الكتاب: فضل الكوفة ومساجدها
المؤلف: محمد بن جعفر المشهدي
الجزء:
الوفاة: ق ٦
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: محمد سعيد الطريحي
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: دار المرتضى - بيروت
ردمك:
ملاحظات:

فضل الكوفة ومساجدها
تأليف
محمد بن جعفر المشهدي الحائري
" من اعلام القرن السادس "
الهجري
تحقيق
محمد سعيد الطريحي
دار المرتضى
بيروت - الغبيري
1

المقدمة
هذا واحد من الأبحاث النادرة عن تاريخ مساجد الكوفة القديمة
وزياراتها الخاصة بها. وهو من بين البحوث القليلة الباقية من تواريخ
الكوفة التي منيت انجلها بالفقدان والضياع. فقد كتب في هذا
الموضوع - قبل المشهدي - العشرات من المؤرخين والبلدانيين، وفي
طليعتهم:
الهيثم بن عدي (ت 207 ه‍)، وعلي بن الحسن بن فضال (ت
224 ه‍)، وعمر بن شبه البصري (ت 262 ه‍)، وإبراهيم بن
محمد الثقفي (ت 283 ه‍)، وأحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن
عقدة (ت 333 ه‍)، وجعفر بن الحسين بن علي بن شهريار (ت
340 ه‍) وغيرهم.
وهذا الكتاب الذي أسميناه " فضل الكوفة ومساجدها " هو جزء
من كتاب المزار الذي ألفه المشهدي، وبذل في سبيل تصنيفه جهودا
مضنية، وصرف من اجله عمرا طويلا
3

ومؤلفه العلامة المفسر الفقيه الشيخ محمد بن جعفر بن علي بن
جعفر أبو عبد الله المشهدي الحائري (من اعلام القرن السادس
الهجري) يكتنف حياته الغموض، حيث لم نجد بشأن ترجمته غير
سطور قليلة متناثرة في بطون الكتب، ومن القلائل الذين ذكروه،
المحدث النوري وعدة من مشائخ محمد بن جعفر بن نما الحلي (1).
وذكره السيد أبو القاسم الخوئي، المعاصر، ووصفه بالشيخ
الجليل والسعيد المتبحر " مؤلف المزار المشهور الذي اعتمد عليه
أصحابنا الأبرار (2) ".
وممن أشار إلى كتابه المزار، المجلسي في كتابه: بحار الأنوار،
والحر العاملي في كتابه: وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل
الشريعة (3).
وللمشهدي غير كتابه المزار، كتاب مختصر التبيان، اختصر فيه
تفسير شيخ الطائفة الطوسي، المسمى (التبيان).
وكتاب المزار، من كتب المزارات القيمة لدى الامامية، وهو
كتاب نفيس في موضوعه، ومع شديد الأسف انه لم يطبع إلى الان لكي
تتم الاستفادة مما ورد فيه من معلومات ثمينة.
وقد أوضح (المشهدي) منهجه في هذا الكتاب عندما أشار في

(1) النوري: المستدرك ج 3، الخاتمة (الفائدة الثالثة)
(2) معجم رجال الحديث ج 15 / 177 رقم 10381، ج 17 / 191 رقم 11799.
(3) وسائل الشيعة 1 / 8.
4

المقدمة إلى أنه جمع في كتابه هذا " من فنون الزيارات للمشاهد، وما
ورد في الترغيب في المساجد المباركات، والأدعية المختارات، وما
يدعى به عقيب الصلوات، وما يناجي به القديم تعالى من لذيذ
الدعوات والخلوات، وما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمات، مما
اتصلت به ثقات الرواة إلى السادات (1)... ".
ويظهر ان المشهدي كان يتثبت من الحقائق التي تخص مساجد
الكوفة بنفسه، فيقصد أهل الخبرة والمعرفة بتلك المساجد ويسألهم
عنها، وممن اتصل بهم بهذا الخصوص الشيخ الجليل أبو الفتح القيم
بجامع الكوفة. قال المشهدي: وأوقفني على مسجد من هذه
المساجد " ثم حدثه عنها بأحاديث شتى.
واما الذي يروي عنهم المشهدي في كتابه (فضل الكوفة
ومساجدها) فكلهم شيوخ أجلاء وعلماء أتقياء عرفوا بالفضل
والصلاح، ومن هؤلاء، الفقيه الجليل عز الذين أبو المكارم حمزة بن
زهرة الحسني الحلبي (ت 585 ه‍) وعز الذين هذا، أراه مسجد بني
كاهل المعروف بمسجد أمير المؤمنين وقص عليه خبره.
ومنهم السيد الاجل العالم عبد الحميد بن التقي عبد الله بن أسامة
العلوي الحسني، روى عنه (سنة 508 ه‍) قراءة عليه بحلة
الجامعين وتتصل رواية شيخه عبد الحميد هذا بالشيخ الحافظ أبو
الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي (ت 445 ه‍) وهذا هو
مؤلف كتاب (فضل الكوفة وفضل أهلها) وهو كتاب نافع يتضمن

(1) المزار / 2.
5

أمور هامة من تاريخ الكوفة ولدينا نسخته المخطوطة وعليها سماع
الشيخ النرسي المذكور وقد حققناه وهيأناه للطبع، وقد نقل المشهدي
العديد من أحاديث فضل الكوفة التي تتصل بالشريف العلوي الحسني
مؤلف (فضل الكوفة) وأشرنا لذلك في حينه.
وممن اتصل بهم المشهدي: الشيخان الجليلان الفاضلان أبو
البقاء هبة الله بن هبة، وأبو الخير سعد بن أبي الحسن الفراء، وقد
رووا له عن الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسين بن طحال المقدادي في
منزله بالنجف (سنة 531 ه‍) عن الشيخ أبو علي الحسن بن محمد
ابن الحسن الطوسي، والشيخ محمد بن علي بن رحيم الصائغ، عن شيخ
الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه‍).
ومنهم: الشيخ الفقيه العالم الشيخ نجم الدين عبد الله بن جعفر
الدوريستي الذي يروي بواسطة جده عن شيخ الطائفة الشهير الشيخ
المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، عن أبي القاسم جعفر
ابن محمد بن قولويه (ت 369 ه‍).
ومنهم: الشيخ الجليل المقرئ مسلم بن نجم البزاز الكوفي.
وممن تتصل مروياته بهم من المشائخ الشريف أبي الفضل المنتهي
ابن أبي زيد كبايكي الحسيني، والشيخ الأمين أبو عبد الله محمد بن أحمد
ابن شهريار خازن مشهد النجف، والشيخ الجليل عبد الجبار الرازي
المقرئ، وابن شهرآشوب، وغيرهم.
اما النسخة المعتمدة في التحقيق، فهي النسخة الوحيدة التي
6

تتفرد بها مكتبة السيد الحكيم في النجف الأشرف وهي تحت رقم
652، وتقع في 221 ص، وقد فرغ من نسخها المرحوم الشيخ محمد
السماوي في النجف ليلة عيد شهر رمضان سنة 1355 ه‍.
واستنسخها على نسخة قديمة من الكتاب كان الشيخ عباس القمي قد
أتمها للشيخ النوري بتأريخ 16 محرم سنة 1320 ه‍.
وانا بدوري لم ادخر وسعا في سبيل تحقيق الكتاب والتعليق عليه
بما يستلزم ذلك من جهد ومثابرة.
والحمد لله الذي رعانا بعنايته الإلهية، وأعاننا على اتمامه وهو
المستعان.
الكوفة محمد سعيد الطريحي
7

فضل الكوفة ومساجدها
لابن المشهدي
الصفحة الموضوع
11 باب ما ورد في فضل الكوفة وفي فضل فراتها والقول عند الورود
والاغتسال.
17 ذكر ما جاء من الفضل في المساجد المذكورة مجملا ومفصلا.
23 ذكر ما جاء في مسجد بني كاهل.
27 ذكر ما جاء في المسجد الجامع بالكوفة.
39 ذكر ما ورد من الفضل في مسجد السهلة.
49 ذكر الصلاة في زوايا المسجد المعروف بمسجد السهلة.
53 ذكر ما ورد من الفضل في مسجد صعصعة بن صوحان العبدي
والصلاة فيه والدعاء.
57 مسجد غني والصلاة فيه والدعاء.
61 ذكر الصلاة والدعاء بمسجد جعفي.
67 باب القول والعمل عند ورود الكوفة.
71 ذكر العمل بالمسجد الجامع بالكوفة.
9

باب ما ورد في فضل الكوفة وفي فضل فراتها والقول عند
الورود والاغتسال.
بالاسناد عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه (1)، قال:
حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الله الرازي،
عن الحسن بن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي
جعفر الباقر - عليه السلام - قال أبو بكر، قلت له: اي بقاع الأرض
بعد حرم الله وحرم رسوله أفضل؟ فقال: يا أبا بكر هي الزكية
الطاهرة، فيها قبور النبيين والمرسلين وغير المرسلين [30] والأوصياء
الصادقين، وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا الا وصلى فيه،

(1) هو جعفر بن محمد بن جعفر بن قولويه أبو القاسم، أستاذ الشيخ المفيد محمد بن محمد بن
النعمان، يلقب أبوه مسلمة، ثقة جليل مصنف، قال ابن داود: " كل ما يوصف به الناس من
جميل وثقة وفقه فهو فوقه " وذكر الطوسي ان له تصانيف كثيرة على عدد أبواب الفقه منها: " كتاب
مداواة الجسد لحياة الأبد، وكتاب الجمعة والجماعة، وكتاب الجمعة وكتاب الصرف، وكتاب
الأضاحي وكتاب جامع الزيارات.. وغيرها. مات سنة 368 ه‍ وقيل سنة 369 ه‍. "
راجع رجال ابن داود / 65 النجف 1972. رجال العلامة الحلي / 31 النجف 1961 ط
الفهرست للطوسي / 67 - 68 ط 2 النجف 1961.
11

وفيها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده، وهي
منازل النبيين والأوصياء والصالحين (1).
وبالاسناد عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن الحسن
ابن سعيد، عن طريف بن ناصح، عن خالد القلانسي، عن
الصادق عليه السلام قال: مكة حرم الله وحرم رسوله، وحرم علي بن
أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بمائة الف صلاة، والدرهم فيها
بعشرة ألف درهم. والمدينة حرم الله وحرم علي بن أبي طالب عليه
السلام الصلاة فيها بعشرة الف صلاة، والدرهم بعشرة ألف درهم.
والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليه السلام
الصلاة في مسجدها بألف صلاة، والدرهم فيها بألف درهم (2).
وبالاسناد قال: حدثني محمد بن الحسين الجوهري، عن محمد
ابن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسين، عن
علي بن حديد، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن خالد، عن أبي
حمزة الثمالي: ان علي بن الحسين عليه السلام اتى مسجد الكوفة عمدا
من المدينة فصلى فيه ركعتين، ثم ركب راحلته واخذ الطريق (3).
وبالاسناد قال: حدثني محمد بن الحسن بن مهزيار، عن الحسن

(1) الحديث مثبت في التهذيب للطوسي 2 / 11، وكامل الزيارات - لابن قولويه - / 30
وفيه: محمد بن أبي عبد الله الرازي الجاموراني، بدل: محمد بن عبد الله الرازي الوارد ذكره في
السند.
(2) انظر التهذيب 1 / 11، من لا يحضره الفقيه 1 / 74. فروع الكافي 1 / 326 (فضل
الصلاة في الحرمين). كامل الزيارات / 29.
(3) التهذيب 1 / 326.
12

ابن سعيد، عن علي بن عرفة، عن ربعي، قال: قال أبو عبد الله
عليه السلام: شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله في كتابه هو
الفرات، والبقعة المباركة هي كربلاء.
وبالاسناد عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن
معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن
سدير، عن حكيم بن جبير الأسدي، قال: سمعت علي بن الحسين
عليه السلام يقول: ان الله جل جلاله يهبط ملكا في كل ليلة معه ثلاثة
مثاقيل من مسك الجنة فيطرحه في فراتكم هذا وما من نهر في شرق
الأرض وغربها أعظم بركة منه.
وبالاسناد عن أبي القسم، عن علي بن الحسين بن موسى، عن
علي بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن
نهيك، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله سبحانه: * (آويناهما
إلى ربوة ذات قرار ومعين) * (1)، قال: الربوة: نجف الكوفة،
والمعين: الفرات (2).
.

(1) الآية: 53 (المؤمنون)
(2) ذكر ابن بابويه في معاني الأخبار / 373 قال: حدثنا المظفر بن جعفر المظفر العلوي
السمرقندي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن الحسين بن
أشكيب، عن عبد الرحمن، عن حماد، عن أحمد بن الحسن، عن صدقة بن حسان، عن
مهران، عن أبي نصر، عن يعقوب بن شعيب، عن سعد الإسكاف، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله عز وجل: * " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " *
قال: الربوة: الكوفة، والقرار: المسجد، والمعين: الفرات. 1 ه‍.
والنظر التاريخ الكبير لابن عساكر 1 / 45
13

وبالاسناد عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه،
عن جده علي بن مهزيار (1)، عن الحسن بن سعيد، عن علي بن
الحكم، عن ربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله بن سليمان، قال:
لما قدم أبو عبد الله عليه السلام: الكوفة في زمن أبي العباس السفاح
جاء على دابته في ثياب سفره، حتى وقف على جسر الفرات ثم قال
لغلامه: اسقني، فأخذ كوز ملاح فغرف له به فسقاه فشرب وهو
يسيل على لحيته وثيابه، ثم استزاده فزاده، فحمد الله عز وجل ثم
قال: نهر وما أعظم بركته اما انه يسقط فيه كل يوم سبع قطرات من
الجنة اما لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا الأخبية على حافتيه،
ولولا ما يدخله من الخطائين، ما اغتمس فيه ذو عاهة الا أبرأه.
وبالاسناد قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن
محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن
ميمون، عن سليمان بن هارون العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: ما أظن أحدا يحنك بماء الفرات الا أحبنا أهل البيت
، وسألني: كم بينك وبين الفرات؟ فأخبرته، فقال: لو كنت

(1) علي بن مهزيار الأهوازي أبو الحسن دورقي الأصل، مولى، كان أبوه نصرانيا فأسلم
وكان من الفقهاء المصنفين ترجم له النجاشي في رجاله وذكره الطوسي في الفهرست / 381
وفي رجال الكشي / 422. وذكره ابن شهرآشوب في خواص أصحاب الإمام الكاظم (ع).
14

عنده لأحببت ان آتيه طرفي النهار (1).

(1) وذكر ابن عساكر من أحاديث الإمام الصادق (ع) في فضل فرات الكوفة قال: قال
الصادق: ان نفقة الدرهم الواحد بالكوفة - في الصدقة - يعدل مائة درهم في غيرها والركعة بمائة
ركعة ومن أحب ان يتوضأ من ماء الجنة ويشرب من ماء الجنة ويغتسل بماء الجنة فعليه بماء الفرات
فان فيه شعبتين من الجنة وينزل من الجنة كل ليلة مثقالان من مسك في الفرات، وكان أمير المؤمنين
علي يأتي النجف ويقول: وادي السلام ومجمع أرواح المؤمنين ونعم المضجع للمؤمن هذا المكان أو
كان يقول: اللهم اجعل قبري بها، قال أبو الغنائم في النجف ماء كبيت ينزله العرب يقال له
السلام..
التاريخ الكبير لابن عساكر 1 / 45.
15

ذكر ما جاء من الفضل في المساجد المذكورة
مجملا ومفصلا
وبالاسناد، عن خالد بن عرعرة، قال: سمعت أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: [31] بالكوفة مساجد
مباركة، ومساجد ملعونة، فأما المساجد المباركة فيها فمسجد غني،
وهو مسجد مبارك، والله ان قبلته لقاسطة، ولقد أسسه رجل
مؤمن، وانه لقي سرة الأرض، وان بقعته لطيبة، ولا تذهب الليالي
والأيام، حتى تؤتى فيه عين، وحتى تكون على حافتيه جنتان، وأهله
ملعونون، وانه مسلوب منهم، ومسجد جعفي مسجد مبارك وربما
اجتمع فيه ناس من الغيب يصلون فيه، ومسجد بأهلة انه لمسجد
مبارك، وانه تنزل فيه الرحمة، ومسجد ظفر والله ان طباقه لصخرة
خضراء ما بعث الله نبيا الا وفيها تمثال وجهه، ومسجد سهيل وهو
مسجد مبارك، ومسجد يونس بن متى بظهر السبخة وما حوله (1).

