر هكذا كان العهد بيني وبينه
فقلت يا سيدي دع عنك العتاب فوالله وحق جدك محمد (ص) ما كان
يعقل من امره شيئا وما علم أين هو (1) في ارض الله وقد نذر لله نذرا

(1) رواه ابن طاوس في مهج الدعوات وفيه (من ارض الله)
(شير محمد)
115

وحلف ان لا يسكر ابدا ولا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما كان منه فقال (ع)
هكذا كان عزمي ورأيي فقلت ان الجماعة من بني هاشم والقواد بالباب
بعثهم ليسلموا عليك ويكونوا معك إذا ركبت فقال (ع) ادخل بني
هاشم والقواد ما خلا عبد الرحمن بن الحسن وحمزة بن الحسن فخرجت
وأدخلتهم فسلموا وخدموا فدعا (ع) بالثياب ولبس ونهض وركب
معه الناس حتى دخلوا على المأمون فلما رآه قام إليه وضمه إلى صدره
ورحب به ولم يأذن لاحد بالدخول عليه ولم يزل يحدثه ويساره فلما انقضى
ذلك قال له أبو جعفر (ع) يا أمير المؤمنين فقال له المأمون لبيك وسعديك
قال لك نصيحة فاقبلها فقال المأمون فحمدا وشكرا فما ذلك فقال (ع)
أحب ان لا تخرج بالليل فاني لست امن عليك من هذا الخلق المنكوس
وعندي حرز تحصن به نفسك وتحترز من الشرور والبلايا والمكاره
والآفات والعاهات كما أنقذني الله منك البارحة ولو لقيت به جيوش الروم
أو أكثر أو اجتمع عليك وعلى غلبتك أهل الأرض جميعا ما تهيأ لهم فيك شئ
بقدرة الله تعالى وجبروته ومن مردة الشياطين الجن والإنس فان أحببت
بعثت به إليك تحرز به نفسك من جميع ما ذكرته وما تحذره مجرب فوق
الحد والمقدار من التجربة فقال المأمون تكتب ذلك بخطك وتبعث به
إلي لا ينتهي فيه إلى ما ذكرته فقال حبا وكرامة فقال له المأمون فداك عمك
ان كنت تجد علي شيئا مما قد رصد مني فاعف واصفح فقال (ع) لا أجد
شيئا ولم يكن الا خيرا فقال المأمون والله لا تقربن إلى الله تعالى بخراج
116

الشرق والغرب ولا غدون غدا وأنفق فيه ما أملك كفارة لما سلف ثم قال
يا غلام الوضوء والغداء وادخل بني هاشم فدخلوا واكلوا معه وامر لهم
بالخلع والجوائز على الاقدار ثم قال لأبي جعفر (ع) انصرف في كلائة
الله عز اسمه وحفظه فإذا كان في الغد فابعث إلي بالحرز فقام (ع) وركب وامر
القواد ان يركبوا معه حتى يأتي منزله قال ياسر الخادم فلما أصبح أبو جعفر (ع)
بعث إلي ودعاني ودعا بجلد ظبي من رق ثم كتب (ع) فيه بخطه الحرز
وهو معروف ونسخته عند أكثر الشيعة وليس هذا موضعه وكنت أثبته
ثم قال (ع) يا ياسر أحمله إلى أمير المؤمنين وقل له يصنع له قصبة من
فضة فإذا أراد شده في عضده الأيمن فيتوضأ وضوء حسنا سابغا وليصل أربع ركعات
يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وسبع مرات اية الكرسي وسبع
مرات شهد الله وسبع مرات والشمس وسبع مرات والليل وسبع مرات
قل هو الله ثم يشده على عضده عند النوائب يسلم بحول الله وقوته
ومن كل شئ يخافه ويحذره
ولما خرج أبو جعفر (ع) وزوجة ابنة المأمون حاجا وخرج
أبو الحسن علي ابنه (ع) وهو صغير فخلفه في المدينة وسلم إليه المواريث
والسلاح ونص عليه بمشهد ثقاته وأصحابه وانصرف إلى العراق ومعه
زوجته ابنة المأمون وكان قد خرج المأمون إلى بلاد الروم فمات بالندبرون
في رجب سنة ثمان عشر ومأتين وذلك في سنة عشر من امامة أبي جعفر (ع)
وبويع المعتصم أبو إسحاق محمد بن هارون في شعبان سنة ثمان عشر
117

ومأتين ثم إن المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر (ع) وأشار
إلى ابنة المأمون زوجته بأنها تسمه لأنه وقف على انحرافها عن أبي جعفر
وشدة غيرتها عليه لتفضيله أم أبي الحسن ابنه عليها ولأنه لم يرزق منها ولد
فأجابته إلى ذلك وجعلت سما في عنب رازقي ووضعته بين يديه (ع) فلما
اكل منه ندمت وجعلت تبكي فقال (ع) ما بكائك والله ليضربنك
الله بفقر لا ينجبر وبلاء لا ينستر فماتت بعلة في اغمض المواضع من جوارحها
صارت ناصورا فأنفقت مالها وجميع ملكها على تلك العلة حتى احتاجت
إلى الاسترفاد
وروي ان الناصور كان في فرجها
وقبض أبو جعفر (ع) في سنة عشرين ومأتين من الهجرة في يوم
الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة وله أربع وعشرون سنة وشهور
لان مولده كان في سنة خمس وتسعين ومأة ومشهده ببغداد في مقابر
قريش في تربة جده أبي إبراهيم موسى بن جعفر (ع)
(وصارت الإمامة للمولى أبي الحسن)
(علي بن محمد (ع) بالنص عليه من أبيه (ع) وقام بأمر الله)
(سبحانه مقام أبيه عليه السلام)
واسم أمه ما رواه أصحاب الحديث سمانة وكانت من القانتات
وروي انه عليه السلام ولد في رجب سنة أربع عشرة ومأتين من
118

