الكتاب: ذوب النضار
المؤلف: ابن نما الحلي
الجزء:
الوفاة: ٦٤٥
المجموعة: مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام
تحقيق: فارس حسون كريم
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: شوال المكرم ١٤١٦
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

ذوب النضار
في
شرح الثار
تأليف
الشيخ البارع جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله
المعروف بابن نما الحلى
من اعلام القرن السابع
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة
1

ذوب النضار
في شرح الثار
تأليف: الشيخ جعفر بن محمد الحلي (ابن نما)
الموضوع: تاريخ وسيرة
تحقيق: فارس حسون كريم
طبع ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ: شوال المكرم 1416
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي صان دما الشهداء من أن تذهب هدرا، والصلاة
والسلام على أبي القاسم المصطفى الذي تزين به الدهر وكفى به
فخرا، وعلى آله الطاهرين صلاة متواصلة وسلاما تترا، واللعنة
الدائمة على قاتليهم وظالميهم وغاصبي حقوقهم أجمعين إلى قيام
يوم الدين.
وبعد، فان من الوقائع التأريخية التي تطاولتها يد التحريف
والتغيير والتبديل ولم تنقل إلى الأجيال المتلاحقة بتمام أحداثها
وظروفها وملابستها واقعة الطف وما أعقبها من أحداث ومتغيرات،
خصوصا ما يتعلق باحياء أهداف رمز تلك الواقعة أبي الأحرار وسيد
الشهداء الحسين بن علي عليه السلام، فشوهت الوقائع وزورت الحقائق
وأخفيت بعض الأرقام ووضعت أخرى، كل ذلك سعيا من الأعداء
لاطفاء نور الله المتألق من دما سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه
السائلة على رمضاء كربلا.
وشخصية المختار ونهضته لاخذ الثأر من قتلة أهل البيت عليهم السلام
3

لم تسلم من التشويش وإثارة الشبه والتشكيك بمصداقيتها واستقامة
منهجها حتى انطلى ذلك على بعض المؤالفين فضلا عن المخالفين.
الامر الذي دقع بالباحثين من المنصفين والمخلصين إلى الكتابة عن
هذه الشخصية الكريمة وإزالة الغبار عن ناصيتها الغراء.
والكتاب الماثل بين يديك - عزيزي القارئ - واحد من أهم
ما كتب في هذا المضوع، حيث تناول فيه مؤلفه العلامة الخبير الشيخ
ابن نما الحلي رضوان الله تعالى عليه من أعلام القرن السابع الهجري
قصة الثأر وشخصية المختار بالبحث والتنقيب مسلطا الأضواء على
مقدماتها وظروفها ونتائجها ملما بجميع أبعادها وجوانبها. فأوضح
الحق ببيانه وأزهق الباطل ببرهانه، ان الباطل كان زهوقا.
والأهمية هذا المرجع في بابه تبنت المؤسسة طبعه ونشره
شاكرين للأخ الأستاذ فارس حسون دامت توفيقاته مساعيه الحثيثة
وجهوده المخلصة في تحقيق هذا الكتاب ومقابلته مع النسخ
وتخريجه وتقيم متنه وتقطيع نصوصه واخراجه بهذه الحلة القشيبة،
وفقه الله وإيانا للمزيد في احياء تراثنا العريق انه ولي النعمة والتوفيق.
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
4

الاهداء
يامن أدخلت السرور على قلوب أهل بيت العصمة
والطهارة عليهم السلام وأثلجتها...
فكنت أن ت المختار ليوشحوك حلل المجد والثناء، ويطوقوك
قلائد الشكر والدعاء،
أهديك جهدي هذا راجيا أن أكون ووالدي ممن ينال
شفاعة السبط الشهيد الحين بن علي عليهما السلام.
فارس
5

يهنيك يا بطل الهدى والثار * ما قد حويت بمدرك الأوتار
لك عند آل محمد كم من يد * مشكورة جلت على الاكبار
6

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمطر الغيوم السوافك بقدرته، وما دب في البر
والبحر والظلمات الحوالك الا بعلمه، ونحمده أن فتح لنا باب التوبة
التي لم نفدها الا من فضله، ووضع عنا ما لا طاقة لنا به، فلم يكلفنا
الا وسعا، ولم يجشمنا الا يسرا.
والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله، ومفتاح باب جنته،
وذريعة المؤمنين إلى رضوانه، والشهيد على خلقه، والمبلغ عنه
حجج آياته، والقاطع قرائن الضلال بنور هدايته، فجعله على
المشركين ثاقبا، ولنبوة المرسلين خاتما.
وعلى آله المخصوصين بالكرامة والوسيلة، ورثة الأنبياء، دعاته
الداعين إليه، وهداته الدالين عليه، وخاصته الخاصين لديه،
أما بعد، ليس من الغريب أن تنال قضية تاريخية أو ذكرى خالدة
المزيد من اهتمام الباحثين والمتابعين - بين مصوب ومخطئ - مع
أنها قد أكل عليها الدهر وشرب، فلقد أصبحت أمثولة رائعة لم تزل
7

تشعر بحيوية الموقف وواقعيته، انها كانت فئة قليلة صابرة، آمنت
بالله، لم تر الموت الا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما، أمام فئة
كثيرة، تسلحت بالشرك والعصيان والسجود لدنانير ودراهم أضحت
عليهم حمم جحيم في الدنيا قبل الآخرة.
فلا تلكم الفئة القليلة المؤمنة انخذلت وتداعت بوجود كل
المغريات، ورغم الرابطة والنسب الموجودين آنذاك بين طرفي
النزال، بل كانت تزداد طمأنينة ساعة بعد ساعة، سيما وهي تشاطر
رائد الثائرين - على مر التاريخ - ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله موقفه
وخذلان الناس له، فكان الواحد تلو الاخر من صحبه الأبرار يفصح
عن استعداده أنه لو يقتل ويحرق ويذرى في الهواء ويفعل ذلك به
مرارا لم يترك امامه وحيدا، فهو كمن يشاهد جنات النعيم مفتحة
بمصاريعها فليس له هم سوى أن يدخلها قبل الآخرين لينعم بكأس
من سلسبيلها، أو يحظى بجواريها (1).
ولا هذه الفئة الكثيرة الكافرة استطاعت أن تتغلب على
شهواتها، وأن تميل مع الحق لشدة مرارته، وقلة ناصريه، إضافة

(1) قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد: ويحكم أقتلتم ذرية
رسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال: عضضت بالجندل أنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت
علينا عصابة أيديها ف مقابض سيوفها كلا اسود الضارية تحطم الفرسان يمينا
وشمالا، وتلقي أنفسها على الموت لا تقبل الأمان، ولا ترغب في المال، ولا
يحول حائل بينها وبين الورود على حياض الميتة أو الاستيلاء على الملك، فلو
كففنا عنها رويدا لاتت على العسكر بكامله، فما كنا فاعلين لا أم لك.
8

إلى حلاوة ما وعدتها فراعنتها، ولم يكن قد خطر ببالها أن هذه
الوعود زائفة سوف تكون هبأ منثورا، وهي وان تحققت فلم تكن
الدنيا قد بقيت لاحد، ولو بقي عليها أحد لكانت للأنبياء أحق بالبقاء
وأولى بالرضا، غير أن الله خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء،
فجديدها بال، ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، فتمادت في غيها
واصرارها، وآثرت أطمار الذلة وفي ظل الجبابرة.
وكانت نتيجة تكالب ذلك الدجل والنفاق قد زلزلت الأفئدة،
وخيل للناس كأن الشمس قد كسفت، وان النجوم قد غارت
وتناثرت، وان السماء تمطر دما، وهواتف الجن يسمعونها من كل
جانب صارخة: لقد قتلتم ابن نبيكم، واستأصلتم عترة رسولكم،
فانتظروا العذاب والخزي في الدنيا والآخرة.
أما صاحب هذه الذكرى الخالدة فد احتل كل قلب يبتسم للحق
والخير والعدالة ونصرة الضعيف والمظلوم، ويحقد على الظالمين
والطغاة المستبدين والخونة والمنافقين، ويضحي في سبيل الله - تعالى
بنفسه وبكل ما يملك من مال وبنين.
ومهدت له الأرض التي تشرفت بوط قدمه لها مرقدا مباركا يفد
إليه المسلمون من كل فج عميق لتبقى قصة آلامه المثيرة حديث
الأجيال والأعوام.
بيد ان الستار لم يسدل حتى تتبدل الأرض ومن عليها فقد قيض
الله تعالى رجالا ونسأ لدحض الباطل وأعلا كلمته.
فلم تمض بطلة الرسالة الطاهرة الا بعد أن أفسدت على الطغاة
المستهترين لذة النصر، وسكبت قطرات من السم الزعاف في كؤوس
الظافرين، فكانت لهم فرحة لم تطل، وكان نصرا مؤقتا لم يلبث أن
9

أفضى إلى هزيمة قضت آخر الامر على دولة بني أمية، وكدرت صفو
نزوتهم.
ومن ثم هبت الكوفة بأسرها تنادي: (يا لثارات الحسين) ليشهد
عراق الحضارات مذبحة أخرى ثأرا لمذبحة كربلا.
وان السنين لتمضي وأهل العراق مقيمون على الحزن، يستمرئون
طعمه، ويستعذبون مذاقه، ويرهقون أنفسهم بالاصرار على احياء
ذكرى خطيئة الذين ذهبوا باثم سيد شباب أهل الجنة، وما عرف
التاريخ حزنا كهذا طال مداه، فلا زال عاشوراء عيد الحزن، ولا زال
الشعر المفضل هو الذي يهيج لواعج الأشجان، ويغذي النار المتقدة
في الأعماق:
أناعي قتلى الطف لا زلت ناعيا * تهيج على طول الليالي البواكيا
أعد ذكرهم في كربلا ان ذكرهم * طوى جزعا طي السجل فؤاديا
ودع ملتي تحمر بعد ابيضاضها * بعد رزايا تترك الدمع داميا
ولقد كان للمختار الثقفي دورا مضيئا في دك العروش وانقراض
الدولة الأموية، فأعلى مجد تلك الفئة القليلة المؤمنة التي آثرت
الموت على التخلي عما تراه حقا، وتأصل فيما بعد مذهب الشيعة
وكان له أثر كبير في الحياة السياسية والمذهبية للشرق والاسلام.
10

اخبار الملائكة والنبي صلى الله عليه وآله بشهادة الحسين عليه السلام
1 - أمالي الصدوق: 115 ح 2:
(أبكي من ضربتك على القرن (1)، ولطم فاطمة خدها، طعنة
الحسن في الفخذ والسم الذي يسقي، وقتل الحسين) (2).
2 - أمالي الصدوق: 99 ح 2:
(وأما الحسين... وأني لما رأيته تذكرت ما يصنع به بعدي، كأني
به وقد استجار بحرمي وقربي فلا يجار، فأضمه في منامه إلى
صدري، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي، وأبشره بالشهادة فيرتحل
عنها إلى أرض مقتله، وموضع مصرعه، أرض كرب وبلا، وقتل
وفناء، تنصره عصابة من المسلمين أولئك من سادة شهداء أمتي يومك
القيامة، كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخر عن فرسه صريعا، ثم
يذبح كما يذبح الكبش مظلما) (3).

(1) كان صلى الله عليه وآله يخاطب أمير المؤمنين عليه السلام.
(2) انظر أيضا: المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 209، اثبات الهداة: 1 / 281
ح 152، البحار: 27 / 2089 ح 8، و ج 28 / 51 ح 20، و ج 44 / 149 ح
17.
(3) انظر أيضا: بشارة المصطفى 197 - 200، الفضائل لشاذان: 8 - 11،
فرائد السمطين: 2 / 34 - 36، ارشاد القلوب: 295 - 296،
المحتضر: 108 - 110، اثبات الهداة: 1 / 280 - 281 ح 150، البحار: 28
/ 37 - 40 ح / 1
11

3 - أمالي الصدوق: 509:
(أما انهما (1) سيظلمان بعدي، ويقتلان ظلما) (2).
4 - غيبة النعماني: 142 - 143 ذ ح 3:
يا علي، كم في ولدك من ولد فاضل يقتل والناس قيام ينظرون
لا يغيرون) (3).
5 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام: 368 - 369
ح 258:
(قوم من أمتي ينتحلون بأنهم نم أهل ملتي، يقتلون أفاضل
ذريتي وأطائب أرومتي، ويبدلون شريعتي وسنتي، ويقتلون ولدي
الحسن والحسين) (4).
6 - المعجم الكبير للطبراني: 3 / 110 ح 2807:
(يقتل حسين بن علي على رأس ستين من مهاجرتي) (5).

(1) المراد: الحسن والحسين عليهما السلام.
(2) النظر أيضا: أمالي الطوسي: 2 / 214، روضة الواعظين: 75، كشف الغمة:
1 / 410 وص 498، البحار: 22 / 501 ذ ح 47 وص 510 ذ ح 9.
(3) انظر أيضا: البحار: 28 / 71 ذ ح 31.
(4) انظر أيضا: البحار: 44 / 304 ح 17، البرهان: 1 / 123 - 124 ذ ح 1.
(5) انظر أيضا: تاريخ بغداد: 1 / 142، فردوس الاخبار: 5 / 593 ح 9020،
مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 161، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ
دمشق: 185 ح 335، تهذيب تاريخ دمشق: 4 / 328، ميزان الاعتدال: 1
/ 212 ذ ح 82، مجمع الزوائد: 9 / 190، جمع الجوامع: 1 / 1006، كنز
العمال: 12 / 128 ح 34325.
12

7 - المعجم الكبير للطبراني: 3 / 110 ح 2808:
(يقتل الحسين حين يعلوه القتير (1) (2).
8 - الخرائج والجرائح: 2 / 848 ح 63:
(يا بنى، أنك ستساق إلى العراق، وهي أرض قد التقى بها
النبيون وأوصيا النبيين، وهي أرض تدعى (عمورا) وانك تستشهد
بها، ويستشهد معك جماعة من أصحابك) (3).
9 - كتاب سليم بن قيس: 192:
(يقتل ابني الحسين بالسيف) (4).
10 - عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2 / 64 277:
(يقتل الحسين شر الأمة، ويتبرأ من ولده من يكفر بي) (5).
11 - المصنف لابن أبي شيبة: 15 / 98 ح 192114:
(ان الحسين يقتل بشط الفرات) (6).

(1) القتير: الشيب.
(2) انظر أيضا: فردوس الاخبار: 5 / 539 ح 9020، مجمع الزوائد: 9 /
190، جمع الجوامع: 1 / 1006، كنز العمال: 12 / 129 ح 34326.
(3) انظر أيضا: مختصر بصائر الدرجات: 36 - 37 وص 50، الرجعة
للاسترآبادي: 67 ح 43، اثبات الهداة: 1 / 320 ح 281، الايقاظ من
الهجعة: 352 ح 95، الأربعون للمجلسي: 400، البحار: 45 / 80 ح 6، و ح
53 / 61 ح 52.
(4) انظر أيضا: كمال الدين 2 / 531، البحار: 33 / 267.
(5) انظر أيضا: البحار: 44 / 300 ح 5.
(6) انظر أيضا: مسند أحمد: 1 / 85، مناقب الامام أمير المؤمنين لمحمد بن
سليمان الكوفي: 2 / 253 ح 719، الاتحاد والمثاني: 1 / 308 - 309 -
427، مسند أبي يعلى: 1 / 298 ح 363، مقتل الحسين للخوارزمي: 1
/ 170، تاريخ مدينة دمشق: 5 / 53 - 54 (مخطوط)، الملاحم والفتن:
115 ح 26، الحدائق لابن الجوزي: 1 / 396، تذكرة الخواص: 250،
ذخائر العقبى: 148، تهذيب الكمال: 6 / 407، تاريخ الاسلام: 5 / 102
، سير أعلام النبلاء: 3 / 288، كشف الأستار للهيثمي: 3 / 231 ح 2641،
مجمع الزوائد: 9 / 187، تهذيب التهذيب: 2 / 347، مسند علي ابن أبي
طالب عليه السلام: 48 / 149، كتاب المزار للشهيد الأول: 119، الخصائص
الكبرى: 2 / 214، الجامع الصغير: 1 / 47 ح 281، كنز العمال: 12 /
122 ح 34298، و ج 13 / 655 ح 37663.
13

12 - دلائل النبوة لأبي نعيم: 2 / 554 ح 493:
(ان ابني هذا يقتل بأرض العراق، فمن أدركه فلينصره) (1).
13 - الآحاد والمثاني: 1 / 310 ح 429:
(أخبرني جبرئيل عليه السلام أن هذا يقتل بأرض العراق -
للحسين -) (2).

(1) انظر أيضا: المناقب لابن شهرآشوب: 1 / 140، مثير الأحزان: 17، معرفة
الصحابة: 2 / 223 ح 835، أسد الغابة: 1 / 123، التذكرة للقرطبي: 2 /
644، ذخائر العقبى: 146، البحار: 18 / 141 ذ ح 41، و ج 44 / 247 ذ ح
46.
(2) انظر أيضا: المعجم الكبير: 3 / 116 ح 2821، الهداية الكبرى: 202
203، مستدرك الحاكم: 4 / 398، اثبات الوصية: 141، عيون
المعجزات: 69، دلائل النبوة للبيهقي: 6 / 468، مقتل الحسين
للخوارزمي: 1 / 159، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 172
ح 220، ذخائر العقبى: 147 - 148، إعلام الورى: 43 - 44، سير أعلام
النبلاء: 3 / 289، البداية والنهاية: 6 / 230، الصراط المستقيم: 2 / 179
ح 6، مشارق أنوار اليقين: 88، الخصائص الكبرى: 2 / 212، اثبات
الهداة: 2 / 581 ح 31، حليلة الأبرار: 1 / 601، معالم الزلفى: 91 ب 49،
البحار: 18 / 124. و ج 45 / 89 ح 27، كنز العمال: 13 / 657 ح
37667.
14

14 - المعجم الكبير: 3 / 114 ح 2817:
(يا أم سلمة، إذا تحولت هذه التربة دما فاعلم أن ابني قد
قتل) (1).
15 - ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 202 ذ ح
255:
(يقتل الحسين بأرض بابل) (2).

(1) انظر أيضا: تاريخ اليعقوبي: 2 / 245 - 246، الهداية الكبرى: 202 -
203، أمالي الصدوق: 120 ح 3، دلائل الإمامة: 73، أمالي الطوسي: 1 /
321 - 322، الثاقب في المناقب: 106، مقتل الحسين للخوارزمي: 2 /
96، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 175 ح 223، الكامل
في التاريخ: 4 / 93، كفاية الطالب: 426 - 427، ذخائر العقبى: 147،
تهذيب الكمال: 6 / 408 - 409، مجمع الزوائد: 9 / 189، تهذيب
التهذيب: 2 / 247، الخصائص الكبرى: 2 / 213، الصواعق المحرقة:
192 - 193، اثبات الهداة: 1 / 281 - 282 ح 154، البحار: 44 / 225 ح
5، وص 228 - 229 ح 10، و ج 45 / 230 - 231 ح 2.
(2) انظر أيضا: تهذيب تاريخ دمشق: 4 / 332 - 333، تهذيب الكمال: 6 /
418 تاريخ الاسلام: 5 / 9، البداية والنهاية: 8 / 163.
15

16 - الآحاد والمثاني: 1 / 307 ح 424:
(إنما هي أرض كرب وبلا) (1).
17 - ارشاد المفيد: 250:
(أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلا،
فرأيت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة نم ولدي وأهل بيتي، فلم
أزل القط دماءهم فها هي في يدي) (2).
18 - كامل الزيارات: 269 ح 8:
(يقبر ابني بأرض يقال لها كربلا) (3).
19 - كامل الزيارات: 260 - 264:
(وان سبطك هذا - وأومأ بيده إلى الحسين - مقتول في عصابة
من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك بضفة الفرات، بأرض يقال
لها: كربلا) (4).

(1) انظر أيضا: المعجم الكبير: 3 / 112 ح 2812 وص 115 ح 2819 وص
144 - 145 ح 2902، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق:
238 - 239 ح 283، كفاية الطالب: 429، ذخائر العقبى: 149، نظم درر
السمطين: 215، البداية والنهاية: 8 / 199، مجمع الزوائد: 9 / 189،
الإصابة: 1 / 68 ح 266، الخصائص الكبرى: 2 / 213، كنز العمال: 13
/ 671 ح 37713.
(2) انظر أيضا: روضة الواعظين: 1 / 193، إعلام الورى: 271، كشف الغمة
: 2 / 8، البحار: 44 / 239 ح 31.
(3) انظر أيضا: البحار: 101 / 109 ح 15.
(4) انظر أيضا: البحار: 28 / 59 ذ ح 23، و ج 45 / 181 ذ ح 30.
16

20 - المعجم الكبير للطبراني: 3 / 129 ج 2861:
(يزيد، لا يبارك الله في يزيد، ثم ذرفت عيناه صلى الله عليه وآله، ثم قال: نعي
إلي حسين، وأوتيت بتربته، وأخبرت بقاتله) (1).
21 - تفسير فرات: 55:
(يا بنتاه، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم
والغدر والبغي، وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء،
يتهادون إلى القتل، وكأني أنظر إلى معسكرهم، والى موضع رحالهم
وتربتهم.
قالت: يا أبه، وأين هذا الموضع الذي تصف؟
قال: موضع يقال له: كربلا، وهي دار كرب وبلا علينا وعلى
الأمة، يخرج عليهم شرار أمتي...) (2).
22 - كامل الزيارات: 70 ح 4:
(يا بني، اقبل موضع السيوف منك.
قال: يا أبة، واقتل؟
قال: اي والله) (3).
23 - كتال الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي: 4 / 210 - 212:

(1) انظر أيضا: فردوس الاخبار: 4 / 285 ح 6841، مقتل الحسين
للخوارزمي: 1 / 160 - 161 وص 191، مثير الأحزان: 22، مجمع الزوائد
: 9 / 190، الخصائص الكبرى: 2 / 237، جمع الجوامع: 1 857 وص
1001، كنز العمال: 11 / 166 ح 31061، و ج 12 / 128 ح 34324،
البحار: 44 / 266 ح 24.
(2) انظر أيضا: كامل الزيارات: 68 - 69 ح 2، البحار: 44 / 264 ح 22.
(3 انظر أيضا: 44 / 161 ح 14، و ج 100 / 119 ح 14.
17

(أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي تقتل ولدي هذا، وقد أتاني
بتربة حمراء) (1).
24 - بصائر الدرجات: 48 ح 1 و 2 وص 49 ح 5 وص 50
ح 7 و 10:
(وأيم الله ليقتلن ابني، لا أنالهم الله شفاعتي) (2).
25 - كفاية الأثر: 16 - 17:
(كأني به وقد خضبت شيبته من دمه، يدعو فلا يجاب،
ويستنصر فلا ينصر) (3).
26 - ارشاد المفيد: 251:

(1) انظر أيضا: دلائل الإمامة: 72 - 73، مستدرك الحاكم: 3 / 176 - 177،
دلائل النبوة للبيهقي: 6 / 468 - 469، ارشاد المفيد: 250، تيسير
المطالب: 90، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 182 ح 231
وص 183 ح 232، مشكاة المصابيح: 3 / 1741 ح 6171، إعلام الورى:
216، اللهوف: 6 - 7، البداية والنهاية: 6 / 230، الفصول المهمة لابن
الصباغ: 12 / 123 ح 34300، أخبار الدول: 107.
(2) انظر أيضا: الإمامة والتبصرة: 42 ح 23، الكافي 1 / 209 ح 5، كامل
الزيارات: 71 ح 7، أمالي الصدوق: 39 ح 11، روضة الواعظين: 1 /
101، بشارة المصطفى: 191، اثبات الهداة: 1 / 312 ح 251 و 252،
البحار: 23 / 136 ح 79 وص 137 ح 82 و 83، و ج 44 / 257 ح 6 وص
259 ح 10.
(3) انظر أيضا: اثبات الهداة: 1 / 321 ح 286، الانصاف: 202 ح 202،
البحار: 36 / 285 ح 107.
18

(بل تقتل يا بنى ظلما) (1).
27 - مناقب الامام أمير المؤمنين عليه السلام لمحمد بن سليمان
الكوفي: 2 / 234 ح 699.
(يا عمة، تقتله الفئة الباغية من بني أمية) 2).
28 - كامل الزيارات: 60 - 61 ح 5:
(طوبى لك من تربة، وطوبى لمن يقتل فيك) (3).
29 - كامل الزيارات: 70 ح 5:
(الويل لمن يقتلك) (4).
30 - مستدرك الحاكم: 2 / 290 وص 592، و ج 3 / 178:
(أوحى الله إلى نبيكم صلى الله عليه وآله أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين
ألفا، وأني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا) (5).

(1) انظر أيضا: كشف الغمة: 2 / 8، الأنوار النعمانية: 3 / 248. و
(2) انظر أيضا: عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2 / 25 - 26 ح 5، أمالي الصدوق:
117 ح 5، روضة الواعظين: 1 / 154 و 155، إعلام الورى: 217، مقتل
الحسين للخوارزمي: 1 / 87 - 88، ذخائر العقبى: 119، فرائد السمطين:
2 / 103 - 104 ح 412، اثبات الهداة: 1 / 265 ح 96 وص 281 ح 153
وص 307 ح 232، البحار: 43 / 238 ح 4 وص 234 ح 17، و ج 44 /
250 ح 1، و ج 104 / 110 ح 18، تاريخ الخميس: 1 / 418.
(3) انظر أيضا: أمالي الطوسي: 1 / 321، بشارة المصطفى: 214، البحار: 44
/ 228 ح 9 وص 235 ح 22.
(4) انظر أيضا: البحار: 44 / 302 ح 11.
(5) انظر أيضا: تاريخ بغداد: 1 / 142، فردوس الاخبار: 3 / 187 ح 4515
وإعلام الورى: 218، مقتل الحسين للخوارزمي: 2 / 96، الطرائف: 1 /
202 ح 290، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 241 ح
286، المنتظم: 5 / 346، تذكرة الخواص: 280، كفاية الطالب: 436،
ذخائر العقبى: 150، تهذيب الكمال 6 / 431، تذكرة الحفاظ 1 / 77 ؤ
تاريخ ابن الوردي: 1 / 237، نظم درر السمطين: 216، البداية والنهاية: 8
/ 201، تهذيب التهذيب: 2 / 354، المقاصد الحسنة: 302 ح 756، الدر
المنثور: 5 / 492 الخصائص الكبرى: 2 / 214، الصواعق المحرقة:
199، حلية الأبرار: 1 / 557، البحار: 45 / 322، كنز العمال: 12 / 127
ح 34320
19

31 - كامل الزيارات: 62: ح 9:
(ان جبرئيل عليه السلام أتاني بالتربة التي يقتل عليها غلام لم يحمل به
بعد - ولم تكن (1) تحمل بالحسين عليه السلام).
32 - كامل الزيارات: 61 ح 6:
(ان أمتك تقتل الحسين عليه السلام من بعدك، ثم قال: ألا أريك من
تربته؟ فضرب بجناحه، فأخرج من تربة كربلا، وأراها إياه، ثم
قال: هذه التربة التي يقتل عليها).
33 - أمالي الطوسي: 1 / 377:
(انه سيكون لك حديث، اللهم العن قاتله، لا تعلمي (2) فاطمة
بذلك...
قالت: ثم وضعه في حجره، ثم قال: يا أبا عبد الله، عزيز على،
ثم بكى، فقلت: بأبي أنت وأمي فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الأول،
فما هو؟
فقال: أبكي على ابني هذا، تقتله فئة باغية كافرة من بني أمية لا

(1) أي فاطمة الزهراء عليها السلام.
(2) المخاطبة هي أسماء بنت عميس.
20

أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة).
34 - اللهوف لابن طاووس: 7 - 8:
(هذا جبرئيل عليه السلام يخبرني عن أرض بشط الفرات يقال لها
كربلا، يقتل عليها ولدي الحسين بن فاطمة عليها السلام، فقيل له: من يقتله
يا رسول الله؟
فقال: رجل اسمه يزيد - لعنه الله -، وكأني أنظر إلى مصرعه
ومدفنه، ثم رجع من سفره ذلك مغموما فصعد المنبر... وضع يده
اليمنى على رأس الحسن، ويده اليسرى على رأس الحسين... وقد
أخبرني جبرئيل عليه السلام ان ولدي هذا مقتول مخذول، اللهم فبارك له
في قتله، واجعله من سادات الشهداء اللهم ولا تبارك في قاتله
وخاذله).
35 - أعلام النبوة للماوردي: 182:
(يا محمد، إن أمتك ستفتن بعدك ويقتل ابنك هذا من بعدك، ومد
يده فأتاه بتربة بيضاء وقال: في هذه الأرض يقتل ابنك، اسمها
الطف...
فقال: أخبرني أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف،
وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه).
36 - العقد الفريد: 4 / 383:
(أما إن أمتك (1) ستقتله، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي

(1) القائل هو جبرئيل عليه السلام، وأورد مثله في الصواعق المحرقة لابن حجر: 192 عن ملك المطر.
21

يقتل بها، فبسط جناحه، فأراه منها، فبكي النبي صلى الله عليه وآله).
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام بشهادة الحسين عليه السلام
1 - كمال الدين: 1 / 259:
(وسيدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه، المقتول في أرض كربلا) (1)
2 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام: 547 ح
327:
(سيقتلون ولدي هذين الحسن والحسين) (2).
3 - أمالي الصدوق: 110 ح 1:
(والله لتقتلن هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر مضين منه،
وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة) (3).
4 - كامل الزيارات: 88 ح 1 وص 89 ح 2:
(أما إن هذا سيقتل وتبكي عليه السماء والأرض) (4).