(1) ورد ذكر الحديث في (المجالس) رواه الطوسي، عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن
محمد الكاتب، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن
صبيح، عن يحيى بن مساور، عن علي بن حزور، عن الهيثم بن عوف، عن خالد بن عرعرة،
عن علي (ع). المجالس / 106.
ونسب الحديث للإمام الصادق كما في فروع الكافي 1 / 138. والخصال 1 / 144.
التهذيب 1 / 324.
17

واما المساجد الملعونة فمسجد أنمار وهو مسجد جرير بن عبد الله
البجلي، ومسجد الأشعث بن قيس، ومسجد شبث بن ربعي،
ومسجد تيم، ومسجد بالحمراء على قبر فرعون من الفراعنة، قال:
فلم نزل مفكرين في مقالته حتى ورد الصادق جعفر بن محمد عليه
السلام في أيام السفاح فجعل يشرح حال كل مسجد من المساجد فبان
مصداق قوله عليه السلام.
وروى محمد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن هاشم، عن
عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر، عن محمد بن مسلم، عن
أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام قالا:
بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة، فأما المساجد المباركة
فمسجد غني، والله ان قبلته لقاسطة، وان طينته لطيبة، ولقد وضعه
رجل مؤمن ولا تذهب الدنيا حتى تنفجر عنده عينان وتكون حوله
جنتان، وأهله ملعونون وهو مسلوب عنهم، ومسجد بني ظفر وهو
مسجد السهلة، ومسجد الحمراء، ومسجد جعفي، قيل: وأين
مسجدهم اليوم؟
قالا درس.
ومسجد كاهل انه لمسجد مبارك، ولم يبق الا اسه، ولقد كان أمير
18

المؤمنين عليه السلام يطيل الصلاة فيه والقنوت.
واما المساجد الملعونة فمسجد ثقيف، ومسجد الأشعث،
ومسجد جرير بن عبد الله البجلي، ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء
بني على قبر فرعون من الفراعنة.
وحدثني الشيخ الجليل أبو الفتح القيم بالجامع، وأوقفني على
مسجد مسجد من هذه المساجد، وحدثني ان مسجد الأشعث هو
الذي يدعونه بمسجد الجواشن، ومسجد سماك هو بالموضع الذي
فيه الحدادون قريب منه، وذكر انه يسمى بمسجد الحوافر، ومسجد
شبث بن ربعي في السوق آخر درب حجاج، والذي بني على قبر
فرعون من الفراعنة هو بمحلة البخار (1).

(1) ورد في هذه الأحاديث ذكر عدد من مساجد الكوفة القديمة سنعرض لها على التوالي
باستثناء مساجد: السهلة (ظفر)، والحمراء (يونس بن متى)، وغني، وجعفي حيث قد
تحدثنا عنها في الفصول التالية الخاصة بها:
فأما [مسجد باهلة] فهو منسوب لقبيلة باهلة، المنسوبة إلى باهلة بن اعصر، ويقال يعصر
ابن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، اتفق على هذا أهل النسب (انظر
جمهرة انساب العرب 233 - 234، نهاية الإرب (القلقشندي) / 170.
و [مسجد بجيلة] ويسمى بمسجد أنمار وبمسجد جرير بن عبد الله البجلي أيضا، وهو
منسوب إلى قبيلة بجبلة وهم ولد ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس
عيلان بن مضر، وجرير هذا صحابي عاش في الكوفة وانتقل إلى قرقيسياء وبهامات سنة 54 ه‍ -
673 م. ومن أئمة هذا المسجد الصباح بن ثابت البجلي، وكان عاقلا نبيلا وتوفي في خلافة أبي
جعفر ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى 6 / 355.
و [مسجد الأشعث] المعروف بمسجد الجواشن منسوب للأشعث بن قيس بن معد يكرب
19

الكندي المتوفى بالكوفة سنة (42 ه‍ - 662 م)، يقع المسجد بين مسجدي الكوفة والسهلة وورد
ذكره في عدد من المراجع القديمة انظر: أسد الغابة 4 / 37، كامل الزيارات / 33 - 34 ومقاتل
الطالبيين / 42 وفرحة الغري / 37 - 38. تاريخ واسط لبحشل / 160.
و [مسجد شبث] بن ربعي التميمي اليربوعي المتوفى حدود سنة (70 ه‍ - 689 م) ابدى
بصدده الشيخ حرز الدين ملاحظة مهمة قال: انه يقع على ربوة قرب جبل الصاغة بجانب مسجد
السهلة وقد بقيت منه أسس مأذنته وقسم من الجدار القبلي، قال: وأدركناه حدود سنة 1294 ه‍ -
1877 م وكان الصبيان وسواد المارة يرمونه بالحجارة. راجع مراقد المعارف 2 / 381.
و [مسجد تيم] منسوب إلى قبيلة تيم، ذكر ابن بابويه في (الخصال) ان الإمام علي (ع) إذا
نظر إلى مسجد تيم يقول: هذه بقعة تيم، ومعناه انهم قعدوا عنه لا يصلون معه عداوة له
وبغضا. وأشار ابن الجوزي لمساجد تيم بالكوفة إشارة عابرة انظر صفة الصفوة 3 / 112. ومن
مؤذني التيم: مرزوق أبو بكير التيمي انظر تهذيب التهذيب 10 / 87. والتأريخ الكبير للبخاري 7
/ 383 رقم 1658.
و [مسجد الحمرا] على وزن سكرى - أظنه بني على أنقاض قبر قديم من زمن الجاهلية، أو
وجدوا هذا القبر أثناء تشييد المسجد وتوهموا بأنه فرعون من الفراعنة فقيل عنه ما قيل من أن أهل الكوفة
يجتنبون الصلاة فيه لهذا الفرعون. وفي الكوفة مسجد آخر يعرف باسم الحمراء وآخر باسم
المسجد الأحمر غير هذا.
و [مسجد ثقيف] منسوب لقبيلة ثقيف الشهيرة، وتقع محلتهم بالكوفة بالقرب من سجن
اللخميين القديم بمنطقة الثوية من توابع الحيرة قبل الفتح الاسلامي.
و [مسجد سماك] منسوب إلى سماك بن مخرمة الأسدي - أسد خزيمة - يقع في خطة (بني
نصر بن قعين) وبجواره دار عمر بن خالد الواسطي وبجواره أيضا دار يحيى بن بشر بن كثير
الأسدي الحريري.
وكان سماك عثمانيا وأهل تلك الخطة من العثمانيين أيضا وهذا هو المحل الثاني بعد - خطة
الكناسة - الذي يكثر فيه العثمانيون، لان الكوفة علوية الميول ويقل بها أهل تلك الطائفة، وورد
20

ذكر المسجد في عدد من المراجع انظر أمالي الصدوق / 325. الأغاني 17 / 146.
وسماك هو الذي قال فيه الشاعر الأخطل قصيدة شهيرة مطلعها:
نعم المجير سماك من بني أسد بالمرج إذ قتلت جيرانها مضر
وفيها يشير إلى مسجده فيقول:
ابلى بلاء كريم لن يزال له منه بعاقبة مجد ومفتخر
انظر شعر الأخطل 2 / 673 - 676 صنعة السكري، تحقيق د - فخر الدين قباوة ط 1 مطبعة
الأصيل - حلب - 1971.
21

ذكر ما جاء في مسجد بني كاهل (1)
ويعرف بمسجد أمير المؤمنين عليه السلام.
أخبرني الشيخ الجليل المقرء مسلم بن نجم المعروف بابن الاحت
البزاز الكوفي الزيدي املاء من لفظه، قال: أخبرنا أبو العباس احمد
ابن محمد المقرئ، قال، حدثني عبد الله بن حمدان، ويعرف بنميس
المعدل، قال: حدثنا [32] محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو
نعيم، عن حمزة الزيات، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن
ابن الأسود الكاهلي.

(1) مسجد بني كاهل منسوب إلى بني كاهل بن أسد بن خزيمة، بطن من بني أسد نزلوا
الكوفة، ومنهم الشاعر علباء بن حارثة الكاهلي وغيره.
ويعرف المسجد أيضا بمسجد أمير المؤمنين لصلاة الإمام علي (ع) فيه.
ومن مؤذني هذا المسجد، المحدث الكوفي أبو الجنوب الأسدي، سمع عليا وروى عنه
حسين بن ميمون، وعيسى بن قرطاس، ذكره البخاري في التاريخ الكبير - كتاب الكنى /
158.
وحدد الميرزا القاضي عبد الله أفندي موقع هذا المسجد بجنب قبور بباب بيت أمير المؤمنين
بالكوفة، وأشار إلى أن بقايا آثار مأذنة المسجد كانت ماثلة في عصره.
23

وأخبرني الفقيه الجليل عز الدين أبو المكارم حمزة بن زهرة الحسني
الحلبي (1) املاء من لفظه وأراني المسجد وروى لي هذا الخبر عن
رجاله، عن الكاهلي قال، قال لي: الا تذهب بنا إلى مسجد أمير
المؤمنين صلوات الله عليه نصلي فيه، قلت: وأي المساجد هذا؟
قال: مسجد بني كاهلة، وانه لم يبق منه سوى اسه، واس مئذنته،
قلت: حدثني بحديثه، قال: صلى بنا علي بن أبي طالب عليه السلام
في مسجد بني كاهلة الفجر فقنت بنا، فقال:
" اللهم انا نستعينك، ونستهديك، ونؤمن بك، ونتوكل
عليك، ونثني عليك بالخير، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من ينكرك،
اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، واليك نسعى ونحفد، ونرجو
رحمتك ونخشى عذابك، ان عذابك بالكافرين يخلق، اللهم اهدنا
فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا
فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، انك تقضي ولا يقضى عليك، انه
لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت،

(1) أحد أعيان آل زهرة الأسرة العلوية الشريفة الشهيرة بالمجد والسؤدد والنقابة والرئاسة،
وهو مصنف شهير له كتب عديدة توفي سنة 585 ه‍ وقبره بحلب بسفح جبل جوشن عند مشهد
الحسين، له تربت معروفة مكتوب عليها اسمه ونسبه إلى الصادق (ع) ووصف بأنه كان عالما فقيها
أصوليا نظارا على مذهب الإمامية ومن كتبه: الغنية في أصول الدين والفقه وغيرها. وهو ممن روى
عن الشيخ أبي منصور بن الحسن بن منصور النقاش الموصلي، وروى عنه ابن أخيه محي الدين أبو
حامد عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني وغيره.
انظر موارد الاتحاف 1 / 161، الفوطي: مجمع الآداب 1 / 144.
معالم العلماء لابن شهرآشوب.
24

نستغفرك ونتوب إليك، ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا ربنا ولا
تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا
طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا، وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على
القوم الكافرين. ".
وبالاسناد عن أبي عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: صلى بنا أبو
عبد الله عليه السلام في مسجد بني كاهل الفجر فجهر في السورتين،
وقنت قبل الركوع وسلم واحدة تجاه القبلة.
25

ذكر ما جاء في المسجد الجامع بالكوفة
أخبرني الشيخ الفقيه العالم أبو محمد عبد الله بن جعفر
الدوريستي (1) رحمه الله، عن جده، عن الشيخ المفيد أبي عبد الله
محمد بن محمد بن النعمان (2)، قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن
محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن
محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن إبراهيم بن محمد، عن
الفضل بن زكريا، عن نجم بن حكيم، عن أبي جعفر الباقر عليهما

(1) هو الشيخ نجم الدين عبد الله بن جعفر بن محمد الدوريستي كان عالما فاضلا صدوقا
جليل القدر يروي عن جده أبي جعفر محمد بن موسى بن جعفر، عن جده أبي عبد الله جعفر بن
محمد الدوريستي عن المفيد. وهو فقيه صالح له الرواية عن أسلافه مشايخ دوريست فقهاء
الشيعة.
تذكرة المتبحرين: للشيخ المتبحر الحر / 461، الفهرست للشيخ منتجب الدين (مخطوط).
(2) الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام العكبري، ولد في عكبرا سنة
336 ه‍ وتوفي في بغداد سنة 413 ه‍. عالم كبير وشهير انتهت إليه رئاسة المذهب الامامي في
عصره، له نحو مئتي مصنف انظر عنه: رجال النجاشي / 283، ميزان الاعتدال 3 / 131.
روضات الجنات 4 / 24
27

السلام قال: لو يعلم الناس ما في مسجد الكوفة لا عدوا له الزاد
والرواحل من مكان بعيد، ان الصلاة فريضة فيه تعدل حجة وصلاة
نافلة تعدل عمرة (1).
وبالاسناد قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد عن الحسن بن
عبد الله بن جبلة، عن سلام بن أبي عمرة، عن سعد بن طريف،
عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: النافلة في
هذا المسجد تعدل عمرة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد صلى
فيه ألف نبي وألف وصي (2).
وبالاسناد قال: قال الصادق عليه السلام: مامن عبد صالح ولا
نبي الا وقد صلى في مسجد كوفان حتى أن النبي صلى الله عليه وآله لما
أسري به قال له جبرئيل عليه السلام أتدري أين أنت يا رسول الله
الساعة، أنت مقابل كوفان، قال: فاستأذن لي ربي حتى آتيه فاصلي
فيه ركعتين فاستأذن الله عز وجل فاذن له وان مئذنته لروضة من رياض
الجنة، وان مؤخرة روضة من رياض الجنة وان الصلاة المكتوبة فيه
تعدل بألف صلاة (3).
[33] وبالاسناد عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان،

(1) التهذيب 2 / 11، وفي كامل الزيارات / 28 باسناده عن الصفار أيضا.
(2) التهذيب 2 / 11، كامل الزيارات / 28.
(3) انظر الفروع 1 / 138. التهذيب 2 / 11 و ج 1 / 324. والمجالس / 232، كامل
الزيارات / 38، المحاسن (للبرقي) / 56 من لا يحضره الفقيه 1 / 76.
28

عن محمد بن عبد الله الخزاز، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: قال لي: يا هارون بن خارجة، كم بينك وبين
مسجد الكوفة، يكون ميلا، قلت: لا. قال: فتصلي فيه الصلوات
كلها، قلت: لا. قال: اما لو كنت حاضرا بحضرته لرجوت ان لا
تفوتني فيه صلاة أو تدري ما فضل ذلك الموضع؟.. مامن عبد صالح
ولا نبي الا وقد صلى في مسجد الكوفة.. وذكر مثل الحديث الأول
وقال في آخر الحديث: وان الصلاة المكتوبة فيه لتعدل بألف صلاة،
وان النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة وان الجلوس فيه بغير تلاوة
لعبادة، ولو علم الناس ما فيه لاتوه ولو حبوا. (1)
وبالاسناد عن محمد بن يعقوب، عن أحمد بن محمد وأبي يوسف
يعقوب عن عبد الله من ولد أبي فاطمة، عن إسماعيل بن زيد مولى
عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء
رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو في مسجد الكوفة فقال:
السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرد عليه فقال:
جعلت فداك ان عزمت على المضي إلى المسجد الأقصى وقد اتيت
لأسلم عليك وأودعك فقال: اي شئ تريد بذلك، قال: الفضل
جعلت فداك، قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد
فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة، والنافلة عمرة مبرورة والبركة
فيه اثنا عشر ميلا يمينه رحمة ويساره مكر وفي وسطه عين من دهن،
وعين من لبن، وعين من ماء شراب للمؤمنين، ومنه سارت سفينة

(1) نفس مراجع الهامش.
29

نوح وكان فيه نسر ويغوث ويعوق وصلى فيه سبعون نبيا وسبعون وصيا
انا آخرهم وقال ويده على صدره: ما دعا فيه مكروب بمسألة في
حاجة من الحوائج الا اجابه الله وفرج عنه كربه (1).
وبالاسناد عن محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن
صالح بن السندي، عن جعفر بن بشر، عن أبي عبد الرحمن الخداء،
عن أبي أسامة، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
مسجد كوفان روضة من رياض الجنة صلى فيه الف نبي وسبعون نبيا،
ميمنته رحمه، وميسرته مكر وفيه عصا موسى، وشجرة اليقطين،
وخاتم سليمان، ومنه فار التنور، ونجرت السفينة وهو صرة بابل
ومجمع الأنبياء (2).
وأخبرني السيد الاجل العالم عبد الحميد بن التقي عبد الله بن
أسامة العلوي الحسني (3) رضي الله عنه في ذي القعدة من سنة ثمان
وخمسمائة قراءة عليه بحلة الجامعين قال: أخبرنا الشيخ المقرئ أبو
الفرج أحمد بن مشيش القرشي في يوم الأربعاء السابع والعشرين من

(1) الفروع 1 / 138، التهذيب 1 / 325، كامل الزيارات / 32.
المحاسن / 53 الحديث 43. معجم البلدان 4 / 492 بالاسناد عن حبة العرني، الفتوح
لابن اعثم 1 / 286 - 288 بالاسناد عن القاسم بن الوليد عن أبيه. والحديث في آثار البلاد
وأخبار العباد أيضا ص 350 عن حبة العرني.
(2) الفروع 1 / 138. التهذيب 1 / 325.
(3) قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين / 423: السيد جلال الدين عبد الحميد بن التقي:
فاضل، صالح، يروي عنه فخار بن معد.
30