الهجرة وحمل إلى المدينة وهو صغير في السنة التي حج فيها أبو جعفر (ع)
بابنة المأمون وكانت ولادته (ع) مثل ولادة ابائه (ع)
روي الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه ان أبا جعفر (ع)
لما أراد الخروج من المدينة إلى العراق ومعاودتها اجلس أبي الحسن (ع)
في حجره بعد النص عليه وقال ما الذي تحب ان أهدي إليك من طرائف
العراق فقال (ع) سيفا كأنه شعلة نار ثم التفت إلى موسى ابنه وقال له
ما تحب أنت فقال فرس (1) فقال (ع) أشبهني أبو الحسن وأشبه هذا أمه
(ومن دلائل أبي الحسن وبراهينه (ع))
عن الحسين بن محمد عن المعلى عن الحسن بن علي الوشاء قال جاء
المولى أبو الحسن علي بن محمد مذعورا حتى جلس عند أم موسى عمة أبيه
فقالت له مالك فقال لها مات أبي والله الساعة فقالت لا تقل هذا فقال
هو والله كما أقول لك فكتب الوقت واليوم فجاء بعد أيام خبر وفاته (ع)
وكان كما قال
وروي ان بريحة العباسي صلى بالحرمين وكتب إلى المتوكل
إن كان لك في الحرمين حاجة فاخرج علي بن محمد منهما فإنه قد دعا

(1) رواه المسعودي في كتاب اثبات الوصية ص 187 وفيه فرش
بيت.
(شير محمد)
119

الناس إلى نفسه واتبعه خلق كثير وتابع إليه ثم كتب إليه بهذا المعنى
فوجه المتوكل بيحيى بن هرثمة وكتب معه إلى أبي الحسن (ع) كتابا
جميلا يعرفه انه قد اشتاقه وسأله القدوم عليه وامر يحيى بالمسير إليه وكتب
إلى بريحة يعرفه ذلك فقدم يحيى بن هرثمة المدينة وبدأ ببريحة وأوصل
الكتاب إليه ثم ركبا جميعا إلى أبي الحسن (ع) وأوصلا إليه كتاب
المتوكل فاستاجلهما ثلاثة أيام فلما كان بعد ثلاث أعادا إلى داره فوجدا
الدواب مسرجة والأثقال مشدودة قد فرغ منها فخرج (ع) متوجها
نحو العراق ومعه يحيى بن هرثمة
وعن أبي جعفر جرير الطبري عن عبد الله بن محمد البلوي عن
هاشم بن زيد قال رأيت علي بن محمد صاحب العسكر وقد اتى بأكمه
فأبراه ورايته يهيئ من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيطير فقلت له لا فرق
بينك وبين عسى (ع) فقال (ع) انا منه وهو مني
حدثني أبو التحف المصري يرفع الحديث برجاله إلى محمد بن سنان
الزاهري قال كان أبو الحسن علي بن محمد (ع) حاجا ولما كان في انصرافه
إلى المدينة وجد رجلا خراسانيا واقفا على حمار له ميت يبكي ويقول على
ماذا احمل رحلي فاجتاز (ع) فقيل له هذا الخراساني من يتولاكم أهل البيت
فدنا (ع) من الحمار الميت فقال لم تكن بقرة بني إسرائيل بأكرم
على الله مني وقد ضربوا ببعضها الميت فعاش ثم وكزه برجله اليمنى
وقال قم بإذن الله فتحرك الحمار ثم قام فوضع الخراساني رحله إليه واتى به
120

إلى المدينة وكلما مر (ع) أشاروا إليه باصبعهم وقالوا هذا الذي أحيها
حمار الخراساني عن الحسن بن إسماعيل شيخ من أهل النهرين قال خرجت
انا ورجل من أهل قريتي إلى أبي الحسن (ع) بشئ كان معنا وكان
بعض أهل القرية قد حملنا رسالة ودفع إلينا ما أوصلناه وقال تقرؤنه مني
السلام وتسألونه عن بيض الطائر الفلاني من طيور الأجام هل يجوز اكلها
أم لا فسلمنا ما كان معنا إلى جارية واتاه رسول السلطان فنهض ليركب
وخرجنا من عنده ولم نسأله عن شئ فلما صرنا في الشارع لحقنا (ع)
وقال لرفيقي بالنبطية اقرأ مني السلام وقل له بيض الطائر الفلاني لا يأكله
فإنه من المسوخ
وروي عن جماعة من أصحاب أبي الحسن (ع) انهم قالوا ولد لأبي
الحسن (ع) ابنه جعفر فجئنا لنهنيه فلم نر به سرورا فقلنا له في ذلك فقال
هونوا عليكم امره فإنه سيضل خلقا كثيرا وكان كما قال (ع)
وروي ان رجلا من أهل المدائن كتب إليه يسأله عما بقي من ملك
المتوكل فكتب (ع) بسم الله الرحمن الرحيم قال (تزرعون سبع سنين
دابا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك
سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك
عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) فقتل في أول خامس عشر
وروي انه لما كان في يوم الفطر في السنة التي قتل فيها المتوكل أمر
المتوكل بني هاشم بالترجل والمشي بين يديه وإنما أراد بذلك ان يترجل
121