(1) انظر أيضا الأنبياء للراوندي: 366 - 367 ح 439، إعلام الورى:
377 - 378، غاية المرام: 62، إثبات الهداة، 1 / 503 ح 216، و ج / 2
411 ح 30، البحار: 253 / 36 ح 69.
(2) انظر أيضا: إثبات الهداة: 2 / 482 ح 299، البحار: 45 / 339 -
340 ح 6.
(3) انظر أيضا: علل الشرائع: 1 / 277 - 228 ح 3، البحار: 45 / 202 ح 4.
(4) انظر أيضا: تفسير القمي: 2 / 291، أمالي الصدوق: 110 ح 1، علل
الشرائع: 227 - 228 ح 3، المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 54، تفسير
الصافي: 407 / 4 ح 29، تفسير البرهان: 4 / 161 ح 1 و 4 و 5، غاية
المرام: 447، البحار: 14 / 167 - 168 ح 6، و ج 45 / 201 ح 1 وص
202 و ح 4 وص 209 ح 15 و 16، تفسير نور الثقلين: 4 / 628 ح 31.
22

5 - كامل الزيارات: 71:
(إن هذا يقتل، ولا ينصره أحد) (1)
6 - المصنف لابن أبي شيبة: 11 / 140 ح 10739، و ج 15:
97 ح 19212:
(ليقتلن الحسين ظلما، وإني وإني لأعرف تربة الأرض التي يقتل فيها قريبا من النهرين) (3)
7 - كامل الزيارات: 79 ح 2 وص 291 ح 3:
(بأبي وأمي الحسين المقتول بظهر الكوفة، والله كأني أنظر إلى
الوحوش مادة أعناقها على قبره من أنواع الوحش يبكونه، ويرثونه
ليلا حتى الصباح، فإذا كان ذلك فإياكم والجفاء) (3).
8 - كامل الزيارات: 71 - ح 2:
(والذي نفسي بيده ليسفكن بنو أمية دمك، ثم لا يزيلونك عن

(1) انظر أيضا: إثبات الهداة: 2 / 469 ح 235، البحار: 44 / 261 ح 15.
(2) انظر أيضا: كامل الزيارات: 72 ح 3، المعجم الكبير: 3 / 117 ح
2824، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 188 ح 238، سير
أعلام النبلاء: 3 / 290، مجمع الزوائد: 9 / 190، جمع الجوامع: 2 /
170، كنز العمال: 13 / 673 ح 37720، إثبات الهداة: 2 / 469 ح 237،
البحار: 44 / 262 ح 16.
(3) انظر أيضا: البحار: 45 / 205 ح 9، و ج 101 / 6 ح 23.
23

دينك، ولا ينسونك ذكر ربك) (1)
9 - المعجم الكبير للطبراني: 3 / 117 ح 2823:
(والذي نفسي بيده لينزلن بين ظهرانيكم، ولتخرجن إليهم،
فلتقتلنهم) (2).
10 - أمالي الصدوق: 478 ح 5:
(أوه أوه ولآل أبي سفيان؟! مالي ولآل حرب حزب
الشيطان وأولياء الكفر؟! صبرا يا أبا عبد الله، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم) (3)
11 - ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 186 -
187 ح 236:
(ليحلن ها هنا ركب من آل رسول الله صلى الله عليه وآله يمر بهذا المكان
فتقتلونهم، فويل لكم منهم، وويل لهم منكم) (4).
12 - المعجم الكبير للطبراني: 3 / 118 ح 2826:
(يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء إلا شهداء

(1) انظر أيضا: إثبات الهداة: 2 / 469 ح 236، البحار: 44 / 262 ح 17.
(2) انظر أيضا: المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 270، مجمع الزوائد: 9 / 191،
البحار: 41 / 314 ح 40.
(3) انظر أيضا: كمال الدين: 2 / 532 - 533 ح 1، ومقتل الخوارزمي: الفصل
الثامن، الخرائج والجرائح: 3 / 2 / 532 - 533 ح 1، ومقتل الخوارزمي: الفصل
الثامن، الخرائج والجرائح: 3 / 1144 ح 56، الفتوح لابن أعثم: 2 / 462
- 463، البحار: 44 / 252 ح 2، الأنوار النعمانية: 3 / 247.
(4) انظر أيضا: وقعة صفين: 141، شرح نهج البلاغة: 3 / 170 - 171، البحار
: 32 / 420، و ج 41 / 338.
24

بدر) (1).
13 - كمال الدين: 2 / 532 - 534:
(يا ابن عباس، إذا رأيتها تتفجر دما عبيطا، فاعلم أن أبا
عبد الله عليه السلام قد قتل ودفن بها) (2).
14 - المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 271:
(والله ينزلون ها هنا) (3).
15 - دلائل النبوة لأبي نعيم الأصفهاني: 2 / 581 - 582 ح
530:
(ها هنا مناخ ركابهم، وموضع رحالهم، وها هنا مهراق دمائهم
فتية من آل محمد صلى الله عليه وآله يقتلون بهذه العرصة. تبكي عليهم السماء
والأرض) (4).

(1) انظر أيضا: مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 161، مثير الأحزان: 79،
ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 234 ح 278 و 279، كفاية
الطالب: 427، مجمع الزوائد: 9 / 190 - 191، كنز العمال: 13 / 655 ح
37664.
(2) انظر أيضا: أمالي الصدوق: 478 - 480 ح 5، إثبات الهداة: 2 / 572 -
573 ح 5، البحار: 44 / 252 - 254 ح 2.
(3) انظر أيضا: البحار: 41 / 315.
(4) انظر أيضا: وقعة صفين: 142، كامل الزيارات: 269، قرب الإسناد: 26 ح
87، خصائص الأئمة عليهم السلام للشريف الرضي: 47، إرشاد المفيد: 175،
تهذيب الأحكام: 6 / 72 - 73 ح 138، الخرائج والجرائح: 1 / 183 ح
16، أسد الغابة: 4 / 169، شرح نهج البلاغة: 3 / 171، ذخائر العقبى:
97، الرياض النضرة، 3 / 201، الفصول المهمة لابن الصباغ: 172 -
173، كشف الغمة: 1 / 279، كشف اليقين: 100 ح 92، نهج الحق
وكشف الصدق: 243، مشارق أنوار اليقين: 76، جواهر العقدين للسمهودي
: 315، الخصاص الكبرى: 2 / 214، اثبات الهداة: 2 / 441 - 442
ح 126، البحار: 32 / 420، و ج 41 / 286 ح 6 وص 295 ح 18 و ج
44 / 258 ح 8، و ج 101 / 116 ح 42 و 44.
25

16 - الخرائج والجرائح: 1 / 222 ح 67:
(هذا موضع الحسين عليه السلام وأصحابه) (1).
17 - مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 1 / 165 - 166:
(يقتل في هذا المكان قوم يدخلون الجنة بغير حساب) (2).
18 - ارشاد المفيد: 174:
(يا برأ (3) يقتل ابني الحسين عليه السلام وأنت حي لا تنصره) (4).
19 - اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): 93 - 94

(1) انظر أيضا: اثبات الهداة: 2 / 524 - 525 ح 500، البحار: 33 / 41 ح
383.
(2) انظر أيضا: تاريخ مدينة دمشق (مخطوط): 5 / 60 وص 73، وقعة
صفين: 140، أمالي الصدوق: 117 - 118 ح 6، شرح نهج البلاغة: 3 /
169، الملاحم والفتن: 172، تهذيب الكمال: 6 / 411، تهذيب
التهذيب: 2 / 348، البحار: 32 / 419، و ج 41 / 337 ح 58، و ج 44 /
255 ح 4.
(3) هو البراء بن عازب.
(4) انظر أيضا: المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 270، إعلام الورى: 177،
شرح نهج البلاغة: 10 / 15، كشف اليقين: 99 ح 91، نهج الحق وكشف
الصدق: 243، منهاج الكرامة: 109، كشف الغمة: 1 / 279، المحجة
البيضاء: 4 / 198، اثبات الهداة: 2 / 454 ح 177، البحار: 41 / 315
ضمن ح 40، و ج 44 / 262 ح 18.
26

ح 147:
(يقتل هذا وأنت (1) حي لا تنصره).
20 - كامل الزيارات: 74:
(ان في بيتك (2) لسخلا يقتل الحسين ابني) (3).
اخبار الحسن عليه السلام بشهادة الحسين عليه السلام
1 - أمالي الصدوق: 101 ح 3:
(أبكي لما يصنع بك... ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف
إليك ثلاثون ألف رجل يدعون أنهم من أمة جدنا محمد صلى الله عليه وآله
وينتحلون دين الاسلام فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك
حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني
أمية اللعنة، وتمطر السماء رمادا ودما، ويبكي عليك كل شي حتى
الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار). (4)

(1) المخاطب: أبو عبد الله الجدلي.
(2) المخاطب سعد بن أبي وقاص.
(3) انظر أيضا: أمالي الصدوق: 115 ح 1، خصائص الأئمة عليهم السلام للشريف
الرضي: 62، ارشاد المفيد: 174، المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 269 -
270، الاحتجاج: 1 / 261، إعلام الورى: 177، شرح نهج البلاغة: 2 /
286، و ج 10 / 14، كشف اليقين: 90 ح 79، نهج الحق وكشف الصدق:
241 - 242، اثبات الهداة: 2 / 422 ح 65 وص 454 ح 175، غاية
المرام: 525 ح 2، البحار: 10 / 125 ح 5، و ج 40 / 192، و ج 41 / 327
ح 48، و ج 42 / 146 ح 6، و ج 44 / 256 ح 5 وص 258.
(4) انظر أيضا: المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 86، ومثير الأحزان: 23
27

اخبار الحسين عليه السلام بشهادته
1 - اثبات الوصية: 141:
(يا أماه، اني لمقتول لا محالة، فأين المفر من قدر الله المقدور؟
ما من الموت بد، واني لأعرف اليوم والساعة والمكان الذي اقتل فيه
، وأعرف مكان مصرعي والبقعة التي ادفن فيها) (1).
2 - تاريخ الطبري: 5 / 393 - 394:
(والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا
فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من فرم (2) الأمة) (3).
3 - دلائل الإمامة: 75:
(والله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية، ويتقدمهم عمر بن
سعد) (4).

(1) انظر أيضا: الخرائج والجرائح: 1 / 253 ح 7، الثاقب في المناقب: 330
- 331 ح 272، حيلة الأبرار: 1 / 601، البحار: 45 / 89 ح 27.
(2) الفرم: خرقة الحيض.
انظر أيضا: ارشاد المفيد: 223، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ
دمشق: 211 ح 268، إعلام الورى: 229، الكامل في التاريخ: 4 / 39،
البداية والنهاية: 8 / 169، البحار: 44 / 375.
(4) انظر أيضا: نوادر المعجزات: 109 ح 5، فرج المهموم: 227، البحار: 44
/ 186 ح 14.
28

4 - بصائر الدرجات: 481 - 482 ح 5:
(من لحق بي منكم استشهد معي،؟ ومن تخلف لم يبلغ الفتح،
والسلام) (1).
5 - كامل الزيارات: 74 ح 13:
(والذي نفس حسين بيده لا ينتهي بني أمية ملكهم حتى يقتلوني
وهم قاتلي، فلو قد قتلوني لم يصلوا جميعا أبدا، ولم يأخذوا عطاء
في سبيل الله جميعا أبدا، ان أول قتيل هذه الأمة أنا وأهل بيتي.
والذي نفس حسين بيده لا تقوم الساعة وعلى الأرض هاشمي
يطرف) (2).
6 - دلائل الإمامة: 74:
(اعلم أن هاهنا مشهدي، ويحمل هذا - وأشار إلى رأسه - من
جسدي زحر بن قيس، فيدخل به على يزيد يرجوا نواله، فلا يعطيه
شيئا) (3).
7 - دلائل الإمامة: 74:
(لولا تقارب الأشياء، وحبوط الاجر لقاتلتهم بهؤلاء، ولكن

(1) انظر أيضا: كامل الزيارات: 75، دلائل الإمامة: 77، نوادر المعجزات:
109 ح 6، تيسير المطالب: 91، الخرائج والجرائح: 2 / 771 ذ ح 93،
المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 76، اللهوف: 28، مختصر بصائر الدرجات
: 6، اثبات الهداة: 2 / 557 ح 18، حلة الأبرار: 1 / 600، البحار: 42 /
81 ح 12، و ج 45 / 84 ح 13 وص 87 ح 23.
(2) انظر أيضا: اثبات الهداة: 2 / 584 ح 41، البحار: 45 / 88 ح 25 /
(3) انظر أيضا: اثبات الهداة: 2 / 588 ح 67.
29

أعلم علما أن هناك مصرعي ومصارع أصحابي، لا ينجو منهم الا
ولدي علي) (1).
8 - دلائل الإمامة: 74:
(يا ابن عباس، أما علمت أن منعتني من هناك، فان مصارع
أصحابي هناك) (2).
9 - مثير الأحزان: 41:
(وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني وأوصالي يتقطعها عسلان
الفلوات، بين النواويس وكربلا فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة
سغبا) (3).
10 - الفتوح لابن أعثم: 5 / 149:
(أنزلوا، هذا موضع كرب وبلا، هاهنا مناخ ركابنا، ومحط
رجالنا، وسفك دمائنا) (4).
11 - دلائل الإمامة: 75:
(ان من هاهنا إلى يوم الاثنين منيتي) (5).

(1) انظر أيضا: نوادر المعجزات: 107 ح 1، اللهوف: 26 - 27، الدر النظيم:
167 (مخطوط)، اثبات الهداة: 2 / 588 ح 68، البحار: 44 / 364.
(2) انظر أيضا: اثبات الهداة: 2 / 588 ح 66.
(3) انظر أيضا: اللهوف: 26، كشف الغمة: 2 / 29، البحار: 44 / 366 - 367.
(4) انظر أيضا: مطالب السؤول: 2 / 36، نظم درر السمطين: 216، أمالي
الصدوق: 132، تيسير المطالب: 92، المناقب لابن شهرآشوب: 4 /
97، مثير الأحزان: 49، اللهوف: 35، كشف الغمة: 2 / 47، البحار: 44 /
315.
(5) انظر أيضا: اثبات الهداة: 2 / 589 ح 72.
30

12 - تاريخ مدينة دمشق: 13 / 221 (مخطوط):
(قال عمر بن سعد للحسين عليه السلام: ان قوما من السفهاء يزعمون
أني أقتلك.
فقال الحسين عليه السلام: ليسوا بسفهاء، ولكنهم حلما) (1).
* * *

(1) انظر أيضا: اثبات الوصية: 142، ارشاد المفيد: 251، تقريب المعارف:
121، المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 55، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 1
/ 245، تهذيب الكمال: 21 / 359، كشف الغمة: 2 / 9، تاريخ
الاسلام: 5 / 195، تهذيب التهذيب: 7 / 451، المحجة البيضاء:
4 / 230، المنتخب للطريحي: 332، اثبات الهداة: 2 / 584 ح 47، حلية
الأبرار: 1 / 583، البحار: 44 / 263 ح 20 وص 389، و ج 45 / 300
ح 1، الأنوار النعمانية: 3 / 248.
31

ترجمة المؤلف (1)
اسمه ونسبه الشريف:
نجم الملة والدين جعفر بن الشيخ نجيب الدين أبي إبراهيم محمد
ابن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما (2) بن علي بو حمدون الحلي

(1) تجد ترجمته في: أمل الآمل: 2 / 54 رقم 138 وص 56 رقم 145،
تذكرة المتبحرين: 138، رياض العلماء: 1 / 111، و ج 6 / 37 - 38،
لؤلؤة البحرين: 237 - 274، روضات الجنات: 2 / 179 رم 169،
مستدرك الوسائل: 3 / 443 (الطبعة الحجرية)، تنقيح المقال: 1 / 223،
الكنى والألقاب: 1 / 428، مراقد المعارف: 1 / 82 - 84، أعيان الشيعة: 4
/ 156 - 157، ريحانة الأدب: 6 / 188 رقم 369، البابليات: 1 / 74 -
76، طبقات أعلام الشيعة - الأنوار الساطعة في المائة السابعة - 31، معجم
رجال الحديث: 4 108 رقم 2255.
(2) قال في رياض العلماء: 6 / 37 - 38: قد ضبطه بعض الفضلا بفتح النون
والميم المشددة والألف الممدودة (نما)، ولكن المسموع من مشائخنا هو
بتخفيف الميم مع ضم النون أو فتحها مع قصر الألف (نمى)، (نمى).
وقال في روضات الجنات: 2 / 180: مثلثة النون مخففة الميم، أو بكسر
الأول وتخفيف الثاني كما هو المسموع من الشيوخ عصر أبي علي بن شيخنا
الطوسي قدس سره القدوسي.
32

الربعي الأسدي.
الثناء عليه
قال المجلسي رحمه الله: الشيخ ابن نما والسيد فخار هما من أجلة
رواتنا ومشايخنا (1).
وقال عبد الله أفندي رحمه الله: عالم، جليل، يروي عن الشيخ كمال
الدين علي بن الحسين بن حماد وغيره من الفضلا (2).
وقال: من أفاضل مشائخ علمائنا (3).
وقال الخوانساري رحمه الله: كان من الفضلا الأجلة، وكبراء الدين
والملة، من مشايخ العلامة المرحوم كما في إجازة ولده الشيخ فخر
الدين للشيخ شمس الدين محمد بن صدقة، يروي عن أبيه، عن
جده، عن جد جده، عن الياس بن هشام الحائري، عن ابن الشيخ
الطوسي، وكذا عن والده، عن ابن إدريس، عن الحسين بن رطبة،
عنه، وعن كمال الدين علي بن الحسين بن حماد الليثي الواسطي
الفاضل الفقيه (4).
مؤلفاته:
1 - مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان (5).

(1) البحار: 1 / 34.
(2) رياض العلماء: 1 / 111.
(3) رياض العلماء: 6 / 37.
(4) روضات الجنات: 2 / 179.
(5) الذريعة: 19 / 349.
33

2 - ذوب النضار في شرح الثار - الكتاب الذي بين يديك - (1).
وفاته ومرقده:
قال السيد محسن الأمين رحمه الله: في الطليعة: توفي سنة (680) ه‍
تقريبا (2).
وقال المدرس رحمه الله: توفي سنة (676) ه‍ (3).
وقال اليعقوبي رحمه الله: كانت وفاته سنة ستمائة وثمانين تقريبا،
وفي الحلة قبر مشهور يعرف بقبر (ابن نما) على مقربة من مرقد أبي
الفضائل ابن طاووس في الشارع الذي يبتدئ من المهدية وينتهي
بباب كربلا، المعروف بباب الحسين...، وكانت القبة التي عليه
متداعية الأركان، منهدة الجدران، عام خروجنا من الحلة سنة
(1335) ه‍، ولا أعلم هل هو قبر المترجم خاصة أم هو مدفن أحد
أفراد هذه الأسرة الطيبة؟ (4).
وقال حرز الدين رحمه الله: مرقده في الحلة المزيدية قريب من مرقد
والده نجيب الدين محمد بن جعفر، وقبره عليه قبة، وله حرم يزار
وتنذر له النذور، ولجيران مرقده اعتقاد أكيد فيه في قضاء الحوائج
وجعله واسطة إليه تعالى (5).
فضل آل نما:
قال السيد محمد صادق بحر العلوم: اشتهر آل نما الربعي
بالفضل والأدب والزعامة العلمية في الحلة، وخدموا العلم أياما
طوالا، نبغ منهم أفراد لا يستهان بهم، وتخرج عليهم كثير من العلماء

(1) كشف الحجب والأستار: 331 رقم 1813، الذريعة: 1 / 369 رقم
1928، و ج 10 / 43 رقم 246، و ج 13 / 170.
(2) أعيان الشيعة: 4 / 156.
(3) ريحانة الأدب: 6 / 1888.
(4) البابليات: 1 / 74.
(5) مرقد المعارف: 1 / 82 - 83.
34

الأفاضل خدموا العلم والأدب، وكان عصر جدهم (نما) عصر الشيخ
أبي علي بن الشيخ الطوسي رحمهما الله (1).
وقال اليعقوبي: وعن إجازات البحار، عن خط الشيخ الشهيد
محمد بن مكي قال: كتب ابن (نما) الحلي - المترجم - إلى بعض
الحاسدين له:
أنا ابن نما ان نطقت فمنطقي * فصيح إذا ما مصقع القوم أعجما
وان قبضت كف امرئ عن فضيلة * بسطت لها كفا طويلا ومعصما
بنى والدي نهجا إلى ذلك العلى * وأفعاله كانت إلى المجد سلما
كحبنيان جدي جعفر خير ماجد * وقد كان بالاحسان والفضل مغرما
وجد أبي الحبر الفقيه أبي البقا * فما زال في نقل العلوم مقدما
يود أناس هدم ماشيد العلى * وهيهات للمعروف أن يتهدما
يروم حسودي نيل شأوي سفاهة * وهل يقدر الانسان يرقى إلى السما
منالي بعيد ويح نفسك فاتئد * فمن أين فيط الأجداد مثل التقي نما (2)
ممن سمي ب‍ (ابن نما):
1 - أحمد بن محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما بن علي بن
حمدون، فاضل، صالح، يروي عن أبيه، عن جده، - أخ و
المصنف -.
2 - جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله بن
نما، من علماء القرن الثامن أو التاسع، - حفيد المصنف -.
3 - جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله، - المصنف -.
4 - جعفر بن هبة الله بن نما، - جد المصنف -.

(1) لؤلؤة البحرين: هامش ص 272.
(2) البابليات: 1 / 74.
35

5 - جلال الدين أبو محمد الحسن بن نظام الدين أحمد بن
نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلي، أستاذ الشيخ
الشهيد الأول.
6 - علي بن علي بن نما، يروي عن أبي محمد الحسن بن علي
ابن حمزة الأقساسي المعروف بابن الأقساس الشاعر، ويروي عنه
السيد الاجل الشريف أبي الحسن علي بن إبراهيم العريضي العلوي
الحسيني كما يظهر من مجموعة ورام، فهو في درجة الشيخ أبي علي
ولد شيخنا الطوسي لرواية ورام المذكور عنه بهذه الواسطة.
7 - شمس الدين محمد بن جعفر بن نما المعروف بابن
الابريسمي المعاصر لنجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما
الحلي، ويروي عنهما رضى الدين علي بن جمال الدين أحمد بن
يحيى المزيدي (م 757)، من مشايخ تاج الدين محمد بن القاسم بن
معية والشهيد الأول.
8 - نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما، وهو الشيخ
ابن نما عند الاطلاق، توفي رحمه الله بعد رجوعه من زيارة الغدير - أي
من النجف الأشرف إلى الحلة - في ذي الحجة السنة الخامسة
والأربعين بعد الستمائة، من مشايخ يوسف بن المطهر والمحقق
الحلي، يروي عن والده جعفر، عن جده أبي البقاء، ويروي عنه رضى
الدين علي وأبو الفضائل أحمد ابنا موسى بن طاووس، والشيخ
نجيب الدين يحيى بن أحمد بن سعيد صاحب (جامع الشرائع)،
ووالده جعفر وأحمد.
ويروي عنه شمس الدين محمد بن أحمد بن صالح القسيني. -
36

وهو والد المصنف -.
9 - أبو البقاء أو أبو التقى هبة الله بن نما بن علي بن حمدون
الحلي، وهو ابن نما حقيقة، فاضل، صالح، يروي عنه ولده جعفر.
* * *
37

بعض ما صنف في شرح الثار
1 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي لأبي إسحاق إبراهيم بن
محمد بن سعيد الثقفي، من أبناء عم المختار، توفي بأصفهان سنة
(283) ه‍ (1).
2 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي لأبي أحمد عبد العزيز بن
يحيى الجلودي، المتوفى يوم الغدير سنة (332) ه‍ (2).
3 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي لأبي مخنف لوط بن
يحيى الأزدي، المتوفى سنة (157) ه‍ (3).
4 - أخبار المختار بن أبي عبيد الثقفي للشيخ أبي جعفر محمد
ابن الحسن بن علي الطوسي، المتوفى سنة (460) ه‍ (4).
5 - أخبار المختار للشيخ الصدوق بن بابويه القمي، المتوفى
سنة (382) ه‍ (5).

(1) الذريعة: 1 / 348 رقم 1826.
(2) الذريعة: 1 / 348 رقم 1827.
(3) الذريعة: 1 / 348 رقم 1828.
(4) الذريعة: 1 / 348 رقم 1829.
(5) الذريعة: 1 / 349 رقم 1830.
38

6 - أخبار المختار بن أبي عبيدي الثقفي لنصر بن مزاحم المنقري
الكوفي العطار، المتوفى سنة (212) ه‍ (1).
7 - أخبار المختار لأبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي سيف
المدائني، المتوفى سنة (215) ه‍ (2).
8 - أخبار المختار لأبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة
الجعفري الطالبي، خليفة الشيخ المفيد (3).
9 - أصدق الاخبار في قصة الاخذ بالثار، وتنكيل المختار على
أعداء آل رسول الله الأطهار للسيد محسن بن السيد عبد الكريم بن
علي بن محمد الحسيني الأمين العاملي، نزيل دمشق، طبع مع لواعج
الأشجان - له - (4).
10 - تحفة الأخيار في اثبات نجاة المختار للسيد محمد حسين
ابن السيد حسين بخش الهندي، المولود سنة (1290) ه‍ (5).
11 - تسلية المجالس وزينة المجالس للسيد محمد بن أبي
طالب الحسيني الحائري، من أعلام القرن العاشر - وكتابه هذا في
مقتل الحسين عليه السلام، كبير - أورد في أواخره شرح الثار (6).
12 - الثارات، منظومة طويلة ميمية مرتبة على عدة فصول،
أولها في فاجعة الطف اجمالا، والثاني في أخذ الثار...، للشيخ أحمد
ابن المتوج البحراني (7).

(1) الذريعة: 1 / 349 رقم 1831.
(2) الغدير: 2 / 344.
(3) الغدير: 2 / 344.
(4) الذريعة: 2 / 120 رقم 486.
(5) الغدير: 2 / 345.
(6) الذريعة: 4 / 179 رقم 885.
(7) الذريعة: 5 / 4 رقم 4.
39

13 - حمله مختارية في تاريخ المختار وأخذه الثأر
للحسين عليه السلام، للمولى محمد حسين بن المولى عبد الله الشهرآبي
الأرجستاني الأصفهاني (1).
14 - ذوب النضار في شرح الثار - هذا الكتاب - (2).
15 - ذوب النضار - الترجمة الفارسية لهذا الكتاب - للسيد حسين
الحكيم الهندي (3).
16 - روضة المجاهدين للمولى عطاء الله بن حسام الهروي،
طبع سنة (1303 ه‍) (4).
17 - سبيك النضار أو شرح حال شيخ الثار للشيخ ميرزا محمد
على الأوربادي، في مائتي وخمسين صحيفة (5).
18 - قرة العين في شرح ثارات الحسين عليه السلام للشيخ علي
ابن الحسن بن الشيخ موسى المروي العاملي أبا وجدا، الكاظمي
مولدا. (6)
19 - قرة العين في شرح ثار الحسين للشيخ أبي عبد الله عبد
ابن محمد، طبع مع نور العين ومثير الأحزان (7).
20 - مختار نامه، منظوم فارسي، طبع بإيران، نظمه باسم
السلطان حسن (8).

(1) الذريعة: 7 / 92 رقم 475.
(2) كشف الحجب والأستار: 331 رقم 813، الذريعة: 1 / 369 رقم 1928
، و ج 10 / 43 رقم 246، و ج 13 / 170.
(3) الغدير: 2 / 345.
(4) الغدير: 2 / 345.
(5) الغدير: 2 / 345.
(6) الذريعة: 17 / 72 رقم 380.
(7) الغدير: 2 / 345.
(8) الذريعة: 20 / 172 رقم 2451.
40

21 - مختار نامه، في سوانح المختار، باللغة الگجراتية، للحاج
غلام علي بن الحاج إسماعيل البهاونگري الهندي (1).
22 - مقتل الحسين عليه السلام لأبي المؤيد أخطب خوارزم، المتوفى
سنة (568) ه‍، ضمن مقتله هذا شرح الثار.
23 - نظاره انتقام للكاتب الهندي نواب علي نزيل لكنهو، طبع
في جزين (2).
24 - نور الابصار في أخذ الثار، فارسي، لشمس العلماء إبراهيم
ابن ممتاز العلماء محمد تقي بن سيد العلماء حسين بن غفران مآب
دلدار علي النصير آبادي النقوي (3).
* * *

(1) الذريعة: 20 / 172 رقم 2452.
(2) الغدير: 2 / 345.
(3) الذريعة: 24 / 357 رقم 1924.
41

شي حول الكتاب
اسمه:
ذكر هذا الكتاب بعدة أسماء، منها:
1 - (أخذ الثار). الذريعة: 1 / 369 رقم 1928.
2 - (ذوب النضار في شرح الثار). الذريعة: 10 / 43 رقم
246.
3 - (شرح الثار المشتمل على أحوال المختار). كشف الحجب
والأستار: 331 رقم 1831، الذريعة: 13 / 170.
وقد انتخبنا العنوان الثاني وفقا لما ذكره المصنف رحمه الله في مقدمته
للكتاب.
نسخه:
1 - النسخة الخطية المحفوظة في المكتبة العامة لآية الله فاضل
الخوانساري قدس سره المتوفي سنة (1355) ه‍، مكتوبة بخط نسخ جيد في
32 ورقة، احتوت كل صفحة منها (19) سطرا، وتقع النسخة في
المجموعة (230) من كتب المكتبة المذكورة، واحتلت
الصفحات 1 - 32.
42

ورمزت لها (ف).
2 - النسخة المطبوعة في (بحار الأنوار) للعلامة المجلسي رحمه الله
في ج 45 / 346 - 387.
ورمزت لها (ب).
3 - النسخة المطبوعة في (عوالم العلوم والمعارف والأحوال من
الآيات والاخبار والأقوال) لعبد الله البحراني، تلميذ المجلسي رحمهما الله
في ج 17 / 665 - 708.
ورمزت لها (ع).
وما تضمنته هذه النسخة من حواش رمزت لها (خ).
منهج التحقيق:
كان لزاما على أن أعرض هذه النسخ الثلاث بعضها على بعض
لأخرج بنص متكامل، وما كان فيها من اختلافات أشرت لها في
الهامش.
وسعيت - جهد استطاعتي - لاستخراج الروايات من المصادر
المعتمدة، كما حاولت شرح ما يغمض من الألفاظ شرحا لغويا
موجزا ليسهل على القارئ الاستفادة من الكتاب.
وزينت الهامش بتراجم بعض الاعلام الوارد ذكرهم في المتن،
ترجمة مفيدة، هي خلاصة ما قيل عن المترجم له في المصادر
والمعاجم الرجالية المختصة.
رد جميل:
ما دام الشكر نسيم النعم ومفتاح المزيد، لذا أخص بالشكر هنا
العلامة الخبير السيد عبد العزيز الطباطبائي الذي ما برح يحث نحو
43

المزيد، وينير لنا الدرب، ويبعث فينا الامل.
وما سعي هذا الا هو استعادة ما أ: كن من مكانة هذا الشيخ
الجليل والتعريف برفيع منزلته، واحياء آثاره العمية، وايداعها في
محلها اللائق بين نظائرها من نفائس تراثنا العريق، ونهضتنا العلمية
الرائدة.
والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على نبيه وآله - عليهم
أفضل الصلاة والسلام -.
فارس حسون كريم
قم المقدسة
13 رجب 1415 ه‍
ذكرى مولد أمير المؤمنين عليه السلام
44

صورة الصفحة الأولى من النسخة الخطية (ف)
45

صورة الصفحة قبل الأخيرة من النسخة الخطية (ف)
46

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية (ف)
47

(مقدمة المؤلف)
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
حمدا لله الذي جعل الحمد ثمنا لثوابه، ونجاة يوم الوعيد من
عقابه.
والصلاة والسلام على (1) محمد الذي شرفت الأماكن بذكره،
وعطرت المساكن بريا (2) نشره، وعلى آله وأصحابه الذين عظم
قدرهم بقدره، وتابعوه في نهيه وأمره.
فاني لما صنفت كتاب المقتل الذي سميته (مثير
الأحزان ومنير سبل الأشجان) (3)، وجمع فيه من