شهر رمضان سنة ست وستين وأربعمائة قراءة عليه، قال: أخبرنا
الشيخ العدل الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون القرشي
المعروف بابي (1) إجازة، قال: اخبرني أبو عبد الله محمد بن علي بن
الحسن بن عبد الرحمن العلوي الحسني (2) قراءة عليه، قال: أخبرنا

(1) هو الحافظ محدث الكوفة أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي المقرء ويلقب بأبي
الفرسي، عرف بأبي لجلودة قراءته. سمع محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، ومحمد بن
إسحاق بن فدويه وأبا طاهر محمد بن العطار ومحمد بن محمد بن حازم وعدة بالكوفة، وكريمة
المرزوية بمكة وسمع جماعة بالشام وبغداد. ونسخ الكتب وصنف وخرج لنفسه المعجم. وكان
يقول: ما بالكوفة أحد من أهل السنة والحديث الا انا. وكان ينوب عن خطيب الكوفة كثيرا إلى
بغداد، مولده سنة 424 ه‍ ورحل وهو ابن عشرين سنة وأول سماعه سنة 442 ه‍. وقد مرض
ببغداد فحمل إلى الكوفة فأدركه الاجل بالحلة وحمل إلى الكوفة ميتا فدفن بها في شعبان سنة
510 ه‍.
ترجمته في تذكرة الذهبي 4 / 1260 - 1261، المنتظم لأبي الفرج الجوزي 9 / 187.
شذرات الذهب 4 / 29.
(2) محدث كبير، ومصنف شهير، لقبه بعض المصنفين ب‍ (مسند الكوفة) ومن شيوخه في
الحديث والرواية: محمد بن جعفر التيمي المتوفى سنة 402 ه‍ ومحمد بن الحسين بن جعف التيملي
المتوفى سنة 387 ه‍ وأحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي المعدل المتوفى سنة 402.
ومن مصنفاته: كتاب التعازي، وكتاب فضل زيارة الحسين (ع). وكتاب (فضل الكوفة
وفضل أهلها) الذي حققناه وهو من الكتب النادرة والنسخة الخطية التي بين أيدينا عليها سماع
مؤرخ سنة 474 ه‍ على الشيخ النرسي المار ذكره. والمشهدي ينقل عن الشيخ أحمد بن مشيش
القرشي عن أبي الغنائم - المذكور - عن محمد بن علي العلوي الحسني مؤلف هذا الكتاب،
وسنخرج الأحاديث التي أوردها المشهدي عن نسختنا الخطية من كتاب (فضل الكوفة وفضل
أهلها).
توفي محمد بن علي العلوي الحسني في ربيع الأول سنة 445 ه‍ وترجمته في شذرات الذهب 3 /
274. المنتظم 9 / 189.
31

أبو تمام عبد الله بن أحمد بن عبيد الأنصاري المؤدب، قال: حدثنا أبو
سعيد عبيد الله بن كثير العامري التمار (1)، قال: حدثنا محمد بن
إسماعيل بن سمرة الأحمسي (2)، قال: حدثنا محمد بن فضل
الغبي (3)، عن محمد بن سوقة (4)، عن إبراهيم [34]
النخعي (5)، عن علقمة (6) والأسود (7)، عن عبد الله بن مسعود (8)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ابن مسعود لما أسري بي

(1) روى يحيى بن الحسن بن الفرات عن أخيه زياد بن الحسن عن أبان بن تغلب، ذكره
الدارقطني وابن حبان. قاله ابن حجر ولم يشر إلى تاريخ وفاته لسان الميزان 4 / 123 (264
رقم).
(2) توفي سنة 260 ه‍. تهذيب التهذيب 9 / 59.
(3) توفي سنة 195 ه‍ تهذيب التهذيب 9 / 406. قال ابن سعد: كان ثقة صدوقا أكثر
الحديث متشيعا وقال الذهبي: صدوق مشهور وذكر احمد انه: حسن الحديث شيعي، قرأ
القراءات على حمزة، وله عدة مصنفات. انظر طبقات ابن سعد 6 / 389. ميزان الاعتدال 4 /
9 - 10. أعيان الشيعة 46 / 19 - 192، الفهرست لابن النديم / 226. وفي النجوم الزاهرة
2 / 148 ان وفاته 148 ه‍.
(4) محمد بن سوقة أبو عبد الله، قال عنه سفيان الثوري: ما رأيت بالكوفة شيخا اقضي
منه. وكان من خيار أهل الكوفة ثقة فاضل.
ترجمته في حلية الأولياء 5 / 3 - 14، تهذيب التهذيب 9 / 209 - 210. مشاهير العلماء
الأمصار / 168. تاريخ البخاري - حرف الميم رقم 287.
(5) توفي سنة 96 ه‍. تهذيب التهذيب 1 / 178.
(6) في الأصل (عن علقمة بن الأسود، عن عبد الله بن الأسود) وهو خطأ والتصويب من
كتاب (فضل الكوفة) المخطوط. وعلقمة المقصود ابن قيس المتوفى سنة 62 ه‍. شذرات
الذهب 1 / 70.
(7) الأسود بن هلال توفي سنة 84 ه‍. تهذيب التهذيب 1 / 343.
(8) الصحابي الشهير المتوفى سنة 32 ه‍ والمدفون بالبقيع، انظر طبقات خليفة بن خياط 1
/ 36 و 83. صفة الصفوة 1 / 395. حلية الأولياء 1 / 124 - 139. غاية النهاية 1 / 458 -
459. الإصابة / 4954 تهذيب التهذيب 5 / 27 - 28. المعارف / 249.
32

إلى السماء أراني جبرئيل مسجد كوفان فقلت: يا جبرائيل: ما هذا؟
قال: مسجد مبارك كثير الخير عظيم البركة اختاره الله لأهله وهو يشفع
لهم يوم القيامة. وذكر الحديث بطوله في مسجد الكوفة (1).
وبالاسناد قال أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أبي
السري الركابي قراءة عليه، قال: حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي، قال حدثنا العلاء بن سعيد الكندي، حدثنا طلحة بن
عيسى التوزي، حدثنا الفضيل بن ميمون البجلي، عن القسم بن
الوليد الهمداني، عن حبة العرني، وميثم الكناني، قالا: اتى رجل
عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين اني تزودت زادا وابتعت راحلة
وقضيت بناتي - يعني حوائجي - وأريد انطلق إلى بيت المقدس فقال
عليه السلام: انطلق فبع راحلتك وكل زادك وعليك بمسجد الكوفة
فإنه أحد المساجد الأربعة، ركعتان فيه تعدلان كثيرا فيما سواه من
المساجد والبركة منه على رأس اثني عشر ميلا من حيثما جئته وقد ترك
من فراته الف ذراع ومن زاويته فار التنور، وعند الأسطوانة الخامسة
صلى إبراهيم الخليل وصلى فيه الف نبي والف وصي، وفيه عصا
موسى، وخاتم سليمان، وشجرة اليقطين، ووسطه روضة من
رياض الجنة، وفيه ثلاث أعين يزهرن عين من ماء وعين من دهن
وعين من لبن، أنبتت من ضغث تذهب الرجس، وتطهر المؤمن،
ومنه سير جبل الأهواز، وفيه صلى نوح النبي وفيه أهلك يغوث ويعوق
ونسر، ويحشر يوم القيامة منه سبعون ألفا ليس عليهم حساب ولا

(1) فضل الكوفة (282 / ب) وفيه (السماء الدنيا).
33

عذاب، جانبه الأيمن ذكر وجانبه الأيسر مكر، ولو علم الناس ما فيه
لاتوه حبوا (1).
وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن الحسين النحاس، حدثنا علي
ابن العباس الحلي، حدثنا بكار بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن محمد بن
إبراهيم بن محمد بن ميمون، حدثنا صباح الزعفراني، عن السدي
ابن إسماعيل، عن الشعبي قال: قال علي عليه السلام: ان مسجد
الكوفة رابع أربعة مساجد المسلمين ركعتان فيه أحب إلي من عشرة فيما
سواه، ولقد نجرت سفينة نوح في وسطه، وفار التنور من زاويته
اليمنى، والبركة منه على اثني عشر ميلا من حيثما اتيته، وقد نقص منه
اثنا عشر الف ذراع بما كان على عهدهم (2).

(1) الحديث عن حبة العرني أيضا في معجم البلدان 4 / 492. وفي الفتوح لابن اعثم 1 /
286 - 288. (عن القاسم بن الوليد، عن أبيه)
وبعض الحديث في فضل الكوفة (295 / 5). وفي فروع الكافي 1 / 138، والتهذيب 1
/ 325، وكامل الزيارات / 32.
وقد فسر ابن الأثير ما ورد في هذا الحديث من الغريب، في كتابه (النهاية في غريب الحديث
والأثر) 3 / 362 قال: الضغث، يريد به الضغث الذي ضرب به أيوب عليه السلام زوجته،
وهو قوله تعالى * (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث - 3 / 90) *
وجاء في الحديث - حسب الرواية التي طالعها ابن الأثير وفيها زيادة قليلة - قال: (في زاويته
فار التنور، وفيه هلك يغوث ويعوق وهو الفاروق) هو فاعول من الغرق، لان الغرق في زمان نوح
عليه السلام كان منه. وقال ابن الأثير في تفسير قوله (جانبه الأيسر مكر) قيل: كانت السوق إلى
جانبه الأيسر، وفيها يقع المكر والخداع (النهاية 4 / 349).
(2) تكملة الحديث في فضل الكوفة (295 / أ)
34

وبالاسناد قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الله، حدثنا دينار
ابن حكيم، حدثنا حماد بن زيد الحارثي، قال: كنت عند جعفر بن
محمد عليهما السلام والبيت غاص من الكوفيين فسأله رجل منهم:
يا بن رسول الله اني ناء عن المسجد وليس لي نية الصلاة فيه، قال: انه
لو يعلم الناس ما فيه لاتوه ولو حبوا، قال: اني اشتغل، قال: فاته
ولا تدعه ما أمكنك، وعليك بميامنه مما يلي أبواب كندة فإنه مقام إبراهيم
وعند الخامسة مقام جبرائيل، والذي نفسي بيده لو يعلم الناس من
فضله ما اعلم لازدحموا عليه.
وبالاسناد، قال: حدثنا علي بن محمد، حدثنا علي بن أحمد بن
علي بن السمين، حدثنا محمد بن زيد القطان، حدثنا إبراهيم بن
محمد [35] الثقفي، حدثنا عبيد بن إسحاق الضبي، حدثنا زهير بن
معاوية، عن الأعمش، عن سفيان، عن حذيفة، قال: والله ان
مسجدكم هذا لاحد المساجد الأربعة المعدودة المسجد الحرام،
ومسجد المدينة، ومسجد الأقصى، ومسجدكم هذا - يعني مسجد
الكوفة - الا وان زاويته اليمنى مما يلي أبواب كندة منها فار التنور وان
السارية الخامسة مما يلي صحن المسجد عن يمنة المسجد مما يلي أبواب
كندة مصلى إبراهيم الخليل وان وسطه لنجرت سفينة نوح، ولان
أصلي فيه ركعتين أحب إلي من أن أصلي في غيره عشر ركعات، ولقد
نقص من ذرعه عن الاس الأول اثنا عشر الف ذراع، وان البركة منه
على اثني عشر ميلا من اي الجوانب جئته (1).

(1) بعض الحديث في فضل الكوفة (295 / أ)
35

وبالاسناد، قال: أخبرنا محمد بن الحسين التيملي البزاز، حدثنا
علي بن العباس، حدثنا بكار بن أحمد، حدثنا محمد بن عمرو، عن
إبراهيم بن مهدي، عن سلام بن أبي عمرو، عن سعد بن طريف،
عن الأصبغ بن نباتة، عن علي عليه السلام قال: النافلة في هذا
المسجد تعدل عمرة مع النبي صلى الله عليه وآله وقد صلى فيه الف نبي
والف وصي (1).
وبالاسناد، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن حاجب، ومن أصل
كتابه كتبت، حدثنا محمد بن عمار العطار، حدثنا محمد بن إسحاق بن
أسامة بن السري بن السائب بن شراحيل، حدثنا علي بن هشام
المقرئ، حدثنا: حسن بن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن أبيه، عن
معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لكأني بمسجد كوفان
يأتي يوم القيامة محرما يشهد لمن صلى فيه ركعتين.
وبالاسناد، قال: حدثنا علي بن محمد بن الفضل الدهقان،
حدثنا محمد بن علي بن السمين، حدثنا محمد بن زيد القطان، حدثنا
إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا توبة بن الجليل، قال:
سمعت محمد بن الحسن، قال: حدثنا هارون بن خارجة، قال: قال
جعفر بن محمد عليه السلام: كم بين منزلك وبين مسجد الكوفة؟
قلت: بقربه. قال: ما بقي ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد مختار
الا وقد صلى فيه، وقربه رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة أسري به
فاستؤذن له فيه فصلى فيه ركعتين، والصلاة فيه بألف صلاة والنافلة

(1) في كامل الزيارات / 31 حديث يقارب معناه. والحديث في التهذيب 2 / 11.
36

فيه بخمسمائة وان الجلوس فيه بغير تلاوة القرآن عبادة فاته ولو زحفا.
وبالاسناد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي
إسماعيل السراج، قال: قال معاوية بن وهب واخذ بيدي، قال أبو
حمزة: واخذ بيدي، قال لي الأصبغ بن نباتة واخذ بيدي، فأراني
الأسطوانة السابعة - هذا مقام أمير المؤمنين عليه السلام - (قال)
وكان الحسن عليه السلام يصلي عند الخامسة فإذا غاب أمير المؤمنين
عليه السلام صلى فيها الحسن عليه السلام وهي من باب كندة، وقال
الصادق: الأسطوانة السابعة مما يلي أبواب كندة في الصحن مقام
جبرائيل عليه السلام (1).

(1) الحديث في التهذيب 2 / 11. وفي الفروع 1 / 139.
وفي نهاية هذا الفصل الخاص بمسجد الكوفة نذكر أحاديث أوردها المشهدي في كتابه المزار
وهي في فضائل مسجد الكوفة أيضا [ص 15 من مخطوط المزار] بالاسناد عن محمد بن الحسن
الصفار قال: حدثني أبي وأخي وعلي بن الحسين رحمه الله عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد
ابن عيسى، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الملك القمي، عن إسماعيل بن جابر [16] عن
عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تتم الصلاة في أربعة
مواطن في المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة وحرم الحسين عليه السلام.
وبالاسناد قال: حدثني محمد بن همام بن سهيل عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري،
قال: حدثنا محمد بن حمدان المدائني عن زياد، قال: قال أبو الحسن عليه السلام: أحب لك ما
أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي، تتم الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين عليه
السلام. وبالاسناد قال: حدثني محمد بن يعقوب وجماعة مشايخي رحمهم الله عن محمد بن يحيى
العطار عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: حدثني من سمع
أبا عبد الله عليه السلام يقول: تتم الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي (ص) ومسجد الكوفة
وحرم الحسين.
وجاء في [ص 203]: الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان مستحب مرغب فيه مندوب
إليه وهو اللبث في مكان مخصوص للعبادة ويحتاج إلى شروط أحدها ان يعتكف في أحد المساجد
الأربعة المسجد الحرام، ومسجد النبي (ص) ومسجد الكوفة ومسجد البصرة.
37

ذكر ما ورد من الفضل في مسجد السهلة (1)
[36] اخبرني الشيخان الجليلان الفاضلان أبو البقاء هبة الله بن