أبو الحسن (ع) فترجل بنو هاشم وترجل أبو الحسن (ع) واتكى على
رجل من مواليه فاقبل عليه الهاشميون وقالوا يا سيدنا ما في هذا العالم أحد
يستجاب دعائه ويكفينا الله به تعزز هذا فقال أبو الحسن (ع) في
هذا العالم من قلامة ظفره أكرم على الله من ناقة ثمود لما عقرت الناقة
صاح الفصيل إلى الله تعالى فقال الله سبحانه تمتعوا في داركم ثلاثة أيام
ذلك وعد غير مكذوب فقتل المتوكل يوم الثالث
وروي ان المتوكل قتل في الرابع من شوال سنة سبع وأربعين ومأتين
في سنة سبع وعشرين من امامة أبي الحسن (ع) وبويع لابنه محمد بن
جعفر المنتصر وملك سبعة أشهر وبويع لأحمد المستعين بن المعتصم وكان
مدته أربع سنين ثم خلع وبويع المعتز ابن المتوكل وروي ان اسمه الزبير
في سنة اثنتين وخمسين ومأتين وذلك في اثنتين وثلاثين سنة من امامة
أبي الحسن (ع) واعتل أبو الحسن علته التي توفي فيها في سنة أربع
وخمسين ومأتين واحضر ابنه أبا محمد الحسن (ع) وأعطاه النور والحكمة
ومواريث الأنبياء والسلاح ونص عليه وأوصى إليه بمشهد ثقات من
أصحابه ومضى (ع) وله أربعون سنة ودفن (ع) بسر من رأى
122

(وصارت الإمامة للمولى أبي محمد)
(الحسن بن علي (ع) وهو الحسن الأخير (ع) بالنص)
(عليه من أبيه (ع) وقام بأمر الله عز وجل)
(واتبعه المؤمنون)
واسم أمه على ما رواه أصحاب الحديث سليل رضي الله عنها وقيل
حديث والصحيح سليل من العارفات الصالحات
وروي انه (ع) ولد في سنة إحدى وثلاثين ومأتين من الهجرة
وكانت ولادته مثل ولادة ابائه (ع)
روى الحميري باسناده عن علي بن مهزيار قال قلت لأبي الحسن (ع)
اني كنت سألت أباك عن الامام بعده فنص عليك ففيمن الإمامة بعدك
فقال (ع) في أكبر ولدي ونص على أبي محمد (ع) فقال (ع) ان
الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين (ع)
(ومن دلائل المولى أبي محمد الحسن)
(الأخير (ع) وبراهينه)
عن أبي هاشم قال دخلت على أبي محمد (ع) وكان يكتب كتابا
فحان وقت الصلاة الأولى فوضع الكتاب من يده وقام (ع) إلى الصلاة
فرأيت القلم يمر على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتى انتهى إلى
اخره فخررت له ساجدا فلما انصرف من الصلاة اخذ القلم بيده واذن للناس
123

عن أبي هاشم قال شكوت إلى أبي محمد (ع) ضيق الحبس وشدة
القيد فكتب إلي أنت تصلي اليوم في منزلك صلاة الظهر فصليت في
منزلي كما قال (ع) فأطلقت في وقتي
عن جعفر بن محمد القلانسي قال كتب محمد أخي إلى أبي محمد (ع)
وأمرته حامل يسأله الدعاء بخلاصها وان يرزقه الله ذكرا وساله إلى يسميه
فكتب إليه ونعم الاسم محمد وعبد الرحمن فولدت له اثنين توأمين فسمى
أحدهما محمدا والاخر عبد الرحمن
وعن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال كنت عند أبي محمد وكنت
في ضيقي واردت ان اطلب منه شيئا فاستحييت فلما صرت إلى منزلي وجه
إلي بمائة دينار وكتب إلى وإذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم
واطلبها فإنك تجد انشاء الله تعالى
وعن إسحاق بن محمد النخعي قال حدثني محمد بن درياب الرقاشي
قال كتبت إلى أبي محمد (ع) اساله عن المشكاة وان يدعوا لامرأتي فإنها
حامل وان يرزقني الله منها ولدا ذكرا فوقع (ع) المشكاة قلب محمد (ع)
وكتب تحته أعظم الله اجرك واخلف عليك فولدت ولدا ميتا وحملت
بعد فولدت غلاما
عن بعض أصحابه (ع) قال كتبت إليه (ع) هل يحتلم الامام
وقلت في نفسي بعد نفود الكتاب الاحتلام شيطنة وقد أعاذ الله أوليائه
من ذلك فوقع (ع) حال الأئمة في النوم مثل حالهم في اليقظة لا يغير
124