(1) في (ب) و (ع): والصلاة على.
(2) في (ب): برباء، وفي (خ): برياح.
والرباء: الزيادة والنماء، والنشر: الريح الطيبة.
(3) قال فيه المؤلف رحمه الله: وضعت هذا المقتل متوسطا بين المقاتل، قريبا من يد
المتناول، لا يفضي لملالة وهذر، ولا يجفي لنزارة وقصر... ورتبته على
ثلاثة مقاصد. انتهى.
وكان المقصد الأول على سبيل التفصيل للأحوال السابقة لقتال آل
الرسول صلى الله عليه وآله، والمقصد الثاني في وصف موقف النزال، وما يقرب من تلك
الحال، والمقصد الثالث في الأمور اللاحقة لقتله، وشرح سبي ذريته وأهله.
طبع في إيران على الحجر سنة (1318) ه‍ ومعه (قرة العين في أخذ
ثار الحسين عليه السلام)، وطبع في النجف مستقلا، وطبع ضمن (بحار الأنوار)،
وطبع مؤخرا في قم سنة (1406) ه‍ بتحقيق مدرسة الإمام المهدي عليه السلام ومعه
كتاب (التحصين) لابن فهدا الحلي. انظر (الذريعة: 19 / 349).
49

طرائف (1) الاخبار، ولطائف الآثار ما يربى على
الجوهر والنضار، سألني جماعة من الأصحاب أن أضيف إليه عمل
الثأر، وأشرح قصة (2) المختار فتارة أقدم وأخرى أحجم، ومرة (3)
أجنح جنوح الشامس (4)، وأونة أنفر نفور العذراء من يد اللامس،
وأردهم عن عمله فرقا من التعرض لذكره، واهار مخفي سره.
ثم كشفت قناع المراقبة في إجابة سؤالهم، والانقياد لمرادهم (5)،
فأظهرت ما كان في ضميري، وجعلت نشر فضيلته أنيسي وسميري،
لأنه به خبت نار وجد سيد (6) المرسلين، وقرة عين زين
العابدين، وما زال السلف يتباعدون عن زيارته، ويتقاعدون عن
اظهار فضيلته، تباعد الضب عن الماء، والفراقد عن (7) الحصباء،
ونسبوه إلى القول بامامة محمد بن الحنفية (8)، ورفضوا قبره،

(1) في (ف): وجمعت فيه طرائف.
(2) في (ب) و (ع): قضية.
(3) في (ف): وتارة.
(4) الشامس: المعاند.
(5) في (ب) و (ع): لمرامهم.
(6) في (ف): نار سيد.
(7) في (ب) و (ع): من.
(8) هو أبو القاسم محمد الأكبر بن علي بن علي بن أبي طالب، والحنفية لقب أمه خولة
بنت جعفر، كان كثير العلم والورع، شديد القوة، توفي سنة (80) ه‍،
وقيل: (81) ه‍، (تنقيح المقال: 3 / 115، وفيات الأعيان: 5 / 91،
الطبقات: 5 / 91).
50

وجعلوا قربهم (1) إلى الله هجره مع قربه من الجامع (2)، وان قبته لكل
من خرج من باب مسلم بن عقيل كالنجم اللامع، وعدلوا من العلم إلى
التقليد، ونسوا ما فعل بأعداء المقتول الشهيد، وانه جاهد في الله حق
الجهاد، وبلغ من رضا زين العابدين عليه السلام غاية المراد، ورفضوا
منقبته التي رقت حواشيها (3)، وتفجرت ينابيع السعادة فيها.
وكان محمد بن الحنفية أكبر من زين العابدين عليه السلام سنا، ويرى
تقديمه عليه فرضا ودينا، ولا يتحرك حركة الا بما يهواه، ولا ينطق
الا عن رضاه، ويتأمر له تأمر الرعية للوالي، ويفضله تفضيل السيد
على الخادم والموالي، وتقلد محمد - رحمة الله عليه - أخذ الثأر
إراحة (4) لخاطره الشريف، من تحمل الأثقال، والشد
والترحال (5).
ويدل على ذلك ما رويته عن أبي بجير (6) عالم الأهواز، وكان
يقول بامامة ابن الحنفية، قال: حججت فلقيت يوما امامي (7) وكنت
يوما عنده فمر به غلام شاب فسلم عليه، فقام فتلقاه (8) وقبل ما بين
عينيه، وخاطبه بالسيادة، ومضى الغلام، وعاد محمد إلى مكانه (9)،

(1) في (ف): قربتهم.
(2) عبارة (من الجامع) ليس في (ب).
(3) في (خ): جواسيها.
(4) في (ف): راحة.
(5) في (ع): والراحل، وفي (خ): والارتحال.
(6) في (ف): جعفر، وفي (ع): بحير.
(7) في (ب) و (ع): فلقيت امامي.
(8) في (ف): فسلم عليه فتلقاه.
(9) في (ف): محمد مكانه.
51

فقلت له: عند الله أحتسب عنائي.
فقال: وكيف ذاك؟
قلت: لأنا نعتقد انك الامام المفترض الطاعة تقوم وتتلقى هذا
الغلام، وتقول له: يا سيدي؟!
فقال: نعم، - والله - هو امامي.
فقلت: ومن هو (1)؟
قال: ابن أخي علي بن الحسين عليه السلام (2) اعلم أني نازعته الإمامة
ونازعني، فقال لي: أترضى بالحجر الأسود حكما بيني اعلم أني نازعته الإمامة
ونازعني، فقال لي: أترضى بالحجر الأسود حكما بيني وبينك؟
فقلت: وكيف نحتكم إلى حجر جماد؟
فقال إن إماما لا يكلمه الجماد فليس بامام، فاستحييت من
ذلك، وقلت: بيني وبينك الحجر الأسود..
فقصدنا الحجر، وصلى وصليت، وتقدم إليه. وقال: أسألك
بالذي أودعك مواثيق العباد لتشهد لهم الموافاة الا أخبرتنا من الامام
منا؟
فنطق - والله - الحجر، وقال: يا محمد، سلم الامر إلى ابن
أخيك، فهو أحق به منك، وهو امامك وتحلحل (3) حتى ظننته
يسقط، فأذعنت بإمامته، ودنت له بفرض طاعته.
قال أبو بجير (4): فانصرفت من عنده وقد دنت بإمامته، أعني

(1) في (ب) و (ع): هذا.
(2) في (ب) و (ع): علي ابن أخي الحسين عليه السلام.
(3) أي تحرك وتزحزح.
(4) في (ف): مجير، وفي (ع) بحير.
52

علي (1) بن الحسين عليهما السلام، وتركت القول بالكيسانية (2). (3)
وروي عن أبي بصير أنه قال (4): سمعت أبا جعفر الباقر عليه السلام
يقول: كان أبو خالد الكابلي يخدم محمد بن الحنفية دهرا ولا يشك
أنه الامام حتى أتاه يوما فقال له: جعلت فداك، ان لي حرمة ومودة،
فأسألك بحرمة الله ورسول الله (5) صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الا
أخبرتني أنت الامام الذي فرض (6) الله طاعته على خلقه؟
قال: يا أبا خالد، لقد حلفتني (7) بالعظيم، الإمام علي ابن أخي،

(1) في (ب) و (ع): بامامة علي.
(2) فرقة قالت بامامة محمد بن الحنفية لأنه كان صاحب رأيه أبيه يوم البصرة
دون أخويه فسموا الكيسانية، وإنما سموا بذلك لان المختار الثقفي
كان رئيسهم وكان يلقب كيسان، وهو الذي طلب بدم الحسين بن
علي عليه السلام وادعى أن محمد بن الحنفية أمره بذلك، وأنه الامام بعد أبيه. ومن
بدعهم قولهم ان محمد بن الحنفية هو المهدي المنتظر، والدين طاعة رجل،
وغيرها من الأباطيل. انظر (فرق الشيعة: 23، المقالات والفرق: 21، الملل
والنحل للشهرستاني: 1 / 131، معجم الفرق الاسلامية: 202).
(3) عنه البحار: 46 / 22، وعوالم العلوم: 18 37 ح 1.
وقد روي هذا الحديث بألفاظ متفاوتة، انظر: بصائر الدرجات: 522 ح 3،
الكافي: 1 / 282 ح 5، الإمامة والتبصرة: 60 / 49، دلائل الإمامة: 203 ح
123 وص 206 ح 129، الاحتجاج: 316، إعلام الورى: 258، الخرائج
والجرائح: 1 / 257، الثاقب في المناقب: 349 ح 291، عيون المعجزات:
71، مختصر بصائر الدرجات: 14 وص 170، ومناقب ابن شهرآشوب:
4 / 147، وألقاب الرسول وعترته: 254.
(4) في (ف): أبي بصير قال.
(5) في (ب): فأسألك بحرمة رسول الله.
(6) في (ف): افترض.
(7) في (ف): يا أبا خالد، حلفتني.
53

علي وعليك وعلى كل مسلم (1).
فلما سمع أبو خالد قول محمد بن الحنفية جاء إلى علي بن
الحسين عليهما السلام فاستأذن ودخل، وقال له: مرحبا بك يا كنكر (2)، ما
كنت لنا بزائر، ما بدا لك فينا؟
فخر أبو خالد ساجدا لله (3) لما سمع من زين العابدين عليه السلام هذا
الكلام (4)، وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى عرفت امامي.
قال: وكيف عرفت امامك يا أبا خالد؟
قال: لأنك دعوتني باسمي الذي لا يعرفه سوى أمي، وكنت في
عمياء (5) من أمري، ولقد خدمت محمد بن الحنفية عمرا لا أشك أنه
الامام حتى أقسمت عليه فأرشدني إليك، وقال: هو الإمام علي وعليك
وعلى كل مسلم، ثم انصرف، وقد قال بامامة زين العابدين عليه السلام (6).

(1)
(1) في (ف): الإمام علي وعليك ابن أخي على وعلى كل مسلم.
(2) في (ب) و (ع): مرحبا يا كنكر.
(3) في (ب) و (ع): ساجدا شاكرا.
(4) عبارة (هذا الكلام) ليس في (ب) و (ع).
(5) أي في جهالة وضلالة.
(6) عنه البحار: 46 / 45 ح 47 و 48، وعوالم العلوم: 18 / 65 ح 1 وعن
رجال الكشي: 120 ح 192 قال: وجدت بخط جبريل بن أحمد، حدثني
محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله
الحناط، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير،
والخرائج والجرائح: 1 / 261 ح 6 مرسلا.
ورواه في الهداية الكبرى: 46 (خطوط) باسناده عن علي بن الطيب
الصابوني، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن أبي بصير، عنه
مدينة المعاجز: 4 / 400 - 403 ح 139 و 140 وعن الكشي.
ورواه في دلال الإمامة: 208 ح 131 باسناده عن أبي الحسين محمد بن
هارون، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام، قال: حدثني
عبد الله بن العلا، قال حدثني محمد بن الحسن بن شمعون، قال: حدثنا
عبد الله بن يزيد بن حماد الكاتب، عن أبيه يزيد بن حماد، عن عمر بن عبد
العزيز، عن جبير بن الطحان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله عليه السلام،
عنه أثبات الهداة: 3 / 27 ح 65.
وأخرجه في مناقب ابن شهرآشوب: 4 / 147، ومدينة المعاجز: 4 / 288
ح 65 عن الكشي.
وأورد قطعة منه في إعلام الورى: 254: عنه اثبات الهداة: 3 / 14 ح 24.
وأخرجه في البحار: 42 / 94 ح 23 و 24 عن الكشي والخرائج.
وانظر أيضا: اثبات الوصية: 149، وعيون المعجزات: 72، والثاقب في
المناقب: 360 ح 299، والصراط المستقيم: 2 / 181.
54

وقال قوم من الخوارج لمحمد بن الحنفية: لم غرر بك أبوك في
الحروب (1) ولم يغرر بالحسن والحسين عليهما السلام؟
قال: لأنهما عيناه وأنا يمينه، فهو يدفع بيمينه عن عينيه (2)

(1) في (ب) و (ع): لم غرر بك في الحروب.
يقال: غرر بنفسه وماله: أي عرضهما للتهلكة.
(2) أورده في شرح نهج البلاغة: 1 / 244 باختلاف يسير، عنه البحار:
42 / 99.
وأورده في كشف الغمة: 2 / 25 بهذا اللفظ: قيل لمحمد بن الحنفية رحمه الله: أبوك
يسمح بك في الحرب ويشح بالحسن والحسين عليهما السلام؟!
فقال: هما عيناه وأنا يده، والانسان يقي عينيه بيده.
وقال مرة أخرى - وقد قيل له ذلك - أنا ولده وهما ولدا رسول الله صلى الله عليه وآله، عنه
البحار: 42 / 96 ح 27.
55

وروى العباس بن بكار، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن عكرمة،
عن ابن عباس، قال: لما كان يوم من أيام صفين دعا علي عليه السلام ابنه
محمد ابن الحنفية، فقال له (1): شد على الميمنة، فحمل محمد مع (2)
أصحابه، فكشف ميمنة عسكر معاوية (3).
ثم رجع وقد جرح، فقال: العطش العطش، فقام إليه أبوه عليه السلام (4)
فسقاه جرعة من الماء، ثم صب الماء بين درعه وجلده، فرأيت علق
الدم يخرج من حلق الدرع، ثم أمهله ساعة (5).
ثم قال: يا بني، شد على القلب، فشد عليهم فكشفهم (8)، ثم
رجع وقد أثقلته الجراحات وهو يبكي، فقام إليه أبوه عليه السلام فقبل (9) ما

(1) في (ب) و (ع): ابنه محمدا، فقال.
(2) في (ف) و (ب): فحمل مع.
(3) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد
مناف، مؤسس الدولة الأموية في الشام، ولد بمكة وأسلم يوم فتحها، مات
سنة (60) ه‍ في دمشق. (تاريخ ابن الأثير: 4 / 2، تاريخ الطبري:
6 / 180، البدء والتاريخ: 6 / 5، الاعلام: 7 / 261 - 262).
(4) في (ب) و (ع): فقال له: العطش، فقام إليه عليه السلام.
(5) قوله: (فرأيت علق الدم... ساعة) ليس في (ف).
(6) في (ب) و (ع): ثم قال: شد في الميسرة.
(7) في (ب) و (ع): ميسرة معاوية.
(8) في (ب) و (ع): فقام إليه ففعل مثل الأول، ثم قال: شد في القلب،
فكشفهم.
(9) في (ب) و (ع): فقام إليه فقبل.
56

بين عينيه، وقال: سررتني فداك (1) أبوك، لقد سررتني - والله - يا بني
بجهادك بين يدي (2)، فما يبكيك؟ أفرح أم جزع؟
فقال: كيف لا أبكي وقد عرضتني للموت ثلاث مرات فسلمني
الله تعالى، وكلما رجعت إليك لتمهلني عن الحرب (3) فما أمهلتني،
وهذان أخواي الحسن والحسين عليهما السلام ما تأمرهما بشي؟
فقبل عليه السلام رأسه وقال: يا بني، أنت ابني، وهذان ابنا (4) رسول الله
صلى الله عليه وآله أفلا أصونهما عن القتل (5)؟
قال: بلى، يا أبتاه، جعلني الله فداك وفداهما (6).
وإذا كان ذلك رأيه فكيف يخرج عن طاعته، ويعدل عن الاسلام
بمخالفته مع علم محمد بن الحنفية أن زين العابدين عليه السلام ولي الدم،
وصاحب الثأر، والمطالب بدماء (7) الأبرار، فنه المختار نهوض
الملك المطاع، ومد إلى أعداء يدا طويلة الباع، فهشم عظاما
تغذت بالفجور، وقطع أعضاء نشأت على الخمور، وجاز (8) إلى
فضيلة لم يرق إلى شعاف (9) شرفها عربي ولا أعجمي، وأحرز منقبة

(1)
(2) في (ب) و (ع): وقال: فداك.
(3) عبارة (بجهادك بين يدي) ليس في (ب) و (ع).
(4) في (ف): أبناء.
(5) عبارة: (عن القتل) ليس في (ب) و (ع). وفيهما: (يا أباه) بدل (يا أبتاه).
(6) أخرجه في البحار: 42 / 105 عن بعض مؤلفات أصحابنا، عن ابن عباس،
باختلاف يسير.
(7) في (ف): بدم.
(8) في (ب) و (ع): وحاز.
(9) شعفة كل شي: أعلاه. وشعفة الجبل: رأسه. ومنه قيل لاعلى شعر الرأس:
شعفة. (لسان العرب: 9 / 177 - شعف -).
57

لم يسبقه إليها هاشمي ولا قرشي (1).
وكان إبراهيم بن مالك الأشتر (2) مشاركا له في هذه البلوى،
ومصدقا على الدعوى، ولم يك إبراهيم شاكا في دينه، ولا ضالا في
اعتقاده ويقينه، والحكم فيهما (3) واحد، وأنا أشرح بوار الفجار على
يد المختار، معتمدا قانون الاختصار، وسميته: (ذوب النضار في
شرح الثأر)، وقد وضعته على أربع مراتب، والله الموفق للصواب،
المكافئ (4) يوم الحساب.
* * *

(1) لفظ (ولا قرشي) ليس في (ب) و (ع).
(2) إبراهيم بن مالك الأشتر بن الحارث النخعي - نسبة إلى النخع قبيلة باليمن
من مذحج - قائد شجاع، قتل مع مصعب بن الزبير - كما سيأتي - وذلك في
سنة (71) أو (72). (سير أعلام النبلاء: 4 / 35، البداية والنهاية: 8 / 323،
الاعلام: 1 / 58).
وقال في مراقد المعارف: 1 / 37: مرقده في (مسكن) على نهر دجيل عند
دير الجاثليق، واليوم قبره في الصحراء عامر قديم البناء على مرتفع من
الأرض.
(3) في (ف): بينهما.
(4) في (ف): الكافي.
58

المرتبة الأولى
في ذكر نسبه (1) وطرف من أخباره
هو المختار بن أبي عبيدة (2) بن مسعود بن عمير الثقفي. وقال
المرزباني: ابن عمير بن عقدة بن عنزة، كنيته أبو إسحاق.
وكان أبو عبيدة والده (3) يتنوق في طلب النساء (4)، فذكر له
نساء قومه فأبى أن يتزوج منهن، فأتاه آت في منامه فقال: تزوج
دومة الحسناء الحومة (5)، فما تسمع فيها للائم لومة، فأخبر

(1) في (ف): في نسبه.
(2) في (ب): عبيد، وكذا في سائر المواضع الآتية.
وفد في السنة الأولى للهجرة، واستخلفه على المدائن عمة سعد بن مسعود
الثقفي سنة (37) ه‍، وكان بها عند عمه إلى بعد عام الجماعة سنة (40)،
كان من كبراء ثقيف، وذوي الرأي، والفصاحة، والشجاعة، الدهاء.
تجد ترجمته في تاريخ الطبري: 5 / 569، و ج 6 / 7 و 38 وما بعدها و 93،
البداية والنهاية: 8 / 289، الإصابة: 3 / 518 رقم 8545، الأعلام للزركلي:
7 / 192.
(3) في (ف): وكان والده.
(4) أي يبالغ في اختيار الجيدة منهن.
(5) في (خ): الخوضة.
وهي من رباب الفصاحة والبلاغة والرأي والعقل.
قال في بلاغات النساء: 133: وذكر هارون بن يزيد العبدي، عن أبي زهير
الرواسي، قال: لما قتل حول المختار بن أبي عبيد الثقفي من أهل بيته
خمسون رجلا وانهزم الناس فمر أبو محجن بأم المختار واسمها دومة فقال:
يا دومة، ارتدي خلفي.
قالت: والله لان يأخذني هو أحب إلي من أن أرتدي خلفك.
59

قومه (1)، فقالوا: قد أمرت، فتزوج دومة بنت وهب بن عمر بن
معتب. (2)
فلما حملت بالمختار، قالت: رأيت في النوم قائلا يقول:
أبشري بالولد * أشبه شي بالأسد
إذا الرجال في كبد * تقاتلوا (3) على لبد (4)
كان له الحظ الأشد
فلما وضعته (5) أتاها ذلك الآتي، فقال لها: انه قبل أن
يترعرع (6)، وقبل أن يتشعشع (7)، قليل الهلع، كثير التبع، يدان بما
صنع، وولدت لأبي عبيدة: المختار، وجبرا، وأبا جبر، وأبا الحكم،
وأبا أمية.
وكان مولده في عام الهجرة، وحضر مع أبيه وقعة قس

(1) في (ب) و (ع): أهله.
(2) في (ف): متعب.
(3) في (ع): فقاتلوا.
(4) في (ب) و (ع): بلد.
(5) في (ب) و (ع): وضعت.
(6) في (ع): يتزعزع.
(7) قال المجلسي رحمه الله: يقال (تشعشع الشهر) إذا بقي منه قليل، وهو أيضا
يحتمل أن يكون بالمهملتين يقال: (تسعسع الشهر) أي ذهب أكثره،
وتسعسع حاله انحطت.
60

الناطف (1) وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وكان يتفلت للقتال فيمنعه سعد
ابن مسعود عمة (2)، فنشأ مقداما شجاعا لا يتقي شيئا، وتعاطى (3)
معالي الأمور، وكان ذا عقل وافر، وجواب حاظر، وخلال مأثورة،
ونفس بالسخاء موفورة، وفطنة (4) تدرك الأشياء بفراستها، وهمة
تعلو على الفراقد بنفاستها، وحدس مصيب، وكف في الحروب
مجيب، وقد مارس (5) التجارب فحنكته، ولامس (6) الخطوب
فهذبته.
وروي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال (7): رأيت المختار على
فخذ أمير المؤمنين عليه السلام وهو يمسح رأسه ويقول: يا كيس يا كيس (8)
فسمي كيسان، واليه عزي الواقفية (9) إلى موسى

(1) قس الناطف: موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي، وبه
كانت وقعة لهم على الفرس قتل فيها والد المختار. انظر (الكامل في
التاريخ: 2 / 438، ومراصد الاطلاع: 3 / 1092).
(2) في (ف): فمنعه عمه سعد بن مسعود.
(3) في (ف): وكان يتعاطى.
(4) في (ب) و (ع): وفطرة.
(5) في (ف) و (ب): ومارس.
وحنكته: اي أحكمته التجارب والأمور.
(6) في (ب) و (ع): ولابس.
(7) في (ف): وروى الأصبغ بن نباتة قال.
(8) رواه في رجال الكشي: 127 ح 201 باسناده عن جبريل بن أحمد، قال:
حدثني العبيدي، قال: حدثني علي بن أسباط، عن عبد الرحمان بن حماد،
عن علي بن حزور، عن الأصبغ، عنه البحار: 45 / 344 ح 11، وعوالم
العلوم: 17 / 649 ح 1.
(9) في (ف) و (ب): الواقفة.
61

ابن جعفر عليهما السلام، والإسماعيلية إلى أخيه إسماعيل، وغيرهم من
الفرق.
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: لا تسبوا المختار، فإنه قتل
قتلتنا، وطلب ثأرنا، وزوج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة (1).
وروي أنه دخل جماعة على أبي جعفر الباقر عليه السلام وفيهم
عبد الله بن شريك، قال: فقعدت بين يديه إذ دخل عليه شيخ من أهل
الكوفة، فتناول يده ليقبلها، فمنعه، ثم قال: من أنت؟
قال: أنا أبو الحكم (2) بن المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وكان
متباعدا منه عليه السلام فمد يده عليه السلام فأدناه حتى كاد يقعده في حجره بعد
منعه يده.
فقال: أصلحك الله، ان الناس قد أكثروا في أبي القول، والقول (3)
والله قولك.
قال: وأي شي يقولون؟
قال: يقولون: كذاب، ولا تأمرني بشي الا قبلته.
فقال: سبحان الله! أخبرني أبي أن مهر أمي مما بعث به المختار
إليه، أو لم يبن دورنا، وقتل قاتلنا (4)، وطلب بثأرنا؟ فرحم الله أباك -
وكررها ثلاثا - ما ترك لنا حقا عند أحد الا طلبه (5).

(1) رواه في رجال الكشي: 125 ح 197 باسناده عن حمدويه، قال: حدثني
يعقوب، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى، عن سدير، عن أبي
جعفر عليه السلام، عنه البحار: 45 / 343 ح 7، وعوالم العلوم: 17 / 652 ح 7.
(2) في (ف): أبو الحكيم.
(3) في (ب) و (ع): في أبي والقول.
(4) في الكشي: قاتلينا - خ -.
(5) رواه مفصلا في رجال الكشي: 125 ح 199 باسناده عن محمد بن الحسن
وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد بن يزداد، عن محمد بن الحسين،
عن موسى بن يسار، عن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، قال:
دخلنا على أبي جعفر عليه السلام يوم النحر وهو متكئ وقد أرسل إلى الحلاق،
فقعدت بين يديه... أولم يبن دورنا، وقتل قاتلنا، وطلب بدمائنا فرحمه الله؟
وأخبرن والله أبي أنه كان ليمر عند فاطمة بنت علي يمهدها الفراش، ويثني
لها الوسائد، ومنها أصاب الحديث، رحم الله أباك، رحم الله أباك،
ما ترك لنا حقا عند أحد الا طلبه، قتل قتلتنا، وطلب بدمائنا، عنه البحار:
45 / 343 ح 9، وعوالم العلوم: 17 / 650 ح 5.
62

وعن أبي حمزة الثمالي، قال: كنت أزور علي بن الحسين عليهما السلام
في كل سنة مرة في وقت (1) الحج، فأتيته سنة وإذا على فخذه صبي،
فقام الصبي يمشي فوقع على عتبة الباب، فانشج رأسه (2)، فوثب إليه
مهرولا، فجعل ينشف دمه ويقول: اني أعيذك (3) أن تكون المصلوب
في الكناسة.
قلت: بأبي أنت وأمي، وأي كناسة؟
قال: كناسة الكوفة.
قلت (4): ويكون ذلك؟
قال: اي والذي بعث محمدا بالحق نبيا، لئن (5) عشت بعدي

(1) في (ف): مرة وقت.
(2) في (ب) و (ع): فقام الصبي فوقع... فانشج، وفي فرحة الغري: فأتيته سنة
من ذاك وإذا على فخذه صبي فقعدت إليه، وجاء الصبي فوقع... فانشج.
(3) في فرحة الغري فوثب إليه علي بن الحسين مهرولا، فجعل ينشف دمه
بثوبه، ويقول له: يا بني أعيذك بالله.
(4) في فرحة الغري: قلت: جعلت فداك.
(5) في (ب) و (ع): بالحق لئن.
63

لترين هذا الغلام في ناحية من نواحي الكوفة (1)، وهو مقتول مدفون
منبوش مسحوب مصلوب في في الكناسة، ثم ينزل فيحرق ويذرى في
الهواء (2)
فقلت: جعلت فداك، وما اسم هذا الغلام؟
فقال: ابني (3) زيد، ثم دمعت عيناه وقال: لأحدثنك بحديث ابني
هذا، بينا أنا ليلة ساجد وراكع إذ ذهب (4) بي النوم فرأيت (5) كأني
في الجنة، وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا وفاطمة والحسن
والحسين عليهما السلام قد زوجوني حوراء من حور العين، فواقعتها
واغتسلت عند سدرة المنتهى ووليت، هتف بي هاتف (6)، ليهنئك زيد.
فاستيقظت وتطهرت وصليت صلاة الفجر (7)، فدق الباب رجل
فخرجت إليه فإذا معه جارية (8) ملفوف كمها على يده، مخمرة
بخمار، قلت: ما حاجتك (9)؟

(1) في (ف): في ناحية الكوفة.
(2) في (ب) و (ع): البر.
(3) في فرحة الغري: فيحرق ويدق ويذرى... فقال: هذا ابني.
(4) في (ب) و (ع): وراكع ذهب.
(5) في فرحة الغري: إذ ذهب بي النوم في بعض حالاتي فرأيت.
(6) في (ف): سدرة المنتهى فهتف بي هاتف، وفي فرحة الغري: زوجوني
جارية من حور العين... ووليت وهاتف بي يهتف: ليهنئك زيد، ليهنئك زيد،
ليهنئك زيد.
(7) في (ف): وصليت الفجر.
(8) في فرحة الغري: فاستيقظت فأصبت جنابة فقمت وتطهرت للصلاة
وصليت صلاة الفجر، فدق الباب، وقيل لي: على الباب رجل يطلبك،
فخرجت فإذا أنا برجل معه جارية.
(9) في فرحة الغري و (ب): قلت: حاجتك؟
64

قال: أريد علي بن الحسين عليهما السلام.
قلت: أنا هو (1).
قال: أنا رسول المختار بن أبي عبيدة الثقفي إليك وهو (2) يقرؤك
السلام ويقول: وقعت هذه الجارية في ناحيتنا فاشتريتها بستمائة
دينار، وهذه ستمائة دينار أخرى فاستعن (3) بها على دهرك، ودفع
إلي كتابا كتبت جوابه، وقلت: ما اسمك (4)؟
قالت حوراء، فهيؤوها لي وبت بها عروسا، فعلقت بهذا الغلام،
فأسميته (5) زيدا، وستري ما قلت لك.
قال أبو حمزة الثمالي: فوالله لقد رأيت كل ما ذكره عليه السلام في
زيد (6).

(1) في فرحة الغري قال: أردت علي بن الحسين. قلت: أنا علي بن الحسين.
(2) عبارة: (بن أبي عبيدة الثقفي) ليس في (ف)، وعبارة: (إليك وهو) ليس
في (ب) و (ع).
(3) في (ف): فاستغن، وفي (ب) و (ع): ستمائة دينار فاستعن.
(4) في فرحة الغري: ودفع إلي كتابا، فأدخلت الرجل والجارية، وكتبت له
جواب كتابه، وأتيت به إلى الرجل، ثم قلت للجارية: ما اسمك؟
(5) في (ف): فسميته، وفي فرحة الغري: فسميته زيدا وهو هذا وستري.
(6) رواه في فرحة الغري: 115 باسناده عن صفى الدين بن معد
الموسوي رحمه الله قال: رأيت في بعض الكتب القديمة الحديثية، حدثنا أبو
العباس أحمد بن حميد بن سعيد، قال: حدثنا حسن بن عبد الرحمان بن
محمد الأزدي، قال حدثنا حسين بن علي الأزدي، قال: أخبرني أبي، عن
الوليد بن عبد الرحمان، قال: أخبرني أبو حمزة الثمالي، عنه
البحار: 46 / 183 ح 48، وعوالم العلوم: 18 / 219 ح 2.
ورواه مختصرا في أمالي الصدوق: 275 ح 12 باسناده عن محمد
بن بكران النقاش بالكوفة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني
هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمد، قال: حدثني أحمد بن رشد، عن عمه
سعيد بن خيثم، عن أبي حمزة الثمالي، عنه البحار: 46 / 169 ح 15، و ج
61 / 240 ح 6، وعوالم العلوم: 189 / 219 ح 1.
وروى نحو صدره في مقاتل الطالبيين: 89 باسناده عن محمد بن علي
ابن مهدي بالكوفة على سبيل المذاكرة، ونبأني أحمد بن محمد في اسناده،
قال: حدثنا أبو سعيد الأشج، قال: حدثنا عيسى بن كثير الأسدي، قال:
حدثنا خالد مولى آل الزبير، قال: كنا عند علي بن الحسين فدعا ابنا له يقال
له: زيد، فكبا لوجهه وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: أعيذك بالله أن
تكون زيدا المصلوب بالكناسة، من نظر إلى عورته معتمدا أصلى الله وجهه
بالنار.
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن محمد قنى، قال: حدثنا
محمد بن علي ابن أخت خلاد، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: سيعد بن
عمرو، عن يونس بن جناب، قال: جئت مع أبي جعفر إلى الكتاب فدعا
زيدا فاعتنقه وألزق ببطنه وقال: أعيذك بالله أن تكون صليب الكناسة،
عنه البحار: 46 / 209، وعوالم العلوم: 18 / 250 ب 3 ح 1 وص 251 ب 4
ح 2.
65

وروي عن عمر بن علي عليه السلام أن المختار أرسل إلى علي بن
الحسين عليهما السلام عشرين ألف دينار، فقبلها وبنى منها (1) دار عقيل بن
أبي طالب ودارهم التي هدمت (2).

