الكتاب: العقد النضيد والدر الفريد
المؤلف: محمد بن الحسن القمي
الجزء:
الوفاة: ق ٧
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: علي أوسط الناطقي / المساعد : سيد هاشم شهرستاني ، لطيف فرادي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٣ - ١٣٨١ش
المطبعة: دار الحديث
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
ردمك: ٩٦٤-٧٤٨٩-٢٤-٢
ملاحظات: مركز الطباعة والنشر في دار الحديث - قم - شارع معلم - قرب ساحة الشهداء - الرقم ١٢٥ الهاتف : ٠٢٥١٧٧٤٠٥٤٥ - ٠٢٥١٧٧٤٠٥٢٣ ص . ب : ٤٤٦٨ / ٣٧١٨٥ / عنوان الاينترنت : www.hadith.net/mizan البريد الالكتروني : hadith@hadith.net

بسم الله الرحمن الرحيم
مؤسسة دار الحديث الثقافية
دار الحديث الطباعة والنشر
1

قمي، محمد بن حسن
العقد النضيد والدر الفريد في فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت النبي (عليهم السلام) / تأليف محمد بن الحسن القمي؛ التحقيق: علي
أوسط الناطقي. - - قم: دار الحديث، 1422 ق = 1380.
244 ص.
1500 تومان ISBN: 964 - 7489 - 42 - 2
عربي.
كتابنامه: ص. 225 - 229؛ همچنين به صورت زير نويس.
1. خاندان نبوت - فضائل. 2. أحاديث شيعه. الف. ناطقى، على أوسط، 1322 -، مصحح. ب. عنوان.
9 / 297
71380 ع 8 ق / 36 BP
2

العقد النضيد والدر الفريد
في فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت النبي (عليهم السلام)
تأليف
محمد بن الحسن القمي
تحقيق
علي أوسط الناطقي
3

العقد النضيد والدر الفريد
تأليف: محمد بن الحسن القمي
تحقيق: علي أوسط الناطقي
المساعد: سيد هاشم شهرستاني، لطيف فرادي
مقابلة النص: محمود سپاسي، مصطفى أوجي
نضد الحروف: سيد علي موسوي كيا
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
الطبعة: الأولى، 1423 ق / 1381 ش
المطبعة: ستاره
النسخ: 3000
الثمن: 1500 تومان
مؤسسة دار الحديث الثقافية
دار الحديث الطباعة والنشر
مركز الطباعة والنشر في دار الحديث
قم، شارع معلم، قرب ساحة الشهداء، الرقم 125 ص. ب: 4468 / 37185
الهاتف: 7740545 - 7741650 - 7740523 0251
شابك: 2 - 95 - 7489 - 964
ISBN: 964 - 7489 - 42 - 2
4

تصدير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله الطيبين
الطاهرين.
وبعد، فلا غرو أن الحديث الشريف من أهم مصادر المعرفة الإسلامية؛ لأنه
يعد أوسع وأغنى مصدر بعد القرآن الكريم للأحكام والقوانين التشريعية. هذا من
جهة، ومن جهة أخرى فإن البحوث والدراسات الحديثية لها حصة الأسد من
التراث، قد اختصت بالحديث الشريف رواية وحملا ونقدا وجمعا وترتيبا
وتبويبا.
ورغم الأوامر التي فرضت بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) بمنع نقل الحديث وتدوينه،
- خصوصا أحاديث فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت النبي (عليهم السلام) -، ورغم الجهود
التي بذلت لمحو آثار أهل البيت وإطفاء نورهم من قبل خلفاء الجور بني أمية
وبني العباس، فإن (الله متم نوره ولو كره الكافرون)؛ لذا نهض كثير من العلماء
وأئمة الحديث بمهمة جمع أحاديث الفضائل، وأفردوا لها رسائل وكتبا تعرف
ب‍ " كتب الفضائل " أو " المناقب ". وقد وصل إلينا قسم منها وفقد الكثير. ومن
التي وصلت وبقيت مهجورة وتراكم عليها غبار الزمن في رفوف المكتبات
5

هذا الكتاب الذي بين يديك، والموسوم ب‍ (العقد النضيد والدر الفريد) في فضائل أمير
المؤمنين وأهل بيت النبي (عليهم السلام).
واليوم يسر مركز البحوث في دار الحديث أن يصدر هذا السفر القيم والتراث
الخالد، ويقدمه هدية لمكتبة أهل البيت (عليهم السلام).
ولقد اضطلع بتحقيقه وتصحيحه الأخ الكريم حجة الإسلام علي أوسط
الناطقي. نسأل البارئ عزوجل أن يجعل هذا الجهد ذخرا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون،
إنه سميع الدعاء.
قسم إحياء التراث
مركز بحوث دار الحديث
شعبان المعظم 1422
6

مقدمة التحقيق
المؤلف
هو الفاضل المحدث محمد بن الحسن القمي (1).
حياته
لم يعرف شيء عن حياة المؤلف؛ ذلك أن المصادر التي بأيدينا لم تذكره، إلا ما ورد في
" أعيان الشيعة - المستدركات " حيث اقتصر على ذكر اسمه والتعريف بالمخطوطة، فقال:
محمد بن الحسن القمي من أعلام القرن السابع أو ما بعده، وله كتاب " العقد النضيد
والدر الفريد " في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، محذوفة الأسانيد، رأيته عند زميلنا السيد
محمد علي الروضاتي الأصفهاني، والنسخة من نسخ القرن التاسع ناقصة الآخر، صرح
المؤلف باسمه في أوله (2).
محتوى المخطوطة
تحتوي المخطوطة على أحاديث وقصص وحكايات ملتقطة من كتب شتى محذوفة
الأسانيد، وقد صرح المصنف في بعضها تارة باسم المصدر وتارة باسم صاحب المصدر.
وكان عددها أربعة وعشرين ومائة حديث مرتبة وفق التسلسل الذي أورده.

1. صرح بهذا الاسم في أول كتابه، فقال: وكتب العبد المتوسل بالنبي الأمي محمد بن الحسن القمي.
2. " أعيان الشيعة - المستدركات " ج 3، ص 213.
7

مصادر الكتاب
فيما يلي أسماء بعض المصنفين وأسماء مصنفاتهم التي اعتمدها المؤلف:
1. الشيخ الحافظ المفيد أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين الخزاعي
الرازي النيشابوري، المتوفى بحدود (510 ق)، تلميذ السيدين الرضي والمرتضى، والشيخ
الطوسي، وسلار، وابن البراج، والكراجكي.
من مصنفاته: " الأمالي "؛ " سفينة النجاة "؛ " مناقب أهل البيت "؛ " العلويات "؛
" الرضويات "؛ " مختصرات شتى في المواعظ "؛ " عيون الأخبار "؛ " كتاب الأربعين عن
الأربعين ".
ومن المؤسف حقا أن هذه المصادر فقدت جميعها إلا كتاب " الأربعين عن الأربعين ".
وقد وردت ترجمته وآثاره في المصادر التالية:
" الذريعة إلى تصانيف الشيعة " ج 2 / 311، 11 / 240؛ " أعيان الشيعة " 7 / 464؛
" أمل الآمل " 2 / 147؛ " روضات الجنات " 4 / 315؛ " ريحانة الأدب " 5 / 360؛ " طبقات
أعلام الشيعة " - القرن الخامس، 104؛ " الكنى والألقاب " 3 / 199.
نقل المصنف عنه الأحاديث 53، 54، 55، 115. مصرحا باسمه.
2. الإمام الشهيد محمد بن أحمد بن الفتال الفارسي النيشابوري (القرن السادس)،
من مشايخ أبي علي الطوسي ابن شهرآشوب (المتوفى 588 ق) صاحب المناقب، والشيخ
منتجب الدين (المتوفى 585 ق)، وهو من تلاميذ ابن الشيخ الطوسي.
من تأليفاته: " روضة الواعظين وتبصرة المتعظين "؛ " التنوير في معاني التفسير "،
ونسب المصنف إليه كتاب " حلية الأولياء " في الحديث 45.
وردت ترجمته في المصادر التالية:
" أمل الآمل " 2 / 260؛ " الذريعة " 11 / 305، 4 / 469؛ " روضات الجنات " 6 / 253؛
" ريحانة الأدب " 4 / 291؛ " الكنى والألقاب " 3 / 13؛ " معالم العلماء " 116؛ " معجم
8

المؤلفين " 9 / 200؛ " بحار الأنوار " 1 / 9.
نقل عنه المصنف الحديثين 45، 88 مصرحا باسمه.
3. أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي - أو - النيشابوري (قبل القرن السادس).
ذكره منتجب الدين وابن شهرآشوب.
له كتاب " ما نزل من القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) ".
ونقل عنه السيد ابن طاووس في " كتاب اليقين " والمجلسي في " بحار الأنوار ".
نقل عنه المصنف الحديث 54 مصرحا باسمه.
4. أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني (410 ق).
من تأليفاته: " تأريخ أصفهان "؛ " تفسير المسند للقرآن "؛ " الجامع المختصر في
الطب "، " مناقب الطالبيين ".
انظر ترجمته في المصادر التالية:
" هدية العارفين " 1 / 71؛ " ريحانة الأدب " 8 / 200؛ " الكنى والألقاب " 1 / 406؛
" معالم العلماء " 128؛ " معجم المؤلفين " 1 / 316.
نقل عنه المصنف الحديثين 44، 92.
5. أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الشيخ المفيد (413 ق).
نقل عنه المصنف الأحاديث 108 - 118.
6. أبو المؤيد، الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي (568 ق).
من تأليفاته:
" مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة "؛ " مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) "؛ " مقتل الحسين (عليه السلام) ".
وردت ترجمته في المصادر التالية:
" الأعلام " 8 / 289؛ " ريحانة الأدب " 1 / 87؛ " الكنى والألقاب " 2 / 15؛ " لغت نامه -
دهخدا " أخطب؛ " معجم المؤلفين " 3 / 940.
نقل عنه المصنف الأحاديث 57 - 80، 122 - 124.
9

نسخة التحقيق
إن النسخة الفريدة التي وصلت إلينا هي نسخة الأستاذ الحجة السيد محمد علي
الروضاتي الأصفهاني حفظه الله، وهي من نسخ القرن التاسع، وهي ناقصة الآخر، وقد سقط
منها مقدار لا يعلم، والتحريف والتصحيف يشكلان ظاهرة مميزة فيها.
لذا كثفنا البحث للعثور على نسخة أخرى تسعفنا في التحقيق، فكانت لنا جولة واسعة
في فهارس مخطوطات المكتبات العامة والخاصة داخل الجمهورية الإسلامية وخارجها،
فلم نعثر على بارقة أمل. ولذا اعتمدنا هذه النسخة على ما فيها.
فكان عملنا شاقا وطريقنا وعرا لإحياء هذا الكتاب الذي يثبت الحقائق ويكشف عن
مناقب أمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين (عليهم السلام).
مراحل العمل
المرحلة الأولى: كتابة النسخة ومقابلتها؛ لنحصل على نص صحيح.
المرحلة الثانية: تخريج الأحاديث والأخبار والأشعار من المصادر الروائية
والتأريخية وكتب التراجم والفضائل والمناقب والمثالب، وقد استعنا بالوسائل الحديثة
(الحاسوب) للعثور على النصوص المعتمدة، خاصة أحاديث الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
واستغرقت منا هذه المرحلة وقتا طويلا. لكن رغم كل المحاولات المبذولة لم نعثر
- وللأسف الشديد - على مصادر بعض الأحاديث والأخبار والأشعار. والسبب في ذلك
يعود إلى أن بعض المصادر التي اعتمدها المؤلف قد فقدت من المكتبات.
المرحلة الثالثة: تقويم النص وتنزيل الهوامش.
لقد كان همنا هو تثبيت الكتابة الصحيحة للنسخة. وفي موارد الاختلاف بين النسخة
والمصادر أثبتنا الموجود في النسخة وأشرنا في الهامش إلى ما ذكر في المصدر. وفي حالة
وجود سقط في النسخة أتممناه من المصدر وأشرنا إليه في الهامش. وفي حالة وجود زيادة
في المصدر وضعنا الزيادة بين قوسين معقوفين.
10

هذا وقد بذلنا جهدنا لتقديم متن يمكن الاعتماد عليه والاطمئنان إليه، وقد أشرنا في
الحاشية أيضا إلى أكثر من مصدر لهذا الغرض.
وأستميح العلماء والمحققين الكرام عذرا مما قد فاتني التنبه إليه أو غفلت عنه في
غضون هذا العمل المتواضع آملا منهم إبداء آرائهم وإرشاداتهم القيمة، ولهم منا سلفا جزيل
الشكر والتقدير.
وفي الختام أتقدم بالشكر الجزيل والثناء الجميل إلى كل من أعانني على إنجاز العمل،
وأخص منهم بالذكر فضيلة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ مهدي المهريزي مسؤول مركز
البحوث في دار الحديث، والأستاذ محمد علي الروضاتي الأصفهاني، حيث وضع النسخة
الفريدة للكتاب تحت أيدينا، والأخوين الشيخ فرج الله كريم زادة والسيد هاشم
الشهرستاني لمساعدتهما في قراءة النسخة ومراجعة جهاز (الحاسوب)، والأخ لطيف
الفرادى لمساعدته ومراجعته الأخيرة للنسخة.
أسأل الله لهم التوفيق لخدمة تراث أهل البيت (عليهم السلام)، وأن يجعل هذا الجهد ذخرا لنا في
يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأقدم ثوابه إلى روح المرحوم والدي. والحمد لله رب العالمين،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
علي أوسط عبد العلي زادة
المعروف ب‍ " الناطقي "
قم المقدسة، ربيع الثاني سنة 1422
11

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أحاديث ملتقطة من كتب شتى في فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت
النبي (عليهم السلام)، نقلتها محذوفة الأسانيد اختصارا، معتقدا لمكان صحتها، متوافقا في خير
الاحتمال في بعضها، مفوضا صدقها إلى الرواة والنقلة الثقات.
وكتب العبد المتوسل بالنبي الأمي محمد بن الحسن القمي وفقه الله لمراضيه:
الحديث الأول
عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد الصادق [عن أبيه]، عن آبائه (عليهم السلام)،
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
" ما خلق الله تعالى خلقا أكثر من الملائكة، وإنه لينزل من السماء كل مساء
سبعون ألف ملك، يطوفون بالبيت ليلتهم، حتى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيسلمون عليه، ثم يأتون [إلى] قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم
يأتون قبر الحسين [بن علي] (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يعرجون إلى السماء قبل أن
تطلع الشمس.
ثم تنزل ملائكة النهار سبعون ألف ملك، فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم، حتى
إذا غربت الشمس انصرفوا إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر أمير
13

المؤمنين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر الحسن (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر
الحسين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يعرجون إلى السماء قبل أن تغيب الشمس؛ والذي
نفسي بيده، إن حول قبره أربعة ألف ألف (1) ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى يوم
القيامة ".
وفي رواية أخرى: " قد وكل الله بالحسين (عليه السلام) سبعين ألف ملك شعثا غبرا،
يصلون عليه كل يوم، ويدعون لمن زاره، ورئيسهم ملك يقال له: منصور، فلا يزوره
زائر إلا استقبلوه، ولا يودعه مودع إلا شيعوه، ولا يمرض إلا عادوه، ولا يموت
إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته " (2).
الحديث الثاني
عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ جاء أعرابي فوقف علينا
- ونحن جماعة - وسلم، فرددنا عليه السلام، فقال: أيكم [البدر التمام ومصباح
الظلام] محمد بن عبد الله رسول الله [الملك العلام] أهذا هو الصبيح الوجه؟
- وأومأ بيده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - فقال النبي: " أنا رسول الله، اجلس يا أعرابي "
فجلس، فقال [له]: يا محمد، آمنت بك ولم أرك، وصدقتك قبل أن ألقاك، غير أنه
بلغني عنك أمر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " وأي شيء بلغك عني؟ ".
فقال: دعوتنا إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأجبناك، ثم
دعوتنا إلى الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد فأجبناك، ثم لم ترض عنا حتى
دعوتنا إلى موالاة [ابن عمك] علي بن أبي طالب ومحبته، أفأنت افترضت علينا من

1. في المصدر " آلاف ".
2. روى مثله ابن طاووس في كتاب اليقين: 298، الباب 89 وص 400 الباب 145، عن أربعين
ابن أبي الفوارس؛ عنه البحار 98: 62، باب 26، ح 40.
14

الأرض أم الله افترضه علينا من السماء؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " بل الله تعالى افترضه [في السماوات] على أهل السماوات
والأرض ".
قال الأعرابي: الرضا بما أمر الله تعالى وأمرت يا رسول الله؛ فإنه الحق [من عند
ربنا].
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا أعرابي، أعطيت في علي خمس خصال، الواحدة منهن خير
من الدنيا وما فيها، ألا أنبئك [بها] يا أعرابي؟ " قال: بلى يا رسول الله.
قال: " الأولى: كنت جالسا يوم بدر، فقد انقضت عنا الغزاة، هبط جبرائيل (عليه السلام)
وقال لي: إن الله يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد، آليت على نفسي بنفسي
وأقسمت علي بي أني لا ألهم حب علي إلا من أحببته أنا، فمن أحببته ألهمته حب
علي (عليه السلام) ".
ثم قال: " ألا أنبئك بالثانية؟ " قال: بلى يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " [كنت جالسا] وقد فرغت من جهاز عمي حمزة إذ أتى جبرئيل
- وقد هبط علي - وقال: يا محمد، إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: قد افترضت
الصلاة ووضعتها عن المعتل، وافترضت الصوم ووضعته عن المسافر، وافترضت
الحج ووضعته عن المقل (1)، وافترضت الزكاة ووضعتها عن المعدم، وافترضت حب
علي بن أبي طالب على أهل السماوات والأرض فلم أعط فيه رخصة ".
[ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم):] " يا أعرابي ألا أنبئك بالثالثة؟ " قال: بلى يا رسول الله.
قال: " ما خلق الله شيئا (2) إلا وجعل له سيدا؛ فالنسر سيد الطيور، والثور سيد
البهائم، والأسد سيد السباع، والجمعة سيد الأيام، ورمضان سيد الشهور، وإسرافيل
سيد الملائكة، وآدم سيد البشر، وأنا سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء ".

1. في البحار " المعتل ".
2. في الفضائل: " خلقا ".
15

[ثم قال:] " ألا أنبئك بالرابعة؟ " قال: نعم يا رسول الله.
قال: " حب على [بن أبي طالب] شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا،
فمن تعلق بغصن من أغصانها [في الدنيا] أورده (1) الجنة؛ وبغض علي [بن
أبي طالب] شجرة أصلها في النار [وأغصانها في الدنيا]، فمن تعلق بغصن من
أغصانها، أورده (2) النار ".
[ثم قال:] " يا أعرابي، ألا أنبئك بالخامسة؟ " قال: نعم يا رسول الله.
قال: " إذا كان يوم القيامة، ينصب لي منبر عن يمين العرش، ثم ينصب
لإبراهيم (عليه السلام) منبر بحذاء منبري عن يمين العرش، ثم يؤتى بكرسي عال مشرق زاهر
يعرف بكرسي الكرامة، فينصب بينهما، فأنا على منبري، وإبراهيم على منبره، وعلي
على كرسي الكرامة، فما رأت عيناي من حبيب بأحسن من حبيب بين خليلين ".
[ثم قال:] " يا أعرابي، أحب عليا حق حبه؛ [فإن الله تعالى يحب محبيه،
وعلي (عليه السلام) معي في قصر واحد ".
فعند ذلك] قال الأعرابي: سمعنا وأطعنا يا رسول الله (3).
الحديث الثالث
عن سلمة، عن زيد بن علي (عليه السلام) أنه قال: جاء رجل من أهل البصرة إلى أبي، سيد
العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: يا علي بن الحسين، إن جدك علي بن أبي طالب
قتل المؤمنين!
فهملت عينا علي بن الحسين (عليهما السلام) دموعا حتى ملأ كفيه [منها]، ثم ضرب

1 و 2. في الفضائل: " أدخله ".
3. روى مثله شاذان بن جبرئيل في الفضائل 154 - 156، وعنه بحار الأنوار: 4: 46 / 83؛ أربعون حديثا
لابن أبي الفوارس، الحديث الرابع عشر؛ والروضة في المعجزات والفضائل: 144. وما بين المعقوفات من
المصدر.
16

بها الحصى، فوالله لرأيت يبل القضبان الأربعة على الحصى من دموع علي بن
الحسين (عليهما السلام).
ثم قال: " يا أهل البصرة، لا والله ما قتل علي مؤمنا ولا قتل مسلما، وما أسلم
القوم، ولكن استسلموا وكتموا الكفر وأظهروا الإسلام، فلما وجدوا على الكفر
أعوانا أظهروه، وقد علمت صاحبة الخدر (1) والمستحفظون من آل محمد أن أصحاب
الجمل وأصحاب صفين [وأصحاب النهروان] لعنوا على لسان النبي الأمي، وقد
خاب من افترى (2).
وسمعت أبي سيد الشهداء (عليه السلام) أنه قال: جاءت امرأة شنيعة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)
[وهو] على المنبر وقد قتل أخاها وأباها، فقالت: هذا قاتل الأحبة!
فنظر إليها أمير المؤمنين فقال [لها]: يا سلفع يا جريئة يا بذية يا منكرة، التي
لا تحيض كما تحيض النساء، يا التي على هنها شيء بين مدلى!
قال: فمضت، وتبعها عمرو بن حريث [وكان عثمانيا] فقال [لها]: أيتها المرأة،
ما يزال هذا الرجل يسمعنا العجائب، فما ندري حقها من باطلها، وهذه داري فادخلي
إليها فإن لي فيها أمهات أولاد؛ حتى تنظرن أحقا قال أم باطلا وأهب لك شيئا.
فدخلت، فأمر أمهات أولاده فنظرن فإذا شيء على ركبها مدلى، فقالت: يا ويلها!
اطلع علي بن أبي طالب على شيء لم تطلع عليه إلا أمي أو قابلتي. قال: فوهب لها
عمرو بن حريث شيئا " (3).

1. كذا في النسخة وفي الاحتجاج " الجذب " وفي البحار " الجمل ".
2. إلى هنا رواه الطبرسي في الاحتجاج، 2: 310، الحديث 2 من باب احتجاج الإمام علي بن الحسين؛ وعنه
البحار 32: 343، الحديث 327.
3. الاختصاص: 303 - 304، عن أبي عبد الله (عليه السلام)؛ ورواه في بصائر الدرجات: 358 - 359، الباب 16 من الجزء
السابع، ح 16، عن الأصبغ بن نباتة؛ وبحار الأنوار 34: 256، ح 1003 عن الاختصاص؛ والروضة في
المعجزات والفضائل: 146؛ أربعون حديثا لابن أبي الفوارس، الحديث السادس عشر.
17

الحديث الرابع
عن أبي هريرة قال: مر علي بن أبي طالب (عليه السلام) بنفر من قريش في المسجد
فتغامزوا عليه، فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشكاهم [إليه]، فخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
غضبان، فقال [لهم]:
" يا أيها الناس، ما لكم إذا ذكر إبراهيم [وآل إبراهيم] أشرقت وجوهكم وطابت
نفوسكم، وإذا ذكر محمد وآل محمد قست قلوبكم وعبست وجوهكم؟! والذي
نفسي بيده، لو عمل أحدكم عمل سبعين نبيا ما دخل الجنة حتى يحب هذا وولده "
وأشار إلى علي بن أبي طالب، ثم قال: " إن لله حقا لا يعلمه إلا أنا وهو، وإن لي حقا
لا يعلمه إلا الله وهو، وإن لعلي حقا لا يعلمه إلا الله وأنا " (1).
الحديث الخامس
عن الفضيل بن يسار، عن الباقر، عن أبيه، عن جده الحسين (عليهم السلام) أنه قال:
" لما رجع علي (عليه السلام) من قتال أهل النهروان أخذ على النهروانات وأعمال العراق،
ولم يكن يومئذ بنيت بغداد (2)، فلما وافى ناحية " براثا " (3) صلى بالناس الظهر فرحلوا
ودخلوا إلى أوائل أرض بابل وقد وجبت صلاة العصر، فصاح المسلمون:
يا أمير المؤمنين، هذا وقت العصر قد دخل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هذه أرض
مخسوف بها قد خسف الله بها ثلاثا ويخشى عليها تمام الرابعة، ولا يحل لنبي
أو لوصي أن يصلي فيها، فمن أراد منكم أن يصلي فليصل. فقال المنافقون:

1. المسترشد لابن جرير: 616؛ بشارة المصطفى: 81؛ أربعون حديثا لابن أبي الفوارس، الحديث السابع عشر؛
وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار 27: 196 / 56 عن الفضائل والروضة.
2. في الفضائل " بني بيت ببغداد ".
3. في مراصد الاطلاع: براثا - بالمثلثة والقصر -: محلة كانت في طرف بغداد في قبلي الكرخ، وبني بها جامع
كانت تجتمع فيه الشيعة ويسبون الصحابة فيه، فأخذ الراضي من وجد فيه وهدمه، ثم أعاده بحلم وسعة...
18

هو لا يصلي فنحن لا نصلي (1).
قال جويرية بن مسهر العبدي (2): فتبعته في مائة فارس وقلت: والله لا أصلي أو
يصلي هو، ولأقلدنه صلاتي اليوم، قال: فسارع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن أقطع
[أرض] بابل وقد تدلت الشمس للغروب، ثم غابت واحمر الأفق، قال: فالتفت إلي
وقال: يا جويرية، هات الماء. قال: فقدمت إليه الإداوة (3) فتوضأ، ثم قال لي: أذن
يا جويرية، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما وجب العشاء بعد! قال (عليه السلام): أذن للعصر،
[فقلت في نفسي: كيف يقول أذن للعصر] وقد غربت الشمس! ولكن على الطاعة،
فأذنت، فقال لي: أقم، ففعلت، وإذا أنا في الإقامة إذ تحركت شفتاه بكلام كأنه منطق
الخطاطيف لا يفهم، فرجعت الشمس بصرير عظيم، ووقفت في مركزها من العصر،
فقام (عليه السلام) وكبر [وصلى] وصلينا وراءه، فلما فرغ من صلاته وقعت [الشمس] كأنها
سراج في طست، وغابت واشتبكت النجوم [وأزهرت]، فالتفت إلي وقال: أذن الآن
للعشاء يا ضعيف اليقين! " (4).
وفي رواية أخرى: " أنها انقضت كما ينقض الكوكب ".
وروي: أن الشمس ردت له في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة، وقد كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غشيه الوحي، فوضع رأسه في حجر علي بن أبي طالب وحضر

1. في الفضائل: " فقال المنافقون منهم: نعم هو لا يصلي ويقتل من يصلي! يعنون بذلك أهل النهروان ".
2. جويرية بن مسهر العبدي الكوفي، من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان الإمام يحبه حبا شديدا، قال له يوما:
" يا جويرية ليقتلنك العتل الزنيم، وليقطعن يدك ورجلك، ثم إنه ليصلبنك "، ثم مضى دهر حتى ولي زياد بن أبيه
في أيام معاوية، فقطع يده ورجله ثم صلبه. [تنقيح المقال 1: 238، رجال الطوسي: 37، رجال ابن داود: 67،
أعيان الشيعة 17: 195.]
3. في الفضائل " الإناء ".
4. روى نحوه شاذان بن جبرئيل في الفضائل: 68، وما بين المعقوفين منه.
19

وقت العصر، فلم يبرح من مكانه ومنزله حتى [غربت الشمس]، فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
وقال: " اللهم، إن عليا كان في طاعتك، فرد عليه الشمس ليصلي العصر "، فردها الله
تعالى عليه بيضاء نقية حتى صلى، ثم غربت (1).
وذكر هذا الخبر الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي (2) في كتابه المعروف
ب‍ " التبيان في الإيمان " قال: أخبرنا أبو بكر بن يحيى الأزدي، قال: حدثنا العلكي، عن
الحرمازي، عن شيخ من بني تميم - وكان الشيخ صدوقا - إنه لما رجع
أمير المؤمنين (عليه السلام) من قتال أهل النهروان...
الحديث السادس
عن أبان [بن] تغلب الكندي، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده
الحسين (عليهم السلام) قال:
" كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب في يوم الجمعة على منبر الكوفة إذ سمع وجبة
عظيمة وعدو الرجال يتواقعون بعضهم على بعض، فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا
أمير المؤمنين، ثعبان عظيم قد دخل من باب المسجد، ونفزع منه فنريد أن نقتله.
فقال (عليه السلام): " لا تقربنه أحد منكم، طرقوا له فإنه رسول جاء في حاجة " [فطرقوا له]
فما زال يتخلل حتى صعد المنبر، فوضع فاه (3) في أذن أمير المؤمنين (عليه السلام) فنق في أذنه

1. الفضائل لشاذان بن جبرئيل: 69، أربعون حديثا لابن أبي الفوارس، الحديث الثامن عشر؛ ورواه الشريف
الرضي في خصائص الأئمة: 56؛ المناقب للخوارزمي: 306 و 307، ح 301 و 302. مناقب الإمام
أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان 2: 516، باب ذكر رد الشمس. وفي النسخة: "... فرد علينا الشمس حتى
أصلي أنا وعلي العصر، فردها الله عليهما... حتى صليا... " وصححناه كما في المصادر، وقد ورد الحديث بطرق
كثيرة فراجع تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر (ترجمة الإمام علي (عليه السلام)) ج 2، ص 281 - 306 مع التعليقات؛
وبحار الأنوار 41: 166، باب رد الشمس له.
2. هو الإمام محمد بن إدريس بن العباس أبو عبد الله الشافعي (150 - 204 ق) ولم نعثر على كتابه.
3. في الفضائل: " فمه ".
20

نقيقا وتطاول وأمير المؤمنين يحرك رأسه، ثم نق أمير المؤمنين له بمثل نقيقه ونزل
عن المنبر وسار (1) بين الجماعة، فالتفتوا فلم يروه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما هذا
الثعبان؟ فقال (عليه السلام): هذا درجان بن مالك، خليفتي على الجن المسلمين، وذلك أنهم
اختلفوا في أشياء فأنفذوه علي، وقد جاء وسألني عنها، وأخبرته بجواب مسائله
فرجع " (2).
ولهذا أهل الكوفة يسمون الباب الذي دخل منه الثعبان: باب الثعبان. فأراد
بنو أمية إطفاء هذه الفضيلة، فنصبوا على ذلك الباب فيلا مدة طويلة حتى سمي باب
الفيل.
الحديث السابع
عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لما أسري بي إلى السماء أمر بعرض الجنة والنار علي فرأيتها جميعا، رأيت
الجنة وألوان نعيمها، ورأيت النار وألوان عذابها، فلما رجعت قال لي جبرئيل (عليه السلام): هل
قرأت يا رسول الله ما كان مكتوبا على أبواب الجنة وما كان مكتوبا على أبواب النار؟
فقلت: لا يا جبرئيل. قال: إن للجنة ثمانية أبواب، على كل باب منها أربع كلمات، كل
كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن تعلمها واستعملها، وإن للنار سبعة أبواب، على كل
باب منها ثلاث كلمات، كل كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن تعلمها وعرفها.
فقلت: يا جبرئيل، ارجع معي لأقرأها، فرجع جبرئيل (عليه السلام)، فقرأنا أبواب الجنة،
فإذا على الباب الأول منها [مكتوب]: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله،
لكل شيء حلية وحلية العيش أربع خصال: القناعة، ونبذ الحقد، وترك الحسد،
ومجالسة أهل الخير.

1. في الفضائل: " فانساب ".
2. روى نحوه شاذان بن جبرئيل في الفضائل: 71 مرسلا. وعنه بحار الأنوار 39: 171 / 11.
21

وعلى الباب الثاني منها [مكتوب]: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله،
لكل شيء حلية وحلية السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رؤوس اليتامى،
والتعطف على الأرامل، والسعي في حوائج المسلمين، وتفقد الفقراء والمساكين.
وعلى الباب الثالث مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛ لكل
شيء حلية وحلية الصحة في الدنيا أربع خصال: قلة الكلام، وقلة المنام، وقلة
المشي، وقلة الطعام.
وعلى الباب الرابع منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليكرم ضيفه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليبر والديه، من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
وعلى الباب الخامس منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي
ولي الله؛ من أراد أن لا يذل فلا يذل، من أراد أن لا يشتم فلا يشتم، من أراد أن
لا يظلم فلا يظلم، من أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا [والآخرة]
فليستمسك بقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله.
وعلى الباب السادس مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛
من أحب أن يكون قبره واسعا فسيحا فلينق المساجد، ومن أحب أن لا يأكله
الديدان تحت الأرض فليكنس المساجد، ومن أحب أن يبقى طريا تحت الأرض
ولا يبلى جسده فليشر بسط المساجد، ومن أحب أن يرى موضعه من الجنة قبل
موته فليسكن المساجد.
وعلى الباب السابع منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛
بياض القلب في أربع خصال: عيادة المريض، واتباع الجنائز، وشري الأكفان
للموتى، ودفع القرض.
وعلى الباب الثامن منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛
22

من أراد الدخول من هذه الأبواب الثمانية فليستمسك بأربع خصال: بالصدقة،
والسخاء، وحسن الأخلاق، وكف الأذى عن عباد الله.
ثم جئنا إلى أبواب جهنم فإذا على الباب الأول مكتوب ثلاث كلمات: (لعن الله
الكذابين، لعن الله الباخلين، لعن الله الظالمين) (1). من رجا الله سعد، ومن خاف الله
أمن، والهالك المغرور من رجا سوى الله وخاف غيره.
وعلى الباب الثاني مكتوب ثلاث كلمات: من أراد أن لا يكون عريانا في القيامة
فليكس الجلود العارية في الدنيا، ومن أراد أن لا يكون جائعا في الآخرة فليطعم
البطون الجائعة في الدنيا، ومن أراد أن لا يكون عطشانا في القيامة فليسق العطاش
في الدنيا.
وعلى الباب الثالث مكتوب ثلاث كلمات: لعن الله الكذابين (2)، لعن الله
الباخلين، لعن الله الظالمين.
وعلى الباب الرابع منها مكتوب ثلاث كلمات: أذل الله من أهان الإسلام، أذل الله
من أهان أهل بيت نبي الله، أذل (3) الله من أعان الظالمين على ظلمهم المخلوقين.
وعلى الباب الخامس منها مكتوب ثلاث كلمات: لا تتبع الهوى فإن الهوى
مجانب الإيمان، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط (4) من رحمة ربك، ولا تكن
عونا للظالمين فإن الجنة لم تخلق للظالمين.
وعلى الباب السادس مكتوب: أنا حرام على المجتهدين (5)، أنا حرام على
المتصدقين، أنا حرام على الصائمين.

1. ما بين القوسين زائدة، لأنها كررت في الفقرة الثالثة الآتية.
2. في بعض المصادر: " الكاذبين ".
3. في الفضائل: " لعن الله ".
4. في الفضائل: " فتقنط ".
5. في الفضائل: " المتهجدين ".
23

وعلى الباب السابع مكتوب ثلاث كلمات: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا،
ووبخوا أنفسكم قبل أن توبخوا، وادعوا الله عزوجل قبل أن تردوا عليه، ولا تقدرون على
ذلك " (1).
الحديث الثامن
عن مكحول، عن عياض بن غنم وعن عبد الله بن عباس أنهما قالا:
لما رجعنا من حجة الوداع مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلسنا مع النبي في مسجده، ظهر
الوحي عليه، فتبسم تبسما شديدا [حتى] بانت ثناياه، فقلنا: يا رسول الله، مم تبسمت؟
فقال: " من إبليس؛ مر بنفر يتناولون عليا، فوقف أمامهم، فقال القوم: من الذي
وقف أمامنا؟ فقال: أنا أبو مرة، فقالوا: وتسمع كلامنا؟ فقال: نعم، سوأة لكم! أتسبون
مولاكم علي بن أبي طالب؟!
فقالوا [له]: يا أبا مرة من أين علمت أنه مولانا؟ فقال: لقول نبيكم بالأمس:
" من كنت مولاه فعلي مولاه [اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره،
واخذل من خذله].
فقالوا: يا أبا مرة، فأنت من شيعته أو من مواليه؟ فقال: ما أنا من شيعته ولا من
مواليه، ولكني أحبه؛ لأنه وما يبغضه أحد منكم إلا شاركته في المال والولد، وذلك
قول الله تعالى أسمع (وشاركهم في الأموال والأولاد) (2).
فقالوا: يا أبا مرة، فتقول في علي شيئا؟ قال: نعم، اسمعوا مني: عبدت الله عزوجل
في الجان اثني عشر ألف سنة، فلما أهلك الله الجان شكوت إلى الله عزوجل الوحدة،

1. رواه في الفضائل: 150، شاذان بن جبرئيل عن ابن مسعود، بتفاوت في أول الحديث، ورواه الحمويني في
فرائد السمطين 1: 238 - 241 / 186 الباب السابع والأربعون؛ أربعون حديثا لابن أبي الفوارس، الحديث
الثاني والعشرون، وبحار الأنوار 8: 144 / 67.
2. الإسراء (17): 64.
24

فأوتي بي إلى السماء الدنيا، فعبدت الله فيها اثني عشر ألف سنة أخرى [مع
الملائكة]، فبينا نحن كذلك نسبح الله تعالى ونقدسه إذ مر بنا نور شعشعاني، فخرت
الملائكة لذلك سجدا فقالوا: نور نبي مرسل أو ملك مقرب، فإذا النداء من قبل الله
تعالى: لا نور نبي مرسل ولا ملك مقرب، هذا نور طينة علي بن أبي طالب ابن عم
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1).
الحديث التاسع
عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
" ما من قوم اجتمعوا يذكرون فضل محمد وآل محمد إلا هبطت [عليهم]
ملائكة من السماء حتى تحف بهم وتأنس بحديثهم، فإذا تفرقوا عرجت الملائكة
إلى السماء، فتقول لهم الملائكة: إنا نشم منكم رائحة ما شممنا رائحة أطيب منها،
فيقولون: كنا عند قوم يذكرون محمدا وأهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطرنا.
[فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرقوا ومضى كل واحد منهم إلى منزله،
فيقولون:] اهبطوا بنا إلى المكان الذي كانوا فيه [حتى نتعطر بذلك المكان] " (2).
الحديث العاشر
روي عن جميع بن عمير قال: دخلت على أم المؤمنين عائشة مع أمي وأنا
غلام، فذكرت لها عليا (عليه السلام)، فقالت:

1. روى مثله الصدوق في علل الشرايع 1: 172، ح 9، باب 120، في أن علة محبة أهل البيت (عليهم السلام) طيب الولادة،
عن سلمان؛ والأمالي: 284، ح 6، المجلس الخامس والخمسون؛ وعنهما البحار 39: 162 / 1؛ الفضائل:
158؛ الروضة في المعجزات والفضائل: 151؛ أربعون حديثا لابن أبي الفوارس، الحديث الثامن والعشرون.
2. روى نحوه الفتال النيشابوري في روضة الواعظين: 151؛ وعنه بحار الأنوار 38: 199 / 7؛ ومستدرك الوسائل
12: 392 / 14387.
25

ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله منه، وامرأة أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من
امرأته. وقالت له فاطمة يوما وأنا حاضرة: " فدتك نفسي يا رسول الله، صلى الله
عليك! أي شيء رأيت لي؟ " فقال: " يا فاطمة، أنت خير نساء البرية، وأنت سيدة
نساء الجنة " قالت: " فما ابن عمك علي؟ " فقال: " علي لا يقاس به أحد من الناس "
قالت: " والحسن والحسين؟ " قال: " هما ولداي وسبطاي وريحانتاي أيام حياتي
ومماتي ".
فأتى علي فقال: " فداك أبي وأمي يا رسول الله، أي شيء رأيت لي؟ ".
فقال: " يا علي، أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين في غرفة من درة؛ أساسها
من رحمة الله، وأطرافها من رضوان الله، وهي تحت عرش الله.
يا بن أبي طالب، بينك وبين نور الله باب فتنظر إليه وينظر إليك، وذلك وقت
ألجم الناس العرق، على رأسك تاج من نور قد أضاء نوره ما بين المشرق والمغرب،
وأنت ترفل في حليتين: حلة حمراء، وحلة وردية، خلقت وخلقتم وخلق محبونا
من طينة تحت العرش، وخلق مبغضونا من طينة الخبال " (1).
الحديث الحادي عشر
عن سعد بن عبادة الأنصاري (رحمه الله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لما عرج بي إلى السماء فكنت من ربي بقاب قوسين أو أدنى، سمعت النداء
من قبل الله عزوجل: يا محمد، من تحب ممن معك في الأرض؟ فقلت: [يا رب] أحب من
يحبه العزيز ويأمرني بحبه، فسمعت النداء من الله تعالى: يا محمد، أحب عليا فإني
أحبه وأحب من يحبه.

1. روى نحوه شاذان بن جبرئيل في الفضائل: 68؛ وعنه البحار 37: 78، ح 47؛ أربعون حديثا لابن
أبي الفوارس، الحديث الثاني والثلاثون. وروى شطرا منه أحمد بن شعيب النسائي في خصائص أمير المؤمنين:
155 - 157، ح 111 و 112.
26

فرجعت إلى السماء الرابعة، فلقيني جبرئيل (عليه السلام) فقال لي: يا رسول الله، ما قال
لك العزيز وما قلت له؟ فقلت: حبيبي جبرئيل سمعت النداء من قبل الله تعالى:
يا محمد، من تحب ممن معك في الأرض؟ فقلت: أحب من يحبه العزيز ومن
يأمرني بحبه، فبكى جبرئيل حتى علا منه النحيب وقال: والذي بعثك بالحق نبيا، لو
أن أهل الأرض كلهم يحبون عليا كما يحبه أهل السماء لما خلق الله نارا يعذب بها
[أحدا] " (1).
الحديث الثاني عشر
عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)،
فغضب [وقال:]
" ما بال أقوام يذكرون من له منزلة [عند الله كمنزلتي]؟!
ألا ومن أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني رضي الله عنه، ومن رضي الله عنه
كافأه الجنة.
ألا ومن أحب عليا تقبل الله صلاته وصيامه وقيامه، واستجاب الله دعاءه.
ألا ومن أحب عليا استغفرت له الملائكة وفتحت له أبواب الجنة (2)، يدخل من
أي باب شاء من غير حساب.
ألا ومن أحب عليا لا يخرج من الدنيا حتى يشرب من الكوثر ويأكل من شجرة
طوبى ويرى مكانه من الجنة.
ألا ومن أحب عليا هون الله عليه سكرات الموت، وجعل قبره روضة من رياض
الجنة.

1. الروضة في المعجزات والفضائل: 156؛ أربعون حديثا لابن أبي الفوارس، الحديث الثالث والثلاثون؛
وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار 39: 248، ح 11 عن الروضة والفضائل.
2. في تأويل الآيات: " الجنة الثمانية ".
27

ألا ومن أحب عليا أعطاه الله في الجنة بعدد كل عرق في بدنه حورا، ويشفع في
ثمانين ألفا من أهل بيته، وله بكل شعرة في بدنه مدينة في الجنة.
ألا ومن أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت برفق (1)، ودفع [الله] عنه سكرات (2)
منكر ونكير، ونور قبره، وبيض وجهه.
ألا ومن أحب عليا أظله الله في ظل عرشه مع الصديقين والشهداء.
[ألا ومن أحب عليا نجاه الله من النار] (3).
ألا ومن أحب عليا تقبل الله منه حسناته، وتجاوز عن سيئاته، وكان في الجنة
رفيق حمزة سيد الشهداء.
ألا ومن أحب عليا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأجرى على لسانه الصواب،
وفتح الله له أبواب الرحمة.
ألا ومن أحب عليا سمي في السماوات: أسير الله في أرضه.
ألا ومن أحب عليا ناداه ملك من تحت العرش: أن يا عبد الله، استأنف العمل
فقد غفر الله لك الذنوب كلها.
ألا ومن أحب عليا جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر.
ألا ومن أحب عليا وضع الله على رأسه تاج [الملك، وألبسه حلة العز]
والكرامة.
ألا ومن أحب عليا مر على الصراط كالبرق الخاطف.
ألا ومن أحب عليا وتولاه كتب الله له براءة من النار وجوازا على الصراط وأمانا
من العذاب.
ألا ومن أحب عليا لا ينشر له ديوان، ولا ينصب له ميزان، ويقال له: ادخل الجنة

1. في تأويل الآيات زيادة: " كما يبعثه للأنبياء ".
2. في كتاب الأربعين عن الأربعين: " هول منكر ونكير ".
3. الزيادة من كتاب الأربعين عن الأربعين.
28

بغير حساب.
ألا ومن أحب آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط.
ألا ومن مات على حب آل محمد صافحته الملائكة، وزاره الأنبياء، وقضى الله
له كل حاجة له عند الله عزوجل.
ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة " قالها ثلاثا (1).
قال قتيبة بن سعيد بن رجاء: كان حماد بن زيد يفتخر بهذا الحديث ويقول: هو
الأصل لمن يقر به (2).
الحديث الثالث عشر
عن الزهري، عن أنس بن مالك أنه قال:
كنا قعودا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحوله أصحابه إذ ضحك رسول الله، فقالوا:
يا رسول الله، أضحكت، زادك الله سرورا؟ قال:
" إن جبرئيل أتاني فبشرني ببشارة لم يبشرني بمثلها فيما مضى، أخبرني أن من
فتيان بني هاشم سبعا لم يخلق الله مثلهم فيما مضى، ولم يخلق مثلهم فيما بقي: أنا
محمد رسول الله سيد الأنبياء، وعلي وصيي سيد الأوصياء، وحمزة عمي
سيد الشهداء، وجعفر ابن عمي الطيار في الجنة، وابناي الحسن والحسين سيدا
شباب أهل الجنة، ومنا القائم الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم، وهو المهدي؛
وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي، على خده الأيمن

1. في المصادر - غير الأربعين - زيادة: " ألا ومن أبغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من
رحمة الله. ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة
الجنة ".
2. فضائل الشيعة: 2، ح 1؛ مائة منقبة: 64، المنقبة 37؛ تأويل الآيات 2: 863، ح 1، خاتمة الكتاب؛ كتاب
الأربعين عن الأربعين: 30، الحديث الأول. والحديث مطابق لما في الأربعين. ورواه الطبري في بشارة
المصطفى: 36؛ وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار 27: 114 / 89 و 39: 277 / 55 و 7: 221 / 133.
29

خال، يرضى بخلافته أهل الأرض والسماء والطير في الهواء " (1).
الحديث الرابع عشر
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - والمجلس غاص ببني هاشم
وغيرهم -:
" من أحب عليا وتولاه قربه الله وأدناه، ومن أبغض عليا وعاداه أبعده الله وأخره.
سبقت رحمة ربي لمن أحب عليا وتولاه، ووجبت لعنة ربي لمن أبغض عليا
وعاداه ".
الحديث الخامس عشر
عن الإمام علي بن موسى الرضا، عن آبائه (عليهم السلام): " أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يخطب
على منبر الكوفة - وهي الخطبة المعروفة بالغراء - وقال فيها:
أنا عبد الله وأخو رسول الله وزوج ابنته وأبو السبطين، أنا يعسوب الدين، أنا
مولى المؤمنين، أنا إمام المتقين، أنا الشفيع لشيعتي في يوم الدين، أنا قسيم الجنة
والنار، أنا حامل اللواء يوم القيامة، أنا صاحب الحوض والشفاعة، أنا حامل مفاتيح
الجنة.
فقام إليه المنذر بن الجارود وقال: يا أمير المؤمنين، أنت بالمكان الذي تذكر
وأبوك معذب في النار؟!
فقال: مهلا، فض الله فاك!! قال: أبي يعذب في النار وأنا ابنه قسيم الجنة والنار؟!
والله لو شفع أبي لكل مذنب على وجه الأرض لأجابه الله، وإن نور أبي ليطفئ نور
الخلائق يوم القيامة ما خلا نور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وسمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

1. نحوه في الكافي 8، ح 10؛ مناقب الإمام أمير المؤمنين، محمد بن سليمان الكوفي 1: 543 / 484؛
الصراط المستقيم 2: 241؛ الطرائف: 178؛ بحار الأنوار 51: 80 تاريخ الإمام الثاني عشر.
30

أنه قال: مثل عمي أبي طالب في هذه الأمة كمثل أصحاب الكهف في بني إسرائيل؛
أسروا الإيمان وأظهروا الكفر، فآتاهم أجرهم مرتين " (1).
الحديث السادس عشر
عن أنس بن مالك - مرسلا - عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" ليلة أسرى بي ربي عزوجل رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف من نور يلعب به كما
يلعب علي بن أبي طالب بذي الفقار، وأن الملائكة إذا اشتاقوا إلى علي بن أبي طالب
نظروا إلى وجه ذلك الملك، فقلت: يا رب، هذا أخي علي بن أبي طالب وابن عمي؟
فقال: يا محمد، هذا ملك خلقته على صورة علي يعبدني في بطنان عرشي، تكتب
حسناته وتسبيحه وتقديسه لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى يوم القيامة " (2).
الحديث السابع عشر
عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: [لما] خرج علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)
من نيسابور إلى المأمون فبلغ قرب قرية الحمراء، قيل له: يا بن رسول الله، قد زالت
الشمس أولا تصلي؟ فنزل (عليه السلام) فقال: " ائتوني بماء؟ " فقيل: ما معنا ماء، فبحث [(عليه السلام)]
بيده الأرض فنبع منها الماء فتوضأ به هو ومن معه. وأثره باق إلى اليوم.
فلما دخل سناباذ [استند] إلى الجبل الذي ينحت منه القدور، فقال: " اللهم انفع
به، وبارك فيما يجعل فيه وفيما ينحت منه ". ثم أمر (عليه السلام) فنحت له قدور من الجبل
وقال: " لا يطبخ ما آكله إلا فيها ". وكان (عليه السلام) خفيف الأكل، قليل الطعام، فاهتدى الناس

1. روى نحوه الطبرسي في الاحتجاج 1: 230، وعنه البحار 35: 69 / 3 عن الصادق (عليه السلام)، و 35: 11 / 39 بالإسناد
عن الكراجكي، باختلاف؛ الحجة على إيمان أبي طالب: 321 و 262؛ روضة الواعظين: 139؛ مائة منقبة:
174 المنقبة الثامنة والتسعون. أمالي الطوسي: 305 المجلس الحادي عشر، ح 612 / 59، و 701 المجلس
الأربعون، ح 1499 / 2.
2. رواه الصدوق في العيون 2: 139 / 15 عن الحسين بن علي بن محمد بن علي بن موسى عن أبيه، عن
آبائه (عليهم السلام)؛ وعنه البحار 18: 353 / 65 و 39: 109 / 14.
31

إليه من ذلك اليوم، وظهرت بركة دعائه [(عليه السلام)] فيه.
ثم دخل دار حميد بن قحطبة الطائي، ودخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد،
ثم خط بيده إلى جانبه، ثم قال: " هذه تربتي وفيها أدفن، وسيجعل الله هذا المكان
مختلف شيعتي وأهل محبتي، والله ما زارني منهم زائر ولا يسلم علي [منهم] مسلم
إلا أوجب الله له غفرانه ورحمته وشفاعتنا أهل البيت ".
ثم استقبل القبلة فصلى أربع ركعات ودعا بدعوات، فلما فرغ سجد سجدة طال
مكثه فيها، فأحصينا له فيها خمسمائة تسبيحة، ثم انصرف (عليه السلام) (1).
[الحديث] الثامن عشر
عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول:
" والله ما منا إلا مقتول شهيد "
فقيل له: ومن يقتلك يا بن رسول الله؟
قال: " شر خلق الله في زماني، يقتلني بالسم، ثم يدفنني في دار مضيعة وبلاد
غربة؛ ألا فمن زارني في غربتي كتب الله [تعالى] له أجر مائة ألف مجاهد ومائة ألف
شهيد ومائة ألف صديق ومائة ألف حاج ومعتمر، وحشر في زمرتنا، وجعل في
الدرجات العلى في الجنة رفيقنا " (2).
[الحديث] التاسع عشر
عن الصادق عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم، قال:
" ستدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله له الجنة

1. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 147، ب 39، ح 1؛ عنه البحار 49: 125 / 1، ب 12.
2. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 287، ب 66، ح 9؛ روضة الواعظين 1: 233؛ ورواه الصدوق أيضا في الأمالي: 61
المجلس الخامس عشر، ح 8؛ عنه بحار الأنوار 49: 283 / 2.
32

وحرم جسده على النار " (1).
[الحديث] العشرون
عن الصادق عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
" ستدفن بضعة مني بخراسان، ما زارها مكروب إلا نفس الله كربته، ولا مذنب
إلا غفر الله له " (2).
[الحديث] الحادي والعشرون
عن النعمان بن سعد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
" سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسم ظلما، اسمه اسمي واسم أبيه
اسم موسى بن عمران [(عليه السلام)]، ألا فمن زاره في غربته غفر الله ذنوبه ما تقدم منها
وما تأخر ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الأمطار وورق الأشجار " (3).
[الحديث] الثاني والعشرون
عن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
" إن الله عزوجل طهر ثلاث بقاع من الأرض، وأمر الملائكة أن يطوفوا بها ويحوطوا من
يحضر فيها ".
قلت: جعلت فداك، فأي البقاع هي؟ قال: " ظهر الكوفة، وكربلاء، وسناباذ ".

1. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 286 ب 66، ح 4؛ أمالي الصدوق: 60 المجلس الخامس عشر، ح 6؛
روضة الواعظين 1: 233؛ بحار الأنوار 49: 284 / 3.
2. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 288، ب 66، ح 14؛ روضة الواعظين 1: 234؛ ورواه الصدوق أيضا في الأمالي:
104 المجلس الخامس والعشرون، ح 2.
3. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 289، ب 66، ح 17؛ أمالي الصدوق: 104 المجلس الخامس 25؛ ح 5،
روضة الواعظين 1: 234.
33

قلت: منذ كم؟ قال: " من قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف سنة " (1).
[الحديث] الثالث والعشرون
عن سليمان بن الحفص المروزي قال: سمعت الإمام أبا الحسن موسى بن
جعفر (عليهما السلام) يقول:
" من زار قبر ولدي علي كان له عند الله سبعون حجة مبرورة ". قلت: سبعون
حجة مبرورة؟! قال: " رب حجة لا تقبل، من زاره أو بات عنده ليلة كان كمن زار أهل
السماوات، وإذا كان يوم القيامة وجد معنا زوارا سمتنا أهل البيت، وأعلاهم درجة
وأقربهم حبوة زوار ولدي علي (عليه السلام) " (2).
[الحديث] الرابع والعشرون
عن أحمد بن [محمد بن] صالح [الرازي، عن حمدان الديواني] قال: قال
الرضا (عليه السلام):
" من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من
أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان " (3).

1. روضة الواعظين 1: 234.
2. الكافي 4: 572، باب فضل زيارة أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 290، ب 66، ح 20، وفيه
زيادة؛ روضة الواعظين 1: 234؛ ورواه الصدوق في الأمالي: 105، المجلس الخامس والعشرون، ح 6 عن
يحيى بن سليمان المازني.
3. رواه الصدوق في الخصال 1: 167 / 220؛ وعيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 285، ب 66، ح 2؛ ورواه الفتال
النيشابوري في روضة الواعظين 1: 235؛ ورواه أيضا الصدوق في الأمالي: 106 المجلس 25، ح 9؛
كامل الزيارات: 304 باب 101؛ جامع الأخبار: 31 الفصل 14.
34

[الحديث] الخامس والعشرون
عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول:
" إني مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة، أعلم ذلك بعهد عهده إلي أبي عن
أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ألا فمن زارني في غربتي
كنت أنا وآبائي شفعاءه يوم القيامة، ومن كنا شفعاءه نجا ولو كان عليه مثل وزر
الثقلين " (1).
[الحديث] السادس والعشرون
عن عكرمة، عن عبد الله بن عباس، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
" أتاني جبرئيل (عليه السلام) وهو فرح مستبشر، فقلت: حبيبي! مع ما أنت فرح مستبشر؟
ما منزلة أخي وابن عمي علي بن أبي طالب عند ربه؟ - وجاء في رواية أخرى: مع
ما أنت فيه من الفرح؟ - (2).
قال: والذي بعثك بالنبوة واصطفاك بالرسالة، ما هبطت في وقتي هذا إلا لهذا.
يا محمد، الله [العلي] الأعلى يقرئك السلام ويقول: محمد نبي رحمتي، وعلي
مقيم حجتي، أقسمت بعزتي لا أعذب من والاه وإن عصاني، ولا أرحم من عاداه
وإن أطاعني.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل ومعه لواء الحمد وهو
سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنا على كرسي من كراسي
الرضوان وفوق منبر من منابر النور من أنوار القدس، فآخذه وأدفعه إلى علي بن
أبي طالب ".

1. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 293، ب 66، ح 33؛ أمالي الصدوق: 489 المجلس التاسع والثمانون، ح 8.
2. في روضة الواعظين: 109.
35

فوثب عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، كيف يطيق على حمل اللواء وقد
ذكرت أنه سبعون شقة؛ الشقة منه أوسع من الشمس والقمر؟!
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا عمر، إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليا من القوة مثل قوة
جبرئيل، ومن النور مثل نور آدم، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الجمال مثل
جمال يوسف، ومن الصوت مايداني صوت داود، ولولا أن يكون داود خطيبا في
الجنان لأعطي مثل صوته، وإن عليا أول من يشرب من السلسبيل والزنجبيل،
لا يجوز لعلي قدم على الصراط إلا وثبتت له مكانها أخرى، وإن لعلي وشيعته من الله
مكانا يغبطه به الأولون والآخرون " (1).
فطوبى لعلي ثم طوبى لشيعته!
[الحديث] السابع والعشرون
عن عمرو بن الحمق (رضي الله عنه) قال: كنت جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " يا عمرو "
قلت: لبيك يا رسول الله، قال: " أتحب أن أريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب
[الشراب] ويمشي في الأسواق؟ " قلت: بلى فداك أبي وأمي، قال: " هذا وقومه "
وأشار إلى علي بن أبي طالب، ثم قال: " أتحب أن أريك آية النار يأكل الطعام
ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق؟ " قلت: بلى بأبي أنت وأمي، قال: " هذا
وقومه آية النار " وأشار إلى معاوية. فلما وقعت الفتنة بين علي ومعاوية ذكرت
قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فبرزت من آية النار إلى آية الجنة... والله لو كنت في حجر في
جوف حجر لاستخرجني... حدثني بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... إن رأسي أول رأس
ينحر في الإسلام وينقل من بلد إلى بلد (2).

1. رواه الصدوق في الخصال 2: 582 / 7 عن مجاهد، عن ابن عباس؛ وفي روضة الواعظين: 109 - 110 مرسلا.
2. روى نحوه المفيد في الاختصاص: 15 وقريبا منه الطوسي في الأمالي نقلا عن حذيفة اليماني؛ عنه البحار
34: 277 / 1022، وج 41: 339، ح 59. عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
36

[الحديث] الثامن والعشرون
عن أنس بن مالك قال:
كنا في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والجماعة يذكرون الشجعان والأبطال وضربهم
وطعنهم حتى وصلوا إلى ذكر أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فقالوا: لا يذكر مع علي شجاع،
فقال بعض العرب: لو رأيتم عمارة النخعي بالنخع وشجاعته! مقبل إلى ألف فارس
بطل، تقع جرأته وهيبته في قلوبهم!
فقام علي (عليه السلام) وقال: " يا رسول الله، أسألك أن تأذن لي أن أمضي وأبصره، لعل
الله أن يهديه إلى الإسلام " فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا علي، إنها طريق فرعة مسبعة " فقعد.
ثم قام ثانية وقال: " يا رسول الله، أسألك أن تأذن لي أن أمضي " فأذن له.
فقام أبو بكر الصديق وقال: ايذن لي يا رسول الله أن أمضي مع علي فإني أعرف
الطريق، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " جزاك الله يا أبا بكر خيرا ".
فخرجا إلى أن وصلا النخع، فقال أبو بكر: هذه الشجرة التي يقعد عمارة عندها،
وهي شجرة يظل تحتها كثير من الناس، فجلسا.
وأقبل عمارة فسلم على أبي بكر ونظر إلى وجه علي فقال: يا بن أبي قحافة،
قطعك عني الصابي الكذاب؟! فقال: قل: النبي العربي الهاشمي. فقال عمارة: وأرى
هذا الفتى النجابة بين عينيه، قال: هذا ابن عم رسول الله؛ علي بن أبي طالب، جاء
حتى ينظر شجاعتك. فقال: كبرت سني ودق عظمي، ومضت علي التسعون، ثم
عمد إلى ناقة فشد يديها ورجليها وأخذها في وسط كفه، فقال: أحسنت! عندك أكثر
من هذا؟ فغضب عمارة وأخذ أغصان الشجرة كل غصن لا يحمله رجلان، فكسرها
بيده ورمى بها حتى بقيت عريانة.
فقال علي (عليه السلام): " أحسنت! فهل عندك غير هذا شيء؟ " فقال عمارة: وما يكون غير
هذا؟ قال: " نعم - قال: - تقلع ساق الشجرة ما لا ينقطع لها عرق " فقال عمارة: ومن
37

يقدر على ذلك؟ فقال: " أنا " فقال: إن فعلت ذلك فأنا عبدك، قال: " بل تؤمن بربي
وبوحدانيته وحده لا شريك له، وبنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ".
فقال عمارة: يا صاحباه! فحضر أهل النخع، فقال أبو بكر: فكنت أرعد وأفزع،
فرفع علي يده إلى أن بدا بياض إبطيه، ودمدم بين شفتيه ورفع الشجرة فقلعها ولم
ينقطع لها عرق؛ كما تسل الشعرة من العجين، فلهذا سمي قالع الشجرة.
[الحديث] التاسع والعشرون
عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال:
كان لي ولد وقد اعتل علة صعبة، فسألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدعو له، فقال:
" سل عليا فهو مني وأنا منه " فتداخلني قليل ريب، وقيل لي: إن عليا (عليه السلام) بالجبانة،
فجئته وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته سلمت عليه وحدثته ما كان من حديث
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال لي: " نعم " ثم قام ودنا من نخلة كانت هناك وقال: " أيتها النخلة،
من أنا؟ ". فسمعت منها أنينا كأنين النساء الحوامل إذا أرادت أن تضع الولد، ثم
سمعتها تقول: يا أنزع، يا بطين، أنت أمير المؤمنين، ووصي رسول رب العالمين،
أنت الآية الكبرى وأنت الحجة العظمى [وسكتت].
قال جابر (رضي الله عنه): فالتفت إلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: " قد زال الآن الشك من قلبك
وصفا ذهنك، اكتم ما سمعت ورأيت من غير أهله " (1) الحديث.
[الحديث] الثلاثون
عن أنس بن مالك قال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بلغه عن عمر بن الخطاب شيء،
فأرسل إليه سلمان الفارسي (رضي الله عنه) وقال: " [قل له:] قد بلغني عنك كيت وكيت،

1. نوادر المعجزات لابن جرير الطبري الشيعي: 48؛ وروى نحوه السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز 2: 51.
38

وكرهت أن أعتب عليك في وجهك، فينبغي أن لا تذكر في إلا الحق، أفقد أغضيت
على القذى إلى أن يبلغ الكتاب أجله ".
فنهض إليه سلمان (رضي الله عنه) وأبلغه ذلك وعاتبه، ثم ذكره مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام)
فوصف فضله وبراهينه.
فقال عمر: عندي الكثير من عجائب علي ولست بمنكر فضله، إلا أنه يتنفس
الصعداء ويظهر (1) البغضاء.
فقال له سلمان: يا أمير المؤمنين، حدثني بشيء مما رأيت من علي.
فقال عمر: يا أبا عبد الله، نعم، خلوت ذات يوم بابن أبي طالب في شيء من أمر
الجيش (2)، فقطع حديثي وقام من عندي وقال: " مكانك حتى أعود إليك، فقد
عرضت لي حاجة " فخرج فما كان بأسرع من أن رجع [علي ثانية] وعلى ثيابه
وعمامته غبار كثير، فقلت له: ما شأنك؟ فقال: " أقبل نفر من الملائكة وفيهم
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يريدون مدينة بالمشرق يقال لها " صيحون " فخرجت لأسلم عليه وهذه
الغبرة ركبتني من سرعة المشي ".
[قال عمر:] فضحكت متعجبا حتى استلقيت على ظهري! وقلت له: رجل
مات وبلي وأنت تزعم أنك لقيته الساعة وسلمت عليه؟! هذا من العجائب ومما
لا يكون، فغضب ونظر إلي وقال: " أتكذبني يا ابن الخطاب؟! " فقلت له: لا تغضب،
وعد إلى ما كنا فيه فإن هذا مما لا يكون أبدا! قال: " فإن أرايتكه حتى لا تنكر منه شيئا
استغفرت الله مما قلت وأضمرت، وأحدثت توبة مما أنت عليه [وتركت لي حقا]؟ "
قلت: نعم.
فقال: " قم معي " فخرجت معه إلى طرف المدينة، فقال: " أغمض عينيك "
فغمضتهما، فمسحهما بيده ثلاث مرات، ثم قال: " افتحهما " فإذا أنا والله يا أبا عبد الله

1. في الفضائل " ويبغض ".
2. في الفضائل: " الخمس ".
39

برسول الله في نفر من الملائكة، لم أنكر منهم شيئا، فصرت متحيرا أنظر إليه، فلما
أطلت [النظر] قال لي: " هل رأيته؟ " فقلت: نعم، فقال: " أغمض عينيك "
فغمضتهما، ثم قال: " افتحهما " فإذا لا عين ولا أثر!
قال سلمان: فقلت له: يا أمير المؤمنين، هل رأيت من علي غير ذلك؟
قال: نعم، لا أكتم عنك خصوصا، إنه استقبلني يوما وأخذ بيدي ومضى [بي]
إلى الجبانة، وكنا نتحدث في الطريق وكان بيده قوس، فلما صرنا بالجبانة رمى
بقوسه من يده فصار ثعبانا عظيما مثل ثعبان موسى (عليه السلام)، ففغر فاه (1) وأقبل نحوي
ليبتلعني، فلما رأيت [ذلك] طار روحي (2) من الخوف وتنحيت وضحكت في وجه
علي وقلت: الأمان [يا علي بن أبي طالب]، واذكر ما كان بيني وبينك من الجميل!
فلما سمع مني هذا القول استفرغ ضاحكا فقال: " لطفت في الكلام، فإنا أهل بيت
نشكر القليل " فضرب بيده إلى الثعبان وأخذه فإذا هو قوسه الذي كان بيده!
ثم قال [عمر: يا سلمان، إني كتمت ذلك عن كل أحد وأخبرتك به]،
يا أبا عبد الله، إنهم أهل بيت يتوارثون هذه الأعجوبة كابرا عن كابر، ولقد كان
[إبراهيم يأتي بمثل ذلك، وكان] عبد الله وأبو طالب يأتيان بأمثال ذلك في الجاهلية،
وأنا لا أنكر فضل علي وسابقته ونجدته وكثرة علمه، فارجع إليه، واعتذر عني إليه،
وأثن عني عليه الجميل (3).
[الحديث] الحادي والثلاثون
عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبد الله بن عباس أنه قال:
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان جالسا في المسجد إذ دخل عليه رجلان فاختصما إليه،

1. في الفضائل: " ففتح فاه ".
2. في الفضائل: " قلبي ".
3. الفضائل لشاذان بن جبرئيل: 63 - 64، وما بين المعقوفين منه.
40

وكان أحدهما من الخوارج، فتوجه الحكم على الخارجي فحكم عليه
أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له الخارجي: والله ما حكمت بالسوية ولا عدلت في الرعية (1)،
وما قضيتك عند الله تعالى بمرضية!
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) - وأومأ بيده إليه -: " اخسأ يا عدو الله! " فاستحال كلبا
أسود!
فقال ابن عباس (2): فوالله لقد رأينا تطاير ثيابه عنه في الهواء، وجعل يتبصبص
لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ودمعت عيناه في وجهه، ورأينا أمير المؤمنين قد رق له، فلحظ
السماء وحرك شفتيه بكلام، فوالله لقد رأيناه وقد عاد إلى حال الإنسانية، وتراجعت
ثيابه من الهواء حتى سقطت على كتفيه، فرأيناه وقد خرج من المسجد وأن رجليه
ليضطربان!! فبهتنا ننظر إلى أمير المؤمنين [(عليه السلام)] فقال [لنا]: " ما بالكم تنظرون
وتتعجبون؟! " فقلنا: يا أمير المؤمنين، كيف لا نتعجب وقد صنعت ما صنعت؟!
فقال: " أما تعلمون أن آصف بن برخيا وصى سليمان بن داود (عليه السلام) قد صنع ما هو
قريب من هذا الأمر، فقص الله عزوجل قصته حيث يقول: (أيكم يأتيني بعرشها قبل أن
يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك * قال الذي
عنده علم من الكتب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رأه مستقرا عنده وقال هذا
من فضل ربى ليبلوني أأشكر أم أكفر...) (3) إلى آخر الآية، فأيهما أكرم على الله تعالى:
نبيكم أم سليمان؟ ".
قالوا: إن نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) أكرم يا أمير المؤمنين.
قال: " فوصي نبيكم أكرم من وصي سليمان، وإنما كان عند وصي سليمان من

1. في المصدر " القضية ".
2. في المصدر: " فقال من حضره ".
3. النمل (27): 38 - 40.
41

اسم الله الأعظم حرف واحد، فسأل الله عزوجل فخسف له الأرض ما بين أرض (1) بلقيس
وبينه، وتناوله في أقل من طرف العين، وعندنا من اسم الله الأعظم اثنان وسبعون
حرفا، وحرف عند الله تعالى استأثر به دون خلقه ".
فقلنا (2) له: يا أمير المؤمنين، فإذا كان هذا عندك ما حاجتك إلى الأنصار في قتال
معاوية واستنفارك الناس إلى حربه ثانية؟!
فقال: " (عباد مكرمون * لا يسبقونه وبالقول وهم بأمره يعملون) (3) إنما أدعو هؤلاء
القوم إلى قتاله لثبوت الحجة، وكمال المحنة، ولو أذن [لي] في إهلاكه لما تأخر،
لكن الله تعالى يمتحن خلقه بما شاء ".
[قالوا:] فنهضنا من عنده ونحن نعظم ما أتى به (عليه السلام). (4)
وروي هذا الخبر عن عمار بن ياسر أيضا، قال: إنه لما دخل أمير المؤمنين
الكوفة، أمرني أن أنادي في الناس أن أمير المؤمنين يجلس في القضاء، فناديت فلم
يبق في الكوفة أحد ممن تقدر على الحركة إلا حضر، حتى رأيت الناس قد تكدس
بعضهم على بعض، وامتلأ المسجد الجامع ولم يكن فيه موضع خال.
قال عمار: فتقدم إليه رجلان يختصمان، فقضى لأحدهما على الآخر، فقال
الذي قضى عليه: يا بن أبي طالب، والله ما قضيت بالسوية، ولا عدلت في الرعية،
ولا حكمت بالكتاب، فحسبك الله عزوجل!
قال عمار: فنظرت إلى أمير المؤمنين وقد تغير لونه وامتلأ غيظا، ثم قال للرجل:

1. في المصدر: " سرير ".
2. في المصدر: " فقالوا ".
3. الأنبياء (21): 26 و 27.
4. رواه الشريف الرضي في خصائص الأئمة: 46، من أعلامه ودلائله؛ وقريب منه في البحار 41: 203 / 17 عن
الخرائج والجرائح: 86؛ ومشارق أنوار اليقين: 76؛ مدينة المعاجز 1: 310؛ ينابيع المودة: 34.
42

" إن كنت كاذبا في قولك فمسخك الله كلبا ".
قال عمار: فوالله الذي بعث بالحق نبيا، ما استتم علي الكلام حتى تطايرت أثوابه
عنه ونحن ننظر إليه، فمسخه الله كلبا، فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا: ألا ترون
ما أتانا به علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)؟!
ثم رأيته وقد قام ومد يده إلى السماء ودعا بدعوات دعا بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين
أخرجه إلى حرب عمرو بن عبد ود، فرد الله الرجل كما كان منكسا رأسه وهو يقول:
أنا تائب إلى الله فيما قلته يا أمير المؤمنين.
قال عمار: فوالله ما جسر أحد يتقدم إليه، فتقدمت إليه فقلت: يا أمير المؤمنين،
لك مثل هذه من المقدرة عند الله وأنت تستنهض الناس إلى حرب معاوية بن هند؟
فنظر إلي شرزا ثم قال: " إلي يا عمار لعله قد ضعف يقينك! " فقلت له:
يا أمير المؤمنين، ما ضعف يقيني.
فقال لي: " يا عمار، أيهما أخير وأكرم عند الله: محمد أو سليمان بن داود؟ "
فقلت: لا، بل محمد. فقال: " فأيهما أخير وأكرم عند الله: وصي محمد وأخوه وزوج
ابنته وأبو سبطيه وابن عمه، أم وصي سليمان؟ " فقلت: بل أنت يا أمير المؤمنين، فقال
لي: " ليس سليمان كلمه الهدهد فقال له ما قال من أمر المرأة وعرشها، فقال سليمان:
(أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن
تقوم من مقامك وإني عليه لقوى أمين) (1)، فقال آصف بن برخيا، وهو الذي ذكره الله
تعالى في كتابه: (قال الذي عنده وعلم من الكتب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) (2)؟!
فكان ذلك وصى سليمان وأنا وصى محمد ".
قال عمار: ثم نظرت إليه وقد غضب غضبا شديدا، ثم قال لي: " يا عمار، إن الله
تعالى يأمركم بمجاهدة الكفار [والمنافقين] والناكثين والقاسطين والمارقين، والله

1 و 2. النمل (27): 38 - 40.
43

لو شئت لمددت يدي هذه القصيرة في أرضكم هذه الطويلة وضربت بها صدر
معاوية بالشام وأخذت من شاربه! " [أو قال: من لحيته]، فمد يده (عليه السلام) وردها وفيها
شعرات كثيرة، فقاموا وتعجبوا من ذلك. ثم اتصل الخبر بعد مدة بأن معاوية سقط
من سريره في اليوم الذي كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مد يده فيه، وغشي عليه ثم أفاق
وافتقد من شاربه شعرات كثيرة (1).
[الحديث] الثاني والثلاثون
قريب مما مر، يروى عن سيدنا الصادق، عن أبيه الباقر، عن أبيه السجاد [(عليهم السلام)] قال:
" حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض الأيام بعد مضي أمير المؤمنين (عليه السلام)،
قال: أحدثك يا سيدي بحديث رأيت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وسمعته،
قال: كنت جالسا في بعض الأيام [مع] جندب بن جنادة الغفاري سيد بني غفار
وأبي الهيثم بن التيهان وعمار بن ياسر وأبي الأسود وجماعة من أصحابه (عليه السلام) في زقاق
الحبشة بالكوفة في صيف شديد الحر، فاجتاز بنا أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (عليه السلام) في تلك الساعة مارا نحو البادية بلا حذاء ولا رداء، مكشوف الرأس،
وإن المبين من ورائه مثل النعامة البيضاء، قال: فما كلمنا ومضى.
قال بعضنا لبعض: هذا رجل قد وتر الدنيا ورماها عن كبد قوس واحدة وهو مار
بين هذه القبائل بلا سيف ولا عترة وليس نأمن عليه من بعض جهال هذه القبائل أن
يعتريه بما لا يتلافاه، فهل لكم أن نحتمل على أسيافنا ونلحقه؟ فأجمع رأينا على
ذلك وانصرفنا إلى منازلنا واتبعناه (عليه السلام)، فلما صار في الصحراء التفت فنظر إلينا،
فدعاني إليه وقبض على يدي وسار وسرت معه، فلما صار في الصحراء رأيت علو
نفسه وظهر فيه من الانكسار، فتنفست الصعداء، فقال: " علام تنفست يا جابر؟ "

1. ينابيع المودة: 34.
44

فقلت: على الدنيا.
فقال: " لذات الدنيا سبعة: مأكول، ومشروب، ومشموم، وملبوس، ومنكوح،
ومركوب، ومسموع. وألذ المأكولات العسل وهو من ذبابة، وألذ الملبوسات الحرير
وهو لعاب دودة، وألذ المشمومات المسك وهو من دم فأرة، وألذ المركوبات الخيل
وهي من القواتل، وألذ المسموعات الغناء والترنم وهو إثم، وألذ المشروبات الماء
وحسبك خيره وإباحته، وألذ المنكوحات النساء - وإنما يراد أحسن ما في المرأة
لا قبح حال فيها - فعلى ما هذا وزنه من الدنيا فتنفست الصعداء! " (1).
قال جابر: فأمسيت من أزهد الناس في الدنيا، وسرنا والشمس قد قامت في أفق
السماء، وإذا بشخص قد أقبل في البرية ما رأيت أقبح منه منظرا ولا أوحش منه
وجها يجر لحيته في الأرض، إذ وثب على أمير المؤمنين فقبض على جربانه (2). فقال:
يا بن أبي طالب، قتلت الرجال وأيتمت الأولاد، آلله أذن لك بهذا أم على الله
تفترون؟!
قال: فتفل أمير المؤمنين (عليه السلام) تفلة عظيمة وقال: " اخسأ فتأفف! " فوالله لقد رأيته
فقد مسخ فصار بين الكلب والثعلب، له عواء ما رأيت أقبح منه ولا سمعت.
فقلت: يا أمير المؤمنين، لك مثل هذا المحل وابن هند آكلة الأكباد يضرب
وجهك بالسيف؟! قال: فقبض يده على الهواء قبضة، فرأيت معاوية في يده وقد
جمع بين جربانه وذيله، وقال: " هو " قلنا: هذا هو الملعون!
فقال أمير المؤمنين: " نحن عباد مكرمون لا نسبق مولانا بالقول، ونحن بأمره
نعمل " ثم زح به فغاب عن أعيننا، ثم قال: " إلى وقته ".
وحكى لنا جماعة من أهل الشام ممن كان بحضرة معاوية في ذلك الوقت أنهم

1. نحوه مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 233 في الحكم والأمثال؛ وأخرجه في بحار الأنوار 75: 11،
ح 69، ونحوه أيضا: بحار الأنوار 61: 240 باختلاف في الألفاظ، وبتقديم وتأخير.
2. الجربان والجربان من القميص: طوقه.
45

قالوا: رأيناه وقد اختطف من بين أعيننا، فطارت قلوبنا وشخصت أبصارنا إلى الهواء
إلى أن غاب، ثم عاد إلى موضعه وغشي عليه حتى فاتته صلاتان، فلما أفاق قال:
يا أسحر بني عبد المطلب! والله لقد أخذني علي بن أبي طالب في تلك الساعة في
يده، أفرأيتم أعجب من هذا السحر؟!
[الحديث] الثالث والثلاثون
عن مفضل بن عمر: كان الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) جالسا وطعام بين
يديه وكلب رابض بين يديه، فقال له:
" يا كلب، ما جعل الله لك من الحق والحرمة شيئا، وإنما نطعمك استحياء من
عينيك، وإن جاحد و...؟ عند الله شرما لا منك ".
فقام إليه أبو نصير وصفوان الجمال، فقالا: جعلنا الله فداك، دلنا على شيعتكم.
فقال (عليه السلام): " يعرف شيعتنا بخصال شتى ".
فقلت: جعلت فداك، بماذا يعرفون؟
قال: " بالسخاء والبذل للإخوان، ومعاونتهم في العسر واليسر، وبصلاة الإحدى
والخمسين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين،
وزيارة الأربعين، ولا يهرون هرير الكلب، ولا يطمعون طمع الغراب، ولا يجاورون
لنا عدوا، ولا يسألون لنا مبغضا وإن ماتوا جوعا، شيعتنا لا يأكلون الجري،
ولا يمسحون على الخفين، [ويحافظون على الزوال]، ولا يشربون مسكرا ".
فقلت: جعلني الله فداك، فأين أطلبهم؟
قال: " في رؤوس الجبال، وأطراف المدن والأقطار ".
قلت: إذا دخلت مدينة لا أعرف منهم أحدا؟
قال: " سل عمن لا يجاورهم ولا يجاورونه فهو مؤمن، كما قال تعالى: (وجاء
46

من أقصا المدينة رجل يسعى) (1)، والله لقد جاءت حبيب النجار، فحمد الله وحده " (2).
فقلت: جعلت فداك، إنا قليلون.
فقال: " لو طلب في القبر منهم رجلان ما قدر عليهما ".
وفي رواية: " لو طلب في الجنة - أو - لو طلب في النار منكم واحد ما قدر عليه،
وذلك قوله تعالى: (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) (3)، والله إنكم عند
الله لمن المصطفين الأخيار ".
[الحديث] الرابع والثلاثون
حدث أبو محمد قيس بن أحمد بن إدريس البغدادي قال: حدثني الحسن بن
ذكردان الفارسي الكندي صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) في سلخ سنة ثلاث عشرة
وستمائة (4) بقرية " إبراهيم " من سواد الجامدة والبطيحة، وهو مصعد إلى حضرة
المقتدر (5) ببغداد.
وابن ذكردان هذا قد ولد بعد مبعث النبي بسنة واحدة، ونشأ على دين
المجوسية، وما أدرك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم لحقته السعادة فهاجر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وأسلم
على يديه، وسماه باسم ولده الحسن، وأقام بعد علي في العين، وكان يحدث
عنه، وكان سن الشيخ ثلاثمائة وخمسا وعشرين سنة إلى أن أنهى إلى المقتدر بخبره،

1. يس (36): 20.
2. نحوه في تحف العقول: 220؛ وعنه البحار 75: 281، باب وصايا الصادق (عليه السلام) ح 1 وصيته (عليه السلام) لعبد الله بن
جندب؛ وبحار الأنوار 36: 152.
3. ص (38): 62.
4. كذا في النسخة، ولعل الصحيح: " ثلاثمائة " بقرينة وقوعه في زمن خلافة المقتدر بالله وفي نسب الراوي
اختلاف بين المصادر، ففي بعضها - كما في المتن وبحار الأنوار - الحسن بن ذكردان، وفي بعضها: الحسن بن
ذكوان الفارسي. راجع أعيان الشيعة 5: 64 ".
5. هو المقتدر بالله من خلفاء بني العباس. كانت خلافته من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين إلى شهر
شوال سنة عشرين وثلاثمائة. انظر مروج الذهب 4: 310.
47

فبعث أمير عمان باستحضاره إلى اليمن من طريق البصرة.
فحدث هذا الشيخ قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة وقد شكا الناس إليه
أمر الفرات وأنه قد أتى بما لا يحتمله، وقالوا: نخاف يا أمير المؤمنين أن تهلك
ضياعنا ومزارعنا، فقال: " ما تحبون؟ " قالوا: تسأل الله تعالى أن ينقصه عنا، فقال:
" حبا وكرامة ".
ثم وثب أمير المؤمنين قائما ودخل حجرته والناس بعضهم جلوس وبعضهم
وقوف ينتظرونه، فلم يلبث إذ خرج وعليه جبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمامته ورداؤه وإزاره
ونعله وخاتمه، وبيده قضيبه، وهو أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فدعا بفرس وركبه
وسار وأولاده معه وجميع الناس عن يمينه ويساره حتى وردوا إلى الفرات، فنزل
وأتى على ركعتين خفيفتين، فقام وأخذ القضيب ومشى على الجسر والناس ينظرون
إليه، وليس معه على الجسر غير الحسن والحسين وأنا، فقال: " هكذا " وأهوى إلى
الماء بالقضيب، فنقص الفرات ذراعا والناس ينظرون، فقال: " معاشر الناس،
أنجزتكم؟ " فقالوا: زيادة يا أمير المؤمنين. فقام قائما ثم جلس وأهوى بالقضيب إلى
الماء، فنقص الفرات ذراعا آخر، فقال: " أنجزتكم؟ " قالوا: حسبك يا أمير المؤمنين؛
فإنه إن نقص أكثر من هذا أضر بنا.
فقام وركب فرسه وأقبل على الناس وقال: " والذي نفس محمد بيده، لو
سألتموني أن أنقص الفرات لنقصته حتى أريكم حيتانه وما في قعره! ".
فقال قوم: صدقت يا أمير المؤمنين، وقال آخرون: أسحر هذا أم كهانة؟ فبلغ
أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلما كان يوم الجمعة، خطب الخطبة وذكر فيها: " إن أناسا قالوا:
أسحر ما أتيته؟! كذبوا وأيم الله! إنا أناس اختصنا الله لنفسه وأوجب حقوقنا على
خلقه، ما سألناه قط حاجة إلا قضاها، ولا دعوناه على عدو إلا كفانا " (1).

1. لم نعثر على نصه في المصادر المتوفرة لدينا، ولكن روى نحوه ابن طاووس في كتاب اليقين: 416، الباب
155 عن أبي بصير، ورواه أيضا في كشف الغمة 1: 275؛ والفضائل 1: 119؛ وأخرجه في بحار الأنوار 41:
236، باب 111، ح 8، عن اليقين؛ وص 269 ذيل الحديث 24 عن ابن ذكردان الفارسي الكندي.
48

[الحديث] الخامس والثلاثون
عن عمار بن ياسر (رضي الله عنه) أنه قال:
كان مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا في دكة القضاء، فنهض إليه رجل يقال له
صفوان بن الأكحل، وقال: يا أمير المؤمنين، أنا رجل من شيعتك، وعلي ذنب عظيم،
فأريد أن تطهرني منها في الدنيا لأصل إلى الآخرة وما علي ذنب!
فقال (عليه السلام): " قل لي أعظم ذنوبك ما هي؟ ".
فقال: كنت ألوط بالصبيان!!
فبكى أمير المؤمنين (عليه السلام) ونظر مليا ثم قال: " أيما أحب إليك: ضربة بذي الفقار،
أو أقلب عليك جدارا، أو أضرم إليك نارا؟ فإن ذلك جزاء من ارتكب ما ارتكبته؟ ".
قال: يا أمير المؤمنين، فأي هذه الثلاثة أشد في العقوبة؟ قال: " الإحراق بالنار ".
قال: يا مولاي، أحرقني بالنار [لأنجو من نار الآخرة].
فقال (عليه السلام): " يا عمار، اجمع له ألف حرزة (1) قصب، فأنا أضرمه غدا بالنار ". فقال
للرجل: " امض " فمضى وأوصى بما له وعليه (2)، وقسم ماله بين أولاده، وأعطى كل
ذي حق حقه، ثم جاء وبات على باب حجرة أمير المؤمنين (عليه السلام) [في] بيت نوح
شرقي جامع الكوفة، فلما صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وصلى الرجل خلفه قال: " يا عمار،
ناد بالكوفة أن اخرجوا وانظروا كيف يحرق علي رجلا من شيعته بالنار! ".
فقال جماعة من المنافقين: أليس قالوا: إن شيعة علي ومحبيه لا تأكلهم النار،
وهذا رجل من شيعته يحرقه بالنار؟! بطلت إمامته! فسمع ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام).

1. في الفضائل: " حزمة ".
2. في الفضائل: " انهض وأوص لما لك وبما عليك ".
49

فقال عمار: فأخرج الإمام الرجل وبنى عليه ألف حرزة قصب، فقال الرجل:
يا أمير المؤمنين، أنظرني أن أصلي ركعتين.
قال: فلما صلى وفرغ من صلاته رفع يديه إلى السماء وقال: يا رب، إني أتيت
فاحشة مما نهيت عنها، وجئت إلى وليك وخليفة رسولك فأخبرته بذلك وسألته أن
يطهرني منها، فقال: " اختر إحدى الثلاثة: إما ضربة بالسيف، أو هدم حائط، وإما
الإحراق بالنار " فسألته: أي شيء أشد في العقوبة لأتخلص من نار القيامة؟ قال:
" الإحراق بالنار " فاخترته.
ثم أعطاه أمير المؤمنين مقدحة وكبريتا وقال: " اقدح واحرق نفسك، فإن كنت
من شيعة علي وعارفيه ما تمسك النار، وإن كنت من المنافقين المكذبين فالنار تأكل
لحمك وتكسر عظمك ".
قال: فقدح النار على نفسه واحترق القصب، وعلى الرجل ثياب كتان بيض، فلم
تعلقها النار ولم يقربها الدخان!
فقال له أمير المؤمنين: " اذهب فقد غفر الله لك " ثم قال (عليه السلام): " كذب المنافقون
وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا، أنا قسيم الجنة والنار، شهد لي بذلك
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [في مواطن كثيرة] " وخل الرجل سبيله. وهذا من غرائب الأخبار (1).
[الحديث] السادس والثلاثون
عن قيس الهلالي قال:
لما كان يوم أحد ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسيف ستين ضربة - وعليه يومئذ
درعان - وكسرت رباعيته وشج في وجهه، وفر الناس غير علي بن أبي طالب وسبعة
من بني هاشم وعصابة من الأنصار، وكان أحدهم يقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله،

1. روى مثله شاذان بن جبرئيل في الفضائل: 75؛ عنه بحار الأنوار 42: 43 / 16، بتفاوت يسير.
50

وجهي لوجهك الوفاء ونفسي لنفسك الفداء، أستودعك الله وأقرأ عليك السلام،
وكان يقول بعضهم: يا نبي الله، أدع عليهم!
فقال: " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ".
وكان علي بن أبي طالب يجادل القوم ثم يرجع إلى المنهزمة فيصيح بهم ويعود
إلى القتال، ثم إنه وقف في وجوه القوم المشركين و [معه] جماعة من الأنصار، فقال
له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما وقوفك يا علي وقد ذهب الناس؟! " فقال: " يا رسول الله،
أحمل على هؤلاء القوم " فحمل علي يذب دونه حتى فرجهم وكشفهم، فقال
جبرئيل (عليه السلام) عند ذلك: يا محمد، هذه هي المواساة. فقال: " بلى [و] الله إنه مني وأنا
منه " فقال جبرئيل عند ذلك: يا محمد، وأنا منكما (1).
[الحديث] السابع والثلاثون
عن مالك بن دينار قال: سمعت أبا وائل (2) يقول:
بينما أنا أمشي مع عمر بن الخطاب إذ حانت منه التفاتة فجعل يشتد في مشيه،
فقلت: يا أمير المؤمنين، أراك تشتد في مشيك؟ فقال لي: ويلك! ما تنظر إلى ذلك
الهزبر المقتل، الضراب الأيهم، الشديد على من طغى وظلم، ذي السيفين والراية؟!
فالتفت فإذا هو على بن أبي طالب (عليه السلام).
ثم قال: أما أحدثك عنه ما يعجز الخلق؟ فقلت: بلى.
قال: إنا بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أحد على أن لا نفر ومن فر منا كان ضالا، ومن
قتل منا كان شهيدا والنبي زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد، تحت كل رجل جماعة
كثيفة، فأزعجونا عن طاحونتنا، ففررنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يبق معه غير على

1. مناقب الإمام أمير المؤمنين للحافظ محمد بن سليمان الكوفي 1: 475، ح 380، بحار الأنوار 20: 107 / 34؛
كنز العمال 13: 144، ح 36449.
2. في تفسير القمي والبحار: " أبا واثلة "، وعلق مصحح البحار بقوله: " والصحيح أبي وائل ".
51

ورجال من الأنصار، فرأيت عليا كالليث يتقي الزرق (1)، فأخذ كفا من حصى الأرض
فرمى في أقفيتنا، ثم قال: " إلى أين تفرون، إلى أين تفرون؟! إلى النار، إلى النار؟! " ثم
أخذ كفا آخر فرمى به في وجوهنا ثم قال: " بايعتم ونكثتم وفررتم، شاهت الوجوه! "
ثم مضى مصلتا سيفه على المشركين فأزلهم، ثم كر نحونا ثانية وفي كفه صفيحة
يقطر منها دماء الموت، وعيناه كالقدحين المملوئين دما يتوقدان نارا، وجعل يقول:
" إلى أين، إلى أين؟! إلى النار، إلى النار؟! والله لأنتم بالقتل أولى ممن أقتل ".
فقلت له من بينهم: يا أبا الحسن، الله الله، إن العرب تكر وتفر وإن الكر يمحو
الفر، ولم أزل به حتى سكن حرده وسكن روعه وانصرف عنا، فوالله لأجد رعب
ذلك اليوم في صدري إلى اليوم (2).
الحديث الثامن والثلاثون
عن جابر [بن عبد الله] قال:
قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعرفات وعلي تجاهه وأومأ إلى علي وقال: " ادن مني " فدنا
منه فقال: " ضع خمسك في خمسي " فوضعها، فقال: " هذه مبايعة لك، إن من مات
وهو لا يتولاك مات ميتة الجاهلية " ثم قال:
" يا علي، خلقت أنا وأنت من شجرة واحدة، أنا أصلها وأنت فرعها والحسن
والحسين أغصانها، فمن تعلق بغصن منها دخل الجنة. يا علي، لولا أن أمتي صاموا
حتى يكونوا كالحنايا، وصلوا حتى يكونوا كالأوتاد، وبغضوك؛ لأكبهم الله في النار
[على وجوههم] " (3).

1. في التفسير " الذر ".
2. روى نحوه في تفسير علي بن إبراهيم القمي 1: 122؛ وعنه البحار 20: 52، ح 3؛ الفضائل لشاذان بن
جبرئيل: 171؛ وبحار الأنوار 41: 72 - 73 / 3.
3. أمالي الطوسي: 611، المجلس 28، ح 1263 / 11؛ وعنه البحار 65: 69 / 125.
52

الحديث التاسع والثلاثون
عن ابن عمر قال:
بينما أنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نخل المدينة وهو يطلب عليا إذ انتهى إلى حائط
فاطلع فيه فنظر إلى علي [وهو يعمل في الأرض وقد أغبار، فقال له: " ما ألوم الناس
إن يكنوك بأبي تراب ".
قال ابن عمر: فلقد رأيت عليا تمعر وجهه وتغير لونه واشتد ذلك عليه، فقال
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)]: " ألا أرضيك يا علي؟ " قال: " بلى يا رسول الله، صلى الله عليك " فقال:
" أنت أخي ووزيري وخليفتي [بعدي] في أهلي، تقضي ديني وتبرئ ذمتي،
من أحبك في حياتي فقد قضى الله [له] بالجنة، ومن أحبك في حياة منك بعدي
فقد ختم [الله] له بالأمن والأمان، ومن أحبك بعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن
والإيمان وآمنه يوم الفزع الأكبر، ومن مات وهو باغضك مات ميتة جاهلية، يهوديا
أو نصرانيا، لا يحاسبه الله بما عمل في الإسلام " (1).
وهذا الخبر يعضد الأول. ومن العجب أن ابن عمر يروي مثل ذلك ويمتنع من
البيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يدخل إلى الحجاج ليلا ويقول له: سمعت رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " من مات ولم يعرف له إماما مات ميتة الجاهلية " قد جئت لأبايعك
لعبد الملك بن مروان!!
فتشاغل الحجاج ودفع إليه رجليه وقال: يدي مشغولة ورجلي يبايعك! استهانة
منه بما أتى به، ثم قال: يا أهل المدينة، هذا أزهد أهل زمانكم قعد عن بيعة علي بن
أبي طالب بيده وجاء يبايع لعبد الملك برجل الحجاج.

1. رواه الصدوق في علل الشرايع 1: 188، باب 125 العلة التي من أجلها كني أبا تراب، ح 4، وعنه البحار 35:
49 - 50 / 2، الباب الثاني: أسماؤه...؛ ومناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي 1: 320 الباب السابع
والعشرون، ح 242.
53

نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، وما أصدق ما قال الرسول: " الحب يتوارث
والبغض يتوارث " (1).
الحديث الأربعون
عن الفضل بن الزبير عن أخي بريدة، قال: قلت له: إني سمعتك تتذكر أن أخاك
حدثك بحديث وأمرك أن لا تحدث به أحدا حتى يحضرك الموت، وقد حضرك
- وكان به ذات الجنب -.
فقال: نعم، حدثني أخي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعثه سابع سبعة من قريش: أبو بكر
وعمر وطلحة والزبير وعبد الرحمن وعثمان وأنا سابعهم، فقال: " سلموا على علي
بإمرة المؤمنين " فقال أبو بكر: من الله ورسوله؟ فقال رسول الله: " من الله ورسوله،
وأيم الله لئن رجعتم من بعدي لترجعن كفارا ".
فقال رجل من القوم: لا والله لا تجتمع النبوة والخلافة في أهل بيت أبدا! فأنزل
الله تعالى: (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجويهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) (2).
قال: فقلت لأخي: ممن الرجل؟ قال: قم عني يا غلام وقد عذبتني، هو
الأعرابي (3).
الحديث الحادي والأربعون
عن جابر بن يزيد الجعفي، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن
علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال:

1. الصراط المستقيم 3: 118.
2. الزخرف (43): 80.
3. أخرج نحوه المجلسي في بحار الأنوار 36: 157 / 1361 عن كنز الكراجكي. والمقصود بالأعرابي: عمر بن
الخطاب؛ لأن الزهراء (عليها السلام) قالت قبل وفاتها: " لا يصل علي الأعرابيان ".
54

" دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده أبو بكر وعمر وعائشة، فجلست بين رسول الله
وبين عائشة، فقالت [لي] عائشة: ما وجدت مجلسا غير فخذي!
فقال رسول الله: [مه] يا عائشة، لا تؤذيني في أخي فإنه أمير المؤمنين، وسيد
المسلمين، وقائد الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط، فيدخل
أعداءه النار، ويدخل أولياءه الجنة " (1).
الحديث الثاني والأربعون
عن عبد الله بن مسعود قال:
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بيت زينب بنت جحش وأتى بيت أم سلمة وكان يومها
من رسول الله، فلم يلبث أن جاء علي فدق الباب دقا خفيفا، فأثبت رسول الله الدق
وأنكرته أم سلمة، فقال لها رسول الله: " قومي وافتحي له الباب " فقالت: يا رسول الله،
من هذا الذي بلغ من خطره أن أفتح له الباب، وأتلقاه بمعاصمي وقد نزلت في آية
من كتاب الله تعالى بالأمس؟
فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) كالمغضب: " إن طاعة الرسول طاعة الله عزوجل، ومن عصى
أمر الرسول فقد عصى الله أمره، وإن بالباب رجلا ليس بالنزق ولا بالخرق (2)، يحب
الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، وإنه لا يدخل حتى ينقطع الوطء ".
قالت: فقمت وأنا أختال في مشيتي وأقول: بخ بخ، من ذا الذي يحب الله
ورسوله ويحبه الله ورسوله، ففتحت له الباب فأخذ بعضادتي الباب حتى إذا لم
يسمع حسا ولا حركة وصرت إلى حذري، استأذن ودخل.

1. رواه الطوسي في الأمالي: 290، المجلس الحادي عشر، ح 562 / 9 و 602، ح 1246 / 3؛ والعلامة في
كشف اليقين: 291، الحديث 337 عن مناقب ابن مردويه؛ بحار الأنوار 7: 339 / 32 بتفاوت يسير، و 39:
194 / 4.
2. النزق: خفة في كل أمر، وعجلة في جهل وحمق؛ والخرق - بالضم -: الجهل والحمق، ومنه الحديث: الرفق
يمن والخرق شؤم.
55

فقال رسول الله: " يا أم سلمة أتعرفينه؟ " قالت: قلت: نعم هذا علي بن
أبي طالب. قال: " صدقت، سجيته من سجيتي، ولحمه من لحمي، ودمه من دمي،
وهو عيبة علمي، وهو وصيي في أهلي، وخليفتي في أمتي، اسمعي واشهدي، هو
قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي، اسمعي واشهدي، لو أن عبدا عبد الله
ألف عام بين الركن والمقام ثم لقي الله مبغضا لعلي وعترتي لكبه الله يوم القيامة على
منخريه في نار جهنم " (1).
الحديث الثالث والأربعون
عن نافع مولى عائشة قال:
كنت غلاما أخدم عائشة، وكنت إذا كان رسول الله عندها أكون قريبا منه أعاطيه،
قال: كان رسول الله عندها إذ جاء جاء فدق الباب، فخرجت إليه إذ جارية سوداء
معها إناء مغطى، فرجعت إلى عائشة فأخبرتها، فقالت: أدخلها، فأدخلتها،
[فوضعت] الإناء بين يدي عائشة، فوضعتها [عائشة] بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجعل
يتناول منه ويأكل، وخرجت الجارية، فقال رسول الله: " يا ليت أمير المؤمنين وسيد
المسلمين وإمام المتقين يجيء فيأكل معي! ".
فقالت عائشة: ومن هو أمير المؤمنين؟ فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم أعادت
[عائشة] فسألت مرة أخرى، فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجاء جاء فدق الباب،
فخرجت فإذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقلت: على الباب علي، فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يدخل " فدخل، فقال له رسول الله: " مرحبا وأهلا، لقد تمنيتك
مرتين حتى لو أبطأت علي لسألت الله عزوجل أن يأتيني بك " فجلس يأكل معه، فقال

1. المناقب للخوارزمي: 86 / 77؛ تاريخ مدينة دمشق (ترجمة الإمام علي (عليه السلام)) 3: 267 / 1215؛ فرائد السمطين
1: 331 / ح 257؛ ورواه ابن طاووس في كتاب التحصين، الباب 21 عن ابن عباس باختلاف يسير، وأخرجه
المجلسي في بحار الأنوار 39: 267 ذيل ح 42 عن كشف الغمة.
56

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " قاتل الله [من] قاتلك، وعادى من عاداك ".
فقالت عائشة: من يقاتله ومن يعاديه؟ قال: " أنت ومن معك، أنت ومن معك،
أنت ومن معك! " ثلاثا (1).
الحديث الرابع والأربعون
عن سليم بن قيس، عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضة الذي
قبض فيه يقول: " ادعوا لي خليلي " فقامت عائشة ودعت أباها، فلما دخل نظر إليه
رسول الله وسكت. ثم قال: " ادعوا لي حبيبي " فقامت حفصة فدعت أباها، فلما دخل
نظر إليه رسول الله وسكت.
ثم قال: " ادعوا لي حبيبي " فقالت أم سلمة: قلت: ويحكم! ألستم تعلمون أن
خليله ووصيه ووزيره وخليفته في أمته وخير من ينزله بعده ابن عمه وأبو سبطيه
علي بن أبي طالب؟! فدعي أمير المؤمنين مستعجلا فجاء حتى دخل على
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما نظر إليه رسول الله رفع رأسه وتبسم في وجهه وقال: " مرحبا بأحب
خلق الله إلى الله وإلى رسوله، ادن مني يا أخي ".
قالت [أم سلمة]: فدنا منه فأقعده بجنبه ووضع [رأسه] على حجره وقال:
" هاك يا أخي رأسي، فإنك أحق بي وأولى بي في الدنيا والآخرة، وإنك خليفتي في
أمتي ووصيي في أهلي " ثم أوصى إليه بالعلم والإيمان والإسلام، ثم أدخلا رأسيهما
تحت إزار فطالت مناجاتهما، وأوصى إليه باسم الله الأعظم، وقال له: " يا أخي، أبشر
وبشر شيعتك وأصحابك المنتجبين، إنك مني بمنزلة هارون من موسى، فبلغ

1. رواه ابن مردويه في كتاب المناقب كما في كتاب اليقين للسيد ابن طاووس في الباب التاسع، ص 139؛ وكتاب
التحصين، القسم الأول، الباب 28، والعلامة في كشف اليقين: 292، ح 338؛ ورواه ابن الأثير في أسد الغابة 2:
154، في ترجمة نافع، والمجلسي في بحار الأنوار 32: 281، ح 229؛ وما في المصادر متفاوت قليلا مع ما في
المتن.
57

رسالاتي من بعدي، وأبدر وصيتي بتأويل القرآن وما لا يعلمون، وأنت خليفتي على
أمتي ووصيي على أهلي من بعدي، من والاك يا أخي فقد والاني، ومن عاداك فقد
عاداني، ومن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني، يا علي إذا مت وفرغت
من غسلي وتكفيني لا تلبس رداك حتى تؤلف كتاب الله كما وألف داود الزبور، حتى
لا يزيد فيه الشيطان شيئا ولا ينقص ".
[ثم قال:] " يا علي، ناولني السيف " فقال: " أي سيف تريد يا رسول الله
- صلى الله عليك -؟ " قال: " ذا الفقار " فسله علي عن غمده وناوله، فلما نظر إليه رسول
الله في يد علي فاضت عيناه، ثم قال: " أيها السيف المطيع " قال: فأنطقه الله تعالى،
فقال: لبيك يا رسول الله، حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله: " من خلقك أيها
السيف؟ " قال: الله الذي في السماء قدرته وفي الأرض سلطانه وفي البحار سبيله
وفي الجنة ثوابه وفي النار عقابه. فقال: " من أنا؟ " فقال: أنت محمد رسول الله حقا
حقا، قال: " ما اسمك؟ " قال: ذو الفقار.
قالت [أم سلمة]: ففرح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين وفرح من كان بالحضرة
من الأولياء.
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " خذه يا علي " فأخذه بيده، ثم قال: " ادعه باسمه فإنه
يجيبك كما أجابني " فدعاه فأجابه السيف وقال: لبيك يا أخا رسول الله، لبيك
يا وصي رسول الله.
ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا أيها السيف، إني آمرك بالسمع والطاعة لعلي بعدي كما
كنت تطيعه في حياتي، فاسمع وأطع ".
فقال السيف: سمعا وطاعة لك يا رسول الله، والذي بعثك بالحق نبيا لا أهرقت
دم مؤمن ممتحن ولا مسلم ولا مستبصر، فأسمع وأطيع كما أطعته في حياتك.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند ذلك: " يا علي، أغمد السيف ".
قالت أم سلمة: وفي البيت يومئذ فاطمة والحسن والحسين وجميع نسائه
58

وأبو بكر وعمر وعائشة وحفصة.
ثم قال رسول الله: " يا أم سلمة، لا يؤذي أخي عليا أحد من خلق الله إلا أكبه الله
في نار جهنم خالدا مخلدا، ولا يقبل الله عنه صرفا ولا عدلا ولو قتل في سبيل الله
سبعين مرة. يا أم سلمة، إنه سيد الوصيين وإمام المتقين، وإنه قسيم النار والجنة،
يقعده الله عزوجل يوم القيامة على الصراط، فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار.
يا أم سلمة، إنك من حزبه وإنك من المنتجبات، الموالية لأولياء الله والمعادية
لأعداء الله، وإنه سيقاتل بعدي ثلاث فرق، قاتلهم الله، كلهم في النار:
سيقاتل الناكثين شيعة الجمل، وجند المرأة وجند الجمل، الملعون قائده،
الملعون سائقه، الملعون ناصره؛ وإياك أن تكوني صاحبة الجمل! فإن نظيرها في
الخلق عاقر ناقة صالح " ثم قال: " لست صاحبة الجمل، أبشري وبشري، فإذا رأيت
ذلك فالزمي بيتك، واذكري ربك، وجاهدي بلسانك وقلبك، وقري في بيتك،
ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى.
يا أم سلمة، سيقاتل القاسطين، قوم لا خلاق لهم ولا دين، لعنهم الله، وهم
حطب جهنم.
ثم يقاتل المارقين، أصحاب النهروان، قتلهم الله، أما إنهم كلاب النار ".
هذا حديث صحيح أخرجه أبو نعيم الحافظ الأصفهاني وابن مردويه ودعلج من
طرق عن سليم بن قيس (1).
الحديث الخامس والأربعون
في حلية الأولياء (2) تصنيف الإمام الشهيد محمد بن أحمد الفتال النيشابوري عن
محمد بن عبد الله بن نافع، عن أمه، عن جده قال:

1. مناقب ابن مردويه، مخطوط.
2. كذا في النسخة، ولم نعثر على كتاب " حلية الأولياء " منسوبا إلى الفتال. ولعل النسبة من سهو القلم.
59

كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم جالسا في محفل مع أصحابه، إذ هبط جبرئيل (عليه السلام)
ومعه طاس من الجنة يكاد نوره يخطف البصر، فيه شراب أشد بياضا من اللبن، قال:
فناول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الطاس، فلما صار في كفه سبح الله وهلله، ثم شرب ودفع إلى
علي فسبح الطاس في يد على وهلل، ثم شرب ودفع إلى الحسن فسبح الطاس في
يده وهلل، وشربه ودفع إلى الحسين فسبح الطاس في يده وهلل، وشربه، ثم وثب
الطاس من يد الحسين كأنه طائر قد أنبت الله له جناحين وأصحاب الرسول ينظرونه،
ثم غاب في الجو.
فقال أبو بكر وعمر: يا رسول الله، لو وثبت لشربنا من هذا الشراب كما شرب
علي والحسن والحسين! قال: فسمعوا صوتا كالرعد أزعجت له القلوب وهو يقول:
هذا شراب لا يشربه إلا نبي أو وصى أو ابن نبي.
قال: فتفرق أصحابه بالحديث وقال بعضهم لبعض: سحر مستمر.
الحديث السادس والأربعون
عن الحسن بن الحسين السامري قال: كنت أنا ويحيى بن أحمد (1) بن جريح
البغدادي فتنازعنا في ابن الخطاب، فاشتبه علينا أمره، فقصدنا أحمد بن إسحاق
القمي صاحب الإمام أبي محمد الحسن بن على العسكري (عليهما السلام) بمدينة قم، فقرعنا
الباب عليه، فخرجت علينا صبية من داره - عراقية - فسألناها عنه، فقالت: هو
مشغول بعياله فإنه يوم عيد، فقلنا: سبحان الله! إنما الأعياد للشيعة أربعة: الفطر،
والأضحى، والغدير، والجمعة.
قالت: فإن أحمد بن إسحاق يروي عن سيده أبي الحسن [على بن محمد
العسكري (عليهما السلام)] أن هذا اليوم يوم عيد، وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت (عليهم السلام) وعند

1. في البحار: " محمد ".
60

مواليهم. قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه مكاننا.
قالا: فدخلت عليه وعرفته مكاننا، فخرج علينا وهو متزر بمئزر له [يفوح
مسكا] يحتبي بكسائه ويمسح وجهه، فأنكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما، فإني قد
كنت اغتسلت للعيد، قلنا: أو هذا يوم عيد؟ - وكان يوم التاسع من شهر ربيع الأول -
قالا جميعا: فأدخلنا داره وأجلسنا على سرير له.
ثم قال: إني قصدت مولاي أبا الحسن العسكري (عليه السلام) مع جماعة إخواني - كما
قصدت ماني - بسر من رأى، فاستأذنا الدخول عليه في مثل هذا اليوم - وهو يوم التاسع
من ربيع الأول - فرأينا سيدنا (عليه السلام) قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبسوا ما
يمكنهم من الثياب الجدد، وكان بين يديه مجمرة يحرق العود [فيها] بنفسه، فقلنا
له: بآبائنا أنت وأمهاتنا [يا ابن رسول الله]، هل تجدد لأهل البيت في هذا اليوم فرح؟
فقال (عليه السلام): " وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم؟! ولقد حدثني
أبي (عليه السلام) أن حذيفة اليماني دخل في مثل هذا اليوم على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال
حذيفة: رأيت سيدي أمير المؤمنين (عليه السلام) مع ولديه الحسن والحسين (عليهما السلام) يأكلون مع
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام): كلا
هنيئا لكما بركة هذا اليوم وسعادته؛ [فإنه اليوم الذي يهلك الله فيه عدوه وعدو
جدكما]، وإنه اليوم الذي يقبل الله فيه أعمال شيعتكما ومحبيكما، كلا فإنه اليوم
الذي صدق فيه قول الله تعالى: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) (1) كلا فإنه اليوم الذي
يكسر فيه شوكة مبغض جدكما وناصر عدوكما، [كلا] فإنه اليوم الذي نسف فيه
فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقهم، كلا فإنه اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما
عملوا من عمل فيجعله هباء منثورا، كلا فإنه اليوم الذي يفرح فيه قلبكما.
قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله، وفي أمتك وأصحابك من يهتك الحرمة؟ (2)

1. النمل (27): 52.
2. في البحار: " هذه المحارم ".
61

فقال رسول الله: يا حذيفة، جبت من المنافقين يترأس عليهم ويستعمل في
أمتي الرياء، ويحمل على كتفه درة الخزي، ويصد الناس عن سبيل الله، ويحرف
كتابه، ويغير سنتي، ويستحل أموال الله من غير حله، وينفقها في غير طاعته،
ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علما، ويتطاول على الإمامة من بعدي،
[ويكذبني]، ويكذب أخي ووزيري، ويحسد ابنتي عن حقها فتدعو الله عليه،
فيستجيب الله دعاءها فيه في مثل هذا اليوم.
قال حذيفة: يا رسول الله، فادع ربك ليهلكه في حياتك؟
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا حذيفة، لا أحب أن أجترئ على قضاء الله ما قد سبق في علمه،
لكني سألت الله أن يجعل اليوم الذي يقبضه فيه إليه فضيلة على سائر الأيام، ليكون
ذلك سنة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبوهم، فأوحى الله إلي جل ذكره:
يا محمد، إنه كان في سابق علمي أن تمسك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها
وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي، ممن نصحتهم وخانوك، ومحضتهم
وغشوك، وصافيتهم وكاشحوك، وأوصيتهم وخالفوك، وأوعدتهم وكذبوك،
وجنبتهم وسلموك، فإني أولى بحقي، وحولي وقوتي وسلطاني لأفتحن على روح
من يغصب بعدك عليا وصيك حقه ألف باب من العذاب الأليم، ولأصلينه وأصحابه
سقرا يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولأجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة كفراعنة
الأنبياء وأعداء الدين في المحشر، ولأحشرنهم وأولياءهم وجميع الظلمة والمنافقين
إلى نار جهنم زرقا كالحين، أذلة خزايا (1) نادمين، ولأدخلنهم فيها أبد الآبدين.
يا محمد، لن يرافقك وصيك في منزلتك إلا بما يمسه من البلوى من فرعونه
وغاصبيه الذي يجترئ علي، ويبدل كلامي، ويشرك بي، ويصد الناس عن سبيلي،
وينصب نفسه عجلا لأمتك، ويكفر بي في عرشي، إني قد أمرت أهل سبع سماواتي

1. في البحار: " حيارى ".
62

من شيعتكم ومحبيكم أن يعيدوا في هذا اليوم الذي أقبضته إلي، وأمرتهم أن ينصبوا
كرسي كرامتي بإزاء البيت المعمور، ويثنوا علي ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من
ولد آدم.
يا محمد، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق ثلاثة أيام من ذلك
اليوم، ولا يكتبون عليهم شيئا من خطاياهم؛ كرامة لك ولوصيك (1)!
يا محمد، إني قد جعلت ذلك اليوم وأمثال ذلك اليوم عيدا لك ولأهل بيتك،
وعيدا لمن يتبعهم من المؤمنين من شيعتهم، وآليت على نفسي، بعزتي وجلالي
وعلوي في مكاني، لأحبون من يعيد في ذلك اليوم محتسبا ثواب الخافقين،
[ولأشفعنه] في أقربائه وذوي رحمه، ولأزيدن في ماله إن أوسع على نفسه وعياله
فيه، ولأعتقن من النار في كل حول في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم
ومحبيكم، ولأجعلن سعيهم مشكورا، وذنبهم مغفورا، وأعمالهم مقبولة.
قال حذيفة: ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فدخل إلى منزل أم سلمة، ورجعت عنه وأنا
غير شاك في أمر الشيخ الثاني حتى ترأس بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأتيح [له] الشر،
وعاود الكفر، وارتد عن الدين، وشمر للملك، وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي،
وأبدع السنن، وغير الملة، وبدل السنة، ورد شهادة أمير المؤمنين، وكذب فاطمة
سيدة نساء العالمين، واغتصب فدك منها، وأرضى المجوس واليهود والنصارى،
وأشجى قرة عين المصطفى ولم يرضها، وغير السنن كلها، ودبر على قتل
أمير المؤمنين، وأظهر الجور، وحرم ما أحل الله، وأحل ما حرم الله، وأبقى الناس أن
يتخذوا من جلود الإبل الدنانير، ولطم وجه الزكية (عليها السلام)، وصعد منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
غصبا وظلما، وافترى على أمير المؤمنين وعانده وسفه رأيه.
قال حذيفة: فاستجاب الله دعاء مولاتي (عليها السلام) على ذلك المنافق، وأجرى قتله على

1. كذا؛ وذلك لمخالفته للأصول المسلمة عند الشيعة الإمامية والآيات الكريمة المنزلة على رسوله مردود؟!
63

يدي قاتله (رحمه الله).
قال حذيفة: فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) أهنئه بقتله ورجوعه إلى دار الانتقام،
فقال لي: يا حذيفة، أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا وسبطاه
نأكل معه فدلك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه؟ قلت: بلى يا أخا رسول الله،
فقال: هو والله هذا اليوم، أقر الله فيه عيون آل الرسول به، وأنا أعرف لهذا اليوم اثنين
وسبعين اسما.
فقلت: إني أحب أن تسمعني أسامي هذا اليوم. فعد أمير المؤمنين وكان يوم
التاسع من شهر ربيع الأول.
قال حذيفة: فقمت من عنده فقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير
وما أرجو به الثواب إلا فضل هذا اليوم لكان مناي ".
قال الفقيه الحسن بن يحيى بن الجريح: فقام كل واحد منا فقبل رأس أحمد بن
إسحاق وقلنا له: الحمد لله الذي ما قبضنا حتى شرفنا بفضل هذا اليوم المبارك،
والحمد لله رب العالمين (1).
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: لما ظفر أبو لؤلؤة على ابن الخطاب
أخذوه فجاؤوا به إليه، فقال له ابن الخطاب: يا عدو الله! ما حملك على قتلي ومن
دسك علي؟ قال: اجعل بيني وبينك حكما حتى أتكلم، فقال له ابن الخطاب: بمن
ترضى؟ قال: بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما جاء علي لأبي لؤلؤة تكلم - فقد حضر
حكم عدل - أنت أمرتني، أنت أمرتني بقتلك يا عمر! قال: كيف؟! قال: سمعتك
تخطب على منبر الرسول وتقول: لقد كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة وقانا الله شرها، فمن

1. بحار الأنوار ج 95: 351 باب 13 فضل يوم التاسع من ربيع الأول، عن كتاب زوائد الفوائد للسيد ابن طاووس
وج 31: 120 - 129، مقتل عمر وكيفية قتله، أخرجه عن كتاب زوائد الفوائد لابن طاووس، والمحتضر للشيخ
حسن، ص 44 - 55.
64

عاد إلى مثلها فاقتلوه.
قال: فغشي عليه وجعل يخور فأغمي عليه وخرجت روحه (1).
الحديث السابع والأربعون
عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام):
" من أحبك أحبه الله وهداه وعافاه وكفاه، ومن أبغضك أبغضه الله وأعماه ولعنه
وأخزاه؛ سبقت رحمة ربي لمن أحب عليا ووالاه، وسبقت لعنته على من أبغض عليا
وعاداه ".
قالت عائشة: يا رسول الله، إنني وأبي محبان لعلي.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن كنت صادقة فلكما الرحمة، وإن كنت كاذبة فعليكما
اللعنة ".
قالت عائشة: إني أعيذك بالله يا رسول الله أن تقول لي ولأبي مثل ذلك! فضرب
رسول الله يده على منكبها وقال: " كيف يا حميراء وأبوك أول من يظلمه حقه وأنت
أول من تقاتلينه؟! ".
الحديث الثامن والأربعون
عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال:
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالسا في المسجد إذ أقبل علي بن أبي طالب والحسن
والحسين عن يمينه وشماله، فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقبل عليا والتزمه [إلى صدره]، وقبل
الحسن وأجلسه على فخذه الأيمن، وقبل الحسين وأجلسه على فخذه الأيسر، ثم

1. راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 29 حديث السقيفة، و 20: 21؛ والمناقب لابن شهرآشوب 4:
315، فصل في علمه؛ وتاريخ الطبري 3: 200. وانظر بحار الأنوار 30: 443، الطعن الرابع، مع التعليقات.
65

جعل يقبلهما ويرشف ثناياهما (1) ويقول لهما: " بأبي أبوكما وبأمي أمكما ".
ثم قال: " أيها الناس، إن الله تعالى يباهي بهما وبأبيهما وبأمهما وبالأبرار من
ولدهما الملائكة في كل يوم مرارا، مثلهم كمثل التابوت في بني إسرائيل. اللهم من
أطاعني فيهم وحفظ وصيتي اجعله معي في درجتي، اللهم من عصاني فيهم فاحرمه
روحك ورحمتك، اللهم إنهم أهلي والقوام لديني (2) والمحيون لسنتي، التالون لكتاب
ربي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي " (3).
الحديث التاسع والأربعون
عن جابر بن عبد الله عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:
" خرجت أنا ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صحراء المدينة، فلما صرنا في الحدائق بين
النخل صاحت نخلة بنخلة: " هذا النبي المصطفى وذا علي المرتضى "، ثم صاحت
ثالثة برابعة: " هذا موسى وذا هارون " ثم صاحت خامسة بسادسة: " هذا خاتم النبيين،
وذا خاتم الوصيين " فنظر [إلي] رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متبسما، فقال: يا أبا الحسن، أما
تسمع؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ما تسمي هذا النخيل، قلت: الله ورسوله أعلم،
قال: نسميه الصيحاني؛ فقد صاحت بفضلي وفضلك [يا علي] " (4).
الحديث الخمسون
ذكر أخطب خوارزم في فضائل علي: عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد

1. كذا في النسخة، وفي المصدر: " يرشف شفتيهما " وهو الصحيح.
2. في البحار: " والقوامون بديني ".
3. بحار الأنوار 27: 104 باب 4، ح 74، عن الروضة والفضائل.
4. الفضائل لشاذان بن جبرئيل: 144، وعنه البحار 40: 48 / 84؛ المناقب للخوارزمي: 312 ح 313؛
مائة منقبة: 149 / 82؛ فرائد السمطين 1: 137.
66

قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا له: يا أبا أيوب، إن الله أكرمك بنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أوحى
إلى راحلته فبركت على باب دارك، وكان رسول الله [(صلى الله عليه وآله وسلم)] ضيفا لك فضيلة من الله
فضلك بها، فأخبرنا بمخرجك مع علي تقاتل أهل لا إله إلا الله؟
فقال أبو أيوب: فإني أقسم لكما بالله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معي في هذا البيت
الذي أنتما فيه، وما في البيت غير رسول الله [(صلى الله عليه وآله وسلم)] وعلي جالس عن يمينه [وأنا
عن يساره] وأنس [بن مالك] قائم بين يديه، إذ حرك الباب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" يا أنس، انظر من في الباب " فنظر ثم رجع فقال: يا رسول الله، هذا عمار بن
ياسر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " افتح لعمار الطيب المطيب " ففتح أنس الباب ودخل عمار
فسلم على النبي، فرحب به ثم قال:
" يا عمار، إنه سيكون في أمتي من بعدي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم،
وحتى يقتل بعضهم بعضا، وحتى يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا
[الأصلع] - يعني علي بن أبي طالب - فإن سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا
فاسلك وادي علي وخل عن الناس، يا عمار، إن عليا لا يردك عن هدى ولا يدلك
على ردى، يا عمار، طاعة علي كطاعتي وطاعتي كطاعة الله ". (1)
الحديث الحادي والخمسون
عن الحسين بن زيد بن علي، عن أبي عبد الله، عن علي (عليهم السلام) قال:
" قال رسول الله صلوات الله عليه وآله: يأتي يوم القيامة أقوام وجوههم أضوأ من
القمر ليلة البدر، يغبطهم الأولون والآخرون لمنزلتهم.
فقال جندب بن جنادة الغفاري: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، من هؤلاء الذين
أخبرتنا بعلو مكانهم ومنزلتهم؟ أنبياء هم؟

1. المناقب للخوارزمي: 193 / 232 باختلاف في بعض الكلمات؛ ورواه منتخب الدين في الأربعون حديثا:
59 - 60، الحديث الثلاثون؛ وبحار الأنوار 33: 16، ح 13.
67

قال: ليس بأنبياء.
قال: شهداء؟
قال: ليس هم شهداء ولكنهم بمنزلة الشهداء، وليس هم منهم.
قال: بأبي أنت وأمي، من أهل السماء أو من أهل الأرض؟ نبئناهم؟
قال: ما قلت، ألا لأنبئكم بهم، ألا إنهم شيعة هذا وهو إمامهم، وأخذ بكف
علي (عليه السلام) وهو إلى جانبه وقال: هذا يعسوب المؤمنين ووليهم بعدي، وهو أخي
ووصيي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي " (1).
قال أبو عبد الله (عليه السلام): " وأخبرني أبو جعفر محمد الباقر (عليه السلام)، قال: لما حدثنا أبي هذا
الحديث كان نفر من شيعته من أهل العراق حاضرا، فأقبل عليه قاسم بن عوف
- وكان من صالحيهم - فاستعادهم الحديث إعجابا به، وأعاد أبي (عليه السلام)، فقال: يا بن
رسول الله، أما شيعتكم عندنا فهم قبائل مشهورة، ومنهم قوم أهل ورع وأمانة ودين،
ولهم في كل صالحة رجحان، إلا أن طائفة تزعم أنها لكم شيعة فإنهم ليقولون على
ذلك أقوالا لا تستطاع.
فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): من جاءكم عنا بما يصدقه القرآن فنحن أهله وأولى
به، وما جاءكم عنا بما يكذبه القرآن فهو أولى به ونحن منه براء، ومن برئنا منه برئ
منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن برئ منه رسول الله فالله منه بريء.
وأخبرك على ذلك، فقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي أمير المؤمنين له شيعة على
منهاج إبراهيم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم كذلك الأمر في المؤمنين حقا كلهم شيعة علي (عليه السلام) إلى أن يرث
الله الأرض ومن عليها.
ثم قال (عليه السلام): هل تدرون من المؤمن؟ إنما المؤمن في الدنيا كالغريب، رأس ماله
دينه، والعقل دليله، والعلم خليله، والحلم وزيره، والعبادة شأنه، والصدق لسانه،

1. أخرج نحوه المجلسي في بحار الأنوار 7: 179 ح 18 عن فضائل الشيعة: 68، ح 25.
68

والوفاء لباسه، والسخاء طباعه، والسكينة دثاره، والرفق شعاره، وحسن الخلق
عماده، والحياء لباسه، والحق حسابه، والكياسة فطنته، والشكر ظهاره، والعفو
شيمته، والرحمة للورى سجيته، والبر غنيمته، واللين والده، والحزم معتمده،
والتواضع درعه، وبالله أنسه، إن صاحبته سلمت وإن خالطته غنمت، ظاهر الوفاء،
كريم الحياء، إن استطعمته أطعم، وإن استكتمته كتم، وإن كان فوقك تواضع، وإن
كان دونك اتضع، يحاسب لنفسه، ويخاذل لشيطانه، ناظر في عيوبه، يخاف على
نفسه وإن كان فاضلا، ولا يأمن مكر الله وإن كان محسنا، كثير عمله، عظيم حلمه،
سهل أمره، حزين قلبه، قامع شهوته، كاظم غيظه، لين الجانب، وقور في الهزاهز،
صبور في البلاء، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، كأن في قلبه عينا ينظر بها
إلى صنع ربه في عباده، فهو في الناس كالنحلة، يأكل من طيب الأشجار، ويطعم
الصغار والكبار.
قال: فلما أتى علي بن الحسين (عليهما السلام) على كلامه هذا قال: يا أخا أهل العراق، هذه
صفة شيعتنا، وودائع مودتنا، وهؤلاء أخفى من الكبريت الأحمر، فهل رأى الكبريت
الأحمر أحد منكم؟! " (1).
الحديث الثاني والخمسون
عن الأصبغ بن نباتة قال:
لما ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) الضربة التي كانت فيها وفاته، اجتمع الناس بباب
القصر كل يريد قتل ابن ملجم لعنه الله، فخرج الحسين [الحسن خ] (عليه السلام) فقال:
" معاشر الناس، إن أمير المؤمنين قد أوصاني أن أترك أمره إلى وفاته، وإن كان إلى
حياة كان الناظر في حقه، فانصرفوا رحمكم الله ".

1. لم نعثر على نص الحديث في المصادر المتوفرة لدينا. ولكن فقراته وردت في خطب أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب (عليه السلام)، متفرقة. مثل خطبته لهمام وغيرها.
69

[قال:] فانصرف الناس [ولم أنصرف]، فخرج ثانية وقال: " يا أصبغ، أما
سمعت قولي عن أمير المؤمنين؟ " قلت: بلى ولكن رأيته في حاله فأحببت أن أردد
من النظر إليه وأستمع منه حديثا، فاستأذن لي إليه يرحمك الله! فدخل ولم يلبث أن
خرج فقال لي: " ادخل " فدخلت فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) متعصب بعمامة صفراء قد
علت صفرة وجهه على صفرة العمامة، فإذا هو يقلع فخذا ويضع أخرى لشدة
الضربة وموضع السم، فقال لي: " يا أصبغ، أما سمعت قول الحسين [الحسن خ]
عن مقالي؟ ".
قلت: بلى يا أمير المؤمنين، ولكن رأيتك في حال فأحببت إليك النظر و [أن]
أسمع منك حديثا.
فقال لي: " اقعد فما أراك تسمع مني بعد يومك هذا حديثا، يا أصبغ، أتيت
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عائدا كما جئتني عائدا، فقال لي: اخرج يا أبا الحسن فناد في الناس:
الصلاة جامعة، واصعد منبري وقم دون مقامي بمرقاة، وقل [للناس]: ألا إنه من عق
والديه فلعنة الله [عليه]، ألا إنه من ظلم أجيرا أجره فلعنة الله [عليه].
فخرجت ففعلت ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقام رجل من أقصى المسجد
وقال: يا أبا الحسن، تكلمت بثلاث كلمات وأوجزتهن فاشرحهن لنا. فلم أرد جوابا
حتى أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت له ما كان من أمر الرجل ".
قال [الأصبغ]: ثم أقبل علي أمير المؤمنين فقال: " ابسط يدك يا أصبغ " فبسطت
يدي فتناول إصبعا من أصابعي ثم قال: " يا أصبغ كذا تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إصبعا من
أصابعي كما تناولت إصبعا من أصابعك، ثم قال: يا أبا الحسن، ألا وإني وأنت أبوا
هذه الأمة، فمن عقنا فلعنة الله [عليه]، قل: آمين، قلت: آمين. ثم قال: يا أبا الحسن،
ألا وإني وأنت موليا هذه الأمة، فمن أبق منا فلعنة الله [عليه] قل: آمين، قلت: آمين،
ألا وإني وأنت أجيرا هذه الأمة، فمن ظلمنا أجرنا فلعنة الله [عليه] قل: آمين، فقلت:
آمين ".
70

قال [الأصبغ]: ثم أغمي على أمير المؤمنين، فلما أفاق قال: " أقاعد أنت
يا أصبغ بعد؟ " قلت: بلى [يا مولاي]، قال: " أزيدك حديثا آخر؟ " قلت: نعم
يا أمير المؤمنين، زادك الله مزيد كل الخير.
فقال: " لقيني رسول الله في بعض طرق المدينة وأنا مغموم قد تبين الغم في
وجهي، فقال لي: يا أبا الحسن، أراك مغموما! ألا أحدثك حديثا لا تغتم بعد يومك
هذا؟ قلت: نعم.
قال: إنه إذا كان يوم القيامة نصب الله عزوجل منبرا يعلو منابر النبيين والشهداء، ثم
يأمرني الله عزوجل فأصعد فوقه، ثم يأمرك فتصعد دوني بمرقاة، ثم يأمر الله ملكا يقف
دونك بمرقاة، ثم يأمر الله ملكا آخر يقوم دون الملك بمرقاة، فإذا استقللنا على المنبر
لا يبقى أحد من الأولين والآخرين إلا ويرانا، فينادي الملك الذي دونك بمرقاة:
معاشر الناس، ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا [أعرفه بنفسي، أنا]
رضوان خازن الجنان، ألا إن الله بفضله وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنة إلى
محمد، وإن محمدا أمرني أن أدفعها إلى علي، هاك، فاشهدوا لي عليه.
ثم يقوم الملك الآخر فينادي نداء يسمعه أهل الموقف: معاشر الناس، من
عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا [أعرفه بنفسي، أنا] مالك خازن جهنم،
ألا إن الله بمنه وفضله [وكرمه] وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح جهنم إلى محمد،
وإن محمدا قد أمرني أن أدفعها إلى علي، هاك، فاشهدوا لي عليه، فآخذ بمفاتيح
الجنة والنار، وتأخذ بحجزتي، وأهل بيتك بحجزتك، وشيعتك يأخذون بحجزة
أهل بيتك.
قال: فصفقت كلتا يدي وقلت: إلى الجنة يا رسول الله؟
قال: إي ورب الكعبة ".
قال أصبغ: فلم أسمع من أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد هذين الحديثين حديثا. (1)

1. بحار الأنوار 40: 44، ح 82، باب 91، عن الروضة؛ والأنوار البهية: 66 - 68؛ والروضة في المعجزات ف
والفضائل: 140 (مع اختلاف يسير).
71

الحديث الثالث والخمسون
عن الشيخ المفيد أبي محمد عبد الرحمن النيسابوري، بإسناده إلى عكرمة، عن
ابن عباس قال:
صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة الظهر، فلما ركع في الرابعة طال ركوعه، فظننا أن
خبرا أنزل عليه، فلما كان بعد ساعة استوى، ثم سجد ثم تشهد ثم سلم، ثم قال:
" يا أصحابي، ما لي ما أرى فيكم ابن عمي وأخي علي بن أبي طالب؟! " فناداه
من الصف الأخير: " لبيك يا رسول الله " فقال [النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)]: " أما حضرت الجماعة؟ "
فقال: " يا رسول الله، أذن بلال وكنت على غير وضوء، فذهبت أن أتطهر، فناديت:
يا حسن يا حسين، فما أجابني أحد، فلما التفت رأيت خلفي سطلا من الذهب
مغطى بمنديل أخضر، فرفعت المنديل فإذا في السطل ماء أبيض من اللبن وأحلى
من العسل [و] أطيب من رائحة المسك، فتوضيت وتمسحت ولا أرى مخلوقا،
فلما تمسحت وضعت المنديل فلم أر السطل ولا المنديل ".
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " والذي بعثني بالحق نبيا إن السطل كان من الجنة، والماء
من الكوثر، والمنديل من إستبرق الجنة، وما وضع لك السطل إلا جبرئيل، وما ناولك
المنديل إلا ميكائيل، ولا زال إسرافيل أخذ كفي على ركبتي لا يدعني أن أستوي حتى
تمسحت وجئت ولحقت مع الجماعة، وأعطاك الله ثواب ذلك، أفيلومني الناس على
حبك والله تعالى وملائكته يحبونك من فوق السماء؟! " (1).

1. روى نحوه ابن طاووس في الطرائف: 85؛ وأخطب خوارزم في المناقب: 304 / 300 عن حميد الطويل عن
أنس؛ وعنه البحار 39: 116 / 4.
72

الحديث الرابع والخمسون
بإسناد الشيخ المفيد أيضا عن بشير الدهان قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت
فداك، أي الفصوص أفضل لأركبه على خاتمي؟ فقال:
" يا بشير، أين أنت عن العقيق الأحمر والعقيق الأصفر والعقيق الأبيض، فإنها
ثلاثة جبال في الجنة: فأما الأحمر فمطل (1) على دار رسول الله، وأما الأصفر فمطل
على دار [فاطمة (عليها السلام)]، [وأما الأبيض فمطل على دار] أمير المؤمنين (عليه السلام)، والدور كلها
واحدة تخرج منها ثلاثة أنهار، من تحت كل جبل نهر أشد بردا من الثلج، وأحلى من
العسل، وأشد بياضا من اللبن، لا يشرب منها إلا محمد وآله وشيعتهم، ومصبها كلها
واحد، ومجراها من الكوثر، وإن هذه الثلاثة جبال تسبح الله وتقدسه وتمجده،
وتستغفر لمحبي آل محمد (عليهم السلام)، فمن تختم بشيء منها من شيعة آل محمد لم ير إلا
الخير والحسنى، والسعة في رزقه، والسلامة من جميع أنواع البلاء، وهو [في] أمان
من السلطان الجائر، ومن كل ما يخافه الإنسان ويحذره " (2).
الحديث الخامس والخمسون
وبإسناده أيضا إلى إسحاق السبيعي قال: دخلنا على مسروق بن الأجدع، فإذا
عنده ضيف لا نعرفه، وهما يطعمان من طعام لهما، فقال الضيف:
كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحنين - فلما قالها عرفنا أنه كانت له صحبة مع
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - قال: فجاءت صفية بنت حيي بن أخطب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت:
يا رسول الله، إني لست كأحد من نسائك، قتلت الأب والأخ والعم، فإن حدث بك
حدث فإلى من؟

1. أي مشرف.
2. أمالي الطوسي: 38، المجلس الثاني، ح 41 / 10؛ وعنه بحار الأنوار 37: 42 / 17.
73

فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إلى هذا " وأشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام).
ثم قال: ألا أحدثكم بما حدثني به الحارث الأعور؟ قال: قلنا: بلى، قال: دخلت
على علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: " ما جاء بك يا أعور؟ " قال: قلت: حبك يا أمير
المؤمنين، قال: " الله؟ " قلت: الله؛ فناشدني ثلاثا، ثم قال: " أما إنه ليس عبد من
عباد الله ممن امتحن الله قلبه للإيمان إلا وهو يجد مودتنا على قلبه فهو يحبنا، وليس
عبد من عباد الله ممن سخط الله عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه فهو يبغضنا،
فأصبح محبنا ينتظر الرحمة، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت له، وأصبح مبغضنا على
شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم! وتعسا لأهل
النار مثواهم! " (1).
الحديث السادس والخمسون
أورد أبو بكر محمد بن مؤمن (2) الشيرازي في كتاب " ما نزل من القرآن في شأن
أمير المؤمنين (عليه السلام) " في تفسير قوله تعالى في سورة النساء: (ومن يطع الله والرسول
فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين...) (3) عن
عبد الله بن عباس قال: يعني من يطع الله في فرائضه والرسول في سنته.
(فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين): يعني محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم).
(والصديقين): يعني علي بن أبي طالب، وكان أول من صدق برسول الله.
(والشهداء): يعني علي بن أبي طالب، وحمزة، وجعفر الطيار، والحسن،
والحسين؛ هؤلاء سادات الشهداء.

1. أمالي المفيد: 270، المجلس الثاني والثلاثون، ح 2؛ ورواه الطوسي في الأمالي: 33، المجلس الثاني،
ح 34 / 3 عن المفيد.
2. في النسخة: محمد بن عبد المؤمن، ولم أعثر على ترجمته ولا كتابه. انظر الذريعة 24: 106 و 4: 313، وقد
ذكر كتابه هذا ب‍ " نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) ".
3. النساء (4): 69.
74

(والصالحين): يعني سلمان الفارسي، وأبا ذر الغفاري، وعمار بن ياسر،
وبلال بن حمامة، وخباب بن الأرت.
(وحسن أولئك رفيقا): يعني في الجنة.
(ذلك الفضل) -: يعني هذا الجزاء من الله - (وكفى بالله عليما) (1).
إن منزل علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين ومنزل رسول الله
صلوات عليهم أجمعين في الجنة واحد (2).
حدثنا حرزادين بالأهواز قال: حدثنا سليمان بن مطر قال: حدثنا سفيان بن
عيينة عن ابن شهاب عن الأعوج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما
لعمر بن خطاب:
" يا عمر، إن في الجنة شجرة ما في الجنة قصر ولا دار ولا منزل ولا مجلس
إلا وفيه غصن من أغصان تلك الشجرة، وأصل تلك الشجرة في دار علي
أمير المؤمنين (عليه السلام) ".
قال عمر: قلت ذلك اليوم: إن أصل تلك الشجرة في داري، واليوم قلت: في دار
علي؟!
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا عمر، ما علمت أن منزلي ومنزل أمير المؤمنين في
الجنة واحد؟! ".
فقال عمر: يا رسول الله، فإذا هم أحدكم بجماع أهله كيف يصنع؟
قال: " يا عمر، يصنع الله بيننا بحجاب من النور إلى أن يفرغ من حاجته ثم يرفع
عنا، فنحن إخوان على سرر متقابلين ".
إلى هاهنا كلام أبي بكر محمد بن مؤمن الشيرازي في تفسيره.

1. النساء (4): 70.
2. روى نحوه ابن شهرآشوب في المناقب 3: 89؛ وعنه البحار 35: 389 / 8؛ والبرهان في تفسير القرآن 2:
127، ح 2549 / 8.
75

الحديث السابع والخمسون
أورد أخطب خوارزم في كتاب فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) بإسناده إلى
عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الراية يوم خيبر إلى علي بن
أبي طالب [(عليه السلام)] ففتح الله [تعالى] عليه، وأوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى
كل مؤمن ومؤمنة.
وقال له: " أنت مني وأنا منك ".
وقال له: " تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ".
وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى ".
وقال له: " أنا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت ".
وقال له: " أنت العروة الوثقى ".
وقال له: " أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي ".
وقال له: " أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي ".
وقال له: " أنت الذي أنزل الله فيه: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج
الأكبر...) " (1).
وقال له: " أنت الآخذ بسنتي، والذاب عن ملتي ".
وقال له: " أنا أول من تنشق عنه الأرض، وأنت معي ".
وقال له: " أنا عند الحوض، وأنت معي ".
وقال له: " أنا أول من يدخل الجنة، وأنت معي تدخلها والحسن والحسين
وفاطمة (عليهم السلام) ".
وقال له: " إن الله تعالى قد أوحى إلي بأن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس

1. التوبة (9): 3.
76

وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه ".
وقال له: " اتق الضغائن التي [لك] في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي،
أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ".
ثم بكى (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقيل: مم بكاؤك يا رسول الله؟
قال: " أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه، ويمنعونه حقه، ويقاتلونه ويقتلون
ولده ويظلمونهم بعده؛ وأخبرني جبرئيل عن الله تعالى أن ذلك الظلم يزول إذا قام
قائمهم، وعلت كلمتهم، واجتمعت الأمة على محبتهم، وكان الشانئ لهم قليلا
والكاره لهم ذليلا، وكثر المادح لهم؛ وذلك حين تغير البلاد وضعف العباد وإياس
من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم ".
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " اسمه كاسمي، واسم أبيه كاسم أبي (1)، وهو من ولد ابنتي
[فاطمة]، يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم، ويتبعهم الناس راغبا إليهم
وخائفا منهم ".
قال: وسكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: " معاشر المؤمنين (2)، أبشروا
بالفرج؛ فإن وعد الله لا يخلف وقضاءه لا يرد وهو الحكيم الخبير، وإن فتح الله
قريب. اللهم إنهم أهلي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم
وارعهم، وكن لهم وانصرهم، وأعزهم ولا تذلهم، واخلفني فيهم، إنك على ما تشاء
قدير " (3).

1. كذا في النسخة والمصدر، وعلق مصحح المناقب بقوله: هذه الزيادة لم ترد في أكثر الروايات، فمعظم روايات
الثقات والحفاظ تنتهي عند قوله: اسمه اسمي، وعلى تقدير وجوده فلنقل: الصحيح فيه: اسم أبيه اسم ابني؛ أي
الحسن، فصحف إلى " أبي " أو إن الصحيح كان: اسم ابنه اسم ابني، فصحف، ويؤيده ما ورد في بعض الروايات:
كنيته كنيتي.
2. في المصدر: " الناس ".
3. المناقب للخوارزمي: 61، الفصل الخامس، في بيان أنه من أهل البيت، الحديث 31.
77

الحديث الثامن والخمسون
بإسناده إلى الحسن البصري، عن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" إذا كان يوم القيامة يقعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على الفردوس - وهو
جبل قد علا في الجنة وفوقه عرش رب العالمين، ومن سفحه تتفجر أنهار الجنة
وتتفرق في الجنان - وهو جالس على كرسي من نور يجري بين يديه التسنيم؛
لا يجوز أحد الصراط إلا ومعه براءة بولايته وولاية أهل بيته، يشرف على الجنة،
فيدخل محبيه الجنة ومبغضيه النار " (1).
الحديث التاسع والخمسون
بإسناده إلى أبي القاسم بن جعفر بن محمد بن أبي عبد الله بن محمد بن
عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه محمد بن
علي الباقر، عن أبيه، عن جده الحسين (عليهم السلام) قال:
" سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي
ويدخل الجنة التي وعدني ربي، فليتول علي بن أبي طالب وذريته الطاهرين، أئمة
الهدى ومصابيح الدجى من بعده؛ فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب
الضلالة " (2).

1. المناقب للخوارزمي: 71، الفصل السادس في محبة الرسول (صلى الله عليه وآله) إياه...، ح 48؛ ورواه الترمذي 5: 645؛
فضائل الصحابة 2: 609 و 655؛ مناقب ابن المغازلي: 122؛ أسد الغابة 4: 26.
2. المناقب للخوارزمي: 75 / 55 الفصل السادس: في محبة الرسول (صلى الله عليه وآله) إياه؛ ورواه أبو نعيم في حلية الأولياء
1: 86، والحاكم في المستدرك 3: 128؛ ومنتخب الدين في الأربعون حديثا: 31 - 32 الحديث العاشر.
78

الحديث الستون
بإسناده أيضا عن عبد الله بن الحارث عن علي (عليه السلام) قال:
" وجعت وجعا فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأنامني في مكانه وقام يصلي، فألقى علي
طرف ثوبه فصلى ما شاء الله، ثم قال: يا بن أبي طالب، قد برأت فلا بأس عليك،
ما سألت الله شيئا إلا سألت لك مثله، ولا سألت الله شيئا إلا أعطانيه، إلا أنه قال:
لا نبي بعدي " (1).
الحديث الحادي والستون
بإسناده عن شهردار بن شيرويه الديلمي، بإسناده - بهذا اللفظ - عن الخالص
الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب، عن الناصح علي بن محمد بن علي بن موسى بن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن الثقة محمد بن
علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن
الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب، عن الأمين موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب، عن الصادق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب، عن الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن الزكي
زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن البر الحسين بن علي بن
أبي طالب، عن المرتضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن المصطفى محمد
الأمين، سيد الأولين والآخرين، صلى الله عليهم أجمعين، أنه قال لعلي بن

1. المناقب للخوارزمي: 110 / 117؛ خصائص النسائي: 263 / 147؛ أنساب الأشراف 2: 112؛ ورواه
ابن المغازلي في المناقب: 135 / 178.
79

أبي طالب (عليه السلام):
" يا أبا الحسن، كلم الشمس فإنها تكلمك ".
قال علي (عليه السلام): " السلام عليك يا أيها العبد المطيع لله ".
فقالت الشمس: وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر
المحجلين، يا علي، أنت وشيعتك في الجنة، يا علي، أول من تشق عنه الأرض
محمد ثم أنت، [وأول من يحبى محمد ثم أنت، وأول من يكسى محمد ثم أنت]،
فانكب علي ساجدا وعيناه تذرفان بالدموع، فانكب عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: " يا أخي
وحبيبي، ارفع رأسك فقد باهى الله بك أهل سبع سماوات " (1).
الحديث الثاني والستون
بإسناده أيضا إلى عبد الله بن مسعود قال:
كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أضجر (2) وتنفس الصعداء، فقلت: يا رسول الله،
ما لك تنفس؟ قال: " يا بن مسعود، نعيت إلي نفسي " قلت: استخلف يا رسول الله.
قال: " من؟ " قلت: أبا بكر، فسكت ثم تنفس، فقلت: ما لي أراك تنفس يا رسول الله؟
قال: " نعيت إلي نفسي " قلت: استخلف يا رسول الله. قال: " من؟ " قلت: عمر بن
الخطاب، فسكت ثم تنفس، فقلت: ما لي أراك تنفس يا رسول الله؟ قال: " نعيت إلي
نفسي " قلت: يا رسول الله استخلف. قال: " من؟ " قلت: علي بن أبي طالب، قال:
" أوه! ولن تفعلوا إذا أبدا، والله لئن فعلتموه ليدخلنكم الجنة " (3).

1. المناقب للخوارزمي: 113 / 123 الفصل التاسع في بيان أنه أفضل الأصحاب، و 306 - 307 / 301 و 302؛
فرائد السمطين 1: 184 / 147، وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار 41: 166 باب رد الشمس له وتكلم
الشمس معه (عليه السلام)، فراجع.
2. كذا في النسخة والمناقب والحديث 209 من فرائد السمطين، ولكن في الحديث 212 منه: " كنا مع النبي (صلى الله عليه وآله)
ليلة وفد الجن ".
3. المناقب: 114 / 124 الفصل التاسع في بيان أنه أفضل الأصحاب؛ مائة منقبة لابن شاذان: 29 / 10. فرائد ف
السمطين 1: 267 / 209 و 273 / 212 حلية الأولياء للأصفهاني 1: 64.
80

الحديث الثالث والستون
بإسناده عن علي (عليه السلام) قال:
لما كان ليلة بدر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من يستقي لنا من الماء؟ فأحجم الناس فقام
علي (عليه السلام) فاعتصم بالقربة ثم أتى بئرا بعيدة القعر مظلمة فانحدر فيها، فأوحى الله تعالى
إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل (عليهم السلام): تأهبوا (1) لنصر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحزبه، فنزلوا من
السماء [و] لهم لغط يذعر (2) من سمعه، فلما مروا بالبئر سلموا عليه من أولهم إلى
آخرهم إكراما وتبجيلا (3).
الحديث الرابع والستون
بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
" أول من يدخل الجنة من النبيين والصديقين علي بن أبي طالب ".
فقام إليه أبو دجانة فقال: ألم تخبرنا عن الله سبحانه أنه أخبرك أن الجنة محرمة
على الأنبياء حتى تدخلها أنت، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك؟!
قال: " بلى، ولكن أما علمت أن حامل لواء الحمد أمامهم؟! وعلي بن أبي طالب
حامل لواء الحمد يوم القيامة بين يدي؛ يدخل الجنة وأنا على أثره ".
فقام علي (عليه السلام) وقد أشرق وجهه سرورا وهو يقول: " الحمد لله الذي شرفنا بك
يا رسول الله " (4).

1. تأهب: استعد.
2. اللغط: الأصوات المبهمة المختلطة، والذعر: الخوف والفزع.
3. المناقب للخوارزمي: 308 / 303 الفصل التاسع عشر في فضائل له شتى؛ فضائل الصحابة 2: 613؛
تاريخ مدينة دمشق (ترجمة الإمام علي (عليه السلام)) 2: 359 / 861؛ فرائد السمطين 1: 230 / 179، الفصل
التاسع عشر في فضائل له شتى.
4. المناقب للخوارزمي: 317 / 318، الفصل التاسع عشر في فضائل له شتى؛ مائة منقبة: 81 / 49.
81

الحديث الخامس والستون
بإسناده أيضا عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لما أن خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه، عطس آدم فقال: الحمد لله،
فأوحى الله تعالى: حمدني عبدي، وعزتي وجلالي لولا عبدان أريد أن أخلقهما في
دار الدنيا ما خلقتك. قال: إلهي! فيكون مني؟ قال: نعم يا آدم، ارفع رأسك وانظر،
فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش: لا إله إلا الله، محمد نبي الرحمة، وعلي مقيم
الحجة، من عرف حق علي زكا وطاب، ومن أنكر حقه لعن وخاب. أقسمت
بعزتي أن أدخل الجنة من أطاعه وإن عصاني، وأقسمت بعزتي أدخل النار من عصاه
وإن أطاعني " (1).
الحديث السادس والستون
بإسناده إلى زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي بن
أبي طالب [(عليهم السلام)] قال:
" قال النبي (صلى الله عليه وآله) يوم فتحت خيبر: لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت
النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر على ملأ من المسلمين
إلا أخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون
مني [وأنا منك، وترثني وأرثك، وأنت مني] بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي. أنت تؤدي ديني وتقاتل على سنتي، وأنت في الآخرة أقرب الناس مني،
وأنت غدا على الحوض خليفتي، تذود عنه المنافقين، وأنت أول من يرد علي
الحوض، وأنت أول داخل الجنة من أمتي. وإن شيعتك على منابر من نور رواء

1. المناقب للخوارزمي: 318 / 320، الفصل التاسع عشر في فضائل له شتى؛ مائة منقبة: 82 / 50.
82

مرويين، مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم فيكونون غدا في الجنة جيراني، وإن
أعداءك غدا ظماء مظمئين، مسودة وجوههم مقمحين. حربك حربي، وسلمك
سلمي، وسرك سري، وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك كسريرة صدري، وأنت
باب علمي، وإن ولدك ولدي، ولحمك لحمي، ودمك دمي، وإن الحق معك،
والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك، والإيمان مخالط لحمك ودمك كما
خالط لحمي ودمي، وإن الله أمرني أن أبشرك أنك وعترتك في الجنة، وأن عدوك في
النار، لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك ".
قال: قال علي: " فخررت له سبحانه وتعالى ساجدا وأحمده على ما أنعم به
علي من الإسلام والقرآن، وحببني إلى خاتم النبيين وسيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1).
الحديث السابع والستون
بإسناده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال:
" قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لما دخلت الجنة رأيت شجرة تحمل الحلي والحلل،
أسفلها خيل بلق، وأوسطها حور عين، وفي أعلاها الرضوان. قلت: يا جبرئيل، لمن
هذه الشجرة؟ قال: هذه لابن عمك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛ إذا أمر الله
الخليقة بالدخول إلى الجنة يؤتى بشيعة علي حتى ينتهى بهم إلى هذه الشجرة،
فيلبسون الحلي والحلل، ويركبون الخيل البلق، وينادي مناد: هؤلاء شيعة علي بن
أبي طالب، صبروا في الدنيا على الأذى فحبوا اليوم " (2).

1. المناقب للخوارزمي: 128 - 129 / 143؛ الفصل الثالث عشر في بيان رسوخ الإيمان في قلبه؛ ورواه
ابن المغازلي في مناقبه: 237؛ وروضة الواعظين 1: 112 عن جابر بن عبد الله؛ بحار الأنوار 37: 272 ذيل
الحديث 41، عن كنز الكراجكي.
2. المناقب للخوارزمي: 73 / 52 الفصل السادس في محبة الرسول (صلى الله عليه وآله) إياه؛ مائة منقبة 171 / 96.
83

الحديث الثامن والستون
بإسناده إلى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" أول من اتخذ علي بن أبي طالب أخا من أهل السماء: إسرافيل، ثم ميكائيل،
ثم جبرئيل، وأول من أحبه من أهل السماء: حملة العرش، ثم رضوان خازن الجنان،
ثم ملك الموت. وإن ملك الموت يترحم على محبي علي بن أبي طالب كما يترحم
على الأنبياء (عليهم السلام) " (1).
الحديث التاسع والستون
بإسناده عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - يعني في النوم -:
" يا أنس، ما حملك على أن لا تؤدي ما سمعت مني في علي بن أبي طالب حتى
أدركتك العقوبة؟! ولولا استغفار علي بن أبي طالب (عليه السلام) لك، ما شممت رائحة الجنة
أبدا، ولكن انشر في بقية عمرك: أن عليا وذريته ومحبيهم السابقون الأولون إلى
الجنة، وهم جيران الله وأولياء الله: حمزة وجعفر والحسن والحسين، وأما علي فهو
الصديق الأكبر لا يخشى يوم القيامة من أحبه " (2).
الحديث السبعون
بإسناده إلى جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال:
" قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لما أسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى السماء إلى سدرة
المنتهى ووقفت بين يدي ربي عزوجل فقال لي: يا محمد، قلت: لبيك وسعديك، قال: قد
بلوت خلقي، فأيهم رأيت أطوع لك؟

1. المناقب للخوارزمي: 71 - 72 / 49 الفصل السادس في محبة الرسول (صلى الله عليه وآله) إياه؛ مائة منقبة: 132 / 64.
2. المناقب للخوارزمي: 72 / 50 الفصل السادس في محبة الرسول إياه؛ مائة منقبة: 164 / 89.
84

قال: قلت: رب عليا.
قال: صدقت يا محمد، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك ويعلم عبادي
من كتابي ما لا يعلمون؟
قال: قلت: اختر لي فإن خيرتك خيرتي.
قال: قد اخترت لك عليا؛ فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا، ونحلته علمي
وحلمي، وهو أمير المؤمنين حقا، لم ينلها أحد قبله وليس لأحد بعده. يا محمد،
علي راية الهدى، وإمام من أطاعني، ونور أوليائي، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين،
من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذاك يا محمد.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قلت: رب قد بشرته، فقال علي (عليه السلام): أنا عبد الله وفي قبضته، إن
يعاقبني فبذنوبي؛ لم يظلمني شيئا، وإن تمم لي وعدي فالله مولاي. قال: أجل.
[قال: قلت: يا رب] واجعل ربيعة الإيمان به، قال: قد جعلت به ذلك
يا محمد، غير أني مختصه بشيء من البلاء لم أخص به أحدا من أوليائي. قال:
قلت: ربي، أخي وصاحبي؟ قال: وقد سبق في علمي أنه مبتلى، ولولا علي لم
يعرف حزبي ولا أوليائي " (1).
الحديث الحادي والسبعون
بإسناده إلى حبة العرني، قال: لما نزل علي صلوات الله عليه - متوجها إلى
صفين - بمكان يقال له " البليخ " (2) على جانب الفرات، نزل راهب من صومعته فقال
لعلي (عليه السلام):

1. المناقب: 303 / 299 في فضائل له شتى؛ ورواه الحمويني في فرائد السمطين 1: 268 / 210؛ أمالي الطوسي
343، المجلس 12، ح 705 / 45، وص 353 / ح 733 / 73 باختلاف يسير.
2. البليخ: اسم نهر بالرقة يجتمع فيه الماء من عيون... ويتشعب من ذلك الموضع أنهار تسقي بساتين وقرى، ثم
تصب في الفرات تحت الرقة بميل. معجم البلدان 1: 293.
85

إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا، كتبه أصحاب عيسى (عليه السلام)، أعرضه عليك؟
قال علي (عليه السلام): نعم، فما هو؟
قال الراهب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الذي قضى فيما قضى، وسطر فيما كتب: أنه باعث في الأميين رسولا منهم
يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب (1) في
الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون الذين
يحمدون الله تعالى على كل نشز (2)، وفي كل صعود وهبوط (3)، تذل (4) ألسنتهم بالتهليل
والتكبير، وينصره الله على كل من ناواه فإذا توفاه الله اختلفت أمته ثم اجتمعت فلبث
بذلك ما شاء الله، ثم اختلفت، ثم يمر رجل من أمته بشاطئ هذا الفرات يأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقضي بالحق، ولا يوكس (5) الحكم، الدنيا أهون عليه
[من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عليه] من شرب الماء على
الظماء، يخاف الله في السر وينصح له في العلانية، لا يخاف في الله لومة لائم، فمن
أدرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضوان والجنة، ومن أدرك
ذلك العبد الصالح فلينصره فإن القتل معه شهادة.
قال: فبكى علي (عليه السلام) ثم قال: " الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا، الحمد لله
الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار ".
فمضى الراهب معه وكان - فيما ذكروا - يتفدى مع أمير المؤمنين ويتعشى حتى

1. الصخاب: الشديد الصياح.
2. النشز - بالفتح والتحريك -: المتن المرتفع من الأرض.
3. الصعود والهبوط: ما ارتفع وما انخفض من الأرض.
4. تذل: من الذل - بالكسر والضم -: اللين.
5. الوكس: النقص، وفي بعض نسخ المناقب: " لا يركس الحكم " والركس: رد الشيء مقلوبا.
86

أصيب بصفين، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " اطلبوه " فلما
وجدوه صلى عليه ودفنه وقال: " هذا منا أهل البيت " واستغفر له مرارا (1).
الحديث الثاني والسبعون
وروى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرسل إلى معاوية رسله:
الطرماح وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهما قبل مسيره إلى صفين، وكتب إليه مرة
بعد أخرى يحتج عليه ببيعة أهل الحرمين له، وسوابقه في الإسلام؛ لئلا يكون بين
أهل العراق وأهل الشام محاربة، ومعاوية يعتل بدم عثمان ويستغوي بذلك جهال
أهل الشام وأجلاف العرب، ويستميل طلبة الدنيا بالأموال والولايات، وكان يشاور
في أثناء ذلك ثقاته وأهل مودته وعشيرته في قتال علي (عليه السلام).
فقال له أخوه عتبة: هذا أمر عظيم، لا يتم إلا بعمرو بن العاص؛ فإنه قريع زمانه
في الدهاء والمكر، يخدع ولا يخدع، وقلوب أهل الشام مائلة إليه، فقال له معاوية:
صدقت [والله]، ولكنه يحب عليا فأخاف أن لا يجيبني، فقال: اخدعه بالأموال
ومصر.
فكتب إليه معاوية:
من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان - إمام المسلمين وخليفة رسول
رب العالمين، ذي النورين، ختن المصطفى على ابنتيه، وصاحب جيش العسرة،
وبئر رومة، المعدوم الناصر، الكثير الخاذل، المحصور في منزله، المقتول عطشا
وظلما في محرابه، المعذب بأسياف الفسقة - إلى عمرو بن العاص، صاحب
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وثقته، وأمير عسكره بذات السلاسل، المعظم رأيه، المفخم تدبيره.