النوم شيئا منهم وقد أعاذ الله أوليائه من ذلة الشيطان
كما حدثتك نفسك
قال الله تعالى (ان عبادي ليس عليهم سلطان)
الحسن بن سهيل عن علي بن محمد بن الحسن قال خرج السلطان
بريد البصرة فخرج أبو محمد (ع) يشيعه فنظرنا إليه ماضيا معه وكنا جماعة
من شيعته فجلسنا من الخايطين ننتظر رجوعه فلما رجع (ع) وقف علينا
ثم مد يده إلى قلنسوته فاخذها عن رأسه وأمسكها بيده وامر بيده الأخرى
على رأسه وضحك في وجه رجل منافق فقال الرجل مبادرا اشهد انك
حجة الله وخيرته فسألناه ما شأنك فقال كنت شاكا فيه وقلت في نفسي
ان رجع واخذ في الطريق قلنسوته عن رأسه قلت بإمامته
روى أنه (ع) لما حبسه المعتمد وحبس جعفرا أخاه معه وكان
المعتمد قد سلمهما في يد على (حرين) وكان المعتمد يسأل عن اخباره
في كل وقت فيخبره انه يصوم النهار ويقوم الليل فسأله يوما من الأيام عن
خبره فأخبره بمثل ذلك فقال المعتمد امض يا علي الساعة إليه واقرأه مني
السلام وقل انصرف إلى منزلك مصاحبا فقال على حرين فجئت إلى باب
الحبس فوجدت حمارا مسرجا ودخلت إليه (ع) فوجدته جالسا قد
لبس طيلسانه وخفه وشاسيته ولما رآني نهض فاديت إليه الرسالة فجاء
وركب فلما استوى على الحمار وقف فقلت ما وقوفك يا سيدي فقال حتى
يخرج جعفر فقلت إنما امرني باطلاقك دونه فقال لي ارجع إليه وقل له
خرجنا من دار واحدة جميعا وإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك
125

مقالا (حفانه) عنك فمضى وعاد وقال له لك قد أطلقت جعفرا
لك فخلا سبيله ومضى معه إلى داره
وحدثني أبو التحف المصري يرفع الحديث برجاله إلى أبي يعقوب
إسحاق بن ابان قال كان أبو محمد (ع) يبعث إلى أصحابه وشيعته صيروا
إلى موضع كذا وكذا والى دار فلان بن فلان العشاء والعتمة في كيلة
كذا فإنكم تجدوني هناك وكان المتوكلون به لا يفارقون باب الموضع الذي
حبس فيه (ع) بالليل والنهار وكان يعزل في كل خمسة أيام الموكلين
ويولى آخرين بعد أن يجدد عليهم الوصية بحفظه والتوفر على ملازمة بابه
فكان أصحابه وشيعته يصيرون إلى الموضع وكان عليه السلام قد سبقهم
إليه فيرفعون حوائجهم إليه فيقضيها لهم على منازلهم وطبقاتهم وينصرفون
إلى أماكنهم بالآيات والمعجزات وهو (ع) في حبس الأضداد
وروي ان أحدا أصحابه صار إليه وهو في الحبس وخلا به فقال له
أنت حجة الله في ارضه وقد حبست في خان الصعاليك فأشار بيده وقال (ع)
انظر فإذا حوليه روضات وبساتين وانهار جارية فتعجب الرجل فقال (ع)
حيث ما كنا هكذا لسنا في خان الصعاليك
عن أحمد بن مصقلة قال دخلت على أبي محمد (ع) فقال لي يا احمد
ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك والارتياب فقلت لما ورد
الكتاب بخبر مولد سيدنا (ع) لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ
الفهم الا قال بالحق قال (ع) اما علمتم ان الأرض لا تخلوا من حجة الله
126

ثم أمر أبو محمد (ع) والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومأتين وعرفها
ما يناله في سنة ستين ثم سلم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إلى القائم
الصاحب (ع) وخرجت أم أبي محمد (ع) إلى مكة وقبض أبو محمد (ع)
في شهر ربيع الاخر سنة ستين ومأتين ودفن بسر من رأى إلى جانب
أبيه أبي الحسن (ع) وكان من مولده إلى وقت مصيبته (ع) تسع
وعشرون سنة
(الخلف المهدي القائم الحجة المنتظر)
(صاحب الزمان (ع))
قرأت في كتب كثيرة بروايات كثيرة صحيحة انه كان لحكيمة
بنت أبي جعفر محمد بن علي (ع) جارية ولدت في بيتها وربتها وكانت
تسمي نرجس فلما كبرت دخل أبو محمد فنظر إليها فقالت له عمته حكيمة
أراك يا سيدي تنظر إليها فقال (ع) اني ما نظرت إليها متعجبا اما ان
المولود الكريم على الله يكون منها ثم أمرها ان تستأذن أبا الحسن أباه (ع)
في دفعها إليه فقلت فأمرها بذلك
وقرأت في كتاب الوصايا وغيره بان جماعة من الشيوخ العلماء
منهم عسلان الكلابي وموسى بن أحمد الفزاري وأحمد بن جعفر ومحمد
بأسانيدهم ان حكيمة بنت أبي جعفر عمة أبي محمد (ع) يوما وكنت ادعو
الله له ان يرزقه ولدا فدعوت له كما كنت ادعو فقال يا عمة اما انه يولد في
127