(1) في الكشي والبحار: بها.
(2) رواه في رجال الكشي: 127 ح 204 باسناده عن محمد بن مسعود، قال:
حدثني ابن أبي علي الخزاعي، قال خالد بن يزيد العمري، عن الحسين بن
زيد، عن عمر بن علي، عنه البحار: 45 / 344 ح 13، وعوالم العلوم:
17 / 649 ح 3.
66

وكان المختار ذا مقول مشحوذ الغرار (1)، مأمون العثار، ان نثر
سجع، وان نطق برع، ثابت الجنان (2)، مقدم الشجعان، ما حدس الا
أصاب، ولا تفرس قط فخاب، ولو لم يكن كذلك لما قام بأدوات
المفاخر، ورأس على الأمراء والعساكر.
وولى علي عليه السلام عمه على المدائن عاملا والمختار معه، فلما
ولي المغيرة بن شعبة الكوفة من قبل معاوية - لعنه الله - رحل
المختار إلى المدينة، وكان يجالس محمد بن الحنفية ويأخذ عنه
الأحاديث، فلما عاد إلى الكوفة ركب مع المغيرة يوما فمر بالسوق،
فقال المغيرة: يا لها غارة ويا له جمعا، اني لاعلم كلمة لو نعق لها ناعق
ولا ناعق لها لاتبعوه، ولا سيما الأعاجم الذين إذا القي إليهم الشئ
قبلوه.
فقال له المختار: وما هي يا عم؟
قال: يستأدون (3) بآل محمد صلى الله عليه وآله، فأغضي عليها المختار، ولم
يزل ذلك في نفسه، ثم جعل يتكلم بفضائل (4) آل محمد صلى الله عليه وآله وينشر
مناقب علي والحسن والحسين عليهم السلام ويسير ذلك ويقول: انهم أحق
بهذا الامر (5) من كل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ويتوجع لهم مما نزل

(1) في خ: القرار.
قال المجلسي رحمه الله: رجل مقول: أي لسن كثير القول، والمقول: اللسان.
والغرار - بالكسر -: حد السيف وغيره.
(2) في (ف): ان نطق سجع، وان نثر برع، ثبت الجنان.
(3) قال المجلسي رحمه الله: تقول: استأديت الأمير على فلان فآداني عليه بمعنى
استعديته فأعداني عليه، وآديته: أعنته.
(4) في (ب) و (ع): بفضل.
(5) في (ب) و (ع): أحق بالامر.
67

بهم.
ففي بعض الأيام لقيه معبد (1) بن خالد الجدلي - جديلة قيس -
فقال له: يا معبد، ان أهل الكتاب ذكروا أنهم يجدون رجلا من ثقيف
يقتل الجبارين، وينصر المظلومين، ويأخذ بثأر المستضعفين،
ووصفوا (2) صفته، فلم يذكروا صفة للرجل (3) الا وهي في غير
خصلتين أنه شاب وأنا قد (4) جاوزت الستين، وأنه ردى البصر، وأنا
أبصر من عقاب.
فقال معبد: أما السن فان ابن الستين والسبعين عند أهل ذلك
الزمان شاب، وأما بصرك فما تدري ما يحدث الله فيه لعله يكل.
قال: عسى، فلم يزل على ذلك حتى مات معاوية، وولي يزيد
ووجه الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل إلى الكوفة، فأسكنه المختار داره
وبايعه، فلما قتل مسلم رحمه الله سعي بالمختار إلى عبيد الله بن زياد -
لعنه الله - فأحضره، وقال له: يا ابن عبيدة، أنت المبايع لأعدائنا؟
فشهد له عمرو بن حريث أنه لم يفعل.
فقال عبيد الله بن زياد (5): لولا شهادة عمرو لقتلتك، وشتمه

(1) في (ف): سعيد، وكذا في المواضع الآتية.
وهو أب والقاسم معبد بن خالد مزين الكوفي، قاص الكوفة، مات سنة
ثمان عشرة ومائة. (تجد ترجمته في طبقات خليفة بن خياط: 160،
التاريخ الكبير: 7 / 399، الجرح والتعديل: 8 / 280، تهذيب الكمال:
28 / 228، سير أعلام النبلاء: 5 / 205).
(2) في (ف): ووضعوا.
(3) في (ب) و (ع): في الرجل.
(4) في (ب) و (ع): شاب وقد.
(5) لفظ: (بن زياد) ليس في (ب) و (ع)، وكذا في أغلب المواضع الآتية.
68

وضربه بقضيب في يده فشتر عينه، وحبسه وحبس أيضا عبد الله بن
الحارث بن عبد المطلب.
وكان في الحبس ميثم التمار رحمه الله فطلب عبد الله حديدة يزيل بها
شعر بدنه (1)، وقال: لا آمن ابن زياد يقتلني فأكون قد ألقيت ما علي
من الشعر.
فقال المختار: والله لا يقتلك ولا يقتلني ولا يأتي عليك الا قليل
حتى تل البصرة.
فقال ميثم للمختار: وأنت تخرج ثائرا بدم الحسين عليه السلام، فتقتل
هذا الذي يريد قتلنا،، وتطأ (2) بقدميك على وجنتيه.
ولم يزل ذلك يتردد في صدره حتى قتل الحسين عليه السلام، فكتب
المختار إلى أخته صفية بنت أبي عبيدة، وكانت زوجة عبد الله بن عمر
تسأله مكاتبة يزيد بن معاوية فكتب إليه، فقال يزيد: نشفع أبا عبد
الرحمان، وكلمته هند بنت أبي سفيان في عبد الله بن الحارث، وهي
خالته (3)، فكتب إلى عبيد الله بن زياد، فأطلقهما بعد أن أجل المختار
ثلاثة أيام ليخرج من الكوفة، وان تأخر عنها ضرب (4) عنقه.
فخرج هاربا نحو الحجاز حتى إذا صار بواقصة (5) لقى الصقعب
ابن زهير الأزدي، فقال: يا أبا إسحاق، مالي أرى عينك على هذه (6)
الحال؟

(1) في (ف): يديه.
(2) في (ف): وتطأه.
(3) عبارة: (وهي خالته) ليس في (ف).
(4) في (ف): أجل للمختار ثلاثة أيام... وان تأخر ضرب.
(5) واقصة: منزل في طريق مكة بعد القرعاء نحو مكة. (مراصد الاطلاع:
3 / 1421).
(6) في (ف): هذا.
69

قال: فعل بي ذلك عبيد الله بن زياد، قتلني الله ان لم أقتله، اقطع
أعضاءه، ولأقتلن بالحسين عليه السلام عدد الذين قتلوا بيحيى بن
زكريا عليه السلام وهم سبعون ألفا.
ثم قال: والذي أنزل القرآن، وبين الفرقان، وشرع الأديان، وكره
العصيان، لأقتلن العصاة من أزد عمان، ومذحج وهمدان، وفهد (1)
وخولان، وبكر وهزان، وثعل (2) ونبهان، وعبس وذبيان (3)، وقبائل
قيس عيلان (4)، غضبا لابن بنت نبي الرحمن، نعم يا صقعب. وحق
السميع العليم، العلي العظيم، العدل بنت نبي الرحمن، نعم يا صقعب. وحق
السميع العليم، العلي العظيم، العدل الكريم، العزيز الحكيم (5)،
الرحمن الرحيم، لأعركن (6) عرك الأديم، بني كندة وسليم،
والاشراف من تميم، ثم سار إلى مكة.
قال ابن العرق: رأيت المختار أشتر العين، فسألته، فقال: شترها
ابن زياد اللعين (7)، يا ابن العرق، ان الفتنة أرعدت وأبرقت (8)، وكأن
قد أينعت، وألقت خطامها، وخطبت وشمست (9)، وهي رافعة ذيلها،
وقائلة ويلها، بدجلة وحولها (10).

(1) في (ب) و (ع): نهد.
(2) في (ف): ونفل.
(3) في العوالم: وبكر وهران وتعل وتيهان وعبس ودبيان، وفي خ: (زيبان)
بدل (دبيان).
(4) في خ: غيلان.
(5) في (ف): العزيز الرحيم الحكيم.
(6) يقال: عركه: أي دلكه وحكه حتى عفاه.
(7) كلمة (اللعين) ليس في (ب) و (ع).
(8) أرعد: تهدد وتوعد، كأبرق.
(9) يقال: شمس الفرس: استعصى على راكبه ومنع ظهره. (مجمع)
البحرين: 4 / 80 - شمس -).
(10) في (ف): أو حولها.
70

فلم يزل على ذلك حتى مات يزيد (1) - لعنه الله - يوم
الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث
وستين، وقيل: سنة أربع، وعمره على الخلاف فيه ثمان وثلاثون
سنة، وكانت مدة خلافته سنتين وثمانية أشهر (2)، وخلف أحد عشر
ولدا، منهم، أبو ليلى معاوية، وبويع (3) له بالشام، وخلع نفسه - وقد
ذكرت حديثه في المقتل (4) -.
وأخوه خالد (5)، أمه بنت هاشم بن عتبة بن عبد شمس تزوجها
مروان بن الحكم لعنه الله بعد يزيد لعنه الله وفيها قال الشاعر:
أسلمي (6) أم خالد
رب ساع لقاعد
وفي تلك السنة بويع لعد الله بن الزبير بالحجاز، ولمروان بن

(1) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ثاني ملوك الدولة الأموية بالشام، ولد
بالماطرون، ونشأ في دمشق، وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ستين.
تجد ترجمته في تاريخ الطبري - حوادث سنة (64) ه‍، تاريخ
الخميس: 2 / 300، الكامل في التاريخ: 4 / 49، جمهرة الأنساب: 103،
الاعلام: 8 / 189.
(2) في (ف): وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر.
(3) في (ف): أبو ليلى وبويع.
(4) المراد كتابه (مثير الأحزان ومنيز سبل الأشجان) ولم أجد له ذكر فيه.
(5) قال في تاريخ الطبري: 4 / 500: خالد بن يزيد - وكان يكنى أبا هاشم،
وكان يقال: انه أصاب عمل الكيمياء - وأبو سفيان، وأمهما أم هاشم بنت أبي
هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس.
(6) في تاريخ الطبري انعمي.
وأما بقية يزيد فهم: عبد الله، وعبد الله الأصغر، وعمر، وأبو بكر،
وعتبة، وحرب، وعبد الرحمان، والربيع، ومحمد، لأمهات أولاد شتى.
71

الحكم بالشام، ولعبيد الله بن زياد بالبصرة.
وأما أهل العراق فإنهم وقعوا في الحيرة والأسف والندم على
تركهم (1) نصرة الحسين عليه السلام، وكان عبيد الله بن الحر بن المجمع بن
حزيم (2) الجعفي من أشراف أهل الكوفة، وكان قد مشى إليه (3)
الحسين عليه السلام وندبه إلى الخروج معه فلم يفعل، ثم تداخله الندم حتى
كادت نفسه تفيض، فقال (4):
فيا لك حسرة ما دمت حيا * تردد بين صدري (5) والتراقي
حسين حين يطلب بذل نصري (6) * على أهل الضلالة والنفاق

(1) في (ف): والأسف على تركهم.
(2) في (ف): خزيم، وفي (ب): حريم.
قال عنه النجاشي في رجاله: 9 رقم 6: الفارس الفاتك، الشاعر، له
نسخة يرويها عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وروى الصدوق في الأمالي: 132 أن الحسين عليه السلام لما نزل القطقطانية
حين مسيره إلى الكوفة دعا عبيد الله بن الحر الجعفي إلى نصرته فامتنع
عبيد الله عن الإجابة! وقدم للحسين عليه السلام فرسه، فقال الحسين عليه السلام: لا
حاجة لنا فيك ولا في فرسك، وما كنت متخذ المضلين عضدا.
غير أن المفيد في الارشاد: 2 / 81 أورد ذلك بلفظ آخر، وذكر ان
ما جرى بينه وبين الامام كان في قصر بني مقاتل.
وانظر أيضا: وقعة الطف: 176 و 276، الكامل في التاريخ: 4 / 287 -
حوادث سنة 68 -، تاريخ الطبري: 6 / 128 - حوادث سنة 68 -، تاريخ
ابن خلدون: 3 / 148 - 150، رغبة الامل: 8 / 42، الاعلام: 4 / 192. وفي
بعضها ان اسم جده (عمرو)، وفي البعض الاخر لم يذكر اسم جده.
(3) في (ب): لي.
(4) زاد في (ف) كلمة (شعرا).
(5) في (ب) و (ع): حلقي.
(6) في (ف): حين يطلب نصر مثلي.
72

غداة يقول لي بالقصر قولا * أتتركنا وتزمع بالفراق؟
ولو أني أواسيه بنفسي * لنلت كرامة يوم التلاق
مع ابن المصطفى روحي (1) فداه * تولى ثم ودع بانطلاق
فلو فلق التلهف قلب حي * لهم اليوم قلبي بانفلاق
فقد فاز الأولى نصروا حسينا * وخاب الآخرون ذوو (2) النفاق (3)
ولم يكن في العراق (4) من يصلح للقتال والنجدة والبأس الا
عقائل (5) العرب بالكوفة، فأول من نهض سليمان بن صرد
الخزاعي (6) وكانت له صحبة مع النبي صلى الله عليه وآله ومع علي عليه السلام،

(1) في (ب) و (ع): نفسي.
(2) في (ب) و (ع): أولوا.
(3) روى الخوارزمي في مقتله: 1 / 226 - 228 محادثة الحسين عليه السلام مع
عبيد الله بن الحر الجعفي وأورد أبيات ابن الحر كالتالي:
أيا لك حسرة ما دمت حيا * تردد بين صدري والتراقي
غداة يقول لي بالقصر قولا * أتتركنا وتزمع بالفراق؟
حسين حين يطلب بذل نصري * على أهل العداوة والشقاق
فلو فلق التلهف قلب حي * لهم اليوم قلبي بانفلاق
ولو آسيته يوما بنفسي * لنلت كرامة يوم التلاق
مع ابن محمد تفديه نفسي * فودع ثم أسرع بانطلاق
لقد فاز الأولى نصروا حسينا * وخاب الآخرون ذوو النفاق
(4) في (ف): بالعراق.
(5) في (ب) و (ع): قبائل.
وعقائل جمع عقيلة: وهي في الأصل المرأة الكريمة النفيسة، ثم
استعمل في الكريم من كل شي من الذوات والمعاني. (لسان العرب:
11 / 463 - عقل -).
(6) هو أبو مطرف سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون عبد العزى بن منقذ
السلولي الخزاعي، وصحابي، من الزعماء القادة، شهد الجمل وصفين مع
علي عليه السلام، سكن الكوفة، ترأس التوابين، استشهد بعين الوردة، قتله يزيد
ابن الحصين.
انظر: الإصابة ترجمة رقم. 345، تاريخ الاسلام: 3 / 17،
الاعلام: 3 / 127.
73

والمسيب بن نجبة الفزاري (1) وهو من كبار الشيعة، ولو صحبة ومع
علي عليه السلام، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي (2)، ورفاعة بن
شداد البجلي (3)، وعبد الله بن وال التيمي من بني تيم اللات بن
ثعلبة (4)، واجتمعوا في دار سليمان، ومعهم أناس من الشيعة، فبدأ

(1) في بعض النسخ: المسيب بن نجية الضراري (الضرائري)، وكذا في
المواضع الآتية.
وهو المسيب بن نجبة بن ربيعة بن رياح الفزاري. تابعي، كان رأس
قومه، شهد القادسية وفتوح العراق، كان مع علي عليه السلام في مشاهدة، سكن
الكوفة، وكان بطلا متعبدا ناسكا، استشهد مع سليمان بن صرد بالعراق سنة
(65) ه‍
انظر: الكامل في التاريخ: 4 / 68 - 71، الإصابة ترجمة رقم 8424،
الاعلام: 7 / 225 - 226.
(2) هو من أزاد شنؤة، أحد رؤساء الكوفة وشجعانها، (الكامل في التاريخ:
4 / 71، الاعلام: 4 / 89).
(3) كان قارئ، من الشجعان المقدمين، من أهل الكوفة، من شيعة علي
عليه السلام. (الكامل في التاريخ - حوادث سنة (66) ه‍ -، الأعلام للزركلي:
3 / 29).
(4) ذكره في رجال الطوسي: 55 في أصحاب علي عليه السلام مع قنبر مولى أمير
المؤمنين عليه السلام وهو اشتباه.
وعبارة (الأزدي، ورفاعة بن شداد... ثعلبة) سقطت من (ف).
74

سليمان بالكلام، فحمد الله وأثنى عليه، وقال:
أما بعد، فقد ابتلينا بطول العمر، والتعرض للفتن، ونرغب إلى
ربنا أن لا يجعلنا ممن يقول له: (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر
وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير) (1)، وقال علي عليه السلام:
العمر الذي أنذر (2) فيه ابن آدم ستون سنة، وليس فينا الا من قد
بلغها، وكنا مغرمين (3) بتزكية أنفسنا، ومدح شيعتنا، حتى بلى الله
خيارنا، فوجدنا كذابين في نصر ابن بنت رسول الله (4) صلى الله عليه وآله ولاعذر
دون أن نقتل (5) قاتليه، فعسى ربنا أن يعفو عنا.
قال رفاعة بن شداد: قد هداك الله لأصوب القول (6)، ودعوت
إلى أرشد الأمور جهاد الفاسقين، والى التوبة من الذنب، فمسموع
منك، مستجاب لك، مقبول قولك، فان رأيتم ولينا هذا الامر شيخ
الشيعة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله سليمان بن صرد.
فقال المسيب بن نجبة: أصبتم ووفقتم، وأنا أرى الذي رأيتم،
فاستعدوا للحرب.
وكتب سليمان كتابا إلى من كان بالمدائن (7) من الشيعة من أهل
الكوفة، وحمله مع عبد الله (8) بن مالك الطائي إلى سعد بن حذيفة بن
اليمان (9) يدعوهم إلى أخذ الثأر، فلما وقفوا على الكتاب قالوا: رأينا

(1) سورة فاطر: 37.
(2) في (ب) و (ع): أعذر الله.
(3) المغرم: المولع بالشئ.
(4) في (ف): ابن بنت نبينا.
(5) في (ب) و (ع): تقتلوا.
(6) في (ف): قال رفاعة بن شداد: هداك الله لأضرب القول.
(7) في (ف): بالمدينة.
(8) في (ف): حمله عبد الله.
(9) في (ف) و (خ): اليماني.
75

مثل رأيهم، وكتب سعد بن حذيقة الجواب بذلك.
وكتب سليمان إلى المثنى بن مخربة (1) العبدي كتابا وبعثه مع
ظبيان بن عمارة التميمي (2) من بني سعد، فكتب المثنى الجواب:
أما بعد، فقد قرأت كتابك، وأقرأته إخوانك، فحمدوا رأيك (3)،
واستجابوا لك، فنحن موافوك إن شاء الله تعالى للأجل الذي ضربت،
والسلام عليك، وكتب في أسفل الكتاب هذه الأبيات (4):
تبصر فاني (5) قد أتيتك معلما (6) * على أتلع الهادي أجش هزيم (7)
طويل القرا نهد أشق مقلص (8) * ملح (9) على قاري اللجام رؤوم

(1) ضبطه في الجمهرة: مخربة، وفي تاريخ الطبري والاعلام: مخربة، وفي
(ف): مخرومة، وفي (ب) و (ع): مخرمة.
وهو من أشراف البصرة وشجعانها، كان من رجال علي بن أبي
طالب عليه السلام (جمهرة أنساب العرب: 299، الاعلام: 5 / 276).
(2) في (ف): اليمني.
(3) في (ف): ربك.
(4) في (ب) و (ع): أسفل كتابه.
(5) في (ب) و (ع) والطبري: كأني.
(6) في (خ): معلنا.
(7) كذا في الطبري، وفي جميع النسخ: أبلغ.
الهوادي: أول رعيل من الخيل. ويقال: جششت الشئ أي دققته
وكسرته، وفرس أجش الصوت أي غليظه. والهزيم: بمعنى الهازم، وهزيم
الرعد: صوته.
(8) القرا: الظهر، وفرس نهد أي جسيم مشرف، وفرس أشق: طويل، وفرس
مقلص: أي مشرف مشمر طويل القوائم. وفي الطبري: نهد الشواة.
(9) في (ف): مليح.
وقوله: قاري اللجام لعل معناه جاذبه ومانعه عن الجري إلى العدو، والرؤوم:
المحب، المعنى محب الحرب الحريص عليه. وفي الطبري: ملح على
فأس اللجام أزوم.
76

بكل فتى لا يملأ الدرع نحره (1) * محش (2) لنار الحرب غير سؤوم
أخي ثقة يبغي (3) الاله بسعيه (4) * ضروب بنصل السيف غير أثيم (5)
وذكر محمد بن جرير الطبري - في تاريخه - أن أول ما ابتدأ به
الشيعة من أمرهم سنة إحدى وستين وهي السنة التي (6) قتل فيها
الحسين عليه السلام، فما زالوا في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال،
ودعاء الشيعة بعضهم لبعض في السر للطلب بدم الحسين عليه السلام حتى
مات يزيد بن معاوية - عليهما اللعنة والهاوية -، وكان بين مقتل
الحسين عليه السلام وهلاك يزيد - لعنه الله - ثلاث سنين وشهران وأربعة
أيام، وكان أمير العراق عبيد الله بن زياد - لعنه الله -، وخليفته
بالكوفة عمرو بن حريث المخزومي.
وكان عبد الله بن الزبير قبل موت يزيد يدعو الناس إلى طلب
ثأر الحسين عليه السلام وأصحابه، ويغريهم بيزيد، ويوثبهم عليه، فلما مات
يزيد - لعنه الله - أعرض عن ذلك القول، وبان بأنه يطلب الملك
لنفسه لا للثأر.

(1) أي أتيتك مع كل فتى لا يحتاج لبس الدرع لشجاعته. وفي الطبري: لا
يملا الروع.
(2) في (ف): مجش.
يقال: حششت النار: أي أوقدتها، والمحش: ما تحرك به النار من حديد،
ومنه قيل للرجل الشجاع: نعم محش الكتيبة. وفي الطبري: محس لعض
الحرب غير سؤوم.
(3) في الطبري: ينوي.
(4) في (ف): بسيفه.
(5) تاريخ الطبري: 5 / 558، الكامل في التاريخ: 4 / 161 - 162. وكذا
ما يأتي.
(6) في (ف): وهي التي.
77

وذكر المدائني عن رجاله أن المختار لما قدم على عبد الله بن
الزبير لم ير عنده ما يريد، فقال:
ذو مخاريق (1) وذو مندوحة * وركابي حيث وجهت ذلل
لا تبيتن منزلا تكرهه * وإذا زللت بك النعل فزل
فخرج المختار من مكة متوجها إلى الكوفة فلقيه هانئ بن أبي
حية الوداعي (2) فسأله عن أهلها، فقال: لو كان لهم رجل يجمعهم
على شي واحد لاكل الأرض بهم.
فقال المختار: أنا - والله - أجمعهم على الحق، وألقى بهم ركبان
الباطل، وأقتل بهم كل جبار عنيد إن شاء الله، ولا قوة الا بالله.
ثم سأله المختار عن سليمان بن صرد هل توجه لقتال
الملحدين (3)؟
قال: لا، ولكنهم عازمون على ذلك.
ثم سار المختار حتى انتهى إلى نهر الحيرة وهو يوم الجمعة، فنزل
واغتسل، ولبس ثيابه، وتقلد سيفه، وركب فرسه، ودخل الكوفة
نهارا، ولا يمر بمساجد القبائل (4) ومجالس القوم ومجتمع المحال الا
وقف وسلم، وقال: أبشروا بالفرج، فقد جئتكم بما تحبون، وأنا

(1) المخراق: الرجل الحسن الجسم والمتصرف في الأمور، والمنديل يلف
ليضرب به، وهو مخراق حرب: أي صاحب حروب.
(2) في تاريخ الطبري: 5 / 569: هانئ بن أبي حية الوادعي، وفي الكامل في
التاريخ: 4 / 171: هانئ بن جبة الوادعي، وفي (خ): (الوادعي) بدل
(الوادعي).
(3) في (ب) و (ع): المحلين.
(4) في (ب) و (ع): لا يمر على مسجد القبائل.
78

المسلط على الفاسقين، والطالب بدم ابن بنت (1) نبي رب العالمين.
ثم دخل الجامع وصلى فيه، فرأي الناس ينظرون إليه، ويقول
بعضهم لبعض: هذا المختار ما قدم الا لأمر، ونرجوا به الفرج.
وخرج من الجامع، ونزل داره - ويعرف قديما بدار سالم (2) بن
المسيب - ثم وجه (3) إلى وجوه الشيعة، وعرفهم أنه جاء من محمد
ابن الحنفية للطلب بدماء أهل البيت عليهم السلام، وهذا أمر لكم فيه الشفاء،
وقتل الأعداء.
فقالوا: أنت موضع ذلك وأهله، غير أن الناس قد بايعوا سليمان
ابن صرد الخزاعي، فهو شيخ الشيعة اليوم فلا تعجل في أمرك،
فسكت المختار وأق أم ينتظر ما يكون (4) من أمر سليمان والشيعة
حينئذ يدبرون (5) أمرهم سرا خوفا من عبد الملك بن مروان ومن ابن
الزبير، وكان خوف الشيعة من أهل الكوفة أكثر، لان أكثرهم قتلة
الحسين عليه السلام وصار المختار يفند (6) عن سليمان بن صرد،
ويدعوهم إلى نفسه، فأول من بايعه وضرب على يده عبيد بن
عمر (7)، وإسماعيل بن كثير.