(1) مسجد السهلة أحد أكبر المساجد التي شيدت في الكوفة خلال القرن الأول الهجري وما
زال أثرها وذكرها خالدا إلى الان، ويبدو ان بني ظفر هم بناة المسجد الحقيقيون، وهؤلاء بطن من
الأنصار نزلوا الكوفة، ولهذا عرف المسجد أول الأمر بمسجد بني ظفر، ثم إن المسجد عرف
بمسجد السهلة وهي تسمية المتداولة حاليا واطلقت هذه اللفظة على ما يظهر لسهولة وانبساط
ارض المسجد والأراضي المجاورة له، أو انها محرفة عن (سهيل) ويحتمل أن يكون (سهيل) هذا
أحد عباد أو أئمة المسجد الا ان ضياع ترجمة هذا الرجل واخباره ان وجد حقا، جعلنا نرجح
التعليل اللغوي لتسمية المسجد. ومن التسميات الأخرى التي عرف بها المسجد: المسجد
البري، ومسجد القري. والسهلة مقبرة من مقابر الكوفة القديمة وحسب تحقيقنا فالمسجد الحالي
على طرف من مقبرة السهلة وممن دفن بالسهلة علي بن إبراهيم الخياط المتوفى سنة 207 ه‍، وأحمد ابن
محمد الطائي المتوفى سنة 281 ه‍ ومجد الدين حسن بن الحسين الطاهر العلوي المتوفى سنة
645 ه‍ وغيرهم.
ومسجد السهلة الحالي مستطيل الشكل يتألف من أربعة أضلاع آجرية والمشاهد أو المقامات
التي تزار الان داخل المسجد هي:
1 - مقام الإمام المهدي المنتظر، ويعرف بمقام صاحب الزمان يقع في وسط الضلع القبلي
وبناية هذه المقامة أكبر مشاهد المسجد.
2 - مقام زين العابدين الإمام علي السجاد بن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) يقع
وسط المسجد، عن شماله مقام الصادق وعن جنوبه مقام المهدي والى الأخير أقرب وبنايته حديثة
عادية.
3 - مقام الإمام جعفر الصادق مؤسس المذهب الامامي، يقع وسط المسجد تماما ومحرابه مجوف
وكتب على القاشاني الذي يكسو التجويف أحد الأدعية المأثورة في السهلة، وتقام على دكته
المستطيلة صلاة الجماعة كل ليلة أربعاء.
4 - مقام النبي الخضر في الزاوية بين الضلعين الجنوبي والغربي.
5 - مقام النبي إدريس ويقال انه كان بيت إدريس، يقع في الزاوية بين الضلعين الجنوبي
والشرقي.
6 - مقام الصالحين ويعرف بمقام الأنبياء هود وصالح، يقع في الزاوية بين الضلعين الشمالي
والشرقي.
7 - مقام النبي إبراهيم الخليل أو يقال إنه كان بيت إبراهيم، يقع في الزاوية بين الضلعين
الشمالي والشرقي.
والمظنون ان للمسجد منارة قديمة هدمت في وقت لم ندركه، والمنارة الحالية شيدت سنة
1378 ه‍ / 1967 م وأرخ بنائها السيد محمد الحلي بقوله:
للسهلة أقصد وأستجر * من كل نائبة وكبت
هو مسجد سمت العبادة * فيه في سمت وصمت
قد عمرت فيه المنارة * للاذان برفع صوت
مذ قيل في تاريخها * ويؤذنون بكل وقت
وقد ألحق بالمسجد قديما صحن واسع، وهو مقسم إلى قسمين. الأول: الذي في الطرف
الجنوبي - خان الزوار - وهو شبيه بالخانات الشاخصة الان بطريق (نجف - كربلاء) القديم ويعود
تأريخه إلى حوالي 300 سنة والثاني: يقع في الجانب الشمالي وفيه بيوت خدم المسجد وقد هدمت
أوائل سنة 1979 م / 1399 ه‍.
وفصلنا الحديث عن مسجد السهلة وتأريخه في كتابنا " مساجد الكوفة ".
39

هبة، وأبو الخير سعد بن أبي الحسن الفراء رضي الله عنهما قالا: حدثنا
الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسين بن طحال المقدادي (1)، في منزله
بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في تاسع جمادى الآخرة من
سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، قال: حدثني الشيخ المفيد أبو علي
الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي (2)، والشيخ محمد بن علي بن
رحيم الصايغ، قالا: حدثنا الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (3)
رضي الله عنه عن أبيه، قال: حدثنا أحمد بن رشد، قال: حدثنا

(1) قال الشيخ منتجب الدين: " الشيخ أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الطحال
المقدادي، فقيه صالح، قرأ على الشيخ أبي علي الطوسي ". وفي تذكرة المتبحرين: " الشيخ أبو عبد
الله، الحسين بن طحال المقدادي: عالم وفقيه، جليل، يروي عن الشيخ أبي علي الطوسي،
عن أبيه ".
تذكرة المتبحرين للشيخ الحر، الفهرست (لمنتجب الدين) مخطوط.
(2) قال منتجب الدين: الشيخ الجليل أبو علي، الحسن بن محمد بن الحسن بن علي
الطوسي فقيه، ثقة، عين، قرأ على والده جميع تصانيفه. وقال الشيخ الحر: كان عالما،
فاضلا، فقيها، محدثا، جليلا، ثقة له كتب منها: كتاب الأمالي، وشرح النهاية وغير ذلك،
وذكر له ابن شهرآشوب كتاب المرشد إلى سبيل التعبد.
معالم العلماء / 226. الفهرست (منتجب الدين). تذكرة المتبحرين.
(3) محمد بن الحسن بن علي الطوسي: مفسر وفقيه وعلامة امامي شهير، انتقل من خراسان
إلى بغداد سنة 408 ه‍ وأقام أربعين سنة، ورحل إلى النجف فأقام فيها حتى وفاته رحمه الله في سنة
460 ه‍ 1067 م. له كتب وتصانيف كثيرة، نشر العديد منها وكلها من المراجع الهامة لدى
الامامية وغيرهم.
انظر: روضات الجنات / 580.
رجال النجاشي / 278. خزائن الكتب القديمة في العراق / 134.
41

قاسم بن محمد بن سعد بن جشم أبو عبد الله الهلالي، قال: حدثني
أبو موسى محمد بن محمد بن موسى بن مالك بن ضمرة صاحب علي عليه
السلام قال: كنت أصلي فوق جبل الخندق (1) فحانت مني التفاتة إلى
مسجد السهلة فنظرت إليه في وقت الصلاة يوم الجمعة فإذا هو روضة
خضراء، وفيه دوي كدوي النحل فمسحت عيني ثم نظرت إليه فإذا
كما رأيته أولا فنزلت من الجبل أمشي حتى اتيته فلما قمت في وسطه غاب
عني الشجر، وسمعت الدوي كدوي النحل.
وبالاسناد قال: وأخبرنا يعقوب، قال: حدثنا ابن فضال، عن
الحسن بن علي بن يوسف، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن
عجلان، عن مالك بن ضمرة الرؤاسي، قال: قال لي أمير المؤمنين
: أتصلي في مسجد السهلة؟ قلت: ذاك مسجد تصلي فيه النساء،
فقال: يا مالك ذاك مسجد ما اتاه مكروب قط الا فرج الله عنه وأعطاه
حاجته، فاني والله ما اتيته الا صليت فيه، فلما كان ذات ليلة أخذني
أمر فاغتممت، فذكرت قول أمير المؤمنين عليه السلام فقمت في الليل
فتوضأت وانتعلت وخرجت فإذا على بابي مصباح، فمر قدامي،
ومررت حتى انتهى إلى المسجد فوقف بين يدي وقمت أصلي فلما ان
فرغت، انتعلت، ثم انصرفت، فمر قدامي حتى انتهى إلى الباب،
فلما ان دخلت ذهب فما أردت ذلك به ليلة قط بعد ذلك الا وجدت
المصباح على بابي.
وبالاسناد قال أخبرنا يعقوب: مررنا على أبي عبد الله عليه السلام

(1) المقصود به خندق (كري سعده) حسب التسمية المتداولة الان، وهو خندق سابور
القديم، وهو قريب من مسجد السهلة وتلاله الحالية تشرف على المسجد.
42

فسألنا فيكم أحد عنده علم زيد بن علي عليه السلام فقال رجل من
القوم: انا عندي علم من علمك زيد: كنا عنده ذات ليلة في دار معاوية
ابن إسحاق الأنصاري إذ قال: انطلقوا حتى نصلي في مسجد السهلة.
فقال: أبو عبد الله عليه السلام: اما والله لو استعاذ به حولا لأعاذه الله
سنين، اما علمت أنه موضع إدريس النبي الذي كان يخيط فيه، ومنه
سار إبراهيم إلى اليمن إلى العمالقة، ومنه سار داود إلى جالوت، فقال
الرجل: وأين كانت منازلهم؟ قال: في زواياه، وان فيه صخرة
خضراء فيها تمثال وجه كل نبي، وانه مناخ الراكب، قال: ومن
الراكب؟ قال: الخضر (1).
وبالاسناد عن الصادق عليه السلام قال: مسجد السهلة [37]
منزل صاحبنا إذا قام بأهله. وقال عليه السلام: مامن مكروب يأتي
مسجد السهلة فيصلي فيه بين العشائين، ويدعو الله الا فرج
كربه (2).
وبالاسناد، قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: من صلى
في مسجد السهلة ركعتين زاد الله تعالى في عمره سنتين. وروى أبو
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي (يا أبا محمد كأني أرى
نزول القائم بأهله (3) وعياله في مسجد السهلة) قلت: أيكون منزله؟

(1) الحديث في الفروع 1 / 139، من لا يحضره الفقيه 1 / 1 / 76.
(2) التهذيب 2 / 13.
(3) في الفروع 1 / 139. والتهذيب 1 / 325: عن محمد بن يحيى، عن علي بن
الحسين بن علي، عن عثمان، عن صالح بن أبي الأسود، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام
وذكر مسجد السهلة فقال: اما انه منزل صاحبنا إذا قام بأهله.
43

قال: نعم، كان فيه منزل إدريس، ومنزل إبراهيم، وما بعث الله
نبيا الا وقد صلى فيه، وفيه مسكن الخضر، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط
رسول الله صلى الله عليه وآله وما من مؤمن ولا مؤمنة الا وقلبه يحن
إليه، وفيه صخرة فيها صورة كل نبي، وما صلى فيه أحد فدعا الله مما
يخاف - الا اجابه -. فقلت: هذا لهو الفضل، قال: أزيدك؟،
قلت: نعم، قال: هو من البقاع التي أحب الله ان يدعى فيها، وما
من يوم ولا ليلة الا والملائكة يزورون هذا المسجد يعبدون الله فيه، اما
اني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة الا فيه، يا أبا محمد: لو لم
يكن من الفضل الا نزول الملائكة والأنبياء فيه، لكان كثيرا فكيف
وهذا الفضل وما لم أصف لك أكثر، قلت: جعلت فداك لا يزال
القائم عليه السلام فيه ابدا؟ قال: نعم. قلت: فمن بعده، قال:
هكذا من بعده إلى انقضاء الخلق قلت: فما. كون من أهل الذمة
عنده؟ قال: يسالمهم كما سالمهم رسول الله صلى الله عليه وآله
ويؤدون الجزية عن يد وهم صاغرون. قلت: فمن نصب لكم
عداه؟ قال: لا يا أبا محمد، ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، ان
الله قد أحل لنا دماءهم عند قيام قائمنا، فأما اليوم فحرم علينا وعليكم
ذلك، فلا يغرنك أحد، فإذا قام قائمنا انتقم لله ولرسوله ولنا
أجمعين.
وحدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن محمد
الطوسي، وعن الشريف أبي الفضل المنتهي بن أبي زيد بن كبايكي
الحسيني، وعن الشيخ الأمين أبي عبد الله محمد بن شهريار
44

الخازن (1)، وعن الشيخ الجليل شهرآشوب (2)، وعن المقرئ عبد
الجبار الرازي وكلهم يروون عن الشيخ أبي علي الحسن بن محمد
الطوسي رضي الله عنه قال: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن
الطوسي بالمشهد المقدس في الغري على صاحبه السلام في شهر رمضان
سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، قال: حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين
ابن عبيد الله الغضائري (3) قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبيد الله

(1) هو الشيخ الأمين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار وهو أول من عرف بالخازنية بمشهد
الإمام علي (ع) في النجف وكان فقيها صالحا، وكان صهر الشيخ الطوسي على ابنته ومن تلامذته
الذين أدركوا المائة السادسة وهو الواقع اسمه في سند الصحيفة السجادية والراوي لها سنة
516 ه‍، وهو الذي يروي عن الشيخ الفقيه أبي عبد الله جعفر بن محمد بن عباس الدوريستي
بالمشهد الغروي سنة 453 ه‍ أبيات الإمام الرضا (ع) حينما شكا إليه رجل أخاه فأنشأ يقول:
اعذر أخاك على ذنوبه واستر وغط على عيوبه.. الخ
وقد رزق ابن شهريار من ابنة الشيخ الطوسي ولده هو أبو طالب حمزة يروي عنه عماد الدين
محمد بن علي الطبري في بشارة المصطفى سنة 512 ه‍ وسنة 516 ه‍. عن رياض العلماء
(مخطوط، مهج الدعوات لابن طاوس / 231 و 268. وماضي النجف 1 / 260، 2 /
405 - 406.
(2) محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني، أبو جعفر، رشيد الدين، من أكابر
علماء الإمامية، له تصانيف عديدة شهيرة، طبع منها. انظر لسان الميزان 5 / 310 (رقم
1034) وفيه: بلغ النهاية في فقه أهل البيت.. تقدم في القراءات والتفسير والعربية، وكان كثير
الخشوع، مات في شعبان 588 ه‍ / 1192 م.
وانظر الوافي بالوفيات 4 / 164. روضات الجنات / 575 ط 2.
(3) الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري أبو عبد الله، كثير السماع عالم بالرجال،
روى عنه الطوسي سماعا وإجازة وكذا النجاشي، مات سنة 411 ه‍. في منتصف صفر.
رجال ابن داود - القسم الأول / 80 (رقم 482). رجال العلامة الحلي (الخلاصة) / 50.
45

الشيباني، قالوا: وحدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد
الحسن الطوسي، والشيخ الأمين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شهريار
الخازن، قالا جميعا: حدثنا الشيخ أبو منصور محمد بن أحمد بن عبد
العزيز العكبري المعدل بها في داره ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة،
قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبيد الله الشيباني، قال: حدثنا
محمد بن يزيد بن أبي الأزهر البوشنجي النحوي، قال: حدثنا أبو
الصباح [38] محمد بن عبيد الله بن زيد النهشلي، قال: اخبرني أبي
قال: حدثنا الشريف زيد بن جعفر العلوي، قال: حدثنا محمد بن
وهنان الهناني، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان
البزوفري، قال: حدثنا أحمد بن إدريس بن محمد بن أحمد
العلوي، قال: حدثنا محمد بن جمهور القمي، عن الهيثم بن عبد الله
الناقد، عن بشار المكاري، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه
السلام بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد وهو يأكل فقال لي: يا
بشار ادن فكل، فقلت: هناك الله وجعلني فداءك قد أخذتني
الغيرة في شئ رأيته في طريقي أوجع قلبي وبلغ مني فلا أستطيع -
الاكل - فقال لي: بحقي لما دنوت فأكلت، فدنوت وأكلت فقال
لي: - حدثني - بحديثك. قلت: رأيت جلواز يضرب رأس امرأة
ويسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى صوتها: المستغاث بالله
ورسوله، ولا يغيثها أحد، قال: ولم فعل بها ذاك؟ قلت: سمعت
الناس يقولون انها عثرت، فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة،
فارتكب منها ما ارتكب. قال: فبكى (ع) وقطع الاكل ولم يزل يبكي
حتى ابتل منديله ولحيته وصدره بالدموع ثم قال: يا بشار قم بنا إلى
46

مسجد السهلة، لندعو الله عز وجل ونسأله خلاص هذه المرأة،
قال: ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان وتقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن
يأتيه رسوله، فان حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا، قال:
فصرنا إلى مسجد السهلة وصلى كل واحد منا ركعتين ثم رفع الصادق
عليه السلام يده إلى السماء، وقال:
" أنت الله لا إله الا أنت مبدؤ الخلق ومعيدهم، وأنت الله لا إله
الا أنت خالق الخلق ورازقهم، وأنت الله لا إله الا أنت القابض
الباسط، وأنت الله لا إله الا أنت مدبر الأمور، وباعث من في
القبور، وأنت وارث الأرض ومن عليها، أسألك باسمك المخزون
المكنون، الحي القيوم، وأنت الله لا إله الا أنت عالم السر وأخفى،
أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت،
وأسألك بحق محمد وأهل بيته وبحقهم الذي أوجبته على نفسك ان
تصلي على محمد وآل محمد، وان تقضي لي حاجتي، الساعة الساعة يا
سميع الدعاء، يا سيداه، يا مولاه، يا غياثاه، أسألك بكل اسم
سميت به نفسك واستأثرت به في علم الغيب عندك ان تصلي على محمد
وآل محمد، وان تعجل خلاص هذه المرأة، يا مقلب القلوب
والابصار " (1) قال: ثم خر ساجدا، لا أسمع منه الا النفس ثم رفع
رأسه، فقال: قم فقد أطلقت المرأة، فخرجنا جميعا فبينما نحن في
بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجهه إلى باب السلطان فقال

(1) هذا الدعاء مكتوب الان على القاشاني في واجهة محراب الإمام الصادق وسط مسجد
السهلة.
47