هذه الليلة وكانت ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين
المولود الذي كنا نتوقعه فاجعلي افطارك عندنا وكانت ليلة الجمعة قالت
حكيمة ممن يكون هذا المولود يا سيدي فقال (ع) من نرجس قالت
ولم يكن في الجواري أحب إلي منها ولا أخف على قلبي وكنت إذا
دخلت الدار تتلقاني وتقبل يدي وتنزع خفي بيدها فلما دخلت عليها
فعلت بي ما كانت تفعل فانكببت على يدها فقبلتها ومنعتها مما كانت
تفعله فخاطبتني بالسيادة فخاطبتها بمثلها فأنكرت ذلك فقلت لا تنكري
ما فعلت فان الله تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاما سيدا في الدنيا
الآخرة فاستحيت قالت حكيمة فتعجبت وقلت لأبي محمد (ع) لست
أرى بها اثر الحمل فتبسم (ع) وقال لي انا معاشر الأوصياء لا نحمل في
البطون ولكنا نحمل الجنوب وفي هذه اللية مع الفجر يولد المولود
الكريم على الله انشاء الله تعالى قالت حكيمة ونمت بالقرب من الجارية
وبات أبو محمد (ع) في صف فلما كان وقت الليل قمت إلى الصلاة
والجارية نائمة ما بها اثر ولادة واخذت في صلاتي ثم أوترت وانا في الوتر
فوقع في نفسي ان الفجر قد ظهر ودخل قلبي شئ فصاح أبو محمد (ع)
من الصف لم يطلع الفجر يا عمة فأسرعت الصلاة وتحركت الجارية فدنوت
منها وضممتها إلي وسميت عليها ثم قلت لها هل تحسين قالت نعم فوقع
على سبات لم تمالك معه ان نمت ووقع على الجارية مثل ذلك فنامت
وهي قاعدة فلم تنتبه الا ويحس مولاي وسيدي تحتها وإذا بصوت أبي
128

محمد (ع) وهو يقول يا عمتاه هاتي ابني إلي فكشفت عن مولاي (ع)
وإذا هو ساجد وعلى ذراعه الأيمن مكتوب جاء الحق وزهق الباطل
ان الباطل كان زهوقا فضممتها لي فوجدته مفروغا منه مطهر الختانة فحملته
إلى أبي محمد (ع) فأقعده على راحته اليسرى وجعل يده اليمنى على ظهره
ثم ادخل السبابة في فيه وامر يده على عينيه وسمعه وهما (صاهره) ثم قال
تكلم يا بني فقال اشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وان
أمير المؤمنين عليا ثم لم يزل يعد السادة الأوصياء (ع) إلى أن بلغ لي نفسه
ودعا لأوليائه على يديه بالفرج ثم صمت (ع) فقال أبو محمد (ع)
اذهبي به إلى أمه ليسلم عليها ورديه إلي فمضيت به وسلم عليها ورددته ووقع
بيني وبينه شئ كالحجاب فلم أر سيدي ومولاي فقلت لأبي محمد (ع)
يا سيدي أين مولانا فقال اخذه من هو أحق به منك ومنا فلما كان في
اليوم السابع جئت فسلمت وجلست فقال أبو محمد (ع) ائتيني إلي بابني
فجيئ بسيدي (ع) وهو في ثياب صفر ففعل به كفعاله الأولى ثم قال
له (ع) تكلم يا بني فقال اشهد ان لا إله إلا الله واثنى بالصلوات على محمد
وأمير المؤمنين والأئمة (ع) ووقف (ع) على أبيه ثم قرء بسم الله
الرحمن الرحيم (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم
أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما
منهم ما كانوا يحذرون) فخرجت من عندهم ثم عدوت فافتقدته فلم أره
فقلت لأبي محمد (ع) يا سيدي ما فعل مولانا (ع) فقال يا عمة استودعناه
129

الذي استودعته أم موسى
عن أبي هاشم الجعفري قال سمعت أبا الحسن علي بن محمد (ع) يقول
الخلف بعدي ابني الحسن فكيف بالخلف بعد الخلف فقلت ولم يا سيدي
فقال (ع) لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه فقلت فكيف
نذكره فقال (ع) قولوا الحجة من آل محمد (ص)
عن رسول الله (ص) انه أخبر الأمة بخروج المهدي خاتم الأئمة (ع)
الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وان عيسى (ع) ينزل عليه في وقت خروجه وظهوره ويصلي خلفه وهذا خبر قد اتفقت
عليه الشيعة والعلماء وغير العلماء والسنة والخاص والعام والشيوخ والأطفال
لشهرة هذا الخبر نعم ووجوب الحكمة من الله في غيبة صاحب الزمان
كوجوب الحكمة من الله بوجوب الغيبة من الحجج المتقدمة واستتارهم
وما هذا الجحود الظاهر منهم الا لقلة تمييزهم وفهمهم وعلمهم بالشرايع
المتقدمة وقد ألزمنا الله تعالى ورسوله (ص) الاقرار بالقائم المنتظر
المهدي (ع) قال الله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها)
ان الله سبحانه قد أخبر في قصة موسى (ع) انه قد كانت له شيعة بأمره
عارفون وبولايته متمسكون ولدعوته منتظرون حيث يقول جل وعز
(ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا
من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه)
الآية ولما أخبر الله تعالى في كتابه انه قد كان لموسى (ع) شيعة من قبل
130