1. المناقب للخوارزمي: 242، في قتاله أهل الشام؛ وقعة صفين: 147.
87

أما بعد، فلن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين وما أصيبوا به من الفجيعة
بقتل عثمان، وما ارتكب به جاره حسدا وبغيا - بامتناعه عن نصرته، وخذلانه إياه،
وإشلائه الغارة عليه حتى قتلوه في محرابه - فيا لها من مصيبة عمت جميع
المسلمين، وفرضت عليهم طلب دمه ممن قتله، وأنا أدعوك إلى الحظ الأجزل من
الثواب، والنصيب الأوفر من حسن المآب بقتال من آوى قتلة عثمان، رضي الله عنه
وأرضاه، وأسكنه جنة المأوى.
فكتب إليه عمرو بن العاص:
من عمرو بن العاص، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى معاوية بن أبي سفيان. أما
بعد، فقد وصل كتابك فقرأته وفهمته، فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من
عنقي، والتهور في الضلالة معك، وإعانتي إياك على الباطل، واختراط السيف على
وجه علي بن أبي طالب وهو أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووصيه، ووارثه، وقاضي دينه،
ومنجز وعده، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة، وأبو السبطين: الحسن والحسين
سيدي شباب أهل الجنة، فلن يكن.
وأما ما قلت: إنك خليفة عثمان فقد صدقت، ولكن تبين اليوم عزلك عن
خلافته، وقد بويع لغيرك، فزالت خلافتك.
وأما ما عظمتني به ونسبتني إليه من صحبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأني صاحب جيشه،
فلا أغتر بالتزكية، ولا أميل بها عن الملة.
وأما ما نسبت [أبا الحسن] أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيه إلى الحسد والبغي على
عثمان، وسميت الصحابة فسقة، وزعمت أنه أشلاهم على قتله، فهذا كذب وغواية.
ويحك يا معاوية! أما علمت أن أبا الحسن بذل نفسه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
وبات على فراشه، وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة؟! وقد قال فيه رسول الله:
" هو مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
88

وقد قال يوم غدير خم: " ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه،
وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ".
وهو الذي قال فيه (عليه السلام) يوم خيبر: " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله ".
وهو الذي قال فيه يوم الطير: " اللهم آتيني بأحب خلقك إليك " فلما دخل عليه
قال: " إلي، إلي ".
وقال فيه يوم النضير: " علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره،
مخذول من خذله ".
وقد قال فيه: " علي وليكم بعدي ".
وأكد القول علي وعليك وعلى جميع المسلمين وقال:
" إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي ".
وقد قال: " أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
وقد علمت يا معاوية، ما أنزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوات في
فضائله التي لا يشركه فيها أحد، كقوله: (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره و
مستطيرا) (1)، و (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون
الزكوة وهم راكعون) (2)، و (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد) (3)، و (من المؤمنين
رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه) (4)، وقد قال تعالى لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (قل لا أسئلكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى) (5).

1. الإنسان (76): 7.
2. المائدة (5): 55.
3. هود (11): 17.
4. الأحزاب (33): 23.
5. الشورى (42): 23.
89

وقد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أما ترضى أن يكون سلمك سلمي وحربك حربي
وتكون أخي ووليي في الدنيا والآخرة؟! يا أبا الحسن، من أحبك فقد أحبني، ومن
أبغضك فقد أبغضني، ومن أحبك أدخله الله الجنة، ومن أبغضك أدخله الله النار ".
وكتابك - يا معاوية - الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع من له عقل أو دين.
والسلام.
ثم كتب إليه معاوية يعرض عليه الأموال والولايات، وكتب في آخر كتابه:
جهلت ولم تعلم محلك عندنا * فأرسلت شيئا من خطاب وما تدري
فثق بالذي عندي لك اليوم آنقا * من العز والإكرام والجاه والقدر
فأكتب عهدا ترتضيه موكدا * وأشفعه بالبذل مني وبالبر
فكتب إليه عمرو بن العاص:
أبى القلب مني أن أخادع بالمكر * بقتل ابن عفان أجر إلى الكفر
وإني لعمرو ذو دهاء وفطنة * ولست أبيع الدين بالربح والدفر
فلو كنت ذا عقل ورأي وحيلة * لقلت لهذا الشيخ إن خاض في الأمر
تحية منشور جليل مكرم * بخط صحيح ذي بيان على مصر
أليس صغيرا ملك مصر ببيعة * هي العار في الدنيا على العقب من عمرو
فإن كنت ذا ميل شديد إلى العلى * وإمرة أهل الدين مثل أبي بكر
فأشرك أخا رأي وعزم وحيلة * معاوي في أمر جليل من الذكر
فإن دواء الليث صعب على الورى * وإن غاب عمرو زيد شر إلى شر
فكتب معاوية منشور مصر، ونفذه إليه.
وبقي عمرو متفكرا لا يدري ما يصنع حتى ذهب عنه النوم وقال:
90

تطاول ليلي بالهموم الطوارق * فصافحت من دهري وجوه البوائق
أأخدعه والخدع فيه سجية * أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق
أم أقعد في بيتي وفي ذاك راحة * لشيخ يخاف الموت في كل شارق
فلما أصبح دعا مولاه وردان - وكان عاقلا - فشاوره في ذلك.
فقال وردان: إن مع علي آخرة ولا دنيا معه، [وهي التي تبقى لك وتبقى لها]،
ومع معاوية دنيا ولا آخرة معه، وهي التي لا تبقى على أحد، فانظر لنفسك أيهما
تختار؟
فتبسم عمرو وقال:
يا قاتل الله وردانا وفطنته * لقد أصاب الذي في القلب وردان
لما تعرضت الدنيا عرضت لها * بحرص نفسي وفي الأطباع إدهان
نفسي تعف وأخرى الحرص يغلبها * والمرء يأكل تبنا وهو غرثان
أما علي فدين ليس تشركه * دنيا وذاك له دنيا وسلطان
فاخترت من طمعي دنيا على بصري * وما معي بالذي أختار برهان
إني لأعرف ما فيها وأبصره * وفي أيضا لما أهواه ألوان
لكن نفسي تحب العيش في شرف * وليس يرضى بذل النفس إنسان
ثم إن عمرا رحل إلى معاوية، فمنعه ابنه عبد الله ووردان فلم يسمع، فلما بلغ
مفرق الطريقين: طريق العراق وطريق الشام، قال له وردان: طريق العراق طريق
الآخرة، وطريق الشام طريق الدنيا، فأيهما تسلك؟ قال: طريق الشام (1).
الحديث الثالث والسبعون
بإسناده إلى واثلة بن الأسقع قال: لما جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا وفاطمة والحسن

1. المناقب للخوارزمي: 198 - 202، في قتاله أهل الشام؛ وروى نحوه نصر بن مزاحم في وقعة صفين: 34 وما
بعدها.
91

والحسين (عليهم السلام) تحت ثوبه قال:
" اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم
وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني وأنا منهم، فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك
ورضوانك علي وعليهم ".
فقال واثلة: وكنت واقفا على الباب، فقلت: وعلي يا رسول الله، بأبي أنت وأمي!
قال: " اللهم وعلى واثلة " (1).
الحديث الرابع والسبعون
بإسناده إلى علقمة والأسود عن عائشة قالت:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو في بيتي لما حضره الموت -: " ادعوا لي حبيبي "
فدعوت أبا بكر، فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم وضع رأسه، ثم قال: " ادعوا لي حبيبي "
فقلت: ويلكم! ادعوا له علي بن أبي طالب فوالله ما يريد غيره، فلما رآه [استوى
جالسا] وفرج الثوب الذي كان عليه، ثم أدخله فيه فلم يزل يحتضنه حتى قبض
ويده عليه (2).
الحديث الخامس والسبعون
بإسناده إلى أبي علقمة مولى بني هاشم قال: صلى بنا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الصبح، ثم
التفت إلينا فقال:
" معاشر أصحابي، رأيت البارحة عمي حمزة بن عبد المطلب وأخي جعفر بن
أبي طالب، وبين أيديهما طبق من النبق (3)، فأكلا ساعة، ثم تحول النبق عنبا فأكلا

1. المناقب للخوارزمي: 63 / 32 الفصل الخامس في بيان أنه من أهل البيت، ورواه الحمويني في فرائد السمطين
1: 33 / 12.
2. المناقب للخوارزمي: 68 / 41 في محبة الرسول إياه؛ أمالي الطوسي: 332، ح 665 / 5.
3. النبق والنبق: ثمرة السدر.
92

ساعة، فتحول العنب رطبا فأكلا ساعة، فدنوت منهما، فقلت: بأبي أنتما وأمي، أي
الأعمال وجدتما أفضل؟ قالا: فديناك بالآباء والأمهات، وجدنا أفضل الأعمال:
الصلاة عليك، وسقي الماء، وحب علي بن أبي طالب " (1).
الحديث السادس والسبعون
بإسناده إلى أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" يا أنس، اسكب لي وضوءا " ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: " يا أنس، أول من
يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين،
وخاتم الوصيين ".
قال [أنس]: قلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار - وكتمته - إذ جاء علي، فقال:
" من هذا يا أنس؟ " فقلت: علي بن أبي طالب، فقام مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح
عرق وجهه [ويمسح عرق وجه] علي عن وجهه.
فقال علي: " يا رسول الله، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعته بي [من] قبل! ".
قال: " وما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه
من بعدي؟! " (2).
الحديث السابع والسبعون
بإسناده عن زر بن حبيش قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره في مسجد
الجامع بالكوفة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما بلغت " الحواميم "
قال لي أمير المؤمنين: " قد بلغت عرائس القرآن " فلما بلغت رأس العشرين من

1. المناقب للخوارزمي: 73 - 74 / 53 في محبة الرسول إياه.
2. المناقب للخوارزمي: 85 / 75، في بيان غزارة علمه؛ حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني 1: 63؛ ورواه أيضا
الحمويني في فرائد السمطين 1: 145 / 113؛ ومناقب محمد بن سليمان 1: 391 / 313 وص 430 / 335.
93

سورة " حم عسق " (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم
ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير) (1) بكى [حتى ارتفع نحيبه]، ثم رفع رأسه
إلى السماء وقال: " يا زر، أمن علي دعائي " ثم قال:
" اللهم إني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص الموقنين، ومرافقة الأبرار،
واستحقاق حقائق الإيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ووجوب
رحمتك، وعزائم مغفرتك، والفوز بالجنة، والنجاة من النار. يا زر، إذا ختمت القرآن
فادع بهذا، فإن حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن " (2).
الحديث الثامن والسبعون
بإسناده إلى ابن نافع، عن أبي مطر قال: خرجت من المسجد، فإذا رجل ينادي:
" ارفع إزارك فإنه أنقى من ثوبك [لك] (3) وخذ من رأسك إن كنت مسلما ".
فمشيت خلفه وهو مؤزر بإزار، مرتد برداء، ومعه الدرة، كأنه أعرابي بدوي.
فقلت: من هذا؟ فقال لي رجل: أراك غريبا بهذا البلد! قلت: أجل، رجل من
أهل البصرة. قال: هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام).
فسار حتى انتهى إلى دار بني أبي معيط - وهو سوق الإبل - فقال: " بيعوا
ولا تحلفوا؛ فإن اليمين تنفق السلعة، وتمحق البركة ".
ثم أتى أصحاب التمر فإذا خادمة تبكي، فقال: " ما يبكيك؟ " قالت: باعني هذا
الرجل تمرا بدرهم، فرده مولاي وأبى أن يقبله، فقال: " خذ تمرك وأعطها درهمها؛
فإنها خادمة ليس لها أمر " فدفعه.
فقلت: أتدري من هذا؟ قال: لا. قلت: هذا علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فصب تمره

1. الشورى (42): 22.
2. المناقب: 85 - 86 / 76، في بيان غزارة علمه؛ وأورده السيوطي في الدر المنثور 6: 5.
3. في أكثر المصادر: " فإنه أنقى لثوبك وأتقى لك ".
94

وأعطاها درهمها وقال: يا مولاي، أحب أن ترضى عني! قال: " ما أرضاني عنك إذا
أوفيتهم حقهم! ".
ثم مر مجتازا بأصحاب التمر فقال: " يا أصحاب التمر، أطعموا المساكين فيربو
كسبكم ".
ثم مر مجتازا ومعه المسلمون حتى أتى أصحاب السمك فقال: " لا يباع في
سوقنا طافي " (1).
ثم أتى دار فرات - وهو سوق الكراريس - فقال لشيخ: " يا شيخ، أحسن بيعي في
قميصي بثلاثة دراهم " فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، ثم أتى آخر، فلما عرفه لم يشتر
منه، فأتى غلاما حدثا، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، ولبسه ما بين الرسغين (2) إلى
الكعبين، فقال حين لبسه: " الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في
الناس، وأواري به عورتي ".
فقيل له: يا أمير المؤمنين، هذا شيء ترويه عن نفسك أو شيء سمعته من
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
[قال: " بلى شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقوله عند الكسوة "].
فجاء أبو الغلام صاحب الثوب، فقيل: يا فلان قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين
قميصا بثلاثة دراهم! قال: أفلا أخذت منه درهمين؟ فأخذ أبوه درهما وجاء به إلى
أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو جالس على باب الرحبة ومعه المسلمون، فقال: أمسك هذا
الدرهم يا أمير المؤمنين، فقال: " ما شأن هذا الدرهم؟ " قال: كان ثمن القميص
درهمين، فقال: " باعني برضاي وأخذه برضاه " (3).

1. الطافي: السمك الذي يموت في الماء ثم يعلو فوق وجهه.
2. الرسغ من الإنسان: مفصل ما بين الساعد والكف، والساق والقدم.
3. المناقب للخوارزمي: 121 / 136 في بيان زهده وقناعته؛ ورواه أحمد في فضائل الصحابة 1: 528؛
مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد بن سليمان 2: 60 / 547 و 2: 603 / 1103؛ بحار الأنوار 40: 332 - 333 / 14.
95

الحديث التاسع والسبعون
بإسناده إلى سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس قال:
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [عليلا] في بيته، فغدا عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) الغداة،
وكان يحب أن لا يسبقه إليه أحد، فدخل فإذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نائم في صحن الدار ورأسه
في حجر دحية بن خليفة الكلبي، فقال: " السلام عليك، كيف أصبح رسول الله؟ " قال
[دحية]: بخير يا أخا رسول الله، فقال له علي (عليه السلام): " جزاك الله عنا أهل البيت خيرا ".
قال له دحية: إني أحبك وإن لك عندي مدحة أزفها إليك: أنت أمير المؤمنين
وقائد الغر المحجلين، وأنت سيد ولد آدم يوم القيامة ما خلا النبيين والمرسلين،
[و] لواء الحمد بيدك يوم القيامة، تزف أنت وشيعتك مع محمد وحزبه إلى الجنان
[زفا زفا]، قد أفلح من تولاك وخسر من عاداك، بحب محمد أحبوك، ومبغضوك
لن تنالهم شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أدن مني صفوة الله. فأخذ رأس النبي (صلى الله عليه وآله) فوضعه في
حجره وغاب.
فانتبه النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: " ما هذه الهمهمة؟ " فأخبر الحديث، فقال: " [يا علي] لم
يكن دحية الكلبي، كان جبرئيل (عليه السلام)، سماك باسم سماك الله به، وهو ألقى محبتك في
صدور المؤمنين، وهيبتك (1) في صدور الكافرين " (2).
الحديث الثمانون
بإسناده إلى ابن مسعود قال: قال رسول الله [(صلى الله عليه وآله)]:
" علي بن أبي طالب حلقة معلقة بباب الجنة؛ من تعلق بها دخل الجنة " (3).

1. في المصدر: " رهبك ".
2. المناقب للخوارزمي: 322 - 323 / 329 في فضائل له شتى؛ أمالي الطوسي: 604، المجلس 27،
ح 1250 / 7؛ ورواه منتخب الدين في الأربعون حديثا: 28 الحديث الثامن، باختلاف في بعض الألفاظ؛
وابن طاووس في كتاب اليقين: 44، الباب 167.
3. المناقب للخوارزمي: 324 / 331 في فضائل له شتى؛ ورواه أيضا الحمويني في فرائد السمطين 1: 180 / 143.
96

الحديث الحادي والثمانون
عن إدريس بن هشام قال: كنت أغدو إلى جامع الكوفة... وذلك بعد مضي
أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإذا أنا برجل قائم يصلي إلى أسطوانة في الجامع وهو يبكي
ويتضرع ويقول: مشهورا في السماء، مشهورا في الأرض، جهد الخلائق في إطفاء
نورك وإخمال ذكرك، فأبى الله لنورك إلا ضياء، ولذكرك إلا علوا!
فدنوت منه وقلت: من أنت؟ ومن هذا الذي تصفه بهذا الوصف؟ فقال: أما أنا
فعبد الله، وأما من أصفه فعلي بن أبي طالب (عليه السلام).
قلت: إن الذي تصفه لعظيم، فأي شيء دليله عندك؟ وما الذي دعاك أن تقول فيه
هذا القول؟
فقال: ما أبالي ما طرقني بعده من طوارق الدهر وحوادثه إذ كان لا مندوحة عنه
ولا عوض منه. فقلت له: أخبرني بما عندك لأعلمه. فقال: أو يغيضك ذلك أو
يرضيك؟ فقلت: بل يرضيني، فقال: إني محدثك فكن بأي حال شئت:
اعلم أني رجل من أهل الدسكرة، وأني كنت يهوديا أحمل من الدسكرة طعاما
وأبيعه بالكوفة، وأني حملت في بعض الأيام طعاما فلما صرت بالنخيلة من الكوفة
ليلا هبت ريح عظيمة، فجلست موضعي لتزول الريح وأسير إلى الكوفة، فبقيت على
ذلك حتى هدأت الريح، فقمت أطلب دوابي فلم أقف لها على أثر، فأيقنت أنها قد
اختلست، فأقبلت حتى دخلت الكوفة ليلا، وكنت قد قرأت في التوراة: أنه يكون
لمحمد (عليه السلام) ابن عم يسمى عليا وأنه ينزل الكوفة ويرد الضالة، فقلت: والله لأقصدن
الجامع، فإن يكن هناك، أستغيث به.
فأتيت الجامع فوجدته في هذا الموضع قائما يصلي، فقلت في نفسي: كيف
أخرجه من صلاته؟ فلما فرغ وبصر بي قال: " ما شأنك يا أخا اليهود؟ هلك طعامك
ودوابك؟ " قلت: نعم يا سيدي، فقال: " في النخيلة؟ " قلت: نعم، قال: " امض "
97

فخرج وخرجت، فجعل يمشي وأنا على أثره حتى أتى النخيلة، فوقف هناك مليا ثم
تكلم، فسمعت صراخا وضجيجا واستغاثة وقائلا يقول: لم نعلم يا أمير المؤمنين،
ولا نعاود إلى مثل ذلك! فقلت: لا شك أنه يخاطب الجن، فبينا أنا كذلك إذ أبصرت
إلى الدواب والطعام عليها بحاله.
فقال لي: " سق " فجعلت أسوق وهو بين يدي حتى وافى الكوفة ولم ينفجر
الصبح، فلما صرت إلى سوق الطعام قال: " حط هاهنا وارتقبني ولا تبع شيئا حتى
أوافيك " وتركني ومضى.
فأصبح الناس وأقيمت سوق الطعام، وامتنع الناس عن الشري والبيع ولم يقلب
أحد شيئا مما في السوق من الطعام، واجتمع الناس علي يقولون لي: افتح طعامك
وبع حتى نشتري، فأقول: ليس لي حاجة إلى البيع، فيقولون: إنا لا نشتري شيئا مما
في الأسواق ولا يبيع أحد شيئا حتى تبيع طعامك، فأقول: إن لي شريكا قد أنتظره
ليحضر، فبينا نحن كذلك حتى أقبل أمير المؤمنين، فقام القوم إليه وأثنوا عليه وقالوا:
هل من حاجة؟ قال لهم: " خيرا ".
ثم قال لي: " أحلل طعامك واجلس، فإن أحببت أكيل أنا وتزن أنت، وإن أحببت
أزن أنا وتكيل أنت " فقلت: لا، بل تزن أنت وأكيل أنا، فجعل يزن وأنا أكيل حتى
اكتفى سائر من كان في السوق من التجار وغيرهم، ولم يبع أحد في ذلك اليوم شيئا
من الطعام.
ثم إن أمير المؤمنين جمع المال وحمله على بعض الدواب، وكان مقداره ستين
ألف درهم، والطعام مقدار كرين.
فقلت له: يا سيدي، تأخذ منه شطره فقد جعل الله فيه بركة عظيمة ما جعلها
لأحد، فقال: " خذه لك، فإنا لا نأخذ على فعل جزاء ".
فرجعت إلى الدسكرة وقد شغلني قلبي فكره وما رأيت منه.
ثم اتجه لي خروج إلى الشام، فخرجت بتجارة، فلما دخلت إلى الشام كنت أبيع
98

بها ما معي من المتاع، فإذا جرى بيني وبين أحد خلاف قلت: حلفت بحق أمير المؤمنين
علي، فلما أن رأوا مني ذلك أهل الشام أدوه إلى معاوية، فأرسل إلي وقبض علي
وعلى ما كان معي من المتاع وحبسني، فلما كان في الليل دعاني وقال لي: ويلك!
أنت يهودي من دسكرة الكوفة، فأي شيء أسداه إليك علي بن أبي طالب حتى
لهجت به وتذكره؟ فقصصت عليه قصته.
فقال: بلغ كذبكم على الله وإدعاؤكم عليه وكذبكم على موسى (عليه السلام) واتخاذكم
العجل من بعده حتى عدلتم إلى علي بن أبي طالب تدعون له الربوبية!!
فقلت له: يا معاوية، الذي تقوله هزل، إلا أن ما قلته في علي بن أبي طالب فإنه
جد. وقال: وتلك كذلك؟ فقلت: أجل.
فقال لحاجبه: خذه وقيده وغله وأودعه السجن، وليكن في أضيق موضع،
ويعلم أن علي بن أبي طالب ليس هو كما يصف.
فأخذني الحاجب وقيدني وغل يدي إلى عنقي وأودعني السجن، فأقمت به
ليلتي، فلما كان من الغد دخل علي حاجبه فقال لي: إن أمير المؤمنين معاوية يقول
لك: اكتب إلى علي حتى يخرجك من حبسك كما رد عليك ضالتك!!
فقلت له: إنك لتقول باطلا، ما للمؤمنين أمير سوى علي بن أبي طالب، فخرج
ولم يلبث فرجع وقال للسجان: خذ ما في عنقه ورجله من الحديد!
فقلت له: أليس قد تواعدتني عن معاوية أنه بعثك إلي يقول لي: اكتب إلى
علي بن أبي طالب حتى يخرجك من السجن كما رد عليك ضالتك بالكوفة؟!
قال: بعثني الآن لأحضرك بين يديه. فقلت له: أيريد قتلي؟ فقال: لا علم لي.
فخرجت من السجن وأنا أظن أن معاوية يريد قتلي، فدخلت عليه في قصره
وإذا له ضجيج وصياح عظيم، وهو يدور في قصره، وعليه عوذ بعنقه كبيرة.
فلما بصرني قال: يا يهودي، لك أماني وقضاء كل حاجة تسألني إن أزلت عني
ما أجده! فقلت: وما تجد؟ [قال:] عسر البول منذ أمرت بك إلى السجن!
99

ولم أكن سمعت بشيء يصلح لعسر البول، فبقيت لا أدري ما أقول، فقال لي
معاوية: عجل علي! فقلت لخادم له قائم قد أخذه بيده وهو متكئ عليه: بل، يا خادم
في إناء واسق مولاك، فإنه يزول!
فقال معاوية للخادم: عجل علي بما قال، فليس هذا من طبه، ولا هذا إلا من
تلقين علي بن أبي طالب له، ولا والله ما سمعت هذا الذي قلته من أحد، وإنما أردت
أن أكلمه بما احتجر به عنه، وأومأ إلى الخادم إلى إناء فضة وبال فيه وناوله معاوية
فشربه، وإنه ما استتم شرب ذلك حتى بدر بوله على أفخاذه وفي ثيابه! فقال: يا لها
من فضيحة وشهرة من علي بن أبي طالب، كم أعهد أني لا أعرض إلى أحد يذكر
عليا ثم أخالف ذلك! وشاع ذلك في قصره.
فقال لي معاوية: سل حوائجك وأضف إليها ما أحببت، وأنا أسألك أن لا يجري
مما جرى شيء في العراق على لسانك، وإن سألك علي عن شيء من ذلك فاكتمه.
فقلت له: لم أر رأيا أعجب من هذا الرأي! يقول: هذا ليس من طبك ولا هذا إلا
من فضائح علي بن أبي طالب لك وترجع في ساعتك تقول: لا تبد لعلي بن
أبي طالب من ذلك شيئا، وهو والله يا معاوية أعلم بما جرى بيني وبينك مني ومنك!
فقال معاوية: هو كما قلت يا يهودي.
ثم إنه أمر أن يدفع إلي ما كان معي من المتاع ووصلني بعشرين ألف درهم.
فقال أهل الشام ومن بحضرته من بني أمية: ما رأينا مثل هذا اليهودي قدم من
العراق إلى الشام إلا ليسقي معاوية من بول خادمه، ويأخذ عشرين ألف درهم،
ويرجع بها ويصير أحدوثة بها في العراق!!
ثم إن معاوية وكل بي فأخرجت من دمشق، فلما دخلت [كوفة] ذهبت إلى
باب أمير المؤمنين (عليه السلام)، فشرفت بلقائه في المسجد والناس محدقون به، فقال لي
صلوات الله عليه: " من دمشق وافيت؟ " قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: " سقيت
معاوية بول خادمه وأخذت جائزته على ذلك عشرين ألف درهم، وقد كان عزم
100

على إبداعك السجن إلى أن تكتب إلي في خلاصك من السجن كما رددت إليك
ضالتك ".
فقلت: والله يا مولاي أنت أعلم بما كان مني ومنه!!
فقال: " امض إلى أهلك لا أرغم الله إلا بأنفه ".
فشاع ذلك بالكوفة، وكان الناس يأتوني ويسألوني عن حديثه، فأخبرهم به.
ثم اتفق لي سفرا إلى البصرة، فأتيت إلى أمير المؤمنين فقال لي:
" إنك لتمضي إلى البصرة، فيكون منك كيت وكيت، ويجري عليك كيت وكيت،
وأعظمها محنة أنك لا ترى عليا بعد وقتك هذا ".
فقلت: يا سيدي، لأي سخط حال منك علي؟ أم لماذا؟
فقال (عليه السلام): " لا سخط عليك، بل رحلة وغيبة إلى أجل ".
فقلت: يا سيدي، فأمتنع عن قصدي لأشهدك في ذلك الوقت؛ فهو أسر إلى
قلبي وأبر عندي.
فقال (عليه السلام): " امض لشأنك موفقا ".
وقد كان شرح لي أمورا يطول شرحها، عاينتها ووجدتها كما قال (عليه السلام)، ما أخل
منها شيء!
فلما كان من سفري مدة ستة أشهر، قيل بالبصرة: قتل علي بن أبي طالب.
فقلت: إن عليا لا يقتل! فدخلت الكوفة وبها كل خارج وخارجة، فسلمت
جميع ما حوته يدي إلى أهلي وولدي، وخرجت عنهم ودخلت الجامع، وآليت أن
لا أبرح من عند هذه الأسطوانة حتى ألحق به، أفتعنفني بما سمعت مني؟!
فقلت له: ما أعنفك، وتركته وانصرفت. فلما كان في اليوم الثالث سمعت النداء:
مات فلان اليهودي مولى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فحضرت فيمن حضر، وصلى عليه
جميع أهل الكوفة، ثم دفن (رحمه الله).
101

الحديث الثاني والثمانون
عن عبد الواحد بن زيد المصري - رجل من أهل الشيعة - قال: كنت حاجا إلى
بيت الله الحرام [و] زائرا لقبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فبينا أنا ذات يوم بمدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فإذا أنا بجارية على نجيب أحمر في هودج أخضر وهي تقول لأختها: يا أختاه،
لا وحق العادل في الرعية، والمعطي بالسوية، والناظر في القضية، بعل فاطمة
المرضية، ما كان كيت وكيت.
قال عبد الواحد بن زيد: قلت: يا جارية، ناشدتك الله، ألا تعلميني من هذا
الفتى؟ قالت: أتشك في فضله؟ قلت: اللهم لا.
قالت: والله وتالله، وأي فتى! عظيم التوكل، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم
عدلا، وينطق فضلا، ينفجر العلم من فيه، وينطق الحق من نواحيه، علم الأعلام،
ومنار الإيمان، وإمام الأمة، وراهب الأئمة، فاق المسيح، وعلا ذكره على كل مديح،
هادم الأصنام، والمتبتل للصيام، وكان - صلوات الله عليه - ذا شرف وكرم، يعجبه من
الثياب قصيره، ومن الطعام شعيره، ومن الصيام هجيره، ومن الليل قريره، وبالله
أحلف على ما أشرح، لقد أبصرته في بعض مواقفه وقد أسدل الليل ظلامه وغارت
نجومه، وهو قائم في محرابه قابض على شيبته وقد خضبها بعبرته، وهو يتململ كما
يتململ السليم ويتضرع كما يتضرع السقيم، ويعاتب دنياه فيقول:
" يا دنيا، غري غيري، إلي تشوقت؟! أم إلي تعرضت؟! لا حاجة لي فيك
ولا طمع لك في. ألا يا طالب الدنيا، قليلا قليلا، مهلا مهلا! [في] حلالها والله
حساب، و [في] حرامها عقاب. أما والذي إليه يصير الكلم الطيب والعمل الصالح
يرفعه، لأصدفن عنك أي صدوف، ولأطوينك طي الصحف! ".
قال عبد الواحد بن زيد: فوكفت دموعي على خدي وقلت: ناشدتك يا جارية
إلا ما أخبرتني من هذا الفتى؟
قالت: والله ذلك ليث بني غالب الإمام علي بن أبي طالب، صلوات الله عليه.
102

قال عبد الواحد بن زيد: فقلت لها: يا جارية، بم استأهل منك هذا الإمام
مديحك؟
قالت: كان أبي رجلا من أصحابه، قتل يوم صفين بين يديه، فلما كان ذات يوم
قال لوالدتي: " كيف أصبحت يا أم الأيتام؟ " قالت: بخير يا أمير المؤمنين، فأخرجنا
إليه أنا وأختي فألح بالنظر إلينا وكان قد ركبنا من الجدري (1) أمر عظيم، فلما رآنا (عليه السلام) أن
لنا وشكا وتمثل وقال:
وما تأوهت من شيء رزئت به * كما تأوهت للأيتام في الصغر
قد مات والدهم من كان يكفلهم * في النائبات وفي الأسفار والحضر
ثم قال: " أدنيهما مني يا عجوز " فقربتنا والدتي إليه وقد كان والله أذهب الجدري
ببصر عيني جميعا، فلما رآني مد يده على عيني وتفل فيهما، فوهبهما الله لي
فشفاني! يا شيخ، إني لأبصر الجمل الشارد في الليلة الظلماء في البرية القفراء، على
مسير فرسخ أو فرسخين.
قال عبد الواحد بن زيد، فضربت بيدي إلى كمي وأخرجت شيئا من الذهب
والفضة، وقلت يا جارية: استعيني بهذا على وقتك، فقالت: إليك عنا يا رجل! قد
خلفنا والله أكرم سلف على أفضل خلف.
فقلت: فمن السلف والخلف؟
فقالت: خلفنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على ولده أبي محمد الحسن بن
علي (عليهما السلام)، ومن كان في ضيافة الحسن لا يأخذ مما في أيدي الناس!
ثم ولت، فسألت أختها عنها، فقالت: أنا وهي ابنتا عمار بن ياسر العبسي
- رضوان الله عليه - صاحب راية رسول الله وصاحب أمير المؤمنين (عليهما السلام) (2).

1. الجدري - بضم الجيم وفتحها -: مرض يسبب بثورا حمرا ببعض الرؤوس، تنتشر في البدن وتتقيح سريعا،
وهو شديد العدوي.
2. روى نحوه منتخب الدين في الأربعون حديثا: 76، الحكاية الأولى؛ وابن شهرآشوب في المناقب 2: 334؛
وفي بحار الأنوار 33: 47 / 392، و 41: 220 / 32، عن بشارة المصطفى: 86 - 87.
103

الحديث الثالث والثمانون
قال سليم بن قيس: وحدثني أبو ذر وسلمان والمقداد، - ثم سمعته من علي (عليه السلام) -
قالوا: إن رجلا فاخر عليا (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام):
" يا أخي، فاخر العرب؛ فأنت [أكرمهم] ابن عم، وأكرمهم أبا، و [أكرمهم أخا]،
وأكرمهم نفسا، وأكرمهم نسبا، وأكرمهم زوجة، وأكرمهم ولدا، وأكرمهم عما،
وأعظمهم غناء بنفسك ومالك، وأتمهم حلما، وأقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأنت
أقرأهم لكتاب الله، وأعلمهم بسنن (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأشجعهم قلبا (2)، وأجودهم
كفا، [وأزهدهم في الدنيا، وأشدهم اجتهادا، وأحسنهم خلقا]، وأصدقهم لسانا،
وأحبهم إلى الله عزوجل وإلي.
وستبقى بعدي ثلاثين سنة تعبد الله وتصبر على ظلم قريش، ثم تجاهد في سبيل
الله إذا وجدت أعوانا؛ تقاتل على القرآن - كما قاتلت [معي] على تنزيله - [الناكثين
والقاسطين والمارقين من هذه الأمة]، ثم تقتل شهيدا، تخضب لحيتك من دم
رأسك، قاتلك يعدل عاقر الناقة في البغض [إلى الله] والبعد من الله ومني، ويعدل
قاتل يحيى بن زكريا، وفرعون ذا الأوتاد ".
قال أبان: وحدثت بهذا الحديث الحسن البصري عن أبي ذر وسلمان، فقال:
صدق سلمان وصدق أبو ذر، لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) السابقة في الدين والعلم
و [الحكمة والفقه، وفي الرأي والصحبة، وفي الفضل، وفي البسطة، وفي العشيرة،
وفي الصهر، وفي النجدة، وفي الحرب، وفي الجود، وفي الماعون، وفي العلم
بالقضاء، وفي القرابة، وفي حسن] (3) البلاء في الإسلام، إن عليا (عليه السلام) كان في كل فن

1. في المصدر: " سنن الله ".
2. في المصدر زيادة: " في لقاء يوم الهيج ".
3. الزيادة من المصدر.
104

عالما؛ فرحم الله عليا وصلى عليه. [ثم بكى حتى بل لحيته].
[قال:] فقلت له: يا أبا سعيد، أتقول لأحد غير النبي: " صلى الله عليه " إذا
ذكرته؟
فقال: ترحم على المسلمين إذ ذكرتهم، وصل على محمد وآل محمد، وإن عليا
خير آل محمد.
فقلت: يا أبا سعيد، خير من حمزة ومن جعفر ومن فاطمة ومن الحسن
والحسين؟
قال: أي والله، إنه لخير منهم، ومن يشك في أنه خير منهم؟!
فقلت: بماذا؟
قال: [إنه لم يجر عليه اسم شرك ولا كفر ولا عبادة صنم ولا شرب خمر، وعلي
خير منهم] بالسبق إلى الإسلام، والعلم بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة: " زوجتك خير أمتي "؛ فلو كان في الأمة خير منه لاستثناه، وإن
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آخى بين أصحابه وآخى بين علي ونفسه؛ فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خيرهم
نفسا وخيرهم أخا.
ونصبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بغدير خم، [وأوجب له من الولاية على الناس مثل ما
أوجب لنفسه؛ فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه "]، وقال: " أنت مني بمنزلة هارون
من موسى " ولم يقل لأحد من أهل بيته ولا لأحد من أمته غيره، وله سوابق كثيرة
ومناقب ليس لأحد من الناس مثلها.
قال: فقلت له: من خير هذه الأمة بعد علي؟ قال: زوجته وابناهما (1).
قلت: ثم من؟ قال: ثم جعفر وحمزة، وخير الناس أصحاب الكساء الذين نزلت
فيهم آية التطهير؛ ضم فيها نفسه وعليا وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله

1. في المصدر: " وابناه ".
105

عليهم أجمعين، ثم قال: " هؤلاء ثقلي وأهل بيتي وعترتي، اللهم فأذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا ". فقالت أم سلمة: أدخلني معك ومعهم في الكساء! فقال
لها: " يا أم سلمة، أنت إلى خير وبخير، وإنما نزلت هذه الآية في وفي هؤلاء خاصة ".
قلت: فما الذي يروى عنك في علي (عليه السلام) وما سمعتك تقول فيه؟!
قال: يا أخي [أحقن بذلك دمي من الجبابرة الظلمة لعنهم الله، يا أخي] لولا
ذلك لقد شالت بي الخشب، ولكني أقول ما سمعت فيبلغهم ذلك فيكفون عني.
وقال: إنما أعني ببغض علي غير علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيحسبون أني لهم ولي،
قال الله عزوجل: (ادفع بالتي هي أحسن) (1) يعني التقية (2).
ويقال: إن الحسن لما سمع بقتل الحسين (عليه السلام) بكى وقال: وأذلاه لأمة قتل ابن
دعيها ابن بنتها!
الحديث الرابع والثمانون
عن محمد بن أحمد عن جده علي قال: كان المتوكل أحضر رجلا يعمل
الشعبذة، فقال للفتح بن خاقان: أرسل إلى أبي الحسن علي العسكري فأحضره فإنه
سيمضي لنا معه يوم طيب، فأرسل إلى علي بن محمد بن الرضا (عليه السلام)، فلما حضر قال
له الفتح: إن ابن عمك يسألك أن تقيم عنده اليوم حتى تتغذى معه ويفرح بك.
فقال (عليه السلام): " أحب أن يعفيني " قال: لا يحسن هذا ولا يجوز.
فأقام أبو الحسن، وخرج المتوكل فجلس في مجلسه، ودعا بطعام وشراب،
ووسد علي [ابن] الرضا مخدة ميسانية عليها صورة سبع، وصاحب الشعبذة
قائم، فلما ضرب أبو الحسن يده إلى رقاقة تكلم صاحب الشعبذة بكلام فطارت

1. المؤمنون (23): 96 - فصلت (41): 34.
2. كتاب سليم بن قيس: الحديث السادس؛ وعنه البحار 40: 93، الحديث 115؛ ورواه شاذان بن جبرئيل في
الفضائل: 145؛ والطبرسي في الاحتجاج 1: 229.
106

الرقاقة من يد ابن الرضا (عليه السلام)، فلحظه بمؤخر عينه وأمسك، ثم ضرب بيده إلى رقاقة
ثانية ففعل بها المشعبذ مثل ما فعل في الأولى فطارت من يد ابن الرضا (عليه السلام)، فلحظه
بمؤخر عينيه وأمسك، ثم ضرب بيده إلى رقاقة ثالثة ففعل المشعبذ فيها مثل ما فعل
فطارت الرقاقة من يد ابن الرضا (عليه السلام)؛ فضرب أبو الحسن علي (عليه السلام) بيده إلى الأسد
المنسوخ على المخدة وقال: " خذه! " فوثب الأسد في صورة أسد حي فابتلع
المشعبذ وعاد في المخدة كما كان!! وتحير من كان هناك من غلمان المتوكل
وغيرهم، ونال المتوكل من الرعدة أمر عظيم، وبادر فدخل من ذلك المكان إلى
حجرة ودعا بالفتح بن خاقان وقال له: قل لابن عمي: قد وقع منا خطأ فأحب أن ترد
الرجل؟ فقال الفتح لعلي (عليه السلام) ذلك.
فقال له: " قد كنت كارها للمقام فأبيتم، فقل له: إن كانت عصا موسى (عليه السلام) ردت
ما تلقف، فسنرد هذه ".
فدخل الفتح إلى المتوكل وأعاد عليه القول، فقال له: اصرفه، فخرج الفتح إلى
أبي الحسن فقال: يا سيدي، إذا شئت فقم، فقام وانصرف إلى منزله (1).
الحديث الخامس والثمانون
عن عبد الله بن عمرو بن... الخزاعي (رحمه الله) عن هند بنت الجون الخزاعية قالت:
لما نزل بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - لخيمة خالتها - أم معبد الخزاعية - هو وأصحابه،
فكان من أمره في الشاة ما قد علمه الناس، فقال (2) في الخيمة هو وأصحابه حتى
أبردوا (3)، وكان يوما قائظا شديدا حره.

1. أورد نحوه المجلسي في بحار الأنوار 50: 146 / 30 عن الخرائج والجرائح، وج 50: 211 / 24 عن مشارق
أنوار اليقين، ص 99 الفصل الثاني عشر.
2. من القيلولة.
3. في مقتل الخوارزمي والبحار: " أبرد ".
107

فلما قام من رقدته دعا بماء، فغسل يديه [فأنقاهما]، ثم تمضمض بماء (1) ومجه
على عوسجة (2) كانت إلى جنب خيمة خالية ثلاث مرات، واستنشق ثلاث مرات، ثم
غسل وجهه وذراعيه (ثم مسح برأسه مرة واحدة، ثم غسل رجليه ظاهرهما
وباطنهما، وذلك قبل أن تنزل المائدة، قالت: والله ما عاينت أحدا فعل ذلك قبله) (3)، ثم
فعل من كان معه من أصحابه مثل ذلك، ثم قام وصلى ركعتين - فعجبت أنا وفتيات الحي
من العرب من ذلك، وما كان عهدنا بالصلاة ولا رأيت مصليا قبله - ثم ارتحل.
فلما كان في غد أصبحنا وقد علت العوسجة حتى صارت كأعظم دوحة عالية
رأيتها، وقد أخضر شوكها وساخت عروقها، وكثرت أفنانها واخضر ورقها، ثم
أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة في لون الورس المسحوق
ورائحة العنبر وطعم الشهد، فوالله ما أكل منها جائع إلا شبع، [ولا ظمآن إلا روي، ولا
سقيم إلا برأ، ولا ذو حاجة وفاقة إلا استغنى] (4)، ولا أكل من ورقها بعير ولا شاة
ولا ناقة إلا در لبنها، فرأينا البركة والنمو [في أموالنا] منذ يوم نزل بنا رسول الله،
وأخصبت بلادنا وأمرعت (5).
فكنا نسمي تلك الشجرة: " المباركة "، وكان يأتينا من حولنا من أهل البوادي
يستشفون بها، ويتزودون من ورقها في الأسفار، ويحملون معهم في الأرض القفار،
فيقوم لهم مقام الطعام والشرب.
فلم نزل كذلك وعلى ذلك حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمارها واصفر
ورقها، فأحزننا ذلك وفزعنا له (6)، فما كان إلا قليل حتى جاءنا نعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،

1. في البحار: " ثم مضمض فاه ".
2. العوسج: من شجر الشوك له جناة حمراء ويكون غالبا في السباخ، الواحدة عوسجة.
3. كذا في النسخة ومقتل الحسين، وفي البحار: " ثم مسح برأسه ورجليه، وقال: لهذه العوسجة شأن ".
4. الزيادة من مقتل الحسين والبحار.
5. يقال: أمرع المكان: أي أخصب.
6. في البحار: " وفرقنا له ".
108

فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم!! فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون ذلك في العظم
والطعم والرائحة، فأقامت ذلك [نحو] ثلاثين سنة، فلما كانت ذات يوم أصبحنا فإذا
بها قد تشوكت من أولها إلى آخرها، وذهبت نضارة عيدانها، وتساقطت جميع
ثمراتها، فما كان إلا يسير حتى وافانا خبر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)!!
فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا، وانقطع ثمرها، فلم نزل نحن ومن حولنا
نأخذ من ورقها ونداوي به مرضانا ونستشفي به من أسقامنا، فدامت على ذلك برهة
ومدة طويلة، فأصبحنا ذات يوم فإذا بها قد انبعث من ساقها دما عبيطا يجري
وأوراقها ذابلة تقطر ماء (1) كماء اللحم!!!
فقلنا: حدثت حادثة عظيمة، فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية، فلما
أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من تحتها وجلبة شديدة ورجة، وسمعنا
صوت باكية تقول:
يا بن النبي ويا بن الوصي وابن البتول * ويا بقية السادات الأكرمينا (2)
ثم كثرت الرنات والأصوات، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون، فأتانا بعد ذلك
مقتل حسين بن علي (عليهما السلام)، فيبست الشجرة وجفت، فكسرتها الرياح والأمطار،
فذهبت واندرس أثرها.
قال أبو محمد عبد الله بن عمر (3): فلقيت دعبل بن علي الخزاعي بمدينة
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فحدثته بهذا الحديث فلم ينكره، وقال دعبل بن علي: حدثني أبي عن
أبيه عن جدي عن أمه سعدى (4) بنت مالك الخزاعي أنها أدركت تلك الشجرة فأكلت

1. في مقتل الحسين والبحار: " دما ".
2. في مقتل الحسين والبحار:
" أيا بن النبي ويا بن الوصي * ويا من بقية ساداتنا الأكرمينا ".
3. في مقتل الحسين والبحار: " قال: عبد الله بن محمد الأنصاري ".
4. في البحار: " سعيدة ".
109

من ثمرها على عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأنها سمعت في تلك
الليلة نوح الجن، فحفظت من قول جنية منهن هذه الأشعار:
يا بن الشهيد ويا شهيدا عمه * خير العمومة جعفر الطيار
عجبا لمصقول أصابك حده * في الوجه منك وقد علاه غبار
قال دعبل بن علي: فقلت في قصيدة لي وأخذت ذلك منها وهي:
زر خير قبر بالعراق يزار * واعص الحمار فمن نهاك حمار
لم لا أزورك يا حسين لك الفدا * قومي ومن عطفت عليه نزار
ولك المودة من قلوب ذوي النهى * وعلى عدوك مقتة ودمار
يا بن الشهيد ويا شهيدا عمه * خير العمومة جعفر الطيار (1)
داروا اليدين إليك وجه مشرق * حتى رماك بسهمه المقدار
لم يؤمنوا بأبيك يا بن محمد * وعلى القبيح من الرزية داروا
كسبوا المأثم في الحياة وسبة * وإلى أليم عذاب ربك صاروا
وإلى الجليل سما بروحك طائر * وإلى الجنان تحفك الأبرار
ولقد لقيت وكنت أكرم صابر * صبروا وحولك عسكر جرار
في فتية لا يبلغون هنيدة * في العذر لو طلبوا النجاة لجاروا
وذوو أبيك ذوو بصائر حولهم * صرعى كأن وجوههم أقمار
عجبا لمصقول أصابك حره * في الوجه منك وقد علاه غبار
....... تفديك بين حرائر * يا دين جدك والدموع غرار
.................................... * والسيف منك وعفت به الأوتار (2)

1. إلى هنا رواه الخوارزمي في مقتل الحسين 2: 98: الفصل الثاني عشر في بيان عقوبة قاتل الحسين (عليه السلام).
2. وأخرج نحوه المجلسي في بحار الأنوار 45: 233، ح 1 باب نوح الجن عليه عن بعض كتب المناقب.
110

الحديث السادس والثمانون
عن سليم بن قيس [قال:] شهدت أبا ذر في مرضه (1) على عهد عمر في إمارته،
فدخل عليه عمر يعوده وعنده علي بن أبي طالب وسلمان والمقداد، وقد أوصى أبو
ذر إلى علي (عليه السلام)، وكتب وأشهد.
فلما خرج عمر، قال له رجل من غفار من بني عم أبي ذر (2): يا أبا ذر، ما منعك
أن توصي إلى أمير المؤمنين عمر؟
قال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) حقا حقا، أمرنا بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
ونحن أربعون (3) رجلا من العرب وأربعون من العجم، فسلمنا على علي بإمرة
المؤمنين، وفينا هذا القائم الذي سميته أمير المؤمنين! فما فينا أحد من العرب
والعجم والموالي راجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) [إلا هذا] وصويحبه الذي استخلفه، فإنهما
قالا: [أحق من الله ورسوله؟ فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: " اللهم نعم] حق من الله
ورسوله، أمرني بذلك وأمرتكم به ".
[قال سليم: فقلت: يا أبا الحسن وأنت يا سلمان وأنت يا مقداد، أتقولون كما
قال أبو ذر؟ قالوا: نعم، صدق. قلت: أربعة عدول، ولو لم يحدثني غير واحد ما
شككت في صدقه، ولكن أربعتكم أشد لنفسي وبصيرتي].
قال: [قلت:] أتسمون الثمانين كلهم؛ من العرب والموالي؟ فسماهم سلمان
رجلا رجلا، [فقال علي (عليه السلام) وأبو ذر والمقداد: صدق سلمان].
فكان ممن سمى: أبو بكر وعمر وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف
وسعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة ومعاذ بن جبل، والنقباء من أصحاب العقبة

1. في المصدر: " شهدت أبا ذر مرض مرضا ".
2. في المصدر: " من أهل أبي ذر من بني عمه بني غفار ".
3. في نسخة من المصدر: " ثمانون ".
111

وأبي بن كعب والمقداد وأبو ذر، وبقية جلهم وأعظمهم من أهل بدر، ومن
الأنصار فيهم: أبو الهيثم بن التيهان، وأبو أيوب خالد بن زيد (1)، وأسيد بن حضين (2)،
وبشير بن سعد.
قال سليم: فلقيت (3) عامتهم فسألتهم وخلوت بهم رجلا رجلا، فمنهم من كتم
وسكت عني ولم يجبني، ومنهم من حدثني فقال: أصابتنا فتنة أخذت بقلوبنا
وأبصارنا وأسماعنا؛ وذلك لما ادعى أبو بكر أنه سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إنا
أهل بيت أكرمنا الله واختار لنا الآخرة على الدنيا، وإن الله لم يجمع لنا أهل البيت
النبوة والخلافة! " فاحتج بذلك أبو بكر على علي (عليه السلام) حين جيء به للبيعة، فصدقه
وشهد له أربعة كانوا عندنا خيارا غير متهمين: عمر، وأبو عبيدة، وسالم، ومعاذ،
وظننا أنهم قد صدقوا....
فلما بلغ عليا (4) (عليه السلام) قال: إن نبي الله أخبره أن هؤلاء الجماعة (5) كتبوا بينهم كتابا،
وتعاهدوا في جوف الكعبة (6) إن قتل محمد أو مات أن يتظاهروا على علي، فيزيلوها
عنه " (7)، واستشهد على ذلك أربعة: سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير، فشهدوا
بعدما وجبت في أعناقهم بيعة أبي بكر، فعلمنا أن عليا (عليه السلام) لم يكن يروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
باطلا، وشهدوا له الأخيار والصحابة الثقات.
فقال رجل (8) ممن قال هذه المقالة منهم: إنا قد تدبرنا الأمر بعد ذلك، فذكرنا قول

1. في المصدر: " خالد بن زيد وأبو أيوب ".
2. في المصدر: " أسيد بن حضير ".
3. في المصدر: " فأظن أني قد لقيت ".
4. في المصدر: " بايع علي (عليه السلام) ".
5. في المصدر: " الخمسة ".
6. في المصدر: " تعاهدوا فيه وتعاقدوا في ظل الكعبة ".
7. في المصدر: " فيزووا عنه هذا الأمر ".
8. في المصدر: " جل من قال ".
112

رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الله أمرني بحب الأربعة (1)، وإن الجنة تشتاق إلى أربعة " فقلنا:
من هم يا رسول الله؟ قال: " أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي ومولى كل
مؤمن بعدي، علي [بن أبي طالب (عليه السلام)]، وسلمان [الفارسي]، وأبو ذر، والمقداد
[بن الأسود] ".
فإنا نستغفر الله ونتوب إليه مما ركبناه وأتيناه، وقد سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قولا
ما نعلم تأويله ومعناه إلا خيرا، قد سمعناه يقول: " ليردن علي الحوض أقوام من
أمتي ممن صحبني من أهل المكانة [مني] والمنزلة عندي، حتى إذا وقفوا على
. مراتبهم ورأوني اختلسوا دوني فأخذت بهم النار ذات الشمال، فأقول: يا رب
أصحابي، أصحابي! فيقال لي: يا محمد، إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لن
يزالوا مرتدين على أدبارهم القهقرى منذ فارقتهم ".
ولعمري لو أنا حين قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سلمنا الأمر لعلي وأطعناه وبايعناه
لإهتدينا وأرشدنا ووفقنا، ولكن الله علم الاختلاف منا والفرقة والبلاء، وكان منا ما قد
علم الله [وقضى وقدر] (2).
قال سليم: قال أبو ذر: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أن سلموا على أخي [ووزيري]
ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي بالإمرة؛ فإنه أمير المؤمنين، وإنه
زر (3) الأرض الذي تسكن إليه الأرض، ولو قد فقدتموه لأنكرتكم الأرض ومن عليها
وأهلها ".
قال أبو ذر: فرأيت عجل هذه الأمة وسامريها راجعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالا:
أحق من الله ورسوله؟ فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: " نعم، حق من الله ورسوله،

1. في المصدر: " إن الله يحب أربعة من أصحابي وأمرني بحبهم ".
2. كتاب سليم بن قيس الهلالي، الحديث التاسع عشر؛ ورواه ابن طاووس في كتاب " اليقين " الباب 12 عن
مناقب ابن مردويه؛ والبحار 28: 124 - 127 / 7 باختلاف في بعض الألفاظ.
3. زر الشيء: ما يقوم به.
113

أمرني الله بذلك ".
فلما سلمنا عليه أقبلا على أصحابهما معاذ وسالم وأبي عبيدة - حين خرجا من
بيت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بعدما سلمنا عليه - فقالا لهم: ما بال هذا الرجل؟ إنه
[ما زال] يرفع خسيسة ابن عمه! وقال أحدهما: إنه ليحسن أمر ابن عمه، وقالا
جميعا: ما لنا عنده من خير ما بقي علي!
قال سليم: فقلت: يا أبا ذر، هذا التسليم بعد حجة الوداع أو قبلها؟
[فقال: أما التسليمة الأولى فقبل حجة الوداع، وأما التسليمة الأخرى فبعد حجة
الوداع.
قلت: فمعاقدة هؤلاء الخمسة متى كانت؟ قال: في حجة الوداع].
قلت: فأخبرني عن الاثني عشر أصحاب العقبة المنافقين (1) الذين أرادوا أن
ينفروا برسول الله [الناقة]، متى كانت؟
قال: بغدير خم؛ مقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع.
قال: قلت: وتعرفهم؟ قال: إي والله كلهم.
قلت: من أين تعرفهم وقد أسرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى حذيفة؟!
قال: وكان عمار بن ياسر قائده وحذيفة سائقه، فأمر حذيفة بالكتمان ولم يأمر
عمارا بذلك.
قلت: تسميهم لي؟ قال: الخمسة أصحاب الكتاب (2)، والخمسة أصحاب
الشورى، واثنان: معاوية وعمرو بن العاص. (3)

1. في المصدر: " المتلثمين ".
2. في المصدر: " الصحيفة ".
3. فهم: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة الجراح ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة، وعثمان وعبد الرحمن بن عوف
وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير، ومعاوية وعمرو بن العاص.
114

قلت: وكيف تردد عمار وحذيفة في أمرهما (1) بعدما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى
تولياهما؟
قال: إنهما أظهرا بعد ذلك التوبة والندامة، وادعى عجلهم منزلة وشهد لهم
سامريهم والثلاثة معهم بأنهم سمعوا ذلك من رسول الله وقالوا: هذا أمر قد
حدث بعد الأول، فشكا فيمن شك منهم، إلا أنهما قد تابا وندما وعرفا وسلما
لأمير المؤمنين (عليه السلام).
قال سليم: فلقيت عمارا في خلافة عثمان بعدما مات أبو ذر (رحمه الله) فأخبرته بما قال
أبو ذر لي، فقال: صدق [أخي] أبو ذر، [إنه لأبر وأصدق من أن يحدث عن عمار
بما لا يسمع منه.
فقلت: أصلحك الله، أتصدق أبا ذر؟ قال: أشهد لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
يقول: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر
ولا أبر ". قلت: يا نبي الله، ولا أهل بيتك؟ قال: " إنما أعني غيرهم من الناس "].
ثم لقيت حذيفة بالمدينة (2) - ورحلت إليه من الكوفة - فذكرت ذلك له وما قال
أبو ذر، فقال: سبحان الله! أبو ذر أصدق وأبر من أن يحدث عن عمار ما لم
يسمعه منه.
فقلت له: أصلحك الله: أتصدق أبا ذر؟ قال: أشهد أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
يقول: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء [على ذي لهجة] أصدق ولا أبر من أبي
ذر الغفاري ". فقلت أنا - وعمار يسمع -: يا نبي الله ولا أهل بيتك؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" إنما أعني في ذلك [غيرهم] من الناس " (3).