له: ما الخبر؟ قال: لقد خرج حاجب فدعاها، وقال: ما الذي
تكلمت به؟ قالت: عثرت فقلت: (لعن الله [39] ظالميك يا
فاطمة) ففعل بي ما فعل، قال: فأخرج مائتي درهم، فقال: خذي
هذه واجعلي الأمير في حل، فأبت ان تأخذها، فلما رأى ذلك منها
واعلم صاحبه بذلك ثم خرج فقال: انصرفي إلى بيتك، فذهبت إلى
منزلها فقال أبو عبد الله (ع) أبت ان تأخذ المائتي درهم، قال: نعم
وهي والله محتاجة إليها، قال: فاخرج من جيبه صرة فيها سبعة
دنانير، وقال: اذهب أنت بهذه إلى منزلها فاقرأها مني السلام، وادفع
إليها هذه الدنانير، قال: فذهبنا جميعا فأقرأناها السلام. فقالت:
بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام فقلت لها: رحمك الله، والله ان
جعفر بن محمد اقرأك السلام، فشهقت حتى وقعت مغشيا عليها،
قال: فصبرنا حتى أفاقت، وقالت: أعدها علي، فأعدناها عليها
حتى فعلت ذلك ثلاثا. فقلنا لها: خذي هذا ما ارسل به إليك،
وابشري بذلك فأخذته منا وقالت: سلوه ان يستوهب أمته من الله
تعالى، فما اعرف أحدا أتوسل به إلى الله تعالى أكبر منه، ومن آبائه
وأجداده عليهم السلام قال: فرجعنا إلى أبي عبد الله عليه السلام
فجعلنا نحدثه بما كان منها، فجعل يبكي ويدعو لها ثم قلت: ليت
شعري، ترى أرى فرج آل محمد عليهم السلام فقال: يا بشار، إذا
توفي ولي الله وهو الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار العباد فعند
ذلك تصل إلى ولد بني فلان مصيبة سوداء مظلمة، فإذا رأيت ذلك،
اتسعت حلقتا البطان ولا مرد لأمر الله تعالى.
48

ذكر الصلاة في زوايا المسجد المعروف بمسجد السهلة
وأخبرني الشريف الجليل العالم أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة
العلوي الحسيني الحلبي أدام الله عزه عند عودته من الحج في سنة أربع
وسبعين وخمسمائة بمسجد السهلة، قال: حدثني والدي علي بن
زهرة، عن جده، عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه (1).
قال: حدثنا الشيخ الفقيه محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن
إبراهيم، عن أبيه، قال: حججت إلى بيت الله الحرام، فنزلنا عند
ورودنا الكوفة، فدخلنا إلى مسجد السهلة، فإذا نحن بشخص راكع
وساجد فلما فرغ دعا بهذا الدعاء: أنت الله لا إله الا أنت.. إلى آخر
الدعاء. ثم نهض إلى زاوية المسجد فوقف هناك وصلى ركعتين،
ونحن معه، فلما انفتل من الصلاة سبح ثم دعا، فقال: اللهم رب
هذه البقعة الشريفة وبحق من تعبدك فيها قد علمت حوائجي، فصل
على محمد وآل محمد واقضها، وقد أحصيت ذنوبي فصل على محمد وآل
محمد واغفرها لي: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وأمتني إذا
كانت الوفاة خيرا لي، على موالاة أوليائك، ومعاداة أعدائك، وافعل
بي ما أنت أهله يا ارحم الراحمين.
ثم نهض فسألناه عن المكان فقال: ان هذا الموضع بيت إبراهيم

(1) ابن بابويه القمي (306 ه‍ - 381 ه‍) محمد بن علي بن الحسين بن موسى المعروف
بالشيخ الصدوق، محدث امامي كبير، لم ير في القميين مثله. نزل بالري وارتفع شأنه في خراسان
وتوفي ودفن في الري. طبع له العدد من المصنفات وفي مقدمتها: من لا يحضره الفقيه، وعلل
الشرائع، وغيرها.
انظر وفيات الجنات 557 - 560، الفهرست للطوسي / 184 رجال النجاشي / 276.
49

الخليل الذي كان يخرج منه إلى العمالقة، ثم مضى إلى الزاوية الغربية
فصلى ركعتين ثم رفع يديه، وقال: اللهم إني صليت هذه الصلاة
ابتغاء مرضاتك وطلب نائلك، ورجاء رفدك وجوائزك، فصل على
محمد وآل محمد وتقبلها مني بأحسن قبول، وبلغني برحمتك المأمول
وافعل بي [40] ما أنت أهله يا ارحم الراحمين. ثم مضى إلى الزاوية
الشرقية، فصلى ركعتين ثم بسط كفيه وقال: اللهم ان كانت الذنوب
والخطايا قد أخلقت وجهي عندك فلم ترفع لي إليك صوتا ولم تستجب
لي دعوة فاني أسألك بك يا الله فإنه ليس مثلك أحد وأتوسل إليك
بمحمد وآل محمد، ولا تحرمني حين أرجوك يا ارحم الراحمين.
وعفر خديه على الأرض وقام فخرج فسألناه: بم يعرف هذا
المقام؟ فقال: انه مقام الصالحين والأنبياء والمرسلين، قال:
فاتبعناه، فإذا به قد دخل إلى مسجد صغير بين يدي السهلة فصلى فيه
ركعتين بسكينة ووقار كما صلى أول مرة ثم بسط كفيه وقال: الهي قد
مد إليك الخاطئ المذنب يديه لحسن ظنه بك، الهي قد جلس المسئ
بين يديك مقرا لك بسوء عمله راجيا منك الصفح عن زلله، الهي قد
رفع إليك الظالم كفيه راجيا لما لديك فلا تخيبه برحمتك من فضلك،
الهي قد جثا العائد إلى المعاصي بين يديك خائفا من يوم يجثو به الخلائق
بين يديك، الهي قد جاءك العبد الخاطئ فزعا مشفقا، ورفع إليك
طرفه حذرا راجيا، وفاضت عبرته مستغفرا نادما، وعزتك وجلالك
ما أردت بمعصيتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك وانا بك جاهل
ولا لعقوبتك متعرض، ولا لنظرك مستخف، ولكن سولت لي نفسي
وأعانتني على ذلك شقوتي، وغرني سترك المرخى علي، فمن الان من
50

عذابك من يستنقذني؟، وبحبل من اعتصم ان قطعت حبلك عني؟
فيا سوأتاه غدا من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفين جوزوا،
وللمثقلين حطوا، فمع المخفين أجوز أم مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما
كبرت سني كثرت ذنوبي، ويلي كلما طال عمري كثرت معاصيي.
فكم أتوب وكم أعود، اما آن لي ان استحي من ربي، " اللهم فبحق
محمد وآل محمد، ارحمني واعف عني واغفر لي، يا خير الغافرين " ثم
بكى وعفر خديه وقال " ارحم من أساء واقترف، واستكان واعترف "
ثم قلب خده الأيسر، وقال: " عظم الذنب من عبدك، فليحسن
العفو من عندك يا كريم " ثم قام فخرج فاتبعناه، فقلت: يا سيدي
بم يعرف هذا المسجد؟ فقال: انه مسجد زيد بن صوحان (1)

(1) زيد بن صوحان بن حجر بن الحارث.. العبقسي الربعي، أدرك رسول الله (ص)
وصحب الإمام علي (ع)، وكان عالما فاضلا ذا بصيرة وفطنة ومن سادة قومه الموصوفين بالعبادة
والزهد، ومما يدل على فضله قول رسول الله (ص) فيه: " من سره ان ينظر إلى من يسبقه عضو منه
إلى الجنة فلينظر إلى زيد بن صوحان " وقد قطعت يده فيما بعد في يوم نهاوند سنة (20 ه‍ -
640 م) وقيل إنها قطعت قبل هذا اليوم. وشارك في معركة الجمل مع علي (ع) وفيها استشهد سنة
36 ه‍ / 656 م رضي الله عنه. وقبره شاخص اليوم في البصرة على يمين الذاهب إلى السيبة في
منطقة كوت الزين.
ويقع مسجد زيد الان على بعد 200 م جنوب مسجد السهلة، وقد هدمت بناية المسجد
الأصلية القديمة في بداية هذا القرن وشيد من جديد، ثم ما لبثت هذه البناية ان تهدمت فجدد
عمارته بعض المؤمنين وتم البناء في شعبان سنة 1395 ه‍ / 1365 م.
ولم يبق من عمارته الجديدة الأولى غير ثلاث قطع من المرمر الأبيض كتب عليها أدعية وأذكار،
واحدة من هذه القطع رأيتها مؤرخة سنة 1332 ه‍.
والبناء الحالي للمسجد يحتل مساحة قدرها 165 م 2 ويشتمل على أربعة أضلاع ارتفاعها 2 في
الضلع القبلي منها ظلة للمصلين والزائرين والباقي رواق مكشوف.
(يراجع بشأن زيد: الإصابة رقم 2997. رجال الكشي / 18 تهذيب ابن عساكر 6 / 10
- 14. أسد الغابة 2 / 233 - 134. تاريخ بغداد 8 / 439.).
51

صاحب علي بن أبي طالب، وهذا دعاؤه وتهجده. ثم غاب فلم نره،
فقال لي صاحبي: انه الخضر عليه السلام.
52

ذكر ما ورد من الفضل في مسجد صعصعة بن صوحان
العبدي (1) والصلاة فيه والدعاء
وبالاسناد، قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن التستري، قال:
مررت ببني رؤاس فقال لي بعض إخواني: لو ملت بنا إلى مسجد

(1) صعصعة بن صوحان بن حجر.. العبقسي الربعي، سيد من سادات العرب، ومن
خطبائهم وفصحائهم المشهورين، ومن أصحاب الخطط بالكوفة، ومن رواة الحديث الثقات، له
سيرة مشرقة وذكر حميد في التأريخ عن المبادئ الاسلامية المثلي، والذياد عن الحق والعدالة
والفضيلة. وله اخبار كثيرة مع معاوية وغيره، وقد الف عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى
الجلودي الأزدي البصري دراسة عن صعصعة بن صوحان. وقد نفاه معاوية إلى البحرين اثر
معارضة صعصعة للحكم الأموي، فبقي هناك حتى وفاته سنة (60 ه‍ / 679 م) وفي جزيرة
عسكر في البحرين الان قبر ينسب لصعصعة وعليه قبة مثل سائر المزارات.
ومسجد صعصعة اليوم من مساجد الكوفة المشهورة والعامرة بالزوار عني الناس برعايته
والحفاظ على عمرانه، وعمارته الحالية شيدت سنة 1387 ه‍ / 1967 م) ومساحته الان 160 م
مع أربعة أضلاع ارتفاعها 2 م، وفي الضلع القبلي منها ظلة تحتها يقع محراب الصلاة، ولا يختلف
في هيأته العامة عن مسجد زيد بن صوحان.
للمزيد عن صعصعة واخباره راجع:
الإصابة 2 / 192 (4130). رجال الطوسي في أصحاب علي / 1. رجال الكشي / 19.
الإشارات إلى معرفة الزيارات / 63 و 79. تهذيب ابن عساكر 6 / 154. طبقات ابن سعد
6 / 154. ميزان الاعتدال 2 / 315. أسد الغابة 3 / 20. تهذيب التهذيب 4 / 422.
53

صعصعة فصلينا فيه، فان هذا - شهر - رجب ويستحب فيه زيارة هذه
المواضع المشرفة التي قد وطأها الموالي بأقدامهم، وصلوا فيها،
ومسجد صعصعة منها فملت معه إلى المسجد فدخلنا وإذا بناقة معقولة
مرحولة قد أنيخت بباب المسجد فدخلنا وإذا برجل عليه ثياب الحجاز
وعمة - وهو - جالس يدعو بهذا [41] الدعاء فحفظته انا وصاحبي
وهو: " اللهم يا ذا المنن السابغة، والآلاء الوازعة، والرحمة
الواسعة، والقدرة الجامعة، والنعم الجسيمة، والمواهب العظيمة،
والايادي الجميلة، والعطايا الجزيلة، يا من لا ينعت بتمثيل، ولا
يمثل بنظير، ولا يقلب بضمير، يا من خلق فرزق، وألهم فأنطق،
وابتدع فشرع، وعلا فارتفع، وقدر فأحسن، وصور فأتقن، واحتج
فأبلغ، وأنعم فأسبغ، وأعطى فأجزل، ومنح فأفضل يا من سما في
العز ففات خواطر الأبصار، ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار،
يا من توحد في الملك فلا ند له في ملكوت سلطانه. وتفرد في الآلاء
والكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هويته
دقائق لطائف الأوهام، وانحسرت دون ادراك عظمته خطائف أبصار
الأنام، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لعظمته،
ووجلت القلوب من خيفته، أسألك بهذه المدحة التي لا تنبغي الا
لك، وبما رأيت به على نفسك للمؤمنين، وبما ضمنت الإجابة فيه
منك للداعين، يا أسمع السامعين وأبصر الناظرين وأسرع
الحاسبين، يا ذا القوة المتين، صل على محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته
المعصومين، وأقسم لي في شهرنا هذا خير ما قسمت، واختم لي في
قضائك السعادة في خير ما ختمت، وأحييني ما أحييتني موفورا،
54

وأمتني مسرورا مغفورا وتول أنت نجاتي من مسائلة البرزخ وادرأ عني
منكرا ونكيرا وارعني مبشرا وبشيرا، واجعل لي من رضوانك وجنانك
عينا قريرا، وملكا كبيرا، وصل على محمد وآله كثيرا ". ثم سجد
طويلا فقام وركب الراحلة، فقال لي صاحبي: أتراه الخضر فما بالنا لا
نكلمه كأنما أمسك على ألسنتنا وخرجنا فلقينا ابن داود الرؤاسي،
فقال: من أين أقبلتما؟ قلنا من مسجد صعصعة، وأخبرناه الخبر،
فقال: هذا الراكب يأتي مسجد صعصعة في اليومين والثلاثة ولا
يتكلم. قلنا: من هو؟ قال: فمن تريانه؟ قلنا: نظنه الخضر،
قال: فانا والله ما أراه الا من الخضر محتاج إلى رؤيته فانصرفا
راشدين، فقال لي صاحبي: هو والله - يعني صاحب الزمان - عليه
السلام.
55

ذكر مسجد غني والصلاة فيه والدعاء (1)
اخبرني الشريف الاجل العالم أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة -
أدام الله عزه - عن أبيه باسناد متصل إلى طاوس اليماني (2)، قال:
مررت بالحجر في - شهر - رجب وإذا بشخص راكع ساجد فتأملته فإذا
هو علي بن الحسين - عليهما السلام - فقلت في نفسي: رجل صالح
من أهل بيت النبوة، فوالله لأغتنمن دعاؤه، فجعلت أرقبه حتى فرغ

(1) بنو غني بطن من بني عروة بن الزبير بن العوام، من بني أسد بن عبد العزى من
قريش، من العدنانية، و (الغنوي) أيضا منسوب إلى غني واسمه عمرو بن اعصر، ويقال:
يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وهم قبيل منهم جماعة من الصحابة والتابعين.
وهذا المسجد من المساجد المباركة في الكوفة فقد ورد ان الإمام علي (ع) قال فيه: " والله ان
قبلته لقاسطة، ولقد أسسه رجل مؤمن، انه لقى سرة الأرض، وان بقعته لطيبة، ولا تذهب
الأيام والليالي حتى تنفجر فيه عيون ويكون على جنبيه جنتان وان أهله ملعونون وهو مسلوب
عنهم!!. "
(2) ذكره ابن داود قال:
" طاوس بن كيسان أبو عبد الله اليماني، مهمل " ولم يذكر تاريخ وفاته. رجال ابن داود
1 / 112.
وذكره الطوسي في رجاله ضمن أصحاب السجاد - (ع) - / 3. وكناه: أبو عبد الرحمن.
57

من صلاته، فرفع باطن كفيه إلى السماء، وجعل يقول: سيدي
سيدي، هذه يدي قد مددتها إليك بالذنوب مملؤة، وهذه عيني إليك
بالرجاء ممدودة، وحق لمن دعاك بالندم تذللا ان لا تخيبه من الكرم
تفضلا، سيدي امن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي، أم من أهل
السعادة خلقتني فأبشر رجائي، سيدي الضرب المقامع خلقتني أم
لشرب الحميم خلقت أمعائي، سيدي لو أن عبدا استطاع الهرب من
مولاه لكنت أول [42] الهاربين منك، ولكني اعلم اني لا أفوتك
سيدي لو أن عذابي يزيد في ملكك لسالمتك الصبر عليه، غير اني اعلم أنه
لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين ولا ينقص منه معصية العاصين،
سيدي ما انا وخطري؟ هب لي خطأي بفضلك وجللني بسترك،
واعف عن توبيخي بكرم رحمتك، الهي وسيدي ارحمني على الفراش
مطروحا تقلبني أيدي أحبتي وارحمني على المطروحا يغسلني
صالح جيرتي، وارحمني محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي،
وارحم في ذلك البيت المظلم من نار حرها إذ يطغى، وجديدها لا
يبلى، وعطشانها لا يروى، وقلب خده الأيمن، وقال: اللهم لا
تقلب وجهي في النار بعد تعفيري وسجودي لك، بغير من مني
عليك، بل لك الحمد والمن علي، ثم قلب خده الأيسر، وقال:
ارحم من أساء واقترف، واستكان واعترف، ثم عاود السجود
وقال: ان كنت بئس العبد فأنت نعم الرب، العفو العفو (مائة
مرة).
قال طاوس، فبكيت حتى علا نحيبي فالتفت إلي وقال: ما
يبكيك يايماني أوليس هذا مقام المذنبين، فقلت: يا سيدي حقيق على
58