ان تظهر دعوته وكانوا بأمره متمسكين وان لم يكونوا شاهدوا شخصه
علمنا أن الحكمة من الله سبحانه واتفقت السنة أهل العلم ان موسى (ع)
أظهر دعوته بعد رجوعه من عند شعيب (ع) حين سار باهله من بعد
السنين التي كان يرعى فيها اغنام شعيب (ع) وكان دخوله المدينة حين
وجد فيها الرجلين يقتتلان قبل مصيره إلى شعيب وكان القائل به وبنبوته
لم يكن يعرف شخصه وكان يفترض على نفسه طاعته وانتظار دعوته
ولولا أن الحجج الذين تقدموا شريعة موسى (ع) أخبروا بما يكون
من ظهور موسى (ع) وقتله الفراعنة والجبابرة لما كان فرعون يقتل
أولاد بني إسرائيل من طلب موسى (ع) وهو في حجره يربيه ولا يعرفه
ولو لم يكن في اخبارهم ما يكون من موسى (ع) من الحكمة التامة لأمسكوا
من ذلك حتى يظهر (ع) وقد جاءت الروايات الكثيرة في حجج الله
تعالى المتقدمة في عصر ادم إلى زماننا هذا بأنهم كان منهم المستخفون ومنهم
المستعلون ومن قبل كانت قصة إبراهيم (ع) مع النمرود كقصة موسى (ع)
فإنه بث أصحابه إلى طلبه ليقتله وهو كان في غيبته وكان له (ع)
شيعة ينتظرون ظهوره وإذا جاز في حكمة الله تعالى غيبة حجة شهرا فقد
جازت الغيبة سنة وإذا جازت سنة جازت واحدة سنيين كثيرة على ما أوجبته
حكمة الله تعالى واستقامة تدبيره ومن المخالفين قوم يقولون بظهور المهدي (ع)
الا انهم يقولون إن الريب واقع عليهم لزعمهم بقائه من وقت وفات أبيه
الحسن الأخير (ع) إلى هذا الوقت فإنهم لم يشاهدوا من عمره أكثر من
131

مأة سنة الا وقد خرف وبطل وأشرف على الموت وما ذلك منهم الا لقلة
فهمهم وقلة ايمانهم بقدرة الله تعالى وجهلهم بما قصه الله تعالى في محكم
كتابه من قصة نوح (ع) وانه لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاما
فكذلك جائز في حكمته وقدرته ان يعمر الخلف الصالح الهادي المهدي
حجته البالغة وكلمته التامة وروايته الباقية (ع) ما شاء وأراد على ما توجبه
حكمته واستقامة امره إلى أن يظهر امره ويتمم به ما وعده الله تعالى ورسوله (ص)
وروي ان مولانا الحجة صاحب الزمان قام بأمر الله تعالى سرا
الا عن ثقاته في سنة ستين ومأتين وله أربع سنين وستة أشهر وكان المعتمد
يصر على طلبه ليطفئ نور الله فأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون
والرواية الصحيحة ان القائم (ع) ولد يوم الجمعة مع طلوع الفجر
لأربع عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين واتفقت
الشيعة على أن دلائل حجة صاحب الزمان (ع) تظهر لثقاته وبعض مواليه
من الغيبة وان كتبه وتوقيعاته كانت تخرج على يد أبي عمر وعثمان العمرى
إلى الشيعة بالعراق مدة
(ومن دلائل صاحب الزمان (ع))
(التي ظهرت من الغيب)
ما روت الشيعة عن أحمد بن الحسين المادراني أنه قال وردت الجبل
مع شماتكين وانا لا أقول بالإمامة الا اني كنت أحب أهل البيت (ع)
132

جملة إلى أن مات يزيد بن عبد الله التميمي صاحب شهرورد وكان من
ملوك الأطراف وله نتاج من الدواب الموصوفة بالنزاهة تعرف بالمعروفيات
فأوصى إلي في حال علته التي توفي فيها ان ادفع شهريا كان له خاصته
وسيفه ومنطقته إلى من سماه صاحب الزمان (ع) فخفت ان لم ادفع
الشهري إلى إذ كوتكين بن سماتكين ان يلحقني منه تكبر ففكرت
في نفسي وقومت الشهري والسيف والمنطقة في نفسي سبعمائة دينارا ولم اطلع
على ذلك أحدا من خلق الله إذ ورد علي توقيع من العراق وجه بالسبع
المائة الدينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري والسيف والمنطقة فامنت به (ع)
وسلمت وصدقت واعتقدت الحق وحملت المال
وروي عن أبي القاسم الجليسي أنه قال مرضت بالعسكري مرضا
شديدا أعني بسر من رأى حتى أيست من نفسي وأشرفت على الموت
فبعث إلي من جهته (ع) قارورة فيها بنفسج مربى من غير أن سالت
ذلك وكنت اكل منها على غير مقدار فعوفيت عند فراغي منها وفنى
ما كان فيها
وروي عن الحسن بن جعفر القزويني قال مات بعض إخواننا من
أهل فانيم من غير وصية وعنده مال دفين لا يعلم به أحد من ورثته فكتب
إلى الناحية يسأله عن ذلك فورد التوقيع في البيت في الطاق في موضع
كذا وكذا وهو كذا وكذا فقلع المكان واخرج المال
عن العليان قال ولدت لي ابنة فاشتد غمي بها فشكوت ذلك فورد
133

