الكتاب: إقبال الأعمال
المؤلف: السيد ابن طاووس
الجزء: ١
الوفاة: ٦٦٤
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: جواد القيومي الاصفهاني
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: رجب ١٤١٤
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
ردمك:
ملاحظات:

إقبال الأعمال (ج 1)
مضمار السبق
في
ميدان الصدق
1

مضمار السبق
في
ميدان الصدق
المؤلف
السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس
المحقق
جواد القيومي الأصفهاني
3

مركز النشر
مكتب الاعلام الاسلامي
اسم الكتاب: اقبال الأعمال (ج 1)
المؤلف: السيد رضي الدين علي بن موسى جعفر بن طاووس
المحقق: جواد القيومي الأصفهاني
الناشر: مكتب الاعلام الاسلامي
طبع على مطابع: مكتب الاعلام الاسلامي
الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: رجب 1414 ه‍ ق
طبع منه: 3000 نسخة
جميع الحقوق محفوظة للناشر -
قم: شارع الشهداء (صفائية) ص، ب: 917 - هاتف 23426
4

بسم الله الرحمن الرحيم
5

حياة المؤلف: بسم الله الرحمن الرحيم
هو السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد (1) بن
إسحاق (2) بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود (3) بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب
عليهما السلام.
ولد رضوان الله عليه في الحلة قبل ظهر يوم الخميس في منتصف محرم سنة 589 ه‍ ونشأ بها -
يحدث نفسه عن تاريخ نشأته ودراسته في كشف المحجة - ثم هاجر إلى بغداد وأقام فيها نحوا من
15 سنة في زمن العباسيين، وعاد في أواخر عهد المستنصر المتوفى 640 ه‍ إلى الحلة، فبقي
هناك مدة من الزمن ثم انتقل إلى المشهد الغروي، فبقي فيها ثلاث سنين.
ثم انتقل إلى كربلاء فبقي هناك ثلاث سنين، ثم انتقل إلى الكاظمين فبقي فيها ثلاث
سنين، وكان عازما على مجاورة سامراء أيضا ثلاث سنين، وكان سامراء يومئذ كصومعة في برية،
ثم عاد إلى بغداد سنة 652 ه‍ باقتضاء المصالح في دولة المغول، فبقي فيها إلى حين احتلال المغول

1 - يكنى أبا عبد الله ولقب بالطاووس، لأنه كان مليح الصورة وقدماه غير مناسبة لحسن صورته، وهو أول من ولى
النقابة بسورا.
2 - قال النوري في المستدرك 3: 466 عن مجموعة الشهيد الأول: (كان إسحاق يصلي في اليوم والليلة خمسمأة ركعة
عن والده).
3 - في عمدة الطالب: 178: كان داوود رضيع الإمام الصادق عليه السلام حبسه المنصور وأراد قتله ففرج الله تعالى
عنه بالدعاء الذي علمه الصادق لامه ويعرف بدعاء أم داوود في النصف من رجب مذكور به في الاقبال
وغيره.
7

بغداد فشارك في أهوالها وشملته آلامها.
يقول في ذلك في كشف المحجة: (تم احتلال بغداد من قبل التتر في يوم الاثنين 18 محرم
سنة 656 ه‍، وبتنا ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية، فسلمنا الله جل جلاله من تلك
الأهوال) (1).
كلف السيد في زمن المستنصر بقبول منصب الافتاء تارة ونقابة الطالبيين تارة أخرى، حتى
وصل الامر بان عرض عليه الوزارة فرفضها، غير أنه ولي النقابة بالعراق من قبل هولاكو سنة
661 وجلس على مرتبة خضراء، وفي ذلك يقول الشاعر علي بن حمزة مهنئا:
فهذا علي نجل موسى بن جعفر
شبيه علي نجل موسى بن جعفر
فذاك بدست للإمامة أخضر
وهذا بدست للنقابة أخضر
لان المأمون العباسي لما عهد إلى الرضا عليه السلام ألبسه لباس الخضرة وأجلسه على
وسادتين عظيمتين في الخضرة وأمر الناس بلبس الخضرة. (2)
واستمرت ولاية النقابة إلى حين وفاته وكانت مدتها ثلاث سنين وأحد عشر شهرا. (3)
كانت بين السيد وبين مؤيد الدين القمي وزير الناصر ثم ابنه الظاهر ثم المستنصر مواصلة
وصداقة متأكدة، كما كانت صلة أكيدة بينه وبين الوزير ابن العلقمي وابنه صاحب المخزن.
ولما فتح هولاكو بغداد في سنة 656 ه‍ وأمر أن يستفتي العلماء أيما أفضل: السلطان الكافر
العادل أو السلطان المسلم الجائر؟ فجمع العلماء بالمستنصرية لذلك، فلما وقفوا على المسألة
أحجموا عن الجواب، وكان رضي الدين علي بن الطاووس حاضر المجلس وكان مقدما محترما،
فلما رأى احجامهم تناول الورقة وكتب بخطه: الكافر العادل أفضل من المسلم الجائر، فوضع
العلماء خطوطهم معتمدين عليه. (4)

1 - كشف المحجة: 115، فرج المهموم: 147، الاقبال: 586.
2 - الكنى والألقاب 1: 328.
3 - الآداب السلطانية: 11.
8

أسرته، اخوته، خلفه الصالح:
الف - أبوه: هو السيد الشريف أبو إبراهيم موسى بن جعفر (1) بن محمد بن أحمد بن محمد بن
الطاووس، كان من الرواة المحدثين، كتب رواياته في أوراق ولم يرتبها، فجمعها ولده رضي الدين
في أربع مجلدات وسماه: (فرحة الناظر وبهجة الخاطر مما رواه والدي موسى بن جعفر).
روى عنه ولده السيد علي، وروى عن جماعة منهم: علي بن محمد المدائني والحسين بن رطبة،
توفي في المأة السابعة، ودفن في الغري. (2)
ب - أمه: كانت أمه بنت الشيخ ورام بن أبي فراس (3)، فهو جده لامه - كما صرح به في
تصانيفه -، وكانت لم والده سعد الدين بنت ابنة الشيخ الطوسي، ولذا يعبر في تصانيفه كثيرا عن
الشيخ الطوسي بالجد أو جد والدي، وعن الشيخ أبي علي الحسن بن الشيخ الطوسي بالخال أو
خال والدي.
ج - اخوته:
1 - السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس، فقيه أهل البيت وشيخ الفقهاء وملاذهم،
صاحب التصانيف الكثيرة البالغة إلى حدود الثمانين التي منها: كتاب البشرى في الفقه في ست
مجلدات، شواهد القرآن، بناء المقالة العلوية.
هو من مشايخ العلامة الحلي وابن داود صاحب الرجال، قال عنه ابن داود في كتابه
الرجال: (رباني وعلمني وأحسن إلي) (4)، توفي بعد أخيه السيد رضي الدين بتسع سنين، أي في
سنة 673 ه‍.
2 - السيد شرف الدين محمد بن موسى بن طاووس، استشهد عند احتلال التتر بغداد سنة
656 ه‍.
3 - السيد عز الدين الحسن بن موسى بن طاووس، توفي سنة 654 ه‍. (5)

1 - هو صهر الشيخ الطوسي على بنته.
2 - البحار 107: 39.
3 - ما ذكره الشيخ يوسف البحراني في لؤلؤة البحرين وتبعه في ذلك الخونساري في الروضات من أن أم السيد
ابن طاووس هي بنت الشيخ الطوسي - فباطل من وجوه - راجع خاتمة المستدرك 3: 471.
4 - رجال ابن داود: 46.
5 - عمدة الطالب: 19.
9

د - زوجته: هي زهراء خاتون بنت الوزير ناصر بن مهدي، تزوجها بعد هجرته إلى مشهد
الكاظم عليه السلام.
ه‍ - أولاده:
1 - صفي الدين محمد بن علي بن طاووس، الملقب بن المصطفى، ولد يوم الثلاثاء المصادف 9
محرم سنة 643 ه‍ في مدينة الحلة، وقد كتب والده كشف المحجة وصية إليه، ولي النقابة بعد
أبيه، توفي سنة 680 ه‍ دارجا.
2 - رضي الدين علي بن علي بن طاووس، ولد يوم الجمعة 8 محرم سنة 647 ه‍، نسب إليه
كتاب (زوائد الفوائد) الذي هو في بيان اعمال السنة والآداب المستحسنة، ولي النقابة بعد
أخيه وبقيت النقابة بعده في ولده. (1)
3 - شرف الاشراف: قال والدها عنها في سعد السعود: ابنتي الحافظة لكتاب الله المجيد
شرف الاشراف، حفظته وعمرها اثنا عشرة سنة.
4 - فاطمة، قال والدها عنها فيها أيضا: فيما نذكره من مصحف معظم تام أربعة اجزاء،
وقفته على ابنتي الحافظة للقرآن الكريم فاطمة، حفظته وعمرها دون تسع سنين.
الثناء عليه:
قد اثنى عليه كل من تأخر عنه وأطراه بالعلم والفضل والتقي والنسك والكرامة:
قال عنه الشيخ النوري في خاتمة المستدرك: (السيد الاجل الأكمل الأسعد الأورع
الأزهد، صاحب الكرامات الباهرة رضي الدين أبو القاسم وأبو الحسن علي بن سعد الدين
موسى بن جعفر بن طاووس آل طاووس، الذي ما اتفقت كلمة الأصحاب على اختلاف مشاربهم

1 - النقابة: هي تولية شؤون العلويين، تدبير أمورهم والدفع عما ينالهم من العدوان، فتولاهم من هذا البيت السيد أبو
عبد الله محمد الملقب بالطاووس، كان نقيبا بسورى - وهو من اعمال بابل بالقرب من الحلة - كما تولاها اخوه احمد
في هذا البلد وتولاها ابن أخيه مجد الدين محمد بن عز الدين الحسن بن أبي إبراهيم موسى بن جعفر، فإنه خرج إلى
السلطان هلاكو وصنف له كتاب البشارة وسلم الحلة والنيل - في قرب حله - حفره الحجاج الثقفي وهو يمتد من
الفرات الكبير والمشهدين من القتل والنهب ورده إليه حكم النقابة بالبلاد الفراتية، وتولاها ابن أخيه وهو
غياث الدين عبد الكريم ابن جمال الدين أبي الفضائل احمد ابن أبي إبراهيم بن موسى بن جعفر، كما تولاها ولده
أبو القاسم علي بن غياث الدين السيد عبد الكريم، وتولاها ولده احمد وحفيده عبد الله، تولاها في نصيبين من أهل
هذا البيت أبو يعلى محمد بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داوود بن الحسن المثنى، وكان أديبا شجاعا كريما فاضلا
- عمدة الطالب: 180 - 178.
10

وطريقتهم على صدور الكرامات عن أحد ممن تقدمه أو تأخر عنه غيره - ثم تبرك بذكر بعض
كراماته.) (1)
وقال أيضا: (وكان رحمه الله من عظماء المعظمين لشعائر الله تعالى، لا يذكر في أحد من
تصانيفه الاسم المبارك الا ويعقبه بقوله: جل جلاله.) (2)
اثنى عليه الحر العاملي في أمل الآمل بقوله: (حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة
والفقه والجلالة والورع أشهر من أن يذكر، وكان أيضا شاعرا أديبا منشئا بليغا.) (3)
قال التستري في المقابس: (السيد السند المعظم المعتمد العالم العابد الزاهد الطيب الطاهر،
مالك أزمة المناقب والمفاخر، صاحب الدعوات والمقامات، والمكاشفات والكرامات، مظهر
الفيض السني واللطف الخفي والجلي.) (4)
قال الماحوزي في البلغة: (صاحب الكرامات والمقامات، ليس في أصحابنا أعبد منه
وأورع.) (5)
قال المحدث القمي عنه: (... رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن طاووس
الحسني الحسيني، السيد الاجل الأورع الأزهد قدوة العارفين... وكان رحمه الله مجمع الكمالات
السامية حتى الشعر والأدب والانشاء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء). (6)
وقال أيضا: (السيد رضي الدين أبو القاسم الاجل الأورع الأزهد الأسعد، قدوة العارفين
ومصباح المتهجدين، صاحب الكرامات الباهرة والمناقب الفاخرة، طاووس آل طاووس
السيد بن طاووس قدس الله سره ورفع في الملأ الأعلى ذكره.) (7)
مشايخه والمجيزين له:
1 - الشيخ أسعد بن عبد القاهر بن أسعد الأصفهاني، صاحب كتاب رشح الولاء في شرح

1 - خاتمة المستدرك 3: 367.
2 - خاتمة المستدرك 3: 469.
3 - أمل الآمل 2: 205.
4 - المقابس: 16.
5 - منتهى المقال: 357.
6 - الكنى والألقاب 1: 328.
7 - فوائد الرضوية: 330.
11

دعاء صنمي قريش، اجازه في صفر سنة 635 ه‍.
2 - بدر بن يعقوب المقري الأعجمي، المتوفى سنة 640 ه‍.
3 - تاج الدين الحسن بن علي الدربي.
4 - الشيخ الحسين بن أحمد السوراوي، قال في الفلاح: أجازني في جمادي الآخرة سنة
609 ه‍.
5 - كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد بن محمد بن عبد الله الحسيني، قرأ عليه السيد في يوم السبت السادس عشر من جمادي الثانية سنة 620 ه‍.
6 - سديد الدين سالم بن محفوظ بن عزيزة بن وشاح السوراوي الحلي، قرأ عليه التبصرة
وبعض المنهاج.
7 - أبو الحسن علي بن يحيى بن علي الحناط - كما في بعض الكتب، نسبته إلى بيع الحنطة - أو
الخياط - كما في بعض، نسبته إلى عمل الخياطة - أو الحافظ - كما في بعض آخر، صرح السيد في
كتبه بأنه اجازه سنة 609 ه‍.
8 - شمس الدين فخار بن معد الموسوي.
9 - نجيب الدين محمد السوراوي - كما في بعض الإجازات، كما بعض الإجازات، لكن في الرياض: الشيخ
يحيى بن محمد بن يحيى السوراوي.
10 - أبو حامد محيي الدين محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني الحلبي.
11 - أبو عبد الله محب الدين محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي، المتوفى سنة
643، صاحب كتاب (ذيل تاريخ بغداد).
12 - صفي الدين محمد بن معد الموسوي.
13 - الشيخ نجيب الدين محمد بن نما.
14 - الشريف موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن الطاووس - والده.
تلاميذه والرواة عنه:
1 - إبراهيم بن محمد بن أحمد بن صالح القسيني، أجاز له في سنة وفاته جمادي الآخرة سنة
664 ه‍.
2 - السيد أحمد بن محمد العلوي.
3 - جعفر بن محمد بن أحمد بن صالح القسيني، أجاز له في سنة وفاته.
12

4 - الشيخ تقي الدين الحسن بن داود الحلي.
5 - جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، العلامة.
6 - السيد غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاووس.
7 - السيد علي بن علي بن طاووس ابن المؤلف، صاحب كتاب زوائد الفوائد.
8 - علي بن محمد بن أحمد بن صالح القسيني، أجاز له في سنة وفاته.
9 - الشيخ محمد بن أحمد بن صالح القسيني.
10 - الشيخ محمد بن بشير.
11 - السيد محمد بن علي بن طاووس، ابن المؤلف.
12 - السيد نجم الدين محمد بن الموسوي.
13 - الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي.
14 - سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر - والد العلامة.
آثاره الثمينة وتصانيفه القيمة:
1 - الإبانة في معرفة أسماء كتب الخزانة.
2 - الإجازات لكشف طرق المفازات فيما يخصني من الإجازات.
3 - اسرار الصلاة.
4 - الاسرار المودعة في ساعات الليل والنهار.
5 - الاصطفاء في تاريخ الخلفاء.
6 - إغاثة الداعي وإعانة الساعي.
7 - الاقبال بالاعمال الحسنة فيما يعمل مرة في السنة - وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ.
8 - الأمان من اخطار الاسفار والأزمان.
9 - الأنوار الباهرة.
10 - البهجة لثمرة المهجة.
11 - التحصيل من التذييل.
12 - التحصين في اسرار ما زاد على كتاب اليقين.
13 - التراجم فيما ذكره عن الحاكم.
14 - التعريف للمولد الشريف.
13

15 - التمام لمهام شهر الصيام.
16 - التوفيق للوفاء بعد التفريق في دار الفناء.
17 - جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.
18 - الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثلها كل شهر على التكرار.
19 - ربيع الألباب في معاني مهمات ومرادات.
20 - روح الاسرار وروح الاسمار، ألفه بالتماس محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة.
21 - ري الظمآن من مروي محمد بن عبد الله بن سليمان.
22 - زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.
23 - السعادات بالعبادات.
24 - سعد السعود.
25 - شفاء العقول من داء الفضول.
26 - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف.
27 - الطرف من الانباء والمناقب في شرف سيد الأنبياء وعترته الأطائب.
28 - غياث سلطان الورى لسكان الثرى.
29 - فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين رب الأرباب.
30 - فتح الجواب الباهر في شرح وجوب خلق الكافر.
31 - فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم.
32 - فرحة الناظر وبهجة الخواطر.
33 - فلاح السائل ونجاح المسائل.
34 - القبس الواضح من كتاب الجليس الصالح.
35 - كشف المحجة لثمرة المهجة.
36 - لباب المسرة من كتاب مزار ابن أبي قرة.
37 - اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة صاحب المقام الشريف (جعله في
ضمن كتاب الاقبال).
38 - المجتنى من الدعاء المجتبى.
39 - محاسبة النفس.
40 - مسالك المحتاج إلى مناسك الحاج.
14

41 - مصباح الزائر وجناح المسافر.
42 - مضمار السبق في ميدان الصدق، وهو الكتاب الذي بين يدي القارئ.
43 - الملاحم والفتن في ظهور الغائب المنتظر.
44 - الملهوف على قتلى الطفوف.
45 - المنتقى في العوذ والرقى.
46 - مهج الدعوات ومنهج العنايات.
47 - المواسعة والمضايقة.
48 - اليقين باختصاص مولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام بإمرة المؤمنين.
وفاته: ومدفنه الشريف:
توفي رضوان الله عليه في بغداد بكرة يوم الاثنين خامس شهر ذي القعدة من سنة 664 ه‍.
اما مدفنه الشريف فقد اختلف فيه الأقوال:
قال الشيخ يوسف البحراني: (قبره غير معروف الآن.) (1)
ذكر المحدث النوري: (ان في الحلة في خارج المدينة قبة عالية في بستان نسب إليه ويزار
قبره ويتبرك به، ولا يخفى بعد لو كان الوفاة ببغداد - والله العالم.) (2).
قال السيد الكاظمي في خاتمة كتابه: تحية أهل القبور بما هو مأثور: (والذي يعرف بالحلة
بقبر السيد علي بن طاووس في البستان هو قبر ابن السيد علي بن السيد علي المذكور، فإنه يشترك
معه في الاسم واللقب.) (3)
يدفع هذه الشكوك ما ذكره السيد في فلاح السائل من اختياره لقبره في جوار مرقد
أمير المؤمنين عليه السلام تحت قدمي والديه.
قال قدس سره: (وقد كنت مضيت بنفسي وأشرت إلى من حفر لي قبرا كما اخترته في جوار
جدي ومولاي علي بن أبي طالب عليه السلام متضيفا ومستجيرا ووافدا وسائلا وآملا، متوسلا
بكل ما يتوسل به أحد من الخلائق إليه وجعلته تحت قدمي والدي رضوان الله عليهما، لأنه وجدت
الله جل جلاله يأمرني بخفض الجناح لهما ويوصيني بالاحسان إليهما، فأردت أن يكون رأسي مهما

1 - لؤلؤة البحرين: 241.
2 - خاتمة مستدرك الوسائل 3: 472.
3 - هامش لؤلؤة البحرين: 241.
15

بقيت في القبور تحت قدميهما.) (1)
مضافا إلى ما ذكره ابن الفوطي في كتابه الحوادث الجامعة، قال: (وفيها - أي سنة
664 ه‍ - توفي السيد النقيب الطاهر رضي الدين علي بن طاووس وحمل إلى مشهد جده علي بن أبي
طالب عليه السلام، قيل: كان عمره نحو ثلاث وسبعين سنة.) (2)
ما ذكره هو الصحيح ومقدم على أقوال الآخرين لمعاصرته لتلك الفترة، ولهذا أفضل من ارخ
حوادث القرن السابع الهجري.
وبالجملة: هو الحسني نسبا، والمدني أصلا، والحلي مولدا ومنشأ، والبغدادي مقاما،
والغروي جوارا ومدفنا.
كلام حول مؤلف وتأليفه:
اهتم السيد بالتصنيف بالجانب الدعائي اهتماما زائدا على التصنيف في سائر الجوانب،
حتى كأنه الصفة الغالبة لمصنفاته، وأشار إلى سبب هذا الأمر في اجازته وقال:
(واعلم أنه إنما اقتصرت على تأليف كتاب غياث سلطان الورى لسكان الثرى من كتب
الفقه في قضاء الصلوات عن الأموات، وما صنفت غير ذلك من الفقه وتقرير المسائل والجوابات
لأني كنت قد رأيت مصلحتي ومعاذي في دنياي وآخرتي في التفرغ عن الفتوى في الأحكام الشرعية
لأجل ما وجدت من الاختلاف في الرواية بين فقهاء أصحابنا في التكاليف الفعلية،
وسمعت كلام الله جل جلاله يقول عن أعز موجود عليه من الخلائق محمد صلى الله عليه وآله:
(ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم
من أحد حاجزين) (3).
فلو صنفت كتابا في الفقه يعمل بعدي عليه كان ذلك نقضا لتورعي عن الفتوى ودخولا
تحت حظر الآية المشار إليه لأنه جل جلاله إذا كان هذا تهديده للرسول العزيز الأعلم لو تقول
عليه، فكيف يكون حالي إذا تقولت عليه جل جلاله وأفتيت أو صنفت خطأ أو غلطا يوم
حضوري بين يديه.) (4)

1 - فلاح السائل: 73.
2 - الحوادث الجامعة: 356.
3 - الحاقة: 44 - 47.
4 - الإجازات المطبوع في بحار الأنوار 107: 42.
16

وكان من فضل الله جل جلاله عليه ان قد هيأ له من الكتب وغيرها من أسباب التصنيف
ما لم يهيئه لاحد في عصره وما بعده، حيث إنه جرى ملكه على الف وخمسمأة مجلد من الكتب عند
تأليفه لكتاب الاقبال (1) به في سنة 650 ه‍ صرح نفسه في كتاب كشف المحجة الذي الفه لولده
محمد سنة 649 ه‍، ان خصوص كتاب الدعاء الموجودة عنده أكثر من ستين مجلدا وقال: (وهيأ
الله جل جلاله عندي مجلدات في الدعوات أكثر من ستين مجلدا فالله الله في حفظها والحفظ من
ادعيتها فإنها من الذخائر التي تتنافس عليها العارفون في حياطتها وما اعرف عند أحد مثل كثرتها
وفائدتها.) (2)
وذكر في أواخر مهج الدعوات الذي ألفه قبل وفاته بسنتين (3) وفي كتاب اليقين الذي يعد من
أواخر تصانيفه، ان خزانة كتبه أكثر من سبعين مجلدا من كتب الدعاء.
جعل السيد تصانيفه الدعائية تتمات لكتاب مصباح المتهجد لشيخ الطائفة محمد بن حسن
الطوسي قدس سره، وألف عدة مجلدات في أدعية الأيام والأسبوع والشهور والسنة، ذكر في
مقدمة كتاب فلاح السائل الذي يعد أول كتابه في هذا المضمار في علة تصنيف هذه الكتب
وتعداده:
(فإنني لما رأيت بما وهبني الله جل جلاله من عين العناية الإلهية في مرآة جود تلك المراحم
والمكارم الربانية كيف أنشأني ورباني وحملني في سفن النجاة على ظهور الآباء وأودعني في
البطون وسلمني مما جرى على من هلك من القرون وهداني إلى معرفته - إلى أن قال -: وعرفت ان
لسان المالك المعبود يقول لكل مملوك مسعود: أي عبدي قد قيدت السابقين من الموقنين
الميدان فما يمنعك من سبقهم بغاية الامكان أو لحاقهم في مقامات الرضوان، فعزمت ان اجعل
ما اختاره الله جل جلاله مما رويته أو وقفت عليه وما يأذن جل جلاله لي في اظهاره من اسراره
انا مرتب ذلك بالله جل جلاله في عدة مجلدات يحتسب ما أرجوه من المهمات والتتمات:
المجلد الأول والثاني: اسمية كتاب فلاح السائل في عمل يوم وليله وهو مجلدان (4).

1 - ذكره الشهيد في مجموعته التي نقلها الجبعي عن خطه.
2 - كشف المحجة: 131.
3 - مهج الدعوات: 347.
4 - الجزء الثاني من هذا الكتاب مفقود.
17

والمجلد الثالث: اسميه كتاب زهرة الربيع في أدعية الأسابيع.
والمجلد الرابع: اسميه كتاب جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع.
والمجلد الخامس: اسميه كتاب الدروع الواقية من الاخطار فيما يعمل مثله كل شهر على
التكرار.
والمجلد السادس: اسميه كتاب المضمار للسباق واللحاق بصوم شهر اطلاق الأرزاق وعتاق
الأعناق.
والمجلد السابع: اسميه كتاب السالك المحتاج إلى معرفة مناسك الحجاج.
والمجلد الثامن والتاسع: أسميهما كتاب الاقبال بالاعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل ميقاتا
واحدا كل سنة.
والمجلد العاشر: اسميه كتاب السعادات بالعبادات التي ليس لها وقت معلوم في الروايات
بل وقتها بحسب الحادثات المقتضية والأدوات المتعلقة بها.)
الف السيد بعد هذه الكتب كتاب مهج الدعوات ومنهج العنايات، قال في مقدمة الكتاب:
(فإنني كنت علقت في أوقات رياض العقول ونقلت من خزائن بياض المنقول من الاحراز
والقنوتات والحجب والدعوات المعظمة عن النبي والأئمة النجب ومهمات من الضراعات المتفرقة
في الكتب ما هو كالمهج لأجسادها والمنهج لمرتادها).
ثم ألف كتاب المجتنى من الدعاء المجتبى في ذكر دعوات لطيفة ومهمات شريفة (1).
ما أورده السيد قدس الله جل جلاله سره في عشرة مجلدات كتابه وغيرها من كتب الأدعية
من الأدعية والأعمال كلها منقول من تلك الكتب الكثيرة التي يهيأ لأحد قبله ولا بعده، وليس
فيها من منشأت السيد الا في عدة مواضع صرح فيها بأنه لم يجد في كتب الأدعية ودعاء خاصا به
فأنشأ دعاء من نفسه - كما يظهر من بعض فصول كتاب المضمار والدروع الواقية - وأكثر تلك
الكتب كانت عنده معتمدة صحيحة مروية، والبعض الذي وجده ولم يكن له طريق معتبر إليه
اكتفى فيه بعموم الحديث فيمن بلغه ثواب على عمل - كما أشار إليه في أول كتاب فلاح السائل.
ما يمتاز كتب السيد عن غيره هو في الحقيقة لصفاء ذاته ونورانيته وخلوص عمله، وأكثر كتبه
مشحون بالمواعظ والنظريات الأخلاقية وذكر كيفية معاملة العبد مع مولاه.

1 - من منن الله علي ان وفقني لتصحيح أغلب هذه الكتب كجمال الأسبوع والدروع والواقية ومهج الدعوات والمجتني
والمضمار والاقبال وسائر كتب السيد كسعد السعود وفرج المهموم ومحاسبة النفس، وله الحمد كما هو أهله.
18

اما تأثير الدعوة الأخلاقية لا يأتي من مجرد شحن الكتاب بالنظريات الأخلاقية المجردة بل
لروحية المؤلف أعظم الأثر في اجتذاب القلوب إلى الخير والصواب، ومن هنا اشترطوا في الواعظ
أن يكون متعظا.
ومن العجيب ان قلب الرجل الأخلاقي يبرز ظاهرا على قلمه في مؤلفاته فتلمسه في ثنايا
كلماته وبالعكس ذلك الرجل الذي لا قلب له فإنك لا تقرء منه الا كلاما جافا لا روح فيه مهما
بلغت قيمته في حساب النظريات الأخلاقية وغيرها.
وفي نظري ان قيمة كتب السيد في الروح المؤمنة التي تقرأها في ثناياه أكثر بكثير من قيمته
العلمية، واني لأتحدى قارئ هذه الكتب إذا كان مستعدا للخير ان يخرج من غير متأثر بدعوته.
وهذا هو السر في اشتهار كتبه والاقبال عليه، على أنه لا يزيد عن ناحية علمية على بعض
الكتب المتداولة التي لا نجد فيها هذا الذوق والروحانية، وكتبه يكشف لنا عن نفسية المؤلف
وما كان عليه من خلق عال وايمان صادق.
حتى أن السيد ميز بين كتبه كتاب مصباح الزائر الذي ألفه في بداية ما شرع في التأليف،
بأنه خالية من الاسرار الربانيات وسلك فيه سبيل العادات (1).
ذكر السيد نفسه في جواب من قال: إن في أيدي الناس المصباح وغيره من المصنفات
ما ليس عندهم نشاطا للرغبة إليه فأي حاجة كانت إلى زيادة عليه:
(ان الذي أودعناه كتابنا هذا ما هو مجرد زيادات وعبادات، ولا كان المقصود جمع صلوات
ودعوات، وإنما ضمناه ما لم يعرف فيما وقفنا عليه المخالف والمؤالف مثل الذي هدانا الله جل
جلاله بتصنيفه إليه، من كيفية معاملات الله جل جلاله بالاخلاص في عبادته ومن عيوب
الأعمال التي تفسد العمل وتخرجه من طاعة الله جل جلاله إلى معصية - إلى أن قال: - مع أن
الذي عملنا هذا العمل لأجله قد كان سلفنا اجرة أكثر من استحقاقنا على فعله، وأعطانا في
الحال الحاضرة ما لم تبلغ آمالنا إلى مثله ووعدنا وعد الصدق بما لا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة
أعين من فضله، فقد استوفينا اضعاف اجرة ما صنفناه ووضعناه، ومهما حصل بعد ذلك إذا عمل
عامل بمقتضاه ورغب فيما رغبناه فهو مكسب على ما وهبناه.) (2)
وبالجملة للسيد قدس الله جل جلاله اسراره لتأليفه اجزاء كتاب التتمات وجمعها من تلك

1 - كشف المحجة: 139.
2 - ذكره في آخر كتاب اقبال الأعمال.
19

الكتب حق عظيم على جميع الشيعة، وكل من ألف بعده كتابا في الدعاء فهو عيال عليه، مغترف
من حياضه، متناول من موائده.
كلام حول كتاب المضمار والاقبال:
هذا الكتاب الذي بين يدي القارئ يشتمل على تأليفين ثمينين من تأليفات السيد، وهما
كتاب المضمار السباق واللحاق بصوم شهر اطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق، (1) وكتاب الاقبال
بالاعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل ميقاتا واحدا كل سنة.
ذكر السيد في كتاب المضمار اعمال شهر رمضان وأدعيتها وكيفية معاملة العبد مع مولاه في
هذا الشهر وذكر في كتاب الاقبال اعمال سائر الشهور، وهو في مجلدين: أشار في المجلد الأول من
كتاب الاقبال فوائد شهر شوال وشهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة، وذكر في المجلد الثاني منه
اعمال بقية الشهور.
وصرح السيد في مواضع من كتاب الاقبال ان تأليف كتاب المضمار قبل كتاب الاقبال،
وأشار في خاتمة كتاب الاقبال انه فرغ من تأليفه يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة خمسة
وخمسون وستمأة في الحائر الحسيني على مشرفها آلاف التحية والثناء.
يظهر من بعض فصول الكتاب انه الحق بهذين الكتابين فصولا بعد تأليفهما، كما الحق فصلا
في سنة ستين وستمأة بعد ان وجد تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق وصل إليه في معرفة أول
شهر رمضان، والحق فصلا في الثالث عشر من ربيع الأول سنة 662 ه‍ حين تفطن فيه لانطباق
حديث الملاحم على نفسه، والحق في آخر شهر المحرم فصلا في سنة 656، وذكر في ذلك الفصل
انقراض دولة بني العباس في تلك السنة وجعل السلطان إياه نقيب العلويين والعلماء فيها.
ذكر السيد في خلال كتاب الاقبال كتاب اللطيف في التصنيف في شرح السعادة بشهادة
صاحب المقام الشريف، وشرح فيه ما جرى في يوم عاشوراء من وصف الاقبال والقتال.
حيث إن هذين الكتابين طبع مرات في مجلد واحد واشتهر كلاهما باسم كتاب الاقبال،
جعلناهما تحت عنوان الاقبال، وحيث إن أول شهور السنة في العبادات شهر رمضان، جعلنا
المضمار مقدما على الاقبال.

1 - عبر السيد عن كتابه هذا، من تحرير النيات للصيام.
20

كيفية التحقيق والتعليق:
1 - اعتمدت في تصحيح الكتاب على نسخ الموجودة منه، إليك بعضها:
ألف - النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة برقم
3319، فرغ ناسخه من كتابتها سنة 957.
ب - النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة برقم
3318، فرغ ناسخه من كتابتها سنة 1074.
ج - النسخة المطبوعة التي قوبلت بعدة نسخ سنة 1320.
جدير بالذكر: يوجد نسخ أخرى من هذا الكتاب في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام
ومكتبة آية الله العظمى المرعشي العامة، التي راجعنا إليها عند الحاجة، ويوجد في هامش بعضها
خطوط بعض العلماء كوالد المجلسي رحمه الله يطول بذكرها الكلام، والنسخة الأولى أقدم نسخ
الموجودة من هذا الكتاب.
2 - يوجد في هذين الكتابين موارد يظهر بالتأمل والمراجعة بنسخ الخطية انها من إضافات
النساخ، كأدعية الأيام في شهر رمضان من مجموعة مولانا زين العابدين عليه السلام، ومن اختيار
المصباح لسيد بن الباقي.
3 - سقط من كتاب المضمار خطبة المؤلف في أولها وسقط بعضها من المجلد الأول من
كتاب الاقبال، وأيضا سقط من كتاب المضمار حديث تعظيم شهر رمضان من رواية المفيد رحمه
الله وبقي منه سطر واحد، وحيث اننا وجدنا هذه الرواية ذكرناها في المتن وحفظا لكلام المؤلف
جعلناها بين المعقوفتين. 4 - استخرجت النصوص الحديثية والأدعية الواردة في المتن، من مصادرها الأصلية الموجودة،
واستقصيت كل ما نقله الشيخ في مصباحه والكفعمي في مصباحيه، والعلامة المجلسي في بحار
الأنوار والمحدث الحر العاملي في الوسائل والمحدث النوري في المستدرك، مع ذكر مظانها في
الهامش، ولا نقصد به التوثيق المصدري وإنما تفيدنا في تقويم النص وضبط الاعلام وأمور أخرى.
5 - اعتمدت بقدر الامكان على التلفيق بين الكتاب وما نقل في كتب الأدعية والمجاميع
الحديثية، لاثبات نص صحيح أقرب ما يكون لما تركه المؤلف، لعدم العثور على نسخة أصلية قابل
للاعتماد عليه، ووجود السقط والتحريف في النسخ.
6 - بذلت جهد الامكان في ضبط الاعلام الواردين في الكتاب خصوصا عند اختلاف
21

الكتب، وشرحت بعض مفاهيم المشكلة والألفاظ عند الحاجة إليها.
7 - نظر لأهمية الفهرس في مساعدة القارئ في استخراج المطالب التي يحتاجها، رتبت
مجموعة من الفهارس الفنية بمقدار ما يتحمله الكتاب من ذلك.
وفي الختام نشكر شكرا جزيلا لسماحة العلامة المحقق حجة الاسلام السيد عبد العزيز
الطباطبائي، الذي شملني عنايته الأبوية في تحقيق هذا الكتاب وسائر ما من الله جل جلاله علي
بتحقيقها، جزاه الله عني خير الجزاء ووفقه لما يحب ويرضى.
يوم ولادة مولانا والد الحجة
أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام
8 ربيع الثاني سنة 1414 ه‍
جواد القيومي الأصفهاني
22

الباب الأول
فيما نذكره من فوائد شهر رمضان
وفيه فصول:
فصل (1)
في تعظيم شهر رمضان
[من الروايات (1) في تعظيم شهر رمضان ما رواه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان
في أماليه، قال:
حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال: حدثنا جعفر بن أحمد الشاهد، قال:
حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أبي مسلم، قال: حدثنا أحمد بن خليس الرازي، قال:
حدثنا القاسم بن الحكم العرني، قال: حدثنا هشام بن الوليد، عن حماد بن سليمان
السدوسي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السيرافي، قال: حدثنا الضحاك بن
مزاحم، عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول:

1 - لم يوجد في النسخ الموجودة من الاقبال خطبة المؤلف في أوله - كما هي دأبه في تصانيفه - وكما لم يوجد في
النسخ ما ذكرناه في العنوان من الباب الأول والفصل الأول، وأيضا سقط من النسخ هذا الحديث، والموجود منه
آخر الحديث، (الملائكة وتستبشر وتهنئ - الخ)، وبما ان هذا الحديث هو ما ذكره المؤلف ذكرناه في المتن، وحفظا
لكلام المؤلف جعلناه في المعقوفتين.
23

إن الجنة لتنجد (1) وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان، فإذا كان أول
ليلة منه هبت ريح من تحت العرش يقال لها: المثيرة، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق
المصاريع (2)، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه، وتبرزن (3) الحور العين
حتى يقفن بين شرف الجنة، فينادين: هل من خاطب إلى الله عز وجل فيزوجه؟ ثم
يقلن: يا رضوان ما هذه الليلة؟ فيجيبهن بالتلبية، ثم يقول: يا خيرات حسان! هذه أول
ليلة من شهر رمضان، قد فتحت أبواب الجنان للصائمين من أمة محمد صلى الله عليه وآله.
قال: ويقول له عز وجل: يا رضوان! إفتح أبواب الجنان، يا مالك! أغلق أبواب
الجحيم عن الصائمين من أمة محمد، يا جبرائيل! أهبط إلى الأرض فصفد مردة الشياطين،
وعلقهم بأغلال، ثم اقذف بهم في لجج البحار حتى لا يفسدوا على أمة حبيبي صيامهم.
قال: ويقول الله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات: هل من
سائل فأعطيه سؤله؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ من يقرض
الملئ (4) غير المعدم والوفي غير الظالم؟
قال: وان لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عن الافطار ألف ألف عتيق
من النار، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة، أعتق في كل ساعة منهما ألف ألف
عتيق من النار، وكلهم قد استوجبوا العذاب، فإذا كان في آخر يوم من شهر رمضان
أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره.
فإذا كانت ليلة القدر أمر الله عز وجل جبرئيل عليه السلام، فهبط في كتيبة من
الملائكة إلى الأرض، ومعه لواء أخضر، فيركز اللواء على ظهر الكعبة، وله ستمأة جناح،
منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر، فينشرهما تلك الليلة، فيتجاوزان المشرق
والمغرب، ويبث جبرئيل الملائكة في هذه الليلة، فيسلمون على كل قائم وقاعد، ومصل

1 - نجد البيت: زينه، تنجد الشئ: ارتفع.
2 - المصاريع جمع مصراع، والمراد مصراع الباب.
3 - كذا في النسخ، والقياس: تبرز.
4 - الملئ: الغني والمقتدر، يعني من يقرض الغني الوفي الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة الأرض ولا في السماء.
24

وذاكر، ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر.
فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل عليه السلام: يا معشر الملائكة! الرحيل الرحيل،
فيقولون: يا جبرائيل! فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من أمة محمد؟ فيقول: ان
الله تعالى نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهؤلاء الأربعة: مدمن الخمر، والعاق
لوالديه، والقاطع الرحم، والمشاحن (1).
فإذا كانت ليلة الفطر، وهي تسمى ليلة الجوائز، أعطى الله العاملين أجرهم بغير
حساب، فإذا كانت غداة يوم الفطر بعث الله الملائكة في كل البلاد، فيهبطون إلى
الأرض ويقفون على أفواه السكك، فيقولون: يا أمة محمد أخرجوا إلى رب كريم، يعطي
الجزيل ويغفر العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم قال الله عز وجل للملائكة: ملائكتي!
ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ قال: فتقول الملائكة: الهنا وسيدنا جزاؤه أن توفي أجره.
قال: فيقول الله عز وجل: فاني أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن
صيامهم شهر رمضان وقيامهم فيه رضاي ومغفرتي، ويقول: يا عبادي! سلوني فوعزتي
وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلا أعطيتكم، وعزتي لأسترن
عليكم عوراتكم ما راقبتموني، وعزتي لآجرتكم (2) ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الخلود،
انصرفوا مغفورا لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم.
قال: فتفرح] (3) الملائكة وتستبشر ويهنئ بعضها بعضا بما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا (4).
ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة
المرتضى باسناده إلى الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه
موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن

1 - المشاحن: المباغض الممتلئ عداوة.
2 - أجاره الله من العذاب: أنقذه.
3 - الموجود من الحديث في النسخ من هنا إلى آخر الحديث.
4 - رواه المفيد في أماليه: 229، عنه المستدرك 7: 429، أورده الصدوق بسند آخر في فضائل الأشهر الثلاثة: 125
مع اختلاف، عنه البحار 96: 339.
25

الحسين، عن أبيه السيد الشهيد الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال:
أيها الناس! انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله
أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات،
وهو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه
تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله
ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة، ان يوفقكم الله لصيامه وتلاوة كتابه، فان الشقي
من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم.
اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم
ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم،
وغضوا عما لا يحل النظر إليه ابصاركم، وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم، وتحننوا
على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه أيديكم
بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة إلى
عباده، ويجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.
أيها الناس! ان أنفسكم مرهونة بأعمالكم، ففكوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة
من أوزاركم، فخففوا عنها (1) بطول سجودكم، واعلموا ان الله عز وجل ذكره أقسم بعزته
ان لا يعذب المصلين والساجدين، ان لا يروعهم بالنار، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أيها الناس! من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق
رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل: يا رسول الله وليس كلنا نقدر على ذلك؟ فقال
عليه السلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار ولو بشربة من ماء.
أيها الناس! من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم
تزل فيه الاقدام، ومن خفف منكم في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه
حسابه، ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيما أكرمه
.

1 - فخففوها (خ ل).
26

الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع
الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدى
فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، من أكثر فيه من
الصلاة علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل
اجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.
أيها الناس! ان أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم ان لا يغلقها
عليكم، وأبواب النيران مغلقة فاسألوا ربكم ان لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة
فاسألوا ربكم الا يسلطها عليكم.
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فقمت وقلت: يا رسول الله! ما أفضل في
هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن! أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز
وجل، ثم بكى، فقلت: يا رسول الله! ما يبكيك؟ فقال: يا علي! لما يستحل منك في هذا
الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك وقد انبعثت أشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر
ناقة ثمود، فيضربك ضربة على قرنك (1) تخضب منها (2) لحيتك.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله! وذلك في سلامة من ديني؟ فقال
عليه السلام: في سلامة من دينك، ثم قال:
يا علي! من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبك فقد سبني،
لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، ان الله عز وجل خلقني وإياك،
واصطفاني وإياك، اختاروني للنبوة واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي.
يا علي أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على أمتي في حياتك وبعد موتي،
امرك أمري ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية انك حجة الله
على خلقه وأمينه على سره وخليفته في عباده (3).

1 - القرن: الزيادة العظيمة التي تنبت في رؤوس بعض الحيوانات، وفي الانسان موضعه من رأسه.
2 - بها (خ ل).
3 - بشارة المصطفى:...، رواه الصدوق في أماليه: 84، فضائل الأشهر الثلاثة: 77، عيون الأخبار 1: 295، عنهم
27

ومن ذلك ما رواه الشيخ علي بن عبد الواحد بن علي بن جعفر النهدي في الكتاب
المشتهر بالمأثور من العمل في الشهور من عمل شهر رمضان، قال: حدثني عبد الله بن محمد
الثعالبي ومحمد بن موسى القزويني، عن علي بن حاتم، قال: حدثني (1) حميد بن زياد قال:
حدثنا أحمد بن الحسين النخاس (2)، عن زكريا المؤمن، عن عبد الملك بن عتبة (3)، عن
محمد بن مروان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
إذا كان أول ليلة من شهر رمضان غفر الله لمن شاء من الخلق، فإذا كانت الليلة
التي تليها ضاعفهم، فإذا كانت الليلة التي تليها ضاعف كلما أعتق، حتى آخر ليلة في
شهر رمضان تضاعف مثل ما أعتق في كل ليلة (4).
ومن ذلك ما رواه أيضا علي بن عبد الواحد المشار إليه رضوان الله عليه، عنهما عن
علي بن حاتم، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا علي بن محمد بن، عن الفضل بن
شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل، الا ان يشهد عرفة. (5)
فصل (2)
في تعظيم التلفظ بشهر رمضان
رأيت ورويت من (6) كتاب الجعفريات، وهي الف حديث باسناد واحد عظيم

الوسائل 10: 313، البحار 96، 358، أخرجه مختصرا في الكافي 4: 67، التهذيب 3: 57 و 152، الفقيه 2: 58،
أورد صدره مع اختلاف في دعائم الاسلام 1: 269، عنه المستدرك 7: 437: و 354.
1 - حدثنا (خ ل).
2 - في الأصل: أحمد بن الحسن، ما أثبتناه هو الصحيح، راجع معجم الرجال 2: 100.
3 - عنبسة (خ ل).
4 - رواه مع اختلاف في الكافي 4: 68، والصدوق في الفقيه 2: 98، الأمالي: 56، ثواب الأعمال: 92، فضائل
الأشهر الثلاثة: 74، والشيخ في التهذيب 4: 153، وفي أماليه 2: 111، عنهم الوسائل 10: 310.
5 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 99، والكليني في الكافي 4: 66، والشيخ في التهذيب 4: 192، عنهم الوسائل
10: 305، أورده في دعائم الاسلام 1: 269، عنه البحار 96، المستدرك 7، 437، رواه في البحار 96:
375 عن أمالي الشيخ.
6 - في (خ ل).
28

الشأن، إلى مولانا موسى بن جعفر عليهما السلام، عن مولانا جعفر بن محمد، عن مولانا
محمد بن علي، عن مولانا علي بن الحسين، عن مولانا الحسين، عن مولانا علي بن أبي
طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال:
لا تقولوا رمضان، فإنكم لا تدرون ما رمضان، فمن قاله فليتصدق وليصم كفارة
لقوله، ولكن قولوا كما (1) قال الله تعالى: شهر رمضان. (2)
وهذا الحديث وقف فيه الاسناد في الأصل عن مولانا صلوات الله عليه، وقد
روينا في غير هذا [الكتاب] (3) ان كلما روي عن مولانا علي فهو عن رسول الله صلى
الله عليه وآله.
فصل (3)
فيما نذكره من علل التشريف بتكليف الصيام
اعلم أن أصل علة التكليف انه تشريف لعبادة من يستحق العبادة، لأنه جل
جلاله أهل لها، فهذه العلة الأصلية في التكاليف الإلهية.
واما تعيين وجه اختيار الله جل جلاله من العبد أن تكون خدمته له بجنس من
الطاعات وعلى وجه متعين في بعض الأوقات، فهذا طريقة عن العالم بالغائبات على
لسان رسله عليهم السلام، وعلى لسان ملائكته ومن شاء من خاصته عليهم أفضل الصلوات.
فمما (4) رويناه في علة التشريف بالصيام بطرق كثيرة في عدة أحاديث:
منها ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي، باسناده إلى الشيخين
المعتمدين علي بن حاتم القزويني في كتابه كتاب علل الشريعة، إلى الشيخ أبي جعفر

1 - قولوا شهر رمضان كما قال الله تعالى: شهر رمضان (خ ل).
2 - الجعفريات 59، عنه المستدرك 7، 438، رواه الكليني في الكافي 4: 69، الصدوق في الفقيه 2: 173، معاني
الأخبار: 315، فضائل الأشهر الثلاثة: 93، عنهم البحار 96: 377، الوسائل 10: 319، ذكره مع اختلاف في
بصائر الدرجات: 331، عنه المستدرك 7: 438، رواه الراوندي في نوادره: 47، عنه البحار 96: 377.
3 - هو الظاهر.
4 - ومما (خ ل).
29

محمد بن بابويه مما ذكره في كتاب من لا يحضره الفقيه، فقالا جميعا باسنادهما إلى
هشام بن الحكم انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن علة الصيام فقال:
إنما فرض الله الصيام ليستوي (1) به الغني والفقير، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس
الجوع فيرحم الفقير، لان الغني كلما أراد شيئا قدر عليه، فأراد الله عز وجل ان يسوي
بين خلقه، وان يذيق الغني مس الجوع والألم، ليرق على الضعيف ويرحم الجائع. (2)
ومن ذلك بالاسناد المشار إليه من كتاب ابن بابويه أيضا، فيما رواه عن مولانا
الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما قال:
جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فسأله اعلمهم عن مسائل،
فكان فيما سأله ان قال له: لأي شئ فرض الله عز وجل الصوم على أمتك بالنهار
ثلاثين يوما، وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله:
ان آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما، ففرض الله على
ذريته الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز وجل عليهم، وكذلك
كان على آدم، ففرض الله ذلك على أمتي، ثم تلا هذه الآية: (كتب عليكم الصيام كما
كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، أياما معدودات) (3).
قال اليهودي: صدقت يا محمد، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله:
ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا الا أوجب الله عز وجل له سبع خصال: أولها:
يذوب (4) الحرام في جسده، والثانية: لا يبعد من رحمة الله تعالى، والثالثة: يكون قد كفر
خطيئة أبيه آدم، والرابعة: يهون الله عز وجل عليه سكرات الموت، والخامسة: أمان من
الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة: يعطيه الله عز وجل براءة من النار، والسابعة:
يطعمه الله من طيبات الجنة، قالت اليهود: صدقت يا محمد. (5)

1 - ليسوي (خ ل).
2 - الفقيه 2: 73، علل الشرايع: 378، فضائل الأشهر الثلاثة: 102، عنهم الوسائل 10: 7.
3 - البقرة: 183.
4 - لا يدوم (خ ل).
5 - الفقيه 2: 74، الخصال 2: 530.
30

الباب الثاني
فيما نذكره من الرواية بان أول السنة شهر رمضان
واختلاف القول في الكمال والنقصان
فمما رويناه في ذلك بعدة أسانيد إلى مولانا الصادق عليه السلام أنه قال: إذا سلم
شهر رمضان سلمت السنة، وقال: رأس شهر رمضان. (1)
وروينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني من كتاب الكافي باسناده إلى أبي
عبد الله عليه السلام قال: إن الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق
السماوات والأرض، فغرة الشهور (2) شهر الله عز وجل وهو شهر رمضان، وقلب شهر
رمضان ليلة القدر، ونزل القران في أوله ليلة شهر رمضان، وقلب شهر
رمضان ليلة القدر، ونزل القرآن في أول ليلة شهر رمضان، فاستقبل (3) الشهر بالقرآن. (4)
رويناه أيضا عن أبي جعفر بابويه من كتاب لا يحضره الفقيه. (5)
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى علي بن فضال من كتاب الصيام باسناده إلى ابن

1 - رواه الشيخ في التهذيب 4: 333، عنه الوسائل 10: 311.
2 - غرة الشهور أي أولها، في النهاية: غرة كل شئ أوله، أو المراد بأفضلها وأكملها، وفي النهاية: كل شئ ترفع
قيمته فهو غرة.
3 - واستقبل (خ ل).
4 - الكافي 4: 67.
5 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 99، الأمالي: 60، فضائل الأشهر الثلاثة: 87، عنهم الوسائل 10: 353 و 306، رواه
الشيخ في التهذيب 4: 192، عنه البحار 58: 376.
31

أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شهر رمضان رأس
السنة. (1)
وبهذا الاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سلم شهر رمضان سلمت
السنة.
وذكر الطبري في تاريخه ان فرض صوم شهر رمضان نزل به القرآن في السنة الأولى من هجرة النبي صلى الله عليه وآله في شعبانها (2).
واعلم انني وجدت الروايات مختلفات في أنه هل أول السنة المحرم أو شهر رمضان،
لكنني رأيت من عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين وكثيرا من تصانيف
علمائهم الماضين، ان أول السنة شهر رمضان على التعيين، ولعل شهر الصيام أول العام
في عبادات الاسلام، والمحرم أول السنة في غير ذلك من التواريخ ومهام الأنام.
لان (3) الله جل جلاله عظم شهر رمضان، فقال جل جلاله: (شهر رمضان الذي انزل
فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (4). فلسان حال هذا التعظيم كالشاهد لشهر
رمضان بالتقديم.
ولأنه لم يجر لشهر من شهور السنة ذكر باسمه في القرآن وتعظيم امره الا لهذا الشهر، شهر الصيام، وهذا الاختصاص بذكره كأنه ينبه - والله أعلم - على تقديم امره.
ولأنه إذا كان أول السنة شهر الصيام، وفيه ما قد اختص به من العبادات التي
ليست في غيره من الشهور والأيام، فكأن (5) الانسان قد استقبل أول السنة بذلك
الاستعداد والاجتهاد، فيرجى أن يكون باقي السنة جاريا على السداد والمراد، ظاهر
دلائل المعقول وكثير من المنقول ان ابتداءات الدخول في الأعمال، هي أوقات التأهب
والاستظهار لأوساطها ولأواخرها على كل حال.

1 - عنه البحار 58: 376.
2 - تاريخ الطبري 2: 394.
3 - زيادة: وربما كان له احتمال في الامكان (خ ل).
4 - البقر: 185.
5 - فكان (خ ل).
32

ولان فيه ليلة القدر التي يكتب فيها مقدار الآجال واطلاق الآمال، وذلك منبه على أن
شهر الصيام هو أول السنة، فكأنه فتح لعباده في أول دخولها أن يطلبوا أطول (1)
آجالهم وبلوغ آمالهم، ليدركوا آخرها ويحمدوا مواردها ومصادرها.
وروى محمد بن يعقوب وابن بابويه في كتابيهما - واللفظ لابن يعقوب - عن أبي عبد
الله عليه السلام قال: ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها (2).
ولان الاخبار بان شهر رمضان أول السنة أبعد من التقية، وأقرب إلى أنه مراد
العترة النبوية، وحسبك شاهدا وتنبيها وآكدا، ما تضمنته الأدعية المنقولة في أول شهر
رمضان بأنه أول السنة على التعيين والبيان.
واعلم أن اختلاف أصحابنا في شهر رمضان، هل يمكن أن يكون تسعة وعشرين
يوما على اليقين، أو انه ثلاثون لا ينقص أبد الآبدين، فإنهم كانوا قبل الآن مختلفين،
واما الان فلم أجد ممن شاهدته أو سمعت به في زماننا، وان كنت ما رأيته انهم
يذهبون إلى أن شهر رمضان لا يصح عليه النقصان، بل هو كسائر الشهور في سائر
الأزمان.
ولكنني أذكر بعض ما عرفته مما كان جماعة من علماء أصحابنا معتقدين له
وعاملين عليه، من أن شهر رمضان لا ينقص ابدا عن الثلاثين يوما.
فمن ذلك ما حكاه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب لمح البرهان،
فقال عقيب الطعن على من ادعى وحدث هذا القول وقلة القائلين به ما هذا لفظه
المفيد:
مما يدل على كذبه وعظم بهته أن فقهاء عصرنا هذا، وهو سنة ثلاث وستين
وثلاثمأة، ورواته وفضلاؤه، وان كانوا أقل عددا منهم في كل عصر مجمعون عليه
ويتدينون به ويفتون بصحته وداعون إلى صوابه، كسيدنا وشيخنا الشريف الزكي أبي
محمد الحسيني أدام الله عزه، وشيخنا الثقة الفقيه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه

1 - طول (خ ل).
2 - الفقيه 2: 156، الكافي 4: 160، الخصال 2: 519، عنهم الوسائل 10: 353، البحار 58: 378.
33

أيده الله تعالى، وشيخنا الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، وشيخنا أبي
عبد الله الحسين بن علي بن الحسين أيدهما الله، وشيخنا أبي محمد هارون بن موسى أيده
الله.
أقول أنا: ومن أبلغ ما رأيته ورويته في كتاب الخصال للشيخ أبي جعفر محمد بن
بابويه رحمه الله، وقد أورد أحاديث بان شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما، وقال
ما هذا لفظه:
قال مصنف هذا الكتاب: مذهب خواص الشيعة وأهل الاستبصار منهم في شهر
رمضان انه لا ينقص عن ثلاثين يوما ابدا، والاخبار في ذلك موافقة لكتاب ومخالفة
للعامة، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الأخبار التي وردت للتقية في أنه ينقص
ويصيبه ما يصيب الشهور من النقصان والتمام، اتقي كما تتقي العامة، ولم يكلم الا بما
يكلم به العامة ولا حول ولا قوة الا بالله - هذا آخر لفظه. (1)
أقول: ولعل عذر المختلفين في ذلك وسبب ما اعتمد بعض أصحابنا قديما عليه بحسب
ما أدتهم الاخبار المنقولة إليه، ورأيت في الكتب أيضا ان الشيخ الصدوق المتفق على
أمانته، جعفر بن محمد بن قولويه تغمده الله برحمته، مع من (2) كان يذهب إلى أن شهر
رمضان لا يجوز عليه النقصان، فإنه صنف في ذلك كتابا وقد ذكرنا كلام المفيد عن
ابن قولويه.
ووجدت للشيخ محمد بن أحمد بن داود القمي رضوان الله جل جلاله عليه كتابا قد
نقض به كتاب جعفر بن قولويه، واحتج بان شهر رمضان له أسوة بالشهور كلها.
ووجدت كتابا للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، سماه لمح البرهان، الذي
قدمنا ذكره قد انتصر فيه لأستاذه وشيخه جعفر بن قولويه، ويرد على محمد بن أحمد بن
داود القمي، وذكر فيه ان شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين وتأول اخبارا ذكرها
تتضمن انه يجوز أن يكون تسعا وعشرين.

1 - الخصال 2: 531.
2 - مع ما كان (خ ل).
34

ووجدت تصنيفا للشيخ محمد بن علي الكراجكي يقتضي انه قد كان في أول امره
قائلا بقول جعفر بن قولويه في العمل على أن شهر الصيام لا يزال ثلاثين على التمام، ثم
رأيت له مصنفا آخر سماه الكافي في الاستدلال، قد نقض فيه على من قال بأنه
لا ينقص عن ثلاثين واعتذر عما كان يذهب إليه، ويذهب إلى أنه يجوز أن يكون تسعا
وعشرين.
ووجدت شيخنا المفيد قد رجع عن كتاب لمح البرهان، وذكر انه قد صنف كتابا
سماه مصابيح النور، وانه قد ذهب إلى قول محمد بن أحمد بن داود في أن شهر
رمضان له أسوة بالشهور في الزيادة والنقصان. (1)
أقول: وهذا أمر يشهد به الوجدان والعيان، وعمل أكثر من سلف وعمل من أدركناه
من الاخوان، وإنما أردنا لا يخلو كتابنا من الإشارة إلى قول بعض من ذهب إلى
الاختلاف من أهل الفضل والورع والانصاف، وان الورع والدين حملهم على الرجوع إلى
ما عادوا إليه، من أنه يجوز أن يكون ثلاثين وأن يكون تسعا وعشرين.
أقول: وإن كان الامر كما قاله العلماء المنجمون، من أن الهلال يتعذر معرفته على
التحقيق، فربما قوى ذلك دعوى من يدعي ان شهر رمضان لا ينقص ابدا، ويقول إنه
قد أهل قبل رؤية الناس له وان لم يروه.
أقول: ومما وقفت عليه من قول المنجمين في أن رؤية الهلال لا يضبط بالتحقيق
ما ذكره محمد بن إسحاق المعروف بالنديم في كتاب الفهرست في الجزء الرابع عند ترجمة
يعقوب بن إسحاق القندي، وقال في مدحه له: انه فاضل دهره وواحد عصره في معرفة
العلوم القديمة بأسرها، ثم ذكر كتبه في فنون عظيمة من العلوم، وقال في كتبه
النجوميات كتاب رسالته في أن رؤية الهلال لا تنضبط بالحقيقة وإنما القول فيها
بالتقريب - هذا آخر لفظه.
أقول: (2) وقد روينا من كتاب من لا يحضره الفقيه لأبي جعفر محمد بن بابويه رضوان

1 - الرسالة العددية: 15 - 22، عن المستدرك 7: 407 - 410.
2 - فصل (خ ل).
35

الله عليه، ان الهلال قد يستتر عن الناس عقوبة لهم في عيد شهر رمضان وفي عيد
الأضحى، فقال ما هذا لفظه باسناده عن رزين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام.
لما ضرب الحسين بن علي عليهما السلام بالسيف وسقط ثم ابتدروا قطع رأسه، نادى
مناد من بطنان العرش: الا أيتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم الله لأضحى
ولا فطر - وفي خبر آخر: لصوم ولا فطر - قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: فلا جرم والله
ما وفقوا ولا يوفقون حتى يثور ثائر (1) الحسين عليه السلام. (2).
فصل: ورأيت في المجلد الأول من دلائل الإمامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري عند
ذكره للاسراء بالنبي صلى الله عليه وآله عنه ما هذا لفظه:
ولكن أخبركم بعلامات الساعة: يشيخ الزمان ويكثر الذهب وتشح الأنفس
وتعقم الأرحام وتقطع الأهلة عن كثير من الناس.
أقول: فهذا أيضا مما يقتضي ان الهلال قد يستتر عقوبة من الله جل جلاله، فيكون
الظاهر بمعرفة الهلال على اليقين بدلالة من رب العالمين، قد تشرف (3) بما يعجز عنه شكر
الشاكرين، والحمد لله الذي جعلنا بذلك عارفين

1 - الثائر: الطالب بالثأر، وهو طالب الدم، يقال: ثأرت القتيل فأنا ثائر أي قتلت قاتله، والمراد به صاحب الأمر عليه
السلام الذي ينتقم من قتلته.
2 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 175، علل الشرايع: 389، عنهما الوسائل 10: 296، رواه في الكافي 4: 170 عنه
الوسائل 10: 295.
3 - شرف عنه (خ ل).
36

الباب الثالث
فيما نذكره من الاستعداد لدخول شهر رمضان
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من فضل بذل الطعام لافطار الصوم
والاستظهار للصيام باصلاح الطعام
اعلم أن فضل اطعام الطعام معقول فضله بأنوار العقول المصدقة للأنبياء والمرسلين
صلوات الله عليهم أجمعين، ذلك:
ان القيام لأهل الصيام بالطعام كأنه تملك لطاعتهم وسلب (1) منهم لعبادتهم، فان
القوة الموجودة في الأجساد الذين تؤثرهم بالزاد، تصير كأنها قوة العبد المطعم لهم التي في
جسد مهجته.
فكما ان قوة جسده كلما حصل بها كان معدودا من عبادته، فكذا يكون كلما صدر
عن القوة بتفطير الصائم تكون مكتوبة لمن يطعمه في ديوان طاعته، فكأنك قد اتخذتهم
مماليك يتعبون في خدمتك، وأنت ساكن، ويحملون ذخائرك إلى دار إقامتك، وأنت
قاطن، ويخافون في مصلحتك، وأنت آمن، وحسبك ان تبتاع كل مملوك منهم بمقدار

1 - في الأصل: تمليك، سبب، ما أثبتناه هو الظاهر.
37

طعامه وشرابه، وهذا فضل عظيم يعجز القلم عن شرح أبوابه وثوابه.
أقول: واما من طريق المنقول:
فقد روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني، وأبي جعفر محمد بن بابويه،
وجدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنهم، باسنادهم إلى الصادق عليه السلام أنه قال
: من فطر صائما فله اجر مثله. (1)
وبالاسناد عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: تفطيرك أخاك الصائم أفضل من
صيامك. (2)
وبالاسناد المقدم أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال لسدير: هل تدري أي
ليال هذه؟ قال: نعم جعلت فداك هذه ليالي شهر رمضان، فما ذاك؟ فقال له: أتقدر
على أن تعتق في كل ليلة من هذه الليالي عشر رقاب من ولد إسماعيل؟ فقال له: بأبي
أنت وأمي لا يبلغ مالي ذلك، فما يزال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة، في كل ذلك
يقول: لا أقدر عليه، فقال له: أفما تقدر ان تفطر في كل ليلة رجلا مسلما؟ فقال له: بلى
وعشرة، فقال عليه السلام له: فذلك الذي أردت يا سدير، افطارك أخاك المسلم يعدل
رقبة من ولد إسماعيل. (3)
والاسناد أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من فطر في هذا الشهر مؤمنا
صائما كان له بذلك عند الله عز وجل عتق رقبة مؤمنة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه،
فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا نقدر ان نفطر صائما؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى كريم
يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر الا على مذقة (4) من لبن يفطر بها صائما، أو شربة من

1 - الفقيه 2: 134، الكافي 4: 68، التهذيب 4: 201، مصباح المتهجد 2: 626، أخرجه عن المصادر والوسائل
10: 138.
2 - الفقيه 2: 134، الكافي 4: 68، التهذيب 4: 201، عنهم الوسائل 1: 140، رواه في مصباح المتهجد 2: 626،
المحاسن: 396، عنه البحار 96: 317، ورواه في البحار 96: 317 عن مكارم الأخلاق: 157.
3 - الفقيه 2: 134، الكافي 4: 68، التهذيب 4: 201، المقنعة: 54، عنهم الوسائل 10: 139.
4 - مذقة اللبن: مزجه بالماء، سقاه المذق أو المذقة: أي اللبن الممزوج بالماء.
38

ماء عذب، أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك. (1)
أقول: واقتد في هذا الشهر بملك أهل الفضائل، فقد رويت عن جماعة منهم
ابن بابويه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل شهر رمضان اطلق كل
أسير وأعطى كل سائل. (2)
واما الاستظهار للصيام باصلاح الطعام:
فاعلم انني إنما ذكرت ان ذلك من المهام، لأنني وجدت الداخلين في الصيام شهر
رمضان، باعتبار ما تقووا به من الطعام والشراب عدة أصناف:
صنف منهم: كانت قوته على الصوم من طعام حرام، فدخوله في الصيام كنحو من
وجب عليه الحج وفرط فيه، فاخذ جملا حراما حج عليه.
وصنف منهم: كانت قوته على الصوم من طعام حرام مختلطا، فان دخوله في
الصيام كمن وجب عليه الحج وفرط فيه، فاخذ جملا له بعضه بقدر الحلال من الطعام
ولغيره بعضه بقدر الحرام وحج عليه.
وصنف منهم: كانت قوته على الصيام بطعام حرام لا يعلم كونه حراما أو مختلطا من
حلال وحرام، لا يعلم ذلك ويعتقد حلالا، فهو كنحو من وجب عليه الحج ففرط فيه
واستأجر جملا لا يعلم أن الجمال غصبه، أو كان ثمنه من حلال أو حرام، واشتراه
بعين الذهب، فإذا ظفر صاحب الجمل أو الشريك بالجمل استعاده ومنعه من العمل أو
شركه فيما حصل من الأمل.
وصنف: كانت قوته على الصيام بطعام حلال، لكنه كان يأكله اكل الدواب
بمجرد الشهوات، فحاله كحال من دخل حضرة الملوك، حين استدعوه للحضور لمجالستهم
وضيافتهم وكرامتهم، وما تأدب في المجئ إليهم في دوابه وثيابه وأسبابه، وكان في طريقه
غافلا عنهم ومهونا بآداب السلوك إليهم، وقد كان قادرا ان يركب من الدواب ويلبس

1 - الفقيه 2: 135، الكافي 4: 68، التهذيب 3: 57 و 4: 201، مصباح المتهجد 2: 627، المحاسن: 396، عنهم
الوسائل 10: 138.
2 - رواه الصدوق في أماليه: 57، ثواب الأعمال: 96، فضائل الأشهر الثلاثة: 75، عنهم الوسائل 10: 315.
39

من الثياب، ويستعمل من الأسباب ما يقربه إليهم فلم يفعل، وأتلف ما اكله بالشهوات
وأتلف ساعات من عمره كانت من بضائع السعادات، وخاصة إذا كان السلطان
مطلعا عليه في طريقه، ناظرا إلى سوء توفيقه، فان عاتبوه فبعد لهم، وان أكرموه
فبفضلهم، وحسبه انه نزل عن أن يكون ملكا يقر (1) بعين رب الأرباب، ورضي أن يكون
كالدواب.
وصنف (2): دخل في شهر رمضان بقوة طعام كان اكتسبه بالمعاملة لمولاه
جل جلاله، وعمل فيه برضاه، واكل منه بحسب ما يقويه على خدمة مالكه، فهذا دخل
دار ضيافتهم وكرامتهم من الباب الذي أرادوه، واقتضى عدلهم وفضلهم ان يكرموه.
وصنف (3): دخل في الصيام من طعام كان تارة يكون فيه معاملة لله جل جلاله،
وتارة معاملا للشهوات، فله معاملة المراقبة (4) فيما عامل مولاه به، وعليه خطرات المعاتبة
فيما ترك فيه معاملة مولاه بسوء أدبه.
واعلم أن هذه الأصناف المذكورين على أصناف آخر:
صنف: لما كان دخوله بطعام حرام وكان فطوره على حرام أو مختلط من حلال
وحرام، فله حكم الاصرار.
وصنف: لما كان طعامه على ما لا يعلمه حراما أو مختلطا وفطوره (5) على مثل الذي
ذكرنا، فله وسيلة العذر بأنه ما تعمد سخط مولاه.
وصنف: لما كان طعامه على مقتضى الشهوات وكان فطوره كذلك، فهو قريب
من الدواب في تلك الحركات والسكنات.
والصنف: الذي عامل الله جل جلاله في الطعام والفطور وجميع الأمور، فهو الذي
ظفر برضا مولاه وتلقاه بالسرور.

1 - يعز، يستقر (خ ل).
2 - 3 - صنف منهم - (خ ل).
4 - وسيلة المراقبة (خ ل).
5 - فطره (خ ل).
40

وصنف: لما كان طعامه على طرق مختلفة: تارة معاملة لله جل جلاله، وتارة
للشهوة وفطوره كذلك، فحاله كما قلناه في طعامه في نقصه وتمامه.
وصنف: لما كان طعامه اما حراما أو مختلطا أو للشهوة (1)، لكنه هذب فطوره،
فكان في فطوره على حال معاملة لله جل جلاله، فحاله حال المراقبين أو التائبين، وهو
قريب من المسعودين.
وصنف: لما كان طعامه معاملة لله وكان فطوره للشهوة، فحاله كحال من كان
مجالسا للملوك أو قريبا منهم، ثم فارقهم وقنع أن يكون بهيمة من الانعام أو مفارقا
للأنام وبعيدا عنهم.
أقول: وإذا كان الامر هكذا في خطر الطعام، وكان قد تغلب بنو أمية وولاة
كثيرون على فساد أموال أهل الاسلام، ونقلها عن وجوهها الشرعية.
حتى لقد روينا من كتاب مسائل الرجال لمولانا أبي الحسن
علي بن محمد الهادي عليهما السلام، قال محمد بن الحسن: قال محمد بن هارون الجلاب:
قلت له: روينا عن آبائك انه يأتي على الناس زمان لا يكون شئ أعز من أخ
أنيس أو كسب درهم من حلال؟ فقال لي: يا أبا محمد ان العزيز موجود، ولكنك في
زمان ليس فيه شئ أعسر من درهم حلال أو أخ في الله عز وجل.
أقول: فقد روي عن خواص العترة النبوية ان اخراج الخمس من الأموال
المشتبهات، سبب لتطهيرها من الشبهات، وهذا الوجه ظاهر في التأويل، لان جميع
الأموال ومن هي في يده مماليك لله جل جلاله، فله سبحانه ان يجعل تطهيرها باخراج
هذا القدر القليل، ويوصل إلى كل ذي حق حقه، لأجل الايثار بالخمس لرسوله
صلوات الله عليه وآله ولعترته، ولأجل معونتهم على مقامهم الجليل.
أقول: وقد نص الله جل جلاله في القرآن الشريف على لسان رسوله صلوات الله
عليه وآله، ان الدعاء طريق إلى القبول وبلوغ المأمول، فينبغي ان يدعو بعد الاستظهار

1 - للشبهه (خ ل).
41

باخراج الخمس من كلما يتقلب فيه، بما سنذكره عند وقت الافطار من دعوات
لزوال الشبهات.
فصل (2)
فيما نذكره من الاستظهار لشهر الصيام
بتقديم التوبة والاستغفار
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب عيون أخبار الرضا عليه
السلام، فقال باسناده عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: دخلت على أبي الحسن
علي بن موسى الرضا عليهما السلام في آخر جمعة من شهر شعبان، فقال لي:
يا أبا الصلت ان شعبان قد مضى أكثره، وهذا آخر جمعة فيه، فتدارك فيما بقي
تقصيرك فيما مضى منه، وعليك بالاقبال على ما يعنيك، وأكثر من الدعاء والاستغفار
وتلاوة القرآن، وتب إلى الله من ذنوبك، ليقبل شهر رمضان إليك وأنت مخلص لله عز
وجل، ولا تدعن أمانة في عنقك الا أديتها، وفي قلبك حقدا على مؤمن الا نزعته،
ولا ذنبا أنت مرتكبه الا اقلعت عنه، واتق الله وتوكل عليه في سر أمرك وعلانيتك،
(ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شئ قدرا). (1)
وأكثر من أن تقول فيما بقي من هذا الشهر:
اللهم ان لم تكن غفرت لنا فيما مضى من شعبان فاغفر لنا فيما بقي منه.
فان الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقابا من النار لحرمة شهر (2) رمضان. (3)
أقول: وقد قدمنا في عمل اليوم والليلة من كتاب المهمات (4)، كيفية الاستغفار المكفر
للسيئات وشروط الدعاء وصفات الصلوات المنقولات، فانظر في تلك الجهات فإنه من المهمات.

1 - الطلاق: 3.
2 - لحرمة هذا الشهر (خ ل).
3 - عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 51، عنه البحار 97: 73.
4 - هذا كتاب المهمات (خ ل).
42

فصل (3) فيما نذكره من صوم ثلاثة أيام قبله لزيادة فضل الصيام
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه أيضا في كتاب من لا يحضره الفقيه،
فقال عند ذكر ثواب صوم شعبان ما هذا لفظه:
وقال الصادق عليه السلام: من صام ثلاثة أيام من آخر شعبان ووصلها بشهر
رمضان، كتب الله له صوم شهرين متتابعين. (1)
وفي روايات انه يفرق بين شعبان وشهر رمضان بافطار يوم أو يومين. (2)
فلعل المراد بذلك ان من صام شعبان جميعه (3) يراد منه الافطار بينه وبين شهر
رمضان يوما أو يومين لئلا يضعف بالمندوب عن الواجب، ومن لم يصم شهر شعبان فيراد
منه ان يصوم أياما من آخر شعبان يصلها بشهر رمضان، ليكون الأيام المندوبة مطهرة
للانسان من العصيان، وممهدة لكمال الدخول في شهر رمضان.
فصل (4)
فيما نذكره من الدعاء آخر ليلة من شعبان لدخول شهر رمضان
نرويه من طرق عدة عن الصادق عليه السلام انه كان يقول في آخر ليلة من
شعبان وأول ليلة من شهر رمضان:
اللهم ان هذا الشهر المبارك، الذي أنزلت فيه القرآن وجعلته هدى
للناس وبينات من الهدى والفرقان قد (4) حضر، فسلمنا فيه وسلمنا منه،
وسلمه لنا وتسلمه منا، في يسر منك وعافية، يا من اخذ القليل وشكره، وستر

1 - الفقيه 2: 93، ثواب الأعمال: 84، رواه الكليني في الكافي 4: 91، والشيخ في التهذيب 4: 307، الاستبصار
2: 137، والمفيد في المقنعة: 59، عنهم الوسائل 10: 495.
2 - راجع الوسائل 10: 519.
3 - جميعا (خ ل).
4 - فقد (خ ل).
43

الكثير وغفره، اغفر لي الكثير من معصيتك واقبل مني اليسير من (1)
طاعتك.
اللهم إني أسألك ان تجعل لي إلى كل خير سبيلا، ومن كل
ما لا تحب مانعا، يا ارحم الراحمين، يا من عفا عني وعما خلوت به من
السيئات، يا من لم يؤاخذني بارتكاب المعاصي، عفوك عفوك عفوك
يا كريم، الهي وعظتني فلم اتعظ، وزجرتني عن المعاصي فلم انزجر،
فما عذري، فاعف عني يا كريم عفوك عفوك.
اللهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب، عظم الذنب
من عبدك فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة، عفوك
عفوك.
اللهم إني عبدك وابن عبدك، ابن أمتك، ضعيف فقير إلى رحمتك،
وأنت منزل الغنى والبركة على العباد، قاهر قادر مقتدر، أحصيت أعمالهم
وقسمت أرزاقهم، وجعلتهم مختلفة ألسنتهم وألوانهم، خلقا من بعد خلق،
لا يعلم (2) العباد علمك، ولا يقدر العباد قدرك، وكلنا فقير إلى رحمتك،
فلا تصرف وجهك عني، واجعلني من صالح خلقك في العمل والأمل
والقضاء والقدر.
اللهم أبقني خير البقاء، وأفنني خير الفناء، على موالاة أوليائك
ومعاداة أعدائك، والرغبة إليك والرهبة منك، والخشوع والوقار، والتسليم لك
والتصديق بكتابك، واتباع سنة رسولك صلواتك عليه وآله.
اللهم ما كان في قلبي من شك أو ريبة، أو جحود أو قنوط (3)، أو فرح أو

1 - في (خ ل).
2 - اللهم لا يعلم (خ ل).
3 - قنط: يئس.
44

مرح (1)، أو بذخ (2) أو بطر (3)، أو فخر أو خيلاء، (4) أو رياء أو سمعة، أو شقاق أو
نفاق، أو كبر أو فسوق، أو عصيان أو عظمة، أو شئ لا تحب.
فأسألك يا رب ان تبدلني مكانه ايمانا بوعدك، ووفاء بعهدك ورضا
بقضائك، وزهدا في الدنيا ورغبة فيما عندك، واثره وطمأنينة وتوبة نصوحا،
أسألك ذلك يا رب بمنك ورحمتك يا ارحم الراحمين ويا رب العالمين.
الهي أنت من حلمك تعصى، فكأنك لم تر، ومن كرمك وجودك
تطاع، فكأنك لم تعص، وانا ومن لم يعصك سكان أرضك، فكن علينا
بالفضل جوادا وبالخير عوادا يا ارحم الراحمين، وصلى الله على محمد (5) وآله
صلاة دائمة لا تحصى ولا تعد، ولا يقدر قدرها غيرك يا ارحم الراحمين. (6)
فصل (5)
في ذكر زيارة الحسين عليه السلام
في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه وآخر ليلة منه
روينا ذلك باسناد إلى أبي المفضل الشيباني، قال: حدثنا أبو محمد شعيب بن
محمد بن مقاتل البلخي بنوقان طوس في مشهد الرضا عليه السلام، قال: حدثني أبي،
عن أبي بصير الفتح بن عبد الرحمان القمي، عن علي بن محمد بن فيض بن مختار، عن أبيه،
عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عن زيارة أبي عبد الله عليه السلام
فقيل: هل في ذلك وقت هو أفضل من وقت؟
فقال: زوروه صلى الله عليه في كل وقت وفي كل حين فان زيارته عليه السلام

1 - مرح الرجل: اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.
2 - بذخ - كفرح - تكبر وعلا.
3 - بطر: طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها.
4 - الخيلاء: العجب والكبر.
5 - صلى على محمد (خ ل).
6 - رواه الشيخ في مصباحه: 850، والكفعمي في بلد الأمين: 192.
45

خير موضوع، فمن أكثر منها فقد استكثر من الخير ومن قلل قلل له، وتحروا (1) بزيارتكم
الأوقات الشريفة، فان الأعمال الصالحة فيها مضاعفة، وهي أوقات مهبط الملائكة
لزيارته.
قال: فسئل عن زيارته في شهر رمضان؟ فقال:
من جاءه عليه السلام خاشعا محتسبا مستقيلا مستغفرا، فشهد قبره في إحدى ثلاث
ليال من شهر رمضان: أول ليلة من الشهر أو ليلة النصف أو آخر ليلة منه، تساقطت
عنه ذنوبه وخطاياه التي اجترحها (2)، كما يتساقط هشيم (3) الورق بالريح العاصف، حتى أنه
يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه، وكان له مع ذلك من الأجر مثل أجر من
حج في عامه ذلك واعتمر، ويناديه ملكان يسمع نداءهما كل ذي روح الا الثقلين من
الجن والإنس، يقول أحدهما: يا عبد الله طهرت فاستأنف العمل، ويقول الآخر:
يا عبد الله أحسنت فأبشر بمغفرة من الله وفضل (4).
فصل (6)
فيما نذكره من الاختلاف في ترتيب نافلة شهر رمضان
اعلم، ان الظاهر في العمل في ترتيب نافلة شهر رمضان هو ما قد تضمنه مصباح
جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله جل جلاله عليه، أنه قال:
تصلي في العشرين ليلة من الشهر، كل ليلة عشرين ركعة، ثمان ركعات بين
العشائين، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة، وتصلي ليلة تسع عشرة منه مأة ركعة،
وكذلك ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، تسقط ما فيها من الزيادات، وهي
عشرون ركعة في ليلة تسع عشرة، وثلاثون في ليلة إحدى وعشرين، وثلاثون في ليلة

1 - تحرى: طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن.
2 - الإجتراح: الاكتساب.
3 - الهشيم: نبت يابس متكسر.
4 - عنه البحار 101: 99.
46

ثلاث وعشرين، الجميع ثمانون ركعة، تفرقها في أربع جمع، في كل جمعة عشر ركعات،
أربع منها صلاة أمير المؤمنين عليه السلام، ركعات صلاة فاطمة عليها السلام، وأربع
ركعات صلاة جعفر عليه السلام، وتصلي ليلة آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة صلاة
أمير المؤمنين عليه السلام، وفي آخر ليلة سبت منه عشرين ركعة صلاة فاطمة عليها
السلام، فيكون ذلك تمام الف ركعة، وتصلي ليلة النصف زيادة على هذه الألف مأة (1).
وهذا الترتيب في نوافل شهر رمضان هو اختيار الشيخ المفيد في كتاب المقنعة (2).
وقال المفيد في الرسالة العزية ما معناه: انه يصلي في العشرين ليلة الأولة، كل ليلة عشرين ركعة ثماني بين العشائين،
واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة، ويصلي في العشر الآخر كل ليلة ثلاثين ركعة،
ويضيف إلى هذا الترتيب في ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث
وعشرين كل ليلة مأة ركعة وذلك تمام الألف ركعة.
قال: وهو رواية محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان فيما أسنده عن علي بن
مهزيار (3)، عن مولانا الجواد عليه السلام، يقتضي ترتيب الرسالة العزية (4).
أقول: وقال الشيخ محمد بن أحمد الصفواني في كتاب التعريف، وهي رسالة منه إلى
ولده، وقد زكاه أصحابنا عند ذكر اسمه وأثنوا عليه في باب صلاة شهر رمضان:
واعلم يا بني ان صلاة شهر رمضان تسعمأة مأة ركعة، وفي رواية أخرى الف ركعة،
وروي تسعة آلاف مرة (قل هو الله أحد)، وروي عشرة آلاف مرة (قل هو الله أحد) في
كل ركعة عشر مرات، وروي انه يجوز مرة مرة، فمنها في العشر الأول والثاني في كل
ليلة عشرين ركعة، يكون أربعمأة ركعة، في كل ركعة عشر مرات (قل هو الله أحد)، فان

1 - لم نجده في المصباح، ذكره مع اختلاف في المبسوط 1: 133.
2 - المقنعة: 28.
3 - مهران (خ ل).
4 - عنه الوسائل 8: 36.
47

لم يكن فمرة، وفي العشر الأواخر ثلاثين ركعة في كل ليلة، في كل ركعة عشر مرات (قل
هو الله أحد)، فإن لم يكن فمرة الا في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فان فيهما مأة
في كل ركعة بعد فاتحة الكتاب عشر مرات (قل هو الله أحد)، وقد روي أن في ليلة تاسع
وعشرين (1) أيضا مأة ركعة، وهو قول من قال بالألف ركعة، الا ان المعول عليه في ليلة
إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين - هذا لفظه (2).
ولعل ناسخ كتابه غلط، فأراد أن يكتب: ليلة تسع عشرة، فكتب تاسع وعشرون،
الا اننا كذا وجدناه في نسختنا وهي عتيقة، تاريخها ذو الحجة سنة اثنتي عشرة
وأربعمائة.
أقول: وذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه فقال:
وممن روى الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة عن سماعة وهما واقفيان،
قال: سألته عليه السلام عن شهر رمضان كم يصلي فيه؟ قال:
كما يصلي في غيره، الا ان لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي ان
يزيد في تطوعه، وان أحب وقوي على ذلك ان يزيد في أول الشهر إلى عشرين ليلة،
كل ليلة عشرين ركعة، سوى ما كان يصلي قبل ذلك، يصلي من هذه العشرين اثنتي
عشرة ركعة بين المغرب والعتمة، وثمان ركعات بعد العتمة، فإذا بقي من شهر رمضان
عشر ليال، فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة - ثم قال: - وفي ليلة إحدى وعشرين
وثلاث وعشرين يصلي في كل واحدة منهما مأة ركعة.
ثم قال: إنما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله،
ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروي ومن رواه، وليعلم من اعتقادي فيه اني لا أرى
بأسا باستعماله. (3)
أقول: وروى عبيد الله الحلبي في كتاب له وابن الوليد في جامعه ما معناه: ان النبي

1 - في الوسائل: تسع عشرة.
2 - عنه الوسائل 8: 36.
3 - الفقيه 2: 138، رواه أيضا الشيخ في التهذيب 3: 63، الاستبصار 1: 462، عنهم الوسائل 8: 31.
48

صلى الله عليه وآله لم يصل نافلة شهر رمضان (1).
ولعل روايتهما لها تأويل من التقية، أو غلط من الرواة، أو غير ذلك من البيان.
أقول: فمن الروايات في أن النبي صلى الله عليه وآله صلى نوافل شهر رمضان،
ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضوان الله جل جلاله
عليه قال: قال أبو علي بن همام، قال: حدثنا علي بن سليمان الرازي، قال: حدثني
أبو القاسم بن أبي خليس المدائني، قال: حدثني أبو علي محمد بن أحمد بن مطهر (2)، قال:
كتبت إلى سيدي أبي محمد صاحب العسكر عليه السلام: ان رجلا يقول إن
رسول الله صلى الله عليه وآله لم يزد في صلاته في شهر رمضان على ما كان يصلي في
غيره.
فكتب في الجواب: كذب، فض الله الله فاه، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي
في عشرين ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة في كل ليلة، وفي ليلة إحدى وعشرين
وليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة، وفي العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة. (3)
أقول: وروي هذا الحديث بغير هذه الألفاظ علي بن عبد الواحد النهدي، عن علي بن
حاتم، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن أبي الصهبان، عن محمد بن
سليمان، قال: إن
عدة من أصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث، منهم: يونس بن عبد الرحمن، عن
عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله، وصباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، عن أبي
الحسن، وسماعة بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام.
قال محمد: وسألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن هذا الحديث فأخبرني به،
وقال هؤلاء جميعا: وسألنا عن الصلاة في الصلاة في شهر رمضان كيف هي وكيف فعل
رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالوا جميعا:

1 - عنه الوسائل 8: 44.
2 - في التهذيب والوسائل: أحمد بن محمد بن مطهر.
3 - عنه الوسائل 8: 34، رواه الشيخ في التهذيب 3: 67، الاستبصار 1: 466.
49

انه لما دخلت (1) عليه أول ليلة من شهر رمضان صلى رسول الله صلى الله عليه وآله
المغرب، ثم صلى أربع ركعات التي كان يصليها بعد المغرب في كل ليلة، ثم صلى
ثمان ركعات، فلما صلى العشاء الآخرة وصلى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد العشاء
الآخرة، وهو جالس في كل ليلة، ثم قام فصلى اثنتي عشرة ركعة ثم دخل بيته، فلما
رأى ذلك الناس ونظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد زاد في صلاته حين
دخل شهر رمضان سألوه عن ذلك، فأخبرهم ان هذه الصلاة صليتها لفضل شهر
رمضان على الشهور.
فلما كان من الليل قام يصلي فاصطف الناس خلفه، فانصرف إليهم فقال: أيها
الناس ان هذه الصلاة نافلة ولن يجمع في النافلة (2)، فليصل كل رجل منكم وحده
وليقل ما علمه الله من كتابه، واعلموا انه لا جماعة في نافلة، فافترق الناس فصلى كل
رجل منهم على حياله لنفسه.
فلما كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حين غابت الشمس وصلى
المغرب بغسل، فلما صلى المغرب وصلى أربع ركعات التي كان يصليها فيما مضى في
كل ليلة بعد المغرب دخل إلى بيته، فلما أقام بلال لصلاة عشاء الآخرة خرج النبي
صلى الله عليه وآله فصلى بالناس، فلما انفتل صلى الركعتين وهو جالس، كما كان
يصلي كل ليلة، ثم قام فصلى مأة ركعة: يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة (قل هو
الله أحد) عشر مرات، فلما فرغ من ذلك صلى صلاته التي كان يصلي في كل ليلة في
آخر الليل وأوتر، فلما كان ليلة عشرين من شهر رمضان فعل كما كان يفعل قبل ذلك
من الليالي في شهر رمضان، ثمان ركعات بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء
الآخرة.
فلما كان ليلة إحدى وعشرين اغتسل حين غابت الشمس وفعل فيها مثل ما فعل
في ليلة تسع عشرة، فلما كان في ليلة اثنتين وعشرين زاد في صلاته فصلى ثمان

1 - دخل (خ ل).
2 - في التهذيب: نجتمع للنافلة.
50

ركعات بعد المغرب واثنتين وعشرين ركعة بعد عشاء الآخرة، فلما كان ليلة ثلاث
وعشرين اغتسل أيضا كما اغتسل في ليلة تسع عشرة، وكما اغتسل في ليلة إحدى
وعشرين ثم فعل مثل ذلك.
قال: فسألته (1) عن صلاة الخمسين ما حالها في شهر رمضان؟ قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وآله يصلي هذه الصلاة ويصلي صلاة الخمسين على ما كان فعل في غير
شهر رمضان لا ينقص منها شيئا. (2)
أقول: هذا آخر لفظ هذه الروايات من أصل مصنفه الذي كتب في حياته تغمده
الله برحمته.
وحيث قد ذكرنا الرواية بترتيب نافلة رمضان على هذا الوصف، فينبغي ان
نذكر الرواية بالترتيب الآخر في نافلة شهر رمضان، فإنه أبلغ في الاستظهار والكشف.
وروى أيضا علي بن عبد الواحد النهدي في كتابه قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال:
أخبرنا علي بن حاتم، عن محمد بن جعفر بن بطة، عن محمد بن الحسن - يعني الصفار -،
عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي
عبد الله عليه السلام:
قال: وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسين بن علي بن سفيان، عن أحمد بن
إدريس، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن
المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
تصلي في شهر رمضان زيادة الف ركعة، قال: قلت: ومن يقدر على هذا؟ قال:
ليس حيث تذهب، أليس تصلي في تسع عشر منه، وفي كل ليلة عشرين ركعة، وفي ليلة
تسع عشرة مأة ركعة، وفي ليلة إحدى وعشرين مأة ركعة، وفي ليلة ثلاث وعشرين مأة
ركعة، وتصلي في ثمان ليال من العشر الأواخر، في ليلة ثلاثين ركعة، فهذه
تسعمأة وعشرين ركعة.

1 - في التهذيب: قالوا: فسألوه.
2 - عنه الوسائل 8: 32، رواه الشيخ في التهذيب 3: 64، الاستبصار 1: 464.
51

قال: قلت: جعلني الله فداك فرجت عني لقد كان ضاق بي الأمر، فلما ان أتيت
بالتفسير فرجت عني، فكيف تمام الألف ركعة؟ قال:
تصلي في كل يوم جمعة في شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين عليه السلام،
وتصلي ركعتين لابنة محمد عليهما السلام، وتصلي بعد الركعتين أربع ركعات لجعفر
الطيار عليه السلام، وتصلي في ليلة جمعة في العشر الأواخر في آخر جمعة لأمير المؤمنين
عليه السلام عشرين ركعة، وتصلي في عشية الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة
محمد عليهما وعلى ذريتهما السلام.
ثم قال: اسمع وعه ثقات اخوانك هذه الأربع والركعتين، فإنها أفضل
الصلوات بعد الفرائض، فمن صلاها في شهر رمضان أو غيره انفتل وليس بينه وبين الله
عز وجل من ذنب.
قال ثم قال: يا مفضل بن عمر! تقرء في هذه الصلوات كلها أعني صلاة شهر
رمضان، الزيادة منها بالحمد و (قل هو الله أحد)، ان شئت مرة وان شئت ثلاث مرات،
وان شئت خمس مرات، وان شئت سبعا، وان شئت عشرا، واما صلاة أمير المؤمنين عليه
السلام فإنه تقرء فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة (قل هو الله أحد)، وتقرأ في صلاة
ابنة محمد صلى الله عليهما في أول ركعة الحمد و (انا أنزلناه في ليلة القدر) مأة مرة، وفي
الركعة الثانية الحمد و (قل هو الله أحد) مأة مرة.
فإذا سلمت في الركعتين سبح تسبيح فاطمة عليها السلام، وهو الله أكبر - أربع
وثلاثون مرة، وسبحان الله - ثلاث وثلاثون مرة، والحمد لله ثلاث وثلاثون مرة، فوالله لو
كان شئ أفضل منه لعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله إياها.
وقال لي: تقرء في صلاة جعفر عليه السلام في الركعة الأولى الحمد و (إذا زلزلت)،
وفي الثانية الحمد والعاديات، وفي الثالثة الحمد و (إذا جاء نصر الله)، وفي الركعة الرابعة الحمد
و (قل هو الله أحد)، ثم قال لي: يا مفضل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. (1)

1 - عنه الوسائل 8: 29، رواه الشيخ في التهذيب 3: 66، والمفيد في المقنعة: 28.
52

وقال علي بن عبد الواحد النهدي في كتابه: وأخبرنا عبد الله بن الحسين الفارسي رحمه
الله، قال: أخبرنا محمد بن علي بن معمر، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن
محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام.
أقول: وقد زكى المفيد (1) في كتاب كمال شهر رمضان محمد بن سنان وبالغ في
الثناء عليه وروى في ذلك حديثا يعتمد عليه.
قال السيد الإمام العالم العامل الفقيه الكامل العلامة، رضي الدين ركن الاسلام
جمال العارفين، أنموذج السلف الطاهر، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد
الطاوس - مصنف هذا الكتاب -:
قد ذكرنا هاتين الروايتين بألفاظ الرواة، احتياطا لمراقبة مالك الأسباب،
وسنذكر في عمل ليلة تسع عشر من رمضان من هذا الكتاب ما يكون عندنا من
تأويل في الجمع بينهما، على ما نرجوه أقرب إلى الصواب، وبين الرواة تفاوت في العدالة
والجرح، ولم نذكره تنزيها عن الاغتياب وخوفا من يوم الحساب.
ولعل رواية الحلبي ورواية محمد بن الوليد في ترك نافلة شهر الصيام لعذر مقبول في
شريعة الاسلام، فان ظاهر روايتهما المشار إليهما، وظاهر مذهب ابن بابويه رضوان الله
عليه ترك هذا الترتيب في نافلة (2) شهر رمضان، والاقتصار على نافلة اليوم والليلة كغيره
من الأزمان.
وقال الشيخ علي بن الحسن بن فضال في كتاب الصيام - وقد أثنى عليه بالثقة جدي
أبو جعفر الطوسي وأبو العباس النجاشي (3) - ما هذا لفظه: حدثني هارون بن مسلم، عن
مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
مما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع في شهر رمضان، كان يتنفل في كل
ليلة، ويزيد على صلاته التي يصليها قبل ذلك منذ أول ليلة إلى تمام عشرين

1 - في النسخ: الفئتين، وما أثبتناه لعله هو الظاهر، والله العالم.
2 - صلاة (خ ل).
3 - رجال النجاشي: 257، الرقم: 676، الفهرست: 92.
53

ليلة، في كل ليلة عشرين ركعة، ثمان ركعات منها بعد المغرب، واثنتي عشرة بعد العشاء
الآخرة، ويصلي في العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة، اثنتي عشرة ركعة منها بعد
المغرب، وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة، وكان يجتهد في ليلة تسع عشرة اجتهادا
شديدا، وكان يصلي في ليلة إحدى وعشرين مأة ركعة، ويصلي في ليلة ثلاث وعشرين
مأة ركعة ويجتهد فيهما. (1)
أقول: ولو ذكرنا كلما وقفنا عليه من اختلاف الترتيب بين الروايات كنا قد خرجنا
عما قصدناه.

1 - عنه الوسائل 8، 30، رواه الشيخ في التهذيب 3: 62، الاستبصار 1: 462.
54

الباب الرابع
فيما نذكره مما يختص بأول ليلة من شهر رمضان
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من فضل غسل أول ليلة منه
رواه ابن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام
قال: يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه. (1)
أقول: وقد ذكره جماعة من أصحابنا الماضين، فلا نطيل بذكر أسماء المصنفين.
ووقت اغتسال شهر رمضان قبل دخول العشاء، ويكفي ذلك الغسل لليلته
جميعها.
وروي ان الغسل أول الليل، وروي بين العشائين (2)، وروينا ذلك عن الأئمة
الطاهرين.
أقول: (3) ورأيت في كتاب اعتقد انه تأليف أبي محمد بن جعفر بن أحمد القمي عن
الصادق عليه السلام: من اغتسل أول ليلة من شهر رمضان في نهر جار ويصب على

1 - عنه الوسائل 3: 325.
2 - عنه الوسائل 3: 325، راجع الفقيه 2: 156، الكافي 4: 153.
3 - فصل (خ ل).
55

رأسه ثلاثين كفا من الماء، طهر إلى شهر رمضان من قابل. (1)
ومن (2) ذلك الكتاب المشار إليه عن الصادق صلوات الله عليه: من أحب ان
لا يكون به الحكة، فليغتسل أول ليلة من شهر رمضان، فإنه من اغتسل أول ليلة منه
لا يصيبه حكة إلى شهر رمضان من قابل. (3)
وسيأتي في أول يوم من شهر رمضان ما رويناه فيه من الغسل أيضا.
فصل (2) فيما نذكره من الروايات بمعرفة أول شهر رمضان
اعلم أن الروايات التي وقفت عليها كثيرة في المصنفات، إذا كان العمل على
رؤية الهلال والشهادات، فأي فائدة في تكثير ايراد ما وقفنا عليه من علامات ذلك
والامارات.
ولكن قد اقتضت الاستخارة اننا لا نخلي كتابنا هذا من شئ من الروايات:
فمن ذلك ما وجدته مرويا عن جدي أبي جعفر الطوسي باسناده قال: أخبرنا أبو أحمد
أيده الله تعالى، قال: حدثنا أبو الهيثم محمد بن إبراهيم المعروف بابن أبي رمثة من أهل
كفرتوثا بنصيبين، قال: حدثني أبي، قال:
دخلت على الحسن العسكري صلوات الله عليه في أول يوم من شهر رمضان،
والناس بين متيقن وشاك، فلما بصر بي قال لي: يا أبا إبراهيم في اي الحزبين أنت في
يومك؟ قلت: جعلت فداك يا سيدي اني في هذا قصدت، قال: فاني أعطيك أصلا
إذا ضبطته لم تشك بعد هذا ابدا، قلت: يا مولاي من علي بذلك.
فقال: تعرف أي يوم يدخل المحرم، فإنك إذا عرفته كفيت طلب هلال شهر
رمضان، قلت: وكيف يجزي معرفة هلال محرم عن طلب هلال شهر رمضان؟ قال:

1 - عنه الوسائل 3: 325.
2 - أقول: ومن (خ ل).
3 - عنه الوسائل 3: 325.
56

ويحك انه يدلك عليه فتستغني عن ذلك، قلت: بين لي يا سيدي كيف ذلك؟
قال: فانتظر اي يوم يدخل المحرم، فإن كان أوله الاحد فخذ واحد، وإن كان أوله
الاثنين فخذ اثنين، وإن كان الثلاثاء فخذ ثلاثة، وإن كان الأربعاء فخذ أربعة، وإن كان
الخميس فخذ خمسة، وإن كان الجمعة فخذ ستة، وإن كان السبت فخذ سبعة، ثم
احفظ ما يكون وزد عليه عدد أئمتك، وهي اثنا عشر، ثم اطرح مما معك سبعة سبعة،
فما بقي مما لا يتم سبعة فانظر كم هو، فإن كان سبعة فالصوم السبت، وإن كان الستة
فالصوم الجمعة، وإن كان خمسة فالصوم الخميس، وإن كان أربعا فالصوم الأربعاء،
وإن كان ثلاثة فالصوم الثلاثاء، وإن كان اثنين فالصوم يوم الاثنين، وإن كان واحدا
فالصوم يوم الأحد، وعلى هذا فابن حسابك تصبه موافقا للحق إن شاء الله تعالى.
أقول: ربما كان قول الراوي: فما بقي مما لا يتم سبعة، من زيادة أحد الرواة أو من
الناسخين، لأنه قد ذكر فيه: فإن كان سبعة فالصوم السبت، ولأنه إذا كان أول المحرم
مثلا يوم الاثنين وضم الاثنين إلى عدد الأئمة عليهم السلام، وهو اثنا عشر، صار العدد
أربعة عشرة، فإذا عد سبعة وسبعة ما يبقى عدد ينقص عن سبعة.
أقول: ولعل هذه الرواية تختص بوقت دون وقت، وعلى حال دون حال، ولإنسان
دون انسان.
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني من كتاب الكافي (1)، والى
علي بن حسن بن فضال من كتابه كتاب الصيام، باسنادهما إلى أبي بصير عن الصادق
عليه السلام أنه قال: إذا عرفت هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما ثم صم يوم ستين. (2)
أقول: وهذا الحديث كان ظاهره يقتضي ان رجبا وشعبان لابد أن يكون أحدهما
ناقصا عن ثلاثين يوما، فان وجدت في وقت هذين الشهرين تامين، فلعل المراد بهذه
الرواية تلك السنة المعينة أو سنة مثلها أو غير ذلك.

1 - الكافي 4: 77، التهذيب 4: 180.
2 - عنه المستدرك 7: 416، رواه الفقيه 2: 78، المقنع: 95، فضائل الأشهر الثلاثة: 94، عنهم الوسائل 10: 285
و 10: 299، رواه أيضا الصدوق في الهداية: 45، عنه المستدرك 7: 416.
57

ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني من كتاب الكافي باسناده
إلى الصادق عليه السلام أنه قال: عد من هلال شهر رمضان في سنتك الماضية خمسة
أيام وصم اليوم الخامس. (1)
ورأيت في كتاب الحلال والحرام لإسحاق بن إبراهيم الثقفي الثقة من نسخة عتيقة عندنا
الآن مليحة، ما هذا لفظه: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال: حدثنا عاصم بن
حميد، قال: قال لي جعفر بن محمد عليهما السلام:
عدوا اليوم الذي تصومون فيه وثلاثة أيام بعده وصوموا يوم الخامس، فإنكم لن
تخطئوا، قال أحمد بن عبد الرحمان: ذكرت ذلك للعباس بن موسى بن جعفر فقال: انا
عليه، ما انظر إلى كلام الناس والرواية.
قال احمد: وحدثني غياث - قال: أظنه ابن أعين - عن جعفر بن محمد مثله (2).
أقول: وقد ذكر الشيخ محمد بن الجنيد في الجزء الأول من مختصر كتاب تهذيب
الشيعة لاحكام الشريعة فقال في كتاب الصوم ما هذا لفظه:
والحساب الذي يصام به يوم الخامس من اليوم الذي كان الصيام وقع في السنة
الماضية يصح ان لم تكن السنة كبيسة (3)، فإنه يكون فيها من اليوم السادس، والكبيس
يكون في كل ثلاثين سنة أحد عشر يوما مرة في السنة الثالثة ومرة في السنة الثانية.
أقول: وذكر الشيخ العالم سعيد بن هبة الله الراوندي رحمة الله عليه في كتاب شرح
النهاية في كتاب الصيام في باب علامات شهر رمضان ما هذا لفظه:
وقد رويت روايات بأنه إذا تحقق الهلال العام الماضي عد خمسة أيام وصام اليوم
الخامس، أو تحقق هلال رجب عد تسعة وخمسين يوما وصام يوم الستين، وذلك محمول

1 - الكافي 4: 81، رواه مع اختلاف الشيخ في التهذيب 4: 179، الاستبصار 2: 76، عنهما الوسائل 10: 284، رواه
في فقه الرضا عليه السلام: 25، عنه المستدرك 7: 416.
2 - عنه الوسائل 10: 286.
3 - الكبيسة يقال لليوم المجتمع من الكسور، فان أهل الحساب يعدون الشهر الأول من السنة ثلاثين والثاني تسعة
وعشرين وهكذا إلى آخر السنة، ويجتمعون الكسور حتى إذا صار يوما أو قريبا منه زادوا في آخر السنة يوما، وذلك
يكون في كل ثلاثين سنة أحد عشر يوما - الوافي.
58

على أنه يصوم ذلك بنية شعبان استظهارا، فاما بنية انه من شهر رمضان فلا يجوز على
حال، وقال أبو جعفر الطوسي: يجوز عندي ان يعمل على هذه الرواية التي وردت بأنه
يعد من السنة الماضية خمسة أيام ويصوم يوم الخامس، لان من المعلوم انه لا يكون الشهور
كلها تامة، واما إذا رأى الهلال وقد تطوق، أو رأى ظل الرأس فيه، أو غاب بعد
الشفق، فان جميع ذلك لا اعتبار به ويجب العمل بالرؤية، لأن ذلك يختلف بحسب
اختلاف المطالع والعروض (1) - وهذا آخر ما حكاه الراوندي في معناه.
فصل: واعلم أن الله جل جلاله تفضل علينا بأسرار ربانية وأنوار محمدية ومبار
علوية، منها تعريفنا بأوائل الشهور وان لم نشاهد هلالها، وليس ذلك بطريق الاحكام
النجومية ولا الاستخارات المروية، وإنما ذلك كما قلنا بالأمور الوجدانية الضرورية، وإنما
نذكر من دلائل شهر رمضان أو علاماته أو اماراته، لمن لم يتفضل الله جل جلاله عليه
بما تفضل به علينا من هباته وكراماته، وان لم يلزم العمل بها في ظاهر الشريعة النبوية.
وقد وجدنا تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق وصل إلينا يوم الرابع والعشرين من
صفر سنة ستين وستمأة بعد تصنيف هذا الكتاب، ونحن ذاكروها حسب ما رأيناه
قريبة من الصواب، وهذا لفظها:
إذا أردت ان تعرف الوقفة وأول شهر رمضان من كل شهر في السنة، فارتقب
هلال المحرم، فإذا رأيته فعد منه أربعة أيام خامسه الوقفة، وسادسه أول شهر رمضان،
فإذا استتر عنك هلال محرم فارتقب هلال صفر، وعد منه يومين، وثالثه الوقفة ورابعه
أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال صفر فارتقب هلال شهر ربيع الأول، فإذا
رأيته فعد منه يوما واحدا، وثانيه الوقفة وثالثه أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال شهر ربيع
الأول فارتقب هلال شهر ربيع الآخر، فإذا رأيته فعد منه ستة أيام، وسابعه الوقفة
وثامنه أول شهر رمضان.
فان استتر عنك هلال شهر ربيع الآخر فارتقب هلال جمادي الأولى، فإذا رأيته فعد منه

1 - المبسوط 1: 268.
59

خمسة أيام، وسادسه الوقفة وسابعه أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال جمادي
الأولى فارتقب هلال جمادي الآخر، فإذا رأيته فعد منه ثلاثة أيام، فعد منه ثلاثة أيام، ورابعه الوقفة
وخامسه أول شهر رمضان: فإذا استتر عنك هلال جمادي الآخر فارتقب هلال رجب،
فعد منه يومين، وثالثه الوقفة ورابعه أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال رجب،
فارتقب هلال شعبان، أوله الوقفة و ثانيه أول شهر رمضان.
فان استتر عنك هلال شعبان فارتقب هلال شهر رمضان، فإذا رأيته فعد منه ستة
أيام، وسابعه الوقفة وثامنه أول شهر رمضان، فإذا استتر عنك هلال رمضان فارتقب
هلال شوال فإذا رأيته فعد منه أربعة أيام، وخامسه الوقفة وسادسه أول شهر رمضان،
فان استتر عنك هلال شوال فارتقب هلال ذي القعدة فإذا رأيته فعد منه ثلاثة أيام،
ورابعه الوقفة وخامسه أول شهر رمضان، فإذا استتر عنك هلال ذي القعدة فارتقب
هلال ذي الحجة وعد منه ثمانية أيام، وتاسعه الوقفة وعاشره أول شهر رمضان - هذا
آخر ما وجدناه فصنه الا عمن يستحق التعريف بمعناه.
ومن ذلك ما سمعناه مذاكرة ولم نقف على اسناده انه روي عن أحدهم عليهم
السلام أنه قال: يوم صومكم يوم نحركم. (1)
ومن ذلك ما رواه علي بن الحسن بن علي بن فضال باسناده في كتاب الصيام إلى
ابن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو
لليلة، وإذا غاب الشفق قبل الهلال فهو لليلتين (2).
رواه محمد بن يعقوب الكليني. (3)
روى الخطيب في تاريخه في ترجمة بقية بن الوليد في الجزء التاسع والأربعين، عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة (4)، وإذا غاب

1 - عنه المستدرك 7: 416، رواه في الكافي 4: 77.
2 - عنه المستدرك 7: 415.
3 - رواه في الكافي 4: 77، عنه الوسائل 10: 282، أخرجه الشيخ في التهذيب 4: 178، الاستبصار 2: 75، والصدوق
في الفقيه 2: 78.
4 - لليته (خ ل).
60

بعد الشفق فهو لليلتين.
أقول: ووجدت في كتاب الفردوس لشهردار بن شيرويه الديلمي في المجلد الأول في
أواخر النصف الأول منه، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إذا غاب
الهلال قبل الشفق فهو لليلة، وإذا غاب الشفق قبل الهلال فهو لليلتين.
وفي رواية أخرى: إذا غاب القمر في الحمرة فهو لليلة (1)، وإذ غاب في البياض فهو
لليلتين.
قلت انا: هذا لفظ ما رأيناه.
أقول: ورأيت روايتين أحدهما عن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي
طالب، وهو يتضمن شرحا طويلا نحو كراسين، فلا نطيل بذكره، رواه عن الصادق
عليه السلام في معرفة أول الشهور بالحساب.
أقول: واعلم أن تعريف الله جل جلاله لعباده بشئ من مراده فإنه لا ينحصر بمجرد
العقل جميع أسبابه، ولا يدرك بعين الشرع تفصيل أبوابه، لان الله جل جلاله قادر
لذاته، فهو قادر على أن يعرف عباده مهما شاء ومتى شاء بحسب ارادته، واعرف على
اليقين من يعرف أوائل الشهور وان لم يكن ناظرا إلى الهلال، ولا حضر عنده أحد من
المشاهدين، ولا يعمل على شئ مما تقدم من الروايات، ولا نقول منجم، ولا باستخارة،
ولا بقول أهل العدد، ولا في المنام، بل هو من فضل رب العالمين الذي وهبه نور الألباب
من غير سؤال، وألهمه العلم بالبديهيات من غير طلب لتلك الحال، ولكن هو مكلف
بذلك وحده على اليقين حيث علم به على التعيين (2).
أقول: والمعتبر في معرفة الهلال وأول شهر رمضان عند من لم يعرف ذلك بوجه من
الوجوه على رؤيته أو قيام البينة بمشاهدته، بحسب ما تضمنه المعتمد عليه من تحقيق
القول بين الأصحاب، فإنه لا يليق شرح ذلك في هذا الكتاب.