(1) في (ب) و (ع): بدم أهل بيت.
(2) في (ب) و (ع): ويعرف قديما بسالم.
(3) في (ب) و (ع): بعث.
(4) في (ف): شيخ الشيعة فلا... فسكت المختار وانتظر ما يكون.
(5) في (ب) و (ع): يريدون.
(6) في (ب) و (ع): يفخذ، أي يدعوهم إلى نفسه فخذا فخذا وقبيلة قبيلة
مخذلا عن سليمان.
(7) في الطبري والكامل: عبيدة بن عمرو.
79

فقال عمر بن سعد وشبث بن ربعي لأهل الكوفة: أن المختار أشد
عليكم، لان سليمان إنما خرج يقاتل عدوكم، والمختار إنما يريد أن
يثب (1) عليكم، فسيروا إليه، وأوثقوه بالحديد، وخلدوه في السجن (2)،
فما شعر حتى أحاطوا بداره، واستخرجوه.
فقال إبراهيم بن محمد بن طلحة لعبد الله بن يزيد: أو ثقة كتافا
ومشه حافيا.
فقال له: لم أفعل هذا برجل لم يظهر لنا عداوة ولا حربا (3)، إنما
أخذناه على الظن؟ فأتى ببغلة له دهماء فركبها، وأدخلوه السجن (4).
قال يحيى بن أبي عيسى (5) دخلت مع حميد بن مسلم الأزدي
إلى المختار، فسمعته يقول: أما ورب البحار، والنخل والأشجار،
والمهامه والقفار، والملائكة الأبرار، والمصطفين الأخيار، لأقتلن كل
جبار، بكل لدن خطار (6)، ومهند بتار (7)، في جموع من الأنصار،
ليسوا بميل ولا أغمار (8)، ولا بعزل (9) أشرار، حتى إذا أقمت عمود

(1) في (ف): يريد يثب.
(2) في (ب) و (ع): وخلدوه السجن.
(3) في (ف): جرما.
(4) تاريخ الطبري: 5 / 580 - 581.
(5) في (ف): يحيى بن عيسى.
(6) اللدن: اللين من كل شي، وخطر الرجل بسيفه ورمحه: رفعه مرة ووضعه
أخرى، والرمح اهتز فهو خطار.
(7) هند السيف: شحذه، والبتر: القطع.
(8) في (ف): اغبار.
والميل: جمع أميل وهو الكسل الذي لا يحسن الركوب والفروسية،
والأغمار: جمع غمر - بالضم -: وهو الجاهل الغر الذي لم يجرب الأمور.
(9) العزل - بالضم -: جمع الأعزل، وهو الذي لا سلاح معه.
80

الدين، ورأيت (شعب) (1) صدع المسلمين (وشفيت غليل صدور
المؤمنين) (2) وأدركت ثأر النبيين، لم يكبر علي زوال الدنيا، ولم (3)
أحفل بالموت إذا أتى (4).
* * *

(1) من الطبري والكامل.
(2) من الطبري والكامل.
(3) في (ف): ولا.
(4) تاريخ الطبري: 5 / 581 - 582، الكامل في التاريخ: 4 / 173.
81

المرتبة الثانية
في ذكر رجال سليمان بن صرد الخزاعي وخروجه ومقتله
لما أراد النهوض بعسكره من النخيلة (1) وهي السنة التي أمر مروان بن
الحكم أهل الشام بالبيعة (3) من بعده لابنيه عبد الملك وعبد العزيز،
وجعلهما وليي عهده، وفيها مات مروان بدمشق مستهل شهر رمضان،
وهو ابن (4) إحدى وثمانين سنة، وكانت خلافته تسعة أشهر.
وكان عبيد الله لعنه الله بالعراق، فسار حتى نزل الجزيرة، فأتاه
الخبر بموت مروان - لعنه الله -، وخرج سليمان بن صرد ليرحل
فرأى عسكره فاستقله، فبعث حكيم بن منقذ الكندي (5) والوليد بن

(1): النخيلة: تصغير نخلة، موضع قرب الكوفة على سمت الشام. (مراصد
الاطلاع: 3 / 1366).
(2) في (ف): مستهل ربيع.
(3) في (ف): مروان بن الحكم بالبيعة.
(4) في (ب) و (ع): وكان عمره.
(5) في (ف): الكناني.
82

حصين (1) الكناني في جماعة، وأمرهما بالنداء في الكوفة: يا آل
ثارات (2) الحسين عليه السلام.
فسمع النداء رجل من كثير من الأزد (3)، وهو عبد الله بن حازم
وعنده ابنته وامرأته سهلة بنت سبرة، وكانت من أجمل الناس (4)
وأحبهم إليه، ولم يكن دخل في القوم، فوثب إلى ثيابه فلبسها، والى
سلاحه وفرسه، قالت له زوجته: ويحك أجننت؟
قال: لا، ولكني سمعت داعي الله - عز وجل - فأنا مجيبه،
وطالب بدم هذا الرجل حتى أموت (5).
فقالت: إلى من تودع بيتك هذا (6)؟
قال: إلى الله، اللهم إني أستودعك ولدي وأهلي، اللهم احفظني
فيهم، وتب علي مما (7) فرطت في نصرة ابن بنت نبيك.
ثم نادوا: (يا آل ثارات (8) الحسين عليه السلام) في الجامع، والناس
يصلون العشاء الآخرة. فخرج مع جمع (9) كثير إلى سليمان، وكان معه

(1) في الطبري: غصين، وفي الكامل: عصير - عصين، عضين، عصدين،
خ -.
(2) في (ف): في الكوفة بثارات.
(3) في (ف): رجل من الأزد.
(4) في (ب) و (ع): النساء. وكلمة (من) ليس في (ف).
(5) زاد في الطبري: أو يقضي الله من أمري ما هو أحب إليه.
(6) في الطبري: إلى من تدع بنيك هذا؟
وكان اسم ابنه: عزرة،
(7) في (ب) و (ع): فيما.
(8) في (ف): ثم نادى بثارات.
(9) في (ب) و (ع): فخرج جمع.
83

ستة عشر ألفا مثبتة في ديوانه (1)، فلم يصف منهم سوى أربعة الألف،
وعزم على المسير إلى الشام لمحاربة عبيد الله بن زياد - لعنه الله -.
فقال له عبد الله بن سعد: ان قتلة الحسين عليه السلام كلهم بالكوفة،
فمنهم عمر بن سعد، ورؤوس الأرباع، وأشراف القبائل، وليس
بالشام الا (2) عبيد الله بن زياد - لعنه الله -، فلم يوافق الا على المسير
إلى الشام لمحاربة عبيد الله بن زياد (3).
فخرج عشية الجمعة لخمس مضين من شهر ربيع الاخر - كما
ذكرنا - فباتوا بدير الأعور، ثم سار فنزل على أقساس (4) بني مالك
على شاطئ الفرات، ثم أصبحوا عند قبر الحسين عليه السلام، فأقاموا
يوما وليلة يصلون ويستغفرون، ثم ضجا ضجة واحدة بالبكاء
والعويل فلم ير يوم أكثر بكاء منه (5)، وازدحموا عند الوداع على قبره
الشريف كالزحام (6) على الحجر الأسود، وقام في تلك الحال وهب
ابن زمعة (7) باكيا على القبر، وأنشد أبيات عبيدا الله بن الحر
الجعفي:

(1) في (ف): وكان معه ستة وعشرون ألفا مثبوتة في ديوانه.
(2) في (ب) و (ع): سوى.
(3) عبارة (إلى الشام لمحاربة عبيد الله بن زياد) ليس في (ب) و (ع).
(4) في (خ): اقتناس.
وأقساس بني مالك: قرية بالكوفة وكورة يقال لها: أقساس مالك،
منسوبة إلى مالك بن عبد هند بن لجم، (مراصد الاطلاع: 1 / 104).
(5) في (ب) و (ع): فيه.
(6) في (ب) و (ع): قبره كالزحام.
(7) زاد في (ب) و (ع): الجعفي.
(8) في (ب) و (ع): عبد الله.
84

تبيت النشاوى من أمية نوما * وبالطف قتلى ما ينام (1) حميمها
وما ضيع الاسلام الا قبيلة * تأمر نوكاها (2) ودام نعيمها
وأضحت قناة الدين في كف ظالم * إذا أعوج منها جانب لا يقيمها
فأقسمت لا تنفك نفسي حزينة * وعيني تبكي لا يجف سجومها (3)
حياتي أو تلقى أمية خزية * يذل لها حتى الممات قرمها (4)
وكان مع الناس عبد الله بن عوف الأحمر على فرس كميت (5)
يتأكل تأكلا، وهو يقول:
خرجن يلمعن بنا ارسالا * عوابسا قد تحمل الابطالا (6)
نريد أن نلقى بها الأقيالا * الفاسقين الغدر (7) الضلالا
وقد رفضنا الأهل والأموالا * والخفرات البيض والحجالا
نرجو به (9) التحفة والنوالا * لنرضي المهيمن المفضالا (10)

(1) في (ف): هوما... لا ينام.
(2) نوكاها: أحمقها.
(3) سجم الدمع سجوما: سال، وعين سجوم.
(4) القرم: السيد.
(5) الكميت: لون بين السواد والحمرة، والمتأكل: الهائج.
(6) في الطبري عوابسا يحملننا أبطالا. ولمع بالشئ: ذهب. والرسل -
محركة -: القطيع من كل شي، والجمع أرسال.
(7) في الطبري: نلقى به الأقتالا القاسطين الغدر. والأقيال: جمع قيل، وهو
أحد ملوك حمير دون الملك الأعظم.
(8) في (خ): والعيالا. والخفرة: الكثيرة الحياء.
(9) في (ف): بها.
(10) تاريخ الطبري: 5 / 583 - 591. الكامل في التاريخ: 4 / 175 وما بعدها.
85

فساروا حتى أتوا هيت، ثم خرجوا حتى انتهوا إلى قرقيسيا (1)
وبلغهم أن أهل الشام في عدد كثير، فساروا سيرا مغذا (2) حتى أتوا
ووردوا (3) عين الوردة عن يوم وليله، ثم قام (4) سليمان بن صرد،
فوعظهم وذكرهم الدار الآخرة وقال: ان قتلت فأميركم المسيب بن
نجبة، فان أصيب المسيب فالأمير عبد الله بن سعد بن نفيل، فان (5)
أصيب فأخوه خالد بن سعد (6)، قان قتل خالد فالأمير عبد الله بن وأل،
فان قتل ابن وأل فأميركم رفاعة بن شداد.
ثم بعض سليمان المسيب بن نجبة في أربعة آلاف فارس رائدا،
وأن يشن علهم الغارة.
قال حميد بن مسلم: كنت معهم فسرنا يومنا كله وليلتنا، حتى إذا
كان السحر نزلنا وهومنا (7)، ثم ركبنا وقد صلينا الصبح ففرق العسكر

(1) في (ف) و (ب): قرقيسا.
وقرقيسياء: بلد على الخابور عند مصبه، وهي على الفرات، جانب
منها على الخابور، وجانب على الفرات، فوق رحبة مالك بن طوق. (مراصد
الاطلاع: 3 / 1080).
(2) في (ف): حثيثا. وأغذ في السير: أسرع.
(3) في (ب) و (ع): حتى وردوا.
وعين الوردة هو رأس عين المدينة المشهورة بالجزيرة. (مراصد
الاطلاع: 2 / 979).
(4) في (ف): نزل.
(5) في (ف): فإذا.
(6) لم يرد ذكر خالد بن سعد في ترتيب الامرة لا في الطبري ولا في الكامل.
(7) التهوم: هز الرأس من النعاس.
86

وبقي معه مائة فارس، فلقي أعرابيا فقال: كم بيننا وبين أدنى القوم؟
فقال: ميل (1)، وهذا عسكر شرحبيل (2) بن ذي الكلاع من قبل
عبيد الله معه أربعة آلاف، ومن ورائهم الحسين بن نمير السكوني في
أربعة آلاف، ومن ورائهم الصلت بن ناجية (3) الغلابي في أربعة آلاف،
وجمهور العسكر مع عبيد الله بن زياد بالرقة (4).
فساروا حتى أشرفوا على عسكر الشام، فقال المسيب لأصحابه:
كروا عليهم، فحمل عليهم عسكر (5) العراق فانهزموا، فقتل منهم خلق
كثير، وغنموا منهم غنيمة عظيمة، وأمرهم المسيب بالعود، فرجعوا
إلى (6) سليمان بن صرد، ووصل الخبر إلى عبد الله بن زياد، فسرح
إليهم الحصين بن نمير وأتبعه بالعساكر حتى نزل في عشرين ألفا،
وعسكر العراق يومئذ ثلاثة آلاف ومائة لاغير.
ثم تهيأت العساكر للحرب، فكان على ميمنة أهل الشام عبد الله بن
الضحاك بن قيس الفهري، وعلى ميسرتهم ربيعة بن مخارق (7) الغنوي،
وعلى الجناح شرحبيل بن ذي الكلاع الحميري، وفي القلب الحصين

(1) زاد في (ب) و (ع): أقول: الميل أربعة آلاف ذراع، وكل ثلاثة أميال
فرسخ. والظاهر أنه من كلام المجلسي.
(2) في (ب): شراحيل. وكذا في المواضع الآتية.
(3) في (ع): ناحية.
(4) الرقة: مدينة مشهورة على الفرات من جانبها الشرقي، في بلاد
الشام. (مراصد الاطلاع: 2 / 626).
(5) في (ب): فحمل عسكر.
(6) في (ف): بالعود إلى.
(7) كذا الصحيح، وفي النسخ: مخارق بن ربيعة.
87

ابن نمير (1) السكوني.
ثم جعل أهل العراق على ميمنتهم المسيب بن نجبة الفزاري،
وعلى ميسرتهم عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وعلى الجناح رفاعة
ابن شداد البجلي، وعلى القلب الأمير سليمان (2) بن صرد الخزاعي،
ووقف العسكر، فنادى أهل الشام: ادخلوا في طاعة عبد الملك بن
مروان، ونادى أهل العراق: سلموا إلينا (3) عبيد الله بن زياد، وأن
يخرج الناس من طاعة عبد الملك وآل الزبير، ويسلم الامر إلى أهل
بيت نبينا صلى الله عليه وآله.
فأبى الفريقان، وحمل بعضهم على بعض، وجعل سليمان بن
صرد الخزاعي يحرضهم على القتال، ويبشرهم بكرامة الله تعالى، ثم
كسر جفن سيفه وتقدم نحو أهل الشام، وهو ينشد ويقول (4):
إليك ربي تبت من ذنوبي * وقد علاني في الورى مشيبي
فارحم عبيدا عرما (5) تكذيب * واغفر ذنوبي سيدي وحوبي (6)
قال حميد بن مسلم: حملت ميمنتنا على ميسرتهم، وحملت
ميسرتنا على ميمنتهم، وحمل سليمان في القلب فهزمناهم وظفرنا
بهم، وحجز (7) بيننا وبينهم، ثم قاتلناهم (8) في الغد وبعده حتى

(1) عبارة (ربيعة الغنوي... بن نمير) سقطت من (ف).
(2) في (ف):
وعلى القلب سليمان.
(3) في (ف): لنا.
(4) في (ب) و (ع): وهو يقول.
(5) عرم: اتهم بما لم يجن.
(6) الحبو: الاثم.
(7) في (ف): وجن.
(8) في (ف): قتلناهم.
88

مضت ثلاثة أيام، ثم أمر الحصين بن نمير أهل الشام (1) برمي النبل،
فأتت السهام كالشرار المتطاير. فقتل سليمان بن صرد رحمه الله، فلقد بذل
في أهل الثأر (2) مهجته، وأخلص لله توبته، ولقد قلت هذين البيتين،
حيث مات مبرءا من العيب (3) والشين:
قضى سليمان نحبه فغدا * إلى جنان ورحمة الباري
مضى حميدا في بذل مهجته * وأخذه للحسين بالثار
ثم أخذ الراية المسيب بن نجبة، فقاتل قتالا خرت له الأذقان،
وأثر في ذلك الجيش الجم الطعان ثلاث مرات، وكان من أعظم
الشجعان قتالا، وأكبرهم (4) على الأعداء نكالا، وهو يقول:
قد علمت ميالة الذوائب * واضحة الخدين (5) والترائب
أني غداة الروع والتغالب * أشجع من ذي لبدة (6) مواثب
قصاع (7) أقران مخوف الجانب (8)
فلم يزل يكر عليهم فيفرون بين يديه حتى تكاثروا عليه
فقتلوه (9).

(1) في (ب) و (ع): ثم أمرهم الحصين بن نمير لأهل الشام.
(2) في (ف): الشام.
(3) في (ب) و (ع): العتب.
(4) في (ب) و (ع): وأكرهم.
(5) في الطبري: اللبات.
(6) في الطبري: لبد.
(7) في الطبري: قطاع.
وقصعت الرجل قصعا: صغرته وحقرته، وقصعت هامته إذا ضرتها ببسط
كفك.
(8) تاريخ الطبري: 5 / 600.
(9) في (ب) و (ع): تكاثروا فقتلوه.
89

ثم أخ ذ الراية عبد الله بن سعد بن نفيل، ثم حمل على القوم
وطعن، وهو يرتجز ويقول: (1):
ارحم الهي عبدك التوابا * ولا تؤاخذه فقد أنابا
وفارق الاهلين والأحبابا * يرجو بذاك الفوز والثوابا
فلم يزل يقاتل حتى قتل.
ثم تقدم أخوه خالد بن سعد بالراية، وحرضهم على القتال،
ورغبهم في حميد المآل (2)، فقاتل أشد قتال، ونكل بهم أي نكال،
حتى قتل.
وتقدم عبد الله بن وال فأخذ الراية، وقاتل حتى قطعت يده
اليسرى، ثم استند إلى أصحابه ويده تشخب دما، ثم كر عليهم، وهو
يقول:
نفسي فداكم اذكروا الميثاقا * وصابروهم واحذروا النفاقا
لا كوفة نبغي (3) ولا عراقا * لا بل نريد الموت والعتاقا (4)
وقاتل حتى قتل.
فبينما هم كذلك إذ جاءتهم النجدة مع المثنى بن مخربة (5) العبدي
من البصرة ومن المدائن مع كثير بن عمرو الحنفي، فاشتدت قلوب
أهل العراق بهم، واجتمعوا كبروا واشتد القتال، فتقدم رفاعة بن

(1) في (ب) و (ع): وهو يقول.
(2) في (ف): الفعال.
(3) في (ف): تبقى.
(4) في (ف): والعناقا.
(5) كذا في الطبري، وفي (ف): محزمة، وفي (ب) و (ع): مخزمة.
90

شداد نحو صفوف أهل الشام (1)، وهو يرتجز ويقول:
يا رب اني تائب إليكا * قد اتكلت سيدي عليكا
قدما أرجي (2) الخير من يديكا * فاجعل ثوابي أملي إليكا (3)
قال عبد الله بن عوفا الأزدي: واشتد القتال حتى بان في أهل
العراق الضعف والقلة (4)، وتحدثوا في ترك القتال، فبعضهم يوافق،
وبعضهم يقول: أن ولينا ركبنا السيف، فلا نمشي فرسخا حتى لا يبقى
منا واحد (5)، وإنما نقاتل حتى يأتي الليل ونمضي،
ثم تقدم عبد الله بن عوف إلى الراية فرفعها، واقتتلوا أشد قتال،
فقتل جماعة من أهل العراق، وانفلت الجموع، وافترق الناس، وعاد
العسكر حتى وصلوا قرقيسيا (6) من جانب البر، وجاء سعد بن حذيفة
إلى هيت (7)، فلقيه الاعراب فأخبروه بما لقي الناس.
ثم عاد أهل المدائن وأهل البصرة وأهل الكوفة إلى بلادهم،
والمختار محبوس وكان يقول لأصحابه: عدوا لغارتكم هذه (8) أكثر
من عشر، ودون الشهر، ثم يجيئكم نبا هتر، من طعن بتر، وضرب
هبر (9)، وقتل جم وأمرهم، فمن لها؟ أنا لها، لا تكذبن أنا لها (10).

(1) في (ف) و (ب): صفوف الشام.
(2) في (خ): قديما أرجو.
(3) في (ف) و (خ): لديكا.
(4) كلمة (والقلة) ليس في (ف).
(5) في (ف): أحد منا.
(6) في (ف): قريبا.
(7) هيت: سميت باسم بانيها، وهو هيت بن البندي، ويقال: البلندي، بلدة
على الفرات فوق الأنبار. (مراصد الاطلاع: 3 / 1468).
(8) في الطبري: لغازيكم هذا.
(9) في (خ): هتر.
الهتر: العجب والداهية، وضرب هبر: أي قاطع.
(10) تاريخ الطبري: 5 / 605 - 606.
91

وكان المختار علم بالرجز (1) والفراسة والخدع وحسن السياسة.
قال المرزباني في كتاب الشعراء: كان للمختار غلام يقال له
جبرئيل (2)، وكان يقول: قال لي جبرئيل، وقلت لجبرئيل، فيوهم (3)
الاعراب وأهل البوادي أنه جبرئيل عليه السلام، فاستحوذ عليهم بذلك حتى
انتظمت له الأمور، وقام باعزاز الدين ونصره، وكسر الباطل وقصره.
ولما قدم أصحاب سليمان بن صدر من الشام، كتب إليهم المختار
من الحبس:
أما بعد، فان الله أعظم لكم الاجر، وحط عنكم الوزر، بمفارقة (4)
القاسطين، وجهاد المحلين (5)، انكم لن تنفقوا نفقة، ولم تقطعوا عقبة،
ولم تخطو خطوه الا رفع الله لكم بها درجة، وكتب لكم بها حسنة (6)،
فأبشروا فاني لو خرجت إليكم جردت فيما بين المشرق والمغرب من
عدوكم بالسيف بإذن الله، فجعلتهم ركاما، وقتلتهم فذا (7) وتوأما،
فرحب الله لمن قارب واهتدى، ولا يبعد الله الا من عصى وأبى،
والسلام عليكم يا أهل (8) الهدى.
فلما جاء كتابه وقف عليه جماعة من رؤوسا القبائل وأعادوا
الجوا: قرأنا كتابك ونحن حيث يسرك، فان شئت أن نأتيك حتى

(1) في (ب) و (ع): وكان المختار يأخذ أفعاله بالرجز.
(2) في (ب) و (ع): كان له غلام اسمه جبرئيل.
(3) في (ب) و (ع): فيتوهم.
(4) في (ف): بمنازلة.
(5) في (ف): الملحدين.
(6) في (ب) و (ع): لكم حسنة.
(7) الفذ: الفرد.
(8) في (ب) و (ع): والسلام يا أهل.
92

نخرجك من الحبس فعلنا.
فأخبره الرسول، فسر باجتماع الشيعة له، وقال: لا تفعلوا هذا،
فاني أخرج في أيامي هذه.
وكان المختار قد بعث إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب:
أما بعد، فاني حبست مظلوما، وظن بي الولاة ظنونا كاذبة،
فاكتب في - يرحمك الله - إلى هذين الظالمين، وهما: عبد الله بن يزيد،
وإبراهيم بن محمد كتابا عسى الله أن يخلصني من أيديهما بلطفك
ومنك، والسلام عليك (1).
فكتب إليهما ابن عمر:
أما بعد، فقد علمتما الذي (2) بيني وبين المختار من المصاهرة (3)،
والذي بيني وبينكما من الود، فأقسمت عليكما لما (4) خليتما سبيله،
حين تنظران في كتابي هذا، والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته (5).
فلما قرا الكتاب، طلبا من المختار كفلا، فأتاهما بجماعة (6)
من أشرف الكوفة، فاختارا منهم عشرة ضمنوه، وحلفاه أن لا يخرج
عليهما، فان هو خرج فعليه ألف بدنة (7) ينحرها لدى رتاج (8) الكعبة،
ومماليكه كلهم أحرار، فخرج وجاء داره.

(1) كلمة (عليك) ليس في (ف).
(2) في (ف): ما.
(3) في (ب) و (ع): الصهر. وفي (ف): (وبيني) بدل (والذي بيني).
(4) في (ف): الا /
(5) عبارة (ورحمة الله وبركاته) ليس في (ف).
(6) في (ب) و (ع): فأتاه جماعة.
(7) البدنة: الناقة أو البقرة المسمنة.
(8) الرتاج: الباب العظيم، وقيل: هو الباب المغلق. (لسان العرب: 2 / 279 -
رتج -).
93

قال حميد بن مسلم: سمعت المختار يقول: قاتلهم الله ما أجهلهم
وأحمقهم حيث يرون (1) أني أفي لهم بأيمانهم هذه، أما حلفي بالله
فإنه ينبغي إذا حلفت يمينا ورأيت ما هو أولى منها أن أتركها وأعمل
الأولى، وأكفر عن يميني، وخروجي خير من (2) كفي عنهم، وأما
هدي (3) ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة، وما يهولني ثمن ألف
بدنة، وأما عتق مماليكي فوالله لوددت أنه استتب (4) لي أمري من
أخذ الثأر، ثم لم أملك مملوكا أبدا.
ولما استقر في داره، اختلفت الشيعة إليه، واجتمعت عليه،
واتفقوا على الرضا به، وكان قد بويع له وهو في السجن، ولم يزل (5)
يكثرون وأمرهم يقوى ويشتد حتى عزل عبد الله بن الزبير الواليين
اللذين من قبله (6)، وهما عبد الله بن يزيد (7) وإبراهيم بن محمد بن
طلحة المذكورين، وبعث عبد الله بن مطيع واليا على الكوفة، والحارث
ابن عبد الله بن أبي ربيعة على البصرة، فدخل ابن مطيع إليها.
وبعث المختار إلى أصحابه فجمعهم في الدور حوله، وأراد أن
يثب على أهل الكوفة.

(1) في (ف): ما أجهلهم حيث يروني،
(2) في (ف): وخروجي من.
(3) الهدي: هو ما يهدى إلى البيت الحرام من النعم لتنحر، فأطلق على جميع
الإبل وان لم تكن هديا. (نهاية ابن الأثير: 5 / 254 - هدي -).
(4) في (ف): يستتم.
(5) في (ف): يزالوا.
(6) في (ب) و (ع): الواليين من قبله.
(7) في (ب) و (ع): زيد.
94

فجاء رجل من أصحابه من شبام (1) عظيم الشرف وهو عبد
الرحمان ابن شريح فلقي جماعة، منهم: سعيد (2) بن منقذ، وسعر (3)
ابن أبي سعر الحنفي، والأسود الكندي، وقدامة بن مالك الجشمي
وقد اجتمعوا (4) فقالوا له: أن المختار يريد الخروج بنا للاخذ بالثأر،
وقد بايعناه، ولا نعلم أرسله إلينا محمد بن الحنفية أم لا، فانهضوا بنا
إليه نخبره بما قدم به علينا، فان رخص لنا اتبعناه، وان نهانا تركناه.
فخرجوا وجاءوا إلى ابن الحنفية، فسألهم عن الناس فخبروه (5)،
وقالوا: لنا إليك حاجة.
قال: سر أم علانية؟
قلنا (6): بل سر.
قال: رويدا إذا، ثم مكث قليلا وتنحى ودعانا (7)، فبدا (8) عبد
الرحمان بن شريح بحمد الله والثناء عليه، وقال:
أما بعد، فأنكم (9) أهل بيت خصكم الله بالفضيلة، وشرفكم

(1) في (ف): بشام. وهو جبل بين اليمامة واليمن. (مراصد الاطلاع:
1 / 199).
وشبام: جبل عظيم بصنعاء، (مراصد الاطلاع: 2 / 779).
وفي الكامل: وشبا:: حي من همدان.
(2) كذا في الطبري والكامل، وفي (ف) و (ب) و (ع): سعد.
(3) في (ف): مسعر.
(4) في (ف): اجتمعوا له.
(5) في (ف): فأخبروه.
(6 و 7) كذا في النسخ، والأنسب في المقام: قالوا... ودعاهم.
(8) في (ف): رويدا، فمكث قليلا وتنحى، فبدأ.
(9) في (ف): والثناء، وقال: أما بعد، فأنتم.
95

بالنبوة، وعظم حقكم على هذه الأمة، وقد أصبتم بحسين عليه السلام مصيبة
عمت المسلمين، وقد قدم المختار يزعم أنه جاء من قبلكم (1)، وقد
دعانا إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله والطلب بدماء أهل البيت،
فبايعناه على ذلك، فان أمرتنا باتباعه اتبعناه، وان نهيتنا اجتنبناه.
فلما سمع كلامه وكلام غيره حمد الله وأثنى عليه، وصلى
على النبي صلى الله عليه وآله (2) وقال:
أما ما ذكرتم مما خصنا الله فان الفضل لله يؤتيه من يشأ والله ذو
الفضل العظيم (3).
وأما مصيبتنا بالحسين عليه السلام فذلك في الذكر الحكيم (4).
وأما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلى الطلب بدمائنا، فوالله
لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه، أقول قولي هذا
وأستغفر الله لي ولكم (5) (6).
قال جعفر بن نما مصنف هذا الكتاب: فقد رويت عن والدي رحمه الله

(1) في (ف): أنه من قبلكم.
(2) في (ف): وذكر النبي صلى الله عليه وآله فصلى عليه.
(3) إشارة للآيتين 21 و 29 من سورة الحديد، والآية 4 من سورة الجمعة.
(4) زاد في الطبري: وهي ملحمة كتبت عليه، وكرامة أهداها الله له، رفع بما
كان منها درجات قوم عنده، ووضع بها آخرين، وكان أمر الله مفعولا، وكان
أمر الله قدرا مقدورا.
(5) كذا في الطبري، وفي (ف) و (ب) و (ع): وأما الطلب بدمائنا. ولا يخفى
السقط الحاصل.
(6) تاريخ الطبري: 6 / 7 - 14، الكامل في التاريخ 4 / 214.
96

أنه قال لهم: قوموا بنا إلى امامي وامامكم علي بن الحسين، فلما دخل
ودخلوا عليه (1) خبره بخبرهم (2) الذي جاءوا لأجله (3).
قال: يا عم، لو أن عبدا زنجيا تعصب لنا أهل البيت، لوجب على
الناس مؤازرته، وقد وليتك هذا الامر، فاصنع ما شئت.
فخرجوا، وقد سمعوا كلامه وهم يقولون: أذن لنا زين
العابدين عليه السلام ومحمد بن الحنفية.
وكان المختار علم بخروجهم إلى محمد بن الحنفية، وكان يريد
النهوض بجماعة الشيعة قبل قدومهم، فلم يتهيأ ذلك له، وكان يقول:
أن نفيرا (4) منكم تحيروا وارتابوا، فان هم أصابوا أقبلوا وأنابوا، وان
هم كبوا وهابوا واعترضوا وانجابوا فقد خسروا وخابوا، فدخل (5)
القادمون من عند محمد بن الحنفية على المختار (6) فقال: ما وراءكم؟
فقد فتنتم وارتبتم؟
فقالوا: قد أمرنا بنصرتك.
فقال: أنا أبو إسحاق (7)، أجمعوا إلي الشيعة، فجمع (8) من كان

(1) في (ف): قال: قوموا بنا... فلما دخلوا عليه.
(2) في (ب): أخبر خبرهم، وفي (ع): أخبره خبرهم.
(3) في (ف): الذي جاءوا إليه ولاجله.
(4) في (ف): جماعة.
(5) في (ف): فدخلوا.
(6) عبارة (على المختار) ليس في (ب) و (ع).
(7) في (ف): فقال أبو إسحاق.
(8) في (ف): فجمعوا.
97

قريبا، فقال: يا معشر (1) الشيعة، ان نفرا أحبوا أن يعلموا مصداق
ما جئت به، فخرجوا إلى امام الهدى، والنجيب المرتضى، وابن
المصطفى المجتبى - يعني (2) زين العابدين عليه السلام - فعرفهم أني ظهيره
ووزيره (3)، وأمركم باتباعي وطاعتي، وقال كلاما يرغبهم إلى الطاعة
والاستنفار (4) معه، وأن يعلم الحاضر الغائب.
وعرفه قوم أن جماعة من أشراف الكوفة مجتمعين على قتالك
مع ابن مطيع، ومتى جاء معنا إبراهيم بن الأشتر رجونا بإذن الله -
تعالى - القوة على عدونا، فله عشيرة.
فقال: القوة وعرفوه (5) الإذن لنا في الطلب بدم الحسين عليه السلام
وأهل بيته، فعرفوه، فقال: قد أجبتكم على أن تولوني الامر.
فقالوا أنت أهل له، ولكن ليس إليه سبيل، هذا المختار قد جاءنا
من قبل امام الهدى، ومن نائبه محمد بن الحنفية، وهو المأذون له في
القتال، فلم يجب، فانصرفوا وعرفوا (6) المختار.
فبقي ثلاثا، ثم إنه دعا جماعة من وجوه أصحابه، قال عامر
الشعبي: وأنا وأبي فيهم، فسار المختار وهو أمامنا يقد بنا بيوت
الكوفة (7)، لا ندري (8) أين يريد، حتى وقف على باب إبراهيم بن

(1) في (ف): يا معاشر.
(2) في (ف): أعني.
(3) في (ب) و (ع): ظهيره ورسوله، وفي الطبري وزيره وظهيره، ورسوله
وخليله.
(4) في (ع): والاستغفار، والاستنقاذ.
(5) في (ب) و (ع): وعرفوا.
(6) في (ب) و (ع): وعرفوا.
(7) في (ف): فسار المختار يقدمنا بيون الكوفة، وفي (خ): (يتعد) بدل
(يقد).
ويقد: يقطع.
(8) في (ب) و (ع): لا يدرى.
98

مالك الأشتر (1)، فأذن له، وألقيت الوسائد فجلسنا عليها، وجلس
المختار معه على فراشه، وقال:
هذا كتاب محمد بن أمير المؤمنين عليه السلام يأمرك أن تنصرنا، فان
فعلت اغتبطت، وان امتنعت فهذا الكتاب حجة عليك، وسيغني الله
محمدا وأهل بيته عنك.
وكان المختار قد سلم الكتاب إلى الشعبي، فلما تم كلامه، قال:
ادفع (2) الكتاب إليه، ففض ختمه، وهو كتاب طويل فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر.
سلام عليك، قد بعثت إليك المختار ومن ارتضيته لنفسي، وقد
أمرته بقتال عدوي، والطلب بدماء أهل بيتي، فامض معه بنفسك
وعشيرتك، وتمام الكتاب بما يرغب إبراهيم في ذلك.
فما قرأ الكتاب قال: ما زال يكتب إلي باسمه واسم أبيه فما باله
في هذا الكتاب يقول المهدي؟!
قال المختار: ذاك زمان وهذا زمان (4).
قال إبراهيم: من يعلم أن هذا كتاب ابن الحنفية إلي؟

(1) عبارة (بن مالك الأشتر) ليس في (ب) و (ع).
(2) في (ب): ارفع.
(3) في (ب) و (ع): فما باله ويقول في هذا الكتاب المهدي.
(4) عبارة (وهذا زمان) ليس في (ب) و (ع).
99