1. في المصدر - في الموارد الثلاثة -: " هم " بضمير الجمع.
2. في المصدر: " بالمدائن ".
3. كتاب سليم بن قيس، الحديث العشرون؛ وروى شطرا منه المفيد في الإرشاد ج 1، ص 47 عن معاوية بن
ثعلبة؛ وعنهما في بحار الأنوار 28: 127 ذيل الحديث 7 و 38: 331 / 68.
115

الحديث السابع والثمانون
عن صعصعة بن صوحان العبدي، عن سهل بن حنيف الأنصاري قال:
أقبلنا مع خالد بن الوليد فانتهينا إلى دير فيما بين الشام والعراق، فأشرف علينا
منه ديراني وقال: من أنتم؟ قلنا: نحن المسلمون العرب من أمة محمد (عليه السلام)، وكان
الديراني شيخا كبيرا، [فنزل إلينا فقال: أين صاحبكم؟ فأتينا به إلى خالد بن الوليد،
فسلم على خالد، فرد عليه السلام]، فقال له خالد: كم أتى عليك من السنين؟ فقال:
مائتان وثمانون سنة (1).
قال: منذ كم سكنت في ديرك هذا؟ قال: منذ ستين سنة.
قال: [هل] لقيت (2) ممن لقي عيسى (عليه السلام)؟ قال: [نعم] لقيت رجلين.
قال: فما قالا لك؟ قال: قال [لي] أحدهما: إن عيسى عبد الله ورسوله وروح الله
وكلمته ألقاها إلى مريم أمته، وإن عيسى مخلوق ليس بخالق (3)، فقبلت منه وصدقته،
وقال [لي] الآخر: إن عيسى هو ربه، فكذبته ولعنته.
قال خالد: [إن] هذا لعجب، كيف اختلفا وقد لقيا عيسى بن مريم جميعا؟!
قال الديراني: اتبع هذا هواه وزين له الشيطان سوء عمله، واتبع ذلك الحق
وهداه الله تعالى.
قال له خالد: هل قرأت الإنجيل؟ قال: نعم، وآمنت بعيسى.
قال: [هل] قرأت التوراة؟ قال: نعم، [قال خالد:] وآمنت بموسى؟ قال: نعم.
قال خالد: فهل لك في الإسلام أن تشهد أن لا إله وحده لا شريك له، وأن
محمدا رسول الله عبده، وتؤمن به وبما جاء به؟ قال الديراني: قد آمنت بمحمد قبل

1. في إرشاد القلوب: " مائتان وثلاثون سنة ".
2. في الإرشاد: زيادة " أحدا ".
3. في الإرشاد: " غير خالق ".
116

أن تؤمن به وبما جاء به، وإن كنت [لم أسمعه و] لم أره.
قال: فقال له خالد: فأنت الساعة تؤمن به وبما جاء به؟ قال: كيف لا أومن وقد
قرأت اسمه في التوراة والإنجيل وبشرني به موسى وعيسى (عليهما السلام).
قال: فما مقامك في هذا الدير؟ قال: فأين أذهب وأنا شيخ كبير وما بقي لي
نهضة (1)، وبلغني مجئ كم، وكنت أنتظر لقياكم فألقي إليكم إسلامي، وأخبركم أني
منكم، وأستعلم ما فعل نبيكم.
قال خالد: توفي [(صلى الله عليه وآله وسلم)].
قال: وأنت وصيه؟ قال: لا، ولكني من عشيرته [و] ممن صحبه.
قال: فمن بعثك إلى هاهنا؟ [وصيه؟] قال: الخليفة. [قال: غير وصيه؟ قال:
نعم. قال: فوصيه حي؟ قال: نعم. قال: فكيف ذلك؟ قال: اجتمع الناس على هذا
الرجل، وهو رجل من عشيرته ومن صالح الصحابة].
قال له الديراني: فما أراك إلا عجبت من الرجلين اللذين التقيا بعيسى بن
مريم (عليه السلام) (2)، وقد لقياه وسمعا منه، وأما أنتم فقد خالفتم نبيكم، وفعلتم مثل ما فعل
ذلك الرجل!!؟
(فقال له خالد: صدقت أيها الشيخ) (3). ثم التفت خالد إلى من يليه فقال: هو والله
ذلك؛ اتبعنا أهواءنا (4)، (ولا سواهم كفروا بالله) (5)، ونحن جعلنا رجلا مكان رجل،
ولولا ما كان بيني وبين علي بن أبي طالب من الخشونة على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ما ملأت (6) عليه أحدا.

1. كذا في النسخة، وفي المصدر: " ولم يكن لي أمر أنهض به ".
2. في المصدر: " اختلفا في عيسى ".
3. بين القوسين لم يرد في المصدر.
4. في المصدر: " هوانا ".
5. بين القوسين لم يرد في المصدر.
6. في المصدر: " مالأت ".
117

فقال له [الأشتر النخعي] - مالك بن الحارث -: ولم كان بينك وبينه خشونة؟ (1)
قال خالد: المنافسة في الشجاعة (2)، وكان له من السوابق والقرابة ما لم يكن لي،
فداخلني حمية قريش فكان ذلك، ولقد عاتبتني في ذلك أم سلمة - وكانت هي
ناصحة - فلن (3) أقبل منها!
ثم عطف على الديراني فقال له: هلم حديثك وما نحن فيه (4). فقال: أخبرك؛ إني
كنت من أهل دين كان جديدا فخلق حتى لم يبق [منهم] من [أهل] الحق إلا
رجلان أو ثلاثة، [ويخلق دينكم حتى لا يبقى منه إلا الرجلان أو الثلاثة]، وأنتم
بموت نبيكم قد نزلتم من الإسلام درجة، وستنزلون بموت وصيه درجة أخرى، (ثم
ستنزلون من الإسلام درجة أخرى) (5)، [حتى] إذا لم يبق من (6) رأى نبيكم (صلى الله عليه وآله وسلم)
أو صحبه، وسيخلق دينكم حتى تفقد (7) صلاتكم وصومكم وحجكم وغزوكم،
وترتفع الأمانة [والزكاة] منكم، ولم يزل (8) فيكم بقية ما بقي [كتاب ربكم عزوجل فيكم
وما بقي] فيكم [أحد] من أهل [بيت] نبيكم، فإذا رفع ذلك منكم لم يبق [من]
دينكم إلا الشهادتان: شهادة التوحيد وشهادة أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) رسول الله، فعند ذلك
تقوم قيامتكم وقيامة غيركم ويأتيكم ما توعدون. ولن تقوم الساعة إلا عليكم؛ لأنكم
آخر الأمم، بكم تختم الدنيا، [وعليكم تقوم الساعة].
فقال له خالد: أخبرنا بذلك نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأخبرنا بأعجب شيء رأيته منذ سكنت

1. في المصدر: " ولم كان ذلك بينك وبين علي ما كان ".
2. في المصدر: " نافسته في... ونافسني فيها ".
3. كذا، وفي المصدر: " فلم ".
4. في المصدر: " وما تخبر ".
5. ما بين القوسين لم يرد في المصدر.
6. في المصدر: " أحد ".
7. في المصدر: " تفسد ".
8. في المصدر: " ولن يزال ".
118

ديرك هذا وقبل أن تسكنه. قال: لقد رأيت [ما لا أحصي] من العجب، وأفنيت ما لا
أحصي من الأمم (1).
قال خالد: فحدثنا بعض ما تذكره.
قال له: نعم، كنت أخرج [بين الليالي] إلى غدير ماء كان في سفح الجبل أتوضأ
منه وأتزود من الماء وأصعد إلى ديري، وكنت أستريح في نزولي إليه بين العشاءين،
وإني عنده ذات ليلة إذا أنا برجل قد أقبل وسلم، فرددت عليه السلام، فقال: هل مر
بكم غنم والراعي؟ (2) قلت: لا. قال: إن قوما من العرب مروا بغنم لي وفيها عبد (3) لي
يرعاها، فاستاقوها وذهبوا بالعبد معها.
قلت له: ومن أنت؟ قال: رجل من بني إسرائيل. قال: فمن أنت؟ قلت: رجل
من بني إسرائيل أيضا. قال: فما دينك؟ قلت: النصرانية. فقلت له: ما دينك أيضا؟
قال: اليهودية. فأعرضت عنه بوجهي، قال [لي]: ما لك؟ [إنكم] أنتم ركبتم الخطأ
ودخلتم فيه وتركتم الصواب! ولم يزل يحاورني، فقلت: هل لك أن نرفع أيدينا
فنبتهل إلى الله عزوجل، فأينا كان على الباطل دعونا عليه لينزل الله عليه نارا من السماء
تحرقه! فرفعنا أيدينا، فما استتممنا (4) الكلام حتى نظرت إليه يلتهب وما تحته من
الأرض فهو فيها.
فلم ألبث إذ أقبل رجل فسلم، فرددت عليه السلام، فقال: يا عبد الله، هل رأيت
رجلا من صفته كيت وكيت؟ قلت: نعم، وحدثته بالحديث. فقال: كذبت، ولكن
قتلت أخي يا عدو الله! فجعل يشتمني وأنا أرده بالحجارة، وهو يشتمني ويشتم
المسيح ومن هو على دين المسيح، فبينما هو كذلك إذ نظرت يحترق وقد أخذته

1. في المصدر: " الخلق ".
2. في المصدر: " هل مر بك قوم معهم غنم وراعي أو حسستم؟ ".
3. في المصدر: " مملوك ".
4. في المصدر: " استتم ".
119

النار التي أخذت أخاه، ثم هوت به النار إلى الأرض!
فبينما أنا قائم حذاءه أتعجب إذ أقبل رجل ثالث فسلم، فرددت عليه السلام،
فقال: هل رأيت رجلين من حالهما وصفتهما كيت وكيت؟ قلت: نعم، وكرهت أن
أخبره كما أخبرت أخاه، بل قلت: تريد أن أريك أخاك؟ قال: نعم، فأتيت به إلى
موضعهما، فنظر إلى الأرض والنار يخرج الدخان منها، فقال: ما هذا؟ فحدثته
بحديثهما.
فقال: [والله] لئن أجابني أخواي بتصديقك لأتبعن (1) دينك، وإن كان غير هذا
لأقتلنك أو تقتلني! ثم صاح: يا دانيال، يا دانيال، أهو كما يقول هذا الرجل؟ قال: نعم
يا هارون، فصدقه. (ثم أقبل إلى الآخر فهتف به وقال: يا يوحنا، يا يوحنا، أحقا
يقول هذا الرجل؟ قال: نعم يا هارون، فصدقه) (2)، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن
عيسى روح الله وكلمته وعبده ورسوله. قلت: الحمد لله الذي هداك.
قال: فإني قد أجبتك في الله تعالى، إلا أن لي أهلا وولدا وغنما، ولولاهم
لسحت معك في الأرض، ولكن بقياي [مفارقتي ن - خ] عليهم شديدة وأرجو أن
أكون بهم في القيامة سعيدا (3)، ولعلي أنطلق بهم فأكون بالقرب منك.
فانطلق فغاب عني ليال، ثم أتاني في بعض الليل فهتف بي، فنزلت إليه فإذا به
قد أتى بأهله وغنمه، وضرب خيمة هاهنا بالقرب مني، فلم أزل أنزل إليه في أطراف
الليل وأتعاهده وألقاه، وكان أخا صدق في الله عزوجل، فقال لي ذات يوم:
يا هلقود (4)، إني قد قرأت في التوراة فإذا فيها صفة محمد: [النبي الأمين] (عليه السلام)، فقلت:
وأنا قرأت [صفته] في الإنجيل والتوراة، فآمنا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحببناه [وتمنينا] لقاءه.

1. كذا، وفي المصدر: " لأتبعك ".
2. ما بين القوسين لم يرد في المصدر.
3. في المصدر: " مأجورا ".
4. في المصدر: " يا هذا ".
120

[قال:] ومكثنا كذلك زمانا، وكان أفضل من لقيت، وكنت آنس به، وكان من
فضله أن يخرج بغنمه يرعى وينزل بالمكان الجدب (1) فيصير ما حواليه أخضر! وكان
إذا جاء المطر جعل غنمه حوله وصنع مثل الإكليل (2) فلم يصب خيمته وغنمه شيء
من الأذى! وإذا جاء الصيف كان على رأسه أينما توجه سحابة تظله! وكان بين
الفضل، كثير الصوم والصلاة.
[قال:] فحضرته الوفاة [فدعيت إليه] فقلت له: ما سبب مرضك ولم أعلم به؟
قال: ذكرت خطيئة كنت أتيتها في حداثة سني، فغشي علي وأورثني ذلك ما تراه من
المرض، وإني موصيك ومستودعك إن لقيت محمدا نبي الرحمة فأقرئه مني
السلام، وإن لقيت وصيه فأبلغه سلامي، ومات إلى رحمة الله تعالى. [قال
الديراني:] وإني موصيكم (3) إلى وصي أحمد مني ومن صاحبي السلام.
قال سهل بن حنيف: فلما رجعنا إلى المدينة أتيت عليا (عليه السلام) وأخبرته خبر
الديراني وما جرى لنا معه وخبر خالد، وما حملنا الديراني إليه منه وعن صاحبه.
[قال:] فقال: " وعليهما السلام، وعليك يا سهل السلام " وما رأيته أكثرت بما
أخبرته من خالد بن الوليد وما قال، وما رد عليه فيه شيئا، إلا أنه قال: " يا سهل، إن
الله تبارك وتعالى بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يبق بين السماء والأرض شيء إلا علم أنه
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أشقى الثقلين وعماتهما، ولم يبق فوق الأرض شيء إلا علم أني
وصي رسول الله وأخوه إلا أشقى الثقلين وعصاتهما ".
قال سهل: فعبرنا زمانا ونسيت ذلك، فلما كان من أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام)
وما كان من معاوية ورجعنا من صفين نزلنا أرضا قفرا ليس بها ماء، فشكونا ذلك إلى
أمير المؤمنين، فانطلق يمشي على قدميه فانتهى إلى موضع كأنه يعرفه، فقال:

1. المجداب: الأرض التي لا تكاد تخصب.
2. في المصدر: " فيصير حول غنمه وخيمته مثل الإكليل من أثر المطر ".
3. في المصدر: " مودعكم ".
121

احفروا هاهنا، فحفرناه فإذا صخرة [صماء] عظيمة، قال: " اقلعوها " قال: فجهدنا (1)
على قلعها فلم نقدر. قال: فتبسم من عجزنا عنها، ثم أهوى بيديه [جميعا] فكأنما
كانت في يده كرة، فإذا تحتها عين بيضاء كأنها من شدة بياضها اللجين الناب (2). قال:
" دونكم فاشربوا واسقوا وتزودوا ثم آذنوني بها ". قال: ففعلنا ذلك ثم زدناه (3)، فأقبل
يمشي إليها بغير رداء ولا حذاء، فتناول الصخرة بيمينه، ثم دحا [بها] الهوى فوقعت
على العين فكأنها ما زالت عنها، ثم حثنا عليها التراب.
[وكان ذلك بعين الديراني] وكان بالقرب منا بحيث يرانا... [ويسمع كلامنا].
[قال:] فلما عاين ذلك نزل إلينا وقال: أين صاحبكم؟ فانطلقنا به إلى علي (عليه السلام)
فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وأنك وصي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقد كنت أرسلت إليك بالسلام عني وعن صاحب لي
مات - كان أوصاني بذلك - مع جيش [لكم منذ كذا وكذا] أمرني في سنة من
السنين.
قال سهل بن حنيف: فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا الديراني الذي قلت لك عنه
وحدثتك حديثه وأبلغتك سلامه وسلام صاحبه.
فقال [له] علي (عليه السلام): " وكيف علمت أني وصي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ".
قال: حدثني (4) أبي - وقد أتى عليه من العمر ما أتى علي - عن أبيه عن جده،
عمن قاتل مع يوشع بن نون - وصي موسى (عليه السلام) - حين قاتل الجبارين بعد موسى
بأربعين سنة، أنهم مروا بهذا المكان وأن أصحابه عطشوا، فشكوا إليه العطش، فقال:
أما إن بقربكم عينا أنزلها الله تعالى من جنة عدن، استخرجها آدم (عليه السلام)، فقام

1. في النسخة: " فجعلنا "، والمثبت كما في المصدر.
2. في المصدر: " اللجين المجلو ".
3. في المصدر: " أتينا ".
4. في المصدر: " أخبرني ".
122

[إليها] يوشع بن نون فنزع الصخرة عنها فشرب أصحابه وسقوا وتزودوا، ثم أقلب
الصخرة عليها وقال لأصحابه: " ما يقلعها إلا نبي أو وصي نبي ".
[قال:] فتخلف من بعده جماعة من أصحابه اجتهدوا أن يجدوا الموضع فما
وجدوه. وإنما بني هذا الدير على هذه العين وبركتها، فعلمت حين استخرجتها أنك
وصي النبي... أحمد نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي كنت أطلب، وقد أحببت الجهاد معك.
[قال:] فحمله علي (عليه السلام) معه، وأعطاه سلاحا وسار به، وكان ممن استشهد يوم
النهروان.
قال صعصعة بن صوحان: وأنا رأيت الديراني يوم نزل إلينا حين قلب علي
[(عليه السلام)] الصخرة عن العين، سمعت حديثه له، وكان سهل بن حنيف حدثني ما جرى
بينه وبين خالد بن الوليد. (1)
الحديث الثامن والثمانون
أورد الإمام الشهيد محمد بن أحمد بن الفتال النيسابوري (رحمه الله) بإسناده - مرفوعا -
إلى محمد بن إدريس الشافعي، عنه إلى رجاء بن حبوة الكندي يقول: إن عمرو بن
العاص السهمي سأل معاوية حاجة كبر عليه قضاؤها، فقضاها لعمرو من ساعته،
فقال له عمرو: جزاك الله خيرا، فما أعم إحسانك، وأبين فضلك وأتم برك
يا أمير المؤمنين!
فقال له معاوية: لو شكرتني على إحساني إليك وإيثاري لك وعطفي عليك
لشغلك ذلك عن أجل أمورك، ولكنك لا تشكر إلا يسيرا من كثير ما اصطنعته إليك،
وخصصتك به دون غيرك، فاعرف حقنا ولا تنكر فضلنا!
فتغير وجه عمرو، ورفع من صوته وقال: فكرت في أصغر بذلي عندك فوجدته

1. رواه الديلمي في إرشاد القلوب 2: 245 - 252، خبر الراهب مع خالد بن الوليد؛ وعنه البحار 10: 62 / 5.
وما بين المعقوفين من المصدر.
123

يعلو الأيادي التي ذكرتها!
فقال معاوية: وكيف ذلك؟
قال: لأني طمست لك الشمس بالطين نهارا، والقمر بالعهن المنفوش ليلا،
وأبطلت حقا وحققت باطلا حتى سحرت أعين الناظرين وآذان السامعين في إخفاء
أودك وإطفاء نور غيرك، فهل رأيت حقا كان أحق من علي - الهمام الهزبر الضرغام
الليث المقدام، السيد الإمام والبدر التمام - قرابة وشجاعة ونسبا وعلما وحسبا
وفضلا وصلاة وصياما وعدلا وطهارة وجودا وكرما وآثارا حسنة في الإسلام؟!
وهل رأيت باطلا أبطل منك أولا وآخرا، اللعين ابن اللعين، والطليق ابن الطليق،
وثن ابن وثن، مترددا في الطلقاء، ومن أبناء الطلقاء، جميع الآثار القبيحة لك ولأبيك
ولسلفك في الإسلام، حتى خفت أني لو لقيت ربي تبارك وتعالى بأحسن أعمال
العاملين مع فعلي مع أهل البيت الطاهرين لم أنج من النار قط؟!
فكيف تمن علي بإحسانك إلي؟! وأنا فرشت لك الخلافة، وشددت الخيبة،
وصرعت أعلم الناس وسيد العرب ومن معه لك، وأنت في قعر جب يابس، آيسا
من كل خير، متوقعا كل شر، فدفعتك بلطيف حيلتي فإذا أنت في أعلاه، ثم دفعتك
أخرى فإذا أنت في قلة الفخر والسلطان؛ ينفذ قولك في القريب وخاتمك في البعيد،
وأنا أخاف على نفسي أن أموت بالمقت والخسران ولم يرحمني ربي برحمته، والله
يقول في كتابه: (سلم على إل ياسين * إنا كذ لك نجزى المحسنين) (1).
ورأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب الناس ويقول: " أنا وعلي من طينة واحدة طيبة إلى
آدم، ولم يدخلنا شيء من نكاح الجاهلية ".
وسمعت رسول الله يقول: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما
خير منهما، وأمهما سيدة نساء العالمين ". ثم بكى عمرو.

1. الصافات (37): 130 - 131.
124

فقال معاوية: يا عمرو، ما تركت بابا مغلقا إلا فتحته، ولا وعاء مشدودا إلا
حللته، ولا خبئة إلا استخرجتها، الويل لعدوك منك يا عمرو! وموتك راحة العدو،
وسرور للولي.
فقال عمرو: إذا كان بعد موتك يا معاوية، فهو عيد من الأعياد. قال: اللهم افعل
ذلك.
فقام معاوية فقال: إما أن تنهض وإما أن ننهض، فدخل معاوية بيتا، وخرج
عمرو وهو يقول:
معاوية الخير لا تنس لي * وعن سنن الحق لا تعدل
أتنسى محاورة الأشعري * ونحن على دومة الجندل
فألمظه عسلا باردا * وأمزج في ذاك بالحنظل
ألين فيطمع في غرتي * وقد غاب سهمي في المفصل
ورقيتك المنبر المشخر * بلا حد سيف ولا منصل
وأخلعتها منهم بالخداع * كخلع النعال من الأرجل
وثبتها فيك لما يئست * كلبس الخواتيم في الأنمل
فلما ملكت ومات الهمام * وألقت عصاها يد الأفضل
منحت لغيري وزن الجبال * وأعطيتني زنة الخردل
فإن كان في ذاك نلت المنى * ففي عنقي علق الجلجل
وما دم عثمان منج لنا * من النار والحسب الأطول
وإن عليا غدا خصمنا * كذاك البتول مع المرسل
فماذا جوابك فيها غدا * إذا كان خصمك فيها علي (1)

1. حكي صدر الحديث عن الفتال النيشابوري في الصراط المستقيم 3: 179، وأشعاره عن قصيدة الجلجلية
لعمرو بن العاص نقلها الأميني في الغدير 2: 113 - 117، باختلاف في بعض الألفاظ والأبيات.
125

الحديث التاسع والثمانون
عن ابن دأب قال: دخل عمرو بن العاص ذات يوم على معاوية، فلما رآه
معاوية استضحك منه ضحكا شديدا.
فقال له عمرو: أضحك الله سنك وأدام سرورك، يا أمير المؤمنين مم ضحكت؟
قال: يا عمرو، ذكرت حملة أبي الحسن علي بن أبي طالب عليك يوم
صفين، وأنه لما غشيك طرحت نفسك عن فرسك واستقبلت سوءتك حتى صرف
وجهه عنك، فوافقت والله هاشميا، فكثر تعجبي منك كيف أدركت ذهنك حتى
فعلت ما فعلت!
فقال عمرو: أما أنا يا أمير المؤمنين، فإني فررت ممن لا يستحى الفرار منه،
واحتلت نفسي كما تحتال الرجال، أما والله لو بدا له من صفحتك الذي بدا له من
صفحتي لأوجع قذالك، وأيتم عيالك وأنهب مالك، وأعدمك سلطانك، غير أنك
تحرزت منه بالرجال، أما إني قد كنت عن يمينك يوم دعاك إلى مبارزته، فأحولت
عيناك، وأربد شدقاك، وانتفخ جنباك، وبدا لك من أسفلك ما أكره ذكره لك!
قال معاوية: لم نرد كل هذا منك يا عمرو. قال: فمن نفسك يا أمير المؤمنين
فاضحك، ومنها فتعجب! (1)
الحديث التسعون
عن عبد الله بن مسعود قال: مر علينا كعب الأحبار ونحن جلوس عند عمر بن
الخطاب في خلافته وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) جالس معنا، قال: فجلس إلينا كعب،
فقال له عمر: يا كعب، حدثنا بشيء جاء في التوراة في هذا الأمة.

1. المحاسن والمساوئ 1: 53؛ الغدير 2: 163؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 307 بشارة المصطفى:
415، الجزء 10 ح 20؛ أمالي الطوسي: 134 ح 217 / 30.
126

فقال له كعب: يا أمير المؤمنين، أيها أحب إليك، أخبرك بالحق أو أسكت؟
فقال: أخبر بالحق بما يصدقك القرآن.
فقال كعب: لا يدخل الجنة من أمة محمد إلا القليل الذين أحدثوا من بعده.
فأقبل علي (عليه السلام) فقال: " يا كعب - ويلك! - أتدري ما قلت؟ " قال: نعم، فقال له
علي: " ولم لا يدخلون الجنة وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، ومحمدا رسول الله،
ويصلون ويصومون ويحجون البيت؟ ".
فقال كعب: إنك لتعلم ذلك في القرآن خيرا مما أعلم، وفي التوراة أيضا: إنهم
سيظلمون صديق هذه الأمة - وعالمها الأكبر، وخليفة نبيهم من بعده - حقه، وجدته
والله في التوراة هكذا.
ثم ركب حماره وانطلق إلى منزله، وكان منزله يومئذ ب‍ " قبا "، فقال عند ذلك
عمر: علي عهد الله، إن لم يخرج كعب مما قال ويخرج لنا ذلك من التوراة لأضربن
عنقه! ايتوني بكعب الساعة.
قال ابن مسعود: فأتبعناه فأخبرناه بما قال عمر فيه.
فقال كعب: والله إني إذا قلت الحق لا أبالي نصرت أو ظلمت. ثم أقبل حتى
وقف على عمر، فقال له: ما قلت اخرج منه، فقال: والله وجدته في التوراة، فإن
تكف عني أكتمه ولا أذكره، وإن أشهيت أن أصدقك أبوح به.
فقال عمر: أصدقني وتقول فيما بيني وبينك، فقال: هو والله علي بن أبي طالب.
فقال له عمر: ويحك! لقد ضلت أمة محمد وعمر، وما حفظوا وصيته فيه إذا.
وروي هذا في سنن أبي مسعود ابن الفرات الرازي أيضا بإسناده.
الحديث الحادي والتسعون
عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما بويع أبو بكر في سقيفة بني ساعدة امتنع
سعد بن عبادة لما امتنع علي بن أبي طالب والزبير بن العوام والمقداد وأبو ذر
127

وسلمان وغيرهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما خرج أبو بكر قال لسعد بن عبادة:
لم قعدت عن بيعتي؟
قال سعد: قد قعد عن بيعتك من هو خير مني ومنك، ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
وزوج ابنته فاطمة، وأبو ولديه الحسن والحسين، وما دعوت إلى نفسي إلا بعدما
رأيتكم قد دفعتموها من أهل [بيت] نبيكم، فلما رأيت ذلك قلت: منا أمير ومنكم
أمير، إذ دفعتم صاحب الحق عن حقه، وزعمت يا أبا بكر أن المسلمين اختاروك،
وأيم الله، لم يكن ثم اختيار! وكيف يكون ثم اختيار وعلي بن أبي طالب قد قعد عن
بيعتك؟! ألست تنظر يا أبا بكر أن الفضل في كتاب الله لفي أربع خصال لا خلاف فيها
بين المسلمين؟!
قال أبو بكر: وما تلك الخصال؟
قال: هي: السبق في الإيمان، والجهاد مع المشركين، والقرابة من النبي، والعلم
بما نطق به القرآن، أليس الله تعالى يقول: (والسابقون السابقون * أولئك المقربون) (1)،
ويقول: (والسابقون الأولون من المهجرين والأنصار) (2)، ويقول: (أفمن يهدى إلى
الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى) (3).
وقوله: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجت) (4).
وقوله تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (5).
وقوله: (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) (6).
وقوله: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقتل أولئك أعظم درجة من الذين

1. الواقعة (56): 10 و 11.
2. التوبة (9): 100.
3. يونس (10): 35.
4. المجادلة (58): 11.
5. الزمر (93): 9.
6. النساء (4): 95.
128

أنفقوا منم بعد وقتلوا) (1).
وقال: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (2).
وقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (3).
وهذه وأمثالها أنزلت في علي وأهل بيته. والله أسألك يا أبا بكر، أتفضل عليا! أو
تفضلك وتفضل جميع الأمة؟!
فقال أبو بكر: أتريد أن تعتدي يا سعد؟ قال سعد: لا والله، ما أريد ذلك
و [لا] يريده علي، وإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عرفه ذلك كله وأعلمه أنه سيكون بعده ما قد كان،
وأمره بالجلوس.
فقال أبو بكر: جرى هذا الأمر وليس يمكن نقضه، فجاملوني وكفوا أنفسكم
عني كما كففتم أيديكم.
فقال سعد: فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون. يا أبا بكر، على ما بايعنا
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
قال أبو بكر: فعلام بايعته يا سعد؟ قال: بايعنا معشر الأنصار على أنا ننصره
وندفع الباطل ونعين المظلوم على الظالم.
ثم تفرقا على هذا وفي قلب أبي بكر عن سعد ما فيه.
ثم بعد ذلك رمي بالليل بسهمين فقتلوه وقالوا: الجن قتله وناحوا عليه:
قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده * ورميناه بسهمين فلم نخطئ فؤاده (4)

1. الحديد (57): 10.
2. الشورى (42): 23.
3. الأحزاب (33): 33.
4. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 10: 111، أشار إلى قصة سعد بن عبادة مختصرا وفي آخره حكى البيتين،
وكذا في الصراط المستقيم 3: 109.
129

الحديث الثاني والتسعون
في كتاب مناقب الطالبيين من تصنيف ابن مردويه: أن الأمير أبا دلف العجلي (رحمه الله)
كان رجلا فاضلا معتقدا للحق، مواليا لأمير المؤمنين (عليه السلام)، معاديا لأعدائه، وكان
يركب كل يوم ويخرج يمينا وشمالا ينتظر خروج المهدي من آل محمد (عليهم السلام)، وكان له
دابة اشتراها بثلاثة آلاف درهم، وكانت مرتبطة ملجمة مسرجة، وكان يسفك الدماء
في حب آل محمد. وأنه توفي، فلما أتى على ذلك ثلاثة أيام، رأى في المنام ابنه
دلف بن أبي دلف كأن غلاما له قد أتاه وقال له: أجب الأمير، فقال دلف: أتيته وهو
في قصر له يسكنه، وسلمت عليه، وقال: رأيت القصر ممتلئة بالرماد، ورأيت على
الأمير لباسا أسود، ورأيته مغموما منكسا رأسه.
قال: فلما سلمت عليه رفع رأسه وقال: [يا] دلف! قلت: لبيك أيها الأمير، فقال:
خبر أهلنا ولا تخف عنهم * ما لقينا في البرزخ الخناق
قد سئلنا عن كل شيء فعلناه * فأبشر أهلنا بطول التلاق
قال دلف: فانتبهت من النوم ذعرا (1) خائفا باكيا، وبقيت يومي متفكرا.
قال: فلما نمت الليلة الثانية رأيت في المنام ذلك الغلام الذي أتاني البارحة قد
أتاني وقال لي: أجب الأمير.
قال: فأتيته وهو في القصر على الهيئة الأولى فسلمت عليه، فرفع رأسه، قال:
دلف! قلت: لبيك يا أمير، فقال:
فلو أنا إذا متنا تركنا * لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا * ويسأل ربنا عن كل شيء

1. ذعر - ذعرا: دهش.
130

قال: فانتبهت أيضا ترتعش فرائصي مما رأيته، وبقيت يومي ما تناولت طعاما
ولا شرابا.
فلما كانت الليلة الثالثة ونمت، رأيت في المنام ذلك الغلام قد أتاني وقال: أجب
الأمير، فأتيته وهو في القصر، فلما دخلت عليه رأيت القصر يتلألأ نورا، ورأيت
الرياحين من ألوان شتى، ورأيت الأمير على سرير من ذهب مرصع بالدر والجواهر،
ورأيت على الأمير من الحرير والإستبرق، ففرحت بذلك وسلمت عليه، فرفع رأسه
وقال: دلف! قلت: لبيك أيها الأمير عبدك، فقال:
زعم الزاعمون أن عليا * لا ينجي وليه من هنات
كذبوا والذي تساق إليه * البدن من حج راكبا عرفات
قد وربي دخلت جنة عدن * ووقاني الإله عن سيئاتي
فأبشروا أولياء آل علي * وتوالوا عليا حتى الممات (1)
فانتبهت فرحا مسرورا، وتصدقت على الفقراء والمؤمنين بمال عظيم، وأردت
بذلك موالاة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومعاداة لأعدائه.
الحديث الثالث والتسعون
عن الشعبي، عن عائشة، أنها سألت مسروق بن الأجدع عن قتل ذي الثدية،
قال: قتله علي بن أبي طالب.
قالت: قاتل الله عمرا! فإنه أخبرني أنه قتله على نيل مصر، وإني سمعت
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة " (2).

1. تضمين لشعر السيد الحميري، انظر كشف الغمة 2: 40؛ بحار الأنوار 6: 193، وج 39: 241، و 47: 313.
2. رواه القاضي نعمان في شرح الأخبار 1: 141 - 142 مع تفاوت في الألفاظ، وأخرجه المجلسي في
بحار الأنوار 38: 15 / 24 عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
131

وأيضا عن أبي البشر (1) قال: دخلت على عائشة، فقالت: من قتل الخوارج؟
قلت: قتلهم علي بن أبي طالب. فقالت لي: كذبت! فمسكنا ساعة فدخل عليها
مسروق بن الأجدع، فقالت له: ما فعل الخوارج؟
فقال لها: قتلهم علي بن أبي طالب، فقالت: إنه ما يمنعني ما في نفسي عليه أن
أقول فيه ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقلنا: ما سمعته يقول؟ فقالت: سمعته يقول:
" يقتل الخوارج خير أمتي " وسمعته يقول: " علي مع الحق والحق معه " (2).
الحديث الرابع والتسعون
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: [لما] مرض الأعمش مرضه
الذي مات فيه، فدخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة، فقالوا: يا
أبا محمد، هذا اليوم آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة وقد كنت تحدثنا عن
علي بن أبي طالب بأحاديث لو أمسكت عنها لكان الرأي.
فقال: إلي تقولون هذا؟! أسندوني، فسندوه، فقال: حدثني [أبو] المتوكل
الناجي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إذا كان يوم القيامة، يقول الله
تبارك وتعالى لي ولعلي بن أبي طالب: أدخلا الجنة من أحبكما، وأدخلا النار من
أبغضكما. فيجلس علي بن أبي طالب على شفير جهنم فيقول: هذا لي وهذا لك،
وذلك قوله تعالى في كتابه الكريم: (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) (3)؛ (مناع للخير

1. في بحار الأنوار " أبي البشير " وفي كشف الغمة " أبي البسر ".
2. رواه ابن طاووس في الطرائف: 102 - 103 / 150؛ ومناقب الإمام أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان 2:
361 / 839، و 2: 534 / 1035؛ وأخرجه في بحار الأنوار 38: 15 / 24، 38: 33 - 34 / 10؛ وراجع مناقب
علي بن أبي طالب لابن مردوية: 170 - 171، الأحاديث 229 - 232.
3. ق (50): 24.
132

معتد أثيم) (1)؛ (الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد) (2) ".
فقال بعضهم لبعض: قوموا عنه لئلا يجيبنا بما هو أعظم من ذلك، فخرجوا،
ومات الأعمش (رحمه الله) (3).
الحديث الخامس والتسعون
لما بايع الناس أبا بكر دخلت أم سلمة على فاطمة الزهراء صلوات الله عليها،
فقالت لها: كيف أصبحت يا بنت المصطفى؟
فقالت: " أصبحت بين كمد (4) وكرب: فقد النبي [(صلى الله عليه وآله وسلم)] وظلم الوصي - ثم قالت -:
هتك والله... حجبه، فأصبحت إمامته وأحكامه مقتضبة على غير ما شرعها الله في
التنزيل، وسنها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في التأويل، ولكنها أحقاد بدرية، وترات أحدية، كانت
عليها قلوب النفاق [مكتمنة] لإمكان الوشاة، فلما استهدف الأمر [أرسلت علينا
شآبيب الآثار] من مخيلة الشقاق وليس - [على] ما وعد الله من حفظ الرسالة،
وكفالة المؤمنين - أحرزوا عائدتهم من غرور الدنيا بعد انتصار ممن فتك بآبائهم في
مواطن الكروب ومنازل الشهادات " (5).

1. القلم (68): 12.
2. ق (50): 26.
3. أمالي الطوسي: 628 المجلس الثلاثون، ح 1294 / 7؛ ورواه ابن طاووس في الطرائف: 82 / 115 عن كتاب
المناقب لابن المغازلي عن شريك، وعلق عليه المصحح بالقول: " غير موجود في المناقب المطبوع، ورواه
أبو الحسن الكلابي في المسند المطبوع في آخر كتاب المناقب: 427 في الحديث الثالث عن شريك "؛ ورواه في
بشارة المصطفى: 49؛ وبحار الأنوار 47: 357 - 358 / 66.
4. الكمد والكمد: الحزن والغم الشديد.
5. روى نحوه في مناقب آل أبي طالب 2: 234، فصل في ظلامة أهل البيت (عليهم السلام)؛ وعنه في بحار الأنوار 43:
156 / 5. وقال المجلسي: " أقول: كان الخبر في المأخوذ منه مصحفا محرفا، ولم أجده في موضع آخر أصححه
به فأوردته على ما وجدته "؛ وعوالم العلوم 2: 829، عن المناقب.
133

الحديث السادس والتسعون
عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال:
خرج معاوية ذات يوم إلى خارج دمشق راكبا على بغلة شهباء للتفرج، وعن
يمينه أبو الأعور السلمي، وعن شماله عمرو بن العاص، وبين يديه ولداه: خالد
ويزيد، فلما أصحر إذا شيخ قد أقبل من صدر البرية، تبين شراسيف صدره من خرز
ظهره، وعليه جبة من الصوف قد مر نساجها وبقي لحامها، وقد خرج من تحتها شعر
صدرها كسلي النحل، وعلى رأسه شملة من الصوف، وفي وسطه حبل من ليف المقل.
فقال له معاوية: من أين أقبلت يا شيخ؟ فلم يتكلم، فأعاد القول ثانية؟
فلم يتكلم، فأعاد القول ثالثة؟ فقال الشيخ: ويحك! ألم تسمع قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " تحية
المؤمن قبل كلامه "؟!
فقال له معاوية: صدقت وأخطأنا يا شيخ، السلام عليك، فقال الشيخ: السلام
على من اتبع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى.
فقال له: من أين أقبلت؟ قال: من أرض النجفية (1).
قال: وأين تريد؟ قال: الأرض التي بورك فيها.
فقال معاوية: لعلك أقبلت من الكوفة تريد البيت المقدس؟ قال: أجل.
فقال له معاوية: كيف خلفت أبا تراب؟ فقال الشيخ: فمن أبو تراب؟ قال:
علي بن أبي طالب.
فقال: خف، ولم لا تقول: الميزان الراجح، والطريق الواضح، والزناد القادح،
والشهاب اللائح، صاحب بدر وحنين، وأبو الحسن والحسين، والمفرق بين ولد
الحلال والزنى؟!
فقال معاوية: من ذكرته كيف خلفته؟ قال: خلفته معافى في دينه ودنياه.

1. في البحار: " أتيت من العراق أريد بيت المقدس ".
134

قال معاوية: فما يصنع في ليله؟ قال: يقسمه ثلاثة أجزاء: جزء مع نفسه، وجزء
يناجي ربه، وجزء يحرس فيه المسلمين.
قال: ما يصنع في نهاره؟ قال: ينصف المظلوم من ظالمه، ويعيد الظالم بعدله
إلى الحق.
قال: فمن على بيت مال المسلمين؟ قال: ولده الحسن.
قال: فمن على شرطها؟ قال: ولده الحسين.
قال معاوية: لقد أشرب حب أبي تراب قلب هذا الشيخ، فلو مات أبو تراب
ما كنت تصنع؟
قال: ما كنت أتهم فيه ربي ولا أرجع بعده ضالا، وإنه لا يموت حتى يكون له
ولد ولد، حتى بقي الدهر ولا يبقى أحد.
فقال عمرو بن العاص: عرفه نفسك لعله لا يعرفك.
فقال معاوية: هل تعرفني يا شيخ؟ فقال الشيخ: لا أفكرك.
قال: أنا الشمعة المضيئة، أنا الينبوعة (1) الزكية، وأنا سيد بني أمية.
قال الشيخ: لعلك ابن الدعي، وعدو النبي، وابن آكلة كبد حمزة الزكي، الطليق
ابن الطليق؟
فقال له معاوية: يا شيخ، قل خيرا فإنك مقتول.
قال له الشيخ: لا أكره ذلك، أنا عدوك في الدنيا وأكون غدا خصمك في الآخرة.
قال له: يا شيخ، هل شهدت [يوم] الدار؟ قال: وما [يوم] الدار؟ قال: لما قتل
علي عثمان!!؟
فقال [الشيخ]: والله إن عليا ما قتل عثمان ولا ملأ في قتله.
قال معاوية: يا شيخ، ما تقول في أم المؤمنين عائشة؟

1. في البحار: أنا الشجرة الزكية. و " الينبوع ": عين الماء = الجدول الكثير الماء.
135

قال: ما أقول في امرأة أغضبت ربها، وخالفت بعلها، وحاربت وليها!
قال: يا شيخ، هل شهدت صفين؟
قال: ولا غبت عنها، ولقد كنت قطبها ورحاها، وأنا صاحب السهمين اللذين
قتلا جواديك، والسهم الذي أثر هذا الأثر بين عينيك.
فقال له: يا شيخ، قل خيرا فإنك مقتول.
فقال: لا أكره ذلك؛ أن أكون عدوك في الدنيا وأكون خصمك في الآخرة.
فقال له معاوية: عد معنا إلى المنزل حتى نعطيك شيئا من النفقة.
فقال الشيخ: ليس لي فيه حاجة، معي بقية نفقة من إمام يعطي بلا إسراف
ولا إقتار.
فرجع معاوية إلى منزله ومعه الشيخ وأحضر له الطعام وقال له: كل، فقال
الشيخ: لا آكل حتى يأذن لي أصحابه.
فقال: ومن أصحابه؟ أوليس أنا صاحبه؟!
فقال: كلا، أصحابه الفقراء واليتامى والمساكين وابن السبيل والعاملون عليها (1).
ثم نهض الشيخ وهو يقول:
أمعيري في حب آل محمد * حجر بفيك فدع ملامك أو رد
لو لم تكن في حب آل محمد * ثكلتك أمك غير طيب المولد
الحديث السابع والتسعون
جاء في الآثار أنه لما خرجت عائشة نحو البصرة ومعها طلحة والزبير، كتبت إلى
صعصعة بن صوحان العبدي:

1. روى نحوه شاذان بن جبرئيل في الفضائل: 77؛ وعنه في بحار الأنوار 33: 247 / 523 بتفاوت.
136

بسم الله الرحمن الرحيم
من عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صعصعة بن صوحان: أيها الولد،
فإني خرجت ومعي طلحة والزبير قاصدين البصرة بطلب دم الخليفة المظلوم
عثمان بن عفان، فساعة تقف على كتابي هذا فاكسر سيفك، والزم بيتك، ولا تخالف
قولي أيها الولد، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فكتب صعصعة الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من صعصعة بن صوحان، صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أم المؤمنين عائشة:
أما بعد، فقد أتاني كتابك أيتها الأم، تأمريني فيه بما أمرك الله تعالى به من لزوم
البيت وترك الجهاد، لقوله تعالى: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن
فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن في بيوتكن) (1)،
وتفعلين أنت ما أمرني الله به من الجهاد، وهذا عجيب! لأني لو قيل: من أعقل
الناس؟ لما عدوتك، فاتقي الله أيتها الأم، وارجعي إلى البيت الذي أمرك رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلزومه، فإني في أثر كتابي هذا خارج نحو علي (عليه السلام) للبيعة التي في عنقي،
والسلام على من اتبع الهدى (2).
الحديث الثامن والتسعون
عن عبد الله بن شرحبيل، عن أبيه قال: كنت جالسا بين يدي معاوية إذ دخل
زيد بن أرقم ومعه رجل أسود، قال: يا أمير المؤمنين، هذا رجل بدوي ومعه كتاب

1. الأحزاب (33): 32 - 33.
2. رواه في الصراط المستقيم 3: 162 باختصار، ونحو هذه المكاتبة وردت بين عائشة وزيد بن صوحان، راجع
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 226، والعقد الفريد 4: 317.
137

من محمد بن أبي بكر (رضي الله عنه)، فأخذ معاوية وفتح وقرأ، فضحك.
قلنا: يا أمير المؤمنين، أي شيء أضحكك؟
قال: هذا الذي كتب إلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن أبي بكر إلى معاوية بن صخر: سلام على من سلم لأمر الله، وعلى
من أسلم لأهل ولاية الله، فإن الله عزوجل خلق خلقه بلا عبث ولا ضعف ولا حاجة، لكن
خلقهم عبيدا، فمنهم شقي وسعيد وغوي ورشيد. واصطفى محمدا وانتجب عليا،
وكان أول من أجاب ووافق وصدق هو، من دونك ودون أبيك وشيعتك وأنصارك،
وقد كفرت بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأسأت الصحبة استيلاء على حقوق العترة (عليهم السلام).
والسلام.
فأجابه معاوية:
كتابي إلى الزاري على أبيه والراد [عليه] محمد بن أبي بكر، أتاني كتابك، وفيه
لي ولأبيك تعنيف.
كتبت تذكر فضل علي، فالحمد لله الذي صرف الفضل عنك وصيره في غيرك
وهو ابن عمنا، فإن كان ما نحن عليه حقا فأبوك أوله، وإن يك باطلا فأبوك أسسه،
برأيه أخذنا، وبهداه اقتدينا، ولولا ما سبقنا إليه أبوك لسلمنا إلى علي بن أبي طالب،
فعب أباك ما بدا لك، أو فدع. والسلام (1).
الحديث التاسع والتسعون
روي عن الصدر السعيد الوزير شمس الدين نظام الإسلام، أبي النجيب سعد بن
محمد ب‍ " ساوة " سنة سبع وخمسين وخمسمائة أنه قال:

1. وقعة صفين: 118 - 120؛ الاحتجاج 1: 183 - 184، وعنه في بحار الأنوار 33: 575 باختلاف.
138

رأيت قبل الوزارة علي بن أبي طالب (عليه السلام) في المنام ويده في يد شيخ لم أعرفه،
فقال لي: " يا أبا النجيب، تصير وزيرا، الله كيف تكون مع شيعتي، وهذا ولدي إذ
جاءك فأعطه ألف دينار فهو مستحق لذلك ".
قال: فانتبهت من النوم فرحا مسرورا، وحفظت ذلك عنه، وأترقب ورود هذا
السيد، فلما تصدرت للوزارة بعد مدة جاء السيد الإمام فخر الدين أبو الرضا
الرويدشتي الأصفهاني وقال: لي حاجة مع الوزير فليخل لي الموضع، فخليت فقلت
له: ما حاجتك؟ فقال: بعثني إليك جدي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد أحال لي بشيء
وقال لك: أعط ولدي هذا ألف دينار.
ففرحت بذلك فرحا شديدا وقبلت رأسه وقلت: سمعا وطاعة، لك عندي هذا
كل سنة ولأولادك ما حييت، لما أمرني به مولاي أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
الحديث المائة
عن منقذ بن الأبقع الأسدي أحد خواص أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في النصف من شعبان وهو يريد موضعا كان له، يأوي
فيه بالليل، وأنا معه، حتى أتى الموضع، فنزل عن بغلته، فحمحمت البغلة ورفعت
أذنيها وجذبتني، فحس بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: " ما وراءك؟ " فقلت: فداك أبي
وأمي، البغلة تنظر شيئا، وقد شخصت [إليه] وتحمحمت (1)، فلا أدري ماذا دهاها (2)؟
فنظر أمير المؤمنين [(عليه السلام) إلى] سواد، فقال: " سبع ورب الكعبة " فقام من محرابه
متقلدا سيفه فجعل يخطو نحو السبع، ثم قال صائحا به: " قف " فجف السبع ووقف،
فعندها استقرت البغلة، فقال أمير المؤمنين [(عليه السلام)]: " يا ليث، أما علمت أني الليث
وأني الضرغام والقسور (3) والحيدر؟ "

1. تحمحم البرذون والفرس: رد صوته في طلب علف أو إذا رأى من يأنس به.
2. أي لا أعلم ماذا أصابه بداهية، وهي الأمر المنكر.
3. القسور - والجمع: قسار وقساورة -: العزيز، الأسد = الغلام القوي الشجاع.
139

ثم قال: " ما جاء بك أيها الليث؟ - ثم قال: - اللهم أنطق لسانه ".
فقال السبع: يا أمير المؤمنين، ويا خير الوصيين، ويا وارث علم النبيين، ويا
مفرقا بين الحق والباطل، ما افترست منذ أسبوع شيئا، وقد أضر بي الجوع، ورأيتكم
من مسافة فرسخين، فدنوت منكم وقلت: أذهب وأنظر ما هؤلاء القوم ومن هم؟
فإن كان لي بهم مقدرة [و] يكون لي فيهم فريسة [أخذت نصيبي] (1).
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الليث، أما علمت أني علي أبو الأشبال الأحد عشر،
براثني أمثل من مخالبك فإن أحببت أريتك. ثم امتد السبع [بين يديه] وجعل يمسح
[يده] على حامته ويقول: " ما جاء بك يا ليث؟ أنت كلب الله في أرضه ".
قال: يا أمير المؤمنين: الجوع، الجوع.
فقال علي: " اللهم ائته برزقه - بحق محمد وأهل بيته - [من] عندك ".
قال: فالتفت فإذا بالأسد يأكل شيئا كهيئة الحمل، فأكل حتى أتى على آخره. ثم
قال: والله يا أمير المؤمنين، ما نأكل نحن معاشر السباع رجلا يحبك ويحب عترتك،
ونحن أهل بيت ننتحل محبة الهاشميين وعترتهم.
ثم قال أمير المؤمنين [(عليه السلام)]: " أيها السبع، أين تأوي وأين تكون؟ ".
فقال: يا أمير المؤمنين، إني مسلط على [أعدائك] (2) كلاب أهل الشام - وكذلك
أهل بيتي - وهم فريستنا، ونحن نأوي النيل.
قال: " فما جاء بك إلى الكوفة؟ ".
قال: يا أمير المؤمنين، أتيت الحجاز فلم أصادفك، وإني في هذه البرية والفيافي
التي لا ماء فيها ولا خير، موضعي هذا (3)، وإني لمنصرف من ليلتي هذه إلى رجل يقال