1 - تاريخ بغداد 7: 123.
2 - المراد به نفسه كما مر قبيل هذا.
61

فصل (3)
فيما نذكره من الروايات بمعرفة هلال شهر رمضان
اعلم اننا قد أشرنا فيما قبل هذا الفصل إلى معرفة دخول الشهر مطلقا من غير رؤية
هلال، وهنا نذكر بعض ما رويناه من مشاهدة الأهلة ومن يشهد به على سبيل
الاجمال.
أقول: فروينا من عدة طرق نذكر منها لفظ الشيخ محمد بن يعقوب الكليني رضوان
الله عليه، فروي باسناده في كتاب الكافي عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام انه
سئل عن الأهلة فقال: هي أهلة الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فأفطر (1).
وباسناده أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يقول:
لا أجيز في الهلال الا شهادة رجلين عدلين. (2)
أقول: والاخبار كثيرة بنحو هذا المعنى، فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها.
فصل (4)
فيما نذكره من الدعوات عند رؤية هلال شهر رمضان
اعلم أن من آداب الوقوف لرؤية هلال شهر رمضان انك تقصد بذلك العبادة لله
تعالى وامتثال امره الشريف في بيان أول وقت هذه الخدمة العظيمة الشأن، وان
تستعين به جل جلاله في الهداية إلى مطالعه والدلالة على فوائد ذلك ومنافعه.
فإذا نظرته فقل ما رواه محمد بن الحنفية، عن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا استهل هلال شهر رمضان

1 - رواه الكليني في الكافي 4: 76، عنه الوسائل 10: 252، رواه المفيد في المقنعة: 48، وفي رسالة العددية، 17، عنه
المستدرك 7: 408، رواه الشيخ في التهذيب 4: 156، الاستبصار 2: 63، عنهما الوسائل 10: 254، أورده
العياشي في تفسيره 10: 85، عنه المستدرك 7: 403.
2 - رواه الكليني في الكافي 4: 76، والصدوق في الفقيه 2: 124، عنهما الوسائل 28610 و 288، رواه الشيخ في
التهذيب 4: 180.
62

استقبل القبلة بوجهه وقال:
اللهم أهله علينا بالأمن والايمان، والسلامة والاسلام، والعافية المجللة (1)
ودفع (2) الأسقام، والرزق الواسع، والعون على الصلاة والصيام والقيام وتلاوة
القرآن.
اللهم سلمنا لشهر رمضان، وتسلمه منا وسلمنا فيه، حتى تنقضي عنا
شهر رمضان، وقد عفوت عنا وغفرت لنا ورحمتنا. (3)
ثم قل ما روي عن مولانا موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال:
مر علي بن الحسين عليهما السلام في طريقه يوما فنظر إلى هلال شهر رمضان فوقف
فقال:
أيها الخلق المطيع الدائب (4) السريع، المتردد في منازل التقدير، المتصرف
في فلك التدبير.
آمنت بمن نور بك الظلم، وأوضح بك البهم (5)، وجعلك آية من آيات
ملكه، وعلامة من علامات سلطانه، فحد بك الزمان، وامتهنك (6) بالكمال
والنقصان، والطلوع والأفول، والإنارة والكسوف (7)، في كل ذلك أنت له مطيع
والى ارادته سريع.
سبحانه ما أعجب ما دبر في امرك، والطف ما صنع في شأنك، جعلك
مفتاح شهر حادث لأمر حادث، فاسأل الله ربي وربك، وخالقي

1 - سحاب مجلل: أي يجلل الأرض بالمطر أي يعم، ويمكن أن يكون على صيغة المفعول يعني العافية التي جللت علينا،
وجعلت كالمجل شاملة للناس.
2 - في الأصل: دفاع، ما أثبتناه من الفقيه والكافي.
3 - المستدرك 7: 440، رواه مع اختلاف في الكافي 4: 70، الفقيه 2: 100، التهذيب 4: 196، أمالي الصدوق:
48، ثواب الأعمال: 88، عنهم الوسائل 10: 321، البحار 96: 360.
4 - الدائب: الدائم السير.
5 - البهم: المجهولات.
6 - امتهنك: استعملك واستخدمك.
7 - الكسوف: زوال الضوء.
63

وخالقك، ومقدري ومقدرك، ومصوري ومصورك، ان يصلي على محمد
وآل محمد وان يجعلك هلال بركة لا تمحقها (1) الأيام، وطهارة لا تدنسها (2)
الآثام.
هلال امن من الآفات، وسلامة من السيئات، هلال سعد لا نحس فيه،
ويمن لا نكد فيه، ويسر لا يمازجه عسر، وخير لا يشوبه (3) شر، هلال امن وايمان
ونعمة واحسان وسلامة واسلام.
اللهم صلى على محمد وآل محمد واجعلنا من ارضى من طلع عليه،
وأزكى من نظر إليه، وأسعد من تعبد لك فيه، ووفقنا فيه (4) للطاعة والتوبة،
واعصمنا فيه من الآثام والحوبة. (5)
وأوزعنا (6) فيه شكر النعمة، وألبسنا فيه جنن (7) العافية، وأتمم علينا
باستكمال طاعتك فيه المنة، انك أنت المنان الحميد، وصلى الله على
محمد وآله الطيبين.
واجعل لنا فيه عونا منك على ما ندبتنا إليه من مفترض طاعتك، وتقبلها
انك الأكرم من كل كريم، والأرحم من كل رحيم، آمين آمين رب
العالمين. (8)
ثم قل ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا رأيت الهلال فقل:

1 - تمحقها: تنقصها وتذهب بركتها.
2 - دنس ثوبه أو خلقه: تلطخ بمكروه أو قبيح.
3 - يشوبه: يخالطه.
4 - وفقنا اللهم (خ ل).
5 - الحوبة: الإثم والخطيئة.
6 - أوزعنا: ألهمنا.
7 - الجنن: الأستار.
8 - رواه الشيخ في مصباحه: 541، الأمالي 2: 109، عنه البحار 95: 344 و 96: 379، أخرجه الكفعمي في بلد
الأمين: 478، وفي مصباحه: 561، والأربلي في كشف الغمة 2: 93، وفي الصحيفة السجادية الجامعة، الدعاء
43، ورواه عن المصادر البحار 58: 178، المستدرك 7: 441.
64

اللهم قد حضر شهر رمضان، وقد افترضت علينا صيامه وأنزلت فيه القرآن
هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
اللهم أعنا على صيامه وتقبله منا، وسلمنا فيه وسلمنا منه وسلمه لنا (1)،
في يسر وعافية، انك على كل شئ قدير، يا رحمن يا رحيم. (2)
ثم قل ما رويناه بإسنادنا إلى أبي المفضل محمد بن عبد المطلب الشيباني رحمة الله عليه
من كتاب أماليه من الجزء الثالث، باسناده إلى الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه
السلام، عن آبائه عليهم السلام قال:
كان علي عليه السلام إذا كان بالكوفة يخرج والناس معه يتراءى هلال شهر
رمضان، فإذا رآه قال:
اللهم أهله علينا بالأمن والايمان، والسلامة والاسلام، وصحة من السقم،
وفراغ لطاعتك من الشغل، واكفنا بالقليل من النوم. (3)
ثم قل ما روي عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: إذا رأيت الهلال فقل:
اللهم قد حضر شهر رمضان، وقد افترضت علينا صيامه وقيامه، فأعنا
على صيامه وقيامه، وتقبله منا، وسلمنا فيه وسلمه لنا، في يسر منك وعافية،
انك على كل شئ قدير، يا ارحم الراحمين. (4)
ثم قل ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إذا رأيت الهلال فلا تبرح (5)
وقل:
اللهم إني أسألك خير هذا الشهر وفتحه، ونوره ونصره، وبركته وطهوره
ورزقه، اللهم إني أسألك خير ما فيه وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر ما فيه

1 - سلمه لنا: هي ان لا يغم الهلال في أوله أو آخره فيلتبس علينا الصوم والفطر.
2 - عنه المستدرك 7: 440، رواه الكليني في الكافي 4: 74، أورده العياشي في تفسيره 1: 80 مع اختلاف، عنه
البحار 96: 383.
3 - عن المستدرك 7: 442، رواه مع اختلاف في الكافي 4: 74.
4 - عنه المستدرك 7: 442.
5 - برح المكان ومنه: زال عنه.
65

وشر ما بعده.
اللهم ادخله علينا بالأمن والايمان، والسلامة والاسلام، والبركة والتقوى،
والتوفيق لما تحب وترضى. (1)
ثم قل ما ذكره ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه مرويا عن الصادق عليه
السلام قال:
إذا رأيت هلال شهر رمضان فلا تشر إليه، ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى
الله عز وجل وخاطب الهلال تقول:
ربي وربك الله رب العالمين، اللهم أهله علينا بالأمن والايمان،
والسلامة والاسلام، والمسارعة إلى ما تحب وترضى، اللهم بارك لنا في
شهرنا هذا وارزقنا خيره وعونه، واصرف عنا ضره وشره وبلاءه وفتنته. (2)
ثم قل ما وجدناه (3) في نسخة عتيقة من كتب أصول الشيعة:
ربي وربك الله رب العالمين، اللهم صلى على محمد وآل محمد وأهله
علينا وعلى أهل بيوتنا وأشياعنا، بأمن وايمان، وسلامة واسلام، وبر وتقوى
وعافية مجللة، ورزق واسع حسن، وفراغ من الشغل، واكفنا بالقليل من
النوم، والمسارعة فيما تحب وترضى وثبتنا عليه.
اللهم بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا بركته وخيره وعونه، وغنمه ونوره
ويمنه، ورحمته ومغفرته، واصرف عنا شره وضره وبلاءه وفتنته.
اللهم ما قسمت فيه من رزق، أو خير أو عافية، أو فضل أو مغفرة أو
رحمة، فاجعل نصيبنا فيه الأكثر، وحظنا فيه الأوفر.
ثم قل ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله

1 - الفقيه 2: 100، التهذيب 4: 197، الكافي 4: 76، مصباح المتهجد: 541، مصباح الكفعمي: 561، أخرجه عن
بعض المصادر الوسائل 10: 323.
2 - الفقيه 2: 100، أقول: في الفقيه: (قال أبي رحمه الله في رسالته إلى: إذ رأيت...)، وظاهره ان الدعاء من والد
الصدوق، نعم ذكره الصدوق في الهداية مرسلا عن الصادق (ع)، عنه البحار 96: 383.
3 - عنه المستدرك 7: 442.
66

إذا رأى الهلال قال:
الحمد لله الذي خلقك وقدرك، وجعلك مواقيت للناس، اللهم أهله
علينا هلالا مباركا. (1)
ثم قل ما وجدناه في كتاب عتيق بدعوات من طرق أصحابنا كأنه من أصولهم
رحمهم الله تعالى، قال: إذا رأيت الهلال تقول:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ربي الله، لا إله إلا هو رب
العالمين، الحمد لله الذي خلقني وخلقك، وقدرك منازل وجعلك آية
للعالمين، يباهي الله بك الملائكة.
اللهم أهله علينا بالأمن والايمان، والسلامة والاسلام، والغبطة والسرور،
والبهجة والحبور (2)، وثبتنا على طاعتك والمسارعة فيما يرضيك.
اللهم بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا خيره وبركته، ويمنه وعونه وقوته،
واصرف عنا شره، وبلاءه وفتنته، برحمتك يا أرحم الراحمين. (3) ثم قل ما وجدناه في نسخة عتيقة، قيل إنها بخط الرضي الموسوي: اللهم إني أسألك يا مبدئ البدايا، ويا خالق الأرض والسماء، ويا اله من
بقي واله من مضى، ويا من رفع السماء وسطح الأرض، الهي وأسألك
بأنك تبعث أرواح أهل البلاء (4) بقدرتك وأمرك وسلطانك على عبادك
وامائك الأذلاء.
الهي وأسألك بأنك تبعث الموتى وتميت الأحياء، وأنت رب الشعرى
ومناة الثالثة الأخرى، ان تصلي على محمد وأهل بيت محمد، عدد الحصى
والثرى (5)، وصل على محمد وعلى أهل بيت محمد صلاة تكون لك رضى،

1 - عنه المستدرك 7: 443.
2 - حبره: سره وأبهجه.
3 - عنه المستدرك 7: 443.
4 - بلى الثوب بلى وبلاء: قدم.
5 - الحصى: صغار الحجارة، الثراء: التراب الندي.
67

وارزقني في هذا الشهر التقى والنهى، والصبر على البلاء، والعون عند
القضاء.
واجعلني الهي من أهل العافية والمعافاة، وهب لي يقين أهل التقى،
واعمال أهل النهى (1) وصبر أهل البلوى، فإنك تعلم يا الهي ضعفي عند
البلاء، وقلة صبري في الشدة والرخاء، لا تبعثني ببلاء، ارحم ضعفي
واكشف كربي وفرج همي وغمي.
وارحمني رحمة تطفئ بها سخطك عني، واعف عني وجد علي،
فعفوك وجودك يسعني، واستجب لي في شهرك المبارك، الذي عظمت
حرمته وبركته.
واجعلني الهي ممن آمن واتقى في الدين والدنيا والآخرة، مع من
وأتوالى، ولا تلحقني بمن مضى من أهل الجحود في هذه الدنيا.
واجعلني الهي مع محمد وأهل بيت محمد عليه وعليهم السلام، في كل
عافية وبلاء، وكل شدة ورخاء، واحشرني معهم لامع غيرهم في الدين
والدنيا ابدا وفي الآخرة غدا، يوم يحشر الناس ضحى.
واجعل الآخرة خيرا لي من الأولى، واصرف عني بمنزلتهم عذاب
الآخرة وخزي الدنيا، وفقرها ومسكنتها وما فيها، يا رباه يا رباه يا مولاه يا ولي
نعمتاه، آمين آمين، اختم لي ذلك على ما أقول يا رباه.
ثم صل على محمد وأهل بيته عليه وعليهم السلام وسل حوائجك تقضى إن شاء الله
تعالى. (2)

1 - النهى: العقل، سمي به لأنه ينهى عن القبيح وعن كل ما ينافي العقل.
2 - عنه المستدرك 7: 443.
68

فصل (5)
فيما نذكره من كيفية الدخول على كرم الله جل جلاله في حضرة ضيافته ودار رحمته التي
فتحها بدخول شهر رمضان
روينا بإسنادنا إلى المسمعي والى معاوية بن عمار انهما سمعا أبا عبد الله عليه
السلام يوصي ولده ويقول:
إذا دخل شهر رمضان اجهدوا أنفسكم في هذا الشهر، فان فيه تقسيم الأرزاق
وتكتب الآجال، وفيه يكتب وفد الله الذي يفدون إليه (1)، وفيه ليلة، العمل فيها خير من
العمل في الف شهر. (2)
وروى علي بن عبد الواحد في كتاب عمل شهر رمضان باسناده إلى أبي عبد الله عليه
السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: عليكم في شهر رمضان بالاستغفار والدعاء،
اما الدعاء فيدفع (3) عنكم البلاء، واما الاستغفار فيمحو ذنوبكم (4).
ورأيت في الجزء الثاني من تاريخ نيسابور في ترجمة خلف بن أيوب العامري باسناده
إلى النبي صلى الله عليه وآله: انه كان إذا دخل شهر رمضان تغير لونه وكثرت صلاته،
وابتهل في الدعاء وأشفق منه.
واعلم أن شهر الصيام مثل دار ضيافة فتحت للأنام، فيها من سائر أصناف
الاكرام والانعام، ومن ذخائر خلع الأمان والرضوان، واطلاق كثير من الاسراء
بالعصيان، وتواقيع بممالك وولايات ربانيات حاضرات ومستقبلات، ومراتب عاليات

1 - أي يقدر فيه حاج بيت الله، وفد جمع وافد، يقال: وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا، فكان الحاج وفد الله
وأضيافه نزلوا عليه رجاء بره واكرامه - مرآة العقول.
2 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 99، والكليني في الكافي 4: 66، والشيخ في التهذيب 4: 192، عنهم الوسائل
10: 305.
3 - فان الدعاء ليدفع (خ ل).
4 - رواه مع اختلاف في الفقيه 2: 108، فضائل الأشهر الثلاثة: 76، الأمالي: 59 عنهما الوسائل 10: 304، رواه
الكليني في الكافي 4: 88، عنه الوسائل 10: 309، وفيهم: (فتمحى به ذنوبكم).
69

ومواهب غاليات، وطي بساط الغضب والعتاب والعقاب، والاقبال على صلح أهل
الجفاء لرب الأرباب.
فينبغي أن يكون نهوض المسلم العارف المصدق بهذه المواهب إلى دخول دار
الضيافة بها على فوائد تلك المطالب بالنشاط والاقبال والسرور وانشراح الصدور، وإن كان
قد عامل الله جل جلاله قبل الشهر المشار إليه معاملة لا يرضاها، وهو خجلان من
دخول دار ضيافته أبواب كثيرة بلسان الحال:
ولدار هذه الضيافة أبواب كثيرة بلسان الحال:
منها باب الغفلة فلا تلم به (1) ولا تدخل منه، لأنه باب لا يصلح الا لأهل الاهمال،
وإنما يدخل من الباب الذي دخل منه قوم إدريس وقوم يونس عليهما السلام، ومن كان
على مثل سوء أعمالهم وظفروا منه بآمالهم.
ويدخل من الباب الذي دخل منه أعظم المذنبين إبليس، قال جل جلاله:
(اخرج منها فإنك رجيم * وان عليك لعنتي إلى يوم الدين) (2)، فدخل عليه جل جلاله من باب
تحريم الأياس والقنوط من رحمته وقال: اجعلني من المنظرين، فظفر منه جل جلاله
بقضاء حاجته وإجابة مسألته.
ويدخل أهل العصيان من كل باب منه عاص، انصلحت بالدخول منه حاله
وتلقاه فيه سعوده واقباله، ويجلس على بساط الرحمة التي اجلس عليه سحرة فرعون لما
حضروا لمحاربة رب الأرباب، فظفروا منه جل جلاله بما لم يكن في الحساب من سعادة
دار الثواب.
ويكون على الجالس المخالف لصاحب الرسالة آثار الحياء والخجالة، لأجل ما كان
قد أسلف من سوء المعاملة لمالك الجلالة، وليظهر عليه من حسن الظن والشكر للمالك
الرحيم الشفيق كيف شرفه بالاذن له في الدخول والجلوس مع أهل الاقبال والتوفيق إن شاء الله
تعالى.

1 - ألم به: إذا نزل به.
2 - ص: 77 - 78.
70

فصل: واعلم انني لما رأيت أن شهر رمضان أول سنة السعادات بالعبادات، وان فيه
ليلة القدر التي فيها تدبير أمور السنة وإجابة الدعوات، اقتضى ذلك اني أو دع السنة
الماضي وشرفني بخلع التراضي وأغناني عن التقاضي، وفرغني لاستقبال هذا العام
الحاضر، ولم يمنعني من الظفر بالسعادة والعبادة فيه بمرض ولا عرض باطن ولا ظاهر.
فصل: ثم انني أحضر هذا الكتاب، عمل شهر الصيام، واقبله واجعله على رأسي
وعيني، وأضمه إلى صدري وقلبي، واراه قد وصل إلي من مالك أمري ليفتح به علي
أبواب خيري وبري ونصري، وأتلقاه بحمدي وشكري وشكر الرسول الذي كان سببا
لصلاح أمري، كما اقتضى حكم الاسلام تعظيم المشاعر في البيت الحرام وتقبيلها بفم
الاحترام والاكرام.
فصل: ثم انني ابدأ بالفعل، فاسأل الله جل جلاله العفو عما جرى من ظلمي له
وحيفي عليه، وكلما هونت به من تطهير القلب واصلاحه لنظر الله جل جلاله إليه،
والعفو عن كل جارحة أهملت شيئا من مهماتها وعباداتها والاجتهاد في التوبة النصوح
من جناياتها والصدقة عن كل جارحة بما تهيأ من الصدقات، لقول الله جل جلاله: (ان
الحسنات يذهبن السيئات) (1)، أتصدق عن أيام السنة المستقبلة عن كل يوم وليلة برغيف،
لأجل ما رويناه من فضل الصدقة وفائدته.
فصل (6)
فيما نذكره من شكر الله جل جلاله على تقييد الشياطين ومنعهم من الصائمين في شهر
رمضان
اعلم أن الرواية وردت بذلك متظاهرة ومعانيها متواترة متناصرة، ونحن نذكر من
طرقنا إليه ألفاظ الشيخ محمد بن يعقوب، فان كتبه كلها معتمد عليها.

1 - هود: 114.
71

فروى باسناده عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام
قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل بوجهه إلى الناس فيقول: يا معشر الناس (1)
إذا طلع هلال شهر رمضان غلت مردة (2) الشياطين، وفتحت [أبواب السماء و] (3) أبواب
الجنان وأبواب الرحمة، وغلقت أبواب النار، واستجيب الدعاء، وكان لله فيه عند كل
فطر عتقاء يعتقهم الله من النار، ومناد ينادي كل ليلة: هل من سائل، هل من مستغفر،
اللهم اعط كل منفق خلفا واعط كل ممسك تلفا (4)، حتى إذا طلع هلال شوال نودي
المؤمنون ان اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: اما والذي
نفسي بيده ما هي بجائزة الدنانير والدراهم (5).
ورأيت حديث خطبة النبي صلى الله عليه وآله رواية أحمد بن محمد بن عياش في
كتاب الأغسال، بنسخة تاريخ كتابتها ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربعمأة، يقول
باسناده إلى مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال:
لما كان أول ليلة من شهر رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وآله، فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس قد كفاكم الله عدوكم من الجن والإنس، ووعدكم
الإجابة وقال: (ادعوني استجب لكم) (6)، الا وقد وكل الله سبحانه وتعالى بكل شيطان
مريد سبعة من الملائكة، فليس بمحلول حتى ينقضي شهر رمضان، الا وأبواب السماء
مفتحة من أول ليلة منه إلى آخر ليلة منه، الا والدعاء فيه مقبول.
حتى إذا كان أول ليلة من العشر قام فحمد الله وأثنى عليه وقال مثل ذلك ثم قام،

1 - في الأصل: المسلمين، ما أثبتناه من الكافي.
2 - مردة جمع مارد: العاتي، أو جمع مريد: الذي لا ينقاد ولا يطيع.
3 - من الكافي.
4 - خلفا - بالتحريك - أي عوضا عظيما في الدنيا والآخرة، تلفا أي المال والنفس.
رواه في الكافي 4: 67، الفقيه 2: 97، التهذيب 4: 193، أخرجه الصدوق في أماليه: 48، ثواب الأعمال: 89،
عنهم الوسائل 10: 310.
6 - الفرقان: 60.
72

وشمر (1) وشد المئزر وبرز من بيته واعتكف وأحيا الليل كله، وكان يغتسل كل ليلة
منه بين العشائين، فقلت: ما معنى شد المئزر (2)؟ فقال: كان يعتزل النساء فيهن - وفي
رواية أخرى: انه ما كان يعتزلهن (3).
أقول: سألني بعض أهل الدين فقال: ما يظهر لي زيادة انتفاع بمنع
الشياطين، لأنني أرى الحال التي كنت عليها من الغفلة قبل شهر رمضان، كأنها على
حالها ما نقصت بمنع أعوان الشيطان. فقلت له:
يحتمل ان الشياطين لو تركوا على حالهم في اطلاق العنان كانوا يحسدونكم على هذا
شهر الصيام، فيجتهدون في هلاككم مع الله جل جلاله أو في الدنيا بغاية الامكان،
فيكون الانتفاع بمنعهم من زايادات الأذيات والمضرات، ودفعهم عما يعجز الانسان
عليه من المحذورات.
ويحتمل أن يكون لكل شهر شياطين به دون سائر الشهور، فيكون منع
الشياطين في شهر رمضان يراد به شياطين هذا الشهر المذكور، وغيرهم من الشياطين
على حالهم، مطلقين فيما يريدونه بالانسان من الأمور، فلذلك ما يظهر للانسان سلامتهن
من وسوسة الصدور.
ويحتمل أن يكون منع الشياطين عن قوم مخصوصين، بحسب ما يقتضيه مصلحتهم
ورحمة رب العالمين، والا فان الكفار وغيرهم ربما لا تغل عنهم الشياطين في شهر رمضان
ولا في غيره من الأزمان.
ومن الجواب انه يحتمل ان العبد معه إبليس والشياطين، فإذا غلت الشياطين كفاه
إبليس في غروره للمكلفين.
ومن الجواب انه يحتمل ان العبد معه نفسه وطبعه وقرناء السوء، وإذا غلت

1 - شمر للأمر: اراده وتهيأ له.
2 - في النهاية: المئزر: الأزار، وكني بشدة عن اعتزال النساء.
3 - الوسائل 3: 326، روى صدره الصدوق في الفقيه 2: 98، ثواب الأعمال: 90، عنهما الوسائل 10: 304،
روى ذيله الصدوق في الفقيه 2: 156، والكليني في الكافي 4: 155، عنهما الوسائل 10: 312.
73

الشياطين فكفاه هؤلاء في غرورهم وعداوتهم للمكلف المسكين.
ومن الجواب ان العبد له قبل شهر رمضان ذنوب قد سودت قلبه وعقله وصارت
حجابا بينه وبين الله جل جلاله، فلا يبعد منه أن تكون ذنوبه السالفة كافية له في
استمرار غفلته، فلا يؤثر منع الشياطين عند الانسان لعظيم مصيبته، ويمكن غير ذلك من
الجواب، وفي هذا كفاية لذوي الألباب.
فصل (7)
فيما نذكره من كيفية اتخاذ خفير أو حام يحمي من المكروهات مدة العام
اعلم انني وجدت في الروايات عن أهل الأمانات لكل يوم من أيام الأسبوع
من يحمي من اخطاره ويضيف الانسان فيه على موائد مباره:
فالسبت لرسول الله صلى الله عليه وآله، والاحد لمولانا علي عليه السلام، ويوم
الاثنين للحسن والحسين عليهما السلام، ويوم الثلاثاء لمولانا علي بن الحسين ومولانا
محمد بن علي الباقر ومولانا جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام، ويوم الأربعاء لمولانا
موسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد عليهم السلام، ويوم
الخميس لمولانا الحسن العسكري عليه السلام، ويوم الجمعة لمولانا المهدي عليهم أفضل
الصلوات.
وإذا كان لكل يوم منهم خفير (1) وحام من المخافات، فقد صاروا خفراء السنة جميعا
على هذا التعريف، فكن على ثقة من عناية المالك اللطيف بخفارة خواصه الملازمين
لبابه الشريف، وقد قدمنا تفصيل بعض هذه الروايات في عمل الأسبوع من كتاب
المهمات والتتمات. (2)
أقول: فإذا كان أول السنة لبعض الخواص الذين أشرنا صلوات الله عليهم،
فاطلب من الله جل جلاله أن يكون بالتوسل به وبالتوجه إليه جل جلاله، أن يكون

1 - خفرة: اجاره وحماه وامنه.
2 - جمال الأسبوع: 25.
74

خفيرا لك ولمن يعنيك امره وما يعنيك مدة تلك السنة الهلالية.
فان الانسان لو أراد ان يسافر مدة سنة على التحقيق، احتاج ان يجتهد في
تحصيل الحماة والخفراء والأدلاء ومن يقوم بسفره، من الرفيق في الطريق ومن يخلفه في
من يخلفه، من صديق أو شفيق.
وأنت إذا أهملت السنة فكأنك قد استقبلت سفرا في الدنيا اثنا عشر شهرا، لا تدري
ما تلقى فيها خيرا أو شرا، فأي غنى لك عمن يدخل بينك وبين الله تعالى في سلامتك
طول سنتك، ويكون درك ما يتجدد عليك وضمانه على من تتعلق عليه ويلقي أمانه
عليك.
فصل (8)
فيما يقرء كل ليلة لدفع اخطار السنة
روى علي بن عبد الواحد النهدي من أصحابنا رحمه الله في كتاب عمل شهر رمضان
باسناده فيه عن يزيد بن هارون يقول: سمعت المسعودي يذكر قال: بلغني انه من قرأ
في كل ليلة من شهر رمضان: (انا فتحنا لك فتحا مبينا)، في التطوع، حفظ ذلك العام (1).
فصل (9)
في صلاة أول ليلة من الشهر
ذكرناها في كتاب عمل السنة عن الصادق عليه السلام أنه قال: من صلى أول
ليلة من الشهر ركعتين بسورة الانعام وسأل الله ان يكفيه، كفاه الله تعالى ما يخفاه في
ذلك الشهر، ووقاه من المخاوف والأسقام. (2)

1 - رواه الراوندي في نوادره، عنه البحار 96: 350.
2 - عنه الوسائل 8: 170، رواه في الدروع الواقية: 2.
75

فصل (10)
فيما نذكره من الدعاء الزائد عقيب صلاة المغرب أول ليلة من شهر رمضان
نرويه بإسنادنا إلى أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، فيما رواه باسناده إلى
عبد العظيم بن عبد الله الحسني رحمه الله بالري، قال:
صلى أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام صلاة المغرب في ليلة رأى فيها
هلال شهر رمضان، فلما فرغ من الصلاة ونوى الصيام رفع يديه فقال: اللهم يا من يملك التدبير وهو على كل شئ قدير، يا من يعلم خائنة
الأعين وما تخفي الصدور، وتجن (1) الضمير وهو اللطيف الخبير، اللهم اجعلنا
ممن نوى فعمل، ولا تجعلنا ممن شقي فكسل، ولا ممن هو على غير عمل
يتكل.
اللهم صحح أبداننا من العلل، وأعنا على ما افترضت علينا من العمل،
حتى ينقضي عنا شهرك هذا، وقد أدينا مفروضك فيه علينا، اللهم أعنا
على صيامه، ووفقنا لقيامه، ونشطنا فيه للصلاة، ولا تحجبنا من القراءة،
وسهل لنا فيه إيتاء الزكاة.
اللهم لا تسلط علينا وصبا (2) ولا تعبا، ولا سقما ولا عطبا (3)، اللهم ارزقنا
الافطار من رزقك الحلال، اللهم سهل لنا فيه ما قسمته من رزقك، ويسر
ما قدرته من امرك، واجعله حلالا طيبا نقيا من الآثام، خالصا من الآصار (4)
والاجرام.
اللهم لا تطعمنا الا طيبا غير خبيث ولا حرام، واجعل رزقك لنا حلالا

1 - أجن عنه: استتر.
2 - الوصب: المرض والوجع الدائم ونحول الجسم، وقد يطلق على التعب والفتور في البدن.
3 - عطب: هلك.
4 - الإصرار: الثقل، الذنب.
76

لا يشوبه دنس ولا اسقام، يا من علمه بالسر كعلمه بالإعلان، يا متفضلا على
عباده بالاحسان.
يا من هو كل شئ قدير، وبكل شئ عليم خبير، الهمنا ذكرك،
وجنبنا عسرك، وأنلنا يسرك، واهدنا للرشاد، ووفقنا للسداد، واعصمنا من
البلايا، وصنا من الأوزار والخطايا.
يا من لا يغفر عظيم الذنوب غيره، ولا يكشف السوء الا هو، يا ارحم
الراحمين وأكرم الأكرمين، صلى على محمد وأهل بيته الطيبين، واجعل
صيامنا مقبولا، وبالبر والتقوى موصولا، وكذلك فاجعل سعينا مشكورا (1)،
وقيامنا مبرورا، وقرآننا مرفوعا، ودعائنا مسموعا.
واهدنا للحسنى (2)، وجنبنا العسرى، ويسرنا لليسرى، واعل لنا الدرجات
ضاعف لنا الحسنات، واقبل منا الصوم والصلاة، واسمع منا الدعوات،
واغفر لنا الخطيئات، وتجاوز عنا السيئات.
واجعلنا من العاملين الفائزين، ولا تجعلنا من المغضوب عليهم
ولا الضالين، حتى ينقضي شهر رمضان عنا، وقد قبلت فيه صيامنا وقيامنا
وزكيت فيه أعمالنا، وغفرت فيه ذنوبنا، وأجزلت (3) فيه من كل خير نصيبنا،
فإنك الاله المجيب والرب القريب، وأنت بكل شئ محيط (4).
ودعاء آخر في أول ليلة من شهر رمضان:
رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد
بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي قال:
قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فقل:

1 - وحوبنا مغفورا (خ ل).
2 - اهدنا الحسنى (خ ل).
3 - أجزل العطاء: أوسعه وأكثره.
4 - عنه المستدرك 7: 444.
77

اللهم رب شهر رمضان منزل القرآن، هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه
القرآن، وأنزلت فيه آيات بينات من الهدى والفرقان، اللهم ارزقنا صيامه
وأعنا على قيامه، اللهم سلمه لنا وسلمنا فيه وسلمه منا (1)، في يسر منك
ومعافاة.
واجعل فيما تقضي وتقدر من الامر المحتوم، وفيما تفرق من الامر
الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، ان تكتبني من
حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم،
المكفر عنهم سيئاتهم، واجعل فيما تقضي وتقدر ان تطيل لي في عمري
وتوسع علي من الرزق الحلال (2).
رواه أيضا علي بن عبد الواحد النهدي.
دعاء آخر في كل ليلة من شهر رمضان بعد المغرب:
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ادع للحج في ليالي شهر رمضان
بعد المغرب:
اللهم بك [أتوسل] (3) ومنك اطلب حاجتي، اللهم من طلب حاجته إلى
أحد من المخلوقين، فاني لا اطلب حاجتي الا منك، أسألك بفضلك
ورضوانك ان تصلي على محمد وآل محمد، وان تجعل لي من عامي هذا
إلى بيتك الحرام سبيلا، حجه مبرورة متقبلة زاكية خالصة لك، تقر بها
عيني، وترفع بها درجتي، وترزقني ان أغض بصري، وان احفظ فرجي، وان
اكف عن جميع محارمك، حتى لا يكون شئ آثر عندي من طاعتك
وخشيتك، والعمل بما أحببت، والترك عما كرهت، ونهيت عنه، واجعل

1 - سلمه منا: أي اعصمنا من المعاصي فيه، أو تقبله منا.
2 - الكافي 4: 71، عنه الوسائل 10: 323.
3 - من الكافي.
78

ذلك في يسر ويسار (1) وعافية، وأوزعني (2) شكر ما أنعمت به علي.
وأسألك ان تقتل بي أعداءك وأعداء رسولك، وأسألك ان تكرمني
بهوان من شئت من خلقك، ولا تهني (3) بكرامة أحد من أوليائك، اللهم
اجعل مع الرسول سبيلا. (4)
فصل (11)
فيما نذكره من دعاء زائد عقيب كل فريضة من شهر رمضان
دعاء بعد كل فريضة، بإسنادنا إلى التلعكبري عن أبي عبد الله عليه السلام وأبي
إبراهيم عليه السلام قالا: تقول في شهر رمضان من أوله إلى آخره بعد كل فريضة:
اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام، ما أبقيتني،
في يسر وعافية وسعة رزق، ولا تخلني من تلك المواقف الكريمة
والمشاهد الشريفة وزيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله، وفي جميع حوائج
الدنيا والآخرة، فكن لي.
اللهم إني أسألك فيما تقضي وتقدر من الامر المحتوم في ليلة القدر،
من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، ان تكتبني من حجاج بيتك الحرام،
المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم سيئاتهم،
واجعل فيما تقضي وتقدر ان تطيل عمري في طاعتك وتوسع علي رزقي
وتؤدي عني أمانتي وديني، آمين رب العالمين.
وتدعو عقيب كل فريضة في شهر رمضان ليلا كان أو نهارا، فتقول:

1 - يسر منك (خ ل).
2 - أوزعني: ألهمني ووفقني.
3 - في الوافي: لعل المراد بقوله: تكرمني ولا تهني، ان يجعله محسودا ولا حاسدا.
4 - عنه البحار 98: 2، رواه مع اختلاف في الكافي 4: 74، عنه الوسائل 10: 324، رواه الكفعمي في مصباحه:
616 مع اختلاف، عنه المستدرك 7: 446، أورده في البحار 98: 1، عن خط الشيخ الجباعي عن الكراجكي في
كتاب روضة العابدين.
79

يا علي يا عظيم يا غفور يا رحيم (1)، أنت الرب العظيم، الذي ليس كمثله
شئ وهو السميع البصير، وهذا شهر عظمته وكرمته وشرفته وفضلته على
الشهور، وهو الشهر الذي فرضت صيامه علي، وهو شهر رمضان، الذي أنزلت
فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وجعلت فيه ليلة القدر
وجعلتها خيرا من الف شهر.
فيا ذا المن ولا يمن عليك، من علي بفكاك رقبتي من النار، فيمن تمن
عليه، وأدخلني الجنة برحمتك يا ارحم الراحمين.
فصل (12)
فيما نذكره من ترتيب نافلة شهر رمضان بين العشائين وأدعيتها في كل ليلة تكون نافلتها
عشرين ركعة
اعلم اننا نذكر من الأدعية بعض ما رويناه، وتفرد كل فصل وحده ولا نشركه
بسواه، بحيث يكون عملك بحسب توفيقك لسعادتك، وان شرفت بالعمل بالجميع، فقد
ظهر لك ان الله جل جلاله قد ارتضاك لتشريفك بخدمتك له وطاعتك، وإن كان
لك عذر صالح ومانع واضح، فاعمل بالأدعية المختصرات.
أقول: فاحضر ما وجدته من الدعوات بين ركعات نافلة شهر رمضان، ولعلها لمن
يكون له عذر عن أكثر منها من الأدعية في بعض الأزمان، أو تكون مضافة إلى غيرها
من الدعاء، لقوله في الحديث: وليكن مما تدعو به.
فذكر علي بن عبد الواحد باسناده إلى رجاء بن يحيى بن سامان، قال: خرج إلينا من
دار سيدنا أبى محمد الحسن بن علي صاحب العسكر سنة خمس وخمسين ومأتين، فذكر
الرسالة المقنعة بأسرها، قال: وليكن مما تدعو به بين كل ركعتين من نوافل شهر
رمضان:

1 - يا شكور يا رحيم (خ ل).
80

اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الامر المحتوم، وفيما تفرق من الامر
الحكيم في ليلة القدر، ان تجعلني من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم،
المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، وأسألك ان تطيل عمري في طاعتك،
وتوسع لي في رزقي، يا ارحم الراحمين (1).
أقول: وها نحن نبدء بين كل ركعة بدعوات مختصرات، ننقلها من خط جدي أبي
جعفر الطوسي، أمده الله تعالى بالرحمات والعنايات.
فمنها في تهذيب الأحكام وغيره عن الصادق عليه السلام: إذا صليت المغرب
ونوافلها فصل الثماني ركعات التي بعد المغرب: فإذا صليت ركعتين فسبح تسبيح الزهراء
عليها السلام بعد كل ركعتين، وقل:
اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ،
وأنت الظاهر فليس فوقك شئ، وأنت الباطن فليس دونك شئ، وأنت
العزيز الحكيم.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأدخلني في كل خير أدخلت فيه
محمدا وآل محمد، وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد،
والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته (2).
فان أحببت زيادة السعادات فادع بعد هاتين الركعتين بالدعاء المطول من كتاب
محمد بن أبي قرة في عمل شهر رمضان، فقل:
اللهم هذا شهر رمضان، وهذا شهر الصيام، وهذا شهر القيام، وهذا شهر
الإنابة، وهذا شهر التوبة، وهذا شهر الرحمة، وهذا شهر المغفرة، وهذا شهر
الفوز بالجنة، وهذا شهر العتق من النار، وهذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه
القرآن.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأعني على صيامه وقيامه، وسلمه لي

1 - عنه البحار 97: 359.
2 - عنه البحار 97، 359، رواه الشيخ في التهذيب 3: 71، مصباح المتهجد 2: 543.
81

وتسلمه مني وسلمني فيه، وأعني فيه بأفضل عونك، ووفقني فيه لطاعتك
وطاعة رسولك عليه وآله السلام، وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة
كتابك، وأعظم لي فيه البركة، وارزقني فيه العافية، وأصح فيه بدني،
وأوسع فيه رزقي، واكفني فيه ما أهمني، واستجب فيه دعائي، وبلغني فيه
رجائي.
اللهم صل على محمد وآل محمد واذهب عني فيه النعاس والكسل (1)،
والسأمة (2) والفترة (3)، والقسوة والغفلة والغرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد وجنبني فيه العلل والأسقام والأوجاع
والأشغال، والهموم والأحزان، والاعراض والأمراض، والخطايا والذنوب،
واصرف عني فيه السوء والفحشاء، والجهد والبلاء، والتعب والعناء، إنك
سميع الدعاء.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأعذني فيه من الشيطان (4)، وهمزه (5)
ولمزه (6)، ونفثه ونفخه (7)، وبغيه ووسوسته ومكره، وتثبيطه وحيلته وحبائله،
وخدعه وأمانيه وغروره، وخيله ورجله (8)، وشركائه، وأعوانه وأحزابه، وأشياعه
واتباعه، وأوليائه وجميع مكائده.
اللهم صلى على محمد وآل محمد وارزقني فيه تمام صيامه وبلوغ الأمل
فيه وفي قيامه، واستكمال ما يرضيك عني صبرا واحتسابا وايمانا ويقينا، ثم

1 - الكسل: التثاقل.
2 - السأمة: الملال.
3 - الفترة: الانكسار والضعف.
4 - الشيطان الرجيم (خ ل).
5 - الهمز: النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم.
6 - اللمز: العيب والضرب والدفع، واصله الإشارة بالعين.
7 - المراد بنفثه ونفخه، ما يلقي من الباطل في النفس.
8 - الرجل اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب الفارس.
82

تقبل ذلك مني بالأضعاف الكثيرة والاجر العظيم يا رب العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقني فيه الصحة والفراغ، والحج
والعمرة، والجد والاجتهاد، والتوبة والقربة، والقوة والنشاط، والإنابة
والرغبة، والرهبة والرقة، والخشوع والتضرع، وصدق النية والوجل (1) منك،
والرجاء لك، والتوكل عليك والثقة بك، والورع عن محارمك، صلاح
القول، ومقبول السعي، ومرفوع العمل، ومستجاب الدعاء.
ولا تحل بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض ولا سقم، ولا غفلة
ولا نسيان، بل بالتعهد والتحفظ لك وفيك والرعاية لحقك والوفاء بعهدك
ووعدك، يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأقسم لي فيه أفضل ما تقسم لعبادك
الصالحين، وأعطني فيه أفضل ما تعطي أولياءك المقربين (2)، من الهدى
والرحمة والمغفرة، والخير والتحنن، والإجابة والعون، والغنم والعمر والعافية
والمعافاة الدائمة، والعتق من النار، والفوز بالجنة، وخير الدنيا والآخرة،
واصرف عني شر الدنيا والآخرة، برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل دعائي إليك فيه واصلا،
وخيرك إلي فيه نازلا، وعملي فيه مقبولا، وسعيي فيه مشكورا، وذنبي فيه
مغفورا، حتى يكون نصيبي فيه الأكثر، وحظي فيه الأوفر.
اللهم صل على محمد وآل محمد ووفقني فيه لليلة القدر على أفضل
حال تحب أن يكون عليها أحد من أوليائك وأرضاها لك، ثم اجعلها لي
خيرا من الف شهر، وارزقني فيها أفضل ما رزقت أحدا ممن بلغته إياها
وأكرمته بها، واجعلني فيها من عتقائك من النار وسعداء خلقك، الذين
أغنيتهم وأوسعت عليهم من الرزق، وصنتهم من بين خلقك ولم تبتلهم،

1 - الوجل: الخوف.
2 - المؤمنين (خ ل).
83

وممن مننت عليهم، برحمتك ومغفرتك ورأفتك وتحننك واجابتك
ورضاك، ومحبتك وعفوك، وطولك (1) وقدرتك لا إله إلا أنت، برحمتك
يا ارحم الراحمين.
اللهم رب الفجر وليال عشر، ورب شهر رمضان وما أنزلت فيه من
القرآن، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، ورب إبراهيم
وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، ورب موسى وعيسى (2)، ورب محمد
خاتم النبيين صل على محمد وآل محمد، واجعلهم أئمة يهدون بالحق وبه
يعدلون، وانصرهم وانتصر بهم، واجعلني من أنصار رسولك وآل رسولك عليه
وعليهم السلام واتباعهم في الدنيا والآخرة.
وأسألك بحقهم عليك وبحقك العظيم، لما نظرت إلي نظرة منك
رحيمة ترضى بها عني، رضى لا تسخط علي بعده ابدا، وأعطني جميع
سؤلي ورغبتي وأمنيتي وإرادتي، واصرف عني جميع ما أكره واحذر وأخاف
على نفسي وما لا أخاف، وعن أهلي ومالي وذريتي.
الهي إليك فررت من ذنوبي فآوني تائبا، فتب علي مستغفرا فاغفر لي
متعوذا، فأعذني مستجيرا، فأجرني مستسلما، فلا تخذلني راهبا فآمني راغبا
فشفعني سائلا، فاعطني مصدقا، فتصدق علي متضرعا إليك فلا تخيبني،
يا قريب يا مجيب عظمت ذنوبي وجلت فصل على محمد وآل محمد، وافعل
بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما انا أهله.
اللهم صل على محمد وآل محمد وانزل علي وعلى والدي وأهل بيتي
وأهل حزانتي (3) وإخواني المؤمنين من رزقك ورحمتك وسكينتك، ومحبتك
وتحننك، ورزقك الواسع الهنيئ المري، ما تعجله صلاحا لدنيانا وآخرينا

1 - طولك: فضلك وعطاءك.
2 - وجميع النبيين (خ ل).
3 - الحزانة: عيال الرجل الذين يتحزن ويهتم لأمرهم.
84

يا ارحم الراحمين.
اللهم وما كانت لي إليك من حاجة انا في طلبها، والتماسا شرعت فيها
أو لم أشرع، سألتكها، أو لم أسألكها، نطقت انا بها أو لم أنطق، وأنت اعلم
بها مني، فأسألك بحق نبيك محمد وعترته الا توليت قضاءها الساعة
الساعة، وقضاء جميع حوائجي كلها، صغيرها وكبيرها انك على كل شئ
قدير.
وأسألك يا الله بعزتك التي أنت أهلها، وبرحمتك التي أنت أهلها ان
تصلي على محمد وآل محمد وان تغفر لي ذنوبي كلها، قديمها وحديثها،
ومن أرادني بخير فأرده بخير، ومن أرادني بسوء فأرده بسوئه في نحره، وأعوذ
بك من شره، وأستعين بك عليه.
اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي،
واجعلني في حفظك وفي جوارك وكنفك، عز جارك سيدي وجل ثناؤك
ولا اله غيرك (1).
ثم تصلي ركعتين وتقول بعدهما ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي باسناده
عن الصادق عليه السلام:
الحمد لله الذي علا فقهر، والحمد لله الذي ملك فقدر، والحمد لله
الذي بطن فخبر، والحمد لله الذي يحيى الموتى ويميت الأحياء وهو
على كل شئ قدير، والحمد لله الذي تواضع كل شئ لعظمته.
والحمد لله الذي ذل كل شئ لعزته، والحمد لله الذي استسلم كل
شئ لقدرته، والحمد لله الذي خضع كل شئ لملكته، والحمد لله الذي
يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأدخلني في كل خير أدخلت فيه

1 - عنه البحار 97: 359 - 362.
85

محمدا وآل محمد، وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد،
صلى الله عليه وعليهم، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته وسلم
تسليما كثيرا. (1)
وان قويت على طلب زيادات العنايات، فقل دعاء هاتين الركعتين مما ذكره
محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان:
يا موضع شكوى السائلين، ويا منتهى رغبة الراغبين، ويا غياث
المستغيثين، ويا جار المستجيرين، ويا خير من رفعت إليه أيدي السائلين.
ومدت إليه أعناق الطالبين.
أنت مولاي وانا عبدك وأحق من سأل العبد ربه، ولم يسأل العباد مثلك
كرما وجودا، أنت غايتي في رغبتي، وكالئي في وحدتي، وحافظي في
غربتي، وثقتي في طلبتي، وناجحي (2) في حاجتي، ومجيبي في دعوتي،
ومصرخي في ورطتي (3)، وملجئي عند انقطاع حيلتي.
أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد وان تعزني وتغفر لي وتنصرني،
وترفعني ولا تضعني، وعلى طاعتك فقوني، وبالقول الثابت فثبتني، وقربني
إليك وادنني، وأحببني (4) واستصفني واستخلصني وامتعني واصطنعني
وزكني، وارزقني من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها غيرك.
واجعل غناي فيما رزقتني، وما ليس لي بحق فلا تذهب إليه نفسي،
وكفلين من رحمتك فاتني، ولا تحرمني، ولا تذلني ولا تستبدل بي غيري،
وخير السرائر فاجعل سريرتي، وخير المعاد فاجعل معادي، ونظرة من
وجهك الكريم فأنلني، ومن ثياب الجنة فألبسني، ومن الحور العين فزوجني.

1 - عنه البحار 97: 362، رواه الشيخ في التهذيب 3: 71، المصباح 2: 543.
2 - نجح فلان بحاجة: فاز فظفر بها.
3 - الورطة: الهلكة وكل أمر تعسرت النجاة منه.
4 - أحبني (خ ل).
86

وتولني يا سيدي ولا تولني غيرك، واعف عني كلما أسلف مني،
واعصمني فيما بقي من عمري، واستر علي وعلى والدي وقرابتي ومن كان
مني بسبيل في الدنيا والآخرة، فان ذلك كله بيدك، وأنت واسع المغفرة،
فلا تخيبني يا سيدي ولا ترد يدي إلى نحري حتى تفعل ذلك بي تستجب
لي ما سألتك، وصل على محمد عبدك ورسولك وآل محمد.
الهي أنت رب شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن، وافترضت فيه على
عبادك الصيام، فصل على محمد وآل محمد وارزقني حج بيتك الحرام في
عامنا هذا وفي كل عام، واغفر لي تلك الأمور العظام، فإنه لا يغفرها غيرك،
يا رحمان يا علام. (1)
ثم تصلي ركعتين وتقول بعدهما ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله
مما رواه عن الصادق عليه السلام: اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما دعاك به عبادك، الذين اصطفيتهم
لنفسك، المأمونون على سرك، المحتجبون بغيبك، المستسرون
بدينك، المعلنون به، الواصفون لعظمتك، المنزهون (2) عن معاصيك، الداعون
إلى سبيلك، السابقون في عملك، الفائزون بكرامتك.
أدعوك على مواضع حدودك، وكمال طاعتك، وبما يدعوك به ولاة
امرك، ان تصلي على محمد وآل محمد وان تفعل بي ما أنت أهله ولا تفعل
بي ما انا أهله. (3)
ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي في كتابه عقيب هاتين الركعتين:
اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شئ، وبعزتك التي قهرت
كل شئ، وبجبروتك التي غلبت كل شئ، وبقدرتك التي لا يقوم لها

1 - عنه البحار 97: 362.
2 - المتنزهون (خ ل)، كذا أيضا في التهذيب.
3 - عنه البحار 97: 363، رواه الشيخ في التهذيب 3: 72، المصباح 2: 544.
87

شئ، وبعظمتك التي ملأت كل شئ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ،
وبنور وجهك الذي أضاء له كل شئ.
يا أقدم قديم في العز والجبروت، ويا رحيم كل مسترحم، ويا راحة كل
محزون، مفرج كل ملهوف، أسألك بأسمائك التي دعاك بها حملة عرشك
ومن حول عرشك، وبأسمائك التي دعاك بها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل
ان تصلي على محمد وآل محمد، وان ترضي عني رضى لا تسخط علي من
بعده ابدا، وان تمد لي في عمري وان توسع علي في رزقي، وان تصح لي
جسمي، وان تبلغني املي، وتقويني على طاعتك وعبادتك، وتلهمني شكرك.
فقد ضعف عن نعمائك شكري، وقل على بلواك صبري، وضعف عن
أداء حقك عملي، وانا من عرفت سيدي، الضعيف عن أداء حقك،
المقصر في عبادتك، الراكب لمعصيتك، فان تعذبني فأهل ذلك انا، وان
تعف عني فأهل العفو أنت.
الهي الهي، ظلمت نفسي، وعظم عليها اسرافي، وطال لمعاصيك
انهماكي (1)، وتكاثفت (2) ذنوبي، وتظاهرت سيئاتي، وطال بك اغتراري، ودام
لشهواتي اتباعي.
الهي الهي غرتني الدنيا بغرورها فاغتررت، ودعتني إلى الغي بشهواتها
فأجبت، وصرفتني عن رشدي فانصرفت إلى الهلك بقليل حلاوتها، وتزينت
لي لأركن إليها فركنت.
الهي الهي قد اقترفت (3) ذنوبا عظاما موبقات (4)، وجنيت على نفسي
بالذنوب المهلكات، وتتابعت مني السيئات، وقلت مني الحسنات، وركبت

1 - انهمك في الأمر: جد فيه ولج.
2 - تكاثف: غلظ وكثر والتف.
3 - اقترفت: اكتسبت.
4 - الموبقة: المهلكة.
88

من الأمور عظيما، وأخطأت خطأ جسيما، وأسأت إلى نفسي حديثا وقديما،
وكنت في معاصيك ساهيا لاهيا، وعن طاعتك نواما ناسيا، فقد طال عن
ذكرك سهوي، وقد أسرعت إلى ما كرهت بجميع جوارحي.
الهي قد أنعمت علي فلم اشكر، وبصرتني فلم أبصر، واريتني العبر
فلم اعتبر، وأقلتني العثرات فلم اقصر، وسترت مني العورات فلم استتر،
وابتليتني فلم اصبر، وعصمتني فلم اعتصم، ودعوتني إلى النجاة فلم أجب،
وحذرتني المهالك فلم احذر.
الهي الهي خلقتني سميعا، فطال لما كرهت سماعي، وأنطقتني فكثر
في معاصيك منطقي، وبصرتني فعمى عن الرشد بصري، وجعلتني سميعا
بصيرا، فكثر فيما يرديني (1) سمعي وبصري، وجعلتني قبوضا بسوطا، فدام
فيما نهيتني عنه قبضي وبسطي، وجعلتني ساعيا متقلبا، فطال فيما يرديني
سعيي وتقلبي، وغلبت علي شهواتي، وعصيتك بجميع جوارحي.
فقد اشتدت إليك فاقتي، وعظمت إليك حاجتي، واشتد إليك فقري،
فبأي وجه أشكو إليك أمري، وبآي لسان أسألك حوائجي، وبآي يد ارفع
إليك رغبتي، وبأية نفس انزل إليك فاقتي، وبأي عمل أبث إليك حزني
وفقري، أبوجهي الذي قل حياؤه منك يا سيدي، أم بقلبي الذي قل اكتراثه (2)
منك يا مولاي، أم بلساني الناطق كثيرا بما كرهت يا رب، أم ببدني الساكن
فيه حب معاصيك يا الهي، أم بعملي المخالف لمحبتك يا خالقي، أم
بنفسي التاركة لطاعتك يا رازقي.
فانا الهالك ان لم ترحمني، وانا الهالك ان كنت غضبت علي،
ويا ويلي والعول علي من ذنوبي وخطيئتي واسرافي على نفسي، فبمن
استغيث فيغيثني ان لم تغثني يا سيدي، والى من أشكو فيرحمني ان كنت

1 - الردى: الهالك، اردى الرجل: أهلكه.
2 - اكترث بالأمر: بالى به.
89

أعرضت عني يا سيدي، ومن ادعو فيشفع لي ان صرفت وجهك الكريم عني
يا سيدي، والى من أتضرع فيجيبني ان كنت سخطت علي فلم تجبني
يا سيدي.
ومن اسأل فيعطيني ان لم تعطني ومنعتني يا سيدي، وبمن استجير
فيجيرني ان خذلتني يا سيدي ولم تجرني، وبمن اعتصم فيعصمني يا سيدي
ان لم تعصمني، وعلى من أتوكل فيحفظني ويكفيني ان خذلتني يا سيدي،
وبمن استشفع فيشفع لي ان كنت قد لفظتني (1) يا سيدي، والى من التجأ
والى أين أفر ان كنت قد غضبت علي يا سيدي.
الهي الهي ليس الا إليك فراري، وليس الا بك منجاي (2)، واليك
ملجاي، وليس الا بك اعتصامي، وليس الا عليك توكلي، ومنك رجائي،
وليس الا رحمتك وعفوك يستنقذاني (3)، وليس الا رأفتك ومغفرتك
تنجيني (4).
أنت يا سيدي أماني مما أخاف ومما لا أخاف برحمتك فأمني، وأنت
يا سيدي رجائي مما احذر ومما لا احذر بمغفرتك فنجني، وأنت يا سيدي
مستغاثي مما تورطت فيه من ذنوبي فأغثني.
وأنت يا سيدي مشتكاي مما تضرعت إليك منه فارحمني، وأنت يا سيدي
مستجاري من عذابك الأليم فبعزتك فأجرني، وأنت يا سيدي كهفي وناصري
ورازقي فلا تضيعني، وأنت يا سيدي الحافظ لي والذاب عني والرحيم بي
فلا تبتلني.
سيدي فمنك اطلب حاجتي فاعطني، سيدي وإياك اسأل رزقا واسعا

1 - أبغضتني، مقتني (خ ل)، لفظ الشئ: رمى به.
2 - إليك منك فراري، بك منك منجاي (خ ل).
3 - يستنقذاني، (خ ل). تنجياني (خ ل).
4 - تنجياني (خ ل).
90

فلا تحرمني، سيدي وبك أستهدي فاهدني ولا تضلني، سيدي ومنك
أستقيل فأقلني عثرتي، سيدي وإياك استغفر فاغفر لي ذنوبي.
سيدي وقد رجوت غناك لي برحمتك فاغنني، سيدي وقد رجوت
رحمتك لي بمنك فارحمني، سيدي وقد رجوت عطاياك بفضلك فاعطني،
سيدي وقد رجوت اجارتك لي بفضلك فأجرني، سيدي وقد رجوت عفوك
عني بحلمك فاعف عني.
سيدي وقد رجوت تجاوزك عني برحمتك فتجاوز عني، سيدي وقد
رجوت تخليصك إياي من النار فخلصني، سيدي وقد رجوت ادخالك إياي
الجنة بجودك فأدخلني، سيدي وقد رجوت اعطاءك املي ورغبتي وطلبتي
في أمر دنياي وآخرتي بجودك وكرمك فلا تخيبني.
الهي ان لم أكن أهل ذلك منك فإنك أهله، وأنت لا تخيب من
دعاك، ولا تضيع من وثق بك، ولا تخذل من توكل عليك، فلا تجعلني
أخيب من سألك في هذه الليلة، ولا تجعلني أخسر من سألك في هذا
الشهر، ومن علي بالإجابة والقبول والعتق من النار والفوز بالجنة، واجمع لي
خير الدنيا والآخرة.
واغفر لي ذنوبي وعيوبي وإساءتي وظلمي وتفريطي واسرافي على
نفسي، واحسبني عن كل ذنب يحبس عني الرزق، أو يحجب دعائي
عنك، أو يرد مسألتي دونك، أو يقصرني (1) عن بلوغ املي، أو تعرض بوجهك
الكريم عني.
فقد اشتدت بك ثقتي يا سيدي، واشتد لك دعائي، وانطلق بدعائك
لساني، وانشرح لمسألتك صدري، لما رحمتني ووعدتني على لسان نبيك
الصادق عليه وآله السلام، وفي كتابك، فلا تحرمني يا سيدي لقلة شكري

1 - قصر عن الأمر: أمسك عنه مع القدرة عليه.
91

ولا تضيعني (1) يا سيدي لقلة صبري، وأعطني يا سيدي لفقري وفاقتي،
وارحمني يا سيدي لذلي وضعفي، وتتمم يا سيدي احسانك لي ونعمك علي.
وأعطني يا سيدي الكثير من خزائنك، وأدخلني يا سيدي الجنة برحمتك،
وأسكني يا سيدي الأرض بخشيتك، وادفع عني يا سيدي بذمتك.
وارزقني يا سيدي ودك ومحبتك ومودتك، والراحة عند الموت،
والمعافاة عند الحساب، وارزقني الغنا والعفو والعافية وحسن الخلق وأداء
الأمانة، وتقبل صومي وصلاتي، واستجب دعائي، وارزقني الحج والعمرة
من عامي هذا أبدا ما أبقيتني، وصل على خير خلقك محمد وآل محمد -
واسأل حوائجك (2).
ثم تصلي ركعتين وتقول ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي مما رواه عن
مولانا الصادق عليه السلام:
يا ذا المن لا يمن عليك، يا ذا الطول لا إله إلا أنت، ظهر اللاجين ومأمن
الخائفين وجار المستجيرين، إن كان في أم الكتاب عندك اني شقي أو
محروم أو مقتر علي رزقي، فامح من أم الكتاب شقائي وحرماني واقتار
رزقي، واكتبني عندك سعيدا موفقا للخير موسعا علي في رزقك.
فإنك قلت في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل صلواتك عليه
وآله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (3)، وقلت: (ورحمتي
وسعت كل شئ) (4)، وانا شئ، فلتسعني رحمتك يا ارحم الراحمين، وصل
على سيدنا محمد وآل محمد - ادع بما بدا لك (5).
ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين الركعتين:

1 - ولا تضعني (خ ل).
2 - عنه البحار 97: 365.
3 - الرعد: 39.
4 - الأعراف: 156.
5 - عنه البحار 97: 367، رواه الشيخ في التهذيب 3: 72، المصباح: 544.
92

الهي الهي أوجلتني (1) ذنوبي وارتهنت بعملي وابتليت بخطيتي، فياويلي
والعول لي ما خفت على نفسي مما ارتكبت بجوارحي، والويل والعول لي،
أم كيف آمنت عقوبة ربي فيما اجترأت به على خالقي، فياويلي والعول
لي عصيت ربي بجميع جوارحي.
ويا ويلي والعول لي أسرفت على نفسي وأثقلت ظهري بجريرتي،
ويا ويلي بغضت نفسي إلى خالقي بعظيم ذنوبي، ويا ويلي صرت كأني
لا عقل لي بل ليس لي عقل ينفعني، ويا ويلي والعول لي، اما تفكرت فيما
اكتسبت وخفت مما عملت يدي، ويا ويلي والعول لي عميت عن النظر في
أمري وعن التفكر في ظلمي.
ويا ويلي والعول لي إن كان عقابي مذخورا لي إلى آخرتي، ويا ويلي
والعول لي ان اتي بي يوم القيامة مغلولة يدي إلى عنقي، ويا ويلي ويا عولي
ان بددت النار (2) جسدي وعركت مفاصلي، ويا ويلي ان فعل بي ما استوجبه
بذنوبي، ويا ويلي ان لم يرحمني سيدي ويعف عني.
الهي ويا ويلي لو علمت الأرض بذنوبي لساخت بي (3)، ويا ويلي لو
علمت البحار بذنوبي لغرقتني، ويا ويلي لو علمت الجبال بذنوبي
لدهدهتني (4)، ويا ويلي من فعلي القبيح وعملي الخبيث وفضائح جريرتي،
ويا ويلي لو ذكرت للأرض ذنوبي لابتلعتني، ويا ويلي ليت الذي كان
خفت نزل بي ولم اسخط.
الهي ويا ويلي اني لمفتضح يوم القيامة بعظيم ذنوبي، ويا ويلي ان
اسود يوم القيامة في الموقف وجهي، ويا ويلي ان قصف (5) على رؤوس

1 - أوجله: أخافه.
2 - بدد الشئ: فرقه.
3 - ساخت في الطين: غاصت.
4 - دهده البناء: انهدم.
5 - قاصف: كاسر.
93

الخلائق ظهري، ويا ويلي ان قويست أو حوسبت أو جوزيت بعملي،
ويا ويلي والعول لي ان لم يرحمني ربي.
يا مولاي قد حسن ظني بك لما أخرت من عقابي، يا مولاي فاعف عني
واغفر لي وتب علي وأصلحني، يا مولاي وتقبل مني صومي وصلاتي،
واستجب لي دعائي.
يا مولاي وارحم تضرعي وتذللي وتلويذي (1) وبؤسي ومسكنتي، يا مولاي
ولا تخيبني ولا تقطع رجائي، ولا تضرب بدعائي وجهي وصل على محمد
وآل محمد، وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا وابدا ما أبقيتني (2).
فإذا فرغت من الدعاء سجدت وقلت في سجودك ما نقلناه من خط جدي أبي
جعفر الطوسي رحمه الله:
اللهم أغنني بالعلم، وزيني بالحلم، وكرمني بالتقوى، وجملني بالعافية،
يا ولي العافية، عفوك عفوك من النار.
فإذا رفعت رأسك فقل:
يا الله يا الله يا الله، أسألك يا لا إله إلا أنت (3) باسمك بسم الله الرحمن
الرحيم يا رحمن، يا الله يا رب، يا قريب يا مجيب، يا بديع السماوات والأرض
يا ذا الجلال والاكرام، يا حنان يا منان يا حي يا قيوم.
أسألك بكل اسم هو لك تحب ان تدعى به، وبكل دعوة دعاك بها
أحد من الأولين والآخرين، فاستجبت له، ان تصلي على محمد وآل محمد،
وان تصرف قلبي إلى خشيتك ورهبتك، وان تجعلني من المخلصين، وتقوي
أركاني كلها لعبادتك، وتشرح صدري للخير والتقى، وتطلق لساني لتلاوة
كتابك يا ولي المؤمنين، وصل على محمد وآل محمد.

1 - لاذ به: التجأ به.
2 - عنه البحار 97: 367.
3 - بلا إله إلا أنت (خ ل).
94

وادع بما أحببت (1).
ثم صل العشاء الآخرة وما يتعقبها.
فصل (13)
فيما نذكره من ترتيب نافلة شهر رمضان بعد العشاء الآخرة وأدعيتها في كل ليلة تكون نافلتها
عشرين ركعة أيضا
ثم تصلي ركعتين وتقول بعدهما ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه
الله، مما رواه عن الصادق عليه السلام: اللهم إني أسألك ببهائك وجلالك وجمالك، وعظمتك ونورك وسعة
رحمتك، وبأسمائك وعزتك وقدرتك ومشيتك ونفاذ امرك، ومنتهى رضاك
وشرفك وكرمك، ودام عزك وسلطانك وفخرك وعلو شأنك وقديم منك،
وعجيب آياتك وفضلك وجودك، وعموم رزقك وعطائك، وخيرك واحسانك
وتفضلك، وامتنانك وشأنك وجبروتك.
وأسألك بجميع مسائلك ان تصلي على محمد وآل محمد وتنجيني من
النار، وتمن علي بالجنة، وتوسع علي من الرزق الحلال الطيب، وتدرأ (2) عني
شر فسقة العرب والعجم، وتمنع لساني من الكذب، وقلبي من الحسد،
وعيني من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وترزقني في
عامي، هذا وفي كل عام الحج والعمرة، وتغض بصري وتحصن فرجي،
وتوسع رزقي وتعصمني من كل سوء، يا ارحم الراحمين. (3)
ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين الركعتين:
اللهم إني أسألك من بهائك بأبهاه وكل بهائك بهي، اللهم وأسألك

1 - عنه البحار 97: 368، رواه في التهذيب 3: 72 - 73، المصباح 2: 544.
2 - درء: دفع.
3 - عنه البحار 97: 369، رواه في التهذيب 3: 73، المصباح 2: 545.
95

ببهائك كله، اللهم إني أسألك من جمالك بأجمله وكل جمالك جميل،
اللهم وأسألك بجمالك كله، اللهم إني أسألك من جلالك بأجله وكل
جلالك جليل، اللهم وأسألك بجلالك كله.
اللهم إني أسألك من عظمتك بأعظمها وكل عظمتك عظيمة، اللهم
وأسألك بعظمتك كلها، اللهم إني أسألك من نورك بأنوره وكل نورك نير،
اللهم وأسألك بنورك كله، اللهم إني أسألك من رحمتك بأوسعها وكل
رحمتك واسعة، اللهم وأسألك برحمتك كلها.
اللهم إني أسألك من كمالك بأكمله وكل كمالك كامل، اللهم
وأسألك بكمالك كله، اللهم إني أسألك من كلماتك بأتمها وكل كلماتك
تامة، اللهم وأسألك بكلماتك كلها، اللهم إني أسألك من أسمائك بأكبرها
وكل أسمائك كبيرة، اللهم وأسألك بأسمائك كلها، اللهم إني أسألك من
عزتك بأعزها وكل عزتك عزيزة، اللهم وأسألك بعزتك كلها.
اللهم إني أسألك من مشيتك بأمضاها وكل مشيتك ماضية، اللهم
وأسألك بمشيتك كلها، اللهم إني أسألك بالقدرة التي استطالت (1) على
كل شئ وكل قدرتك مستطيلة، اللهم وأسألك بقدرتك كلها.
اللهم إني أسألك من علمك بأنفذه وكل علمك نافذ، اللهم وأسألك
بعلمك كله، اللهم من علمك من قولك بأرضاه، وكل قولك رضي، اللهم
وأسألك بقولك كله، اللهم إني أسألك من مسائلك بأحبها إليك وكل
مسائلك إليك حبيبة (2)، اللهم وأسألك بمسائلك كلها.
اللهم إني أسألك من شرفك بأشرفه وكل شرفك شريف، اللهم وأسألك
بشرفك كله، اللهم إني أسألك من سلطانك بأدومه وكل سلطانك دائم،
اللهم وأسألك بسلطانك كله، اللهم إني أسألك من ملكك بأفخره وكل

1 - استطال: طال.
2 - كلها إليك حبيبة (خ ل).
96

ملكك فاخر، اللهم وأسألك بملكك كله.
اللهم إني أسألك من منك بأقدمه وكل منك قديم، اللهم وأسألك بمنك
كله، اللهم أسألك من آياتك بأعجبها وكل آياتك عجيبة، اللهم
وأسألك بآياتك كلها.
اللهم إني أسألك من فضلك بأفضله وكل فضلك فاضل، اللهم وأسألك
بفضلك كله، اللهم إني أسألك من رزقك بأعمه وكل رزقك عام، اللهم
وأسألك برزقك كله، اللهم إني أسألك من عطاياك بأهنئها وكل عطائك
هنئ (1)، اللهم وأسألك بعطاياك كلها، اللهم إني أسألك من خيرك بأعجله
وكل خيرك عاجل، اللهم وأسألك بخيرك كله.
اللهم إني أسألك من احسانك بأحسنه وكل احسانك حسن، اللهم
وأسألك باحسانك كله، اللهم إني أسألك بما أنت فيه من الشأن
والجبروت، اللهم وأسألك بكل شأن وحده وبكل جبروت وحدها، اللهم إني
أسألك بما تجيبني به حين أسألك.
يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحيم، يا ذا الجلال والاكرام، ان تصلي
على محمد وآل محمد وان ترزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي
كل عام وزيارة قبر نبيك عليه السلام وتختم لي بخير، يا ارحم الراحمين.
اللهم إني أسألك ان تصلي على محمد عبدك (2) المجتبى وأمينك
المصفى ورسولك المصطفى، ونجيبك دون خلقك، ونجيك من عبادك
ونبيك بالصدق، وحبيبك المفضل على رسلك وخيرتك من العالمين، النذير
البشير السراج المنير، وعلى أهل بيته الأبرار المطهرين الأخيار، وعلى
ملائكتك الذين استخلصتهم لنفسك وحجبتهم عن خلقك.
وعلى أنبيائك الذين ينبؤون عنك بالصدق، وعلى رسلك الذين

1 - كل عطاياك هنيئة (خ ل).
2 - على عبدك (خ ل).
97

خصصتهم بوحيك وفضلتهم على العالمين برسالاتك، وعلى عبادك
الصالحين الذين أدخلتهم في رحمتك، وعلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل
وملك الموت ومالك خازن النار، ورضوان خازن الجنة وروح القدس والروح
الأمين، وحملة عرشك المقربين.
وعلى منكر ونكير وعلى الملكين الحافظين على، وعلى الكرام
الكاتبين بالصلاة التي تحب ان يصلي بها عليهم أهل السماوات والأرضين،
صلاة كثيرة طيبة مباركة زاكية طاهرة نامية، كريمة تامة فاضلة، تبين بها
فضائلهم على الأولين والآخرين.
اللهم واعط محمدا صلى الله عليه وآله وأهل بيته الطيبين، الوسيلة
والشرف والفضيلة والدرجة الكبيرة، واجزه مع كل زلفة زلفة، ومع كل
كرامة كرامة، ومع كل وسيلة وسيلة، ومع كل فضيلة فضيلة، ومع كل
شرف شرفا، حتى لا تعطي ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا الا دون ما تعطي
محمدا وآل محمد يوم القيامة.
اللهم اجعل محمدا محمدا أدنى المرسلين منك مجلسا، وأفسحهم في الجنة
منزلا، وأقربهم وسيلة وأبينهم فضيلة، واجعله أول شافع وأول مشفع وأول
قائل وانجح سائل، وابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون
يا ارحم الراحمين.
اللهم إني أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد وان تسمع صوتي،
وتجيب دعوتي، وتنجح (1) طلبتي، وتقضي حاجتي، وتقبل توبتي، وتنجز لي
ما وعدتني، وتقيلني عثرتي، وتغفر ذنبي، وتتجاوز عن خطيئتي، وتصفح عن
ظلمي، وتعفو عن جرمي، وتقبل علي ولا تعرض عني، وترحمني
ولا تعذبني، وتعافيني ولا تبتلني، وترزقني من أطيب الرزق وأوسعه،

1 - نجح فلان بحاجته: فاز فظفر بها.
98

ولا تحرمني، وتقضي عني ديني وتقر عيني، وتضع عني وزري،
ولا تحملني ما لا طاقة لي به.
يا سيدي وتدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد،
وتخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد، وتجعلني وأهل
بيتي وذريتي وإخواني معهم في الدنيا والآخرة، اللهم إني أدعوك كما
أمرتني فصل على محمد وآل محمد واستجب لي كما وعدتني انك سميع
الدعاء قريب مجيب (1).
اللهم إني أسألك يا الله يا الله يا الله، يا رحمن يا رحيم يا ذا الجلال
والاكرام، ان تصلي على محمد وآل محمد، وتجعلني من حجاج بيتك
الحرام وزوار قبر نبيك عليه وآله السلام في عامي هذا وفي كل عام وتختم
لي بخير يا ارحم الراحمين.
اللهم إني أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد، وان تجمع لي في
مقعدي هذا ما أؤمله في هذا الشهر للدين والدنيا، ومن علي بالزيادة من
فضلك مما لا يخطر ببالي ولا أرجوه، مما تصلح به أمر ديني ودنياي، وتجعل
ذلك كله في عافية، وتصرف عني أنواع البلاء يا ارحم الراحمين. وتسأل
حوائجك (2).
ثم تصلي ركعتين وتقول ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله مما
رواه عن الصادق عليه السلام:
اللهم إني أسألك حسن الظن بك والصدق في التوكل عليك، وأعوذ بك
ان تبتليني ببلية تحملني ضرورتها على التعرض (3) بشئ من معاصيك،

1 - قريب الإجابة (خ ل).
2 - عنه البحار 97: 372.
3 - التغوث، التعود (خ ل).
99

وأعوذ بك ان تدخلني في حال كنت [أو] (1) أكون فيها في عسر أو يسر، أظن أن
معاصيك انجح لي من طاعتك، وأعوذ بك ان أقول قولا حقا من (2)
طاعتك التمس به سواك، وأعوذ بك ان تجعلني عظة لغيري.
وأعوذ بك أن يكون أحد أسعد بما أتيتني به مني، وأعوذ بك ان أتكلف
طلب ما لم تقسم لي، وما قسمت لي من قسم أو رزقتني من رزق، فآتني به
في يسر منك وعافية حلالا طيبا، وأعوذ بك من كل شئ زحزح (3) بيني
وبينك، أو باعد بيني وبينك أو نقص به حظي عندك، أو صرف بوجهك
الكريم عني.
وأعوذ بك ان تحول خطيئتي أو جرمي، أو اسرافي على نفسي
واتباع هواي واستعمال شهوتي، دون مغفرتك ورضوانك وثوابك ونائلك
وبركاتك، وموعودك الحسن الجميل على نفسك (4).
ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين ركعتين:
اللهم إني أسألك بلا اله الا أنت وببهاء لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت،
وأسألك بجلال لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك بجمال لا إله إلا أنت
يا لا إله إلا أنت، وأسألك بعظمة لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك
بنور لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت.
وأسألك برحمة لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك بكمال لا إله إلا أنت
يا لا إله إلا أنت، وأسألك بكلمات لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت،
وأسألك بأسماء لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك بعزة لا إله إلا أنت
يا لا إله إلا أنت، وأسألك بقدرة لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت.

1 - من المصباح.
2 - في (خ ل).
3 - زحزحه عن مكانه: باعده أو أزاله عنه، فتباعد وتنحى.
4 - عنه البحار 97: 372، رواه الشيخ في التهذيب 3: 73، المصباح 2: 546.
100

وأسألك بعلو لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك بسلطان لا إله إلا أنت
يا لا إله إلا أنت، وأسألك بآيات لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك
بمشية لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك بعلم لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت
، وأسألك بشرف لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت.
وأسألك بملك لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، وأسألك بفضل لا إله إلا أنت
يا لا إله إلا أنت، وأسألك بكرم لا إله إلا أنت يا لا اله أنت، وأسألك
برفعة لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، ان تصلي على محمد وآل محمد وان
تمد لي في عمري، وتوسع علي في رزقي، وتصح لي جسمي، وتبلغ بي
املي.
اللهم ان كنت عندك من الأشقياء، فامنحني من الأشقياء واكتبني من
السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت (1) وعندك أم الكتاب - وتسأل حاجتك (2).
ثم تصلي ركعتين وتقول ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله ما
رواه عن الصادق عليه السلام:
اللهم إني أسألك بعزائم مغفرتك وبواجب رحمتك، السلامة من كل
اثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم دعاك
الداعون ودعوتك، وسألك السائلون وسألتك وطلبك الطالبون وطلبت إليك،
اللهم أنت الثقة والرجاء، واليك منتهى الرغبة والدعاء، في الشدة والرخاء.
اللهم فصل على محمد وآل محمد واجعل اليقين في قلبي، والنور في
بصري، والنصيحة في صدري، وذكرك بالليل والنهار على لساني، ورزقا
واسعا غير ممنون (3) ولا محظور فارزقني، وبارك لي فيما رزقتني، واجعل

1 - فإنك قلت تمحو الله ما تشاء وتثبت (خ ل).
2 - عنه البحار 97: 373.
3 - ممنوع (خ ل).
101

غناي في نفسي ورغبتي فيما عندك، برحمتك يا ارحم الراحمين (1).
ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين الركعتين:
يا لا إله إلا أنت رب كل شئ ووارثه (2)، اله الآلهة، الرفيع جلاله، يا الله،
المعبود المحمود في كل فعاله، يا الله الرحمن بكل شئ والرؤوف به
ورحيمه، يا الله يا قيوم فلا يفوته شئ ولا يؤده (3)، يا الله الواحد الأحد، أنت قبل
كل شئ وآخره.
يا الله الدائم بلا زوال ولا يفنى ملكه، يا الله الصمد في غير شبه ولا شئ
كمثله، يا الله البارئ لكل شئ فلا شئ يكون كفوه، يا الله الكبير الذي
لا يهتدي القلوب لكنه عظمته، يا الله المبدئ (4) البديع المنشئ الخالق لكل
شئ على غير مثال. يا الله الزكي الطاهر من كل آفة بقدسه، يا الله الكافي الرازق لكل
ما خلق من عطايا فضله، يا الله النقي من كل جور لم يرضه ولم يخالطه فعاله،
يا الله المنان ذو الاحسان والجود وقد عم الخلائق منه، يا الله الحنان الذي
وسعت كل شئ رحمته.
يا الله الذي خضع العباد كلهم رهبة منه، يا الله الخالق لمن في
السماوات والأرض وكل إليه معاده، يا الله الرحمن بكل مستصرخ ومكروب
ومغيثه، يا الله لا تصف (5) الألسن كنه جلاله وعزه، يا الله المبدئ الأشياء.
لم يستعن في انشائها بأحد من خلقه، يا الله العلام الغيوب الذي لا يؤده (6)
شئ من خلقه، يا الله المعيد الباعث المعيد الباعث الوارث لجميع خلائقه.

1 - عنه البحار 97: 374، رواه في التهذيب 3: 74، المصباح 2، 546.
2 - يا الله (خ ل).
3 - لا يؤده: لا يثقل عليه.
4 - البدئ (خ ل).
5 - فلا تصف (خ ل).
6 - لا يؤده: لا يثقل عليه ولا تشق عليه.
102

يا الله الحكيم ذو الآلاء فلا شئ يعدله من خلقه، يا الله الفعال لما يريد
العواد بفضله على جميع خلقه، يا الله العزيز المنيع الغالب على خلقه
فلا شئ يفوته، يا الله العزيز ذو البطش الشديد الذي لا يطاق انتقامه، الله
القريب في ارتفاعه العالي في دنوه الذي ذل كل شئ لعظمته.
يا الله نور كل شئ وهداه الذي فلق (1) الظلمات نوره، يا الله القدوس
الطاهر من كل شئ يعادله، يا الله القريب المجيب العالي
المتداني دون كل شئ قربه، يا الله الشامخ فوق كل شئ علوه وارتفاعه.
يا الله المبدئ الأشياء ومعيدها ولا يبلغ الأقاويل ثنائه (2)، يا الله الماجد
الكريم العفو الذي وسع كل شئ عدله، يا الله العظيم ذو العزة والكبرياء
فلا يذل استكباره.
يا الله ذو السلطان الفاخر الذي لا تطيق الألسن وصف آلائه وثنائه، صل
على محمد وآل محمد واجعل فيما تقضي وتقدر من الامر المحتوم وفيما
تفرق من الامر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، ان
تجعلني من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم المكفر عنهم سيئاتهم،
المغفور ذنوبهم، المشكور سعيهم، واجعل فيما تقضي وتقدر ان تطيل
عمري، وتوسع في رزقي، وان تؤدي عني أمانتي وديني.
اللهم ارزقني حج بيتك الحرام وزيارة قبر نبيك عليه السلام، في عامي
هذا في يسر منك وعافية - وتسأل حوائجك (3).
وتصلي ركعتين وتقول ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله فيما رواه
عن الصادق عليه السلام:
اللهم صل على محمد وآل محمد وفرغني لما خلقتني له، ولا تشغلني

1 - فلق: شق.
2 - شأنه (خ ل).
3 - عنه البحار 97: 374.
103

بما قد تكلفت لي به، اللهم إني أسألك ايمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفذ، ومرافقة
نبيك محمد صلواتك عليه وآله في أعلى جنة الخلد، اللهم إني أسألك رزق
يوم بيوم، لا قليلا فأشقى، ولا كثيرا فأطغى.
اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقني من فضلك ما ترزقني به الحج
والعمرة في عامي هذا، وتقويني به على الصوم والصلاة، فإنك أنت ربي
رجائي وعصمتي، ليس لي معتصم الا أنت، ولا رجاء غيرك ولا منجا (1)
منك الا إليك، فصل على محمد وآل محمد وآتني في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة، وقني برحمتك عذاب النار. (2)
ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين الركعتين:
اللهم إني بك ومنك اطلب حاجتي، ومن طلب حاجته إلى أحد، فاني
لا اطلب حاجتي الا منك، وحدك لا شريك لك، وأسألك بفضلك ورحمتك
ورضوانك ان تصلي على محمد وأهل بيته (3)، وان تجعل لي في عامي هذا
إلى بيتك الحرام سبيلا حجة مبرورة متقبلة زاكية خالصة لك، تقر بها
عيني، ترفع بها درجتي، وتكفر بها سيئاتي.
وترزقني ان أغض بصري وان احفظ فرجي عن جميع محارمك
ومعاصيك، حتى لا يكون شئ اثر عندي من طاعتك وخشيتك، والعمل بما
أحببت والترك لما كرهت ونهيت عنه، واجعل ذلك في يسر ويسار وعافية
في ديني وجسدي ومالي ولدي وأهل بيتي وإخواني وما أنعمت به علي وخولتني (4).
وأسألك ان تجعل وفاتي قتلا في سبيلك مع أوليائك تحت راية نبيك (5)،

1 - ولا ملجأ ولا منجا. (خ ل).
2 - عنه البحار 97: 376، رواه في التهذيب 3: 75، المصباح 2: 547.
3 - وآل محمد (خ ل).
4 - خولتني: ملكتني وأعطيتني.
5 - أريد براية النبي صلى الله عليه وآله رايته التي عند القائم عليه السلام، أو عبر عن راية القائم براية النبي صلى الله
عليه وآله، لاتحادهما في المعنى واشتراكهما في كونها راية الحق.
104

وأسألك ان تقتل بي أعداءك وأعداء رسولك، وأسألك ان تكرمني بهوان
من شئت من خلقك، ولا تهني بكرامة أحد من أوليائك، واجعل لي مع
الرسول سبيلا، حسبي الله ما شاء الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة الا
بالله (1).
ثم تصلي ركعتين وتقول ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله فيما
رواه عن الصادق عليه السلام:
اللهم لك الحمد كله (2)، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، واليك
يرجع الامر كله علانيته وسره، وأنت منتهى الشأن كله، اللهم إني أسألك
من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله.
اللهم صلى على محمد وآل محمد ورضني بقضائك، وبارك لي في
قدرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت.
اللهم وأوسع علي من فضلك وارزقني بركتك واستعملني في طاعتك
وتوفني عند انقضاء أجلي على سبيلك، ولا تول أمري غيرك ولا تزغ قلبي
بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة، انك أنت الوهاب. (3)
ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين الركعتين:
اللهم رب شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن وافترضت على عبادك
فيه الصيام صل على محمد وأهل بيته، وارزقني حج بيتك الحرام في عامي
هذا وفي كل عام، واغفر لي الذنوب العظام فإنه لا يغفرها غيرك يا رحمن
يا علام.
اللهم صل على محمد وأهل بيته، وافتح مسامع قلبي لذكرك، واجعلني
أصدق بكتابك وأؤمن بوعدك وأوفي بعهدك، وارزقني من خشيتك ما اهرب به

1 - عنه البحار 97: 376.
2 - ذلك المن كله (خ ل).
3 - عنه البحار 97: 376، رواه في التهذيب 3: 75، المصباح 2:
547.
105

منك إليك، اللهم صل على محمد وأهل بيته (1) وارحمني رحمة تسعني،
وعافني عافية تجللني (2)، وارزقني رزقا يغنيني، وفرج عني فرجا يعمني.
يا أجود من سئل ويا أكرم من دعي، ويا ارحم من استرحم، ويا أرأف من
عفا، ويا خير من اعتمد، أدعوك لهم لا يفرجه غيرك، ولكرب لا يكشفه
سواك، ولغم لا ينفسه الا أنت، ولرحمة لا تنال الا منك، ولحاجة لا تقضى
الا بك.
اللهم فكما كان من شأنك ما أذنت لي فيه من مسألتك، ورحمتني به
من ذكرك، فصل على محمد وآل محمد وفرج عني الساعة الساعة،
وتخلصني من كل ما أخاف على نفسي، فإنك ان لم تدركني منك برحمة
تخلصني بها، لم أجد أحدا غيرك يخلصني، ومن لي سواك.
أنت أنت أنت لي، أنت يا مولاي العواد بالمغفرة وانا العواد بالمعصية،
وانا الذي لم أراقبك قبل معصيتي ولم اؤثرك على شهوتي، فلا يمنعك من
إجابتي شر عملي وقبيح فعلي وعظيم جرمي (3)، بل تفضل علي برحمتك،
ومن علي بمغفرتك وتجاوز عني بعفوك، واستجب لي دعائي، وعرفني
الإجابة في جميع ذلك برحمتك.
وأسألك سيدي التسديد (4) في أمري والنجح في طلبتي والصلاح لنفسي،
والفلاح لديني، والسعة في رزقي وارزاق عيالي، والافضال علي، والقنوع
بما قسمت لي.
اللهم أقسم لي الكثير من فضلك واجر الخير على يدي، ورضني بما
قضيت علي، واقض لي بالحسنى وقوني على صيام شهري وقيامه، انك

1 - آل محمد (خ ل).
2 - سحاب مجلل أي يجلل الأرض بالمطر، أي يعم.
3 - عظم جرمي (خ ل).
4 - سدده: أرشده إلى الصواب.
106

على كل شئ قدير، يا ارحم الراحمين، وصلى الله على خير خلقه محمد
وآل محمد - واسأل حوائجك (1).
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما نقلناه من خط جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله فيما
رواه عن الصادق عليه السلام (2) قال: وكان يسميه الدعاء الجامع:
بسم الله الرحمن الرحيم، اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
واشهد ان محمد عبده ورسوله، وان وعد الله حق، ولقاءه حق، وصدق الله
وبلغ المرسلون والحمد لله رب العالمين.
وسبحان الله كلما سبح الله شئ وكما يحب الله ان يسبح، والحمد
لله كلما حمد الله شئ وكما يحب الله ان يحمد، ولا إله إلا الله كلما
هلل الله شئ وكما يحب الله ان يهلل، والله أكبر كلما كبر الله شئ
وكما يحب الله ان يكبر، اللهم إني أسألك مفاتيح الخير وخواتيمه، وسوابغه
وفوائده وبركاته، مما بلغ علمه علمي وما قصر عن احصائه حفظي.
اللهم صل على محمد وآل محمد وانهج لي أسباب معرفته، وافتح لي
أبوابه، وغشني بركات رحمتك، ومن علي بعصمة عن الإزالة عن دينك،
وطهر قلبي من الشك، ولا تشغل قلبي بدنياي وعاجل معاشي عن آجل ثواب
آخرتي، واشغل قلبي بحفظ ما لا تقبل مني جهله، وذلل لكل خير لساني،
وطهر قلبي من الرياء والسمعة، ولا تجره في مفاصلي، واجعل عملي خالصا
لك.
اللهم إني أعوذ بك من الشر وأنواع والفواحش كلها، ظاهرها وباطنها
وغفلاتها، وجميع ما يريدني به الشيطان الرجيم وما يريدني به السلطان
العنيد، مما أحطت بعلمه، وأنت القادر على صرفه عني.

1 - عنه البحار 97: 378.
2 - أقول: رواه الشيخ في التهذيب عن الباقر عليه السلام وكذا في سائر المصادر.
107

اللهم إني أعوذ بك من طوارق الجن والإنس، وزوابعهم (1) وبوائقهم (2)
ومكائدهم ومشاهد الفسقة من الجن والإنس، وان استزل عن ديني، فتفسد
علي آخرتي وأن يكون ذلك منهم ضررا علي في معاشي، أو تعرض بلاء
يصيبني منهم لا قوة لي به، ولا صبر لي على احتماله.
فلا تبتلني يا الهي بمقاساته فيمنعني ذلك من ذكرك، ويشغلني عن
عبادتك، أنت العاصم المانع والدافع الواقي من ذلك كله، أسألك اللهم
الرفاهية (3) في معيشتي ما أبقيتني، معيشة أقوى بها على طاعتك وأبلغ بها
رضوانك، وأصير بها بمنك إلى دار الحيوان غدا.
اللهم ارزقني رزقا حلالا يكفيني، ولا ترزقني رزقا يطغيني، ولا تبتليني
بفقر أشقى به مضيقا علي، اعطني حظا وافرا في آخرتي، ومعاشا واسعا
هنيئا مريئا في دنياي، ولا تجعل الدنيا علي سجنا، ولا تجعل فراقها علي
حزنا، اجرني من فتنتها سليما واجعل عملي فيها مقبولا وسعيي فيها مشكورا.
اللهم ومن أرادني بسوء فأرده، ومن كادني فيها فكده، واصرف عني هم
من ادخل علي همه، وامكر بمن مكر بي، فإنك خير الماكرين، وافقأ عني
عيون الكفرة الظلمة الطغاة الحسدة.
اللهم صل على محمد وآله وانزل علي منك سكينة، وألبسني درعك
الحصينة، واحفظني بسترك الواقي، وجللني عافيتك النافعة وصدق قولي
وفعالي وبارك لي في أهلي وولدي ومالي، وما قدمت وما أخرت، وما أغفلت
وما تعمدت وما توانيت (4)، وما أعلنت وما أسررت، فاغفر لي يا ارحم الراحمين،
وصل على محمد وآله الطيبين الطاهرين كما أنت أهله، يا ولي المؤمنين (5).

1 - الزوابع: الدواهي.
2 - البائقة، جمع بوائق: الشر.
3 - أسألك الرفاهية (خ ل).
4 - تواني في حاجته: فتر وقصر ولم يهتم بها.
5 - عنه البحار 97: 378، رواه في التهذيب 3: 76 - 77، المصباح 2: 548.
108

ثم تقول ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عقيب هاتين الركعتين:
اللهم إني أسألك مسألة المسكين المستكين، وابتغي إليك ابتغاء
البائس الفقير، وأتضرع إليك تضرع المظلوم الضرير، وابتهل إليك ابتهال
المذنب الذليل الضعيف.
وأسألك مسألة من خضعت لك نفسه وذلت لك رقبته، ورغم لك أنفه،
وعفر (1) لك وجهه، وسقطت لك ناصيته، وهملت (2) لك دموعه، واضمحلت
عنه حيلته، وانقطعت عنه حجته، وضعفت قوته، واشتدت حسرته، وعظمت
ندامته، فصل على محمد وآل محمد وارحم المضطر إليك المحتاج إلى
رحمتك بحقك العظيم.
يا عظيم يا عظيم يا عظيم صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي
ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وأعطني في مجلسي هذا فكاك رقبتي من
النار، وأوسع علي من رزقك الحلال المفضل، وأعطني من خزائنك،
وبارك لي في أهلي ومالي وولدي وجميع ما رزقتني، وارزقني الحج
والعمرة في عامي هذا في أسبغ النفقة، وأوسع السعة، واجعل ذلك مقبولا
مبرورا خالصا لوجهك الكريم.
يا كريم يا كريم يا كريم، اكفني مؤونة أهلي ونفسي وعيالي وتجارتي (3)
وجميع ما أخاف عسره ومؤونة خلقك أجمعين، واكفني شر فسقة العرب
والعجم، وشر الصواعق والبرد وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، انك على
صراط مستقيم.
يا كريم يا كريم يا كريم افعل بي ذلك برحمتك، وهب لي حقك،
وتغمد ذنوبي بمغفرتك، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك

1 - عفر: مرغ وجهه في التراب.
2 - هملت عينه: فاضت دموعا.
3 - عيالي وغرمائي وتجارتي (خ ل).
109

رحمة انك أنت الوهاب، وصل على محمد وآل محمد - وسل حوائجك (1).
ثم اسجد وقل ما كنا قدمنا، وإنما كررناه لعذر اقتضاه:
اللهم أغنني بالعلم، وزيني بالحلم، وكرمني بالتقوى، وجملني بالعافية،
يا ولي العافية، عفوك عفوك من النار.
ثم ارفع رأسك وقل:
يا الله يا الله يا الله، أسألك يا لا إله إلا أنت (2)، أسألك باسمك بسم الله
الرحمن الرحيم، يا الله يا رب يا قريب يا مجيب، يا بديع السماوات والأرض،
يا ذا الجلال والاكرام، يا حنان يا منان يا حي يا قيوم.
أسألك بكل اسم هو لك تحب ان تدعى به وبكل دعوة دعاك بها أحد
من الأولين والآخرين فاستجبت له، ان تصلي على محمد وآله وان تصرف
قلبي إلى خشيتك ورهبتك (3)، وتجعلني من المخلصين، وتقوي أركاني كلها
لعبادتك، وتشرح به صدري للخير والتقى، وتطلق لساني لتلاوة كتابك،
يا ولي المؤمنين صل على محمد وآله افعل بي كذا وكذا (4) - وتسأل حوائجك.
واعلم انني تركت ذكر صلوات في ليالي شهر رمضان ما وثقت بطرقها ورواتها،
وصرفت عن اثباتها.
فصل (14)
فيما نذكره من الأدعية عند دخول شهر رمضان
اعلم أن هذا الدعوات لو ذكرناها عند دخول أول ساعة من أول ليلة منه، كان
ذلك الوقت قد ضاق عنه، لأن بدخول الليل تجب صلاة المغرب ويتصل ما يتعقبها من

1 - عنه البحار 97: 379.
2 - بلا إله إلا أنت (خ ل).
3 - رهبتك: مخافتك.
4 - عنه البحار 97: 379، رواه في المصباح: 550، التهذيب 3: 73.
110

المهمات والدعوات والصلوات والمندوبات، فلم أجد للدعاء لدخول الشهر المشار إليه
أقرب من هذا الموضع الذي اعتمدت عليه.
فمن الأدعية عند دخول الشهر المذكور ما رويناه بعدة طرق إلى مولانا زين العابدين
عليه السلام من أدعية الصحيفة فقال: وكان من دعائه عليه السلام عند دخول شهر
رمضان:
الحمد لله الذي هدانا لحمده وجعلنا من أهله، لنكون لاحسانه من
الشاكرين، وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين، والحمد لله الذي حبانا (1)،
بدينه واختصنا بملته، وسبلنا (2) في سبل احسانه، لنسلكها بمنه إلى رضوانه،
حمدا يتقبله (3) منا ويرضى به عنا.
والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره، شهر الصيام، شهر
رمضان، وشهر الطهور، وشهر الاسلام، وشهر التمحيص (4)، وشهر القيام،
(الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (5)، فأبان (6)
فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من الحرمات الموفورة (7) والفضائل
المشهورة.
فحرم فيه ما أحل في غيره، اعظاما له، وحجر (8) فيه المطاعم والمشارب
اكراما له، وجعل له وقتا بينا، لا يجوز ان يقدم قبله، ولا يجوز (9) ان يؤخر عنه،

1 - حبانا: خصنا.
2 - سبلنا: أوضح لنا الطريق.
3 - يقبله (خ ل).
4 - التمحيص: الابتلاء والاختيار.
5 - البقرة: 185.
6 - أبان: أظهر.
7 - الموفورة: الكثيرة.
8 - حجر: حرم.
9 - ان يقدم ولا يجوز (خ ل)، وفي الصحيفة: لا يقبل.
111

ثم فضل ليلة واحدة من لياليه على ليالي الف شهر (1)، وسماها ليلة القدر،
(تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) (2)، سلام، دائم البركة
إلى طلوع الفجر، على من يشاء من عباده، بما احكم من قضائه.
اللهم صل على محمد وآل محمد (3) والهمنا فضل معرفته واجلال حرمته،
والتحفظ مما حظرت فيه (4)، وأعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك،
واستعمالها فيه بما يرضيك، حتى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو، ولا نسرع (5)
بأبصارنا إلى لهو، ولا نبسط أيدينا إلى محظور ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور،
وحتى لا تعي (6) بطوننا الا ما أحللت، وحتى لا تنطق ألسنتنا الا ما قلت،
ولا نتكلف الا ما يدني من ثوابك، ولا نتعاطى الا الذي يقي من عقابك، ثم
خلص ذلك كله من رياء المرائين وسمعة المسمعين (7)، حتى لا نشرك فيه
أحدا دونك ولا نبتغي به مرادا سواك.
اللهم وقفنا (8) فيه على مواقيت الصلوات الخمس بحدودها التي حددت،
وفروضها التي فرضت وأوقاتها التي وقت، وأنزلنا فيها منزلة المصيبين
لمنازلنا، الحافظين لأركانها، المؤدين لها في أوقاتها، على ما سنه (9) محمد
عبدك ورسولك صلى الله عليه وآله في ركوعها وسجودها وجميع فواصلها (10)،

1 - لياليه على ألف شهر (خ ل).
2 - القدر: 4 - 5.
3 - وآله (خ ل).
4 - حظرت: منعت.
5 - لا تسرع، لا تبسط (خ ل).
6 - تعي: تحوي.
7 - المستمعين (خ ل).
8 - وفقنا (خ ل).
9 - على سنة محمد (خ ل)، سنه: بينه واجراه.
10 - فواضلها (خ ل).
112

على أتم الطهور وأسبغه (1) وأبين الخشوع وأبلغه.
ووفقنا فيه لأن نصل أرحامنا بالبر والصلة، وان نتعاهد جيراننا بالافضال
والعطية، وان نخلص أموالنا من التبعات، وان نطهرها باخراج الزكوات، وان
تميل بنا إلى أن نراجع من هجرنا (2)، وان ننصف من ظلمنا، وان نسالم من
عادانا، خلا من عودي فيك ولك، فإنه العدو الذي لا نواليه، والحزب الذي
نصافيه.
وان نتقرب إليك فيه من الأعمال الزاكية بما تطهرنا من الذنوب،
وتعصمنا فيما نستأنف من العيوب، حتى لا يورد عليك أحد من ملائكتك الا
دون ما نورد من أنواع القربة وأبواب الطاعة لك.
اللهم إني أسألك بحق هذا الشهر وبحق من تعبد لك فيه، من ابتدائه
إلى وقت فنائه، من ملك قربته، أو نبي أرسلته، أو عبد صالح اختصصته،
ان تجنبنا الإلحاد في دينك، والتقصير في تمجيدك، والشك في توحيدك،
والعمى عن سبيلك، والكسل عن خدمتك، والتواني في العمل لمحبتك،
والمسارعة إلى سخطك، والانخداع لعدوك الشيطان الرجيم.
اللهم أهلنا (3) فيه لما وعدت أولياءك من كرامتك، وأوجب لنا ما توجب
لأهل الاستقصاء لطاعتك، واجعلنا في نظم (4) من استحق الدرجة العليا من
جنتك، واستوجب مرافقة الرفيع الاعلى من أهل كرامتك، بفضلك وجودك
ورأفتك.
اللهم وان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقابا يعتقها عفوك
ويهبها صفحك، فاجعل رقابنا من تلك الرقاب، واجعلنا لشهرنا من خير أهل

1 - أسبغه: أكمله.
2 - هاجرتا (خ ل)، نراجع من هجرنا: نصل من قطعنا.
3 - أهلنا: اجعلنا أهلا.
4 - نظم: جمع.
5 - استحق الرفيع الأعلى برحمتك (خ ل).
113

وأصحاب، وامحق ذنوبنا مع امحاق (1) هلاله، واسلخ عنا التبعات (2) مع
انسلاخ أيامه، حتى ينقضي عنا وقد صفيتنا من الخطيئات وخلصتنا من
السيئات.
اللهم وان ملنا فيه فعدلنا، وان زغنا عنه فقونا، وان اشتمل علينا عدوك
الشيطان الرجيم فاستنقذنا منه، اللهم صل على محمد وآله واشحنه (3)
بعبادتنا، وزين أوقاته بطاعتنا، وأعنا في نهاره على صيامه وفي ليله على
قيامه بالصلاة لك والتضرع إليك والخشوع والذلة بين يديك، حتى لا يشهد
نهاره علينا بغفلة، ولا ليله بتفريط (4).
اللهم واجعلنا في سائر الشهور والأيام وما يتألف من السنين والأعوام
كذلك ما عمرتنا، واجعلنا من عبادك المخلصين: (الذين يؤتون ما آتوا
وقلوبهم وجلة انهم إلى ربهم راجعون، أولئك يسارعون الخيرات وهم لها
سابقون) (5)، (الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) (6)، اللهم فصل على
محمد وآله الطيبين وسلم كثيرا (7).
أقول: واعلم أن هذا الدعاء الذي ذكرناه، والدعاء الذي نذكره بعده وجدت بخط
جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله، وقد ذكرهما في الدعاء أول يوم من شهر رمضان،
والذي رويته في أصل روايتهما ان الأول منهما عند دخول الشهر والثاني منهما يدعا به
مستقبل دخول السنة، ومن حيث أهل هلال شهر رمضان فقد دخل الشهر، وهو أول
السنة.

1 - امتحاق، محاق (خ ل)، المحق: ذهاب الشئ حتى لا يرى له أثر.
2 - تبعاتنا (خ ل).
3 - اشحنه: املأه.
4 - تفريط: تقصير.
5 - المؤمنون 60، 61.
6 - المؤمنون: 11.
7 - رواه الشيخ في مصباحه: 607 - 610، والكفعمي في بلد الأمين: 478، وفي مصباحه: 610، أورده مختصرا في
ينابيع المودة: 504، وفي الصحيفة السجادية، الدعاء: 44 مع اختلافات.
114

ورأيت في كتاب صغير عندنا أوله مسألة للمفيد محمد بن محمد بن النعمان في
عصمة الأنبياء عليهم السلام انه سئل عن أول الشهر أهو الليل أم النهار، فقال: أوله
الليل.
فرأيت أن ذكرهما في أول ليلة من الشهر أقرب إلى الصواب، فلذلك ذكرتهما في
هذا الباب.
أقول: ورويت هذا الدعاء بعدة طرق، وإنما ذكر هاهنا لفظ ابن بابويه من كتاب
من لا يحضره الفقيه، فقال: ما هذا لفظه:
وروي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام فقال: ادع بهذا الدعاء في
شهر رمضان مستقبل دخول السنة، وذكر ان من دعا به مخلصا محتسبا لم يصبه في تلك
السنة فتنة ولا آفة في دينه ودنياه وبدنه، ووقاه الله شر ما يأتي به في تلك السنة:
اللهم إني أسألك باسمك الذي دان له كل شئ (1)، وبرحمتك التي
وسعت كل شئ، وبعزتك التي قهرت بها كل شئ، وبعظمتك التي
تواضع لها كل شئ، وبقوتك التي خضع لها كل شئ، وبجبروتك التي
غلبت كل شئ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ.
يا نور يا قدوس، يا أول قبل كل شئ، ويا باقي بعد كل شئ، يا الله
يا رحمن صل على محمد وآل محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم،
واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم.
واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء، واغفر لي الذنوب التي تديل (2)
الأعداء، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تنزل
البلاء، واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء (3).
واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء، واغفر لي الذنوب التي تعجل

1 - أي أطاع وذل له جميع الأشياء.
2 - الادالة: الغلبة، يقال: اللهم أدلني على فلان وانصرني.
3 - وهي الجور في الحكم، كما ورد في قضية أبي حنيفة حيث قضى بغير الحق.
115

الفناء، واغفر لي الذنوب التي تورث الندم، واغفر لي الذنوب التي تهتك
العصم (1)، وألبسني درعك الحصينة التي لا ترام (2)، وعافني من شر ما أخاف (3)
بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه.
اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن،
ورب العرش العظيم، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم، ورب إسرافيل
وميكائيل وجبرئيل، ورب محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين.
أسألك بك وبما تسميت به (4)، يا عظيم أنت الذي تمن بالعظيم، وتدفع
كل محذور، وتعطي كل جزيل، وتضاعف من الحسنات الكثير بالقليل (5)
وتفعل ما تشاء.
يا قدير يا الله يا رحمن، صل على محمد وآل محمد وألبسني في مستقبل
سنتي هذه سترك، وأضئ وجهي بنورك، واحبني (6) بمحبتك، وبلغ بي
رضوانك، وشريف كرائمك وجزيل (7) عطائك، من خير ما عندك ومن خير
ما أنت معطيه أحدا من خلقك سوى من لا يعدله عندك أحد في الدنيا
والآخرة، وألبسني مع ذلك عافيتك.
يا موضع كل شكوى، ويا شاهد كل نجوى، ويا عالم (8) كل خفية، ويا دافع
وما تشاء من بلية، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز، توفني على ملة إبراهيم

1 - (تهتك العصم)، المراد اما رفع حفظ الله وعصمته عن الذنوب، أو رفع ستره الذي به عن الملائكة أو الثقلين
- مرآة العقول.
2 - (التي لا ترام) أي يقصد الأعادي الظاهرة والباطنة لابسها بالضرر، أو لا تقصد هي بالهتك والرفع، وهي
عصمته تعالى وحفظه وعونه - المرآة.
3 - في الفقيه والكافي: أحاذر.
5 - أي تضاعف اضعافا كثيرة بسبب القليل من الأعمال.
6 - أحيني (خ ل).
7 - جسيم (خ ل).
8 - وشاهد، وعالم (خ ل).
116

وفطرته وعلى دين محمد صلى الله عليه وآله وسنته، وعلى خير الوفاة،
فتوفني، مواليا لأوليائك ومعاديا لأعدائك (1).
اللهم وامنعني [في هذه السنة] (2) من كل عمل أو فعل أو قول يباعدني
منك، واجلبني إلى كل عمل أو فعل أو قول يقربني منك في هذه السنة
يا ارحم الراحمين، وامنعني من كل عمل أو فعل أو قول يكون مني أخاف
سوء عاقبته وأخاف مقتك إياي عليه، حذار (3) ان تصرف وجهك الكريم
عني، فاستوجب به نقصا من حظ لي عندك، يا رؤوف يا رحيم.
اللهم اجعلني في مستقبل هذه السنة، في حفظك وجوارك وكنفك،
وجللني عافيتك، وهب لي كرامتك، عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك.
اللهم اجعلني تابعا لصالحي من مضى من أوليائك، والحقني بهم،
واجعلني مسلما لمن قال بالصدق عليك منهم.
وأعوذ بك يا الهي ان تحيط بي خطيئتي وظلمي واسرافي على نفسي،
واتباعي لهواي واشتغالي بشهواتي (4)، فيحول ذلك بيني وبين رحمتك
ورضوانك، فأكون منسيا عندك (5) متعرضا لسخطك ونقمتك.
اللهم وفقني لكل عمل صالح ترضى به عني، وقربني إليك زلفى،
اللهم كما كفيت نبيك محمدا صلواتك عليه وآله هول عدوه، وفرجت همه،
وكشفت كربه، وصدقته (6) وعدك، وأنجزت له عهدك.
اللهم فبذلك فاكفني (7) هول هذه السنة وآفاتها، وأسقامها وفتنها (8).

1 - ومعاديا لأعدائك (خ ل).
2 - من الفقيه والكافي، وفيهما: جنبني.
3 - فيهما: حذرا، وفي القاموس، الحذر، الاحتراز.
4 - استعمال شهواتي (خ ل).
5 - أي متروكا من رحمتك أو كالمنسي مجازا - مرآة العقول.
6 - أي وفيت له بما وعدته من النصر والغلبة على الأعداء.
7 - أي بمثل ذلك الحفظ والكفاية، أو بحقه.
8 - فتنتها (خ ل).
117

وشرورها وأحزانها، وضيق المعاش فيها، وبلغني برحمتك كمال العافية،
بتمام دوام النعمة عندي المنتهى أجلي.
أسألك سؤال من أساء وظلم، واستكان (1)، واعترف، ان تغفر لي ما مضى
من الذنوب التي حصرتها حفظتك، وأحصاها كرام ملائكتك علي، وان
تعصمني اللهم من الذنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجلي.
يا الله يا رحمن صل على محمد وأهل بيت محمد، وآتني كلما سألتك
ورغبت فيه إليك، فإنك أمرتني بالدعاء وتكفلت بالإجابة، يا ارحم
الراحمين. (2)
دعاء آخر وجدناه في كتاب ذكر انه بخط الرضي الموسوي رحمه الله، فيه أدعية،
يقول فيه: ويقول عند دخول شهر رمضان:
اللهم ان هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن، هدى للناس وبينات
من الهدى والفرقان قد حضر.
يا رب أعوذ بك فيه من الشيطان الرجيم، ومن مكره وحيله، وخداعه
وحبائله، وجنوده وخيله، ورجله (3) ووساوسه، ومن الضلال بعد الهدى، ومن
الكفر بعد الايمان، ومن النفاق والرياء والجنايات، ومن شر الوسواس
الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس.
اللهم وارزقني صيامه وقيامه، والعمل فيه بطاعتك، وطاعة رسولك
وأولي الأمر، عليه وعليهم السلام، وما قرب منك، وجنبني معاصيك،
وارزقني فيه التوبة والإنابة والإجابة.
وأعذني فيه من الغيبة والكسل والفشل، واستجب لي فيه الدعاء، وأصح.

1 - استكان لفلان، ذل وخضع.
2 - عنه البحار 97: 341 رواه الصدوق في الفقيه 2: 102، رواه الكليني في الكافي 4: 72، والشيخ في مصباحه 604، وفي
التهذيب 3: 106، والكفعمي في مصباحه: 607، بلد الأمين، 217.
3 - الرجل: اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب.
118

لي فيه جسمي وعقلي (1)، وفرغني فيه لطاعتك وما قرب منك، يا كريم يا جواد
يا كريم، صل على محمد وعلى أهل بيت محمد عليه وعليهم السلام،
وكذلك فافعل بنا يا ارحم الراحمين. (2)
دعاء آخر ان دعوت به أول ليلة من شهر الصيام فقدم لفظ: ليلتي هذه على يومي
هذا، وان دعوت به أول يوم من الشهر فادع باللفظة التي تأتي فيه، والذي رجح في
خاطري ان الدعاء به في أول يوم منه.
رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري باسناده إلى أبي عبد الله
عليه السلام قال: يقول عند حضور شهر رمضان:
اللهم هذا شهر رمضان المبارك الذي أنزلت فيه القرآن وجعلته هدى
للناس وبينات من الهدى والفرقان قد حضر، فسلمنا فيه وسلمه لنا وتسلمه
منا (3) في يسر منك وعافية.
وأسألك اللهم أن تغفر لي في شهري هذا، وترحمني فيه، وتعتق رقبتي
من النار، وتعطيني فيه خير ما أعطيت أحدا من خلقك، وخير ما أنت معطيه،
ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك منذ أسكنتني أرضك إلى يومي
هذا، واجعله علي أتمه نعمة، وأعمه عافية، وأوسعه رزقا، وأجزله (4)
وأهناه.
اللهم إني أعوذ بك وبوجهك الكريم وملكك العظيم ان تغرب الشمس
من يومي هذا، أو ينقضي بقية هذا اليوم، أو يطلع الفجر من ليلتي هذه، أو
يخرج هذا الشهر ولك قبلي معه تبعة أو ذنب أو خطيئة، تريد ان تقايسني (5)

1 - عقدي (خ ل).
2 - عنه البحار 97: 343.
3 - سملنا فيه أي بان نكون صحيحا حتى نصومه ونعبدك فيه، سلمه لنا أي من الاشتباه في الصوم والفطر حتى
لا يشتبه علينا يوم منه بغيره لأجل الهلال، تسلمه منا أي تقبله منا ما نأتي فيه من العبادات والقربات.
4 - أجزله: أكثره.
5 - تقايلني، تقاضني (خ ل).
119

بذلك أو تؤاخذني به، أو تقفني (1) به موقف خزي في الدنيا والآخرة، أو
تعذبني به يوم ألقاك يا ارحم الراحمين.
اللهم إني أدعوك لهم لا يفرجه غيرك، ولرحمة لا تنال الا بك، ولكرب
لا يكشفه الا أنت، ولرغبة لا تبلغ الا بك، ولحاجة لا تقضى دونك.
اللهم فكما كان من شأنك ما أردتني به من مسألتك، ورحمتني به من
ذكرك، فليكن من شأنك سيدي الإجابة لي فيما دعوتك، والنجاة لي فيما
قد فزعت إليك منه.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وافتح لي من خزائن رحمتك رحمة
لا تعذبني بعدها ابدا في الدنيا والآخرة، وارزقني من فضلك الواسع رزقا
حلالا طيبا، لا تفقرني بعده إلى أحد سواك ابدا، تزيدني بذلك لك شكرا
واليك فاقة وفقرا، وبك عمن سواك غنى وتعففا.
اللهم إني أعوذ بك أن تكون جزاء احسانك الإساءة مني، اللهم إني
أعوذ بك ان أصلح عملي فيما بيني وبين الناس، وأفسده فيما بيني وبينك.
اللهم إني أعوذ بك ان تحول (2) سريرتي بيني وبينك، أو تكون مخالفة
لطاعتك، اللهم إني أعوذ بك أن يكون شئ من الأشياء آثر عندي من
طاعتك، اللهم إني أعوذ بك ان اعمل من طاعتك قليلا أو كثيرا، أريد به
أحدا غيرك، أو اعمل عملا يخالطه رياء.
اللهم إني أعوذ بك من هوى يردي من يركبه، اللهم إني أعوذ بك ان
اجعل شيئا من شكري فيما أنعمت به علي لغيرك، اطلب به رضا خلقك،
اللهم إني أعوذ بك ان أتعدى حدا من حدودك، أتزين بذلك للناس وأركن
به إلى الدنيا.
اللهم إني أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ

1 - توقفني (خ ل).
2 - تحول (خ ل).
120

بطاعتك من معصيتك، وأعوذ بك منك، جل ثناء وجهك، لا أحصي الثناء
عليك ولو حرصت، وأنت كما أثنيت (1) على نفسك، سبحانك وبحمدك.
اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك من مظالم كثيرة لعبادك عندي، فأيما
عبد من عبادك، أو أمة من إمائك، كانت له قبلي مظلمة ظلمته إياها، في
ماله أو بدنه أو عرضه، لا أستطيع أداء (2) ذلك إليه، ولا أتحللها (3) منه، فصل
على محمد وآل محمد وارضه أنت عني بما شئت، وكيف شئت، وهبها
لي.
وما تصنع يا سيدي بعذابي وقد وسعت رحمتك كل شئ، وما عليك
يا رب ان تكرمني برحمتك ولا تهينني بعذابك، ولا ينقصك يا رب ان تفعل
بي ما سألتك، وأنت واجد لكل شئ.
اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك من كل ذنب تبت إليك، منه ثم
عدت فيه، ومما ضيعت من فرائضك وأداء (4) حقك، من الصلاة والزكاة،
والصيام والجهاد والحج والعمرة، واسباغ (5) الوضوء والغسل من الجنابة، وقيام
الليل وكثرة الذكر، وكفارة اليمين، والاسترجاع في المعصية، والصدود من
كل شئ قصرت فيه، من فريضة أو سنة.
فاني أستغفرك وأتوب إليك منه، ومما ركبت من الكبائر، واتيت من
المعاصي، وعملت من الذنوب واجترحت (6) من السيئات، وأصبت من
الشهوات، وباشرت من الخطايا، مما عملته من ذلك عمدا أو خطأ، سرا أو
علانية.