قال يزيد بن أنس وأحمر بن شميط (1) و عبد الله بن كامل
وغيرهم: نحن نعلم ونشهد أنه كتاب محمد إليك.
قال الشعبي: الا أنا وأبي لا نعلم، وعند ذلك تأخر إبراهيم عن
صدر الفراش، وأجلس المختار عليه، وقال: ابسط يدك، فبسط يده
فبايعه (2)، ودعا بفاكهة وشراب من عسل فأصبنا منه فأخرجنا معنا
إبراهيم إلى أن دخل المختار داره.
فلما رجع إبراهيم أخذ (3) بيدي وقال: يا شعبي، علمت أنك لا
تشهد ولا أبوك الا حقا (4) أفترى هؤلاء شهدوا (5) على حق؟
قلت: شهدوا على ما رأيت وفيهم سادة القراء، ومشيخة المصر،
وفرسان العرب، ولا (6) يقول مثل هؤلاء الا حقا.
وكان إبراهيم رحمه الله ظاهر الشجاعة، واري زناد الشهامة، نافذ
حد الصرامة، مشمرا في محبة أهل البيت عن ساقيه، متلقيا راية
النصح (7) لهم بكلتا يديه، فجمع عشيرته وإخوانه وأهل مودته

(1) كذا في الطبري والكامل، وهو الصحيح، وفي (ف) و (ب) و (ع): سقيط.
وهو أحمر بن شميط البجلي، أحد القادة الشجعان. (الاعلام:
1 / 276).
(2) في (ف): ابسط يديك، فبايعه.
(3) في (ب) و (ع): فلما رجع أخذ.
(4) عبارة (الا حقا) ليس في (ب) و (ع).
(5) في (ع): شهداء.
(6) في (ب) و (ع): وما.
(7) في (ف): النصر.
100

وأعوانه، وكان يتردد بهم إلى المختار عامة الليل، ومعه حميد بن
مسلم الأزدي (1) حتى تصوب النجوم، وتنقض (2) الرجوم، وأجمع (3)
رأيهم أن يخرجوا يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع
الاخر سنة ست وستين.
وكان اياس بن مضارب صاحب شرطة عبد الله بن مطيع
أمير الكوفة، فقال له: ان المختار خارج عليك لا محالة، فخذ حذرك،
ثم خرج اياس مع الحرس، وبعث ولده راشدا إلى الكناسة، وجاء هو
إلى السوق، وأنفذ ابن مطيع إلى الجبانات من شحنها بالرجال
يحرسها من أهل الريبة.
وخرج إبراهيم بن مالك الأشتر بعد المغرب إلى المختار
ومعه جماعة (4) عليهم الدروع وفوقها الأقبية، وقد أحاط الشرط
بالسوق (5) والقصر، فلقي اياس بن مضارب أصحاب إبراهيم
وهم متسلحون، فقال: ما هذا الجمع؟ ان أمرك لمريب،
ولا أتركك حتى آتي بك إلى الأمير، فامتنع إبراهيم ووقع
التشاجر بينهم (6)، ومع اياس رجل من همدان اسمه أبا قطن، قال له

(1) في الطبري: الأسدي، وفي (خ): الأزود.
(2) في (خ): وتنقص.
(3) في (ف): وأجمعوا.
(4) في (ف): بعد المغرب معه جماعة.
(5) في (ف): وقد رأته الشرطة بالسوق.
(6) في (ف): بينهم وبين اياس.
101

إبراهيم (1): ادن مني يا أبا قطن (2) - لأنه صديقه (3) - فظن أنه يريد أن
يجعله شفيعه في تخلية القوم، وبيد أبي قطن رمح طويل،
فأخذه
إبراهيم منه وطعن اياس بن مضارب (4) في نحره فصرعه وأمرهم
فاجتزوا (5) رأسه، وانهزم أصحابه.
وأقبل إبراهيم إلى المختار وعرفه ذلك، فاستبشر وتفأل (6)
بالنصر والظفر، ثم أمر باشعال النار في هرادي (7) القصب
وبالنداء (يا لثارات الحسين (8)، ولبس درعه وسلاحه، وهو يقول:
قد علمت بيضاء حسناء الطلل (9) * واضحة الخدين (10) عجزاء الكفل
أني غداة الروع مقدام بطل * لا عاجز فيها ولا وغد (11) فشل
فأقبل الناس من كل ناحية، وجاء عبيد الله (12) بن الحر الجعفي
في قومه، وتقاتلوا قتالا عظيما، وشرد الناس ومن كان في الطرق

(1) في (ف): قال إبراهيم.
(2) عبارة (يا أبا قطن) ليس (ب) و (ع).
(3) عبارة (لأنه صديقه) ليس في (ف). /
(4) في (ف): وطعن ابن اياس، وهو تصحيف.
(5) في (ف): فأخذوا.
(6) في (ف): فاستبشروا وتفاءلوا.
(7) في (ف): هوادي.
والهردية: قصبات تضم ملوية بطاقات الكرم، تحمل عليها قضبانه.
(لسان العرب: 3 / 436).
(8) في (ف): بالثارات، وفي (ب): يا آل ثارات الحسين.
(9) يقال: حيا الله طلك: أي شخصك.
(10) في (ف): العينين.
(11) الوغد: الدني الذي يخدم بطعام بطنه. وهذا العجز لم يرد في الطبري.
(12) في (ف) و (ع): عبد الله. وعبارة (في قومه... ومن كان) ليس في (ف).
102

والجبانات من أصحاب السلاح واستشعروا الحذر، وتفرقوا في
الأزقة خوفا من إبراهيم.
وأشار شبث بن ربعي على الأمير ابن مطيع بالقتال.
فعلم المختار، فخرج في أصحابه حتى نزل دير هند (1) مما يلي
بستان زائدة في السبخة، ثم جاء أبو عثمان النهدي في جماعة من
أصحابه (2) إلى الكوفة ونادوا: (يا آل ثارات (3) الحسين) يا منصور
أ: ت (4) - وهذه علامة بينهم - ثم نادي (5): يا أيها الحي المهتدون، ألا
أن أمين آل محمد صلى الله عليه وآله قد خرج فنزل دير هند، وبعثني إليكم داعيا
ومبشرا فاخرجوا إليه رحمكم الله، فخرجوا من الدور يتداعون.
وفي هذا المعنى قلت هذه الأبيات متأسفا على ما فات، كيف لم
أكن من أصحاب الحسين عليه السلام في نصرته، ولا من أصحاب (6)
المختار وجماعته؟!

(1) في (خ): نهد.
ودير هند الصغرى: بالحيرة، يقارب خطة بني عبد الله بن دارم
بالكوفة، مما يلي الخندق، وهند هذه بنت النعمان بن المنذر المعروفة
بالحرقة. (مراصد الاطلاع: 2 / 579).
(2) في (ب) و (ع): جماعة أصحابه. وعبارة (إلى الكوفة) ليس في (ف).
(3) في (ف): بثارات.
(4) المراد به التفاؤل بالنصر بعد الامر بالإماتة مع حصول الغرض للشعار،
فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة بينهم يتعارفون بها لأجل ظلمة الليل.
(5) عبارة (ثم نادى) ليس في (ب) و (ع). وفي (ف): (الناس) بدل (الحي).
(6) في (ف): أتباع.
103

ولما دعا المختار للثار (1) أقبلت * كتائب من أشياع (2) آل محمد
وقد لبسوا فوق الدروع قلوبهم * وخاضوا بحار الموت في كل مشهد
هم نصروا سبط النبي ورهطه * ودانوا بأخذ الثار من كل ملحد
ففازوا بجنات النعيم وطيبها * وذلك خير من لجين وعسجد (3)
ولو أنني يوم الهياج (4) لدى الوغى * لأعملت (5) حد المشرفي المهند
فوا أسفا إذ لم أكن من حماته (6) * فأقتل منهم (7) كل باغ ومعتد
وانقع غلى من دما نحورهم * وأتركهم ملقون في كل فدفد (8) (9)
* * *

(1) في (خ): بالثار.
(2) في (ف): أتباع.
(3) اللجين: مصغر الفضة. والعسجد: الذهب.
(4) في (خ): الصياح.
(5) في (خ): لا حملت.
(6) في (ف): ان لم أكن من جماعته.
(7) في (ب) و (ع): فيهم.
(8) الفدفد: الفلاة التي لا شي بها، وقيل: هي الأرض الغليظة ذات الحصى،
وقيل: المكان الصلب. (لسان العرب: 3 / 330 - فدفد -).
وهذا البيت أثبتناه من (ف).
(9) تاريخ الطبري: 6 / 14 - 23، الكامل في التاريخ 4 / 214 - 220.
104

المرتبة الثالثة
في وصف الوقعة (1) مع ابن مطيع
قال الوالبي، وحميد بن مسلم، والنعمان بن أبي الجعد: خرجنا
مع المختار، فوالله ما انفجر الفجر حتى فرغ المختار من (2) تعبئة
عسكره، فلما أصبح تقدم (3) وصلى بنا الغداة فقرأ (والنازعات)
و (عبس) فوالله ما سمعنا إماما أفصح لهجة منه.
ونادى ابن مطيع في أصحابه، فلما جاءوا بعث شبث بن ربعي
في ثلاثة آلاف، وراشد بن اياس في أربعة آلاف، وحجار بن أبجر
العجلي في ثلاثة آلاف (4)، وعكرمة بن ربعي في ثلاثة آلاف (5)،
وشداد بن أبجر في ثلاثة آلاف (6)، وعبد الرحمان بن سويد في ثلاثة

(1) في (ف): الواقعة.
(2) في (ب) و (ع): فرغ من.
(3) في (ف): تعبئة أصحابه، فلما تقدم.
(4) عبارة (وراشد بن اياس... في ثلاثة آلاف) ليس في (ف).
(5) عبارة (في ثلاثة آلاف) ليس في (ب) و (ع).
(6) عبارة (في ثلاثة آلاف) ليس في (ب) و (ع).
105

آلاف، وتتابعت العساكر نحوا من عشرين ألفا.
فسمع المختار أصواتا مرتفعة، وضجة ما بين بني سليم (1) وسكة
البريد، فأمر باستعلام ذلك، فإذا هو شبث بن ربعي
عظيمة، وأتاه في الحال سعر بن أبي سعر الحنفي وهو ممن بايع
المختار، يركض من قبل مراد، فلقي راشد بن اياس فأخبر المختار،
فأرسل إبراهيم بن الأشتر (2) في تسعمائة فارس وستمائة، راجل،
ونعيم بن هبيرة في ثلاثمائة فارس وستمائة راجل، وقدم المختار
يزيد بن أنس في موضع مسجد شبث (3) في تسعمائة، فقاتلوهم حتى
أدخلوهم البيوت، وقتل من الفريقين جمع كثير (4)، وقتل نعيم بن
هبيرة.
وجاء إبراهيم بن الأشتر فلقي راشد بن اياس، ومعه أربعة آلاف
فارس، فقال إبراهيم لأصحابه (5): لا يهولنكم كثرتهم، فلرب فئة قليلة
غلبت فئة كثيرة والله مع الصابرين (6).
فاشتد قتالهم (7)، وبصر خزيمة بن نصر العبسي براشد، وحمل
عليه وطعنه فقتله، ثم نادى خزيمة: قتلت راشدا ورب الكعبة، فانهزم
القوم، وانكسروا وأجفلوا (8) اجفال النعام، وأطلوا عليهم كقطع
الغمام (9)، واستبشر أصحاب المختار، وحملوا على خيل الكوفة،

(1) في (ف): ما بين سليم.
(2) في (ف): مالك.
(3) في (خ): شيث.
(4) كلمة (كثير) ليس في (ب) و (ع).
(5) كلمة (لأصحابه) ليس في (ف).
(6) إشارة للآية 249 من سورة البقرة.
(7) عبارة (واشتد قتالهم) ليس في (ف).
(8) أجفل القوم: هربوا مسرعين.
(9) في (خ): الحمام. وهذه العبارة ليست في (ف).
106

فجعلوا صفو حياتهم كدرا، وساقوهم إلى الموت (1) زمرا، حتى
أوصلوهم السكك، وأدخلوهم الجامع، وحصروا الأمير ابن مطيع
ثلاثا في القصر.
ونزل المختار بعد هذه الوقعة جانب السوق، وولى حصار القصر
إبراهيم بن مالك الأشتر.
فلما ضاق عليه وعلى أصحابه الحصار، وعلموا أنه لا تعويل لهم
على مكر (2)، ولا سبيل إلى مفر، أشاروا عليه أن يخرج ليلا في زي
امرأة، ويستتر في بعض دور الكوفة، ففعل وخرج حتى صار إلى (3)
دار أبي موسى الأشعري فآووه (4)، وأما هم فإنهم طلبوا الأمان من
المختار فآمنهم (5)، وخرجوا وبايعوه، وصار يمنيهم، ويستجر
مودتهم (6)، ويحسن السيرة فيهم.
ولما خرج أصحاب ابن مطيع من القصر سكنه المختار، ثم خرج
إلى الجامع وأمر بالنداء: (الصلاة جامعة)، فاجتمع الناس ورقى
المنبر، ثم قال:
الحمد لله الذي وعد وليه النصر، وعدوه الخسر، وعدا مأتيا،
وأمرا مفعولا، وقد خاب من افترى.
أيها الناس، مدت لنا (7) غاية، ورفعت لنا راية (8)، فقيل في الراية:

(1) (ب) و (ع): وساقوهم حتى أوصلوهم إلى الموت.
(2) في (ف): مقر.
(3) في (ف): وخرج إلى.
(4) في (ب) و (ع): فآواه.
(5) في (ب) و (ع): الأمان فآمنهم.
(6) عبارة (ويستجر مودتهم) ليس في (ف).
(7) في (ف): إلينا.
(8) في (خ): آية.
107

ارفعوها ولا تضعوها (1)، وفي الغاية: خذوها ولا تدعوها، فسمعنا
دعوة الداعي، وقبلنا قول الراعي، فكم من باغ وباغية، وقتلى في
الراعية (2)؟
ألا فبعدا لمن طغى وبغى، وجحد ولغى، وكذب وتولى.
ألا فهلموا عباد الله إلى بيعة الهدى، ومجاهدة الأعداء، والذب
عن الضعفاء من آل محمد المصطفى، وأنا المسلط على المحلين (3)،
المطالب (4) بدم ابن بنت رسول رب العالمين (5).
أما ومنشئ السحاب، الشديد العقاب، لأنبشن قبر ابن شهاب
المفتري الكذاب، المجرم (6) المرتاب، ولأنفين الأحزاب إلى بلاد
الاعراب، ثم ورب العالمين لأقتلن أعوان الظالمين، وبقايا القاسطين.
ثم قعد على المنبر، ووثب قائما، وقال:
أما والذي جعلني بصيرا، ونور قلبي تنويرا، لأحرقن بالمصر
دورا، ولأنبشن بها قبورا، ولأشفين بها صدورا، ولأقتلن بها جبارا
كفورا، ملعونا غدورا، وعن قليل ورب الحرم، والبيت المحرم، وحق
النون والقلم، ليرفعن لي علم، من الكوفة إلى إضم (7)، إلى أكناف ذي

(1) في (ب) و (ع): ولا تضيعوها.
(2) في الطبري والكامل: وفي الغاية: أن اجروا إليها ولا تعدوها، فسمعنا دعوة
الداعي، ومقالة الواعي، فكم من ناع وناعية، لقتلى في الواعية!
(3) في (ف) و (خ): المخلين.
(4) في (خ): الطالب.
(5) في (ب) و (ع): بدم ابن نبي رب العالمين.
(6) في (ف): المجرب.
(7) إضم: واد بجبال تهامة، وهو الوادي الذي فيه المدينة، ويسمى من عند
108

سلم، من العرب والعجم، ثم لا تخان (1) من بني سليم (2) أكثر الخدم.
ثم نزل ودخل قصر الامارة، وانعكف عليه الناس للبيعة، فلم
يزل باسطا يده حتى بايعه خلق كثير، من (3) العرب والسادات
والموالي. ووجد في بيت المال بالكوفة (4) تسعة آلاف ألف، فأعطى
كل واحد من أصحابه الذين قاتل بهم في حصر ابن مطيع وهم ثلاثة
آلاف وثمانمائة رجل، كل واحد منهم خمسمائة درهم، وستة آلاف
رجل من الذين أتوه آلاف وثمانمائة رجل، كل واحد منهم خمسمائة درهم، وستة آلاف
رجل من الذين أتوه من بعد (5) حصار القصر مائتين مائتين.
ولما علم أن ابن مطيع في دار أبي موسى الأشعري، دعا عبد الله بن
كامل الشاكري ودفع إليه عشرة آلاف درهم، وأمره بحملها إليه، وأن
يقول (6) له: استعن بها على سفرك. فاني أعلم أنه ما يمنعك (7) الا ضيق
يدك.
فأخذها ومضى إلى البصرة، ولم يمض (8) إلى عبد الله بن الزبير
حيا مما جرى عليه من (9) المختار، واستعمل على شرطته عبد الله بن
كامل، وعلى حرسه كيسان أبا عمرة مولى عرينة (10)، وعقد لعبد الله
ابن الحارث أخي الأشتر لامه على أرمينية، ولمحمد بن عطارد (11)

(1) في (ف): ولأتخذن.
(2) في (ب) و (ع): تميم.
(3) في (ب) و (ع): خلق من.
(4) في (ف): بيت مال الكوفة.
(5) في (ف): أتوه بعد.
(6) في (ف): عشرة آلاف درهم يحملها إليه ويقول.
(7) في (ب) و (ع): منعك.
(8) في (ب) و (ع): يمش.
(9) في (ف): مع.
(10) عبارة (مولى عرينة) ليس في (ف).
(11) في الطبري والكامل: محمد بن عمير بن عطارد.
109

على آذربيجان، ولعبد الرحمان بن سعيد (1) بن قيس على الموصل،
ولسعد (2) بن حذيفة بن اليمان على حلوان، ولعمر بن السائب على
الري وهمدان، وفرق العمال بالجبال والبلاد، وكان يحكم بين
الخصوم حتى أشغلته (3) أموره فولى شريحا قاضيا.
فلما سمع المختار أن عليا عليه السلام عزله (4) أراد عزله، فتمارض
هو فعزله، وولى عبد الله بن عتبة بن مسعود فمرض، فجعل مكانه
عبد الله بن مالك الطائي قاضيا (5).
وكان مروان بن الحكم لما استقامت له الشام بالطاعة بعث
جيشين: أحدهما إلى الحجاز (6)، والاخر إلى العراق مع عبيد الله بن
زياد - لعنه الله - لينهب الكوفة إذا ظفر بها ثلاثة أيام.
فاجتاز بالجزيرة، فعرض له أمر منعه من المسير (7)، وعاملها من
قبل ابن الزبير قيس عيلان (8)، فلم يزل عبيد الله مشغولا بذلك عن
العراق، ثم قدم الموصل وعامل المختار عليها عبد الرحمان بن
سعيد (9) بن قيس، فوجه عبيد الله إليه خيله ورجله، فانحاز عبد

(1) في (ب) سعد. وفي (ف): ولعبد الله بن سعد بن قيس.
(2) في (ع): ولسعيد. وفي (ف): ولسعد بن قيس بن حذيفة على حلوان.
(3) في (ب) و (ع): حتى إذا شغلته.
(4) كلمة (عزله) ليس في (ف).
(5) تاريخ الطبري: 6 / 23 - 35، الكامل في التاريخ: 4 / 220 - 228.
(6) في (ف): اليمن، وفي (خ): المختار.
والصحيح ما في المتن، ويوافقه ما في الطبري والكامل، وكان على
الجيش: حبيش بن دلجة القيني.
(7) في (ب) و (ع): السير.
(8) في (خ): غيلان، وفي (ف): بن غيلان.
(9) في (ف): سعد. وكذا ما يلي.
110

الرحمان إلى تكريت (1)، وكتب إلى المختار يعرفه ذلك، فكتب إليه
الجواب (2) يصوب رأيه، ويحمد مشورته، وأن لا يفارق مكانه حتى
يأتيه أمره إن شاء الله تعالى.
ثم دعا المختار يزيد بن أنس وعرفه جلية الحال، ورغبه في
النهوض بالخيل والرجال، وحكمه في تخيير من شاء (3) من الابطال،
فتخير ثلاثة آلاف فارس، ثم خرج من الكوفة، وشيعه المختار إلى
دير (4) أبي موسى، وأوصاه بشي من أدوات الحرب، وان احتاج إلى
مدد عرفه.
فقال: أريد ألا تمدني الا بدعائك (5) وكفى به مددا.
ثم كتب المختار إلى عبد الرحمان بن سعيد بن قيس:
أما بعد، فخل بين يزيد وبين البلاد إن شاء الله، والسلام عليك.
فسار حتى بلغ (6) أرض الموصل فنزل بموضع يقال له:
بافكى (7)، وبلغ خبره إلى عبيد الله بن زياد وعرف عدتهم.
فقال: ارسل إلى كل ألف ألفين، وبعث ستة آلاف فارس، فجاءوا

(1) تكريت - بفتح التاء، والعامة تكسرها -: بلد مشهور، بين بغداد
والموصل، وبينها وبين بغداد ثلاثون فرسخا في غربي دجلة، ولها قلعة
حصينة أحد جوانبها إلى دجلة. (مراصد الاطلاع: 1 / 268).
(2) في (ب) و (ع): فكتب الجواب.
(3) في (ف): في تخير ما يشأ.
(4) في (ف): ديار.
(5) في (ف): بالدعاء.
(6) في (ف): نزل.
(7) في الطبري: بنات تلى، وفي الكامل: باتلى، وفي (ف): يايلي.
وبافكى: ناحية بالموصل في أرض نينوى. (مراصد الاطلاع:
1 / 155).
111

ويزيد بن أنس مريض مدنف (1)، فأركبوه حمارا مصريا والرجالة
يمسكونه يمينا وشمالا فيقف على الأرباع، ويحثهم على القتال،
ويرغبهم في حميد المآل، وقال: ان هلكت فأميركم ورقأ بن عازب
الأسدي (2)، فان هلك فأميركم عبد الله بن ضمرة العذري، فان هلك
فأميركم سعر بن أبي سعر الحنفي.
ووقع القتال بينهم في ذي الحجة يوم عرفة، سنة ست وستين
قبل (3) شروق الشمس، فما ارتفع النهار (4) حتى هزمهم عسكر
العراق، وأزالوهم (5) عن مأزق الحرب زوال السراب، وقشعوهم
انقشاع الضباب، وأتوا يزيد بثلاثمائة أسير وقد أشفى (6) على الموت،
فأشار بيده أن اضربوا رقابهم (7)، فقتلوا جميعا.
ثم مات يزيد بن أنس رحمه الله فصلى عليه ورقأ بن عازب الأسدي
ودفنه، واغتم عسكر (8) العراق لموته، فعزاهم ورقأ فيه، وعرفهم أن
عبيد الله بن زياد في جمع كثير ولا طاقة لكم به.
فقالوا: الرأي أن ننصرف في جوف الليل (9).

(1) مدنف: براه المرض حتى أشفى على الموت. (لسان العرب: 9 / 107 -
دنف -).
(2) في (ف): ورقأ بن غالب الا سعدي، وكذا في سائر المواضع.
(3) في (ف): عند.
(4) في (ب) و (ع): فلا يرتفع الضحى.
(5) في (ب) و (ع): وأزالهم.
والمأزق: المضيق، ومنه سمي موضوع الحرب مأزقا.
(6) في (ف): أشرف.
(7) في (ف): أعناقهم.
(8) في (ف): أهل.
(9) تاريخ الطبري: 6 / 38 - 43، الكامل في التاريخ: 4 / 228 - 230.
112

قال محمد بن جرير الطبري في تاريخه: كان مع عبيد الله بن
زياد لعنه الله ثمانون ألفا من أهل الشام. ثم اتصل بالمختار وأهل (1)
الكوفة ارجاف الناس بيزيد بن أنس، فظنوا أنه قتل ولم يعلموا كيف
هلك؟ واستطلع المختار ذلك من عامله على المدائن، فأخبره بموته،
وان العسكر انصرف من غير هزيمة، ولا كسرة (2)، فطاب قلب
المختار، ثم ندب الناس.
قال المرزباني: وأمر إبراهيم بن مالك الأشتر بالمسير إلى
عبيد الله بن زياد، فخرج في ألفين من مذحج وأسد (3)، وألفين من
تميم وهمدان، وألف (4) وخمسمائة من قبائل المدينة، وألف
وأربعمائة من كندة وربيعة، وألفين من الحمراء، وقيل: خرج في اثني
عشر ألفا، أربعة آلاف من القبائل، وثمانية آلاف من الحمراء.
وشيع المختار إبراهيم بن مالك ماشيا (5)، فقال: اركب يرحمك
الله، وقال المختار: اني لأحتسب الاجر في خطاي معك، وأحب أن
تتغبر قدماي في نصر آل محمد صلى الله عليه وآله، والطلب بدم الحسين عليه السلام ثم
ودعه وانصرف، وبات إبراهيم بموضع (6) يقال له: حمام أعين (7)، ثم
رحل حتى وافى ساباط المدائن.
فحينئذ توسم أهل الكوفة في المختار القلة والضعف، فخرج

(1) في (ف): وبأهل.
(2) عبارة (ولا كسرة) ليس في (ف).
(3) كلمة (وأسد) ليس في (ف).
(4) كلمة (وألف) ليس في (ف).
(5) في (ب) و (ع): وشيع إبراهيم ماشيا.
(6) في (ف): بمنزل.
(7) حمام أعين: موضع بالكوفة، منسوب إلى أعين مولى سعد بن أبي
وقاص. (مراصد الاطلاع: 1 / 423).
113

أهل الكوفة عليه، وجاهروه بالعداوة، ولم يبق أحد ممن شرك في
قتل الحسين عليه السلام، وكان مختفيا ألا وظهر، ونقضوا بيعته، وسلوا عليه
سيفا واحدا، واجتمعت القبائل عليه (1) من بجيلة والأزد وكندة وشمر
بن ذي الجوشن، فبعث المختار من ساعته رسولا إلى إبراهيم بن
مالك الأشتر وهو بساباط (2): (لا تضع كتابي حتى تعود بجميع من (3)
معك إلي).
فلما وصله (4) كتابه نادى بالرجوع، فوصلوا السير بالسرى (5)،
وأرخوا الأعنة وجذبوا البرى (6)، والمختار يشغل أهل الكوفة
بالتسويف (7) والملاطفة حتى يرجع إبراهيم بعسكره فيكف عاديتهم،
ويقمع (8) شرتهم، ويكسر (9) شوكتهم، وكان مع المختار أربعة آلاف،
فبغى عليه أهل الكوفة وبدأوه بالحرب، فحاربوه يومه (10) أجمع،
وباتوا على ذلك فوافاهم إبراهيم بن مالك الأشتر في اليوم الثاني
بخيله ورجله، ومعه أهل النجدة والقوة.
فلما علموا بقدومه افترقوا فرقتين، ربيعة (11) ومضر على حدة،

(1) في (ف): واجتمعت عليه.
(2) ساباط كسرى: قرية كانت قريبا من المدائن. (مراصد الاطلاع: 2 / 680).
(3) في (ف): تعود بمن.
(4) في (ب) و (ع): جاءهم.
(5) في (خ): بالسير.
(6) البرى: جمع برة، وهي حلقة من صفر تجعل في لحم أنف البعير.
(7) التسويف: المطل.
(8) في (خ): يقي.
(9) في (ب) و (ع): ويحصد.
(10) في (ب) و (ع): فحاربه يومهم.
(11) في (ف): ربيعة على حدة. وهو تصحيف.
114

واليمن على حدة (1)، فخير المختار إبراهيم: إلى أي الفريقين (2)
تسير؟
فقال: إلى أيهما أحببت، وكان المختار ذا عقل وافر، ورأي
حاضر، فأمره بالمسير إلى ربيعة ومضر (3) بالكناسة (4)، وسار هو إلى
اليمن (5) إلى جبانة السبيع (6)، فبدا بالقتال رفاعة بن شداد، فقاتل قتال
الشديد البأس، القوي المراس (7)، حتى قتل، وقاتل حميد بن
مسلم (8) وهو يقول:
لأضربن عن أبي حكيم * مفارق الأعبد والحميم (9)
ثم انكسروا كسرة هائلة، وجاء البشير إلى المختار أنهم ولوا
مدبرين، فمنهم من اختفى في بيته، ومنهم من لحق بمصعب بن
الزبير، ومنهم من خرج إلى البادية، ثم وضعت الحرب أوزارها،
وحلت أزرارها، ومحص (10) القتل شرارها، فأحصوا القتلى منهم،
فكانوا (11) ستمائة وأربعين رجلا (12)، ثم استخرج من دور الوادعيين
خمسمائة أسير، - كما ذكر (13) الطبري وغيره -، فجاءوا بهم إلى

(1) عبارة (واليمن على حدة) ليس في (ف).
(2) في (ف) و (ب): الفرقتين.
(3) في (ب) و (ع): بالسير إلى مضر.
(4) الكناسة: محلة بالكوفة مشهورة. (مراصد الاطلاع: 3 / 1180).
(5) أي إلى أهل اليمن القاطنين في الكوفة.
(6) جبانة: الجبان في الأصل: الصحراء، وأهل الكوفة يسمون المقبرة جبانة،
وبالكوفة محال تسمى بها، فمنها جبانة السبيع. (مراصد الاطلاع: 1 / 310).
(7) المراس: الشدة والممارسة والمعالجة.
(8) في (ف): سالم.
(9) في الطبري: والصميم.
(10) في (ف): ومحض.
(11) في (ف): فأحصوا القتلى فكانوا.
(12) في (ف): قتيلا.
(13) في (ب) و (ع): ذكره.
115

المختار، فعرضوهم عليه، فقال: كل من شهد (1) منهم قتل الحسين
عليه السلام فأعلموني به، فلا يؤتي بمن حضر قتله الا قيل هذا فيضرب
عنقه، حتى قتل منهم مائتين وثمانية وأربعين (2) رجلا، وقتل أصحاب
المختار جمعا (3) كثيرا بغير علمه، وأطلق الباقين.
ثم علم المختار أن شمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - خرج
هاربا ومعه نفر ممن شرك في قتل (4) الحسين عليه السلام فأمر عبدا له أسود
يقال له رزين، وقيل (5): زربي، ومعه عشرة - وكان شجاعا - يتبعه
فيأتيه برأسه.
قال مسلم بن عبد الله (6) الضبابي: كنت مع شمر حين هزمنا
المختار، فدنا منا العبد، فقال شمر: اركضوا وتباعدوا لعل العبد يطمع
في، فأمعنا في التباعد عنه، حتى لحقه العبد فحمل عليه شمر
فقتله (7)، ومشى فنزل في جانب قرية اسمها الكلتانية (8) على
شاطئ نهر إلى جانب تل، ثم أخذ من القرية علجا (9) فضربه،
ودفع إليه كتابا، وقال: عجل به إلى مصعب بن الزبير، وكان عنوانه:

(1) في (ب) و (ع): حضر.
(2) في (ف): مائتين وأربعين.
(3) في (ب) و (ع): أصحاب المختار جمعا.
(4) في (ف): دم.
(5) في (ف): ويقال.
(6) في (ع): مسلم بن حميد بن عبد الله.
(7) في (ب) و (ع): فحمل عليه فقتلة.
(8) في (ف): الكلبانية.
والكلتانية: قرية ما بين السوس والصيمرة. (مراصد الاطلاع:
3 / 1174).
(9) العلج: الرجل الضخم من كفار العجم، وبعضهم يطلقه على الكفار مطلقا.
(مجمع البحرين: 2 / 319 - علج -).
116