الله ان لا يردك وجدك محمد - صلى الله عليه وآله - قال: فلما كان في
العام المقبل في شهر رجب كنت بالكوفة فمررت بمسجد غني فرأيته
عليه السلام يصلي فيه ويدعو بهذا الدعاء المذكور، وفعل كما فعل
بالحجر، تمام الحديث.
59

ذكر الصلاة والدعاء بمسجد جعفي (1)
وحدثني الشريف الاجل عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن
زهرة العلوي - أدام الله عزه - املاء من لفظه ببلد الكوفة، عند عودته
من الحج في سنة أربع وسبعين وخمسمائة، عن أبيه، عن جده، عن
الشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه - رضي الله عنه - قال: حدثنا الحاكم
أبو علي الحسن بن أحمد البيهقي، في داره بنيشابور سنة اثنين وخمسين
وثلاثمائة، قال: أخبرنا محمد بن يحيى الصولي (2) قراءة، قال:

(1) بنو جعفي، بطن من سعد العشيرة ينتمون إلى جعفي بن سعد العشيرة ابن مذحج وهو
مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان. وفي الكوفة الكثير من الجعفيين ولهم
بها محلة ونبغ منهم عدد من العلماء والأدباء ممن ساهموا في الحياة الفكرية في الكوفة والبلاد العربية
والاسلامية كالشاعر الشهير المتنبي أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي، والامام الفقيه جابر
ابن يزيد الجعفي، والشاعر الفارس عبيد الله بن الحر الجعفي.
ومن أئمة مسجد جعفي: عمرو بن شمر الجعفي وكان قاصا، وكانت عنده الأحاديث، توفي
في خلافة المنصور (طبقات ابن سعد 6 / 380). وورد ذكر مسجد جعفي بالكوفة في المناقب لابن
شهرآشوب 3 / 321. وفي مجموعة ابن ورام (تنبيه الخواطر ونزهة النواظر) 2 / 295 لورام ابن
أبي فراس المالكي الاشتري.
(2) توفي الصولي هذا سنة 335 ه‍ (التذكرة للذهبي 3 / 849).
61

حدثني عون بن محمد الكندي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن
ميثم (3)، يقول: حدثني أبي ميثم (4) - رضي الله عنه - قال: اصحر
بي مولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - صلوات الله عليه - ليلة من
الليالي فخرج من الكوفة، وانتهى إلى مسجد جعفي فتوجه إلى القبلة
وصلى أربع ركعات، فلما سلم وسبح وبسط كفيه، قال: " الهي
كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، وحبك في
قلبي مكين، مددت إليك يدا بالذنوب مملوءة، وعينا بالرجاء
ممدودة، الهي أنت مالك العطايا وانا أسير الخطايا، ومن كرم العظماء
الرفق بالاسراء فاني أسير بجرمي، مرتهن بعملي، الهي ما أضيق
الطريق على من لم تكن دليله وأوحش المسلك على من لم تكن أنيسه،
الهي لئن طالبتني بذنوبي لأطالبنك بعفوك، ولئن طالبتني بجريرتي
لأطالبنك بكرمك، ولئن طالبتني بشري لأطلبنك بخيرك [43] ولئن

(3) علي بن ميثم أبو الحسن، روى الصدوق عن الحاكم أبي علي الحسين بن أحمد البيهقي،
عن الصولي عن عون بن محمد الكندي، انه لم ير أحدا قط اعرف بأمور الأئمة واخبارهم
ومناكحهم من أبي الحسن علي بن ميثم.
العيون ج 1 باب من جاء في أم الرضا (ع) (2) الحديث 2.
(4) ميثم بن يحيى التمار الأسدي بالولاء استشهد سنة 60 ه‍ / 680 م وهو أول من الجم في
الاسلام وقبره اليوم من مزارات الكوفة الشهيرة جنوب جامع الكوفة، وهو من أصحاب الإمام علي
بالكوفة وكان أثيرا عنده، ولهذا حبسه عبيد الله بن زياد (والي الكوفة من قبل يزيد بن معاوية)
ثم أمر بصلبه، فجعل يحدث بفضائل بني هاشم، فقيل لابن زياد، قد فضحكم هذا العبد،
فأمر بلجمه فألجم ثم طعن بحربة واستشهد وكان ذلك قبل مقدم الإمام الحسين (ع) بعشرة الأيام
رضوان الله عليه. راجع المناقب لابن شهرآشوب: وميثم التمار لمحمد حسين المظفر (طبع في
النجف وبيروت: والارشاد للمفيد والإصابة / 4874. ولمحمد حسين المقرم ومحمد حسين
ناشر الاسلام ترجمة حياة ميثم وأحواله طبعت كتبهم بالنجف. وتحدثنا عنه باسهاب في كتابنا عن
مشاهد الكوفة ومزاراتها.
62

جمعت بيني وبين أعدائك في النار لأخبرنهم اني كنت لك محبا، واني
كنت اشهد ان لا إله إلا الله، الهي هذا سروري بك خائفا فكيف
سروري بك آمنا، الهي الطاعة تسرك والمعصية لا تضرك، فهب ما
يسرك، واغفر لي ما لا يضرك، وتب علي انك أنت التواب الرحيم،
اللهم صل على محمد وآل محمد وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري،
وامحى عن المخلوقين ذكري، وصرت من المنسيين كمن قد نسي،
الهي كبر سني، ودق عظمي، ونال الدهر مني، واقترب أجلي،
ونفدت أيامي، وذهبت محاسني، ومضت شهوتي، وبقيت تبعتي،
وبلى جسمي، وتقطعت أوصالي، وتفرقت أعضائي، وبقيت مرتهنا
بعملي، الهي أفحمتني ذنوبي، وانقطعت مقالتي ولا حجة لي، الهي
انا المقر المعترف بجرمي الأسير باسائتي، المرتهن بعملي، المتهور؟؟
بخطيئتي، المتحير عن قصدي، المنقطع بي، فصل على محمد
وآله، وتفضل علي وتجاوز عني، الهي إن كان صغر في جنب طاعتك
عملي، فقد كبر جنب رجائك املي، الهي كيف انقلب بالخيبة منك
محروما، وكل ظني بجودك ان تقلبني بالنجاة مرحوما، الهي لم أسلط
على حسن ظني بك قنوط الآيسين فلا تبطل صدق رجائي من بين
الآملين، الهي عظم جرمي إذ كنت المطالب به، وكبر ذنبي إذ كنت
المبارز به إلا اني إذا ذكرت كبر ذنبي، وعظم عفوك وغفرانك وجدت
الحاصل بينهما لي أقربهما إلى رحمتك ورضوانك، الهي ان دعاني إلى النار
مخشي عقابك فقد ناداني إلى الجنة بالرجاء حسن ثوابك ورضوانك،
الهي ان أوحشتني الخطايا عن محاسن لطفك فقد آنستني باليقين مكارم
عطفك، الهي ان أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك فقد نبهتني
63

المعرفة يا سيدي بكريم آلائك، الهي ان اغرب لبي عن تقويم ما
يصلحني فما غرب ابقائي بنظرك فيما ينفعني، الهي ان جئتك ملهوفا
وقد آيستني عزم فاقتي وإقامتي مع الأذلاء بين يديك ضر حاجتي، الهي
كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك وجدت بالمعروف فاخلطني ببعض
نوالك، الهي أصبحت على باب من أبواب محنتك سائلا وعن التعرض
لسواك بالمسألة عادلا، وليس من شأنك رد سائل ملهوف ومضطر
لانتظار خير منك مألوف، الهي قد أقمت على قنطرة الاخطار
مبلوا بالاعمال والاختبار ان لم تعن عليهما بتخفيف الأثقال والآصار،
الهي امن أهل الشقاء خلقتني فأطيل بكائي؟ أم من أهل السعادة
خلقتني فأبشر رجائي؟ الهي ان حرمتني رؤية محمد - صلى الله عليه
وآله - وصرمت وجه املي بالخيبة في ذلك المقام فغير ذلك منتني نفسي،
يا ذا الجلال والاكرام، والطول والانعام، الهي لو لم تهدني إلى الاسلام
ما اهتديت، ولو لم ترزقني الايمان بك ما آمنت ولو لم تطلق لساني
بدعائك ما دعوت، ولو لم تعرفني حلاوة معرفتك ما عرفت الهي ان
أفقدني التخلف عن السبق مع الأبرار [44] فقد أقامتني الثقة
بك على مدارج الأخيار، الهي قلب حشوته من محبتك في دار الدنيا
كيف تسلط عليك نار الحرقة في لظى، الهي كل مكروب إليك
يلتجي، وكل محروم لك يرتجي، الهي سمع العابدون بجزيل ثوابك
فخشعوا، وسمع الزالون عن القصد بجودك فرجعوا، وسمع
المذنبون بسعة رحمتك فتمتعوا، وسمع المجرمون بكرم عفوك فطمعوا
حين ازدحمت عصائب العصاة من عبادك، وعج إليك منهم عجيج
الضجيج بالدعاء في بلادك، ولكل امل ساقه صاحبه إليك
64

حاجة، وأنت المسؤول الذي لا تسود إليه وجوه المطالب فصل على
محمد وآل محمد وافعل بي ما أنت أهله انك سميع الدعاء ".
ثم أخفت - عليه السلام - دعاءه، وسجد وعفر ثم قال: العفو
العفة - مائة مرة - وقام فخرج واتبعته حتى خرج إلى الصحراء فخط لي
خطة وقال: إياك ان تجاوز هذه الخطة، ومضى عني، وكانت ليلة
مدلهمة فقلت: يا نفسي أسلمت مولاك وله أعداء كثير اي عذر يكون
لك عند الله، وعند رسوله ان أصيب والله لأقفون أثره، ولأعلمن
خبره، وان كنت قد خالفت امره، وجعلت اتبع اثره فوجدته - عليه
السلام - مطلعا في بئر إلى نصفه يخاطب البئر والبئر تخاطبه، فحس
بي، فالتفت إلي وقال: من؟
قلت: ميثم، فقال: ألم آمرك ان لا تتجاوز الخطة! قلت: بلى
يا مولاي ولكن خشيت عليك من الأعداء، فلم يصبر لذلك قلبي،
فقال: أسمعت، فما قلت شيئا. قلت: لا يا مولاي فقال (يا ميثم:
وفي الصدر لبانات إذا ذاق بها صدري
نكت الأرض بالكف وأبديت لها سري
فمهما تنبت الأرض فذاك النبت من بذري
65

باب القول والعمل عند ورود الكوفة
إذا وردت الكوفة فاخلع ثياب سفرك، وانزل واغتسل قبل
دخولها، فإنها حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين، فإذا أردت
المضي إلى المشهد فاغتسل غسل الزيارة، وصفة النية لهذا الغسل ان
تنوي بقلبك " اغتسل لدخول الكوفة مندوبا قربة إلى الله تعالى " وقل.
وأنت تغتسل:
" بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله - صلى الله
عليه وآله - اللهم صل على محمد وآل محمد وطهر قلبي وزك عملي ونور
بصري، واجعل غسلي هذا طهورا وحرزا وشفاءا من كل داء وسقم
وآفة وعاهة ومن شر ما أحاذر انك على كل شئ قدير، اللهم صل
على محمد وآل محمد واغسلني من الذنوب كلها، والآثام والخطايا،
وطهر جسمي وقلبي من كل آفة يمحق بها ديني واجعل عملي خالصا
لوجهك يا ارحم الراحمين. اللهم صل على محمد وآل محمد، واجعله
شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي انك على كل شئ قدير " واقرأ: انا
أنزلناه في ليلة القدر.. فإذا فرغت من الغسل فالبس ما طهر من
67

ثيابك، وامش على سكينة ووقار فإذا دخلت الكوفة فقل: " بسم الله
وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله - صلى الله عليه وآله - اللهم
أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " ثم صلي تحية المسجد مندوبا،
ثم امش وأنت تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر "
ما استطعت. وادخل إلى [45] مشهد يونس النبي (1) - عليه

(1) هو مشهد النبي يونس بن متى - عليه السلام - وهذا من المشاهد المقدسة في الكوفة حيث
ورد في كثير من الكتب ان النبي يونس (ع) قد دفن في هذا الموضع، وورد هذا في حديث للإمام علي
(ع) عن مسجد الحمراء الذي هو بجانب المشهد.
وهذا المشهد الجليل مع الأسف لم يقدره الناس - مع الأسف - تقديره الذي يستحقه
بسبب خمول ذكر المصادر الموثوقة التي تشير إليه ولهذا فقد قمنا بدراسته ضمن بحث كبير عن النبي
يونس ذو النون (ع) وظهر لنا خلال التحري انه من المشاهد القديمة وذكره ورد منذ الإمام علي
(ع)، ومن قدامي الرحالة الذين زاروه السائح الهروي، قال (وهو بالنخيلة) وابن المستوفي
(قال وهو بالطريق الشرقي من الكوفة). كما أسس عند هذا المشهد سنة 479 ه‍ مدرسة دينية
على المذهب الحنفي أسسها أحد القادة الأتراك واجري لأساتذتها وطلابها جرايات من المال، وذكر
المشهد القرماني وغيره.
وهناك الكثير من الأضرحة التي تنسب للنبي يونس أشهرها الذي يقع فوق تل توبة في
نينوى، وقد جدد هذا الضريح في فترات متباينة، ووسعه واتخذه جامعا جلال الدين الختني، وفيه
محاريب جميلة من الرخام، كما أن قبة الحضرة من أجمل القباب المزينة بزخارف جبسية، ويقصده
أهل الموصل للصلاة ولزيارة قبر النبي يونس (ع).
وفي قرية حلحول في فلسطين قبر ليونس، وفي بلدة كفر كنا مقام ليونس (ع) وهي في
فلسطين أيضا، وفي بلط قرب نصيبين، فوق الموصل قيل سميت بلط لان الحوت ابتلعت يونس
هناك، وبين بيروت وصيداء (خان بني يونس) يعتقد المسيحيون ان فيه نجا يونس من الموت الخ.
" التفاصيل في كتابنا: يونس ذو النون ".
وموقع المشهد الحالي بالكوفة على شاطئ الفرات وبجانبه مسجد الحمراء - القديم -
وللمسجد منارة جميلة العمارة حديثة البناء، وعمارة المشهد والمسجد تشكو الاهمال والخراب منذ
فترة
68

السلام - فزره بهذه الزيارة: " السلام على أولياء الله وأصفيائه،
السلام على أمناء الله وأحبائه، السلام على أنصار الله وخلفائه،
السلام على محل معرفة الله، السلام على معادن حكمة الله وأحبائه،
السلام على عباد الله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره
يعملون، السلام على مظاهر أمر الله ونهيه، السلام على الادلاء على
الله، السلام على المستقرين في مرضاة الله، السلام على الممحصين في
طاعة الله، ومن عرفهم فقد عرف الله، ومن جهلهم فقد جهل الله،
ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ومن تخلى عنهم فقد تخلى عن الله،
اشهد اني حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم، مؤمن بما آمنتم،
كافر بما كفرتم به، محقق لما حققتم، مبطل لما أبطلتم، مؤمن بسركم
وعلانيتكم، مفوض في ذلك كله إليكم، لعن الله عدوكم من الجن والإنس
" ثم قبل التربة وصل ركعتين تحية للمسجد، وركعتين
للزيارة، وادع لنفسك ولمن أحببت ويستحب ان تدعو بالدعاء الذي
دعا به زين العابدين علي بن الحسين - عليه السلام - عنده ويسمى
دعاء الاستقالة وهو:
" يا من برحمته يستغيث المذنبون، ويا من إلى ذكر احسانه يفزع
المضطرون، ويا انس كل مستوحش غريب، ويا فرج كل محزون
كئيب، ويا عون كل مخذول فريد، وعضد كل محتاج طريد، أنت
الذي وسعت كل شئ رحمة وعلما، وجعلت لكل مخلوق في نعمك
سهما، وأنت الذي عفوه انساني عقابه، وأنت الذي تسعى رحمته امام
غضبه، وأنت الذي عطاؤه أكثر من منعه، وأنت الذي لا يرغب في
جزاء من أعطاه، وأنت الذي لا يفرط في عقاب من عصاه، وانا
69