1 - وكما أثنيت (خ ل).
2 - أداء (خ ل).
3 - أتحللها (خ ل).
4 - أداء (خ ل).
5 - اسبغه: أتمه ووسعه.
6 - اجترحتها: اكتسبتها.
121

فاني أتوب إليك منه ومن سفك الدم وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم،
والفرار من الزحف وقذف المحصنات واكل أموال اليتامى ظلما، وشهادة
الزور، وكتمان الشهادة، وان اشتري بعهدك في نفسي ثمنا قليلا.
واكل الربا والغلول، والسحت والسحر، والكتمان والطيرة، والشرك
والرياء والسرقة، وشرب الخمر، ونقص المكيال وبخس الميزان (1)، والشقاق
النفاق، ونقض العهد والفرية والخيانة، والغدر واخفار الذمة (2) والحلف،
والغيبة والنميمة والبهتان، والهمز (3) واللمز (4) والتنابز بالألقاب (5).
وأذى الجار ودخول بيت بغير اذن، والفخر والكبر والاشراك والإصرار
والاستكبار، والمشي في الأرض مرحا (6)، والجور في الحكم، والاعتداء في
الغضب وركوب الحمية، وتعضد الظالم، وعون على الاثم والعدوان، وقلة
العدد في الأهل والمال والولد، وركوب الظن واتباع الهوى، والعمل بالشهوة.
والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر وفساد في الأرض، وجحود الحق
والأدلاء (7) إلى الحكام بغير الحق، والمكر والخديعة والبخل وقول فيما
لا اعلم، واكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، والحسد
والبغي والدعاء إلى الفاحشة.
والتمني بما فضل الله والاعجاب بالنفس والمن بالعطية، والارتكاب
إلى الظلم، وجحود القرآن، وقهر اليتيم، وانتهار السائل (8)، والحنث في

1 - نجس: نقص.
2 - أخفر عهده: نقض عهده، غدر به.
3 - الهمز: النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم.
4 - اللمز: العيب والضرب والدفع، واصله الإشارة بالعين.
5 - تنابزوا بالألقاب: تعايروا ولقب بعضهم بعضا.
6 - مرح الرجل: اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.
7 - الأدلاء إلى فلان: تخوصم إليه.
8 - انتهر السائل: زجره.
122

الايمان وكل يمين كاذبة فاجرة، وظلم أحد من خلقك في أموالهم
وأشعارهم وأعراضهم وأبشارهم (1).
وما رآه بصري وسمعه سمعي، ونطق به لساني، وبسطت إليه يدي،
ونقلت قدمي وباشره جلدي، وحدثت به نفسي مما هو لك معصية،
وكل يمين زور.
ومن كل فاحشة وذنب وخطيئة، عملتها في سواد الليل وبياض النهار،
في ملاء أو خلاء، مما علمته أو لم اعلمه، ذكرته أو لم أذكره، سمعته أو
لم أسمعه، عصيتك فيه ربي طرفة عين، وفيما سواها من حل أو حرام تعديت
فيه أو قصرت عنه، منذ يوم خلقتني إلى أن (2) جلست مجلسي هذا، فاني
أتوب إليك منه، وأنت يا كريم تواب رحيم.
اللهم يا ذا المن والفضل والمحامد التي لا تحصى، صل على محمد وآل
محمد واقبل توبتي، لا تردها لكثرة ذنوبي وما أسرفت على نفسي، حتى
لا ارجع في ذنب تبت إليك منه، فاجعلها يا عزيز توبة نصوحا صادقة مبرورة
لديك مقبولة مرفوعة عندك، في خزائنك التي ذخرتها لأوليائك حين قبلتها
منهم ورضيت بها عنهم.
اللهم ان هذه النفس نفس عبدك، وأسألك ان تصلي على محمد وآل
محمد، وان تحصنها من الذنوب وتمنعها من الخطايا وتحرزها من السيئات،
وتجعلها في حصن حصين منيع لا يصل إليها ذنب ولا خطيئة، ولا يفسدها
عيب ولا معصية، حتى ألقاك يوم القيامة وأنت عني راض وانا مسرور،
تغبطني ملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك، وقد قبلتني وجعلتني طائعا
طاهرا زاكيا عندك من الصادقين (3).

1 - الابشار: ظاهر الجلد.
2 - إلى يوم (خ ل).
3 - في الصادقين (خ ل).
123

اللهم إني اعترف لك بذنوبي فصل على محمد وآل محمد، واجعلها
ذنوبا لا تظهرها لاحد من خلقك ويا غفار الذنوب يا ارحم الراحمين.
سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي، فصل على محمد وآل
محمد واغفر لي، انك أنت الغفور الرحيم.
اللهم إن كان من عطائك ومنك وفضلك وفي علمك وقضائك، ان
ترزقني التوبة فصل على محمد وآله، واعصمني بقية عمري وأحسن معونتي
في الجد والاجتهاد والمسارعة إلى ما تحب وترضى، والنشاط والفرح
والصحة، حتى أبلغ في عبادتك وطاعتك التي يحق لك علي رضاك.
وان ترزقني برحمتك ما أقيم به حدود دينك، وحتى اعمل في ذلك
بسنن نبيك صلواتك عليه وآله، وافعل ذلك بجميع المؤمنين والمؤمنات في
مشارق الأرض ومغاربها، اللهم انك تشكر اليسير وتغفر الكثير، وأنت الغفور
الرحيم - تقولها ثلاثا (1).
ثم تقول: اللهم أقسم لي كلما تطفئ به عني نائرة (2) كل جاهل، وتخمد (3)
عني شعلة كل قائل، وأعطني هدى من كل ضلالة، وغنى من كل فقر،
وقوة من كل ضعف، وعزا من كل ذل، ورفعة من كل ضعة، وامنا من كل
خوف، وعافية من كل بلاء.
اللهم ارزقني عملا يفتح لي باب كل يقين، ويقينا يسد عني باب كل
شبهة، ودعاء تبسط لي به (4) الإجابة، وخوفا تيسر لي به كل رحمة، وعصمة
تحول بيني وبين الذنوب، برحمتك يا ارحم الراحمين (5).
وتضرع إلى ربك وتقول:

1 - عنه البحار 97: 326 - 330.
2 - النائرة: العداوة.
3 - خمد النار: سكن لهبها ولم يطفأ جمرها.
4 - تبسط به (خ ل).
5 - عنه البحار 97: 330.
124

يا من نهاني عن المعاصي (1) فعصيته فلم يهتك ستري عند معصيته، يا من
ألبسني عافيته فعصيته فلم يسلبني عند ذلك عافية، يا من أكرمني وأسبغ علي
نعمه فعصيته فلم يزل عني نعمته، يا من نصح لي فتركت نصيحته
فلم يستدرجني عند تركي نصيحته.
يا من أوصاني بوصايا كثيرة لا تحصى، اشفاقا (2) منه علي ورحمة منه لي
فتركت وصيته، يا من كتم سيئاتي وأظهر محاسني حتى كأني لم أزل اعمل
بطاعته، يا من أرضيت عباده بسخطه فلم يكلني إليهم ورزقني من سعته،
يا من دعاني إلى جنته فاخترت النار فلم يمنعه ذلك ان فتح لي باب توبته.
يا من أقالني عظيم العثرات وأمرني بالدعاء وضمن لي اجابته، يا من
أعصيه فيستر علي ويغضب لي ان عيرت بمعصيته.
يا من نهى خلقه عن انتهاك محارمي وانا مقيم على انتهاك (3) محارمه،
يا من أفنيت ما أعطاني في معصيته فلم يحبس عني عطيته، يا من قويت على
المعاصي بكفايته فلم يخذلني ولم يخرجني من كفايته.
يا من بارزته بالخطايا فلم يمثل بي عند جرأتي على مبارزته، يا من
امهلني حتى استغنيت من لذاتي ثم وعدني على تركها مغفرته، يا من ادعوه
وانا على معصيته فيجيبني ويقضي حاجتي بقدرته، يا من عصيته بالليل
والنهار وقد وكل بالاستغفار لي ملائكته.
يا من عصيته في الشباب والمشيب وهو يتأناني (4) ويفتح لي باب رحمته،
يا من يشكر اليسير في عملي وينسى الكثير من كرامته، يا من خلصني
بقدرته ونجاني بلطفه، يا من استدرجني حتى جانبت محبته، يا من فرض

1 - المعصية (خ ل).
2 - أشفقت: خفت.
3 - انتهك الشئ: اذهب حرمته.
4 - تأون الرجل: تمهل.
125

الكثير لي من اجابته على طول إساءتي وتضييعي فريضته.
يا من يغفر ظلمنا وحوبنا (1) وجرأتنا وهو لا يجور علينا في قضيته، يا من
نتظالم فلا يؤاخذنا بعلمه ويمهل حتى يحضر المظلوم بينته، يا من يشرك به
عبده وهو خلقه فلا يتعاظمه ان يغفر له جريرته، يا من من علي بتوحيده
واحصى علي الذنوب وأرجو ان يغفرها لي بمشيته.
يا من أعذر وأنذر ثم عدت بعد الاعذار والانذار في معصيته، يا من يعلم أن
حسناتي لا يكون ثمنا لا صغر نعمه، يا من أفنيت عمري في معصيته
فلم يغلق عني باب توبته.
يا ويلي ما أقل حيائي، ويا سبحان هذا الرب ما أعظم هيبته، ويا ويلي
ما اقطع لساني عند الاعذار، وما عذري وقد ظهرت علي حجته، ها انا ذا بائح (2)
بجرمي، مقر بذنوبي لربي ليرحمني ويتغمدني بمغفرته، يا من الأرضون
والسماوات جميعا في قبضته، يا من استحققت عقوبته ها انا ذا مقر بذنبي.
يا من وسع كل شئ برحمته، ها انا ذا عبدك الحسير (3) الخاطئ اغفر له
خطيئته، يا من يجيرني في محياي ومماتي، يا من هو عدتي لظلمة القبر
ووحشته، يا من هو ثقتي ورجائي وعدتي لعذاب القبر وضغطته (4)، يا من هو
غياثي ومفزعي وعدتي للحساب ودقته، يا من عظم عفوه وكرم صفحه
واشتدت نقمته.
الهي لا تخذلني يوم القيامة، فإنك عدتي للميزان وخفته، ها انا ذا بائح
بجرمي مقر بذنبي معترف بخطيئتي، الهي وخالقي ومولاي صل على محمد
وآل محمد واختم لي بالشهادة والرحمة.

1 - الحوب: الإثم.
2 - باح الشئ: ظهر واشتهر.
3 - الحسير: المتلهف.
4 - ضغطة القبر: تضييقه على الميت.
126

اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك يحق عليك فيه إجابة الدعاء إذا
دعيت به، وأسألك بحق كل ذي حق عليك وبحقك على جميع من
دونك، ان تصلي على محمد عبدك ورسولك وآل محمد عبيدك النجباء
الميامين، ومن أرادني بسوء فخذ بسمعه وبصره، ومن بين يديه ومن خلفه،
وامنعه عني بحولك وقوتك انك على كل شئ قدير.
اللهم انا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله، وتذل بها
النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك،
وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، يا ارحم الراحمين.
اللهم انا نشكو إليك غيبة نبينا عنا، وكثرة عدونا وقلة عددنا، وشدة
الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا، فصل على محمد وآل محمد وأعنا على ذلك
يا رب بفتح منك تعجله، ونصره تعزه، وسلطان حق تظهره، ورحمة منك
تجللناها، وعافيتك فألبسناها، برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم إني لم اعمل الحسنة حتى أعطيتنيها، ولم اعمل السيئة الا بعد ان
زينها لي الشيطان الرجيم، اللهم فصل على محمد وآل محمد وعد علي
بعطائك، وداو دائي، فان دائي الذنوب القبيحة، ودواءك وعد
عفوك وحلاوة رحمتك.
اللهم لا تهتك ستري، ولا تبد عورتي، وآمن روعتي، وأقلني عثرتي،
ونفس (1) كربتي، واقض عني ديني وأمانتي، واخز عدوك وعدو آل محمد
وعدوي وعدو المؤمنين، من الجن والإنس في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم حاجتي حاجتي حاجتي، التي ان أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني،
وان منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، وهي فكاك رقبتي من النار، فصل على
محمد وآل محمد وارض عني، وارض عني، وارض عني - حتى ينقطع النفس.

1 - نفس: أزال كربه.
127

اللهم إياك تعمدت بحاجتي وبك أنزلت مسكنتي، فلتسعني رحمتك،
يا وهاب الجنة، يا وهاب المغفرة، لا حول ولا قوة الا بك، أين أطلبك
يا موجودا في كل مكان، في الفيافي (1) مرة، وفي القفار (2) أخرى، لعلك تسمع
مني النداء، فقد عظم جرمي وقل حيائي، مع تقلقل (3) قلبي وبعد مطلبي
وكثرة أهوالي.
رب اي أهوالي أتذكر وأيها انسى، فلو لم يكن الا الموت لكفى،
فكيف وما بعد الموت أعظم وأدهى، يا ثقلي ودماري وسوء سلفي وقلة نظري
لنفسي، حتى متى والى متى أقول: لك العتبى، مرة بعد أخرى، ثم لا تجد
عندي صدقا ولا وفاء.
أسألك بحق الذي كنت له أنيسا في الظلمات، وبحق الذين لم يرضوا
بصيام النهار وبمكابدة (4) الليل، حتى مضوا على الأسنة قدما، فخضبوا
اللحاء (5) بالدماء، ورملوا الوجوه بالثرى (6)، الا عفوت عمن ظلم وأساء.
يا غوثاه يا الله يا رباه، عوذ بك من هوى قد غلبني، ومن عدو قد
استكلب (7) علي، ومن دنيا تزينت لي، ومن نفس امارة بالسوء الا ما رحم
ربي، فان كنت سيدي قد رحمت مثلي فارحمني، وان كنت سيدي قد
قبلت مثلي فاقبلني.
يا من قبل السحرة فاقبلني، يا من يغذيني بالنعم صباحا ومساءا، قد تراني
فريدا وحيدا شاخصا (8) بصري مقلدا عملي، قد تبرء جميع الخلق مني، نعم

1 - الفيفي جمعه الفيافي: المفازة لا ماء فيها.
2 - القفر جمعه قفار: الخلأ من الأرض لا ماء فيه ولا ناس ولا كلاء.
3 - تقلقل: تحرك.
4 - كابد الأمر: قاساه وتحمل المشاق في فعله.
5 - اللحية جمعه لحى: شعر الخدين والذقن.
6 - رمل الثوب بالدم: لطخه.
7 - استكلب: وثب، تشبيه له بالكلب.
8 - الشاخص: الرافع بصره.
128

وأبي وأمي ومن كان له كدي وسعيي.
الهي فمن يقبلني ومن يسمع ندائي ومن يؤنس وحشتي ومن ينطق
لساني إذا غيبت في الثرى وحدي ثم سألتني بما أنت اعلم به مني، فان
قلت: قد فعلت، فأين المهرب من عدلك، وان قلت: لم افعل، قلت:
ألم أكن أشاهدك واراك.
يا الله يا كريم العفو من لي غيرك، ان سألت غيرك لم تعطني، وان
دعوت غيرك لم يجبني، رضاك يا رب قبل لقائك، رضاك يا رب قبل نزول
النيران، رضاك يا رب قبل ان تغل الأيدي إلى الأعناق، رضاك يا رب قبل
ان أنادي فلا أجاب النداء.
يا أحق من تجاوز وعفى، وعزتك لا اقطع منك الرجاء، وان عظم جرمي
وقل حيائي، فقد لزق (1) بالقلب داء ليس له دواء، يا من لم يلذ اللائذون
بمثله، يا من لم يتعرض المتعرضون لأكرم منه.
يا من (2) لم تشد الرحال إلى مثله، صل على محمد وآل محمد واشغل
قلبي بعظيم شأنك وأرسل محبتك إليه حتى ألقاك وأوداجي تشخب (3) دما،
يا واحد يا أجود المنعمين المتكبر المتعال صل على محمد وآل محمد وافكك
رقبتي من النار برحمتك يا ارحم الراحمين.
الهي قل شكري سيدي فلم تحرمني، وعظمت خطيئتي سيدي
فلم تفضحني، ورأيتني على المعاصي سيدي فلم تمنعني ولم تهتك ستري
وأمرتني سيدي بالطاعة فضيعت ما به أمرتني، فأي فقير أفقر مني سيدي ان
لم تغنني، فأي شقي أشقى مني ان لم ترحمني.
فنعم الرب أنت يا سيدي ونعم المولى، وبئس العبد انا يا سيدي وجدتني

1 - لزق الشئ: ألصقه.
2 - ويا (خ ل).
3 - شخب اللبن: سال.
129

اي رباه، ها انا ذا بين يديك، معترف بذنوبي، مقر بالإساءة والظلم على
نفسي، من انا يا رب فتقصد لعذابي، أم يدخل في مسألتك ان أنت
رحمتني.
اللهم إني أسألك من الدنيا ما أسد به لساني، واحصن به فرجي،
وأؤدي به عني أمانتي، واصل به رحمي، واتجر به لآخرتي، ويكون لي عونا
على الحج والعمرة، فإنه لا حول ولا قوة الا بك.
وعزتك يا كريم لالحن عليك، ولأطلبن إليك، ولاتضرعن إليك،
ولابسطنها إليك، مع ما إقترفتا (1) من الآثام، يا سيدي فبمن أعوذ وبمن ألوذ،
كل من أتيته في حاجة وسألته فائدة، فإليك يرشدني وعليك يدلني، وفيما
عندك يرغبني.
فأسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين،
ومحمد بن علي وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر وعلي بن موسى،
ومحمد بن علي وعلي بن محمد، والحسن بن علي والحجة القائم بالحق
صلواتك يا رب عليهم أجمعين، وبالشأن الذي لهم عندك، فان لهم عندك
شأنا من الشأن ان تصلي على محمد وآل محمد، وان تفعل بي كذا وكذا.
وتسأل حوائجك للدنيا والآخرة فإنها تقضى إن شاء الله تعالى. (2)
ثم تقول:
اللهم ربنا رب كل شئ، منزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان
العظيم، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل دابة أنت اخذ بناصيتها.
أنت الأول فليس قبلك شئ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ، وأنت
الظاهر فليس دونك شئ، فصل على محمد وآله واقض عني الدين وأغنني
من الفقر.

1 - اقترف: اكتسب.
2 - عنه البحار 97: 330 - 335.
130

يا خير من عبد ويا اشكر من حمد، ويا احلم من قهر، ويا أكرم من قدر،
ويا اسمع من نودي، ويا أقرب من نوجي، ويا آمن من استجير، ويا أرأف من
استغيث، ويا أكرم من سئل، ويا أجود من اعطى، ويا ارحم من استرحم،
صل على محمد وآل محمد وارحم قلة حيلتي، وامنن علي بالجنة طولا (1)
منك، وفك رقبتي من النار تفضلا.
اللهم إني أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد، ولم أعصك في
أكره الأشياء إليك وهو الشرك، فصل على محمد وآل محمد واكفني أمر
عدوي.
اللهم ان لك عدوا لا يألوني خبالا (2)، بصيرا بعيوبي حريصا على غوايتي،
يراني هو وقبيله من حيث لا أراهم، اللهم فصل على محمد وآل محمد، واعذ
من شر شياطين الجن والإنس أنفسنا وأموالنا وأهالينا وأولادنا، وما أغلقت
عليه أبوابنا وما أحاطت به عوراتنا.
اللهم وحرمني عليه كما حرمت عليه الجنة، وباعد بيني وبينه كما
باعدت بين السماء والأرض، وابعد من ذلك، اللهم إني أعوذ بك من
الشيطان الرجيم، ومن رجسه، ونصبه، وهمزه ولمزه ونفخه، وكيده ومكره،
وسحره نزغه (3) وفتنته وغوائله، اللهم إني أعوذ بك منهم في الدنيا الآخرة،
وفي المحيا والممات.
يا مسمي نفسه بالاسم الذي قضى ان حاجة من يدعوه به مقضية،
أسألك به إذ لا شفيع لي عندك أوثق منه، ان تصلي على محمد وآل محمد
وان تفعل بي كذا وكذا

1 - الطول: الفضل والعطاء.
2 - الخبال: الفساد.
3 - نزغه: وسوسته.
131

وتسأل حاجتك فإنها تقضى إن شاء الله تعالى (1).
ثم تقول:
اللهم ان أدخلتني الجنة فأنت محمود وان عذبتني فأنت محمود، يا من
هو محمود في كل خصاله، صل على محمد وآل محمد وافعل بي ما تشاء
وأنت (2) محمود.
الهي أتراك معذبي وقد عفرت (3) لك في التراب خدي، أتراك معذبي
وحبك في قلبي، اما انك ان فعلت ذلك بي جمعت بيني وبين قوم طال
ما عاديتهم فيك.
اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك يحق عليك فيه الإجابة للدعاء إذا
دعيت به، وأسألك بحق كل ذي حق عليك وبحقك على جميع من هو
دونك، ان تصلي على محمد عبدك ورسولك وآله الطاهرين، ومن أرادني أو
أراد أحدا من اخواني بسوء، فخذ بسمعه وبصره، ومن بين يديه ومن خلفه،
وامنعني منه بحولك وقوتك.
اللهم ما غاب عني من أمري أو حضرني، ولم ينطق به لساني ولم تبلغه
مسألتي أنت اعلم به مني، فصل على محمد وآل محمد واصلحه لي وسهله
يا رب العالمين.
ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا، ولا تحمل علينا اصرا (4) كما
حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر
لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
ماذا عليك يا رب لو أرضيت عني كل من له قبلي تبعة، وأدخلتني الجنة

1 - عنه البحار 97: 335.
2 - فأنت (خ ل).
3 - عفر: مرغ وجهه في التراب.
4 - الاصر: الاثم والثقل.
5 - تبعة: ما يترتب على الفعل من الخير أو الشر، الا ان استعماله في الشر أكثر.
132

برحمتك، وغفرت لي ذنوبي، فان مغفرتك للخاطئين وانا منهم، فاغفر لي
خطائي يا رب العالمين.
اللهم انك تحلم عن المذنبين وتعفو عن الخاطئين، وانا عبدك الخاطئ
المذنب الحسير الشقي، الذي قد أفزعتني ذنوبي وأوبقتني خطاياي،
ولم أجد لها سادا ولا غافرا غيرك يا ذا الجلال والاكرام.
الهي استعبدتني الدنيا واستخدمتني، فصرت حيران بين اطباقها، فيا من
احصى القليل فشكره، وتجاوز عن الكثير فغفره، بعد ان ستره، ضاعف لي
القليل في طاعتك وتقبله وتجاوز عن الكثير في معصيتك فاغفره، فإنه لا يغفر
العظيم الا العظيم، يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأعني على صلاة الليل وصيام النهار،
وارزقني من الورع ما يحجزني عن معاصيك، واجعل عباداتي لك أيام
حياتي، واستعملني أيام عمري بعمل ترضى به عني، وزودني من الدنيا
التقوى، واجعل لي في لقائك خلفا (1) من جميع الدنيا، واجعل ما بقي من
عمري دركا (2) لما مضى من أجلي.
أيقنت انك أنت ارحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، وأشد
المعاقبين في موضع النكال والنقمة، وأعظم المتجبرين في موضع الكبرياء
والعظمة، فاسمع يا سميع مدحتي، واجب يا رحيم دعوتي، وأقل يا غفور
عثرتي.
فكم يا الهي من كربة فرجتها، وغمرة قد كشفتها، وعثرة قد أقلتها،
ورحمة قد نشرتها، وحلقة بلاء قد فككتها، الحمد لله الذي هدانا لهذا
وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
اللهم واني أشهدك وكفى بك شهيدا، فاشهد لي باني اشهد انك أنت

1 - خلفا - بالتحريك - أي عوضا عظيما في الدنيا والآخرة.
2 - دركا: تبعا.
133

الله الذي لا إله إلا أنت ربي، وأن محمدا رسولك نبيي، وان الدين الذي
شرعت له ديني، وان الكتاب الذي أنزلت عليه كتابي، وان علي بن أبي
طالب امامي، وان الأئمة من آل محمد صلواتك عليه وعليهم أئمتي.
اللهم إني أشهدك وكفى بك شهيدا، فاشهد لي بأنك أنت الله المنعم
علي لا غيرك، لك الحمد بنعمتك تتم الصالحات.
لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده، وتبارك الله وتعالى،
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ولا ملجأ ولا منجا من الله الا إليه،
عدد الشفع والوتر، وعدد كلمات ربي الطيبات المباركات، صدق الله وبلغ
المرسلون ونحن على ذلك من الشاهدين.
اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل النور في بصري، والنصيحة في
صدري، وذكرك بالليل والنهار على لساني، ومن طيب رزقك الحلال غير
ممنون ولا محظور فارزقني.
اللهم إني أسألك خير المعيشة معيشة أقوى بها على جميع حاجاتي،
وأتوسل بها في الحياة إلى آخرتي، من غير أن تترفني (1) فيها فاشقى، وأوسع
علي من حلال رزقك، وافض علي من سيب (2) فضلك، نعمة منك سابغة
وعطاء غير ممنون، ولا تشغلني فيها عن شكر نعمتك علي باكثار منها
فتلهيني (3) عجائب بهجته، وتفتنني زهرات زينته، ولا باقلال منها فيقصر
بعملي كده، ويملأ صدري همه، بل اعطني من ذلك غنى عن شرار
خلقك، وبلاغا أنال به رضوانك، يا ارحم الراحمين.
اللهم إني أعوذ بك من شر الدنيا وشر أهلها (4) وشر ما فيها، ولا تجعل

1 - تترفني: تنعمني.
2 - السيب: الفضل.
3 - تلهيني: تشغلني.
4 - ومن شر أهلها (خ ل).
134

الدنيا علي سجنا، ولا تجعل فراقها لي حزنا، اجرني من فتنتها، واجعل
عملي فيها مقبولا، وسعيي فيها مشكورا، حتى أصل بذلك إلى دار الحيوان
ومساكن الأخيار.
اللهم واني أعوذ بك من ازلها (1) وزلزالها وسطوات سلطانها ومن شر
شياطينها وبغي من بغى علي فيها، فصل على محمد وآله واعصمني
بالسكينة، وألبسني درعك الحصينة، واجنني في سترك الواقي وأصلح لي
حالي، وبارك لي في أهلي وولدي ومالي.
اللهم صل على محمد وآله وطهر قلبي وجسدي، وزك عملي، واقبل
سعيي، واجعل ما عندك خيرا لي، سيدي انا من حبك جائع لا أشبع، انا من
حبك ظمآن لا اروى، وأشوقاه إلى من يراني ولا أراه.
يا حبيب من تحبب إليه، يا قرة عين من لاذ به وانقطع إليه، قد ترى
وحدتي من الآدميين ووحشتي، فصل على محمد وآله واغفر لي وآنس
وحشتي وارحم وحدتي وغربتي.
اللهم انك عالم بحوائجي غير معلم، واسع لها غير متكلف، فصل على
محمد وآله وافعل بي ما أنت اعلم به مني من أمر دنياي وآخرتي.
اللهم عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو عندك، يا أهل التقوى
وأهل المغفرة.
اللهم ان عفوك عن ذنبي وتجاوزك عن خطيئتي، وصفحك عن ظلمي،
وسترك على قبيح عملي، وحلمك عن كبير جرمي، عندما كان من خطاي
وعمدي، اطمعني في أن أسألك ما لا استوجبه منك، الذي رزقتني من
رحمتك، واريتني من قدرتك، وعرفتني من اجابتك.
فصرت أدعوك آمنا وأسألك مستأنسا، لا خائفا ولا وجلا، مدلا (2) عليك

1 - ازلها: ضيقها.
2 - تدلل عليه: انبسط واجترء.
135

فيما قصدت فيه إليك، فان ابطأ عني عتبت عليك بجهلي، ولعل الذي أبطأ
عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور.
فلم أر مولى كريما اصبر على عبد لئيم منك لئيم علي يا رب، انك تدعوني
فأولي عنك، وتتحبب إلي فأتبغض إليك، وتتودد إلي فلا اقبل منك، وكأن
لي التطول عليك، ولم يمنعك ذلك من الرحمة لي والاحسان إلي والتفضل
علي بجودك وكرمك، فصل على محمد وآله وارحم عبدك الجاهل، وعد
عليه بفضل احسانك، انك جواد كريم، اي جواد اي كريم (1).
ثم تقول:
بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله بسم الله، بسم عالم الغيب، بسم
من ليس في وحدانيته شك ولا ريب، بسم من لا فوت عليه ولا رغبة الا إليه،
بسم المعلوم غير المحدود والمعروف غير الموصوف، بسم من أمات وأحيى،
بسم من له الآخرة والأولى، بسم العزيز الأعز، بسم الجليل الاجل.
بسم المحمود غير المحمود المستحق له على السراء والضراء، بسم
المذكور في الشدة والرخاء، بسم المهيمن (2) الجبار، بسم الحنان المنان،
بسم العزيز من غير تعزز والقدير من غير تقدر، بسم من لم يزل ولا يزول، بسم
الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم (3).
ثم تقول:
اللهم صل على محمد وآله واصلحني قبل الموت، وارحمني عند
الموت، واغفر لي بعد الموت، اللهم صل على محمد وآله واحطط عنا
اوزارنا بالرحمة، وارجع بمسيئنا (4) إلى التوبة.

1 - عنه البحار 97: 336 - 339.
2 - المهيمن: المؤمن، أو الشاهد، أو القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم.
3 - عنه البحار 97: 339.
4 - مسيئنا، بمشيتنا (خ ل).
136

اللهم ان ذنوبي قد كثرت وجلت عن الصفة، وانها صغيرة في جنب
عفوك، فصل على محمد وآله واعف عني، اللهم ان كنت ابتليتني فصبرني
والعاقبة أحب إلي.
اللهم صلى على محمد وآله وحسن ظني بك وحققه، وبصر فعلي،
وأعطني من عفوك بمقدار املي ولا تجازني بسوء عملي فتهلكني، فان
كرمك يجل عن مجازات من أذنب وقصر وعاند، واتاك عائذا بفضلك،
هاربا منك إليك، متنجزا ما (1) وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا.
اللهم صل على محمد وآله واغفر لي والجلد بارك (2) والنفس دائر،
واللسان منطلق، والصحف منشرة، والأقلام جارية، والتوبة مقبولة، والتضرع
مرجو، قبل ان لا أقدر على استغفارك حين يفنى الأجل وينقطع العمل.
اللهم صل على محمد وآله وتولنا ولا تولنا غيرك، أستغفرك الله استغفارا
لا يقدر قدره ولا ينظر أمده الا المستغفر به، ولا يدري ما وراءه، ولا وراء
ما وراءه، والمراد به أحد سواه.
اللهم إني أستغفرك لما وعدتك من نفسي ثم أخلفتك، وأستغفرك لما
تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لكل خير أردت به وجهك ثم
خالطني فيه ما ليس لك، وأستغفرك لكل نعمة أنعمت بها علي ثم قويت
بها على معصيتك (3).
دعاء آخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا أخل شهر رمضان يقول:
اللهم انه قد دخل شهر رمضان، اللهم رب شهر رمضان الذي أنزلت فيه

1 - مستجيرا بما، مستنجزا (خ ل).
2 - الجلد بارد (خ ل)، أقول: برك بروكا: اجتهد، الجلد بارد: أي وما عرضت عليه بعد السخونة وهي الحمى فإنها
بريد الموت عندهم.
3 - عنه البحار 97: 339.
137

القرآن وجعلته بينات من الهدى والفرقان، اللهم فبارك لنا في شهر رمضان،
وأعنا على صيامه وصلاته وتقبله منا (1).
فصل (15)
فيما نذكره من دعاء الافتتاح وغيره من الدعوات التي تتكرر كل ليلة إلى آخر شهر الفلاح
فمن ذلك الدعاء الذي ذكره محمد بن أبي قرة باسناده فقال: حدثني أبو الغنائم
محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله الحسني قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمد بن نصر
السكوني رضي الله عنه، قال:
سألت أبا بكر أحمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه الله ان يخرج إلي أدعية شهر
رمضان التي كان عمه أبو جعفر محمد بن عثمان بن السعيد العمري رضي الله عنه وارضاه
يدعو بها، فاخرج إلي دفترا مجلدا بأحمر، فنسخت منه أدعية كثيرة وكان من جملتها:
وتدعو بهذا الدعاء في كل ليلة من شهر رمضان، فان الدعاء في هذا الشهر تسمعه
الملائكة وتستغفر لصاحبه، وهو:
اللهم إني افتتح الثناء بحمدك وأنت مسدد للصواب بمنك، وأيقنت
انك ارحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، وأشد المعاقبين في موضع
النكال والنقمة، وأعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة.
اللهم أذنت لي في دعائك ومسألتك، فاسمع يا سميع مدحتي، واجب
يا رحيم دعوتي، وأقل يا غفور عثرتي، فكم يا الهي من كربة قد فرجتها،
وهموم (2) قد كشفتها، وعثرة قد أقلتها، ورحمة قد نشرتها، وحلقة بلاء قد
فككتها.
الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك
ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، الحمد لله بجميع محامده كلها على

1 - عنه البحار 97: 340.
2 - غموم (خ ل).
138

جميع نعمه كلها.
الحمد لله الذي لا مضاد له في ملكه ولا منازع له في امره، الحمد لله
الذي لا شريك له في خلقه ولا شبيه (1) له في عظمته.
الحمد لله الفاشي في الخلق امره وحمده، الظاهر بالكرم مجده، الباسط
بالجود يده، الذي لا تنقص خزائنه (ولا تزيده كثرة العطاء الا جودا وكرما) (2)
انه هو العزيز الوهاب، اللهم إني أسألك قليلا من كثير مع حاجة بي إليه
عظيمة، وغناك عنه قديم وهو عندي كثير، وهو عليك سهل يسير.
اللهم ان عفوك عن ذنبي وتجاوزك عن خطيئتي وصفحك عن ظلمي
وسترك على قبيح علمي (3) وحلمك عن كثير (4) جرمي عندما كان من خطاي
وعمدي، اطمعني في أن أسألك ما لا استوجبه منك الذي رزقتني من
رحمتك واريتني من قدرتك، وعرفتني من اجابتك.
فصرت أدعوك آمنا وأسألك مستأنسا، لا خائفا ولا وجلا، مدلا عليك فيما
قصدت فيه (5) إليك، فان أبطأ عني (6) عتبت بجهلي عليك، ولعل الذي أبطأ
عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور.
فلم أر مولى (7) كريما اصبر على عبد لئيم منك علي يا رب، انك تدعوني
فأولي عنك وتتحبب إلي فأتبغض إليك وتتودد إلي فلا أقبل منك، كأن لي
التطول عليك، فلم يمنعك (8) ذلك من الرحمة لي والاحسان إلي والتفضل
علي بجودك وكرمك، فارحم عبدك الجاهل وجد عليه بفضل احسانك،

1 - شبه (خ ل).
2 - ليس في بعض النسخ.
3 - عن قبيح عملي، علي قبيح عملي (خ ل).
4 - كبير (خ ل).
5 - به (خ ل).
6 - ابطأ علي (خ ل).
7 - مؤملا (خ ل).
8 - ثم لم يمنعك (خ ل).
139

انك جواد كريم.
الحمد لله مالك الملك مجري الفلك مسخر الرياح فالق الاصباح ديان
الدين رب العالمين، الحمد لله على حلمه بعد علمه، الحمد لله (1) على عفوه
بعد قدرته، الحمد لله على طول أناته في غضبه وهو القادر على ما يريد.
الحمد لله خالق الخلق باسط الرزق (2) ذي الجلال والاكرام والفضل
والانعام (3)، الذي بعد فلا يرى وقرب فشهد النجوى تبارك وتعالى، الحمد لله
الذي ليس منازع يعادله ولا شبيه يشاكله ولا ظهير (4) يعاضده، قهر بعزته
الأعزاء وتواضع لعظمته العظماء، فبلغ بقدرته ما يشاء.
الحمد لله الذي يجيبني حين أناديه، ويستر علي كل عورة وانا أعصيه،
ويعظم النعمة علي فلا أجازيه، فكم من موهبة هنيئة قد أعطاني، وعظيمة
مخوفة قد كفاني، وبهجة مونقة قد أراني، فاثني عليه حامدا واذكره مسبحا.
الحمد لله الذي لا يهتك حجابه ولا يغلق بابه، ولا يرد سائله ولا يخيب.
آمله، الحمد لله الذي يؤمن الخائفين وينجي الصالحين ويرفع
المستضعفين، ويضع المستكبرين، ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين.
والحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين (6)، مدرك الهاربين، نكال
الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين، معتمد المؤمنين،
الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف (7) الأرض وعمارها
وتموج البحار ومن يسبح في غمارتها (8).

1 - في المواضع الثلاثة: والحمد لله (خ ل).
2 - باسط الرزق فالق الاصباح (خ ل).
3 - التفضل والانعام (خ ل)، الاحسان (خ ل).
4 - شبه، ظهر (خ ل).
5 - المبير: المهلك.
6 - ينجي الصادقين (خ ل)، يضع المستكبرين (خ ل)، مبير الظلمة (خ ل).
7 - رجف: تحرك.
8 - زيادة: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدينا الله (خ ل).
140

الحمد لله الذي يخلق ولم يخلق، ويرزق ولم يرزق، ويطعم ولا يطعم،
ويميت الاحياء ويحيي الموتى، وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على
كل شئ قدير.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وأمينك وصفيك وحبيبك (1)،
وخيرتك من خلقك، وحافظ سرك، ومبلغ رسالاتك (2)، أفضل وأحسن
وأجمل، وأكمل وأزكى وانمى، وأطيب وأطهر وأسنى، وأكثر (3) ما صليت
وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على أحد من عبادك (4) وأنبيائك ورسلك
وصفوتك وأهل الكرامة عليك من خلقك.
اللهم صل على علي أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين (عبدك
ووليك وأخي رسولك وحجتك على خلقك وآيتك الكبرى والنبأ العظيم) (5)،
وصل على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وصل على سبطي
الرحمة وامامي الهدى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وصل
على أئمة المسلمين، علي بن الحسين ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد،
وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد،
والحسن بن علي، والخلف المهدي، حججك على عبادك وأمنائك في
بلادك صلاة كثيرة دائمة.
اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل والعدل المنتظر وحفه (6)
بملائكتك المقربين وأيده بروح القدس يا رب العالمين، اللهم اجعله الداعي

1 - خليلك (خ ل).
2 - رسالتك (خ ل).
3 - أكبر (خ ل).
4 - خلقك (خ ل).
5 - ليس في بعض النسخ.
6 - احففه (خ ل).
141

إلى كتابك والقائم بدينك، (و) (1) استخلفه في الأرض استخلفت الذين
من قبله، مكن له دينه ارتضيته له، أبدله من بعد خوفه أمنا يعبدك
لا يشرك بك شيئا.
اللهم اعزه واعزز به، وانصره وانتصر به، وانصره نصرا عزيزا (2)، اللهم أظهر
به دينك وسنة نبيك، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من
الخلق.
اللهم انا نرغب إليك في دولة كريمة، تعز بها الاسلام وأهله، وتذل بها
النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك،
وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه وما قصرنا
عنه فبلغناه (3).
اللهم المم به شعثنا (4)، واشعب به صدعنا (5)، وارتق به فتقنا، كثر به قلتنا،
وأعز (6) به ذلتنا، واغن بن عائلنا، واقض به عن مغرمنا، واجبر به فقرنا، وسد
به خلتنا، ويسر به عسرنا، وبيض به وجوهنا، وفك به أسرنا، وانجح به
طلبتنا، وانجز به مواعيدنا، واستجب به دعوتنا، وأعطنا به آمالنا (7)، وأعطنا به
فوق رغبتنا.
يا خير المسؤولين وأوسع المعطين، اشف به صدورنا، واذهب به غيظ
قلوبنا، واهدنا به لما اختلف فيه من الحق باذنك، انك تهدي من تشاء إلى
صراط مستقيم، وانصرنا به على عدوك وعدونا اله الحق آمين.

1 - ليس في بعض النسخ.
2 - وافتح له فتحا يسيرا (مبينا) واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا (خ ل).
3 - واهدنا لما اختلف فيه من الحق باذنك، انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (خ ل).
4 - شعث الشئ: فرقه.
5 - الصدع: الشق في شئ صلب.
6 - أعزز (خ ل).
7 - إعطنا به سؤلنا وبلغنا به من الدنيا والآخرة آمالنا (خ ل).
142

اللهم انا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه وآله وغيبة امامنا (1) وكثرة
عدونا (2)، وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا، فصل على محمد وآل محمد (3)
وأعنا على ذلك بفتح تعجله (4)، وبضر تكشفه، ونصر تعزه، وسلطان حق تظهره
ورحمة منك تجللناها، وعافية تلبسناها، برحمتك يا ارحم الراحمين (5).
دعاء آخر في كل ليلة منه:
اللهم برحمتك في الصالحين فأدخلنا، وفي عليين فارفعنا، وبكأس من
معين من عين سلسبيل فاسقنا، ومن الحور العين برحمتك فزوجنا، ومن
الولدان المخلدين، كأنهم لؤلؤ مكنون فخدمنا، ومن ثمار الجنة والحوم الطير
فاطعمنا، ومن ثياب السندس والحرير والإستبرق فألبسنا، وليلة القدر وحج
بيتك الحرام وقتلا في سبيلك فوفق لنا، وصالح الدعاء والمسألة فاستجب
لنا.
يا خالقنا اسمع واستجب لنا، وإذا جمعت الأولين والآخرين يوم القيامة
فارحمنا، وبراءة من النار فاكتب لنا، وفي جهنم فلا تجعلنا، وفي عذابك
وهوانك فلا تبتلنا، ومن الزقوم والضريع فلا تطعمنا، ومع الشياطين
فلا تجمعنا، وفي النار على وجوهنا فلا تكبنا (6)، ومن ثياب النار وسرابيل
القطران فلا تلبسنا، ومن كل سوء يا لا إله إلا أنت بحق لا إله إلا أنت فنجنا.
دعاء آخر في كل ليلة من الشهر:
رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه (7) قال: أخبرنا أبي، عن سعد بن

1 - ولينا (خ ل).
2 - وقلة عددنا (خ ل).
3 - آله (خ ل).
4 - بفتح منك تعجله (خ ل).
5 - رواه في المصباح 2: 577 - 582.
6 - كب الاناء، قلبه على رأسه.
7 - أبي جعفر محمد بن قولويه (خ ل).
143

عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عمن ذكره، عن بعض آل محمد
عليه وعليهم السلام أنه قال:
من قال هذا الدعاء في كل ليلة من شهر رمضان غفرت له ذنوب أربعين سنة:
اللهم رب شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن، وافترضت على عبادك
فيه الصيام، صل على محمد وآل محمد وارزقني حج بيتك الحرام في
عامي هذا وفي كل عام، واغفر لي تلك الذنوب العظام، فإنه لا يغفرها
غيرك يا رحمن يا علام (1).
دعاء آخر في كل ليلة منه:
رويناه بإسنادنا إلى ابن بابويه يرفعه إلى الصادق عليه السلام في الدعاء في كل
ليلة من شهر رمضان:
اللهم إني أسألك (2) فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم [وفيما تفرق] (3)
من الأمر الحكيم، في القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، ان تكتبني من حجاج
بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المكفر
عنهم سيئاتهم، واجعل فيما تقضي وتقدر (من الامر المحتوم في الامر
الحكيم (4)، في القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، ان تصلي على محمد وآل محمد
و) (5) ان تطيل عمري [وان توسع لي في رزقي وان تفك رقبتي من النار،
يا ارحم الراحمين] (6 - 7).
دعاء آخر في كل ليلة منه:

1 - رواه الصدوق في الهداية مرسلا عن الصادق (ع)، عنه البحار 96: 311، وليس فيه: (يا علام).
2 - ان تجعل (خ ل).
3 - من الفقيه.
4 - في ليلة القدر (خ ل).
5 - ليس في الفقيه، وفيه: ان تمد لي في عمري.
6 - من الفقيه.
7 - ذكره الصدوق في الفقيه 2: 162، أقول أورده الصدوق في سياق أدعية ليالي العشر الأواخر وفي أدعية ليلة الثالثة
منه.
144

نرويه بإسنادنا إلى ابن أبي عمير باسناده إلى الصادق عليه السلام قال: الدعاء في
شهر رمضان في كل ليلة منه، تقول هذا الدعاء:
اللهم إني أسألك ان تجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم في
الأمر الحكيم، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، ان تكتبني من حجاج بيتك
الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم
سيئاتهم، وان تجعل فيما تقضي وتقدر، ان تطيل عمري في خير وعافية،
وتوسع في رزقي، وتجعلني ممن تنتصر به لدينك، ولا تستبدل بي غيري (1).
فصل (16)
فيما نذكره من الدعوات المنقولات التي تختص بأول ليلة منه، من جملة الفصول الثلاثين
وهي عدة روايات:
منها: باسناد ابن أبي قرة إلى الصادق عليه السلام قال: إذا كان أول ليلة من شهر
رمضان فقل:
اللهم رب شهر رمضان منزل القرآن، هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه
القرآن وجعلت فيه بينات من الهدى والفرقان، اللهم ارزقنا صيامه وأعنا
على قيامه، اللهم سلمه لنا وسلمنا منه وتسلمه منا، في يسر منك ومعافاة (2).
واجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم، وفيما تقدر من الأمر
الحكيم في ليلة القدر، القضاء المبرم الذي لا يرد ولا يبدل، ان تكتبني
من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم،
المكفر عنهم سيئاتهم، واجعل فيما تقضي وتقدر ان تطيل عمري، وتوسع
علي من الرزق الحلال (3).

(1) أورده الكليني في الكافي 4: 161 مع اختلافات، والشيخ في التهذيب 3: 102، وفي مصباحه: 630.
(2) عافية (خ ل)، معافاتك (خ ل).
(3) رواه الكليني في الكافي 4: 71 مع اختلاف، عنه الوسائل 10: 322.
145

دعاء آخر في هذه الليلة:
رواه ابن أبي قرة باسناده إلى الصادق عليه السلام قال: إذا حضر شهر رمضان
فقل:
اللهم قد حضر شهر رمضان، وقد افترضت علينا صيامه، وأنزلت فيه
القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، اللهم فصل على محمد
وآله وأعنا على صيامه، وتقبله منا، وسلمنا منه وتسلمه منا، في يسر منك
وعافية (1)، انك على كل شئ قدير يا ارحم الراحمين (2).
ورواية أخرى:
ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يدعو أول ليلة من شهر رمضان بهذا الدعاء:
الحمد لله الذي أكرمنا بك أيها الشهر المبارك، اللهم فقونا على صيامنا
وقيامنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم أنت الواحد فلا ولد لك، وأنت الصمد فلا شبه لك، وأنت العزيز
فلا يعزك شئ، وأنت الغني وانا الفقير، وأنت المولى وانا العبد، وأنت
الغفور وانا المذنب، وأنت الرحيم وانا المخطئ، وأنت الخالق وانا
المخلوق، وأنت الحي وانا الميت، أسألك رحمتك ان تغفر لي وترحمني
وتتجاوز عني، انك على كل شئ قدير (3).
رواية أخرى في الليلة الأولى منه، وجدناها في كتب الدعوات:
اللهم إني أسألك سؤال المسكين المستكين، وابتغي إليك ابتغاء
البائس الفقير، وأتضرع إليك تضرع الضعيف الضرير، وابتهل إليك ابتهال
المذنب الذليل.
وأسألك مسألة من خضعت لك نفسه، وذلت لك رقبته، ورغم لك انفه

1 - في يسر وعافية (خ ل).
2 - رواه الكليني في الكافي 4: 74 في أدعية كل يوم من شهر رمضان، عنه الوسائل 10: 325.
3 - عنه المستدرك 7: 446.
146

وعفر (1) لك وجهه، وسقطت لك ناصيته، وهملت (2) لك دموعه، واضمحلت
عنه حيلته، وانقطعت عنه حجته، وضعفت عنه قوته، واشتدت فاقته،
وعظمت ندامته، فصل على محمد وآل محمد وارحم المضطر إليك المحتاج
إلى رحمتك بحقك العظيم.
يا عظيم يا عظيم يا عظيم، صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي
ولكافة المؤمنين والمؤمنات، وأعطني في مجلسي هذا فكاك رقبتي من
النار، وأوسع علي من رزقك الحلال المفضل، وأعطني من خزائنك،
وبارك لي في أهلي ومالي وجميع ما رزقتني.
وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا في أوسع السعة واسبغ
النفقة، واجعل ذلك مبرورا مقبولا خالصا لوجهك الكريم يا كريم يا كريم
يا كريم.
ثم ارزقني الحج والعمرة في كل عام ما أبقيتني وادرر (3) علي من رزقك
الحلال في سعة من فضلك وزيادة من رحمتك وتمام من نعمتك وكمال من معافاتك.
يا كريم يا كريم يا كريم اكفني مؤونة نفسي وأهلي وعيالي ومؤونة من
يؤذيني وتجارتي (4) وغرمائي وجميع ما أحاذر، واكفني مؤونة خلقك أجمعين،
واكفني شر فسقة الجن والإنس، وشر فسقة العرب والعجم، وشر الصواعق
والبرد، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، انك على صراط مستقيم.
يا كريم يا كريم يا كريم، صل على محمد وآل محمد وهب لي حقك،
صل على محمد وآل محمد وهب لي حقك، صل على محمد وآل محمد

1 - عفر: مرغ وجهه في التراب.
2 - هملت عينه: فاضت دموعا.
3 - ادرر: أكثر وأوسع.
4 - تجارتي (خ ل).
147

وهب لي حقك، وصل على محمد وآل محمد وبارك لي فيما آتيتني وهب
لي من لدنك رحمة انك أنت الوهاب، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته
وسلم - وتدعو وتسأل حوائجك. (1)
فصل (17)
فيما نذكره مما يعمل ليلة من الشهر، للظفر بليلة القدر
اعلم انني أقول: إن
طلب معرفة ليلة القدر من مهمات ذوي الألباب (2)، حيث لم أجد في المعقولات
والمنقولات ما يمنع من طلب معرفتها، والظفر بما فيها من السعادات.
ولقد قلت لبعض من حدثته من الأعيان: لأي سبب ما تطلبون من أول شهر
رمضان في الدعوات ان يعرفكم الله جل جلاله بليلة القدر، فان الله جل جلاله قد
جعلكم أهلا لمعرفته جل جلاله، ومعرفة رسوله صلوات الله عليه، ومعرفة خاصته،
وليست ليلة القدر أعظم مما قد أشرت إليه من المعارف، فلم نجد له عذرا يعذر به من
ترك طلب هذه السعادة الا اتباع العادة، في أنهم ما وجدوا من يهتم بهذا المطلب الجليل
فقلدوهم ومضوا على ذلك السبيل.
ثم قلت: وقد عرفتم انه لو قال من يعلم صدقه في مقاله لفقير محتاج إلى اصلاح
حاله: ان في ثلاثين ذراعا ذراعا، فيه مطلب يغني كل فقير ويجبر كل كسير، ولا يفني
على كثرة الانفاق، فإنه كان يجتهد من معرفة ذلك الذراع ويستعين بأهل الوفاق،
ويطوف في معرفته ما يقدر على تطوافه في الآفاق، فهذه ليلة القدر، ليلة من جملة ثلاثين،
ليلة من شهر الصيام، فلأي حال لا يكون الاهتمام بتحصيلها من أعظم الاهتمام.
أقول: وقد ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي في تفسير (انا أنزلناه في ليلة القدر) في
كتاب التبيان ما هذا لفظه:

1 - مر هذا الدعاء في أدعية نوافل شهر رمضان.
2 - في النسخ: العبادات، ما أثبتناه هو الظاهر.
148

وليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان بلا خلاف، وهي ليلة الافراد
بلا خلاف، وقال أصحابنا: هي إحدى الليلتين: اما ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث
عشرين، جوز قوم أن يكون سائر ليالي الافراد: إحدى وعشرين وثلاث وعشرين
وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين (1).
قلت: وإذا كان الأمر كما ذكره انها في الأواخر وانها في المفردات منها، فقد
صارت ليلة القدر في إحدى خمس ليال المذكورة، فماذا يمنع من الاهتمام بكل طريق
مشكورة في تحصيل ليلة القدر بالله جل جلاله في هذه الخمس ليال مذكورة، وأي عذر
في اهمال ذلك وهو من الضرورة.
أقول: ولولا اذن الله جل جلاله في التعريف بها والتعرض لها ما كانت الاخبار
واردة بالتوصل في طلبها.
فمن ذلك ما رواه أبو جعفر بن بابويه في كتاب أماليه فقال ما هذا لفظه: قال رجل
لأبي جعفر عليه السلام: يا بن رسول الله كيف اعرف ليلة القدر تكون في كل سنة؟
قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرء سورة الدخان كل ليلة مأة مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث
وعشرين، فإنك ناظر إلى تصديق الذي سئلت عنه (2).
وقال: عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: إذا أتى شهر
رمضان فاقرء كل ليلة (انا أنزلناه في ليلة القدر) الف مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث
وعشرين، فاشدد قلبك وافتح اذنيك لسماع العجائب ما ترى. (3)
أقول: وقد كنت أجد الروايات متظاهرات بتعظيم هذه الثلاث ليال المفردات: ليلة
تسع عشرة واحدى وعشرين وثلاث وعشرين، فربما اعتقدت ان تعظيمها لمجرد احتمال
أن تكون واحدة منها ليلة القدر، ثم وجدت في الاخبار ان كل ليلة من هذه الثلاث
ليال المذكورة فيها اسرار لله جل جلاله وفوائده لعباده مذخورة.

1 - التبيان 10: 385.
2 - رواه الصدوق في الأمالي: 520، رواه الكليني في الكافي 1: 196، عنه الوسائل 10: 362.
3 - رواه الصدوق في الأمالي: 520.
149

فمن ذلك ما رويته باسنادي إلى الشيخ محمد بن يعقوب الكليني فيما رواه في كتاب
الصوم من كتاب الكافي فقال باسناده عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
التقدير في ليلة تسع عشرة، والابرام في ليلة إحدى وعشرين، والامضاء في ليلة ثلاث
وعشرين. (1)
وروى ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه في ذلك ما هذا لفظه: وقال
الصادق عليه السلام: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى
وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين ابرام ما يكون في السنة إلى مثلها، ولله عز
وجل ان يفعل ما يشاء في خلقه. (2)
وسوف يوجد في الاخبار ان مولانا زين العابدين صلوات الله عليه كان يتصدق كل
يوم من شهر الصيام بدرهم، رجاء ان يظفر بالصدقة في ليلة القدر.
كما رويناه ورأيناه في كتاب علي بن إسماعيل الميثمي في كتاب أصله عن علي بن
الحسين عليهما السلام: كان إذا دخل شهر رمضان تصدق في كل يوم بدرهم، فيقول:
لعلي أصيب ليلة القدر. (3)
أقول: اعلم أن مولانا زين العابدين عليه السلام كان اعرف أهل زمانه بليلة القدر،
وهو صاحب الأمر في ذلك العصر والمخصوص بالاطلاع على ذلك السر.
ولعل المراد بصدقته كل يوم من الشهر ليقتدي به من لم يعلم ليلة القدر في فعل
الصدقات والقربات كل يوم من شهر رمضان، ليظفر بليلة القدر ويصادفها بالصدقة
وفعل الاحسان.
أقول: ولعل مراد مولانا علي بن الحسين عليهما السلام اظهار ان يتصدق كل يوم
بدرهم، ليستر عن الأعداء نفسه، بأنه ما يعرف ليلة القدر، لئلا يطلبوا منه تعريفهم بها،
فقد كان في وقت تقية من ولاية بني أمية.

1 - رواه الكليني في الكافي 4: 156، عنه الوسائل 10: 354.
2 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 156، والكليني في الكافي 4: 160، عنهما الوسائل 10: 357.
3 - عنه البحار 98: 82.
150

أقول: ولعل مراده عليه السلام ان يخذل أعداءه أن يعلموا على ما ظهر من شيعته،
من أن ليلة القدر في إحدى ثلاث ليال: تسع عشرة منه، أو إحدى وعشرين، أو ثلاث
وعشرين، عقوبة للأعداء لعداوتهم.
أقول: ولو أردنا ذكر جميع ما وقفنا عليه من الأحاديث بعلم النبي صلى الله عليه
وآله، وعلم الأئمة صلوات الله عليهم بليلة القدر كنا قد أطلنا، ولكنا نذكر ثلاث
أحاديث:
منها: ما رواه محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الحجة من كتاب الكافي فيما رواه
باسناده عن أبي جعفر عليه السلام، ذكرنا منه موضع المراد بلفظه عليه السلام: انه
ينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا
وكذا، وفي أمر الناس بكذا وبكذا. (1)
ومنها: باسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة (انا
أنزلناه) تفلحوا، فوالله انها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله
عليه وآله، وانها لسيدة (2) دينكم وانها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا ب‍ (حم
والكتاب المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين)، فإنها لولاة الأمر خاصة بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله - ثم ذكر تمام الحديث. (3)
ومنها: باسناده من جملة حديث طويل جليل، نذكر منه موضع الحاجة، عن أبي
جعفر عليه السلام ما هذا لفظه: إنما يأتي الأمر من الله في ليال القدر إلى النبي صلى
الله عليه وآله والى الأوصياء عليهم السلام: افعل كذا وكذا. (4)
أقول: واعلم أن القاء هذه الاسرار في السنة إلى ولي الأمر ما هو من الوحي، لأن
الوحي انقطع بوفاة النبي صلى الله عليه وآله، إنما هو بوجه من وجوه التعريف يعرفه

1 - رواه الكليني في الكافي 1: 248.
2 - لسدة (خ ل).
3 - الكافي 1: 249.
4 - الكافي 1: 252.
151

من يلقى إليه صلوات الله عليه، وقد قال جل جلاله: (وإذ أوحيت إلى الحواريين) (1)، وقال
تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى) (2)، وقال جل جلاله: (وإذ أوحى ربك إلى النحل) (3)، ولكل
منها تأويل غير الوحي النبوي.
فصل (18)
فيما نذكره من الرواية بعلامات ليلة القدر
اعلم اننا لما رأينا الروايات بذلك منقولة، وان امكان الظفر بليلة القدر من الأمور
المعقولة، اقتضى ذلك ذكر طرف من الروايات ببعض علامات ليلة القدر، والتنبيه
على وقت ما يرجى لها من السعادات.
فمن ذلك: ما ذكره محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الصوم باسناده إلى محمد بن
مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن علامة ليلة القدر، فقال: علامتها ان
تطيب ريحها، وإن كانت في برد دفئت (4)، وإن كانت في حر بردت وطابت (5).
وقد روى هذا الحديث أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه (6).
ومن ذلك: ما رواه علي بن الحسن بن فضال في كتاب الصوم فقال باسناده إلى
عبد الأعلى قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: انهم يقولون انها لا ينبح (7) فيها كلب،
فبأي شئ تعرف؟ قال: إن كانت في حر كانت باردة طيبة، وإن كانت في شتاء
كانت دفيئة لينة.
ومن ذلك أيضا ما رواه علي بن الحسن بن فضال في كتابه، باسناده إلى حماد بن

1 - المائدة: 111.
2 - القصص: 7.
3 - النحل: 68.
4 - دفئت: سخنت.
5 - الكافي 4: 157، عنه الوسائل 10: 350، رواه المستدرك 7: 475، عن كتاب العلاء بن رزين: 155.
6 - الفقيه 2: 159.
7 - نبح الكلب: صات.
152

عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر ليلة القدر، قال: في الشتاء تكون
دفيئة، وفي الصيف تكون ريحه طيبة.
ومن ذلك من الجزء الخامس من كتاب أسماء رجال أبي عبد الله عليه السلام عن
إسماعيل بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: ليلة القدر ليلة
بلجة (1)، لا حارة ولا باردة، ونجومها كالشمس الضاحية.
أقول: ورأيت من غير طريق أهل البيت علامات أيضا وامارات لليلة القدر:
فمن ذلك ما ذكره شهردار بن شيرويه الديلمي في كتاب الفردوس من نحو النصف
من المجلد الثاني، عن ابن عباس فقال: ليلة القدر ليلة طلقة، لا حارة ولا باردة، يصبح
الشمس من يومها حمراء ضعيفة.
أقول: فهذا ما أردنا الاقتصار عليه من علامات ليلة القدر، كما دلت الرواية عليه،
وهذه الإشارات إلى العلامات تدلك على الاذن في تحصيل ليلة القدر وطلبها، وتقوي
عزم الرجاء في الظفر بها.
أقول: ورأيت في كراريس عتيقة وصلت إلينا، قالبها أصغر من الثمن، أولها صلاة
ليلة الاثنين، وفيها منسك، وليس عليها اسم مصنفها، لأنه قد سقط منها قوائم، ما هذا لفظه:
صلاة يرى بها ليلة القدر: روي عن عبد الله بن عباس أنه قال: يا رسول الله طوبى
لمن رأى ليلة القدر، فقال له: يا بن عباس ألا أعلمك صلاة إذا صليتها رأيت بها ليلة
القدر، كل ليلة عشرين مرة وأفضل، فقال: علمني صلى الله عليه، فقال له:
تصلي أربع ركعات في تسليمة واحدة ويكون بعد العشاء الأولى وتكون قبل الوتر،
فالركعة الأولى فاتحة الكتاب و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، و (قل هو الله أحد)
ثلاث مرات، وفي الثانية فاتحة الكتاب، و (قل يا أيها الكافرون) ثلاث مرات، و (قل هو الله
أحد) ثلاث مرات، وفي الثالثة والرابعة مثل ذلك، فإذا سلمت تقول ثلاث عشر مرة:
استغفر الله.

1 - بلج الصبح: أضاء وأشرق.
153

فوحق من بعثني بالحق نبيا من صلى هذه الصلاة وسبح في آخرها ثلاث عشر مرة،
واستغفر الله، فإنه يرى ليلة القدر كلما صلى بهذه الصلاة ويوم القيامة يشفع في سبعمأة
الف من أمتي، وغفر الله له ولوالديه إن شاء الله تعالى.
فصل (19)
فيما نذكره من أسباب العناية بمن يراد تعريفه بليلة القدر
اعلم أن الله جل جلاله قادر ان يعرف بليلة القدر من يشاء كما يشاء وبما يشاء،
فلا تلزم هذا العلامة من التعريف، واطلب زيادة الكشف من المالك الرحيم الرؤوف
اللطيف، فإنني عرفت وتحققت من بعض من أدركته انه كان يعرف ليلة القدر كل
سنة على اليقين.
وإذا جاز (1) من لا يتمكن من التلفظ في الأدعية بطلبها في باقي الشهر، بل يصرف
لسانه وقلبه عن الاختبار الذي كان عليه قبل الظفر بها، وهي رحمة أدركته من رب
العالمين، وليست بأعظم من رحمة الله جل جلاله بمعرفة ذاته المقدسة وصفاته المنزهة
ومعرفة سيد المرسلين وخواص عترته الطاهرين.
وإياك ان تكذب بما لم تحط به علما من فضل الله جل جلاله العظيم، فتكون كما
قال الله جل جلاله: (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم) (2)، فكل المعلومات لم تكن
محيطا بها ثم علمت بعد الاستبعاد لها.
ولو قال لك قائل: انه رأى ترابا يمشي على الأرض باختياره، ويحيط بعلوم كثيرة في
اسراره، ويغلب من هو أقوى منه مثل السبع والفيل، والأمور التي يتمكن منها ابن آدم
في اقتداره، كنت قد استبعدت هذا القول من قائله، وتطلعت إلى تحقيقه ودلائله، فإذا
قال لك: هذا التراب الذي أشرت إليه هو أنت على اليقين، فإنك تعلم انك من تراب
وتعود إلى تراب، وإنما صرت كما أنت بقدرة رب العالمين، فذلك الذي أقدرك مع

1 - كذا.
2 - الأحقاف: 11.
154

استبعاد قدرتك، هو الذي يقدر غيرك على ما لم تحط به علما بفطنتك.
يقول السيد الإمام العامل الفقيه الكامل، العلامة الفاضل، رضي الدين ركن
الاسلام جمال العارفين، أنموذج السلف الطاهر، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن
محمد بن محمد الطاووس العلوي الفاطمي - منصف هذا الكتاب -:
وسأذكر بعض ما وقفت عليه من اختلاف رواية المسلمين في ليلة القدر (1)، ليعرف
الطالب لها من أين يطلبها، وليعلم المدرك لها قدر منة الله جل جلاله في الظفر بها.
فمن الاختلاف فيها ما ذكره محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني (2) في الجزء الثالث
من كتاب دستور المذكورين ومنشور المتعبدين، وروي فيه عن أنس، عن النبي صلى
الله عليه وآله: التمسوا ليلة القدر في أول ليلة من شهر رمضان أو في تسع أو في أربع عشرة
أو إحدى وعشرين أو في آخر ليلة منه.
وفي رواية عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله: انها في العشر الأول منه.
وفي رواية عنه عليه السلام: انها في ليلة سبع عشرة.
وفي رواية عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله: انها ليلة إحدى وعشرين
ويومها، وليلة اثنين وعشرين ويومها، وليلة ثلاث وعشرين ويومها.
وفي رواية عن بلال، عن النبي صلى الله عليه وآله: انها ليلة أربع وعشرين.
وفي رواية المديني عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله: انها في
العشر الأواخر.
وفي رواية عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وآله: التمسوها في
التاسعة والسابعة والخامسة.
وفي رواية النبي صلى الله عليه وآله: التمسوها في في سبع بقين أو خمس بقين أو
ثلاث بقين.
وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله: انها سبع وعشرين.

1 - في تقديم بعض الروايات على بعض منها وتأخيره منه هنا اختلاف في بعض النسخ، لكن لم يسقط منه شئ.
2 - المدني (خ ل).
155

وفي رواية عن عبادة بن الصامت، عنه عليه السلام: انها في خمس وعشرين، أو
سبع وعشرين، أو تسع وعشرين، أو في آخر ليلة من شهر رمضان.
وفي رواية عن أبي بكر، عن النبي صلى الله عليه وآله: التمسوها في العشر الأواخر
لتاسعة تبقى، أو سابعة تبقى، أو خامسة تبقى، أو ثالثة تبقى، أو آخر ليلة.
وروري عن أبي حنيفة: انها في ليالي (1) جميع أيام السنة.
وروي: انها تنتقل في العشر.
وروي: انها إذا كانت سنة في ليلة تكون في السنة الأخرى في ليلة أخرى.
أقول: فهذا ما أردنا ذكره من الاختلاف، فإذا ظفرت بها فتلك سعادة عظيمة
الأوصاف.
فصل (20)
فيما نذكره من أدعية تتكرر كل ليلة من وقت السحر
اعلم اننا روينا في عمل اليوم والليلة من كتاب المهمات والتتمات، فيما اخترناه
من الروايات، بان سحر كل ليلة ينادي مناد عن مالك قضاء الحاجات بما معناه: هل
من سائل، هل من طالب، هل من مستغفر، يا طالب الخير اقبل، ويا طالب الشر اقصر.
وقد قدمنا في فصل من هذا الكتاب ان المنادي ينادي عن الله جل جلاله في شهر.
رمضان من أول الليل إلى آخره.
وإياك ثم إياك ان تعرض عن مناد الله جل جلاله، وهو يسألك ان تطلب منه
ما تقدر عليه من ذخائره، وأنت محتاج إلى دون ما دعاك إليه فاغتنم فتح الأبواب ونداء
المنادي عن مالك الأسباب، وان لم تسمع أذناك فقد سمع العقل والقلب، وان كنت
مسلما مصدقا، بمولاك ومالك دنياك واخراك.
فمن الدعاء في سحر ليلة من شهر رمضان، ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد

1 - في جميع ليالي (خ ل).
156

هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه، باسناده إلى الحسن بن محبوب الزراد،
عن أبي حمزة الثمالي أنه قال:
كان علي بن الحسين سيد العابدين صلوات الله عليه يصلي عامة ليلة في شهر
رمضان، فإذا كان السحر دعا بهذا الدعاء:
إلهي لا تؤدبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير
يا رب ولا يوجد إلا من عندك، ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك،
لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك، ولا الذي أساء واجترء عليك
ولم يرضك خرج عن قدرتك، يا رب يا رب (1) - حتى ينقطع النفس - بك عرفتك
وأنت دللتني عليك، ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت.
الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد
لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني، والحمد لله
الذي أناديه لكما شئت لحاجتي، وأخلو به حيث شئت لسري، بغير شفيع
فيقضي لي حاجتي.
والحمد لله الذي ادعوه ولا أدعو (2) غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي
دعائي، والحمد لله الذي أرجوه ولا أرجو (3) غيره ولو رجوت غيره لأخلف
رجائي، والحمد لله الذي وكلني (4) إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني.
والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني، والحمد لله الذي يحلم
عني حتى كأني لا ذنب لي، فربي أحمد شئ عندي، وأحق بحمدي.
اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة (5)، ومناهل (6) الرجاء إليك

1 - يا رب يا رب (خ ل).
2 - الحمد لله الذي ادعو غيره (خ ل).
3 - الحمد لله الذي لا أرجو غيره (خ ل).
4 - وكلته أمري إلى فلان: ألجأ به إليه واعتمد فيه عليه.
5 - أشرع بابا إلى الطرق: فتحه.
6 - المنهل: المشرب والموضع الذي فيه المشرب.
157

مترعة (1)، والاستعانة بفضلك لمن أملك مباحة، وأبواب الدعاء إليك
للصارخين مفتوحة.
وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة، وللملهوفين (2) بمرصد إغاثة، وأن في
اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا من منع الباخلين، ومندوحة (3) عما
في أيدي المستأثرين، وإن الراحل إليك قريب المسافة، وأنك لا تحتجب
عن خلقك إلا أن تحجبهم الأعمال (4) السيئة دونك.
وقد قصدت إليك بطلبتي، وتوجهت إليك بحاجتي، وجعلت بك
استغاثتي، وبدعائك توسلي، من غير استحقاق لاستماعك مني،
ولا استيجاب لعفوك عني، بل لثقتي بكرمك، وسكوني (5) إلى صدق
وعدك، ولجائي (6) إلى الايمان بتوحيدك، ويقيني (7) بمعرفتك مني: أن
لا رب لي غيرك، ولا إله إلا أنت وحدك (8) لا شريك لك.
اللهم أنت القائل وقولك حق ووعدك صدق: (واسألوا الله من فضله إن
الله كان بكم رحيما) (9)، وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع
العطية، وأنت المنان بالعطايا (10) على أهل مملكتك، والعائد (11) عليهم بتحنن
رأفتك.

1 - مترعة: مملوءة.
2 - للراجي (ح ل)، للملهوف (خ ل)، أقول: الملهوف: المظلوم المستغيث.
3 - مندوحة: سعة.
4 - الآمال (خ ل).
5 - سكوني: اطميناني.
6 - لجأي: التجائي.
7 - ثقتي (خ ل).
8 - لا إله لي وحدك (خ ل).
9 - النساء: 32.
10 - بالعطيات (خ ل).
11 - العائد: المكرم المفضل.
158

إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا، ونوهت (1) باسمي كبيرا،
يا من رباني في الدنيا باحسانه وتفضله (2) ونعمه، وأشار لي في الآخرة إلى
عفوه وكرمه، معرفتي يا مولاي دليلي (3) عليك، وحبي لك شفيعي إليك، وأنا
واثق من دليلي بدلالتك، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك.
أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه، رب أناجيك بقلب قد أوبقه (4)
جرمه، أدعوك يا رب راهبا (5) راغبا راجيا خائفا، إذا رأيت مولاي ذنوبي
فزعت، وإذا رأيت كرمك طمعت، فان عفوت فخير راحم، وإن عذبت
فغير ظالم.
حجتي يا الله في جرأتي على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك
وكرمك، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي منك رأفتك ورحمتك، وقد
رجوت أن لا تخيب بين ذين وذين منيتي (6)، فصل على محمد وآل محمد،
وحقق رجائي، واسمع ندائي، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج.
عظم يا سيدي أملي، وساء عملي، فأعطني من عفوك بمقدار أملي،
ولا تؤاخذني بسوء (7) عملي، فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين، وحملك
يكبر عن مكافات المقصرين، وأنا يا سيدي عائذ بفضلك، هارب منك
إليك، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا.
وما أنا يا رب وما خطري (8)؟ هبني بفضلك، وتصدق علي بعفوك، أي رب

1 - نوه به: شهره.
2 - بفضله (خ ل).
3 - دلتني (خ ل).
4 - أوبقه: حبسه وأهلكه.
5 - راهبا: فزعا.
6 - أمنيتي (خ ل).
7 - بأسوأ (خ ل).
8 - خطري: قدري ومنزلتي.
159

جللني بسترك، واعف عن توبيخي (1) بكرم وجهك، فلو اطلع اليوم على ذنبي
غيرك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته، لا لأنك أهون الناظرين
إلي، وأخف المطلعين علي (2)، بل لأنك يا رب خير الساترين، وأحلم
الأحلمين (3)، وأكرم الأكرمين، ساتر العيوب، غفار الذنوب، علام الغيوب،
تستر الذنب بكرمك، وتؤخر العقوبة بحلمك.
فلك الحمد على حلمك بعد علمك، على عفوك بعد قدرتك،
ويحملني ويجرئني على معصيتك حلمك عني، ويدعوني إلى قلة الحياء
سترك علي، ويسرعني إلى التوثب (4) على محارمك معرفتي بسعة رحمتك،
وعظيم عفوك.
يا حليم يا كريم، يا حي يا قيوم، يا غافر الذنب، يا قابل التوب، يا عظيم
المن، يا قديم الإحسان (5) أين سترك الجميل أين عفوك الجليل (6) أين فرجك
القريب، أين غياثك السريع، أين رحمتك الواسعة، أين عطاياك الفاضلة،
أين مواهبك الهنيئة، أين كرمك يا كريم؟ به (7) وبمحمد وآل محمد عليهم
السلام فاستنقذني، وبرحمتك (8) فخلصني.
يا محسن يا مجمل (9) يا منعم يا مفضل (10)! لسنا نتكل في النجاة من عقابك
عن أعمالنا، بل بفضلك علينا، لأنك أهل التقوى وأهل المغفرة، تبتدئ (11)

1 - توبيخي: ملامتي.
2 - أهون الناظرين وأخف المطلعين (خ ل).
3 - أحكم الحاكمين (خ ل).
4 - التوثب: النهوض والقفز.
5 - يا موصوفا بالاحسان (خ ل).
6 - يا جليل (خ ل).
7 - بك (خ ل).
8 - به ويهم (خ ل).
9 - أجمل الصنيعة: حسنها وكثرها.
10 - يا متفضل (خ ل).
11 - تبدئ (خ ل).
160

بالاحسان نعما، وتعفو عن الذنب كرما، فما ندري ما نشكر؟ أجميل ما تنشر،
أم قبيح ما تستر، أم عظيم ما أبليت وأوليت، أم كثير ما منه نجيت وعافيت؟.
يا حبيب من تحبب من تحبب إليه، ويا قرة عين من لاذ بك وانقطع إليه، أنت
المحسن ونحن المسيئون، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك،
وأي جهل يا رب لا يسعه جودك؟ وأي زمان (1) أطول من أناتك، وما قدر
أعمالنا في جنب نعمك؟ وكيف نستكثر (2) أعمالا يقابل بها كرمك، بل
كيف يضيق على المذنبين ما وسعهم (3) من رحمتك؟
يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرحمة، فوعزتك يا سيدي لو انتهرتني (4)
ما برحت (5) من بابك، ولا كففت عن تملقك (6)، لما انتهى (7) إلي يا سيدي من
المعرفة بجودك وكرمك، وأنت الفاعل لما تشاء، تعذب من تشاء بما تشاء
كيف تشاء، وترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء.
لا تسأل (8) عن فعلك، ولا تنازع في ملكك، ولا تشارك في أمرك،
ولا تضاد في حكمك، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك، لك الخلق والأمر
تبارك الله رب العالمين (9).
يا رب هذا مقام من لاذ بك، واستجار بكرمك، وألف (10) إحسانك
ونعمك، وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك، ولا ينقص فضلك، ولا تقل

1 - فأي جهل، أو أي زمان (خ ل).
2 - تستكثر اعمال (خ ل).
3 - وصفته (خ ل).
4 - انتهرتني: زجرتني.
5 - برح: أزال.
6 - تملقك: توددك.
7 - انتهى: وصل.
8 - ولا تسأل (خ ل).
9 - تباركت يا رب العالمين، وأنت أحسن الخالقين ورب العالمين (خ ل).
10 - ألف: أنس.
161

رحمتك، وقد توثقنا منك بالصفح القديم، والفضل العظيم، والرحمة
الواسعة.
أفتراك يا رب تخلف ظنوننا؟ أو تخيب آمالنا؟ كلا يا كريم! ليس (1)
هذا ظننا بك، ولا هذا طمعنا فيك، يا رب إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا،
إن لنا فيك (2) رجاء عظيما، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا، ودعوناك
ونحن نرجو أن تستجيب لنا، فحقق رجاءنا يا مولانا.
فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا تصرفنا
عنك حثنا (3) على الرغبة إليك، وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك، فأنت
أهل أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل سعتك، فامنن علينا بما أنت
أهله، وجد علينا [بفضل إحسانك] (4)، فانا محتاجون إلى نيلك (5).
يا غفار! بنورك اهتدينا، وبفضلك استغنينا، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا،
ذنوبنا بين يديك، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك، تتحبب إلينا بالنعم،
ونعارضك بالذنوب، خيرك إلينا نازل، وشرنا إليك صاعد، ولم يزل ولا يزال
ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح، فلا يمنعك ذلك، أن تحوطنا بنعمك (6)
وتتفضل علينا بآلائك، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك مبدئا ومعيدا.
تقدست أسماؤك، وجل ثناؤك، وكرم (7) صنائعك وفعالك، أنت إلهي
أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بفعلي (8) وخطيئتي، فالعفو العفو
العفو، سيدي سيدي سيدي.

1 - فليس (خ ل).
2 - كبيرا (خ ل)، بك (خ ل).
3 - حثنا: حرضنا.
4 - من البحار.
5 - نيلك: عطائك.
6 - بنعمتك (خ ل).
7 - أكرم (خ ل).
8 - بعملي (خ ل)، أقول: تقايسني: تجازيني بمقدار فعلي.
162

اللهم اشغلنا بذكرك، وأعذنا من سخطك، وأجرنا من عذابك (1)، وارزقنا
من مواهبك وأنعم علينا من فضلك، ارزقنا حج بيتك، وزيارة قبر نبيك،
صلواتك ورحمتك ومغفرتك (2) ورضوانك عليه وعلى أهل بيته إنك قريب
مجيب، وارزقنا عملا بطاعتك (3) وتوفنا على ملتك وسنة رسولك صلى الله
عليه وآله.
اللهم صل على محمد وآله واغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني
صغيرا، واجزهما بالاحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا، اللهم اغفر للمؤمنين
والمؤمنات (4)، الأحياء منهم والأموات، تابع بيننا وبينهم في الخيرات.
اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وذكرنا وأنثانا، صغيرنا
وكبيرنا، حرنا ومملوكنا، كذب العادلون (5) بالله وضلوا ضلالا بعيدا، وخسروا
خسرانا مبينا.
اللهم صل على محمد وآله، واختم لي بخير، واكفني ما أهمني من أمر
دنياي وآخرتي، ولا تسلط علي من لا يرحمني، واجعل علي منك جنة واقية (6)
باقية ولا تسلبني صالح ما أنعمت به علي وارزقني من فضلك رزقا واسعا
حلالا طيبا.
اللهم احرسني بحراستك، واحفظني بحفظك، واكلأني (7) بكلاءتك،
وارزقني حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام، زيارة (8) قبر نبيك

1 - عقابك (خ ل).
2 - زيادة: وبركاتك (خ ل).
3 - وارزقنا طاعتك (خ ل).
4 - زيادة: والمسلمين والمسلمات (خ ل).
5 - العادلون: الجاعلون له عدلا أي مماثلا.
6 - منك واقية (خ ل).
7 - اكلأني: احرسني واحفظني.
8 - عامي هذا (خ ل). ما أبقيتنا وارزقني زيارة (خ ل).
163

صلواتك عليه وآله (1)، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة، والمواقف
الكريمة.
اللهم تب علي حتى لا أعصيك، وألهمني الخير والعمل به، وخشيتك
بالليل والنهار ما أبقيتني (2) يا رب العالمين.
إلهي (3) مالي كلما قلت: قد تهيأت وتعبأت (4) وقمت للصلاة بين يديك
وناجيتك، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت، وسلبتني مناجاتك إذا انا
ناجيتك، مالي كلما قلت: قد صلحت سريرتي، وقرب من مجالس التوابين
مجلسي، عرضت لي بلية أزالت قدمي، وحالت بيني وبين خدمتك.
سيدي لعلك عن بابك طردتني، وعن خدمتك نحيتني، أو لعلك رأيتني
مستخفا بحقك فأقصيتني (5)، أو لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني (6) أو لعلك
وجدتني في مقام الكاذبين (7) فرفضتني، أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك
فحرمتني، أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني، أو لعلك رأيتني
في الغافلين فمن رحمتك آيستني، أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين
فبيني وبينهم خليتني، أو لعلك لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني، أو
لعلك بجرمي وجريرتي (8) كافيتني، أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني.
فان عفوت يا رب فطال ما عفوت عن المذنبين قبلي، لأن كرمك أي رب
يجل من مجازات المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافات المقصرين، وأنا
عائذ بفضلك، هارب منك إليك، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن

1 - نبيك والأئمة عليهم السلام (خ ل).
2 - ابدا ما أبقيتني (خ ل).
3 - اللهم (خ ل)، اللهم إني كلما (خ ل).
4 - تعبأت: تجهزت.
5 - الكذابين (خ ل).
6 - أقصيتني: أبعدتني.
7 - قليتني: أبغضتني.
8 - جريرتي: جنايتي وذنبي.
164

بك ظنا.
إلهي أنت أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بعملي، أو أن
تستزلني (1) بخطيئتي، وما أنا يا سيدي وما خطري، هبني بفضلك يا سيدي،
وتصدق علي بعفوك وجللني (2) بسترك، واعف عن توبيخي بكرم وجهك.
سيدي أنا الصغير الذي ربيته، وأنا الجاهل الذي علمته، وأنا الضال
الذي هديته، وأنا الوضيع (3) الذي رفعته، وأنا الخائف الذي آمنته، والجائع
الذي أشبعته، والعطشان الذي أرويته، والعاري الذي كسوته، والفقير الذي
أغنيته.
والضعيف الذي قويته، والذليل الذي أعززته، والسقيم الذي شفيته،
والسائل الذي أعطيته، والمذنب الذي سترته، والخاطئ الذي أقلته (4)،
القليل الذي كثرته، والمستضعف الذي نصرته، والطريد الذي آويته، فلك
الحمد.
وأنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء (5)، ولم أراقبك في الملاء، وانا
صاحب الدواهي العظمى، أنا الذي على سيده اجترى، أنا الذي عصيت
جبار السماء، أنا الذي أعطيت على المعاصي جليل (6) الرشى، أنا الذي
حين بشرت بها خرجت إليها أسعى، أنا الذي أمهلتني فما ارعويت (7)،
وسترت علي فما استحييت، وعملت بالمعاصي فتعديت، وأسقطتني من
عينك فما باليت.

1 - تستزلني: تجعلني زالا واقعا في العذاب.
2 - جللني: غطني.
3 - الوضيع: الدني.
4 - أقلته: صفحت عنه.
5 - الخلأ: المكان الذي ليس فيه أحد.
6 - جليل المعاصي (خ ل).
7 - ارعويت: ارتدعت.
165

فبحلمك أمهلتني، وبسترك سترتني، حتى كأنك أغفلتني، ومن
عقوبات المعاصي جنبتني حتى كأنك استحييتني.
إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد، ولا بأمرك
مستخف، ولا لعقوبتك متعرض، ولا لوعيدك متهاون، ولكن خطيئة عرضت
وسولت (1) لي نفسي وغلبني هواي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك
المرخى علي، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي.
فالآن من عذابك من يستنقذني؟ ومن أيدي الخصماء غدا من
يخلصني؟ وبحبل (2) من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني؟ فوا سوأتا على
ما أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك،
نهيك إياي عن القنوط (3)، لقنطت عندما أتذكرها، يا خير من دعاه داع،
وأفضل من رجاه راج.
اللهم بذمة الاسلام أتوسل إليك، وبحرمة القرآن أعتمد عليك، وبحبي
للنبي الأمي القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني، صلواتك
عليه وآله أرجو الزلفة لديك، فلا توحش استيناس إيماني، ولا تجعل ثوابي
ثواب من عبد سواك.
فان قوما آمنوا بألسنتهم ليحقنوا (4) به دماءهم، فأدركوا ما أملوا، وإنا آمنا
بك بألسنتنا وقلوبنا، لتعفو عنا، فأدركنا ما أملنا، وثبت رجاءك، في
صدورنا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت
الوهاب.
فوعزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك، ولا كففت عن تملقك، لما الهم

1 - سولت: زينت.
2 - الحبل: الوصل.
3 - القنوط: اليأس.
4 - حقن دمه: صانه ولم يرقه.
166

قلبي يا سيدي من المعرفة بكرمك، وسعة رحمتك، إلى من يذهب العبد إلا
إلى مولاه، وإلى من يلتجئ المخلوق إلا إلى خالقه.
إلهي لو قرنتني بالأصفاد (1)، ومنعتني سيبك (2) من بين الأشهاد، ودللت
على فضائحي عيون العباد، وأمرت بي إلى النار وحلت (3) بيني وبين الأبرار،
ما قطعت رجائي منك، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك، ولا خرج حبك
من قلبي، أنا لا أنسى أياديك (4) عندي، وسترك علي في دار الدنيا.
سيدي صل على محمد وآل محمد، وأخرج حب الدنيا عن قلبي،
واجمع بيني وبين المصطفى خيرتك من خلقك وخاتم النبيين محمد
صلواتك عليه وآله، وانقلني إلى درجة التوبة إليك، وأعني بالبكاء على
نفسي، فقد أفنيت بالتسويف (5) والآمال عمري، وقد نزلت منزلة الآيسين من
خيري.
فمن يكون أسوء حالا مني إن أنا نقلت على مثل حالي إلى قبر
لم امهده (6) لرقدتي (7)، ولم أفرشه بالعمل الصالح لضجعتي، ومالي لا أبكي
ولا أدري إلى ما يكون مصيري، وأرى نفسي تخادعني، وأيامي تخاتلني (8)،
وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت.
فما لي لا أبكي، أبكي لخروج نفسي، [أبكي لحلول رمسي (9)] (10) أبكي

1 - قرنتني بالأصفاد: شددتني بالقيود.
2 - سيبك: عطاءك.
3 - حلت: حجزت.
4 - أياديك: نعمك.
5 - التسويف: المطل والتأخير.
6 - إلى قبري ولم امهده (خ ل).
7 - الرقد: النوم.
8 - تخاتلني: تخادعني عن غفلة.
9 - رمسي: قبري وما يحثى عليه من التراب.
10 - من الصحيفة السجادية الجامعة.
167

لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي، أبكي
لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري، أنظر مرة عن
يميني وأخرى عن شمالي، إذ الخلائق في شأن غير شأني، (لكل امرئ
منهم يومئذ شأن يغنيه، وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة، ووجوه يومئذ
عليها غبرة، ترهقها قترة) (1) وذلة.
سيدي عليك معولي (2) ومعتمدي ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي،
تصيب برحمتك من تشاء، وتهدي بكرامتك من تحب.
اللهم فلك الحمد على ما نقيت من الشرك قلبي، ولك الحمد على بسط
لساني، أفبلساني هذا الكال (3) أشكرك؟ أم بغاية جهدي في عملي أرضيك؟
وما قدر لساني يا رب في جنب شكرك؟ وما قدر عملي في جنب نعمك
وإحسانك؟ إلا أن جودك بسط أملي، وشكرك قبل عملي.
سيدي إليك رغبتي، ومنك رهبتي، وإليك تأميلي، فقد ساقني إليك
أملي، وعليك يا واحدي (4) عكفت همتي (5)، وفيما عندك انبسطت رغبتي،
ولك خالص رجائي وخوفي، وبك أنست محبتي، وإليك ألقيت بيدي،
وبحبل طاعتك مددت رهبتي (6).
يا مولاي بذكرك عاش قلبي، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني.
فيا مولاي ويا مؤملي، يا منتهى سؤلي! صل على محمد وآل محمد وفرق
بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك، فإنما أسألك لقديم الرجاء

1 - عبس: 37 - 41.
2 - معولي: ثقتي.
3 - الكال: العاجز.
4 - واحدي: الذي ليس لي أحد غيره.
5 - عكف عليه عكوفا: اقبل عليه.
6 - رغبتي (خ ل)، وفي البحار: يدي.
168

فيك (1)، وعظيم الطمع منك (2)، الذي أوجبته على نفسك من الرأفة
والرحمة، فالأمر لك وحدك لا شريك لك، والخلق كلهم عبادك وفي
قبضتك، وكل شئ خاضع لك، تبارك يا رب العالمين.
اللهم فارحمني إذا انقطعت حجتي، وكل عن جوابك لساني، وطاش (3)
عند سؤالك إياي لبي، فيا عظيما يرجى لكل عظيم، أنت رجائي فلا تخيبني
إذا اشتدت إليك فاقتي، ولا تردني لجهلي، ولا تمنعني لقلة صبري، أعطني
لفقري، وارحمني لضعفي.
سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي، وبرحمتك تعلقي،
وبفنائك أحط رحلي، وبجودك أقصد طلبتي، وبكرمك أي رب أستفتح
دعائي، ولديك أرجو سد فاقتي، وبعنايتك (4) أجبر عيلتي (5)، وتحت ظل
عفوك قيامي، وإلى جودك وكرمك أرفع بصري، وإلى معروفك أديم نظري،
فلا تحرقني بالنار، وأنت موضع أملي، ولا تسكني الهاوية فإنك قرة عيني.
يا سيدي لا تكذب ظني باحسانك ومعروفك، فإنك ثقتي ورجائي،
ولا تحرمني ثوابك فإنك العارف بفقري.
إلهي إن كان قد دنا أجلي، ولم يقربني، منك عملي، فقد جعلت
الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي (6).
إلهي إن عفوت فمن أولى منك بالعفو؟ وإن عذبتني فمن أعدل منك
في الحكم؟ فارحم في هذه الدنيا غربتي، وعند الموت كربتي، وفي القبر
وحدتي، وفي اللحد وحشتي، وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي.

1 - لك (خ ل).
2 - فيك (خ ل).
3 - طاش: خف وتاه.
4 - في الصحيفة: بغناك.
5 - عيلتي: فقري.
6 - عللي: اعذاري.
169

واغفر لي ما خفي على الآدميين من عملي، وأدم لي ما به سترتني،
وارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وتفضل علي ممدودا
على المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وتحنن علي محمولا قد تناول الأقرباء
أطراف جنازتي، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في حفرتي، وارحم
في ذلك البيت الجديد غربتي، حتى لا أستأنس بغيرك يا سيدي فإنك إن
وكلتني إلى نفسي هلكت.
[سيدي] (1) فبمن أستغيث إن لم تقلني عثرتي، وإلى من أفزع إن فقدت
عنايتك في ضجعتي، وإلى من ألتجئ إن لم تنفس كربتي.
سيدي من لي ومن يرحمني إن لم ترحمني؟ وفضل من أؤمل إن فقدت
غفرانك، أو عدمت فضلك يوم فاقتي، وإلى من الفرار من الذنوب إذا
انقضى أجلي.
سيدي لا تعذبني وأنا أرجوك، إلهي حقق رجائي وآمن خوفي، فان
كثرة ذنوبي لا أرجو لها إلا عفوك.
سيدي أنا أسألك ما لا أستحق، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة، فاغفر
لي، وألبسني من نظرك ثوبا يغطي علي التبعات، وتغفرها لي، ولا أطالب
بها إنك ذو من قديم وصفح عظيم، وتجاوز كريم.
إلهي أنت الذي تفيض سيبك على من لا يسألك (2) وعلى الجاحدين
بربوبيتك، فكيف سيدي بمن سألك وأيقن أن الخلق لك، والأمر إليك،
تباركت وتعاليت يا رب العالمين.
سيدي عبدك ببابك، أقامته الخصاصة (3) بين يديك، يقرع باب إحسانك
بدعائه، ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه، فلا تعرض بوجهك الكريم

1 - من المصباح والبحار والصحيفة.
2 - فيها (خ ل).
3 - الخصائص والخصاصة: الفقر.
170

عني، واقبل مني ما أقول، فقد دعوتك بهذا الدعاء، وأنا أرجو أن لا تردني،
معرفة مني برأفتك ورحمتك.
إلهي أنت الذي لا يخفيك (1) سائل، ولا ينقصك نائل (2)، أنت كما تقول
وفوق ما يقول القائلون.
اللهم إني أسألك صبرا جميلا، وفرجا قريبا، وقولا صادقا، وأجرا
عظيما، وأسألك يا رب من الخير كله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك
اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون.
يا خير من سئل وأجود (3) من أعطى (صل على محمد وآل محمد) (4)
وأعطني سؤلي في نفسي وأهلي ووالدي وولدي وأهل حزانتي (5) وإخواني
فيك، وأرغد (6) عيشي وأظهر مروتي، وأصلح جميع أحوالي، واجعلني ممن
أطلت عمره، وحسنت عمله، وأتممت عليه نعمتك، ورضيت عنه، وأحييته
حياة طيبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة، وأتم العيش، إنك تفعل ما تشاء
ولا تفعل ما يشاء غيرك.
اللهم وخصني منك بخاصة ذكرك، ولا تجعل شيئا مما أتقرب به إليك
في آناء الليل وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا، واجعلني لك
من الخاشعين.
اللهم وأعطني السعة في الرزق، والأمن في الوطن، قرة العين في
الأهل والمال الولد والمقام في نعمك عندي، والصحة في الجسم، والقوة

1 - يحفيك: يمنعك.
2 - النوال والنائل: الحظ.
3 - يا أجود (خ ل).
4 - ليس في بعض النسخ.
5 - حزانتك: عيالك الذي تتحزن لأمرهم.
6 - ارغد: أوسع وطيب.
171

في البدن، والسلامة في الدين، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد (1)
صلواتك عليه وآله أبدا ما استعمرتني.
واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير أنزلته وأنت منزله (2)
في شهر رمضان في ليلة القدر، وما أنت منزله في كل سنة من رحمة
تنشرها، وعافية تلبسها، وبلية تدفعها وحسنات تتقبلها، وسيئات تتجاوز
عنها. وارزقني حج بيتك الحرام في عامنا (3) هذا وفي كل عام، وارزقني
رزقا واسعا من فضلك الواسع (4).
واصرف عني يا سيدي الأسواء، واقض عني الدين والظلامات حتى
لا أتأذى بشئ منه، وخذ عني بأسماع أعدائي (5)، وأبصار حسادي، والباغين
علي، وانصرني عليهم، وأقر عيني، وحقق ظني، وفرج قلبي، واجعل لي
من همي وكربي فرجا، ومخرجا، واجعل من أرادني بسوء من جميع خلقك
تحت قدمي.
واكفني شر الشياطين، وشر السلطان وسيئات عملي، وطهرني من
الذنوب كلها، وأجرني من النار بعفوك، وأدخلني الجنة برحمتك، وزوجني
من الحور العين بفضلك، وألحقني بأوليائك الصالحين محمد وآله الأبرار
الطيبين (6) الأخيار صلواتك عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة
الله وبركاته.
إلهي وسيدي، وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك،

1 - محمد وأهل بيه (خ ل).
2 - وتنزله (خ ل).
3 - عامي (خ ل).
4 - رزقا واسعا حلالا طيبا (خ ل)، فضلك الواسع الطيب (خ ل).
5 - أبصار أعدائي (خ ل)، وفي المصباح: بأسماع وأبصار أعدائي.
6 - الطيبين الطاهرين (خ ل).
172

ولئن طالبتني بلؤمي (1) لأطالبنك بكرمك، ولئن أدخلتني النار لأخبرن أهل
النار بحبي لك (2).
إلهي وسيدي إن كنت لا تغفر إلا لأوليائك وأهل طاعتك، فإلى من
يفزع المذنبون؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك، فبمن يستغيث
المسيئون.
إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك، وإن أدخلتني الجنة
ففي ذلك سرور نبيك، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور
عدوك.
اللهم إني أسألك أن تملأ قلبي حبا لك وخشية منك، وتصديقا لك (3)،
وإيمانا بك، وفرقا (4) منك، وشوقا إليك يا ذا الجلال والاكرام حبب إلي
لقاءك، وأحبب لقائي، واجعل لي في لقائك الراحة والفرح والكرامة.
اللهم ألحقني بصالح من مضى، واجعلني من صالح من بقي وخذ بي
سبيل الصالحين، وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم،
ولا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا، واختم عملي بأحسنه، واجعل ثوابي
منه الجنة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك، احيني ما أحييتني عليه،
وتوفني إذا توفيتني عليه، وابعثني إذا بعثتني عليه، وأبرء قلبي من الرياء
والشك والشك والسمعة في دينك، حتى يكون عملي خالصا لك.
اللهم أعطني بصيرة في دينك وفهما في حكمك، وفقها في علمك،

1 - بجرمي (خ ل).
2 - إياك (خ ل).
3 - بكتابك (خ ل).
4 - الفرق: الفزع.
5 - عليه (خ ل).
173

وكفلين (1) من رحمتك، وورعا يحجزني عن معاصيك، وبيض وجهي
بنورك، واجعل رغبتي فيما عندك، وتوفني في سبيلك وعلى ملة رسولك
صلواتك عليه وآله.
اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل، والهم والحزن، والجبن
والبخل، والغفلة والقسوة، والذلة والمسكنة، والفقر والفاقة، وكل بلية
والفواحش (2) ما ظهر منها وما بطن.
وأعوذ بك من نفس لا تقنع، وبطن لا يشبع، وقلب (3) لا يخشع، ودعاء
لا يسمع، وعمل لا ينفع (4)، وأعوذ بك يا رب على نفسي وديني ومالي وعلى
جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم، إنك أنت السميع العليم.
اللهم إنه لن يجيرني منك أحد، ولن أجد من دونك ملتحدا (5)، فلا تجعل
نفسي في شئ من عذابك، ولا تردني بهلكة، ولا تردني بعذاب أليم.
اللهم تقبل مني، وأعل ذكري، وارفع درجتي، وحط وزري،
ولا تذكرني بخطيئتي، واجعل ثواب مجلسي وثواب منطقي وثواب دعائي
رضاك عني والجنة، وأعطني يا رب جميع ما سألتك، وزدني من فضلك،
إني إليك راغب يا رب العالمين.
اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو، وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا، وقد
ظلمنا أنفسنا، فاعف عنا، فإنك أولى بذلك منا، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن
أبوابنا، وقد جئناك سائلا (6) فلا تردنا إلا بقضاء حوائجنا، وأمرتنا بالاحسان
إلى ما ملكت أيماننا، ونحن أرقاؤك فأعتق رقابنا من النار.

1 - كفلين: نصيبين.
2 - كلها (خ ل).
3 - من بطن، من قلب (خ ل).
4 - وصلاة لا ترفع (خ ل).
5 - الملتحد: الملتجأ.
6 - سؤالا (خ ل).
174

يا مفزعي عند كربتي، ويا غوثي عند شدتي، إليك فزعت وبك استغثت
و [بك] (1) لذت ولا ألوذ بسواك، ولا أطلب الفرج إلا بك ومنك، فصل على
محمد وآل محمد وأغثني، وفرج عني، يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير،
اقبل مني اليسير واعف عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي، ويقينا (2) حتى أعلم أنه لن
يصيبني إلا ما كتبت لي، ورضني من العيش بما قسمت لي، يا أرحم
الراحمين. (3)
دعاء آخر في السحر:
رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي، باسناده إلى علي بن الحسن بن
فضال من كتاب الصيام، ورواه أيضا ابن أبي قرة في كتابه، واللفظ واحد، فقالا معا:
عن أيوب بن يقطين أنه كتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله أن يصحح
له هذا الدعاء، فكتب إليه: نعم، هو دعاء أبي جعفر عليه السلام بالأسحار في شهر
رمضان، قال أبي: قال أبو جعفر عليه السلام: لو يعلم الناس من عظم هذه المسائل عند
الله، وسرعة إجابته لصاحبها، لاقتتلوا عليه ولو بالسيوف، والله يختص برحمته من يشاء.
وقال أبو جعفر عليه السلام: لو حلفت لبررت أن اسم الله الأعظم قد دخل فيها،
فإذا دعوتهم فاجتهدوا في الدعاء فإنه من مكنون العلم، واكتموه إلا من أهله، وليس
من أهله المنافقون والمكذبون والجاحدون، وهو دعاء المباهلة، تقول:
اللهم إني أسألك من بهائك بأبهاه وكل بهائك بهي، اللهم إني أسألك
ببهائك كله، اللهم إني أسألك من جمالك بأجمله وكل جمالك جميل،
اللهم إني أسألك بجمالك كله، اللهم إني أسألك من جلالك بأجله وكل

1 - من الصحيفة.
2 - يقينا صادقا (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 82 - 93، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 582 - 598، أورده الكفعمي في مصباحه: 588،
بلد الأمين: 205، وفي الصحيفة السجادية، الدعاء 116: 214.
175

جلالك جليل، اللهم إني أسألك بجلالك كله.
اللهم إن أسألك من عظمتك بأعظمها وكل عظمتك عظيمة، اللهم إني
أسألك بعظمتك كلها، اللهم إنك أسألك من نورك بأنوره وكل نورك نير،
اللهم إني أسألك بنورك كله، اللهم إني أسألك من رحمتك بأوسعها وكل
رحمتك واسعة، اللهم إني أسألك برحمتك كلها.
اللهم إني أسألك من كلماتك بأتمها وكل كلماتك تامة، اللهم إني
أسألك بكلماتك كلها، اللهم إني أسألك من كمالك بأكمله وكل كمالك
كامل، اللهم إني أسألك بكمالك كله، اللهم إني أسألك من أسمائك
بأكبرها وكل أسمائك كبيرة، اللهم إني أسألك بأسمائك كلها.
اللهم إني أسألك من عزتك بأعزها وكل عزتك عزيزة، اللهم إني
أسألك بعزتك كلها، اللهم إني أسألك من مشيتك بأمضاها وكل مشيتك
ماضية، اللهم إني أسألك بمشيتك كلها، اللهم إني أسألك من قدرتك
بالقدرة التي استطلت بها على كل شئ، وكل قدرتك مستطيلة، الله إني
أسألك بقدرتك كلها.
اللهم إني أسألك من علمك بأنفذه وكل علمك نافذ، اللهم إني أسألك
بعلمك كله، اللهم إني أسألك من قولك بأرضاه وكل قولك رضي، اللهم
إني أسألك بقولك كله، اللهم إني أسألك من مسائلك بأحبها إليك، وكل
مسائلك (1) إليك حبيبة، اللهم إني أسألك بمسائلك كلها، اللهم إني أسألك
من شرفك بأشرفه وكل شرفك شريف، اللهم إني أسألك بشرفك كله.
اللهم إني أسألك من سلطانك بأدومه وكل سلطانك دائم، اللهم إني
أسألك بسلطانك كله، اللهم إني أسألك من ملكك بأفخره وكل ملكك
فاخر، اللهم إني أسألك بملكك كله، اللهم إني أسألك من علوك بأعلاه

1 - بأحبها وكلها (خ ل).
176

وكل علوك عال، اللهم إني أسألك بعلوك كله، اللهم إني أسألك من منك
بأقدمه وكل منك قديم، اللهم إني أسألك بمنك كله.
اللهم إني أسألك من آياتك بأكرمها وكل آياتك كريمة، اللهم إني
أسألك بآياتك كلها، اللهم إني أسألك بما أنت فيه من الشأن والجبروت،
وأسألك بكل شأن وحده وجبروت وحدها، اللهم إني أسألك، بما تجيبني
به حين أسألك، فأجبني يا الله، وافعل بي كذا وكذا.
وتذكر حاجتك، فإنك تعاطاها إن شاء الله تعالى (1).
دعاء آخر في السحر:
أرويه باسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي في المصباح:
يا عدتي في (2) كربتي، ويا صاحبي في شدتي، ويا وليي في نعمتي،
ويا غايتي في رغبتي، أنت الساتر عورتي والمؤمن روعتي والمقيل عثرتي،
فاغفر لي خطيئتي.
اللهم إني أسألك خشوع الايمان قبل خشوع الذل في النار، يا واحد
يا أحد يا صمد، يا من لم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا من يعطي من
سأله تحننا منه ورحمة ويبتدئ بالخير من لم يسأله تفضلا منه وكرما،
بكرمك الدائم صل على محمد وأهل بيته، وهب لي رحمة واسعة جامعة
أبلغ بها خير الدنيا والآخرة.
اللهم إني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لكل
خير أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك، اللهم صل على محمد وآل
محمد، واعف عن ظلمي وجرمي بحلمك وجودك يا كريم.
يا من لا يخيب سائله، ولا ينفذ نائله، يا من علا فلا شئ فوقه، ودنا
فلا شئ دونه، صل على محمد وآل محمد، وارحمني يا فالق البحر لموسى،

1 - عنه البحار 98: 93 - 95.
2 - عند (خ ل).
177

الليلة الليلة الليلة، الساعة الساعة الساعة.
اللهم طهر قلبي من النفاق، وعملي من الرياء، ولساني من الكذب،
وعيني من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
يا رب هذا مقام العائذ بك من النار، هذا مقام المستجير بك من النار،
هذا مقام المستغيث بك من النار، هذا مقام الهارب إليك من النار، هذا
مقام من يبوء (1) بخطيئته ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه، هذا مقام البائس
الفقير، هذا مقام الخائف المستجير هذا مقام المحزون المكروب.
هذا مقام المحزون المغموم المهموم، هذا مقام الغريب الغريق، هذا
مقام المستوحش الفرق، هذا مقام من لا يجد لذنبه غافرا غيرك، ولا لهمه
مفرجا سواك.
يا الله يا كريم، لا تحرق وجهي بالنار بعد سجودي لك (2) وتعفيري بغير من
مني عليك، بل لك الحمد والمن والتفضل (3) علي، ارحم أي رب أي رب
أي رب - حتى ينقطع رأسه - ضعفي، وقلة حيلتي، ورقة جلدي، وتبدد
أوصالي (4)، وتناثر لحمي جسمي وجسدي، ووحدتي ووحشتي في قبري
وجزعي من صغير البلاء.
أسألك يا رب قرة العين والاغتباط يوم الحسرة والندامة، بيض وجهي
يا رب يوم تسود فيه الوجوه، وآمني من الفزع الأكبر، أسألك البشرى يوم
تقلب فيه القلوب والأبصار، والبشرى عند فراق الدنيا.
الحمد لله الذي أرجوه عونا لي في حياتي، وأعده وأعده ذخرا ليوم
فاقتي، الحمد لله الذي أدعوه ولا أدعو غيره، ولو دعوت غيره لخيب دعائي،

1 - يبوء لك (خ ل)، أقول: باء الله: رجع وانقطع.
2 - بعد سجودي وتعفيري (خ ل).
3 - الفضل (خ ل).
4 - بددا: متفرقين.
178

الحمد لله الذي أرجوه ولا أرجو غيره، ولو رجوت غيره لأخلف رجائي،
الحمد لله المنعم المحسن المجمل المفضل ذي الجلال والاكرام، ولي
كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة، وقاضي كل حاجة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقني اليقين، وحسن الظن بك،
وأثبت رجاءك في قلبي، واقطع رجائي عمن سواك حتى لا أرجو غيرك
ولا أثق إلا بك، يا لطيفا لما يشاء، الطف لي في جميع أحوالي بما تحب
وترضى.
يا رب إني ضعيف على النار فلا تعذبني بالنار، يا رب ارحم دعائي
وتضرعي وخوفي وذلي ومسكنتي وتعويذي وتلويذي، يا رب إني ضعيف عن
طلب الدنيا وأنت واسع كريم.
وأسألك يا رب بقوتك على ذلك وقدرتك عليه، وغناك عنه وحاجتي
إليه، أن ترزقني في عامي هذا وشهري هذا ويومي هذا وساعتي هذه، رزقا
تغنيني به عن تكلف ما في أيدي الناس، من رزقك الحلال الطيب.
أي رب منك أطلب وإليك أرغب، وإياك أرجو وأنت أهل ذلك لا أرجو
غيرك، ولا أثق إلا بك يا أرحم الراحمين، أي رب ظلمت (1) نفسي فاغفر لي
وارحمني واعف عني (2).
يا سامع كل صوت، ويا جامع كل فوت، ويا بارئ النفوس بعد الموت،
يا من لا تغشاه الظلمات، ولا تشتبه عليه الأصوات، ولا يشغله شئ عن
شئ، أعط محمدا صلى الله عليه وآله أفضل ما سألك، وأفضل ما سئلت له،
وأفضل ما أنت مسؤول له إلى يوم القيامة، وهب لي العافية حتى تهنأني
المعيشة، واختم لي بخير حتى لا تضرني الذنوب، اللهم رضني بما قسمت
لي حتى لا أسأل أحدا شيئا.