التوقيع ستكفي مؤنتها فلما كان بعد مدة ماتت فورد التوقيع الله تعالى
ذو أناة وأنتم تستعجلون
عن أبي جعفر (ع) أنه قال إن لصاحب الزمان (ع) بيتا يقال له
بيت الحمد فيه سراج يزهر منذ يوم ولد إلى أن يقوم (ع) بالسيف
أحمد بن محمد الجليلي قال شككت بصاحب الزمان بعد مضى أبي
محمد (ع) فخرجت إلى العراق وخرجت إلى خارج الرسا وكنت سمعت
ان حاجزا من وكلاء الناحية حرم أبي محمد (ع) وانه وكيل صاحب
الزمان (ع) سرا الا عن ثقات الشيعة فدفعت إليه خمسة دنانير وكتبت
رقعة سالت فيها الدعاء لي وتسميت في ترجمة الرقعة بغير اسمي واسم أبي دون ما سميت به
ولم يكن حاجز ولا غيره ممن حضر وعرفني فامنت به (ع) واعتقدت
امامة القائم (ع) فقال لعن الوقاتون
حدث محمد بن جعفر قال خرج بعض إخواننا يريد العسكر في أمر
من الأمور قال فوافيت عكبرا فبينما انا قائم أصلي إذ أتاني رجل بصرة
مختومة فوضعها بين يدي وانا أصلي ومضى فلما انصرفت من صلاتي فضضت
خاتم الصرة وإذا فيها رقعة بشرح ما خرجت له فانصرفت من عكبرا
وكتب رجلان في حمل لهما فخرج التوقيع بالدعاء لواحد منهما وخرج
للاخر يا حمدان آجرك الله فأسقطت امرأته وولد للاخر ولد
وعن محمد بن أحمد قال شكوت بعض جيراني ممن كنت اتاذي به
134

وأخاف شره فورد التوقيع انك ستكفي امره قريبا فمن الله بموته في
اليوم الثاني
وعن أبي محمد الثمالي قال كتبت في معنيين واردت ان اكتب في
معنى الثالث فقلت في نفسي لعله (ع) يكره ذلك فخرج التوقيع في
المعنيين وفي المعنى الثالث الذي أسررته ولم اكتب به
وروي ان علي بن محمد الصيمري كتب يسأل كفنا فكتب إليه (ع)
انك تحتاج إليه في سنة ثمانين وبعث إليه ثوبين فمات رحمه الله في سنة ثمانين
وحدث عن الحسن بن حنيف عن أبيه قال حملت حرما من المدينة
إلى الناحية ومعهم خادمان فلما وصلنا إلى الكوفة شرب أحد الخدم
مسكرا في السر ولم نقف عليه فورد التوقيع برد الخادم الذي شرب
المسكر فرددناه من الكوفة ولم نستخدم به
عن الحصني قال خرج في أحمد بن عبد العزيز توقيع انه قد ارتد
فتبين ارتداده بعد التوقيع بأحد عشر يوما
يقول الفقير إلى الله الغني شير محمد بن صفر علي الهمداني الجورقاني
هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه النسخة منها وكانت النسخة
للعالم العامل محمد الحر العاملي صاحب (الوسائل) وعلى ظهرها ما هذا نصه
دخل في ملكي
الفقير محمد الحر العاملي
سنة 1087
135

(فهرس عيون المعجزات)
2 رد الشمس لأمير المؤمنين (ع) مرتين
4 خطاب الشمس له
6 قصة الآنية والجام النازلة من السماء
.. لما قلع باب خيبر دخل الخندق وحمله على رأسه حتى عبر الجيش
7 حديثه (ع) مع الثعبان في مسجد الكوفة
8 حديثه مع أصحاب الكهف
10 اخباره (ع) بمساكن كسرى وكلامه مع الجمجمة
12 اخبار الكلب بحق أمير المؤمنين الواجب على الأمة
13 أسباب نزول سأل سائل بعذاب واقع
14 حديث الحوتين مع أمير المؤمنين
15 سلام الأسد عليه (ع) 15 كشفه عن حال المرأة الحامل وتبريته لها
20 من ألقابه (ع) النبأ العظيم
22 احياؤه الميت المذبوح وبقي إلى أن قتل بصفين
23 شهادة الجمل له (ع) بالوصاية
136

23 رجل من شيعته أراد تطهيره بالنار فلم تحرقه
24 بيتان لعامر بن ثعلبة أولهما (علي حبه جنة الخ)
29 ما جرى لأمير المؤمنين مع رسول معاوية
30 معجزة لأمير المؤمنين يرويها عمار
31 اجتذب أمير المؤمنين شعرات من لحية معاوية
31 استدلاله (ع) على صحة المعجز منه بما صدر من آصف
31 قوله (ع) لو طرحت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة الخ
33 أبيات له (ع)
34 عمر بن الخطاب يحدث بمعاجز لأمير المؤمنين
35 احتجاج أمير المؤمنين على أبي بكر بأنه أحق منه بمقام الرسول
36 ما جرى لأمير المؤمنين مع غطرفة الجني
39 عاقبة الناصبي السائب لأمير المؤمنين
40 عيادة أمير المؤمنين لصعصعة بن صوحان لما مرض
41 عبد الله بن العباس يصف عليا (ع) في بعض أيام صفين
43 كان أمير المؤمنين إذا رأى ابن ملجم يقول هذا قاتلي
44 وصيته (ع) للحسنين (ع) عند الممات
44 وقت وفاته وموضع دفنه وعمره
45 لما ضرب أمير المؤمنين وجد تحت أحجار بيت المقدس دم عبيط
137