عبدك الذي أوقرت الخطايا ظهره، وانا الذي أفنت الذنوب عمره،
وانا الذي بجهله عصاك ولم تكن اهلا لذاك، فهل أنت يا الهي راحم
من دعاك فأبلغ في الدعاء أم أنت غافر لمن بكي إليك فأسرع في
البكاء، أم أنت متجاوز عمن عفر لك وجهه تذللا أم أنت مغن في
شكا إليك فقره توكلا، الهي لا تخيب من لم يجد مطلبا غيرك ولا تخذل
من لا يستغني عنك بأحد دونك، الهي صل على محمد وآل محمد، ولا
تعرض عني وقد أقبلت عليك، ولا تحرمني وقد رغبت إليك، ولا
تخيبني بالرد وقد انتصبت بين يديك، أنت وصفت نفسك بالرحمة
فصل على محمد وآل محمد، واعف عني فقد ترى يا الهي فيض دمعي
من خيفتك، ووجيب قلبي من خشيتك، وانتقاص جوارحي من
هيبتك. ".
70

ذكر العمل بالمسجد الجامع بالكوفة
إذا اتيته فقف على الباب المعروف (بباب الفيل (1)) فإنه روي
عن مولانا أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - أنه قال: ادخل إلى جامع
الكوفة من الباب الأعظم فإنه روضة من رياض الجنة، ثم إذا أردت
الدخول فقل: - " السلام على رسول الله، السلام على أمير المؤمنين
ورحمة الله وبركاته [46] ومنتهى مشاهده وموضع مجلسه، ومقام
حكمته، وآثار آبائه آدم ونوح وإبراهيم وإسماعيل، وتبيان بيانه،
السلام على الامام الحليم الصديق الأكبر الأعظم القائم بالقسط الذي
فرق بين الحق والباطل، والشرك والتوحيد، والكفر والايمان،
ليهلك من هلك عن بينة، ويحى من حي عن بنية، اشهد يا أمير
المؤمنين وخاصة المنتجبين، وزين الصديقين، وصابر الممتحنين انك

(1) هي الباب الرئيسة لجامع الكوفة، كانت تعرف باسم (باب الثعبان) نسبة إلى معجزة للإمام علي
(ع) ذكرها ابن شهرآشوب في (المناقب 2 / 134) وابن عبد الوهاب في (عيون المعجزات /
13).
ثم عرفت الباب بباب الفيل وهناك عدة تفسيرات لهذه التسمية راجع فتوح البلدان / 352 -
353، وتاريخ الطبري 5 / 180. وما تزال هذه الباب هي الباب الرئيسة للمسجد.
71

حكم الله في ارضه وباب حكمته، وعاقد عهده، والناطق بوعده،
والواصل بينه وبين عباده، وكهف النجاة، ومنهاج التقى، والدرجة
العليا، ومهيمن القاضي الاعلى، يا أمير المؤمنين بك أتقرب إلى الله
زلفى وأنت وليي وسيدي ووسيلتي في الدنيا والآخرة. " ثم (ادخل
المسجد) وقل: " الله أكبر الله أكبر هذا مقام العائذ بالله وبمحمد
وبولاية أمير المؤمنين والأئمة المهديين الصادقين الناطقين الراشدين
الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، رضيت بهم أئمة
وهداة وموالي، وسلمت لأمر الله لا أشرك به شيئا ولا اتخذ مع الله
وليا، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، حسبي الله وأولياء
الله. اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله - صلى الله عليه وآله - وان عليا والأئمة المهديين من
ذريته - عليهم السلام - أوليائي وحجة الله على خلقه. "
ثم تصير إلى الرابعة مما يلي الأنماط تصير إلى الأسطوانة بمقدار
سبعة أذرع أقل أو أكثر فقد روي عن مولانا (الصادق) جعفر بن
محمد. عليهما السلام - انه جاء في أيام السفاح حتى دخل من باب
الفيل فتياسر قليلا ثم دخل فصلى عند الأسطوانة الرابعة وهي بحذاء
الخامسة فقيل له في ذلك، فقال: تلك (أسطوانة إبراهيم) (ع).
فإذا صرت عندها فصل أربع ركعات وقل:
" السلام على عباد الله الصالحين الراشدين الذين اذهب الله عنهم
الرجس وجعلهم أنبياء مرسلين، وحجة على الخلق أجمعين، وسلام
على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ذلك تقدير العزيز العليم " ثم
72

قل " نحن على وصيتك يا ولي المؤمنين التي أوصيت بها ذريتك من
المرسلين والصديقين، نحن من شيعتك وشيعة نبيك ونبينا محمد -
عليه الصلاة والسلام - وعليك وعلى جميع المرسلين والأنبياء
والصديقين، وعلى ملة إبراهيم ودين محمد النبي الأمي والأئمة
المهتدين، وولاية علي أمير المؤمنين، السلام على البشير النذير
وصلوات الله ورحمته ورضوانه وبركاته وعلى وصيته وخليفته وحجته
الشاهد لله على خلقه علي أمير المؤمنين الصديق الأكبر والفاروق
الأعظم المبين الذي اخذت بيعته على العالمين وعلى ذريته الأئمة
الميامين، ورضيت بهم أولياء وموالي وحكاما في نفسي وولدي وأهلي
ومالي وقسمي حلي وحرامي واسلامي وديني ودنياي وآخرتي ومحياي
ومماتي، أنتم الحكمة في الكتاب وفضل المقام وفصل الخطاب، وعين
الحي الذي لا ينام وأنتم حكم الله وبكم عرف حق الله [47] لا إله إلا الله
وأنتم نور الله من بين أيدينا ومن خلفنا أنتم سنة الله التي يسبق
بها القضاء يا أمير المؤمنين انا لك مسلم تسليما وعليك مهيمن سلما لا
أشرك بالله ربا ولا اتخذ وليا والحمد لله الذي هداني بكم وما كنت
اهتدي لولا أن هداني الله والحمد لله على ما هداني " ثم صل في صحن
المسجد أربع ركعات للحوائج ركعتين بالحمد وقل هو الله أحد،
وركعتين بالحمد، وانا أنزلناه. فإذا فرغت فسبح تسبيح الزهراء -
عليها السلام - فقد روي عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال
لبعض أصحابه: يا فلان اما تغدو في الحاجة، اما تمر في المسجد
الأعظم عندكم بالكوفة؟ قال: بلى، قال: فصلى فيه أربع ركعات،
وقل: " الهي ان كنت عصيتك فاني أطعتك في أحب الأشياء إليك، لم
73

اتخذ لك ولدا، ولم ادع لك شريكا، وقد عصيتك في أشياء كثيرة على
غير المكابرة لك والا الاستكبار عن عبادتك ولا الجحود لربوبيتك، ولا
الخروج عن العبودية لك ولكن اتبعت هواي، وأزلني شيطاني بعد
الحجة والبيان، فان تعذبني فبذنوبي غير ظالم، وان تعف عني وترحمني
فبجودك وكرمك يا كريم وقل أيضا: " غدوت بحول الله وبركة
أهله، وأسألك ان ترزقني رزقا حلالا طيبا تسوقه إلي بحولك وقوتك
وانا خافض في عافيتك " ثم صل وادع عند الثالثة مما يلي (باب
كندة (2))، وهي (لزين العابدين) علي بن الحسين - عليهما السلام -
وهي بعد ثلاث أساطين عن باب كندة، صر في آخرها مما يلي القبلة
وصل ركعتين وقل:
" بسم الله الرحمن الرحيم، ان ذنوبي قد كثرت ولم يبق الا رجاء
عفوك وقد قدمت آلة الحرمان فأسألك مالا استوجبه عليك، اللهم ان
تعذبني فبذنوبي لم تظلمني شيئا وان تغفر لي فخير راحم أنت يا سيدي،
اللهم أنت أنت، وانا انا، أنت العواد بالمغفرة، وانا العواد
بالذنوب، وأنت المتفضل بالحلم، وانا العواد بالجهل، فاني أسألك يا
كنز الضعفاء، ويا عظيم الرجاء، ويا منقد الغرقى، يا منجي الهلكى،
يا مميت الاحياء، يا محي الموتى، أنت الله لا إله إلا أنت، سجد لله شعاع
الشمس، ودوي الماء، ونور القمر، وظلمة الليل، وضوء النهار،
وخفقان الطير، فأسألك اللهم يا عظيم بحقك على محمد وبحق محمد

(2) تقع هذه الباب في أقصى الضلع الغربي، وما يزال اثرها شاخصا لمن أراد ان يراها في هذا
الموضع من خارج المسجد، ومقولة المشهدي هنا تؤكد على أن هذا الباب هي باب كندة لما ذكر بأنها
تقارب إلى مقام زين العابدين إذ ما يزال الامر كذلك.
74

عليك وبحقك على علي وبحق علي عليك، وبحقك على فاطمة وبحق
فاطمة عليك، وبحقك على الحسن وبحق الحسن عليك، وبحقك
على الحسين وبحق الحسين عليك، فان حقوقهم من أفضل انعامك
عليهم، وبالشأن الذي لهم عندك،
صل يا رب عليهم صلاة دائمة منتهى رضاك واغفر لي الذنوب التي
بيني وبينك وأتم نعمتك علي كما أتممتها على آبائي من قبل ولا تجعل
[48] لاحد من المخلوقين علي امتنانا وامنن علي كما مننت على آبائي
من قبل، يا كهيعص اللهم صل على محمد وآل محمد، واستجب
لي دعائي فيما سألتك ". ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل: " يا
سيدي يا سيدي، صل على محمد وآل محمد، واغفر لي واغفر لي "
وأكثر من قولك ذلك مهما أمكنك، واخشع وابك وكذلك قل في الخد
الأيسر وفي السجود الأخير، ثم صل وادع عند الأسطوانة الخامسة
فقد روي عن مولانا أبي عبد الله الصادق - عليه السلام - أنه قال لبعض
أصحابه: يا فلان إذا دخلت المسجد من الباب الثاني عن ميمنة
المسجد فعد خمس أساطين، اثنتين منها في الظلال وثلاثا منها في صحن
الحائط وصل هناك فعند الثالثة (مصلى إبراهيم) (ع) وهي الخامسة
من المسجد ركعتين وقل:
" السلام على أبينا آدم، وامنا حواء، السلام على هابيل المقتول
ظلما وعدوانا السلام على مواهب الله ورضوانه، السلام على شيت
صفوة الله المختار الأمين، وعلى الصفوة الصادقين من ذريته الطيبين
أولهم وآخرهم، السلام على إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب وعلى
ذريتهم المختارين، السلام على موسى كليم الله، السلام على عيسى
75

روح الله، السلام على محمد حبيب الله، السلام على المصطفى من
العالمين، السلام على أمير المؤمنين وذريته الطيبين الطاهرين ورحمة الله
وبركاته، السلام عليك في الأولين، السلام عليك في الآخرين،
السلام على فاطمة الزهراء، السلام على الرقيب الشاهد على الأمم لله
رب العالمين، اللهم صل على محمد وآله، واكتبني عندك من
المقبولين، واجعلني من الفائزين المطمئنين الذين لا خوف عليهم ولا
هم يحزنون ".
ثم صل عند السابعة وادع فيها فالاسناد مرفوعا إلى أبي حمزة
الثمالي (3) - رحمة الله عليه - قال: بينا انا قاعد يوما في المسجد إذا
برجل قد دخل مما يلي أبواب كندة فنظرت إلى أحسن الناس وجها
وأطيبهم ريحا وأنظفهم ثوبا وهو معمم بلا طيلسان ولا ازار عليه قميص
ودراعة وعمامة، وفي رجليه نعلان عربيان فخلع نعليه ثم قام عند
السابعة ورفع مسبحته حتى بلغتا شحمتي اذنيه ثم أرسلها بالتكبير فلم
تبق في بدني شعرة الا وقفت ثم صلى أربع ركعات أحسن ركوعهن
وسجودهن ثم قال:

(3) أبو حمزة الثمالي، وقع ذكره في أكثر من سند بهذا الكتاب، وهو ثابت بن دينار وكنية دينار أبو
صفية، قيل إنه مولى لآل المهلب بن أبي صفرة، وكان ثابت ثقة، فقيه، محدث وأولاده نوح،
ومنصور، وحمزة قتلوا مع زيد الشهيد (رض) وعنه رويت رسالة الحقوق للامام زين العابدين،
وقد لقي ثابت الإمام زين العابدين وأبا جعفر وأبا عبد الله وأبا الحسن (ع) وسمعهم.
توفي سنة 150 ه‍ وترجمته في رجال الكشي / 81 - 265.
الفهرست للطوسي / 138. معالم العلماء / 156. جامع المقال للطريحي / 57 رجال العلوم
1 / 258 - 263. تهذيب التهذيب 2 / 7 - 8 الفهرست لابن نديم / 50 مصر 1348 ه‍. تاريخ
البخاري / 3073.
76

" الهي ان كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحب الأشياء
إليك. الايمان بك منا منك به علي، لا منا مني به عليك، لم اتخذ لك
ولدا، ولم ادع لك شريكا، وقد عصيتك على غير وجه المكابرة، ولا
الخروج من عبوديتك ولا الجحود بربوبيتك، ولكن اتبعت هواي
وأزلني الشيطان بعد الحجة والبيان، فان تعذبني فبذنوبي غير ظالم،
وان تعف عني فبجودك وكرمك يا كريم. ثم خر ساجدا يقولها حتى
انقطع نفسه، ثم قال عند سجوده " يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي
الصدور، يا من انزل العذاب على قوم يونس وهو يريد ان يعذبهم
وتضرعوا إليه فكشف عنهم العذاب، ومتعهم إلى حين، قد ترى
مكاني وتسمع [49] كلامي وتعلم حاجتي فاكفني ما أهمني من أمر
ديني ودنياي وآخرتي يا سيدي يا سيدي - سبعين مرة - " ثم رفع رأسه
فتأملته فإذا هو مولاي (زين العابدين) علي بن الحسين - عليهما
السلام - فانكببت على يديه أقبلهما فنزع يديه مني وأومأ إلي بالسكوت،
فقلت: يا مولاي انا من عرفته في ولائكم فما الذي أقدمك إلى هنا؟
فقال: هو ما رأيت. ثم صل عند باب أمير المؤمنين - عليه السلام -
ركعتين للحاجة وقل:
" اللهم إني حللت بساحتك لعلمي بوحدانيتك، وحمدانيتك
وانه لا قادر على قضاء حاجتي غيرك وقد علمت يا رب انه كلما شاهدت
نعمتك علي اشتدت فاقتي إليك، وقد طرقني يا رب من مهم أمري ما
قد عرفته لأنك عالم غير معلم فأسألك بالاسم الذي وضعته على
السماوات فانشقت وعلى الأرض فانبسطت وعلى النجوم فانتشرت
وعلى الجبال فاستقرت، وأسألك بالاسم الذي جعلته عند محمد وعند
77

علي وعند الحسن وعند الحسين، وعند الأئمة كلهم - صلوات الله
عليهم أجمعين - ان تصلي على محمد وآل محمد وان تقضي لي يا رب
حاجتي وتيسر لي عسيرها وتكفيني مهمها، وتفتح لي مقفلها فان فعلت
فلك الحمد، وان لم تفعل فلك الحمد غير جائر في حكمك ولا حائف
في عدلك، ثم تبسط خدك الأيمن على الأرض وتقول: " اللهم ان
يونس بن متى عبدك ونبيك دعاك في بطن الحوت فاستجبت له، وانا
أدعوك فاستجب لي بحق محمد وآل محمد " ثم تدعو بما أحببت ثم
تقلب خدك الأيسر وتقول " اللهم انك أمرت بالدعاء وتكفلت
بالإجابة، وانا أدعوك كما امرتني فصل على محمد وآل محمد فأستجب
لي كما وعدتني يا كريم " ثم تعود إلى السجود وتقول: " يا معز كل
ذليل، ويا مذل كل عزيز، تعلم كربتي، فصل على محمد وآل محمد
وفرج عني يا كريم ".
صلاة أخرى للحاجة هناك أيضا، صل عند باب أمير
المؤمنين - عليه السلام - أربع ركعات وقل: " اللهم إني أسألك يامن
لا تراه العيون، ولا تحيط به الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا
تغيره الحوادث، ولا تفنيه الدهور يعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار
وورق الأشجار، ورمل القفار، وما أضائت له الشمس والقمر واظلم
عليه الليل ووضح به النهار، ولا توارى منك سماء سماء ولا ارض أرضا
ولا جبل ما في أصله، ولا بحر ما في قعره، أسألك ان تصلي على محمد
وآل محمد وان تجعل خير أمري آخره، وخير أعمالي خواتيمها، وخير
أيامي يوم ألقاك انك على كل شئ قدير. اللهم من أرادني بسوء
فارده، ومن كادني فكده، ومن بغاني بهلكة فأهلكه، واكفني ما أهمني
78