1 - إني ظلمت (خ ل).
2 - عافني (خ ل).
179

اللهم صل على محمد وآل محمد، وافتح لي خزائن رحمتك، وارحمني
رحمة لا تعذبني بعدها أبدا في الدنيا والآخرة، وارزقني من فضلك الواسع
رزقا حلالا طيبا لا تفقرني إلى أحد بعده سواك، تزيدني بذلك شكرا،
وإليك فاقة وفقرا، وبك عمن سواك غنى وتعففا.
يا محسن يا مجمل، يا منعم يا مفضل، يا مليك، يا مقتدر، صل على محمد
وآل محمد واكفني المهم كله، واقض لي بالحسنى، وبارك لي في جميع
أموري، واقض لي جميع حوائجي.
اللهم يسر لي ما أخاف تعسيره، فان تيسير ما أخاف تعسيره (1) عليك
يسير (2)، وسهل لي ما أخاف حزونته، ونفس عني ما أخاف ضيقه، وكف عني
وما أخاف غمه (3)، واصرف عني ما أخاف بليته يا أرحم الراحمين.
اللهم املأ قلبي حبا لك وخشية منك، وتصديقا بكتابك، وإيمانا بك،
وفرقا منك، وشوقا إليك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إن لك حقوقا فتصدق بها علي، وللناس قبلي تبعات فتحملها
عني، وقد أوجبت لكل ضيف قرى وأنا ضيفك، فاجعل قراي الليلة الجنة،
يا وهاب الجنة، يا وهاب المغفرة، ولا حول ولا قوة إلا بك (4).
دعاء آخر في السحر:
أرويه باسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي رحمه الله في المصباح قال: وتدعو أيضا
في السحر بدعاء إدريس عليه السلام، ورأيت في اسناد هذا الدعاء أنه الذي رفعه الله
جل جلاله به إليه، وأنه من أفضل الدعاء، وهو:
سبحانك لا إله إلا أنت يا رب كل شئ ووارثه، يا إله الآلهة الرفيع

1 - في الموضعين: تعسره (خ ل).
2 - سهل يسير (خ ل).
3 - همه (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 95 - 98، رواه الشيخ في مصباحه 2: 598 - 601.
180

جلاله، يا الله المحمود في كل فعاله، يا رحمن كل شئ وراحمه، يا حي
حين لا حي في ديمومة ملكه وبقائه، يا قيوم فلا يفوت شئ من علمه (1)
ولا يؤده، يا واحد الباقي أول كل شئ وآخره.
يا دائم بغير فناء ولا زوال لملكه، يا صمد في غير شبيه ولا شئ، كمثله،
يا بار فلا شئ كفوه ولا مداني لوصفه، يا كبير أنت الذي لا تهتدي القلوب
لعظمته، يا بارئ (2) المنشئ بلا مثال خلا من غيره، يا زاكي الطاهر من كل
آفة بقدسه، يا كافي الموسع لما خلق من عطايا فضله.
يا نقي من كل جور لم يرضه ولم يخالطه فعاله، يا حنان أنت الذي (3)
وسعت كل شئ رحمته، يا منان ذا الاحسان قد عم الخلائق منه، يا ديان
العباد فكل يقوم خاضعا لرهبته.
يا خالق من في السماوات والأرضين فكل إليه معاده، يا رحمن وراحم
كل صريخ ومكروب وغياثه ومعاذه، يا بار فلا تصف الألسن كنه جلال ملكه
وعزه، ويا مبدئ البرايا لم يبغ (4) في إنشائها أعوانا من خلقه، يا علام الغيوب
فلا يؤده من شئ حفظه.
ما معيدا ما أفناه إذا برز الخلائق لدعوته من مخافته، يا حليم ذا الأناة
فلا شئ يعدله من خلقه، يا محمود الفعال ذا المن على جميع خلقه بلطفه،
يا عزيز المنيع الغالب على أمره فلا شئ يعدله، يا قاهر ذا البطش الشديد
أنت الذي لا يطاق انتقامه.
يا متعالي القريب، في علو ارتفاع دنوه، يا جبار المذلل كل شئ بقهر
عزيز سلطانه، يا نور كل شئ أنت الذي فلق الظلمات نوره، يا قدوس الطاهر

1 - فلا يفوت شيئا علمه (خ ل).
2 - لوصف عظمته (خ ل)، يا بارئ النفوس (خ ل).
3 - يا حنان الذي (خ ل).
4 - من لم يبغ (خ ل).
181

من كل شئ ولا شئ يعدله، يا قريب المجيب المتداني دون كل شئ
قربه، يا عالي الشامخ في السماء فوق كل شئ علو ارتفاعه، يا بديع البدائع
ومعيدها بعد فنائها بقدرته.
يا جليل المتكبر على كل شئ، فالعدل أمره والصدق وعده (1)، يا مجيد
فلا يبلغ الأوهام كل ثنائه ومجده، يا كريم العفو والعدل (2)، أنت الذي ملأ كل
شئ عدله، يا عظيم ذا الثناء الفاخر والعز والكبرياء فلا يذل عزه، يا عجيب
لا تنطق الألسن بكل آلائه وثنائه.
أسألك يا معتمدي عند كل كربة، وغياثي عند كل شدة، بهذه الأسماء
أمانا من عقوبات الدنيا الآخرة، وأسألك أن تصرف عني بهن كل سوء
ومخوف ومحذور، وتصرف عني أبصار الظلمة المريدين بي السوء الذي
نهيت عنه وأن تصرف قلوبهم من شر ما يضمرون إلى خير ما لا يملكون،
ولا يملكه غيرك يا كريم.
اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا إلى الناس فيرفضوني (3)،
ولا تخيبني وأنا أرجوك ولا تعذبني وأنا أدعوك، اللهم إني أدعوك كما
أمرتني، فأجبني كما وعدتني، اللهم اجعل خير عمري ما ولي أجلي.
اللهم لا تغير جسدي، ولا ترسل حظي، ولا تسوء صديقي، أعوذ بك من
سقم مصرع، وفقر مقرع (4)، ومن الذل وبئس الخل، اللهم سل قلبي عن كل
شئ لا أتزوده إليك، ولا أنتفع به يوم ألقاك، من حلال أو حرام، ثم أعطني
قوة عليه وعزا وقناعة ومقتا له ورضاك فيه، يا أرحم الراحمين.
اللهم لك الحمد على عطاياك الجزيلة، ولك الحمد على مننك

1 - وقوله (خ ل).
2 - ذا العدل (خ ل).
3 - رفضه: رماه وتركه.
4 - مدقع (خ ل)، قرع الباب: دقه ونقر عليه.
182

المتواترة التي بها دافعت عني مكاره الأمور، وبها آتيتني مواهب السرور،
مع تمادي في الغفلة، وما بقي في من القسوة، فلم يمنعك ذلك من فعلي أن
عفوت عني، وسترت ذلك علي وسوغتني ما في يدي من نعمك، وتابعت
علي من إحسانك (1)، وصفحت لي عن قبيح ما أفضيت به إليك، وانتهكته من
معاصيك.
اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك يحق عليك فيه إجابة الدعاء إذا
دعيت به، وأسألك بكل ذي حق عليك، وبحقك على جميع من هو دونك،
أن تصلي على محمد عبدك ورسولك وعلى آله (2)، ومن أرادني بسوء فخذ
بسمعه وبصره ومن بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وامنعه مني
بحولك وقوتك.
يا من ليس معه رب يدعى، ويا من ليس فوقه خالق يخشى، ويا من ليس
دونه إله يتقى ويا من ليس له وزير يؤتى، ويا من ليس له حاجب يرشى،
ويا من ليس له بواب ينادى، ويا من لا يزداد على كثرة العطاء إلا كرما
وجودا، وعلى تتابع الذنوب إلا مغفرة وعفوا، صل على محمد وآل محمد (3)
وافعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، فإنك أهل التقوى وأهل
المغفرة (4).
أقول: قد مضى في هذا الدعاء: (ولا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها)، وظاهر الحال أنه:
(ولا تكلني إلى نفسي فتعجز عني)، ولكن هكذا وجدناه فيما رأيناه.
دعاء آخر في السحر:
نقل من أصل عتيق من أصول أصحابنا، أول روايته عن الحسن بن محبوب، تاريخ

1 - تابعت على احسانك (خ ل).
2 - وآل محمد (خ ل).
3 - آله (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 98 - 100، مصباح المتهجد 2: 601 - 604.
183

كتابته سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة:
يا مفزعي عند كربتي، ويا غوثي عند شدتي، إليك فزعت، وبك استغثت
وبك لذت، لا ألوذ بسواك، ولا أطلب الفرج إلا منك، فأغثني وفرج عني.
يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير، واعف عني الكثير،
إنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي، ويقينا حتى أعلم أنه لن يصيبني
إلا ما كتبت لي، ورضني من العيش بما قسمت لي يا أرحم الراحمين.
يا عدتي في كربتي، ويا صاحبي في شدتي، ويا وليي في نعمتي،
ويا غايتي في رغبتي، أنت الساتر عورتي، والامن روعتي، والمقيل عثرتي،
فاغفر لي خطئتي يا أرحم الراحمين (1).
وقال في الكتاب المذكور: التسبيح في السحر:
سبحان من يعلم جوارح القلوب، سبحان من يحصي عدد الذنوب،
سبحان من لا تخفى عليه خافية في السماوات والأرضين، سبحان الرب
الودود، سبحان الفرد الوتر، سبحان العظيم الأعظم، سبحان من لا يعتدي
على أهل مملكته.
سبحان من لا يؤاخذ أهل الأرض بألوان العذاب، سبحان الحنان المنان،
سبحان الرؤوف الرحيم، سبحان الجبار الجواد، سبحان الحليم الكريم،
سبحان البصير العليم، سبحان البصير الواسع، سبحان الله على إقبال النهار،
سبحان الله على إدبار النهار.
سبحان الله على إدبار الليل وإقبال النهار، وله الحمد والمجد والعظمة
والكبرياء، مع كل نفس وكل طرفة عين، وكل لمحة سبق في علمه،
سبحانك ملء ما أحصى كتابك، سبحانك زنة عرشك، سبحانك سبحانك سبحانك (2).

1 - عنه البحار 98: 100.
2 - عنه البحار 98: 100.
184

فصل (21)
فيما نذكره من فضل السحور في شهر رمضان
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني، وإلى أبي جعفر بن بابويه
رحمهما الله، باسنادهما إلى جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: لا تدع أمتي السحور، ولو على حشفة تمرة. (1)
ومن ذلك بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه، قال:
وروي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله
تبارك وتعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالأسحار، فليتسحر أحدكم
ولو بشربة من ماء، وأفضل السحور السويق والتمر، ومطلق لك الطعام والشراب إلى أن
تستيقن طلوع الفجر. (2)
ومن ذلك ما رواه علي بن حسن بن فضال في كتاب الصيام باسناده إلى عمره بن
جميع عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
تسحروا ولو بجرع الماء، الا صلوات الله على المتسحرين. (3)
فصل (22) فيما نذكره مما يقرء ويعمل من آداب السحور
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب باسناده إلى أبى يحيى الصنعاني عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من مؤمن صام فقرء: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) عند

1 - عنه البحار 97: 343، رواه الكليني في الكافي 4: 95، والشيخ في مصباح المتهجد 2: 626، التهذيب 4: 198،
والصدوق في الفقيه 2: 135، عنهم الوسائل 10: 143.
2 - عنه البحار 97: 393، رواه الصدوق في الفقيه 2: 137، والمقنع: 64، والشيخ في التهذيب 1: 408، والمفيد في
المقنعة: 50، عنهم الوسائل 10: 146.
3 - عنه البحار 97: 344، المستدرك 7: 358، رواه الشيخ في مصباحه 2: 626، التهذيب 4: 198، أماليه 2: 111،
والمفيد في المقنعة: 50، عنهم الوسائل 10: 144، رواه في البحار 96: 313 عن أمالي الشيخ.
185

سحوره وعند افطاره، الا كان فيما بينهما كالمتشحط بدمه في سبيل الله.
واما آداب السحور:
فمنها: أن يكون لك حال مع الله جل جلاله، تعرف بها انه يريد انك تتسحر،
وبماذا تتسحر، ومقدار ما تتسحر به، فذلك يكون من أعظم سعادتك، حيث نقلك الله
جل جلاله برحمته من معاملة شهوتك وطبيعتك إلى تدبيره جل جلاله في ارادتك.
ومنها: ان لا يكون لك معرفة بهذه الحال ولا تصدق بها حتى تطلبها من باب الكرم
والافضال، فلا تتسحر سحورا يثقلك عن تمام وظائف الأسحار، وعن لطائف الطاعات
في اقبال النهار.
(23) فيما نذكره من قصد الصيام بالسحور
أقول: فاما قصد الصائم في السحور، فأن يكون مراده امتثال أمر الله جل جلاله
بسحوره، وشكره الله له على ما جعله أهلا له بتدبيره، وان يتقوى بذلك الطعام على مهام
الصيام، وان يعبد الله تعالى بهذه المرادات، لأنه جل جلاله أهل للعبادات.
فصل (24)
فيما نذكره من النية أول ليلة من شهر رمضان لصوم الشهر كله،
أو تعريف تجديد النية كل ليلة
أقول: اني وجدت في بعض الأخبار ان النية تكون أوائل أول ليلة من شهر رمضان،
وإذا كان الصوم نهارا فان مقتضى الاستظهار أن تكون النية قبل ابتداء النهار لتكون
في وجه الصوم، وقبل ان تدخل بين النية وبين الدخول في الصوم شواغل الغفلة وسوء
معاملات الاسرار.
ويكون القصد بنية الصوم انك تعبد الله جل جلاله بصومك واجبا لأنه أهل
للعبادة، وتعتقد انه من أعظم المنة عليك، حيث جعلك الله أهلا لهذه السعادة، سواء
186

قصدت بالنية الواحدة صوم الشهر كله، أو جددت كل يوم نية لصوم ذلك اليوم،
ليكون أبلغ لك في الظفر بفضله، وان تهيأ أن تكون نيتك ان تصوم عن كل ما شغل
عن الله، فذلك الصوم الذي تنافس المخلصون في مثله.
أقول: واعلم أن الداخلين في الصيام على عدة أصناف وأقسام:
فصنف: دخلوا في الصوم بمجرد ترك الأكل والشرب بالنهار وما يقتضي الافطار في
ظاهر الاخبار، وما صامت جارحة من جوارحهم عن سوء آدابهم وفضائحهم، فهؤلاء
يكون صومهم على قدر هذه الحال صوم أهل الاهمال.
وصنف: دخلوا في الصوم وحفظوا بعض جوارحهم عن سوء الآداب على مالك يوم
الحساب، فكانوا في ذلك النهار مترددين بين الصوم بما حفظوه والافطار بما ضيعوه.
وصنف: دخلوا في الصوم بزيادة النوافل التي يعملونها بمقتضى العادات،
وهي سقيمة لسقم النيات، فحال أعمالهم على قدر اهمالهم.
وصنف: دخلوا دار ضيافة الله جل جلاله في شهر الصيام، والقلوب غافلة، والهمم
متكاسلة، والجوارح متثاقلة، فحالهم كحال من حمل هدايا إلى ملك ليعرضها عليه، وهو
كاره لحملها إليه، وفيها عيوب تمنع من قبولها والاقبال عليه.
وصنف: دخلوا في الصوم واصلحوا ما يتعلق بالجوارح، ولكن لم يحفظوا القلب من
الخطرات الشاغلة عن العمل الصالح، فهم كعامل دخل على سلطانه، وقد أصلح رعيته
بلسانه، واهمل ما يتعلق باصلاح شأنه، فهو مسؤول عن تقديم اصلاح الرعية على اصلاح
ذاته، وكيف آخر مقدما وقدم مؤخرا، وخاطرا مع المطلع على ارادته.
وصنف: دخلوا في الصيام بطهارة العقول والقلوب على اقدام (2) المراقبة لعلام
الغيوب، وحافظين ما استحفظهم إياه، فحالهم حال عبد تشرف برضا مولاه.
وصنف: ما قنعوا لله جل جلاله بحفظ العقول والقلوب والجوارح، عن الذنوب
والعيوب والقبائح، حتى شغلوها بما وفقهم له من عمل راجح صالح، فهؤلاء أصحاب

1 - قدر (خ ل).
187

التجارة المربحة، والمطالب المنجحة.
أقول: وقد يدخل في نيات أهل الصيام اخطار، بعضها يفسد حال الصيام، وبعضها
ينقصه عن التمام، وبعضها يدنيه من باب القبول، وبعضها يكمل له شرف المأمول،
وهم أصناف:
صنف منهم: الذين يقصدون بالصوم طلب الثواب، ولولاه ما صاموا ولا عاملوا به
رب الأرباب، فهؤلاء معدودون من عبيد السوء، الذين اعرضوا عما سبق لمولاهم، من
الانعام عليهم وعما حضر من احسانه إليهم، وكأنهم إنما يعبدون الثواب المطلوب وليسوا
في الحقيقة عابدين لعلام الغيوب، وقد كان العقل قاضيا ان يبذلوا ما يقدرون عليه من
الوسائل، حتى يصلحوا للخدمة لمالك النعم الجلائل.
وصنف: قصدوا بالصوم السلامة من العقاب، ولولا التهديد والوعيد بالنار وأهوال
يوم الحساب ما صاموا، فهؤلاء من لئام العبيد، حيث لم ينقادوا بالكرامة، ولا رأوا مولاهم
أهلا للخدمة، ليسلكون معه سبيل الاستقامة، ولو لم يعرفوا أهوال عذابه ما وقفوا على
مقدس بابه، فكأنهم في الحقيقة عابدون لذاتهم ليخلصوها من خطر عقوباتهم.
وصنف: صاموا خوفا من الكفارات وما يقتضيه الافطار من الغرامات، ولولا ذلك
ما رأوا مولاهم أهلا للطاعات، ولا محلا للعبادات، فهؤلاء متعرضون لرد صومهم عليهم،
ومفارقون في ذلك مراد الله ومراد المرسل إليهم.
وصنف: صاموا عادة لا عبادة، وهم كالمسافرين في صومهم عما يراد الصوم لأجله،
وخارجون عن مراد مولاهم ومقدس ظله، فحالهم كحال الساهي واللاهي، والمعرض
عن القبول والتناهي.
وصنف: صاموا خوفا من أهل الاسلام، وجزعا من العار بترك الصيام، إما للشك
أو الجحود، أو طلب الراحة في خدمة المعبود، فهؤلاء أموات المعنى أحياء الصورة،
وكالصم الذين لا يسمعون داعي صاحب النعم الكثيرة، وكالعميان الذين لا يرون ان
نفوسهم بيد مولاهم ذليلة مأسورة، وقد قاربوا أن يكونوا كالدواب، بل زادوا عليها،
لأنها تعرف من يقوم بمصالحهم وبما يحتاج إليه من الأسباب.
188

وصنف: صاموا لأجل أنهم سمعوا ان الصوم واجب في الشريعة المحمدية صلى الله
عليه وآله، فكأن صومهم بمجرد هذه النية من غير معرفة بسبب الايجاب، ولا ما عليهم لله
جل جلاله من المنة في تعريضهم بسعادة الدنيا ويوم الحساب، فلا يبعد ان يكونوا
متعرضين للعتاب.
وصنف: صاموا وقصدوا بصومهم ان يعبدوا الله كما قدمناه، لأنه أهل للعبادة،
فحالهم حال أهل السعادة.
وصنف: صاموا معتقدين ان المنة لله جل جلاله عليهم في صيامهم وثبوت أقدامهم،
عارفين بما في طاعته من إكرامهم وبلوغ مرامهم، فهؤلاء أهل الظفر بكمال العنايات
وجلال السعادات.
أقول: واعلم أن لأهل الصيام مع استمرار الساعات واختلاف الحركات والسكنات
[درجات] (1)، في أنهم ذاكرون انهم بين يدي الله جل جلاله، وانه مطلع عليهم،
وما يلزمهم لذلك من اقبالهم عليه، ومعرفة حق احسانه إليهم.
فحالهم في الدرجات على قدر استمرار المراقبات، فهم بين متصل الاقبال مكاشف
ذلك الجلال، وبين متعثر بأذيال الاهمال، وناهض من تعثره (2) بامساك يد الرحمة له
والافضال، ولا يعلم تفصيل مقدار مراقباتهم وتكميل حالاتهم، الا المطلع على اختلاف ارادتهم.
فارحم روحك أيها العبد الضعيف الذي قد أحاط به التهديد والتخويف، وعرض
عليه التعظيم والتبجيل والتشريف.
فصل (25)
فيما نذكره من فضل الخلوة بالنساء لمن قدر على ذلك
أول ليلة من شهر رمضان، ونية ذلك
اعلم أن الخلوة بالنساء أول شهر رمضان من جملة العبادات، فلا تخرجها بطاعة

1 - هو الظاهر.
2 - مغتر بأذيال الاهمال ونافر من تعثيره (خ ل).
189

الطبع عن العبادة إلى عبادة الشهوات، ولا تشغلك الخلوة بالنساء تلك الليلة عن مقام
من مقامات السعادات، وان قصرت بك ضعف الإرادة، فاستعن بالله القادر على تقوية
الضعيف وتأهيلك المقام التشريف.
فمن الرواية في ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه رحمه الله من
كتاب من لا يحضره الفقيه، فقال ما هذا لفظه: وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان. (1)
أقول: ولعل مراد صاحب الآداب من هذه الحال وتخصيص الالمام بالنساء قبل
الدخول في الصيام، ليكون خاطر الانسان في ابتداء شهر رمضان موفرا على الاخلاص
ومقام الاختصاص، وطاهرا من وساوس الشيطان.
أو لعل ذلك لأجل انه كان محرما في صدر الاسلام، فيراد من العبد اظهار تحليله
ونسخ تحريمه.
أو لعل المراد احياء سنة رسول الله صلى الله عليه وآله بالنكاح في ليلة من شهر
الصيام.
ويمكن ذكر وجوه غير هذه الأقسام، لكن هذا الذي ذكرناه ربما كان أقرب إلى
الافهام.
فصل (26)
فيما نذكره مما يختم به كل ليلة من شهر رمضان
اعلم أن حديث كل ضيف مع صاحبه ضيافته، وكل مستخفر بخفير، فحديثه مع
المقصود بخفارته، وإذا كان الانسان في شهر رمضان قد اتخذ خفيرا وحاميا كما تقدم
التنبيه عليه.
فينبغي كل ليلة بعد فراغ عمله ان يقصد بقلبه خفيره ومضيفه، ويعرض عمله

1 - عنه البحار 97: 348، رواه الصدوق في الفقيه 2: 173 الخصال 2: 612، رواه مع اختلاف الكليني في الكافي
4: 180، عنهم الوسائل 10: 350.
190

عليه، ويتوجه إلى الله جل جلاله بالحامي والخفير والمضيف، وبكل من يعز عليه،
وبكل وسيلة إليه، في أن يبلغ الحامي انه متوجه بالله جل جلاله وبكل وسيلة إليه،
وفي أن يكون هو المتولي لتكميل من النقصان والوسيط بينه وبين الله جل جلاله
في تسليم العمل إليه، من باب قبول أهل الاخلاص والأمان.
أقول: ومن وظائف كل ليلة ان يبدء العبد في كل دعاء مبرور، ويختم في كل عمل
مشكور، بذكر من يعتقد انه نائب الله جل جلاله في عباده وبلاده، وانه القيم بما يحتاج
إليه هذا الصائم، من طعامه وشرابه وغير ذلك من مراده، من سائر الأسباب التي هي
متعلقة بالنائب عن رب الأرباب، ان يدعو له هذا الصائم بما يليق ان يدعى به لمثله،
ويعتقد ان المنة لله جل جلاله ولنائبه، كيف أهلاه لذلك ورفعاه به به في مزلته ومحله.
فمن الرواية في الدعاء لمن أشرنا إليه صلوات الله عليه، ما ذكره جماعة من أصحابنا،
وقد اخترنا ما ذكره ابن أبي قرة في كتابه، فقال باسناده إلى علي بن الحسن بن علي بن
فضال، عن محمد بن عيسى بن عبيد، باسناده عن الصالحين عليهم السلام قال:
وكرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائما وقاعدا وعلى كل حال، والشهر
كله، وكيف أمكنك، ومتى حضرك في دهرك، تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة
على النبي وآله عليهم السلام:
اللهم كن لوليك، القائم بأمرك، الحجة، محمد بن الحسن المهدي،
عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام، في هذه الساعة وفي كل ساعة، وليا
وحافظا وقاعدا، وناصرا ودليلا ومؤيدا، حتى تسكنه أرضك طوعا، وتمتعه
فيها طويلا وعرضا، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين.
اللهم انصره وانتصر به، واجعل النصر منك له وعلى يده، والفتح على
وجهه، ولا توجه الأمر إلى غيره، اللهم أظهر به دينك وسنة نبيك، حتى
لا يستخفى بشئ من الحق مخافة أحدا من الخلق.
اللهم إني أرغب إليك في دولة كريمة، تعز بها الاسلام وأهله، وتذل
بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك،
191

وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
واجمع لنا خير الدارين، واقض عنا جميع ما تحب فيهما، واجعل لنا في
ذلك الخيرة برحمتك ومنك في عافية، آمين رب العالمين، زدنا من فضلك
ويدك الملئ، فان كل معط ينقص من ملكه، وعطاؤك يزيد في ملكك (1).

1 - عنه البحار 97: 349.
192

الباب الخامس
فيما نذكره من سياقة عمل الصائم في نهاره
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره في أول يوم من الشهر من الرواية بالغسل فيه
وهو ما رويناه بإسنادنا إلى سعد بن عبد الله، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه،
عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين
صلوات الله عليهم أنه قال: من اغتسل أول يوم من السنة، في ماء جار، وصب على
رأسه ثلاثين غرفة، كان دواء لسنته، وان أول كل سنة أول يوم من شهر رمضان. (1)
ورويت من كتاب جعفر بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام: ان من ضرب
وجهه بكف ماء ورد أمن ذلك اليوم من المذلة والفقر، ومن وضع على رأسه من ماء
ورد، أمن تلك السنة من البرسام، فلا تدعوا ما نوصيكم به. (2)
أقول: لعل خاطر بعض من يقف على هذه الرواية يستبعد ما تضمنته من العناية،
ويقول: كيف يقتضي ثلاثون غرفة من الماء استمرار العافية طول سنته وزوال اخطار
الأدواء.

1 - عنه الوسائل 3: 326، البحار 97: 350.
2 - عنه الوسائل 3: 326، البحار 76: 144، 97: 350، رواه السيد في أمان الاخطار: 36.
193

فاعلم أن كل مسلم فإنه يعتقد ان الله جل جلاله يعطي على الحسنة الواحدة في
دار البقاء، من الخلود ودوام العافية وكمال النعماء، ما يحتمل أن يقدم لهذا العبد
المغتسل في دار الفناء بعض ذلك العطاء، وهو ما ذكره من العافية والشفاء.
فصل (2) فيما نذكره من صوم الاخلاص وحال أهل الاختصاص من طريق الاعتبار
اعلم أن أصل الأعمال والذي عليه مدار الأفعال، ينبغي أن يكون هو محل التنزيه
عن الشوائب والنقصان، ولما كان صوم شهر رمضان مداره على معاملة العقول والقلوب
لعلام الغيوب، وجب أن يكون اهتمام خاصته جل جلاله وخالصته بصيام العقل
والقلب عن كلما يشغل عن الرب.
فان تعذر استمرار هذه المراقبة في سائر الأوقات لكثرة الشواغل والغفلات، فلا أقل
أن يكون الانسان طالبا من الله جل جلاله ان يقويه على هذه الحال، ويبلغه صفات
أهل الكمال، وأن يكون خائفا من التخلف عن درجات أهل السباق، مع علمه
بامكان اللحاق.
فإنه قد عرف ان جماعة كانوا مثله من الرعية للسياسة العظيمة النبوية، بلغوا
غايات من المقامات العاليات، وفيهم من كان غلاما، ما يخدم أولياء الله جل جلاه في
الأبواب، وما كان جليسا ولا نديما لهم، ولا ملازما في جميع الأسباب، فما الذي يقتضي ان
يرضي من جاء بعدهم بالدون وبصفقة المغبون، وأقل مراتب المراد منه ان يجري الله
جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه، مجرى صديق يحب القرب منه، ويستحيي منه،
وهو حاذر من الاعراض عنه.
فإذا قال العبد: ما أقدر على هذا التوفيق، وهو يقدر عليه مع التصديق، فهو يعلم من
نفسه انه ما كفاه الرضا بالنقصان والخسران، حتى صار يتلقى الله جل جلاله ورسوله
وآله عليهم السلام، بالبهتان الكذب والعدوان.
194

فصل (3)
فيما نذكره من صفات كمال الصوم من طريق الاخبار
رويت ذلك عن جماعة من الشيوخ المعتبرين إلى جماعة من العلماء الماضين، وانا
أذكر لفظ محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه وعنهم أجمعين، فقال باسناده في
كتاب الصوم من كتاب الكافي إلى محمد بن مسلم، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك، وعد أشياء غير هذا، وقال:
لا يكون يوم صومك كيوم فطرك. (1)
وباسنادنا محمد بن يعقوب في كتابه إلى جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن
الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، ثم قال: قالت مريم: (إني نذرت
للرحمن صوما) (2) أي صمتا، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم، ولا تنازعوا
ولا تحاسدوا، قال: وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تسب جارية لها وهي
صائمة، فدعا رسول صلى الله عليه وآله بطعام فقال: كلي، فقالت: اني صائمة،
فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك، ان الصوم ليس من الطعام والشراب.
قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام
والقبيح، ودع المراء وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصيام، ولا تجعل يوم صومك يوم
فطرك. (3)
ورأيت في أصل من كتب أصحابنا قال: وسمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن
الكذبة ليفطر الصيام، والنظرة والظلم كله، قليله وكثيره. (4)

1 - عنه البحار 97: 351، أورده الكليني في الكافي 4: 87، رواه الصدوق في الفقيه 2: 109، والشيخ في التهذيب
4: 194، المفيد في المقنعة: 49، عنهم الوسائل 10: 161. رواه في البحار 96: 292، عن كتاب حسين بن سعيد.
2 - مريم: 26.
3 - عنه البحار 97: 351 رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 627، والكليني في الكافي 4: 87، ذكر صدره الشيخ في
أماليه، عنه البحار 96: 294، عن كتاب حسين بن سعيد.
4 - عنه الوسائل 10: 34، 10: 165، البحار 97: 351.
195

ومن كتاب علي بن عبد الواحد النهدي رحمه الله باسناده إلى عثمان بن عيسى، عن
محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس الصيام من الطعام
والشراب أن لا يأكل الانسان ولا يشرب فقط، ولكن إذا صمت فليصم سمعك
وبصرك ولسانك وبطنك وفرجك، واحفظ يدك وفرجك، وأكثر السكوت الا من
خير، وارفق بخادمك. (1)
ومن كتاب النهدي باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: أيسر ما افترض الله على الصائم في صيامه ترك الطعام
والشراب. (2)
أقول: فانظر إلى قول النبي صلى الله عليه وآله: ان أيسر واجبات الصوم ترك
المطعوم والمشروب، وأنت تقول: أهمه ترك ذلك، ففارقت سبيل علام الغيوب.
أقول: والاخبار كثيرة في هذا الباب، فينبغي لذوي الألباب حيث قد عرفوا ان
صوم الجوارح وصونها عن السيئات من جملة المهمات ان يراعوا جوارحهم مراعاة
الراعي الشفيق على رعيته، وان يحفظوها من كل ما يفطرها، ويخرجها عن قبول عبادته،
والا فليعلم من كان عارفا بشروط كمال الصيام ويرضى لنفسه بالاهمال، انه
مستخف بصومه ومخاطره بما يتعب فيه من الأعمال.
وليكن على خاطره ان بقسم الغفلة والذنوب يطوف حول أعماله، ويحاول أن يحول
بينه وبين مالك إقباله، فيمسي في صيامه في كثير من الأوقات، وقلبه قد أفطر
بالخيانات والغفلات، ولسانه قد أفطر بالكلام بالغيبة، أو بمعونة ظالم أو بكذب أو تعمد
إثم، وبما لا يليق بالمراقبات، وعينه قد أفطرت بالنظر إلى ما لا يحل عليه، أو بالغفلة عن
مراعاة المنعم الذي يتواصل إحسانه إليه.
وسمعه قد أفطر بسماع ما لا يجوز الاصغاء إليه، ويده قد أفطرت باستعمالها فيما
لم تخلق لأجله، وقدمه قد أفطرت بالسعي بما لا يقربه إلى مولاه والدخول تحت ظله، وهو

1 - عنه الوسائل 10: 165، البحار 97: 352.
2 - عنه الوسائل 10: 365، 10: 165، رواه المفيد في المقنعة: 50، عنه الوسائل 10: 164.
196

مع هذا لا يرى افطار جوارحه وتلف مصالحه واشتهاره عند الله جل جلاله وعند خاصته
بفضائحه.
فليحذر عبد من مولاه أن ينفذ في شغل ليقضيه، ونفعه عائد إلى العبد في دنياه
وآخرته، فيخون في أكثر الشغل الذي نفذ فيه وسيده ينظر إليه، وهو يعلم أنه مطلع عليه
وعلى سوء مساعيه.
فصل (4)
فيما نذكره من صلاة للسلامة في الشهر من حوادث الأزمان، وصلاة أول يوم من شهر
رمضان، للحفظ في السنة كلها من محذور الأزمان
اعلم انا قدمنا في كتاب عمل السنة صلاة ركعتين في أول كل شهر، يقرء في
الأولى منهما الحمد مرة (وقل هو الله أحد) ثلاثين مرة، وفي الثانية الحمد مرة (وإنا أنزلناه)
ثلاثين مرة، مرة ويتصدق معها بشئ من الصدقات، فتكون دافعة لما في الشهر جميعه من
المحذورات (1).
ونحن الآن ذاكرون لها مرة أخرى، لأن أول السنة أحق بالاستظهار في دفع
المخوفات بالصلوات والدعوات.
رويناها بإسنادنا إلى محمد بن الوليد قال: أخبرنا محمد بن الحسن الصفار،
قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن الوشا قال: كان أبو جعفر
عليه السلام، إذا دخل شهر جديد يصلي أول منه ركعتين، يقرء لكل يوم منه إلى
آخره (قل هو الله أحد) في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية (إنا أنزلناه في ليلة القدر)،
ويتصدق بما يتسهل، فيشتري به سلامة ذلك الشهر كله. (2)
ومن ذلك ركعتان اخريان تدفع عن العبد اخطار السنة كلها إلى مثل ذلك الاوان.

1 - رواه السيد في الدروع الواقية: 5.
2 - عنه البحار 97: 353 رواه الشيخ في مصباح المتهجد: 523، والراوندي في دعواته: 106، عنهما البحار 91: 381،
أورده السيد في الدروع الواقية: 5 عنه المستدرك 1: 470، الوسائل 5: 286.
197

رواه محمد بن أبي قرة في كتابه في عمل أول يوم من شهر رمضان عن العالم
صلوات الله عليه أنه قال: من صلى عند دخول شهر رمضان ركعتين تطوعا، قرأ في
أولاهما أم الكتاب و (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، والأخرى ما أحب، دفع الله تعالى عنه سوء
سنته، ولم يزل في حرز الله تعالى إلى مثلها من قابل (1).
فصل (5)
فيما نذكره من الدعاء أول يوم من شهر رمضان خاصة
فمن ذلك ما رويته عن والدي قدس الله روحه ونور ضريحه، فيما قرأته عليه من
كتاب المقنعة، بروايته عن شيخه الفقيه حسين بن بطة رحمه الله، عن خال والدي
السعيد أبي علي الحسن بن محمد، عن والده محمد بن الحسن الطوسي جد والدي من قبل
أمه، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان تغمدهم الله جل جلاله جميعا
بالرضوان.
وأخبرني أيضا والدي قدس الله روحه، عن شيخه الفقيه علي بن محمد المدائني، عن
سعيد بن هبة الله الراوندي، عن علي بن عبد الصمد النيشابوري، عن الدوريستي، عن
المفيد أيضا بجميع ما تضمنه كتاب المقنعة.
قال: إذا طلع الفجر أول يوم من شهر رمضان فادع وقل:
اللهم قد حضر شهر رمضان، وقد افترضت علينا صيامه، وأنزلت فيه
القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، اللهم أعنا على صيامه
وتقبله عنا وتسلمه منا وسلمه لنا، في يسر منك وعافية، إنك على كل شئ
قدير.
أقول: ووجدت أدعية ذكرت في أول يوم منه، وهي لدخول الشهر، في روايتها انه
أول السنة، وقد ذكرتها في أدعية أول ليلة، لأنها وقت دخول الشهر وأول السنة، وان

1 - عنه الوسائل 8: 41، البحار 97: 362.
198

شئت فادع بها أول ليلة منه وأول يوم منه، استظهار للأفعال الحسنة.
فصل (6)
فيما نذكره من الأدعية والتسبيح والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله المتكررة كل يوم من
شهر رمضان
اعلم اننا نبدء بذكر الدعاء المشهور، بعد ان ننبه على بعض ما فيه من الأمور، وقد
كان ينبغي البدأة بمدح الله وتعظيمه بالتسبيح، ثم بتعظيم النبي والأئمة عليه وعليهم
السلام، لكن وجدنا الدعاء في المصباح الكبير قبل التسبيح والصلاة عليهم، فجوزنا أن تكون
الرواية اقتضت ذلك الترتيب، فعملنا عليه، فنقول:
ان هذا الدعاء في كل يوم من الشهر يأتي فيه: (إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل
الملائكة والروح فيها.)
والظاهر فيمن عرفت اعتقاده فيها من الامامية ان الليلة التي تنزل الملائكة والروح
فيها ليلة القدر، وانها إحدى الثلاث ليال: إما ليلة تسع عشرة منه أو ليلة إحدى
وعشرين أو ليلة ثلاث وعشرين، وما عرفت ان أحدا من أصحابنا يعتقد جواز أن تكون
ليلة القدر في كل ليلة من الشهر، وخاصة الليالي المزدوجات، مثل الليلة الثانية والرابعة
والسادسة وأمثالها.
ووجدت عمل المخالفين أيضا على أن ليلة القدر في بعض الليالي المفردات، وقد
قدمنا قول الطوسي انها في مفردات العشر الآخر بلا خلاف.
أقول: فينبغي تأويل ظاهر الدعاء: إن كان يمكن، اما بأن يقال:
لعل المراد من اطلاق لفظ: إن كنت قضيت في هذه الليلة، انزال الملائكة الروح فيها
غير ليلة القدر بأمر يختص كل ليلة.
أو لعل المراد بنزول الملائكة والروح فيها في ظاهر اطلاق هذا اللفظ في كل ليلة أن يكون
نزول الملائكة في كل ليلة إلى موضع خاص من معارج الملأ الأعلى.
أو لعل المراد إظهار من يروي هذا الدعاء عنه عليه السلام انه ما يعرف ليلة القدر
199

تقية ولمصالح دينية، أو لغير ذلك من التأويلات المرضية.
وقد تقدم ذكرنا انهم عليهم السلام عارفون بليلة القدر وروايات وتأويلات كافية
في هذا الأمر.
أقول: وإن كان المراد بهذا إنزال الملائكة والروح فيها ليلة القدر خاصة، فينبغي لمن
يعتقد ان ليلة القدر إحدى الثلاث ليال التي ذكرناها، الا يقول في كل يوم من الشهر
هذا اللفظ، بل يقول ما معناه:
اللهم إن كنت قضيت أنني أبقى إلى ليلة القدر، فافعل بي كذا وكذا من الدعاء المذكور، وإن
كنت قضيت أنني لا أبقى فابقني إلى ليلة القدر، وارزقني فيها كذا وكذا.
وان يطلق اللفظ المذكور في الدعاء يوم ثامن عشر ويوم عشرين منه ويوم اثنين
وعشرين، لتجويز أن يكون كل ليلة من هذه الثلاث الليالي المستقبلة ليلة القدر،
ليكون الدعاء موافقا لعقيدته ومناسبا لإرادته.
أقول: وإن كان الداعي بهذا الدعاء ممن يعتقد جواز أن يكون ليلة القدر كل ليلة
مفردة من الشهر، أو في المفردات من النصف الآخر، أو من العشر الآخر، فينبغي أن
يقتصر في هذه الألفاظ التي يقول فيها: وإن قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح فيها،
على الأوقات التي يعتقد جواز ليلة القدر فيها، لئلا يكون في دعائه مناقضا بين اعتقاده
وبين لفظه بغير مراده.
أقول: وكذا قد تضمن هذا الدعاء وكثير من أدعية شهر رمضان طلب الحج،
فلا ينبغي أن يذكر الدعاء بالحج إلا من يريده، واما من لا يريد الحج أصلا، ولو تمكن
منه، فان طلبه لما لا يريده ولا يريد أن يوفق له، يكون دعاؤه غلطا منه، وكالمستهزئ
الذي يحتاج إلى طلب العفو عنه، بل يقول:
اللهم ارزقني ما ترزق حجاج بيتك الحرام من الانعام والاكرام.
أقول: ولقد سمعت من يدعو بهذا الدعاء على اطلاقه في طلب ليلة القدر من أول يوم
من الشهر إلى آخر يوم منه ويقول في آخر يوم، وهو يوم الثلاثين: وإن كنت قضيت في
هذا الليلة تنزل الملائكة والروح فيها.
200

وما بقي بين يديه على اليقين ليلة واحدة من شهر رمضان، بل هو مستقبل ليلة العيد،
وما يعتقد ان ليلة العيد تنزل الملائكة والروح فيها، وإنما يتلو هذه الألفاظ بالغفلة عن
المراد بها والقصد لها، ولسان حال عقله كالمتعجب منه، ولا يؤمن أن يكون الله جل
جلاله معرضا عنه، لتهوينه بالله جل جلاله في خطابه بالمحال، ومجالسته لله جل جلاله
بالإهمال.
أقول: وربما يطلب في هذا الشهر في الدعوات ما كان الداعون قبله يطلبونه، وهو
لا يطلب حقيقة ما كانوا يطلبونه ويريدونه، مثل قوله: (وأدخلني في كل خير أدخلت فيه
محمد وآل محمد).
وقد كان من جملة الخير الذي ادخلهم الله جل جلاله فيه الامتحان بالقتل والحبوس
والاصطلام وسبي الحرم وقتل والأولاد، واحتمال أذى في كثير من أذى الأنام، وأنت
أيها الداعي لا تريد أن تبتلي منه بشئ أصلا.
ومن جملة الخير الذي أدخلهم فيه الإمامة، وأنت تعلم أنك لا ترى نفسك لطلب
ذلك أهلا.
فليكن دعاؤك في هذه الأمور مشروطا بما يناسب حالك، ولا تطلق بقلبك ولفظك
ظاهر معاني اللفظ المذكور، مثل أن تطلب في الدعاء القتل في سبل المراضي الإلهية،
وأنت ما تريد نجاح هذا المطلوب بالكلية.
فليكن مطلوبك منه ان يعطيك ما يعطى من قتل في ذلك السبيل الشريف من
أهل القوة والمعرفة بذلك التشريف، وإن لم يكن محاربا في الله مجاهدا، بل بفضل الله
المالك اللطيف.
ومثل أن يطلب في الدعاء أن يجعل رزقه قوت يوم بيوم، ويعني ما يمسك رمقه أو
يشعبه وعياله، وهو لا يرضى بإجابته إلى هذا المقدار، ولو أجابه الله جل جلاله، كان قد
استعاد منه كثيرا مما في يديه من زيادة اليسار.
فليكن قصدك في أمثال هذه الدعوات موافقا لما يقتضيه حالك من صواب
الإرادات، واحذر أن تكون لاعبا ومستهزئا وغافلا في الدعوات.
201

أقول: وها نحن ذاكرون ما وعدنا به من الدعاء كل يوم من شهر رمضان:
وهو مما رويناه بإسنادنا إلى محمد يعقوب الكليني من كتاب الكافي، ومن
كتاب علي بن عبد الواحد النهدي باسنادهما إلى مولانا علي بن الحسين صلوات الله عليهما،
انه كان يدعو به، وان مولانا محمد بن علي الباقر عليهما السلام كان أيضا يدعو به كل
يوم من شهر رمضان، وفي بعض الروايات زيادة ونقصان، وهذا لفظ بعضها:
اللهم هذا شهر رمضان، الذي أنزلت فيه القرآن، هدى للناس وبينات
من الهدى والفرقان، وهذا شهر الصيام، وهذا شهر القيام، وهذا شهر الإنابة،
وهذا شهر التوبة، وهذا شهر المغفرة والرحمة، هذا شهر العتق من النار،
والفوز بالجنة، وهذا شهر فيه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر.
اللهم فصل على محمد وآل محمد (1)، وسلمه وتسلمه مني وسلمني
فيه، وأعني عليه بأفضل عونك، ووفقني فيه لطاعتك وطاعة رسولك
وأوليائك صلى الله عليه وعليهم، وفرغني فيه لعبادتك ودعائك، وتلاوة
كتابك، وأعظم لي فيه البركة، وأحرز لي فيه التوبة، وأحسن لي فيه
العاقبة (2)، وأصح فيه بدني، وأوسع لي فيه رزقي، واكفني فيه ما أهمني،
واستجب فيه دعائي، وبلغني فيه رجائي.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأذهب عني فيه النعاس والكسل،
والسأمة والفترة (3) والقسوة، والغفلة والغرة (4).
اللهم صل على محمد وآل محمد، وجنبني فيه العلل والأسقام، والهموم
والأحزان، والأعراض والأمراض، والخطايا والذنوب، واصرف عني فيه
السوء والفحشاء، والجهد والبلاء، والتعب والعناء، إنك سميع الدعاء.

1 - في الصحيفة زيادة: وأعني على صيامه وقيامه.
2 - العافية (خ ل).
3 - الفترة: الضعف.
4 - الغرة: الغفلة.
5 - الجهد والجهد: الطاقة والمشقة.
202

اللهم صل على محمد وآل محمد، وأعذني فيه من الشيطان الرجيم،
وهمزه (1) ولمزه (2)، ونفثه (3) ونفخه، ووسواسه وتثبيطه (4)، وبطشه وكيده ومكره،
وحيله وحبائله وخدعه، وأمانيه وغروره وفتنته، وخيله ورجله، وأعوانه
وشركه (5)، وأتباعه وإخوانه، وأحزابه وأشياعه وأوليائه وشركائه، وجميع
مكائده.
اللهم صل إلى محمد وآله، وارزقني تمام صيامه وبلوغ الأمل فيه وفي
قيامه، واستكمال ما يرضيك عني فيه، وأعطني صبرا ويقينا واحتسابا،
ثم تقبل ذلك مني بالأضعاف الكثيرة والأجر العظيم، آمين رب (6) العالمين.
اللهم صل على محمد وآله، وارزقنا فيه الحج والعمرة، والاجتهاد
والقوة، والنشاط والإنابة، والتوفيق والتوبة، والقربة والخير المقبول، والرغبة
والرهبة، والتضرع والخشوع والرقة، والنية الصادقة وصدق اللسان، والوجل
منك، والرجاء لك والتوكل عليك، والثقة بك، والورع عن محارمك، مع
صالح القول، ومقبول السعي، ومرفوع العمل، ومستجاب الدعوة.
ولا تحل (7) بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض، ولا هم ولا سقم
ولا غفلة ولا نسيان، بل بالتعاهد والتحفظ فيك ولك، والرعاية لحقك، والوفاء
بعهدك ووعدك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأقسم لي فيه أفضل ما تقسمه
لعبادك الصالحين، وأعطني فيه أفضل ما تعطي أولياءك المقربين، من

1 - همزات الشياطين: خطراته التي تخطر بقلب الانسان.
2 - اللمز: الإشارة بالعين ونحوه.
3 - نفثه: ما يلقيه في القلب.
4 - تثبيطه: اعاقته.
5 - الشرك - بالتحريك - حبالة الصياد.
6 - يا رب (خ ل).
7 - لا تحل: لا تمنع.
203

والرحمة والمغفرة، والتحنن (1) والإجابة، والعفو والمغفرة الدائمة، والعافية
والمعافاة، والعتق من النار، والفوز بالجنة، وخير الدنيا والآخرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل دعائي فيه إليك واصلا،
ورحمتك وخيرك إلي فيه نازلا، وعملي فيه مقبولا، وسعيي فيه مشكورا،
وذنبي فيه مغفورا، حتى يكون نصيبي فيه الأكثر (2)، وحظي فيه الأوفر.
اللهم صل على محمد وآله، ووفقني فيه لليلة القدر على أفضل حال
تحب أن يكون عليها أحد من أوليائك وأرضاها لك، ثم اجعلها لي خيرا من
ألف شهر، وارزقني فيها أفضل ما رزقت أحدا ممن بلغته إياها وأكرمته بها،
واجعلني فيها من عتقائك وطلقائك من النار، وسعداء خلقك بمعرفتك
ورضوانك، يا أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآله، وارزقنا في شهرنا هذا الجد والاجتهاد
والقوة والنشاط، وما تحب وترضى.
اللهم رب الفجر وليال عشر (3)، والشفع والوتر، ورب شهر رمضان،
وما أنزلت فيه من القرآن، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وجميع
الملائكة المقربين، ورب إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ورب موسى وعيسى،
ورب جميع النبيين والمرسلين، ورب محمد خاتم النبيين، صلواتك عليه
وعليهم أجمعين.
وأسألك بحقك عليهم، وبحقهم عليك، وبحقك العظيم، لما صليت
عليه وعليهم أجمعين، ونظرت إلي نظرة رحيمة، ترضى بها عني، رضى
لا تسخط علي بعده أبدا، وأعطيتني جميع سؤلي ورغبتي، وأمنيتي وإرادتي،
وصرفت عني ما أكره وأحذر، وأخاف على نفسي وما لا أخاف، وعن أهلي

1 - التحنن: الترحم.
2 - الأكبر (خ ل).
3 - الليالي العشر (خ ل).
204

ومالي وإخواني وذريتي.
اللهم إليك فررنا من ذنوبنا، فصل على محمد وآل محمد وآونا تائبين،
وصل على محمد وآل محمد، وتب علينا مستغفرين، وصل على محمد وآل
محمد واغفر لنا متعوذين، وصل على محمد وآل محمد وأعذنا مستجيرين،
وصل على محمد وآل محمد وأجرنا مستسلمين (1)، وصل على محمد وآل
محمد ولا تخذلنا راهبين، وصل على محمد وآل محمد وآمنا راغبين، وصل
على محمد وآل محمد وشفعنا سائلين، وصل على محمد وآله وأعطنا، إنك
سميع الدعاء قريب مجيب.
اللهم أنت ربي (2) وأنا عبدك، وأحق من سأل العبد ربه، ولم يسأل العباد
مثلك كرما وجودا.
يا موضع شكوى السائلين، ويا منتهى حاجة الراغبين، ويا غياث
المستغيثين، ويا مجيب دعوة المضطرين، ويا ملجأ الهاربين، ويا صريخ
المستصرخين، ويا رب المستضعفين، ويا كاشف كرب المكروبين،
ويا فارج هم المهمومين، ويا كاشف الكرب العظيم.
يا الله يا رحمن يا رحيم، يا أرحم الراحمين (3)، صل على محمد وآل محمد،
واغفر لي ذنوبي وعيوبي وإسائتي، وظلمي وجرمي، وإسرافي على نفسي،
وارزقني من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها غيرك، واعف عني، واغفر لي
كلما سلف من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري، واستر علي وعلى
والدي وولدي وقرابتي (4) وأهل حزانتي (5)، ومن كان مني بسبيل من المؤمنين
والمؤمنات، في الدنيا والآخرة، فان ذلك كله بيدك، وأنت واسع المغفرة.

1 - مسلمين (خ ل).
2 - انك أنت ربي (خ ل).
3 - ويا الله المكنون من كل عين، المرتدي بالكبرياء صل (خ ل).
4 - قراباتي (خ ل).
5 - الحزانة: عيال الرجل، تتحزن بأمرهم.
205

فلا تخيبني يا سيدي، ولا ترد (1) دعائي، ولا ترد يدي إلى نحري، حتى
تفعل ذلك بي وتستجيب لي جميع ما سألتك وتزيدني من فضلك، فإنك
على كل شئ قدير، ونحن إليك راغبون.
اللهم لك الأسماء الحسنى، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء، أسألك
باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل
الملائكة والروح فيها أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل اسمي
في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإساءتي مغفورة،
وإن تهب لي يقينا تباشر به قلبي وإيمانا لا يشوبه (2) شك، ورضى بما قسمت
لي.
وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقني عذاب النار، وإن
لم تكن قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح فيها، فصل على محمد
وآل محمد (3)، وأخرني إلى ذلك، وارزقني فيها ذكرك، وشكرك وطاعتك
وحسن عبادتك، وصل على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك، يا أرحم
الراحمين.
يا أحد يا صمد، يا رب محمد وآل محمد، اغضب اليوم لمحمد ولابرار
عترته واقتل أعداءهم بددا (4)، وأحصهم عددا، ولا تدع على ظهر الأرض منهم
أحدا، ولا تغفر لهم أبدا.
يا حسن الصحبة، يا خليفة النبيين، أنت أرحم الرحمين البدئ البديع
الذي ليس كمثلك شئ، والدائم غير الغافل، والحي الذي لا يموت.
أنت كل يوم في شأن، أنت خليفة محمد وناصر محمد ومفصل محمد،

1 - ولا تغل (خ ل).
2 - لا يشوبه: لا يخالطه.
3 - آله (خ ل).
4 - بددا: متفرقين.
206

أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنصر خليفة محمد ووصي
محمد، والقائم بالقسط من أوصياء محمد عليهم السلام، اعطف (1) عليهم
نصرك.
يا لا إله إلا أنت بحق لا إله إلا أنت، صل على محمد وآل محمد
واجعلني معهم في الدنيا والآخرة (3)، واجعل عاقبة أمري إلى غفرانك
ورحمتك، يا أرحم الراحمين، وكذلك نسبت نفسك يا سيدي باللطف (3)، بلى
إنك لطيف، فصل على محمد وآله، والطف لي إنك لطيف لما تشاء.
اللهم صل على محمد وآله، وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا،
وتطول علي بقضاء (4) حوائجي للآخرة والدنيا.
[ثم قل: أستغفر الله ربي وأتوب إليه، إن بي رحيم دود، أستغفر الله
ربي وأتوب إليه إن ربي قريب مجيب] (5).
أستغفر الله ربي وأتوب إليه إنه كان غفارا، رب (6) اغفر لي وارحمني
وأنت أرحم الراحمين، رب إني عملت سوءا وظلمت نفسي فصل على
محمد وآله واغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
أستغفر الله الذي لا إله هو الحي القيوم وأتوب إليه - تقولها ثلاثا.
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الحكيم العظيم، الغافر
للذنب العظيم، وأتوب إليه - تقوله ثلاثا.
أستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر

1 - عطف يعطف: مال وعليه أشفق.
2 - في البحار: وجيها في الدنيا والآخرة.
3 - باللطيف (خ ل).
4 - بجميع (خ ل).
5 - من البحار وبلد الأمين.
6 - اللهم (خ ل).
207

الحكيم المحتوم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، أن تصلي
على محمد وآل محمد، وأن تكتبني من حجاج بيتك الحرام، المبرور
حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم سيئاتهم، وأن
تجعل فيما تقضي وتقدر أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تطيل
عمري، وتوسع رزقي، وتؤدي عني أمانتي وديني آمين آمين يا رب العالمين.
اللهم اجعل لي في أمري فرجا ومخرجا، وارزقني من حيث أحتسب
ومن حيث لا أحتسب، واحرسني من حيث أحترس من حيث لا أحترس،
اللهم صل على محمد وآل محمد، وسلم تسليما كثيرا كثيرا (1).
ومن العمل في كل يوم من شهر رمضان التسبيح:
رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: أخبرنا أبو
عبد الله يحيى بن زكريا ابن شيبان العلاف في كتابه، سنة خمس وستين ومائتين، قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي حمزة، عن أبيه وحسين بن أبي العلاء الزيدجي، جميعا،
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
تسبح في كل يوم من شهر رمضان - ونذكر فيه زيادة من رواية جدي أبي جعفر
الطوسي -:
الأول: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواح كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله السميع الذي ليس شئ أسمع منه، يسمع من فوق عرشه
ما تحت سبع أرضين، ويسمع ما في ظلمات البر والبحر، ويسمع الأنين

1 - عنه البحار 98: 101 - 105، أورده الشيخ في التهذيب 3: 111، وفي مصباحه 2: 610، عنه الكفعمي في
مصباحه: 618، بلد الأمين: 223، رواه مختصرا الكليني في الكافي 4: 76، والصدوق في الفقيه 2: 65، عنهما
الوسائل 10: 326، ذكره في الصحيفة السجادية الجامعة، الدعاء 117.
208

والشكوى، ويسمع السر وأخفى، ويسمع وساوس الصدور (1)، ولا يصم سمعه صوت.
الثاني: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله البصير الذي ليس شئ أبصر منه، يبصر من فوق عرشه
ما تحت سبع أرضين، ويبصر ما في ظلمات البر والبحر، لا تدركه الأبصار وهو
يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير.
ولا تغشى بصره الظلمة، ولا يستتر منه بستر، ولا يوارى منه جدار،
ولا يغيب عنه (2) بر ولا بحر، ولا يمكن منه جبل ما في أصله ولا قلب ما فيه،
ولا جنب ما في قلبه، ولا يستتر منه صغير ولا كبير، ولا يستخفى منه صغير
لصغره ولا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، وهو الذي يصوركم في
الأرحام كيف يشاء، لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
الثالث: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله
خالق الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق
الحب والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى
وما لا يرى، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله الذي ينشئ السحاب الثقال، ويسبح الرعد بحمده
والملائكة من خيفته، ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ويرسل الرياح
بشرى بين يدي رحمته، وينزل الماء من السماء بكلماته، وينبت النبات
بقدرته ويبسط الرزق بعلمه (3)، سبحان الله الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في

1 - ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (خ ل).
2 - منه (خ ل).
3 - ويسقط الورق بعلمه (خ ل).
209

الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين.
الرابع: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله الذي يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض (1) الأرحام، وما تزداد،
وكل شئ عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، سواء منكم
وكل شئ عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، سواء منكم
من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، له
معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله.
سبحان الله الذي يميت الأحياء ويحيي الموتى، ويعلم ما تنقص
الأرض منهم وتقر في الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى.
الخامس: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله
خالق الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق
الحب والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى
وما لا يرى، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن
تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شئ
قدير، تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل، وتخرج الحي من
الميت، وتخرج الميت من الحي، وترزق من تشاء بغير الحساب.
السادس: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله
خالق الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق
الحب والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى

1 - الغيض: السقط الذي لم يتم خلقه.
210

وما لا يرى، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله الذي عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر
والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب
ولا يابس إلا في كتاب مبين.
السابع: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله
خالق الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، وسبحان الله فالق
الحب والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى
وما لا يرى، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله الذي لا يحصي مدحته القائلون، ولا يجزي بآلائه الشاكرون
العابدون، وهو كما قال وفوق ما نقول، والله سبحانه كما أثنى على نفسه،
ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء، وسع كرسيه السماوات والأرض
ولا يؤده حفظهما، وهو العلي العظيم.
الثامن: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله
خالق الأزواج، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق
الحب والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى
وما لا يرى، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله الذي يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من
السماء وما يعرج فيها، ولا يشغله ما ينزل من السماء وما يعرج فيها عما يلج في
الأرض وما يخرج منها، ولا يشغله في الأرض وما يخرج منها عما ينزل
من السماء وما يعرج فيها، ولا يشغله علم شئ عن علم شئ، ولا يشغله خلق
شئ عن خلق شئ، ولا حفظ شئ عن حفظ شئ، ولا يساويه شئ،
ولا يعدله شئ ليس كمثله شئ وهو السميع البصير (1).

1 - العليم (خ ل).
211

التاسع: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله
خالق الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق
الحب والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى
وما لا يرى، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله فاطر السماوات والأرض، جاعل الملائكة رسلا أولي
أجنحة، مثنى ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شئ
قدير، ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من
بعده، وهو العزيز الحكيم.
العاشر: سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله
خالق الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق
الحب والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى
وما لا يرى، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.
سبحان الله الذي يعلم ما في السماوات وما في الأرض، ما يكون من
نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك
ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا، ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة، إن الله
بكل شئ عليم، سبحان الذي (1) بنعمته تتم الصالحات (2).
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في كل يوم من شهر رمضان:
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا
تسليما، لبيك يا رب وسعديك، اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك
على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم،
إنك حميد مجيد.
اللهم ارحم محمدا وآل محمد كما رحمت إبراهيم وآل إبراهيم، إنك

1 - أنت الذي (خ ل)، وفي البحار: الحمد لله الذي.
2 - عنه البحار 98: 105 - 108، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 616 - 620.
212

حميد مجيد، اللهم سلم على محمد وآل محمد كما سلمت على نوح في
العالمين، اللهم امنن على محمد وآل محمد كما مننت على موسى وهارون.
اللهم صل على محمد وآل محمد كما شرفتنا به، اللهم صل على محمد
وآل محمد كما هديتنا به، اللهم صل على محمد وآل محمد، وابعثه مقاما
محمودا يغبطه به الأولون والآخرون.
على محمد وآله السلام كلما طلعت شمس أو غربت، على محمد وآله
السلام كلما طرفت عين أو برقت، على محمد وآله السلام كلما ذكر
السلام، على محمد وآله السلام كلما سبح الله ملك أو قدسه.
السلام على محمد وآله في الأولين، السلام على محمد وآله في
الآخرين، السلام على محمد وآله في الدنيا والآخرة (1)، اللهم رب البلد
الحرام، ورب الركن والمقام، ورب الحل والحرام، أبلغ محمدا نبيك وآله (2)
عنا السلام.
اللهم أعط محمدا من البهاء والنضرة، والسرور والكرامة، والغبطة
والوسيلة والمنزلة، والمقام والشرف، والرفعة والشفاعة عندك يوم القيامة
أفضل ما تعطي أحدا من خلقك، وأعط محمد وآله فوق (3) ما تعطي الخلائق
من الخير أضعافا (4) كثيرة لا يحصيها غيرك.
اللهم صل على محمد وآل محمد (5) أطيب وأطهر، وأزكى وأنمى، وأفضل
ما صليت على أحد من الأولين (6) والآخرين، وعلى أحد من خلقك يا أرحم
الراحمين.

1 - السلام على محمد وآله ورحمة الله وبركاته (خ ل).
2 - وأهل بيته عنا أفضل التحية والسلام (خ ل).
3 - أفضل (خ ل).
4 - اضعافا مضاعفة (خ ل).
5 - آله (خ ل).
6 - على الأولين (خ ل).
213

اللهم صل على علي أمير المؤمنين (1)، ووال من والاه، وعاد من عاداه،
وضاعف العذاب على من شرك في دمه.
اللهم صل على فاطمة بنت نبيك محمد (2)، والعن من آذى نبيك فيها،
اللهم صل على الحسن والحسين إمامي المسلمين، ووال من والاهما، وعاد
من عاداهما، وضاعف العذاب على من شرك في دمهما.
اللهم صل على علي بن الحسين إمام المسلمين، ووال من والاه، وعاد
من عاداه، وضاعف العذاب (3) على من شرك في دمه (4)، اللهم صل على
محمد بن علي إمام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف
العذاب على من شرك في دمه (5).
اللهم صل على جعفر بن محمد إمام المسلمين ووال من والاه وعاد من
عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه (6)، اللهم صل على موسى بن
جعفر إمام المسلمين ووال من والاه، وعاد من عاداه، وضاعف العذاب على
من شرك في دمه (7).
اللهم صل على علي بن موسى الرضا إمام المسلمين، ووال من والاه
وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه (8)، اللهم صل على
محمد بن علي إمام المسلمين، ووال من والاه، وعاد من عاداه، وضاعف
العذاب على من شرك في دمه (9).

1 - ووصي رسول رب العالمين (خ ل).
2 - عليه وآله السلام (خ ل)، ووال من والاها وعاداها وضاعف العذاب على من ظلمها (خ ل).
3 - في مصباح المتهجد في جميع المواضع: ضاعف العذاب على من ظلمه.
4 - وهو الوليد (خ ل).
5 - وهو إبراهيم بن الوليد (خ ل).
6 - وهو المنصور (خ ل).
7 - وهو الرشيد (خ ل).
8 - وهو المأمون (خ ل).
9 - وهو المعتصم (خ ل).
214

اللهم صل على علي بن محمد إمام المسلمين، ووال من والاه وعاد من
عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه (1)، اللهم صل على الحسن بن
علي إمام المسلمين، ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على
من شرك في دمه (2).
اللهم صل على الخلف من بعده إمام المسلمين، ووال من والاه وعاد
من عاداه وعجل فرجه.
اللهم صل على الطاهر والقاسم ابني نبيك، اللهم صل على رقية ابنة
نبيك، والعن من آذى نبيك فيها، اللهم صل على أم كلثوم ابنة نبيك (3)
والعن من آذى نبيك فيها، اللهم صل على ذرية نبيك (4).
اللهم اخلف نبيك في أهل بيته، اللهم مكن لهم في الأرض، اللهم
اجعلنا من عددهم ومددهم (5) وأنصارهم على الحق في السر والعلانية.
اللهم اطلب بذحلهم (6) ووترهم (7) ودمائهم، وكف عنا وعنهم وعن كل
مؤمن ومؤمنة بأس كل باغ وطاغ وكل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك أشد
بأسا وأشد تنكيلا.
وتقول: يا عدتي في كربتي، ويا صاحبي في شدتي، ويا وليي في نعمتي،
ويا غايتي في رغبتي، أنت الساتر عورتي، والمؤمن روعتي، والمقيل عثرتي،
فاغفر لي خطيئتي يا أرحم الراحمين.

1 - وهو المتوكل (خ ل).
2 - وهو المعتمد أو المعتضد برواية ابن بابويه القمي (خ ل).
3 - اللهم صل على رقية وأم كلثوم بنتي نبيك والعن من آذى نبيك فيهما (خ ل).
4 - صل على الخيرة من ذرية نبيك (خ ل).
5 - أشياعهم (خ ل).
6 - الذحل: الثأر.
7 - الوتر: الجناية.
215

وتقول:
اللهم إني أدعوك لهم لا يفرجه غيرك، ولرحمة لا تنال إلا بك، ولكرب
لا يكشفه إلا أنت، ولرغبة لا تبلغ إلا بك، ولحاجة لا يقضيها إلا أنت (1).
اللهم فكما كان شأنك ما أذنت لي به من مسألتك، ورحمتني به
من ذكرك فليكن من شأنك سيدي الإجابة لي فيما دعوتك وعوائد الافضال
فيما رجوتك، والنجاة مما فزعت إليك فيه، فإن لم أكن أهلا أن أبلغ
رحمتك، فان رحمتك أهل أن تبلغني وتسعني، وإن لم أكن للإجابة أهلا
فأنت أهل الفضل، ورحمتك وسعت كل شئ، فلتسعني رحمتك.
يا إلهي يا كريم، أسألك بوجهك الكريم أن تصلي على محمد وأهل
بيته، وأن تفرج همي، وتكشف كربي وغمي، وترحمني برحمتك،
وترزقني من فضلك (2)، إنك سميع الدعاء قريب مجيب (3).
دعاء آخر في كل يوم منه:
اللهم إني من فضلك بأفضله وكل فضلك فاضل، اللهم إني
أسألك بفضلك كله، اللهم إني أسألك من رزقك بأعمه وكل رزقك عام،
اللهم إني أسألك برزقك كله، اللهم إني أسألك من عطاياك بأهنأها وكل
عطاياك هنيئة. اللهم إني أسألك بعطاياك كلها.
اللهم إني أسألك من خيرك بأعجله وكل خيرك عاجل، اللهم إني
أسألك بخيرك كله، اللهم إني أسألك من إحسانك بأحسنه وكل إحسانك
حسن، اللهم إني أسألك باحسانك كله، اللهم إني أسألك بما تجيبني به
حين أسألك فأجبني يا الله.
وصل على محمد عبدك المرتضى، ورسولك المصطفى، وأمينك

1 - لا تقضي دونك (خ ل).
2 - فضلك الواسع (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 108 - 111، رواه الشيخ مصباح المتهجد 2: 620 - 624.
216

ونجيك دون خلقك، ونجيك من عبادك ونبيك، ومن جاء بالصدق من
عندك، وحبيبك المفضل على رسلك، وخيرتك من العالمين، البشير النذير،
السراج المنير، وعلى أهل بيته الأبرار الطاهرين.
وعلى ملائكتك الذين استخلصتهم لنفسك وحجبتهم عن خلقك، وعلى
أنبيائك الذين ينبئون عنك بالصدق، وعلى رسلك الذين اختصصتهم
لوحيك، وفضلتهم على العالمين برسالاتك، وعلى عبادك الصالحين الذين
أدخلتهم في رحمتك الأئمة المهتدين (1) الراشدين، وأوليائك المطهرين.
وعلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ورضوان خازن الجنان
ومالك خازن النيران (2)، وروح القدس والروح الأمين وحملة عرشك
المقربين (3)، وعلى الملكين الحافظين علي، بالصلاة التي تحب أن يصلي
بها عليهم أهل السماوات وأهل الأرضين، صلاة طيبة كثيرة، زاكية مباركة،
نامية ظاهرة باطنة، شريفة فاضلة تبين بها فضلهم على الأولين والآخرين.
اللهم أعط محمدا الوسيلة والشرف والفضيلة (4)، واجزه عنا خير ما جزيت
نبيا عن أمته، اللهم أعط محمدا صلى الله عليه وآله مع كل زلفة (5) زلفة، ومع
كل وسيلة وسيلة، ومع كل فضيلة فضيلة، ومع كل شرف شرفا، اللهم أعط
محمدا وآله يوم القيامة أفضل ما أعطيت أحدا من الأولين والآخرين.
اللهم اجعل محمدا صلى الله عليه وآله أدنى المرسلين منك مجلسا،
وأفسحهم في الجنة عندك منزلا، وأقربهم إليك وسيلة، واجعله أول شافع
وأول مشفع، وأول قائل وأنجح سائل، وابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به
الأولون والآخرون، يا أرحم الراحمين.

1 - الهداة (خ ل).
2 - النار (خ ل).
3 - وعلى الملائكة المقربين (خ ل).
4 - والدرجة الرفيعة (خ ل).
5 - الزلفة: القربى والمنزلة.
217

وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تسمع صوتي وتجيب
دعوتي، وتجاوز عن خطيئتي، وتصفح عن ظلمي، وتنجح طلبتي، وتقضي
حاجتي، وتنجز لي ما وعدتني، وتقيل عثرتي، وتقبل مني، وتغفر ذنوبي،
وتعفو عن جرمي، وتقبل علي، ولا تعرض عني، وترحمني ولا تعذبني،
وتعافيني ولا تبتليني.
وترزقني يا أرحم الراحمين من أطيب رزقك وأوسعه، ولا تحرمني
جنتك (1) يا رب، واقض عني ديني، وضع عني وزري، ولا تحملني ما لا طاقة
لي به يا مولاي، وأدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد،
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمد وآل محمد صلواتك عليه وعليهم
أجمعين، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته.
اللهم إني أدعوك كما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني (2) - تقولها
ثلاثا، وتقول:
اللهم إني أسألك قليلا من كثير، مع حاجة بي إليه عظيمة، وغناك عنه
قديم، وهو عندي كثير، وهو عليك سهل يسير، فامنن علي به، إنك على
كل شئ قدير، آمين يا رب العالمين (3).
ومن ذلك دعاء آخر:
وجدناه في أدعية كل يوم من شهر رمضان باسناد وترغيب عظيم الشأن، يذكر فيه
أنه من أسرار الدعوات، ومضمون الإجابات، وهو:
اللهم إني كما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا، اللهم
إني أسألك من بهائك بأبهاه وكل بهائك بهي، اللهم إني أسألك ببهائك
كله.

1 - خيرك (خ ل).
2 - يا كريم (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 111 - 112، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 624 - 626.
218

اللهم إني أسألك من جلالك بأجله وكل جلالك جليل، اللهم إني
أسألك بجلالك كله، اللهم إني أسألك من جمالك بأجله وكل جمالك
جميل، اللهم إني أسألك بجمالك كله، اللهم إني أدعوك كما أمرتني
فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك من عظمتك بأعظمها وكل عظمتك عظيمة، اللهم إني
أسألك بعظمتك كلها، اللهم إني أسألك من نورك بأنوره وكل نورك نير،
اللهم إني أسألك بنورك كله، اللهم إني أسألك من رحمتك بأوسعها وكل
رحمتك واسعة، اللهم إني أسألك برحمتك كلها، اللهم إني أدعوك كما
أمرتني فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك من كمالك بأكمله وكل كمالك كامل، اللهم إني
أسألك بكمالك كله، اللهم إني أسألك من كلماتك بأتمها، وكل كلماتك
تامة، اللهم إني أسألك بكلماتك كلها، اللهم إني أسألك من أسمائك
بأكبرها وكل أسمائك كبيرة، اللهم إني أسألك بأسمائك كلها، اللهم إني
أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك من عزتك بأعزها وكل عزتك عزيزة، اللهم إني أسألك
بعزتك كلها، اللهم إني أسألك من مشيتك بأمضاها وكل مشيتك ماضية،
اللهم إني أسألك بمشيتك كلها، اللهم إني أسألك بقدرتك التي (1) استطلت
بها على كل شئ وكل قدرتك مستطيلة، اللهم إني أسألك بقدرتك كلها،
اللهم إني أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك من علمك بأنفذه وكل علمك نافذ، اللهم إني أسألك
بعلمك كله، اللهم إني أسألك من قولك بأرضاه وكل قولك رضي، اللهم
إني أسألك بقولك كله، اللهم إني أسألك من مسائلك بأحبها إليك وكل

1 - في البحار: من قدرتك بالقدرة التي.
219

مسائلك إليك حبيبة، اللهم إني أسألك بمسائلك كلها، اللهم إني أدعوك
كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك من شرفك بأشرفه وكل شرفك شريف، اللهم إني
أسألك بشرفك كله، اللهم إني أسألك من سلطانك بأدومه وكل سلطانك
دائم، اللهم إني أسألك بسلطانك كله، اللهم إني أسألك من ملكك بأفخره
وكل ملكك فاخر، اللهم إني أسألك بملكك كله، اللهم إني أدعوك كما
أمرتني فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك من علائك بأعلاه وكل علائك عال، الله إني
أسألك بعلائك كله، اللهم إني أسألك من منك بأقدمه وكل منك قديم،
اللهم إني أسألك بمنك كله، اللهم إني أسألك من آياتك بأعجبها وكل
آياتك عجيبة، الله إني أسألك بآياتك كلها، اللهم إني أدعوك كما
أمرتني فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك من فضلك بأفضله وكل فضلك فاضل، اللهم إني
أسألك بفضلك كله، اللهم إني أسألك من رزقك بأعمه وكل رزقك عام،
اللهم إني أسألك برزقك كله، اللهم إني أسألك من عطائك بأهنأه وكل
عطائك هنئ، اللهم إني أسألك بعطائك كله.
اللهم إني أسألك من خيرك بأعجله وكل خيرك عاجل، اللهم إني
أسألك بخيرك كله، اللهم إني أسألك من إحسانك بأحسنه وكل إحسانك
حسن، اللهم إني أسألك باحسانك كله.
اللهم إني أسألك بما تجيبني به حين أدعوك، فأجبني يا الله، نعم
دعوتك يا الله، اللهم بما أنت فيه من الشؤون والجبروت (1)، اللهم
إني أسألك بشأنك وجبروتك كلها.

1 - اللهم إني أسألك بكل شأن وجبروت (خ ل).
220

اللهم إني أسألك بما تجيبني به حين أسألك به، فأجبني يا الله، صل
على محمد وآل محمد... - واذكر ما تريد.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وابعثني على الإيمان بك، والتصديق
برسولك، والولاية لعلي بن أبي طالب عليهما السلام، والايتمام بالأئمة من
آل محمد، والبراءة من أعدائهم، فإني قد رضيت بذلك يا رب.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأسألك خير الخير رضوانك والجنة،
وأعوذ بك من شر الشر سخطك والنار.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واحفظني من كل مصيبة وكل بلية،
ومن كل عقوبة، ومن كل فتنة، ومن كل بلاء، ومن كل شر، من كل
مكروه، ومن كل مصيبة، ومن كل آفة، نزلت أو تنزل من السماء إلى
الأرض في هذه الساعة، وفي هذه الليلة، وفي هذا اليوم، وفي هذا الشهر،
وفي هذه السنة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأقسم لي من كل سرور، ومن كل
بهجة، ومن كل استقامة، ومن كل فرج، ومن كل عافية، ومن كل سلامة،
ومن كل كرامة، ومن كل رزق واسع حلال طيب، ومن كل نعمة، ومن
كل حسنة، نزلت أو تنزل من السماء إلى الأرض في هذه الساعة، وفي
هذه الليلة، وفي هذا اليوم، وفي هذه الشهر، وفي هذه السنة.
اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت (1) وجهي عندك، وحالت بيني
وبينك، أو غيرت حالي عندك، فاني أسألك بنور وجهك الكريم الذي
لم يطفأ، وبوجه حبيبك محمد المصطفى، وبوجه وليك علي المرتضى،
وبحق أوليائك الذين انتجبتهم، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر
لي ولوالدي وما ولدا، وللمؤمنين والمؤمنات، وما توالدوا، ذنوبنا كلها، صغيرها

1 - أخلق الثوب: بلى.
221

وكبيرها، وأن تختم لنا بالصالحات، وأن تقضي لنا الحاجات والمهمات،
وصالح الدعاء والمسألة، فاستجب لنا، بحق محمد وآله.
اللهم صل على محمد وآل محمد، آمين آمين آمين، ما شاء الله كان،
لا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ومد يديك ومل عنقك على منكبك الأيسر، وابك أو تباك، قل:
يا لا إله إلا أنت، أسألك بحق من من حقه عليك عظيم، بلا إله إلا أنت (1)،
أسألك ببهاء لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت، أسألك بجلال لا إله إلا أنت
يا لا إله الا أنت، أسألك بجمال لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت.
أسألك بنور لا إله إلا أنت يا لا إله أنت، أسألك بكمال لا إله إلا أنت
يا لا إله إلا أنت، أسألك بعزة لا إله أنت يا لا إله أنت، أسألك بعظم (2)
لا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت.
أسألك بقول لا إله أنت يا لا إله إلا أنت، أسألك بشرف لا إله ألا أنت
يا لا إله إلا أنت، يا لا إله إلا أنت، أسألك بعلاء لا إله ألا أنت يا لا إله إلا
أنت، أسألك بلا إله إلا أنت يا لا إله إلا أنت.
يا رباه يا رباه يا رباه - حتى ينقطع النفس، أسألك يا سيدي - تقول ذلك
وأنت ماد يديك، مثن (3) عنقك على منكبك الأيسر، يا الله يا رباه - حتى ينقطع
النفس.
يا سيداه يا مولاه يا غياثاه يا ملجأه، يا منتهى غاية رغبتاه، يا أرحم الراحمين،
أسألك فليس كمثلك شئ، وأسألك بكل دعوة مستجابة دعاك بها نبي
مرسل أو ملك مقرب، أو عبد مؤمن امتحنت قلبه للإيمان، واستجبت دعوته

1 - في البحار زيادة: أسألك بلا إله الا أنت.
2 - يعظم (خ ل).
3 - ثنى الشئ: عطفه.
222

منه، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، واقدمه بين يدي حوائجي.
يا محمد يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أتوجه بك إلى ربك وربي،
وأقدمك بين يدي حوائجي، يا رباه يا رباه يا رباه، أسألك بك، فليس كمثلك
شئ، وأتوجه إليك بمحمد حبيبك، وبعترته الهادية، وأقدمهم بين يدي
حوائجي.
وأسألك اللهم بحياتك التي لا تموت، وبنور وجهك الذي لا يطفأ،
وبعينك التي لا تنام، وأسألك بحق من حقه عليك عظيم، أن تصلي على
محمد وآل محمد، قبل كل شئ، وبعد كل شئ، وعدد كل شئ، وزنة
كل شئ، وملء كل شئ.
اللهم إني أسألك أن تصلي على محمد عبدك المصطفى، ورسولك
المرتضى، وأمينك المصطفى ونجيبك دون خلقك، وحبيبك وخيرتك من
خلقك أجمعين، النذير البشير السراج المنير، وعلى أهل بيته الطيبين
الطاهرين المطهرين الأخيار الأبرار، وعلى ملائكتك الذين استخلصتهم
لنفسك، وحجبتهم عن خلقك، وعلى أنبيائك الذين ينبئون بالصدق عنك.
وعلى عبادك الصالحين، الذين أدخلتهم في رحمتك، الأئمة المهتدين
الراشدين المطهرين، وعلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، وملك الموت (1)
ورضوان خازن الجنة (2)، ومالك خازن النار، والروح القدس، وحملة العرش
ومنكر ونكير، وعلى الملكين الحافظين علي، بالصلاة التي تحب أن تصلي
بها عليهم، صلاة كثيرة طيبة مباركة زاكية نامية، طاهرة شريفة فاضلة، تبين
بها فضلهم على الأولين والآخرين.
اللهم إني أسألك أن تسمع صوتي، تجيب دعوتي، وتغفر ذنوبي،
وتنجح طلبتي، وتقضي حاجاتي، وتقبل قصتي، تنجز لي ما وعدتني،

1 - عزرائيل (خ ل).
2 - الجنان (خ ل).
223

وتقيلني عثرتي، وتتجاوز عن خطيئتي، وتصفح عن ظلمي، وتعفو عن
جرمي، وتقبل على، ولا تعرض عني، وترحمني ولا تعذبني، وتعافيني
ولا تبتليني، وترزقني، وترزقني من أطيب الرزق وأوسعه، وأهناءه وأمرأه، وأسبغه وأكثره.
ولا تحرمني يا رب ديني وأمانتي، وضع عني وزري، ولا تحملني
ما لا لي به، يا مولاي، وأدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل
محمد، وأخرجني من كل سوء أخرجتهم منه، ولا تفرق بيني وبينهم طرفة
عين أبدا في الدنيا والآخرة.
اللهم إني أدعوك كما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني - ثلاثا.
اللهم إني أسألك قليلا من كثير، مع حاجة بي إليه عظيمة، وغناك عنه
قديم وهو عندي كثير، وهو عليك سهل يسير، فامنن به علي، إنك على
كل شئ قدير.
اللهم برحمتك في الصالحين فأدخلنا، وفي عليين فارفعنا، وبكأس من
معين من عين سلسبيل فاسقنا، ومن الحور العين برحمتك فزوجنا، ومن
الولدان المخلدين كأنهم لؤلؤ مكنون فأخدمنا، ومن ثمار الجنة ولحوم الطير
فأطعمنا، ومن ثياب السندس والحرير والإستبرق فألبسنا، وليلة القدر وحج
بيتك الحرام، وقتلا في سبيلك مع وليك فوفق لنا، وصالح الدعاء والمسألة
فاستجب لنا.
يا خالقنا اسمع واستجب لنا، وإذا جمعت الأولين والآخرين يوم القيامة
فارحمنا، وبراءة من النار وأمانا من العذاب فاكتب لنا، وفي جهنم
فلا تجعلنا، ومع الشياطين فلا تقرنا، وفي هوانك وعذابك فلا تقلبنا، ومن
الزقوم والضريع فلا تطعمنا، وفي النار على وجوهنا فلا تكببنا (1)، ومن ثياب

1 - كب الرجل على وجهه ولوجهه: صرعه.
224

النار وسرابيل القطران فلا تلبسنا، ومن كل سوء يا لا إله إلا أنت بحق لا إله
إلا أنت فنجنا.
اللهم إني أسألك ولم يسأل مثلك، وأرغب إليك ولم يرغب إلى مثلك
يا رب أنت موضع مسألة السائلين، ومنتهى رغبة الراغبين، أسألك اللهم
بأفضل أسمائك كلها وأنجحها، يا الله يا رحمن، وباسمك المخزون المصون
الأعز الأجل الأعظم الذي تحبه وتهواه، وترضى عمن دعاك به، وتستجيب
له دعاءه، وحق عليك يا رب أن لا تحرم سائلك.
اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، دعاك به عبد هو لك، في بر أو
بحر، أو سهل أو جبل، أو عند بيتك الحرام، أو في شئ من سبلك.
فأدعوك يا رب دعاء من قد اشتدت فاقته، وعظم جرمه وضعف
كدحه (1)، و أشرفت على الهلكة نفسه، ولم يثق بشئ من علمه، ولم يجد لما
هو فيه سادا ولا لذنبه غافرا ولا لعثرته مقيلا غيرك، هاربا إليك، متعوذا بك،
متعبدا لك، غير مستنكف ولا مستكبر، ولا مستحسر (2) ولا متجبر، ولا متعظم،
بل بائس فقير، خائف مستجير.
أسألك يا الله يا رحمن، يا حنان يا منان، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا
الجلال والإكرام، أن تصلي على محمد وآل محمد، صلاة كثيرة طيبة،
مباركة نامية، زاكية شريفة.
أسألك اللهم أن تغفر لي في شهري هذا، وترحمني، وتعتق رقبتي من
النار، وتعطيني فيه خير ما أعطيت به أحدا من خلقك، وخير ما أنت معطيه،
ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك منذ أسكنتني أرضك، إلى يومي هذا،
بل اجعله علي أتمه نعمة وأعمه عافية، وأوسعه رزقا، وأجز له وأهنأه.
اللهم إني أعوذ بك وبوجهك الكريم، وملكك العظيم، أن تغرب

1 - كدح في العمل: جهد نفسه فيه وكد حتى يؤثر فيها.
2 - استحسر: تعب واعيا.
225

الشمس من يومي هذا، أو ينقضي هذا اليوم، أو يطلع الفجر من ليلتي
هذه، أو يخرج هذا الشهر، ولك قبلي تبعة أو ذنب، أو خطيئته تريد أن
تقايسني بها، أو تؤاخذني بها، أو توقفني بها موقف خزي في الدنيا والآخرة،
أو تعذبني يوم ألقاك، يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أدعوك لهم لا يفرجه غيرك، ولرحمة لا تنال إلا بك، ولكرب
لا يكشفه إلا أنت، ولرغبة لا تبلغ إلا بك، ولحاجة لا تقضى دونك.
اللهم فكما كان من شأنك ما أردتني به من مسألتك، ورحمتني به من
ذكرك، فليكن من شأنك الاستجابة لي فيما دعوتك به، والنجاة لي فيما
فزعت إليك منه.
أيا ملين الحديد لداود عليه السلام، أي كاشف الضر والكرب العظام (1)
عن أيوب، ومفرج غم يعقوب، ومنفس كرب يوسف، صل على محمد وآل
محمد، وافعل بي ما أنت أهله، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة.
اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في
كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم كرب يضعف منه الفؤاد، وتقل فيه
الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك،
رغبة مني فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيته، فأنت ولي كل
نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة، أعوذ بكلمات الله التامات،
من شر ما خلق من شئ.
اللهم عافني في يومي هذا حتى أمسى، اللهم إني أسألك بركة يومي
هذا، وما نزل فيه من عافية ومغفرة ورحمة ورضوان، ورزق واسع حلال
تبسطه علي وعلى والدي وولدي وأهلي وعيالي وأهل حزانتي، ومن أحببت
وأحبني، وولدت وولدني، اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك، والحسد

1 - الكرب العظيم (خ ل).
226

والبغي، والحمية والغضب.
اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن
ورب العرش العظيم، صل على محمد وآله، واكفني المهم من أمري
بما شئت، وكيف شئت.
ثم اقرأ الحمد وآية الكرسي وقل:
اللهم إنك قلت لنبيك صلى الله عليه وآله: (و لسوف يعطيك ربك
فترضى) (1)، اللهم إن نبيك ورسولك وحبيبك وخيرتك من خلقك، لا يرضى
بأن تعذب أحدا من أمته، دانك بموالاته وموالاة الأئمة من أهل بيته، وإن
كان مذنبا خاطئا، في نار جهنم، فأجرني يا رب من جهنم وعذابها، وهبني
لمحمد وآل محمد، يا أرحم الراحمين.
يا جامعا بين أهل الجنة على تألف من القلوب وشدة المحبة، ونازع الغل
من صدورهم، وجاعلهم إخوانا على سرر متقابلين، يا جامعا بين أهل طاعته،
وبين من خلقها له، ويا مفرج حزن كل محزون، ويا منهل (2) كل غريب.
يا راحمي في رغبتي وفي كل أحوالي بحسن الحفظ والكلاءة لي،
يا مفرج ما بي من الضيق والخوف، صل على محمد وآل محمد، واجمع
بيني وبين أحبتي وقادتي وسادتي، وهداتي وموالي.
يا مؤلفا بين الأحبة (3) صل على محمد وآل محمد، لا تفجعني بانقطاع
رؤية محمد وآل محمد عني، ولا بانقطاع رؤيتي عنهم، فبكل مسائلك يا رب
أدعوك إلهي، فاستجب دعائي إياك، يا أرحم الراحمين، اللهم إني أسألك
بانقطاع حجتي ووجوب حجتك أن تغفر لي.
اللهم إني أعوذ بك من خزي يوم المحشر، ومن شر ما بقي من الدهر،

1 - الضحى: 5.
2 - المنهل: المورد.
3 - الأحباء (خ ل).
227

ومن شر الأعداء، وصفير الفناء، وعضال (1) الداء، وخيبة الرجاء، و زوال
النعمة، وفجأة النقمة، اللهم اجعل لي قلبا يخشاك كأنه يراك إلى يوم
يلقاك (2).
فصل (7)
فيما نذكره من الأدعية لكل يوم غير متكررة
فمن ذلك دعاء أول يوم من شهر رمضان، من جملة الثلاثين فصلا.
اللهم يا رب أصبحت لا أرجو غيرك، ولا أدعو سواك، ولا أرغب إلا إليك،
ولا أتضرع إلا عندك، ولا ألوذ إلا بفنائك، إذ لو دعوت غيرك لم يجبني، ولو
رجوت غيرك لأخلف رجائي، وأنت ثقتي ورجائي ومولاي وخالقي وبارئي
ومصوري، ناصيتي بيدك، تحكم في كيف تشاء، لا أملك لنفسي ما أرجو،
ولا أستطيع دفع ما أحذر، أصبحت مرتهنا بعملي، وأصبح الأمر بيد غيري.
اللهم إني أصبحت أشهدك وكفى بك شهيدا، واشهد ملائكتك وحملة
عرشك وأنبياءك ورسلك، على أني أتولى من توليته، وأتبرء ممن تبرأت
منه، وأومن بما أنزلت على أنبيائك ورسلك، فافتح مسامع قلبي لذكرك
حتى أتبع كتابك، واصدق رسلك، وأومن بوعدك، وأوفي بعهدك، فان أمر
القلب بيدك.
اللهم إني أعوذ بك من القنوط من رحمتك، واليأس من رأفتك،
فأعذني من الشك والشرك، والريب والنفاق، والرياء والسمعة، واجعلني
في جوارك الذي لا يرام، واحفظني من الشك الذي صاحبه يستهان.
اللهم وكلما قصر عنه استغفاري من سوء لا يعلمه غيرك، فعافني منه
واغفره لي، فإنك كاشف الغم، مفرج الهم، رحمن الدنيا والآخرة

1 - داء عضال: معي غالب.
2 - عنه البحار 98: 112 - 120.
228

ورحيمهما، فامنن علي بالرحمة التي رحمت بها ملائكتك ورسلك
وأولياءك من المؤمنين والمؤمنات.
اللهم رب هذا اليوم، وما أنزلت فيه من بلاء أو مصيبة أو غم أو هم،
فاصرفه عني وعن أهل بيتي وولدي وإخواني ومعارفي، ومن كان مني
بسبيل من المؤمنين والمؤمنات.
اللهم إني أصبحت على كلمة الاخلاص، وفطرة الاسلام، وملة إبراهيم،
ودين محمد صلواتك عليه وآله.
اللهم احفظني وأحيني على ذلك، وتوفني عليه، وابعثني يوم تبعث
الخلائق فيه، واجعل أول يومي هذا صلاحا، وأوسطه فلاحا، وآخره نجاحا
برحمتك، فاني أسألك خيره وخير أهله، وأعوذ بك من شره وشر أهله، ومن
سمعه وبصره ورجله، وكن لي منه حاجزا (1)، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله
غيرك.
اللهم إني أسألك أن ترزقني مواهب الدعاء في دبر كل صلاة، وأسألك
خير يومي هذا وفتحه، ونصره ونوره، وهداه ورشده، وبشراه.
أصبحت بالله الذي ليس كمثله شئ ممتنعا، وبعزة الله التي لا ترام
ولا تضام معتصما، وبسلطان الله الذي لا يقهر ولا يغلب عائذا، من شر خلق
وذرء وبرء، ومن شر ما يكن (2) بالليل ويخرج بالنهار، وشر ما يخرج بالليل
يكن بالنهار، ومن شر الجن والإنس، ومن شر كل ذي سلطان أو غيره،
ومن شر كل دابة هو (3) آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم (4).
دعاء آخر في اليوم منه.

1 - حجزه: منعه.
2 - كن الشئ: ستره.
3 - في البحار: أنت.
4 - عنه البحار 98: 2 - 4.
229

اللهم اجعل صيامي صيام الصائمين، وقيامي قيام القائمين، ونبهني فيه
عن نومه الغافلين، وهب لي جرمي، يا إله العالمين. (1)
وقد قدمنا في عمل الشهر روايتين، كل واحدة بثلاثين فصلا لسائر الشهور، فادع
بدعاء كل يوم منها في يومه، فإنه باب سعادة فتح لك، فاغتنمه قبل أن تصير من أهل القبور.
فصل (8)
فيما نذكره من فضل الاعتكاف في شهر رمضان
اعلم أن الاعتكاف حقيقته عكوف العبد على طاعة الله جل جلاله ومراقبته،
وتفصيل ذلك مذكور في الكتب المتعلقة بتفصيل الاحكام وجملته.
وإنما نذكر هاهنا حديثا واحد بفضل الاعتكاف مطلقا في شهر الصيام، لئلا يخلو
كتابنا من الإشارة إلى هذه العبادة، وما فيها من سعادة وإنعام.
روينا ذلك عن محمد بن يعقوب من كتاب الكافي، وعن علي بن فضال من
كتاب الصيام، وعن أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال:
اعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله في أول ما فرض شهر رمضان في العشر
الأول، وفي السنة الثانية في العشر الأوسط، وفي السنة الثالثة في العشر والأواخر،
فلم يزل يفعل ذلك حتى مضى. (2)
وسنذكر في العشر الأواخر منه فضل الاعتكاف فيه، وما لاغنى لمن يحتاج إليه عنه.
فصل (9)
فيما نذكره من أن القرآن انزل في شهر رمضان والحث على تلاوته فيه
أما نزوله في شهر رمضان:

1 - عنه البحار 98: 4.
2 - رواه الكليني في الكافي 4: 175، والصدوق في الفقيه 2: 123، عنهما البحار 98: 4.
230

فيكفي في البرهان قول الله جل جلاله: (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن) (1).
وإنما ورد في الحديث: أن نزوله كان في شهر الصيام إلى السماء الدنيا، ثم نزل منها
إلى النبي صلى الله عليه وآله، كما شاء جل جلاله في الأقات والأزمان.
وأما الحث على تلاوته فيه:
فذلك كثير في الأخبار، ولكنا نورد حديثا واحدا فيه، تنبيها لأهل الاعتبار:
عن علي بن المغفيرة، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: قلت له: إن أبي سأل
جدك عليه السلام عن ختم القرآن في كل ليلة، فقال له: في شهر رمضان، قال: افعل
فيه ما استطعت، فكان أبي، يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان، ثم ختمته بعد أبي
فربما زدت وربما نقصت، وإنما يكون ذلك على قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي،
فإذا كان يوم الفطر جعلت لرسول الله صلى الله عليه وآله ختمة ولفاطمة عليها السلام
ختمة وللأئمة عليهم السلام ختمة، حتى انتهيت إليه (2)، فصيرت لك واحدة منذ صرت
في هذه الحال، فأي شئ لي بذلك؟ قال: لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة،
قلت: الله أكبر فلي بذلك؟ قال: نعم - ثلاث مرات. (3)
فصل (10)
فيما نذكره مما يدعى به عند نشر المصحف لقراءة القرآن
روينا ذلك بإسنادنا إلى يونس بن عبد الرحمان، عن علي بن ميمون الصائغ أبي
الأكراد، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه: كان من دعائه إذا أخذ مصحف القرآن
والجامع قبل أن يقرأ القرآن وقبل أن ينشره، يقول حين يأخذه بيمينه:
بسم الله، اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك، على
رسولك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، وكتابك الناطق على لسان

1 - البقرة: 185.
2 - إليك (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 5.
231

رسولك، وفيه حكمك وشرايع دينك، أنزلته على نبيك، وجعلته عهدا منك
إلى خلقك، وحبلا متصلا فيما بينك وبين عبادك.
اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة،
وقراءتي تفكرا، وفكري اعتبارا، واجعلني ممن أتعظ ببيان مواعظك فيه،
وأجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قراءتي كتابك على قلبي ولا على سمعي،
ولا تجعل على بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها،
بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه، آخذ بشرايع دينك، ولا تجعل نظري فيه
غفلة، ولا قراءتي هذرمة (1)، إنك أنت الرؤوف الرحيم. (2)
فصل (11) فيما نذكره مما ينبغي ان يقرأ في مدة الشهر كله
اعلم أنه من بلغ فضل الله عليه إلى أن يكون متصرفا في العبادات المندوبات، بأمر
يعرفه في سره، فيعتمد عليه، فإنه يكون مقدار قراءته في شهر رمضان بقدر ذلك البيان،
وأما من كان متصرفا في القراءة بحسب الأمر الظاهر في الأخبار، فإنه بحسب ما يتفق له
من التفرغ والاعذار.
فإذا لم يكن له عائق عن استمرار القراءة في شهر الصيام، فليعمل ما روي عن
وهب بن حفص، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الرجل في كم يقرء
القرآن؟ قال: في ست فصاعدا، قلت: شهر رمضان؟ قال: في ثلاث فصاعدا. (3)
ورويت عن جعفر بن قولويه، باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تعجبني
أن يقرأ القرآن في أقل من الشهر. (4)
أقول: واعلم أن المراد من قرائتك القرآن، أن تستحضر في عقلك وقلبك أن الله جل

1 - الهذرمة: الاسرع في الكلام.
2 - عنه البحار 98: 6، 92: 207.
3، 4 - عنه البحار 98: 9.
232

جلاله يقرء عليك كلامه بلسانك، فتستمع مقدس كلامه، وتعترف بقدر إنعامه،
وتستفهم المراد من آدابه، ومواعظه واحكامه.
فإن قلت: لا يقوم ضعف البشرية والأجزاء الترابية بقدر معرفة حرمة الجلالة الإلهية،
فليكن أدبك في الاستماع والانتفاع على مقدار (1)، أنه لو قرأ عليك بعض ملوك الدنيا
كلاما قد نظمه، وأراد منك أن تفهم معانيه وتعمل بها وتعظمه، فلا ترض لنفسك
وأنت مقر بالاسلام أن يكون الله جل جلاله، دون مقام ملك في الدنيا، يزول ملكه
لبعض الأحلام.
وإن قلت: لا أقدر على بلوغ هذه المرتبة الشريفة، فلا أقل أن يكون استماعك
وانتفاعك بالقراءة المقدسة المنيفة، كما لو جاءك كتاب من والدك، أو ولدك القريب
إليك، أو من صديقك العزيز عليك، فإنك إن أنزلت الله جل جلاله وكلامه المعظم
دون هذه المراتب، فقد عرضت نفسك الضعيفة لصفقة خاسر أو خائب.
فصل (12)
فيما نذكره من دعاء إذا فرغ من تلاوة القرآن
رويته بالاسناد المتقدم عند ذكر نشر المصحف الكريم، فيقول عند الفراغ من قراءة
بعض القرآن العظيم:
اللهم إني قرأت ما (2) قضيت لي من كتابك، الذي أنزلته على نبيك
محمد صلواتك عليه ورحمتك، فلك الحمد ربنا ولك الشكر والمنة، على
ما قدرت ووفقت.
اللهم اجعلني ممن يحل حلالك، ويحرم حرامك، ويجتنب معاصيك،
ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، واجعله لي شفاء ورحمة،
وحرزا وذخرا.

1 - قدر (خ ل).
2 - بعض ما (خ ل).
233

اللهم اجعله لي انسا في قبري، وانسا في حشري، وانسا في نشري،
واجعل لي بركة بكل آية قرأتها، وارفع لي بكل حرف درسته درجة في أعلى
عليين، آمين يا رب العالمين.
اللهم صل على محمد نبيك وصفيك ونجيك ودليلك، والداعي إلى
سبيلك، وعلى أمير المؤمنين وليك وخليفتك من بعد رسولك، وعلى
أوصيائهما المستحفظين دينك، المستودعين حقك، والمسترعين خلقك،
وعليهم أجمعين السلام ورحمة الله وبركاته (1).
أقول: وليختم صوم نهاره ما قدمناه في خاتمة ليله وذكرنا من أسراره.

1 - عنه البحار 98: 7، 92: 208.
234

الباب السادس
فيما نذكره من وظائف الليلة الثانية من شهر رمضان ويومها
وفيه فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من كيفية خروج الصائم من صومه ودخوله في حكم الافطار
اعلم أن للصائم معاملة كلف باستمرارها قبل صومه، ومع صومه، وبعد صومه،
فهي مطلوبة منه قبل الافطار، ومعه وبعده، في الليل والنهار، وهي طهارة قلبه مما
يكرهه مولاه، واستعمال جوارحه فيما يقربه من رضاه، فهذا أمر مراد من العبد مدة
مقامه في دنياه.
وأما المعاملة المختصة بزيادة شهر رمضان، فان العبد إذا كان مع الله جل جلاله،
يتصرف بأمره في الصوم والافطار، في السر والاعلان، فصومه طاعة سعيدة، وإفطاره بأمر
الله جل جلاله عبادة أيضا جديدة.
فيكون خروجه من الصوم إلى حكم الافطار، خروج ممتثل أمر الله جل جلاله،
وتابع لما يريده منه من الاختيار، متشرفا ومتلذذا، كيف ارتضاه سلطان الدنيا والآخرة
أن يكون في بابه، ومتعلقا على خدمته، ومنسوبا إلى دولته القاهرة، وكيف وفقه للقبول
منه، وسلمه من خطر الاعراض عنه.
235

وإياه وأن يعتقد أنه بدخول وقت الافطار قد تشمر (1) من حضرة المطالبة بطهارة
الأسرار، واصلاح الأعمال في الليل والنهار، وهو يعلم أن الله جل جلاله ما شمره إلا
مزيد دوام إحسانه إليه، وإقباله بالرحمة عليه.
وكيف يكون العبد مهونا باقبال مالك حاضر محسن إليه، ويهون من ذلك ما لم يهون،
ألم يسمع مولاه يقول: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.) (2)
فصل (2)
فيما نذكره من الوقت الذي يجوز فيه الافطار
اعلم أنه إذا دخل صلاة المغرب على اليقين، فقد جاز إفطار الصائمين ما لم يشغل
الافطار عما هو أهم منه من عبادات رب العالمين.
فان اجتمعت مراسم الله جل جلاله على العبد عند دخول وقت العشاء، فليبدء
بالأهم فالأهم، متابعة لمالك الأشياء، ولئلا يكون المملوك متصرفا في ملك مالكه بغير
رضاه، فكأنه يكون قد غصب الوقت، وما يعمله فيه من يد صاحبه، وتصرف فيما لم يعطه
إياه، فإياه أن يهون بهذا وأمثاله ثم إياه.
فصل (3) (3)
فيما نذكره من الوقت الذي يستحب فيه الافطار
أقول: قد وردت الروايات متناصرة عن الأئمة عليهم أفضل الصلوات، أن إفطار
الانسان في شهر رمضان بعد تأدية صلاته أفضل له وأقرب إلى قبول عباداته.
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى علي بن فضال، من كتاب الصيام، عن أبي عبد الله

1 - شمر للأمر: اراده وتهيأ له.
2 - الذاريات: 56.
3 - في البحار هذا الفصل مقدم على الفصل السابق.
236

عليه السلام قال: يستحب للصائم إن قوي على ذلك أن يصلي قبل أن يفطر (1).
أقول: وأما إن حضره قوم لا يصبرون إلى أن يفطر معهم بعد صلاته، ويكونون ممن
يقدمون الافطار، فليفطر معهم رضا لله جل جلاله وتعظيما لمراسمه وتماما لعبادته،
ومراد (2) ذلك لمالك حياته ومماته، فليقدم الافطار معهم على هذه النية محافظا به على
تعظيم الجلالة الإلهية.
وإن كان القوم الذين حضروه يشغله إفطاره معهم عن مالكه، يفرق بينه وبين
ما يريد من شريف مسالكه، فيرضيهم بالإكرام في الطعام، ويعتذر إليهم في المشاركة لهم
في الافطار ببعض الأعذار، التي يكون فيها للمطلع على الأسرار.
وإن كان الحاضرون ممن يخافهم إن لم يفطر معهم قبل الصلوات، وكانت التقية لهم (3)
رضى لمالك الأحياء والأموات، فليعمل ما يكون فيه رضاه، ولا يغلط نفسه، ولا يتأول
لأجل طاعة شيطانه وهواه.
فصل (4)
فيما نذكر من آداب أو دعاء وقراءة يعملها ويقولها قبل الافطار.
فمن الآداب عند الطعام:
ما رويناه بإسنادنا إلى أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، من كتاب
الآداب الدينية، فيما رواه عن جدنا الحسن السبط الممتحن بمقاساة الدولة الأموية،
صلوات الله على روحه العظيمة العلية، فقال:
قال الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام: في المائدة أثنتا عشرة خصلة تجب
على كل مسلم أن يعرفها: أربع منها فرض، وأربع منها سنة وأربع منها تأديب.
فأما الفرض: فالمعرفة، والرضا، والتسمية، والشكر، وأما السنة: فالوضوء قبل

1 - عنه الوسائل 1: 150، البحار 98: 8، رواه الشيخ في التهذيب 4: 199.
2 - كذا في النسخ، ولعله: يراد.
3 - كذا في النسخ، ولعله: منهم.
237

الطعام، والجلوس على الجانب الأيسر، والأكل بثلاث أصابع، ولعق الأصابع، وأما
التأديب: فالأكل مما يليه، وتصغير اللقمة، والمضغ الشديد، وقلة النظر في وجوه
الناس. (1)
أقول: ومن آداب شرب الذي يريد الشراب وأكل الطعام، أن يستحضر المنة لله
جل جلاله عليه، كيف أكرمه أو أزاحه (2) عن استخدامه في كل ما احتاج إلى الطعام
والشراب إليه، مذ يوم خلق ذلك إلى حين يتقدم بين يديه.
فإنه جل جلاله استخدم فيما يحتاج الانسان إليه الملائكة الموكلين بتدبير الأفلاك
والأرضين، والأنبياء والأوصياء، ونوابهم الموكلين بتدبير مصالح الآدميين والملوك.
والسلاطين، ونوابهم وجنودهم الذين يحفظون بيضة الاسلام، حتى يتهيأ الوصول إلى
الطعام، واستخدام كل من تعب في طعامه من أكار (3) ونجار وحدادين، وحطابين، وخبازين، وطباخين، ومن يقصر عن حصرهم بيان الأقلام ولسان حال الأفهام.
وكيف يحسن من عبد يريحه سيده من جميع هذا التعب والعناء، ويحمل إليه طعامه،
وهو مستريح من هذا الشقاء، فلا يرى له في ذلك منة كبيرة ولا صغيرة، أفما يكون كأنه
ميت القلب والعقل، أعمى عن نظر هذه النعم الكثيرة.
ومن الدعاء عند أكل الطعام: ما رويناه بإسنادنا إلى الطبرسي، عمن رواه عن
الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، قال: يقول عند تناول الطعام:
الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم، ويجير ولا يجار عليه، ويستغني ويفتقر
إليه، اللهم لك الحمد على ما رزقني من طعام وادام، في يسر منك
وعافية (4)، من غير كد مني ومشقة.
بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي

1 - عنه البحار 98: 9.
2 - ازاحه: أبعده.
3 - أكر: حفرها وحرثها.
4 - في يسر وعافية (خ ل).
238

لا يضر مع اسمه شئ في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، اللهم
أسعدني من (1) مطعمي هذا بخيره، وأعذني من شره، وأمتعني بنفعه (2)،
وسلمني من ضره. (3)
ومن الدعاء المختص بالافطار في شهر الصيام:
وما رويناه بإسنادنا إلى المفضل بن عمر رحمه الله قال: قال الصادق عليه السلام: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأمير المؤمنين عليه السلام:
يا أبا الحسن هذا شهر رمضان قد أقبل، فاجعل دعاءك قبل فطورك، فان جبرئيل
عليه السلام جاءني فقال: يا محمد من دعا بهذا الدعاء في شهر رمضان قبل أن يفطر،
استجاب الله تعالى دعاءه، وقبل صومه وصلاته، واستجاب له عشر دعوات، وغفر له
ذنبه، وفرج همه، ونفس كربته، وقضى حوائجه، وأنجح طلبته، ورفع عمله مع أعمال
النبيين والصديقين، وجاء يوم القيامة ووجهه أضواء من القمر ليلة البدر، فقلت: ما هو
يا جبرئيل؟ فقال: قل:
اللهم رب النور العظيم، ورب الكرسي الرفيع، ورب البحر المسجور (4)،
ورب الشفع الكبير، والنور العزيز، ورب التوراة والإنجيل والزبور، والفرقان
العظيم.
أنت إله من في السماوات وإله من في الأرض لا إله فيهما غيرك، وأنت
جبار من في السماوات وجبار من في الأرض لا جبار فيهما غيرك، أنت ملك
من في السماوات، وملك من في الأرض، لا ملك فيهما غيرك، أسألك
باسمك الكبير، ونور وجهك المنير، وبملكك القديم.
يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم يا حي يا قيوم، أسألك باسمك الذي أشرق به

1 - في (خ ل).
2 - من نفعه (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 10.
4 - سجر البحر: هاج وارتفعت أمواجه.
239

كل شئ، وباسمك الذي أشرقت به السماوات والأرض، وباسمك الذي
صلح به الأولون، وبه يصلح الآخرون.
يا حيا (1) قبل كل حي، ويا حيا بعد كل حي، ويا حي لا إله إلا أنت صل
على محمد وآل محمد، واغفر لي ذنوبي، واجعل لي من أمري يسرا وفرجا
قريبا، وثبتني على دين محمد وآل محمد، وعلى هدى محمد وآل محمد،
وعلى سنة محمد وآل محمد، وعليه وعليهم السلام.
واجعل عملي في المرفوع المتقبل، وهب لي كما وهبت لأوليائك
وأهل طاعتك، فاني مؤمن بك، ومتوكل عليك، منيب إليك، مع مصيري
إليك، وتجمع لي ولأهلي ولولدي الخير كله، وتصرف عني وعن ولدي
وأهلي الشر كله.
أنت الحنان المنان بديع السماوات والأرض، تعطي الخير من تشاء،
وتصرفه عمن تشاء، فامنن علي برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
ومن الدعاء عند الافطار:
ما وجدناه في كتب أصحابنا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما من عبد
يصوم فيقول عند إفطاره:
يا عظيم يا عظيم أنت إلهي لا إله لي غيرك، اغفر لي الذنب العظيم، إنه
لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم.
إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (3).
وأما القراءة عند الافطار:
فإننا رويناها ووجدناها مروية عن مولانا زين العابدين عليه السلام أنه قال: من

1 - في الموضعين (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 10، المستدرك 7: 360.
3 - عنه البحار 98: 11، الوسائل 10: 169.
240

قرء (إنا أنزلناه في ليلة القدر) عند فطوره وعند سحوره، كان فيما بينهما كالمتشحط (1) بدمه في
سبيل الله تعالى (2).
فصل (5)
فيما نذكره مما يستحب ان يفطر عليه
اعلم أننا قد ذكرنا فيما تقدم من هذا الكتاب كيفية الاستظهار في الطعام
والشراب، ونزيد هاهنا بأن نقول:
ينبغي أن يكون الطعام والشراب الذي يفطر عليه مع طهارته من الحرام والشبهات،
قد تنزهت طرق تهيأت لمن يفطر عليه، من أن يكون قد اشتغل به من هيأه عن عبادة لله
جل جلاله، وهي أهم منه، فربما يصير ذلك شبهة في الطعام والشراب، لكونه عمل في
وقت كان الله جل جلاله كارها للعمل فيه، ومعرضا عنه.
وحسبك في سقم طعام أو شراب أن يكون صاحبه رب الأرباب، كارها لتهيأته
على تلك الوجوه والأسباب، فما يؤمن المستعمل له أن يكون سقما في القلوب والأجسام
والألباب.
أقول: وأما تعيين ما يفطر عليه من طريق الأخبار، فقد رويناه بعدة أسانيد:
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الفقيه علي بن الحسن بن فضال التبلمي (3) الكوفي
من كتاب الصيام، باسناده إلى جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان رسول الله
صلى الله عليه وآله يفطر على الأسودين، قلت: رحمتك الله! وما الأسودين؟ قال:
التمر
والماء، والرطب والماء (4).
ورأيت في حديث من غير كتاب علي بن الحسن بن فضال عن النبي صلى الله عليه

1 - عنه البحار 98: 11، الوسائل 10: 149.
2 - شحطه: ضرجه بالدم.
3 - في الأصل: التميمي، ما أثبتناه هو الصحيح، نسبة إلى تيم الله بن ثعلبة.
4 - عنه الوسائل 10: 160، رواه الشيخ في التهذيب 4: 198، عنه البحار: 98: 12، الوسائل 10: 146.
241

وآله أنه قال: أفطر على تمر حلال زيد في صلاته أربعمائة صلاة (1).
ومن ذلك ما رويناه أيضا بإسنادنا إلى علي بن الحسن بن فضال من كتاب الصيام،
باسناده إلى غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله، عن أبيه، أن عليا عليه السلام كان
يستحب أن يفطر على اللبن (2).
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر ابن بابويه باسناده إلى الصادق عليه
السلام أنه قال: الافطار على الماء يغسل ذنوب القلب (3).
أقول: ولعل المقاصد من الأبرار في الافطار، كانت لحال يخصهم أو لامتثال أمر
يتعلق بهم من التطلع على الأسرار، وكلما كان الذي يفطر عليه الانسان أبعد من
الشبهات، وأقرب إلى المراقبات كان أفضل أن يفطر به، ويجعله مطية ينهض بها في
الطاعات، وكسوة لجسده يقف بها بين يدي سيده.
فصل (6)
فيما نذكره من دعاء أنشأناه، نذكره عند تناول الطعام، نرجو به تطهيره من الشبهات والحرام
نقول:
اللهم إني أسألك بالرحمة التي سبقت غضبك، وبالرحمة التي ذكرتني
بها ولم أك شيئا مذكورا، وبالرحمة التي أنشأتني وربيتني صغيرا وكبيرا،
وبالرحمة التي نقلتني بها من ظهور الاباء إلى بطون الأمهات من لدن آدم
عليه السلام إلى آخر الغايات، وأقمت للآباء والأمهات بالأقوات والكسوات
والمهمات، ووقيتهم مما جرى على الأمم الهالكة من النكبات (4) والآفات.
وبالرحمة التي دللتني بها عليك، وبالرحمة التي شرفتني بها بطاعتك

1 - عنه البحار 98: 12، الوسائل 10: 168.
2 - عنه الوسائل 10: 161، رواه البرقي في المحاسن: 491، والشيخ في التهذيب 4: 199، عنهما البحار 98: 12،
الوسائل 10: 158.
3 - رواه الصدوق في ثواب الأعمال: 104، الشيخ في التهذيب 4: 199، عنهما الوسائل 10: 157، البحار 98: 12.
4 - النكبة: المصيبة.
242

والتقرب إليك، وبالرحمة التي جعلتني بها من ذرية أعز الأنبياء عليك،
وبالرحمة التي حلمت بها عني عند سوء أدبي بين يديك.
وبالمراحم والمكارم التي أنت أعلم بتفصيلها وقبولها وتكميلها، وبما
أنت أهله أن تصلي على محمد وآل محمد، أن تطهرنا من العيوب
والذنوب، بالعافية منها والعفو عنها، حتى نصلح للتشريف بمجالستك،
والجلوس على مائدة ضيافتك، وأن تطهر طعامنا هذا وشرابنا وكل ما نتقلب
فيه من فوائد رحمتك، من الأدناس والأرجاس (1) وحقوق الناس، ومن
الحرامات والشبهات.
وأن تصانع عنه أصحابه من الأحياء والأموات، وتجعله طاهرا مطهرا،
وشفاء لأدياننا، ودواء لأبداننا، وطهارة لسرائرنا وظواهرنا، ونورا لعقولنا، ونورا
لأرواحنا، ومقويا لنا على خدمتك، باعثا لنا على مراقبتك، واجعلنا بعد
ذلك ممن أغنيته بعلمك عن المقال، وبكرمك عن السؤال، برحمتك
يا أرحم الراحمين. (2)
فصل (7)
فيما نذكره من القصد بالافطار
اعلم أن الافطار عمل يقوم به ديوان العبادات، ومطلب يظفر بالسعادات، فلا بد له
من قصد يليق بتلك المرادات، ومن أهم ما قصد الصائم بافطاره، وختم به تلك العبادة
مع العالم بأسراره، امتثال أمر الله جل جلاله بحفظ حياته على باب طاعة مالك مباره
ومساره.
وإذا لم يقصد بذلك حفظها على باب الطاعة، فكأنه قد ضيع الطعام وأتلفه، وأتلفها
وعرضها للإضاعة، وخسر في البضاعة، وتصير الطاعات عنه عن قوة سقيمة

1 - الرجس: العمل القبيح.
2 - عنه البحار 98: 12.
243

النيات، كانسان يركب دابة في الحج أو الزيارات بغير إذن صاحبها أو بمخالفة في
مسالكها ومذاهبها، أو فيها شئ من الشبهات.
وأي كلفة أو مشقة فيما ذكرناه من صلاح النية، ومعاملة الجلالة الإلهية، حتى
يهرب من تلك المراتب والمناصب، وشرف المواهب، إلى معاملة الشهوة البهيمية والطبع
الخائب الذاهب، لولا رضاه لنفسه بذل المصائب والشماتة به بما حصل فيه من
النوائب.
فصل (8)
فيما نذكره مما يقوله الصائم عند الافطار بمقتضى الاخبار
روى محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان تغمده الله بالرضوان باسناده إلى
مولانا موسى بن جعفر عليه السلام، عن أبيه، عن جده، عن الحسن بن علي عليهم
السلام: أن لكل صائم عند فطوره دعوة مستجابة، فإذا كان أول لقمة فقل:
بسم الله يا واسع المغفرة (1) اغفر لي (2).
وفي رواية أخرى: بسم الله الرحمن الرحيم، يا واسع المغفرة اغفر لي.
فإنه من قالها عند إفطاره غفر له. (3)
فصل (9)
فيما نذكره عن النبي صلى الله عليه وآله من فضل دعاء عند أكل الطعام
رأيت ذلك حديثه عليه أفضل السلام أنه قال: من أكل طعاما ثم قال:
الحمد لله الذي أطعمني هذا من رزقه، من غير حول مني وقوة.