1. الزيادة من الفضائل.
2. الزيادة من الفضائل.
3. في كتاب اليقين: " أتيت الحجاز فلم أصادف شيئا وأنا في هذه البرية "، وفي الفضائل: " أتيت الكوفة أطلبك
فلم أصادفك فيها وقطعت الفيافي والقفار حتى وقفت بك وبللت شوقي ".
140

له سنان بن وابل ممن انفلت من حرب صفين، ينزل القادسية، وهو رزقي في ليلتي
هذه، وإنه من أهل الشام، وأنا متوجه إليه. ثم قام من بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام)
وذهب.
[قال منقذ بن الأبقع: فعجبت من ذلك] (1)، فقال لي أمير المؤمنين: " مم
تعجبت؟ هذا أعجب، أم الشمس [أعجب رجوعها] (2)، أم العين [في نبعها]، أم
الكوكب [في انقضاضه]، أم سائر ذلك؟ فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لو أحببت
أن أري الناس مما علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الآيات والعجائب، لكانوا يرجعون
كفارا ".
ثم رجع أمير المؤمنين إلى مستقره ووجهني [من ساعتي] إلى القادسية
[فوافيت القادسية] قبل أن يقيم المؤذن الإقامة، فسمعت الناس يقولون: افترس
سنانا السبع، فأتيت فيمن أتاه ينظر إليه، فما ترك السبع إلا رأسه وبعض أعضائه مثل
أطراف الأصابع، وأتى على ما به، فحمل رأسه إلى الكوفة، [فبقيت متعجبا]،
فحدث الناس ما كان من حديث أمير المؤمنين [(عليه السلام)] والسبع، فجعل الناس يتبركون
بتراب تحت قدمي أمير المؤمنين [(عليه السلام)] ويستشفون (3) به. [فلما رأى ذلك] قام خطيبا
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
" معاشر الناس، ما أحبنا رجل فدخل النار، وما أبغضنا رجل فدخل الجنة، وأنا
القسيم، أقسم بين الجنة والنار، هذه إلى الجنة يمينا [وهم من يحبني]، وهذه إلى
النار شمالا [وهم من يبغضني]، أقول لجهنم: هذا لي وهذا لك، حتى تجوز شيعتي
على الصراط كالبرق الخاطف والرعد العاصف والطير المسرع والجواد السابق ".
فقام الناس إليه بأجمعهم وهم يقولون: الحمد لله الذي فضلك على كثير من

1. ما بين المعقوفين من الفضائل.
2. ما بين المعقوفين من الفضائل.
3. في الفضائل: " ويتشرفون ".
141

خلقه تفضيلا.
قال: ثم تلا أمير المؤمنين [(عليه السلام)] هذه الآية:
(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا
الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضو ن الله
والله ذو فضل عظيم) (1).
الحديث الحادي والمائة
عن زر بن قدامة المكي قال: حدثنا شهاب المدني في مسجد الرسول قال: كنا
مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في " بئر رومة " على يمين الوادي، إذ نادى لسلمان الفارسي
وقال: " يا أبا عبد الله، اصعد إلي، وليصعد ثقاتي إلي " والعسكر في الوادي وذلك عند
عشاء الآخرة، فصعد سلمان والنقباء، وهم معروفون: سلمان، وعمار، والمقداد،
وأبو ذر، وأبو الدرداء، وخزيمة بن ثابت، وأبو الأعور السلمي، ومالك بن الحارث
الأشتر، وحذيفة اليماني، وأبو الهيثم بن التيهان، وأسامة بن زيد، وخالد بن سعيد.
وصعد نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإذا أمير المؤمنين قاعد، و [...] عند
اشتباك الكواكب، فقعدنا إليه، فجعل يحدثنا ونحدثه هينمة. ثم قام فأذن للعشاء
الآخرة وأقام وصلى وصلينا معه، ثم التفت عن يمينه وتكلم بكلام لم نفهمه ولم ندر
عربية أو فارسية؟
فقلنا: فداك آباؤنا وأمهاتنا يا أمير المؤمنين، ما هذه الكلمات التي تكلمت بهن؟
قال: " دعوت ربي على لسان نوح (عليه السلام) " فقلنا: وما ذاك؟ قال: " معناه بالعربية:
قدوس قدسته السماوات والأرض، سبوح سبحته الجبال والبحار، عظيم عظمته
الخلائق بالتوحيد، جبار جبر الخلق بالنعمة، كريم سجد لوجهه جبرئيل وميكائيل

1. آل عمران (3): 173 و 174، وروى الحديث شاذان بن جبرئيل في الفضائل: 167، خبر كلام السبع مع
أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ والسيد ابن طاووس في كتاب اليقين: 65 - 67؛ وعنهما البحار 41: 232 / 5 باب 111.
142

وإسرافيل ".
فعند هذه الكلمات، تدلى نجم من الهواء كالكوكب الدري فقالت: صدقت
محمدا، من أنكرك فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين. إنا
معاشر الكواكب زين بنا السماء ورمي بنا الشياطين، وزين بكم الكتاب والبلاد،
ورمي الكفار بكم حتى رجعت الكلمة إلى كلمة الإخلاص.
قال: فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " أيها الكوكب، وما كلمة الإخلاص؟ ".
فقال الكوكب: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله حقا، وأن عليا
وصيه صدقا، بمحمد أصلح الله العباد والبلاد، وبعلي عرف الناس الدين، ونصر به
[على] أهل الشرك، حتى أقروا لله بالوحدانية، وخضعوا له بالربوبية، وأقروا بأنه
الواحد الجبار، الذي لا شريك له في أمره، ولا يعادله أحد من خلقه، ولا ينازعه
وزير، ولا يقاسمه شريك، وهو العلي الجبار، ومحمد عبده ورسوله، وعلي وصيه
وخليله.
ثم ارتفع الكوكب وتعجبنا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " مم تعجبتم؟ فلو رأيتم
كلامي للشمس يوم التل، إذا لداخلكم النفاق!؟ ".
فقلت: يا أمير المؤمنين، لا ينكرك إلا جاحد، ولا يبغضك إلا فاسق،
ولا يبغضك إلا فاجر، ولا يحسدك إلا زنديق، أنت الوصي الأمين، وصلى الله عليك
وعلى ذريتك.
قال: ثم قمنا وارتحلنا من سفرنا إلى متوجهنا، قلنا: فأعطانا الله بك
يا أمير المؤمنين الظفر، ووهب لنا بك النصر، وهو العزيز الحكيم.
الحديث الثاني والمائة
عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع قال: كنت جالسا عند أبي بكر بعدما بايعه
الناس بأيام، فطلع علي والعباس يختصمان في تراث النبي، وكانت بغلة خلفها النبي
143

- صلوات الله عليه - وسيفه وعمامته؛ فأقبلا حتى جلسا بين يدي أبي بكر، فافتتح
العباس الكلام.
فقال له أبو بكر: لا تعجل يا أبا الفضل، فإني سائلك عن أمر لست أسألك إلا
وأنا عالم به: أنشدك بالله! هل تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع بني عبد المطلب
وأولادهم وأنت فيهم فقال: " يا بني عبد المطلب، إنه لم يبعث الله نبيا إلا وجعل له
[أخا و] وزيرا ووارثا ووصيا (من قومه) (1) وخليفة من أهل بيته، فمن يقوم منكم
يبايعني على أنه يكون أخي ووزيري ووارثي (2) وخليفتي في أهلي "، فلم يقم أحد
منكم! فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " [يا بني عبد المطلب] كونوا في الإسلام رؤوسا ولا تكونوا
أذنابا، والله ليقومن قائمكم وليكونن في غيركم، ثم لتندموا من بعد "، فقام علي من
بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه، تعلم أن هذا جرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
فقال له العباس: نعم، والحجة في هذا عليك! وإلا فما أقعدك في مجلسك هذا؟!
ولم تقدمت وتأمرت عليه؟!
فأطرق أبو بكر وتشاغل بشيء آخر، ونهض علي آخذا بيد العباس وهو يقرأ:
(وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض) (3) إلى آخر الآية.
وروي أنهما قدما على عمر بعدما صار الأمر إليه، فقال لهما عمر: أخرجا عني،
فهمت يا بني عبد المطلب؛ هذا الذي فعله العباس إنما فعله توبيخا لأبي بكر
وتهجينا له وتنبيها على أنه غاصب حق علي (عليه السلام)، وكان علي والعباس في هذه
الصورة مثل الخصمين اللذين دخلا على داود، ولا يخفى هذا على من صح لبه
ومال إلى الهدى، والله أعلم!

1. لم يرد في بشارة المصطفى.
2. في بشارة المصطفى بدل " وارثي " " وصيي ".
3. ص (37): 24. والخبر رواه في بشارة المصطفى: 220 باختصار، وأخرج نحوه في بحار الأنوار 29: 67 / 1
عن الاحتجاج ومثله في مناقب ابن شهرآشوب 3: 49.
144

الحديث الثالث والمائة
حدث أبو الحسن علي بن حماد العبدي (رحمه الله) بالبصرة سنة إحدى وتسعين
وثلاثمائة عن رجاله: أنه لما فتحت المدائن وجمعت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
بالمدينة الغنائم، وأحضر عمر جميع المسلمين ليقسموها على ما أوجبه الله،
وعرضت السبايا عليهم وهن متابعات بينهم، أبرزت شهربان بنت يزدجرد وهي
مختمرة وعليها من ثياب الملوك شملة، فقال عمر: احبسوا عنها الخمار فلا حرمة إلا
للإسلام.
فقال له علي (عليه السلام): " يجب لبنات الملوك أن تتميزن عن غيرهن ".
فقال له عمر: أفيخرجن من السبي ويزول عنهن الرق؟ قال: " [لا] ولكن
لا يهتك خمرهن ويجعل الاختيار إليهن فيمن يملكهن ". فأجاز عمر ذلك وطيف
بها عليهم - وهم جلوس مجتمعون - ليقع اختيارها على من تملكها من المسلمين،
فلم تزل تتفحصهم، ثم أشارت إلى الحسين (عليه السلام) من بينهم، فحصلت في سهمه على
ما أوجب من الفرض له، فولدت علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام).
ثم حدث أبو نصر مهيار بن أدبار - وكان من رؤساء المتصرفين وعلماء
المجوس المتأدبين - عن رجاله ومن أسند من رواة الطائفة إليه: أن شهربان حين
طيف بها عند اقتسام الغنائم على كافة المسلمين في المسجد لتختار من تكون من
سهمه منهم، وتسير إلى من يحصل في ملكه من جملتهم، ووقع اختيارها على
الحسين (عليه السلام)، وصارت في قسمه، وتقدم لحملها إلى داره، قال لها عمر: أخبريني
عنك: قد عرض عليك كافة المسلمين، وفيهم أنا وأنا أميرهم، وما يتعذر وجود
الكهول والصباح والشبان والأوضاح فيهم، وكيف اخترت هذا الفتى من بينهم؟
فقالت: الصدق أنجى وأرجى، كنت حين طيف بي على الجماعة - فأنا ألحظهم
ليقع اختياري على من يملكني منهم - لا أرى أحدا إلا يرمقني بطرف حديد ونظر
145

شديد غير هذا الكهل وابنيه - وأشارت إلى علي (عليه السلام) - فإنهم ما لحظوني ولا التفتوا
إلي، فرأيت النزاهة وشرف الهمة هناك، فبينت إليهم الاختيار، وعلمت أن المروءة
ملك لا يزول إذا زالت الممالك بنوائب (1) الدهر.
فقال لها: أفلا اخترت أباه فهو أفضل منه، أو أخاه فهو كبيره؟
فقالت: نزعت نفسي إلى [...] سنا لحداثته، ورغبت مع الشرف والعفاف فيما
يرغب فيه أمثالي! فأعجبه ذلك منها وأثنى هو والجماعة الخير عليها (2).
الحديث الرابع والمائة
قال السيد الإمام أبو البركات محمد بن إسماعيل الحسيني المشهدي
الرضوي (رحمه الله): أخبرنا الشيخ الإمام أبو محمد [الحسن] بن أحمد بن [محمد]
السمرقندي المحدث، [قال]: أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي علي الصفار، [قال:]
أخبرنا العزيز بن محمد بن عبد ربه الشيرازي بمصر، [قال:] أخبرنا عمر بن
محمد بن عمر، [قال:] أخبرنا علي بن محمد الشيرواني، [قال:] أخبرنا علي بن
أحمد الوشاء الكوفي، قال:
خرجت من الكوفة إلى خراسان، فقالت لي ابنتي: يا أبه، خذ هذه الحلة فبعها
واشتر لي بثمنها فيروزجا.
قال: فأخذتها وشددتها في بعض متاعي وقدمت " مرو " فنزلت في بعض
الفنادق، فإذا غلمان علي بن موسى الرضا [(عليه السلام)] جاؤوني وقالوا: نريد حلة نكفن
فيها بعض غلماننا (3)، فقلت: ما عندي، فمضوا. ثم عادوا وقالوا: مولانا يقرأ عليك

1. النوائب: الحوادث.
2. الكافي 1: 466 - 467، باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام)، ح 1، وقد أورد صدر الخبر فقط، وفي إرشاد
المفيد 2: 137 أشار إليه؛ وأخرج المجلسي الخبر في بحار الأنوار 46: 7 - 18، الأحاديث: 18، 19، 20،
21، 24.
3. في المصدر: " علمائنا ".
146

السلام وهو يقول لك: " معك حلة في السفط الفلاني التي دفعتها إليك ابنتك وقالت:
اشتر لي فيروزجا، وهذا ثمنها!! " فدفعتها إليهم وقلت: والله لأسألنه عن مسائل، فإن
أجابني عنها فهو هو. فكتبتها وغدوت إلى بابه فلم أصل إليه من كثرة الزحام، فبينما
أنا جالس إذ خرج خادم إلي فقال لي: يا علي بن أحمد، هذه جوابات مسائلك التي
معك. فأخذتها منه، فإذا هي جوابات مسائلي بعينها!! (1)
الحديث الخامس والمائة
قال رباني هذه الأمة عبد الله بن عباس (رضي الله عنه)، وقد سأله معاوية عن علي بن
أبي طالب (عليه السلام)، فقال:
كان والله للقرآن تاليا، وللشر قاليا، وعن المين (2) نائيا، وعن المنكرات ناهيا،
وعن الفحشاء ساهيا، وبدينه عارفا، ومن الله خائفا، وعن الموبقات صارفا، وبالليل
قائما، وبالنهار صائما، ومن دنياه سالما، وعلى العدل في البرية ملازما، وبالمعروف
آمرا، وعن المهلكات زاجرا، وبنور الله ناظرا، ولشهوته قاهرا، فاق العالمين ورعا
وكفافا وقناعة وعفافا، وسادهم زهدا وأمانة وبرا وحياطة.
كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، ومنتهى الإحسان،
وملاذ الضعفاء ومعقل الحنفاء، وكان للحق حصنا حصينا، وللناس عونا مبينا،
وللدين نورا، وللنعم شكورا، وفي البلاء صبورا.
كان والله هجادا بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، دائم الفكرة في الليل
والنهار، نهاضا إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منجية، فرارا من كل موبقة.
كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجى، وبحر الندى، وطود النهى،
وكنف العلم للورى، ونور السفر في ظلم الدجى.

1. إعلام الورى: 309، الفصل الثالث في ذكر دلالاته ومعجزاته؛ كشف الغمة 3: 106.
2. المين: الكذب.
147

كان [والله] داعيا إلى المحجة العظمى، ومتمسكا بالعروة الوثقى، عالما بما في
الصحف الأولى، وعاملا بطاعة الملك الأعلى، وعارفا بالتأويل والذكرى، متعلقا
بأسباب الهدى، حائدا عن طرقات الردى، ساميا إلى المجد والعلى، قائما بالدين
والتقوى، وتاركا للجور والعدوي، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى،
وأبر من انتعل وسعى، وأصدق من تسربل واكتسى، وأكرم من تنفس وقرى،
وأفضل من صام وصلى، وأفخر من ضحك وبكى، وأخطب من مشى على الثرى،
وأفصح من نطق في الورى بعد النبي المصطفى، [صلى القبلتين].
فهل يساويه أحد وهو زوج خير النسوان؟! (1) وهل يساويه بطل وهو
أبو السبطين؟! فهل يدانيه خلق؟! وكان والله للأشداء قتالا، وللحرب شعالا وفي
الهزائز (2) جبالا؟ (3)
وعن الأعمش قال: سئل عبد الله بن عباس أيضا عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)،
فقال: كيف أصف ربيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخاه وزوج ابنته سيدة نساء العالمين،
وأبا سبطيه الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة؟!
وكيف أصف من يقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنت يوم القيامة قسيم النار والجنة،
يقول للنار: هذا لي وهذا لك "؟!
أم كيف أصف من قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في شأنه: " أنت حبيب الله وحبيبي،
وخليل الله وخليلي، وصفي الله وصفيي، وحجة الله وحجتي، وباب الله وبابي "؟!
أم كيف أصف من قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " نفس علي كنفسي، وطاعته كطاعتي،
ومعصيته كمعصيتي "؟!
أم كيف أصف من سبق الناس إلى الإيمان بربه عزوجل وإلى رسوله، وأجهدهم

1. في المصدر: " خير النساء ".
2. الهزائز: الشدائد.
3. المسترشد: 306 - 307 بتفاوت يسير.
148

اجتهادا في سبيله؟!
أم كيف أصف من وليه ولي الله وعدوه عدو الله؟! إليك أيها السائل عني! فلو
كانت بحار الدنيا مدادا وأشجارها أقلاما، وأهلها كتابا وكتبوا مناقبه وفضائله من يوم
خلق الله تعالى الدنيا إلى أن يفنيها ما بلغوا عشر معشار ما آتاه الله تعالى!!
(ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (1).
الحديث السادس والمائة
عن علي بن الحسن بن فضال، يرفعه إلى عبد الله بن الحسن بن الحسن بن
علي (عليه السلام)، عن أبيه عن جده: أن بلال بن حمامة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبى أن يبايع
لأبي بكر، وأن عمر بن الخطاب جاء حتى أخذ بتلابيبه (2) وقال: يا بلال، هذا جزاء أبي
بكر منك؟! إنه أعتقك؛ لا تجيء تبايعه وتبطئ عن بيعته!!
فقال بلال: إن كان إنما أعتقني لله عزوجل، محتسبا باغيا في ذلك الخير، فليدعني
للذي أعتقني له، وإن كان إنما أعتقني لغير الله وأعتقني لنفسه، فها أنا ذا!
وأما بيعته، فما كنت لأبايع أحدا لم يستخلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أمته
ولا يقدمه، إن الله يقول: (يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله) (3). ولقد
علمت يا أبا حفص أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عقد لابن عمه علي عقدا هو في أعناقنا إلى
يوم القيامة، وجعله مولانا من بعده (يوم الدوحات) (4)، فأينا يستطيع أن يبايع على
مولاه؟!
قال: فقال له عمر: فإن كنت غير فاعل فلا تقم معنا، لا أم لك! فقال بلال:

1. الحديد (75): 21؛ الجمعة (62): 4، وروى ذيل الحديث في أمالي الصدوق: 652؛ بحار الأنوار 40: 7 / 17.
2. " التلابيب: ما في موضع اللبب من الثياب، ويعرف بالطوق " المعجم الوسيط: 811، (ل. ب. ب).
3. الحجرات (49): 1.
4. هو يوم الغدير.
149

بالله لا بأبي بكر نجوت ولو * لا الله قامت على أوصالي الضبع
الله بوأني خيرا وأكرمني * وإنما الخير عند الله متبع
لا تلفيني تبوعا كل مبتدع * فلست مبتدعا مثل الذي ابتدعوا
قال: وخرج بلال إلى شام فأقام بها إلى أن مات ولم يبايع أبا بكر (1).
الحديث السابع والمائة
عن علي بن الحسن [بن] الفضال، يرفعه إلى معروف بن خربوذ قال:
كان مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب (2) بدريا، وكان لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وبويع أبو بكر في دار فاطمة مع بني هاشم، وكان الزبير بن العوام يومئذ معهم وأبى
أن يبايع أبا بكر. وكان مسطح يقول لعلي (عليه السلام): يرحمك الله، ألا تقاتل فنقاتل معك؟
فأعلمه علي (عليه السلام): أنه لو قاتل ما حف (3) به أحد، وقد كان واعده أربعون رجلا يأتونه
صباحا، فما أتاه إلا ثلاثة، وقيل: أربعة، وهم: سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار (رضي الله عنهم).
قال معروف: وحدثني جماعة من بني هاشم قالوا: كان مسطح بن أثاثة حسن
الرأي والبصيرة في علي (عليه السلام)، وله قصيدة يستبطئ فيها عليا (عليه السلام)، وذلك قبل أن يواعده
الأربعون، وكان أيضا يعقوب بن شعيب يرويها عن جماعة من بني هاشم ممن له
علم بأخبارهم، منهم عبد الملك بن عتبة الهاشمي. قال يعقوب بن شعيب: وهي
هذه:
بني عمي أناديكم فهبوا * وصحبي لو أجاب نداي صحب

1. بشارة المصطفى - طبعة النجف -: 208، التعليقة.
2. هو مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف: ابن خالة أبي بكر. انظر جمهرة أنساب العرب: 73؛
وسير أعلام النبلاء 1: 187.
3. يقال: " ما له حاف ولا راف " أي ما له من يحف به ويعتني بأمره.
150

وكم ناديت أحمد من قريب * وكيف يجيب من واراه ترب
هو النجم الذي ما ظل فينا * هوى والنجم يبدو ثم يخبو
سقى ذاك الضريح الله غيثا * وروى تربه الهطل المدب
وصلى الله باعثه عليه * وبوأه من الرحمن قرب
رضيتم أن يزيغ الأمر عنكم * ويصبح وهو بين الناس نهب
ويغصبكم بنو تيم بن مرة * وما في الدين يا لله غصب
أرى المستضعف المظلوم منا * ظليما تحته سند وحدب
وإلا كالجنين به ندوب * فأنى يستهل وفيه ندب
وعرفاني به أسدا جريا * كميا والكمي لديه كلب
وأن الموت طوع يديه يعدو * كأن يمينه للموت قطب
ويدعى في الوغا القضم المعلى * إذا ضمته والشجعان حرب
ويدعى في السماء فتى قريش * بأحد والجموع عليه إلب
وقلب في القليب الناس حتى * هوت تلك الجسوم وهن قلب
وفي كل المواطن غير نكس * ولا سيف له في الروع ينبو
أبا حسن لك الحسنى تدارك * حوادث ما لهن سواك رب
فأنت خليفة المبعوث فينا * وكاهلنا وكل الناس عجب
ألم ترني أروح ولي حنين * وحشو جوانحي هم وكرب
فإن ترضى بما ترضاه نرضى * وذو القربى إلى قرباه يصبو
وأنت بما ترى فينا عليم * خبير بالذي يأتيه طب
الحديث الثامن والمائة
خبر الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف:
بإسناد الشيخ المفيد عن ابن عقدة مرفوعا إلى ابن فضال، إلى حسن بن جنادة
151

السلولي قال:
كان الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) باليمن، وكان
بدريا، فلما بلغه بيعة الناس لأبي بكر قال: ما فعل بنو عمنا بنو هاشم؟
قيل له: أما علي (عليه السلام) فجلس ببيته بعد أن دعوا إلى البيعة ومشوا إليه فأبى أن يبايع.
قال: ثم مه؟ قال: قيل له: أخرج كما يخرج البعير الأجرب، وأحرق بابه، وصفق
على يده (1) وهو كاره.
قال الطفيل: اللهم سبحانك لا يعجزك شيء، لقد رأيتنا ندعوه في حياة
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بإمرة المؤمنين، وما كنت أظن القوم صارفوا هذا الأمر عنه.
قال: فمن اعتزل معه البيعة؟ قيل له: الزبير والمقداد وسلمان وأبو ذر وجماعة لم
يؤل أمرهم إلى شيء، ولقد وكف لفاطمة حمارا (2)، فأخرجها وطاف بها على الناس
كلهم ونشدهم حقها وحقه، فما أجابهما أحد.
قال: فبكى الطفيل فقال: ما فعل الرجلان: عباس وعقيل؟
قيل له: لم يعينا شيئا.
فقال الطفيل (رحمه الله):
أهل مبلغ عني على النأي هاشما * مغلغلة ضاقت بها حرج الصدر
أمرنا إليكم ما أتى من ظلامة * وفيكم وصي المصطفى صاحب الأمر
وقل لطليقيهم عقيل وعمه * ألا تغسلا عاريكما اليوم في بدر
ألا ترجعاها عودة بعد مدة * فما لكما ألا تجيبان من عذر
أمن قلة فالقل قد يبتغى به * ولا عذر عند الله في طلب الكثر
ولو أسد الله استمرت حياته * لأغنى عباد الدين في العسر واليسر
ولو ذو الجناحين الطويل نجاده * لها الأروع الرحب الوسيعة والصدر

1. صفق على يده، وصفق يده بالبيعة: ضرب يده على يده، وذلك علامة وجوب البيع.
2. وكف الحمار: وضع عليه الوكاف.
152

ولو كان..... ابن سخيلة * لأبصرته حامي الحقيقة ذا نكر
أخفضا إلى الدنيا بكم واستكانة * أرى أم قلوبا مانعين من الكفر
قال ابن فضال: موافق لما روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وقد ذكرته ورويته
ليكون شاهدا على صدق قول الطفيل، [و] كان من خاصة أمير المؤمنين، ولم
يفارقه حتى شهد معه مشاهده كلها.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لو كان لي حمزة وجعفر حيين ما سلمت هذا الأمر أبدا
ولا قعد أبو بكر على أعوادها، ولكني ابتليت بجلفين حافيين: عقيل والعباس.
وقال الطفيل بن الحارث أيضا:
ألا من لقلب بات بالهم منصبا * وعين غدا توكافها متسكبا
وجفن أبى إلا اعتماضا على القذى * قريبا كما نادى المنادي...
حليف سهاد بات طاو على الأسى * يقاسي جوى باق وصبرا مغلبا
وما ذاك إلا أن تيما وأختها * عديا أجالا في الضلال فأوعبا
أزاحا وصي المصطفى عن مقامه * وباءا عليه ضلة وتكذبا
وبايعه قوم علينا أظنة * سراع إلى البأساء فينا تألبا
ولم تأل منا عصبة ذو حفيظة * دفاعا ولا فعلا حميدا مجربا
جزى الله عنا صالحا من جزائه * أبا معبد المقداد والمرء جندبا
هما وفيا لله فينا بعهده * ولم يبغيا عن منهج الحق مذهبا
ولا يبعد الله الزبير ابن أختنا * دفوعا عن الأحباب فينا مذببا
وسلمان مولى القوم من آل أحمد * أطاع بنا الطهر التي المقربا
قال ابن فضال - بإسناد ذكره عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه، وكان
153

ابنه كاتب أمير المؤمنين -: إن الطفيل بن الحارث وأخاه الحصين بن حارث ممن
شهدا حروب علي (عليه السلام) - في حديث طويل والتقطنا منه ما كنا به محتاجين في هذا
الموضع - قال: فأقبل كعب بن سور يوم الجمل فنادى: من يبارزني؟ فقال رجل من
همدان: أنا أبارزك، فبرزا فقتل كعب بن سور الهمداني، ثم أخذ بخطام الجمل ساعة
وقال: من يبارزني؟ فقال له الطفيل: عليك لعنة الله وعلى من يكنع عنك! فقال له
كعب: فابرز إذ شئت، قال: والله ما أنت تخطر لي! ولكن قل للزبير يبارزني.
فقال كعب للزبير، فجاء الزبير، فقال: من ذا يبارزني؟ فقال الطفيل: أتعرفني؟
قال: وهل أنكرك؟ قال له الطفيل: ألا تنكرني فقد أنكرت الحق ومن هو خير مني!!
قال: ومن ذاك؟ قال: ذاك الأصلع الأنزع مولاك ومولى كل مؤمن ومؤمنة! قال: لمن
كان كذلك؟ فلقد كنت له خير أمتك؛ لقد جئته متوفى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنت معه ولم
أحدث بيعة ولم أمش فيما يكره حتى بايع، فلما بايع بايعت، وأنكره؟! لتعرف ذلك
يا طفيل حتى تقول:
فلا يبعد الله الزبير ابن أختنا * دفوعا عن الأحباب فينا مذببا
أطاع بنا الرحمن من دون قومنا * ولم يطع الشيطان فينا ولا صبا
قال الطاطري: هذا البيت الأخير زيادة لم يروه أبان بن تغلب.
رجع الحديث:
فقال له الطفيل: فما بالك نصبت له الحرب وأنت تعرف له هذا؟! قال: فتلا
الزبير: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) (1) هذه والله فينا وفيكم خاصة
نزلت؟
قال له الطفيل: بل فيك وفي أصحابك نزلت، ارجع عني يا زبير، فإني أكره
قتالك، وكيف لا وأنت ابن خالي!؟ [فقال الزبير:] أرجع لعل الله أن يصلح بين

1. الأنفال (8): 25.
154

هذين الفيلقين.
قال الطفيل: فما بالك قدت هذا الفيلق أنت وطلحة وخرجتما بأم المؤمنين،
وعصيتما الرحمن، ثم أنت الآن تتمنى الأماني في إصلاح بينهما؟!
قال: فقال له الزبير: إن مع الخوف الطمع، ارجع عني فلا تسألني، فوالله إني
لأخشى أن أكون من أهل هذه الآية: (فمستقر ومستودع) (1) وذكر.
الحديث التاسع والمائة
خبر خالد بن سعيد بن العاص وأبي سفيان:
بإسناده عن ابن فضال يرفعه إلى جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري قال:
رأيت أبا سفيان بن حرب يهدج (2) في مشيته يوم قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أتى
الباب والعباس بن عبد المطلب واقف يرد الباب، وعلي (عليه السلام) يغسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
وكان أبو سفيان للعباس صديقا، فلما أتاه قال له: يا أبا الفضل، تزحزح (3)
لي أدخل إلى علي فأكون أول من يبايعه لهذا الأمر، فهو صاحبه والله لما عقد
له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال له العباس: إنك لا تقدر على ذلك، وإنه لمشغول بغسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال له أبو سفيان: ما كنت أظنك يا أبا الفضل تمنعني هذا وأنت صاحبي وأنا
صاحبك وبيننا من الأمر ما تعلم! أتريد أن تؤخرني عن أمر أحب أن أتقدم فيه؟!
أرأيت يا بن بتيلة إلا عدوي منذ اليوم؟
فقال له العباس: ألست صاحبك يوم الفتح؟!
قال: أتمن علي بأمر لم يكن لك فيه النعمة؟! ولو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قاتلي لما

1. الأنعام (6): 98.
2. هدج: مشى مشية الشيخ = مشى في ارتعاش.
3. يقال: زحزحه عن مكانه فتزحزح: باعده.
155

أغنيت عني شيئا، لا جرم لا أكلمك أبدا.
وجاء خالد بن سعيد بن العاص، وكان له رأي في علي، وسمع بعض كلامهما.
وقال: اخفض صوتك يا أبا الفضل، فإن أبا سفيان شيخ قريش. قال: إنه كلمني
وكلمني، ولو أردت به سوءا فمن ذا كان يمنعه مني!
قال خالد بن سعيد: أنا والله أمنعه ورغما (1) وجدعا لمن أراده بسوء! إنما أراد
الرجل أن يبايع عليا.
ثم جلسا حتى خرج إليهما علي (عليه السلام)، فقاما واكتنفاه.
قال جابر: وكنت معهم يومئذ، فقال له خالد بن سعيد: يا أبا الحسن، أعلمت
ما أحدث القوم من البيعة؟
قال: " لقد أنبئت ذلك، وأنا لفي شغل بمصابنا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عما أحدثوه ".
قال له خالد بن سعيد: قد علمت انقطاعي إليك - دون بني أبي - ومحبتي لك،
فمرني بأمرك، فأنت والله أحب الناس إلي.
وقال أبو سفيان بن حرب: يا علي، ابسط يدك أبايعك (2)، فقد علمتني في
الحرب لا أبي وأتثبط، فإن ترد قتالا فوالله لأملأنها عليهم خيلا ورجلا.
فقال علي (عليه السلام) لخالد خيرا كثيرا ودعا له بالخير وقال: " لقد علمتك ناطقا سباقا
إلى كل خير، انصرف ننظر في ذات بيننا، فعندي من رسول الله عهد، ولئن بايعني
رجال من المسلمين لأطأنهم بسيفي، وقليل ما هم ".
قال أبو سفيان: اجعل ربقتها (3) يا علي في عنقي.
قال علي (عليه السلام): " امض يا أبا سفيان، وما غناؤك والأمر لما يلتئم! ".
قال خالد بن سعيد: فإنا على أثرك ونصب أمرك؛ إن قعدت قعدنا وإن
نهضت نهضنا.

1. الرغم - بالتثليث -: الكره.
2. الكامل في التاريخ 3: 209 باختصار.
3. الربقة والربقة: العروة في الحبل = يقال: " حل ربقته " أي فرج عنه كربته.
156

فقال أبو سفيان بن حرب:
بنو هاشم لا تطمعوا الناس فيكم * ولا سيما تيم بن مرة أو عدي
فما الأمر إلا فيكم وإليكم * وليس لها إلا أبو حسن علي
أبا حسن فاشدد بها كف حازم * فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي (1)
وإني امرؤ قومي قصي وراءها * منيع الحمى والناس من غالب قصي
[و] هذا البيت الرابع [ليس] من رواية الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن
محمد بن النعمان.
وقال أبو سفيان أيضا في ذلك:
بني هاشم ما بال ميراث أحمد * ينقل منكم في لقيط وخامل
أعبد مناف كيف يرضون ما أرى * وفيكم عتيق المرهفات الفواصل
فدى لكم أمي........... * وبالنصر منا قبل موت المحامل
متى كانت الأحباب يعدوننا بكم * متى قربت تيم بكم في المحافل
يحازي بها تيم عديا وأنتم * أحق وأولى بالأمور الأوايل
البيت الخامس [ليس] من رواية الشيخ المفيد أيضا.
قال جابر: فانصرفا وانصرفت معهما.
قال خالد بن سعيد يشكر لأبي سفيان فيما كان منه في ذلك:
صخر بن حرب حربت صالحة * فأنت أهل لها ولم تزل
يا لك من كلمة نطقت بها * لا يفضض الله فاك من رجل
ذهبت بالفضل من دعائك إذ * تدعو إلى الأمر بالوصي علي
إن كنت في الدين آخرا فلقد * أبصرت ما قد عمى على الأول
وإن كفك أعطيت بيعتها * أبرأها ربها من الشلل
بيعة حق ليست كبيعتهم * تلك مضت ضلة من الضلل

1. الإرشاد 1: 190؛ والفصول المختارة: 248.
157

الحديث العاشر والمائة
خبر الفضل بن عباس (رحمه الله):
بإسناده عن ابن فضال رفعه إلى سعيد بن المسيب، أنه لما عزم أبو بكر على
حرق منزل الزهراء (عليها السلام) خرج العباس والفضل بن العباس يشتدان، والفضل مصلت
بالسيف، والعباس يقول: يا لها من عظيمة ما أتى إلينا فلان وفلان! ونادى الفضل بن
العباس: يا آل عبد المطلب! فلقيهما المقداد بن عمرو، فقالا: ما وراءك؟ فقال: هذا
فلان وفلان وفلان - وذكر أقواما لم يسمهم سعيد بن المسيب - يريدون أن يحرقوا
على علي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) بيتهما، فقال المقداد: وقد وجائني فلان في عنقي ونال مني،
فقلت: إن تنل مني فإني أهون عليكما من فاطمة وعلي.
فقال الفضل: يا أبه، ألا أقتله - يعني ذلك الرجل - إن رأيته؟
فقال: يا بني، لقد أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قتله ليلة العقبة فلم يمنعه إلا ما رأيت من
الأمر، فدعه يكفيه عنه بعض الناس.
فجاء العباس والفضل ومعهما عتبة بن أبي لهب وعقيل بن أبي طالب،
وقد انصرف القوم بعلي بن أبي طالب يسوقونه إلى البيعة!
فقال الفضل في ذلك:
ما لقومي لا يسمعون ندائي * أصموا أم هم رهون رماس
أم هم مخلدون بالخفض والنق‍ * - ض لعهدي أم من الإجلاس
أم أطاعوا الأعداء فينا فأصبحوا * عن مواساة حليفي شماس
هل أحبوا لنا الوصي عليا * أم هم للوصي غير خواس
علم الله أني أدرك الوتر * وبالنفس أسرتي قد أواسي
غير أني أطعت من غير وهن * واستكان مقالة العباس
158

الحديث الحادي عشر والمائة
خبر بريدة بن الخصيب الأسلمي (رحمه الله):
بإسناده عن ابن فضال يرفعه إلى أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني، أنه لما بويع
أبو بكر جاء بريدة الأسلمي في نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا أبا بكر،
ألم يأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابك أن تسلموا على علي بإمرة المؤمنين (1) يوم
سهيل بن عمرو وأنا تاسع القوم؟ فما بالك تأمرت على أمير المؤمنين؟!
فقال عمر بن الخطاب: يا بريدة، إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما
تريد أن تكون من المصلحين! إذا رضي المهاجرون والأنصار فأنت وأمثالك لهم تبع.
فقال بريدة: يا بن الخطاب، كيف؟ وهؤلاء المهاجرون والأنصار يسمعون قولي
ويقولون مثل مقالي!
فقام عمار بن ياسر، وأبو أيوب، وأبو ذر، وسلمان، وخالد بن سعيد بن
العاص، والمقداد بن الأسود، وخزيمة بن ثابت في نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
فشهدوا بذلك.
فلما أبصر بهم أبو بكر قطع خطبته، وأقيمت الصلاة ونزل عن المنبر، فصلوا ثم
كثرت الكلمة، فنادى الأرقم بن أبي الأرقم: أيها الناس، أدخلوا بيوتكم، فإن هذا
العبد يريد أن يفتنكم عما أنتم عليه! يريد بذلك عمار بن ياسر.
فقال له عمار: ويلك، أمثلي يفتن الأمة؟! والله ما أنت بأقدم هجرة مني
ولا إسلاما، ولا تقدما في الخير، ولا أصابك في الله ما أصابني من البلاء! وكشف
عمار عن ظهره آثار عذاب المشركين، وما نالوا منه بمكة.
فاجتمع الناس يبكون حول عمار وقالوا للأرقم: والله ما أنت بخير من عمار،

1. روى الحديث عن بريدة في المسترشد: 585 - 586 / 256.
159

فدع عمارا وما كلف.
فقال عمار: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبض وفي أصحابه منافقون، لو أشاء أخبركم
لأخبرتكم، وما هذا منهم ببعيد - يريد بذلك الأرقم - واستب هو وعمار، وخرج
الناس بينهما، فنادى عمار: أيها الناس، اشهدوا أني مع علي، والحق مع علي حيثما
زال زلت معه إلى يوم القيامة، وأن عليا صاحبي بعد ابن عمه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فليبلغ
شاهدكم غائبكم، ومضى (1).
قال بريدة الأسلمي في أبي بكر وأصحابه:
ما بال عينك لا تنام * ودمع عينك ساجم (2)
يا بيعة هدموا بها * أسا وجث (3) دعائم
أتكون بيعتهم هدى * وتغيب عنها هاشم
ويكون رائد أهلها * مولى حذيفة سالم
فليصبحن وكلهم * أسف عليها نادم
أمر النبي معاشرا * هم أسوة ولهازم (4)
إن يدخلوا ويسلموا * تسليم من هو عالم
إن الوصي له الإمامة * بعده والقائم
والعهد لا مخلولق * منه ولا متقادم (5)

1. رواه في بحار الأنوار 37: 308 / 39 عن بريدة بن حصين الأسلمي مع تفاوت.
2. سجم الدمع: سال قليلا أو كثيرا وانصب.
3. جث - واجتث: قلعه من أصله.
4. لهازم: عظم لائي في اللحي تحت الأذن.
5. حكى الأشعار عن بريدة الأسلمي في الصراط المستقيم 3: 110.
160

الحديث الثاني عشر والمائة
خبر عدي بن حاتم (رضي الله عنه):
وبإسناده عن ابن فضال يرفعه إلى عدي بن حاتم أنه قال: ما رحمت من خلق
الله أحدا كرحمتي على علي بن أبي طالب (عليه السلام)؛ رأيته حين أتي به إلى بيعة أبي بكر،
فلما نظر إلى القبر قال: (ابن أم إن القوم استضعفونى وكادوا يقتلوننى) (1).
فقالوا: بايع. قال: " فإن لم أفعل؟ " قالوا: نقتلك! (2)
فقال: " تقتلون إذا عبد الله وأخا رسول الله!؟ " فمسح القوم على يده وأصابعه
مضمومة ولم يستطيعوا بسطها، وكان علي يشبه بالأسد، كان ذراعه مستغلظا مثل
عضده لم يكن بينهما فرق، وكان إذا قبض قبضته لم يقدر أحد على بسطها، وكانت
له دسيعة كدسيعة السبع، عظيم مساس المنكبين، إذا مشى كأنه السبع يهمهم، ولقد
نادى يوم الجمل نداء فصعق منه الناس.
ولقد سمعته بصفين يخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس، امضوا على بصيرتكم، وقاتلوا على نوركم، واعلموا أنكم لن تقاتلوا
تحت راية أهدى من هذه الراية، ولا قوما أضل من أهل الشام، ألا تحبون أن تلقوا الله
ورسوله غدا وهما عنكم راضيان؟! تقاتلون مع ابن عم رسول الله ووصيه وخليفته
على أمته.
والله لقد رأيتنا نسلم عليه باسم الخلافة في حياة رسول الله، فماذا في قتال
معاوية وأصحابه!؟ وإنما هم أشباه البهائم، ثم أتى بهم معاوية ليوردهم النار
ويشعرهم العار، وإن فاطمة (عليها السلام) تنادي عمر: يا بن السوداء! والله لولا أن يصيب البلاء من
لا ذنب له لدعوت الله أن يطبق عليكم أحشا مكة والمدينة، ولوجدت الله سريع الإجابة.

1. الأعراف (7): 150.
2. كتاب سليم بن قيس 2: 593 مع تفاوت.
161

فقال الناس: فلا جزيتم عنا خيرا يا أصحاب محمد، إنكم شهدتم وغبنا، فهلا
أعلمتمونا؟
قال تميم بن بجدل: وبدر الناس إلى عدي بن حاتم، فخشي أن يتفرق الناس
عن علي (عليه السلام)، فأمسك.
قلت لداود بن يزيد: كيف خشي؟
قال: لأن عليا (عليه السلام) كان يقاتل معاوية بشنعة... أبي بكر وعمر إلا أقلهم، فخشي
عدي أن يتفرق الناس عن علي، فيرون أن أصحاب عدي بن حاتم - الشاهدين مقالته
يومئذ - كانوا أصحاب البصائر، وهم شرطة الخميس.
فقيل له: هل قلت يوم بيعة أبي بكر شعرا؟ قال: نعم، وأنشد شعرا:
أبا حسن صبرا وفي الصبر عصمة * وفيه نجاة المرء في السر والجهر
ألم تر أن الصبر أحجى بذي الحجى * وأن ابتدار الأمر شين على الأمر
وقد لقي الأخيار قبلك ما لقوا * وأودوا عباد الله في سالف الدهر
وقال قيس بن سعد بن عبادة:
أيا صارفا عن مطلب الحق رأيه * بأي سبيل ما سوى الحق تطلب
ألا كيف بالأمر الذي أنت تبتغي * وأنت ضليل والطريقة أنكب
فإن كنت بالقربى تناولت فصلها * فإن ذوي القربى أحق وأقرب
وإن كنت بالشورى حججت خصيمهم * فكيف أسدت والمشيرون غيب؟
وإن كنت بالتقوى وبالفضل نلتها * فإن عليا منك أزكى وأطيب
ولا يستوي من أصبح الرجس فيهم * ومن عنهم الرحمن للرجس يذهب
وله أيضا في مرثية أبيه:
لقد علمت أبناء قيلة أنني * غداة الفجاة سرها ولباسها
162

وإني متى أظلم أمد لظالمي * سماوات حلم مستهلا سحابها
وقالوا دهى سعدا من الجن عارض * غدا هالكا منه وذا لكذابها
أتغتصب الجن النفوس فمن رأى * بعينيه ميت قد عراه اغتصابها (1)
ولكن عسى أن يعتري النفس حائل * وإن كان عنها ليس يعني سحابها
سأصبر نفسي ما استطعت فإن أبت * وجلت رزاياها وحل مصابها
فلي بعلي أسوة وبفاطم * غداة محي بعد الكتاب كتابها
ولأروى بنت الجرير بن عبد المطلب يوم السقيفة حين بويع أبو بكر:
أفاطم قومي واندبي خير هالك * وأكرم ثاو في التراب مغيب
وقولي صلاة الله يا أبتي اعتدت * عليك وراحت من نبي مقرب
جزاك عن الإسلام ربك صالحا * وعني جزاك الله بالخير من أب
ولم تدر ماذا بعد فقدك أحدثت * عدي وتيم عندنا من مكذب
يقولون لم يورث أبوك فنهنهي * رويدك عنا واقصري يا ابنة النبي
وقيد علي نجوهم وهو كاره * كمثل بعير في الأباعر أجرب
وظلوا عليه ماسحين أكفهم * ولم يظفروا عنه الغداة بمطلب
لخالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:
نقمت علي بنو أمية أنني * أنعى النجاة ولنجاة أزيد
أهوى عليا والحسين وصنوه * عهدي بذلك مبدئ ومعيد
لو أنني يوم الحسين شهدته * لنصرته ربي بذاك شهيد
يا ليت لم يك لي معاوية أبا * في العالمين ولا الشقي يزيد

1. الصراط المستقيم 3: 109 وقد ذكر بيتين فقط.
163

والله يخرج من خبيث طيبا * جاء القران بذاك وهو وليد
يا هاشم المبعوث فينا أحمد * إن المطيف ببعضكم لسعيد
في كل يوم خمسة مفروضة * يعلو الأذان بذكركم ويشيد
ولكم مساكنه وأهل جواره * ومرافقوه وحوضه المورود
وإذا تشاء سقيتم من شئتم * وعدوكم عنه الغداة مرود
قال أبو بردة بن أبي موسى الأشعري:
أنا ابن مشتت الإسلا * م لما صير الحكما
أزل عن الورى علما * وأنصب للورى صنما
ولم يخدع كما زعموا * ولكن كان متهما (1)
لمحمد بن أبي بكر:
أنت لا شك أبي أنت أبي (2) * خاب من أنت أبوه وافتضح
إنما أخرجني منك الذي * أخرج الدر من الماء الملح
يا بني الزهراء أنتم عدتي * وبكم في الحشر ميزاني رجح
وإن أنصحت موالاتي لكم * لا أبالي أي كلب قد نبح
قيل: لما سمع النابغة الجعدي اجتماع الناس في السقيفة - وكان قد كف بصره - فلقي
قيس بن صرمة وعمران بن حصين فقال لهما: ما وراءكما؟ فقال قيس بن صرمة:
أصبحت الأمة في أمر عجب * والأمر فيهم قد غدا لمن غلب
فقلت قولا صادقا غير كذب * إن غدا يهلك أعلام العرب

1. حكاه عن أبي بردة في الصراط المستقيم 3: 177.
2. في حاشية النسخة: " يا أبانا قد وجدنا ما صلح... خ ".
164

ثم أخبراه، فقال لهما: فما فعل علي بن أبي طالب؟ قالا: إنه مشغول بجهاز
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: احملا لي هذه الرسالة وعرفاه عذري في التأخير عنه. ثم قال:
قولا لأصلع هاشم إن أنتما * لاقيتماه فقد حللت أرومها
وإذا قريش بالفخار تساجلت * كنت الجدير بها وكنت زعيمها
وعليك سلمت الغداة بإمرة * للمؤمنين فما رعت تسليمها
يا خير جملته بعد محمد أنثى * وأكرم هاشم وعظيمها
نكثت بنو تيم ابن مرة عهده * فتبوأت نيرانها وجحيمها
وتخاصمت يوم السقيفة والذي * فيه الخصام غدا يكون خصيمها (1)
روي أن الكميت بن زيد قال: أنشدت لحضرة الباقر (عليه السلام):
إن المصرين على ذنبيهما * والمخفيا الفتنة في قلبيهما
والخالعا العقدة من عنقيهما * والحاملا الوزر على ظهريهما
كالجبت والطاغوت في مثليهما * فلعنة الله على روحيهما
قال: فضحك الباقر عليه السلام وعلى آبائه الطاهرين. (2)
قال مالك بن الحارث الأشتر يوم الجمل لعائشة:
يا ربة الهودج يا أمنا * قتلت أولادك ما ذنبنا
هبك جعلناك إماما لنا * فمن إذا حضت يصلي بنا
وقال عبد الله بن العباس لعائشة يوم خرجت بالعسكر على البغلة لقتال نعش
الحسن بن علي (عليهما السلام) حين وجه إلى الروضة:

1. تقريب المعارف: 135 - 136.
2. الصراط المستقيم 3: 29.
165

تجملت تبغلت وإن عشت تفيلت * لك التسع من الثمن وبالكل تملكت (1)
وهذه أبيات تخللت، ورجعنا إلى الأخبار والحكايات.
الحديث الثالث عشر والمائة
عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس قال: بعثني علي (عليه السلام) بعد إظهاره على
البصرة على عائشة، عليها ما يستحقها يأمرها بالرحيل إلى بلادها، فأتيتها ودخلت
عليها، فلم تضع لي شيئا أجلس عليه، فتناولت وسادة كانت في رحلها فقعدت
عليها، فقالت: يا بن عباس أخطأت السنة؛ قعدت على وسادتنا في بيتنا بغير إذننا!
فقلت: ما هذا بيتك الذي أمرك الله تعالى أن تقري فيه، ولو كنت فيه ما قعدت
على وسادتك إلا بإذنك، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بعثني إليك يأمرك بالرحيل إلى بلادك.
فقالت: وأين أمير المؤمنين؟ ذاك عمر بن الخطاب، ذاك عثمان بن عفان!
قال: قلت: ذاك علي بن أبي طالب. قالت: أبيت! أبيت!
فقلت: والله ما كان إباؤك إلا كحلب شاة حتى لا تأمرين ولا تنهين، ولا تأخذين
ولا تعطين، وما مثلك إلا كقول بني أسد:
ما زال إيماء الصغائر بيننا * نث الحديث وكثرة الألقاب
حتى نزلت كأن صوتك بينهم * في كل نائبة طنين ذباب
قال: فبكت حتى كأني أسمع نحيبها من وراء الحجاب، ثم قالت: إني معجلة
الرحيل إلى بلادي، والله ما من بلد أبغض إلي من بلد أنتم فيه.
قال: قلت: ولم ذاك؟ فوالله لقد جعلناك للمؤمنين أما وجعلنا أباك صديقا!
فقالت: ثكلتني أمي يا بن عباس! أتمن علي برسول الله [(صلى الله عليه وآله وسلم)]؟!
فقلت: ما لي لا أمن عليك بمن لو كان منك لمننت به علي!

1. حكاه في الصوارم المهرقة: 159 عن ابن عباس؛ والاحتجاج: 378 عن محمد بن أبي بكر.
166

قال: فأتيت عليا فأخبرته بقولي وقولها، فقبل بين عيني، ثم قال: (ذرية بعضها
منم بعض والله سميع عليم) (1).
الحديث الرابع عشر والمائة
فيه قصة بئر [ذات] العلم:
عن يحيى بن عبد الله الحارث، عن [أبيه، عن] ابن عباس قال:
لما توجه رسول الله يوم الحديبية إلى مكة، أصاب الناس عطش شديد وحر
شديد، فنزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الجحفة معطشا والناس عطاشى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" [هل] من رجل يمضي في نفر من المسلمين معهم القربة، فيردون بئر ذات العلم
ثم يعود؛ يضمن له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الجنة؟ ".
فقام رجل من القوم فقال: أنا يا رسول الله، فوجهه رسول الله ووجه معه السقاة.
قال: فأخبرني سلمة بن الأكوع قال: كنت في السقاة، قال: فمضينا حتى إذا دنونا
من الشجر والبئر سمعنا من الشجر حسا وحركة شديدة، ورأينا نيرانا تتقد بغير
حطب، فأرعب الرجل الذي كنا معه رعبا شديدا فلم يقدر أن يجاوز موضعه، ولم
يملك أحد منا نفسه، فرجعنا ولم يقدر أن يتجاوز الشجر.
فقال له رسول الله: " ما لك رجعت؟ ".
قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إني لماض إلى الوغل والشجر إذ سمعنا
حركة شديدة، ورأينا نيرانا تتقد بغير حطب فأرعبنا رعبا شديدا فلم نقدر أن نتجاوز
موضعنا، فرجعنا إليك يا رسول الله.
فقال رسول الله: " تلك عصابة من الجن هولت عليك، أما إنك لو مضيت
لوجهك وحيث أمرتك ما نالك منهم سوء ولرأيت فيهم عبرة وعجبا ".