ممن ادخل همه علي، اللهم أدخلني في درعك الحصينة، وأسرني بسرك
الواقي، يا من يكفي كل شئ ولا يكفي منه شئ، اكفني ما
أهمني من أمر الدنيا والآخرة وصدق قولي وفعالي يا شفيق يا رفيق فرج
عني المضيق، ولا تحملني ما لا أطيق. اللهم احرسني بعينك التي لا
تنام وارحمني بقدرتك [50] علي يا ارحم الراحمين، يا علي يا عظيم،
أنت عالم بحاجتي، وعلى قضائها قدير وهي لديك يسيرة وانا إليها فقير
فمن بها علي يا كريم انك على كل شئ قدير " ثم اسجد وقل: " الهي
قد علمت حوائجي فصل على محمد وآل محمد واقضها وقد أحصيت
ذنوبي فصل على محمد وآل محمد واغفرها لي يا كريم " ثم اقلب خدك
الأيمن وقل: " ان كنت بئس العبد فأنت نعم الرب، فافعل بي ما أنت
أهله ولا تفعل بي ما انا أهله يا ارحم الراحمين " ثم اقلب خدك الأيسر
وقل: " الهي، ان عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك يا
كريم " ثم عد إلى السجود وقل: " ارحم من أساء واقترف، واستكان
واعترف ".
صلاة أخرى في مصلى أمير المؤمنين أيضا ودعاء:
صل ركعتين في مصلاه (1) - عليه السلام - وقل: " يا من
أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر
والسريرة، يا عظيم العفو يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا

(1) اعتقد ان مصلى الإمام (ع) هو في نفس المحراب المعروف الان بمحراب أمير المؤمنين في وسط
الضلع القبلي لجامع الكوفة اما المحراب الذي من يمينه فهو الموضع الذي ضرب فيه الإمام (ع) والمشهد
شيد أصلا لهذا الامر
79

باسط اليدين بالرحمة يا صاحب كل نجوى، ومنتهى كل شكوى، يا
كريم الصفح، يا عظيم المن والرجاء يا سيدي صل على محمد وآل
محمد، وافعل بي ما أنت أهله يا كريم " وقل: " الهي قد مد المذنب
الخاطئ إليك يديه لحسن ظنه بك، الهي قد جلس المسئ بين يديك
مقرا لك بسوء عمله، راجيا لما يديك فلا تخيبه برحمتك من فضلك،
الهي قد جلس العائد إلى المعاصي بين يديك خائفا من يوم تجثو فيه
الخلائق بين يديك، الهي قد جاءك العبد الخاطئ فزعا مشفقا ورفع
إليك طرفه حذرا راجيا وفاضت عبرته مستغفرا نادما، الهي فصل على
محمد وآل محمد، واغفر لي برحمتك يا خير الغافرين " ثم قل داعيا
بمناجاة أمير المؤمنين - عليه السلام -.
" اللهم إني أسألك الأمان يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى
الله بقلب سليم، وأسألك الأمان يوم يعض الظالم على يديه يقول:
يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، وأسألك الأمان يوم يعرف
المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام، وأسألك الأمان يوم
لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار، وأسألك
الأمان يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله وأسألك الأمان
يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه وفصيلته التي تؤويه،
ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا انها لظى نزاعة للشوى، مولاي
يا مولاي أنت المولى وانا العبد وهل يرحم العبد الا المولى،
مولاي يا مولاي أنت المالك وانا المملوك وهل يرحم المملوك الا
المالك، مولاي يا مولاي أنت العزيز وانا الذليل وهل يرحم
الذليل الا العزيز، مولاي يا مولاي أنت الخالق وانا المخلوق
80

وهل يرحم المخلوق الا الخالق، مولاي يا مولاي أنت العظيم وانا
الحقير وهل يرحم الحقير الا العظيم، مولاي يا مولاي أنت القوي وانا
[51] الضعيف وهل يرحم الضعيف الا القوي، مولاي يا مولاي أنت
الغني وانا الفقير وهل يرحم الفقير الا الغني، مولاي يا مولاي أنت المعطي
وانا السائل وهل يرحم السائل الا المعطي، مولاي يا مولاي أنت الحي وانا
الميت وهل يرحم الميت الا الحي، مولاي يا مولاي أنت الباقي وانا الفاني
وهل يرحم الفاني الا الباقي، مولاي يا مولاي أنت الدائم وانا الزائل وهل
يرحم الزائل الا الدائم، مولاي يا مولاي أنت الرازق وانا المرزوق وهل
يرحم المرزوق الا الرازق، مولاي يا مولاي أنت الجواد وانا البخيل وهل
يرحم البخيل الا الجواد، مولاي يا مولاي أنت المعافى وانا المبتلى وهل
يرحم المبتلى الا المعافى، مولاي يا مولاي أنت الكبير وانا الصغير وهل
يرحم الصغير الا الكبير، مولاي يا مولاي أنت الهادي وانا الضال وهل
يرحم الضال الا الهادي، مولاي يا مولاي أنت الراحم وانا المرحوم وهل
يرحم المرحوم الا الراحم، مولاي يا مولاي أنت السلطان وانا الممتحن
وهل يرحم الممتحن الا السلطان، مولاي يا مولاي أنت الدليل وانا المتحير
وهل يرحم المتحير الا الدليل، مولاي يا مولاي أنت الغفور وانا المذنب
وهل يرحم المذنب الا الغفور، مولاي يا مولاي أنت الغالب وانا
المغلوب، وهل يرحم المغلوب الا الغالب، مولاي يا مولاي أنت الرب
وانا المربوب وهل يرحم المربوب الا الرب، مولاي يا مولاي أنت المتكبر
وانا الخاشع وهل يرحم الخاشع الا المتكبر، مولاي يا مولاي ارحمني
برحمتك، وارض عني بجودك وكرمك وفضلك، يا ذا الجود والاحسان
والطول والامتنان برحمتك يا ارحم الراحمين ".
81

ثم صل في (دكة الصادق) (1) - عليه السلام - ركعتين وادع بعدها
فقل:
" يا صانع كل مصنوع، ويا جابر كل كسير ويا حاضر كل بلاء، يا
شاهد كل نجوى، يا عالم كل خفية، يا شاهد كل غائب، وغالب كل
مغلوب، ويا قريبا غير بعيد، ويا مؤنس كل وحيد، ويا حي حين لا حي
غيره، ويا محي الموتى، ومميت الاحياء، القائم على كل نفس بما كسبت،
صل على محمد وآله " وادع بما أحببت. ثم صل ركعتين في دكة القضاء
وقل:
" يا مالكي ومتملكي ومتغمدي بالنعم الجسام بغير استحقاق،
وجهي خاضع لما تعلوه الاقدام لجلال وجهك الكريم لا تجعل هذه الضغطة
ولا هذه المحنة متصلة باستئصال الشأفة، وامنحني من فضلك ما لم تمنح به
أحدا من غير مسألة انك القديم الذي لم يزل ولا يزال، صل على محمد وآل
محمد وافعل بي ما أنت أهله ".
(زيارة مسلم بن عقيل) (6) - عليه السلام -: قف على بابه وقل:

(1) تقع الان بجانب كليدارية المسجد وراء الضلع المتاخم لمشهد مسلم بن عقيل (ع).
(2) مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، تابعي من ذوي الرأي والعلم
والشجاعة، كان مقيما بمكة، وانتدبه الحسين (السبط) ليتعرف له حال أهل الكوفة حين وردت عليه
كتبهم يدعونه ويبايعون له، فرحل مسلم إلى الكوفة فاخذ بيعة (الآلاف) من أهلها وكتب للحسين
بذلك، فشعر بذلك عبيد الله بن زياد (أمير الكوفة) فطلبه، فمنعه الناس، ثم تفرقوا عنه، ولم يلبث
ان عرف مكانه فقبض عليه (واستشهد رضوان الله عليه). [عن الاعلام 7 / 222 ط 4 (1979)]
ومن خيرة الكتب التي ظهرت عن الشهيد مسلم ما كتبه السيد عبد الرزاق المقرم وقد طبع كتابه في
النجف.
وقبر مسلم من أهم المراقد المقدسة في الكوفة اليوم يقصده الناس من مختلف البقاع الاسلامية.
وعمارته تجدد بين حين وآخر ومن عماراته الشهيرة العمارة التي شيدت في الدور الايلخاني (وصفها
الرحالة ينبور - القرن الثامن عشر الميلادي). والعمارة الحالية بديعة الهيأة جميلة بنقوشها وزخارفها
وعناصرها المعمارية.
82

" سلام الله وسلام ملائكته المقربين، وأنبيائه المرسلين، وعباده
الصالحين، وجميع الشهداء والصديقين، والزاكيات الطيبات فيما تغتدي
وتروح عليك يا مسلم بن عقيل اشهد لك [52] بالتسليم ولتصديق
والوفاء والنصيحة لخلف النبي المرسل - صلى الله عليه وآله - والسبط
المنتجب والدليل العالم والوصي المبلغ والمظلوم المهتضم فجزاك الله عن
رسوله وعن أمير المؤمنين، وعن فاطمة، والحسن، والحسين - عليهم
السلام - أفضل الجزاء، بما صبرت واحتسبت وأعنت فنعم عقبى الدار
فلعن الله من خذلك وغشك، اشهد انك قتلت مظلوما وان الله منجز لكم
ما وعدكم، جئتك يا عبد الله وافدا إليكم وقلبي مسلم لكم وانا لكم
تابع، ونصرتي لكم معدة حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين فمعكم
معكم لا مع عدوكم اني بكم وبآبائكم من المؤمنين وبمن خالفكم وقتلكم
من الكافرين، قتل الله أمة قتلتكم بالأيدي والألسن " ثم ادخل وانكب
على القبر وقل: " السلام عليك أيها العبد الصالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين
والحسن والحسين - صلى الله عليهم وسلم - السلام عليك ورحمة الله
وبركاته ومغفرته ورضوانه وعلى روحك وبدنك، اشهد واشهد الله انك
مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله،
المناصحون في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذابون عن
83

أحبائه، فجزاك الله أفضل الجزاء، وأوفر جزاء أحد ممن وفى ببيعته
واستجاب له دعوته، وأطاع ولاة امره، واشهد انك قد بالغت في
النصيحة، وأعطيت غاية المجهود، فبعثك الله في الشهداء وجعل روحك
مع أرواح السعداء، وأعطاك من جنانه أفسحها منزلا، وأفضلها غرفا،
ورفع ذكرك في عليين، وحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اشهد انك لم تهن ولم تنكل وانك
مضيت على بصيرة من امرك، مقتديا بالصالحين ومتبعا للنبيين فجمع الله
بيننا وبينكم وبين رسوله وأوليائه في منازل المخبتين إنه أرحم الراحمين ".
ثم انحرف إلى عند الرأس فصل ركعتين وصل بعدهما ما بدا لك
وسبح وادع بما أجبت وقل: " اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تدع
لي ذنبا الا غفرته، ولا هما الا فرجته، ولا مرضا الا شفيته، ولا عيبا الا
سترته، ولا شملا الا جمعته، ولا غائبا الا حفظته وأدنيته، ولا عريا الا
كسوته، ولا رزقا الا بسطته، ولا خوفا الا آمنته، ولا حاجة من حوائج
الدنيا والآخرة لك فيها رضا ولي فيها صلاح الا قضيتها يا ارحم
الراحمين ".
فإذا أردت وداعه فقف عليه كوقوفك الأول وقل:
" استودعك الله واسترعيك واقرأ عليك السلام. آمنا بالله
وبرسوله - بكتابه وبما جاء من عند الله فاكتبنا مع الشاهدين، اللهم ولا
تجعله آخر العهد في زيارة قبر ابن عم نبيك - صلى الله عليه وآله - وارزقني
زيارته أبدا ما أبقيتني احشرني معه ومع آبائه في الجنان وعرف بيني وبينه وبين
رسولك وأوليائك. اللهم صل على محمد وآل محمد وتوفني على الايمان بك
84

والتصديق برسولك والولاية لعلي بن أبي طالب والأئمة - عليهم
السلام - " [53] وأكثر من الدعاء بما شئت واخرج في دعة الله.
(زيارة هانئ بن عروة) (7) - رضي الله عنه -: قف على قبره وسلم
على رسول الله - صلى الله عليه وآله - وقل:
سلام الله العظيم وصلواته عليك يا هاني بن عروة، السلام عليك أيها
العبد الصالح الناصح لله ولرسوله ولأمير المؤمنين، ولفاطمة،
وللحسن، والحسين - عليهم السلام - اشهد انك قتلت مظلوما، فلعن
الله من قتلك واستحل دمك وحشا الله قبورهم نارا، اشهد انك لقيت الله
وهو راض عنك بما بلغت ونصحت له ولرسوله فبلغك الله درجة الشهداء
وجعل روحك مع أرواح السعداء، بما نصحت لله مجتهدا، وصلت
85

نفسك في ذات الله ومرضاته فرحمك الله ورضى عنك وحشرك مع محمد وآله
الطاهرين - صلوات الله عليهم أجمعين - وجمعنا وإياك معهم في دار جنات
النعيم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ثم صل عنده ما بدا لك.
(6) مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم،
تابعي من ذوي الرأي والعلم والشجاعة، كان مقيما بمكة، وانتدبه
الحسين (السبط) ليتعرف له حال أهل الكوفة حين وردت عليه
كتبهم يدعونه ويبايعون له، فرحل مسلم إلى الكوفة فأخذ بيعة
(الآلاف) من أهلها وكتب للحسين بذلك، فشعر بذلك عبيد الله
بن زياد (أمير الكوفة) فطلبه، فمنعه الناس، ثم تفرقوا عنه، ولم
يلبث ان عرف مكانه فقبض عليه (واستشهد رضوان الله عليه)
[عن الاعلام 7 / 222 ط 4 (1979)] ومن خيرة الكتب التي
ظهرت عن الشهيد مسلم ما كتبه السيد عبد الرزاق المقرم وقد طبع
كتابه في النجف.
وقبر مسلم من أهم المراقد المقدسة في الكوفة اليوم يقصده
الناس من مختلف البقاع الاسلامية. وعمارته تجدد بين حين وآخر
ومن عماراته الشهيرة العمارة التي شيدت في الدور الايلخاني
(وصفها الرحالة نيبور - القرن الثامن عشر الميلادي). والعمارة
الحالية بديعة الهيأة جميلة بنقوشها وزخارفها وعناصرها المعمارية.
(7) هانئ بن عروة بن نمران بن عمر... المرادي المذحجي،
من زعماء الكوفة المشهورين، أدرك النبي (ص) وتشرف بصحبته.
ثم إنه كان من خواص أصحاب الإمام علي (ع) في الكوفة، وشهد
86

معه (صفين) وكان يركب هاني في أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف
راجل من قبيلته. انتصر لمسلم بن عقيل (ع) ودافع عنه فقتله عبيد
الله بن زياد مع الشهيد مسلم (ع) بالكوفة وبها دفنوا سنة
(60 ه‍ / 780 م).
راجع تاريخ الطبري ج 5 (مواقع متفرقة) مروج الذهب
3 / 69 ط 2 مصر 1367، الإصابة / 9033. جمهرة انساب
العرب / 406.
الارشاد للمفيد / 230 - 233. تاريخ خليفة بن خياط /
180 - 281 وفيه هاني بن عمرو المرادي نسبه إلى والد جده.
وقبر هاني الان مقابل قبر مسلم بن عقيل (ع) في الصحن
الملحق بجامع الكوفة ولم يشر نيبور إليه في الكتابة المؤرخة 681 ه‍
والتي وصفها في رحلته وقد تواتر علماء المذهب على صحة القبر خلف
عن سلف، ووجد أخيرا في مصر جزء من ضريح خشبي نقل إلى
مصر وقد كتب عليه بأنه صنع خصيصا لقبر هاني (الكوفة) يعود
تاريخه إلى الفترة الفاطمية. (والتفاصيل في كتابنا عن مزارات
الكوفة
[221]
آخر الكتاب
وهذه الزيارات لها مواضع من الزيارات في كل باب ومحال تليق بها فينبغي
ان تترتب عليها ومعها عند الامكان والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيد
87

المرسلين وآله الطاهرين.
(تمت)
وفرغ من استنساخها على نسخة قديمة لم تؤرخ لأنها بليت فأتمها الشيخ
عباس بن محمد رضا القمي للشيخ الفقيه النوري في النجف سنة وفاة النوري
الف وثلاثمائة وعشرين في سادس عشر محرم تلك السنة. أقل العباد ذو المساوي
محمد بن الشيخ طاهر السماوي في النجف ليلة عيد شهر رمضان من سنة الف
وثلاثمائة وخمس وخمسين حامدا مصليا مستغفرا سائلا ممن انتفع بها الدعاء لي
ولوالدي العفو.
88