1 - اللهم يا واسع المغفرة (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 14، الوسائل 10: 149.
3 - عنه البحار 98: 14، الوسائل 10: 149.
244

غفر له ما تقدم من ذنبه (1).
فصل (10)
فيما نذكره من صفة حمد النبي صلى الله عليه وآله عند أكل الطعام وهو قدوة لأهل الإسلام
رأيت في الجزء الثاني من تاريخ نيسابور في ترجمة حسن بن بشير باسناده قال: كان
رسول الله يحمد بين كل لقمتين. (2)
أقول أنا: أيها المسلم المصدق بالقرآن، الممتثل لأمر الله جل جلاله، إياك أن تخالف
قوله تعالى في رسوله: (فاتبعوه واتبعوا النور الذي انزل معه) (3) اسلك سبيل هذه الآداب،
فإنها مطايا وعطايا يفتح لها أنوار سعادة الدنيا ويوم الحساب.
فصل (11)
فيما نذكره من الدعاء الذي يقتضي لفظه انه بعد الافطار، رويناه عن الأئمة الأطهار
فمن ذلك ما رويناه بعدة أسانيد إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم
السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أفطر قال:
اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبله منا، ذهب الظمأ وابتلت
العروق، وبقي الأجر. (4)
وروى السيد يحيى بن الحسين بن هارون الحسيني في كتاب أماليه باسناده قال:
كان النبي صلى الله عليه وآله إذا أكل بعض اللقمة قال:
اللهم لك الحمد أطعمت وسقيت وأرويت، فلك الحمد غير مكفور

1 - عنه البحار 98: 14.
2 - عنه البحار 98: 14.
3 - التوبة: 117، (اتبعوه) وفي الأعراف: 175، (واتبعوا النور الذي أنزل معه).
4 - عنه البحار 98: 14، رواه الكليني في الكافي 4: 95، والشيخ في التهذيب 4: 200، وفي مصباحه: 625 والصدوق
في الفقيه 2: 106، والمفيد في المقنعة: 51، أخرجه في الوسائل 10: 147.
245

ولا مودع ولا مستغنى عنك. (1)
ومن ذلك ما روي عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان علي صلوات الله عليه إذا
أفطر جثى على ركبتيه، حتى يوضع الخوان ويقول:
اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبله منا، إنك أنت السميع
العليم. (2)
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري باسناده إلى أبي
بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كلما صمت يوما من شهر رمضان فقل عند
الافطار:
الحمد لله الذي أعاننا فصمنا، ورزقنا فأفطرنا، الله تقبله منا، وأعنا
عليه وسلمنا فيه، وتسلمه منا، في يسر منك وعافية، والحمد لله الذي قضى
عني يوما من شهر رمضان. (3)
ومن ذلك ما يروى عن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، عن ابائه عليهم
السلام قال: إذا أمسيت فقل عند إفطارك:
اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت.
يكتب لك أجر من صام ذلك اليوم. (4)
ومن ذلك ما يدعى به عند الفراغ من أكل كل طعام، وهو مما رويناه بإسنادنا إلى
الطبرسي رحمه الله، عمن يرويه عن الأئمة عليهم السلام، فقال: وتقول عند الفراغ من
الطعام:
الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني، وسقاني فأرواني، وصانني وحماني،
الحمد لله الذي عرفني البركة واليمن بما أصبته وتركته منه.

1 - عنه البحار 98: 15.
2 - عنه مستدرك الوسائل 7: 360، رواه الكليني في الكافي 4: 95، والشيخ في التهذيب 4: 200، والصدوق في الفقيه
2: 106،
الهداية: 46، والمفيد في المقنعة: 51، أخرجه عن بعض المصادر البحار 98: 15، الوسائل 10: 148.
3 - عنه البحار 98: 15، المستدرك 7: 360.
4 - عنه البحار 98: 15، المستدرك 7: 360.
246

اللهم اجعله هنيئا مريئا، لاوبيا (1) ولا دويا، وأبقني بعده سويا، قائما
بشكرك، محافظا على طاعتك، وارزقني رزقا دارا، وأعشني عيشا قارا،
واجعلني بارا، واجعل ما يتلقاني في المعاد مبهجا سارا برحمتك (2).
فصل (12)
فيما نذكره من زيادة ما نختار من دعوات الليلة الثانية من شهر الصيام
وفيه عدة روايات:
منها: من كتاب ابن أبي قرة من عمل شهر رمضان من الليلة الثانية منه:
اللهم أنت الرب وأنا العبد، قضيت على نفسك الرحمة، ودللتني بها،
وأنت الصادق البار، يداك مبسوطتان، تنفق كيف تشاء، لا يحلفك سائل (3)،
ولا ينقصك نائل، ولا يزيدك كثرة السؤال إلا عطاء وجودا.
أسألك قلبا وجلا من مخافتك، أدرك به جنة رضوانك، وأمضي به في
سبيل من أحببت وأرضاك عمله، وأرضيته في ثوابك، حتى تبلغني بذلك
ثقة المؤمنين بك، وأمان الخائفين منك، اللهم وما أعطيتني من عطاء،
فاجعله شغلا فيما تحب، وما زويت (4) عني فاجعله فراغا لي فيما تحب.
اللهم إنك قصمت الجبابرة بجبروتك، وبسطت كفك على الخلائق،
وأقسمت أنك حي قيوم، وكذلك أنت، تنقطع حيل المبطلين ومكرهم
دونك.
اللهم صل على محمد وآله، وارزقني موالاة من واليت، ومعاداة من
عاديت، وحبا لمن أحببت، وبغضا لمن أبغضت، حتى لا أوالي لك عدوا،

1 - الوبى: ما كثر فيه الوبا.
2 - عنه البحار 98: 15، المستدرك 7: 360.
3 - الحف السائل: الخ.
4 - زويت: صرفت.
5 - آل محمد (خ ل).
247

ولا أعادي لك وليا، أشكو إليك يا رب خطيئة أغشت بصري، وأظلت على
قلبي، وفي طريق الخاطئين صرعتني.
فهذه يدي رهينة في وثاقك بما جنيت على نفسي، وهذه رجلي موثقة
في حبالك باكتسابي، فلو كان هربي يلجئني، أو مفازة تواريني،
أو بحر ينجيني، لكنت العائذ بك من ذنوبي، أستعيذك عياذة مهموم كئيب
حزين يرقب نار السموم.
اللهم يا مجلي عظائم الأمور، جل عني همة الهموم، وأجرني من نار
تقصم عظامي، وتحرق أحشائي، وتفرق قواي، اللهم ارزقني صبر آل محمد،
واجعلني أنتظر أمرهم، واجلعني من أنصارهم وأعوانهم في الدنيا والآخرة.
اللهم أحيني محياهم، وأمتني ميتتهم، اللهم أعطني سؤلهم في وليهم
وعدوهم، اللهم رب السبع المثاني والفرقان (1) العظيم، ورب جبرئيل
وميكائيل، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تقبل صومي
وصلاتي - وتسأل حاجتك.
اللهم إني أعوذ بك في هذا الشهر العظيم، من كل ذنب يحبس رزقي،
أو يحجب مسألتي، أو يبطل صومي، أو يصد بوجهك الكريم عني، اللهم
صل على محمد وآله، واغفر لي ما لا يضرك، وأعطني ما لا ينقصك في هذه
الليلة، فاني فقير (2) إلى رحمتك (3).
دعاء آخر مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
يا إله الأولين والآخرين، وإله من بقي، وإله من مضى، رب السماوات
السبع ومن فيهن، فالق الاصباح، وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر
حسبانا، كل الحمد ولك الشكر، ولك المن ولك الطول، وأنت الواحد الصمد.

1 - القرآن (خ ل).
2 - في البحار: مفتقر (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 16.
248

أسألك بجلالك سيدي وجمالك مولاي، أن تصلي على محمد وآل
محمد وأن تغفر لي وترحمني وتتجاوز عني، إنك أنت الغفور الرحيم. (1).
فصل (13)
فيما نذكره من الأدعية لكل يوم غير متكرر
فمن ذلك دعاء اليوم الثاني من شهر رمضان:
اللهم إليك غدوت بحاجتي، وبك أنزلت اليوم فقري ومسكنتي، فإني
لمغفرتك ورحمتك أرجى مني لعملي، ومغفرتك أوسع لي من ذنوبي كلها.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، وتول قضاء كل حاجة لي، بقدرتك.
عليها وتيسيرها عليك وفقري إليك، فاني لم أصب خيرا قط إلا منك،
ولم يصرف عني سوء قط غيرك (2)، ولا أرجو لأمر آخرتي ودنياي سواك، يوم
يفردني الناس في حفرتي وأفضى إليك يا كريم.
اللهم من تهيأ وتعبأ، وأعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب
نائله وجائزته، فإليك يا رب تهيئتي وتعبئتي واستعدادي، رجاء رفدك وطلب
نائلك وجائرتك، فلا تخيب دعائي، يا من يا لا يخب عليه السائل، ولا ينقصه
نائل، فاني لم آتك ثقة بعمل صالح عملته، ولا لوفادة إلى مخلوق رجوته.
أتيتك مقرا بالإساءة على نفسي والظلم لها، معترفا بأن لا حجة لي
ولا عذر، أتيتك أرجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين (3)، فلم يمنعك
طول عكوفهم على عظيم الجرم أن عدت عليهم بالرحمة (4)، فيا من رحمته
واسعة وعفوه عظيم، يا عظيم يا عظيم (5).

1 - عنه البحار 98: 17.
2 - أحد غيرك (خ ل).
3 - علوت به على الخاطئين (خ ل).
4 - والمغفرة (خ ل).
5 - يا عظيم يا عظيم يا عظيم (خ ل).
249

يا رب ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا ينجي من سخطك إلا التضرع
إليك، فهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي تحيي بها ميت البلاد،
ولا تهلكني غما حتى تستجيب لي دعائي وتعرفني الإجابة، وأذقني طعم
العافية إلى منتهى أجلي، ولا تشمت بي عدوي، ولا تسلطه علي، ولا تمكنه
من عنقي.
إلهي إن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني، وإن رفعتني فمن ذا الذي
يضعني، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك أو يسألك عن
أمره، وقد علمت أنه ليس حكمك ظلم، ولا في نقمتك عجلة، وإنما
يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد تعاليت عن
ذلك علوا كبيرا.
فصل على محمد وآل محمد، وانصرني واهدني وارحمني، وآثرني
وارزقني، وأعني واغفر لي، وتب علي واعصمني، واستجب لي في جميع
ما سألتك، وأرده بي، وقدرة لي، ويسره امضه وبارك فيه، وتفضل علي
به، وأسعدني بما تعطيني منه.
وزدني من فضلك الواسع سعة من نعمك الدائمة، وأوصل لي ذلك كله
بخير الآخرة ونعيمها يا أرحم الراحمين. (1)
دعاء آخر في اليوم الثاني منه:
اللهم قربني فيه (2) إلى مرضاتك، وجنبني فيه من سخطك ونقماتك،
ووفقني فيه لقراءة كتابك (3)، برحمتك يا أرحم الراحمين (4).

1 - عنه البحار 98: 17.
2 - في هذا اليوم (خ ل).
3 - آياتك (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 18.
250

الباب السابع
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثالثة ويومها
وفيها يستحب الغسل، على مقتضى الرواية التي تضمنت ان في كل ليلة مفردة من
جميع الشهر يستحب الغسل.
وفيه ما نختاره من عدة روايات في الدعوات:
منها: من كتاب محمد بن أبي قرة في عمل شهر رمضان في الليلة الثالثة منه:
اللهم صل على محمد وآل محمد، وافتح قلبي لذكرك، واجعلني أتبع
كتابك، وأومن برسولك، وأوفي بعهدك، وألبسني رحمتك، وتقبل صومي.
اللهم إني أتقرب إليك في هذا الشهر الشريف العظيم بجودك وكرمك،
وأتقرب إليك بملائكتك وأنبيائك ورسلك، وأتقرب إليك بالمستحفظين،
أولهم وآخرهم، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وتغفر لي ذنوبي (1).
جميعا، الساعة الساعة الليلة الليلة.... وترفع يديك وتستدعي الدموع. (2)
دعاء آخر مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
يا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب والأسباط، رب الملائكة والروح،
السميع العليم، الحليم الكريم، العلي العظيم، لك صمت وعلى رزقك

1 - الذنوب (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 18.
251

أفطرت، وإلى كنفك آويت، وإليك أنبت وإليك المصير، وأنت الرؤوف
الرحيم، قوني على الصلاة والصيام، ولا تحزني يوم القيامة إنك لا تخلف
الميعاد. (1)
فصل (1)
فيما يختص باليوم الثالث من دعاء غير متكرر
فمن ذلك دعاء اليوم الثالث من شهر رمضان:
يا من تحل به عقد المكاره، ويا من يفثأ به (2) حد الشدائد، ويا من يلتمس
منه المخرج إلى روح الفرج (3)، ذلت لقدرتك الصعاب، وتسببت بلطفك
الأسباب، وجرى بطاعتك القضاء، ومضت على إرادتك الأشياء، فهي
بمشيتك دون قولك مؤتمرة، وبإرادتك دون نهيك منزجرة.
أنت المدعو للمهمات، وأنت المفزع في الملمات (4)، لا يندفع منها إلا
ما دفعت، ولا ينكشف منها إلا ما كشفت، وقد نزل بي يا رب ما قد تكأدني (5)
ثقله وألم بي ما قد بهظني (6) حمله، وبقدرتك أوردته علي، وبسلطانك وجهته
إلي.
فلا (7) مصدر لما أوردت، ولا مورد لما أصدرت، ولا صارف لما وجهت،
ولا فاتح لما أغلقت، ولا مغلق لما فتحت، ولا ميسر لما عسرت، ولا معسر لما
يسرت، ولا ناصر لمن خذلت، ولا خاذل لمن نصرت.

1 - عنه البحار 98: 19.
2 - يفل (خ ل).
3 - محل الفرج (خ ل).
4 - للملمات (خ ل).
5 - تكأدني الامر: شق علي (خ ل).
6 - بهظه الامر: غلبه وثقل عليه.
7 - ولا (خ ل).
252

فصل على محمد وآل محمد، وافتح لي يا رب باب الفرج بطولك،
واكسر عني سلطان الهم بحولك، وأنلني حسن النظر فيما شكوت، وأذقني
حلاوة الصنع فيما سألت، وهب لي من لدنك فرجا هنيئا (1).
واجعل لي من عندك مخرجا وحيا (2)، ولا تشغلني عن تعاهد
فروضك واستعمال سنتك، فقد ضقت يا رب لما نزل (3) بي ذرعا،
وامتلأت (4) بما حدث علي هما، وأنت القادر على كشف ما منيت (5) به،
ودفع ما وقعت فيه.
فصل على محمد وآل محمد وافعل بي ذلك وإن لم أستجبه منك،
يا (6) يا ذا العرش الكريم، والسلطان العظيم (7)، يا خير من خلونا به وحدنا،
ويا خير من أشرنا إليه بكفنا.
نسألك اللهم أن تلهمنا الخير وتعطيناه، وأن تصرف عنا الشر وتكفيناه،
وأن تدحر عنا الشيطان وتبعدناه، وأن ترزقنا الفردوس وتحلناه، وأن تسقينا
من حوض محمد وآل محمد صلواتك عليه وآله، وتوردناه، وندعوك يا ربنا
تضرعا وخيفة، ورغبة ورهبة، وخوفا وطمعا، إنك سميع الدعاء، وصلى الله
على محمد وآله.
اللهم إني أسألك بحرمة من عاذ بك منك، ولجأ إلى عزك، واستظل
بفيئك (8) واعتصم بحبلك، ولم يثق إلا بك، يا جزيل العطايا، ويا فكاك

1 - قريبا (خ ل).
2 - الوحي - بالمد والقصر - السرعة.
3 - ضقت لما نزل (خ ل).
4 - بحملها (خ ل).
5 - منيت: بليت.
6 - يا رب (خ ل).
7 - القديم (خ ل).
8 - الفئ: الظل، استظل بالظل: مال إليه وقعد فيه.
253

الأسارى، أنت المفزع في الملمات (1)، وأنت المدعو للمهمات، صل على
محمد وآل محمد، واجعل لي فرجا ومخرجا، وارزقني رزقا واسعا (2) بما
شئت، إذا شئت، كيف شئت (3)، يا أرحم الراحمين (4).
دعاء آخر في اليوم الثالث:
اللهم ارزقني فيه الذهن والتنبيه، وأبعدني فيه عن (5) السفاهة والتمويه،
واجعل لي نصيبا من كل خير تنزل (6) فيه، بجودك يا أجود الأجودين (7)،
يا أرحم الراحمين (8).
أقول: وفي رواية أن الإنجيل انزل يوم ثالث شهر رمضان على عيسى عليه السلام،
فيكون له زيادة في الاحترام، وعمل الطاعات والخيرات، وروي لست مضين منه،
وسنذكرها في ليلة ست إن شاء الله تعالى.

1 - الملمة: النازلة الشديدة من نوازل الدنيا.
2 - فرجا ومخرجا ورزقا واسعا (خ ل).
3 - وكيف شئت (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 19.
5 - باعدني فيه من (خ ل).
6 - انزل (خ ل).
7 - يا احكم الحاكمين (خ ل).
8 - عنه البحار 98: 20.
254

الباب الثامن
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الرابعة ويومها
وفيها ما نختاره من عدة روايات
منها: من كتاب محمد بن أبي قرة في عمل شهر رمضان في الليلة الرابعة:
الهي ما عملت من حسنة فلا حمد لي فيه، وما ارتكبت من سوء فلا عذر
لي فيه، إلهي أعوذ بك أن أتكل على ما لا حمد لي فيه، أو أرتكب ما لا عذر
لي فيه، يا إلهي أستغفرك مما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك مما
وعدتك من نفسي ثم أخلفتك فيه.
وأستغفرك مما أردت به وجهك الكريم، فخالطني ما ليس لك رضا،
وأستغفرك لكل نعمة أنعمت بها علي فقويت بها على معاصيك، وأستغفرك
لكل ذنب أذنبته، ولكل خطيئة ارتكبتها، ولكل سوء أتيته.
يا إلهي وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وتهب لي برحمتك
كل ذنب فيما بيني وبينك، وأن تستوهبني من خلقك، وتستنقذني منهم،
ولا تجعل حسناتي في موازين من ظلمته وأسأت إليه، فإنك على ذلك قادر
يا عزيز، وكل ذنب أنا عليه مقيم فانقلني عنه إلى طاعتك، إلهي، وكل
ذنب أريد أن أعمله فاصرفه عني، وردني إلى طاعتك، يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك بأسمائك التي ليس فوقها شئ، يا الله الرحمن
255

الرحيم الذي لا يعلم كنه ما هو إلا أنت، أن تصلي على محمد وآل محمد
وأن تغفر لي ما سلف من ذنوبي وتعصمني فيما بقي من عمري، وتعطيني
جميع سؤلي في ديني (1) ودنياي وآخرتي ومثواي، يا أرحم الراحمين (2).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ويا جبار الدنيا ومالك الملوك،
ويا رازق العباد، هذا شهر التوبة، وهذا شهر الثواب، وهذا شهر الرجاء،
وأنت السميع العليم.
أسألك أن تجعلني (3) في عبادك الصالحين، الذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون، وأن تسترني بالستر الذي لا يهتك، ولا تجللني بعافيتك التي لا ترام،
وتعطيني سؤلي، وتدخلني الجنة برحمتك، وأن لا تدع لي ذنبا إلا غفرته،
ولا هما إلا فرجته، ولا كربة إلا كشفتها، ولا حاجة إلا قضيتها، بحق محمد
وآل محمد، إنك أنت الأجل الأعظم (4).
فصل (1)
فيما يختص باليوم الرابع من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم الرابع من شهر رمضان:
يا كهفي حين تعييني المذاهب، وملجأي حين تقل بي الحيل،
ويا بارئ خلقي بي، وكنت عن خلقي غنيا، ويا مؤيدي بالنصر على
أعدائي، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين، ويا مقيل عثرتي، ولولا
سترك عورتي لكنت من المفضوحين.

1 - من ديني (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 20.
3 - أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وان تجعلني (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 21.
256

ويا مرسل الرياح من معادنها، ويا ناشر البركات من مواضعها، ويا من
خص نفسه بشموخ الرفعة، فأولياؤه بعزته يتعززون، ويا من وضع نير (1) المذلة
على أعناق الملوك، فهم من سطواته خائفون.
أسألك باسمك الذي هو من نورك، وأسألك بنورك الذي هو من
كينونتك (2)، وأسألك بكينونتك التي هي من كبريائك، وأسألك بكبريائك
التي هي من عظمتك، وأسألك بعظمتك التي هي من عزتك، وأسألك
بعزتك التي لا ترام، وبقدرتك التي خلقت بها خلقك، فهم لك مذعنون.
وباسمك الأجل الأعظم المبين، أن تصلي على محمد وآله، وأن تقضي
عني ديني، وتغنيني من الفقر، وتمتعني بسمعي وبصري، وتجعلهما الوارثين
مني، وأن ترزقني من فضلك الواسع، من حيث أحتسب ومن حيث
لا أحتسب، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك، يا الله يا رب صل على محمد وآل
محمد، واغفر لي ولكل مؤمن ومؤمنة، يا أرحم الراحمين (3).
ودعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم قوني فيه (4) على إقامة أمرك، وأذقني (5) فيه حلاوة ذكرك، وأوزعني
فيه أداء (6) شكرك (7)، يا خير الناصرين (8).

1 - قهر (خ)، أقول: نير: هي الخشبة المعترضة في عنقي الثورين باداتها، تسمى بالفارسية: يوغ.
2 - كينونيتك، بكينونيتك (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 21.
4 - وفقني في هذا اليوم (خ ل).
5 - ارزقني (خ ل).
6 - أوزعني لأداء (خ ل).
7 - بكرمك، واحفظني بحفظك وسترك، يا أبصر الناظرين برحمتك يا أرحم الراحمين (خ ل)
8 - عنه البحار 98: 22.
257

الباب التاسع
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الخامسة ويومها
ويستحب فيها الغسل كما قدمناه.
وفيها ما نختاره من عدة روايات:
منها: ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان:
دعاء الليلة الخامسة:
اللهم إني أسألك بأسمائك خير الأسماء، التي تنزل بها الشفاء
وتكشف بها اللأواء (1)، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنزل علي
منك عافية وشفاء، وتدفع عني باسمك كل سقم وبلاء، وتقبل صومي،
وتجعلني فيمن صام وقام ورضيت عمله، وتجعلني ممن صامت جوارحه،
وحفظ لسانه وفرجه، وترزقني، عملا ترضاه، وتمن علي بالصمت (2) والسكينة،
وورعا يحجزني عن معصيتك، يا أرحم الراحمين (3).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
يا صانع كل مصنوع، ويا جابر كل كسير، و شاهد كل نجوى، ويا رباه

1 - الأدواء (خ ل).
2 - في البحار: بالسمت.
3 - عنه البحار 98: 22.
258

ويا سيداه، أنت النور فوق النور، ونور كل نور، فيا نور كل نور، أسألك (1) أن
تغفر لي ذنوب الليل وذنوب النهار، وذنوب السر وذنوب العلانية.
يا قادر يا قدير يا واحد، يا أحد يا صمد يا ودود، يا غفور يا رحيم، يا غفار
الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذا الطول لا إله إلا أنت، وحدك
لا شريك لك، تحيي وتميت، وتميت وتحيي، أنت الواحد القهار، صل
على محمد وآل محمد، واغفر لي وارحمني، واعف عني، إنك أنت
الرحمن الرحيم (2).
فصل (1) فيما يختص باليوم الخامس من دعاء غير متكررة
دعاء اليوم الخامس من شهر رمضان:
اللهم صل على محمد وآل محمد، وانزع ما في قلبي من حسد أو غل أو
غش، أو فسق أو فرح، أو مرح (3) أو بطر (4)، أو أشر أو خيلاء، أو شك أو
ريبة، أو نفاق أو شقاق، أو غفلة أو قطيعة أو جفاء، أو ما تكرهه مما هو في
قلبي.
اللهم ارزقني التثبت في أمري، والمشاورة مع أهل النصيحة والمودة
لي، بالتواضع في قلبي، والتماس البركة فيما أنعمت به علي.
اللهم ارزقني سلامة الصدر، والسكينة إلى ما تحب وترضى، اللهم
ارزقني شرح الصدر وانفتاحه لما (6) تحب وترضى، ونور القلب وتفهمه لما

1 - فيا نور النور ويا نور كل نور (خ ل)، أسألك بحق محمد وآل محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وان (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 22.
3 - مرح الرجل: اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر وتبختر واختال.
4 - بطر الحق: تكبر عنه ولم يقبله.
5 - أشر: بطر ومرح.
6 - إلى ما (خ ل).
259

تحب وترضى، وضياء القلب وذكاء القلب وتوقده فيما تحب وترضى،
وحسن الأمن وإيمانه بما تحب وترضى.
يا من بيده صلاح القلب، أصلحه لي، يا من بيده سلامة القلب، فاجعله
سالما لي، وارزقني ما سألتك، وتفضل علي بما لم أسأل، اللهم ارزقني من
فضلك وسعتك وجودك وكثرة نائلك ما أنت أهله.
اللهم أعفني عن طلب ما تقدره لي، وسهل سبيل ما رزقتني منه، وسقه
إلي في عافية ويسر، ورحمة ولطف، ولا تعسره لي.
اللهم لا تنزع مني صالحا أعطيتنيه، ولا توقعني في شر استنقذتني منه،
واكفني برزقك من جميع خلقك، اللهم صل على محمد وآل محمد، ومتعنا
بأسماعنا وأبصارنا واجعلهما الوارثين منا، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك (1).
دعاء آخر في اليوم الخامس منه:
اللهم اجعلني (2) فيه من المستغفرين، واجعلني فيه من عبادك الصالحين
القانتين، واجعلني فيه من أوليائك المتقين (3)، برأفتك يا (4) أرحم الراحمين (5).

1 - عنه البحار 98: 23.
2 - في هذا اليوم (خ ل).
3 - المقربين (خ ل).
4 - برحمتك يا ارحم الراحمين (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 23.
260

الباب العاشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة السادسة منه ويومها
وفيها ما نختاره من عدة روايات
منها: ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان: دعاء الليلة السادسة:
اللهم لك الحمد وإليك المشتكى، اللهم أنت الواحد القديم، والاخر
الدائم، والرب الخالق، والديان يوم الدين، تفعل ما تشاء بلا مغالبة، وتعطي
من تشاء بلا من، وتمنع (1) ما تشاء بلا ظلم، وتداول الأيام بين الناس، يركبون
طبقا عن طبق.
أسألك يا ذا الجلال والاكرام، والعزة التي لا ترام، وأسألك يا الله
وأسألك يا رحمن، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل فرج
آل محمد وفرجنا بفرجهم، وتقبل صومي.
وأسألك خير ما أرجو (2)، وأعوذ بك من شر ما أحذر، إن أنت خذلت فبعد
الحجة، وإن أنت عصمت فبتمام النعمة، يا صاحب محمد يوم حنين،
وصاحبه، ومؤيده يوم بدر وخيبر، والمواطن التي نصرت فيها نبيك عليه وآله

1 - تصنع (خ ل).
2 - منك (خ ل).
261

السلام، يا مبير (1) الجبارين، ويا عاصم النبيين.
أسألك وأقسم عليك بحق يس، والقرآن الحكيم، وبحق طه وسائر
القرآن العظيم، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تحصرني عن الذنوب
والخطايا، وأن تزيدني في هذا الشهر العظيم، تأييدا تربط به على جأشي (2)،
وتسد به على خلتي.
اللهم إني أدرء بك في نحور أعدائي لا أجد غيرك، ها أنا بين
يديك، فاصنع بي ما شئت، لا يصيبني إلا ما كتبت لي، أنت حسبي ونعم الوكيل (3).
دعاء آخر مروي عن النبي صلى الله عليه وآله في هذه الليلة:
اللهم أنت السميع العليم، وأنت الواحد الكريم، وأنت الاله الصمد،
رفعت السماوات بقدرتك، ودحوت الأرض بعزتك، وأنشأت السحاب
بوحدانيتك، وأجريت البحار بسلطانك.
يا من سبحت له الحيتان في البحور، والسباع في الفلوات، يا من
لا تخفى عليه خافية في السماوات السبع والأرضين السبع.
يا من يسبح له السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن، يامن لا يموت
ولا يبقى إلا وجهه الجليل الجبار، صل على محمد وآله واغفر لي
وارحمني، واعف عني، إنك أنت الغفور الرحيم (4).
فصل (11)
فيما يختص باليوم السادس من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم السادس من شهر رمضان:

1 - اباره: أهلكه.
2 - الجأش: القلب والصدر، رابط الجأش: شجاع.
3 - عنه البحار 98: 24.
4 - عنه البحار 98: 24.
262

يا خير من وجهت إليه وجهي، يا خير من شكوت إليه وحدتي، يا خير من
شخصت إليه ببصري، ويا خير من ناجيته في سري، يا خير من بسطت من إليه
يدي، يا خير من رجوته في حاجتي.
يا خير من فكرت فيه بقلبي، يا خير من أشرت إليه بكفي، اجعل أفضل
صلواتك على أفضل خلقك محمد وآله عليه وعليهم السلام، واجعلهم وإيانا
وما تفضلت به عليهم وعلينا في كنفك وحرزك، وكفايتك وكلاءتك،
وسترك الواقي من كل سوء ومخوف في الدنيا والآخرة.
فانا قد استغنينا واعتصمنا وتعززنا بك، وأنت الغالب غير المغلوب (1)،
ورمينا كل من أراد أهل بيت محمد وأشياعهم وأحباءهم بسوء أو خوف أو
بأذى، بلا إله إلا الله الحليم الكريم، وبلا إله إلا الله العلي العظيم، وبلا إله
إلا الله رب السماوات السبع وما فيهن، ورب الأرضين السبع وما فيهن
وما بينهن، ورب العرش العظيم (2).
دعاء آخر في اليوم السادس منه:
اللهم لا تخذلني فيه (3) بتعرض معصيتك (4)، ولا تضربني فيه بسياط (5)
نقمتك، وزحزحني فيه من موجبات (6) سخطك، بمنك يا منتهى رغبة
الراغبين (7).
وروي أنه يصلي يوم السادس من شهر رمضان ركعتين، كل ركعة بالحمد مرة
وبسورة الاخلاص خمسا وعشرين مرة، لأجل ما ظهر من حقوق مولانا الرضا عليه

1 - غير مرغوب (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 24.
3 - في هذا اليوم (خ ل).
4 - معاصيك (خ ل).
5 - ولا تضربني فيه من سياط (خ ل)، نقمتك ومهاويك (خ ل).
6 - وازجرني، عن موجبات (خ ل).
7 - عنه البحار 98: 25
263

السلام فيه.
وذكر المفيد في التواريخ الشرعية أن اليوم السادس من شهر رمضان كانت مبايعة
المأمون لمولانا الرضا عليه السلام فيه.
264

الباب الحادي عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة السابعة ويومها
وفيها غسل كما قدمناه.
وفيها ما نختاره من عدة روايات بالدعوات:
منها: ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان، دعاء الليلة السابعة:
يا صريخ المستصرخين، ويا مفرج كرب المكروبين، ويا مجيب دعوة
المضطرين، ويا كاشف الكرب العظيم، يا أرحم الراحمين، صل على محمد
وآل محمد، واكشف كربي وهمي وغمي، فإنه لا يكشف ذلك غيرك.
وتقبل صومي واقض لي حوائجي، وابعثني على الايمان بك، والتصديق
بكتابك ورسولك، وحب الأئمة المهديين، أولي الأمر الذين أمرت بطاعتهم،
فاني قد رضيت بهم أئمة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأدخلني في كل خير أدخلت فيه
محمد وآل محمد، واجعلني معهم في الدنيا والآخرة ومن المقربين، اللهم
صل على محمد وآل محمد وتقبل صلاتي وصومي ونسكي، في هذا الشهر (1)
المفترض علينا صيامه، وارزقني فيه مغفرتك ورحمتك، يا أرحم الراحمين (2)

1 - في هذا الشهر رمضان (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 25.
265

دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
يا من كان ويكون وليس كمثله شئ، يا من لا يموت ولا يبقى إلا وجهه
الجبار، يا من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، يا من إذا دعي
أجاب، يامن إذا استرحم رحم، يا من لا يدرك الواصفون صفته من عظمته.
يا من لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير، يا من
يرى ولا يرى، وهو بالمنظر الأعلى، يا من لا يعزه شئ، ولا يفوقه (1) أحد، يا من
بيده نواصي العباد.
أسألك بحق محمد عليك، وحقك على محمد، أن تصلي على محمد
وآل محمد، وأن ترحم محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت
على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد (2).
فصل (1) فيما يختص باليوم السابع من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم السابع من شهر رمضان:
اللهم أنت ثقتي حين يسوء ظني بأعمالي، وأنت أملي عند انقطاع
الحيل مني، وأنت رجائي عند تضايق حلول البلاء علي، وأنت عدتي في
كل شديدة نزلت بي، وفي كل مصيبة دخلت علي.
وفي كل كلفة صارت علي، وأنت موضع كل شكوى، ومفرج كل
بلوى، أنت لكل عظيمة ترجى، ولكل شديدة تدعى، إليك المشتكى، وأنت
المرتجى للآخرة والأولى.
اللهم ما أكبر همي إن لم تفرجه، وأطول حزني إن لم تخلصني، وأعسر

1 - فوقه (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 26.
266

حسناتي إن لم تيسرها (1)، وأخف ميزاني إن لم تثقله، وأزل لساني إن
لم تثبته، وأوضع جدي إن لم تقل عثرتي.
إنا صاحب الذنب الكبير (2)، والجرم العظيم، أنا الذي بلغت بي سوأتي،
وكشف قناعي، ولم يكن بيني وبينك حجاب تواريني منك، فلو عاقبتني
على قدر جرمي لما فرجت عني طرفة عين أبدا.
اللهم أنا الذليل الذي أعززت، وأنا الضعيف الذي قويت، وأنا المقر
الذي سترت، فما شكرت نعمتك، ولا أديت حقك، ولا تركت معصيتك.
يا كاشف كرب أيوب، وسامع صوت يونس المكروب، وفالق البحر
لبني إسرائيل، ومنجي موسى ومن معه أجمعين، أسألك أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ويسرا، برحمتك
يا ارحم الراحمين (3).
دعاء آخر في اليوم السابع منه:
اللهم أعني فيه (4) على صيامه وقيامه، واجنبني (5) فيه من هفواته (6) وآثامه،
وارزقني فيه ذكرك وشكرك بدوامه (7)، بتوفيقك يا ولي المؤمنين (8).

1 - أعز (خ ل)، ان لم توفقني (خ ل).
2 - الكثير (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 26.
4 - في هذا اليوم (خ ل).
5 - جنبني (خ ل).
6 - الهفوة، جمع هفوات: السقطة والزلة.
7 - بدوام هدايتك وتوفيقك يا هادي المؤمنين برحمتك يا ارحم الراحمين (خ ل).
8 - عنه البحار 98: 27.
267

الباب الثاني عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثامنة ويومها
وفيها ما نختاره من عدة روايات
منها: ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان، دعاء الليلة الثامنة:
اللهم إني أسألك الصلاة على محمد وآل محمد، والغناء من العيلة،
والأمن من الخوف، اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول،
يا الله يا نور النور لك التسبيح، سبحانك لا إله إلا أنت لك الكبرياء،
سبحانك بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الله وبحمده، محمد رسول الله
صلى الله عليه وآله.
اللهم صل على محمد آل محمد، وتقبل صومي، ولا تنكس برأسي بين
يدي محمد وآله صلواتك عليهم، وقد بلغوا ونصحوا لي، اللهم صل على
محمد وآل محمد، وابعثني على الايمان بك، والتصديق بكتابك ورسولك.
اللهم إني أسألك بركة شهرنا هذا، وليلتنا هذه، وأسألك من كل خير
أنزلته، أو أنت منزله (1) فيها، مغفرة ورضوانا، ورزقا واسعا، وابسط علي وعلى
عيالي وولدي وأهلي وجميع المؤمنين والمؤمنات، إنك على كل شئ

1 - وأنت منزل (خ ل).
268

قدير، اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وأعوذ بك من شر كتاب قد
سبق (1).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
اللهم هذا شهرك الذي أمرت فيه عبادك بالدعاء، وضمنت لهم
الإجابة، وقلت: (وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا
دعان) (2).
فأدعوك يا مجيب دعوة المضطر (3)، ويا كاشف السوء عن المكروب (4)،
ويا جاعل الليل سكنا، ويامن لا يموت، اغفر لمن يموت، قدرت وخلقت
وسويت، فلك الحمد، أطعمت وسقيت وآويت ورزقت فلك الحمد.
أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد في الليل إذا يغشى، وفي
النهار إذا تجلى، وفي الآخرة والأولى، وأن تكفيني ما أهمني، وتغفر لي
إنك أنت الغفور الرحيم (5).
فصل (1)
فيما يختص باليوم الثامن من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم الثامن من شهر رمضان:
اللهم إني لا أجد من أعمالي عملا أعتمد عليه، وأتقرب به إليك، أفضل
من ولايتك وولاية رسولك وآل رسولك الطيبين، صلواتك عليه وعليهم
أجمعين.
اللهم إني أتقرب إليك بمحمد وآل محمد، وأتوجه بهم إليك، فاجعلني

1 - عنه البحار 98: 27.
2 - البقرة: 186.
3 - المضطرين (خ ل).
4 - المكروبين (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 27.
269

عندك يا إلهي بك وبهم وجيها في الدنيا والآخرة، ومن المقربين، فاني قد
رضيت بذلك منك تحفة وكرامة، فإنه لا تحفة ولا كرامة أفضل من رضوانك
والتنعم في دارك، مع أوليائك وأهل طاعتك.
اللهم أكرمني بولايتك، واحشرني في زمرة أهل ولايتك، اللهم اجعلني
في ودائعك التي لا تضيع، ولا تردني خائبا بحقك، وحق من أوجبت حقه
عليك، وأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وتعجل فرج آل محمد
وفرجي معهم، وفرج كل مؤمن ومؤمنة، برحمتك يا أرحم الراحمين (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم ارزقني فيه رحمة الأيتام، وإطعام الطعام وإفشاء السلام، ومجانبة
اللئام، وصحبة الكرام (2)، بطولك (3) يا ملجأ الآملين (4).

1 - عنه البحار 98: 28.
2 - وجنبني فيه صحبة اللئام وارزقني فيه صحبة الكرام (خ ل).
3 - بعزتك (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 28.
270

الباب الثالث عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة التاسعة ويومها
وفيها غسل كما قدمناه.
وفيها ما نختاره من عدة روايات:
منها: ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان:
دعاء الليلة التاسعة:
اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت ربي وأنا عبدك، آمنت بك مخلصا لك
ديني، أمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت، أتوب إليك من سوء
عملي، وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت، صل على محمد وآل
محمد، وتقبل صومي، وتفضل علي، وبلغني انسلاخ هذا الشهر.
يا خير المولى، ويا موضع كل شكوى، ويا سامع كل نجوى، ويا شاهد
كل ملاء، ويا عالم كل خفية، ويا كاشف ما يشاء من بلية، خليل إبراهيم
ونجي موسى، ومصطفى محمد صلى الله عليهم.
أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، وضعفت قوته، وقلت حيلته دعاء
الغريب الغريق المضطر البائس الفقير، الذي لا يجد لكشف ما هو فيه من
الذنوب إلا أنت، فصل على محمد وآل محمد، وفرج عني، واكشف ما بي
من ضر، وتقبل صومي وصلاتي في هذا الشهر العظيم، وصلى الله على
271

محمد وآله الطاهرين (1).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
يا سيداه ويا رباه، ويا ذا الجلال والاكرام، ويا ذا العرش الذي لا ينام،
ويا ذا العز الذي لا يرام، يا قاضي الأمور، يا شافي الصدور، اجعل لي من
أمري فرجا ومخرجا، واقذف رجاءك في قلبي، حتى لا أرجو أحدا سواك،
عليك سيدي توكلت، وإليك مولاي أنبت، وإليك المصير.
أسألك يا إله الآلهة، وجبار الجبابرة، ويا كبير الأكابر، الذي من توكل
عليه كفاه، وكان حسبه وبالغ أمره، عليك توكلت فاكفني، وإليك أنبت
فارحمني، وإليك المصير فاغفر لي، ولا تسود وجهي يوم تسود وجوه وتبيض
وجوه، إنك أنت العزيز الحكيم، وصل اللهم على محمد وآل محمد،
وارحمني وتجاوز عني، إنك أنت الغفور الرحيم (2).
فصل (1) فيما يختص باليوم التاسع من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم التاسع من شهر رمضان:
اللهم اغفر ذنبي، واعصم عملي، واهد قلبي، واشرح صدري، ويسر لي
أمري، وجود فهمي، وخفف وزري، وآمن خوفي، وثبت حجتي، واربط
جأشي (3)، وبيض وجهي، وارفع جاهي، وصدق قولي، وبلغ حديثي، وعافني
في عمري.
وبارك لي في منقلبي، واعصمني في جميع أحوالي، وأوسع علي في
رزقي، وسهل علي مطالبي، وأعطني من جزيل عطائك وأفضل ما أعطيت

1 - عنه البحار 98: 28.
2 - عنه البحار 98: 29.
3 - الجأش: القلب والصدر، رابط الجأش: شجاع.
272

أحدا من خلقك، وتجاوز عن جميع ما عندي بحسن لطفك الذي عندك.
اللهم لا تشمت بي عدوي، ولا تمكنه من عنقي، ولا تفضحني في
نفسي ولا تفجعني في جاري، وهب لي يا إلهي عطية كريمة رحيمة من
عطائك الذي لا فقر بعده، فقد ضعفت قوتي، وانقطع ان الخلق رجائي،
فقدرتك يا رب أن ترحمني وتعافيني كقدرتك علي أن تعذبني وتبتليني.
فاجعل يا مولاي فيما قضيت تعجيل خلاصي من جميع ما أنا فيه من
المكروه والمحذور والمشقة، وعافني منه كله، إلهي (1) لا أرجو لدفع ذلك
عني أحدا من خلقك، فكن يا ذا الجلال والاكرام عند أحسن ظني بك،
وامنن علي بذلك، وعلى كل داع دعاك به يا مولاي من المؤمنين، وأنت
يا سيدي أمرت بالدعاء وضمنت لمن شئت الإجابة، ووعدك الحق الذي
لا خلف له (2).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم اجعل لي فيه (3) نصيبا من رحمتك الواسعة، واهدني فيه لبراهينك
الساطعة (4)، وخذ بناصيتي إلى مرضاتك الجامعة بمحبتك (5)، يا أمل
المشتاقين (6).

1 - يا الهي (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 29.
3 - اعطني (خ ل)، في هذا اليوم (خ ل).
4 - ببراهينك (خ ل)، القاطعة (خ ل).
5 - بهدايتك، بمحبتك، بمنك (خ ل).
6 - عنه البحار 98: 30.
273

الباب الرابع عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة العاشرة ويومها
وفيها ما نختاره من عدة روايات
منها: ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه في كتابه عمل شهر رمضان، دعاء الليلة العاشرة:
يا خير من سئل، ويا أوسع من أعطى، ويا خير مرتجى، صل على محمد
وآل محمد، وأوسع علي من فضلك، وافتح لي باب رزق من عندك، إنك
على كل شئ قدير، وتقبل صومي وتفضل علي.
اللهم رب شهر رمضان وما أنزلت فيه من القرآن و البركات، أسألك أن
تصلي على محمد وآل محمد، وأن ترزقني حب الصلاة والصيام والحج
والعمرة وصلة الرحم، وتحبب إلي كل ما أحببت، وتبغض إلي كل
ما أبغضت.
اللهم إنك تكفلت برزقي ورزق كل دابة، يا خير مدعو، ويا خير مسؤول،
ويا خير مرتجى، وأوسع من أعطى، صل على محمد وآل محمد، وارزقني
السعة والدعة والسعادة في هذا الشهر العظيم، يا أرحم الراحمين (1).
دعاء آخر في الليلة العاشرة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:

1 - عنه البحار 98: 31.
274

اللهم يا سلام يا مؤمن يا مهيمن، يا جبار يا متكبر، يا أحد يا صمد، يا واحد
يا فرد، يا غفور يا رحيم، يا ودود يا حليم، مضى من الشهر المبارك الثلث،
ولست أدري سيدي ما صنعت في حاجتي، هل غفرت لي؟ إن أنت غفرت
لي فطوبى لي، وإن لم تكن غفرت لي فواسوأتاه.
فمن الان سيدي فاغفر لي وارحمني، وتب علي ولا تخذلني، وأقلني
عثرتي، واسترني بسترك، واعف عني بعفوك، وارحمني برحمتك، وتجاوز
عني بقدرتك، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وأنت على كل شئ
قدير (1).
فصل (1)
فيما يختص باليوم العاشر من دعاء غير متكرر
اللهم يامن بطشه شديد، وعفوه قديم، وملكه مستقيم، ولطفه شديد، يا من
ستر علي القبيح، وظهر بالجميل، ولم يعجل بالعقوبة، ويامن أذن للعباد
بالتوبة، يا من لم يهتك الستر لذي (2) الفضيحة، يا من لا يعلم ما في غد غيره،
يا جابر كل كسير، يا مأوى كل هارب، يا غاذي ما في بطون الأمهات.
يا سيدي، أنت لي في كل حاجة نزلت بي، صل على محمد وآل محمد
واكفني ما أهمني، وارزقني من رزقك الواسع رزقا حلالا طيبا، يا حي
يا قيوم، برحمتك استغثت (3)، فك أسري، وأصلح لي شأني كله، ولا تكلني
إلى نفسي طرفة عين أبدا، ما أبقيتني، برحمتك يا أرحم الراحمين (4).
دعاء آخر في اليوم العاشر:

1 - عنه البحار 98: 32.
2 - لدى (خ ل).
3 - استغيث (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 32.
275

اللهم اجعلني (1) من المتوكلين عليك، واجعلني من الفائزين لديك (2)،
واجعلني من المقربين لديك، باحسانك يا غاية الطالبين (3).

1 - في هذا اليوم (خ ل).
2 - الفارين إليك (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 32.
276

الباب الخامس عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الحادية عشر منه ويومها
وفيها غسل كما قدمناه، وما نختاره من عدة روايات:
منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا رحمهم الله العتيقة، وقد سقط منه أدعية ليال،
فنقلنا ما بقي منها، وهو دعاء الليلة الحادية عشر:
سبحانك لا إله إلا أنت البارئ الواحد القهار، الذي خلقني ولم أك شيئا
بمشيته، وأراني في نفسي وفي كل شئ من مخلوقاته وصنعه الدلائل البينة
النيرة على قدرته، الذي فرض الصيام علي تعبدا، يصلح به شأني، ويغسل
عني أوزاري، ويذكرني بما لهوت عنه من ذكره، ويوجب لي الزلفى (1) بطاعة
أمره.
اللهم سيدي أنت مولاي إن كنت جدت علي بصالح فيما مضى منه
ارتضيته فزدني، وإن كنت اقترفت ما أسخطك فأقلني.
اللهم ملكني من نفسي في الهدى ما أنت له أملك، وقدرني من العدول
بها إلى إرادتك على ما أنت عليه أقدر، وكن مختارا لعبدك ما يسعده

1 - الزلفى: القربة، الدرجة، المنزلة.
277

بطاعتك، وتجنبه الشقوة بمعصيتك حتى يفوز في المعصومين وينجو في
المقبولين، ويرافقني الفائزين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وصلى
الله على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا (1).
دعاء آخر في الليلة الحادية عشر منه، رويناه بإسنادنا إلى محمد بن أبي قرة من
كتابه عمل شهر رمضان:
يا من يكفي كل مؤونة بلا مؤونة، يا جواد يا ماجد، يا أحد يا واحد يا صمد،
يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحدا، يا من لم يلد ولم يولد،
صل على محمد وآل محمد، تقبل صومي، وأعني عليه، وعلى ما بقي من
شهري.
اللهم إني أمسيت لا أملك ما أرجو، ولا أستطيع دفع ما أحاذر إلا بك،
وأمسيت مرتهنا بعملي، وأمسى الأمر والقضاء بيدك، يا رب، فلا فقير أفقر
مني، فصل على محمد وآل محمد، واغفر لي يا رب ظلمي وجرمي وجهلي
وجدي وهزلي وكل ذنب ارتكبته، وبلغني، وارزقني خير الدنيا والآخرة في
هذا الشهر العظيم، في غير مشقة مني، ولا تهلك روحي وجسدي في طلب
ما لم تقدر لي، برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
دعاء آخر في هذه الليلة، مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
اللهم إني أستأنف العمل، وأرجو العفو، وهذه أول ليلة من ليالي
الثلثين، أدعوك بأسمائك الحسنى، وأستجير بك من نارك التي لا تطفئ،
وأسألك أن تقويني على قيامه (3) وصيامه، وأن تغفر لي وترحمني، إنك
لا تخلف الميعاد.

1 - عنه البحار 98: 30.
2 - عنه البحار 98: 31.
3 - قيام هذا الشهر (خ ل).
278

اللهم برحمتك التي وسعت كل شئ [بها] (1) تتم الصالحات، وعليها
اتكلت، وأنت الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، صل على
محمد وآل محمد، واغفر لي وارحمني (2) وتجاوز عني، إنك أنت التواب
الرحيم (3).
فصل (1)
فيما يختص باليوم الحادي عشر من شهر رمضان
اللهم بيدك مقادير الدنيا والآخرة، وبيدك مقادير الغنى والفقر، وبيدك
مقادير الخذلان والنصر، اللهم بارك لي في ديني ودنياي، وبارك لي في
آخرتي وأولاي، وبارك لي في أهلي ومالي وولدي، وبارك لي في سمعي
وبصري ويدي ورجلي وجميع جسدي، وبارك لي في عقلي وذهني وفهمي
وعلمي وجميع ما خولتني (4).
اللهم وأوسع علي من رزقك الحلال، وفك رقبتي من النار، وأدخلني
برحمتك دار القرار، اللهم إني أعوذ بك من أهوال الدنيا والآخرة، وبوائق
الدهر ومصيبات الليالي والأيام.
اللهم إن كنت غضبت علي وأنت ربي فلا تحله بي يا رب
المستضعفين، ومن شر الجن والإنس فسلمني، وأنت ربي فلا تكلني إلى
عدوي، ولا إلى صديقي، وإن لم تكن غضبت علي فما أبالي، غير أن عافيتك
أوسع لي وأهنأ لي.
إلهي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به السماوات والأرضون، وكشفت به

1 - من البحار.
2 - واعف عني (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 32.
4 - خولتني: أعطيتني.
279

الظلمة عن عبادك من أن يحل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، وإذا
رضيت وبعد الرضا، ولا حول ولا قوة إلا بك (1).
دعاء آخر في اليوم الحادي عشر:
اللهم حبب إلي فيه الاحسان، وكره إلي فيه الفسوق والعصيان، وحرم
علي فيه السخط والنيران، بعونك يا غوث (2) المستضعفين. (3)

1 - عنه البحار 98: 33.
2 - بقوتك (خ ل)، يا غياث (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 33.
280

الباب السادس عشر
فيما نذكره من زيادات دعوات في الليلة الثانية عشر منه ويومها
وفيها ما نختاره من عدة روايات
منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا رحمهم الله العتيقة، وقد سقط منه أدعية ليال،
فنقلنا ما بقي منها، وهو دعاء الليلة الثانية عشر:
سبحانك إيها الملك القدير الذي بيده الأمور، ولا يعجزه ما يريد،
ولا ينقصه العطاء والمزيد، اللهم إن كانت صحيفتي مسودة بالذنوب إليك،
فاني أعول في محوها في هذه الليالي البيض عليك، وأرجو من الغفران
والعفو ما هو بيدك، فان جدت به علي لم ينقصك وفزت، وإن حرمتنيه
لم يزدك وعطبت (1).
اللهم فوفني بما سبق لي من الحسنى شهادة الاخلاص بك، وبما
جدت به علي من ذلك، وما كنت لأعرفه لولا تفضلك، [وأعذني من
سخطك] (2)، وأنلني به رضاك وعصمتك، ووفقني لاستيناف ما يزكو لديك
من العمل، وجنبني الهفوات والزلل، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم

1 - عطب: هلك.
2 - من البحار.
281

الكتاب وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم كثيرا (1).
دعاء آخر في هذه الليلة، وهو ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن أبي قرة في كتاب عمل
شهر رمضان، فقال: دعاء الليلة الثانية عشرة منه:
اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك،
وباسمك الأعظم، وكلماتك التامة التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، فإنك
لا تبيد وتنفد، أن تصلي على محمد وآل محمد، وتقبل مني، ومن جميع
المؤمنين والمؤمنات صيام شهر رمضان وقيامه، وتفك رقابنا من النار.
اللهم صل على محمد وآل محمد واجعل قلبي بارا، وعملي سارا،
ورزقي دارا، وحوض نبيك عليه وآله السلام لي قرارا ومستقرا، تجعل فرج
آل محمد في عافية، يا أرحم الراحمين (2).
دعاء في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
اللهم أنت العزيز الحكيم، وأنت الغفور الرحيم، وأنت العلي العظيم،
لك الحمد حمدا يبقى ولا يفنى، ولك الشكر شكرا يبقى ولا يفنى، وأنت
الحي الحكيم (3) العليم.
أسألك بنور وجهك الكريم، وبجلالك الذي لا يرام، وبعزتك التي
لا تقهر، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي وترحمني، إنك أنت
أرحم الراحمين (4).
وروي عن الصادق عليه السلام أن الإنجيل انزل في اثنتي عشرة ليلة مضت من
شهر رمضان.
قلت أنا: فلها زيادة في التعظيم، وذكر المفيد في التواريخ الشرعية أن الإنجيل انزل

1 - عنه البحار 98: 33.
2 - عنه البحار 98: 34.
3 - الحليم (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 34.
282

فصل (1)
فيما يختص باليوم الثاني عشر منه من دعاء غير متكرر
اللهم غارت (1) نجوم سمائك، ونامت عيون أنامك، وهدأت أصوات
عبادك وأنعامك، وغلقت ملوك الأرض عليها أبوابها، وطافت عليها حراسها،
واحتجبوا عمن يسألهم حاجة أو ينتجع (2) منهم فائدة.
وأنت إلهي حي قيوم، لا تأخذك سنة لا نوم، ولا يشغلك شئ عن
شئ، أبواب سماواتك لمن دعاك مفتحات، وخزائنك غير مغلقات.
اللهم إني أستودعك وأستحفظك بأن لا إله إلا أنت الحي القيوم، والنور
القدوس، نفسي وروحي ورزقي، ومحياي ومماتي، وأنفس أهل بيت
محمد، وأنفس أشياع محمد، وجميع ما تفضلت به علي وعليهم حيا وميتا،
وشاهدا وغائبا، ونائما ويقظانا، وقائما وقاعدا، ومستخفا ومتهاونا، بنور
وجهك الكريم الجليل، الرفيع العظيم القائم بالقسط، لا إله إلا الله العزيز
الحكيم بمحمد وآله الطيبين الطاهرين، صلواتك عليه وعليهم أجمعين.
يا ولي النبيين والمرسلين، وملائكتك المقربين، صلواتك عليهم يا رب
العالمين، وبيتك المعمور والسبع المثاني والقرآن العظيم، وبكل من يكرم
عليك من جميع خلقك يا سيدي، مع ما تفضلت عليهم وعلينا، فاجعلنا في
حماك الذي لا يستباح، برحمتك يا أرحم الراحمين (3).
دعاء آخر:

1 - غارت الشمس: غربت.
2 - انتجع فلانا: أتاه طالبا معروفه.
3 - عنه البحار 98: 35.
283

اللهم زيني فيه بالستر (1) والعفاف، وألبسني فيه لباس (2) القنوع والكفاف،
وحلني فيه بحلي الفضل والانصاف (3)، بعصمتك يا عصمة الخائفين (4).

1 - زين لي فيه الستر (خ ل).
2 - ارزقني (خ ل)، استرني فيه بلباس (خ ل)، بلباس الصبر (خ ل).
3 - ونجني فيه مما أحذر وأخاف، وآمني فيه من كل ما أخاف (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 35.
284

الباب السابع عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثالثة عشر منه ويومها
وفيها غسل كما قدمناه، وما نختاره من عدة روايات:
منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا رحمه الله العتيقة، وقد سقط منه أدعية ليال،
فنقلنا ما بقي منها، وهو دعاء الليلة الثالثة عشر:
الحمد لله الذي يجود فلا يبخل، ويحلم فلا يعجل، الذي من علي من
توحيده بأعظم المنة، وندبني (1) من صالح، العمل إلى خير المهنة، وأمرني
بالدعاء فدعوته فوجدته غياثا عند شدائدي، وأدركته لم يبعدني بالإجابة حين
بعد مداه، ولا حرمني الانتياش (2)، لما عملت ما لا يرضاه، أقالني عثرتي، وقضى
لي حاجتي، وتدارك قيامي، وعجل معونتي، فزادني خبرة بقدرته، وعلما
بنفوذ مشيته.
اللهم إن كل ما جدت علي به بعد التوحيد دونه، وإن كثر، وغير مواز له
وإن كبر، لأن جميعه نعم دار الفناء المرتجعة، وهو النعمة لدار البقاء التي
ليست بمنقطعة، فيامن جاد بذلك علي مختصا لي برحمته، وفقني للعمل
بما يقضي حق يدك في هيبته.

1 - ندبه: دعاه.
2 - انتاش انتياشا: تناوله.
285

اللهم بيض أعمالي بنور الهدى ولا تسودها بتخليتي وركوب الهوى،
فأطغى فيمن طغى، وأقارف (1) ما يسخطك بعد الرضا، وأنت على كل شئ
قدير، وصلى الله على محمد وآله، وسلم تسليما كثيرا (2).
دعاء آخر في الليلة الثالثة عشر:
يا الله يا رحمان، يا رب، يا الله يا مهيمن، يا الله رب يا متكبر، يا الله
يا رب يا متعال، يا الله يا رب يا معيد (3) يا الله يا رب يا ذا الطول لا إله إلا أنت،
يا الله يا رب الجلال والاكرام، يا الله يا رب.
يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة (4)، ولم يهتك
الستر، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين
بالرحمة.
يا خليل إبراهيم، ونجي موسى، ومصطفى محمد، صل على محمد وآله،
وأعتقني من النار في هذا الشهر العظيم، ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته
لك، يا أرحم الراحمين.
وسل ما شئت وظن أن الله تعالى قد استجاب لك، إن شاء الله تعالى (5).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
يا جبار السماوات وجبار الأرضين، ويا من له ملكوت السماوات وملكوت
الأرضين، وغفار الذنوب والسميع العليم، الغفور العزيز، الحليم الرحيم،
الصمد الفرد، الذي لا شبيه لك ولا ولي لك، أنت العلي الأعلى، والقدير
القادر، وأنت التواب الرحيم، أسألك أن تصلي على محمد وآله، وأن تغفر
لي وترحمني، إنك أنت أرحم الراحمين (6).

1 - أقارف: قارب.
2 - عنه البحار 98: 35.
3 - مفيد (خ ل).
4 - الجريرة: الذنب والجناية.
5 - عنه البحار 98: 36.
6 - عنه البحار 98: 36.
286

أقول: وقد قدمنا في عمل رجب عملا جسيما في الليالي البيض منه ومن شعبان
وشهر الصيام، فتؤخذ من ليالي البيض من رجب بتفصيلها، فهي مذكورة هناك على
التمام، فإنها من المهام لذوي الأفهام.
وهذه الرواية رويناها عن الصادق عليه السلام في الليالي البيض من رجب
باسنادها وفضلها، ولكن ذلك الجزء منفرد، فربما لا يتفق حضوره عند العامل بهذا
الكتاب، فنذكر هاهنا صفة هذه الصلوات فحسب، فنقول:
إنه يصلي ليلة ثلاث عشرة من شهر رمضان ركعتين، كل ركعة بالحمد مرة وسورة
يس و (قل هو الله أحد) كل واحد مرة، وفي ليلة أربع عشرة منه أربع ركعات بهذه
الصفة، وفي ليلة خمس عشرة منه ست ركعات بهذه الصفة. (1)
فصل (1)
فيما يختص باليوم الثالث عشر من دعوات غير متكررة
اللهم إني أدينك بطاعتك وولايتك، وولاية محمد نبيك، وولاية
أمير المؤمنين حبيب نبيك، وولاية الحسن والحسين سبطي نبيك، وسيدي
شباب أهل جنتك.
وأدينك يا رب بولاية علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد،
وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد،
والحسن بن علي، وسيدي ومولاي صاحب الزمان.
أدينك يا رب بطاعتهم وولايتهم، وبالتسليم بما فضلتهم راضيا غير منكر
ولا مستكبر على ما (2) أنزلت في كتابك.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وادفع عن وليك وخليفتك ولسانك،
والقائم بقسطك، والمعظم لحرمتك، والمعبر عنك، والناطق بحكمك،

1 - عنه البحار 98: 36.
2 - على معنى ما (خ ل).
287

وعينك الناظرة، واذنك السامعة، وشاهد عبادك، وحجتك على خلقك،
والمجاهد في سبيلك، والمجتهد في طاعتك، واجعله في وديعتك التي
لا تضيع، وأيده بجندك الغالب، وأعنه وأعن عنه، واجعلني ووالدي وما ولدا
وولدي من الذين ينصرونه وينتصرون به في الدنيا والآخرة، واشعب به
صدعنا (1)، وارتق به فتقنا.
اللهم أمت به الجور، ودمدم (2) بمن نصب له، واقصم رؤوس الضلالة،
حتى لا تدع على الأرض منهم ديارا (3).
دعاء آخر:
اللهم طهرني فيه (4) من الدنس والأقذار، وصبرني فيه على كائنات
الأقدار، ووفقني فيه للتقى (5) وصحبة الأبرار (6)، بعزتك يا قرة عين (7)
المساكين (8).

1 - الصدع: الشق في شئ صلب.
2 - دمدم: الله عليهم: أهلكهم.
3 - عنه البحار 98: 37.
4 - في هذا اليوم (خ ل).
5 - على التقى (خ ل).
6 - وارزقني فيه صحبة الأبرار (خ ل).
7 - بقوتك (خ ل)، بعونك (خ ل)، يا قوة (خ ل).
8 - عنه البحار 98: 37.
288

الباب الثامن عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الرابعة عشر منه ويومها
وفيها عدة روايات
منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا رحمهم الله العتيقة، وهو دعاء الليلة الرابعة عشر:
سبحان من يجود علي برحمته فيوسعها بمشيته، ثم يقصرها (1) إلى نعمه
وأياديه، وليبين فيها للناظرين أثر صنيعه، وللمتأملين دقائق حكمته.
أشهد أن لا إله إلا الله (2) وحده لا شريك له، متفردا بخلقه بغير معين،
وجاعلا جميع أفعاله واحدا بلا ظهير، عرفته القلوب بضمائرها والأفكار
بخواطرها، والنفوس بسرائرها، وطلبته التحصيلات ففاتها، واعترضته
المعقولات (3) فأطاعها، فهو القريب السميع، والحاضر المرتفع.
اللهم هذه أضواء وأنوار ليلة من شهرك، وأزينها، وأحصاها بضوء (4) بدرك،
بسطت فيها لوامعه وارتعجت (5) في أرضك شعاعه، وهي ليلة سبعين مضيا من
الصيام وأول سبعين بقيا من عدد الأيام، اللهم فوسع لي فيها نور عفوك،

1 - كذا في النسخ.
2 - لا اله إلا هو (خ ل).
3 - المفعولات (خ ل).
4 - في الأصل: بضوء، ما أثبتناه هو الظاهر.
5 - ارتعج الوادي: امتلأ.
289

وابسطه وأمحص (1) عني ظلم سخطك واقبضه.
اللهم إن جودك ونعمتك يصلحان رجائي، وإن صيانتك ومخاصتك
يكشفان بالي، وما أنت بضري منتفع، فأتهمك بالتوفر على منفعتك، ولا بما
ينفعني مضرور فأستحييك من التماس مضرتك، فكيف يبخل من لا حاجة
به إلى عفو معبود على عبده، مضطر إلى عفوه، أم كيف يسمح وقد جادله
بهدايته أن يخيله ويقحم (2) سبل ضلالته، كلا إنك الأكرم يا مولاي من ذاك
وأرأف وأحنى وأعطف.
اللهم اطو هذه الليلة بعمل لي صالح ترضى مطاويه، ويبهجني في
آخرتي بمناشره، وأمضاها بالعفو عني في أول الشهر وآخره يا أرحم
الراحمين، يا رحمان يا رحيم، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم
كثيرا (3).
ودعاء آخر في هذه الليلة برواية محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان،
رويناه بإسنادنا إليه:
يا الله يا رحمن يا رحيم، يا عليم يا حي يا قيوم، اللهم إني لا أسألك بعملي
شيئا، إني من عملي خائف، إنما أسألك برحمتك ما أسألك، فصل على
محمد وآله، وهب لي من طاعتك ما يرضيك عني، وتقبل صومي وتفضل
علي برحمتك، وارحمني برحمتك (4).
اللهم إني أدعوك وأسألك بأسمائك الحسنى، وباسمك العظيم،
ووجهك الكريم (5)، وروحك القدوس، وكلامك الطيب، وملكك الدائم
العظيم، وسلطانك المنير، وقرآنك الحكيم، وعطائك الجليل الجزيل،

1 - محص الشئ: خلصه من كل عيب.
2 - قحم فمي بالأمر: رمى بنفسه فيه بلا روية، وإليه: دنا
3 - عنه البحار 98: 38.
4 - يا ارحم الراحمين (خ ل).
5 - وملك القديم (خ ل).
290

وباسمك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت أعطيت، أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تعتقني من النار في هذا الشهر المبارك، فاني فقير
مسكين إلى رحمتك، يا أرحم الراحمين (1).
دعاء آخر في هذه الليلة:
يا أول الأولين، ويا آخر الآخرين، يا ولي الأولياء، و (2) جبار الجبابرة (3)،
أنت خلقتني ولم أك شيئا، وأنت أمرتني بالطاعة فأطعت سيدي جهدي،
فان كنت توانيت أو أخطأت أو نسيت فتفضل علي سيدي، ولا تقطع
رجائي، فامنن علي بالجنة (4)، واجمع بيني وبين نبي الرحمة، محمد بن
عبد الله صلى الله عليه وآله، واغفر لي إنك أنت التواب الرحيم (5).
فصل (1)
فيما نذكره مما يختص باليوم الرابع عشر من دعاء غير متكرر
اللهم لا تؤدبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير
ولا يوجد إلا من عندك، ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك، لا الذي
أحسن استغنى عنك، ولا الذي أساء خرج عن قدرتك، يا رب بك عرفتك،
وأنت دللتني (6)، ولولا أنت ما دريت من أنت.
الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني، وإن كنت بطيئا حين يدعوني، والحمد
لله الذي أسأله فيعطيني، وإن كنت بخيلا حين يستقرضني.
والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني، ولم يكلني إلى الناس فيهينوني،

1 - عنه البحار 98: 40.
2 - ويا (خ ل).
3 - ويا اله الأولين والآخرين (خ ل).
4 - بالرحمة (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 39.
6 - دليلي (خ ل).
291

والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني.
اللهم لا أجد شافعا إليك إلا معرفتي بأنك أفضل من قصد إليه
المضطرون، أسألك مقرا بأن لك الطول والقوة، والحول والقدرة، أن تحط
عني وزري الذي حنى ظهري وتعصمني من الهوى المسلط على عقلي،
وتجعلني من الذين انتجبتهم لطاعتك (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم لا تؤاخذني بالعثرات، وقني فيه من الخطايا (2) والهفوات،
ولا تجعلني غرضا (3) للبلايا والآفات، بعزك (4) يا عز المسلمين (5).

1 - عنه البحار 98: 40.
2 - أقلني فيه الخطايا (خ ل).
3 - عرضا (خ ل)، عرضة (خ ل).
4 - لعزتك (خ ل)، معز (خ)، عز المسلمين (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 40.
292

الباب التاسع عشر
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الخامسة عشر ويومها
وفيها عدة روايات
منها: الغسل كما قدمناه.
ومنها: مأة ركعة، في كل ركعة عشر مرات (قل هو الله أحد).
ومنها: زيارة الحسين عليه السلام فيها، وصلاة عشر ركعات، وما نختاره من عدة
روايات في الدعوات.
أما الغسل:
فروينا عن الشيخ المفيد رحمه الله، وفي رواية عن أبي عبد الله عليه السلام أنه (1)
يستحب ليلة النصف من شهر رمضان (2).
وأما المائة ركعة:
فإنها مروية عن الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
من صلى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة، يقرء في كل ركعة الحمد و (قل
هو الله أحد) عشر مرات، أهبط الله إليه عشرة أملاك يدرؤون عنه أعداءه من الجن

1 - أنه قال (خ ل).
2 - عنه البحار 3: 326.
293

والانس، وأهبط الله عند موته ثلاثين يبشرونه بالجنة، وثلاثين ملكا يؤمنونه من
النار (1).
ووجدنا هذه الرواية في أصل متصل الاسناد.
وذكر ابن أبي قرة رواية أخرى:
أن من صلى هذه الصلاة لم يمت حتى يرى في منامه مائة من الملائكة، ثلاثين
يبشرونه بالجنة وثلاثين يؤمنونه من النار، وثلاثين يعصمونه من أن يخطئ، وعشرة
يكيدون من كاده (2).
وأما زيارة الحسين عليه السلام في ليلة النصف من شهر رمضان:
فقد قدمنا في أوائل كتابنا هذا رواية بذلك.
وروينا بإسنادنا رواية أخرى، وصلاة عشر ركعات عن أبي المفضل الشيباني
باسناده من كتاب علي بن عبد الواحد النهدي في حديث، يقول فيه عن الصادق عليه
السلام أنه قيل له: فما ترى لمن حضر قبره - يعني الحسين عليه السلام - ليلة النصف من
شهر رمضان؟ فقال:
بخ بخ، من صلى عند قبره ليلة النصف من شهر رمضان عشر ركعات من بعد
العشاء من غير صلاة الليل، يقرء في كل ركعة بفاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) عشر
مرات، واستجار بالله من النار، كتبه الله عتيقا من النار، ولم يمت حتى يرى في منامه
ملائكة يبشرونه بالجنة وملائكة يؤمنونه من النار (3).
وأما الدعوات:
فمنها ما وجدناها في كتب أصحابنا رحمهم الله العتيقة، وقد سقط منها أدعية ليال،
وهو دعاء الليلة الخامسة عشر:
سبحان مقلب القلوب والأبصار، سبحان مقلب الليل والنهار، وخالق

1 - عنه الوسائل 8: 27، رواه الشيخ في التهذيب 3: 62، والمفيد في المقنعة: 28.
2 - عنه الوسائل 8: 27، رواه الشيخ في التهذيب 3: 62، والمفيد في المقنعة: 28.
3 - عنه الوسائل 8: 25، البحار 101: 349.
294

الأزمنة والأعصار، المجري على مشيته الأقدار، الذي لا بقاء لشئ سواه،
وكل شئ يعتوره (1) الفناء غيره، فهو الحي الباقي الدائم، تبارك الله رب
العالمين.
اللهم قد انتصف شهر الصيام بما مضى من أيامه، وانجذب إلى تمامه
واختتامه، ومالي عدة أعتد بها، ولا أعمال من الصالحات أعول عليها، سوى
إيماني بك ورجائي لك، فأما رجائي فيكدره علي صفوة الخوف منك، وأما
إيماني فلا يضيع عندك وهو بتوفيقك.
اللهم فلك الحمد حين لم تفكك يدي عند التماسك (2) بالعروة الوثقى،
ولم تشقني بمفارقتها فيمن اعتوره الشقاء.
اللهم فأنصفني من شهواتي، فإليك منها الشكوى ومنك عليها أؤمل
العدوي، فإنك تشاء وتقدر، وأشاء ولا أقدر (3)، ولست إلهي وسيدي محجوجا،
ولكن مسؤولا ترجى، ومخوفا يتقى، تحصي وننسى، وبيدك حلو ومر
القضاء.
اللهم فأذقني حلاوة عفوك، ولا تجرعني غصص سخطك، وصلى الله
على محمد وآله الطاهرين، يا أرحم الراحمين (4).
دعاء آخر في هذه الليلة من رواية محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان:
يا من أظهر الجميل وستر القبيح، ولم يؤاخذ بالجريرة، ولم يهتك
الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين
بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، ومنتهى كل شكوى، يا (6) مقيل العثرات،
يا مجيب الدعوات، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها.

1 - اعتور القوم الشئ: تعاطوه وتدالوه.
2 - لم تفكك يدي عند استمساكي (خ ل).
3 - ولست أقدر (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 41.
5 - ويا (خ ل).
6 - ويا (خ ل).
295

يا رباه يا سيداه يا مولاه، يا غاية رغبتاه، أسألك أن تصلي على محمد وآل
محمد، ولا تشوه (1) خلقي في النار - ثم تسأل حاجتك تقضى إن شاء الله.
زيادة:
اللهم يا مفرج كل هم، يا منفس كل كرب، يا صاحب كل وحيد،
ويا كاشف ضر أيوب، ويا سامع صوت يونس المكروب، وفالق البحر لموسى
وبني إسرائيل، ومنجي موسى ومن معه أجمعين، أسألك أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تيسر لي في هذا الشهر العظيم، الذي تعتق فيه
الرقاب، وتغفر فيه الذنوب، ما أخاف عسره، وتسهل لي ما أخاف حزونته.
يا غياثي عند كربتي، ويا صاحبي عند شدتي، ويا عصمة الخائف
المستجير، يا رازق البائس الفقير، يا مغيث المقهور الضرير، يا مطلق المكبل
الأسير (2). و (3) ومخلص المسجون المكروب، أسألك أن تصلي على محمد وآل
محمد، وتجعل لي من جميع أموري فرجا ومخرجا، ويسرا عاجلا، يا أرحم
الراحمين (4).
دعاء آخر في هذه الليلة:
الحنان أنت سيدي، المنان أنت مولاي، الكريم أنت سيدي، العفو (5)
أنت مولاي، الحليم أنت سيدي، الوهاب أنت مولاي، العزيز أنت سيدي،
القريب أنت مولاي، الواحد أنت سيدي، القاهر أنت مولاي، الصمد أنت
سيدي، العزيز أنت مولاي، صل على محمد وآله، واغفر لي وارحمني
وتجاوز عني إنك أنت الأجل الأعظم (6).

1 - وان لا تشوه (خ ل).
2 - الكبل عن الأسير (خ ل).
3 - ويا (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 40.
5 - الغفور الرحيم (خ ل).
6 - عنه البحار 98: 41.
296

فصل (1)
فيما يختص باليوم الخامس عشر من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم الخامس عشر من شهر رمضان:
يا ذا المن والاحسان، يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا الجود والافضال، يا ذا
الطول، يا لا إله إلا أنت، ظهر اللاجين وأمان للخائفين، إن كنت كتبتني
في أم الكتاب شقيا فاكتبني عندك سعيدا موفقا للخير، وامح اسم الشقاء
عني.
فإنك قلت في الكتاب الذي أنزلت على نبيك صلواتك عليه وآله:
(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (1).
اللهم ارزقني طيبا، واستعملني صالحا، اللهم امنن علي بالرزق الواسع
الحلال الطيب برحمتك، تكون لك المنة علي، وتكون لي غنى عن
خلقك، خالصا ليس لأحد من خلقك منة من غيرك، واجعلنا فيه من
الشاكرين، ولا تفضحني يوم التلاق.
اللهم إني أسألك السعة في الدنيا، وأعوذ بك من السرف فيها، وأسألك
الزهد في الدنيا، وأعوذ بك من الحرص عليها، وأسألك الغنى في الدنيا،
وأعوذ بك من الفقر فيها، اللهم إن بسطت علي في الدنيا فزهدني فيها، وإن
قترت علي رزقي فلا ترغبني فيها (2).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم ارزقني فيه (3) طاعة الخاشعين (4)، وأشعر فيه قلبي إنابة

1 - الرعد: 39.
2 - عنه البحار 98: 41.
3 - في هذا اليوم (خ ل).
4 - العابدين، الخاضعين (خ ل).
297

المخلصين (1)، بأمنك (2) يا أمان الخائفين.

1 - املأ فيه قلبي من خشوع الخاشعين واشرح فيه صدري بإنابة المخبتين (خ ل).
2 - بأمانك (خ ل).
298

الباب العشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة السادسة عشر ويومها
وفيها ما نختاره من عدة روايات
منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة، فهو دعاء الليلة السادسة عشر:
اللهم سبحانك لا إله إلا أنت، تعبد بتوفيقك، وتجحد بخذلانك، أريت
عبرك وظهرت غيرك، وبقيت آثار الماضين عظة للباقين، والشهوات غالبة،
واللذات مجاذبة، نعترض أمرك ونهيك بسوء الاختيار، والعمى عن
الاستبصار، ونميل عن الرشاد، وننافر طرق السداد.
فلو (1) عجلت لانتقمت، وما ظلمت، لكنك تمهل عودا على يديك (2)
بالاحسان، وتنظر تغمدا للرأفة والامتنان.
فكم ممن أنعمت عليه ومكنته أن يتوب كفر الحوب، وأرشدته الطريق
بعد أن توغل في المضيق، فكان ضالا لولا هدايتك، وطائحا حتى تخلصته
دلائلك، وكم ممن وسعت له فطغى، وراخيت له فاستشرى (3)، فأخذته أخذة
الانتقام، وجذذته جذاذ الصرام.

1 - فان (خ ل).
2 - بدئك - ظ.
3 - استشرى: ارتج في الأمر.
299

اللهم فاجعلني في هذه الليلة ممن رضيت عمله، وغفرت زلله، ورحمت
غفلته، وأخذت إلى طاعتك ناصيته، وجعلت إلى جنتك أوبته، وإلى
جوارك رجعته، وصلى الله على محمد وآله وسلم، يا أرحم الراحمين (1).
دعاء آخر في هذه الليلة، ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان:
اللهم أنت إلهي، ولي إليك حاجة وبي إليك فاقة، ولا أجد إليك شافعا
ولا متقربا أوجه في نفسي، ولا أعظم رجاء عندي منك، وقد نصبت يدي
إليك في تعظيم ذكرك وتفخيم أسمائك.
وإني أقدم إليك بين يدي حوائجي بعد ذكري نعماك علي بإقراري
لك، ومدحي إياك، وثنائي عليك، تقديسي مجدك، وتسبيحي قدسك.
الحمد لك بما أوجبت علي من شكرك، وعرفتني من نعمائك،
وألبستني من عافيتك، وأفضلت علي من جزيل عطيتك.
فإنك قلت سيدي: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي
لشديد) (2)، وقولك ووعدك حق، وقلت سيدي: (وإن تعدوا نعمة الله
لا تحصوها) (3)، وقلت: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) (4)، وقلت: (ادعوه خوفا
وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين) (5).
اللهم إني أسألك قليلا من كثير مع حاجة بي إليه عظيمة، وغناك عنه
قديم، وهو عندي كثير، وهو عليك سهل يسير.
اللهم إن عفوك عن ذنبي، وتجاوزك عن خطيئتي، وصفحك عن
ظلمي، وسترك على قبيح عملي، وحلمك عن كثير جرمي، عندما كان من
خطأي وعمدي، أطمعني في أن أسألك ما لا أستوجبه منك.

1 - عنه البحار 98: 43.
2 - إبراهيم: 7.
3 - إبراهيم: 34، النحل: 18.
4 - الأعراف: 55.
5 - الأعراف: 56.
300

فصرت أدعوك آمنا وأسألك مستأنسا، لا خائفا ولا وجلا، مدلا عليك
فيما قصدت فيه إليك، فان أبطأ عني عتبت بجهلي عليك، ولعل الذي أبطأ
عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور.
فلم أر مولى كريما أصبر على عبد لئيم منك علي، يا رب إنك تدعوني
فأولي عنك، وتتحبب إلي فأتبغض إليك، وتتودد إلي فلا أقبل منك، كأن
لي التطول عليك.
ثم لا يمنعك ذلك من الرحمة بي والاحسان إلي، والتفضل علي بجودك
وكرمك، فصل على محمد وآله، وارحم عبدك الجاهل، وعد عليه بفضل
إحسانك وجودك، إنك جواد كريم (1).
دعاء آخر في هذه الليلة، مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله، يا رحمن يا رحمن،
يا رحمن يا رحمن، يا رحمن يا رحمن، يا رحمن يا رحمن، يا رحيم يا رحيم،
يا رحيم يا رحيم، يا رحيم يا رحيم، يا رحيم، يا غفور يا غفور، يا غفور
يا غفور، يا غفور يا غفور، يا غفور يا غفور، يا رؤوف يا رؤوف، يا رؤوف يا رؤوف،
يا رؤوف يا رؤوف، يا رؤوف.
يا حنان يا حنان، يا حنان يا حنان، يا حنان يا حنان، يا حنان يا حنان،
يا علي يا علي، يا علي يا علي، يا علي يا علي، يا علي يا علي، صل على محمد
وآله إنك أنت الغفور الرحيم (2).
فصل (1)
فيما يختص باليوم السادس عشر من دعاء غير متكرر
دعاء يوم السادس عشر من شهر رمضان:

1 - عنه البحار 98: 43.
2 - عنه البحار 98: 44.
301

اللهم اغفر لي ذنبي وأوسع علي رزقي، وبارك لي فيما رزقتني
ولا تحوجني إلى أحد سواك، اللهم ارزقنا من فضلك، وبارك لنا في
رزقك، وأغننا عن خلقك، ولا تحرمنا رفدك.
اللهم إنا نسألك السعة من طيب رزقك، والعون على طاعتك، والقوة
على عبادتك، اللهم عافنا من بلائنا، وارزقنا من فضلك واكفنا شر
خلقك. (1)
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم وفقني لعمل الأبرار (2)،
وجنبني فيه مرافقة (3) الأشرار، وآوني
برحمتك في دار القرار (4)، بإلهيتك (5) يا اله (6) الأولين والآخرين (7).

1 - عنه البحار 98: 44.
2 - اهدني في هذا اليوم بعمل الأبرار (خ ل).
3 - موافقة (خ ل).
4 - أدخلني فيه برحمتك إلى دار القرار (خ ل).
5 - بإلوهيتك (خ ل).
6 - يا إله العالمين (خ ل).
7 - عنه البحار 98: 44.
302

الباب الحادي والعشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة السابعة عشر ويومها
وفيها عدة روايات
منها: الغسل المشار إليه.
ومنها: أنها الليلة التي التقى في صبيحتها الجمعان يوم بدر، ونصر الله نبيه صلى الله
عليه وآله.
ومنها: ما نختاره من عدة فصول في الدعوات بعدة روايات:
رواية منها ما وجدناها في كتب أصحابنا العتيقة، وهي في الليلة السابعة عشر:
سبحان العزيز بقدرته، المالك بغلبته، الذي لا يخرج شئ عن قبضته،
ولا أمر إلا بيده، الذي يجود مبتدئا ومسؤولا وينعم معيدا، هو الحميد المجيد،
نحمده بتوفيقه، فنعمه بذلك جدد لا تحصى، ونمجده بآلائه وبدلالاته فأياديه
لا تكافى، والحمد لله الذي يملك المالكين، ويعز الأعزاء، ويذل الأذلين.
اللهم إن هذه الليلة ليلة سبع عشرة عشر وهي أول عقود الأعداد، وسبع
وهي شريفة الآحاد، لاحقة بنعت سابقه (1)، ويل لمن أمضاهن بغير حق لك
يا مولاه قضاك، ولا بقرب إليك أرضاك، وأنا أحد أهل الويل، صدتني عنك

1 - تبعت سابقة (خ ل).
303

بطنة المآكل والمشارب، وغرني بك أمر المسارب وسعة المذاهب،
واجتذبتني إلى لذاتها سنتي، وركبت الوطيئة اللذيذة من غفلتي.
فاطرد عني الاغترار، وأنقذني وانف بي على الاستبصار، واحفظني من
يد الغفلة وسلمني إلى اليقظة، بسعادة منك تمضيها وتقضيها لي، وتبيض
وجهي لديك، وتزلفني عندك، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد
النبي وآله وسلم (1).
دعاء آخر في الليلة السابعة عشر منه:
رويناه بإسنادنا إلى العالم عليه السلام أنه قال: إن هذه الليلة هي الليلة التي
التقى فيها الجمعان يوم بدر، وأظهر الله تعالى آياته العظام في أوليائه وأعدائه، الدعاء
فيها:
يا صاحب محمد صلى الله عليه وآله يوم حنين، ويا مبير الجبارين
ويا عاصم النبيين، أسألك بيس والقرآن الحكيم، وبطه وسائر القرآن العظيم،
أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تهب لي الليلة تأييدا تشد به عضدي،
وتسد به خلتي يا كريم، أنا المقر بالذنوب فافعل بي ما تشاء، لن يصيبني إلا
ما كتبت لي، عليك توكلت وأنت حسبي، وأنت رب العرش الكريم.
اللهم إني أسألك خير المعيشة أبدا ما أبقيتني بلغة إلى انقضاء أجلي،
أتقوى بها على جميع حوائجي، وأتوصل بها إليك من غير أن تفتنني بإكثار
فأطغى أو بتقصير علي فأشقى، ولا تشغلني عن شكر نعمتك، وأعطني غنى
عن شرار خلقك، وأعوذ بك من شر الدنيا وشر ما فيها.
اللهم لا تجعل الدنيا لي سجنا، ولا تجعل فراقها لي حزنا، أخرجني عن
فتنها إذا كانت الوفاة خيرا لي من حياتي، مقبولا عملي إلى دار الحيوان،
ومساكن الأخيار، وأعوذ بك من أزلها (2) وزلزالها وسلطانها وبغي بغاتها.

1 - عنه البحار 98: 45.
2 - أزل: وقع في ضيق وشدة.
304

اللهم من أرادني فأراده، ومن كادني فكده، واكفني هم من أدخل علي
همه، وصدق قولي بفعلي، وأصلح لي حالي، وبارك لي في أهلي ومالي
وولدي وإخواني، اللهم اغفر لي ما مضى من ذنوبي، واعصمني فيما بقي
من عمري حتى ألقاك وأنت عني راض، وتسأل حاجتك.
ثم تسجد عقيب الدعاء وتقول في سجودك:
سجد وجهي الفاني البالي، الموقوف المحاسب، المذنب الخاطئ،
لوجهك الكريم الباقي، الدائم الغفور الرحيم، سبحان ربي الأعلى وبحمده
أستغفر الله وأتوب إليه.
زيادة:
اللهم رب هذه الليلة العظيمة، لك الحمد كما عصمتني من مهاوي
الهلكة، والتمسك بحبال الظلمة، والجحود لطاعتك، والرد عليك أمرك،
والتوجه إلى غيرك، والزهد فيما عندك، والرغبة فيما عند غيرك، منا مننت
به علي ورحمة رحمتني بها، من غير عمل سالف مني، ولا استحقاق لما
صنعت بي واستوجبت مني.
الحمد على الدلالة على الحمد، واتباع أهل الفضل والمعرفة والتبصر
بأبواب الهدى، ولولاك ما اهتديت إلى طاعتك، ولا عرفت أمرك، ولا سلكت
سبيلك، فلك الحمد كثيرا، ولك المن فاضلا، وبنعمتك تتم الصالحات (1).
دعاء آخر في الليلة السابعة عشر مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
اللهم هذا شهر رمضان، الذي أنزلت فيه القرآن، وأمرت (2) بعمارة
المساجد والدعاء والصيام والقيام، وضمنت (3) لنا فيه الاستجابة، فقد اجتهدنا
وأنت أعنتنا فاغفر لنا فيه، ولا تجعله آخر العهد منا،
واعف عنا، فإنك ربنا،

1 - عنه البحار 98: 46.
2 - أمرت فيه (خ ل).
3 - حكمت (خ ل).
305

وارحمنا فإنك سيدنا، واجعلنا ممن ينقلب إلى مغفرتك ورضوانك، إنك
أنت الأجل الأعظم (1).
فصل (1)
فيما يختص باليوم السابع عشر من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم السابع عشر من شهر رمضان:
اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، ولا تحوجني إلى أحد من
خلقك، وثبت (2) قلبي على طاعتك، اللهم أعصمني بحبلك، وارزقني من
فضلك، ونجني من النار بعفوك.
اللهم إني أسألك تعجيل ما تعجيله خير لي، وتأخير ما تأخيره خير لي.
اللهم ما رزقتني من رزق، فاجعله حلالا طيبا في يسر منك وعافية،
اللهم سد فقري في الدنيا، واجعل غناي في نفسي، واجعل رغبتي فيما
عندك.
اللهم ثبت رجاءك في قلبي، واقطع رجائي عن خلقك، حتى لا أرجو
أحدا غيرك يا رب العالمين.
اللهم وفي سفري فاحفظني، وفي أهلي فاخلفني، وفيما رزقتني فبارك
لي، وفي نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني، وإليك يا رب فحببني،
وفي صالح الأعمال فقوني، وبسوء عملي فلا تبسلني (3)، وبسريرتي
فلا تفضحني، وبقدر ذنوبي فلا تخزني (4)، وإليك يا رب أشكو غربتي، وبعد
داري، وقلة معرفتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين (5).

1 - عنه البحار 98: 47.
2 - أثبت (خ ل).
3 - فلا تسلمني (خ ل).
4 - فلا تخذلني (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 47.
306

دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم اهدني فيه (1) لصالح الأعمال، واقض لي فيه الحوائج والآمال، يا من
لا يحتاج إلى التفسير والسؤال، يا عالما بما في صدور العالمين (2 - 3).

1 - في هذا اليوم (خ ل).
2 - المضمرين، الصامتين (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 47.
307

الباب الثاني والعشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثامنة عشر منه ويومها
وفيها عدة روايات
منها: رواية من كتب أصحابنا العتيقة، وهي في الليلة الثامنة عشر:
لا إله إلا الله وحده، لا شريك له في ملكه، ولا منازع له في قدرته (1)،
أحصى كل شئ عددا، وخلقه، وجعل له أمدا (2)، فكل ما يرى وما لا يرى
هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه يرجعون، وسبحان الله الذي قهر كل شئ
بجبروته، واستولى عليه بقدرته، وملكه بعزته.
سبحان خالقي ولم أك شيئا، كفلني برحمته، وغذاني بنعمته،
وفسح لي في عطيته، ومن علي بهدايته، بما ألهمني من وحدانيته،
والتصديق بأنبيائه، وحاملي رسالته، وبكتبه المنزلة على بريته الموجبة
لحجته، الذي لم يخذلني بجحود، ولم يسلمني إلى عنود، وجعل من أكارم
أنبيائه صلى الله عليهم أرومتي، ومن أفاضلهم نبعتي، ولخاتمهم صلى الله
عليه وآله عونتي.
اللهم لا تذلل مني ما أعززت، ولا تضعني بعد أن رفعت، ولا تخذلني بعد

1 - لا منازع في قدرته (خ ل).
2 - حد (خ ل).
308

أن نصرت، وأطو في مطاوي هذه الليلة ذنوبي مغفورة، وأدعيتي مسموعة،
وقرباتي مقبولة، فإنك على كل شئ قدير، وصلى الله على محمد النبي
وآله وسلم تسليما (1)،
دعاء آخر في الليلة الثامنة عشر منه، رويناها عن محمد بن أبي قرة في كتابه عمل
شهر رمضان:
اللهم لك الحمد كما حمدت نفسك، وأفضل ما حمدك الحامدون من
خلقك، حمدا يكون أرضى الحمد لك، وأحق الحمد عندك، وأحب الحمد
إليك، وأفضل الحمد لديك، وأقرب الحمد منك، وأوجب الحمد جزاء
عليك، حمدا لا يبلغه وصف واصف، ولا يدركه نعت ناعت، ولا وهم متوهم،
ولا فكر متفكر.
حمدا يضعف عنه كل أحد (2) ممن في السماوات والأرضين، ويقصر عنه
وعن حدوده ومنتهاه جميع المعصومين، المؤيدين الذين أخذت ميثاقهم في
كتابك الذي لا يغير ولا يبدل، حمدا ينبغي لك، ويدوم معك، ولا يصلح إلا
لك.
حمدا يعلو حمد كل حامد، وشكرا يحيط بشكر كل شاكر، حمدا يبقى
مع بقائك، ويزيد إذا رضيت، وينمى كل ما شئت، حمدا خالدا مع
خلودك، ودائما مع دوامك، كما فضلتنا على كثير من خلقك، ولما وهبت
من معرفتك وصيام شهر رمضان.
اللهم إني أسألك بمقام محمد، وبمقام أنبيائك عليه وعليهم السلام، أن
تصلي على محمد وآل محمد، وتقبل صومي وتصرف إلي وإلى أهلي
وولدي وأهل بيتي ومن يعنيني أمره، وإلى جميع المؤمنين والمؤمنات، من
فضلك ورحمتك وعافيتك ونعمك ورزقك الهنئ المرئ، ما تجعله صلاحا

1 - عنه البحار 98: 47.
2 - أيد (خ ل).
309

لديننا وقواما لاخرتنا (1).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
الحمد لله الذي أكرمنا بشهرنا هذا، وأنزل علينا فيه القرآن، وعرفنا
حقه، والحمد لله على البصيرة، فبنور وجهك يا إلهنا وإله آبائنا الأولين،
ارزقنا فيه التوبة، ولا تخذلنا، ولا تخلف ظننا (2)، إنك أنت الجليل الجبار (3).
وروي عن الصادق عليه السلام: أن في ثمان عشر مضت من شهر رمضان انزل
الزبور
قلت أنا: ينبغي أن يكون لها زيادة من الاحترام والعمل المشكور.
فصل (1)
فيما يختص باليوم الثامن عشر من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم الثامن عشر من شهر رمضان:
اللهم إن الظلمة كفروا بكتابك، وجحدوا آياتك، وكذبوا رسلك، وبدلوا
ما جاء به رسولك، وشرعوا غير دينك، وسعوا بالفساد في أرضك وتعاونوا على
إطفاء نورك، وشاقوا ولاة أمرك، ووالوا أعداءك وعادوا أولياءك، وظلموا
أهل بيت نبيك.
اللهم فانتقم منهم، واصبب عليهم عذابك، واستأصل شأفتهم، اللهم
إنهم اتخذوا دينك دغلا، ومالك دولا، وعبادك خولا، فاكفف بأسهم،
وأوهن كيدهم، واشف منهم صدور المؤمنين، وخالف بين قلوبهم وشتت
أمرهم، واجعل بأسهم بينهم، واسفك بأيدي المؤمنين دماءهم، وخذهم من
حيث لا يشعرون، اللهم صل على محمد وآل محمد.

1 - عنه البحار 98: 48.
2 - ظننا بك وصل على محمد وآله واعف عنا وارحمنا (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 48.
310

اللهم إنا نشهد يوم القيامة، ويوم حلول الطامة، أنهم لم يذنبوا لك ذنبا،
ولم يرتكبوا لك معصية، ولم يضيعوا لك طاعة، وأن مولانا وسيدنا صاحب
الزمان، الهادي المهدي، التقي النقي، الزكي الرضي، فاسلك بنا على يديه
منهاج الهدى، والمحجة العظمى، وقونا على متابعته وأداء حقه، واحشرنا
في أعوانه وأنصاره، إنك سميع الدعاء (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم نبهني فيه (2) لبركات أسحاره، ونور فيه قلبي بضياء أنواره، وخذ
بكل أعضائي (3) إلى اتباع آثاره، بنورك يا منور قلوب (4) العارفين (5).

1 - عنه البحار 98: 48.
2 - هيئني (خ ل).
3 - عضو من (خ ل).
4 - يا نور قلوب (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 49.
311

الباب الثالث والعشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات وصلوات في الليلة التاسعة عشر منه ويومها
وفيها عدة زيادات
منها: الغسل المشار إليه مؤكدا فيها.
منها: الصلوات الزائدة وأدعيتها.
منها: استغفار مائة مرة.
منها: الرواية بنشر المصحف ودعائه.
منها: ما نختاره من عدة روايات بالدعوات.
ومنها: الدعاء المختص بيومها.
ومنها: الرواية فضل يوم ليلة القدر (1) مثل ليلته.
أقول: واعلم أن ليلة تسع عشرة أولى الثلاث الليالي الافراد، وهذه الليالي محل
الزيادة في الاجتهاد، ولعمري أن الأخبار واردة وآكدة في ليلة إحدى وعشرين منه أكثر
من ليلة تسع عشرة، وفي ليلة ثلاث وعشرين من أكثر من ليلة تسع عشر ومن ليلة
إحدى وعشرين.
وقد قدمنا ما ذكره أبو جعفر الطوسي في التبيان عند تفسير (إنا أنزلناه في ليلة القدر)

1 - يوم القدر (خ ل).
312

أنها في مفردات العشر الأواخر بلا خلاف، وقال رحمه الله: قال أصحابنا: هي إحدى
الليلتين: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين (1).
وهو منقول عن الأئمة الطاهرين، العارفين بأسرار رب العالمين، وأسرار سيد
المرسلين، صلوات الله جل جلاله عليهم أجمعين.
وقد قدمنا دعاء العشرين ركعة في أول ليلة منه.
أقول: ونحن ذاكرون في هذه الليلة التسع عشرة دعاء الثمانين ركعة، تمام المائة
ركعة، أنقله من خط أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه، لتعمل عليه، وما كان لي إلى
تقديم دعاء المائة ركعة قبل هذه الليلة سبب يحوج إليه، فذلك جعلناه في هذه الليلة.
وقد روي أن هذه المائة ركعة تصلي في كل ليلة من المفردات كل ركعة بالحمد
مرة، و (قل هو الله أحد) عشر مرات (2).
وإن قويت على ذلك فاعمل عليه، واغتنم أيها العبد الميت الفاني ما يبلغ اجتهادك
عليه، فان سم الفناء يسري إلى الأعضاء مذ خرجت إلى دار الفناء، وآخره هجوم
الممات وانقطاع الأعمال الصالحات، وأن تصير من جملة القبور الدارسات المهجورات،
فبادر إلى السعادات الدائمات.
فصل ما تقدم ذكره من العشرين ركعة وأدعيتها، وسبح تسبيح الزهراء عليها السلام
بين كل ركعتين من جميع الركعات، ثم قم فصل الثمانين ركعة الباقيات.
تصلي ركعتين وتقول:
يا حسن البلاء عندي، يا قديم العفو عني، يا من لا غناء لشئ عنه، يا من
لابد لشئ منه، يا من مرد كل شئ إليه، يا من مصير كل شئ إليه، تولني
سيدي ولا تول أمري شرار خلقك، أنت خالقي ورازقي يا مولاي،
فلا تضيعني (3).

1 - التبيان 10: 385.
2 - عنه الوسائل 8: 20.
3 - عنه البحار 98: 123.
313

ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني من أوفر عبادك نصيبا من
كل خير أنزلته في هذه الليلة، أو أنت منزله، من نور تهدي به، أو رحمة
تنشرها، ومن رزق تبسطه، ومن ضر تكشفه، ومن بلاء ترفعه، ومن سوء
تدفعه، ومن فتنة تصرفها، واكتب لي ما كتبت لأوليائك الصالحين، الذين
استوجبوا منك الثواب، وامنوا برضاك عنهم منك العذاب.
يا كريم يا كريم يا كريم، صل على محمد وآل محمد، وعجل فرجهم،
واغفر لي ذنبي، وبارك لي في كسبي، وقنعني بما رزقتني، ولا تفتني بما
زويت عني (1).
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم إليك نصبت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل يا سيدي (2)
توبتي، وارحم ضعفي، واغفر لي وارحمني، واجعل لي في كل خير نصيبا،
وإلى كل خير سبيلا، اللهم إني أعوذ بك من الكبر، ومواقف الخزي في
الدنيا والآخرة.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ما سلف من ذنوبي،
واعصمني فيما بقي من عمري، وأورد (3) علي أسباب طاعتك واستعملني
بها، واصرف عني أسباب معصيتك، وحل بيني وبينها، واجعلني وأهلي
وولدي (ومالي) (4) في ودائعك التي لا تضيع، واعصمني من النار.
واصرف عني شر فسقة الجن والإنس (5)، وشر كل ذي شر، وشر كل
ضعيف أو شديد من خلقك، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على

1 - عنه البحار 98: 123.
2 - ومولاي (خ ل).
3 - أردد (خ ل).
4 - ليس في بعض النسخ.
5 - شر فسقة العرب والعجم وشر فسقة الجن والإنس (خ ل).
314

كل شئ قدير (1).
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم أنت متعالي الشأن، عظيم الجبروت، شديد المحال، عظيم
الكبرياء، قادر قاهر، قريب الرحمة، صادق الوعد، وفي العهد، قريب
مجيب، سامع الدعاء، قابل التوبة، محص لما خلقت، قادر على ما أردت،
مدرك من طلبت، رازق من خلقت، شكور إن شكرت، ذاكر إن ذكرت.
فأسألك يا إلهي محتاجا وأرغب إليك فقيرا، وأتضرع إليك خائفا،
وأبكي إليك مكروبا، وأرجوك ناصرا، وأستغفرك متضرعا (2)، وأتوكل عليك
محتسبا، وأسترزقك متوسعا.
وأسألك يا إلهي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لي ذنوبي،
وتتقبل عملي وتيسر منقلبي، وتفرج قلبي، إلهي أسألك أن تصدق ظني،
وتعفو عن خطيئتي وتعصمني من المعاصي.
إلهي ضعفت فلا قوة لي، وعجزت فلا حول ولا قوة لي، إلهي جئتك مسرفا على
نفسي، مقرا بسوء عملي، قد ذكرت غفلتي، وأشفقت مما كان مني، فصل
على محمد وآل محمد، وارض عني، واقض لي جميع حوائجي من حوائج.
الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين (3).
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم إني أسألك العافية من جهد البلاء وشماتة الأعداء، وسوء
القضاء، ودرك الشقاء، ومن الضرر في المعيشة، وأن تبتليني ببلاء لا طاقة
لي به، أو تسلط علي طاغيا، أو تهتك لي سترا، أو تبدي لي عورة، أو
تحاسبني يوم القيامة مقاصا، أحوج ما أكون إلى عفوك وتجاوزك عني.

1 - عنه البحار 98: 123.
2 - ضعيفا (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 124.
315

فأسألك بوجهك الكريم، وكلماتك التامة أن تصلي على محمد وآل
محمد، وأن تجعلني من عتقائك وطلقائك من النار، اللهم صل على محمد
وآل محمد وأدخلني الجنة، واجعلني من سكانها وعمارها.
اللهم إني أعوذ بك من سفعات النار، اللهم صل على محمد وآله،
وارزقني الحج والعمرة، والصيام والصدقة لوجهك (1).
ثم تسجد وتقول في سجودك:
يا سامع كل صوت، ويا بارئ النفوس قبل الموت، ويا من لا تغشاه
الظلمات، ويا من لا تتشابه عليه الأصوات، ويا من لا يشغله شئ عن شئ،
أعط محمدا أفضل ما سألك، وأفضل ما سئلت له، وأفضل ما أنت مسؤول له،
وأسألك أن تجلعني من عتقائك وطلقائك من النار.
اللهم صل على محمد وآله، واجعل العافية شعاري ودثاري، ونجاة لي
من كل سوء يوم القيامة (2).
ثم تصلي ركعتين وتقول:
أنت الله لا إله إلا أنت رب العالمين، أنت الله لا إله إلا أنت العلي
العظيم، وأنت الله لا إله إلا أنت العزيز الحكيم، وأنت الله لا إله إلا أنت
الغفور الرحيم، وأنت الله لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم.
وأنت الله لا إله إلا أنت ملك يوم الدين، وأنت الله لا إله إلا أنت منك
بدء الخلق وإليك يعود، وأنت الله لا إله إلا أنت خالق الجنة والنار، وأنت
الله لا إله إلا أنت خالق الخير والشر، وأنت الله لا إله إلا أنت لم تزل
ولا تزال.
وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد، وأنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة

1 - عنه البحار 98: 124.
2 - عنه البحار 98: 124.
316

الرحمن الرحيم، وأنت الله لا إله إلا أنت الملك القدوس السلام المؤمن
المهيمن العزيز الجبار المتكبر، سبحان الله عما يشركون.
وأنت الله لا إله إلا أنت الخالق البارئ المصور لك (1) الأسماء الحسنى.
يسبح لك ما في السماوات والأرض، وأنت الله العزيز الحكيم، وأنت الله
لا إله إلا أنت والكبرياء رداؤك.
ثم تصلي على محمد وآل محمد، وتدعو بما أحببت (2).
قال الشيخ باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما مؤمن يسأل الله بهن،
ويقبل بهن قلبه إلى الله عز وجل إلا قضى الله عز وجل له حاجته، ولو كان شقيا
رجوت أن يحول سعيدا (3).
ورأيت في روايتين من غير أدعية شهر رمضان هذا الدعاء، وفيه: مالك الخير
والشر، وليس فيه: خالق الخير والشر.
ثم تصلي ركعتين وتقول ما روي عن أبي جعفر عليه السلام:
لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله
رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع (4)، ورب العرش العظيم والحمد
لله رب العالمين.
اللهم إني أسألك بدرعك الحصينة، وبقوتك وعظمتك وسلطانك أن
تجيرني من الشيطان الرجيم، ومن شر كل جبار عنيد.
اللهم إني أسألك بحبي إياك وبحبي رسولك، وبحبي أهل بيت
رسولك صلواتك عليه وعليهم، يا خيرا من أبي وأمي ومن الناس جميعا (5)،
أقدر لي خيرا من قدري لنفسي، وخيرا لي مما يقدر لي أبي وأمي، أنت

1 - له (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 125، رواه الشيخ في مصباحه: 554.
3 - المصباح المتهجد: 554.
4 - وما فيهن وما بينهن وما فوقهن وما تحتهن (خ ل).
5 - أجمعين (خ ل).
317

جواد لا يبخل، وحليم لا يعجل (1)، وعزيز لا يستذل.
اللهم من كان الناس ثقته ورجاءه فأنت ثقتي ورجائي أقدر لي خيرها
عاقبة، ورضني بما قضيت لي، اللهم صل على محمد وآل محمد، وألبسني
عافيتك الحصينة، وإن (2) ابتليتني فصبرني، والعافية أحب إلي (3).
أقول: ووجدت في مجلد عتيق لعل تاريخه أكثر من مائتي سنة، وفي أول المجلد أدب
الكتاب للصولي، وآخره كتاب الجواهر لإبراهيم بن إسحاق الصولي، وفيه:
وكان علي بن أبي طالب يقول في دعائه: (اللهم إن ابتليتني فصبرني،
والعافية أحب إلي) (4).
ثم تصلي ركعتين وتقول ما روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن
الحسين، عن أمير المؤمنين عليه السلام:
اللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك، فجعلت فيه رضاك، وندبت إليه
أولياءك، وجعلته أشرف سبلك عندك ثوابا، وأكرمها لديك مآبا، وأحبها
إليك مسلكا، ثم اشتريت فيه من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة،
يقاتلون في سبيلك فيقتلون ويقتلون وعدا عليك حقا (5).
فاجعلني ممن اشترى فيه منك نفسه، ثم وفى لك ببيعته الذي بايعك
عليه، غير ناكث ولا ناقض عهدا (6)، ولا مبدل تبديلا، إلا استنجازا لوعدك،
واستيجابا لمحبتك، وتقربا به إليك فصل على محمد وآله، واجعله خاتمة
عملي، وارزقني فيه لك وبك من الوفاء مشهدا توجب لي به الرضا، وتحط
عني به الخطايا.

1 - لا يجهل (خ ل).
2 - اللهم فان (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 125.
4 - عنه البحار 98: 126.
5 - في البحار زيادة: في التوراة والإنجيل والفرقان.
6 - عهدك (خ ل).
318

اجعلني في الأحياء المرزوقين بأيدي العداة العصاة، تحت لواء الحق
وراية الهدى، ماضيا على نصرتهم قدما، غير مول دبرا، ولا محدث شكا،
أعوذ (1) بك عند ذلك من الذنب المحبط للأعمال (2).
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام، عن أبيه، عن
علي بن الحسين عليهما السلام:
اللهم إني برحمتك (3) التي لا تنال منك إلا بالرضا، والخروج من
معاصيك، والدخول في ما (4) يرضيك، نجاة (5) من كل ورطة، والمخرج من كل
كفر (6)، والعفو عن كل سيئة، يأتي بها مني عمد، أو زل بها مني خطأ، أو
خطرت بها مني خطرات، نسيت أن أسألك خوفا ان تعينني به على حدود
رضاك.
وأسألك الأخذ بأحسن ما أعلم، والترك لشر ما أعلم، والعصمة [من] (7) أن
أعصى وأنا أعلم، أو أخطئ من حيث لا أعلم، وأسألك السعة في الرزق،
والزهد فيما هو وبال.
وأسألك المخرج بالبيان من كل شبهة، والفلج بالصواب في كل حجة،
والصدق فيما علي ولي، وذللني بإعطاء النصف من نفسي، في جميع
المواطن (8) في الرضا والسخط والتواضع والفضل (9) وترك قليل البغي وكثيره،
في القول مني والفعل.