(للأمير مصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن)، فمشى العلج
حتى دخل قرية فيها أبو عمرة بعثه المختار إليها في أمر ومعه
خمسمائة فارس، فأقرأ الكتاب رجلا (1) من أصحابه، وقرأ عنوانه،
فسأل عن شمر وأين هو (2)، فأخبره أن بينهم وبينه ثلاثة فراسخ.
قال مسلم بن عبد الله: قلت لشمر: لو ارتحلت من هذا المكان
فانا نتخوف عليك.
فقال: ويلكم أكل هذا الجزع من الكذاب؟ - والله - لا برحت فيه
ثلاثة أيام، فبينما نحن في أول النوم، إذ أشرفت (3) علينا الخيل من
التل وأحاطوا بنا، وهو عريان مؤتزرا بمنديل (4)، فانهزمنا وتركناه،
فأخذ سيفه ودنا منهم، وهو يقول:
نبهتموا ليثا هزبرا باسلا (5) * جهما محياه يدق الكاهلا
لم يك يوما من عدو ناكلا (6) * الا كذا مقاتلا أو قاتلا
(يبرحهم ضربا ويروي العاملا) (7)
فلم يك بأسرع أن سمعنا: قتل (8) الخبيث، قتله أبو عمرة، وقتل
أصحابه.
ثم جي بالرؤوس إلى المختار، فخر ساجدا، ونصب الرؤوس

(1) في (خ): فرأى، وفي (ب) و (ع): قرأ الكتاب رجل.
(2) عبارة (وأين هو) ليس في (ف).
(3) في (ب) و (ع): في أول النوم أشرفت.
(4) في (ف): متزر بازار.
(5) في الطبري والكامل: نبهتم ليث عرين باسلا.
(6) في الطبري والكامل: لم ير يوما عن عدو ناكلا.
(7) أضفناه من الطبري والكامل.
(8) في (ف): بأسرع من سمعنا بقتل.
117

في رحبة الحذائين حذاء (1) الجامع. (2)
(من قتله المختار من قتلة الحسين عليه السلام)
وأنا الان أذكر من قتله المختار من قتلة الحسين عليه السلام وأهل
بيته (3).
ذكر الطبري في تاريخه أن المختار تجرد لقتله الحسين عليه السلام
وأهل بيته، وقال: اطلبوهم، فإنه لا يسوغ لي الطعام والشراب، حتى
أطهر الأرض منهم.
قال موسى بن عامر: فأول من بدأ به (4) الذين وطأوا الحسين
عليه السلام بخيلهم، وأنامهم على ظهورهم، وضرب سكك الحديد في
أيديهم وأرجلهم، وأجرى الخيل عليهم حتى قطعتهم، وحرقهم (5)
بالنار، ثم أخذ رجلين اشتركا في دم عبد الرحمان بن عقيل بن أبي
طالب وفي سلبه، كانا في الجبانة، فضرب أعناقهما، ثم أحرقهما
بالنار، ثم أحضر مالك بن بشير فقتله في السوق.
ثم بعث (6) أبا عمرة فأحاط (7) بدار خولي بن يزيد الأصبحي،
وهو حامل رأس الحسين عليه السلام إلى عبيد الله بن زياد، فخرجت امرأته

(1) في (ف): بين حد.
(2) تاريخ الطبري: 6 / 54، الكامل في التاريخ: 4 / 230 - 237.
(3) عبارة (وأهل بيته) ليس في (ب) و (ع).
(4) في (ف): منهم.
(5) في (ف): وأحرقهم.
(6) في (ب) و (ع): وبعث.
(7) في (ع): فأحاطوا.
118

إليهم وهي النوار (1) ابنة مالك ك ما ذكر (2) الطبري في تاريخه، وقيل:
اسمها العيوف، وكانت محبة لأهل البيت عليهم السلام قالت: لا أدري أين
هو؟ وأشارت بيدها إلى (3) بيت الخلا، فوجدوه وعلى رأسه
قوصرة (4)، فأخذوه وقتلوه، ثم أمر بحرقه.
ثم بعث (5) عبد الله بن كامل إلى حكيم بن الطفيل السنبسي وكان
قد أخذ سلب العباس، ورماه بسهم، فأخذوه قبل وصوله إلى
المختار (6)، ونصبوه هدفا، رموه بالسهام.
وبعث إلى قاتل علي بن الحسين عليهما السلام وهو مرة بن منقذ العبدي،
وكان شيخا، فأحاطوا بداره، فخرج وبيده الرمح وهو على فرس
جواد، فطعن عبيد الله بن ناجية الشبامي فصرعه، ولم تضره الطعنة،
وضربه ابن كامل بالسيف فاتقاها بيده اليسرى، فأشرع فيها السيف،
وتمطرت به الفرس (7) فأفلت، ولحق بمصعب بن الزبير، وشلت يده

(1) في (خ): النعار، وفي (ف - خ - ل): النوراء.
وفي الطبري والكامل: العيوف، وهي حضر موت، العيوف بنت
مالك بن نهار بن عقرب.
(2) في (ف): ذكره.
(3) في (ف): أشارت إلى.
(4) عبارة (وعلى رأسه قوصرة) ليس في (ف).
والقوصرة - بالتشديد وقد يخفف -: وعاء للتمر.
(5) في (ب) و (ع): وبعث.
(6) في الطبري: ثم إن المختار بعث عبد الله بن كامل إلى حكيم بن طفيل
الطائي السنبسي - وقد كان أصاب سلب العباس بن علي، ورمي حسينا
بسهم، فكان يقول: تعلق سهمي بسرباله وما ضره - فأتاه عبد الله بن كامل
فأخذه، ثم أقبل به، وذهب أهله فاستغاثوا بعدي بن حاتم، فلحقهم في
الطريق، فكل عبد الله بن كامل فيه، فقال: ما إلي من أمره شي، أنما ذلك
إلى الأمير المختار...
(7) اي أسرعت في هويها.
119

بعد ذلك.
وأحضر زيد بن رقاد فرماه بالنبل والحجارة وأحرقه، وهرب
سنان بن أنس لعنه الله إلى البصرة فهدم داره، ثم خرج من البصرة نحو
القادسية (1)، وكان عليه عيون، فأخبروا (2) المختار، فأخذه بين
العذيب (3) والقادسية، فقطع أنامله، ثم يديه (4) ورجليه، وأغلى زيتا
في قدر وألقاه فيه (5).
وهرب عبد الله بن عقبة الغنوي إلى الجزيرة فهدم داره، وفيه وفي
حرملة بن الكاهل - لعنه الله - وقد قتل (6) واحدا من أصحاب
الحسين عليه السلام يقول (7) الشاعر:
وعند غني قطرة من دمائنا
وفي أسد أخرى تعد وتذكر (8)
حدث (9) المنهال بن عمرو (10) قال: دخلت على زين العابدين عليه السلام

(1) في (ف): وخرج من البصرة يريد القادسية.
(2) في (ف): فأخبر.
(3) العذيب: ماء عن يمين القادسية، لبني تميم، بينه وبين القادسية أربعة
أميال، منه إلى مفازة القرون في طريق مكة. (مراصد الاطلاع: 2 / 925).
(4) في (ف): ثم مد يديه.
(5) في (ب) و (ع): ورماه فيها.
(6) في (ب): قتل، وفي (ع): وقتل.
(7) في (ب) و (ع): قال.
والقائل هو ابن أبي عقب الليثي.
(8) تاريخ الطبري: 6 / 57 - 65، الكامل في التاريخ: 4 / 239 - 244.
(9) في (ف): حدثنا
(10) هو المنهال بن عمرو الأسدي، عده الشيخ بهذا العنوان تارة في أصحاب
الحسين عليه السلام، وأخرى في أصحاب علي بن الحسين عليه السلام، وعدة في
أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. (معجم رجال الحديث: 19 / 8).
120

أودعه وأنا أريد الانصراف من مكة، فقال: يا منهال، ما فعل حرملة بن
كاهل؟ وكان معي بشر بن غالب الأسدي (1)، فقلت: هو حي (2)
بالكوفة، فرفع يديه (3)، وقال: اللهم أذقه حر الحديد، اللهم أذقه حر
الحديد، اللهم أذقه حر النار (4).
قال المنهال: وقدمت إلى الكوفة (5) والمختار بها فركبت إليه،
فلقيته خارجا (6) من داره، فقال: يا منهال، ألم تشركنا في ولايتنا
هذه؟
فعرفته أني كنت بمكة، فمشى حتى أتى الكناس، ووقف كأنه
ينتظر شيئا، فلم يلبث أن جاء قوم، فقالوا: أبشر أيها الأمير فقد اخذ
حرملة، فجئ به، فقال: لعنك الله، الحمد لله الذي أمكنني
منك، الجزار، الجزار، فأتي بجزار، فأمره بقطع يديه ورجليه، ثم قال:
النار النار، فأتي بنار وقصب فاحرق.
فقلت: سبحان الله! سبحان الله!
فقال: أن التسبيح لحسن، لم سبحت؟

(1) بشر بن غالب الأسدي الكوفي، من أصحاب الحسين والسجاد، قاله
الشيخ في رجاله، والبرقي عده من أصحاب أمير المؤمنين والحسنين
والسجاد، وأخوه بشير، رويا عن الحسين دعاءه المعروف يوم عرفة
بعرفات. (مستدركات علم الرجال: 2 33 /).
(2) في (ب) و (ع): بشر بن غالب الأسدي، فقال: ذلك من بني الحريش أحد
بني موقد النار وهو حي.
(3) في (ف): يده.
(4) في (ب) و (ع): اللهم أذقه حر النار، اللهم أذقه حر الحديد. وفي (خ):
اللهم أذقه حر النار - ثلاثا -.
(5) في (ب) و (ع): وقدمت الكوفة.
(6) في (ف): والمختار خارج.
121

فأخبرته بدعاء زين العابدين عليه السلام فنزل عن دابته، وصلى
ركعتين، وأطال السجود، ثم ركب (1) وسار فحاذى داري، فعزمت
عليه بالنزول والتحرم بطعامي، فقال: أن علي بن الحسين عليهما السلام دعا
بدعوات فأجابها الله على يدي، ثم تدعوني إلى الطعام؟ هذا يوم
صوم شكرا لله تعالى.
فقلت: أدام (2) الله توفيقك. (3)
وانهزم عبد الله بن عروة الخثعمي إلى مصعب فهدم داره.
وطلب عمرو بن صبيح الصيداوي فأتوه وهو على سطحه بعدما
هدأت العيون، وسيفه تحت رأسه، فأخذوه وسيفه، فقال: قبحك الله
من سيف، ما أبعدك على قربك، فجئ به إلى المختار، فلما كان من
الغداة طعنوه بالرماح، حتى مات.
وأنفذ إلى محمد بن الأشعث بن قيس وقد انهزم إلى قصر له في
قرية إلى جنب القادسية، فقال: انطلق فإنك تجده لاهيا متصيدا، أو
قائما متلبدا (4)، أو خائفا متلددا (5)، أو كامنا متغمدا (6)، فائتني

(1) في (ب) و (ع): وركب.
(2) في (ب) و (ع): أحسن.
(3) أورده في حكاية المختار في أخذ الثار برواية أبي مخنف: 58 مرسلا.
ورواه في أمالي الطوسي: 1 / 243 - 244 باسناده إلى المنهال بن
عمرو.
وفي مناقب ابن شهرآشوب: 4 / 133 مرسلا، عنه البحار: 46 / 52 ح
2، وعوالم العلوم: 18 / 83 ح 1.
وأخرجه في كشف الغمة: 2 / 112 عن دلائل الحميري، عنه البحار:
46 / 53 ح 3، وعوالم العلوم: 18 / 83 ح 2.
(4) كذا في الطبري وفي (ف) و (ب) و (ع): متصديا أو قائما متبلدا.
(5) عبارة (أو خائفا متلددا) ليس في (ف).
(6) كذا في الطبري، وفي (ف) و (ب) و (ع): متعمدا.
122

برأسه، فأحاطوا بالقصر، وله بابان، فخرج ومشى إلى مصعب، فهدم
القصر وداره (1)، وأخذ ما كان فيهما (2).
قال المرزباني: وأتوه بعبد الله بن أسيد الجهني ومالك بن هيثم (3)
البدائي، وحمل ابن مالك المحاربي من القادسية، فقال لهم المختار (4):
يا أعداء الله، أين الحسين بن علي عليهما السلام؟
قالوا: أكرهنا على الخروج.
قال: فألا مننتم عليه وسقيتموه من الماء؟!
وقال للبدائي: أنت أخذت برنسه (5)؟
قال: لا.
قال: بلى، وأمر بقطع يديه ورجليه، والاخران ضرب أعناقهما.
وأتوه ببجدل بن سليم الكلبي، وعرفوه أنه أخذ خاتمه، وقطع
إصبعه، فأمر بقطع يديه ورجليه، فلم يزل ينزف دما حتى (6) مات.
وأتوه برقاد بن مالك وعمر بن خالد وعبد الرحمان البجلي
وعبد الله بن قيس الخولاني، فقال المختار يا قتلة (7) الصالحين (8)، لقد

(1) في (ف): فهدم القصر وهدم داره.
(2) في (ف) و (ب): فيها.
تاريخ الطبري: 6 / 65 - 66، الكامل في التاريخ: 4 / 244.
(3) في (ب): الهشيم. وفي الطبري: مالك بن النسير البدي، وفي الكامل:
مالك بن بشير البدي.
(4) عباره (لهم المختار) ليس في (ب) و (ع).
(5) كلمة (أنت) ليس في (ف)، وفي (ب): أنت آخذ.
(6) في (ب) و (ع): ينزف حتى، وفي (خ): (ينزو) بدل (ينزف).
(7) في (ب) و (ع): يا قتلة.
(8) في (ب) و (ع): الحسين. وكلمة (لقد) ليس في (ف).
123

أخذتم الورس في يوم نحس، وكان في رحل الحسين عليه السلام ورس
فاقتسموه وقت نهب رحله عليه السلام، فأخرجهم لأي السوق وضرب
أعناقهم (1).
وكان أسماء بن خارجة الفزاري ممن سعى في قتل (2) مسلم بن
عقيل رحمه الله، فقال المختار: اما ورب السماء ورب الضياء والظلماء،
لتنزلن نار من السماء، دهماء، حمراء، سحماء، تحرق دار أسماء (3).
فبلغ كلامه إليه، فقال: سجع أبو إسحاق، وليس هاهنا مقام بعد
هذا (4)، وخرج من داره هاربا إلى البادية، فهدم داره ودور بني عمه.
وكان الشمر بن ذي الجوشن - لعنه الله - قد (5) أخ ذ من الإبل
التي كانت تحت رحل الحسين عليه السلام فنحرها، وقسم لحمها على قوم
من أهل الكوفة، فأمر (6) المختار فأحصوا كل دار دخلها ذلك اللحم،
فقتل أهلها وهدمها، ولم يزل المختار يتتبع قتلة الحسين عليه السلام حتى
قتل خلقا كثيرا، وانهزم الباقون (7)، فهدم دورهم، وأنزلهم بعد (8)
المعاقل والحصون، إلى المفاوز والصحون.
قال: وقتلت العبيد مواليها، وجاءوا إلى المختار فأعتقهم (9)،
وكان العبد يسعى بمولاه فيقتله المختار، حتى أن العبد ليقول لسيده:
احملني على عنقك فيحمله، ويدلي رجليه على صدره إهانة له

(1) عبارة (وضرب أعناقهم) ليس في (ب) و (ع).
(2) في (ب) و (ع): بقتل.
(3) في (ف): دار ابن أسماء.
(4) كلمة (هذا) ليس في (ف).
(5) كلمة (قد) ليس في (ف).
(6) في (خ) م فأخذ.
(7) في (ب) و (ع): وهزم الباقين.
(8) في (ب) و (ع): من.
(9) في (ب) و (ع): فعتقهم.
124

ولخوفه من سعايته (1) به إلى المختار (2).
فيالها من منقبة (3) حازها، ونوبة أحرزها، فقد سر النبي صلى الله عليه وآله
بفعله، وادخاله الفرح (4) على عترته وأهله، وقد قلت هذه الأبيات مع
كلال الخاطر، وقذى الناظر:
سر النبي بأخذ الثأر من عصب * باءوا بقتل الحسين الطاهر الشيم
قوم غذوا بلبان البغض ويحهم * للمرتضى وبنيه سادة الأمم
حاز الفخار الفتى المختار إذ قعدت * عن نصره سائر الاعراب والعجم
جادته من رحمة الجبار سارية * تهمي على قبره منهلة الديم
* * *

(1) في (ف): سعيانه.
(2) تاريخ الطبري: 6 / 57 - 58، الكامل في التاريخ: 4 / 239 - 240.
(3) في (ب) و (ع): فيالها منقبة.
(4) في (ف): وأدخل السرور.
125

المرتبة الرابعة
في ذكر مقتل (1) عمر بن سعد وعبيد الله بن زياد ومن
تابعه وكيفية قتالهم والنصر عليهم
فلما خلا خاطره، وانجلى ناظره (2)، اهتم بعمر بن سعد وابنه
حفص - عليهما اللعنة -.
حدث عمر بن الهيثم قال: كنت جالسا عن يمين المختار
والهيثم (3) بن الأسود عن يساره فقال: والله لأقتلن رجلا عظيم
القدمين، غائر العينين، مشرف الحاجبين، يهمر الأرض برجله،
يرضي قتله أهل السماء والأرض، فسمع الهيثم قله، ووقع في نفسه
أنه أراد (4) عمر بن سعد، فبعث ولده العريان فعرفه قول المختار،
وكان عبد الله بن جعدة بن هبيرة أعز الناس على المختار، قد أخذ
لعمر أمانا حيث اختفى فيه:

(1) في (ف): في مقتل.
(2) في (خ): ظاهره. /
(3) في (ب - خ - ل): الهشيم.
(4) في (ف): نفسه أراد.
126

(بسم الله الرحمن الرحيم، هذا أمان المختار بن أبي عبيدة الثقفي
لعمر بن سعد بن أبي وقاص، أنك آمن بأمان الله تعالى على نفسك
وأهلك ومالك (1) وولدك، لا تؤاخذ بحدث (2) كان منك قديما
ما سمعت وأطعت ولزمت منزلك، الا أن تحدث حدثا، فمن لقى (3)
عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة آل محمد صلى الله عليه وآله فلا يعرض له
الا بسبيل خير، والسلام) ثم شهد فيه جماعة.
قال الباقر عليه السلام: إنما قصد (4) المختار (الا (5) أن تحدث حدثا) هو
أن يدخل بيت الخلا، ويحدث، فظهر عمر بن سعد إلى المختار،
فكان يدنيه ويكرمه ويجلسه معه على سريره.
وعلم بقول المختار فيه (6)، فعزم على الخروج من الكوفة،
فأحضر رجلا من بني يتيم اللات اسمه مالك بن دومة (7)، وكان
شجاعا، وأعطاه أربعمائة دينار، وقال: هذه معك لحوائجنا وخرجا،
فلما كان عند حمام عمر أو نهر عبد الرحمان وقف وقال: أتدري لم
خرجت؟
قال: لا.
قال: خفت المختار، فقال ابن دومة: هو أضيق (8) أستا من أن
128 (ع).

(1) في (ف): نفسك ومالك.
(2) في (ف): على حدث.
(3) في (ف): رأى.
(4) في (ف): قال.
(5) لفظ (الا) ليس في (ب) و (ع).
(6) في (ب) و (ع): وعلم أن قول المختار عنه.
(7) عبارة (بن دومة) ليس في (ب) و (ع).
(8) في (ب) و (ع): فقال ابن دومة - يعني المختار - أضيق.
127

يقتلك، وان هربت هدم دارك، وانتهب (1) عيالك ومالك، وخرب
ضياعك (2)، وأنت أعز العرب، فاغتر بكلامه فرجعا على الروحاء
فدخلا الكوفة مع الغداة (3).
هذا قول المرزباني.
وقال غيره: أن المختار عليم بخروجه من الكوفة، فقال: الله
أكبر (4) وفينا له وغدر، وفي عنقه سلسلة لو جهد أن ينطلق لما
استطاع، فنام عمر بن سعد على الناقة فرجعت وهو لا يدري حتى
ردته إلى الكوفة (5)، فأرسل عمر ابنه إلى المختار، قال له: أين أبوك؟
قال: في المنزل، ولم يكونا يجتمعان عند المختار، وإذا حضر
أحدهما غاب الاخر خوفا أن يجتمعا فيقتلهما.
فقال حفص: أبي يقول: أتفي لنا بالأمان؟
قال: اجلس، وطلب المختار أبا عمرة، وهو كيسان التمار
فأسر (6) إليه أن اقتل عمر بن سعد، وإذا دخلت عليه وسمعته (7) يقول:
يا غلام، علي بطيلساني (8)، فاعلم أنه (9) يريد السيف، فبادره واقتله،

(1) في (ف):: ونهب.
(2) عرابة (وخرب ضياعك) ليس في (ف).
(3) في (ف): ودخل الكوفة من الغداة.
(4) عبارة (الله أكبر) ليس في (ب) و (ع).
(5) في (ف): فرجعت به إلى الكوفة.
(6) في (ف): فأشار.
(7) في (ب) و (ع): وإذا دخلت ورأيته.
(8) الطيلسان: ثوب يحيط بالبدن ينسج للبس خال عن التفصيل والخياطة،
وهو من لباس العجم. (مجمع البحرين: 4 / 82 - طيلس -).
(9) في (ب) و (ع): (فإنه) بدل (فاعلم أنه).
128

فلم يلبث أن جاء ومعه رأسه.
فقال حفص: انا لله وأنا إليه راجعون.
فقال له: أتعرف هذا الرأس؟
قال: نعم، ولا خير في العيش بعده.
فقال: أنك تعيش بعده، وأمر (1) بقتله، وقال المختار: عمر
بالحسين عليه السلام، وحفص بعلي بن الحسين عليه السلام ولا سوأ، والله لأقتلن
سبعين ألفا كما قتل بيحيى بن زكريا عليهما السلام.
وقيل: أنه قال: لو قتلت ثلاثة أرباع قريش لما (2) وفوا بأنملة من
أنامل الحسين عليه السلام.
وكان محمد بن الحنفية يعتب على المختار لمجالسة عمر بن
سعد وتأخيره (3) قتله، فحمل الرأسين إليه إلى (4) مكة مع مسافر بن
سعد الهمداني (5) وظبيان بن عمارة التميمي (6)، فبينا محمد بن
الحنفية جالسا في نفر من الشيعة (7)، وهو يعتب على المختار،
فما تم كلامه الا والرأسان عنده، فخر ساجدا، وبسط كفيه،
وقال: اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار، وأجزه عن أهل بيت
نبيك محمد صلى الله عليه وآله خير الجزاء، فوالله ما على المختار بعد هذا من

(1) في (ب) و (ع): فقال: وأمر.
(2) في (ف): ما.
(3) في (ب) و (ع): وتأخير.
(4) في (ب) و (ع): فحمل الرأسين إلى.
(5) في الطبري: مسافر بن سعيد بن نمران الناعطي.
(6) في (ف): اليمني.
(7) في (ف): جالسا مع الشيعة.
129

عتب (1) (2).
فلما قضى المختار من أعداء الله وطره (3) وحاجته، وبلغ فيهم
أمنيته، قال: لم يبق علي أعظم من عبيد الله بن زياد - لعنه الله -،
فأحضر إبراهيم بن مالك الأشتر، وأمره بالمسير إلى عبيد الله بن زياد.
فقال: أني خارج، ولكني أكره خروج عبيد الله بن الحر معي (4)،
وأخاف أن يغدر بي وقت الحاجة.
فقال له: أحسن إليه، واملا عينه بالمال، وأخاف ان أمرته بالقعود
عنك فلا (5) يطيب له، فخرج إبراهيم بن مالك من الكوفة (6) ومعه
عشرة آلاف فارس، وخرج المختار في تشييعه وقال: اللهم انصر من
صبر، واخذل من كفر، ومن عصى وفجر، وبايع وغدر، وعلا وتجبر،

(1) في (ف): بعد هذا عتب.
ولقد كان أمير المؤمنين علي عليه السلام قد أنبا عمر بن سعد بمقامه في النار،
روى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 13 / 221 (مخطوط)، قال:
أنبأنا أبو محمد بن طاووس، انا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنا أبو الحسن بن
رزقويه، أنا أبو بكر محمد بن عمر بن الجعابي، انا الفضل بن الحباب، انا أبو
بكر، انا جعفر بن سليمان، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن بعض
أصحابه، قال: قال علي لعمر بن سعد: كيف أنت إذا قمت مقاما تخير فيه بين
الجنة والنار، فتختار النار؟!، عنه جمع الجوامع: 2 / 180، وكنز العمال:
13 / 674 ح 37723.
ورواه أيضا في تهذيب الكمال: 21 / 359، وتاريخ الاسلام: 5 / 195.
(2) تاريخ الطبري: 6 / 60 - 61، الكامل في التاريخ: 4 / 241 - 242.
(3) في (ف): من الأعداء وطره.
(4) في (ف): أكره خروجي ومعي عبيد الله بن الحر.
(5) في (ف): بالقعود فلا.
(6) عبارة (من الكوفة) ليس في (ف).
130

فصار إلى سقر، لا تبقي ولا تذر، ليذوق (1) العذاب الأكبر.
ثم رجع، ومضى إبراهيم، وهو يرتجز ويقول:
أما (2) وحق المرسلات عرفا * حقا وحق العاصفات عصفا
لنعسفن من بغانا عسفا * حتى يسوم القوم منا خسفا
زحفا إليهم لا نمل الزحفا (3) * حتى نلاقي بعد صف صفا
وبعد ألف قاسطين ألفا * نكشفهم لدى الهياج كشفا (4)
فسار إلى المدائن فأقام بها ثلاثا، سار إلى تكريت فنزلها، وأمر
بجباية خراجها، ففرقه وبعث إلى عبيد الله بن الحر الجعفي بخمسة
آلاف درهم، فغضب فقال: أنت أخذل لنفسك عشرة آلاف درهم،
وما كان الحر دون مالك، فحلف إبراهيم أني ما أخذت زيادة عليك، ثم
حمل إليه (5) ما أخذه لنفسه فلم يرض، وخرج على المختار ونقض
عهده، وأغار على سواد الكوفة، فنهب القرى، وقتل العمال، وأخذ
الأموال، ومضى (6) إلى البصرة إلى مصعب بن الزبير.
فلما علم المختار بذلك أرسل (7) عبد الله بن كامل إلى داره

(1) في (ف): ليذوقوا.
(2) في (ب) و (ع): انا.
(3) في (ب): الرجفا.
(4) ذكر الأبيات في الكامل هكذا:
أما ورب المرسلات عرفا * لنقتلن بعد صف صفا
وبعد ألف قاسطين ألفا
(5) في (ف): اني لم آخذ زيادة عليك، وبعث إليه.
(6) في (ف): فنهب الأموال، وقتل العمال، وأغار على القرى ومضى.
(7) في (ب) و (ع): المختار أرسل.
131

فهدمها، والى زوجته سلمى بنت خالد الجعفية حبسها (1)، ثم ورد
كتاب المختار إلى إبراهيم بن مالك يحثه على تعجيل القتال، فطوى
المراحل حتى نزل على نهر الخازر (2) على أربعة فراسخ من الموصل
وعبيد الله بن زياد بها.
قال عبد لله بن أبي عقب الديلمي: حدثني خليل أنا نلقى (3)
أهل الشام على نهر يقال له: الخازر، فيكشفونا حتى نقول هي هي،
ثم نكر عليهم فنقتل أميرهم فأبشروا واصبروا فإنكم لهم قاهرون (4).
فعلم عبيد الله بن زياد بقدوم إبراهيم، فرحل في ثلاثة وثمانين
ألفا حتى نزل قريبا من عسكر العراق، وطلبهم أشد طلب، وجاءهم
في جحفل لجب (5).
وكان مع إبراهيم بن مالك الأشتر أقل من عشرين ألفا، وكان في
عسكر الشام من أشراف بني سليم عمير (6) بن الحباب، فراسله
إبراهيم بن مالك ووعده بالحباء (7) والاكرام، فجاء ومعه ألف فارس
من بني عمه وأقاربه، فصار مع عسكر العراق، فأشار عليهم بتعجيل
القتال وترك المطاولة.