1. آل عمران (3): 34. وروى الحديث ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 6: 229.
167

قال: ثم دعا رسول الله رجلا من أصحابه فوجهه نحو البئر، وقد سمع كلام
رسول الله للرجل الأول حيث قال: أما إنك لو مضيت لوجهك وحيث أمرتك
ما نالك منهم مكروه.
قال سلمة: ومضى الرجل نحو الماء وجعل يرتجز ويقول:
أمن عزيف الجن في دوح السلم * ينكل من وجهه خير الأمم
من قبل أن يبلغ آبار العلم * فيستقي والليل مبسوط الظلم
ويأمن الذم وتوبيخ الكلم
ثم مضى حتى إذا كان في ذلك الموضع سمع وسمعنا من الشجر ذلك الحس
وتلك الحركة، فذعرنا ذعرا شديدا حتى لم يستطع أحدنا أن يكلم صاحبه، فرجعنا
معه لم نملك أنفسنا.
فقال رسول الله للرجل: " ما هالك؟ ".
فقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لقد ذعرت ذعرا شديدا ما ذعرت مثله
قط، وقلنا ذلك معه.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " تلك عصابة من الجن هولوا عليكم، لو سرت حيث
أمرتك لما رأيت إلا خيرا، ولرأيت فيه عبرة ولم تر سوءا ".
قال: واشتد العطش بالمسلمين، وكره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يهجم في الشجر
والوغل ليلا، فدعا عليا (عليه السلام)، فأقبل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: " سر مع هؤلاء السقاة حتى
ترد بئر ذات العلم فتستقي وتعود إن شاء الله تعالى ".
قال سلمة: فخرج علي أمامنا ونحن في أثره والقراب في أعناقنا وسيوفنا
بأيدينا، وإنا لنسرع خلفه وما نلحقه، وهو يقول:
أعوذ بالرحمن أن أميلا * من عزف جن أظهرت تهويلا
وأوقدت نيرانها تغويلا * وقرعت مع عزفها طبولا
قال: فسار ونحن معه، فسمع تلك الحركة وذلك الحس، فدخلنا من الرعب
168

مثل الذي كنا نعرف، وظننا أن عليا سيرجع كما رجع صاحباه. فالتفت [علي (عليه السلام)] إلينا
وقال: " اتبعوا أثري ولا يفزعنكم ما ترون [وتسمعون]؛ فليس بضائركم إن شاء
الله تعالى ". ومر لا يلتفت ولا يأوي على أحد حتى دخل بنا الشجر، فإذا بنيران
تضطرم بغير حطب، وبرؤوس قد قطعت لها ضجة، ولألسنتها جلجلة شديدة
وأصوات هائلة، فوالله لقد أحسست برأسي قد انصرفت قمرته ووقعت شعرته،
ورجف قلبي حتى لا أملك نفسي، وعلي يتخطى تلك الرؤوس ويقول: " اتبعوني
ولا خوف عليكم، ولا يلتفت أحد منكم يمينا وشمالا ". فجعلنا نتلو أثره حتى
جاوزنا الشجر ووردنا الماء، فاستقت السقاة؛ ومعنا دلو واحد، فأدلى البراء بن عازب
[الدلو] في البئر فاستقى دلوا أو دلوين، ثم انقطع الدلو فوقع في القليب، والقليب
ضيق مظلم بعيد القعر، فسمعنا في أسفل القليب قهقهة وضحكا شديدا [...].
فقال علي (عليه السلام): " من يرجع إلى عسكرنا فيأتينا بدلو ورشا؟ ".
فقال أصحابه: ومن يستطيع أن يتجاوز الشجر مع ما رأينا وسمعنا؟!
قال علي (عليه السلام): " إني نازل في القليب، فإذا نزلت فدلوا إلي قربكم ".
ثم ائتز بمئزر ونزل في القليب، وما تزداد القهقة إلا علوا، فوالذي نفس محمد
بيده، إنه لينزل وما فينا أحد إلا عضداه يهتزان رعبا، وجعل ينحدر في مراقي القليب
إذ زلت رجله فسقط في القليب، فسمعنا وجبة شديدة ازددنا [لها] رعبا، ونسمع
اضطرابا شديدا وغطيطا كغطيط (1) المخنوق. ثم نادى علي: " الله أكبر، الله أكبر، أنا
عبد الله وأخو رسوله، هلموا قربكم "، فدليناها إليه فأفعمها (2) وعصبها في القليب ثم
أصعدها على عنقه شيئا فشيئا عن آخرها، ثم حمل قربتين وحملنا نحن قربة، ومر
بين أيدينا ولا يكلمنا ولا نكلمه ولا يذكر لنا شيئا إلا أنا نسمع همهمة، حتى إذا صرنا
بموضع الشجر فلم نر مما رأينا شيئا ولا سمعنا مما كنا نسمع، حتى إذا كدنا أن نجاوز

1. الغطيط: النخير.
2. أفعم الإناء: ملأه.
169

الشجر سمعنا صوتا منقطعا أبح وهو يقول شعرا:
أي فتى ليل أخي روعات * وأي سباق إلى الغايات
لله در الغرر السادات * من هاشم الهامات والقامات
مثل رسول الله ذي الآيات * وعمه المقتول ذي السبقات
المرء ذي الحنات والروضات * أو كعلي كاشف الكربات
كذا يكون المرء في الحاجات * والضرب للأبطال والهامات
قال سلمة: وعلي (عليه السلام) أمامنا يرتجز ويقول:
الليل هول يرهب المهيبا * ويذهل المشجع اللبيبا
ولست فيه أرهب الترهيبا * فإنني أهول منه ذيبا
ولست أخشى الروع والخطوبا * ولا أبالي الغول والكروبا
إذا هززت الصارم القضيبا * أبصرت منه عجبا عجيبا
قال سلمة: وانتهى علي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وله زجل (1)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " ماذا
رأيت في طريقك يا علي؟ " فأخبره بما رأى، فقال: " إن الذي رأيته مثل ضربه
الله تعالى لي ولمن حضر معي في وجهي هذا ".
قال علي: " بأبي أنت وأمي فاشرحه لنا يا رسول الله؟ ".
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " أما الرؤوس التي رأيتم ملجلجة بألسنتها لها أصوات هائلة وضجة
مفزعة، فذلك مثل الناس يشهدون معي ويرون آياتي ويسمعون كتاب ربي
ولا يؤمن قلوبهم، والهاتف الذي هتف بك فذاك قاتل الجن، وهو سلمقة بن عراف
الذي قتل عدو الله " مسعرا " شيطان الأصنام، الذي يكلم قريشا منها ويشرع في
هجائي، لعنه الله " (2).

1. زجل، زجلا: لعب وأجلب ورفع صوته.
2. روى نحوه ابن شهرآشوب في المناقب 2: 103 - 104. عنه في بحار الأنوار 41: 70 - 72 / 2.
170

الحديث الخامس عشر والمائة
بإسناد الشيخ المفيد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين النيسابوري إلى
سهل بن عبد الله الديباجي قال: خرجت أسأل عمن بالبصرة من أهل الأدب والعلم،
فعرفت أن بها علويا يعرف بمحمد بن علي الأفوه، ينزل في بني خمار، يجمع العلم
والشرف والأدب، فقصدته فوجدته كما وصف لي، فاستنشدته، فأنشد لنفسه شعرا:
كفى حزنا أني جمعت مشتتا * وأحببت على مجموعنا فتصدعا
معروف الليالي بعد ما كان قوسنا * إذا صدقتنا لم يجد فيه منزعا
أفي كل يوم أم بكل تنوفة * أخو غربة منها يحاول مرجعا
كأنا خلقنا للنوى وكأنما * حرام على الأيام أن نتجمعا
قلت: يا سيدي، أريد أن تحدثني عن آل محمد (عليهم السلام).
فحدثني عن زيد بن علي بأحاديث.
فقلت: يا سيدي، أريد أن تحدثني عن الباقر والصادق (عليهما السلام).
فقطب في وجهي وأطرق إلى الأرض مليا وقال: المستعان، فانحرفت منه حياء
وخجلا، واجتاز به شاب أحسن ما يكون من الشباب، طويل القامة، عبل الذراعين،
عريض ما بين المنكبين، فقال: يا محمد بن علي، حدث الرجل بما سمعته عن
دعبل بن علي الخزاعي.
فقال: أخبرك أني كنت بالري عند رجوع دعبل من الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني
دعبل، قال: بينما أنا في بعض الليالي أصوغ قصيدة [وقد ذهب من الليل شطره] إذ
طرق الباب طارق، فقلت: من بالباب؟ فقال: أخ لك، فبدرت إلى الباب وفتحته،
فرأيت رجلا اقشعر منه جلدي وذهلت منه نفسي، فجلس في كسر البيت، ثم قال:
لا ترع؛ أنا أخوك من الجن، ولدت في الليلة التي ولدت فيها، ونشأت معك، وإنما
جئت لأقوي بصيرتك وأزيدك في عزيمتك. فرجعت نفسي وثاب عقلي.
171

فقال: [يا دعبل] أخبرك أنني [كنت] من أشد الناس بغضا وعداوة لعلي بن
أبي طالب (عليه السلام)، فلما كان في بعض الأيام خرجت في نفر من الجن المردة نريد زوار
قبر الحسين (عليه السلام)، فلما هممنا بهم فإذا ملائكة [من] السماء تزجرنا عنهم، وملائكة
في الأرض تزجر عنهم هوامها، فعلمت أن ذلك لفضل من تقربوا إلى الله عزوجل بزيارته،
فأحدثت توبة وجددت النية وزرت مع القوم، وحججت بحجهم [تلك السنة]،
وزاروا [قبر] النبي [(صلى الله عليه وآله وسلم)] فزرت معهم، وإذا أنا بحلقة عظيمة، فسألت: من صاحبها؟
فقالوا: هذا جعفر بن محمد الصادق، فدنوت منه وقلت: السلام عليك يا بن رسول الله
ورحمة الله وبركاته. قال: " وعليك السلام يا أخا الجن، أتذكر ليلتك في بطن كربلاء
وما رأيت من كرامة الله [تعالى] لأوليائنا؟ إن الله عزوجل قد غفر خطيئتك وقبل توبتك ".
قلت: الحمد لله، يا بن رسول الله من علمك هذا؟
قال: " أعلمني رسول الله في منامي، فهو كما ذكرت لك؟ " قال: قلت: هو والله
كما ذكرت! يا بن رسول الله، حدثني بحديث أنصرف به إلى أهلي وقومي.
فقال: " حدثني أبي الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه حسين بن علي، عن أبيه
أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبا الحسن، الجنة محرمة [على
الأنبياء] حتى أدخلها أنا، ومحرمة على الأوصياء حتى تدخلها أنت، ومحرمة على
الأمم حتى تدخلها أمتي، ومحرمة على أمتي حتى يقروا لله عزوجل بولايتك، ويتبرؤوا
إلى الله عزوجل من أعدائك ".
قال: قلت: الحمد لله، زدني يا بن رسول الله.
قال: " قال رسول الله لعلي: يا أبا الحسن، والذي نفسي بيده، لا يدخل الجنة
[أحد] إلا [من] أخذ منك بنسب أو سبب ". خذها يا دعبل، فلن تسمع بمثلها من
مثلي. فالتفت فلم أره (1).

1. حكى نحوه في بحار الأنوار 45: 402 - 403 / 12 عن دعبل بن علي الخزاعي؛ وانظر الأغاني 18: 39؛
والنبذة المختارة: 94؛ ومعاهد التنصيص 2: 199.
172

الحديث السادس عشر والمائة
عن القاسم بن عوف الشيباني قال: حدثنا غير واحد من أهل مكة قالوا: لما قتل
الحسين (عليه السلام)، [كانوا] يسمعون بمستغاث في مكة في أنصاف الليالي هاتفا لا يشبه
صوته أصوات الإنس، يقول بصوت عالي:
تصدعت الجبال على حسين * وأنتم في المجالس تضحكونا
ودانوا يتحدثون ويسمرون بالليل فإذا أذعرهم الهاتف بصوته تفرقوا.
قال القاسم بن عوف: فقدم علي بن الحسين مكة معتمرا وأنا معه، فسمع
الهاتف ليلة يقول هذا القول، فبكى واشتد بكاؤه حتى كاد كبده أن يتصدع، وأغمي
عليه، فلما أفاق من غشيته أسبغ وضوءا ثم ما زال في مسجده أو المسجد الحرام
حتى طلع الفجر، فصلى المكتوبة ثم جعل يدعو ويذكر ابن زياد في دعائه عليه،
وكنت قريبا منه فسمعته يقول:
" اللهم قد أمليت لعدوك حتى لقد فتنته نظرتك وأبطرته نعمتك، اللهم
فت عضده، وقلل عدده، وهد أركانه، واخذل أعوانه، وزلزل قدمه، وارعب قلبه،
وشتت جمعه، وأكبه لمنخره، ورد كيده في نحره، واستدرجه من حيث لا يعلم،
وأته من حيث لا يحتسب، وعجل هلكته، وغمه بالبلاء غما، وقمه به قما، وبيته
بليلة لا أخت لها ".
قال القاسم: فلا والله ما كان إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى مكة حتى قدم
عليه برأس ابن زياد، أنفذه إليه المختار، فذهبنا ننظر فإذا وقت قتل عدو الله ابن زياد
لعنه الله.
الحديث السابع عشر والمائة
خبر أم حبيب بنت أبي سفيان مع أخيها معاوية لما عزم على قتال علي (عليه السلام):
روي عن أم حبيب بنت أبي سفيان زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها قالت لأخيها معاوية
173

لما أراد قتال علي (عليه السلام): إن في الأحقاد خذلان البصائر، وتورط الشبهات إلى أن....
مراجعه وكل مأثر، فلا يحلفن عليك شر عار الجون [كذا] واعتذار الأماني، وتمويه
المعتدين، وآمال الطامعين بمناصبة من لو أحكمت فيه الاستبصار ما سماك بغير
الاعتداء، لأنها ديانة لا تسترخص فيها الموبقات، وإيمانها الأنفس في قرار اللهب
يوم المعاد، فتوق جزالة الشبهات، فإنك تعرف سبق هجرته، ومواطن نصرته،
وثواقب حسبه، وتقديم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إياه، وما عرفت للسابقات فضيلة إلا وعلي
أحوى بتمامها، فتلاف هفوات التشريد بتسليم طاعتك له، تجد أضلاع القرابة عليك
محبوة متجافية عما فرط منك بفضل حلمه وتقدم علمه، ولا تجعل محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)
خصمك في أمانة الدين وتشتت المتقين، فإنها شفقة الرحم، فاقبل ذلك بسعة
حلمك وإصابة رأيك تجد لوردك صدرا.
فقال: إنها لن تكفيني آراء النساء ولا روية التقصير عن نصرة الدين والطلب بدم
الخليفة المظلوم دون أن أقوم فيه مقاما لا يرم فيه الجدة، ولو كان من ذكرت محجونا
عن التهم بصدق النية، ما تأخر عن إمامة وابتلاه...... النفاق، وله تقدم الهجرة وسبق
القرابة، لكن أظهر حقدا فاسدا من كتب، وقد كان أمنع جارا لو مد يدا وبسط لسانا،
ولكنه انتهز ما كان يرصده.
فقالت له: إن الله تعالى حجب عنك السرائر، وحكم عليك في علي أنه البر
الوصي الوفي التقي النقي، لا ينكر ذلك إلا جاحد أو كافر. فهجرها معاوية، فقالت:
إن كان غيك في علي مانعي * منك المبرة فاجتهد بسلام
لي في الوصي وفي الحسين بعده * والمرتضى حسن بني الإسلام
عند الرسول بهم هنالك حظوة * فاقصر عن اللغو في الأقتام
174

الحديث الثامن عشر والمائة
خبر رجل من ولد محمد بن الحنفية مع المتوكل:
روي عن البختري أنه قال: كنت بمنبج بحضرة المتوكل، وقد دخل عليه رجل
من أولاد محمد بن الحنفية قد قرف عنده بشيء، فوقف بين يديه والمتوكل مقبل
على الفتح بن خاقان يحدثه.
فلما طال وقوف [الفتى] قال: يا أمير المؤمنين، إن كنت أحضرتني لتأديبي
فلقد أسأت الأدب، وإن كنت أحضرتني لتعرف من بحضرتك من أوباش الناس
استهانتك بأهل هذا البيت، فقد عرفوا!! وجلس.
فقال المتوكل: والله يا حنفي، لولا ما يثنيني عليك من تواصل الرحم ويعطفني
[عليك] من مواقع الحلم لانتزعت لسانك بيدي، ولفرقت بين رأسك وجسدك،
ولو كان بمكانك محمد أبوك!
ثم أقبل على الفتح بن خاقان [وقال:] أما ترى ما نلقاه من آل أبي طالب؟! إما
حسني يجذب إلى نفسه تاج عز نقله الله إلينا، أو حسيني يسعى [في نقض ما أنزل]
الله إلينا قبله، أو حنفي يدل بجهله علينا، فيحملنا على سفك دمه!
فقام الحنفي وقال: وأي حلم؟ تركت لك الخمور وإدمانها؟ أم العيدان وفتيانها؟
ومتى أعطفتك الرحم على أهلي وقد ابتززتهم فدكا إرثهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فاقتطعتها أبا حرملة النباد؟! وأما انتزاعك لساني، فوالله ما هو أول دم سفكته،
ولا حرمة انتهكته أنت وسلفك، يقول الله عزوجل: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في
القربى) (1)، ولئن فعلت ليكونن كما قال تعالى: (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم
وتخرجون فريقا منكم من ديرهم تظهرون عليهم بالإثم والعدو ن) (2)، وأما ذكرك

1. الشورى (42): 23.
2. البقرة (2): 85.
175

محمدا [أبي] فقد طفقت تضع من عز رفعه الله ورسوله، وتطاول شرفا [تقصر] عنه
ولا تطوله!! وأنت كما قال الشاعر:
فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا
ثم ها أنت تشكو إلى علجك هذا ما تلقاه من الحسني والحسيني والحنفي،
فلبئس المولى ولبئس العشير!
ثم مد رجليه [ثم قال:] هاتان قدماي لقيدك، وهذه عنقي لسيفك، إني أريد أن
تبوء بإثمي وإثمك وتحمل وزري، فوالله ما أحسب الشيء دعوته لقد عطلت بالمودة
على غير قرابته، فعلى رسلك و [...] راحلة سفرك نعما قلبك، سترد عليك [...]
أبي، وتحمى عن أسفائك جدي، ويذكرك ما خلفته في أهل بيته من تقطيع أرحامهم
وتسفيه أخلاقهم وتشريدهم من بلادهم وديارهم، قال الله تعالى: (فهل عسيتم إن
توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى
أبصرهم) (1).
قال: فبكى المتوكل، ثم نهض إلى بعض حجر جواريه، فلما كان من الغد خلع
عليه وأجازه.
فهذه إحدى أعجوبات المتوكل (2).
الحديث التاسع عشر والمائة
حديث البساط
عن سليمان بن مهران الأعمش، عن سلمان الفارسي قال:
كنت أميرا على أربعة أمراء أمرني عليهم رسول الله قال: بينا نحن قعود عند
رسول الله، إذ أهدي له بساط، فأمر ببسطه، ثم دعا بأبي بكر فأجلسه على ركن

1. محمد (47): 22 و 23.
2. أخرج نحوه المجلسي في بحار الأنوار 50: 213 / 25. عن كتاب الاستدراك، عن ابن قولويه بتفاوت يسير.
176

البساط عن يمين رسول الله، ثم دعا بعمر فأجلسه على الركن الثاني عن يسار
أبي بكر، ثم دعا عثمان بن عفان فأجلسه على الركن الثالث عن يسار عمر، ثم
أجلسني على الركن الرابع، ثم دعا بعلي (عليه السلام) فأجلسه في وسط البساط، ثم رفع رأسه
إلى السماء يدعو فقال:
" اللهم إن أخي سليمان دعاك وسألك أن تعطيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده،
فاستجبت دعوته وأعطيته مسألته، اللهم إني عبدك ورسولك وأمينك وخيرتك من
خلقك، اللهم فإني أسألك أن تأمر الريح يحمل هؤلاء إلى أصحاب الكهف ".
قال سلمان: فرفعت بنا الريح إلى أصحاب الكهف في أسرع الأوقات، فقلت
لأصحابي: أتدرون أين أنتم؟ قالوا: لا، فقلت: فإنا عند أصحاب الكهف، يا أبا بكر،
قم فسلم. فقام أبو بكر فقال: السلام عليكم " فتية آمنوا بربهم "، فلم أسمع لهم جوابا.
فقلت لعمر: قم فسلم كسلام صاحبك، فقام عمر [وقال:] السلام عليكم " فتية آمنوا
بربهم "، فلم أسمع لهم جوابا. فقلت لعثمان: قم فسلم، فقام عثمان فقال: السلام
عليكم " فتية آمنوا بربهم "، فلم أسمع لهم جوابا. ثم قلت لعلي: يا أبا الحسن، قم
فسلم سلام أصحابك بهذا أمرت، فقام علي (عليه السلام) فقال: " السلام عليكم، فتية آمنوا
بربهم وزدناهم هدى، فسمعت لهم حسا وهمهمة ودويا كدوي النحل، ثم أجابوا
فقالوا: وعليك السلام يا بن عم رسول الله ووصيه وخليفته من بعده. ثم رجعنا إلى
رسول الله في أسرع الأوقات.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما كان من أموركم يا سلمان؟ " فأخبرت رسول الله الخبر،
فقال: " حجة ورب الكعبة لمن قبل. يا سلمان، حدث بهذا الحديث ولا تكتمه " (1).

1. روى نحوه الديلمي في إرشاد القلوب 2: 100؛ عنه في بحار الأنوار 39: 144 / 5، ورواه ابن طاووس في
سعد السعود: 212 و 213 بطريقين؛ وأخرج المجلسي الحديث عن مصادره فراجع بحار الأنوار 39:
137 - 150 باب أن الله أقدره على سير الآفاق...
177

الحديث العشرون والمائة
عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قال:
سمعنا عمر بن الخطاب يقول:
لما قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير - حين نصب عليا -: " من كنت مولاه فهذا علي
مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله " قال
عمر: وكان إلى جانبي شاب حسن الوجه، طيب الرائحة، فقال: يا عمر، لقد عقد
رسول الله عقدا في هذا اليوم لا يحله إلا منافق، فاحذر أن تكون أنت أول من تحله!
فقلت: يا رسول الله، حين قلت في علي مقالك كان إلى جانبي شاب حسن الوجه
طيب الرائحة فقال لي كذا وكذا.
قال: " نعم يا عمر، أما إنه ليس من ولد ولكن جبرئيل (عليه السلام)، أراد أن يؤكد عليكم
ما قلت في علي (عليه السلام) " (1).
الحديث الحادي والعشرون والمائة
في كتاب المؤتلف والمختلف (2) مسندا إلى إسحاق بن عبد الله بن الحارث قال:
دخل عبد الله بن الحارث مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فرأى عبد الله بن عمر بن
الخطاب جالسا في نفر من أصحابه، فمال إليه وسلم عليه وجلس عنده، فلم يحسن
عبد الله مساءلته ولم يهش له، فقال له: كأنك لم تثبتني يا أبا عبد الرحمن؟ فقال:
بلى، ألست " ببة "؟! قال: فما حملك على ذكر اللقب وترك الاسم؟! قد كنت أحسب
أن السنين أفادتك غير ما كنت تعرف به وتنسب إليه، فما أرى الحداثة والسن
متفاوتين! والله المستعان، ولئن كان شبه الأجداد والأخوال داعيا لأهل الوقع إلى

1. روى نحوه في تفسير العياشي 1: 329 / 143 بسند آخر ومع تفاوت يسير.
2. المؤتلف والمختلف للدارقطني 1: 268؛ باب ببة، وانظر تاريخ بغداد للخطيب 1: 225.
178

وقعهم، لقد ورثت جدك وخالك وفعلهما!
ثم أقبل على القوم فقال: إن [جد] هذا - الخطاب بن نفيل - كان ابتاع رجلا من
تجار اليمن خمرا على جلد من ذهب، فأتاه اليماني يقبضه، فعمد إلى جلد فكتب
فيه: " ذهب فيه " حتى ملأها، ثم دفعها إلى اليماني، وهو يظن أن ذلك يعني عنه،
فاستعدى اليماني إلى عمي الزبير بن عبد المطلب فأوجعه ضربا وأعرضه لليماني
ملأ الجلد ذهبا.
وأما خاله قدامة بن مظعون، فشرب الخمر على عهد عمر، وأراد عمر أن يحده،
فقال: أليس الله يقول: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما
اتقوا وآمنوا) (1)؟! وهو يظن أنه يدرأ عنه الحد بهذا، فضربه الحد، فلعمري يا بن
عمر، لقد ورثتهما بأشباه فعلهما!!
وكنت تجالس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صباحا ومساء، وأردت طلاق امرأتك فلم تحسن
أن تطلقها، فطلقتها طلاقا لم يره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فردها عليك!
ثم أتيت علي بن أبي طالب وهو في قرابته من رسول الله وسابقته، فبايعته غير
مكره، ثم جئت إليه فقلت: أقلني بيعتي [فأقالك]!؟
ثم جئت بعد ذلك إلى طارق مولى عفان تقرع عليه بابه وتقول له: بايعني، فإني
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " من بات ليلة بغير إمام وليس في عنقه بيعة، فمات من
ليلته مات ميتة جاهلية "، وما شك أن طارقا كان لغير رشده، ثم اضطرب الخيل
بالناس تزعم أنك لا تعرف حقا فتنصر أهله، ولا باطلا فتقاتل أهله، ولو أنك بعثت
غلاما لك أعجميا إلى قوم اختلفوا بينهم ليعلم منهم علمهم فرجع إليك وقال: ما
أعرف ما كانوا فيه، لأحسنت تأديبه! (2)

1. المائدة (5): 93.
2. رواه ابن طاووس في الطرائف: 209 - 210. وروى قطعة منه في بحار الأنوار 40: 249 / 23 عن مناقب
آل أبي طالب.
179

فقال عبد الله بن عمر: [حسبك] يا أبا محمد، فما أردت إلا خيرا، وما كان ذكر
لقبك إلا [جهة].
وكلم القوم عبد الله بن الحارث فسألوه الكف عنه، فقال: قد تركت أشياء هي
أشد عليه وأنكأ له، وسأتركها لكلامكم. فأما ذكر لقبه لي فوالله لا أتركه:
اعلموا أن الألقاب على وجهين، منها: ما يكون من الأمهات والضرات، ومنها
ما يكون من فعل القبيح يفعله الرجل فيلزمه ذلك لقبا وعارا، وإن لقبي بشيء لم
أكتسبه، كنت صبيا فكنت إذا أردت أن أقول: " أبه " قلت: " ببه "، فسمتني أمي " ببه "،
وكانت تبعثني فتقول:
لأنكحن ببه جارية خدبة بين الصفا والكعبة
وإن لقبه هو أجلبه لنفسه، وذلك أنه خرج يوما مع غلمانه يصطادون الضباب،
فرأوا ضبا (1) فسبقوا ليأخذوه، فسبقهم فدخل جحره، فقالوا: لو كان لنا ظربان (2) كان
يضع دبره على فم الجحر، ولا يزال يفسو إلى أن يخرج الضب إذا ضجر؟ فقال:
ها أنا ظربانكم! فوضع دبره على فم الجحر، وما زال يفسوا حتى ضجر الضب وخرج
فأخذوه، فلقبوه ظربانا.
ثم قال: ناشدتك الله يا بن عمر، كان كذلك؟! فقال ابن عمر: إن أعظم الأمر
توقيفك إياي على هذا وتناشدني، فقال لقومه:... فاجعلني من مناشدتي في حل (3)
يا أبا عبد الرحمن.
فشاع الحديث في البلد وبلغ عبد الله بن أبي سفيان بن الحرب، وكان يلقب أبا
الضباب، فأنشأ يقول:
لعمري لقد لاقى الذي كان أهله * أخا عدي فالجهالة قد تردي

1. الضب: يوان من الزحافات شبيه بالحرذون، ذنبه كثير العقد.
2. الظربان: حيوان من اللواحم في حجم القط، أغبر اللون، مائل إلى السواد، رائحته كريهة منتنة.
3. في حاشية النسخة: " في حل من مناشدتي [خ] ".
180

من أصيد من آل النبي معاودا * ليطم العدي كالليث في حسه الورد
عداه تبدي أمره ما يسوؤه * لدى الناس مما قد أسر وما يبدي
وقد كان عما قيل فيه بمعزل * حقيق سليس المقالة في الرد
فدونك فالبس حلة قد كسيتها * من العار لا تبلى عليك بلى البرد
أآل رسول الله يجحد حقهم * وكنت فطاما من قبيلة بردي
فنلتم به ما لم يمنوا عشيرة * وعدبوا وجوها بعد أقفيه بكد
الحديث الثاني والعشرون والمائة
روى أخطب خوارزم في كتاب فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) بإسناده إلى سعيد بن
جبير قال: بلغ ابن عباس (رضي الله عنه) أن قوما يقعون في علي (عليه السلام)، فقال لابنه علي [بن
عبد الله]: خذ بيدي فاذهب بي إليهم، فأخذ بيده حتى انتهى إليهم، فقال: أيكم
الساب لله؟ فقالوا: سبحان الله، من سب الله فقد أشرك! فقال: أيكم الساب لرسول
الله؟ فقالوا: من سب رسول الله فقد كفر! فقال: أيكم الساب لعلي؟ قالوا: قد كان ذاك!
قال: فاشهدوا لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " من سب عليا فقد سبني ومن سبني
فقد سب الله، ومن سب الله كبه الله على وجهه في النار ". ثم ولى عنهم فقال لابنه
علي: كيف رأيتهم؟ فأنشأ يقول:
نظروا إليك بأعين محمرة * نظر التيوس إلى شفار الجازر
قال: زدني فداك أبوك! قال:
خزر (1) الحواجب ناكسو أذقانهم * نظر الذليل إلى العزيز القاهر
فقال: زدني فداك أبوك! قال: ما أجد مزيدا، قال: لكني أجد:
أحياؤهم خزي على أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر (2).

1. الخزر - بضم الأول وسكون الوسط - جمع الأخزر: هو الذي أقبلت حدقتاه إلى أنفيه.
2. المناقب للخوارزمي: 136 - 137 / 154 عن مناقب ابن المغازلي: 394؛ كفاية الطالب: 82؛ ف
رياض النضرة 2: 166 فرائد السمطين 1: 302؛ مروج الذهب 3: 423؛ وأخرجه في بحار الأنوار 39: 311
عن أمالي الصدوق؛ مناقب الإمام علي (عليه السلام) لمحمد بن سليمان 2: 598.
181

الحديث الثالث والعشرون والمائة
بإسناده إلى علي بن محمد بن المنكدر، عن أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وكانت
ألطف نسائه وأشدهن حبا له - قال: وكان لها مولى يحضنها ورباها، وكان لا يصلي
صلاة إلا سب عليا وشتمه! فقالت له: يا أبة، ما حملك على سب علي؟
قال: لأنه قتل عثمان وشرك في دمه.
قالت: أما إنه لولا أنك مولاي وربيتني وأنك عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسر
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن اجلس حتى أحدثك عن علي (عليه السلام) وما رأيته:
قد أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان يومي، وإنما كان نصيبي في تسعة أيام يوم واحد،
فدخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو مخلل أصابعه في أصابع علي (عليه السلام) واضعا يده عليه، فقال:
" يا أم سلمة، أخرجي من البيت وأخليه لنا " فخرجت وأقبلا يتناجيان، فأسمع الكلام
ولا أدري ما يقولان، حتى إذا أنا قلت: قد انتصف النهار وأقبلت فقلت: السلام
عليكم، ألج؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا تلجي، وارجعي مكانك " ثم تناجيا طويلا حتى قام عمود
الظهر، فقلت: ذهب يومي وشغله علي، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب،
فقلت: السلام عليكم، ألج؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا تلجي وارجعي مكانك " فرجعت فجلست مكاني، حتى إذا
قلت: قد زالت الشمس، الآن يخرج إلى الصلاة فيذهب يومي، ولم أر قط أطول منه،
فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب فقلت: السلام عليكم، ألج؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " نعم، فلجي " فدخلت وعلي واضع يده على ركبتي
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قد أدنى فاه من أذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أذن علي
182

[وهما] يتساران، وعلي يقول: " أفأمضي وأفعل؟ " والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " نعم " فدخلت
وعلي معرض وجهه حتى دخلت، وخرج.
فأخذني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقعدني في حجره فالتزمني، فأصاب مني ما يصيب الرجل
من أهله من اللطف والاعتذار، ثم قال:
" يا أم سلمة، لا تلوميني، فإن جبرئيل أتاني من الله يأمر أن أوصي به عليا من
بعدي، وكنت بين جبرئيل وعلي، وجبرئيل عن يميني وعلي عن يساري، فأمرني
جبرئيل أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة، فاعذريني ولا تلوميني، إن
الله عزوجل اختار من كل أمة نبيا، واختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذه الأمة وعلي وصيي
في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي ".
فهذا ما شهدت من علي، الآن يا أبتا فسبه أو دعه!
فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار ويقول: اللهم اغفر لي ما جهلت من أمر علي (عليه السلام)
فإن وليي ولي علي وعدوي عدو علي. فتاب المولى توبة نصوحا، وأقبل فيما بقي
من دهره يدعو الله أن يغفر له (1).
الحديث الرابع والعشرون والمائة
وبإسناده عن ابن عباس والحسن والشعبي والسدي قالوا في حديث المباهلة:
إن وفد نجران أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم تقدم الأسقف فقال: يا أبا القاسم، موسى من
أبوه؟ فقال: " عمران ". قال: فيوسف من أبوه؟ قال: " يعقوب ". قال: فأنت من أبوك؟
قال: " عبد الله بن عبد المطلب ". قال: فعيسى من أبوه؟
قال: فسكت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينتظر الوحي، فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: (إن مثل
عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال لهو كن فيكون * الحق من ربك فلا تكن من

1. المناقب: 146 / 171، الفصل الرابع عشر: في أنه أقرب الناس إلى رسول الله؛ ورواه في كشف الغمة 1: 296؛
والطرائف 24؛ وفرائد السمطين 1: 270، ح 211؛ مناقب علي بن أبي طالب لابن مردوية: 150، ح 117.
183

الممترين) (1)، فقال الأسقف: لا نجد هذا فيما أوحي إلينا، فنزل: (فمن حاجك فيه منم
بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم
ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) (2).
قالوا: أنصفتنا يا أبا القاسم، فمتى نباهلك؟
فقال: " غدا إن شاء الله ".
فانصرفوا وقالوا: انظروا إن خرج في عدة من أصحابه فباهلوه فإنه كذاب، وإن
خرج في خاصة من أهله فلا تباهلوه فإنه نبي.
وقالت النصارى: والله، إنا لنعلم أنه النبي الذي كنا ننتظره، ولئن باهلناه لنهلكن
ولا نرجع إلى أهل ولا مال.
[و] قالت اليهود والنصارى: فكيف نعمل؟ قال أبو الحارث الأسقف: رأيناه
رجلا كريما؛ نغدو عليه فنسأله أن يقيلنا.
فلما أصبحوا بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أهل المدينة ومن حولها فلم تبق بكر لم تر
الشمس إلا خرجت، وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي بين يديه والحسن عن يمينه
قابضا بيده، والحسين عن شماله، وفاطمة خلفه، ثم قال: هلموا فهؤلاء أبناؤنا:
الحسن والحسين، وهؤلاء أنفسنا: لعلي ونفسه، وهذه نساؤنا: لفاطمة.
قال: فجعلوا يستترون بالأساطين ويستتر بعضهم ببعض؛ تخوفا أن يبدأهم
بالملاعنة، ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه وقالوا: أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم!
قال: " أقلتكم " وصالحوه على ألفي حلة (3).

1. آل عمران (3): 59.
2. آل عمران (3): 61.
3. المناقب للخوارزمي: 159 / 189 الفصل الرابع عشر: في أنه أقرب الناس إلى رسول الله؛ ودلائل النبوة
للأصبهاني: 298؛ بحار الأنوار 21: 344 - 345 / 13.
184

الفهارس العامة
1. فهرس الآيات
2. فهرس الأحاديث
3. فهرس الآثار
4. فهرس الأشعار
5. فهرس الأعلام والأسماء
6. فهرس مصادر التحقيق
7. فهرس المطالب
185

1. فهرس الآيات
السورة الآية رقم الآية الصفحة
البقرة (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم) 85175
آل عمران (ذرية بعضها منم بعض والله سميع عليم) 34167
(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) 59183
(فمن حاجك فيه منم بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا) 61184
(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم) 173142
(فانقلبوا بنعمة من الله وفضل...) 174142
النساء (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) 6974
(ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما) 7075
(فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) 95128
المائدة (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون...) 5589
(ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات...) 93179
الأنعام (فمستقر ومستودع) 98155
الأعراف (ولما رجع موسى إلى قومه.... قال ابن أم إن القوم...) 150161
الأنفال (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) 25154
187

التوبة (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر...) 376
(والسابقون الأولون من المهجرين والأنصار) 100128
يونس (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى) 35128
هود (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد) 1789
الإسراء (وشاركهم في الأموال والأولاد) 6424
الأنبياء (وقالوا اتخذ الرحمن... عباد مكرمون) 2642
(لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) 2742
المؤمنون (ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم...) 96106
النمل (قال يأيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها...) 3841، 43
(قال عفريت من الجن أنا آتيك به...) 39 41، 43
(قال الذي عنده علم من الكتب أنا آتيك به...) 40 41، 43
(تلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) 5261
الأحزاب (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه) 2389
(ينساء النبي لستن كأحد من النساء...) 32137
(وقرن في بيوتكن... إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس...) 33129، 137
يس (وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى) 2046
الصافات (سلم على إل ياسين) 130124
(إنا كذ لك نجزى المحسنين) 131124
ص (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) 6247
فصلت (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا...) 34106
الشورى (ترى الظالمين مشفقين... والذين آمنوا وعملوا...) 2294
(قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) 23129، 175
الزخرف (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) 8054
محمد (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض) 22176
(أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم...) 23176
188

الحجرات (يأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله) 1149
ق (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) 24132
(الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد) 26133
الواقعة (والسابقون السابقون) 10128
(أولئك المقربون) 11128
الحديد (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقتل) 10128
(سابقوا إلى مغفرة... ذلك فضل الله...) 21149
المجادلة (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجت) 11128
الجمعة (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء...) 4149
القلم (مناع للخير معتد أثيم) 12132
الانسان (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) 789
الزمر (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) 9128
189

2. فهرس الأحاديث
أتاني جبرئيل (عليه السلام) وهو فرح مستبشر... 35
أتحب أن أريك آية النار يأكل... 36
اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون... 77
أحب أن يعفيني... 106
أخبرني جبرئيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه... 77
أخرج يا أبا الحسن فناد في الناس: الصلاة جامعة... 70
اخسأ يا عدو الله!... 41
أصبحت بين كمد وكرب: فقد النبي وظلم الوصي... 133
أدعوا لي حبيبي... 92
أدعوا لي خليلي... ادعوا لي حبيبي... ادعوا لي حبيبي... 57
إذا كان يوم القيامة نصب الله عزوجل منبرا يعلو منابر النبيين والشهداء... 71
إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل ومعه لواء الحمد وهو سبعون شقة... 35
إذا كان يوم القيامة يقعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب على الفردوس... 78
إذا كان يوم القيامة يقول الله تبارك وتعالى لي ولعلي بن أبي طالب: ادخلا الجنة... 132
إذا كان يوم القيامة، ينصب لي منبر عن يمين العرش... 16
اذهب فقد غفر الله لك... 50
ارفع إزارك فإنه أنقى من ثوبك لك وخذ من رأسك إن كنت مسلما... 94
ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه... 24، 89
191

الله أكبر، الله أكبر، أنا عبد الله وأخو رسوله، هلموا قربكم... 169
اللهم آتني بأحب خلقك إليك - فلما دخل عليه قال: - إلي، إلي... 89
اللهم إن عليا كان في طاعتك فرد عليه الشمس ليصلي العصر... 20
اللهم انفع به وبارك فيما يجعل فيه وفيما ينحت منه... 31
اللهم إن أخي سليمان دعاك وسألك أن تعطيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده... 177
اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون... 51
اللهم قد أمليت لعدوك حتى لقد فتنته نظرتك وأبطرته نعمتك، اللهم فت عضده... 173
اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم... 92
اللهم نعم، حق من الله ورسوله، أمرني بذلك وأمرتكم به... 111
إلى أين تفرون...؟ إلى النار...؟ بايعتم ونكثتم وفررتم! شاهت الوجوه... 52
أما إنه ليس عبد من عباد الله ممن امتحن الله قلبه للإيمان إلا وهو يجد مودتنا على قلبه... 74
أما ترضى أن يكون سلمك سلمي، وحربك حربي، وتكون أخي ووليي في الدنيا والآخرة؟!... 90
أما تعلمون أن آصف بن برخيا وصى سليمان بن داود (عليه السلام) قد صنع ما هو قريب من هذا الأمر... 41
امض يا أبا سفيان، وما غناؤك والأمر لما يلتئم... 156
إن الله أمرني بحب الأربعة، وإن الجنة تشتاق إلى أربعة... 113
إن الله تعالى قد أوحى إلي بأن أقوم بفضلك، فقمت به في الناس وبلغتهم ما أمرني... 76
إن الله عزوجل طهر ثلاث بقاع من الأرض...: الكوفة وكربلاء وسناباذ... 33
إن أناسا قالوا: أسحر ما أتيته؟! كذبوا، وأيم الله، إنا أناس اختصنا الله لنفسه... 48
إن جبرئيل أتاني فبشرني ببشارة لم يبشرني بمثلها... 29
إنك لتمضي إلى البصرة فيكون منك كيت وكيت... 101
إن كنت كاذبا في قولك فمسخك الله كلبا... 43
إن نبي الله أخبره أن هؤلاء الجماعة كتبوا بينهم كتابا... 112
إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي... 89
إني مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة... 35
أنا أول من تنشق عنه الأرض وأنت معي... 76
192

أنا أول من يدخل الجنة وأنت معي تدخلها والحسن والحسين وفاطمة... 76
أنا رسول الله، اجلس يا أعرابي... 14
أنا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت... 76
أنا عبد الله وأخو رسول الله وزوج ابنته وأبو السبطين... 30
أنا عند الحوض وأنت معي... 76
أنا مدينة العلم وعلي بابها... 89
أنا وعلي من طينة واحدة طيبة إلى آدم، ولم يدخلنا شيء من نكاح الجاهلية... 124
أنت الآخذ بسنتي، والذاب عن ملتي... 76
أنت الذي أنزل الله فيه (وأذن من الله ورسوله إلى الناس)... 76
أنت العروة الوثقى... 76
أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي... 76
أنت أخي ووزيري وخليفتي بعدي في أهلي، تقضي ديني... 53
أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي... 76
أنت حبيب الله وحبيبي وخليل الله وخليلي وصفي الله وصفيي... 148
أنت مني بمنزلة هارون من موسى... 76
أنت مني وأنا منك... 76
أنت يوم القيامة قسيم النار والجنة، تقول للنار: هذا لي وهذا لك... 148
أن سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي... 113
أول من اتخذ علي بن أبي طالب أخا من أهل السماء إسرافيل... 84
أول من يدخل الجنة من النبيين والصديقين علي بن أبي طالب... 77
أيها الكوكب، وما كلمة الإخلاص:... شهادة أن لا إله إلا الله... 143
أيها الناس، إن الله تعالى يباهي بهما [أي الحسنين]... الملائكة في كل يوم مرارا... 66
بلى والله إنه مني وأنا منه... 51
بيعوا ولا تحلفوا، فإن اليمين تنفق السلعة، وتمحق البركة... 94
تحية المؤمن قبل كلامه... 134
193

تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل... 76
جاءت امرأة شنيعة إلى أمير المؤمنين وهو على المنبر... 17
حب على بن أبي طالب شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا... 16
الحب يتوارث والبغض يتوارث... 54
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة... 29، 88، 124، 148
الحسن والحسين... هما ولداي وسبطاي... 26
الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به... 95
الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا... 87
دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده أبو بكر وعمر وعائشة... 55
دعوت ربي على لسان نوح... معناه بالعربية: قدوس قدسته السماوات... 142
زوجتك خير أمتي... 105
سبع ورب الكعبة! فقام من محرابه متقلدا سيفه... 139
ستدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله له الجنة... 32
ستدفن بضعة مني بخراسان، ما زارها مكروب إلا نفس الله كربته... 33
سر مع هؤلاء السقاة حتى ترد بئر ذات العلم فتستقي وتعود... 168
السلام عليك، كيف أصبح رسول الله؟ قال دحية: بخير... 96
سجيته [علي بن أبي طالب] من سجيتي ولحمه من لحمي... 56
سل عليا فهو مني وأنا منه... 38
سلموا على علي بإمرة المؤمنين... 54
سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسم ظلما، اسمه اسمي... 33
علي إمام البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله... 89
علي بن أبي طالب حلقة معلقة بباب الجنة، من تعلق بها دخل الجنة... 96
علي لا يقاس به أحد من الناس... 26
علي مع الحق والحق معه... 132
علي وليكم بعدي... 89
194

قد وكل الله بالحسين (عليه السلام) سبعين ألف ملك... 14
قل له: قد بلغني عنك كيت وكيت، وكرهت أن أعتب عليك في وجهك... 38
قومي وافتحي له الباب... إن طاعة الرسول طاعة الله عزوجل... 55
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب في يوم الجمعة على منبر الكوفة... 20
كذب المنافقون وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا، أنا قسيم الجنة والنار... 50
كنت جالسا يوم بدر فقد انقضت عنا الغزاة هبط جبرائيل... 15
كنت جالسا وقد فرغت من جهاز عمي حمزة إذ أتى جبرئيل... 15
كيف أصبحت يا أم الأيتام؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين... 103
كيف علمت أني وصي محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قال: حدثني أبي عن...... 122
لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله... 89
لا تقربنه أحد منكم، طرقوا له... 20
لذات الدنيا سبعة: مأكول ومشروب ومشموم وملبوس ومنكوح...... 45
لقد أنبئت ذلك، وأنا لفي شغل بمصابنا برسول الله (صلى الله عليه وآله) عما أحدثوه... 156
لقد علمتك ناطقا سباقا إلى كل خير، انصرف ننظر في ذات بيننا... 156
لما أسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى السماء إلى سدرة المنتهى ووقفت بين يدي ربي... 84
لما أسري بي إلى السماء أمر بعرض الجنة والنار علي فرأيتهما... 21
لما أن خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه، عطس آدم فقال: الحمد لله... 82
لما دخلت الجنة رأيت شجرة تحمل الحلي والحلل، أسفلها خيل بلق... 84
لما رجع علي (عليه السلام) من قتال أهل النهروان أخذ على النهروانات... 18
لما عرج بي إلى السماء فكنت من ربي بقاب قوسين أو أدنى، سمعت النداء من... 26
لو كان لي حمزة وجعفر حيين ما سلمت هذا الأمر أبدا ولا قعد أبو بكر على أعوادها... 153
لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم... 82
ليردن علي الحوض أقوام من أمتي ممن صحبني من أهل المكانة... 113
ليلة أسرى بي ربي عزوجل رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف... 31
ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر... 115
195

ما ألوم الناس إن يكنوك بأبي تراب... 53
ما بال أقوام يذكرون من له منزلة عند الله كمنزلتي؟! ألا ومن أحب عليا فقد أحبني... 27
ما بالكم تنظرون وتتعجبون؟!... 41
ما خلق الله تعالى خلقا أكثر من الملائكة... 13
ما خلق الله شيئا إلا وجعل له سيدا... وعلي سيد الأوصياء... 15
ماذا رأيت في طريقك يا علي؟... فقال: إن الذي رأيته مثل ضربه الله تعالى لي ولمن حضر... 170
ما شأنك يا أخا اليهود؟ هلك طعامك ودوابك؟... 97
ما من قوم اجتمعوا يذكرون فضل محمد وآل محمد إلا هبطت عليهم ملائكة... 25
مثل عمي أبي طالب في هذه الأمة كمثل أصحاب الكهف في بني إسرائيل... 31
مرحبا وأهلا، لقد تمنيتك مرتين حتى لو أبطأت علي لسألت الله... 56
مرحبا بأحب خلق الله إلى الله وإلى رسوله، ادن مني يا أخي... 57
معاشر المؤمنين، أبشروا بالفرج فإن وعد الله لا يخلف وقضاءه لا يرد... 77
معاشر الناس، إن أمير المؤمنين قد أوصاني أن أترك أمره إلى وفاته... 69
معاشر الناس، ما أحبنا رجل فدخل النار، وما أبغضنا رجل فدخل الجنة... 141
معاشر أصحابي، رأيت البارحة عمي حمزة بن عبد المطلب، وأخي جعفر بن أبي طالب... 92
مم تعجبتم؟ فلو رأيتم كلامي للشمس يوم التل، إذا لداخلكم النفاق... 143
مم تعجبت؟ هذا أعجب أم الشمس أعجب رجوعها أم العين في نبعها... 141
من إبليس، مر بنفر يتناولون عليا، فوقف أمامهم... 24
من أحب أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، و.... فليتول علي بن أبي طالب... 78
من أحب عليا وتولاه قربه الله وأدناه، ومن أبغض عليا وعاداه أبعده الله وأخره... 30
من أحبك أحبه الله وهداه وعافاه وكفاه، ومن أبغضك أبغضه الله... 65
من جاءكم عنا بما يصدقه القرآن فنحن أهله وأولى به، ومن جاءكم عنا بما يكذبه... 68
من دمشق وافيت؟... سقيت معاوية بول خادمه وأخذت جائزته... 100
من زار قبر ولدي علي كان له عند الله سبعون حجة مبرورة... 34
من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن... 34
196

من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله... 181
من كنت مولاه فعلي مولاه... 105
من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه... 24، 89
من يستقي لنا من الماء؟ فأحجم الناس، فقام علي (عليه السلام) فاعتصم بالقربة... 81
مهلا، فض الله فاك!!... أبي يعذب في النار وأنا ابنه قسيم الجنة والنار؟!... 30
نحن عباد مكرمون لا نسبق مولانا بالقول، ونحن بأمره نعمل... 45
نعم، حق من الله ورسوله، أمرني الله بذلك... 113
نفس علي كنفسي وطاعته كطاعتي، ومعصيته كمعصيتي... 148
والذي بعثني بالحق نبيا أن السطل كان من الجنة والماء من الكوثر... 72
والذي نفس محمد بيده، لو سألتموني أن أنقص الفرات لنقصه حتى أريكم حيتانه... 48
والله ما منا إلا مقتول شهيد...... 32
وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم؟... 61
وعليهما السلام، وعليك يا سهل السلام... 121
هاك يا أخي رأسي، فإنك أحق بي وأولى بي في الدنيا والآخرة، وإنك خليفتي في أمتي... 57
هذه أرض مخسوف بها قد خسف الله بها ثلاثا ويخشى عليها تمام الرابعة... 18
هذه تربتي وفيها أدفن، وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي... 32
هذه مبايعة لك، إن من مات وهو لا يتولاك مات ميتة جاهلية... 52
هل من رجل يمضي في نفر من المسلمين معهم القربة، فيردون بئر ذات العلم... 167
هل تدرون من المؤمن؟ إنما المؤمن في الدنيا كالغريب، رأس ماله دينه... 68
هما ولداي وسبطاي وريحانتاي أيام حياتي ومماتي... 26
هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة... 131
هؤلاء ثقلي وأهل بيتي وعترتي. اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا... 106
هو مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي... 88
يا أم سلمة، أنت إلى خير وبخير، وإنما نزلت هذه الآية في وفي هؤلاء خاصة... 106
يا أم سلمة، لا يؤذي أخي عليا أحد من خلق الله إلا أكبه الله في نار جهنم... 59
197

يا أبا الحسن، الجنة محرمة على الأنبياء حتى أدخلها أنا، ومحرمة على الأوصياء حتى...... 172
يا أبا الحسن، ألا وإني وأنت أبوا هذه الأمة... ألا أنا وأنت موليا...... 70
يا أبا الحسن، كلم الشمس فإنها تكلمك... 81
يا أبا الحسن، والذي نفسي بيده، لا يدخل الجنة أحد إلا من أخذ منك بنسب أو سبب... 172
يا أبا النجيب، تصير وزيرا، الله كيف تكون مع شيعتي... 139
يا أبا عبد الله اصعد إلي، وليصعد ثقاتي إلي... 142
يا أخي، فاخر العرب، فأنت أكرمهم ابن عم وأكرمهم أبا وأكرمهم أخا... 104
يا أصحاب التمر، أطعموا المساكين فيربو كسبكم... 95
يا أصحابي، ما لي ما أرى فيكم ابن عمي وأخي علي بن أبي طالب؟... 72
يا أعرابي، أعطيت في علي خمس خصال؛ الواحدة منهن خير من الدنيا وما فيها... 15
يا أم سلمة، أخرجي من البيت وأخليه لنا...... 182
يا أم سلمة، لا تلوميني، فإن جبرئيل أتاني من الله يأمر أن أوصي به عليا من بعدي... 183
يا أنس، اسكب لي وضوءا... يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين... 93
يا أنس، ما حملك على أن لا تؤدي ما سمعت مني في علي بن أبي طالب حتى أدركتك العقوبة... 84
يا أهل البصرة، لا والله ما قتل علي مؤمنا ولا قتل مسلما، وما أسلم القوم... 17
يا أيها الناس، ما لكم إذا ذكر إبراهيم وآل إبراهيم أشرقت وجوهكم... 18
يا بشير، أين أنت عن العقيق الأحمر و... فمن تختم بشيء منها... لم ير إلا الخير... 73
يا بن أبي طالب، بينك وبين نور الله باب فتنظر إليه وينظر إليك... 26
يا بن أبي طالب، قد برأت فلا بأس عليك، ما سألت الله شيئا إلا سألت لك مثله... 79
يا بن مسعود، نعيت إلي نفسي... أوه ولن تفعلوا إذا أبدا... 80
يا بني عبد المطلب، كونوا في الإسلام رؤوسا ولا تكونوا أذنابا... 144
يا بني عبد المطلب، إنه لم يبعث الله نبيا إلا وجعل له أخا ووزيرا ووارثا ووصيا من قومه... 144
يا دنيا، غري غيري، إلي تشوقت؟! أم إلي تعرضت؟!... 102
يا رسول الله، أسألك أن تأذن لي أن أمضي وأبصره، لعل الله أن يهديه إلى الإسلام... 37
يا زر، أمن علي دعائي...: اللهم إني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص الموقنين... 94
198