1 - وأعوذ (خ ل).
2 - رحمتك (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 126، رواه الشيخ في التهذيب 3: 81، والكليني في الكافي 5: 46.
4 - في كل ما (خ ل).
5 - ونجاة (خ ل).
6 - في البحار: كبر (خ ل).
7 - من البحار.
8 - كلها (خ ل).
9 - المواضع والقصد (خ ل).
319

و (أسألك) (1) تمام النعمة في جميع الأشياء، والشكر بها حتى ترضى
وبعد الرضا، والخيرة فيما يكون فيه الخيرة بميسور جميع الأمور لا بمعسورها،
يا كريم (2).
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين عليهما
السلام:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أطيب المرسلين، محمد بن
عبد الله، المنتجب الفاتق الراتق، اللهم فخص محمدا صلى الله عليه وآله
بالذكر المحمود، والحوض المورود، اللهم أعط (3) محمدا صلواتك عليه وآله
الوسيلة، والرفعة والفضيلة وفي المصطفين محبته، وفي العليين درجته، وفي
المقربين كرامته.
اللهم أعط (4) محمدا صلواتك عليه وآله من كل كرامة أفضل تلك
الكرامة، ومن كل نعيم أوسع ذلك النعيم، ومن كل عطاء أجزل ذلك
العطاء، ومن كل يسر أيسر ذلك اليسر، ومن كل قسم أوفر ذلك القسم،
حتى لا يكون أحد من خلقك أقرب منه مجلسا، ولا أرفع منه عندك ذكرا
ومنزلة، ولا أعظم عليك حقا، ولا أقرب وسيلة من محمد صلواتك عليه وآله،
إمام الخير وقائده والداعي إليه، والبركة على جميع العباد، والبلاد ورحمة
للعالمين.
اللهم أجمع بيننا وبين محمد صلواتك عليه وآله في برد العيش، وبرد
الروح، وقرار النعمة، وشهوة الأنفس، ومنى الشهوات، ونعيم (6) اللذات،

1 - ليس في بعض النسخ.
2 - عنه البحار 98: 126.
3 - آت (خ ل).
4 - اجعل (خ ل).
5 - انضر (خ ل).
6 - نعم اللذات (خ ل).
320

ورجاء الفضيلة، وشهود الطمأنينة، وسؤود الكرامة، وقرة العين، ونضرة
النعيم، وبهجة لا تشبه بهجات الدنيا، نشهد أنه قد بلغ الرسالة، وأدى
النصيحة، واجتهد للأمة، وأوذي في جنبك، وجاهد في سبيلك، وعبدك
حتى أتاه اليقين، فصل اللهم عليه وآله (1) الطيبين.
اللهم رب البلد الحرام، ورب الركن والمقام، ورب المشعر الحرام،
ورب الحل والحرام، بلغ روح محمد صلواتك عليه وآله عنا السلام.
اللهم صل على ملائكتك المقربين، وعلى أنبيائك المرسلين (ورسلك
أجمعين) (2)، وصل اللهم على الحفظة الكرام الكاتبين، وعلى أهل طاعتك
من أهل السماوات السبع وأهل الأرضين (3) من المؤمنين أجمعين (4).
فإذا فرغت من الدعاء سجدت وقلت:
اللهم إليك توجهت، وبك اعتصمت، وعليك توكلت، اللهم أنت ثقتي
وأنت رجائي، اللهم فاكفني ما أهمني وما لا يهمني، وما أنت أعلم به مني، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، صل (5) على محمد وآل محمد،
وعجل فرجهم.
ثم ارفع رأسك وقل:
اللهم إني أعوذ بك من كل شئ زحزح (6) بيني وبينك، أو صرف به
عني وجهك الكريم (6)، أو نقص به من حظي عندك.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، ووفقني لكل شئ يرضيك عني،

1 - على آله (خ ل).
2 - ليس في بعض النسخ.
3 - الأرضين السبع (خ ل).
4 - رواه في المصباح: 558، التهذيب 3: 83، عنهم البحار 98: 126.
5 - اللهم صل (خ ل).
6 - زحزحه: باعده.
7 - أو صرف عني وجهك الكريم (خ ل).
321

ويقربني إليك، وارفع درجتي عندك، وأعظم حظي، وأحسن مثواي، وثبتني
بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ووفقني لكل مقام محمود،
تحب أن تدعا فيه بأسمائك وتسأل فيه من عطائك.
رب لا تكشف عني سترك، ولا تبد عورتي للعالمين، وصل على محمد
وآل محمد، واجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء - حتى تتم الدعاء (1).
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت لي في كل شديدة، وأنت لي
في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم كرب يضعف عنه الفؤاد، ويقل فيه
الحيلة، ويخذل عنه (2) القريب، ويشمت به (3) العدو، وتعييني فيه الأمور، أنزلته
بك وشكوته إليك، راغبا إليك فيه عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه،
فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حاجة، ومنتهى كل رغبة، لك الحمد
كثيرا ولك المن فاضلا.
روى هذا الدعاء ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله يوم الأحزاب: اللهم أنت
ثقتي - إلى تمام الدعاء (4).
يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، ويا من لم يهتك الستر، ولم يؤاخذ
بالجريرة، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين
بالرحمة.
يا صاحب كل نجوى، ومنتهى كل شكوى، يا مقيل العثرات، يا كريم

1 - تمامه هكذا: (وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وايمانا
يذهب الشك عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار، وارزقني
فيها ذكرك وشكرك والرغبة إليك والتوبة والإنابة والتوفيق لما وفقت له محمدا وآل محمد صلواتك عليه وعليهم،
والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.)
2 - فيه (خ ل).
3 - فيه (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 129.
322

الصفح، يا عظيم المن، يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها، يا رباه يا سيداه،
يا أملاه يا غاية رغبتاه.
أسألك بك يا الله أن لاتشوه خلقي بالنار، وأن تقضي لي حوائجي آخرتي
ودنياي، وتفعل بي كذا وكذا - وتصلي على محمد وآل محمد وتدعو بما بدا لك (1).
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم خلقتني فأمرتني ونهيتني، ورغبتني في ثواب ما به أمرتني،
ورهبتني عقاب ما عنه نهيتني، وجعلت لي عدوا يكيدني، وسلطته مني على
ما لم تسلطني عليه منه، فأسكنته صدري وأجريته مجرى الدم مني، لا يغفل
إن غفلت، ولا ينسي إن نسيت، يؤمنني عذابك، ويخوفني بغيرك.
إن هممت بفاحشة شجعني، وإن هممت بصالح ثبطني، ينصب لي
بالشهوات ويعرض لي بها، إن (2) وعدني كذبني، وإن مناني قنطني، وإن
اتبعت هواه أضلني، وإلا تصرف عني كيده يستزلني، وإلا تفلتني من
حبائله يصدني، وإلا تعصمني منه يفتني.
اللهم فصل على محمد وآله، واقهر سلطانه عني (3) بسلطانك عليه، حتى
تحبسه عني بكثرة الدعاء لك مني، فأفوز في المعصومين منه بك، ولا حول
ولا قوة إلا بك (4).
روي هذا الدعاء والذي قبله عن أبي عبد الله عليه السلام. (5)
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام:
يا أجود من أعطى، ويا خير من سئل، ويا أرحم من استرحم، ويا واحد
يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا من لم يتخذ

1 - عنه البحار 98: 129.
2 - وان (خ ل).
3 - على (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 129.
5 - التهذيب 3: 85.
323

صاحبة ولا ولدا، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، يقضي ما أحب، يا من
يحول بين المرء وقلبه.
يا من هو بالمنظر الأعلى، يا من ليس كمثله شئ، يا سميع (1) يا بصير،
صل على محمد وآله، وأوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي،
وأؤدي به أمانتي (2)، وأصل به رحمي، ويكون عونا لي على الحج والعمرة.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن الرضا عليه السلام:
اللهم صل على محمد وآله في الأولين، وصل على محمد وآله في
الآخرين، وصل على محمد وآله في الملأ الأعلى، وصل على محمد وآله
في النبيين والمرسلين، اللهم أعط محمدا صلى الله عليه وآله الوسيلة
والشرف والفضيلة والدرجة الكبيرة.
اللهم إني آمنت بمحمد صلى الله عليه وآله ولم أره، فلا تحرمني يوم
القيامة رؤيته، وارزقني صحبته، وتوفني على ملته، واسقني من حوضه
مشربا رويا لا أظمأ بعده أبدا، إنك على كل شئ قدير.
اللهم كما آمنت بمحمد صلواتك عليه وآله ولم أره، فعرفني في الجنان
وجهه، اللهم بلغ روح محمد عني تحية كثيرة وسلاما - ثم ادع بما بدا لك.
ثم اسجد وقل في سجودك:
اللهم إني أسألك يا سامع كل صوت، ويا بارئ النفوس بعد الموت، يا من
لا تغشاه الظلمات، ولا تتشابه (3) عليه الأصوات، ولا تغلطه الحاجات، ويا من
لا ينسى شيئا لشئ، ولا يشغله شئ عن شئ، أعط محمدا وآل محمد
صلواتك عليه وعليهم أفضل ما سألوا، خير ما سألوك، وخير ما سئلت لهم،
وخير ما سألتك لهم، وخير ما أنت مسؤول لهم إلى يوم القيامة.

1 - يا حكيم يا سميع (خ ل).
2 - عني أمانتي (خ ل).
3 - ويا من لا تتشابه (خ ل)، يا من لا تغلطه (خ ل).
324

ثم ارفع رأسك وادع بما أحببت.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن
رسول الله صلى الله عليه وآله:
اللهم لك الحمد كله، اللهم لا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن
هديت، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، اللهم لا قابض لما
بسطت، ولا باسط لما قبضت، اللهم لا مقدم لما أخرت ولا مؤخر لما قدمت.
اللهم أنت الحليم فلا تجهل، اللهم أنت الجواد فلا تبخل، اللهم أنت
العزيز فلا تستذل، اللهم أنت المنيع (1) فلا ترام، اللهم أنت ذو الجلال
والاكرام صل على محمد وآل محمد، وادع بما شئت.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام:
اللهم إني أسألك العافية من جهد البلاء، وشماتة الأعداء، وسوء
القضاء، ودرك الشقاء، ومن الضرر في المعيشة، وأن تبتليني ببلاء لا طاقة
لي به، أو تسلط علي طاغيا، أو تهتك لي سترا، أو تبدي لي عورة، أو
تحاسبني يوم القيامة مناقشا، أحوج ما أكون إلى عفوك وتجاوزك عني فيما
سلف.
اللهم إني أسألك باسمك الكريم، وكلماتك التامة، أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تجعلني من عتقائك وطلقائك من النار.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
يا الله ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا تنجي من نقمتك إلا رحمتك،
ولا ينجي من عذابك إلا التضرع إليك، فهب لي يا إلهي من لدنك رحمة
تغنيني بها عن رحمة من سواك، بالقدرة التي بها تحيي ميت البلاد، وبها
تنشر ميت العباد.

1 - الحليم (خ ل).
325

ولا تهلكني غما حتى تغفر لي وترحمني، وتعرفني الاستجابة في
دعائي، وأذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي، ولا تشمت بي عدوي،
ولا تمكنه من رقبتي.
اللهم إن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني، وإن رفعتني فمن ذا الذي
يضعني، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يحول بينك وبيني، أو يتعرض لك في
شئ من أمري، وقد علمت يا إلهي أن ليس في حكمك ظلم، ولا في
نقمتك عجلة، إنما (1) يعجل من يخاف الفوت، وإنما يحتاج إلى الظلم
الضعيف، وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك علوا كبيرا.
فلا تجعلني للبلاء غرضا، ولا لنقمتك نصبا، ومهلني ونفسني، وأقلني
عثرتي، ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي،
أستجير بك اللهم فأجرني، وأستعيذ بك من النار فأعذني، وأسألك الجنة
فلا تحرمني.
ثم تصلي ركعتين، وتقول بعدهما ما روي عن أبي الحسن موسى عليه السلام:
اللهم لا إله إلا أنت، ولا أعبد إلا إياك، ولا أشرك بك شيئا، اللهم إني
ظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني (2) إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم صل
على محمد وآل محمد واغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأعلنت وأسررت،
وما أنت أعلم به مني، وأنت المقدم وأنت المؤخر.
اللهم صل على محمد وآل محمد، ودلني على العدل والهدى،
والصواب وقوام الدين، اللهم واجعلني هديا مهديا، راضيا مرضيا، غير ضال
ولا مضل، اللهم رب السماوات السبع والأرضين السبع ورب العرش
العظيم، اكفني المهم من أمري بما شئت، وصل على محمد وآله - وادع بما
أحببت.

1 - وإنما (خ ل).
2 - فاغفر وارحم (خ ل).
326

ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم إن عفوك عن ذنبي، وتجاوزك عن خطيئتي، وصفحك عن
ظلمي، وسترك على قبيح عملي، وحلمك عن كثير جرمي، عندما كان من
خطائي وعمدي، أطمعني في أن أسألك ما لا أستوجبه منك، الذي رزقتني
من رحمتك، وأريتني من قدرتك، وعرفتني من إجابتك.
فصرت أدعوك آمنا، وأسألك مستأنسا، لا خائفا ولا وجلا، مدلا عليك
فيما قصدت فيه إليك، فان أبطأ عني عتبت بجهلي عليك، ولعل الذي أبطأ
عني هو خير لي، لعلمك بعاقبة الأمور، فلم أر مولى كريما أصبر على عبد
لئيم منك علي.
يا رب إنك تدعوني فأولي عنك، وتتحبب إلي فأتبغض إليك، وتتودد
إلي فلا أقبل منك، كأن لي التطول عليك، ثم (1) لم يمنعك ذلك من الرحمة
لي والاحسان إلي، والتفضل علي بجودك وكرمك، فارحم عبدك الجاهل،
وجد عليه بفضل إحسانك، إنك جواد كريم - وادع بما أحببت.
فإذا فرغت من الدعاء فاسجد، وقل في سجودك:
يا كائنا قبل كل شئ، ويا كائنا بعد كل شئ، ويا مكون كل شئ،
لا تفضحني فإنك بي عالم، ولا تعذبني فإنك علي قادر.
اللهم إني أعوذ من العديلة عند الموت، ومن سوء المرجع في القبور،
ومن الندامة يوم القيامة، اللهم إني أسألك عيشة هنيئة وميتة سوية ومنقلبا
كريما، غير مخز ولا فاضح.
ثم ارفع رأسك من السجود وادع بما شئت.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أحدهما عليهما السلام:
اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات

1 - و (خ ل).
327

والأرض، ذو الجلال والاكرام، إني سائل فقير، وخائف مستجير، وتائب
مستغفر.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لي ذنوبي كلها، قديمها
وحديثها، وكل ذنب أذنبته، اللهم لا تجهد بلائي، ولا تشمت بي أعدائي،
فإنه لا دافع (1) ولا مانع إلا أنت.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام:
اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي، ويقينا حتى أعلم أنه لن يصيبني
إلا ما كتبت لي، والرضا بما قسمت لي، اللهم إني أسألك نفسا طيبة تؤمن
بلقائك، وتقنع بعطائك، وترضى بقضائك.
اللهم إني أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك، تولني ما أبقيتني عليه،
وتحييني ما أحييتني عليه، وتوفني إذا توفيتني عليه، وتبعثني إذا بعثتني
عليه، وتبرئ به صدري من الشك والريب في ديني.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام:
يا حليم يا كريم، يا عليم يا عليم، يا قادر يا قاهر، يا خبير يا لطيف، يا الله
يا رباه، يا سيداه يا مولاه، يا رجاياه (يا غاية رغبتاه) (2)، فأسألك أن تصلي على
محمد وآل محمد.
وأسألك نفحة من نفحاتك كريمة رحيمة، تلم بها شعثي، وتصلح بها
شأني، وتقضي بها ديني، وتنعشني بها وعيالي وتغنيني بها عمن سواك.
يا من هو خير لي من أبي وأمي ومن الناس أجمعين، صل على محمد
وآل محمد، وافعل ذلك بي الساعة، إنك على كل شئ قدير.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم إن الاستغفار مع الاصرار لؤم، وتركي الاستغفار مع معرفتي بكرمك

1 - في البحار: لا رافع.
2 - ليس في بعض النسخ.
328

عجز، فكم تتحبب إلي بالنعم مع غناك عني، وأتبغض إليك بالمعاصي مع
فقري إليك.
يا من إذا وعد وفا، وإذا توعد عفا، صل على محمد وآل محمد، وافعل
بي أولى الأمرين بك، فان من شأنك العفو، وأنت أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك بحرمة من عاذ بك منك (1)، ولجأ إلى عزك، واستظل
بفيئك، واعتصم بحبلك، يا جزيل العطايا، يا فكاك الأسارى، يا من سمى
نفسه من جوده الوهاب، صل على محمد وآل محمد، واجعل لي يا مولاي
من أمري فرجا ومخرجا، ورزقا واسعا، كيف تشاء وأنى شئت وبما شئت
وحيث شئت، فإنه يكون ما شئت إذا شئت كيف شئت.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام:
اللهم إني أسألك باسمك المكتوب في سرادق المجد، وأسألك
باسمك المكتوب في سرادق البهاء، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق
العظمة، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق الجلال، وأسألك باسمك
المكتوب في سرادق العزة، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق القدرة،
وأسألك باسمك المكتوب في سرادق السرائر، السابق الفائق، الحسن
النضير، رب الملائكة الثمانية، ورب العرش العظيم.
وبالعين التي لا تنام، وبالاسم الأكبر الأكبر الأكبر، وبالاسم الأعظم
الأعظم الأعظم، المحيط بملكوت السماوات والأرض، وبالاسم الذي
أشرقت له السماوات والأرض، وبالاسم الذي أشرقت به الشمس، وأضاء به
القمر، وسجرت به البحار، ونصبت به الجبال.
وبالاسم الذي قام به العرش والكرسي، وبأسمائك المكرمات
المقدسات المكنونات، والمخزونات في علم الغيب عندك، أسألك بذلك

1 - عاذ بذمتك (خ ل).
329

كله أن تصلي على محمد وآله - وتدعو بما أحببت.
فإذا فرغت من الدعاء فاسجد، وقل في سجودك:
سجد وجهي اللئيم لوجه ربي الكريم، سجد وجهي الحقير لوجه ربي
العزيز (1)، يا كريم يا كريم يا كريم، بكرمك وجودك اغفر لي ظلمي وجرمي
وإسرافي على نفسي.
ثم ارفع رأسك وادع بما شئت.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أحدهما عليهما السلام:
اللهم لك الحمد بمحامدك كلها على نعمائك كلها، حتى ينتهي
الحمد إلى ما تحب وترضى، اللهم إني أسألك خيرك وخير ما أرجو، وأعوذ
بك من شر ما أحذر، ومن شر ما لا أحذر، اللهم صل على محمد وآل محمد،
وأوسع لي (2) في رزقي، وامدد لي في عمري، واغفر لي ذنبي، واجعلني
ممن تنتصر به لدينك، ولا تستبدل بي غيري.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا
وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا
مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا، وانصرنا على ما عادانا،
ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا تسلط علينا من
لا يرحمنا.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
إلهي ذنوبي (3) تخوفني منك، وجودك يبشرني عنك، فأخرجني بالخوف
من الخطايا، وأوصلني بجودك إلى العطايا، حتى أكون غدا في القيامة

1 - العزيز الكريم (خ ل).
2 - على (خ ل).
3 - ان ذنوبي (خ ل).
330

عتيق كرمك، كما كنت في الدنيا ربيب نعمك، فليس ما تبذله غدا من
النجاء بأعظم مما قد منحته اليوم من الرجاء، ومتى خاب في فنائك آمل،
أم متى انصرف بالرد عنك سائل.
إلهي ما دعاك من لم تجبه، لأنك قلت: (ادعوني أستجب لكم) (1)،
وأنت لا تخلف الميعاد، فصل على محمد وآل محمد يا إلهي واستجب
دعائي.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام:
اللهم بارك لي في الموت (2)، اللهم أعني على سكرات الموت (2)، اللهم
أعني على غم القبر، اللهم أعني على ضيق القبر، اللهم أعني على وحشة
القبر، اللهم أعني على ظلمة القبر، اللهم أعني على أهوال يوم القيامة،
اللهم بارك لي في طول يوم القيامة، اللهم زوجني من الحور العين.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم لابد من أمرك، ولابد من قدرك، ولابد من قضائك، ولا حول
ولا قوة إلا بك، اللهم فما قضيت علينا من قضاء أو قدرت علينا من قدر،
فأعطنا معه صبرا يقهره ويدمغه (4)، واجعله لنا صاعدا في رضوانك، ينمي في
حسناتنا وتفضيلنا وسؤددنا وشرفنا ومجدنا ونعمائنا وكرامتنا في الدنيا
والآخرة ولا تنقص من حسناتنا.
اللهم وما أعطيتناه من عطاء، أو فضلتنا به من فضيلة، أو أكرمتنا (5) به من
كرامة، فاعطنا معه شكرا يقهره ويدمغه، واجعله لنا صاعدا في رضوانك،
وفي حسناتنا وسؤددنا وشرفنا، ونعمائك وكرامتك في الدنيا والآخرة.

1 - البقرة: 168.
2 - اللهم أعني على الموت (خ ل).
3 - اللهم أعني على غمرات الموت (خ ل).
4 - دمغ الحق الباطل: ابطله ومحقه.
5 - كرمتنا (خ ل).
331

اللهم لا تجعله (1) لنا أشرا ولا بطرا، ولا فتنة ولا مقتا، ولا عذابا ولا خزيا في
الدنيا والآخرة، اللهم إنا نعوذ بك من عثرة اللسان، وسوء المقام، وخفة
الميزان.
اللهم صل على محمد وآل محمد، ولقنا حسناتنا في الممات، ولا ترنا
أعمالنا علينا حسرات، ولا تخزنا عند لقائك (2)، ولا تفضحنا بسيئاتنا يوم
نلقاك، واجعل قلوبنا تذكرك ولا تنساك، وتخشاك كأنها تراك حتى
تلقاك، وصل على محمد وآله، وبدل سيئاتنا حسنات، واجعل حسناتنا
درجات، واجعل درجاتنا غرفات، واجعل غرفاتنا عاليات، اللهم وأوسع
لفقيرنا من سعة ما قضيت على نفسك.
اللهم صل على محمد وآل محمد، ومن علينا بالهدى ما أبقيتنا، والكرامة
ما أحييتنا والمغفرة إذا توفيتنا، والحفظ فيما يبقى من عمرنا، والبركة فيما
رزقتنا، والعون على ما حملتنا، والثبات على ما طوقتنا، ولا تؤاخذنا بظلمنا،
ولا تقايسنا بجهلنا، ولا تستدرجنا بخطايانا، واجعل أحسن ما نقول ثابتا في
قلوبنا، واجعلنا عظماء عندك، وفي أنفسنا أذلة (3)، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا
علما نافعا.
أعوذ بك (4) من قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، وصلاة لا تقبل، أجرنا (5)
من سوء الفتن، يا ولي الدنيا والآخرة.
فإذا فرغت من الدعاء فاسجد، وقل في سجودك ما روي عن أبي عبد الله عليه
السلام:
سجد وجهي لك تعبدا ورقا، لا إله إلا أنت حقا حقا، الأول قبل كل

1 - اللهم ولا تجعله (خ ل).
2 - قضائك (خ ل).
3 - واذلاء في أنفسنا (خ ل).
4 - وأعوذ بك (خ ل).
5 - واجرنا (خ ل).
332

شئ، والاخر بعد كل شئ، هاأنا ذا بين يديك، ناصيتي بيدك، فاغفر
لي إنه لا يغفر الذنوب العظام غيرك (1)، فاغفر لي فاني بذنوبي على
نفسي، ولا يدفع الذنب العظيم غيرك.
ثم ارفع رأسك من السجود، فإذا استويت قائما فادع بما أحببت.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام:
اللهم أنت ثقتي في كل كربة، وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي
في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من كرب يضعف عنه الفؤاد، وتقل فيه
الحيلة، ويخذل عنه القريب (2)، ويشمت به العدو، وتعييني فيه الأمور، أنزلته
بك وشكوته إليك، راغبا إليك فيه عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيته (3)،
فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حاجة، ومنتهى كل رغبة، لك الحمد
كثيرا، ولك المن فاضلا.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه كان يأمر بهذا
الدعاء:
اللهم إنك تنزل في الليل والنهار ما شئت، فصل على محمد وآله وأنزل
علي وعلى إخواني وأهلي وجيراني بركاتك ومغفرتك، والرزق (4) الواسع،
واكفنا المؤن.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وارزقنا من حيث نحتسب، ومن
حيث لا نحتسب، واحفظنا من حيث نحتفظ ومن حيث لا نحتفظ.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلنا في جوارك وحرزك، عز
جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك.

1 - الا أنت (خ ل).
2 - الصديق (خ ل).
3 - كفيتنيه (خ ل).
4 - رزقك (خ ل).
333

ثم تصلي ركعتين وتقول ما روي عن الرضا عليه السلام أنه قال: هذا الدعاء
العافية:
يا الله يا ولي العافية، والمنان بالعافية، ورازق العافية، والمنعم بالعافية
والمتفضل بالعافية علي وعلى جميع خلقك (1)، رحمن الدنيا والآخرة
ورحيمهما، صل على محمد وآل محمد، وعجل لنا فرجا ومخرجا، وارزقنا
العافية ودوام العافية في الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شئ، وبقدرتك التي
قهرت كل شئ، وبجبروتك التي غلبت كل شئ، وبقوتك التي لا يقوم
لها شئ، وبعظمتك التي ملأت كل شئ، وبعلمك الذي أحاط بكل
شئ، وبوجهك الباقي بعد فناء كل شئ، وبنور وجهك الذي أضاء له
كل شئ (2)، يا نور يا نور، يا أول الأولين، ويا آخر الآخرين، يا الله يا رحمن،
يا الله يا رحيم.
يا الله أعوذ بك من الذنوب التي تحدث النقم، وأعوذ بك من الذنوب
التي تورث الندم، وأعوذ بك من الذنوب التي تحبس القسم، وأعوذ بك من
الذنوب التي تهتك العصم، وأعوذ بك من الذنوب تمنع القضاء، وأعوذ
بك من الذنوب التي تنزل البلاء.
وأعوذ بك من الذنوب التي تديل الأعداء، وأعوذ بك من الذنوب التي
تحبس الدعاء، وأعوذ بك من الذنوب التي تعجل الفناء، وأعوذ بك من
الذنوب التي تقطع الرجاء.
وأعوذ بك من الذنوب التي تورث الشقاء، وأعوذ بك من الذنوب التي
تظلم الهواء، وأعوذ بك من الذنوب التي تكشف الغطاء، وأعوذ بك من

1 - خلقه (خ ل).
2 - يا منان (خ ل).
334

الذنوب التي تحبس غيث السماء.
ثم تصلي ركعتين، وتقول ما روي عنهم عليهم السلام والدعاء المتقدم:
اللهم إنك حفظت الغلامين لصلاح أبويهما، ودعاك المؤمنون فقالوا:
(ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) (1)، اللهم إني أنشدك برحمتك، وأنشدك
بنبيك نبي الرحمة، وأنشدك بعلي وفاطمة، وأنشدك بحسن وحسين
صلواتك عليه وعليهم أجمعين، وأنشدك بأسمائك وأركانك كلها.
وأنشدك باسمك (2) الأعظم الأعظم، الذي (3) إذا دعيت به لم ترد
ما كان أقرب من (4) طاعتك، وأبعد من معصيتك، وأوفى بعهدك، وأقضى
لحقك.
فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تنشطني له، وأن تجعلني
لك عبدا شاكرا، تجد من خلقك من تعذبه غيري، ولا أجد من يغفر لي إلا
أنت، أنت عن عذابي غني، وأنا إلى رحمتك فقير.
أنت موضع كل شكوى، وشاهد كل نجوى، ومنتهى كل حاجة، ومنجي
من كل عثرة، وغوث كل مستغيث.
فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تعصمني بطاعتك عن (5)
معصيتك، وبما أحببت عما كرهت، وبالإيمان عن الكفر، وبالهدى عن
الضلالة، وباليقين عن الريبة، وبالأمانة عن الخيانة، وبالصدق عن الكذب،
وبالحق عن الباطل، وبالتقوى عن الإثم، وبالمعروف عن المنكر، وبالذكر
عن النسيان.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وعافني ما أحييتني، وألهمني الشكر.

1 - يونس: 85.
2 - بالاسم (خ ل).
3 - العظيم الذي (خ ل).
4 - إلى (خ ل).
5 - من (خ ل).
335

على ما أعطيتني، وكن بي رحيما وعلي عطوفا يا كريم.
فإذا فرغت من الدعاء فاسجد، وقل في سجودك:
اللهم صل على محمد وآل محمد، واعف عن ظلمي وجرمي بحلمك
وجودك يا رب يا كريم، يا من لا يخيب سائله، لا ينفذ نائله، يا من علا
فلا شئ فوقه، ويا من دنا فلا شئ دونه، صل على محمد وآل محمد - وادع
بما أحببت.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
يا عماد من لا عماد له، ويا ذخر من لا ذخر له، ويا سند من لا سند له،
يا غياث من لا غياث له، يا حرز (1) من لا حرز له، يا كريم العفو، يا حسن البلاء
يا عظيم الرجاء.
يا عون الضعفاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، ويا مجمل يا منعم
يا مفضل، أنت الذي سجد لك سواد الليل، ونور النهار وضوء القمر، وضياء
الشمس (2)، وخرير (3) الماء، ودوي الرياح، وحفيف الشجر.
يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى لا شريك لك، يا رب صل على محمد
وآل محمد، ونجنا من النار بعفوك، وأدخلنا الجنة برحمتك، وزوجنا من
الحور العين بجودك، وصل على محمد وآل محمد وافعل بي ما أنت أهله
يا أرحم الراحمين، إنك على كل شئ قدير - وادع بما أحببت.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
اللهم إني أسألك بأسمائك الحميدة الكريمة، التي إذا وضعت على
الأشياء ذلت لها، وإذا طلبت بها الحسنات أدركت، وإذا أريد بها صرف
السيئات صرفت، وأسألك بكلماتك التامات التي لو أن ما في الأرض من

1 - ويا غياث، ويا حرز (خ ل).
2 - شعاع الشمس (خ ل).
3 - خرير: صوت الماء والريح.
336

شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله، إن الله
عزيز حكيم.
يا حي يا قيوم، يا كريم يا علي يا عظيم، يا أبصر الناظرين (1)، ويا أسمع
السامعين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أحكم الحاكمين، ويا أرحم الراحمين.
أسألك بعزتك وأسألك بقدرتك على ما تشاء، وأسألك بكل شئ أحاط
به علمك، وأسألك بكل حرف أنزلته في كتاب من كتبك، وبكل اسم
دعاك به أحد من ملائكتك ورسلك وأنبيائك أن تصلي على محمد وآل
محمد - وادع بما بدا لك.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
سبحان من أكرم محمدا صلى الله عليه وآله، سبحان من انتجب
محمدا، سبحان من انتجب عليا، سبحان من خص الحسن والحسين،
سبحان من فطم بفاطمة من أحبها من النار، سبحان من خلق السماوات
والأرض باذنه.
سبحان من استعبد أهل السماوات والأرضين بولاية محمد وآل محمد،
سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد، سبحان من يورثها محمدا وآل
محمد وشيعتهم (2)، سبحان من خلق النار لأجل (3) أعداء محمد وآل محمد،
سبحان من يملكها محمدا وآل محمد (4)، سبحان من خلق الدنيا والآخرة
وما سكن في الليل والنهار لمحمد وآل محمد.
الحمد لله كما ينبغي لله، والله أكبر كما ينبغي لله، ولا إله إلا الله
كما ينبغي لله، وسبحان الله كما ينبغي لله (5)، ولا حول ولا قوة إلا بالله كما

1 - المبصرين (خ ل).
2 - نورها بمحمد وآل محمد وشيعتهم (خ ل).
3 - من أجل (خ ل).
4 - وشيعتهم (خ ل).
5 - الحمد لله، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة الا بالله (خ ل)، مع حذف الواو في الجميع.
337

ينبغي لله، وصلى الله على محمد وآله وعلى جميع المرسلين حتى يرضى
الله.
اللهم (1) من أياديك وهي أكثر من أن تحصى، ومن نعمك وهي أجل من
أن تغادر، أن يكون عدوي عدوك، ولا صبر لي على أناتك، فعجل هلاكهم
وبوارهم ودمارهم.
ثم تصلي ركعتين وتقول:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب
والشهادة الرحمن الرحيم، إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله
إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، وإن الدين كما
شرعت، والاسلام كما وصفت، والكتاب كما أنزلت، والقول كما حدثت،
وأنك أنت أنت أنت الله الحق المبين، جزى الله محمدا خير الجزاء،
وحيى الله محمدا وآل محمد بالسلام.
ثم تصلي ركعتين وتقول ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا فرغت من
صلاتك فقل هذا الدعاء:
اللهم إني أدينك بطاعتك، وولايتك، وولاية رسولك، وولاية الأئمة من
أولهم إلى آخرهم - وتسميهم، ثم تقول: آمين.
أدينك بطاعتهم وولايتهم، والرضا بما فضلتهم به غير منكر ولا مستكبر،
على معنى ما أنزلت في كتابك، على حدود ما أتانا منه (2)، مؤمن
مقر بذلك مسلم، راض بما رضيت به يا رب.
أريد به وجهك والدار الآخرة، مرهوبا ومرغوبا إليك فيه، فأحيني
ما أحييتني عليه، وأمتني إذا أمتني عليه، وابعثني إذا بعثتني عليه (3)، وإن

1 - أني أسألك - ظ.
2 - فيه (خ ل).
3 - على ذلك (خ ل).
338

كان مني تقصير فيما مضى فاني أتوب إليك منه، وأرغب إليك فيما
عندك.
وأسألك أن تعصمني من معاصيك، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا
ما أحييتني، ولا أقل من ذلك ولا أكثر، إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحمت
يا أرحم الراحمين، وأسألك أن تعصمني بطاعتك حتى توفاني عليها، وأنت
عني راض، وأن تختم لي بالسعادة، لا تحولني عنها أبدا، ولا قوة إلا بك -
ثم تدعو بما أحببت.
فإذا فرغت من الدعاء فاسجد وقل في سجودك:
سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم الباقي (1)، سجد وجهي الذليل
لوجهك العزيز، سجد وجهي الفقير لوجهك العظيم الغني الكريم.
رب إني أستغفرك مما كان، وأستغفرك مما يكون، رب لاتجهد
بلائي، رب لا تسئ قضائي، رب لا تشمت بي أعدائي، رب إنه لا دافع
ولا مانع إلا أنت، رب صل على محمد وآل محمد بأفضل صلواتك، وبارك
على محمد وآل محمد بأفضل بركاتك.
اللهم إني أعوذ بك من سطواتك، وأعوذ بك من نقماتك، وأعوذ بك من
جميع غضبك وسخطك، سبحانك (2) أنت الله رب العالمين (3).
وروي هذا الدعاء في السجود عن أبي عبد الله عليه السلام:
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس:
يا أيها المقبل باقبال الله جل جلاله عليه، حيث استدعاه إلى الحضور بين يديه،
وارتضاه أن يخدمه ويختص به، ويكون ممن يعز عليه، لو عرفت ما في مطاوي هذه
العنايات من السعادات ما كنت تستكثر لله جل جلاله شيئا من العبادات، فتمم رحمك

1 - العظيم (خ ل).
2 - لا إله الا أنت (خ ل).
3 - عنه بطوله البحار 98: 123 - 140، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 542 - 577.
339

الله جل جلاله وظائف هذه الليلة من غير تثاقل ولا تكاسل ولا إعجاب.
فأنت ذلك المخلوق من التراب، الذي شرفك مولاك رب الأرباب، وخلصك من
ذلك الأصل الذميم وأتحفك بهذا التكريم والتعظيم، واخدمه واعرف له قدر المنة عليك.
ولا يخطر بقلبك إلا أن هذه العبادة من أعظم إحسانه إليك، وأنت تعبده، لأنه
أهل والله للعبادة، فإنك مستعظم لنفسك، كيف بلغ إلى هذه السعادة.
واعلم أنك إن عبدته لأجل طلب أجرة عبادتك، كنت في مخاطرتك، كرجل
كان عليه لبعض الغرماء الأقوياء الأغنياء ديون لا يقوم لها (1) حكم العدد والاحصاء،
فاجتاز هذا الذي عليه الديون الكثيرة، مع غريمه صاحب الحقوق الكثيرة، على سوق فيه
حلاوة، فاقتضى إنعام الغريم أنه اشترى لهذا الذي عليه الدين العظيم، طبقا من تلك
الحلاوة العظيمة اللذات، وكلفه حملها إلى دار الغريم ليأكلها الذي عليه الديون وحده
على أبلغ الشهوات.
فلما أكلها الذي عليه الديون الكثيرة وفرغ من أكلها، قال للغريم: إن هذه الحلاوة
قد حملتها معك، فأعطني رغيفا اجرة حملها، فقال له الغريم: إنما حملتها على سبيل المنة
عليك، ولتصل هذه الحلاوة إليك، وما كنت محتاجا إنا إليها، ولي ديون كثيرة عليك
ما طلبتك بها.
فكيف اقتضى عقلك أن تطالب رغيفا أجرة حلاوة ما كلفتك وزن ثمن لها،
فهل يسترضي أحد من ذوي العقول السليمة ما فعله الذي عليه الديون من طلب تلك
الأجرة الذميمة.
فكذا حال العبد مع الله جل جلاله، فان القوة التي عمل بها الطاعات من مولاه،
والعقل والنقل الذي عمل به العبادات من ربه مالك دنياه واخراه، والعمل الذي
كلفه إياه، إنما يحصل نفعه للعبد على اليقين، والله جل جلاله مستغن عن عبادة
العالمين، ولله جل جلاله على عباده من النعم بانشائه وإبقائه وإرفاده وإسعاده

1 - بها (خ ل).
340

ما لا يحصيها الإنسان، ولو بالغ في اجتهاده.
فلا يقتضي العقل والنقل أن يعبد لأجل طلب الثواب، بل يعبد اله جل جلاله لأنه
أهل للعبادة، وله المنة عليك كيف رفعك عن مقام التراب والدواب وجعلك أهلا
للخطاب والجواب ووعدك بدوام نعيم دار الثواب.
واعلم أن من مكاسب إحدى هذه الليالي المشار إليها لمن عبد الله جل جلاله، على
ما ذكرناه من النية التي نبهنا عليها، ما رويناه بإسنادنا إلى ابن فضال باسناده إلى
عبد الله بن سنان قال:
سألته عن النصف من شعبان، فقال: ما عندي فيه شئ، ولكن إذا كان ليلة تسع
عشرة من شهر رمضان قسم فيه الأرزاق، وكتب فيها الآجال، وخرج فيها صكاك
الحاج، واطلع الله عز وجل إلى عباده، فغفر لمن يشاء إلا شارب مسكر، فإذا كانت
ليلة ثلاث وعشرين فيها يفرق كل أمر حكيم، ثم ينتهي ذلك ويقضى، قال: قلت: إلى
من؟ قال: إلى صاحبكم ولولا ذلك لم يعلم (1)،
وباسنادنا إلى علي بن فضال فقال أيضا باسناده إلى منصور بن حازم، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال:
الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، ينزل فيها ما يكون في السنة إلى مثلها من خير
أو شر أو رزق أو أمر أو موت أو حياة، ويكتب فيها وفد مكة، فمن كان في تلك السنة
مكتوبا لم يستطع أن يحبس، وإن كان فقيرا مريضا، ومن لم يكن فيها لم يستطع
أن يحج وإن كان غنيا صحيحا (2).
أقول: فهل يحسن من مصدق بالاسلام، وبما نقل عن الرسول وعترته عليه وعليهم
أفضل السلام، أن ليلة واحدة من ثلاث ليال، يكون فيها تدبير السنة كلها، وإطلاق
العطايا ودفع البلايا، وتدبير الأمور، وهي أشرف ليلة في السنة عند القادر على نفع كل
سرور، ودفع كل محذور، فلا يكون نشيطا لها، لا مهتما بها.

1 - عنه البحار 98: 142، المستدرك 7: 470، رواه الصفار في بصائر الدرجات: 240.
2 - عنه المستدرك 7: 457، البحار 98: 142.
341

فهل تجد العقل قاضيا أن سلطانا يختار ليلة من سنة للاطلاق والعتاق، والمواهب
ونجاح المطالب، ويأذن إذنا عاما في الطلب منه لكل حاضر وغائب، فيختلف أحد من
ذلك المجلس العام وعن تلك الليلة المختصة بذلك الأنعام التي ما يعود مثلها الا بعد عام،
مع أن الذين دعاهم إلى سؤاله، محتاجون مضطرون إلى ما بذله لهم، من نواله وإقباله وإفضاله.
ماذا تقول لو أنك بعد الفراغ من هذه المائة ركعة أو مائة وعشرين، سمعت أن قد
حضر ببابك رسول بعض ملوك الآدميين، قد عرض عليك مائة دينار أو شيئا مما
تحتاج إليها من المسار، ودفع الأخطار.
فكيف كان نشاطك وسرورك بالرسول وبالاقبال والقبول، ويزول النوم والكسل
بالكلية الذي كنت تجده في معاملة مولاك، مالك الجلالة المعظمة (1) الإلهية، الذي قد
بذل لك السعادة الدنيوية والأخروية، لقد افتضح ابن آدم المسكين بتهوينه بمالك
الأولين والآخرين.
فارحم يا أيها المسعود نفسك، ولا يكن محمد رسول سلطان العالمين، وما وعد به
عن مالك يوم الدين، دون رسول عبد من العباد، يجوز أن يخلف في الميعاد وأمره يزول
إلى الفناء والنفاد، ولا تشهد على نفسك أنك ما أنت مصدق بوعد (2) سلطان المعاد،
بتثاقلك عن حبه وقربه ووعده (3)، ونشاطك من عبيده.
ومن مهمات ليلة تسع عشرة ما قدمناه في أول ليلة منه، مما يتكرر كل ليلة،
فلا تعرض عنه.
أقول: وروي عن علي بن عبد الواحد النهدي في كتاب عمل شهر رمضان، قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن يعقوب الفارسي وإسحاق بن الحسن البصري، عن أحمد ابن
هوذة، عن الأحمري، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام:

1 - العظيمة (خ ل).
2 - بوعود (خ ل).
3 - ووعوده (خ ل).
342

إذا كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان أنزلت صكاك الحاج، وكتبت الآجال
والأرزاق، وأطلع الله على (1) خلقه، فغفر (2) لكل مؤمن ما خلا شارب مسكر، أو صارم
رحم ماسة مؤمنة (3).
أقول: وقد مضى في كتابنا هذا وغيره، أن ليلة النصف من شعبان يكتب الآجال
ويقسم الأرزاق، ويكتب أعمال السنة.
ويحتمل أن يكون في ليلة نصف شعبان تكون البشارة بأن في ليلة تسع عشرة من
شهر رمضان يكتب الآجال ويقسم الأرزاق، فتكون ليلة نصف شعبان ليلة البشارة
بالوعد، وليلة تسع عشرة من شهر رمضان، وقت إنجاز ذلك الوعد، أو يكون في تلك
الليلة يكتب آجال قوم ويقسم أرزاق قوم وفي هذه ليلة تسع عشرة يكتب آجال الجميع
وأرزاقهم، أو غير لك مما لم نذكره.
فان الخبر ورد صحيحا صريحا بأن الآجال والأرزاق [تكتب] (4) في ليلة تسع عشرة
وليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين من شهر رمضان.
وسنذكر هاهنا بعض أحاديث ليلة تسع عشرة، فنقول:
روى أيضا علي بن عبد الواحد النهدي في كتاب عمل شهر رمضان، قال: حدثني
عبد الله بن محمد في آخرين، قال: أخبرنا علي بن حاتم في كتابه، قال: حدثنا محمد بن
جعفر - يعني ابن بطة، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمرات الأشعري، عن
محمد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال:
سمعته يقول وناس يسألونه، يقولون: إن الأرزاق تقسم ليلة النصف من شعبان،
فقال: لا والله ما ذلك إلا في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، وإحدى وعشرين، وثلاث

1 - إلى (خ ل).
2 - فغفر (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 143، المستدرك 7: 471.
4 - من البحار.
343

وعشرين، فان في ليلة تسع عشرة يلتقي الجمعان، وفي ليلة إحدى وعشرين يفرق كل
أمر حكيم، وفي ليلة ثلاث وعشرين يمضي ما أراد الله جل جلاله ذلك، وهي ليلة القدر
التي قال الله: (خير من ألف شهر) (1).
قلت: ما معنى قول: (يلتقي الجمعان)؟ قال: قال يجمع الله فيها ما أراد الله من تقديمه
وتأخيرها وإرادته وقضائه، قلت: وما معنى يمضيه في ليلة ثلاث وعشرين؟ قال: إنه يفرق
في ليلة إحدى وعشرين، ويكون له فيه البداء، وإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين أمضاه
فيكون من المحتوم الذي لا يبدو له فيه تبارك وتعالى (2).
أقول: وروي أنه يستغفر ليلة تسع عشرة من شهر رمضان مائة مرة، ويلعن قاتل
مولانا علي عليه السلام مائة مرة، ورأيت حديثا في الأصل الذي في المجلد الكتاب
الذي أوله الرسالة العزية في فضلها (3).
أقول: ووجدت في كتاب كنز اليواقيت تأليف أبي الفضل بن محمد الهروي أخبارا
في فضل ليلة القدر وصلاته، فنحن نذكرها في هذه ليلة تسع عشرة، لأنها أول الليالي
المفردات، فيصليها من يريد الاحتياط للعبادات، في الثلاث الليالي المفضلات.
ذكر الصلاة المروية:
في الكتاب المذكور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
من صلى ركعتين في ليلة القدر، يقرأ (4) في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، و (قل هو الله
أحد) سبع مرات، فإذا فرغ يستغفر سبعين مرة، لا يقوم (5) من مقامه حتى يغفر الله
له ولأبويه، وبعث (6) الله ملائكة يكتبون له الحسنات إلى سنة أخرى، وبعث (7) الله
ملائكة إلى الجنان يغرسون له الأشجار، ويبنون له القصور، ويجرون له الأنهار، ولا يخرج

1 - القدر: 4.
2 - عنه البحار 98: 144، المستدرك 7: 418.
3 - عنه البحار 98: 144.
4 - فقرء (خ ل).
5 - فما دام لا يقوم (خ ل).
6 - يبعث (خ ل).
7 - يبعث (خ ل).
344

من الدنيا حتى يرى ذلك كله (1).
ومن الكتاب المذكور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من أحيا ليلة القدر
حول عنه العذاب إلى السنة القابلة (2).
ومن الكتاب المذكور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
قال موسى: إلهي أريد قربك، قال: قربي لمن يستيقظ (3) ليلة القدر، قال: إلهي
أريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر، قال: إلهي أريد الجواز على
الصراط، قال: ذلك لمن تصدق بصدقة في ليلة القدر.
قال: إلهي أريد أشجار الجنة وثمارها، قال: ذلك لمن سبح تسبيحة في ليلة
القدر، قال: إلهي أريد النجاة من النار، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر، قال:
إلهي أريد رضاك، قال: رضاي لمن صلى ركعتين في ليلة القدر (4).
ومن الكتاب المذكور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
يفتح أبواب السماوات (5) في ليلة القدر، فما من عبد يصلي فيها إلا كتب الله تعالى له
بكل سجدة شجرة في الجنة، لو يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وبكل ركعة
بيتا في الجنة من در وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكل آية تاجا من تيجان الجنة، وبكل
تسبيحة طائرا من النجب، وبكل جلسة درجة من درجات الجنة، وبكل تشهد غرفة
من غرفات الجنة، وبكل تسليمة حلة من حلل الجنة.
فإذا انفجر عمود الصبح أعطاه الله من الكواعب المألفات (6) والجواري المهذبات،
والغلمان المخلدين، والنجائب المطيرات، والرياحين المعطرات، والأنهار الجاريات،
والنعيم الراضيات، والتحف والهديات، والخلع والكرامات، وما تشتهي الأنفس وتلذ

1 - عنه الوسائل 8: 19، البحار 98: 144، المستدرك 7: 445.
2 - عنه الوسائل 8: 20، البحار 98: 145، المستدرك 7: 456.
3 - استيقظ (خ ل).
4 - عنه الوسائل 8: 21، البحار 98: 145، المستدرك 7: 456.
5 - السماء (خ ل).
6 - المألف: الذي يألفه الانسان.
345

الأعين، وأنتم فيها خالدون (1).
ومن هذا الكتاب عن الباقر عليه السلام: من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو
كانت ذنوبه عدد نجوم السماء ومثاقيل الجبال، ومكائيل البحار (2).
ذكر نشر المصحف الشريف ودعائه:
رويناه بإسنادنا إلى حريز بن عبد الله السجستاني، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
تأخذ المصحف في ثلاث ليال من شهر رمضان، فتنشره وتضعه بين يديك وتقول:
اللهم إني أسألك بكتابك المنزل، وما فيه وفيه اسمك الأكبر (3)،
وأسماؤك الحسنى وما يخاف ويرجى، أن تجعلني من عتقائك (4) من النار،
وتدعو بما بدا لك من حاجة (5).
ذكر دعاء آخر للمصحف الشريف:
ذكرنا إسناده وحديثه في كتاب إغاثة الداعي، ونذكر هاهنا المراد منه، وهو عن
مولانا الصادق صلوات الله عليه، قال:
خذ المصحف فدعه على رأسك وقل:
اللهم بحق هذا القرآن، وبحق من أرسلته به، وبحق كل مؤمن مدحته
فيه، وبحقك عليهم فلا أحد أعرف بحقك منك، بك يا الله - عشر مرات.
ثم تقول: بمحمد - عشر مرات، بعلي - عشر مرات، بفاطمة - عشر مرات،
بالحسن - عشر مرات، بالحسين - عشر مرات، بعلي ابن الحسين - عشر مرات،
بمحمد بن علي - عشر مرات، بجعفر بن محمد - عشر مرات، بموسى بن جعفر -
عشر مرات، بعلي بن موسى - عشر مرات، بمحمد ابن علي - عشر مرات،

1 - عنه البحار 98: 145، عنه صدره الوسائل 8: 21، المستدرك 7: 456.
2 - عنه المستدرك 7: 457، الوسائل 8: 21، البحار 98: 146، رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: 118، عنه
الوسائل 10: 358.
3 - الأعظم (خ ل).
4 - طلقائك (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 146.
346

بعلي بن محمد - عشر مرات، بالحسن بن علي - عشر مرات، بالحجة - عشر
مرات.
وتسأل حاجتك، وذكر في حديثه إجابة الداعي وقضاء حوائجه (1).
ذكر دعاء آخر للمصحف الشريف:
ذكرناه بإسنادنا إليه في كتاب إغاثة الداعي عن علي بن يقطين رحمه الله، عن
مولانا موسى بن جعفر صلوات الله عليهما يقول فيه:
خذ المصحف في يدك وارفعه فوق رأسك وقل:
اللهم بحق هذا القرآن، وبحق من أرسلته إلى خلقك، وبكل آية هي
فيه، وبحق كل مؤمن مدحته فيه، وبحقه عليك ولا أحد أعرف بحقه منك.
يا سيدي يا سيدي يا سيدي، يا الله يا الله يا الله - عشر مرات، وبحق محمد - عشر
مرات، وبحق كل إمام - وتعدهم حتى تنتهي إلى إمام زمانك عشر مرات.
فإنك لا تقوم من موضعك حتى يقضى لك حاجتك، وتيسر لك أمرك (2).
ذكر ما نختاره من الروايات بالدعوات ليلة تسع عشرة من شهر رمضان:
دعاء وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة، وهو:
اللهم لك الحمد على ما وهبت لي من انطواء ما طويت من شهري،
وأنك لم تجن فيه أجلي، ولم تقطع عمري، ولم تبلني بمرض يضطرني إلى
ترك الصيام، ولا بسفر يحل لي فيه الافطار، فأنا أصومه في كفايتك
ووقايتك، أطيع أمرك، وأقتات رزقك، وأرجو وأؤمل تجاوزك.
فأتمم اللهم علي في ذلك نعمتك، وأجزل به منتك، واسلخه عني
بكمال الصيام وتمحيص الآثام، وبلغني آخره بخاتمة خير وخيره، يا أجود
المسؤولين، ويا أسمح الواهبين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين (3).

1 - عنه البحار 98: 146.
2 - عنه البحار 98: 146.
3 - عنه البحار 98: 147.
347

دعاء آخر في الليلة التاسعة عشر منه، رويناه بإسنادنا إلى محمد بن أبي قرة من
كتابه عمل شهر رمضان:
يا ذا الذي كان قبل كل شئ (1)، ثم خلق كل شئ، ثم يبقى ويفنى
كل شئ، يا (2) ذا الذي ليس في السماوات العلى ولا في الأرضين السفلى،
ولا فوقهن ولا بينهن ولا تحتهن إله يعبد غيره، لك الحمد حمدا لا يقدر على
إحصائه إلا أنت، فصل على محمد وآل محمد، صلاة لا يقدر على إحصائها
إلا أنت (3).
دعاء آخر في ليلة تسع عشرة منه:
اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم وفيما تفرق من الأمر
الحكيم في ليلة القدر، وفي القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، أن تكتبني من
حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم،
والمكفر عنهم سيئاتهم، واجعل فيما تقضي وتقدر أن تطيل عمري، وتوسع
علي (4) في رزقي، وتفعل بي كذا وكذا (5).
وهذا الدعاء ذكرنا نحوه في دعاء كل ليلة، ولكن بينهما تفاوت.
دعاء آخر في ليلة تسع عشرة منه:
اللهم إني أمسيت لك عبدا داخرا لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا،
ولا أصرف عنها سوء، أشهد بذلك على نفسي، وأعترف لك بضعف قوتي،
وقلة حيلتي، فصل على محمد وآل محمد، وأنجز لي ما وعدتني، وجميع
المؤمنين والمؤمنات من المغفرة في هذه الليلة، وأتمم علي ما آتيتني، فاني
عبدك المسكين المستكين، الضعيف الفقير المهين.

1 - يا خالق كل شئ (خ ل).
2 - ويا (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 147.
4 - عنه البحار 98: 147.
5 - لي (خ ل).
348

اللهم لا تجعلني ناسيا لذكرك فيما أوليتني، ولا غافلا لإحسانك فيما
أعطيتني، وآيسا من إجابتك، وإن أبطأت عني، وفي سراء كنت أو ضراء،
أو شدة أو رخاء، أو عافية أو بلاء، أو بؤس أو نعماء، إنك سميع الدعاء (1).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
سبحان من لا يموت، سبحان من لا يزول ملكه، سبحان من لا يخفى عليه
خافية، سبحان من لا تسقط ورقة إلا بعلمه (2)، ولا حبة في ظلمات الأرض
ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين إلا بعلمه وبقدرته (3).
فسبحانه سبحانه، سبحانه سبحانه، سبحانه سبحانه، ما أعظم شأنه،
وأجل سلطانه، اللهم صل على محمد وآله واجعلنا من عتقائك، وسعداء
خلقك بمغفرتك، إنك أنت الغفور الرحيم (4).
فصل (1)
فيما يختص باليوم التاسع عشر من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان:
اللهم إني أسألك بأنك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا
صلواتك عليه وآله عبدك ورسولك، وبأنك أحد صمد لم يلد ولم يولد،
ولم يكن لك (5) كفوا أحدا.
وبأنك جواد ماجد، رحمن الدنيا والآخرة، تعطي من تشاء، وتحرم من
تشاء، أن تصلي على محمد وآل محمد، فيما تقضي وتقدر من
الأمر المحتوم أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المبسوط

1 - عنه البحار 98: 141.
2 - يعلمها (خ ل).
3 - يعلمه وقدره (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 148.
5 - له (خ ل).
349

رزقهم، المحفوظين في أنفسهم وأديانهم، وأهاليهم وأولادهم.
وأن تجعل ذلك في عامي هذا وفي كل عام أبدا ما أبقيتني، في يسر
منك وعافية، وصحة من جسمي، ونية خالصة لك، وسعة في ذات يدي،
وقوة في بدني على جميع أموري.
اللهم من طلب حاجته إلى أحد من المخلوقين، فإني لا أطلب حاجتي
إلا منك وحدك لا شريك لك، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد،
وأسألك أن تجعل لي أن أغض بصري، وأن أحفظ فرجي، وأن أكف عن
محارمك، وأن أعمل ما أحببت، وأن أدع ما سخطت (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم وفر فيه حظي من بركاته (2)، وسهل سبيلي إلى حيازة خيراته (3)،
ولا تحرمني من قبول حسناته (4)، يا هاديا (5) إلى الحق المبين (6).
أقول: واعلم أن الرواية من عدة جهات عن الصادقين، عن الله جل جلاله
عليهم أفضل الصلوات، أن يوم ليلة القدر مثل ليلته، فإياك أن تهون بنهار تسع عشرة أو
إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، وتتكل على ما عملته في ليلتها وتستكثره لمولاك،
وأنت غافل عن عظيم نعمته، وحقوق ربوبيته.
وكن في هذه الأيام الثلاثة المعظمات على أبلغ الغايات، في العبادات والدعوات،
واغتنام الحياة قبل الممات.
أقول: والمهم من هذه الليالي في ظاهر الروايات عن الطاهرين ما قدمناه من
التصريح، أن ليلة ثلاث وعشرين، فلا تهمل يومها.

1 - عنه البحار 98: 149.
2 - بركاتك (خ ل)، ببركاته (خ ل).
3 - إصابة (خ ل)، خيراتك (خ ل).
4 - وارزقني قبول حسناته، ولا تحرمني القليل من حسناته، حسناتك (خ ل).
5 - يا هادي (خ ل).
6 - عنه البحار 98: 149.
350

فمن الرواية (1) في ذلك بإسنادنا عن هشام بن الحكم رضوان الله عليه عن أبي عبد الله
الصادق صلوات الله عليه أنه قال: يومها مثل ليلتها - يعني ليلة القدر (2).
وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام قال: هي في كل سنة ليلة، وقال: يومها
مثل ليلتها (3).
وفي حديث آخر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله بعض أصحابنا، ولا أعلمه إلا
سعيد السمان: كيف تكون ليلة القدر خيرا من ألف شهر؟ قال: العمل فيها خير من
العمل في ألف شهر، ليس فيه ليلة القدر، وقال أبو عبد الله عليه السلام: يومها مثل
ليلتها - يعني ليلة القدر، وهي تكون في كل سنة (4).

1 - الروايات (خ ل).
2 - رواه الشيخ في التهذيب 4: 331، عنه الوسائل 10: 359.
3 - يعني ليلة القدر (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 149، رواه الكليني في الكافي 4: 157، والصدوق الفقيه 2: 102، عنهما الوسائل 10: 351.
351

الباب الرابع والعشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة العشرين منه ويومها،
وفيها ما نختاره من عدة روايات بالدعوات
منها: ما وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة، وهي في الليلة العشرين:
اللهم أنت ربي لا إله لي غيرك اوحده، لا رب لي سواك أعبده أنت
الواحد الأحد الصمد، لم يلد (1) ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وكيف يكون
كفو من المخلوقين [للخالق] (2) ومن المرزوقين للرازق، ومن لا يستطيعون
لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، هو مالك ذلك كله
بعطيته وتحريمه ويبتلي به ويعافي منه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
إلهي وسيدي ما أغب (3) شهر الصيام، إلى جانب الفناء وأنت الباقي،
وآذن بالانقضاء وأنت الدائم، وهو الذي عظمت حقه فعظم، وكرمته فكرم،
وإن لي فيه الزلات كثيرة والهفوات عظيمة، إن قاصصتني بها كان شهر
شقاوتي، وإن سمحت لي بها كان شهر سعاتي.

1 - الذي لم يلد (خ ل).
2 - من البحار.
3 - غبت الأمور: صارت إلى أواخرها.
4 - شهر رمضان (خ ل).
352

اللهم وكما أسعدتني بالاقرار بربوبيتك مبدئا (1)، فأسعدني برحمتك
ورأفتك وتمحيصك وسماحتك معيدا، فإنك على كل شئ قدير، وصلى
الله على محمد وآله وسلم كثيرا (2).
دعاء آخر في هذه الليلة، ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان:
اللهم (3) كلفتني من نفسي ما أنت أملك به مني، وقدرتك أعلى من
قدرتي، فصل على محمد وآل محمد وأعطني من نفسي ما يرضيك عني وخذ
لنفسك رضاها من نفسي.
إلهي لا طاقة لي بالجهد، ولا صبر لي على البلاء، ولا قوة لي على الفقر،
فصل على محمد وآل محمد، ولا تحظر علي رزقك (4) في هذا الشهر
المبارك، ولا تلجئني إلى خلقك، بل تفرد يا سيدي بحاجتي، وتول كفايتي،
وانظر في أموري، فإنك إن وكلتني إلى خلقك تجهموني، وإن ألجأتني إلى
أهلي حرموني ومقتوني، وإن أعطوا أعطوا قليلا نكدا، ومنوا علي كثيرا،
وذموا طويلا.
فبفضلك يا سيدي فأغنني، وبعطيتك فانعشني، وبسعتك فابسط يدي،
وبما عندك فاكفني، يا أرحم الراحمين (6).
دعاء آخر في هذه الليلة، مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
أستغفر الله مما مضى من ذنوبي فأنسيتها (7)، وهي مثبتة علي يحصيها
علي الكرام الكاتبون، يعلمون ما أفعل، وأستغفر الله من موبقات الذنوب،

1 - مبتدئا (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 51.
3 - الهي (خ ل).
4 - رزقي (خ ل).
5 - قرابتي (خ ل).
6 - عنه البحار 98: 51 - 52.
7 - وما نسيتها (خ ل).
353

وأستغفره (1) من مفظعات الذنوب، وأستغفره مما فرض علي فتوانيت، وأستغفره
من نسيان الشئ، الذي باعدني من ربي.
وأستغفره من الزلات والضلالات، ومما كسبت يداي، وأومن به،
وأتوكل عليه كثيرا (2)، وأستغفره وأستغفره وأستغفره وأستغفره وأستغفره
وأستغفره وأستغفره، (فصل على محمد وآل محمد وان تعفو عني، وتغفر لي
ما سلف من ذنوبي، واستجب يا سيدي دعائي، فإنك أنت التواب
الرحيم) (3 - 4).
ثم تدعو بأدعية كل ليلة منه، وقد قدمنا منه طرفا في أول ليلة، فلا تكسل عنه.
فصل (1)
فيما يختص باليوم العشرين من دعاء غير متكرر
دعاء يوم العشرين من شهر رمضان:
اللهم إني أسألك باسمك المخزون الطاهر المطهر، يا من استجاب
لأبغض خلقه إليه إذ قال: (أنظرني إلى يوم يبعثون) (5)، فاني لا أكون أسوء
حالا منه فيما سألتك، فاستجب لي فيما دعوتك، وأعطني يا رب ما سألتك،
إني أسألك يا سيدي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعلني ممن
تنتصر به لدينك، وتقاتل به عدوك، في الصف الذي ذكرت في كتابك،
فقلت: (كأنهم بنيان مرصوص) (6)، مع أحب خلقك إليك في أحب
المواطن لديك.

1 - استغفر الله (خ ل) في الموضعين.
2 - كثيرا كثيرا (خ ل).
3 - ليس في بعض النسخ.
4 - عنه البحار 98: 51.
5 - الأعراف: 14.
6 - الصف: 4.
354

اللهم وفي صدور الكافرين فعظمني، وفي أعين المؤمنين فجللني، وفي
نفسي وأهل بيتي فذللني، وحبب إلي من أحببت، وبغض إلي من
أبغضت، ووفقني لأحب الأمور إليك، وأرضاها لديك.
اللهم إني منك إليك أفر، وليس ذلك إلا من خوفي عدلك، وإياك
أسأل بك، لأنه ليس أحد إلا دونك، ولا أقدر أن أستتر منك في ليل
ولا نهار، وأنا عارف بربوبيتك مقر بوحدانيتك، أحطت يا إلهي خبرا بأهل
السماوات وأهل الأرض، لا يشغلك شئ عن شئ لا إله إلا أنت، إنك
على كل شئ قدير (1).
دعاء آخر في اليوم المذكور:
اللهم افتح لي (2) فيه أبواب الجنان، وأغلق عني فيه أبواب النيران،
ووفقني فيه لتلاوة القرآن، يا منزل السكينة في قلوب المؤمنين (3).

1 - عنه البحار 98: 51.
2 - على (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 52.
355

الباب الخامس والعشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الحادي والعشرين منه وفي يومها
فمن الزيادات في فضل ليلة إحدى وعشرين تسع عشرة:
اعلم ليلة الحادية والعشرين من شهر الصيام، ورد فيها أحاديث أنها أرجح من
ليلة تسع عشرة منه، وأقرب إلى بلوغ المرام.
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى زرارة، عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن ليلة القدر، قال: هي في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين (1).
ومن ذلك بإسنادنا أيضا إلى عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال: قلت لأبي جعفر
عليه السلام: أخبرني عن ليلة القدر، قال: التمسها في ليلة إحدى وعشرين وثلاث
وعشرين، فقلت: أفردها لي، فقال: وما عليك أن تجتهد في ليلتين (2).
أقول: وقد قدمنا قول أبي جعفر الطوسي في التبيان أن ليلة القدر في مفردات العشر
الأواخر من شهر رمضان، وذكر أنه بلا خلاف.
ومنها: أن الاعتكاف في هذه العشر الاخر من شهر رمضان عظيم الفضل
والرجحان، مقدم على غيره من الأزمان.
وقد روينا بعدة طرق عن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني وأبي جعفر محمد بن بابويه

1 - عنه البحار 98: 146، رواه الكليني في الكافي 4: 156، وفيه: (أو ليلة ثلاث وعشرين).
2 - عنه البحار 98: 146، رواه الطبرسي في مجمع البيان 5: 519، عنه الوسائل 10: 360.
356

وجدي أبي جعفر الطوسي قدس الله أرواحهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان
يعتكف هذا العشر الاخر (1) من شهر رمضان (2).
أقول: واعلم أن كمال الاعتكاف هو إيقاف العقول والقلوب والجوارح على مجرد
العمل الصالح، وحبسها على باب الله جل جلاله، ومقدس إرادته، وتقييدها بقيود
مراقباته، وصيانتها عما يصون الصائم كمال صونه عنه، ويزيد على احتياط الصائم في
صومه زيادة معنى المراد من الاعتكاف، والتلزم باقباله على الله وترك الاعراض عنه.
فمتى أطلق المعتكف خاطرا لغير الله في طرق أنوار عقله وقلبه، أو استعمل جارحة في
غير الطاعة لربه، فإنه يكون قد أفسد من حقيقة كمال الاعتكاف، بقدر ما غفل أو هون
به من كمال الأوصاف.
ومنها: ذكر المواضع التي يعتكف فيها:
روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني وأبي جعفر ابن بابويه وجدي أبي جعفر
الطوسي رضي الله عنهم باسنادهم إلى عمر بن يزيد قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟
فقال: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيها إمام عدل صلاة جماعة، ولا بأس أن
تعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة (3).
ذكر أن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام بالصيام:
رويناه بالإسناد المقدم ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يكون الاعتكاف
أقل من ثلاثة أيام، ومتى اعتكف صام، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما
يشترط الذي يحرم (4).
أقول: ومن شرط المعتكف أن لا يخرج من موضع اعتكافه إلا لضرورة تقتضي جواز

1 - الأخير (خ ل).
2 - رواه الكليني في الكافي 4: 175، والصدوق في الفقيه 2: 156، والشيخ في التهذيب 4: 287.
3 - رواه الشيخ في التهذيب 4: 290، والكليني في الكافي 4: 176.
4 - رواه الشيخ في التهذيب 4: 289، والكليني في الكافي 4: 177.
357

انصرافه، وإذا خرج لضرورة فيكون حافظا لجوارحه وأطرافه حتى يعود إلى مسجد
الاختصاص، ما شرط على نفسه من الاخلاص، ليظفر من الله جل جلاله بالشرط
المضمون في قوله تعالى: (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) (1).
ذكرنا ما نختار روايته من فضل المهاجرة إلى الحسين صلوات الله عليه في العشر
الأواخر من شهر رمضان:
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي المفضل، قال: أخبرنا علي ابن محمد بن بندار القمي
إجازة، قال: حدثني بن عمران الأشعري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،
قال:
سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام يقول: عمرة في شهر رمضان تعدل
حجة، واعتكاف ليلة في شهر رمضان يعدل حجة، واعتكاف ليلة في مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله وعند قبره يعدل حجة وعمرة، ومن زار الحسين عليه السلام يعتكف
عنده العشر والغوابر (2) من شهر رمضان فكأنما اعتكف عند قبر النبي صلى الله عليه وآله،
ومن اعتكف عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله كان ذلك أفضل له من حجة
وعمرة بعد حجة الاسلام.
قال الرضا عليه السلام: وليحرص من زار الحسين عليه السلام في شهر رمضان ألا
يفوته ليلة الجنهي عنده، وهي ليلة ثلاث وعشرين، فإنها الليلة المرجوة، قال: وأدنى
الاعتكاف ساعة بين العشائين، فمن اعتكفها فقد أدرك حظه - أو قال: نصيبه - من
ليلة القدر (3).
ومنها: الغسل في كل ليلة من العشر الأواخر:
رويناه بإسنادنا إلى محمد بن أبي عمير من كتاب علي بن عبد الواحد النهدي، عن
بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله

1 - البقرة: 40.
2 - الأواخر (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 151.
358

يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر في كل ليلة (1).
ومنها: تعيين فضل الغسل في ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان.
وقد رويناه بإسنادنا إلى الحسين بن سعيد باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال:
غسل ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان سنة (2).
ومنها: المائة ركعة ودعاؤها، أو المائة والثلاثون ركعة على إحدى الروايتين وأدعيتها،
وقد قدمنا وصف المائة ركعة وأدعيتها.
منها: عشرون ركعة أول ليلة من الشهر.
ومنها: ثمانون ركعة في ليلة تسع عشرة منه تكملة الدعوات.
فليعمل هذه الليلة على تلك الصفات، ثمان بين العشاءين واثنان وتسعون ركعة
بعد العشاء الآخرة.
ومنها: الدعوات المتكررة في كل ليلة من شهر رمضان، قبل السحر وبعده.
وقد تقدم وصف ذكرها وطيب نشرها في أول ليلة من شهر رمضان، فاعمل عليه
ولا تتكاسل عنه، فإنما تعمل مع نفسك العزيزة عليك، وإن هونت فأنت النادم والحجة
ثابتة عليك بالتمكن الذي قدرت عليه، وإذا رأيت المجتهدين يوم التغابن ندمت على
التفريط، وخاصة إذا وجدت نفسك هناك دون من كنت في الدنيا متقدما عليه.
ومنها: الدعاء المختص بليلة إحدى وعشرين:
وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة وهو في ليلة إحدى وعشرين:
لا إله إلا الله، مدبر الأمور، ومصرف الدهور، وخالق الأشياء جميعا (3)
بحكمته، دالة على أزليته وقدمه، جاعل الحقوق الواجبة لما يشاء، رأفة منه
ورحمة، ليسأل بها سائل ويأمل (4) إجابة دعائه بها آمل.

1 - عنه الوسائل 3: 336.
2 - عنه الوسائل 3: 327.
3 - جميعها (خ ل).
4 - يسئلها سائل ويأمل (خ ل).
359

فسبحان من خلق، [و] (1) الأسباب إليه كثيرة، والوسائل إليه موجودة،
وسبحان الله الذي لا يعتوره فاقة، ولا تستذله حاجة، ولا تطيف به ضرورة،
ولا يحذر إبطاء رزق رازق، ولا سخط (2) خالق، فإنه القدير على رحمة من هو
بهذه الخلال مقهور، في مضائقها محصور، يخاف ويرجو من بيده الأمور،
وإليه المصير، وهو على ما يشاء قدير.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك، مؤدي الرسالة، وموضح
الدلالة، أوصل كتابك، واستحق ثوابك، وأنهج سبيل حلالك وحرامك،
وكشف عن شعائرك وأعلامك.
فان هذه الليلة التي وسمتها بالقدر، وأنزلت فيها محكم الذكر، وفضلتها
على ألف شهر، وهي ليلة مواهب المقبولين، ومصائب المردودين فيا خسران
من باء فيها بسخطه، ويا ويح من حظي فيها برحمته.
اللهم فارزقني قيامها والنظر إلى ما عظمت منها من غير حضور أجل
ولا قرابة، ولا انقطاع أمل ولا فوته، ووفقني فيها لعمل ترفعه، ودعاء تسمعه،
وتضرع ترحمه، وشر تصرفه، وخير تهبه، وغفران توجبه، ورزق توسعه، ودنس
تطهره، وإثم تغسله، ودين تقضيه، وحق تتحمله وتؤديه، وصحة تتمها، وعافية
تنميها، وأشعاث تلمها، وأمراض تكشفها (3)، وصنعة تكنفها، ومواهب
تكشفها، ومصائب تصرفها، وأولاد وأهل تصلحهم، وأعداء تغلبهم وتقهرهم،
وتكفي ما أهم من أمرهم، وتقدر على قدرتهم، وتسطو بسطواتهم، وتصول على
صولاتهم، وتغل أيديهم إلى صدورهم، وتخرس عن مكارهي ألسنتهم، وترد
رؤوسهم على صدورهم. (4)

1 - من البحار.
2 - سخطه (خ ل).
3 - تشفيها - ظ.
4 - عطب: هلك.
360

اللهم سيدي ومولاي اكفني البغي، ومصارعة الغدر ومعاطبه، واكفني
سيدي شر عبادك، واكف شر جميع عبادك، وانشر عليهم الخيرات مني
حتى تنزل علي في الآخرين، واذكر والدي وجميع المؤمنين والمؤمنات
برحمتك ومغفرتك، ذكرى سيد قريب لعبيد وإماء فارقوا الأحباء، وخرسوا
عن النجوى وصموا عن النداء، وحلوا أطباق الثرى، وتمزقهم البلى.
اللهم إنك أوجبت لوالدي علي حقا وقد أديته بالاستغفار لهما إليك، إذ
لا قدرة لي على قضائه إلا من جهتك، وفرضت لهما في دعائي فرضا قد
أوفدته عليك، إذ حلت بي القدرة على واجبها، وأنت تقدر، وكنت لا أملك
وأنت تملك.
اللهم لا تحلل بي فيما أوجبت، ولا تسلمني فيما فرضت، وأشركني في
كل صالح دعاء أجبته، وأشرك في صالح دعائي جميع المؤمنين
والمؤمنات، إلا من عادى أولياءك، وحارب أصفياءك، وأعقب بسوء
الخلافة أنبياءك، ومات على ضلالته، وانطوى في غوايته، فاني أبرء إليك
من دعاء لهم.
أنت القائم على كل نفس بما كسبت، غفار للصغاير، والموبق بالكبائر
بلا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، فانشر علي رأفتك يا أرحم
الراحمين، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم كثيرا (1).
ومنها: الدعاء المختص بليلة إحدى وعشرين من الفصول الثلاثين، وهو دعاء ليلة
إحدى وعشرين مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، وأشهد أن الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن
الله يبعث من في القبور.

1 - عنه البحار 98: 152.
361

وأشهد أن الرب ربي لا شريك له، ولا ولد له ولا والد له، وأشهد أنه
الفعال لما يريد، والقادر على كل شئ، والصانع لما يريد، والقاهر من
يشاء، والرافع من يشاء، مالك الملك، ورازق العباد، الغفور الرحيم، العليم
الحليم.
أشهد أشهد، أشهد أشهد، أشهد أشهد، أشهد (أنك سيدي كذلك، وفوق
ذلك، ولا يبلغ الواصفون كنه عظمتك، اللهم صل على محمد وآله، واهدني
ولا تضلني بعد إذ هديتني، إنك أنت الهادي المهدي) (1 - 2).
ومنها: ذكر ما يختص بهذه الليلة من دعاء العشر الأواخر:
رويناه بعدة طرق إلى جماعة من أصحابنا الماضين عمن أسندوه إليه من الأئمة
الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين، ووجدنا رواية محمد بن أبي قرة رحمه الله أكمل
الروايات، فأوردناها بألفاظها احتياطا للعبادات، وهي مما نرويه بإسنادنا إلى أبي
محمد هارون بن موسى رحمه الله باسناده إلى عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال:
يقول أول ليلة منه:
يا مولج الليل في النهار ومولج النهار في الليل، ومخرج الحي من الميت
ومخرج الميت من الحي، يا رازق من يشاء بغير حساب، يا الله يا رحمن،
يا الله يا رحيم، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله لك الأسماء
الحسنى، والأمثال العليا والكبرياء والآلاء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم إن كنت قضيت في هذه الليلة
تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم، فصل على محمد وآل محمد،
واجعل اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين
وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك

1 - ليس في بعض النسخ.
2 - عنه البحار 98: 154.
362

عني، ورضا بما قسمت لي، آتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني
عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك وشكرك والرغبة والإنابة إليك، والتوبة
والتوفيق لما تحبه وترضى (1)، ولما وفقت له شيعة آل محمد عليه وعليهم
السلام يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب ما زويت عني بحولك وقوتك،
وأغنني يا رب برزق منك واسع بحلالك عن حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي الليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت
له محمدا وآل محمد صلواتك عليه وعليهم، وافعل بي كذا وكذا الساعة
الساعة - حتى ينقطع النفس (2).
زيادة بغير الرواية:
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأقسم لي حلما يسد عني باب
الجهل، وهدى تمن به علي من كل ضلالة، وغنى تسد به عني باب كل
فقر، وقوة ترد بها عني كل ضعف، وعزا تكرمني به عن كل ذل، ورفعة
ترفعني بها عن كل ضعة، وأمنا ترد به عني كل خوف وعافية، تسترني بها
من كل بلاء، وعلما تفتح لي به كل يقين.
ويقينا تذهب به عني كل شك، ودعاء تبسط لي به الإجابة في هذه
الليلة، وفي هذه الساعة الساعة الساعة يا كريم، وخوفا تيسر لي به كل
رحمة، وعصمة تحول بها بيني وبين الذنوب حتى أفلح بها بين المعصومين
عندك برحمتك يا أرحم الراحمين (3).
ومن الزيادات ما يتكرر كل ليلة من العشر والأواخر:

1 - تحبه وترضاه (خ ل).
2 - رواه الشيخ في مصباحه 2: 628 مع اختصار، وأيضا الكليني في الكافي 4: 161، والصدوق في الفقيه 2: 161.
3 - عنه البحار 98: 155.
363

فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى رضي الله عنه باسناده
إلى محمد بن أبي عمير، عن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان يقول في كل
ليلة من العشر الأواخر:
اللهم إنك قلت في كتابك المنزل: (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن
هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (1)، فعظمت حرمة شهر رمضان بما
أنزلت فيه من القرآن، وخصصته بليلة القدر، وجعلتها خيرا من ألف شهر.
اللهم وهذه أيام شهر قد انقضت، ولياليه قد تصرمت، وقد صرت
يا إلهي منه إلى ما أنت أعلم به مني، وأحصى لعدده من الخلق أجمعين.
فأسألك بما سألك به ملائكتك المقربون، وأنبياؤك المرسلون، وعبادك
الصالحون، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفك رقبتي من النار،
وتدخلني الجنة برحمتك، وأن تتفضل علي بعفوك وكرمك، وتتقبل تقربي،
وتستجيب دعائي وتمن علي بالأمن يوم الخوف من كل هول أعددته ليوم
القيامة.
إلهي وأعوذ بوجهك الكريم، وبجلالك العظيم، أن تنقضي أيام شهر
رمضان ولياليه، ولك قبلي تبعة أو ذنب تؤاخذني به أو خطيئة تريد أن
تقتصها مني، لم تغفرها لي.
سيدي سيدي سيدي، أسألك يا لا إله إلا أنت إذ لا إله إلا أنت إن كنت
رضيت عني في هذا الشهر فازدد عني رضا، وإن تكن رضيت عني فمن
الان فارض عني يا أرحم الراحمين، يا الله يا أحد يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد.
وأكثر أن تقول:
يا ملين الحديد لداود عليه السلام، يا كاشف الضر والكرب العظام عن

1 - البقرة: 185.
364

أيوب عليه السلام، أي مفرج هم يعقوب عليه السلام، أي منفس غم يوسف
عليه السلام، صل على محمد وآل محمد كما أنت أهله (1) أن تصلي عليهم
أجمعين وافعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله (2).
وفي رواية أخرى عن ابن أبي عمير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تقول في
العشر الأواخر من شهر رمضان كل ليلة:
أعوذ بجلال وجهك الكريم، أن ينقضي عني شهر رمضان، أو يطلع
الفجر من ليلتي هذه، وبقي لك عندي تبعة أو ذنب تعذبني عليه يوم
ألقاك (3).
فصل: واعلم أن هذه الرواية بأدعية العشر الأواخر من شهر رمضان، تتكرر في كل
ليلة منها، مفرداتها ومزدوجاتها: (إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة
والروح فيها).
ومن المعلوم من مذهب الإمامية ورواياتهم أن ليلة القدر في الليالي المفردات دون
المزدوجات، فيحتاج ذكرها في هذه الأدعية في مزدوجات العشر جميعه إلى تأويل،
فأقول:
إنه إن كان يمكن أن يكون المقصود بذكرها في جميع ليالي العشر ستر هذه الليلة عن
أعدائهم، وإبهامهم أنهم ما يعرفونها كما كنا قد بيناه.
أو يكون المراد: إن كنت قضيت في الليالي المزدوجات، أن يكون ليلة القدر في
الليالي المفردات.
أو يكون: إن كنت قضيت نزول الملائكة إلى موضع خاص من السماء في الليالي
المزدوجات، ويتكمل نزولهم إلى الدنيا في الليالي المفردات، أو يكون له تأويل غير
ما ذكرناه.

1 - أهل (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 156.
3 - عنه البحار 98: 156، رواه الصدوق في الفقيه 2: 161، والكليني في الكافي 4: 160.
365

وإن أسرار خواص الله جل جلاله ونوابه ما يتطلع كل أحد على حقيقة معناه.
فصل: وذكر أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه أدعية العشر
والأواخر من شهر رمضان من نوادر محمد بن أبي عمير عن الصادق عليه السلام، ولم يذكر
فيها: (إن كنت قضيت)، بل يقول: (أن تجعل في هذه الليلة اسمي في
السعداء، وروحي مع الشهداء - وتمام الدعاء.) (1)
فصل (1)
فيما يختص باليوم الحادي والعشرين من دعاء غير متكرر
رواه محمد بن علي الطرازي قال: عن عبد الباقي بن بزداد أيده الله، قال: أخبرني أبو
عبد الله محمد بن وهبان بن محمد البصري، قال: حدثنا أبو علي محمد بن الحسن بن جمهور،
قال: حدثنا أبي، عن أبيه محمد، عن حماد بن عيسى، عن حماد بن عثمان قال:
دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان، فقال
لي: يا حماد اغتسلت؟ قلت: نعم جعلت فداك، فدعا بحصير، ثم قال: إلى لزقي (2) فصل.
فلم يزل يصلى وأنا أصلي إلى لزقة حتى فرغنا من جميع صلاتنا، ثم أخذ يدعو وأنا
أؤمن على دعائه إلى أن اعترض الفجر، فأذن وأقام ودعا بعض غلمانه، فقمنا خلفه
فتقدم وصلى بنا الغداة، فقرأ بفاتحة الكتاب و (إنا أنزلناه في ليلة القدر) في الأولى، وفي
الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد).
فلما فرغنا من التسبيح والتحميد والتقديس والثناء على الله تعالى، والصلاة على
رسوله صلى الله عليه وآله، والدعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات
الأولين والآخرين، خر ساجدا ولا أسمع منه إلا النفس ساعة طويلة، ثم سمعته يقول:
لا إله إلا أنت مقلب القلوب والأبصار، لا إله إلا أنت خالق الخلق
بلا حاجة فيك إليهم، لا إله إلا أنت مبدئ الخلق ولا ينقص من ملكك شئ،

1 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 161 - 164، والكليني في الكافي 4: 160 - 164.
2 - اللزق: اللصق، هو لزقي أو بلزقي أي بجانبي.
366

لا إله إلا أنت باعث من في القبور، لا إله إلا أنت مدبر الأمور، لا إله إلا أنت
ديان وجبار الجبابرة.
لا إله إلا أنت مجري الماء في الصخرة الصماء، لا إله إلا أنت مجري
الماء في النبات، لا إله إلا أنت مكون طعم الثمار، لا إله إلا أنت محصي
عدد القطر وما تحمله السحاب، لا إله ألا أنت محصي عدد ما تجري به
الرياح (1) في الهواء، لا إله إلا أنت محصي ما في البحار من رطب ويابس،
لا إله إلا أنت محصي ما يدب في ظلمات البحار وفي أطباق الثرى.
أسألك باسمك الذي سميت به نفسك، أو استأثرت به على علم الغيب
عندك، وأسألك بكل اسم سماك به أحد من خلقك، من نبي أو صديق أو
شهيد أو أحد من ملائكتك، وأسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت،
وإذا سئلت به أعطيت.
وأسألك بحقك على محمد وأهل بيته صلواتك عليهم وبركاتك،
وبحقهم الذي أوجبته على نفسك، وأنلتهم به فضلك، أن تصلي على محمد
عبدك ورسولك الداعي إليك بإذنك وسراجك الساطع بين عبادك، في
أرضك وسمائك، وجعلته رحمة للعالمين، نورا استضاء به المؤمنون، فبشرنا
بجزيل ثوابك، وأنذرنا الأليم من عذابك (2).
أشهد أنه قد جاء بالحق من عند الحق وصدق المرسلين، وأشهد أن
الذين كذبوه ذائقوا العذاب الأليم.
أسألك يا الله يا الله يا الله، يا رباه يا رباه يا رباه، يا سيدي يا سيدي
يا سيدي، يا مولاي يا مولاي يا مولاي، أسألك في هذه الغداة أن تصلي على
محمد وآل محمد (3) وأن تجعلني من أوفر عبادك وسائليك نصيبا، وأن تمن

1 - تجري الرياح (خ ل).
2 - في البحار: عقابك.
3 - آله (خ ل).
367

علي بفكاك رقبتي من النار، يا أرحم الراحمين.
وأسألك بجميع ما سألتك وما لم أسألك من عظيم جلالك، ما لو علمته
لسألتك به، أن تصلي على محمد وأهل بيته، وأن تأذن لفرج من بفرجه
فرج أوليائك وأصفيائك من خلقك، وبه تبيد الظالمين وتهلكهم، عجل
ذلك يا رب العالمين، وأعطني سؤلي يا ذا الجلال والاكرام في جميع
ما سألتك لعاجل الدنيا وآجل الآخرة.
يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد، أقلني عثرتي وأقلني بقضاء
حوائجي، يا خالقي ويا رازقي ويا باعثي، ويا محيي عظامي وهي رميم، صل
على محمد وآل محمد واستجب لي دعائي يا أرحم الراحمين.
فلما فرغ رفع رأسه قلت: جعلت فداك سمعتك وأنت تدعو بفرج من فرجه فرج
أصفياء الله وأوليائه، أو لست أنت هو؟ قال: لا، ذاك قائم آل محمد عليهم السلام.
قلت: فهل لخروجه علامة؟ قال: نعم كسوف الشمس عند طلوعها، ثلثي ساعة من
النهار، وخسوف القمر ثلاث وعشرين، وفتنة يصل (1) أهل مصر البلاء وقطع السبيل (2)،
اكتف بما بينت لك، وتوقع أمر صاحبك ليلك ونهارك، فان الله كل يوم هو في شأن
لا يشغله شأن عن شأن، ذلك الله رب العالمين (3)، وبه تحصين أوليائه وهم له خائفون (4).
ومن ذلك دعاء اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الله السميع الذي ليس شئ أسمع منه، يسمع من فوق عرشه
ما تحت سبع أرضين، ويسمع ما في ظلمات البر والبحر، ويسمع الأنين
والشكوى ويسمع السر وأخفى، ويسمع وساوس الصدور، ويعلم خائنة
الأعين وما تخفي الصدور، ولا يصم سمعه صوت.

1 - تظل (خ ل).
2 - النيل (خ ل).
3 - ذلك رب العالمين (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 157 - 158.
368

سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم اجعل لي فيه إلى مرضاتك (2) دليلا، ولا تجعل للشيطان فيه علي
سبيلا (3)، واجعل الجنة منزلا لي ومقيلا، يا قاضي حوائج الطالبين (4 - 5).

1 - عنه البحار 98: 157 - 158.
2 - لمرضاتك (خ ل).
3 - علي فيه للسلطان سبيلا (خ ل).
4 - السائلين (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 159.
369

الباب السادس والعشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثانية والعشرين منه ويومها
وفيها ما نختاره من عدة روايات
منها الغسل الذي رويناه في كل ليلة من العشر الأواخر.
ومنها ما وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة، وهو في الليلة الثانية والعشرين:
سبحان من تبهر قدرته الأفكار، ويملأ عجائبه الأبصار، الذي لا ينقصه
العطاء، ولا يتعرض جوده الذكاء (1)، الذي أنطق الألسن بصفاته، واقتدر
بالفعل على مفعولاته، وأدخل في صلاحها الفساد، وعلى مجتمعها الشتات،
وعلى منتظمها الانفصام، ليدل المبصرين على أنها فانية من صنعة باق،
مخلوقة من إنشاء خالق، لا بقاء ولا دوام إلا له، والواحد الغالب الذي
لا يغلب والمالك الذي لا يملك.
الحمد لله الذي بلغنيك (2) ليلة طويت يومها على صيام، ورزقت فيه
اليقظة من المنام، وقصدت رب العزة بالقيام، برحمة منه تخصني، ونعمة
ألبستني، وحسني تغشني، وأسأله إتمام ابتدائه وزيادة لي من اجتبائه، فإنه

1 - الدكاء (خ ل).
2 - بلغني (خ ل).
370

الملك القدير، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا (1).
ومنها ما ذكره محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان دعاء ليلة اثنى وعشرين:
يا سالخ الليل من النهار، فإذا نحن مظلمون، ومجري الشمس لمستقرها
ذلك بتقديرك يا عزيز يا عليم، ومقدر القمر منازل حتى عاد كالعرجون القديم،
يا نور كل نور، ومنتهى كل رغبة، وولي كل نعمة.
يا الله يا رحمن يا رحيم، يا قدوس، يا واحد يا صمد يا فرد يا مدبر الأمور ومجري
البحور، ويا باعث من في القبور، ويا ملين الحديد لداود عليه السلام.
يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله لك الأسماء الحسنى،
والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء والنعماء، أسألك باسمك بسم الله الرحمن
الرحيم، إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح من كل أمر
حكيم.
فصل على محمد وآل واجعل في اسمي في هذه الليلة في السعداء،
وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي
يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك (2) عني، وترضيني بما قسمت لي،
وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقني عذاب النار.
وارزقني فيها يا رب ذكرك وشكرك والرغبة والإنابة إليك، والتوبة والتوفيق
ما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب ما زويت عني
بحولك وقوتك، وأغنني يا رب برزق منك واسع بحلالك عن حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت بي
عدوي، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت له
محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام، وافعل بي كذا وكذا الساعة الساعة -

1 - عنه البحار 98: 52.
2 - هنا وفي سائر أدعية إلى آخر الشهر: يذهب بالشك (خ ل)، أقول: أذهبه واذهب به: ازاله عن مكانه.
371

حتى ينقطع النفس (1).
زيادة بغير الرواية:
يا ظهر اللاجين، صل على محمد وآل محمد وكن لي حصنا وحرزا،
يا كهف المستجيرين صل على محمد وآل محمد وكن لي كهفا وعضدا
وناصرا، يا غياث المستغيثين صل على محمد وآل محمد وكن لي غياثا ومجيرا.
يا ولي المؤمنين صل على محمد وآل محمد، وكن لي وليا، يا مجري
غصص المؤمنين صل على محمد وآل محمد واجر غصتي ونفس همي،
وأسعدني في هذا الشهر العظيم سعادة لا أشقى بعدها أبدا، يا ارحم الراحمين (2).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
أنت سيدي جبار غفار قادر قاهر، سميع عليم، غفور رحيم، غافر الذنب،
وقابل التوب، شديد العقاب، فالق الحب والنوى، ومولج الليل في النهار، ومولج
النهار في الليل، ومخرج الحي من الميت، ومخرج الميت من الحي، ورازق
العباد بغير حساب.
يا جبار يا جبار، يا جبار يا جبار، يا جبار يا جبار، (صل على محمد وآل
محمد) (3)، واعف عني واغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم (4).
فصل (1)
فيما يختص باليوم الثاني والعشرين من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم الثاني والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الله البصير الذي ليس شئ أبصر منه، يبصر من فوق عرشه

1 - عنه البحار 98: 53، رواه الشيخ في مصباحه 2: 629، مع اختصار، أيضا الصدوق في الفقيه 2: 161، والكليني في
الكافي 4: 161.
2 - عنه البحار 98: 53.
3 - ليس في بعض النسخ.
4 - عنه البحار 98: 54.
372

ما تحت سبع أرضين، ويبصر ما في ظلمات البر والبحر، لا تدركه الأبصار وهو
يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير.
لا تغشى بصره الظلمات، ولا يستتر عنه بستر، ولا يواري منه جدار،
ولا يغيب عنه بر ولا بحر، ولا يكن منه جبل ما في أصله، ولا قلب ما فيه،
ولا يستتر منه صغير ولا كبير، ولا يستخفى منه صغير لصغره، ولا يخفى عليه
شئ في الأرض ولا في السماء، هو الذي يصوركم في الأرحام كيف
يشاء، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، ذلك الله.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم (افتح لي فيه (2) أبواب فضلك و) (3) أنزل علي فيه من بركاتك (4)،
ووفقني فيه لموجبات مرضاتك، وأسكني فيه بحبوحة (5) جناتك (6)، يا مجيب
دعوة المضطرين (7).

1 - عنه البحار 98: 54.
2 - في هذا اليوم (خ ل).
3 - ليس في بعض النسخ.
4 - بركاتك (خ ل).
5 - بحبوحة الدار: وسطها.
6 - اسكني ببركته بحبوحة جنانك (خ ل).
7 - عنه البحار 98: 54.
373

الباب السابع والعشرون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في الليلة الثالثة والعشرين منه ويومها
وفيها عدة روايات
اعلم أن هذه الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان، من شهر رمضان، وردت أخبار صريحة بأنها
ليلة القدر على الكشف والبيان.
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى سفيان بن السمط، قال: قلت لأبي عبد الله عليه
السلام أفرد لي ليلة القدر، قال: ليلة ثلاث وعشرين (1).
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى زرارة، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري قال:
سألت أبا جعفر عليه السلام عن ليلة القدر، فقال: أخبرك والله ثم لا أعمي عليك،
هي أول ليلة من السبع الاخر (2).
أقول: لعله قد أخبر عن شهر كان تسعا وعشرين يوما، لأنني ما عرفت أن ليلة أربع
وعشرين وهي غيره مفردة، مما يحتمل أن تكون ليلة القدر.
ووجدت بعد هذه التأويل في الجزء الثالث من جامع محمد بن الحسن القمي لما
روي منه هذا الحديث فقال ما هذا لفظه: عن زرارة قال: كان ذلك الشهر تسعة

1 - عنه البحار 98: 159.
2 - عنه البحار 98: 159، المستدرك 7: 472.
374

وعشرين يوما. (1)
ومن ذلك بإسنادنا إلى ضمرة الأنصاري، عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه
وآله يقول: ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرون. (2)
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا أيضا إلى حماد بن عيسى، عن محمد بن يوسف، عن
أبيه قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
إن الجهني أتى إلى رسول صلى الله عليه وآله فقال له: يا رسول الله إن لي إبلا
وغنما وغلمة، فأحب أن تأمرني ليلة أدخل فيها فأشهد الصلاة و ذلك في شهر رمضان،
فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله فساره (3) في اذنه.
قال: فكان الجهني إذا كانت ليلة ثلاث وعشرين دخل بإبله وغنمه وأهله وولده
وغلمته، فكان تلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين بالمدينة، فإذا أصبح خرج بأهله وغنمه
وإبله إلى مكانه (4).
واسم الجهني عبد الرحمن بن أنيس الأنصاري.
وروى أبو نعيم في كتاب الصيام والقيام باسناده، أن النبي صلى الله عليه وآله
كان يرش (5) على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين، يعني من شهر رمضان (6).
ومن الزيادات في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان:
فمنها الغسل، روينا ذلك بعدة طرق:
منها بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى رحمه الله باسناده إلى بريد بن معاوية،
عن أبي عبد الله قال: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان مرة في أول

1 - عنه البحار 98: 159.
2 - عنه البحار 98: 160، المستدرك 7: 473.
3 - ساره: كلمه بسر، كلمه في اذنه.
4 - عنه البحار 83: 128، 98: 159، رواه الشيخ في التهذيب 4: 330.
5 - رش الماء: نفضه وفرقه.
6 - عنه البحار 98: 160، المستدرك 7: 473.
375

الليل، ومرة في آخره (1)،
ومنها: المأة ركعة وأدعيتها على إحدى الروايتين، أو المائة وثلاثون على الرواية
الأخرى بأدعيتها.
وقد تقدم وصف هذه المائة: عشرون منها في أول ليلة من شهر رمضان بدعواتها،
وثمانون ركعة في ليلة عشر بضراعاتها، فتؤخذ من هناك على ما قدمناه من صفاتها.
ومنها: نشر المصحف الشريف ودعاؤه، وقد ذكرناه في ليلة تسع عشرة.
ومنها: الدعوات المتكررة في كل ليلة في أول الليل وآخره، وقد تقدم وصفها في أول
ليلة منه.
ومنها: دعاء وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة، وهو ليلة ثلاث وعشرين:
اللهم إن كان الشك في أن ليلة القدر فيها أو فيما تقدمها واقع، فإنه
فيك وفي وحدانيتك وتزكيتك الأعمال زائل، وفي أي الليالي تقرب منك
العبد لم تبعده وقبلته، وأخلص في سؤالك لم ترده وأجبته، وعمل الصالحات
شكرته، ورفع إليك ما يرضيك ذخرته.
اللهم فأمدني فيها بالعون على ما يزلف لديك، وخذ بناصيتي إلى ما فيه
القربى إليك، وأسبغ من العمل في الدارين سعيي، ورق لي من جودك
بخيراتها عطيتي، وابتر عيلتي من ذنوبي بالتوبة، ومن خطاياي بسعة
الرحمة.
واغفر لي في هذه الليلة ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات غفران
متنزه عن عقوبة الضعفاء، رحيم بذوي الفاقة والفقراء، جاد على عبيده،
شفيق بخضوعهم وذلتهم، رفيق لا تنقصه الصدقة عليهم، ولا يفقره ما يغنيهم
من صنيعه [إليهم] (2).
اللهم اقض ديني ودين كل مديون، وفرج عني وعن كل مكروب،

1 - عنه الوسائل 3: 311، رواه الشيخ في التهذيب 4: 331.
2 - من البحار.
376

وأصلحني وأهلني وولدي، وأصلح كل فاسد، أنفع مني، واجعل في
الحلال الطيب الهنئ الكثير السائغ من رزقك عيشي، ومنه لباسي، وفيه
منقلبي، واقبض عن المحارم يدي من غير قطع ولا شل، ولساني من غير
خرس، واذني من غير صمم، وعيني من غير عمى، ورجلي من غير زمانة،
وفرجي من غير إحبال، وبطني من غير وجع، وسائر أعضائي من غير خلل.
وأوردني عليك يوم وقوفي بين يديك خالصا من الذنوب، نقيا من
العيوب، لا أستحيي منك بكفران نعمة، ولا إقرار بشريك لك في القدرة،
ولا بإرهاج (1) في فتنة، ولا تورط في دماء محرمة، ولا بيعة أطوقها عنقي لأحد
ممن فضلته بفضيلة، ولا وقوف تحت راية غدرة، ولا اسوداد الوجه بالأيمان
الفاجرة، والعهود الخائنة، وأنلني من توفيقك وهداك ما نسلك به سبل
طاعتك ورضاك، يا أرحم الراحمين (2).
ومنها: دعوات مختصة بهذه الليلة من جملة الفصول الثلاثين، وهو مروي عن
رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو دعاء ليلة ثلاث وعشرين:
سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبوح قدوس رب الروح والعرش،
سبوح قدوس رب السماوات والأرضين، سبوح قدوس رب البحار والجبال،
سبوح قدوس يسبح له الحيتان والهوام والسباع في الآكام، سبوح قدوس
سبحت له الملائكة المقربون.
سبوح قدوس علا فقهر، وخلق فقدر، سبوح سبوح، سبوح سبوح، سبوح
سبوح، سبوح سبوح، قدوس قدوس، قدوس قدوس، قدوس قدوس، قدوس، [أن
تصلي على محمد وآله وأن تغفر لي وترحمني، فإنك أنت الأحد الصمد] (3 - 4).

1 - ارهج: أثار الغبار.
2 - عنه البحار 98: 160.
3 - من البحار.
4 - عنه البحار 98: 161.
377

منها: أدعية مختصة بها من أدعية العشر الأواخر، فمن ذلك:
يا رب ليلة القدر وجاعلها خيرا من ألف شهر، ورب الليل والنهار،
والجبال والبحار، والظلم والأنوار، والأرض والسماء، يا بارئ يا مصور،
يا حنان يا منان، يا الله يا رحمان، يا حي يا قيوم، يا بدئ يا بديع السماوات
والأرض.
يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله، لك الأسماء الحسنى،
والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء والنعماء، أسألك باسمك بسم الله
الرحمان الرحيم، إن كنت قضيت في هذه الليلة تنزل الملائكة والروح من
كل أمر حكيم.
فصل على محمد وآله، واجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء،
وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي
يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك عني، وترضيني بما قسمت لي،
وآتني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك و شكرك، والرغبة والإنابة إليك، والتوبة
والتوفيق لما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب
ما زويت عني بحولك وقوتك، وأغنني يا رب برزق منك واسع بحلالك عن
حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت
له محمدا وآل محمد عليه وعليهم السلام افعل بي كذا وكذا، الليلة الليلة
الساعة الساعة - حتى ينقطع النفس (1).
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين:

1 - رواه الشيخ في مصباحه 2: 629 مع اختصار، أيضا الصدوق في الفقيه 2: 162، والكليني في الكافي 4: 161.
378

اللهم امدد لي في عمري، وأوسع لي في رزقي، وأصح جسمي (1)،
وبلغني أملي، وإن كنت من الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني من
السعداء، فإنك قلت في كتابك المنزل، على نبيك المرسل صلواتك عليه
وآله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (2 - 3).
ومن الدعاء في هذه الليلة:
اللهم إياك تعمدت (4) الليلة بحاجتي، وبك أنزلت فقري ومسألتي،
تسعني الليلة رحمتك وعفوك، فأنا لرحمتك مني لعملي، ورحمتك
ومغفرتك أوسع من ذنوبي، واقض لي كل حاجة هي لي، بقدرتك على
ذلك، وتيسيره عليك.
فاني لم أصب خيرا إلا منك، ولم يصرف عني أحد سوءا قط غيرك،
وليس لي رجاء لديني دنياي، ولا لآخرتي، ولا ليوم فقري، يوم أدلى في
حفرتي، ويفردني الناس بعملي غيرك، يا رب العالمين (5).
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين:
اللهم اجعلني من أوفر عبادك نصيبا من كل خير أنزلته في هذه الليلة،
أو أنت منزله، من نور تهدي به، أو رحمة تنشرها، أو رزق تقسمه، أو بلاء
تدفعه، أو ضر تكشفه، واكتب لي ما كتبت لأوليائك الصالحين، الذين
استوجبوا منك الثواب، وأمنوا برضاك عنهم منك العقاب، يا كريم يا كريم،
صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ذلك، برحمتك يا أرحم الراحمين. (6)
ومن الدعاء في هذه الليلة:
أسألك مسألة المسكين المستكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب البائس

1 - أصح لي جسمي (خ ل).
2 - الرعد: 39.
3 - عنه البحار 98: 162.
4 - إليك تعمدت (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 163.
6 - عنه البحار 98: 163.
379

الذليل مسألة من خضعت لك ناصيته، واعترف بخطيئته، ففاضت (1) لك
عبرته، وهملت لك دموعه، وضلت حيلته، وانقطعت حجته، أن تعطيني في
ليلتي هذه مغفرة ما مضى من ذنوبي، واعصمني فيما بقي من عمري،
وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا، واجعلها حجة مبرورة خالصة
لوجهك، وارزقنيه أبدا ما أبقيتني، ولا تخلني زيارتك وزيارة قبر نبيك محمدا
صلواتك عليه وآله.
إلهي وأسألك أن تكفيني مؤونة خلقك من الجن والإنس، والعرب
والعجم، ومن كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إنك على صراط مستقيم.
اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم ومما تفرق من الأمر
الحكيم في هذه الليلة، في القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، أن تكتبني من
حجاج بيتك الحرام، في عامي هذا، المبرور حجهم، المشكور سعيهم،
المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم سيئاتهم، وأن تطيل عمري، وتوسع لي في
رزقي، وارزقني ولدا بارا، إنك على كل شئ قدير، وبكل شئ محيط (2).
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين:
اللهم إني أسألك سؤال المسكين المستكين، وأبتغي إليك ابتغاء
البائس الفقير، وأتضرع إليك تضرع الضعيف الضرير، وأبتهل إليك ابتهال
المذنب الذليل.
وأسألك مسألة من خضعت لك نفسه، ورغم لك أنفه، وعفر لك وجهه،
وخضعت لك ناصيته، واعترف بخطيئته، وفاضت لك عبرته، وانهملت لك
دموعه، وضلت عنه حيلته، وانقطعت عنه حجته، بحق محمد وآل محمد
عليك، وبحقك العظيم عليهم، أن تصلي عليهم كما أنت أهله، وأن تصلي
على نبيك وآل نبيك، وأن تعطيني أفضل ما أعطيت السائلين من عبادك

1 - وفاضت (خ ل)، فاضت عينه: سال دمعها بكثرة.
2 - عنه البحار 98: 163.
380

الماضين من المؤمنين، وأفضل ما تعطي الباقين من المؤمنين، وأفضل
ما تعطي من تخلقه من أوليائك إلى يوم الدين، ممن جعلت له خير الدنيا
وخير الآخرة، يا كريم يا كريم يا كريم.
وأعطني في مجلسي هذا مغفرة ما مضى من ذنوبي، واعصمني فيما بقي
من عمري، وارزقني الحج والعمرة في عامي هذا، متقبلا مبرورا خالصا
لوجهك يا كريم، وارزقنيه أبدا ما أبقيتني، يا كريم يا كريم يا كريم، واكفني
مؤونة نفسي، واكفني مؤنة عيالي، واكفني مؤنة خلقك، واكفني شر فسقة
العرب والعجم، واكفني شر فسقة الجن والإنس، واكفني شر كل دابة أنت
آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم (1).
ومن دعاء ليلة ثلاث وعشرين - وقد تقدم نحوه في ليلة تسع عشرة عن مولانا
الكاظم عليه السلام - وهذا رويناه بإسنادنا إلى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: يقول:
اللهم اجعل فيما تقضي وفيما تقدر من الأمر المحتوم، وفيما تفرق من
الأمر الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل، أن تكتبني
من حجاج بيتك الحرام، في عامي هذا، المبرور حجهم، المشكور سعيهم،
المغفور ذنوبهم، المكفر عنهم سيئاتهم، واجعل فيما تقضي وفيما تقدر أن
تطيل عمري، وتوسع لي في رزقي. (2)
أقول: وهذا الدعاء ذكره محمد بن أبي قرة في دعاء ليلة ثلاث وعشرين، وأورد
حديثا عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام أن هذا الدعاء من أدعية ليلة
القدر.
ومن زيادات ليلة ثلاث وعشرين القراءة فيها لسورة العنكبوت، وسورة الروم.
نروي ذلك بعدة طرق عن الصادق عليه السلام أنه قال: من قرأ سورة العنكبوت

1 - عنه البحار 98: 164.
2 - عنه البحار 98: 164.
381

والروم في ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة لا أستثني فيه أبدا،
ولا أخاف أن يكتب الله تعالى علي في يميني إثما، وإن لهاتين السورتين من الله تعالى
مكانا. (1)
ومن القراءة فيها سورة: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) ألف مرة، وقد تقدمت رواية لذلك
في الليلة الأولى عموما في الشهر كله.
وروينا تخصيص قراءتها في هذه الليلة بعدة طرق إلى مولانا أبي عبد الله عليه السلام
قال: لو قرأ رجل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان (إنا أنزلناه في ليلة القدر) ألف
مرة، لأصبح وهو شديد اليقين بالاعتراف بما يختص فينا، وما ذاك إلا لشئ عاينه في نومه. (2)
دعاء الحسن بن علي عليهما السلام (3) في ليلة القدر:
يا باطنا في ظهوره، ويا ظاهرا في بطونه، يا باطنا ليس خفي، ويا (4) ظاهرا
ليس يرى، يا موصوفا لا يبلغ بكينونته موصوف، ولا حد محدود، يا غائبا غير
مفقود، ويا شاهدا غير مشهود، يطلب فيصاب، ولم يخل منه السماوات
والأرض وما بينهما طرفة عين، لا يدرك بكيف، ولا يؤين بأين ولا بحيث.
أنت نور النور، ورب الأرباب، أحطت بجميع الأمور، سبحان من ليس
كمثله شئ وهو السميع البصير، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره - ثم
تدعوه بما تريد (5).
ومن زيادات عمل ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان زيارة الحسين صلوات الله
عليه:

1 - رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 630، التهذيب 3: 100، والمفيد في المقنعة: 50، والصدوق في ثواب الأعمال:
136 أخرجه عن المصادر البحار 98: 165، الوسائل 10: 361.
2 - رواه في مصباح المتهجد 2: 630، عنه البحار 98: 165، أخرجه الشيخ في التهذيب 3: 100، والمفيد في المقنعة:
50، عنهما الوسائل 10: 362.
3 - في البحار: علي بن الحسين عليهما السلام.
4 - ويا باطنا، ويا ظاهرا (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 165.
382

رويناها من كتاب عمل شهر رمضان لعلي بن عبد الواحد النهدي باسناده إلى أبي
المفضل، قال: وكتبته من أصل كتابه، قال: حدثنا الحسن بن خليل بن فرحان
بأحمدآباد، قال: حدثنا عبد الله بن نهيك، قال: حدثني العباس بن عامر، عن إسحاق بن
زريق، عن زيد بن أبي أسامة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في هذه
الآية: (فيها يفرق كل أمر حكيم) (1)، قال:
هي ليلة القدر، يقضي فيه أمر السنة من حج وعمرة أو رزق أو أجل أو أمر أو سفر
أو نكاح أو ولد، إلى سائر ما يلاقي ابن آدم مما يكتب له أو عليه في بقية ذلك الحول
من تلك الليلة إلى مثلها من عام قابل، وهي في العشر الأواخر من شهر رمضان، فمن
أدركها - أو قال: شهدها - عند قبر الحسين عليه السلام يصلي عنده ركعتين أو ما تيسر
له، وسأل الله تعالى الجنة، واستعاذ به من النار، آتاه الله تعالى ما سأل، وأعاذه مما
استعاذ منه، وكذلك إن سأل الله تعالى أن يؤتيه من خير ما فرق وقضى في تلك الليلة،
وأن يقيه من شر ما كتب فيها، أو دعا الله وسأله تبارك وتعالى في أمر لا إثم فيه رجوت
أن يؤتى سؤله، ويوقى محاذيره ويشفع في عشرة من أهل بيته، كلهم قد استوجبوا
العذاب، والله إلى سائله وعبده بالخير أسرع (2).
وروينا بإسنادنا أيضا إلى أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا
علي بن نصر السبندنجي (3)، قال: حدثنا عبيد الله (4) بن موسى، عن عبد العظيم الحسني،
عن أبي جعفر الثاني في حديث قال:
من زار الحسين عليه السلام ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، وهي الليلة التي
يرجى أن تكون ليلة القدر وفيها يفرق كل أمر حكيم، صافحه روح أربعة وعشرين
ألف ملك ونبي، كلهم يستأذن الله في زيارة الحسين عليه السلام في تلك الليلة (5).

1 - الدخان: 4.
2 - عنه البحار 101: 99، 98: 166.
3 - في البحار: البرسجي.
4 - عبد الله (خ ل)، ما أثبتناه هو الصحيح، وهو الروياني، راجع معجم الرجال 10: 46.
5 - عنه البحار 101: 100، 98: 166.
383

قال: وأخبرنا أحمد بن علي بن شاذان وإسحاق بن الحسن، قالا: أخبرنا محمد ابن
الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن مندل، عن
أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا كان ليلة القدر يفرق الله عز وجل كل أمر حكيم، نادى مناد من السماء
السابعة من بطنان العرش: أن الله عز وجل قد غفر لمن أتى قبر الحسين عليه السلام (1).
فصل: ولا يمتنع الانسان في هذه الليلة من دعوات بظهر الغيب لأهل الحق، وقد
قدمنا في عمل اليوم والليلة فضائل الدعاء للاخوان، ورأينا في القرآن عن إبراهيم عليه
السلام: (واغفر لأبي إنه كان من الضالين) (2)، وروينا دعاء النبي صلى الله عليه وآله لأعدائه
(اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون).
أقول: وكنت في ليلة جليلة من شهر رمضان بعد تصنيف هذا الكتاب بزمان، وانا
أدعو في السحر لمن يجب أو يحسن تقديم الدعاء له، ولي ولمن يليق بالتوفيق أن أدعو له،
فورد على خاطري أن الجاحدين لله جل جلاله ولنعمه والمستخفين بحرمته، والمبدلين
لحكمه في عباده وخليقته، ينبغي أن يبدأ بالدعاء لهم بالهداية من ضلالتهم، فان
جنايتهم على الربوبية، والحكمة الإلهية، والجلالة النبوية أشد من جناية العارفين بالله
وبالرسول صلوات الله عليه وآله.
فيقتضي تعظيم الله وتعظيم جلاله وتعظيم رسوله صلى الله عليه وآله وحقوق هدايته
بمقاله وفعاله، أن يقدم الدعاء بهداية من هو أعظم ضررا وأشد خطرا، حيث لم يقدر (3) أن
يزال ذلك بالجهاد، ومنعهم من الإلحاد والفساد.
أقول: فدعوت لكل ضال عن الله بالهداية إليه، ولكل ضال عن الرسول بالرجوع
إليه، ولكل ضال عن الحق بالاعتراف به والاعتماد عليه.
ثم دعوت لأهل التوفيق والتحقيق بالثبوت على توفيقهم، والزيادة في

1 - عنه البحار 101: 100، 98: 166.
2 - الشعراء: 86.
3 - تعذر (خ ل).
384

تحقيقهم، ودعوت لنفسي ومن يعنيني أمره بحسب ما رجوته من الترتيب الذي يكون
أقرب إلى من أتضرع إليه، وإلى مراد رسوله صلى الله عليه وآله، وقد قدمت مهمات
الحاجات بحسب ما رجوت أن يكون أقرب إلى الإجابات.
فصل: أفلا ترى ما تضمنه مقدس القرآن من شفاعة إبراهيم عليه السلام في أهل
الكفران، فقال الله جل جلاله: (يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب) (1)، فمدحه
جل جلاله على حلمه وشفاعته ومجادلته في قوم لوط، الذين قد بلغ كفرهم إلى تعجيل
نقمته.
فصل: أما رأيت ما تضمنته أخبار صاحب الرسالة، وهو قدوة أهل الجلالة، كيف
كان كلما آذاه قومه الكفار، وبالغوا فيما يفعلون، قال صلوات الله عليه وآله: (اللهم اغفر
لقومي فإنهم لا يعلمون).
فصل: أما رأيت الحديث عن عيسى عليه السلام: كن كالشمس تطلع على البر
والفاجر، وقول نبينا صلوات الله عليه وآله: اصنع الخير إلى أهله وإلى غير أهله، فإن لم
يكن أهله فكن أنت أهله، وقد تضمن ترجيح مقام المحسنين إلى المسيئين، قوله جل
جلاله: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا
إليهم إن الله يحب المقسطين) (2)، ويكفي أن محمدا صلى الله عليه وآله بعث رحمة للعالمين.
فصل: ومما نذكره من فضل إحياء ليلة القدر:
ما ذكره الشيخ الفاضل جعفر ابن محمد بن أحمد بن العباس بن محمد الدوريستي رحمه
الله في كتاب الحسني، قال: حدثني أبي، عن محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن
موسى بن المتوكل، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد، عن
الحسن بن العباس بن الجريش الرازي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا
عليهم السلام، عن آبائه، عن الباقر محمد بن علي عليهم السلام قال:
من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء، ومثاقيل

1 - هود: 75.
2 - الممتحنة: 8.
385

الجبال ومكائيل البحار (1).
ومن الكتاب الحسني المذكور، حدثني أبي، عن محمد بن علي السكوني، قال: حدثنا
أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكوني، قال: حدثنا محمد بن
زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر بن يزيد
الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام، قال:
من أحيا ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وصلى فيها مائة ركعة وسع الله عليه
معيشته في الدنيا وكفاه أمر من يعاديه، وأعاذه من الغرق والهدم والسرق ومن شر
السباع، ودفع عنه هول منكر ونكير، وخرج من قبره نور يتلألأ لأهل الجمع، ويعطى
كتابه بيمينه، ويكتب له براءة من النار، وجواز على الصراط، وأمان من العذاب
ويدخل الجنة بغير حساب، ويجعل فيها من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين، وحسن أولئك رفقا (2).
ومن الزيادات ليلة ثلاث وعشرين قراءة سورة الدخان فيها، وفي كل ليلة، وقد
قدمنا الرواية بذلك في أول ليلة، وأن تحصي بالعبادة كما قدمناه.
ومما رويناه في تعظيم فضلها وإحيائها أيضا ما رواه ابن أبي عمير، عن جميل وهشام
وحفص قالوا: مرض أبو عبد الله عليه السلام مرضا شديدا، فلما كان ليلة ثلاث
وعشرين أمر مواليه فحملوه إلى المسجد، فكان فيه ليلته (3).
فصل (1)
فيما يختص باليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان
من دعاء اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان:

1 - عنه البحار 98: 168، الوسائل 8: 21، رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: 118، عنه الوسائل 10: 358.
2 - عنه البحار 98: 165، الوسائل 8: 19، رواه الفتال في روضة الواعظين: 349، أخرجه الصدوق في فضائل الأشهر
الثلاثة: 138، عنه الوسائل 10: 359، البحار 98: 168.
3 - عنه البحار 98: 169.
386

سبحان الذي ينشئ السحاب الثقال، ويسبح الرعد بحمده، والملائكة
من خيفته، ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء ويرسل الرياح بشرا بين
يدي رحمته، وينزل الماء من السماء بكلماته، وينبت النبات بقدرته،
ويسقط الورق بعلمه.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين - ثلاثا.
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم اغسلني فيه (1) من الذنوب، وطهرني فيه من العيوب، وامتحن فيه
قلبي بتقوى القلوب، يا مقيل عثرات المذنبين (2).