ص
46 كانت الزهراء تزهر لأهل السماء
46 تحدث أمير المؤمنين (ع) بما كان ويكون
47 وقت وفاتها ومدت عمرها وموضع قبرها
48 غضبه (ع) لما بلغه ما عز عليه القوم من نبش قبرها
48 كانت فاطمة طاهرة مطهرة
48 تزويج فاطمة في السماء
50 الصكاك التي نثرتها شجرة طوبى يوم الزواج
51 تحدث أمها خديجة وهي حامل
52 كانت ولادة الحسن (ع) مثل ولادة جده وأبيه
53 حديث الحسنين في حديقة بني النجار
54 اخبار الحسن بولادة السيد الحميري الشاعر
54 حديثه مع حبابة الوالبية
56 عيسى (ع) يصلي خلف المهدي (ع)
56 الحسين (ع) يستسقي لأهل الكوفة وأجاب الله دعاءه
65 سقوط الإمام الباقر (ع) في البئر وهو صغير
65 وقت وفاة السجاد وموضع دفنه
67 الإمام الباقر (ع) يرد على أبي بصير بصره
68 قول الباقر (ع) ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج
138

ص
68 إذا ولد الامام رفع له عمود نور يرى به اعمال العباد
68 كرامة للباقر مع حبابة الوالبية
69 خبر الخيط المعروف
75 سنة وفاة الباقر وموضع دفنه
76 أم الصادق من الصالحات القانتات
76 روايتها عن السجاد انه يدعو لمذنبي الشيعة في كل ليلة مائة مرة
78 معجزة للإمام الصادق مع الخراسانيين الذين فقدوا الكيس
78 كان الصادق يضع يده على صدره ويقول هنا علم الكتاب
79 كشفه عن حال السمكة الساقطة من السحاب عند المنصور
80 كان المنصور يقول قتلت ألفا من ذرية فاطمة وبقى سيدهم
81 مشاهدة المنصور للأفعى لما عزم على قتل الامام
83 حديث السفينة والبحر
84 وصيته إلى الإمام الكاظم (ع) وقت وفاته وموضع دفنه
86 ولادة الإمام الكاظم واسم أمه وان ولادته مثل ولادة ابائه
87 لم يتعرض المنصور للكاظم بسوء حتى مات
87 ما لاقاه الكاظم من المهدي العباسي
88 اخبار الكاظم (ع) بموت رجلا من أصحابه وهو في الري
88 شهادة الكاظم (ع) بان رشيد الهجري يعلم علم المنايا
139

89 بيانه (ع) لصفات الإمام الحجة على الخلق
89 حديث الدراعة التي أهداها له ابن يقطين
90 تعاليم يفيضها الكاظم (ع) على ابن يقطين
91 ما جرى منه (ع) مع كلبة الرشيد
93 اخباره (ع) المسيب بخروجه من السجن إلى المدينة ليعهد إلى
ولده الرضا
95 قوله (ع) للسندي لما اكل من الرطب قد بلغت ما تحتاج إليه
96 النص على الرضا (ع) واسم أمه وحديث شرائها
97 من دلائل إمامته اخباره بنكبة البرامكة
98 قوله (ع) انا وهارون ندفن فيبيت واحد
98 ارشاده (ع) الرجل الواقفي إلى الحق
100 ما جرى عليه من غلمان المأمون وظهور الكرامة
102 اخباره (ع) بان المأمون يسمه في العنب
105 الكرامة التي ظهرت عند دفنه
107 كانت أم الجواد من أفضل النساء
107 وقت ولادته وانها كولادة ابائه
107 اخبار الرضا بأنه يرزق ولدا واحدا يكون وصيه
108 حديث اجتماع الفقهاء في دار ابن الحجاج للمذاكرة في أمر الامام
140

110 اخباره (ع) إسحاق بن إسماعيل بان امرأته تأتي بذكر
110 ما جرى بينه وبين يحيى ابن أكثم
111 تزويجه من أم الفضل
113 اخباره أبا فرج الرخجي بأنه يعلم ما في دجلة من الوزن
113 تذمر أم الفضل منه
118 سمته أم الفضل بعنب رازقي ووقت وفاته وموضع دفنه
118 كانت أم الهادي (ع) من الطاهرات
119 النص على إمامته من أبيه واخباره بموت أبيه الجواد
119 كتابه بريحة إلى المتوكل باخراج الهادي من الحرمين
120 ابراؤه (ع) الأكمه واحياؤه الحمار الميت
121 لم يظهر (ع) سرورا عند ولادة ابنه جعفر
121 قوله (ع) فيه سيضل خلقا
121 اخباره بموت المتوكل، وحديث ركوب المتوكل والإمام عليه السلام
يمشي
122 الوقت الذي فيه المتوكل
122 وقت شهادة الامام وموضع دفنه
123 أم الإمام العسكري (ع) من العارفات الصالحات
123 النص عليه من أبيه
141

124 اخباره (ع) أبا هاشم بخروجه من الحبس
124 اخباره لبعض أصحابه بموت ولده
125 الإمام (ع) لا يحتلم
125 مراعاته لحال أخيه جعفر
126 إرائته لبعض أصحابه الرياض والبساتين وهو في خان الصعاليك
127 أم الإمام العسكري حجت سنة 259 بأمره وقبض بعد خروجها
127 وقت وفاته وموضع دفنه وأيام عمره
127 كانت ولادة نرجس في بيت حكيمة بنت الجواد (ع)
128 وقت ولادة الحجة (ع) في النصف من شعبان
128 كرامة ظهرت عند ولادته (ع)
.. في أحوال الحجة (ع)
142