(1) في (ف): والى زوجته فحبسها وهي سلمى بنت خالد الحنفية.
(2) نهر الخازر: نهر بين اربل والموصل. (مراصد الاطلاع: 1 / 445).
(3) في (ف): نلتقي.
(4) رواه في أمالي الطوسي: 1 / 246 باسناده إلى عبد الله بن يسار بن أبي عقب
الدؤلي، عنه اثبات الهداة: 2 / 432 ح 92، والبحار: 45 / 333 ح 2.
(5) الجحفل: الجيش، ويقال: جيش لجب أي ذو جلبة وكثرة.
(6) في (ف): عمر.
(7) في (ف): بالاحباء.
132

فلما كان في السحر صلوا بغلس (1)، وعبأ إبراهيم بن مالك
أصحابه، فجعل على ميمنته سفيان بن يزيد الأزدي، وعلى ميسرته
علي بن مالك الجشمي (2)، وعلى الخيل الطفيل بن لقيط النخعي،
وعلى الرجالة مزاحم بن مالك السكوني (3)، ثم زحفوا حتى أشرفوا
على أهل الشام، ولم يظنوا أنهم يقدمون عليهم لكثرتهم، فبادروا إلى
تعبئة عسكرهم، فجعل عبيد الله على ميمنته شرحبيل بن ذي الكلاع،
وعلى ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي، وعلى جناح ميسرته جميل
ابن عبد الله الغنمي (4)، وفي القلب الحصين بن نمير (5).
ووقف العسكران، والتقى الجمعان، فخرج ابن ضبعان (6) الكلبي
ونادى: يا شيعة المختار الكذاب، يا شيعة ابن الأشتر المرتاب:
أنا بابن ضبعان الكريم المفضل * من عصبة يبرون من دين علي
كذاك كانوا في الزمان الأول
فخرج إليه الأحوص (7) بن شداد الهمداني، وهو يقول:

(1) الغلس: الظلمة.
(2) في (ف): وعلى ميسرته مالك الخثعمي.
(3) في الطبري والكامل: وبعث عبد الرحمان بن عبد الله - وهو أخو إبراهيم
ابن الأشتر لامه - على الخيل، وكانت خيله قليلة، فضمها إليه، وكانت في
الميمنة والقلب، وجعل على رجالته الطفيل بن لقيط، وكانت رايته مع
مزاحم بن مالك.
(4) في (خ): الغنوي.
(5) في الطبري: والكامل: وقد جعل ابن زياد على ميمنته الحصين بن نمير
السكوني، وعلى ميسرته عمير بن الحباب السلمي، وشرحبيل بن ذي
الكلاع على الخيل، وهو يمشي في الرجال.
(6) في (ف): فخرج ضبعان.
(7) في (ف): الأخوص، وكذا في المواضع الآتية.
133

أنا ابن شداد على دين علي * لست لعثمان بن أروى بولي
لأصلين القوم فيمن يصطلي * بحر نار الحرب حتى تنجلي
فقال للشامي: ما اسمك؟
قال: منازل الابطال.
قال له الأحوص: وأنا مقرب الآجال، ثم حمل عليه وضربه
فسقط قتيلا.
ثم نادى: هل من مبارز؟
فخرج إليه داود الدمشقي، وهو يقول:
أنا ابن من قاتل في صفينا * قتال قرن لم يكن غبينا (1)
بل كان فيها بطلا جرونا (2) * مجربا لدى الوغى كمينا (3)
فأجابه الأحوص يقول:
يا ابن الذي قاتل في صفينا * ولم يكن في دينه غبينا
كذبت قد كنت (4) بها مغبونا * مذبذبا في أمره مفتونا
لا يعرف الحق ولا اليقينا * بؤسا له لقد مضى ملعونا
ثم التقيا فضربه الأحوص فقتله.
ثم عاد إلى صفه وخرج الحصين بن نمير السكوني، وهو يقول:
يا قادة الكوفة أهل المنكر (5) * وشيعة المختار وابن الأشتر
هل فيكم قرم (6) كريم العنصر * مهذب في قومه بمفخر
يبرز نحوي قاصدا لا يمتري؟

(1) الغبين: الضعيف الرأي.
(2) جرن جرونا: تعود الامر ومرن.
(3) الكمين: كأمير القوم يكمنونه في الحرب.
(4) في (ب) و (ع): كان. وفي (خ): (به) بدل (بها).
(5) في (خ): المكر.
(6) في (ب) و (ع): قوم.
134

فخرج إليه شريك بن خزيم (1) التغلبي، وهو يقول:
يا قاتل الشيخ الكريم الأزهر * بكربلا يوم التقاء العسكر
أعني حسينا ذا الثنا والمفخر * ابن النبي الطاهر المطهر
وابن علي البطل المظفر * هذا فخذها من هزبر قسور (2)
ضربة قوم ربعي مضري
فالتقا بضربتين فجدله التغلبي صريعا، فدخل على أهل الشام
من أهل العراق مدخل عظيم.
ثم تقدم إبراهيم بن مالك الأشتر، ونادى: ألا يا شرطة الله، ألا
يا شيعة الحق، ألا يا أنصار الدين، قاتلوا المحلين (3) وأولاد القاسطين،
ولا تطلبوا أثرا بعد عين، هذا عبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه السلام،
ثم حمل على أهل الشام، وضرب فيهم بسيفه، وهو يقول:
قد علمت مذحج علما لا خطل (4) * اني إذا القرن لقيني لا وكل (5)
ولا جزوع عندها ولا نكل * أروع مقدام إذا النكس (6) فشل
أضرب في القوم وان حان (7) الاجل * وأعتلي رأس الطرماح (8) البطل

(1) في (خ): حزيم.
(2) الهزبر: الأسد، والقسو: القوي الشجاع.
(3) في (ف): الملحدين، وفي (خ): المخلين.
(4) الخطل: الفاسد، المضطرب.
(5) الوكل: العاجز.
(6) النكل: الجبان، والأروع من الرجال: الذي يعجبك حسنه، والنكس:
الرجل الضعيف.
(7) في (ب) و (ع): في القوم إذا جاء الاجل.
(8) الطرماح: العالي النسب المشهور.
135

بالذكر (1) البتار حتى ينجدل
وحمل أهل العراق معه واختلطوا، وتقدمت رايتهم، وشبت فيهم
نار الحرب، ودهمهم العسكر بجناحيه والقلب، إلى أن صلا بالايماء
والتكبير صلاة الظهر، واشتغلوا بالقتال إلى أن تجلى (2) صدر الدجى
بالأنجم الزهر (3)، وزحف عليهم عسكر (4) العراق فرحا بالمصاع (5)،
وحرصا على القراع، ووثوقا بما وعدهم الله به من النصر وحسن
الدفاع (6)، وانقضوا عليهم انقضاض العقبان على الرخم، وجالوا
فيهم (7) جولان السرحان على الغنم، وعركوهم عرك الأديم، ودحوا
بهم (8) إلى عذاب الجحيم، وأذاقوهم أسنة الرماح، النازعة للمهج
والأرواح.
فلم تزل الحرب قائمة، والسيوف لأجسادهم منتهبة وهاشمة (9)،
فولى عسكر الشام مكسورا، عليه ذلة الخائب الخجل، وارتياع
الخائف الوجل، وعسكر العراق منصورا، وعلى وجوههم مسحة
المسرور الثمل (10)، وتبعوهم إلى متون النجاد، وبطون الوهاد، والنبل

(1) الذكر: أيبس الحديد وأجوده.
(2) في (ب) و (ع): تحلى.
(3) في (ب) و (ع): الأزهر.
(4) في (ف): عساكر.
(5) في (ف): بالصراع.
والمصاع: المجالدة والضاربة.
(6) عبارة (ووثوقا بما... الدفاع) ليس في (ف).
(7) في (ف): عليهم.
(8) في (ف): ودحوهم.
(9) كلمة (وهاشمة) ليس في (ب) و (ع).
(10) الثمل: السكران.
136

ينزل عليهم كصيب العهاد (1).
ثم انجلت الحرب، وقد قتل أعيان أهل الشام (2)، مثل الحصين
ابن نمير، وشرحبيل بن ذي الكلاع، وابن حوشب، وغالب الباهلي،
وأي أشرس بن عبد الله (3) الذي كان واليا على (4) خراسان.
وحاز إبراهيم بن مالك - رحمة الله عليه - فضيلة هذا الفتح،
وعاقبة هذا المنح (5)، الذي انتشر في الأقطار، ودام دوام الاعصار.
ولقد أحسن عبد الله بن الزبير الأسدي يمدح إبراهيم بن مالك
الأشتر، فقال:
الله أعطاك المهابة والتقى * وأحل بيتك في العديد الأكثر
وأقر عينك يوم وقعة خازر * والخيل تعثر في القنا المتكسر
من ظالمين كفتهم أيامهم * تركوا لحاجلة (6) وطير أعثر
ما كان أجرأهم جزاهم ربهم * بوم الحساب على ارتكاب المنكر
قال الرواة: رأينا إبراهيم بعدما انكسر العسكر،
وانكشف العثير (7)، قوما منهم ثبتوا (8) وصبروا وقاتلوا فلقطهم من

(1) صيب العهاد: أول مطر الربيع
وقال المجلسي رحمه الله: الصيب: السحاب والانصباب، والعهاد: جمع
العهد، وهو المطر بعد المطر.
(2) في (ف): أعيان الشام.
(3) في (ف): أبي أشرس عبد الله.
(4) في (ب) و (ع): كان على.
(5) في (ف): عاقبة هذا الفتح، وفضيلة هذا المنح.
(6) الحاجلة: الإبل التي ضربت سوقها فمشت على بعض قوائمها، وحجل
الطائر: إذا نزا في مشيته كذلك، والأعثر: الأغبر، وطائر طويل العنق.
(7) العثير الغبار.
(8) في (ب) و (ع): قوما ثبتوا.
137

صهوات (1) الخيل، وقذفهم في لهوات الليل حتى صبغت الأرض من
دمائهم ثيابا حمرا، وملا الفجاج (2) ببأسه ذعرا، وتساقطت
النسور (3)، وأهوت العقبان على أجسادهم وهي كالعقيق (4) المنثور،
واصطلح على أكل لحومهم (5) الذئب والسبع، والسيد (6) والضبع.
قال إبراهيم بن مالك: واقبل رجل أحمر في (7) كبكبة يغري
الناس كأنه بغل أقمر (8) لا يدونه منه فارس الا صرعه، ولا كمي (9) الا
قطعه، فدنا مني، فضربت يده فأبنتها، وسقط على شاطئ الخازر،
فشرقت يداه، وغربت رجلاه، فقتلته، ووجدت رائحة المسك تفوح
منه، وجاء رجل نزع خفيه.
وظنوا أنه ابن زياد من غير تحقيق، فطلبوه فإذا هو على ما وصف
إبراهيم، فاجتزوا رأسه، واحتفظوا طول الليل بجسده، فلما أصبحوا
عرفه مهران مولى زياد، فلما رآه إبراهيم بن مالك قال: الحمد لله الذي
أجرى قتله على يدي، وقتل في صفر.
وقال قوم من أهل الحديث: في يوم عاشوراء (10) وعمره دون

(1) الصهوة: موضع اللبد من ظهر الفرس.
(2) الفجاج: الطريق الواسع بين جبلين.
(3) في (ب) و (ع): النسور على النسور.
(4) في (ف): مثل العقيق.
(5) في (ب) و (ع): لحمهم.
(6) السيد: الأسد والذئب.
(7) في (ف): رجل في.
(8) القمرة: لون إلى الخضرة،
(9) الكمي: الشجاع، أو لابس السلاح.
(10) في (ب) و (ع): من أصحاب الحديث يوم عاشوراء.
138

الأربعين، وقيل: تسع وثلاثون سنة.
وأصبح الناس فحووا ما كان، وغنموا غنيمة عظيمة.
ولقد أجاد أبو السفاح الزبيدي بمدحته إبراهيم بن مالك
وهجائه (1) ابن زياد - لعنه الله - فقال:
أتاكم غلام من عرانين (2) مذحج * جري على الأعداء غير نكول
أتاه عبيد الله في شر عصبة * من الشام لما أن رضوا بقليل
فلما التقى الجمعان في حومة الوغى * وللموت فيهم ثم جر ذيول
فأصبحت قد ودعت هندا * وأصبحت مولهة ما وجدها بقليل
وأخلق بهند أن تساق سبية * لها من أبي إسحاق شر خليل (3)
تولى عبيد الله خوفا من الردى * تغشاه (4) ماضي الشفرتين (5) صقيل
جزى الله خيرا شرطة الله انهم * شفوا بعبيد الله كل غليل (6)

(1) في (ف): يمدح إبراهيم... ويهجو.
(2) في (ف): عراس.
وعرانين القوم: سادتهم وأشرافهم.
(3) في (ف): حليل.
(4) في (ب) و (ع): وخشية.
(5) ماضي: قاطع، والشفرة: حد السيف.
(6) وردت الأبيات في الطبري هكذا:
أتاكم غلام من عرانين مذحج * جري على الأعداء غير نكول
فيابن زياد بؤ بأعظم مالك * وذق حد ماضي الضفرتين صقيل
ضربناك بالعضب الحسام بحدة * إذا ما أبأنا قاتلا بقتيل
جزى الله خيرا شرطة الله انهم * شفوا من عبيد الله أمس غليلي
وكذلك في الكامل باختلاف، ونسبا الأبيات إلى سراقة بن مرداس
البارقي.
وفي ديوانه ص 81 أضاف بيتا آخر:
وأجدر بهند أن تساق سبيئة * لها من بني إسحاق شر حليل.
139

يعني بقوله هند بنت أسماء بن خارجة زوجة عبيد الله بن زياد لما
قتل حملها عتبة أخوها إلى الكوفة، وبقوله أبي إسحاق هو المختار.
وهرب غلام لعبيد الله بن زياد إلى الشام، فسأله عبد الملك بن
مروان عنه (1)، قال: لما جال الناس تقدم فقاتل، ثم قال: أئتني بجرة
فيها ماء، فاتيته فشرب (2) وصب الماء بين درعه وجسده، وصب
على ناصية فرسه، ثم حمل (3)، فهذا آخر عهدي به.
قال يزيد بن مفرغ (4) يهجو ابن زياد - لعنه الله -:
ان المنايا إذا حاولن طاغية * هتكن عنه (5) ستورا بعد أبواب
ان الذي عاش غدارا بذمته * ومات هزلا قتيل الله بالزاب (6)
ما شق جيب ولا ناحتك نائحة (7) * ولا بكتك جياد عند أسلاب
هلا جموع نزار إذ لقيتهم * كنت أمرا من نزار غير مرتاب

(1) في (ف): عن مولاه.
(2) في (ف): فيها ماء فشرب.
(3) في (ف): فحمل.
(4) قال الفيروزآبادي: يزيد بن ربيعة بن مفرغ - كمحدث -: شاعر، جده
راهن على أن يشرب عسا نم لبن ففرغه شربا: (القاموس المحيط: 3 / 111
- فرغ -).
(5) في (ف): منه.
(6) نهر بين الموصل وإربل، وبين بغداد وواسط، والزاب أيضا: كورة عظيمة.
(مراصد الاطلاع: 2 / 652 - 653).
(7) في (ب): ناحية.
140

أو حمير كنت قبلا (1) من ذوي يمن أن المقاويل (2) في ملك وأحباب
وكان المختار قد سار من الكوفة يتطلع أحوال إبراهيم بن مالك،
واستخلف على (3) الكوفة السائب بن مالك، فنزل ساباط، ثم دخل
المدائن ورقى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وأمر الناس بالجد في
النهوض (4) إلى إبراهيم.
قال الشعبي: كنت معه فاتته البشرى (5) بقتل عبيد الله بن زياد
وأصحابه، فكاد يطير فرحا، ورجع إلى الكوفة في الحال مسرورا
بالظفر (6).
وذكر أبو السائب عن أحمد بن بشير، عن مجالد، عن عامر أنه قال:
الشيعة يتهموني ببغض (7) علي عليه السلام ولقد رأيت في النوم بعد مقتل
الحسين عليه السلام كأن رجالا نزلوا من السماء، عليهم ثياب (8) خضر،
معهم حراب يتبعون قتلة الحسين عليه السلام فما لبثت أن خرج المختار
فقتلهم (9) (10).
وذكر عمر بن شبة (11)، قال: حدثني أبو أحمد الزبيري، عن

(1) في (ب) و (ع): قيلا.
(2) في (ف): المقائل. ووردت الأبيات في الكامل باختلاف كثير.
(3) في (ب) و (ع): في.
(4) في (ف): والنهوض.
(5) في (ف): قال الشعبي: فأتاه البشير.
(6) كلمة (بالظفر) ليس في (ف).
(7) في (ف): في بغض.
(8) في (ف): أقبية.
(9) كلمة (فقتلهم) ليس في (ف).
(10) تاريخ الطبري: 6 / 81 - 82، الكامل في التاريخ: 4 / 257 - 266.
(11) في (ع): شيبة.
وهو عمر بن شبة بن عبيدة بن زيد بن رائطة النميري، أبو زيد بن
أبي معاذ البصري النحوي الاخباري، نزيل بغداد. (تهذيب الكمال:
21 / 386).
141

عمه، قال: قال أبو عمر البزاز (1): كنت مع إبراهيم بن مالك الأشتر لما
لقي عبيد الله بن زياد - لعنه الله - بالخازر، فعددنا القتلى بالقصب
لكثرتهم، قيل: كانوا سبعين ألفا، وصلب إبراهيم ابن زياد منكسا (2)
فكأني أنظر إلى خصييه كأنهما جعلان.
وعن الشعبي أنه لم يقتل قط من أهل الشام بعد صفين مثل هذه
الوقعة بالخازر.
وقال الشعبي: كانت الوقعة يوم (3) عاشوراء سنة سبع وستين،
وبعث إبراهيم بن مالك برأس عبيد الله بن زياد - لعنه الله - ورؤوس
الرؤساء من أهل الشام وفي آذانهم رقاع أسمائهم، فقدموا على
المختار (4) وهو يتغدى، فحمد الله - تعالى - على الظفر.
فلما فرغ من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله، ثم رمى بها
إلى غلامه، وقال: اغسلها فاني وضعتها على وجه نجس كافر.
وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني قال: وضعت الرؤوس

(1) كذا الصحيح، وفي (ب) و (ع): أبو عمر البزار، وفي (ف): أبو عمير
البزاز، وفي (خ) أبو عمرو البزاز.
وهو دينار بن عمر الأسدي، أبو عمر البزاز الكوفي الأعمى، مولى
بشر بن غالب. (تهذيب الكمال: 8 / 505).
(2) في (ب) و (ع): قال: وصلبه إبراهيم منكسا.
(3) في (ب) و (ع): كانت يوم.
(4) في (ب) و (ع): عليه.
142

عند السدة بالكوفة (1)، عليها ثوب أبيض، فكشفنا عنها الثوب (2)،
وحية تتغلغل في رأس عبيد الله بن زياد، ونصبت الرؤوس في
الرحبة.
قال عامر: ورأيت الحية تدخل في منافذ رأسه وهو مصلوب
مرارا (3).
ثم حمل المختار رأسه ورؤوس القواد إلى مكة مع عبد الرحمان
ابن أبي عمير الثقفي، وعبد الرحمان بن شداد الجشمي، وأنس بن
مالك الأشعري، وقيل: السائب بن مالك، ومعها ثلاثون ألف دينار إلى
محمد بن الحنفية، وكتب معهم:
(أني بعثت أنصاركم وشيعتكم إلى عدوكم، فخرجوا محتسبين
أسفين، فقتلوهم، فالحمد لله الذي أدرك لكم الثأر، وأهلكهم في كل
فج سحيق (4)، وغرقهم في كل بحر عميق (5)، وشفى الله صدور قوم
مؤمنين (6).
فقدموا بالكتاب والرؤوس والمال عليه (7)، فما رآها خر
ساجدا، ودعا للمختار، وقال: جزاه الله خير الجزاء (8)، فقد أدرك لنا
ثأرنا، ووجب حقه على كل من ولده عبد المطلب بن هاشم. اللهم

(1) في (ف): من الكوفة.
(2) كلمة (الثواب) ليس في (ف).
(3) انظر عقاب الأعمال: 260 ح 9، ومناقب ابن شهرآشوب: 4 / 61.
(4) في (ب) و (ع): عميق.
(5) كلمة (عميق) ليس في (ب) و (ع).
(6) اقتباس من الآية: 14 من سورة التوبة.
(7) في (ب) و (ع): الرؤوس عليه.
(8) في (ف): جزى الله المختار خيرا.
143

واحفظ لإبراهيم بن الأشتر وانصره على الأعداء، ووفقه لما تحب
وترضى، واغفر له في الآخرة والأولى.
فبعث رأس عبيد الله بن زياد إلى علي بن الحسين عليه السلام فادخل
عليه وهو يتغدى، فسجد شكرا لله تعالى وقال: الحمد لله الذي أدرك
لي ثأري من عدوي، وجزى الله المختار خيرا.
ثم قال: عليه السلام (1) أدخلت على عبيد الله بن زياد وهو يتغدى
ورأس أبي بين يديه، فقلت: اللهم لا تمتني حتى تريني رأس بن
زياد (2).
وقسم محمد المال في أهله وشيعته بمكة (3) والمدينة على أولاد
المهاجرين والأنصار.
وروى المرزباني باسناده عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام أنه
قال: ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت، ولا رئي في دار هاشمي دخان
خمس حجج حتى قتل عبيد الله بن زياد - لعنه الله - (4).
وعن عبد الله بن محمد بن أبي سعيد، عن أبي العيناء، عن يحيى
ابن راشد (5)، قال: قالت فاطمة بنت علي: ما تحنأت امرأة منا، ولا

(1) عبارة (ثم قال عليه السلام) ليس في (ب) و (ع).
(2) انظر: أمالي الطوسي: 1 / 248، مناقب ابن شهرآشوب: 4 / 144،
البحار: 46 / 53 ضمن ح 2، عوالم العلوم: 18 / 84 ح 3، مدينة المعاجز:
4 / 326 - 327.
(3) في (ف): في مكة.
(4) انظر البحار: 45 / 207 ح 13 وص 344 ح 12 وص 386.
(5) في (ع): أبي راشد.
144

أجالت في عينها مرودا (1)، ولا امتشطت حتى بعث المختار رأس
عبيد الله بن زياد.
وروي أن المختار (2) قتل ثمانية عشر ألفا ممن شرك في قتل
الحسين عليه السلام أيام ولايته وكانت ثمانية عشر شهرا أولها أربع عشرة
ليلة خلت من ربيع (3) الأول سنة ست وستين، وآخرها النصف من
شهر رمضان من سنة (4) سبع وستين وعمره سبع وستون سنة (5).
قال جعفر بن نما مصنف هذا الثأر: اعلم أن كثيرا من العلماء لا
يحصل لهم التوفيق بفطنة توقفهم على معاني الألفاظ، ولا روية
تنقلهم من رقدة الغفلة إلى الاستيقاظ.

(1) المرود: الميل الذي يكتحل به. (نهاية ابن الأثير: 4 / 3212 - رود -).
(2) في (ب) و (ع): وروي أنه.
(3) في (ف): أولها يوم الرابع عشر من ربيع.
(4) في (ف): رمضان سنة.
(5) ولقد سبق في علم أمير المؤمنين عليه السلام ما يؤول إليه مصير أهل الكوفة الذين
غدروا بريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لهم:
أما انكم ستلقون بعدي ذلا شاملا، وسيفا قاتلا، وأثرة يتخذها
الظالمون بعدي عليكم سنة، تغرق جماعتكم، وتبكي عيونكم، وتدخل
الفقر بيوتكم، تمنون والله عندها أن لو رأيتموني ونصرتموني، وستعرفون
ما أقول لكم عما قليل.
انظر: تاريخ اليعقوبي: 2 / 193، الغارات: 333 و 337، الإمامة
والسياسة: 1 / 130، نهج البلاغة: 93 ذ خ 58، أمالي الطوسي: 1 / 183،
أنساب الأشراف: 2 / 381 ح 452، المسترشد: 162، مناقب ابن
شهرآشوب: 2 / 272، اثبات الهداة: 2 / 431 ح 88 وص 442 ح 130،
البحار: 41 / 317 ج 41، و ج 77 / 340 ذح 26.
145

ولو تدبروا أقول (1) الأئمة عليهم السلام في مدح المختار، لعلموا أنه من
السابقين المجاهدين الذين مدحهم الله - جل جلاله - في كتابه
المبين.
ودعاء زين العابدين عليه السلام للمختار رحمه الله دليل واضح، وبرهان
لائح (2) على أنه عنده من المصطفين الأخيار، ولو كان على غير
الطريقة المشكورة، ويعلم أنه مخالف له في اعتقاده، لما كان يدعو له
دعاء لا يستجاب، ويقول فيه قولا لا يستطاب، وكان دعاؤه عليه السلام
له (3) عبثا، والإمام عليه السلام منزه عن ذلك.
وقد أسلفنا من أقوال الأئمة في مطاوي هذا الكتاب (4) تكرار
مدحهم له، ونهيهم عن ذمه، ما فيه غنية لأولي (5) الابصار، وبغية
لذوي الاعتبار، وإنما أعداؤه عملوا له مثالب ليباعدوه من قلوب
الشيعة، كما عمل أعداء أمير المؤمنين عليه السلام له مساوئ، وهلك بها
كثير ممن حاد عن محبته، وحال (6) عن طاعته.
فالولي له عليه السلام لم تغيره الأوهام، ولا باحته تلك الأحلام (7)، بل
كشف (8) له عن فضله المكنون، وعلمه المصون، فعمل في قضية
المختار ما عمل مع أبي الأئمة الأطهار.
وقد وفيت بما وعدت من الاختصار، وأتيت بالمعاني التي
تضمنت حديث الثأر من غير حشو ولا إطالة، ولا سأم ولا ملالة،

(1) في (ف): قول.
(2) لائح: ظاهر.
(3) كلمة (له) ليس في (ف).
(4) في (ب) و (ع): مطاوي الكتاب.
(5) في (ب) و (ع): لذوي.
(6) في (ف): حال عن محبته، وحاد
(7) عبارة (ب) و (ع): لذوي.
(6) في (ف): حال عن محبته، وحاد
(7) عبارة (ولا باحته تلك الأحلام) ليس في (ف).
(8) في (ب) و (ع): كشفت.
146

وأقسم على قارئه ومستمعه (1) وعلى كل ناظر فيه أن لا يخليني من
اهدأ الدعوات إلي، والاكثار من الترحم علي.
وأسأل الله أن يجعلني وإياهم ممن خلصت سريرته من وساوس
الأوهام، وصفت طويته من كدر الآثام، وأن يباعدنا من الحسد
المحبط للأعمال، والمؤدي إلى أقبح المآل، وأن يحسن لي الخلافة (2)
على الأهل والال، ويذهب الغل من (3) القلوب، ويوفق لمراضي علام
الغيوب، فإنه أسمع سميع، وأقرب (4) مجيب.
والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على سيد المرسلين
محمد وآله الطاهرين المعصومين، آمين آمين (5).

(1) في (ب) و (ع): وأقسمت على قارئيه ومستمعيه.
(2) في (ف): يحسن الخلافة.
(3) في (ع): عن.
(4) في (ب) و (ع): وأكرم.
(5) جاء في نهاية نسخة (ف) ما هذا نصه:
وقد تم خبر المختار وأخذه للثار من الكفرة الفجار للشيخ جعفر بن
نما - تغمده الله برحمته ورضوانه، وأسكنه في أعالي جنانه - الا أنه لم يذكر
فيه كيفية مقتل المختار، وقد ذيله المقدس الشيخ لطف الله ابن المرحوم
الشيخ محمد بتمام القصة، فقال:...
147

تذييل
الشيخ لطف الله بن الشيخ محمد (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
أقول بعد حمد الله سبحانه: والصلاة والسلام على رسوله وآله -
صلوات الله عليهم أجمعين: لم يذكر الشيخ رحمه الله تمام القصة، وكيفيته
مقتل المختار رحمه الله، وأنا أشرح ذلك وأقول:
لما أظهر عبد الله بن الزبير الدعوة لنفسه بالخلافة حتى استولى
على الحجاز، ومواضع من العراق، أنفذ أخاه مصعب إلى البصرة،
وكان معظم الجند عنده، فكان كل من انهزم من خوف المختار انضم
إليه، مثل: شبث بن ربعي ومحمد بن الأشعث، وكانوا يحثونه
ويحرضونه على حرب المختار، وهو يماطلهم الامر، لعلمه بعدم قدرة
قيامه على حرب المختار، لكثرة جنوده وشدة شوكته، فقال: ان
جاءني المهلب بن أبي صفرة استعنت على حربه.
وكان المهلب واليا على الأهواز من قبل ابن الزبير، وكان لا يرى
الخروج على المختار ومحاربته، فخرج إليه محمد بن الأشعث، ولم

(1) هو صاحب كتاب (قصة السفاح وكيفية خلافته وانقراض بني أمية) جمعه
من كتب معتبرة، مثل: مروج الذهب، وشرح النهج لابن أبي الحديد، مرتب
على أربعة فصول، رأيته في مكتبة آية الله فاضل الخوانساري في
خوانسار في المجموعة 230.
ذكره في الذريعة: 17 / 94 رقم 507.
148

يزل به حتى غلب على رأيه، وأقبل في عسكره حتى دخل البصرة
فاعتد مصعب للمسير إلى الكوفة، وخرج معه المهلب في جمع كثير،
وأنفذ عبد الرحمان بن مخنف الأزدي إلى الكوفة يخذل الناس عن
نصرة المختار، ويمنيهم الأماني، ويخوفهم الفتن، ويدعو الناس إلى
بيعة ابن الزبير سرا.
فلما سمع المختار بمسير مصعب إليه وجه ابن الشميط (1) للقائه
في ثلاثين ألفا، فالتقيا قرب الكوفة، فلما شبت الحرب خذل أهل
الكوفة - على جاري عادتهم - أميرهم ابن الشميط، وأسلموه لعدوه
فقتل، ورجع جيش المختار مغلوبا.
وكان إبراهيم بن مالك الأشتر في نواحي الجزيرة لما فرغ من
قتل ابن زياد - لعنه الله - وذبح عسكر الشام بقي هناك.
فعزم المختار على الخروج بنفسه مع من بقي معه من أهل
الكوفة، فلقيهم وصدقهم الحرب، فقتل ابن الأشعث وشبث بن ربعي
وسائر من معها، وأهل الكوفة يتسللون عن المختار لواذا، حتى لم
يبق معه الا نفر قليل، فدخل قصر الامارة، وتم محاصرا حتى عيل
صبره، ولم يجد من يوصل كتابه إلى إبراهيم بن الأشتر، فخرج من
القصر في تسعة عشر رجلا، وحمل على أصحبا مصعب، ولم يزل
يقاتل حتى حباه الله بالشهادة في النصف من شهر رمضان سنة سبع
وستين كما ذكره الشيخ رحمه الله (2)، فاحتز رأسه، وأنفذ به مع عبيد الله بن

(1) في (ف): السميط.
وهو أحمر بن شميط البجلي.
(2) قال ابن منظور في لسان العرب: 9 / 185 - شوف -: وتمثل المختار لما
أحيط به بهذا البيت:
اما مشيف على مجد ومكرمة * وأسوة لك فيمن يهلك الورق
وأشاف: أي أشرف على شي.
149

عبد الرحمان إلى أخيه عبد الله بن الزبير إلى مكة.
ولما سمع إبراهيم بن مالك الأشتر بمسير مصعب إلى الكوفة،
ولم يأته خبر ولا أثر قبل ذلك، تحرك من نواحي الجزيرة يريد
الكوفة لادراك المختار، فدخل على مصعب من مسيره إليه مدخل
عظيم، فأرسل إليه الرجال والكتب بالعهود والمواثيق المغلظة،
والأمان على نفسه وماله وجنده، وتوليته ما تحت يده من الأعمال،
فوثق وبايع لابن الزبير، ولم تطل المدة لمصعب بالكوفة حتى خرج
إليه من الشام عبد الملك بن مروان متوجها إلى الكوفة، فخرج إليه
مصعب في أهل العراق وابن الأشتر ومن معه في جيش عظيم حتى
التقيا، ووقعت بينهم الحرب، ولم تزل كتب أهل الشام تورد على
وجوه أهل العراق، حتى خذلوا مصعبا وقتلوه، وقتل إبراهيم بن مالك
الأشتر أيضا (1).
وهذه كانت سجية أهل العراق وطبيعتهم المعروفة.
هذا ما انتهى إليه من تمام قصة المختار، والله أعلم وأحكم،
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

(1) انظر تاريخ الطبري: 6 / 93 وما بعدها، الكامل في التاريخ: 4 / 267 وما
بعدها.
150

ختامه مسك (1)
زيارة المختار رحمه الله
السلام عليك أيها العبد الصالح.
السلام عليك أيها الولي الناصح.
السلام عليك يا أبا إسحاق المختار.
السلام عليك أيها الاخذ بالثار، المحارب للكفرة الفجار.
السلام عليك أيها المخلص لله في طاعته ولزين العابدين عليه السلام في
محبته.
السلام عليك يامن رضي عنه النبي المختار، وقسيم الجنة والنار،
وكاشف الكرب والغمة، قائما مقاما لم يصل إليه أحد من الأمة.
السلام عليك يامن بذل نفسه في رضاء الأئمة في نصرة العترة
الطاهرين، والاخذ بثأرهم من العصابة الملعونة الفاجرة، فجزاك الله عن
النبي صلى الله عليه وآله وعن أهل بيته عليهم السلام.

(1) اتماما للفائدة المتوخاة من هذا السفر الثمين، ووفاء لحق الاخذ بالثار،
أعني البطل (المختار) فقد أوردت زيارته رحمه الله نقلا عن المزار للشهيد الأول:
ص 283. (المحقق).
151