1 - في هذا اليوم (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 169.
387

الباب الثامن والعشرون
فيما نذكره مما يختص بالليلة الرابعة والعشرين من شهر رمضان
فمن ذلك تعيين فضل الغسل في ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان:
رويناه بإسنادنا إلى الحسين بن سعيد من كتاب علي بن عبد الواحد النهدي، عن
حماد ابن عيسى، عن حريز، عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: قال لي أبو عبد الله
عليه السلام: اغتسل في ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان، ما عليك أن تعمل في
الليلتين جميعا (1).
أقول: وقد قدمنا في عمل ليلة إحدى وعشرين رواية بغسل كل ليلة من العشر
الأواخر أيضا.
ومن ذلك صلاة ثلاثين ركعة وأدعيتها، ثمان منها بين العشائين، واثنان وعشرون
بعد العشاء الآخرة وقد تقدم وصف هذه الثلاثين ركعة وأدعيتها: عشرون منها في أول
ليلة من الشهر، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.
ومن ذلك دعاء وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة، وهو في الليلة الرابعة
والعشرين:
الحمد لله شفعا ووترا في الشفع والوتر من هذه الليالي المباركات،

1 - عنه البحار 98: 55.
388

وعلى ما منحني وأعطاني فيهن من الخيرات، وتصدق به علي ووهبه لي من
الباقيات الصالحات، الذي صومني ليأجرني وفطرني على ما رزقني، فكل
من عنده وبمننه، وبحسن اختياره ونظره لعبيده.
سبحانه سيدا أخذ بيدي من الورطات، ومحص عني الخطيئات، وكفاني
المهمات، وأغناني عن المخلوقين، ولم يجعل رزقي إلى المرزوقين، وشهر
ذكري في العالمين، وجعل اسمي في المذكورين، ولم يشقني بعجب
يحطني عن درجات رفيعة، فيهوي بي إلى ظلم غضبه ونقمته، ولا أبلاني
باستحلال ينزع عني ملابس رحمته، ويعوضني لبوس الذل من سخطه.
إياه أشكر وله أعبد، ومنه أرجو التمام والمزيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما. (1)
ومن ذلك ما يختص بهذه الليلة من الدعاء برواية محمد بن أبي عقدة رحمه الله، وهو
هذا:
يا فالق الإصباح، يا جاعل الليل والشمس والقمر حسبانا، يا عزيز
يا عليم، يا ذا المن والطول، والقوة والحول، والفضل والانعام، والجلال
والاكرام. يا الله يا رحمن، يا الله يا فرد، يا الله يا وتر، يا الله يا ظاهر يا باطن،
يا حي يا لا إله إلا أنت، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله يا الله، لك
الأسماء الحسنى، والأمثال العليا والكبرياء والآلاء والنعماء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم إن كنت قضيت في هذه الليلة
تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم، فصل على محمد وآل محمد،
واجعل اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين،
وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك
عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة

1 - عنه البحار 98: 55.
389

وقني عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك وشكرك، والرغبة والإنابة إليك، والتوبة
والتوفيق لما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب
ما زويت عني بحولك وقوتك، وأغنني يا رب برزق منك واسع بجلالك عن
حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت
له محمدا وآل محمد عليه وعليهم، سلامك، وافعل بي كذا وكذا، الساعة
الساعة - حتى ينقطع النفس. (1)
زيادة بغير الرواية:
اللهم إني أسألك يا سيدي سؤال مسكين فقير إليك، خائف مستجير،
أسألك يا سيدي أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجيرني من خزي
الدنيا ومن عذاب الآخرة، وتضاعف لي في هذه الليلة وفي هذا الشهر
العظيم عملي، وترحم مسكنتي، وتجاوز عما أحصيته علي، وخفي عن
خلقك وسترته علي منا منك، وتسلمني من شينه وفضيحته وعاره في عاجل
الدنيا، فلك الحمد على ذلك، وعلى كل حال.
وأسألك يا رب أن تصلي على محمد وآل محمد وتتم علي نعمتك بستر
ذلك في الآخرة، وتسلمني من فضيحته وعاره بمنك وإحسانك، يا أرحم
الراحمين (2).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
اللهم أنت أمرت بالدعاء وضمنت الإجابة، فدعوناك، ونحن عبادك
وبنو إمائك، نواصينا بيدك، وأنت ربنا ونحن عبادك، ولم يسأل العباد

1 - رواه الشيخ في مصباحه مع اختصاره 2: 632، أورده الكليني في الكافي 4: 162، والصدوق الفقيه 2: 162.
2 - عنه البحار 98: 56 - 55.
390

مثلك، ونرغب إليك ولم يرغب الخلائق إلى مثلك، يا موضع شكوى
السائلين، ومنتهى حاجة الراغبين ويا ذا الجبروت والملكوت، ويا ذا السلطان
والعز.
يا حي يا قيوم، يا بار يا رحيم، يا حنان يا منان، يا بديع السماوات والأرض،
يا ذا الجلال والاكرام، يا ذا النعم الجسام، والطول الذي لا يرام، صل على
محمد وآله، واغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم. (1)
فصل (1)
فيما يختص باليوم الرابع والعشرين
من دعاء اليوم الرابع والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الذي يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل
شئ عنده بمقدار، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، سواء منكم من
أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، يميت
الأحياء ويحيي الموتى (2)، ويعلم ما تنقص الأرض منهم، ويقر في الأرحام
ما يشاء إلى أجل مسمى.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين - ثلاثا. (3)
دعاء آخر في اليوم الرابع والعشرين:

1 - عنه البحار 98: 57.
2 - الأموات (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 57.
391

اللهم إني أسألك فيه (1) ما يرضيك، وأعوذ بك فيه مما يؤذيك (2)، والتوفيق
بأن أطيعك ولا أعصيك، يا عالما بأحوال السائلين. (3)

1 - في هذا اليوم (خ ل).
2 - مما لا يرضيك (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 58.
392

الباب التاسع والعشرون
فيما نذكره مما يختص بالليلة الخامسة والعشرين من شهر رمضان
فمن ذلك الغسل المشار إليه في كل ليلة من العشر الأواخر، وقد قدمنا رواية بذلك
في عمل ليلة إحدى وعشرين.
ومن ذلك تعيين فضل الغسل ليلة خمس وعشرين منه:
رواها علي بن عبد الواحد باسناده إلى عيسى بن راشد، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: سألته عن الغسل في شهر رمضان، فقال: كان أبي يغتسل في ليلة تسع عشرة
وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين (1).
ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأدعيتها: ثمان منها بين العشائين، واثنان وعشرون
بعد العشاء الآخرة، وقد تقدم وصف هذه الثلاثين ركعة وأدعيتها، عشرون منها في أول
ليلة من الشهر وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشر.
ومن ذلك ما يختص بهذه الليلة من الدعاء برواية محمد بن أبي عقدة رحمه الله، وهو
دعاء ليلة خس وعشرين:
يا جاعل الليل لباسا، والنهار معاشا، والأرض مهادا، والجبال أوتادا،
يا الله يا قاهر، يا الله يا جبار، يا الله يا سميع، يا الله يا قريب، يا الله يا مجيب،

1 - عنه الوسائل 3: 327: البحار 98: 58.
393

يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى،
والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء والنعماء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم إن كنت قضيت في هذه الليلة
تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم، أن تصلي على محمد وآل محمد
وأن تجعل اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين،
وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك
عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة،
وقني عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك وشكرك، والرغبة والإنابة إليك، والتوبة
والتوفيق لما وفقت له شيعة آل محمد، يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب
ما زويت عني بحولك وقوتك، وأغنني يا رب برزق منك واسع بحلالك عن
حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت
له محمدا وآل محمد عليهم السلام، وافعل بي كذا وكذا، الساعة الساعة -
حتى ينقطع النفس (1).
زيادة بغير الرواية:
أسألك أن تكمل لي الثواب بأفضل ما أرجو رحمتك وتصرف عني
كل سوء، فاني لا أستطيع دفع ما أحاذر إلا بك، فقد أمسيت مرتهنا بعملي،
وأمسى الأمر والقضاء في يديك، فلا فقير أفقر مني، فصل على محمد وآل
محمد، واغفر لي ظلمي وجرمي وجهلي وجدي وهزلي، وكل ذنب ارتكبته
وبلغني رزقي بغير مشقة مني، ولا تهلك روحي وجسدي في طلب ما لم تقدر

1 - عنه البحار 98: 58، رواه الشيخ في المصباح مع اختصار 2: 632، الكليني في الكافي 4: 163، والصدوق في
الفقيه 2: 163.
394

لي يا أرحم الراحمين (1).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
تبارك الله أحسن الخالقين، خالق الخلق، منشئ السحاب (2)، وآمر
الرعد أن يسبح له، تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير، الذي
خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، تبارك الذي نزل الفرقان
على عبده ليكون للعالمين نذيرا.
تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها
الأنهار ويجعل لك قصورا، تبارك الله أحسن الخالقين (3 - 4).
فصل (1)
فيما يختص باليوم الخامس والعشرين
من دعاء اليوم الخامس والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الذي يعلم ما في السماوات وما في الأرض، وما يكون من نجوى
ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر
إلا هو معهم أينما كانوا، ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شئ
عليم.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،

1 - عنه البحار 98: 59 - 58.
2 - السحاب الثقال (خ ل).
3 - زيادة: يا الهي وإله العالمين واله السماوات والسبع وما فيهن وما بينهن، صل على محمد وآله وامنن علي بالجنة ونجني
من النار انك أنت المنان (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 59.
395

سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم اجعل سعيي فيه (2) مشكورا، وذنبي فيه (3) مغفورا، وعملي فيه مقبولا،
وعيبي فيه (4) مستورا، يا سامع أصوات المبتهلين (5 - 6).

1 - عنه البحار 98: 59.
2 - في هذا اليوم (خ ل).
3 - بعفوك فيه (خ ل).
4 - بجودك فيه (خ ل).
5 - وأغنني فيه بجودك يا أسمع السامعين يا مجيب دعوة المبتهلين (خ ل).
6 - عنه البحار 98: 59.
396

الباب الثلاثون
فيما نذكره مما يختص بالليلة السادسة والعشرين من شهر رمضان
فمن ذلك الغسل الذي قدمناه في كل ليلة من هذا الشهر.
ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأدعيتها، ثمان منها بين العشاءين، واثنان وعشرون
بعد العشاء الآخرة، وقد تقدم وصف هذه الثلاثين ركعة، وأدعيتها منها في أول
ليلة من الشهر، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.
ومن ذلك ما يختص بهذه الليلة من الدعاء برواية محمد بن أبي قرة رحمه الله، دعاء
ليلة ست وعشرين:
يا جاعل الليل والنهار آيتين، يا من محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة،
ليبتغوا فضلا منه ورضوانا، ويا مفصل كل شئ تفصيلا، يا الله يا واحد، يا الله
يا وهاب، يا الله يا جواد، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله يا الله، لك
الأسماء الحسنى والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء والنعماء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم إن كنت قضيت في هذه الليلة
تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم، فصل على محمد وآله واجعل
اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإساءتي
مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك عني،
وترضيني بما قسمت لي، وآتيني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقني
397

عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك وشكرك، والرغبة والإنابة إليك، والتوبة
والتوفيق لما وفقت له محمدا وآل محمد، عليه وعليهم السلام، وافعل بي
كذا وكذا، الساعة الساعة - حتى ينقطع النفس (1).
زيادة:
اللهم إنك عيرت أقواما على لسان نبيك صلى الله عليه وآله، فقلت:
(ادعوا الذين زعمتم من دونه لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا) (2)،
فيامن لا يملك كشف الضر عنهم ولا تحويلا غيره (3)، وانقلني في هذا الشهر
العظيم من ذل المعاصي إلى عز طاعتك، يا أرحم الراحمين (4).
دعاء آخر هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت
الوهاب، ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا
فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.
ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف
الميعاد، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما
حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا،
واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا، فانصرنا على القوم الكافرين (5 - 6).

1 - عنه البحار 98: 60، رواه الشيخ في مصباحه 2: 631، والكليني في الكافي 4: 163، والصدوق الفقيه 2: 163.
2 - الاسراء: 56.
3 - عنا ولا تحويله (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 60.
5 - زيادة: صل على محمد وآل محمد واستجب دعاءنا واغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا وما ولد، انك الغفور
الرحيم (خ ل).
6 - عنه البحار 98: 60.
398

فصل (1)
فيما يختص باليوم السادس والعشرين
من دعاء اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الله مالك الملك تؤتي الملك، من تشاء، وتنزع الملك ممن
تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شئ
قدير، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل، وتخرج الحي من الميت،
وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين - ثلاثا (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم اجعلني (2) محبا لأوليائك، ومعاديا لأعدائك، مستنا (3) بسنة خاتم
أنبيائك، يا عاصم قلوب النبيين. (4)

1 - عنه البحار 98: 61.
2 - في هذا اليوم (خ ل).
3 - متمسكا (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 61.
399

الباب الحادي والثلاثون
فيما نذكره مما يختص بالليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان
فمن ذلك الغسل المشار إليه في كل ليلة من العشر الأواخر، وقد قدمنا رواية بذلك
في ليلة إحدى وعشرين.
ومن ذلك تعيين الرواية بفضل الغسل ليلة سبع وعشرين منه، وليلة تسع وعشرين.
رويناه بإسنادنا إلى حنان بن سدير من كتاب النهدي، عن ابن أبي يعفور، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الغسل في شهر رمضان، فقال: اغتسل ليلة تسع
عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، سبع وعشرين، وتسع وعشرين (1).
ومن ذلك صلاة ثلاثين ركعة وأدعيتها: ثمان منها بين العشائين، واثنان وعشرون
بعد العشاء الآخرة، وقد تقدم وصف هذه الثلاثين ركعة وأدعيتها، عشرون منها في أول
ليلة من الشهر، وعشر ركعات من جملة صلاة ليلة تسع عشرة:
ومن ذلك دعاء وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة وهو دعاء ليلة سبع وعشرين
منه:
الحمد لله الذي خلق بدايعه بقدرته، وملك الأمور بعزته، وعدل فلا يجور،
وأنصف فلا يحيف، وكيف يجور ويحيف على من سماه بالضعف، وقرعه

1 - عنه الوسائل 3: 327.
400

بالفقر، ونبهه على الغناء الأكبر من رضوانه، ودعاه إلى الحظ الأوفر من
غفرانه، وأشرع له إلى ذلك السبيل، وأمره أن يلجها بصالح العمل.
لم يتهم بالشقوة من أمر بالرحمة و [أوعد] (1) بالجور على العبيد بل أوجب
العقاب على فاسقهم، والثواب لمن نهاهم، من هو أشفق عليهم من أم
الفروخ على فرخها، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
سبحان من صومني من الطعام والشراب (2) ومن فرقه بما يورطني في أليم
العذاب، فيخلصني من العقاب، بصيام أوجب لي الثواب، الحمد لله على
أن هداني وعافاني وكفاني كما يستحق الجواد الكريم يا أرحم الراحمين،
صل (3) على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا (4).
ومن ذلك ما يختص بهذه الليلة من الدعاء برواية محمد بن أبي قرة رحمه الله، وهو
دعاء ليلة سبع وعشرين:
يا ماد الظل ولو شئت جعلته ساكنا، ثم جعلت الشمس عليه دليلا، ثم
قبضته إليك قبضا يسيرا، يا ذا الحول والطول والكبرياء والآلاء، لا إله إلا
أنت عالم الغيب والشهادة يا رحمن يا رحيم.
يا لا إله إلا أنت، يا ملك يا قدوس، يا سلام يا مؤمن، يا مهيمن يا عزيز،
يا جبار يا متكبر، يا خالق يا بارئ يا مصور، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله
يا الله يا الله، لك الأسماء الحسنى، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء
والنعماء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، إن كنت قضيت في هذه
الليلة تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم، فصل على محمد وآله،

1 - من البحار.
2 - كذا في النسخ والبحار.
3 - وصلى الله (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 62.
401

واجعل اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين،
وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك
عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة،
وقني عذاب النار.
وارزقني فيها ذكرك وشكرك، والرغبة والإنابة إليك، والتوبة والتوفيق
لما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب ما زويت
عني بحولك وقوتك، وأغنني برزق منك واسع بحلالك عن حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي ليلة القد على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت
له محمدا وآل محمد عليه وعليهم السلام، وافعل بي كذا وكذا، الساعة
الساعة - حتى ينقطع النفس (1).
زيادة:
اللهم إني أسألك وأقسم عليك بكل اسم هو لك، سماك به أحد من
خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وأسألك باسمك الأعظم الذي
حق عليك أن تجيب من دعاك به، أن تصلي على محمد وآل محمد،
وتسعدني في هذه الليلة، سعادة لا أشقى بعدها أبدا، يا أرحم الراحمين (2 - 3).
ومما رويناه (4) بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى رضي الله عنه باسناده
إلى
زيد بن علي قال: سمعت أبي علي بن الحسين عليه السلام ليلة سبع وعشرين من شهر
رمضان، يقول من أول الليل إلى آخره:
اللهم ارزقني التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود،

1 - رواه الشيخ في مصباحه 2: 632 مع اختصار، والكليني في الكافي 4: 163، والصدوق في الفقيه 2: 163.
2 - زيادة: صل على محمد وآله واستر علي ذنوبي وعيوبي واغفر لي بحق محمد وآل محمد، انك الرؤوف الرحيم (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 63.
4 - دعاء آخر رويناه (خ ل).
402

والاستعداد للموت قبل حلول الفوت. (1)
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
ربنا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا
ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، ربنا أمتنا
اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل.
ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، ربنا هب لنا من
أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما، ربنا عليك توكلنا وإليك
أنبنا وإليك المصير.
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا، ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا
بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا انك رؤوف رحيم. (2)
فصل (1)
فيما يختص باليوم السابع والعشرين
من دعاء اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الذي بيده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر
وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس
إلا في كتاب مبين.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين - ثلاثا. (3)

1 - عنه البحار 98: 63.
2 - عنه البحار 98: 63.
3 - عنه البحار 98: 64.
403

دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم ارزقني فيه فضل (1) ليلة القدر، وصير أموري (2) فيه من العسر إلى
اليسر، واقبل معاذيري وحط عني الوزر (3)، يا رؤوفا بعباده الصالحين (4 - 5).

1 - فضائل (خ ل).
2 - صير لي، يسر لي كل أموري (خ ل).
3 - الذنب (خ ل).
4 - يا رحيما بعباده المؤمنين (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 65.
404

الباب الثاني والثلاثون
فيما نذكره مما يختص بالليلة الثامنة والعشرين من شهر رمضان
فمن ذلك الغسل المذكور في كل ليلة من العشر الأواخر.
ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأدعيتها: ثمان منها بين العشائين، واثنان وعشرون
بعد العشاء الآخرة، وقد تقدم وصف هذه الثلاثين ركعة وأدعيتها، عشرون منها في أول
ليلة من الشهر، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.
ومن ذلك ما يختص بهذه الليلة من الدعاء برواية محمد بن أبي قرة رحمه الله، وهو
دعاء ليلة ثمان وعشرين:
يا خازن الليل في الهواء، وخازن النور في السماء، ويا مانع السماء أن
تقع على الأرض إلا بإذنه وحابسهما أن تزولا، يا حليم، يا عليم، يا دائم،
يا الله يا قريب يا باعث من في القبور، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله
يا الله، لك الأسماء الحسنى، والأمثال العليا والكبرياء والآلاء والنعماء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم إن كنت قضيت في هذه الليلة
تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم، فصل على محمد وآل محمد،
واجعل اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين
وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك
عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة،
405

وقني عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك والرغبة، والإنابة إليك والتوبة،
والتوفيق لما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب
ما زويت عني بحولك وقوتك، وأغنني يا رب برزق واسع بحلالك عن
حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني سما وفقت
له محمد وآل محمد عليهم السلام، وافعل بي كذا وكذا، الساعة الساعة -
حتى ينقطع النفس (1).
زيادة:
أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وان تهب لي قلبا خاشعا،
ولسانا صادقا، وجسدا صابرا، وتجعل ثواب ذلك الجنة، يا أرحم الراحمين. (2)
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
آمنا بالله وكفرنا بالجبت والطاغوت، آمنا بمن لا يموت، آمنا بمن خلق
السماوات والأرضين والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب،
وخلق الجن والإنس.
آمنا بما انزل إلينا وانزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون،
آمنا برب هارون وموسى، آمنا برب الملائكة والروح، آمنا بالله وحده
لا شريك له، آمنا بمن أنشأ السحاب، وخلق العذاب والعقاب، آمنا آمنا،
آمنا آمنا، آمنا آمنا بالله (3 - 4).

1 - عنه البحار 98: 64، رواه الشيخ مختصرا في المصباح 2: 633، والصدوق في الفقيه 2: 163، والكليني في الكافي
4: 163.
2 - عنه البحار 98: 65.
3 - ربنا اغفر لنا ذنوبنا بحق محمد وآل محمد وتجاوز عني، انك أنت الغفور الرحيم (خ ل).
4 - عنه البحار 98: 65.
406

فصل (1)
فيما يختص باليوم الثامن والعشرين
من دعاء اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الذي لا يحصى مدحته القائلون، ولا يجزي بآلائه الشاكرون
العابدون، وهو كما قال وفوق ما نقول، والله كما اثنى على نفسه ولا يحيطون
بشئ من علمه إلا بما شاء، وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده
حفظهما، وهو العلي العظيم.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين - ثلاثا. (1)
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم وفر حظي فيه (2) من النوافل، وأكرمني فيه باحضار الأحلام في
المسائل، وقرب وسيلتي إليك من بين الوسائل، يا من لا يشغله إلحاح
الملحين (3).

1 - عنه البحار 98: 65.
2 - عنه البحار 98: 65.
3 - في هذا اليوم (خ ل).
407

الباب الثالث والثلاثون
فيما نذكره مما يختص بالليلة التاسعة والعشرين من شهر رمضان
فمن ذلك الغسل المشار إليه في كل ليلة من العشر الأواخر، وقد قدمنا رواية
بذلك، وذكرنا رواية أخرى في عمل ليلة سبع وعشرين يقتضي الأمر بتعيين الغسل
ليلة تسع وعشرين منه.
ومن ذلك صلاة الثلاثين ركعة وأدعيتها: ثمان منها بين العشائين، واثنان وعشرون
بعد العشاء الآخرة، وقد تقدم وصف هذه الثلاثين ركعة وأدعيتها: عشرون منها في أول
ليلة من الشهر، وعشر ركعات في جملة صلاة ليلة تسع عشرة.
ومن ذلك ما يختص بهذه الليلة من الدعاء برواية محمد بن أبي قرة رحمه الله، وهو
دعاء ليلة تسع وعشرين:
يا مكور الليل على النهار ومكور النهار على الليل، يا عظيم يا عظيم
يا عظيم يا رب الأرباب، وسيد السادات، لا إله إلا أنت، يا من هو أقرب إلي
من حبل الوريد، يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله يا الله يا الله، لك الأسماء
الحسنى، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء والنعماء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، إن كنت قضيت في هذه
الليلة تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم فصل على محمد وآل
محمد، واجعل اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في
408

عليين، وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب
الشك عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة، وقني عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك وشكرك والرغبة والإنابة إليك، والتوبة
والتوفيق لما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين، ولا تفتني بطلب
ما زويت عني بحولك وقوتك، وأغنني يا رب برزق منك واسع بحلالك عن حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هم وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت
له محمدا وآل محمد عليه وعليهم السلام، وافعل بي كذا وكذا، الساعة
الساعة - حتى ينقطع النفس (1).
دعاء آخر في هذه الليلة مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
توكلت على السيد الذي لا يغلبه أحد، توكلت على الجبار الذي لا يقهره
أحد، توكلت على العزيز الرحيم الذي يراني حين أقوم وتقلبي في
الساجدين، توكلت على الحي الذي لا يموت، توكلت على من بيده نواصي العباد.
توكلت على الحليم الذي لا يعجل، توكلت على العدل الذي لا يجور،
(توكلت على الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) (2)، توكلت
على القادر القاهر العلي الصمد (3)، توكلت توكلت، توكلت توكلت، توكلت
توكلت توكلت (4 - 5).

1 - عنه البحار 98، 66، رواه الشيخ مختصرا في مصباحه 2: 63، والكليني والكافي 4: 163، والصدوق في الفقيه
2: 164.
2 - ليس في بعض النسخ.
3 - العلي الأعلى الأحد الصمد (خ ل).
4 - زيادة: سيدي أسألك أن تصلي على محمد وآله وان ترحمني وتتفضل علي ولا تخزني يوم القيامة، انك شديد العقاب
غفور رحيم (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 67.
409

فصل (1)
فيما يختص باليوم التاسع والعشرين من دعاء غير متكرر
دعاء اليوم التاسع والعشرين من شهر رمضان:
سبحان الذي يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء
وما يعرج فيها، ولا يشغله ما ينزل من السماء وما يعرج فيها عما يلج في الأرض
وما يخرج منها، ولا يشغله ما يلج في الأرض وما يخرج منها عما ينزل من
السماء وما يعرج فيها.
ولا يشغله علم شئ عن علم شئ، ولا يشغله خلق شئ عن خلق
شئ، ولا حفظ شئ عن حفظ شئ، ولا يساويه شئ، ولا يعدله شئ،
ليس كمثله شئ، وهو السميع البصير.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين - ثلاثا (1).
دعاء آخر في هذا اليوم:
اللهم غشني فيه من الرحمة (2)، وارزقني فيه التوفيق والعصمة، وطهر قلبي
من غياهب التهمة، يا رحيما (3) بعباده المذنبين (4 - 5).

1 - عنه البحار 98: 67.
2 - بالرحمة (خ ل).
3 - يا رؤوفا (خ ل).
4 - برحمتك يا أرحم الراحمين (خ ل).
5 - عنه البحار 98: 68.
410

الباب الرابع والثلاثون
فيما نذكره من زيادات ودعوات في آخر ليلة منه
فمن ذلك الغسل المشار إليه بالحديث الذي رويناه عن النبي صلوات الله عليه أنه
كان يغتسل في كل ليلة من العشر الأواخر. (1)
ومن ذلك زيارة الحسين صلوات الله عليه في آخر ليلة من شهر رمضان، وقد قدمنا
الرواية بذلك في عمل أول ليلة منه.
ومن ذلك صلاة ثلاثين ركعة، وقد تقدمت الإشارة إليها.
ومن ذلك الأدعية التي يختص بهذه الليلة وقراءة شئ معين واستغفار:
فمن الأدعية في هذه الليلة دعاء وجدناه في كتب أصحابنا العتيقة، وهو دعاء ليلة
الثلاثين:
الحمد لله الذي كمل صيامي أيام شهره الشريف من غير إفطار، وأقبل
بوجهي فيه إلى طاعته من غير إدبار، واستنهضني إليه للاعتراف بذنوبي من
غير إصرار، وأوجب لي بانعامه الإقالة من العثار، ووفقني للقيام في لياليه
إليه داعيا وله مناديا، أستوهب وأستميح العيوب، وأتقرب بأسمائه وأستشفع
بآلائه، وأتذلل بكبريائه.

1 - عنه الوسائل 3: 327، البحار 98: 68.
411

وهو تبارك اسمه في كل يصرفني بقوة الرجاء والتأميل، عن
الشك في رحمته، لتضرعي إلى التحصيل، ثقة بجوده ورأفته، وسعيا لاشفاقه
وعطفه.
اللهم هذا شهرك وقد كمل ومضى، وهذا الصيام قد تم وانقضى، قدم
وكره قدومه تمكن ما في النفوس، من لذاتها ونفورها من مفارقة عاداتها، فما
ورد حتى ذللها بطاعته، وأشخصها إلى طلب رحمته.
فكان نهار صيامنا يذكر لديك، وليلة قيامنا يوقد عليك، وارهب (1)
القلوب، وعادل الذنوب، وأخضع الخدود، ورفع إليك الراحات، واستدر
العبرات، بالنحيب والزفرات، أسفا على الزلات، واعترافا بالهفوات (2)،
واستقالة للعثرات.
فرحمت وعطفت، وسترت وغفرت، وأقلت وأنعمت، فعاد حبيبا مألوفا
قربه، وقادما يكره فراقه.
فعليه السلام من شهر ودعته بخير أودعته، وبعد منك قربه، وغنم من
فضلك استجلبه، وفضائح تقدمت عندك هدرها، وقبائح محاها ونثرها،
وخيرات نشرها، ومنافع نثرها، ومنن منك وفرها، وعطايا كثرها، وداع
مفارق خلف خيراته، وأسعد بركاته، وجاد بعطاياه.
اللهم فلك الحمد مني حمد من لا يخادع نفسه تقدم جزعها منه،
ولا يجحد نعمتك في الذي أفدته ومحوته عنه، سائل لك أن تعرض عما
اعتمدته فيه، ولم يعتمده من زلله، إعراض المتجافي العظيم، وأن تقبل علي
بتيسير ما تقربت به إقبال الراضي الكريم، أن ينظر إلي بنظرة البر الرؤوف
الرحيم.
اللهم عقب علي بغفرانك في عقباه، وآمني من عذابك ما أخشاه، وقني

1 - رهب: خاف.
2 - الهفوة جمع الهفوات: السقطة والزلة.
412

من صنوفه ما أتوقاه، واختم لي في خاتمته بخير تجزل منه عطيتي، وتشفع
فيه مسألتي، وتسد به فاقتي، وتنفي به شقوتي، وتقرب به سعادتي، وتملأ
يدي من خيرات الدارين، بأفضل ما ملأت به يد سائل، ورجعت به أمل
آمل.
وتمنحني في والدي وفي جميع المؤمنين والمؤمنات الغفران والرضوان،
وتذكرهم منك بإحسان تنيل أرواحهم مسرة رضوانك، وتوصل إليها لذة
غفرانك، ترعاها في رياض جنانك، بين ظلال أشجارها، وجداول أنهارها،
وهنيئ ثمارها، وكثير خيراتها، واستواء أقواتها، وصنوف لذاتها، وسائغ
بركاتها.
وأحينا لورود هذا الشهر عائدا في قابل عامنا بهدم أوزارنا وآثامنا إلى
القربات منك سبيلا، وعليها وإليها رسيلا، يا أقدر القادرين، يا أجود
المسؤولين.
اللهم إني كل ما لفظت به إليك جل ثناؤك، من تمجيد، وتحميد
ووصف لقدرتك وإقرار بوحدانيتك، وإرضائك من نضيبي إليك، ومن إقبالي
بالثناء عليك، فهو بتوفيقك.
فلك الحمد يا قاضي ما يرضيك، وإن كان من أيسر نعمك لا نكافيك، ثم
بهداية محمد نبيك صلى الله عليه وآله وسفارته وإرشاده ودلالته، فقد
أوجبت له بذلك من الحق عندك وعلينا ما شرفته به، وأوعزت (1) به إلينا.
اللهم فكما جعلته لهدايتنا علما، وإليك لنا طريقا وسلما، ومن سخطك
ملجا ومعتصما، وفينا شفيعا مقدما، ومشفعا مكرما، وكان لا مكافاة له إلا
منك، ولا اتكال من مجازاته إلا عليك، وكنا عن حقه بأنفسنا وأموالنا
مقصرين، وكان فيها من الزاهدين، عنها من الراغبين، ولسنا إلى تأتيه

1 - أوعز إليه: تقدم وأشار إليه.
413

بواصلين، ولا عليها بقادرين، فاجزه عنا بأفضل صلواتك، وأطيب تحياتك.
اللهم صل عليه صلاة تمد منك بشرائف حبواتك، وكرائم عطياتك،
وموفور خيراتك، وميسور هباتك، صلاة تكثر وتكشف حتى لا تنقطع،
ولا تضعف، صلاة تتدارك وتتصل حتى لا تختل ولا تنفصل، صلاة تتوالى
وتتسق حتى لا تتشعب ولا تفترق، صلاة تدوم وتتواتر، وتتضاعف وتتكاثر،
وتزن الجبال، وتعاد الرمال.
صلاة تجاري النيرات في أفلاكها، والقدرة التي قامت بأسماكها،
صلاة تنافي الرياح والنجوم والشموس والغيوم، وورق الشجر وألفاظ البشر
وتسبيح جميع المخلوقين من الماضين والباقين، ومن يخلق إلى يوم الدين،
ثم استودعها تعارف العالمين (1)، الذي ليس له فناء، ولا حد ولا انتهاء.
اللهم فأوصل ذلك إليه وإلى أهل بيته الطاهرين، وإلى آبائه وآباء
إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وإلى جميع النبيين والشهداء والصالحين، وإلى
جبرئيل وميكائيل، وحملة عرشك والملائكة صلى الله عليه وعليهم
أجمعين، وحسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (2).
ومن ذلك ما يختص بهذه الليلة من الدعاء برواية محمد بن أبي قرة رحمه الله، وهو
دعاء ليلة الثلاثين:
الحمد لله لا شريك له - ثلاثا، الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز
جلاله، وكما هو أهله، يا قدوس يا نور القدس يا سبوح، يا منتهى التسبيح،
يا رحمان يا فاعل الرحمة.
يا الله يا عليم، يا الله يا عظيم، يا الله يا كبير، يا الله يا لطيف، يا الله
يا جليل، يا الله يا سميع، يا الله يا بصير، يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله
يا الله، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء والنعماء.

1 - العاملين (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 68 - 70.
414

أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم إن كنت قضيت في هذه الليلة
تنزل الملائكة والروح من كل أمر حكيم، فصل على محمد وآل محمد
واجعل اسمي في السعداء، وروحي مع الشهداء وإحساني في عليين،
وإساءتي مغفورة، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا يذهب الشك
عني، وترضيني بما قسمت لي، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
وقني عذاب النار.
وارزقني يا رب فيها ذكرك وشكرك، والرغبة والإنابة إليك، والتوبة
والتوفيق لما تحبه وترضاه، ولما وفقت له شيعة آل محمد يا أرحم الراحمين،
ولا تفتني بطلب ما زويت عني بحولك وقوتك، وأغنني يا رب برزق منك
واسع بحلالك عن حرامك.
وارزقني العفة في بطني وفرجي، وفرج عني كل هو وغم، ولا تشمت
بي عدوي، ووفق لي ليلة القدر على أفضل ما رآها أحد، ووفقني لما وفقت
له محمدا وآل محمد، عليه وعليهم السلام وافعل بي كذا وكذا، الساعة
الساعة - حتى ينقطع النفس (1).
وأكثر أن تقول وأنت قائم وقاعد وراكع وساجد:
ويا مدبر الأمور، يا باعث من في القبور يا مجري البحور، يا ملين الحديد
لداود عليه السلام، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي كذا وكذا،
الساعة الساعة، الليلة الليلة - حتى ينقطع النفس.
زيادة بغير الرواية:
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعلني من أوفر عبادك نصيبا من
كل خير أنزلته في هذه الليلة أو أنت منزله، من نور تهدي به، أو رحمة
تنشرها، أو رزق تقسمه، أو بلاء تدفعه (2)، أو مرض تكشفه، واكتب لي فيها

1 - رواه الشيخ في المصباح مع اختصار 2: 634، والكليني في الكافي 4: 164، والصدوق في الفقيه 2: 164.
2 - ترفعه (خ ل).
.
415

ما كتبت لأوليائك الصالحين، الذين استوجبوا منك الثواب، وأمنوا برضاك
عنهم العذاب.
يا كريم يا كريم يا كريم، صل على محمد وآل محمد، وافعل بي ذلك
برحمتك، وارزقني بعد انقضاء شهر رمضان العصمة والتوبة والإنابة،
والتمسك بولاية محمد وآل محمد، ومن علي أبدا ما أبقيتني بذكرك
وشكرك للرغبة، والثبات على دينك، والتوفيق لما وفقت له محمدا وآل
محمد عليه وعليهم السلام.
اللهم إنك قلت في كتابك المنزل وقولك الحق: (شهر رمضان الذي
انزل فيه القرآن)، وهذا شهر رمضان وقد تصرمت لياليه وأيامه.
فأسألك بوجهك الكريم وكلماتك التامة، وبحق محمد وآل محمد، إن
كان بقي علي ذنب واحد لم تغفره لي، أو تريد أن تحاسبني عليه، أو
تعاقبني عليه، أو تقايسني به، ان يطلع فجر هذه الليلة، أو يتصرم هذا الشهر
إلا وقد غفرته يا أرحم الراحمين.
أي ملين الحديد لداود، أي كاشف الكرب عن محمد، صل على محمد
وآل محمد، واستجب دعائي، وأعطني سؤلي، واجعل هواي لي
سخطا إلا ما رضيته، واجعل جميع طاعتك لي رضا، وإن خالف ما هويت
على ما أحببت أو كرهت.
حتى أكون لك في جميع ما أمرتني متابعا مطيعا سامعا، وعن كل
ما نهيتني عنه منتهيا، وفي كل ما قضيت علي ولي راضيا، وعلى كل
ما أنعمت به علي شاكرا، وفي كل حالاتي لك ذاكرا، من حال عافية أو
بلاء، أو شدة أو رخاء، أو سخط أو رضى.
إلهي فصل على محمد وآل محمد، وانظر إلي في جميع أموري نظرة
رحيمة شريفة كريمة، تقويني بها على ما أمرتني به، وتسددني لها ولجميع
ما كلفتني فعله، وتزيدني لها بصرا ويقينا في جميع ما عرفتني من آلائك
416

عندي وإنعامك علي، وإحسانك إلي، وتفضيلك إياي.
إلهي حاجتي العظمى التي إن قضيتها لم يضرني ما منعتني، وإن
منعتنيها لم ينفعني، ما أعطيتني، أسألك فكاك رقبتي من النار.
يا سيدي ارحمني من السلاسل والإغلال والسعير، ارحمني من الطعام
الزقوم، وشرب الحميم، ارحمني من جهنم إن عذابها كان غراما، إنها
سائت مستقرا ومقاما، ولا تعذبني وأنا أستغفرك، ولا تحرمني وأنا أسألك،
أسألك الجنة وما فيها، وأعوذ بك من النار وما جمعت.
اللهم فزوجني من الحور العين، واجعلني ممن يأتي آمنا يوم القيامة،
إني لما أنزلت إلي من خير فقير، فصل (1) على محمد وآل محمد، وابدأ
بمحمد وآل محمد، في كل خير من خير الدنيا والآخرة (2).
من دعاء ليلة الثلاثين مروي عن النبي صلى الله عليه وآله:
ربنا فاتنا الشهر المبارك، الذي أمرتنا فيه بالصيام والقيام، ولا تجعله (3)
آخر العهد منا، ربنا فاغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر، ربنا ولا تخذلنا
ولا تحرمنا المغفرة، واعف واغفر لنا وارحمنا وتب علينا وارزقنا، وارض
منا (4) واجعلنا من أوليائك المتقين (5) برحمتك يا أرحم الراحمين (6).
ومن ذلك ما قدمناه من الدعوات أول ليلة منه مما يتكرر في كل ليلة:
ذكر صلاة ليلة ثلاثين:
ومن ذلك ما رواه جعفر بن محمد الدوريستي من كتاب الحسنى بإسناده إلى النبي

1 - اللهم فصل (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 71 - 72.
3 - اللهم فلا تجعله (خ ل).
4 - ارزق منا (خ ل).
5 - واجعلنا من أوليائك المهتدين ومن أوليائك المتقين، بحق محمد وآل محمد وتقبل منا هذا منا هذا الشهر ولا تجعله آخر العهد
به، وارزقنا حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام، انك أنت المعطي الرازق الحنان المنان (خ ل).
6 - عنه البحار 98: 72.
417

صلى الله عليه وآله أنه قال:
من صلى آخر ليلة من شهر رمضان عشر ركعات، يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب
مرة واحدة، و (قل هو الله أحد) عشر مرات، ويقول في ركوعه وسجوده عشر مرات:
(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، ويتشهد في كل ركعتين ثم
يسلم.
فإذا فرغ من آخر عشر ركعات، قال بعد فراغه من التسليم: (أستغفر الله) ألف
مرة، فإذا فرغ من الاستغفار سجد ويقول في سجوده:
يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما
يا ارحم الراحمين، يا إله الأولين والآخرين، اغفر لنا ذنوبنا، وتقبل منا صلاتنا
وصيامنا وقيامنا.
قال النبي صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا، إن جبرئيل أخبرني عن
إسرافيل، عن ربه تبارك وتعالى أنه لا يرفع رأسه من السجود حتى يغفر الله له ويتقبل منه
شهر رمضان، ويتجاوز عن ذنوبه، وإن كان قد أذنب سبعين ذنبا كل ذنب أعظم من
ذنوب العباد، ويتقبل من جميع أهل الكورة التي هو فيها.
فقال النبي صلى الله عليه وآله لجبرئيل عليه السلام: يا جبرئيل يتقبل الله منه خاصة
شهر رمضان ومن أهل بلاده عامة؟ فقال: نعم والذي بعثك، إنه من كرامته عليه وعظم
منزلته لديه، يتقبل الله منه ومنهم صلاتهم وصيامهم وقيامهم، ويغفر لهم ذنوبهم،
ويستجيب لهم دعاءهم.
والذي بعثني بالحق إنه من صلى هذه الصلاة واستغفر هذا الاستغفار يتقبل الله منه
صلاته وصيامه وقيامه، ويغفر له ويستجيب له دعاءه لديه.
لأنه الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: (واستغفروا ربكم إنه كان غفارا) (1)، ويقول:
(واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه) (2)، وقال: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله

1 - نوح: 10.
2 - هود: 90.
418

فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله) (1).
ويقول عز وجل: (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل
ذي فضل فضله) (2) ويقول عز وجل: (واستغفره إنه كان توابا) (3).
ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: هذه هدية لي خاصة ولامتي من الرجال والنساء،
لم يعطها الله عز وجل أحدا ممن كان قبلي من الأنبياء وغيرهم. (4)
أقول: وروي أنه يقرأ آخر ليلة من شهر رمضان سورة الأنعام، والكهف، ويس
،
ويقول: مائة مرة: أستغفر الله وأتوب إليه.
ومن ذلك ما يتعلق بوداع شهر رمضان، فنقول:
إن سأل سائل فقال: ما معنى الوداع لشهر رمضان وليس هو من الحيوان،
الذي يخاطب أو يعقل ما يقال له باللسان.
فاعلم أن عادة ذوي العقول قبل الرسول ومع الرسول وبعد الرسول،
يخاطبون الديار والأوطان، والشباب وأوقات الصفا والأمان والاحسان ببيان
المقال، وهو محادثة لها بلسان الحال.
فلما جاء أدب الإسلام أمضى ما شهدت بجوازه من ذلك أحكام العقول
والأفهام، ونطق به مقدس القرآن المجيد، فقال جل جلاله: (يوم نقول لجهنم هل
امتلأت وتقول هل من مزيد) (5).
فأخبر أن جهنم رد الجواب بالمقال، وهو إشارة إلى لسان الحال، وذكر كثيرا في
القرآن الشريف المجيد وفي كلام النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم السلام وكلام
أهل التعريف، فلا يحتاج ذوو الألباب إلى الإطالة في الجواب.
فلما كان شهر رمضان قد صاحبه ذوو العناية به من أهل الاسلام والايمان، أفضل

1 - آل عمران: 135.
2 - هود: 3.
3 - النصر: 4.
4 - عنه البحار 98: 73 - 74.
5 - ق: 30.
419

لهم من صحبة الديار والمنازل، وأنفع من الأهل وأرفع من الأعيان والأمثال، اقتضت
دواعي لسان الحال أن يودع عند الفراق والانفصال.
ذكر ما نورده من طبقات أهل الوداع لشهر الصيام فنقول:
اعلم أن الوداع لشهر رمضان يحتاج إلى زيادة بيان، والناس فيه على طبقات:
طبقة منهم: كانوا في شهر رمضان على مراد الله جل جلاله وآدابه فيه في السر
والاعلان، فهؤلاء يودعون شهر الصيام وداع من صاحبه بالصفاء والوفاء وحفظ الذمام،
كما تضمنه وداع مولانا زين العابدين عليه أفضل السلام.
وطبقة منهم: صاحبوا شهر رمضان تارة يكونون معه على مراد الله جل جلاله في
بعض الأزمان، وتارة يفارقون شروطه بالغفلة أو بالعصيان، فهؤلاء إن اتفق خروج شهر
رمضان وهم مفارقون له في الآداب والاصطحاب، فالمفارقون لا يودعون ولا هم
مجتمعون، وإنما الوداع لمن كان مرافقا وموافقا في مقتضى العقول والألباب، وإن اتفق
خروج شهر رمضان وهم وفي حال حسن صحبته.
فلهم أن يودعوه على قدر ما عاملوه في حفظ حرمته، وأن يستغفروا ويندموا على
ما فرطوا فيه من إضاعة شروط الصحبة والوفاء، ويبالغوا عند والوداع في التلهف والتأسف
كيف عاملوه بوقت من الأوقات بالجفاء.
وطبقة: ما كانوا في شهر رمضان مصاحبين له بالقلوب، بل كان فيهم من هو كاره
لشهر الصيام، لأنه كان يقطعهم عن عادتهم في التهوين، ومراقبة علام الغيوب، فهؤلاء
ما كانوا مع شهر رمضان حتى يودعوه عند الانفصال، ولا أحسنوا المجاورة له لما نزل
بالقرب من دارهم، وتكرهوا به واستقبلوه بسوء اختيارهم، فلا معنى لوداعهم له عند
انفصاله، ولا يلتفت إلى ما يتضمنه لفظ وداعهم وسوء مقالهم.
أقول: فلا تكن أيها الانسان ممن نزل به ضيف غني عنه، وما نزل به ضيف منذ سنة
أشرف منه وقد حضره للانعام عليه، وحمل إليه معه تحف السعادات، وشرف العنايات،
وما لا يبلغه وصف المقال من الآمال والاقبال، فأساء مجاورة هذا الضيف الكريم،
وجفاه وهون به، وعامل معه معاملة المضيف اللئيم، فانصرف الكريم ذاما
420

لضيافته، وبقي الذي نزل به في فضيحة تقصيره وسوء مجاورته، أو في عار تأسفه
وندامته.
فكن إما محسنا في الضيافة والمعرفة بحقوق ما وصل به هذا الضيف من السعادة
والرحمة، والرأفة والأمن من المخافة، أو كن لا له ولا عليه، فلا تصاحبه بالكراهة وسوء
الأدب عليه، وإنما تهلك بأعمالك السخيفة نفسك الضعيفة، وتشهرها بالفضائح
والنقصان، في ديوان الملوك والأعيان، الذين ظفروا بالأمان والرضوان.
أقول: واعلم أن وقت الوداع لشهر الصيام رويناه عن أحد الأئمة عليهم أفضل السلام
من كتاب فيه مسائل جماعة من أعيان الأصحاب، وقد وقع عليه السلام بعد كل مسألة
بالجواب، وهذا لفظ ما وجدناه:
(من وداع شهر رمضان، متى يكون، فقد اختلف أصحابنا فبعضهم قال: هو في آخر
ليلة منه، وبعضهم قال: هو في آخر يوم منه، إذا رأي هلال شوال؟ الجواب: العمل في
شهر رمضان في لياليه، والوداع يقع في آخر ليلة منه، فان خاف أن ينقص الشهر جعله
في ليلتين.) (1)
قلت: هذا اللفظ ما رأيناه ورويناه، فأجتهد في وقت الوداع على إصلاح السريرة،
فالانسان على نفسه بصيرة، وتخير لوقت وداع الفضل الذي كان في شهر رمضان أصلح
أوقاتك في حسن صحبته، وجميل ضيافته ومعاملته، من آخر ليلة منه، كما رويناه، فان
فاتك الوداع في آخر ليلة، ففي أواخر نهار المفارقة له والانفصال عنه.
فمتى وجدت في تلك الليلة أو ذلك اليوم نفسك على حال صالحة في صحبة شهر
رمضان فودعه في ذلك الأوان، وداع أهل الصفا والوفاء، الذين يعرفون حق الضيف
العظيم الاحسان، واقض من حق التأسف على مفارقته وبعده، بقدر ما فاتك من شرف
ضيافته، وفوائد رفده، وأطلق من ذخائر دموع الوداع ما جرت به عوائد الأحبة إذا تفرقوا بعد
الاجتماع.

1 - عنه البحار 98: 172، رواه الطبرسي في الاحتجاج: 483 عن صاحب الزمان عليه السلام، عنه الوسائل
10: 364، أورده الشيخ في الغيبة: 231.
421

وقل ما رواه الشيخ جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس بن محمد الدوريستي في
كتاب الحسنى باسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على رسول الله صلى
الله عليه وآله في آخر جمعة من شهر رمضان، فلما بصر بي قال لي: يا جابر هذا آخر
جمعة من شهر رمضان فودعه وقل:
اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامنا إياه، فان جعلته فاجعلني مرحوما،
ولا تجعلني محروما.
فإنه من قال ذلك ظفر بإحدى الحسنيين: إما ببلوغ شهر رمضان من قابل، وإما
بغفران الله ورحمته (1).
وداع آخر لشهر رمضان، وقد رويناه عن مولانا علي بن الحسين عليه السلام صاحب
الأنفاس المقدسة الشريفة، فيما تضمنه إسناد الصحيفة، فقال:
وكان من دعائه عليه السلام في وداع شهر رمضان:
اللهم يا من لا يرغب في الجزاء ويا من لا يندم على العطاء، ويا من
لا يكافئ عبده على السواء، هبتك، هبتك (2) ابتداء، وعفوك (3) تفضل، وعقوبتك
عدل، وقضاؤك خيرة (4).
إن أعطيت لم تشب عطائك بمن، وإن منعت لم يكن منعك بتعد، تشكر
من شكرك وأنت ألهمته شكرك، وتكافئ من حمدك وأنت علمته حمدك،
وتستر على من لو شئت فضحته، وتجود على من لو أردت منعته، وكلاهما أهل
منك للفضيحة والمنع.
غير أنك بنيت أفعالك على التفضل، وأجريت قدرتك على التجاوز،

1 - عنه البحار 98: 172، الوسائل 10: 365 رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: 139، عنه المستدرك 7: 480.
2 - منتك (خ ل).
3 - عطيتك (خ ل).
4 - خير (خ ل).
5 - تعديا (خ ل).
422

وتلقيت من عصاك بالحلم، وأمهلت من قصد نفسه بالظلم، تستنظرهم (1) بأناتك
إلى الإنابة، وتترك معاجلتهم إلى التوبة، لكيلا يهلك عليك هالكهم،
ولا يشقى بنعمتك (2) شقيهم إلا عن طول الاعذار إليه، وبعد ترادف الحجة عليه،
كرما من فعلك (3) يا كريم وعائده (4) من عطفك يا حليم.
أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك، وسميته التوبة، وجعلت على
ذلك الباب دليلا من وحيك (5) لئلا يضلوا عنه، فقلت: (توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى
ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار) (6)، فما عذر من أغفل
دخول ذلك الباب يا سيدي بعد فتحه، وإقامة الدليل عليه (7).
وأنت الذي زدت في السوم على نفسك لعبادك، تريد ربحهم في
متاجرتك (8)، وفوزهم بزيادتك.
فقلت: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) (9).
ثم قلت: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة
مائة حبة (10)) (11) وما أنزلت من نظائرهن في القرآن.
وأنت الذي دللتهم بقولك الذي من غيبك، وترغيبك الذي فيه من حظهم
على ما لو سترته عنهم، لم تدركه أبصارهم، ولم تعه أسماعهم، ولم تلحقه أوهامهم.

1 - تستطردهم (خ ل).
2 - لئلا يشقى بنقمتك (خ ل).
3 - عفوك (خ ل).
4 - العائدة: المعروف والصلة والعطف.
5 - رحمتك (خ ل).
6 - التحريم: 8.
7 - أغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح الباب وإقامة الدليل (خ ل).
8 - متاجرتهم لك (خ ل).
9 - الانعام: 160.
10 - مأة حبة والله يضاعف لمن يشاء، وقلت: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة (خ ل).
11 - البقرة: 261.
423

فقلت تبارك اسمك و تعاليت: (اذكروني (1) أذكركم) (2)، و (لئن شكرتم لأزيدنكم
ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) (3)، وقلت: (ادعوني أستجب لكم (4)) (5)، وقلت: (من ذا الذي
يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له) (6).
فذكروك (7) وشكروك دعوك وتصدقوا لك طلبا لمزيدك، وفيها كانت
نجاتهم من غضبك، وفوزهم برضاك، ولو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل
الذي دللت عليه عبادك منك، كان محمودا، فلك الحمد ما وجد في حمدك
مذهب، وما بقي للحمد لفظ تحمد به، ومعنى ينصرف إليه.
يا من تحمد إلى عباده بالاحسان والفضل، وعاملهم (8) بالمن والطول (9)،
ما أفشا (10) فينا نعمتك وأسبغ علينا منتك، وأخصنا ببرك، هديتنا لدينك الذي
اصطفيت وملتك التي ارتضيت، وسبيلك الذي سهلت، وبصرتنا ما يوجب
الزلفة (11) لديك، والوصول إلى كرامتك.
اللهم أنت جعلت من صفايا تلك الوظائف، وخصائص تلك الفروض
شهر رمضان، الذي اختصصته من سائر الشهور، وتخيرته من جميع الأزمنة والدهور،
وآثرته (12) على جميع الأوقات بما أنزلت فيه من القرآن، وفرضت فيه من الصيام،

1 - اذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون (خ ل).
2 - البقرة: 152.
3 - إبراهيم: 7.
4 - ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين، فسميت دعائك عبادة وتركه
استكبارا وتوعدت على تركه دخول جهنم داخرين فذكروك (خ ل).
5 - غافر: 60.
6 - البقرة: 245، الحديد: 11.
7 - فذكروك بمنك وشكروك بفضلك ودعوك بأمرك (خ ل).
8 - غمرهم (خ ل).
9 - الطول: الفضل.
10 - أفشى: أظهر.
11 - الزلفة: القربة.
12 - آثرته: فضلته.
424

وأجللت (1) فيه من ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، ثم
آثرتنا (2) به على سائر الأمم، واصطفيتنا بفضله دون أهل الملل (3).
فصمنا بأمرك نهاره، وقمنا بعونك ليله، متعرضين (4) بصيامه وقيامه، لما
عرضتنا له من رحمتك، وسببتنا (5) إليه من مثوبتك، وأنت الملئ بما رغب
فيه إليك، الجواد بما سئلت من فضلك، القريب إلى من حاول قربك.
وقد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد وصحبنا صحبة سرور (6)، وأربحنا أفضل
أرباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته، وانقطاع مدته، ووفاء عدده.
فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا وغمنا (7)، وأوحش (8) انصرافه عنا،
ولزمنا له الذمام (9) المحفوظ، والحرمة المرعية، والحق المقضي، فنحن قائلون:
السلام عليك يا شهر الله الأكبر، ويا عيد أوليائه الأعظم، السلام عليك
يا أكرم مصحوب من الأوقات، ويا خير شهر في الأيام والساعات، السلام عليك
من شهر قربت فيه الآمال، ويسرت (10) فيه الأعمال، السلام عليك من قرين
جل قدره موجودا، وأفجع فقده مفقودا (11).
السلام عليك من أليف (12) آنس مقبلا فسر، وأوحش مدبرا فمض (13)،

1 - أجللت: عظمت.
2 - آثرته: فضلته.
3 - الأديان (خ ل).
4 - متعرضين: متصدين وطالبين.
5 - تسببنا، ندبتنا، تسبتننا، نسبتنا (خ ل).
6 - صحبة السرور، صحبة مبرورة (خ ل).
7 - فهمنا (خ ل).
8 - أوحشنا (خ ل).
9 - الذمام: العهد.
10 - نشرت (خ ل).
11 - فراقه مفقودا (خ ل)، ومرجو ألم فراقه (خ ل).
12 - أليف: أنيس.
13 - منقضيا فامر، فامض (خ ل)، أقول: مض: ألم وحزن.
425

السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب، وقلت فيه الذنوب، السلام عليك من
ناصر أعان على الشيطان، وصاحب سهل سبيل الاحسان.
السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك، وما أسعد من رعى حرمتك (1) بك،
السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب وأسترك لأنواع العيوب، السلام عليك
ما كان أطولك على المجرمين، وأهيبك في صدور المؤمنين.
السلام عليك من شهر لا تنافسه الأيام، السلام عليك من شهر هو من كل
أمر سلام، السلام عليك غير كريه المصاحبة، ولا ذميم الملابسة (2)، السلام
عليك كما وفدت (3) علينا بالبركات، وغسلت عنا دنس الخطيئات، السلام
عليك غير مودع برما (4)، ولا متروك صيامه سأما.
السلام عليك من مطلوب قبل وقته، ومحزون عليه عند فوته، السلام عليك
كم من سوء صرف بك عنا، وكم من خير أفيض بك علينا، السلام عليك
وعلى ليلة القدر التي جعلها الله خيرا من ألف شهر (6).
السلام عليك ما كان أحرصنا بالأمس عليك وأشد شوقنا غدا إليك، السلام
عليك وعلى فضلك الذي حرمناه، وعلى ما كان (7) من بركاتك سلبناه.
اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به، ووفقتنا بمنك له، حين جهل
الأشقياء وقته، وحرموا لشقائهم فضله (8)، وأنت ولي ما آثرتنا به من معرفته،
وهديتنا له من سنته، وقد تولينا بتوفيقك صيامه وقيامه على تقصير، وأدينا من
حقك فيه قليلا من كثير.

1 - حرمته (خ ل).
2 - الملابسة: المخالطة.
3 - وردت (خ ل).
4 - برما: ضجرا.
5 - قبل (خ ل).
6 - هي خير من ألف شهر (خ ل).
7 - ماض (خ ل).
8 - خيره (خ ل).
426

اللهم فلك إقرارنا بالإساءة واعترافنا (1) بالإضاعة (2)، ولك من قلوبنا عقد (3)
الندم (4)، ومن ألسنتنا صدق (5) الاعتذار، فأجرنا على ما أصابنا (6) به من
التفريط، أجرا نستدرك به الفضل المرغوب فيه، ونعتاض (7) به من إحراز
الذخر المحروص عليه، وأوجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك،
وأبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من (8) شهر رمضان المقبل.
فإذا بلغتناه فأعنا على تناول ما أنت أهله من العبادة، وأدنا إلى القيام
بما نستحقه من الطاعة، وأجرنا من صالح العمل ما يكون دركا (9) لحقك
في الشهرين، وفي شهور (10) الدهر.
اللهم وما ألممنا (11) به في شهرنا هذا من لمم (12) أو إثم، أو واقعنا (13) فيه
من ذنب،، واكتسبنا فيه من خطيئة، عن تعمد (14) منا له، أو على نسيان،
ظلمنا (15) فيه أنفسنا، أو انتهكنا به حرمة (16) من غيرنا، فاسترنا (17) بسترك،

1 - فلك الحمد اقرارا بالإساءة واعترافا (خ ل).
2 - الإضاعة: الاهمال.
3 - عقد: عهد.
4 - عقد الندم (خ ل).
5 - تصرف (خ ل).
6 - أصابنا (خ ل).
7 - نعتاض: نأخذ العوض.
8 - إلى (خ ل).
9 - دركا: لحوق ووصولا.
10 - من شهور (خ ل).
11 - ألممنا: باشرنا وأحطنا.
12 - لمم: صغار الذنوب.
13 - وأوقعنا (خ ل).
14 - على تعمد (خ ل).
15 - نسيان من ظلمنا (خ ل).
16 - أو إنتهاكنا (خ ل) فيه (خ ل).
17 - فصل على محمد وآله واسترنا، فاستره (خ ل).
427

واعف عنا بعفوك، ولا تنصبنا فيه لأعين الشامتين، ولا تبسط علينا فيه ألسن
الطاعنين (1)، واستعملنا بما يكون حطة وكفارة لما أنكرت منا فيه، برأفتك
التي لا تنفد (2)، وفضلك الذي لا ينقص.
اللهم صل على محمد وآل محمد، واجبرنا مصيبتنا بشهرنا، وبارك لنا
في يوم عيدنا وفطرنا، واجعله من خير يوم مر علينا، أجلبه للعفو، وأمحاه
للذنب (3)، واغفر لنا ما خفي من ذنوبنا وما علن.
اللهم (صل على محمد وآل محمد) (4) واسلخنا (5) بانسلاخ هذا الشهر من
خطايانا، وأخرجنا بخروجه عن (6) سيئاتنا، واجعلنا من أسعد أهله به (7)،
وأوفرهم حظا منه.
اللهم ومن رعا حق (8) هذا الشهر حق رعايتها، وحفظ حدوده، حق
حفظها (9)، واتقى ذنوبه حق تقاتها، أو تقرب إليك بقربة أوجبت رضاك له (10)،
وعطفت برحمتك عليه، فهب لنا مثله من وجدك وإحسانك، وأعطنا اضعافه
من فضلك، فان فضلك لا يغيض (11)، وإن خزائنك لا تنقص (12)، وإن معادن
إحسانك لا تفنى، وإن عطاءك للعطاء المهنا.

1 - علينا السنة الطاغين (خ ل).
2 - تنفد: تفنى وتنقطع.
3 - لعفو، لذنب (خ ل).
4 - ليس في بعض النسخ.
5 - أسلخنا: جردنا.
6 - من (خ ل).
7 - واجز لهم قسما فيه (خ ل).
8 - حرمة (خ ل).
9 - وقام بحدوده حق قيامها (خ ل).
10 - عنه (خ ل).
11 - لا يغيض: لا ينقص ولا يقل.
12 - لا تنفذ (خ ل).
428

اللهم واكتب (1) مثل أجور من صامه بنية، أو تعبد لك فيه إلى يوم
القيامة.
اللهم إنا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمسلمين، عيدا
وسرورا، ولأهل ملتك (2) مجمعا ومحتشدا، من كل ذنب أذنبناه، أو سوء
أسلفناه، أو خطرة (3) شر أضمرناه، أو عقيدة سوء اعتقدناها، توبة من لا ينطوي
على رجوع إلى ذنب، ولا عود بعدها في خطيئة (4)، توبة نصوحا خلصت من
الشك والارتياب، فتقبلها منا، وارض بها عنا وثبتنا عليها.
اللهم ارزقنا خوف غم (5) الوعيد وشوق ثواب الموعود، حتى نجد لذة
ما ندعوك به، وكآبة ما نستجيرك (6) منه، واجعلنا عندك من التوابين، الذين
أوجبت لهم محبتك، وقبلت منهم مراجعة طاعتك، يا أعدل العادلين.
اللهم تجاوز عن آبائنا وأمهاتنا، وأهل ديننا جميعا، من سلف منهم ومن
غبر إلى يوم القيامة.
اللهم وصل على محمد نبينا وآله، كما صليت على ملائكتك
المقربين، وصل عليه وآله كما صليت على أنبيائك المرسلين (7)، وعبادك
الصالحين، وسلم على آله كما سلمت على آل يس، وصل عليهم أجمعين،
صلاة تبلغنا بركتها، وينالنا نفعها، وتغمرنا بأسرها، ويستجاب بها دعاؤنا،
إنك أكرم من رغب إليه (8)، وأعطى من سئل من فضله، وأنت على كل

1 - اللهم صل على محمد وآله واكتب (خ ل).
2 - وللمؤمنين (خ ل).
3 - خاطر (خ ل).
4 - ولا يعود بعدها في خطيئته (خ ل).
5 - عقاب (خ ل).
6 - نستجير بك (خ ل).
7 - المطهرين (خ ل).
8 - واكفي من توكل عليه (خ ل).
429

شئ قدير (1).
وداع آخر لشهر رمضان رويناه بعدة طرق إلى محمد بن يعقوب، باسناده إلى أبي
بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في وداع شهر رمضان، نقلناه من خط جدي أبي
جعفر الطوسي رضي الله عنه:
اللهم إنك قلت في كتابك المنزل، على لسان نبيك المرسل، صلواتك
عليه، وقولك حق: (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن) (2).
وهذا شهر رمضان قد تصرم، فأسألك بوجهك الكريم وكلماتك التامة،
إن كان بقي علي ذنب لم تغفره لي، أو تريد أن تعذبني عليه، أو تقايسني
به أن يطلع فجر هذه الليلة، أو ينصرم هذا الشهر إلا وقد غفرته لي، يا أرحم
الراحمين.
اللهم لك الحمد بمحامدك كلها، أولها وآخرها، وما قلت لنفسك منها،
وما قاله لك الخلائق، الحامدون المجتهدون المعدودون، المؤثرون في
ذكرك وشكرك، الذين أعنتهم على أداء حقك من أصناف خلقك، من
الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين، وأصناف الناطقين المسبحين لك
من جميع العالمين، على أنك بلغتنا شهر رمضان، وعلينا من نعمك، وعندنا
من قسمك وإحسانك وتظاهر امتنانك.
فبذلك لك منتهى الحمد، الخالد الدائم الراكد المخلد السرمد، الذي
لا ينفد طول الأبد، جل ثناؤك، وأعنتنا عليه حتى قضيت عنا صيامه، وقيامه
من صلاة، وما كان منا فيه من بر أو نسك أو ذكر.
اللهم فتقبله منا بأحسن قبولك، وتجاوزك وعفوك، وصفحك وغفرانك،

1 - عنه البحار 98: 172 - 176، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 642 - 647، عنه الكفعمي في مصباحه: 640،
بلد الأمين: 480، أورده ابن المشهدي في المزار الكبير: 259، الدعاء: 289، الدعاء: 289 وفي الصحيفة السجادية الجامعة:
292، الدعاء: 142.
2 - البقرة: 185.
430

وحقيقة رضوانك، حتى تظفرنا فيه بكل خير مطلوب، وجزيل عطاء موهوب،
تؤمنا فيه من كل أمر مرهوب وذنب مكسوب.
اللهم إني أسألك بعظيم ما سألك أحد من خلقك من كريم أسمائك،
وجزيل ثنائك، وخاصة دعائك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن
تجعل شهرنا هذا أعظم شهر رمضان مر علينا منذ أنزلتنا إلى الدنيا بركة في
عصمة ديني، وخلاص نفسي، وقضاء حاجتي، وتشفيعي في مسائلي،
وتمام النعمة علي، وصرف السوء عني، ولباس العافية لي.
وأن تجعلني برحمتك ممن حزت (1) له ليلة القدر، وجعلتها له خيرا من
ألف شهر من أعظم الأجر، وكرائم الذخر، وطول العمر، وحسن الشكر،
ودوام اليسر.
اللهم وأسألك برحمتك وطولك، وعفوك ونعمائك وجلالك، وقديم
إحسانك وامتنانك، وأن لا تجعله آخر العهد منا لشهر رمضان، حتى تبلغناه
من قابل على أحسن حال، وتعرفني هلاله مع الناظرين إليه، والمتعرفين له،
في أعفى عافيتك وأتم نعمتك (2)، وأوسع رحمتك، وأجزل قسمك.
اللهم يا ربي الذي ليس لي رب غيره، ولا يكون هذا الوداع مني وداع
فناء، ولا آخر العهد من اللقاء، حتى ترينيه (3) من قابل في أسبغ النعم،
وأفضل الرجاء، وأنالك على أحسن الوفاء إنك سميع الدعاء.
اللهم اسمع دعائي، وارحم تضرعي وتذللي لك، واستكانتي وتوكلي
عليك، فأنا لك سلم، ولا أرجو نجاحا، وبلا معافاة ولا تشريفا ولا تبليغا، إلا
بك ومنك.
فامنن علي جل ثناؤك، وتقدست أسماؤك بتبليغي شهر رمضان، وأنا

1 - الحوز: الجمع وضم الشئ.
2 - أنعم نعمتك (خ ل).
3 - ترينه (خ ل).
431

معافى من كل مكروه ومحذور، ومن جميع البوائق.
الحمد لله الذي أعاننا على صيام هذا الشهر وقيامه، حتى بلغنا آخر ليلة
منه (1).
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في الأصل الذي نقلناه منه، هذا الوداع بخطه
ما هذا لفظه:
إلى هاهنا رواية الكليني، وروى إبراهيم بن إسحاق الأحمري عن عبد الله بن حماد
الأنصاري، عن أبي بصير، وعن جماعة من أصحابه، عن سعدان بن مسلم، عن أبي
بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك، وزاد فيه:
اللهم إني أسألك بأحب ما دعيت به، وأرضى ما رضيت به عن محمد
صلى الله عليه وآله أن تصلي على محمد وآل محمد ولا تجعل وداعي وداع
شهر رمضان، وداع خروجي من الدنيا، ولا وداع آخر عبادتك فيه، ولا آخر
صومي لك، وارزقني العود فيه، ثم العود فيه برحمتك يا ولي المؤمنين،
ووفقني فيه لليلة القدر، واجعلها لي خيرا من ألف شهر.
يا رب العالمين، يا رب ليلة القدر، وجاعلها خيرا من ألف شهر، رب
الليل والنهار، والجبال والبحار، والظلم والأنوار، والأرض والسماء.
يا بارئ يا مصور، يا حنان يا منان، يا الله يا رحمان (2)، يا قيوم يا بديع، لك
الأسماء الحسنى، والأمثال العليا، والكبرياء والآلاء.
أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم، أن تصلي على محمد وآل
محمد وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء، وروحي مع الشهداء،
وإحساني في عليين، وإساءتي مغفورة.
وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي، وإيمانا لا يشوبه شك، ورضا بما
قسمت لي، وأن تؤتيني في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وأن تقيني

1 - عنه البحار 98: 176، رواه الشيخ في مصباحه 2: 579، عنه المستدرك 7: 477.
2 - يا رحمن يا رحيم (خ ل).
432

عذاب النار.
اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم، وفيما تفرق من الأمر
الحكيم في ليلة القدر، من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل ولا يغير، أن تكتبني
من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنبهم،
المكفر عنهم سيئاتهم، واجعل فيما تقضي وتقدر، أن تعتق رقبتي من النار،
يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك ولم يسأل العباد مثلك جودا وكرما، وأرغب إليك
ولم يرغب إلى مثلك، أنت موضع مسألة السائلين، ومنتهى رغبة الراغبين،
أسألك بأعظم المسائل كلها وأفضلها وأنجحها، التي ينبغي للعباد أن
يسألوك بها.
يا الله يا رحمان، وبأسمائك، ما علمت منها وما لم أعلم، وبأسمائك
الحسنى، وأمثالك العليا، وبنعمتك التي لا تحصى، وبأكرم أسمائك
عليك، وأحبها إليك، وأشرفها عندك منزلة، وأقربها منك وسيلة، وأجزلها
منك ثوابا، وأسرعها لديك إجابة.
وباسمك المكنون المخزون، الحي القيوم، الأكبر الأجل الذي تحبه
وتهواه، وترضى عمن دعاك به، وتستجيب له دعاءه، وحق عليك ألا تخيب،
سائلك.
وأسألك بكل اسم هو لك، في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وبكل
اسم دعاك به حملة عرشك، وملائكة سماواتك، وجميع الأصناف من
خلقك، من نبي أو صديق أو شهيد، وبحق الراغبين إليك، المقربين منك،
المتعوذين بك، وبحق مجاوري بيتك الحرام حجاجا ومعتمرين،
ومقدسين، والمجاهدين في سبيلك، وبحق كل عبد متعبد لك، في بر أو
بحر، أو سهل أو جبل.
أدعوك دعاء من قد اشتدت فاقته، وكثرت ذنوبه، وعظم جرمه، وضعف
433

كدحه، دعاء من لا يجد لنفسه سادا، ولا لضعفه مقويا (1)، ولا لذنبه غافرا
غيرك، هاربا إليك، متعوذا بك، متعبدا لك، غير مستكبر (2) ولا مستنكف،
خائفا بائسا فقيرا، مستجيرا بك.
أسألك بعزتك وعظمتك، وجبروتك وسلطانك، وبملكك وببهائك
وجودك وكرمك، وبآلائك وحسنك وجمالك، وبقوتك على ما أردت من
خلقك.
أدعوك يا رب خوفا وطمعا، ورهبة ورغبة، وتخشعا وتملقا، وتضرعا،
وإلحافا وإلحاحا، خاضعا لك، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك.
يا قدوس يا قدوس يا قدوس، يا الله يا الله يا الله، يا رحمان يا رحمان
يا رحمان، يا رحيم يا رحيم يا رحيم، يا رب يا رب يا رب، أعوذ بك يا الله،
الواحد الأحد الصمد الوتر الكبير (3) المتعال.
وأسألك بجميع ما دعوتك به، وبأسمائك التي تملأ أركان عرشك كلها،
أن تصلي على محمد وآل محمد، واغفر لي وارحمني وأوسع علي من
فضلك العظيم، وتقبل مني شهر رمضان، وصيامه وقيامه، وفرضه ونوافله.
واغفر لي وارحمني واعف عني، ولا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك
وعبدتك فيه، ولا تجعل وداعي إياه وداع خروجي من الدنيا.
اللهم أوجب لي من رحمتك ومغفرتك، ورضوانك وخشيتك أفضل
ما أعطيت أحدا ممن عبدك فيه.
اللهم لا تجعلني أخسر من سألك فيه، واجعلني ممن أعتقته في هذا
الشهر من النار، وغفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأوجبت له أفضل
ما رجاك وأمله منك، يا أرحم الراحمين.

1 - معولا (خ ل).
2 - متكبر (خ ل).
3 - المتكبر (خ ل).
434

اللهم ارزقني العود في صيامه، وعبادتك فيه، واجعلني ممن كتبته في
هذا الشهر من حجاج بيتك الحرام، المبرور حجهم، المغفور لهم ذنبهم
المتقبل عملهم، آمين آمين آمين، رب العالمين.
اللهم لا تدع لي فيه ذنبا إلا غفرته ولا خطيئة إلا محوتها، ولا عثرة إلا
أقلتها، ولا دينا إلا قضيته، ولا عيلة إلا أغنيتها، ولا هما إلا فرجته، ولا فاقة إلا
سددتها، وعريا إلا كسوته، ولا مرضا إلا شفيته، ولا داء إلا أذهبته،
ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها على أفضل أملي ورجائي
فيك، يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ولا يذلنا بعد إذ أعززتنا، ولا تضعنا بعد
إذ رفعتنا، ولا تهنا بعد إذ أكرمتنا، ولا تفقرنا بعد إذ أغنيتنا، ولا تمنعنا بعد إذ
أعطيتنا، ولا تحرمنا بعد إذ رزقتنا، ولا تغير شيئا من نعمك علينا، وإحسانك
إلينا لشئ كان من ذنوبنا، ولا لما هو كائن منا، فان في كرمك وعفوك
وفضلك سعة لمغفرة ذنوبنا، فاغفر لنا وتجاوز عنا، ولا تعاقبنا عليها، يا أرحم
الراحمين.
اللهم أكرمني في مجلسي هذا كرامة لا تهينني بعدها أبدا، وأعزني عزا
لا تذلني بعده أبدا، وعافني عافية لا تبتليني بعدها أبدا، وارفعني رفعة
لا تضعني بعدها أبدا، واصرف عني شر كل جبار عنيد، وشر كل قريب
وبعيد، وشر كل صغير وكبير، وشر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي
على صراط مستقيم.
اللهم ما كان (1) في قلبي من شك أو ريبة، أو جحود أو قنوط، أو فرح أو
مرح، أو بطر أو بذخ أو خيلاء، أو رياء أو سمعة، أو شقاق أو نفاق، أو كفر
أو فسوق، أو معصية أو شئ لا تحب عليه وليا لك.

1 - وما كان (خ ل).
435

فأسألك أن تمحوه من قلبي، وتبدلني مكانه إيمانا بك، ورضا بقضائك،
ووفاء بعهدك ووجلا منك، وزهدا في الدنيا، ورغبة فيما عندك، وثقة بك،
وطمأنينة إليك، وتوبة نصوحا إليك.
اللهم إن كنت بلغتناه وإلا فأخر آجالنا إلى قابل حتى تبلغناه في يسر
منك وعافية يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وآله كثيرا ورحمة الله
وبركاته (1).
وداع آخر لشهر رمضان رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد بن موسى التلعكبري
رضي الله عنه باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من ودع شهر رمضان في آخر
ليلة وقال:
اللهم لا تجعله آخر العهد من صيامي لشهر رمضان، وأعوذ بك أن يطلع
فجر هذه الليلة إلا وقد غفرت لي.
غفر الله تعالى له قبل أن يصبح، ورزقه الإنابة إليه (2).
وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في كتب الدعوات:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي لا يدرك العلماء علمه،
ولا يستخف الجهال حلمه، ولا يحسن الخلائق وصفه، ولا يخفى عليه ما في
الصدور، خلق خلقه من غير أصل ولا مثال، بلا تعب ولا نصب ولا تعليم،
ورفع السماوات الموطودات بلا أصحاب ولا أعوان، وبسط الأرض على الهواء
بغير أركان.
علم بلا تعليم (3)، وخلق بلا مثال، علمه بخلقه قبل أن يكونهم، كعلمه بهم
بعد تكوينه لهم، لم يخلق الخلق لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال
ولا نقصان، ولا استعان بخلقه على ضد مكابر، ولا ند مشاور، ما لسلطانه حد،

1 - رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 636 - 642، عنه البحار 98: 176 - 181.
2 - عنه البحار 98: 181.
3 - بغير تعليم (خ ل).
436

ولا لملكه نفاد، تقدس بنور قدسه، دنا فعلا، وعلا فدنا.
فله الحمد حمدا ينتهي من سمائه إلى ما لا نهاية له في اعتلائه، حسن
فعاله، وعظم جلاله، وأوضح برهانه.
فله الحمد زنة الجبال ثقلا، وعدد الماء والثرى، وعدد ما يرى وعدد
ما لا يرى.
الحمد لله الذي كان إذا لم تكن أرض مدحية، ولا سماء مبنية، ولا جبال
مرسية، ولا شمس تجري، ولا قمر يسري، ولا ليل يدجي، ولا نهار يضحي،
اكتفى بحمده عن حمد غيره.
الحمد لله الذي تفرد بالحمد ودعا به، فهو ولي الحمد ومنشئه، وخالقه
وواهبه، ملك فقهر، وحكم فعدل، وأضاء فاستنار، هو كهف الحمد وقراره،
ومنه مبتداه وإليه منتهاه، استخلص الحمد لنفسه، ورضي به ممن حمده.
فهو الواحد بلا نسبة، الدائم بلا مدة، المتفرد بالقوة، المتوحد بالقدرة،
لم يزل ملكه عظيما ومنه قديما، وقوله رحيما، وأسماؤه ظاهرة، رضي من
عباده بعد الصنع أن قالوا: الحمد لله رب العالمين.
والحمد لله مثل جميع ما خلق وزنته، وأضعاف ذلك أضعافا لا تحصى،
على جميع نعمه، وعلى ما هدانا وآتانا وقوانا، بمنه على صيام شهرنا هذا،
ومن علينا بقيام بعض ليله، وآتانا ما لم نستأهله ولم نستوجبه بأعمالنا، فلك الحمد.
اللهم ربنا فأنت مننت علينا في شهرنا هذا بترك لذاتنا، واجتناب
شهواتنا، وذلك من منك علينا لا من مننا (1) عليك، ربنا فليس أعظم الأمرين،
علينا نحول أجسامنا ونصب أبداننا، ولكن أعظم الأمرين.
وأجل المصائب عندنا، أن (2) خرجنا من شهرنا هذا محتقبين الخيبة (3)،

1 - منا (خ ل).
2 - ما ان (خ ل).
3 - احتقب الاثم: جمعه كأنه احتمله من خلفه.
437

محرومين، قد خاب طمعنا وكذب ظننا.
فيا من له صمنا، ووعده صدقنا، وأمره اتبعنا، وإليه رغبنا لا تجعل
الحرمان حظنا، ولا الخيبة جزاءنا، فإنك إن حرمتنا، فأهل ذلك نحن، لسوء
صنيعنا، وكثرة خطايانا، وإن تعف عنا ربنا وتقض حوائجنا، فأنت أهل ذلك
مولانا.
فطالما بالعفو عند الذنوب استقبلتنا، وبالرحمة لدى استيجاب عقوبتك
أدركتنا، وبالتجاوز والستر عند ارتكاب معاصيك كافيتنا، وبالضعف
والوهن، وكثرة الذنوب والعود فيها عرفتنا وبالتجاوز، والعفو عرفناك.
ربنا فمن علينا بعفوك يا كريم، فقد عظمت (1) مصيبتنا وكثر أسفنا
مفارقة شهر كبر فيه أملنا، قد خفي علينا، على أي الحالات فارقنا؟ وبأي
الزاد منه خرجنا؟ أباحتقاب (2) الخيبة لسوء صنيعنا أم بجزيل عطائك بمنك
مولانا وسيدنا، فعلى شهر صومنا العظيم فيه رجاؤنا السلام.
فلو عقلنا مصيبتنا لمفارقة شهر أيام صومنا على ضعف اجتهادنا فيه،
لاشتد لذلك حزننا، وعظم على ما فاتنا فيه من الاجتهاد تلهفنا.
اللهم فاجعل عوضنا من شهر صومنا مغفرتك ورحمتك، ربنا وإن كنت
رحمتنا في شهرنا هذا فذلك ظننا وأملنا، وتلك حاجتنا، فازدد عنا رضا،
وإن كنا حرمنا ذلك بذنوبنا.
فمن الان ربنا لا تفرق جماعتنا حتى تشهد لنا بعتقنا وتعطينا فوق أملنا،
وتزيدنا فوق طلبتنا، وتجعل شهرنا هذا أمانا لنا من عذابك، وعصمة لنا
ما أبقيتنا.
وإن كنت بلغتنا شهر رمضان أيضا فبلغنا غير عائدين في شئ مما تكره،
ولا مخالفين لشئ مما تحب، ثم بارك لنا فيه، واجعلنا أسعد أهله به.

1 - عظم (خ ل).
2 - احتقب فلان الاثم: جمعه.
438

وإن أتت آجالنا دون ذلك، فاجعل الجنة منقلبنا ومصيرنا، واجعل شهرنا
هذا أمانا لنا من أهوالنا ما يرد علينا (1)، واجعل خروجنا إلى مصلانا ومجتمعنا
خروجا من جميع ذنوبنا، وولوجا في سابغات رحمتك، واجعلنا أوجه من
توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأنجح من سألك عاطيته، ودعاك
فأحبته.
وأقبلنا من مصلانا، وقد غفرت لنا ما سلف من ذنوبنا، وعصمتنا في بقية
أعمارنا، وأسعفتنا بحوائجنا، وأعطيتنا جميع الآخرة والدنيا، ثم لا تعدنا في ذنب ولا معصية أبدا، ولا تطعمنا رزقا تكرهه أبدا، واجعل لنا في الحلال مفسحا ومتسعا.
اللهم ونبيك المجيب المكرم الراسخ له في قلوب أمته خالصي المحبة
لصفو نصيحته لهم، وشدة شفقته عليهم، ولتبليغه رسالاتك، وصبره في ذاتك
وتحننه على المؤمنين من عبادك.
فاجزه اللهم عنا أفضل ما جزيت نبيا عن أمته، وصل عليه عدد كلماتك
التامات، أنت وملائكتك، وارفعه إلى أعلى الدرج، وأشرف الغرف، حيث
يغبطه الأولون والآخرون، ونضر (2) وجوهنا بالنظر إليه في جنانك، وأقر أعيننا،
وأنلنا مستشهدا له (3) بالبلاغ والنصيحة.
اللهم وصل على جميع أنبيائك ورسلك، وبلغ أرواحهم منا السلام،
وشهادتنا لهم بالنصيحة والبلاغ، وصل على ملائكتك أجمعين، وأجز نبينا
عنا أفضل الجزاء.
اللهم اغفر لنا ولمن ولدنا من المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم

1 - ترد عليه (خ ل).
2 - النضرة: الحسن والرونق.
3 - فنشهد له (خ ل).
439

والأموات، وأدخل على أسلافنا من أهل الايمان الروح والرحمة (1)، والضياء
والمغفرة.
اللهم انصر جيوش المسلمين، واستنقذ أساراهم، واجعل جائزتك لهم
جنات النعيم.
اللهم اطو لحجاج بيتك الحرام وعماره البعد، وسهل لهم الحزن،
وارجعهم غانمين من كل بر، مغفورا لهم كل ذنب، ومن أوجبت عليه الحج
من أمة محمد صلى الله عليه وآله فيسر له ذلك، واقض عنه فريضتك،
وتقبلها منه، آمين رب العالمين.
اللهم وفرج عن مكروبي أمة أحمد، ومن كان منهم في غم أو هم، أو
ضنك أو مرض، ففرج عنه، وأعظم أجره.
اللهم وكما سألتك فافعل ذلك بنا، وبجميع المؤمنين والمؤمنات،
وأشركنا في صالح دعائهم، وأشركهم في صالح دعائنا.
اللهم اجعل (2) بعضنا على بعض بركة، اللهم وما سألناك، أو لم نسألك،
من جميع الخير كله فأعطناه، وما نعوذ بك منه، أو لم نعذ من جميع الشر
كله، فأعذنا منه برحمتك، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار.
اللهم واجمع لنا خير الآخرة والدنيا وأعذنا من شرهما، يا أرحم
الراحمين (3).
وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في نسخة عتيقة بخط الرضي الموسوي:
اللهم إني أسألك بأحب ما دعيت به، وأرضى ما رضيت به عن محمد

1 - الراحة (خ ل).
2 - واجعل (خ ل).
3 - عنه البحار 98: 184 - 181.
440

وعن أهل بيت محمد (1) عليه وعليهم السلام، أن تصلي عليه وعليهم،
ولا تجعل آخر وداع شهري هذا، وداع خروجي من الدنيا، ولا وداع آخر
عبادتك، ووفقني فيه لليلة القدر، واجعلها لي خيرا من ألف شهر، مع
تضاعف الأجر والإجابة، والعفو عن الذنب برضى الرب (2).
دعاء آخر وجد في عقيب هذا الوداع:
اللهم إني أسألك يا مبدئ البدايا ويا مصور البرايا، ويا خالق السماء،
ويا إله من بقي ومن مضى، ويا من رفع السماء وسطح الأرض، وبأنك تبعث
أرواح أهل البلايا (3) بقدرتك وسلطانك على عبادك وإمائك الأذلاء، وبأنك
تبعث الموتى، وتميت الأحياء وتحيي الموتى، وأنت رب الشعرى، ومناة
الثالثة الأخرى.
صل على محمد وعلى أهل بيت محمد (4)، عدد الحصى والثرى، وصل
على محمد وعلى أهل بيت محمد، صلاة تكون لك رضا.
وارزقني بمنزلته ومنزلتهم في هذا الشهر المبارك النهى والتقى، والصبر
على البلاء، والعون على القضاء، واجعلني من أهل العافية والمعافاة،
وهب لي يقين أهل التقوى، وأعمال أهل النهى.
فإنك تعلم يا إلهي ضعفي عند البلاء، فاستجب لي في شهرك الذي
عظمت بركته الدعاء.
واجعلني إلهي في الدين والدنيا، والآخرة مع من أتولى وأتوالى،
ولا تلحقني بمن مضى من أهل الجحود في هذه الدنيا، واجعلني مع محمد
وأهل بيته عليه وعليهم السلام في كل عافية وبلاء، وكل شدة ورخاء،

1 - أهل بيته (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 184.
3 - البلاء (خ ل).
4 - أهل بيته (خ ل).
5 - عند (خ ل).
441

واحشرني معهم يوم يحشر الناس ضحى، واصرف عني بمنزلته ومنزلتهم
عذاب الآخرة وخزي الدنيا، وفقرها وفاقتها، والبلاء يا مولانا (1)، يا ولي نعمتاه،
آمين آمين يا رباه.
ثم صل على محمد وعلى أهل بيته عليه وعليهم السلام، وسل حوائجك تقضى إن
شاء الله تعالى (2).
وداع آخر لشهر رمضان وجدناه في كتب الدعوات:
الحمد لله على نعمه المتظاهرة، وأياديه الحسنة والجميلة، على ما أولانا
وخصنا بكرامته إيانا وفضله، وعلى ما أنعم به علينا، وتصرم شهرنا المبارك
مقضيا عنا ما افترض علينا من صيامه وقيامه.
أسألك أن تصلي على محمد وآله الطاهرين الطيبين، الذين أذهبت
عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا، وأن تتقبل منا، وأن ترزقنا ما تؤتينا فيه من
الأجر، وتعطينا ما أملنا ورجونا فيه من الثواب، وأن تزكي أعمالنا، وتتقبل
إحساننا، فإنك ولي النعمة كلها، وإليك الرغبة بجودك وكرمك، آمين رب
العالمين (3).
فصل: واعلم أنك تدعي في بعض هذه الوداعات أن شهر رمضان أحزنك فراقه
وفقده، وأوجعك ما فاتك من فضله ورفده، فيراد منك تصديق هذه الدعوى بأن يكون
على وجهك أثر الحزن والبلوى، ولا تختم آخر يوم منه بالكذب في المقال، والخلل في
الفعال (4).
ومن وظائف الشيعة الإمامية بل من وظائف الأمة المحمدية أن يستوحشوا في هذه
الأوقات، ويتأسفوا عند أمثال هذه المقامات على ما فاتهم من أيام المهدي الذي بشرهم

1 - يا مولاه (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 185 - 184.
3 - عنه البحار 98: 185.
4 - الافعال (خ ل).
442

ووعدهم به جده محمد عليهما أفضل الصلوات على قدومه، ما لو كان حاضرا ظفروا به من
السعادات، ليراهم الله جل جلاله على قدم الصفا والوفاء لملوكهم الذين كانوا سبب
سعادتهم في الدنيا ويوم الوعيد وليقولوا ما معناه:
أردد طرفي في الديار فلا أرى * وجوه أحبائي الذين أريد
فالمصيبة بفقده على أهل الأديان، أعظم من المصيبة بفقد شهر رمضان، فلو كانوا
قد فقدوا والدا شفيقا أو أخا معاضدا شقيقا، أو ولدا بارا رفيقا، أما كانوا يستوحشون
لفقده، ويتوجعون لبعده، وأين الانتفاع بهؤلاء من الانتفاع بالمهدي خليفة خاتم
الأنبياء، وإمام عيسى بن مريم في الصلاة والولاء، ومزيل أنواع البلاء ومصلح أمور جميع
من تحت السماء.
ذكر ما يحسن أن يكون أواخر ملاطفته لمالك نعمته، واستدعاء رحمته:
وهو ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله
عنه باسناده إلى محمد بن عجلان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
كان علي بن الحسين عليه إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة،
وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده أذنب فلان، أذنبت فلانة، يوم كذا وكذا،
ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الأدب (1).
حتى إذا كان آخر الليلة من شهر رمضان، دعاهم وجمعهم حوله، ثم أظهر الكتاب
ثم قال: يا فلان فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك أتذكر ذلك؟ فيقول:
بلى يا بن رسول الله،
حتى يأتي على آخرهم ويقررهم جميعا.
ثم يقول وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين إن بك قد
أحصى عليك كل ما عملت، كما أحصيت علينا كل ما عملنا، ولديه كتاب ينطق
عليك بالحق، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها، وتجد كل ما عملت لديه
حاضرا، كما وجدنا كل ما عملنا لديك حاضرا، واصفح كما ترجو من المليك

1 - الآداب (خ ل).
443

العفو وكما تحب أن يعفو المليك عنك، فاعف عنا تجده عفوا، وبك رحيما، ولك غفورا،
ولا يظلم ربك أحدا، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحق، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما
أتيناها إلا أحصاها.
فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل الذي لا يظلم
مثقال حبة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة، وكفى بالله حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح
يعفو عنك المليك ويصفح، فإنه يقول: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم) (1).
قال: وهو ينادي بذلك على نفسه ويلقنهم، وهم ينادون معه، وهو واقف بينهم
يبكي وينوح، ويقول: رب إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا فقد ظلمنا أنفسنا، فنحن قد عفونا عمن
ظلمنا، كما أمرت، فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نرد
سائلا عن أبوابنا، وقد أتيناك سؤالا (2) ومساكين، وقد أنخنا بفنائك وببابك، نطلب
نائلك ومعروفك وعطاءك، فامنن بذلك علينا، ولا تخيبنا فإنك أولى بذلك منا ومن
المأمورين، إلهي كرمت فأكرمي، إذ كنت من سؤالك، وجدت بالمعروف فاخلطني
بأهل نوالك يا كريم.
ثم يقبل عليهم ويقول: قد عفوت عنكم فهل عفوتم عني ومما كان مني إليكم من
سوء ملكة، فاني مليك سوء، لئيم ظالم، مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضل،
فيقولون: قد عفونا عنك يا سيدنا وما أسأت.
فيقول لهم قولوا: اللهم أعف عن علي بن الحسين كما عفى عنا، وأعتقه من النار
كما أعتق رقابنا من الرق، فيقولون ذلك، فيقول: اللهم آمين يا رب العالمين، اذهبوا فقد
عفوت عنكم، وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي فيعتقهم.
فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عما في أيدي الناس، وما من
سنة إلا وكان يعتق فيها آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلى أقل أو أكثر.

1 - النور: 22.
2 - سائلا (خ ل).
444

وكان يقول: إن لله تعالى في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف
ألف عتيق من النار، كلا قد استوجب (1) النار، فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان
أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، وإني لأحب أن يراني الله، وقد أعتقت رقابا في ملكي
في دار الدنيا، رجاء أن يعتق رقبتي من النار.
وما استخدم خادما فوق حول، كان إذا ملك عبدا في أول السنة أو في وسط السنة،
إذا كان ليلة الفطر أعتق واستبدل سواهم في الحول الثاني، ثم أعتق كذلك كان يفعل
حتى لحق بالله تعالى، ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم حاجة يأتي بهم إلى
عرفات، فيسد بهم تلك الفرج والخلال، فإذا أفاض أمر بعتق رقابهم وجوائز لهم من
المال (2).
أقول: ومن وظائف هذه الليلة أن يختم عملها على الوجه الذي قدمناه في أول ليلة
منه، فإياك أن تهون به أو تعرض عنه.

1 - استوجبوا (خ ل).
2 - عنه البحار 46: 105، 98: 186 - 187، عنه مختصرا الوسائل 10: 317.
445

الباب الخامس والثلاثون
فيما نذكره من عمل آخر يوم من شهر رمضان
وفيه عدة دعوات وزيادات
منها: الدعوات المتكررة كل يوم من شهر الصيام، وقد قدمنا ذكرها في أول يوم من
الشهر.
ومنها: ما يختص بيوم الثلاثين من الفصول الثلاثين:
فمن ذلك ما وجدناه في نسخة عتيقة من كتب الدعوات، ما يقال آخر يوم من شهر
رمضان:
اللهم انك أرحم الراحمين لا إله إلا أنت، تفضلت علينا فهديتنا، ومننت
علينا فعرفتنا، وأحسنت إلينا فأعنتنا على أداء ما افترضت علينا من صيام
شهرك شهر رمضان.
فلك الحمد بمحامدك كلها على جميع نعمائك كلها، حتى ينتهي
الحمد إلى ما تحب وترضى (1).
وهذا آخر يوم من شهر رمضان فإذا انقضى فاختمه لنا بالسعادة والرحمة
والمغفرة، والرزق الواسع الكثير الطيب، الذي لا حساب فيه ولا عذاب عليه،

1 - ترضاه (خ ل).
446

والبركة والفوز والفوز بالجنة، والعتق من النار، ولا تجعله آخر العهد منه، وأهله
علينا، بأفضل الخير والبركة (1) والسرور علي، وعلى أهلي ووالدي وذريتي
يا كريم.
اللهم هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن هدى للناس وبينات من
الهدى والفرقان وقد تصرم، فأعوذ بوجهك الكريم أن تغيب الشمس من هذا
اليوم، أو يطلع الفجر من هذه الليلة، ولك قبلي ذنب أو تبعة، تريد أن
تعذبني عليها (2) يوم ألقاك.
أي ملين الحديد لداود، أي كاشف الكرب العظيم عن أيوب، صل على
محمد وعلى أهل بيت محمد وهب لي فكاك رقبتي من النار وكل تبعة
وذنب لك قبلي، واختم لي بالرضا والجنة.
يا الله يا أرحم الراحمين، صل على محمد وعلى أهل بيته المباركين
الأخيار وسلم تسليما.
ومن ذلك ما وجدناه في كتب الدعوات: دعاء اليوم الثلاثين من شهر رمضان:
سبحان الله رب السماوات والأرض، جاعل الملائكة رسلا، أولي
أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شئ
قدير، ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك له، وما يمسك فلا مرسل له من
بعده، وهو العزيز الحكيم.
سبحان الله بارئ النسم، سبحان الله المصور، سبحان الله خالق
الأزواج كلها، سبحان الله جاعل الظلمات والنور، سبحان الله فالق الحب
والنوى، سبحان الله خالق كل شئ، سبحان الله خالق ما يرى وما لا يرى،
سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله رب العالمين.

1 - الكرامة (خ ل).
2 - بها (خ ل).
447

دعاء آخر في آخر منه:
اللهم اجعل صيامي فيه (1) بالشكر والقبول، على ما ترضاه ويرضاه
الرسول، محكمة فروعه بالأصول، بحق محمد (2) وآله الطيبين الطاهرين
الأخيار الأبرار صلى الله عليهم.
ومنها: اعتبار جريدة أعمالك من أول الشهر إلى آخر يوم منه وقبل انفصاله.
فيجلس بين يدي مالك يوم الحساب على التراب أو بحسب ما يتهيأ جلوسه عليه
بلزوم الآداب، ويحاسب نفسه محاسبة المملوك الضعيف الحقير مع مالكه المطلع على
الكبير والصغير.
فينظر ما كان عليه من حيث دخل دار ضيافة الله جل جلاله والحضور بين يديه،
ويعتبر معارفه بالله جل جلاله وبرسوله صلوات الله عليه وآله، وبخاصته وبما عرفته من
الأمور التي هي من مهام تكليفه في دنياه وتشريفه في آخرته.
وهل ازداد معرفة بها وحبا هلا واقبالا عليها ونشاطا وميلا إليها، أم حاله في التقصير
على ما دخل عليه في أول الشهر من سوء التدبير، وكذلك حال رضاه بتدبير الله جل
جلاله هل هو قام في جميع أموره، أو تارة يرضى وتارة يكره ما يختاره الله جل جلاله من
تدبيره.
وكيف توكله على الله جل جلاله، هل هو على غاية ما يراد منه من السكون إلى
مولاه، أو يحتاج إلى الثقة بالله جل جلاله إلى غير الله جل جلاله من علائق دنياه.
وكيف تفويضه إلى مالك أمره، وكيف استحضاره بمراقبة (3) اطلاع الله جل جلاله
على سره، وكيف انسه بالله في خلواته وجلواته، وكيف وثوقه بوعود الله جل جلاله
وتصديقه لانجاز عداته، وكيف ايثاره لله جل جلاله على من سواه.
وكيف حبه له وطلب قربه منه واهتمامه بتحصيل رضاه، وكيف شوقه إلى

1 - في هذا اليوم (خ ل).
2 - بحق سيدنا محمد (خ ل).
3 - المراقبة (خ ل).
448

الخلاص من دار الابتلاء والانتقال إلى منازل الأمان من الجفاء.
وهل هو مستثقل من التكليف، أو يعتقد ان ذلك من أفضل التشريف، وكيف
كراهته لما كره الله جل جلاله من الغيبة والكذب، والنميمة والحسد، وحب الرياسة،
وكلما يشغله عن مالك دنياه ومعاده.
وغير ذلك من الأسقام للأديان التي تعرض لإنسان دون انسان، وفي زمان دون
زمان، بكل (1) مرض كان قد زال حمد الله جل جلاله على زواله، وقام بما يتهيأ له من
قضاء حق انعام الله جل جلاله وإفضاله.
وليكن سروره بزوال أمراض الأديان أهم عنده من زوال أمراض الأبدان، وأكمل
من المسار بالظفر بالغنى بالدرهم والدينار، ليكون عليه شعار التصديق بمقدار التفاوت
بين الانتفاع بالدنيا الفانية والآخرة الباقية.
أقول: فان رأى شيئا من أمراضه وسوء أغراضه قد تخلف وما نفع فيه علاج الشهر
بعبادته، فليعتقد ان الذنب له وإنما أتاه البلاء من جهته، فيبكي بين يدي مالك رقبته
ويستعين برحمته على ازالته.
ومنها: دعاء ختم القرآن:
فلا أقل أن يكون قد ختم واحدة في طول شهر رمضان، كما تقدم ذكره في
بعض الأخبار، لمن يريد ان يقرء بتفكر وتدبر واعتبار.
وسيأتي في هذا الفصل كلمات تختص بالنبي والأئمة وعليه وعليهم السلام، فإذا أراد
غيرهم تلاوتها فيبدلهما بما يناسب حاله من الكلام، وهي قوله عليه السلام: (وورثتنا
علمه مفسرا - إلى قوله: - فصل على محمد الخطيب به).
وروى باسناد متصل (2) إلى أبي المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني باسناده
إلى مولانا علي بن الحسين عليهما السلام قال: وكان من دعائه عليه السلام عند ختم
القرآن:

1 - فبكل (خ ل).
2 - باسناد صحيح متصل (خ ل).
449

اللهم إنك أعنتني على ختم كتابك، الذي أنزلته نورا، وجعلته مهيمنا (1)
على كل كتاب أنزلته، وفضلته على كل حديث قصصته، وفرقانا فرقت به
بين حلالك وحرامك، وقرانا أعربت (2) به عن شرايع أحكامك، وكتابا فصلته
لعبادك تفصيلا، ووحيا أنزلته على نبيك محمد صلى الله عليه وآله له
تنزيلا.
وجعلته نورا تهتدي به من ظلم الضلالة، والجهالة باتباعه، وشفاء لمن
أنعمت بفهم التصديق إلى استماعه، وميزان قسط لا يحيف عن الحق (3)
لسانه، ونور هدى لا يطفأ عن (4) الشاهدين برهانه، وعلم نجاة لا يضل من أم
سنته، ولا تنال أيدي الهلكات من تعلق بعروة عصمته.
اللهم فإذ قد أفدتنا (5) المعونة على تلاوته، وسهلت حواشي (6) ألسنتنا
بحسن عبارته، فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته، ويدين لك بالتسليم (7) لمحكم
آياته، ويفزع إلى الاقرار بمتشابهه وموضحات بيناته (8).
اللهم إنك أنزلته على نبيك محمد صلى الله عليه وآله مجملا، وألهمته
علم عجائبه مكملا، وورثتنا علمه مفسرا (9)، وفضلتنا على من جهل علمه،
وقويتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله.
اللهم فكما جعلت (10) قلوبنا له حملة وعرفتنا برأفتك (11) شرفه وفضله،

1 - المهيمن: اما مأخوذ من الأمن وأصله ما امن قلبت الهمزة الثانية ياء والأولى هاء، أو بمعنى الأمير والمؤتمن.
2 - عربت (خ ل).
3 - لا يحيف على الخلق (خ ل).
4 - على (خ ل).
5 - وإذ قدامدوتنا (خ ل).
6 - جواسي (خ ل).
7 - باعتقاد التسليم (خ ل).
8 - محكم (خ ل).
9 - مفصلا (خ ل).
10 - فإذ قد جعلت (خ ل).
11 - برحمتك.
450

فصل على محمد الخطيب به، وعلى آله الخزان له، واجعلنا ممن يعترف
بأنه من عندك حتى لا يعارضنا (1) الشك في تصديقه، ولا يختلجنا الزيغ عن
قصد طريقه.
اللهم (2) واجعلنا ممن يعتصم بحبله، ويأوي من المتشابهات إلى حرز
معقله (3)، ويسكن في ظل جناحه، ويهتدي بضوء صباحه (4)، ويقتدي بتبلج
أسفاره، ويستصبح بمصباحه، ولا يلتمس الهدى من غيره.
اللهم وكما نصبت به محمدا صلى الله عليه وآله علما للدلالة عليك،
وأنهجت بآله سبيل الوصول (5) إليك، فصل على محمد وآله واجعل القرآن
وسيلة لنا إلى أشرف منازل الكرامة، وسلما نعرج فيه إلى محل السلامة،
وسببا نجزى به النجاة في عرصة القيامة، وذريعة نقدم بها على نعيم دار
المقامة.
اللهم صل على محمد وآله واحطط بالقرآن عنا ثقل الأوزار، وهب لنا
حسن شمائل (6) الأبرار، واقف بنا آثار الذين قاموا لك به، آناء الليل وأطرف
النهار، حتى تطهرنا من كل دنس بتطهيره وتقفو بنا آثار الذين استضاؤا
بنوره، ولم يلههم الأمل عن العمل فيقطعهم بخدع غروره.
اللهم صل على محمد وآله (7) واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنسا،
ومن نزعات الشياطين (8) وخطرات الوساوس حارسا، ولاقدامنا عن نقلها إلى
المعاصي حابسا، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير مآفة مخرسا،

1 - لا يعترضنا (خ ل).
2 - اللهم صل على محمد وآله واجعلنا (خ ل).
3 - معقل - كمنزل - الملجأ.
4 - مصباحه (خ ل).
5 - سبل الرضا (خ ل).
6 - الشمال: الطبع، الجمع: الشمائل.
7 - آل محمد (خ ل).
8 - الشيطان (خ ل).
451

ولجوارحنا عن اقتراب الآثام زاجرا، ولما طوت الغفلة عنا من تصفح الاعتبار
ناشدا، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه وزواجر أمثاله، التي ضعفت
الجبال الرواسي (1) على صلابتها عن احتماله.
اللهم صل على محمد وآله وادم بالقرآن صلاح ظاهرنا، واحجب به
خطرات الوساوس عن صحة ضمائرنا، واغسل به زيغ (2) قلوبنا وعلائق
أوزارنا، واجمع به منتشر أمورنا وارو به في موقف الأرض عليك ظمأ
هواجرنا، واكسنا به حلل الأمان يوم الفزع الأكبر في يوم نشورنا.
اللهم صل على محمد وآله واجبر بالقرآن خلتنا من عدم الاملاق، وسق
إلينا به رغد العيش وخصب سعة الأرزاق، وجنبنا به من الضرائب (3) المذمومة
ومداني (4) الأخلاق، واعصمنا به من هوة الكفر ودواعي النفاق، حتى يكون
لنا في القيامة إلى رضوانك وجنانك (5) قائدا، ولنا في الدنيا عن سخطك
وتعدي حدودك ذائدا (6)، ولنا (7) عندك بتحليل حلاله وتحريم حرامه شاهدا.
اللهم صل على محمد وآله وهون بالقرآن عند الموت على أنفسنا كرب
السياق (8)، وجهد الأنين، وترادف الحشارج إذا بغلت النفوس (9) التراقي وقيل
من راق، وتجلى ملك الموت لقبضها من حجب الغيوب.
ورماها عن قوس المنايا بسهم (10) وحشة الفراق، (وداف لها من ضعاف

1 - رس الشئ: إذا ثبت.
2 - درن، رين (خ ل).
3 - الضريبة: الطبيعة.
4 - مرام (خ ل).
5 - جنانك (خ ل).
6 - ذائدا، طاردا.
7 - لما (خ ل).
8 - ساق المريض سوقا وسياقا: شرع في نزع الروح.
9 - النفس (خ ل).
10 - بأسهم (خ ل).
452

الموت كأسا مسمومة المذاق) (1)، ودنا منا إلى الآخرة رحيل وانطلاق،
وصارت الأعمال قلائد في الأعناق، وكانت القبور هي المأوى إلى ميعاد (2)
يوم التلاق.
اللهم صل على محمد وآله وبارك لنا في حلول دار البلى وطول المقامة
بين أطباق الثرى، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا، وافسح لنا
برحمتك في ضيق ملاحدنا، ولا تفضحنا في حاضري القيامة بموبقات
آثامنا.
وارحم بالقرآن في موقف العرض عليك ذل مقامنا، وثبت به عند
اضطراب جسر جهنم يوم المجاز عليها زلل أقدامنا، ونجنا به من كل كرب
يوم القيامة وشدائد أهوال يوم الطامة، وبيض به وجوهنا (3) يوم تسود وجوه
الظلمة في يوم الحسرة والندامة، واجعل لنا في صدور المؤمنين ودا،
ولا تجعل الحياة علينا نكدا.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما بلغ رسالاتك (4)، وصدع
بأمرك، ونصح لعبادك.
اللهم اجعل بنبينا صلواتك عليه وآله يوم القيامة أقرب النبيين منك
مجلسا، وأمكنهم منك شفاعة، وأجلهم عندك قدرا، وأوجههم عندك جاها.
اللهم صل على محمد وآل محمد وشرف بنيانه، وعظم برهانه، وثقل
ميزانه، وتقبل شفاعته، وقرب وسيلته، وبيض وجهه، وأتم نوره وارفع
درجته، وأحينا على سنته، وتوفنا على ملته، وخذ بنا منهاجه.
واسلك بنا سبيله، واجعلنا من أهل طاعته، واحشرنا في زمرته، وأوردنا

1 - ليس في بعض النسخ.
2 - ميقات (خ ل).
3 - بيض وجوهنا (خ ل).
4 - رسالتك (خ ل).
453

حوضه، واسقنا بكأسه، وصل على محمد وآله صلاة تبلغه بها أفضل ما يأمل
من خيرك وفضلك وكرامتك، إنك ذو رحمة واسعة. وفضل كريم.
اللهم اجزه بما بلغ من رسالاتك، وأدي من آياتك، ونصح لعبادك،
وجاهد في سبيلك، أفضل ما جزيت أحدا من ملائكتك المقربين، وأنبياءك
المرسلين المصطفين، والسلام عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ورحمة الله
وبركاته (1).
ومنها: كيف يختم آخر أعماله وكيف يتحرز من دعاء النبي صلى الله عليه وآله
حيث قال: من انسلخ من شهر رمضان ولم يغفر له فلا غفر الله له، فإنها من أصعب
الدعوات وأخطر الهلكات.
فليعمل على ما حررناه في الجزء الأول من كتاب المهمات والتتمات، عند آخر كل
نهار من تدبير المحاسبات، وان لم يحضره كتابنا المشار إليه وطلب ان نذكر هاهنا مما
لابد له مما يعتمد عليه:
فمن ذلك: ان يتوب إلى الله جل جلاله على قدر الخطر الذي بين يديه، فان توفقت
نفسه عن الصدق في التوبة والندم على ما فات وترك ما هو آت، وعرف منها ركوب
مطايا الاصرار،، ولا يقدم ان يلقى الله جل جلاله بالبهت، وهو مطلع على الاسرار،
فيطلب من ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين عفوه الذي عامل به المسيئين وبسط به آمال
المسرفين، فقد يعفو المولى عن عبده وهو غير راض عنه.
وليكن طلبه للعفو على قدر ما وقع منه، فان طلب العفو عن الذنب الكبير ما يكون
مثل طلب العفو من عبد من الصغير، ولا يكون طلب العفو من مالك الدنيا والآخرة، مثل
طلب العفو من عبد من عبيده تؤل حاله إلى القبور الداثرة.
أقول: فان صدق في طلب العفو على قدر سوء حاله، وعلى قدر عظمة الله جل
جلاله، فان الله جل جلاله أهل أن يرحمه ويصدقه في آماله.