يا شيخ، أحسن بيعي في قميصي بثلاثة دراهم... 95
يا عائشة، لا تؤذيني في أخي فإنه أمير المؤمنين، وسيد المسلمين... 55
يا علي، أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين في غرفة من درة... 26
يا علي، خلقت أنا وأنت من شجرة واحدة، أنا أصلها وأنت فرعها... 52
يا علي، لم يكن دحية الكلبي، كان جبرئيل (عليه السلام)، سماك باسم سماك الله به... 96
يا عمار، اجمع له ألف حرزة قصب، فأنا أضرمه غدا بالنار... 49
يا عمار، إن الله تعالى يأمركم بمجاهدة الكفار والمنافقين والناكثين...... 43
يا عمار، إنه سيكون في أمتي من بعدي هنات... فعليك بهذا الأصلع... 67
يا عمار، أيهما أخير وأكرم عند الله، محمد أو سليمان بن داود... 43
يا عمار، ناد بالكوفة أن اخرجوا وانظروا كيف يحرق علي رجلا من شيعته بالنار... 49
يا عمر، إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليا من القوة مثل قوة جبرئيل... 36
يا عمر، إن في الجنة شجرة ما في الجنة قصر... إلا وفيه غصن من أغصان تلك الشجرة... 75
يا عمرو... أتحب أن أريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب الشراب... 36
يا فاطمة، أنت خير نساء البرية، وأنت سيدة نساء الجنة... 26
يا كعب - ويلك! - أتدري ما قلت؟ قال: نعم، فقال له علي: ولم لا يدخلون الجنة... 127
يا كلب، ما جعل الله لك من الحق والحرمة شيئا، وإنما نطعمك... 46
يا ليت أمير المؤمنين وسيد المسلمين وإمام المتقين يجيء فيأكل معي... 56
يأتي يوم القيامة أقوام وجوههم أضوأ من القمر ليلة البدر... 67
يجب لبنات الملوك أن تتميزن عن غيرهن... 145
يعرف شيعتنا بخصال شتى...: بالسخاء والبذل للإخوان ومعاونتهم في العسر... 46
يقتل الخوارج خير أمتي... 132
199

3. فهرس الآثار
أخبرك أني كنت بالري عند رجوع دعبل من الرضا (عليه السلام)... 171
ان الأمير أبا دلف العجلي رحمه الله كان رجلا فاضلا معتقدا للحق... 130
إن الطفيل بن الحارث وأخاه الحصين بن حارث ممن شهدا حروب علي (عليه السلام)... 154
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) بلغه عن عمر بن الخطاب شيء فأرسل إليه سلمان الفارسي... 38
ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أرسل إلى معاوية رسله: الطرماح وجرير بن عبد الله... 87
إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان جالسا في المسجد إذ دخل عليه رجلان فاختصما إليه... 40
ان أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يخطب على منبر الكوفة، وهي الخطبة المعروفة بالغراء... 30
ان بلال بن حمامة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبى أن يبايع لأبي بكر... 149
إن رجلا فاخر عليا (عليه السلام)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)... 104
إن عمرو بن العاص السهمي سأل معاوية حاجة كبر عليه قضاؤها... 123
إن وفد نجران أتوا النبي (صلى الله عليه وآله)... 183
أنها [عائشة] سألت مسروق بن الأجدع عن قتل ذي الثدية... 131
إنه لما دخل أمير المؤمنين الكوفة أمرني أن أنادي في الناس أن أمير المؤمنين يجلس في القضاء... 42
إني سمعتك تتذكر أن أخاك حدثك بحديث وأمرك أن لا تحدث به أحدا... 54
أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا له: يا أبا أيوب، إن الله أكرمك بنبيه (صلى الله عليه وآله)... 67
أقبلنا مع خالد بن الوليد فانتهينا إلى دير فيما بين الشام والعراق... 117
بعثني علي (عليه السلام) بعد إظهاره على البصرة على عائشة... 166
بلغ ابن عباس أن قوما يقعون في علي (عليه السلام)... 181
بينا نحن قعود عند رسول الله إذ أهدي له بساط... 176
201

بينما أنا أمشي مع عمر بن الخطاب إذ حانت منه التفاتة فجعل يشتد في مشيه... 51
بينما أنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نخل المدينة وهو يطلب عليا... 53
جاء رجل من أهل البصرة إلى أبي سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام)... 16
خرجت أسأل عمن بالبصرة من أهل الأدب والعلم... 171
خرجت أنا ورسول ا لله (صلى الله عليه وآله) إلى صحراء المدينة... 66
خرجت من الكوفة إلى خراسان فقالت لي ابنتي: يا أبه... 146
خرجت من المسجد، فإذا رجل ينادي: ارفع إزارك... 94
خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بيت زينب بنت جحش وأتى بيت أم سلمة... 55
خرج معاوية ذات يوم إلى خارج دمشق راكبا على بغلة شهباء للتفرج... 134
دخلت على أم المؤمنين عائشة مع أمي وأنا غلام، فذكرت لها عليا (عليه السلام) فقالت... 25
دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعنده أبو بكر وعمر وعائشة... 55
دخلت على عائشة، فقالت: من قتل الخوارج؟... 132
دخل عبد الله بن الحارث مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) فرأى عبد الله بن عمر... 178
دخل عمرو بن العاص ذات يوم على معاوية، فلما رآه معاوية استضحك... 126
دخلنا على مسروق بن الأجرع فإذا عنده ضيف لا نعرفه وهما يطعمان من طعام لهما... 73
دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب... 76
رأيت أبا سفيان بن حرب يهدج في مشيته يوم قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)... 155
رأيت قبل الوزارة علي بن أبي طالب (عليه السلام) في المنام... 139
روي عن أم حبيب بنت أبي سفيان و... أنها قالت لأخيها معاوية لما أراد قتال علي... 173
سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي... 78
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه يقول: ادعوا لي خليلي... 57
شهدت أبا ذر في مرضه على عهد عمر في إمارته... 111
صلى بنا الرسول (صلى الله عليه وآله) الصبح. ثم التفت إلينا... 92
صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاة الظهر، فلما ركع في الرابعة طال ركوعه... 72
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في بيتي لما حضره الموت... 92
قرأت القرآن من أوله إلى آخره في مسجد الجامع بالكوفة على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب... 93
202

كان الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) جالسا وطعام بين يديه وكلب رابض... 46
كان الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) باليمن... 152
كان المتوكل أحضر رجلا يعمل الشعبذة، فقال للفتح بن خاقان... 106
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب في يوم الجمعة على منبر الكوفة إذ سمعت وجبة عظيمة... 20
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا في المسجد إذ أقبل علي بن أبي طالب... 65
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالسا في محفل مع أصحابه، إذ هبط جبرئيل... 60
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليلا في بيته فغدا عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام)... 96
كان لي ولد وقد اعتل علة صعبة، فسألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يدعو له... 38
كان مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بدريا، وكان لما قبض رسول الله... 150
كان مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا في دكة القضاء فنهض إليه رجل يقال له صفوان... 49
كان والله للقرآن تاليا وللشر قاليا وعن المين نائيا وعن المنكرات ناهيا... 147
كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ جاء أعرابي فوقف علينا ونحن جماعة... 14
كنا في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) والجماعة يذكرون الشجعان والأبطال... 37
كنا قعودا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحوله أصحابه إذ ضحك رسول الله... 29
كنا مع أمير المؤمنين في " بئر رومة " على يمين الوادي... 142
كنت أغدو إلى جامع الكوفة... وذلك بعد مضي أمير المؤمنين (عليه السلام)... 97
كنت أنا ويحيى بن أحمد بن جريح البغدادي فتنازعنا في ابن الخطاب... 60
كنت بمنبج بحضرة المتوكل وقد دخل عليه رجل من أولاد محمد بن الحنفية... 175
كنت جالسا بين يدي معاوية إذ دخل زيد بن أرقم ومعه رجل أسود... 137
كنت جالسا عند أبي بكر بعدما بايعه الناس بأيام فطلع علي والعباس... 143
كنت جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا عمرو، قلت: لبيك يا رسول الله... 36
كنت جالسا في بعض الأيام مع جندب بن جنادة الغفاري سيد بني غفار، و...... 44
كنت حاجا إلى بيت الله الحرام وزائرا لقبر النبي (صلى الله عليه وآله)، فبينا أنا ذات يوم بمدينة... 102
كنت غلاما أخدم عائشة وكنت إذا كان رسول الله عندها أكون قريبا منه أعاطيه... 56
كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة وقد شكا الناس إليه أمر الفرات... 48
كنت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في النصف من شعبان وهو يريد موضعا... 139
203

كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أضجر وتنفس الصعداء... 80
لما بايع الناس أبا بكر دخلت أم سلمة على فاطمة الزهراء صلوات الله عليها... 133
لما بويع أبو بكر، جاء بريدة الأسلمي في نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)... 159
لما بويع أبو بكر في سقيفة بني ساعدة امتنع سعد بن عبادة لما امتنع... 127
لما توجه رسول الله يوم الحديبية إلى مكة أصاب الناس عطش شديد... 167
لما جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) تحت ثوبه... 91
لما خرجت عائشة نحو البصرة ومعها طلحة والزبير... 136
لما خرج علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) من نيسابور إلى المأمون فبلغ قرب قرية الحمراء... 31
لما رجع علي (عليه السلام) من قتال أهل النهروان أخذ على النهروانات وأعمال العراق... 18
لما رجعنا من حجة الوداع مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلسنا مع النبي في مسجده، ظهر الوحي عليه... 24
لما سمع النابغة الجعدي اجتماع الناس في السقيفة، وكان قد كف بصره... 164
لما ضرب أمير المؤمنين الضربة التي كانت فيها وفاته اجتمع الناس بباب القصر... 69
لما عزم أبو بكر على حرق منزل الزهراء (عليها السلام) خرج العباس والفضل بن العباس... 158
لما فتحت المدائن وجمعت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة الغنائم... 145
لما قال النبي (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير حين نصب عليا... 178
لما قتل الحسين (عليه السلام)، كانوا يسمعون بمستغاث في مكة في أنصاف الليالي... 173
لما كان ليلة بدر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من يستقي لنا من الماء؟... 81
لما كان يوم أحد ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسيف ستين ضربة... 50
لما مرض الأعمش مرضه الذي مات فيه. فدخل عليه ابن شبرمة... 132
لما نزل بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)... هو وأصحابه، فكان من أمره في الشاة... 107
لما نزل علي صلوات الله عليه - متوجها إلى صفين - بمكان يقال له البليخ على جانب الفرات... 85
ما رحمت من خلق الله أحدا كرحمتي على علي بن أبي طالب (عليه السلام)... 161
مر علي بن أبي طالب (عليه السلام) بنفر من قريش في المسجد، فتغامزوا عليه... 18
مر علينا كعب الأحبار ونحن جلوس عند عمر بن الخطاب في خلافته... 126
وجعت وجعا فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فأنامني في مكانه وقام يصلي... 79
وكان لها [أم سلمة] مولى يحضنها ورباها، وكان لا يصلي صلاة إلا سب عليا وشتمه... 182
204

4. فهرس الأشعار
؟... 166
ما زال إيماء الصغائر بيننا * نث الحديث وكثرة الألقاب
؟... 176
فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا
الطفيل بن حارث... 154
فلا يبعد الله الزبير ابن أختنا * دفوعا من الأحباب فينا مذببا
مسطح بن أثاثة... 150
بني عمي أفاديكم فهبوا * وصحبي لو أجاب نداي صحب
الطفيل بن حارث... 153
ألا من لقلب بات بالهم منصبا * وعين غدا توكافها متسكبا
قيس بن سعد بن عبادة... 162
أيا صارفا عن مطلب الحق رأيه * بأي سبيل ما سوى الحق تطلب
قيس بن صرمة... 164
أصبحت الأمة في أمر عجب * والأمر فيهم قد غدا لمن غلب
علي (عليه السلام)... 170
الليل هول يرهب المهيبا * ويذهل المشجع اللبيبا
أروى بنت الجرير بن عبد المطلب... 163
أفاطم قومي واندبي خير هالك * وأكرم ثاو في التراب مغيب
205

؟... 131
زعم الزاعمون أن عليا * لا ينجي وليه من هنات
؟... 170
أي فتى ليل أخي روعات * وأي سباق إلى الغايات
عبد الله بن عباس... 166
تجملت تبغلت وإن عشت تفيلت * لك التسع من الثمن وبالكل تملكت
محمد بن أبي بكر... 164
أنت لا شك أبي أنت أبي * خاب من أنت أبوه وافتضح
عبد الله بن أبي سفيان... 180
لعمري لقد لاقى الذي كان أهله * أخا عدي فالجهالة قد تردي
؟... 136
أمعيري في حب آل محمد * حجر بفيك فدع ملامك أو رد
خالد بن يزيد بن معاوية... 163
نقمت علي بنو أمية أنني * أنعى النجاة ولنجاة أزيد
من نوح الجن... 110
يا بن الشهيد ويا شهيدا عمه * خير العمومة جعفر الطيار
دعبل... 110
زر خير قبر بالعراق يزار * واعص الحمار فمن نهاك حمار
عبد الله بن عباس... 181
أحياؤهم خزي على أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر
الطفيل بن حارث... 152
أهل مبلغ عني على النأي هاشما * مغلغلة ضاقت بها حرج الصدر
معاوية بن أبي سفيان... 90
جهلت ولم تعلم محلك عندنا * فأرسلت شيئا من خطاب وما تدري
علي بن عبد الله بن عباس... 181
نظروا إليك بأعين محمرة * نظر التيوس إلى شفار الجازر
206

علي (عليه السلام)... 103
وما تأوهت من شيء رزئت به * كما تأوهت للأيتام في الصغر
عمرو بن العاص... 90
أبى القلب مني أن أخادع بالمكر * بقتل ابن عفان أجر إلى الكفر
عدي بن حاتم... 162
أبا حسن صبرا وفي الصبر عصمة * وفيه نجاة المرء في السر والجهر
الفضل بن عباس... 158
ما لقومي يسمعون ندائي * أصموا أم هم رهون رماس
علي بن محمد الأفوه... 171
كفى حزنا أني جمعت مشتتا * وأحببت على مجموعنا فتصدعا
بلال بن حمامة... 150
بالله لا بأبي بكر نجوت ولو * لا الله قامت على أوصالي الضبع
عمرو بن العاص... 91
تطاول ليلي بالهموم الطوارق * فصافحت من دهري وجوه البوائق
عمرو بن العاص... 125
معاوية الخير لا تنس لي * وعن سنن الحق لا تعدل
خالد بن سعيد... 157
صخر بن حرب حربت صالحة * فأنت أهل لها ولم تزل
علي (عليه السلام)... 168
أعوذ بالرحمن أن أميلا * من عزف جن أظهرت تهويلا
أبو سفيان بن حرب... 157
بني هاشم ما بال ميراث أحمد * ينقل منكم في لقيط وخامل
أم حبيب بنت أبي سفيان... 174
إن كان غيك في علي مانعي * منك المبرة فاجتهد بسلام
بريدة الأسلمي... 160
ما بال عينك لا تنام * ودمع عينك ساجم
207

أبو بردة بن أبي موسى الأشعري... 164
أنا ابن مشتت الإسلام * لما صير الحكما
؟... 168
أمن عزيف الجن في دوح السلم * ينكل من وجهه خير الأمم
كميت بن زيد... 165
إن المصرين على ذنبيهما * والمخفيا الفتنة في قلبيهما
عمرو بن العاص... 91
يا قاتل الله وردانا وفطنته * لقد أصاب الذي في القلب وردان
مالك بن حارث الأشتر... 165
يا ربة الهودج يا أمنا * قتلت أولادك ما ذنبنا
؟... 109
يا بن النبي ويا بن الوصي وابن البتول * ويا بقية السادات الأكرمينا
؟... 129
قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة * ورميناه بسهمين فلم نخطئ فؤاده
قيس بن سعد بن عبادة... 162
لقد علمت أبناء قيلة أنني * غداة الفجاة سرها ولباسها
النابغة الجعدي... 165
قولا لأصلح هاشم إن أنتما * لاقيتماه فقد حللت أرومها
أبو سفيان بن حرب... 157
بنو هاشم لا تطمعوا الناس فيكم * ولا سيما تيم بن مرة أو عدي
208

5. فهرس الأعلام والأسماء
وألقاب الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)
آدم: 15، 34، 36، 63، 82، 96، 122،
124
إبراهيم: 16، 18، 40، 68، 92
يعقوب: 183
يوسف: 36، 183
داود: 36، 41، 43، 58، 144
سليمان: 41، 43، 177
موسى بن عمران: 33، 40، 57، 66، 68،
76، 82، 88، 99، 105، 107، 116،
117، 122، 183
هارون: 57، 66، 68، 76، 82، 88، 105،
121
عيسى بن مريم: 29، 82، 86، 102، 116،
117، 120، 121، 183
يحيى بن زكريا: 104
محمد بن عبد الله = محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) =
محمد = خاتم النبيين = الرسول = رسول
الله = سيد المرسلين = المصطفى محمد
الأمين = النبي = النبي العربي = الهاشمي
= النبي المصطفى = نبينا: ونظرا لتكرر
اسمه وألقابه (صلى الله عليه وآله) كثيرا في الكتاب أعرضنا
عن ذكرها هنا في الفهرس.
علي بن أبي طالب (عليه السلام) = علي = علي أمير
المؤمنين = علي بن أبي طالب أمير
المؤمنين = أمير المؤمنين = أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب = أبو
الحسن: ونظرا لتكرر اسمه وألقابه (عليه السلام) في
أكثر صفحات الكتاب، اقتصرنا هنا على
إيراد ألقابه المختصة به (عليه السلام).
كنى وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الخاصة
الآية الكبرى: 38
أبو تراب: 134، 135
أبو السبطين: 30، 88، 148
ابن عم رسول الله = ابن عمه علي: 14، 25،
209

26، 31، 35، 37، 128، 149، 160،
161، 169، 177
أبو ولدي الرسول: 128
أخو رسول الله = أخو رسوله: 30، 58، 64،
88، 96، 148، 161، 169، 171
الأصلع: 67، 154
الإمام: 124
إمام المتقين: 30، 56، 59، 80
إمام البررة: 89
الأنزع: 38، 154
باب الله: 148
البدر التمام: 14، 124
البطين: 38
حامل مفاتيح الجنة: 30
حامل اللواء يوم القيامة: 30، 81
حبيب الله: 148
الحجة العظمى: 38
المحجة العظمى: 148
الحيدر: 139
خاتم الوصيين: 66، 93
خليل الله: 148
خليفة رسول الله في أمته: 50، 53، 56، 57،
58، 113، 115
خير الوصيين: 141
ربيب رسول الله: 148
زر الأرض: 113
الزناد القادح: 134
السيد الامام: 124
سيد العرب: 124
سيد المسلمين: 55، 56، 93
سيد الوصيين: 59
سيد ولد آدم: 96
الشهاب اللائح: 134
صاحب الحوض والشفاعة: 30
الصديق الأكبر: 85
صديق هذه الأمة: 127
صفي الله: 148
الضرغام: 124، 139
الطريق الواضح: 134
عالم الأمة الأكبر: 127
عبد الله: 30، 85، 169
أبو الأشبال الأحد عشر: 140
إمام البررة: 89
قائد الغر المحجلين: 80، 96
قاتل الفجرة: 89
قالع الشجرة: 38
القسور: 139
قسيم الجنة والنار = قسيم النار والجنة: 30،
50، 59، 141، 148
الليث المقدام: 124
الليث: 139، 141
المفرق بين الحق والباطل: 140
210

مولى كل مؤمن بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) = مولى كل
مؤمن ومؤمنة = مولى المؤمنين: 30،
70، 76، 113، 154
الميزان الراجح: 134
الهزبر: 51، 124
الهمام: 124
وارث علم النبيين: 140
يعسوب الدين: 30
يعسوب المؤمنين: 68
فاطمة الزهراء (عليها السلام) = فاطمة = فاطمة سيدة
نساء العالمين = فاطمة قرة عين المصطفى =
سيدة نساء الجنة = سيدة نساء العالمين:
26، 58، 63، 74، 75، 76، 77، 88، 89،
91، 102، 103، 105، 124، 128،
133، 148، 150، 152، 158، 161، 184
الحسن (عليه السلام): 14، 26، 29، 34، 46، 48،
52، 58، 60، 61، 64، 65، 66، 70،
71، 73، 74، 75، 76، 78، 79، 84،
88، 91، 103، 105، 106، 124،
128، 135، 138، 165، 184
الحسين (عليه السلام): 13، 14، 18، 20، 26، 29،
31، 48، 52، 58، 60، 61، 65، 69،
70، 75، 76، 78، 79، 84، 88، 92،
105، 106، 124، 128، 135، 145،
148، 163، 172، 173، 174، 184
سيدا شباب أهل الجنة: 29، 88، 124،
148
علي بن الحسين (عليهما السلام) = زين العابدين = ابن
رسول الله = الزكي زين العابدين = سيد
العابدين علي بن الحسين: 16، 17، 68،
79، 145، 172، 173
محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) = الباقر = الباقر
محمد بن علي = أبو جعفر محمد الباقر:
18، 68، 78، 79، 165، 171، 172
جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) = جعفر بن محمد
ابن رسول الله = الصادق = الصادق جعفر
ابن محمد بن علي... = أبو عبد الله = ابن
رسول الله: 13، 20، 32، 33، 46، 68،
78، 79، 84، 171، 172
أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) = الأمين
موسى بن جعفر بن محمد...: 33، 79
علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) = الرضا = الرضا
علي بن موسى بن جعفر = علي: 30،
31، 32، 34، 35، 79، 171
محمد بن علي بن موسى بن جعفر (عليهما السلام): 79
أبو الحسن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام): 60،
61، 79، 106، 107
أبو محمد الحسن بن علي العسكري =
الخالص الحسن بن علي بن محمد بن
علي...: 60، 79
الحجة بن الحسن (عليهما السلام) = القائم = المهدي: 29
ولد ابنتي فاطمة: 77
211

أسماء الملائكة والجن
إبليس: 24، 62
إسرافيل: 16، 72، 81، 84، 143
جبرائيل: 15، 21، 27، 29، 35، 36، 51،
60، 72، 77، 81، 83، 84، 96، 142،
178، 183
درجان بن مالك: 21
رضوان: 35، 71، 83
سلمقة بن عراف: 170
الشيطان: 58، 116
مالك: 71
أبو مرة: 24
مسعر: 170
ملك الموت: 28، 84
منصور: 14
منكر: 28
ميكائيل: 72، 81، 84، 142
نكير: 28
أسماء الأشخاص
آصف بن برخيا: 41، 43
ابن آكلة كبد حمزة: 43، 135
أبان = أبان بن تغلب = أبان بن تغلب الكندي:
20، 104، 154
أبي بن كعب: 112
أحمد بن إسحاق القمي: 60، 64
أحمد بن [محمد بن] صالح الرازي: 34
أخطب خوارزم: 66، 72، 76، 181
إدريس بن هشام: 97
الأرقم = الأرقم بن أبي الأرقم: 159، 160
أروى بنت الجرير بن عبد المطلب: 165
الأسود: 92
الأسود بن يزيد: 66
أبو الأسود: 44
أسيد بن حضين [حضير]: 112
الأشتر النخعي مالك بن الحارث: 118
أسامة بن زيد: 142
إسحاق السبيعي: 73
إسحاق بن عبد الله بن الحارث: 54، 178
الأصبغ = الأصبغ بن نباتة: 69، 70
الأعمش: 132، 148
الأعوج: 75
أبو الأعور السلمي: 134، 142
أنس بن مالك: 29، 30، 31، 37، 38، 67،
71، 93
أبو أيوب: 159
212

أبو أيوب الأنصاري: 67
أبو أيوب خالد بن يزيد: 112
ابن بتيلة: 155
البختري: 175
البراء بن عازب: 169
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري: 164
أبو البركات محمد بن إسماعيل الحسيني
المشهدي الرضوي: 146
بريدة = بريدة الأسلمي: 54، 160
أبو البشر: 132
بشير الدهان: 73
بشير بن سعد: 112
أبو بكر = أبو بكر الصديق: 37، 54، 55،
59، 60، 64، 80، 92، 111، 127،
128، 129، 133، 143، 144، 149،
150، 153، 158، 159، 162، 163،
176
أبو بكر محمد بن أبي علي الصفار: 146
أبو بكر محمد بن المؤمن الشيرازي: 74، 75
أبو بكر بن يحيى الأزدي: 20
بلال = بلال بن حمامة: 72، 75، 149
تميم بن بجدل: 162
جابر = جابر بن عبد الله الأنصاري = جابر بن
عبد الله بن حزم الأنصاري: 38، 45،
52، 64، 65، 66، 81، 155، 157
جابر بن يزيد الجعفي: 54
جرير بن عبد الله البجلي: 87
أبو جعفر: 73
جعفر = جعفر بن أبي طالب = جعفر الطيار:
29، 74، 84، 92، 105، 153
جميع بن عمير: 26
جندب بن جنادة الغفاري: 44، 67
جويرية بن مسهر العبدي: 19
أبو الحارث الأسقف: 184
الحارث الأعور: 74
حبة العرني: 85
أم حبيب بنت أبي سفيان: 173
حبيب النجار: 47
الحجاج: 53
حذيفة = حذيفة بن اليمان = حذيفة اليماني:
61، 62، 63، 64، 114، 115، 142
حرزادين: 75
الحرمازي: 20
أبو حرملة النباد: 175
الحسن: 183
أبو الحسن: 90
الحسن البصري: 78، 104
حسن بن جنادة السلولي: 151
الحسن بن الحسين السامري: 60
الحسن بن ذكردان الفارسي الكندي: 47
أبو الحسن علي بن حماد العبدي: 145
213

الحسن بن يحيى بن الجريح: 64
الحسين بن زيد بن علي: 67
أبو حفص: 149
حفصة: 57، 59
الحصين بن حارث: 154
حماد بن زيد: 29
حمدان الديواني: 34
حمزة = حمزة بن عبد المطلب = حمزة سيد
الشهداء: 15، 28، 29، 74، 84، 92،
105، 153
حميراء: 65
الحنفي: 175
أبو حنيفة: 132
خالد: 116، 117، 118، 121، 134
خالد بن سعيد = خالد بن سعيد بن العاص:
145، 155، 156، 157، 159
خالد بن الوليد: 116، 123
خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان: 163
خباب بن الأرت: 75
خزيمة بن ثابت: 142، 159
ابن الخطاب: 38، 39، 60، 64
الخطاب بن نفيل: 179
ابن دأب: 126
أبو دجانة: 81
أبو الدرداء: 142
دعلج: 59
دلف = دلف بن أبي دلف: 130، 131
أبو دلف العجلي: 130
دانيال: 120
داود بن يزيد: 162
دعبل = دعبل بن علي الخزاعي: 109،
110، 171، 172
أبو ذر = أبو ذر الغفاري: 75، 104، 111،
112، 113، 114، 115، 116، 128،
142، 150، 152، 154، 159
ذو الثدية: 131
رجاء بن حبوة الكندي: 123
الزبير: 54، 111، 112، 114، 136، 137،
152، 153، 154، 155
الزبير بن عبد المطلب: 179
الزبير بن العوام: 127، 150
زر بن حبيش: 93
زر بن قدامة المكي: 143
الزهري: 29، 40
ابن زياد: 173
زيد بن أرقم: 137
زيد بن أسلم: 127، 132
زيد بن علي = زيد بن علي بن الحسين: 16،
67، 82، 171
سالم: 112، 114
214

سالم بن أبي الجعد: 166
السدي: 183
سعد: 129
سعد بن عبادة الأنصاري = سعد بن عبادة:
26، 111، 127، 128، 129
سعدى بنت مالك الخزاعي: 109
سعد بن أبي وقاص: 111، 114
أبو سعيد: 105
سعيد بن جبير: 96، 181
أبو سعيد الخدري: 132
سعيد بن المسيب: 158
أبو سفيان بن حرب = أبو سفيان: 155،
156، 157
سفيان بن عيينة: 40، 75
سلمان = سلمان الفارسي: 14، 38، 39،
40، 75، 104، 111، 112، 113،
128، 142، 150، 152، 153، 159،
176، 177
سلمة: 16، 168، 170
أم سلمة: 25، 55، 56، 57، 58، 59، 63،
106، 118، 133، 182، 183
سلمة بن الأكوع: 167، 168، 170
سليم = سليم بن قيس: 57، 59، 102،
104، 106، 111، 112، 113، 114،
115 سليمان بن حفص المروزي: 34
سليمان بن مطر: 75
سليمان بن مهران الأعمش: 176
سنان: 141
سنان بن وابل: 141
سهل بن حنيف الأنصاري: 116، 121،
122، 123
سهل بن عبد الله الديباجي: 171
ابن شبرمة: 132
ابن شهاب: 75
الشعبي: 131، 183
شهاب المدني: 142
شهربان بنت يزدجرد: 145
شهردار بن شيرويه الديلمي: 79
الشيخ المفيد: 72، 73، 151، 157، 171
الصدر السعيد شمس الدين: 138
نظام الإسلام أبو النجيب سعد بن محمد
صعصعة بن صوحان = صعصعة بن صوحان
العبدي: 116، 123، 136، 137
صفوان بن الأكحل: 49
صفوان الجمال: 46
صفية بنت حيي بن أخطب: 73
أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: 31، 32
أبو الضباب: 180
أبو طالب: 31، 40
طارق مولى عفان: 179
الطاطري: 154
215

الطرماح: 87
الطفيل = الطفيل بن الحارث: 151، 152،
153، 154، 155
أبو الطفيل بن واثلة الكناني: 159
طلحة: 54، 111، 136، 155
عائشة أم المؤمنين = عائشة: 26، 55، 56،
57، 59، 65، 92، 131، 132، 135،
136، 137، 165، 166
عاقر ناقة صالح: 59
عتبة: 87
عتبة بن أبي لهب: 158
عثمان بن عفان = عثمان: 54، 87، 88،
115، 125، 135، 137، 166، 177،
182
ابن عباس: 41، 72، 166، 167، 178،
181، 183
العباس = العباس بن عبد المطلب: 143،
144، 153، 155، 158
عبد الرحمن: 54
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: 132
عبد الرحمن بن عوف: 21، 111، 132
عبد الرحمن بن أبي ليلي: 76
عبد الله: 40، 78، 91
عبد الله بن الحارث: 79، 178، 180
عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي: 149
عبد الله بن أبي سفيان: 180
عبد الله بن شرحبيل: 137
عبد الله بن عباس: 24، 35، 74، 96، 147،
148، 165
عبد الله بن عبد المطلب: 183
عبد الله بن عمر: 27، 178، 180
عبد الله بن عمرو بن... الخزاعي: 107
عبد الله بن عمرو بن العاص: 134
عبد الله بن مسعود: 55، 80، 82، 84، 126
عبد الملك بن عتبة الهاشمي: 150
عبد الملك بن مروان: 53
عبد الواحد بن زيد المصري: 102، 103
أبو عبيدة: 112، 114
عدي بن حاتم: 161، 162
العزيز بن محمد بن عبد ربه الشيرازي: 146
عمار = عمار بن ياسر: 42، 43، 44، 49، 50،
67، 75، 115، 142، 150، 159، 160
ابنتا عمار بن ياسر العبسي: 103
عمارة النخعي: 37، 38
عمر = عمر بن الخطاب: 36، 38، 39، 40،
51، 54، 55، 59، 60، 64، 75، 80،
111، 112، 127، 144، 145، 149،
159، 161، 162، 166، 177، 178، 179
عمر بن محمد بن عمر: 146
عمران: 183
عمران بن حصين: 164
216

عمرو: 91، 125، 126
عمرو بن حريث: 17
عمرو بن الحمق: 36
عمرو بن العاص = عمرو بن العاص السهمي: 87،
88، 90، 114، 123، 126، 134، 135
عمرو بن عبد ود: 43
عياض بن غنم: 24
علقمة: 92
علقمة بن قيس: 66
أبو علقمة مولى بني هاشم: 92
العلكي: 20
علي: 54، 106
علي بن أحمد الوشاء الكوفي: 146
علي بن الحسن بن فضال: 35، 149، 150
علي بن عبد الله: 181
علي بن محمد الشيرواني: 146
علي بن محمد بن المنكدر: 182
ابن عقدة: 151
عقيل = عقيل بن أبي طالب: 152، 153، 158
عكرمة: 35، 72
الفتح بن خاقان: 106، 175
فخر الدين أبو الرضا الرويدشتي الأصفهاني: 139
فرعون: 104
فرعون أهل بيتي: 61
ابن فضال: 151، 153، 155، 158، 159، 161
أبو الفضل: 144، 155
الفضل بن الزبير: 54
الفضل بن العباس: 158
الفضيل بن يسار: 18
أبو القاسم: 184
أبو القاسم بن جعفر بن محمد بن أبي عبد الله: 78
قاسم بن عوف: 68
القاسم بن عوف الشيباني: 173
قتيبة بن سعيد بن رجاء: 29
ابن أبي قحافة: 37
قدامة بن مظعون: 179
قيس بن سعد بن عبادة: 162
قيس بن صرمة: 164
قيس الهلالي: 50
كعب: 127، 154
كعب الأحبار: 126
كعب بن سور: 154
الكميت بن زيد: 165
أبو لؤلؤة: 64
ابن أبي ليلي: 132
أم المؤمنين: 155
المأمون: 31
مالك بن الحارث الأشتر: 142، 165
مالك بن دينار: 51
المتوكل: 106، 107
217

أبو المتوكل الناجي: 132
المختار: 173
محمد ابن الحنفية: 175
أبا محمد: 180
محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر: 34
محمد بن أحمد: 106
محمد بن أحمد بن الفتال النيشابوري: 59، 123
محمد بن إدريس الشافعي: 20، 123
محمد بن أبي بكر: 138، 164
أبو محمد [الحسن] بن أحمد بن [محمد]
السمرقندي المحدث: 146
أبو محمد الحسن بن علي (عليه السلام): 103
محمد بن الحسن القمي: 13
محمد بن عبد الله بن أبي رافع: 143، 153، 178
أبو محمد عبد الله بن عمر: 109
محمد بن عبد الله بن نافع: 59
محمد بن علي: 171
محمد بن علي الأفوه: 171
أبو محمد قيس بن أحمد بن إدريس
البغدادي: 47
ابن مردويه: 59، 130
مريم: 116
مسروق بن الأجدع: 73، 132
مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب:
150
ابن مسعود: 96، 127
أبو مطر: 94
معاذ = معاذ بن جبل: 112، 114
أم معبد الخزاعية: 107
معاوية = معاوية بن أبي سفيان = معاوية بن
هند: 36، 42، 43، 44، 45، 87، 88،
89، 90، 91، 99، 100، 114، 121،
123، 124، 125، 126، 134، 135،
136، 137، 138، 147، 161، 162،
173، 174
معروف بن خربوذ: 150
مفضل بن عمر: 46
المفيد: 72
المفيد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين
النيشابوري: 72، 171
المقتدر: 47
المقداد بن أسود = المقداد: 104، 111،
112، 113، 127، 142، 150، 152،
159
المقداد بن عمرو: 158
مكحول: 24
ابن ملجم: 69
المنذر بن الجارود: 30
منقذ بن الأبقع الأسدي: 139، 141
النابغة الجعدي: 164
نافع: 27
نافع مولى عائشة: 56
218

ابن نافع: 94
أبو نصير: 46
أبو نصر مهيار بن أدبار: 145
النعمان بن سعد: 33
أبو نعيم الحافظ الأصفهاني: 59
أبو هريرة: 18، 30، 75
هلقود: 120
ابن هند: 45
هند بنت الجون الخزاعية: 107
أبو الهيثم التيهان: 44، 112، 142
أبو وائل: 51
واثلة بن الأسقع: 91، 92
وردان: 91
وهب بن وهب: 13
يحيى بن أحمد بن جريح البغدادي: 60
يحيى بن عبد الله الحارث: 167
يزيد: 134
يعقوب بن شعيب: 150
يوحنا: 120
يوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام): 122، 123
أسماء الأمم والشعوب والقبائل والفرق
آل إبراهيم: 18، 92
آل أبي طالب: 175
آل عبد المطلب: 158
أجلاف العرب: 87
بني أسد: 166
آل محمد (عليهم السلام): 17، 18، 29، 105، 171
بنو إسرائيل: 31، 66، 95، 119
أصحاب السمك: 95
أصحاب الشورى: 114
أصحاب التمر: 94، 95
أصحاب الجمل: 17
أصحاب رسول الله: 142، 159
أصحاب صفين: 17
أصحاب العقبة: 111، 114
أصحاب عيسى: 86
أصحاب الكتاب: 114
أصحاب الكساء: 105
أصحاب الكهف: 31، 177
أصحاب النهروان: 17، 59
أمة محمد (صلى الله عليه وآله): 116، 127
بنو أمية: 21، 100
الأنصار: 42، 50، 51، 52، 93، 112،
159
أولاد محمد بن الحنفية: 175
أهل بدر: 112
أهل البصرة: 16، 17، 94
أهل البيت (عليهم السلام): 13، 32، 60، 61، 87، 96،
106، 112، 118، 124، 128، 140، 175
219

أهل الدسكرة: 97
أهل الشام: 45، 87، 99، 100، 140،
141، 161
أهل العراق: 68، 87
أهل الكوفة: 101
أهل المدينة: 184
أهل مكة: 173
أهل النهروان: 18، 20
بنو تميم: 20
جند ا لمرأة = جند الجمل: 59
جهال أهل الشام: 87
جيش العسرة: 87
حملة العرش: 84
الخوارج: 41، 132
بنو خمار: 171
بنو عم أبي ذر: 111
بنو عبد المطلب: 46، 144
شرطة الخميس: 162
شيعة الجمل: 59
شيعة أهل البيت = شيعة آل محمد: 62، 73،
العجم: 111
العرب: 52، 104، 108، 111، 112، 119
بنو غالب: 102
غفار: 111
القاسطون: 43، 56، 59، 104
قتلة عثمان: 88
قريش: 18، 54، 104، 170
المارقون: 43، 56، 59، 104
المجوس: 63، 145
المسلمون: 56، 82، 87، 89، 95، 105،
116، 135، 167
معشر الأنصار: 129
المهاجرون: 159
الناكثون: 43، 56، 59، 104
النخع: 37
النصارى: 63، 82، 184
النقباء: 111، 142
بنو هاشم: 29، 30، 50، 150، 152
وفد نجران: 183
ولد آدم: 63
اليهود: 63، 97، 184
أسماء السور والآيات
آية التطهير: 106
حم عسق: 94
الحواميم: 93
النساء: 74
عرائس القرآن: 93
المائدة: 108
220

أسماء الكتب والوثائق والأدعية والخطب والأخبار
الإنجيل: 116، 117، 120
التبيان في الإيمان: 20
التوراة: 97، 116، 117، 120، 126، 127
حلية الأولياء: 59
الزبور: 58
سنن أبي مسعود بن الفرات الرازي: 127
فضائل أمير المؤمنين: 76
فضائل علي: 66
القرآن: 58، 63، 68، 83، 93، 94، 104،
127، 128، 147
كتاب فضائل أمير المؤمنين: 181
كتاب المؤتلف والمختلف: 178
ما نزل من القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام): 74
مناقب الطالبيين: 130
أسماء الأماكن
إبراهيم: 47
أرض بلقيس: 42
أرض خراسان: 32
أرض النجفية: 134
الأهواز: 75
بئر ذات العلم: 167
بئر رومة: 87
باب الثعبان: 21
باب الجنة: 96
باب الرحبة: 95
باب الفيل: 21
بابل: 18، 19
براثا: 18
البصرة: 48، 137، 145، 166، 171
بطن كربلاء: 172
البطيحة: 47
بغداد: 18، 47
البليخ: 85
بيت أم سلمة: 55
بيت زينب بنت جحش: 55
بيت علي بن أبي طالب (عليه السلام): 114
بيت نوح: 49
بيت المقدس: 134
بيت الله الحرام: 103
بيت الوحي: 63
البيت الحرام: 13
البيت المعمور: 63
الحجاز: 140
خراسان: 33، 146
خيبر: 82
221

جامع الكوفة: 97
الجبانة: 38، 40
الجحفة: 167
دار أمير المؤمنين: 73، 75
دار بني أبي معيط: 94
دار حميد بن قحطبة الطائي: 32
دار رسول الله: 73
دار فاطمة: 150
دار فرات: 95
الدسكرة: 97، 98، 99
دمشق: 100، 134
الرضوان: 83، 86
الري: 171
زقاق الحبشة: 44
ساوة: 138
سقر: 62
سقيفة بني ساعدة: 127، 164
سناباذ: 31، 33
سواد الجامدة: 47
سوق الإبل: 94
سوق الكراريس: 95
الشام: 44، 98، 100، 116، 150
شرقي جامع الكوفة: 49
صحراء المدينة: 66
صفين: 85، 87، 136
صيحون: 39
العراق: 18، 100، 116، 173
عرفات: 52
غدير خم: 105، 114
فدك: 63، 175
الفرات: 48
الفردوس: 78
القادسية: 141
قبا: 127
قبر أمير المؤمنين (عليه السلام): 13
قبر الحسن (عليه السلام): 14
قبر الحسين (عليه السلام): 13، 14، 172
قبر علي [الرضا (عليه السلام)]: 34
قبر النبي (صلى الله عليه وآله): 13، 102، 172
قرية الحمراء: 31
قم: 60
كربلاء: 34، 172
الكوفة: 34، 42، 44، 48، 49، 93، 97،
98، 99، 100، 101، 115، 134،
140، 141، 146
المدائن: 115، 145
المدينة = مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله): 39، 53، 102،
109، 115، 121، 145
مرو: 146
مسجد الجامع بالكوفة: 93
222

المسجد الحرام: 173
مسجد النبي = مسجد الرسول: 37، 142،
145، 179
مكة: 19، 167، 173
منبج: 175
منزل علي بن أبي طالب = منزل أمير
المؤمنين: 75
النخيلة: 97، 98
نيسابور: 31
النيل: 131، 140
النهروانات: 18
همدان: 154
وادي علي: 67
اليمن: 48، 152
أسماء المعارك والأيام والأعياد والمناسبات
الأضحى: 60
بدر: 81
الجمعة: 60
حجة الوداع: 24
حنين: 73
ذات السلاسل: 87
صفين: 85، 87، 121، 141، 161
الغدير: 60
الفطر: 60
ليلة العقبة: 158
النصف من شعبان: 139
يوم أحد: 50، 51
يوم بيعة أبي بكر: 162
يوم التاسع من ربيع الأول: 61
يوم التاسع من شهر ربيع الأول: 64
يوم التل: 143
يوم الجمعة: 20
يوم الجمل: 154، 161، 165
يوم الحديبية: 167
يوم خيبر: 76، 89
يوم الدار: 135
يوم الدوحات: 149
يوم السقيفة: 163
يوم سهيل بن عمرو: 159
يوم الطير: 89
يوم صفين: 103، 126
يوم الغدير: 178
يوم غدير خم: 76
يوم الفتح: 155
يوم النضير: 89
يوم النهروان: 123
223

أسماء الحيوانات والطيور والنباتات والأثمار والأشياء
الأسد: 140
البعير: 108
البغلة = بغلة شهباء: 134، 139، 143،
165
الثعبان: 20، 21، 40
الثعلب: 45
الثور: 15
الحمار: 127
الحمل: 140
الخطاطيف: 19
السبع: 139، 140، 141
الشاة: 107
الضباب: 180
الظربان: 180
الغراب: 46
الغنم: 119
الفرس: 48
الفيل: 21
الكلب: 41، 43، 45، 46، 59، 140
الليث: 139، 140
الناقة: 108
النحلة: 69
النحل: 177
النسر: 15
النعامة: 44
الهدهد: 43
النباتات والأثمار
التمر: 95
الزنجبيل: 36
الرطب: 93
سدرة المنتهى: 84
شجرة طوبى: 27
العنب: 92
العوسج: 108
القصب: 50
الكمأة: 108
الشجرة المباركة: 108
المقل: 134
النبق: 92
نخل المدينة: 53
النخل: 66
النخل الصيحاني: 66
الورس: 108
224

6. فهرس مصادر التحقيق
1. الإحتجاج، أحمد بن علي الطبرسي، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
2. الإختصاص، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي [الشيخ المفيد] (413 ق)،
تصحيح: علي أكبر الغفاري، قم: مؤسسة النشر الإسلامي.
3. أربعون حديثا في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): ابن أبي الفوارس (ق 6)، مجموعة ميراث حديث
شيعة / 5، مركز تحقيقات دار الحديث.
4. الأربعين عن الأربعين، عبد الرحمان بن أحمد بن حسين النيشابوري، مجمع إحياء الآثار.
5. إرشاد القلوب، الحسن بن أبي الحسن الديلمي (ق 8)، تحقيق: هاشم الميلاني، دار الأسوة
للطباعة والنشر، 1417 ق.
6. إعلام الورى بأعلام الهدى، الفضل بن حسن الطبرسي، قم: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء
التراث.
7. أعيان الشيعة، محسن الأمين، بيروت: دار التعارف.
8. الأمالي، محمد بن الحسن الطوسي (460 ق)، قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة،
1414، الطبعة الأولى.
9. الأمالي، محمد بن النعمان العكبري البغدادي [الشيخ المفيد] (413 ق)، تحقيق: حسين
أستاذ ولي - علي أكبر الغفاري، قم: منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية،
1403 ق.
10. الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية، عباس القمي، دار الذخائر، 1412 ق.
11. إيمان أبي طالب، محمد بن محمد بن النعمان العكبري [الشيخ المفيد]، مؤسسة البعثة.
12. بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (1111 ق)، بيروت: مؤسسة الوفاء، 110 ج.
225

13. البرهان في تفسير القرآن، هاشم بن سليمان البحراني، قم: مؤسسة البعثة.
14. بشارة المصطفى لشيعة المرتضى، محمد بن علي الطبري (525 ق)، النجف الأشرف:
المكتبة الحيدرية.
15. بصائر الدرجات، محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي (290 ق)، قم: منشورات
مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، 1404 ق.
16. تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (463 ق)، تحقيق: مصطفى عبد القادر، بيروت:
دار الكتب العلمية، 1417 ق.
17. تاريخ مدينة دمشق (حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام))، علي بن الحسن بن عساكر.
18. تأويل الآيات الظاهرة، علي الحسيني الأسترآبادي، قم: مدرسة الإمام المهدي (عليه السلام).
19. التحصين - المطبوع مع تحف العقول -، ابن طاووس الحلي،، قم: مؤسسة النشر
الإسلامي.
20. تحف العقول عن آل الرسول، الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني (ق 4)، بيروت:
مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1417 ق.
21. التمحيص - ضمن تحف العقول -، الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني (رحمه الله) بيروت:
مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1417 ق.
22. تفسير علي بن إبراهيم القمي، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
23. تنقيح المقال في علم الرجال، عبد الله المامقاني، قم: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
24. جامع الأخبار، محمد بن محمد الشعيري السبزواري، بيروت: مؤسسة الأعلمي
للمطبوعات.
25. جمهرة أنساب العرب، علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، بيروت: دار الكتب العلمية.
26. حلية الأولياء، أبو نعيم الأصفهاني، بيروت: دار الكتب العلمية.
27. الخرائج والجرائح، سعيد بن هبة الله الراوندي، قم: مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام).
28. خصائص الأئمة، الشريف الرضي (406 ق)، مجمع البحوث الإسلامية.
29. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أحمد بن شعيب النسائي (303 ق)، تحقيق:
محمد الكاظم، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، 1419 ق، الطبعة الأولى.
30. الدر المنثور، عبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي، بيروت: دار الفكر.
226

31. الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم، جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي (ق 7)، مؤسسة
النشر الإسلامي، 1420 ق.
32. دلائل الإمامة، محمد بن جرير الطبري، منشورات الشريف الرضي.
33. دلائل النبوة، أبو نعيم الأصفهاني (430 ق)، بيروت: عالم الكتب، 1409 ق، الطبعة
الأولى.
34. رجال الطوسي، محمد بن الحسن الطوسي، قم: مؤسسة النشر الإسلامي.
35. الروضة في المعجزات والفضائل، أحد علماء الشيعة (كان حيا سنة 651 ق).
36. روضة الواعظين، محمد بن حسن بن علي بن أحمد [الفتال النيشابوري الشهيد] (508 ق)،
قم: منشورات الشريف الرضي، 1368 ش، 532 ص.
37. سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، بيروت: دار الفكر.
38. سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد الذهبي، بيروت: دار الفكر.
39. شرح الأخبار، القاضي نعمان.
40. شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزلي، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
41. الصراط المستقيم، زين الدين علي بن يونس العاملي (877 ق)، المكتبة المرتضوية
لإحياء الآثار الجعفرية، 1384 ق.
42. الصواعق المحرقة، شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي (973 ق).
43. علل الشرايع، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (381 ق)، مؤسسة دار الحجة
للثقافة، 1416 ق.
44. العقد الفريد، أحمد بن محمد بن عبد ربه، بيروت: دار الكتاب العربي.
45. عيون أخبار الرضا، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي [الصدوق] (381 ق)،
بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1404 ق.
46. عيون المعجزات، حسين بن عبد الوهاب (ق 5)، النجف الأشرف: المطبعة الحيدرية.
47. الغدير في الكتاب والسنة، عبد الحسين أحمد الأميني، قم: مركز الغدير للدراسات
الإسلامية.
48. فضائل الشيعة، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي [الصدوق]، تحقيق ونشر:
مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، 1410 ق.
227

49. الكافي، محمد بن يعقوب الكليني (329 ق)، دار الكتب الإسلامية، 1388 ق.
50. الكامل في التاريخ (تاريخ ابن الأثير)، علي بن محمد الشيباني (630 ق)، بيروت: دار
صادر.
51. كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمي (367 ق)، مؤسسة نشر الفقاهة،
1417 ق.
52. كشف الغمة في معرفة الأئمة، علي بن عيسى الإربلي، نشر أدب الحوزة.
53. كشف اليقين، العلامة الحلي، قم: مجمع إحياء الثقافة.
54. كتاب سليم بن قيس الهلالي، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني، نشر الهادي
1415 ق.
55. كفاية الطالب، محمد بن يوسف القرشي الگنجي الشافعي، طهران: دار إحياء التراث.
56. كمال الدين، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (381 ق)، تصحيح: علي أكبر
الغفاري، مكتبة الصدوق، 1390 ق.
57. كنز العمال، علي بن حسام الدين الهندي، بيروت: مؤسسة الرسالة.
58. مراصد الاطلاع، عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي، بيروت: دار المعرفة.
59. مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الميرزا حسين النوري (1320 ق)، قم: مؤسسة
آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
60. مشارق أنوار اليقين، الحافظ رجب البرسي، قم: انتشارات المكتبة الحيدرية، 1416 ق.
61. مقتل الحسين، أحمد بن محمد المكي الخوارزمي، قم: مكتبة المفيد.
62. المؤتلف والمختلف، علي بن عمر الدارقطني البغدادي (385 ق)، تحقيق: موفق بن عبد الله
ابن عبد القادر، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1406 ق، 4 ج مع الفهارس.
63. المناقب، أحمد بن محمد المكي الخوارزمي (568 ق)، تحقيق: مالك المحمودي، قم:
مؤسسة النشر الإسلامي، 1411 ق.
64. مائة منقبة، محمد بن أحمد بن حسن بن شاذان القمي (كان حيا سنة 412 ق).
65. معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي، بيروت: دار صادر.
66. المسترشد في إمامة أمير المؤمنين، محمد بن جرير بن رستم الطبري (310 ق)،
كوشانبور: مؤسسة فرهنك إسلامي.
228

67. مدينة المعاجز، هاشم البحراني (1107 ق)، مؤسسة المعارف الإسلامية، 1413 ق.
68. مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي (652 ق)، قم:
مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر، 1420 ق.
69. مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، محمد بن سليمان الكوفي القاضي (من
أعلام ق 3)، تحقيق: محمد باقر المحمودي، قم: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية،
1412 ق.
70. مناقب الإمام على (عليه السلام)، علي بن محمد بن المغازلي، بيروت: دار الأضواء.
71. مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب المازندراني (588 ق)، النجف الأشرف: المطبعة
الحيدرية، 1376 ق.
72. نوادر المعجزات في مناقب الأئمة الهداة، محمد بن جرير بن رستم الطبري (310 ق)، قم:
مؤسسة الإمام المهدي (عليه السلام)، 1410 ق.
73. وقعة صفين، نصر بن مزاحم المنقري، قم: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي (رحمه الله).
74. المحاسن والمساوئ، إبراهيم بن محمد البيهقي، بيروت: دار الكتب العلمية.
75. تقريب المعارف، نجم الدين بن عبيد الله الحلبي، قم.
76. أنساب الأشراف، أحمد بن يحيى البلاذري، القاهرة: دار المعارف.
77. الأربعون حديثا، منتجب الدين علي بن عبيد الله القمي الرازي، قم: مدرسة الإمام
المهدي (عليه السلام).
78. الطرائف، علي بن موسى بن طاووس الحلي (664 ق)، قم: مكتبة الخيام.
79. رجال ابن داود، الحسن بن علي بن داود الحلي (740 ق)، طهران: جامعة طهران، 1342 ش.
80. تفسير العياشي، محمد بن مسعود بن عياش (م 320 ق)، طهران: مكتبة العلمية
الإسلامية، مجلدان.
81. الحجة على إيمان أبي طالب.
82. ينابيع المودة لذوي القربى، سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي، دار الأسوة، 1416 ق.
83. اليقين، علي بن طاووس الحلي (م 664 ق)، قم: مؤسسة دار الكتاب، 1413 ق.
229