1 - رواه الشيخ في مصباحه: 519، والكفعمي في مصباحه: 462، بلد الأمين 475، والقندوزي في ينابيع المودة:
503 (قطعه)، وفي الصحيفة السجادية الكاملة، الدعاء 42.
454

أقول: وان جنحت نفس العبد عن طلب العفو على قدر الذنب ومقدار ما يليق
بالرب، فليفد نفسه إلى مجلس القود منه (1)، إذا لم يطمع في العفو عنه، ويكون عليه آثار
صدق الحضور بين يدي من يستقيد من مهجته ونفسه، خاضعة خائفة من الاستقصاء
عليه في مؤاخذته.
أقول: فان تعذر عليه حصول الصدق في هذه الحال، وأبت نفسه المعودة للاهمال
الا أن يكون حديثها لله جل جلاله وبين يديه بمجرد اللفظ والمقال، والقلب خال عن
الاقبال، فليشرع في دعاء أهل البلاء والابتلاء.
فقد بلغ إجابة الدعاء إلى إبليس المصر على الذنوب، حيث قال عنه علام الغيوب
في سؤاله: اجعلني من المنظرين، فقال له في حال الغضب عليه: (إنك من المنظرين * إلى يوم
الوقت المعلوم) (2).
ويجتهد على عبرات تطفئ نيران الغضب، وعلى دعوات معروفة بلزوم الأدب،
وتسليم العمل الذي عمله في شهره، إلى من كان قد جعله خفيرا وحاميا ومالكا لأمره،
فلعل الله جل جلاله لعنايته بخاصته يقبل العمل من يد نائبه الحافظ لشريعته، ويتمم
ما فيه من النقصان وتربح ما اشتملت عليه بضاعته من الخسران إن شاء الله تعالى.
ومنها: الاستعداد لدخول شوال واطلاق الشياطين الذين كانوا في الاعتقال (3):
واعلم أن كل عارف باخبار صاحب النبوة واسرارها، ومهتد بآثارها وأنوارها، يكون عنده تصديق باعتقال الشياطين في أول شهر رمضان، اطلاقهم عند انفصال
الشهر، وتمكنهم من الانسان.
فليكن على وجه العبد الصائم وظاهر أحواله اثر التصديق بقول النبي صلى الله
عليه وآله، ويتصل في السلامة عن الأعداء المطلقين على قدر ضررهم واجتهادهم في
افساد الدنيا والدين، على صفة ما لو كان جيش الأعداء قد هجم عليه، فاعتقلهم سلطان

1 - عنه (خ ل).
2 - الأعراف: 15 - 16، الحجر: 37 - 38، ص: 80 - 81.
3 - الأغلال (خ ل).
455

أقوى منهم، ومنعهم من الإساءة إليه، ثم عاد السلطان القوى أطلقهم ومكنهم منه، وهم
يقصدون هذا العبد ولا يرجعون عنه، فليرجع إلى باب ذلك السلطان القاهر.
فالذل له في منعهم عن هلاكه في الوقت الحاضر أيسر وأكمل وأحمد عاقبة من
الاشتغال بالذل لهم أو بمحاربتهم، وهو أقوى منه، فيشغلونه عن صلاح أعماله، ومالا بد
له منه، فان الله جل جلاله قادر أن يقويه، وإن كان ضعيفا، كما أخرجه من العدم إلى
الوجود ولم يزل به برا لطيفا.
456

الباب السادس والثلاثون
فيما نذكره مما يختص بليلة عيد الفطر
وهي عدة مقامات
فمنها: الغسل المندوب المشتمل على غسل الأجساد بالماء، وغسل القلوب من
الذنوب، وروي انه يغتسل قبل الغروب من ليلته إذا علم أنها ليلة العيد، وروي انه
يغتسل أواخر ليلة العيد (1).
ومنها: ان يعرف قدر المنة لله جل جلاله، كيف عرفك ما عرفت من فضله،
وأدخلك في شهر الصيام (2) تحت ظله، ووصل حبلك بحبله، ووفقك للاقبال عليه، وكما
تشرفت به من الأدب بين يديه، وتكون مشغولا بالشكر والحمد لله والثناء عليه عن
طلب شئ من الحوائج إليه، فإنه يوشك إذا رآك الله جل جلاله قد قدمت الاشتغال
بتقديس مجده وتعظيم حمده عن طلب رفده، اقتضى ذلك الكرم والجود ان
يزيدك عمن لم يكن مثلك في الوفود.
ومنها: ان تفهم معنى العيد الموجود، وانه من مقامات السعود وانجاز الوعود، واقبال
الله تعالى على العبيد واحضارهم بين يدي مقدس سرادق المجيد، واطلاق خلع
الحب على القلب ونشر ألوية القرب من الرب، واشراق شموس الاقبال على وجوه:

1 - عنه الوسائل 3: 328، البحار 91: 115.
2 - شهر رمضان (خ ل).
457

الآمال، وتباشر الأعمال والابتهال بالقبول وإجابة السؤال، وتقديم الممالك والاتكاء
على الأرائك وتسليم مفاتيح دار الرضا والرضوان، وسطر كتب الأمن والأمان، وتهيئة
ما يحتاج هذا العبد المسعود إليه في المنزل الذي يقدم عليه.
ومنها: الاقبال على صلاة الغروب بفرحة القلوب بتقريب علام الغيوب، وتقديم
قدم الإنابة إلى محل الإجابة، والدعاء عقيب نافلة المغرب، المردف بالتوبة والاستغفار،
المطلق من وثاق الاصرار.
وهو مما رواه جماعة من أصحابنا بعدة طرق: فمنهم من ذكره عقيب نوافلها، ومنهم
من ذكر انه يقال وقائله غير ساجد، ومنهم من روى أنه يقول في سجوده.
ونحن نذكر الرواية التي تتضمن ذكره بعد نوافل المغرب:
وهو مروي باسناد متصل إلى الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
ان الناس يقولون: ان المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر؟ فقال: يا حسن
ان القار يجار (1) إنما يعطى أجره عند فراغه، وذلك ليلة العيد (2) قلت: جعلت فداك
فما ينبغي ان نفعل فيها؟ قال:
إذا غربت الشمس فاغتسل، فإذا صليت المغرب والأربع التي بعدها فارفع يديك وقل:
يا ذا المن والطول (3) يا ذا الجود، يا مصطفى محمد وناصره، صل على
محمد وآل محمد واغفر لي كل ذنب أحصيته، وهو عندك في كتاب مبين.
ثم تخر ساجدا وتقول مأة مرة: أتوب إلى الله، وأنت ساجد.
ثم تسأل حاجتك فإنها تقضى إن شاء الله تعالى (4).
ومنها: التكبير بعد هذا الدعاء والتمجيد وبعد صلاة عشاء الآخرة وبعد صلاة الفجر
وصلاة العيد، تعظيما لجلالة مولاك، واعترافا بحق ما أولاك:

1 - معرب كارگر.
2 - في الأصل: من ذلك، وما أثبتناه مطابق لسائر المصادر.
3 - يا ذا الطول (خ ل).
4 - عنه البحار 91: 115، رواه الكليني في الكافي 4: 167، والصدوق في الفقيه 2: 109، علل الشرائع 2: 75،
والشيخ في مصباح المتهجد 2: 648، التهذيب 1: 32.
458

رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه باسناده إلى
معاوية عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في الفطر تكبيرا، قلت:
متى؟ قال: في المغرب ليلة الفطر والعشاء وصلاة العيد، ثم ينقطع، وهو
قول الله تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم) (1)، والتكبير أن يقول:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، ولله الحمد (2)
على ما هدينا، وله الشكر على ما لولانا. (3)
وان قدم هذا التكبير عقيب صلاة المغرب وقيل نوافلها كان أقرب إلى التوفيق (4).
ومنها: ركعتان بين العشائين:
رواهما الحارث الأعور ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يصلي ليلة الفطر بعد
المغرب ونافلتها ركعتين، يقرء في الأولى فاتحة الكتاب ومأة مرة (قل هو الله أحد)، وفي
الثانية فاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) مرة، ثم يقنت ويركع ويسجد ويسلم.
ثم يخر لله ساجدا، ويقول في سجوده: أتوب إلى الله، مأة مرة.
ثم يقول: والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد فيسأل الله تعالى شيئا الا أعطاه
الله تعالى، ولو اتاه من الذنوب مثل رمل عالج (5).
ومنها: صلوات فضائلها باهرة بعد العشاء الآخرة:
فمن ذلك ما رويناه عن محمد بن بابويه من كتاب ثواب الأعمال مما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من صلى ليلة العيد ست ركعات، يقرء في كل ركعة
خمس مرات (قل هو الله أحد) الا شفع في أهل بيته كلهم، وان كانوا قد وجبت لهم
النار - الخبر (6).

1 - البقرة: 185.
2 - لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد (خ ل).
3 - أبلانا (خ ل).
4 - عنه البحار 91: 116، روى التكبير الشيخ في مصباحه: 649.
5 - عنه الوسائل 8: 84، البحار 91: 119، رواه الشيخ في التهذيب 3: 71، والمفيد في المقنعة: 28.
6 - ثواب الأعمال: 101، أقول: نقل المصنف الحديث بالمضمون.
459

ومن ذلك ما ذكره صاحب كتاب الكافي غير الكليني، ورويناه عن أبي جعفر بن
بابويه من كتاب ثواب الأعمال في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من
صلى ليلة عيد الفطر عشر ركعات بالحمد مرة والاخلاص عشر مرات، ويقول مكان
تسبيح الركوع والسجود: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
ويسلم بين كل ركعتين ويستغفر الله الف مرة بعد الفراغ، ويقول في سجدة
الشكر:
يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والاكرام، يا رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما،
يا ارحم الراحمين، يا اله الأولين والآخرين، اغفر لي ذنوبي وتقبل صومي
وصلاتي.
لم يرفع رأسه من السجود حتى يغفر له ويتقبل منه صومه ويتجاوز عن ذنوبه. (1)
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري
رضي الله عنه باسناده عن الحارث الأعور ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يصلي
ليلة الفطر ركعتين، يقرء في الأولى فاتحة الكتاب مرة و (قل هو الله أحد) ألف مرة، وفي
الثانية فاتحة الكتاب و (قل هو الله أحد) مرة واحدة، ثم ركع ويسجد.
فإذا سلم خر ساجدا ويقول في سجوده: أتوب إلى الله - مأة مرة، ثم يقول:
يا ذا المن والجود، يا ذا المن والطول، يا مصطفى محمد، صل على محمد
وآله وافعل بي كذا وكذا.
فإذا رفع رأسه اقبل رأسه اقبل علينا بوجهه ثم يقول: والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل
الله تعالى شيئا الا أعطاه، ولو اتاه من الذنوب بعدد رمل عالج غفر (2) الله تعالى له (3).
ومن ذلك ما رواه محمد بن أبي قرة في كتابه عمل شهر رمضان، باسناده إلى

1 - رواه الصدوق في ثواب الأعمال: 100، عنه الوسائل 8: 87.
2 - غفرها (خ ل).
3 - عنه الوسائل 8: 84، البحار 91: 120، رواه الكليني في الكافي 4: 167.
460

الحسن بن راشد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
من صلى ليلة الفطر ركعتين، يقرء في الأولى الحمد مرة و (قل هو الله أحد) ألف مرة، وفي
الثانية الحمد و (قل هو الله أحد) مرة واحدة، لم يسأل الله تعالى شيئا الا أعطاه.
الدعاء في دبرها:
يا الله يا الله يا الله، يا رحمان يا الله، (يا رحيم يا الله) (1)، يا مليك يا الله،
يا قدوس يا الله، يا سلام يا الله، يا مؤمن يا الله، يا مهيمن يا الله، يا عزيز يا الله،
يا جبار يا الله (2)، يا متكبر يا الله، يا خالق يا الله، يا بارئ يا الله.
يا مصور يا الله، يا عالم يا الله، يا عظيم يا الله، يا كريم يا الله، يا حليم
يا الله، يا حكيم يا الله، يا سميع يا الله، يا بصير يا الله، يا قريب يا الله، يا مجيب
يا الله، يا جواد يا الله، يا واحد يا الله، يا ولي (3) يا الله (4).
يا وفي يا الله، يا مولى يا الله، يا قاضي يا الله، يا سريع يا الله، يا شديد
يا الله، يا رؤوف يا الله، يا رقيب يا الله، يا مجيب يا الله، يا جواد يا الله، يا ماجد
يا الله، يا علي يا الله، يا حفيظ يا الله.
يا محيط يا الله، يا سيد السادات يا الله، يا أول يا الله، يا آخر يا الله، يا ظاهر
يا الله، يا باطن يا الله، يا فاطر يا الله، يا قاهر يا الله، يا رباه يا الله، يا رباه يا الله،
يا رباه يا الله، يا رباه يا الله، يا رباه يا الله، (يا رباه يا الله) (5).
يا ودود يا الله، يا نور يا الله، يا دافع يا الله (6)، يا مانع يا الله، [يا رافع يا الله] (7)،
يا فاتح يا الله، يا نفاع يا الله، يا جليل يا الله، يا جميل يا الله، يا شهيد يا الله،

1 - ليس في بعض النسخ.
2 - زيادة: يا حنان يا الله (خ ل).
3 - ملئ (خ ل).
4 - زيادة: يا مكرم يا الله (خ ل).
5 - ليس في بعض النسخ.
6 - زيادة: يا نافع يا الله (خ ل).
7 - من البحار.
461

يا شاهد يا الله، يا مغيث يا الله، يا حبيب يا الله، يا فاطر يا الله، يا مطهر يا الله.
يا مالك يا الله، يا مقتدر يا الله، يا قابض يا الله، يا باسط يا الله، يا محيي
يا الله، يا مميت يا الله، يا مجيب يا الله، يا باعث يا الله، يا معطي يا الله،
يا مفضل يا الله، يا منعم يا الله، يا حق يا الله، يا مبين يا الله.
يا طبيب (1) يا الله، يا محسن يا الله، يا مجمل يا الله، يا مبدئ يا الله، يا معيد
يا الله، يا بارئ يا الله، يا بديع يا الله، يا هادي يا الله، يا كافي يا الله، يا شافي
يا الله، يا علي يا الله (2)، يا حنان يا الله.
يا منان يا الله، يا ذا الطول يا الله، يا متعالي يا الله، يا عدل يا الله، يا ذا
المعارج يا الله، يا صادق يا الله، يا ديان يا الله، يا باقي يا الله، يا ذا الجلال
يا الله، يا ذا الاكرام يا الله.
يا معبود يا الله، يا محمود يا الله، يا صانع يا الله، يا معين يا الله، يا مكون
يا الله، يا فعال يا الله يا لطيف يا الله، يا جليل يا الله، يا غفور يا الله، يا شكور
يا الله، يا نور يا الله، يا حنان يا الله، يا قدير يا الله.
يا رباه يا الله، يا رباه يا الله، يا رباه يا الله يا رباه يا الله، يا رباه يا الله،
يا رباه (3) يا الله، يا الله يا الله، يا الله.
أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وتمن (4) برضاك، وتعفو عني
بحلمك، وتوسع علي من رزقك الحلال الطيب من حيث أحتسب ومن
حيث لا أحتسب، فاني عبدك ليس لي أحد سواك، ولا أجد أحدا (5) أسأله
غيرك يا أرحم الراحمين، ما شاء الله لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم تسجد وتقول:

1 - طيب (خ ل).
2 - علي يا الله، يا عالي يا الله (خ ل).
3 - زيادة: يا الله يا رباه (خ ل).
4 - ان تمن (خ ل).
5 - ولا أحد (خ ل).
462

يا الله يا الله، يا رب يا الله، يا رب يا الله، يا رب يا الله، يا منزل البركات،
بك تنزل كل حاجة.
أسألك بكل اسم في مخزون الغيب عندك، والأسماء المشهورات
عندك، المكتوبة على سرادق عرشك، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن
تقبل مني شهر رمضان، وتكتبني في (1) الوافدين إلى بيتك الحرام (2)، وتصفح
لي عن الذنوب العظام، وتستخرج يا رب كنوزك يا رحمان (3).
ومنها: ما روي أن من صلى ليلة الفطر أربع عشرة ركعة، يقرء في كل ركعة الحمد
وآية الكرسي، وثلاث مرات (قل هو الله أحد). أعطاه الله بكل ركعة عبادة أربعين
سنة، وعبادة كل من صام وصلى في هذا الشهر - وذكر فضلا عظيما (4).
ومنها: في احياء ليلة الفطر (5):
ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن بابويه، باسناده فيما روي عن النبي صلى الله عليه
وآله أنه قال: من أحيا ليلة العيد (6) لم يمت قلبه يوم تموت القلوب (7).
ومنها: في احياء ليلة العيد (8):
كما رويناه برواية أخرى بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي
الله عنه، باسناده إلى غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهم السلام قال:
كان علي بن الحسين عليهما السلام يحيي ليلة عيد الفطر بصلاة (9) حتى يصبح ويبيت

1 - من (خ ل).
2 - بيت الحرام (خ ل).
3 - عنه البحار 91: 120، رواه الشيخ في مصباح المتهجد: 648 - 650.
4 - عنه الوسائل 8: 87، البحار 91: 122.
5 - ليلة القدر (خ ل).
6 - في الأصل: القدر.
7 - رواه الصدوق في ثواب الأعمال: 101.
8 - ليلة عيد الفطر (خ ل).
9 - في الوسائل: بالصلاة.
463

ليلة الفطر في المسجد ويقول: يا بني ما هي بدون ليلة - يعني ليلة القدر -: (1)
ومنها: زيارة الحسين صلوات الله عليه في ليلة عيد الفطر.
وقد ذكرنا في الجزء الثاني من كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر بعض فضلها
وما اخترناه من الرواية ألفاظ الزيارة المختصة بها.
فإن لم يكن كتابنا عنده موجودا في مثل (2) هذا الميقات، فليزر الحسين عليه أفضل
الصلوات بغير تلك الزيارة من الزيارات المرويات.
فإن لم يجد زيارة من المنقولات فليزره عليه السلام بما يفتح الله (3) جل جلاله عليه
من التسليم عليه والتعظيم له والثناء عليه والاعتراف له عليه السلام بإمامته والبراءة من
أهل عداوته، والتوسل إلى الله جل جلاله بشريف مقاماته في قضاء ما يعرض له من
حاجاته (4).
ومنها: أن يكون خاتمة ليلة العيد على نحو ما ذكرناه من خاتمة كل ليلة وكل يوم
من شهر رمضان، فلا يهون في الاستظهار بغاية الامكان.
ومن زيادات ليلة عيد الفطر ما يتعلق بالفطرة وهي عدة أمور:
منها: معرفة من تجب الفطرة عليه، وهو كل حر بالغ عاقل يملك عند هلال شوال
نصابا من الأصناف التي تجب زكاة الأموال.
ومنها: معرفة وقت وجوبها، وهي تجب على من ذكرناه بهلال شهر العيد، وآخر
وقتها (5) أداء إلى أن يمضي وقت صلاة العيد ثم تكون قضاء.
ومنها: معرفة مقدار ما يجب وعن من يجب اخراجها، وهو انه يجب ان يخرج عن
نفسه وعن عائلته وضيفه، الذي دخل شهر شوال وهو في ضيافته، ويخرج عن كل نفس
صاعا تسعة أرطال أو قيمة ذلك، مستظهرا في القيمة للاحتياط في الأعمال

1 - عنه البحار 91: 119، و 83: 115، الوسائل 8: 87.
2 - أمثال (خ ل).
3 - فيزوره بما يفتحه الله (خ ل).
4 - ما يعرض من حاجاته (خ ل).
5 - آخر وقت اخراجها (خ ل).
464

ومنها: معرفة المستحق لها، وهو الفقير الحر من أهل الأيمان، الذي يستحق زكاة
الأموال، أو من يجري مجراه من يتيم، أو في سبيل الله جل جلاله المأذون فيه لأهل
الاقبال.
ومنها: معرفة بعض ما ورد في فضل الفطرة، وانها فكاك لمن تخرج عنه من خطر
موت حاضر، وأمان له إلى حين وقت الأجل الآخر.
كما رويناه عن محمد بن بابويه رضي الله عنه من كتاب من لا يحضره الفقيه
باسناده إلى إسحاق بن عمار، عن معتب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اذهب
فاعط عن عيالنا فطرة وعن الرقيق واجمعهم (1)، ولا تدع منهم أحدا، فإنك ان تركت منهم
انسانا تخوفت عليه الفوت، قال: قلت: وما الفوت؟ قال: الموت (2).
ورأيت في كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري في النصف الثاني منه في ثلثه الأول
ما هذا لفظه:
عن أبي الحسن الأحمس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أد الفطرة عن كل حر
ومملوك، فإن لم تفعل خفت عليك (3) الفوت، قلت: وما الفوت؟ قال: الموت، قلت:
أصلي الصلاة أو بعدها؟ قال: إن أخرجتها قبل الظهر فهي فطرة، وان أخرجتها بعد
الظهر فهي صدقه ولا يجزيك، قلت: فاصلي الفجر واعزلها فتمكث يوما أو بعض يوم
آخر ثم أتصدق بها؟ قال: لا بأس هي فطرة إذا أخرجتها قبل الصلاة، قال: وقال: هي
واجبة على كل مسلم محتاج أو موسر يقدر على فطرة (4).
ومنها: المعرفة بان اخراج الفطرة تمام لما نقص من الزكاة.
كما رويناه عن أبي جعفر بن بابويه من كتابه باسناده أيضا إلى أمير المؤمنين صلوات
الله عليه قال: من أدى زكاة الفطرة أتم الله له بها ما نقص من زكاة ماله (5).

1 - أجمع (خ ل).
2 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 118، علل الشرائع: 389، والكليني في الكافي 4: 174، عنهم الوسائل 9: 328.
3 - عليه (خ ل).
4 - عنه الوسائل 9: 332.
5 - رواه الصدوق الفقيه 2: 119، عنه الوسائل 9: 318.
465

ومنها: معرفة ان الصوم مردود ان لم يخرج الفطرة على الوجه المحدود:
كما رويناه عن ابن بابويه أيضا باسناده قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان من
تمام الصوم اعطاء الزكاة - يعني الفطرة - كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
تمام الصلاة، لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا، ولا صلاة له إذا
ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، لأن الله عز وجل قد بدء بها قبل الصوم،
وقال: (قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصل) (1).
أقول: واعلم أن بخل الانسان بزكاة الفطرة اليسيرة، ومنع الله جل جلاله من ماله
ان يتصرف فيه بالحوالة لفقير بمقدار الزكاة الحقيرة، فضيحة على العبد المدعي
للاسلام، وخروج عن حكم العقول والأحلام.
لان حكم الألباب يقتضي ان صاحب المال، وهو رب الأرباب، أحق بالتصرف
في ماله من عباده، يعطي من يشاء من عباده ويمنع من يشاء ويحكم فيه بحسب مراده.
وكيف يستحسن العبد ان يقوم بين يدي الرب في صلاة أو في شئ من العبادات،
وهو قد منعه من هذا المقدار اليسير من الزكوات وقابل مراسمه الشريفة بالرد
والاستخفاف واهمال التقدمات، ما يفعل هذا الا من قبله مدنف سقيم، وعقله ذميم،
وعساه يكون ممن اتخذ دينه هزوا ولعبا، وكانت دعواه للاسلام كذبا.

1 - رواه الصدوق في الفقيه 2: 119، والمفيد في المقنعة: 43، والآية في الأعلى: 14 - 15.
466

الباب السابع والثلاثون
فيما نذكره من وظائف يوم عيد الفطر
وفيه عدة فصول:
فصل (1)
فيما نذكره من الآداب في استقبال ذلك النهار
اعلم أن نهار يوم العيد فتح باب سعيد وتجديد فضل جديد لم يجر مثله منذ سنة
ماضية ويمضي، فلا يعود مثله إلى نحو سنة آتية.
وما يخفى على ذوي الألباب ان فتح الأبواب التي تكون في الأوقات المتباعدات
بزيادات السعادات لها حق التعظيم والاحترام، وحق الاعتراف لصاحب الانعام ولزوم
الآداب في سائر الأسباب مع مالك يوم الحساب.
كما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه
فقال: ونظر الحسن بن علي عليهما السلام إلى الناس يوم الفطر يضحكون ويلعبون، فقال
لأصحابه - والتفت إليهم -:
ان الله عز وجل خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته ورضوانه،
فسبق فيه قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، بالعجب كل العجب من الضاحك
اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المقصرون، وأيم الله لو كشف
467

الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسئ بإساءته (1).
ورواه أيضا أبو عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني في الجزء السابع من
كتاب الأزمنة فقال: حدثني عبد الله بن جعفر أبو العباس عن محمد بن يزيد النحوي قال:
خرج الحسن بن علي عليهما السلام في يوم فطر والناس يضحكون فقال:
ان الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه إلى طاعته، فسبق قوم
ففازوا وتخلف آخرون فخابوا، والعجب من الضاحك في هذا اليوم الذي يفوز فيه
المحسنون ويخسر فيه المبطلون، والله لو كشف الغطاء لشغل محسن باحسانه ومسئ
بإساءته عن ترجيل شعر (2) وتصقيل (3) ثوب (4).
فصل (2) فيما نذكره من صلاة الفجر يوم العيد وما يختص تعقيبها في اليوم المذكور
أقول: إن التكبير الذي ذكرناه بعد العشاء والمغرب ليلة عيد الفطر، ينبغي أن يكون
عقيب صلاة الفجر.
ويدعو أيضا فيقول ما رواه محمد بن أبي قرة في كتابه باسناده إلى أبي عمرو محمد بن
محمد بن نصر السكوني رضي الله عنه.
قال: سألت أبا بكر أحمد بن محمد بن عثمان البغدادي رحمه الله ان يخرج إلي دعاء
شهر رمضان الذي كان عمه الشيخ أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري رضي
الله عنه وارضاه يدعو به، فاخرج إلي دفترا مجلدا بأحمر فيه أدعية شهر رمضان، من
جملتها الدعاء بعد صلاة الفجر يوم الفطر:
اللهم إني توجهت إليك بمحمد صلى الله عليه وآله أمامي، وعلي من

1 - رواه الصدوق في الفقيه 1: 324، والكليني في الكافي 4: 181، عنهما الوسائل 7: 480.
2 - شعره، ثوبه (خ ل).
3 - صقلت السيف والمراة: جلوته.
4 - عنه البحار 91: 119.
468

خلفي وعن يميني، وأئمتي عن يساري، أستتر بهم من عذابك، وأتقرب
إليك زلفى، لا أجد أحدا أقرب إليك منهم، فهم أئمتي، فآمن بهم خوفي من
عقابك وسخطك، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.
أصبحت بالله مؤمنا (1) مخلصا على دين محمد صلى الله عليه وآله وسنته، وعلى دين علي وسنته، وعلى دين الأوصياء وسنتهم.
آمنت بسرهم وعلانيتهم، وأرغب إلى الله تعالى فيما رغب فيه (2) محمد
وعلي والأوصياء (3)، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا عزة ولا منعة ولا سلطان إلا
لله الواحد القهار، العزيز الجبار (4)، توكلت على الله، ومن يتوكل على الله
فهو حسبه، إن الله بالغ أمره.
اللهم إني أريدك فأردني، وأطلب ما عندك فيسره لي، واقض لي
حوائجي، فإنك قلت في كتابك، وقولك الحق: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن،
هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (5).
فعظمت حرمة شهر رمضان بما أنزلت فيه من القرآن، وخصصته وعظمته
بتصييرك فيه ليلة القدر، فقلت: (ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها
بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر) (6).
اللهم وهذه أيام شهر رمضان قد انقضت، ولياليه قد تصرمت، وقد صرت
منه يا الهي إلى ما أنت اعلم به مني، واحصى لعدده من عددي.
فأسألك يا الهي بما سألك به عبادك الصالحون أن تصلي على محمد

1 - موقنا (خ ل).
2 - رغب إليه (خ ل).
3 - زيادة: وأعوذ بالله من شر ما استعاذوا منه (خ ل).
4 - زيادة: المتكبر (خ ل).
5 - البقرة: 185.
6 - القدر: 6 - 3.
469

وأهل بيت محمد (1) وأن تتقبل (2) مني ما (3) تقربت به إليك، وتتفضل علي
بتضعيف عملي، وقبول تقربي وقرباتي، واستجابة دعائي، وهب لي منك
عتق رقبتي من النار، ومن علي بالفوز بالجنة، والأمن يوم الخوف، من كل
فزع ومن كل هول، أعددته ليوم القيامة.
أعوذ بحرمة وجهك الكريم، وبحرمة نبيك، وحرمة الصالحين أن ينصرم
هذا اليوم، ولك قبلي تبعة تريد أن تؤاخذني بها، أو ذنب تريد أن تقايسني
به، ويشقيني وتفضحني به، أو خطيئة تريد أن تقايسني بها وتقتصها مني
لم تغفرها لي.
وأسألك بحرمة وجهك الكريم الفعال لما تريد، الذي يقول للشئ كن
فيكون، لا إله إلا هو.
اللهم إني أسألك بلا إله إلا أنت، إن كنت رضيت عني في هذا الشهر
أن تزيدني (4) فيما بقي من عمري رضى، وإن كنت لم ترض عني في هذا
الشهر فمن الان فارض عني، الساعة الساعة الساعة، واجعلني في هذه
الساعة، وفي هذا المجلس من عتقائك من النار، وطلقائك من جهنم،
وسعداء خلقك، بمغفرتك ورحمتك، يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أسألك بحرمة وجهك الكريم، أن تجعل شهري هذا، خير
شهر رمضان عبدتك فيه، وصمته لك، وتقربت به إليك، منذ أسكنتني فيه،
أعظمه أجرا، وأتمه نعمة، وأعمه عافية، وأوسعه رزقا، وأفضله عتقا من النار،
وأوجبه رحمة، وأعظمه مغفرة، وأكمله رضوانا، وأقربه إلى ما تحب وترضى.
اللهم لا تجعله آخر شهر رمضان صمته لك، وارزقني العود ثم العود،

1 - على محمد وعلى آل محمد وعلى أهل بيت محمد (خ ل).
2 - تقبل (خ ل).
3 - كلما (خ ل).
4 - تزيد (خ ل).
470

حتى ترضى وبعد الرضا، وحتى تخرجني من الدنيا سالما، وأنت عنى
راض وانا لك مرضي.
اللهم اجعل فيما تقضي وتقدر من الأمر المحتوم الذي لا يرد ولا يبدل (1)
أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام في هذا العام وفي كل عام، المبرور
حجهم، المشكور سعيهم، المغفور ذنوبهم، المتقبل عنهم مناسكهم،
المعافين في (2) أسفارهم، المقبلين على نسكهم، المحفوظين في أنفسهم
وأموالهم وذراريهم وكل ما أنعمت به عليهم.
اللهم اقلبني من مجلسي هذا، في شهري هذا، في يومي هذا، في
ساعتي هذه، مفلحا منجحا مستجابا لي، مغفورا ذنبي، معافا من النار،
ومعتقا منها، عتقا لا رق بعد أبدا ولا رهبة، يا رب الأرباب.
اللهم إني أسألك أن تجعل فيما شئت وأردت،، وقضيت وقدرت،
وحتمت وأنفذت، أن تطيل عمري، وأن تنسأني في أجلي، وأن تقوي
ضعفي، وأن تغني فقري، وأن تجبر فاقتي، وأن ترحم مسكنتي، وأن تعز
ذلي، وأن ترفع ضعتي، وأن تغني عائلتي، وأن تؤنس وحشتي، وأن تكثر
قلتي، وأن تدر رزقي، في عافية ويسر وخفض، وأن تكفيني ما أهمني من
أمر دنياي وآخرتي.
ولا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا إلى الناس فيرفضوني، وأن
تعافيني في ديني وبدني، وجسدي وروحي، وولدي وأهلي، وأهل مودتي،
وإخواني وجيراني، من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات،
الأحياء منهم والأموات، وأن تمن علي بالأمن والايمان ما أبقيتني.
فإنك وليي ومولاي، وثقتي ورجائي، ومعدن مسألتي، وموضع شكواي،
ومنتهى رغبتي، فلا تخيبني رجائي يا سيدي ومولاي، ولا تبطل طمعي ورجائي.

1 - زيادة: ان تجعلني ممن تثيب وتسمي وتقضي له وتزيد وتحب له وترضى.
2 - المعانين (خ ل)، على (خ ل).
471

فقد توجهت إليك بمحمد وآل محمد، وقدمتهم إليك أمامي وأمام
حاجتي وطلبتي، وتضرعي ومسألتي، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة
ومن المقربين، فإنك مننت علي بمعرفتهم، فاختم لي بهم السعادة، إنك
على كل شئ قدير.
زيادة فيه:
مننت علي بهم، فاختم لي بالسعادة والأمن، والسلامة والايمان،
والمغفرة والرضوان، والسعادة والحفظ.
يا الله أنت لكل حاجة لنا، فصل على محمد وآله وعافنا، ولا تسلط علينا
أحدا من خلقك لا طاقة لنا به، واكفنا كل أمر من أمر الدنيا (1) والآخرة يا ذا
الجلال والاكرام، صل على محمد وآل محمد، وترحم على محمد وآل
محمد، وسلم على محمد وآل محمد، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت،
وسلمت وتحننت، على إبراهيم وآل إبراهيم، انك حميد مجيد (2).
فصل:
أقول: وان أراد المتشرف باستقبال يوم العيد، أن يخاطب كرم المالك للتأييد
والمزيد، فيقول:
اللهم إن الملوك و الامراء قد وهبوا خلعا لمماليكهم وعبيدهم وجنودهم،
ولو كان المماليك من الأغنياء، والعبد المملوك رأسه مكشوف من عمائم
المراقبة التي تليق بكم، ومن ميازر الاخلاص التي تجب لكم، ومن ستر
الاقبال عليكم، ومن الخلع التي تصلح للحضور بين يديكم، وثياب العبد
المملوك خلقة بيد الغفلات، ودنسة من وسخ الشهوات، ولباس ستر عيوبه

1 - أمور الدنيا (خ ل).
2 - عنه البحار 91: 2 - 4، رواه الكفعمي في بلد الأمين: 269، عنه البحار 98: 203، ورواه الشيخ في مصباحه:
655 - 658.
472

ممزق بيد ايثاره عليكم، ومغفر غفران ذنوبه مكسر بيد تهوينه بالاستغفار
الذي يقربه إليكم، وعوراته مكشوفة وعثراته مخوفة.
فهو متهتك (1) في هذا العيد السعيد بسوء ملبوسه، وخجلان خزيان من
ثياب نحوسه، فما أنتم صانعون بمملوك يقول بلسان حاله: إنا لله وإنا إليه
راجعون، وأنتم علمتم الملوك (2) مكارم الأخلاق، وعنكم ومنكم عرف ابتداء
الخلع، وإطلاق الأعناق والأرزاق.
وقد كان العبد المملوك لما ابتدأتم بانشائه عرفتم ما يقع منه من سوء
إبائه (3)، ووسعه حلمكم، حتى (6) خلعتم عليه خلع البقاء، وخلع سلامة
الأعضاء، وخلع الشفاء من الأدواء، وكسوتموه لحما وجلدا، وبالغتم معه
أنعاما رفدا.
فيبقى العبد المملوك عريانا بحضرتكم (4)، فمن ذا يستره ويكسوه إذا
رآه، وقد ضاقت عنه سعة رحمتك، ومن يأويه إذا نودي عليه: أي طريد
نقمتكم، فيامن خلع عليه، وقد عرف يا ما ينتهي حاله إليه، ورباه وغذاه وآواه،
فقد أحاط علما بجرأته عليه، وما كان قد تشرف بمعرفة مولاه، ولا ارتضاه أن
يخدمه في دنياه.
إرحم استغاثته بك، واستكانته لك، واستجارته بظلك، ووسيلته بفضلك
إلى عدلك، واكسر من خلع العفو والغفران، والأمان والرضوان، ما يكون
ذكرها وشكرها ونشرها، منسوبا إلى مجرد رحمتك وجودك.
فقد انكسر قلبه، وخجل واستحيا من وقوفه عريانا في يوم عيدك، مع
كثرة من خلعت عليه من عبيدك، ووفودك، وما له باب غير بابك، وهو عاجز

1 - مهتك (خ ل).
2 - المملوك (خ ل).
3 - إيابه (خ ل).
4 - فبحضرتكم (خ ل).
473

عن عتابك، فكيف يقوى على حرمانك وعقابك.
فصل (3)
فيما نذكره من أدب العبد يوم العيد مع من يعتقد انه امامه، وصاحب ذلك المقام المجيد
فأقول: اعلم أنه إذا كان يوم عيد الفطر، فإن كان صاحب الحكم والأمر متصرفا في
ملكه ورعاياه على الوجه الذي أعطاه مولاه، فليكن مهنئا له صلوات الله عليه بشرف
اقبال الله جل جلاله عليه وتمام تمكينه من احسانه إليه، ثم كن مهنيا لنفسك ولمن
يعز عليك وللدنيا وأهلها، ولكل مسعود بإمامته بوجوده عليه السلام، وسعوده وهدايته
وفوائد دولته.
وإن كان من يعتقد وجوب طاعته ممنوعا من التصرف في مقضى رياسته، فليكن
عليك أثر المساواة في الغضب مع الله جل جلاله مولاك ومولاه،
والغضب لأجله،
والتأسف على ما فات من فضله.
فقد روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب من لا يحضره الفقيه وغيره،
باسناده إلى حنان بن سدير، عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:
يا عبد الله ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر، الا وهو يتجدد لآل محمد فيه حزن،
قال: قلت: ولم؟ قال: لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم (1).
وأقول: لو أنك استحضرت كيف كانت تكون أعلام الاسلام بالعدل منشورة،
واحكام الأنام بالفضل مشهورة، والأموال في الله جل جلاله إلى سائر عباده مبذولة،
والآمال ضاحكة مستبشرة مقبولة، والأمن شامل للقريب والبعيد، والنصر كامل
للضعيف والذليل والوحيد، والدنيا قد أشرقت بشموس سعودها، وأنبسطت يد الاقبال
في أغوارها ونجودها، وظهر من حكم الله جل جلاله الباهر وسلطانه القاهر، ما يهيج
العقول والقلوب سرورا، ويملأ الآفاق ظهورها نورا.

1 - رواه الشيخ في التهذيب 3: 289، والكليني في الكافي 4: 169، والصدوق في الفقيه 1: 324 و 2: 114، علل
الشرائع 2: 289، عنهم الوسائل 7: 476.
474

لكنت والله يا أخي قد تنغصت في عيدك الذي أنت مسرور باقباله، وعرفت
ما فاتك من كرم الله جل جلاله وافضاله، وكان البكاء والتلهف والتأسف أغلب
عليك وأليق بك، وأبلغ في الوفاء لمن يعز عليك.
وقد رفعت لك الآن، ولم أشرح ما كان يمكن فيه اطلاق اللسان، وهذا الذي ذكرناه
على سبيل التنبيه والإشارة، لان استيفاء شرح ما نريده، يضيق عنه مبسوط العبارة.
واعلم أن الصفاء والوفاء لأصحاب الحقوق عند التفريق والبعاد، أحسن من
الصفاء والوفاء مع الحضور واجتماع الأجساد، فليكن الصفاء والوفاء شعار قلبك لمولاك
وربك القادر على تفريج كربك.
فصل (4)
فيما نذكره من ابتداء الأعمال في يوم العيد (1) لطلب السعادة بالقبول والاقبال
اعلم أنه ينبغي ابتداء هذا اليوم بعد ما ذكرناه بالغسل، لما رويناه بإسنادنا إلى
الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: الغسل يوم الفطر سنة (2).
ذكر ما يقال عند الغسل:
رواه محمد بن أبي قرة باسناده إلى أبي عيينة (3)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
صلاة العيد يوم الفطر ان يغتسل من نهر، فإن لم يكن نهر، ول (4) أنت بنفسك استيفاء الماء
بتخشع، وليكن غسلك تحت الظلال أو تحت حائط وتستتر بجهدك، فإذا هممت بذلك فقل:
اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد صلى الله
عليه وآله.

1 - يوم عيد الفطر (خ ل).
2 - عنه الوسائل 3: 329، البحار 91: 5.
3 - أبي عنبسة (خ ل).
4 - أمر من ولي يلي.
475

ثم سل واغتسل، فإذا فرغت من الغسل فقل:
اللهم اجعله كفارة لذنوبي، وطهرني ديني، اللهم اذهب عني الدنس (1).
ثم ادع عند التهيأ للخروج إلى صلاة العيد، فقل ما رويناه بإسنادنا إلى هارون بن
موسى التلعكبري قدس الله روحه، باسناده إلى أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه
السلام قال:
ادع في الجمعة والعيدين إذا تهيأت للخروج، فقل:
اللهم من تهيأ في هذا اليوم، أو تعبأ (2)، أو أعد واستعد، لوفادة إلى
مخلوق، رجاء رفده وجائزته ونوافله، فإليك يا سيدي كانت وفادتي وتهيأتي
واعدادي واستعدادي، رجاء رفدك وجوائزك ونوافلك.
اللهم صل على محمد، عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك، وعلى
أمير المؤمنين ووصي رسولك، وصل يا رب على أئمة المؤمنين الحسن
والحسين، وعلي ومحمد - وتسميهم إلى آخرهم حتى تنتهي إلى صاحبك (3) عليهم
السلام، وقل:
اللهم افتح له (4) فتحا يسيرا، وانصره نصرا عزيزا، اللهم أظهر به دينك
وسنة رسولك، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق.
اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة، تعز بها الاسلام وأهله، وتذل بها
النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك،
وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، اللهم ما أنكرنا من حق فعرفناه، وما قصرنا
عنه فبلغناه.
وتدعو الله له وعلى عدوه وتسأل حاجتك، ويكون آخر كلامك:

1 - عنه الوسائل 3: 329، البحار 91: 5.
2 - عبأت المتاع: هيأته.
3 - صاحب الزمان (خ ل).
4 - لنا (خ ل).
476

اللهم استجب لنا، اللهم اجعلنا ممن تذكر (1) فيذكر (2).
ثم قل ما رويناه بإسنادنا إلى الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة
الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ادع في العيدين والجمعة إذا تهيأت للخروج
بهذا الدعاء، وقل:
اللهم من تهيأ في هذا اليوم، أو تعبأ أو أعد واستعد لوفادة إلى مخلوق،
رجاء رفده ونوافله وفواضله وعطاياه، فان إليك يا سيدي تهيأتي وتعبئتي،
واعدادي واستعدادي، رجاء رفدك وجوائزك، ونوافلك وفواضلك وعطاياك (3).
وقد غدوت إلى عيد من أعياد أمة نبيك محمد صلوات الله عليه وعلى
آله، ولم أفد إليك اليوم بعمل صالح أثق به قدمته، ولا توجهت بمخلوق أملته،
ولكن أتيتك خاضعا مقرا بذنوبي وإساءتي إلى نفسي، فيا عظيم يا عظيم
يا عظيم، اغفر لي العظيم من ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب العظام إلا أنت،
يا لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين (4).
فصل (5)
فيما نذكره من الأمر بالافطار قبل الخروج إلى صلاة العيد
رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني، باسناده إلى حماد، عن الحلبي، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: أطعم يوم الفطر قبل ان تخرج إلى المصلى (5).
وباسناده إلى الصادق عليه السلام قال: لتطعم يوم الفطر قبل ان تصلي، ولا تطعم
يوم الأضحى حتى ينصرف الإمام (6).

1 - يذكر فيه فيذكر (خ ل).
2 - عنه البحار 91: 6.
3 - فضائلك وعطائك (خ ل).
4 - عنه البحار 89: 329، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 2: 658.
5 - رواه الكليني في الكافي 4: 168، والشيخ في التهذيب 3: 138.
6 - رواه الكليني في الكافي 4: 168، والصدوق في الفقيه 2: 113، والشيخ في التهذيب 3: 138، عنهم الوسائل 7: 444.
477

ورينا بإسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري رحمه الله، باسناده إلى حريز بن
عبد الله، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات
الله عليه لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الافطار، وكان لا يأكل يوم الأضحى
شيئا حتى يأكل من أضحيته، قال أبو جعفر: وكذلك (1) نحن (2).
فصل (6)
فيما نذكره مما يكون الافطار عليه وكيفية النية
روى ابن أبي قرة باسناده عن الرجل عليه السلام قال: كل تمرات يوم الفطر،
فان حضرك قوم من المؤمنين، فأطعمهم مثل ذلك (3).
ومن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني باسناده إلى علي بن
محمد بن سليمان النوفلي قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اني أفطرت يوم الفطر على
طين وتمر، قال لي: جمعت بركة وسنة (4).
يعني بذلك التربة المقدسة على صاحبها السلام.
أقول: وليكن نيته في افطاره يوم العيد امتثال أمر الله جل جلاله المجيد، فيكون في
عبادة وسعادة في اطعامه كما كان في صيامه.
فصل (7)
فيما نذكره من وقت خروجه إلى صلاة العيد
رويناه بإسنادنا إلى يونس بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج بعد طلوع الشمس (5).

1 - في الفقيه: كذلك نفعل نحن.
2 - عنه البحار 90: 372، رواه الصدوق في الفقيه 1: 321.
3 - عنه الوسائل 7: 445، البحار 91، 124.
4 - رواه الكليني في الكافي 4: 170، والصدوق في الفقيه 2: 113، عنهما الوسائل 7: 445.
5 - عنه الوسائل 7: 452، البحار 90: 371.
478

ومما رويناه بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعبكري رضي الله عنه،
باسناده عن زارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخرج من بيتك الا بعد طلوع
الشمس (1).
فصل (8)
فيما نذكره من النية في توجهه إلى صلاة العيد
أيها الأخ المقبل باقبال مولاه عليه، لتعلم كيف تحضر بين يديه، ارحم ضعف
روحك واقبل مشورة نصيحك، وأفكر في تعظيم من هو مقبل عليك، وطهر قلبك من
الشواغل التي تحول بينك وبين احسانه إليك، ووف المجلس ما تقدر عليه من حقه
العظيم، وامض على ما تريد من الصراط المستقيم.
ولتكن نيتك وقصدك طلب رضاه والدخول في حماه، واعتقاد المنة لله جل جلاله
فيما هداك إليه، وأهلك ان تعمله لديه، وقم به إليه قيام التمام بالاقبال عليه.
واعلم أن المتوجهين إلى الله جل جلاله، في اليوم الذي سماه جل جلاله عيدا
لعبيده وانجازا لوعده (2)، بالخروج إليه والوفادة عليه، فان الناس المتوجهين فيه على
أصناف:
فصنف: خرجوا وقد شغلتهم هيبة الله جل جلاله وعظمته وذهول العقول عن مقابلة
حرمته (3) وإجابة دعوته، حتى صاروا كما يصير من لم يحضر ابدا عند خليفة، فاستدعاه
للحضور بين يدي عظمته الشريفة، فإنه يكون مترددا بين الحياء والخجالة، للقاء تلك
الجلالة، وبين خوف سوء الآداب، وبين أمواج العجز عن الجرأة بالخطاب والتماس
الجواب وبين الفكر، فيما إذا عساه يكون قد اطلع الخليفة عليه من أهواله وسوء أعماله،
فتشغله هذه الشواغل عن بسط كف سؤاله وإطلاق لسان حاله.

1 - عنه الوسائل 7: 452، البحار 90: 371.
2 - لوعوده (خ ل).
3 - رحمته (خ ل).
479

وصنف: توجهوا إلى الله جل جلاله، وهم ذاكرون ما تولاه الله جل جلاله بهم من
بناء السماوات والأرضين وما بينهما، وفيهما من منافع الدنيا والدين، وتسييرهم من لدن
آدم عليه أفضل التحيات في طرقات مخافات الولادات، والنجاة من آفات ألوف سنين
إلى حين هذه الغايات، وقيامه لهم خلفا بعد سلف، بما احتاجوا إليه من الأقوات وجميع
الحاجات، فأخجلهم ما مضى من انعامه وما حضر من اكرامه طلب شئ آخر من
شريف مقامه.
وصنف: رأو ان بضائع فما مكنهم فيه من الاختيار قد عاملوه فيها بالخسران، وودائع
ما سلم إليهم من الاقتدار على عمارة دار القرار قد خانوا فيها في (3) السر والاعلان،
فكساهم ذل الخيانة في الأمانة عار الخجل والوجل، حتى ما بقي عندهم فراغ لرجاء
ولا أمل.
وصنف: خرجوا يوم العيد على مراكب دالة أعمالهم (1) والتبسط في سؤالهم، لابسين
ثوب الغفلة عن خالق مراكب امكانهم وفاطر قالب أعمالهم مدة حياتهم وزمانهم، وعن
المنة عليهم في الإنشاء والبقاء، وما اشتمل عليه وجودهم من النعماء والآلاء، فهؤلاء
كالعميان المحتاجين إلى قائد، وكالمرضى الذين يحتاجون إلى طبيب يقبلون منه.
وصنف: خرجوا يطلبون اجرة ما عملوه في شهر رمضان، وقد بسطوا على أنفسهم
لسان حال المحاسبة لهم على ما عمل معهم مولاهم من الاحسان.
وقال لسان حال عدله: إذا كان كل منكم يطلب اجرة فعله، فاذكروا أفعالنا
لأجلكم قبل وجودكم ومدة حياتكم من لدن أبيكم آدم، وعملنا مع آبائكم وأمهاتكم
وجدودكم، وفكروا في اجرة كل من استخدمناه في مصلحتكم، من الملائكة والأنبياء
والمرسلين والملوك والسلاطين وغيرهم، من جميع عبيدنا من الماضين والحاضرين،
فانظروا مقدار الفاضل عن اجرة أعمالنا، فادوه إلينا، ثم تعرضوا لسؤالنا، حيث عدلتم
عن باب الاعتراف لنا بالفضل، ووقفتم على باب طلب الأجرة بالعدل.

1 - بأعمالهم - ظ.
480

وصنف: فكروا في ما عمل مولاهم من قبل انشائهم بطول بقائهم، ومن أول آبائهم
إلى حين فنائهم، وما يحتاجون ان يعمل معهم في دار بقائهم، فاستحقروا ما كانوا فيه من
أعمالهم، ولم يبق لها محل في حضرة ابتهالهم، وما بقي لهم لسان حال ولا بيان مقال
يذكرونها في حضرة آمالهم وسؤالهم، بل مدوا الكف لسان الحال قبل الوجود إلى كعبة
الكرم والجود.
وصنف خرجوا إلى الله جل جلاله قد لبسوا خلع المعرفة بقدر المنة عليهم،
وباقباله جل جلاله عليهم وحضورهم للإحسان إليهم، وليس لهم فاطر ولا ناظر يتردد
منذ نشروا إلى حيث حضروا، في غير طرق الاعتراف بالمنن للمالك الأرحم، والاشتغال
بحمد جلاله الأعظم.
ويتمنى لسان حالهم ان لو كان لهم قدرة أن يكونوا موجودين في الأزل وما لا يزال
مع وجوده، وكل منهم باذل غاية مجهوده في خدمة معبوده وشكر جوده، لرأى ذلك
قاصرا عن مقصوده، ولولا خوف المخالفة لما يراه، لتمني كل منهم أن لا يفارق باب
الخدمة دنياه وآخرته.
فما أسعد موقف هؤلاء العبيد في يوم العيد، فاقتد أيها الأخ بأهل هذا الحظ السعيد،
وسر في آثارهم واهتد بأنوارهم.
فصل (9)
فيما نذكره مما رويناه من أن يوم العيد يوم أخذ الجوائز
روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب وغيره باسناده إلى عمرو بن شمر، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إذا كان أول يوم من شوال
نادى مناد: أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم، ثم قال: يا جابر جوائز الله ليست كجوائز
هؤلاء الملوك، ثم قال: هو يوم الجوائز (1).

1 - رواه الكليني في الكافي 4: 168، والصدوق في الفقيه 1: 323، عنهما الوسائل 7: 480.
481

أقول: وكنت أجد جماعة من أصحابنا يأخذون التربة الشريفة من ضريح مولانا
الحسين عليه السلام والصلاة والرضوان، ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان.
فقلت لمن قلت له منهم: هل وجدتم أثرا أو خبرا بأخذ هذه التربة في هذه الليلة؟
فقالوا: لا، لكن نرجو أن يكون ليلة القدر، فقلت: فما أراكم تتركون بعد هذه الليلة
الدعاء في كل يوم بالظفر بليلة القدر من تمام العشر الأخير، ولأنها لو كانت ليلة القدر
على التقدير من أين عرفتم ان ليلة القدر المنيفة محل لأخذ التربة الشريفة.
ثم قلت: كان مقتضى المعقول وظواهر المنقول يقتضي أن يكون أخذ التربة للشفاء
والدواء ودفع أنواع البلاء في وقت اطلاق الجوائز للأنام، وهو يوم جوائز شهر الصيام،
فيسأل العبد يوم العيد أن يكون من جملة جوائزه التي ينعم الله جل جلاله بها عليه
الاذن في اخذ تربة الحسين عليه السلام، فيأتي أخذها في وقت اطلاق العطايا والمواهب
الجزيلة، مناسبا لاطلاق التربة المقدسة الجليلة.
أقول: وما هذا الحديث وما رويناه من أمثاله، منافيا لما ذكرناه من كيفية التوجه إلى
الله جل جلاله والظفر بأفضاله واقباله، لان الله جل جلاله إنما يعطى الجوائز مع الأدب
بين يديه والاخلاص في الاقبال عليه، وقد كشفنا لك في الوجوه التي أشرنا إليها
ما حضرنا وأذن لنا في التنبيه عليها، فاختر لنفسك ما أنت محتاج إليه على قدر وجود المالك
الذي تقف بين يديه، وعلى قدر اليوم الذي اطلق الجوائز لكل محتاج إليه، وعلى قدر
فقرك في الدنيا ويوم القدوم عليه.
وليكن من جملة مطالبك ومآربك ان تقول:
يا كريم يا جواد يا عواد، ان عادة الملك الجواد، إذا أسقط ماله على وفوده
وجنوده، أبقى ما لهم عليه من عوائد مراحمه ومكارم وجوده، فحيث قد
أسقطت عنا وظائف العبادات في شهر رمضان، فأبق علينا دوام ما كان فيه
من العنايات والسعادات، والأمان والرضوان وكمال الاحسان.
482

فصل (10)
فيما نذكره من اخراج الفطرة قبل صلاة العيد، وان أفضلها التمر
اعلم أن بدأة الله جل جلاله في مقدس القرآن المجيد بذكر الزكاة قبل صلاة العيد،
تنبيه لأهل النجاة على البدأة بها قبل الصلاة، ووصف من يفعل ذلك بالفلاح، حث
عظيم لأهل الصلاح على الاهتمام باخراجها قبل الغدو إلى صلاة العيد والرواح.
روينا بإسنادنا إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: ينبغي أن يؤدي الفطرة قبل أن
يخرج الناس إلى الجبانة، فان (1) أداها بعدما يرجع، فإنما هي صدقة وليست فطرة (2).
واما ما نذكره في فضل اخراج الفطرة تمرا:
فقد رويناه إلى محمد بن يعقوب الكليني، باسناده إلى هشام بن الحكم، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: التمر في الفطرة أفضل من غيره، لأنه أسرع منفعة، وذلك أنه
إذا وقع في يد صاحبه أكل منه، وقال: ونزلت الزكاة وليس للناس أموال، وإنما
كانت الفطرة (3).
فصل (11)
فيما نذكره من الخروج إلى صلاة العيد في طريق والرجوع في غيرها
روينا ذلك بإسنادنا إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه،
باسناده إلى علي بن موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام قال: قلت له: يا سيدي انا
نروي عن النبي صلى الله عليه وآله، انه كان إذا أخذ (4) في طريق لم يرجع فيه وأخذ في
غيره؟ فقال: هكذا كان نبي الله صلى الله عليه وآله يفعل، وهكذا أفعل أنا وهكذا

1 - فإذا (خ ل).
2 - عنه الوسائل 9: 355.
3 - رواه الكليني في الكافي 4: 171، والصدوق في الفقيه 2: 117، علل الشرائع، 390، والشيخ في التهذيب 4: 85
عنهم الوسائل 9: 352.
4 - رجع (خ ل).
483

كان أبي عليه السلام يفعل، وهكذا فافعل، فإنه أرزق لك، وكان نبي الله صلى الله
عليه وآله يقول: هذا أزرق للعباد (1).
فصل (12)
فيما نذكره من الدعاء في الطريق
قال: استفتح خروجك بهذا الدعاء إلى أن تدخل مع الامام في الصلاة، فان فاتك
منه شئ فاقضه بعد الصلاة:
اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك توكلت، الله أكبر كما هدينا، الله
أكبر إلهنا ومولانا، الله أكبر على ما أولانا، وحسن ما أبلانا، الله أكبر ولينا
الذي اجتبانا، الله أكبر ربنا الذي برأنا، الله أكبر الذي أنشأنا.
الله أكبر الذي بقدرته هدينا، الله أكبر الذي خلقنا فسوينا، الله أكبر
الذي بدينه حبانا، الله أكبر الذي من فتنته عافانا، الله أكبر الذي بالاسلام
اصطفانا، الله أكبر الذي فضلنا بالاسلام على من سوانا، الله أكبر وأكبر
سلطانا، الله أكبر وأعلا برهانا، الله أكبر وأجل سبحانا.
الله أكبر وأقدم إحسانا، الله أكبر وأعز غفرانا، الله أكبر وأسنى شأنا،
الله أكبر ناصر من استنصر، الله أكبر ذو المغفرة لمن استغفر، الله أكبر
الذي خلق وصور.
الله أكبر الذي أمات وأقبر، الله أكبر الذي إذا شاء أنشر، الله أكبر
وأعلا وأكبر، الله أكبر وأقدس من كل شئ وأطهر، الله أكبر رب الخلق
والبر والبحر، الله أكبر كلما سبح الله شئ وكبر، الله أكبر كما يحب ربنا
أن يكبر.
اللهم صل على محمد، عبدك ورسولك، ونبيك وصفيك، ونجيبك (2)

1 - عنه البحار 190: 373، الوسائل 7: 479، رواه الكليني في الكافي 8: 147، 5: 314.
2 - نجيك (خ ل).
484

وأمينك، وحبيبك، وصفوتك من خلقك، وخليلك وخاصتك، وخيرتك من
بريتك.
اللهم صل على محمد، عبدك الذي هديتنا به من الجهالة، وبصرتنا به
من العمى، وأقمتنا به على المحجة (1) العظمى وسبيل التقوى، وكما أرشدتنا
وأخرجتنا به من الغمرات إلى جميع الخيرات، وأنقذتنا به من شفا جرف
الهلكات.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وأفضل وأكمل، وأشرف وأكبر،
وأطهر وأطيب، وأتم وأعم، وأزكى وأنمى، وأحسن وأجمل ما صليت على
أحد من العالمين.
اللهم شرف بنيانه، وعظم برهانه، وأعل مكانه، وكرم في القيامة مقامه،
وعظم على رؤوس الخلائق حاله.
اللهم اجعل محمدا وآل محمد يوم القيامة، أقرب الخلق منك منزلة،
وأعلاهم منك مكانا، وأفسحهم لديك منزلة ومجلسا، وأعظمهم عندك شرفا،
وأرفعهم منزلا.
اللهم صل على محمد والأئمة (2) الهدى المهتدين (3)، والحجج على
خلقك (4)، والأدلاء على سبيلك، والباب الذي منه يؤتى، والتراجمة لوحيك،
كما سنوا سنتك، الناطقين بحكمتك، والشهداء على خلقك.
اللهم صل على وليك المنتظر أمرك، المنتظر لفرج أوليائك.
اللهم اشعب به الصدع، وارتق به الفتق، وأمت به الجور، وأظهر به
العدل، وزين بطول بقائه الأرض، وأيده بنصرك، وانصره بالرعب، وقو

1 - المحجة: الطريق.
2 - اللهم صل على الأئمة الهدى (خ ل).
3 - المهديين والحجة (خ ل).
4 - دمدم: أهلك.
485

ناصرهم، واخذل خاذلهم، ودمدم على من نصب لهم، ودمر على من
غشهم، واقصم بهم رؤوس الضلالة، وشارعة البدع، ومميتة السنة (1)،
المتعززين بالباطل، وأعز بهم المؤمنين، وأذل بهم الكاذبين والمنافقين
وجميع الملحدين والمخالفين، في مشارق الأرض ومغاربها، يا أرحم الراحمين.
اللهم وصل على جميع المرسلين والنبيين، الذين بلغوا عنك الهدى،
واعتقدوا لك المواثيق بالطاعة، ودعوا العباد إليك بالنصيحة، وصبروا على
ما لقوا من الأذى في جنبك.
اللهم وصل على محمد وعليهم، وعلى ذراريهم وأهل بيوتاتهم وأهل
موداتهم (2)، وأزواجهم الطاهرات، وجميع أشياعهم، من المؤمنين والمؤمنات
والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، السلام عليهم جميعا،
في هذه الساعة، وفي هذا اليوم، ورحمة الله وبركاته. (3)
اللهم اخصص أهل بيت نبينا محمد، المباركين السامعين المطيعين،
الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا، بأفضل صلواتك ونوامي
بركاتك، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته (4).
فصل (13)
فيما نذكره من البروز في صلاة العيد تحت السماء
رواه محمد بن أبي قرة في كتابه، باسناده إلى سليمان بن حفص، عن الرجل عليه
السلام قال: الصلاة يوم الفطر بحيث لا يكون على المصلي سقف الا السماء (5).

1 - السنن (خ ل).
2 - وعلى ذريتهم وأهل موداتهم (خ ل).
3 - عنه البحار 91: 16 - 18، رواه الشيخ في مصباح المتهجد 652، والكفعمي في بلد الأمين: 239.
4 - عنه البحار 90: 371.
5 - كتبنا (خ ل).
486

أقول: وقد ذكرنا في عدة مواضع من كتابنا ان السماء كأنها كعبة الدعاء
بالساكنين فيها الملائكة وأرواح الأنبياء، وهي محل العلاء، وهي باب اطلاق
الأرزاق والآمال ونزول الوحي وتدبير ما يكون، قال الله جل جلاله: (وفي السماء رزقكم
وما توعدون) (1)، فالبروز والوقوف على باب الله بهذه الصفات، هو أقرب إلى إجابة
الدعوات وقضاء الحاجات.
فصل (14)
فيما نذكره مما يصلي عليه في صلاة العيد
روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن الحسن بن الوليد باسناده إلى أبي عبد الله عليه
السلام: ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخرج حتى ينظر إلى آفاق السماء،
وقال: لا تصلين يومئذ على بساط ولا بارية، يعني في العيدين (2).
أقول: واعلم انني كنت يوما من أيام الأعياد، قد قمت من السجادة لأجلس على
التراب، وأصلي صلاة العيد على المأمور به من الآداب، فأردت أن أجعل ذلك على
سبيل العبادة لله جل جلاله لأنه أهل للعبادة، فورد على خاطري ما معناه:
أذكر كيف نقلناك من هذا التراب الذي تجلس عليه إلى ما قد بلغنا بك إليه من
التكرم والتعظيم، وتسخيرنا لك ما سخرناه، من الأفلاك والدنيا والآخرة والملك
العظيم (3)، واشتغل بالشكر لنا واعتقاد المنة العظيمة، من تطلع خاطرك إلى الوسيلة إلينا
بهذه الخدمة اليسيرة السقيمة.
فإننا إذا (4) رأيناك تقدم حقنا على ما يقع منك من الخدم، كأني أثبت لك في رسوخ
القدم، وسبوغ النعم، ودفع النقم، وأدب العبودية، وبلوغ الأمنية.

1 - الذاريات: 22.
2 - عنه البحار 90: 371.
3 - القديم، القويم (خ ل).
4 - فإذا (خ ل).
487

وقل بالرحمة والجود وجميع الوسائل التي نقلتني بها من ذلك المقام النازل، إلى هذا
الفضل الشامل الكامل.
صل على محمد وآل محمد وانقلني عما تكره وقوفه مني إلى ما يرضيك
عني.
فصل (15)
فيما نذكره من صلاتها جماعة وفرادى
رواه محمد بن أبي قرة، باسناده إلى مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه السلام انه
سئل صلاة الأضحى والفطر قال: صلهما (1) ركعتين في جماعة وغير جماعة (2).
أقول: واعلم أن الانسان على نفسه بصيرة، فان وجد بما أراه الله جل جلاله من
البصائر المنيرة، ان صلاة العيد في الجماعة أبلغ في الاخلاص والطاعة، فليبارز إلى
ما فيها من رضى الرب الرحيم الكريم والفضل العظيم، ومن عرف ان صلاة العيد على
الانفراد والاختصاص أبلغ في صفات كمال المراد والاخلاص، فليعمد إلى ما هو أقرب
إلى مراد مولاه، الذي حديثه معه في دنياه واخراه.
هذا حال من كانت صلاة العيد مندوبة له كما رويناه.
فصل (16)
فيما نذكره من دعاء مروي عن مولانا زين العابدين صلوات الله عليه وسلامه قبل
صلاة العيد
رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد بن هارون بن موسى التلعكبري رضي الله عنه،
باسناده إلى جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
كنت بالمدينة وقد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية، وكان شهر

1 - صلاتهما (خ ل).
2 - عنه الوسائل 7: 425، البحار 90: 371.
488

رمضان، فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي بالناس في الخروج إلى البقيع
لصلاة العيد، فغدوت من منزلي أريد إلى سيدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا (1).
فما مررت بسكة من سكك المدينة الا رأيت (2) أهلها خارجين إلى البقيع، فيقولون:
إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول: إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى أتيت
المسجد، فدخلته، فما وجدت فيه الا سيدي علي بن الحسين عليهما السلام قائم يصلي
صلاة الفجر وحده، فوقفت وصليت بصلاته، فلما ان فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر.
ثم إنه جلس يدعو وجعلت أؤمن على دعائه، فما أتي آخر دعائه حتى بزغت (3)
الشمس، فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم إنه رفع يديه حتى صارتا بإزاء وجهه وقال:
إلهي وسيدي أنت فطرتني وابتدأت خلقي، لا لحاجة منك إلي بل
تفضلا منك علي، وقدرت لي أجلا ورزقا لا أتعداهما، ولا ينقصني أحد
منهما (4) شيئا، وكنفتني منك بأنواع النعم والكفاية طفلا وناشئا، من غير عمل
عملته، فعلمته مني فجازيتني عليه، بل كان ذلك منك تطولا علي وامتنانا.
فلما بلغت بي أجل الكتاب (5) من علمك بي ووفقتني لمعرفة وحدانيتك
والاقرار بربوبيتك، فوحدتك مخلصا لم أدع لك شريكا في ملكك، ولا معينا
على قدرتك، ولم أنسب إليك صاحبة ولا ولدا.
فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي، مننت بمن هديتني به من
الضلالة، واستنقذتني به من الهلكة، واستخلصتني به من الحيرة، وفككتني
به من الجهالة، وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله، أزلف (6)

1 - الغلس: ظلمة آخر الليل.
2 - لقيت (خ ل).
3 - بزغ الشمس: طلعت.
4 - لا ينقضي منهما (خ ل).
5 - كناية عن بلوغ الحلم.
6 - أزلف: أقرب.
489

خلقك عندك، وأكرمهم منزلة لديك، فشهدت معه بالوحدانية، وأقررت لك
بالربوبية والرسالة، وأوجبت له على الطاعة.
فأطعته كما أمرت، وصدقته فيما حتمت (1)، وخصصته بالكتاب المنزل
عليه والسبع المثاني الموحات إليه، وأسميته القرآن، وأكنيته الفرقان
العظيم.
فقلت جل اسمك: (ولقد أتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) (2) وقلت جل
قولك له، حين اختصصته بما سميته به من الأسماء: (طه * ما أنزلنا عليك القرآن
لتشقى)، (3) وقلت عز قولك: (يس * والقرآن الحكيم) (4)، وقلت تقدست أسماؤك:
(ص * والقرآن ذي الذكر) (5)، وقلت عظمت آلاؤك: (ق * والقرآن المجيد) (6).
فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته، وقرنت القرآن معه، فما في
كتابك من شاهد قسم، والقرآن مردف به، الا وهو اسمه، وذلك شرف
شرفته به وفضل بعثته إليه، تعجز الألسن والأفهام عن وصف مرادك به،
وتكل عن علم ثنائك عليه.
فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه: (هذا كتابنا ينطق
عليكم بالحق) (7)، وقلت عززت وجللت (8): (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (9)، وقلت
تباركت وتعاليت في عامة ابتدائه: (آلر * تلك آيات الكتاب الحكيم) (10)، و (آلر * كتاب

1 - حتمت: أوجبت.
2 - الحجر: 87.
3 - طه: 2 - 1.
4 - يس: 2 - 1.
5 - ص: 2 - 1.
6 - ق: 2 - 1.
7 - الجاثية: 29.
8 - عزيت وجليت (خ ل).
9 - الانعام: 38.
10 - يونس: 1.
490

أحكمت آياته) (1)، و (آلر * كتاب أنزلناه إليك) (2)، و (آلر * تلك آيات الكتاب المبين) (3)، و (آلم *
ذلك الكتاب لا ريب فيه) (4)، وفي أمثالها (5) من سور الطواسين (6) والحواميم.
في كل ذلك ثنيت بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته
لوحيك، واستودعته سر غيبك، فأوضح لنا منه شروط فرائضك، وأبان لنا عن
واضح سنتك، وأفصح لنا عن الحلال والحرام، وأنار لنا مدلهمات الظلام،
وجنبنا ركوب الآثام، وألزمنا الطاعة، ووعدنا من بعدها الشفاعة.
فكنت ممن أطاع أمره، وأجاب دعوته، واستمسك بحبله، فأقمت
الصلاة، وآتيت الزكاة، والتزمت الصيام الذي جعلته حقا فقلت جل اسمك:
(كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) (7).
ثم إنك أبنته فقلت عززت وجللت (8) من قائل: (شهر رمضان الذي انزل فيه
القرآن (9)، وقلت: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) (10).
ورغبت في الحج بعد إذ فرضته إلى بيتك الذي حرمته، فقلت جل
اسمك: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (11)، وقلت عززت وجللت: (12)
(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم

1 - هود: 1.
2 - إبراهيم: 1.
3 - يوسف: 1.
4 - البقرة: 1 - 2.
5 - الر تلك آيات الكتاب المبين، والر كتاب أنزلناه إليك، والر كتاب أحكمت آياته، والر تلك آيات الكتاب المبين،
والر كتاب فصلت آياته، والم ذلك الكتاب لا ريب فيه، وفي أمثالها (خ ل).
6 - السور والطواسين (خ ل).
7 - البقرة: 183.
8 - غزيت وجليت (خ ل).
9 - البقرة: 185.
10 - البقرة: 185.
11 - آل عمران: 97.
12 - عزيت وجليت (خ ل).
491

ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) (1).
اللهم إني أسألك أن تجعلني من الذين يستطيعون إليه سبيلا، ومن
الرجال الذين يأتونه ليشهدوا منافع لهم، وليكبروا الله على ما هداهم.
وأعني اللهم على جهاد عدوك في سبيلك مع وليك، كما قلت جل
قولك: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله) (2)،
وقلت جلت أسماؤك: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم) (4).
اللهم فأرني ذلك السبيل، حتى أقاتل فيه بنفسي ومالي طلب رضاك،
فأكون من الفائزين.
إلهي أين المفر عنك، فلا يسعني بعد ذلك إلا حلمك، فكن بي رؤوفا
رحيما، وأقبلني وتقبل مني، وأعظم لي فيه بركة المغفرة ومثوبة الأجر،
وأرني (6) صحة التصديق بما سألت، وإن أنت عمرتني إلى عام مثله، ويوم
مثله، ولم تجعله آخر العهد مني، فأعني بالتوفيق على بلوغ رضاك.
وأشركني يا إلهي في هذا اليوم، في جميع دعاء من أجبته، من المؤمنين
والمؤمنات، وأشركهم في دعائي إذا أجبتني في مقامي هذا بين يديك،
فاني راغب إليك لي ولهم، وعائد بك لي ولهم، فاستجب لي يا أرحم
الراحمين (7).

1 - الحج: 28 - 27.
2 - التوبة: 111.
3 - قد قلت (خ ل).
4 - محمد صلى الله عليه وآله: 31.
5 - اللهم (خ ل) اني (خ ل).
6 - مثوبة الآخرة وارزقني (خ ل).
7 - عنه البحار 91: 7 - 9، مستدرك الوسائل 6: 151 و 455 مختصرا، أورده الكفعمي في البلد الأمين: 238، وفي
مصباحه: 649، و 651 (الهامش)، أخرجه في الصحيفة السجادية الجامعة: 310، الدعاء: 144.
492

فصل (17)
فيما نذكره من كيفية الحضور بين يدي الله جل جلاله وقت صلاة العيد
والدعاء عند ذلك المقام السعيد
اعلم اننا قدمنا في كتاب عمل اليوم والليلة، من كيفية الحضور بين يدي الله جل
جلاله للصلوات، ما فيه فوائد لأهل العنايات بهذه العبادات، ونقول هاهنا زيادات،
وهو:
ان للحضور في خدمة مولى المماليك والعبيد لصلاة العيد، زيادة استعداد لأهل
الإخلاص والاجتهاد، وذلك أنه يوم ترجيح مقام جانب العفو والغفران، والأمان
والإحسان والرضوان، على جانب المؤاخذة على الذنوب والعيوب والعصيان، وهو يوم
الإذن في بسط أكف السؤال، ومدها إلى محل القبول والاقبال، ووقت الاطلاق
لركائب الآمال في الورود على كعبة الكرم والافضال، وزمان طي بساط الغضب.
والعقاب وغلق باب التعنيف والعتاب.
وليكن العبد الحاضر لصلاة هذا اليوم المبشر لاعتاق أهل الاسترقاق بالعتاق،
والمهنئ لأهل الحبوس بالاطلاق، والمقوي أصحاب العجز في ميدان الإمكان، حتى
يشرفهم باللحاق لأهل السباق، باذلا للمجهود في شكر مالك الجود، على تأهليه لذلك
المقام المسعود.
وليكن على وجه قلبه ولسانه وجنانه أنوار الثقة بما بذله مولاه، من غفران وأمانه
ورضوانه، فان الملك إذا وثق عبيده من وجوده، ورآهم غير قائمين بما يطيقون من شكره
وتحميده، واثقين بانجاز وعوده، كانوا مخاطرين في الوقوف بين يديه، أو مستهزئين
بتهوينهم باطلاعه على سوء ظنهم بما دعاهم إليه، بل إذا أمنك الموثوق بأمانه، فكن من
الآمنين، ولو كان لك عنده ذنوب العالمين، وإذا دعاك إلى حسن الظن بجوده والثقة
بانجاز وعدوه، فكن من أعظم الواثقين.
فلو لم يكن لك في ذلك من الشرف والوسيلة إلى الاقبال وبلوغ الآمال، الا تجميل
493

ذكر مولاك، وتزكيته وتصديقه في الفعال والمقال، فيوشك ان تثمر شجرة حسن ظنك
واعتقادك في مالك من أدل ثمار اسعادك وانجادك (1) في دنياك ومعادك.
أقول: فإذا قمت مستقبل القبلة، فقل ما رويناه بإسنادنا إلى أبي عبد الله عليه السلام
قال: فإذا قمت إلى الصلاة فاستقبل القبلة وكبر وقل:
اللهم إني عبدك وابن عبديك، هارب منك إليك، أتيتك وافدا إليك،
تائبا من ذنوبي إليك زائرا، وحق الزائر على المزور التحفة، فاجعل تحفتي
منك وتحفتك لي رضاك والجنة.
اللهم إنك عظمت حرمة شهر رمضان، ثم أنزلت فيه القرآن، أي رب،
وجعلت فيه ليلة خيرا من ألف شهر، ثم مننت علي بصيامه وقيامه فيما
مننت علي، فتمم علي منك ورحمتك.
أي رب، إن لك فيه عتقاء، فان كنت ممن أعتقتني فيه، فتمم علي،
ولا تردني في ذنب ما أبقيتني، وإن لم تكن فعلت يا رب لضعف عمل، أو
لعظم ذنب، فبكرمك وفضلك ورحمتك (2)، وكتابك الذي أنزلت في شهر
رمضان ليلة القدر، وما أنزلت فيها، وحرمة عظمت فيها، وبمحمد وعلي
عليهما السلام وصلواتك، وبك يا الله.
أتوجه إليك بمحمد، وبمن بعده، صلى الله عليه وعليهم، أتوجه بكم
إلى الله، يا الله أعتقني فيمن أعتقت. الساعة، بمحمد صلى الله عليه وآله (3).
أقول: واعلم اننا وقفنا على عدة روايات في صفات صلاة العيد:
منها ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن أبي قرة، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر بن
بابويه، ومنها ما رويناه عن أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه (4)، وها نحن ذاكرون رواية

1 - أنجده: أعانه.
2 - رحماتك (خ ل).
3 - عنه البحار 91: 20.
4 - رواه الشيخ في مصباح المتهجد: 649، التهذيب 1: 292، والمفيد في المقنعة: 33، عنهم البحار 90: 380.
494

واحدة لصلاة العيد (1).
فصل (18)
فيما نذكره من صفة صلاة العيد
المهم منها اخلاص النية وكمال الأدب مع العظمة الإلهية، فتقصد بقلبك ما معناه:
أصلي صلاة العيد مندوبا لوجه ندبها، أعبد الله لأنه أهل للعبادة ثم تكبر
كبيرة الاحرام، وتقرء الحمد و (سبح اسم ربك الأعلى)، وترفع يديك بالتكبير، معظما
لمولاك الأعظم الكبير، وتبسطهما بالذل والابتهال، كما جرت عليه عادة المضطر في السؤال،
وتقول:
اللهم أنت أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو
والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة.
أسألك بحق هذا اليوم، الذي جعلته للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله
عليه وآله ذخرا وشرفا (2) ومزيدا، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن
تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأن تخرجني من كل
سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد صلواتك عليه وعليهم أجمعين.
اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون، وأعوذ بك مما
استعاذ (3) منه عبادك الصالحون (4).
ثم تكبر الثانية تكبير أهل الضراعة، بحسب ما تجده من الاستطاعة، وتدعوا بالفصل
المذكور، ثم تكبر الثالثة تكبير أهل الاستكانة بخشوع أهل الخيانة، وتدعو بالفصل المشار
إليه، ثم تكبر الرابعة تكبير أهل الرهبة عند شدة الكربة، وتدعو بالفصل الموصوف، ثم

1 - فنقول (خ ل).
2 - وكرامة (خ ل).
3 - من شر ما استعاذ (خ ل).
4 - المخلصون (خ ل).
495

تكبر الخامسة تكبير الراغب عند فتح أبواب المطالب، وتدعو بالدعاء المتكرر، ثم تكبر
السادسة تكبير أهل التبتل والخضوع بارسال الدموع، وقل من الدعاء ما قدمناه.
ثم كبر تكبيرة الركوع، واركع بأبلغ الخشوع، وارفع رأسك، ثم اسجد السجدتين،
وقم فاقرء الحمد و (والشمس وضحيها). وكبر تكبيرة على ما شرحناه وادع بما ذكرناه،
ثم كبر ثانية كما وصفناه وادع بما كنا رويناه، ثم كبر ثالثة كما حررناه،
وادع بما قدمناه، ثم كبر رابعة على ما أوضحناه وادع بما أسلفناه، ثم كبر
خامسة واركع واسجد سجدتين ثم تشهد وسلم.
ثم سبح تسبيح فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، وكبر التكبير الذي
ذكرناه عقيب صلاة المغرب من ليلة العيد، واحضر عقلك وقلبك للتحميد
والتمجيد والدعاء بعد صلاة العيد، فقل:
اللهم إني سألتك أن ترزقني صيام شهر رمضان، وأن تحسن معونتي
عليه، وأن تبلغني استتمامه وفطره، وأن تمن علي في ذلك بعبادتك، وحسن
معونتك، وتسهيل أسباب توفيقك وأحسنت (1) معونتي عليه، وفعلت ذلك بي،
وعرفتني حسن صنيعك، وكريم إجابتك، فلك الحمد على ما رزقتني من
ذلك، وعلى ما أعطيتني منه.
اللهم وهذا يوم عظمت قدره، وكرمت حاله، وشرفت حرمته، وجعلته،
عيدا للمسلمين، وأمرت عبادك أن يبرزوا لك فيه، لتوفى كل نفس ما عملت
وثواب ما قدمت، ولتفضل على أهل النقص في العبادة، والتقصير في
الاجتهاد في أداء الفريضة مما لا يملكه غيرك، ولا يقدر عليه سواك.
اللهم وقد وافاك في هذا اليوم في هذا المقام، من عمل لك عملا، قل
ذلك العمل أو كثر، كلهم يطلب أجر ما عمل، ويسأل الزيادة من فضلك في
ثواب صومه لك وعبادته إياك، على حسب ما قلت: (يسئله من في السماوات

1 - فأجبتني وأحسنت (خ ل).
496

والأرض كل يوم هو في شأن) (1).
اللهم وأنا عبدك العارف بما ألزمتني، والمقر بما أمرتني، المعترف
بنقص عملي والتقصير في اجتهادي، والمخل بفرضك علي، والتارك لما
ضمنت لك على نفسي.
اللهم وقد صمت، فشبت (2) صومي لك في أحوال الخطاء والعمد،
والنسيان والذكر، والحفظ، بأشياء نطق بها لساني، أو رأتها عيني وهوتها
نفسي، أو مال إليها هواي وأحبها قلبي، أو اشتهتها روحي، أو بسطت إليها
يدي، أو سعيت إليها برجلي، من حلالك المباح بأمرك، إلى حرامك
المحظور بنهيك.
اللهم وكل ما كان مني محصى علي غير مخل بقليل ولا كثير، ولا صغير
ولا كبير، اللهم وقد برزت إليك وخلوت لك، لأعترف لك بنقصي عملي،
وتقصيري فيما يلزمني، وأسألك العود علي بالمغفرة والعائدة الحسنة علي،
بأحسن رجائي وأفضل أملي وأكمل طمعي في رضوانك.
اللهم فصل على محمد وآل محمد واغفر لي كل نقص، وكل تقصير،
وكل إساءة، وكل تفريط، وكل جهل، وكل عمد، وكل خطأ دخل علي،
في شهري هذا، وفي صومي له، وفي فرضك علي، وهبة لي، وتصدق به
علي، وتجاوز لي عنه.
يا غاية كل رغبة، ويا منتهى كل مسألة، واقلبني من وجهي هذا، وقد
عظمت فيه جائزتي، وأجزلت فيه عطيتي وكرمت فيه حبائي وتفضلت علي،
بأفضل من رغبتي وأعظم من مسألتي يا إلهي.
يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله، ليس كمثلك شئ، صل على
محمد وآل محمد، واغفر لي ذنوبي، العمد منها والخطأ، في هذا اليوم،

1 - الرحمن: 29.
2 - شاب: خلط.
497

وفي هذه الساعة.
يا رب كل شئ ووليه، افعل ذلك بي، وتب بمنك وفضلك ورأفتك
ورحمتك علي، توبة نصوحا لا أشقى بعدها أبدا.
يا الله يا الله، يا الله يا الله، يا الله يا الله يا الله، لك الأمثال العليا
والأسماء الحسنى، أعوذ بك من الشك بعد اليقين، ومن الكفر بعد الايمان.
يا إلهي اغفر لي، يا إلهي تفضل علي، ويا إلهي تب علي، يا إلهي
ارحمني، يا إلهي إرحم فقري، يا إلهي إرحم ذلي، يا إلهي إرحم مسكنتي،
يا إلهي إرحم عبرتي، يا إلهي لا تخيبني وإنا أدعوك، ولا تعذبني وأنا أستغفرك (1).
اللهم إنك قلت لنبيك عليه وآله السلام: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان
الله معذبهم وهم يستغفرون) (2)، أستغفرك يا رب وأتوب إليك، أستغفر الله أستغفر
الله من جميع ذنوبي كلها، ما تعمدت منها وما أخطأت، وما حفظت
وما نسيت.
اللهم إنك قلت لنبيك عليه وآله الصلاة والسلام: (وإذا سألك عبادي عني
فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) (3)، اللهم إني
أدعوك كما أمرتني، فاستجب لي كما وعدتني، إنك لا تخلف الميعاد.
اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين، بأفضل صلواتك،
وبارك عليهم بأفضل بركاتك، وأدخلني في كل خير أدخلتهم فيه،
وأخرجني من كل سوء أخرجتهم منه، في الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأعتق رقبتي من النار، عتقا بتلا (4)
لارق بعده أبدا، ولا حرق بالنار، ولا ذل، ولا وحشة، ولا رعب ولا روعة (5)

1 - أرجوك (خ ل).
2 - الأنفال: 33.
3 - البقرة: 186.
4 - بتل: قطع وأبان.
5 - ولا لوعة (خ ل).
498

لا فزعة ولا رهبة بالنار، ومن علي بالجنة بأفضل حظوظ أهلها، وأشرف
كراماتهم، وأجزل عطائك (1) لهم، وأفضل جوائزك إياهم، وخير حبائك لهم.
اللهم صل على محمد وآل محمد وأقلبني من مجلسي هذا، ومن
مخرجي هذا، ولا تبق لي فيما (2) بيني وبين أحد من خلقك، ذنبا إلا غفرته،
ولا خطيئة إلا محوتها، ولا عثرة إلا أقلتها، ولا فاضحة إلا صفحت عنها،
ولا جريرة إلا خلصت منه، ولا سيئة إلا وهبتها لي، ولا كربة إلا وقد
خلصتني منها، ولا دينا إلا قضيته، ولا عائلة إلا أغنيتها، ولا فاقة إلا سددتها،
ولا عريا (3) إلا كسوته.
ولا مريضا إلا شفيته، ولا سقيما إلا داويته، ولا هما إلا فرجته، ولا غما
إلا أذهبته، ولا خوفا إلا آمنته، ولا عسرا إلا يسرته، ولا ضعفا إلا قويته،
ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها، على أفضل الأمل وأحسن
الرجاء وأكمل الطمع، إنك على كل شئ قدير.
اللهم إنك أمرتني بالدعاء، ودللتني عليه، فسألتك، ووعدتني الإجابة،
فتنجزت بوعدك، وأنت الصادق القول الوفي العهد، اللهم وقد قلت: (ادعوني
أستجب لكم) (4)، وقلت: (واسألوا الله من فضله (5)) (6)، وقلت: (وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) (7).
اللهم وأنا أدعوك كما أمرتني متنجزا لوعدك، فصل على محمد وآل
محمد وأعطني كل ما وعدتني، وكل أمنيتي، وكل سؤلي، وكل همي، وكل
تهمتي، وكل هواي، وكل محبتي، واجعل ذلك كله سائحا (8) في جلالك،

1 - عطاياك (خ ل).
2 - زيادة: فيما بيني وبينك ولا فيما.
3 - عريانا (خ ل).
4 - غافر: 60.
5 - زيادة: انه كان بكم رحيما (خ ل).
6 - النساء: 32.
7 - أحقاف: 16.
8 - ساح الماء: جرى على وجه الأرض.
499

ثابتا في طاعتك، مترددا في مرضاتك، متصرفا فيما دعوت إليه، غير
مصروف منه، قليلا ولا كثيرا، في شئ من معاصيك، ولا في مخالفة
لأمرك (1)، إله الحق رب العالمين.
اللهم وكما وفقتني لدعائك، فصل على محمد وآل محمد، ووفق لي
إجابتك إنك على كل شئ قدير.
اللهم من تهيأ، أو تعبأ، أو أعد، أو استعد، لوفادة إلى مخلوق، رجاء
رفده وجوائزه ونوافله، وفضائله وعطاياه، فإليك يا سيدي كانت تهيئتي
وتعبئتي، وإعدادي، واستعدادي، رجاء رفدك وجوائزك وفواضلك، ونوافلك
وعطاياك.
وقد غدوت إلى عيد من أعياد أمة نبيك محمد عليه السلام (2)، ولم آتك
اليوم بعمل صالح أثق به قدمته، ولا توجهت بمخلوق رجوته.
ولكني أتيتك خاضعا مقرا بذنوبي، وإساءتي إلى نفسي، ولا حجة لي
ولا عذر لي، أتيتك أرجو عظيم (3) عفوك الذي عفوك به عن الخاطئين، وأنت
الذي غفرت لهم عظيم جرمهم، ولم يمنعك طول عكوفهم على عظيم
جرمهم (4)، أن عدت عليهم بالرحمة فيامن رحمته واسعة، وفضله (5) عظيم.
يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا كريم يا كريم يا كريم، صل على محمد وآل
محمد، وعد علي برحمتك، وامنن علي بعفوك وعافيتك، وتعطف علي
بفضلك، وأوسع (6) علي رزقك.

1 - مخالفة أمرك (خ ل).
2 - نبيك محمد وآله عليه وعليهم السلام ولم آتك (خ ل).
3 - أعظم (خ ل).
4 - الجرم (خ ل).
5 - عفوه (خ ل).
6 - توسع (خ ل).
500

يا رب! إنه ليس يرد غضبك إلا حلمك، ولا يرد سخطك إلا عفوك،
ولا يجير من عقابك إلا رحمتك، ولا ينجيني منك إلا التضرع إليك، فصل،
على محمد وآل محمد وهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي أموات
العباد، وبها تنشر ميت البلاد.
ولا تهلكني يا إلهي غما حتى تستجيب لي، وتعرفني الإجابة في
دعائي، وأذقني طعم العافية إلى منتهى أجلي، ولا تشمت بي عدوي،
ولا تسلطه علي، ولا تمكنه من عنقي.
يا رب! إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني، وإن وضعتني فمن ذا الذي
يرفعني، ومن ذا الذي يرحمني إن عذبتني، ومن ذا الذي يعذبني إن
رحمتني، ومن ذا الذي يكرمني إن أهنتني، ومن ذا الذي يهينني إن
أكرمتني، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك، أو يسألك عن
أمره.
وقد علمت يا إلهي إنه ليس في حكمك جور ولا ظلم، ولا في عقوبتك
عجلة، وإنما يعجل من يخاف الفوت. وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف، وقد
تعاليت عن ذلك سيدي علوا كبيرا.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، ولا تجعلني للبلاء غرضا،
ولا لنقمتك نصبا، ومهلني ونفسني، وأقلني (1) عثرتي، وارحم تضرعي،
ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي وتضرعي إليك.
أعوذ بك اللهم اليوم من غضبك، فصل على محمد وآله وأعذني،
وأستجير بك من سخطك فصل على محمد وآل محمد وأجرني، وأسترحمك
فصل على محمد وآله وارحمني، وأستهديك فصل على محمد وآل محمد
واهدني، وأستنصرك فصل على محمد وآل محمد وانصرني، وأستكفيك

1 - أقل (خ ل).
501

فصل على محمد وآل محمد واكفني.
وأسترزقك فصل على محمد وآل محمد وارزقني (1)، وأستعصمك فيما
بقي من عمري، فصل على محمد وآل محمد واعصمني، وأستغفرك لما
سلف من ذنوبي فصل على محمد وآل محمد واغفر لي، فاني لن أعود
لشئ كرهته إن شئت ذلك.
يا رب يا حنان يا منان، يا ذا الجلال والاكرام صل على محمد وآل
محمد واستجب لي جميع ما سألتك، وطلبته منك، ورغبت فيه إليك، وأرده
وقدره، واقضه وأمضه، وخر لي فيما تقضي منه، وتفضل علي به، وأسعدني
بما تعطيني منه، وزدني من فضلك وسعة ما عندك، فإنك واسع كريم،
وصل ذلك كله بخير الآخرة ونعيمها، يا أرحم الراحمين، إله الحق رب
العالمين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وافتح لهم فتحا يسيرا، واجعل لهم
من لدنك سلطانا نصيرا، اللهم أظهر بهم دينك وسنة نبيك عليه وآله السلام،
حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق.
اللهم إنا نرغب إليك، في دولة كريمة، تعز بها الاسلام وأهله، وتذل
بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك،
وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة.
اللهم ما أنكرنا من الحق فعرفناه، وما قصرنا عنه فبلغناه، اللهم واستجب
لنا، واجعلنا ممن يتذكر فتنفعه الذكرى.
اللهم وقد غدوت إلى عيد من أعياد أمة محمد صلى الله عليه وآله،
ولم أثق بغيرك، ولم آتك بعمل صالح أثق به، ولا توجهت بمخلوق رجوته،
اللهم بارك لنا في عيدنا هذا كما هديتنا له ورزقتنا، وأعنا عليه

1 - وأغنني (خ ل).
502

اللهم تقبل منا ما أديت عنا فيه من حق، وما قضيت عنا فيه من فريضة،
وما اتبعنا فيه من سنة، وما تنفلنا فيه من نافلة، وما أذنت لنا فيه من تطوع،
وما تقربنا إليك من نسك، وما استعملنا فيه من الطاعة، وما رزقتنا فيه من
العافية، والعبادة، اللهم تقبل منا ذلك كله زاكيا وافيا، يا أرحم الراحمين.
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ولا تذلنا بعد إذ أعززتنا، ولا تضلنا بعد
إذ وفقتنا، ولا تهنا بعد إذ أكرمتنا، ولا تفقرنا بعد إذ أغنيتنا، ولا تمنعنا بعد إذ
أعطيتنا، ولا تحرمنا بعد إذ رزقتنا، ولا تغير شيئا من نعمك علينا،
ولا إحسانك إلينا لشئ كان منا، ولا لما هو كائن.
فان في كرمك وعفوك وفضلك سعة لمغفرة ذنوبنا برحمتك، فأعتق
رقابنا من النار، بلا إله إلا أنت، يا لا إله إلا أنت.
أسألك بوجهك الكريم، إن كنت رضيت عني في هذا الشهر أن تزداد
عني رضا لا سخط بعده أبدا علي، وإن كنت لم ترض عني، وأعوذ بك من
ذلك، فمن الان. فارض عني رضا لا سخط بعده علي أبدا، وارحمني رحمة
لا تعذبني بعدها أبدا، وأسعدني سعادة لا أشقى بعدها أبدا، وأغنني غنى
لا فقر بعده أبدا، واجعل أفضل جائزتك لي اليوم فكاك رقبتي من النار.
وأعطني من الجنة ما أنت أهله، وإن كنت بلغتنا ليلة القدر، وإلا فأخر
آجالنا إلى قابل حتى تبلغناه في يسر منك وعافية، يا أرحم الراحمين،
ولا تجعله آخر العهد منا بشهر رمضان، وأعط جميع المؤمنين والمؤمنات
ما سألتك لنفسي، برحمتك يا أرحم الراحمين، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا
بالله، حسبنا (1) الله ونعم الوكيل، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وسلم
تسليما.
اللهم إنك ترى ولا ترى، وأنت بالمنظر الأعلى، فالق الحب والنوى،

1 - نفوسنا (خ ل).
503

تعلم السر وأخفى، فلك الحمد يا رب العالمين، ولك الحمد في أعلا عليين،
ولك الحمد في الظلمات والنور، ولك الحمد في الظل والحرور، ولك
الحمد في الغدو والآصال، ولك الحمد في الأزمان والأحوال، ولك الحمد
في قعر أرضك، ولك الحمد على كل حال.
إلهي صلينا خمسنا، وحصنا فروجنا، وصمنا شهرنا، وأطعناك ربنا،
وأدينا زكاة رؤوسنا (1) طيبة بها نفوسنا، وخرجنا إليك لأخذ جوائزنا.
فصل على (2) محمد وآل محمد، ولا تخيبنا، وامنن علينا بالتوبة والمغفرة،
ولا تردنا على عقبنا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ولا تجعله آخر العهد منا،
وارزقنا صيامه وقيامه أبدا ما أبقيتنا.
وامنن علينا بالجنة، ونجنا من النار، وزوجنا من الحور العين، آمين رب
العالمين، إنك على كل شئ قدير، وصلى الله على خيرته من خلقه،
محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما (3).
وعاء آخر بعد صلاة العيد، ويدعى به في الأعياد الأربعة:
الحمد لله الذي لا إله هو، وله الحمد رب العالمين، وصلى الله على
محمد نبيه وآله وسلم تسليما.
اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك، الذين
استخلصتهم لنفسك ودينك، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم
المقيم، الذي لا زوال له ولا اضمحلال، بعد أن شرطت عليهم الزهد في
درجات هذه الدنيا الدنية، وزخرفها وزبرجها (4)، فشرطوا لك ذلك وعلمت
منهم الوفاء به.

1 - فصل على (خ ل).
2 - عنه البحار 98: 205 - 210، 91: 20 - 27.
3 - الزبرج: الزينة.
504

فقبلتهم وقربتهم وقدرت (1) لهم الذكر العلي والثناء الجلي، وأهبطت
عليهم ملائكتك، وكرمتهم (2) بوحيك ورفدتهم بعلمك، وجعلتهم الذريعة (3)
إليك والوسيلة إلى رضوانك.
فبعض أسكنته جنتك، إلى أن أخرجته منها، وبعض حملته في فلكك
ونجيته ومن آمن معه (4) من الهلكة برحمتك، وبعض اتخذته لنفسك خليلا،
وسألك لسان صدق في الآخرين، فأجبته، وجعلت ذلك عليا، وبعض
كلمته من شجرة تكليما، وجعلت له من أخيه ردءا (5) ووزيرا.
وبعض أولدته من غير أب وآتيته البينات، وأيدته بروح القدس وكل (6)
شرعت له شريعة، ونهجت له منهاجا (7)، وتخيرت له أوصياء (8)، مستحفظا بعد
مستحفظ، من مدة إلى مدة، إقامة لدينك، وحجة على عبادك، ولئلا يزول
الحق عن مقره، ويغلب الباطل على أهله، ولا يقول (9) أحد لولا أرسلت إلينا
رسولا منذرا، وأقمت لنا علما هاديا، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى.
إلى أن انتهيت بالأمر إلى حبيبك ونجيبك، محمد صلى الله عليه وآله،
فكان (10) كما انتجبته سيد من خلقته، وصفوة من اصطفيته، وأفضل من
اجتبيته، وأكرم من اعتمدته، قدمته على أنبيائك، وبعثته إلى الثقلين من
عبادك، وأوطأته مشارقك ومغاربك، وسخرت له البراق، وعرجت بروحه (11)

1 - قدمت (خ ل).
2 - أكرمتهم (خ ل).
3 - الذريعة: الوسيلة.
4 - مع من آمن (خ ل).
5 - الردء: الناصر، العون.
6 - كلا (خ ل).
7 - منهاجه (خ ل).
8 - وصيا (خ ل).
9 - لئلا يقول (خ ل).
10 - وكان (خ ل).
11 - في المزار القديم ومزار شيخ ابن المشهدي وبعض نسخ مصباح الزائر: به.
505

إلى سمائك، وأودعته علم ما كان وما يكون إلى انقضاء خلقك.
ثم نصرته بالرعب، وحففته بجبرئيل وميكائيل والمسومين من ملائكتك،
ووعدته أن تظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون، وذلك بعد أن
بوأته (1) مبوء صدق من أهله، وجعلت له ولهم أول بيت وضع للناس، للذي
ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات، مقام إبراهيم ومن دخله كان
آمنا.
وقلت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2)، وجعلت
أجر محمد صلى الله عليه وآله مودتهم في كتابك، فقلت: (قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى) (3)، وقلت: (ما سألتكم من أجر فهو لكم) (4)، وقلت: (ما أسألكم
عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) (5)، فكانوا (6) هم السبيل إليك والمسلك
إلى رضوانك.
فلما انقضت أيامه، أقام وليه علي بن أبي طالب صلواتك عليهما وآلهما (7)
هاديا، إذ كان هو المنذر ولكل قوم هاد، فقال والملأ أمامه: من كنت مولاه
فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل
من خذله.
وقال: من كنت أنا نبيه (8) فعلي أميره، وقال: أنا وعلي من شجرة واحدة
وسائر الناس من شجر شتى، وأحله محل هارون من موسى، فقال: أنت
مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

1 - بوأه: هيأ له وأنزله فيه.
2 - الأحزاب: 33.
3 - الشورى: 23.
4 - سبأ: 47.
5 - الفرقان: 57.
6 - وكانوا (خ ل).
7 - صلوات الله عليهما وعلى آلهما (خ ل).
8 - من كنت نبيه (خ ل).
506

وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين، وأحل له من مسجده ما حل له، وسد
الأبواب إلا بابه، ثم أودعه علمه وحكمته، فقال: أنا مدينة العلم وعلي
بابها، فمن أراد المدينة (1) فليأتها من بابها.
ثم قال له: أنت أخي ووصيي ووارثي، لحمك من لحمي، ودمك من
دمي، وسلمك سلمي، وحربك حربي، والايمان مخالط لحمك ودمك،
كما خالط لحمي ودمي، وأنت غدا على الحوض خليفتي، وأنت تقضي
ديني، وتنجز عداتي، وشيعتك على منابر من نور، مبيضة وجوههم حولي في
الجنة وهم جيراني، ولولا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي.
وكان بعده هدى من الضلال، ونورا من العمى، وحبل الله المتين،
وصراطه المستقيم، ولا يسبق بقرابة في رحم، ولا بسابقة في دين، ولا يلحق في
منقبة من مناقبه، يحذو حذو (2) الرسول صلى الله عليه وآله (3)، ويقاتل على
التأويل، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
قد وتر (4) فيه صناديد (5) العرب، وقتل أبطالهم، وناوش (6) ذؤبانهم، وأودع (7)
قلوبهم أحقادا بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن.
فأضبت (8) على عداوته، وأكبت على منابذته (9) حتى قتل الناكثين
والقاسطين والمارقين.

1 - الحكمة (خ ل).
2 - حذا حذوا: قطعها على مثال.
3 - صلى الله عليهما وآلهما (خ ل).
4 - الوتر: الانتقام أو الظلم فيه.
5 - الصنديد: السيد الشجاع.
6 - ناهش (خ ل) أقول: ناوشوهم في القتال: نازلوهم.
7 - فأودع (خ ل).
8 - الضب: الحقد الخفي.
9 - بذه الحرب: جاهره بها.
507

ولما قضى نحبه (1)، وقتله أشقى الآخرين يتبع أشقى الأولين، لم يمتثل
أمر رسول الله (2) صلى الله عليه وآله في الهادين بعد الهادين، والأمة مصرة
على مقته، مجتمعة على قطيعة رحمه وإقصاء ولده، إلا القليل ممن وفى
لرعاية الحق فيهم.
فقتل من قتل، وسبي من سبي، وأقصي من أقصي، وجرى القضاء لهم
بما يرجى له حسن المثوبة، إذ كانت الأرض لله يورثها من يشاء من عباده
والعاقبة للمتقين، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ولن يخلف الله
وعده وهو العزيز الحكيم.
فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما،
فليبك الباكون، وإياهم فليندب النادبون، ولمثلهم فلتذرف (3) الدموع، وليصرخ
الصارخون، ويضج الضاجون، ويعج (4) العاجون.
أين الحسن، أين الحسين، أين أبناء الحسين، صالح بعد صالح،
وصادق بعد صادق، أين السبيل بعد السبيل، أين الخيرة بعد الخيرة، أين
الشموس الطالعة، وأين الأقمار المنيرة، أين الأنجم الزاهرة، أين أعلام الدين
وقواعد العلم.
أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الطاهرة (5)، أين المعد لقطع دابر
الظلمة، أين المنتظر لإقامة الأمت (6) والعوج، أين المرتجى لإزالة الجور
والعدوان، أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن، أين المتخير (7) لإعادة الملة

1 - النحب: الحاجة.
2 - أمر الرسول (خ ل).
3 - فلتدر (خ ل). أقول: ذرفت العين: دمعها.
4 - عج: صاح ورفع صوته.
5 - الهادية (خ ل).
6 - الامت: الضعف، المكان المرتفع.
7 - المتخذ (خ ل).
508

والشريعة، أين المؤمل لاحياء الكتاب وحدوده، أين محيي معالم الدين وأهله،
أين قاصم شوكة المعتدين، أين هادم أبنية الشرك والنفاق، أين مبيد (1)
أهل الفسوق والعصيان والطغيان، أين حاصد فروع الغي والشقاق، أين
طامس (2) آثار الزيغ والأهوال، أين قاطع حبائل الكذب والافتراء، أين مبيد
العتاة والمردة، أين مستأصل أهل العناد والتضليل والالحاد.
أين معز الأولياء ومذل الأعداء، أين جامع الكلمة (3) على التقوى، أين
باب الله الذي منه يؤتى، أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء، أين
السبب المتصل بين أهل الأرض والسماء، أين صاحب يوم الفتح وناشر راية
الهدى، أين مؤلف شمل الصلاح والرضا.
أين الطالب بذحول (4) الأنبياء وأبناء الأنبياء، أين الطالب بدم المقتول
بكربلا، أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى، أين المضطر الذي
يجاب إذا دعى، أين صدر الخلائق (5) ذو البر والتقوى، أين ابن النبي
المصطفى وابن علي المرتضى، وابن خديجة الغراء فاطمة الكبرى (6).
بأبي أنت وأمي ونفسي لك والوقاء والحما، يا بن السادة المقربين، يا بن
النجباء الأكرمين، يا بن الهداة المهديين (7)، يا بن الخيرة المهذبين، يا بن
الغطارفة (8) الأنجبين، يا بن الخضارمة (9) المنتجبين، يا بن القماقمة (10) الأكرمين،

1 - أباده: أهلكه.
2 - طمس: درس وأنمحى.
3 - الكلم (خ ل).
4 - الذحل: الثأر.
5 - الخلائف (خ ل).
6 - الزهراء (خ ل).
7 - المهتدين (خ ل).
8 - الغطريف: السخي، السيد.
9 - الخضرم: كثير العطاء.
10 - القمقام: السيد الكثير العطاء.
509

يا بن الأطائب المعظمين المطهرين، يا بن البدور المنيرة، يا بن السرج
المضيئة، يا بن الشهب الثاقبة، يا بن الأنجم الزاهرة.
يا بن السبل الواضحة، يا بن الأعلام اللائحة، يا بن العلوم الكاملة، يا بن
السنن المشهورة، يا بن المعالم المأثورة، يا بن المعجزات الموجودة، يا بن
الدلائل المشهودة، يا بن الصراط المستقيم، يا بن النبأ العظيم، يا بن من هو
في أم الكتاب الله علي حكيم.
يا بن الآيات والبينات، يا بن الدلائل الظاهرات، يا بن البراهين
الواضحات الباهرات، يا بن الحجج البالغات، يا بن النعم السابغات، يا بن طه
والمحكمات، يا بن يس والذاريات، يا بن الطور والعاديات، يا بن من دنا
فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، دنوا واقترابا من العلي الأعلى.
ليت شعري أين استقرت بك النوى، بل أي أرض تقلك (1) أو ثرى (2)،
أبرضوى أم غيرها أم ذي طوى، عزيز علي أن أرى الخلق ولا ترى، ولا أسمع
لك حسيسا (3) ولا نجوى، عزيز علي أن تحيط بك دوني البلوى، ولا ينالك
مني ضجيج ولا شكوى.
بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا، بنفسي أنت من نازح ما نزح (4) عنا،
بنفسي أنت أمنية شائق يتمنى (5)، من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنا (6)، بنفسي أنت
من عقيد عز لا يسامى (7)، بنفسي أنت من أثيل (8) مجد لا يجازى (9)، بنفسي أنت

1 - قلا الشئ: حمله.
2 - الثرى: التراب الندى.
3 - الحسيس: الصوت الخفي، الحركة.
4 - ينزح (خ ل)، أقول: نزح: بعد.
5 - تمنى (خ ل).
6 - تحنى عليه: تحنن وتعطف.
7 - سامى: فاخر، يقال: لا يسامي: لا يفاخر.
8 - أثل: تأصل في الشرف، أثل المجد: بناه.
9 - يحازي، يحاذي (خ ل).
510

من تلاد (1) نعم لا تضاهي (2)، بنفسي أنت من نصيف (3) شرف لا يساوى.
إلى متى أحار فيك يا مولاي، والى متى، وأي خطاب أصف فيك، وأي
نجوى، عزيز علي أن أجاب دونك وأناغي (4)، عزيز علي أن أبكيك
ويخذلك الورى، عزيز علي أن يجري عليك دونهم ما جرى.
هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء، هل من جزوع فأساعد جزعه
إذا خلا، هل قذيت (6) عين فساعدتها عيني على القذى، هل إليك يا بن
أحمد سبيل فتلقى، هل يتصل يومنا منك بغده فنحظى، متى نرد مناهلك
الروية فنروي (7)، متى ننتقع (8) من عذب مائك فقد طال الصدى (9)، متى
نغاديك ونراوحك (10) فتقر عيوننا (11)، متى ترانا ونريك وقد نشرت لواء
النصر ترى.
أترانا نحف بك، وأنت تام الملأ، وقد ملأت الأرض عدلا، وأذقت
أعداءك هوانا وعقابا، وأبرت العتاة وجحدة الحق، وقطعت دابر المتكبرين،
واجتثثت (12) أصول الظالمين، ونحن نقول: الحمد لله رب العالمين.
اللهم أنت كشاف الكرب والبلوى، وإليك أستعدي فعندك العدوي،
وأنت رب الآخرة والأولى، فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلى، وأره

1 - تلد بالمكان: أقام.
2 - ضاهى: شاكل وشابه.
3 - نصفه: عمه.
4 - نغى إليه: تكلم بكلام يفهمه.
5 - الورى: الخلق.
6 - قذى عينه: قذفت بالغمض والرمض.
7 - فنروي (خ ل)، أقول: روى من الماء،: شرب وشبع.
8 - ننقع (خ ل)، أقول: نقع بالشراب: اشتفى منه.
9 - الصدى: العطش الشديد.
10 - الرواح: العشى أو من الزوال إلى الليل.
11 - فنقر منها عينا (خ ل).
12 - جث: قلعه من أصله.
511

سيده يا شديد القوى، وأزل عنه به الأسا والجوا وبرد غليله (1) يا من على العرش
استوى (2)، ومن إليه الرجعي والمنتهى.
اللهم ونحن عبيدك التائقون (3) إلى وليك، المذكر بك وبنبيك، خلقته
لنا عصمة وملاذا، وأقمته لنا قواما ومعاذا، وجعلته للمؤمنين منا إماما، فبلغه
منا تحية وسلاما، وزدنا بذلك يا رب إكراما، واجعل مستقره لنا مستقرا
ومقاما، وأتمم نعمتك بتقديمك إياه أمامنا، حتى توردنا جنانك (4) ومرافقة
الشهداء من خلصائك.
اللهم صل على حجتك وولي أمرك، وصل على جده محمد رسولك
السيد الأكبر، وصل على على علي أبيه السيد القسور (5)، وحامل اللواء في
المحشر، وساقي أولياءه من نهر الكوثر، والأمير على سائر البشر، الذي من
آمن به فقد ظفر، ومن لم يؤمن به فقد خطر وكفر.
صلى الله عليه وعلى أخيه وعلى نجلهما الميامين الغرر، ما طلعت
شمس وما أضاء قمر، وعلى جدته الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء بنت
محمد المصطفى، وعلى من اصطفيت من آبائه البررة، وعليه أفضل وأكمل،
وأتم وأدوم، وأكبر وأوفر ما صليت على أحد من أصفيائك وخيرتك من
خلقك، وصل عليه صلاة لا غاية لعددها، ولا نهاية لمددها، ولا نفاد لأمدها.
اللهم وأقم (6) به الحق، وأدحض (7) به الباطل، وأدل به أوليائك، وأذلل به
أعداءك، وصل اللهم بيننا وبينه وصلة تؤدي إلى مرافقة سلفه، واجعلنا ممن

1 - الغليل: العطشان.
2 - يا من هو على العرش استوى (خ ل).
3 - تاق إليه: اشتاق.
4 - جنانك (خ ل).
5 - الأصغر (خ ل)، أقول: القسور: العزيز، الغلام القوي الشجاع.
6 - أعز (خ ل).
7 - أدحض: أبطل.
512

يأخذ بحجزتهم، ويمكث (1) في ظلهم، وأعنا على تأدية حقوقه إليه،
والاجتهاد في طاعته، والاجتناب عن معصيته.
وامنن علينا برضاه، وهب لنا رأفته ورحمته، ودعاءه وخيره، ما ننال به
سعة من رحمتك وفوزا عندك، واجعل صلاتنا (2) به مقبولة، وذنوبنا به مغفورة،
ودعائنا به مستجابا، واجعل أرزاقنا به مبسوطة وهمومنا به مكفية، وحوائجنا
به مقضية، وأقبل إلينا بوجهك الكريم، واقبل تقربنا إليك، وانظر إلينا نظرة
رحيمة، نستكمل بها الكرامة عندك.
ثم لا تصرفها عنا بجودك، واسقنا من حوض جده صلى الله عليه وآله
بكأسه وبيده، ريا رويا هنيئا سائغا لا ظمأ (3) بعده، يا أرحم الراحمين. (4)
فإذا فرغت من الدعاء، فتأهب للسجود بين يدي مولاك، وقل ما رويناه بإسنادنا
إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا فرغت من دعاء العيد المذكور ضع خدك الأيمن
على الأرض وقل:
سيدي سيدي، كم عتيق لك، فاجعلني ممن أعتقت، سيدي سيدي،
وكم من ذنب قد غفرت، فاجعل ذنبي فيمن غفرت، سيدي سيدي، وكم من
حاجة قد قضيت، فاجعل حاجتي فيما قضيت، سيدي سيدي، وكم من
كربة قد كشفت، فاجعل كربتي فيما كشفت.
سيدي سيدي، وكم مستغيث قد أغثت، فاجعلني فيمن أغثت،
سيدي سيدي كم من دعوة قد أجبت، فاجعل دعوتي فيما (5) أجبت، سيدي
سيدي، ارحم سجودي في الساجدين، وارحم عبرتي في المستعبرين،

1 - يمكن (خ ل).
2 - صلواتنا (خ ل).
3 - أظمأ (خ ل).
4 - رواه السيد في مصباح الزائر باسناده عن صاحب الزمان عليه السلام، أورده ابن المشهدي في مزاره، أخرجه المحدث
النوري في تحية الزائر عن المزار القديم.
5 - فيمن (خ ل).
513

وارحم تضرعي فيمن تضرع من المتضرعين.
سيدي سيدي، كم من فقير قد أغنيت، فاجعل فقري فيما أغنيت،
سيدي سيدي، ارحم دعوتي في الداعين، سيدي وإلهي أسأت وظلمت
وعملت سوء، واعترفت بذنبي، وبئس ما عملت، فاغفر لي يا مولاي، أي
كريم أي عزيز أي جميل. (1)
فإذا فرغت وانصرفت رفعت يديك، ثم حمدت ربك، ثم تقول ما تقدم عليه،
وسلمت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحمدت الله تبارك وتعالى والحمد لله رب
العالمين.
اعلم أن يوم اطلاق الخلع من الملوك على الاتباع والأولياء، هو يوم اشتغال من
رحموه وأكرموه بالحمد، والشكر والثناء، وحماية جنابهم الشريف، وبابهم المقدس
المنيف، عن كل ما يكدر صفو اقبالهم، أو يغير احسانهم إليه.
فكن رحمك الله ذلك اليوم على أتم مراقبة لهذا اليوم، المحسن إليك المطلع عليك،
فكذا عادة العبد الكريم الأوصاف، يكون استرقاقه الانعام والاحسان، أحسن سريرة
وأكمل سيرة، من يوم تستعبد فيه العبيد واللئام بالاستحقاق والهوان.
فلا تكون بالله مملوكا لئيما، وقد مكنك أن تكون ملكا كريما، فلا أقل من حفظ
اقباله عليك ومراعاة احسانه إليك مقدار ذلك النهار، واختمه تتمة الأبرار الأخيار،
ببسط أكف السؤال واطلاق لسان الابتهال، في أن يلهمك أن تكون معه، كما يريد
فيك ويرضى به عنك مدة مقامك في دار الزوال.
فليس ذلك بعزيز ولا غريب، ممن أنهضك من ذل التراب ونطف الأصلاب، حتى
عرض عليك ان تقوم له مقام جليس وحبيب، وأهلك لارتقاء مدارج العبادات،
والأكرمية عنده جل جلاله، بالتقوى الذي هو أس العبادات وأساسها، كما يقول عز
من قائل: (إن أكرمكم عند الله أتقيكم) (2).

1 - عنه البحار 91: 29.
2 - الحجرات: 13.
514

فشمر في ذلك الأمر الجليل، وانتهز الفرصة واغتنمها، والله هو الملهم
للصواب، واليه المرجع والمآب.
515